المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌69 - باب: الرجل ينام عن الصلاة أو نسيها كيف - شرح معاني الآثار - ت البهرائجى - جـ ٤

[الطحاوي]

فهرس الكتاب

‌69 - باب: الرجل ينام عن الصلاة أو نسيها كيف يقضيها؟

2492 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا قيس بن حفص الدارمي قال: ثنا مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن العباس بن عبد الرحمن مولى بني هاشم، عن ذي مِخْمَر ابن أخي النجاشي، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنمنا فلم نستيقظ إلا بحر الشمس فتنحينا من ذلك المكان. قال: فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان من الغد حين بزغت الشمس، أمر بلالا فأذن ثم أمره، فأقام، فصلى بنا الصلاة. فلما قضى الصلاة قال:"هذه صلاتنا بالأمس"

(1)

.

2493 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن أبي مجلز، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها ومن الغد للوقت"

(2)

.

2494 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا سريج بن النعمان الجوهري، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن بشر بن الحرب، سمع سمرة بن جندب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر مثله

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عباس بن عبد الرحمن، مولى بني هاشم.

وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2631)، والطبراني في الكبير 4/ 235 (4228) من طريق قيس بن حفص به.

(2)

إسناده ضعيف للإنقطاع، أبو مجلز لم يدرك سمرة بن جندب كما قاله علي بن المديني في العلل (70) وأخرجه الطبراني في الكبير (6978) من طريق أبي الوليد الطيالسي به.

وقال الهيثمي في المجمع 1/ 322: رجاله رجال الصحيح.

(3)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل بشر بن حرب. =

ص: 1

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى هذا، فقالوا: هكذا يفعل من نام عن صلاة أو نسيها، واحتجوا في ذلك بهذين الحديثين.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: بل يصليها مع التي تليها من المكتوبة، وليس عليه غير ذلك. واحتجوا في ذلك بما.

2495 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مروان بن جعفر بن سعد السمري، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن خبيب بن سليمان بن سمرة، عن جعفر بن سعد بن سمرة، عن خبيب بن سليمان عن أبيه عن سمرة أنه كتب إلى بنيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم إذا شغل أحدهم عن الصلاة أو نسيها حتى يذهب حينها الذي تصلى فيه أن يصليها مع التي تليها من الصلاة المكتوبة

(3)

.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

فقالوا: بل يصليها إذا ذكرها، وإن كان ذلك قبل دخول وقت التي تليها، ولا شيء عليه غير ذلك. واحتجوا في ذلك بحديث أبي قتادة

= وأخرجه أحمد (20257) من طريق همام، عن بشر بن حرب به.

(1)

قلت أراد بهم: جماعة من الظاهرية، ونفرا من أهل الحديث، كما في النخب 9/ 220.

(2)

قلت أراد بهم: طائفة من الظاهرية ونفرا من أهل الحديث، كما في النخب 9/ 221.

(3)

إسناده ضعيف لضعف جعفر بن سعد بن سمرة وجهالة خبيب بن سليمان بن سمرة.

وأخرجه الطبراني في الكبير (7034) من طريق مروان بن جعفر به.

وأخرجه البزار (397) كشف الأستار، من طريق جعفر بن سمرة، عن خبيب به.

(4)

قلت أراد بهم: جماهير العلماء والفقهاء من التابعين ومن بعدهم، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 9/ 222.

ص: 2

وعمران، وأبي هريرة رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فصلاها بعدما استوت، ولم ينتظر دخول وقت الظهر، وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في غير هذا الموضع من هذا الكتاب.

2496 -

وقد حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، عن خالد، عن عطاء بن السائب، عن بريد بن أبي مريم، عن أبيه قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأذن ثم صلى ركعتين، ثم أمره فأقام فصلى بهم المكتوبة

(1)

.

2497 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عبيد الله بن موسى قال أنا زافر بن سليمان، عن شعبة، عن جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: كنا مع رسو رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. فلما كنا بدهاس من سهل الأرض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يكلؤنا الليلة" قال بلال: أنا، قال:"إذا تنام" فنام حتى طلعت الشمس، فاستيقظ فلان وفلان فقالوا تكلموا حتى يستيقظ، فاستيقظ

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن قانع في معجم الصحابة 3/ 31 من طريق معاذ بن المثنى، عن سعيد بن سليمان به.

وأخرجه النسائي في المجتبى 1/ 297، وفي الكبرى (1600)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1510)، والطبراني في الكبير 19/ 601 - 603 من طرق عن عطاء بن السائب به.

ص: 3

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "افعلوا ما كنتم تفعلون، وكذلك يفعل من نام أو نسي"

(1)

.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا.

2498 -

ما حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا همام، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها"

(2)

. قال همام ثم سمعت قتادة يحدث به من بعد ذلك فقال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14].

2499 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا أبو عوانة عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها"

(3)

.

(1)

إسناده حسن في الشواهد من أجل زافر بن سليمان.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3985) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (377)، والطبري في التفسير 26/ 69، وأحمد (3657) والشاشي (839)، والطبراني (10549)، والبيهقي 2/ 218 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (451) بإسناده ومتنه، وقد زاد في أوله فهد مع أحمد بن داود.

وأخرجه أحمد (13848)، والبخاري (597)، ومسلم (684)(314)، وأبو داود (442)، وأبو يعلى (2856)، وأبو عوانة 1/ 385، 2/ 252، وابن خزيمة (993)، وابن حبان (2648)، والبيهقي 2/ 218، 330، 456، والبغوي (394) من طرق عن همام به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 4

2500 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن لا شيء عليه غير قضائها، لأنه ذكر من نسي صلاة، ثم أخبر بما عليه.

وقد روي عنه أيضا في ذلك في غير هذا الحديث ما قد زاد على هذا اللفظ.

2501 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك"

(2)

. ثم قال: سمعته يحدث ويزيد فيه {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14].

= وأخرجه أحمد (13550)، ومسلم (684)(314)، والترمذي (178)، والنسائي 1/ 293، وابن ماجة (696)، وأبو يعلى (2854)، وأبو عوانة 2/ 252، وابن حبان (1555)، والبيهقي 218/ 2، والبغوي (393) من طرق عن أبي عوانة به.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3981) بإسناده إلا أنه وقع يزيد بن هارون بدل يحيى بن عبد الحميد.

وأخرجه أحمد (22546)، والترمذي (177)، والنسائي 1/ 294، وابن ماجة (698)، وابن خزيمة (989) من طريق حماد بن زيد عن ثابت البناني به.

(2)

إسناده صحيح: وهو مكرر سابقه (2498).

ص: 5

2502 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أنا سعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من نسي صلاة أو نام عنها، فإن كفارتها أن يصليها إذا ذكرها"

(1)

.

فلما قال: "لا كفارة لها إلا ذلك استحال أن يكون عليه مع ذلك غيره، لأنه لو كان عليه مع ذلك غيره إذًا لما كان ذلك كفارة لها.

وقد روى الحسن عن عمران بن حصين في حديث النوم عن الصلاة حتى طلعت الشمس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها بهم. قال: فقلنا: يا رسول الله ألا نقضيها لوقتها من الغد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم؟ " وقد ذكرنا ذلك بإسناده في غير هذا الموضع من هذا الكتاب.

فلما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأجابهم بما ذكرنا استحال أن يكون عرفوا أن يقضوها من الغد إلا بمعاينتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فيما تقدم أو أمرهم به أمرا دل ذلك على نسخ ما روى ذو مخمر وسمرة، وأن هذا كان متأخرا عنه، فهو أولى منه، لأنه ناسخ له. فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (450) بإسناده ومتنه

وأخرجه أحمد (11972)، والدارمي (1229)، ومسلم (684)(315)، وأبو يعلى (3177)، وابن خزيمة (992)، وأبو عوانة 1/ 385، 2/ 260، والبيهقي 2/ 456، والبغوي (395) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به.

ص: 6

وأما من طريق النظر فإنا رأينا الله عز وجل أوجب الصلوات لمواقيتها، وأوجب الصيام لميقاته في شهر رمضان، ثم جعل على من لم يصم شهر رمضان عدة من أيام أخر، فجعل قضاءه في خلافه من الشهور، ولم يجعل مع قضائه بعدد أيامه قضاء مثلها فيما بعد ذلك.

فالنظر على ما ذكرنا أن تكون كذلك الصلاة إذا نسيت أو فاتت أن يكون قضاؤها يجب فيما بعدها، وإن لم يكن دخل وقت مثلها. ولا يجب مع قضائها مرة قضاؤها ثانية قياسا ونظرا على ما ذكرنا من الصيام الذي وصفنا.

وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين.

2503 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر قال: ثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: من نسي صلاة فذكرها مع الإمام فليصل معه ثم ليصل التي نسي، ثم ليصل الأخرى بعدها

(1)

.

2504 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا أبو إبراهيم الترجماني، قال: ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 239 ومن طريقه عبد الرزاق (4254)، والبيهقي 2/ 222، وابن المنذر في الأوسط (1138).

(2)

إسناده صحيح. =

ص: 7

2505 -

حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا الليث، عن سعيد بن عبد الرحمن

فذكر بإسناده مثله ولم يرفعه

(1)

.

وقوله "فليصل معه" فذلك محتمل عندنا أن يفعل ذلك على أنها له تطوع.

2506 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا مغيرة عن إبراهيم في رجل نسي الظهر فذكرها وهو في وقت العصر، قال: ينصرف فيصلي الظهر، ثم يصلي العصر

(2)

.

2507 -

حدثنا صالح، قال: ثنا سعيد قال: ثنا هشيم قال: أنا منصور، ويونس، عن الحسن، أنه كان يقول: يتم العصر التي دخل فيها، ثم يصلي الظهر بعد ذلك

(3)

.

= وأخرجه أبو يعلى في معجمه (110)، والطبراني (5132)، والبيهقي 2/ 221 من طريق إسماعيل بن إبراهيم الترجماني به.

وأخرجه ابن حبان في المجروحين 1/ 319، والدارقطني 1/ 400 من طريق سعيد بن عبد الرحمن به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 414 (4758) من طريق هشيم به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (2261) عن معمر، عن الحسن به.

ص: 8

‌70 - باب دباغ الميتة هل يطهِّرُها أم لا؟

2508 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عامر ووهب بن جرير، قالا: ثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عكيم قال: قُرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة وأنا غلام شاب: "أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب"

(1)

.

2509 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع، عن عبد الملك بن أبي غنية، عن الحكم

فذكر بإسناده مثله غير أنه قال: "جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"

(2)

.

2510 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: حدثني أسباط بن محمد، عن الشيباني، عن الحكم

فذكر بإسناده مثله غير أنه قال: كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف: للانقطاع، قال البخاري في التاريخ الكبير 5/ 39 عبد الله بن عكيم أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرف له سماع صحيح، ومثله نقل ابن أبي حاتم في الجرح 5/ 121.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3236) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1293)، وعبد الرزاق (202)، وابن سعد 6/ 113، وأحمد (18780)، وأبو داود (4127)، والنسائي في المجتبى 7/ 175، وفي الكبرى (4575)، وابن حبان (1278)، والطبراني في الأوسط (104)، والبيهقي 1/ 14 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه، وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3237) بإسناده ومتنه.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه. =

ص: 9

2511 -

حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي أبو زرعة، قال: ثنا محمد بن المبارك، قال: ثنا صدقة خالد، بن عن يزيد بن أبي مريم عن القاسم بن مخيمرة، عن عبد الله بن عكيم، قال: حدثني أشياخ جهينة، قالوا: أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا لا تنتفعوا من الميتة بشيء"

(1)

.

فذهب قوم

(2)

إلى أن جلود الميتة لا تطهر وإن دبغت، ولا تجوز الصلاة عليها، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: إذا دبغ جلد الميتة أو عصبها فقد طهر، ولا بأس ببيعه والانتفاع به والصلاة عليه. وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى فيما احتجوا به عليهم من حديث ابن أبي ليلى الذي ذكرنا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3238) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 314، والترمذي (1729)، وابن ماجة (3613) من طريق الشيباني به.

(1)

إسناده صحيح والأشياخ من جهينة لا تضر جهالتهم فإنهم صحابة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3241) بإسناده ومتنه

وأخرجه ابن حبان (1279)، والبيهقي 1/ 25 من طريق صدقة بن خالد به.

(2)

قلت أراد بهم: الأوزاعي، وابن المبارك، ومالكا، وإسحاق، وأبا ثور، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل رحمهم الله، كما في النخب 9/ 249.

(3)

قلت أراد بهم: عمر بن عبد العزيز، والنخعي، ومحمد بن سيرين، وعروة بن الزبير، والثوري، وسعيد بن جبير، والليث، والزهري، والأوزاعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، وعبد الله بن وهب، وآخرين كثيرين رحمهم الله، كما في النخب 9/ 250.

ص: 10

لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" فقد يجوز أن يكون أراد بذلك ما دام ميتة غير مدبوغ فإنه قد كان يسأل عن الانتفاع بشحم الميتة، فأجاب الذي سأله بمثل هذا.

2512 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني زمعة بن صالح، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه ناس، فقالوا يا رسول الله إن سفينة لنا انكسرت، وإنا وجدنا ناقة سمينة ميتة، فأردنا أن ندهن به سفينتنا، وإنما هي عود، وهي على الماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تنتفعوا بشيء من الميتة"

(1)

.

2513 -

حدثنا إبراهيم بن محمد بن يونس، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا زمعة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

فأخبر جابر بن عبد الله رضي الله عنه بالسؤال الذي كان قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا تنتفعوا بالميتة" جوابا له، وإن ذلك على النهي عن الانتفاع بشحومها.

فأما ما كان يدبغ منها حتى تخرج من حال الميتة ويعود إلى غير معنى الأهب، فإنه يطهر بذلك.

(1)

إسناده ضعيف: لضعف زمعة بن صالح.

وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (1221) من طريق الضحاك بن مخلد، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (158) من طريق علي بن قادم، كلاهما عن زمعة بن صالح به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه، وهو مكرر سابقه.

ص: 11

وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار متواترة صحيحة المجيء، مفسرة المعنى تخبر عن طهارة ذلك بالدباغ. فمما روي في ذلك ما

2514 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة لميمونة فقال: "لو أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به"

(1)

.

2515 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال: أنا أسامة عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل شاة ماتت:"ألا نزعتم جلدها فدبغتموه فاستمتعتم به"

(2)

.

2516 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، قال: أخبرني عطاء، منذ حين، عن ابن عباس، قال: أخبرتني ميمونة عن شاة ماتت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هلا دبغتم إهابها فاستمتعتم به"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (491)، ومسلم (363)(102)، والنسائي 7/ 172 - 173، وأبو عوانة 1/ 211، والطبراني (11383)، والبيهقي 1/ 16 من طريق سفيان به و قد من مطبوع الحميدي عمرو بن دينار.

(2)

إسناده حسن: من أجل أسامة بن زيد الليثي.

وأخرجه البيهقي 1/ 16 من طريق ابن وهب به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 172، وفي الكبرى (4563)، وابن حبان (1283)، والطبراني في الكبير 24/ 30 عن ابن جريج به. =

ص: 12

2517 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، وأسد بن موسى قالا: ثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح، أنه قال: سمعت ابن عباس يقول: ماتت شاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهلها: "ألا نزعتم جلدها، فدبغتموه، فاستمتعتم به"

(1)

.

2518 -

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، عن يعقوب بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس قال: ماتت شاة لميمونة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هلا انتفعتم بإهابها" قالوا: إنها ميتة، فقال:"إن دباغ الأديم طهوره"

(2)

.

2519 -

حدثنا يونس قال: ثنا سفيان عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن وعلة، عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب دبغ، فقد طهر"

(3)

.

= وأخرجه مسلم (364)، وابن الجارود في المنتقى (873)، والبيهقي 1/ 23 من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج به.

(1)

إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (1727) من طريق قتيبة، والطبري في تهذيب الآثار (1183) من طريق عبد الله بن يوسف، والطبراني في الكبير (11501) من طريق عبد الله بن صالح، ثلاثتهم عن الليث بن سعد به، وقال الترمذي: حديث ابن عباس حسن صحيح

، وقال: سمعت محمدا، يصحح حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث ابن عباس عن ميمونة وقال: احتمل أن يكون روى ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عن ميمونة.

(2)

إسناده ضعيف: لضعف يعقوب بن عطاء وقد توبع.

وأخرجه أحمد (3521)، والطبراني (11411) من طريق روح بن عبادة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 1/ 26، والحميدي (486)، وابن أبي شيبة 8/ 378، وأحمد (1895)، ومسلم (366)، والترمذي =

ص: 13

2520 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر قال أنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن ابن وعلة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دُبغ الأديم فقد طهر"

(1)

.

2521 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا أبو غسان، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن وعلة أنه قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: إنا نغزو أرض المغرب، وإنما أسقيتنا جلود الميتة فقال ابن عباس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أيما مسك دبغ، فقد طهر"

(2)

.

2522 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا إسحاق بن بكر بن مضر، قال: ثنا أبي، عن جعفر بن ربيعة أنه سمع أبا الخير يخبر عن ابن وعلة، أنه سأل ابن عباس فقال: إنا نغزو هذا

= (1728)، والنسائي 7/ 173، وابن ماجة (3609)، وأبو يعلى (2385)، والطبري في تهذيب الآثار 2/ 809 وأبو عوانة 1/ 212، وابن حبان (1288)، والبيهقي 1/ 16 من طريق ابن عيينة به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3244) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 643، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 26، والدارمي 2/ 86، وابن حبان (1287)، والبغوي (303).

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3245) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (1895)، ومسلم (366)، والدارقطني 1/ 46، والطبراني في الصغير 1/ 239، وأبو نعيم في الحلية 10/ 218 من طرق عن زيد بن أسلم به.

ص: 14

المغرب ولهم قِرَبٌ يكون فيها الماء، وهم أهل وثن. فقال ابن عباس رضي الله عنهما: الدباغ طهور، فقال له ابن وعلة عن رأيك، أم شيء سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

2523 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا عبدة بن سليمان (ح)

وحدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي، قال: ثنا عبيد الله بن موسى العبسي، قالا جميعا: عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن عكرمة عن ابن عباس، عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها، فما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنا

(2)

.

2524 -

حدثنا محمد بن علي بن داود، وفهد، قالا: ثنا أبو غسان، قال: ثنا إسرائيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3246) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 173، وفي الكبرى (4554)، بنفس السند، وأخرجه أبو عوانة 1/ 212 - 213، من طريق جعفر بن ربيعة ويزيد بن أبي حبيب، ومسلم 366 (106) من طريق يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، كلاهما عن أبي الخير به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 379، وأحمد (27418)، والبخاري (6686)، والنسائي في المجتبى 7/ 173، وفي الكبرى (4566)، والطبري في تهذيب الآثار (1172)، والطبراني في الكبير 24/ 96، والبيهقي 1/ 17، والبغوي (306) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد به.

ص: 15

وسلم: "دباغ الميتة طهورها" هذا لفظ محمد. وأما فهد فقال: "دباغ الميتة ذكاتها"

(1)

.

2525 -

حدثنا محمد بن علي، قال: ثنا الحسين بن محمد المروذي، قال: ثنا شريك، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن الأسود، عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دباغ الميتة طهورها"

(2)

.

2526 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث قال: ثنا أبي، عن الأعمش، قال: ثنا أصحابنا، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

2527 -

حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن إبراهيم عن الأسود، قال: سألت عائشة عن جلود الميتة فقالت: لعل دباغها يكون طهورها

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 174، وفي الكبرى (4573) من طريق إسرائيل عن الأعمش به.

وقال الدارقطني في العلل (3616) أشبهها بالصواب قول إسرائيل ومن تابعه، عن الأعمش.

(2)

رجاله ثقات: غير شريك بن عبد الله.

وأخرجه أحمد (25214) والنسائي في المجتبى 7/ 174، وفي الكبرى (4570)، وابن حبان (1290)، والدارقطني 1/ 44 - 45 من طرق عن حسين بن محمد المروذي به.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 174، وفي الكبرى (4527)، والدارقطني 1/ 44 من طريقين عن حجاج بن محمد، عن شريك، عن الأعمش به.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة أصحاب الأعمش.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه السراج في مسنده كما في النخب 9/ 269 من طريق جرير به.

ص: 16

2528 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث، عن كثير بن فرقد، أن عبد الله بن مالك بن حذافة حدثه، عن أمه العالية بنت سبيع، أن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثتها، أنه مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"لو أخذتم إهابها"، قالوا: إنها ميتة قال: "يطهرها الماء والقرظ"

(1)

(2)

.

2529 -

حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث، والليث عن كثير بن فرقد

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

2530 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، عن الحسن، عن جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بقربة من عند امرأة فيها ماء، فقالت: إنها ميتة. فقال النبي

(1)

بفتح القاف والراء: ورق السلم يدبغ به.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن مالك بن حذافة.

وأخرجه أبو يعلى (7086)، والطبري 2/ 815، والطبراني في الأوسط (8691)، والدارقطني 1/ 45، والبيهقي 1/ 19 من طريق الليث به.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 174، وفي الكبرى (4560) من طريق سليمان بن داود، عن ابن وهب به.

وأخرجه أحمد (26833)، وأبو داود (4126)، والطبري في تهذيب الآثار 2/ 815، وابن حبان (1291)، والدارقطني 1/ 45، والبيهقي 1/ 19، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 159 من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث دون الليث به.

ص: 17

صلى الله عليه وسلم: "أدبغتيها؟ " فقالت نعم فقال: "دباغها طهورها"

(1)

.

فقد جاءت هذه الآثار متواترة في طهور جلد الميتة بالدباغ وهي ظاهرة المعنى. فهذا أولى من حديث عبد الله بن عكيم الذي لم يدلنا على خلاف ما جاءت به هذه الآثار.

فإن قال قائل: إنما كان من إباحة دباغ جلود الميتة وطهارتها بذلك الدباغ إنما كان قبل تحريم الميتة، فإن الحجة عليه في ذلك.

والدليل على أن ذلك كان بعد تحريم الميتة وأن هذا كان غير داخل فيما حرم منها

2531 -

أن ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا المقدمي قال: ثنا أبو عوانة، قال: ثنا سماك بن حرب (ح)

وحدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ماتت شاة السودة بنت زمعة رضي الله عنها فقالت: يا رسول الله ماتت فلانة تعني الشاة، قال:"فلولا أخذتم مسكها؟ " فقالت: نأخذ مسك شاة قد ماتت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما قال الله {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] الآية، فإنه لا بأس بأن تدبغوه فتنتفعوا به قالت فأرسلت إليها، فسلخت مسكها فدبغته، فاتخذت منه

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حال جون بن قتادة، لم يوثقه غير ابن حبان.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 381، وأحمد (15908)، والنسائي في المجتبى 7/ 173، والطبري في تهذيب الآثار (1207)، والطبراني في الكبير (6342)، وابن عدي في الكامل 2/ 600، والدارقطني 1/ 45، والحاكم 4/ 141، من طرق عن هشام به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

ص: 18

قِربة، حتى تخرقت

(1)

.

ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته عن ذلك، قرأ عليها الآية التي نزل فيها تحريم الميتة. فأعلمها بذلك أن ما حرم عليهم بتلك الآية من الشاة حين ماتت إنما هو الذي يطعم منها إذا ذكيت لا غيره وأن الانتفاع بجلودها إذا دبغت، غير داخل في ذلك الذي حرم منها.

وقد روى عبيد الله بن عبد الله أيضا، عن ابن عباس رضي الله عنهما نحوا من ذلك.

2532 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد شاة ميتة أعطيتها مولاة لميمونة رضي الله عنها من الصدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا انتفعتم بجلدها" قالوا: إنها ميتة، قال:"إنما حرم أكلها"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف رواية سماك عن عكرمة مضطربة

وأخرجه أحمد (3026)، وأبو يعلى (2334، 2364)، وابن حبان (1281)، والطبراني (11765)، والبيهقي 1/ 18، والحازمي في الإعتبار ص (55) من طرق عن أبي عوانة به.

وأخرجه ابن حبان (1280)، والطبراني (11766) من طريق أبي الأحوص به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1575) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري (1492)، وأبو عوانة 1/ 210 - 211، وابن حبان (1284)، والبيهقي 1/ 23 من طرق عن ابن وهب به. =

ص: 19

قال أبو جعفر: فدل ذلك على أن الذي حرم من الشاة بموتها هو الذي يراد للأكل لا غير ذلك من جلودها وعصبها.

فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر، فإنا قد رأينا الأصل المجتمع عليه أن العصير لا بأس بشربه والانتفاع به ما لم يحدث فيه صفات الخمر. فإذا حدثت فيه صفات الخمر حرم بذلك، ثم لا يزال حرامًا كذلك حتى تحدث فيه صفات الخل. فإذا حدثت فيه صفات الخل حل. فكان يحل بحدوث الصفة، ويحرم بحدوث صفة غيرها، وإن كان بدنًا واحدا.

فالنظر على ذلك أن يكون كذلك جلد الميتة يحرم بحدوثه صفة الموت فيه، ويحل بحدوث صفة الأمتعة فيه من الثياب وغيرها فيه. فإذا دبغ فصار كالجلود والأمتعة فقد حدثت فيه صفة الحلال. فالنظر على ما ذكرنا أن يحل أيضا بحدوث تلك الصفة فيه.

وحجة أخرى: أنا قد رأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسلموا لم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرح نعالهم وخفافهم وأنطاعهم التي كانوا اتخذوها في حال جاهليتهم، وإنما كان ذلك من ميتة أو من ذبيحة. فذبيحتهم حينئذ إنما كانت ذبيحة أهل الأوثان، فهي في حرمتها على أهل الإسلام كحرمة الميتة. فلما لم يأمرهم

= وأخرجه أحمد (2369)، والدارمي (1988 - 1989)، والبخاري (1492)، ومسلم (363)(101)، وأبو داود (4120)، والنسائي 7/ 172، وأبو عوانة 1/ 209 - 210، وابن حبان (1284)، والدارقطني، 1/ 41، 42، 43، والبيهقي 1/ 15، 20، 23 من طرق عن الزهري به.

ص: 20

رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرح ذلك وترك الانتفاع به، ثبت أن ذلك كان قد خرج من حكم الميتة ونجاستها بالدباغ إلى حكم سائر الأمتعة وطهارتها.

وكذلك كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتحوا بلدان المشركين لا يأمرهم بأن يتحاموا خفافهم ونعالهم وأنطاعهم وسائر جلودهم فلا يأخذوا من ذلك شيئا، بل كان لا يمنعهم شيئا من ذلك، فذلك دليل على طهارة الجلود بالدباغ.

ولقد روي في هذا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ما قد

2533 -

حدثنا فهد، قال أبو غسان، قال: ثنا محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله قال: كنا نصيب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغانمنا من المشركين الأسقية، فنقتسمها وكلها ميتة، فننتفع بذلك

(1)

.

فدل ذلك على ما ذكرنا. وهذا جابر رضي الله عنه يقول هذا، وقد حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تنتفعوا من الميتة بشيء". فلم يكن ذلك عنده بمضاد لهذا. فثبت أن معنى حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنتفعوا من الميتة بشيء غير معنى حديثه الآخر، وأن الشيء المحرم من الميتة في ذلك الحديث، هو غير المباح في هذا الحديث.

(1)

إسناده حسن: من أجل سليمان بن موسى.

وأخرجه أحمد (14501، 15188) من طريقين عن محمد بن راشد به.

ص: 21

فكذلك أيضا ما روى عبد الله بن عكيم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما نهي عن الانتفاع به من الميتة، وهو غير ما أباح في هذه الآثار من أهبها المدبوغة حتى تتفق هذه الآثار، ولا يضاد بعضها بعضا.

وهذا الذي ذهبنا إليه في هذا الباب، من طهارة جلود الميتة بالدباغ قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 22

‌71 - باب: الفخذ هل هي من العورة أم لا؟

2534 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو خالد، عن عبد الله بن [أبي] سعيد المدني، قال: حدثتني حفصة بنت عمر، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قد وضع ثوبه بين فخذيه، فجاء أبو بكر رضي الله عنه فاستأذن فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم على هيئته، ثم جاء عمر رضي الله عنه بمثل هذه الصفة، ثم جاء أناس من أصحابه والنبي صلى الله عليه وسلم على هيئته ثم جاء عثمان فاستأذن عليه فأذن له، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فتجلله

(1)

، فتحدثوا ثم خرجوا، فقلت: يا رسول الله، جاء أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم وناس من أصحابك، وأنت على هيئتك، فلما جاء عثمان رضي الله عنه، تجللت ثوبك؟ فقال: "أولا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة؟ قالت وسمعت أبي وغيره يحدثون نحوا من هذا

(2)

.

(1)

أي: علاه، أراد به غطى فخذيه بالثوب، أو بدنه بثوبه بمعنى غطاه كله.

(2)

حديث صحيح وإسناده ضعيف لجهالة حال عبد الله بن أبي سعيد المدني، و أبو خالد، قال ابن حجر في التقريب: شيخ لإبن جريج، يحتمل أن يكون الدالاني وإلا فمجهول، وقال في التعجيل (ص 539): ذكر أبو أحمد الحاكم في الكنى أن اسمه يزيد، وقيل: عثمان.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1719) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1284)، والطبراني في الكبير 23/ 400 من طريق أبي عاصم به.

وعلقه البخاري في التاريخ الكبير 5/ 104 عن أبي عاصم به.

وأخرجه أحمد (26466)، وعبد بن حميد (1547)، والبخاري في التاريخ الكبير 5/ 104، والطبراني في الأوسط =

ص: 23

فذهب قوم

(1)

إلى أن الفخذ ليست من العورة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: الفخذ عورة، وقالوا: قد روي هذا الحديث جماعة من أهل الثبت، على غير ما رواه الذين احتججتم بروايتهم.

فمن ذلك ما روي في ذلك، ما

2535 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر بن فارس، قال: أنا مالك بن أنس، عن الزهري، عن يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن عائشة، أن أبا بكر رضي الله عنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، ورسول الله لابس مرط أم المؤمنين، فأذن له فقضى إليه حاجته ثم خرج، ثم استأذن عليه عمر رضي الله عنه وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته، ثم خرج فاستأذن عليه عثمان رضي الله عنه فاستوى جالسا، وقال لعائشة:"اجمعي عليك ثيابك". فلما خرج قالت له عائشة: ما لك لم تفزع لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان؟ فقال: إن عثمان رجل كثير الحياء ولو أذنت له على تلك الحال خشيت أن لا يبلغ في حاجته"

(3)

.

= (8927) من طرق عن ابن جريج به.

ولمرفوعه شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم (2401).

(1)

قلت أراد بهم: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وإسماعيل بن علية، وابن جرير الطبري، وداود الظاهري، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 9/ 287.

(2)

قلت أراد بهم: جمهور العلماء من التابعين ومن بعدهم منهم: أبو حنيفة، ومالك في أصح أقواله، والشافعي، وأحمد في أصح رواياته، وأبو يوسف ومحمد، وزفر بن الهذيل رحمهم الله، كما في النخب 9/ 288.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 24

2536 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

2537 -

حدثنا محمد بن عُزَيز الأيلي، قال: ثنا سلامة بن روح، قال: ثنا عقيل، حدثني ابن شهاب، قال: أخبرني يحيى بن سعيد بن العاص، أن سعيد بن العاص أخبره، أن أبا بكر رضي الله عنه استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله

(2)

.

2538 -

حدثنا ما روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث بن سعد، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن يحيى بن سعيد بن العاص، أن سعيد بن العاص، أخبره أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان رضي الله عنه، حدثاه أن أبا بكر رضي الله عنه استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله

(3)

.

= وأخرجه أحمد (515)، والبخاري في الأدب المفرد (600)، ومسلم (240)، والبزار (355)، وأبو يعلى (4818) من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1713) بإسناده ومتنه

وأخرجه أحمد (25217)، وأبو يعلى (4437) من طريق عثمان بن عمر به.

وأخرجه ابن طهمان (150)، وابن أبي عاصم في السنة (1287) من طريق عبيد الله بن موسى، عن ابن أبي ذئب به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل سلامة بن روح.

وأخرجه أحمد (514)، ومسلم (2402) من طريق الليث بن سعد، عن عقيل به.

(3)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

ص: 25

قال أبو جعفر: فهذا أصل هذا الحديث ليس فيه ذكر كشف الفخذين أصلا.

وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحاح فيها أن الفخذ من العورة. فمما روي عنه في ذلك ما

2539 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا القواريري قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفخذ عورة"

(1)

.

2540 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسحاق بن منصور، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم فرأى فخذ رجل، فقال:"فخذ الرجل من عورته"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لإنقطاعه: حبيب بن أبي ثابت مدلس وقد عنعن وهو لم يسمع من عاصم بن ضمرة، وقال ابن أبي حاتم في العلل 2/ 271: ابن جريج لم يسمع هذا الحديث بهذا الإسناد من حبيب، إنما هو من حديث عمرو بن خالد الواسطي ولا يثبت لحبيب رواية عن عاصم، فأرى أن ابن جريج أخذه من الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبيب، والحسن بن ذكوان وعمرو بن خالد ضعيفا الحديث.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1697) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1249)، وأبو داود (3140، 4015)، وابن ماجة (1460)، وأبو يعلى (331)، والبزار (694)، وابن عدي في الكامل 7/ 2734، والدارقطني 1/ 225، والحاكم 4/ 180 - 181، والبيهقي 2/ 228 من طرق عن ابن جريج به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي يحيى القتات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1698) بإسناده ومتنه.

وعلقه البخاري في صحيحه إثر (370). =

ص: 26

2541 -

حدثنا بحر بن نصر قال: ثنا ابن وهب قال حدثني حفص بن ميسرة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي كثير، عن محمد بن جحش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على معمر بفناء المسجد، كاشفا عن طرف فخذه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خمر فخذك يا معمر، إن الفخذ عورة"

(1)

.

2542 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أبو مصعب قال: ثنا ابن أبي حازم، عن العلاء، عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عن محمد بن جحش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

= ووصله ابن أبي شيبة 9/ 119، وعبد بن حميد (640)، وأحمد (2497)، والترمذي (2796)، وأبو يعلى (2547)، والحاكم 4/ 181 من طرق عن إسرائيل به.

(1)

رجاله ثقات غير أبي كثير مولى محمد بن عبد الله بن جحش روى عنه جمع وذكره ابن حبان في الثقات 5/ 570، ولم يذكر المزي وابن حجر توثيق ابن حبان له، وقال الحافظ في الفتح 1/ 479: لم أجد فيه تصريحا بتعديل وتساهل في تقريبه فوثقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1699) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (22494) من طريق هشيم، عن حفص بن ميسرة به.

وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (929)، والطبراني (19/ 550، 553،552، 554، 555) والحاكم 3/ 637، والبيهقي 2/ 228، والبغوي (2551) من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن به.

(2)

حديث حسن، وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1700) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبراني في الكبير 19/ 552 من طرق عن ابن أبي حازم به.

ص: 27

2543 -

حدثنا فهد قال: ثنا الحماني قال: ثنا سليمان بن بلال، وعبد العزيز، قالا: ثنا ابن أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي كثير مولى محمد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الله بن جحش، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم أمشي في السوق، فمر بمعمر جالسا على بابه مكشوفة فخذه، فقال:"خمر فخذك، أما علمت أنها من العورة"

(1)

.

2544 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسحاق بن منصور قال: ثنا الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الله بن مسلم بن جرهد

(2)

، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فخذ الرجل من عورته" أو قال: "من العورة"

(3)

.

(1)

حديث حسن، يحيى بن عبد الحميد الحماني، تكلم فيه وهو من رجال مسلم، قال يحيى بن معين: صدوق مشهور، وقال الذهبي: ما رأيت له أحاديث منكرة وأرجو أنه لا بأس به، وأبو كثير سلفت ترجمته على (2542) وبقية رجاله ثقات. أخرجه الطبراني في الكبير 19/ 246، 554 من طريق يحيى الحماني به.

(2)

في المغاني هكذا وفي التهذيب: عبد الله بن جرهد الأسلمي.

(3)

حسن بشواهده، عبد الله بن محمد بن عقيل، صدوق في حديثه لين، وعبد الله بن جرهد لم يوثقه غير ابن حبان 5/ 22، وقال ابن حجر في التقريب مقبول.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1701) بإسناده ومتنه

وأخرجه البخاري في تاريخه 5/ 63 من طريق إسحاق بن إبراهيم به.

وأخرجه الترمذي (2797)، والطبراني في الكبير (2148)، من طريقين عن حسن بن صالح به.

وأخرجه أحمد (15930)، والطبراني (2149) من طريقين عن زهير بن محمد، عن عبد الله بن عقيل به.

ص: 28

2545 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا حسن -هو ابن صالح بن حي-، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الله بن جرهد الأسلمي، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

2546 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: حدثني مالك، عن أبي النضر، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه، وكان من أصحاب الصفة

(2)

، أنه قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندي وفخذي منكشفة فقال:"خمر عليك، أما علمت أن الفخذ عورة"

(3)

.

2547 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد قال: ثنا يحيى، عن مسعر، قال: ثنا أبو الزناد، عن عمه، زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن جده جرهد، قال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ بردة، قد كشفت عن فخذي فقال:"غط فخذيك، الفخذ عورة"

(4)

.

(1)

حسن بشواهده، وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1702) بإسناده ومتنه.

(2)

في س خد "من أصحاب رسول الله".

(3)

إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن جرهد مجهول الحال وفي إسناد حديثه اختلاف كثير بينه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق 2/ 209، 212.

وأخرجه أحمد (15931)، والدارمي 2/ 281، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 249، والطبراني في الكبير (2145) من طرق عن مالك به.

(4)

رجاله ثقات رجال الصحيح غير زرعة بن عبد الرحمن فقد روى له أبو داود ووثقه النسائي. =

ص: 29

قال أبو جعفر: فهذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تخبر أن الفخذ عورة، ولم يضادها أثر صحيح. فقد ثبت بها أن الفخذ عورة تبطل الصلاة بكشفها كما تبطل بكشف ما سواها من العورات. فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا رأينا الرجل ينظر من المرأة التي لا محرم بينه وبينها إلى وجهها وكفيها، ولا ينظر إلى ما فوق ذلك من رأسها، ولا إلى أسفل من بطنها، وظهرها، وفخذيها، وساقيها، ورأيناه في ذات المحرم منه لا بأس أن ينظر منها إلى صدرها، وشعرها، ووجهها، ورأسها، وساقها، ولا ينظر إلى ما بين ذلك من بدنها.

وكذلك رأيناه ينظر من الأمة التي لا ملك له عليها، ولا محرم بينه وبينها، فكان كل ممنوعا من النظر من ذات المحرم منه ومن الأمة التي ليست بمحرم له، ولا ملك له عليها إلى فخذها كما كان ممنوعا من النظر إلى فرجها فصار حكم الفخذ من النساء، كحكم الفرج لا كحكم الساق.

فالنظر على ذلك أن يكون من الرجال أيضا كذلك، وأن يكون حكم فخذ الرجل في النظر إليه كحكم فرجه في النظر إليه، لا كحكم ساقه. فلما كان النظر إلى فرجه محرما، كان كذلك النظر إلى فخذه محرما، وكذلك كل ما كان حراما على الرجل أن ينظر إليه من ذات المحرم منه، فحرام على الرجال أن ينظر إليه بعضهم من بعض. وكل ما

= وأخرجه أحمد (15933)، وابن حبان (1710)، والطبراني في الكبير (2138) من طريقين عن سفيان الثوري، عن أبي الزناد به.

ص: 30

كان حلالا أن ينظر ذو المحرم من المرأة ذات المحرم منه، فلا بأس أن ينظر إليه الرجال بعضهم من بعض.

فهذا هو أصل النظر في هذا الباب، وقد وافق ذلك ما جاءت به الروايات التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فبذلك نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

ص: 31

‌72 - باب: الأفضل في الصلوات التطوع هل هو طول القيام أو كثرة الركوع والسجود؟

2548 -

حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا أبو الأحوص، وحُديج، عن أبي إسحاق، عن المخارق قال: خرجنا حجاجا فمررنا بالربذة، فوجدنا أبا ذر قائما يصلي، فرأيته لا يطيل القيام، ويكثر الركوع والسجود، فقلت له في ذلك، فقال: ما ألوتُ

(1)

أن أحسن، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من ركع وسجد سجدة رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة"

(2)

.

فذهب قوم

(3)

إلى أن كثرة الركوع والسجود أفضل في الصلوات التطوع من طول القيام، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

، فقالوا: طول القيام أفضل. وكان من الحجة لهم، ما قد رويناه فيما تقدم من كتابنا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أي

(1)

أي: ما قصرت.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة المخارق.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 50، والبخاري في التاريخ الكبير 7/ 430، والبيهقي 3/ 10، من طريق أبي الأحوص به. وأخرجه أحمد (21308) من طريق زهير، عن أبي إسحاق به.

(3)

قلت أراد بهم الأوزاعي، والشافعي في قول، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 9/ 314.

(4)

قلت أراد بهم جمهور أهل العلم من التابعين ومن بعدهم منهم: مسروق بن الأجدع، وإبراهيم النخعي والحسن البصري، وأبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 32

الصلاة أفضل؟ قال: "طول القنوت" وفي بعض ما رويناه في ذلك "طول القيام". ففضل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك إطالة القيام على كثرة الركوع والسجود.

وليس في حديث أبي ذر الذي ذكرنا خلاف لهذا عندنا، لأنه قد يجوز أن يكون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من ركع الله ركعة وسجد سجدة" على ما قد أطيل قبله من القيام. ويجوز أيضا من "ركع الله ركعة، وسجد سجدة، رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة" وإن زاد مع ذلك طول القيام كان أفضل، وكان ما يعطيه الله على ذلك من الثواب أكثر.

فهذا أولى ما حمل عليه معنى هذا الحديث لئلا يضاد الأحاديث الأخر التي ذكرنا. وممن قال بهذا القول الآخر في إطالة القيام وأنه أفضل من كثرة الركوع والسجود، محمد بن الحسن. حدثني بذلك ابن عمران عن محمد بن سماعة، عن محمد بن الحسن وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف رحمهم الله تعالى.

2549 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطاة، عن جُبَير بن نفير، أن بن نفير، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رأى فتى وهو يصلي قد أطال صلاته. فلما انصرف منها قال: من يعرف هذا؟ قال رجل: أنا، فقال عبد الله: لو كنت أعرفه لأمرته أن يطيل الركوع والسجود، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا قام العبد يصلي أتى بذنوبه فجعلت على رأسه وعاتقيه، فكلما ركع أو سجد، تساقطت عنه"

(1)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح. =

ص: 33

فإن قال قائل: ففي هذا الحديث تفضيل الركوع والسجود على القيام.

فقيل له: ما فيه ما ذكرت، وإنما فيه ما يعطاه المصلي على الركوع والسجود من حط الذنوب عنه، ولعله يعطى بطول القيام أفضل من ذلك.

وأما ما فيه عن ابن عمر، فإن الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفضيله طول القيام، أولى منه، والله أعلم.

= وأخرجه محمد بن نصر المروزي في الصلاة (294)، والبغوي (656) من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح به.

وأخرجه ابن حبان (1734)، والبيهقي 3/ 10 من طريق ابن وهب، عن معاوية بن صالح به.

ص: 34

كتاب الجنائز

‌1 - باب المشي في الجنازة كيف هو؟

2550 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا محمد بن جعفر المدائني، قال: ثنا شعبة عن عُيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: كنا في جنازة عبد الرحمن بن سمرة، أو عثمان بن أبي العاص، فكانوا يمشون بها مشيًا لينا. قال: فكان أبا بكرة انتهرهم ورفع عليهم صوته

(1)

وقال: لقد رأيتنا نرمل بها مع النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

2551 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا ابن وهب: قال أخبرني ابن أبي الزناد، عن أبيه، أنه قال: كنت جالسا مع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بالبقيع، فطُلع علينا بجنازة، فأقبل علينا ابن جعفر يتعجب من مشيهم بها، فقال: عجبًا لما تغير من حال الناس، والله إن كان إلا الجمز

(3)

وإن كان الرجل ليُلاحي الرجل فيقول: يا عبد الله اتق الله، فوالله لكأنك قد جُمز بك

(4)

.

(1)

عند أبي داود "سوطه".

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (883)، وأحمد (20400)، والبخاري في التاريخ الأوسط 1/ 127، وأبو داود (3182 - 3183)، والبزار في مسنده (3680)، والنسائي 4/ 42 - 43، وابن حبان (3043)، والحاكم 3/ 446، والبيهقي 4/ 22 من طرق عن عيينة بن عبد الرحمن به.

(3)

أي: الإسراع بالمشي.

(4)

إسناده حسن.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (1312)، والبيهقي في الشعب (8825) من طريق الربيع بن سليمان، عن عبد الله بن =

ص: 35

2552 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: ثنا أبو أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أسرعوا بالجنازة، فإن كانت صالحة، قربتموها إلى الخير، وإن كانت غير ذلك كان شرا تضعونه عن رقابكم"

(1)

.

2553 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني زمعة بن صالح، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

2554 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سفيان عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

= وهب به.

وأخرجه عبد الرزاق (6253) عن ابن جريج، عن أبي الزناد به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (499)(51) من طريق عبد الله بن وهب به.

وأخرجه أحمد (7271)، والنسائي في المجتبى 4/ 42، وفي الكبرى (2049)، من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب الزهري به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف زمعة بن صالح. وانظر بعده.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (1022)، وابن أبي شيبة 3/ 281، وأحمد (7267)، والبخاري (1315)، ومسلم (944)(50)، وأبو داود (3181)، والترمذي (1015)، والنسائي 4/ 41 - 42، وابن الجارود (527)، وابن حبان (3042)، والبيهقي 4/ 21، والبغوي (1481) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

ص: 36

2555 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن عبد الرحمن بن، مهران أن أبا هريرة حين حضرته الوفاة قال: أسرعوا بي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وضع الرجل الصالح على سريره، قال: قدّموني قدّموني، وإذا وضع الرجل السوء على سريره، قال: يا ويلتي أين تذهبون بي"

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن السرعة في السير

(3)

بالجنازة أفضل من غير ذلك، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

وقالوا: بل يمشى بها مشيًا لينًا، فهو أفضل من غير ذلك. واحتجوا في ذلك بما

2556 -

حدثنا مبشر بن الحسن، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا شعبة، عن ليث بن أبي سليم، قال: سمعت أبا بردة يحدث عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة وهم يسرعون بها، فقال:"ليكن عليكم السكينة"

(5)

.

(1)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن مهران.

وأخرجه الطيالسي (2336)، وأحمد (7914)، والنسائي في المجتبى 4/ 40، وفي الكبرى (2046)، وابن حبان (3111)، والبيهقي 4/ 21 من طرق عن ابن أبي ذئب به.

(2)

قلت أراد بهم: محمد بن سيرين والحسن البصري، وقتادة، وعمر بن عبد العزيز، وعلقمة، وأبا وائل، ومعمر رحمهم الله، كما في النخب 9/ 331.

(3)

في س خد "بالسير".

(4)

قلت أراد بهم: جمهور العلماء، منهم: الثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 9/ 333.

(5)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم به. =

ص: 37

فلم يكن عندنا ما في هذا الحديث حجة على أهل المقالة الأولى، لأنه قد يجوز أن يكون في مشيهم ذلك عنف يجاوز ما أمروا به في الأحاديث الأول من السرعة، فنظرنا في ذلك: هل نجد في ذلك دليلا يدلنا على شيء من ذلك؟

2557 -

فإذا عبد الله بن محمد بن خُشيش البصري قد حدثنا، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا زائدة، عن ليث، عن أبي بردة، عن أبيه، قال: مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة يسرعون بها المشي وهي تُمَخَضُ

(1)

تمخض الزق فقال: "عليكم بالقصد بجنائزكم"

(2)

.

ففي هذا الحديث أن الميت كان يتمخض لتلك السرعة تمخض الزق. فيحتمل أن يكون أمرهم بالقصد، لأن تلك السرعة سرعة يخاف منها أن يكون من الميت شيء، فنهاهم عن ذلك، فكان ما أمرهم به من السرعة في الآثار الأول، هي أقصد

(3)

من هذه السرعة.

فنظرنا في ذلك أيضا هل روي فيه شيء يدلنا على شيء من هذا المعنى؟

= وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 281، وأحمد (19612)، وابن ماجة (1479)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (612) من طرق عن ليث بن أبي سليم به.

(1)

من المخض: وهو التحريك السقاء الذي فيه اللبن ليخرج زبدة، وهي تحرك تحركا سريعا كتحريك الزق وهو قربة اللبن.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه البيهقي 4/ 22، والخطيب في التاريخ 11/ 323 من طريق زائدة بن قدامة، عن ليث به.

(3)

في س خد "أفضل".

ص: 38

2558 -

فإذا أبو أمية قد حدثنا، قال: ثنا عبيد الله بن موسى قال: أنا الحسن بن صالح، عن يحيى الجابر، عن أبي ماجد، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن السير بالجنازة، فقال: "ما دون الخبب فإن يك مؤمنا فما عجل فخير

(1)

، وإن يك كافرا فبعدًا لأهل النار"

(2)

.

فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن السير بالجنازة هو ما دون الخبب. فذلك عندنا دون ما كانوا يفعلون في حديث أبي موسى، حتى أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أمرهم به من ذلك ومثل ما أمرهم به من السرعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

فبهذا نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

(1)

في س خد "عجل بالخير".

(2)

إسناده ضعيف لجهالة أبي ماجد الحنفي، وضعف يحيى بن الحارث.

وأخرجه أحمد (4110)، والبيهقي 4/ 25 من طريق حسن بن صالح به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 279، وأبو داود (3184)، والترمذي (1011)، وابن ماجة (1484)، وأبو يعلى (5038، 5154، 5404) من طرق عن يحيى الجابر بهذا الإسناد، وقال الترمذي: لا يعرف من حديث عبد الله بن مسعود إلا من هذا الوجه، سمعت محمد بن إسماعيل يضعف حديث أبي ماجد هذا.

ص: 39

‌2 - باب المشي مع الجنازة أين ينبغي أن يكون منها؟

2559 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما يمشون أمام الجنازة

(1)

.

2560 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، أن عبد الله بن عمر كان يمشي أمام الجنازة، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم

(2)

.

2561 -

حدثنا محمد بن عزيز الأيلي، قال: ثنا سلامة عن عُقيل، قال: حدثني ابن شهاب، أن سالما أخبره

ثم ذكر مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1817)، والحميدي (607)، وابن أبي شيبة 3/ 277، وأحمد (4539)، وأبو داود (3179)، والترمذي (1007)، والنسائي في المجتبى 4/ 56، وفي الكبرى (2071)، وابن ماجة (1482)، وأبو يعلى (5421، 5532)، وابن حبان (3045، 3047،3046)، والدارقطني 2/ 70، والبيهقي 4/ 23، والبغوي (1488) من طرق عن سفيان بن عيينة به

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني (13135) من طريق يونس بن يزيد، وابن حبان (3048) من طريق شعيب بن حمزة، والطبراني (13134، 13136) من طريق موسى بن عقبة والعباس بن الحسن، كلهم عن الزهري به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل سلامة بن روح.

وأخرجه أحمد (6253)، والطبراني في الكبير (13135) من طرق عن عقيل به.

ص: 40

2562 -

حدثنا نصر بن مرزوق، وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: ثنا عُقَيل بن خالد

ثم ذكر بإسناده مثله

(1)

.

2563 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا سعيد بن عفير قال: ثني يحيى بن أيوب، قال: ثنا عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم، عن ابن عمر، أنه كان يمشي أمام الجنازة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي بين يدي الجنازة وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وكذلك السنة في اتباع الجنازة

(2)

.

2564 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك (ح)

وحدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن ابن شهاب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي أمام الجنازة، وابن عمر والخلفاء هلم جرا يعني

(3)

إلى يومنا هذا

(4)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه أحمد (6253) من طريق حجاج بن محمد، عن ليث به.

(2)

رجاله ثقات غير سعيد بن عفير ويحيى بن أيوب الغافقي فهما صدوقان.

(3)

من د.

(4)

إسناده مرسل.

وهو في موطأ مالك 1/ 308، ومن طريقه أخرجه البيهقي في المعرفة (7491)، وأخرجه عبد الرزاق (6259)، والترمذي (1009) عن معمر، عن الزهري به.

ص: 41

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أن المشي أمام الجنازة أفضل من المشي خلفها، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار

(2)

.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: المشي خلفها أفضل من المشي أمامها. وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن حديث ابن عيينة الذي ذكرناه في أول هذا الباب، قد رواه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر

(4)

رضي الله عنهما يمشون أمام الجنازة.

فصار في ذلك خبرا عن ابن عمر رضي الله عنهما عما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما يفعلونه في ذلك.

وقد يجوز أن يكون كانوا يفعلون شيئا، وغيره عندهم أفضل منه للتوسعة. كما قد توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة، والوضوء مرتين مرتين أفضل منه، والوضوء ثلاثا ثلاثا أفضل من ذلك كله، ولكنه فعل ما فعل من ذلك للتوسعة.

ثم قد خالف ابن عيينة في إسناد هذا الحديث كل أصحاب الزهري غيره. فرواه مالك عن الزهري، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي أمام الجنازة،

(1)

قلت أراد بهم: القاسم، وسالم بن عبد الله، والزهري، وشريحا، وخارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعلقمة، والأسود، وعطاء، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 9/ 348.

(2)

في ج د ن "بهذا الحديث".

(3)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، والثوري، والأوزاعي، وسويد بن غفلة، ومسروقا، وأبا قلابة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وإسحاق، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 9/ 348.

(4)

في س خدن: زاد عثمان.

ص: 42

فقطعه. ثم رواه عُقيل ويونس، عن ابن شهاب، عن سالم، قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم يمشون أمام الجنازة" وهذا معناه وإن لم يكن لفظه كذلك، لأن أصل حديثه إنما هو عن سالم، قال:"كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يمشي أمام الجنازة، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم".

فصار هذا الكلام كله في هذا الحديث إنما هو من سالم لا من ابن عمر رضي الله عنهما، فصار حديثا منقطعا، وفي حديث يحيى بن أيوب، عن عقيل، كذلك السنة في اتباع الجنازة زيادة على ما في حديث الليث وسلامة عن عقيل: فكذلك أيضا لا حجة فيه لأنه إنما هو من كلام سالم، أو من كلام الزهري.

وقد روي عن ابن عمر خلافه مما سنرويه في موضعه في هذا الباب إن شاء الله.

وقال أصحاب المقالة الأولى: وقد روي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يمشون أمام الجنازة. وذكروا ما

2565 -

حدثنا يونس، قال: حدثنا سفيان، عن ابن المنكدر، سمع ربيعة بن عبد الله بن هدير يقول: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقدم الناس أمام جنازة زينب رضي الله عنها

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي في السنن 4/ 24 من طريق سعدان بن نصر، عن سفيان به.

ص: 43

2566 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن ابن المنكدر

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

2567 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، قال: سألت سعيد بن جبير عن المشي أمام الجنازة، فقال: نعم رأيت ابن عباس يمشي أمام الجنازة

(2)

.

2568 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني ابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، أن أبا راشد، مولى مُعيقيب بن أبي فاطمة، أخبره أنه رأى عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام رضي الله عنهم يفعلونه

(3)

.

2569 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة: أنه رأى أبا هريرة، وعبد الله بن عمر، وأبا أسيد الساعدي، وأبا قتادة رضي الله عنهم يمشون أمام الجنازة

(4)

.

قالوا: فقد دل هذا على أن المشي أمام الجنازة أفضل من المشي خلفها.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 310، ومن طريقه الشافعي في مسنده (360).

(2)

إسناده ضعيف: لضعف عبد الأعلى بن عامر الثعلبي.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة أبي راشد مولى معيقيب.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 477 (11227) عن وكيع، عن ابن أبي ذئب به.

ص: 44

قيل لهم: ما دلّ ذلك على شيء مما ذكرتم، ولكنه أباح المشي أمام الجنازة، وهذا مما لا ينكره مخالفهم أن المشي أمام الجنازة مباح. وإنما اختلفتم أنتم وإياه في الأفضل من ذلك، ومن المشي خلف الجنازة. فإن كان عندكم أثر صحيح فيه أن المشي أمام الجنازة أفضل من المشي خلفها، ثبت بذلك ما قلتم وإلا فقوله: إلى الآن، مكافئ لقولكم.

وإن احتجوا في ذلك بما

2570 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب عن مالك عن ابن شهاب، قال: ليس من السنة المشي خلف الجنازة. وقال ابن شهاب والمشي خلف الجنازة من خطأ السنة

(1)

.

قيل لهم: هذا كلام ابن شهاب، فقوله في ذلك كقولكم، إذ كان لمخالفه ومخالفكم من الحجة عليه وعليكم ما سنذكره في هذا الباب إن شاء الله تعالى.

ثم رجعنا إلى ما روي في هذا الباب من الآثار، هل فيه شيء يبيح المشي خلف الجنازة.

2571 -

فإذا ربيع الجيزي، وابن أبي داود، قد حدثانا، قالا: ثنا أبو زرعة، قال: أنا يونس بن يزيد عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يمشون أمام الجنازة وخلفها

(2)

.

(1)

رجاله ثقات.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل أبي زرعة وهب الله بن راشد، وانظر ما بعده.

ص: 45

2572 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن بشار قال: ثنا محمد بن بكر البرساني، عن يونس بن يزيد

ثم ذكر بإسناده مثله

(1)

.

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي خلف الجنازة، كما كان يمشي أمامها. فإن كان مشي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما أمام الجنازة حجةً لكم أن ذلك أفضل من المشي خلفها، فكذلك مشي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما خلفها حجة لمخالفكم عليكم أن ذلك أفضل من المشي أمامها، فقد استوى خصمكم وأنتم في هذا الباب، فلا حجة لكم فيه عليه.

2573 -

وقد حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا عثمان بن عمر بن فارس، قال: ثنا سعيد بن عبيد الله، عن زياد بن جبير، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الترمذي (1010)، وابن ماجة (1483)، وأبو يعلى (3608) من طرق عن محمد بن بكر البرساني به.

وقال الترمذي: سألت محمدا (البخاري) عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه محمد بن بكر، وإنما يروى هذا الحديث عن يونس عن الزهري مرسلا، قلت: لقد تابع على وصله أبو زرعة عند المصنف.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحاكم 1/ 355 من طريق عثمان بن عمر بن فارس به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 280، وأحمد (18162)، والترمذي (1031)، والنسائي في المجتبى 4/ 56، 58، وفي الكبرى (2070، 2075)، وابن ماجة (1481)، والطبراني 20/ 1046، 1047)، والبيهقي 4/ 8 من طرق عن سعيد بن عبيد الله الثقفي به.

ص: 46

فأباح في هذا الحديث أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي خلف الجنازة، كما أباح المشي أمامها. وليس في شيء مما ذكرنا ما يدل على الأفضل من ذلك ما هو؟.

وقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ما معناه قريب من معنى حديث المغيرة، ولم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

2574 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو بكر بن عياش عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك في الرجل يتبع الجنازة. قال: إنما أنتم مشيعون لها، فامشوا بين يديها وخلفها، وعن يمينها وعن شمالها

(1)

.

2575 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا ابن عفير قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن حميد، عن أنس بن مالك

مثله

(2)

.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا.

2576 -

ما حدثنا عبد الغني بن رفاعة اللخمي، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن أشعث بن سليم، قال: سمعت معاوية بن سويد بن مقرن قال: سمعت البراء بن عازب يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع الجنازة

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل أبي بكر بن عياش.

وأخرجه عبد الرزاق (6261) عن أبي جعفر الرازي، وابن أبي شيبة (11231) من طريق أبي بكر بن عياش، كلاهما عن حميد به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 47

ففي هذا الحديث أنه أمرهم باتباع الجنازة والمتبع للشي هو المتأخر عنه لا المتقدم أمامه. ففيما ذكرنا ما قد دل على فساد قول الزهري: أن المشي خلف الجنازة من خطأ السنة.

2577 -

حدثنا ربيع المؤذن قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن يسار، عن عمرو بن حريث، قال: قلت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ما تقول في المشي أمام الجنازة؟ فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: المشي خلفها أفضل من المشي أمامها كفضل المكتوبة على التطوع، قال: قلت فإني رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يمشيان أمامها، فقال: إنهما يكرهان أن يحرجا الناس

(1)

.

2578 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي فروة الهمداني عن زائدة بن خراش قال: ثنا ابن [عبد الرحمن بن] أبزى، عن أبيه، قال: كنت أمشي في جنازة فيها أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم. فكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يمشيان أمامها، وعلي رضي الله عنه يمشي خلفها يدي في يده. فقال علي رضي الله عنه: أما إن فضل الرجل يمشي خلف الجنازة على الذي يمشي أمامها كفضل

= وأخرجه أحمد (18504)، والبخاري (1239)، ومسلم (2066)(3)، والبيهقي 3/ 379، والبغوي (1406) من طرق عن عقبة به مطولا بلفظ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن يسار وهو أبو همام الكوفي.

وأخرجه أحمد (754) من طريق يزيد عن حماد بن سلمة به.

ص: 48

صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وإنهما ليعلمان من ذلك مثل الذي أعلم، ولكنهما سهلان يسهلان على الناس

(1)

.

ففي هذا الحديث تفضيل عليّ رضي الله عنه المشي خلف الجنازة على المشي أمامها. وقوله: إن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يعلمان من ذلك مثل الذي أعلم، وإنهما إنما يتركان ذلك للتسهيل على الناس. لا لأن ذلك أفضل من غيره. وهذا مما لا يقال بالرأي إنما يقال ويعلم بالتوقيف بما قد وقفهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلمهم إياه من ذلك، فقد ثبت بتصحيح ما روينا أن المشي خلف الجنازة أفضل من المشي أمامها.

2579 -

وقد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني، قال: ثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن نافع، قال: خرج عبد الله بن عمر وأنا معه على جنازة فرأى معها نساء فوقف ثم قال: ردهن فإنهن فتنة الحي والميت، ثم مضى فمشى خلفها. فقلت: يا أبا عبد الرحمن! كيف المشي في الجنازة أمامها أم خلفها؟. فقال: أما تراني أمشي خلفها"

(2)

.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه البزار (497) من طريق شعبة، عن أبي فروة، عن ابن أبي ليلى، عن زائدة الهمداني، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن علي به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 477 (11239) من طريق يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن أبزى به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الشامي.

ص: 49

فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما سئل عن المشي في الجنازة أجاب سائله أنه خلفها، وهو الذي روينا عنه في الباب الأول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمامها، فدل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك على جهة التخفيف على الناس ليعلمهم أن المشي خلف الجنازة وإن كان أفضل من المشي أمامها، ليس هو مما لا بد منه، ولا مما يحرج تاركه، ولكنه مما له أن يفعله ويفعل غيره. وكذلك ما روي عن ابن عمر من ذلك، فروى عنه سالم أنه كان يمشي أمام الجنازة. فدل ذلك على إباحة المشي أمامها، لا على أن ذلك أفضل من المشي خلفها، ثم روى عنه نافع أنه مشى خلفها. فدل ذلك أيضا على إباحة المشي خلفها، لا على أن ذلك أفضل من غيره. فلما سأله أخبره بالمشي الذي ينبغي أن يفعل في الجنازة أنه خلفها، لا على أنه هو الذي أفضل من غيره.

وقد روينا في حديث البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم "أمرهم باتباع الجنازة"، والأغلب من معنى ذلك هو المشي خلفها أيضا. فصار بذلك من حق الجنازة اتباعها والصلاة عليها فكان المصلي عليها يكون في صلاته عليها متأخرا عنها.

فالنظر على ذلك أن يكون المتبع لها في اتباعه لها متأخرا عنها، فهذا هو النظر مع ما قد وافقه من الآثار.

2580 -

وقد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن يونس قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الله بن شريك العامري، قال: سمعت الحارث بن أبي ربيعة سأل عبد الله بن عمر عن أم ولد

ص: 50

له نصرانية ماتت. فقال له ابن عمر: تأمر بأمرك وأنت بعيد منها ثم تسير أمامها، فإن الذي يسير أمام الجنازة ليس معها

(1)

.

فهذا ابن عمر يخبر أن الذي يسير

(2)

أمام الجنازة ليس معها. فاستحال أن يكون ذلك عنده كذلك، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمشي أمامها.

فقد ثبت بذلك أن أصل حديث سالم الذي رويناه في أول هذا الباب، إنما هو كما رواه مالك، عن الزهري موقوفا، أو كما رواه عقيل ويونس، عن الزهري، عن سالم موقوفا. لا كما رواه ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه مرفوعا.

2581 -

حدثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا إسرائيل، قال: ثنا أبو يحيى، عن مجاهد، قال: كنت مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالسا، فمرت به جنازة، فقام ابن عمر رضي الله عنهما، ثم قال: قم، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الجنازة يهودي مرت عليه فقيل له هل لك أن تتبعها فإن في اتباع الجنازة أجرا؟ فانطلقنا نمشي معها، فنظر فرأى ناسا، فقال: ما أولئك الذين بين يدي الجنازة؟ قلت: هم أهل الجنازة فقال: ما هم مع الجنازة، ولكن كتفيها أو وراءها. فبينما هو يمشي إذ سمع رانّة فاستدارني وهو قابض على يدي فاستقبلها، فقال لها: شرا، حرمتنا هذه الجنازة، اذهب يا

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 33 (11846) عن وكيع، عن شريك، عن عبد الله بن شريك، عن ابن عمر به.

(2)

في ج دن "يمشيط.

ص: 51

مجاهد، فإنك تريد الأجر، وهذه تريد الوزر، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نتبع الجنازة معها رانة

(1)

(2)

.

فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يكون المشي خلف الجنازة أفضل من المشي أمامها وقد كان عمر بن الخطاب بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة زينب، يقدّم الناس أمامها، فذلك دليل على أنه كان لا يرى المشي خلفها أصلا، ولولا ذلك لأباحه لمن مشى خلفها.

قيل له: وكيف يجوز ما ذكرت؟. وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنهما يريد أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها، ثم يفعل هذا المعنى الذي ذكرته ولكنه فعل ذلك، عندنا - والله أعلم - لعارض، إما لنساء كُنّ خلفها، فكره للرجال مخالطتهن، فأمرهم بالتقدم لذلك العارض لا لأنه أفضل من المشي خلفها. وقد سمعت يونس يذكر عن ابن وهب أنه سمع من يقول ذلك، وهو أولى ما حمل عليه هذا الحديث، حتى لا يتضاد ما ذكره علي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

(1)

بفتح الراء المهملة وتشديد النون، وهي: الصائحة النائحة.

(2)

إسناده ضعيف لضعف أبي يحيى القتات.

وأخرجه ابن ماجة (1583)، والطبراني (13484)، والبيهقي 4/ 64 من طريق إسرائيل به مختصرا.

وأخرجه أحمد (5668)، والطبراني (13498) من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد به.

ص: 52

2582 -

وقد حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد قال أنا شريك، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: كان الأسود إذا كان معها نساء أخذ بيدي، فتقدمنا نمشي أمامها، فإذا لم يكن معها نساء، مشينا خلفها

(1)

.

فهذا الأسود بن يزيد على طول صحبته لعبد الله بن مسعود وعلى صحبته لعمر رضي الله عنهما قد كان قصده في المشي مع الجنازة إلى المشي خلفها، إلا أن يعرض له عارض فمشى أمامها لذلك العارض، لا لأن ذلك أفضل عنده من غيره. فكذلك عمر ما رويناه عنه فيما فعله في جنازة زينب رضي الله عنها، هو على هذا المعنى عندنا والله أعلم.

2583 -

وقد حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن أبي السري، قال: ثنا فضيل بن عياض، قال: ثنا منصور، عن إبراهيم (ح)

وحدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن مغيرة عن إبراهيم، قال: كانوا يكرهون السير أمام الجنازة"

(2)

.

فهذا إبراهيم يقول هذا، وإذا قال:"كانوا" فإنما يعني بذلك أصحاب عبد الله، فقد كانوا يكرهون هذا، ثم يفعلونه للعذر لأن ذلك هو أفضل

(3)

من مخالطة النساء إذا

(1)

إسناده حسن في الشواهد من أجل شريك بن عبد الله.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الإمام محمد في آثاره (249) عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم به.

(3)

في س خدن "أسهل".

ص: 53

قربن من الجنازة، فأما إذا بعدن منها، أو لم يكن معها نساء، فإن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها وعن يمينها وعن شمالها.

وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، رحمهم الله تعالى.

ص: 54

‌3 - باب الجنازة تمر بالقوم أيقومون لها أم لا؟

2584 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا معلى بن منصور، قال: ثنا إسماعيل بن عياش عن إسماعيل بن أمية، عن موسى بن عمران بن مناح: أن أبان بن عثمان مرت به جنازة فقام لها وقال: إن عثمان رضي الله عنه مرت به جنازة فقام لها وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام لها

(1)

.

2585 -

حدثنا يزيد قال: ثنا دحيم، قال: ثنا سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك، عن إسماعيل بن أمية

فذكر بإسناده مثله إلا أنه قال: رأيت عثمان رضي الله عنه يفعل ذلك، وأخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك

(2)

.

2586 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى توضع

(3)

أو تخلفكم"

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف، إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده، وإسماعيل بن عياش هو الشامي، وإسماعيل بن أمية هو المكي.

وأخرجه أحمد (457)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (426) من طريق يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن أمية، عن عمران بن مناح به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي. وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده (495)، والبزار (359) من طريقين عن سعيد بن مسلمة، عن إسماعيل بن أمية به.

(3)

توضع، أي: على الأرض من أعناق الرجال، وقيل: حتى توضع في اللحد، وقوله: تخلفكم، أي: تترككم وتتأخر عنكم.

(4)

إسناده صحيح. =

ص: 55

2587 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال: ثنا سفيان

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

2588 -

حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا أزهر بن سعد السمان عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، عن عامر بن ربيعة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيت جنازة فقم"

(2)

.

2589 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن مهدي قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرني ابن جريج، قال: أخبرني ابن شهاب قال أخبرني سالم عن نافع، عن ابن عمر، عن عامر بن ربيعة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى توضع أو تخلفكم"

(3)

.

= وأخرجه الشافعي 1/ 213، والحميدي (142)، وابن أبي شيبة 3/ 356، وأحمد (15687)، والبخاري (1307)، ومسلم (957)(73)، وأبو داود (3172)، وابن ماجة (1542)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (324)، وأبو يعلى (200) والبيهقي 4/ 25، والبغوي (1484) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(1)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (15674)، وعبد بن حميد (315)، ومسلم (958)(75) من طريقين عن ابن عون به.

(3)

إسناده حسن من أجل حسين بن مهدي.

