الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - باب: الحائض ما يحل لزوجها منها
4078 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا أن تتزر وهي حائض، ثم يضاجعها، قال شعبة: وقال مرة: يباشرها
(1)
.
4079 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا حريث بن عمرو، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: ربما باشرني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا حائض فوق الإزار
(2)
.
4080 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أسباط، (ح)
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (154) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (1375)، وأحمد (25410)، وأبو داود (268)، والنسائي في الكبرى (9119)، وأبو عوانة 1/ 308 - 309، وابن عبد البر في التمهيد 3/ 166 من طرق عن شعبة به.
وأخرجه البخاري (299، 300، 301، 2030، 2031)، ومسلم (293، 297) من طرق عن منصور به.
(2)
إسناده ضعيف، لضعف حريث بن أبي مطر الفزاري.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (155) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني في الصغير (487) من طريق سعدان، عن حريث به.
وحدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا أسباط، عن أبي إسحاق الشيباني، عن عبد الله شداد، عن ميمونة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الإزار، وهن حيض
(1)
.
4081 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، والليث، عن ابن شهاب، عن حبيب مولى عروة بن الزبير، عن نَدبة، قال ابن وهب: كان الليث يقول: ندبة مولاة ميمونة، عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر المرأة من نسائه وهي حائض إذا كان عليها إزار يبلغ أنصاف الفخذين أو الركبتين، وفي حديث الليث: محتجرة به
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (157) بالطريق الثانية.
وأخرجه أحمد (26854)، وأبو عوانة 1/ 309 - 310، والبيهقي في السنن 1/ 311، وفي السنن الصغير (155) من طريق أسباط بن محمد به.
وأخرجه الدارمي (1046)، وأحمد (26846)، ومسلم (294)، والبيهقي 1/ 311 من طريق الشيباني، عن عبد الله بن شداد به.
وأخرجه البخاري (303)، وأبو يعلى (7092) من طريق عبد الواحد، عن سليمان الشيباني، عن عبد الله بن شداد به.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة ندبة مولاة ميمونة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 256، والدارمي (1057)، وأحمد (26820، 26850)، وأبو داود (267)، والنسائي في المجتبى 1/ 151، 189، وفي الكبرى (280)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/ 421، وأبو يعلى (7104)، وابن حبان (1365)، والطبراني في الكبير 24/ (18)، والبيهقي 1/ 313 من طرق عن الليث بن سعد به.
4082 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا الليث
…
فذكر مثل ما ذكره ابن وهب عن الليث سواء
(1)
.
فذهب قوم
(2)
إلى أن الحائض لا ينبغي لزوجها أن يجامعها إلا كذلك، ولا يطلع منها على عورة.
واحتجوا في ذلك بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرنا، وممن قال ذلك أبو حنيفة رحمه الله.
واحتجوا في ذلك أيضا بما روي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
4083 -
فإنه حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن عمرو الشامي، عن أحد النفر الذين أتوا عمر بن الخطاب وكانوا ثلاثة فسألوه: ما للرجل من امرأته إذا أحدثت يعنون الحيض؟، فقال: سألتموني عن شيء ما سألني عنه أحد منذ سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"له منها ما فوق الإزار من التقبيل والضم، ولا يطلع على ما تحته"
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف كسابقه.
(2)
قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، وشريحا، وطاووسا، وعطاء بن رباح، وسليمان بن يسار، وقتادة، ومالكا، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في النخب 14/ 305.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة الذي روى عنه عاصم بن عمرو.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (165) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (49، 137) من طريق المسعودي، عن عاصم بن عمرو البجلي، عن أحد النفر ..
وأخرجه أحمد (86) من طريق شعبة، عن عاصم بن عمرو البجلي، عن رجل من القوم الذين سألوا
…
4084 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن عمرو البجلي، أن قوما أتوا عمر بن الخطاب فسألوه
…
ثم ذكر مثله
(1)
.
4085 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا المسعودي، قال: ثنا عاصم بن عمرو البجلي، أن قوما أتوا عمر
…
ثم ذكر مثله
(2)
.
4086 -
حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن عمرو، عن عمير مولى لعمر، عن عمر
…
مثله
(3)
.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
، فقالوا: لا بأس بما فوق الإزار منها، وما تحت الإزار إذا اجتنب مواضع الدم، وقالوا: أما ما ذكرتم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
إسناده ضعيف لإنقطاعه، عاصم بن عمرو روايته عن عمر مرسلة.
وأخرجه عبد الرزاق (987، 988، 1238)، وابن أبي شيبة 1/ 64، 2/ 256، وابن ماجة (1375) من طرق عن عاصم أن قوما
…
(2)
إسناده ضعيف لرواية الطيالسي عن المسعودي بعد الاختلاط، ولانقطاعه فإن رواية عاصم بن عمرو عن عمر مرسلة.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة عمير مولى عمر بن الخطاب.
وأخرجه ابن ماجة (1375)، والبيهقي 1/ 312 من طريق أبي إسحاق عن عاصم بن عمرو عن عمير مولى عمر بن الخطاب عن عمر بن الخطاب به.
وعمير مولى عمر بن الخطاب لم يرو عنه غير عاصم بن عمرو فهو مجهول.
(4)
قلت أراد بهم: عكرمة، ومجاهدا، والشعبي، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، والحكم بن عتيبة، ومسروقا، والشافعي في الأصح، وأحمد بن حنبل، وأصبغ بن الفرج، وإسحاق، وأبا ثور، وداود رحمهم الله، كما في النخب 14/ 309.
فلا حجة لكم في ذلك، لأنا نحن لا ننكر أن لزوج الحائض منها ما فوق الإزار، فيكون هذا الحديث حجة علينا.
بل نحن نقول: له منها ما فوق الإزار وما تحته إذا اجتنب مواضع الدم، كما له أن يفعل ذلك قبل حدوث الحيض. وإنما ذلك الحديث حجة على من أنكر أن لزوج الحائض منها ما فوق الإزار.
فأما من أباح ذلك له، فإن هذا الحديث ليس بحجة عليه، وعليكم البرهان بعد، لقولكم: إنه ليس له منها إلا ذلك.
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما ذهبنا إليه نحن، ويخالف ما ذهبتم أنتم إليه، وهي أحد من رويتم عنها مما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسائه إذا حضن، ما ذكرتم من ذلك
4087 -
حدثنا فهد قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشرني في شعار واحد، وأنا حائض ولكنه كان أملككم، أو أملك لأربه
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي 1/ 314 من طريق أحمد بن يونس به.
وأخرجه ابن راهويه في مسنده (1594)، والدارمي (1047)، وأحمد (24824)، والنسائي في المجتبى 1/ 51، 189، وفي الكبرى (278)، والدولابي في الكنى والأسماء 2/ 135 - 136، والطبراني في الأوسط (5150)، والبيهقي في السنن 1/ 314، وابن عبد البر في التمهيد 3/ 169 من طرق عن أبي إسحاق به.
فهذا على أنه كان يباشرها في إزار واحد، ففي ذلك إباحة ما تحت الإزار. فلما جاء هذا عنها وقد جاء عنها أنه كان يأمرها أن تتزر ثم يباشرها، كان هذا -عندنا- على أنه كان يفعل هكذا مرة، وهكذا مرة، وفي ذلك إباحة المعنيين جميعا.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه أيضا ما يوافق هذا القول الذي صححنا عليه حديثي عائشة رضي الله عنها الذين ذكرنا
4088 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن اليهود كانوا لا يأكلون ولا يشربون ولا يقعدون مع الحُيّض في بيت. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء، ما خلا الجماع"
(1)
.
ففي هذا الحديث أنهم كانوا قد أبيحوا من الحائض كل شيء منها غير جماعها خاصة، وذلك الجماع في الفرج دون الجماع فيما دونه.
وقد روي هذا القول بعينه، عن عائشة رضي الله تعالى عنها
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (146) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (2052)، وأحمد (12354)، والدارمي (1053)، ومسلم (302)، وأبو داود (258، 2165)، والترمذي (2977)، والنسائي 1/ 152، 187، وابن ماجة (644)، وأبو عوانة 1/ 311، وابن حبان (1362)، والبيهقي 1/ 313، وابن عبد البر في التمهيد 3/ 163، والبغوي في التفسير 1/ 196 من طرق عن حماد بن سلمة به.
4089 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن أيوب، عن أبي قلابة أن رجلا سأل عائشة: ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ قالت: "كل شيء إلا فرجها"
(1)
.
4090 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا عبيد الله، عن أيوب، عن أبي معشر عن إبراهيم، عن مسروق، عن عائشة
…
مثل ذلك
(2)
.
4091 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن بكير، عن أبي مرة مولى عقيل، عن حكيم بن عقال، قال: سألت عائشة: ما يحرم عليّ من امرأتي إذا حاضت؟ قالت "فرجها"
(3)
.
قال أبو جعفر: فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.
(1)
إسناده منقطع، أبو قلابة لم يدرك عائشة.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (158) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (1260) عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن مسروق، عن عائشة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (159) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 1/ 399 من طريق أيوب به.
(3)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (160) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 1/ 314 من طريق شعيب بن الليث به.
وأما وجهه من طريق النظر، فإنا رأينا المرأة قبل أن تحيض لزوجها أن يجامعها في فرجها، وله منها ما فوق الإزار، وما تحت الإزار أيضا. ثم إذا حاضت حرم عليه الجماع في فرجها، وحل له منها ما فوق الإزار باتفاقهم.
واختلفوا فيما تحت الإزار على ما ذكرنا، فأباحه بعضهم، فجعل حكمه حكم ما فوق الإزار، ومنع منه بعضهم وجعل حكمه حكم الجماع في الفرج.
فلما اختلفوا في ذلك وجب النظر لنعلم أي الوجهين هو به أشبه، فيحكم له بحكمه، فرأينا الجماع في الفرج يوجب الحد والمهر والغسل، ورأينا الجماع فيما سوى الفرج لا يوجب من ذلك شيئا، ويستوي في ذلك حكم ما فوق الإزار، وما تحت الإزار.
فثبت بما ذكرنا أن حكم ما تحت الإزار أشبه بما فوق الإزار منه بالجماع في الفرج. فالنظر على ذلك أن يكون كذلك هو في حكم الحائض، فيكون حكمه حكم الجماع فوق الإزار، لا حكم الجماع في الفرج. وهذا قول محمد بن الحسن رحمه الله، وبه نأخذ.
قال أبو جعفر رحمه الله: ثم نظرت بعد ذلك في هذا الباب، وفي تصحيح الآثار فيه، فإذا هي تدل على ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله لا على ما ذهب إليه محمد بن الحسن رحمه الله.
وذلك أنا وجدناها على ثلاثة أنواع: فنوع منها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يباشر نساءه وهن حُيّض فوق الإزار، فلم يكن في ذلك دليل على منع الحيض من المباشرة تحت الإزار لما قد ذكرناه في موضعه من هذا الباب.
ونوع آخر منها، وهو ما روى عمير مولى عمر، عن عمر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قد ذكرناه في موضعه. فكان في مثل ذلك دليل منع من جماع الحيض تحت الإزار، لأن ما فيه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكره ما فوق الإزار، فإنما هو جواب لسؤال عمر رضي الله عنه إياه: ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ فقال له: ما فوق الإزار فكان ذلك جواب سؤاله لا نقصان فيه ولا تقصير.
ونوع آخر وهو: ما روي عن أنس رضي الله عنه على ما قد ذكرناه عنه، فذلك نص على أنه مبيح لإتيان الحيض دون الفرج، وإن كان تحت الإزار.
فأردنا أن ننظر أي هذين النوعين تأخر عن صاحبه، فنجعله ناسخا له؟ فنظرنا في ذلك فإذا حديث أنس رضي الله عنه، فيه إخبار عما كانت اليهود عليه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بخلافهم، قد روينا ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما في كتاب الجنائز، وقد أمره الله تعالى في قوله:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] فكان عليه اتباع من تقدمه من الأنبياء عليهم السلام حتى تحدث له شريعة تنسخ شريعته.
فكان الذي نسخ ما كانت اليهود عليه من اجتناب كلام الحائض ومؤاكلتها والاجتماع معها في بيت هو ما في حديث أنس رضي الله عنه لا واسطة بينهما.
وفي حديث أنس رضي الله عنه هذا إباحة جماعها فيما دون الفرج. وكان الذي في حديث عمر رضي الله عنه الإباحة لما فوق الإزار والمنع مما تحت الإزار. فاستحال أن
يكون ذلك متقدما لحديث أنس رضي الله عنه إذ كان حديث أنس رضي الله عنه هو الناسخ لاجتناب الاجتماع مع الحائض ومؤاكلتها ومشاربتها، وثبت أنه متأخر عنه، وناسخ لبعض الذي أبيح فيه.
فثبت بذلك ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله من هذا بتصحيح الآثار، وانتفى ما ذهب إليه محمد رحمه الله.
10 - باب: وطئ النساء في أدبارهن
4092 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد الله بن نافع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد أن رجلا أصاب امرأته في دبرها، فأنكر الناس ذلك عليه، وقالوا: أثفرها
(1)
، فأنزل الله عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى أن وطئ المرأة في دبرها جائز. واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وتأولوا هذه الآية على إباحة ذلك.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
، فكرهوا وطئ النساء في أدبارهن، ومنعوا من ذلك، وتأولوا هذه الآية على غير هذا التأويل.
(1)
إثفاء المرأة كناية عن الوطئ في دبرها.
(2)
إسناده ضعيف لضعف هشام بن سعد المدني.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6118) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو يعلى (1103) من طريق الحارث بن سريج، عن عبد الله بن نافع به، والحارث بن سريج ضعيف.
(3)
قلت أراد بهم: محمد بن كعب القرظي، وسعيد بن يسار المدني، ومالكا، وبعض الشافعية رحمهم الله، كما في النخب 14/ 327.
(4)
قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، ومجاهدا، والنخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي في الصحيح، وأحمد، وإسحاق، وآخرين كثيرين رحمهم الله، كما في النخب 14/ 330.
