المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌5 - باب: التطيّب عند الإحرام 3329 - حدثنا أبو بكرة - شرح معاني الآثار - ت البهرائجى - جـ ٥

[الطحاوي]

فهرس الكتاب

‌5 - باب: التطيّب عند الإحرام

3329 -

حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت قيس بن سعد يحدث، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة، وعليه جبة، وهو مصفر لحيته ورأسه، فقال: يا رسول الله! إني قد أحرمت، وأنا كما ترى، فقال:"انزع عنك الجبة، واغسل عنك الصفرة، وما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك"

(1)

.

فذهب قوم

(2)

إلى هذا الحديث فكرهوا به التطيّب عند الإحرام، وقالوا: قد شد هذا ما قد روي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما.

3330 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا وهيب بن خالد،

عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وجد ريح طيب

وهو بذي الحليفة، فقال: ممن هذه الريح الطيبة؟ فقال معاوية: مني، فقال عمر: منك

لعمري منك لعمري. فقال معاوية: لا تعجل عليّ يا أمير المؤمنين! إن أم حبيبة طيّبتني

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1180)(9)، والنسائي في المجتبى 5/ 142، وفي الكبرى (3676) من طريق وهب بن جرير به.

وأخرجه الشافعي 1/ 312، والحميدي (790)، وأحمد (17965)، ومسلم (1180)(7)، والترمذي (836)، والنسائي في المجتبى 5/ 142، وفي الكبرى (7981)، وابن الجارود (449)، وابن خزيمة (2671)، والطبراني في الكبير 22/ 656 من طريق سفيان، عن عمرو عن عطاء به.

(2)

قلت أراد بهم: عطاء، والزهري، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، ومالكا، ومحمد بن الحسن رحمهم الله، كما في النخب 12/ 129.

ص: 1

وأقسمتْ علي. فقال له عمر رضي الله عنه: وأنا أقسم عليك لترجعن إليها فتغسله عندها، فرجع إليها، فغسله، فلحق الناس بالطريق

(1)

.

3331 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3332 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن نافع، عن أسلم، عن عمر رضي الله عنه

مثله

(3)

.

3333 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن نافع، عن أسلم، عن عمر رضي الله عنه

مثله

(4)

.

3334 -

حدثنا ابن مرزوق، قال ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، قال: كنت مع عثمان رضي الله عنه بذي الحليفة، فرأى رجلا يريد أن يُحرم وقد ادّهن رأسه فأمر به فغسل رأسه بالطين

(5)

.

(1)

إسناده قوي من أجل الخصيب بن ناصح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 142 (12865)، عن ابن علية، عن أيوب، عن نافع به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البزار (182) من طريق محمد بن عباد بن جعفر، عن ابن عمر به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 443، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 5/ 35، وفي المعرفة (9488).

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 5/ 35 من طريق شعيب به.

(5)

إسناده صحيح.

ص: 2

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فلم يروا بالتطيب عند الإحرام بأسا. فقالوا: أما حديث يعلى رضي الله عنه، فلا حجة فيه لمن خالفنا، وذلك أن الطيب الذي كان على ذلك الرجل إنما كان صفرة وهو خَلوق، فذلك مكروه للرجل، لا للإحرام، ولكنه لأنه مكروه في نفسه في حال الإحلال وفي حال الإحرام، وإنما أبيح من الطيب عند الإحرام ما هو حلال في حال الإحلال.

وقد روي عن يعلى ما بين أن ذلك الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل بغسله كان خَلوقًا.

3335 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن مطر الوراق، عن عطاء، عن يعلى بن منية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا لبّى بعمرة وعليه جبة وشيء من خَلوق، فأمره أن ينزع الجبة ويمسح خلوقه، ويصنع في عمرته ما يصنع في حجته

(2)

.

(1)

قلت أراد بهم: محمد بن الحنفية، وعمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، والأسود بن يزيد، وخارجة بن زيد، والقاسم بن محمد، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، وزفر بن الهذيل، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا سليمان، ومحمد بن الحسن في رواية رحمهم الله، كما في النخب 12/ 134.

(2)

إسناده مرسل: والصواب عن عطاء، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، كما قاله المزي في التهذيب 20/ 72.

وأخرجه الطيالسي (1323)، وأحمد (17964)، وأبو داود (1820)، والترمذي (835)، والنسائي في الكبرى (4224 - 4225)، وابن خزيمة (2672) من طرق عن عطاء، عن يعلى به.

ص: 3

3336 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني الليث، أن عطاء بن أبي رباح، عن حدثه عن ابن يعلى بن منية، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3337 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا حبان بن هلال، قال: ثنا همام، قال: ثنا عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

نحوه، غير أنه قال: "واغسل عنك أثر الخلوق

(2)

أو الصفرة"

(3)

.

3338 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا عبد الملك، ومنصور، وابن أبي ليلى، عن عطاء، عن يعلى بن أمية رضي الله عنه: أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أحرمت وعلي جبتي

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (1821)، وابن حبان (3778)، والبيهقي 5/ 57 من طريق يزيد بن موهب عن الليث به.

(2)

بفتح الخاء، طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5763) بإسناده ومتنه، إلا أنه سقط من المطبوع (عن أبيه).

وأخرجه البخاري (1789)(4985)، ومسلم (1180)، وأبو داود (1819)، وابن حبان (3779)، والطبراني في الكبير 22/ (653)، والبيهقي 5/ 56 من طرق عن همام به.

وأخرجه الشافعي 1/ 312 - 313، والحميدي (790 - 791)، وأحمد (17965)، والبخاري (4329)، ومسلم (1180)، وأبو داود (1820)، والترمذي (836)، والنسائي 5/ 130، 132، وابن الجارود (447، 449)، وابن خزيمة (2671)، والطبراني في الكبير 22/ (654 - 655، 657 - 658)، والدارقطني 2/ 231، والبيهقي 5/ 56، والبغوي (1979) من طرق عن عطاء به.

ص: 4

هذه، وعلى جبته ردوع

(1)

من خلوق، والناس يسخرون مني، فأطرق عنه ساعة، ثم قال:"اخلع عنك هذه الجبة، واغسل عنك هذا الزعفران، واصنع في عمرتك ما كنت صانعا في حجتك"

(2)

.

فبينت لنا هذه الآثار أن ذلك الطيب الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسله كان خَلوقًا، وذلك منهيّ عنه في حال الإحلال وحال الإحرام، فيجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد بأمره إياه بغسله لما كان من نهيه أن يتزعفر الرجل، لا لأنه طيب تطيب به قبل الإحرام، ثم حرمه عليه الإحرام.

فأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه الرجال عن التزعفر.

3339 -

فإن ابن أبي داود حدثنا، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل

(3)

.

3340 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا حماد بن زيد، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزعفر للرجال

(4)

.

(1)

جمع ردع بفتح الراء هو الشي اليسير من الخلوق.

(2)

إسناده مرسل: عطاء لم يسمع من يعلى بينهما صفوان.

وأخرجه أحمد (17964) من طريق هشيم عن منصور وعبد الملك، عن عطاء به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (5846)، وابن خزيمة (2674) من طريق عبد الوارث به.

(4)

إسناده صحيح. =

ص: 5

3341 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

3342 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، عن إسماعيل ابن علية، قال: أراه عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل أن يتزعفر

(2)

.

3343 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزعفر

(3)

.

3344 -

حدثنا ابن أبي عمران وابن أبي داود، قالا: ثنا علي بن الجعد، قال: أنا شعبة، قال حدثني إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزعفر

(4)

.

= وأخرجه أحمد (12942)، ومسلم (2101)، وأبو داود (4179)، والترمذي (2815)، والنسائي 5/ 142، وأبو يعلى 3934 (3889)، وابن خزيمة (2673)، وأبو عوانة 2/ 66 - 67، 5/ 512، والبيهقي في شعب الإيمان (3625)، وابن عبد البر في التمهيد 2/ 182 من طرق عن حماد بن زيد به.

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 1/ 314، وأحمد (11978)، ومسلم (2101)، وأبو داود (4179)، والترمذي (2815)، والنسائي 5/ 141 - 142، 8/ 189، وأبو يعلى (3888)، وابن خزيمة (2674)، وابن حبان (5464)، والبيهقي 5/ 36، والبغوي (3160) من طرق عن إسماعيل بن علية به.

(3)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(4)

إسناده صحيح. =

ص: 6

قال علي: فيما ذكر ابن أبي عمران خاصة: ثم لقيت إسماعيل فسألته عن ذلك، وأخبرته أن شعبة حدثنا به عنه، فقال لي: ليس هكذا حدثته إنما حدثته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل، قال ابن أبي عمران: أراد بذلك أن النهي الذي كان من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وقع على الرجال خاصة دون النساء.

3345 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا خالد بن الحارث، عن شعبة، عن عطاء بن السائب، قال: سمعت أبا حفص بن عمرو يحدث، عن يعلى بن مرة: أنه مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو متخلّق فقال: "ألك امرأة؟ " فقال: لا، فقال له:"اذهب فاغسله"

(1)

.

3346 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عامر (ح)

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4982) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الترمذي (2815)، والنسائي 5/ 141 - 142 من طريق شعبة به.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي حفص بن عمرو.

وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 152، وفي الكبرى (9356) من طريق خالد به.

وأخرجه أحمد (17552)، والترمذي (2816)، والنسائي 8/ 152، والطبراني في الكبير 22/ (683)، وابن عبد البر في التمهيد 2/ 184، والبغوي (3161) من طرق عن شعبة به.

وأخرجه عبد الرزاق (7937)، والحميدي (822)، وابن أبي شيبة 4/ 412، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1569)، والنسائي 8/ 152 - 153، وابن قانع في معجم الصحابة 3/ 216، والطبراني في الكبير 22/ 684، (686 - 687 - 688) من طرق عن عطاء بن السائب به.

ص: 7

وحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح قالا: ثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن رجل من ثقيف، عن يعلى عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله.

هكذا قال أبو بكرة في حديثه وقال علي في حديثه: عن عطاء بن السائب قال: سمعت أبا حفص بن عمرو أو أبا عمرو بن حفص الثقفي

(1)

.

3347 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عياش الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة أو مطر، عن الحسن، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا وطيب الرجال ريح لا لون، ألا وطيب النساء لون لا ريح"

(2)

.

3348 -

حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي، قال: ثنا صاعد بن عبيد قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا حميد، عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

(3)

.

3349 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد، عن سلم العلوي، عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه صفرة،

(1)

إسناده ضعيف: لجهالة أبي حفص أو رجل.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات 6/ 40، وأحمد (17572) من طريق روح بن عبادة به.

(2)

إسناده منقطع: الحسن البصري لم يسمع من عمران بن حصين، ورجاله ثقات.

وأخرجه البزار في مسنده (3549) من طريق عبد الأعلى به.

وأخرجه أحمد (19975)، وأبو داود (4048)، والطبراني في الكبير 18 / (312)، والحاكم 4/ 191، والبيهقي 3/ 246 من طريق روح بن عبادة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن الحسن به.

(3)

إسناده فيه مقال لجهالة حال صاعد بن عبيد.

ص: 8

فلما قام قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو أمرتم هذا يدع هذه الصفرة" قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يواجه الرجل بشيء في وجهه

(1)

.

3350 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن جديه، قالا: سمعنا أبا موسى يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقبل صلاة رجل وفي جسده شيء من خَلُوق"

(2)

.

3351 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا شعبة، عن إسحاق بن سويد، عن أم حبيبة، عن الرجل الذي كان أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة وأنا متخلّق فقال: "اذهب، فاغتسل"، فذهبت

(1)

إسناده ضعيف: لضعف سلم بن قيس العلوي.

وأخرجه النسائي (9994) من طريق سليمان بن حرب به.

وأخرجه الطيالسي (2126)، وأحمد (12367)، والبخاري في الأدب المفرد (437)، وأبو داود 4182 (4789)، والترمذي في الشمائل (341)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (235 - 236)، وأبو يعلى (4277)، وابن عدي 3/ 1176، والبيهقي في دلائل النبوة 1/ 317 من طرق عن حماد بن زيد به.

(2)

إسناده ضعيف: الجهالة جديه وهو زيد وزياد والربيع بن أنس، ذكره ابن حبان في الثقات وقال: الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه لأنه في حديثه عنه اضطرابا كثيرا.

وأخرجه أحمد (19613)، وأبو داود (4178)، وابن عبد البر في التمهيد 2/ 182 - 183 من طريق محمد بن عبد الله الزبيري به، وعند أحمد جده.

ص: 9

فاغتسلت ثم جئت، فقال:"اذهب فاغتسل"، فذهبت فأخذت شيئا فجعلت أتتبع به وَضَرَه

(1)

(2)

.

فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال في هذه الآثار كلها عن التزعفر، فإنما أمر الرجل الذي أمره بغسل طيبه الذي كان عليه في حديث يعلى لأنه لم يكن من طيب الرجال، وليس في ذلك دليل على حكم من أراد الإحرام، هل له أن يتطيّب بطيب يبقى عليه بعد الإحرام أم لا؟ وأما ما رووه عن عمر وعثمان رضي الله عنهما في ذلك فإنه قد خالفهما في ذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

3352 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه: أنه قال: انطلقت حاجا فرافقني عثمان بن أبي العاص، فلما كان عند الإحرام قال: اغسلوا رؤوسكم بهذا الخطمي الأبيض، ولا يمسَّ أحد منكم غيره، فوقع في نفسي من ذلك شيء. فقدمت مكة فسألت ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، فأما ابن عمر فقال: ما أحبه. وأما ابن عباس فقال: أما أنا فأضمّخ به رأسي ثم أحب بقاءه

(3)

.

(1)

بفتح الواو، قال ابن الأثير: الوضر من الصفرة، هو اللطخ من الخلوق أو الطيب له لون، وذلك من فعل العروس إذا دخل على زوجته.

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه أحمد (7013) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن إسحاق بن سويد، عن أبي حبيبة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 206، والبيهقي 5/ 35 من طريقين عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن عباس به.

ص: 10

فهذا ابن عباس رضي الله عنهما فقد خالف عمر وعثمان وابن عمر وعثمان بن أبي العاص في ذلك. وقد روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على إباحته.

3353 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم

(1)

.

3354 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا شعبة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3355 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود

(3)

، وأبو عامر العقدي قالا: ثنا هشام بن أبي عبد الله، عن حماد، عن إبراهيم

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

3356 -

حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن حماد، وعطاء بن السائب، عن إبراهيم

فذكر بإسناده مثله

(5)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1385)، وابن راهويه (1535)، وأحمد (24527)، والبخاري (5918،271)، والنسائي في المجتبى 5/ 139 - 140، وفي الكبرى (3677)، والبغوي في الجعديات (184)، والبيهقي 5/ 34 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

في ج "ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم

فذكر بإسناده مثله. حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال ثنا هشام".

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (24966)، وأبو نعيم في الحلية 6/ 284 من طرق عن هشام الدستوائي به.

(5)

إسناده صحيح من الوجه الأول وضعيف من الوجه الثاني لأن حماد بن سلمة روى عنه بعد الإختلاط. =

ص: 11

3357 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا مالك بن مغول، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3358 -

حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة: أنها كانت تُطيّب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب ما تجد من الطيب، قالت: حتى أني لأرى وبيص

(2)

الطيب في رأسه ولحيته

(3)

.

3359 -

حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر، قال: أنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن عائشة قالت: كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغالية

(4)

الجيدة عند إحرامه

(5)

.

= وأخرجه أحمد (24934) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم به.

وأخرجه أحمد (24134) من طريق سفيان، عن عطاء، عن إبراهيم به.

وأخرجه الشافعي 1/ 296، والحميدي (215)، والنسائي 5/ 140، والبيهقي 5/ 35، والبغوي (1864) من طريق سفيان بن عيينة، عن عطاء به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26129)، ومسلم (1190)(43)، والخطيب في التاريخ 5/ 141 من طرق عن مالك بن مغول به.

(2)

قال الجوهري: ويص البرق أي: برق ولمع.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1534، 1788)، وأحمد (25752)، والبخاري (5923)، والنسائي في المجتبى 5/ 140، وفي الكبرى (3681)، وابن عدي في الكامل 1/ 413 من طرق عن إسرائيل به.

(4)

بالغين المعجمة وهو نوع من الطيب يركب من مسك وعنبر وعود ودهن قاله ابن الأثير.

(5)

رجاله ثقات. =

ص: 12

3360 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا وهيب، عن هشام بن عروة، عن أخيه عثمان بن عروة، عن أبيه عروة، عن عائشة قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه بأطيب ما أجد

(1)

.

3361 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شجاع بن الوليد، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، قال: حدثني القاسم، عن عائشة قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي لإحرامه قبل أن يُحِرم

(2)

.

3362 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني أسامة بن زيد، أن القاسم حدثه، عن عائشة قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم

(3)

.

= وأخرجه البيهقي 5/ 35 من طريق عبد الرحمن بن أبي الغمر به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (24988)، والبخاري (5928) من طريق وهيب به.

وأخرجه الدارمي (1802)، ومسلم (1189)(37)، والنسائي في المجتبى 5/ 138، وفي الكبرى (3656)، وابن عبد البر في التمهيد 19/ 300 من طرق عن هشام به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البغوي في الجعديات (2600) من طريق شجاع بن الوليد به.

وأخرجه أحمد (24672)، ومسلم (1189)(34)، والنسائي في الكبرى (4150)، وابن ماجة (3042) من طرق عن عبيد الله بن عمر به.

(3)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي.

وأخرجه مسلم (1189)، وأبو عوانة (3681)، والبيهقي 5/ 136 من طريق أبي الرجال، عن أمه (عمرة) به.

ص: 13

قال أسامة بن زيد: وحدثني أبو بكر بن حزم، عن عمرة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.

3363 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3364 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3365 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا أفلح -هو ابن حميد- عن القاسم، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

3366 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 441، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 297، وأحمد (25525)، والبخاري (1539)، ومسلم (1189)(33)، وأبو داود (1745)، والنسائي في المجتبى 5/ 137، وفي الكبرى (3665)، وابن حبان (3766)، والبيهقي 5/ 33 - 34، والبغوي (1863).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن راهويه (930)، وأحمد (25524)، وابن حبان (3771) من طرق عن شعبة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن راهويه (962، 932)، وأحمد (25724)، ومسلم (1189)(32)، والدولابي في الكنى والأسماء 2/ 148، والبيهقي 5/ 136، وابن عبد البر في التمهيد 19/ 298 من طرق عن أفلح به.

(4)

إسناده صحيح. =

ص: 14

3367 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن القاسم، عن عائشة قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه ولحلّه

(1)

.

3368 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عثمان بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة رضي الله عنها بأي شيء طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: بأطيب الطيب عند إحلاله وقبل أن يحرم

(2)

.

3369 -

حدثنا نصر، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا وُهَيب، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عائشة قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه ولحلّه

(3)

.

= وأخرجه الشافعي 1/ 297، والحميدي (210)، وأحمد (24111)، والبخاري (1754)، وابن ماجة (2926)، وابن الجارود (414)، وأبو يعلى (4712)، وابن خزيمة (2581 - 2582، 2933)، والبيهقي 5/ 34، وابن عبد البر في التمهيد 19/ 298 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه الطيالسي (1431) من طريق حماد بن زيد به.

وأخرجه أحمد (25817)، والنسائي في الكبرى (4147)، وابن عدي في الكامل 5/ 1686 - 1687، والخطيب في تاريخ بغداد 13/ 124 من طرق عن أيوب به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 1/ 297، وابن أبي شيبة 4/ 204، والحميدي (213)، وأحمد (24105)، ومسلم (1189)(36)، والنسائي في المجتبى 5/ 137 - 138، وفي الكبرى (3669)، والبيهقي 5/ 34، وابن عبد البر في التمهيد 19/ 299 من طريق سفيان بن عيينة به.

(3)

إسناده قوي من أجل الخصيب.

وأخرجه العدني في مسنده كما في النخب 12/ 168 من طريق طلحة، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين 1/ 442 من طريق حجاج كلاهما عن عطاء به.

ص: 15

3370 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عطاء قال: قالت عائشة رضي الله عنها: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم للحل والإحرام

(1)

.

قال أبو جعفر: فقد تواترت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة الطيب عند الإحرام، وأنه قد كان يبقى في مفارقه بعد الإحرام.

وقد روي ذلك أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما تقدم مما روينا في هذا الباب وقد روي في ذلك أيضا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3371 -

حدثنا محمد بن عمرو بن تمام أبو الكروس قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثني ميمون بن يحيى بن مسلم بن الأشج، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت أسامة بن زيد يقول: سمعت عائشة بنت سعد تقول: كنت أشبع رأس سعد بن أبي وقاص لحرمه بالطيب

(2)

.

3372 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا حبان بن هلال، قال: ثنا حماد بن زيد، قال: ثنا زيد بن أسلم، قال: حدثتني ذرّة، قالت: كنت أغلف

(3)

رأس عائشة رضي الله عنها بالمسك والعنبر عند إحرامها

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده حسن من أجل ميمون بن يحيى بن مسلم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 206 (13482) من طريق هشام بن هاشم، وابن حزم في المحلى 3/ 69 من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن عائشة بنت سعد به.

(3)

أي: الطخ رأسها بالمسك.

(4)

رجاله ثقات. =

ص: 16

3373 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا حجاج بن محمد، (ح)

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرتني حكيمة -قال أبو عاصم: ابنة أبي حكيم- عن أمها ابنة أبي النجار، أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كُنّ يجعلن عصائب فيهن الورس والزعفران، فيعصّبن بها أسافل شعورهن على جباههن قبل أن يحرمن، ثم يحرمن، كذلك يزيد أحدهما على صاحبه في قصة الحديث

(1)

.

3374 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا وُهيب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير: أنه كان يتطيب بالغالية الجيدة عند الإحرام

(2)

.

فهذا قد جاء في ذلك عمن ذكرنا في هذه الآثار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما قد روته عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم من تطييبه عند الإحرام.

= وأخرجه ابن حزم في المحلى 3/ 69 من طريق حماد بن سلمة، عن زيد بن أسلم به.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حكيمة بنت أبي حكيم.

وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3343)، والطبراني في الكبير 24/ 189 (478) من طريق حجاج بن محمد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13497) عن أبي أسامة ووكيع، عن هشام به.

ص: 17

وبهذا كان يقول أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله. وأما محمد بن الحسن رحمه الله فإنه كان يذهب في ذلك إلى ما روي عن عمر وعثمان بن عفان وعثمان بن أبي العاص وابن عمر من كراهته.

وكان من الحجة له في ذلك أن ما ذكر في حديث عائشة رضي الله عنها من تطييب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الإحرام إنما فيه: أنها كانت تطيبه إذا أراد أن يحرم. فقد يجوز أن تكون كانت تفعل به هذا، ثم يغتسل إذا أراد أن يحرم، فيذهب بغسله عنه ما كان على بدنه من طيب، ويبقى فيه ريحه.

فإن قال قائل: فقد قالت عائشة رضي الله عنها في حديثها: كنت أرى وبيص الطيب في مفارقه بعدما أحرم.

قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك وقد غسله كما ذكرنا، وهكذا الطيب ربما غسله الرجل عن وجهه أو عن بدنه فيذهب ويبقى وبيصه. فلما احتمل ما روي عن عائشة رضي الله عنها من ذلك ما ذكرنا، نظرنا هل فيما روي عنها شيء يدل على ذلك؟.

3375 -

فإذا فهد قد حدثنا، قال: ثنا أبو غسان، قال ثنا أبو عوانة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن الطيب عند الإحرام فقال: ما أحب أن أصبح محرما ينضح

(1)

مني ريح الطيب، فأرسل ابن عمر بعض بنيه إلى عائشة

(1)

أي: يفور.

ص: 18

ليُسمع أباه ما قالت قال: فقالت عائشة: أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طاف في نسائه فأصبح محرما، فسكت ابن عمر رضي الله عنهما

(1)

.

قال أبو جعفر: فدل هذا الحديث على أنه قد كان بين إحرامه وبين تطييبها إياه غسل، لأنه لا يطوف عليهن إلا اغتسل. فكأنها إنما أرادت بهذه الأحاديث الاحتجاج على من كره أن يوجد من المحرم بعد إحرامه ريح الطيب، كما كره ذلك ابن عمر رضي الله عنهما فأما بقاء نفس الطّيب على بدن المحرم بعدما أحرم، وإن كان إنما تطيّب به قبل الإحرام فلا، فتفهم هذا الحديث فإن معناه معنى لطيف.

فقد بينا وجوه هذه الآثار، فاحتجنا بعد ذلك أن نعلم كيف وجه ما نحن فيه من الاختلاف من طريق النظر. فاعتبرنا ذلك فرأينا الإحرام يمنع من لبس القميص والسراويلات والخفاف والعمائم ويمنع من الطيب وقتل الصيد وإمساكه.

ثم رأينا الرجل إذا لبس قميصا أو سراويلا قبل أن يحرم، ثم أحرم وهو عليه أنه يؤمر بنزعه وإن لم ينزعه، وتركه عليه كان كمن لبسه بعد الإحرام لبسا مستقبلا، فيجب عليه في ذلك ما يجب عليه فيه لو استأنف لبسه بعد إحرامه.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (216)، وابن راهويه (1627 - 1628)، وأحمد (25421)، والبخاري (270)، ومسلم (1192)(47، 49)، والنسائي في المجتبى 1/ 203، 5/ 141، والكبرى (3685)، والطبراني في الأوسط (239)، والبيهقي 5/ 35 من طرق عن إبراهيم به.

ص: 19

وكذلك لو صاد صيدا في الحل وهو حلال، فأمسكه في يده، ثم أحرم وهو في يده أمر بتخليته وإن لم يخله كان إمساكه له بعد ما أحرم بصيده إياه كان منه بعد إحرامه المتقدم كإمساكه إياه بعد إحرامه بصيد كان منه بعد إحرامه.

فلما كان ما ذكرنا كذلك، وكان الطيب محرما على المحرم بعد إحرامه كحرمة هذه الأشياء، كان ثبوت الطيب عليه بعد إحرامه، وإن كان قد تطيب به قبل إحرامه كتطييبه بعد إحرامه قياسا ونظرا على ما بينا.

فهذا هو النظر في هذا الباب وبه نأخذ وهو قول محمد بن الحسن رحمه الله.

ص: 20

‌6 - باب: ما يلبس المحرم من الثياب

3376 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد وسليمان بن حرب (ح)

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قالوا: ثنا شعبة، عن عمرو بن دينار، قال: سمعت جابر بن زيد، يقول: سمعت ابن عباس يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة يقول: "من لم يجد إزارًا لبس سراويلا، ومن لم يجد نعلين لبس خفين"

(1)

.

3377 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله ولم يذكر عرفة

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5432، 5433) بإسناده ومتنه.

ورواه البخاري (1840) من طريقي أبي الوليد به.

وأخرجه الطيالسي (2610)، وأحمد (2526)، والبخاري (1841، 1843)، وابن حبان (3786)، والطبراني (12814)، والدارقطني 2/ 228، والبيهقي 5/ 50 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5434) بإسناده ومتنه.

ورواه البخاري (5804)، والنسائي في الكبرى (9597) من طريق أبي نعيم به.

وأخرجه الشافعي 1/ 302، والحميدي (469)، وابن أبي شيبة 4/ 100، ومسلم (1178)(4)، وأبو يعلى (2395)، والدارقطني 2/ 230، والبيهقي 5/ 50 من طريق سفيان بن عيينة به.

ص: 21

3378 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: أنا هشيم، قال: أنا عمرو بن دينار

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

3379 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب

فذكر مثله

(2)

.

3380 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس

فذكر مثله. غير أنه لم يقل: وهو يخطب

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5435) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 100، وأحمد (1848)، ومسلم (1178)(4) من طريق هشيم به.

وأخرجه الطيالسي (2610)، وابن أبي شيبة 4/ 100، ومسلم (1178)، والترمذي (834)، والنسائي 5/ 132 - 133، 135، وابن خزيمة (2681)، وابن حبان (3785)، والدارقطني 228/ 2 من طرق عن عمرو بن دينار به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5436) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (1178)، وأبو داود (1829)، والنسائي 5/ 132 - 133، وأبو يعلى (2395)، وابن حبان (3780 - 3781)، والطبراني (12810)، والبيهقي 5/ 50 من طرق عن حماد بن زيد وحده به.

وأخرجه الشافعي 1/ 301، وابن ماجة (2931)، والبيهقي 5/ 50 من طرق عن سفيان وحده به.

(3)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5437) بإسناده ومتنه.

ص: 22

3381 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، قال: أنا ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب

فذكر نحوه. قلت: ولم يقل: يقطعهما؟ قال لا

(1)

.

3382 -

حدثنا الحسين بن الحكم الحبري الكوفي، قال: ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يجد النعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويلًا"

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب إلى هذه الآثار قوم

(3)

فقالوا: من لم يجد إزارًا وهو محرم لبس سراويلًا، ولا شيء عليه، ومن لم يجد نعلين لبس خفين ولا شيء عليه.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

فقالوا: أما ما ذكرتموه من لبس المحرم الخفَّ والسراويل على حال الضرورة، فنحن نقول بذلك، ونبيح له لبسه للضرورة التي هي به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5431) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارمي 2/ 32 من طريق أبي عاصم به.

وأخرجه أحمد (2015)، ومسلم (1100)(78)، والطبراني في الكبير (12815) من طرق عن ابن جريج به.

(2)

حديث صحيح، رجاله ثقات إلا فيه عنعنة أبي الزبير المكي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5438) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1735)، وابن أبي شيبة 4/ 101، وأحمد (14465)، ومسلم (1179)، والدارقطني 2/ 228، والبيهقي 5/ 51 من طرق عن زهير بن معاوية به.

(3)

قلت أراد بهم: الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وداود رحمهم الله، كما في النخب 12/ 193.

(4)

قلت أراد بهم: الليث بن سعد، وأبا حنيفة، ومالكا، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 12/ 195.

ص: 23

ولكنا نوجب عليه مع ذلك الكفارة، وليس فيما رويتموه نفي لوجوب الكفارة ولا فيه ولا في قولنا خلاف لشيء من ذلك. لأنا لم نقل: لا يلبس الخفين إذا لم يجد نعلين ولا السراويل إذا لم يجد إزارا. ولو قلنا ذلك لكنا مخالفين لهذا الحديث، ولكنا قد أبحنا له اللباس كما أباح له النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أوجبنا عليه مع ذلك الكفارة بالدلائل القائمة الموجبة لذلك.

وقد يحتمل أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يجد نعلين فليلبس خفين" على أن يقطعهما من تحت الكعبين، فيلبسهما كما يلبس النعلين. وقوله:"من لم يجد إزارا فيلبس سراويل" على أن يشق السراويل فيلبسه كما يلبس الإزار. فإن كان هذا الحديث اريد به هذا المعنى فلسنا نخالف شيئا من ذلك، ونحن نقول بذلك ونثبته.

وإنما وقع الخلاف بيننا وبينكم في التأويل لا في نفس الحديث، لأنا قد صرفنا الحديث إلى وجه يحتمله، فاعرفوا موضع خلاف التأويل من موضع خلاف الحديث، فإنهما مختلفان ولا توجبوا على من خالف تأويلكم خلافا لذلك الحديث، وقد بين عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض ذلك.

3383 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال أنا يحيى بن سعيد، عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما نلبس من الثياب إذا أحرمنا؟ فقال:"لا تلبسوا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف إلا أن يكون أحد ليس له نعلان فليلبس خفين أسفل من الكعبين"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح. =

ص: 24

3384 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا أسباط بن محمد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3385 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3386 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5445) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (5472)، والدارمي 2/ 31 - 32، والنسائي في الكبرى (3655) من طرق عن يزيد بن هارون به.

(1)

حديث صحيح وإسناده ضعيف لضعف شيخ الطحاوي.

وأخرجه الحميدي (627)، وأحمد (4482)، والبخاري (5794)، والنسائي في المجتبى 5/ 134، وفي الكبرى (3656)، والبيهقي في السنن 5/ 49 من طرق عن أيوب به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5441) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري (5794)، وابن خزيمة (2682) من طريق حماد بن سلمة به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5440) بإسناده ومتنه.

ورواه البيهقي 5/ 49 من طريق ابن وهب به.

وهو في موطأ مالك 1/ 436، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 300، وأحمد (5308)، والبخاري (1542، 5803)، ومسلم (1177)، وأبو داود (1824)، والنسائي في المجتبى 5/ 131، وفي الكبرى (3649)، وابن ماجة (2929)، وأبو يعلى (5805)، وابن حبان (3784)، والبيهقي 5/ 49، والبغوي (1976).

ص: 25

3387 -

حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي، قال: ثنا سفيان هو ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3388 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3389 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم (ح)

(3)

3390 -

وحدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، قالا جميعا: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر

مثله

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5439) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي 1/ 301، والحميدي (626)، وأحمد (4538)، والبخاري (5806)، ومسلم (1177)(2)، والنسائي في المجتبى 5/ 129، وفي الكبرى (3647)، وأبو يعلى (5425، 5488، 5533)، والدارقطني 2/ 230، والبيهقي 5/ 49 من طرق عن سفيان به.

(2)

إسناده صحيح

وأخرجه أحمد (5243)، والبخاري (134)(366) من طرق عن ابن أبي ذئب به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5443) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (5427)، وابن حبان (3788) من طريق عبد العزيز بن مسلم به.

(4)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5442) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 437، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 301، وأحمد (5336)، والبخاري (5852)، ومسلم (1177)(3)، والنسائي في المجتبى 5/ 129، وفي الكبرى (3646)، وابن ماجة (2930، 2932)، وابن حبان =

ص: 26

3391 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني عبد الله بن دينار، أنه سمع عبد الله عبد الله بن عمر يقول: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليشقهما من عند الكعبين"

(1)

.

فهذا ابن عمر رضي الله عنهما يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بلبس الخفين الذي أباحه للمحرم كيف هو؟ وإنه بخلاف ما يلبس الحلال. ولم يبين ابن عباس رضي الله عنهما في حديثه من ذلك شيئا، فحديث ابن عمر رضي الله عنهما أولاهما.

وإذا كان ما أباح للمحرم من لبس الخفين هو بخلاف ما يلبس الحلال، فكذلك ما أباح له من لبس السراويل، هو بخلاف ما يلبس الحلال. فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما النظر في ذلك فإنا رأيناهم لم يختلفوا فيمن وجد إزارًا أن لبس السراويل له غير مباح، لأن الإحرام قد منعه من ذلك. وكذلك من وجد نعلين فحرام عليه لبس الخفين من غير ضرورة.

فأردنا أن ننظر في لبس ذلك من طريق الضرورة كيف هو؟ وهل يوجب كفارة أو لا يوجبها؟ فاعتبرنا ذلك، فرأينا الإحرام ينهي عن أشياء قد كانت مباحة قبله، منها:

= (3787)، والبيهقي 5/ 50.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5444) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (2610)، وأحمد (6244) من طريق شعبة به.

ص: 27

لبس القميص والعمائم والخفاف والسراويلات والبرانس، وكان من اضطر فوجد الحر فغطي رأسه أو وجد البرد فلبس ثيابه أنه قد فعل ما هو مباح له فعله، وعليه الكفارة مع ذلك وحرم عليه الإحرام أيضا حلق الرأس إلا من ضرورة، وكان من حلق رأسه من ضرورة، فقد فعل ما هو مباح له والكفارة عليه واجبة.

فكان حلق الرأس للمحرم في غير حال الضرورة إذا أبيح له في حال الضرورة لم تكن إباحته تسقط الكفارة بل الكفارة، في ذلك كله واجبة في حال الضرورة، كهي في غير حال الضرورة.

وكذلك لبس القميص الذي حرم عليه في غير حال الضرورة. فإذا كانت الضرورة، فأبيح ذلك له لم يسقط بذلك الضمان، فكانت الكفارة واجبة عليه في ذلك كله، فلم تكن الضرورة في شيء مما ذكرنا تسقط كفارةً كانت تجب في شيء في غير حال الضرورة، وإنما تسقط الآثام خاصة. فكذلك الضرورات في لبس الخفاف والسراويلات لا توجب سقوط الكفارات التي كانت تجب بذلك لو لم تكن تلك الضرورات ولكنها ترفع الآثام خاصة.

فهذا هو النظر في هذا الباب، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 28

‌7 - باب: لبس الثوب الذي قد مسّه ورس أو زعفران في الإحرام

3392 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو داود وأبو صالح كاتب الليث، قالا: ثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا ثوبًا مسّه ورس، أو زعفران" يعني في الإحرام

(1)

.

3393 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3394 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

نحوه

(3)

.

3395 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1842) من طريق إبراهيم بن سعد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5193)، والبخاري (5847) من طريقين عن سفيان به.

(3)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (3385).

(4)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (3384).

ص: 29

قال أبو جعفر: فذهب قوم إلى هذه الآثار

(1)

فقالوا: كل ثوب مسَّه ورس أو زعفران فلا يحلّ لبسه في الإحرام وإن غسل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين في هذه الآثار ما غسل من ذلك، مما لم يغسل، فنهيه على ذلك كله.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: ما غسل من ذلك حتى صار لا ينفض فلا بأس بلبسه في الإحرام، لأن الثوب الذي صبغ إنما نهي عن لبسه في الإحرام، لما كان قد دخله مما هو حرام على المحرم، فإذا غسل فخرج ذلك منه، ذهب المعنى الذي له كان النهي، وعاد الثوب إلى أصله الأول قبل أن يصيبه ذلك الذي غسل منه. وقالوا: هذا كالثوب الطاهر الذي تصيبه النجاسة فينجس بذلك، فلا تجوز الصلاة فيه، فإذا غسل حتى تخرج منه النجاسة طهر وحلّت الصلاة فيه.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أنه استثنى مما حرمه على المحرم من ذلك فقال: "إلا أن يكون غسيلا".

3396 -

حدثنا بذلك فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: ثنا أبو معاوية (ح).

(1)

قلت أراد بهم: مجاهدا، وهشام بن عروة، وعروة بن الزبير، ومالكا في رواية ابن القاسم عنه رحمهم الله، كما في النخب 12/ 216.

(2)

قلت أراد بهم: سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وطاووسا، وقتادة، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا يوسف، ومحمدا، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 12/ 217.

ص: 30

وحدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، قال: ثنا أبو معاوية، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل الحديث الذي ذكرناه في أول هذا الباب، وزاد "إلا أن يكون غسيلا". قال ابن أبي عمران: ورأيت يحيى بن معين وهو يتعجب من الحماني إذ يحدث بهذا الحديث فقال له عبد الرحمن هذا عندي. ثم وثب من فوره، فجاء بأصله فأخرج منه هذا الحديث عن أبي معاوية كما ذكره يحيى الحماني فكتبه عنه يحيى بن معين

(1)

.

فقد ثبت بما ذكرنا استثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم الغسيل مما قد مسه ورس أو زعفران، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، رحمهم الله تعالى، وقد روي ذلك أيضا عن نفر من المتقدمين.

3397 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن المسيب أنه أتاه رجل فقال له: إني أريد أن أحرم وليس لي إلا هذا الثوب ثوب مصبوغ بزعفران. قال: آلله ما تجد غيره؟ فحلف فقال: اغسله، وأحرم فيه

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5003) من طريق أبي معاوية به.

وأخرجه الحميدي (627)، والنسائي في المجتبى 5/ 135، وفي الكبرى (3658)، وابن خزيمة (2597 - 2598)، وابن حبان (3955)، والبيهقي 5/ 50 من طرق عن عبيد الله به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 168 (13119) من طريق هشيم، عن أبي بشر به.

ص: 31

3398 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، عن سفيان، عن ليث، عن طاوس، قال: إذا كان في الثوب زعفران، أو ورس فغسل فلا بأس أن يحرم فيه

(1)

.

3399 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، في الثوب يكون فيه ورس أو زعفران، فغسل إنه لم ير بأسا أن يحرم فيه

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، لضعف ليث بن أبي سليم.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 169 (13129) من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 168 (13124) من طريق وكيع عن عبدة بن سليمان، عن سعيد، عن أبي معشر به.

ص: 32

‌8 - باب: الرجل يحرم وعليه قميص، كيف ينبغي أن يخلعه؟

3400 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن ابن عطاء بن أبي لبيبة، عن عبد الملك بن جابر، عن جابر بن عبد الله قال: كنتُ عند النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد، فقدّ قميصه من جيبه، حتى أخرجه من رجليه، فنظر القوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر على مكان كذا وكذا، فلبست قميصي، ونسيت، فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي" وكان بعث ببدنه، وأقام بالمدينة

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا، فقالوا: لا ينبغي للمحرم أن يخلعه كما يخلع الحلال قميصه، لأنه إذا فعل الحلال ذلك غطى رأسه، وذلك عليه حرام، فأمر بشقه لذلك.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: بل ينزعه نزعا، واحتجوا في ذلك بحديث يعلى بن أمية في الذي أحرم وعليه جبّة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن ينزعها نزعا.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن عطاء.

وأخرجه أحمد (15298) من طريق حاتم بن إسماعيل به.

وأخرجه أحمد (14129)، والبزار (1107 كشف) من طريق داود بن قيس، عن عبد الرحمن بن عطاء به.

(2)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، ومغيرة بن مقسم، وحصين بن عبد الرحمن، وإبراهيم النخعي، وعامر الشعبي، ويونس بن عبيد، وأبا قلابة عبد الله بن زيد، ومسروق بن الأجدع رحمهم الله، كما في النخب 12/ 225.

(3)

قلت أراد بهم: طاووسا، وعطاء بن أبي رباح، وابن جريج، وسعيد بن المسيب، والثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، =

ص: 33

وقد ذكرنا ذلك في باب: التطيب عند الإحرام، فقد خالف ذلك حديث جابر الذي ذكرنا وإسناده أحسن من إسناده. فإن كانت هذه الأشياء تثبت بصحة الإسناد، فإن حديث يعلى معه من صحة الإسناد ما ليس مع حديث جابر.

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا رأينا الذين كرهوا نزع القميص، إنما كرهوا ذلك لأنه يغطي رأسه إذا نزع قميصه.

فأردنا أن ننظر هل يكون تغطية الرأس في الإحرام على كل الجهات منهيًّا عنها، أم لا؟ فرأينا المحرم نهي عن لبس القلانس والعمائم والبرانس، فنهى أن يلبس رأسه شيئا، كما نهي أن يلبس بدنه القميص.

ورأينا المحرم لو حمل على رأسه ثيابا، أو غيرها لم يكن بذلك بأس ولم يدخل ذلك فيما قد نهي عن تغطية الرأس بالقلانس، وما أشبهها لأنه غير لابس. فكان النهي إنما وقع من ذلك على تغطية ما يلبسه الرأس لا على غير ذلك مما يغطى به.

وكذلك الأبدان نهي عن إلباسها القميص، ولم ينه عن تحليها بالأزر. فلما كان ما وقع عليه النهي من هذا في الرأس إنما هو الإلباس لا التغطية التي ليست بإلباس، وكان إذا نزع قميصه فلاقى ذلك رأسه، فليس ذلك بإلباس منه لرأسه شيئا، إنما ذلك تغطية منه لرأسه.

وقد ثبت بما ذكرنا أن النهي عن لبس القلانس لم يقع على تغطية الرأس، وإنما وقع على إلباس الرأس في حال الإحرام ما يلبس في حال الإحلال.

= والشافعي، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 34

فلما خرج بذلك ما أصاب الرأس من القميص المنزوع من حال تغطية الرأس المنهى عنها ثبت أنه لا بأس بذلك قياسا ونظرا على ما ذكرنا.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقد اختلف المتقدمون في ذلك.

3401 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا يونس، عن الحسن، وأخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، والشعبي، أنهم قالوا: إذا أحرم الرجل وعليه قميص، فليخرقه عنه حتى يخرج منه

(1)

.

3402 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير

مثله

(2)

.

3403 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن المغيرة، وحماد، عن إبراهيم، قال: إذا أحرم الرجل وعليه قميص، قال أحدهما: يشقه وقال الآخر: يخلعه من قبل رجليه

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 395 (14355) عن هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم ويونس، عن الحسن ومغيرة وحصين، عن الشعبي به.

(2)

إسناده حسن في الشواهد من أجل شريك.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 395 (14356) من طريق شريك، عن سالم، عن سعيد، وعن سعيد بن مسروق، عن أبي صالح به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه علي بن الجعد في المسند (993) عن شعبة بهذا الإسناد.

ص: 35

3404 -

حدثنا سليمان، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن عطاء بن أبي رباح، أن رجلا يقال له يعلى بن أمية: أحرم وعليه جبة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزعها، قال قتادة: قلت لعطاء: إنما كنا نرى أن يشقّها، فقال عطاء: إن الله لا يحب الفساد

(1)

.

3405 -

حدثنا سليمان، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن أبي مسلمة الأزدي قال: سمعت عكرمة، وسئل عن رجل أحرم وعليه قباء قال:"يخلعه"

(2)

.

فهذا عطاء وعكرمة قد خالفا إبراهيم والشعبي وسعيد بن جبير وذهبا إلى ما ذهبنا إليه من حديث يعلى رضي الله عنه.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1420)، ومن طريقه البيهقي 5/ 57 عن شعبة، عن قتادة، عن عطاء، عن يعلى بن منية به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 449 (15874) من طريق غندر، عن شعبة به.

ص: 36

‌9 - باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم محرما في حجة الوداع

3406 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج

(1)

.

3407 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد هو ابن موسى، قال: ثنا أبو عوانة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: خرجنا ولا نرى إلا أنه الحج

(2)

.

3408 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا مالك، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهلّ بعمرة، ومنّا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج، وأهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، فأما من أهلَّ بالعمرة فحل، وأما من أهل بالحج أو جمع بين الحج والعمرة، فلم يحل حتى يوم النحر

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 451، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 376، والدارمي (1812)، وأحمد (24077)، ومسلم (1211)(122)، وأبو داود (1777)، والترمذي (820)، وابن ماجة (2964)، وأبو يعلى (4361، 4543)، والبيهقي 5/ 3 والبغوي (1873).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (24906)، والبخاري (1762) من طريق أبي عوانة به.

وأخرجه البخاري (1561)، ومسلم (1211)(128)، وأبو داود (1783)، والنسائي 5/ 177 - 178، والبيهقي 5/ 6 من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 37

3409 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرني ابن أبي الزناد، قال: حدثني علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس عام حجة الوداع، فقال:"من أحبّ أن يبدأ بالعمرة قبل الحج فليفعل، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج"

(1)

.

3410 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا وهيب، عن منصور بن عبد الرحمن، عن أمه، عن أسماء قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مهلِّين بالحج

(2)

.

3411 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، قال: ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله في حديثه الطويل قال: فأهل رسول الله صلى الله

= وهو في موطأ مالك 1/ 450، ومن طريقه أخرجه أحمد (24076)، والبخاري (1562، 4408)، ومسلم (1211)(118)، وأبو داود (1779، 1780)، والنسائي في المجتبى 5/ 145، وفي الكبرى (3696)، والبيهقي 5/ 2، والبغوي (1874).

(1)

إسناده حسن، من أجل ابن أبي الزناد وأم علقمة.

وأخرجه ابن خزيمة (3079) من طريق ابن وهب، عن ابن أبي الزناد به.

وأخرجه الحميدي (206)، وأحمد (24615) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن علقمة به.

(2)

إسناده قوي، من أجل الخصيب.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2439) بإسناده ومتنه.

إلا أنه زاد فيه وكان مع الزبير الهدي

وأخرجه مسلم (1236)(192)، والنسائي في المجتبى 5/ 246 من طريق وهيب به.

وأخرجه أحمد (26961)، والطبراني 24/ (355 - 356) من طرق عن منصور به.

ص: 38

عليه وسلم بالتوحيد، ولم يزد رسول الله صلى الله عليه وسلم! على الناس شيئا، ولسنا ننوي إلا الحج، ولا نعرف العمرة

(1)

.

3412 -

حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني الليث وابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلّين بالحج مفردا

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب إلى هذا قوم

(3)

، فقالوا: الإفراد أفضل من التمتع والقرآن، وقالوا: به كان أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

، فقالوا: التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل من الإفراد والقرآن، وقالوا: هو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله في حجة الوداع. وذكروا في ذلك ما

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2434) بإسناده وزيادة في لفظ الحديث.

وأخرجه أحمد (14440)، والدارمي (1850)، ومسلم (1218)، وأبو داود (1905)، وابن ماجة (3074)، وابن حبان (3944)، والبيهقي 5/ 9 من طرق عن حاتم بن إسماعيل به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وابن لهيعة متابع.

وأخرجه أحمد (15244)، ومسلم (1213)(136)، وأبو داود (1785)، والنسائي 5/ 164 - 165، والبغوي (1888) من طرق عن الليث به.

(3)

قلت أراد بهم: عبد العزيز بن أبي سلمة، وعبيد الله بن الحسن، ومجاهدا، وإبراهيم النخعي، والشعبي، والأوزاعي، ومالكا، والشافعي في رواية رحمهم الله، كما في النخب 12/ 250.

(4)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وجابر بن زيد، وسالما، والقاسم بن محمد، وعكرمة، وأحمد، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في النخب 12/ 251.

ص: 39

3413 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن المسيب قال: اجتمع علي وعثمان رضي الله عنهما بعسفان، وعثمان رضي عنه ينهى عن المتعة فقال له علي: ما تريد إلى أمر قد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم تنهى عنه؟ فقال: دعنا منك، فقال: إني لا أستطيع أن أدعك، ثم أهل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بهما جميعا

(1)

.

3414 -

حدثنا ربيع المؤذن قال: ثنا أسد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب قال: حج عثمان رضي الله عنه فقال له علي رضي الله عنه ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تمتع؟ فقال: بلى

(2)

.

3415 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن محمد ابن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب أنه حدثه، أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس، عام حج معاوية بن أبي سفيان، وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلا من جَهِل أمر الله تعالى، فقال سعد: بئس ما

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (100)، وأحمد (1146)، والبخاري (1569)، ومسلم (1223)(159)، والبزار (527)، وأبو يعلى (342) من طرق عن شعبة به.

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه أحمد (402)، والنسائي في المجتبى 5/ 152، وفي الكبرى (3699) من طريق يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن ابن حرملة به.

ص: 40

قلت يا ابن أخي! فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد نهى عن ذلك، فقال سعد: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصنعناها معه

(1)

.

3416 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا مالك

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3417 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال ثنا ابن المبارك، عن سليمان التيمي، عن غنيم بن قيس، قال: سألت سعد بن مالك عن متعة الحج، فقال: فعلناها وهو يومئذ مشرك بالعرش

(3)

، يعني معاوية، يعني عروش بيوت مكة

(4)

.

3418 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن مسلم وهو القُري، قال: سمعت ابن عباس يقول: أهلَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، وأهلَّ هو

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عبد الله بن الحارث.

وهو في موطأ مالك 1/ 462، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 373 - 374، وأحمد (1503)، والبخاري في التاريخ الكبير 1/ 125، والترمذي (823)، والنسائي 5/ 152، وأبو يعلى (805)، والشاشي (165، 166)، وابن حبان (3939)، والبيهقي 5/ 16 - 17.

(2)

إسناده حسن كسابقه، وهو مكرر سابقه.

(3)

بضم العين: جمع عريش، وأراد به بيوت مكة، والمعنى: أن معاوية بن أبي سفيان لم يسلم بعد.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13883)، وأحمد (1568)، وأبو عبيد في الناسخ والمنسوخ (327)، والدورقي (123)، ومسلم (1225)، والحاكم في معرفة علوم الحديث (ص 123)، والخطيب في الموضح 2/ 317، والبيهقي 5/ 17 من طرق عن سليمان التيمي به.

ص: 41

بالعمرة، فمن كان معه هدي فلم يحل، ومن لم يكن معه هدي حل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلحة ممن معهما الهدي، فلم يحلا

(1)

.

3419 -

حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: ثنا أبو حمزة، عن ليث هو ابن أبي سليم (ح)

وحدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، وأبو بكر رضي الله عنه حتى مات، وعمر رضي الله عنه حتى مات، وعثمان رضي الله عنه حتى مات، قال سليمان في حديثه: وأول من نهى عنها معاوية رضي الله عنه

(2)

.

3420 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني قال: ثنا شريك بن عبد الله، عن عبد الله بن شريك، قال: تمتعت فسألت ابن عمر وابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم، فقالوا: هديت لسنة نبيك، تقدم فتطوف ثم تحل

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2141)، ومسلم (1239)(196 - 197)، وأبو داود (1804)، والنسائي 5/ 181، والبيهقي 5/ 18 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.

وأخرجه أحمد (2863) من طريق سفيان به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 97، والترمذي (822)، والطبراني (10965) من طرق عن ليث بن أبي سليم به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف شريك فيما تفرد به.

ص: 42

3421 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا شريك

فذكر بإسناده نحوه، غير أنه قال: قال أبو غسان: أظنه قال لسنة نبيك افعل كذا، ثم أحرم يوم التروية وافعل كذا، وافعل كذا

(1)

.

3422 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن أبي جمرة، قال: تمتعت فنهاني ناس عنها، فسألت ابن عباس رضي الله عنهما فأمرني بها، فتمتعت فنمت، فأتاني آت في المنام، فقال: عمرة متقبلة، وحج مبرور، فأتيت ابن عباس فأخبرته، فقال: الله أكبر سنة أبي القاسم، أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

3423 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي هو أحمد بن خالد، قال: ثنا ابن إسحاق، عن الزهري، عن سالم قال: إني لجالس مع ابن عمر رضي الله عنهما في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام، فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال ابن عمر: حسن جميل، فقال: فإن أباك كان ينهى عن ذلك، فقال: ويلك، فإن كان أبي قد نهى عن ذلك، وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر به، فبقول أبي تأخذ أم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قم عني

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2749)، وأحمد (2158)، والبخاري (1567، 1688)، ومسلم (1242)، والطبري 2/ 217، والطبراني (12962)، والبيهقي 5/ 19، 24، 228 من طرق عن شعبة به.

(3)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.

وأخرجه البزار كما في النخب 12/ 266، وابن حزم في حجة الوداع (446) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن =

ص: 43

3424 -

حدثنا يزيد بن سنان وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: حدثني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى وساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج، وتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج

(1)

.

3425 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عُقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمتعه بالعمرة إلى الحج، وتمتع الناس معه بمثل الذي أخبرني به سالم، عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

= إسحاق به.

وأخرجه الصيداوي في معجم الشيوخ (ص 274) من طريق مالك، عن الزهري به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وهو عند المصنف في شرح شكل الآثار (3857) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (6247)، والبخاري (1691)، ومسلم (1227)، وأبو داود (1805)، والنسائي 5/ 151، والبيهقي 5/ 17 من طرق عن الليث بن سعد به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه أحمد (6248)، والبخاري (1692)، ومسلم (1227)(175)، والبيهقي 5/ 17 - 18 من طرق عن الليث به.

ص: 44

فإن قال قائل: فقد رويتم عن عائشة رضي الله عنها في أول هذا الباب خلاف هذا، فرويتم عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج، ورويتم عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنّا من أهلّ بعمرة، ومنّا من أهلّ بحجة وعمرة، ومنّا من أهلَّ بالحج، وأهل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالحج، ورويتم عن أم علقمة، عن عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، أفرد الحج ولم يعتمر".

قيل له: يجوز أن يكون هذا على معنى لا يخالف معنى ما روى الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، وذلك أنه قد يجوز أن يكون الإفراد الذي ذكره القاسم، عن عائشة، إنما أرادت به إفراد الحج في وقت ما أحرم به، وإن كان قد أحرم بعد خروجه منه بعمرة فأرادت أنّه لم يخلطه في وقت إحرامه به بإحرام بعمرة كما فعل غيره ممّن كان معه

وأما حديث محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها فإنها أخبرت أن منهم مَنْ أهلّ بعمرة لا حجة معها، ومنهم من أهلّ بحجة وعمرة، تعني مقرونتين، ومنهم من أهلّ بالحج ولم يذكر في ذلك التمتع، فقد يجوز أن يكون الذين قد كانوا أحرموا بالعمرة، أحرموا بعدها بحجة ليس حديثها هذا ينفي من ذلك شيئا، وإنها قالت: وأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردًا.

ص: 45

فقد يجوز أن يكون ذلك الحج المفرد بعد عمرة قد كانت تقدمت منه مفردة فيكون قد أحرم بعمرة مفردة على ما في حديث القاسم، ومحمد بن عبد الرحمن، عن عروة، ثم أحرم بعد ذلك بحجة على ما في حديث الزهري عن عروة، حتى تتفق هذه الآثار، ولا تتضاد.

فأما معنى ما روت أم علقمة، عن عائشة رضي الله عنها، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج ولم يعتمر، فقد يجوز أن يكون يريد بذلك أنه لم يعتمر في وقت إحرامه بالحج كما فعل من كان معه، ولكنه اعتمر بعد ذلك

3426 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، أن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر الصديق حدثه، أنه سمع أسماء لما مرت بالحجون تقول: صلى الله على رسول الله عليه السلام لقد نزلنا معه ها هنا ونحن خفاف الحقائب قليل ظهورنا قليلة أزوادنا، فاعتمرت أنا وأختي عائشة، والزبير، وفلان وفلان رضي الله عنهم، فلما مسحنا البيت أحللنا، ثم أهللنا من العشي بالحج

(1)

.

فهذه أسماء تخبر أن من كان حينئذ ابتدأ بعمرة فقد أحرم بعدها بحجة، فصار بها متمتعا.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة وقد توبع.

وأخرجه البخاري (1796)، ومسلم (1237)(193)، وأبو عوانة (3205) من طريق عمرو بن الحارث، عن أبي الأسود به.

ص: 46

3427 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن مطرف، عن عمران قال: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل فيها القرآن، فلم ينهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينسخها شيء، ثم قال رجل برأيه ما شاء

(1)

.

3428 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن حميد، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال: تمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم متعة الحج، فلم ينهنا عنها ولم ينزل الله فيها نهيا

(2)

.

3429 -

حدثنا سليمان، قال: ثنا الخصيب قال: ثنا همام، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله قال: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ولي عمر، خطب الناس فقال: إن القرآن هو القرآن، وإن الرسول هو الرسول، وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم متعة الحج، فافصلوا بين حجكم وعمرتكم، فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم، والأخرى متعة النساء، فأنهي عنها وأعاقب عليها

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (19850)، والبخاري (1571)، ومسلم (1226)(170)، والطبراني 18/ (233)، والبيهقي 5/ 20 من طرق عن همام بن يحيى به.

(2)

إسناده ضعيف لإنقطاعه، الحسن البصري لم يسمع من عمران بن حصين.

وأخرجه أحمد (19933)، والبزار (3536) والطبراني في الكبير 18/ (389) من طريق حماد بن سلمة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (369)، ومسلم (1217)، والبيهقي 7/ 206 من طريقين عن همام به.

وأخرجه الطيالسي (1792)، ومسلم (1217)، وابن حبان (3940)، والبيهقي 5/ 21 من طريق شعبة، عن قتادة به.

ص: 47

3430 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد، عن عاصم عن أبي نضرة، عن جابر قال: متعتان فعلناهما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عنهما عمر رضي الله عنه فلم نعد إليهما

(1)

.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: ما يدل على أنه كان كذلك أيضا.

3431 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن نافع عن ابن عمر، عن حفصة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شأن الناس حلوا بعمرة، ولم تحلل أنت من عمرتك؟ فقال: إني لبّدتُ رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر"

(2)

.

فدل هذا الحديث أنه كان متمتعا، لأن الهدي المقلد لا يمنع من الإحلال إلا في المتعة خاصة، هذا إن كان ذلك القول منه بعد طوافه للعمرة.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (14479)، من طريق حماد بن سلمة به.

وأخرجه مسلم (1249)، والبيهقي 7/ 207 من طريق عاصم به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4314) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 527، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 375، وأحمد (26432)، والبخاري (1566، 1725، 5916)، ومسلم (1229)(176)، وأبو داود (1806)، والنسائي في المجتبى 5/ 172، وفي الكبرى (3762)، وابن حبان (3925)، والبيهقي 5/ 12 والبغوي (1885).

ص: 48

وقد يحتمل أيضا أن يكون هذا القول كان منه قبل أن يحرم بالحج، وقبل أن يطوف للعمرة، فكان ذلك حكمه لولا سياقه الهدي يحل، كما يحل الناس بعد أن يطوف فلم يطف حتى أحرم بالحج، فصار قارنا، فليس يخلو حديث حفصة الذي ذكرنا من أحد هذين التأويلين، وعلى أيّهما ما كان في الحقيقة فإنه قد نفى قول مَن قال: إنه كان مفردا بحجة لم يتقدمها عمرة، ولم يكن معها عمرة.

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فقالوا: بل القران في ذلك بين العمرة والحجة أفضل من إفراد الحج، ومن التمتع بالعمرة إلى الحج وقالوا: كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع. وذكروا في ذلك ما

3432 -

حدثنا يونس، قال: أنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي قال: حدثني عبدة بن أبي لبابة، قال: حدثني شقيق بن سلمة، قال: حدثني رجل من تغلب يقال له: ابن معبد، قال: أهللت بالحج والعمرة جميعا، فلما قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذكرت له إهلالي، فقال: هِديتَ لسنة نبيك، أو لسنة النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

قلت أراد بهم: شقيق بن سلمة، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وإسحاق، والمزني من أصحاب الشافعي رحمهم الله، كما في النخب 12/ 285.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (18)، وأحمد (169)، وابن ماجة (2970)، وابن حبان (3910 - 3911)، من طريق سفيان بن عيينة، عن عبدة به.

ص: 49

3433 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: أنا شريك، عن منصور والأعمش، عن أبي وائل

مثله

(1)

.

3434 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: أنا منصور، قال: سمعت أبا وائل يحدث أن الصبي

فذكر مثله

(2)

.

3435 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا سلمة بن كهيل، عن أبي وائل

مثله

(3)

.

3436 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل

مثله

(4)

.

3437 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت أبا وائل

فذكر مثله

(5)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 331، وأحمد (254)، وابن ماجة (2970) من طرق عن الأعمش به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (58) عن شعبة، عن الأعمش ومنصور، عن أبي وائل به.

وأخرجه أحمد (256)، وأبو داود (1798 - 1799)، والنسائي 5/ 146 - 147، وابن خزيمة (3069) من طريق منصور به.

(3)

إسناده صحيح.

(4)

إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 331 من طريق أبي بكر بن عياش، عن عاصم به.

(5)

إسناده صحيح.

ص: 50

3438 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن أبي وائل

مثله

(1)

.

3439 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: قال الصبي بن معبد

فذكر نحوه

(2)

.

فقال الذين أنكروا الِقرآن: إنما قول عمر رضي الله عنه: هُديت لسنة نبيك على الدعاء منه له، لا على تصويبه إياه في فعله، وكان من الحجة عليهم في ذلك مما يدل على أن ذلك لم يكن من عمر على جهة الدعاء: أن

3440 -

فهدا حدثنا، قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: حدثني شقيق، قال: حدثني الصّبي بن مَعْبَد قال: كنت حديث عهد بنصرانية، فلما أسلمت لم آل أن أجتهد، فأهللت بعمرة وحجة جميعا، فمررت بالعذيب بسلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان فسمعاني وأنا أهل بهما جميعا، فقال أحدهما لصاحبه أيهما جميعا؟ وقال الآخر: دعْه فهو أضل من بعيره قال: فانطلقتُ وكان بعيري على عنقي، فقدمت المدينة فلقيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقصصت عليه، فقال: إنهما لم يقولا شيئا هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم

(3)

.

= وأخرجه الطيالسي (59)، وأحمد (83) من طريق شعبة به.

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

ص: 51

3441 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: أنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن شقيق، عن الصّبي بن مَعْبد، قال أهلَلْت بهما جميعا، فمررت بسلمان بن ربيعة وزيد بن صُوحان فعابا ذلك علي، فلما قدمت على عمر رضي الله عنه ذكرت ذلك له، فقال: إنهما لم يقولا شيئا هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم

(1)

.

فدل قوله: هديت لسنة نبيك بعد قوله: إنهما لم يقولا شيئا؟ أن ذلك كان منه على التصويب منه، لا على الدعاء.

وقد روي عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم ما يدل على ذلك أيضا.

3442 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا الأوزاعي، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة عن ابن عباس، عن عمر رضي الله عنهم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالعقيق يقول: "أتاني الليلة آتٍ من ربي، فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة"

(2)

.

3443 -

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا هارون بن إسماعيل قال: ثنا علي بن المبارك، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (19)، وأحمد (161)، والبخاري (1534)، وابن ماجة (2976)، وابن حبان (3790)، والبغوي (1883) من طريق الوليد بن مسلم به.

وأخرجه البخاري (2337)، وأبو داود (1800) من طريق الأوزاعي به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 52

فأخبر عمر في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أتاه آت من ربه فقال له: قل: "عمرة في حجة".

فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان أمر أن يجعل عمرة في حجة استحال أن يكون ما فعل خلافا لما أمر به.

فإن قال قائل: وكيف يجوز أن ينقل هذا عن عمر رضي الله عنه وقد نهى عن المتعة؟ وقد ذكرتم ذلك عنه في حديث مالك، عن الزهري، عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل؟. وذكر في ذلك أيضا ما

3444 -

حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال عمر رضي الله عنهم: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهى عنهما وأعاقب عليهما، متعة النساء ومتعة الحج

(1)

.

3445 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ينهى عن متعة النساء ومتعة الحج

(2)

.

= وأخرجه عبد بن حميد (16)، والبخاري (7343) من طريق علي بن المبارك به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو عوانة (3349)، وابن المقرئ في معجمه (774) من طريق يزيد بن سنان به.

(2)

إسناده منقطع، سعيد بن المسيب أدرك عمر بن الخطاب ولم يسمع منه.

وأخرجه الطبراني في الكبير 3/ 320 (2399)، وأبو نعيم في الحلية 5/ 205 من طريق عطاء الخرساني، عن سعيد بن المسيب به.

ص: 53

قالوا: فكيف يجوز أن يعاقب أحدا على أمر قد علم أن الله عز وجل قد أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم؟.

قيل له: ليست هذه المتعة التي في هذا الحديث هي المتعة التي استحبها أهل المقالة التي ذكرناها في الفصل الذي قبل هذا، ولكن هذه المتعة عندنا -والله أعلم- هي الإحرام الذي كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرموه بحجة، ثم طافوا لها، وسعوا قبل عرفة، وحلقوا وحلوا، فتلك متعة قد كانت تُفْعل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نِسخَت، وسنذكرها.

وما روي فيها وفي نسخها في غير هذا الموضع في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى فهذه المتعة التي نهى عنها عمر رضي الله عنه وتواعد من فعلها بالعقوبة، فأما متعة قد ذكرها الله عز وجل في كتابه بقوله:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] الآية وفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فمحال أن ينهى عنها عمر رضي الله عنه بل قد روينا عن عمر رضي الله عنه أنه استحبها وحضَّ عليها.

3446 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن سلمة بن كُهيل، قال: سمعت طاوسا يحدث، عن ابن عباس قال: يقولون: إن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة، قال عمر رضي الله عنه: لو اعتمرت في عام مرتين ثم حججت لجعلتها مع حجتي

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 5/ 98، وفي حجة الوداع (ص 356) من طريق شعبة به.

ص: 54

3447 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن سلمة، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر رضي الله عنه

فذكر مثله

(1)

.

فهذا ابن عباس رضي الله عنهما قد أنكر أن يكون عمر رضي الله عنه نهى عن التمتع، وذكر عنه أنه استحب القرآن، فدل ذلك أن المتعة التي تواعد عمر رضي الله عنه من فعلها بالعقوبة، هي المتعة الأخرى.

فإن قال قائل: فقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه أمر بإفراد الحج. وذكر في ذلك ما.

3448 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، قال: سمعت سويدا يقول: سمعت عمر رضي الله عنه يقول أفردوا بالحج

(2)

.

قيل له: ليس ذلك عندنا على كراهته لما سوى الإفراد من التمتع والقرآن، ولكنه لإرادته معنى سوى ذلك، قد بينه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

3449 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا مالك (ح)

وحدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم قال: افصلوا بين حجكم وعمرتكم، فإنه أتم لحج أحدكم، وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 5/ 98 من طريق سفيان به.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 55

3450 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عُقيل، عن ابن شهاب، قال: قلت لسالم، لِم نَهى عمر رضي الله عنه عن المتعة، وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعلها الناس معه؟ فقال: أخبرني عبد الله بن عمر أن عمر رضي الله عنهم قال: إن أتم العمرة أن تفردوها من أشهر الحج، و {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، فأخلصوا فيهن الحج، واعتمروا فيما سواهن من الشهور

(1)

.

فأراد عمر رضي الله عنه بذلك تمام العمرة لقول الله عز وجل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وذلك أن العمرة التي يتمتع فيها المرء بالحج، لا تتم إلا بأن يهدي صاحبها هديا، أو يصوم إن لم يجد هديا، وإن العمرة في غير أشهر الحج تتم بغير هدي ولا صيام.

وأراد عمر رضي الله عنه أن يزار البيت في كل عام مرتين، وكره أن يتمتع الناس بالعمرة إلى الحج، فيلزم الناس ذلك، فلا يأتون البيت إلا مرة واحدة في السنة، فأخبر ابن عمر عن عمر رضي الله عنهم في هذا الحديث أنه إنما أمر بإفراد العمرة من الحج، لئلا يلزم الناس ذلك، فلا يأتون البيت إلا مرة واحدة في السنة لا لكراهته التمتع، لأنه ليس من السنة.

= وهو في موطأ مالك 1/ 465 عن نافع به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 159 (13036) من طريق وكيع، عن ابن أبي رواد، عن نافع به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه البيهقي 5/ 20 من طريق ابن بكير، عن الليث به.

ص: 56

وأما قوله: إنه أتم لعمرة أحدكم، وحجته: أن يفرد كل واحدة من صاحبتها، فإن ما روينا عن ابن عباس عنه يدل على خلاف ذلك.

وقد روينا عن ابن عمر رضي الله عنهما من رأيه خلافا لذلك أيضا.

3451 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا صدقة بن يسار وأبو يعفور سمعا ابن عمر يقول: لأن أعتمر في العشر الأول من ذي الحجة أحب إلي من أن أعتمر في العشر البواقي

(1)

.

3452 -

حدثنا يونس قال: ثنا سفيان، قال: ثنا صدقة بن يسار، سمع ابن عمر يقول: عمرة في العشر الأول من ذي الحجة أحب إلي من أن أعتمر في العشر البواقي، فحدثت به نافعا فقال: نعم، عمرة فيها هدي أو صيام أحب إليه من عمرة ليس فيها هدي ولا صيام

(2)

.

3453 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد عن عطاء بن السائب، عن كثير بن جمهان، قال: حججنا وفينا رجل أعجمي، فلبي بالعمرة والحج، فعبنا ذلك عليه، فسألنا ابن عمر فقلنا: إن رجلا منا لبَّى بالعمرة والحج، فما كفارته؟ قال: رجع بأجرين، وترجعون أنتم بأجر واحد

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، وانظر ما بعده.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 160 (13044) من طريق سفيان، عن صدقة بن يسار، عن ابن عمر به.