وهو في مصنف عبد الرزاق (6306) وأخرجه أبو محمد الفاكهي في فوائده (73) من طريق هشام بن يوسف، عن ابن جريج به.

وقال أبو بكر بن أبي عاصم عقب (324) من الآحاد والمثاني: رواه عن الزهري معمر، وقال: عن سالم ونافع، عن ابن عمر، ورواه ابن عون عن نافع وعبيد الله وموسى بن عقبة، عن نافع به.

ص: 56

2590 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر، عن عامر بن ربيعة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

نحوه

(1)

.

2591 -

حدثنا يزيد بن سنان، ومبشر بن الحسن قالا حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: ثنا سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني ربيعة بن سيف المعافري، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، تمر بنا جنازة الكافر أفنقوم لها؟ قال:"نعم فإنكم لستم تقومون لها، إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس"

(2)

.

2592 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود (ح)

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قالا: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: قعد سهل بن حنيف وقيس بن سعد بن عبادة بالقادسية، فمر عليهما بجنازة فقاما. فقيل لهما: إنه من أهل الأرض، أي مجوسي. فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة، فقام، فقيل له: إنه يهودي، فقال:"أليس ميتا؟ أوليس نفسا؟ "

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1308)، ومسلم (958)(74)، والترمذي (1042)، والنسائي في المجتبى 4/ 44، وفي الكبرى (2052)، وابن حبان (3052)، والبيهقي 4/ 26 من طرق عن الليث به.

(2)

إسناده قوي من أجل ربيعة بن سيف المعافري.

وأخرجه عبد بن حميد (340)، وأحمد (6573)، والبزار (836)، وابن حبان (3053)، والحاكم 1/ 357، والبيهقي 4/ 27 من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 57

2593 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه الجنازة حتى توارت

(1)

.

2594 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا أبان (ح)

وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا أبان، [وثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام]

(2)

، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر بن عبد الله قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت عليه جنازة، فقمنا لنحملها، فإذا جنازة يهودي أو يهودية فقلنا: يا نبي الله إنها جنازة يهودي أو يهودية، فقال: "إن الموت فزع

(3)

، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا"

(4)

.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 358، وأحمد (23842)، والبخاري (1312)، ومسلم 4/ 45، والنسائي في المجتبى 4/ 45، وفي الكبرى (2059)، وأبو يعلى (1437)، والطبراني في الكبير (5606)، والبيهقي 4/ 27 من طرق عن شعبة به.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.

وأخرجه أحمد (14723) من طريق موسى بن داود الضبي، عن ابن لهيعة به.

وأخرجه عبد الرزاق (6309)، ومن طريقه أخرجه أحمد (14148)، ومسلم (960)(79 - 80)، والنسائي 4/ 47، والبيهقي 4/ 26 - 27 عن ابن جريج، عن أبي الزبير به.

(2)

من س خد.

(3)

أي خوف، ومعناه مخوف والقيام لأجل الفزع من الموت وعظمة هوله، وتستوي فيه جنازة المسلم والكافر كما في النخب 9/ 399.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد بن حميد (1153) من طريق مسلم بن إبراهيم، وأحمد (14591)، من طريق يونس بن محمد كلاهما عن =

ص: 58

2595 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيى

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

2596 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، عن أبي سعيد الخدري، قال: مر على مروان بجنازة، فلم يقم، فقال أبو سعيد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقام فقام مروان

(2)

.

2597 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، عن شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع"

(3)

.

= أبان العطار به.

وأخرجه أحمد (14427)، والبخاري (1311)، ومسلم (960)(78)، والنسائي 4/ 45 - 46، والبيهقي 4/ 26 من طرق عن هشام بن أبي عبد الله، عن يحيى بن أبي كثير به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (3174)، وابن حبان (3050) من طريق الوليد بن مسلم الدمشقي به.

وأخرجه أحمد (14812) من طريق أبي المغيرة، وأبو يعلى (1950) من طريق مبشر بن إسماعيل، كلاهما عن عبد الرحمن الأوزاعي به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11437) من طريق وهب بن جرير به.

وأخرجه دون ذكر مروان النسائي في المجتبى 4/ 45 من طريق سعيد بن الربيع، عن شعبة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2184)، وأحمد (11328)، ومسلم (959)، وأبو يعلى (1159)، والبيهقي 4/ 26، والبغوي =

ص: 59

2598 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم قال: ثنا أبان، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

2599 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد عن الأوزاعي، عن يحيى، (ح)

وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، قال: ثنا أبو سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

2600 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي قال: ثنا ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم على جنازة ولم يمش معها، فليقم حتى تغيب عنه، وإن مشى معها فلا يقعد حتى توضع"

(3)

.

= (1486) من طرق عن سهيل به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11366) من طريق يونس بن محمد، عن أبان بن يزيد العطار به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في المجتبى 4/ 77، وفي الكبرى (2136) من طريق سويد بن نصر، عن عبد الله، عن هشام والأوزاعي به.

وأخرجه الطيالسي (2190)، وابن أبي شيبة 3/ 308، 309، 357، وأحمد (11195)، والبخاري (1310)، ومسلم (959)(77)، والترمذي (1043)، والنسائي 4/ 44، 77، وأبو يعلى (1157)، والبيهقي 4/ 26، والبغوي (1485) من طرق عن هشام الدستوائي به.

(3)

إسناده ضعيف محمد بن إسحاق مدلس ولم يصرح بسماعه. =

ص: 60

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى هذه الآثار فاتبعوها وجعلوها أصلا وقلدوها، وأمروا من مرت به جنازة أن يقوم لها حتى تتوارى عنه، ومن مشى معها أن لا يقعد حتى توضع.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: ليس على من مرت به جنازة أن يقوم لها، ولمن تبعها أن يجلس وإن لم توضع وقالوا: أما قيام النبي صلى الله عليه وسلم لجنازة اليهودي في الحديث الذي رواه قيس بن سعد وسهل بن حنيف، فإن ذلك لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم لأن من حكم الجنائز أن يقام لها ولكن كان لمعنى غير ذلك ذكروا في ذلك ما

2601 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: سمعت محمد بن علي يحدث عن الحسن، وابن عباس أو عن أحدهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة يهودي فقام لها وقال: "آذاني ريحها"

(3)

.

= وأخرجه أحمد (7593) من طريق محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق به.

(1)

قلت أراد بهم: المسور بن مخرمة، وقتادة، ومحمد بن سيرين، والشعبي، والنخعي، وإسحاق بن إبراهيم، وعمرو بن ميمون رحمهم الله، كما في النخب 9/ 404.

(2)

قلت أراد بهم: عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، ونافع بن جبير، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 9/ 405.

(3)

إسناده ضعيف لإنقطاعه، محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر الباقر، لم يدرك الحسن وابن عباس.

وأخرجه أحمد (1733) عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن محمد بن علي به.

ص: 61

فدل هذا الحديث على أن قيامه كان لما آذاه ريحها ليتباعد عنه لا لغير ذلك. وأما ما روي من قيامه لجنازة المسلم ليصلي عليها.

2602 -

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا عبد الله بن نمير، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن: أن العباس بن عبد المطلب، والحسن بن علي رضي الله عنهما مرت بهما جنازة، فقام العباس ولم يقم الحسن، فقال العباس للحسن: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت عليه جنازة فقام؟. فقال: نعم، وقال الحسن للعباس: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي عليها؟ قال: نعم

(1)

.

فدل هذا الحديث أن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك إنما كان ليصلي عليها، لا لأن من سنتها أن يقام لها.

وأما ما ذكر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من القيام للجنازة، ومن ترك القعود إذا تبعت حتى توضع فإن ذلك قد كان، ثم نسخ.

2603 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن يحيى بن سعيد، عن واقد بن عمرو، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، عن علي بن أبي طالب قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الجنازة حتى توضع وقام الناس معه، ثم قعد بعد ذلك، وأمرهم بالقعود

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف شيخ الطحاوي، ولانقطاعه الحسن البصري لم يدرك عباسا.

وأخرجه أحمد (1726)، والنسائي 4/ 46، والطبراني (2744، 2745، 2746، 2747) من طرق عن محمد بن سيرين، عن الحسن بن علي، وابن عباس به.

(2)

إسناده صحيح. =

ص: 62

2604 -

حدثنا يونس وبحر بن نصر، قالا: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي، أن محمد بن عمرو بن علقمة حدثه، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن نافع، عن مسعود بن الحكم الزرقي، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم .. مثله

(1)

.

2605 -

حدثنا يونس، قال: أخبرني أنس بن عياض، عن محمد بن عمرو، عن واقد بن عمرو، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، أنه قال: سمعت عليا رضي الله عنه، يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقيام في الجنازة، ثم جلس بعد ذلك، وأمرنا بالجلوس

(2)

.

2606 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم قال أنا محمد بن جعفر، عن موسى بن عقبة، عن إسماعيل بن مسعود بن الحكم الزرقي، عن أبيه قال: شهدت جنازة بالعراق،

= وهو في موطأ مالك 1/ 318، ومن طريقه أخرجه أبو داود (3175)، وابن حبان (3054)، والبيهقي 4/ 27، والبغوي (1487).

وأخرجه عبد الرزاق (6314)، والحميدي (51)، وأحمد (623)، ومسلم (962)(82 - 83)، والترمذي (1044)، والنسائي 4/ 77، وأبو يعلى (273، 308) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري به.

(1)

إسناده حسن: من أجل أسامة بن زيد الليثي ومحمد بن عمرو بن علقمة.

وأخرجه البيهقي 4/ 27 من طريق بحر بن نصر به.

وأخرجه أحمد (623)، وأبو يعلى (273)، وابن حبان (3056) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة به.

(2)

إسناده حسن: من أجل محمد بن عمرو بن علقمة، وهو مكرر سابقه.

ص: 63

فرأيت رجالا قياما ينتظرون أن توضع ورأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يشير إليهم أن اجلسوا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالجلوس بعد القيام

(1)

.

2607 -

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن مسعود بن الحكم، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقمنا، ورأيناه قعد فقعدنا

(2)

.

فقد ثبت بما ذكرنا أن القيام للجنازة قد كان ثم نسخ.

فقال قوم: إنما نسخ ذلك لخلاف أهل الكتاب. واحتجوا في ذلك بما

2608 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا صفوان بن عيسى، قال: ثنا بشر بن رافع، عن عبد الله بن سليمان، عن أبيه، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت ذكر النبي صلى الله

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه يعقوب في المعرفة 2/ 223، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق 1/ 403 من طريق عبد الله، عن موسى بن عقبة، عن إسماعيل بن مسعود به.

وأخرجه عبد الرزاق (6312)، ومن طريقه البيهقي في السنن 4/ 28 عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن قيس بن مسعود عن أبيه.

وأخرجه البزار (909) من طريق موسى بن عقبة، عن يوسف بن مسعود، عن أبيه.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (150)، وابن أبي شيبة 3/ 359، وأحمد (631، 1094، 1167)، ومسلم (962)(84)، والنسائي في المجتبى 4/ 78، وفي الكبرى (2138)، وابن ماجة (1544)، وأبو يعلى (288، 570)، والبيهقي 4/ 27، والبغوي في الجعديات (1744) من طرق عن شعبة به.

ص: 64

عليه وسلم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اتبع جنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد. قال: فعرض للنبي صلى الله عليه وسلم حبر من أحبار اليهود فقال: يا محمد! هكذا نفعل. قال: فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "خالفوهم"

(1)

.

وليس هذا الحديث عندنا يدل على ما ذهبوا إليه، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روي عنه.

2609 -

ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رءوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون رءوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف: بشر بن رافع وعبد الله بن سليمان ضعيفان، وسليمان بن جنادة: منكر الحديث.

وأخرجه الترمذي (1020)، وابن ماجة (1545)، والبزار (2685، 2694) من طرق عن صفوان بن عيسى به.

وأخرجه أبو داود (3176) والبيهقي 4/ 28 من طريق حاتم بن إسماعيل، عن بشر بن رافع به.

وقال البيهقي قال البخاري: عبد الله بن سليمان بن جنادة بن أبي أمية عن أبيه: لا يتابع في حديثه انتهى، وقال في التاريخ الكبير 4/ 6: هو منكر.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3357) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (2605)، والبخاري (3558، 3944)، والترمذي في الشمائل (30)، والنسائي 8/ 184، وابن حبان (5485)، والحازمي في الإعتبار (ص (240) من طرق عن يونس بن يزيد به. =

ص: 65

2610 -

حدثنا محمد بن عزيز الأيلي، قال: ثنا سلامة، عن عُقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيد الله

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

فأخبر ابن عباس، رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتبع أهل الكتاب حتى يؤمر بخلاف ذلك. فاستحال أن يكون ما أمر به من القعود في حديث عبادة هو بخلاف أهل الكتاب قبل أن يؤمر بخلافهم في ذلك، لأن حكمه صلى الله عليه وسلم أن يكون على شريعة النبي الذي كان قبله حتى يحدث له شريعة تنسخ ما تقدمها، قال الله عز وجل {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].

ولكنه ترك ذلك عندنا -والله أعلم- حين أحدث الله له شريعة في ذلك، وهو القعود بنسخ ما قبلها، وهو القيام.

وقد روي هذا المذهب، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

2611 -

حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا مسدد، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن سخبرة، قال: كنا قعودا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ننتظر جنازة، فمر بجنازة أخرى، فقمنا فقال: ما هذا القيام؟ فقلت: ما تأتونا به يا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وقال أبو موسى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم جنازة مسلم أو يهودي أو نصراني، فقوموا فإنكم لستم لها

= وأخرجه ابن سعد 1/ 429 - 430، وابن أبي شيبة 8/ 449 - 450، وأحمد (2209)، والبخاري (5917)، ومسلم (2336)، وأبو داود (4188)، وابن ماجة (3632)، وأبو يعلى (2377) من طرق عن الزهري به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل سلامة بن روح.

ص: 66

تقومون إنما تقومون لمن معها من الملائكة، فقال علي رضي الله عنه: إنما صنع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة كان يتشبه بأهل الكتاب في الشيء، فإذا نهي عنه تركه

(1)

.

فأخبر علي رضي الله عنه في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان قام مرة في بدء أمره على التشبه منه بأهل الكتاب وعلى الاقتداء بمن كان قبله من الأنبياء، حتى أحدث الله تعالى له خلاف ذلك، وهو القعود.

فثبت بذلك ما صرفنا إليه وجه حديث عبادة.

2612 -

وقد حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، قال: ثنا شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن زيد بن وهب قال: تذاكرنا القيام إلى الجنازة عند علي رضي الله عنه. فقال أبو مسعود: قد كنا نقوم، فقال علي رضي الله عنه: ذلك وأنتم

(2)

يهود

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم وقد توبع.

وأخرجه الطيالسي (162)، وعبد الرزاق (6311)، والحميدي (50)، وأحمد (1200)، وأبو يعلى (266) من طرق عن ليث بن أبي سليم به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 358، والنسائي 4/ 46 من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد به. وحديث أبي موسى أخرجه أحمد (19705)، والحازمي في الإعتبار (ص 92) من طريق ليث، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبي موسى الأشعري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 357 من طريق ليث، عن مجاهد، عن عبد الله بن سخبرة، عن أبي موسى مختصرا.

(2)

لفظ ابن أبي شيبة: لكان هذا من صنيع اليهود.

(3)

إسناده حسن في الشواهد من أجل شريك بن عبد الله.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 40، والبزار (631)، من طريق محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي =

ص: 67

فمعنى هذا أنهم كانوا يقومون على شريعتهم، ثم نسخ ذلك بشريعة الإسلام فيه. وقد ثبت بما وصفنا في هذا الباب أيضا نسخ ما رويناه في أوله من الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيام للجنازة بالآثار التي رويناها بعد ذلك.

2613 -

وقد حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: حدثني أنس بن عياض، عن أنيس بن أبي يحيى، قال: سمعت أبي يقول: كان ابن عمر رضي الله عنهما وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلسون قبل أن توضع الجنازة

(1)

.

فهذا ابن عمر رضي الله عنهما قد كان يفعل هذا، وقد روي عن عامر بن ربيعة، عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك. فدل تركه لذلك إلى ما كان يفعل على ثبوت نسخ، ما حدثه عامر بن ربيعة.

2614 -

حدثنا يونس أيضا قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن عبد الرحمن بن القاسم، حدثه أن القاسم كان يجلس قبل أن توضع الجنازة ولا يقوم لها، ويخبر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان أهل الجاهلية يقومون لها إذا رأوها، ويقولون في أهلك ما أنت في أهلك ما أنت

(2)

.

= ليلى قال: كان علي وأبو مسعود ......

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (11519) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن أنيس بن أبي يحيى، عن أبيه به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (813) من طريق يونس به، دون قول السيدة عائشة رضي الله عنها.

وأخرجه البيهقي 4/ 28 من طريق ابن وهب به.

ص: 68

فهذه عائشة رضي الله عنها تنكر القيام لها أصلا، وتخبر أن ذلك كان من أفعال أهل الجاهلية.

وكان أبو حنيفة، وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى يذهبون في كل ما ذكرنا في هذا الباب إلى ما قد بينا نسخه، لما قد خالفه وبه نأخذ.

ص: 69

‌4 - باب: الرجل يصلي على الميت أين ينبغي أن يقوم منه؟

2615 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى قال: أنا عبد الوارث بن سعيد، عن حسين بن ذكوان قال حدثني عبد الله بن بريدة عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم على أم كعب ماتت وهي نفساء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليها وسطها

(1)

.

2616 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عفان، قال: ثنا همام قال: ثنا حسين المعلم

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى هذا فقالوا: هذا هو المقام الذي ينبغي للمصلي على الجنازة أن يقومه من المرأة ومن الرجل.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (20213)، والبخاري (1332)، ومسلم (964)(87)، والنسائي في المجتبى 1/ 195، 4/ 70 - 71، وفي الكبرى (2103)، والبيهقي 4/ 33 من طرق عن عبد الوارث به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي - (902)، وابن أبي شيبة 3/ 312، وأحمد (20162)، والبخاري (332، 1331)، ومسلم (964)(88 - 87)، وأبو داود (3195)، والترمذي (1035)، والنسائي في المجتبى 4/ 72، وفي الكبرى (2106)، وابن ماجة (1493)، وابن الجارود (544)، وابن حبان (3067)، والطبراني (6763، 6765)، والبيهقي 4/ 33 - 34، والبغوي (1497) من طرق عن حسين بن ذكوان المعلم به.

(3)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، وأبا حنيفة في رواية، وأحمد في رواية، والحسن البصري في قول رحمهم الله، كما في النخب 9/ 432.

ص: 70

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، وقالوا: أما المرأة فهكذا يقوم للصلاة عليها، وأما الرجل فعند رأسه. واحتجوا في ذلك بما

2617 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، قال: ثنا همام قال: ثنا أبو غالب قال: رأيت أنس بن مالك صلى على جنازة رجل فقام عند رأسه، وجيء بجنازة امرأة فقام عند وسطها. فقال له العلاء بن زياد يا أبا حمزة، هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل؟ قال: نعم، فالتفت إلينا العلاء بن زياد، فقال: احفظوا

(2)

.

2618 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا همام

فذكر بإسناده مثله، وزاد فقال له العلاء بن زياد يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من المرأة حيث قمت ومن الرجل حيث قمت؟ قال: نعم

(3)

.

2619 -

حدثنا فهد قال: ثنا الحماني، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، عن أبي غالب عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم عند رأس الرجل، وعجيزة المرأة

(4)

.

(1)

قلت أراد بهم: الشافعي في قول، وأحمد في رواية، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2149)، وابن أبي شيبة 3/ 312، والترمذي (1034)، وابن ماجة (1494)، والبيهقي 4/ 33 من طرق عن همام بن يحيى به.

(3)

إسناده صحيح

وأخرجه أحمد (13114) من طريق يزيد بن هارون به.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم. =

ص: 71

قال أبو جعفر: فبين أنس رضي الله عنه في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الرجل عند رأسه ومن المرأة وسطها على ما في حديث سمرة، فوافق حديث سمرة في حكم القيام من المرأة في الصلاة عليها كيف هو، وزاد عليه حكم الرجل في القيام منه للصلاة عليه، فهو أولى من حديث سمرة رضي الله عنه.

وقد قال هذا القول، أبو يوسف رحمه الله فيما حدثني به ابن أبي عمران، قال: حدثني محمد بن شجاع، عن الحسن بن أبي مالك، عن أبي يوسف رحمه الله.

وأما قوله المشهور عنه في ذلك، فمثل قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله.

حدثني به محمد بن العباس قال: ثنا علي بن معبد، عن محمد بن الحسن، عن أبي يوسف رحمه الله، عن أبي حنيفة رحمه الله، قال: يقوم من الرجل والمرأة بحذاء الصدر.

ولم يذكر محمد بين أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله في ذلك خلافا.

وقد روي ذلك أيضا عن إبراهيم النخعي.

2620 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا شريك بن عبد الله عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: يقوم الرجل الذي يصلي على الجنازة عند صدرها

(1)

.

قال أبو جعفر: والقول الأول أحب إلينا لما قد شده من الآثار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

= وأخرجه أبو داود (3194)، والبيهقي 4/ 33 من طريق عبد الوارث بن سعيد به.

(1)

إسناده حسن في الشواهد من أجل شريك.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 6 (11552) من طريق شريك به.

ص: 72

‌5 - باب الصلاة على الجنائز هل ينبغي أن تكون في المساجد أم لا؟

2621 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا محمد بن إسماعيل، عن الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة حين توفّي سعد بن أبي وقاص قالت ادخلوا به المسجد حتى أصلي عليه، فأنكر الناس ذلك عليها. فقالت: لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء في المسجد

(1)

.

2622 -

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك، عن أبي النضر، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

بذلك

(2)

.

2623 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا ابن أبي عمر قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبد الواحد بن حمزة، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، أن عائشة أمرت بسعد بن أبي وقاص أن يمر به في المسجد، ثم ذكر مثل حديثه عن يعقوب

(3)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه مسلم (973)(101)، وأبو داود (3190)، وابن حبان (3066)، والبغوي (1492) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك به.

(2)

إسناده منقطع، أبو النضر لم يسمع من عائشة.

وهو في موطأ مالك 1/ 314، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق (6578)، والبغوي (1491).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (973)(99 - 100)، والترمذي (1033)، والنسائي في المجتبى 4/ 68، وفي الكبرى (2105) من طريق عبد العزيز بن محمد به.

ص: 73

قال أبو جعفر فذهب قوم

(1)

إلى هذا الحديث، فقالوا: لا بأس بالصلاة على الجنائز في المساجد. واحتجوا في ذلك أيضا بما

2624 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا ابن أبي عمر قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن مالك بن أنس، عن نافع عن ابن عمر: أن عمر صلي عليه في المسجد

(2)

.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فكرهوا الصلاة على الجنازة في المساجد.

واحتجوا في ذلك بما

2625 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوءمة (ح)

وحدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا معن بن عيسى، عن ابن أبي ذئب، عن صالح بن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى على جنازة في مسجد فلا شيء له"

(4)

.

(1)

قلت أراد بهم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، وداود رحمهم الله، كما في النخب 9/ 448.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 4 (11969) من طريق الفضل بن دكين، عن مالك به.

(3)

قلت أراد بهم: ابن أبي ذئب، وأبا حنيفة، مالكا، وأبا يوسف في قول، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 9/ 449.

(4)

إسناده صحيح: صالح مولى التوءمة وإن اختلط لكن رواية ابن أبي ذئب عنه قبل الاختلاط. وأخرجه الطيالسي - (2310)، وعبد الرزاق (6579)، وابن أبي شيبة 3/ 364 - 365، وأحمد (9730)، وأبو داود (3191)، وابن ماجة (1517)، والبغوي في الجعديات (2846، 2848)، وابن حبان في المجروحين 1/ 366، وأبو =

ص: 74

فلما اختلفت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، وكان فيما روينا في الفصل الأول إباحة الصلاة على الجنائز في المساجد، وفيما روينا في الفصل الثاني كراهة ذلك احتجنا إلى كشف ذلك لنعلم المتأخر منه فنجعله ناسخا لما تقدم من ذلك.

فلما كان حديث عائشة فيه دليل على أنهم قد كانوا تركوا الصلاة على الجنائز في المسجد بعد أن كانت تفعل فيه حتى ارتفع ذلك من فعلهم، وذهبت معرفة ذلك من عامتهم. فلم يكن ذلك عندها لكراهة حديث، ولكن كان ذلك عندها لأن لهم أن يصلوا في المسجد على جنائزهم، ولهم أن يصلوا عليها في غيره. ولا تكون صلاتهم في غيره دليلا على كراهة الصلاة فيه. كما لم تكن صلاتهم فيه دليلا على كراهة الصلاة في غيره. فقالت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات سعد ما قالت لذلك.

وأنكر ذلك عليها الناس، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم. وكان أبو هريرة رضي الله عنه قد علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم نسخ الصلاة عليهم في المسجد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمعه منه في ذلك، وأن ذلك الترك الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة على الجنائز في المسجد بعد أن كان يفعلها فيه ترك نسخ، فذلك أولى من حديث عائشة رضي الله عنها لأن حديث عائشة رضي الله عنها إخبار عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال

= نعيم في الحلية 7/ 93، والبيهقي 4/ 52، والبغوي (1493)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (696) من طرق عن ابن أبي ذئب به.

ص: 75

الإباحة التي لم يتقدمها نهي. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه إخبار عن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد تقدمته الإباحة. فصار حديث أبي هريرة رضي الله عنه أولى من حديث عائشة رضي الله عنها، لأنه ناسخ له.

وفي إنكار من أنكر ذلك على عائشة رضي الله عنها وهم يومئذ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على أنهم قد كانوا علموا في ذلك خلاف ما علمت، ولولا ذلك لما أنكروا ذلك عليها.

وهذا الذي ذكرنا من النهي عن الصلاة على الجنازة في المسجد وكراهتها قول أبي حنيفة، ومحمد، وهو قول أبي يوسف أيضا رضي الله عنهم.

غير أن أصحاب الإملاء رووا عن أبي يوسف في ذلك أنه قال: إذا كان مسجد قد أفرد للصلاة على الجنازة فلا بأس بأن يصلى على الجنائز فيه.

ص: 76

‌6 - باب التكبير على الجنازة كم هو؟

2626 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود (ح)

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قالا ثنا شعبة عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: كان زيد بن أرقم يصلي على جنائزنا فيكبر أربعا. فكبر يوما خمسا، فسئل عن ذلك؟ فقال أبو بكرة في حديثه: فقال: كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا. وقال ابن مرزوق في حديثه فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها أو كبرها

(1)

.

2627 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا محمد بن كثير، قال أنا إسرائيل بن يونس، قال: ثنا عبد الأعلى: أنه صلى خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبر خمسا. فسأله عبد الرحمن بن أبي ليلى، فأخذ بيده فقال أنسيت؟ قال: لا ولكني صليت خلف أبي القاسم خليلي صلى الله عليه وسلم فكبر خمسا فلا أتركه أبدا

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (674)، وابن أبي شيبة 3/ 302 - 303، وأحمد (19272)، ومسلم (957)، وأبو داود (3197)، والنسائي في المجتبى 4/ 72، وفي الكبرى (2109)، وابن ماجة (1505)، والبغوي في الجعديات (70) وابن قانع في معجمه 1/ 228، وابن حبان (3069)، والبيهقي 4/ 36 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى بن عامر الثعلبي.

وأخرجه أحمد (19300) من طريق أسود بن عامر، والطبراني في الأوسط (1844) من طريق محمد بن سابق، والبزار (4322) من طريق خالد بن عمرو القرشي ثلاثتهم عن إسرائيل به، وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عبد الأعلى إلا إسرائيل.

ص: 77

2628 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عيسى بن إبراهيم قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، عن يحيى بن عبد الله التيمي، قال صليت مع عيسى مولى حذيفة بن اليمان على جنازة، فكبر عليها خمسا ثم التفت إلينا فقال: ما وهمت ولا نسيت، ولكني كبرت كما كبر مولاي وولي نعمتي - يعني حذيفة بن اليمان - صلى على جنازة فكبر عليها خمسا، ثم التفت إلينا فقال: ما وهمت ولا نسيت، ولكني كبرت كما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن التكبير على الجنائز خمس، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: بل هي أربع، ولا ينبغي أن يزاد على ذلك ولا ينقص منه، واحتجوا في ذلك بما

(1)

إسناده ضعيف لضعف يحيى بن عبد الله التيمي، وعيسى مولى حذيفة: ضعفه الدارقطني ولم يرو عنه غير يحيى بن عبد الله وذكره ابن حبان في ثقاته.

وأخرجه أحمد (23448)، والخطيب في التاريخ 11/ 142 من طريق عبد الصمد، عن عبد العزيز بن مسلم به.

وأخرجه الدارقطني 2/ 73 من طريق جعفر بن زياد الأحمر، عن يحيى بن عبد الله بن الحارث التيمي به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 303 من طريق جعفر بن زياد الأحمر، عن يحيى بن عبد الله بن الحارث التيمي به.

(2)

قلت أراد بهم: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعيسى مولى حذيفة، وأصحاب معاذ بن جبل، وأبا يوسف من أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله، كما في النخب 9/ 462.

(3)

قلت أراد بهم: محمد بن الحنفية، وعطاء بن أبي رباح، وابن سيرين والنخعي، وسويد بن غفلة، والثوري، وأبا حنيفة، والشافعي، ومالكا، وأحمد، وأبا مجلز لاحق بن حميد رحمهم الله، كما في النخب 9/ 464.

ص: 78

2629 -

حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا هدبة، قال: ثنا همام، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة أنه حدثه، عن أبيه: أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت، فكبر عليه أربعا

(1)

.

2630 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود عن سليم بن حيان، عن سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على النجاشي أربعا

(2)

.

2631 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شريك (ح)

وحدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هشيم (ح)

وحدثنا علي بن شيبة قال: ثنا يحيى بن يحيى قال: ثنا هشيم عن عثمان بن حكيم الأنصاري، عن خارجة بن زيد عن يزيد بن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر

(3)

، فكبر أربعا

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1783)، وابن أبي شيبة 3/ 300، 363، وأحمد (14889)، والبخاري (1334، 3879)، ومسلم 952 (64)، وأبو يعلى (2144)، والطبراني في الأوسط (7723) من طرق عن سليم بن حبان به.

(3)

في د "فلانة".

(4)

إسناده صحيح: إن ثبت سماع خارجة بن زيد من عمه يزيد بن ثابت، وإلا فمنقطع، قال البخاري في التاريخ الصغير 1/ 42: إن صح قول موسى بن عقبة: إن يزيد بن ثابت قتل أيام اليمامة في عهد أبي بكر الصديق فإن خارجة لم يدرك يزيد، وقال الحافظ في الإصابة: إذا مات يعني يزيد باليمامة فرواية خارجة عنه مرسلة.

وأخرجه ابن حبان (3083) من طريق أبي الوليد الطيالسي به. =

ص: 79

2632 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا شيبان قال: ثنا سويد أبو حاتم قال: حدثني قتادة، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر أربعا

(1)

.

2633 -

حدثنا أحمد قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن أبي سلمان المؤذن، قال توفي أبو سريحة، فصلى عليه زيد بن أرقم، فكبر عليه أربعا. فقلنا: ما هذا؟ فقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل

(2)

.

2634 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عيّاش الرقام، قال: ثنا سعيد بن يحيى الحميري، قال: ثنا سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود فقراء أهل المدينة، وأنه أخبر بامرأة ماتت فدفنوها ليلا، فلما أصبح آذنوه، فمشى إلى قبرها، فصلى عليها وكبر أربعا

(3)

.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 275 - 276، 360، وأحمد (19452)، وابن ماجة (1528)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1970)، وابن قانع في معجم الصحابة 3/ 228، 229، وابن حبان (3087، 3092) والطبراني في الكبير 22/ 628، والبيهقي 4/ 35 - 48 من طريق هشيم به مطولا ومختصرا.

وأخرجه النسائي في المجتبى 4/ 84 - 85، وفي الكبرى (2149)، وأبو يعلى (937)، وابن قانع في معجم الصحابة 3/ 228 - 229، وابن حبان (3083)، والطبراني في الكبير 22/ 627، والحاكم 3/ 591 من طرق عن عثمان بن حكيم به.

(1)

إسناده ضعيف: لضعف سويد بن إبراهيم أبي حاتم الجحدري.

(2)

إسناده ضعيف: لجهالة حال أبي سلمان المؤذن وشريك توبع فيه.

وأخرجه أحمد (19301)، وابن عبد البر في التمهيد 6/ 336 من طرق عن شريك به.

وأخرجه عبد بن حميد (257)، والطبراني في الكبير (4994) من طريق أبي نعيم عن العلاء بن صالح، عن أبي سلمان به.

(3)

إسناده ضعيف سفيان بن حسين، قال ابن حبان أما روايته عن الزهري فإن فيها تخاليط يجب أن يجانب وهو ثقة =

ص: 80

2635 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا أبي قال: سمعت النعمان يحدث عن الزهري، عن أبي أمامة عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه

(1)

.

2636 -

حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا شريك، عن إبراهيم الهجري، قال صلى بنا ابن أبي أوفى على ابنة له فكبر عليها أربعا، ثم وقف فانتظرنا بعد الرابعة تسليمه، حتى ظننا أنه سيكبر الخامسة، ثم سلم ثم قال: أراكم ظننتم أني سأكبر الخامسة، ولم أكن لأفعل ذلك، وهكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل

(2)

.

2637 -

حدثنا ابن داود، قال: ثنا الحوضي، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن الهجري

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

= في غير الزهري وبقية رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 476 (11223)، ومن طريقه أخرجه الطبراني في الكبير (5586)، والبيهقي 4/ 35 عن سعيد بن يحيى به.

وأخرجه ابن المقرئ في المعجم (416) من طريق عبد الله بن أيوب، عن أبي سفيان الحميري به.

(1)

إسناده ضعيف لضعف نعمان بن راشد.

وأخرجه البيهقي في المعرفة (7579) تعليقا عن الأوزاعي، عن الزهري به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف إبراهيم الهجري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 394 عن شريك به.

وأخرجه عبد الرزاق (6404)، والحميدي (718)، وابن أبي شيبة 3/ 302، 392، 394، 395، وابن ماجة (1503، 1592) وابن عدي 1/ 215، والحاكم 1/ 382 - 383، والبيهقي 4/ 36، 43 من طرق عن إبراهيم الهجري به.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه.

ص: 81

2638 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن الهجري

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

2639 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى

(2)

للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، ثم خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر عليه أربع تكبيرات

(3)

.

2640 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني عُقيل عن ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه الطيالسي (825)، وأحمد (19140)، والبغوي في الجعديات (628)، وابن عدي 1/ 215، والحاكم

1/ 359 - 360، والبيهقي 4/ 42 - 43 من طرق عن شعبة بهذا الإسناد.

(2)

في المحكم: النعي الدعاء بموت الميت والاشعار به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (350) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 311، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 208، وأحمد (9646)، والبخاري (1245، 1333)، ومسلم (951)، وأبو داود (3204)، والنسائي 4/ 69، 70، 72، وابن الجارود (543) وابن حبان (3068، 3098)، والبيهقي 4/ 35، والبغوي (1489).

(4)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (352) بإسناده إلا أن فيه زيادة أبو سلمة بعد سعيد بن المسيب. =

ص: 82

2641 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع، عن عبيد الله بن عمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

2642 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، عن أبي غالب، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر أربع تكبيرات على الميت

(2)

.

وقالوا في حديث زيد بن أرقم الذي بدأنا بذكره في هذا الباب أنه كان يكبر على الجنائز أربعا قبل المرة التي فيها كبر خمسا. فلا يجوز أن يكون كان يفعل ذلك، وقد كان رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل خلافه إلا لمعنى قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعله. وهو ما رواه عنه أبو سلمان المؤذن في صلاته على أبي سريحة في تكبيره عليه أربعا.

ويحتمل تكبيره على تلك الجنازة خمسا أن يكون ذلك لأن حكم ذلك الميت أن يكبر عليه خمسا لأنه من أهل بدر فإنهم كانوا يفضلون في التكبير في الصلاة عليهم على ما يكبر على غيرهم.

2643 -

وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود (ح)

= وأخرجه البخاري (1328) من طريق الليث بن سعد به.

وأخرجه البخاري (1318)، ومسلم (951)(63)، وابن ماجة (1534) من طريق الزهري به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (7885) من طريق ابن نمير، وابن حبان (3100) من طريق الثوري، كلاهما عن عبيد الله بن عمر به.

(2)

إسناده حسن في الشواهد من أجل يحيى الحماني.

ص: 83

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب، قال: قال عمر رضي الله عنه: كل ذلك قد كان: خمسا وأربعا، فأمر عمر الناس بأربع، يعني في الصلاة على الجنازة

(1)

.

2644 -

حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد - يعني ابن أبي أنيسة عن حماد، عن إبراهيم، قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس مختلفون في التكبير على الجنائز، لا تشاء أن تسمع رجلا يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر سبعا، وآخر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر خمسا، وآخر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أربعا إلا سمعته، فاختلفوا في ذلك فكانوا على ذلك حتى قبض أبو بكر رضي الله عنه. فلما ولي عمر رضي الله عنه، ورأى اختلاف الناس في ذلك شق ذلك عليه جدا، فأرسل إلى رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تختلفون على الناس يختلفون من بعدكم، ومتى تجتمعون على أمر يجتمع الناس عليه، فانظروا أمرا تجتمعون عليه فكأنما أيقظهم. فقالوا: نعم ما رأيت يا أمير المؤمنين، فأشر علينا، فقال عمر رضي الله عنه: بل أشيروا علي فإنما أنا بشر مثلكم.

(1)

إسناده منقطع، سعيد بن المسيب أدرك عمر ولم يسمع منه.

وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (3136)، وابن الجارود (532)، وابن أبي الجعد (95)، والبيهقي 4/ 37 من طرق عن شعبة به.

ص: 84

فتراجعوا الأمر بينهم، فأجمعوا أمرهم على أن يجعلوا التكبير على الجنائز مثل التكبير في الأضحى والفطر أربع تكبيرات فأجمع أمرهم على ذلك

(1)

.

فهذا عمر رضي الله عنه قد رد الأمر في ذلك إلى أربع تكبيرات بمشورة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك عليه، وهم حضروا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه حذيفة، وزيد بن أرقم، فكأن ما فعلوا من ذلك عندهم أولى مما قد كانوا علموا. فذلك نسخ لما قد كانوا علموا لأنهم مأمونون على ما قد فعلوا كما كانوا مأمونين على ما قد رووا.

وهكذا كما أجمعوا عليه بعد النبي صلى الله عليه وسلم في التوقيت على حد الخمر، وترك بيع أمهات الأولاد فكان إجماعهم على ما قد أجمعوا عليه من ذلك حجة، وإن كانوا قد فعلوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم خلافه.

فكذلك ما أجمعوا عليه من عدد التكبير بعد النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة فهو حجة وإن كانوا قد علموا من النبي صلى الله عليه وسلم خلافه. وما فعلوا من ذلك، وأجمعوا

(2)

عليه بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهو ناسخ لما قد كان فعله النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه الإمام محمد في آثاره (238) عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم به.

(2)

في ج د ن "اجتمعوا".

ص: 85

فإن قال قائل: وكيف يكون ذلك ناسخا وقد كبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد ذلك أكثر من أربع. وذكروا في ذلك ما

2645 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا إسماعيل بن أبي، خالد قال ثنا عامر، عن عبد الله بن معقل: أن عليا صلى على سهل بن حنيف، فكبر عليه ستا

(1)

.

2646 -

حدثنا يزيد قال: ثنا يحيى قال: ثنا إسماعيل، قال: ثنا موسى بن عبد الله: أن عليا رضي الله عنه صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعا

(2)

.

قيل له: إن عليا رضي الله عنه إنما فعل ذلك لأن أهل بدر كانوا كذلك حكمهم في الصلاة عليهم، يزاد فيها من التكبير على ما يكبر على غيرهم من سائر الناس.

والدليل على ذلك

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (6403) ومن طريقه أخرجه الحاكم 3/ 462، والبيهقي 2/ 36 عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (11466) عن وكيع، وابن المنذر في الأوسط (3151) من طريق يعلى، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3282) من طريق سفيان، والطبراني في الكبير (5545) من طريق أبي عوانة، جميعهم عن إسماعيل بن أبي خالد به.

(2)

إسناده منقطع موسى بن عبد الله الأنصاري لم يدرك عليا.

وأخرجه ابن أبي شيبة (11459) من طريق وكيع، وابن المنذر (3154) من طريق أبي أسامة، والبيهقي 4/ 36 من طريق عبيد الله بن موسى، ثلاثتهم عن إسماعيل بن أبي خالد به.

ص: 86

2647 -

أن إبراهيم بن محمد الصير في حدثنا، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا زائدة، قال: ثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن معقل، قال: صليت مع علي على جنازة، فكبر عليها خمسا ثم التفت فقال: إنه من أهل بدر، ثم صليت مع علي على جنائز، كل ذلك كان يكبر عليها أربعا

(1)

.

2648 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد قال: ثنا شريك عن جابر، عن عامر، عن ابن معقل قال: صلى علي رضي الله عنه على سهل بن حنيف، فكبر عليه ستا، ثم التفت إلينا فقال: إنه من أهل بدر

(2)

.

2649 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد قال: أنا حفص بن غياث، عن عبد الملك بن سلع الهمداني، عن عبد خير، قال: كان علي رضي الله عنه يكبر على أهل بدر ستا، وعلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خمسا وعلى سائر الناس أربعا

(3)

.

فهكذا كان حكم الصلاة على أهل بدر.

2650 -

وقد حدثني القاسم بن جعفر، قال: ثنا زيد بن أخزم الطائي، قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا سليمان بن يسير، قال: صليت خلف الأسود بن يزيد، وهمام بن الحارث،

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد القرشي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 495 (11435) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن يزيد بن أبي زياد به.

(2)

إسناده ضعيف: لضعف جابر بن يزيد الجعفي.

(3)

إسناده حسن: من أجل عبد الملك بن سلع الهمداني.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 496 (11454)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (3150)، والدارقطني 2/ 60، ومن طريقه البيهقي 4/ 37 عن حفص بن غياث به.

ص: 87

وإبراهيم النخعي، فكانوا يكبرون على الجنائز أربعا. قال همام: وجمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس على أربع إلا على أهل بدر، فإنهم كانوا يكبرون عليهم خمسا، وسبعا، وتسعا

(1)

.

فدل ما ذكرنا أن ما كانوا اجتمعوا عليه من عدد التكبير الأربع في عهد عمر رضي الله عنه إنما كان على غير أهل بدر، وتركوا حكم أهل بدر على ما فوق الأربع.

فما روي عن زيد بن أرقم مما ذكرنا إنما هو لأنه كان ذهب إلى هذا المذهب، فيما يرى، والله أعلم.

2651 -

وقد حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج بن المنهال قال: أنا حماد بن سلمة قال: ثنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة بن قيس قال: قدم ناس من أهل الشام فمات لهم ميت، فكبروا عليه خمسا، فأردت أن ألاحيهم

(2)

، فأخبرت ابن مسعود رضي الله عنه، فقال: ليس فيه شيء معلوم

(3)

.

فهذا يحتمل ما ذكرنا في اختلاف حكم الصلاة على البدريين وعلى غيرهم. فكأن عبد الله أراد بقوله "ليس فيه شيء معلوم" أي ليس فيه شيء يكبر في الصلاة على الناس جميعا لا يجاوز إلى غيره. وقد روي هذا الحديث بغير هذا اللفظ.

(1)

إسناده ضعيف لضعف سليمان بن يسير.

(2)

من الملاحاة، بالحاء المهملة وهي: المنازعة ومنه حديث ليلة القدر: "تلاحى رجلان فرفعت" أي تنازع.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 88

2652 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا موسى بن إسماعيل قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا الشيباني، قال: ثنا، عامر عن علقمة، أنه ذكر ذلك لعبد الله، فقال عبد الله: إذا تقدم الإمام فكبروا بما كبر، فإنه لا وقت ولا عدد

(1)

.

وهذا عندنا معناه ما ذكرنا أيضا، لأن الإمام قد كان يصلي حينئذ على البدريين وعلى غيرهم. فإن صلى على البدريين فكبر عليهم كما يكبر على البدريين، وذلك ما فوق الأربع، فكبروا ما كبر. وإن صلى على غير البدريين فكبر أربعا كما يكبر عليهم، فكبروا كما كبر، لا وقت ولا عدد في التكبير في الصلاة على جميع الناس من البدريين وغيرهم، لا يجاوز ذلك إلى ما هو أكثر منه.

وقد روي هذا الحديث أيضا عن عبد الله بغير هذا اللفظ.

2653 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله، قال: التكبير على الجنازة لا وقت ولا عدد، إن شئت أربعا وإن شئت خمسا، وإن شئت ستا

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني في الكبير (9604) من طريق شريك، عن الشيباني به.

وأخرجه البزار (1603) من طريق داود، عن الشعبي به.

(2)

إسناده منقطع، أبو إسحاق لم يسمع من علقمة.

ص: 89

فهذا معناه غير معنى ما حكى عامر، عن علقمة، وما حكى عامر عن علقمة من هذا فهو أثبت، لأن عامرا قد لقي علقمة وأخذ عنه وأبو إسحاق فلم يلقه، ولم يأخذ عنه، ولأن عبد الله قد روي عنه في التكبير أنه أربع من غير هذا الوجه.

2654 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن علي بن الأقمر، عن أبي عطية، قال: سمعت عبد الله، يقول: التكبير على الجنائز أربع كالتكبير في العيدين

(1)

.

2655 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم (ح)

وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل قالا حدثنا سفيان، عن علي بن الأقمر، عن أبي عطية، عن عبد الله، قال: التكبير في العيدين أربع كالصلاة على الميت

(2)

.

2656 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة عن علي بن الأقمر

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

فهذا عبد الله رضي الله عنه، لما سئل عن التكبير على الجنازة أخبر أنه أربع، وأمرهم في حديث علقمة أن يكبروا ما كبر أئمتهم. فلو انقطع الكلام على ذلك لكان وجه حديثه عندنا على أن أصل التكبير عنده أربع، وعلى أن من صلى خلف من يكبر أكثر من أربع، كبر كما كبر إمامه، لأنه قد فعل ما قد قاله بعض العلماء.

وقد كان أبو يوسف يذهب إلى هذا القول، ولكن الكلام لم ينقطع على ذلك،

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 494 (11426) عن وكيع، عن مسعر وسفيان وشعبة، عن علي بن الأقمر به.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 90

وقال: "لا وقت ولا عدد" فدل ذلك على أن معناه في ذلك لا وقت عندي للتكبير في الصلاة على الجنائز، ولا عدد على المعنى الذي ذكرناه في أهل بدر وغيرهم. أي لا وقت ولا عدد في التكبير في الصلاة على الناس جميعا، ولكن جملته لا وقت لها ولا عدد إن كان أهل بدر، هكذا حكم الصلاة عليهم، والصلاة على غيرهم على ما روى عنه أبو عطية، حتى لا يتضاد شيء من ذلك.

ثم قد روي عن أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاتهم على جنائزهم أنهم كبروا فيها أربعا. فمما روي عنهم في ذلك ما

2657 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم عن التكبير على الجنازة، فأخبر كل واحد منهم بما رأى، وبما سمع، فجمعهم عمر رضي الله عنه على أربع تكبيرات كأطول الصلوات صلاة الظهر

(1)

.

2658 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا إسماعيل، عن عامر، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبزى، قال: صلينا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه على زينب بالمدينة، فكبر عليها أربعا

(2)

.

(1)

إسناده حسن بالشواهد والمتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 495 من طريق وكيع، والبيهقي 4/ 37 من طريق الحسين بن حفص، كلاهما عن سفيان الثوري به.

(2)

إسناده صحيح. =

ص: 91

2659 -

حدثنا يزيد قال: ثنا يحيى قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: ثنا عمير بن سعيد قال صليت مع علي رضي الله عنه على يزيد بن المكفف، فكبر عليه أربعا

(1)

.

2660 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد قال: ثنا مسعر، عن عمير

مثله

(2)

.

2661 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت عمير بن سعيد عن علي

فذكر مثله

(3)

.

2662 -

حدثنا علي، قال: ثنا قبيصة، قال: ثنا سفيان عن الأعمش، عن عمير بن سعيد، عن علي

مثله

(4)

.

2663 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي حصين، عن موسى بن طلحة، قال: شهدت عثمان بن عفان رضي الله عنه، صلى على

= وأخرجه عبد الرزاق (6397) عن الثوري، وابن أبي شيبة 3/ 15 (11651) من طريق وكيع، والبزار (241)، والبيهقي 4/ 53 من طريق شعبة، ثلاثتهم عن إسماعيل بن أبي خالد به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 499 (11492) عن حفص، عن حجاج، عن عمير بن سعيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 4/ 37 - 38 من طريق أبي نعيم، عن مسعر به.

(3)

إسناده صحيح.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (6398)، ومن طريقه أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3138) عن الثوري به.

وأخرجه البيهقي في المعرفة (7585) عن أبي معاوية، عن الأعمش به تعليقا.

ص: 92

جنائز رجال ونساء، فجعل الرجال مما يليه، والنساء مما يلي القبلة، ثم كبر عليهم أربعا

(1)

.

2664 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد قال: ثنا سفيان عن زيد بن طلحة، قال: صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فكبر عليها أربعا

(2)

.

2665 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو اليمان، قال: أنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف، وكان من كبراء الأنصار وعلمائهم، وأبناء الذين شهدوا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب سرا في نفسه، ثم يختم الصلاة في التكبيرات الثلاث قال الزهري: فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من ذلك، لمحمد بن سويد الفهري فقال: وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث، عن حبيب بن مسلمة في الصلاة على الجنازة مثل الذي حدثك أبو أمامة

(3)

.

(1)

إسناده قوي: من أجل الخصيب.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 8 (11572) من طريق وكيع عن سفيان، عن شعبة، عن أبي حصين به.

(2)

إسناده صحيح زيد بن طلحة، ذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه يحيى بن معين كما في تاريخ الإسلام 3/ 415 للذهبي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 494 (11429) عن وكيع، عن سفيان الثوري به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3000) من طريق أبي اليمان به.

وأخرجه النسائي 4/ 75 من طريق الليث، عن ابن شهاب به. =

ص: 93

2666 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق: أن الحسن بن علي كبر على علي بن أبي طالب رضي الله عنه أربعا

(1)

.

وهذا خلاف ما كان عمر وعلي رضي الله عنهما يريانه في أهل بدر أن يكبر في الصلاة عليهم ما جاوز الأربع.

2667 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا مسعر، عن ثابت بن عبيد، قال: صليت خلف زيد بن ثابت على جنازة، فكبر عليها أربعا، وصليت خلف أبي هريرة على جنازة فكبر عليها أربعا

(2)

.

2668 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: حدثنا موسى بن يعقوب، قال: حدثني شرحبيل بن سعد، قال صلى بنا عبد الله بن عباس على جنازة فكبر أربع تكبيرات

(3)

.

2669 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن مهاجر أبي الحسن، قال: صليت خلف البراء بن عازب على جنازة فقال: اجتمعتم؟، فقلنا: نعم

=وأخرجه الشافعي في المسند 1/ 359، ومن طريقه البيهقي 4/ 39 عن مطرف بن مازن، عن معمر، عن الزهري به.

وأخرجه الحاكم 1/ 513 من طريق ابن وهب، عن يونس عن الزهري به، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 495 (11432) من طريق خليفة بن روق، والحاكم 3/ 154 من طريق أبي روح، كلاهما عن مولى لعلي به.

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 494 (11430)، عن وكيع، عن مسعر به.

(3)

إسناده ضعيف: لضعف شرحبيل بن سعد.

ص: 94

فكبر أربعا

(1)

.

2670 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، قال: صليت خلف أبي هريرة رضي الله عنه على جنائز من رجال ونساء، فسوى بينهم وكبر أربعا

(2)

.

فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكورون في هذه الآثار قد كانوا يكبرون في صلواتهم على جنائزهم أربع تكبيرات، ثم لا ينكر ذلك عليهم غيرهم.

فدل ذلك على أن ذلك هو حكم التكبير في الصلاة على الجنائز، وأن ما زاد على التكبيرات الأربع فإنما كان لمعنى خاص خص به بعض الموتى ممن ذكرنا من أهل بدر على سائر الناس.

فثبت بما ذكرنا أن التكبير على الجنازة أربع على الناس جميعا من بعد أهل بدر إلى يوم القيامة.

وكان مذهب أبي حنيفة، وسفيان وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله، في التكبير على الجنازة أيضا ما ذكرنا.

(1)

إسناه صحيح.

وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (3143) من طريق أحمد بن يونس به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (11427) عن وكيع، عن مسعر، عن مهاجر به.

(2)

إسناه صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه كما في النخب 9/ 529 عن ابن نمير، عن الحجاج، عن عثمان بن عبد الله به.

ص: 95

وقد روي ذلك أيضا، عن محمد بن الحنفية.

2671 -

حدثنا صالح، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هشيم، قال: أنا أبو حمزة عمران بن أبي عطاء، قال: شهدت وفاة ابن عباس بالطائف، فوليه محمد بن الحنفية، فصلى عليه فكبر أربعا

(1)

.

2672 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن عمران بن أبي عطاء، قال: صليت خلف ابن الحنفية على ابن عباس، فكبر عليه أربعا

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحاكم 3/ 626 من طريق سعيد بن منصور به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 24 (11750) من طريق هشيم به.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 96

‌7 - باب الصلاة على الشهداء

2673 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني الليث بن سعد، عن ابن شهاب حدثه، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بدفن قتلى أحد بدمائهم، ولم يصل عليهم ولم يغسلوا

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا الحديث فقالوا: لا يصلّى على من قُتِل من الشهداء في المعركة، ولا على من جرح منهم فمات قبل أن يحمل من مكانه كما لا يغسل، و ممن قال بذلك أهل المدينة.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: بل يصلى على الشهيد. وكان من الحجة لهم في ذلك على مخالفهم أن الذي في حديث جابر رضي الله عنه إنما هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليهم.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4911) بإسناده ومتنه.

ورواه أبو داود (3139) من طريق ابن وهب به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 253 - 254، وعبد بن حميد (1119)، والبخاري (1343، 1346، 1347، 1353، 4079) وأبو داود (3138، 3139) والترمذي (1036)، والنسائي 4/ 62، وابن ماجه (1514)، وابن الجارود (552)، وابن حبان (3197)، والدارقطني 4/ 117، والبيهقي 4/ 34، والبغوي (1500) من طرق عن الليث بن سعد به.

(2)

قلت أراد بهم: الشافعي، ومالكا، وأحمد وإسحاق في رواية رحمهم الله، كما في النخب 9/ 534.

(3)

قلت أراد بهم: ابن أبي ليلى، والحسن بن حي، وعبيد الله بن الحسن، وسليمان بن موسى، وسعيد بن=

ص: 97

فقد يجوز أن يكون تركه ذلك؛ لأن سنتهم أن لا يصلى عليهم كما كان من سنتهم أن لا يغسلوا.

ويجوز أن يكون لم يصل عليهم وصلى عليهم غيره لما كان به حينئذ من ألم الجراح وكسر الرباعية وما أصابه يومئذ من المشركين.

2674 -

فإنه حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني ابن أبي حازم، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن أبي حازم. قال سعيد في حديثه: سمعت سهل بن سعد. وقال ابن أبي حازم عن سهل: إنه سئل عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بأي شيء دووي؟ قال: سهل: كسرت البيضة على رأسه، وكسرت رباعيته، وجرح وجهه، وكانت فاطمة رضي الله عنها تغسله، وكان علي رضي الله عنه يسكب الماء بالمجن. فلما رأت فاطمة رضي الله عنها أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة، أخذت قطعة حصير فأحرقتها وألصقتها على جرحه، فاستمسك الدم

(1)

. يختلف لفظ ابن أبي حازم، وسعيد في هذا الحديث، والمعنى واحد.

=عبد العزيز، والأوزاعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد في رواية، وإسحاق في رواية رحمهم الله، كما في النخب 9/ 535.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4914) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد بن حميد (453) والبخاري (2911)، ومسلم (1790)(101)، وابن ماجه (3464)، وابن حبان (6579)، والطبراني (5897)، والبيهقي في الدلائل 3/ 259 - 260 من طرق عن ابن أبي حازم به.

وأخرجه البخاري (2903، 4075، 5722)، ومسلم (1790)(102 - 103)، والترمذي (2085)، وابن حبان=

ص: 98

2675 -

حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن نافع، عن هشام، عن أبي حازم، عن سهل رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أصيب يوم أحد في وجهه بجرح، وأن فاطمة ابنته رضي الله عنها أحرقت قطعة من حصير فجعلته رمادا وألصقته على وجهه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اشتد غضب الله عز وجل على قوم أدموا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم"

(1)

.

2676 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا أبو غسان، قال: حدثني أبو حازم، عن سهل بن سعد قال: هشمت

(2)

البيضة

(3)

على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وكسرت رباعيته

(4)

، وجرح وجهه

(5)

.

2677 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أنا خالد بن عبد الله، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اشتد غضب الله تعالى على قوم أدموا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم" وكانوا أدموا وجهه

= (6578)، والطبراني (5916)، والبيهقي في دلائل النبوة 3/ 260 - 261 من طرق عن أبي حازم به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني في الكبير 6/ 162 (5862) من طريق زهرة بن عمرو بن معبد التيمي، عن أبي حازم به.

(2)

أي: كسرت من الهشم.

(3)

بفتح الباء وهي: الخوذة.

(4)

بفتح الراء: السن الذي بين الثنية والناب.

(5)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1790)(103) من طريق ابن أبي مريم به.

ص: 99

يومئذ، وهشموا عليه البيضة، وكسروا رباعيته

(1)

.

2678 -

حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا حماد، عن ثابت البناني، عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته، يوم أحد، وشج وجهه، فجعل يسلت

(2)

الدم عن وجهه، ويقول:"كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله عز وجل" فأنزل الله عز وجل {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]

(3)

.

فيجوز أن يكون صلى الله عليه وسلم تخلف عن الصلاة عليهم لألم بما نزل به وصلى عليهم غيره.

(1)

إسناده حسن: من أجل محمد بن عمرو بن علقمة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4915) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البزار (1793)، وأبو يعلى (5931) من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو به.

أخرجه أحمد (8213)، والبخاري (4073)، ومسلم (1793)(106)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 504)، والبغوي (3750) من طريق همام، عن أبي هريرة به.

(2)

أي: يميطه ويمسحه عن خده.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4916) بإسناده ومتنه.

ورواه مسلم 1791 (104)، والبيهقي في دلائل النبوة 3/ 262 من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي به.

وأخرجه عبد بن حميد (1204)، وأحمد (13657)، ومسلم (1791)، وأبو يعلى (3301)، وأبو عوانة 4/ 309 - 310، وابن حبان (6575)، والبيهقي في الدلائل 3/ 262، والبغوي في التفسير 1/ 350 من طرق عن حماد بن سلمة به.

ص: 100

2679 -

وقد حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا أسامة بن زيد الليثي أن ابن شهاب حدثه، أن أنس بن مالك حدثه، أن شهداء أحد لم يغسلوا، ودفنوا بدمائهم، ولم يصلّ عليهم

(1)

.

ففي هذا الحديث ما ينفي الصلاة عليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن غيره. فنظرنا في هذا الحديث كيف هو؟ وهل زيد على ابن وهب فيه شيء؟.

2680 -

فإن إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا، قال: ثنا عثمان بن عمر بن فارس، قال: أنا أسامة، عن الزهري، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر يوم أحد بحمزة، وقد جدع ومثل به، فقال:"لولا أن تجزع صفية لتركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع" فكفنه في نمرة، إذا خمر رأسه بدت رجلاه، وإذا خمر رجليه بدا رأسه، فخمر رأسه، ولم يصل على أحد من الشهداء غيره وقال:"أنا شهيد عليكم يوم القيامة"

(2)

.

(1)

إسناده حسن: من أجل أسامة بن زيد الليثي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4050) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو داود (3135)، والدارقطني 4/ 117، والحاكم 1/ 365 - 366، والبيهقي 4/ 10 من طريق عبد الله بن وهب به.

وأخرجه مطولا ومختصرا - ابن أبي شيبة 14/ 260، وعبد بن حميد (1164)، وأحمد (12300)، وأبو داود (3136)، والترمذي (1016)، وأبو يعلى (3568)، والحاكم 2/ 120 من طرق عن أسامة بن زيد الليثي به.

(2)

إسناده حسن: من أجل أسامة بن زيد الليثي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4913) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو داود (3137)، والدارقطني 4/ 119 - 117، والحاكم 3/ 196 من طريق عثمان بن عمر به.

ص: 101

ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل يومئذ على أحد من الشهداء غير حمزة، فإنه صلى عليه وهو أفضل شهداء أحد. فلو كان من سنة الشهداء أن لا يصلى عليهم لما صلى على حمزة، كما لم يغسله، إذ كان من سنة الشهداء أن لا يغسلوا. وصار ما في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة، ولم يصل على غيره. فقد يحتمل أن يكون لم يصل على غيره لشدة ما به مما ذكرنا، وصلى عليهم غيره من الناس.

وقد جاء في غير هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يومئذ على حمزة وعلى سائر الشهداء.

2681 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوضع بين يديه يوم أحد عشرة فيصلي عليهم، وعلى حمزة، ثم يرفع العشرة، وحمزة موضوع، ثم يوضع عشرة، فيصلي عليهم، وعلى حمزة معهم

(1)

.

2682 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حد بالقتلى، فجعل يصلي عليهم، فيوضع تسعة وحمزة، فيكبر عليهم سبع تكبيرات،

(1)

إسناده ضعيف: لضعف يزيد بن أبي زياد الهاشمي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4909)، بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن ماجه (1513) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير به.

ص: 102

ثم يرفعون ويترك حمزة، ثم يجاء بتسعة، فيكبر عليهم سبعا حتى فرغ منهم

(1)

.

2683 -

حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم أحد بحمزة فسجي ببردة ثم صلى عليه، فكبر تسع تكبيرات، ثم أتي بالقتلى يصفون، ويصلي عليهم وعليه معهم

(2)

.

فهذا ابن عباس، وابن الزبير قد خالفا أنس بن مالك فيما رويناه عنه قبل هذا. وقد روي مثل هذا أيضا عن أبي مالك الغفاري.

2684 -

حدثنا بكر بن إدريس، قال: ثنا آدم بن أبي إياس، قال: ثنا شعبة، عن حصين بن عبد الرحمن، قال: سمعت أبا مالك الغفاري قال: كان قتلى أحد يؤتى بتسعة وعاشرهم حمزة، فيصلي عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يحملون، ثم يؤتى بتسعة، فيصلي عليهم وحمزة مكانه، حتى صلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4910) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 404، والبزار (1796 كشف الأستار)، والطبراني (2935)، والحاكم 3/ 197، والبيهقي 12/ 4 من طرق عن أحمد بن عبد الله بن يونس به.

(2)

إسناده حسن: محمد بن إسحاق صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه، وهو صدوق.

وأخرجه ابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (293) من طريق سلمة، عن محمد بن إسحاق به.

(3)

إسناده مرسل ورجاله ثقات.

وأخرجه البيهقي 4/ 12 من طريق آدم به.=

ص: 103

وقد روي أيضا عن عقبة بن عامر، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد، بعد مقتلهم بثمان سنين.

2685 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني عمرو، وابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، أن أبا الخير أخبره، أنه سمع عقبة بن عامر يقول: إن آخر ما خطب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى على شهداء أحد، ثم رقي على المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:"إني لكم فرط وأنا عليكم شهيد"

(1)

.

2686 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يونس بن محمد، قال: ثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت

(2)

.

=وأخرجه الدارقطني 2/ 65 من طريق شعبة به.

وأخرجه ابن سعد 3/ 16، و ابن أبي شيبة (11462)، وأبو داود في مراسيله (427) والعسكري كما في النخب 9/ 556، من طرق عن حصين به.

(1)

إسناده صحيح: وابن لهيعة متابع، ورواية ابن وهب عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4907) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو يعلى (1748)، والطبراني 17/ 768، والبغوي (3822) من طرق عن ابن لهيعة به.

وأخرجه مسلم 2296 (31)، وابن حبان (3199)، والطبراني 17/ 769 - 770، والبيهقي في البعث والنشور (167) من طرق عن يزيد بن أبي حبيب به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4908) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (17344)، والبخاري (1344، 3596، 4085، 6426، 6590)، ومسلم (2296)(30)،=

ص: 104

ففي حديث عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد مقتلهم بثمان سنين، فلا تخلو صلاته عليهم في ذلك الوقت من أحد ثلاثة معان: إما أن تكون سنتهم كانت أن لا يصلى عليهم، ثم نسخ ذلك الحكم بعد بأن يصلى عليهم. أو تكون تلك الصلاة التي صلاها عليهم تطوعا، وليس للصلاة عليهم أصل في السنة والإيجاب. أو يكون من سنتهم أن لا يصلى عليهم بحضرة الدفن، ويصلى عليهم بعد طول هذه المدة. لا يخلو فعله صلى الله عليه وسلم من هذه المعاني الثلاث. فاعتبرنا ذلك، فوجدنا أمر الصلاة على سائر الموتى، هو أن يصلى عليهم قبل دفنهم.

ثم تكلم الناس في التطوع عليهم قبل أن يدفنوا، أو بعدما يدفنون، فجوز ذلك قوم وكرهه آخرون. فأمر السنة فيه أوكد من التطوع لاجتماعهم على السنة واختلافهم في التطوع. فإن كان قتلى أحد ممن يتطوع بالصلاة عليهم كان في ثبوت ذلك ثبوت السنة في الصلاة عليهم قبل أوان وقت التطوع بها عليهم وكل تطوع فله أصل في الفرض.

فإن ثبت أن تلك الصلاة كانت من النبي صلى الله عليه وسلم تطوعا تطوع به، فلا يكون ذلك إلا والصلاة عليهم سنة كالصلاة على غيرهم. وإن كانت صلاته عليهم لعلة نسخ فعله الأول وتركه الصلاة عليهم، فإن صلاته هذه عليهم توجب أن من سنتهم الصلاة عليهم، وأن تركه الصلاة عليهم عند دفنهم منسوخ.

=وأبو داود (3223) والنسائي 4/ 61 - 62، وابن حبان (3198)، والطبراني في الكبير 17/ 767، والبيهقي 4/ 14، والبغوي (3823) من طرق عن الليث بن سعد به.

ص: 105

وإن كانت صلاته عليهم إنما كانت لأن هكذا سنتهم أن لا يصلى عليهم إلا بعد هذه المدة، وأنهم خصوا بذلك، فقد يحتمل أن يكون كذلك حكم سائر الشهداء أن لا يصلى عليهم إلا بعد مضي مثل هذه المدة. ويجوز أن يكون سائر الشهداء تعجل الصلاة عليهم غير شهداء أحد، فإن سنتهم كانت تأخير الصلاة عليهم إلا أنه قد ثبت بكل هذه المعاني أن من سنتهم ثبوت الصلاة عليهم إما بعد حين وإما قبل الدفن.

ثم كان الكلام بين المختلفين في وقتنا هذا، إنما هو في إثبات الصلاة عليهم قبل الدفن، أو في تركها ألبتة. فلما ثبت في هذا الحديث الصلاة عليهم بعد الدفن كانت الصلاة عليهم قبل الدفن أحرى وأولى.

ثم قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير شهداء أحد أنه صلى عليهم. فمن ذلك ما

2687 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: أنا عبد الله بن المبارك، قال: أنا ابن جريج قال: أخبرني عكرمة بن خالد أن ابن أبي عمار أخبره، عن بن شداد الهاد: أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه وقال: أهاجر معك فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه. فلما كانت غزوة، غنم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء، فقسم وقسم له فأعطى أصحابه ما قسم له وكان يرعى ظهرهم. فلما جاء دفعوه إليه فقال: ما هذا؟ قالوا: قسم قسمةً لك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذه فجاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، ما هذا؟ قال:"قسمته لك". قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمى هاهنا وأشار إلى=

ص: 106

حلقه بسهم فأموت وأدخل الجنة. فقال: "إن تصدق الله يصدقك" فلبثوا قليلا، ثم نهضوا إلى العدو، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار. فقال النبي:"أهو هو؟ " قالوا: نعم قال: "صدق الله فصدّقه" وكفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبته عليه الصلاة والسلام، ثم قدمه فصلى عليه. وكان مما ظهر من صلاته عليه:"اللهم إن هذا عبدك، خرج مهاجرا في سبيلك، فقتل شهيدا، أنا شهيد عليه"

(1)

.

ففي هذا الحديث إثبات الصلاة على الشهداء الذين لا يغسلون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يغسل الرجل وصلى عليه.

فثبت بهذا الحديث أن يكون كذلك حكم الشهيد المقتول

(2)

في المعركة، يصلى عليه ولا يغسل. فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما النظر في ذلك، فإنا رأينا الميت حتف أنفه يغسل ويصلى عليه، ورأيناه إذا صلي عليه ولم يغسل كان في حكم من لم يصل عليه. فكانت الصلاة عليه مضمنة بالغسل الذي يتقدمها. فإن كان الغسل قد كان جازت الصلاة عليه، وإن لم يكن غسل لم تجز الصلاة عليه.

(1)

إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 4/ 60، وفي الكبرى (2091) من طريق عبد الله بن المبارك به.

وأخرجه عبد الرزاق (6651، 9597)، ومن طريقه الحاكم 3/ 688، والطبراني (7108)، والبيهقي 4/ 15 عن ابن جريج به.

(2)

في س "الشهداء المقتولة".

ص: 107

ثم رأينا الشهيد قد سقط عنه أن يغسل، فالنظر على ذلك أن يسقط ما هو مضمن بحكم الغسل. ففي هذا ما يوجب ترك الصلاة عليه إلا أن في ذلك معنى، وهو أنا رأينا غير الشهيد يُغسل ليطهر وهو قبل أن يغسل في حكم غير الطاهر لا ينبغي الصلاة عليه ولا دفنه على حاله تلك حتى ينقل عنها بالغسل. ثم رأينا الشهيد لا بأس بدفنه على حاله تلك قبل أن يغسل، وهو في حكم سائر الموتى الذين قد غسلوا. فالنظر على ذلك أن تكون في الصلاة عليهم في حكم سائر الموتى الذين قد غسلوا.

هذا هو النظر في هذا الباب مع ما قد شهد له من الآثار، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

2688 -

وقد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الخطاب بن عثمان الفوزي، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن عبد الله قال: سمعت مكحولا يسأل عبادة بن أوفى النميري عن الشهداء يصلى عليهم؟، فقال عبادة: نعم

(1)

.