4093 -
فحدثنا يونس، قال: أخبرنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، أن اليهود قالوا: من أتى امرأته في فرجها من دبرها خرج ولدها أحول، فأنزل الله عز وجل:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]
(1)
.
4094 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا سفيان الثوري أن محمد بن المنكدر حدثه، عن جابر بن عبد الله
…
مثله
(2)
.
4095 -
حدثنا محمد بن زكريا أبو شريح، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا سفيان الثوري
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6119) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 229، ومسلم (1435)(117)، والترمذي بإثر الحديث (2978)، والنسائي في عشرة النساء (90)، والبيهقي 7/ 194، 1950 من طريق سفيان بن عيينة به.
ورواه البخاري (4528)، ومسلم (1435) من طريق محمد بن المنكدر به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6120) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (4528)، ومسلم (1435)(119)، وأبو داود (2163)، والطبري في تفسيره (4339 - 4340)، والبيهقي 7/ 194 من طرق عن سفيان الثوري بهذا الإسناد.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6121) بإسناده ومتنه.
4096 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه قال: قالت اليهود: إذا أتى الرجل امرأته باركة، جاء الولد أحول، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم
…
ثم ذكر مثله
(1)
.
قالوا: فإنما كان من قول اليهود ما ذكرنا، فأنزل الله عز وجل ذلك دفعا لقولهم وإباحة للوطئ في الفرج من الدبر ومن القبل جميعا، وقد روى آخرون هذا الحديث عن ابن المنكدر على ما ذكرنا وزادوا فيه "إذا كان ذلك من الفرج".
4097 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد يحدث، عن الزهري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن يهوديا
(2)
قال: إذا نكح الرجل امرأة مجبية خرج ولده أحول، فأنزل الله عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] إن شئتم مجبية، وإن شئتم غير مجبية إذا كان ذلك في صمام واحد
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6122) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 7/ 194 من طريق إبراهيم بن مرزوق بهذا الإسناد.
ورواه مسلم (1435)(119)، والبغوي في الجعديات (1741) من طريقين عن وهب بن جرير به.
(2)
في د م "يهود قالوا:".
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل النعمان بن راشد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6125) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (1435)(119)، وابن حبان (4166)، والبيهقي 7/ 195 من طرق عن وهب بن جرير به.
4098 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج، أن محمد بن المنكدر حدثه، عن جابر بن عبد الله، أن اليهود قالوا للمسلمين: من أتى امرأته وهي مدبرة، جاء ولده أحول، فأنزل الله عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مقبلة ومدبرة، ما كان في الفرج"
(1)
.
ففي توقيف النبي صلى الله عليه وسلم إياهم في ذلك على الفرج إعلام منه إياهم أن الدبر بخلاف ذلك. وقد قيل في تأويل هذه الآية أيضا غير هذا التأويل.
4099 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا أبو الأحوص، قال: ثنا أبو إسحاق، عن زائدة هو ابن عمير، قال: سألت ابن عباس عن العزل؟ فقال: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] إن شئت فاعزل، وإن شئت فلا تعزل
(2)
.
وكان من حجة أهل المقالة الأولى أيضا لقولهم في ذلك ما قد روي عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما من إباحة ذلك كما
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6126) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في عشرة النساء (87) من طريق حماد بن مسعدة، عن ابن جريج به.
(2)
رجاله ثقات.
ورواه الطبراني في الكبير (12663) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن زائدة بن عمير الطائي به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 517 من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق به.
وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار 15/ 423 من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق به.
4100 -
حدثنا أبو قرة محمد بن حميد بن هشام الرعيني، قال: ثنا أصبغ بن الفرج، وأبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر، قالا: ثنا ابن القاسم
(1)
: وحدثني مالك بن أنس قال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر رضي الله عنهما عنه، -يعني عن وطئ النساء في أدبارهن-، فقال:"لا بأس به"
(2)
.
قال أبو جعفر: قد روي هذا عن عبد الله بن عمر، كما ذكرتم، وروي عنه خلافه
4101 -
حدثنا فهد قال: ثنا عبد الله بن صالح (ح)
وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قالا: ثنا الليث، قال ابن وهب في حديثه: عن الحارث بن يعقوب، وقال عبد الله بن صالح: قال: حدثني الحارث بن يعقوب، عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال: قلت لابن عمر، ما تقول في الجواري أنمحض لهن قال: وما التحميض؟ فذكرت الدبر، فقال: وهل يفعل ذلك أحدٌ من المسلمين؟
(3)
.
(1)
هو: عبد الرحمن بن القاسم.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 425 بإسناده ومتنه.
ورواه النسائي في عشرة النساء (93) عن الربيع بن سليمان، عن أصبغ بن الفرج به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 426 بإسناده دون رواية فهد.
ورواه الدارمي 1/ 260 عن عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد به.
فقد ضاد هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما، ما قد رواه عنه أهل المقالة الأولى مما قد ذكرناه في ذلك، والدليل على صحة هذا إنكار سالم بن عبد الله أن يكون ذلك من أبيه.
4102 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا عطاف خالد، عن موسى بن عبد الله بن الحسن، أن أباه سأل سالم بن عبد الله أن يحدثه بحديث نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان لا يرى بأسا بإتيان النساء في أدبارهن. فقال سالم: كذب العبد أو أخطأ، إنما قال: لا بأس أن يؤتين في فروجهن من أدبارهن
(1)
، ولقد قال ميمون بن مهران: إن نافعا إنما قال ذلك بعد ما كبر وذهب عقله.
4103 -
حدثنا بذلك فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله، عن ميمون بن مهران
(2)
.
فقد يضعف ما هو أكثر من هذا بأقل من قول ميمون ولقد أنكره نافع أيضا على من رواه عنه.
(1)
إسناده فيه موسى بن عبد الله بن حسن العلوي قال ابن معين: ثقة، وقال البخاري فيه نظر.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 427 بإسناده ومتنه.
وأخرجه العقيلي 4/ 159 من طريق أحمد أبي الأزهر، عن مروان بن محمد، عن موسى بن عبد الله بن الحسن به.
(2)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 426 بإسناده ومتنه.
وقول ميمون بن مهران في نافع رده الذهبي في السير 5/ 101 فقال: هو قول شاذ، بل اتفقت الأمة على أنه حجة مطلقا.
4104 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا زكريا بن يحيى كاتب العمري، قال: ثنا المفضل بن فضالة، عن عبد الله بن عياش، عن كعب بن علقمة، عن أبي النضر، أنه أخبره أنه قال لنافع مولى عبد الله بن عمر: إنه قد أُكثِر عليك القول إنك تقول عن ابن عمر، أنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن، قال نافع: كذبوا علي، ولكن سأخبرك كيف الأمر، إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] فقال: يا نافع، هل تعلم من أمر هذه الآية؟، قلت: لا، قال: إنا كنا -معشر قريش -نجبي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار، أردنا منهن مثل ما كنا نريد، فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود، وإنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]
(1)
.
ففي هذا الحديث إنكار نافع لما قد روي عنه عن ابن عمر رضي الله عنهما من إباحة وطء النساء في أدبارهن وإخبار منه عن ابن عمر، أن تأويل قول الله عز وجل:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] ليس على ما تأوله أهل المقالة الأولى، ولكن على إباحة وطئ النساء باركات في فروجهن، وقد روي عن أم سلمة رضي عنها أيضا نحوًا من ذلك.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن عياش.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 424 بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في عشرة النساء (92) من طريق سعيد بن عيسى عن المفضل بن فضالة.
4105 -
حدثنا فهد، قال: ثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، قال: أنا وهيب قال: أنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبد الرحمن بن سابط قال: أتيت حفصة بنت عبد الرحمن فقلت لها: إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أستحي منك، فقالت: سل يا ابن أخي عن ما بدا لك، فقلت: عن إتيان النساء في أدبارهن، فقالت: حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا لا يجبون، وكان المهاجرون يجبون، وكانت اليهود تقول: من جبى خرج ولده أحول، فلما قدم المهاجرون المدينة، نكحوا نساء الأنصار، فنكح رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار فجباها، فأبت، فأتت أم سلمة فذكرت لها ذلك. فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له أم سلمة، واستحييت الأنصارية فخرجت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ادعيها فدعتها، فقال:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] صماما واحدا"
(1)
.
فقد أخبرت أم سلمة رضي الله عنها بتأويل هذه الآية، وبتوقيف النبي صلى الله عليه وسلم إياهم بقوله صماما واحدا. فدل ذلك أن حكم ضد ذلك الصمام بخلاف حكم ذلك الصمام، ولولا ذلك لما كان لقوله: صماما واحدا معنى. وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في تأويل هذه الآية ما يرجع معناه إلى هذا المعنى أيضا
(1)
إسناده حسن من أجل عبد الله بن عثمان بن خثيم.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6129) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الدارمي (1119)، وأحمد (26603)، والطبري في التفسير الآية (223) من طرق عن وهيب بن خالد به.
ورواه الترمذي (2979)، والبيهقي 7/ 195 من طرق عن عبد الله بن عبد الرحمن بن خثيم به.
4106 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود، قال أخبرنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، أن عامر بن يحيى المعافري حدثه، أن حنش بن عبد الله السبائي حدثه، حدثه، أنه سمع ابن عباس يقول: أن ناسا من حمير أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن النساء، فأنزل الله عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إيتها مقبلة ومدبرة، إذا كان ذلك في الفرج"
(1)
.
ثم قد جاءت الآثار متواترة بالنهي عن إتيان النساء في أدبارهن. فمن ذلك ما
4107 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا سفيان عن ابن الهاد، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة، وروى عنه عبد الله بن وهب عند ابن أبي حاتم في تفسيره كما في تفسير ابن كثير 1/ 381 وحديثه عنه صالح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6128) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن جرير الطبري 2/ 397، والخرائطي في مساوي الأخلاق (466)، والطبراني (12983) من طريق عبد الله بن لهيعة به.
وأخرجه أحمد (2414) من طريق رشدين، عن حسن بن ثوبان، عن عامر بن يحيى به.
(2)
رجاله ثقات، لكن أخطأ فيه سفيان بن عيينة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6131) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الحميدي (436)، وأحمد (21858)، والنسائي في الكبرى (8982)، وابن الجارود في المنتقى (728)، والطبراني (3716)، والبيهقي 7/ 197 من طريق سفيان بن عيينة بهذا الإسناد، وقال البخاري في تاريخه 8/ 256 عن هذا =
4108 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثنا الليث بن سعد، قال: حدثني عمر مولى غفرة بنت رباح أخت بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن علي بن السائب، عن عبيد الله بن الحصين عن عبد الله بن هرمي الخطمي، عن خزيمة بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم
…
فذكر مثله
(1)
.
4109 -
حدثنا، روح، قال: ثنا إبراهيم بن محمد الشافعي، قال: ثنا محمد بن علي، قال: كنت مع محمد بن كعب القرظي، فسأله، رجل، فقال: يا أبا حمزة ما ترى في إتيان النساء في أدبارهن؟ فأعرض أو سكت، فقال: هذا شيخ قريش فسأله، يعني عبد الله بن علي بن السائب، فقال عبد الله اللهم قذرًا، ولو كان حلالا، قال جدي ولم يكن سمع في ذلك شيئا قال: ثم أخبرني عبد الله بن علي أنه لقي عمرو بن أبي أحيحة بن الجُلاح فسأله عن ذلك، فقال: أشهد لسمعت خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
= الإسناد: وهو وهم، وروى البيهقي عن الشافعي أنه قال: غلط سفيان في حديث ابن الهاد وقال البيهقي بإثره: مدار هذا الحديث على هرمي بن عبد الله وليس لعمارة بن خزيمة فيه أصل إلا من حديث ابن عيينة، وأهل العلم بالحديث يرونه خطأ.
(1)
إسناده ضعيف، لضعف عمر بن عبد الله مولى غفرة، وعبد الله بن هرمي مقلوب صوابه هرمي بن عبد الله كما نبه عليه البخاري في تاريخه 8/ 256، والبيهقي 8/ 257 وعبيد الله بن عبد الله بن الحصين بن محصن الأنصاري فيه لين. وأخرجه الطبراني في الكبير 4 / (88، 3736) من طريق عبد الله بن صالح به.
وأخرجه أحمد (21854 - 21855)، وابن أبي شيبة 4/ 253، والدارمي (1247)، والنسائي في الكبرى (97، 98، 99، 100، 101، 102، 103، 104، 105)، والطبراني (3738، 3739، 3740، 3741، 3742، 3743)، وابن حبان (4198، 4200)، والبيهقي 7/ 197، 198 من طرق عن هرمي بن عبد الله، عن خزيمة بن ثابت به.
شهادته شهادة رجلين يقول: أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، آتي امرأتي من دبرها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم" قالها مرتين أو ثلاثا. قال: ثم فطن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "في أي الخصفتين
(1)
أو في أي الخرزتين؟ أو في أي الخربتين؟، أما من دبرها في قبلها فنعم، وأما في دبرها فإن الله تعالى ينهاكم أن تأتوا النساء في أدبارهن
(2)
.
4110 -
حدثنا عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا سعيد بن عفير، قال: حدثني الليث بن سعد، قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن الحصين الأنصاري ثم الوائلي، عن هرمي بن عبد الله الوائلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تأتوا النساء في أدبارهن"
(3)
.
(1)
الخصفة بضم الخاء: الثقبة، وكذلك الخرزة والخربة بمعنى واحد.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة عمرو بن أحيحة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6132) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في عشرة النساء (107)، والطبراني (3744)، والبيهقي 7/ 196 من طريق إبراهيم بن محمد الشافعي به.
ورواه الشافعي في المسند 2/ 29، والنسائي (106، 108)، والبيهقي 7/ 196 من طريق محمد بن علي بن شافع به.
(3)
إسناده ضعيف لاضطرابه، ولضعف عبيد الله بن الحصين، والحديث صحيح بشواهده.
وأخرجه أحمد (21874)، والبخاري في التاريخ 8/ 256، والنسائي في الكبرى (8984، 8985)، وابن حبان (4198)، والطبراني في الكبير (3741، 3742، 3743)، وفي الأوسط (981)، والبيهقي 7/ 197 من طرق عن يزيد بن الهاد، عن عبيد الله بن الحصين به.