(3)

إسناده حسن بالشواهد، من أجل كثير بن جمهان، وعطاء بن السائب روى عنه حماد بن سلمة قبل الإختلاط.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 290 (14299) من طريق محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب به.

ص: 57

3454 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن صدقة بن يسار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: والله لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة

(1)

.

فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أيضا قد فضّل العمرة التي في أشهر الحج على العمرة التي في غير أشهر الحج، فدل ذلك على صحة ما روى ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم لأن ابن عمر رضي الله عنهما لو كان سمع ذلك من عمر رضي الله عنه كما في حديث عُقَيل، عن الزهري إذًا لمَا قال بخلاف ذلك، لأنه قد سمع أباه قاله بحضرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لا ينكره عليه منكر، ولا يدفعه عنه دافع، وهو أيضا فلا يدفعه عنه، ولا يقول له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان فعل هذا، ولكن المحكي في ذلك عن عمر رضي الله عنه هو إرادة عمر رضي الله عنه أن يزار البيت، وباقي الكلام بعد ذلك، فكلام سالم خلطه الزهري بروايته، فلم يتميزا.

فأما قوله: "إن العمرة في أشهر الحج لا تتم إلا بالهدي لمن يجد الهدي أو بالصيام لمن لا يجد الهدي".

فثبت بذلك تمام العمرة في غير أشهر الحج إذا كان ذلك غير واجب فيها، وأوجب النقصان في العمرة التي في أشهر الحج إذا كان واجبا فيها.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 462، ومن طريقه أخرجه البيهقي 4/ 345.

ص: 58

وهذا كله إذا كان الحج يتلوها، فإن الحجة على مَن ذهب إلى ذلك عندنا -والله أعلم- أنا رأينا الهدي الذي يجب في المتعة والقرآن يؤكل منه باتفاق المتقدمين جميعا، ورأينا الهدي الذي يجب لنقصان في العمرة أو في الحجة، لا يؤكل منه باتفاقهم جميعا.

فلما كان الهدي الواجب في المتعة والقرآن يؤكل منه ثبت أنه غير واجب لنقصان في العمرة، أو في الحجة التي بعدها، لأنه لو كان لنقصان لكان من أشكال الدماء الواجبة للنقصان، ولكان لا يؤكل منه كما لا يؤكل منها، ولكنه دم فضل، وإصابة خير.

3455 -

وقد حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا وكيع (ح)

وحدثنا فهد، قال: ثنا الخضر بن محمد الحراني قال: أنا عيسى بن يونس وأبو أسامة، قالوا جميعا: عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن علي بن حسين، عن مروان بن الحكم، قال: كنا نسير مع عثمان بن عفان رضي الله عنه فإذا رجل يلبّي بالحج والعمرة، فقال عثمان رضي الله عنه: من هذا؟ فقالوا علي، فأتاه عثمان رضي الله عنه فقال: ألم تعلم أني نَهيتُ عن هذا؟ فقال: بلى ولكني لم أكن لأدَع قول النبي صلى الله عليه وسلم لقولك

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (733)، وأبو يعلى (349، 609) من طريق وكيع به.

وأخرجه البزار (515 - 516)، والنسائي 5/ 148 من طرق عن الأعمش به.

وأخرجه البزار (517) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن علي بن الحسين به.

ص: 59

3456 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا خلاد بن يحيى، قال: ثنا سفيان الثوري، عن بكير بن عطاء قال: حدثني حريث بن سليم العذري، عن علي رضي الله عنه أنه: لبى بهما جميعا، فنهاه عثمان رضي الله عنه فقال علي رضي الله عنه: أما إنك قد رأيت

(1)

.

فهذا علي رضي الله عنه قد أخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف النهي عنِ قرِان العمرة والحج، وفعل في ذلك خلاف ما أمر به عثمان رضي الله عنه، وأنكر على عثمان رضي الله عنه ما أمر به من ذلك.

فدلّ هذا من علي رضي الله عنه أنه قد كان عنده تفضيلِ القرآن على الإِفراد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولولا ذلك لما أنكر على عثمان رضي الله عنه ما رأى، ولا فضل رأيه على رأي عثمان رضي الله عنه في ذلك، إذ كانا كلاهما إنما أمرا بما أمرا به من ذلك عن شيء واحد، وهو الرأي، ولكن خلافه لعثمان رضي الله عنه في ذلك دليل عندنا على أنه قد علم فضل القرآن على ما سواه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قَرَن في حجة الوداع.

3457 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا داود بن عبد الرحمن، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده ضعيف، لجهالة حريث بن سليم العذري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 438 (15769)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده (116) من طريق سفيان الثوري به.

ص: 60

أربع عمر: عمرة الجحفة

(1)

، وعمرته من العام المقبل، وعمرته من الجعرانة، وعمرته مع حجته، وحج حجة واحدة

(2)

.

فإن قال قائل: فكيف تقبلون هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقد رويتم عنه في الفصل الأول "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تمتع؟ ".

قيل له: قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم في بدء أمره بعمرة، فمضى فيها متمتعا بها، ثم أحرم بحجة قبل طوافه، فكان في بدء أمره متمتعا، وفي آخره قارنا.

فأخبر ابن عباس رضي الله عنهما في الحديث الأول بتمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم لينفي قول من كره المتعة وأخبر في هذا الحديث الثاني لقرانه على ما كان صار إليه أمره بعد إحرامه بالحجة.

فثبت بذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان في حجة الوداع متمتعا بعد إحرامه بالعمرة إلى أن أحرم بالحجة، فصار بذلك قارنا.

3458 -

وقد حدثنا فهد، قال: ثنا النفيلي، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن مجاهد قال: سئل ابن عمر: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

(1)

في ن "الحديبية".

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن سعد 1/ 170، والدارمي (1858)، وأحمد (2211)، وأبو داود (1993)، والترمذي (816)، وابن ماجة (3003)، وابن حبان (3946)، والطبراني (11629)، والبيهقي 5/ 12 من طرق عن داود بن عبد الرحمن به.

ص: 61

فقال: مرتين فقالت عائشة: لقد علم ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتمر ثلاثا سوى عمرته التي قرنها بحجته

(1)

.

فإن قال قائل: فكيف تقبلون مثل هذا عن عائشة عن رضي الله عنها؟ وقد رويتم عنها في أول هذا الباب ما قد رويتم من إفراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمتعه على ما ذكرتم؟.

قيل له: ذلك عندنا -والله أعلم- على نظير ما صححنا عليه حديث ابن عباس رضي الله عنهما فيكون ما علمت عائشة رضي الله عنها من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ابتدأ، فأحرم بعمرة، ولم يقرنها حينئذ بحجة، فمضى فيها على أن يحج في وقت الحج، فكان في ذلك متمتعا بها، ثم أحرم بحجة مفردة في إحرامه بها لم يبتدئ معها إحرامًا بعمرة، فصار بذلك قارنا لها إلى عمرته المتقدمة، فقد كان في إحرامه على أشياء مختلفة، كان في أوله متمتعا، ثم صار محرما بحجة أفردها في إحرامه، فلزمته مع العمرة التي قد كان قدّمها، فصار في معنى القارن والمتمتع وأرادت يعني عائشة رضي الله عنها بذكرها الإفراد خلافا للذين يروون أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعا.

(1)

رجاله ثقات، وزهير سماعه عن أبي إسحاق بآخرة ومع ذلك روى له البخاري ومسلم من روايته عن أبي إسحاق.

وأخرجه أبو داود (1992) من طريق النفيلي به.

وأخرجه عبد بن حميد (809)، وأحمد (5383)، والنسائي في الكبرى (4218)، والبيهقي 5/ 10 من طرق عن زهير بن معاوية به.

ص: 62

3459 -

وقد حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا ابن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن نافع، أن ابن عمر خرج من المدينة إلى مكة مهلا بالعمرة مخافة الحصر، ثم قال: ما شأنهما إلا واحدا أشهدكم أني قد أوجبت إلى عمرتي هذه حجة، ثم قدم فطاف لهما طوافا واحدا، وقال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

3460 -

وحدثنا أحمد هو ابن داود بن موسى قال: ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن موسى بن عقبة، عن نافع، أن ابن عمر رضي الله عنهما أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير، فأحرم بعمرة، فقيل له: إن الناس كائن بينهم قتال، وإنا نخاف أن نصد عن البيت، فقال {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، أشهدكم أني قد أوجبت حجا مع عمرتي، فانطلق يهل بهما جميعا حتى قدم مكة، فطاف بالبيت وبين الصفا والمروة ولم يزد على ذلك، ولم ينحر، ولم يحلق، ولم يحل من شيء حرم عليه حتى يوم النحر فحلق ورأى أن قد قضى طواف الحج بطوافه ذلك الأول، ثم قال: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد بن كاسب

وأخرجه الحميدي (678)، وأحمد (4595)، والنسائي 5/ 226، وابن خزيمة (2743) من طريق سفيان بن عيينة به.

وأخرجه أحمد (4480)، والبخاري (1639)، ومسلم (1230)(183)، والنسائي في المجتبى 5/ 226 من طرق عن أيوب به.

وأخرجه البخاري (1640)، ومسلم (1230)(182)، وابن حبان (3998) من طريق الليث بن سعد، عن نافع به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه البخاري (1708)، وابن خزيمة (2746) من طريق موسى بن عقبة به.

ص: 63

3461 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن نافع، أن عبد الله بن عمر أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير فقيل له: إن الناس كائن بينهم قتال، وإنا نخاف أن يصدّوك عن البيت فقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، إذًا أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني أشهدكم أني قد أوجبت حجا مع عمرتي، ثم خرج حتى إذا كان بظهر البيداء قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحدا، أشهدكم أني قد أوجبت حجا مع عمرتي، وأهدى هديا اشتراه بقديد، فانطلق يهل بهما جميعا حتى قدم مكة، فطاف بالبيت وبين الصفا والمروة، ولم يزد على ذلك، ولم ينحر، ولم يحلق، ولم يقصر، ولم يحلّ من شيء حرم عليه، حتى كان يوم النحر، فنحر، وحلق، ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول، وكذلك فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

فإن قال قائل: فكيف تقبلون مثل هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما وقد رويتم فيما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم تمتع فجوابنا له في ذلك مثل جوابنا له في حديث ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1640)، ومسلم (1230)(182)، والنسائي 5/ 158 - 159، وابن حبان (3998) من طريق الليث بن سعد به.

وأخرجه مالك 1/ 360، ومن طريقه رواه الشافعي 1/ 986، والبخاري (1806، 1813، 4183)، ومسلم (1230)، والبيهقي 5/ 215 عن نافع به.

ص: 64

3462 -

وقد حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن سعيد، عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله بن الشخّير، عن عمران بن الحصين، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بعمرة وحجة

(1)

.

فإن قال قائل: فقد رويتم عن عمران رضي الله عنه أيضا فيما تقدم من هذا الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمتع، فكيف تقبلون عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن؟ فجوابنا له في ذلك مثل جوابنا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

3463 -

وقد حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لبي بعمرة وحجة وقال لبيك بعمرة وحجة

(2)

.

فذكر بكر بن عبد الله المزني لابن عمر قول أنس رضي الله عنه، قال: وهل

(3)

أنس، إنما أهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، وأهللنا به معه، فلمّا قدمنا مكة

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد (19841)، ومسلم (1226)(169)، والطبراني في الكبير 18/ 236 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به.

وأخرجه مسلم (1226)(168)، والبزار (3522)، والنسائي 149/ 5، والطبراني (232/ 18 من طرق عن قتادة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن سعد 2/ 175، والدارمي (1924)، وأحمد (11958، 12091)، ومسلم (1251)، والترمذي (821)، وابن ماجة (2969)، وأبو يعلى (3648، 3805)، وابن الجارود (430)، والدارقطني 2/ 288، والحاكم 1/ 472، والبيهقي 5/ 40، والبغوي (1882) من طرق عن حميد به

(3)

بفتح الواو وكسر الهاء: إذا غلط وسهى، وفي د "ذهل".

ص: 65

قال: "من لم يكن معه هدي فليحل" قال بكر: فرجعت إلى أنس رضي الله عنه فأخبرته بقول ابن عمر رضي الله عنهما فلم يزل يذكر ذلك حتى مات.

3464 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا حميد، قال: وحدثني بكر بن عبد الله، عن أنس

مثله قال: بكر، فذكرت ذلك لابن عمر فقال: وهل أنس رضي الله عنه إنما أهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، وأهللنا به

(1)

.

3465 -

حدثنا حسين هو ابن نصر قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا حميد

فذكر مثله بإسناده، وزاد فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من لم يكن معه هدي فليحلّ، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هدي فلم يحل"

(2)

.

3466 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن حميد، عن بكر قال: أخبرت ابن عمر بقول أنس، فقال: نسي أنس رضي الله عنه، فلما رجع قال بكر لأنس: إن ابن عمر يقول نسي، فقال: إن تعدونا إلا صبيانا، بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لبيك بعمرة وحجة معا"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، هو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2441) بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2442) بإسناده ومتنه.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (4996)، والبخاري (4353 - 4354)، ومسلم (1232)(185)، والنسائي في المجتبى 5/ 150، وابن الجارود (431) من طرق عن حميد به. =

ص: 66

أفلا ترى أن ابن عمر رضي الله عنهما إنما أنكر على أنس رضي الله عنه قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعا؟، وإنما كان الأمر عند ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل بحجة، ثم صيرها عمرة بعد ذلك، وأضاف إليها حجة، فصار حينئذ قارنا فأما في بدء إحرامه، فإنه كان عنده مفردا.

ثم قد تواترت الروايات بعد ذلك عن أنس رضي الله عنه بدخول النبي صلى الله عليه وسلم فيهما جميعا.

3467 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا حبان، قال: ثنا وهيب، قال: ثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استوت به راحلته على البيداء جمع بينهما

(1)

.

3468 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الله بن بكر، عن حميد، عن أنس (ح)

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبي قَزَعَة، عن أنس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لبيك بعمرة وحجة"

(2)

.

= وأخرجه مسلم (1232)(186) من طريق حبيب بن الشهيد، عن بكر به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2440) بإسناده مطولا.

وأخرجه أحمد (13831)، والبخاري (1551، 1714)، وأبو داود (1796)، والبيهقي 5/ 9، والبغوي (1879) من طرق عن وهيب بن خالد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (12745)، والخطيب في تاريخ بغداد 10/ 73 من طريق شعبة به.

ص: 67

3469 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا أبو شهاب، عن ابن أبي ليلى، عن ثابت البناني، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3470 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن حميد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3471 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو هو الرقي، عن أيوب، عن أبي قلابة وحميد بن هلال، عن أنس بن مالك قال: كنت ردف أبي طلحة وركبتي تمس ركبة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزالوا يصرخون بهما جميعا بالحج والعمرة

(3)

.

3472 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن يحيى بن أبي إسحاق، قال: سمعت أنسا يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لبيك بعمرة وحجة معا"

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف، لضعف ابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن لكنه توبع.

وأخرجه أحمد (12898)، وأبو يعلى (3407) من طريق وكيع، عن ابن أبي ليلى به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الترمذي (821) من طريق قتيبة، عن حماد بن زيد به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو يعلى (4044) من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (12946)، وابن ماجة (2968) من طريق عبد الأعلى، عن يحيى بن أبي إسحاق به.

ص: 68

3473 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عمرو بن عاصم الكلابي (ح)

وحدثنا سليمان بن شعيب الكيساني، قال: ثنا الخصيب، قالا: ثنا همام، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة من الجحفة

(1)

، وعمرة من العام المقبل، وعمرة من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجته، وحج حجة واحدة

(2)

.

3474 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا الحسن بن موسى وابن نفيل، قالا: ثنا أبو خيثمة، عن أبي إسحاق، عن أبي أسماء، عن أنس قال: خرجنا نصرخ بالحج فلما قدمنا مكة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة، وقال:"لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة، ولكني سقت الهدي، وقرنت الحج والعمرة"

(3)

.

قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرن الحج والعمرة، فقد دلّ ذلك على صحة قول من أخبر من فعله بما يوافق ذلك.

(1)

في ن "الحديبية".

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (12372)، والدارمي (1787)، والبخاري (1778، 1779، 1780، 4148)، ومسلم (1253)، وأبو داود (1994)، والترمذي (815)، وابن خزيمة (3071)، وابن حبان (3764)، والبيهقي 5/ 10، والبغوي (1846) من طرق عن همام بن يحيى به.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة أبي أسماء الصقيل.

وأخرجه أحمد (12502)، وأبو يعلى (4345) من طريق الحسن بن موسى الأشيب به.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (1073) من طريق أبي جعفر، عن زهير به.

ص: 69

3475 -

وقد حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف (ح)

وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب، قالا: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران، أنه قال: حججت مع موالي، فدخلت على أم سلمة، فسمعتها تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أهلوا يا آل محمد! بعمرة في حجة"

(1)

. وهذا أيضا مثل ذلك.

3476 -

وقد حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا أبو خالد، وأبو معاوية (ح)

وحدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، قالوا جميعا عن الحجاج، عن الحسن بن سعد، عن ابن عباس عن أبي طلحة رضي الله عنهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن بين الحج والعمرة

(2)

.

3477 -

حدثنا أبو بكرة وعلي بن معبد، قالا: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا داود بن يزيد الأودي، قال: سمعت عبد الملك بن ميسرة الزراد، قال: سمعت النزال بن سبرة يقول: سمعت سراقة بن مالك بن جعشم يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26548)، والحارث في مسنده (364 - 365 زوائده)، والطبراني في الكبير 23/ 792، والبيهقي 4/ 355 من طرق عن الليث به.

(2)

إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة وهو مدلس.

وأخرجه أحمد 16346/ 1، وابن ماجة (2971)، وأبو يعلى (1416، 1419)، والطبراني في الكبير (4693 - 4694) من طريق أبي معاوية، عن حجاج بن أرطاة به.

ص: 70

يقول: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة"، قال: وقرن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع

(1)

.

فقد اختلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في إحرامه في حجة الوداع ما كان، فقالوا: ما روينا وتنازعوا في ذلك على ما قد ذكرنا، وقد أحاط علمنا أنه لم يكن إلا على إحدى تلك المنازل الثلاث، إما متمتع، وإما مفرد، وإما قارن، فأولى بنا أن ننظر إلى معاني هذه الآثار ونكشفها، لنعلم من أين جاء اختلافهم فيها، ونقف من ذلك على إحرامه صلى الله عليه وسلم ما كان، فاعتبرنا ذلك.

فوجدنا الذين يقولون: إنّه أفرد، يقولون: كان إحرامه بالحج مفردا لم يكن منه قبل ذلك إحرام بغيره.

وقال آخرون: بل قد كان قبل إحرامه بتلك الحجة إحرام بعمرة، ثم أضاف إليها هذه الحجة، هكذا يقول الذين قالوا: قرن، وقد أخبر جابر رضي الله عنه في حديثه، وهو أحد الذين قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم بالحجة حين استوت به ناقته على البيداء، وقال ابن عمر: من عند المسجد.

(1)

إسناده ضعيف لضعف داود بن يزيد الأودي.

وأخرجه أحمد (17583) من طريق مكي بن إبراهيم به.

وأخرجه الطبراني في الكبير (6597) من طريق يونس بن بكير، عن داود بن يزيد به.

ص: 71

وهو أيضا ممن قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد بالحج في أول إحرامه، فكان بدء إحرامه عليه السلام عند ابن عمر، وجابر رضي الله عنهم بعد خروجه من المسجد.

وقد ثبتنا عنه فيما تقدم من كتابنا هذا أنه قد كان أحرم في دبر الصلاة في المسجد، فيحتمل أن يكون الذين قالوا: قرن، سمعوا تلبيته في المسجد بالعمرة، ثم سمعوا بعد ذلك تلبيته الأخرى خارجا من المسجد بالحج خاصة، فعلموا أنه قرن، وسمعه الذين قالوا: إنه أفرد وقد لبى بالحج خاصة، ولم يكونوا سمعوا تلبيته قبل ذلك بالعمرة، فقالوا: أفرد. وسمعه قوم أيضا وقد لبى في المسجد بالعمرة، ولم يسمعوا تلبيته بعد خروجه منه بالحج، ثم رأوه بعد ذلك يفعل ما يفعل الحاج من الوقوف بعرفة وما أشبه ذلك، وكان ذلك عندهم بعد خروجه من العمرة، فقالوا: تمتع فروى كل قوم ما علموا، وقد دخل جميع ما علمه الذين قالوا: إنه أفرد، وما علمه الذين قالوا: إنه تمتع فيما علم الذين قالوا: إنه قرن، لأنهم أخبروا عن تلبيته بالعمرة، ثم عن تلبيته بالحجة بعقب ذلك، فصار ما ذهبوا إليه من ذلك، وما رووا أولى مما ذهب إليه من خالفهم وما رووا.

ثم قد وجدنا بعد ذلك أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أنه قد كان قارنا، وذلك أنه عليه السلام لا يختلف عنه أنه لما قدم مكة أمر أصحابه أن يحلوا إلا من كان ساق منهم هديا، وثبت هو على إحرامه، فلم يحل منه إلا في وقت ما يحل الحاج من حجه؟ وقال:"لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سُقْت الهدي ولجعلتها عمرة، فمن كان ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة"، هكذا حكاه عنه جابر بن عبد الله

ص: 72

رضي الله عنهما، وهو ممّن يقول: إنه أفرد، وسنذكر ذلك وما روي فيه في باب فسخ الحج إن شاء الله تعالى.

فلو كان إحرامه ذلك كان بحجة لكان هديه الذي ساقه تطوعا، فهدي التطوع لا يمنع من الإحلال الذي يحله الرجل إذا لم يكن معه هدي، ولكان حكمه عليه السلام وإن كان قد ساق هديا كحكم من لم يسُق هديا، لأنه لم يخرج على أن يتمتع فيكون ذلك الهدي للمتعة، فيمنعه من الإحلال الذي كان يحلّه لو لم يسق هديا، ألا ترى أن رجلا لو خرج يريد التمتع فأحرم بعمرة، أنه إذا طاف لها، وسعى، وحلق حل منها، ولو كان ساق هديا لمتعته لم يحل حتى يوم النحر، ولو ساق هديا تطوعا حل قبل يوم النحر بعد فراغه من العمرة.

فثبت بذلك أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم لما كان قد منعه من الإحلال، وأوجب ثبوته على الإحرام إلى يوم النحر، أن حكمه غير حكم هدي التطوع، فانتفى بذلك قول من قال: إنه كان مفردا، وقد ذكرنا فيما تقدم من هذا الباب عن حفصة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شأن الناس حلّوا، ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: إني قلدت هديي، ولبّدت رأسي، فلا أحل حتى أنحر.

فدل ذلك على ما ذكرنا، وعلى أن ذلك الهدي كان هديا بسبب عمرة يراد بها قران أو متعة، فنظرنا في ذلك، فإذا حفصة رضي الله عنها قد دل حديثها هذا على أن ذلك القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان بمكة لأنه كان منه بعدما حل الناس.

ص: 73

وقد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد طاف قبل ذلك، أو لم يطف، فإن كان قد طاف قبل ذلك ثم أحرم بالحجة من بعد، فإنما كان متمتعا، ولم يكن قارنا، لأنه إنما أحرم بالحجة بعد فراغه من طواف العمرة، وإن لم يكن طاف قبل ذلك حتى أحرم بالحجة، فقد كان قارنا لأنه قد لزمته الحجة قبل طوافه للعمرة، فلما احتمل ذلك ما ذكرنا، كان أولى الأشياء بنا أن نحمل هذه الآثار على ما فيه اتفاقها، لا على ما فيه تضادها وكان علي بن أبي طالب وابن عباس وعمران بن حصين، وعائشة رضي الله عنهم قد روينا عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمتع، وروينا عنهم أنه قرن، وقد ثبت من قوله، ما يدل على أنه قدم مكة، ولم يكن أحرم بالحج قبل ذلك، فإن جعلنا إحرامه بالحجة كان قبل الطواف للعمرة ثبت الحديثان جميعا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان متمتعا إلى أن أحرم بالحجة، فصار قارنا، وإن جعلنا إحرامه بالحجة كان بعد طوافه للعمرة جعلناه متمتعا، ونفينا أن يكون قارنا، فجعلناه متمتعا في حال، وقارنًا في حال فثبت بذلك أن طوافه للعمرة كان بعد إحرامه بالحجة، فثبت بذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان في حجة الوداع قارنًا.

فقال قائل: ممن كره القرآن والتمتع لمن استحبهما: اعتللتم علينا بقول الله عز وجل {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] في إباحة المتعة، وليس ذلك كذلك، وإنما تأويل هذه الآية ما روي عن عبد الله بن الزبير في تأويلها.

3478 -

ما حدثنا محمد بن الحجاج ونصر بن مرزوق، قالا: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا وهيب بن خالد، عن إسحاق بن سُويد قال: سمعت عبد الله بن الزبير رضي

ص: 74

الله عنهما وهو يخطب يقول: يا أيها الناس، ألا إنه والله ما التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون، ولكن التمتع بالعمرة إلى الحج أن يخرج الرجل حاجا، فيحبسه عدو، أو مرض، أو أمر يعذر به، حتى تذهب أيام الحج فيأتي البيت فيطوف به سبعا، ويسعى بين الصفا والمروة، ويتمتع بحله إلى العام المقبل، فيحج ويهدي

(1)

.

3479 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا إسحاق بن سويد

فذكر نحوه

(2)

.

قالوا: فهذا تأويل هذه الآية، قيل لهم: لئن وجب أن يكون تأويلها كذلك لقول ابن الزبير رضي الله عنهما، فإن تأويلها أحرى أن لا يكون كذلك، لما رُوِيناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابه من بعده، مثل عمر، وعلي رضي الله عنهما ومن ذكرنا معهم فيما تقدم من هذا الباب.

3480 -

وقد حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم، أو مالك بن الحارث، عن أبي نصر قال: أهللت بالحج، فأدركت عليا رضي الله عنه فقلت: إني أهللت

(1)

إسناده قوي من أجل الخصيب.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 2/ 78 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 162 (13071) من طريق معتمر بن سليمان، وابن جرير (3419) من طريق عبد الوارث بن سعيد، كلاهما عن إسحاق بن سويد به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

ص: 75

بالحج، أفأستطيع أن أضم إليه عمرة؟ فقال: لا، لو كنت أهللت بالعمرة، ثم أردت أن تضيف إليها الحج، فعلت

(1)

.

3481 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو عوانة، عن يزيد بن أبي زياد، عن علي بن حسين، عن مروان بن الحكم، قال: كنا مع عثمان بن عفان رضي الله عنه فسمعنا رجلا يهتف بالحج والعمرة، فقال عثمان رضي الله عنه: من هذا؟ قالوا: علي رضي الله عنه فسكت

(2)

.

3482 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن جري بن كُلَيب، وعبد الله بن شقيق، أن عثمان رضي الله عنه خطب، فنهى عن المتعة، فقام علي رضي الله عنه فلبى بهما، فأنكر عثمان رضي الله عنه ذلك، فقال له علي رضي الله عنه: إن أفضلنا في هذا الأمر أشدنا اتباعا له

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي نصر السلمي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 381 (15129) من طريق أبي الأحوص، عن منصور، عن مالك بن الحارث، عن أبي نصر به.

(2)

إسناده ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد القرشي، وهو مكرر سابقه (3455).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه القاسم بن سلام في ناسخ الحديث ومنسوخه (339) من طريق حجاج، عن شعبة، عن قتادة عن جري بن كليب، عن عثمان به.

وأخرجه أحمد (432)، ومسلم (1223)(158)، والبيهقي 5/ 22 من طريق شعبة، عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق وحده به.

ص: 76

3483 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا أبو بشر، عن سليمان اليشكري عن جابر بن عبد الله قال: لو أهللت بالحج والعمرة طفت لهما طوافا واحدا، ولكنت مهديا

(1)

.

قال أبو جعفر: فهذا من ذكرنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد صرف تأويل قول الله عز وجل {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] إلى خلاف ما صرفه إليه عبد الله بن الزبير، وهو أصح التأويلين عندنا -والله أعلم-.

لأن في الآية ما يدل على فساد تأويل ابن الزبير، لأن الله عز وجل قال:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] والصيام في الحج، لا يكون بعد فوت الحج، ولكنه قبل فوته ثم قال:{وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] فكان الله عز وجل إنما جعل المتعة، وأوجب فيها ما أوجب على من فَعلها إذا لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام.

وقد أجمعت الأمة أنّ من كان أهله حاضري المسجد الحرام، أو غير حاضري المسجد الحرام، ففاته الحج أن حكمه في ذلك وحكم غيره سواء، وأن حاله بحضور أهله المسجد الحرام لا يخالف حاله ببعدهم عن المسجد الحرام.

(1)

إسناده منقطع، أبو بشر جعفر بن أبي وحشية لم يسمع من سليمان اليشكري.

ص: 77

فثبت بذلك أنّ المتعة التي ذكرها الله عز وجل في هذه الآية هي التي يفترق فيها من كان أهله بحضرة المسجد الحرام، ومن كان أهله بغير حضرة المسجد الحرام، وذلك في التمتع بالعمرة إلى الحج التي كرهها مخالفنا.

وقد روى عبد الله بن عباس في ذلك، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

3484 -

ما قد حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا المعلى بن أسد، قال: ثنا وهيب، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، وكانوا يسمون المحرم صَفَرا، ويقولون: إذا برأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتَمر، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة وهم ملبون بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، قالوا: يا رسول الله! أي حل نحل؟ قال: الحل كله

(1)

.

فهذا ابن عباس رضي الله عنهما قد أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما فسخ الحج إلى العمرة، ليعلم الناس خلاف ما كانوا يكرهون في الجاهلية، وليعلموا أن العمرة في أشهر الحج مباحة، كهي في غير أشهر الحج.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2274)، والبخاري (1564، 3832)، ومسلم (1240)، والنسائي 5/ 180 - 181، والطبراني (10906)، والبيهقي 4/ 345 من طرق عن وهيب به.

ص: 78

فإن قال قائل: فقد ثبت بهذا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن إحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان بحجة مفردة، فقد خالف هذا ما رويتم عنه من تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرانه.

قيل له: ما في هذا خلاف لذلك، لأنه قد يجوز أن يكون إحرامه أولا كان بحجة حتى قدم مكة، ففسخ ذلك بعمرة، ثم أقام عليها على أنها عمرة، وقد عزم أن يحرم بعدها بحجة، وكان في ذلك متمتعا، ثم لم يطف للعمرة حتى أحرم بالحجة، فصار بذلك قارنًا فهذه وجوه أحاديث ابن عباس رضي الله عنهما قد صحت والتأمت، على القران الذي كان قبله التمتع والإفراد، فلم تتضاد إلا أنّ في قوله:"لولا أني سُقت الهدي لحللت كما حلّ أصحابي"، دليل على أن سياقة الهدي قد كانت في وقت أحرم فيه بعمرة، يريد بها التمتع إلى الحجة، لأنه لو لم يكن فعل ذلك، لكان هديه ذلك تطوعا، والتطوع من الهدي غير مانع من الإحلال الذي يكون لو لم يكن الهدي.

فدل ذلك على أن إحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أولا بعمرة، ثم أتبعها حجة على السبيل الذي ذكرنا فيما تقدم من هذا الباب.

ولما ثبت بما وصفنا إباحة العمرة في أشهر الحج أردنا أن ننظر، هل الهدي الواجب في القران كان لنقصان دخل العمرة أو الحجة إذا قُرِنَتَا أم لا؟ فرأينا ذلك الهدي يؤكل منه، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله.

3485 -

حدثنا محمد بن خزيمة وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني ابن الهاد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

ص: 79

في الحديث الطويل قال: وكان علي رضي الله عنه قدم من اليمن بهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان جماعة الهدي الذي قدم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلّي رضي الله عنه من اليمن مائة بدنة، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ثلاثا وستين بيده، ونحر علي رضي الله عنه سبعة وثلاثين، فأشرك عليا في هديه، ثم أخذ من كل بدنة بضعة، فجعلت في قدر فطبخت، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي رضي الله عنه من لحمها وشربا من مرقها

(1)

.

فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه بما ذكرنا قبل هذا الفصل أنه قرن، وأنه كان عليه لذلك هدي، ثم أهدى هذه البدن التي ذكرنا، فأكل من كل بدنة ما وصفنا، ثبت بذلك إباحة الأكل من هدي المتعة والقرآن، فلما كان ذلك الهدي مما يؤكل منه، اعتبرنا حكم الدماء الواجبة للنقصان هل هي كذلك أم لا؟ فرأينا الدم الواجب من قص الأظفار، وحلق الشعر، والجماع، وكل دم يجب لترك شيء من الحجة، لا يؤكل شيء من ذلك.

فكان كل دم وجب لإساءة أو لنقصان، لا يؤكل منه، وكان دم المتعة والقرآن يؤكل منهما، فثبت بذلك أنهما وجبا لمعنى خلاف الإساءة والنقصان، فهذه حجة قاطعة

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه النسائي في الكبرى (4126) من طريق شعيب، عن الليث، عن ابن الهاد به.

وأخرجه أحمد (14440)، ومسلم (1218)(147)، وأبو داود (1905)، وابن ماجة (3074)، وابن حبان (3944) من طرق عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر به.

ص: 80

على من كره القرآن والتمتع بالعمرة إلى الحج، ثم الكلام بعد ذلك بين الذين جوزوا التمتع والقران في تفضيل بعضهم القرآن على التمتع، وفي تفضيل الآخرين التمتع على القرآن، فنظرنا في ذلك فكان في القرآن تعجيل الإحرام بالحج، وفي التمتع تأخيره، وكان ما عجل من الإحرام بالحج فهو أفضل وأتم لذلك الإحرام.

وقد روي عن علي رضي الله عنه في قول الله عز وجل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] قال: "إتمامها أن تحرم بهما من دُويرة أهلك".

3486 -

حدثنا بذلك ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي رضي الله عنه بذلك

(1)

.

فلما كان في القرآن تقديم الإحرام بالحج على الوقت الذي يحرم به في التمتع، كان القران أفضل من التمتع وكلما أثبتنا وصححنا في هذا الباب قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن سلمة.

وأخرجه البيهقي في الكبرى 5/ 30 من طريق إبراهيم بن مرزوق به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 125 (12689)، والبيهقي في المعرفة (9447) من طريق وكيع، عن شعبة به.

وأخرجه علي بن الجعد (63)، والبيهقي 4/ 341 من طريق سفيان، عن شعبة به.

وأخرجه أبو يوسف في آثاره (484) عن الإمام أبي حنيفة، عن عمرو بن مرة به.

ص: 81

‌10 - باب الهدي يساق لمتعة أو قرآن هل يركب أم لا؟

3487 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة قال:"اركبها" فقال: يا رسول الله! إنها بدنة، قال:"اركبها ويلك"

(1)

.

3488 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن عجلان، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3489 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن عمه موسى بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله. غير أنه قال له في الثالثة أو الرابعة "اركبها ويحك"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 508، ومن طريقه أخرجه أحمد (10315)، والبخاري (1689، 2755، 6160)، ومسلم (1322)(371)، وأبو داود (1760)، والنسائي 5/ 176، وابن الجارود (428)، والبيهقي 5/ 236، والبغوي (1954).

(2)

إسناده حسن، من أجل عجلان مولى المشمعل.

وأخرجه الطيالسي (2489)، وابن أبي شيبة 4/ 434، وأحمد (10127)، والبزار (8378) من طرق عن ابن أبي ذئب به.

(3)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.

وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (796) من طريق أحمد بن خالد الوهبي به

وأخرجه البزار (8244) من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق به.

ص: 82

3490 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد هو ابن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يسوق بدنة، قال:"اركبها" قال: إنها بدنة، قال:"اركبها"

(1)

.

3491 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3492 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا معتمر، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا يسوق بدنة، قال:"اركبها" قال: إنها بدنة، قال:"اركبها" قال: فلقد رأيته يساير النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقها نعل

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وأخرجه الحميدي (1003)، وأحمد (7350، 9987)، وابن الجارود (427)، وابن حبان (4016) من طريق سفيان عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (7737، 10192)، والبخاري (1706)، وأبو يعلى في مسنده (6667)، وفي معجم شيوخه (126) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة به.

ص: 83

3493 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا هشيم، عن حجاج بن أرطاة، عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما رأى رجلا يسوق بدنة، قال: اركبها، وما أنتم بمستنين سنة أهدى من سنة محمد صلى الله عليه وسلم

(1)

.

3494 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال أنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يسوق بدنة قال: "اركبها"، قال: إنها بدنة، قال:"اركبها"

(2)

.

3495 -

حدثنا عبد الله بن محمد بن خُشيش البصري، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام وشعبة، قالا: ثنا قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لعنعة حجاج بن أرطاة، وهو مدلس.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 229، وعبد بن حميد (1412)، وأحمد (11959)، والنسائي 5/ 176، وأبو يعلى (3810، 3869)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 2/ 207 من طرق عن حميد به.

وأخرجه أحمد (11959)، ومسلم (1323)(373)، والبيهقي 5/ 236 من طريق هشيم، عن حميد، عن ثابت، عن أنس به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1690) من طريق مسلم بن إبراهيم به.

وأخرجه الطيالسي (1981)، وأحمد (12774)، والدارمي (1913)، وأبو يعلى (3217 - 3218)، وابن خزيمة (2662)، والبيهقي 5/ 236 من طرق عن شعبة به.

وأخرجه أحمد (13415)، وابن ماجة (3104)، والبيهقي 5/ 236 من طريق هشام به.

ص: 84

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أن الرجل إذا ساق بدنة لمتعة أو قرآن أن له أن يركبها، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: إنما كان هذا من النبي صلى الله عليه وسلم لضرٍّ رآه من الرجل، فأمره بما أمره به لذلك.

وهكذا نقول نحن: لا بأس بركوبها في حال الضرورة، ولا يجوز في حال الوجود فاحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك للضرورة كما قالوا، واحتمل أن يكون ذلك لا للضرورة، ولكن لأن حكم البدن كذلك، تركب في حال الضرورة، وفي حال الوجود فنظرنا في ذلك.

3496 -

فإذا نصر بن مرزوق قد حدثنا، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة، وقد جهد، قال:"اركبها"، قال: يا رسول الله إنها بدنة، قال:"اركبها"

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: مجاهدا، وعروة بن الزبير، وأحمد، وإسحاق، وآخرين من أهل الحديث رحمهم الله، كما في النخب 12/ 397.

(2)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي وأصحابهم رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11959)، ومسلم (1323)(373)، والنسائي في المجتبى 5/ 176، وفي الكبرى (3719)، والبيهقي 5/ 236 من طرق عن حميد عن ثابت به.

ص: 85

3497 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، والنفيلي، قالا: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا حميد الطويل، عن ثابت، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة، فكأنه رأى به جهدًا فقال: اركبها قال: إنها بدنة، قال:"اركبها، وإن كانت بدنة"

(1)

.

وقد روي في حديث ابن عمر رضي الله عنهما حرف يدل على هذا المعنى

3498 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا هشيم، عن الحجاج، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول في الرجل إذا ساق بدنة فأعيي: ركبها، وما أنتم بمستنين سنة هي أهدى من سنة محمد صلى الله عليه وسلم

(2)

.

فدل ذلك أيضا على أن ما أمر به ابن عمر رضي الله عنه وأخبر أنه سنة محمد صلى الله عليه وسلم هو ركوب البدنة في حال الضرورة، ثم التمسنا حكم ركوب الهدي في غير حال الضرورة، هل نجد له ذكرا في غير هذه الآثار؟.

3499 -

فإذا فهد قد حدثنا، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن جريج عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهرا"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة.

(3)

إسناده صحيح، وقد صرح ابن جريج وأبو الزبير السماع عند أبي داود.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 228، ومن طريقه أبو يعلى (1815)، وابن حبان (4015).

وأخرجه أحمد (14413)، ومسلم (1324)(375)، وأبو داود (1761)، والنسائي 5/ 177، وابن الجارود (429)، وابن خزيمة (2663)، والبيهقي 5/ 236، والبغوي (1956) من طرق عن ابن جريج به.

ص: 86

3500 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا ابن أبي مريم (ح)

وحدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عبد الله بن صالح، قالا: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر في ركوب الهدي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها، حتى تجد ظهرا"

(1)

.

فأباح النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ركوبها في حال الضرورة، ومنع من ذلك إذا ارتفعت الضرورة ووجد غيرها، فثبت بذلك أن هكذا حكم الهدي من من طريق الآثار، تركب للضرورات، وتترك لارتفاع الضرورات ثم اعتبرنا حكم ذلك من طريق النظر كيف هو؟ فرأينا الأشياء على ضربين:

فمنها ما الملك فيه متكامل لم يدخله شيء يزيل عنه شيئا من أحكام الملك، كالعبد الذي لم يدبره مولاه، وكالأمة التي لم تلد من مولاها، وكالبدنة التي لا يوجبها صاحبها فكل ذلك جائز، بيعه وجائز الانتفاع به وجائز تمليك منافعه بإبدال وبلا إبدال.

ومنها ما قد دخله شيء منع من بيعه، ولم يزل عنه حكم الانتفاع به من ذلك أم الولد التي لا يجوز لمولاها بيعها، والمدبر في قول من لا يرى بيعه، فذلك لا بأس بالانتفاع به، وبتمليك منافعه التي لربه أن ينتفع بها ببدل، وبلا بدل فكان ماله أن ينتفع به، فله أن يملك منافعه من شاء بإبدال، وبلا إبدال، ثم رأينا البدنة إذا أوجبها ربها.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وأخرجه أحمد (14757) من طريق موسى، عن ابن لهيعة به.

ص: 87

وكل قد أجمع أنه لا يجوز له أن يؤاجرها ولا يتعوض بمنافعها بدلا، فلما كان ليس له تمليك منافعها ببدل، كان كذلك ليس له الانتفاع بها، ولا يكون له الانتفاع بشيء إلا شيء له التعوض بمنافعه إبدالا منها.

فهذا هو النظر أيضا، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين.

3501 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، أراه عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: لا تشرب لبن البدنة، ولا تركبها إلا أن تضطر إلى ذلك

(1)

.

3502 -

حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج قال: ثنا حماد قال: أنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: البدنة إذا احتاج إليها سائقها، ركبها ركوبا غير فادح

(2)

.

3503 -

حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قيس، عن عطاء

مثله

(3)

.

وقد روي عن المتقدمين في قول الله عز وجل {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الحج: 33].

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 359 (14920) من طريق حماد بن سلمة به.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 88

3504 -

ما حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا أبو عامر، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد (ح)

(1)

.

3505 -

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، عن سفيان وحبان، عن حماد، كليهما، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:{لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الحج: 33]، قال: في ظهورها وألبانها، وأصوافها، وأوبارها، حتى تصير بدنا

(2)

.

3506 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد:{لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الحج: 33] قال: هي الإبل ينتفع بها حتى تقلد

(3)

.

3507 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا ورقاء، عن منصور، عن إبراهيم {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الحج: 33] قال: إن احتاج إلى ظهرها ركب وإن احتاج إلى لبنها شرب، يعني البدن

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 359 (14917) من طريق أبي خالد، عن الحجاج عن القاسم، عن مجاهد به.

(2)

رجاله ثقات.

(3)

رجاله ثقات.

(4)

إسناده ضعيف، ورقاء بن عمر في حديثه عن منصور لين.

ص: 89

‌11 - باب ما يقتل المحرم من الدواب

3508 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب، والحداءة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور"

(1)

.

3509 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3510 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا يحيى بن أيوب، عن محمد بن العجلان عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث مالك والليث، يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خمس من الدواب يقتلن في الحرم: العقرب، والحداءة، والغراب، والفأرة، والكلب العقور"، إلا أنه قال في حديثه:"والحية، والذئب، والكلب العقور"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 356، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 319، وأحمد (6229)، والبخاري (1826)، ومسلم (1199)، والنسائي 5/ 187، والبيهقي 5/ 209، 9/ 315، والبغوي (1990).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1199)(77)، والنسائي في المجتبى 5/ 189، وفي الكبرى (3799) من طرق عن الليث بن سعد به.

(3)

إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان.

وأخرجه ابن خزيمة (2666) بنفس السند.

وأخرجه ابن خزيمة (2666)، والبيهقي 5/ 210 من طريق ابن أبي مريم به. =

ص: 90

3511 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا زهير بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: الكلب العقور: الأسد

(1)

.

3512 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا حفص بن ميسرة، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن ابن سيلان، عن أبي هريرة

مثله

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى هذا فقالوا: الكلب العقور الذي أباح النبي صلى الله عليه وسلم قتله، هو الأسد، وكل سبع عقور، فهو داخل في ذلك.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

، فقالوا: الكلب العقور، هو الكلب المعروف، وليس الأسد منه في شيء، وقالوا: ليس في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الكلب العقور هو الأسد، وإنما ذلك من قول أبي هريرة رضي الله عنه وقد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نصا ما يدفع ذلك.

= وأخرجه أبو داود (1847)، وابن خزيمة (2667)، والبيهقي 5/ 210 من طريق حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عجلان به.

(1)

إسناده حسن، من أجل موسى بن مسعود أبي حذيفة النهدي.

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه عبد الرزاق (8378 - 8379)، والبزار (8179) عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن سيلان، عن أبي هريرة به.

(3)

قلت أراد بهم: زيد بن أسلم، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، وأبا عبيد القاسم بن سلام، ومالكا في رواية، والشافعي، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 12/ 421.

(4)

قلت أراد بهم: الأوزاعي، والحسن بن حي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 12/ 422.

ص: 91

3513 -

وهو ما حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا محمد بن بكر البرساني، قال: أنا ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير أن عبد الرحمن بن أبي عمار أخبره، قال: سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن الضبع فقلت: آكلها؟ قال: نعم، قلت: أصيد هي؟ قال: نعم، قلت: وسمعت ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم

(1)

.

3514 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا حبان، وشيبان، وهدبة، قالوا: ثنا جرير بن حازم، (ح)

وحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو غسان (ح)

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قالا: ثنا جرير، قال: ثنا عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: ثنا ابن أبي عمار، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الضبع؟ فقال:"هي من الصيد"، وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشا

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3471) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي 1/ 330، وعبد الرزاق (8682)، والدارمي (1942)، وأحمد (14425)، والترمذي (851، 1791)، والنسائي 5/ 191، 7/ 200، وابن الجارود (438، 890)، وابن خزيمة (2645)، وابن حبان (3965)، والدارقطني 2/ 245 - 246، والحاكم 1/ 452، والبيهقي 5/ 183، 9/ 318 - 319، والبغوي (1992) من طرق عن ابن جريج به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3468، 3469، 3470). =

ص: 92

3515 -

حدثنا هارون بن كامل، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، قال: حدثني إسماعيل بن أمية، وابن جريج، وجرير بن حازم، أن عبد الله بن عبيد بن عمير حدثهم، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي عمار أنه سأل جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن الضبع، فقال: آكلها؟ فقال: نعم، قلت: أصيد هي؟ قال: نعم، قلت: أسمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم

(1)

.

3516 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا حبان (ح)

وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قالا: ثنا حسان بن إبراهيم، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله، وزاد وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشا مسنّا، ويؤكل

(2)

.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 77، والدارمي (1941)، وأبو داود (3801)، وابن ماجة (3085)، وأبو يعلى (2159)، وابن الجارود (439)، وابن خزيمة (2646)، وابن حبان (3964)، والدارقطني 2/ 246، والحاكم 1/ 452، والبيهقي 5/ 183 من طرق عن جرير بن حازم به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3465) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (8681)، وأحمد (14165)، وابن ماجة (3236)، وأبو يعلى (2127)، والدارقطني 2/ 245 - 246، والبيهقي 9/ 318 - 319 من طرق عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن عبيد بن عمير به.

(2)

إسناده حسن، من أجل حسان بن إبراهيم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3472) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن خزيمة (2648)، والدارقطني 2/ 245، والحاكم 1/ 453، والبيهقي 5/ 183 من طرق عن حسان بن إبراهيم به.

ص: 93

3517 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، عن منصور بن زاذان، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: قضي في الضبع إذا قتلها المحرم بكبش

(1)

.

فلما كانت الضبع هي سبع، ولم يبح النبي صلى الله عليه وسلم قتلها، وجعلها صيدا، وجعل على قاتلها الجزاء، دلنا ذلك على أن الكلب العقور ليس هو السبع، وبطل بذلك ما ذهب إليه أبو هريرة رضي الله عنه، وكان الكلب العقور هو الكلب الذي تعرفه العامة.

فإن قال قائل: فلِمَ لا تبيحون قتل الذئب؟ قيل له: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خمس من الدواب يُقْتلن في الحرم والإحرام"، فذكر الخمس ما هن، فذكر الخمس يدل على أن غير الخمس حكمه غير حكمهن، وإلا لم يكن لذكر الخمس معنى، فالذين أباحوا قتل الذئب أباحوا قتل جميع السباع، والذين منعوا قتل الذئب حظروا قتل سائر السباع غير الكلب العقور خاصة.

وقد ثبت خروج الضبع من القتل، ولم يكن كلبا عقورا، وثبت أن الكلب العقور هو الكلب الذي تعرفه العامة.

فأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقتل في الإحرام والحرم.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 98 بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارقطني 2/ 147، والبيهقي 5/ 183 من طريقين عن هشيم به.

ص: 94

3518 -

فما حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي، وأحمد بن عبد الرحمن، قالا: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم عن أبيه، قال: قالت حفصة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس من الدواب يقتلهن المحرم: الغراب، والحدأة، والفأرة، والعقرب، والكلب العقور"

(1)

.

3519 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو زرعة، قال: أنا يونس، عن ابن شهاب، عن سالم أن عبد الله بن عمر قال: قالت حفصة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله

(2)

.

3520 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو عوانة، قال: ثنا زيد بن جبير أن رجلا سأل ابن عمر رضي الله عنهما عما يقتل المحرم، فقال: أخبرتني إحدى نسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر

ثم ذكر مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

ورواه النسائي 5/ 210 من طريق عيسى بن إبراهيم به.

وأخرجه البخاري (1828)، ومسلم (1200)(73)، والنسائي في المجتبى 5/ 210، والفاكهي في أخبار مكة (2285)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3056)، وابن خزيمة (2665)، والطبراني في الكبير 23/ (333، 366)، والخطيب في التاريخ 4/ 292 - 293، والبيهقي 5/ 210 من طريق عبد الله بن وهب به.

(2)

إسناده حسن، وأبو زرعة وهب الله بن راشد توبع فيه، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26439)، والبخاري (1827)، ومسلم (1200)(75)، وابن أبي حاتم في العلل 1/ 281 من طرق عن أبي عوانة به.

ص: 95

3521 -

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أسباط بن محمد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقتل المحرم

فذكر مثله

(1)

.

3522 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا عبد الأعلى بن حماد، قال: ثنا وهيب، قال: ثنا أيوب، (ح)

وحدثنا يزيد: قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3523 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

3524 -

حدثنا يزيد، قال: ثنا شيبان، قال: ثنا جرير، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(4)

.

= وقال أبو حاتم عند قوله حدثتني إحدى نسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أخته حفصة.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 420، وأحمد (4461)، ومسلم (1199)(77)، والنسائي في المجتبى 5/ 190، وفي الكبرى (3801)، وابن ماجة (3088)، وابن حبان (3961) من طرق عن عبيد الله بن عمر به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (8375)، وأحمد (5091)، ومسلم (1199)(77)، والنسائي في المجتبى 5/ 190، وفي الكبرى (3802)، والبيهقي 5/ 209 من طرق عن أيوب السختياني به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1199)(77)، والنسائي في المجتبى 5/ 189 من طريق الليث بن سعد به.

(4)

إسناده صحيح. =

ص: 96

3525 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن نافع وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3526 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3527 -

حدثنا يزيد، قال: ثنا القعنبي، قال: قرأت على مالك، عن عبد الله الله بن دينار، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

3528 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال شعبة: قلت: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وهو متثاقل

(4)

مثله

(5)

.

= وأخرجه مسلم (1199)(77)، وأبو يعلى (5810) من طريق شيبان بن فروخ به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 479، ومن طريقه عن عبد الله بن دينار أخرجه أحمد (6228)، والبخاري (1826، 3315)، والبيهقي 9/ 315، والبغوي (1990).

ومن طريق مالك عن نافع أخرجه الشافعي 1/ 319، وأحمد (6330)، والبخاري (1826)، ومسلم (1199)، والنسائي 5/ 187، والبيهقي 5/ 209، 9/ 315، والبغوي (1990).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1199)(77) من طريق حماد بن زيد به.

(3)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(4)

قال العيني في النخب 12/ 438: جملة وقعت حالا من عبد الله بن دينار.

(5)

إسناده صحيح. =

ص: 97

3529 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3530 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا شعبة

فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال:"الغراب الأبقع"

(2)

.

3531 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم: الكلب العقور، والفأرة، والحدأة، والعقرب، والغراب"

(3)

.

3532 -

حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا موسى بن أعين، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي نعم، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يقتل المحرم الحية، والعقرب، والفأرة الفُوَيسقة". قال يزيد: وعد غير هذا، فلم

= وأخرجه الطيالسي (1889)، وأحمد (5132) من طريق شعبة به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 5/ 209 من طريق أبي عامر العقدي به.

وأخرجه الطيالسي (1521)، وأحمد (24661)، ومسلم (1198)(67)، والنسائي في المجتبى 5/ 208، وفي الكبرى (3865)، وابن ماجة (3087)، وابن خزيمة (2669)، والبيهقي 9/ 316، والبغوي (1991) من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26244)، ومسلم (1198)(68)، والنسائي في المجتبى 5/ 211، وفي الكبرى (3874)، وأبو يعلى (4503) من طرق عن حماد بن زيد به.

ص: 98

أحفظ قال: قلت: ولم سميت الفأرة الفويسقة؟ قال: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، وقد أخذت فأرة فتيلة لتحرق على رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فقام إليها فقتلها، وأحل قتلها لكل محرم أو حلال

(1)

فهذا ما أباح النبي صلى الله عليه وسلم للمحرم قتله في إحرامه، وأباح للحلال قتله في الحرم، وعدّ ذلك خمسا، فذلك ينفي أن يكون حكم أشكال شيء من ذلك كحكم هذه الخمس إلا ما اتفق عليه من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عناه.

فإن قال قائل: فقد رأينا الحيّة مباحا قتلها في ذلك كله، وكذلك جميع الهوام، فإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك العقرب خاصة، فجعلتم كل الهوام كذلك، فبما تنكرون أن تكون السباع كذلك أيضا فيكون ما ذكر إباحة قتله منهن إباحة منه لقتل جميعهن.

قيل له: قد أوجدناك عن النبي صلى الله عليه وسلم نصا في الضبع وهي من السباع أنها غير داخلة فيما أباح قتله من الخمس.

فثبت بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد قتل سائر السباع بإباحته قتل الكلب العقور، وإنما أراد بذلك خاصا من السباع، ثم قد رأيناه أباح ذلك أيضا قتل الغراب والحدأة، وهما من ذوي المخلب من الطير، وقد أجمعوا أنه لم يرد بذلك كل ذي

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد.

وأخرجه عبد الرزاق (8385)، وابن أبي شيبة 4/ 422، وأحمد (10990)، والبخاري في الأدب المفرد (1223)، وأبو داود (1848)، والترمذي (838)، وابن ماجة (3089)، وأبو يعلى (1170) من طرق عن يزيد بن أبي زياد به.

ص: 99

مخلب من الطير، لأنهم قد أجمعوا أن العقاب والصقر والبازي ذوو مِخْلَب غير مقتولين في الحرم كما يقتل الغراب والحدأة، وإنما الإباحة من النبي صلى الله عليه وسلم لقتل الغراب والحدأة عليهما خاصة، لا على ما سواهما من كل ذي مخلب من الطير، وأجمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح قتل العقرب في الإحرام والحرم، وأجمعوا أن جميع الهوام مثلها، وأن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بإباحة قتل العقرب إباحة قتل جميع الهوام، فذو الناب من السباع بذي المخلب من الطير أشبه منه بالهوام مع ما قد بين ذلك، وشدّه ما رواه جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الضبع.

فإن قال قائل: إنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم حكم الضبع كما ذكرت، لأنها تؤكل، فأما ما كان لا يؤكل من السباع فهو كالكلب.

قيل له: قد غلطت في التشبيه، لأنا قد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم قد أباح قتل الغراب والحدأة والفأرة، وأكل لحوم هؤلاء مباح عندكم، فلم يكن إباحة أكلهن مما يوجب حرمة قتلهن، فكذلك الضبع ليس إباحة أكلها أوجب حرمة قتلها، وإنما منع من قتلها أنها صيد، وإن كانت سبعا وكل السباع كذلك إلا الكلب الذي خصّه النبي صلى الله عليه وسلم بما خصه به.

فإن قال قائل: فكيف يكون سائر السباع كذلك، وهي لا تؤكل؟.

قيل له: قد يكون من الصيد ما لا يؤكل ومباح للرجل صيده ليطعمه كلابه إذا كان في الحل حلالا. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الحية أيضا في الحرم.

ص: 100

3533 -

ما حدثنا أبو أمية، قال: ثنا موسى بن داود قال: ثنا حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الحية ونحن بمنى

(1)

.

فقد دل ذلك أن سائر الهوام مباح قتله في الإحرام والحرم، وجميع ما صححنا في هذا الباب قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد، رحمهم الله تعالى غير الذئب فإنهم جعلوه في ذلك كالكلب سواء.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (3586)، والبخاري (1830، 4934)، ومسلم (2234 - 2235)، والنسائي في المجتبى 5/ 208 وفي الكبرى (11643)، وابن خزيمة (2668)، والطبراني في الكبير (10149)، والبيهقي 5/ 210 من طريق حفص بن غياث.

ص: 101

‌12 - باب: الصيد يذبحه الحلال هل للمحرم أن يأكل منه أم لا؟

3534 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد (ح)

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه نزل قُديدا، فأتي بالحجل في الجفان شائلة بأرجلها، فأرسل إلى علي رضي الله عنه وهو يضفر بعيرا له فجاءه والخبط يتحات من يديه، فأمسك علي رضي الله عنه وأمسك الناس، فقال علي رضي الله عنه: مَنْ ها هنا من أشجع؟ هل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه أعرابي ببيضات نعام وتتمير وحش فقال: أطعمهن أهلك، فإنا حرم؟ قالوا: نعم

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا الحديث فقالوا: لا يحل للمحرم أن يأكل لحم صيد قد ذبحه حلال، لأن الصيد نفسه حرام عليه، فلحمه أيضا حرام عليه واحتجوا في ذلك أيضا.

(1)

إسناده ضعيف، لضعف علي بن زيد بن جدعان.

وأخرجه أحمد (814)، وأبو يعلى (351) من طريقين عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه البزار (1100) من طريق سليمان بن المغيرة، عن علي بن زيد به.

وأخرجه أبو داود (1849)، والبيهقي 5/ 194 من طريق إسحاق بن عبد الله، عن عبد الله بن الحارث به.

(2)

قلت أراد بهم: الشعبي، وطاووسا، ومجاهدا، وجابر بن زيد أبا الشعثاء، والثوري، والليث بن سعد، ومالكا في رواية، وإسحاق في رواية رحمهم الله، كما في النخب 12/ 456.

ص: 102

3535 -

بما حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن عمران، قال: ثنا أبي، قال: ثنا ابن أبي ليلى، عن عبد الكريم، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن ابن عباس عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلحم صيد وهو محرم، فلم يأكله

(1)

.

3536 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان عن عبد الكريم، عن قيس بن مسلم الجدلي، عن الحسن بن محمد بن علي، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدي له وشيقة

(2)

ظبي وهو محرم، فرده. قال يونس: سمعته كله من سفيان غير قوله وشيقة فإني لم أفهم ذلك منه، وحدثنيه بعض أصحابنا عنه

(3)

.

وليس في هذا الحديث ذكر علة ردّه لحم الصيد ما هي؟ فقد يحتمل أن يكون ذلك لعلة الإحرام، ويحتمل أن يكون لغير ذلك، فلا دلالة في هذا الحديث لأحد، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها من رأيها في الصيد يصيده الحلال فيذبحه، أنه لا بأس بأكله للمحرم.

(1)

إسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى وعبد الكريم بن أبي المخارق.

وأخرجه ابن ماجة (3091)، وعبد الله بن أحمد (830)، وأبو يعلى (433) من طريق عثمان بن أبي شيبة عن عمران بن محمد بن أبي ليلى عن أبيه، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 2/ 148 وفي إسناده عبد الكريم وهو ابن أبي المخارق وهو ضعيف وكذلك الراوي عنه

(2)

الوشيقة: أن يؤخذ اللحم فيغلي قليلا لا ينضج ويحمل في الأسفار.

(3)

إسناده ضعيف لضعف عبد الكريم بن أبي المخارق.

وأخرجه أحمد (24128)، وأبو يعلى (4616، 4617، 4827)، من طريق سفيان بن عيينة به

وأخرجه عبد الرزاق (8324) ومن طريقه أحمد (25882)، عن قيس بن مسلم، عن حسن بن محمد، عن عائشة به.

وأخرجه عبد الرزاق (8325)، عن معمر، وأبو يعلى (4617) من طريق ابن جريج، كلاهما عن عبد الكريم به.

ص: 103

3537 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا شعبة، قال: حدثني شيخ كخير الشيوخ، يقال له عبيد الله بن عمران القريعي قال: سمعت عبيد الله بن شماس يقول: أتيت عائشة رضي الله عنها فسألتها عن لحم الصيد يصيده الحلال، ثم يهديه للمحرم، فقالت: اختلف فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنهم من حّرمه، ومنهم من أحلّه، وما أرى بشيء منه بأسا

(1)

.

3538 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن عمران بن عبيد الله، أو عبيد الله بن عمران رجل من بني تميم، عن عبيد الله بن شماس، عن عائشة

مثله

(2)

.

فهذه عائشة رضي الله عنها لم يكن رد النّبي صلى الله عليه وسلم لحم الصيد على الحلال عندها على ما قد دلها على حرمته على المحرم. واحتجوا في ذلك أيضا بما

3539 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم عن طاووس، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لزيد بن أرقم: حدثتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدي له عضو صيد وهو محرم، فلم يقبله

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عبيد الله بن عمران وعبيد الله بن شماس.

وأخرجه البيهقي 5/ 194 من طريق معاذ، عن شعبة به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (8323)، والحميدي (802)، وأحمد (19271، 19341)، ومسلم (1195)، والنسائي في المجتبى 5/ 184، وفي الكبرى (3804)، وابن خزيمة (2639)، والطبراني في الكبير (4964)، وابن عبد البر في التمهيد 9/ 56 - 57 من طرق عن ابن جريج به.

ص: 104

3540 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاووس، قال: لما قدم زيد بن أرقم أتاه ابن عباس فقال: أهدى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم صيد فرده وقال: "إني حرام"

(1)

.

3541 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن قيس، عن عطاء، أن ابن عباس قال لزيد بن أرقم: هل علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدي له عضو صيد وهو محرم، فلم يقبله؟ قال نعم

(2)

.

فهذا أيضا مثل حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ردّ ذلك العضو على الذي أهداه إليه، لأنه حرام. واحتجوا في ذلك أيضا بما

3542 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة قال: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بالأبواء أوبودّان، فأهديت له لحم حمار وحش، فرده علي، فلما رأى الكراهة في وجهي، قال:"ليس بنا ردّ عليك، ولكنا حرم"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في المجتبى 5/ 184، وفي الكبرى (3790) من طريق أبي عاصم به.

(2)

إسناده صحيح

وأخرجه عبد بن حميد (269)، وأحمد (19294، 19311)، وأبو داود (1850)، والنسائي في المجتبى 5/ 184، وفي الكبرى (3789)، وابن حبان (3968)، والطبراني في الكبير (4965) من طرق عن حماد بن سلمة به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 105

3543 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أسد قال: ثنا المسعودي، عن إسحاق بن راشد، عن الزهري

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

فقيل لهم: هذا حديث مضطرب، قد رواه قوم على ما ذكرنا، ورواه آخرون فقالوا: إنما أهدي إليه حمارا وحشيا.

3544 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس: أن الصعب بن جثامة أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا

ثم ذكر مثل حديثه عن سفيان

(2)

.

3545 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

= وأخرجه الشافعي 2/ 103، والحميدي (783)، والدارمي 2/ 39، وأحمد (16422)، ومسلم (1193)(52)، وابن ماجة (3090)، وابن حبان (136)، والبيهقي 5/ 192، 9/ 78 من طريق سفيان بن عيينة به.

(1)

حديث صحيح، وأسد بن موسى لم نقف على أن أسد بن موسى روى عن المسعودي قبل الاختلاط أم بعده.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 475، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 323، وأحمد (16423)، والبخاري (1825، 2573)، ومسلم (1153)(50)، والنسائي في المجتبى 5/ 183 - 184، وابن الجارود (436)، وابن حبان (3969)، والطبراني في الكبير (7430)، والبيهقي 5/ 191، والبغوي (1987).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1229)، وأحمد (16429)، وابن الجارود (436)، والطبراني في الكبير (7433) من طرق عن ابن أبي ذئب به.

ص: 106

3546 -

حدثنا يونس، قال: ثنا شعيب بن الليث، عن أبيه، عن الزهري

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

ففي هذه الأحاديث أن الهدية التي ردَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصعب من أجل أنّه حرام كانت حمارا وحشيا، فإن كان ذلك كذلك، فإن هذا لا يختلف أحد في حرمته على المحرم غير أن سعيد بن جبير قد روى هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما فزاد فيه حرفا على ما رواه عبيد الله بين بذلك الحرف أن الحمار كان مذبوحا.

3547 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا سفيان، عن أبي الهذيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن الصعب بن جثامة أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا فرده، وكان مذبوحا

(2)

.

3548 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن الصعب بن جثامة أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا يقطر دما، فرده عليه، وقال:"إني حرام"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الترمذي (849)، وابن ماجة (3090) من طريق الليث بن سعد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البزار (5104) من طريق الفريابي به.

(3)

إسناده صحيح

وأخرجه أحمد (2530)، ومسلم (1194)(54)، والنسائي 5/ 185، والطبراني (12342)، والبيهقي 5/ 193 من =

ص: 107

ففي هذا الحديث أن ذلك كان مذبوحا، وقد رده رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه حرام، وقد روي أيضا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان عجز حمار وحش أو فخذ حمار وحش.

3549 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: حدثني أبو عامر، ووهب عن شعبة، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن الصعب بن جثامة أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم عجز حمار وحش، وهو بقديد يقطر دما، فرده

(1)

.

3550 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت منصورا عن الحكم بن عتيبة

فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: رجل حمار

(2)

.

3551 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، وحبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن الصعب بن جثامة، أهدى

= طرق عن شعبة به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2633)، وأحمد (2535)، ومسلم (1194)(54)، والنسائي 5/ 185، والطبراني (12366)، والبيهقي 5/ 193 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1193)(54)، من طريق يحيى بن يحيى، عن المعتمر بن سليمان به.

وأخرجه النسائي في المجتبى 5/ 184، وفي الكبرى (3791) من طريق جرير، عن منصور به.

ص: 108

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحدهما: عجز حمار، وقال الآخر: فخذ حمار وحش، يقطر دما، فرده

(1)

.

فقد اتفقت هذه الآثار المروية عن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث الصعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رده الهدية عليه، أنها كانت في لحم صيد غير حي، فذلك حجة لمن كره للمحرم أكل لحم الصيد، وإن كان الذي تولى صيده وذبحه حلال وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك.

3552 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن، ويحيى بن عبد الله بن سالم، عن عمرو مولى المطلب، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لحم الصيد حلال لكم وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصاد لكم

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2533، 3132)، ومسلم (1193)(54)، والنسائي في المجتبى 5/ 185، وفي الكبرى (3792) من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده فيه انقطاع، قال الترمذي: المطلب لا نعرف له سماعا من جابر وقال أبو حاتم في المراسيل (ص 210) عامة أحاديثه مراسيل لم يدرك أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع من جابر وقال ابن التركماني في الجوهر النقي 5/ 191 فالحديث في نفسه معلول عمرو بن أبي عمرو مع اضطرابه في هذا الحديث متكلم فيه.

وأخرجه ابن خزيمة (2641) بنفس السند.

وأخرجه ابن خزيمة (2641) من طريق الليث بن سعد، عن يحيى بن عبد الله به.

وأخرجه الشافعي 1/ 322 - 323، وأحمد (14894)، وأبو داود (1851)، والترمذي (846)، والنسائي 5/ 187، وابن الجارود (437)، وابن حبان (3971)، والدارقطني 2/ 290، والحاكم 1/ 452، 476، والبيهقي 5/ 190 والبغوي (1981) من طرق عن عمرو بن أبي عمرو به.

ص: 109

3553 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن رجل من الأنصار، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3554 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا إبراهيم بن سويد، قال: حدثني عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

فذهب قوم

(3)

إلى هذا، فقالوا: كل صيد صِيدَ من أجل محرم وإن كان الذي صاده حلال، فهو حرام على ذلك المحرم كما يحرم عليه ما تولى هو صيده بنفسه.

(1)

إسناده فيه رجل مجهول والظاهر أنه هو المطلب.

وأخرجه الشافعي 1/ 323، وأحمد (15158)، والدارقطني 2/ 290 - 291، والبيهقي 5/ 190 من طريق عبد العزيز به.

وأخرجه الدارقطني 2/ 290، والحاكم 1/ 476 من طريق سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن رجل من بني سلمة، عن جابر به.

وأخرجه أحمد (15185) من طريق عمرو عن رجل ثقة

عن جابر.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه، قال عباس الدوري في التاريخ 2/ 571: سئل يحيى: سمع المطلب من أبي موسى؟ قال: لا.

وأخرجه الطبراني في الكبير كما في معجم الزوائد 3/ 391 من طريق يوسف بن خالد السمتي، عن عمرو به.

(3)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، والشافعي، ومالكا، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 12/ 482.

ص: 110

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: كل صَيدْ صاده حلال، فلحمه حلال لكل محرم وحلال.

وكان من الحجة لهم في حديث المطلب الذي ذكرنا أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "أو يصاد لكم" يحتمل أن يكون أراد به "أو يصاد لكم بأمركم".

فإن كان ذلك كذلك، فأنتم أيضا كذلك تقولون: كل صيد صاده حلال لمحرم بأمره، فهو حرام على ذلك المحرم.

وقد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث جاءت مجيئا متواترا في إباحة لحم الصيد الذي قد صاده الحلال للمحرم، إذا لم يكن صاده بأمره، ولا بمعونته إياه عليه.

3555 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن المنكدر، عن معاذ بن عبد الرحمن التيمي، عن أبيه عبد الرحمن بن عثمان، قال: كنا مع طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ونحن حرم، فأهدي له طير وطلحة راقد، فمنّا من أكل ومنا من تورَّع، فلما استيقظ طلحة، وقدم بين يديه أكله

(2)

وقال: أكلته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: مجاهدا، وعطاء في رواية، وسعيد بن جبير، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 12/ 483.