فهذا عبادة بن أوفى يقول هذا ومغازي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان جلها هناك نحو الشام، فلم يكن يخفى على أهله ما كانوا يصنعون بشهدائهم من الغسل والصلاة وغير ذلك.

(1)

إسناده حسن، إسماعيل بن عياش روايته عن الشاميين مقبولة وهذه منها.

ص: 108

‌8 - باب: الطفل يموت، أيصلى عليه أم لا؟

2689 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا أبو خيثمة، قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: ثنا أبي عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفن ابنه إبراهيم ولم يصل عليه

(1)

.

2690 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن يحيى النيسابوري، قال: ثنا يعقوب

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى أنه لا يصلى على الطفل، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث. وروَوا في ذلك أيضا عن سمرة بن جندب.

2691 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث قال: ثنا عقبة بن سيار قال: حدثني عثمان بن جحاش، وكان ابن أخي سمرة بن جندب، قال: مات ابن لسمرة، قد كان سقي

(4)

، فسمع بكاء، فقال: ما هذا؟ فقالوا على فلان مات، فنهى عن ذلك، ثم دعا بطست أو نقير فغسل بين يديه، وكفن بين يديه، ثم قال لمولاه: فلان انطلق به إلى حفرته، فإذا وضعته في لحده فقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه

(1)

إسناده حسن: من أجل محمد بن إسحاق وقد صرح بالتحديث عند أحمد.

وأخرجه أحمد (26305)، وأبو داود (3187)، والبزار (293) من طريق يعقوب بن إبراهيم به.

(2)

إسناده حسن كسابقه، وهو مكرر سابقه.

(3)

قلت أراد بهم: سويد بن غفلة، وسعيد بن جبير، وعمرو بن مرة رضي الله عنهم، كما في النخب 9/ 574.

(4)

في ن "ماء".

ص: 109

وسلم ثم أطلق عقد رأسه وعقد رجليه، وقل: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده قال: ولم يصل عليه

(1)

.

2692 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال ثنا شعبة، عن حلاس، عن ابن جحاش، عن سمرة بن جندب، أن صبيا له مات، فقال: ادفنوه ولا تصلوا عليه، فإنه ليس عليه إثم، ثم ادعوا الله لأبويه أن يجعله لهما فرطا وسلفا

(2)

.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: بل يصلى على الطفل. واحتجوا في ذلك بما

2693 -

حدثنا يونس، قال: أنا سفيان، عن طلحة بن يحيى بن طلحة، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: جاءت الأنصار بصبي لهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فقلت أو قيل له: هنيئًا له يا رسول الله لم يعمل سوءًا قط ولم يدركه، عصفور من عصافير الجنة. قال: "أو غير ذلك إن الله عز وجل لما خلق الجنة خلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه الحارث في مسنده بغية (277)، والبيهقي 3/ 407 من طريق عبد الوارث به.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة حال ابن جحاش.

وأخرجه ابن أبي شيبة (11599) من طريق شعبة به.

(3)

قلت أراد بهم: ابن أبي ليلى، وابن المسيب، وابن سيرين، والزهري، والنخعي، والثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد وإسحاق، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 9/ 578.

ص: 110

أصلاب آبائهم"

(1)

.

2694 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا حرملة بن يحيى، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن عمارة بن غزية، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، أن أبا طلحة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمير بن أبي طلحة حين توفي، فأتاهم فصلى عليه، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو طلحة وراءه، وأم سليم وراء أبي طلحة لم يكن معه غيرهم

(2)

.

وإنما كان تزويج أبي طلحة أم سليم بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بمدة، وعمير ولده منها في ذلك النكاح، توفي وهو طفل.

فهذا أخوه عبد الله بن أبي طلحة يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليه.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (265)، وأحمد (24132)، والنسائي في المجتبى 4/ 57، وفي الكبرى (2074) من طريق سفيان بن عيينة به.

وأخرجه عبد الرزاق (20095)، وإسحاق بن راهويه (1017)، ومسلم (2662)، وأبو داود (4713)، وابن حبان (6173)، والبيهقي في المعرفة (7414)، والخطيب في التاريخ 11/ 110 - 111 من طرق عن طلحة بن يحيى به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني (4727)، والحاكم 1/ 519، والبيهقي 4/ 30 من طرق عن ابن وهب به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

ص: 111

2695 -

حدثنا عبد العزيز بن معاوية، قال: ثنا إسماعيل بن سعيد الجبيري، قال: ثنا أبي، عن زياد بن جبير بن حية، عن أبيه، فيما يحسب عبد العزيز شك في أبيه خاصة، عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطفل يصلى عليه"

(1)

.

2696 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد السلام، عن ليث، عن عامر، عن البراء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحق من

(2)

صليتم عليه أطفالكم"

(3)

.

وقد قال عامر الشعبي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان صلى على ابنه إبراهيم ولم يكن ليقول ذلك إلا وقد كان ثبت عنده.

2697 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، عن سفيان، عن جابر، عن الشعبي، قال: مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستة عشر شهرًا، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الترمذي (1031)، والطبراني في الكبير 20/ 1046 من طريق إسماعيل بن سعيد بن عبيد الله به.

وأخرجه أحمد (18162)، والنسائي في المجتبى 4/ 56، 58، وفي الكبرى (2070، 2075)، والحاكم 1/ 355 من طرق عن سعيد بن عبيد الله به.

(2)

في م ج د ن "ما".

(3)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.

وأخرجه البيهقي 4/ 9 من طريق أبي نعيم به، ووقع عاصم بدل عامر.

(4)

إسناده مرسل ضعيف لضعف جابر بن يزيد الجعفي.=

ص: 112

2698 -

حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور، قال: ثنا الهيثم بن جميل، قال: حدثني شريك، عن جابر

فذكر بإسناده مثله. غير أنه قال: وهو ابن ستة عشر شهرا، أو ثمانية عشر شهرا

(1)

.

ففي هذه الآثار إثبات الصلاة على الأطفال. فلما تضادت الآثار في ذلك وجب أن ننظر إلى ما عليه عمل المسلمين الذي قد جرت عليه عاداتهم، فيعمل على ذلك، ويكون ناسخا لما خالفه. فكانت عادة المسلمين الصلاة على أطفالهم، فثبت بما وافق ذلك من الآثار، وانتفى ما خالفه.

فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر، فإنا رأينا الأطفال يغسلون باتفاق المسلمين على ذلك. وقد رأينا البالغين كل من غسل منهم صلي عليه، ومن لم يغسل من الشهداء ففيه اختلاف. فمن الناس من يصلي عليه، ومنهم من لا يصلي عليه، فكان الغسل لا يجوز إلا وبعده صلاة، وقد تكون الصلاة ولا غسل قبلها.

فلما كان الأطفال يغسلون كما يغسل البالغون ثبت أن يصلى عليهم كما يصلى على البالغين.

=وأخرجه عبد الرزاق (14014)، وابن سعد في الطبقات 1/ 140، وابن أبي شيبة 3/ 379 من طريق سفيان الثوري، عن جابر، عن الشعبي.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

ص: 113

هذا هو النظر في هذا الباب، وقد وافق ما جرت عليه عادة المسلمين من الصلاة على الأطفال.

وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى، وقد روي ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2699 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، عن يونس، عن نافع، أنه حدثه: أن عبد الله بن عمر صلى في الدار على مولود له، ثم أمر به فحمل فدفن

(1)

.

2700 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا محمد بن راشد، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: إذا استهل الصبي ورث، وصلي عليه

(2)

.

2701 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن منصور بن أبي منصور، عن أبي هريرة أنه استفتي في صبي مولود مات أيصلى عليه؟ قال: نعم

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الدارمي (3130)، وابن المنذر في الأوسط (3090)، والبيهقي 4/ 8 من طريق محمد بن إسحاق، عن عطاء، عن جابر به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 319، 11/ 382، والدارمي (3126)، والبيهقي 4/ 8 من طريق أشعث بن سوار، عن أبي الزبير، عن جابر به.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة منصور بن أبي منصور.

ص: 114

2702 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: رأيت أبا هريرة صلى على منفوس لم يعمل خطيئة قط، فسمعته يقول: اللهم أعذه من عذاب القبر

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 4/ 9 من طريق سفيان بن سعيد وشعبة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 105 (29836) عن يحيى بن سعيد به.

وأخرجه عبد الرزاق (6110)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (3096) عن الثوري، عن يحيى به.

ص: 115

‌9 - باب: المشي بين القبور بالنعال

2703 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: ثنا الأسود بن شيبان، قال: ثنا خالد بن سُمَير، قال: حدثني بَشِير بن نهيك عن بَشِير بن الخصاصية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يمشي بين القبور في نعلين، فقال: "ويحك يا صاحب السبتيتين

(1)

ألق سبتيتيك"

(2)

.

2704 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا وكيع عن الأسود

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

قال أبو جعفر فذهب قوم

(4)

إلى هذا الحديث فكرهوا المشي بالنعال بين القبور.

(1)

السِّبتية: بكسر السين وسكون الباء نسبة إلى السبت، وهي: جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال، سميت بذلك لأن شعرها قد سبت عنها أي حلق وأزيل.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي - (1123) - 1124)، وأحمد (20787 - 20788)، والبخاري في الأدب المفرد (775، 829)، وأبو داود (3230)، وابن حبان (3170)، والطبراني (1230)، والحاكم 1/ 373 من طرق عن الأسود بن شيبان به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يحيى بن عبد الحميد الحماني.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 396، وأحمد (20784)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1651)، والنسائي 4/ 96، وابن ماجه (1568)، والحاكم 3/ 373 من طريق وكيع به.

(4)

قلت أراد بهم: يزيد بن زريع، وأحمد بن حنبل، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 9/ 609.

ص: 116

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمر ذلك الرجل بخلع النعلين لا لأنَّه كره المشي بين القبور بالنعال، لكن لمعنى آخر من قذر رآه فيها يقذر القبور.

وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وعليه نعلاه، ثم أمر بخلعهما فخلعهما وهو يصلي، فلم يكن ذلك على كراهة الصلاة في النعلين، ولكنه للقذر الذي كان فيهما.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على إباحة المشي بين القبور بالنعال.

2705 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا آدم بن أبي إياس، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر حديثا طويلا في المؤمن إذا دفن في قبره:"والذي نفسي بيده إنه ليسمع خفق نعالهم حين تولوا عنه مدبرين"

(2)

.

(1)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والنخعي، والثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وجماهير الفقهاء من التابعين ومن بعدهم رحمهم الله، كما في النخب 9/ 610.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي.

وأخرجه أحمد (8563)، والطبراني في الأوسط (2651)، والحاكم 1/ 380 - 381 من طريق حماد بن سلمة به.

وأخرجه هناد بن السرى في الزهد (338)، وابن حبان (3113)، والحاكم 1/ 379 - 380 من طرق عن محمد بن عمرو به.

ص: 117

2706 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أنا محمد بن عمرو

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

2707 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن حميد، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه

مثله

(2)

.

فهذا يعارض الحديث الأول، إذا كان معناه على ما حمله عليه أهل المقالة الأولى. ولكنا لا نحمله على المعارضة، ونجعل الحديثين صحيحين، فنجعل النهي الذي كان في حديث بشير للنجاسة التي كانت في النعلين لئلا تنجس القبور، كما قد نهي أن يتغوط عليها، أو يبال. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه يدل على إباحة المشي بالنعال التي لا قذر فيها بين القبور.

فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وقد جاءت الآثار متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قد ذكرنا عنه من صلاته في نعليه ومن خلعه إياهما في وقت ما خلعها للنجاسة التي كانت فيهما، ومن إباحته للناس الصلاة في النعال. فمن ذلك ما قد

(1)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه البيهقي في الإعتقاد (ص 220 - 221)، وفي إثبات عذاب القبر (67) من طريق عبد الوهاب بن عطاء به.

(2)

إسناده ضعيف: لجهالة والد إسماعيل السدي هو عبد الرحمن بن أبي كريمة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 378، وأحمد (9742)، والبزار (873 كشف الأستار)، وابن حبان (3118)، وأبو نعيم في الحلية 7/ 113 من طريق وكيع بن الجراح به.

ص: 118

2708 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان: قال ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه وهو يصلي، فخلع من خلفه فقال:"ما حملكم على خلع نعالكم؟ " قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا. فقال: "إن جبريل عليه السلام أخبرني أن في إحداهما قذرا، فخلعتهما لذلك، فلا تخلعوا نعالكم"

(1)

.

2709 -

حدثنا ابن أبي عقيل، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد الأزدي، قال: سألت أنس بن مالك: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في النعلين؟ فقال: نعم

(2)

.

2710 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن علقمة بن قيس، ولم يسمعه

(3)

منه: أن عبد الله بن مسعود أتى أبا موسى الأشعري،

(1)

إسناده ضعيف لضعف أبي حمزة الأعور ميمون.

وأخرجه الطبراني (9972)، والحاكم 1/ 236 من طرق عن أبي غسان مالك بن إسماعيل به.

وأخرجه البزار (1570)، من طريق زهير به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (334) من طريق زبيد عن أبي حمزة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 416، والدارمي (1494)، والبخاري (386)، وأبو يعلى (4342)، وابن خزيمة (1010) من طرق عن شعبة به.

وأخرجه أحمد (11976)، والبخاري (5850)، ومسلم (555)، وابن الجارود (174)، وأبو يعلى (3667)، وابن خزيمة (1010)، والبيهقي 2/ 431، والبغوي (532) من طرق عن سعيد بن يزيد به.

(3)

أي: أبو إسحاق لم يسمعه من علقمة.

ص: 119

فحضرت الصلاة. فقال أبو موسى: تقدم يا أبا عبد الرحمن، فإنك أقدم سنّا وأعلم. فقال: تقدم أنت، فإنما أتيناك في منزلك ومسجدك، فأنت أحق، فتقدم أبو موسى فخلع نعليه، فلما سلم قال: ما أردت إلى خلعهما؟ أبالواد المقدس طوى أنت؟ لقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الخفين والنعلين

(1)

.

2711 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أبي نعامة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه، فإن كان فيهما أذى أو قذر فليمسحهما، ثم ليصل فيهما"

(2)

.

(1)

إسناده منقطع، أبو إسحاق لم يسمع من علقمة، لكنه تابعه أبو الأحوص عند عبد الرزاق (1507). وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 417، وأحمد (4397)، وابن ماجه (1039)، والطبراني في الكبير (9262) من طرق عن زهير به.

وأخرجه مختصرا الطيالسي (395) عن زهير عن أبي إسحاق، عمن حدثه عن عبد الله بن مسعود به.

وأخرجه مختصرا دون قوله (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الخفين) عبد الرزاق (1507) من طريق إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة (1017)، وابن حبان (2185) من طريق أبي الوليد الطيالسي به.

وأخرجه الطيالسي (2154)، وابن أبي شيبة 2/ 417، وابن سعد في الطبقات 1/ 480، وعبد بن حميد (880)، وأحمد (11153)، وأبو داود (650)، وأبو يعلى (1194)، وابن خزيمة (1017)، والبيهقي 2/ 402، والبغوي (299) من طرق عن حماد بن سلمة به.

ص: 120

2712 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن رجل من بني الحارث بن كعب، قال كنت جالسا مع أبي هريرة رضي الله عنه فقال رجل: يا أبا هريرة أنت نهيت الناس أن يصلوا

(1)

في نعالهم؟ فقال: ما فعلت غير أني ورب هذه الحرمة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى هذا المقام وأن نعليه عليه

(2)

.

2713 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن عبد الملك، قال: أخبرني من سمع أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه

(3)

.

2714 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد قال: أنا شريك، [أظنه عن عبد الملك]

(4)

عن زياد الحارثي، قال: سمعت أبا هريرة

فذكر مثله

(5)

.

(1)

في م س خد "عن الصلاة".

(2)

رجاله ثقات غير الرجل من بني الحارث اسمه زياد بن النضر أبو عائشة الحارثي وكذا جاء مفسرا في رواية ابن أبي شبة.

وقال ابن عساكر: زياد بن النضر أبو الأوبر ويقال: أبو عائشة، ويقال أبو عمر الحارثي من أهل الكوفة وفد على يزيد بن معاوية وحدث عن أبي هريرة، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين 4/ 257 وصحح له حديثا في صحيحه، ونقل ابن حجر توثيقه في تعجيل المنفعة (1415) عن ابن معين، وقال الذهبي في المغني 1/ 245: مدني تابعي لا يعرف. وأخرجه أحمد (9467) من طريق أبي عوانة مطولا.

(3)

إسناده ضعيف لإبهام الرجل وهو زياد الحارثي، أبو الأوبر كما سيجيء مصرحا.

وأخرجه أحمد (8899) عن عبد الرزاق، عن سفيان الثوري به.

(4)

من الإتحاف 14/ 892، وقال العيني في المغاني 1/ 350 حدث عن أبي هريرة وعنه عبد الملك بن عمير.

(5)

إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك.

وأخرجه أحمد (9903) من طريق حجاج، عن شريك، عن عبد الملك بن عمير، عن زياد الحارثي به.

ص: 121

2715 -

حدثنا ربيع الجيزي، وصالح بن عبد الرحمن، قالا: ثنا عبد الله مسلمة، قال: ثنا مُجمّع بن يعقوب الأنصاري، عن محمد بن إسماعيل، قال: قيل لعبد الله بن أبي حبيبة، ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه

(1)

.

2716 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى حافيا ومنتعلا

(2)

.

2717 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، عن سفيان الثوري، عن السدي، قال: أخبرني من سمع ابن حريث، يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعلين مخصوفتين

(3)

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف لإنقطاعه، محمد بن إسماعيل بن مجمع لم يدرك جده وهو مجهول الحال.

وأخرجه ابن سعد 1/ 480، وأحمد (17944)، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 92 - 93، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/ 262، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه 1/ 563 من طرق عن مجمع بن يعقوب به.

(2)

إسناده حسن.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 415، وأحمد (6627، 6679، 6928، 7021)، وأبو داود (653) من طرق عن حسين المعلم به.

(3)

أي: مطرقتين، وطراق النعل ما اطبقت فخرزت به.

(4)

إسناده ضعيف: لإبهام الراوي عن عمرو بن حريث.

وأخرجه عبد الرزاق (1505)، وابن أبي شيبة 2/ 415، وعبد بن حميد (285)، وأحمد (18736)، والترمذي في=

ص: 122

2718 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب، وأبو الوليد، قالا: ثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، في حديث وهب، عن ابن عمرو بن أوس، وفي حديث أبي الوليد، قال: سمعت رجلا، جده أوس بن أبي أويس، قال: كان جدي يصلي فيأمرني أن أناوله نعليه، فينتعل ويقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه

(1)

.

2719 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب

فذكر مثل ما ذكر أبو بكرة، عن وهب

(2)

.

2720 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا أسد، قال: ثنا قيس بن الربيع، عن عمير بن عبد الله، عن عبد الملك يعني ابن المغيرة الطائفي، عن أوس بن أبي أوس أو أوس بن أويس رضي الله عنه قال: أقمت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف شهر فرأيته يصلي وعليه نعلان مقابلتان

(3)

.

2721 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو ربيعة، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الملك، عن سعيد بن فيروز، عن أبيه: أن وفد ثقيف قدموا

=الشمائل (76)، والنسائي في الكبرى (9804)، وأبو يعلى (1465)، وابن قانع في معجمه 2/ 202 - 203 من)، (9804)، طرق عن سفيان به.

(1)

إسناده ضعيف: لجهالة ابن عمرو بن أوس.

وأخرجه الطيالسي (1109)، وأحمد (16157)، والطبراني في الكبير 1/ 604 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده حسن في المتابعات: من أجل قيس بن الربيع.

وأخرجه ابن الأعرابي في معجمه (322) من طريق عبد الصمد بن النعمان، والطبراني في الكبير 1/ 219 (597) من طريق يحيى الحماني، كلاهما عن قيس بن الربيع به.

ص: 123

على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: فرأيناه يصلي وعليه نعلان مقابلتان

(1)

.

فلما كان دخول المساجد بالنعال غير مكروه وكانت الصلاة بها أيضا غير مكروهة كان المشي بها بين القبور أحرى أن لا يكون مكروها.

وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

(1)

إسناده ضعيف لضعف زيد بن عوف أبي ربيعة والحجاج بن أرطاة.

وأخرجه ابن قانع في معجم الصحابة 2/ 328، والطبراني في الأوسط (612) من طريق حماد بن سلمة به، وقد سقط من الأوسط: الحجاج بن أرطاة.

ص: 124

‌10 - باب الدفن بالليل

2722 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا مبارك بن فضالة، قال: ثنا نصر بن راشد، عن جابر بن عبد الله: أن رجلا من بني عذرة دفن ليلا ولم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم فنهى عن الدفن ليلا

(1)

.

2723 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن عمران، قال حدثني أبي، قال: حدثني ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تدفنوا موتاكم بالليل"

(2)

.

قال أبو جعفر: فكره قوم

(3)

دفن الموتى في الليل، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

، فلم يروا بالدفن في الليل بأسا. واحتجوا في ذلك بما

(1)

إسناده ضعيف: لجهالة نصر بن راشد.

وأخرجه أحمد (15287) من طريق المبارك، عن نصر بن راشد، عمن حدثه، عن جابر به مطولا.

(2)

إسناده ضعيف: لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

وأخرجه ابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (315) من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى، عن أبيه، عن نافع به.

(3)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وقتادة، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 9/ 636.

(4)

قلت أراد بهم: النخعي، والزهري، والثوري، وعطاء، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد في الأصح، وإسحاق، وآخرين من جماهير الفقهاء رحمهم الله، كما في النخب 9/ 637.

ص: 125

2724 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن جابر قال: رُئِي في المقبرة ليلًا نارٌ، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم في قبر وهو يقول: ناولوني صاحبكم

(1)

.

2725 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، قال: أخبرني جابر بن عبد الله، أو قال: سمعت جابر بن عبد الله

مثله وزاد: هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالقرآن

(2)

.

ففي هذا الحديث إباحة الدفن في الليل. وقد يجوز أن يكون النهي الذي ذكرنا في الباب الأول ليس من طريق كراهة الدفن بالليل ولكن لإرادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على جميع موتى المسلمين لما يكون لهم في ذلك من الفضل والخير بصلاته عليهم

2726 -

فإنه حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا هشيم عن عثمان بن حكيم الأنصاري، عن خارجة بن زيد، عن يزيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن مسلم الطائفي.

وأخرجه الحاكم 1/ 523 من طريق أبي أحمد الزبيري به، وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن مسلم الطائفي.

هو عند أبي نعيم في الحلية 3/ 351، ومن طريقه أخرجه أبو داود (3164)، والحاكم 2/ 375، والطبراني (1743)، والبيهقي في السنن 4/ 31، وفي شعب الإيمان (578) عن أبي نعيم به.

ص: 126

وسلم قال: "لا أعرفن أحدا من المؤمنين مات إلا آذنتموني للصلاة عليه، فإن صلاتي عليهم رحمة"

(1)

.

2727 -

وكما حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه دخل المقبرة فصلى على رجل بعد ما دفن وقال: "ملئت هذه المقبرة نورا بعد أن

(2)

كانت مظلمة عليهم"

(3)

.

فيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بنهيه عن دفن الموتى في الليل، ليكون هو الذي يصلي عليهم، فيصيبون بصلاته ما وصفنا من الفضل. وقد قيل: إنه إنما نهى عن ذلك لمعنى غير هذا.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (76) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (19452)، وابن ماجه (1528)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1970)، وابن قانع في معجم الصحابة 3/ 228 - 229، وابن حبان (3087، 3092)، والطبراني في الكبير 22/ 628، والبيهقي 4/ 35، 48 من طريق هشيم به.

(2)

في م س خد "ما".

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (77) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (2446)، وأحمد (8634)، والبخاري (458، 460، 1337)، ومسلم (956)(71)، وأبو داود (3203)، وابن ماجه (1527)، وابن خزيمة (1299)، والبيهقي 4/ 47، والبغوي (1499) من طرق عن حماد بن زيد به.

ص: 127

2728 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن حمران، عن أشعث، عن الحسن، أن قوما كانوا يسيئون أكفان موتاهم، فيدفنونهم ليلا فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دفن الليل

(1)

.

فأخبر الحسن أن النهي عن الدفن ليلا إنما كان لهذه العلة، لا لأن الليل يكره الدفن فيه. وقد روي عن جابر بن عبد الله نحوا من ذلك

2729 -

حدثنا روح هو ابن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض، فكفن في كفن غير طائل، ودفن ليلا، فزجر أن يقبر رجل ليلا لكي يصلي عليه

(2)

إلا أن يضطر إلى ذلك وقال: "إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه"

(3)

.

فجمع هذا الحديث العلتين اللتين قيل: إن النهي كان من أجلهما فلا بأس بالصلاة على الموتى بالليل ودفنهم فيه أيضا. وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

(1)

إسناده مرسل ورجاله ثقات.

(2)

في م س خد "عليهم".

(3)

حديث صحيح، وإسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وأخرجه عبد الرزاق (6549)، وأحمد (14145)، ومسلم (943)، وأبو داود (3148)، والنسائي في المجتبى 4/ 33، 82، وفي الكبرى (2033)، وابن الجارود (546)، وابن حبان (3103)، والحاكم 1/ 368 - 369، والبيهقي 4/ 32، والبغوي (1478) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير به.

ص: 128

وقد فعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن بالليل

2730 -

حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول، قال: ثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن فاطمة بنت محمد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة قالت: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي في آخر الليل ليلة الأربعاء

(1)

.

وهذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكره أحد منهم.

فدل ذلك على أن ما كان من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الدفن ليلا إنما كان لعارض، لا لأن الليل يكره الدفن فيه إذا لم يكن ذلك العارض. وقد قال عقبة بن عامر رضي الله عنه: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب.

وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم من كتابنا هذا. فدل ذلك أن ما سوى هذه الأوقات بخلافها في الصلاة على الموتى ودفنه في الكراهة.

(1)

إسناده محتمل للتحسين، محمد بن إسحاق صرح بالتحديث عند أحمد إثر (26349)، وذكر البيهقي في الدلائل 7/ 256 قصة سماعه عنها، وفاطمة هذه مجهولة كما ترجم لها العيني في المغاني 3/ 493، لكنها توبعت عند عبد الرزاق (6551).

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 347، وأحمد (24333)، وابن عبد البر في التمهيد 24/ 397 من طريق عبدة بن سليمان به.

ص: 129

2731 -

وقد حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث، عن عقيل (ح)

وحدثنا أحمد بن داود: قال ثنا إسحاق بن الضيف: قال ثنا عبد الرزاق، عن معمر، قالا جميعا، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دفن علي بن أبي طالب فاطمة رضي الله تعالى عنهما ليلا

(1)

.

2732 -

حدثنا نصر بن مرزوق، وابن أبي داود، قالا: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، عن عقيل، عن الزهري

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

فهذا علي رضي الله عنه لم ير بالدفن في الليل بأسا، ولم ينكر ذلك أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما ولا أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

2733 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: دفن أبو بكر رضي الله عنه ليلا

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 4/ 29 من طريق ابن بكير به.

وأخرجه عبد الرزاق (6556)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (3215) وسقط من مطبوع عبد الرزاق (الزهري).

وأخرجه الطبراني في الكبير 22/ 398، 989، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية 2/ 42 من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (3/ 31 (11827) من طريق معمر، عن الزهري به.

(2)

إسناده حسن وعبد الله بن صالح وإن كان ضعيفا فقد توبع فيه.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 130

2734 -

حدثنا بكر بن إدريس، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: ثنا موسى بن عُلَيّ، قال: سمعت أبي، عن عقبة، أن رجلا سأله أيقبر بالليل؟ فقال: نعم، قبر أبو بكر رضي الله عنه بالليل

(1)

.

فلا نرى بالدفن بالليل بأسا. وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

=وأخرجه الطبراني 1/ 61 (40) من طريق حجاج بن المنهال به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 32 (11834)، وابن المنذر في الأوسط (3217)، والحاكم 3/ 66، والبيهقي في السنن 4/ 52، وفي المعرفة (7564) من طرق عن هشام به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 31 (11828) من طريق وكيع وابن المنذر في الأوسط (3218) من طريق ابن وهب، كلاهما عن موسى بن علي به.

ص: 131

‌11 - باب: الجلوس على القبور

2735 -

حدثنا يونس، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا صدقة بن خالد، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها"

(1)

.

2736 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا حامد بن يحيى، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، أنه سمع بسر بن عبيد الله الحضرمي، فذكر بإسناده مثله

(2)

.

2737 -

حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا بشر بن بكر، قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بسر أنه سمع وائلة

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

2738 -

حدثنا عبد الله محمد بن خشيش، قال: ثنا عبيد الله بن محمد التيمي قال: سمعت عبد الله بن المبارك: يقول: ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال سمعت بسر بن

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما بعده.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (17215)، ومسلم (972)(97)، والترمذي (1051)، والنسائي في المجتبى 2/ 67، وفي الكبرى (836)، وابن خزيمة (793)، والطبراني في الكبير 19/ 433، وفي مسند الشاميين (581) من طريق الوليد بن مسلم عن ابن جابر عن بسر بن عبيد الله عن واثلة بن الأسقع عن أبي مرثد به.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 132

عبيد الله، يقول: سمعت أبا إدريس الخولاني يقول: سمعت واثلة بن الأسقع، يقول: سمعت أبا مرثد الغنوي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك

(1)

.

2739 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن النضر بن عبد الله السلمي ثم الأنصاري، عن عمرو بن حزم، قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر فقال: "انزل عن القبر، لا تُؤذ صاحب القبر، فلا يؤذيك"

(2)

.

2740 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا محمد بن خازم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تخصيص القبور، والكتابة عليها والجلوس عليها والبناء عليها

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (17216)، ومسلم (972)، والترمذي (1050)، وأبو يعلى (1514)، وابن خزيمة (794)، وابن حبان (2320، 2324)، والطبراني في الكبير 19/ 434، والحاكم 3/ 220 - 221 من طريق عبد الله بن المبارك به.

(2)

حديث صحيح وإسناده ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة، ولجهالة النضر بن عبد الله.

وأخرجه أحمد 39/ 479 (43)، والنسائي 2/ 95، والمزي في تهذيبه 29/ 388، وابن عساكر في تاريخ دمشق 45/ 472 من طريق أبي بكر بن حزم، عن النضر بن عبد الله به.

وأخرجه أحمد (39) من طريق زياد بن نعيم، عن عمرو بن حزم به.

(3)

رجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة أبي الزبير المكي.

وأخرجه ابن حبان (3164)، والحاكم 1/ 370 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم به.

ص: 133

2741 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا حفص، عن ابن جريج

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

2742 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم، قال: ثنا مبارك بن فضالة، عن نصر بن راشد، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجلس على القبور

(2)

.

2743 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، عن سهيل بن أبي صالح، (ح)

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة قال: ثنا سفيان، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لأن يجلس أحدكم على جمرة حتى تحرق ثيابه، وتخلُص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 335، 337، 339، وعبد بن حميد (1075)، ومسلم (970)(94)، وأبو داود (3226)، والنسائي 4/ 86، وابن حبان (3163)، والحاكم 1/ 370، والبيهقي 4/ 4 من طريق حفص بن غياث به.

وأخرجه عبد الرزاق (6488)، وأحمد (14148)، ومسلم 970 (94) من طريق ابن جريج به.

(2)

حديث صحيح وإسناده ضعيف لجهالة نصر بن راشد.

وأخرجه الطيالسي (1796)، والخطيب 13/ 212 - 213 من طرق عن مبارك بن فضالة، عن نصر بن راشد، عن جابر به.

وأخرجه أحمد (15286) من طريق المبارك بن فضالة، عن نصر بن راشد عمن حدثه عن جابر به.

(3)

إسناده صحيح.=

ص: 134

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى هذه الآثار فقلدوها، وكرهوا من أجلها الجلوس على القبور.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: لم ينه عن ذلك لكراهة الجلوس على القبر، ولكنه أريد به الجلوس للغائط أو البول، وذلك جائز في اللغة، يقال: جلس فلان للغائط، وجلس فلان للبول. واحتجوا في ذلك بما

2744 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا عمر بن علي، عن عثمان ابن حكيم، عن أبي أمامة أن زيد بن ثابت: قال هلُمّ يا ابن أخي أخبرك إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور، لحدث غائط أو بول

(3)

.

فبين زيد في هذا الحديث الجلوسَ المنهي عنه في الآثار الأول ما هو.

وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه نحو من ذلك.

=وأخرجه أحمد (9732)، والنسائي في المجتبى 4/ 95، وفي الكبرى (2182)، من طريق وكيع، ومسلم (971) من طريق أبي أحمد الزبيري، كلاهما عن سفيان الثوري به.

(1)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وسعيد بن جبير، ومكحولا، وأحمد، وإسحاق، وأبا سليمان رحمهم الله، كما في النخب 9/ 660.

(2)

قلت أراد بهم: أبا حنيفة ومالكا، وعبد الله بن وهب، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 9/ 661.

(3)

إسناده قوي من أجل الخصيب به.

ص: 135

2745 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني محمد بن أبي حميد، أن محمد بن كعب القرظي أخبرهم، قال: إنما قال أبو هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من جلس على قبر يبول عليه، أو يتغوط فكأنما جلس على جمرة نار"

(1)

.

2746 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا سليمان بن داود، قال: ثنا محمد بن أبي حميد، عن محمد بن كعب، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قعد على قبر فتغوط عليه أو بال فكأنها قعد على جمرة"

(2)

.

فثبت بذلك أن الجلوس المنهي عنه في الآثار الأول هو هذا الجلوس، فأما الجلوس لغير ذلك فلم يدخل في ذلك النهي.

وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

وقد روي ذلك عن علي وابن عمر رضي الله عنهم

2747 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير، أن يحيى بن أبي محمد، حدثه أن مولى لآل علي

(1)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن أبي حميد.

وأخرجه البيهقي في المعرفة (7811) تعليقا من طريق محمد بن أبي حميد به.

ورواه عبد الله بن وهب في مسنده عن محمد بن أبي حميد كما في النخب 9/ 663.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وهو عند الطيالسي في مسنده (2667) من هذه الطريق.

ص: 136

رضي الله عنه حدثه: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجلس على القبور

(1)

. وقال المولى: كنت أبسط له في المقبرة، فيتوسد قبرا، ثم يضطجع

(2)

.

2748 -

حدثنا علي، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني بكر، عن عمرو، عن بكير، أن نافعا حدثه: أن عبد الله بن عمر كان يجلس على القبور

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن صالح كاتب الليث، ولجهالة مولى علي.

(2)

في ج د "يضجع".

(3)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن صالح كاتب الليث.

وأخرجه البخاري معلقا قبل حديث (1361) عن نافع، عن ابن عمر به.

ص: 137

‌4 - كتاب الزكاة

‌1 - باب: الصدقة على بني هاشم

2749 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، قال: ثنا شريك، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدِمتْ عير

(1)

المدينة، فاشترى منه النبي صلى الله عليه وسلم، متاعا، فباعه بربح أواق فضة، فتصدق منها على أرامل بني عبد المطلب، ثم قال:"لا أعود أن أشتري بعدها شيئا أبدا وليس ثمنه عندي"

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى الحديث وأباحوا الصدقة على بني هاشم.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

، فقالوا: لا تجوز الصدقة من الزكوات والتطوع وغير ذلك على بني هاشم، وهم كالأغنياء فما حرم على الأغنياء من الصدقة فهي على بني

(1)

بكسر العين المهملة هي الإبل بأحمالها.

(2)

إسناده ضعيف رواية سماك عن عكرمة مضطربة وتفرد به شريك.

وأخرجه الطبراني (11743)، والحاكم 2/ 24، والبيهقي 5/ 356 من طريق سعيد بن سليمان الواسطي عن شريك به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 18، وأحمد (2093، 2970 - 2971)، وأبو داود (3344) من طرق عن شريك به.

(3)

قلت أراد بهم: طائفة من المالكية، وأبا حنيفة في رواية، وبعض الشافعية رحمهم الله، كما في النخب

10/ 12.

(4)

قلت أراد بهم: مجاهدا، والثوري، والنخعي، ومالكا، والشافعي، وأبا حنيفة في رواية، وأبا يوسف، ومحمدا، وجماهير أهل العلم من الفقهاء، وأهل الحديث رحمهم الله، كما في النخب 10/ 15.

ص: 138

هاشم حرام، فقراء كانوا أو أغنياء. وكل ما يحل للأغنياء من غير بني هاشم فهو حلال لبني هاشم فقرائهم وأغنيائهم.

وليس على أهل هذه المقالة عندنا حجة في الحديث الأول؛ لأنَّه يجوز أن يكون ما تصدق به النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك على أرامل بني عبد المطلب لم يجعله من جهة الصدقة التي تحرم على بني هاشم في قول من يحرّمها عليهم ولكنه جعلها من جهة الصدقة التي تحل لهم. فإنا قد رأينا الأغنياء من غير بني هاشم قد يتصدق الرجل على أحدهم بداره أو بعبده، فيكون ذلك جائزا حلالا، ولا يحرمه عليه ماله. فكان ما يحرم عليه بماله من الصدقات، هو الزكوات والكفارات والصدقات التي يُتَقرّب بها إلى الله تعالى. وأما الصدقات التي يراد بها طريق الهبات وإن سُمِّيت صدقات فلا، وكذلك بنو هاشم حرم عليهم من الصدقات لقرابتهم مثل ما حرم على الأغنياء بأموالهم. فأما ما كان لا يحرم على الأغنياء بأموالهم، فإنه لا يحرم على بني هاشم بقرابتهم.

فلهذا جعلنا ما كان تصدق به رسول الله صلى الله عليه وسلم على أراملهم من جهة الهبات وإن سمي ذلك صدقة، وهذا الذي ينبغي أن يحمل تأويل ذلك الحديث الأول عليه. لأنَّه قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ما قد

2750 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سعيد وحماد ابنا زيد، عن أبي جهضم موسى بن سالم، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، قال: دخلنا على ابن عباس رضي الله

ص: 139

عنهما، فقال: ما اختصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء دون الناس إلا بثلاث: إسباغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، وأن لا ننزي الحمر على الخيل

(1)

.

2751 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أبي هضم

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

2752 -

حدثنا بن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحَوضي، قال: ثنا مرجّا بن رجاء، عن أبي جهضم

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

قال أبو جعفر: فهذا ابن عباس يخبر في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختصهم أن لا يأكلوا الصدقة.

فليس يخلو الحديث الأول من أن يكون على ما ذكرنا في الفصل الأول، فيكون ما أباح لهم فيه غير ما حرم عليهم في هذا الحديث الثاني، ويكون معنى كل واحد منهما على ما ذكرنا. أو يكون الحديث الأول يبيح

(4)

ما منع منه هذا الحديث الثاني، فيكون هذا

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن ماجه (426) مختصرا، والنسائي 1/ 89، 6/ 224، وفي الكبرى (137، 4406)، وابن خزيمة (175) من طريق حماد بن زيد به.

(2)

إسناده صحيح، هو مكرر سابقه.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل مرجى بن رجاء.

وأخرجه أحمد (1977، 2238)، والترمذي (1701)، وابن خزيمة (175)، والبيهقي 10/ 23 من طرق عن موسى بن سالم به.

(4)

في س خد "ينسخ".

ص: 140

الحديث الثاني ناسخًا له؛ لأن عبد الله بن عباس يخبر فيه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم مخصوصون به دون الناس، فلا يجوز أن يكون ذلك إلا وهو قائم في وقته ذلك. فإن احتج محتج في إباحة الصدقة عليهم بصدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2753 -

فذكر ما حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر رضي الله عنه تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وفاطمة حينئذ تطلب صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وفَدَك، وما بقي من خُمس خيبر، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنا لا نُورث، ما تركنا صدقة" إنما يأكل آل محمد في هذا المال. وإني -والله- لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأعملنّ في ذلك بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه عبد الرزاق (9774)، وأحمد (9)، والبخاري (3092 - 3093، 3711 - 3712، 4035 - 4036)، ومسلم (1759)، وأبو داود (2969)، والنسائي 7/ 132، والبزار (57)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (143)، وأبو يعلى (43)، وابن حبان (4823)، والبيهقي 6/ 300 من طرق عن الزهري به.

ص: 141

2754 -

حدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح (ح)

وحدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قالا: ثنا الليث، قال: حدثني

(1)

عُقيل، عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

2755 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن مهدي، قال: ثنا عبد الرزاق، قال أنا معمر، عن الزهري، قال: أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النصري، قال أرسل إليّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: إنه قد حضر المدينةَ أهل أبيات من قومك، وقد أمرنا لهم برضخ فاقسمه فيهم. فبينا أنا كذلك إذ جاءه يرفأ فقال: هذا عثمان، وعبد الرحمن، وسعد، والزبير -ولا أدري أذكر طلحة أم لا-، يستأذنون عليك. فقال: ائذن لهم. قال: ثم مكثنا ساعة فقال: هذا العباس وعلي يستأذنان عليك، فقال: ائذن لهما. فلما دخل العباس قال: يا أمير المؤمنين! اقض بيني وبين هذا الرجل، وهما حينئذ فيما أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير. فقال القوم: اقض بينهما يا أمير المؤمنين وأرح كل واحد منهما من صاحبه. فقال عمر رضي الله عنه: أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا نُوَرث ما تركنا صدقة"؟ قالوا: قد قال ذلك. ثم قال لهما مثل ذلك، فقالا: نعم. قال: فإني سأخبركم عن هذا

(1)

في ج د "حدثنا".

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (55)، والبخاري (4240، 4241)، ومسلم (1759)، وأبو داود (2968)، وابن حبان (6607) من طرق عن الليث به.

ص: 142

الفيء، إن الله عز وجل خص نبيه صلى الله عليه وسلم بشيء لم يعطه غيره، فقال:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] فكانت هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم، ولقد قسمها بينكم وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال، فكان ينفق منه على أهله رزق سنة، ثم يجمع ما بقي منه، فجمع مال الله عز وجل. فلما قُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله بعده أعمل فيها بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل

ثم ذكر الحديث

(1)

.

2756 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا عمرو بن دينار، عن ابن شهاب

فذكر مثله بإسناده وأثبت أن طلحة كان في القوم ولم يقل: وبثها فيكم

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند عبد الرزاق (9772، 14883) ومن طريقه أخرجه أحمد (333)، ومسلم (1757)(50)، والمروزي في مسند أبي بكر (2)، وابن حبان (6608).

وأخرجه ابن سعد 2/ 314، وأبو داود (2964) من طريقين عن معمر به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (172)، ومسلم (1757)، وأبو داود (2965)، والنسائي في الكبرى (6309)، والبزار (2) 518، وأبو يعلى (4) من طريق سفيان بن عيينة به.

وأخرجه البخاري (4033، 5358، 6728، 7305)، وأبو داود (2963)، والترمذي (1610)، والنسائي في الكبرى (6310)، وأبو يعلى (2)، والبيهقي 6/ 297، والبغوي (2738) من طرق عن الزهري به، يزيد بعضهم فيه على بعض.

ص: 143

2757 -

حدثنا يزيد بن سنان، وأبو أمية، قالا: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله وقال فكان ينفق منها على أهله

(1)

.

2758 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا أبو شهاب، عن سفيان، وورقاء، عن أبي الزناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُقسِم ورثتي دينارا، ما تركت بعد نفقة أهلي ومؤنة عاملي فهو صدقة"

(2)

.

قالوا: ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا ما يدل على أنها كانت صدقات في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله: "بعد مؤنة عاملي" وعامله لا يكون إلا وهو حي.

قالوا: ففي هذه الآثار ما قد دل على أن الصدقة لبني هاشم حلال؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله وفيهم فاطمة بنته قد كانوا يأكلون من هذه الصدقة في

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو يعلى (2)، والنسائي في الكبرى (6276) من طريق بشر بن عمر به.

وأخرجه البخاري (3094)، ومسلم (1757)، وأبو داود (2963)، والترمذي (1610) من طريق مالك به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (1134)، وأحمد (7303)، ومسلم (1760)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (984)، وابن حبان (6609)، والبيهقي 7/ 65 من طريق سفيان بن عيينة به.

وأخرجه مالك 2/ 993، ومن طريقه البخاري (2776، 3096، 6729)، ومسلم (1760)، وأبو داود (2974)، وابن حبان (6610)، والبيهقي 6/ 302، والبغوي (3838) عن أبي الزناد به.

ص: 144

حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فدل ذلك على إباحة سائر الصدقات لهم، فالحجة عليهم في ذلك أن تلك الصدقة كصدقات الأوقاف، وقد رأينا ذلك يحل للأغنياء.

ألا ترى أن رجلا لو أوقف داره على رجل غني أن ذلك جائز لا يمنعه ذلك غناه، وحكم ذلك خلاف حكم سائر الصدقات من الزكوات والكفارات، وما يُتقرّب به إلى الله عز وجل، فكذلك من كان من بني هاشم ذلك لهم حلال، وحكمه خلاف حكم سائر الصدقات التي ذكرنا.

ثم قد جاءت بعد هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترة بتحريم الصدقة على بني هاشم، فمما جاء في ذلك ما

2759 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن ابن بُريد ابن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء السعدي، قال: قلت للحسن بن علي رضي الله عنهما: ما تحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أذكر إني أخذت تمرة من تمر الصدقة فجعلتها في فيّ، فأخرجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها فألقاها في التمر. قال رجل: يا رسول الله ما كان عليك في هذه التمرة لهذا الصبي؟ قال: "إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1177)، والدارمي (1591)، وأحمد (1723)، وأبو يعلى (6762)، وابن خزيمة (2347)، وابن حبان (722)، والطبراني (2710) من طرق عن شعبة به.

ص: 145

2760 -

حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق، قالا: ثنا أبو عاصم، عن ثابت بن عمارة، عن ربيعة بن شيبان، قال: قلت للحسن رضي الله عنه

فذكر نحوه، إلا أنه قال في آخره: ولا لأحد من أهله

(1)

.

2761 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن كثير، قال: ثنا سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: اُستُعمِل أرقم بن أرقم الزهري على الصدقات، فاستتبع أبا رافع، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال:"يا أبا رافع، إن الصدقة حرام على محمد وعلى آل محمد، وإن مولى القوم من أنفسهم"

(2)

.

2762 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: ثنا جويرية بن أسماء، عن مالك، عن الزهري، أن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب حدثه، أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حدثه، قال: اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب، فقالا: لو بعثنا هذين الغلامين -لي وللفضل بن العباس- على الصدقة فأدّيا ما يؤدي الناس، وأصابا ما يُصيب الناس، قال: فبينما هما في ذلك، جاء علي

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 214، وأحمد (1724)، وابن خزيمة (2349)، والطبراني (2741) من طريق ثابت بن عمارة به.

(2)

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن أبي ليلى.

وأخرجه البيهقي 7/ 32 من طريق حسين بن حفص، عن سفيان الثوري به.

ص: 146

بن أبي طالب رضي الله عنه، فوقف عليهما، فذكرا له ذلك، فقال علي رضي الله عنه: لا تفعلا! فوالله ما هو بفاعل. فقال ربيعة بن الحارث ما يمنعك من هذا إلا نفاسة علينا، فوالله لقد نلتِ صِهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نفسناه عليك. فقال علي رضي الله عنه: أنا أبو حسن [القوم] أرسلاهما، فانطلقا، واضطجع. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، سبقناه إلى الحجرة، فقمنا عند بابها حتى جاء، فأخذ بآذاننا وقال:"اخرجا ما تصرران"

(1)

. ثم دخل ودخلنا عليه، وهو يومئذ عند زينب بنت جحش، فتواكلنا الكلام، ثم تكلم أحدنا قال: يا رسول الله، أنت أبر الناس وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاحَ، وقد جئناك لتؤمّرنا على بعض الصدقات، فنؤدّي إليك كما يؤدّون، ونصيب كما يصيبون. فسكت حتى أردنا أن نكلمه، وجعلت زينب تلمع

(2)

إلينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه. فقال: "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس، ادعوا لي محْمِية -وكان على الخمس- ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب". فجاءاه فقال لمحمية: "أنكح هذا الغلام ابنتك" للفضل بن العباس فأنكحه. وقال لنوفل بن الحارث: "أنكح هذا الغلام ابنتك" لي فأنكحني. وقال لمحمية: "أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا"

(3)

.

(1)

أي: ما تجمعانه في صدوركما من الكلام.

(2)

أي: تشير إلينا.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1098) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (1072)(167)، عن عبد الله بن محمد الضبعي به.=

ص: 147

فإن قال قائل: فقد أصدق عنهما من الخمس، وحكمه حكم الصدقات. قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك من سهم ذوي القربى في الخمس، وذلك خارج من الصدقات المحرمة عليهم لأنَّه إنما حرم عليهم أوساخ الناس، والخمس ليس كذلك.

2763 -

حدثنا فهد: قال ثنا محمد بن سعيد، قال: أنا شريك، عن عبيد المكتّب، عن أبي الطفيل، عن سلمان قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة، فردها، وأتيته بهدية فقبلها

(1)

.

2764 -

حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس قال: حدثني سلمان الفارسي، وذكر حديثا طويلا ذكر فيه: أنه كان عبدا قال: فلما أمسيت جمعت ما كان عندي، ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه، ومعه نفر من أصحابه فقلت: إنه بلغني أنه ليس بيدك شيء وأن معك أصحابا لك، وأنتم أهل حاجة وغربة، وقد كان عندي شيء وضعته للصدقة، فلمّا ذكر لي مكانكم رأيتكم أحق به، ثم وضعته له. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلوا

=وأخرجه أحمد (17518)، وأبو داود (2985)، والنسائي 5/ 105 - 106، والبيهقي 7/ 31 من طرق عن الزهري به.

(1)

إسناده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله.

وأخرجه الطبراني في الكبير (6071)، والبيهقي في دلائل النبوة 2/ 98 من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني به.

وأخرجه أحمد (23704)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند إثر (23704) من طريقين عن شريك به

ص: 148

وأمسك هو ". ثم أتيته بعد أن تحوّل إلى المدينة وقد جمعت شيئا، فقلت: رأيتك لا تأكل الصدقة، وقد كان عندي شيء أحببت أن أكرمك به كرامةً ليس بصدقة. فأكل وأكل أصحابه

(1)

.

2765 -

حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة، فقال لأبي رافع: اصحبني كيما تصيب منها. فقال: حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال:"إن آل محمد لا يحل لهم الصدقة، وإن مولى القوم من أنفسهم"

(2)

.

2766 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد: قال: ثنا ورقاء بن عمر، عن عطاء بن ربيع السائب، قال: دخلت على أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما، فقالت: إن مولى لنا يقال

(1)

إسناده حسن: محمد بن إسحاق، صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث عند أحمد وأبي نعيم والبيهقي.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات 4/ 75 - 80 عن يوسف بن بهلول به.

وهو في السيرة لإبن إسحاق 1/ 228 - 235، ومن طريق ابن إسحاق رواه أحمد (23737)، والطبراني (6065)، وأبو نعيم في الدلائل (199)، والبيهقي في دلائل النبوة 2/ 92 - 97.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (972)، وابن أبي شيبة 3/ 214، وأحمد (23872)، وابن زنجويه في الأموال (2123)، وأبو داود (1650)، والترمذي (657)، وابن خزيمة (2344)، والطبراني في الكبير (923)، والحاكم 1/ 404، والبيهقي 7/ 32 من طرق عن شعبة به.

ص: 149

له: هرمز، أو كيسان، أخبرني أنه مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فدعاني فجئت، فقال: يا أبا فلان! إنا أهل بيت قد نُهِينا أن نأكل الصدقة، وإن مولى القوم من أنفسهم، فلا تأكل الصدقة"

(1)

.

2767 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا شبابة بن سوار، (ح)

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا علي بن الجعد، (ح)

وحدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قالوا: ثنا شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة، فأدخلها في فيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"كخ كخ ألقِها ألقِها، أما علمت أنّا لا نأكل الصدقة"

(2)

.

(1)

إسناده حسن، أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب هي الصغرى وأمها أم ولد، لم يرو عنها غير عطاء بن السائب، وهي غير أم كلثوم الكبرى التي أمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4391) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبراني 20/ 837 من طريق ورقاء بن عمر عن عطاء بن السائب به لكن سمى المولى كيسان أو هرمز.

وأخرجه عبد الرزاق (6942)، وأحمد (16399)، والبخاري في التاريخ الكبير 7/ 427، وحميد بن زنجويه في الأموال (2126)، والطبراني في الكبير 20/ 836، والبيهقي في السنن 7/ 32 من طريق سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2482)، وإسحاق بن راهويه (51)، والدارمي (1642)، وأحمد (9308)، والبخاري (1491)، ومسلم (1069)(161)، والنسائي في الكبرى (8591)، وابن حبان (3294)، والبيهقي 7/ 29، والبغوي (1605) من طرق عن شعبة به.

ص: 150

2768 -

حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بالشيء سأل: "أهدية هو أم صدقة؟ فإن قالوا هدية، بسط يده

(1)

، وإن قالوا صدقة، قال لأصحابه:"كلوا"

(2)

.

2769 -

حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا عبد الله بن بكر، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في إبل سائمة: "في كل أربعين بنت لبون من أعطاها مؤتجرا

(3)

فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها منه وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لأحد منا منها شيء"

(4)

.

(1)

في د "يديه".

(2)

إسناده حسن، بهز بن حكيم وأبوه صدوقان.

وأخرجه أحمد (20054)، والبخاري في التاريخ الكبير 7/ 329، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/ 306، والترمذي (656)، والطبراني في الكبير 19/ 1008، والبيهقي 407، وابن عبد البر في التمهيد 3/ 94 - 95 من طرق عن مكي بن إبراهيم به.

(3)

أي: طالبا للأجر.

(4)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه عبد الرزاق (6824)، وابن أبي شيبة 3/ 122، والدارمي (1677)، وأحمد (20016)، وأبو داود (1575)، والنسائي 5/ 25، وابن خزيمة (2266)، والطبراني في الكبير 19/ 984، والبيهقي 4/ 105، 116 من طرق عن بهز بن حكيم به.

ص: 151

2770 -

حدثنا ابن مرزوق، وابن أبي داود، قالا: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر في الطريق بالتمرة، فما يمنعه من أخذها إلا مخافة أن تكون صدقة

(1)

.

2771 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى عن سفيان، قال: ثنا منصور، عن طلحة، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى تمرة، فقال:" لولا أني أخاف أن تكون صدقة، لأكلتها"

(2)

.

2772 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا الحكم بن مروان الضرير، (ح)

وحدثنا ابن أبي داود: قال: ثنا أحمد بن يونس، قالا: ثنا معرّف بن واصل السعدي، قال: حدثتنا حفصة في سنة تسعين، قال ابن أبي داود في حديثه: ابنة طلق تقول: ثنا رُشَيد بن مالك أبو عميرة

(3)

قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بطبق عليه تمر فقال: "أصدقة أم هديّة؟ " فقال: بل صدقة، فوضعه بين يدي القوم والحسن

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1999)، وأحمد (12913)، وأبو داود (1651)، وأبو يعلى (2862)، وابن حبان (3296)، وأبو نعيم في الحلية 6/ 252 من طرق عن حماد بن سلمة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (2432) عن يحيى عن سفيان به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 214، وأحمد (12190)، والبخاري (2055، 2431)، ومسلم (1071)(164)، وأبو عوانة 4/ 41، وابن الأعرابي في معجمه (812)، والبيهقي 6/ 195 من طرق عن سفيان به.

(3)

ترجم له ابن حجر في الإصابة 1/ 516.

ص: 152

يتعفر

(1)

بين يديه، فأخذ الصبي تمرة فجعلها في فيه، فأدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعه وجعل يترفق به، فأخرجها فقذفها ثم قال:"إنا آل محمد لا نأكل الصدقة"

(2)

.

2773 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا علي بن حكيم الأودي، قال: أنا شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال: دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم بيت الصدقة، فتناول الحسن تمرة، فأخرجها من فيه وقال:"إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة أو لا نأكل الصدقة"

(3)

.

2774 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: أنا شريك

فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال:"إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة"

(4)

. ولم يشك.

(1)

أي: يتمرغ على التراب وذلك لأنَّه كان صغيرا يلعب.

(2)

إسناده ضعيف: لجهالة حفصة بنت طلق.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات 6/ 45، وابن أبي شيبة 3/ 215 - 216، 14/ 279 - 280، وأحمد (16002)، والبخاري في التاريخ الكبير 3/ 334، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2736)، والدولابي في الكنى 1/ 84، والطبراني في الكبير (4632) من طرق عن معرف بن واصل به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك.

وأخرجه الطبراني في الكبير (6418) من طريق شريك به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 215، 14/ 279، وأحمد (19059) من طريق زهير، عن عبد الله بن عيسى، عن أبيه، عن جده، عن أبي ليلى به، ورواية أحمد مطولة.

(4)

إسناده حسن كسابقه.

ص: 153

2775 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا نعيم

(1)

، قال: ثنا ابن المبارك، قال: أنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي في بيتي، فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها"

(2)

.

2776 -

حدثنا أحمد بن عبد المؤمن الخراساني، قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: ثنا الحسين بن واقد، قال: ثنا عبد الله بن بريدة، قال: سمعت أبي يقول: جاء سلمان الفارسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا سلمان؟ قال: صدقة عليك وعلى أصحابك. قال: ارفعها فإنا لا نأكل الصدقة". فرفعها، فجاءه من الغد بمثله، فوضعه بين يديه، فقال: "ما هذا يا سلمان؟ " قال هدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "انبسطوا"

(3)

.

(1)

في ن والنخب: "أبو نعيم"، وقال محققه في شرح معاني الآثار:"نعيم"، بدون "أبو"، والصواب "أبو نعيم"، قلت: الصواب نعيم هو ابن حماد المروزي ويدل عليه الأصول الخطية وكتب التراجم والأطراف، وانظر مثل هذا السند على هذه الأرقام (600، 800، 1057، 1058).

(2)

إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.

وأخرجه البخاري (2432)، وأبو نعيم في الحلية 8/ 187 من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر به.

وأخرجه عبد الرزاق (6944)، ومن طريقه أحمد (8206)، ومسلم (1070)(163)، والبيهقي في الشعب (5743)، والبغوي (1606) عن معمر به.

(3)

إسناده حسن من أجل حسين بن واقد المروزي.=

ص: 154

قال أبو جعفر: فهذه الآثار كلها قد جاءت بتحريم الصدقة على بني هاشم، ولا نعلم شيئا نسخها ولا عارضها إلا ما قد ذكرناه في هذا الباب، مما ليس فيه دليل على مخالفتها.

فإن قال قائل: تلك الصدقة إنما هي الزكاة خاصة، فأما ما سوى ذلك من سائر الصدقات فلا بأس به لهم.

قيل له: في هذه الآثار ما قد دفع ما ذهبت إليه، وذلك ما

(1)

في حديث بهز بن حكيم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتي بالشيء سأل: "أهدية أم صدقة؟ " فإن قالوا: صدقة، قال لأصحابه:"كلوا"، واستغنى بقول المسئول: إنه صدقة عن أن يسأله: صدقة من زكاة أم غير ذلك؟ فدل ذلك على أن حكم سائر الصدقات في ذلك سواء.

وفي حديث سلمان رضي الله عنه فقال: فجئت فقال: "أهدية أم صدقة؟ "، فقلت بل صدقة؛ لأنَّه بلغني أنكم قوم فقراء، فامتنع من أكلها لذلك، وإنما كان سلمان رضي الله عنه يومئذ عبدا ممن لا يجب عليه زكاة.

فدل ذلك على أن حكم الصدقات من التطوع وغيره قد كان محرما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى سائر بني هاشم. والنظر أيضا يدل على استواء حكم الفرائض والتطوع في ذلك، وذلك أنا رأينا غير بني هاشم من الأغنياء والفقراء في

=وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 551 - 552، وأحمد (22997)، والطبراني في الكبير (6070)، والحاكم 2/ 16، والبيهقي 10/ 321، وابن عبد البر في التمهيد 3/ 98 - 99 من طريق زيد بن الحباب، عن الحسين بن واقد به.

(1)

في م ج س خد "أن".

ص: 155

الصدقات المفروضات والتطوع سواء من حرم عليه أخذ صدقة مفروضة، حرم عليه أخذ صدقة غير مفروضة. فلما حرم على بني هاشم أخذ الصدقات المفروضات حرم عليهم أخذ الصدقات غير المفروضات.

فهذا هو النظر في هذا الباب أيضا، وهو قول أبي يوسف

(1)

، ومحمد رحمهما الله تعالى.

وقد اختلف عن أبي حنيفة رحمه الله في ذلك، فروي عنه: أنه قال: لا بأس بالصدقات كلها على بني هاشم. وذهب في ذلك عندنا إلى أن الصدقات إنما كانت حرمت عليهم من أجل ما جعل لهم في الخمس من سهم ذوي القربى. فلما انقطع ذلك عنهم ورجع إلى غيرهم بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم حلّ لهم بذلك ما قد كان محرما عليهم من أجل ما قد كان أحل لهم.

2777 -

وقد حدثني سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن محمد، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة رحمهم الله في ذلك مثل قول أبي يوسف رحمه الله

(2)

. فبهذا نأخذ.

فإن قال قائل: أفتكرهها على مواليهم؟ قلت: نعم، لحديث أبي رافع الذي قد ذكرناه في هذا الباب، وقد قال ذلك أبو يوسف رحمه الله في كتاب الإملاء، وما علمت أحدا من أصحابنا خالفه في ذلك. فإن قال قائل: أفتكره للهاشمي أن يعمل على الصدقة؟ قلت: لا.

(1)

هكذا في ج د، وفي م س خد زاد: "قول أبي حنيفة

".

(2)

إسناده صحيح.

ص: 156

فإن قال ولمَ؟، وفي حديث ربيعة بن الحارث والفضل بن عباس رضي الله عنهم الذي ذكرت منع النبي صلى الله عليه وسلم إياهما من ذلك؟ قلت: ما فيه منع لهم من ذلك؛ لأنهم سألوه أن يستعملهم على الصدقة، ليسدوا بذلك فقرهم، فسد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرهم بغير ذلك.

وقد يجوز أيضا أن يكون أراد بمنعهم أن يؤكلهم على العمل على أوساخ الناس، لا لأن ذلك يحرم عليهم، لاجتعالهم منه عمالتهم عليه. وقد وجدنا ما يدل على هذا.

2778 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، قال: ثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن أبي رزين، عن أبي رزين، عن علي رضي الله عنه قال: قلت للعباس: سل النبي صلى الله عليه وسلم يستعملك على الصدقات

(1)

. فسأله فقال: "ما كنت لأستعملك على غسالة ذنوب الناس"

(2)

.

أفلا ترى أنه إنما كره له الاستعمال على غسالة ذنوب الناس لا لأنَّه حرم ذلك عليه الحرمة الاجتعال منه عليه. وقد كان أبو يوسف رحمه الله يكره لبني هاشم أن يعملوا

(1)

في م ج س خد "الصدقة".

(2)

إسناده ضعيف لجهالة حال عبد الله بن أبي رزين.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4389) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار 3/ 235، والبزار (895)، وابن خزيمة (2390)، والحاكم 3/ 375 من طرق عن قبيصة به.

ص: 157

على الصدقة إذا كانت جعالتهم منها قال: لأن الصدقة تخرج من مال المتصدق إلى الأصناف التي سماها الله تعالى، فيملك المصدق بعضها، وهي لا تحل له.

واحتج في ذلك أيضا بحديث أبي رافع حين سأله المخزومي أن يخرج معه ليصيب منها، ومحال أن يصيب منها شيئا إلا بعمالته عليها واجتعاله منها.

وخالف أبا يوسف رحمه الله في ذلك آخرون، فقالوا: لا بأس أن يجتعل منها الهاشمي؛ لأنَّه إنما يجتعل على عمله، وذلك قد يحل للأغنياء.

فلما كان هذا لا يحرم على الأغنياء الذين يحرم عليهم غناهم الصدقة، كان كذلك أيضا في النظر لا يحرم ذلك على بني هاشم الذين يحرم عليهم نسبهم أخذ الصدقة. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تصدق به على بريرة أنه أكل منه وقال:"هو عليها صدقة، ولنا هدية".

2779 -

حدثنا بذلك فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، قال: أنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم عن الأسود، عن عائشة قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي البيت رِجل شاة معلقة، فقال: ما هذه؟ فقلت: تُصُدق به على بريرة فأهدته لنا. فقال: "هو عليها صدقة، وهو لنا هدية. ثم أمر بها فشويت"

(1)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك.

وأخرجه الطيالسي - (1381)، والدارمي (2289)، وأحمد (25426)، والبخاري (5284، 6717، 6751)، ومسلم (1075)(171)، والنسائي 5/ 107 - 108، 6/ 163، والبيهقي 7/ 223 - 224 من طريق شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم به.

ص: 158

2780 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكا أخبره، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والبرمة تفور بلحم [فقرب إليه خبز] وأدم من أدم البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألم أر برمة فيها لحم؟ "، قالوا: بلى يا رسول الله، ولكن ذاك لحم تصدق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو صدقة عليها، وهو لنا هدية"

(1)

.

2781 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن مسلمة، قال: ثنا سليمان بن بلال، عن ربيعة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

2782 -

حدثنا علي، قال: ثنا عفان، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: تُصُدق على بريرة بصدقة، فأهدت منها لعائشة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"هو لنا هدية، ولها صدقة"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4387) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 2/ 71 مطولا، ومن طريقه أخرجه أحمد (25452)، والبخاري (5097، 5279)، ومسلم (1504)(214)، (1075)، والنسائي في المجتبى 6/ 162، وفي الكبرى (5640)، والبيهقي 6/ 184.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4378) بإسناده مطولا.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 182، وأحمد (2542) من طريق عفان بن مسلم به.=

ص: 159

2783 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد بن السباق، عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها، قالت: تصدق على مولاة لي بعضو من لحم، فدخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"هل عندكم من عَشاء؟ ". فقلت: يا رسول الله! مولاتي فلانة تصدق عليها بعضو من لحم، فأهدته لي، وأنت لا تأكل الصدقة. فقال:"قد بلغت محِلّها فهاتيه" فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

2784 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان قال: ثنا الزهري قال: أخبرني عبيد بن السباق، عن جويرية

مثله

(2)

.

2785 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا خالد الحذاء، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية قالت: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة فقال: "هل عندكم شيء؟ " قالت: لا إلا شيء بعثت به إلينا نسيبة من

=وأخرجه الطبراني (11826)، والبيهقي 7/ 221 - 222 من طريقين عن همام به.

(1)

إسناده حسن ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن لكنه توبع فيه.

وأخرجه أحمد (27424)، ومسلم (1073)، وابن حبان (5117)، والطبراني في الكبير 24/ 164، والحاكم 4/ 28 من طرق عن الليث بن سعد به.

(2)

إسناده صحيح.

أخرجه الحميدي (317)، وأحمد (27420)، ومسلم (1073)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3109)، وأبو يعلى (7067)، وابن حبان (5118)، والطبراني في الكبير 24/ 168، وابن عبد البر في التمهيد 5/ 104 - 105 من طريق سفيان بن عيينة به.

ص: 160

الشاة التي بعثتَ به إليها من الصدقة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها قد بلغت محلّها"

(1)

.

2786 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن أبي معن يزيد بن يسار، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن عبد الله بن وهب، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم غنما من الصدقة، فأرسل إلى زينب الثقفية بشاة منها، فأهدت زينب من لحمها لنا، فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"هل عندكم شيء تطعمونا؟ " قلنا: لا والله يا رسول الله. فقال: ألم أر لحما آنفا أُدخِل عليكم؟ قلنا: يا رسول الله ذاك من الشاة التي أرسلت بها إلى زينب من الصدقة، وأنت لا تأكل الصدقة، فلم نحب أن نمسك ما لا تأكل منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو أدركته لأكلت منه"

(2)

.

فلما كان ما تُصدِّق به على بريرة جائزا للنبي صلى الله عليه وسلم أكله؛ لأنَّه إنما

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1494)، وابن حبان (5119)، والطبراني في الكبير 25/ 149 من طريق يزيد بن زريع به. وأخرجه أحمد (27301)(، والبخاري (1446، 2579)، ومسلم (1076)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3332)، وابن حبان (5119)، والطبراني 25/ 148 - 149، والبيهقي 7/ 33، وابن عبد البر في التمهيد 5/ 105 - 106 من طرق عن خالد الحذاء به.

(2)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

ص: 161

ملكه بالهدية، جاز أيضا للهاشمي أن يجتعل من الصدقة لأنَّه إنما يملكه بعمله لا بالصدقة.

فهذا هو النظر، وهو أصح مما ذهب إليه أبو يوسف رحمه الله في ذلك.

ص: 162

‌2 - باب: ذي المرة

(1)

السوي

(2)

الفقير هل تحل له الصدقة أم لا؟

2787 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني سعد ابن إبراهيم، قال: سمعت ريحان بن يزيد، وكان أعرابيا صدوقا، قال: قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي

(3)

(4)

.

2788 -

حدثنا ابن مرزوق: قال ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن سعد، عن رجل من بني عامر، عن عبد الله بن عمرو يقول ذلك

(5)

.

2789 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، (ح)

وحدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قالا: ثنا سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن ريحان بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(6)

.

(1)

المرة: بكسر الميم وتشديد الراء: القوة.

(2)

الصحيح الأعضاء.

(3)

في م ج د س خد "الذي مرة قوي" والمثبت من ن.

(4)

هو موقوف ورجاله ثقات.

وأخرجه البيهقي في المعرفة (13315) من طريق الشافعي، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه به موقوفا.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 208 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن موسى بن علي، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو به موقوفًا.

وأخرجه مرفوعًا البخاري في التاريخ الكبير 3/ 329، والحاكم 1/ 407، والبيهقي 7/ 13 من طريق شعبة به.

(5)

رجاله ثقات، والمراد بالرجل ريحان بن يزيد.

(6)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (7155)، والطيالسي (2271)، والدارمي 1/ 386، وأحمد (6530)، والبخاري في التاريخ.=

ص: 163

2790 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا عكرمة بن عمار اليمامي، عن سماك أبي زُمَيل، عن رجل من بني هلال قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر مثله

(1)

.

2791 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا معلى بن منصور، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حَصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

2792 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي حَصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

2793 -

حدثنا فهد: قال ثنا أبو غسان قال: ثنا أبو بكر بن عياش

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

= 3/ 329، والدارقطني 3/ 119، والحاكم 1/ 407، والبيهقي 7/ 13، والبغوي (1599) من طرق عن سفيان الثوري به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (16594) من طريق عكرمة به.