4111 -
حدثنا بكر بن إدريس، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: ثنا حيوة وابن لهيعة، قالا: أخبرنا حسان مولى محمد بن سهل، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الله بن علي، عن هرمي بن عمرو الخطمي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4112 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا أبو عبد الرحمن
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4113 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو زرعة، قال أخبرنا حيوة، قال: أخبرنا حسان
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
4114 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود، قال: أنا ابن لهيعة، عن حسان مولى محمد بن سهل بن عبد العزيز، عن سعيد
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
4115 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"هي اللوطية الصغرى يعني وطء النساء في أدبارهن"
(5)
.
(1)
إسناده حسن من أجل عبد الله بن علي بن السائب، وللاختلاف عليه.
وأخرجه أحمد (21865)، والنسائي في الكبرى (8990)، والطبراني (3739) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ به.
وقد أبهم النسائي في روايته ابن لهيعة فقال: حدثنا حيوة وذكر آخر.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
(3)
إسناده حسن كسابقه.
(4)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وأخرجه النسائي في الكبرى (8991) من طريق خالد بن يزيد الجمحي، عن سعيد بن أبي هلال به.
(5)
إسناده حسن، وقد اختلف في رفعه ووقفه والموقوف أصح. =
4116 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا معلى بن أسد، قال: ثنا عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تأتوا النساء في أدبارهن"
(1)
.
4117 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا معلى بن أسد، قال: ثنا عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا ينظر الله عز وجل إلى رجل وطئ امرأة في دبرها"
(2)
.
4118 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: أنا أبو زرعة، قال: أنا حيوة بن شريح، قال: أخبرني يزيد بن الهاد
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال:"امرأته"
(3)
.
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6134) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (2266)، وأحمد (6706)، والنسائي في الكبرى (8997)، والبزار (1455)، والبيهقي 7/ 198 من طريق همام به.
(1)
إسناده حسن، الحارث بن مخلد الزرقي تابعي ذكره ابن شاهين في الصحابة وذكره البخاري وابن حبان في التابعين، وقال ابن حجر في الإصابة 3/ 28، والحارث معروف بصحبة أبي هريرة، وقال البزار: ليس بمشهور، وقال ابن القطان: مجهول الحال ووثقه ابن حبان وروى عنه اثنان وقال الذهبي في الكاشف: صدوق.
وأخرجه عبد الرزاق (20952)، وابن أبي شيبة 4/ 253، وأحمد (7684)، والنسائي في الكبرى (9012)، والبيهقي 7/ 198، والبغوي (2296 - 2297) من طرق عن سهيل بن أبي صالح به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6133) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن ماجة (1923) من طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، عن عبد العزيز بن المختار، عن سهيل به.
وأخرجه أحمد (8532)، والنسائي في الكبرى (9013) من طريق وهيب، عن سهيل به.
(3)
إسناده حسن كسابقه.
4119 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا الليث، عن ابن الهاد، عن سهيل
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4120 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن سهيل، عن الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تأتوا النساء في أدبارهن
(2)
.
4121 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة وهو الهجيمي، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد"
(3)
.
4122 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن سهيل بن أبي صالح، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في محاشهن"
(4)
.
(1)
إسناده حسن كسابقه.
(2)
إسناده ضعيف، من أجل رواية إسماعيل بن عياش عن غير أهل بلده وهو سهيل بن أبي صالح المدني.
(3)
إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو تميمة الهجيمي لا يعرف له سماع من أبي هريرة فيما قاله البخاري في التاريخ الكبير 3/ 16 - 17.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6130) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 252 - 253، والدارمي (1136)، وأحمد (9290)، والبخاري في التاريخ 3/ 16 - 17، وأبو داود (3904)، والترمذي (135)، والنسائي في الكبرى (9017)، وابن الجارود (107)، والبيهقي 7/ 198 من طرق عن حماد بن سلمة به.
(4)
إسناده ضعيف لرواية إسماعيل بن عياش الشامي عن غير أهل بلده وهو سهيل بن أبي صالح المدني.
4123 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن سهيل بن أبي صالح، وعمر مولى غفرة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا يستحي من الحق، لا يحل إتيان
(1)
النساء في حشوشهن"
(2)
.
4124 -
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال: ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طلق، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أعجازهن"
(3)
.
4125 -
حدثنا أبو أمية يعني محمد بن إبراهيم، قال: ثنا المعلى بن منصور، قال: ثنا جرير، عن عاصم الأحول (ح)
وحدثنا أبو أمية، قال: ثنا محمد بن الصباح، قال: ثنا إسماعيل بن زكريا، عن عاصم الأحول
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
(1)
في م د م س "من أتى".
(2)
إسناده ضعيف كسابقه، ولضعف عمر بن عبد الله المدني مولى غفرة.
(3)
إسناده ضعيف مسلم بن سلام تفرد بالرواية عنه عيسى بن حطان الرقاشي ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان: مجهول، وعيسى بن حطان ذكره ابن حبان في الثقات، وقال البخاري فيما نقل عنه الترمذي في العلل الكبير 1/ 146 رجل مجهول.
وأخرجه أحمد 39/ 470، والترمذي (1164)، وابن حبان (4199) من طريق أبي معاوية به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 251، والدارمي (1141 - 1142)، وأبو داود (205، 1005)، والنسائي في الكبرى (9024، 9025، 9026)، وابن حبان (2337)، والدارقطني 1/ 153، والبيهقي 2/ 255، والبغوي (752) من طرق عن عاصم الأحول به.
(4)
إسناده ضعيف كسابقه.
وقد احتج أهل المقالة الأولى أيضا لقولهم
4126 -
بما حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن محمد بن زيد بن المهاجر، عن محمد بن كعب القرظي أنه كان لا يرى بأسا بإتيان النساء في أدبارهن
(1)
.
ويحتج في ذلك بقول الله عز وجل {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء: 165، 166] أي من أزواجكم مثل ذلك، إن كنتم تشتهون.
قيل لهم: ومن يوافق محمد بن كعب القرظي على هذا التأويل؟ قد قال مخالفوه {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشعراء: 166] مما قد أحل لكم من جماعهن في فروجهن.
وهذا التأويل -عندنا- أولى من التأويل الأول، لموافقته لما قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد ذكرنا. ولئن وجب أن يقلد في هذا القول محمد بن كعب، فإن تقليد سعيد بن المسيب أولى.
4127 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: كان سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو سلمة بن عبد الرحمن - وأكبر ظني
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
أنه أبو بكر -ينهيان أن تؤتى النساء في دبرها أشد النهي، وكيف؟ وقد قال بذلك من هو أجل منهما
(1)
.
4128 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية الضرير، عن الحجاج، عن أبي القعقاع الجرمي، عن عبد الله بن مسعود قال:"مَحَاشُ النساء حرام"
(2)
.
4129 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: حدثني ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو، قال في الذي يأتي امرأته في دبرها قال: اللوطية الصغرى
(3)
.
وما في هذا الباب عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم وتابعيهم، فأكثر من أن يستقصى، ولكنا حذفنا ذلك من كتابنا هذا لكثرته وطوله.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (452) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يونس، عن ابن شهاب به ليس فيه أبو سلمة.
(2)
إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة وهو مدلس.
وأخرجه ابن أبي شيبة (16807)، وسعيد بن منصور (370)، والدارمي (1177)، والدولابي (1615) من طرق عن أبي القعقاع به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 433 بإسناده ومتنه.
ورواه ابن أبي شيبة (16805) من طريق سعيد بن أبي عروبة به.
ورواه النسائي في الكبرى (112 - 113) من طريق عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن عمرو به موقوفا.
فلما تواترت هذه الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن وطء الرجل المرأة في دبرها، ثم جاء عن أصحابه، وعن تابعيهم ما يوافق ذلك وجب القول به، وترك ما خالفه. وهذا أيضا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمه الله، والله أعلم بالصواب.
11 - باب: وطئ الحبالى
4130 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا ابن أبي غنية عبد الملك بن حميد، عن محمد بن المهاجر الأنصاري، عن أبيه، عن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقتلوا أولادكم سرا، فإن قتل الغيل
(1)
يدرك الفارس البطل فيدعثره عن ظهر فرسه"
(2)
.
4131 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن مهاجر، عن أبيه، عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقتلوا أولادكم سرا، فإن قتل الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن ظهر فرسه"
(3)
.
(1)
هو: أن يجامع الرجل المرأة وهي مرضع فربما حملت، واسم ذلك اللبن الغيل، فإذا حملت فسد لبنها يريد أن من سوء أثره في بدن الطفل وإفساد مزاجه وارخاء قواه، وأن ذلك لا يزال ماثلا فيه إلى أن يشد ويبلغ مبلغ الرجال، فأراد منازلة قرن في الحرب وهن عنه وانكسر، وسبب وهنه وانكساره الغيل، كما في النخب 14/ 374.
(2)
إسناده حسن من أجل مهاجر بن أبي مسلم الأنصاري.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3659) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (27562)، وابن حبان (5984)، والطبراني في الكبير 24/ (463)، وتمام في فوائده (795) من طريق أبي نعيم به، وجاء في مطبوع شرح المشكل حدثنا ابن أبي غنية عن عبد الملك ولفظ (عن) مقحم.
وأخرجه أبو داود (3881)، وابن أبي عاصم (3351)، والبيهقي 5/ 464 من طريقين عن محمد بن مهاجر به.
(3)
إسناده حسن لرواية إسماعيل بن عياش عن أهل بلده وعمرو بن مهاجر هو الدمشقي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3658) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن ماجة (2012)، والطبراني في الكبير 24/ 462 من طريق هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، عن عمرو بن =
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى هذا فكرهوا وطئ الرجل امرأته أو جاريته إذا كانت حبلى، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
فقالوا: لا بأس بذلك واحتجوا في ذلك بما
4132 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا يحيى بن أيوب، قال: أخبرني عياش بن عباس، قال: أخبرني أبو النضر، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، أن أسامة بن زيد أخبر والده سعد بن أبي وقاص قال: إن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعزل عن امرأتي، فقال:"لِم؟ قال: شفقا على الولد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كان كذلك فلا، ما كان ضار فارس والروم"
(3)
.
ففي هذا الحديث إباحة وطئ الحبالى، وإخبار من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك إذا كان لا يضر فارس والروم، فإنه لا يضر غيرهم.
= المهاجر به.
(1)
قلت أراد بهم: قتادة، وأبا قلابة عبد الله بن زيد، وسعيد بن المسيب، وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 14/ 375.
(2)
قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، ومجاهدا، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 14/ 376.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3671) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (21770)، ومسلم (1443)، والبزار في مسنده (2588)، والطبراني (382)، والسهمي في تاريخ جرجان (29) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ عن حيوة، عن عياش بن عباس به.
فخالف هذا الحديث، حديث أسماء رضي الله عنها، فأردنا أن نعلم أيهما الناسخ للآخر فنظرنا في ذلك.
4133 -
فوجدنا يونس قد حدثنا، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكا أخبره،
ووجدنا محمد بن خزيمة، قد حدثنا قال: ثنا أبو مسهر، قال: ثنا مالك بن أنس (ح)
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن أبي الوزير، قال: ثنا مالك بن أنس، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن عائشة، عن جدامة بنت وهب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن فارس والروم يصنعون ذلك، فلا يضر أولادهم"
(1)
.
4134 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرني يحيى بن أيوب، قال: حدثني أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، قال: ثنا عروة بن الزبير، عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن جدامة بنت وهب الأسدية، عن رسول الله
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3664، 3666) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 607 - 608، ومن طريقه أخرجه أحمد (27035)، والدارمي 2/ 146 - 147، ومسلم (1442)(140)، وأبو داود (3882)، والنسائي 6/ 106 - 107، والطبراني 24/ (534)، والبيهقي 7/ 465، والبغوي (2298).
صلى الله عليه وسلم، أنه همّ أن ينهى عن الغيال قال: فنظرت فإذا فارس والروم يغيلون، فلا يضر ذلك أولادهم"
(1)
.
4135 -
حدثنا إبراهيم بن محمد بن يونس، وصالح بن عبد الرحمن، قالا: ثنا المقرئ يعني أبا عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن أبي أيوب، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة، أنها قالت: حدثتني جدامة
…
فذكر نحوه"
(2)
.
4136 -
حدثنا ربيع الجيزي قال: ثنا أبو زرعة قال: أخبرنا حيوة، عن أبي الأسود، أنه سمع عروة يحدث، عن عائشة، عن جدامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم هَمّ بالنهي عن ذلك حتى بلغه أو حتى ذكر أن فارس والروم يفعلونه، فلا يضر أولادهم. ففي ذلك إباحة ما قد حظره الحديث الأول. واحتمل أن يكون أحد الأمرين ناسخا للآخر. فنظرنا في ذلك فإذا
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3668) بإسناده إلا أن عنده أحمد بن أبي داود والصواب إبراهيم بن أبي داود كما في النخب.
وأخرجه مسلم (1442)، والترمذي (2208)، وابن ماجة (2011) من طريق يحيى بن أيوب به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3670) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (27447)، ومسلم (1442)(141)، والطبراني في الكبير 24/ 535، والبيهقي في السنن 7/ 231 من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل أبي زرعة وهب الله بن راشد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3669) بإسناده ومتنه.
4137 -
روح بن الفرج قد حدثنا، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن الاغتيال، ثم قال:"لو ضر أحدا لضر فارس والروم"
(1)
.
فثبت بهذا الحديث الإباحة بعد النهي، فهذا أولى من غيره، ودل نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك من جهة خوف الضرر من أجله، ثم أباحه لما تحقق عنده أنه لا يضر.