(2)

في م س خد "أكله وفق من أكله".

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 111

3556 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال أنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عيسى بن طلحة، عن عمير بن سلمة، عن رجل من بهز: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالروحاء، فإذا هو بحمار وحش عقير، فيه سهم قد مات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه حتى يجيء صاحبه، فجاء البهزي فقال: يا رسول الله: هي رميتي فكلوه، فأمر أبا بكر رضي الله عنه أن يقسمه بين الرفاق وهم محرمون، ثم سار حتى إذا كان بالأثاية

(1)

إذا هو بظبي مستظل في حقف جبل، فيه سهم وهو حي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل:"قف ها هنا لا يراه أحد حتى يمضي الرفاق"

(2)

.

3557 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن يحيى بن سعيد أنه قال: أخبرني محمد بن إبراهيم

ثم ذكر بإسناده مثله

(3)

.

= وأخرجه الدارمي (1829)، وأحمد (1383) من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج به.

وأخرجه أبو يعلى (658)، والشاشي (12 - 13) من طريق فليح بن سليمان، عن محمد بن المنكدر به، ولم يذكر معاذا وقال الدارقطني في العلل 4/ 216: والصواب حديث ابن جريج وهو حفظ إسناده.

(1)

بفتح الهمزة: هي اسم منهل بين الرويثة والعرج.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (15744)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1382)، والطبراني في الكبير (5283)، والبيهقي 5/ 188 من طريق يزيد بن هارون به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 472، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق (8339)، والنسائي في المجتبى 5/ 182 - 183، وابن =

ص: 112

3558 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود، قال: أنا نافع بن يزيد، عن ابن الهاد، أن محمد بن إبراهيم حدثه، عن عيسى بن طلحة، عن عمير بن سلمة الضمري قال: بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض أفناء

(1)

الروحاء وهو محرم، إذا هو حمار معقور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دعوه، فيوشك صاحبه أن يأتيه"، فجاء رجل من بهز، هو الذي عقر الحمار فقال: يا رسول الله! شأنكم بهذا الحمار فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فقسمه بين الناس

ثم ذكر نحو ما في حديث يزيد، عن يزيد بن هارون

(2)

.

3559 -

حدثنا محمد بن خزيمة وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني ابن الهاد

ثم ذكر بإسناده مثله

(3)

.

ففي حديث طلحة وعمير بن سلمة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أباح للمحرمين أكل لحم الصيد الذي تولى صيده الحلال فقد خالف ذلك حديث علي وزيد بن أرقم والصعب بن جثامة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه

= حبان (5111)، والبيهقي 6/ 171، 9/ 322.

(1)

في ن "أمياه".

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (972)، والنسائي في المجتبى 7/ 205، وابن حبان (5112)، والحاكم 3/ 623 - 624 من طريق يزيد بن الهاد به.

وأخرجه أحمد (15450)، وابن عبد البر في التمهيد 23/ 342 من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

ص: 113

وسلم غير أن حديث طلحة، وحديث عمير بن سلمة هذين ليس فيهما دليل على حكم الصيد إذا أراد الحلال به المحرم. فنظرنا في ذلك فإذا

3560 -

ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا عياش بن الوليد الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن عبيد الله، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة الأنصاري على الصدقة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم محرمون، حتى نزلوا عُسْفان، فإذا هم بحمار وحش قال: وجاء أبو قتادة وهو حل، فنكسوا رءوسهم كراهية أن يحدوا أبصارهم، فيفطن، فرآه، فركب فرسه، وأخذ الرمح، فسقط منه، فقال: ناولونيه فقالوا: ما نحن بمعينيك عليه بشيء فحمل عليه، فعقره فجعلوا يشوون منه ثم قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا قال: وكان تقدمهم فلحقوه فسألوه، فلم ير بذلك بأسا

(1)

.

3561 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: أنا خالد بن عبد الله، قال: أنا عمرو بن يحيى، عن عباد بن تميم، عن أبي قتادة: أنه كان على فرس -وهو حلال-، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه محرمون فبصر بحمار وحش فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعينوه، فحمل عليه فصرع أتانًا فأكلوا منه

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (3976)، والطبراني في الأوسط (4542)، والبزار (1101) من طريقين عن عبد الأعلى به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الفاكهي في فوائده (66) من طريق خالد بن عبد الله به.

ص: 114

3562 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني عثمان بن عبد الله بن موهب، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، أنه كان في قوم محرمين، وليس هو بمحرم وهم يسيرون، فرأوا حمارا، فركب فرسه فصرعه، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه عن ذلك، فقال:"أشرتم أو صدتم أو قتلتم؟ " قالوا: لا، قال:"فكلوا"

(1)

.

3563 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن أبي النضر، عن نافع مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة بن ربعي، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان ببعض طريق مكة، تخلف مع أصحاب له محرمين؟ وهو غير محرم، فرأى حمارا وحشيا، فاستوى على فرسه، ثم سأل أصحابه أن يناولوه سوطه، فأبوا فسألهم رمحه، فأبوا، فأخذه، ثم شد على الحمار فقتله، فأكل منه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بعضهم، فلما أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن ذلك، فقال:"إنما هي طعمة أطعمكموها الله"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (22574)، والدارمي (1827)، ومسلم (1196)(61)، والنسائي 5/ 186، وابن الجارود (435)، وابن خزيمة (2635، 2636)، وابن عبد البر في التمهيد 21/ 156 من طرق عن شعبة به.

وأخرجه البخاري (1824)، ومسلم (1196)(60) من طريق أبي عوانة، عن عثمان بن عبد الله بن موهب به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 470، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 321، وأحمد (22567)، والبخاري (2914، 5490)، ومسلم (1196)(57)، وأبو داود (1852)، والترمذي (847)، والنسائي 5/ 182، وابن حبان (3975)، =

ص: 115

3564 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أخبره، عن أبي قتادة

مثله، وزاد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هل معكم من لحمه شيء؟ "

(1)

.

فقد علمنا أن أبا قتادة لم يصده في وقت ما صاده إرادةً منه أن يكون له خاصة، وإنما أراد أن يكون له ولأصحابه الذين كانوا معه" فقد أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لهم وله، ولم يحرمه عليهم لإرادته أن يكون لهم معه.

وفي حديث عثمان بن عبد الله بن موهب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سألهم فقال: "أشرتم، أو صدتم، أو قتلتم؟ "، قالوا: لا، قال:"فكلوا" فدل ذلك أنه إنما يحرم عليهم إذا فعلوا شيئا من هذا، ولا يحرم عليهم بما سوى ذلك وفي ذلك دليل أن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو مولى المطلب" أو يصاد لكم أنه على ما صيد لهم بأمرهم.

فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال بهذا القول أيضا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

= والبيهقي 5/ 187، والبغوي (1988).

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 471، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 322، والبخاري بإثر الحديث (2914، 5491)، ومسلم (1196)(58)، والترمذي (848)، والبيهقي 5/ 187، والبغوي بإثر الحديث (1988).

ص: 116

3565 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا هارون بن إسماعيل، قال: ثنا علي بن المبارك، قال: ثنا يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رجلا من أهل الشام استفتاه في لحم الصيد وهو محرم، فأمره بأكله قال: فلقيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخبرته بمسألة الرجل، فقال: بم أفتيته؟ فقلت: بأكله فقال: والذي نفسي بيده لو أفتيته بغير ذلك لعلوتك بالدّرة إنما نهيت أن يصطاده

(1)

.

3566 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن يحيى بن سعيد، أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث، عن أبي هريرة

فذكر مثله، غير أنه قال: لفعلت بك يتواعده

(2)

.

3567 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن سالم أنه سمع أبا هريرة، عن ابن عمر

(3)

رضي الله عنه

فذكر مثله

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي في الكبرى 5/ 188 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن هشام به.

وأخرجه عبد الرزاق (8342) عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبي هريرة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مالك 1/ 473 عن يحيى بن سعيد به.

(3)

في س خد "عمر"، والمثبت من م ج د.

(4)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 1/ 473، ومن طريقه أخرجه البيهقي 5/ 189.

ص: 117

3568 -

حدثنا نصر بن مرزوق، وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

فلم يكن عمر رضي الله عنه ليعاقب رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتياه في هذا بخلاف ما يرى، والذي عنده في ذلك مما يخالف ما أفتى به رأيًا ولكن ذلك عندنا -والله أعلم-، لأنه قد كان أخذ علم ذلك من غير جهة الرأي.

3569 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود: أن كعبا سأل عمر رضي الله عنه عن الصيد يذبحه الحلال فيأكله المحرم، فقال عمر رضي الله عنه: لو تركته لرأيتك لا تفقه شيئا

(2)

.

وقد احتج في ذلك المخالفون لهذا القول بما

3570 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو عوانة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن أبيه قال: كنا مع عثمان وعلي رضي الله عنهما حتى إذا كنا بمكان كذا وكذا، قرب إليهم طعام قال: فرأيت جفنة كأني أنظر إلى عراقيب اليعاقيب، فلما رأى ذلك علي رضي الله عنه قام، وقام معه ناس، قال فقيل: والله ما أشرنا، ولا أمرنا ولا صِدنا، فقيل لعثمان رضي الله عنه: ما قام هذا ومن معه إلا كراهية

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 307 (14466) عن وكيع، عن أسامة بن زيد، عن سالم عن أبي هريرة به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وأخرجه عبد الرزاق (8341) عن معمر والثوري، عن منصور به.

ص: 118

لطعامك فدعاه فقال: ما كرهت من هذا؟ فقال علي رضي الله عنه {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] ثم انطلق

(1)

.

قال: فذهب علي رضي الله عنه إلى أن الصيد ولحمه حرام على المحرم قيل لهم: فقد خالفه في ذلك عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله، وعائشة، وأبو هريرة رضي الله عنهم.

وقد تواترت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يوافق ما ذهبوا إليه وقوله عز وجل: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] يحتمل ما حرم عليهم منه، هو أن يصيدوه، ألا ترى إلى قول الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] فنهاهم الله تعالى في هذه الآية عن قتل الصيد وأوجب عليهم الجزاء في قتلهم إياه.

فدل ما ذكرنا أن الذي حرم على المحرمين من الصيد، هو قتله، وقد رأينا النظر أيضا يدل على هذا، وذلك أنهم أجمعوا على أن الصيد يحرمه الإحرام على المحرم، ويحرمه الحرم على الحلال وكان من صاد صيدا في الحل فذبحه في الحل ثم أدخله الحرم، فلا بأس بأكله إياه في الحرم، ولم يكن إدخاله لحم الصيد الحرم كإدخاله الصيد نفسه وهو حي، لأنه لو كان كذلك لنهى عن إدخاله ويمنع من أكله إياه فيه كما يمنع من الصيد في ذلك

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد.

وأخرجه عبد الرزاق (8327) عن معمر، عن يزيد بن أبي زياد به مختصرا.

ص: 119

كله، ولكان إذا أكله في الحرم وجب عليه ما يجب في قتل الصيد، فلما كان الحرم لا يمنع من لحم الصيد الذي صيد في الحل كما يمنع من الصيد الحي، كان النظر على ذلك أن يكون كذلك الإحرام أيضا يحرم على المحرم الصيد الحي، ولا يحرم عليه لحمه إذا تولى الحلال ذبحه قياسا ونظرا على ما ذكرنا من حكم الحرم.

فهذا هو النظر في هذا الباب، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

ص: 120

‌13 - باب: رفع اليدين عند رؤية البيت

3571 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا نعيم بن حماد: قال: ثنا الفضل بن موسى، قال: ثنا ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر، وعن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ترفع الأيدي في سبع مواطن، في افتتاح الصلاة، وعند البيت، وعلى الصفا والمروة، وبعرفات وبالمزدلفة، وعند الجمرتين"

(1)

.

3572 -

حدثنا فهد قال: ثنا الحماني، قال: ثنا المحاربي، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

قال أبو جعفر: فكان هذا الحديث مأخوذا به، لا نعلم أحدا خالف شيئا منه غير رفع اليدين عند البيت فإن قوما

(3)

ذهبوا إلى ذلك، واحتجوا بهذا الحديث.

(1)

إسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى.

وأخرجه البخاري تعليقا في رفع اليدين (143) عن وكيع، عن ابن أبي ليلى به.

وأخرجه البيهقي 5/ 72 من طريق ابن أبي ليلى به موقوفا.

وقال البخاري في رفع اليدين (144، 146)، قال علي بن مسهر والمحاربي، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال شعبة: إن الحكم لم يسمع من مقسم إلا أربعة أحاديث ليس فيها هذا الحديث وليس هذا من المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن أصحاب نافع خالفوا، وحديث الحكم عن مقسم مرسل.

وأخرجه ابن أبي شيبة (14322) عن أبي معاوية، عن ابن أبي ليلى عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس موقوفا.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه ابن خزيمة (2703) من طريق المحاربي به.

(3)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، والأسود بن يزيد، وعلقمة بن قيس، وخيثمة، وسعيد بن جبير، وأصحاب عبد الله =

ص: 121

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فكرهوا رفع اليدين عند رؤية البيت. واحتجوا في ذلك بما.

3573 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن أبي قزعة الباهلي، عن المهاجر، عن جابر بن عبد الله أنه سئل عن رفع الأيدي عند البيت، فقال: ذاك شيء يفعله اليهود، قد حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يفعل ذلك

(2)

.

فهذا جابر بن عبد الله رضي الله عنه يخبر أن ذلك من فعل اليهود، وليس من فعل أهل الإسلام، وأنهم قد حجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفعل ذلك فإن كان هذا الباب يؤخذ من طريق الإسناد، فإن هذا الإسناد أحسن من إسناد الحديث الأول وإن كان ذلك يؤخذ من طريق تصحيح معاني الآثار، فإن جابرا قد أخبر أن ذلك من فعل اليهود.

= بن مسعود رضي الله عنه رحمهم الله، كما في النخب 12/ 519.

(1)

قلت أراد بهم: الثوري، والأوزاعي، وعطاء، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 12/ 521.

(2)

إسناده فيه مهاجر بن عكرمة روى عنه جمع وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الخطابي في معالم السنن 2/ 191: قد اختلف الناس في هذا فكان ممن يرفع يديه إذا رأى البيت سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وضعف هؤلاء حديث جابر لأن مهاجرا راويه عندهم مجهول.

وأخرجه الطيالسي (1879)، وابن أبي شيبة 4/ 95 - 96، والدارمي (2052)، وأبو داود (1870)، والترمذي (855)، والنسائي في المجتبى 5/ 212، وفي الكبرى (3864)، وابن خزيمة (2704)، والبيهقي 5/ 73 من طرق عن شعبة به.

ص: 122

فقد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر به على الاقتداء منه بهم، إذ كان حكمه أن يكون على شريعتهم، لأنهم أهل كتاب، حتى يحدث الله عز وجل له شريعة تنسخ شريعتهم، ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فخالفهم، فلم يرفع يديه إذًا من مخالفتهم فحديث جابر أولى، لأن فيه تصحيح النسخ لحديث ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وإن كان يؤخذ من طريق النظر.

فإنا قد رأينا الرفع المذكور في هذا الحديث على ضربين: فمنه رفع لتكبير الصلاة، ومنه رفع للدعاء، فأما ما للصلاة، فرفع اليدين عند افتتاح الصلاة، وأما ما للدعاء فرفع اليدين عند الصفا والمروة، وبجمع، وعرفة وعند الجمرتين فهذا متفق عليه. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في رفع اليدين بعرفة.

3574 -

ما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال أنا حماد، عن بشر بن حرب، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بعرفة وكان يرفع يديه نحو ثندوته

(1)

(2)

.

فأردنا أن ننظر في رفع اليدين عند رؤية البيت هل هو كذلك أم لا؟ فرأينا الذين ذهبوا إلى ذلك ذهبوا إلى أنه لا لعلة الإحرام، ولكن لتعظيم البيت

(1)

الثندوة للرجل كالثدي للمرأة.

(2)

إسناده ضعيف لضعف بشر بن حرب الأزدي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 287، وأحمد (11093، 11103، 11803، 11806، 11911) من طرق عن حماد بن سلمة به.

ص: 123

وقد رأينا الرفع المأمور به بعرفة والمزدلفة، وعند الجمرتين، وعلى الصفا والمروة، إنما أمر بذلك من طريق الدعاء في الموطن الذي جعل ذلك الوقوف فيه لعلة الإحرام.

وقد رأينا مَن صار إلى عرفة، أو مزدلفة، أو موضع رمي الجمار، أو الصفا والمروة، وهو غير محرم أنه لا يرفع يديه لتعظيم شيء من ذلك.

فلما ثبت أن رفع اليدين لا يؤمر به في هذه المواطن إلا لعلة الإحرام، ولا يؤمر به في غير الإحرام، كان كذلك لا يؤمر برفع اليدين لرؤية البيت في غير الإحرام فإذا ثبت أن لا يؤمر بذلك في غير الإحرام ثبت أن لا يؤمر به أيضا في الإحرام.

وحجة أخرى: أنا قد رأينا ما يؤمر برفع اليدين عنده في الإحرام ما كان مأمورا بالوقوف عنده من المواطن التي ذكرنا، وقد رأينا جمرة العقبة جمرة كغيرها من الجمار، غير أنه لا يوقف عندها، فلم يكن هناك رفع، فالنظر على ذلك أن يكون البيت لما لم يكن عنده وقوف، أن لا يكون عنده رفع قياسا ونظرا على ما ذكرنا من ذلك، وهذا الذي ثبتناه بالنظر، هو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى. وقد روي في ذلك، عن إبراهيم النخعي ما

3575 -

حدثنا سليمان بن شعيب بن سليمان، عن أبيه، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة، عن طلحة بن مصرف، عن إبراهيم النخعي قال ترفع الأيدي في سبع مواطن: في افتتاح الصلاة، وفي التكبير للقنوت في الوتر، وفي العيدين، وعند استلام الحجر، وعلى الصفا والمروة، وبجمع وعرفات، وعند المقامين عند الجمرتين

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

ص: 124

قال أبو يوسف رحمه الله: فأما في افتتاح الصلاة في العيدين، وفي الوتر، وعند استلام الحجر، فيجعل ظهر كفيه إلى وجهه، وأما في الثلاث الأخر، فيستقبل بباطن كفيه وجهه فأما ما ذكرنا في افتتاح الصلاة فقد اتفق المسلمون على ذلك جميعا، وأما التكبيرة في القنوت في الوتر فإنها تكبيرة زائدة في تلك الصلاة.

وقد أجمع الذين يقنتون قبل الركوع على الرفع معها، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك كل تكبيرة زائدة في كل صلاة، فتكبير العيدين الزائد فيها على سائر الصلوات، كذلك أيضا، وأما عند استلام الحجر فإن ذلك جعل تكبيرا يفتتح به الطواف، كما يفتتح بالتكبير الصلاة، وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا.

3576 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن أبي يعفور العبدي، قال: سمعت أميرا كان على مكة منصرف الحجاج عنها سنة ثلاث وسبعين يقول: كان عمر رضي الله عنه رجلا قويا وكان يزاحم على الركن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا حفص! أنت رجل قوي، وإنك تزاحم على الركن، فتؤذي الضعيف، فإذا رأيت خلوة فاستلمه، وإلا فكبر وامض"

(1)

.

= وأخرجه أبو يوسف في آثاره (100) عن أبي حنيفة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 436 (15751) من طريق أبي خالد، عن حجاج، عن طلحة، عن إبراهيم وخيثمة به.

(1)

رجاله ثقات غير أمير كان على مكة، وفي السنن المأثورة (510) عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث وهو من أولاد الصحابة وأبوه ولي مكة لعمر بن الخطاب، والحديث مرسل والمرسل قال الذهبي في الموقظة ص 39 إذا صح إلى تابعي كبير فهو حجة عند خلق من الفقهاء.

وأخرجه الشافعي في السنن المأثورة (510)، وأحمد (190) عن سفيان بن عيينة به.

ص: 125

3577 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي يعفور، عن رجل من خزاعة قال: وكان الحجاج استعمله على مكة

ثم ذكر مثله

(1)

.

فلما جعل ذلك التكبير يفتتح به الطواف كالتكبير الذي جعل يفتتح به الصلاة أمرنا بالرفع فيه، كما نؤمر بالرفع في التكبير لافتتاح الصلاة، ولا سيما إذ قد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت صلاة.

3578 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد (ح)

وحدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قالا: ثنا الفضيل بن عياض، عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله عز وجل قد أحل لكم النطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير"

(2)

.

(1)

رجاله ثقات غير رجل من خزاعة.

وأخرجه البيهقي 5/ 80 من طريق أبي عوانة به.

وأخرجه البيهقي 5/ 80 من طريق مفضل بن صالح، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب.

(2)

إسناده حسن، فضيل بن عياض وإن سمع من عطاء بن السائب بعد الإختلاط تابعه سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وهما رويا عنه قبل الإختلاط.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5574) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن الجارود (461)، والبيهقي 5/ 85، 87 من طرق عن سعيد بن منصور به.

وأخرجه الدارمي 2/ 44، وابن عدي في الكامل 5/ 2001، وابن حبان (3836)، والحاكم 2/ 267، والبيهقي 5/ 85، 87، وأبو نعيم في الحلية 7/ 128 من طرق عن الفضيل بن عياض به. =

ص: 126

فهذه العلة هي التي لها وجب الرفع فيما زاد على ما في الحديث الأول، وأما الرفع على الصفا والمروة وبجمع، وعرفات وعند المقامين عند الجمرتين، فإن ذلك قد جاء منصوصا في الخبر الأول، وهذا الذي وصفنا من هذه المعاني التي ثبتناها قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

= وأخرجه الدارمي 2/ 44، والترمذي (960)، وابن خزيمة (2739)، والطبراني في الكبير (10955)، والحاكم 1/ 459، والبيهقي 5/ 87 من طرق عن عطاء بن السائب به.

ص: 127

‌14 - باب: الرمل في الطواف

3579 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد سلمة، عن أبي عاصم الغنوي، عن أبي الطفيل، قال: قلت لابن عباس: زعم

(1)

قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رَمَل بالبيت، وأن ذلك سنة، قال: صدقوا وكذبوا، قلت: ما صدقوا وما كذبوا؟ قال: صدقوا، قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت، وكذبوا ليست بسنة، إن قريشا قالت زمن الحديبية: دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف

(2)

، فلما صالحوه على أن يجيء في العام المُقْبل، فيقيم ثلاثة أيام بمكة، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والمشركون على جبل قُعَيقعَان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"ارملوا بالبيت ثلاثا وليست بسنة"

(3)

.

(1)

في م ج د "يزعم" والمثبت من س خ.

(2)

هي: الدود التي تكون في أنوف الأنعام.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2697)، وأحمد (2707، 3534 م، 3535)، وأبو داود (1885)، والطبراني (10628)، والبيهقي في شعب الإيمان (4077) من طرق عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه مسلم (1264)(237)، وابن حبان (3845)، والبيهقي 5/ 81 - 82، 100 من طريق الجريري عن أبي الطفيل به.

ص: 128

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أنّ الرمل في الطواف ليس بسنة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا: إنما كان الرمل ليرى المشركون أن بهم قوةً، وأنهم ليسوا بضعفاء، لا لأن ذلك سنة، واحتجوا في ذلك أيضا.

3580 -

بما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وأصحابه فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وَهَنَتْهم حُمَّى يثرب، فلما قدموا قعد المشركون مما يلي الحجر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا ما بين الركنين، قال ابن عباس: ولم يمنعه أن يأمرهم بأن يرملوا الأشواط الأربعة إلا إبقاء

(2)

عليهم

(3)

.

3581 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا حجاج بن نصير، قال: ثنا فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس زعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل بالبيت وأنها سنة، قال صدقوا وكذبوا، قد رَمَل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت، وليست بسنة، ولكن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة والمشركون على قُعَيقَعان،

(1)

قلت أراد بهم: عطاء، وطاووسا، ومجاهدا، والحسن البصري، والقاسم، وسالما، وسعيد بن جبير رحمهم الله، كما في النخب 12/ 538.

(2)

بكسر الهمزة: أي إلا الرفق بهم.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2639)، والبخاري (1602، 4256)، ومسلم (1266)(240)، وأبو داود (1886)، والنسائي في المجتبى 5/ 230 - 231، وفي الكبرى (3928)، والبيهقي 5/ 82 من طرق عن حماد بن زيد به.

ص: 129

وبلغه أنهم يقولون: إن به وبأصحابه هزالا فقال لأصحابه: "ارملوا، أَرُوهم أن بكم قوة"، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمُل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، فإذا توارى عنهم مشى

(1)

قالوا: أفلا ترى أنه أمرهم أن يمشوا في الأشواط الثلاثة فيما بين الركنين حيث لا يراهم المشركون، وأمرهم أن يرملوا فيما بقي من هذه الأشواط ليروهم، فلما كان قد أمرهم بالرمل حيث يرونهم، وبتركه حيث لا يرونهم، ثبت بذلك أن الرمل كان من أجلهم، لا من أجل أنه سنة.

قالوا: ومما دل على ذلك أنه لم يفعل ذلك لما حج. وذكروا في ذلك ما

3582 -

حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى الحماني، قال: ثنا قيس، عن العلاء بن المسيب، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل في العمرة، ومشى في الحج"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف حجاج بن نصير أبي محمد البصري.

وأخرجه الحميدي (511)، وأحمد (2029)، وابن حبان (3811، 3841)، والطبراني في الكبير (10625 - 10626) من طرق عن فطر بن خليفة به.

وأخرجه الحميدي (511)، ومسلم (1464)(238)، وأبو داود (1885)، وابن ماجة (2953)، والطبراني (10627، 10629) من طرق عن أبي الطفيل به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف قيس بن الربيع.

وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد 2/ 75 عن العلاء بن المسيب تعليقا.

ص: 130

أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرمل في حجه حيث عدم الذين من أجلهم رمل في عمرته.

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: الرمل في الأشواط الثلاثة الأول سنة، لا ينبغي تركها في الحج ولا في العمرة، واحتجوا في ذلك

3583 -

بما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة، فرمل بالبيت ثلاثا، ومشى أربعة أشواط

(2)

.

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَمَل الأشواط كلها، وقد كان في بعضها حيث يراه المشركون، وفي بعضها حيث لا يرونه، ففي رمله حيث لا يرونه دليل على أنه ليس من أجلهم رمل، ولكن لمعنى آخر.

3584 -

وقد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، قال: ثنا ابن المبارك، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن أبي الطفيل قال: رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: الثوري، والنخعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وجمهور فقهاء الأمصار رحمهم الله، كما في النخب 12/ 545.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2688)، وأبو داود (1890)، وأبو يعلى (2574)، والبيهقي 5/ 79 من طرق عن حماد بن سلمة به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبيد الله بن أبي زياد القداح المكي.

وأخرجه أحمد (23802، 23806)، وأبو يعلى (901) من طرق عن ابن المبارك به.

ص: 131

فهذا الحديث مثل الذي قبله.

3585 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال: ثنا أسباط بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما يرمُل من الحجر إلى الحجر ثلاثا، ويمشي أربعا على هينته، قال ابن عمر: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله

(1)

.

3586 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عفان، قال: ثنا سليم بن أخضر، قال: ثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمل من الحجر إلى الحجر

(2)

.

فهذا مثل الذي قبله أيضا، وقد استدل بذلك عبد الله بن عمر رضي الله عنهما على ما ذكرنا، ففعله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله إلا أنه ليس في ذلك، أنه فعله في حج ولا في عمرة.

(1)

إسناده صحيح سوى شيخ الطحاوي وقد توبع.

وأخرجه أحمد (6433) عن أسباط، عن عبد الله بن عمر، عن نافع به.

وأخرجه الشافعي 1/ 342، والدارمي 2/ 42 - 43، والبخاري (1617)، ومسلم (1261)(230)(1262)(233)، وابن ماجة (2950)، والبيهقي في المعرفة (9874) من طرق عن عبيد الله به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5760) من طريق عفان به.

وأخرجه مسلم (1262)(234)، وأبو داود (1891)، والبيهقي 5/ 83 من طريق أبي كامل الجحدري، عن سليم بن أخضر به.

ص: 132

فقد يجوز أن يكون ذلك منه وهو حاجّ، فخالف ذلك ما روى عنه مجاهد وقد يجوز أن يكون ذلك كان منه في عمرة، فيكون مذهبه: كان أن يرمل في العمرة، ولا يرمل في الحجة.

ومما يدل أيضا على ثبوت الرمل وأنه سنة ماضية في الحج والعمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعله في حجة الوداع حيث لا عدو يريه قوته. فمما روي عنه في ذلك ما

3587 -

حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا أبو بكر الحنفي قال: ثنا عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى ثلاثة ومشى أربعة حين قدم في الحج والعمرة حين كان اعتمر

(1)

.

3588 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس، عن أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثل معناه

(2)

.

فهذا خلاف ما روى مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

(1)

إسناده ضعيف، لضعف عبد الله بن نافع.

وأخرجه أحمد (4983) من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن نافع به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1616) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض به.

وأخرجه مسلم (1261)(231)، وأبو داود (1893)، والنسائي في المجتبى 5/ 229، وفي الكبرى (3921) من طرق عن موسى بن عقبة به.

ص: 133

وقد روى جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه رَمَل في حجة الوداع.

3589 -

حدثنا محمد بن خزيمة وفهد، قالا: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني ابن الهاد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع سبعا، رمَل منها ثلاثا، ومشى أربعا

(1)

.

3590 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، قال: ثنا جعفر ابن محمد

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3591 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف سبعا رمل في ثلاثة منهن، من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود

(3)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه مسلم (1218)(148)، وأبو يعلى (2027)، وابن حبان (3944)، والبغوي (1918) من طرق عن جعفر به مطولا.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1218)(147)، وأبو داود (1905)، وابن ماجة (3074)، وابن حبان (3944) من طريق حاتم بن إسماعيل به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 489، ومن طريقه أخرجه أحمد (14661)، والدارمي (1840)، ومسلم (1263) (235، =

ص: 134

فلما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه رمل في حجة الوداع، ولا عدو ثبت أنه لم يفعله، إذ كان العدو من أجل العدو ولو كان فعله إذ كانوا من أجلهم لما فعله في وقت عدمهم، فثبت بذلك أن الرمل من سنن الحج المفعولة فيه التي لا ينبغي تركها، وقد فعل ذلك أيضا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده.

3592 -

حدثنا فهد، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني، عن هشام بن سعد، عن زيد ابن أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه قال: فيم الرمل الآن، والكشف عن المناكب وقد نفى الله عز وجل الشرك وأهله، ومع ذلك لا ندع شيئا عملناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

3593 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن يعلى بن أمية قال: لما حج عمر رمل ثلاثا

(2)

.

= 236)، والترمذي (857)، والنسائي 5/ 230، وابن ماجة (2951)، وابن الجارود (455)، وأبو يعلى (1810)، وابن خزيمة (2718)، والبيهقي 5/ 83، والبغوي (1899).

(1)

إسناده ضعيف لضعف إسحاق بن إبراهيم الحنيني.

وأخرجه أحمد (317)، وأبو داود (1887)، وابن ماجة (2952)، والبزار (268)، وأبو يعلى (188)، وابن خزيمة (2708)، والحاكم 1/ 454، والبيهقي 5/ 79 من طرق عن هشام بن سعد به.

وأخرجه بنحوه البخاري (1605) من طريق زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى ولضعف شيخ الطحاوي.

وأخرجه تعليقا ابن عبد البر في التمهيد 2/ 74 عن عطاء به.

ص: 135

وهذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ينكره عليه منهم أحد.

3594 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا فضيل بن عياض، عن منصور بن المعتمر، عن شقيق، عن مسروق قال: قدمت مكة معتمرا، فتبعتُ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فدخل المسجد، فرمل ثلاثا ومشى أربعا

(1)

.

3595 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع: أن ابن عمر كان إذا قدم مكة طاف بالبيت ورمل، ثم طاف بين الصفا والمروة، وإذا لبى بها من مكة لم يرمل بالبيت، وأخر الطواف بين الصفا والمروة إلى يوم النحر، وكان لا يرمُل يوم النحر

(2)

.

ففي هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمُل في الحجة إذا كان إحرامه بها من غير مكة، فهذا خلاف ما رواه عنه مجاهد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يخلو ما رواه عنه مجاهد من أحد وجهين: إما أن يكون منسوخًا، فما نسخه فهو أولى منه، أو يكون غير صحيح عنه، فهو أحرى أن لا يعمل به، وأن يجب العمل بخلافه، ولما ثبت ما ذكرنا من الرمل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عدم المشركين، وعن أصحابه من بعده

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ (357)(14897)، والبيهقي 5/ 82 من طريق سفيان، عن منصور، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عبد الله به

(2)

إسناده صحيح.

ص: 136

في الأشواط الأول الثلاثة ثبت أن ذلك من سنة الطواف عند القدوم، وأنه لا ينبغي لأحد من الرجال تركه إذا كان قادرا عليه.

وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 137

‌15 - باب ما يستلم من الأركان في الطواف

3596 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: كنا نستلم الأركان

(1)

.

3597 -

وحدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا وكيع، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر

مثله

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى أن من طاف بالبيت فينبغي له أن يستلم أركانه كلها، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

فقالوا: لا ينبغي أن يستلم من الأركان في الطواف غير الركنين اليمانيين. واحتجوا في ذلك بما.

3598 -

حدثنا ابن مرزوق، قال ثنا أبو عاصم، عن ابن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يمر بهذين الركنين، الأسود واليماني، إلا استلمها في كل الطواف، ولا يستلم هذين الآخرين

(5)

.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير السماع عند أحمد.

وأخرجه أحمد (15232)(15007) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

(3)

قلت أراد بهم: سويد بن غفلة، وجابر بن زيد، وعروة بن الزبير رحمهم الله، كما في النخب 12/ 567.

(4)

قلت أراد بهم: مجاهدا، وعطاء، والحسن، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، ومالكا، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 12/ 568.

(5)

إسناده صحيح. =

ص: 138

3599 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عاصم

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

3600 -

حدثنا يزيد وابن مرزوق، قالا: ثنا أبو الوليد الطيالسي، (ح)

وحدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا الليث، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، قال: لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح من البيت إلا الركنين اليمانيين

(2)

.

3601 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود، والذي يليه من نحو دار الجمحيين

(3)

.

3602 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا ابن وهب، عن الليث، عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

= وأخرجه أحمد 6272 (5945)، والدارقطني 2/ 255 من طريق نافع به.

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (6017)، والبخاري (1609)، ومسلم (1267)، وأبو داود (1874)، والنسائي 5/ 232، وابن حبان (3827)، والبيهقي 5/ 76، والبغوي (1902) من طرق عن الليث بن سعد به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1267)(243)، والنسائي في المجتبى 5/ 232، وابن ماجة (2946)، وابن خزيمة (2725) من طريق ابن وهب، عن يونس به.

(4)

إسناده صحيح، وهو مكرر.

ص: 139

3603 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج، أنه قال لعبد الله بن عمر: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمس من الأركان إلا اليمانيين

(1)

.

3604 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا زهير بن عباد، قال: ثنا عتاب بن بشير الجزري، عن خُصيف، عن مجاهد، عن ابن عباس: أن معاوية بن أبي سفيان طاف بالبيت الحرام، فجعل يستلم الأركان كلها. فقال ابن عباس: لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما؟. فقال معاوية: ليس من البيت شيء مهجور. فقال ابن عباس رضي الله عنهما: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] قال: صدقت

(2)

.

فهذه الآثار كلها تخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يستلم في طوافه غير الركنين اليمانيين. ومع هذه الآثار من التواتر ما ليس مع الأثر الأول.

(1)

إسناده صحيح.

هو في موطأ مالك 1/ 333 مطولا، ومن طريقه أخرجه مطولا ومختصرا أحمد (5338)، والبخاري (166، 5851)، ومسلم (1187)(25)، وأبو داود (1772)، والترمذي في الشمائل (74)، والنسائي 1/ 80، 5/ 163، 232، وابن حبان (3763)، والبيهقي 5/ 31، 76، والبغوي (1870).

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل خصيف بن عبد الرحمن.

وأخرجه أحمد (1877) من طريق مروان بن شجاع، عن خصيف به.

ص: 140

وكان من الحجة عندنا -والله أعلم- لمن ذهب إلى هذه الآثار أيضا على مَن ذهب إلى من خالفها أن الركنين اليمانيين مبنيان على منتهى البيت مما يليهما، والآخران ليسا كذلك، لأن الحجر وراءهما، وهو من البيت.

وقد أجمعوا أن ما بين الركنين اليمانيين لا يستلم، لأنه ليس بركن للبيت. فكان يجيء في النظر أن يكون كذلك الركنان الآخران لا يستلمان، لأنهما ليسا بركنين للبيت.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر أنه من البيت ما

3605 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا شيبان بن عبد الرحمن أبو معاوية، عن الأشعث بن أبي الشعثاء، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجر، فقال: هو من البيت. فقلت: ما منعهم أن يدخلوه فيه؟ قال عجزت بهم النفقة

(1)

.

3606 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا أبو الأحوص، عن الأشعث، عن الأسود بن يزيد، قال: قالت عائشة رضي الله عنها: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجر أمن البيت هو؟ قال: "نعم". قلت: ما لهم لم يُدِخلوه في البيت؟ قال: "إن قومكِ قصرت بهم النفقة". فقلت: ما شأن بابه مرتفع؟ قال: "فعل قومك ليدخلوا

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1393)، وإسحاق (1559)، والدارمي (1869)، والبخاري (7243)، ومسلم (1333)(405)(406)، وابن ماجة (2955)، وأبو يعلى (4627)، والبيهقي 5/ 89، والبغوي (1904) من طريق أشعث بن أبي الشعثاء به.

ص: 141

من شاءوا، ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم ذلك لنظرت أن أدخل الحجر في البيت وأن ألزق بابه بالأرض"

(1)

.

3607 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا سليم بن حيان، قال: ثنا سعيد بن ميناء، قال: حدثني عبد الله بن الزبير، قال: حدثتني عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "لولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية لهدمتُ الكعبة وألزقتها بالأرض، وجعلت لها بابين: بابا شرقيا وبابا غربيا، ولزدت ستة أذرع من الحجر في البيت، إن قريشا استقصرته لما بنت البيت"

(2)

.

3608 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن بكر السهمي، قال: ثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن أبي، قزعة، أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت، إذ قال: قاتل الله عبد الله بن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين يقول: سمعتها وهي تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا عائشة لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر"

(3)

. فقال الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين فأنا

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (1584)، ومسلم (1333) من طريق أبي الأحوص به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (25463)، ومسلم (1333)(401)، وأبو يعلى (4628)، وابن حبان (3818)، والبيهقي 5/ 89 من طرق عن سليم بن حبان به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26151)، ومسلم (1333)(404)، والبيهقي في السنن 5/ 89 من طريق عبد الله بن بكر به. =

ص: 142

سمعت أم المؤمنين تقوله قال: وددت أني قد كنت سمعت هذا منك قبل أن أهدمه فتركته.

فلما ثبت أن الحجر من البيت، وأن الركنين اللذين يليانه ليسا بركنين للبيت ثبت أنهما كما بين الركنين اليمانيين لا يستلم، فكذلك هذان أيضا، في النظر لا يستلمان.

وقد استدل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بما استدللنا به من هذا في ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم استلام ذينك الركنين.

3609 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق، أخبر عبد الله بن عمر، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألم تري أن قومكِ حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم عليه السلام. قالت: فقلت: يا رسول الله، أفلا تردها على قواعد إبراهيم عليه السلام قال:"لولا حدثان قومك بالكفر" قال: فقال عبد الله بن عمر: لئن كانت عائشة رضي الله عنها سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم عليه السلام

(1)

.

= وأخرجه مطولا إسحاق (1693)، ومسلم (1333)(403)، وابن خزيمة 2741 (3023)، من طريق عبد الله بن عبيد الله بن عمير والوليد بن عطاء، عن الحارث به.

(1)

إسناده صحيح.

هو في موطأ مالك (488)، ومن طريقه أخرجه أحمد (25440)، والبخاري (1583، 3368، 4484)، ومسلم =

ص: 143

فثبت بهذه الآثار ما ذكرنا وأنه لا ينبغي أن يستلم من أركان البيت إلا الركنان اليمانيان. وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

= (1333)(399)، والنسائي في المجتبى 5/ 214، وفي الكبرى (3883، 5904، 109999)، وأبو يعلى (4363)، وابن خزيمة (2726)، وابن حبان (3815)، والبيهقي 5/ 77، 88 - 89، والبغوي (1903).

ص: 144

‌16 - باب: الصلاة للطواف بعد الصبح وبعد العصر

3610 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنا سفيان عن أبي الزبير، عن ابن باباه، عن جبير بن مطعم رفعه أنه قال:"يا بني عبد المطلب! لا تمنعوا أحدا يطوف بهذا البيت ويصلي أي ساعة شاء من ليل أو نهار"

(1)

.

3611 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: ثنا حسان بن إبراهيم، عن إبراهيم بن يزيد بن مردانبة، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا بني عبد مناف إن وُلِّيتم هذا الأمر فلا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 1/ 57 - 58، والحميدي (561)، وابن أبي شيبة 14/ 257، والدارمي 2/ 70، وأحمد (16736)، وأبو داود (1894)، والترمذي (868)، والنسائي 1/ 284، 5/ 223، وفي الكبرى (1561)، وابن ماجه (1254)، وأبو يعلى (7396، 7415)، وابن خزيمة (1280)، وابن حبان (1552، 1554)، والدارقطني 1/ 423، والحاكم 1/ 448، والبيهقي 2/ 461، 5/ 92، والبغوي (780) من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل إبراهيم بن يزيد بن مردانبة.

وأخرجه الطبراني في الكبير 11/ 159 (11359) من طريق عبد الله بن أحمد، عن محمد بن عبد الملك، عن حسان بن إبراهيم، عن إبراهيم الصائغ به.

ص: 145

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى إباحة الصلاة للطواف في الليل والنهار، فلا يمنع من ذلك عندهم وقت من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: لا حجة لكم في هذه الآثار لأن ما أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وأمر بني عبد المطلب، أو بني عبد مناف أن لا يمنعوا أحدا منه من الطواف والصلاة، هو الطواف على سبيل ما ينبغي أن يطاف، والصلاة على سبيل ما ينبغي أن يصلى، فأما على ما سوى ذلك فلا.

ألا ترى أن رجلا لو طاف بالبيت عريانا، أو على غير وضوء، أو جنبا، أن عليهم أن يمنعوه من ذلك؛ لأنَّه طاف على غير ما ينبغي الطواف عليه.

وليس ذلك بداخل فيما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يمنعوا منه من الطواف.

فكذلك قوله: "لا تمنعوا أحدا يصلي" هو على ما قد أمر أن يصلي عليه من الطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة في الأوقات التي قد أبيحت الصلاة فيها، فأما ما سوى ذلك، فلا.

(1)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان، والقاسم، وعروة بن الزبير، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 12/ 589.

(2)

قلت أراد بهم: مجاهدا، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا رحمهم الله، كما في النخب 12/ 591.

ص: 146

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيًا عامًا عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، ونصف النهار، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغيب الشمس، وتواترت بذلك الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت ذلك بأسانيدها في غير هذا الموضع من هذا الكتاب. وكان مما احتج به أهل المقالة الأولى لقولهم في ذلك ما

3612 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا بشر بن السري، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن باباه، قال: طاف أبو الدرداء بعد العصر، وصلى قبل مغارب الشمس. فقلت: أنتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم تقولون: لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. فقال: إن هذا البلد ليس كسائر البلدان

(1)

.

فقالوا: فقد دل قول أبي الدرداء على أن الصلاة للطواف لم يدخل فيها نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة في الأوقات التي ذكرتم.

قيل لهم: فأنتم لا تقولون بهذا الحديث، لأنا قد رأيناكم تكرهون الصلاة بمكة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها لغير الطواف، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الأوقات، ولا تخرجون حكم مكة في ذلك من حكم سائر البلدان وأبو

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه الفاكهي (505) من طريق عبد الجبار بن العلاء، عن بشر بن السري به.

وأخرجه البيهقي 2/ 463 من طريق محمد بن سابق، عن إبراهيم بن طهمان به.

ص: 147

الدرداء فقد أخرج في الحديث الذي احتججتم به حكم مكة من حكم سائر البلدان سواها في المنع من الصلوات في ذلك، وأخبر أن النهي لم يدخل حكمها فيه، وأنَّه إنما أريد به ما سواها مع أنه قد خالف أبا الدرداء في ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

3613 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، قال: طاف عمر رضي الله عنه بالبيت بعد الصبح فلم يركع، فلما صار بذي طوى وطلعت الشمس صلى ركعتين

(1)

.

3614 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن حميد ابن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عبد القاري

مثله

(2)

.

فهذا عمر رضي الله عنه لم يركع حينئذ؛ لأنَّه لم يكن عنده وقت صلاة، وأخّر ذلك إلى أن دخل عليه وقت الصلاة فصلى، وهذا بحضرة سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليه منهم منكر، ولو كان ذلك الوقت عنده وقت صلاة

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الفاكهي (520) من طريق محمد بن عمر، والبيهقي 2/ 463 من طريق محمد بن عيسى المدائني كلاهما عن سفيان بن عيينة به.

وذكره البخاري 3/ 488 معلقا وذكر الحافظ في الفتح 3/ 489 تخطئة الإمام أحمد لسفيان في هذا الحديث في روايته عن الزهري، عن عروة عن عبد الرحمن، إذ هو عن حميد عن عبد الرحمن كما في الرواية الثانية.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك (495)، ومن طريقه رواه البيهقي 2/ 463.

ص: 148

للطواف لصلى، ولما أخر ذلك لأنَّه لا ينبغي لأحد طاف بالبيت أن لا يصلي حينئذ إلا من عذر.

وقد روي عن هذا عفراء مثل ذلك، وقد ذكرت ذلك فيما تقدم من هذا الكتاب.

وقد روي مثل ذلك أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما

3615 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا همام، قال: أنا نافع، أن ابن عمر رضي الله عنهما قدم مكة عند صلاة الصبح، فطاف ولم يصل إلا بعدما طلعت الشمس

(1)

.

والنظر يدل على ذلك أيضا؛ لأنا قد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد "نهى عن صيام يوم الفطر ويوم النحر"، فكلٌ قد أجمع أن ذلك في سائر البلدان سواء.

فالنظر على ذلك أن يكون ما نهى عنه من الصلوات في الأوقات التي نهى عن الصلوات فيها في سائر البلدان كلها على السواء.

فبطل بذلك قول من ذهب إلى إباحة الصلاة للطواف في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها.

(1)

إسناده صحيح.

يعارضه ما رواه ابن أبي شيبة (36443)، والبخاري 1/ 220 معلقا، والفاكهي (494)، والبيهقي 2/ 462.

ص: 149

ثم اختلف الذين خالفوا أهل المقالة الأولى في ذلك على فرقتين: فقالت فرقة منهم: لا يصلى في شيء من هذه الخمسة الأوقات للطواف، كما لا يصلى فيها التطوع، وممن قال ذلك أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

وقد وافقهم في ذلك، ما روينا عن عمر، ومعاذ بن عفراء، وابن عمر رضي الله عنهم.

وقالت فرقة: يصلى للطواف بعد العصر قبل اصفرار الشمس وبعد الصبح قبل طلوع الشمس، ولا يصلى لذلك في الأوقات الثلاثة البواقي المنهي عن الصلاة فيها، وممن قال ذلك، مجاهد، وإبراهيم النخعي، وعطاء، رحمهم الله.

3616 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا هشيم عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: طُف وصَلّ ما كنت في وقت، فإذا ذهب الوقت فأمسك

(1)

.

3617 -

حدثنا أحمد، قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا ابن أبي غنية، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء

مثله

(2)

.

3618 -

حدثنا أحمد، قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، وعبيد الله بن موسى، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد، قال: طُفْ. قال عبيد الله بعد الصبح وبعد العصر، وصل ما كنت في وقت، وقال ابن رجاء: في وقت صلاة"

(3)

.

(1)

إسناده حسن بالشواهد من أجل يعقوب بن حميد.

(2)

إسناده حسن كسابقه.

(3)

إسناده حسن كسابقه.=

ص: 150

وقد روي مثل ذلك أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما.

3619 -

حدثنا أحمد، قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا ابن أبي غنية، عن عمر بن ذر، عن مجاهد، قال: كان ابن عمر يطوف بعد العصر، ويصلي ما كانت الشمس بيضاء حية، فإذا اصفرت وتغيرت طاف طوافا واحدا حتى يصلي المغرب، ثم يصلي ويطوف بعد الصبح، ويصلي ما كان في غلس، فإذا أسفر طاف طوافا واحدا، ثم يجلس حتى ترتفع الشمس، ويمكن الركوع

(1)

.

3620 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا موسى بن عقبة، عن سالم، وعطاء، أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يطوف بعد الصبح وبعد العصر أسبوعا أسبوعا، ويصلي ركعتين ما كان في وقت صلاة

(2)

.

فهذا عطاء، قد قال برأيه ما ذكرنا.

وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تمنعوا أحدا يطوف بهذا البيت ويصلي أي ساعة شاء من ليل أو نهار" فقد حمل ذلك على خلاف ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى.

= وأخرجه عبد الرزاق (9009)، والفاكهي (524) من طريق أيوب، عن سعيد بن جبير ومجاهد به.

ورواه الفاكهي (526) من طريق قيس، عن مجاهد.

(1)

رجاله ثقات غير يعقوب بن حميد فإنه حسن الحديث عند المتابعة.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 151

وكان النظر في ذلك لما اختلفوا على هذا الخلاف أنا رأينا طلوع الشمس وغروبها ونصف النهار يمنع من قضاء الصلوات الفائتات، وبذلك جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "في تركه قضاء الصبح التي نام عنها إلى ارتفاع الشمس وبياضها".

فإذا كان ما ذكرنا ينهى عن قضاء الفرائض الفائتات، فهو عن الصلاة للطواف أنهى، وقد قال عقبة بن عامر رضي الله عنه: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب، وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم من كتابنا هذا.

فإذا كانت هذه الأوقات تنهى عن الصلاة على الجنائز، فالصلاة للطواف أيضا كذلك، وكانت الصلاة بعد العصر قبل تغير الشمس، وبعد الصبح قبل طلوع الشمس مباحة على الجنائز، ومباحة في قضاء الصلاة الفائتة، ومكروهة في التطوع، وكان الطواف يوجب الصلاة حتى يكون وجوبها كوجوب الصلاة على الجنائز.

فالنظر على ما ذكرنا أن يكون حكمها بعد وجوبها كحكم الفرائض التي قد وجبت، وكحكم الصلاة على الجنازة التي قد وجبت.

فتكون الصلاة للطواف تصلى في كل وقت تصلى فيه على الجنازة، وتقضى فيه الصلاة الفائتة، ولا تصلى في كل وقت لا يصلى فيه على الجنازة، ولا تقضى فيه صلاة فائتة.

ص: 152

فهذا هو النظر عندنا في هذا الباب على ما قال عطاء، وإبراهيم، ومجاهد، وعلى ما قد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما وإليه نذهب، وهو قول سفيان.

وهو خلاف قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 153

‌17 - باب: من أحرم بحجة فطاف لها قبل أن يقف بعرفة

3621 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عثمان بن الهيثم، قال: ثنا ابن جريج، قال أخبرني عطاء، أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يقول: لا يطوف أحد بالبيت حاج ولا غيره إلا حلّ به. قلت له: من أين كان ابن عباس رضي الله عنهما يأخذ ذلك؟.

قال: من قبل قول الله تعالى {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33]. فقلت له: فإنما ذلك بعد المُعرف؟ قال: كان ابن عباس يراه قبل المعرف وبعده. قال: وكان ابن عباس يأخذها من أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه: أن يحلوا في حجة الوداع، قالها لي غير مرة

(1)

.

3622 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، أن عروة قال لابن عباس: أضللت الناس يا ابن عباس قال: وما ذاك يا عرية؟ قال: تفتي الناس أنهم إذا طافوا بالبيت فقد حلوا، وكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يجيئان ملبيين بالحج، فلا يزالان محرمين إلى يوم النحر. قال ابن عباس: بهذا ضللتم؟ أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثوني عن أبي بكر وعمر رضي الله

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (4396) من طريق يحيى بن سعيد، ومسلم (1245)(208) من طريق محمد بن بكر، كلاهما عن ابن جريج به، والسياق لمسلم.

ص: 154

عنهما؟ فقال عروة: إن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منك

(1)

.

3623 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، قال أخبرني قتادة قال سمعت أبا حسان، أن رجلا قال لابن عباس: يا ابن عباس! ما هذه الفتيا التي قد تقشعت

(2)

عنك؟ أن من طاف بالبيت فقد حل؟ قال: سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وإن رغمتم

(3)

.

3624 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شبابة بن سوار (ح)

وحدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد (ح)

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قالوا: ثنا شعبة، عن قيس بن مسلم قال: سمعت طارق بن شهاب، يحدث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء فقال لي: "بم أهللت؟ " قال قلت: إهلالا كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد أحسنت، طف بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم أحل" ففعلت. فأتيت

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2277) من طريق وهيب، عن أيوب به.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (21) من طريق إبراهيم بن أبي عبلة، عن ابن أبي مليكة به.

(2)

أي: فشت وانتشرت عنك.

(3)

إسناده صحيح

وأخرجه الطيالسي (2695)، وأحمد (2513)، ومسلم (1244)، والنسائي في الكبرى (3894) من طرق عن شعبة به.

ص: 155

امرأة من قيس، ففلت

(1)

رأسي، فكنت أفتي الناس بذلك حتى كان زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فقال لي رجل: يا عبد الله بن قيس، رويد بعض فتياك، إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك، فقلت: يا أيها الناس من كنا أفتيناه فَليتَّئدْ

(2)

، فإن أمير المؤمنين قادم فَبِه فائتموا. فلما قدم عمر أتيته، فذكرت له، فقال لي عمر رضي الله عنه: إن نأخذ بكتاب الله فإن كتاب الله يأمرنا بالتمام وإن نأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى بلغ الهدي محله

(3)

.

3625 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل المدني،

قال: ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله فسألته عن حجة

رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع

سنين لم يحج، ثم أذن في الناس بالعاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج.

فقدم المدينة بشر كثير يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا حتى أتينا ذا الحليفة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ثم ركب القصواء

(1)

الفلى: أخذ القمل من الشعر.

(2)

أي: فليتأن وليصبر.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4320) بإسناده ومتنه.

وأخرجه بتمامه ومختصرا الطيالسي (516)، والدارمي (1815)، وأحمد (19534)، والبخاري (1724، 4397)، ومسلم (1221)(154)، والنسائي في المجتبى 5/ 156، والكبرى (3722)، وابن الجارود في المنتقى (432)، والبيهقي 4/ 339، 5/ 41 من طرق عن شعبة به.

ص: 156

حتى إذا استوت به على البيداء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله ما عمل من شيء عملنا به، فأهل بالتوحيد وأهل الناس بهذا الذي يهلون به ولم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة حتى إذا كنا آخر طواف على المروة، قال: إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان ليس معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة فحل الناس، وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ومن كان معه الهدي. فقام بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله! عمرتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه في الأخرى فقال: "دخلت العمرة هكذا في الحج مرتين، فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ومن كان معه هدي"

(1)

.

وقول سراقة هذا للنبي صلى الله عليه وسلم، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم إياه يحتمل أن يكون أراد به عمرتنا هذه في أشهر الحج للأبد، أو لعامنا هذا؛ لأنهم لم يكونوا يعرفون العمرة فيما مضى في أشهر الحج ويعدون ذلك من أفجر الفجور، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال "هي للأبد".

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مطولا ومختصرا عبد بن حميد (1135)، والدارمي (1850 - 1851)، ومسلم (1218)(147)، وأبو داود (1905)، وابن ماجه (3074)، وابن الجارود (469)، وابن حبان (3944)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2434)، والبيهقي في السنن 5/ 6 - 9 من طرق عن حاتم بن إسماعيل به.

ص: 157

3626 -

حدثنا محمد بن خزيمة، وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث عن ابن الهاد، عن جعفر بن محمد

فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر سؤال سراقة ولا جواب النبي صلى الله عليه وسلم إياه

(1)

.

3627 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن جابر قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لأربع خلون من ذي الحجة. فلما طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اجعلوها عمرة"، فلما كان يوم التروية لبوا، فلما كان يوم النحر قدموا فطافوا بالبيت، ولم يطوفوا بين الصفا والمروة

(2)

.

3628 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا عمرو بن دينار، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة صبيحة رابعة، فأمرنا أن نحل، قلنا: أيّ حل يا رسول الله؟ قال: "الحل كله، فلو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل الذي تصنعون"

(3)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح كاتب الليث.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2436) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد 3/ 362 من طريق عفان، وأبو داود (1788) من طريق موسى بن إسماعيل، والنسائي في الكبرى (4157) من طريق حجاج بن منهال جميعهم عن حماد بن سلمة به.

(3)

إسناده حسن، من أجل إبراهيم بن بشار.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4304) بإسناده ومتنه.=

ص: 158

3629 -

حدثنا محمد بن حميد الرعيني، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا موسى بن أعين، عن خصيف، عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: لما قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في حجة الوداع، سأل الناس:"بماذا أحرمتم؟ "، فقال أناس أهللنا بالحج، وقال آخرون: قدمنا متمتعين، وقال آخرون: أهللنا بإهلالك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان قدم ولم يسق هديا فليحلل، فإني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي حتى أكون حلالا". فقال سراقة بن مالك: يا رسول الله! عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد؟ فقال: بل لأبد الأبد"

(1)

.

3630 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال حدثني الليث، قال: حدثني ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله أنه قال: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهللنا معه بالحج خالصا حتى قدمنا مكة رابعة من ذي الحجة، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق هديا أن يحل، قال: ولم يعزم في أمر النساء. قال جابر رضي الله عنه: فقلنا: تركنا حتى إذا لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس ليال أمرنا أن نحل، فنأتي عرفات والمذي يقطر من مذاكيرنا، ولم يحلل هو، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ساق الهدي فبلغ قولنا رسول الله صلى

= وأخرجه البخاري (1568)، ومسلم (1216)(143)، وابن ماجه (2980)، وابن حبان (3921) من طرق عن عطاء به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل خصيف بن عبد الرحمن الجزري.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4303، 2435) بإسناده ومتنه.

ص: 159

الله عليه وسلم، فقام فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر الذي بلغه من قولهم فقال:"لقد علمتم أني أصدقكم وأتقاكم لله وأبركم، ولولا أني سقت الهدي لحللت، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت". قال جابر: فسمعنا وأطعنا فحللنا

(1)

.

3631 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا، مكي، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرا وهو يخبر عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمرنا بعدما طفنا أن نحل، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أردتم أن تنطلقوا إلى منى، فأهلوا" فأهللنا من البطحاء

(2)

.

3632 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عطاء، أنه سمعه يحدث، عن جابر بن عبد الله قال: أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة بالحج خالصا لا نخلطه بعمرة، فقدمنا مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة، فلما طفنا بالبيت، وسعينا بين الصفا والمروة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة، وأن نحل إلى النساء. فقلنا: ليس بيننا وبين عرفة إلا خمس ليال، فنخرج إليها، وذكر أحدنا يقطر منيًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأبركم

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه الشافعي 1/ 373، والحميدي (1293)، والبخاري (1557، 2505، 7367)، ومسلم (1216)، والنسائي 5/ 202، والبيهقي 5/ 41 والبغوي (1872) من طرق عن ابن جريج مطولا ومختصرا.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1214)(139) من طريق يحيى بن سعيد، عن ابن جريج به.

ص: 160

وأصدقكم، فلولا الهدي، لحللت"، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله! متعتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل لأبد الأبد"

(1)

.

فكان سؤال سراقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور في هذا الحديث، إنما هو المتعة، أي: إنا قد صارت حجتنا التي كنا دخلنا فيها أولا عمرة، ثم قد أحرمنا بعد حلنا منها بحجة متمتعين، فمتعتنا هذه لعامنا هذا خاصة، فلا نفعل ذلك فيما بعد أم للأبد؟ فنتمتع بالعمرة إلى الحج كما تمتعنا في عامنا هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل للأبد، وليس ذلك على أن لهم فيما بعد أن يحلوا من حجة قبل عرفة، لطوافهم بالبيت ولسعيهم بين الصفا والمروة.

وسنذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد هذا من هذا الباب ما يدل على أن ذلك الإحلال الذي كان منهم قبل عرفة خاصا لهم، ليس لمن بعدهم، ونضعه في موضعه إن شاء الله تعالى.

3633 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: ثنا حميد، عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا مكة ملبين

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4305) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن ماجه (2980)، وابن حبان (3921) من طريق الوليد بن مسلم به.

وأخرجه أبو داود (1787) من طريق الوليد بن مزيد، عن الأوزاعي، قال: حدثنا من سمع عطاء بن أبي رباح، قال الأوزاعي: سمعت عطاء بن أبي رباح يحدث بهذا فلم أحفظه حتى لقيت ابن جريج فأثبته لي.

ص: 161

بالحج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من شاء أن يجعلها عمرة، إلا من كان معه الهدي"

(1)

.

3634 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو عوانة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: خرجنا ولا نرى إلا أنه الحج، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، طاف ولم يحل، وكان معه الهدي، فطاف من معه من نسائه وأصحابه، فحل منهم من لم يكن معه الهدي

(2)

.

3635 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: خرجنا من المدينة نصرخ

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2437) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (4822)، وأبو يعلى (5693) من طريقين عن حماد بن سلمة عنه به.

وقال الهيثمي في المجمع 3/ 233 رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

ورواه البخاري (4353)، ومسلم (1232) من طريقين عن حميد، عن بكر أنه ذكر لابن عمر أن أنسا حدثهم

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2430) مطولا.

ورواه البخاري (1762) عن أبي النعمان، عن أبي عوانة به.

ورواه البخاري (1561)، ومسلم (1211)(128)، وأبو داود (1783)، والنسائي 5/ 117 من طرق عن جرير منصور به.

ص: 162

بالحج صراخًا، فلما قدمنا طفنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اجعلوها عمرة، إلا من كان معه الهدي" فلما كان عشية عرفة أهللنا بالحج

(1)

.

3636 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا وهيب، عن منصور بن عبد الرحمن، عن أمه، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مهلين بالحج، وكان مع الزبير الهدي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"من لم يكن الهدي فليحلل" قالت: فلم يكن معي عامئذ، هدي، فأحللت

(2)

.

3637 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا حبان بن هلال، قال: ثنا وهيب، قال: ثنا أيوب عن أبي قلابة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالمدينة أربعا،

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2438) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (11677) من طريق عفان، عن يزيد بن زريع به.

وأخرجه أحمد (11014)، وابن خزيمة (2795)، وابن حبان (3793) من طريق ابن أبي عدي، عن داود به.

وأخرجه مسلم (1247)، وابن خزيمة (2795) من طريق عبد الأعلى، عن داود بن أبي هند به.

(2)

إسناده قوي من أجل خصيب بن ناصح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2439) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (1236)(192)، والنسائي 5/ 246 من طريقين عن أبي هشام، عن وهيب به.

وأخرجه الشافعي 1/ 370، وأحمد (26965)، وابن ماجه (2983)، والطبراني في الكبير 24/ 354، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 7/ 33 - 34 من طرق عن ابن جريج، عن منصور به.

ص: 163

وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، وبات بها حتى أصبح، فلما صلى الصبح ركب راحلته، فلما انبعثت به سبح وكبر حتى إذا استوت به على البيداء جمع بينهما قال: فلما قدمنا مكة أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلوا، فلما كان يوم التروية أهلوا بالحج

(1)

.

3638 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي مليح، عن معقل بن يسار، قال: حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فوجد عائشة تنزع ثيابها. فقال لها: "ما لك"، قالت: أنبئت أنك أحللت وأحللت أهلك. فقال: أحل من ليس معه هدي، فأما نحن فلم نحلل لأن معنا هديا حتى نبلغ عرفات"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2440) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (13831)، والبخاري (1551، 1712، 1714)، وأبو داود (1796)، والبيهقي 5/ 9، 9/ 279، والبغوي (1879) من طرق عن وهيب بن خالد به.

وأخرجه عبد الرزاق (4315)، وأحمد (12083)، والبخاري (1547، 1548، 2951)، ومسلم (690)(10)، والنسائي 1/ 237، وأبو يعلى (2794)، وابن حبان (2743، 2744) من طرق عن أيوب السختياني به مختصرا.

(2)

إسناده ضعيف، عبيد الله بن أبي حميد متفق على ضعفه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4309) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبراني في الكبير 20/ (526) عن عبد الله بن ناجية، عن محمد بن مرزوق به.

وأخرجه ابن حزم في حجة الوداع 1/ 344 من طريق قحطبة بن غدانة، عن عبيد الله به.

ص: 164

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى هذه الآثار فقلدوها، وقالوا: من طاف بالبيت قبل وقوفه بعرفة ولم يكن ساق هديا، فقد حل.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: ليس لأحد دخل في حجة أن يخرج منها إلا بتمامها، ولا يحله منها شيء قبل يوم النحر من طواف ولا غيره.

وقالوا: أما ما ذكرتموه من قول الله عز وجل {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] فهذا في البدن ليس في الحاج، ومعنى البيت العتيق هاهنا، هو الحرم كله، كما قال في الآية الأخرى {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] فالحرم هو محل الهدي؛ لأنَّه ينحر فيه، فأما بنو آدم فإنها محلهم في حجهم يوم النحر.

وأما ما احتجوا به من الآثار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره أصحابه بالحل من حجهم بطوافهم الذي طافوه قبل عرفة، فإن ذلك عندنا كان خاصا لهم في حجتهم تلك، دون سائر الناس بعدهم. والدليل على ذلك ما

3639 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا سعيد بن منصور وإسحاق بن أبي إسرائيل، عن عبد العزيز بن محمد، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن ابن بلال بن الحارث، عن أبيه

(1)

قلت أراد بهم: أحمد، وداود، وسائر الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 13/ 39.

(2)

قلت أراد بهم: جماهير التابعين، والفقهاء، منهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 12/ 40.

ص: 165

قال: قلت يا رسول الله! أرأيت فسخ حجنا هذا لنا خاصة أم للناس عامة، قال:"بل لكم خاصة"

(1)

.

3640 -

حدثنا ابن أبي داود، وصالح بن عبد الرحمن قالا: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا الدراوردي، قال: سمعت ربيعة بن أبي عبد الرحمن، يحدث عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه

مثله

(2)

.

3641 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: أنا عيسى بن يونس، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن المرقّع بن صيفي، عن أبي ذر، قال: إنما كان فسخ الحج للركب الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

3642 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال حدثني الليث، عن يحيى بن سعيد، عن المرقع الأسدي، عن أبي ذر الغفاري، أنه قال كان مما أمرنا به رسول الله صلى

(1)

إسناده ضعيف، لجهالة حال الحارث بن بلال.

وأخرجه أحمد (15853)، وأبو داود (1808)، والنسائي في المجتبى 5/ 179، وابن ماجه (2984)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1111)، والطبراني في الكبير (1138)، والحاكم 3/ 517، والدارقطني 2/ 241، والبيهقي في السنن 5/ 41 من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده حسن، مرقع بن صيفي حسن الحديث.

وأخرجه الدارقطني (2503) من طريق عيسى بن يونس به.

وأخرجه الحميدي (132، 135) وابن شيبة 3/ 440 عن أبي خالد الأحمر، والبيهقي 4/ 345 من طريق أبي معاوية جميعهم، عن يحيى بن سعيد به.

ص: 166

الله عليه وسلم حين دخلنا مكة أن نجعلها عمرة، ونحل من كل شيء أن تلك كانت لنا خاصة رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الناس

(1)

.

3643 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: ثنا حفص هو ابن غياث، عن يحيى بن سعيد قال: حدثني المرقّع الأسدي قال: قال أبو ذر لا والذي لا إله غيره، ما كان لأحد أن يهل بحجة، ثم يفسخها بعمرة إلا الركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

3644 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا عبد الوهاب، عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني المرقع، عن أبي ذر، قال: ما كان لأحد بعدنا أن يحرم بالحج، ثم يفسخه بعمرة

(3)

.

3645 -

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن عبد الأكرم، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه أنه قال في متعة الحج ليست لكم ولستم منها في شيء

(4)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح كاتب الليث.

وأخرجه البيهقي 5/ 41 من طريق يحيى بن بكير، عن الليث به.

(2)

إسناده حسن، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده حسن من أجل المرقع بن صيفي.

وأخرجه العدني في مسنده كما في النخب 13/ 47 عن الثقفي، عن يحيى بن سعيد به.

وأخرجه أبو داود (1807) من طريق سليم بن الأسود، عن أبي ذر به.

(4)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الأكرم.

ص: 167

3646 -

حدثنا فهد هو ابن سليمان، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: حدثني إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال: قال أبو ذر: إنما كانت المتعة لنا خاصة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متعة الحج

(1)

.

3647 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع بن الوليد عن سليمان بن مهران وهو الأعمش

فذكر بإسناده مثله. وزاد يعني الفسخ

(2)

.

3648 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا أبو عوانة، عن معاوية بن إسحاق، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال: سئل عثمان بن عفان رضي الله عنه عن متعة الحج، فقال: كانت لنا، ليست لكم

(3)

.

3649 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا أبو عوانة، وصالح بن موسى الطلحي، عن معاوية بن إسحاق

فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: سئل عثمان رضي الله عنه، أو سألته

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 229، ومسلم (1224)(160)، وابن ماجه (2985) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش به.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (3779) من طريق شعبة، عن الأعمش به.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

رجاله ثقات.

وأخرجه مسلم (1223) من طريق عبد الله بن شقيق، عن عثمان ضمن قصة.

(4)

إسناده صحيح، وصالح بن موسى متابع.

ص: 168

3650 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا داود، قال: ثنا أبو نضرة أنه سمع أبا سعيد الخدري، يقول: قام عمر رضي الله عنه خطيبا حين استخلف، فقال: إن الله عز وجل كان رخص لنبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء، ألا وإن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق به، فأحصنوا فروج هذه النساء، وأتموا الحج والعمرة الله كما أمركم

(1)

.

3651 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال ثنا أبو شهاب، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرخ بالحج صراخا، فلما قدمنا مكة، طفنا بالبيت وبالصفا والمروة، فلما كان يوم النحر، أحرمنا بالحج، فلما كان عمر رضي الله عنه قال: إن الله عز وجل عز وجل كان يرخص لنبيه صلى الله عليه وسلم فيما شاء، فأتموا الحج والعمرة

(2)

.

ويدخل في هذا أيضا حديث أبي موسى الذي ذكرناه في أول هذا الباب.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي داود في المصاحف (ص 113) من طريق يزيد بن زريع وبشر بن المفضل، وأحمد (104) من طريق عبيدة بن حميد، كلاهما عن داود بن أبي هند به.