(2)

إسناده حسن من أجل أبي بكر بن عياش.

وأخرجه أبو نعيم 8/ 308 من طريقين عن أبي بكر بن عياش به.

(3)

إسناده حسن من أجل أبي بكر بن عياش.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 207، وأحمد (8908)، والنسائي 5/ 99، وابن ماجه (1839)، وابن الجارود (364)، وأبو يعلى (6401)، وابن حبان (3290)، والدارقطني 2/ 118، والبيهقي 7/ 14 من طرق عن أبي بكر بن عياش به.

(4)

إسناده حسن كسابقه.

ص: 164

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أن الصدقة لا تحل لذي المرة السوي، وجعلوه فيها كالغني، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: كل فقير من قوي وزمن فالصدقة له حلال. وذهبوا في تأويل هذه الآثار المتقدمة إلى أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لذي مرة سوي" أي أنها لا تحل له، كما تحل للفقير الزمن الذي لا يقدر على غيرها، فيأخذها على الضرورة وعلى الحاجة من جميع الجهات منه إليها. فليس مثله ذو المرّة السوي القادر على اكتساب غيرها في حلها، له؛ لأن الزمن الفقير يحل له من قبل الزمانة، ومن قبل عدم قدرته على غيرها.

وذو المرّة السوي إنما تحل له من جهة الفقر خاصّة، وإن كانا جميعا قد يحل لهما أخذها، فإن الأفضل لذي المرّة السوي تركها، والأكل من الاكتساب بعمله. وقد يغلظ الشيء من هذا فيقال: لا يحل أو لا يكون كذا على أنه غير متكامل الأسباب التي بها يحل ذلك المعنى، وإن كان ذلك المعنى قد يحلّ بما دون تكامل تلك الأسباب من ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس المسكين بالطواف ولا بالذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يسأل، ولا يفطن له

(1)

قلت أراد بهم: الشافعي، وأحمد في رواية، وإسحاق، وبعض المالكية، وأبا عبيد القاسم بن سلام رحمهم الله، كما في النخب 10/ 107.

(2)

قلت أراد بهم: أبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد في رواية، ومالكا، وابن جرير الطبري رحمهم الله، كما في النخب 10/ 110.

ص: 165

فيتصدق عليه" فلم يكن المسكين الذي يسأل خارجا من أسباب المسكنة وأحكامها، حتى لا يحل له أخذ الصدقة، وحتى لا يجزئ من أعطاه منها شيئا مما أعطاه من ذلك، ولكن ذلك على أنه ليس بمسكين متكامل أسباب المسكنة. فكذلك قوله: "لا تحل الصدقة لذي مرة سوي" أي أنها لا تحل له من جميع الأسباب التي بها تحل الصدقة، وإن كان قد تحل له ببعض تلك الأسباب.

واحتج أهل المقالة الأولى لمذهبهم أيضا بما

2794 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا جعفر بن عون قال: ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، قال: حدثني رجلان من قومي أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الصدقة فسألاه منها، فرفع البصر وخفضه، فرآهما جلدين قويين، فقال:"إن شئتما فعلتُ، ولا حق فيها لغني، ولا لقوي مكتسب"

(1)

.

2795 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني عمرو بن الحارث، والليث بن سعد، عن هشام بن عروة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي في مسنده 1/ 244، وفي السنن المأثورة (385)، وأبو عبيد في الأموال (1725)، وأحمد (17972)، وأبو داود (1633)، والنسائي في المجتبى 5/ 99 - 100، والبيهقي في السنن 7/ 14، والبغوي (1598) من طرق عن هشام بن عروة به.

(2)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

ص: 166

2796 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، وهمام، عن هشام

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

قالوا: فقد قال لهما: "لا حق فيها لقوي مكتسب" فدلّ ذلك على أن القوي المكتسب لا حظ له في الصدقة، ولا تجزئ من أعطاه منها شيئا.

فالحجة للآخرين عليهم في ذلك أن قوله عليه السلام: "إن شئتما فعلتُ ولا حق فيها لغني" أي إن غناكما يخفى علي، فإن كنتها غنيين فلا حق لكما فيها، وإن شئتما فعلت، لأني لم أعلم بغناكما، فمباح لي إعطاؤكما، وحرام عليكما أخذ ما أعطيتكما إن كنتما تعلمان من حقيقة أموركما في الغنى خلاف ما أرى من ظاهر كما الذي استدللت به على فقركما. فهذا معنى قوله:"إن شئتما فعلت، ولا حق فيها لغني".

وأما قوله: "ولا لقوي مكتسب" فذلك على أنه لا حق للقوي المكتسب من جميع الجهات التي بها يجب الحق فيها، فعاد معنى ذلك إلى معنى ما ذكرنا من قوله:"ولا لذي مرة قوي". وقد يقال: فلان عالم حقا، إذا تكاملت فيه الأسباب التي بها يكون الرجل عالما، ولا يقال: هو عالم حقا إذا كان دون ذلك وإن كان عالما فكذلك لا يقال: فقير حقا إلا لمن تكاملت فيه الأسباب التي يكون بها الفقير فقيرا وإن كان فقيرا، ولهذا قال لها:"ولا حق فيها لقوي مكتسب" أي: ولا حق له فيها، حتى يكون به من أهلها حقا، وهو قوي مكتسب. ولولا أنه يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم إعطاؤه للقوي المكتسب إذا كان فقيرا لما قال لهما:"إن شئتما فعلت".

(1)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

ص: 167

وهذا أولى ما حملت عليه هذه الآثار؛ لأنها إن حملت على ما حملها عليه أهل المقالة الأولى ضادت سواها مما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فمن ذلك ما

2797 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر الزهراني، قال: ثنا شعبة، عن أبي حمزة، عن هلال بن حصن قال: نزلت دار أبي سعيد الخدري بالمدينة، فضمني وإياه المجلسُ، فقال: أصبحوا ذات يوم وقد عصب على بطنه حجرا من الجوع، فقالت له امرأته أو أمه: لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته، فقد أتاه فلان فسأله فأعطاه، وأتاه فلان فسأله فأعطاه. فقلت: لا والله حتى أطلب فطلبت، فلم أجد شيئا، فاستبقت إليه وهو يخطب وهو يقول:"من استغنى أغناه الله، ومن استعف أعفه الله، ومن سألنا إما أن نبذل له وإما أن نواسيه، ومن استعف عنا واستغنى أحب إلينا ممن سألنا". قال: فرجعت فما سألت أحدا بعد، فما زال الله يرزقنا حتى ما أعلم أهل بيت في المدينة أكبر أموالا منا

(1)

.

2798 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا محمد بن المنهال قال: ثنا يزيد بن زريع قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن هلال بن مرة، عن أبي سعيد الخدري قال: أعوزنا

(2)

(1)

إسناده حسن من أجل هلال بن حصن.

وأخرجه الطيالسي (2211)، وابن أبي شيبة 3/ 211، وأحمد (11401)، وأبو نعيم في الحلية 7/ 203، والبيهقي في شعب الإيمان (3504) من طرق عن شعبة به.

(2)

أي: افتقرنا.

ص: 168

مرة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من استعفّ أعفّه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن سألنا أعطيناه". قال: قلت: فلأستعف فيعفني الله ولأستغنين فيغنيني الله. قال: فوالله ما كان إلا أيام حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم زبيبا فأرسل إلينا منه، ثم قسم شعيرا، فأرسل إلينا منه ثم سألت علينا الدنيا، فغرقتنا إلا من عصم الله

(1)

.

2799 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا هشام، عن قتادة، عن هلال بن حصن أخي بني مرة بن عباد، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

. قال ابن أبي داود هذا هو الصحيح.

قال أبو جعفر: فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سألنا أعطيناه" ويخاطب بذلك أصحابه، وأكثرهم صحيح لا زمانة به إلا أنه فقير، فلم يمنعهم منها لصحتهم، فقد دل ذلك على ما ذكرنا وفضّل من استعف ولم يسأل على من سأل، فلم يسأله أبو سعيد رضي الله عنه لذلك، ولو سأله لأعطاه إذ قد كان بذل ذلك له ولأمثاله من أصحابه.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا من غير هذا الوجه ما يدل على ما ذكرنا.

(1)

إسناده حسن من أجل هلال بن حصن.

وأخرجه أبو يعلى (1129، 1267)، والطبراني في التفسير (6228) من طرق عن قتادة به.

(2)

إسناده حسن كسابقه.

ص: 169

2800 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن زياد بن نعيم، أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي رضي الله عنه يقول: أمّرني رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومي، فقلت: يا رسول الله! أعطني من صدقاتهم، ففعل وكتب لي بذلك كتابا. فأتاه رجل فقال: يا رسول الله! أعطني من الصدقة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو من السماء، فجزّأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك منها"

(1)

.

قال أبو جعفر: فهذا الصدائي قد أمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه، ومحال أن يكون أمّره وبه زمانة. ثم قد سأله من صدقة قومه، وهي زكاتهم

(2)

فأعطاه منها، ولم يمنعه منه لصحة بدنه.

ثم سأله الرجل الآخر بعد ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن كنت من الأجزاء الذين جزّأ الله عز وجل الصدقة فيهم أعطيتك منها". فرد رسول الله

(1)

إسناده ضعيف: لضعف عبد الرحمن بن زياد الإفريقي.

وأخرجه عبد الرزاق (1833)، وابن أبي شيبة 1/ 216، وابن سعد في الطبقات 1/ 326 - 327، وأحمد (17537)، والبخاري في التاريخ الكبير 3/ 344، وأبو داود (514)، والترمذي (199)، وابن ماجه (717) من طرق عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي به.

(2)

في م ج د "زكواتهم".

ص: 170

صلى الله عليه وسلم بذلك حكم الصدقات إلى ما ردّها الله عز وجل إليه بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] الآية.

فكل من وقع عليه اسم صنف من تلك الأصناف فهو من أهل الصدقة الذين جعلها الله عز وجل لهم في كتابه، ورسوله في سنته، زمنا كان أو صحيحا. وكان أولى الأشياء بنا في الآثار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفصل الأول من قوله:"لا تحل الصدقة لذي مرّة سويّ" ما حملناها عليه، لئلا يخرج معناها من الآية المحكمة التي ذكرنا، ولا من هذه الأحاديث الآخر التي روينا. ويكون معنى ذلك كله معنى واحدا يصدق بعضها بعضا.

ثم قد روى قبيصة بن المخارق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد دلّ على ذلك أيضا.

2801 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن هارون بن رئاب، عن كنانة بن نعيم، عن قبيصة بن المخارق رضي الله عنه أنه تحمّل بحمالة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فيها فقال: "نخرجها عنك من إبل الصدقة، أو نعم الصدقة. يا قبيصة! إن المسألة حرمت إلا في ثلاث: رجل تحمّل بحمالة، فحلت له المسألة حتى يؤديها، ثم يمسك، ورجل أصابته، جائحة، فاجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما

(1)

من عيش، أو سدادا

(2)

من عيش ثم يمسك، ورجل أصابته حاجة حتى تكلم ثلاثة من ذوي الحجا من

(1)

بكسر القاف هو: ما يقوم بحاجته ويستغني به.

(2)

بكسر السين المهملة: ما تسد به خلته.

ص: 171

قومه أن حلّت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو سدادًا من عيش ثم يمسك، وما سوى ذلك من المسألة فهو «سحت»

(1)

.

2802 -

حدثنا ابن مرزوق، قال ثنا سليمان بن حرب قال: ثنا حماد عن هارون بن رئاب عن كنانة بن نعيم العدوي عن قبيصة بن المخارق، عن النبي صلى الله عليه وسلم. . . نحوه

(2)

.

2803 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب. . . فذكر بإسناده مثله، وزاد «رجل تحمل بحمالة»

(3)

عن قومه أراد بها الإصلاح»

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (491) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الحميدي (819)، وأحمد (15916)، وابن الجارود (367)، وابن خزيمة (2375)، والطبراني في الكبير 18/ 950، والدارقطني 2/ 120، والبيهقي في السنن 6/ 73، 7/ 21 من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (493) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1327)، وابن أبي شيبة 3/ 210، والدارمي 1/ 396، ومسلم (1044)، وأبو داود (1640)، والنسائي 5/ 88 - 89، وابن خزيمة (2361)، وابن حبان (3396) من طريق حماد بن زيد به.

(3)

بفتح الحاء وتخفيف الميم هي: المال الذي يتحمله الإنسان أي يستدينه ويدفعه في إصلاح ذات البين.

(4)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (492)، بإسناده ومتنه

وأخرجه الطيالسي (1327)، وابن حبان (4830) من طريق حماد بن سلمة به.

ص: 172

فأباح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لذي الحاجة أن يسأل لحاجته حتى يصيب قواما من عيش، أو سدادا من عيش. فدلّ ذلك أن الصدقة لا تحرم بالصحة إذا أراد بها الذي تصدق بها عليه سدّ فقره. وإنما تحرم عليه إذا كان يريد بها غير ذلك من التكثر ونحوه، ومن يريد بها ذلك فهو ممن يطلبها لسوى المعاني الثلاث التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث قبيصة بن مخارق الذي ذكرنا فهو عليه سحت وقد روى سمرة مثل ذلك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

2804 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عفان بن مسلم، قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن عقبة، قال: سمعت سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"السائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو يسأل في أمر لا يجد منه بدا"

(1)

.

2805 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (20265) من طريق عفان به.

وأخرجه الطيالسي (889)، وأبو داود (1639)، والنسائي 5/ 100، وابن حبان (3397)، والطبراني في الكبير (6767)، والبيهقي 4/ 17 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

ص: 173

2806 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن عقبة، عن سمرة بن جندب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

قال أبو جعفر: فقد أباح هذا الحديث المسألة في كل أمر لا بد من المسألة فيه، فدخل في ذلك ما أبيحت فيه المسألة في حديث قبيصة، وزاد هذا الحديث عليه ما سوى ذلك من الأمور التي لا بدّ منها، وفي ذلك إباحة المسألة بالحاجة خاصة، لا بالزمانة.

وقد روي عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى. ما قد

2807 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني الأخضر بن عجلان، عن أبي بكر الحنفي، عن أنس بن مالك، أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال: "إن المسألة لا تصلح إلا لثلاث، لغرم

(2)

موجع، أو دم مفظع

(3)

، أو فقر مدقع

(4)

"

(5)

.

(1)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

(2)

بضم الغين وسكون الراء: هو الدين.

(3)

هو الشديد والشنيع الذي جاوز المقدار.

(4)

أي الفقر الشديد.

(5)

إسناده ضعيف: لجهالة حال أبي بكر الحنفي.

وأخرجه أحمد (12134)، وأبو داود (1641)، وابن ماجه (2198)، وابن الجارود (569)، والبيهقي 7/ 25، والضياء في المختارة (2265 - 2266) من طرق عن الأخضر بن عجلان به.

ص: 174

قال أبو جعفر: فكل هذه الأمور، مما لا بد منه، فقد دخل ذلك أيضا في معنى حديث سمرة.

وقد روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا.

2808 -

ما حدثنا فهد هو ابن سليمان، قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا أبو إسحاق، عن سفيان

(1)

، عن عمران البارقي، عن عطية بن سعد، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لغني إلا أن يكون في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو يكون له جار فيتصدق عليه، فيهدي له أو يدعوه"

(2)

.

2809 -

حدثنا عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا ابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

فأباح رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة للرجل إذا كان في سبيل الله أو ابن السبيل، فقد جمع ذلك الصحيح وغير الصحيح.

(1)

كذا في ج د ن، وفي م س خد "شقيق" ولم نجد في التهذيب في الرواة عن عمران إلا سفيان الثوري.

(2)

إسناده ضعيف: لضعف عطية بن سعد العوفي ولجهالة عمران البارقي.

وأخرجه أبو داود (1637)، وابن خزيمة (2368)، والبيهقي 7/ 22 من طريق سفيان الثوري به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى وعطية بن سعد.

وأخرجه عبد بن حميد (895)، والبيهقي 7/ 23 من طريق عبيد الله بن موسى به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 210، وأحمد (11268)، وأبو يعلى (1202) من طريق ابن أبي ليلى به.

ص: 175

فدل ذلك أيضا على أن الصدقة إنما تحل بالفقر كانت معه الزمانة، أو لم تكن.

وقد روي عن وهب بن خنبش، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

2810 -

ما قد حدثنا أبو أمية، قال: ثنا المعلى بن منصور، قال: أخبرني يحيى بن سعيد، قال: أخبرني مجالد عن الشعبي، عن وهب، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة، فسأله رداءه، فأعطاه إياه، فذهب به، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسألة لا تحل إلا من فقر مدقع أو غرم مفظع، ومن سأل الناس ليثري

(1)

به ماله فإنه خموش

(2)

في وجهه ورضف

(3)

يأكله من جهنم، إن قليلا فقليل، وإن كثيرا فكثير"

(4)

.

فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أيضا في هذا الحديث أن المسألة تحل بالفقر والغرم، فذلك دليل على أنها تحل بهذين المعنيين خاصة، ولا يختلف في ذلك حال الزمن وغيره، وقد

(1)

من الاثراء وهو الاكثار.

(2)

الخمش: اسم لجرح البشرة.

(3)

هو الحجارة المحماة على النار.

(4)

إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد.

وأخرجه أبو الفتح الموصلي الأزدي في المخزون (ص 164) من طريق سعيد بن يحيى الأموي، عن يحيى بن سعيد به.

ص: 176

2811 -

حدثنا ابن أبي داود، قال ثنا مخول بن إبراهيم، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سأل من غير فقر، فإنما يأكل الجمر"

(1)

.

2812 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا إسرائيل

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

فهذا حبشي قد حكى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فوافق ما حكى من ذلك، ما حكاه الآخرون من أن المسألة إنما تحل بالفقر.

وقد جاءت الآثار أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك متواترة.

2813 -

حدثنا الحسين بن نصر، قال: ثنا الفريابي (ح)

وحدثنا نصر

(3)

بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، قالا جميعا: عن سفيان، عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يسأل عبد مسألة، وله ما يغنيه إلا جاءت

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل مخول بن إبراهيم، وصرح أبو إسحاق بالسماع عنه عند ابن خزيمة.

وأخرجه أحمد (17508)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1513)، وابن خزيمة (2446)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 2/ 632، والطبراني في الكبير (3506، 3508) من طرق عن إسرائيل به.

وأخرجه الطبراني في الكبير (3507) من طريق قيس بن الربيع، والبيهقي في الشعب (3517) من طريق شريك، كلاهما عن أبي إسحاق به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 209، والطبراني في الكبير (3505) من طريق الشعبي، عن حبشي بلفظ آخر.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

في ج والنخب 10/ 153: "إبراهيم بن مرزوق".

ص: 177

شينا، أو كدوحا أو خدوشا في وجهه يوم القيامة". قيل: يا رسول الله، وماذا غناه؟ قال:"خمسون درهما أو حسابها من الذهب"

(1)

.

2814 -

حدثنا أحمد بن خالد البغدادي، قال: ثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا يحيى بن آدم، قال: ثنا سفيان

فذكر بإسناده مثله. غير أنه قال "كدوحا

(2)

في وجهه" ولم يشك، وزاد: فقيل لسفيان: لو كانت من غير حكيم فقال: حدثناه زبيد، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، مثله

(3)

.

2815 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أيوب بن سويد، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثني ربيعة بن يزيد، عن أبي كبشة السلولي، قال: حدثني سهل بن الحنظلية رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سأل الناس عن

(1)

إسناده ضعيف لضعف حكيم بن جبير.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (488) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 180، وأحمد (3675)، والدارمي 1/ 386، وأبو داود (1626)، والترمذي (651)، والنسائي 5/ 97، وابن ماجه (1840)، وأبو يعلى (5217)، والدارقطني 2/ 122، والشاشي (479)، والحاكم 1/ 407، والبيهقي 7/ 24 من طرق عن سفيان الثوري به.

(2)

كل أثر من عض أو خدش.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (489) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الترمذي (651)، والنسائي في المجتبى 5/ 97، وفي الكبرى (2384)، وابن ماجه (1840)، والحاكم 1/ 407، وابن عدي 2/ 636 من طريق يحيى بن آدم به.

ص: 178

ظهر غنى، فإنما يستكثر من جمر جهنم". قلت: يا رسول الله، وما ظهر غنى؟ قال:"أن يعلم أن عند أهله ما يغديهم، أو ما يعشيهم"

(1)

.

2816 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل وله ما يغنيه، جاءت شينًا

(2)

في وجهه يوم القيامة"

(3)

.

2817 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا ابن أبي الرجال، عن عمارة بن غزية، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سأل وله قيمة أوقية

(4)

فقد ألحف

(5)

"

(6)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أيوب بن سويد.

وأخرجه أحمد (17625)، وابن حبان 545 (3394)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (486)، والطبراني في الكبير (5620)، وفي مسند الشاميين (584) من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به.

وأخرجه أبو داود (1629)، وابن خزيمة (2391)، والبيهقي 7/ 25 من طريق ربيعة بن يزيد به.

(2)

العيب والقبح.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (22420)، والدارمي (1645)، والبزار (923 كشف الأستار)، والطبراني في المعجم الكبير (1407)، وأبو نعيم في حلية الأولياء 1/ 181 من طرق عن يزيد بن زريع به.

(4)

هي: أربعون درهما.

(5)

في ج د ن "فهو ملحف في المسألة إذا بالغ فيها والشح".

(6)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الرجال.=

ص: 179

2818 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، قال: ثنا محمد بن الفضيل، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما هو جمر، فليستقل منه، أو ليستكثر

(1)

"

(2)

.

2819 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني أسد قال: نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله لنا شيئا نأكله، وجعلوا يذكرون حاجتهم. فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلا يسأله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا أجد ما أعطيك"، فولى الرجل وهو مغضب وهو يقول: لعَمري إنك لتفضل من شئت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه ليغضب عليّ أن لا أجد ما أعطيه، من سأل منكم وعنده أوقية أو عدلها فقد سألها إلحافا". قال الأسدي: فقلت لَلَقحة لنا خير من أوقية قال: والأوقية أربعون درهما، قال: فرجعت ولم

=وأخرجه أحمد (11044)، وأبو داود (1628)، والنسائي في المجتبى 5/ 98، وفي الكبرى (2387)، وابن خزيمة (2447)، وابن حبان (3390) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الرجال به.

(1)

في م ج د "ليكثر".

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 208، وأحمد (7163)، ومسلم (1041)، وابن ماجه (1838)، وأبو يعلى (6087)، وابن حبان (3393)، والقضاعي في مسند الشهاب (525)، والبيهقي 4/ 196 من طرق عن محمد بن فضيل به.

ص: 180

أسأله. فقدم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بشعير وزبيب وزبد، فقسم لنا منه حتى أغنانا الله

(1)

.

2820 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأيدي ثلاث: فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى إلى يوم القيامة، فاستعفف ما استطعت، ولا تعجز عن نفسك، ولا تلام على كفاف وإذا آتاك الله خيرا فليُر عليك"

(2)

.

قال أبو جعفر: فكانت المسألة التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار كلها هي للفقر لا لغيره.

وكان تصحيح هذه الآثار، عندنا يوجب أن من قصد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "لا تحل الصدقة لذي مرة سوي"، هو غير من استثناه من ذلك في حديث وهب بن خنبش بقوله:"إلا من فقر مدقع، أو غرم مفظع" وأنَّه الذي يريد بمسألته أن يكثر ماله، ويستغني من مال الصدقة، حتى تصح هذه الآثار، وتتفق معانيها ولا تتضاد.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (487) بإسناده مختصرا.

وهو في موطأ مالك 2/ 599، ومن طريقه أبو داود (1627)، والبغوي (1601).

وأخرجه أحمد (16411)، وأبو عبيد في الأموال (1734) من طريق سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف إبراهيم الهجري.

وأخرجه أحمد (4261)، وأبو يعلى (5125)، وابن خزيمة (2435)، والشاشي (718)، والحاكم 1/ 408، والبيهقي 4/ 198 من طرق عن إبراهيم الهجري به.

ص: 181

وهذا المعنى الذي حملنا عليه وجوه هذه الآثار، هو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى. فإن سأل سائل عن معنى حديث عمر المروي عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحو من هذا. وهو ما

2821 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو اليمان، قال أنا شعيب، عن الزهري، قال: ثنا السائب بن يزيد أن حويطب بن عبد العزى أخبره، أن عبد الله بن السعدي أخبره، أنه قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته، فقال له عمر: ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالا، فإذا أعطيت العمالة كرهتها، فقال: نعم. فقال عمر رضي الله عنه: فما تريد إلى ذلك؟ قلت: إن لي أفراسا وأعبدا وأنا أتجر، وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين. فقال عمر رضي الله عنه: فلا تفعل، فإني قد كنت أردت الذي أردتَ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة مالا: فقلت له ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"خذه فتموله فما جاءك من هذا المال، وأنت غير مشرف، ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5981) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (100)، والدارمي (1648)، والبخاري (7163)، والنسائي 5/ 104 عن أبي اليمان بهذا الإسناد.

وأخرجه الحميدي (21)، ومسلم (1045)(111)، والنسائي 5/ 103 - 104، وابن خزيمة (2365 - 2366)، والبزار (244) من طرق عن الزهري به.

ص: 182

قال: ففي هذا الحديث تحريم المسألة أيضا. قيل له: ليس هذا على أموال الصدقات، إنما هذا على الأموال التي يقسمها الإمام على الناس، فيقسمها على أغنيائهم وفقرائهم. كما فرض عمر لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دوّن الدواوين، ففرض للأغنياء منهم وللفقراء، فكانت تلك الأموال التي يعطاها الناس، لا من جهة الفقر، ولكن لحقوقهم فيها. فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه، حين أعطاه الذي كان أعطاه منها قوله:"أعطه لمن هو أفقر إليه مني". أي: إني لم أعطك ذلك لأنك فقير، إنما أعطيتك ذلك لمعنى آخر غير الفقر.

ثم قال له خذه، فتموله فدل ذلك أيضا أنه ليس من أموال الصدقات؛ لأن الفقير لا ينبغي له أن يأخذ من الصدقات ما يتخذه مالا، كان ذلك عن مسألة منه أو عن غير مسألة.

ثم قال: فما جاءك من هذا المال الذي هذا حكمه وأنت غير مشرف، أي تأخذه بغير إشراف. والإشراف: أن تريد به ما قد نهيت عنه. وقد يحتمل قوله ولا مشرف أي: ولا تأخذ من أموال المسلمين أكثر مما يجب لك فيها، فيكون سرفا فيها ولا سائل أي: ولا سائل منها ما لا يجب لك. فهذا وجه هذا الباب، عندنا، والله أعلم.

فأما ما جاء في أموال الصدقات فقد أتينا بمعاني ذلك فيما تقدم ذكره، من هذا الباب.

ص: 183

‌3 - باب: المرأة هل يجوز

(1)

لها أن تعطي زوجها من زكاة مالها أم لا؟

2822 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، قال: حدثني شقيق، عن عمرو بن الحارث، عن زينب امرأة عبد الله، قال

(2)

: فذكرته لإبراهيم، فحدثني إبراهيم، عن أبي عبيدة، عن عمرو بن الحارث، عن زينب امرأة عبد الله، مثله سواء قالت: كنت في المسجد فرآني النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال: "تصدقن ولو من حليكن"، وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها فقالت لعبد الله: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيجزئ عني إن أنفقت عليك، وعلى أيتام في حجري من الصدقة؟ قال: سلي أنتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدت امرأة من الأنصار على الباب حاجتها مثل حاجتي. فمر علينا بلال، فقلت: سل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل يجزئ عني أن أتصدق على زوجي وأيتام في حجري من الصدقة؟ وقلنا: لا تخبر بنا. قالت: فدخل بلال فسأله، فقال من هما؟ قال: زينب، قال أي الزيانب هي؟ قال: امرأة عبد الله؟ فقال: "نعم يكون لها أجر القرابة وأجر الصدقة"

(3)

.

(1)

في س خد "هل يحل".

(2)

أي الأعمش.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1466)، ومسلم (1000). (46)، والنسائي في الكبرى (9158) من طريق عمر بن حفص بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (16082)، والنسائي في الكبرى (2364، 9201)، وفي المجتبى 5/ 92 - 93 من طريق شعبة عن=

ص: 184

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أن المرأة جائز لها أن تعطي زوجها من زكاة مالها، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وممن ذهب إلى ذلك، أبو يوسف ومحمد رحمهما الله.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، منهم أبو حنيفة رحمه الله، فقالوا: لا يجوز للمرأة أن تعطي زوجها من زكاة مالها كما لا يجوز له أن يعطيها من زكاة ماله. وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى في حديث زينب الذي احتجوا به عليهم أن تلك الصدقة التي حض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الحديث إنما كانت من غير الزكاة.

وقد بين ذلك ما قد

2823 -

حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا الليث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله، عن رائطة بنت عبد الله امرأة عبد الله بن مسعود وكانت امرأة صنعاء وليس لعبد الله بن مسعود مال، فكانت تنفق عليه وعلى ولده منها. فقالت: لقد شغلتني والله أنت وولدك عن الصدقة، فما أستطيع أن أتصدق معكم بشيء. فقال: ما أحب إن لم يكن لك في ذلك أجر أن تفعلي، فسألت رسول الله

=الأعمش من الوجه الأول به.

وأخرجه البخاري (1466)، وابن خزيمة (2464)، والطبراني في الكبير 24/ 729 من طريق الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبيدة، عن عمرو بن الحارث به.

(1)

قلت أراد بهم: الشافعي، وأحمد في رواية، وأبا ثور، وأبا عبيد، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 10/ 184.

(2)

قلت أراد بهم: الحسن، والثوري، وأبا حنيفة ومالكا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 10/ 185.

ص: 185

صلى الله عليه وسلم هي وهو فقالت: يا رسول الله! إني امرأة ذات صنعة أبيع منها وليس لولدي ولا لزوجي شيء فشغلوني فلا أتصدق، فهل لي فيهم أجر؟. فقال:"لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم، فأنفقي عليهم"

(1)

.

ففي هذا الحديث أن تلك الصدقة مما لم يكن فيه زكاة. ورائطة هذه هي زينب امرأة عبد الله لا نعلم أن عبد الله كانت له امرأة غيرها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والدليل على أن تلك الصدقة كانت تطوعا كما ذكرنا قولها كنت امرأة صنعا أصنع بيدي فأبيع من ذلك، فأنفق على عبد الله.

فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في هذا الحديث، وفي الحديث الأول جوابا لسؤالها هذا. وفي حديث رائطة هذا "كنت أنفق من ذلك على عبد الله، وعلى ولده مني".

وقد أجمعوا على أن المرأة لا يجوز لها أن تنفق على ولدها من زكاتها. فلما كان ما أنفقت على ولدها ليس من الزكاة، فكذلك ما أنفقت على زوجها ليس هو أيضا من الزكاة.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو عبيد في الأموال (1877) من طريق الليث بن سعد به.

وأخرجه أحمد (16086)، وابن حبان (4247)، والطبراني في الكبير 24/ (667، 668، 669، 670)، والبيهقي 4/ 178 - 179، وابن عبد البر في الإستيعاب 13/ 13 من طرق عن هشام بن عروة به.

ص: 186

وقد روي أيضا عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن تلك الصدقة التي أباح لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إنفاقها على زوجها كانت من غير الزكاة

2824 -

حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي كثير الأنصاري، عن عمر بن نُبيه الكعبي، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الصبح يوما، فأتى على النساء في المسجد فقال:"يا معشر النساء ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب بعقول ذوي الألباب منكن، وإني قد رأيت أنكن أكثر أهل النار يوم القيامة، فتقربَن إلى الله بما استطعتُن". وكان في النساء امرأة عبد الله بن مسعود، فانقلبت إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فأخبرته بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذت حليًا لها. فقال ابن مسعود رضي الله عنه أين تذهبين بهذا الحلي؟ فقالت: أتقرب به إلى الله وإلى رسوله، لعل الله أن لا يجعلني من أهل النار. قال هلمي بذلك ويلك تصدقي به عليّ وعلى ولدي فقالت: لا والله حتى أذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت تستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! هذه زينب تستأذن، فقال:"أي الزيانب هي؟ " قالوا: امرأة عبد الله بن مسعود. فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني سمعت منك مقالة، فرجعت إلى ابن مسعود فحدثته، فأخذت حليي أتقرب به إلى الله عز وجل وإليك رجاء أن لا يجعلني الله من أهل النار. فقال ابن مسعود رضي الله عنه: تصدقي به عليّ وعلى بني، فإنّا له موضع، فقلت له: حتى أستأذن رسول الله صلى الله

ص: 187

عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدقي به عليه وعلى بنيه، فإنهم له موضع"

(1)

.

2825 -

حدثنا الحسين بن الحكم الحبري، قال: ثنا عاصم بن علي، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، قال: أخبرني [عمرو] بن أبي عمرو، عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

قال أبو جعفر: فبين أبو هريرة رضي الله عنه في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد بقوله: "تصدقن" الصدقة التطوع التي تكفر الذنوب. وفي حديثه قال: فجاءت بحلي لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، خذ هذا أتقرب به إلى الله عز وجل وإلى رسوله. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقي به على عبد الله، وعلى بنيه، فإنهم له موضع، فكان ذلك على الصدقة بكل الحلي، وذلك من التطوع لا من الزكاة؛ لأن الزكاة لا توجب الصدقة بكل المال، وإنما توجب الصدقة بجزء منه.

فهذا أيضا دليل على فساد تأويل أبي يوسف رحمه الله ومن ذهب إلى قوله للحديث الأول. فقد بطل بما ذكرنا أن يكون في حديث زينب ما يدل على أن المرأة تعطي

(1)

إسناده صحيح، وانظر بعده.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (8863)، ومسلم (80)، وأبو يعلى (6585)، وابن خزيمة (2461)، وابن مندة في الإيمان (675)، وأبو نعيم في الحلية 2/ 69 من طرق عن إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أبي سعيد المقبري به.

ص: 188

زوجها من زكاة مالها إذا كان فقيرا. وإنما نلتمس حكم ذلك بعد من طريق النظر وشواهد الأصول، فاعتبرنا ذلك، فوجدنا المرأة باتفاقهم لا يعطيها زوجها من زكاة ماله، وإن كانت فقيرة، ولم تكن في ذلك كغيرها؛ لأنا رأينا الأخت يعطيها أخوها من زكاته إذا كانت فقيرة وإن كان على أخيها أن ينفق عليها، ولم تخرج بذلك من حكم من يعطى من الزكاة.

فثبت بذلك أن الذي يمنع الزوج من إعطاء زوجته من زكاة ماله ليس هو وجوب النفقة لها عليه، ولكنه السبب الذي بينه وبينها، فصار ذلك كالسبب الذي بينه وبين والديه في منع ذلك إياه من إعطائهما من الزكاة. فلما ثبت بما ذكرنا أن سبب المرأة الذي منع زوجها أن يعطيها من زكاة ماله وإن كانت فقيرة، هو كالسبب الذي بينه وبين والديه الذي يمنعه من إعطائهما من زكاته وإن كانا فقيرين، ورأينا الوالدين لا يعطيانه أيضا من زكاتهما، إذا كان فقيرا، فكان الذي بينه وبين والديه من السبب يمنعه من إعطائهما من الزكاة، ويمنعهما من إعطائه من الزكاة. فكذلك السبب الذي بين الزوج والمرأة، لما كان يمنعه من إعطائها من الزكاة، كان أيضا يمنعها من إعطائه من الزكاة.

وقد رأينا هذا السبب بين الزوج والمرأة يمنع من قبول شهادة كل واحد منهما لصاحبه، فجعلا في ذلك كذوي الرحم المحرم الذي لا تجوز شهادة كل واحد منهما لصاحبه. ورأينا أيضا كل واحد منهما لا يرجع فيما وهب لصاحبه في قول من يجيز الرجوع في الهبة فيما بين القريبين. فلما كان الزوجان فيما ذكرنا قد جعلا كذوي الرحم

ص: 189

المحرم فيما منع فيه من قبول الشهادة، ومن الرجوع في الهبة كانا في النظر أيضا في إعطاء كل واحد منهما صاحبه من الزكاة كذلك.

فهذا هو النظر في هذا الباب، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى.

ص: 190

‌4 - باب: الخيل السائمة هل فيها صدقة أم لا؟

2826 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا معلى بن أسد: قال ثنا عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الخيل فقال:"هي لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل سترٌ، وعلى رجل وزرٌ، فأما الذي هي له ستر، فالرجل يتخذها تكرما وتجملا، ولا ينسى حق ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها"

(1)

.

2827 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله غير أنه قال: "ولم ينس حق الله في رقابها ولا في ظهورها"

(2)

. فقط.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (987)(26)، والبيهقي 1/ 4 من طريق عبد العزيز بن المختار وروح بن القاسم، عن سهيل به.

وأخرجه ابن خزيمة (2252) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن سهيل به.

وأخرجه ابن حبان (4671) من طريق روح بن القاسم، عن سهيل به.

وأخرجه أحمد (7563) من طريق حماد، عن سهيل به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 571، ومن طريقه أخرجه البخاري (2860)، والنسائي 6/ 216 - 217، وابن حبان (4672)، والبيهقي 10/ 15.

ص: 191

2828 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى وجوب الصدقة في الخيل إذا كانت ذكورا وإناثا وكان صاحبها يلتمس نسلها، واحتجوا في إيجابهم الزكاة فيها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ولم ينس حق الله فيها". قالوا: ففي هذا دليل على أن الله فيها حقا، وهو كحقه في سائر الأموال التي تجب فيها الزكاة واحتجوا في ذلك بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

2829 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: ثنا جويرية، عن مالك، عن الزهري، أن السائب بن يزيد أخبره، قال: رأيت أبي يقوّم الخيل ويدفع صدقتها إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه

(3)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل هشام بن سعد.

وأخرجه مسلم 987 (26) بنفس السند.

وأخرجه أبو داود (1659) من طريق ابن أبي فديك، عن هشام به.

(2)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، وحماد بن أبي سليمان، وأبا حنيفة، وزفر بن الهذيل رحمهم الله، كما في النخب 10/ 201.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه إسماعيل القاضي من طريق جويرية كما في النخب 10/ 203.

وأخرجه ابن مخلد في مسنده كما في النخب 10/ 204 من طريق الزهري، ومن طريقه أخرجه ابن حزم في المحلى مسألة (641).

ص: 192

2830 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، أن عمر رضي الله عنه كان يأخذ من الفرس عشرة، ومن البرذون خمسة

(1)

.

2831 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، والحجاج بن المنهال، قالا: ثنا حماد بن سلمة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

وممن ذهب إلى هذا القول أيضا، أبو حنيفة، وزفر رحمهما الله.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، منهم أبو يوسف، ومحمد بن الحسن رحمهما الله، فقالوا: لا صدقة في الخيل السائمة البتة. وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى فيما احتجوا به لقولهم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولم ينس حق الله فيها"، أنه قد يجوز أن يكون ذلك الحق حقا سوى الزكاة، فإنه قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حزم مسألة (641) من طريق حماد بن سلمة به.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وابن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، ومكحولا، والشعبي، والثوري، والزهري، والشافعي، ومالكا، وأحمد، وإسحاق، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 10/ 205.

ص: 193

2832 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا شريك بن عبد الله، عن أبي حمزة، عن عامر، عن فاطمة بنت قيس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"في المال حق سوى الزكاة"، وتلا هذه الآية {لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة: 177] إلى آخر الآية

(1)

.

فلما رأينا المال قد جعل فيه حق سوى الزكاة احتمل أن يكون ذلك الحق الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخيل هو ذلك الحق أيضا.

وحجة أخرى أن الزكاة في الحديث الذي رويناه عن أبي هريرة رضي الله عنه، إنما هو في الخيل المرتبطة، لا في الخيل السائمة وحجة أخرى إنا قد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الإبل السائمة أيضا فقال فيها حق، فسئل عن ذلك الحق ما هو؟ فقال:"إطراق فحلها، وإعارة دلوها، ومنيحة سمينها".

2833 -

حدثنا بذلك، إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن أبي الزبير عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

فلما كانت الإبل أيضا فيها حق غير الزكاة احتمل أن يكون كذلك الخيل.

(1)

إسناده ضعيف، شريك سيء الحفظ، وأبو حمزة ميمون الأعور: ضعيف.

وأخرجه الطبري 3/ 80، والدارمي (1760)، والترمذي (659 - 660)، والدارقطني 2/ 109، والبيهقي 4/ 84، والبغوي (1592) من طرق عن شريك به.

وأخرجه ابن ماجه (1789) من طريق يحيى بن آدم عن شريك به، بلفظ ليس في المال حق سوى الزكاة.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير بالتحديث عند أحمد.

وأخرجه عبد الرزاق (6866)، ومن طريقه أحمد (14442)، والدارمي (1658)، ومسلم (988)(27)، وابن الجارود (335) عن ابن جريج، عن أبي الزبير به.

ص: 194

وأما ما احتجوا به مما رويناه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلا حجة لهم فيه أيضا عندنا؛ لأن عمر لم يأخذ ذلك منهم على أنه واجب عليهم.

وقد بين السبب -الذي من أجله أخذ ذلك منهم عمر بن الخطاب-، حارثة بن مضرب.

2834 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن القاسم المعروف بسُحيم الحراني، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن حارثة بن مضرب، قال: حججت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأتاه أشراف من أشراف أهل الشام، فقالوا: يا أمير المؤمنين! إنا قد أصبنا دواب وأموالا، فخذ من أموالنا صدقة تطهرنا بها، وتكون لنا زكاة. فقال: هذا شيء لم يفعله اللذان كانا قبلي، ولكن انتظروا حتى أسأل المسلمين، فسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالوا: حسن، وعلي رضي الله عنه ساكت لم يتكلم معهم. فقال: ما لك يا أبا الحسن لا تتكلم؟ فقال: قد أشاروا عليك، ولا بأس بما قالوا، إن لم يكن أمرًا واجباً ولا جزيةً راتبةً يؤخذون بها. قال: فأخذ من كل عبد عشرة، ومن كل فرس عشرة، ومن كل هجين

(1)

ثمانية، ومن كل برذون أو بغل خمسة دراهم في السنة، ورزقهم كل شهر، والفرس عشرة دراهم، والهجين ثمانية، والبغل خمسة خمسة، والمملوك جريبين في كل شهر

(2)

.

(1)

أي: من كل فرس هجين.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (218) من طريق زهير به مختصرا.=

ص: 195

فدلّ هذا الحديث على أن ما أخذ منهم عمر رضي الله عنه من أجله، ما كان أخذ منهم في ذلك، أنه لم يكن زكاة ولكنها صدقة غير زكاة. وقد قال لهم عمر رضي الله عنه إن هذا شيء لم يفعله اللذان كانا قبلي يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه.

فدل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه لم يأخذا مما كان بحضرتهما من الخيل صدقة، ولم ينكر على عمر ما قال من ذلك أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ودلّ قول علي لعمر رضي الله عنهما: قد أشاروا عليك، إن لم يكن جزية راتبة، وخراجا واجبا.

وقبول عمر ذلك منه أن عمر إنما كان أخذ منهم ما أخذ منهم بسؤالهم إياه أن يأخذه منهم، فيصرفه في الصدقات، وأن لهم منع ذلك منه متى أحبوا، ثم سلك عمر رضي الله عنه بالعبيد أيضا في ذلك مسلك الخيل، ولم يكن ذلك بدليل على أن العبيد الذين لغير التجارة تجب فيهم صدقة وإنما كان ذلك على التبرع من مواليهم بإعطاء ذلك

(1)

.

وقد روي عن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق".

= وأخرجه أحمد (82)، وابن خزيمة (2290)، والحاكم 1/ 400، والبيهقي 4/ 118 من طريق سفيان عن أبي إسحاق به مختصرا.

(1)

في ن "فكذلك ما أخذه منهم بسبب الخيل ليس ذلك بدليل على أن الخيل فيها صدقة ولكن ذلك على التبرع من أربابها بإعطاء ذلك".

ص: 196

2835 -

حدثنا بذلك، فهد قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، قال: ثنا أبو إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

2836 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا سفيان، وشريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

2837 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد، قال: ثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل عاصم بن ضمرة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 117 - 118، وأحمد (913)، والبزار (678)، والنسائي 5/ 37، والدارقطني 2/ 126 من طريق الأعمش به.

وأخرجه الدارمي (1629)، وأحمد (711)، وأبو داود (1574)، والترمذي (620)، والبزار (679)، والبيهقي 4/ 117 - 118 من طريق أبي عوانة، عن أبي إسحاق به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف الحارث بن عبد الله الأعور.

وأخرجه أحمد (1243) من طريق يزيد بن هارون به.

وأخرجه الطيالسي (124) من طريق شريك به.

وأخرجه الحميدي (54)، وعبد بن حميد (65)، وأحمد (1097)، وابن ماجه (1790، 1813)، والبزار (840)، وأبو يعلى (299، 580)، والبيهقي 4/ 118 من طرق عن سفيان به.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه، وهو مكرر سابقه.

ص: 197

فذلك أيضا ينفي أن تكون في الخيل صدقة. فإن قال قائل: فقد قرن مع ذلك الرقيق، فلما كان ذلك لا ينفي أن تكون الصدقة واجبة في الرقيق إذا كانوا للتجارة، فكذلك لا ينفي ذلك أن تكون الزكاة واجبة في الخيل إذا كانت سائمة.

وكما كان قوله: "قد عفوت لكم عن صدقة الرقيق" إنما هو على صدقة الرقيق للخدمة خاصة، فكذلك قوله:"قد عفوت لكم عن صدقة الخيل" إنما هو على خيل الركوب خاصة. قيل له: هذا يحتمل ما ذكرته، وإذا بطل أن تنتفي الزكاة بهذا الحديث انتفت بما ذكرنا قبله مما في حديث حارثة؛ لأن فيه أن عليا قال لعمر ما قد ذكرنا، فدل ذلك أن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا كان عند علي رضي الله عنه على نفي الزكاة منها، وإن كانت سائمة.

وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه قريب من معنى حديث عاصم، والحارث عن علي رضي الله عنه.

2838 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن دينار، قال سمعت سليمان بن يسار يحدث، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2527)، والدارمي (1632)، وأحمد (9314)، والبخاري (1463)، والبغوي في الجعديات (1657)، وابن حبان (3271)، والبغوي في شرح السنة (1574) من طرق عن شعبة به.

ص: 198

2839 -

حدثنا ابن مرزوق، قال ثنا وهب، وسعيد بن عامر، قالا: ثنا شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن سليمان، عن عراك، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

2840 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال ثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

2841 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك، عن عبد الله بن دينار

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2248) بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2249) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي 1/ 226 - 227، والحميدي (1073)، وابن أبي شيبة 3/ 151، وأحمد (7295)، وابن ماجه (1812)، وابن خزيمة (2286)، والبيهقي 4/ 117 من طريق سفيان به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار إثر (2247) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 372، ومن طريقه الشافعي 1/ 226 - 227، ومسلم (982)(8)، وأبو داود (1595)، والنسائي 5/ 36، والبيهقي 4/ 117، والبغوي (1573) عن عبد الله بن دينار به.

ص: 199

2842 -

حدثني محمد بن عيسى بن فليح، قال: ثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار، عن سليمان، قال أحمد بن علي: هو ابن بلال بن فليح، عن عبد الله بن دينار

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

2843 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني أسامة بن زيد الليثي، عن مكحول، عن عراك

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

2844 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن زيد، عن خثيم بن عراك، عن أبيه

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2250) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البغوي في الجعديات (1658)، ومن طريقه ابن حبان (3271) من طريق عبد العزيز بن الماجشون، عن عبد الله بن دينار به.

(2)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2251) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (9579)، وأبو يعلى (6564)، والدارقطني 2/ 127، والبيهقي 4/ 117 من طرق عن أسامة بن زيد به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2253) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (982)، والنسائي 5/ 36 من طريق حماد بن زيد به.

وأخرجه الطيالسي (2528)، وابن أبي شيبة 3/ 151، وأحمد (9281)، والبخاري بإثر الحديث (1464)، ومسلم (982)(9)، والنسائي 5/ 36، والبيهقي 4/ 117 من طرق عن خثيم بن عراك به.

ص: 200

فلما لم يكن في شيء مما ذكرنا من هذه الآثار دليل على وجوب الزكاة في الخيل السائمة، وكان فيها ما ينفي الزكاة منها ثبت بتصحيح هذه الآثار قول الذين لا يرون فيها زكاة فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر، فإنا رأينا الذين يوجبون فيها الزكاة لا يوجبونها حتى تكون ذكورا وإناثا يلتمس منها صاحبها نسلها، ولا تجب الزكاة في ذكورها خاصة، ولا في إناثها خاصة، وكانت الزكوات المتفق عليها في المواشي السائمة تجب في الإبل والبقر والغنم ذكورا كانت كلها أو إناثا.

فلما استوى حكم الذكور خاصة في ذلك، وحكم الإناث خاصة وحكم الذكور والإناث، وكانت الذكور من الخيل خاصة، والإناث، منها خاصة لا تجب فيها زكاة، كان كذلك في النظر للإناث منها والذكور إذا اجتمعت، لا تجب فيها زكاة.

وحجة أخرى أنا قد رأينا البغال والحمير لا زكاة فيها وإن كانت سائمة، والإبل والبقر والغنم فيها الزكاة إذا كانت سائمة، وإنما الاختلاف في الخيل. فأردنا أن ننظر في أي الصنفين هي به أشبه، فنعطف حكمه على حكمه فرأينا الخيل ذوات حوافر، وكذلك الحمير والبغال هي ذوات حوافر أيضا، وكانت المواشي من البقر والغنم والإبل ذوات أخفاف، فذو الحافر بذي الحافر أشبه منه بذي الخف. فثبت بذلك أن لا زكاة في الخيل، كما لا زكاة في الحمير والبغال.

وهذا قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، وهو أحب القولين إلينا، وقد روي ذلك عن سعيد بن المسيب.

ص: 201

2845 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن دينار قال: قلت لسعيد بن المسيب أعلى البراذين صدقة؟ فقال: أو على الخيل صدقة؟

(1)

.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 380 (10146)، والطبري في تهذيب الآثار (1352) من طريق يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن دينار به.

وأخرجه البيهقي 4/ 119 من طريق مالك، عن عبد الله بن دينار به.

وأخرجه القاسم بن سلام في الأموال (1363) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن دينار به.

ص: 202

‌5 - باب الزكاة هل يأخذها الإمام أم لا؟

2846 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، أن وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: "لا تحشروا

(1)

ولا تعشروا

(2)

"

(3)

.

2847 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن إسرائيل بن يونس، عن إبراهيم بن مهاجر البجلي، عن عمرو بن حريث، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر العرب احمدوا الله، إذ رفع عنكم العشور"

(4)

.

(1)

أي: لا تندبون إلى المغازي، ولا تضرب عليكم البعوث، وقيل: أي: لا تحشرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالكم، بل يأخذها في أماكنكم.

(2)

أي: لا يؤخذ عشر أموالكم. وقيل: أراد بها الصدقة الواجبة، وإنما فسح لهم في تركها؛ لأنها لم تكن واجبةً يومئذٍ عليهم كما في النخب 10/ 233.

(3)

إسناده منقطع: الحسن لم يسمع من عثمان.

وأخرجه الطيالسي (939)، وأبو داود (3026) من طريق أبي الوليد به.

وأخرجه أحمد (17913) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة به.

(4)

إسناده ضعيف إبراهيم بن المهاجر لين الحديث، وانظر بعده.

ص: 203

2848 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن المهاجر، عن رجل حدثه، عن عمرو بن حريث، عن سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

فذكر مثله

(1)

.

2849 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن معبد، والحماني، قالا: ثنا أبو الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن حرب بن عبيد الله، عن جده أبي أمه، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس على المسلمين عشور، إنما العشور على أهل الذمة"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن المهاجر، ولجهالة الراوي عن عمرو بن حريث.

وأخرجه البزار (901)، وأبو يعلى (964) من طريق أبي أحمد الزبيري به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 197، وأحمد (1654) من طريق الفضل بن دكين عن إسرائيل به.

(2)

إسناده ضعيف للإضطراب، وقد اختلف على عطاء.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 197، وأبو داود (3046)، وابن أبي خيمة في تاريخه 2/ 2792، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 287 من طريق أبي الأحوص به.

وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 3/ 60 في ترجمة حرب بن عبيد الله، وساق اضطراب الرواة وقال: لا يتابع عليه.

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/ 249: اختلف الرواة عن عطاء على وجوه فكأن أشبهها ما رواه الثوري عن عطاء ولا يشتغل برواية جرير وأبي الأحوص ونصير بن أبي الأشعث.

ونقل ابن القيم في تهذيب السنن 4/ 253 عن عبد الحق قوله: في هذا الحديث في إسناده اختلاف ولا أعلمه من طريق يحتج به.

ص: 204

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أن الإمام ليس له أن يبعث على المسلمين من يتولى أخذ صدقاتهم، ولكن المسلمين بالخيار إن شاءوا أدوها إلى الإمام فتولى وضعها في مواضعها التي أمره الله عز وجل بها، وإن شاءوا فرقوها في تلك المواضع. وليس للإمام أن يأخذها منهم بغير طيب أنفسهم، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

2850 -

كما قد حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: أنا سفيان، عن عمرو، عن مسلم بن يسار، قال قلت لابن عمر، أكان عمر يعشر المسلمين؟ قال: لا

(2)

.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: للإمام أن يولي أصحاب الأموال صدقات أموالهم، حتى يضعوها مواضعها، وللإمام أيضا أن يبعث عليها مصدقين، حتى يعشروها، ويأخذوا الزكاة منها. وكان من الحجة على أهل المقالة الأولى لهم، أن العشر الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعه عن المسلمين، هو العشر الذي كان يؤخذ في الجاهلية، وهو خلاف الزكاة، وكانوا يسمونه المكس، وهو الذي روى عقبة بن عامر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وميمون بن مهران، وإبراهيم النخعي، ومكحولا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 10/ 240.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

قلت أراد بهم: الشعبي، والأوزاعي، والثوري، وأبا حنيفة ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 10/ 241.

ص: 205

2851 -

ما قد حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: ثنا عبد الرحيم، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة صاحب مكس"

(1)

. يعني: عاشرا

فهذا هو العشر المرفوع عن المسلمين، وأما الزكاة، فلا. وقد بين ذلك أيضا.

2852 -

ما قد حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن حرب بن عبيد الله، عن رجل من أخواله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الصدقة، وعلمه الإسلام، وأخبره بما يأخذ فقال: يا رسول الله! كل الإسلام قد علمته إلا الصدقة، أفأعشر المسلمين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما يعشر اليهود والنصارى"

(2)

.

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على الصدقة، وأمره أن لا يعشر المسلمين، وقال له: إنما العشور على اليهود والنصارى.

فدل ذلك أن العشور المرفوعة عن المسلمين، هي خلاف الزكاة. ومما يبين ذلك أيضا

(1)

إسناده ضعيف محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.

وأخرجه أحمد (17294)، والدارمي (1666)، وأبو داود (2937)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص 293)، وابن خزيمة (2333)، والطبراني في الكبير (17/ 879 - 880) من طرق عن محمد بن إسحاق به.

(2)

إسناده ضعيف لإضطرابه واختلافه على عطاء، وانظر ما بعده.

ص: 206

2853 -

أن حسين بن نصر حدثنا، قال: ثنا الفريابي، قال: أنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن حرب بن عبيد الله الثقفي، عن خال له من بكر بن وائل، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن الإبل والغنم أعشرهن؟ قال: "إنما العشور على اليهود والنصارى، وليس على المسلمين"

(1)

.

فدل هذا على أن العشر الذي ليس على المسلمين المأخوذ من اليهود والنصارى هو خلاف الزكاة؛ لأن ما يؤخذ من النصارى واليهود من ذلك إنما هو حق للمسلمين واجب عليهم، كالجزية الواجبة لهم عليهم والزكاة ليست كذلك لأنها إنما تؤخذ طهارة لرب المال، وهو مثاب على أدائها. واليهود والنصارى ليس ما يؤخذ منهم من العشر طهارة لهم، ولا هم مثابون عليه. فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يؤخذ منهم مما لا ثواب لهم عليه، وأقر ذلك على اليهود والنصارى.

2854 -

حدثنا أبو بكرة، وإبراهيم بن مرزوق، قالا ثنا أبو عامر، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن مهران، أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى أيوب بن شرحبيل: أن خذ من المسلمين من كل أربعين دينارا دينارا، ومن أهل الكتاب من كل عشرين دينارا دينارا إذا كانوا يريدونها، ثم لا تأخذ منهم شيئا حتى رأس الحول، فإني سمعت ذلك ممن سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، يقول ذلك

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لإضطرابه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 197، وأحمد (15896)، والخطيب في التاريخ 3/ 153 من طرق عن سفيان به.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن مهران=

ص: 207

ففي هذا الحديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمصدقين أن يأخذوا من أموال المسلمين ما ذكرنا، ومن أموال أهل الذمة ما وصفنا.

وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما قد وافق هذا

2855 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا معاذ بن معاذ العنبري، عن ابن عون، عن أنس بن سيرين، قال: أرسل إليّ أنس بن مالك فأبطأت عنه ثم أرسل إلي فأتيته، فقال إني كنت أرى لو أمرتك أن تعض على حجر كذا وكذا ابتغاء مرضاتي لفعلت، اخترت لك عملا فكرهته، أو أكتب لك سنة عمر رضي الله عنه؟ قال: قلت اكتب لي سنة عمر رضي الله عنه قال: فكتب خذ من المسلمين من أربعين درهما درهما، ومن أهل الذمة من كل عشرين درهما درهما، وممن لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهما. قال: قلت، من لا ذمة له؟ قال: الروم كانوا يقدمون من الشام

(1)

.

فلما فعل عمر رضي الله عنه هذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليه أحد منكر، كان ذلك حجة وإجماعا منهم عليه. فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

=وأخرجه مالك 1/ 346، وعبد الرزاق (10116)، وابن أبي شيبة 2/ 357 (9878) من طريق يحيى بن سعيد عن زريق، عن عمر بن عبد العزيز به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه القاسم بن سلام في الأموال ص 640، والبيهقي 9/ 210 من طريق معاذ بن معاذ العنبري به.

وأخرجه عبد الرزاق (10112) من طريق معمر، عن أيوب، عن أنس بن سيرين به.

ص: 208

وأما وجهه من طريق النظر، فإنا قد رأيناهم أنهم لا يختلفون أن للإمام أن يبعث إلى أرباب المواشي السائمة حتى يأخذ منهم صدقة مواشيهم إذا وجبت فيها الصدقة، وكذلك يفعل في ثمارهم ثم يضع ذلك في مواضع الزكوات على ما أمره به عز وجل لا يأبى ذلك أحد من المسلمين.

فالنظر على ذلك أن تكون بقية الأموال من الذهب والفضة وأموال التجارات كذلك.

فأما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس على المسلمين عشور إنما العشور على اليهود والنصارى". فعلى ما قد فسرته فيما تقدم من هذا الباب وقد سمعت أبا بكرة يحكي ذلك عن أبي عمر الضرير.

وهذا كله قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

وقد روي عن يحيى بن آدم في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس على المسلمين عشور، إنما العشور على اليهود والنصارى" معنى غير المعنى الذي ذكرنا، وذلك أنه قال: إن المسلمين لا يجب عليهم بمرورهم على العاشر في أموالهم ما لم يكن واجبا عليهم لو لم يمروا بها عليه؛ لأن عليهم الزكاة على أي حال كانوا عليها. واليهود والنصارى لو لم يمروا بأموالهم على العاشر لم يجب عليهم فيها شيء.

فالذي رفع عن المسلمين، هو الذي يوجبه المرور بالمال على العاشر، ولم يرفع ذلك عن اليهود والنصارى.

ص: 209

‌6 - باب ذوات العوار

(1)

هل تؤخذ في صدقات المواشي أم لا؟

2856 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: ثنا ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: بعث النبي صلى الله عليه وسلم مصدقا في أول الإسلام فقال: خذ الشارف

(2)

والبكر وذوات العيب، ولا تأخذ حرزات الناس

(3)

. قال هشام أرى ذلك ليستألفهم ثم جرت السنة بعد ذلك.

2857 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

(4)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(5)

إلى تقليد هذا الخبر، وقالوا: هكذا ينبغي للمصدق أن يأخذ.

(1)

قال ابن الأثير: العوار بالفتح: العيب، وقد يضم.

(2)

بالشين المعجمة وكسر الراء: هي الناقة المسنة، وقال أبو عبيد: المسنة الهرمة، والبكر: الفتي من الإبل.

(3)

إسناده حسن في الشواهد من أجل يعقوب بن حميد بن كاسب.

(4)

هو مرسل وإسناده حسن.

وأخرجه ابن زنجويه في الأموال (1557)، والبيهقي 4/ 102 من طريق جعفر بن عون، عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلا.

وأخرجه القاسم بن سلام في الأموال (1085) من طريق أبي معاوية، عن هشام به.

(5)

قلت أراد بهم طائفة من المالكية، وطائفة من الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 10/ 258.

ص: 210

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فقالوا: لا يأخذ في الصدقات ذات عيب، وإنما يأخذ عدلا

(2)

من المال واحتجوا في ذلك بما.

2858 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني أبي، عن ثمامة بن عبد الله، عن أنس أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما استخلف وجه أنس بن مالك رضي الله عنه إلى البحرين، فكتب له هذا الكتاب: هذه فريضةٌ يعني الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله عز وجل بها رسوله صلى الله عليه وسلم. فمن سئلها من المؤمنين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعطه، فذكر فرائض الصدقة وقال: لا يؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس الغنم

(3)

(4)

.

2859 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الحكم بن موسى، قال: ثنا يحيى بن حمزة، قال: ثنا سليمان بن داود، قال: حدثني الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه،

(1)

قلت أراد بهم: جماهير الفقهاء من الأئمة الأربعة وأصحابهم، وإسحاق، وأبا ثور، وأبا عبيد وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 10/ 259.

(2)

أي: وسطا.

(3)

هو فحل الغنم.

(4)

إسناده حسن من أجل عبد الله بن المثنى الأنصاري.

وأخرجه البخاري (1455)، وابن الجارود (342)، وابن حبان (3266)، والبيهقي 4/ 85، والدارقطني 2/ 113 - 114، والبغوي (1570) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري به.

ص: 211

عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتابا إلى أهل اليمن فيه الفرائض والسنن، فكتب فيه:"لا يؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس الغنم"

(1)

.

فهكذا كانت كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم تجري من بعده، وكتب علي رضي الله عنه من بعد ذلك. فدل ما ذكرنا على نسخ ما في حديث عائشة رضي الله عنها الذي بدأنا بذكره في هذا الباب.

وفيه أيضا ما يدل على تقديمه بما رويناه بعده، وهو قول عائشة رضي الله عنها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يبعث مصدقا في صدر الإسلام، فأمره بذلك، ونسخ ذلك بما قد ذكرنا في كتاب أبي بكر لأنس، وفي كتاب عمرو بن حزم.

وهذا كله قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

(1)

إسناده ضعيف لضعف سليمان بن داود هو سليمان بن أرقم، المتفق على ضعفه، غلط الحكم بن موسى في اسم والده، فقال سليمان بن داود حكى ذلك غير واحد من الأئمة.

وأخرجه الحاكم 1/ 395 - 397، وابن حبان (6559)، والبيهقي 4/ 89 - 90 من طرق عن الحكم بن موسى به.

ص: 212

‌7 - باب زكاة ما يخرج

(1)

من الأرض

2860 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان الثوري، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، وليس فيما دون خمس ذَوْد

(2)

صدقة، وليس فيما دون خمس أواق صدقة"

(3)

.

2861 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا همام، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن يحيى

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

2862 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا يحيى بن سعيد، عن عمرو

فذكر بإسناده مثله

(5)

.

(1)

في ج ن "تخرج الأرض".

(2)

بفتح الذال المعجمة: الإبل من ثلاث إلى عشر.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (7253)، وابن خزيمة (2298) من طريق سفيان الثوري به.

وأخرجه الشافعي 1/ 232، والحميدي (735)، وأحمد (11030)، ومسلم (979)(1)، والنسائي في المجتبى 5/ 17، وفي الكبرى (2225)، وابن الجارود (340)، وأبو يعلى (979)، والبيهقي 4/ 133 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 117 (137)، والبخاري (1447)، ومسلم (979)، والنسائي في المجتبى 5/ 18، 36، 40، وفي الكبرى (2238، 2265)، وابن خزيمة (2263، 2294، 2295)، وابن حبان (3282) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري به.

(5)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

ص: 213

2863 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم، ومالك، وسفيان الثوري، وعبد الله بن عمر، أن عمرو بن يحيى حدثهم

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

2864 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا روح بن القاسم، عن عمرو بن يحيى

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

2865 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن يحيى بن عمارة، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح: وعبد الله بن عمر العمري وإن كان لينا فقد توبع.

وأخرجه ابن خزيمة (2298)، وابن عدي في الكامل 5/ 1789، والدارقطني 2/ 93، والبيهقي 4/ 120 من طريق ابن وهب بهذا الإسناد.

وهو في موطأ مالك 1/ 333، أيضا ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 231، 233، وأبو عبيد في الأموال (1176)، والبخاري (1447)، وأبو داود (1558)، والبيهقي في المعرفة (7849، 8123، 8251).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (3281) من طريق محمد بن منهال الضرير به.

وروح بن القاسم: توبع فيه ب سعيد بن أبي عروبة.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 5/ 40، وفي الكبرى (2275)، وابن خزيمة (2301) من طريق يزيد بن زريع به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (7254)، والدارمي 1/ 384 - 385، وأحمد (11571)، ومسلم (979)(5)، والنسائي في المجتبى 5/ 40، وفي الكبرى (2264)، وابن الجارود (349)، وابن حبان (3277)، والبيهقي 4/ 128 من طرق عن =

ص: 214

2866 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

2867 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: ثنا محمد بن مسلم، قال: أنا عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صدقة في شيء من الزرع أو الكرم حتى يكون خمسة أوسق، ولا في الرقة

(2)

حتى تبلغ مئتي درهم"

(3)

.

= سفيان الثوري به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 333، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 231 - 232، وعبد الرزاق (7258)، وابن زنجويه في الأموال (1609)، وأحمد (11575)، والبخاري (1459، 1484)، والنسائي في المجتبى 5/ 36، وفي الكبرى (2254)، وابن خزيمة (2303)، والبيهقي 4/ 13484، والبغوي (1569).

(2)

بكسر الراء وفتح القاف المخففة: الدراهم.

(3)

إسناده منقطع: فإن عمرو بن دينار لم يسمعه من جابر.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1483) بإسناده ومتنه وفي أوله زيادة فهد بن سليمان مع يزيد بن سنان.

وأخرجه تاما ومقطعا عبد الرزاق (7251)، وعبد بن حميد (1103)، وأحمد (14162)، وابن ماجه (1794)، وابن خزيمة (2304 - 2305)، والطبراني في الأوسط (8478)، والدارقطني 2/ 94، والحاكم 1/ 400، 401، 402، والبيهقي 4/ 128 من طرق عن محمد بن مسلم به.

وقرن ابن خزيمة بجابر أبا سعيد الخدري، وقال ابن خزيمة: هذا الخبر لم يسمعه عمرو بن دينار من جابر.

وأخرجه عبد الرزاق (7250)، وابن خزيمة (2306) عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، قال: سمعت عن غير واحد عن جابر بن عبد الله به.

ص: 215

2868 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة"

(1)

.

2869 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا الحسن بن موسى الأشيب، قال: ثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن ليث بن أبي سليم، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة، ولا خمس أواق، ولا خمسة أوساق صدقة"

(2)

.

2870 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا ليث

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

= قلت ومع هذا صححه الحاكم على شرط مسلم، والبوصيري في مصباح الزجاجة.

(1)

رجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة أبي الزبير المكي.

وأخرجه مسلم (980)(6)، وابن خزيمة (2298) من طريق عياض بن عبد الله، عن أبي الزبير به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 24 من طريق الحسن بن موسى الأشيب به.

وأخرجه أحمد (5670) من طريق أبي النضر، والبزار (888) من طريق عبيد الله بن موسى، كلاهما عن شيبان به.

وأخرجه يحيى بن آدم في الخراج (444)، ومن طريقه البيهقي 4/ 121 عن عبد السلام بن حرب، عن ليث بن أبي سليم به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (697) من طريق عبد الوارث بن سعيد به.

ص: 216

2871 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر

نحوه، ولم يرفعه

(1)

.

2872 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا ابن المبارك، عن معمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

2873 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الحكم بن موسى، قال: ثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، قال حدثني الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب، فيه الفرائض والسنن، فكتب فيه:"ما سقت السماء أو كان سيحا، أو بعلا فيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق، وما سقي بالرشاء أو بالدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق"

(3)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(4)

إلى هذه الآثار، فقالوا: لا تجب الصدقة في شيء من الحنطة والشعير والتمر والزبيب، حتى تكون خمسة أوسق. وكذلك كل شيء مما تخرج

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل محمد بن كثير الصنعاني.

(2)

إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.

وأخرجه عبد الرزاق (7249)، وابن أبي شيبة 3/ 124، 14/ 282، وأحمد (9221، 9232) من طريق عبد الله بن المبارك به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف سليمان بن داود، وهو مكرر سابقه (2859).

(4)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وابن سيرين، وسعيد بن المسيب، والثوري، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 10/ 293.

ص: 217

الأرض، مثل الحمص، والعدس، والماش، وما أشبه ذلك فليس في شيء منه صدقة حتى يبلغ هذا المقدار أيضا. وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف، ومحمد، وأهل المدينة رحمهم الله.

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فأوجبوا الصدقة في قليل ذلك وكثيره.

واحتجوا في ذلك بما

2874 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، قال حدثني عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن معاذ بن جبل، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ مما سقت السماء العشر، ومما سقي بعلا

(2)

نصف العشر

(3)

.

2875 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الحميد بن صالح، قال: ثنا أبو بكر بن عياش

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

(1)

قلت أراد بهم: مجاهدا، وإبراهيم النخعي، والزهري، وحماد بن أبي سليمان، وأبا حنيفة، وزفر بن الهذيل رحمهم الله، كما في النخب 10/ 300.

(2)

بفتح الباء الموحدة وسكون العين المهملة هو الذي يشرب بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا غيرها.

(3)

إسناده منقطع، أبو وائل شقيق بن سلمة، لم يسمع من معاذ.

وأخرجه أحمد (22037)، والنسائي 5/ 42 من طريق أبي بكر بن عياش به.

وأخرجه النَّسَائِي 5/ 26، والبيهقي 9/ 193 من طريقين عن الأعمش به.

والواسطة بينهما مسروق.

(4)

إسناده منقطع، وهو مكرر سابقه.