ودل ذلك أنه لم يكن منع منه في وقت ما منع منه من طريق الوحي، ولا من طريق ما يحل ويحرم، ولكنه على طريق ما وقع في قلبه صلى الله عليه وسلم منه شيء، فأمر به على الشفقة منه على أمته لا غير ذلك، كما قد كان أمر في ترك تأبير النخل. فإنه قد
4138 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا إسرائيل، قال: ثنا سماك، عن موسي بن طلحة، عن أبيه أنه قال: مررت مع النبي صلى الله عليه وسلم في نخل المدينة، فإذا أناس في رءوس النخل يلقحون النخل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما يصنع هؤلاء؟ " فقيل: يأخذون الذكر فيجعلونه في الأنثى، فقال:"ما أظن ذلك يغني شيئا"، فبلغهم فتركوه ونزعوا عنها فلم تحمل تلك السنة شيئا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3663) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني (11389) بنفس السند.
وأخرجه البزار (1454) من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس به.
وسلم فقال: "إنما هو ظن ظننته، إن كان يغني شيئا فليصنعوه، فإنما أنا بشر مثلكم، وإنما هو ظن ظننته، والظن يخطئ ويصيب، ولكن ما قلت لكم قال الله، فلن أكذب على الله"
(1)
.
4139 -
حدثنا يزيد، قال: ثنا أحمد بن عبدة، قال أخبرنا حفص بن جميع، قال: ثنا سماك، أنه سمع موسى بن طلحة، يحدث عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
نحوه
(2)
.
4140 -
حدثنا يزيد، قال: ثنا أبو الوليد، ويحيى بن حماد: قالا ثنا أبو عوانة، عن سماك بن حرب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
4141 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا أبو عوانة، عن سماك
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
(1)
إسناده حسن، من أجل سماك بن حرب.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1721) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (1399)، وابن ماجة (2470)، والشاشي (8) من طرق عن إسرائيل به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف حفص بن جميع الكوفي.
وأخرجه البزار (938) من طريق أحمد بن عبدة به.
(3)
إسناده حسن من أجل سماك بن حرب.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1720) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (230)، وأحمد (1395)، ومسلم (2361)، والبزار (937)، وأبو يعلى (639)، والشاشي (7، 9) من طرق عن أبي عوانة به.
(4)
إسناده حسن، وهو مكرر سابقه.
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن ما قاله من جهة الظن، فهو فيه كسائر البشر في ظنونهم، وأن الذي يقوله، مما لا يكون على خلاف ما يقوله هو ما يقوله عن الله عز وجل.
فلما كان نهيه عن الغيلة، لما كان خاف منها على أولاد الحوامل، ثم أباحها لما علم أنها لا تضرهم، دل ذلك على أن ما كان نهى عنه، لم يكن من قبل الله عز وجل، ولو كان من قبل الله عز وجل لكان يقف به على حقيقة ذلك. ولكنه من قبل ظنه الذي قد وقف بعده على أن ما في الحقيقة مما نهى عما نهى عنه من ذلك من أجله، بخلاف ما وقع في قلبه من ذلك.
فثبت بما ذكرنا أن وطئ الرجل امرأته أو أمته حاملا، حلال لم يحرم عليه قط. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ومحمد رحمه الله.
12 - باب: انتهاب ما ينثر على القوم مما يفعله الناس في النكاح
4142 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير عن الصنابحي، عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا ننتهب
(1)
.
4143 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا زهير، قال: ثنا حميد الطويل، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من انتهب فليس منا"
(2)
.
4144 -
حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: ثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، وحميد، عن أنس قال: إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة وقال: "من انتهب فليس منا"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (3893)، ومسلم (1709)(44)، من طريق ليث، عن يزيد به مطولا.
وذكره البخاري تعليقا عن عبادة قبل (2474).
(2)
رجاله ثقات، لكن الحسن البصري لم يسمع من عمران بن حصين.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1315) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني في الكبير 18/ 382 من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس به.
وأخرجه أحمد (19929) من طريق يحيى بن آدم، عن زهير به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل أبي جعفر هو عيسى بن أبي عيسى الرازي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1316) بإسناده ومتنه بزيادة إبراهيم بن أبي داود في أوله. =
4145 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، عن ابن أبي ذئب، عن مولى لجهينة، عن عبد الرحمن بن زيد بن خالد الجهني، عن أبيه، "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخُلسة
(1)
والنُّهبة
(2)
"
(3)
.
4146 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا زهير، قال: ثنا سماك بن حرب، قال: أنبأني ثعلبة بن الحكم أخو بني ليث: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم مر بقدور فيها لحم غنم انتهبوها، فأمر بها فأكفئت وقال:"إن النهبة لا تحل"
(4)
.
= وأخرجه أبو القاسم البغوي في الجعديات مقطعا (3091، 3092، 3093، 3094)، والضياء في المختارة (2125) من طريق على بن الجعد به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 57، وأحمد (12422)، والبزار (1733 كشف الأستار)، والضياء (2126) من طرق عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس وحده به.
ورواه عبد الرزاق (6690)، ومن طريقه أحمد (13032)، والترمذي (1601) عن معمر، عن ثابت، عن أنس به.
(1)
بضم الخاء المعجمة من خلست الشيء إذا سلبته.
(2)
النهبة بضم النون اسم للانتهاب.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن زيد بن خالد، ولإبهام الراوي عنه.
وأخرجه أحمد (17052) عن هاشم بن القاسم، والطبراني في الكبير (5264) من طريق معن بن عيسى، كلاهما عن ابن أبي ذئب به. وإسناد الطبراني ليس فيه ذكر مولى الجهينة.
(4)
إسناده حسن من أجل سماك بن حرب.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1318) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني في الكبير (1372) من طرق عن زهير به.
4147 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: حدثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن ثعلبة بن الحكم، قال: أصاب الناسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما، فانتهبوها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تصلح النهبة، ثم أمر بالقدور فأكفئت"
(1)
.
4148 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا الفريابي قال: ثنا إسرائيل، قال: ثنا سماك
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4149 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: ثنا أبي وغيره عن سماك
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده حسن، من أجل سماك بن حرب.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3001) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (1195)، وأحمد (23116)، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 173، والطبراني في الكبير (1375، 1379)، وابن قانع 1/ 121، والحاكم 4/ 134، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1354 - 1355) من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه عبد الرزاق (18841) من طريق إسرائيل بن يونس، عن سماك به.
(3)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3002) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن ماجة (3938)، وابن حبان (5169)، والطبراني (1371، 1372، 1373، 1374، 1376، 1377، 1378)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1356)، والمزي في تهذيب الكمال 4/ 391 من طرق عن سماك بن حرب به.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى أن الرجل إذا نثر على قوم شيئا وأباحهم أخذه أن أخذه مكروه لهم وحرام عليهم، وذهبوا في ذلك إلى أنه من النهبة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: النهبة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار هي نهبة ما لم يؤذن في انتهابه. فأما ما نثره رجل على قوم وأباحهم انتهابه وأخذه، فليس كذلك، لأنه مأذون فيه والأول ممنوع عنه.
وقد وجدنا مثل ذلك قد أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4150 -
حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن عبد الله بن لحي، عن عبد الله بن قرط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الأيام إلى الله يوم النحر، ثم يوم القر
(3)
". فقربت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنات خمسا أو ستا، فطفقن يزدلفن إليه، بأيتهن يبدأ فلما وجبت
(4)
(1)
قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وإبراهيم النخعي، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في النخب 14/ 402.
(2)
قلت أراد بهم: عامر الشعبي، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في المصدر السابق.
(3)
هو: اليوم الذي يلى يوم النحر، سمي به لأن الناس يقرون فيه بمنى لأنهم قد فرغوا من طواف الإفاضة والنحر.
(4)
أي: سقطت.
جنوبها، قال كلمة خفيفة لم أفقهها. فقلت للذي كان إلى جنبي: ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شاء اقتطع"
(1)
.
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: من شاء اقتطع وأباح ذلك دل هذا أن ما أباحه ربه للناس من طعام أو غيره، فلهم أن يأخذوا من ذلك ما أحبوا، وذلك خلاف النهبة التي نهى عنها في الآثار الأول.
فثبت بما ذكرنا أن النهبة التي هي في الآثار الأول هي نهبة ما لم يؤذن فيه، وإن ما أبيح من ذلك وأذن فيه، فعلى ما في هذا الأثر الثاني.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث منقطع قد فسر حكم النهبة المنهي عنها، والنهبة المباحة، وإنما أردنا بذكره هاهنا تفسيره لمعنى هذا المتصل.
4151 -
حدثنا عبد العزيز بن معاوية العتابي، قال: ثنا عون بن عمارة، قال: ثنا لمازة بن المغيرة، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل قال شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ملاك شاب من الأنصار، فلما زوَّجوه قال: على الألفة، والطير
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1319) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 5/ 34 - 35، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 104، والبيهقي في السنن 5/ 237، 241 من طريق أبي عاصم به.
وأخرجه أحمد (19075)، والنسائي في الكبرى (4098)، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 103 - 104، وابن حبان (2811)، والحاكم 4/ 221 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ثور به.
وأخرجه أبو داود (1765) من طريق عيسى بن يونس، عن ثور به.
الميمون
(1)
، والسعة في الرزق، بارك الله لكم دففوا
(2)
على رأس صاحبكم، فلم يلبث أن جاءت الجواري معهن الأطباق، عليها اللوز والسكر، فأمسك القوم أيديهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا تنتهبون؟ "، فقالوا: يا رسول الله، إنك كنت نهيت عن النهبة، قال:"تلك نهبة العساكر، فأما العرسات فلا" قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاذبهم ويجاذبونه
(3)
.
وقد روي عن جماعة من المتقدمين في ذلك اختلاف أيضا.
4152 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: أنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن عبد الله سنان، أنه قال: كان لأبي مسعود صبيان في الكتاب فأرادوا أن ينتهبوا عليهم، فاشترى لهم جوزا بدرهمين. وكره أن ينتهبوا مع الصبيان
(4)
.
(1)
أي: الحظ المبارك، وفي د "الطيب".
(2)
أي: اضربوا بالدف.
(3)
إسناده ضعيف لانقطاعه فإن خالد بن معدان لم يسمع من معاذ، وعون بن عمارة القيسي ضعيف الحديث روى له ابن ماجة، ولمازة بن المغيرة مجهول قال أبو حاتم: لا أعرفه.
وأخرجه الطبراني في الدعاء (935)، وفي الكبير 20/ (97، 191)، وفي مسند الشاميين (416)، وأبو نعيم في الحلية 5/ 215، والبيهقي 7/ 288 من طريق لمازة بن المغيرة به.
وقال البيهقي: في إسناده مجاهيل وانقطاع وقد روى بإسناد آخر مجهول عن عروة عن عائشة عن معاذ بن جبل ولا يثبت في هذا الباب شيء.
(4)
رجاله ثقات.
وأخرجه البيهقي 7/ 288 من طريق أبي حصين، عن خالد بن سعد أن غلاما من الكتاب حذق فأمر أبو مسعود فاشترى لصبيانه بدرهم جوزا وكره النهبي. =
فقد يجوز أن يكون ذلك كان على الخوف منهم عليهم في النهبة، لا لغير ذلك.
4153 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا المسعودي، عن القاسم، أنه كان يستحب أن يوضع السكر في الاملاك ويكره أن ينثر
(1)
.
4154 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا شعبة، عن حصين، عن عكرمة: أنه كرهه
(2)
.
4155 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا علي بن الجعد قال: ثنا شعبة، عن الحكم قال:"كنت أمشي بين إبراهيم والشعبي، فتذاكرا إنثار العرس، فكرهه إبراهيم، ولم يكرهه الشعبي"
(3)
.
فقد يجوز أن يكون إبراهيم كره ذلك من أجل ما ذكرنا من خوف العطب على المنتهبين. فنظرنا في ذلك فإذا
4156 -
صالح بن عبد الرحمن قد حدثنا، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، عن مغيرة عن إبراهيم في النهاب في العرس قال: كانوا يأخذونه للصبيان
(4)
.
= وأخرجه من طريق شعبة، عن قيس بن الربيع، عن أبي حصين عن خالد بن سعد أن أبا مسعود كره نهاب الغلمان.
(1)
أثر صحيح والمسعودي متابع.
(2)
إسناده صحيح
وأخرجه البيهقي 7/ 287 من طريق شعبة، عن حصين، عن عكرمة أنه كرهه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي 7/ 287 من طريق أبي القاسم البغوي عن علي بن الجعد عن شعبة عن الحكم به.
(4)
إسناده صحيح.
فدل ما روي عن إبراهيم في هذا، مع ذكره عمن كان قبله ممن يقتدى به من أنهم كانوا يأخذونه للصبيان في هذا الحديث أن كراهته له في الباب الأول ليس من جهة تحريمه، ولكن من جهة ما ذكرناه
4157 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن، أنه كان لا يرى بذلك بأسا
(1)
.
4158 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن أشعث، عن الحسن قال: لا بأس بانتهاب الجوز
(2)
.
وقال محمد بن سيرين: يعطون في أيديهم، وما فيه الإباحة من هذه الآثار -عندنا - أوجه في النظر، مما فيه الكراهية، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، رحمه الله.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده صحيح.
8 - كتاب الطلاق
1 - باب: الرجل يطلق امرأته وهي حائض، ثم يريد أن يطلقها للسنة، متى يكون له ذلك؟
4159 -
حدثنا أبو بكرة وإبراهيم بن مرزوق، قالا: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير قال: سمعت عبد الرحمن بن أيمن يسأل عبد الله بن عمر، عن الرجل يطلق امرأته وهي حائض قال: فعل ذلك عبد الله بن عمر. فسأل عمر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مره فليراجعها حتى تطهر، ثم يطلقها" قال: ثم تلا {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أي في قبل عدتهن
(1)
.
4160 -
حدثنا فهد قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"مره فليراجعها، ثم ليطلقها وهي طاهر أو حامل"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الشافعي في مسنده 2/ 33 - 34، وأحمد (5524)، ومسلم (1471)(14)، وأبو داود (2185)، والنسائي 6/ 139، وابن الجارود في المنتقى (733)، والبيهقي 7/ 327، والبغوي (2352) من طرق عن ابن جريج به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4224) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 3، وأحمد (4789)، ومسلم (1471)(5)، وأبو داود (2181)، والترمذي (1176)، =
4161 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا قال: ثنا هشيم، قال: أنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال طلقت امرأتي وهي حائض، فردها عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلقتها، وهي طاهرة
(1)
.