وأخرجه مسلم (1217)، وابن حبان (3940) من حديث جابر عن عمر به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11014)، وابن خزيمة (2795)، وابن حبان (3793) من طريق ابن عدي، عن داود بن أبي هند به.

وأخرجه مسلم (1247)، وابن خزيمة (2795) من طريق عبد الأعلى، عن داود بن أبي هند به.

ص: 169

3652 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد، عن عاصم، عن أبي نضرة، عن جابر قال: متعتان فعلناهما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما عمر رضي الله عنه، فلن نعود إليهما

(1)

.

3653 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا عبد الوهاب، عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني كثير بن عبد الله، رجل من مزينة، عن بعض أجداده، أو أعمامه، أنه قال: ما كان لأحد بعدنا أن يحرم بالحج، ثم يفسخه بعمرة

(2)

.

3654 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا إسحاق بن محمد بن الفروي، قال: ثنا محمد بن جعفر، عن كثير بن عبد الله، عن بكر بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن هلال صاحب النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرنا عنه في هذه الآثار أن ذلك الفسخ الذي كان أمر به أصحابه خاصا لهم، ليس لأحد من الناس بعدهم، وخلطنا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما رويناه عمن ذكرنا في هذا الفصل من

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (14479)، ومسلم (1249)، والبيهقي 7/ 207 من طرق عن عاصم الأحول به.

(2)

إسناده ضعيف، كثير بن عبد الله المزني: متروك الحديث، وجده عمرو بن عوف بن زيد، أبو عبد الله المزني كان قديم الإسلام.

(3)

إسناده ضعيف جدا، كثير بن عبد الله المزني وإسحاق بن محمد الفروي كلاهما متروكان.

وأخرجه الطبراني في الكبير كما في المجمع 3/ 395 من طريق سعيد بن أبي مريم، عن محمد بن جعفر به.

ص: 170

أصحابه لأن ذلك عندنا مما لا يجوز أن يكونوا قالوه بآرائهم، وإنما قالو من جهة ما وقفوا عليه، فهم فيما قالوا في ذلك كمن أضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

فقد ثبت بتصحيح هذه الآثار أن الخروج من الحج، لا يكون إلا بالطواف بالبيت. وقد أنكر قوم فسخ الحج، وذكروا ما

3655 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حجاجا، فما حللنا من شيء أحرمنا به، حتى كان يوم النحر

(1)

.

فمن الحجة على من احتج بهذا أن بكر بن عبد الله قد روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا مكة ملبين بالحج، فقال: من شاء أن يجعلها عمرة فليفعل، إلا من كان معه الهدي، وقد ذكرنا ذلك بإسناده في هذا الباب.

ففي هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لهم أن يحلوا إن شاءوا، إلا أنه عزم عليهم بذلك.

فيجوز أن يكونوا لم يحلوا، وقد كان لهم أن يحلوا، فقد عاد ذلك إلى فسخ الحج لمن شاء أن يفسخه إلى عمرة. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أيضا في ذلك ما

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عمر العمري.

وأخرجه أحمد (5946) من طريق سريج، عن عبد الله، عن نافع به.

ص: 171

3656 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا مالك، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهلّ بعمرة، ومنّا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهلّ بالحج، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، فأما من أهل بعمرة فحل، وأما من أهل بالحج، أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر

(1)

.

فقد يجوز أن يكون ذلك عندها كما كان عند ابن عمر رضي الله عنهما على ما ذكرنا. فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا قد وجدنا الأصل أن من أحرم بعمرة وطاف لها وسعى أنه قد فرغ منها، وله أن يحلق، ويحل، هذا إذا لم يكن ساق هديا.

ورأيناه إذا كان قد ساق هديا لمتعته فطاف لعمرته وسعى لم يحل من عمرته حتى يوم النحر، فيحل منها ومن حجته إحلالا واحدا، وبذلك جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جوابًا لحفصة رضي الله عنها لما قالت له: ما بال الناس حلوا، ولم تحل أنت من عمرتك. قال: إني لبدت رأسي وقلدت بدني، فلا أحل حتى أنحر.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 335، ومن طريقه أخرجه أحمد (24076)، والبخاري (1562، 4408)، ومسلم (1211)(118)، وأبو داود (1779، 1780)، والنسائي في المجتبى 5/ 145، وفي الكبرى (3696)، والبيهقي في السنن 5/ 2، 109، والبغوي (1874).

ص: 172

فكان الهدي الذي ساقه لمتعته التي لا يكون عليه فيها هدي إلا بأن يحج بعدها يمنعه من أن يحل بالطواف حتى يوم النحر؛ لأن عقد إحرامه هكذا كان أن يدخل في عمرة فيتمها، فلا يحل منها حتى يحرم بحجة، ثم يحل منها ومن العمرة التي قدمها قبلها معا، وكانت العمرة لو أحرم بها منفردة حل منها بفراغه منها إذا حلق، ولم ينتظر به يوم النحر.

وكان إذا ساق الهدي لحجة يحرم بها بعد فراغه من تلك العمرة بقي على إحرامه إلى يوم النحر.

فلما كان الهدي الذي هو من سبب الحج يمنعه الإحلال بالطواف بالبيت قبل يوم النحر كان دخوله في الحج أحرى أن يمنعه من ذلك إلى يوم النحر.

فهذا هو النظر أيضا عندنا، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 173

‌18 - باب: القارن كم عليه من الطواف لعمرته ولحجته؟

3657 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري، ومحمد بن إدريس المكي، قالا: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد، وسعي واحد، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا"

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا الحديث، فقالوا: على القارن بين الحج والعمرة، طواف واحد لا يجب عليه من الطواف غيره.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: بل يطوف لكل واحد منهما طوافا واحدا، ويسعى لهما سعيا.

(1)

إسناده ضعيف مرفوعًا، فإن الدراوردي عن عبيد الله بن عمر منكر كما قال النَّسَائِي وصحيح موقوفًا.

وأخرجه الدارمي (1975) عن سعيد بن منصور به.

وأخرجه أحمد (5350)، والترمذي (948)، وابن ماجه (2975)، وابن الجارود (460)، وابن خزيمة (2745)، وابن حبان (3915، 3916)، والدارقطني 2/ 257، والبيهقي 5/ 107 من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، تفرد به الدراوردي وقد رواه غير واحد عن عبيد الله بن عمر ولم يرفعوه وهو أصح انتهى.

وقال ابن عبد البر في الاستذكار 13/ 256 هذا الحديث لم يرفعه أحد عن عبيد الله غير الدراوردي عن عبيد الله، وغيره قفه على ابن عمر.

(2)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وعطاء، وطاووسا، وسعيد بن جبير، ومجاهدا، وسالم بن عبد الله، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 13/ 66.

(3)

قلت أراد بهم: الشعبي، والأسود، والحكم بن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، وإبراهيم النخعي، والثوري،=

ص: 174

وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذا الحديث خطأ، أخطأ فيه الدراوردي، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أصله عن ابن عمر عن نفسه، هكذا رواه الحفاظ، وهم مع هذا فلا يحتجون بالدراوردي، عن عبيد الله أصلا فكيف يحتجون به في هذا؟

فأما ما رواه الحفاظ من ذلك عن عبيد الله فما

3658 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يقول إذا قرن طاف لها طوافًا واحدا، وإذا فرق طاف لكل واحد منهما طوافا وسعى سعيا

(1)

.

فإن قال قائل: فقد روى أيوب بن موسى، وموسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يعود معناه إلى معنى ما روى الدراوردي. وذكر في ذلك ما

3659 -

قد حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا ابن عيينة، عن أيوب بن موس موسى، عن نافع، أن ابن عمر رضي الله عنهما خرج من المدينة إلى مكة -شرفها الله- مهلا، بعمرة مخافة الحصر، ثم قال: ما شأنهما إلا واحدا أشهدكم أني قد قرنت إلى

= والأوزاعي، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وجابر بن زيد، وشريحا القاضي، وابن شبرمة، وحماد بن سلمة، وزياد بن مالك، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 13/ 67.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1230) عن ابن نمير، عن أبيه، عن عبيد الله، عن نافع عنه به.

ص: 175

عمرتي حجة، ثم قدم فطاف لهما طوافا واحدا، وقال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

3660 -

حدثنا أحمد، قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر

نحوه

(2)

.

قالوا: فقد وافق هذا ما روى الدراوردي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قيل لهم: فكيف يجوز أن تقبلوا هذا، عن ابن عمر رضي الله عنهما؟

3661 -

وقد حدثنا يزيد بن سنان، وابن أبي داود قالا: ثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني عُقَيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى وساق الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه الحميدي (678)، وأحمد (4595)، والنسائي 5/ 225 - 226، وابن خزيمة (2743) من طرق عن سفيان به.

وأخرجه النَّسَائِي 5/ 226، وابن حبان (3913) من طريق سفيان، عن أيوب السختياني وأيوب بن موسى وعبيد الله بن عمر، عن نافع به.

وأخرجه مسلم (1230)(181)، وابن ماجه (2974) من طرق عن عبيد الله بن عمر به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه البخاري (1708) من طريق أبي ضمرة، وابن خزيمة (2746) من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، كلاهما عن موسى بن عقبة به.

ص: 176

بالعمرة، ثم أهل بالحج، وتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج

(1)

.

فهذا ابن عمر رضي الله عنهما، يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان في حجة الوداع متمتعا، وأنَّه بدأ فأحرم بالعمرة.

3662 -

وقد حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا حميد، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا مكة ملبين بالحج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من شاء أن يجعلها عمرة فليفعلها إلا من كان معه الهدي"

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3857) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (6247)، والبخاري (1691)، ومسلم (1227)(174)، وأبو داود (1805)، والنسائي 5/ 151، والبيهقي 5/ 17 من طرق عن الليث بن سعد به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2437) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (4822) من طريق روح وعفان، عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه أبو يعلى (5693) من طريق عفان به.

وأخرجه أحمد (4996)، والبخاري (4353، 4354)، ومسلم (1232)(185)، والنسائي في المجتبى 5/ 150، وابن الجارود (431) من طرق عن حميد به.

ص: 177

فأخبر ابن عمر رضي الله عنهما في حديث بكر هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو ملبي بالحج.

وقد أخبر في حديث سالم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ فأحرم بالعمرة. فهذا معناه عندنا -والله أعلم-، أنه كان أحرم أولا بحجة على أنها حجة، ثم فسخها فصيرها عمرة، فلبي بالعمرة، ثم تمتع بها إلى الحج، حتى يصح حديث سالم وبكر هذين، ولا يتضادان.

وفسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج الذي كان فعله وأمر به أصحابه، هو بعد طوافهم بالبيت، قد ذكرنا ذلك في باب فسخ الحج، فأغنانا ذلك عن إعادته هاهنا.

فاستحال بذلك أن يكون الطواف الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله للعمرة التي انقلبت إليها حجته مجزيًا عنه من طواف حجته التي أحرم بها بعد ذلك. ولكن وجه ذلك، عندنا -والله أعلم-، أنه لم يطف لحجته قبل يوم النحر؛ لأن الطواف الذي يفعل قبل يوم النحر في الحجة إنما يفعل للقدوم، لا لأنَّه من صلب الحجة، فاكتفى ابن عمر رضي الله عنهما بالطواف الذي كان فعله بعد القدوم في عمرته عن إعادته في حجته.

وهذا مثل ما قد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا من فعله.

3662 م - حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر كان إذا قدم مكة رمل بالبيت، ثم طاف بين الصفا والمروة، وإذا لبى من مكة

ص: 178

بها لم يرمل بالبيت، وأخر الطواف بين الصفا والمروة إلى يوم النحر، وكان لا يرمل يوم النحر

(1)

.

فدل ما ذكرنا أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا أحرم بالحجة من مكة لم يطف لها إلى يوم النحر.

فكذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إحرامه بالحجة التي أحرم بها بعد فسخ حجته الأولى لم يكن طاف لها إلى يوم النحر.

فليس في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم من حكم طواف القارن لعمرته وحجته شيء.

وثبت بما ذكرنا أيضا، خطأ الدراوردي في حديث عبيد الله الذي وصفناه.

واحتج أهل المقالة الأولى

3663 -

بما حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا مالك (ح)

وحدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كان معه هدي، فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا". فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"انقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بالحج، ودعي العمرة"، فلما قضيت الحج

(1)

إسناده صحيح.

ص: 179

أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت فقال: "هذه مكان عمرتك"، قالت: فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم. وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا لهما طوافا واحدا

(1)

.

قالوا: فهذه عائشة رضي الله عنها قد قالت: وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا وهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأمره كانوا يفعلون.

ففي ذلك ما يدل على أن على القارن لحجته وعمرته طوافا واحدا، وليس عليه غير ذلك.

وكان من حجتنا عليهم لمخالفيهم أنا قد روينا عن عُقَيل، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها فيما تقدم من هذا الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع تمتع وتمتع الناس معه.

والمتمتع قد علمنا أنه الذي يهل بحجة بعد طوافه للعمرة.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3859) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 410 - 411، ومن طريقه أخرجه الشافعي في السنن (461)، وأحمد (25441)، والبخاري (1556، 1638، 4395)، ومسلم (1211)(111)، وأبو داود (1781)، والنسائي في المجتبى 5/ 165 - 167، وفي الكبرى (3745، 3909)، وابن الجارود في المنتقى (422)، وابن خزيمة (2607، 2784، 2789، 2948)، وابن حبان (3912، 3917)، والبيهقي 4/ 353، 5/ 105، والبغوي (1887).

ص: 180

ثم قالت عائشة رضي الله عنها: في حديث مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، فأخبرت أنهم دخلوا في إحرامهم كما يدخل المتمتعون. قالت: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما"، ولم يبين في هذا الحديث الموضع الذي قال لهم فيه هذا القول. فقد يجوز أن يكون قاله لهم قبل دخول مكة، أو بعد دخول مكة قبل الطواف، فيكونون قارنين بتلك الحجة للعمرة التي كانوا أحرموا بها قبلها.

ويجوز أن يكون قال لهم ذلك بعد طوافهم للعمرة، فيكونون متمتعين بتلك الحجة التي أمرهم بالإحرام بها.

فنظرنا في ذلك، فوجدنا جابر بن عبد الله، وأبا سعيد الخدري رضي الله عنهم قد أخبرا في حديثيهما اللذين رويناهما عنهما في باب: فسخ الحج، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك القول في آخر طواف على العمرة. فعلمنا أن قول عائشة رضي الله عنها في حديث مالك.

وأما الذين جمعوا بين العمرة والحج أنها تعني جمع متعة، لا جمع قرآن، قالت فإنما طافوا طوافا واحدا أي: فإنما طافوا طوافا بعد جمعهم بين الحج والعمرة، التي قد كانوا قد طافوا لها طوافا واحدا؛ لأن حجتهم تلك المضمومة مع العمرة، كانت مكية، والحجة المكية لا يطاف لها قبل عرفة، إنما يطاف لها بعد عرفة، على ما كان ابن عمر يفعل فيما قد رويناه.

ص: 181

فقد عاد معنى ما روينا عن عائشة رضي الله عنها في هذا الباب، وما صححنا من ذلك لنفي التضاد عنه إلى معنى ما روينا عن ابن عمر رضي الله عنهما وما صححنا من ذلك.

فليس شيء من هذا يدل على حكم القارن حجة كوفية مع عمرة كوفية كيف طوافه لهما، هل هو طواف واحد، أو طوافان؟

واحتج الذين ذهبوا إلى أن القارن يجزئه لعمرته وحجته طواف واحد أيضا.

3664 -

بما حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد (ح)

وحدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قالا: ثنا ابن عيينة، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن عطاء، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "إذا رجعت إلى مكة، فإن طوافك يكفيك لحجك وعمرتك"

(1)

.

قالوا: فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي عليها لحجتها وعمرتها طواف واحد.

قيل لهم ليس هكذا لفظ هذا الحديث الذي رويتموه، إنما لفظه أنه قال:"طوافك لحجك يجزئك لحجك وعمرتك" فأخبر أن الطواف المفعول للحج يجزئ عن

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3838) من طريق ربيع المؤذن به.

وأخرجه أبو داود (1897) من طريق الربيع بن سليمان المؤذن، عن الشافعي، عن ابن عيينة به.

ورواه البيهقي 5/ 106 من طريقه.

ص: 182

الحج والعمرة، وأنتم لا تقولون هذا، إنما تقولون: إن طواف القارن طواف لقرانه، لا لحجته دون عمرته، ولا لعمرته دون حجته، مع أن غير ابن أبي نجيح من أصحاب عطاء، قد روي هذا الحديث بعينه عن عطاء على معنى غير هذا المعنى.

3665 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا حجاج، وأنا عبد الملك، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلت يا رسول الله! أكل أهلك يرجع بحجة وعمرة غيري؟ قال: "انفري فإنه يكفي"

(1)

.

قال حجاج في حديثه عن عطاء قال: ألحت

(2)

على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تخرج إلى التنعيم، فتهل منه بعمرة، وبعث معها أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر، فأهلت منه بعمرة، ثم قدمت فطافت وسعت وقصرت، وذبح عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الملك، عن عطاء ذبح عنها بقرة، فأخبر عبد الملك، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها بقصتها بطولها، وأنها إنما أحرمت بالعمرة في وقت ما كان لها أن تنفر بعد فراغها من الحجة، وأن الذي ذكر أنه يكفيها هو الحج من الحجة والعمرة لا الطواف.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3839) بإسناده ومتنه.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1229)، وأحمد (25316) من طريقين عن عبد الملك به.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1218)، والطبراني في الأوسط (4507) من طريقين عن عطاء به.

(2)

في م س "ألظت" أي: إذا لازمه وثابر عليه، وفي د خدج "لحت".

ص: 183

فقد بطل أن يكون في حديث عطاء هذا حجة في حكم طواف القارن كيف هو؟

واحتج من ذَهب أيضا في القارن أنه يطوف لعمرته وحجته طوافا واحدا.

3666 -

بما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عثمان بن الهيثم، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أن جابر بن عبد الله يقول: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة وهي تبكي، فقال:"ما لك تبكين؟ ". قالت أبكي؛ لأن الناس حلوا، ولم أحلل، وطافوا بالبيت ولم أطف، وهذا الحج قد حضر كما ترى، فقال:"هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاغتسلي وأهلّي بالحج، ثم حجي، واقضي ما يقض الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت ولا تصلي"، قالت: ففعلت ذلك، فلما طهرت قال:"طوفي بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم قد حللت من حجِك وعمرتِك". فقلت: يا رسول! إني أجد في نفسي من عمرتي، أني لم أكن طفت حتى حججت، فأمر عبد الرحمن، فأعمرها من التنعيم

(1)

.

3667 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني الليث، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3843) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (14322)، وعبد بن حميد (1042)، ومسلم (1213)(136)، وأبو داود (1786)، والنسائي في الكبرى (4231) من طرق عن ابن جريج به.

وأخرجه مسلم (1213)(137)، من طريق مطر الوراق، عن أبي الزبير به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو الزبير روايته محمولة على السماع، وإن لم يصرح به فيما رواه عنه الليث بن سعد وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3841) بإسناده ومتنه.=

ص: 184

قالوا: فقد أمرها النبي صلى الله عليه وسلم وهي محرمة بالعمرة والحجة أن تطوف بالبيت وتسعى بين الصفا والمروة، ثم تحل.

فدل ذلك على أن حكم القارن في طوافه لحجته وعمرته هو كذلك، وأنَّه طواف واحد ولا شيء عليه من الطواف غيره.

فكان من الحجة على أهل هذه المقالة للآخرين أن حديث عائشة رضي الله عنها هذا قد روي على غير ما ذكرنا.

3668 -

حدثنا أبو بكرة ومحمد بن خزيمة، قالا: ثنا عثمان بن الهيثم، قال: أخبرني ابن جريج، قال: أخبرني هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من شاء أن يهل بالحج، ومن شاء فليهل بالعمرة". قالت: كنت ممن أهل بعمرة، فحضت، ودخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرني أن أنقض رأسي، وأمتشط، وأدع عمرتي

(1)

.

= ورواه ابن خزيمة (3026) عن يونس به.

ورواه البيهقي 4/ 343 من طريق ابن وهب به.

وأخرجه أحمد (15244)، ومسلم (1213)(136)، وأبو داود (1785)، والنسائي 5/ 164 - 165، وابن خزيمة (3025)، والحاكم 1/ 480، والبغوي (1888) من طرق عن الليث بن سعد به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2431) بإسناده ومتنه.

ورواه البخاري (1786) من طريق يحيى القطان، عن هشام به.

وأخرجه النَّسَائِي 5/ 145، وابن حبان (3792) من طريق حماد بن زيد، عن هشام به.

ص: 185

3669 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن زيد بن الحسن

(1)

، عن عكرمة، عن عائشة

مثله

(2)

.

3670 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن نافع، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة

مثله

(3)

.

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها حين حاضت أن تدع عمرتها، وذلك قبل طوافها، فكيف يكون طوافها في حجتها التي أحرمت بها بعد ذلك يجزئ عنها من حجتها تلك، ومن عمرتها التي قد رفضتها؟ هذا محال.

وقد روى الأسود عنها في ذلك أيضا ما

3671 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو عوانة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا ولا نرى إلا أنه الحج، فلما قدم مكة طاف ولم يحل، وكان معه الهدي، فطاف من معه من نسائه وأصحابه، فحل منهم من لم يكن معه الهدي، قال: وحاضت هي، قالت: فقضينا مناسكنا من حجنا، فلما كانت ليلة الحصبة ليلة النفر، قلت: يا رسول الله! أيرجع أصحابك بحج وعمرة، وأرجع أنا بحج؟

(1)

هكذا في شرح المشكل، وفي شرح النخب 13/ 98 الحسن بن زيد بن الحسن بن علي.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2433) بإسناده ومتنه.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2432، 2984) بإسناده ومتنه.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1257)، وأحمد (26085)، والبخاري (2984) من طريق ابن أبي مليكة به.

ص: 186

قال: "أما كنت طفت بالبيت ليالي قدمنا؟ قالت: قلت لا قال: "انطلقي مع أخيك إلى التنعيم، فأهلي بعمرة، ثم موعدك مكان كذا وكذا"

(1)

.

ففي هذا الحديث ما يدل أنها قد كانت خرجت من عمرتها التي صارت مكان حجتها بفسخ الحج بمضيها إلى عرفة قبل طوافها لها.

لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها "أما كنت طفت ليالي قدمنا؟ " أي: لو كنت طفت كانت قد تمت لك عمرتك مع حجتك التي قد فرغت منها.

فلما أخبرته أنها لم تكن طافت ليالي قدموا جعلها بما فعلت بعد ذلك لحجها من وقوفها بعرفة، أو توجهها إليها خارجة من عمرتها، فأمر لها أن تعتمر أخرى مكانها من التنعيم.

فكيف يجوز لقائل أن يقول: إن طوافها بالبيت لحجة هي فيها يكون لتلك الحجة، ولعمرة أخرى قد خرجت منها قبل ذلك هذا عندنا محال.

وقد روى القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها في ذلك.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2430) بإسناده ومتنه.

ورواه البخاري (1762) من طريق أبي عوانة به.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1525)، والبخاري (1561)، ومسلم (1211)(128)، وأبو داود (1783)، والنسائي في المجتبى 5/ 177، وفي الكبرى (3785، 4191)، والبيهقي في السنن 5/ 6 من طرق عن جرير، عن منصور به.

ص: 187

3672 -

ما حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نذكر

(1)

إلا الحج، فلما جئنا سرف طمثت، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال:"ما يبكِيك؟ " فقلت: لوددت أني لم أحج العام، أو لم أخرج العام، قال:"لعلك نفستِ؟ ". قلت: نعم، قال:"فإن هذا أمر قد كتبه الله تعالى على بنات آدم، فافعلي ما يفعل، الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت. قالت: فلما جئنا مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: اجعلوها عمرة"، فحل الناس إلا من كان معه هدي، فكان الهدي معه ومع أبي بكر، وعمر وعثمان

(2)

، وذي اليسارة، ثم أهلوا بالحج، فلما كان يوم النحر طهرت، فأرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفضت فأتى بلحم بقر، فقلت ما هذا؟ فقالوا: أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر، حتى إذا كانت ليلة الحصبة قلت: يا رسول الله! يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجة؟، فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني خلفه، فإني لأذكر أني كنت أنعس، فتضرب وجهي مؤخرة الرحل، حتى جئنا التنعيم، فأهللت بعمرة، جزاء عمرة الناس التي اعتمروا بها

(3)

.

(1)

في م س خد: "ولم يكن يذكر".

(2)

سقط من م ج د ن، والمثبت من س خد.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2429) بإسناده ومتنه.=

ص: 188

فهذا مثل الحديث الذي قبله، وقد رواه عروة، عن عائشة رضي الله عنها أبين من ذلك.

3673 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد سلمة، بن عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: خرجنا موافين للهلال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من شاء أن يهل بالحج، فليهل، ومن شاء أن يهل بالعمرة فليهل، وأما أنا فإني أهل بالحج؛ لأن معي الهدي". قالت عائشة رضي الله عنها: فمنّا مَن أهلّ بالحج، ومنَا من أهل بالعمرة، وأما أنا فإني أهللت بالعمرة، فوافاني يوم عرفة وأنا حائض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دعي عنك عمرتك، وانقضي شعرك، وامتشطي، ثم لبّي بالحج، فلبيت بالحج". فلما كانت ليلة الحصبة وطهرت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر، فذهب بي إلى التنعيم، فلبيت بالعمرة

(1)

. قضاء لعمرتها

= وأخرجه البخاري (305) عن أبي نعيم به.

ورواه مسلم (1211)، والبيهقي 5/ 3 من طريقين عن عبد العزيز بن أبي سلمة به.

وأخرجه الشافعي (389 - 390)، والحميدي (206)، والبخاري (294، 5548، 5559)، ومسلم (1211)(119)، وابن ماجه (2963)، وابن خزيمة (2936)، وابن حبان (3834)، والبيهقي 1/ 308، والبغوي (1913) من طرق عن سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مطولا ومختصرا ابن أبي شيبة 1/ 79، والبخاري (317، 1783، 1786)، ومسلم (1211)(117)، وابن ماجه (3000)، وابن خزيمة (3028)، وابن حبان (3792)، والبيهقي 4/ 355 من طرق عن هشام بن عروة به.

ص: 189

فبينت عائشة أن حجتها كانت مفصولة من عمرتها، وأنها قد كانت فيما بينهما نقضت شعرها وامتشطت.

فكيف يجوز أن يكون طوافها لحجتها التي بينها وبين عمرتها ما ذكرنا من الإحلال يجزئ عنها لعمرتها ولحجتها؟ هذا محال، وهو أولى من حديث أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه؛ لأن ذلك إنما أخبر فيه جابر رضي الله عنه بقصة عائشة رضي الله عنها، وأنها لم تكن حلت بين عمرتها وحجتها، وأخبرت عائشة رضي الله عنها في هذا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياها قبل دخولها في حجتها: أن تدع عمرتها، وأن تفعل ما يفعل الحلال مما ذكرت في حديثها.

ودل ذلك أيضا على أن حديث عطاء عن عائشة رضي الله عنها، كما رواه عنه الحجاج، وعبد الملك، لا كما رواه عنه ابن أبي نجيح.

واحتج أيضا الذين قالوا: يطوف القارن لحجته وعمرته طوافا واحدا.

3674 -

بما حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا محمد بن خازم، قال: ثنا الحجاج بن أرطاة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن بين الحج والعمرة، فطاف لهما طوافا واحدا"

(1)

.

قيل لهم: ما أعجب هذا إنكم تحتجون بمثل هذا، وقد رويتم عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج، وعن ابن جريج

(1)

إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة فإنه مدلس.

وأخرجه ابن أبي شيبة (14319) عن أبي معاوية، عن حجاج، عن أبي الزبير به.

ص: 190

والأوزاعي، وعمرو بن دينار، وقيس بن سعد، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنهما أنهم قدموا صبيحة رابعة مهلّين بالحج، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة، وهو على الصفا في آخر طواف، فكيف تقبلون مثل ذلك، وتدعون مثل هذا؟

فإن احتجوا في ذلك

3675 -

بما حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا رباح بن أبي معروف، عن عطاء، عن جابر: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يزيدوا على طواف واحد

(1)

.

قيل لهم: إنما يعني جابر رضي الله عنه هذا الطواف بين الصفا والمروة، وقد بين ذلك عنه أبو الزبير.

3676 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، سمع جابرا يقول: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا

(2)

.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3944) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارقطني 2/ 259 من طريق أبي عامر العقدي به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3942) من طريق يزيد بن سنان وإبراهيم بن مرزوق.

وأخرجه أحمد (14414)، ومسلم (1215)، وأبو داود (1895)، والنسائي في المجتبى 5/ 244 وفي الكبرى كما في التحفة 2/ 318، وابن الجارود (459)، وأبو يعلى (2012)، وابن حبان (3819، 3914)، والبيهقي 106/ 5 من طرق عن ابن جريج به.

ص: 191

وإنما أراد جابر بهذا أن يخبرهم أن السعي بين الصفا والمروة لا يُفعل في طواف يوم النحر، ولا في طواف الصدر كما يفعل في طواف القدوم.

وليس في شيء من هذا دليل على أن ما على القارن من الطواف لعمرته وحجته طواف واحد، أو طوافان

فإن قال قائل: فقد صح عن ابن عمر من قوله في القارن: أنه يطوف لعمرته وحجته طوافا واحدا، فإلى قول من تخالفون قوله في ذلك؟ قيل له: إلى قول علي، وعبد الله رضي الله عنهما.

3677 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان عن منصور، عن إبراهيم، أو مالك بن الحارث، عن أبي نصر، قال: أهللت بالحج، فأدركت عليا فقلت له: إني أهللت بالحج أفأستطيع أن أضيف إليه عمرة؟ قال لا، لو كنت أهللت بالعمرة، ثم أردت أن تضم إليها الحج ضممته. قال: قلت كيف أصنع إذا أردت ذلك؟ قال: تصب عليك إداوة من ماء، ثم تحرم بهما جميعا، وتطوف لكل واحدة منهما طوافا

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف، أبو نصر مجهول.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 474 بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارقطني 2/ 265، والبيهقي 5/ 108 من طريق الفضيل بن عياض، عن منصور به.

ورواه البيهقي 4/ 348 من طريق سفيان بن عيينة، عن منصور به.

ص: 192

3678 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني منصور، عن مالك بن الحارث، عن أبي نصر السلمي، عن علي رضي الله عنه .... . مثله

(1)

.

قال أبو داود، قال قيس: قال منصور: فذكرت ذلك لمجاهد، فقال: ما كنا نفتي الناس إلا بطواف واحد، فأما الآن فلا.

3679 -

حدثنا محمد بن الحجاج، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا يزيد بن عطاء، عن الأعمش، عن إبراهيم، ومالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن أذينة، قال: سألت عليا رضي الله عنه

فذكر مثله

(2)

.

3680 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال ثنا حجاج، قال: ثنا أبو عوانة، عن سليمان

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 475 بإسناده ومتنه.

ورواه البيهقي 4/ 348 من طريق شعبة به.

(2)

إسناده حسن من أجل الخصيب بن ناصح، وعبد الرحمن بن أذينة وثقه ابن حجر في التقريب وقال الطحاوي: هو أبو نصر، ولم أو لغيره هذا الكلام.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 476 بإسناده ومتنه.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 476 بإسناده ومتنه.

ص: 193

3681 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال ثنا حجاج، قال: ثنا أبو عوانة، عن منصور، عن إبراهيم، عن مالك، عن أبي نصر

مثله. قال: منصور فذكرت ذلك لمجاهد فقال: ما كنت أفتي الناس إلا بطواف واحد، فأما الآن فلا

(1)

.

3682 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا شجاع بن مخلد، (ح)

وحدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قالا: ثنا هشيم عن منصور بن زاذان، عن الحكم، عن زياد بن مالك، عن علي، وعبد الله رضي الله عنهما، قالا: القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين

(2)

.

فهذا علي وعبد الله رضي الله عنهما، قد ذهبا في طواف القارن إلى خلاف ما ذهب إليه ابن عمر رضي الله عنهما.

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا رأينا الرجل إذا أحرم بحجة وجبت عليه بما فيها من الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، ووجب عليه في انتهاك ما قد حرم عليه بإحرامه بها من الكفارات ما يجب عليه في ذلك. وكذلك إذا أحرم بعمرة وجبت عليه أيضا بما فيها من الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، ووجب عليه

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي نصر.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 476 بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده ضعيف، زياد بن مالك قال الذهبي: ليس بحجة، وقال البخاري في تاريخه 3/ 372: ولا يعرف له سماع من علي ولا من عبد الله، ولا للحكم منه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 9/ 477 من طريق صالح دون الوجه الأول.

وأخرجه ابن أبي شيبة (14313) من طريق هشيم بن بشير، عن منصور بن زاذان، عن الحكم، عن زياد بن مالك به.

ص: 194

في انتهاك ما قد حرم عليه بإحرامه بها من الكفارات ما يجب عليه في ذلك. وكان إذا جمعهما فكل قد أجمع أنه في حرمتين: حرمة حج، وحرمة عمرة.

فكان يجيء في النظر أن يجب عليه لكل واحدة: منهما من الطواف والسعي، وغير ذلك من الكفارات في انتهاك الحرمة التي قد حرمت عليه بها، ما كان يجب عليه لها لو أفردها.

فأدخل على هذا القول فقيل: قد رأينا الحلال يصيب الصيد في الحرم، فيجب عليه الجزاء لحرمة الحرم، ورأينا المحرم يصيب صيدا في الحل فيجب عليه الجزاء لحرمة الحرام. ورأينا المحرم إذا أصاب صيدا في الحرم وجب عليه جزاء واحد لحرمة الإحرام، ودخل فيه حرمة الجزاء لحرمة الحرم. وهو في وقت ما أصاب ذلك الصيد في حرمتين: في حرمة إحرام، وحرمة حرم، فلم يجب عليه لكل واحدة من الحرمتين ما كان يجب عليه لها لو أفردها.

قالوا: فكذلك القارن فيما كان يجب عليه لكل واحدة من عمرته وحجته لو أفردها، لا يجب عليه في ذلك لما جمعهما إلا مثل ما يجب عليه في إحداهما، ويدخل ما كان يجب للأخرى لو كانت مفردة في ذلك.

قيل لهم: إنكم لم تقولون أن ما يجب على المحرم في قتله الصيد في الحرم جزاء واحد.

ص: 195

وقد قال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله: إن القياس كان عندهم في ذلك أنه يجب عليه جزاءان: جزاء لحرمة الإحرام، وجزاء لحرمة الحرم، وأنهم إنما خالفوا ذلك استحسانا.

ولكنا لا نقول في ذلك كما قالوا، بل القياس عندنا في ذلك ما ذكروا أنهم استحسنوه.

وذلك أنا رأينا الأصل المجتمع عليه أنه يجوز للرجل أن يجمع بين حجة وعمرة، ولا يجمع بين حجتين، ولا بين عمرتين فكان له أن يجمع بإحرام واحد بين شكلين مختلفين، فيدخل بذلك فيهما، ولا يجمع بين شيئين من صنف واحد.

فلما كان ما ذكرنا كذلك، كان له أن يجمع أيضا بأدائه جزاء واحدا ما يجب عليه بحرمتين مختلفتين وهما حرمة الحرم التي لا يجزئ فيها الصوم، وحرمة الإحرام التي يجزئ فيها الصوم، ويكون بذلك الجزاء الواحد مؤديا عما يجب عليه فيهما. فلم يكن له أن يجمع بأدائه جزاء واحدا عما يجب عليه في انتهاك حرمتين مؤتلفتين من شكل واحد، وهما: حرمة العمرة، وحرمة الحج. كما لم يكن له أن يدخل بإحرام واحد في حرمة شيئين مؤتلفين.

ولما كان ما ذكرنا أيضا كذلك وكان الطواف للحجة، والطواف للعمرة من شكل واحد أيضا لم يكن بطواف واحد داخلًا فيهما، ولم يكن ذلك الطواف مجزئا عنهما، واحتاج أن يدخل في كل واحد منهما دخولا على حدة قياسا ونظرا على ما ذكرنا مما يجمعه

ص: 196

بإحرام واحد من الحجة والعمرة المختلفتين، ومما ذكرنا مما لا يجمعه من الحجتين المؤتلفتين، ومن العمرتين المؤتلفتين.

فإن قال قائل: فقد رأيناه يحل من حجته وعمرته بحلق واحد، ولا يكون عليه غير ذلك، فكذلك أيضا يطوف لهما طوافا واحدا ويسعى لهما سعيا واحدا، ليس عليه غير ذلك.

قيل له: قد رأيناه يحل بحلق واحد من إحرامين مختلفين، لا يجزئه فيهما إلا طوافان مختلفان.

وذلك أن رجلا لو أحرم بعمرة، فطاف لها وسعى وساق الهدي، ثم حج من عامه، فصار بذلك متمتعا أن كان حكمه في يوم النحر أن يحلق حلقا واحدا فيحل بذلك الحلق منهما جميعا. وكان يحل بحلق واحد من إحرامين مختلفين، قد كان دخل فيهما دخولا متفرقا. ولم يكن ما وجب من ذلك من حكم الحلق موجبا أن حكم الطواف لهما كان كذلك، وأنَّه طواف واحد، بل هو طوافان.

فكذلك ما ذكرنا من حلق القارن لعمرته وحجته حلقا واحدا لا يجب به أن يكون كذلك حكم طوافه لهما طوافا واحدا. ولما كان قد يحل في الإحرامين اللذين قد دخل فيهما دخولا متفرقا بحلق واحد كان في الإحرامين اللذين قد دخل فيهما دخولا واحدا أحرى أن يحل منهما كذلك.

فهذا هو النظر في هذا الباب على ما قد روي عن علي وعبد الله رضي الله عنهما، من وجوب الطواف لكل واحدة من العمرة والحجة، وعلى ما ذكرنا من النظر على ذلك

ص: 197

من وجوب الجزاء لكل واحدة منهما في انتهاك حرمتهما. وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 198

‌19 - باب: حكم الوقوف بالمزدلفة

3683 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يزيد بن هارون قال: أنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عروة بن مضرس قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بجمع، فقلت: يا رسول الله! هل لي من حج وقد أنضيت راحلتي؟ فقال: من صلى معنا هذه الصلاة، قد وقف معنا قبل ذلك وأفاض من عرفة ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه"

(1)

.

3684 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال أنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن ابن أبي السفر، وإسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، وزكريا، عن الشعبي، وداود بن أبي هند، عن الشعبي، عن عروة بن مضرس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4690) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الحميدي (900)، والدارمي 2/ 59، وأحمد (18300، 16208)، وأبو داود (1950)، والنسائي 5/ 264، وابن ماجه (3016)، وابن خزيمة (2820)، والطبراني في الكبير 17/ (385، 386، 387، 389، 390، 391، 392)، والدارقطني 2/ 239، والحاكم 1/ 463، والبيهقي 5/ 173 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4689) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبراني في الكبير 17/ (392)، والحاكم 1/ 463، وأبو نعيم 7/ 189 - 190 من طريق وهب بن جرير عن شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي به.

وأخرجه أحمد (18301، 18304)، والدارمي (1889)، والنسائي 5/ 264، وابن حبان (3850)، والطبراني في الكبير 17 (379)، وأبو نعيم في الحلية 7/ 189 من طرق عن شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي به.

ص: 199

3685 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا حامد بن يحيى، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، داود بن أبي هند عن الشعبي، وزكريا [بن أبي زائدة]، عن الشعبي قال: سمعت عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي رضي الله عنه، يقول: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمزدلفة، فقلت: يا رسول الله جئت من جبلي طيئ، ووالله ما جئت حتى أتعبت نفسي، وأنضيت راحلتي، وما تركت حبلا

(1)

رملًا من هذه الحبال إلا وقد وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شهد معنا هذه الصلاة صلاة الفجر بالمزدلفة، وقد كان وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا، فقد تم حجه، وقضى تفثه

(2)

".

قال سفيان، وزاد زكريا فيه، وكان أحفظ الثلاثة لهذا الحديث، قال: فقلت يا رسول الله! أتيت هذه الساعة من جبلي طيئ، قد أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي فهل لي من حج؟ فقال:"من شهد معنا هذه الصلاة، ووقف معنا حتى نفيض، وقد كان وقف قبل ذلك بعرفة من ليل أو نهار، فقد تم حجه، وقضى تفثه" قال سفيان: وزاد داود بن أبي هند، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين برق الفجر

ثم ذكر الحديث

(3)

.

(1)

بالحاء المهملة وسكون الباء الموحدة وهو المستطيل من الرمل وقيل: الضخم منه، وقيل: الحبال من الرمل كالجبال من غير الرمل.

(2)

يعني نسكه.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4691) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الترمذي (891)، والنسائي في المجتبى 5/ 263، وابن حبان (3851)، والطبراني 17/ (382)، والبيهقي=

ص: 200

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أن الوقوف بالمزدلفة فرض لا يجوز الحج إلا بإصابته. واحتجوا في ذلك بقول الله عز وجل: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] وبهذا الحديث الذي رويناه.

وقالوا: قد ذكر الله عز وجل في كتابه المشعر الحرام، كما ذكر عرفات، وذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، فحكمهما واحد، لا يجزئ الحج إلا بإصابتهما.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: أما الوقوف بعرفة فهو من صُلب الحج الذي لا يجزئ الحج إلا بإصابته، وأما الوقوف بمزدلفة فليس كذلك. وكان من الحجة لهم في ذلك أن قول الله عز وجل:{فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] ليس فيه دليل على أن ذلك على الوجوب لأن الله عز وجل إنما ذكر الذكر، ولم يذكر الوقوف، وكلٌّ قد أجمع أنه لو وقف بمزدلفة، ولم يذكر الله عز وجل أن حجه تام.

فإذا كان الذكر المذكور في الكتاب ليس من صُلب الحج، فالموطن الذي يكون ذلك الذكر فيه الذي لم يذكر في الكتاب أحرى أن لا يكون فرضا.

= 5/ 173 من طريق سفيان بن عيينة بهذا الإسناد.

(1)

قلت أراد بهم: علقمة، والشعبي، والنخعي، والحسن البصري، والأوزاعي، وحماد بن أبي سليمان رحمهم الله، كما في النخب 13/ 134.

(2)

قلت أراد بهم: الزهري، وقتادة، ومجاهدا، والثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 13/ 135.

ص: 201

وقد ذكر الله عز وجل أشياء في كتابه من الحج، ولم يرد بذكرها إيجابها، حتى لا يجزئ الحج إلا بإصابتها في قول أحد من المسلمين من ذلك قوله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَارِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] وكل قد أجمع أنه لو حج ولم يطف بين الصفا والمروة، أن حجه قد تم، وعليه دم مكان ما ترك من ذلك. فكذلك ذكر الله عز وجل المشعر الحرام في كتابه ليس في ذلك دليل على إيجابه حتى لا يجزئ الحج إلا بإصابته.

وأما ما في حديث عروة بن مضرس رضي الله عنه، فليس فيه دليل أيضا على ما ذكروا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال فيه: من صلى معنا صلاتنا هذه، وقد كان أتى عرفة قبل ذلك من ليل أو نهار فقد تم حجه وقضى تفثه" فذكر الصلاة، وكل قد أجمع على أنه لو بات بها، ووقف ونام عن الصلاة فلم يصلها مع الإمام حتى فاتته أن حجه تام. فلما كان حضور الصلاة مع الإمام المذكور في هذا الحديث ليس من صلب الحج الذي لا يجزئ الحج إلا بإصابته كان الموطن الذي تكون فيه تلك الصلاة الذي لم يذكر في هذا الحديث أحرى أن لا يكون كذلك. فلم يتحقق بهذا الحديث ذكر الفرض إلا بعرفة خاصة.

على ذلك

وقد روى عبد الرحمن بن يعمر الديلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك.

3686 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا سفيان، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفًا

ص: 202

بعرفات، فأقبل أناس من أهل نجد، فسألوه عن الحج. فقال:"الحج يوم عرفة، ومن أدرك جمعا قبل صلاة الصبح فقد أدرك الحج، أيام منى ثلاثة أيام التشريق {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] " ثم أردف خلفه رجلا ينادي بذلك

(1)

.

3687 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شبابة بن سوار، قال: ثنا شعبة، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله، ولم يذكر سؤال أهل نجد، ولا إردافه الرجل

(2)

.

ففي هذا الحديث أن أهل نجد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحج، فكان جوابه لهم:"الحج يوم عرفة".

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3369) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الحميدي (899)، وأحمد (18774)، وأبو داود (1949)، والترمذي (889، 890، 2975)، والنسائي في المجتبى 5/ 264 - 265، وفي الكبرى (4012، 4050)، وابن ماجه إثر (3015)، وابن خزيمة (2822)، وابن حبان (3892)، والدارقطني 2/ 240، والبيهقي 5/ 116، 152، 173، والبغوي في شرح السنة (2001) من طرق عن سفيان الثوري به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3369) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (309، 1310)، والدارمي (1887)، وعبد بن حميد في المنتخب (310)، وأحمد (18773)، والبخاري في التاريخ الكبير 5/ 243، والنسائي في الكبرى (4180)، والدارقطني 2/ 241، والحاكم 2/ 278، والبيهقي 5/ 173 من طرق عن شعبة به.

ص: 203

وقد علمنا أن جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الجواب التام الذي لا نقص فيه، ولا فضل؛ لأن الله تعالى قد آتاه جوامع الكلم وخواتمه، فلو كان عندما سألوه عن الحج أرادوا بذلك ما لا بد منه في الحج، لكان يذكر عرفة، والطواف، ومزدلفة، وما يفعل من الحج سوى ذلك.

فلما ترك ذكر ذلك في جوابه إياهم، علمنا أن ما أرادوا بسؤالهم إياه عن الحج هو ما إذا فات فات الحج، فأجابهم بأن قال:"الحج يوم عرفة" فلو كانت مزدلفة كعرفة لذكر لهم مزدلفة مع ذكره، عرفة، ولكنه ذكر عرفة خاصة؛ لأنها صلب الحج الذي إذا فات فات الحج.

ثم قال كلاما مستأنفا، ليعلم الناس: من أدرك جمعا قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج، ليس على معنى أنه أدرك جميع الحج؛ لأنَّه قد ثبت في أول كلامه "الحج عرفة" فأوجب بذلك أن فوت عرفة فوت الحج.

ثم قال: "ومن أدرك جمعا قبل صلاة الصبح، فقد أدرك الحج" ليس على معنى أنه لم يبق عليه من الحج شيء؛ لأن بعد ذلك طواف الزيارة، وهو واجب لا بد منه، ولكن فقد أدرك الحج، بما تقدم له من الوقوف بعرفة.

فهذا أحسن ما خرج من معاني هذه الآثار، وصحت عليه ولم تتضاد.

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا قد رأينا الأصل المجتمع عليه أن للضعفة أن يتعجلوا من جمع بليل.

ص: 204

وكذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب، وسنذكر ذلك في موضعه من كتابنا هذا، إن شاء الله تعالى.

ورخص لسودة رضي الله عنها في ترك الوقوف بها.

3688 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت سودة امرأة ثبطة

(1)

، ثقيلة، فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جمع قبل أن تقف، فأذن لها، ولوددت أني كنت استأذنته فأذن لي

(2)

.

قال أبو جعفر: فسقط عنهم الوقوف بمزدلفة للعذر، ورأينا عرفة لا بد من الوقوف بها، لا يسقط ذلك لعذر.

فما سقط بالعذر فهو الذي ليس من صُلب الحج، وما لا بد منه فلا يسقط بعذر ولا بغيره فهو الذي من صلب الحج.

(1)

بفتح الثاء وكسر الباء يعني: بطيئة.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4694) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (24635) من طريق بهز، و (25017) من طريق عفان بن مسلم، كلاهما عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه أحمد (24015)، والبخاري (1681)، ومسلم (1290)(293، 294)، والنسائي في الكبرى (4034)، وابن خزيمة (2869)، وابن حبان (3861، 3866) من طرق عن عبد الرحمن بن القاسم به.

ص: 205

ألا ترى أن طواف الزيارة هو من صلب الحج، وأنَّه لا يسقط عن الحائض بالعذر، وأن طواف الصدر ليس من صلب الحج، وهو يسقط عن الحائض بالعذر، وهو الحيض.

فلما كان الوقوف بمزدلفة مما يسقط بالعذر، كان من شكل ما ليس بفرض، فثبت بذلك ما وصفناه. وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 206

‌20 - باب: الجمع بين الصلاتين بجمع كيف هو؟

3689 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: خرجت مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إلى مكة، فلما أتى جمعا صلى الصلاتين كل واحدة منهما بأذان وإقامة، ولم يصل بينهما

(1)

.

3690 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، أنه صلى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلاتين مرتين بجمع، كل صلاة بأذان وإقامة، والعشاء بينهما

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى هذين الحديثين فزعموا أن المغرب والعشاء يجمع بينهما بمزدلفة بأذانين وإقامتين.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1414) بإسناده ومتنه.

إلا أنه تحرف عنده عبيد الله إلى عبد الله، والخبر أخرجه البخاري (1683) من طريق عبد الله بن رجاء، عن إسرائيل به، بأتم منه.

وأخرجه البيهقي في السنن 1/ 402، 5/ 121 من طريق أحمد بن خالد الوهبي، عن إسرائيل به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (15199) من طريق شعبة عن الحكم، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 5/ 123، وفي حجة الوداع 1/ 293 من طريق هشيم عن مغيرة، عن إبراهيم، عن الأسود به.

وأخرجه البيهقي 1/ 590 من طريق أبي العميس، عن الحكم عن الأسود وعبد الرحمن بن يزيد أن أحدهما صحب عمر والآخر صحب عبد الله

(3)

قلت أراد بهم: عبد الرحمن بن يزيد، والأسود، ومالكا رحمهم الله، كما في النخب 13/ 155.

ص: 207

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: أما الأولى منهما فتصلى بأذان وإقامة، وأما الثانية فتصلى بلا أذان ولا إقامة.

وقالوا: أما كان من فعل عمر رضي الله عنه ومن تأذينه للثانية فإنما فعل ذلك لأن الناس قد كانوا تفرقوا لعشائهم، فأذن ليجمعهم.

وكذلك نقول نحن: إذا تفرق الناس عن الإمام لعشاء أو لغيره، أمر المؤذن فأذن ليجتمعوا لأذانه.

فهذا معنى ما روي في هذا عن عمر رضي الله عنه، والذي روي عن عبد الله، فهو مثل هذا أيضا.

3691 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق الهمداني، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يجعل العشاء بالمزدلفة بين الصلاتين

(2)

.

فقد عاد معنى ما روي عن عبد الله في هذا إلى معنى ما روي عن عمر رضي عنه أيضا.

ثم نظرنا فيما روي في ذلك إذا صُليتا معا، كيف نفعل فيهما.

(1)

قلت أراد بهم: سعيد بن جبير، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 13/ 155.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1415) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري (1675)، والبيهقي 1/ 402، 5/ 121 من طريق زهير، عن أبي إسحاق به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (14045) من طريق أبي بكر بن عياش وأبي الأحوص، عن أبي إسحاق به.

ص: 208

3692 -

فإذا ابن مرزوق قد حدثنا، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا شعبة، عن الحكم أنه صلى مع سعيد بن جبير بجمع المغرب ثلاثا، والعشاء ركعتين بإقامة واحدة، ثم حدث أن ابن عمر رضي الله عنهما صنع مثل ذلك، وحدث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل ذلك في ذلك المكان

(1)

.

3693 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، أنه صلى مع سعيد بن جبير بجمع المغرب ثلاثا، والعشاء ركعتين، بإقامة واحدة، ثم حدث أن ابن عمر رضي الله عنهما صنع مثل ذلك، وحدث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل ذلك في ذلك المكان

(2)

.

3694 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني الحكم بن عتيبة، وسلمة بن كهيل: قالا: صلى بنا سعيد بن جبير بإقامة المغرب ثلاثا، فلما سلم قام فصلى ركعتي العشاء، ثم حدث عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه صنع بهم في ذلك المكان مثل ذلك، وحدث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع بهم في ذلك المكان مثل ذلك

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1416) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (2534)، والنسائي 1/ 239 - 240 من طريق بهز بن أسد، عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1417) بإسناده ومتنه.=

ص: 209

3695 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: شهدت سعيد بن جبير أقام بجمع الصلاة، وأحسبه قال: أذن فصلي المغرب ثلاثا، ثم قام فصلى العشاء ركعتين بالإقامة الأولى، وحدث أن ابن عمر رضي الله عنهما صنع في هذا المكان هذا، وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع مثل ذلك

(1)

.

3696 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان الثوري، عن سلمة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة

(2)

.

3697 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مالك، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

= وأخرجه الدارمي 1/ 357 من طريق أبي الوليد الطيالسي عن شعبة به.

وأخرجه أحمد (5241)، ومسلم (1288)(289)، والنسائي في الكبرى (4026)، وأبو يعلى (5771) من طريق وكيع عن شعبة به.

وأخرجه أحمد (5290)، ومسلم (1288)(288)، والنسائي في المجتبى 2/ 16 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة به.

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1418) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (4894)، ومسلم (1288)(290)، والنسائي في المجتبى 5/ 260، وفي الكبرى (4027)، والبيهقي 5/ 121 من طريق سفيان الثوري به.

(3)

إسناده جيد، عبد الله بن مالك الهمداني ترجمه البخاري في التاريخ 5/ 203 ولم يجرحه، وتبعه على ذلك ابن أبي=

ص: 210

3698 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، (ح)

وحدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا سفيان بن سعيد الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مالك، قال: صليت مع ابن عمر رضي الله عنهما المغرب ثلاثا، والعشاء ركعتين بإقامة واحدة. فقيل له: يا أبا عبد الرحمن! ما هذا؟ فقال: صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان بإقامة واحدة

(1)

.

3699 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن مالك بن الحارث، قال: صلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بالمزدلفة صلاة المغرب بإقامة ليس معها أذان ثلاث ركعات، ثم سلم، ثم قال: الصلاة، ثم قام فصلى العشاء ركعتين، ثم سلم. فقال له خالد بن مالك الحارثي: ما هذه الصلاة يا أبا عبد الرحمن؟ قال: صليت هاتين الصلاتين مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المكان، ليس معهما أذان

(2)

.

= حاتم في الجرح والتعديل 5/ 171 وروى عنه أكثر من واحد، ووثقه ابن حبان.

وأخرجه الطيالسي (1897)، وأحمد (5495، 6400) من طرق عن شعبة به.

(1)

إسناده جيد.

وأخرجه أحمد (4676)، والترمذي (887)، وأبو يعلى (5792) من طريقين عن سفيان به.

وأخرجه أبو داود (1930)، والبيهقي 1/ 401 من طريقين عن أبي إسحاق به.

(2)

إسناده فيه مالك بن الحارث الهمداني وفي المغاني 3/ 7 هكذا وقع في حديث زهير بن معاوية، قال البخاري: لا يصح مالك بن الحارث والصحيح عبد الله بن مالك بن الحارث كذا روى شعبة عن أبي إسحاق، وبقية رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1422) بإسناده ومتنه.

ص: 211

3700 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: حدثني أربعة، كلهم ثقة، منهم سعيد بن جبير، وعلي الأزدي، عن ابن عمر أنه صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة بإقامة واحدة

(1)

.

فهذا ابن عمر رضي الله عنهما يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلاهما، ولم يؤذن بينهما ولم يقم.

وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما في هذا شيء بلفظ غير هذا اللفظ.

3701 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا، لم يناد في واحدة منهما إلا بالإقامة، ولم يسبح بينهما، ولا على إثر واحدة منهما

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1421) بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1423) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (5186)، والبخاري (1673)، وأبو داود (1928)، والنسائي في المجتبى 2/ 16 - 17، 5/ 260، وفي الكبرى (4030)، وأبو يعلى (5439)، والبيهقي 1/ 400، 401، 407، 5/ 120، والبغوي (1938) من طرق عن ابن أبي ذئب به.

ص: 212

3702 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي، عن عبد الله بن نافع، عن ابن أبي ذئب

فذكر بإسناده مثله. غير أنه قال "لم يناد بينهما، ولا على إثر واحدة منهما إلا بإقامة"

(1)

.

وهكذا حفظي عن يونس، عن ابن وهب، غير أني وجدته في كتابي كما نصصته في الحديث الذي قبل هذا.

3703 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين بجمع، لم يناد في كل واحدة منهما إلا بإقامة، ولم يسبح بينهما

(2)

.

فقوله في هذا الحديث، ولم يناد في كل واحدة منهما إلا بإقامة ولم يسبح بينهما، فذلك محتمل أن يكون أراد بذلك الإقامة التي أقامها لكل واحدة منهما. ويحتمل الإقامة التي أقامها لهما غير أن أولى الأشياء بنا أن نحمل ذلك على الإقامة التي أقامها ليتفق معنى ذلك، ومعنى ما رويناه قبل ذلك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1424) بإسناده ومتنه.

وهو في السنن المأثورة (455) للشافعي.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1425) بإسناده ومتنه.

ص: 213

وقد روي عن أبي أيوب الأنصاري، وعن البراء بن عازب، ما يوافق من ذلك أيضا

3704 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن عمر بن الرومي، قال: أنا قيس بن الربيع، قال: أنا غيلان، عن عدي بن ثابت الأنصاري، عن عبد الله بن يزيد الأنصاري، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بإقامة واحدة

(1)

.

3705 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أنا أبو يوسف، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد، عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: بل تصلي الأولى منهما بأذان وإقامة، والثانية بإقامة بلا أذان. واحتجوا في ذلك بما

(1)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن عمر بن الرومي.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1426) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبراني (3714) من طريق غيلان بن جامع عن عدي بن ثابت به.

وأخرجه الطيالسي (590)، والدارمي (1883)، وأحمد (23549)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (480)، والشاشي (1116، 1122)، والطبراني (3869) من طرق عن عدي بن ثابت به.

(2)

إسناده ضعيف، ابن أبي ليلى سيئ الحفظ، وقال الدارقطني في العلل 6/ 115: والصواب حديث أبي أيوب الأنصاري.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1427) بإسناده ومتنه.

(3)

قلت أراد بهم: الثوري في قول، والشافعي وأحمد في رواية وأهل الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 13/ 171.

ص: 214

3706 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى المزدلفة صلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين

(1)

.

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى المزدلفة صلى المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، وهذا خلاف ما روى خالد بن مالك الحارثي عن ابن عمر.

وقد أجمعوا أن الأولى من الصلاتين اللتين تجمعان بعرفة يؤذن لها ويقام لها، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك حكم الأولى من الصلاتين اللتين تجمعان بجمع.

3707 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن موسى بن عقبة، عن كريب مولى عبد الله بن عباس، عن أسامة بن زيد، أنه سمعه يقول: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب، نزل فبال، ثم توضأ، فلم يسبغ الوضوء، فقلت له الصلاة، فقال الصلاة أمامك. فركب حتى جاء المزدلفة، فنزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء، فصلاها، ولم يصل بينهما شيئا

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1430) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (14050) من طريق حاتم بن إسماعيل به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1428) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 400 - 401، ومن طريقه أخرجه أحمد (21814)، والبخاري (139، 1672)، ومسلم=

ص: 215

فقد اختلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاتين بمزدلفة، هل صلاهما معا أو عمل بينهما عملا؟ فروي في ذلك ما قد ذكرنا في حديث ابن عمر وأسامة رضي الله عنهم.

واختلف عنه كيف صلاهما؟ فقال بعضهم: بأذان وإقامة، وقال بعضهم: بأذان وإقامتين. وقال بعضهم: بإقامة واحدة ليس معهما أذان.

فلما اختلفوا في ذلك على ما ذكرنا، وكانت الصلاتان يجمع بينهما بمزدلفة، وهما المغرب والعشاء، كما تجمع بين الصلاتين بعرفة، وهما الظهر والعصر، فكان هذا الجمع في هذين الموطنين جميعا لا يكون إلا لمحرم في حرمة الحج، ولا يكون الحلال ولا لمعتمر غير حاج، وكانت الصلاتان بعرفة تصلى إحداهما في إثر صاحبتها، ولا يعمل بينهما عمل، وكانتا يؤذن لهما أذان واحدا ويقام لهما إقامتان

(1)

كما يفعل بعرفة سواء.

هذا هو النظر في هذا الباب وهو خلاف قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رضي الله عنهم وذلك أنهم يذهبون في الجمع بين الصلاتين بعرفة إلى ما ذكرنا، ويذهبون في الجمع بين الصلاتين بمزدلفة إلى أن يجعلوا ذلك بأذان وإقامة واحدة، ويحتجون في ذلك بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما.

= (ص 934)(276)، وأبو داود (1925)، والنسائي في الكبرى (4029)، وابن حبان (1594، 3857)، والبيهقي 5/ 122، والبغوي (1937).

(1)

في ن: "كان النظر على ذلك أن تكون الصلاتان بمزدلفة كذلك وأن تكون إحداهما تصلى في إثر صاحبتها، ولا يعمل بينهما عمل وأن يؤذن لهما أذان واحد وتقام لهما إقامتان كما يفعل بعرفة سواء".

ص: 216

وكان سفيان الثوري يذهب في ذلك إلى أن يصليهما بإقامة واحدة لا أذان معهما، على ما روينا عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي رويناه عن جابر من هذا أحب إلينا لما شهد له من النظر.

ثم وجدنا بعد ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قد عاد إلى معنى حديث جابر رضي الله عنه.

3708 -

وذلك أن هارون بن كامل وفهدا، حدثانا قالا: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع، وهي المزدلفة صلى المغرب ثلاثا، ثم سلم، ثم أقام العشاء فصلاها ركعتين، ثم سلم ليس بينهما سبحة

(1)

.

فهذا يخبر أنه صلاهما بإقامتين. وقد وجدنا عن ابن عمر رضي الله عنهما نفسه مما لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لهما.

3709 -

ما حدثنا يوسف بن يزيد، قال: ثنا حجاج بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم قال: أنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه جمع بين المغرب والعشاء بجمع بأذان وإقامة، ولم يجعل بينهما شيئا"

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1429) من طريق فهد وحده، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 217

فكان محالا أن يكون أدخل في ذلك أذانا إلا وقد علمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي رويناه عن جابر رضي الله عنه من هذا أحب إلينا، لما شهد له من النظر.

ص: 218

‌21 - باب: وقت رمى جمرة العقبة للضعفاء الذين يرخص لهم في ترك الوقوف بالمزدلفة

3710 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر (ح)

وحدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، عن ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس: قال: كنت فيمن بعث به النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فرمينا الجمرة مع الفجر

(1)

.

3711 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا خلاد بن يحيى، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيراء، عن عطاء، قال: أخبرني ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس ليلة المزدلفة:"اذهب بضعفائنا ونسائنا فليصلوا الصبح بمنى، وليرموا جمرة العقبة قبل أن تصيبهم دفعة الناس"

(2)

.

قال: فكان عطاء يفعله بعدما كبر وضعف.

(1)

إسناده ضعيف لضعف شعبة مولى ابن عباس.

وأخرجه الطيالسي (2729)، وأحمد (2935، 2936، 3304)، والطبراني (12220)، وابن عدي في الكامل 4/ 1340 من طرق عن ابن أبي ذئب به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل إسماعيل بن عبد الملك.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1455) بإسناده ومتنه.

ص: 219

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أن للضعفة أن يرموا جمرة العقبة بعد طلوع الفجر، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: لا ينبغي لهم أن يرموها حتى تطلع الشمس، فإن رموها قبل ذلك أجزأتهم وقد أساءوا.

وقالوا: لم يذكر ابن عباس رضي الله عنهما في حديث شعبة مولاه أنهم رموا الجمرة عند طلوع الفجر بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياهم بذلك.

وقد يجوز أن يكونوا فعلوا ذلك بالتوهم منهم أنه وقت الرمي لها، ووقته في الحقيقة غير ذلك.

وأما ما رواه عطاء عنه، فإنه لم يكن يذكر فيه وقت رمي جمرة العقبة، هل هو بعد طلوع الشمس أو قبل ذلك؟ واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضا.

3712 -

بما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقدم ضَعَفة أهله، فيقفون عند المشعر الحرام والمزدلفة بليل، فيذكرون الله عز وجل ما بدا لهم، ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع. فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا

(1)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان، ومجاهدا، والنخعي، والشعبي، وسعيد بن جبير، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 13/ 187.

(2)

قلت أراد بهم: أبا حنيفة، وأبا يوسف، ومالكا، وأحمد وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 13/ 188.

ص: 220

قدموا رموا الجمرة. وكان ابن عمر رضي الله عنه يقول: رخص لأولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

وكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأخرى، أنه لم يذكر في هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لهم في رمي جمرة العقبة حينئذ.

وقد يجوز أن تكون تلك الرخصة التي كان رخصها لهم هي الدفع من مزدلفة بليل خاصة. واحتجوا أيضا في ذلك بما

3713 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله مولى أسماء، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت: أي بني، هل غاب القمر ليلة الجمع؟، وهي تصلي، ونزلت عند المزدلفة، قال: قلت لا فصلت ساعة، ثم قالت: أي بني هل غاب القمر وقد غاب؟، فقلت نعم. قالت: فارتحلوا إذًا، فارتحلنا ثم مضينا بها حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت لها: أي هنتاه لقد غلستنا قالت: كلا يا بني، إن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للظعن

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1456) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (1295)، وابن حبان (3867)، والبيهقي 5/ 123 من طريق ابن وهب به.

وأخرجه البخاري (1676)، والبيهقي 5/ 123 من طريق الليث، عن يونس به.

(2)

إسناده حسن، من أجل سعيد بن سالم القداح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1460) بإسناده ومتنه.=

ص: 221

فقد يحتمل أن يكون أراد بالتغليس في الدفع من مزدلفة، ويجوز أن يكون أراد بالتغليس في الرمي، فأخبرته أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أذن لهم في التغليس لما سألها عن التغليس به من ذلك.

وكان من الحجة للذين ذهبوا إلى أن وقت رميهم بعد طلوع الشمس

3714 -

ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا فضيل بن سليمان، قال: حدثني موسى بن عقبة قال: أنا كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه وثقله

(1)

صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسواد، ولا يرموا الجمرة إلا مصبحين

(2)

.

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالإفاضة مع أول الفجر وأن لا يرموا حتى يصبحوا. فدل ذلك على أن الوقت الذي أمرهم بالرمي فيه، ليس أوله طلوع الفجر، ولكن أوله الإصباح الذي بعد ذلك.

=وأخرجه أحمد (26941، 26966)، والبخاري (1679)، ومسلم (1291)، وابن خزيمة (2884)، والطبراني في الكبير (24/ 269، 270) من طرق عن ابن جريج به.

(1)

بفتح الثاء المثلثة والقاف: وهو: متاع المسافر.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل فضيل بن سليمان النميري.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1454)، وشرح مشكل الآثار (3503) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي 5/ 132 من طريق يوسف بن يعقوب، عن محمد بن أبي بكر المقدمي به.

ص: 222

3715 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في الثقل وقال:"لا ترموا الجمار حتى تصبحوا"

(1)

.

فاحتمل أن يكون ذلك الإصباح هو طلوع الشمس، واحتمل أن يكون قبل ذلك، فنظرنا في ذلك.

3716 -

فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبني هاشم: "يا بني أخي تعجلوا قبل زحام الناس، ولا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس"

(2)

.

3717 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا المسعودي، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَعَفَة أهله ليلة جمع. قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسانا منهم، فحرك فخذه وقال:"لا ترمين جمرة العقبة حتى تطلع الشمس"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لعنعنة الحجاج بن أرطاة.

وأخرجه الطبراني (12078) من طريق حجاج بن أرطاة، عن الحكم به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3497) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (3513) من طريق أسود بن عامر، عن أبي بكر به.

(3)

حديث صحيح، والمسعودي لم نقف على الراوي عنه خالد بن عبد الرحمن وقت روايته هل روى قبل التغير=

ص: 223

3718 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا يحيى بن عيسى، (ح)

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا محمد بن كثير، (ح)

وحدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قالوا: حدثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن الحسن العربي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب من جمع بليل، فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول: أي بني لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس

(1)

.

3719 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن عمران ابن أبي ليلى، قال حدثني أبي قال: حدثني ابن أبي ليلى عن الحكم، عن مقسم عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله، غير أنه قال: فكان يأخذ بعضد كل إنسان منا

(2)

.

= أم بعده.

وأخرجه الطيالسي (2703)، وأحمد (3006)، والترمذي (893) من طرق عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي به.

(1)

حديث صحيح إلا أنه منقطع، الحسن العربي لم يلق ابن عباس بل لم يدركه، وهو يرسل عنه صرح بذلك أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم.

وأخرجه أبو داود (1940)، وابن حبان (3869) من طريق محمد بن كثير العبدي به.

وأخرجه الحميدي (365)، وأحمد (2082)، والنسائي 5/ 270، 272، وابن ماجه (3025)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (2175)، والطبراني (12699، 12701، 12703)، والبيهقي 5/ 131، والبغوي في شرح السنة (1943) من طرق عن سفيان الثوري به.

(2)

إسناده ضعيف، محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سيء الحفظ وقد توبع.

وأخرجه الطبراني (12073) من طريق ابن أبي ليلى.

ص: 224

3720 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن الحسن العربي، عن ابن عباس قال: أفضنا من جمع، فلما أن صرنا بمنى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس"

(1)

.

فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم في هذا الحديث وقت الإصباح الذي أمرهم بالرمي فيه، في الحديث الذي في الفصل الذي قبل هذا، وأنَّه بعد طلوع الشمس.

فهذا الحديث هو أولى من حديث شعبة مولى ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأن هذا قد تواتر عن ابن عباس رضي الله عنهما بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم على ما ذكرنا.

ولأن الإفاضة من مزدلفة إنما رخص للضعفاء فيها ليلا، لئلا تصيبهم حطمة الناس في وقت إفاضتهم، فإذا صاروا إلى "منى" أمكنهم من رمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس قبل مجيء الناس ما يمكن غير الضعفاء إذا جاءوا لأن غير الضعفاء إنما يأتونهم في وقت ما يفيضون، وذلك قبل طلوع الشمس، هكذا أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3721 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، (ح)

وحدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال: كنا وقوفا مع عمر رضي الله عنه بجمع، فقال: "إن أهل الجاهلية

(1)

إسناده منقطع، الحسن العربي لم يسمع من ابن عباس، وهو مكرر سابقه.

ص: 225

كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم، فأفاض قبل طلوع الشمس"

(1)

.

3722 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد (ح)

وحدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قالا: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: كنا وقوفا مع عمر رضي الله عنه بجمع، فقال: إن أهل الجاهلية كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم فأفاض قبل طلوع الشمس بقدر صلاة المسافر صلاة الصبح"

(2)

.

فلما كان غير الضعفاء إنما يفيضون من مزدلفة قبل طلوع الشمس بهذه المدة اليسيرة أمكن الضعفاء الذين قد تقدموهم إلى "منى" أن يرموا الجمرة بعد طلوع الشمس قبل مجيء الآخرين إليهم، فلم يكن للرخصة للضعفاء أن يرموا قبل طلوع الشمس

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1479) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (63)، وأحمد (84)، والبخاري (1684)، والترمذي (896)، والنسائي 5/ 265 من طرق عن شعبة به.