ص: 218

2876 -

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء العشور، وفيما سقي بالسانية

(1)

نصف العشور"

(2)

.

2877 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود، قال: ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شهاب، عن سالم عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض فيما سقت الأنهار والعيون، أو كان عثريا يسقى بالسماء العشور وفيما سقي بالناضح

(3)

نصف العشور

(4)

.

2878 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سالم عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(5)

.

(1)

هي: الناقة التي يستقي عليها.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة (2307)، والدارقطني 2/ 113 من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب به.

وأخرجه البخاري (1483)، وأبو داود (1596)، والترمذي (645)، والنسائي 5/ 41، وابن ماجه (1817)، وابن حبان (3285، 3287) من طرق عن عبد الله بن وهب به.

(3)

هي: الدابة التي يستقى عليها.

(4)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وأخرجه القاسم بن سلام في الأموال (1415)، وابن زنجويه (1960) من طريق أبي الأسود به.

(5)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن الجارود (248) من طريق سعيد بن أبي مريم به.

ص: 219

2879 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

2880 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني عمرو بن الحارث أن أبا الزبير حدثه، أنه سمع جابر بن عبد الله يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"فيما سقت الأنهار والغيم العشور، وفيما سقي بالسانية نصف العشور"

(2)

.

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل فيما سقت السماء ما ذكر فيها، ولم يقدر في ذلك مقدارا. ففي ذلك ما يدل على وجوب الزكاة في كل ما خرج من الأرض، قل أو كثر.

فإن قال قائل ممن يذهب إلى قول أهل المدينة: إن هذه الآثار التي رويتها في هذا الفصل غير مضادة للآثار التي رويتها في الفصل الأول إلا أن الأولى مفسرة، وهذه مجملة، فالمفسر من ذلك أولى من المجمل.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وأخرجه الدارقطني 2/ 113 من طريق يزيد بن سنان به.

وأخرجه الطبراني في الكبير (13109) وفي الأوسط (312) من طريق أحمد بن رشدين، عن سعيد بن أبي مريم به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه ابن خزيمة (2309) بنفس السند.

وأخرجه أحمد (14667)، ومسلم (981)، وأبو داود (1597)، والنسائي 5/ 41، وابن الجارود (347)، وابن خزيمة (2309)، والدارقطني 2/ 130، والبيهقي 4/ 130 من طرق عن عبد الله بن وهب به.

ص: 220

قيل له: هذا محال؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر في هذه الآثار أن ذلك الواجب من العشر أو نصف العشر فيما يسقى بالأنهار أو بالعيون أو بالرشاء أو بالدالية، فكان وجه الكلام على كل ما خرج مما سقي بذلك. وقد رويتم أنتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رد ماعزا عندما جاء، فأقر عنده بالزنا أربع مرات، ثم رجمه بعد ذلك. ورويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأنيس:"اغد على امرأة هذا، فإن اعترفت، فارجمها". فجعلتم هذا دليلا على أن الاعتبار بالإقرار بالزنا مرة واحدة، لأن ذلك ظاهر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإن اعترفت فارجمها". ولم تجعلوا حديث ماعز المفسر قاضيا على حديث أنيس هذا المجمل، فيكون الاعتراف المذكور في حديث أنيس المجمل، هو الاعتراف المذكور في حديث ماعز المفسر.

فإذا كنتم قد فعلتم هذا فيما ذكرنا، فما تنكرون على من فعل في أحاديث الزكوات ما وصفنا، بل حديث أنيس أولى أن يكون معطوفا على حديث ماعز؛ لأنَّه ذكر فيه الاعتراف. وإقراره مرة واحدة ليس هو اعتراف بالزنا الذي يوجب الحد عليه في قول مخالفكم. وحديث معاذ وابن عمر وجابر رضي الله عنهم في الزكاة، إنما فيه ذكر إيجابها فيما سقي بكذا وفيما سقي بكذا. فذلك أولى أن يكون مضادا لما فيه ذكر الأوساق من حديث أنيس، لحديث ماعز. وقد حمل حديث معاذ وجابر وابن عمر رضي الله عنهم، على ما ذكرنا، وذهب في معناه إلى ما وصفنا إبراهيم النخعي، ومجاهد.

ص: 221

2881 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، قال: أنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، قال: في كل شيء أخرجت الأرض الصدقة

(1)

.

2882 -

حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا موسى بن أعين، عن خصيف، عن مجاهد قال: سألته عن زكاة الطعام؟ فقال فيما قل منه أو كثر، العشر أو نصف العشر

(2)

.

والنظر الصحيح أيضا يدل على ذلك، وذلك أنا رأينا الزكوات تجب في الأموال والمواشي في مقدار منها معلوم بعد وقت معلوم وهو الحول، فكانت تلك الأشياء تجب بمقدار معلوم، ووقت معلوم. ثم رأينا ما تخرج الأرض يؤخذ منه الزكاة في وقت ما تخرج، ولا ينتظر به وقت. فلما سقط أن يكون له وقت تجب فيه الزكاة بحلوله سقط أن يكون له مقدار تجب الزكاة فيه ببلوغه. فيكون حكم المقدار والميقات في هذا

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 372 (10034) من طريق سفيان، وابن زنجويه (1971) من طريق حسن، كلاهما عن منصور به.

وأخرجه أبو يوسف في آثاره (443) عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل خصيف بن عبد الرحمن.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 371 من طريق معمر بن سليمان الرقي، والقاسم بن سلام (1417) من طريق مروان بن شجاع، كلاهما عن خصيف به.

ص: 222

سواء، إذًا سقط أحدهما سقط الآخر كما كانا في الأموال التي ذكرنا سواء لما ثبت أحدهما ثبت الآخر.

فهذا هو النظر، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى.

ص: 223

‌8 - باب: الخرص

(1)

2883 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: كانت المزارع تكرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن لرب الأرض ما على السواقي من الزرع، وطائفة من التبن، لا أدري كم هو؟. قال نافع: فجاء رافع بن خديج وأنا معه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر يهود على أنهم يعملونها ويزرعونها على أن لهم نصف ما يخرج منها من ثمر أو زرع، على أن نقركم فيها ما بدا لنا. قال: فخرصها عليهم عبد بن رواحة، فصاحوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرصه؟. فقال لهم عبد الله بن رواحة: أنتم بالخيار، إن شئتم فهي، لكم وإن شئتم فهي لنا، نخرصها ونؤدي إليكم نصفها. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض

(2)

.

2884 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عون الزيادي، قال: ثنا إبراهيم بن طهمان، قال: ثنا أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: أفاء الله خيبر [على رسوله] فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم. فبعث عبد الله بن رواحة

(1)

قال الجوهري: هو حزر ما على النخل من الرطب تمرًا.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن نافع.

وأخرجه أحمد (4504)، والبخاري (2343 - 2344)، ومسلم (1547)(109)، والنسائي في المجتبى 7/ 46، وابن حبان (5194)، والطبراني في الكبير (4302) والبيهقي 6/ 130 من طرق عن أيوب، عن نافع به، دون قصة عبد الله بن رواحة، وهي عند عبد الرزاق (7206، 7201) من طريق ابن جريج عن عطاء، عن ابن رواحة به.

ص: 224

فخرصها عليهم ثم قال: يا معشر اليهود، أنتم أبغض الخلق إلي، قتلتم أنبياء الله وكذبتم على الله، وليس يحملني بغضي إياكم أن أحيف عليكم، وقد خرصت عليكم بعشرين ألف وسق من تمر، فإن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي

(1)

.

2885 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إبراهيم بن المنذر، قال: ثنا عبد الله بن نافع، قال: ثنا محمد بن صالح، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن عتاب بن أسيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرص العنب زبيبا، كما يخرص الرطب

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى أن الثمرة التي يجب فيها العشر هكذا حكمها، تخرص وهي رطب تمرا، فيعلم مقدارها فيسلم إلى ربها، ويملك بذلك حق الله تعالى

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير بالسماع عند أحمد.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2675) بإسناده ومتنه.

وزاده فيه طريقًا أخرى حدثنا أبو أمية حدثنا محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان.

وهو في مشيخة ابن طهمان (37)، ومن طريقه رواه أحمد (14953)، وأبو داود (3414)، والدارقطني 2/ 133 - 134، والبيهقي 4/ 123 من طريق محمد بن سابق عن إبراهيم بن طهمان به.

(2)

إسناده حسن: من أجل عبد الله بن نافع وسعيد بن المسيب، وإن قال فيه أبو داود وابن أبي حاتم: لم يسمع من عتاب شيئا فإن مراسيله تعد من أصح المراسيل وأن لها حكم المسندات.

وأخرجه الشافعي 1/ 243، وأبو داود (1604)، والترمذي (649)، وابن ماجه (1819)، وابن خزيمة (2316)، وابن حبان (3278)، والدارقطني 2/ 133، والبيهقي 4/ 121 - 122 من طرق عن عبد الله بن نافع به.

(3)

قلت أراد بهم: الزهري، وعطاء، والحسن، وعمر بن دينار، وعبد الكريم بن أبي المخارق، ومروان، والقاسم بن محمد، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأبا ثور، وأبا عبيد بن سلام رحمهم الله، كما في النخب 10/ 325.

ص: 225

فيها، ويكون عليه مثلها مكيلة ذلك ثمرا، وكذلك يفعل في العنب، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فكرهوا ذلك وقالوا: ليس في شيء من هذه الآثار أن التمرة كانت رطبا في وقت ما خرصت في حديث ابن عمر وجابر رضي الله عنهم. وكيف يجوز أن يكون كانت رطبا حينئذ، فيجعل لصاحبها حق الله فيها بكيلة ذلك تمرا يكون عليه نسيئة. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر في رءوس النخل بالتمر كيلا، ونهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة، وجاءت بذلك عنه الآثار المروية الصحيحة، وقد ذكرنا ذلك في غير هذا الموضع من كتابنا هذا، ولم يستثن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا.

فليس وجه ما روينا في الخرص عندنا على ما ذكرتم، ولكن وجه ذلك عندنا، -والله أعلم-، أنه إنما أريد بخرص ابن رواحة ليعلم به مقدار ما في أيدي كل قوم من الثمار، فيؤخذ مثله بقدره في وقت الصرام لا أنهم يملكون منه شيئا مما يجب الله فيه ببدل لا يزول ذلك البدل عنهم. وكيف يجوز ذلك؟ وقد يجوز أن تصيب الثمرة بعد ذلك آفة فتتلفها، أو نار فتحرقها، فتكون ما يؤخذ من صاحبها بدلا من حق الله تعالى مأخوذا منه بدلا مما لم يسلم له. ولكنه إنما أريد بذلك الخرص ما ذكرنا، وكذلك ما في حديث عتاب بن أسيد، فهو على ما وصفنا من ذلك أيضا. وقد دل على ذلك أيضا ما قد

(1)

قلت أراد بهم: الشعبي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 10/ 328.

ص: 226

2886 -

حدثنا ابن مرزوق: قال ثنا وهب بن جرير، قال ثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن مسعود بن نِيار، عن سهل بن أبي حثمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خرصتم فخذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث، فدعوا الربع"

(1)

.

فقد علمنا أن ذلك لا يكون إلا في وقت ما تؤخذ الزكاة؛ لأن ثمرته لو بلغت مقدار ما تجب فيه الزكاة، لم يحط عنه شيء مما وجب عليه فيها، فأخذ منه مقدار ما وجب عليه فيها بكماله، هذا مما اتفق عليه المسلمون. ولكن الحطيطة

(2)

المذكورة في هذا الحديث إنما هي قبل ذلك في وقت ما يأكل من الثمرة أهلها قبل أوان أخذ الزكاة منها. فأمر الخراص أن يلقوا مما يخرصون المقدار المذكور في هذا الحديث لئلا يحتسب به على أهل الثمار في وقت أخذ الزكاة منهم.

وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يأمر الخراص بذلك أيضا.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن مسعود بن نيار.

وأخرجه ابن خزيمة (2320) من طريق وهب بن جرير به.

وأخرجه الطيالسي (1234)، وابن أبي شيبة 3/ 194، والدارمي 2/ 271 - 272، وأحمد (15713)، وأبو داود (1605)، والترمذي (643)، وابن الجارود (352)، وابن خزيمة (2320)، وابن حبان (3280)، والطبراني (5626)، والحاكم 1/ 402، والبيهقي 4/ 123 من طرق عن شعبة به.

(2)

أي: ما يحط من جملة الحساب فينقص منه.

ص: 227

2887 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن بُشير بن يسار، عن سعيد بن المسيب، قال: بعث عمر بن الخطاب سهل بن أبي حثمة رضي الله عنهما يخرص على الناس، فأمره إذا وجد القوم في نخلهم أن لا يخرص عليهم ما يأكلون

(1)

.

فهذا أيضا دليل على ما ذكرنا أيضا وقد روي عن أبي حميد الساعدي أيضا في صفة خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما ذكرنا.

2888 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، وعبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قالا: ثنا الوحاظي، (ح)

وحدثنا علي بن عبد الرحمن، وأحمد بن داود، قالا: ثنا القعنبي، قالا: ثنا سليمان بن بلال، قال: ثنا عمرو بن يحيى المازني، عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبي حميد الساعدي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأتينا وادي القرى على حديقة امرأة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اخرصوها" فخرصها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرصناها عشرة أوسق وقال: "أحصيها حتى أرجع

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحاكم 1/ 560، والبيهقي 4/ 124 من طريق حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد، عن بشير، عن سهل أن عمر

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 414 (10560)، والقاسم بن سلام في الأموال (1449) من طرق عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار أن عمر ....

ص: 228

إليك إن شاء الله تعالى". فلما قدمناها سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حديقتها كم بلغ تمرها؟ قالت: عشرة أوسق

(1)

.

ففي هذا الحديث أيضا أنهم خرصوها وأمروها بأن تحصيها حتى يرجعوا إليها. فذلك دليل على أنها لم تملك بخرصهم إياها ما لم تكن مالكة له قبل ذلك. وإنما أرادوا بذلك أن يعلموا مقدار ما في نخلها خاصة، ثم يأخذون منها الزكاة في وقت الصرام، على حسب ما يجب فيها. فهذا هو المعنى في هذه الآثار عندنا، والله أعلم.

وقد قال قوم

(2)

في الخرص غير هذا القول، قالوا: إنه قد كان في أول الزمان يفعل ما قال أهل المقالة الأولى من تمليك الخراص أصحاب الثمار حق الله فيها، وهي رطب ببدل يأخذونه منهم تمرا، ثم نسخ ذلك بنسخ الربا فردت الأمور إلى أن لا يؤخذ في الزكوات إلا ما يجوز في البياعات. وذكروا في ذلك ما

2889 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أبو الزبير، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن الخرص وقال: أرأيتم إن هلك الثمر أيجب أحدكم أن يأكل مال أخيه بالباطل

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الدارمي (2654)، ومسلم (1392)، عن عبد الله بن مسلمة القعنبي به.

وأخرجه مطولا ومختصرا البخاري (1872، 3791)، ومسلم (1392) ص 1786 - (11)، والبيهقي 4/ 122 من طريق سليمان بن بلال به.

(2)

قلت أراد بهم: طائفة من الجماعة الذين ينكرون الخرص كما في النخب 10/ 340.

(3)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.=

ص: 229

فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر، فإنا قد رأينا الزكواة تجب في أشياء مختلفة، منها: الذهب، والفضة، والثمار التي تخرجها الأرض، والنخل، والشجر، والمواشي السائمة.

وكل قد أجمع أن رجلا لو وجبت عليه زكاة ماله وهو ذهب أو فضة، أو ماشية سائمة، فسلم ذلك له المصدق، على ما لا تجوز عليه البياعات أن ذلك غير جائز له.

ألا ترى أن رجلا لو وجبت عليه في دراهمه الزكاة، فباع ذلك منه المصدق بذهب نسيئة أن ذلك لا يجوز. وكذلك لو باعه منه بذهب، ثم فارقه قبل أن يقبضه لم يجز ذلك.

وكذلك لو وجبت عليه في ماشيته الزكاة، ثم سلم ذلك له المصدق ببدل مجهول، أو يبدل معلوم إلى أجل مجهول، فذلك كله حرام غير جائز. فكان كلما حرم في البياعات في بيع الناس ذلك بعضهم من بعض قد دخل فيه حكم المصدق في بيعه إياه من رب المال الذي فيه الزكاة التي يتولى المصدق أخذها منه. فلما كان ما ذكرنا كذلك في الأموال التي وصفنا، كان النظر على ذلك أيضا أن يكون كذلك حكم الثمار. فكما لا يجوز بيع رم رطب بتمر نسيئة، في غير ما فيه الصدقات، فكذلك لا يجوز فيما فيه الصدقات فيما بين المصدق، وبين رب ذلك المال.

فهذا هو النظر أيضا في هذا الباب، وقد عاد ذلك أيضا إلى ما صرفنا إليه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قدمنا ذكرها.

فبذلك نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

=وأخرجه أحمد (15239) من طريق حسن، عن ابن لهيعة به.

ص: 230

‌9 - باب: مقدار صدقة الفطر

2890 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، قال: ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: كنا نعطي زكاة الفطر من رمضان صاعا من طعام أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من أقط

(1)

.

2891 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله أنه سمع أبا سعيد رضي الله عنه يقول: كنا نخرج صدقة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب

(2)

.

2892 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا داود بن قيس، عن عياض بن عبد الله بن سعد، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر إما صاعا من طعام، وإما صاعا من تمر، وإما

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3399) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مطولا ومختصرا أحمد (11698)، والدارمي 1/ 393، والبخاري (1505، 1508)، والترمذي (673)، والنسائي في المجتبى 5/ 51، وفي الكبرى (2291)، والبيهقي 4/ 164 من طرق عن سفيان به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3400) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 382، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 251 - 252، والدارمي 1/ 393، والبخاري (1506)، ومسلم (985)(17)، والبيهقي 4/ 164، والبغوي (1595).

ص: 231

صاعا من شعير، وإما صاعا من زبيب، وإما صاعا من أقط. فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجا أو معتمرا، فكان فيما حكم به الناس فقال أدّوا مدّين من سمراء

(1)

الشام يعدل صاعا من شعير

(2)

.

2893 -

حدثنا يونس، قال: أخبرني عبد الله بن نافع، عن داود بن قيس، عن عياض

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

2894 -

حدثنا ابن مرزوق، قال أنا عثمان بن عمر، قال ثنا داود

فذكر بإسناده مثله، وزاد، قال أبو سعيد أما أنا فلا أزال أخرج كما كنت أخرج

(4)

.

2895 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا روح بن القاسم، عن زيد بن أسلم، عن عياض، عن أبي سعيد، قال: كانوا في صدقة

(1)

أراد به بر الشام، ويطلق السمراء على كل بر.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3401) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي 1/ 252، وأحمد (11932)، ومسلم (985)(18)، وأبو داود (1616)، والنسائي في المجتبى 1/ 51، وفي الكبرى (2292)، وابن ماجه (1829)، وابن خزيمة (2418)، وابن حبان (3305)، والدارقطني 2/ 146، والبيهقي 4/ 165، والبغوي (1596) من طرق عن داود بن قيس به.

(3)

إسناده حسن من أجل عبد الله بن نافع الصائغ القرشي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3402) بإسناده ومتنه.

(4)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3403) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارمي 1/ 392 عن عثمان بن عمر بن فارس به.

ص: 232

رمضان من جاء بصاع من شعير قُبل منه، ومن جاء بصاع من أقط قُبل منه، ومن جاء بصاع من تمر قُبل منه، ومن جاء بصاع من زبيب قُبل منه

(1)

.

2896 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث (ح)

وحدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قالا: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن عثمان أن عياض بن عبد الله حدثه أن أبا سعيد قال: إنما كنا نُخرجُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من أقط، لا نخرج غيره، فلما كثر الطعام في زمن معاوية جعلوه مدين من حنطة

(2)

.

2897 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان، عن عياض بن عبد الله، قال: سمعت أبا سعيد وهو يسأل عن صدقة الفطر قال: لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط. فقال له رجل: أو مدين، من قمح؟ فقال: لا، تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها

(3)

.

(1)

إسناده صحيح هو مكرر سابقه (2890).

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3404) بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده حسن من أجل عبد الله بن عثمان.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3405) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 5/ 53، وفي الكبرى (2219) من طريق الليث بن سعد به.

(3)

إسناده حسن محمد بن إسحاق صرح بالتحديث عند ابن خزيمة وابن حبان.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3406) بإسناده ومتنه=

ص: 233

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى هذه الآثار، فقالوا في صدقة الفطر: من أحب أن يعطيها من الحنطة أعطاها صاعا، وكذلك إن أحب أن يعطيها من الشعير أو التمر أو الزبيب.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: يعطي صدقة الفطر من الحنطة نصف صاع، ومما سوى الحنطة من الأصناف التي ذكرنا صاعا. وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن حديث أبي سعيد الخدري الذي احتجوا به عليهم، إنما فيه إخبار عما كانوا يعطون. وقد يجوز أن يكونوا يعطون من ذلك ما عليهم، ويزيدون فضلا ليس عليهم.

وقد روي عن غير أبي سعيد في الحنطة خلاف ما روي عن أبي سعيد. فمن ذلك ما

2898 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد (ح)

= وأخرجه أبو داود (1616)، وابن خزيمة (2419)، وابن حبان (3306)، والدارقطني 2/ 145 - 146، والحاكم 1/ 411، والبيهقي 4/ 165 - 166 من طريق إسماعيل بن عليه، عن محمد بن إسحاق به.

(1)

قلت أراد بهم: أبا العالية، ومسروقا، وأبا قلابة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 10/ 355.

(2)

قلت أراد بهم: عطاء، وسعيد بن جبير، وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، ومصعب بن سعد، وعبد الله بن المبارك، وسفيان الثوري، وسعيد بن المسيب، ومجاهدا، والشعبي، وطاووسا، وعلقمة، والأسود، وإبراهيم النخعي، وعبد الله بن شداد، وعمر بن عبد العزيز، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأهل الكوفة رحمهم الله، كما في النخب 10/ 358.

ص: 234

وحدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة. وقال ابن أبي مريم أنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: كنا نؤدي زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدين من قمح

(1)

.

2899 -

حدثنا فهد، وعلي بن عبد الرحمن، قالا: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرني يحيى بن أيوب، أن هشام بن عروة حدثه، عن أبيه، أن أسماء بنت أبي بكر، أخبرته أنها كانت تخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهلها الحر منهم والمملوك مدين من حنطة، أو صاعا من تمر بالمد أو بالصاع الذي يتبايعون به

(2)

.

2900 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عزيز، قال: ثنا سلامة، عن عُقيل، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء، قالت: كنا نخرج زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدين

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3409) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (26936)، وحميد بن زنجويه في الأموال (2377)، والطبراني في الكبير 24/ 352، وفي الأوسط (8967) من طرق عن ابن لهيعة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3408) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبراني 24/ 218 من طريق يحيى بن أيوب به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل سلامة بن روح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3407) بإسناده ومتنه.=

ص: 235

فهذه أسماء رضي الله عنها تخبر أنهم كانوا يؤدون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر مدين من قمح. ومحال أن يكونوا يفعلون هذا إلا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا لا يؤخذ حينئذ، إلا من جهة توقيفه إياهم على ما يجب عليهم من ذلك.

فتصحيح ما روي عن أسماء، وما روي عن أبي سعيد أن يجعل ما كانوا يؤدون على ما ذكرت يعني أسماء هو الفرض، وما كانوا يؤدون على ما ذكره أبو سعيد زيادةً على ذلك هو تطوع. والدليل على صحة ما ذكرنا من هذا أن

2901 -

أبا بكرة قد حدثنا، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، عن يونس، عن الحسن، أن مروان بعث إلى أبي سعيد: أن ابعث إلي بزكاة رقيقك. فقال أبو سعيد للرسول: إن مروان لا يعلم، إنما علينا أن نعطي لكل رأس عند كل فطر صاعا من تمر، أو نصف صاع من بر

(1)

.

=وأخرجه ابن خزيمة (2401)، والطبراني 24/ 219 من طريق محمد بن عزيز الأيلي به.

وأخرجه الحاكم 1/ 412، والبيهقي 4/ 170 من طريق الليث بن سعد عن عقيل بن خالد به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

(1)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 26 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن حزم في المحلى مسألة (641) من طريق حماد بن سلمة به.

ص: 236

فهذا أبو سعيد قد أخبر في هذا بما علينا أن نوديه في زكاة الفطر، عن عبيده، فدل ذلك على ما ذكرنا، وأن ما روي عنه مما زاد على ذلك كان اختيارا منه ولم يكن فرضا.

وقد جاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فرضه في زكاة الفطر موافقة لهذا أيضا

2902 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عارم (ح)

وحدثنا ابن أبي داود: قال: ثنا سليمان بن حرب، قالا: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن كل صغير وكبير حر وعبد صاعا من شعير أو صاعا من تمر، قال: فعدله الناس بمدين من حنطة

(1)

.

2903 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا قبيصة، قال: ثنا سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2278) بإسناده ومتنه.

ورواه البيهقي 4/ 164 من طريق سليمان بن حرب به.

ورواه البخاري (1511)، وأبو داود (1615)، والترمذي (675)، والنسائي 5/ 47، وفي الكبرى (2292)، والبيهقي 4/ 160 - 161 من طرق عن حماد بن زيد به.

وأخرجه أحمد (4486)، ومسلم (984)(14)، وابن خزيمة (2393، 2397، 2411) من طرق عن أيوب به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2279) بإسناده ومتنه. وفي بدايته أبو أمية مع علي بن شيبة.=

ص: 237

2904 -

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن نافع عن ابن عمر

مثله

(1)

.

2905 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي، وبشر بن عمر، قالا: ثنا ليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله، غير أنه لم يذكر التعديل

(2)

.

2906 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا، أخبره (ح)

وحدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن مسلمة، قال: ثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله. غير أنه قال: "عن كل حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين"

(3)

.

= وأخرجه الدارمي 1/ 392، وابن خزيمة (2409)، والدارقطني 2/ 139، والبيهقي 4/ 160 من طريق سفيان به.

وأخرجه عبد الرزاق (5763)، وابن أبي شيبة 3/ 172، وأحمد (5174)، والبخاري (1512)، ومسلم (984)(13)، وأبو داود (1613)، والنسائي في المجتبى 5/ 49، وفي الكبرى (2284)، وابن خزيمة (2403، 2409)، والدارقطني 2/ 139 من طرق عن عبيد الله به.

(1)

إسناده ضعيف: لضعف ابن أبي ليلى وشيخ الطحاوي ويحيى بن عيسى.

وأخرجه عبد الرزاق (5763) عن ابن أبي ليلى به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (3300) من طريق أبي الوليد الطيالسي وحده.

وأخرجه البخاري (1507)، ومسلم (984)(15)، والنسائي (11658)، وابن ماجه (1825) من طرق عن الليث به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2281) بإسناده ومتنه.=

ص: 238

2907 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عمرو بن طارق، قال: أنا يحيى بن أيوب، عن يونس بن يزيد، أن نافعا أخبره قال: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير على كل إنسان ذكر حر، أو عبد من المسلمين قال وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: فجعل الناس عدله مدين من حنطة

(1)

.

فقول ابن عمر رضي الله عنهما "فجعل الناس عدله مدين من حنطة" إنما يريد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يجوز تعديلهم، ويجب الوقوف عند قولهم، فإنه قد روي عن عمر مثل ذلك في كفارة اليمين، أنه قال ليسار بن نمير: إني أحلف أن لا أعطي أقواما شيئا، ثم يبدو لي فأفعل، فإذا رأيتني فعلت ذلك فأطعم عني عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من بر، أو صاعا من تمر أو شعير، وروي عن علي مثل ذلك، وسنذكر ذلك في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى، مع أنه قد روي عن عمر وعن أبي بكر أيضا، وعن عثمان بن عفان في صدقة الفطر أنها من الحنطة نصف صاع، وسنذكر ذلك أيضا في هذا الباب إن شاء الله تعالى.

= وهو في موطأ مالك 1/ 381، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 250 - 251، وأحمد (5303)، والبخاري (1504)، ومسلم (984)(12)، وأبو داود (1611)، والترمذي (676)، والنسائي في المجتبى 5/ 48، وفي الكبرى (2281 - 2282)، وابن ماجه (1826)، وابن خزيمة (2399)، وابن حبان (3301).

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3398) بإسناده ومتنه. وفي البداية قورن مع فهد طاهر بن عمرو بن الربيع.

ص: 239

فدلّ ذلك على أنهم هم المعدلون لما ذكرنا من الحنطة بالمقدار من الشعير، والتمر الذي ذكرنا، ولم يكونوا يفعلون ذلك إلا بمشاورة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإجماعهم لهم على ذلك. فلو لم يكن روي لنا في مقدار ما يعطى من الحنطة في زكاة الفطر إلا هذا التعديل لكان ذلك عندنا حجة عظيمة في ثبوت ذلك المقدار من الحنطة وأنَّه نصف صاع. فكيف وقد روي مع ذلك عن أسماء أنها كانت تخرج ذلك المقدار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا.

ثم قد روي في غير هذه الآثار التي ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق ذلك أيضا. فمن ذلك ما

2908 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي صعير، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صاع من بر أو قمح عن كل اثنين حر أو عبد ذكر أو أنثى، أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد عليه [أكثر] مما أعطى"

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف نعمان بن راشد وللإختلاف الذي وقع عن الزهري.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3411) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 5/ 36، وأبو داود (1619)، والدارقطني 2/ 148، والبيهقي 4/ 167 من طريق مسدد به.

وأخرجه أحمد (23664)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/ 253، وابن قانع 1/ 122، وابن الأثير في أسد الغابة 1/ 289 من طرق عن حماد بن زيد به.

ص: 240

2909 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عفان، قال: ثنا حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي صعير، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أدوا زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير، أو نصف صاع من بر -أو قال: من قمح- عن كل إنسان صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، حر أو مملوك، غني أو فقير"

(1)

.

2910 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن مهدي، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة قال: زكاة الفطر عن كل حر وعبد ذكر أو أنثى صغير أو كبير غني أو فقير صاع من تمر أو نصف صاع من قمح. قال معمر: وبلغني عن الزهري أنه كان يرفعه

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3410) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (23664)، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 122 من طريق عفان به.

(2)

إسناده صحيح موقوفًا.

وهو في مصنف عبد الرزاق (5761)، ومن طريقه أخرجه الدارقطني 2/ 149 - 150، والبيهقي 4/ 164 عن معمر عن الزهري عن الأعرج به.

وأخرجه أحمد (7724)، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي هريرة، وهذا منقطع.

ص: 241

2911 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: قال الليث: حدثني عبد الرحمن بن خالد، وعقيل بن خالد، عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر مدين من حنطة

(1)

.

2912 -

حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال ثنا الليث

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

2913 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد، قال: أنا حيوة، قال: أنا عقيل، عن ابن شهاب، أنه سمع سعيد بن المسيب، وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة يقولون: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر بصاع من تمر، أو بمدين من حنطة

(3)

.

(1)

مرسل ورجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3414) بإسناده ومتنه.

وعلقه البخاري في تاريخه 5/ 37 عن عقيل وعبد الرحمن بن خالد بهذا الإسناد.

ورواه الشافعي في سنته (378) برواية المؤلف عن خاله المزني.

ومن طريقه البيهقي في السنن 4/ 169، وفي المعرفة (8475) عن يحيى بن حسان به.

وأخرجه ابن زنجويه في الأموال (2370) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث به.

ورواه أبو داود في المراسيل (120) عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب به.

(2)

مرسل ورجاله ثقات، وهو مكرر سابقه.

(3)

مرسل ورجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3415) بإسناده ومتنه.=

ص: 242

2914 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال أخبرني يحيى بن أيوب، قال حدثني عقيل، عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، والقاسم، وسالم. قالوا: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقة الفطر بصاع من شعير أو مُدّين من قمح

(1)

.

2915 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عبد الغفار بن داود، قال: ثنا ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سعيد، وعبيد الله، والقاسم، وسالم، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

2916 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد، عن عبد الخالق الشيباني، عن سعيد بن المسيب، قال: كانت الصدقة تُعطَى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، نصف صاع من حنطة

(3)

.

(1)

مرسل ورجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3416) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن زنجويه في الأموال (2371) من طريق ابن لهيعة، عن عقيل بهذا الإسناد.

(2)

مرسل فيه ابن لهيعة فيه شيء من جهة حفظه، وبقية رجاله ثقات.

وهو. عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3417) بإسناده ومتنه.

(3)

مرسل رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3418) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو عبيد في الأموال (ص (188) عن إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد الخالق بن سلمة الشيباني بهذا الإسناد.

ص: 243

فقد جاءت هذه الآثار التي ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحنطة بمثل ما عدّله الناس بعده، وأبو سعيد فقد روي عنه من رأيه ما يوافق ذلك، ولم يخالف ما روي عنه من ذلك ما ذكره عنه عياض بن عبد الله في قوله: تلك قيمة

(1)

معاوية، لا أقبلها ولا أعمل بها لأنَّه في ذلك لم ينكر القيمة، وإنما أنكر المقوم.

فهذا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقة الفطر، وقد ذكرنا بعض ما روي عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم في ذلك.

وقد روي في ذلك أيضا عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ما يوافق ذلك.

2917 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، وهلال بن يحيى، قالا: أنا أبو عوانة، عن عاصم الأحول، عن أبي قلابة قال: أخبرني من دفع إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه صاع بر بين اثنين

(2)

.

2918 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، قال أنا حماد، عن الحجاج بن أرطاة، قال: ذهبت أنا والحكم بن عتيبة إلى زياد بن النضر، فحدثنا عن عبد الله بن نافع أن أباه سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إني رجل مملوك فهل في مالي زكاة؟. فقال عمر

(1)

في ج "فتوى".

(2)

إسناده ضعيف لضعف هلال بن يحيى بن مسلم الرأي.

وأخرجه عبد الرزاق (5776) من طريق الثوري، عن عاصم به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 1396 (10336) من طريق حفص، عن عاصم به.

ص: 244

رضي الله عنه: إنما زكاتك على سيدك أن يؤدي عنك عند كل فطر صاعا من شعير، أو تمر أو نصف صاع من بر

(1)

.

2919 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا نعيم، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن ابن أبي صعير، قال: كنا نخرج زكاة الفطر على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه نصف صاع

(2)

.

2920 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا القواريري، قال: ثنا حماد بن زيد، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، قال: خطبنا عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال في خطبته: أدوا زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، عن كل صغير وكبير حر ومملوك ذكر وأنثى

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن نافع.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 38 بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري في التاريخ كما في النخب 10/ 398 من طريق منصور، عن الحكم وغيره.

(2)

إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 39 بإسناده ومتنه.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 40 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 396 عن عبد الوهاب، عن خالد به.

ص: 245

2921 -

حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قال: ثنا القواريري

فذكر بإسناده عن عثمان رضي الله عنه أنه خطبهم فقال: أدوا زكاة الفطر مدّين من حنطة

(1)

. ولم يذكر ما سوى ذلك، مما ذكره ابن أبي داود.

فهذا أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم قد أجمعوا في ذلك على ما ذكرنا.

وقد روي مثل ذلك أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما

2922 -

حدثنا محمد بن عمرو قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس قال: أمرت أهل البصرة إذ كنت فيهم أن يعطوا عن الصغير والكبير والحر والمملوك مدين من حنطة

(2)

.

وقد روي مثل ذلك أيضا عن عمر بن عبد العزيز وغيره من التابعين رحمهم الله.

2923 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن حمران، قال: ثنا عوف، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة كتابا، فقرأه على منبر البصرة وأنا أسمع: أما بعد: فمر من قِبلك من المسلمين أن يخرجوا زكاة الفطر صاعا من تمر أو نصف صاع من بر

(3)

.

(1)

إسناده صحيح كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 39 بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن أبي ليلى ولضعف شيخ الطحاوي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 40 بإسناده ومتنه.

(3)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 41 بإسناده ومتنه.=

ص: 246

2924 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، قال: أنا أبو عوانة، عن منصور، عن إبراهيم، ومجاهد

مثله

(1)

.

2925 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: في زكاة الفطر صاع من كل شيء سوى الحنطة، والحنطة نصف صاع

(2)

.

2926 -

حدثنا عبد الله بن محمد بن خُشيش، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام، قال: ثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب في زكاة رمضان قال: صاع تمر، أو نصف صاع بر

(3)

.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 397 (10352) من طريق أبي أسامة، عن عوف به.

(1)

إسناده صحيح.

هو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 42 بإسناده ومتنه، غير أنه وقع في المطبوع عن منصور، عن مجاهد، عن إبراهيم ولعله خطأ، والصواب ما أثبتناه في شرح المعاني.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 396 من طريق جرير، عن منصور به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 42 بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (5771)، وابن زنجويه (2381) عن الثوري به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 396 من طريق جرير، عن منصور به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن زنجويه (2388) من طريق مسلم بن إبراهيم به.

وأخرجه عبد الرزاق (5786) عن معمر، عن قتادة به.

ص: 247

2927 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، -قال أبو جعفر: أراه قال: ثنا- عفان، قال: ثنا شعبة، قال: سألت الحكم وحمادا وعبد الرحمن بن القاسم عن صدقة الفطر، فقالوا: نصف صاع حنطة

(1)

.

فهذا كل ما روينا في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه من بعده، وعن تابعيهم من بعدهم كلها على أن صدقة الفطر من الحنطة نصف صاع، ومما سوى الحنطة صاع. وما علمنا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من التابعين روي عنه خلاف ذلك، فلا ينبغي لأحد أن يخالف ذلك، إذ كان قد صار إجماعا في زمن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم إلى زمن مَنْ ذكرنا من التابعين. ثم النظر أيضا قد دل على ذلك، وذلك أنا رأيناهم قد أجمعوا على أنها من الشعير والتمر صاع.

فنظرنا في حكم الحنطة في الأشياء التي تؤدى عنها التمر والشعير كيف هو؟ فوجدنا كفارات الأيمان قد أجمع أن الإطعام فيها من هذه الأصناف أيضا.

ثم اختلف في مقدارها منها. فقال قوم

(2)

مقدار ذلك من التمر والشعير نصف صاع، ومن الحنطة مثل نصف ذلك.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 396 (10348) من طريق أبي داود، عن شعبة أنه سأل الحكم وحمادا

(2)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار رحمهم الله، كما في النخب 10/ 407.

ص: 248

وقال آخرون

(1)

: بل هو من الحنطة نصف صاع ومما سوى ذلك صاع. وكلهم قد عدل الحنطة بمثليها

(2)

من التمر والشعير، فكان النظر على ذلك إذا كانت صدقة الفطر صاعا من التمر والشعير أن تكون من الحنطة مثل نصف ذلك، وهو نصف صاع.

فهذا هو النظر في هذا الباب أيضا، وقد وافق ذلك ما جاءت به الآثار التي ذكرنا فبذلك نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

(1)

قلت أراد بهم: الثوري، والنخعي، وأبا حنيفة وأصحابه، وآخرين رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

(2)

في ج دس م خد "بمثلها".

ص: 249

‌10 - باب: وزن الصاع كم هو؟

2928 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا محمد بن شجاع، وسليمان بن بكار، وأحمد بن منصور الرمادي، قالوا: ثنا يعلى بن عبيد، عن موسى الجهني، عن مجاهد، قال: دخلنا على عائشة، فاستسقى بعضنا فأتي بعس

(1)

، قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بمثل هذا. قال مجاهد: فحزرته فيما أحزر ثمانية، أرطال تسعة أرطال عشرة أرطال

(2)

.

قال أبو جعفر فذهب ذاهبون

(3)

إلى أن وزن الصاع ثمانية أرطال، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا: لم يشك مجاهد في الثمانية، وإنما شك فيما فوقها، فثبتت الثمانية بهذا الحديث، وانتفى ما فوقها، وممن قال بهذا القول أبو حنيفة رحمه الله.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

، فقالوا: وزنه خمسة أرطال وثلث رطل، وممن قال ذلك، أبو يوسف رحمه الله، وقالوا هذا الذي كان يغتسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صاع ونصف وذكروا في ذلك ما

(1)

بضم العين وتشديد السين المهملتين هو: القدح الكبير.

(2)

إسناده صحيح، ومحمد بن شجاع متابع.

وأخرجه أبو عبيد (1580) عن شريك، والنسائي في المجتبى 1/ 127، وفي الكبرى (230) من طريق يحيى بن زكريا وأحمد (24248)، وأبو عبيد في الأموال (1579)، وابن المنذر في الأوسط (642) من طريق يحيى بن سعيد القطان ثلاثتهم عن موسى الجهني به، وعند النَّسَائِي ثمانية أرطال من غير شك.

(3)

قلت أراد بهم: الحجاج بن أرطاة، والحكم بن عتيبة، وإبراهيم النخعي، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 10/ 410.

(4)

قلت أراد بهم: أهل المدينة نحو ربيعة الرأي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسعيد بن المسيب، ومالكا،=

ص: 250

2929 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا، زائدة عن جعفر بن برقان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، وهو الفرق

(1)

(2)

.

2930 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من قدح واحد يقال له: الفرق

(3)

.

2931 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: ثنا الليث بن سعد، قال: حدثني ابن شهاب

فذكر بإسناده نحوه

(4)

.

قالوا: فلما ثبت بهذا الحديث الذي روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو، وهي من الفَرَق، والفرق ثلاثة أصوع، كان ما

=والشافعي، وأحمد وإسحاق، وأبا عبيد رحمهم الله، كما في النخب 10/ 412.

(1)

قال ابن الأثير: الفرق: بالتحريك، مكيال يسع ستة عشر رطلا.

(2)

إسناده ضعيف لضعف رواية جعفر بن برقان عن الزهري.

وأخرجه الدارمي (795)، وتمام في فوائده (212) من طريق جعفر بن برقان به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1438)، والبخاري (250)، والبيهقي 1/ 193، والبغوي (255) من طريق ابن أبي ذئب به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (319)(41)، والنسائي في المجتبى 1/ 57، 127، 179، وفي الكبرى (73، 231)، وأبو عوانة 1/ 295، وابن حبان (1108)، والبيهقي 1/ 193، وابن عبد البر في التمهيد 8/ 101 من طريق الليث بن سعد به.

ص: 251

يغتسل به كل واحد منهما صاعا ونصفا. فإذا كان ذلك ثمانية أرطال كان الصاع ثلثها، وهو خمسة أرطال، وثلث، رطل، وهذا قول أهل المدينة أيضا.

وكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأولى أن حديث عروة، عن عائشة رضي الله عنها إنما فيه ذكر الفرق الذي كان يغتسل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي لم تذكر مقدار الماء الذي يكون فيه، هل هو ملؤه، أو أقل من ذلك؟ فقد يجوز أن يكون كان يغتسل هو وهي بملئه؛ ويجوز أن يكون كان يغتسل هو وهي بأقل من ملئه مما هو صاعان، فيكون كل واحد منهما مغتسلا بصاع من ماء، ويكون معنى هذا الحديث موافقا لمعاني الأحاديث التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يغتسل بصاع، فإنه قد روي عنه في ذلك ما

2932 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، قال: أنا عبد الرحيم بن سليمان، عن حجاج، عن إبراهيم، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع

(1)

.

2933 -

حدثنا فهد قال: ثنا الحماني، قال: ثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة، ولضعف إبراهيم بن مهاجر الهجري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 66 من طريق عبد الرحيم به.

وأخرجه الدارقطني 1/ 94 من طريق قتادة، عن صفية به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل الحماني.

ص: 252

2934 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا أبو الأحوص، عن مسلم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع

(1)

.

2935 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا هدبة بن خالد، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بقدر الصاع، ويتوضأ بقدر المد

(2)

.

2936 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم، قال: ثنا أبان، عن قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف: لضعف مسلم بن كيسان الأعور.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1688) عن جرير عن مسلم الأعور عن إبراهيم النخعي عن عائشة قالت: كان غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة صاعا من الماء.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو يعلى (4858) من طريق هدبة بن خالد به.

وأخرجه أحمد (24897)، وأبو داود (92)، والنسائي 1/ 179، وابن ماجه (268)، وابن المنذر في الأوسط (643) من طرق عن همام به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (24898)، والبيهقي في السنن 1/ 195، وفي السنن الصغير (147) من طريق عفان، عن أبان بن يزيد العطار به.

ص: 253

2937 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة

فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: بالمد ونحوه

(1)

.

2938 -

حدثنا محمد بن العباس بن الربيع، قال: ثنا أسد، قال: ثنا المبارك بن فضالة قال: حدثتني أمي

(2)

، عن معاذة، عن عائشة رضي الله الله عنها قالت: كان رسول الله صلى عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع

(3)

.

2939 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا حيوة بن شريح، قال: ثنا بقية، عن عُتبة بن أبي حكيم، قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبير بن عتيك، قال: سألنا أنسا عن الوضوء الذي يكفي الرجل من الماء فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ من مدّ فيسبغ الوضوء، وعسى أن يفضل منه. قال: وسألناه عن الغسل من الجنابة: كم يكفي من الماء؟ قال: الصاع، فسألت عنه: أعن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصاع؟ قال: نعم مع المد

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (25976) من طريق عبد الوهاب به.

(2)

في ج ن "أبي"، والمثبت من د س خد م.

(3)

إسناده حسن من أجل المبارك بن فضالة، هو يروي عن أبيه أو عن أمه بالتحديث.

وأخرجه أحمد إثر (25974) من طريق يزيد عن صفية أو معاذ، عن عائشة به.

وأخرجه أبو عبيد في الأموال (1572)، وفي الطهور (112) عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن معاذة، عن صفية، عن عائشة به.

(4)

إسناده ضعيف لضعف بقية بن الوليد.=

ص: 254

2940 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو عوانة، عن يزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع

(1)

.

2941 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا بشر، قال: ثنا أبو ريحانة، عن سفينة مولى أم سلمة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسله الصاع من الماء، ويوضئه المد من الماء

(2)

.

ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بصاع، وليس فيه مقدار وزن الصاع كم هو؟ وفي حديث مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها ذكر وزن ما

= وأخرجه أحمد (12843)، وأبو داود (95) من طريق شريك النخعي، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن جبر به مختصرا على كلام المرفوع.

(1)

إسناده ضعيف: لضعف يزيد بن أبي زياد.

وأخرجه البيهقي 1/ 195 من طريق أبي عوانة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 65 - 66، وعبد بن حميد (1114)، وأحمد (14250)، وأبو داود (93)، وابن خزيمة (117)، والبيهقي 1/ 195 من طريقين عن يزيد بن أبي زياد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم 326 (52)، والبزار (3832)، وابن المنذر في الأوسط (327)، وابن عدي 4/ 1567، والدارقطني 1/ 94، والبيهقي 1/ 195 من طريق بشر بن المفضل به.

وأخرجه أحمد (21930)، وأبو عوانة (632)، وتمام في فوائده 2/ 210، والطبراني في الأوسط (7794) من طرق عن أبي ريحانة به.

ص: 255

كان يغتسل به، وهو ثمانية أرطال. وفي حديث عروة، عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تغتسل هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، هو الفرق.

ففي هذا الحديث ذكر ما كانا يغتسلان منه خاصة، وليس فيه ذكر مقدار الماء الذي كانا يغتسلان به. وفي الآثار الآخر ذكر مقدار الماء الذي كان يغتسل به، وأنَّه كان صاعا. فثبت بذلك لما صححت هذه الآثار، وجُمعت وكُشفت معانيها أنه كان يغتسل من إناء هو الفرق، وبصاع وزنه ثمانية أرطال، فثبت بذلك ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله. وقد قال بذلك أيضا محمد بن الحسن.

وقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أيضا ما يدل على هذا المعنى.

2942 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن ابن جبر، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، وهو رطلان

(1)

.

2943 -

حدثنا فهد، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله، يعني ابن جبر، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ برطلين، ويغتسل بالصاع

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف من أجل شريك.

وأخرجه أحمد (12839)، والترمذي (609)، والبغوي (278) من طريق شريك به.

(2)

إسناده ضعيف: وهو مكرر سابقه.

ص: 256

فهذا أنس قد أخبر أن مُدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رطلان، والصاع أربعة أمداد. فإذا ثبت أن المد رطلان، ثبت أن الصاع ثمانية أرطال.

فإن قال قائل: إن أنس بن مالك قد روي عنه خلاف هذا. فذكر ما

2944 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: ثنا شعبة، قال: أنا عبد الله بن عبد الله بن جبر، سمع أنس بن مالك يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمكوك

(1)

، ويغتسل بخمس مكاكي

(2)

.

قال: فهذا الحديث يخالف الحديث الأول. قيل له: ما في هذا عندنا خلاف له، لأن حديث شريك إنما فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد، وقد وافقه على ذلك عتبة بن أبي حكيم فروى عن عبد الله بن جبر نحوا من ذلك.

فلما روى شعبة ما ذكرنا عن عبد الله بن جبر، احتمل أن يكون أراد بالمكوك المد؛ لأنهم كانوا يسمون المد مكوكا، فيكون الذي كان يتوضأ به مدًّا، ويكون الذي يغتسل به خمسة مكاكي، يغتسل بأربعة منها، وهي أربعة أمداد، وهي صاع، ويتوضأ بآخر، وهو مد.

(1)

قال ابن الأثير: المكوك المد، وقيل: الصاع والأول أشبه.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الدارمي (689) من طريق أبي الوليد الطيالسي به.

وأخرجه أحمد (12105)، ومسلم (325)(50)، والنسائي 1/ 127، وابن خزيمة (116)، وأبو عوانة 1/ 232، وابن حبان (1203 - 1204) والبيهقي 1941، والبغوي (277) من طرق عن شعبة به.

وأخرجه البخاري (201)، ومسلم (325)(51) من طريق مسعر بن كدام، عن عبد الله بن جبر به.

ص: 257

فَجُمع في هذا الحديث ما كان يتوضأ به للجنابة، وما كان يغتسل به لها. وأفرد في حديث عتبة ما كان يغتسل به لها خاصة دون ما كان يتوضأ به وأن ذلك الوضوء لها أيضا.

وسمعت ابن أبي عمران يقول: سمعت ابن الثلجي يقول: إنما قدر الصاع على وزن ما يعتدل كيله ووزنه من الماش والزبيب والعدس، فإنه يقال: إن كيل ذلك ووزنه سواء.

2945 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: أنا علي بن صالح، وبشر بن الوليد جميعا، عن أبي يوسف، قال: قدمت المدينة فأخرج إلي من أثق به صاعا، فقال لي: هذا صاع النبي صلى الله عليه وسلم، فقدرته، فوجدته خمسة أرطال وثلث رطل

(1)

.

وسمعت ابن أبي عمران يقول: يقال إن الذي أخرج هذا لأبي يوسف هو مالك بن أنس. وسمعت أبا خازم يذكر أن مالكا سئل عن ذلك، فقال: هو تحري عبد الملك لصاع عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فكان مالك لما ثبت عنده أن عبد الملك تحرى ذلك من صاع عمر، وصاع عمر رضي الله عنه صاع النبي صلى الله عليه وسلم وقد قدر صاع عمر على خلاف ذلك.

(1)

إسناده فيه علي بن صالح: سكت عليه العيني في المغاني 2/ 353، وبشر بن الوليد: من رجال اللسان، قال صالح جزرة: صدوق لكنه لا يعقل قد كان خرف، ووثقه الدارقطني ومسلمة وكان أحمد يثني عليه، وأحمد ابن أبي عمران: ثقة.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 171، وفي المعرفة (8156) من طريق الحسين بن منصور عن الحسين بن الوليد به.

ص: 258

2946 -

فحدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا وكيع، عن علي بن صالح، عن أبي إسحاق، عن موسى بن طلحة قال: الحجاجي صاع عمر بن الخطاب رضي الله عنه

(1)

.

2947 -

حدثنا أحمد قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا وكيع، عن أبيه، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: عيرنا صاع، عمر، فوجدناه حجاجيا، والحجاجي عندهم ثمانية أرطال بالبغدادي

(2)

.

2948 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سفيان بن بشر الكوفي، قال: ثنا شريك، عن مغيرة، وعبيدة، عن إبراهيم، قال: وضع الحجاج قفيزه على صاع عمر

(3)

.

فهذا أولى مما ذكره مالك من تحري عبد الملك؛ لأن التحري ليس معه حقيقة، وما ذكره إبراهيم وموسى بن طلحة من العيار معه حقيقة.

فهذا أولى وبالله التوفيق. آخر كتاب الزكاة.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد بن كاسب.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 421 (10640) من طريق وكيع به.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 4/ 50 من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن رجل، عن موسى به.

(2)

إسناده حسن من أجل يعقوب بن حميد والجراح والد وكيع.

وأخرجه سعيد بن منصور (1404) عن أبي وكيع، وابن زنجويه في الأموال (1923) من طريق أبي بكر، كلاهما عن مغيرة به.

(3)

إسناده حسن وشريك وعبيدة توبعا فيه.

ص: 259

‌5 - كتاب الصيام

‌1 - باب الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم

2949 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، قال: تسحّرتُ ثم انطلقت إلى المسجد، فمررت بمنزل حذيفة، فدخلت عليه، فأمر بلقحة فحُلِبت، وبقدر فسخنت، ثم قال: كُلْ، فقلت: إني أريد الصوم، قال: وأنا أريد الصوم. قال: فأكلنا، ثم شربنا، ثم أتينا المسجد، فأقيمت الصلاة، قال: هكذا فعل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو صنعت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: بعد الصبح؟ قال: بعد الصبح غير أن الشمس لم تطلع

(1)

.

قال أبو جعفر ففي هذا الحديث عن حذيفة أنه أكل بعد طلوع الفجر وهو يريد الصوم وحكى مثل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك، فهو ما روينا عنه مما تقدم ذكرنا له في كتابنا هذا أنه قال:"إن بلالا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم" وأنَّه قال: "لا

(1)

إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5505) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (23361) من طريق حماد بن سلمة به.

وأخرجه ابن ماجه (1695)، والبزار (2910)، والطبري في تفسيره 2/ 175 من طرق عن عاصم بن بهدلة.

ورواه النَّسَائِي في المجتبى 4/ 142، وفي الكبرى (2463) من طريق شعبة، عن عدي، عن زر بن حبيش به.

ص: 260

يمنعن أحدكم أذان بلال من سُحوره، فإنه إنما يؤذن لينتبه

(1)

نائمكم، وليرجع قائمكم" ثم وصف الفجر بما قد وصفه به. فدل ذلك على أنه هو المانع من الطعام والشراب وما سوى ذلك مما يمنع منه الصائم.

فهذه الآثار التي ذكرنا مخالفة لحديث حذيفة. وقد يحتمل حديث حذيفة عندنا -والله أعلم- أن يكون كان قبل نزول قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].

2950 -

فإنه قد حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إسماعيل بن سالم، قال: ثنا هشيم، قال: أنا حصين ومجالد

(2)

، عن الشعبي، قال: أخبرنا عدي بن حاتم، قال: لما نزلت هذه الآية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] عمدت إلى عقالين: أحدهما أسود والآخر أبيض، فجعلت أنظر إليهما، فلا يتبين لي الأبيض من الأسود. فلما أصبحتُ غدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بالذي صنعت، فقال:"إن وسادك لعريض إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل"

(3)

.

(1)

في م د "لينبه".

(2)

كذا في ج د م، وفي س خد "مجاهد".

(3)

إسناده صحيح ومجالد متابع فيه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1505) بإسناده ومتنه.

وأخرجه تاما ومختصرا أحمد (19370)، وسعيد بن منصور في التفسير (277)، والبخاري (1916)، والترمذي (2970)، وابن خزيمة (1925)، وابن حبان (3462)، والبيهقي 4/ 215 من طرق عن هشيم عن حصين به=

ص: 261

2951 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا هُشيم، قال: ثنا حصين بن عبد الرحمن، عن الشعبي، عن عدي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

2952 -

حدثنا محمد، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الله بن إدريس الأودي، عن حصين

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

2953 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا الفضيل بن سليمان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، قال: لما نزلت {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] جعل الرجل يأخذ خيطًا أبيض وخيطًا أسود، فيضعهما تحت وسادة، فينظر متى يستبينهما فيترك الطعام. قال: فبين الله عز وجل ذلك، ونزلت {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]

(3)

.

=وأخرجه الترمذي (2970 م) من طريق هشيم، عن مجالد به.

وأخرجه أحمد (19375)، والحميدي (916)، والترمذي (2970 - 2971)، والطبراني 17/ 173 - 174 من طرق عن مجالد به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1504) بإسناده ومتنه.

ورواه البخاري (1916)، وعنه البغوي في معالم التنزيل 2/ 158 عن حجاج بن منهال به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1090)، وأبو داود (2349) من طريقين عن عبد الله بن إدريس به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل فضيل بن سليمان النميري.=

ص: 262

فلما كان حكم هذه الآية قد كان أشكل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بين الله عز وجل لهم من ذلك ما بين، وحتى أنزل {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] بعدما قد كان أنزل {وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] فكان الحكم أن يأكلوا ويشربوا حتى يتبين ذلك لهم، حتى نسخ الله عز وجل بقوله {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] على ما ذكرنا ما قد بينه سهل في حديثه. واحتمل أن يكون ما روى حذيفة من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول تلك الآية، فلما أنزل الله عز وجل تلك الآية أحكم ذلك، ورد الحكم إلى ما بين فيها.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في ذلك ما

2954 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو نعيم، والخضر بن محمد بن شجاع، قالا: ثنا ملازم بن عمرو، قال: ثنا عبد الله بن بدر السحيمي، قال: حدثني جدي قيس بن طلق، قال: حدثني أبي أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلوا واشربوا ولا يهيدنكم

(1)

الساطع المصعد، كلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر وأشار بيده وأعرضها"

(2)

.

=وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 4/ 151 بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري 1917 (4511)، ومسلم (1091)، والنسائي في الكبرى (10955)، والطبري في جامع البيان (2990)، والطبراني في الكبير (5791)، والبيهقي 4/ 215، والبغوي في معالم التنزيل 1/ 158 من طريق سعيد بن أبي مريم، عن أبي غسان محمد بن مطرف، عن أبي حازم به.

(1)

أي: لا يحركنكم ولا يزعجنكم الساطع المصعد، وأصله من الهيد وهو: الحركة.

(2)

إسناده صحيح.=

ص: 263

فلا يجب ترك آية من كتاب الله تعالى نصا، وأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترة قد قبلتها الأئمة، وعملت بها الأمة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم إلى حديث قد يجوز أن يكون منسوخا بما ذكرنا في هذا الباب وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

=وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 27، وأبو داود (2348)، والترمذي (705)، وابن خزيمة (1930)، والطبراني في الكبير (8257)، والدارقطني 2/ 166 من طريق ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن النعمان به.

ص: 264

‌2 - باب: الرجل ينوي الصيام بعدما يطلع الفجر

2955 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني ابن لهيعة، ويحيى بن أيوب، عن عبد الله بن أبي بكر، عن ابن شهاب، عن سالم عن أبيه، عن حفصة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يبيت

(1)

الصيام من قبل الفجر، فلا صيام له"

(2)

.

2956 -

حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف: قال ثنا ابن لهيعة

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

2957 -

حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث بن سعد، عن يحيى بن أيوب

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

(1)

أي: من لم ينوه من الليل.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2454)، وابن خزيمة (1933)، والدارقطني 2/ 172، والبيهقي في السنن 4/ 202، وفي المعرفة 6/ 22 - 229، والخطيب 3/ 92 من طريق عبد الله وهب به.

(3)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وأخرجه الطبراني في الكبير 23/ 367 من طريق عبد الله بن يوسف، عن ابن لهيعة به.

(4)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 4/ 196، وفي الكبرى (2641)، والطبراني في الكبير 23/ 337، والبيهقي 4/ 213 من طرق عن الليث به.

ص: 265

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أن الرجل إذا لم ينو الدخول في الصيام قبل طلوع الفجر لم يجزه أن يصوم يومه ذلك بنية تحدث له بعد ذلك، واحتجوا بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: هذا الحديث لا يرفعه الحفاظ الذين يروونه، عن ابن شهاب، ويختلفون عنه فيه اختلافا يوجب اضطراب الحديث بما هو دونه. ولكن مع ذلك نثبته، ونجعله على خاص من الصوم، وهو الصوم الفرض الذي ليس في أيام بعينها مثل الصوم في الكفارات، وقضاء رمضان، وما أشبه ذلك.

وأما ما ذكرنا من رواية الحفاظ لهذا الحديث عن الزهري ومن اختلافهم عنه فيه فإن

2958 -

إبراهيم بن مرزوق حدثنا قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك، عن ابن شهاب، عن عائشة وحفصة رضي الله عنهما بذلك الذي ذكرناه في أول هذا الباب

(3)

.

2959 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا، روح، قال: ثنا ابن عيينة، عن ابن شهاب، عن حمزة بن عبد الله، عن أبيه، عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، بذلك، ولم يرفعه

(4)

.

(1)

قلت أراد بهم: الأوزاعي، وأبا سليمان، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 11/ 31.

(2)

قلت أراد بهم: النخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 11/ 32.

(3)

إسناده منقطع: الزهري لم يدرك حفصة ولا عائشة.

وهو في موطأ مالك 1/ 388، ومن طريقه النَّسَائِي 4/ 197، وفي الكبرى (2662)، والبيهقي 4/ 202.

(4)

إسناده صحيح.=

ص: 266

2960 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن مهدي، قال أنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري عن سالم عن ابن عمر، عن حفصة رضي الله عنهم بذلك، ولم يرفعه

(1)

.

فهذا مالك، ومعمر، وابن عيينة، وهم الحجة عن الزهري قد اختلفوا في إسناد هذا الحديث كما ذكرنا. وقد رواه أيضا عن الزهري غير هؤلاء على خلاف ما رواه عبد الله بن أبي بكر أيضا

2961 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا صالح بن أبي الأخضر، عن ابن شهاب، حدثه عن سالم، عن أبيه بذلك، ولم يذكر حفصة، ولم يرفعه

(2)

.

2962 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا صالح بن أبي الأخضر، قال: ثنا ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، عن المطلب بن أبي وداعة، عن حفصة بذلك، ولم يرفعه

(3)

.

ثم قد رواه نافع أيضا، عن ابن عمر رضي الله عنهما بذلك.

= وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 4/ 197، وفي الكبرى (2645) من طريق سفيان بن عيينة ومعمر، عن الزهري به موقوفًا.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 4/ 197، وفي الكبرى (2644) من طريق عبيد الله، عن الزهري به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل صالح بن أبي الأخضر.

(3)

إسناده حسن كسابقه.

ص: 267

2963 -

حدثنا أبو بكرة قال: ثنا روح، قال: ثنا مالك، عن نافع عن ابن عمر بذلك، ولم يذكر حفصة رضي الله عنها ولم يرفعه

(1)

.

2964 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا مالك، [ح و] حدثنا يونس، قال: أخبرني أنس بن عياض عن موسى بن عقبة، عن نافع عن ابن عمر .. مثله

(2)

. فهذا هو أصل هذا الحديث.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في إباحة الدخول في الصيام بعد طلوع الفجر.

2965 -

حدثنا أبو بكرة، وإبراهيم بن مرزوق، وعلي بن شيبة، قالوا: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، عن طلحة بن يحيى، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يحب طعاما، فجاء يوما فقال: هل عندكم من ذلك الطعام؟ فقلت: لا، فقال:"فإني صائم"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 388، ومن طريقه البخاري في التاريخ الأوسط 1/ 134، والنسائي في المجتبى 4/ 198، وفي الكبرى (2651)، والبيهقي 6/ 227 - 228 عن نافع عن ابن عمر قوله

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 4/ 198، وفي الكبرى (2652) من طريق عبيد الله بن عمر العمري عن نافع به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة (2141) من طريق روح بن عبادة به.

وأخرجه ابن حبان (3629)، والدارقطني 3/ 175، وتمام في فوائده (559 - 560) من طريق شعبة به.

ص: 268

2966 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا الثوري عن طلحة

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

فذلك عندنا على خاص من الصوم أيضا، وهو التطوع ينويه الرجل بعدما يصبح في صدر النهار الأول. وقد عمل بذلك جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده.

2967 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب وروح، قالا: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: إذا أصبح أحدكم ثم أراد الصوم بعدما أصبح، فإنه بأحد النظرين

(2)

.

2968 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال متى أصبحت يوما فأنت على أحد النَّظَرين، ما لم تطعم أو تشرب، إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (2455)، والترمذي (734)، والنسائي في المجتبى 4/ 194، وفي الكبرى (2633)، والدارقطني 2/ 176 - 177، والبيهقي 4/ 203، والبغوي (1745) من طرق عن سفيان الثوري به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 4/ 277 من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 289 (9084) من طريق عمارة، عن أبي الأحوص به.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 269

2969 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، عن الحارث الأعور، عن علي رضي الله عنه

مثله

(1)

.

2970 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، أن حذيفة بدا له الصوم بعد ما زالت الشمس، فصام

(2)

.

2971 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن المستورد رجل من بني أسد، عن رجل منهم، أنه لزم غريما له، فأتى ابن مسعود رضي الله عنه فقال: إني لزمت غريما لي من مراد إلى قريب من الظهر ولم أصم ولم أفطر. قال: إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف الحارث الأعور.

وأخرجه عبد الرزاق (7779) عن معمر، وابن أبي شيبة 2/ 289 (9083) عن أبي الأحوص، كلاهما عن أبي إسحاق به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (7780)، وابن أبي شيبة 2/ 290 (9091)، والدارقطني 4/ 81، والبيهقي في السنن 4/ 204، وفي المعرفة (8556) من طرق عن سفيان الثوري به.

إلا أنه سقط من مطبوع عبد الرزاق، أبي عبد الرحمن.

(3)

إسناده ضعيف: لجهالة الرجل الذي يروي عن ابن مسعود.

ص: 270

2972 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: قال رجل لأنس بن مالك: إني تسحرت ثم بدا لي أن أفطر. قال: إن شئت فأفطر، كان أبو طلحة يجيء فيقول: هل عندكم من طعام؟ فإن قالوا: لا قال: فإني صائم

(1)

.

2973 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، قال: ثنا محمد بن يزيد الرحبي، عن سهم بن حبيش، ولم يكن بقي ممن شهد قتل عثمان رضي الله عنه غيره أن عثمان رضي الله عنه أصبح في اليوم الذي قُتلَ فيه، فقال: إن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أتياني في هذه الليلة، فقالا: لي يا عثمان! إنك مفطر عندنا الليلة، وإني أشهدكم إني قد أوجبت الصيام

(2)

.

(1)

إسناده منقطع، أبو بشر لم يسمع من أنس بن مالك.

وأخرجه الدولابي في الكنى والأسماء (1115) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي سفيان حسين بن حسين قال: قال رجل لأنس بن مالك ....

وأخرجه ابن حزم في المحلى 4/ 297 من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني وعبد الله بن عتبة قال ثابت عن أنس: أن أبا طلحة كان يأتي أهله ....

(2)

إسناده فيه إسماعيل بن عياش روايته عن الشاميين مقبولة، ومحمد بن يزيد هو الدمشقي، ومحمد بن يزيد الرحبي قال الذهبي لهم فيه كلام، وذكره ابن حبان في الثقات، وسهم بن حبيش ذكره محمد بن سميع في الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام، وبقية رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 181 (30511) من طريق أيوب، عن نافع عن ابن عمر أن عثمان به، وفيه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو القائل بهذه المقالة.

ص: 271

2974 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوحاظي، قال: ثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يصبح حتى يظهر، ثم يقول: والله لقد أصبحت وما أريد الصوم، وما أكلتُ من طعام ولا شراب منذ اليوم، ولأصومن يومي هذا

(1)

.

2975 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، أن أبا طلحة كان يأتي أهله من الضحى فيقول: هل عندكم غداء؟، فإن قالوا: لا صام ذلك اليوم

(2)

.

2976 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب

(3)

، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت أبا الفيض، قال: سمعت عبد الله بن سيّار الدمشقي، قال: ساوم أبو الدرداء رجلا بفرس، فحلف الرجل أن لا يبيعه. فلما مضى، قال: تعال إني أكره أن أؤثمك، أما إني لم أعد اليوم مريضا، ولم أطعم مسكينا، ولم أصل، الضحى، ولكني بقية يومي صائم

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 4/ 297 من طريق طاوس، عن ابن عباس به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 291 (9107) من طريق الثقفي ويزيد، عن حميد، عن أنس به.

(3)

في ج د "روح" والمثبت من م س خدن.

(4)

إسناده صحيح، غير أني لم أقف على كلام الأئمة في ترجمة عبد الله بن سيار.

ص: 272

2977 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: أنا أيوب، عن أبي قلابة، قال: حدثتنا أم الدرداء، أن أبا الدرداء، كان يجيء فيقول: هل عندكم من طعام؟ فإن قالوا: لا، قال: إني صائم

(1)

.

2978 -

حدثنا علي، قال: ثنا روح، قال: ثنا حماد، عن ثابت، عن عبد الله بن أبي عتبة، أن أبا أيوب كان يفعل ذلك أيضا

(2)

.

2979 -

حدثنا علي قال: ثنا روح، عن ابن جريج، قال: زعم عطاء أنه كان يفعل ذلك

(3)

.

فهذا الصيام الذي تجزئ فيه النية بعد طلوع الفجر الذي جاء فيه الحديث الذي ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل به من ذكرنا من أصحابه من بعده، هو صوم التطوع.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا "أنه أمر الناس يوم عاشوراء بعدما أصبحوا أن يصوموا"، وهو حينئذ عليهم صومه فرض، كما صار صوم رمضان

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (7774)، وابن أبي شيبة 2/ 292 (9109)، والبيهقي 4/ 204 من طرق عن أيوب به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 4/ 297 (730) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني وعبد الله بن أبي عتبة، قال ثابت عن أنس به.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 273

من بعد ذلك على الناس فرضا، ورُويت عنه في ذلك آثار سنذكرها في باب صوم يوم عاشوراء فيما بعد هذا الباب من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

فلما جاءت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قد ذكرنا لم يجز أن يجعل بعضها مخالفا لبعض، فتتنافى ويدفع بعضها بعضا وما وجدنا السبيل إلى تصحيحها وتخريج وجهها. فكان حديث عائشة رضي الله عنها الذي ذكرناه عنها في هذا الباب في صوم التطوع، فذلك وجهه عندنا.

وكان ما روي في عاشوراء في الصوم المفروض في اليوم الذي بعينه. فكذلك حكم الصوم المفروض في ذلك اليوم بعينه جائز أن يعقد له النية بعد طلوع الفجر.

ومن ذلك شهر رمضان فهو فرض في أيام بعينها كيوم عاشوراء إذا كان فرضا في يوم بعينه. فكما كان يوم عاشوراء يجزئ من نوى صومه بعدما أصبح، فكذلك شهر رمضان يجزئ من نوى صوم يوم منه صومه ذلك.