4162 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر
…
ثم ذكر بإسناده مثله
(2)
.
4163 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا هشام بن حسان، عن محمد ابن سيرين، عن يونس بن جبير، قال: سألت ابن عمر عن رجل طلق امرأته وهي حائض، فقال: هل تعرف عبد الله بن عمر؟ قلت. نعم قال: فإنه طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال:"مره فليراجعها، فإذا طهرت فليطلقها"
(3)
. قلت: وتعتد بتلك التطليقة؟ قال: فمه أرأيت إن عجز واستحمق؟ ولم يذكر أبو بكرة في حديثه هذا غير ما ذكرناه.
= والنسائي 6/ 141، وابن ماجة (2023)، وأبو يعلى (5440)، وابن الجارود في المنتقى (736)، والدارقطني 4/ 6، والبيهقي 7/ 325 من طريق وكيع به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (1983)، والنسائي في المجتبى 6/ 141، وفي الكبرى (5561)، وأبو يعلى (5650)، وابن حبان (4264) من طرق عن هشيم به.
وأخرجه البخاري (5253) من طريق عبد الوارث، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: حسبت علي بتطليقة.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل يحيى بن عبد الحميد الحماني.
(3)
إسناده صحيح. =
4164 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: أخبرنا شعبة، قال: أخبرني أنس بن سيرين، قال: سمعت ابن عمر يقول: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مره فليراجعها، فإذا طهرت فليطلقها" فقيل: أيحتسب بها؟ قال: فمه
(1)
.
4165 -
حدثنا فهد، قال: ثنا النفيلي قال: ثنا زهير بن معاوية قال: ثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس بن سيرين قال: سألت ابن عمر كيف صنعت في امرأتك التي طلقت؟ قال: طلقتها وهي حائض، فذكرت ذلك لعمر فأتى عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال:"مره فليراجعها، ثم ليطلقها عند طهر" قال: فقلت: جعلت فداك، اعتدت بالطلاق الأول؟ قال: وما يمنعني وإن كنت أسأت واستحمقت
(2)
.
= وأخرجه أبو عوانة 3/ 149 بنفس السند.
وأخرجه ابن ماجة (2022) من طريق عبد الأعلى، عن هشام به.
وأخرجه أحمد (5121)، وسعيد بن منصور (1549)، والبخاري (5333)، ومسلم (1471)(7)، وأبو داود (2184)، والترمذي (1175)، والنسائي 6/ 141 - 142، والدارقطني 4/ 8، والبيهقي 7/ 325 من طرق عن محمد بن سيرين به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (5268)، والبخاري (5252)، ومسلم (1471)(12)، وابن الجارود في المنتقى (735)، والدارقطني 4/ 5 - 6 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (304)، ومسلم (1471) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان به.
4166 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا يزيد بن إبراهيم، عن محمد بن سيرين، قال: حدثني يونس هو ابن جبير، قال: سألت عبد الله بن عمر، قلت: رجل طلق امرأته وهي حائض؟ قال: أتعرف عبد الله بن عمر؟ فقلت: نعم قال: فإن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله "فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها، ثم يطلقها في قبل عدتها"
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم إلى هذه الآثار
(2)
، فقالوا: من طلق امرأته وهي حائض فقد أثم، وينبغي له أن يراجعها، لأن طلاقه ذلك طلاق خطأ، فإن تركها تمضي العدة، بانت منه بطلاق خطأ، ولكنه يؤمر أن يراجعها ليخرجها بذلك من أسباب الطلاق الخطأ، ثم يتركها حتى تطهر من هذه الحيضة، ثم يطلقها طلاقا صوابا، فتمضي في عدة من طلاق صواب فإن شاء راجعها فكانت امرأته، وبطلت العدة، وإن شاء تركها حتى تبين منه بطلاق صواب. وهذا قول أبي حنيفة رحمة الله عليه.
(1)
إسناده قوي من أجل خصيف بن ناصح الحارثي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (17765)، والبخاري (5333)، وأبو داود (2184) من طرق عن يزيد بن إبراهيم به.
(2)
قلت أراد بهم: شقيق بن سلمة، وسعيد بن جبير، وقتادة، والنخعي، والثوري، والمزني من أصحاب الشافعي رحمهم الله، كما في النخب 14/ 449.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، منهم أبو يوسف رحمة الله عليه، فزعموا أنه إذا طلقها حائضا لم يكن له بعد ذلك أن يطلقها حتى تطهر من هذه الحيضة، ثم تحيض حيضة أخرى، ثم تطهر منها. وعارضوا الآثار التي رويناها في موافقة القول الأول بما
4167 -
حدثنا نصر بن مرزوق، وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر أخبره أنه طلق امرأته، وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتغيظ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها، فتلك العدة كما أمر الله"
(2)
.
4168 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو صالح
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
4169 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل
(1)
قلت أراد بهم: سالما، والليث بن سعد، وعبد الملك بن جريج، والزهري، وعطاء الخراساني، والحسن البصري، ومالكا، وأبا يوسف، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 14/ 450.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه البخاري (4908)، والبيهقي 324/ 7 من طريق الليث به.
(3)
إسناده حسن كسابقه، وهو مكرر سابقه.
عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء"
(1)
4170 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك
…
فذكر بإسناده مثله. غير أنه قال: ثم يتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلق
(2)
.
4171 -
حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، وعبيد الله (ح)
وحدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا حماد، عن أيوب، وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 576، ومن طريقه أخرجه الشافعي في المسند 2/ 32 - 33، وعبد الرزاق (10952)، وأحمد (5299)، والبخاري (5251)، ومسلم (1471)(1)، وأبو داود (2179)، والنسائي 6/ 138، والبيهقي 7/ 323، والبغوي (2351).
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (10954)، وأحمد (5321)، ومسلم (1471)، والنسائي في المجتبى 6/ 213، وفي الكبرى (5720) من طرق عن أيوب السختياني به.
وأخرجه الطيالسي (1853)، وابن أبي شيبة 5/ 2 - 3، وأحمد (5164)، ومسلم (1471)(2)، والنسائي 6/ 140، وابن ماجة (2019)، وابن الجارود (734)، وابن حبان (4263)، والدارقطني 4/ 7 من طرق عن عبيد الله به.
4172 -
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد، قال أخبرني يحيى بن سعيد، وموسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر، عن نافع، أن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
ثم ذكر مثله. وزاد: قبل أن يجامعها
(1)
.
4173 -
حدثنا فهد وحسين بن نصر، قالا: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا زهير، قال: ثنا موسى بن عقبة، قال: حدثني نافع، أن عبد الله بن عمر
…
ثم ذكر مثله
(2)
.
فقد أخبر سالم، ونافع، عن ابن عمر في هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر. فزاد ذلك على ما في الآثار الأول، فهو أولى منها. فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
وأما وجهه من طريق النظر، فإنا وجدنا الأصل في ذلك أن الرجل نهي أن يطلق امرأته حائضا، ونهي أن يطلقها في طهر قد جامعها فيه، فكان قد نهي عن الطلاق في الطهر الذي قد جامعها فيه، كما نهي عن الطلاق في الحيض.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 212، وفي الكبرى (5719) من طريق ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق ويحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر، ومن طريق زهير، عن موسى بن عقبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الدارقطني (3868) من طريق أحمد بن يونس به.
وأخرجه النسائي 6/ 212 من طريق زهير به.
ثم رأيناهم لا يختلفون في رجل جامع امرأته حائضا، ثم أراد أن يطلقها للسنة أنه ذلك ممنوع عن حتى تطهر من هذه الحيضة التي كان الجماع فيها، ومن حيضة أخرى بعدها، وجعل جماعه إياها في الحيضة، كجماعه إياها في الطهر الذي يعقب تلك الحيضة.
فلما كان حكم الطهر الذي بعد كل حيضة كحكم نفس الحيضة في وقوع الطلاق في الجماع في ذلك، وكان من جامع امرأته وهي حائض فليس له أن يطلقها بعد ذلك حتى يكون بين ذلك الجماع وبين الطلاق الذي يوقعه حيضة كاملة مستقبلة. كان كذلك في النظر أنه إذا طلق امرأته وهي حائض، ثم أراد بعد ذلك أن يطلقها، لم يكن له ذلك حتى يكون بين طلاقه الأول الذي كان طلقها إياه وبين طلاقه إياها الثاني حيضةً مستقبلة. فهذا وجه النظر -عندنا- في هذا الباب مع موافقة الآثار، وهو قول أبي يوسف رحمه الله.
وفي منع النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن يطلق امرأته بعد الطلاق الأول حتى تكون بعد ذلك حيضة مستقبلة، فيكون بين التطليقتين حيضة مستقبلة، دليل أن حكم طلاق السنة أن لا يجمع منه تطليقتان في طهر واحد. فافهم ذلك، فإنه قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله
2 - باب: الرجل يطلق امرأته ثلاثا معا
4174 -
حدثنا روح بن الفرج، قال ثنا أحمد بن صالح، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني ابن طاوس، عن أبيه، أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وثلاثا من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: "نعم"
(1)
.
(1)
رجاله ثقات.
وأخرجه عبد الرزاق (11337)، ومسلم (1472)(16)، وأبو داود (2200)، والنسائي 6/ 145، والطبراني (10917)، والدارقطني 4/ 46، 47، 48، 49، 50، 51، والبيهقي 7/ 336 عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أن الصهباء قال لابن عباس: أتعلم أنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وثلاثا من إمارة عمر؟ فقال ابن عباس: نعم. قال ابن رجب في "مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة" -نقله عنه يوسف بن عبد الهادي في كتابه "سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث"-: فهذا الحديث لأئمة الإسلام فيه طريقان: أحدهما: مسلك الإمام أحمد ومن وافقه، وهو يرجع إلى الكلام في إسناد الحديث لشذوذه، وانفراد طاووس به، فإنه لم يتابع عليه، وانفراد الراوي بالحديث مخالفا للأكثرين هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه، وأنه يكون شاذا أو منكرا إذا لم يرو معناه من وجه يصح، وهذه طريقة المتقدمين كالإمام أحمد، ويحيى القطان، ويحيى بن معين، ومتى أجمع علماء الأمة على اطراح العمل بحديث، وجب اطراحه وترك العمل به.
ثم قال ابن رجب: وقد صح عن ابن عباس -وهو راوي الحديث- أنه أفتى بخلاف هذا الحديث، ولزوم الثلاثة المجموعة، وقد علل بهذا أحمد والشافعي كما ذكره الموفق ابن قدامة في "المغني"، وهذه أيضا علة في الحديث بانفرادها، فكيف وقد انضم إليها علة الشذوذ والإنكار.
وقال العلامة ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" 3/ 124 - 127: قال البيهقي (في سننه 7/ 337): هذا الحديث أحد ما اختلف فيه البخاري ومسلم فأخرجه مسلم وتركه البخاري، وأظنه إنما تركه لمخالفته سائر الروايات عن ابن =
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا معا، فقد وقعت عليها واحدة إذا كانت في وقت سنة، وذلك أن تكون طاهرا من غير جماع.
واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا: لما كان الله عز وجل إنما أمر عباده أن يطلقوا لوقت على صفة، فطلقوا على غير ما أمرهم به لم يقع طلاقهم.
= عباس -وساق الروايات عنه- ثم قال: فهذه رواية سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وعكرمة وعمرو بن دينار ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكير، ورويناه عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري، كلهم عن ابن عباس، إنه أجاز الثلاث وأمضاهن، قال ابن المنذر: فغير جائز إن نظن بابن عباس أنه يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، ثم يفتى بخلافه. وقال الشافعي: فإن كان، يعني قول ابن عباس:"إن الثلاث كانت تحتسب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة"، يعني أنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذي يشبه -والله أعلم- أن يكون ابن عباس قد علم أن كان شيء فنسخ.
قال البيهقي: ورواية عكرمة عن ابن عباس فيها تأكيد لصحة هذا التأويل. يريد البيهقي الحديث الذي ذكره أبو داود في باب نسخ المراجعة.
وقال أبو العباس بن سريج: يمكن أن يكون ذلك إنما جاء في نوع خاص من الطلاق الثلاث.، وهو أن يفرق بين اللفظين، كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، وكان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر والناس على صدقهم وسلامتهم، لم يكن ظهر فيهم الخب والخداع، فكانوا يصدقون أنهم أرادوا به التوكيد، ولا يريدون الثلاث، ولما رأى عمر رضي الله عنه في زمانه أمورا ظهرت وأحوالا تغيرت منع من حمل اللفظ على التكرار فألزمهم الثلاث.
وقال بعضهم: إن ذلك إنما جاء في غير المدخول بها، وذهب إلى هذا جماعة من أصحاب ابن عباس، ورووا أن الثلاث لا تقع على غير المدخول بها، لأنها بالواحدة تبين، فإذا قال: أنت طالق، بانت، وقوله:"ثلاثا" وقع بعد البينونة، ولا يعتد به، وهذا مذهب إسحاق بن راهويه.
(1)
قلت أراد بهم: طاووسا، ومحمد بن إسحاق، والحجاج بن أرطاة النخعي، وابن مقاتل، وبعض الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 14/ 469.
وقالوا: ألا ترون أن رجلا لو أمر رجلا أن يطلق امرأته في وقت فطلقها في غيره، أو أمره أن يطلقها على شريطة فطلقها على غير تلك الشريطة أن طلاقه لا يقع إذ كان قد خالف ما أمر به.
قالوا: فكذلك الطلاق الذي أمر به العباد، فإذا أوقعو كما أمروا به وقع، وإذا أوقعوه على خلاف ذلك لم يقع.
وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم
(1)
، فقالوا: الذي أمر به العباد من إيقاع الطلاق فهو كما ذكرتم إذا كانت المرأة طاهرا من غير جماع، أو كانت حاملا، وأمروا بتفريق الثلاث إذا أرادوا إيقاعهن، ولا يوقعهن معا.