وأخرجه أحمد (200)، والبخاري (3838)، وأبو داود (1938)، وابن خزيمة (2859)، وابن حبان (3860) من طرق عن سفيان الثوري به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1483) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارمي (2021) قال أخبرنا أبو غسان به.

ص: 226

معنى؛ لأن الرخصة إنما تكون في مثل هذه الضرورة، وهذا لا ضرورة فيه. فثبت بذلك ما ذكرنا من حديث ابن عباس الذي رويناه في تأخير رمي جمرة العقبة إلى طلوع الشمس، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 227

‌22 - باب: رمي جمرة العقبة ليلة النحر قبل طلوع الفجر

(1)

3723 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبيد الله بن محمد التيمي قال: أنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة، أن يوم أم سلمة دار إلى يوم النحر، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة جمع أن تفيض، فرمت جمرة العقبة، وصلت الفجر بمكة

(2)

.

قال أبو جعفر فذهب قوم

(3)

إلى أن رمي جمرة العقبة ليلة النحر قبل طلوع جائز. واحتجوا في ذلك بهذا الحديث. وقالوا: لا يجوز أن تكون صلت الصبح بمكة إلا وقد كان رميها جمرة العقبة ليلة النحر قبل طلوع الفجر لبعد ما بين الموضعين.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

فقالوا: لا يجوز لأحد أن يرميها قبل طلوع الفجر، ومن رماها قبل طلوع الفجر، فهو في حكم مَنْ لم يرم، وعليه أن يعيد الرمي في وقت الرمي، فإن لم يفعل، كان عليه لذلك دمٌ. وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذا الحديث قد اختلف فيه عن هشام بن عروة، فروي عنه على ما ذكرنا، وروي عنه على خلاف ذلك

(1)

في م س خد "الشمس".

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه بعد عروة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3521) بإسناده ومتنه.

ورواه البيهقي في السنن 5/ 133 من طريقين عن هشام بن عروة به.

(3)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وطاووسا، ومجاهدا، والشعبي، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 13/ 213.

(4)

قلت أراد بهم: الثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 13/ 214.

ص: 228

3724 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا محمد بن خازم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة قالت: أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح بمكة

(1)

.

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بما أمرها به من هذا، يوم النحر فذلك على صلاة الصبح في اليوم الذي بعد يوم النحر، وهذا خلاف الحديث الأول، وقد عجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا من جمع أزواجه غير أم سلمة رضي الله عنها، وكان مضيهم إلى منى وبها صلوا صلاة الصبح، ولم يتوجهوا حينئذ إلى مكة. فمما روي في ذلك ما

3725 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أن سودة بنت

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3518) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي في المعرفة 7/ 312 - 313 من طريق أسد بن موسى به.

وأخرجه أبو يعلى (7000) من طريق أبي خيثمة، والطبراني في الكبير 23/ (799) من طريق عبد الله بن جعفر الرقي والبيهقي في السنن 5/ 133 من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري، وفي المعرفة 7/ 312 من طريق سعيد بن سليمان، وابن عبد البر في الإستذكار 13/ 63 من طريق أبي كريب محمد بن العلاء كلهم عن أبي معاوية، وقد اختلفت ألفاظهم. ورواه أحمد (26492) من طريق أبي معاوية به.

ص: 229

زمعة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصلي يوم النحر الصبح بمنى، فأذن لها، وكانت المرأة، ثبطة، فوددت إني استأذنته كما استأذنته

(1)

.

3726 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سالم بن شوال، أنه سمع أم حبيبة رضي الله عنها، تقول: كنا نغلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة إلى منى

(2)

.

ففي هذا أنهم كانوا يفيضون بعد طلوع الفجر، فهذا أبعد لهم مما في الحديث الأول وقد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب في حديث أسماء أنها رمت، ثم رجعت إلى منزلها، فصلت الفجر، فقلت لها لقد غلسنا

(3)

فقالت رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للظعن. فأخبرت أن ما قد كان رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك للظعن هو: الإفاضة من المزدلفة في وقت ما يصيرون إلى "منى" في حال ما لهم أن يصلوا صلاة الصبح.

(1)

إسناده حسن في المتابعات، من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه أحمد (24673) ومسلم (1290)(295)، والنسائي في المجتبى 5/ 266، وفي الكبرى (4033)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3039، 3040)، وابن حبان (3864)، والبيهقي 5/ 124 من طرق عن عبيد الله بن عمر به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي في سننه (445)، والحميدي (305)، وأحمد (27396)، ومسلم (1292)(299)، والنسائي في المجتبى 5/ 262، وفي الكبرى (4039)، وأبو يعلى (7122)، والطبراني في الكبير 23/ (481، 490)، والبيهقي في السنن 5/ 124 من طريق سفيان بن عيينة به.

(3)

في ن "غلستنا".

ص: 230

ولما اضطرب حديث هشام بن عروة على ما ذكرنا لم يكن العمل بما رواه حماد بن سلمة أولى مما رواه محمد بن خازم.

وقد ذكر حماد بن سلمة في حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد بتعجيله أم سلمة إلى حيث عجلها لأنَّه يومها أي ليصيب منها في يومها ذلك ما يصيب الرجل من أهله ورسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم النحر، فلم يبرح منى، ولم يطف طواف الزيارة إلى الليل.

3727 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا سفيان الثوري، قال: حدثني محمد بن طارق، عن طاوس، وأبي الزبير، عن عائشة، وابن عباس رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر طواف الزيارة إلى الليل

(1)

.

(1)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1586)، وشرح مشكل الآثار (3525) بإسناده ومتنه.

وقد روى المؤلف هذا الحديث من طريقين: الأول عن سفيان عن محمد بن طارق عن طاوس أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا

كذا أخرجه ابن ماجه (3059).

والثاني من طريق سفيان عن أبي الزبير عن عائشة وابن عباس موصولا كما رواه أحمد (25779)، وأبو داود (2000)، والترمذي (920)، والنسائي في الكبرى (4062)، وأبو يعلى (2700)، والبيهقي 5/ 144 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان به.

وأما رواية أبي الزبير فهي معلولة بتدليسه وقد عنعن فيها وفي سماعه من ابن عباس وعائشة نظر.

ص: 231

3728 -

حدثنا فهد بن سليمان، قال: ثنا أحمد بن حميد، قال: ثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يومه

(1)

.

فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف طواف الزيارة يوم النحر إلى الليل، استحال أن يكون به إلى حضور أم سلمة رضي الله عنها إلى مكة قبل ذلك حاجة لأنَّه إنما يريدها لأنَّه في يومها، وليصيب منها ما يصيب الرجل من أهله، وذلك لا يحل له منها إلا بعد الطواف. فأشبه الأشياء عندنا -والله أعلم-، أن يكون أمرها أن توافي صلاة الصبح بمكة في غد يوم النحر، في وقت يكون فيه حلالا بمكة، وقد علم المسلمون وقت رمي جمرة العقبة في يوم النحر بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3729 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النحر ضحًى، وما سواها بعد الزوال

(2)

.

(1)

إسناده حسن، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند ابن حبان.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1495)، وشرح مشكل الآثار (3514) بإسناده ومتنه، إلا أن فيهما زيادة راو عبد الله بن سعيد الأشج الكوفي بعد أحمد بن حميد.

وأخرجه أحمد (24592)، وأبو داود (1973)، وابن خزيمة (2956، 2971)، وابن الجارود في المنتقى (492)، وابن حبان (3868)، والدارقطني 2/ 274، والحاكم 1/ 477 - 478، والبيهقي 5/ 148 من طريق ابن إسحاق به.

(2)

إسناده صحيح، وقد صرح ابن جريج وأبو الزبير بالتحديث عند أحمد (14435).

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1491) بإسناده ومتنه.=

ص: 232

3730 -

حدثنا أحمد بن داود: قال ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3731 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

فعلم المسلمون بذلك أن الوقت الذي رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الجمار هو وقتها.

فأردنا أن ننظر هل رخص للضعفة في الرمي قبل ذلك أم لا؟ فوجدناه صلى الله عليه وسلم قد تقدم إلى ضعفة بني هاشم حين قدمهم إلى "منى" أن لا ترموا الجمرة إلا بعد طلوع الشمس.

فعلمنا بذلك أن الضعفة لم يرخّص لهم في ذلك أن يتقدموا غير الضعفة، وأن وقت رميهم جميعا وقت واحد، وهو بعد طلوع الشمس. فهذا هو وجه هذا الباب، من طريق الآثار.

= وأخرجه أحمد (14354، 14435)، والدارمي (1896)، ومسلم (1299)(314)، والترمذي (894)، والنسائي 5/ 270، وابن ماجه (3053)، وابن الجارود (474)، وابن خزيمة (2876، 2968)، وابن حبان (3886)، والدارقطني 2/ 275، والبيهقي 5/ 131، 148، 149 من طرق عن ابن جريج به.

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

وأخرجه أحمد (15291) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

ص: 233

وأما من طريق النظر، فإنا قد رأيناهم قد أجمعوا أن رمي جمرة العقبة لليوم الثاني بعد يوم النحر في الليل قبل طلوع الفجر أن ذلك لا يجزئه حتى يكون رميه لها في يومها.

فالنظر على ذلك أن تكون كذلك هي في يوم النحر، لا يجوز أن يرمى إلا في يومها، وإن كان بعض يومها في ذلك أفضل من بعض كما أن بعض اليوم الثاني الرمي فيه أفضل من الرمي في بعضه، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

وقد وجدت في كتاب عبد الله بن سويد بخطه عن الأثرم، مما

3732 -

ذكر لنا عبد الله بن سويد أن الأثرم أجازه لمن كتبه من خطه ذلك، وأجازه لنا عبد الله بن سويد، عن الأثرم، يعني أبا بكر قال: قال لي أبو عبد الله، يعني أحمد بن حنبل، حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه يوم النحر بمكة

(1)

.

ولم يسند ذلك، غير أبي معاوية، وهو خطأ.

قال أحمد: وقال وكيع، عن هشام، عن أبيه مرسل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة، أو نحو هذا. قال: وهذا أيضا عجب قال أبو عبد الله: والنبي صلى الله عليه وسلم ما يصنع بمكة يوم النحر؟ كأنه ينكر ذلك. قال: فجئت إلى يحيى بن سعيد فسألته فقال: عن هشام، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي، ليس توافيه قال: وفرق بين هذين ويوم النحر صلاة الفجر بالأبطح.

(1)

رجاله ثقات، وقد اختلف في وصله وإرساله والمرسل أصح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3519) وسبق الكلام عليه برقم (3724).

ص: 234

قال: وقال لي يحيى: سلْ عبد الرحمن هو ابن مهدي فسألته فقال: هكذا عن سفيان، عن هشام، عن أبيه توافي. ثم قال لي أبو عبد الله: رحم الله يحيى، ما كان أضبطه، وأشده كان محدثا وأثنى عليه، فأحسن الثناء عليه.

ص: 235

‌23 - باب: الرجل يدع رمي جمرة العقبة يوم النحر ثم يرميها بعد ذلك

3733 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني عمر بن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الراعي يرعى بالنهار ويرمي بالليل"

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن في هذا الحديث دلالة على أن الليل والنهار وقت واحد للرمي فقال: إن ترك رجل رمي جمرة العقبة في يوم النحر، ثم رماها بعد ذلك في الليلة التي بعده، فلا شيء عليه، وإن لم يرمها حتى أصبح من غده، رماها وعليه دم لتأخيره إياها إلى خروج وقتها، وهو طلوع الفجر من يومئذ.

وخالفه في ذلك، أبو يوسف، ومحمد رحمهما الله فقالا: إذا ذكرها في شيء من أيام الرمي رماها ولا شيء عليه غير ذلك، من دم ولا غيره، وإن لم يذكرها حتى مضت أيام الرمي فذكرها ولم يرمها كان عليه في تركها دم.

واحتج محمد بن الحسن في ذلك على أبي حنيفة رحمه الله

3734 -

بما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج قال: أخبرني محمد بن أبي بكر، عن أبيه، عن أبي البدّاح، عن عاصم بن عدي، أن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده ضعيف، عمر بن قيس المكي متروك.

وأخرجه البيهقي في السنن 5/ 151 من طريق ابن وهب، عن عمر بن قيس به.

وأخرجه الطبراني في الكبير (11379)، والأوسط (7881) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن عطاء به.

ص: 236

رخص للرعاء أن يتعاقبوا فكانوا يرمون غدوة يوم النحر ويدعون ليلة ويوما، ثم يرمون من الغد

(1)

.

ففي هذا الحديث أنهم كانوا يرمون غدوة يوم النحر، ثم يدعون يومًا وليلة، ثم يرمون من الغد. فقد كانوا يرمون رمي اليوم الثاني في اليوم الثالث، ولم يكن ذلك بموجب عليهم دما، ولا بموجب أن حكم اليوم الثالث في الرمي لليوم الثاني خلاف حكم اليوم الرابع.

ففي ذلك دليل أن من ترك رمي جمرة العقبة في يوم النحر، فذكرها في شيء من أيام التشريق أنه يرمي ولا شيء عليه. ثم النظر في ذلك يشهد لهذا القول أيضا، وذلك أنا رأينا أشياء تُفعل في الحج، الدهر كله وقت لها، منها السعي بين الصفا والمروة، وطواف الصدر، ومنها أشياء تُفعل في وقت خاص، هو وقتها خاصة، منها: رمي الجمار.

وكان ما الدهر وقت له من هذه الأشياء متى فعل، فلا شيء على فاعله مع فعله إياه، من دم ولا غيره.

وما كان منها له وقت خاص من الدهر إذا لم يفعل في وقته وجب على تاركه الدم. وكان ما كان منها يفعل لبقاء وقته، فلا شيء على فاعله غير فعله إياه، وما كان منها

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (23777)، وأبو إسحاق الفزاري في السير (629)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 2/ 215، والطبراني في الكبير 17/ (455)، والبيهقي في السنن 5/ 150 - 151، وابن عبد البر في التمهيد 17/ 258 من طرق عن ابن جريج به.

ص: 237

لا يفعل لعدم وقته وجب مكانه الدم. وكانت جمرة العقبة إذا رُميت من غد يوم النحر قضاء عن رمي يوم النحر، فقد رميت في يوم هو من وقتها، ولولا ذلك لما أمر برميها كما لا يؤمر تاركها إلى بعد انقضاء أيام التشريق برميها بعد ذلك. فلما كان اليوم الثاني من أيام النحر هو وقت لها، وقد ذكرنا مما قد أجمعوا عليه أن ما فعل في وقته من أمور الحج، فلا شيء على فاعله، كان كذلك هذا الرامي لها، لمّا رماها في وقتها، فلا شيء عليه.

فإن قال قائل: إنما أوجبنا عليه الدم بتركه رميها يوم النحر وفي الليلة التي بعده للإساءة التي كانت منه في ذلك.

قيل له: فقد رأينا تارك طواف الصدر حتى يرجع إلى أهله، وتارك السعي بين الصفا والمروة حتى يرجع إلى أهله مسيئين، وأنت تقول: إنهما إذا رجعا ففعلا ما كان من ذلك أن إساءتهما لا توجب عليهما دما؛ لأنهما قد فعلا ما فعلا من ذلك في وقته. فكذلك الرامي في اليوم الثاني من أيام منى جمرة العقبة، لما كان وجب عليه في يوم النحر يكون راميا لها في وقتها، فلا شيء عليه في ذلك غير رميها.

فهذا هو النظر في هذا الباب، وهو قول أبي يوسف، ومحمد، رحمهما الله تعالى.

ص: 238

‌24 - باب: التلبية متى يقطعها الحاج

3735 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال أنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة هو الماجشون، عن عمر بن حسين، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر أنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحةَ عرفةَ، فمنا المهلُّ، ومنا المكبّر، فأما نحن فكنا نكبر، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال فقلت له العجب لكم، كيف لم تسألوه ما قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل في ذلك

(1)

.

3736 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال: أنا أبو معاوية الضرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسامة بن زيد أنه قال: كنت رِدْف رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفةَ، فكان لا يزيد على التكبير والتهليل، وكان إذا وجد فجوة

(2)

نص

(3)

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1154) بإسناده ومتنه، إلا أنه سقط عنده عبد الله بن عمر.

وأخرجه أحمد (4850)، ومسلم (1284)(273) من طريق يزيد بن هارون به.

وأخرجه أحمد (4733)، ومسلم (1284)(272)، وأبو داود (1816) من طريق ابن نمير، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عبد الله بن أبي سلمة به.

(2)

أي سعة من الأرض.

(3)

أي: رفع في سيره وأسرع.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه مالك 1/ 392، والحميدي (543)، وأحمد (21760)، والدارمي (1880)، والبخاري (1666)، ومسلم (1286)(283، 284)، وأبو داود (1923)، والنسائي في الكبرى (4018، 4057)، وابن خزيمة (2845)،=

ص: 239

3737 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن محمد بن أبي بكر الثقفي، أنه سأل أنس بن مالك رضي الله عنه، وهما غاديان إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان يهل المهل منا، فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر، فلا ينكر عليه

(1)

.

3738 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أحمد بن صالح، قال: ثنا ابن أبي فديك، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن أبي بكر، قال: أدركت أنس بن مالك رضي الله عنه، ونحن غاديان من منى إلى عرفات، فقلت له: كيف كنتم تصنعون في هذه الغداة؟ فقال: سأخبرك، كنت في ركب فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يهل المهل، فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر، فلا ينكر عليه، ولست أثبت ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك

(2)

.

= والبيهقي 5/ 119، والبغوي (1933) من طرق عن هشام به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 337، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 352، والدارمي (1877)، وأحمد (12069، 13521)، والبخاري (970، 1659)، ومسلم (1285)(274)، والنسائي 5/ 250، وابن حبان (3847)، والبيهقي 3/ 313، 5/ 112، والبغوي (1924).

(2)

إسناده فيه عبد الله بن محمد بن أبي بكر الثقفي في المغاني 2/ 134 روى عنه ابن أبي فديك، ذكره ابن أبي حاتم عن أبه: ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وفي النخب 13/ 255: رجل مشهور بالرواية عن أبيه، وبقية رجاله ثقات.

وأخرجه الحميدي (1211)، ومسلم (1285)(275)، والنسائي 5/ 251 من طريق موسى بن عقبة، عن محمد بن أبي بكر به.

ص: 240

3739 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني ابن لهيعة، عن أبي الزبير، قال: سألت جابر بن عبد الله عن الإهلال يوم عرفة، فقال: كنا نهل ما دون عرفة، ونكبر يوم عرفة

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن الحاج لا يلبي بعرفة، واختلفوا في قطعه للتلبية متى ينبغي أن يكون؟ فقال قوم: حين يتوجّه إلى عرفات، وقال قوم: حين يقف بعرفات، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: بل يلبي الحاج حتى يرمي جمرة العقبة وقالوا: لا حجة لكم في هذه الآثار التي احتججتم بها علينا؛ لأن المذكور فيها أن بعضهم كان يكبر، وبعضهم كان يهل لا يمنع أن يكونوا فعلوا ذلك ولهم أن يلبوا فإن الحاج فيما قبل يوم عرفة له أن يكبر، وله أن يهل، وله أن يلبي فلم يكن تكبيره وتهليله يمنعانه من التلبية.

فكذلك ما ذكرتموه من تهليل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكبيره يوم عرفة، لا يمنع ذلك من التلبية.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.

(2)

قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، ومحمد بن أبي بكر الثقفي، ومالكا، وأصحابه، وأكثر أهل المدينة رحمهم الله، كما في النخب 13/ 256.

(3)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وطاووسا، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، والحسن بن حي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، وداود بن علي، وأبا عبيد، والطبري رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 241

وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار متواترة بتلبيته بعد عرفة إلى أن رمى جمرة العقبة.

3740 -

فمن ذلك ما حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا سعيد بن سليمان، قال: ثنا عباد بن العوام، عن محمد إسحاق، عن أبان بن صالح، عن عكرمة قال: وقفت مع الحسين بن علي رضي الله عنهما فكان يلبي

(1)

حتى رمى جمرة العقبة فقلت: يا أبا عبد الله ما هذا؟ فقال: كان أبي يفعل ذلك، وأخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. قال: فرجعت إلى ابن عباس رضي الله عنهما فأخبرته فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: صدق، أخبرني الفضل أخي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبى حتى انتهى إليها، وكان رديفه

(2)

.

3741 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسحاق بن منصور، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن الفضل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبى حتى رمى جمرة العقبة

(3)

.

(1)

كذا في س خدن، وفي م ج د "ويهل".

(2)

إسناده حسن، محمد بن إسحاق صرح بالتحديث عند أبي يعلى والبيهقي.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1513) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (915، 1334)، وأبو يعلى (321، 462)، والبزار (500)، والبيهقي 5/ 138 من طرق عن ابن إسحاق به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (1823)، وابن خزيمة (2832)، والطبراني 18/ 339 من طريق إسرائيل به.

وأخرجه أبو يعلى (6731)، والطبراني 18/ 840 من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه به.

ص: 242

3742 -

حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم بن مالك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن الفضل، قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم

فذكر مثله

(1)

.

3743 -

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا يحيى بن عيسى، (ح)

وحدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قالا: ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبى حتى رمى جمرة العقبة

(2)

.

3744 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن منهال، قال: ثنا حماد، عن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس عن الفضل رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن سعد 4/ 55، والدارمي (1902)، وأحمد (1832)، والنسائي 5/ 276، والطبراني 18/ (736)، والبزار (2144) من طريقين عن عبد الكريم الجزري به.

(2)

إسناده صحيح، ويحيى بن عيسى متابع.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (4062)، والطبراني (12351) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان الثوري به.

وأخرجه أحمد (3199)، والنسائي في المجتبى 5/ 268، وفي الكبرى (4062)، وأبو يعلى (2697) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان به.

وأخرجه ابن ماجة (3039)، والطبراني (12465) من طريق أيوب السختياني، عن سعيد بن جبير به.

(3)

إسناده صحيح.=

ص: 243

3745 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أنا شريك، عن ثوير، عن أبيه، قال: حججت مع عبد الله، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة. قال: ولم يسمع الناس يلبون عشية عرفة، فقال: أيها الناس أنسيتم؟ والذي نفسي بيده، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة

(1)

.

3746 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر الزهراني، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني الحكم، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: حججت مع عبد الله، فلما أفاض إلى جمع، جعل يلبي فقال رجل: أعرابي هذا؟، فقال عبد الله: أنسي الناس أم ضلوا؟ ثم لبى حتى رمى جمرة العقبة

(2)

.

3747 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن حميد الكوفي، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن الحارث بن أبي ذباب، عن مجاهد، عن عبد الله بن سخبرة، قال: لبى عبد الله وهو متوجِّه إلى عرفات. فقال أناس من هذا الأعرابي. فالتفت إليّ عبد الله فقال: أضل الناس أم

= وأخرجه الطبراني 18/ 702 من طريق حجاج بن منهال، وأحمد (1806) من طريق عفان كلاهما عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه الشافعي 1/ 358، وأحمد (1791)، والنسائي 5/ 268، وابن الجارود (476)، والطبراني 18/ (701، 712)، والبيهقي 5/ 137، والبغوي (1950) من طريق ابن جريج عن عطاء به.

(1)

إسناده ضعيف، لضعف ثوير بن أبي فاختة وشريك بن عبد الله القاضي سيء الحفظ.

وأخرجه أحمد (3739) من طريق يحيى بن آدم، عن شريك به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1283) من طريق كثير بن مدرك، عن عبد الرحمن بن يزيد به.

ص: 244

نسوا؟ والله ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى الجمرة إلا أن يخلط ذلك بتهليل أو تكبير

(1)

.

3748 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أبو مصعب، قال: ثنا الدراوردي، عن الحارث بن أبي ذباب، عن مجاهد المكي، عن ابن سخبرة، قال: غدوت مع ابن مسعود غداة جمع وهو يلبي، فقال ابن مسعود: أضل الناس أم نسوا؟ أشهد لكنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلبي حتى رمى جمرة العقبة

(2)

.

3749 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عاصم بن علي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن حصين، عن كثير بن مدرك، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قال عبد الله بن مسعود ونحن بجمع: سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يلبي في هذا المكان: "لبيك اللهم لبيك"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 1/ 269، وأحمد (3961)، وابن خزيمة (2806)، والحاكم 1/ 461 - 462، والبيهقي 5/ 138 من طريق صفوان بن عيسى عن الحارث به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1283)(269)، والنسائي في المجتبى 5/ 265، وفي الكبرى (4039) من طريقين عن أبي الأحوص به.

وأخرجه أحمد (3549)، ومسلم (1283)(270)، والبيهقي في السنن 5/ 112 من طريق هشيم بن بشير، عن حصين به.

ص: 245

3750 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الحسين بن عبد الأول الأحول، قال: ثنا يحيى بن آدم، قال: ثنا سفيان، عن حصين

ثم ذكر مثله بإسناده

(1)

.

3751 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا يحيى بن معين، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت يونس، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أسامة بن زيد ردف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل بن عباس رضي الله عنهما من مزدلفة إلى منى، فكلاهما قالا: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة

(2)

.

فقد جاءت هذه الآثار أنه كان يلبي حتى رمى جمرة العقبة، وصح مجيئها، ولم يخالفها عندنا ما قدمناه في أول هذا الباب لما قد شرحنا وبينا.

وهذا الفضل بن عباس رضي الله عنهما، فقد كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين دفع من عرفة، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة يلبي حينئذ، وبعد ذلك، وقد ذكرنا عن أسامة أنه قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، فلم يكن يزيد على التهليل والتكبير، فدلت تلبيته بعد بعرفة أنه قد كان له أن يلبي

(1)

إسناده ضعيف لضعف حسين بن عبد الأول.

وأخرجه أحمد (3976)، ومسلم (1283)(270)، والنسائي في الكبرى (4028)، والطبراني في الكبير (10481) من طريق يحيى بن آدم، عن سفيان الثوري به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1516) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري (1543، 1544) من طريقين عن وهب بن جرير به.

ص: 246

أيضا بعرفة، وأنَّه إنما كان تكبيره وتهليله بعرفة كما كان له، قبلها لا أن يجعل مكان التلبية تهليلا وتكبيرا.

ألا يرى إلى قول عبد الله في حديث مجاهد: "لبى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رمى جمرة العقبة"، إلا أنه ربما كان خلط ذلك بتكبير وتهليل. فأخبر عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يخلط التكبير بالتهليل، وكان التهليل والتكبير لا يدلان على أن لا تلبية في وقتهما، والتلبية في ذلك الوقت تدل على أن ذلك الوقت كان وقت تلبيته.

فثبت بتصحيح هذه الآثار أن وقت التلبية إلى أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر.

فإن قال قائل: فقد روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما صححتم عليه هذه الآثار.

3752 -

وذكر ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي، مريم، قال: أنا موسى بن يعقوب، عن مصعب بن ثابت، عن عمه عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يهل يوم عرفة حتى يروح

(1)

.

3753 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أنها كانت تترك التلبية إذا راحت إلى الموقف

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، لضعف موسى بن يعقوب بن عبد الله الزمعي ومصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1507) بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1508) بإسناده ومتنه.=

ص: 247

فمن الحجة عليهم لأهل المقالة الأخرى أن القاسم لم يخبر في حديثه الذي رويناه عنه، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن التلبية تنقطع قبل الوقوف بعرفة. وإنما أخبر عن فعلها فقال: كانت تترك التلبية إذا راحت إلى الموقف.

فقد يجوز أن تكون كانت تفعل ذلك، لا على أن وقت التلبية قد انقطع، ولكن لأنها تأخذ فيما سواها من الذكر من التهليل والتكبير، كما لها أن تفعل ذلك قبل يوم عرفة أيضا، ولا يكون ذلك دليلا على انقطاع التلبية، وخروج وقتها.

وكذلك ما رواه عبد الله بن الزبير، عن عمر رضي الله عنه في ذلك أيضا، وهو مثل هذا.

3754 -

وقد حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود قال: حججت مع الأسود، فلما كان يوم عرفة وخطب ابن الزبير بعرفة، فلما لم يسمعه يلبّي، صعد إليه الأسود، فقال: ما يمنعك أن تلبي؟ فقال: أو يلبي الرجل إذا كان في مثل مقامي؟. قال الأسود: نعم، سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يلبي وهو في مثل مقامي، ثم لم يزل يلبي حتى صدر بعيره عن الموقف، قال: فلبي ابن الزبير رضي الله عنه

(1)

.

=وهو في موطأ مالك 1/ 455، ورواه ابن أبي شيبة (13996) من طريق وكيع عن أفلح، عن القاسم، عن عائشة به.

(1)

إسناده ضعيف، لعنعنة محمد بن إسحاق.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1509) بإسناده ومتنه.=

ص: 248

3755 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر عن صخر بن جويرية، عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: سمعت ابن الزبير يخطب يوم عرفة، فقال: إن هذا يوم تسبيح وتكبير، فسبحوا وكبروا، فجاء أبي يعني الأسود يحرّش الناس حتى صعد إليه وهو على المنبر فقال: أشهد على عمر رضي الله عنه أنه لبى على هذا المنبر في هذا اليوم فقال ابن الزبير: لبيك اللهم لبيك

(1)

.

أفلا ترى أن الأسود لما أخبر ابن الزبير بتلبية عمر رضي الله عنه في مثل يومه ذلك، قبل ذلك منه وأخذ به فلبي، ولم يقل له ابن الزبير إني قد رأيت عمر رضي الله عنه لا يلبي في هذا اليوم على ما قد رواه عامر بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه.

ولكن ابن الزبير إنما حضر من عمر ترك التلبية يومئذ، ولم يخبره عمر أن ذلك الترك إنما كان منه الخروج وقت التلبية، فكان ذلك عند ابن الزبير لخروج وقت التلبية. فلما أخبره الأسود، عن عمر رضي الله عنه بأنه لبى يومئذ علم ابن الزبير أن ذلك الوقت الذي لم يكن عمر رضي الله عنه لبى فيه وقت للتلبية، وأن ذلك الترك الذي كان من عمر إنما كان لغير خروج وقت التلبية، فتوهم ابن الزبير هو أنه لخروج وقت التلبية، وليس كذلك فلبي ورأى أن ما أخبره به الأسود، عن عمر من تلبيته أولى مما رواه هو منه في ترك التلبية.

=وأخرجه ابن حزم في المحلى 5/ 134 من طريق الزهري، عن عبد الرحمن بن الأسود به.

(1)

رجاله ثقات.

ص: 249

3756 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا إسماعيل بن أبي خالد، عن وَبْرة، قال: صعد الأسود بن يزيد إلى ابن الزبير وهو على المنبر يوم عرفة، فسارّه بشيء، ثم نزل فلما نزل الأسود ولبى ابن الزبير، فظن الناس أن الأسود أمره بذلك

(1)

.

3757 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يلبي غداة المزدلفة

(2)

.

3758 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: كنت مع عبد الله بعرفة فلبي عبد الله، فلم يزل عبد الله يلبي حتى رمي جمرة العقبة، فقال رجل: من هذا الذي يلبي في هذا الموضع؟ قال: وقال عبد الله في تلبيته شيئا ما سمعته من أحد: لبيك عدد التراب

(3)

.

ففي هذه الآثار أن عمر رضي الله عنه كان يلبي بعرفة وهو على المنبر وأن عبد الله بن الزبير فعل ذلك من بعده لما أخبره الأسود به عن عمر رضي الله عنه، ولم ينكر ذلك أحد من أهل الآفاق، فذلك إجماع وحجة، وهذا عبد الله بن مسعود، قد فعل ذلك.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 5/ 134 من طريق حماد بن سلمة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (15072) من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق به.

وأخرجه البيهقي في السنن 5/ 121 من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق به.

ص: 250

فثبت بفعل من ذكرنا لموافقتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في فعله ذلك، أن التلبية في الحج لا تقطع حتى ترمى جمرة العقبة، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 251

‌25 - باب اللباس والطيب متى يحلان للمحرم؟

3759 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال أنا عبد الله بن لهيعة، قال: ثنا أبو الأسود، عن عروة، عن جدامة بنت وهب أخت عكاشة بن وهب، أن عكاشة بن وهب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وأخاله آخر، جاءاها حين غابت الشمس يوم النحر، فألقيا قميصهما فقالت: مالكما؟ فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يكن أفاض منها فليلق ثيابه" وكانوا تطيبوا ولبسوا الثياب

(1)

.

3760 -

حدثنا يحيى بن عثمان، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أم قيس بنت محصن قالت: دخل عليّ عكاشة بن محصن، وآخر في منى مساء يوم الأضحى، فنزعا ثيابهما وتركا الطيب، فقلت: مالكما؟ فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: "من لم يفْضِ إلى البيت من عشية هذه، فليدع الثياب والطيب"

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب إلى هذا قوم

(3)

فقالوا: لا يحل اللباس والطيب لأحد حتى تحل له النساء، وذلك حين يطوف طواف الزيارة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

(1)

إسناده ضعيف، لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1559) بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه أحمد (26531)، والطبراني 18/ (40)، والحاكم 1/ 489، 490، والبيهقي 5/ 137 من حديث أم قيس به. ويشهد له حديث أم سلمة عند أحمد (26530)، وأبي داود (1999)، وابن خزيمة (2958).

(3)

قلت أراد بهم: عروة بن الزبير، وطائفة من السلف رحمهم الله، كما في النخب 13/ 285.

ص: 252

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: إذا رمى وحلق، حل له اللباس.

واختلفوا في الطيب، فقال بعضهم: حكمه حكم اللباس، فيحل كما يحل اللباس، وقال آخرون: حكمه حكم الجماع، فلا يحل حتى يحل الجماع. واحتجوا في ذلك

3761 -

بما حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا الحجاج بن أرطاة، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب والثياب، وكل شيء إلا النساء"

(2)

.

3762 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا الحجاج بن أرطاة، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: علقمة، وسالما، وطاووسا، وعبيد الله بن الحسن، وخارجة بن زيد، وإبراهيم النخعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، وأحمد في الصحيح، وأبا ثور، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 13/ 286.

(2)

إسناده ضعيف لعنعنة الحجاج بن أرطاة.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1550) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (25103)، والحارث بن أسامة في مسنده (380 زوائد)، وابن خزيمة (2937)، والبيهقي في السنن 5/ 136 من طرق عن يزيد بن هارون به.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه، للإنقطاع كما ذكره أبو داود.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1551) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو داود (1978) من طريق عبد الواحد به.

وقال أبو داود: هذا حديث ضعيف، الحجاج لم ير الزهري ولم يسمع منه.

ص: 253

3763 -

حدثنا يونس، قال: أنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي، أن القاسم بن محمد، حدثه عن عائشة رضي الله عنها قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله حين حل قبل أن يطوف بالبيت. قال أسامة: وحدثني أبو بكر بن حزم، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3764 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3765 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

3766 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا شعبة، (ح)

وحدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1552) بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 328، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 297، والبخاري (1539)، ومسلم (1189)(133)، وأبو داود (1745)، والنسائي 5/ 137، والبيهقي 5/ 34، والبغوي (1863).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن راهويه (932، 962)، وأحمد (25724)، ومسلم (1189)(32)، والدولابي في الكنى والأسماء 2/ 148، والبيهقي في السنن 5/ 136، وابن عبد البر في التمهيد 19/ 298 من طرق عن أفلح بن حميد به.

(4)

إسناده صحيح.=

ص: 254

3767 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شجاع بن الوليد، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، قال: حدثني القاسم، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3768 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا زهير، قال: ثنا عبيد الله بن عمر

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3769 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد الله، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

فهذه عائشة رضي الله عنها تخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التطيب بعد الرمي والحلق قبل طواف الزيارة، ما قد ذكرناه.

= وأخرجه أحمد (26040)، وابن حبان (3771) من طريقين عن شعبة به.

وأخرجه الشافعي 1/ 297، وأحمد (24111)، والحميدي (210)، والبخاري (1754)، وابن ماجه (2926)، وابن الجارود (414)، وأبو يعلى (4712)، وابن خزيمة (2581، 2582، 2933)، والبيهقي 5/ 34 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (24672، 25602)، ومسلم (1189)(34)، والنسائي في الكبرى (4164)، وابن ماجه (3042)، والبغوي في الجعديات (2600) من طرق عن عبيد الله بن عمر به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1553)، وأحمد (24761)، والنسائي في المجتبى 5/ 136، والكبرى (3664)، وابن خزيمة (2934)، وابن حبان (3881) من طرق عن حماد بن زيد به.

ص: 255

فقد عارض ذلك حديث ابن لهيعة الذي بدأنا بذكره في هذا الباب، فهذه أولى لأن معها من التواتر وصحة المجيء ما ليس مع غيرها مثله.

ثم قد روي أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، غير أنه زاد عليه معنى آخر.

3770 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل (ح)

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن الحسن العربي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء. فقال له رجل: والطيب؟. فقال: أما أنا فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ

(1)

رأسه بالمسك، أفطيب هو؟

(2)

.

ففي هذا الحديث من قول ابن عباس رضي الله عنهما ما قد ذكرنا من إباحة كل شيء إلا النساء إذ رميت الجمرة، ولا يذكر في ذلك الحلق. وفيه: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك ولم يخبر بالوقت الذي فعل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.

(1)

هو التلطخ بالطيب وغيره والاكثار منه.

(2)

إسناده ضعيف، للانقطاع بين الحسن العربي وبين ابن عباس.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1547) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (2090، 3204)، والنسائي 5/ 277، وابن ماجه (3041)، والطبراني (12705)، والبيهقي 5/ 136 من طرق عن سفيان الثوري به.

ص: 256

وقد يجوز أن يكون ذلك من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الحلق، ويجوز أن يكون بعده إلا أن أولى الأشياء بنا أن نحمل ذلك على ما يوافق ما قد ذكرناه، عن عائشة رضي الله عنها، لا على ما يخالف ذلك. فيكون ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعله من ذلك كان بعد رميه الجمرة وحلقه، على ما في حديث عائشة رضي الله عنها.

ثم قال ابن عباس رضي الله عنهما بعد برأيه: إذا رمى فحل له برميه أن يحلق حل له أن يلبس ويتطيب.

وهذا موضع يحتمل النظر، وذلك أن الإحرام يمنع من حلق الرأس واللباس والطيب، فيحتمل أن يكون حلق الرأس إذا حل حلت هذه الأشياء، واحتمل أن لا يحل حتى يكون الحلق.

فاعتبرنا ذلك فرأينا المعتمر يحرم عليه بإحرامه في عمرته ما يحرم عليه بإحرامه في حجته.

ثم رأيناه إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، فقد حل له أن يحلق ولا تحل له النساء، ولا الطيب ولا اللباس حتى يحلق.

فلما كانت حرمة العمرة قائمة وإن حل له أن يحلق، حتى يحلق ولا يكون إذا حل له أن يحلق في حكم من قد حل له ما سوى ذلك من اللباس والطيب، كان كذلك في الحجة لا يجب لما حل له الحلق فيها أن يحل له شيء مما سواه، مما كان حرم عليه بها حتى يحلق قياسا ونظرا على ما أجمعوا عليه في العمرة.

ص: 257

ثم رجعنا إلى النظر بين هذين الفريقين وبين أهل المقالة الأولى الذين ذهبوا إلى حديث عكاشة، فرأينا الرجل قبل أن يحرم تحل له النساء، والطيب، واللباس، والصيد، والحلق، وسائر الأشياء التي تحرم عليه بالإحرام، فإذا أحرم حرم عليه ذلك كله بسبب واحد، وهو الإحرام.

فاحتمل أن يكون كما حرمت عليه بسبب واحد أن يحل منها أيضا بسبب واحد، واحتمل أن يحل منها بأشياء مختلفة إحلالا بعد إحلال.

فاعتبرنا ذلك فرأيناهم قد أجمعوا أنه إذا رمي فقد حل له الحلق، هذا مما لا اختلاف فيه بين المسلمين، وأجمعوا أن الجماع حرام عليه على حاله الأولى، فثبت أنه حل مما قد كان حرم عليه بسبب واحد بأسباب مختلفة. فبطل بهذه العلة التي ذكرنا.

فلما ثبت أن الحلق يحل له إذا رمى، وأنَّه مباح له بعد حلق رأسه أن يحلق ما شاء من شعر، بدنه، وقص أظفاره أردنا أن ننظر هل حكم اللباس حكم ذلك أو حكمه حكم الجماع، فلا يحل حتى يحل الجماع؟ فاعتبرنا ذلك، فرأينا المحرم بالحج إذا جامع قبل أن يقف بعرفة، فسد حجه، ورأيناه إذا حلق شعره أو قص أظفاره وجبت عليه في ذلك فدية، ولم يفسد بذلك حجه. ورأيناه لو لبس ثيابا قبل وقوفه بعرفة، لم يفسد عليه ذلك إحرامه، ووجبت عليه في ذلك فدية. فكان حكم اللباس قبل عرفة مثل حكم قص الشعر والأظفار لا مثل حكم الجماع.

فالنظر على ذلك أن يكون حكمه أيضا بعد الرمي والحلق كحكمها، لا كحكم الجماع فهذا هو النظر في ذلك.

ص: 258

فإن قال قائل: فقد رأينا القبلة حرامًا على المحرم بعد أن يحلق، وهي قبل الوقوف بعرفة في حكم اللباس، لا في حكم الجماع، فلم لا كان اللباس بعد الحلق أيضا كهي؟.

قيل له: إن اللباس بالحلق أشبه منه بالقبلة؛ لأن القبلة هي بعض أسباب الجماع، وحكمها حكمه تحل حيث يحل، وتحرم حيث يحرم في النظر في الأشياء كلها. والحلق واللباس ليسا من أسباب الجماع إنما هما من أسباب إصلاح البدن، فحكم كل واحد منهما بحكم صاحبه أشبه من حكمه بالقبلة، فقد ثبت بما ذكرنا أنه لا بأس باللباس بعد الرمي والحلق.

وقد قال ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده.

3771 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إذا حلقتم ورميتم، فقد حل لكم كل شيء إلا النساء والطيب

(1)

.

3772 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنه

مثله

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل موسى بن مسعود.

وأخرجه البيهقي 5/ 135 من طريق معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13810) من طريق أشعث، عن نافع، عن ابن عمر به.

ص: 259

3773 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر رضي الله عنه خطب الناس بعرفة

فذكر مثله

(1)

.

3774 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا، قبيصة، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، وموسى، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يأخذ من أظفاره وشاربه ولحيته، يعني قبل أن يزور

(2)

.

فهذا عمر رضي الله عنه قد أباح لهم إذا رموا وحلقوا كل شيء إلا النساء والطيب، وقد خالفته عائشة وابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم في الطيب خاصة. فأما عائشة وابن عباس فقد روينا ذلك عنهما فيما تقدم من هذا الباب. وأما ابن الزبير،

3775 -

فحدثنا محمد بن خزيمة وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني ابن الهاد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، قال: سمعت عبد الله بن الزبير يقول: إذا رمى الجمرة الكبرى فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء حتى يطوف بالبيت

(3)

.

وقد روي عن ابن عمر، ما يدل على هذا أيضا.

(1)

إسناده صحيح.

هو في موطأ مالك 1/ 159 عن نافع وعبد الله بن دينار به.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13815) عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد به.

ص: 260

3776 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عمر، قال: قال عمر رضي الله عنه فذكر مثل الذي رويناه عنه في الفصل الذي قبل هذا قال: فقالت عائشة رضي الله عنها: كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رمى جمرة العقبة قبل أن يفيض فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحق أن يؤخذ بها من سنة عمر رضي الله عنه

(1)

.

والنظر بعد ذلك في هذا يدل على ذلك أيضا؛ لأن حكم الطيب بحكم اللباس أشبه من حكمه بحكم الجماع، لما قد فسرنا مما قد تقدم في هذا الباب.

وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رضي الله عنهم، وقد روي ذلك أيضا عن جماعة من التابعين.

3777 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا أفلح بن حميد، عن أبي بكر بن حزم، قال: دعانا سليمان بن عبد الملك يوم النحر أن أرسل إلى عمر بن عبد العزيز، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وعبد الله بن عبد الله بن عمر، وخارجة بن زيد، وابن شهاب، فسألهم عن الطيب في هذا اليوم قبل أن يفيض. فقالوا: أتطيب يا أمير المؤمنين؟ إلا أن عبد الله بن عبد الله قال: كان عبد الله بن عمر رجلا قد رأى محمدا صلى الله عليه وسلم، فكان إذا رمى جمرة العقبة أناخ فنحر، وحلق، ثم مضى مكانه فأفاض إلى البيت

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل موسى بن مسعود.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 261

3778 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن يحيى بن سعيد، وعبد الله بن أبي بكر، وربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الوليد بن عبد الملك سأل سالم بن عبد الله وخارجة بن زيد بن ثابت بعد أن رمى جمرة العقبة وحلق عن الطيب فنهاه سالم، ورخص له خارجة

(1)

.

(1)

رجاله ثقات.

ص: 262

‌26 - باب: المرأة تحيض بعدما طافت للزيارة قبل أن تطوف للصدر

3779 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، عن أبي عوانة، عن يعلى بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن بن الزجاج الجرشي، عن الحارث بن أوس الثقفي قال: سألت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن امرأة حاضت قبل أن تطوف قال: تجعل آخر عهدها الطواف، قال: هكذا حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألته. فقال لي عمر رضي الله عنه: أرأيت تكريرك

(1)

الحديث سألتني عن شيء سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيما أخالفه

(2)

.

3780 -

حدثنا محمد بن علي بن داود، قال ثنا عفان، قال: ثنا أبو عوانة

فذكر بإسناده نحوه غير أنه قال: عن الحارث بن عبد الله بن أوس

(3)

.

(1)

في ن "أربت عن يديك"، قال العيني في النخب 13/ 313: بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون الباء: هذه لفظة في موضع الدعاء، ومعناها سقطت أرابك وهو جمع أرب وهو العضو.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1315) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13345)، والطبراني في الكبير (3353).

وأخرجه أحمد (15440)، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 263، وأبو داود (2004)، والنسائي في الكبرى (4185)، والطبراني في الكبير (3353) من طرق عن أبي عوانة به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1316) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13345)، والطبراني في الكبير (3353) من طريق عفان بن مسلم الصفار به.

ص: 263

3781 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا أبو عوانة

فذكر بإسناده نحو حديث ابن مرزوق في إسناده ومتنه غير أنه قال: سألت عمر عن المرأة تطوف بالبيت ثم تحيض

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا الحديث، فقالوا: لا يحل لأحد أن ينفر حتى يطوف طواف الصدر، ولم يعذروا في ذلك حائضا لحيضها.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: لها أن تنفر، وإن لم تطف بالبيت وعذروها بالحيض. هذا إذا كانت قد طافت طواف الزيارة قبل ذلك. واحتجوا في ذلك بما

3782 -

قد حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن سليمان وهو ابن أبي مسلم الأحول، عن طاووس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الناس ينفرون من كل وجه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت"

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1317) بإسناده ومتنه.

(2)

قلت أراد بهم: سالم بن عبد الله، وابن شبرمة، وطائفة من السلف رحمهم الله، كما في النخب 13/ 314.

(3)

قلت أراد بهم: القاسم، وطاووسا، وعطاء بن أبي رباح، والنخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 13/ 315.

(4)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1314) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي 1/ 362، والحميدي (502)، وأحمد (1936)، والدارمي (1932)، ومسلم (1327)، وأبو داود=

ص: 264

3783 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه قد خفف عن المرأة الحائض

(1)

.

3784 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاوس، قال: قال زيد بن ثابت لابن عباس: أنت الذي تفتي الحائض أن تصدر قبل أن يكون آخر عهدها الطواف بالبيت؟ قال: نعم. قال: فلا تفعل، فقال: سل فلانة الأنصارية هل أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تصدر؟ فسأل المرأة، ثم رجع إليه فقال: ما أراك إلا قد صدقت

(2)

.

3785 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عمرو بن أبي رزين، قال: ثنا هشام، عن قتادة، عن عكرمة، أن زيد بن ثابت، وابن عباس اختلفا في المرأة تحيض بعدما تطوف بالبيت يوم

= (2002)، والنسائي في الكبرى (4184)، وابن ماجه (3070)، وأبو يعلى (2403)، وابن الجارود (495)، وابن خزيمة (3000)، وابن حبان (3897)، والطبراني (10986)، والبيهقي 5/ 161، والبغوي (1972، 1973) من طريق سفيان بن عيينة به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1318) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي 1/ 364، والحميدي (502)، والبخاري (1755)، ومسلم (1328)(380)، والنسائي في الكبرى (4199)، وابن خزيمة (2999)، والبيهقي 5/ 161 من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1320) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي في مسنده 1/ 365، وفي الرسالة (1216)، وأحمد (1990، 3256)، ومسلم (1328)(381)، والنسائي في الكبرى (4201)، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 367، والبيهقي 5/ 163 من طرق عن ابن جريج به.

ص: 265

النحر. فقال زيد: يكون آخر عهدها الطواف بالبيت، وقال ابن عباس: تنفر إذا شاءت. فقالت الأنصار: لا نتابعك يا ابن عباس، وأنت تخالف زيدا. فقال: سلوا صاحبتكم أم سليم فسألوها، فقالت: حضت بعدما طفت يوم النحر، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنفر، وحاضت صفية، فقالت لها عائشة رضي الله عنها: الخيبة لكِ حبست أهلنا. فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تنفر

(1)

.

3786 -

حدثنا ابن أبي داود: قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، قال: ثنا عباد بن العوام، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، أن أم سليم رضي الله عنها، حاضت بعدما أفاضت يوم النحر، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنفر

(2)

.

3787 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر الزهراني، قال ثنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينفر رأى صفية على باب خبائها كئيبة حزينة وقد حاضت، فقال رسول

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1319) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1651) من طريق عمرو بن أبي رزين به.

وأخرجه أحمد (27432) من طريق عبد الصمد، عن هشام به.

وأخرجه أحمد (27427)، والبخاري (1758، 1759)، والطبراني في الكبير 25/ 314، والبيهقي في السنن 5/ 163، 164 من طرق عن عكرمة به.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 266

الله صلى الله عليه وسلم: "إنك لحابستنا أكنت أفضتِ يوم النحر؟ " قالت: نعم، قال:"فانفري إذًا"

(1)

.

3788 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا شعبة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3789 -

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل معناه

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1324) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1385)، وابن راهويه (1535)، وأحمد (25428)، والبخاري (271، 5918)، ومسلم (1190)(42)، والنسائي في المجتبى 5/ 139 - 140، وفي الكبرى (3677)، والبغوي في الجعديات (184)، والبيهقي في السنن 5/ 34 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح سوى شيخ الطحاوي، وهو متابع.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1527)، والدارمي (1917)، وأحمد (25875)، والبخاري (1771، 1772)، ومسلم (1211)(129)، والنسائي في الكبرى (4189)، وابن ماجه (3073)، والبيهقي 6/ 5، والبغوي (1975) من طرق عن الأعمش به.

ص: 267

3790 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

نحوه

(1)

.

3791 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، قال: حدثني ابن شهاب، وهشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

نحوه

(2)

.

3792 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن هشام بن عروة

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

3793 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا عبد الرحمن الأعرج، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوه

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 1/ 367، وأحمد (24525)، والبخاري (4401)، ومسلم (1211)(383)، والنسائي في الكبرى (4187)، وابن ماجه (3072)، وابن حبان (3903، 3905)، والطبراني في الأوسط (380)، والبيهقي في السنن 5/ 162 من طرق عن الزهري به.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 413، ومن طريقه الشافعي في مسنده 1/ 366، وفي الأم 2/ 154، وأبو داود (2003)، والبيهقي 5/ 162.

(4)

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.=

ص: 268

3794 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أحابستنا هي" فقلت: إنها قد أفاضت. فقال: "فلا إذًا"

(1)

.

3795 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا أفلح، عن القاسم، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوه

(2)

.

3796 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن عبد الله بن أبي بكر، [عن أبيه]، عن عمرة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوه

(3)

.

= وأخرجه البخاري (1733)، والنسائي في الكبرى (4188)، والطبراني في الأوسط (8611)، والبيهقي في السنن 5/ 146 من طريق الأعرج به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 412، ومن طريقه أخرجه البخاري (1757)، وابن حبان (3902)، والبيهقي 5/ 162، والبغوي (1974).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة ص (316 نشرة العمروي)، وأحمد (25722) من طريق وكيع عن أفلح به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 412، ومن طريقه أخرجه أحمد (25442)، والبخاري (328)، ومسلم (1211)(385)، 2/ 965، والنسائي في المجتبى 1/ 194، وفي الكبرى (4194)، والبيهقي في السنن 5/ 163.

ص: 269

3797 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن إبراهيم بن ميسرة، وسليمان خال ابن أبي نجيح، عن طاوس، قال: كان ابن عمر قريبا من سنتين ينهى أن تنفر الحائض حتى يكون آخر عهدها بالبيت. ثم قال: نُبّئْت أنه قد رخص للنساء

(1)

.

3798 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا الليث، قال حدثني عُقَيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني طاوس اليماني، أنه سمع عبد الله بن عمر، يسأل عن حبس النساء، عن الطواف بالبيت إذا حِضْن قبل النفر وقد أفضن يوم النحر. فقال: إن عائشة رضي الله عنها كانت تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم رخصة للنساء، وذلك قبل موت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بعام

(2)

.

3799 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سهل بن بكار، قال: ثنا وهيب، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يرخص للحائض إذا أفاضت

(3)

أن تنفر. قال طاوس: وسمعت ابن عمر يقول لا تنفر ثم سمعته بعدُ يقول: تنفر، رخَّص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1321) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (4197) من طريق إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1322) بإسناده ومتنه.

(3)

في م س خد "حاضت".

(4)

إسناده صحيح.=

ص: 270

3800 -

حدثنا أبو أيوب عبد الله بن أيوب المعروف بابن خلف الطبراني، قال: ثنا عمرو بن محمد الناقد، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: من حج هذا البيت، فليكن آخر عهده الطواف بالبيت إلا الحُيّض، رخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

فهذه الآثار قد ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحائض لها أن تنفر قبل أن تطوف طواف الصدر إذا كانت طافت طواف الزيارة قبل ذلك طاهرًا، ورجع قوم إلى ذلك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ممن قد كان قال بخلافه زيد بن ثابت، وابن عمر، وجعلا ما رُوِي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرخصة في ذلك للحائض رخصة وإخراجا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لحكمها من حكم سائر الناس فيما كان أوجب عليهم من ذلك.

=وأخرجه الدارمي 2/ 72، والبخاري (329، 1760)، والنسائي في الكبرى (4186)، وابن حبان (3898)، والبيهقي 5/ 163 من طرق عن وهيب بن خالد به.

وأخرجه أحمد (5765)، والبخاري (330)، والنسائي في الكبرى (4200) من طرق عن وهيب، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عمر به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الترمذي (944)، والنسائي في الكبرى (4196)، وابن خزيمة (3001)، وابن حبان (3899)، والطبراني في الكبير (13393)، والدارقطني (2690)، والحاكم 1/ 469، 470 من طرق عن عيسى بن يونس به.

ص: 271

فثبت بذلك نسخ هذه الآثار، لحديث الحارث بن أوس وما كان ذهب إليه عمر من ذلك، وهذا الذي بينا، هو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 272

‌27 - باب: من قدم من حجه نسكًا قبل نسكٍ

3801 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال ثنا سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، عن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ربيعة، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله! إني أفضت قبل أن أحلق، قال:"احلق ولا حرج"، قال: وجاءه آخر فقال: يا رسول الله! إني ذبحت قبل أن أرمي، قال: ارم ولا حرج"

(1)

.

قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الطواف

(2)

قبل الحلق، فقال:"احلق ولا حرج". فاحتمل أن يكون ذلك إباحة منه للطواف قبل الحلق، وتوسعة منه في ذلك، فجعل للحاج أن يقدم ما شاء من هذين على صاحبه.

وفيه أيضا أن آخر جاءه فقال: إني ذبحت قبل أن أرمي، فقال:"ارم ولا حرج". فذلك أيضا يحتمل ما ذكرنا في جوابه في السؤال الأول.

وقد روي عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك شيء.

(1)

إسناده حسن، عبد الرحمن بن الحارث حسن الحديث.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (9016) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (562)، والترمذي (885)، وأبو يعلى (312، 544) من طريق أبي أحمد الزبيري به.

وأخرجه عبد الله بن أحمد (525) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الرحمن، عن زيد بن علي به.

(2)

في م س خد "الافاضة".

ص: 273

3802 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا هشيم، عن منصور، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عمَّن حلق قبل أن يذبح أو ذبح قبل أن يحلق فقال:"لا حرج لا حرج"

(1)

.

3803 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا المعلى بن أسد، قال: ثنا وُهيب، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له يوم النحر وهو بمنى في النحر: والحلق، والرمي، والتقديم والتأخير، فقال:"لا حرج"

(2)

.

3804 -

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا حبان بن هلال، قال: ثنا وُهيب بن خالد، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6017) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (1857)، والبخاري (1721)، والنسائي في الكبرى (4104)، وأبو يعلى (2471)، وابن حبان (3876)، والطبراني (11350)، والبيهقي 5/ 143 من طريق هشيم به.

وأخرجه البخاري (1722، 6666)، والطبري في تهذيب الآثار 1/ 221، 222، والطبراني (11417)، والدارقطني 2/ 254، والبيهقي 5/ 143 من طرق عن عطاء به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6018) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (4103) من طريق عمرو بن منصور، عن المعلى بن أسد به.

وأخرجه أحمد (2338، 2421)، والبخاري (1734)، ومسلم (1307)، والطبراني (10909)، والبيهقي 5/ 142 من طرق عن وهيب به.

ص: 274

عمن قدم شيئا قبل شيء إلا قال: "لا حرج لا حرج"

(1)

.

فذلك يحتمل ما يحتمله الحديث الأول.

وقد روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما من ذلك شيء.

3805 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قيس، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، أن رجلا قال: يا رسول الله ذبحت قبل أن أرمي، قال:"ارم ولا حرج". قال آخر: يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح، قال:"اذبح ولا حرج". قال آخر: يا رسول الله، طفت بالبيت قبل أن أذبح قال:"اذبح ولا حرج"

(2)

.

فهذا أيضا مثل ما قبله.

وقد روي عن أسامة بن شريك، عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك شيء

3806 -

حدثنا أحمد بن الحسن، هو ابن القاسم الكوفي، قال: ثنا أسباط بن محمد، قال: ثنا أبو إسحاق الشيباني، عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك، قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسئل عمن حلق قبل أن يذبح أو ذبح قبل أن يحلق

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6019) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1684)، وأحمد (15133)، والنسائي في الكبرى (4105)، وابن حبان (3878)، والبيهقي 5/ 143 من طرق عن حماد بن سلمة به.

ص: 275

فقال: "لا حرج". فلما أكثروا عليه قال: "يا أيها الناس قد رفع الحرج إلا من اقترض من أخيه شيئا ظلما، فذلك الحرج"

(1)

.

فهذا أيضا مثل ما قبله. وقد يحتمل أيضا أن يكون قوله: "ولا حرج" هو على الإثم، أي لا حرج عليكم فيها فعلتموه من هذا؛ لأنكم فعلتموه على الجهل منكم به لا على التعمد بخلاف السنة، فلا جناح عليكم في ذلك.

وقد روي ذلك مبينا ومشروحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3807 -

حدثنا ابن أبي داود: قال ثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، أراه، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن زيد بن علي بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله رجل في حجته، فقال: إني رميت وأفضت، ونسيت ولم أحلق قال:"فاحلق ولا حرج". ثم جاءه رجل آخر، فقال: إني رميت وحلقت، ونسيت أن أنحر فقال:"فانحر ولا حرج"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، غير شيخ الطحاوي وهو متكلم فيه لكنه توبع.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 177 - 178، والطبراني (473) من طريق أسباط بن محمد، عن الشيباني به.

ورواه ابن خزيمة (2955)، والطبراني (484) من طريق محمد بن جحادة، عن زياد بن علاقة به.

وأخرجه أبو داود (2015)، وابن خزيمة (2774)، والطبراني (472)، والطحاوي في شرح المشكل (6015)، والدارقطني 2/ 251 من طريقين عن جرير به.

(2)

إسناده حسن من أجل عبد الله بن الحارث، والدراوردي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 177، وأحمد (562)، والترمذي (885)، وأبو يعلى (312، 544)، وابن خزيمة (2837، =

ص: 276

3808 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا ويونس حدثاه، عن ابن شهاب، عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله، عن عبد الله بن عمرو، أنه قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع للناس يسألونه. فجاءه رجل فقال: يا رسول الله، لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح، فقال:"اذبح ولا حرج". فجاءه آخر فقال: يا رسول الله، لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، قال:"ارم ولا حرج"، قال فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال:"افعل ولا حرج"

(1)

.

3809 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: حلقت قبل أن أذبح، قال:"اذبح ولا حرج". قال آخر: ذبحت قبل أن أرمي، قال:"ارم ولا خرج"

(2)

.

= 2889)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (525، 564)، والبيهقي 5/ 122 من طريق عبد الرحمن بن الحارث به مطولا.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6020) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 421، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 378، وأحمد (6800)، والبخاري (83، 1736)، ومسلم (1306)(327)، وأبو داود (2014)، والنسائي في الكبرى (4108، 4109)، والدارقطني 2/ 251، وابن حبان (3877)، والبيهقي 1405، 141، والبغوي (1963).

وأخرجه مسلم (1306)(328)، والنسائي في الكبرى (4109) من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري به.

(2)

إسناده صحيح.=

ص: 277

3810 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني أسامة بن زيد، أن عطاء بن أبي رباح حدثه، أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله. يعني أنه وقف للناس عام حجة الوداع يسألونه، فجاء رجل فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، قال:"ارم ولا حرج". قال آخر: يا رسول الله، لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح، قال:"اذبح ولا حرج" قال: فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج"

(1)

.

فدل ما ذكرنا على أنه صلى الله عليه وسلم إنما أسقط الحرج عنهم في ذلك للنسيان، لا أنه أباح ذلك لهم، حتى يكون لهم مباح أن يفعلوا ذلك في العمد.

وقد روى أبو سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على ذلك أيضا.

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6021) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الحميدي (580)، وابن أبي شيبة 14/ 177، وأحمد (6489)، ومسلم (1306)(331)، والترمذي (916)، والنسائي في الكبرى (4106)، وابن ماجه (3051)، وابن خزيمة (2949)، وابن الجارود في المنتقى (487)، والبيهقي 5/ 141، والدارقطني 2/ 251 من طريق سفيان به.

(1)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6022) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (14498)، وابن ماجه (3052)، والبيهقي 5/ 143 من طرق عن أسامة بن زيد به.

وأخرجه الطيالسي (1684)، وأحمد (15133)، والنسائي في الكبرى (4105)، وابن حبان (3878)، والبيهقي 5/ 143 من طريق حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن عطاء به.

ص: 278

3811 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا عمر بن علي، عن الحجاج، عن عبادة بن نسي، قال: حدثني أبو زبيد، قال: سمعت أبا سعيد الخدري قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين الجمرتين، عن رجل حلق قبل أن يرمي، قال:"لا حرج" وعن رجل ذبح قبل أن يرمي، قال:"لا حرج" ثم قال: "يا عباد الله! وضع الله عز وجل الحرج والضيق، وتعلموا مناسككم فإنها من دينكم"

(1)

.

أفلا ترى أنه أمرهم بتعلم مناسكهم لأنهم كانوا لا يحسنونها، فدل ذلك أن الحرج والضيق الذي رفعه الله عنهم، هو لجهلهم بأمر مناسكهم لا لغير ذلك.

وقد روي في حديث أسامة بن شريك الذي قد ذكرناه فيما تقدم من هذا الباب، ما يدل على هذا المعنى أيضا.

3812 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، وسعيد بن عامر، قالا: ثنا شعبة، عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك رضي الله عنه، أن الأعراب سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أشياء، ثم قالوا: هل علينا حرج في كذا؟ وهل علينا حرج في كذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل قد رفع الحرج عن عباده، إلا من اقترض من أخيه شيئا مظلوما، فذلك الذي حرج وهلك"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة، وأبو زبيد لا يعرف.

وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (375، 376) من طريق عمر بن علي به.

وأخرجه الطبري في مسند الشاميين (2231) من طريق جعفر بن برقان، عن عبادة به.

(2)

إسناده صحيح.=

ص: 279

أفلا ترى أن السائلين لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كانوا أعرابا، لا علم لهم بمناسك الحج؟، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:"لا حرج" لا على الإباحة منه لهم التقديم في ذلك والتأخير فيما قدموا من ذلك وأخروا. ثم قال لهم ما ذكر أبو سعيد في حديثه "وتعلموا مناسككم".

ثم قد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يدل على هذا المعنى أيضا.

3813 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا أبو الأحوص، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس قال من قدم شيئا من حجه أو أخره، فليهرق لذلك دما

(1)

.

3814 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخُصيب، قال: ثنا وُهَيب، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس

مثله

(2)

.

= وأخرجه الطيالسي (1232 - 1233)، وأحمد (18454)، وأبو داود (3855)، والنسائي في الكبرى (5875، 5881، 7557)، والطبراني في الكبير (463)، والحاكم 1/ 121، 4/ 400، والبيهقي 9/ 343 من طرق عن شعبة به مطولا ومختصرا.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل إبراهيم بن مهاجر البجلي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 288 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (14958)، ومن طريقه ابن حزم في المحلى 5/ 193 عن سلام بن سليم عن إبراهيم بن مهاجر.

(2)

إسناده قوي، من أجل خصيب بن ناصح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 288 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (14960) عن جرير عن منصور، وعلي بن الجعد في مسنده (1749)، والدارقطني (2534)،=

ص: 280

فهذا ابن عباس يوجب على من قدم شيئا من نسكه أو أخره دما، وهو أحد من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر من أمر الحج إلا قال "لا حرج".

فلم يكن معنى ذلك عنده معنى الإباحة في تقديم ما قدموا، ولا في تأخير ما أخروا، مما ذكرنا، إذ كان يوجب في ذلك دما.

ولكن كان معنى ذلك عنده، على أن الذين فعلوه في حجة النبي صلى الله عليه وسلم كان على الجهل منهم بالحكم فيه كيف هو؟ فعذرهم بجهلهم وأمرهم في المستأنف أن يتعلموا مناسكهم.

وتكلم الناس بعد هذا في القارن إذا حلق قبل أن يذبح. فقال أبو حنيفة رحمه الله: "عليه دم"، وقال زفر:"عليه دمان".

وقال أبو يوسف، ومحمد رحمهما الله: لا شيء عليه واحتجا في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين سألوه عن ذلك، على ما قد روينا في الآثار المتقدمة، وبجوابه لهم أن لا حرج عليهم في ذلك.

وكان من الحجة عليهما في ذلك لأبي حنيفة وزفر رحمهما الله، ما ذكرنا من شرح معاني هذه الآثار.

وحجة أخرى، وهي أن السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يعلم هل كان قارنا أو مفردا، أو متمتعا فإن كان مفردا فأبو حنيفة رحمه الله، وزفر، لا ينكران أن يكون

=ومالك في موطئه (240) من طريق أيوب، عن سعيد بن جبير به.

ص: 281

لا يجب عليه في ذلك دم؛ لأن ذلك الدم الذي قدم عليه الحلق، ذبح غير واجب، ولكن كان الأفضل له أن يقدم الذبح قبل الحلق، ولكنه إذا قدم الحلق أجزأه، ولا شيء عليه. وإن كان قارنا أو متمتعا فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم له في ذلك على ما ذكرنا.

فقد ذكرنا عن ابن عباس في التقديم في الحج والتأخير أن فيه دما، وأن قول النبي صلى الله عليه وسلم لا حرج "لا يدفع ذلك. فلما كان قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك "لا حرج"، لا ينفي عند ابن عباس رضي الله عنهما وجوب الدم، كان كذلك أيضا لا ينفيه عند أبي حنيفة، وزفر رحمهما الله، وكان القارن ذبحه ذبح واجب عليه، يحل به.

فأردنا أن ننظر في الأشياء التي يحل بها الحاج إذا أخرها حتى يحل كيف حكمها؟ فوجدنا الله عز وجل قد قال: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} فكان المحصر يحلق بعد بلوغ الهدي محله، فيحل بذلك، وإن حلق قبل بلوغه محله، وجب عليه دم وهذا إجماع.

فكان النظر على ذلك أن يكون كذلك القارن إذا قدم الحلق قبل الذبح الذي يحل به أن يكون عليه دم قياسا ونظرا على ما ذكرنا من ذلك.

فبطل بهذا ما ذهب إليه أبو يوسف، ومحمد رحمهما الله، وثبت ما قال أبو حنيفة رحمه الله، أو ما قال زفر رحمه الله.

فنظرنا في ذلك، فإذا هذا القارن قد حلق رأسه في وقت الحلق عليه حرام، وهو في حرمة حجة وفي حرمة عمرة.

ص: 282

وكان القارن ما أصاب في قرانه مما لو أصابه وهو في حجة، أو عمرة مفردة، وجب عليه دم، فإذا أصابه وهو قارن وجب عليه دمان، فاحتمل أن يكون حلقه أيضا قبل وقته يوجب عليه أيضا دمين، كما قال زفر.

فنظرنا في ذلك، فوجدنا الأشياء التي توجب على القارن دمين فيما أصاب في قرانه هي الأشياء التي لو أصابها وهو في حرمة حجة، أو في حرمة عمرة وجب عليه دم.

فإذا أصابها في حرمتهما وجب عليه دمان، كالجماع، وما أشبهه وكان حلقه قبل أن يذبح لم يحرم عليه بسبب العمرة خاصة، ولا بسبب الحجة خاصة، إنها وجب عليه بسببهما، وبحرمة الجمع بينهما لا بحرمة الحج خاصة، ولا بحرمة العمرة خاصة.

فأردنا أن ننظر في حكم ما يجب بالجمع هل هو شيئان أو شيء واحد؟ فنظرنا في ذلك، فوجدنا الرجل إذا أحرم بحجة مفردة، أو بعمرة مفردة لم يجب عليه شيء، وإذا جمعهما جميعا وجب عليه لجمعه بينهما شيء لم يكن يجب عليه في إفراده كل واحدة منهما، فكان ذلك الشيء دم واحد.

فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الحلق قبل الذبح الذي منع منه الجمع بين العمرة والحج، فلا يمنع منه واحدة منهما لو كانت مفردة أن يكون الذي يجب به فيه دم واحد.

فيكون أصل ما يجب على القارن في انتهاكه الحرم في قرانه أن ينظر فيما كان من تلك الحرم يحرم بالحجة خاصة، وبالعمرة خاصة.

ص: 283

فإذا جمعنا جميعا فتلك الحرمة محرمة بسببين مختلفين، فيكون على من انتهكهما كفارتان.