وبقي بعد هذا ما روينا في حديث حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو عندنا في الصوم الذي هو خلاف هذين الصومين من صوم الكفارات، وقضاء شهر رمضان حتى لا يضاد ذلك شيئا مما قد ذكرناه في هذا الباب وغيره. ويكون حكم النية التي يدخل بها في الصوم على ثلاثة أوجه. فما كان منه فرضا في يوم بعينه كانت تلك النية مجزئة قبل دخول ذلك اليوم في الليل، وفي ذلك اليوم أيضا وما كان منه فرضا لا في يوم بعينه كانت النية التي يدخل بها فيه في الليلة التي قبله، ولم يجز بعد دخول اليوم. وما كان منه تطوعا كانت النية التي يدخل بها فيه في الليل الذي قبله، وفي النهار الذي بعد ذلك.

ص: 274

فهذا هو الوجه الذي تخرج عليه الآثار التي ذكرنا، ولا تتضاد، فهو أولى ما حملت عليه.

وإلى ذلك كان يذهب أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله. إلا أنهم كانوا يقولون: ما كان منه يجزئ النية فيه بعد طلوع الفجر مما ذكرنا، فإنها تجزئ في صدر النهار الأول، ولا تجزئ فيما بعد ذلك.

ص: 275

‌3 - باب: معني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة

2980 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، وعلي بن معبد، قالا: روح بن عبادة، قال: أنا ثنا حماد، عن سالم أبي عبيد الله بن سالم، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"شهرا عيد لا ينقصان رمضان، وذو الحجة"

(1)

.

2981 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر بن فارس، قال: ثنا شعبة، عن خالد الحذاء، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله

(2)

.

(1)

حديث صحيح: رجاله ثقات، سالم بن سالم أبو عبيد الله يروي عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، روى عنه حماد بن سلمة كما في تعجيل المنفعة ص 144.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (497) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (20479)، والبخاري في التاريخ الكبير 4/ 116 من طريق روح بن عبادة، والدولابي في الكنى والأسماء (ص 142) من طريق يزيد بن هارون كلاهما عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه الطيالسي (904) عن حماد بن سلمة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (496) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (20485) من طريق شعبة به.

وأخرجه البخاري (1912)، ومسلم (1089)(32)، وأبو داود (2323)، والترمذي (692)، وابن ماجه (1659)، والبيهقي 4/ 250، والبغوي (1717) من طريق خالد الحذاء به.

ص: 276

قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث أن هذين الشهرين لا ينقصان، فتكلم الناس في معنى ذلك.

فقال قوم

(1)

: لا ينقصان أي: لا يجتمع نقصانهما في عام واحد. وقد يجوز أن ينقص أحدهما. وهذا قول قد دفعه العيان، لأنا قد وجدناهما ينقصان في أعوام، وقد يجمع ذلك في كل واحد منهما. فدفع ذلك قوم بهذا، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قد ذكرناه في غير هذا الموضع أنه قال في شهر رمضان:"صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين". وبقوله: "إن الشهر قد يكون تسعا وعشرين، وقد يكون ثلاثين". فأخبر أن ذلك جائز في كل شهر من الشهور. وسنذكر ذلك بإسناده في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله.

وذهب آخرون

(2)

إلى تصحيح هذه الآثار كلها، وقالوا: أما قوله: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" فإن الشهر قد يكون تسعا وعشرين، وقد يكون ثلاثين، فذلك كله كما قال، وهو موجود في الشهور كلها.

وأما قوله: "شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة" فليس ذلك عندنا على نقصان العدد، ولكنهما فيهما ما ليس في غيرهما من الشهور في أحدهما الصيام وفي الآخر الحج. فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما لا ينقصان وإن كانا تسعا وعشرين

(1)

قلت أراد بهم: جماعة من أهل الحديث منهم: أحمد بن حنبل رحمه الله كما في النخب 11/ 64.

(2)

قلت أراد بهم: جماعة آخرون من أهل الحديث منهم: إسحاق رحمه الله كما في النخب 11/ 65.

ص: 277

تسعا وعشرين

(1)

، وهما شهران كاملان كانا ثلاثين ثلاثين أو تسعا وعشرين تسعا وعشرين، ليعلم بذلك أن الأحكام فيهما وإن كانا تسعا وعشرين تسعا وعشرين متكاملة فيهما غير ناقصة عن حكمها إذا كانا ثلاثين ثلاثين.

فهذا وجه تصحيح هذه الآثار التي ذكرناها في هذا الباب، والله أعلم

(1)

في م د ن وقع مكررا، وفي س خد وقع مرة واحدة.

ص: 278

‌4 - باب: الحكم فيمن جامع أهله في رمضان متعمدا

2982 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له أنه احترق

(1)

، فسأله عن أمره، فقال: وقعت على امرأتي في رمضان. فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بمكتل

(2)

يُدْعى العَرق فيه تمر، فقال: أين المحترق؟ فقام الرجل. فقال: تصدّق بهذا

(3)

.

قال أبو جعفر فذهب قوم

(4)

إلى أن من وقع بأهله في رمضان فعليه أن يتصدق، ولا يجب عليه من الكفارة غير الصدقة. واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(5)

، فقالوا: بل يجب عليه أن يُعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، أي ذلك ما شاء فعل. واحتجوا في ذلك بما

(1)

أي: هلك.

(2)

بكسر الميم الزنبيل الكبير.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 106، والدارمي (1718)، وأحمد (25092)، والبخاري في الصحيح (1935)، وفي التاريخ الكبير 1/ 290، وابن حبان (3528) من طريق يزيد بن هارون به.

وأخرجه إسحاق (907)، والبخاري في التاريخ الكبير 1/ 289، ومسلم (1112)(86)، والنسائي في الكبرى (3112)، وأبو يعلى 4663 (4809) من طريق يحيى بن سعيد به.

(4)

قلت أراد بهم: عوف بن مالك الأشجعي، ومالكا في رواية، وعبد ومالكا في رواية، وعبد الله بن وهب رحمهم الله، كما في النخب 11/ 75.

(5)

قلت أراد بهم: ابن أبي ليلى، ومالكا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 279

2983 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رجلا أفطر في رمضان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، فقال: لا أجد فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعَرَق

(1)

فيه تمر، فقال:"خذ هذا فتصدق به". فقال: يا رسول الله، إني لا أجد أحدا أحوج إليه مني، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال:"كله"

(2)

.

2984 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا ابن جريج، قال: حدثني ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة حدثه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا أفطر في شهر رمضان أن يعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا

(3)

.

(1)

بفتح العين والراء: زنبيل منسوج من نسائج الخوص.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 399، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 260 - 261، والدارمي (1717)، وأحمد (10688)، ومسلم (111)(83)، وأبو داود (2392)، والنسائي في الكبرى (3119)، وابن خزيمة (1943)، وابن حبان (3523)، والدارقطني 2/ 209، والبيهقي 4/ 225.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (7692)، ومسلم (111)(84)، وابن خزيمة (1943)، والبيهقي 4/ 225 من طريق ابن جريج به.

ورواه أبو داود إثر (2392) عن ابن جريج تعليقا.

ص: 280

قالوا: فإنما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاه مما أمره أن يتصدق به، بعد أن أخبره بما عليه في ذلك مما بينه أبو هريرة رضي الله عنه في حديثه هذا.

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

أيضا، فقالوا: بل تعتق رقبة إن كان لها واجدا، أو يصوم شهرين متتابعين إن كان للرقبة غير، واجد، فإن لم يستطع ذلك أطعم ستين مسكينا.

وكان من الحجة لهم في ذلك أن حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي ذكرناه في الفصل الذي قبل هذا الفصل قد دخل فيه حديث عائشة رضي الله عنها كما ذكروا.

وأصل حديث أبي هريرة رضي الله عنه ذلك فيه من التبدئة بالرقبة إن كان المجامع لها، واجدا، والتثنية بالصيام بعدها إن كان المجامع للرقبة غير واجد، والتثليث بالإطعام بعدهما إن كان المجامع لهما غير واجد، هكذا أصل الحديث الذي رواه الزهري في ذلك.

وكذلك رواه عنه سائر الناس غير مالك وابن جريج، وبينوا فيه القصة بطولها كيف كانت، وكيف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفارة في ذلك.

2985 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: بَيْنا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا

(1)

قلت أراد بهم: الثوري، والأوزاعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، والحسن بن صالح بن حي، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 11/ 78.

ص: 281

رسول الله هلكت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ويْلك، ما لَكَ"، قال: وقعتُ على امرأتي وأنا صائم في رمضان. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تجد رقبة تعتقها؟ " فقال: لا. قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ " قال: لا والله يا رسول الله. قال: "فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ " قال: لا يا رسول الله، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك، أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيه تمر، والعرق: المِكْتل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين السائل آنفاً؟ خذ هذا فتصدق به". فقال الرجل: أَعَلى أهل أفقر منّي يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها -يريد الحرتين- أفقر من أهل بيتي. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: "أطعمه أهلك"

(1)

.

قال: فصارت الكفارة إلى عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا.

2986 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو اليمان، قال: أنا شعيب، عن الزهري

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه البخاري (6821)، ومسلم (111)(82)، والنسائي في الكبرى (3103) من طريق الليث بن سعد عن ابن شهاب به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1936) من طريق أبي اليمان به.

وأخرجه ابن حبان (3529) من طريق شعيب بن أبي حمزة به.

ص: 282

فهذا هو الحديث على وجهه، وإنما جاء حديث مالك وابن جريج في ذلك، عن الزهري، على لفظ قول الزهري في هذا الحديث: فصارت الكفارة إلى عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا. فالتخيير هو كلام الزهري على ما توهّم، من لم يحكه

(1)

في حديثه عن حميد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

2987 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري

فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر قوله: فصارت سنة

إلى آخر الحديث

(2)

.

2988 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن منهال، قال: ثنا سفيان

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

2989 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد، يحدث عن الزهري

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

(1)

في ن "يحكم".

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (1008)، وابن أبي شيبة 3/ 106، وأحمد (7290)، والبخاري (6709، 6711)، ومسلم (111)(81)، وأبو داود (2390)، والترمذي (724)، والنسائي في الكبرى (3117)، وابن ماجه (1671)، وابن الجارود (384)، وابن خزيمة (1944)، وابن حبان (3524)، والدارقطني 2/ 209 - 210، والبيهقي 4/ 221، والبغوي (1752) من طريق سفيان بن عيينة به.

(3)

إسناده صحيح: وهو مكرر سابقه.

(4)

إسناده حسن في المتابعات من أجل النعمان بن راشد.

ص: 283

2990 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا محمد بن أبي حفصة، عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

2991 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن الزهري

فذكر بإسناده مثله، وقال خمسة عشر صاعا تمرا ولم يشك

(2)

.

2992 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي، قال: سألت الزهري، عن رجل جامع امرأته في شهر رمضان. فقال: حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، قال: حدثني أبو هريرة

فذكر نحوه غير أنه لم يذكر الآصع

(3)

.

فكان ما روينا في هذا الحديث قد دخل فيه ما في الحديثين الأولين؛ لأن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أتجد رقبة؟ قال: لا، قال:"فصم شهرين متتابعين". قال: ما أستطيع، قال فأطْعِم ستين مسكينا؟. فكان النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل محمد بن أبي حفصة.

وأخرجه أحمد (10688)، والدارقطني 2/ 210 من طريق روح بن عبادة به.

(2)

إسناده حسن في الشواهد والمتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وأخرجه ابن خزيمة (1950) من طريق مؤمل بن إسماعيل به.

وأخرجه البخاري (1937)، ومسلم (1111)، والنسائي في الكبرى (3105)، وابن خزيمة (1944) من طريق منصور به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (6146)، وابن حبان (3526)، والدارقطني 2/ 190، والبيهقي 4/ 227 من طرق عن الأوزاعي به.

ص: 284

بكل صنف من هذه الأصناف الثلاثة لما لم يكن واجدا للصنف الذي ذكره له قبله. فلما أخبره الرجل أنه غير قادر على شيء من ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فكان ذكر العرق وما كان من دفع النبي صلى الله عليه وسلم إياه إلى الرجل، وأمره إياه بالصدقة، هو الذي روته عائشة رضي الله عنها في حديثها الذي بدأنا بروايته.

فحديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا أولى منه؛ لأنَّه قد كان قبل الذي في حديث عائشة رضي الله عنها شيء قد حفظه أبو هريرة رضي الله عنه، ولم تحفظه عائشة فهو أولى لما قد زاده.

وأما حديث مالك وابن جريج، فهما عن الزهري، على ما قد ذكرنا، وقد بينا العلة في ذلك فيما تقدم من هذا الباب.

فثبت بما ذكرنا من الكفارة في الإفطار بالجماع في الصيام في شهر رمضان ما في حديث منصور، وابن عيينة، ومن وافقهما عن الزهري، عن حميد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 285

‌5 - باب: الصيام في السفر

2993 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن محمد بن عمرو بن الحسن، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظُلّل

(1)

عليه، فسأل ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس من البر أن تصوموا في السفر"

(2)

.

2994 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شعبة

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

2995 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا الأوزاعي، عن يحيى، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، قال حدثني جابر بن عبد الله، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل في سفر في ظل شجرة يرشُّ عليه الماء

(1)

اسم هذا الرجل: أبو إسرائيل ذكره الخطيب في كتاب المهمات.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1721)، وابن أبي شيبة 3/ 14، والدارمي (1709)، وأحمد (14193)، وعبد بن حميد (1079)، والبخاري (1946)، ومسلم (1115)(92)، والنسائي 4/ 177، وابن خزيمة (2017)، وابن حبان (3552) من طرق عن شعبة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الدارمي (1709)، وأبو داود (2407) من طريق أبي الوليد الطيالسي به.

ص: 286

فقال: "ما بال هذا؟ ". قالوا: صائم يا رسول الله، قال:"ليس من البر الصيام في السفر، فعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها"

(1)

.

2996 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا محمد بن مصفى قال: ثنا محمد بن حرب الأبرش، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس من البر الصيام في السفر"

(2)

.

2997 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني ابن شهاب، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أخبره، عن أم الدرداء، عن كعب بن عاصم الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس من البر أن تصوموا في السفر"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (355) من طريق الوليد بن مسلم به.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 4/ 176، وفي الكبرى (2566) من طريق شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي به، وقال النَّسَائِي في الكبرى عقبه هذا خطأ، ومحمد بن عبد الرحمن لم يسمع هذا الحديث من جابر، ونقل ابن أبي حاتم في العلل 1/ 247 عن أبيه بأن من قال فيه ابن عبد الرحمن بن ثوبان فقد وهم وإنما هو ابن عبد الرحمن بن سعد.

وأخرجه النَّسَائِي 4/ 176 عن محمد بن المثنى، عن عثمان بن عمر، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن، عن رجل، عن جابر به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن ماجه (1665)، وابن حبان (3548)، والطبراني (13387، 13403) من طريق محمد بن المصفى به.

وأخرجه الطبراني (13618) من طريق رواد بن الجراح عن الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عمر به.

(3)

إسناده صحيح.=

ص: 287

2998 -

حدثنا علي، قال: ثنا روح، قال: ثنا محمد بن أبي حفصة، عن ابن شهاب، عن صفوان بن عبد الله، عن أم الدرداء، عن كعب بن عاصم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس من البر الصيام في السفر"

(1)

.

2999 -

حدثنا محمد بن النعمان السقطي، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا سفيان، قال: سمعت الزهري، يقول: أخبرني صفوان بن عبد الله

فذكر بإسناده مثله. قال سفيان: فذُكِر لي أن الزهري كان يقول، ولم أسمع أنا منه "ليس من أمبر أمصيام في أمسفر"

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى الإفطار في شهر رمضان في السفر، وزعموا أنه أفضل من الصيام، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار حتى قال بعضهم: إن صام في السفر لم يجزه الصوم، وعليه قضاؤه في أهله، ورووه عن عمر رضي الله عنه.

=وأخرجه عبد الرزاق (4469)، وأحمد (23680)، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 376 - 377، والطبراني 19/ 385 من طريقين عن ابن جريج به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل محمد بن أبي حفصة.

وأخرجه الدارمي (1710)، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 377، والطبراني في الكبير 19/ 389، 399 والأوسط 3272، 7622، 9189 من طرق عن الزهري به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 1/ 272، والطيالسي (1343)، والحميدي (864)، وابن أبي شيبة 3/ 14، والدارمي (1711)، وأحمد (23681)، والنسائي 4/ 174 - 175، وابن خزيمة (2016)، والطبراني 19/ 388، والحاكم 1/ 433، والبيهقي 4/ 242 من طريق سفيان بن عيينة به.

(3)

قلت أراد بهم: سعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، والشعبي، ومجاهدا، وقتادة، وأبا جعفر محمد بن علي، والأوزاعي، والشافعي وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 11/ 108.

ص: 288

3000 -

حدثنا ابن أبي عقيل، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم، عن عبد الله بن عامر، أن عمر رضي الله عنه أمر رجلا صام في السفر أن يعيد

(1)

.

ورووه عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا.

3001 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، قال: ثنا زهير، قال: ثنا عبد الكريم الجزري، عن عطاء، عن المحرر بن أبي هريرة قال: صمت رمضان في السفر، فأمرني أبو هريرة أن أعيد الصيام في أهلي

(2)

.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: إن شاء صام، وإن شاء أفطر، ولم يفضلوا في ذلك فطرا على صوم، ولا صوما على فطر. وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى، فيما احتجوا به عليهم في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"ليس من البر الصيام في السفر" أنه قد يحتمل غير ما حملوه عليه. يحتمل ليس من البر الذي هو أبو البر، وأعلى مراتب البر الصوم في السفر، وإن كان الصوم في السفر برا إلا أن غيره من البر أبرّ منه كما قال صلى الله عليه وسلم: ليس المسكين بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان.

(1)

إسناده ضعيف: لضعف عاصم بن عبيد الله بن عاصم.

وأخرجه عبد الرزاق (4483) من طريق سفيان بن عيينة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 282 (8998)، من طريق شعبة، عن عمرو بن دينار، عن رجل، عن أبيه، عن عمر

(2)

إسناده حسن من أجل المحرر بن أبي هريرة.

أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 282 (8998) من طريق الفضل بن دكين، عن زهير به.

(3)

قلت أراد بهم: عبد الله بن المبارك، والثوري، ومالك بن أنس، وسليمان الأعمش، والشافعي في رواية البعض عنه رحمهم الله، كما في النخب 11/ 112.

ص: 289

قالوا: فمن المسكين يا رسول الله؟ قال الذي يستحيي أن يسأل ولا يجد ما يغنيه، ولا يفطن له فيعطى.

3002 -

حدثنا بذلك ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

3003 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا قبيصة، قال: ثنا سفيان، عن إبراهيم الهجري

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3004 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني ابن أبي ذئب، عن أبي الوليد، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

نحوه

(3)

.

3005 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا علي بن عياش، قال: ثنا ابن ثوبان، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(4)

.

3006 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(5)

(6)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف إبراهيم الهجري، وهو مكرر سابقه (107).

(2)

إسناده ضعيف كسابقه، وهو مكرر سابقه (108).

(3)

إسناده حسن من أجل أبي الوليد مولى عمرو بن خداش، وهو أيضا سبق (109).

(4)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وهو أيضا سبق (110).

(5)

قال العيني في النخب 11/ 121: هذا الطريق غير مذكور في بعض النسخ ها هنا وفي بعضها موجود وهوا والأظهر.

(6)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (111).

ص: 290

فلم يكن معنى قوله: "ليس المسكين بالطواف" على معنى إخراجه إياه من أسباب المسكنة كلها ولكنه أراد بذلك: ليس هو المسكين المتكامل المسكنة، ولكن المسكين المتكامل المسكنة، الذي لا يسأل الناس، ولا يعرف فيتصدق عليه. فكذلك قوله "ليس من البر الصيام في السفر" ليس ذلك على إخراج الصوم في السفر من أن يكون برا، ولكنه على معنى ليس من البر الذي هو أبر البر الصوم في السفر؛ لأنَّه قد يكون الإفطار هناك أبرَّ منه إذا كان على التقوي للقاء العدو وما أشبه ذلك.

فهذا معنى صحيح، وهو أولى ما حمل عليه معنى هذه الآثار حتى لا تتضاد هي وغيرها، مما قد روي في هذا الباب أيضا.

3007 -

فإنه حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، ثم أفطر، فأفطر الناس معه

(1)

.

وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3008 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا مالك وابن جريج، قالا: أنا ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 294، ومن طريقه الشافعي 1/ 271، والدارمي (1708)، والبخاري (1944)، وابن حبان (3563)، والبيهقي 4/ 240، والبغوي (1766).

(2)

إسناده صحيح.=

ص: 291

3009 -

حدثنا علي، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله. غير أنه قال: حتى أتى عسفان

(1)

.

3010 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3011 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا إسرائيل، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

3012 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال ثنا أبو زرعة، قال: ثنا حيوة بن شريح، قال: ثنا أبو الأسود، عن عكرمة مولى ابن عباس حدثه، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عام الفتح في رمضان، فصام حتى بلغ، الكَديد، فبلغه أن الناس شق عليهم الصيام. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح من لبن، فأمسكه في يده، حتى رآه الناس -وهو على راحلته حوله-، ثم شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفطر، فناوله رجلا إلى جنبه فشرب. فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر

(4)

.

= وأخرجه عبد الرزاق (4472)، وأحمد (3258) من طريق ابن جريج وحده.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (3162)، والنسائي 4/ 184، والطبري في تهذيب الآثار (ص 96) من طرق عن شعبة به.

وأخرجه النَّسَائِي 4/ 184، والطبري (ص 97)، والطبراني (11053) من طرق عن مجاهد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2646) بهذا الإسناد.

(3)

إسناده صحيح.

(4)

إسناده حسن في المتابعات من أجل أبي زرعة وهب الله بن راشد.=

ص: 292

3013 -

حدثنا علي، قال: ثنا روح قال: ثنا حماد، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر في رمضان، فاشتد الصوم على رجل من أصحابه، فجعلت راحلته تهيم به تحت الشجر، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأمره، فدعا بإناء، فلما رآه الناس على يده، أفطروا

(1)

.

3014 -

حدثنا محمد بن خزيمة، وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: ثنا ابن الهاد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة عام الفتح في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس معه. فبلغه أن الناس قد شق عليهم الصيام ينظرون فيما فعل، فدعا ماء بقدح من بعد العصر، فشرب والناس ينظرون. فبلغه: أن ناسا صاموا بعد ذلك، فقال:"أولئك العصاة"

(2)

.

=وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (ص)(91) من طريق أبي الأسود به.

وأخرجه عبد الرزاق (4473)، وأحمد (3460)، والبخاري (4277)، والطبري في تهذيب الآثار (ص 89)، والطبراني (11965) من طرق عن عكرمة به.

(1)

رجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة أبي الزبير المكي.

وأخرجه أبو يعلى (1780)، وابن حبان (3565)، والحاكم 1/ 433 من طريقين عن حماد بن سلمة به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 4/ 177، وفي الكبرى (2583) من طريق شعيب، عن الليث به.

وأخرجه الحميدي (1326)، ومسلم (1114)(90)، والترمذي (710)، وأبو يعلى (1880)، وابن خزيمة (2019، =

ص: 293

3015 -

حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن قزَعة قال: سألت أبا سعيد رضي الله عنه عن صيام رمضان في السفر. فقال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان عام الفتح، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم [ونصوم]

(1)

، حتى بلغ منزلا من المنازل فقال:"إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم". فأصبحنا منّا الصائم ومنّا المفطر، ثم سرنا فنزلنا منزلا، فقال:"إنكم تصبحون عدوكم، والفطر أقوى لكم"، فأفطروا فكانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم لقد رأيتني أصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وبعد ذلك

(2)

.

3016 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني حميد الطويل، أن بكر بن عبد الله حدثه، قال: سمعت أنسا رضي الله عنه، يقول: إن رسول الله

= 2536 - 2537)، وابن حبان (2706، 3549، 3551)، والحاكم 1/ 443، والبيهقي 5/ 256 من طرق عن جعفر بن محمد به.

(1)

ساقط من م د س خد، والمثبت من ج.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11307)، ومسلم (1120)، وابن خزيمة (2023)، والبيهقي 4/ 242 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 330، وأبو داود (2406) من طريقين عن معاوية بن صالح به.

ص: 294

صلى الله عليه وسلم كان في سفر ومعه أصحابه، فشق عليهم الصوم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء، فشرب وهو على راحلته، والناس ينظرون إليه

(1)

.

3017 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك، عن سمي، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعَرج

(2)

في الحر، وهو يصب على رأسه الماء، وهو صائم من العطش، أو من الحر. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ الكديد أفطر

(3)

.

3018 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: ثنا عطية بن قيس، عن قزعة بن يحيى، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لليلتين مضتا من رمضان، فخرجنا صواما حتى بلغ الكديد، فأمرنا بالإفطار فأصبحنا ومنا الصائم، ومنا المفطر. فلما بلغنا مر الظهران أعلمنا بلقاء العدو، وأمرنا بالإفطار

(4)

.

(1)

إسناده صحيح: ويحيى بن أيوب إن كان حفظه فهو من المزيد في متصل الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (2039) من طريق ابن أبي مريم به.

وأخرجه أحمد (12269)، وأبو يعلى (3806 - 3807)، من طريق حميد الطويل، عن أنس بن مالك به.

(2)

هي عقبة بين مكة والمدينة على جادة الحاج.

(3)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 396، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 270، وأحمد (15903)، وأبو داود (2365)، والنسائي في الكبرى (3029)، والحاكم 1/ 432، والبيهقي 4/ 242.

(4)

إسناده صحيح. =

ص: 295

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار إثبات جواز الصوم في السفر، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان تركه إياه إبقاء على أصحابه. أفيجوز لأحد أن يقول في ذلك الصوم: إنه لم يكن برّا؟ لا يجوز هذا ولكنه بر. وقد يكون الإفطار أبر منه إذا كان يراد به القوة للقاء العدو الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفطر من أجله. ولهذا المعنى قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم -والله أعلم-، "ليس من البر الصوم في السفر" على هذا المعنى الذي ذكرنا.

فإن قال قائل: إن فطر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أصحابه بذلك بعد صومه وصومهم الذي لم يكن ينهاهم عنه. ناسخ الحكم الصوم في السفر أصلا.

قيل له: وما دليلك على ما ذكرت؟ وفي حديث أبي سعيد الخدري -الذي قد ذكرناه في الفصل الذي قبل هذا- أنه كان يصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر بعد ذلك؟ فدل هذا الحديث على أن الصوم في السفر بعد إفطار النبي صلى الله عليه وسلم المذكور في هذه الآثار مباح.

وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما وهو أحد من روي عنه في إفطار النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا ما

= وأخرجه ابن خزيمة (2038) من طريق أبي عاصم به.

وأخرجه ابن سعد 2/ 138، وأحمد (11242)، والترمذي (1684)، وابن حبان (4742)، والبيهقي 4/ 242 من طرق عن سعيد بن عبد العزيز به.

ص: 296

3019 -

حدثنا يونس قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم بن مالك، عن طاوس، عن ابن عباس قال: إنما أراد الله عز وجل بالفطر في السفر التيسير عليكم، فمن يسر عليه الصيام فليصم، ومن يسر عليه الفطر فليفطر

(1)

.

3020 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: إن شاء صام، وإن شاء أفطر

(2)

.

فهذا ابن عباس رضي الله عنهما لم يجعل إفطار النبي صلى الله عليه وسلم في السفر بعد صيامه فيه ناسخا للصوم في السفر، ولكنه جعله على جهة التيسير.

فإن قال قائل: فما معنى قول ابن عباس في حديث عبيد الله بن عبد الله الذي ذكرته عنه في ذلك وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قيل له: معنى ذلك عندنا -والله أعلم- أنهم لم يكونوا علموا قبل ذلك أن للمسافر أن يفطر في السفر كما ليس له أن يفطر في الحضر. وكان حكم الحضر وحكم السفر في ذلك عندهم سواء حتى أحدث لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الفعل

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الفريابي في الصيام (111) من طريق عبيد الله بن عمرو به.

وأخرجه أحمد (2057)، ومسلم (1113)(89) من طريق عبد الكريم به.

وأخرجه عبد الرزاق (4492) عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (3162)، والنسائي 4/ 184، والطبري في تهذيب الآثار (ص 96) من طرق عن شعبة به.

ص: 297

الذي أباحه لهم من الإفطار في أسفارهم، فأخذوا بذلك على أن لهم الإفطار على الإباحة، ولهم ترك الإفطار. فهذا معنى حديث ابن عباس رضي الله عنهما هذا، ويدل على ذلك ما قد ذكرناه عنه من قوله الذي وصفنا.

وقد ذكرنا عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك قريبا، مما ذكرناه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم قد روي عن أنس، ما يدل على أن معنى ذلك عنده مثل معناه الذي ذكرناه عن ابن عباس رضي الله عنهما.

3021 -

حدثنا إبراهيم بن محمد بن يونس، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن عاصم وهو الأحول، قال: سألت أنس بن مالك عن صوم شهر رمضان في السفر فقال: الصوم أفضل"

(1)

.

3022 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا الحسن بن صالح، عن عاصم، عن أنس، قال: إن أفطرت فرخصة، وإن صمت فالصوم أفضل

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 4/ 245 من طريق الحسن بن صالح به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 280 (8974)، وابن المقرئ في معجمه (495)، والطبري في تهذيب الآثار (181) من طرق عن عاصم به.

ص: 298

3023 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت عاصما يحدث، عن أنس قال: إن شئت فصُمْ، وإن شئت فأفطر والصوم أفضل

(1)

.

وكان مما احتج به أيضا أهل المقالة الأولى في رفعهم الصوم في السفر ما قد ذكرناه في غير هذا الموضع من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله وضع عن المسافر الصيام". قالوا: فلما كان الصيام موضوعا عنه، كان إذا صامه فقد صامه، وهو غير مفروض عليه، فلا يجزئه.

وكان من الحجة للآخرين عليهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون ذلك الصيام الذي وضعه عنه، هو الصيام الذي لا يكون له منه بد في تلك الأيام، كما لا بد للمقيم من ذلك، وفي هذا الحديث ما قد دل على هذا المعنى. ألا تراه يقول "وعن الحامل والمرضع".

أفلا ترى أن الحامل والمرضع إذا صامتا رمضان أن ذلك يجزئهما وأنهما لا تكونان كمن صام قبل وجوب الصوم عليه بل جعلتا يجب الصوم عليهما بدخول الشهر، فجعل لهما تأخيره للضرورة والمسافر في ذلك مثلهما.

وهذا أولى ما حُمل عليه معنى هذا الأثر حتى لا تضاد غيره من الآثار التي قد ذكرناها في هذا الباب. وكان من الحجة على أهل المقالة الأولى التي قد ذكرناها لأهل المقالة الثانية التي قد وصفناها، إنا قد رأيناهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أباح لهم الإفطار في السفر يصومون فيه.

فمما روي في ذلك.

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (3021).

ص: 299

3024 -

ما حدثنا يزيد بن سنان وربيع الجيزي وصالح بن عبد الرحمن، قالوا: ثنا القعنبي، قال: ثنا هشام بن سعد، عن عثمان بن حيان الدمشقي، عن أم الدرداء رضي الله عنها قالت: قال أبو الدرداء: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم شديد الحر، حتى أن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما منا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن رواحة

(1)

.

3025 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن أبي نضرة، عن جابر قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، فلم يكن يعيب بعضنا على بعض"

(2)

.

3026 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت قتادة، يحدث، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل هشام بن سعد.

وأخرجه مسلم (1122)(109) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي به.

وأخرجه عبد بن حميد (208)، وأحمد (21698)، وابن ماجة (1663)، وأبو عوانة (2806)، والطبري في تهذيب الآثار (254)، وتمام في فوائده (569)، والبيهقي 4/ 245 من طرق عن هشام بن سعد به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف شيخ الطحاوي وقد توبع.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 17، وأحمد (14399) من طريق أبي معاوية به.

وأخرجه مسلم (1117)(97)، والنسائي 4/ 189، وابن خزيمة (2029) من طريق عاصم الأحول به.

ص: 300

وسلم يوم فتح مكة لتسع عشرة أو لسبع عشرة من رمضان، فصام صائمون، وأفطر مفطرون، فلم يعب هؤلاء على هؤلاء، ولا هؤلاء على هؤلاء

(1)

.

3027 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة

فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: لاثنتي عشرة

(2)

.

3028 -

حدثنا علي، قال: ثنا روح، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة

فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال لثمان عشرة

(3)

.

3029 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب قال: ثنا هشام

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

3030 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام

فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يذكر فتح مكة

(5)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11191، 11684)، ومسلم (1116)(94)، وابن حبان (3562)، وابن عبد البر في التمهيد 2/ 176 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 17، وأحمد (11413)، ومسلم (1116)(94) من طريق سعيد بن أبي عروبة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2157)، ومسلم (1116)(94) من طريق هشام بن أبي عبد الله الدستوائي به.

(4)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

(5)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

ص: 301

3031 -

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن مورّق العجلي، عن أنس قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا في يوم شديد الحر، فمنا الصائم ومنا المفطر، فنزلنا منزلا في يوم حار، وأكثرنا ظلًا صاحب الكساء، ومنا من يستر الشمس بيده، فسقط الصُّوّام، وقام المفطرون، فضربوا الأبنية، وسقوا الركاب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذهب المفطرون بالأجر اليوم"

(1)

.

3032 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم

(2)

.

فدل عل ما ذكرنا في هذه الآثار أن ما كان من إفطار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أصحابه بذلك ليس على المنع من الصوم في السفر، وأنه على الإباحة للإفطار في السفر.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صام في السفر وأفطر.

(1)

إسناده صحيح وشيخ الطحاوي متابع.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5901 م)، بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 14، ومسلم (1119)(100)، والنسائي 4/ 182، وابن خزيمة (2033)، وابن حبان (3559) من طرق عن أبي معاوية به.

وأخرجه البخاري (2890)، ومسلم (1119)(101)، وابن خزيمة (2032) من طريقين عن عاصم به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 396، ومن طريقه أخرجه البخاري (1947)، والبيهقي 4/ 244، والبغوي (1761).

ص: 302

3033 -

حدثنا على بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن عبد السلام، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر ويفطر

(1)

.

3034 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحسن بن بشر، قال: ثنا المُعافى بن عمران، عن مغيرة بن زياد، عن عطاء، عن عائشة قالت: صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر

(2)

.

فدل ذلك على أن للمسافر أن يصوم وله أن يفطر، وقد سأل حمزة الأسلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر، فقال له:"إن شئت فَصُم، وإن شئت فأفطر".

3035 -

حدثنا بذلك، علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا سعيد، وهشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، عن سليمان بن يسار، عن حمزة بن عمرو الأسلمي بذلك

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد السلام هو ابن أبي الجنوب.

وأخرجه أحمد (3813)، والبزار (994 زوائد)، وأبو يعلى (5309) من طريق روح بن عبادة به.

(2)

إسناده حسن: من أجل مغيرة بن زياد.

وأخرجه الطيالسي (1595)، والدارقطني 2/ 168، والبيهقي 3/ 142 من طريق طلحة بن عمرو عن عطاء به.

(3)

إسناده ضعيف قتادة بن دعامة لم يسمع من سليمان بن يسار، وسليمان بن يسار لم يسمع من حمزة بن عمرو الأسلمي.

وأخرجه أحمد (16037)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2374)، والطبراني في الكبير (2984) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة به.

وأخرجه الطيالسي (1175)، والنسائي في المجتبى 4/ 185، وفي الكبرى (2602)، والطبراني في الكبير (2982 - 2983) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة به.

ص: 303

3036 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني عمران بن أبي أنس، عن سليمان بن يسار، عن حمزة بن عمرو الأسلمي

مثله

(1)

.

3037 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أصوم في السفر؟، وكان كثير الصيام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر"

(2)

.

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أباح الصوم في السفر لمن شاء ذلك، والفطر لمن شاء ذلك. فثبت بهذا وبما ذكرناه قبله أن صوم رمضان في السفر جائز.

وذهب قوم

(3)

إلى أنه لا فضل لمن صام رمضان في السفر على من أفطر وقضاه بعد ذلك. وقالوا: ليس أحدهما أفضل من الآخر، واحتجوا في ذلك بتخيير النبي صلى

(1)

إسناده منقطع سليمان بن يسار لم يسمع من حمزة الأسلمي.

وأخرجه النسائي في المجتبى 4/ 185، وفي الكبرى (2618) من طريق أبي بكر الحنفي به.

وأخرجه ابن خزيمة (2153) من طريق محمد بن إسحاق، عن عمران به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك (794) برواية أبي مصعب الزهري، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 267، والبخاري (1943)، والنسائي 4/ 187، والطبراني في الكبير (2963)، والبيهقي 4/ 243، والبغوي (1760).

(3)

قلت أراد بهم: قتادة، والأعمش، وإسماعيل بن علية، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في النخب 11/ 161.

ص: 304

الله عليه وسلم، حمزة بن عمرو بين الإفطار في السفر والصوم، ولم يأمره بأحدهما دون الآخر.

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فقالوا: الصوم في السفر في شهر رمضان أفضل من الإفطار. وقالوا لأهل المقالة التي ذكرنا: ليس فيما ذكرتموه من تخيير النبي صلى الله عليه وسلم لحمزة بين الصوم في السفر والفطر دليل على أنه ليس أحدهما أفضل من الآخر، ولكن إنما خيره بما له أن يفعله من الإفطار والصوم، وقد رأينا شهر رمضان يجب بدخوله الصوم على المسافرين والمقيمين جميعا إذا كانوا مكلفين. فلما كان دخول رمضان، هو الموجب للصيام عليهم جميعا، كان من عجل منهم أداء ما وجب عليه أفضل ممن أخره.

فثبت بما ذكرنا أن الصوم في السفر أفضل من الفطر، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله. وقد روي ذلك أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وعن نفر من التابعين.

3038 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن حماد، عن سعيد بن جبير، قال: الصوم أفضل والإفطار رخصة

(2)

. يعني: في السفر.

(1)

قلت أراد بهم: عمرو بن ميمون، والأسود بن يزيد، وشقيق بن سلمة، وطاووسا، وسفيان الثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 11/ 162.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 305

3039 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، وسعيد بن جبير، ومجاهد أنهم قالوا في الصوم في السفر: إن شئت صمت، وإن شئت أفطرت، والصوم أفضل

(1)

.

3040 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا حبيب، عن عمرو بن هرم، قال: سئل جابر بن زيد عن صيام رمضان في السفر. فقال: يصوم من شاء إذا كان يستطيع ذلك ما لم يتكلف أمرا يشق عليه، وإنما أراد الله تعالى بالإفطار التيسير على عباده

(2)

.

3041 -

حدثنا يونس، قال: أنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني القاسم بن محمد، عن عائشة: أنها كانت تصوم في السفر في الحر. فقلت: ما حملها على ذلك؟ فقال: إنها كانت تبادر

(3)

.

فهذه عائشة رضي الله عنها كانت ترى المبادرة بصوم رمضان في السفر أفضل من تأخير ذلك إلى الحضر. وكان أيضا مما احتج به من كره الصوم في السفر.

3042 -

ما حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف (ح)

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه علي بن الجعد (369 - 370) من طريق شعبة، عن حماد، عن إبراهيم ومجاهد به.

(2)

إسناده حسن من أجل حبيب بن أبي حبيب الأنماطي.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 280 (8980)، والطبري في تهذيب الآثار (240) من طريق ابن عون، عن القاسم به.

ص: 306

وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قالا: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن منصور الكلبي، أن دحية بن خليفة، خرج من قريته بدمشق، إلى قدر قرية عقبة

(1)

في رمضان، فأفطر وأفطر معه أناس. وكره آخرون أن يفطروا. فلما رجع إلى قريته، قال والله لقد رأيت اليوم أمرا ما كنت أظن أن أراه: إن قوما رغبوا عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقول ذلك للذين صاموا، ثم قال:"اللهم اقبضني إليك"

(2)

.

فكان من الحجة للذين استحبوا الصوم في السفر في هذا الحديث أن دحية إنما ذم من رغب عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فمن صام في سفره كذلك فهو مذموم، ومن صام في سفره غير راغب عن هديه بل على التمسك بهديه فهو محمود.

3043 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو زرعة، قال: أنا حيوة، قال: أنا أبو الأسود، أنه سمع عروة بن الزبير يحدث، عن أبي مراوح الأسلمي، عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا رسول الله! إني أسرد

(1)

قرية عقبة بن عامر الجهني وهي تسمى اليوم: منية عقبة من بلاد جيزة من مدينة مصر.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة منصور الكلبي.

وأخرجه أحمد (27231)، وأبو داود (2413)، وابن خزيمة (2041)، والطبراني في الكبير (4197)، والبيهقي 4/ 241 من طرق عن الليث بن سعد به.

ص: 307

الصيام، أفأصوم في السفر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما هي رخصة من الله عز وجل للعباد، من قبلها فحسن جميل، ومن تركها فلا جناح عليه"

(1)

.

قال: وكان حمزة يصوم الدهر في السفر والحضر، وكان أبو مراوح كذلك، وكان عروة كذلك.

فدلّ ما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصوم في السفر أفضل من الإفطار، وأن الإفطار إنما هو رخصة.

3044 -

وقد حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو زرعة، قال: أنا حيوة، قال: أنا أبو الأسود، عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها كانت تصوم الدهر في السفر والحضر

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل أبي زرعة وهب الله بن راشد.

وأخرجه مسلم (1121)(107)، والنسائي في المجتبى 4/ 186 - 187، وفي الكبرى (2611)، والطبري في جامع البيان (2891)، وابن خزيمة (2026)، وابن حبان (3567)، والطبراني في الكبير (2981)، والدارقطني 2/ 189، والبيهقي 4/ 243 من طريق أبي الأسود به، وقال المزي: هو المحفوظ عن عروة.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل أبي زرعة وهب الله بن راشد.

وأخرجه البيهقي 4/ 301 من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة وحيوة بن شريح به.

ص: 308

‌6 - باب صوم يوم عرفة

3045 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا بشر بن بكر (ح)

وحدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم (ح)

وحدثنا بكر بن إدريس، وصالح بن عبد الرحمن، قالا: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قالوا: ثنا موسى بن عُلي، عن أبيه، عن عقبة -وقال بكر وصالح في حديثهما: قال: سمعت أبي يحدث عن عقبة-، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن أيام الأضحى وأيام التشريق ويوم عرفة عيد أهل الإسلام، أيام أكل وشرب"

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا الحديث، فكرهوا به صوم يوم عرفة، وجعلوا صومه كصوم يوم النحر.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: لا بأس بصوم يوم عرفة. وكان من الحجة لهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بنهيه عن صوم يوم

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2964) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 104، 4/ 21، والدارمي (1764)، وأحمد (17379)، وأبو داود (2419)، والترمذي (773)، والنسائي في المجتبى 5/ 252، وفي الكبرى 2829 (4181)، والطبري في تهذيب الآثار (562)، وابن خزيمة (2100)، وابن حبان (3603)، والطبري في الكبير 17/ 803، وفي الأوسط (3209)، والحاكم 1/ 434، والبيهقي 4/ 298، والبغوي (1796) من طرق عن موسى بن عُليّ به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

(2)

قلت أراد بهم: بعض أهل الحديث، وبعض الظاهرية، كما في النخب 11/ 174.

(3)

قلت أراد بهم: جمهور الفقهاء والمحدثين من التابعين ومن بعدهم، منهم: مسروق، وإبراهيم النخعي، والثوري، =

ص: 309

عرفة بالموقف، لأنه هناك عيد وليس في غيره كذلك، وقد بين ذلك أبو هريرة رضي الله عنه.

3046 -

حدثنا محمد بن إدريس المكي، وابن أبي داود، قالا: ثنا سليمان بن حرب، (ح)

وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قالا: ثنا حوشب بن عقيل، عن مهدي الهجري، عن عكرمة، قال: كنا مع أبي هريرة في بيته، فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة

(1)

.

فأخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة، إنما هو بعرفة خاصة. واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضا بما

3047 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر قال: لم يصم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي رضي الله عنهم يوم عرفة

(2)

.

= والأوزاعي، وأبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد،، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله، كما في النخب 11/ 175.

(1)

إسناده حسن في الشواهد: مهدي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح ابن خزيمة حديثه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2965 - 2966) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (8031)، وأبو داود (2440)، والنسائي في الكبرى (2830 - 2831)، وابن خزيمة (2101)، والبيهقي 4/ 284، 5/ 117 من طرق عن حوشب بن عقيل به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5411)، والنسائي في الكبرى (2825) من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان به.

ص: 310

قيل لهم: هذا أيضا عندنا على الصيام يوم عرفة بالموقف، وقد بين ذلك ابن عمر رضي الله عنهما في غير هذا الحديث.

3048 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، وأبو داود، قالا: ثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن أبيه، عن رجل، أن رجلا سأل ابن عمر عن صوم يوم عرفة بالموقف، فقال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصمه، ومع أبي بكر رضي الله عنه فلم يصمه، ومع عمر رضي عنه، فلم يصمه، ومع عثمان رضي الله عنه فلم يصمه، وأنا لا أصومه، ولا آمرك ولا أنهاك، فإن شئت فصمه وإن شئت فلا تصمه

(1)

.

فبين هذا الحديث أن ما روى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما هو على الصوم في الموقف. وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما في الأمر بصوم يوم عرفة ما

3049 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سهل بن بكار، قال: ثنا أبو عوانة، قال: ثنا رقبة، عن جبلة بن سحيم، قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يسئل عن صوم يوم الجمعة، ويوم عرفة، فأمر بصيامهما

(2)

.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثواب صوم يوم عرفة من حديث ابن عمر، وأبي قتادة الأنصاري رضي الله عنهم، ما قد

(1)

إسناده ضعيف: لإبهام الرجل الراوي عن ابن عمر وبقية رجاله ثقات.

وأخرجه أحمد (5420)، والنسائي في الكبرى (2827) من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 311

3050 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت غيلان بن جرير يحدث عن عبد الله بن معبد، عن أبي قتادة الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة، فقال:"يكفر السنة الماضية والباقية"

(1)

.

3051 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا أبي، قال: سمعت غيلان بن جرير، يحدث عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أحتسب على الله في صيام يوم عرفة أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده"

(2)

.

3052 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا يحيى بن معين، قال: ثنا المعتمر، قال: قرأت على الفضيل، قال: حدثني أبو حريز، أنه سمع سعيد بن جبير يقول: سأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما عن صوم يوم عرفة، قال: كنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعدله بصوم سنة

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2967) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (22537)، ومسلم (1162)(197)، وابن عبد البر في التمهيد 7/ 211، والبغوي (1789) من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1162)(196)، وأبو داود (2425)، والترمذي (752)، وابن ماجة (1730، 1738)، وابن خزيمة (2087)، وابن حبان (3632)، والبيهقي 4/ 286، والبغوي (1790) من طرق عن غيلان بن جرير به.

(3)

إسناده حسن في الشواهد من أجل أبي حريز. =

ص: 312

فثبت بهذا الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الترغيبُ في صوم يوم عرفة. فدل ذلك أن ما كره من صومه في الآثار الأول هو للعارض الذي ذكرنا من الوقوف بعرفة لشدة تعبهم، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

= وأخرجه الطبراني في الأوسط (751) من طريق يحيى بن معين به.

وأخرجه النسائي في الكبرى (2841)، والطبري في تهذيب الآثار (557) من طريقين عن المعتمر به.

وقال النسائي: أبو حريز ليس بالقوي واسمه عبد الله بن حسين قاضي سجستان وحديثه هذا حديث منكر.

ص: 313

‌7 - باب: صوم يوم عاشوراء

3053 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن حبيب بن هند بن أسماء، عن أبيه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي من أسلم، فقال: قل لهم: "فليصوموا يوم عاشوراء فمن وجدت منهم قد أكل من صدر يومه، فليصم آخره"

(1)

.

3054 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن سلمة الخزاعي -هو ابن المنهال-، عن عمه، قال: غَدَونا على رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة يوم عاشوراء، وقد تغدّينا، فقال:"أصمتم هذا اليوم؟ "، فقلنا: قد تغدينا، قال:"فأتموا بقية يومكم"

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وإسناده فيه حبيب بن هند ذكره ابن حبان في الثقات، ومحمد بن إسحاق صرح بالتحديث عند أحمد، وبقية رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2275) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبراني في الكبير 22/ 545 من طريق أحمد بن خالد الوهبي به.

وأخرجه أحمد (15962)، ومن طريقه ابن الأثير في أسد الغابة 5/ 416، والبخاري في التاريخ الكبير 8/ 238 - 239 من طريقين عن ابن إسحاق به، وقال الهيثمي في المجمع 3/ 185 رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن سلمة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2272) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (20329)، والنسائي في الكبرى (2850) من طريقين عن شعبة به.

وأخرجه أحمد (23475)، وأبو داود (2447)، والنسائي في الكبرى (2851 - 2852) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

ص: 314

3055 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أبا المنهال، يحدث عن عمه -وكان من أسلم-، أن أناسا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، أو بعضهم يوم عاشوراء، فقال:"أصمتم اليوم؟ ". فقالوا: لا، وقد أكلنا فقال:"فصوموا بقية يومكم"

(1)

.

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار وجوب صوم يوم عاشوراء، وفي أمر النبي صلى الله عليه وسلم إياهم بصومه بعدما أصبحوا دليل على أنّ منْ كان في يوم عليه صومه بعينه؛ ولم يكن نوى صومه من الليل؛ أنه يجزئه أن ينوي صومه بعدما أصبح إذا كان ذلك قبل الزوال على ما قال أهل العلم في ذلك.

وقد روي في صوم عاشوراء ما زاد على ما ذكرنا.

3056 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا يوسف بن يزيد، قال: ثنا خالد بن ذكوان، عن الربيع بنت معوّذ، قال: سألتها عن صوم يوم عاشوراء، فقالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار

(2)

، "من كان أصبح صائما فليقم على صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليتم آخر يومه"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف الجهالة عبد الرحمن بن سلمة أبي المنهال، وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2273) بإسناده ومتنه.

(2)

في سن خد "الأمصار"، والمثبت من م ج د و مصادر التخريج.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد (27025)، والبخاري (1960)، ومسلم (1136)، وابن حبان (3620)، والطبراني في الكبير 24/ 700، والبيهقي 4/ 288، والبغوي (1783) من طرق عن خالد بن ذكوان به.

ص: 315

فلم نزل نصومه بعد، ونصومه صبياننا وهم صغار، ونتخذ لهم اللعبة من العهن؛ فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة.

ففي هذا الحديث أنهم كانوا يمنعون صبيانهم الطعام، ويصومونهم يوم عاشوراء.

وهذا عندنا غير جائز، لأن الصبيان غير متعبدين بصيام ولا بصلاة، ولا بغير ذلك. وكيف يكونون متعبدين بشيء من ذلك، وقد رفع الله عز وجل عنهم القلم؟.

3057 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني جرير بن حازم، عن سليمان الأعمش، عن أبي ظبيان، عن عبد الله بن عباس، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يكبر، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3986) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن خزيمة 1003 (3048)، وابن حبان (143) من طريق يونس بن عبد الأعلى وقورن عند ابن خزيمة محمد بن عبد الله بن عبد الحكم.

وأخرجه أبو داود (4401)، والنسائي في الكبرى (7303)، والدارقطني 3/ 138 - 139، والبيهقي 8/ 264 من طرق عن ابن وهب به.

وأخرجه أبو داود (4399 - 4400)، والحاكم 4/ 389، والبيهقي 8/ 264 من طريقين عن الأعمش به، ولم يصرح برفعه.

وأخرجه أحمد (1328)، وأبو داود (4402)، والنسائي في الكبرى (7344)، وأبو يعلى (587)، والبيهقي =

ص: 316

3058 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عفان، قال: ثنا حماد، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

وقد روي في نسخ صوم يوم عاشوراء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار صحيحة.

3059 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا المبارك بن فضالة، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن شقيق بن سلمة، قال: دخلتُ على ابن مسعود يوم عاشوراء وعنده رطب، فقال: ادنه فقلت: إن هذا يوم عاشوراء وأنا صائم، فقال: إن هذا اليوم أمرنا بصيامه قبل رمضان

(2)

.

= 8/ 264 - 265 من طرق عن عطاء بن السائب عن أبي ظبيان به.

(1)

إسناده صحيح: ببقاء الحمادين.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3987) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (24694)، والدارمي (2296)، وابن الجارود (148)، وابن المنذر في الأوسط (2327) من طريق عفان به، وسقط من مطبوع شرح المعاني والأوسط اسم أحد الحمادين.

وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 156، وفي الكبرى (5625)، وابن ماجة (2041)، وابن الجارود (148)، وأبو يعلى (4400)، وابن حبان (142)، والحاكم 2/ 59، والبيهقي 6/ 84، 206، 8/ 41، 10/ 417 من طرق عن حماد بن سلمة به.

(2)

إسناده ضعيف: من أجل مبارك بن فضالة، فإنه يدلس ويسوي وقد عنعن.

وأخرجه الطبراني في الكبير 10/ 194 (10438) من طريق مبارك بن فضالة به.

ص: 317

3060 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبيه، عن عمارة بن عمير، عن قيس بن السَّكن، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: أتاه رجل وهو يأكل، فقال له: هلمَّ، فقال: إني صائم، فقال له عبد الله: كنا نصومه، ثم ترك يعني: يوم عاشوراء

(1)

.

3061 -

حدثنا نصر بن مرزوق، وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: أخبرني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة رضي الله عنها أخبرته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصوم

(2)

يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، فلما فرض رمضان فقال:"من شاء صام عاشوراء، ومن شاء أفطر"

(3)

.

(1)

إسناده حسن: من أجل خالد بن عبد الرحمن الخراساني.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 57، ومسلم (1127)(123)، والنسائي في الكبرى (2846)، والدارقطني في العلل 5/ 208 من طريق سفيان الثوري، عن زبيد اليامي، عن عمارة بن عمير به.

وأخرجه البخاري (4503)، ومسلم (1127)(124) من طريق إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله به.

(2)

في ج د "أمر بصيام عاشوراء".

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2269) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري (1592) من طريق الليث به.

وأخرجه عبد الرزاق (7842)، وأحمد (26068)، والبخاري (2001)(4502)، ومسلم (1125)(114 - 115)، والبيهقي 4/ 288، والطبراني في الأوسط (7491) من طرق عن الزهري به.

ص: 318

3062 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، وشعيب، قالا: ثنا الليث، قال حدثني يزيد بن أبي حبيب، أن عراكا أخبره، أن عروة أخبره، عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3063 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شيبان، عن الأشعث، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصوم عاشوراء، ويحثُّنا عليه ويتعاهدنا عليه، فلما فُرض رمضان لم يأمرنا، ولم ينهنا، ولم يتعاهدنا عليه

(2)

.

3064 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: سمعت شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي عمار، عن قيس بن سعد بن عبادة، قال: أمرنا بصوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، فلما نزل رمضان لم نُؤمر ولم ننه عنه، ونحن نفعله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2268) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري (1893)، ومسلم (1125)(116)، والنسائي في الكبرى (2850، 10949) من طريق الليث به.

(2)

إسناده حسن: من أجل جعفر بن أبي ثور.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2270) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (478)، وابن أبي شيبة 3/ 55 - 56، وأحمد (20908)، ومسلم (1128)، والطبراني (1869)، والبيهقي 4/ 289 من طرق عن شيبان به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 319

3065 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت الحكم، قال: سمعت القاسم بن مُخيْمَرة، عن عمرو بن شرحبيل، عن قيس بن سعد

مثله

(1)

.

3066 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، عن شعبة، عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

ففي هذه الآثار نسخ وجوب صوم يوم عاشوراء، ودليل أن صومه قد رُدَّ إلى التطوع بعد أن كان فرضا.

وقد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار أخر فيها دليل على أن صومه كان اختيارا لا فرضا. فمنها ما

3067 -

حدثنا أبو بكرة، وعلي بن شيبة، قالا: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله

= وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 56 - 57، وأحمد (15477) والنسائي في الكبرى (2841) من طريق سفيان، عن سلمة بن كهيل به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2258) بإسناده ومتنه.

قورن في الأول مع علي بكار وابن مرزوق.

وأخرجه النسائي في المجتبى 5/ 49، وفي الكبرى (2297) عن إسماعيل بن مسعود، عن يزيد بن زريع، عن شعبة به.

وأخرجه الطبراني في الكبير 18/ (888) من طريق ابن أبي ليلى، عن الحكم به.

(2)

إسناده صحيح: وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2261) بإسناده ومتنه.

ص: 320

عليه وسلم المدينة، وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم؛ فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله عز وجل فيه موسى عليه السلام على فرعون. فقال: "أنتم أولى بموسى منهم، فصوموه"

(1)

.

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما صامه شكرا الله عز وجل في إظهاره موسى عليه السلام على فرعون، فذلك على الاختيار، لا على الفرض.

3068 -

وقد حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا رَوْح، قال: ثنا ابن جريج، قال: ثنا عبيد الله بن أبي يزيد، أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: ما علمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وشهر رمضان

(2)

.

3069 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أحمد بن محمد الأزرقي، قال ثنا عبد الجبار بن الورد، قال: سمعت ابن أبي مُليكة، يقول: حدثني عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2271) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري (4737)، والبيهقي 4/ 279 من طريق روح به.

وأخرجه الطيالسي - (2625)، وابن أبي شيبة 3/ 56، والدارمي (1759)، وأحمد (3164)، والبخاري (4680)، ومسلم (1130)(127)، والطبراني (12442)، والبيهقي 4/ 289 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (7837)، وأحمد (2854، 3475)، ومسلم (1132)(131)، والطبراني (11252)، والبيهقي 4/ 286 من طريق ابن جريج به.

ص: 321

رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان، ويوم عاشوراء"

(1)

.

3070 -

حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا روح، قال: ثنا حاجب بن عمر، قال: سمعت الحكم بن الأعرج، يقول: قلت لابن عباس رضي الله عنهما أخبرني عن يوم عاشوراء قال: عن أي حاله

(2)

تسأل؟ قلت: أسأل عن صيامه، أي يوم أصوم؟ قال: إذا أصبحت من تاسعة فأصبح صائما. قلت: كذلك كان يصوم محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم

(3)

.

فهذا ابن عباس قد روي عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم يوم عاشوراء.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني (11253)، وابن عدي في الكامل 5/ 1962، والبيهقي في شعب الإيمان (3780) من طريق عبد الجبار بن الورد به.

وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (649) من طريق ابن أبي مليكة به.

وأخرجه الطبراني (11254، 11255، 11256، 11257) من طرق عن عبيد الله بن أبي يزيد به.

(2)

في د "باله".

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد بن حميد (669، 670)، وأحمد (2135)، وأبوداود (2446)، وابن خزيمة (2098)، وابن حبان (3633)، والبيهقي 4/ 287 من طرق عن حاجب به.

ص: 322

وقد دل ذلك

(1)

على صومه ذلك أنه كان اختيارا لا فرضا ما قد رواه سعيد بن جبير، عن ابن عباس في إخباره بالعِلَّة التي من أجلها صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ.

3071 -

وقد حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور، قال: ثنا الهيثم بن جميل، قال: ثنا شريك، عن جابر، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم عاشوراء

(2)

.

فقد يجوز أن يكون ذلك أيضا من أجل المعنى الذي ذكره ابن عباس رضي الله عنهما.

3072 -

وقد حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا إسرائيل، عن ثوير قال: سمعت عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما يقول: هذا يوم عاشوراء، فصوموه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بصومه

(3)

.

فقد يجوز أن يكون ذلك للعلة التي ذكرناها أيضا.

(1)

في من "دلّك".

(2)

إسناده ضعيف: لضعف جابر بن يزيد الجعفي.

وأخرجه البزار (600، 601) من طريق شريك به.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته (1069)، والبزار (602) من طريق سفيان الثوري، عن جابر به.

(3)

إسناده ضعيف: لضعف ثوير بن أبي فاختة.

وأخرجه أحمد (16119)، والبزار (1050 زوائده)، والطبراني في الكبير (293)، (قطعة من الجزء 13)، وابن عدي في الكامل 2/ 533 من طرق عن إسرائيل به.

ص: 323

3073 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال ثنا عبد الله بن ميسرة الواسطي، قال: ثنا مزيدة بن جابر عن أمه

(1)

، أن عثمان استعمل أبا موسى على الكوفة، فقال: يوم عاشوراء صوموا هذا اليوم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصومه

(2)

.

فهذا الحديث يحتمل ما في حديث ابن عباس أيضا.

3074 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو عوانة، عن الحر بن الصيّاح، عن هُنَيدة بن خالد، عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم تسع

(3)

ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر

(4)

. فهذا أيضا مثل الذي قبله.

(1)

كذا في ج دس خد، وفي م "عن أبيه" وقال العيني في النخب 11/ 216: وفي بعض نسخ الطحاوي عن أبيه وهو الأكثر، وقال في التكميل: مزيدة بن جابر عن أبيه وأمه

وأبوه جابر ذكره ابن حبان في الثقات من التابعين، وأما أمه فلم يقع لي اسمها ما هو ولا حالها.

(2)

إسناده ضعيف: لضعف عبد الله بن ميسرة، وجهالة أم مزيدة.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (2642) من طريق مسلم بن إبراهيم به.

وأخرجه أحمد (19721)، والدولابي في الكنى والأسماء 2/ 93، وابن عدي في الكامل 4/ 1488 من طرق عن عبد الله بن ميسرة به.

(3)

في الأصول "نصف" والمثبت من مصادر التخريج.

(4)

إسناده ضعيف: للاختلاف في أمه وامرأته وهما مجهولتان، وللاضطراب في إسناده كما في نصب الراية 2/ 157.

وأخرجه أحمد (22334)، وأبو داود (2437)، والنسائي 4/ 205، 220 - 221، والبيهقي 4/ 284 - 285 من طرق عن أبي عوانة به. ولفظ النسائي تسعة من ذي الحجة.

ص: 324

3075 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثنا أبو عميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد كان يوم عاشوراء يوما تصومه اليهود، ويتخذونه عيدا، فصوموه أنتم"

(1)

.

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصومه لأن اليهود كانت تصومه.

وقد أخبر ابن عباس في حديثه بالعلة التي من أجلها كانت اليهود تصومه، أنها على الشكر منهم الله تعالى في إظهاره موسى عليه السلام على فرعون، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا صامه كذلك، والصوم للشكر اختيار، لا فرض.

3076 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني عبد الله بن عمر، والليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أحب منكم أن يصوم يوم عاشوراء فليصمه، ومن لم يحب فليدعه"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 55، وأحمد (19669)، والبخاري (2005، 3942)، ومسلم (1131)، والنسائي في الكبرى (2848)، وأبو يعلى (7333)، والبيهقي 4/ 289 من طريق أبي أسامة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5203)، والبخاري (4501)، ومسلم (1126)(117)، وأبو داود (2443)، وابن خزيمة (2082) من طريق يحيى، عن عبيد الله، عن نافع به.

وأخرجه مسلم (1126)(118)، والنسائي في الكبرى (2853)، وابن ماجة (1737)، وابن حبان (3623) من =

ص: 325

3077 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في يوم عاشوراء: "إن هذا يوم كانت قريش تصومه في الجاهلية، فمن شاء أن يصومه فليصمه، ومن شاء أن يتركه فليتركه"

(1)

.

3078 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت غيلان بن جرير يحدث، عن عبد الله بن مَعبد، عن أبي قتادة: الأنصاري؟

(2)

، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في صوم يوم عاشوراء:"إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله"

(3)

.

3079 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت غيلان

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

= طرق عن الليث بن سعد به.

(1)

إسناده ضعيف: محمد بن إسحاق عنعن وقد توبع.

وأخرجه الدارمي (1803) عن محمد بن إسحاق به.

(2)

في د "أبي قتادة قلت: الأنصاري"، وفي ج "أبي قتادة قال: قلت الأنصاري".

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2967) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (22537)، ومسلم (1162)(197)، وابن عبد البر في التمهيد 7/ 211، والبغوي (1789) من طرق عن شعبة به.

(4)

إسناده صحيح: وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف (2968) في شرح مشكل الآثار بإسناده ومتنه.

ص: 326

3080 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا مهدي بن ميمون، وحماد بن زيد، عن غيلان

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

ففي هذا الحديث أنه أمرهم بصومه احتسابا لما ذكر فيه من الكفارة، وليس هو بمخالف عندنا لحديث ابن عباس رضي الله عنه، لأنه قد يجوز أن يكون كان يصومه شكر الله لما أظهر الله موسى عليه السلام على فرعون، فيشكر الله به ما شكره به من ذلك، فيكفر به عن السنة الماضية.

3081 -

حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا روح، قال: ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، أنه سمع معاوية عام حجّ وهو على المنبر يقول: يا أهل المدينة أين علماؤكم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذا اليوم:"هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 78، وأحمد (22621)، وأبو داود (2426)، والنسائي في الكبرى (2790) من طرق عن مهدي بن ميمون به.

وأخرجه مسلم 1162 (196)، وأبو داود (2425)، والترمذي (752)، وابن ماجة (1730)، وابن خزيمة (2087)، وابن حبان (3632)، والبيهقي 4/ 268، والبغوي (1790) من طرق عن حماد بن زيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (16868) من طريق روح، عن مالك ومحمد بن أبي حفصة، عن ابن شهاب به.

وهو في موطأ مالك 1/ 402، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 265، والبخاري (2003)، ومسلم (1129)، =

ص: 327

فقد يجوز أن يكون أراد بقوله: "ولم يكتب الله عليكم صيامه أي: صيام ذلك اليوم في ذلك العام. وليس في هذا نفي أن يكون قد كان كتب ذلك عليهم فيما تقدم ذلك العام من الأعوام، ثم نسخ بعد ذلك على ما تقدم من الأحاديث الأول.

فقد ثبت نسخ صوم يوم عاشوراء الذي كان فرضا، وأمر بذلك على الاختيار، وأخبر بما في ذلك من الثواب، فصومه حسن، وهو اليوم العاشر، قد قال ذلك ابن عباس رضي الله عنهما في حديث الحكم بن الأعرج، وذكر ذلك أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا.

3082 -

ما حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عبد الله بن عمير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لئن عشت إلى العام القابل لأصومن يوم التاسع"

(1)

. يعني عاشوراء.

3083 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عامر، وأبو داود، قالا: ثنا ابن أبي ذئب

فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال:"لأصومن عاشوراء يوم التاسع"

(2)

.

= والطبراني في الكبير 19/ 749، والبيهقي 4/ 290، والبغوي (1785).

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 58، وأحمد (1971)، وعبد بن حميد (672)، ومسلم (1134)، وابن ماجة (1736)، والطبراني (10817) من طرق عن ابن أبي ذئب به.

(2)

إسناده صحيح: هو مكرر سابقه.

ص: 328

3084 -

حدثنا ابن مرزوق وعلي بن شيبة، قالا: ثنا روح، قال: ثنا ابن أبي ذئب

فذكر مثل حديث سليمان بن شعيب

(1)

.

فقوله: "لأصومن عاشوراء، يوم التاسع" إخبار منه على أنه يكون ذلك اليوم يوم عاشوراء، وقوله:"لأصومن يوم التاسع" يحتمل لأصومن يوم التاسع مع العاشر أي: لئلا أقصد بصومي إلى يوم عاشوراء بعينه، كما تفعل اليهود، ولكن أخلطه بغيره، فأكون قد صمته بخلاف ما تصومه يهود.

وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه ما يدل على هذا المعنى.

3085 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أنه سمع ابن عباس يقول: خالفوا اليهود، وصوموا يوم التاسع والعاشر

(2)

.

فدل ذلك على أن ابن عباس قد صرف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن عشتُ إلى قابل لأصومن يوم التاسع" إلى ما قد صرفناه إليه، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا ما

3086 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، قال: حدثني أبي، قال: حدثني ابن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن جده ابن عباس رضي الله عنهما، عن

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2106)، والبيهقي 4/ 287 من طريق روح بن عبادة به.

(2)

إسناده صحيح موقوفا.

وأخرجه عبد الرزاق (7839)، والبيهقي 4/ 278 من طريق ابن جريج به.

ص: 329

النبي صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عاشوراء: "صوموه، وصوموا قبله يوما أو بعده يوما، ولا تشبهوا باليهود"

(1)

.

3087 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا أبو شهاب، عن ابن أبي ليلى

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

فثبت بهذا الحديث ما ذكرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد بصوم يوم التاسع أن يدخل صومه يوم عاشوراء في غيره من الصيام حتى لا يكون مقصودا إلى صومه بعينه. كما جاء عنه في صوم يوم الجمعة. فإنه قد

3088 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، قال أنا عبدة بن سليمان، عن سعيد وهو: ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على جُوَيرية رضي الله عنها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال لها:"أصمت أمس؟ " قالت: لا. قال: "أفلا تصومين غدا؟ " قالت: لا. قال: "فأفطري إذن"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف: لضعف ابن أبي ليلى وداود بن علي بن عبد الله.

وأخرجه أحمد (2154)، والبزار (1052 كشف الأستار)، وابن خزيمة (2095)، وابن عدي 3/ 956، والبيهقي 4/ 287 من طرق عن ابن أبي ليلى به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه الحميدي (485)، ومن طريقه البيهقي 4/ 287 عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى به.

(3)

إسناده صحيح: عبدة بن سليمان الكلابي قد سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل اختلاطه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 43، وابن خزيمة (2162)، وابن حبان (3611) من طريق عبدة بن سليمان به. =

ص: 330

3089 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أبا أيوب العتكي يحدث عن جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها

ثم ذكر مثله

(1)

.

3090 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، وحماد بن سلمة، وهمام، عن قتادة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3091 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا هشام بن حسان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا قبله يوما، أو بعده يوما"

(3)

.

= وأخرجه أحمد (6771)، والنسائي في الكبرى (2753)، وابن خزيمة (2162) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 44 - 45، وعبد بن حميد (1557)، وأحمد (26755)، والبخاري (1986)، والنسائي في الكبرى (2754)، وأبو يعلى (7064)، والبيهقي 4/ 302، والبغوي (1805) من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26756)، وأبو داود (2422)، وأبو يعلى (7065 - 7066) من طرق عن همام به.

(3)

إسناده حسن: من أجل محمد بن عمرو بن علقمة.

وأخرجه أحمد (10424)، والبخاري (1985)، ومسلم (1144)(147)، وأبو داود (2420)، والترمذي (743)، والنسائي في الكبرى (2756)، وابن حبان (3614) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به.