فإذا خالفوا ذلك فطلقوا في الوقت الذي لا ينبغى لهم أن يطلقوا فيه، وأوقعوا الطلاق أكثر مما أمروا بإيقاعه لزمهم ما أوقعوا من ذلك، وهم آثمون في تعديهم ما أمرهم الله عز وجل به.
وليس ذلك كالوكالات، لأن الوكلاء إنما يفعلون ذلك للموكلين، فيحلون في أفعالهم تلك محلهم فإن فعلوا ذلك كما أمروا به لزم، وإن فعلوا ذلك على غير ما أمروا به لم يلزم.
(1)
قلت أراد بهم: جماهير العلماء من التابعين ومن بعدهم منهم: الأوزاعي، والنخعي، والثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه، ومالك، وأصحابه، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وأصحابه، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد وآخرون كثيرون رحمهم الله، كما في النخب 14/ 471.
والعباد في طلاقهم إنما يفعلونه لأنفسهم لا لغيرهم، ولا يحلون في فعلهم ذلك محل غيرهم، فيراد منهم في ذلك إصابة ما أمرهم به الذين يحلون في فعلهم ذلك محله.
فلما كان ذلك كذلك لزمهم ما فعلوا، وإن كان ذلك مما قد نهوا عنه، لأنا قد رأينا أشياء مما قد نهى الله تعالى العباد عن فعلها أوجب عليهم إذا فعلوها أحكاما، من ذلك: أنه نهاهم عن الظهار، ووصفه بأنه منكر من القول وزور، ولم يمنع ما كان كذلك أن تحرم به المرأة على زوجها، حتى يفعل ما أمره الله تعالى به من الكفارة.
فلما رأينا الظهار قولا منكرا وزورا، وقد لزمت به حرمة، كان كذلك الطلاق المنهي عنه، هو منكر من القول وزور والحرمة به واجبة.
وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن طلاق عبد الله امرأته وهي حائض أمره بمراجعتها، وتواترت عنه بذلك الآثار، وقد ذكرتها في الباب الأول ولا يجوز أن يؤمر بالمراجعة من لم يقع طلاقه.
فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ألزمه الطلاق في الحيض، وهو وقت لا يحل إيقاع الطلاق فيه، كان كذلك من طلق امرأته ثلاثا، فأوقع كل الطلاق في وقت بعضه دون ما بقي منه لزمه من ذلك ما ألزم نفسه، وإن كان قد فعله على خلاف ما أمر به. فهذا هو النظر في هذا الباب.
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما ما لو اكتفينا به لكان حجة قاطعة، وذلك أنه قال: فلما كان زمان عمر رضي الله عنه قال: أيها الناس، قد كان لكم في الطلاق أناة وإنه من تعجل أناة الله في الطلاق ألزمناه إياه.
4175 -
حدثنا بذلك ابن أبي عمران، قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: أخبرنا عبد الرزاق (ح)
وحدثنا عبد الحميد بن عبد العزيز، قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس
…
مثل الحديث الذي ذكرناه في أول هذا الباب
(1)
.
غير أنهما لم يذكرا أبا الصهباء ولا سؤاله ابن عباس رضي الله عنهما، وإنهما ذكرا مثل جواب ابن عباس رضي الله عنهما الذي في ذلك الحديث، وذكرا بعد ذلك من كلام عمر رضي رضي الله عنه، ما قد ذكرناه قبل هذا الحديث.
فخاطب عمر رضي الله عنه بذلك الناس جميعا، وفيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، الذين قد علموا ما تقدم من ذلك، في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينكره عليه منهم منكر، ولم يدفعه دافع، فكان ذلك أكبر الحجة في نسخ ما تقدم من ذلك.
لأنه لما كان نقل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلا يجب به الحجة، كان كذلك أيضا إجماعهم على القول إجماعا تجب به الحجة.
(1)
رجاله ثقات.
وأخرجه عبد الرزاق (11336)، وأحمد (2875)، ومسلم (1472)(15)، والطبراني (10916)، والدارقطني 4/ 64، والحاكم 2/ 196، والبيهقي 7/ 336 عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس به.
وكما كان إجماعهم على النقل بريئا من الوهم والزلل، كان كذلك إجماعهم على الرأي بريئا من الوهم والزلل.
وقد رأينا أشياء قد كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاني، فجعلها أصحابه رضي الله تعالى عنهم من بعده، على خلاف تلك المعاني، لما رأوا فيه مما قد خفي على من بعدهم، فكان ذلك حجة ناسخا لما قد تقدمه من ذلك: تدوين الدواوين والمنع من بيع أمهات الأولاد، وقد كن يبعن قبل ذلك.
والتوقيت في حد الخمر ولم يكن فيه توقيت قبل ذلك، فلما كان ما عملوا به من ذلك، ووقفونا عليه، لا يجوز لنا خلافه إلى ما قد رأيناه، مما قد تقدم فعلهم به كان كذلك ما وقفونا عليه من الطلاق الثلاث الموقع معا، أنه يلزم لا يجوز لنا خلافه إلى غيره مما قد روي أنه كان قبله على خلاف ذلك.
ثم هذا ابن عباس رضي الله عنهما قد كان من بعد ذلك يفتي: من طلق امرأته ثلاثا، أن طلاقه قد لزمه وحرمها عليه.
4176 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثا، فقال: إن عمك عصى الله فأتم الله وأطاع الشيطان، فلم يجعل له مخرجا، فقلت: كيف ترى في رجل يحلها له؟ فقال: من يخادع الله يخادعه
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه سعيد بن منصور (1064) من طريق سفيان به. =
4177 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن ابن شهاب، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن محمد بن إياس بن البكير قال: طلق رجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، ثم بدا له أن ينكحها، فجاء يستفتي فذهبت معه أسأل له، فسأل أبا هريرة وعبد الله بن عباس عن ذلك، فقالا: لا نرى أن تنكحها حتى تتزوج زوجا غيرك، فقال: إنما كان طلاقي إياها واحدة، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل
(1)
.
4178 -
حدثنا يونس
(2)
، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن يحيى بن سعيد، أن بكير بن الأشج أخبره، عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري، أنه كان جالسا مع عبد الله بن الزبير، وعاصم بن عمر، فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال: إن رجلا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، فماذا تريان؟ فقال ابن الزبير: إن هذا أمر ما لنا فيه من قول، فاذهب إلى عبد الله بن عباس وإلى أبي هريرة رضي الله عنهم، فاسألهما ثم ائتنا فأخبرنا، فذهب فسألهما، فقال ابن عباس لأبي هريرة: أفته يا أبا هريرة، فقد
= وأخرجه البيهقي في السنن 7/ 337 من طريق ابن نمير، عن الأعمش به.
وأخرجه عبد الرزاق (10779) من طريق الثوري ومعمر، عن الأعمش به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 1/ 207، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 7/ 335 وفي المعرفة (14789).
(2)
في د "فهد".
جاءتك معضلة فقال أبو هريرة: الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها، حتى تنكح زوجا غيره
(1)
، وقال ابن عباس مثل ذلك أيضا.
4179 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن محمد بن إياس بن البكير، أن رجلا سأل ابن عباس وأبا هريرة وابن عمر، عن طلاق البكر ثلاثا وهو معهم، فكلهم قال: حرمت عليك
(2)
.
4180 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة وابن عباس أنهما قالا في الرجل يطلق البكر ثلاثا: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره
(3)
.
4181 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، أن رجلا سأل ابن عباس أن رجلا طلق امرأته مائة. فقال: ثلاث تحرمها عليه، وسبعة وتسعون في رقبته، إنه اتخذ آيات الله هزوا
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 1/ 207، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 7/ 335، وفي المعرفة (14793).
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (2198) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة محمد بن عبد الرحمن، عن محمد بن إياس أن ابن عباس وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (17852) من طريق ابن فضيل، عن مطرف عن الحكم، عن ابن عباس وابن مسعود به.
(4)
إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل. =
4182 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس
…
مثله
(1)
.
4183 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن ابن أبي نجيح، وحميد الأعرج، عن مجاهد أن عن مجاهد أن رجلا قال لابن عباس: رجل طلق امرأته مائة، فقال: عصيت ربك وبانت منك امرأتك، ولم تتق الله فيجعل لك مخرجا، من يتق الله يجعل له مخرجا، قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} في قبل عدتهن
(2)
.
ثم قد روي عن غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، ما يوافق ذلك أيضا
4184 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا سفيان، وأبو عوانة، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله، أنه قال فيمن طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها قال: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره
(3)
.
= وأخرجه ابن أبي شيبة (17804) من طريق وكيع، عن سفيان، عن عمرو بن مرة به.
وأخرجه البيهقي في المعرفة (14649) من طريق عكرمة بن خالد، عن سعيد بن جبير به.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى بن عامر الثعلبي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (17870) من طريق وكيع، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن إبراهيم، عن عبيدة، وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الدارقطني (3926)، والبيهقي 7/ 331 من طريق ابن أبي نجيح وحميد، عن مجاهد به.
(3)
إسناده صحيح. =
4185 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، أنه سئل عن رجل طلق امرأته مائة، فقال: ثلاث تبينها عنك، وسائرها عدوان
(1)
.
4186 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن يحيى بن سعيد، عن بكير بن الأشج، عن النعمان بن أبي عياش الأنصاري، عن عطاء بن يسار، أنه قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو
(2)
، فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يمسها، قال عطاء: فقلت له، طلاق البكر واحدة؟ فقال عبد الله: إنما أنت قاص، الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره
(3)
.
= وأخرجه سعيد بن منصور (1076) عن سفيان وحماد بن زيد وأبي عوانة، عن عاصم، عن أبي وائل به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (17859) عن ابن عيينة، عن عاصم، عن أبي وائل به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (11343)، وسعيد بن منصور (1063، 1093)، وابن أبي شيبة (17798)، والبيهقي 7/ 544 من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم به.
(2)
في ج د س "عمر".
(3)
رجاله ثقات.
وهو في الموطأ 2/ 570، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق (11074).
4187 -
حدثنا فهد، قال ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا ابن لهيعة، ويحيى بن أيوب، قالا: ثنا ابن الهاد، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو
(1)
، قال: الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها
(2)
.
4188 -
حدثنا صالح، قال: ثنا سعيد هو ابن منصور، قال: ثنا أبو عوانة: عن شقيق، عن أنس قال: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. قال: وكان عمر بن الخطاب إذا أتي برجل طلق امرأته ثلاثا أوجع ظهره
(3)
.
4189 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا سفيان، عن عاصم بن بهدلة، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود، قال في الرجل يطلق امرأته البكر ثلاثا، قال: إنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره
(4)
.
4190 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا سفيان، قال: حدثني شقيق، عن أنس بن مالك، عن عمر
…
مثله
(5)
.
(1)
في د س "عمر".
(2)
إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب، وعبد الله بن لهيعة متابع.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه سعيد بن منصور (1073) مثله دون قول عمر.
وأخرجه أيضا (1074) عن سفيان عن شقيق نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (17867) من طريق علي مسهر، عن شقيق، عن أنس به.
(4)
إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة.
(5)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي 7/ 547 من طريق سعيد بن منصور، عن سفيان به.
فإن قال قائل: فقد رأينا العباد أمروا أن لا ينكحوا النساء إلا على شرائط، منها: أنهم منعوا من نكاحهن في عدتهن، فكان من نكح امرأة في عدتها لم يثبت نكاحه عليها، وهو في حكم من لم يعقد عليها نكاحا، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك هو إذا عقد عليها طلاقا في وقت قد نهي عن إيقاع الطلاق فيه أن لا يقع طلاقه ذلك، وأن يكون في حكم من لم يوقع طلاقا.
فالجواب في ذلك: أن ما ذكر من عقد النكاح كذلك هو، وكذلك العقود كلها التي يدخل العباد بها في أشياء لا يدخلون فيها إلا من حيث أمروا بالدخول فيها.
وأما الخروج منها فقد يجوز بغير ما أمروا بالخروج به، من ذلك أنا قد رأينا الصلوات قد أمر العباد أن لا يدخلوها إلا بالتكبير، والأسباب التي يدخلون بها فيها، وأمروا أن لا يخرجوا منها إلا بالتسليم.
فكان من دخل في الصلاة بغير طهارة وبغير تكبير لم يكن داخلا فيها، وكان من تكلم فيها بكلام مكروه أو فعل فيها شيئا مما لا يفعل فيها من الأكل والشرب، والمشي، وما أشبهه، خرج به من الصلاة، وكان مسيئا فيما فعل من ذلك في صلاته.
فكذلك الدخول في النكاح لا يكون إلا من حيث أمر العباد بالدخول فيه.
والخروج منه قد يكون بما أمروا بالخروج منه وبغير ذلك. وهذا كله قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد، رحمهم الله.
3 - باب: الأقراء
قال أبو جعفر: اختلف الناس في الأقراء التي تجب على المرأة إذا طلقت.
فقال قوم
(1)
: هي الحيض، وقال آخرون
(2)
: هي الأطهار.
فكان من حجة من ذهب إلى أنها الأطهار قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر حين طلق عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض: "مره أن يراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم ليطلقها إن شاء، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء". وقد ذكرنا ذلك بإسناده في الباب الذي قبل هذا الباب.
قالوا: فلما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلقها في الطهر، وجعله العدة، ونهاه أن يطلقها في الحيض، وأخرجه من أن يكون عدة، ثبت بذلك أن الأقراء هي الأطهار.
فكان من الحجة عليهم للآخرين، أن هذا الحديث قد روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، كما ذكروا.
(1)
قلت أراد بهم: الضحاك، والأوزاعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر، وأحمد في الصحيح، وسائر الكوفيين، وأكثر العراقيين رحمهم الله، كما في النخب 14/ 502.
(2)
قلت أراد بهم: القاسم، وسالما، وأبان بن عثمان، وأبا بكر بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، وربيعة، ويحيى بن سعيد، والزهري، ومالكا، والشافعي، وأحمد في رواية، وداود، وأبا ثور، وأبا سليمان رحمهم الله، كما في المصدر السابق.