وكل حرمة لا تحرمها الحجة على الانفراد، ولا العمرة على الانفراد، إنما يحرمها الجمع بينهما، فإذا انتهكت، فعلى الذي انتهكها دم واحد؛ لأنَّه انتهك حرمة حرمت عليه بسبب واحد. فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة، وبه نأخذ.

ص: 284

‌28 - باب: المكي يريد العمرة من أين ينبغي له أن يحرم بها

3815 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار أخبره، عن عمرو بن أوس، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما، قال: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أردف عائشة إلى التنعيم فأعمرها

(1)

.

3816 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا داود بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن يوسف بن ماهك، عن حفصة بنت عبد الرحمن، عن أبيها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن أبي بكر: "أردف أختك فأعمرها من التنعيم، فإذا هبطت بها من الأكمة

(2)

، فمرها فلتحرم، فإنها عمرة متقبلة"

(3)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(4)

إلى أن العمرة لمن كان بمكة لا وقت لها غير التنعيم، وجعلوا التنعيم خاصة، وقتا لعمرة أهل مكة، وقالوا: لا ينبغي لهم أن يجاوزوه،

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1609) بإسناده ومتنه، إلا أن فيه زيادة عبد الرحمن بن أوس بعد عمرو خطأ.

وأخرجه الشافعي 1/ 379، والحميدي (563)، وأحمد (1705)، والدارمي (1682)، والبخاري (1784، 2985)، ومسلم (1212)، والترمذي (934)، والنسائي في الكبرى (4230)، وابن ماجه (2999)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (655)، والبيهقي 4/ 357 من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

بفتح الهمزة وبعدها كاف وميم مفتوحتان قيل: هي الجبال الصغار وقيل التل العظيم المرتفع.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (1710)، والدارمي (1863)، وأبو داود (1995)، والحاكم 3/ 477، والبيهقي 4/ 357 - 358 من طريق داود العطار به.

(4)

قلت أراد بهم: عمرو بن دينار، وطائفة من السلف رحمهم الله، كما في النخب 13/ 365.

ص: 285

كما لا ينبغي لغيرهم أن يجاوز ميقاتا مما وقته له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يريد الإحرام إلا محرما.

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فقالوا: وقت أهل مكة الذي يحرمون منه بالعمرة الحل، فمن أي الحل أحرموا بها أجزأهم ذلك، والتنعيم وغيره من الحل عندهم في ذلك سواء.

وكان من الحجة لهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد إلى التنعيم في ذلك؛ لأنَّه كان أقرب الحلّ منها؛ لأن غيره من الحلّ ليس هو في ذلك، كهو.

ويحتمل أيضا أن يكون أراد به التوقيت لأهل مكة في العمرة و لا يجاوزوه لها إلى غيره. فنظرنا في ذلك.

3817 -

فإذا يزيد بن سنان قد حدثنا، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا أبو عامر صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف، وأنا أبكي، فقال:"ما ذاك؟ " قلت: حضتُ قال: "فلا تبكي، اصنعي ما يصنع الحاج". فقدمنا مكة، ثم أتينا منى ثم غدونا إلى عرفة، ثم رمينا الجمرة تلك الأيام، فلما كان يوم النفر ارتحل فنزل الحصبة. قالت: والله ما نزلها إلا من أجلى، فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال: "احمل أختك فأخرجها من الحرم. قالت والله ما ذكر الجعرانة، ولا

(1)

قلت أراد بهم: جماهير العلماء من التابعين، وغيرهم منهم: أبو حنيفة وأصحابه، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وغيرهم رحمهم الله، كما في النخب 13/ 366.

ص: 286

التنعيم فلتهل بعمرة فكان أدنانا من الحرم، التنعيم، فأهللت بعمرة، فطفنا بالبيت، وسعينا بين الصفا والمروة، ثم أتيناه، فارتحل

(1)

.

فأخبرت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد لما أراد أن يعمرها إلا إلى الحلّ، لا إلى موضع منه بعينه خاصا"، وأنَّه إنما قصد بها عبد الرحمن التنعيم؛ لأنَّه كان أقرب الحلّ إليهم، لا لمعنى فيه يبين به من سائر الحل غيره.

فثبت بذلك أن وقت أهل مكة لعمرتهم هو الحل، وأن التنعيم في ذلك وغيره سواء، وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل صالح بن رستم.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1610) بإسناده ومتنه.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1257)، والطيالسي (1507)، وأحمد (26085) من طريق صالح بن رستم به.

ص: 287

‌29 - باب: الهدي يصدّ عن الحرم هل ينبغي أن يذبح في غير الحرم؟

3818 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله ابن أبي يزيد، عن أبيه، عن سباع بن ثابت، عن أم كرز قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية أسأله عن لحوم الهدي

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن الهدي إذا صُدّ عن الحرم نحر في غير الحرم، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا: لما نحر النبي صلى الله عليه وسلم الهدي بالحديبية إذ صُدَّ عن الحرم، دل ذلك على أن لمن منع من إدخال هديه الحرم أن يذبحه في غير الحرم.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: لا يجوز نحر الهدي إلا في الحرم.

(1)

حديث صحيح، وإسناده معلول، فقد توهم فيه سفيان فرواه عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه، والصواب إسقاط (عن أبيه)، قاله المزي في التحفة، وقال أبو داود بعد أن رواه من الوجهين: وهذا هو الحديث (يعني بإسقاط أبيه) وحديث سفيان وهم.

وأخرجه الشافعي في السنن (409)، والحميدي (345)، وأحمد (27139)، وأبو داود (2835)، وابن ماجه (3162)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1040)، وابن حبان (5312)، والطبراني في الكبير 25/ 406، والحاكم 4/ 237 - 238، والبيهقي 9/ 300 - 301 من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

قلت أراد بهم: مجاهدا، والزهري، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 13/ 374.

(3)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وابن إسحاق، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 13/ 375.

ص: 288

وكان من حجتهم في ذلك قول الله عز وجل: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] وكان الهدي قد جعله الله عز وجل ما بلغ الكعبة فهو كالصيام الذي جعله الله عز وجل متتابعا في كفارة الظهار، وكفارة القتل، فلا يجوز غير متتابع، وإن كان الذي وجب عليه غير مطيق الإتيان به متتابعا، فلا تبيحه الضرورة أن يصومه متفرقا.

فكذلك الهدي الموصوف ببلوغ الكعبة لا يجزئ الذي هو عليه كذلك، وإن صد عن بلوغ الكعبة للضرورة أن يذبحه فيما سوى ذلك.

وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى في نحر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الهدي الذي نحره بالحديبية، لما صُدَّ عن الحرم، وتصدق بلحمه بقديد أن قوما قد زعموا أن نحره إياه كان في الحرم.

3819 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا مخول بن إبراهيم بن مخول بن راشد، عن إسرائيل، عن مجزأة بن زاهر، عن ناجية بن جندب الأسلمي، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم حين صد الهدي، فقلت: يا رسول الله ابعث معي بالهدي فلأنحره في الحرم. قال: "وكيف تأخذ به؟ " قلت: آخذ به في أودية، لا يقدرون علي فيها، فبعثه معي حتى نحرته في الحرم

(1)

.

(1)

إسناده حسن من أجل مخول بن إبراهيم بن مخول، وناجية بن جندب الأسلمي صحابي، وجندب بن ناجية ذكره ابن حجر في الإصابة 1/ 251، 3/ 542، وقال العيني في المغاني 3/ 510: جندب الأسلمي هو ناجية بن جندب بن كعب، وقيل: ابن كعب بن جندب الخزاعي صحابي انتهى. وقال محقق النخب الهندي: "عن أبيه" خطأ وهذا من عدم وقوفه على مصادر التخريج.=

ص: 289

فقد دل هذا الحديث أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم ذلك نحر في الحرم.

وقال آخرون

(1)

: كان النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية، وهو يقدر على دخول الحرم. قالوا: ولم يكن صُد إلا عن البيت. واحتجوا في ذلك بما

3820 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا سفيان بن بشر الكوفي، قال: ثنا يحيى بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن المسور: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالحديبية، خباؤه في الحل، ومصلّاه في الحرم

(2)

.

= وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1683) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو نعيم كما في الإصابة 1/ 251 من طريق محمد بن عمرو بن محمد العبقري، عن إسرائيل، عن مجزأة، عن ناجية، عن أبيه به.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (4121) عن أحمد بن سليمان، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن مجزأة به.

وقال ابن حجر في الإصابة (1357): جندب، أبو ناجية، ذكره ابن مندة، وروي من طريق إبراهيم بن أبي داود، عن مخوّل بن إبراهيم، عن إسرائيل، عن مجزأة بن زاهر الأسلمي، عن ناجية بن جندب، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم حين صد الهدي، فقلت: يا رسول الله، ابعث معي بالهدي

الحديث. وهكذا أخرجه الباوردي والطحاوي.

وقال ابن مندة: خالفه أبو حاتم الرازي عن مخوّل.

وقال أبو نعيم: هذا وهم فيه بعض الرواة فقلب رواية مجزأة عن أبيه عن ناجية فجعله مجزأة، عن ناجية، عن أبيه، ثم ساقه على الصّواب من طريق عمرو بن محمد العنقزي، عن إسرائيل، قال: واتفقت رواية الأثبات عن إسرائيل على هذا.

قلت: قد رواه النَّسَائِي من رواية عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن مجزأة، أخبرني ناجية بن جندب، فيحتمل أن يكون مجزأة سمعه من ناجية ومن أبيه عن ناجية، وأما جندب فلا مدخل له في الإسناد. فالله أعلم.

(1)

قلت أراد بهم: عروة بن الزبير، ومروان، والمسور رحمهم الله، كما في النخب 13/ 379.

(2)

إسناده حسن، وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند البيهقي.=

ص: 290

فثبت بما ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن صد عن الحرم، وأنَّه قد كان يصلي إلى بعضه.

ولا يجوز في قول أحد من العلماء لمن قدر على دخول شيء من الحرم أن ينحر هديه دون الحرم.

فلما ثبت بالحديث الذي ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعض الحرم استحال أن يكون نحر الهدي في غير الحرم؛ لأن الذي يبيح نحر الهدي في غير الحرم إنما يبيحه في حال الصَّدْ عن الحرم لا في حال القدرة على دخوله.

فانتفى بما ذكرنا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم نحر الهدي في غير الحرم، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

وقد احتج قوم في تجويز نحر الهدي في غير الحرم

3821 -

بما حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن يعقوب بن خالد، عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر قال: خرجت مع عثمان وعلي رضي الله عنهما فاشتكى الحسين رضي الله عنه بالسقيا وهو محرم، فأصابه برسام فأومى إلى رأسه فحلق على رأسه ونحر عنه جزورا فأطعم أهل الماء

(1)

.

=وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1682) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (18910)، والبيهقي في السنن 5/ 215 من طريقين عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم به.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13286) من طريق أبي خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد به.

ص: 291

3822 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن يحيى

فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر عثمان

(1)

.

ولأن الحسين رضي الله عنه كان محرما فاحتجوا بهذا الحديث؛ لأن فيه أن عليا رضي الله عنه نحر الجزور دون الحرم.

فكان من الحجة عليهم في ذلك، أنهم لا يبيحون لمن كان غير ممنوع من الحرم أن يذبح في غير الحرم، وإنما يختلفون إذا كان ممنوعا عنه.

فدل ما ذكرنا على أن عليا رضي الله عنه لما نحر في هذا الحديث في غير الحرم، وهو واصل إلى الحرم أنه لم يكن أراد به الهدي ولكنه أراد به معنى آخر من الصدقة على أهل ذلك الماء والتقرب إلى الله تعالى بذلك مع أنه ليس في الحديث أنه أراد به الهدي.

فكما يجوز لمن حمله على أنه هدي ما حمله عليه من ذلك فكذلك يجوز لمن حمله على أنه ليس بهدي، ما حمله عليه من ذلك. وقد بدأنا بالنظر في ذلك، وذكرنا في أول هذا الباب، فأغنانا ذلك عن إعادته هاهنا.

(1)

رجاله ثقات.

وهو في موطأ مالك (165)، ومن طريقه رواه البيهقي في السنن 5/ 218، والمعرفة (10810).

ص: 292

‌30 - باب: المتمتع الذي لا يجد هديا، ولا يصوم في العشر

3823 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال حدثنا يحيى بن سلام، قال: ثنا شعبة، عن ابن أبي ليلى، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المتمتع: إذا لم يجد الهدي، ولم يصم في العشر أنه يصوم أيام التشريق

(1)

.

3824 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو كامل، فضيل بن الحسين الجحدري قال: ثنا أبو عوانة، عن عبد الله بن عيسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وعن سالم، عن ابن عمر قالا: لم يرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم أيام التشريق إلا لمحصر أو لمتمتع

(2)

.

3825 -

حدثنا محمد بن النعمان، قال: ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، وعن سالم عن أبيه، أنهما كانا يرخصان للمتمتع إذا لم يجد هديا، ولم يكن صام قبل عرفة أن يصوم أيام التشريق

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف يحيى بن سلام.

وأخرجه الدارقطني (2260)، ومن طريقه البيهقي 5/ 25 عن محمد بن عبد الله بن الحكم بهذا الإسناد، وقال الدارقطني: يحيى بن سلام ليس بالقوي، وقال البيهقي: ابن أبي ليلى هذا هو عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (882) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 155 (12996)، والبخاري (1997)، والدارقطني (2258)، والبيهقي 5/ 25 من طريق شعبة، عن عبد الله بن عيسى، عن الزهري به.

(3)

إسناده صحيح سوى شيخ الطحاوي وهو متابع.=

ص: 293

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى هذا، وأباحوا صيام أيام التشريق للمتمتع، والقارن، والمحصر، إذا لم يجدوا هديا، ولم يكونوا صاموا قبل ذلك، صاموا هذه الأيام، إلا ومنعوا فيها من سواهم، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: ليس لهؤلاء ولا لغيرهم من الناس أن يصوموا هذه الأيام عن شيء من ذلك ولا عن شيء من الكفارات، ولا في تطوع لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. ولكن على المتمتع والقارن الهدي لمتعتهما وقرانها، وهدي آخر لأنهما حلا بغير هدي ولا صوم.

واحتجوا في ذلك من الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

3826 -

بما حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: ثنا المسعودي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير، عن بشر بن سحيم الأسلمي، عن

=وهو عند المصنف في أحكام القرآن (885) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي 4/ 298 من طريق الربيع، عن الشافعي، عن إبراهيم بن سعد به.

وعلقه البخاري إثر (1999).

وأخرجه مالك (1281 - 1282)، والبخاري (1999) من طريق مالك، عن الزهري عن سالم عن ابن عمر، وعن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة به.

(1)

قلت أراد بهم: عروة، والزهري، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 13/ 389.

(2)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح في رواية، وسعيد بن جبير، وطاووسا، وإبراهيم النخعي، والثوري، والليث بن سعد، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 13/ 391.

ص: 294

علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: خرج منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام التشريق، فقال:"إن هذه الأيام، أيام أكل وشرب"

(1)

.

3827 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا محمد بن أبي حميد المدني، قال: ثنا إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن جده، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أيام منى: أنها أيام أكل وشرب وبعال

(2)

، فلا صوم فيها، يعني أيام التشريق

(3)

.

3828 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى عز وجل"

(4)

.

(1)

إسناده حسن، ورواية ابن المقرئ عن المسعودي قبل التغير.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (2891) من طريق خالد بن الحارث، عن المسعودي به.

وأخرجه أحمد (15428)، والنسائي في الكبرى (2892)، وابن ماجه (1720) من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن نافع ابن جبير، عن بشر بن سحيم به. دون علي بن أبي طالب.

(2)

ساقط من م د س خد، والمثبت من ج.

(3)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن أبي حميد.

وأخرجه أحمد (1456) من طريق روح بن عبادة، وأيضا (1500) من طريق محمد بن بكر، والبزار (1067 كشف) من طريق محمد بن أبي عدي، جميعهم عن محمد بن أبي حميد به.

(4)

إسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

وأخرجه الطبري في تفسيره 4/ 212 من طريق أبي المليح به.

ص: 295

3829 -

حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا الليث، عن ابن الهاد، عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب أنه دخل هو وعبد الله بن عَمرو بن العاص، على عمرو بن العاص رضي الله عنهم، وذلك الغد أو بعد الغد من يوم الأضحى، فقرب إليهم عمرو طعاما. فقال عبد الله: إني صائم فقال له عمرو: أفطر، فإن هذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بفطرها، أو ينهانا عن صيامها فأفطر عبد الله، فأكل، وأكلت

(1)

.

3830 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: حدثني ابن جريج، قال: أخبرني سعيد بن كثير، أن جعفر بن المطلب أخبره أن عبد الله بن عمرو بن العاص دخل على عمرو بن العاص فدعاه إلى الغداء، فقال: إني صائم ثم الثانية كذلك، ثم الثالثة. فقال: لا، إلا أن تكون سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فإني قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني النهي عن الصيام أيام التشريق

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الدارمي (1895) من طريق عبد الله بن صالح، وابن خزيمة (2149) من طريق عبد الحكم وشعيب كلهم عن الليث بن سعد به.

وأخرجه أحمد (17768)، وأبو داود (2418)، وابن خزيمة (2961)، والحاكم 1/ 435، والبيهقي 4/ 297 - 298 من طرق عن مالك، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد، من أجل سعيد بن كثير وعمه جعفر بن المطلب.

وأخرجه أحمد (17769) من طريق روح بن عبادة به.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (2900 - 2901) من طريقين عن ابن جريج به.

ص: 296

3831 -

حدثنا فهد بن سليمان، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، و

(1)

سالم، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن حذافة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي في أيام التشريق إنها أيام أكل وشرب

(2)

.

3832 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا صالح بن أبي الأخضر، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن حذافة أن يطوف في أيام منى: "أن لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب، وذكر الله"

(3)

.

(1)

في الأصول والأحكام "عن"، والتصويب من كتب الرجال ومصادر التخريج ومسند أحمد (15735).

(2)

إسناده ضعيف، سليمان بن يسار لم يدرك عبد الله بن حذافة.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (867) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 21، وأحمد (15735)، والنسائي في الكبرى (2876) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، سفيان الثوري به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل صالح بن أبي الأخضر.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (868) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (10664)، والنسائي في الكبرى (2883)، والطبري في التفسير 2/ 304 من طريق روح بن عبادة بهذا الإسناد، وقال النَّسَائِي: صالح هذا هو ابن أبي الأخضر، وحديثه هذا خطأ وهو كثير الخطأ عن الزهري.

ص: 297

3833 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال أنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل"

(1)

.

3834 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد هو ابن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا خالد الحذاء، عن أبي المليح الهذلي، عن نُبَيْشَة الهذلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3835 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار: أن نافع بن جبير أخبره، عن رجل، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال عمرو: وقد سماه نافع فنسيته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل من بني غفار يقال له: بشر بن سحيم قم فناد في الناس: "إنها أيام أكل وشرب في أيام منى"

(3)

.

(1)

إسناده حسن، من أجل عمر بن أبي سلمة وقد توبع.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (869) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (7134)، وأبو يعلى (6023)، والطبري في تفسيره 2/ 304، وابن حبان (3602) من طريق هشيم به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 21، وابن ماجه (1719)، وأبو يعلى (5913)، وابن حبان (3601) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (20722)، ومسلم (1141)(144) من طريق هشيم به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (15429)، والنسائي في الكبرى (2895) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن دينار به.

ص: 298

3836 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، قال: أنا عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير، عن بشر بن سحيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3837 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا شعبة، (ح)

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير، عن بشر بن سحيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3838 -

حدثنا علي، قال: ثنا روح، قال: ثنا الربيع بن صبيح، ومرزوق أبو عبد الله الشامي، قالا: ثنا يزيد الرقاشي، أن

(3)

أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (18955)، والدارمي (1894)، والنسائي في المجتبى 8/ 104، وفي الكبرى (2896)، وابن خزيمة (2960)، والطبراني في الكبير (1213) من طرق عن حماد بن زيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1299)، وأحمد (15430)، والنسائي في الكبرى (2894)، والبيهقي 4/ 298 من طرق عن شعبة، حبيب بن أبي ثابت به.

(3)

في ج د ن "عن"، والمثبت من م س خد.

(4)

إسناده ضعيف، لضعف يزيد الرقاشي والربيع بن صبيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (871) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو يعلى (4111) من طريق أبي خيثمة عن روح حدثنا الربيع بن صبيح ومسروق أبو عبد الله السامي به، وقد وقع التحريف في مطبوع مسند أبي يعلى في اسم مسروق، والصواب ما عند الطحاوي، وهو من رجال الترمذي، وبسبب هذا التحريف لم يهتد إليه محققه وقال: لم أعرفه.

ص: 299

3839 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، عن الربيع بن صَبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3840 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن جبير، عن معمر بن عبد الله العدوي، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أؤذن في أيام التشريق بمنى: لا يصومنّ أحد فإنها أيام أكل وشرب

(2)

.

3841 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود، ويحيى بن عبد الله بن بكير، قالا: ثنا ابن لهيعة، عن أبي النضر، أنه سمع سليمان بن يسار، وقبيصة بن ذؤيب، يحدثان عن أم الفضل امرأة عباس بن عبد المطلب قالت: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى أيام التشريق، فسمعت مناديا يقول: إن هذه الأيام أيام طعم، وشرب، وذكر الله. قالت:

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (872) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (2219) من طريق الربيع، عن يزيد الرقاشي به.

وأخرجه أبو يعلى (4117) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن يزيد الرقاشي به.

(2)

إسناده ضعيف، لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (873) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البغوي في معجم الصحابة 5/ 335 من طريق محمد بن إسحاق، عن ابن أبي مريم، عن ابن لهيعة به.

ص: 300

فأرسلت رسولا: مِن الرجل، ومن أمره؟. فجاءني الرسول فحدثني أنه رجل يقال له:[عبد الله] ابن حذافة، يقول: أمرني بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

3842 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح، قال: ثنا موسى بن عبيدة، قال: أخبرني المنذر، عن عمر بن خلدة الزرقي، عن أمه، قالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أوسط أيام التشريق ينادي في الناس: "لا تصوموا في هذه الأيام، فإنها أيام أكل وشرب وبعال"

(2)

.

3843 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن حكيم بن حكيم، عن مسعود بن الحكم الزرقي، قال: حدثتني أمي، قالت: لكأني أنظر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه على بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء حتى قام إلى شعب الأنصار وهو يقول: يا معشر المسلمين إنها ليست بأيام صوم، إنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (874) بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده ضعيف، لضعف موسى بن عبيدة الربذي.

وأخرجه ابن أبي شيبة (15265)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3376) من طريق وكيع، عن موسى بن عبيدة به.

(3)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (876) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النَّسَائِي (2886) من طريق أحمد بن خالد، وأبو يعلى (461)، وابن خزيمة (2147)، والحاكم 1/ 434 - 435 من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، كلاهما عن محمد بن إسحاق به.

ص: 301

3844 -

حدثنا محمد بن عمرو بن تمام، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني ميمون بن يحيى، قال: حدثني مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت سليمان بن يسار، يزعم أنه سمع ابن الحكم الزرقي، يقول: حدثنا أبي: أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى فسمعوا راكبا وهو يصرخ: لا يصومن أحد فإنها أيام أكل وشرب

(1)

.

3845 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير، عن سليمان بن يسار حدثه أن مسعودا حدثه، عن أمه

نحوه

(2)

.

3846 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عبد الله بن محمد الفهمي، قال: أنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، أنه سمع يوسف بن مسعود بن الحكم الزرقي، يقول: حدثتني جدتي

ثم ذكر نحوه

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف، لجهالة شيخ الطحاوي وهو متابع، وللإنقطاع فإن مخرمة لم يسمع من أبيه.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (877) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (42) بنفس السند.

(2)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (2892) من طريق ابن وهب، عن عمرو به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يوسف بن مسعود الزرقي.

وأخرجه أحمد (992) من طريق يحيى القطان، والنسائي في الكبرى (2898) من طريق الليث بن سعد، والبيهقي 4/ 298 من طريق سليمان بن بلال، كلهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري به.

ص: 302

3847 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن مهدي، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري، عن مسعود بن الحكم الأنصاري، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة أن يركب راحلته أيام منى، فيصيح في الناس:"ألا لا يصومنّ أحد، فإنها أيام أكل وشرب"، قال: فلقد رأيته على راحلته ينادي بذلك

(1)

.

قالوا: فلما ثبت بهذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن صيام أيام التشريق، وكان نهيه عن ذلك بمنى والحجاج مقيمون بها، وفيهم المتمتعون والقارنون، ولم يستثن منهم متمتعا ولا قارنا دخل المتمتعون والقارنون في ذلك النهي أيضا.

فإن قال قائل: فلم صار هذا أولى مما رويتم في هذا الباب؟ قيل له: من قبل صحة ما جاء في هذا، وتواتر الآثار، وفساد ما جاء في الفصل الأول من ذلك حديث يحيى بن سلام، عن شعبة فهو حديث منكر لا يثبته أهل العلم بالرواية، لضعف يحيى بن سلام

(1)

إسناده منقطع الزهري لم يسمعه من مسعود بن الحكم.

وأخرجه أحمد (21950)، والنسائي في الكبرى (2880) من طريق عبد الرزاق به.

وأخرجه النَّسَائِي (2881) من طريق شعيب بن أبي حمزة، والدارقطني 2/ 187 من طريق سليمان بن أبي داود، كلاهما عن الزهري به.

وقال النَّسَائِي: لم يسمعه الزهري من مسعود بن الحكم.

ص: 303

عندهم، وابن أبي ليلى، وفساد حفظهما، مع أني لا أحب أن أطعن على أحد من العلماء بشيء، ولكن ذكرت ما تقول أهل الرواية في ذلك.

ومن ذلك حديث يزيد بن سنان الذي ذكرناه من بعده، عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أنهما قالا: لم يرخص لأحد في صوم أيام التشريق إلا لمحصر أو متمتع.

فقولهما ذلك يجوز أن يكونا عنيا بهذه الرخصة ما قال الله عز وجل في كتابه {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] فعداها أيام التشريق، من أيام الحج، فقالا: رخص للحاج المتمتع والمحصر في صوم أيام التشريق لهذه الآية.

ولأن هذه الأيام عندهما من أيام الحج، وخفي عليهما ما كان من توقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من بعد على أن هذه الأيام ليست بداخلة فيما أباح الله عز وجل صومه من ذلك. فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما من طريق النظر فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن يوم النحر لا يصام في شيء من ذلك وهو إلى أيام الحج أقرب من أيام التشريق لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن صومه مما سنذكره في هذا الباب إن شاء الله تعالى.

فلما كان نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك يدخل فيه المتمتعون والقارنون والمحصرون كان كذلك نهيه عن صيام أيام التشريق يدخلون فيه أيضا. فمما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن صوم يوم النحر

3848 -

ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: أنا ابن أبي ذئب، عن سعيد بن خالد، عن أبي عبيد، مولى ابن أزهر، قال شهدت العيد مع علي وعثمان رضي الله=

ص: 304

عنهما فكانا يصليان، ثم ينصرفان يذكر أن الناس، فسمعتهما يقولان: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام هذين اليومين يوم النحر ويوم الفطر

(1)

.

3849 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا، حدثه عن ابن شهاب، عن أبي عبيد، قال: شهدت العيد مع عمر رضي الله عنه فقال: هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما: يوم الفطر، ويوم النحر. فأما يوم الفطر فيوم فطركم من صيامكم، وأما يوم النحر فيوم تأكلون فيه من نسككم

(2)

.

3850 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال أنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وسفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف، قال: صليت العيد مع عمر

فذكر مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (435، 510)، والبزار (407) من طريق عثمان بن عمر به.

وأخرجه عبد الله بن أحمد (427)، والنسائي في الكبرى (2788) من طريقين عن خالد بن الحارث، عن ابن أبي ذئب به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 1/ 178، ومن طريقه أخرجه أحمد (282)، والبخاري (1990، 5571)، ومسلم (1137)، وأبو يعلى (232)، وابن حبان (3600)، والبغوي (1795) عن الزهري به.

(3)

إسناده صحيح، وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع متابع.

وأخرجه الحميدي (8)، وابن أبي شيبة 3/ 103، 104، وأحمد (163)، وأبو داود (2416)، وابن ماجه (1722)، وأبو يعلى (150، 152، 238)، وابن الجارود (401)، وابن خزيمة (2959) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

ص: 305

3851 -

حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي كثير الأنصاري، عن سعد بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: نهى عن صوم يومين: يوم الفطر ويوم النحر

(1)

.

3852 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3853 -

حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن المنذر بن عبيد المدني حدثه، أن أبا صالح السمان حدثه، أنه سمع أبا هريرة يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (853) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 104، ومسلم (1140) من طريقين عن سعد بن سعيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (2807) من طريق عبد الأعلى، عن حماد به.

وأخرجه البخاري (1991)، ومسلم (827)(141)، وأبو داود (2417)، والترمذي (772) من طريق يحيى بن عمارة، عن أبي سعيد الخدري به.

(3)

إسناده حسن من أجل المنذر بن عبيد.

وأخرجه عبد الله بن وهب في مسنده كما في النخب 13/ 430 من طريق عمرو بن الحارث به.

وأخرجه عبد الرزاق (7880)، والبخاري (1993) من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة به.

ص: 306

3854 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، عن الربيع بن صَبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3855 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3856 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن قزعة، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

فلما كان يوم النحر خارجا من أيام الحج التي جعل الله عز وجل للمتمتع الصوم فيها بدلا من الهدي لما قد أخرجها النبي صلى الله عليه وسلم من الأيام التي يصام فيها، بنهيه عن صومه، كان كذلك أيام التشريق خارجة من أيام الحج التي جعل الله عز وجل

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد الرقاشي والربيع بن صبيح.

وأخرجه أبو يعلى (4117) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن يزيد الرقاشي به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 300، 306، ومن طريقه أخرجه أحمد (10634)، ومسلم (1138)(139)، والنسائي في الكبرى (2795)، وابن حبان (3598)، والبيهقي 4/ 297، والبغوي (1794).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 104، والحميدي (750)، والدارمي 2/ 20، وأحمد (11040)، والبخاري (1197، 1864، 1995)، ومسلم 2/ (799)(140)، وابن ماجه (1721)، وأبو يعلى (1160) من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن قزعة به.

ص: 307

للمتمتع الصوم فيها بدلا من الهدي لما قد أخرجها النبي صلى الله عليه وسلم من الأيام التي تصام بنهيه عن صومها.

فثبت بما ذكرنا أن أيام التشريق ليس لأحد صومُها في متعة، ولا قرآن، ولا إحصار، ولا غير ذلك من الكفارات، ولا من التطوع. وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ما يدل على ذلك أيضا

3857 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: أنا حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، أن رجلا أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم النحر، فقال: يا أمير المؤمنين، إني تمتعت ولم أهد، ولم أصم في العشر. فقال: سل في قومك، ثم قال: يا معيقيب، أعطه شاة

(1)

.

أفلا ترى أن عمر رضي الله عنه لم يقل له: فهذه أيام التشريق فصمها.

فدل تركه ذلك وأمره إياه بالهدي أن أيام الحج عنده التي أمر الله عز وجل المتمتع بالصوم فيها، هي: قبل يوم النحر، وأن يوم النحر وما بعده من أيام التشريق ليس منها.

(1)

إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة.

وأخرجه ابن أبي شيبة (12987) عن ابن أبي زائدة، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب به.

ص: 308

‌31 - باب: حكم المُحْصِر بالحج

3858 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: ثنا الحجاج الصواف، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن الحجاج بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من عرج أو كسر فقد حلّ، وعليه حجة أخرى"، قال: فحدثت بذلك ابن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهم فقالا: صدق

(1)

.

3859 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن الحجاج الصواف

فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر: ذكر عكرمة ذلك لابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهم

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (616) وأحكام القرآن (1678) بإسناده ومتنه.

ورواه الترمذي بإثر الحديث (940) عن إسحاق بن منصور، عن محمد بن عبد الله الأنصاري به.

وأخرجه أحمد (15731)، والدارمي 2/ 61، وأبو داود (1862)، والنسائي في المجتبى 5/ 198 - 199، وفي الكبرى (3843، 3844)، وابن ماجه (3077)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2155)، والطبراني (3211، 3212)، والدارقطني 2/ 277، 278، والحاكم 1/ 470، 482، 483، وأبو نعيم في الحلية 1/ 357 - 358، والبيهقي في السنن 5/ 220 من طرق عن حجاج الصواف به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (615)، وأحكام القرآن (1677) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارمي 2/ 61 من طريق أبي عاصم به.

ص: 309

3860 -

حدثنا ابن أبي داود، قال ثنا يحيى بن صالح الوحاظي، قال: ثنا معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، قال: قال عبد الله بن رافع مولى أم سلمة: أنه قال: أنا سألت الحجاج بن عمرو عمن حُبس وهو محرم، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .... فذكر مثله. فحدثت بذلك ابن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهم، فقالا: صدق

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن المحرم بالحج أو بالعمرة إذا كسر أو عرج فقد حلّ حينئذ وعليه قضاء ما حلّ منه، إن كانت حجة فحجة، وإن كانت عمرة فعمرة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: لا يحل حتى ينحر عنه الهدي، فإذا نحر عنه الهدي حل. واحتجوا في ذلك بما

3861 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن عمر بن عبد الله بن الرومي، قال: ثنا محمد بن الثور، قال: أنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة رضي الله

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (617)، وأحكام القرآن (1679) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو داود (1863)، والترمذي بإثر الحديث (940)، وابن ماجه (3078)، والطبراني (3213)، والحاكم 1/ 483، والبيهقي 5/ 220 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير به.

(2)

قلت أراد بهم: أبا ثور، وداود بن علي، وأصحابه رحمهم الله، كما في النخب 13/ 440.

(3)

قلت أراد بهم: جماهير العلماء من التابعين، وغيرهم، منهم أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 310

عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر يوم الحديبية قبل أن يحلق، وأمر أصحابه بذلك

(1)

.

3862 -

حدثنا محمد بن عمرو بن تمام، قال ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني ميمون بن يحيى، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت نافعا مولى ابن عمر يقول: قال ابن عمر: إذا عرض للمحرم عدو، فإنه يحل حينئذ، قد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حبسته كفار قريش في عمرته عن البيت، فنحر هديه وحلق وحل هو وأصحابه، ثم رجعوا حتى اعتمروا من العام المُقْبل

(2)

.

فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل في عمرته بحصر العدو إياه حتى نحر الهدي، دل ذلك أن كذلك حكم المحصر لا يحل بالإحصار حتى ينحر الهدي.

وليس فيها رويناه أولا خلاف لهذا عندنا؛ لأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كسر أو عرج، فقد حل"، فقد يحتمل أن يكون فقد حل له أن يحل، لا على أنه قد حل بذلك من إحرامه. ويكون هذا كما يقال: قد حلت فلانة للرجال: إذا خرجت من عدة عليها من زوج قد كان لها قبل ذلك، ليس على معنى أنها قد حلّت لهم، فيكون

(1)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن عمر بن عبد الله الرومي.

وأخرجه البخاري (1811) من طريق عبد الرزاق، عن معمر به، ومن طريقه أخرجه الطبراني 9/ (13، 20)، وأحمد (18920) من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان به.

(2)

حديث صحيح إسناده ضعيف، لجهالة شيخ الطحاوي وللإنقطاع، فإن مخرمة لم يسمع عن أبيه.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1685) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (4480)، والبخاري (1639)، ومسلم (1230)(183) عن طريق أيوب، عن نافع به.

ص: 311

لهم وطؤها ولكن على معنى أنه قد حلّ لهم أن يتزوجوها تزويجا يحل لهم به وطؤها. هذا كلام جائز مستساغ.

فلما كان هذا الحديث قد احتمل ما ذكرنا، وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عروة، عن المسور رضي الله عنه، ما قد وصفنا ثبت بذلك هذا التأويل.

وقد بين الله عز وجل ذلك في كتابه بقوله عز وجل {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} .

فلما أمر الله تعالى المحصر أن لا يحلق رأسه حتى يبلغ الهدي محله علم بذلك أنه لا يحل المحصر من إحرامه إلا في وقت ما يحل له حلق رأسه.

فهذا قد دل عليه قول الله تعالى ثم فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية.

والدليل على صحة ذلك التأويل أيضا أن حديث الحجاج بن عمرو قد ذكر عكرمة أنه حدثه ابن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهما فقالا: صدق.

فصار ذلك الحديث، عن ابن عباس، وعن أبي هريرة رضي الله عنهم أيضا.

وقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في المحصر ما قد وافق التأويل الذي صرفنا إليه حديث الحجاج. ودل عليه كما

3863 -

حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] قال:=

ص: 312

إذا أحصر الرجل بعث بالهدي {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فصيام ثلاثة أيام. فإن عجل فحلق قبل أن يبلغ الهدي محله، فعليه فدية من صيام، أو صدقة، أو نسك صيام ثلاثة أيام، أو يتصدق على ستة مساكين: كل مسكين نصف صاع، والنسك شاة. فإذا أمن مما كان به {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] فإن مضى من وجهه ذلك، فعليه حجة، وإن أخر العمرة إلى قابل فعليه حجة وعمرة وما استيسر من الهدي {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] آخرها يوم عرفة، {وسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] قال: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير يوم فقال: هذا قول ابن عباس وعقد ثلاثين

(1)

.

3864 -

حدثنا أبو شريح محمد بن زكريا بن يحيى، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا سفيان الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، أنه قال: في قول الله عز وجل لنا {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] قال: من حبس أو مرض، قال إبراهيم: فحدثت به سعيد بن جبير فقالا: هكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما

(2)

.

فهذا ابن عباس لم يجعله يحل من إحرامه بالإحصار حتى ينحر عنه الهدي.

(1)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 152، وأحكام القرآن (1714) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي حاتم (1776)، والطبري 2/ 207 من طريق الأعمش به.

(2)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 152، وأحكام القرآن (1673) بإسناده ومتنه.

ص: 313

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كسر أو عرج، فقد حل" فدل ذلك أن معنى: "فقد حل" له أن يحل، على ما ذهبنا إليه في ذلك، وقد رُوي ذلك أيضا عن غير ابن عباس رضي الله عنهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا

3865 -

حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد بن شداد العبدي، صاحب محمد بن الحسن، قال: ثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: لُدِغ صاحب لنا بذات التنانين

(1)

، وهو محرم بعمرة، فشق ذلك علينا، فلقينا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فذكرنا له أمره. فقال: يبعث بهدي، ويواعد أصحابه موعدًا، فإذا نحر عنه حل

(2)

.

3866 -

حدثنا فهد، قال: ثنا علي، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قال عبد الله: ثم عليه عمرة بعد ذلك

(3)

.

3867 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو عوانة، عن سليمان الأعمش

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

(1)

هي عقبة بحذاء زبالة.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 2/ 78، وأحكام القرآن (1669) بإسناده ومتنه.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1670) بإسناده ومتنه.

(4)

إسناده صحيح.

ص: 314

3868 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت إبراهيم يحدث، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: أهل رجل من النخع بعمرة يقال له: عمير بن سعيد، فلدغ، فبينا هو صريع في الطريق إذ طلع عليهم ركب فيهم ابن الله مسعود رضي عنه فسألوه. فقال: ابعثوا بالهدي، واجعلوا بينكم وبينه يوما أمارة، فإذا كان ذلك، فليحل، قال الحكم: وقال عمارة بن عمير، وكان حسبك به، عن عبد الرحمن بن يزيد أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: وعليه العمرة من قابل. قال شعبة: وسمعت سليمان حدث به مثل ما حدث به الحكم سواء

(1)

.

3869 -

حدثنا يونس، قال أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن سالم، عن ابن عمر، أنه قال المحصر من مرض لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، وإن اضطر إلى شيء من لبس الثياب التي لا بد له منها، والدواء صنع من ذلك وافتدى

(2)

.

= وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1671) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبري 3/ 41 من طريق شريك، عن سليمان بن مهران الأعمش به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 2/ 77، وأحكام القرآن (1672) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13078) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك (485)، ومن طريقه الشافعي في مسنده (124)، والبيهقي 5/ 219.

ص: 315

فقد ثبت بهذه الروايات أيضا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما تأولنا عليه حديث الحجاج بن عمرو الذي ذكرناه.

ثم اختلف الناس بعد هذا في الإحصار الذي هذا حكمه بأي شيء هو؟ و بأي معنى يكون؟.

فقال قوم

(1)

: يكون بكل حابس يحبسه من مرض أو غيره، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله وقد روينا ذلك أيضا فيما تقدم من هذا الباب عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم.

وقال آخرون

(2)

: لا يكون الإحصار الذي وصفنا حكمه إلا بالعدو خاصة، ولا يكون بالأمراض وهو قول ابن عمر رضي الله عنه.

3870 -

حدثنا محمد بن زكريا أبو شريح، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهم. قال: لا يكون الإحصار إلا من عدو

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري رحمهم الله، كما في النخب 13/ 453.

(2)

قلت أراد بهم: الليث بن سعد، ومالكا، والشافعي، وأحمد وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 13/ 455.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 213 (13555) من طريق وكيع، عن سفيان به.

ص: 316

3871 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، أنه قال: من حُبِس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة

(1)

.

فلما وقع في هذا الاختلاف، وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث الحجاج بن عمرو، وابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم ما ذكرنا من قوله يعني النبي صلى الله عليه وسلم:"من كسر أو عرج فقد حل".

وعليه حجة أخرى ثبت بذلك أن الإحصار يكون بالمرض، كما يكون بالعدو. فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر، فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن إحصار العدو يجب به للمحضر الإحلال من الحج كما قد ذكرنا.

واختلفوا في المرض، فقال قوم

(2)

: حكمه حكم العدو في ذلك إذ كان قد منعه من المضي في الحج، كما منعه العدو.

وقال آخرون

(3)

: حكمه بائن من حكم العدو.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 486، ومن طريقه الشافعي (124)، والبيهقي 5/ 219.

(2)

قلت أراد بهم: أبا حنيفة، وأصحابه، والثوري، وغيرهم رحمهم الله، كما في النخب 13/ 458.

(3)

قلت أراد بهم: مالكا، والشافعي، وأحمد، وغيرهم رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 317

فأردنا أن ننظر ما أبيح بالضرورة من العدو، هل يكون مباحا بالضرورة بالمرض أم لا؟ فوجدنا الرجل إذا كان يطيق القيام كان فرضه أن يصلي قائما، فإن كان يخاف إن قام أن يعاينه العدو فيقتله، أو كان العدو قائما على رأسه فيمنعه عن القيام، فكلّ قد أجمع أنه قد حل له أن يصلي قاعدا، وسقط عنه فرض القيام.

وأجمعوا أن رجلا لو أصابه مرض أو زمانة فمنعه ذلك من القيام أنه قد سقط عنه فرض القيام، وحل له أن يصلي قاعدا يركع ويسجد إذا أطاق ذلك، أو يومئ إن كان لا يطيق ذلك.

فرأينا ما أبيح له من هذا بالضرورة من العدو، قد أبيح له بالضرورة من المرض ورأينا الرجل إذا حال العدو بينه وبين الماء، سقط عنه فرض الوضوء، ويتيمم ويصلي، وكذلك لو كانت به علة يضرها الماء كان كذلك أيضا يسقط عنه فرض الوضوء ويتيمم ويصلي.

فكانت هذه الأشياء التي قد عذر فيها بالعدو، قد عذر فيها أيضا بالمرض، وكانت الحال في ذلك سواء.

ثم رأينا الحاج المحصر بالعدو، قد عذر فجعل له في ذلك أن يفعل ما جعل للمحصر أن يفعل حتى يحل، واختلفوا في المحصر بالمرض، فالنظر على ما ذكرنا من ذلك أن يكون ما وجب له من العذر بالضرورة بالعدو، يجب له أيضا بالضرورة بالمرض، ويكون حكمه في ذلك سوا كما كان حكمه في ذلك أيضا سواء في الطهارات والصلوات.

ص: 318

ثم اختلف الناس بعد هذا في المحرم بعمرة، يحصر بعدو أو بمرض.

فقال قوم

(1)

: يبعث بهدي ويواعدهم أن ينحروه عنه، فإذا نحر حلّ.

وقال آخرون

(2)

: بل يقيم على إحرامه أبدا، وليس لها وقت كوقت الحج. وكان من حجة الذين ذهبوا إلى أنه يحل منها بالهدي ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول هذا الباب لما أحصر بعمرة زمن الحديبية حصرته كفار قريش، فنحر الهدي وحل ولم ينتظر أن يذهب عنه الإحصار إذ كان لا وقت لها كوقت الحج، بل جعل العذر في الإحصار بها، كالعذر في الإحصار بالحج.

فثبت بذلك أن حكمهما في الإحصار فيهما سواء، وأنَّه يبعث بالهدي حتى يحل به مما أحصر به منهما، إلا أن عليه في العمرة قضاء عمرة مكان عمرته، وعليه في الحجة حجة مكان حجته وعمرة لإحلاله.

وقد روينا في العمرة أنه قد يكون المحرم محصرا بها ما قد تقدم في هذا الباب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

وأما النظر في ذلك، فإنا قد رأينا أشياء قد فرضت على العباد مما جعل لها وقت خاص، وأشياء قد فرضت عليهم مما جعل الدهر كله وقتا لها، منها: الصلوات فرضت عليهم في أوقات خاصة، تؤدى في تلك الأوقات بأسباب متقدمة لها، من التطهر بالماء،

(1)

قلت أراد بهم: جمهور العلماء منهم: أبو حنيفة، ومالك في رواية، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 13/ 462.

(2)

قلت أراد بهم: محمد بن سيرين، ومالك في رواية، وبعض الظاهرية رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 319

وستر العورة. ومنها الصيام في كفارات الظهار، وكفارات الصيام، وكفارة القتل، جعل ذلك على المظاهر، والقاتل لا في أيام بعينها بل جعل الدهر كله وقتا لها، وكذلك كفارة اليمين جعلها الله عز وجل على الحانث في يمينه وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو تحرير رقبة.

ثم جعل الله عز وجل لمن فرض عليه الصلاة بالأسباب التي يتقدمها، والأسباب المفعولة فيها في ذلك عذرا لمن منع منه.

فمن ذلك ما جعل له في عدم الماء من سقوط الطهارة بالماء والتيمم.

ومن ذلك ما جعل لمن منع من ستر العورة أن يصلي بادي العورة.

ومن ذلك ما جعل لمن منع من القبلة أن يصلي إلى غير قبلة.

ومن ذلك ما جعل للذي منع من القيام أن يصلي قاعدا يركع ويسجد، فإن منع من ذلك أيضا، أومأ إيماء، فجعل له ذلك. وإن كان قد بقي عليه من الوقت ما قد يجوز أن يذهب عنه ذلك العذر، ويعود إلى حاله قبل العذر، وهو في الوقت لم يفته.

وكذلك جعل لمن لا يقدر على الصوم في الكفارات التي أوجب الله عز وجل عليه فيها الصوم لمرض حل به مما قد يجوز برؤه منه بعد ذلك، ورجوعه إلى حال الطاقة لذلك الصوم، فجعل ذلك له عذرا في إسقاط الصوم عنه به، ولم يمنع من ذلك إذا كان ما جعل عليه من الصوم لا وقت له.

وكذلك فيما ذكرنا من الإطعام في الكفارات والعتق فيها، والكسوة إذا كان الذي فرض ذلك عليه معدما.

ص: 320

وقد يجوز أن يجد بعد ذلك فيكون قادرا على ما أوجب الله عز وجل عليه من ذلك من غير فوات لوقت شيء مما كان أوجب عليه فعله فيه.

فلما كانت هذه الأشياء يزول فرضها بالضرورة فيها، وإن كان لا يخاف فوت وقتها، فجعل ذلك وما خيف فوت وقته سواء من الصلوات في أواخر أوقاتها، وما أشبه ذلك.

فالنظر على ما ذكرنا أن تكون كذلك العمرة، وإن كان لا وقت لها أن يباح في الضرورة فيها ما يباح بالضرورة في غيرها مما له وقت معلوم.

فثبت بما ذكرنا قول من ذهب إلى أنه قد يكون الإحصار بالعمرة، كما يكون الإحصار بالحج سواء. وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

ثم تكلم الناس بعد هذا في المحصر إذا نحر هديه، هل يحلق رأسه أم لا؟.

فقال قوم

(1)

: ليس عليه أن يحلق لأنَّه قد ذهب عنه النسك كله، وممن قال ذلك: أبو حنيفة، ومحمد رحمهما الله.

وقال آخرون

(2)

: بل يحلق، فإن لم يحلق حل ولا شيء عليه، وممن قال ذلك: أبو يوسف رحمه الله.

وقال آخرون

(3)

: يحلق ويجب ذلك عليه، كما يجب على الحاج والمعتمر.

(1)

قلت أراد بهم: سفيان الثوري، والنخعي، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 13/ 470.

(2)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وأبا ثور، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في النخب 13/ 471.

(3)

قلت أراد بهم: مالكا، وأحمد، وإسحاق، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 321

وكان من حجة أبي حنيفة، ومحمد رحمهما الله في ذلك أنه قد سقط عنه بالإحصار جميع مناسك الحج من الطواف والسعي بين الصفا والمروة، وذلك مما يحل المحرم به من إحرامه.

ألا ترى أنه إذا طاف بالبيت يوم النحر حل له أن يحلق فيحل له بذلك الطيب، واللباس، والنساء.

قالوا: فلما كان ذلك مما يفعله حتى يحل، فسقط ذلك عنه كله بالإحصار، سقط أيضا عنه سائر ما يحل به المحرم بسبب الإحصار، هذه حجة لأبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى.

وكان من حجة الآخرين عليهما في ذلك أن تلك الأشياء من الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، قد صَدّ عنه المحرم، وحيل بينه وبينه، فسقط عنه أن يفعله. والحلق لم يحل بينه وبينه وهو قادر على أن يفعله.

فما كان يصل إلى أن يفعله فحكمه فيه في حال الإحصار كحكمه فيه، في غير حال الإحصار.

وما لا يستطيع أن يفعله في حال الإحصار فهو الذي يسقط عنه بالإحصار، فهو النظر عندنا.

وإذا كان حكمه في وقت الحلق عليه وهو محصر كحكمه في وجوبه عليه، وهو غير محصر، كان تركه إياه أيضا وهو محصر كتركه إياه وهو غير محصر.

ص: 322

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما قد دل على أن حكم الحلق باق على المحصرين كما هو على من وصل إلى البيت.

3872 -

وذلك أن ربيعا المؤذن حدثنا، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: ثنا ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: حلق رجال يوم الحديبية، وقصر آخرون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يرحم الله المحلقين" قالوا: يا رسول الله والمقصرين؟ قال: "يرحم الله المحلقين"، قالوا يا رسول الله والمقصرين؟ قال:"يرحم الله المحلقين"، قالوا: يا رسول الله، والمقصرين؟ قال:"والمقصرين". قالوا: فما بال المحلقين ظاهرت لهم بالترحم؟ قال: "إنهم لم يشكوا"

(1)

.

3873 -

حدثنا فهد قال: ثنا يوسف بن بهلول: قال ثنا ابن إدريس، عن ابن إسحاق

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

(1)

إسناده حسن، محمد بن إسحاق صرح بالتحديث هنا.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1364) بإسناده ومتنه.

ورواه الطبراني في الكبير (11150) من طريق يحيى بن زكريا بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 453، وأحمد (3311)، وابن ماجه (3045)، وأبو يعلى (2718)، والطبري في التاريخ 2/ 637، والطبراني (11150) من طرق عن محمد بن إسحاق به.

(2)

إسناده حسن كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1365) بإسناده ومتنه.

ص: 323

3874 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي إبراهيم الأنصاري، قال: ثنا أبو سعيد الخدري، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر يوم الحديبية للمحلقين ثلاثا، وللمقصرين مرة

(1)

.

3875 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا هارون بن إسماعيل الخزاز قال: ثنا علي بن المبارك، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، أن أبا إبراهيم الأنصاري حدثه، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية استغفر للمحلقين مرة، وللمقصرين مرة. وحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رءوسهم غير رجلين: رجل من الأنصار، ورجل من قريش

(2)

.

قال أبو جعفر: فلما حلقوا جميعا إلا من قصر منهم، وفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلق منهم على من قصر، ثبت بذلك أنهم قد كان لهم الحلق أو التقصير،

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي إبراهيم الأنصاري المدني.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1369) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13617)، وأحمد (11149)، وأبو يعلى (1263) من طريق يزيد بن هارون، عن هشام، عن يحيى به.

وأخرجه ابن طهمان في مشيخته (169)، والطيالسي (2224) من طريق هشام، عن يحيى به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1369) بإسناده ومتنه.

ص: 324

كما كان عليهم لو وصلوا إلى البيت، ولولا ذلك لما كانوا فيه إلا سواء، ولا كان لبعضهم في ذلك فضيلة على بعض.

ففي تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المحلقين على المقصرين دليل على أنهم كانوا في ذلك كغير المحصرين.

فقد ثبت بما ذكرنا أن حكم الحلق أو التقصير لا يزيله الإحصار.

ص: 325

‌32 - باب: حج الصغير

3876 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثني إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس: أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن صبي هل لهذا من حج؟ قال: "نعم، ولك أجر"

(1)

.

3877 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن إبراهيم بن عقبة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3878 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال ثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، عن إبراهيم بن عقبة

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2555) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي 1/ 282، والطيالسي (2707)، والحميدي (504)، وأحمد (1898، 3202)، ومسلم (1336)(409)، والنسائي 5/ 21، وابن الجارود (411)، وأبو يعلى (2400)، وابن خزيمة (3049)، وابن حبان (144)، والبيهقي 5/ 155، والبغوي (1852) من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2556) بإسناده ومتنه

وهو في موطأ مالك 1/ 422، ومن طريقه الشافعي 283/ 1، والبيهقي 5/ 155، والبغوي (1853).

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2559) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (2187) من طريق حجين بن المثنى ويونس عن عبد العزيز بن أبي سلمة به.

ص: 326

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أن الصبي إذا حج قبل بلوغه أجزأه ذلك من حجة الإسلام، ولم يكن عليه أن يحج بعد ذلك بعد بلوغه، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: لا يجزئه من حجة الإسلام، وعليه بعد بلوغه حجة أخرى.

وكان من الحجة لهم عندنا على أهل المقالة الأولى أن هذا الحديث إنما فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن للصبي حجا، وهذا مما قد أجمع الناس جميعا عليه، ولم يختلفوا أن للصبي حجا كما أن له صلاة وليست تلك الصلاة بفريضة عليه.

فكذلك أيضا قد يجوز أن يكون له حج، وليس ذلك الحج بفريضة عليه، وإنما هذا الحديث حجة على من زعم أنه لا حج للصبي.

فأما من يقول: إن له حجا وإنه غير فريضة فلم يخالف شيئا من هذا الحديث، وإنما خالف تأويل مخالفيه خاصة.

وهذا ابن عباس رضي الله عنهما هو الذي روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قد صرف هو حج الصبي إلى غير الفريضة، وأنَّه لا يجزئه بعد بلوغه من حجة الإسلام.

(1)

قلت أراد بهم: داود من الظاهرية، وطائفة من أهل الحديث كما في النخب 13/ 490.

(2)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهدا، والنخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وآخرين من علماء الأمصار رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 327

3879 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي السفر، قال: سمعت ابن عباس يقول: يا أيها الناس أسمعوني ما تقولون، ولا تخرجوا تقولون: قال ابن عباس أيما غلام حج به أهله فمات، فقد قضى حجة الإسلام، فإن أدرك فعليه الحج، وأيما عبد حج به أهله فمات، فقد قضى حجة الإسلام، فإن أعتق فعليه الحج

(1)

.

3880 -

حدثنا محمد، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد عن يونس بن عبيد، عن عبيد صاحب الحلي، قال: سألت ابن عباس عن المملوك إذا حج ثم عتق بعد ذلك؟ قال: عليه الحج أيضا، وعن الصبي يحج ثم يحتلم، قال: يحج أيضا

(2)

.

وقد زعمتم أن من روى حديثا فهو أعلم بتأويله، فهذا ابن عباس رضي الله عنهما قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد ذكرنا في أول هذا الباب ثم قال هو، ما قد ذكرنا.

فيجب على أصلكم أن يكون ذلك دليلا على معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك.

فإن قال قائل: فما الذي دلّك على أن ذلك الحج لا يجزئه من حجة الإسلام؟ قلت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يكبر"، وقد ذكرت ذلك بأسانيده في غير هذا الموضع من هذا الكتاب.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (3848)، ومن طريقه البيهقي 5/ 156 من طريق سفيان، عن مطرف، عن أبي السفر به.

(2)

إسناده فيه عبيد صاحب الحلي لم أقف عليه بهذه النسبة، وبقية رجاله ثقات.

ص: 328

فلما ثبت أن القلم عن الصبي مرفوع، ثبت أن الحج عليه غير مكتوب.

وقد أجمعوا أن صبيا لو دخل في وقت صلاة فصلاها، ثم بلغ بعد ذلك في وقتها أن عليه أن يعيدها، وهو في حكم من لم يصلها.

فلما ثبت ذلك من اتفاقهم ثبت أن الحج كذلك، وأنَّه إذا بلغ وقد حج قبل ذلك أنه في حكم من لم يحج، وعليه أن يحج بعد ذلك.

فإن قال قائل: فقد رأينا في الحج حكما يخالف حكم الصلاة، وذلك أن الله عز وجل إنما أوجب الحج على من وجد إليه سبيلا، ولم يوجبه على غيره.

فكان من لم يجد سبيلا إلى الحج، فلا حج عليه كالصبي الذي لم يبلغ.

ثم قد أجمعوا أن من لم يجد سبيلا إلى الحج، فحمل على نفسه ومشى حتى حج أن ذلك يجزئه، وإن وجد سبيلا بعد ذلك لم يجب عليه أن يحج ثانية للحجة التي قد كان حجها قبل وجوده السبيل.

فكان النظر على ذلك أن يكون كذلك الصبي إذا حج قبل البلوغ، ففعل ما لم يجب عليه أجزاه ذلك، ولم يجب عليه أن يحج ثانية بعد البلوغ.

قيل له: إن الذي لا يجد السبيل إنما سقط الفرض عنه لعدم الوصول إلى البيت، فإذا مشى فصار إلى البيت، فقد بلغ البيت، وصار من الواجدين للسبيل، فوجب الحج عليه لذلك، فلذلك قلنا: إنه أجزأه حجة؛ لأنَّه صار بعد بلوغه البيت كمن كان منزله هنالك فعليه الحج.

ص: 329

وأما الصبي ففرض الحج غير واجب عليه قبل وصوله إلى البيت، وبعد وصوله إليه لرفع القلم عنه فإذا بلغ بعد ذلك فحينئذ وجب عليه فرض الحج.

فلذلك قلنا: إن ما قد كان حجة قبل بلوغه، لا يجزئه، وأن عليه أن يستأنف الحج بعد بلوغه كمن لم يكن حج قبل ذلك. فهذا هو النظر في هذا، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

ص: 330

‌33 - باب: دخول الحرم هل يصلح بغير إحرام؟

3881 -

حدثنا علي بن معبد قال: ثنا معلى بن منصور (ح)

وحدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا علي بن حكيم الأودي (ح)

وحدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قالوا: ثنا شريك، عن عمار الدهني، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه عمامة سوداء

(1)

.

3882 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، (ح)

وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3883 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكا حدثه (ح).

(1)

حديث صحيح وإسناده ضعيف، شريك بن عبد الله النخعي سيء الحفظ.

وأخرجه أحمد (15157)، ومسلم (1358)، والنسائي 8/ 211 من طرق عن شريك به.

وأخرجه الترمذي (1679) عن محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا غير واحد عن شريك وذكره.

(2)

رجاله ثقات إلا أن أبا الزبير لم يصرح بسماعه عن جابر.

وأخرجه الطيالسي (1749)، وابن أبي شيبة 8/ 422، 14/ 493، وأحمد (14904)، وأبو داود (4076)، والترمذي (1835)، والنسائي في الكبرى (9757)، وابن ماجه (2822، 3585)، وأبو يعلى (2146)، وأبو نعيم في الحلية 9/ 19، والبيهقي 5/ 177، والبغوي (2007) من طرق عن حماد بن سلمة به.

ص: 331

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال ثنا مالك بن أنس، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه مِغْفَر، فلما كشف المِغْفر عن رأسه، قيل له: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال:"اقتلوه"

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أنه لا بأس بدخول الحرم بغير إحرام، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: لا يصلح لأحد كان منزله من وراء الميقات إلى الأمصار أن يدخل مكة إلا بإحرام.

واختلف هؤلاء، فقال بعضهم

(4)

: وكذلك الناس جميعا، من كان بعد الميقات وقبل الميقات غير أهل مكة خاصة.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 1/ 423، ومن طريقه أخرجه ابن سعد 2/ 139، وابن أبي شيبة 14/ 492، والحميدي (1212)، والدارمي (1938، 2456)، وأحمد (12068)، والبخاري (1846، 3044، 4286، 5808)، ومسلم (1357)، وأبو داود (2685)، والترمذي (1693)، والنسائي 5/ 200، 201، وابن ماجه (2805)، وأبو يعلى (3539، 3540، 3541)، وابن خزيمة (3063)، وابن حبان (3719)، والبيهقي 5/ 177، والبغوي (2006).

(2)

قلت أراد بهم: الزهري، والحسن البصري، والشافعي في قول، ومالكا في رواية، وعبد الله بن وهب عنه، وداود بن علي، وأصحابه من الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 13/ 512.

(3)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، والليث بن سعد، والثوري، وأبا حنيفة، وأصحابه، ومالكا في رواية، والشافعي في المشهور عنه، وأحمد، وأبا ثور، والحسن بن حي رحمهم الله، كما في النخب 13/ 513.

(4)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، والليث بن سعد، وإبراهيم النخعي، وطاووسا رحمهم الله، كما في النخب 13/ 514.

ص: 332

وقال آخرون

(1)

: من كان منزله في بعض المواقيت أو فيما بعدها إلى مكة، فله أن يدخل مكة بغير إحرام. ومن كان منزله قبل المواقيت لم يدخل مكة إلا بإحرام، وممن قال هذا القول أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله.

وقال آخرون

(2)

: أهل المواقيت حكمهم حكم مَنْ كان قبل المواقيت، وجعل أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله حكم أهل المواقيت كحكم مَنْ كان من ورائهم إلى مكة.

وليس النظر في هذا عندنا ما قالوا، لأنا رأينا من يريد الإحرام إذا جاوز المواقيت حلالا حين فرغ من حجته، ولم يرجع إلى المواقيت كان عليه دم.

ومن أحرم من المواقيت كان محسنا، وكذلك من أحرم قبلها كان كذلك أيضا.

فلما كان الإحرام من المواقيت في حكم الإحرام مما قبلها، لا في حكم الإحرام مما بعدها ثبت أن حكم المواقيت كحكم ما قبلها، لا كحكم ما بعدها. فلا يجوز لأهلها من دخول الحرم إلا ما يجوز لأهل الأمصار التي قبل المواقيت. فانتفى بهذا ما قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله في حكم أهل المواقيت.

واحتجنا إلى النظر في الأخبار هل فيها ما يدفع دخول الحرم بغير إحرام؟ وهل فيها ما ينبئ عن معنى في هذين الحديثين المتقدمين يجب بذلك المعنى أن ذلك الدخول الذي كان من النبي صلى الله عليه وسلم بغير إحرام خاصة له؟ فاعتبرنا في ذلك

(1)

قلت أراد بهم: الحسن بن حي، والثوري، والأوزاعي رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

(2)

قلت أراد بهم: أحمد، وأبا ثور، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في النخب 13/ 515.

ص: 333

3884 -

فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، والشمس والقمر، ووضعها بين هذين الأخشبين، لم تحل لأحد قبلي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار، لا يُختلى خلاها، ولا يُعضد شجرها، ولا يُرفع لقطتها إلا منشد"، فقال العباس رضي الله عنه: إلا الإذخر فإنه لا غنى لأهل مكة عنه لبيوتهم وقبورهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا الإذخر"

(1)

.

3885 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن ابن أبي ذئب، قال: حدثني سعيد المقبري، قال: سمعت أبا شريح الكعبي، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل حرّم مكة ولم يحرمها الناس، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسفكن فيها دما، ولا يعضدن فيها شجرا، فإن ترخص مترخص فقال: قد

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد الهاشمي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3139، 4790)، وأحكام القرآن (1661) بإسناده ومتنه، بزيادة طريق محمد بن العباس بن الربيع اللؤلؤي عن علي بن معبد عن أبي يوسف.

والخبر أخرجه ابن أبي شيبة (14159، 14290)، والبزار (4926)، والدارقطني (4565)، من طريق محمد بن فضيل عن يزيد عن مجاهد به.

وأخرجه أحمد (2896)، والبخاري (1587، 3189، 1834)، ومسلم (1353)، وأبو داود (2018)، والترمذي (1590)، والنسائي 5/ 203، 204، وابن حبان (3720)، والبغوي (2003) من طرق عن منصور عن مجاهد بن جبر عن طاووس، عن ابن عباس به.

ص: 334

أحلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله عز وجل أحلها لي ولم يحلها للناس، وإنما أحلها لي ساعة"

(1)

.

3886 -

حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول، قال ثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح الخزاعي، قال: لما بعث عمرو بن سعيد البعث إلى مكة لغزو ابن الزبير أتاه أبو شريح فكلمه بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج إلى نادي قومه، فجلس، فقمت إليه، فجلست معه، قال: فحدث عما حدث عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعما جاوبه به عمرو. قال: قلت له: إنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح مكة، فلما كان الغد من يوم الفتح، خَطَبنا فقال: يا أيها الناس إن الله عز وجل حرّم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام من حرام الله إلى يوم القيامة، لا تحل لرجل يؤمن بالله، واليوم الآخر أن يسفك فيها دما، ولا يعضد بها شجرا، لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلا هذه الساعة غضبا على أهلها، ألا ثم قد عادت كحرمتها بالأمس، فمن قال لكم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحلها فقولوا له: إن الله

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4792)، وأحكام القرآن (1662) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (27160)، وأبو داود (4504)، والترمذي (1406)، والدارقطني 3/ 95 - 96 من طريق يحيى بن سعيد القطان به.

وأخرجه الشافعي 1/ 295، والطبري في الكبير 22/ (486)، والدارقطني 3/ 96، والبغوي (2004) من طرق عن ابن أبي ذئب به.

ص: 335

عز وجل قد أحلها لرسوله، ولم يحلها لك. فقال لي: انصرف أيها الشيخ، فنحن أعرف بحرمتها منك، إنها لا تمنع سافك دم ولا مانع خربة، ولا خالع طاعة. قلت: قد كنت شاهدا وكنت غائبا وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ شاهدنا غائبنا، وقد أبلغتك

(1)

.

3886 م - حدثنا بحر هو ابن نصر، عن شعيب بن الليث، عن أبيه، عن سعيد المقبري، عن أبي شريح الخزاعي، عن النبي صلى الله عليه وسلم

نحوه

(2)

.

3887 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا ابن الدراوردي، قال: ثنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجون، ثم قال: "والله إنك لخير

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق وقد صرح بالتحديث هنا.

وأخرجه أحمد (16377)، والطبري في تفسيره (2027)، والطبراني في الكبير 22/ (485)، والبيهقي في الدلائل 5/ 3 - 84 من طرق عن ابن إسحاق به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4791) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (16373)، والبخاري (104، 1832، 4295)، ومسلم (1354)، والترمذي (809)، والنسائي في المجتبى 5/ 205 - 206، وفي الكبرى (5846)، والطبراني في الكبير 22/ 484، والبيهقي في الدلائل 5/ 82 - 83 من طرق عن الليث بن سعد به.

ص: 336

أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وما أحلت لي إلا ساعة من النهار، وهي بعد ساعتها هذه حرام إلى يوم القيامة"

(1)

.

3888 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3889 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى، قال: ثنا أبو سلمة، قال: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه قال: لما فتح الله عز وجل على رسوله عليه السلام مكة، قتلت هذيل رجلا من بني ليث بقتيل كان لهم في الجاهلية. فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إن الله عز وجل حبس عن أهل مكة الفيل، وسلط عليهم رسوله والمؤمنين، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعتين من نهار، وإنها ساعتي هذه حرام، لا يعضد شجرها، ولا يختلى شوكها، ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد"

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3146، 4796) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو يعلى (5954) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة به.

وأخرجه أحمد (7242)، والدارمي (2600)، والبخاري (112، 6880)، ومسلم (1355، 448)، والدارقطني 3/ 97، والبيهقي 8/ 52 من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة به.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4795) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح.=

ص: 337

3890 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير

فذكر بإسناده مثله غير أنه قال: "إن الله عز وجل حبس عن أهل مكة الفيل، قال: ولا يلتقط ضالتها إلا لمنشد"

(1)

.

فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار أن مكة لم تحل لأحد كان قبله، ولا تحل لأحد بعده، وأنها إنما أحلّت له ساعة من نهار، ثم عادت حراما كما كانت إلى يوم القيامة، فدل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان دخلها يوم دخلها. وهي له حلال، فكان له بذلك دخولها بغير إحرام، وهي بعد حرام، فلا يدخلها أحد إلا بإحرام.

فإن قال قائل: إن معنى ما أحل للنبي صلى الله عليه وسلم منها هو شهر السلاح فيها للقتال، وسفك الدماء لا غير ذلك.

قيل له: هذا محال إن كان الذي أبيح للنبي صلى الله عليه وسلم منها هو ما ذكرت خاصة إذا لم يقل "ولا تحل لأحد بعدي". وقد رأيناهم أجمعوا أن المشركين لو

=وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3144، 4794) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (7242)، والبخاري (2434)، ومسلم (1355)(447)، والترمذي (1405، 2667)، وابن ماجه (2624)، وأبو عوانة 4/ 43 - 44، وابن حبان (3715)، والدارقطني 3/ 96 - 97، والبيهقي 8/ 53 من طريق الوليد ابن مسلم به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3145، 4793، 4901) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (7242)، والدارمي (2600)، والبخاري (6880) معلقا، وأبو عوانة 4/ 42، والبيهقي 8/ 52 من طرق عن حرب بن شداد به.

ص: 338

غلبوا على مكة فمنعوا المسلمين منها أنه حلال للمسلمين قتالهم، وشهر السلاح بها وسفك الدماء، وأن حكم من بعد النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك في إباحتها في حكم النبي صلى الله عليه وسلم.

فدل ذلك على أن المعنى الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم خص به فيها، وأحلّت له من أجله ليس هو القتال. وإذا انتفى أن يكون هو القتال ثبت أنه الإحرام.

ألا ترى إلى قول عمرو بن سعيد، لأبي شريح: إن الحرم لا يمنع سافك دم، ولا مانع خربة، ولا خالع طاعة جوابا لما حدثه به أبو شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ينكر ذلك عليه أبو شريح، ولم يقل له: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بما حدثتك عنه، أن الحرم قد يجير كل الناس ولكنه عرف ذلك، فلم ينكره.

وهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فقد روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من رأيه لا يدخل أحد الحرم إلا بإحرام، وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

فدل قوله هذا أن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أحلت له ليس هو على إظهار السلاح بها، وإنما هو على المعنى الآخر. لأنَّه لما انتفى هذا القول، ولم يكن غيره وغير القول الآخر، ثبت القول الآخر.

ثم احتجنا بعد هذا إلى النظر في حكم من هم بعد المواقيت إلى مكة، هل لهم دخول الحرم بغير إحرام أم لا؟. فرأينا الرجل إذا أراد دخول الحرم لم يدخله إلا بإحرام، وسواء أراد دخول الحرم لإحرام، أو لحاجة غير الإحرام. ورأينا من أراد دخول المواضع

ص: 339

التي بين المواقيت، وبين الحرم لحاجة أن له دخولها بغير إحرام. فثبت بذلك أن حكم هذه المواضع إذا كانت تُدخل للحوائج بغير إحرام كحكم ما قبل المواقيت، وأن أهلها لا يدخلون الحرم إلا كما يدخله من كان أهله وراء المواقيت إلى الآفاق.

فهذا هو النظر عندي في هذا الباب، وهو خلاف قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

وذلك أنهم إنما قلدوا فيما ذهبوا إليه من هذا

3891 -

ما حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم قال: أنا عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر: أنه خرج من مكة يريد المدينة، فلما بلغ قديدا بلغه عن جيش قدم المدينة، فرجع فدخل مكة بغير إحرام

(1)

.

3892 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: ثنا أيوب، عن نافع، أن ابن عمر رضي الله عنهما خرج من مكة وهو يريد المدينة، فلما كان قريبا لقيه جيش ابن دلجة، فرجع فدخل مكة حلالا

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1657) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13526) عن علي بن مسهر، عن عبيد الله بن عمر به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1658) بإسناده ومتنه.

ص: 340

3893 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن نافع، أن عبد الله بن عمر أقبل من مكة حتى إذا كان بقديد بلغه خبر من المدينة فرجع فدخل مكة حلالا

(1)

.

فقلدوا ذلك واتبعوه، وكان النظر في ذلك عندنا خلاف ما ذهبوا إليه.

وقد روي عن غير ابن عمر رضي الله عنهما في ذلك ما يخالف هذا.

3894 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عثمان المؤذن، قال: ثنا ابن جريج، قال: قال عطاء، قال ابن عباس: لا عمرة على المكي إلا أن يخرج من الحرم، فلا يدخله إلا حراما، فقيل لابن عباس رضي الله عنهما: فإن خرج رجل من مكة قريبا؟ قال: نعم، يقضي حاجته، ويجعل مع قضائها عمرة

(2)

.

3895 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد، عن علي بن الحكم، عن عطاء، قال: لا يدخل أحد الحرم إلا بإحرام. فقيل: ولا الحطابون؟ قال: ولا الحطابون، قال: ثم بلغني بعد أنه رخص للحطابين

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1656) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 566، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 5/ 178، وفي المعرفة (10424).

(2)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1660) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي في السنن 5/ 177، وفي المعرفة (10427) من طريق عبد الملك، عن عطاء، عن ابن عباس به.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 341

3896 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هشيم، قال: أنا عبد الملك، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس: أنه كان يقول: لا يدخل مكة تاجر ولا طالب حاجة إلا وهو محرم

(1)

.

3897 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا يونس، عن الحسن، أنه كان يقول ذلك

(2)

.

3898 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس قال: لا يدخل أحد مكة إلا محرما

(3)

.

3899 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا أفلح بن حميد، عن القاسم بن محمد، قال: لا يدخل أحد مكة إلا محرما

(4)

.

فإن قال قائل: أفيجوز لمن كان بعد المواقيت إلى مكة أن يتمتع؟ قيل له: نعم، وهو في ذلك أيضا خلاف أهل مكة، وهذا أيضا خلاف قول أصحابنا، ولكنه النظر عندنا على ما قد ذكرنا وبينا، وحاضرو المسجد الحرام عندنا هم أهل مكة خاصة.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13517) عن علي بن هاشم ووكيع عن طلحة، عن عطاء به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 210 عن أبي عامر العقدي، عن أفلح، عن القاسم به.

ص: 342

وقد قال بهذا القول الذي ذهبنا إليه في هذا نافع مولى ابن عمر، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج.

3900 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت نافعا مولى ابن عمر يسأل عن قول الله عز وجل {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] أجوف مكة، أم حولها؟ قال: جوف مكة، وقال: ذلك عبد الرحمن الأعرج

(1)

.

(1)

إسناده منقطع مخرمة لم يسمع من أبيه.

وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1655) بإسناده ومتنه.

ص: 343

‌34 - باب: الرجل يوجه بالهدي إلى مكة، ويقيم في أهله هل يتجرد إذا قلد الهدي؟

3901 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة، عن عبد الملك بن جابر، عن جابر بن عبد الله قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم جالسا فقدّ قميصه من جيبه، حتى أخرجه من رجليه. فنظر القوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم، وتشعر على مكان كذا وكذا، فلبست قميصي ونسيت، فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي، وكان بعث ببدنه وأقام بالمدينة

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن الرجل إذا بعث بالهدي، وأقام في أهله فقلد الهدي وأشعر أنه يتجرد، فيقيم كذلك حتى يحل الناس من حجهم.

واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، ورووا أيضا عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم

3902 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة، أن عبد الله بن

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن عطاء القرشي.

وأخرجه أحمد (15298) من طريق علي بن بحر، عن حاتم بن إسماعيل به.

وأخرجه أحمد (14129)، والبزار (1107 كشف الأستار) من طريق داود بن قيس، عن عبد الرحمن بن عطاء، عن ابني جابر عن أبيهما.

(2)

قلت أراد بهم: الشعبي، والنخعي، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، ومجاهدا، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وأبا الشعثاء جابر بن زيد رحمهم الله، كما في النخب 13/ 559.

ص: 344

عباس قال: من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه، وقد بعثت بهدي، فاكتبي إلي بأمرك، أو مري صاحب الهدي، فقالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله عز وجل له حتى نحر الهدي

(1)

.

3903 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هشيم، قال: أنا عبيد الله، عن نافع قال: كان ابن عمر، إذا بعث بهديه وهو مقيم أمسك عما يمسك عنه المحرم حتى ينحر هديه

(2)

.

3904 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا بعث بهديه أمسك عن النساء

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5528) بإسناده مختصرا.

وهو في موطأ مالك 1/ 340، ومن طريقه البخاري (11700، 2317)، ومسلم (1321)(369)، وأبو يعلى (4853)، والنسائي 5/ 175، والبيهقي 5/ 234، والبغوي (1891).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (12711) عن ابن نمير، عن عبيد الله بن عمر به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (12720) عن ابن علية، عن أيوب، عن نافع به.

وأخرجه ابن أبي عروبة في المناسك (112) من طريق علي بن ثابت، عن نافع، عن ابن عمر به.

ص: 345

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فقالوا: لا يجب على أحد تجريد ولا ترك شيء مما يتركه المحرم إلا بدخوله في الإحرام، إما بالحج وإما بالعمرة. وكان مما احتجوا به في ذلك، ما قد رويناه عن عائشة رضي الله عنها فيما أجابت به زيادًا.

3905 -

وبما حدثنا علي بن شيبة قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: قلت لعائشة إن رجالا هاهنا يبعثون بالهدي إلى البيت، ويأمرون الذين يبعثون معه بمعلم لهم يقلدونها ذلك اليوم، فلا يزالون محرمين حتى يحل الناس. فصفقت بيدها، فسمعت ذلك من وراء الحجاب، فقالت: سبحان الله، لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فيبعث بها إلى الكعبة، ويقيم فينا، لا يترك شيئا مما يصنع الحلال حتى يرجع الناس

(2)

.

(1)

قلت أراد بهم: الأوزاعي، والثوري، والحسن بن حي، وعبيد الله بن الحسن، والليث، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا عبيد، وأبا ثور، والطبري، وأبا سليمان، وداود رحمهم الله، كما في النخب 13/ 564.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5515) بإسناده ومتنه.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1434)، والدارمي (1935)، وأحمد (24020)، والبخاري (5566)، ومسلم (1321)(370)، والنسائي 5/ 171، وابن عبد البر في التمهيد 17/ 227 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد به.

ص: 346

3906 -

حدثنا علي بن معبد قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

3907 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أنا داود بن أبي هند، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة قالت: كنت أفتل بيدي لبدُن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث بالهدي وهو مقيم بالمدينة، ويفعل ما يفعل المحل قبل أن يصل إلى البيت

(2)

.

3908 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن، يونس قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: لربما فتلت القلائد لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقلده، ثم يبعثه به، ثم يقيم لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5514) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارمي (2066) من طريق يعلى بن عبيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1321)(370) من طريق عبد الوهاب بن عطاء به.

وأخرجه أحمد (24068)، وأبو يعلى (4658) من طريقين عن داود بن أبي هند به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5516) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (25873)، ومسلم (1321)(366، 367)، والنسائي في المجتبى 5/ 171، وفي الكبرى (3759)، وابن ماجة (3095) من طريق أبي معاوية به.

وأخرجه البخاري (1701، 1702)، والنسائي 5/ 173، وابن حبان (4011) من طرق عن الأعمش به.

ص: 347

3909 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا محمد بن جحادة، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد، عن عائشة قالت: كنا نقلد الشاة فترسل أو قالت فنرسل بها ورسول الله صلى الله عليه وسلم حلال لم يحرم منه شيء

(1)

.

3910 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، [عن حماد]، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ربما فتلت القلائد لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقلده، ثم يبعث به، ثم يقيم لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم

(2)

.

3911 -

حدثنا محمد، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن زيد، عن منصور، عن إبراهيم

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5517) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النسائي في المجتبى 5/ 174، وفي الكبرى (3757) من طريق أبي معمر به.

وأخرجه أحمد (26124)، ومسلم (1321)(368)، والنسائي في المجتبى 5/ 174، وفي الكبرى (3771)، وأبو يعلى في معجمه (91)، والطبراني في الأوسط (4295)، والبيهقي في السنن 5/ 233 من طرق عن عبد الوارث بن سعيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5518) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (25776) من طريق أبي كامل، عن حماد، عن حماد، عن إبراهيم به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5519) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (24603)، والبخاري (1703) من طريقين عن حماد بن زيد به. =

ص: 348

3912 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا وهيب، عن منصور

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

3913 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة

مثله

(2)

.

3914 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا ابن وهب، عن الليث، عن ابن شهاب حدثه، عن عروة، وعمرة، عن عائشة

مثله

(3)

.

= وأخرجه الحميدي (218)، وإسحاق بن راهويه (1498)، ومسلم (1321)(365)، والنسائي في المجتبى 5/ 171، 172، 175، 176)، وفي الكبرى (3760، 3779)، وابن خزيمة (2608) من طرق عن منصور به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5520) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5521) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (25776)، وأبو يعلى (4505) من طريقين عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه أحمد (25580)، ومسلم (1321)(360)، وابن حبان (4010) من طرق عن هشام بن عروة به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5522) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (1321)(359) من طريق ابن وهب به.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (693)، وأحمد (24525)، والبخاري (1698)، ومسلم (1321)(359)، وأبو داود (1758)، والنسائي في المجتبى 5/ 171، وفي الكبرى (3756)، وابن ماجة (3094)، وابن حبان (4009، 4013) من طرق عن الليث به.

ص: 349

3915 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث قال: ثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة

مثله

(1)

.

3916 -

حدثنا ربيع، قال: ثنا شعيب، قال: ثنا الليث، عن هشام، عن عروة، عن عائشة

مثله

(2)

.

3917 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة

مثله

(3)

.

3918 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، وربيع الجيزي قالا حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، قال: ثنا أفلح، عن القاسم، عن عائشة

مثله

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5523) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1441)، والحميدي (208)، وإسحاق بن راهويه (692)، وأحمد (24084)، ومسلم (1321)(360)، والنسائي في المجتبى 5/ 175، وابن الجارود في المنتقى (423)، وابن خزيمة (2573)، وابن حبان (4012) من طرق عن الزهري به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5524) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (25580)، ومسلم (1321)(360)، وابن حبان (4010) من طرق عن هشام بن عروة به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل محمد بن كثير بن أبي عطاء الصنعاني.

وأخرجه أحمد (24557) من طريق محمد بن مصعب، عن الأوزاعي به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (1757) عن عبد الله بن سلمة به.

وأخرجه مختصرا ومطولا إسحاق بن راهويه (925)، وأحمد (24492)، والبخاري (1696، 1699)، ومسلم =

ص: 350

3919 -

حدثنا يونس، قال: أنا سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة .... مثله

(1)

.

3920 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث قال: ثنا الليث، عن عبد الرحمن بن القاسم

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3921 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم

فذكر بإسناده مثله، وزاد ولا نعلم المحرم يحله إلا الطواف بالبيت

(3)

.

3922 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة

مثله، غير أنه لم يذكر الزيادة التي فيه على ما قبله

(4)

.

= (1321)(362)، والنسائي في المجتبى 5/ 170، وفي الكبرى (3753)، وابن ماجة (3098)، وابن حبان (4003)، والبيهقي 5/ 233، والبغوي (1890) من طرق عن أفلح بن حميد به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5525) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الحميدي (211)، ومسلم (1321)(361)، والنسائي 5/ 175 من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5526) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الترمذي (908)، والنسائي في المجتبى 5/ 173، وفي الكبرى (3750) من طريق قتيبة عن الليث به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5527) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه (3916).

(4)

إسناده صحيح.

ص: 351

فقد تواترت هذه الآثار عن عائشة رضي الله عنها بما ذكرنا بما لم يتواتر عن غيرها بما يخالف ذلك.

فإن كان هذا يؤخذ من طريق صحة الأسانيد، فإن إسناد حديث عائشة رضي الله عنها هذا إسناد صحيح، لا تنازع بين أهل العلم فيه. وليس حديث جابر بن عبد الله كذلك، لأن من رواه دون من روى حديث عائشة رضي الله عنها.

وإن كان ذلك يؤخذ من طريق ظهور الشيء، وتواتر الرواية به، فإن حديث عائشة أيضا أولى، لأن ذلك موجود فيه، ومعدوم في حديث جابر.

وإن كان ذلك يؤخذ من طريق النظر، فإنا قد رأينا الذين يذهبون إلى حديث جابر رضي الله عنه يقولون: إن الحرمة التي تجب على باعث الهدي بتقليده إياه وإشعاره، فيحل عنه إذا حلّ الناس بغير فعل يفعله هو، فيحل به.

فأردنا أن ننظر في الإحرام المتفق عليه هل هو كذلك أم لا؟ فرأينا الرجل إذا أحرم بحج أو عمرة، فقد صار محرما إحراما متفقا عليه، ورأيناه غير خارج من ذلك الإحرام إلا بأفعال يفعلها، فيحل بها منه، ولا يحل بغيرها.

= هو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5528) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 340، ومن طريقه أحمد (25465)، والبخاري (1700، 3317)، ومسلم (1321)(369)، وأبو يعلى (4853)، وابن خزيمة (2574)، والنسائي في المجتبى 5/ 175، وفي الكبرى (3774)، والبيهقي 5/ 234، والبغوي (1891).

ص: 352

ألا ترى أنه إذا كان حاجا فلم يقف بعرفة حتى مضى وقتها أن الحج قد فاته، ولا يحل إلا بفعل يفعله من الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق، أو التقصير. ولو وقف بعرفة وفعل جميع ما يفعله الحاج غير الطواف الواجب، لم تحل له النساء أبدا حتى يطوف الطواف الواجب.

وكذلك العمرة لا يحل منها أبدا إلا بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، والحلق الذي يكون منه بعد ذلك.

فكانت هذه أحكام الإحرام المتفق عليه لا يخرجه منه مرور مدة، وإنما يخرجه منه الأفعال.

وكان من أحرم بعمرة، وساق الهدي وهو يريد التمتع فطاف لعمرته وسعى، لم يحل حتى يفرغ من حجة وينحر الهدي.

فكانت هذه حرمة زائدة بسبب الهدي لأنه لولا الهدي لكان إذا طاف لعمرته وسعى حلق وحل له، فإنما يمنعه من ذلك الهدي الذي ساقه، ثم كان إحلاله من تلك الحرمة أيضا إنما يكون بفعل يفعله لا بمرور وقت. فكان هذا أحكام الإحرام المتفق عليه لا يخرج منها بمرور الأوقات ولا بأفعال غيره، ولكن بأفعال يفعلها هو. وكأن من بعث بهدي، وأقام في أهله، وأمر أن يقلّد ويشعر، فوجب عليه بذلك التجريد في قول من يوجب ذلك، يحل من تلك الحرمة، لا بفعل يفعله، ولكن في وقت ما يحل الناس.

ص: 353

فخالف ذلك الإحرام المتفق عليه، فلم يجب ثبوته كذلك، لأنه إنما يثبت الأشياء المختلف فيها إذا اشتبهت الأشياء المجتمع عليها. فإذا كانت غير مشتبهة لها، لم يثبت إلا أن يكون معها التوقيف الذي تقوم به الحجة، فيجب القول بها لذلك.

فإذا وجب ذلك انتفى الاختلاف، فثبت بما ذكرنا صحة قول من ذهب إلى حديث عائشة رضي الله عنها، وفساد قول من خالف ذلك إلى حديث جابر بن عبد الله.

وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

3923 -

وقد حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير، أنه رأى رجلا متجردا بالعراق، قال: فسألت الناس عنه، فقالوا: أمر بهديه أن يقلد، فلذلك تجرد. قال ربيعة: فلقيت عبد الله بن الزبير فقال: بدعة ورب الكعبة، ولا يجوز عندنا أن يكون ابن الزبير حلف على ذلك أنه بدعة إلا وقد علم أن السنة خلاف ذلك

(1)

.

3924 -

حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن أبي العالية قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن الرجل يبعث بهديه أيمسك عن النساء؟ فقال ابن عمر: ما علمنا المحرم يحل حتى يطوف بالبيت

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 1/ 459.

وأخرجه ابن أبي شيبة (12721) عن الثقفي، عن يحيى بن سعيد به. بذكر قصة ابن عباس به.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 354

فمعنى هذا: أن المحرم الذي تحرم عليه النساء هو الذي يحل من ذلك بالطواف بالبيت، وهذا لا طواف عليه، فلا معنى لاجتنابه ذلك. وهذا خلاف ما قد رويناه عن ابن عمر رضي الله عنهما في أول هذا الباب.

ص: 355

‌35 - باب نكاح المحرم

3925 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا وابن أبي ذئب حدثاه، عن نافع، عن نُبيَه بن وهب أخي بني عبد الدار، عن أبان بن عثمان قال: سمعت أبي عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَنكح المحرم، ولا يُنكح، ولا يخطب"

(1)

.

3926 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا مالك، عن نافع

فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يقل:"ولا يخطب"

(2)

.

3927 -

حدثنا يزيد قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا فليح بن سليمان، عن عبد الجبار بن نبيه بن وهب، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، عن عثمان رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5793) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 348 - 349، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 316، وأحمد (401، 534)، ومسلم (1409)، وأبو داود (1841)، وابن ماجة (1966)، والبزار (361)، والنسائي 5/ 192، 6/ 88، وابن خزيمة (2649)، وابن الجارود (444)، وابن حبان (4123)، والبيهقي 5/ 65.

وأخرجه الطيالسي (74)، والبزار (366) من طريق أسد بن موسى، عن ابن أبي ذئب به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل فليح بن سليمان، وعبد الجبار بن نبيه ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: روى عنه فليح بن سليمان وأهل المدينة وهو متابع. =

ص: 356

3928 -

حدثنا محمد بن جعفر بن حفص، قال: ثنا يوسف القطان، قال: ثنا سلمة بن الفضل، عن إسحاق بن راشد، عن زيد بن علي، عن أبان بن عثمان، عن عثمان رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله

غير أنه لم يقل: "ولا يخطب"

(1)

.

3929 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا أيوب بن موسى المكي، قال: حدثني نبيه، عن أبان بن عثمان قال: حدثنا عثمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المحرم لا يَنكح ولا يُنكح"

(2)

.

قال أبو جعفر فذهب قوم

(3)

إلى هذا الحديث فقالوا: لا يجوز للمحرم أن يَنكح ولا يُنكح ولا يخطب.

= وأخرجه ابن حبان (4125) من طريق يحيى بن عباد، عن فليح بن سليمان، عن عبد الأعلى وعبد الجبار، عن نبيه بن وهب به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات، من أجل سلمة بن الفضل.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5795) بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5794) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (466) من طريق عبد الوارث به.

وأخرجه الشافعي 1/ 316، والحميدي (33)، وأحمد (496)، ومسلم (1409)(44)، والنسائي 5/ 192، وابن حبان (4126)، والبيهقي 5/ 65 من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى به.

(3)

قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، وسالما، والقاسم، وسليمان بن يسار، والليث، والأوزاعي، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 13/ 588.

ص: 357

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فقالوا: لا نرى بذلك بأسا للمحرم، ولكنه إن تزوج فلا ينبغي له أن يدخل بها حتى يحل. واحتجوا في ذلك بما.

3930 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: ثنا محمد بن إسحاق، (ح)

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عبد الله بن هارون، قال: ثنا أبي، قال: حدثني ابن إسحاق قال: ثنا أبان بن صالح، وعبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، وعطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث وهو حرام، فأقام بمكة ثلاثا، فأتاه حويطب بن عبد العزى في نفر من قريش في اليوم الثالث، فقالوا: إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا. فقال: وما عليكم لو تركتموني فعرست بين أظهركم، فصنعنا لكم طعاما فحضرتموه. فقالوا: لا حاجة لنا في طعامك، فاخرج عنا. فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم، وخرج بميمونة، حتى عرّس بها بسرف

(2)

.

(1)

قلت أراد بهم: الثوري، والنخعي، وعطاء بن أبي رباح، والحكم بن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، وعكرمة، ومسروقا، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 13/ 589.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.

وأخرجه أحمد (2393)، وابن حبان (4133) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق به.

وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5805) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق به.

وذكره البخاري (4259) معلقا عن ابن إسحاق به.

وأخرجه النسائي في الكبرى (3202) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح وحده به.

ص: 358

3931 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا رباح بن أبي معروف، عن عطاء، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث وهو محرم

(1)

.

3932 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا معلى بن أسد قال: ثنا وهيب، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3933 -

حدثنا علي بن شيبة قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

3934 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، (ح)

(1)

إسناده حسن في المتابعات، من أجل رباح بن أبي معروف.

وأخرجه ابن سعد 8/ 135 من طريق رباح بن أبي معروف به.

وأخرجه الطيالسي (2656)، وأحمد (2587)، والنسائي في المجتبى 6/ 88، والطبراني (11303) من طرق عن عطاء به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2273)، والطبراني (10918) من طريقين عن وهيب به.

وأخرجه الطبراني (11018) من طريق عبد الكريم بن أبي مخارق، عن طاوس وعطاء وعكرمة، عن ابن عباس به.

(3)

إسناده قوي من أجل عبد الله بن عثمان بن خثيم.

وأخرجه أحمد (3075) من طريق أبي نعيم به.

وأخرجه أحمد (2560) من طريق عبد الرزاق وأبو يعلى (2726) من طريق محمد بن عبد الله الأسدي، كلاهما عن سفيان الثوري به.

وأخرجه أحمد (3029) من طريق وهيب، عن ابن خثيم به.

ص: 359

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3935 -

حدثنا أبو بكرة، قال: قال: ثنا إبراهيم بن بشار، (ح) وحدثنا إسماعيل بن يحيى قال: ثنا محمد بن إدريس، قالا: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله. قال عمرو: فحدثني ابن شهاب، عن يزيد بن الأصم أن النبي صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة - وهي خالته - وهو حلال. قال عمرو: فقلت للزهري: وما يدري يزيد بن الأصم أعرابي بوال، أتجعله مثل ابن عباس؟

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد بن حميد (584)، وأحمد (2200)، والنسائي 5/ 191، والطبراني (11919) من طرق عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه ابن سعد 8/ 135، وابن حبان (4129)، والطبراني (11018) من طرق عن عكرمة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5796 - 5797) بإسناده ومتنه.

ورواه البيهقي 7/ 210 من طريق يوسف بن يعقوب، عن إبراهيم بن بشار به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13115)، والحميدي (513)، وأحمد (1919)، والبخاري (5114)، ومسلم (1410)(46)، وابن ماجة (1965)، والنسائي في المجتبى 6/ 87، وفي الكبرى (5386)، وأبو يعلى (2393) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

وأخرجه ابن سعد 8/ 136، ومسلم (1410)(47)، والترمذي (844)، والنسائي 5/ 191، والدارقطني 2/ 263 - 264، والبيهقي 7/ 210 من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، عن عمرو بن دينار به.

ص: 360

3936 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا معلى بن أسد، قال: ثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق عن عائشة قالت: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه وهو محرم

(1)

.

3937 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا كامل أبو العلاء، أبي صالح، عن أبي هريرة قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم

(2)

.

فقال لهم أهل المقالة الأولى: ومن يتابعكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم؟ وهذا أبو رافع وميمونة يذكران أن ذلك كان منه وهو حلال؟.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5798) بإسناده ومتنه بزيادة طريق فهد بن سليمان.

وأخرجه البزار (1447) من طريق الفضل بن سهل، والبيهقي 7/ 212 من طريق علي بن عبد العزيز، كلاهما عن المعلى بن أسد به.

وأخرجه ابن حبان (4132) من طريق إبراهيم بن الحجاج، عن أبي عوانة به.

وأخرجه النسائي في الكبرى (5387) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن أبي عوانة، عن المغيرة، عن شباك، عن أبي الضحى به.

وأعله البيهقي بالإرسال ورد عليه ابن التركماني وابن حجر في الفتح 9/ 196.

(2)

إسناده حسن، من أجل خالد بن عبد الرحمن الخراساني وكامل بن العلاء.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5799) بإسناده ومتنه.

ورواه ابن عدي 6/ 2101، والدارقطني 3/ 263 من طريق بحر بن نصر، وابن عدي 3/ 909 من طريق الربيع وبحر بن نصر، كلاهما عن خالد بن عبد الرحمن به.

ص: 361

3938 -

فذكروا ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا حبان بن هلال، قال: ثنا حماد بن زيد، عن مطر، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع، أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا وبنى بها حلالا، وكنت الرسول بينهما

(1)

.

3939 -

حدثنا ربيع المؤذن، وربيع الجيزي قالا: ثنا أسد، (ح) وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة بنت الحارث، قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف، ونحن حلالان بعد أن رجع من مكة ولم يقل ابن خزيمة: بعد أن رجع من مكة

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل مطر بن طهمان الوراق، وقد توبع حماد في رفعه عند الدارقطني 3/ 262 - 263، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 79.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5800) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (27197)، والدارمي (1825)، والترمذي (841)، والنسائي في الكبرى (5402)، وابن حبان (4130، 4135)، والطبراني في الكبير (915)، والدارقطني في السنن 3/ 262، والبيهقي في السنن 5/ 66، 7/ 211، والبغوي (1982) من طرق عن حماد بن زيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5803، 5804) بإسناده ومتنه.

ورواه ابن الجارود (445، 695)، وابن حبان (4137)، والطبراني 23/ (1058)، والبيهقي 7/ 210 - 211 من طرق عن حجاج بن منهال به.

وأخرجه أحمد (26815)، والدارمي (1824)، وأبو داود (1843)، وابن الجارود في المنتقى (445)، وأبو يعلى (7106)، وابن حبان (4137 - 4138)، والطبراني في الكبير 23/ (1058)، والدارقطني 3/ 262، والبيهقي =

ص: 362

3940 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال: حدثني جرير بن حازم، أنه سمع أبا

فزارة يحدث، عن يزيد بن الأصم، قال: أخبرتني ميمونة: أن النبي صلى الله عليه وسلم

تزوجها حلالا

(1)

.

فكان من حجتنا عليهم أن هذا الأمر إن كان يؤخذ من طريق صحة الإسناد واستقامته وهكذا مذهبهم، فإن حديث أبي رافع الذي ذكروا، فإنما رواه مطر الوراق، ومطر عندهم ليس هو ممن يحتج بحديثه. وقد رواه مالك، وهو أضبط منه وأحفظ، فقطعه.

3941 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار، فزوجاه ميمونة بنت الحارث، وهو بالمدينة قبل أن يخرج

(2)

.

= 7/ 210 - 211 من طرق عن حماد بن سلمة به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5802) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن سعد 8/ 139 - 140، وأحمد (26828)، ومسلم (1411)، والترمذي (845)، وابن ماجة (1964)، وأبو يعلى (7105)، وابن حبان (4136)، والطبراني 23/ (1059)، 24/ (45)، والحاكم 4/ 31، والدارقطني 3/ 261 - 262، والبيهقي 5/ 66 من طرق عن جرير بن حازم به.

(2)

هو مرسل ورجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5801) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 1/ 348، ومن طريقه رواه ابن سعد 8/ 133.

ص: 363

وحديث يزيد بن الأصم فقد ضعفه عمرو بن دينار في خطابه للزهري، وترك الزهري الإنكار عليه، وأخرجه من أهل العلم وجعله أعرابيا بوالا، وهم يضعفون الرجل بأقل من هذا الكلام، وبكلام من هو أقل من عمرو بن دينار والزهري. فكيف وقد أجمعا جميعا على الكلام بما ذكرنا في يزيد بن الأصم؟ ومع هذا فإن الحجة عندكم في ميمون بن مهران، هو جعفر بن برقان، وقد روي هذا الحديث منقطعا.

3942 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: كنت عند عطاء، فجاءه رجل فقال: هل يتزوج المحرم؟ فقال عطاء: ما حرم الله عز وجل النكاح منذ أحله. قال ميمون فقلت له: إن عمر بن عبد العزيز كتب إلي أن سل يزيد بن الأصم: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج ميمونة حلالا أو حراما؟ فقال يزيد: تزوجها وهو حلال. فقال عطاء: ما كنا نأخذ هذا إلا عن ميمونة، كنا نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم

(1)

.

فأخبر جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران بالسبب الذي وقع إليه هذا الحديث، عن يزيد بن الأصم، وأنه إنما كان ذلك من قول يزيد، لا عن ميمونة، ولا عن غيرها ثم حاج ميمون به عطاء، فذكره عن يزيد، ولم يجوزه به.

فلو كان عنده عمّن هو أبعد منه لاحتج به عليه، ليؤكد بذلك حجته. فهذا هو أصل هذا الحديث أيضا عن يزيد بن الأصم لا عن غيره، والذين رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم أهل علم.

(1)

رجاله ثقات.

ص: 364

وأثبت أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما، سعيد بن جبير، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وعكرمة، وجابر بن زيد رحمهم الله. وهؤلاء كلهم أئمة فقهاء يحتج برواياتهم وآرائهم والذين نقلوا عنهم. فكذلك أيضا منهم، عمرو بن دينار، وأيوب السختياني، وعبد الله بن أبي نجيح. فهؤلاء أيضا أئمة يقتدى برواياتهم وآرائهم.

ثم قد روي عن عائشة أيضا ما قد وافق ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهم، وروى ذلك عنها من لا يطعن أحد فيه، أبو عوانة، عن مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق. فكل هؤلاء أئمة يحتج برواياتهم.

فما رووا من ذلك أولى مما روى من ليس كمثلهم في الضبط والفقه والأمانة.

وأما حديث عثمان رضي الله عنه، فإنما رواه نبيه بن وهب، وليس كعمرو بن دينار، ولا كجابر بن زيد، ولا كمن روى ما يوافق ذلك، عن مسروق، عن عائشة، ولا لنبيه أيضا موضع في العلم كموضع أحد ممن ذكرنا. فلا يجوز إذ كان كذلك أن يعارض به جميع من ذكرنا، ممن روى بخلاف الذي روى هو. فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار.

وأما النظر في ذلك، فإن المحرم حرام عليه جماعُ النساء، فاحتمل أن يكون عقد نكاحهن كذلك.

فنظرنا في ذلك، فوجدناهم أنهم قد أجمعوا أنه لا بأس على المحرم أن يبتاع جارية، ولكن لا يطؤها حتى يحل. ولا بأس بأن يشتري طيبا ليتطيب به بعدما يحل، ولا

ص: 365

بأس بأن يشتري قميصا ليلبسه بعدما يحل. وذلك الجماع والتطيب واللباس حرام عليه كله، وهو محرم. فلم تكن حرمة ذلك عليه تمنعه عقد الملك عليه.

ورأينا المحرم لا يشتري صيدا، فاحتمل أن يكون حكم عقد النكاح كحكم عقد شراء الصيد، أو كحكم عقد شراء ما وصفنا مما سوى ذلك.

فنظرنا في ذلك، فإذا من أحرم وفي يده صيد أمر أن يطلقه، ومن أحرم وعليه قميص، أو في يده طيب أمر أن يطرحه عنه ويرفعه. ولم يكن ذلك كالصيد الذي يؤمر بتخليته، وترك حبسه.

ورأيناه إذا أحرم الرجل ومعه امرأة، لم يؤمر بإطلاقها، بل يؤمر بحفظها وصونها فكانت المرأة في ذلك كاللباس والطيب لا كالصيد.

فالنظر على ذلك أن يكون في استقبال عقد النكاح عليها في حكم استقبال عقد الملك على الثياب والطيب الذي يحل له به لبس ذلك، واستعماله بعد الخروج من الإحرام.

فقال قائل: فقد رأينا من تزوج أخته من الرضاعة كان نكاحه باطلا، ولو اشتراها كان شراؤه جائزا، فكان الشراء يجوز أن يعقد على ما لا يحل وطؤه، والنكاح لا يجوز أن يعقد إلا على من يحل وطؤها، وكانت المرأة حراما على المحرم جماعها. فالنظر على ذلك أن يحرم عليه نكاحها.

فكان من الحجة للآخرين عليهم في ذلك، أنا رأينا الصائم والمعتكف حرام على كل واحد منهما الجماع.

ص: 366

وكل قد أجمع أن حرمة الجماع عليهما لا تمنعهما من عقد النكاح لأنفسهما إذا كان ما حرم الجماع عليهما من ذلك، إنما هو حرمة دين كحرمة حيض المرأة الذي لا يمنعها من عقد النكاح على نفسها. فحرمة الإحرام في النظر أيضا كذلك.

وقد رأينا الرضاع الذي لا يجوز تزويج المرأة لمكانه إذا طرأ على النكاح فسخ النكاح، فكذلك لا يجوز استقبال النكاح عليه. وكان الإحرام إذا طرأ على النكاح لم يفسخه.

فالنظر على ذلك أيضا أن يكون لا يمنع استقبال عقد النكاح، وحرمة الجماع بالإحرام كحرمته بالصيام سواء. فإذا كانت حرمة الصيام لا تمنع عقد النكاح، فكذلك حرمة الإحرام لا تمنع عقد النكاح أيضا. فهذا هو النظر في هذا الباب، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

3943 -

وقد حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج، قال: ثنا جرير بن حازم، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم، أن ابن مسعود رضي الله عنه كان لا يرى بأسا أن يتزوج المحرم

(1)

.

(1)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 14/ 519 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (12959) عن وكيع، عن جرير بن حازم به.

ص: 367

3944 -

حدثنا محمد، قال: ثنا حجاج، قال ثنا حماد، عن حبيب المعلم، وقيس، وعبد الكريم، عن عطاء، أن ابن عباس رضي الله عنهما كان لا يرى بأسا أن يتزوج المحرمان

(1)

.

3945 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أحمد بن صالح، قال: ثنا ابن أبي فديك، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن أبي بكر، قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن نكاح المحرم، فقال: وما بأس به، هل هو إلا كالبيع

(2)

.

آخر كتاب المناسك

(1)

إسناده صحيح، وعبد الكريم بن أبي المخارق متابع حبيب وقيس.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 14/ 520 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (12964) عن عائذ بن حبيب وعبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة ويعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس به.

(2)

إسناده حسن من أجل عبد الله بن محمد بن أبي بكر.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 14/ 520 بإسناده ومتنه.

ص: 368

‌7 - كتاب النكاح

‌1 - باب ما نهي عنه من سوم الرجل على سوم أخيه وخِطبته على خِطْبَة أخيه

3946 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا مسدد بن مسرهد، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن عمر قال: حدثني نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خِطبة أخيه"

(1)

.

3947 -

حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

نحوه

(2)

.

3948 -

حدثنا يونس، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قالا: ثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني الليث، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شُماسة المهري،

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (4722)، ومسلم (1412)(50)، و (ص 1154)(8)، وابن ماجة (1868) من طريق يحيى بن سعيد القطان به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 403، والدارمي 2/ 135، ومسلم (1412)(50) من طرق عن عبيد الله بن عمر به.

وأخرجه البخاري (5142)، والنسائي 6/ 73 - 74 من طريق ابن جريج عن نافع به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 2/ 523، ومن طريقه أخرجه الشافعي في الرسالة (847)، وابن حبان (4047)، والبيهقي 7/ 179، والبغوي (2287).

ص: 369

أنه سمع عقبة بن عامر يقول على المنبر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن أخو المؤمن، لا يحل له أن يبتاع على بيع أخيه حتى يذر، ولا يخطب على خِطبة أخيه حتى يذر"

(1)

.

3949 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3950 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا صخر بن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى يترك الخاطبِ أو يأذن له فيخطب"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص 292)، ومسلم (1414)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة 2/ 500 - 501، والطبراني 17/ (873 - 874)، والبيهقي 7/ 180 من طريق الليث بن سعد به.

(2)

إسناده حسن لرواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البغوي في مسند علي بن الجعد (3159)، ومن طريقه أبو يعلى (5807)، وابن حبان (4051).

وأخرجه أحمد (6417) من طريق عبد الصمد، والبيهقي 7/ 180 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، كلاهما عن صخر بن جويرية به.

ص: 370

3951 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن داود بن صالح بن دينار، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يسوم الرجل على سوم أخيه"

(1)

.

3952 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله، يعني أنه قال:"لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه، حتى ينكح، أو يترك"

(2)

.

3953 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الله بن بكير، قال: ثنا هشام بن حسان، عن محمد، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يخطب الرجل على خِطبة أخيه، ولا يسوم على سوم أخيه"

(3)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد بن كاسب.

وأخرجه ابن حبان (4967) من طريق سعيد بن عبد الجبار، عن الدراوردي مطولا.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1413)(52) من طريق ابن وهب به.

وأخرجه أحمد (7248، 7700)، والبخاري (2140)، وأبو داود (2080)، والترمذي (1234)، والنسائي 6/ 73، وابن ماجة (1867) من طرق عن الزهري به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (10754)، وأحمد (10346)، ومسلم (1408)(38)، والبيهقي 5/ 345 من طرق عن هشام بن حسان به.

ص: 371

3954 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا شعبة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم .... مثله

(1)

.

3955 -

حدثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله

(2)

.

3956 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يخطب أحدكم على خِطبة أخيه حتى ينكح أو يترك"

(3)

.

3957 -

حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه"

(4)

.

(1)

إسناده صحيح

وأخرجه أحمد (9899، 10850)، ومسلم (1413)(55) من طريقين عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (4048) من طريق أبي الوليد به.

وأخرجه أحمد (9959)، ومسلم (1413)(55)، والبيهقي 5/ 345 من طرق عن شعبة به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد.

وأخرجه الحميدي (1057) من طريق سفيان، وأبو يعلى (6317) من طريق عبد الرحمن، كلاهما عن أبي الزناد بهذا الإسناد.

(4)

إسناده صحيح. =

ص: 372

3958 -

حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

3959 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي، قال: سمعت أبا كثير يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يستام الرجل على سوم أخيه حتى يشتري أو يترك، ولا يخطب على خِطبة أخيه حتى ينكح أو يترك"

(2)

.

3960 -

حدثنا يونس قال: أخبرني عبد الله بن نافع عن داود بن قيس، عن أبي سعيد مولى عبد الله بن عامر بن كريز، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب بعضكم على خِطبة بعض"

(3)

.

= وهو في موطأ مالك 1/ 523، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 18.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في موطأ مالك 2/ 27، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 18، وأحمد (9951)، والنسائي في المجتبى 6/ 73، وفي الكبرى (5355).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (4050) من طريق الوليد، عن الأوزاعي به.

وأخرجه أحمد (8100) من طريق أيوب، عن أبي كثير به.

(3)

إسناده حسن، من أجل أبي سعيد مولى عبد الله بن عامر.

وأخرجه البيهقي في الشعب (10637) من طريق ابن وهب، عن أسامة بن زيد، عن أبي سعيد به.

ص: 373

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى هذا وقالوا: لا يحل لأحد أن يسوم شيئًا قد سام به غيره حتى يتركه الذي قد ساوم به، وكذلك لا ينبغي له أن يخطب امرأة قد خطبها غيره، حتى يتركها الخاطب لها، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: إن كان المساوِم أو الخاطبِ قد ركن إليه، فلا يحل لأحد أن يسوم على سومه، ولا يخطب على خطبته، حتى يترك.

قالوا: وهذا السوم والخِطبة المذكوران في الآثار الأول المنهي عنهما إنما النهي فيها عما ذكرناه.

فأما من ساوم رجلا بشيء، أو خطب إليه امرأة هو وليها، فلم تركن إليه، فمباح لغيره من الناس أن يسوم بما ساوم به، ويخطب بما خطب. واحتجوا في ذلك بما.

3961 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن أبي بكر بن أبي الجهم، قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "إذا انقضت عدتك فآذنيني"، قالت: فخطبني خُطّاب منهم معاوية، وأبو الجهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن معاوية خفيف الحال وأبو الجهم يضرب النساء، أو فيه شدة على النساء، ولكن عليك بأسامة بن زيد"

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: داود، وجماعة الظاهرية، كما في النخب 14/ 20.

(2)

قلت أراد بهم: النخعي، والثوري، وأبا حنيفة وأصحابه، ومالكا، والشافعي وأصحابه رحمهم الله، كما في النخب 14/ 21.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 374

3962 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن أبي بكر بن أبي الجهم، عن فاطمة نحوه

(1)

.

3963 -

حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي كثير الأنصاري، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن فاطمة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

3964 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن فاطمة بنت قيس: أنها لما انقضت عدتها خطبها أبو الجهم ومعاوية، كل ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أين أنت من أسامة؟ "

(3)

.

= وأخرجه أحمد (27320)، ومسلم (1480)(48)، والنسائي في المجتبى 6/ 150، وفي الكبرى (5611، 9244)، وابن حبان (4254) من طريق عبد الرحمن بن مهدي به.

وأخرجه أحمد (27324)، وعبد بن حميد (1584)، وابن ماجة (1869) من طريق وكيع، عن سفيان به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1645)، وأحمد (27332)، ومسلم (1480)(50)، والترمذي (1135)، والنسائي في المجتبى 6/ 210، وفي الكبرى (5745)، والبيهقي 7/ 181، وابن عبد البر في التمهيد 19/ 139 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده حسن، من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي.

وأخرجه مسلم (1480)(39)، وأبو داود (2287)، والطبراني 24/ (369)، من طرق عن إسماعيل بن جعفر به.

وأخرجه ابن سعد 8/ 274 - 275، وابن أبي شيبة 4/ 258، والطبراني في الكبير 24/ (918،917، 919)، والبيهقي 7/ 178، 472 من طرق عن محمد بن عمرو به.

(3)

إسناده حسن كسابقه وهو مكرر سابقه.

ص: 375

3965 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن فاطمة بنت قيس، قالت: لما حللت

(1)

أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أبو الجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك

(2)

لا مال له، ولكن انكحي أسامة بن زيد". قالت: فكرهته، ثم قال:"انكحي أسامة"، فنكحته، فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت به

(3)

.

3966 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن فاطمة بنت قيس قالت: لما حللت

(4)

، خطبني معاوية ورجل من قريش، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انكحي أسامة، فكرهته"، فقال:"انكحيه" فنكحته

(5)

.

(1)

أي: لما صرت حلالا للنكاح، وذلك بانقضاء عدتها.

(2)

بضم الصاد: فقير

(3)

إسناده صحيح.

هو في الموطأ 2/ 580 - 581، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 18، 19، 54، وابن سعد 8/ 273 - 274، وأحمد (27327)، ومسلم (1480)(36)، وأبو داود (2284)، والنسائي في المجتبى 6/ 75، وفي الكبرى (6032)، وابن الجارود في المنتقى (760)، وابن حبان (4049، 4290)، والطبراني 24 / (913)، والبيهقي 7/ 135، 177، 178، 180، والبغوي (2385).

(4)

في س ن "طلقت".

(5)

إسناده حسن من أجل الحارث بن عبد الرحمن.

ص: 376

3967 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: ثنا مجالد بن سعيد، عن عامر، عن فاطمة بنت قيس، أن رجلا من قريش خطبها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"ألا أزوجك رجلا أحبه؟ " فقالت: بلى. فزوجها أسامة

(1)

.

قال أبو جعفر: فلما خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة على أسامة بعد علمه بِخطبة معاوية وأبي الجهم إياها كان في ذلك دليل على أن تلك الحال يجوز للناس أن يخطبوا فيها، وثبت أن المنهي عنه بالآثار الأول خلاف ذلك، فيكون ما تقدم ذكرنا له في هذا الباب ما فيه الركون إلى الخاطب، وما ذكرنا بعد ذلك ما ليس فيه ركون إلى الخاطب حتى تصح هذه الآثار، وتتفق معانيها، ولا تتضاد.

وكذلك المساومة هي على هذا المعنى أيضا، قد بين ذلك ما قد

= وأخرجه الطبراني 24/ (914) من طريق ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة به، وقرن الطبراني بالحارث يزيد بن عبد الله بن قسيط.

وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 74، وفي الكبرى (5332) من طريق حجاج، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن الحارث بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عنها به.

(1)

إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد وقد توبع.

وأخرجه عبد الرزاق (12026)، والحميدي (367)، وأحمد (27100، 27340، 27342)، ومسلم (1480)(42)، والترمذي بإثر (1180)، وابن حبان (4252)، والطبراني في الكبير 24/ 938، والدارقطني 4/ 23 - 24 من طرق عن مجالد وغيره.

ص: 377

3968 -

حدثنا محمد بن بحر بن مطر البغدادي، قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا الأخضر بن عجلان، قال: أخبرني أبو بكر الحنفي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه الفاقة، ثم عاد فقال: يا رسول الله، لقد جئت من عند أهل بيت ما أرى أن أرجع إليهم حتى يموت بعضهم جوعا، قال: انطلق هل تجد من شيء، فانطلق فجاء بحلس

(1)

وقدح، وقال: يارسول الله، هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه ويلتفون ببعضه، وهذا القدح كانوا يشربون فيه، فقال: من يأخذهما مني بدرهم؟ فقال رجل: أنا، فقال من يزيد على درهم؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، قال: هما لك، فدعى بالرجل فقال: اشتر بدرهم طعاما لأهلك، وبدرهم فأسا، ثم ائتني، ففعل، ثم جاء، فقال: انطلق إلى هذا الوادي فلا تدعن فيه شوكا ولا حطبا، ولا تأتني إلا بعد عشر، ففعل، ثم أتاه فقال: بورك فيما أمرتني به، قال: "هذا خير لك من أن تأتي يوم القيامة وفي وجهك نكت من المسألة، أو خموش

(2)

من المسألة". الشك من محمد بن بحر

(3)

.

(1)

بكسر الحاء المهملة: كساء رقيق يكون تحت البرذعة، وحكى أبو عبيد أحلاس البيوت: ما يبسط تحت حر الثياب.

(2)

أي خدوش، يقال: خمشت المرأة وجهها إذا اخترقتها بأظافيرها.

(3)

إسناده ضعيف، لجهالة حال أبي بكر الحنفي واسمه عبد الله، وقال البخاري فيما نقله ابن حجر في التهذيب: لا يصح حديثه والمرفوع صحيح لغيره.

وأخرجه أحمد (12134)، وأبو داود (1641)، وابن ماجة (2198)، وابن الجارود (569)، والبيهقي 7/ 25، والضياء في المختارة (2265 - 2266) من طرق عن الأخضر بن عجلان به.

وقال ابن القطان في الوهم والإيهام 5/ 57، ونقله الزيلعي في نصب الراية 4/ 23: والحديث معلول بأبي بكر الحنفي، =

ص: 378

قال أبو جعفر: فلما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المزايدة، وفي ذلك سوم بعد سوم إلا أن ما تقدم من ذلك السوم سوم لا ركون معه.

فدلّ ذلك أن ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من سوم الرجل على سوم أخيه بخلاف ذلك، فبان بهذا الحديث معنى ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه من سوم الرجل على سوم أخيه. وبحديث فاطمة بنت قيس ما نهى عنه من خطبة الرجل على خطبة أخيه.

وهذا المعنى الذي صححنا عليه هذه الآثار فيما أبحنا فيه من السوم والخطبة، وفيما منعنا فيه من السوم والخطبة قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمة الله عليهم.

وقد روي في إجازة بيع من يزيد عمن بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أيضا.

3969 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: حدثنا يوسف بن عدي، قال: حدثنا ابن المبارك، عن الليث بن سعد، عن عطاء بن أبي رباح قال: أدركت الناس يبيعون الغنائم فيمن يزيد

(1)

.

= فإني لا أعرف أحدا نقل عدالته فهو مجهول الحال، وإنما حسن الترمذي حديثه على عادته في قبول المساتير، وقد روى عنه جماعة ليسوا من مشاهير أهل العلم.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 5/ 563 عن عطاء به معلقا.

ص: 379

3970 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال أخبرنا يوسف، قال: حدثنا ابن المبارك، عن إبراهيم بن نافع عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: لا بأس أن يسوم الرجل على سوم أخيه إذا كان في صحن السوق، يسوم هذا ويسوم هذا، فأما إذا خلا به رجل فلا يسوم عليه

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (20198) عن سفيان بن عيينة، عن إبراهيم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد به.

ص: 380

‌2 - باب: النكاح بغير ولي عصبة

3971 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها مهرها بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له"

(1)

.

3972 -

حدثنا فهد، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زهير بن معاوية، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح وسليمان بن موسى حسن الحديث لكنه توبع في هذا الحديث.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/ 105، وفي السنن الصغير 3/ 16 من طريق ابن وهب به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في الكبرى (5373) من طريق زهير بن معاوية به.

وأخرجه النسائي في الكبرى (5394)، وابن حبان (4074)، وأبو نعيم في الحلية 6/ 88 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري به.

وأخرجه الشافعي 2/ 11، وعبد الرزاق (10472)، وابن أبي شيبة 4/ 128، والطيالسي - (1463)، وأحمد (24205)، وأبو داود (2083)، والترمذي (1102)، وابن ماجة (1879)، وابن الجارود (700)، والدارقطني 3/ 221، 225، 226، والحاكم 2/ 168، والبيهقي 7/ 105، والبغوي (2262) من طرق عن ابن جريج به.

وصححه ابن معين فيما حكاه البيهقي عنه في السنن 7/ 107، وصححه كذلك الحاكم والبيهقي وقال الترمذي: حديث حسن، وصححه أبو عوانة وابن خزيمة فيما حكاه الحافظ في الفتح 9/ 191، وقال الحاكم: فقد صح وثبت بروايات الأئمة الأثبات سماع الرواة بعضهم من بعض فلا تعلل هذه الروايات بحديث ابن علية وسؤاله ابن جريج عنه وقوله: إني سألت الزهري عنه فلم يعرفه فقد ينسى الثقة الحافظ الحديث بعد أن حدث به، وأقره الذهبي.

ص: 381

3973 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: حدثنا المعمر بن سليمان الرقي، عن الحجاج بن أرطاة، عن الزهري

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

3974 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: حدثنا أسد، قال حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا جعفر بن ربيعة، عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

3975 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: حدثنا أبو الأسود، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله

(3)

. قال أبو جعفر: فذهب إلى هذا قوم

(4)

، فقالوا: لا يجوز تزويج المرأة نفسها إلا بإذن وليها. وممن قال ذلك: أبو يوسف ومحمد بن الحسن رحمة الله عليهما، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

(1)

حديث صحيح وإسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطاة وهو مدلس وقد رواه بالعنعنة ولم يسمع من الزهري. وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 130، وأحمد (26235)، وابن ماجة (1880)، وأبو يعلى (2507، 4906،4692)، والبيهقي في السنن 7/ 106 - 107، وابن عبد البر في الإستذكار 16/ 33، وفي التمهيد 19/ 87، من طرق عن حجاج بن أرطاة به.

(2)

حديث صحيح وإسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.

وأخرجه أحمد (24372)، وأبو داود (2084)، وأبو يعلى (4837)، والبيهقي في السنن 7/ 106، وفي معرفة السنن والآثار 10/ 32، وابن عبد البر في التمهيد 19/ 87 من طرق عن ابن لهيعة به.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه، وهو مكرر سابقه.

(4)

قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، وجابر بن زيد أبا الشعثاء،، وابن شبرمة، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والحسن بن حي، وعبد الله بن المبارك، ومكحولا، والشافعي، ومالكا، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، وأبا عبيد، وابن جرير الطبري رحمهم الله، كما في النخب 14/ 49.

ص: 382

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فقالوا: للمرأة أن تزوج نفسها ممن شاءت، وليس لوليها أن يعترض عليها في ذلك إذا وضعت نفسها حيث كان ينبغي لها أن تضعها.

وكان من الحجة لهم في ذلك أن حديث ابن جريج الذي ذكرناه عن سليمان بن موسى، فذكر ابن جريج أنه سأل عنه ابن شهاب، فلم يعرفه.

3976 -

حدثنا بذلك ابن أبي عمران، قال: أخبرنا يحيى بن معين، عن ابن علية، عن ابن جريج بذلك

(2)

.

قال أبو جعفر: وهم يسقطون الحديث بأقل من هذا، وحجاج بن أرطاة فلا يثبتون له سماعا عن الزهري، وحديثه عنه عندهم مرسل، وهم لا يحتجون بالمرسل، وابن لهيعة، فهم ينكرون على خصمهم الاحتجاج عليهم بحديثه، فكيف يحتجون به عليهم في مثل هذا؟ ثم لو ثبت ما رووا من ذلك عن الزهري، لكان قد روي عن عائشة رضي الله عنها ما يخالف ذلك.

3977 -

حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها زوجت حفصة بنت

(1)

قلت أراد بهم: الزهري، والشعبي، والأوزاعي، وموسى بن عبد الله بن زيد، والقاسم بن محمد، والحكم بن عتيبة، وأبا حنيفة، وزفر، وأبا يوسف في رواية رحمهم الله، كما في النخب 14/ 50.

(2)

إسناده معلول، قال ابن معين: سماع ابن علية من ابن جريج ليس بذاك. وقال الحافظ في التلخيص 3/ 157: وأعل ابن حبان وابن عدي وابن عبد البر والحاكم وغيرهم الحكاية عن ابن جريج وأجابوا عنها على تقدير الصحة بأنه لا يلزم من نسيان الزهري له أن يكون سليمان بن موسى وهم فيه، وقد تكلم عليه أيضا الدارقطني في جزء من حدث ونسي -، والخطيب بعده.

ص: 383

عبد الرحمن المنذر بن الزبير، وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال: أمثلي يصنع به هذا، ويفتات

(1)

عليه؟ فكلمت عائشة المنذر فقال المنذر: إن ذلك بيد عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: ما كنت أرد أمرًا قضيته، فقرت حفصة عنده، ولم يكن ذلك طلاقا

(2)

.

3978 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني الليث، عن عبد الرحمن بن القاسم

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

3979 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني حنظلة، وأفلح عن القاسم بن محمد في حفصة

مثل ذلك

(4)

.

فلما كانت عائشة رضي الله عنها قد رأت أن تزويجها بنت عبد الرحمن بغير أمره جائز، ورأت ذلك العقد مستقيما حتى أجازت فيه التمليك الذي لا يكون إلا عن صحة النكاح وثبوته استحال عندنا أن يكون ترى ذلك، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:"لا نكاح إلا بولي".

(1)

أي: إذا انفرد برأيه في التصرف فيه.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 64، ومن طريقه البيهقي في السنن 7/ 112، وفي المعرفة (13522).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن وهب في مسنده كما في النخب 14/ 57.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (15955) من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد به.

ص: 384

فثبت بذلك فساد ما روي عن الزهري في ذلك. واحتج أهل المقالة الأولى أيضا لقولهم بما

3980 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر (ح) وحدثنا أبو بكرة ومحمد بن خزيمة، قالا: ثنا عبد الله بن رجاء قالا: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا نكاح إلا بولي"

(1)

.

فكان من الحجة عليهم في ذلك أن هذا الحديث على أصلهم أيضا لا تقوم به حجة؛ وذلك أن من هو أثبت من إسرائيل وأحفظ منه مثل سفيان وشعبة، قد روياه عن أبي إسحاق منقطعا.

3981 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا نكاح إلا بولي"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (19518)، والدارمي (2182)، وأبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وأبو يعلى (7227)، وابن حبان (4083)، والدارقطني 3/ 218 - 219، والحاكم 2/ 170، والبيهقي 7/ 107، والخطيب في الكفاية (578) من طرق عن إسرائيل به.

(2)

إسناده مرسل، ورجاله ثقات.

وأخرجه الخطيب في الكفاية (ص 580) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.

وأخرجه الدارقطني 3/ 220، وابن حزم في المحلى 9/ 452 من طريق يزيد بن زريع، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن =

ص: 385

3982 -

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

. فصار أصل هذا الحديث عن أبي بردة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، برواية شعبة وسفيان، وكل واحد منهما - عندهم - حجة على إسرائيل، فكيف إذا اجتمعا جميعا.

= أبي بردة، عن أبي موسى مرفوعا به.

(1)

إسناده مرسل، ورجاله ثقات.

وأخرجه عبد الرزاق (10475) من طريق أبي عامر العقدي به.

وأخرجه الخطيب في الكفاية (ص 579 - 580)، والترمذي في العلل 1/ 428 من طريقين عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن النبي مرسلا.

وأخرجه ابن الجارود في المنتقى (704)، وتمام في فوائده (757)، وابن حزم في المحلى 9/ 452، والذهبي في معجم الشيوخ 2/ 405، 609، 610، والخطيب في التاريخ 6/ 279 من طرق عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى به مرفوعا.

وقال البيهقي في السنن 7/ 109 والمحفوظ عنهما غير موصول.

وقال البخاري فيما نقله عنه البيهقي في السنن 7/ 108: الزيادة من الثقة مقبولة، وإسرائيل بن يونس ثقة، وإن كان شعبة والثوري أرسلاه، فإن ذلك لا يضر الحديث.

وقال الترمذي: ورواية هؤلاء (يعني إسرائيل ومن تابعه) الذين رووا عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي" عندي أصح، لأن سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة، وإن كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث، فإن رواية هؤلاء عندي أشبه، لأن شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد.

وقال البيهقي: والاعتماد على رواية إسرائيل ومن تابعه في وصل الحديث.

ص: 386

فإن قالوا: فإن أبا عوانة قد رواه مرفوعا كما رواه إسرائيل. وذكروا في ذلك

3983 -

ما حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا إسرائيل وأبو عوانة (ح) وحدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا أبو عوانة (ح)

وحدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نكاح إلا بولي"

(1)

.

قيل لهم: قد روي هذا عن أبي عوانة كما ذكرتم، ولكنا نظرنا في أصل ذلك، فإذا هو عن أبي عوانة، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، فرجع حديث أبي عوانة أيضا إلى حديث إسرائيل.

3984 -

حدثنا بذلك أبو أمية، قال: ثنا المعلى بن منصور الرازي، قال: ثنا أبو عوانة، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (523)، وسعيد بن منصور (527)، والترمذي (1101)، وابن ماجة (1881)، وابن عدي 1/ 416، والحاكم 2/ 171، والبيهقي 7/ 107، والبغوي في شرح السنة (2261) من طريق أبي عوانة، عن أبي إسحاق به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني من طريق أبي عوانة به. كما في النخب 14/ 70.

ص: 387

قال أبو جعفر: فانتفى بذلك أن يكون عند أبي عوانة في هذا عن أبي إسحاق شيء. فإن قالوا: قد رواه قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق أيضا، كما رواه إسرائيل فذكروا في ذلك ما.

3985 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن الصلت الكوفي (ح) وحدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو الوليد: قالا ثنا قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نكاح إلا بولي"

(1)

.

قيل لهم صدقتم، قد رواه قيس كما ذكرتم، وقيس - عندكم - دون إسرائيل، فإذا انتفى أن يكون إسرائيل مضادا لسفيان ولشعبة، كان قيس أحرى أن لا يكون مضادًا لهما.

فإن قالوا: فإن بعض أصحاب سفيان قد رواه عن سفيان مرفوعا كما رواه إسرائيل وقيس. وذكروا في ذلك ما.

3986 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو كامل، قال: ثنا بشر بن منصور، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا نكاح إلا بولي"

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل قيس بن الربيع.

وأخرجه الحاكم 2/ 170، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 1/ 120، والطبراني في الأوسط (5561)، والخطيب في الكفاية (578)، والبيهقي في السنن 7/ 108 من طريق قيس بن الربيع به.

(2)

إسناده صحيح. =

ص: 388

قيل لهم: قد صدقتم، قد روى هذا بشر بن منصور، عن سفيان كما ذكرتم، ولكنكم لا ترضون من خصمكم بمثل هذا أن احتجوا عليه بما رواه أصحاب سفيان أو أكثرهم عنه على معنى، ويحتج هو عليكم بما رواه بشر بن منصور، عن سفيان بما يخالف ذلك المعنى، وتعدون المحتج عليكم بمثل هذا جاهلا بالحديث، فكيف تسوغون لأنفسكم على مخالفكم ما لا تسوغونه عليكم؟ إن هذا الجور بين وما كلامي في هذا إرادة مني الإزراء على أحد ممن ذكرت، ولا أعد مثل هذا طعنا، ولكن أردت بيان ظلم هذا المحتج، وإلزامه من حجة نفسه ما ذكرت، ولكني أقول: إنه لو ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا نكاح إلا بولي" لم تكن فيه حجة لما قال الذين احتجوا به لقولهم في هذا الباب؛ لأنه قد يحتمل معاني.

فيحتمل ما قال هذا المخالف لنا أن ذلك الولي هو أقرب العصبة إلى المرأة.

ويحتمل أن يكون ذلك الولي من تولته المرأة من الرجال قريبا كان منها أو بعيدا.

وهذا المذهب يصح به قول من يقول: لا يجوز للمرأة أن تتولى عقد نكاح نفسها، وإن أمرها وليها بذلك، ولا عقد نكاح غيرها، ولا يجوز أن يتولى ذلك إلا الرجال.

وقد روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها مثل هذا

3987 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، عن ابن جريج، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة: أنها أنكحت رجلا من

= وأخرجه ابن الجارود في المنتقى (704) وتمام في فوائده (757)، وابن حزم في المحلى 9/ 452، والذهبي في معجم الشيوخ 2/ 405 من طريق بشر بن منصور، عن سفيان الثوري به.

ص: 389

بني أخيها جارية من بنات أخيها، فضربت بينهما بستر ثم تكلمت حتى إذا لم يبق إلا النكاح أمرت رجلا فأنكح، ثم قالت:"ليس إلى النساء النكاح"

(1)

.

ويحتمل أيضا أن يكون قوله: "لا نكاح إلا بولي" أن الولي هو الذي إليه ولاية البضع من والد الصغيرة، أو مولى الأمة، أو بالغة حرة بنفسها. فيكون ذلك على أنه ليس لأحد أن يعقد نكاحا على بضع إلا ولي ذلك البضع، وهذا جائز في اللغة، قال الله تعالى:{فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282].

فقال قوم: ولي الحق هو الذي له الحق، فإذا كان من له الحق يسمى وليًا له، كان من له البضع أيضا يسمى وليا.

فلما احتمل ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: "لا نكاح إلا بولي" هذه التأويلات انتفى أن يصرف إلى بعضها دون بعض إلا بدلالة تدل على ذلك، إما من كتاب وإما من سنة، وإما من إجماع.

واحتج الذين قالوا: "لا نكاح إلا بولي" لقولهم أيضا بما.

3988 -

حدثنا فهد قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: أخبرنا شريك (ح) وحدثنا فهد قال: ثنا الحماني، قال: ثنا شريك، عن سماك بن حرب، عن ابن أخي معقل، عن معقل بن يسار أن أخته كانت تحت رجل فطلقها، ثم أراد أن يراجعها،

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (15959)، وابن حزم في المحلى 9/ 31 من طريق عبد الله بن إدريس به.

ص: 390

فأبى عليه معقل، فنزلت هذه الآية:{فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 232]

(1)

.

قالوا: فلما أمر الله تعالى وليها بترك عضلها دل ذلك أن إليه عقد نكاحها.

وكان ذلك - عندنا - يحتمل ما قالوا ويحتمل غير ذلك يحتمل أن يكون عضل معقل كان تزهيده لأخته في المراجعة، فتقف عند ذلك، فأمر بترك ذلك.

فلما لم يكن في هذه الآثار دليل على ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى نظرنا فيما سواها هل نجد فيه شيئا يدل على الحكم في هذا الباب كيف هو؟

3989 -

فإذا يونس قد حدثنا، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف الجهالة ابن أخي معقل وشريك بن عبد الله القاضي سيء الحفظ.

وأخرجه الطيالسي (930)، والبخاري (4529)، وأبو داود (2087)، والترمذي (2981)، وابن حبان (4071) من طريق الحسن، عن معقل به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5731) بإسناده ومتنه.

وهو في الموطأ 2/ 524، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 12، وعبد الرزاق (10282)، وسعيد بن منصور (556)، وابن أبي شيبة 4/ 136، وأحمد (1888)، ومسلم (1421)(66)، وأبو داود (2098)، والترمذي (1108)، والنسائي 6/ 84، وابن ماجة (1870)، وابن حبان (4084، 4087)، والطبراني (10743)، والدارقطني 3/ 239، والبيهقي =

ص: 391

3990 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

3991 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا حفص بن غياث، عن عبيد الله بن عبد الله بن موهب، عن نافع بن جبير

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

قال أبو جعفر: فبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقوله: "الأيم أحق بنفسها من وليها" أن أمرها في تزويج نفسها إليها لا إلى وليها.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ما يدل على هذا المعنى أيضا

3992 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة. (ح) وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، قال: ثنا حماد بن سلمة (ح)

وحدثنا ابن أبي داود أيضا، قال: ثنا آدم بن أبي إياس، قال: ثنا سليمان بن المغيرة، قالا: ثنا ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أم سلمة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبي سلمة، فخطبني إلى نفسه، فقلت: يا رسول الله، إنه

= 7/ 118، والبغوي (2254).

(1)

إسناده صحيح، هو مكرر سابقه.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة عبيد الله بن عبد الله بن موهب.

وأخرجه أحمد (2481)، والدارمي (2190)، والطبراني (10747)، والدارقطني 3/ 242 من طرق عن عبيد الله به.

ص: 392

ليس أحد من أوليائي شاهدا، فقال:"إنه ليس منهم شاهد ولا غائب يكره ذلك".

قالت: قم يا عمر، فزوج النبي صلى الله عليه وسلم، فتزوجها

(1)

.

قال أبو جعفر: فكان في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها إلى نفسها، ففي ذلك دليل أن الأمر في التزويج إليها دون أوليائها، فلما قالت له: إنه ليس أحد من أوليائي شاهدا. قال: إنه ليس منهم شاهد ولا غائب يكره ذلك. فقالت: قم يا عمر، فزوج النبي عليه السلام. وعمر هذا ابنها، وهو يومئذ طفل صغير غير بالغ، لأنها قد قالت للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: إني امرأة على أيتام - تعني عمر ابنها، وزينب بنتها - والطفل لا ولاية له، فولته هي أن يعقد النكاح عليها ففعل، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم جائزا، وكان عمر بتلك الوكالة قام مقام من وكله، فصارت أم سلمة كأنها هي عقدت النكاح على نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم.

ولما لم ينتظر النبي صلى الله عليه وسلم حضور أوليائها دل ذلك أن بضعها إليها دونهم. ولو كان لهم في ذلك حق، أو أمر، لما أقدم النبي صلى الله عليه وسلم على حق هو لهم قبل إباحتهم ذلك له.

فإن قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بكل مؤمن من نفسه.

(1)

إسناده ضعيف، لجهالة ابن عمر بن أبي سلمة انفرد بالرواية عنه ثابت البناني ولم يوثقه غير ابن حبان وقال أبو حاتم: لا أعرفه، وقال الذهبي في الميزان: لا يعرف.

وأخرجه أحمد (26529)، وأبو يعلى (6907)، وابن حبان (2949)، والطبراني في الكبير 23/ (506 - 507)، والحاكم 2/ 178 - 179، والبيهقي 7/ 131 من طرق عن حماد بن سلمة به.

ص: 393

قيل له: صدقت، هو أولى به من نفسه، يطيعه في أكثر مما يطيع فيه نفسه، فأما أن يكون هو أولى به من نفسه في أن يعقد عليه عقدا بغير أمره، من بيع، أو نكاح، أو غير ذلك فلا، وإنما كان سبيله صلى الله عليه وسلم كسبيل الحكام من بعده، ولو كان ذلك كذلك لكانت وكالة عمر إنما تكون من قبل النبي صلى الله عليه وسلم، لا من قبل أم سلمة، لأنه هو وليها.

فلما لم يكن ذلك كذلك، وكانت الوكالة إنما كانت من قبل أم سلمة، فعقد بها النكاح، فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم، دل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان ملك ذلك البضع بإذن أم سلمة إياه صلى الله عليه وسلم لا بحق ولاية كانت له في يضعها.

أولا ترى أنها قالت: إنه ليس أحد من أوليائي شاهدا، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: إنه ليس أحد منهم شاهد ولا غائب يكره ذلك، فلو كان هو أولى بها لم يقل لها ذلك، ولقال لها:"أنا وَليّك دونهم"، ولكنه لم ينكر ما قالت، وقال لها: إنهم لا يكرهون ذلك. فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

ولما ثبت أن عقد أم سلمة رضي الله عنها النكاح على بضعها كان جائزا دون أوليائها، وجب أن يحمل معاني الآثار التي قدمنا ذكرها في هذا الباب على هذا المعنى أيضا، حتى لا يتضاد شيء منها ولا يتنافى ولا يختلف.

وأما النظر في ذلك، فإنا قد رأينا المرأة قبل بلوغها، يجوز أمر والدها عليها في بضعها ومالها، فيكون العقد في ذلك كله إليه لا إليها، وحكمه في ذلك كله حكم واحد

ص: 394

غير مختلف، فإذا بلغت فكل قد أجمع أن ولايته على مالها مرتفعة، وأن ما كان إليه من العقد عليها في مالها في صغرها قد عاد إليها.

فالنظر على ذلك أن يكون كذلك العقد على بضعها يخرج ذلك من يد أبيها ببلوغها، فيكون ما كان إليه من ذلك قبل بلوغها قد عاد إليها ويستوي حكمها في مالها وفي بضعها بعد بلوغها، فيكون ذلك إليها دون أبيها، ويكون حكمها مستويا بعد بلوغها كما كان مستويا قبل بلوغها.