ص: 331

3092 -

حدثنا بكر بن إدريس قال: ثنا آدم، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا عبد الملك بن عمير، قال: سمعت رجلا من بني الحارث بن كعب يحدث، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

بمثل معناه

(1)

.

3093 -

حدثنا فهد، قال ثنا محمد بن سعيد قال: أنا شريك، عن عبد الملك بن عمير، عن زياد الحارثي، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3094 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا القاسم بن سلام بن مسكين، قال: ثنا أبي، قال: سألت الحسن عن صيام يوم الجمعة، فقال: نهي عنه إلا في أيام متتابعة.

ثم قال: حدثني أبو رافع، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم الجمعة إلا في أيام قبله، أو بعده

(3)

.

(1)

إسناده صحيح: والرجل المبهم في السند هو أبو الأوبر زياد الحارثي وهو ثقة.

وأخرجه عبد الرزاق (1504، 7806)، والطيالسي (2718)، وابن أبي شيبة 2/ 415، 3/ 45، وابن راهويه (237 - 238)، وأحمد (9902)، وأبو يعلى (6672)، والدولابي في الكنى 1/ 117، وابن حبان (3610) من طرق عن عبد الملك بن عمير به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات: من أجل شريك بن عبد الله.

وأخرجه أحمد (8772) من طريق زائدة، عن عبد الملك به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو يعلى (6433)، والبزار (9600) من طريق القاسم بن سلام به.

وأخرجه الطبراني في الأوسط 41 (7216) من طريقين عن أبي رافع به.

ص: 332

3095 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب، أن أبا الخير حدثه، أن حذيفة البارقي حدثه، أن جنادة بن أبي أمية الأزدي رضي الله عنه حدثه: أنهم دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم جمعة، فقرب إليهم طعاما فقال:"كلوا". فقالوا: نحن صيام. فقال: "أصمتم أمس؟ " قالوا: لا. قال: "أفصائمون أنتم غدا؟ " قالوا: لا. قال: "فأفطروا"

(1)

.

3096 -

حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن أبي بشر، عن عامر بن لدين الأشعري، أنه سأل أبا هريرة رضي الله عنه عن صيام يوم الجمعة، فقال: على الخبير وقعت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن يوم الجمعة عيدكم، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله، أو بعده"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة، ولجهالة حذيفة الأزدي.

وأخرجه ابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص 306)، والطبراني (2176) من طريق عبد الله بن لهيعة به.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات 7/ 502، وابن أبي شيبة 3/ 44، وأحمد 39/ 438، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 233 - 234، والنسائي في الكبرى (2773 - 2774)، والطبراني في الكبير (2173 - 2174)، والحاكم 3/ 608 من طريق يزيد بن أبي حبيب به.

(2)

إسناده حسن من أجل أبي بشر مؤذن مسجد دمشق.

وأخرجه أحمد (8025)، والبخاري في التاريخ الكبير 9/ 15، وابن خزيمة (2161، 2166)، والحاكم 1/ 437 من طرق عن معاوية بن صالح به.

ص: 333

فكما كره أن يقصد إلى يوم الجمعة بعينه بصيام إلا أن يخلط بيوم قبله، أو بيوم بعده، فيكون قد دخل [في صوم صار منه، فكذلك يوم عاشوراء كره أن يقصد إليه بعينه بصوم إلا أن يخلطه بيوم قبله أو بيوم بعده، فيكون قد دخل في صيام حتى صار منه]

(1)

.

وكذلك عندنا سائر الأيام لا ينبغي أن يقصد إلى صوم يوم منها بعينه، كما لا ينبغي أن يقصد إلى صوم يوم عاشوراء أو يوم الجمعة لأعيانهما. ولكن يقصد إلى الصيام في أي الأيام كان.

وإنما أريد بما ذكرنا من الكراهة التي وصفنا التفرقة بين شهر رمضان، وبين سائر ما يصوم الناس غيره؛ لأن شهر رمضان مقصود بصومه إلى شهر بعينه، لأن فريضة الله عز وجل على عباده صومهم إياه بعينه، إلا من عذر منهم بمرض أو سفر، وغيره من الشهور ليس كذلك.

فهذا وجه ما روي في صوم عاشوراء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد بيناه في هذا الباب وشرحناه، والله نسأله التوفيق.

(1)

من م ج د خد.

ص: 334

‌8 - باب: صوم يوم السبت

3097 -

حدثنا ابن مرزوق -هو إبراهيم-، قال: ثنا أبو عاصم، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر، عن أخته الصماء قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصومن يوم السبت في غير ما افترض الله عليكن، ولو لم تجد إحداكن إلا لحاء شجرة، أو عود عنب، فلتمضغه"

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا الحديث، فكرهوا صوم يوم السبت تطوعا. وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فلم يروا بصومه بأسا. وكان من الحجة عليهم في ذلك أنه قد جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم يوم الجمعة إلا أن يصام قبله يوم، أو بعده يوم.

وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم من كتابنا هذا، فاليوم الذي بعده هو يوم السبت.

ففي هذه الآثار المروية إباحة صوم يوم السبت تطوعا، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ الذي قد خالفها.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (27075)، والدارمي (1749)، وابن خزيمة (2163)، والطبراني في الكبير 24/ (818)، والبيهقي 4/ 302 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد به.

(2)

قلت أراد بهم: مجاهدا، وطاووس بن كيسان، وإبراهيم، وخالد بن معدان رحمهم الله، كما في النخب 11/ 242.

(3)

قلت أراد بهم: الثوري، والأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وآخرين من جمهور العلماء من التابعين وغيرهم رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 335

وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عاشوراء وحض عليه، ولم يقل: إن كان يوم السبت فلا تصوموه.

ففي ذلك دليل على دخول كل الأيام فيه. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الصيام إلى الله عز وجل صيام داود عليه السلام، كان يصوم يوما، ويفطر يوما" وسنذكر ذلك بإسناده في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.

ففي ذلك أيضا التسوية بين يوم السبت وبين سائر الأيام. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا بصيام أيام البيض. وروي عنه في ذلك ما

3098 -

حدثنا يونس قال: ثنا سفيان، عن محمد بن عبد الرحمن، وحكيم، عن موسى بن طلحة، عن ابن الحوتكية، عن أبي ذر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أمره بصيام ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة

(1)

.

3099 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا حبان، قال: ثنا همام، قال: ثنا أنس بن سيرين، عن عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده ضعيف لضعف حكيم بن جبير والجهالة ابن الحوتكية، وقد تفرد بالرواية عنه موسى بن طلحة ولم يوثقه أحد.

وأخرجه الحميدي (136)، وأحمد (21335)، والنسائي في الكبرى (4823) من طريق سفيان بن عيينة به.

وقرن النسائي عنده عمرو بن عثمان مع محمد بن عبد الرحمن وحكيم.

وأخرجه عبد الرزاق (7874)، وابن خزيمة (2127) من طريق سفيان بن عيينة، عن محمد بن عبد الرحمن وحده به.

ص: 336

يأمرنا أن نصوم ليالي البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هي كهيئة الدهر

(1)

.

وقد يدخل السبت في هذه كما يدخل فيها غيره من سائر الأيام. ففيها أيضا إباحة صوم يوم السبت تطوعا.

ولقد أنكر الزهري رحمه الله حديث الصماء رضي الله عنها في كراهة صوم يوم السبت، ولم يعده من حديث أهل العلم بعد معرفته به.

3100 -

حدثنا محمد بن حميد بن هشام الرعيني، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: سئل الزهري عن صوم يوم السبت، فقال: لا بأس به، فقيل له: فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كراهته، فقال: ذاك حديث حمصي

(2)

.

فلم يعده الزهري حديثا يقال به، وضعفه. وقد يجوز عندنا -والله أعلم-، إن كان ثابتا أن يكون إنما نهي عن صومه لئلا يعظم بذلك، فيمسك عن الطعام والشراب والجماع فيه، كما يفعل اليهود.

(1)

إسناده ضعيف: لجهالة عبد الملك بن قتادة بن ملحان، تفرد بالرواية عنه أنس بن سيرين، وذكره ابن حبان وحده في الثقات، وأشار ابن المديني والذهبي إلى جهالته.

وأخرجه ابن سعد 7/ 43، وأحمد (17514)، وأبو داود (2449)، وابن ماجة (1707)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1646)، والنسائي 4/ 224 - 225، والطبراني 19/ 23 من طرق عن همام به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه أبو داود (2423)، والبيهقي 4/ 302 من طريق ابن وهب، عن الليث، عن ابن شهاب به.

ص: 337

فأما من صامه لا لإرادته تعظيمه، ولا لما تريد اليهود بتركها السعي فيه، فإن ذلك غير مكروه.

فإن قال قائل: فقد رخص في صيام أيام بعينها مقصودة بالصوم، وهي أيام البيض، فهذا دليل على أن لا بأس بالقصد بالصوم إلى يوم بعينه.

قيل له: إنه قد قيل: إن أيام البيض إنما أمر بصومها، لأن الكسوف يكون فيها، ولا يكون في غيرها، وقد أمرنا بالتقرب إلى الله عز وجل بالصلاة والعتاق وغير ذلك من أعمال البر عند الكسوف، فأمر بصيام هذه الأيام، ليكون ذلك برًّا مفعولا بعقب الكسوف، فذلك صيام غير مقصود به إلى يوم بعينه في نفسه. ولكنه صيام [غير] مقصود به في وقت شكرا لله عز وجل لعارض كان فيه، فلا بأس بذلك.

وكذلك أيضا يوم الجمعة إذا صامه رجل شكرًا لله لعارض من كسوف شمس أو قمر، أو شكرا لله عز وجل فلا بأس بذلك، وإن لم يصم قبله ولا بعده يوما.

ص: 338

‌9 - باب الصوم بعد النصف من شعبان إلى رمضان

3101 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا حبّان ويعقوب بن إسحاق، قالا: ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم القاص، قال: ثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا صوم بعد النصف من شعبان حتى رمضان"

(1)

. قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى كراهة الصوم بعد النصف من شعبان إلى رمضان، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: لا بأس بصوم شعبان كله وهو حسن غير منهي عنه. واحتجوا في ذلك بما

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الدارمي (1868) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم به.

وأخرجه عبد الرزاق (7325)، وابن أبي شيبة 3/ 21، والدارمي (1869)، وأحمد (9707)، وأبو داود (2337)، والترمذي (738)، والنسائي في الكبرى (2911)، وابن ماجة (6151)، وابن حبان (3589)، والبيهقي 4/ 209 من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن به.

(2)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الرحمن بن يعقوب المدني رحمهم الله، كما في النخب 11/ 262.

(3)

قلت أراد بهم: مجاهدا، والأوزاعي، والنخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأصحابه، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم، وجماهير العلماء من التابعين ومن بعدهم رحمهم الله، كما في النخب 11/ 263.

ص: 339

3102 -

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب، قال: حدثني فضيل بن عياض، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن شعبان برمضان

(1)

.

3103 -

حدثنا إبراهيم بن محمد بن يونس، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن سالم، عن أبي سلمة، عن أم سلمة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان

(2)

.

3104 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا أبو الغصن ثابت بن قيس، عن أبي سعيد المقبري، عن أسامة بن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يومين من كل جمعة لا يدعهما فقلت: يا رسول الله رأيتك لا تدع صوم يومين من كل جمعة قال: "أي يومين؟ " قلت: يوم الاثنين ويوم الخميس، قال:"ذلك الخميس، قال: "ذلك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف: لضعف ليث بن أبي سليم.

وأخرجه أبو يعلى كما في النخب 11/ 264 من طريق محمد بن عون، والرامهرمزي في المحدث الفاضل (ص 392) من طريق الحسن بن قزعة كلاهما عن الفضيل بن عياض به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26562)، والترمذي (736)، والنسائي في المجتبى 4/ 150، وفي الكبرى (2485)، وأبو يعلى (6970)، والبيهقي 2/ 210، والبغوي (1720) من طريق عبد الرحمن بن مهدي به.

(3)

إسناده حسن: من أجل ثابت بن قيس أبي غصن

وأخرجه عبد الرزاق (7917)، وابن أبي شيبة 3/ 103، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (771)، والبيهقي في شعب =

ص: 340

3105 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا ثابت

فذكر بإسناده مثله. وزاد قال: وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر ما يصوم من شعبان، فقلت: يا رسول الله! رأيتك تصوم من شعبان ما لا تصوم من غيره من الشهور؟ قال: "هو شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم"

(1)

.

3106 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا نافع عن يزيد، يعني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد حدثه، أن محمد بن إبراهيم حدثه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان، كان يصوم كله إلا قليلا، بل كان يصومه كله

(2)

.

= الإيمان (3821)، والضياء في المختارة (1319، 1320، 1358) من طرق عن ثابت بن قيس به.

وزاد عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأبو نعيم والبيهقي والضياء في الموضع الأول والثاني أبا هريرة بين أبي سعيد وأسامة ولعل أبا سعيد سمعه منهما جميعا.

(1)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه أحمد (21753)، والنسائي 4/ 201، والبزار (2617)، وأبو نعيم في الحلية 9/ 18، والضياء في المختارة (1356) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن ثابت بن قيس به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1146)(152)، والنسائي 4/ 150، وابن الجارود (400)، وابن حبان (3516)، والبيهقي 4/ 292 من طريق يزيد بن الهاد به.

ص: 341

3107 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: ثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، قال: حدثتني عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصوم من السنة أكثر من صيامه في شعبان، فإنه كان يصومه كله

(1)

.

3108 -

حدثنا يونس، قال: أنا بشر، عن الأوزاعي، قال: حدثني يحيى، قال: حدثني أبو سلمة، قال: حدثتني عائشة

فذكر مثله

(2)

.

3109 -

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عمي، قال: ثنا أسامة بن زيد الليثي، قال: حدثني محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، قال: سألت عائشة عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وكان يصوم شعبان، أو عامة شعبان

(3)

.

3110 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا يزيد الرشك، عن معاذة العدوية، قالت: سئلت عائشة أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1578)، وإسحاق بن راهويه (1055 - 1056)، وأحمد (24967)، والبخاري (1970)، ومسلم (782)(177)، والنسائي في المجتبى 4/ 151، وابن خزيمة (2079) من طرق عن هشام به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (24542) من طريق أبي المغيرة، عن الأوزاعي به.

وأخرجه ابن خزيمة (2078) من طريق عقيل بن خالد الأيلي، عن يحيى به.

(3)

إسناده حسن: من أجل أسامة بن زيد الليثي.

وأخرجه النسائي في المجتبى 4/ 150، وفي الكبرى (2498)، وابن خزيمة (2133) من طريق ابن وهب به.

ص: 342

أيام من كل شهر؟ قالت نعم، فقيل لها: من أيه؟ قالت: ما كان يبالي من أي الشهر صامها

(1)

.

قالوا: في هذه الآثار دليل على أن لا بأس بصوم شعبان كله، وكان من حجة الأولين عليهم أن الذي روي في هذه الأخبار إنما هو إخبار عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما قبل ذلك مما فيه النهي إخبار عن قوله: فكان ينبغي أن يصحح الحديثان جميعا.

فيجعل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مباحا له، وما نهى عنه كان محظورا على غيره، فيكون حكم غيره في ذلك خلاف حكمه حتى يصح الحديثان جميعا ولا يتضادان.

فكان من الحجة عليهم في ذلك أن في حديث أسامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في شعبان: "هو شهر يغفل الناس عن صومه".

فدل ذلك أن صومه إياه أفضل من الإفطار وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ما يدل على ما ذكرنا.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1572)، وإسحاق بن راهويه (1393 - 1394)، وأحمد (25127)، والترمذي (763)، وابن ماجة (1709)، وابن خزيمة (2130)، وابن حبان (3657)، والبغوي (1802) من طرق عن شعبة به.

ص: 343

3111 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا صدقة بن موسى، عن ثابت عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل الصيام بعد رمضان شعبان"

(1)

.

3112 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن صدقة بن موسى، عن ثابت، عن أنس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصوم أفضل يعني بعد رمضان؟ قال: "صوم شعبان تعظيما لرمضان"

(2)

.

3113 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبيد الله بن محمد التيمي، قال: أنا حماد، عن ثابت، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "هل صمت من سرر

(3)

شعبان؟ " قال: لا. قال: "فإذا أفطرت رمضان فصم يومين"

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف: لضعف صدقة بن موسى الدقيقي.

وأخرجه الترمذي (663)، والبغوي (1778) من طريق موسى بن إسماعيل به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 103، ومن طريقه أبو يعلى (3421) عن يزيد بن هارون به.

(3)

بفتح السين قال ابن الأثير: وسره أي أوله، وقيل: مستهله وقيل: وسطه، وسر كل شيء جوفه، فكأنه: أراد الأيام البيض.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (830)، وأحمد (19978)، ومسلم (ص 820)(199)، وأبو داود (2328)، والنسائي في الكبرى (2868)، وابن حبان (3588)، والطبراني في الكبير 18/ 246، والبيهقي 4/ 210 من طرق عن حماد بن سلمة به.

ص: 344

3114 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبيد الله، قال: أنا حماد، عن الجريري، عن أبي العلاء، عن مطرف بن عبد الله -هو ابن الشخير- عن عمران، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله غير أنه قال:"صم يوما"

(1)

.

قال أبو جعفر: وهذا في آخر شعبان. ففي هذه الآثار من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ما قد وافق فعله. وقد روي عنه في ذلك أيضا ما قد

3115 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا أن يكون رجلا كان يصوم صياما فليصمه"

(2)

.

3116 -

حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا مسلم بن إبراهيم قال: ثنا هشام

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (19979)، وأبو داود (2328)، والنسائي في الكبرى (2868)، والطبراني في الكبير 18/ 219 من طرق عن حماد بن سلمة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (7200)، والدارمي (1689)، ومسلم (1082)، وأبو نعيم في الحلية 6/ 282 من طرق عن هشام الدستوائي به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1914)، وأبو داود (2335)، والبيهقي 4/ 207 من طريق مسلم بن إبراهيم به.

وأخرجه الشافعي 1/ 275، والنسائي 4/ 149، وابن ماجة (1650)، وأبو يعلى 5999 (6030)، وابن حبان =

ص: 345

3117 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا هشام، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة

فذكر مثله

(1)

.

3118 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3119 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا حسين المعلم، وهشام بن أبي عبد الله، عن يحيى

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

3120 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوحاظي -يعني يحيى بن صالح-، قال: ثنا سليمان بن بلال، قال: ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(4)

.

= (3586)، والبيهقي 4/ 207، والبغوي (1718) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.

(1)

إسناده حسن، من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، وهو مكرر سابقه وأنظر (3120).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي 4/ 149، وابن ماجة (1650)، وأبو يعلى (5998) والبغوي (1718) من طرق عن الأوزاعي به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (10662)، وأبو نعيم في الحلية 3/ 73 من طريق روح بن عبادة به.

(4)

إسناده حسن: من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي.

وأخرجه الشافعي 1/ 274 - 275، والترمذي (684)، وابن حبان (3459)، والدارقطني 2/ 159 - 160، 162 - 163، والبيهقي 4/ 206 - 207، والبغوي (1716) من طرق عن محمد بن عمرو به.

ص: 346

3121 -

حدثنا علي بن معبد قال: ثنا عبد الوهاب قال: ثنا محمد بن عمرو

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم فليصمه"، دلّ ذلك على دفع ما قال أهل المقالة الأولى، وعلى أنّ ما بعد النصف من شعبان إلى رمضان حكم صومه حكم صوم سائر الدهر المباح صومه.

فلما ثبت هذا المعنى الذي ذكرنا دل ذلك أن النهي الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي ذكرناه في أوّل هذا الباب، لم يكن إلا على الإشفاق منه على صوّام رمضان، لا لمعنى غير ذلك.

وكذلك نأمر من كان الصوم بقرب رمضان يدخله به ضعف يمنعه من صوم رمضان أن لا يصوم حتى يصوم رمضان، لأن صوم رمضان أولى به من صوم ما ليس عليه صومه.

فهذا هو المعنى الذي ينبغي أن يحمل عليه معنى ذلك الحديث حتى لا يضاد غيره من هذه الأحاديث.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر به عبد الله بن عمرو ما يدل على ذلك أيضا.

(1)

إسناده حسن: من أجل محمد بن عمرو بن علقمة، وهو مكرر سابقه.

ص: 347

3122 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن أوس رجل من ثقيف، عن عبد الله بن عمرو قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب الصيام إلى الله عز وجل صيام داود عليه السلام كان يصوم يوما، ويفطر يوما"

(1)

.

3123 -

حدثنا بكر بن إدريس قال: ثنا آدم (ح)

وحدثنا ابن مرزوق قال: ثنا روح قالا: ثنا شعبة عن زياد بن الفياض قال: سمعت أبا عياضا قال: سمعت عبد الله بن عمرو يحدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1253) بإسناده ومتنه.

إلا أن في أوله قورن مع يونس، عيسى بن إبراهيم الغافقي.

ورواه أبو عوانة 2/ 290 عن يونس به.

وأخرجه الحميدي (589)، وعبد الرزاق (7864)، والدارمي 2/ 20، وأحمد (6491)، والبخاري (1131، 3420)، ومسلم (1159)(189)، وأبو داود (2448)، والنسائي في المجتبى 3/ 214، 4/ 198، وفي الكبرى (2653)، وابن ماجة (1712)، وابن حبان (2590)، والبيهقي 3/ 3 من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5894 - 5895) بإسناده ومتنه.

ورواه أحمد (6915)، والبيهقي في السنن 4/ 296 من طريق روح به.

وأخرجه الطيالسي (2288)، ومسلم (1159)(192)، والنسائي في المجتبى 4/ 212 - 217، وفي الكبرى (2702، 2711، 2742)، وابن خزيمة (2106، 2121)، وابن حبان (3658)، والبيهقي 4/ 296 من طرق عن شعبة به.

ص: 348

3124 -

حدثنا أبو بكرة، وعلي بن شيبة، قالا ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، أن عمرو بن أوس أخبره، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أحب الصيام إلى الله عز وجل صيام داود كان يصوم نصف الدهر"

(1)

.

3125 -

حدثنا ابن مرزوق -يعني إبراهيم-، قال ثنا عفان، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا ثابت، عن شعيب بن عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يعني فسأله عن الصيام، فقال له:"صم يوما ولك عشرة أيام" قال: زدني يا رسول الله فإن بي قوة قال: "صم يومين ولك تسعة أيام" قال: زدني يا رسول الله فإن بي قوة، قال:"صم ثلاثة أيام، ولك ثمانية أيام"

(2)

.

3126 -

حدثنا علي بن شيبة قال: ثنا روح قال: ثنا حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5896) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (7864)، وأحمد (6921)، ومسلم (1159)، والبيهقي 4/ 295 - 296 من طريق ابن جريج به.

(2)

إسناده حسن.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5891) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (6545) من طريق عفان وقرن بعفان يزيد بن هارون.

وأخرجه النسائي 4/ 213، وفي الكبرى (2704) من طرق عن حماد بن سلمة به.

ص: 349

حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، بكل حسنة عشرة أمثالها فذلك صوم الدهر كله"، فشددتُ على نفسي فشدّد علي. فقلت: إني أطيق أكثر من ذلك. فقال: "صم صوم نبي الله داود عليه السلام" قلت: وما صوم داود نبي الله؟ قال: "نصف الدهر"

(1)

.

3127 -

حدثنا يونس قال: ثنا بشر عن الأوزاعي قال: حدثني يحيى

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3128 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا محمد بن أبي حفصة، قال: ثنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول: لأصومن الدهر، فقال:"صم ثلاثة أيام من كل شهر"، قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك، قال:"صم يوما، وأفطر يومين"،

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (6134)، ومسلم 1159 (183) من طريق روح بن عبادة به.

وأخرجه النسائي في الكبرى (2935) من طريق الحسين المعلم به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن سعد 4/ 264، وأحمد (6867)، والبخاري (1975، 5199)، وابن حبان (3571)، والبيهقي 4/ 299 من طرق عن الأوزاعي به.

وأخرجه البخاري (1974، 6134)، ومسلم (1159)(182 - 183)، والنسائي في المجتبى 4/ 211، وفي الكبرى (2699)، وابن خزيمة (2110) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.

ص: 350

قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك، قال:"فصم يوما وأفطر يوما، فذلك صوم داود عليه السلام وهو أعدل الصيام"

(1)

.

3129 -

حدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب أن سعيدا أخبره وأبا سلمة أن عبد عبد الله بن عمرو قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3130 -

حدثنا محمد بن خزيمة وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (6761) من طريق روح بن عبادة به.

وأخرجه البخاري (1976)، ومسلم (1159)(181)، وأبو داود (2427)، والنسائي في الكبرى (2700)، وابن حبان (3660)، وأبو نعيم في الحلية 1/ 283 من طرق عن الزهري به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه البخاري (3418) من طريق الليث به.

(3)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه أبو نعيم في الحلية 1/ 284 من طريق يزيد بن الهاد به.

وأخرجه أحمد (6876)، والنسائي في المجتبى 4/ 212، وفي الكبرى (2701) من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم به.

ص: 351

3131 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، وروح، قالا: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن هلال، أو هلال بن طلحة قال: سمعت عبد الله بن عمرو، يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله صم ثلاثة أيام من كل شهر، {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} "، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال "صم صوم داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما"

(1)

.

3132 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا معلى بن أسد، قال: ثنا عبد العزيز بن المختار، قال: ثنا خالد الحذاء، قال حدثني أبو قلابة، قال: حدثني أبو المليح، قال: دخلت مع أبيك زيد بن عمرو على عبد الله بن عمرو بن العاص، فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له صومه، قال: فدخل علي فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف، فجلس على الأرض وقال لي:"إنما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام" قلت: يا رسول الله، قال:"فخمسة أيام" قلت: يا رسول الله! قال: "فسبعة أيام" قلت: يا رسول الله! قال: "فتسعة أيام" قلت: يا رسول الله! قال: "فأحد عشر يوما" قلت: يا رسول الله قال: أظنه قال: "ثلاثة عشر يوما" قلت: يا رسول الله! قال: "لا صيام فوق صيام داود عليه السلام شطر الدهر صيام يوم، وإفطار يوم"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف: لجهالة طلحة بن هلال، ذكره ابن حبان في الثقات ولم يرو عنه غير سعد بن إبراهيم ولا يعرف إلا في هذا الحديث.

وأخرجه الطيالسي (2280)، وأحمد (6914)، وابن حبان في الثقات 4/ 392 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح. =

ص: 352

3133 -

حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا عبد الله بن رجاء قال: ثنا زائدة بن قدامة، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف تصوم؟ " قلت: أصوم فلا أفطر قال: "صم من كل شهر ثلاثة أيام" قلت: إني أقوى من ذلك؟ قال: فلم يزل يناقصني وأناقصه حتى قال: "فصم أحب الصيام إلى الله عز وجل صوم داود عليه السلام صوم يوم وإفطار يوم"

(1)

.

3134 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا علي بن قادم، قال: ثنا مسعر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي العباس، عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم أنبأ أنك تصوم الدهر وتقوم الليل؟ " قال: قلت إني أقوى، قال: "إنك إذا فعلت نفهت

(2)

له النفس وهجمت له العين" قال: قلت: إني أقوى، قال: "فصم ثلاثة أيام من كل شهر" قال: قلت: إني أقوى، قال: "فصم صوم أخي داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر

(3)

إذا لاقى"

(4)

.

= وأخرجه البخاري (1980)، ومسلم (1159)(191)، والنسائي في المجتبى 4/ 215، وفي الكبرى (2723)، وابن حبان (3640) من طرق عن خالد بن عبد الله الواسطي، عن خالد بن مهران الحذاء به.

(1)

إسناده صحيح، زائدة بن قدامة روى عن عطاء بن السائب قديما.

وأخرجه الطيالسي - (2387)، وأحمد (7023)، وأبو داود (1389)، والبزار 2342 (2464)، والبيهقي في الشعب الإيمان (1977) من طرق عن عطاء بن السائب به.

(2)

أي: أعيت وكلت، قال الجوهري: نفهت نفسه بالكسر، أعيت وكلت، قلت: وفي س خد: "بقيت"، وفي ج:"نقهت".

(3)

أي إذا لاقى الأعداء في الحرب.

(4)

إسناده حسن في المتابعات من أجل علي بن قادم. =

ص: 353

3135 -

حدثنا يونس، قال: ثنا أسد، قال: ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت أبا العباس رجلا من أهل مكة، وكان شاعرا وكان لا يتهم في الحديث قال: سمعت عبد الله بن عمرو

فذكر مثله

(1)

.

3136 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا سريج، قال: ثنا هشيم، قال: أنا حصين ومغيرة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:"صم من كل شهر ثلاثة أيام"

ثم ذكر مثله

(2)

.

3137 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت غيلان بن جرير يحدث، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة قال: سئل رسول الله صلى

= وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 78، وأحمد (6534)، ومسلم (1159)(187)، وابن ماجة (1706) من طريق مسعر به، وقرن عند مسلم وابن ماجة بسفيان.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2255)، وأحمد (6766)، والبخاري (1979)، ومسلم (1159)(187)، والنسائي في المجتبى 4/ 214، وفي الكبرى (2706 - 2707)، والبيهقي 4/ 299 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1341) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (6477) من طريق هشيم به.

وأخرجه البخاري (1978، 5052)، والنسائي في المجتبى 4/ 209، وفي الكبرى (8012)، وابن خزيمة (2105) من طريق مجاهد به.

ص: 354

الله عليه وسلم عمن يصوم يوما ويفطر يوما. قال: "ذاك صوم داود عليه السلام" قال: يا رسول الله! فكيف من يصوم يوما ويفطر يومين؟ قال: "وددت أني طُوّقتُ ذلك"

(1)

.

فلما أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار المتواترة صوم يوم وإفطار يوم من سائر الدهر دل ذلك أن صوم ما بعد النصف من شعبان مما قد دخل في إباحة النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (22537)، ومسلم (1162)(197)، والبغوي (1789) من طريق شعبة، عن غيلان بن جرير به.

ص: 355

‌10 - باب القبلة للصائم

3138 -

حدثنا علي بن مَعْبد، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا إسرائيل، عن زيد بن جبير، عن أبي يزيد الضني، عن ميمونة بنت سعد قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن القُبلة للصائم فقال: "أفطرا جميعا"

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا، فقالوا: ليس للرجل أن يقبل في صومه وإن قبل فقد أفطر. واحتجوا في ذلك أيضا بما

3139 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: قلت لأبي أسامة: أحدثكم عمر بن حمزة؟ قال: أخبرني سالم، عن ابن عمر قال: قال عمر: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فرأيته لا ينظرني فقلت: يا رسول الله ما شأني؟ قال: "ألست الذي تقبّل وأنت صائم؟ " فقلت: والذي بعثك بالحق إني لا أقبل بعد هذا وأنا صائم، فأقر به ثم قال:"نعم"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف: الجهالة أبي يزيد الضنى.

وأخرجه ابن سعد 8/ 305، وابن أبي شيبة 3/ 62 - 63، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3442)، والطبراني في الكبير 25/ 57، والدارقطني 2/ 183 - 184 من طرق عن إسرائيل به.

(2)

قلت أراد بهم: عبد الله بن شبرمة، وشريحا، وإبراهيم النخعي، والشعبي، وأبا قلابة، ومحمد بن الحنفية، ومسروق بن الأجدع رحمهم الله، كما في النخب 302/ 11.

(3)

إسناده حسن في الشواهد من أجل عمر بن حمزة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 180 (30504)، والبزار (118)، وأبو نعيم في الحلية 1/ 45، والبيهقي 4/ 232 من طرق عن أبي أسامة، عن عمر بن حمزة به.

ص: 356

واحتجوا في ذلك أيضا بما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

3140 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن هانئ وكان يسمى الهزهاز، قال: سئل عبد الله عن القبلة للصائم، فقال: يقضي يوما آخر

(1)

.

3141 -

حدثنا أبو بكرة قال: ثنا مؤمل قال: ثنا سفيان عن منصور عن هلال عن الهزهاز، عن عبد الله

مثله

(2)

.

واحتجوا في ذلك أيضا بما روي عن عمر رضي الله عنه من قوله.

3142 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، أن عمر رضي الله عنه كان ينهى عن القبلة للصائم

(3)

.

(1)

رجاله ثقات: غير هانئ، ذكره البخاري في التاريخ الكبير (2826) وقال: روى عن عبد الله.

وأخرجه البيهقي 4/ 234 من طريق شعبة به.

(2)

رجاله ثقات: غير هانئ، ومؤمل بن إسماعيل: حسن الحديث عند المتابعة.

وأخرجه عبد الرزاق (8426)، وابن أبي شيبة 2/ 315 (9412)، والطبراني في الكبير (9572) من طريق سفيان الثوري به.

(3)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 315 (9410) من طريق وكيع عن ابن أبي ذئب به.

وأخرجه عبد الرزاق (8406) عن معمر وإسحاق بن راهويه (663) من طريق الزبيدي، كلاهما عن الزهري به.

ص: 357

3143 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن عمران بن مسلم، عن زاذان، قال: قال عمر رضي الله عنه: لأن أعض على جمرة أحب إلي من أن أقبل وأنا صائم

(1)

.

واحتجوا في ذلك أيضا بما روي عن سعيد بن المسيب.

3144 -

حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا علي بن مَعْبد، قال: ثنا موسى بن أعين، عن عبد الكريم، عن سعيد بن المسيب، في الرجل يقبل امرأته وهو صائم، فقال: ينقض صومه

(2)

.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فلم يروا بالقبلة للصائم بأسا إذا لم يخف منها أن تدعوه إلى غيرها مما يمنع منه الصائم.

وكان من حجتهم فيما احتج به عليهم أهل المقالة الأولى أنه قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحته القبلة للصائم ما هو أظهر من حديث ميمونة بنت سعد وأولى أن يؤخذ به. وهو ما قد

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه عبد الرزاق (8425)، 4/ 186 من طريق الثوري، عن عمران، عن زاذان، عن ابن عمر به.

ومن طريق عمران أخرجه ابن حزم في المحلى 4/ 343

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 316 (9417) من طريق ابن علية، عن داود، عن سعيد بن المسيب به.

(3)

قلت أراد بهم: عطاء، والحسن البصري، والثوري، والأوزاعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وداود بن علي رحمهم الله، كما في النخب 11/ 309.

ص: 358

3145 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عبد الملك بن سعيد الأنصاري، عن جابر بن عبد الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: هششت

(1)

يوما فقبلت، وأنا صائم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: فعلت اليوم أمرا عظيما، قبلت وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرأيت لو تمضمضتَ بماء وأنت صائم؟ " فقلت: لا بأس بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ففيم؟ "

(2)

.

3146 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شبابة بن سوار، قال: أنا ليث بن سعد

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

فهذا الحديث صحيح الإسناد، معروف الرواة وليس كحديث ميمونة بنت سعد الذي رواه عنها أبو يزيد الضنّي وهو رجل لا يعرف.

فلا ينبغي أن يعارض حديث مَنْ ذكرنا بحديث مثله مع أنه قد يجوز أن يكون حديثه ذلك على معنى خلاف معنى حديث عمر هذا.

(1)

أي: ارتحت، وقال الجوهري: هششت لفلان إذا خففت وارتحت له.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة (1999) بنفس السند.

وأخرجه عبد بن حميد (21)، والدارمي (1724)، وأحمد (138)، وأبو داود (2385)، والبزار (236)، والنسائي في الكبرى (2945)، وابن خزيمة (1999)، وابن حبان (3544)، والحاكم 1/ 431 من طرق عن الليث به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 60 من طريق شبابة بن سوار به.

ص: 359

ويكون جواب النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه جوابا لسؤال سئل في صائمين بأعيانهما على قلة ضبطهما لأنفسهما، فقال: ذلك فيهما أي أنه إذا كانت القبلة منهما فقد كان معها غيرها ممّا قد فطرهما لأنفسهما، وهذا أولى مما حمل عليه معناه حتى لا يضادّ غيره.

وأما حديث عمر بن حمزة فليس أيضا في إسناده كحديث بكير الذي قد ذكرنا، لأن عمر بن حمزة ليس مثل بكير بن عبد الله في جلالته وموضعه من العلم وإتقانه، مع أنهما لو تكافئا لكان حديث بكير أولاهما، لأنه قول من رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة، وذلك قول قد قامت به الحجة على عمر.

وحديث عمر بن حمزة إنما هو على قول حكاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، وذلك مما لا تقوم به الحجة، فما تقوم به الحجة أولى ممّا لا تقوم به الحجة.

ثم هذا ابن عمر قد حدث عن أبيه بما حكاه عمر بن حمزة في حديثه، ثم قال: بعد أبيه بخلاف ذلك.

3147 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أبي حمزة، عن مورّق، عن ابن عمر، أنه سئل عن القُبلة للصائم، فأرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب

(1)

.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه البيهقي 4/ 232 من طريق يحيى بن عبد الرحمن، عن ابن عمر به.

ص: 360

فدل ذلك أن هذا كان عنده أولى ممّا حدثه به عمر، مما ذكره عمر بن حمزة في حديثه.

وأما ما احتجوا به من قول ابن مسعود رضي الله عنه فإنه قد روي عنه أيضا خلاف ذلك.

3148 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسرائيل، عن طارق، عن حكيم بن جابر قال: كان ابن مسعود يباشر امرأته وهو صائم

(1)

.

فقد تكافأ هذا الحديث وما روى الهزهاز عن عبد الله.

وأما ما ذكروه من قول سعيد -يعني ابن المسيب- أنه ينقض صومه، فإن ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تشبيهه ذلك بالمضمضة أولى من قول سعيد.

ثم قال بذلك جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مما سنذكر ذلك عنهم في آخر هذا الباب إن شاء الله.

وقد جاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترة بأنه كان يقبل وهو صائم. فمن ذلك ما

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (8442)، ومن طريقه الطبراني (9573) من طريق عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 317 (9430)، والبيهقي 4/ 234 من طريق أبي ميسرة، عن ابن مسعود به.

ص: 361

3149 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصيب من الرؤوس وهو صائم

(1)

.

3150 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عياش الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب قال: ثنا عبد الله بن شقيق، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

فما دريت ما هو حتى قيل: القبلة.

3151 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي هو أحمد بن خالد، قال: ثنا شيبان، عن يحيى بن أبي كثير، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم

(3)

.

3152 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله، عن يحيى، عن أبي سلمة

ذكر بإسناده مثله

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (3392 م) من طريق عبد الوهاب به.

وأخرجه أحمد (2241)، والبزار (1020 كشف) من طريق محمد بن جعفر، عن سعيد به.

وأخرجه عبد الرزاق (7407)، ومن طريقه البزار (1020) عن معمر، عن أيوب به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (322) من طريق شيبان به.

(4)

إسناده صحيح. =

ص: 362

3153 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن بكير بن عبد الله، عن أبي بكر بن المنكدر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة أنها قالت: قبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم

(1)

.

3154 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أنا طلحة بن يحيى، عن عبد الله بن فروخ، قال أتت أم سلمة امرأة فقالت: إن زوجي يقبلني وأنا صائمة فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني وهو صائم وأنا صائمة

(2)

.

3155 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن شتير بن شكل، عن حفصة بنت عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قبل وهو صائم

(3)

.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 35، وأحمد (26498)، والدارمي (1138)، والبخاري (1929)، وأبو يعلى (6991) من طرق عن هشام به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26707)، والنسائي في الكبرى (3070)، والطبراني في الكبير 23/ 806 من طرق عن ليث بن سعد به.

(2)

إسناده حسن: من أجل طلحة بن يحيى.

وأخرجه أحمد (26500)، والنسائي في الكبرى (3074 - 3075)، والطبراني في الكبير 23/ 653، وابن عبد البر في التمهيد 5/ 121، والمزي في تهذيب الكمال من طرق عن طلحة بن يحيى به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26447)، ومسلم (1107)(73)، وابن ماجة (1685)، والطبراني في الكبير 23/ 393، والبيهقي في السنن 4/ 23 من طريق أبي معاوية به.

ص: 363

3156 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو عوانة، عن منصور، عن مسلم

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

3157 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرني ابن أبي الزناد، قال: حدثني أبي، أن علي بن الحسين أخبره، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم

(2)

.

3158 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن عائشة. عائشة

مثله

(3)

.

3159 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا هارون بن إسماعيل الخزاز، قال: ثنا علي بن المبارك، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عروة بن الزبير، عن عائشة

مثله

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26446)، ومسلم 1107 من طريقين عن أبي عوانة به.

وأخرجه الحميدي (289)، وابن أبي شيبة 3/ 60، والنسائي في الكبرى (3070)، وأبو يعلى (7051)، وابن حبان (3542) من طرق عن منصور به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد.

وأخرجه الطيالسي (1522) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد به.

وأخرجه أحمد (25800)، ومسلم (1106)(72)، والنسائي في الكبرى (3051) من طريق سفيان، عن أبي الزناد به.

(3)

إسناده حسن كسابقه.

(4)

إسناده صحيح. =

ص: 364

3160 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب، قال. أنا سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة

مثله

(1)

.

3161 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن هشام

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3162 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شجاع بن الوليد، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، قال: حدثني القاسم، عن عائشة

مثله. وزاد: وكانت تقول: وأيكم أملك لأربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

(3)

.

= وأخرجه ابن راهويه (843)، وأحمد (25613)، والترمذي في العلل الكبير 1/ 345، والنسائي في الكبرى (3064)، وابن عبد البر في التمهيد 22/ 139 من طرق عن هشام الدستوائي، عن يحيى به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (7409)، والحميدي (198)، وابن أبي شيبة 3/ 59، وابن راهويه (672)، وعبد بن حميد (1501)، وأحمد (25600)، ومسلم (1106)(62)، والطبراني في الأوسط (1806، 7044)، والبيهقي 4/ 233 من طرق عن هشام بن عروة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الدارمي (1722)، وأبو يعلى (4715) من طريق حماد بن سلمة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن راهويه (937)، وأحمد (24174)، ومسلم (1106)(64)، وابن ماجة (1684)، والبغوي في الجعديات (2602)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/ 79، والبيهقي 4/ 233، وابن عبد البر في التمهيد 24/ 264 من طرق عن عبيد الله بن عمر العمري.

ص: 365

3163 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي، قال: ثنا سفيان، قال: قلت لعبد الرحمن بن القاسم: أحدثك أبوك عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم؟ قال: فطأطأ رأسه واستحى قليلا وسكت، ثم قال: نعم

(1)

.

3164 -

حدثنا محمد بن عبد الله -هو: ابن ميمون البغدادي-، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا الأوزاعي، عن يحيى، قال: حدثني أبو سلمة، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبّلها وهو صائم

(2)

.

3165 -

حدثنا يونس، قال ثنا بشر -هو ابن بكر-، قال: ثنا الأوزاعي

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

3166 -

حدثنا نصر بن مرزوق، وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثنا الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة، أن عائشة قالت: .... فذكر مثله

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي في السنن (305، 414)، والحميدي (197)، والدارمي (634)، وأحمد (24110)، ومسلم (1106)(63)، والنسائي في الكبرى (3052، 9130)، وأبو يعلى (4696، 4714)، وابن خزيمة (2000)، والبيهقي 4/ 233 من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في الكبرى (3049، 3050) من طريقين عن يحيى بن أبي كثير به.

(3)

إسناده صحيح: وهو مكرر سابقه.

(4)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح. =

ص: 366

3167 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عياش الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: جمع لي أبي أهلي في رمضان، فأدخلهم عليّ فدخلت على عائشة فسألتها عن القبلة، يعني للصائم، فقالت: ليس بذلك بأس، قد كان من هو خير الناس يقبل

(1)

.

3168 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن أسد، قال: ثنا يحيى بن حسان، عن الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم

(2)

.

3169 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبيد الله بن معمر، عن عائشة أنها قالت: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبِّلني، فقلت: إني صائمة، فقال:"وأنا صائم"، فقبلني

(3)

.

= وأخرجه أحمد (25867)، والنسائي في الكبرى (3057) من طريق ليث بن سعد به.

(1)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (3541) من طريق يحيى بن حسان به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (25430)، وأبو يعلى (4532) وابن خزيمة (2004) من طرق عن شعبة به.

وأخرجه الشافعي في السنن (309)، والبيهقي في السنن 4/ 233، وفي المعرفة 6/ 279 من طريقين عن طلحة به.

ص: 367

3170 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا عمر بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الأسود، عن عائشة قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع من وجوهنا وهو صائم

(1)

.

3171 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود قال: انطلقت أنا وعبد الله بن مسعود إلى عائشة نسألها عن المباشرة ثم خرجنا ولم نسألها، فرجعنا فقلنا: يا أم المؤمنين! أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم؟ قالت: نعم، وكان أملككم لإربه

(2)

.

فسؤال عبد الله عائشة رضي الله عنها عن هذا دليل على أنه لم يكن عنده في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أخبرته به عائشة رضي الله عنها.

فدل ذلك على أن ما رُوي عنه ممّا قد وافق ذلك كان متأخرا عمّا روي عنه مما خالف ذلك.

(1)

إسناده حسن من أجل عمر بن أبي زائدة.

وأخرجه الطيالسي (1494)، والنسائي في المجتبى 3/ 221، وفي الكبرى (1361، 3076) من طريقين عن عمر بن أبي زائدة به.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 368

3172 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود ومسروق، قالا: سألنا عائشة أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم؟ فقالت: نعم، ولكنه كان أملك لإربه منكما أو لأمره

(1)

. الشك من أبي عاصم.

3173 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع، عن حريث بن عمرو، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: ربما قبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وباشرني وهو صائم، وأما أنتم فلا بأس به للشيخ الكبير الضعيف

(2)

.

3174 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا شيبان أبو معاوية، عن زياد بن علاقة، عن عمرو بن ميمون -هو الأودي-، قال: سألنا عائشة عن الرجل يقبّل وهو صائم فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1106)(68) من طريق أبي عاصم به.

وأخرجه أحمد (25815)، والنسائي في الكبرى (3102 - 3103، 3107)، وابن خزيمة (1992) من طرق عن ابن عون به.

(2)

إسناده ضعيف: لضعف حريث بن عمرو.

وأخرجه أحمد (25230) من طريق جابر، عن عامر به، دون قوله (وأما أنتم

).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26216)، والخطيب في التاريخ 11/ 382 من طريق شيبان به.

وأخرجه الطيالسي - (1534)، وابن أبي شيبة 3/ 59، وابن راهويه (1568)، وأحمد (24989)، ومسلم (1106)(70 - 71)، وأبو داود (2383)، والترمذي (727)، والنسائي في الكبرى (3090)، وابن ماجة (1683)، وأبو يعلى (4716)، والدارقطني 2/ 180، والبيهقي 4/ 233 من طرق عن زياد بن علاقة به.

ص: 369

3175 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا إسرائيل، عن زياد، عن عمرو بن ميمون، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني وأنا صائمة

(1)

.

3176 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، قال: ثنا موسي بن عُلي، قال: سمعت أبي يقول: حدثني أبو قيس مولى عمرو بن العاص قال: بعثني عبد الله بن عمرو إلى أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سَلْها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل، وهو صائم؟ فإن قالت: لا فقل: إن عائشة رضي الله عنها تخبر الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم. فأتيت أم سلمة رضي الله عنها فأبلغتها السلام عن عبد الله بن عمرو وقلت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم؟ فقالت: لا فقلت: إن عائشة تخبر الناس أنه كان يقبل وهو صائم، فقالت: لعله أنه لم يكن يتمالك عنها حبا وأما إياي فلا

(2)

.

وقد تواترت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقبل وهو صائم. فدل ذلك أن القبلة غير مفطرة للصائم.

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26533)، والنسائي في الكبرى (3072 - 3073)، والطبراني في الكبير 23/ 389، وابن عبد البر في التمهيد 5/ 124 من طرق عن موسى بن علي به.

ص: 370

فإن قال قائل: كان ذلك مما قد خصّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا ترى إلى قول عائشة رضي الله عنها: وأيكم كان أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.

قيل له: إن قول عائشة رضي الله عنها هذا إنما هو على أنها لا تأمن عليهم، ولا يأمنون على أنفسهم ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمنه على نفسه، لأنه كان محفوظا.

والدليل على أن القبلة عندها لا تفطر الصائم، ما قد روينا عنها أنها قالت: فأما أنتم فلا بأس به للشيخ الكبير الضعيف، أرادت بذلك أنه لا يخاف من إربه.

فدل ذلك على أن من لم يخف من القُبلة وهو صائم شيئا آخر، وأمن على نفسه أنها له مباحة.

وقد ذكرنا عنها في بعض هذه الآثار أنها سئلت عن القبلة للصائم فقالت جوابا لذلك السؤال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، فلو كان حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك عندها خلاف حكم غيره من الناس إذا لما كان ما علمته من فعل النبي صلى الله عليه وسلم جوابا لما سئلت عنه من فعل غيره، وقد سألها عبد الله بن عمر لما جمع له أبوه أهله في شهر رمضان عن مثل ذلك، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

وهذا عندنا لأنها كانت تأمن عليه فدل ما ذكرنا على استواء حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الناس عندها، في حكم القبلة إذا لم يكن معها الخوف على ما

ص: 371

بعدها مما تدعو إليه، وهو أيضا في النظر كذلك لأنا قد رأينا الجماع والطعام والشراب قد كان ذلك كله حراما على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيامه كما هو حرام على سائر أمته في صيامهم.

ثم هذه القبلة قد كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلالا في صيامه فالنظر على ما ذكرنا أن يكون أيضا حلالا لسائر أمته في صيامهم أيضا وحكمهم فيها كما يستوي في سائر ما ذكرنا.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على استواء حكمه وحكم أمته في ذلك.

3177 -

ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: أن رجلا قبل امرأته وهو صائم فوجد من ذلك وجدًا شديدًا فأرسل امرأته تسأل له عن ذلك، فدخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك لها، فأخبرتها أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم، فرجعت فأخبرت بذلك زوجها فزاده شرا، وقال: لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل الله عز وجل لرسوله ما شاء، ثم رجعت المرأة إلى أم سلمة فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال هذه المرأة؟ فأخبرته أم سلمة فقال: "ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك؟ فقالت أم سلمة: قد أخبرتها،

ص: 372

فذهبت إلى زوجها فأخبرته فزاده شرا، وقال: يحل الله لرسوله ما شاء، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: "إني لأتقاكم الله عز وجل وأعلمكم بحدوده

(1)

.

فدل ذلك على ما ذكرنا فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. وقد روي عن المتقدمين في ذلك ما قد

3178 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن سالم الدوسي، عن سعد بن أبي وقاص وسأله رجل: أتباشر وأنت صائم؟ فقال: نعم

(2)

.

3179 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أن عبد الله بن عباس سئل عن القبلة للصائم، فرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب"

(3)

.

3180 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن أبي النضر، أن عائشة بنت طلحة أخبرته: أنها كانت عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليها زوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر وهو صائم، فقالت عائشة رضي الله عنها: ما

(1)

إسناده مرسل.

وهو في موطأ مالك 1/ 392، ومن طريقه رواه الشافعي في الرسالة (1109).

(2)

إسناده حسن من أجل سالم الدوسي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 317 (9429) من طريق عيسى بن يونس، عن الأوزاعي به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 395، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 4/ 232، وفي المعرفة (8737).

ص: 373

يمنعك أن تدنو من أهلك فتقبلها؟ قال: أقبلها وأنا صائم؟ فقالت له عائشة رضي الله عنها: نعم

(1)

.

3181 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب، قال: ثنا الليث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن أبي مرة مولى عقيل عن حكيم بن عقال، أنه قال: سألت عائشة رضي الله عنها ما يحرم عليّ من امرأتي وأنا صائم؟ قالت فرجها

(2)

.

فهذه عائشة رضي الله عنها تقول فيما يحرم على الصائم من امرأته وما يحل له منها ما قد ذكرنا، فدل ذلك على أن القبلة كانت مباحة عندها للصائم الذي يأمن على نفسه ومكروهة لغيره، ليس لأنها حرام عليه ولكنه لا يأمن إذا فعلها من أن تغلبه شهوته حتى يقع فيما يحرم عليه.

3182 -

وقد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن ثعلبة بن صعير العذري -هكذا قال ابن أبي مريم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مسح وجهه-، أنه أخبره أنه سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهون الصائم عن القبلة، ويقولون: إنها تجر إلى ما هو أكبر منها

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 394، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق (8411).

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه البيهقي 1/ 314، وابن حزم في المحلى 9/ 235 من طريق الليث بن سعد، عن بكير به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 374

فقد بين في هذا الحديث المعنى الذي من أجله كرهها من كرهها للصائم، وأنه إنما هو خوفهم عليه منها أن يجرهم إلى ما هو أكبر منها، فذلك دليل على أنه إذا ارتفع ذلك المعنى الذي من أجله منعوه منها أنها له مباحة.

3183 -

وقد حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا هشام بن إسماعيل الدمشقي العطار، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، قال: سأل عمر بن الخطاب علي بن أبي طالب رضي الله عنهما عن قبلة الصائم، فقال علي: يتقي الله ولا يعود. فقال عمر رضي الله عنه: إن كانت هذه لقريبة من هذه

(1)

.

فقول علي: "يتقي الله ولا يعود: يحتمل ولا يعود لها ثانية". أي: لأنها مكروهة له من أجل صومه، ويحتمل ولا يعود أي لا يقبل مرة بعد مرة، فيكثر ذلك منه، فيتحرك به شهوته، فيخاف عليه من ذلك مُوَاقعة ما حرم الله عليه، وقول عمر رضي الله عنه هذه قريبة من هذه، أي: إن هذه التي كرهتها له قريبة من التي أبحتها له، وإن هذه التي أبحتها له قريبة من التي كرهتها له، فلا دلالة في هذا الحديث، ولكن الدلالات فيما تقدمه مما قد ذكرناه قبله.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 316 (9425) من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري به.

(1)

إسناده صحيح.

ص: 375

‌11 - باب: الصائم يقيء

3184 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا أبي، عن حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد، عن أبيه، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء: أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، قال فلقيت ثوبان في مسجد دمشق

(1)

فقال: صدق أنا صَبَبْت له وضوءه

(2)

.

3185 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث، عن حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد بن هشام، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء

ثم ذكر مثله. قال ابن أبي داود: قال أبو معمر: هكذا قال عبد الوارث عبد الله بن عمرو

(3)

.

(1)

في ن زيادة فقلت: إن أبا الدرداء أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر".

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1675) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (27502)، والدارمي (1728)، والترمذي (87)، والنسائي في الكبرى (3121)، ويحشل في تاريخ واسط ص 217، وابن الجارود (8)، وابن خزيمة (1957)، وابن حبان (1097)، وابن المنذر في الأوسط (82)، والدارقطني 1/ 158، والبيهقي 1/ 144 من طرق عن عبد الصمد به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1676) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو داود (2381) عن أبي معمر به، وقد وقع في شرح معاني الآثار وشرح مشكل الآثار عبد الله بن عمرو الأوزاعي: وهو وهم، والصواب عبد الرحمن.

ص: 376

3186 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا أبو الجودي، عن بلج -رجل من مهرة-، عن أبي شيبة المهري، قال: قلت لثوبان: حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن الصائم إذا قاء فقد أفطر، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: إن استقاء أفطر، وإن ذرعه القيء لم يفطر.

وقالوا: قد يجوز أن يكون قوله: قاء فأفطر أي قاء فضعف فأفطر، ويجوز هذا في اللغة.

واحتج الأولون لقولهم أيضا بما

3187 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب، قال: أخبرني أبو مرزوق، عن حنش، عن فضالة بن عبيد قال: دعى رسول الله

(1)

إسناده ضعيف: بلج بن عبد الله المهري لم يرو عنه غير أبي الجودي، وشيخه أبو شيبة المهري: لم يوثقه غير ابن حبان، وقال أبو زرعة: هو من التابعين لا يعرف اسمه، وقال البخاري في التاريخ الكبير 2/ 148 بلج المهري عن أبي شيبة المهري

، ليس إسناده بذاك.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1677) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (993)، وابن أبي شيبة 3/ 39، وأحمد (22372)، والطبراني في الكبير (1440)، والبيهقي 4/ 220 من طرق عن شعبة به.

(2)

قلت أراد بهم: عطاء، والأوزاعي، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 11/ 348.

(3)

قلت أراد بهم: القاسم بن محمد، والحسن البصري، وابن سيرين، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، والشعبي، وعلقمة، والثوري، وأبا حنيفة، وأصحابه، ومالكا، والشافعي، وأحمد وإسحاق رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 377

صلى الله عليه وسلم بشراب، فقال له بعضنا: ألم تصبح صائما يا رسول الله؟ قال: "بلي ولكني قئت"

(1)

.

3188 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح (ح)

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج (ح)

وحدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا يحيى بن حسان، قالوا ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق، عن حنش، عن فضالة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

قيل لهم: وهذا أيضا مثل الأول يجوز "ولكني قئتُ، فضعفت عن الصوم فأفطرت" وليس في هذين الحديثين دليل على أن القيء كان مفطرا له، إنما فيه أنه قاء فأفطر بعد ذلك.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة وقد توبع.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1679) بإسناده ومتنه، غير أن في سند (شرح معاني الآثار) وقع حنش بعد أبي مرزوق.

وأخرجه أحمد (23948)، والطبراني 18/ 779، والبيهقي 4/ 220 من طرق عن ابن لهيعة به، وقرن البيهقي بابن لهيعة المفضل بن فضالة.

(2)

إسناده حسن: محمد بن إسحاق صرح بالتحديث عند أحمد (23963).

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1678) دون ذكر حنش.

وأخرجه أحمد (23935)، وابن ماجة (1675)، والطبراني في الكبير 18/ 817، وابن عساكر في تاريخ دمشق 12/ 36 (1186) من طرق عن محمد بن إسحاق، عن يزيد عن أبي مرزوق، عن فضالة به.

ص: 378

وقد روي في حكم الصائم إذا قاء أو استقاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مفسرا.

3189 -

ما حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض"

(1)

.

فبين هذا الحديث كيف حكم الصائم إذا ذرعه القيء أو استقاء.

وأولى الأشياء بنا أن نحمل الآثار على ما فيه اتفاقها وتصحيحها، لا على ما فيه تنافيها وتضادها، فيكون معنى الحديثين الأولين على ما وصفنا حتى لا يتضاد معناهما معنى هذا الحديث.

فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما حكمه من طريق النظر فإنا رأينا القيء حَدَثًا في قول بعض الناس، وغير حَدَث في قول الآخرين، ورأينا خروج الدم كذلك، وكل قد أجمع أن الصائم إذا فصد

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1680) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 1/ 91 - 92، وأبو داود (2380)، وابن الجارود (385)، والبيهقي 4/ 219 من طريق مسدد به.

وأخرجه أحمد (10463)، والدارمي (1729)، والترمذي (720)، والنسائي في الكبرى (3130)، وابن ماجة (1676)، وابن الجارود (385)، وابن خزيمة (1960 - 1961)، وابن حبان (3518)، والدارقطني 2/ 184، والحاكم 1/ 426، والبيهقي 4/ 219، والبغوي (1755) من طرق عن عيسى بن يونس به.

ص: 379

عرقا أنه لا يكون بذلك مفطرا، وكذلك لو كانت به علة، فانفجرت عليه دما من موضع من بدنه، فكان خروج الدم من حيث ذكرنا من بدنه واستخراجه إياه سواء فيما ذكرناه وكذلك هما في الطهارة.

وكان خروج القيء من غير استخراج من صاحبه إياه لا ينقض الصوم، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون خروجه باستخراج صاحبه إياه كذلك لا ينقض الصوم، فلما كان القيء لا يفطره في النظر كان ما ذرعه من القيء أحرى أن يكون كذلك.

فهذا حكم هذا الباب أيضا من طريق النظر، ولكن اتباع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وعامة العلماء رحمهم الله وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين.

3190 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا مالك وصخر بن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: من استقاء وهو صائم فعليه القضاء، ومن ذرعه القيء فليس عليه القضاء

(1)

.

3191 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك، عن نافع عن ابن عمر

مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 408، ومن طريق مالك وحده أخرجه عبد الرزاق (7551)، والبيهقي في السنن 4/ 219، وفي المعرفة (8668).

(2)

إسناده صحيح: هو مكرر سابقه.

ص: 380

3192 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد -يعني ابن سلمة-، عن حماد، عن إبراهيم

مثله

(1)

.

3193 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن حميد، عن الحسن

مثله

(2)

.

3194 -

حدثنا محمد، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن حبان السلمي، عن القاسم بن محمد

مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 297 (9192) من طريق شعبة عن مغيرة عن إبراهيم به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (7550)، وابن أبي شيبة 2/ 297 من طرق عن الحسن البصري به.

(3)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 298 (9193) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة به.

ص: 381

‌12 - باب: الصائم يحتجم

3195 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا سعيد، عن مطر الورّاق، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي رافع، قال: دخلت على أبي موسى وهو يحتجم ليلا، فقلت: لولا كان هذا نهارا، فقال: أتأمرني أن أهريق دمي وأنا صائم؟ وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أفطر الحاجم والمحجوم"

(1)

.

3196 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن عروة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أفطر الحاجم والمحجوم"

(2)

.

3197 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن حميد، وأبو بكر بن أبي شيبة، قالا: ثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، قال: شهد عندي نفر من أهل البصرة منهم الحسن بن أبي الحسن عن معقل الأشجعي رضي الله عنه أنه قال: مرّ عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أحتجم لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان، فقال:"أفطر الحاجم والمحجوم"

(3)

.

(1)

إسناده حسن في الشواهد من أجل مطر الوراق.

وأخرجه النسائي في الكبرى (3195)، وابن الجارود (387)، والبزار (3081)، والروياني (575)، والبيهقي 4/ 266 من طريق روح بن عبادة به.

(2)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وأخرجه أبو يعلى (5849)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/ 77 من طريقين عن عمرو بن شعيب به.

(3)

إسناده منقطع: الحسن البصري لم يسمع من معقل بن سنان.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 49، وأحمد (15944)، والنسائي في الكبرى (3167)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني =

ص: 382

3198 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن سعيد، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفطر الحاجم والمحجوم"

(1)

.

3199 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا سعيد

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3200 -

حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الله البابلتي، قال: ثنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو قلابة، قال: حدثني أبو أسماء الرحبي، عن ثوبان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان في ثماني عشرة فمر برجل يحتجم فقال: "أفطر الحاجم والمحجوم"

(3)

.

= (1294)، والطبراني في الكبير 20/ 547 من طرق عن محمد بن فضيل به.

(1)

إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب.

وأخرجه أحمد (22429)، والنسائي في الكبرى (3158) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

(3)

إسناده ضعيف لضعف يحيى بن عبد الله البابلتي.

وأخرجه أحمد (22410)، وابن خزيمة (1963، 1983)، والحاكم 1/ 427، والبيهقي 4/ 265 من طرق عن الأوزاعي به.

وأخرجه عبد الرزاق (7522)، والطيالسي (989)، والدارمي (1859)، وأبو داود (2367)، والنسائي في الكبرى (3125)، والطبراني (1447)، وابن الجارود (386)، والحاكم (427)، والبيهقي 4/ 265 من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.

ص: 383

3201 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيى قال: حدثنا أبو قلابة، أنّ أبا أسماء حدثه، أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه

ثم ذكر مثله

(1)

.

3202 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا أبو الأحوص، عن ليث، عن عطاء، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفطر الحاجم والمحجوم"

(2)

.

3203 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا هشيم، عن خالد، ومنصور، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن شداد بن أوس، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ في رمضان على رجل يحتجم فقال:"أفطر الحاجم والمحجوم"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة (1962)، وابن حبان (3532) من طريق الوليد بن مسلم به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (5016) من طريق أبي الأحوص به.

وأخرجه أحمد (25242)، والنسائي في الكبرى (3190 - 3191)، والبزار (999 زوائده)، والخطيب في التاريخ 12/ 85 من طرق عن ليث به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في الكبرى (3126) من طريق هشيم به.

وأخرجه الشافعي 1/ 255، وعبد الرزاق (7521)، والنسائي في الكبرى (3138، 3150، 3151، 3152، 3153)، وابن حبان (3534)، والطبراني (7124، 7128، 7129، 7130)، والبغوي (1759) من طرق عن خالد الحذاء به.

ص: 384

3204 -

حدثنا إبراهيم بن محمد بن يونس، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي قلابة

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

3205 -

حدثنا فهد، قال: الحسن بن الربيع قال: ثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفطر الحاجم والمستحجم"

(2)

.

3206 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أفطر الحاجم والمحجوم"

(3)

.

قال أبو جعفر فذهب قوم

(4)

إلى أن الحجامة تفطر الصائم حاجما كان أو محجوما واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1118)، وعبد الرزاق (7520)، وأحمد (17126)، والنسائي في الكبرى (3149، 3150، 3152)، والطبراني في الكبير (7124، 7125، 7126)، والحاكم (428 - 429) من طرق عن عاصم الأحول به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في الكبرى (3169)، وأبو يعلى (6365) من طريق داود العطار به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 50، والنسائي في الكبرى (3168) من طريقين عن ابن جريج به.

(3)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وأخرجه أبو يعلى (5849) من طريق مثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب به.

(4)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، ومسروقا، ومحمد بن سيرين، وأحمد بن حنبل، وإسحاق -رحمهم=

ص: 385

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: لا يفطر الحجامة حاجما ولا محجوما، وقالوا: ليس فيما رويتموه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "أفطر الحاجم والمحجوم" ما يدل أن ذلك الفطر كان من أجل الحجامة، قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنهما أفطرا بمعنى آخر ووصفهما بما كانا يفعلانه حين أخبر عنهما بذلك كما تقول فسق القائم ليس إنه فسق بقيامه ولكنه فسق بمعنى غير القيام.

وقد روي عن أبي الأشعث الصنعاني، وهو أحد من روى ذلك الحديث في هذا المعنى.

3207 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوحاظي، قال: ثنا يزيد بن ربيعة الدمشقي، عن أبي الأشعث الصنعاني قال: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم "لأنهما كانا يغتابان"

(2)

.

وهذا المعنى معنى صحيح، وليس إفطارهما ذلك كالإفطار بالأكل والشرب والجماع، ولكنه حبط أجرهما باغتيابهما فصارا بذلك مفطرين، لا أنه إفطار يوجب عليهما القضاء.

= الله-، كما في النخب 11/ 372.

(1)

قلت أراد بهم: عطاء بن يسار، والقاسم بن محمد، وعكرمة، وزيد بن أسلم، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وأبا العالية، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي وأصحابه إلا ابن المنذر رحمهم الله، كما في النخب 110/ 373.

(2)

إسناده مرسل وفيه يزيد بن ربيعة الرحبي الدمشقي ضعيف.

وأخرجه البيهقي 4/ 268 من طريق أبي النضر عن يزيد بن ربيعة، عن أبي الأشعث، عن ثوبان به.

ص: 386

وهذا كما قيل: الكذب يفطر الصائم ليس يراد به الفطر الذي يوجب القضاء، إنما هو على حبوط الأجر بذلك، كما يحبط بالأكل والشرب.

وهذا نظير ما حملناه نحن عليه من التأويل الذي ذكرناه، وقد روى عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك معنى آخر.

3208 -

حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: إنما كرهنا، أو كرهت الحجامة للصائم من أجل الضعف

(1)

.

3209 -

حدثنا سليمان، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن حميد، قال: سأل ثابت البناني أنس بن مالك: هل كنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف

(2)

.

3210 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا حميد الطويل، قال: سئل أنس بن مالك عن الحجامة للصائم، فقال: ما كنت أرى الحجامة تكره للصائم إلا من الجهد

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 308 (9323)، وابن خزيمة (1971)، والعقيلي في الضعفاء 2/ 245، والبيهقي 4/ 264 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1940)، وعلي بن الجعد في مسنده (1466)، والبيهقي 4/ 263 من طريق شعبة به.

وأخرجه أبو داود (2375) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 387

3211 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا هدبة بن خالد، قال: ثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس قال: ما كنا ندع الحجامة للصائم إلا كراهة الجهد

(1)

.

3212 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: أنا شريك، عن جابر، عن أبي جعفر، وسالم، عن سعيد، ومغيرة، عن إبراهيم، وليث، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما كرهت الحجامة للصائم مخافة الضعف

(2)

.

فدلت هذه الآثار على أن المكروه من أجله الحجامة في الصيام هو الضعف الذي يصيب الصائم فيفطر من أجله بالأكل والشرب.

وقد روي نحو من هذا المعنى عن أبي العالية.

3213 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا عاصم الأحول، أن أبا العالية قال: إنما كرهت مخافة أن يغشى عليه، قال: فأخبرت بذلك أبا قلابة، فقال لي: إن غشي عليه يسقى الماء

(3)

.

وقد روي هذا المعنى أيضا بعينه عن سالم بن عبد الله.

3214 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني يحيى بن سعيد، قال: سمعت القاسم بن محمد، وهو يذكر قول الناس: أفطر الحاجم

= وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 308 (9318)، وابن خزيمة (2658) من طريقين عن حميد به.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي وليث بن أبي سليم.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 388

والمحجوم، فقال القاسم: لو أن رجلا حجم يده أو بعض جسده ما يفطره ذلك، فقال سالم: إنما كرهت الحجامة للصائم مخافة أن يغشى عليه فيفطر

(1)

.

والمعنى الذي روي تأويل ذلك عن أبي الأشعث كأنه أشبه بذلك، لأن الضعف لو كان هو المقصود بالنهي إليه لما كان الحاجم داخلا في ذلك فإذا كان الحاجم والمحجوم قد جُمعا في ذلك أشبه أن يكون ذلك لمعنى واحد هما فيه سواء مثل الغيبة التي هما فيها سواء، كما قال أبو الأشعث.

وقد روي أيضا عن الشعبي وإبراهيم أنهما قالا: إنما كرهت من أجل الضعف أيضا.

3215 -

حدثنا يزيد -هو ابن سنان- قال: ثنا يحيى القطان قال: ثنا الأعمش، قال: سألت إبراهيم عن الحجامة للصائم، فقال: إنما كرهت من أجل الضعف

(2)

.

3216 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا داود، عن الشعبي: أن الحسن

(3)

بن علي احتجم وهو صائم. وقال الشعبي: إنما كرهت الحجامة لأنها تضعفه

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (7528) عن الثوري، عن منصور، عن إبراهيم به.

(3)

في م ج د س خد "الحسين".

(4)

إسناده صحيح.

ص: 389

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحة الحجامة للصائم.

3217 -

ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم

(1)

.

3218 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود -وهو النضر بن عبد الجبار المرادي- قال: أنا ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3219 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني ابن أبي ذئب، عن الحسن بن زيد عن عكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1939، 5694)، وأبو داود (2372)، والبيهقي 4/ 236 من طريق أبي معمر به.