وقد روي عنه ما هو أتم من ذلك. فروي عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمر رضي الله عنه أن يأمره أن يراجعها ثم يمهلها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم ليطلقها إن شاء، وقال:"تلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء".
وقد ذكرنا ذلك بإسناده في الباب الذي قبل هذا الباب.
فلما نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إيقاع الطلاق في الطهر الذي بعد الحيضة التي طلق فيها حتى يكون طهر وحيضة أخرى بعدها، ثبت بذلك أنه لو كان أراد بقوله:"فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء الأطهار" إذًا لجعل له أن يطلقها بعد طهرها في هذه الحيضة، ولا ينتظر ما بعدها، لأن ذلك طهر.
فلما لم يبح له الطلاق في ذلك الطهر حتى يكون طهر آخر بينه وبين ذلك الطهر حيضة، ثبت بذلك أن تلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء، إنما هي وقت ما تطلق النساء، وليس لأنها عدة تطلق لها النساء يجب بذلك أن يكون هي العدة التي تعتد بها النساء، لأن العدة مختلفة.
منها: عدة المتوفى عنها زوجها، أربعة أشهر وعشرًا.
ومنها: عدة المطلقة ثلاثة قروء.
ومنها: عدة الحامل أن تضع حملها، فكانت العدة اسما واحدًا لمعان مختلفة.
ولم يكن كل ما لزمه اسم عدة وجب أن يكون قرءًا.
فكذلك لما لزم اسم الوقت الذي تطلق فيه النساء اسم عدة، لم يثبت له بذلك اسم القرء.
فهذه معارضة صحيحة، ولو أردنا أن نكثر هاهنا، فنحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للمستحاضة:"دعي الصلاة أيام أقرائك"، فنقول: الأقراء هي: الحيض على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان ذلك قد تعلق به بعض من تقدم ولكنا لا نفعل ذلك، لأن العرب قد تسمي الحيض قرءًا، وتسمي الطهر قرءًا، وتجمع الحيض والطهر، فتسميهما قرءا.
4191 -
أخبرني بذلك محمود بن حسان النحوي، قال: ثنا عبد الملك بن هشام، عن أبي زيد، عن أبي عمرو بن العلاء بذلك، وفي ذلك أيضا حجة أخرى، أن عمر رضي الله عنه هو الذي خاطبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:"فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء"
(1)
ولم يكن ذلك -عنده- دليلا على أن الأقراء الأطهار، إذ قد جعل الأقراء الحيض فيما روي عنه.
فإذا كان هذا عند عمر رضي الله عنه، وقد خاطبه رسول الله صلى الله عليه وسلم به، لا دليل فيه على أن القرء الطهر كان من بعده فيه أيضا كذلك، وسنذكر ما روي عن عمر رضي الله عنه في هذا في موضعه من هذا الباب، إن شاء الله تعالى. وكان مما احتج به الذين جعلوا الأقراء الأطهار أيضا، ما
(1)
إسناده فيه محمود بن حسان النحوي له ترجمة في المغاني وبغية الوعاة 2/ 277 ولم أجد توثيقه وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 10/ 29 (1985) من طريق أبي جعفر الطحاوي، عن محمود بن حسان، عن عبد الملك بن هشام، عن أبي زيد الأنصاري، عن أبي عمرو بن العلاء به.
4192 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أنها نقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة، قال ابن شهاب: فذكرت ذلك لعمرة، فقالت: صدق عروة، قد جادلها في ذلك أناس، وقالوا: إن الله تعالى يقول: ثلاثة قروء. فقالت عائشة: صدقتم، أتدرون ما الأقراء؟ إنما الأقراء الأطهار
(1)
.
4193 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، قال: قال ابن شهاب: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا، يريد الذي قالت عائشة
(2)
.
4194 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا، أخبره عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: إذا طلق الرجل امرأته، فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة، فقد برئت منه، وبرئ منها ولا ترثه ولا يرثها
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1914) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 576، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 7/ 415، والمعرفة (15183).
(2)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 1/ 210، ومن طريقه أخرجه البيهقي في المعرفة (15184).
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1915) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 578، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/ 415، وفي السنن الصغير (2771)، وفي =
4195 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سليمان بن يسار، عن زيد بن ثابت قال: إذا طعنت المطلقة في الحيضة الثالثة، فقد برئت منه وبرئ منها
(1)
.
4196 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4197 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، قال: قضي زيد بن ثابت
…
فذكر مثله
(3)
. قال ابن شهاب: وأخبرني بذلك، عروة عن عائشة.
4198 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، عن نافع، أن معاوية كتب إلى زيد بن ثابت يسأله، فكتب: أنها إذا دخلت في الحيضة الثالثة، فقد بانت منه، قال نافع: وكان ابن عمر يقوله
(4)
.
= المعرفة (15188).
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18890) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1912) بإسناده ومتنه.
وأخرجه سعيد بن منصور (1226) عن سفيان بن عيينة به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18895) عن وكيع عن سفيان، عن أبي الزناد، عن سليمان بن يسار به. دون زيد بن ثابت.
(3)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1913) بإسناده ومتنه.
(4)
رجاله ثقات. =
قالوا: فهذه أقاويل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، تدل على ما ذكرناه.
قيل لهم: هذا لو لم يختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأما إذا اختلفوا فيه، فقال بعضهم ما ذكرتم.
وقال آخرون بخلاف ذلك، لم يجب بما ذكرتم لكم حجة، فمما روي خلاف ما احتجوا به من هذه الآثار المذكورة عمن رويت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على أن الأقراء هي غير الأطهار
4199 -
ما حدثنا يونس، قال: أنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن أبي طالب، قال:"زوجها أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة"
(1)
.
4200 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا سفيان بن سعيد، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة: أن رجلا طلق امرأته فحاضت حيضتين، فلما كانت
= وأخرجه ابن أبي شيبة (18890) عن سفيان، عن الزهري، عن سليمان بن يسار أن معاوية سأل زيد بن ثابت
…
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1920) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (10983) عن معمر، عن الزهري به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18901)، والشافعي في السنن المأثورة (430) عن سفيان، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 7/ 417، وفي المعرفة (15193).
الثالثة ودخلت المغتسل أتاها زوجها، فقال: قد راجعتك ثلاثا، فارتفعا إلى عمر فأجمع عمر، وعبد الله على أنه أحق بها ما لم تحل لها الصلاة، فردها عمر عليه
(1)
.
4201 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن نافع، أن عبد الله بن عمر، كان يقول: إذا طلق العبد امرأته ثنتين، فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، حرة كانت أو أمة، وعدة الحرة ثلاث حيض، وعدة الأمة حيضتان
(2)
.
قال أبو جعفر: فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله لعمر رضي الله عنه:"فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء"، لم يدله ذلك على أن الأقراء الأطهار، إذا كان قد جعلها الحيض.
4202 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا محمد بن راشد، عن مكحول، أنه قدم بالمدينة، فذكر له سليمان بن يسار، أن زيد بن ثابت كان يقول: إذا طلق الرجل امرأته فرأت أول قطرة من دم من حيضتها الثالثة، فلا رجعة له عليها، قال: فسألت عن ذلك
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1919) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (10988)، ومن طريقه أخرجه البيهقي 7/ 417 عن الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، وقد سقط من مطبوع عبد الرزاق علقمة.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1924) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 574، ومن طريقه أخرجه الدارقطني (3999)، والبيهقي 7/ 369.
بالمدينة، فبلغني أن عمر بن الخطاب، ومعاذ بن جبل، وأبا الدرداء رضي الله عنهم، كانوا يجعلون له عليها الرجعة حتى تغتسل من الحيضة الثالثة
(1)
.
4203 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني قبيصة بن ذؤيب، أنه سمع زيد بن ثابت، يقول: الطلاق إلى الرجل، والعدة إلى المرأة، إن كان الرجل حرا وكانت المرأة أمة، فثلاث تطليقات، وتعتد عدة الأمة حيضتين وإن كان عبدا، وامرأته حرة، طلق طلاق العبد تطليقتين، واعتدت عدة الحرة ثلاث حيض
(2)
.
فلما جاء هذا الاختلاف عنهم، ثبت أنه لا يحتج في ذلك بقول أحد منهم، لأنه متى احتج محتج في ذلك بقول بعضهم، احتج مخالفه عليه بقول مثله، فارتفع ذلك كله أن يكون فيه حجة لأحد الفريقين على الفريق الآخر.
وكان من حجة من جعل الأقراء الحيض على مخالفه أن قال: فإذا كانت الأقراء الأطهار، فإذا طلق المرأة زوجها وهي طاهرة، فحاضت بعد ذلك بساعة فحسب ذلك
(1)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1923) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (11002) عن عمر بن راشد عن مكحول به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18899) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبيد الله الكلاعي، عن مكحول به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1925) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 82 من طريق إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن سليمان بن يسار، عن زيد بن ثابت وقبيصة به.
لها قرء مع قرئين متتابعين، كانت عدتها قرئين وبعض قرء، وإنما قال الله عز وجل {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فكان من حجة من ذهب إلى أن الأقراء الأطهار في ذلك أن قال: فقد قال الله عز وجل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]، فكان ذلك على شهرين وبعض شهر، فكذلك جعلنا الأقراء الثلاثة على قرئين وبعض قرء.
وكان من حجتنا في ذلك عليهم: أن الله عز وجل قال في الأقراء: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، ولم يقل في الحج: ثلاثة أشهر، ولو قال في ذلك ثلاثة أشهر فأجمعوا أن ذلك على شهرين وبعض شهر، ثبت بذلك ما قال المخالف لنا، ولكنه إنما قال: أشهر، ولم يقل ثلاثة.
فأما ما حصره بالثلاثة، فقد حصره بعدد معلوم، فلا يكون أقل من ذلك العدد، كما أنه لما قال:{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]، فحصر ذلك بالعدد، فلم يكن ذلك على أقل من ذلك العدد، فكذلك لما حصر الأقراء بالعدد، فقال:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فلم يكن ذلك على أقل من ذلك العدد.
وكان من حجة من ذهب إلى أن الأقراء الأطهار أيضا أن قال: لما كانت الهاء تثبت في عدد المذكر فيقال: ثلاثة رجال، وتنتفي من عدد المؤنث، فيقال ثلاث نسوة فقال الله تعالى:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فأثبت الهاء، ثبت أنه أراد بذلك مذكرا، وهو الطهر لا الحيض.
فكان الحجة عليهم في ذلك: أن الشيء إذا كان له اسمان أحدهما مذكر والآخر مؤنث، فإن جمع بالمذكر أثبتت الهاء، وإن جمع بالمؤنث أسقطت الهاء.
من ذلك أنك تقول: هذا ثوب، وهذه ملحفة، فإن جمعت بالثوب قلت ثلاثة أثواب، وإن جمعت بالملحفة قلت: ثلاث ملاحف، وكذلك هذه دار، وهذا منزل لشيء واحد.
فكان الشيء قد يكون واحدا يسمى باسمين، أحدهما مذكر، والآخر مؤنث، فإذا جمع بالمذكر، فعل فيه كما يفعل في جمع المذكر فأثبتت الهاء، وإن جمع بالمؤنث، فعل فيه كما يفعل في جمع المؤنث، فأسقطت الهاء.
فكذلك الحيضة والقرء، هما اسمان لمعنى واحد، وهو الحيضة، فإن جمع بالحيضة سقطت الهاء، فقيل: ثلاث حيض، وإن جمع بالقرء ثبتت الهاء فقيل "ثلاثة قروء" وذلك اسمان لشيء واحد، فانتفى بذلك ما ذكرنا مما احتج به به المخالف لنا.
وأما وجه هذا الباب من طريق النظر، فإنا قد رأينا الأمة جعل عليها في العدة، نصف ما جعل على الحرة، فكانت الأمة إذا كانت ممن لا تحيض، كان عليها نصف عدة الحرة إذا كانت ممن لا تحيض، وذلك شهر ونصف، فإذا كانت ممن تحيض جعل عليها باتفاقهم حيضتان، وأريد بذلك نصف ما على الحرة، ولهذا قال عمر رضي الله عنه بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو قدرت أن أجعلها حيضة ونصفا، لفعلت".
فلما كان ما على الأمة هو الحيض لا الأطهار، وذلك نصف ما على الحرة، ثبت أن ما على الحرة أيضا هو من جنس ما على الأمة، وهو الحيض لا الأطهار.
فثبت بذلك قول الذين ذهبوا في الأقراء إلى أنها الحيض، وانتفى قول مخالفيهم، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدة الأمة ما
4204 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن مظاهر بن أسلم، عن القاسم، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعتد الأمة حيضتين، وتطلق تطليقتين"
(1)
.
4205 -
وقد حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا الصلت بن مسعود الجحدري، عن عمر بن شبيب المسلي، عن عبد الله بن عيسى، عن عطية، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، لضعف مظاهر بن أسلم.
وأخرجه الدارمي (2442)، وأبو داود (2189)، والترمذي (1182)، وابن ماجة (2080) من طرق عن أبي عاصم بهذا الإسناد، قال أبو داود: هو حديث مجهول، وقال الترمذي: حديث عائشة حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر بن أسلم، ومظاهر لا نعرف له في العلم غير هذا الحديث.
قلت: قال الدارقطني في العلل (3885) والصحيح عن القاسم بن محمد من قوله.
وأخرجه الدارقطني (4005 - 4006)، والبيهقي 7/ 370 من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن القاسم أنه سئل عن الأمة كم تطلق؟ قال: طلاقها اثنتان وعدتها حيضتان قال: فقيل له: أبلغك عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا؟ قال: لا.
(2)
إسناده ضعيف، لضعف عمر بن شبيب وعطية هو العوفي والصحيح أنه موقوف على ابن عمر كما قال الدارقطني =
فدل ذلك أيضا على ما ذكرنا، وبالله التوفيق.
= 5/ 69 - 70، والبيهقي 7/ 369.
وأخرجه ابن ماجة (2079)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجمه 1/ 490، والدارقطني (3994 - 3995)، والبيهقي 7/ 369، والمزي في تهذيب الكمال 21/ 394 من طريق عمر بن شبيب به.