فهذا حكم النظر في هذا الباب، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله أيضا، إلا أنه كان يقول: إن زوجت المرأة نفسها من غير كفء فلوليها فسخ ذلك عليها، وكذلك إن قصرت في مهرها فتزوجت بدون مهر مثلها فلوليها أن يخاصم في ذلك، حتى يلحق بمهر مثل نسائها.

وقد كان أبو يوسف رحمة الله عليه إذ كان يقول: إن بضع المرأة إليها الولاية في عقد النكاح عليه لنفسها دون وليها. يقول: إنه ليس للولي أن يعترض عليها في نقصان ما تزوجت عليه من مهر مثلها، ثم رجع عن قوله هذا كله إلى قول من قال: لا نكاح إلا بولي. وقوله الثاني هذا قول محمد بن الحسن رحمة الله تعالى عليه. والله أعلم بالصواب.

ص: 395

‌3 - : باب: الرجل يريد تزوج المرأة هل يحل له النظر إليها أم لا؟

3993 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا أبو شهاب الحناط، عن الحجاج بن أرطاة، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن عمه سهل ابن أبي حثمة قال: رأيت محمد بن مسلمة يطارد ثبيتة بنت الضحاك فوق إجّار لها ببصره طردا شديدا، فقلت: أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا ألقي في قلب امرئ خطبة امرأة، فلا بأس أن ينظر إليها"

(1)

.

3994 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، عن زهير بن معاوية قال: ثنا عبد الله بن عيسى، عن موسى بن عبد الله بن يزيد، عن أبي حميد، و قد كان رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب أحدكم

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حال محمد بن سليمان وحجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعنه.

وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (519) من طريق أبي شهاب به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 356، وأحمد (17976)، وابن ماجة (1864)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1991)، والطبراني 19/ (500) من طريقين عن حجاج بن أرطاة، عن محمد بن سليمان، عن عمه سهل بن أبي حثمة به.

وأخرجه ابن أبي عاصم (1992)، وابن حبان (4042)، والطبراني 19/ (504) من طريق أبي معاوية، عن حجاج، عن سهل بن محمد بن أبي حثمة، عن سليمان بن أبي حثمة قال: رأيت محمد بن مسلمة

والصواب الرواية الأولى.

ص: 396

امرأة، فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخِطْبة، وإن كانت لا تعلم"

(1)

.

3995 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب أحدكم المرأة، فقدر على أن يرى منها ما يعجبه، فليفعل". قال جابر: فلقد خطبت امرأة من بني سلمة، فكنت أتخبأ في أصول النخل حتى رأيت منها بعض ما يعجبني فخطبتها، فتزوجتها

(2)

.

3996 -

حدثنا محمد بن النعمان السقطي، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا يزيد بن كيسان اليشكري، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (915) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي به.

وأخرجه أحمد (23602) من طريق حسن بن موسى، عن زهير.

وأخرجه البزار (3714) من طريق قيس، عن عبد الله بن عيسى به.

(2)

إسناده حسن، وصرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند أحمد.

وأخرجه البيهقي 7/ 84 من طريق أحمد بن خالد الوهبي به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 355 - 356، وأحمد (14869)، وأبو داود (2082)، والحاكم 2/ 165 من طرق عن محمد بن إسحاق.

ص: 397

من نساء الأنصار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"انظر إليها، فإن في أعين نساء الأنصار شيئا" يعني الصِّغَر

(1)

.

3997 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن بكر بن عبد الله المزني، أن المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوج امرأة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، ومحمد بن النعمان السقطي متابع.

وأخرجه الحميدي (1172)، وسعيد بن منصور (523)، وأحمد (7842)، ومسلم (1424)(74)، والنسائي في المجتبى 6/ 77، وفي الكبرى (5347)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5058)، وابن حبان (4041، 4044)، والدارقطني 3/ 253، والبيهقي 7/ 84 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

وزاد عند الطحاوي في المشكل قال صلى الله عليه وسلم: كم أصدقتها؟ قال: ثمان أواق قال: لو كان أحدكم ينحت من الجبل ما زاد.

(2)

حديث صحيح إن صح سماع بكر بن عبد الله المزني من المغيرة فقد نفاه ابن معين وأثبته الدارقطني في العلل 7/ 139 وأخرجه سعيد بن منصور (518)، والدارمي (2094)، وأحمد (18137) من طريق سفيان الثوري به، ووقع عند سعيد بن منصور، عن بكر بن عبد الله المزني أو أبي قلابة على الشك.

وأخرجه سعيد بن منصور (516)، والترمذي (1087)، والنسائي في المجتبى 6/ 69 - 70، والطبراني في الكبير 20/ (1055)، والدارقطني 3/ 252، والبيهقي 7/ 84 - 85 من طرق عن عاصم الأحول به.

وأخرجه عبد الرزاق (10335)، وابن ماجة (1866)، والدارقطني 3/ 253، والطبراني في الكبير 20/ 1052 عن معمر، عن ثابت، عن بكر به.

ص: 398

3998 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن بكر بن عبد الله، عن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هل نظرت إليها؟ " فقلت: لا، قال:"فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"

(1)

.

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار إباحة النظر إلى وجه المرأة لمن أراد نكاحها، فذهب إلى ذلك قوم

(2)

.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: لا يجوز ذلك لمن أراد نكاح المرأة، ولا لغير من أراد نكاحها إلا أن يكون زوجا لها أو ذا محرم منها. واحتجوا في ذلك بما

3999 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عفان بن مسلم، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن سلمة بن أبي طفيل، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"يا علي إن لك كنزا في الجنة وإنك ذو قرنيها، فلا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى، وليست لك الأخرة"

(4)

.

(1)

حديث صحيح إن صح سماع بكر بن عبد الله المزني من المغيرة بن شعبة ومحمد بن عمرو متابع. وأخرجه سعيد بن منصور (517)، وابن أبي شيبة 4/ 355، وابن الجارود في المنتقى (675)، والدارقطني 3/ 252، والبيهقي 7/ 84، والبغوي (2247) من طريق أبي معاوية به.

(2)

قلت أراد بهم: طاووسا، والزهري، والحسن البصري، والأوزاعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، ومالكا، وأحمد، وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 14/ 125.

(3)

قلت أراد بهم: يونس بن عبيد، وإسماعيل بن علية، وطائفة أخرى من أهل الحديث رحمهم الله، كما في النخب 14/ 128.

(4)

إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد رواه بالعنعنة. =

ص: 399

4000 -

حدثنا أبو العوام: محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا وهيب بن خالد، وأبو شهاب، عن يونس بن عبيد، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن جرير قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة، قال:"اصرف بصرك"

(1)

.

4001 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا وهيب، عن يونس

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

4002 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: ثنا إسماعيل بن علية، عن يونس

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 326، 12/ 64، وأحمد (1373) من طريق عفان بن مسلم به.

وأخرجه أحمد (1369)، والدارمي (2709)، والبزار (907)، وابن حبان (5570)، والحاكم 3/ 123 من طرق عن حماد بن سلمة به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1870) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (19160، 19197)، ومسلم (2159)، وأبو داود (2148)، والنسائي في الكبرى (9233)، وابن حبان (5571)، والطبراني في الكبير (2404، 2405، 2406، 2408)، والبيهقي 7/ 89 - 90 من طرق عن يونس بن عبيد به.

(2)

إسناده حسن من أجل خصيب بن ناصح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1868) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1871) بإسناده ومتنه. =

ص: 400

4003 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال أخبرنا شريك، عن أبي ربيعة الإيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه، رفعه مثله. يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي:"يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الثانية"

(1)

.

4004 -

حدثنا أبو أمية، قال: حدثنا علي بن قادم، قال: أخبرنا شريك، عن أبي ربيعة، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النظرة الأولى لك، والآخرة عليك"

(2)

.

قالوا: فلما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم النظرة الثانية، لأنها تكون باختيار الناظر، وخالف بين حكمها وبين حكم ما قبلها إذا كانت بغير اختيار من الناظر، دل ذلك على أنه ليس لأحد أن ينظر إلى وجه المرأة إلا أن يكون بينه وبينها من النكاح أو الحرمة ما لا يحرم ذلك عليه منها.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 324، وأحمد (19160)، ومسلم (2159)، والخطيب في الموضح 2/ 321 من طريق إسماعيل بن علية به.

(1)

حديث حسن وإسناده ضعيف، لضعف شريك بن عبد الله وشيخه أبو ربيعة الإيادي ضعيف.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1867) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 324، وأحمد (22974)، وأبو داود (2149)، والترمذي (2777)، والحاكم 2/ 194، والبيهقي 7/ 90 من طرق عن شريك به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه، وأبو ربيعة الإيادي متابع.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1866) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.

ص: 401

فكان من الحجة عليهم في ذلك لأهل المقالة الأولى أن الذي أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآثار الأول، هو النظر للخطبة لا لغير ذلك، فذلك نظر بسبب هو حلال.

ألا ترى أن رجلا لو نظر إلى وجه امرأة لا نكاح بينه وبينها ليشهد عليها، أو ليشهد لها أن ذلك جائز.

فكذلك إذا نظر إلى وجهها ليخطبها، كان ذلك جائزا له أيضا.

فأما المنهي عنه في حديث علي، وجرير، وبريدة رضي عنهم، فذلك النظر لغير الخطبة، ولغير ما هو حلال، فذلك مكروه محرم.

وقد رأيناهم لا يختلفون في نظر الرجل إلى صدر الأمة إذا أراد أن يبتاعها أن ذلك جائز له حلال، لأنه إنما ينظر إلى ذلك منها ليبتاعها لا لغير ذلك، ولو نظر إلى ذلك منها، لا ليبتاعها، ولكن لغير ذلك كان ذلك عليه حراما.

فكذلك نظره إلى وجه المرأة إن كان فعل ذلك لمعنى هو حلال، فذلك غير مكروه له، وإن كان فعله لمعنى هو عليه حرام، فذلك مكروه له، وإذا ثبت أن النظر إلى وجه المرأة لخطبتها حلال، خرج بذلك حكمه من حكم العورة، ولأنا رأينا ما هو عورة لا يباح لمن أراد نكاحها النظر له إلى ذلك.

ألا ترى أن من أراد نكاح امرأة فحرام عليه النظر إلى شعرها، وإلى صدرها، وإلى ما أسفل من ذلك من بدنها كما يحرم ذلك منها على من لم يرد نكاحها.

ص: 402

فلما ثبت أن النظر إلى وجهها حلال لمن أراد نكاحها ثبت أنه حلال أيضا لمن لم يرد نكاحها، إذا كان لا يقصد بنظره ذلك لمعنى هو عليه حرام.

وقد قيل في قول الله عز وجل: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]: إن ذلك المستثنى هو الوجه والكفان، فقد وافق ما ذكرنا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا التأويل.

وممن ذهب إلى هذا التأويل محمد بن الحسن رحمة الله عليه.

كما حدثنا بذلك سليمان بن شعيب عن أبيه، عن محمد. وهذا كله قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.

ص: 403

‌4 - باب التزويج على سورة من القرآن

4005 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة، فقالت: يا رسول الله، إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياما طويلا، فقام رجل فقال: يا رسول الله، زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ " فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أعطيتها إياه، جلست لا إزار لك، فالتمس شيئا"، فقال: لا أجد شيئا. قال: "فالتمس ولو خاتما من حديد". قال: فالتمس فلم يجد شيئا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل معك من القرآن شيء؟ " فقال: نعم، سورة كذا، وسورة كذا، لسور سماها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد زوجتكها بما معك من القرآن"

(1)

.

4006 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي حازم، عن سهل، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله، غير أنه قال:"قد أنكحتك مع ما معك من القرآن"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2474) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 2/ 526، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 7 - 8، وأحمد (22850)، والبخاري (2310، 5135، 7417)، وأبو داود (2111)، والترمذي (1114)، والنسائي 6/ 123، وابن حبان (4093)، والبيهقي 7/ 144، 236، 242، والبغوي (2302).

(2)

إسناده صحيح. =

ص: 404

4007 -

حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: ثنا هشام بن سعد، عن أبي حازم، عن سهل، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

. قال الليث: لا يجوز هذا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوج بالقرآن.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن التزويج على سورة من القرآن مسماة جائز، وقالوا: معنى ذلك على أن يعلمها تلك السورة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: من تزوج على ذلك، فالنكاح جائز، وهو في حكم من لم يسم مهرًا، فلها مهر مثلها، إن دخل بها، أو ماتا، أو مات أحدهما، وإن طلقها قبل أن يدخل بها، فلها المتعة.

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2475) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الحميدي (928)، وأحمد (22798)، والبخاري (5149، 5150)، ومسلم (1425)(77)، والنسائي 6/ 54 - 55، 91 - 92، وابن ماجة (1889)، وابن الجارود (716)، وأبو يعلى (7522)، والطبراني في الكبير (5915)، والدارقطني 3/ 248 - 249، والبيهقي 7/ 144، 236 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح كاتب الليث.

وأخرجه الطبراني في الكبير 6/ (133)(5750) من طريق بكر بن سهل، عن عبد الله بن صالح بهذا الإسناد به.

(2)

قلت أراد بهم: الشافعي، وأحمد في رواية، والظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 14/ 149.

(3)

قلت أراد بهم: الليث بن سعد، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، وأحمد في رواية صحيحة، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 14/ 150.

ص: 405

وكان من الحجة لهم في ذلك على أهل المقالة الأولى أن الذي في حديث سهل من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد زوجتكها على ما معك من القرآن"، إن حمل ذلك على الظاهر.

وكذلك مذهب أهل المقالة الأولى في غير هذا، فذلك على السورة، لا على تعليمها، وإن كان ذلك على السورة فهو على حرمتها وليست من المهر في شيء كما تزوج أبو طلحة أم سليم على إسلامه.

4008 -

حدثنا بذلك ابن أبي داود، قال: ثنا الخطاب بن عثمان الفوزي، قال: أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن عتبة بن حميد، عن أبي بكر بن عبيد الله بن أنس، عن أنس بن مالك، أن أبا طلحة تزوج أم سليم على إسلامه، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فحسنه

(1)

.

فلم يكن ذلك الإسلام مهرًا في الحقيقة، وإنما معنى تزوجها على إسلامه أي: تزوجها لإسلامه، وقد زاد بعضهم في حديث أنس هذا: قال أنس: والله ما كان لها مهر غيره.

فمعنى ذلك عندنا - والله أعلم -، أي: ما أرادت منه مهرًا غيره. فكذلك معنى حديث سهل في المرأة التي ذكرنا.

(1)

إسناده ضعيف لرواية إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين وعتبة بن حميد البصري.

وأخرجه عبد الرزاق (10417)، والنسائي 6/ 114، وابن حبان (7187)، والطبراني 25/ 273 من طريق جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس به مطولا.

ص: 406

ومن الحجة لأهل هذه المقالة على أهل المقالة الأولى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يؤكل بالقرآن، أو يتعوض بالقرآن شيئًا من أمور الدنيا.

4009 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو عاصم، قال أخبرنا مغيرة بن زياد، قال: أخبرني عبادة بن نسي، عن الأسود بن ثعلبة، عن عبادة قال: كنت أعلم ناسا أهل الصفة القرآن، فأهدى إلي رجل منهم قوسا على أن أقبلها في سبيل الله، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"إن أردت أن يطوقك الله بها طوقا من النار، فاقبلها"

(1)

.

4010 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي راشد الحبراني، عن عبد الرحمن بن شبل الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به"

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، لجهالة الأسود بن ثعلبة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4333) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد بن حميد (183) عن أبي عاصم به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 223 - 224، وأحمد (22689)، والبخاري في التاريخ الكبير 1/ 444، وأبو داود (3416)، وابن ماجة (2157)، والبزار (2692 - 2693)، والشاشي (1266، 1268)، والطبراني في الشاميين (2253)، والحاكم 2/ 41، والبيهقي 6/ 125 من طرق عن المغيرة بن زياد به.

(2)

إسناده حسن من أجل أبي راشد الحبراني.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4332) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 400 - 401، وأحمد (15529، 15535)، وأبو يعلى (1518)، والطبراني (2595) من =

ص: 407

4011 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير (ح) وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، قال: ثنا أبان، قال: ثنا يحيى قال ابن خزيمة في حديثه، عن زيد، وقال ابن أبي داود: قال: ثنا زيد ثم اجتمعا جميعا فقالا: عن أبي سلام عن أبي راشد الحبراني، عن عبد الرحمن بن شبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تأكلوا به"

(1)

.

قال أبو جعفر: فحظر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعوضوا بالقرآن شيئا من عرض الدنيا. فعارض ذلك بما حمل عليه المخالف معنى الحديث الأول، لو ثبت أن معناه كذلك، ولم يثبت ذلك إذا كان يحتمل تأويله ما وصفنا.

وقد يحتمل أيضا معنى آخر، وهو أن الله عز وجل أباح لرسوله صلى الله عليه وسلم ملك البضع بغير صداق، ولم يجعل ذلك لأحد غيره، قال الله عز وجل:{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50].

فاحتمل أن يكون قد كان مما خصه الله عز وجل به من ذلك أن يملك غيره ما كان له ملكه بغير صداق، فيكون ذلك خاصا للنبي صلى الله عليه وسلم كما قال الليث.

= طرق عن يحيى بن أبي كثير به.

(1)

إسناده قوي، وهو مكرر سابقه.

ص: 408

ومما يدل على ذلك أيضا أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: قد وهبت نفسي لك. فقام إليه ذلك الرجل فقال له: إن لم تكن لك بها حاجة، فزوجنيها. فكان هذا ما ذكر في ذلك الحديث، ولم يذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاورها في نفسها، ولا أنها قالت له: زوجني منه.

فدل ذلك إذ كان تزويجه إياها منه لا بقول ثان به بعد قولها: قد وهبت نفسي لك، وإنما هو لقولها الأول فلم تكن قالت له، قد جعلت لك أن تهبني لمن شئت بالهبة التي لا توجب مهرًا جاز النكاح، وقد أجمعوا أن الهبة خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكرنا من اخلاص الله تعالى إياه بها دون المؤمنين.

غير أن قوما قالوا: {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: 50] أي: بلا مهر، وجعلوا الهبة نكاحا لغيره يوجب المهر.

وقال آخرون: {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: 50] أي أن الهبة تكون لك نكاحا، ولا تكون نكاحا لغيرك.

فلما كانت المرأة المذكور أمرها في حديث سهل منكوحة بهبتها نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكرنا، ثبت أن ذلك النكاح خاص له كما قال الذين ذهبوا إلى ذلك.

فإن قال قائل: فقد يجوز أن يكون مع ما ذكر في الحديث سؤال من رسول الله صلى الله عليه وسلم لها أن يزوجها منه، وإن كان ذلك لم ينقل إلينا في ذلك الحديث.

ص: 409

قيل له: وكذلك يحتمل أيضا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم، قد جعل لها مهرًا غير السورة، وإن كان ذلك لم ينقل إلينا في الحديث، فإن حملت الحديث على ظاهره على ما تذهب إليه أنت لزمك ما ذكرنا من أن ذلك النكاح كان بالهبة التي وصفنا. وإن حملت ذلك على التأويل على ما وصفت فلغيرك أيضا أن يحمله أيضا من التأويل على ما ذكرنا، ثم لا تكون أنت بتأويلك أولى منه بتأويله.

فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر، فإنا قد رأينا النكاح إذا وقع على مهر مجهول لم يثبت المهر، ورد حكم المهر إلى حكم من لم يسم لها مهرًا، فاحتيج إلى أن يكون المهر معلوما كما تكون الأثمان في البياعات معلومة، وكما تكون الأجرة في الإجارات معلومة.

وكان الأصل المجتمع عليه أن رجلا لو استأجر رجلا على أن يعلمه سورة من القرآن سماها بدرهم، أن ذلك لا يجوز.

وكذلك لو استأجره على أن يعلمه شعرا بعينه بدرهم كان ذلك غير جائز أيضا، لأن الإجارات لا تجوز إلا على أحد معنيين: إما على عمل بعينه، مثل غسل ثوب بعينه، أو على خياطته، أو على وقت معلوم لا بد له فيها من أن يكون الوقت معلوما، أو العمل معلوما.

وكان إذا استأجره على تعليم سورة، فتلك إجارة لا على وقت معلوم، ولا على عمل معلوم، إنما استأجره على أن يعلمه ذلك، وقد يتعلم بقليل التعليم وبكثيره، وفي قليل الأوقات وكثيرها.

ص: 410

وكذلك لو باعه داره على أن يعلمه سورة من القرآن، لم يجز ذلك للمعاني التي ذكرناها في الإجارات.

فلما كان ذلك كذلك في الإجارات والبياعات، وقد وصفنا أن المهر لا يجوز على أموال ولا على منافع إلا على ما يجوز عليه البيع والإجارة من ذلك، وكان التعليم لا يملك به المنافع ولا أعيان الأموال، ثبت بالنظر على ذلك أن لا يملك به الأبضاع.

فهذا هو النظر، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

ص: 411

‌5 - باب: الرجل يعتق أمته على أن عتقها صداقها

4012 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا أبان، وحماد بن زيد، قالا: ثنا شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعتق صفية وجعل عتقها صداقها

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن الرجل إذا أعتق أمته على أن عتقها صداقها، جاز ذلك، فإن تزوجته فلا مهر لها غير العتاق. وممن قال بهذا القول، سفيان الثوري، وأبو يوسف رحمهما الله.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: ليس لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل هذا فيتم له النكاح بغير صداق سوى العتاق وإنما كان ذلك لرسول الله

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الدارمي (2384)، والبخاري (5086)، ومسلم (1045)(85)، والنسائي في المجتبى 6/ 114، وفي الكبرى (5474) من طرق عن قتيبة بن سعيد، عن حماد بن زيد به.

وأخرجه الطيالسي (1190)، وأحمد (12866)، والبخاري (5169)، ومسلم (1045)(85)، والنسائي في المجتبى 6/ 115، وأبو يعلى (4164، 4167، 4168)، وابن حبان (4063)، والطبراني في الكبير 24/ (180 - 181)، والبغوي (2274) من طرق عن شعيب بن الحبحاب به.

(2)

قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وعامرا الشعبي، والأوزاعي، ومحمد بن مسلم الزهري، وعطاء بن أبي رباح، وقتادة، وطاووسا، والحسن بن حي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 14/ 173.

(3)

قلت أراد بهم: الليث، وابن شبرمة، وجابر بن زيد رحمهم الله، كما في النخب 14/ 175.

ص: 412

صلى الله عليه وسلم خاصا، لأن الله عز وجل جعل له أن يتزوج بغير صداق، ولم يجعل ذلك لأحد من المؤمنين غيره، قال الله عز وجل:{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50]. قالو: فلما أباح الله عز وجل لنبيه أن يتزوج بغير صداق كان له أن يتزوج على العتاق الذي ليس بصداق. ومن لم يبح الله له أن يتزوج على غير صداق لم يكن له أن يتزوج على العتاق الذي ليس بصداق، لأن العتاق ليس بمال.

وممن قال بهذا القول أبو حنيفة، وزفر، ومحمد رحمهم الله.

ومن الحجة لهم في ذلك ما قد روي أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعل في جويرية، مثل ما روى عنه أنس أنه فعله في صفية.

4013 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: حدثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد، عن ابن عون قال: كتب إلي نافع أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ جويرية في غزوة بني المصطلق، فأعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها

(1)

. أخبرني بذلك عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 365، 14/ 427، وأحمد (4857، 4873، 5124)، والبخاري (2541)، ومسلم (1730)، وأبو داود (2633)، والبيهقي في السنن 9/ 79، 107، وفي المعرفة (18012) من طرق عن ابن عون به.

ص: 413

قال أبو جعفر: فقد روى هذا ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا ثم قال: هو من بعد النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذا: أنه يجدد لها صداقًا.

4014 -

حدثنا بذلك سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر

مثل ذلك

(1)

.

قال أبو جعفر: فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قد ذهب إلى أن الحكم في ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على غير ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فيحتمل أن يكون ذلك سماعا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويحتمل أن يكون دله على ذلك المعنى الذي استدللنا به نحن على خصوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، بما وصفنا دون الناس.

ثم نظرنا في عتاق رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية التي تزوجها عليه وجعله صداقها كيف كان؟

4015 -

فإذا ربيع المؤذن قد حدثنا، قال: ثنا أسد، قال: ثنا يحيى بن زكريا - هو ابن أبي زائدة -، قال ثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة قالت: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في سهم لثابت بن قيس بن شماس أو لابن عم له، فكاتبت على

(1)

إسناده قوي من أجل الخصيب بن ناصح.

وأخرجه البيهقي 7/ 128 من طريق ابن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع قال: كان ابن عمر يكره أن يجعل عتق المرأة مهرها حتى يفرض لها صداقا.

ص: 414

نفسها قالت وكانت امرأة حلوة ملاحة، لا يكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، فوالله ما هي إلا أن رأيتها على باب الحجرة فكرهتها، وعرفت أنه سيرى منها مثل ما رأيت فقالت: يا رسول الله! أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من الأمر ما لم يخف عليك فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، أو لابن عم له، فكاتبته، فجئت رسول الله أستعينه على كتابتي، قال:"فهل لك في خير من ذلك" قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: "أقضي عنك كتابتك وأتزوجك" قالت: نعم قال: "فقد فعلت". وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث، فقالوا: صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا ما في أيديهم، قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فلا نعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها

(1)

.

قال أبو جعفر: فبينت عائشة رضي الله تعالى عنها العتاق الذي ذكره عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها عليه، وجعله مهرها كيف هو؟ وأنه إنما هو أداؤه عنها مكاتبتها إلى الذي كاتبها لتعتق بذلك الأداء.

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق وقد صرح بالتحديث هنا فانتفت شبهة تدليسه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4369، 4748) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو يعلى (4963) عن عبد الله بن أبان، عن يحيى بن زكريا بهذا الإسناد.

وهو عند ابن إسحاق في السير والمغازي (ص 263)، ومن طريقه أخرجه ابن راهويه (725)، وأحمد (26265)، وأبو داود (3931)، وابن الجارود في المنتقى (705)، وابن حبان (4054 - 4055)، والطبراني في الكبير 24/ (159)، والحاكم 4/ 26، والبيهقي 9/ 74 - 75.

ص: 415

ثم كان ذلك العتاق الذي وجب بأداء رسول الله صلى الله عليه وسلم المكاتبة إلى الذي كاتبها مهرًا لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وليس هذا لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفع عن مكاتبة كتابتها إلى مولاها على أن تعتق بأدائه ذلك عنها، ويكون ذلك العتاق مهرًا لها من قبل الذي أدى عنها مكاتبتها، وتكون بذلك زوجة له.

فلما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل هذا مهرًا على أن ذلك خاص له دون أمته كان له أن يجعل العتاق الذي تولاه هو أيضا مهرًا لمن أعتقه، على أن ذلك خاص له دون أمته. فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر فإن أبا يوسف رحمة الله عليه قال: النظر - عندي - في هذا أن يكون العتاق مهرًا للمعتقة عليه ليس لها معه غيره.

وذلك أنا رأيناها إذا وقع العناق على أن تزوجه نفسها، ثم أبت التزويج أن عليها أن تسعى في قيمتها. قال: فما كان يجب عليها أن تسعى فيه إذا أبت التزويج يكون مهرًا لها إذا أجابت إلى التزويج. قال: وإن طلقها بعد ذلك قبل أن يدخل بها كان عليها أن تسعى له في نصف قيمتها. وقد روي هذا أيضا عن الحسن.

4016 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أشعث، عن الحسن في رجل أعتق أمته، وجعل عتقها صداقها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها قال:"عليها أن تسعى له في نصف قيمتها"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

ص: 416

وكان من الحجة على أبي يوسف في هذا، أن ما ذكره من وجوب السعاية عليها إذا أبت في قيمتها، قد قاله أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن رحمهما الله فما لزمهما من ذلك في قولها إذا أجابت إلى التزويج فهو لازم لهما.

وأما زفر فكان يقول: لا سعاية عليها وإن أبت، لأنه وإن كان شرط عليها النكاح في أصل العتاق، فإنما شرط ذلك عليها ببدل شرطه لها على نفسه وهو الصداق الذي يجب لها في قوله: إذا أجابت، فكان العتاق واقعا عليها لا ببدل، والنكاح المشروط عليها له بدل غير العتاق.

فصار ذلك كرجل أعتق عبده على أن يخدمه سنة بألف درهم، فقبل ذلك العبد ثم أبى أن يخدمه فلا شيء له عليه، لأنه لو خدمه لكان يستحق ذلك باستخدامه إياه أجرا بدلا من الخدمة.

فكذلك إذا كان من قول زفر في الأمة المعتقة على التزويج أنها إذا أجابت إلى التزويج وجب لها مهر بدلا من بضعها، فإذا أبت لم يجب عليها بدل من رقبتها، لأن رقبتها عتقت لا ببدل، واشترط عليها نكاح ببدل، ولا يثبت البدل من النكاح إلا بثبوت النكاح، كما لا يثبت البدل من الخدمة إلا بثبوت الخدمة.

فليس بطلانهما ولا بطلان واحد منهما بموجب في العتاق الذي وقع على غير شيء بدلا. فهذا هو النظر في هذا الباب كما قال زفر، لا كما قال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله.

ص: 417

وقد كان أيوب السختياني، يذهب في تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية على عتقها إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة، وزفر، ومحمد رحمهم الله.

4017 -

حدثنا ابن أبي داود

(1)

، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد، قال: أعتق هشام بن حسان أم ولد له وجعل عتقها صداقها، فذكرت ذلك لأيوب فقال: لو كانت أبت عتقها؟ فقلت: أليس النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها؟ فقال: لو أن امرأة وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم كان ذلك له

(2)

.

فأخبرت بذلك هشاما، فأبت عتقها وتزوجها، فأصدقها أربعمائة درهم.

فإن قال قائل: قد رأيت الرجل يعتق أمته على مال، وتقبل ذلك منه، فتكون حرة، ويجب له عليها المال، فما تنكر أن يكون إذا أعتقها على أن عتقها صداقها، فقبلت ذلك منه أن تكون حرة، ويجب له ذلك المال عليها؟.

قيل له أنه إذا أعتقها على مال، فقبلت ذلك منه، وجب لها عليه العتاق، ووجب له عليها المال، فوجب لكل واحد منهما بذلك العقد الذي تعاقدا بينهما شيء أوجبه له ذلك العقد لم يكن مالكا له قبل ذلك العقد وإذا أعتقها على أن عتقها صداقها فقد ملكها رقبتها، على أن ملكته بضعها، فملكها رقبة هو لها مالك، ولم تكن هي مالكة لها قبل ذلك على أن ملكته بضعها وهو له مالك قبل ذلك، فلم تملكه بذلك العتاق شيئا، لم يكن مالكا له قبله إنما ملكته بعض ما قد كان له.

(1)

في متن النخب 14/ 192: إبراهيم بن مرزوق، وفي شرحه إبراهيم بن أبي داود، وسكت عليه المحقق.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 418

فلذلك لم يجب له عليها بذلك العتاق شيء، ولم يكن ذلك العتاق لها صداقا.

هذه حجة على من يقول: تكون زوجته بالعتاق الذي هو لها صداق.

فأما من قال: لا تكون زوجته إلا بنكاح مستأنف بعد العتاق، والصداق له واجب عليها بالعتاق، وبتزويجها عليه متى أحب.

فإن الحجة عليه في ذلك أن يقال له: أفلمعتقها أن يأخذها بغرم ذلك الصداق الذي قد وجب له عليها بالعتاق. فإن قال: له أن يأخذها به خرج من قول أهل العلم جميعا.

وإن قال: ليس له أن يأخذها به، قيل له: فما الصداق الذي أوجبه عليها العتاق أمال هو أم غير مال؟ فإن كان مالا فله أن يأخذها بما له عليها من المال متى أحب، وإن كان غير مال فليس له أن يتزوجها على غير مال.

فثبت بما ذكرنا فساد هذا القول أيضا، والله تعالى أعلم.

ص: 419

‌6 - باب: نكاح المتعة

4018 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا الوليد بن القاسم بن الوليد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا نساء، فقلنا: يا رسول الله، ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ورخص لنا أن ننكح بالثوب إلى أجل، ثم قرأ هذه الآية:{لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]

(1)

.

4019 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير، يخطب وهو يعرض بابن عباس يعيب عليه قوله في المتعة. فقال ابن عباس:"يسأل أمه إن كان صادقا"، فسألها، فقالت صدق ابن عباس، قد كان ذلك. فقال ابن عباس: لو شئت لسميت رجالا من قريش ولدوا منها

(2)

.

(1)

إسناده صحيح، والوليد بن القاسم متابع.

وأخرجه عبد الرزاق (14048)، والشافعي 2/ 13، وابن أبي شيبة 4/ 128، وأحمد (3650)، والحميدي (100)، والبخاري (4615، 5071، 5075)، ومسلم (1404)(11)، والنسائي في الكبرى (11150)، وأبو يعلى (5382)، وابن حبان (4141)، والبيهقي 7/ 79، 201 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1406)(27)، والبيهقي 7/ 205 من طريق يونس، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الله ابن الزبير به.

وأخرجه أحمد (16103) من طريق إسحاق بن يسار، عن عبد الله بن الزبير بهذا السياق إلا أنه في النهي عن التمتع =

ص: 420

4020 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أمية بن بسطام، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار عن الحسن بن محمد، عن جابر بن عبد الله، وسلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم فأذن لهم في المتعة

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذه الآثار فقالوا: لا بأس أن يتمتع الرجل من المرأة أياما معلومة بشيء معلوم فإذا مضت تلك الأيام حرمت عليه لا بطلاق. ولكن بانقضاء المدة التي كانا تعاقدا على المتعة فيها، ولا يتوارثان بذلك في قولهم.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: لا يجوز هذا النكاح. واحتجوا بأن الآثار التي احتج بها عليهم أهل المقالة الأولى قد كانت، ثم نسخت بعد ذلك، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن المتعة.

= بالعمرة إلى الحج.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1405)، وأبو عوانة 3/ 34 من طريق أمية به.

وأخرجه عبد الرزاق (14023)، وأحمد (16504، 16534)، والبخاري (5117، 5118)، ومسلم (1405)(13 - 14)، والنسائي في الكبرى 2/ 5539، وابن عبد البر في التمهيد 10/ 110 - 111 من طرق عن عمرو بن دينار به.

(2)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وطاووس بن كيسان، وسائر فقهاء مكة رحمهم الله، كما في النخب 14/ 201.

(3)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والأوزاعي، والثوري، ومكحولا، والليث بن سعد، وعبد الله بن المبارك، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، وأبا عبيد، وداود، ومحمد بن جرير، وجماهير العلماء من التابعين ومن بعدهم رحمهم الله، كما في النخب 14/ 202.

ص: 421

وذكروا ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عنها مما لم يذكر فيها النسخ ما قد.

4021 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: ثنا جويرية، عن مالك، عن الزهري، عن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، والحسن بن محمد بن علي أخبراه أن أباهما كان أخبرهما أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: إنك رجل تابه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء

(1)

.

4022 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني يونس، وأسامة، ومالك، عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يقل: إنك رجل تابه

(2)

.

4023 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن الزهري، عن عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية، عن أبيهما أن عليا مر بابن عباس وهو يفتي بالمتعة: متعة النساء أنه لا بأس بها. فقال له علي

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1407) من طريق عبد الله بن محمد بن أسماء به.

وهو في الموطأ 2/ 542، ومن طريقه أخرجه الدارمي (2123)، والبخاري (4216، 5523)، ومسلم (1407)(29)، والترمذي (1794)، والنسائي في المجتبى 6/ 126، وفي الكبرى (5523) وابن ماجة (1961)، وابن حبان (4143).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 202، وفي الكبرى (4828) من طريق سليمان بن داود، عن عبد الله بن وهب، عن يونس ومالك وأسامة به.

ص: 422

رضي الله عنه: قد نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر

(1)

.

4024 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني عمر بن محمد العمري، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله، أن رجلا سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن المتعة؟ فقال: حرام. قال: فإن فلانا يقول فيها: قال: والله لقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمها يوم خيبر وما كنا مسافحين

(2)

.

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة. فاحتمل أن يكون ما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإذن فيها، كان ذلك منه قبل النهي، ثم نهى عنها فكان ذلك النهي ناسخا لما كان من الإباحة قبل ذلك. فنظرنا في ذلك.

4025 -

فإذا يونس قد حدثنا، قال: ثنا أنس بن عياض عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن الربيع بن سبرة الجهني، عن أبيه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة في حجة الوداع، فأذن لنا في المتعة، فانطلقت أنا وصاحب لي إلى امرأة من

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي في السنن 7/ 202 من طريق ابن وهب به.

وأخرجه أحمد (5694)، وسعيد بن منصور (851)، وأبو يعلى (5706) من طريق عبد الرحمن بن نعم، عن ابن عمر به.

ص: 423

بني عامر، كأنها بكرة عيطاء

(1)

، فعرضنا عليها أنفسنا. فقالت: ما تعطيني؟ قلت: ردائي، وقال صاحبي: ردائي، وكان رداء صاحبي أجود من ردائي، وكنت أشب منه، فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها، وإذا نظرت إلي أعجبتها، ثم قالت: إنك ورداؤك يكفيني. فمكثت معها ثلاثة أيام. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان عنده شيء من هذه النساء اللتي يتمتع بهن، فليخل سبيلها"

(2)

.

4026 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن الربيع بن سبرة الجهني، عن أبيه

مثله

(3)

.

4027 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن الزهري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم الفتح، فقلت: ممن

(1)

أي: شابة طويلة العنق في اعتدال.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مختصرا النسائي في الكبرى (5541)، والطبراني في الكبير (6516) من طريقين عن عبد العزيز بن عمر به.

وأخرجه مطولا ومختصرا عبد الرزاق (14041)، وابن أبي شيبة 4/ 292، وأحمد (15345، 15351)، والحميدي (847)، وابن ماجة (1962)، وابن الجارود في المنتقى (699)، وابن حبان (4147)، والطبراني في الكبير (6513، 6515، 6517، 6520)، والبيهقي 7/ 203 من طرق عن عبد العزيز بن عمر به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (15349)، ومسلم (1406)(19)، والنسائي في المجتبى 6/ 126 - 127، وفي الكبرى (5550)، والطبراني في الكبير (6521)، والبيهقي في السنن 7/ 202 من طرق عن الليث بن سعد به.

ص: 424

سمعته؟ فقال: حدثني رجل عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عمر بن عبد العزيز وزعم معمر أنه الربيع بن سبرة

(1)

.

4028 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، عن عبد العزيز بن عمر - هو ابن عبد العزيز -، عن الربيع بن سبرة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في المتعة، فتزوج رجل امرأة، فلما كان بعد ذلك إذا هو يحرمها أشد التحريم، ويقول فيها أشد القول

(2)

.

4029 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يونس بن محمد، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا أبو عميس، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، قال: أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء، ثم نهى عنها

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني في الكبير 7/ (113)(6535) من طريق مسدد وهدبة بن خالد، عن حماد بن زيد به.

وأخرجه أبو عوانة في مستخرجه (4065) من طريقين عن حماد بن زيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (4144) من طريق حفص بن عمر الحوضي به.

وأخرجه النسائي في الكبرى (5542 - 5543)، والطبراني (6518) من طرق عن شعبة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 292، وأحمد (16552)، ومسلم (1405)(18)، وابن حبان (4151)، والدارقطني في السنن 3/ 258، والبيهقي في السنن 7/ 204، وفي الدلائل 5/ 89 من طريق يونس بن محمد به.

ص: 425

4030 -

حدثنا أبو بكرة، قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا عكرمة بن عمار، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فنزل ثنية الوداع، فرأى مصابيح ونساء يبكين فقال: ما هذا؟ فقيل: نساء تمتع بهن أزواجهن وفارقوهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله حرم أو أهدر المتعة بالطلاق والنكاح والعدة والميراث"

(1)

.

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار تحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعة بعد إذنه فيها وإباحته إياها. فثبت بما ذكرنا نسخ ما في الآثار الأول التي ذكرناها في أول هذا الباب.

ثم قد روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم النهي عنها.

4031 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا سعيد بن عفير، قال: ثنا يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن عن ابن عباس قال: ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها هذه الأمة، ولولا نهي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنها ما زنى إلا شقي. قال عطاء: كأني أسمعها من ابن عباس: إلا شقي

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، لضعف مؤمل بن إسماعيل.

وأخرجه البيهقي في السنن 7/ 207 من طريق عمرو بن علي وبكار بن قتيبة، عن مؤمل بن إسماعيل به.

وأخرجه أبو يعلى (6625) من طريق محمد بن المثنى، وابن حبان (4149) من طريق إسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن مؤمل به.

(2)

إسناده حسن من أجل ابن جريج، وتغتفر عنعنته عن عطاء. =

ص: 426

4032 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع بن الوليد، عن ليث بن أبي سليم، عن طلحة بن مصرف، عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: إنما كانت متعة النساء لنا خاصة

(1)

.

4033 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر: أنهم كانوا يتمتعون من النساء، حتى نهاهم عمر

(2)

.

4034 -

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن أبي جمرة قال: سألت ابن عباس عن متعة النساء، فقال مولى له: إنما كان ذلك في الغزو، والنساء قليل، فقال ابن عباس رضي الله عنهما:"صدقت"

(3)

.

= وأخرجه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (135)، وابن عبد البر في التمهيد 10/ 114 من طريق ابن جريج به.

(1)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.

وأخرجه أبو عوانة 2/ 337 من طريق إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر به.

وأخرجه البيهقي 7/ 207 من طريق عبد الرحمن بن الأسود، عن أبي ذر به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه سعيد بن منصور (850) من طريق هشيم به.

وأخرجه أحمد (16268) من طريق إسحاق، عن عبد الملك، عن عطاء.

وأخرجه الدارقطني 3/ 243 من طريق يعقوب بن عطاء، عن أبيه، عن جابر به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (5116)، والطبراني (12965)، والبيهقي 7/ 205 من طرق عن شعبة به.

ص: 427

قال أبو جعفر: فهذا عمر رضي الله عنه قد نهى عن متعة النساء بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينكر ذلك عليه منكر، وفي هذا دليل على متابعتهم له على ما نهى عنه من ذلك، وفي إجماعهم على النهي في ذلك عنها، دليل على نسخها وحجة.

ثم هذا ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إنما أبيحت والنساء قليل: فلما كثرن، ارتفع المعنى الذي من أجله أبيحت.

وقال أبو ذر رضي الله عنه: إنما كانت لنا خاصة، فقد يحتمل أن يكون كانت لهم للمعنى الذي ذكره عبد الله بن عباس أنما أبيحت من أجله، وأما قول جابر رضي الله عنه: كنا نتمتع حتى نهانا عنها عمر فقد يجوز أن يكون لم يعلم بتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها حتى علمه من قول عمر رضي الله عنه.

وفي تركه ما قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أباحه لهم دليل على أن الحجة عليه قد قامت له عنده على نسخ ذلك وتحريمه، فوجب بما ذكرنا نسخ ما روينا في أول هذا الباب من إباحة متعة النساء.

وقد قال بعض أهل العلم: إن النكاح إذا عقد على متعة أيام، فهو جائز على الأبد والشرط باطل. فمن الحجة على هذا القول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن المتعة قال لهم: من كان عنده من هذه النساء التي يتمتع بهن شيء، فليفارقهن.

ص: 428

فدل ذلك على أن ذلك العقد المتقدم لا يوجب دوام العقد للأبد لأنه لو كان يوجب دوام العقد للأبد لكان يفسخ الشرط الذي كانا تعاقدا بينهما، ولا يفسخ النكاح إذا كان قد ثبت على صحة وجواز قبل النهي.

ففي أمره إياهم بالمفارقة دليل على أن مثل ذلك العقد لا يوجب به ملك بضع، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.

ص: 429

‌7 - باب مقدار ما يقيم الرجل عند الثيب أو البكر إذا تزوجها

4035 -

حدثنا يونس قال: أخبرنا سفيان، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس قال: للبكر سبع، وللثيب ثلاث

(1)

.

4036 -

حدثنا صالح، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا خالد، عن أبي قلابة، عن أنس قال: إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا، ثم قسم، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا

(2)

. قال خالد في حديثه: ولو قلت: إنه رفع الحديث لصدقت، ولكنه قال: السنة كذلك.

4037 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن خالد الحذاء قال: سمعت أبا قلابة، يحدث عن أنس قال: السنة إذا تزوج الرجل البكر أقام عندها سبعا، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا

(3)

.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه عبد الرزاق (10642) عن معمر، والبيهقي 7/ 302 من طريق حماد، كلاهما عن أيوب به موقوفا.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في سنن سعيد بن منصور (778)، عن هشيم عن خالد، عن أبي قلابة، عن أنس به.

وأخرجه مسلم (1461)(42) من طريق هشيم بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو داود (2124) من طريق هشيم وإسماعيل بن علية، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة به.

وأخرجه البخاري (5213)، ومسلم (1461)(44)، وأبو داود (2124)، والترمذي (1139) من طرق عن خالد الحذاء به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 430

4038 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس

مثله

(1)

.

4039 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، قال: ثنا مالك، عن حميد الطويل، عن أنس قال: للبكر سبع، وللثيب ثلاث

(2)

.

4040 -

حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

4041 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن حميد، عن أنس قال: سنة البكر سبع، والثيب ثلاث

(4)

.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 276، وأبو يعلى (2823) من طريقين عن خالد الحذاء به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (4208)، وابن الجارود في المنتقى (724) من طريق سفيان الثوري به.

وأخرجه عبد الرزاق (10643)، والبخاري (5214)، ومسلم (1461)(45)، وأبو عوانة 3/ 90، والبيهقي 7/ 301 - 302، والبغوي (2326) من طرق عن سفيان، عن أيوب وخالد، عن أبي قلابة، عن أنس به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 530، ومن طريقه الشافعي في السنن المأثورة (288)، والبيهقي في السنن 7/ 302، وفي المعرفة (14537).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن وهب في مسنده عن مالك نحوه كما في النخب 14/ 235.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 7/ 302 من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة وحميد، عن أنس موقوفا.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 278 من طريق يزيد، عن حميد، عن أنس قال: من السنة للبكر سبعا وللثيب ثلاثا. =

ص: 431

4042 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا زهير، قال: ثنا حميد، عن أنس قال: إذا تزوج الرجل البكر وعنده غيرها، فلها سبع، ثم يقسم. وإذا تزوج الثيب فثلاث، ثم يقسم

(1)

.

4043 -

حدثنا صالح، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هشيم قال: أخبرنا حميد، قال: سمعت أنسا، يقول مثل ذلك، وزاد أنه قال: ولو قُلتُ: إنه قد رفع الحديث لصدقت، ولكنه قال: السنة كذلك

(2)

.

4044 -

حدثنا صالح، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حميد، قال: ثنا أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصاب صفية بنت حيي واتخذها أقام عندها ثلاثا

(3)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(4)

إلى أن الرجل إذا تزوج الثيب أنه بالخيار إن شاء سبع لها، وسبع لسائر نسائه، وإن شاء أقام عندها ثلاثا، ودار على بقية نسائه يوما يوما، و ليلة ليلة، واحتجوا فيما ذكروا بهذا الحديث، وبحديث أم سلمة رضي الله عنها

= وأخرجه مرفوعا أبو يعلى (3789)، وابن حبان (4209) من طريقين عن حميد به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 7/ 302 من طريق عبد الله بن بكر، عن حميد الطويل موقوفا.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (779) عن هشيم، عن حميد، عن أنس به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11952)، وأبو داود (2123) من طرق عن هشيم به.

(4)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، وعامرا الشعبي، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، وأبا عبيد =

ص: 432

4045 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه أبي بكر بن عبد الرحمن قال: لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة قال لها: "ليس بكِ على أهلك هوان، إن شئت سبّعت لك، وإلا فثلثت، ثم أدور"

(1)

.

4046 -

حدثنا صالح، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك، (ح) وحدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن هو ابن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة، فأصبحت عنده قال:"ليس بكِ على أهلك هوانٌ، إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن، وإن شئت ثلثت عندك ثم درت" قالت: ثلث

(2)

.

= رحمهم الله، كما في النخب 14/ 236.

(1)

إسناده مرسل، قال المزي في تهذيبه عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام روى عن أم سلمة إن كان محفوظا، والصحيح عن أبيه عنها.

وأخرجه سعيد بن منصور (776) من طريق سفيان بن عيينة بهذا الإسناد.

(2)

إسناده مرسل.

وهو في الموطأ 2/ 529، ومن طريقه أخرجه الشافعي في مسنده 2/ 26، والبخاري في التاريخ الكبير 1/ 47، ومسلم (1460)(42)، والبيهقي في السنن 7/ 300، وفي المعرفة 10/ 283، والبغوي في شرح السنة (2327)، وقد صحح البخاري في تاريخه طريق مالك المرسل، وقال ابن عبد البر في التمهيد 17/ 243: هذا حديث ظاهر الإنقطاع، وهو متصل مسند صحيح قد سمعه أبو بكر من أم سلمة.

ص: 433

4047 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا علي بن عبد الله بن جعفر، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا محمد بن أبي بكر، قال حدثني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم سلمة، حين تزوجها:"ما بك على أهلك هوان، إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي"

(1)

.

قالوا: فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شئت سبعت لكِ، وإلا فثلثت، ثم أدور دل ذلك على أن الثلاث حق لها دون سائر النساء.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: إن ثلَّث لها ثلث لسائر نسائه، كما إذا سبَّع لها سبع لسائر نسائه. واحتجوا في ذلك بحديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: إن سبّعت عندك، سبعت عندهن.

4048 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة (ح) وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل المنقري، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت (ح)

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن سعد 8/ 94، والدارمي (2210)، وأحمد (26504)، والبخاري في التاريخ الكبير 1/ 47، ومسلم (1460)، وأبو داود (2122)، والنسائي في الكبرى (8925)، وهو في عشرة النساء (39)، وابن ماجة (1917)، وأبو يعلى (6996)، والطبراني في الكبير 23/ (529)، والبيهقي في السنن 7/ 301 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري به.

(2)

قلت أراد بهم: حماد بن أبي سليمان، والحكم بن عتيبة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 14/ 244.

ص: 434

وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا آدم بن أبي إياس، قال: ثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها لما بنى بها وأصبحت عنده:"إن شئت سبّعت لك وإن سبعت لكِ سبعت لنسائي"

(1)

.

4049 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أحمد بن صالح، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني حبيب بن أبي ثابت، أن عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو، والقاسم بن محمد بن عبد الرحمن أخبراه، أنهما سمعا أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، يخبر عن أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرته، فذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

قالوا: فلما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن سبّعت لك سبعت لنسائي أي: أعدل بينك وبينهن، فأجعل لكل واحدة منهن سبعا، كما أقمت عندك سبعا، كان كذلك أيضا إذا جعل لها ثلاثا جعل لكل واحدة منهن كذلك أيضا.

(1)

إسناده ضعيف، لجهالة ابن عمر بن أبي سلمة.

وهو مكرر سابقه برقم (3992).

(2)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الحميد بن عبد الله والقاسم بن محمد وقد تفرد بالرواية عنه حبيب بن أبي ثابت ولم يوثقهما غير ابن حبان.

وهو عند عبد الرزاق في مصنفه (10644)، ومن طريقه أخرجه الطبراني في الكبير 23/ 585 وأخرجه الشافعي 2/ 26 - 27، وأحمد (26619)، والبخاري في التاريخ الكبير 1/ 47، والنسائي في الكبرى (8926) من طرق عن ابن جريج به.

ص: 435

فقال أصحاب المقالة الأولى: فما معنى قوله: ثم أدور؟.

قيل لهم: يحتمل ثم أدور بالثلاث عليهن جميعا، لأنه لو كانت الثلاث حقا لها دون سائر النساء، لكان إذا أقام عندها سبعا، كانت ثلاثة منهن غير محسوبة عليها، ولوجب أن يكون لسائر النساء أربع أربع، فلما كان الذي للنساء إذا أقام عندها سبعا سبعا لكل واحدة منهن، كان كذلك إذا أقام عندها ثلاثا، فلكل واحدة منهن ثلاث ثلاث.

هذا هو النظر الصحيح، مع استقامة تأويل هذه الآثار عليه، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

ص: 436

‌8 - باب العزل

4050 -

حدثنا إبراهيم بن محمد بن يونس، وصالح بن عبد الرحمن، قالا: ثنا عبد الله بن يزيد المقري، قال: ثنا سعيد بن أبي أيوب، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن عائشة قالت: حدثتني جدامة قالت: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم العزل، فقال: ذلك الوأد الخفي"

(1)

.

4051 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا يحيى بن أيوب، قال: أخبرني أبو الأسود، قال: ثنا عروة، عن عائشة، عن جدامة بنت وهب الأسدية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

4052 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو زرعة، قال: قال أخبرنا حيوة، عن أبي الأسود، أنه سمع عروة، يحدث عن عائشة، عن جدامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1912) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (27447)، ومسلم (1442)(141)، والطبراني في الكبير 24 / (535)، والبيهقي في السنن 7/ 231 من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1914) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الحاكم 4/ 69 من طريق محمد بن إسماعيل، عن سعيد بن أبي مريم بهذا الإسناد.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل وهب الله بن راشد. =

ص: 437

قال أبو جعفر: فكره قوم

(1)

العزل لهذا الأثر المروي في كراهة ذلك.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فلم يروا به بأسا إذا أذنت الحرة لزوجها فيه، وإن منعته من ذلك لم يسعه أن يعزل عنها.

وقد خالفهم في ذلك قوم آخرون

(3)

فقالوا: له أن يعزل عنها إن شاءت أو أبت.

والقول الأول في هذا - عندنا - أصح القولين، وذلك أنا رأينا الزوج له أن يأخذ المرأة بأن يجامعها وإن كرهت ذلك، وله أن يأخذها بأن يفضي إليها ولا يعزل عنها. فكان له أن يأخذها بأن يفضي إليها في جماعه إياها، كما يأخذها بأن يجامعها.

وكان للمرأة أن تأخذ زوجها بأن يجامعها، فكان لها أن تأخذه بأن يفضي إليها، كما له أن يأخذها بأن يجامعها وأن يفضي إليها وكان حق كل واحد منهما في ذلك على صاحبه سواء، وكان من حقه أن يفضي إليها في جماعه إن أحبت وإن كرهت هي ذلك.

فالنظر - على ما ذكرنا - أن يكون كذلك من حقها عليه أن يفضي إليها في جماعه إياها إن أحب ذلك أو إن كره. وهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1913) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.

(1)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، وسالم بن عبد الله، والأسود بن يزيد، وطاووس بن كيسان رحمهم الله، كما في النخب 14/ 256.

(2)

قلت أراد بهم: أبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 14/ 257.

(3)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وعكرمة رحمهم الله، كما في النخب 14/ 259.

ص: 438

وللمولى في قولهم جميعا عند من كره العزل أصلا أن يجامع أمته ويعزل عنها في جماعه، ولا يستأذنها في ذلك وإن كان للرجل زوجة مملوكة فأراد أن يعزل عنها، فإن أبا حنيفة وأبا يوسف، ومحمدا، رحمهم الله قالوا في ذلك - فيما حدثني محمد بن العباس، عن علي بن معبد، عن محمد بن الحسن، عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمة الله عليهم - أن الإذن في ذلك إلى مولى الأمة. وقد روي عن أبي يوسف خلاف هذا القول.

حدثني ابن أبي عمران، قال: حدثني محمد بن شجاع، عن الحسن بن زياد، عن أبي يوسف قال: الإذن في ذلك إلى الأمة لا إلى مولاها.

قال ابن أبي عمران: هذا هو النظر على أصول ما بني عليه هذا الباب، لأنها لو أباحت زوجها ترك جماعها كان من ذلك في سعة، ولم يكن لمولاها أن يأخذ زوجها بأن يجامعها. فلما كان الجماع الواجب على زوجها إليها أخذ زوجها به، لا إلى مولاها كان كذلك الإفضاء في ذلك الجماع الأخذ به إليها، لا إلى مولاها، فهذا هو النظر في هذا.

وأنكر هؤلاء جميعا الذين أباحوا العزل ما في حديث جدامة مما روته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: إنه الوأد الخفي ورووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكار ذلك القول على من قاله. وذكروا في ذلك ما.

4053 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله (ح) وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي رفاعة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل فقال: يا رسول الله إن عندي جارية وأنا أعزل عنها، وأنا

ص: 439

أكره أن تحمل وأشتهي ما يشتهي الرجال، وإن اليهود يقولون: هي الموءودة الصغرى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت يهود لو أن الله أراد أن يخلقه لم تستطع أن تصرفه"

(1)

.

4054 -

حدثنا ابن مرزوق قال حدثنا هارون بن إسماعيل، قال: ثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي مطيع بن رفاعة، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

4055 -

حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني عياش بن عقبة الحضرمي، عن موسى بن وردان، عن أبي سعيد الخدري قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اليهود يقولون: إن العزل هو الموءودة الصغرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذبت يهود" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أفضيت لم يكن إلا بقدر"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة حال أبي رفاعة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1916) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (11477)، والنسائي في الكبرى (9079) من طريقين عن هشام الدستوائي به.

وأخرجه أبو داود (2171)، والنسائي في الكبرى (9082)، والبيهقي 7/ 230 من طريقين عن يحيى بن أبي كثير به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1917) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النسائي في الكبرى (9081) من طريق هارون بن إسماعيل الخزاز البصري.

وأخرجه أحمد (11288)، عن وكيع، والنسائي في الكبرى (9080) من طريق عثمان بن عمر بن فارس، كلاهما عن علي بن المبارك به.

(3)

إسناده حسن، من أجل موسى بن وردان. =

ص: 440

4056 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عياش الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، و أبي أمامة بن سهل، عن أبي سعيد الخدري قال: أقمت جارية لي بسوق بني قينقاع، فمر بي يهودي، فقال: ما هذه الجارية؟ قلت جارية لي. قال أكنت تصيبها؟ قلت: نعم قال: فلعل في بطنها منك سخلة

(1)

؟ قال: قلت: إني كنت أعزل عنها، قال تلك الموءودة الصغرى، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال:"كذبت يهود، كذبت يهود"

(2)

.

فهذا أبو سعيد قد حكى عن النبي صلى الله عليه وسلم إكذاب من زعم أن العزل موءودة.

ثم قد روي عن علي رضي الله عنه دفع ذلك، والتنبيه على فساده بمعنى لطيف حسن.

4057 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث، قال: حدثني معمر بن أبي حبيبة، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: تذاكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عمر العزل، فاختلفوا فيه. فقال عمر: قد اختلفتم

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1918) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البزار من طريق زيد بن الحباب، عن عياش بن عقبة به. كما في المجمع (7582).

(1)

بفتح السين وسكون الخاء المعجمة وهو في الأصل ولد الغنم، ولكن أريد بها ههنا النسمة.

(2)

إسناده ضعيف، لعنعنة محمد بن إسحاق.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1919) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (16608) من طريق ابن نمير، عن محمد بن إسحاق به.

ص: 441

وأنتم أهل بدر الأخيار، فكيف بالناس بعدكم؟ إذ تناجى رجلان فقال عمر: ما هذه المناجاة؟ قالا: إن اليهود تزعم أنها الموءودة الصغرى. فقال علي: إنها لا تكون موءودة حتى تمر بالتارات السبع {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12] إلى آخر الآية

(1)

.

4058 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، قال: ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حبيبة، قال: سمعت عبيد بن رفاعة الأنصاري قال: تذاكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم العزل

ثم ذكر مثله. وزاد: فعجب عمر من قوله، وقال: جزاك الله خيرا. فأخبر علي رضي الله عنه أنه لا موءودة إلا ما قد نفخ فيه الروح قبل ذلك، وأما ما لم ينفخ فيه الروح، فإنما هو موات غير موءودة

(2)

.

وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا نظير ما ذكرناه، عن علي رضي الله عنه

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 5/ 175 بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده حسن عبد الله بن لهيعة وإن ساء حفظه بعد احتراق كتبه لكن رواية عبد الله بن يزيد المقرئ من صحيح حديثه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 5/ 174 بإسناده ومتنه.

ص: 442

4059 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان قال: ثنا الأعمش، عن أبي الوداك، أن قوما سألوا ابن عباس عن العزل، فذكر مثل كلام علي رضي الله عنه سواء

(1)

. فهذا علي وابن عباس رضي الله عنهم، قد اجتمعا في هذا على ما ذكرنا، وتابع عليا على ما قال من ذلك عمر رضي الله عنه ومن كان بحضرتهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ففي هذا دليل على أن العزل غير مكروه من هذه الجهة. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العزل أيضا ما

4060 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا أسباط، عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري قال: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أصبنا نساء فكنا نطؤهن فنعزل عنهن فقال بعضنا لبعض: أتفعلون هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبكم لا تسألونه؟ قال: فسألوه عن ذلك فقال: "ليس من كل الماء يكون الولد، إن الله إذا أراد أن يخلق شيئا لم يمنعه شيء، فلا عليكم أن لا تعزلوا"

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 5/ 175 بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (12570)، والبيهقي 7/ 230 عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن عبد الملك بن ميسرة، عن مجاهد، عن ابن عباس به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3704) بإسناده ومتنه. =

ص: 443

4061 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال حدثنا ابن وهب قال: أخبرني ابن أبي الزناد، عن أبيه قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان، أن ابن محيريز حدثه أن أبا سعيد حدثه، أن بعض الناس كلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن العزل، وذلك لشأن غزوة بني المصطلق، فأصابوا سبايا وكرهوا أن يلدن منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما عليكم أن لا تعزلوا، فإن الله قد قدر ما هو خالق إلى يوم القيامة"

(1)

.

4062 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرني ابن أبي الزناد، قال: حدثني أبي، عن محمد بن يحيى بن حبان، أن ابن محيريز حدثه، أن أبا سعيد أخبره

ثم ذكر مثله

(2)

.

= وأخرجه الطيالسي (2175)، وأحمد (11462)، وأبو يعلى (1153)، وابن حبان (4191) من طرق عن أبي إسحاق به.

وأخرجه مسلم (1438)(133)، والبيهقي في السنن 7/ 229، وابن عبد البر في التمهيد 3/ 140 من طريق علي بن أبي طلحة عن أبي الوداك به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3701) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 427 - 428، وسعيد بن منصور (2220)، والبخاري (4138)، ومسلم (1438)(125)، والنسائي في الكبرى (5045) من طرق عن ربيعة به.

(2)

إسناده حسن كسابقه.

ص: 444

4063 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن يحيى بن حبان

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

4064 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا وهيب، عن موسى بن عقبة، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن أبي سعيد الخدري: أنهم أصابوا سبايا أوطاس، فأرادوا أن يستمتعوا منهن فلا يحملن. فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال:"لا عليكم أن لا تفعلوا، فإن الله عز وجل قد كتب من هو خالق إلى يوم القيامة"

(2)

.

4065 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو اليمان، قال: ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال أخبرني عبد الله بن محيريز الجمحي، أن أبا سعيد الخدري أخبره أنه بينا هو جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، إنا نصيب سبيا، ونحب الأثمان، فكيف ترى في العزل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أو

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3702) بإسناده ومتنه.

وهو في موطأ مالك 2/ 594، ومن طريقه أخرجه أحمد (11647)، والبخاري (2542)، وأبو داود (2172)، والبيهقي 7/ 229، والبغوي (2295).

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3703) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (11688)، والبخاري (7409) من طريق عفان، عن وهيب به.

وأخرجه مسلم (1438)(126)، وابن حبان (4193)، والبيهقي في السنن 9/ 125 من طريقين عن موسى بن عقبة به.

ص: 445

إنكم لتفعلون ذلك؟ لا عليكم أن لا تفعلوا ذلكم، فإنها ليست نسمة كتب الله أن تخرج إلا هي خارجة"

(1)

.

4066 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، عن شعبة، عن أنس بن سيرين قال: سمعت معبد بن سيرين يحدث، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل، فقال: لا عليكم ألا تفعلوه، فإنما هو القدر"

(2)

.

4067 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: ثنا أبو داود، عن شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي قال: سمعت أبا الوداك يحدث، عن أبي سعيد الخدري قال: لما أصبنا سبي حنين سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال: "ليس من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله أن يخلق شيئا لم يمنعه شيء"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3700) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (11839)، والبخاري (2229)، والنسائي في الكبرى (5042)، والبيهقي 10/ 347 من طريق أبي اليمان به.

وأخرجه البخاري (5210، 6603)، ومسلم (1438)(127)، والنسائي في الكبرى (5043، 5046)، وأبو يعلى (1230)، والبيهقي 7/ 229 من طرق عن الزهري به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في مسند الطيالسي - (2177)، وأخرجه أحمد (11172)، ومسلم (1438)(128 - 129)، وأبو يعلى (1154)، والبيهقي 7/ 229 من طرق عن شعبة به.

وأخرجه إبراهيم بن طهمان في مشيخته (56) عن أنس بن سيرين به.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 446

4068 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد قال: أصبنا نساء يوم حنين، فكنا نعزل عنهن، نريد الفداء، فقلنا: لو سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله

(1)

.

4069 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو ظفر، قال: ثنا جرير بن حازم، عن محمد بن سيرين، عن أبي العالية، عن أبي سعيد قال: تذاكرنا العزل. فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا عليكم ألا تفعلوا، فإنما هو القدر"

(2)

.

4070 -

حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبي الفيض قال: سمعت عبد الله بن مرة، عن أبي سعيد الزرقي أن رجلا من أشجع سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل، فقال:"ما يقدر الله في الرحم يكون"

(3)

.

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3705) بإسناده ومتنه.

وهو في مسند الطيالسي (2175).

وأخرجه ابن حبان (4191) من طريق شعبة به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وأخرجه أحمد (11462)، وأبو يعلى (1153) من طريق سفيان به.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن مرة وهو الزرقي الأنصاري.

وأخرجه الطيالسي (1244)، وأحمد (15732)، والبخاري في التاريخ الكبير 5/ 192، والنسائي في المجتبى 6/ 108، وفي الكبرى (5487)، والدولابي في الكنى 1/ 35، وابن أبي عاصم في السنة (367)، وفي الآحاد والمثاني (2190)، والطبراني في الكبير 22/ (791) من طرق عن شعبة به.

ص: 447

4071 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا جعفر بن أبي المغيرة، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن جرير قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: ما وصلت إليك من المشركين إلا بغنية لي أو بقينة

(1)

أعزل عنها أريد بها السوق فقال: "جاءها ما قدر"

(2)

.

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار أيضا ما يدل على أن العزل غير مكروه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخبروه أنهم يفعلونه لم ينكر ذلك عليهم، ولم ينههم عنه وقال: لا عليكم أن لا تفعلوه فإنما هو القدر، أي: فإن الله إذا كان قد قدر أنه يكون له ولد، كان ذلك الولد، ولم يمنعه عزل ولا غيره، لأنه قد يكون مع العزل إفضاء بقليل الماء الذي قد قدر الله عز وجل أن يكون منه ولد، فيكون منه ولد، ويكون ما بقي من الماء الذي قد تمتنعون من الإفضاء به بالعزل فضلا.

وقد يكون الله عز وجل قد قدر أن لا يكون من ماء ولد فيكون الإفضاء بذلك الماء والعزل سواء في أن لا يكون منه ولد، فكان الإفضاء بالماء لا يكون منه ولد إلا بأن يكون في تقدير الله عز وجل أن يكون في ذلك الماء ولد، فيكون كما قدر.

وكان العزل إذا كان قد تقدم في تقدير الله عز وجل أن يكون من ذلك الماء الذي يعزل ولدٌ، أوصل الله إلى الرحم منه شيئا وإن قل، فيكون منه الولد، فأعلمهم رسول الله

(1)

بفتح القاف وسكون الياء هي: الأمة سواء كانت مغنية أو لا.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (16607)، وابن أبي عاصم في السنة (363)، وأبو نعيم في الحلية 4/ 362، والطبراني (2370 - 2371) من طريق مندل بن علي، عن جعفر به.

ص: 448

صلى الله عليه وسلم أن الإفضاء لا يكون منه ولد إلا أن يكون قد سبق ذلك في تقدير الله عز وجل وأن العزل لا يمنع أن يكون ولد إذا كان قد سبق في علم الله عز وجل أنه كائن، ولم ينههم في جملة ذلك عن العزل.

ثم قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحته أيضا

4072 -

ما قد حدثنا ربيع المؤذن، قال ثنا أسد، قال: ثنا محمد بن خازم، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله إن لي جارية تسير تستقي على ناضح لي وأنا أصيب منها أفأعزل عنها؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم فاعزل"، فلم يلبث الرجل أن جاء فقال: يا رسول الله قد عزلت عنها فحملت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما قدر الله عز وجل لنفس أن يخلقها إلا وهي كائنة"

(1)

.

4073 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 220، وأحمد (14362) من طريق أبي معاوية بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (12552)، وابن ماجة (89)، وأبو يعلى (1910)، وابن حبان (4194) من طرق عن الأعمش به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات، من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وأخرجه عبد الرزاق (12551)، وأحمد (15174) من طريق سفيان، عن منصور، عن سالم به.

ص: 449

قال أبو جعفر: فهذا جابر رضي الله عنه قد حكى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظير ما حكى عنه أبو سعيد رضي الله عنه، ومن ذكرنا معه في الفصل الذي قبل هذا، وأنه قد أذن له مع ذلك في العزل.

ثم قد روي عن جابر رضي الله تعالى عنه في إباحة العزل أيضا ما قد

4074 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن أبيه، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن له في العزل

(1)

.

4075 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل

(2)

.

4076 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: كنا نعزل والقرآن ينزل، قال شعبة: فقلت لعمرو: أسمعت هذا من جابر؟ فقال: لا

(3)

.

(1)

إسناده على شرط مسلم، وأبو الزبير وإن لم يصرح بالسماع لكنه متابع.

وأخرجه أحمد (14346، 15140)، ومسلم (1439)(134)، وأبو داود (2173) من طرق عن زهير بن معاوية، عن أبي الزبير به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (1294)، ومسلم (1440)(136)، والترمذي (1137)، والنسائي في الكبرى (9045)، وابن ماجة (1927)، والبيهقي 7/ 228 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(3)

إسناده منقطع، عمرو بن دينار لم يسمعه من جابر.

ص: 450

4077 -

حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق، قالا: ثنا أبو داود قال: ثنا هشام، عن أبي الزبير، عن جابر قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا عن ذلك

(1)

.

قال أبو جعفر: فلما انتفى المعنى الذي به كره العزل، وما ذكر من ذكر في ذلك أنه من الموءودة، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد ذكرناه عنه من إباحته ثبت أن لا بأس بالعزل لمن أراده على الشرائط التي ذكرناها وقد فصلناها في أول هذا الباب، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله أجمعين.

= وأخرجه الطيالسي (1697)، ومن طريقه البغوي في الجعديات (1665)، وأحمد (14957)، والنسائي في الكبرى (9092) من طريق شعبة به.

وعند أحمد إثر (14957) قال قلت لعمرو: أنت سمعته من جابر؟ قال: لا.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه مسلم (1424)(138)، وأبو يعلى (2255)، وابن حبان (4195)، والبيهقي 7/ 228 من طريق هشام الدستوائي، عن أبي الزبير به.

ص: 451