وأخرجه الترمذي (775) من طريق بشر بن هلال، عن عبد الوارث به.

وأخرجه البخاري (1938)، والطبراني (11860) من طريق وهيب، عن أيوب به.

(2)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وأخرجه الطبراني (12024) من طريق الليث، عن جعفر بن ربيعة به.

(3)

إسناده حسن بالمتابعات والشواهد: من أجل الحسن بن زيد.

وأخرجه النسائي في الكبرى (3202) بنفس السند.

وأخرجه الطبراني (11592) من طريق ابن وهب به.

ص: 390

3220 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم صائم

(1)

.

3221 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا مسعود بن سعد الجعفي، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة وهو صائم محرم

(2)

.

3222 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا الفريابي (ح)

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم وأبو حذيفة، قالوا: حدثنا سفيان، عن يزيد

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2888)، والترمذي (776)، والنسائي في الكبرى (3231) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد.

وأخرجه الشافعي 1/ 255، وعبد الرزاق (7541)، والحميدي (501)، وأحمد (1849)، والنسائي في الكبرى (3225)، وابن ماجة (1682، 3081)، وأبو يعلى (2360)، والطبراني 11/ 12138، 12139، 12140، 12141، والدارقطني 2/ 239 والبيهقي 4/ 263، والبغوي (1758) من طرق عن يزيد بن أبي زياد به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد.

وأخرجه ابن ماجة (3081) من طريق سفيان بن عيينة به.

وأخرجه عبد الرزاق (7541)، والحميدي (510) من طريق الثوري به.

ص: 391

3223 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم

(1)

.

3224 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: ثنا يزيد بن أبي زياد

فذكر بإسناده مثله. وزاد: وهو صائم محرم

(2)

.

3225 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن عمران، قال حدثني أبي، قال: حدثني ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم محرم بين مكة والمدينة

(3)

.

3226 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا القاسم بن مالك، عن عاصم، عن أنس، أن أبا طيبة حجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم فأعطاه أجره

(4)

. ولو كان حراما ما أعطاه.

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد.

وأخرجه الطيالسي (2700)، وأحمد (2589)، وأبو داود (2373)، والنسائي في الكبرى (3212) من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد.

(3)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن أبي ليلى.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 51، وأحمد (2186)، والنسائي في الكبرى (3211)، والطبراني (12053) من طريق الحكم به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (3608) من طريق القاسم بن مالك، عن عاصم الأحول، عن أنس به.

ص: 392

فدلّ فعله هذا صلى الله عليه وسلم على أن الحجامة لا تفطر الصائم ولو كانت مما يفطر الصائم إذا لما احتجم وهو صائم.

فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر فإنا رأينا خروج الدم أغلظ أحواله أن يكون حدثا ينتقض به الطهارة، وقد رأينا الغائط والبول خروجهما حدث ينتقض به الطهارة، ولا ينقض به الصيام فالنظر على ذلك أن يكون الدم كذلك.

وقد رأينا الصائم لا يفطره فصد العرق فالحجامة في النظر أيضا كذلك وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى

3227 -

وقد حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن يحيى بن سعيد: أن سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد كانا لا يريان بالحجامة للصائم بأسا وقالا: أرأيت لو احتجم على ظهر كفه أكان ذلك يفطره؟

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (9332) عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد به.

ص: 393

‌13 - باب: الرجل يصبح في يوم من شهر رمضان جنبا هل يصوم أم لا؟

3228 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن سمي مولى أبي بكر، أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: كنت أنا وأبي عند مروان بن الحكم -وهو أمير المدينة - فذكر أن أبا هريرة كان يقول: من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم، فقال مروان: أقسمت عليك لتذهبن إلى أمي المؤمنين: عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، فتسألهما عن ذلك، قال: فذهب عبد الرحمن، وذهبت معه حتى دخلنا على عائشة رضي الله عنها فسلم عليها عبد الرحمن، ثم قال: يا أم المؤمنين! إنا كنا عند مروان فذكر له أن أبا هريرة كان يقول: من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم، فقالت عائشة رضي الله عنها: بئس ما قال أبو هريرة، يا عبد الرحمن، أترغب عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل؟، فقال: لا والله. قالت: فأشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم ذلك اليوم، قال: ثم خرجنا حتى ثم خرجنا حتى دخلنا على أم سلمة رضي الله عنها فسألها عن ذلك، فقالت كما قالت عائشة رضي الله عنها، فخرجنا حتى جئنا إلى مروان، فذكر له عبد الرحمن ما قالتا فقال مروان: أقسمت عليك يا أبا محمد لتركبنَّ دابتي، فإنها بالباب فلتذهبن إلى أبي هريرة رضي الله عنه فإنه بأرضه بالعقيق فلتخبرنه بذلك فركب عبد الرحمن وركبت معه حتى أتينا أبا هريرة رضي الله عنه فتحدث معه عبد الرحمن ساعة

ثم ذكر ذلك له، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: لا علم لي بذلك إنما أخبرنيه مخبر

(1)

.

(1)

إسناده صحيح. =

ص: 394

3229 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: ثنا عبد الله بن عون، عن رجاء بن حيوة، عن يعلى بن عقبة، قال: أصبحت جنبا وأنا أريد الصوم، فأتيت أبا هريرة رضي الله عنه فسألته، فقال لي: أفطر، فأتيت مروان فسألته، وأخبرته بقول أبي هريرة رضي الله عنه، فبعث عبد الرحمن بن الحارث إلى عائشة رضي الله عنها، فسألها، فقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج لصلاة الفجر ورأسه يقطر من جماع، ثم يصوم ذلك اليوم. فرجع إلى مروان فأخبره، فقال: ائت أبا هريرة رضي الله عنه فأخبره، فأتاه فأخبره فقال: أما إني لم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، إنما حدثنيه الفضل عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

3230 -

حدثنا علي بن شيبة قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا ابن عون

فذكر بإسناده نحوه. قال ابن عون: فقلت لرجاء من حدثك عن يعلى؟ قال: إياي حدث يعلى

(2)

.

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (535) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 391، ومن طريقه رواه بطوله الشافعي 1/ 259 - 260 ومن طريقه البيهقي في السنن 4/ 214، وأحمد (24074)، والبخاري مطولا ومختصرا (1925، 1926، 1931، 1932)، والنسائي في الكبرى (2937).

(1)

إسناده حسن في الشواهد: من أجل يعلى بن عقبة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (539) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (1826)، والنسائي في الكبرى (2929)، والطبراني 18/ 747 - 748 من طريق ابن عون به.

(2)

إسناده حسن في الشواهد: وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (538) بإسناده ومتنه.

ص: 395

قال أبو جعفر: فذهب ذاهبون

(1)

إلى ما روى أبو هريرة رضي الله عنه من ذلك عن الفضل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا به وقلدوه.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: يغتسل ويصوم يومه ذلك، وذهبوا في ذلك إلى ما رويناه في الفصل الأول عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإلى ما

3231 -

حدثنا أبو بكرة، قال: حدثنا أبو داود وروح، قالا: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يحدث عن أبيه، قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا ثم يغتسل ثم يغدو إلى المسجد ورأسه يقطر، ثم يصوم ذلك اليوم. فأخبرته مروان، فقال: ائت أبا هريرة رضي الله عنه فأخبره بذلك، فقلت: إنه لي صديق فأعفني فقال: عزمت عليك لتأتينه، فانطلقت أنا وأبي إلى أبي هريرة رضي الله عنه فأخبرته بذلك، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: عائشة رضي الله عنها أعلم مني، قال شعبة: وفي الصحيفة: أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم مني

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: الفضل بن عباس، وأسامة بن زيد، وهو قول أبي هريرة كما في النخب 11/ 401.

(2)

قلت أراد بهم: عليا، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبا الدرداء، وأبا ذر، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، ومالكا، وأبا حنيفة، والشافعي، والثوري، والأوزاعي، والليث، وأصحابهم، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، وابن علية، وأبا عبيدة، وداود، وابن جرير الطبري، وجماعة من أهل الحديث كما في النخب 11/ 402.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1503)، وإسحاق بن راهويه (1085)، وأحمد (24681)، والنسائي في الكبرى (3000 - =

ص: 396

3232 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: أنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن عمر بن عبد الرحمن، عن أخيه أبي بكر بن عبد الرحمن أنه كان يصوم ولا يفطر، فدخل على أبيه يوما وهو مفطر فقال له: ما شأنك اليوم مفطرا؟ قال: إني أصابتني جنابة، فلم أغتسل حتى أصبحت، فأفتاني أبو هريرة رضي الله عنه أن أفطر، فأرسلوا إلى عائشة رضي الله عنها يسألونها، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تصيبه الجنابة فيغتسل بعدما يصبح، ثم يخرج ورأسه يقطر ماء فيصلي لأصحابه، ثم يصوم ذلك اليوم

(1)

.

3233 -

حدثنا علي، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا سعيد

(2)

، عن قتادة، عن عبد ربه، عن أبي عياض، عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن مروان بن الحكم بعثه إلى أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما قال: فلقيت غلامها نافعا يعني أم سلمة قال: فأرسلته إليها، فرجع إلي، فأخبرني أنها قالت: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من غير احتلام، ثم يصبح صائما، ثم أتى عائشة فأرسل إليها غلامها ذكوان أبا عمرو فأخبرته أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من غير احتلام ثم يصبح صائما،

= 3001) من طرق عن شعبة به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (542) بإسناده ومتنه.

(2)

في س خد "شعبة"، والمثبت من م ج د ن.

ص: 397

فأتيت مروان بن الحكم فأخبرته بقولهما، فقال: أقسمت عليك لتأتين أبا هريرة، فلتخبرنه بقولها، فأتيته فأخبرته فقال: هن أعلم

(1)

.

3234 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن سمي، عن أبي بكر، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا ثم يصوم ذلك اليوم

(2)

.

3235 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، قال: قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى صلاة الفجر ورأسه يقطر من غسل الجنابة ثم يصوم يومه

(3)

.

3236 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا ابن جريج، قال أخبرني ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن عائشة، وأم سلمة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب ثم يصوم

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف الجهالة عبد ربه وأبي عياض.

وأخرجه أحمد (26082)، والنسائي في الكبرى (2947، 2948) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (199)، والشافعي 1/ 259، وأحمد (24104)، وابن الجارود (392)، وأبو يعلى (4551، 4637)، وابن خزيمة (2009 - 2010)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (8633) من طريق سفيان بن عيينة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 80، وإسحاق بن راهويه (1087)، وأحمد (25922)، والنسائي في الكبرى (2995) من طريق الأعمش به.

(4)

إسناده صحيح. =

ص: 398

3237 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا ليث بن سعد، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما زوجي النبي صلى الله عليه وسلم أنها حدثتاه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

(1)

.

3238 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن عبد ربه بن سعيد عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله وزاد في رمضان

(2)

.

3239 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن سمي، عن أبي بكر

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (543) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (7397)، وأحمد (26624)، والنسائي في الكبرى (2951)، والطبراني في الكبير 23/ 593 من طريق ابن جريج به، إلا أن في هذه المصادر عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (3498) من طريق أبي الوليد الطيالسي به، وقد وقع خطأ في سند المصنف عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: هنا وموضعه قبل السيدة عائشة، لأنه يروي عنها ويروي عنه ابنه أبو بكر بن عبد الرحمن.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 390، ومن طريقه أخرجه الشافعي في السنن (304)، ومسلم (1109)(78)، وأبو داود (2388)، والنسائي في الكبرى (2974)، وابن حبان (3489)، والطبراني في الكبير 23/ 588 - 589، والبيهقي 4/ 214، والبغوي (1751).

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 399

3240 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا زهير، قال ثنا أبو إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

نحوه

(1)

.

3241 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا زائدة، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك

(2)

.

3242 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك

(3)

.

= وهو في موطأ مالك 1/ 392، ومن طريقه رواه أحمد (24074)، والبخاري (1925).

وهو مكرر سابقه (3227).

(1)

رجاله ثقات: وزهير بن معاوية سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (544) بإسناده ومتنه.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1557 - 1558)، وأحمد (24705)، والنسائي في الكبرى (3028) من طرق عن زهير به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (545) بإسناده ومتنه.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1209)، وأحمد (25674)، والنسائي في الكبرى (3019 - 3020) من طرق عن عبد الملك به.

(3)

إسناده حسن: من أجل عاصم بن بهدلة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (546) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (26254)، وأبو يعلى (4708) من طريقين عن حماد بن سلمة به.

ص: 400

3243 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا جعفر بن عبد الله بن عثمان القرشي، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك

(1)

.

3244 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عامر بن أبي أمية، عن أم سلمة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أيضا

(2)

.

3245 -

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا همام، عن قتادة

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

3246 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

3247 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة (ح)

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26594) من طريق عبد الوهاب وروح به.

وأخرجه الطبراني في الكبير 23/ 668، 900 من طرق عن قتادة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26745)، وأبو يعلى (1545)، والطبراني في الكبير 23/ 671 من طرق عن همام به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26594) من طريق روح وعبد الوهاب عن سعيد به.

ص: 401

وحدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى القطان، قال: ثنا شعبة عن قتادة

فذكر بإسناده مثله وزاد: فرد أبو هريرة رضي الله عنه فتياه على هذا الخبر

(1)

.

قالوا: فلما تواترت الآثار بما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز لنا خلاف ذلك إلى غيره.

وكان من حجة أهل المقالة الأولى عليهم في ذلك، أن قالوا: هذا الذي روته أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما إنما أخبرتا به عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبر الفضل في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد خالف ذلك.

فقد يجوز أن يكون كان حكم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك على ما ذكرت عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما في حديثهما ويكون حكم سائر الناس على ما ذكره الفضل عن النبي صلى الله عليه وسلم فيكون الخبران غير متضادين على ما يخرج عليه معاني الآثار.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (547) بالوجه الثاني.

وأخرجه أحمد (26609)، وأبو يعلى (6999) من طريق يحيى بن سعيد القطان به.

وأخرجه ابن حبان (3500)، والطبراني في الكبير 23 / (669، 672، 670)، وفي الأوسط (8450) من طرق عن شعبة به.

ص: 402

وكان من الحجة للآخرين عليهم أن أبا هريرة رضي الله عنه هو الذي روى حديث الفضل وقد رجع عن فتياه إلى قول عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما وعُدّ ذلك أولى مما حدثه الفضل عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فهذا حجة في هذا الباب وحجة أخرى: أنا قد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه حكم الناس في ذلك أيضا كحكمه.

3248 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن عبد الله بن معمر الأنصاري، عن أبي يونس مولى عائشة، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الباب وأنا أسمع: يا رسول الله! إني أصبح جنبا وأنا أريد الصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصوم فأغتسل وأصوم"، فقال: يا رسول الله! إنك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتّقي"

(1)

.

فلما كان جواب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك السائل هو إخباره عن فعل نفسه في ذلك ثبت بذلك أن حكمه في ذلك وحكم غيره سواء.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (540) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 390، ومن طريقه أخرجه الشافعي في مسنده 1/ 258، وأحمد (24385)، وأبو داود (2389)، والبيهقي 4/ 213، وابن عبد البر في التمهيد 17/ 419.

ص: 403

فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر في ذلك، فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن صائما لو نام نهارا فأجنب أن ذلك لا يخرجه من صومه فأردنا أن ننظر هل يكون داخلا في الصوم وهو كذلك؟ أو يكون حكم الجنابة إذا طرأت على الصوم خلاف حكم الصوم إذا طرأ عليها؟ فرأينا الأشياء التي تمنع من الدخول في الصوم من الحيض والنفاس إذا طرأ ذلك على الصوم أو طرأ عليه الصوم فهو سواء.

ألا ترى أنه ليس لحائض أن تدخل في الصوم وهي حائض وأنها لو دخلت في الصوم طاهرا ثم طرأ عليها الحيض في ذلك اليوم، أنها بذلك خارجة من الصوم، فكانت الأشياء التي تمنع من الدخول في الصوم هي الأشياء التي إذا طرأت على الصوم أبطلته. وكانت الجنابة إذا طرأت على الصوم باتفاقهم جميعا لم تبطله.

فالنظر على ما ذكرنا أن يكون كذلك إذا طرأ عليها الصوم لم تمنع من الدخول فيه.

فثبت بذلك ما قد وافق ما روته أم سلمة وعائشة رضي الله عنها وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

ص: 404

‌14 - باب: الرجل يدخل في الصيام تطوعا ثم يفطر

3249 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي (ح)

وحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة (ح)

وحدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا يحيى بن حسان، قالوا: ثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن هارون بن أم هانئ أو ابن بنت أم هانئ، عن أم هانئ قالت: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا صائمة، فناولني فضل شرابه، فشربت، ثم قلت يا رسول الله! إني كنت صائمة وإني كرهت أن أرد سؤرك، فقال:"إن كان من قضاء يوم من رمضان فصومي يوما مكانه، وإن كان تطوعا فإن شئت فاقضيه، وإن شئت فلا تقضيه"

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا فزعموا أن من دخل في صوم تطوعا، ثم أفطر بعد ذلك من عذر أو من غير عذر أنه لا قضاء عليه، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

(1)

إسناده ضعيف: لجهالة هارون بن أم هانئ، ولإضطرابه سندا ومتنا.

ورواه النسائي في الكبرى (3291) من طريق يحيى بن حسان به.

وأخرجه الطيالسي (1616)، والدارمي (1735)، وأحمد (26910)، والنسائي في الكبرى (3305)، والطبراني في الكبير 24 / (990)، والدارقطني 2/ 174 - 175، والبيهقي 4/ 278، وابن عبد البر في الإستذكار 10/ 204 - 205 من طرق عن حماد بن سلمة به.

(2)

قلت أراد بهم: مجاهدا، وطاووسا، وعطاء، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 11/ 427.

ص: 405

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: عليه قضاء يوم مكانه، وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن حديث أم هانئ إنما رواه -كما ذكروا- حماد بن سلمة، وقد رواه غيره ممن ليس في الضبط بدونه على خلاف ذلك.

3250 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا مسدد مسدد (ح)

وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قالا: ثنا أبو عوانة، عن سماك بن حرب، عن ابن أم هانئ عن جدته أم هانئ رضي الله عنها سمعه منها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب يوم فتح مكة فناولني فشربت، وكنت صائمة، فكرهت أن أرد فضل سؤره، فقلت: يا رسول الله! إني كنت صائمة، فقال لها:"تقضين عنك شيئا؟ " قالت: لا، قال:"فلا يضرك"

(2)

.

3251 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا أبو عوانة

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

3252 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أسد، قال: ثنا قيس بن الربيع، عن سماك بن حرب، عن رجل من آل جعدة بن هبيرة، عن جدته أم هانئ قالت: دخلت أنا وفاطمة

(1)

قلت أراد بهم: أبا بكر، وعمر، وعليا، وابن عباس، وجابرا، وعائشة، وأم سلمة رضي الله عنهم، والحسن البصري، وسعيد بن جبير في قول، والنخعي، وأبا حنيفة ومالكا، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 11/ 428.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه النسائي في الكبرى (3290) من طريق أبي الوليد، عن أبي عوانة به.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه.

ص: 406

رضي الله عنها على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، فجلست عن يمينه، فدعا بشراب فشرب، ثم ناولني، فشربت وأنا صائمة، فقلت: يا رسول الله! ما أراني إلا قد أثمت أو أتيت حنثا، عرضت علي وأنا صائمة، فكرهت أن أرد عليك، فقال:"هل كنت تقضين يوما من رمضان؟ ". فقالت: لا، قال:"فلا بأس"

(1)

.

3253 -

حدثنا فهد قال: ثنا الحسن بن الربيع (ح)

وحدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قالا: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن ابن أم هانئ عن أم هانئ، عن النبي صلى الله عليه وسلم

نحوه، غير أنه قال: فلا يضرك

(2)

.

فقد خالف ما روى قيس وأبو عوانة وأبو الأحوص ما روى حماد بن سلمة، لأن حمادا قال في حديثه:"إن كان قضاء من شهر رمضان فصومي يوما مكانه، وإن كان تطوعا فإن شئت فاقضيه وإن شئت لا تقضيه".

فكان ذلك على أنه لا يجب القضاء عليها إذا كان تطوعا.

(1)

إسناده ضعيف لاضطرابه، ولجهالة الرجل عن أم هانئ.

وأخرجه الطبراني 24/ 992 من طريق قيس بن الربيع به.

وأخرجه أحمد (26897)، والنسائي في الكبرى (3307) من طريقين عن سماك بن حرب به.

(2)

إسناده ضعيف لاضطرابه ولجهالة ابن أم هانئ.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 30، والترمذي (731)، والنسائي في الكبرى (3306)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3153)، والطبراني في الكبير 24/ (991)، والبغوي (1813) من طرق عن أبي الأحوص به.

ص: 407

وقال الآخرون في حديثهم: "أتقضين شيئا من رمضان؟ "، قالت: لا. قال: "فلا يضرك". أي: أنك لست بآثمة في إفطارك من هذا التطوع، وليس في ذلك ما ينفي أن يكون عليها قضاء يوم مكانه، فقد اضطرب حديث سماك هذا، ثم نظرنا هل روى غيره مما فيه دلالة على شيء من ذلك؟.

3254 -

فإذا ربيع الجيزي قد حدثنا، قال: ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، قال: ثنا عبد الله بن عمر العمري، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين، فأهدي لنا طعام، فأفطرنا عليه، فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه، فقال:"اقضيا يوما مكانه"

(1)

.

ففي هذا الحديث دليل على أن حكم الإفطار في الصوم التطوع أنه موجب للقضاء فكان مما يحتج به أهل المقالة الأولى في فساد هذا الحديث أن أصله ليس عن عروة، عن عائشة وإنما أصله موقوف على من دون عروة.

3255 -

وذلك أن يونس حدثنا، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن ابن شهاب، أن عائشة وحفصة رضي الله عنهما أصبحتا صائمتين

ثم ذكر مثله

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف: لضعف عبد الله بن عمر العمري.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (660)، وأحمد (25094)، والترمذي (735)، والنسائي في الكبرى (3292، 3294، 3295)، وأبو يعلى (4639)، والبيهقي 2/ 280، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 68 - 69، وفي الإستذكار (14538، 14543) من طرق عن الزهري به.

(2)

إسناده منقطع: الزهري لم يسمع من عائشة وحفصة.

وهو في موطأ مالك 1/ 410، ومن طريقه النسائي في الكبرى (3298)، والبيهقي 4/ 279 مرسلا.

ص: 408

قالوا: فهذا هو أصل الحديث، قالوا: وقد سئل الزهري عن ذلك: هل سمعه من عروة؟ فقال: لا. وذكروا ما

3256 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا نعيم، قال: سمعت ابن عيينة، يقول: سئل الزهري عن حديث عائشة: أصبحت أنا وحفصة صائمتين فقيل له: أحدثك عروة؟ فقال: لا

(1)

.

3257 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا ابن جريج، قال: قلت لابن شهاب: أحدثك عروة بن الزبير، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال:"من أفطر من تطوعه فليقضه". فقال: لم أسمع من عروة في ذلك شيئا، ولكن حدثت في خلافة سليمان بن عبد الملك

(2)

.

3258 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح

فذكر بإسناده مثله. وزاد: ولكن حدثني في خلافة سليمان بن عبد الملك أناس عن بعض من كان يسأل عائشة أنها قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين ثم ذكر الحديث

(3)

. يعني نحو حديث ربيع الجيزي.

(1)

إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.

وأخرجه البيهقي 4/ 280 من طريق سفيان به.

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه الشافعي 1/ 266، وعبد الرزاق (7791)، وإسحاق (885)، والترمذي عقب الرواية (735)، والبيهقي 4/ 280، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 69 من طريق الزهري به.

(3)

رجاله ثقات.

ص: 409

فقد فسد هذا الحديث بما قد دخل في إسناده مما ذكرنا وقد روي في ذلك عن عائشة رضي الله عنها أيضا من غير هذا الوجه.

3259 -

ما حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب، قال: أخبرني جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، فذكر مثل حديث ربيع الجيزي، غير أنه قال: فبدرتني حفصة بالكلام وكانت ابنة أبيها

(1)

.

3260 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا أحمد بن عيسى المصري، قال: ثنا ابن وهب .. فذكر بإسناده مثله

(2)

.

فكان مما احتج به أهل المقالة الأولى في إفساد هذا الحديث أيضا أن حماد بن زيد قد رواه عن يحيى بن سعيد موقوفا ليس فيه عمرة.

3261 -

حدثنا بذلك ابن أبي عمران، قال: ثنا أبو بكر الرمادي، قال: ثنا علي بن المديني، قال: ثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، بذلك، يعني: ولم يذكر عمرة

(3)

. فهذا هو أصل الحديث.

وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أيضا في هذا من غير هذا الوجه ما

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (3517) من طريق حرملة، عن ابن وهب به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في الكبرى (3282) عن أحمد بن عيسى به.

(3)

رجاله ثقات.

ص: 410

3262 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي، قال: ثنا سفيان، عن طلحة بن يحيى بن طلحة، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنا قد خبأنا لك حيسًا فقال: "أما إني كنت أريد الصوم، ولكن قربيه سأصوم يوما مكان ذلك".

قال محمد هو ابن إدريس: سمعت سفيان عامة مجالستي إياه لا يذكر فيه "سأصوم يو ما مكان ذلك" ثم إني عرضت عليه الحديث قبل أن يموت بسنة فأجاز فيه "سأصوم يوما مكان ذلك"

(1)

.

ففي هذا الحديث ذكر وجوب القضاء، وفي حديث عائشة رضي الله عنها ما قد وافق ذلك، وليس في حديث أم هانئ ما يخالف ما قد ذكرنا، فأقل أحوال حديث عروة وعمرة عن عائشة رضي الله عنها أن يكون موقوفا على من هو دونهما، وقد وافقه حديث متصل وهو حديث عائشة بنت طلحة فالقول بذلك من جهة الحديث أولى من القول بخلافه.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 1/ 266، ومن طريقه البيهقي 4/ 275، والبغوي (1812).

وأخرجه عبد الرزاق (7739)، والحميدي (190 - 191)، والدارقطني 2/ 177، والبيهقي 4/ 275 من طريق سفيان بن عيينة به.

ص: 411

وأما النظر في ذلك، فإنا قد رأينا أشياء تجب على العباد بإيجابهم إياها على أنفسهم، منها: الصلاة والصدقة والصيام والحج والعمرة، فكان من أوجب شيئا من ذلك على نفسه، فقال: لله علي كذا وكذا، وجب عليه الوفاء بذلك.

ورأينا أشياء يدخل فيها العباد فيوجبونها على أنفسهم بدخولهم فيها، منها: الصلاة والصيام والحج وما ذكرنا، فكان من دخل في حجة أو عمرة ثم أراد إبطالها والخروج منها، لم يكن له ذلك، وكان بدخوله فيها في حكم من قال: لله عليّ حجة فعليه الوفاء بها.

فإن قال قائل: إنما منعناه من الخروج منهما، لأنه لا يمكنه الخروج منها إلا بتمامها وليست الصلاة والصيام كذلك، لأنهما قد يبطلان، ويخرج منهما بالكلام والطعام والشراب والجماع.

قيل له: إن الحجة والعمرة وإن كانا كما ذكرت، فإنا قد رأيناك تزعم أن من جامع فيهما فعليه قضاؤهما والقضاء يدخل فيه بعد خروجه منهما، فقد جعلت عليه الدخول في قضائهما إن شاء أو أبى من أجل إفساده لهما، فهذا الذي يقضيه بدل منه مما كان وجب عليه بدخوله فيه، لا بإيجاب كان منه قبل ذلك، فلو كانت العلة في لزوم الحجة والعمرة إياه حين أحرم بهما، وبطلان الخروج منهما هي ما ذكرت من عدم رفضهما، ولولا ذلك كان له الخروج منهما، كما كان له الخروج من الصلاة والصيام بما ذكرنا من الأشياء التي تخرج منهما، إذًا لما وجب عليه قضاؤهما، لأنه غير قادر على أن لا يدخل فيه.

ص: 412

فلما كان ذلك غير مبطل عنه وجوب القضاء، وكان في ذلك كمن عليه قضاء حجة قد أوجبها الله عز وجل على نفسه بلسانه، كان كذلك أيضا في النظر من دخل في صلاة أو صيام فأوجب ذلك الله عز وجل على نفسه بدخوله فيه، ثم خرج منه، فعليه قضاؤه.

ويقال له أيضا: وقد رأينا العمرة مما قد يجوز رفضها بعد الدخول فيها في قولنا وقولك، وبذلك جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لعائشة رضي الله عنها:"دعي عنك العمرة وأهلّي بالحج" وسنذكر ذلك بإسناده في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.

فلم يكن للداخل في العمرة إذا كان قادرا على رفضها والخروج منها أن يخرج منها فيبطلها ثم لا يجب عليه قضاؤها. وكان من دخل فيها بغير إيجاب منه لها قبل ذلك ليس له الخروج منها قبل تمامها إلا من عذر، فإن خرج منها فأبطلها بعذر أو بغير عذر فعليه قضاؤها، فالصلاة والصوم أيضا في النظر كذلك، ليس لمن دخل فيهما الخروج منهما، وإبطالهما إلا من عذر، وإن خرج منهما قبل إتمامه إياهما بعذر أو بغير عذر فعليه قضاؤهما.

فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

وقد روي مثل ذلك أيضا عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 413

3263 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، عن أيوب، عن سعيد بن أبي الحسين، عن ابن عباس أنه أخبر أصحابه أنه صائم، ثم خرج عليهم ورأسه يقطر، فقالوا: أولم تك صائما؟ قال بلى، ولكن مرت بي جارية لي فأعجبتني فأصبتها، وكانت حسنة هممت بها وأنا قاضيها يوما آخر

(1)

.

3264 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: ثنا حماد بن زيد، قال: حدثني زياد بن الجصاص، عن أنس بن سيرين، قال: صمتُ يوم عرفة، فجهدني الصوم، فأفطرت، فسألت عن ذلك عبد الله بن عمر فقال: اقض يوما آخر مكانه

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (7773) عن معمر، والبيهقي 7/ 155 من طريق سعيد، كلاهما عن أيوب به.

وأخرجه سعيد بن منصور (2040) من طريق سفيان، عن أيوب، عن الوليد، عن سعيد به.

(2)

إسناده ضعيف: لضعف زياد بن أبي زياد الجصاص.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 290 (9093) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن عثمان التيمي به.

ص: 414

‌15 - باب: صوم يوم الشك

3265 -

حدثنا فهد، قال: ثنا: أبو سعيد الأشج، قال: ثنا أبو خالد سليمان بن حيان الأزدي الأحمر، عن عمرو بن قيس، عن أبي إسحاق، عن صلة قال: كنا عند عمار رضي الله عنه فأتي بشاة مصلية فقال للقوم: كلوا، فتنحى رجل من القوم، وقال: إني صائم قال: عمار: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قال أبو جعفر: فكره قوم

(2)

صوم اليوم الذي يشك فيه، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فلم يروا بصومه تطوعا بأسا، قالوا: إنما الصوم المكروه في هذا الحديث هو الصوم على أنه من رمضان، فأما تطوعا فلا بأس به، واحتجوا

(1)

إسناده ضعيف: عمرو بن قيس متأخر السماع من أبي إسحاق السبيعي.

وأخرجه الدارمي 2/ 2، والترمذي (686)، والنسائي 4/ 153، وابن خزيمة (1914)، وابن حبان (3585، 3595)، والدارقطني 2/ 157 من طريق عبد الله بن سعيد أبي سعيد الأشج الكندي به.

وأخرجه الحاكم 1/ 423 - 424، والبيهقي 4/ 208 من طريق أبي خالد الأحمر به.

(2)

قلت أراد بهم: ابن مسعود، وحذيفة، وأبا هريرة، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأنس بن مالك، وابن عمر، والضحاك بن قيس رضي الله عنهم، وابن حزم، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 11/ 455.

(3)

قلت أراد بهم: أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، وأبا عثمان النهدي، والقاسم بن محمد، والحسن البصري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق، ومالكا في المشهور عنه، وأبا حنيفة، وأصحابه رحمهم الله، كما في النخب 11/ 456.

ص: 415

ذلك بما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الموضع من قوله: "لا تتقدموا رمضان ولا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم فليصمه".

ص: 416

‌6 - كتابُ منَاسِك الحج

‌1 - باب: المرأة لاتجد محرمًا هل يجب عليها فرض الحج أم لا؟

3266 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، سمع أبا معبد مولى ابن عباس يقول: قال ابن عباس: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال: "لا تسافر امرأة إلا ومعها ذو مَحْرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها ذو محرم". فقام رجل فقال: يا رسول الله! إني قد اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وقد أردت أن أحج بامرأتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"احجج مع امرأتك"

(1)

.

3267 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا ابن جريج، عن عمرو

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 1/ 286، والحميدي (468)، وابن أبي شيبة 4/ 6 (409)، وأحمد (1934)، والبخاري (3006، 3061، 5233)، ومسلم (1341)، والنسائي في الكبرى (9218)، وأبو يعلى (2391)، وابن خزيمة (2529 - 2530)، وابن حبان (2731)، والطبراني (12205)، والبيهقي 3/ 139، والبغوي (1849) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (3231)، ومسلم (1341)، والطبراني (12201) من طرق عن ابن جريج به.

ص: 417

3268 -

حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة، قال: ثنا أبو عاصم، قال: أنا ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن أبي معبد، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3269 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا حامد بن يحيى، قال: ثنا سفيان بن عيينة، قال: ثنا ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم"

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى أن المرأة لا تسافر سفرا قريبا أو بعيدا إلا مع ذي محرم، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

فقالوا: كل سفر هو دون البريد

(5)

، فلها أن تسافر بلا محرم، وكل سفر يكون بريدًا فصاعدًا فليس لها أن تسافر إلا بمحرم واحتجوا في ذلك.

3270 -

بما حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر هو الضرير، عن حماد بن سلمة، قال: أنا سهيل بن أبي صالح، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

(1)

إسناده صحيح، هو مكرر سابقه.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان.

وأخرجه الحميدي (1006) من طريق سفيان بن عيينة به.

(3)

قلت أراد بهم: النخعي، والشعبي، وطاووس بن كيسان، والظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 12/ 12.

(4)

قلت أراد به بهم: عطاء، وسعيد بن كيسان، وطائفة من الظاهرية رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

(5)

البريد فرسخان، وقيل: أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، وقال الجوهري: البريد اثنا عشر ميلا.

ص: 418

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر امرأة بريدًا إلا مع زوج أو ذي رحم محرم"

(1)

.

3271 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا معلى بن أسد، قال: ثنا عبد العزيز بن المختار، عن سهيل

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

قالوا: ففي توقيت النبي صلى الله عليه وسلم البريد ما يدل على أن ما دونه بخلافه.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: إذا كان كل سفر هو دون اليوم، فلها أن تسافر بلا محرم، وكل سفر يكون يوما فصاعدًا فليس لها أن تسافر إلا بمحرم، واحتجوا في ذلك بما

3272 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سعد، عن أبيه، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تسافر يوما فما فوقه إلا ومعها ذو حرمة

(4)

"

(5)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (2727)، والبيهقي 3/ 139 من طريق حماد بن سلمة به.

وأخرجه أبو داود (1725)، وابن خزيمة (2526)، والحاكم 1/ 442 من طريق جرير بن عبد الحميد، عن سهيل به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

قلت أراد بهم: الأوزاعي، والليث، ومالكا، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 12/ 15.

(4)

في س خد "معها زوجها".

(5)

إسناده صحيح. =

ص: 419

3273 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله غير أنه لم يقل فما فوقه

(1)

.

3274 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن سعيد المقبري

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3275 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا ابن أبي ذئب (ح)

وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

قالوا: ففي توقيت النبي صلى الله عليه وسلم يومًا دليلٌ على أن ما هو أقل منه بخلافه.

= وأخرجه أحمد (9448) من طريق شيبان به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن ماجة (2859) من طريق شبابة، عن ابن أبي ذئب به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 574 ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 285، وابن خزيمة (2524)، وابن حبان (2725)، والبيهقي 3/ 139، والبغوي (1851).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2317)، وأحمد (7414)، والبخاري (1088)، ومسلم (1339)(420)، والبيهقي 3/ 139 من طرق عن ابن أبي ذئب به.

ص: 420

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: كل سفر هو دون الليلتين فلها أن تسافر بغير محرم، وكل سفر يكون ليلتين فصاعدًا فليس لها أن تسافر بغير محرم، واحتجوا في ذلك بما

3276 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن قزعة مولى زياد، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تسافر المرأة مسيرة ليلتين إلا مع زوج، أو ذي محرم"

(2)

.

3277 -

حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، قال: عبيد الله بن عمرو، عن عبد الملك

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

قالوا: ففي توقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ليلتين دليل على أن حكم ما هو دونهما بخلاف حكمها.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

فقالوا: كل سفر يكون ثلاثة أيام فصاعدًا فليس لها أن تسافر إلا مع محرم، وكل سفر يكون دون ذلك فلها أن تسافر بغير محرم، واحتجوا في ذلك بما

(1)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، والزهري، وقتادة رحمهم الله، كما في النخب 12/ 19.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11294)، والبخاري (1197)، ومسلم 2/ 796 (827)(416)، والبيهقي 10/ 82، والبغوي (450) من طرق عن شعبة به.

(3)

إسناده صحيح.

(4)

قلت أراد بهم: الثوري، والأعمش، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 12/ 22.

ص: 421

3278 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام إلا مع محرم"

(1)

.

3279 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا ابن جريج، قال: ثنا عبد الكريم بن مالك، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3280 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا روح بن القاسم، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام إلا مع رجل يحرم عليها نكاحه"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (4615)، والبخاري (1087)، ومسلم (1338)(413)، وأبو داود (1727)، وابن خزيمة (2521)، والبيهقي 5/ 227 من طريق يحيى به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 5، وابن حبان (2730) من طريق عبيد الله بن عمر به.

(2)

إسناده حسن.

وأخرجه عبد الرزاق (10750)، وأحمد (6712) من طريق ابن جريج به.

وأخرجه العدني من طريق هشام عن ابن جريج كما في النخب 12/ 24

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1339)(422)، وابن خزيمة (2527)، وابن حبان (2721) من طريق بشر بن المفضل، وأحمد =

ص: 422

3281 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا يحيى بن عيسى، وعبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة سفرا ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها زوجها أو ابنها أو أخوها أو ذو محرم منها"، غير أن ابن نمير قال في حديثه: فوق ثلاث

(1)

.

3282 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، عن الأعمش

فذكر بإسناده مثله وقال: سفر ثلاثة أيام

(2)

.

3283 -

حدثنا فهد، قال: ثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة، قال: ثنا وهيب بن خالد، قال: ثنا سهيل، عن أبيه، وعن المقبري حدثاه، عن أبي هريرة رفعه قال: "لا تسافر امرأة فوق ثلاث ليال إلا مع بعل أو ذي رحم محرم

(3)

.

قالوا: ففي توقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلاث في ذلك دليل على أن حكم ما دون الثلاث بخلاف ذلك، وممن قال بهذا القول أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

= (8564) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن سهيل به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 4 - 5، وأحمد (11515)، والدارمي (2843)، ومسلم (1340)(423)، وأبو داود (1726)، والترمذي (1169)، وابن ماجة (2898)، وابن خزيمة (2519)، وابن حبان (2718) من طرق عن الأعمش به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (3269).

ص: 423

فقد اتفقت هذه الآثار كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم السفر ثلاثة أيام على المرأة بغير ذي محرم.

واختلف فيما دون الثلاث، فنظرنا في ذلك، فوجدنا النهي عن السفر بلا محرم مسيرة ثلاثة أيام فصاعدًا ثابتًا بهذه الآثار كلها، وكان توقيته ثلاثة أيام في ذلك إباحة السفر دون الثلاث لها بغير محرم، ولولا ذلك لما كان لذكره الثلاث معنى.

ولمهى نهيًا مطلقا ولم يتكلم بكلام يكون فضلا، ولكنه ذكر الثلاث ليعلم أن ما دونها بخلافها، وهكذا الحكيم يتكلم من الكلام بما يدل على غيره ليغنيه عن ذكر ما يدل كلامه ذلك عليه، ولا يتكلم بالكلام الذي لا يدل على غيره، وهو يقدر أن يتكلم بكلام يدل على غيره.

وهذا تفضيل من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم بذلك، إذ آتاه جوامع الكلم الذي ليس في طبع غيره القوة عليه.

ثم رجعنا إلى ما كنا فيه، فلما ذكر الثلاث وثبت بذكره إياها إباحة ما هو دونها، ثم ما روي عنه في منعها من السفر دون الثلاث من اليوم واليومين والبريد، فكل واحد من تلك الآثار، ومن الأثر المروي في الثلاث متى كان بعد الذي خالفه نسخه، إن كان النهي عن سفر اليوم بلا محرم بعد النهي عن سفر الثلاث بلا محرم فهو ناسخ له، وإن كان خبر الثلاث هو المتأخر عنه فهو ناسخ له.

فقد ثبت أن أحد المعاني التي دون الثلاث ناسخة للثلاث أو الثلاث ناسخة لها فلم يخل خبر الثلاث من أحد وجهين: إما أن يكون هو المتقدم، أو يكون هو المتأخر.

ص: 424

فإن كان هو المتقدم فقد أباح السفر بأقل من ثلاث بلا محرم، ثم جاء بعده النهي عن سفر ما هو دون الثلاث بغير محرم، فحرم ما حرم الحديث الأول، وزاد عليه حرمة أخرى، وهو ما بينه وبين الثلاث، فوجب استعمال الثلاث على ما أوجبه الأثر المذكور فيه.

وإن كان هو المتأخر، وغيره هو المتقدم فهو ناسخ لما تقدمه، والذي تقدمه غير واجب العمل به، فحديث الثلاث واجب استعماله على الأحوال كلها، وما خالفه فقد يجب استعماله إن كان هو المتأخر، ولا يجب إن كان هو المتقدم، فالذي قد وجب علينا استعماله والأخذ به في كلا الوجهين أولى مما قد يجب استعماله في حال، وتركه في حال.

وفي ثبوت ما ذكرنا دليل على أن المرأة ليس لها أن تحج إذا كان بينها وبين الحج مسيرة ثلاثة أيام إلا مع محرم، فإذا عدمت المحرم وكان بينها وبين مكة المسافة التي ذكرنا فهي غير واجدة للسبيل الذي يجب عليها الحج بوجوده، وقد قال قوم: لا بأس بأن تسافر المرأة بغير محرم، واحتجوا في ذلك بما

3284 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عمرة، عن عائشة: أنها سمعتها تقول: في المرأة تحج وليس معها ذو محرم، فقالت: ما لكلهن ذو محرم

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 386 (15176) من طريق وكيع عن يونس بن يزيد به.

ص: 425

3285 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا ابن وهب، عن الليث، أن ابن شهاب حدثه، عن عمرة، أن عائشة أخبرت، أن أبا سعيد الخدري يفتي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يصلح للمرأة أن تسافر إلا ومعها محرم" فقالت: ما لكلهن ذو محرم

(1)

.

فإن الحجة عليهم في ذلك ما قد تواترت به الآثار التي قد ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي حجة على كل من خالفها.

فإن قال قائل: إن الحج لم يدخل في السفر الذي نهى عنه في تلك الآثار، فالحجة على ذلك القائل حديث ابن عباس الذي بدأنا بذكره في هذا الباب، إذ يقول: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "لا تسافر امرأة إلا مع محرم". فقال له رجل: إني أردت أن أحج بامرأتي، وقد اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال:"احجج بامرأتك"، فدل ذلك على أنه لا ينبغي لها أن تحج إلا به، ولولا ذلك لقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وما حاجتها إليك" لأنها تخرج مع المسلمين وأنت فامض لوجهك فيما اكتتبت.

ففي ترك النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمره بذلك، وأمره أن يحج معها دليل على أنها لا يصلح لها الحج إلا به.

وقد قال قائل: قد رويتم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسافر امرأة مسيرة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم".

وقد روي عنه من قوله بعد النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك فذكر.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11626) من طريق يونس، عن ليث، وابن حبان (2733) من طريق ابن وهب، عن يونس، والبيهقي 5/ 226 من طريق يونس، كلهم عن الزهري به.

ص: 426

3286 -

ما قد حدثنا علي بن عبد الرحمن قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير، أن نافعا حدثه، أنه كان يسافر مع ابن عمر مواليات

(1)

له ليس معهن ذو محرم

(2)

.

قيل له: ما هذا بخلاف لما رُوينا عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنا لم نرو عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم نهيًا أن تسافر المرأة سفرا أيّ سفر كان إلا بمحرم، ولكنا روينا عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تسافر المرأة سفر ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم.

فكان ذلك ناهيًا لها عن السفر الذي مقدار مسافته الثلاث إلا بمحرم، ومبيحا لما هو أقل منه مسافة بغير محرم، فقد يجوز أن يكون السفر الذي كان يسافر معه هؤلاء المواليات بغير محرم هو السفر الذي لم يدخل فيما نهى عنه ما رويناه عنه صلى الله عليه وسلم.

واحتج آخرون في إباحة السفر للمرأة بغير محرم بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تسافر بغير محرم

(1)

بضم الميم أي: نساء مواليات من والى القوم موالاة، وعقد الموالاة أن يسلم الرجل على يد آخر ويواليه فيقول له: أنت مولاي ترثني إذا مت، وتعقل عني إذا جنيت فيقبل الآخر.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 5/ 20 من طريق سعيد بن منصور، عن ابن وهب، عن عروة بن الحارث به.

ص: 427

3287 -

فحدثني بعض أصحابنا عن محمد بن مقاتل الرازي لا أعلمه إلا عن حكام الرازي، قال: سألت أبا حنيفة رحمه الله هل تسافر المرأة بغير محرم؟ فقال: لا، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسافر امرأة مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها زوجها أو أبوها أو ذو رحم منها، قال حكام: فسألت العرزمي فقال: لا بأس بذلك، حدثني عطاء أن عائشة رضي الله عنها كانت تسافر بلا محرم، قال: فأتيت أبا حنيفة رحمه الله فأخبرته بذلك فقال أبو حنيفة رحمه الله: لم يدر العرزمي ما روى، كان الناس لعائشة رضي الله عنها محرما فمع أيهم سافرت فقد سافرت مع محرم وليس كل الناس لغيرها من النساء كذلك

(1)

.

وكل الذي بينا في هذا الباب من منع المرأة من السفر مسيرة ثلاثة أيام إلا مع محرم ومن إباحة ما دون ذلك لها من السفر بغير محرم، ومن أن المرأة لا يجب عليها فرض الحج إلا بوجودها المحرم مع وجود سائر سبل السبيل الذي يجب بوجودها فرض الحج. هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

(1)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن مقاتل الرازي ومحمد بن عبيد الله العرزمي.

ص: 428

‌2 - باب: المواقيت التي ينبغي لمن أراد الإحرام أن يجاوزها إلا محرما

3288 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجُحفة، ولأهل نجد قرن، ولأهل اليمن يلَمْلَم، ولم أسمعه منه، قيل له: فالعراق؟ قال: لم يكن يومئذ عراق

(1)

.

(2)

3289 -

حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا جرير بن عبد الحميد، عن صدقة ابن يسار، قال: سمعت ابن عمر

فذكر مثله

(3)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(4)

إلى أن أهل العراق لا وقت لهم في الإحرام كوقت سائر البلدان.

واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا كذلك سائر الأحاديث الأخر المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر مواقيت الإحرام، ليس في شيء منها للعراق ذكر. ثم ذكروا في ذلك ما

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5111)، والبخاري (7344) من طريق سفيان الثوري به.

(2)

في م زيادة: قال أبو جعفر: قرن بسكون الراء ميقات أهل نجد، وأما قرن بنصب الراء فرهط أويس القرني، وهي قبيلة من قبائل العرب.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 295، وأحمد (6257) من طريق جرير به.

(4)

قلت أراد بهم: طاووس بن كيسان، وابن سيرين، وجابر بن زيد رحمهم الله، كما في النخب 12/ 57.

ص: 429

3290 -

حدثنا يونس وربيع المؤذن، قالا: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا وهيب بن خالد وحماد بن زيد، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل المدينة ذا الحُليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قَرن، ولأهل اليمن يلملم، ثم قال:"فهي لهن ولكل من أتى عليهن من غيرهن، فمن كان أهله دون الميقات فمن حيث ينشئ حتى يأتي ذلك على أهل مكة"

(1)

.

3291 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا كثير بن هشام، قال: ثنا جعفر بن برقان، قال: سألت عمرو بن دينار عن امرأة حاجة مرت بالمدينة فأتت ذا الحليفة، وهي حائض، فقال لها: يجزئها

(2)

لو تقدمت إلى الجحفة فأحرمت منها، فقال عمرو: نعم، حدثنا طاوس، ولا تحسبن فينا أحدا أصدق لهجة من طاوس، قال: قال ابن عباس: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله. إلا أنه لم يذكر من قوله: فمن كان أهله

إلى آخر الحديث

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 1/ 293، وأحمد (2240)، وأبو داود (1738)، والنسائي 5/ 123، 125 - 126، وابن خزيمة (2591)، والطبراني (10912 - 10913) من طرق عن عبد الله بن طاوس به.

(2)

في ن "كريّها" وهو تحريف.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2606)، وأحمد (2128)، والبخاري (1526، 1529)، ومسلم (1181)(11)، وأبو داود (1738)، والنسائي 5/ 126، وابن خزيمة (2590)، والطبراني (10886)، والبيهقي 5/ 29، والبغوي (1859) من طرق عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار به.

ص: 430

قالوا: فكذلك أهل العراق ما أتوا عليه من هذه المواقيت فهو وقت لهم، وما سواها فليس بوقت لهم. وذكروا في ذلك أيضا ما

3292 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن"، قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يهل أهل اليمن من يلملم"

(1)

.

3293 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة (ح)

وحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال سفيان، عن عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر بن يقول: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة: ذا الحليفة، ولأهل الشام: الجحفة، ولأهل نجد: قرن، ولأهل اليمن: يلملم

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 444، ومن طريقه أخرجه البخاري (1525)، ومسلم (1182)(13)، والنسائي في الكبرى (3631)، وأبو داود (1737)، وابن ماجة (2914)، والبيهقي 5/ 26، والبغوي (1858).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5059) من طريق شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر به.

وأخرجه أحمد (5111)، والبخاري (7344) من طريق سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر به.

ص: 431

3294 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

(1)

.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: بل ميقات أهل العراق ذات عرق، وقَّت ذلك لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وقّت سائر المواقيت لأهلها. وذكروا في ذلك.

3295 -

ما حدثنا محمد بن علي بن داود، قال: ثنا خالد بن يزيد القطربلي وهشام بن بهرام المدائني، قالا: ثنا المعافى بن عمران، عن أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المدينة: ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر: الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل اليمن: يلملم

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 445، ومن طريقه رواه الشافعي 2/ 289، والدارمي 302، وابن حبان (3759)، والبيهقي 5/ 26.

(2)

قلت أراد بهم: الثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، وأصحابهم وجمهور العلماء من التابعين ومن بعدهم رحمهم الله، كما في النخب 12/ 66.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (1739)، والنسائي في المجتبى 5/ 123، وفي الكبرى (3619)، والبيهقي 5/ 28 من طريق هشام بن بهرام المدايني به

وأخرجه النسائي في المجتبى 5/ 125، وفي الكبرى (3622)، والدارقطني 2/ 209 من طريق أبي هاشم، عن معافي بن عمران به.

ص: 432

3296 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عثمان بن الهيثم قال: أنا ابن جريج، قال: وأخبرني أبو الزبير، عن جابر أنه سمعه يسأل عن المهل، فقال: سمعت -ثم انتهى أراه- يريد النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر من الجحفة، ويهل أهل العراق من ذات عرق، ويهل أهل نجد من قرن، ويهل أهل اليمن من يلملم"

(1)

.

3297 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: ثنا حفص هو ابن غياث، عن الحجاج، عن عطاء، عن جابر قال: وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة: ذا الحليفة، ولأهل الشام: الجحفة، ولأهل اليمن: يلملم، ولأهل العراق: ذات عرق

(2)

.

3298 -

حدثنا يحيى بن عثمان، وعلي بن عبد الرحمن، قالا: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرني إبراهيم بن سويد، قال حدثني هلال بن زيد قال: أخبرني أنس بن مالك، أنه

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير بالسماع عند أحمد.

وأخرجه أحمد (14572)، ومسلم (1183)(16 - 17)، وابن خزيمة (2592)، والبيهقي 5/ 27، والبغوي (860) من طرق عن ابن جريج به.

(2)

إسناده ضعيف لعنعنة الحجاج بن أرطاة وهو مدلس.

وأخرجه الدارقطني 2/ 208 من طريق حفص بن غياث به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (14265) من طريق ابن نمير عن حجاج به.

وأخرجه أحمد (6697) من طريق يزيد، عن حجاج به.

ص: 433

سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام: الجحفة، ولأهل البصرة: ذات عرق، ولأهل المدائن العقيق

(1)

.

فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآثار من وقّت أهل العراق كما ثبت من وقّت من سواهم بالآثار التي قبلها.

وهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من توقيته ما قد ذكرناه عنه في الفصل الذي قبل هذا، ثم قد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من بعد النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

3299 -

ما حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل المدينة: ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن: يلملم، ولأهل الطائف: قرن. قال ابن عمر رضي الله عنهما: وقال الناس: لأهل المشرق: ذات عرق

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، هلال بن زيد بن يسار متروك.

وأخرجه الطبراني في الكبير 1/ 250 (721) من طريقين عن سعيد بن أبي مريم به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه الطبراني في الأوسط 5/ 165 (4958)، وأبو نعيم في الحلية 4/ 93 من طريق أبي نعيم، عن جعفر بن برقان به.

ص: 434

فهذا ابن عمر يخبر أن الناس قد قالوا ذلك، ولا يريد ابن عمر من الناس إلا أهل الحجة والعلم بالسنة، ومحال أن يكونوا قد قالوا ذلك بآرائهم؛ لأن هذا ليس مما يقال من جهة الرأي، ولكنهم قالوا بما وقّفهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال قائل: وكيف يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل العراق يومئذ ما وقَّت، والعراق إنما كانت بعده؟.

قيل له: كما وقت لأهل الشام ما وقت، والشام إنما افتتحت بعده عليه السلام، فإن كان يريد بما وقَّت لأهل الشام من كان في الناحية التي افتتحت حينئذ من قبل الشام، فكذلك يريد بما وقّت لأهل العراق من كان في الناحية التي افتتحت حينئذ من قبل العراق مثل جبلي طيئ ونواحيها.

وإن كان ما وقَّت لأهل الشام إنما هو لما علم بالوحي أن الشام ستكون دار إسلام، فكذلك ما وقَّت لأهل العراق إنّما هو لما علم بالوحي أنّ العراق ستكون دار إسلام، فإنه قد كان صلى الله عليه وسلم ذكر ما سيفعله أهل العراق في زكواتهم مع ذكره ما سيفعله أهل الشام في زكواتهم.

3300 -

حدثنا علي بن عبد العزيز البغدادي، قال: ثنا أحمد بن يونس (ح)

وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوحاظي (ح)

وحدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قالوا: ثنا زهير بن معاوية، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "منعت العراق

ص: 435

قفيزها ودرهمها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها

(1)

ودينارها، وعُدتم كما بدأتم، وعُدتم كما بدأتم، وعُدتم كما بدأتم". ثم يشهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه. يزيد بعضهم على بعض في قصة الحديث

(2)

.

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر ما سيفعله أهل العراق من منع الزكاة قبل أن تكون عراق، وذكر مثل ذلك في أهل الشام وأهل مصر قبل أن تكون الشام ومصر لما أعلمه الله تعالى من كونهما من بعده، فكذلك ما ذكره من التوقيت لأهل العراق مع ذكره التوقيت لغيرهم المذكورين، هو لما أخبره الله تعالى أنه سيكون من بعده.

وهذا الذي ذكرناه من تثبيت هذه المواقيت التي وصفناها لأهل العراق، ولمن ذكرنا معهم هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

(1)

مكيال لأهل مصر تسع أربعة وعشرين صاعا.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (7565)، ومسلم (2896)، وأبو داود (3035)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (2767)، والبيهقي 9/ 137، والبغوي في شرح السنة (2754) من طرق عن زهير بن معاوية به.

ص: 436

‌3 - باب: الإهلال من أين ينبغي أن يكون؟

3301 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي الحليفة ثم أتي براحلته فركبها فلما استوت به البيداء

(1)

أهلّ

(2)

.

3302 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، قال: ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ركب ناقته القصواء، فلما استوت به على البيداء أهل

(3)

.

3303 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو وهو الأوزاعي، عن عطاء هو ابن أبي رباح، أنه سمعه يحدث عن جابر يعني سمعه يخبر عن إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة حين استوت به راحلته

(4)

.

(1)

قال عياض في شرح مسلم: البيداء ههنا هي الشرف الذي أمام ذي الحليفة، وهي أقرب إلى مكة من ذي الحليفة.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه الدارمي (1912)، وأحمد (2296)، ومسلم (1243)، وابن الجارود (424)، وابن خزيمة (2609)، وابن حبان (4002)، والطبراني (12901)، والبيهقي 5/ 232، والبغوي (1893) من طرق عن شعبة به.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه مسلم 1218 (147)، وأبو داود (1905)، وابن ماجة (3074)، وابن حبان (3944) من طريق حاتم بن إسماعيل به مطولا.

وأخرجه أحمد (14440)، ومسلم (1218)، وابن حبان (3943) من طرق عن جعفر به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1515)، وابن خزيمة (2612) من طريقين عن الوليد بن مسلم به.

ص: 437

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى هذا فاستحبوا الإحرام من البيداء لإحرام النبي صلى الله عليه وسلم منها.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أحرم منها، لا لأنه قصد أن يكون إحرامه منها خاصةً لفضل في الإحرام منها على الإحرام مما سواها، وقد رأيناه فعل أشياء في حجته في مواضع لا لفضل قصده في تلك المواضع مما يفضل به غيرها من سائر المواضع، من ذلك نزوله بالمحصّب من منى، فلم يكن ذلك لأنه سنة، ولكنه لمعنى آخر قد اختلف الناس فيه ما هو؟. فروي عن عائشة رضي الله عنها في ذلك ما

3304 -

حدثنا يونس، قال: أنا أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت له: إنما كان منزلًا نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان أسمح للخروج ولم يكن عروة يحصّب ولا أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها

(3)

.

ورُوي عن أبي رافع أنه قال: إنما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب له الخيمة، ولم يأمرني بمكان بعينه، فضربتها بالمحصّب.

(1)

قلت أراد بهم: الأوزاعي، وعطاء، وقتادة رحمهم الله، كما في النخب 12/ 84.

(2)

قلت أراد بهم: جماهير العلماء من التابعين، ومن بعدهم، منهم الأئمة الأربعة، وأكثر أصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 12/ 86.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (674)، وأحمد (24143)، والبخاري (1765)، ومسلم (1311)(339)، والترمذي (923)، والنسائي في الكبرى (4207)، وابن ماجة (3067)، والبيهقي 5/ 161 من طرق عن هشام بن عروة به.

ص: 438

3305 -

حدثنا بذلك ابن أبي عمران، قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان، عن صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع

(1)

.

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ما

3306 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما كانت المحصب لأن العرب كانت تخاف بعضها بعضا، فيرتادون فيخرجون جميعا، فجرى الناس عليها

(2)

.

3307 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس

مثله، غير أنه قال: قد كانت تميم وربيعة يخاف بعضها بعضا

(3)

.

3308 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس قال: ليس المحصّب بشيء، إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (549)، وأحمد (23875)، ومسلم (1313)، وأبو داود (2009)، وابن خزيمة (2986)، والطبراني (916)، والبيهقي 5/ 161 من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده ضعيف: لضعف شعبة مولى ابن عباس.

(3)

إسناده حسن: خالد بن عبد الرحمن وصالح مولى التوأمة صدوقان.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (498)، وابن أبي شيبة (13511)، والدارمي (1870)، وأحمد (1925)، والبخاري (1766)، =

ص: 439

فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حصّب، ولم يكن ذلك التحصيب لأنه سنة؛ فكذلك يجوز أن يكون أحرم حين صار على البيداء، لا لأن ذلك سنة.

وقد أنكر قوم أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم من البيداء، وقالوا: ما أحرم إلا من عند المسجد، ورووا ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما.

3309 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا عبد الله بن مسلمة، قال: قرأت على مالك، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه، أنه قال بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، ما أهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد. يعني مسجد ذي الحليفة

(1)

.

3310 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن موسى

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

= ومسلم (1312)، والترمذي (922)، والنسائي في الكبرى (4209)، وأبو يعلى (2397)، وابن خزيمة (2989)، والطبراني في الكبير (11382)، والبيهقي 5/ 160 من طريق سفيان بن عيينة به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 447، ومن طريقه أخرجه أحمد (5337)، والبخاري (1541)، ومسلم (1186)(23)، وأبو داود (1771)، والنسائي في المجتبى 5/ 162 - 163، وفي الكبرى (3738)، وابن حبان (3762)، والبيهقي 5/ 38، والبغوي (1869).

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

ص: 440

3311 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا وهيب بن خالد، عن موسى

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

قالوا: وإنما كان ذلك بعد ما ركب راحلته. وذكروا في ذلك ما

3312 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني صالح بن كيسان، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أهلّ حين استوت به راحلته قائمة

(2)

.

3313 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يهل إذا استوت به راحلته قائمة

(3)

. قال: وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله.

3314 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا ابن جريج، قال: أنا محمد بن المنكدر، عن أنس بن مالك، قال: بات رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة حتى أصبح، فلما ركب راحلته واستوت به أهلّ

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (4935)، والبخاري (1552)، ومسلم (1187)(28)، والنسائي في المجتبى 5/ 163، وفي الكبرى (3740)، والبيهقي 5/ 38 من طرق عن ابن جريج به.

(3)

إسناده صحيح.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (4320)، وأحمد (15040)، والبخاري (1546)، وأبو داود (1773) من طرق عن ابن جريج به.

ص: 441

3315 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن ابن جريج قال: ثنا ابن شهاب، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

قالوا: وينبغي أن يكون ذلك بعد ما تنبعث به ناقته. وذكروا في ذلك ما

3316 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج، عن ابن عمر قال: لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلُّ حتى تنبعث به راحلته

(2)

.

3317 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا علي بن مسهر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الغرز

(3)

، وانبعثت به راحلته قائمة أهلَّ من ذي الحليفة

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 448، مطولا، ومن طريقه رواه أحمد (5338)، والبخاري (166)، ومسلم (1187)(25)، وأبو داود (1772)، والنسائي 5/ 163، وابن حبان (3763).

(3)

أي الركاب، قال ابن الأثير: الغرز ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب وقيل: هو الكور مطلقا مثل الركاب للسرج.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 28، ومن طريقه مسلم (1187)(27)، عن علي بن مسهر به.

وأخرجه أحمد (4843)، والدارمي 2/ 71، وابن ماجة (2916)، والبيهقي 5/ 38، والبغوي (1868) من طرق عن عبيد الله به.

ص: 442

فلما اختلفوا في ذلك أردنا أن ننظر من أين جاء اختلافهم؟.

3318 -

فإذا إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي حدثنا إملاء، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، قال: قيل لابن عباس: كيف اختلف الناس في إهلال النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالت طائفة: أهلّ في مصلاه. وقالت طائفة: حين استوت به راحلته. وقالت طائفة: حين علا على البيداء. فقال: سأخبركم عن ذلك، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلّ في مصلّاه، فشهده قوم، فأخبروا بذلك، فلما استوت به راحلته أهل، فشهده قوم لم يشهدوه في المرة الأولى، فقالوا: أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فأخبروا بذلك، فلما علا على البيداء أهل، فشهده قوم لم يشهدوه في المرتين الأوليين، فقالوا أهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة، فأخبروا بذلك، وإنما كان إهلال النبي صلى الله عليه وسلم في مصلّاه

(1)

.

فبين عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الوجه الذي منه جاء اختلافهم، وأن إهلال النبي صلى الله عليه وسلم الذي ابتدأ الحج ودخل به فيه كان في مصلاه. فبهذا نأخذ.

ينبغي للرجل إذا أراد الإحرام أن يصلي ركعتين ثم يحرم في دبرهما كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل خصيف بن عبد الرحمن.

وأخرجه أحمد (2358)، وأبو داود (1770)، وأبو يعلى (2513)، والحاكم 1/ 451، والبيهقي 5/ 37 من طريق محمد بن إسحاق، عن خصيف به.

ص: 443

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. وقد روي عن الحسن بن محمد في ذلك شيء مما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما.

3319 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عثمان بن الهيثم، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني حبيب بن أبي ثابت، أنه سمع الحسن بن محمد بن علي يقول: كل ذلك قد فعل النبي صلى الله عليه وسلم قد أهلّ حين استوت به راحلته، وقد أهل حين جاء البيداء

(1)

.

(1)

مرسل ورجاله ثقات.

ص: 444

‌4 - باب: التلبية كيف هي؟

3320 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله قال: كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك"

(1)

.

3321 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا أبو الأحوص، عن الأعمش عن عمارة، عن أبي عطية قال: قالت عائشة: إني لأحفظ كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي، فذكر ذلك أيضا

(2)

.

3322 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن نافع، عن ابن عمر: أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت كذلك وزاد: "والملك لا شريك لك"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف، أبان بن تغلب متأخر السماع من أبي إسحاق السبيعي.

وأخرجه أبو يعلى (5027) من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 201، وأحمد (3897)، والنسائي في المجتبى 5/ 161، وفي الكبرى (3732)، والشاشي (482) من طرق عن حماد بن زيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 201، وأحمد (24040)، والبخاري (1550)، وأبو يعلى (4671) من طرق عن الأعمش به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 446، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 303، وأحمد (4896)، والبخاري (1549)، ومسلم (1184)(19)، وأبو داود (1812)، والنسائي 5/ 160، وأبو يعلى (5804، 5815)، وابن حبان (3799)، والبيهقي 5/ 44، والبغوي (1865).

ص: 445

3323 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن منهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: أنا أيوب وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر

مثله

(1)

.

3324 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل المدني، قال: ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبّى في حجته كذلك أيضا

(2)

.

3325 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا محمد بن زياد بن زبّار، قال: ثنا شرقي بن قطامي، قال: أنا أبو طلق العائذي، قال: سمعت شرحبيل بن القعقاع، يقول: سمعت عمرو بن معدي كرب، يقول: لقد رأيتنا منذ قريب ونحن إذا حججنا نقول:

[البحر الرجز]

لبيك تعظيمًا إليك عذرًا

هذه زبيدُ قد أتتك قسرًا

تغدوا مضمراتٌ بنا شزرًا

يقطعن خبتًا وجبالًا وعرًا

قد خلفوا الأنداد خلوًا صِفرًا

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (660)، وأحمد (4896)، وابن خزيمة (2621) من طرق عن أيوب به.

وأخرجه أحمد (4997)، وابن ماجة (2918)، والدارقطني 2/ 225 من طرق عن عبيد الله به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1218)(147)، وأبو داود (1905)، وابن ماجة (3074)، وابن حبان (3944) من طريق حاتم بن إسماعيل به.

وأخرجه أحمد (14440)، ومسلم (1218) من طريق جعفر به.

ص: 446

ونحن اليوم نقول كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قلت: وكيف علمكم؟ فذكر التلبية على مثل ما في الحديث الذي قبل هذا

(1)

.

فأجمع المسلمون جميعا على أنه هكذا يلبى بالحج غير أن قوما

(2)

قالوا: ولا بأس للرجل أن يزيد فيها من الذكر الله ما أحب، وهو قول محمد والثوري والأوزاعي رحمهم الله.

واحتجوا في ذلك بما

3326 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب (ح)

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قالا: ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، قال ابن وهب، إن عبد الله بن الفضل حدثه. وقال أبو عامر: عن عبد الله ابن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، أنه كان يقول: كان من تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم "لبيك إله الحق لبيك"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي طلق العائذي ولضعف شرقي بن قطامي ومحمد بن زياد الكلبي.

وأخرجه الطبراني في الكبير 17/ (46 - 47 - 100) من طريق عمرو بن شمر، عن شراحيل به.

(2)

قلت أراد بهم: مالكا في رواية، وأحمد بن حنبل، وأبا ثور وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 12/ 116.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في الكبرى (2624) عن يونس بن عبد الأعلى به.

وأخرجه الطيالسي (2377)، وأحمد (8497)، وابن خزيمة (2624)، والدارقطني 2/ 225، والحاكم 1/ 449 - 450، وأبو نعيم في الحلية 9/ 42، والبيهقي 5/ 45، والخطيب في التاريخ 10/ 436 من طرق عن عبد العزيز بن عبد الله به.

ص: 447

وذكروا في ذلك أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما ما

3327 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكا أخبره (ح)

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا أيوب وعبيد الله، قالوا جميعا عن نافع، قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما يزيد في التلبية على التلبية التي قد ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، "لبيك، لبيك، لبيك، ف وسعديك، والخير بيديك لبيك، والرغباء إليك، والعمل"

(1)

.

قالوا: فلا بأس أن يزاد في التلبية مثل هذا وشبهه.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: لا ينبغي أن يزاد في التلبية على ما قد علّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، على ما ذكرنا في حديث عمرو بن معد يكرب.

ثم فعله هو في الأحاديث الآخر، ولم يعلم ذلك علمه، وهو ناقص عن التلبية، ولا قال له لبّ بما شئت ممّا هو من جنس هذا، بل علّمه كما علم التكبير في الصلاة، وما ينبغي أن يفعل فيها ممّا سوى التكبير، فكما لا ينبغي أن يتعدى في ذلك شيئا مما علّمه فكذلك لا ينبغي أن يتعدى في التلبية شيئا ممّا قد علمه وقد روي نحو من هذا عن سعد رضي الله عنه.

3328 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أصبغ بن الفرج، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن محمد بن عجلان، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عامر بن سعد، عن

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (3321، 3322).

(2)

قلت أراد بهم: مالكا، والشافعي، وأبا يوسف رحمهم الله، كما في النخب 12/ 122.

ص: 448

أبيه، أنه سمع رجلا يلبي يقول: لبيك ذا المعارج لبيك، قال سعد رضي الله عنه: ما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

فهذا سعد رضي الله عنه قد كره الزيادة على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم علمهم من التلبية فبهذا نأخذ.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان.

وأخرجه أحمد (1475)، والبزار (1094 كشف الأستار)، وأبو يعلى (724) من طريق يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن سعد به.

وهو منقطع عبد الله بن أبي سلمة لم يدرك سعدا.

ص: 449