وأخرجه موقوفا مالك في موطئه 2/ 574، ومن طريقه الشافعي في الأم 5/ 257، والدارقطني (3999)، والبيهقي 7/ 369 عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: إذا طلق العبد امرأته تطليقتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أو أمة وعدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان.
4 - باب: المطلقة طلاقا بائنا ماذا لها على زوجها في عدتها؟
4206 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم قال: أنا مغيرة، وحصين، وأشعث، وإسماعيل بن أبي خالد، وداود، وسيار، ومجالد، عن الشعبي، قال: دخلت على فاطمة بنت قيس بالمدينة، فسألتها عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها، فقالت: طلقني زوجي ألبتة، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السكنى والنفقة، فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم
(1)
. وقال مجالد في حديثه: "يا ابنة قيس، إنما النفقة والسكنى على من كانت له الرجعة".
4207 -
حدثنا محمد بن عبد الله بن بن ميمون، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى، قال: حدثني أبو سلمة، قال: حدثتني فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص المخزومي طلقها ثلاثا، فأمر لها بنفقة، فاستقلتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه نحو اليمن. فانطلق خالد بن الوليد في نفر من بني مخزوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت ميمونة، فقال: يا رسول الله، إن أبا عمرو بن حفص طلق فاطمة
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1843) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (27342)، وسعيد بن منصور في السنن (1357)، ومسلم (1480)(42)، والترمذي بإثر (1180)، والنسائي في المجتبى 6/ 208 - 209، وفي الكبرى (5742)، وابن حبان (4252)، والطبراني في الكبير 24/ (938)، والدارقطني 4/ 23 - 24 من طرق عن هشيم به.
ثلاثا، فهل لها نفقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ليس لها نفقة ولا سكنى" وأرسل إليها أن تنتقل إلى أم شريك ثم أرسل إليها أن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون، فانتقلي إلى ابن أم مكتوم، فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك
(1)
.
4208 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا بشر بن بكر، قال حدثني الأوزاعي
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4209 -
حدثنا بحر بن نصر، قال: قرئ على شعيب بن الليث: أخبرك أبوك، عن عمران بن أبي أنس، عن أبي سلمة، أنه قال: سألت فاطمة بنت قيس، فأخبرتني: أن زوجها المخزومي طلقها، وأنه أبى أن ينفق عليها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا نفقة لك، انتقلي إلى ابن أم مكتوم فكوني عنده، فإنه رجل أعمى؛ تضعين ثيابك عنده"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (2286)، وابن حبان (4253) من طريقين عن الوليد بن مسلم به.
وأخرجه النسائي 6/ 145 من طريق بقية عن الأوزاعي به.
وأخرجه مسلم (1480)(38)، وأبو داود (2285، 2287)، والطبراني 24 / (920)، والبيهقي 7/ 178 من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1480)(37)، والنسائي في الكبرى (9243)، والطبراني 24/ (915)، والبيهقي 7/ 471 - 472، وابن عبد البر في التمهيد 19/ 143 - 144 من طرق عن الليث به. =
4210 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا الليث
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4211 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث، عن أبي الزبير المكي، أنه سأل عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو بن حفص، عن طلاق جده أبي عمر وفاطمة بنت قيس، فقال له عبد الحميد: طلقها ألبتة، ثم خرج إلى اليمن، ووكل عياش بن أبي ربيعة، فأرسل إليها عياش ببعض النفقة، فسخطتها، فقال لها عياش: مالك علينا من نفقة ولا مسكن؟، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسليه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما قال، فقال:"ليس لك نفقة ولا مسكن، ولكن متاع بالمعروف، اخرجي عنهم"، فقالت: أأخرج إلى بيت أم شريك؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بيتها يوطأ، انتقلي إلى بيت عبد الله بن أم مكتوم، فهو أقل واطئيه"
(2)
.
= وأخرجه أحمد (27334) من طريق ابن إسحاق، والطبراني 24 / (916) من طريق عقيل بن خالد، كلاهما عن عمران بن أبي أنس به.
(1)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(2)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2642) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البغوي في معجمه كما في النخب 15/ 17 من طريق ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن عبد الحميد، عن أبي عمرو وكانت تحته فاطمة بنت قيس
…
4212 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى، قال: حدثني الليث، عن عبد الله بن يزيد، مولى الأسود بن سفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس، نفسها، بمثل حديث الليث، عن أبي الزبير، حرفًا بحرف
(1)
.
4213 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن عبد الله بن يزيد، مولى الأسود بن سفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله مالك علينا من شيء. فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال:"ليس لك عليه نفقة، واعتدي في بيت أم شريك"
(2)
.
4214 -
حدثنا نصر بن مرزوق، وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال: حدثني أبو سلمة، أن فاطمة بنت قيس حدثته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكر مثله سواء
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2643) بإسناده ومتنه، وانظر مابعده.
(2)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 580 - 581، ومن طريقه أخرجه الشافعي في المسند 2/ 18، 19، 54، وابن سعد 8/ 273 - 274، وأحمد (27327)، ومسلم (1480)(36)، وأبو داود (2284)، والنسائي في المجتبى 6/ 75، وفي الكبرى (6032)، وابن الجارود في المنتقى (760)، وابن حبان (4049، 4290)، والطبراني (24/ 913)، والبيهقي 7/ 135، 177، 178، 180، 181، 432، 471، والبغوي (2385).
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح. =
4215 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله قال: حدثني الليث
…
فذكر بإسناده مثله. وزاد: "فأنكر الناس عليها ما كانت تحدث من خروجها قبل أن تحل"
(1)
.
4216 -
حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي كثير، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن فاطمة بنت قيس، أنها كانت تحت رجل من بني مخزوم، فطلقها البتة، فأرسلت إلى أهله تبتغي النفقة، فقالوا: ليس لك علينا نفقة. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ليس لك عليهم النفقة، وعليك العدة، فانتقلي إلى أم شريك. ثم قال: إن أم شريك يدخل عليها إخوتها من المهاجرين، انتقلي إلى ابن أم مكتوم"
(2)
.
4217 -
حدثنا ربيع المؤذن، وسليمان بن شعيب، قالا: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن فاطمة بنت قيس، أنها استفتت النبي صلى الله عليه وسلم حين طلقها زوجها، فقال لها النبي
= وأخرجه أحمد (27341)، ومسلم (1480)(40)، وأبو دواد (2289)، والنسائي في المجتبى 6/ 208، وفي الكبرى (5740)، وابن حبان (4289)، والبيهقي 7/ 432، 472، وابن عبد البر في الإستذكار 18/ 70 من طرق عن الليث به.
(1)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي.
وأخرجه مسلم (1480)(39)، وأبو داود (2287) من طريق إسماعيل بن أبي كثير به.
وأخرجه ابن سعد 8/ 274 - 275، وابن أبي شيبة 4/ 258، وأحمد (27333)، والطبراني في الكبير 24/ (917، 918، 919، والبيهقي 7/ 178، 472 من طرق عن محمد بن عمرو به.
صلى الله عليه وسلم: "لا نفقة لك عنده ولا سكنى"، وكان يأتيها أصحابه، فقال:"اعتدي عند ابن أم مكتوم؛ فإنه أعمى"
(1)
.
4218 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أحمد بن صالح، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عاصم بن ثابت، أن فاطمة بنت قيس أخبرته، وكانت عند رجل من بني مخزوم، فأخبرته أنه طلقها ثلاثا، وخرج إلى بعض المغازي، وأمر وكيلًا له أن يعطيها بعض النفقة، فاستقلتها. فانطلقت إلى إحدى نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وهي عندها، فقالت: يا رسول الله! هذه فاطمة بنت قيس، طلقها فلان، فأرسل إليها بعض النفقة فردتها، وزعم أنه شيء تطول به، قال:"صدق". وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "انتقلي إلى أم شريك، فاعتدي عندها، ثم قال: إن أم شريك يكثر عوادها، ولكن انتقلي إلى عبد الله بن أم مكتوم، فإنه أعمى"، فانتقلت إلى عبد الله، واعتدت عنده حتى انقضت عدتها"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1857) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 74، وفي الكبرى (5332) من طريق ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن به.
وأخرجه الطبراني 24/ (914) من طريق ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن ويزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن عنها به.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن عاصم بن ثابت فقد تفرد بالرواية عنه عطاء بن أبي رباح. =
4219 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن أبي بكر بن أبي الجهم، قال: دخلت أنا وأبو سلمة على فاطمة بنت قيس، فحدثت: أن زوجها طلقها طلاقا بائنا، وأمر أبا حفص بن عمرو أن يرسل إليها بنفقتها خمسة أوساق، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن زوجي طلقني، ولم يجعل لي السكنى ولا النفقة، فقال:"صدق، فاعتدي في بيت ابن أم مكتوم" ثم قال: "إن ابن أم مكتوم رجل يغشى، فاعتدي في بيت أم فلان"
(1)
.
4220 -
حدثنا فهد، قال: حدثني محمد بن سعيد، قال: أنا شريك، عن أبي بكر بن صخير، قال: دخلت أنا وأبو سلمة على فاطمة بنت قيس، وكان زوجها قد طلقها ثلاثا، فقالت:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة"
(2)
.
= وهو في مصنف عبد الرزاق (12021)، ومن طريقه أخرجه أحمد (27336)، والطبراني 24/ (928)، والحاكم 4/ 55.
وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 207 - 208، وفي الكبرى (5739) من طريق مخلد، عن ابن جريج به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (27332)، والطيالسي - (1645)، ومسلم (1480)(50)، والترمذي (1135)، والنسائي في المجتبى 6/ 210، وفي الكبرى (5745)، والبيهقي 7/ 181، وابن عبد البر في التمهيد 19/ 139 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات، من أجل شريك.
وأخرجه الطبراني في الكبير 24 / (930)، وابن عبد البر في التمهيد 19/ 145 من طريق شريك به.
وأخرجه مسلم (1480)(49)، والطبراني 24/ (929)، والبيهقي 7/ 473 من طريقين عن سفيان، عن أبي بكر بن أبي الجهم به.
4221 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو اليمان، قال أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن فاطمة بنت قيس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
نحوه
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى هذه الآثار فقلدوها وقالوا: لا تجب النفقة ولا السكنى إلا لمن كانت عليها الرجعة.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
فقالوا: كل مطلقة فلها في عدتها السكنى حتى تنقضي عدتها، وسواء كان الطلاق بائنا أو غير بائن، فأما النفقة فإنما تجب لها أيضا إن كان الطلاق غير بائن، وأما إذا كان الطلاق بائنا، فإنهم مختلفون في ذلك فقال بعضهم: لها النفقة أيضا مع السكنى، حاملا كانت أو غير حامل، وممن قال ذلك أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله.
(1)
رجاله ثقات.
وأخرجه عبد الرزاق (12024)، وأحمد (27337)، ومسلم (1480)(41)، وأبو داود (2290)، والطبراني 24/ (924)، والبيهقي 7/ 472 عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله به.
(2)
قلت أراد بهم: الحسن البصري، وعمرو بن دينار، وطاووس بن كيسان، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، والشعبي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وإبراهيم في رواية، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 15/ 24.
(3)
قلت أراد بهم: حماد بن أبي سليمان، وشريحا القاضي، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والحسن بن صالح، وعثمان البتي، وعبد الله بن الحسن، وعبد الرحمن بن مهدي، والشافعي، ومالكا، وأبا عبيد رحمهم الله، كما في النخب 15/ 25.
وقال بعضهم: لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا. واحتجوا في دفع حديث فاطمة بنت قيس بما
4222 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير، قال: ثنا عمار بن رزيق عن أبي إسحاق، قال: كنت عند الأسود بن يزيد في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فذكروا المطلقة ثلاثا. فقال الشعبي: حدثتني فاطمة بنت قيس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "لا سكنى لك ولا نفقة". قال: فرماه الأسود بحصاة، وقال: ويلك، أتحدث بمثل هذا قد رفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال: لسنا بتاركي كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم بقول امرأة، لا ندري لعلها كذبت، قال الله تعالى {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] الآية
(1)
.
4223 -
حدثنا ابن مرزوق، قال ثنا محمد بن كثير، قال أخبرنا سفيان، عن سلمة، عن الشعبي، عن فاطمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لم يجعل لها حين طلقها زوجها سكنى ولا نفقة. فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: قد رفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال:
(1)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1869) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (1480)(46)، وأبو داود (2291)، وأبو عوانة 3/ 183، والبيهقي 7/ 475، وابن حزم في المحلى 10/ 99 من طريق أبي أحمد الزبيري به.
وأخرجه النسائي 1/ 119 من طريق الأحوص بن جواب، عن عمار به.
لا ندع كتاب ربنا عز وجل، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة، لها السكنى والنفقة
(1)
.
4224 -
حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: أنا أبي، قال: أنا الأعمش، عن إبراهيم، عن عمر، وعبد الله، أنهما كانا يقولان:"المطلقة ثلاثا لها النفقة والسكنى"
(2)
.
وكان الشعبي يذكر، عن فاطمة بنت قيس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ليس لها نفقة ولا سكنى".
4225 -
حدثنا نصر بن مرزوق، وسليمان بن شعيب، قالا: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حماد، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس: أن زوجها طلقها ثلاثا، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"لا نفقة لك ولا سكنى". قال: فأخبرت بذلك النخعي، فقال: قال عمر بن الخطاب وأخبر بذلك فقال: لسنا بتاركي آية من
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1866) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود (2288)، وابن حبان (4250)، والطبراني 24/ (934)، والبيهقي 7/ 475 من طريق محمد بن كثير به.
وأخرجه عبد الرزاق (12027)، والدارمي (2274)، وأحمد (27326)، ومسلم (1480)(44)، والنسائي في المجتبى 6/ 144، وفي الكبرى (5597)، والطبراني 24/ (934)، والبيهقي 7/ 475 من طرق عن الثوري به.
وإبراهيم النخعي لم يسمع من عمر وقد أخرج مسلم قول عمر من طريق الأسود بن يزيد عنه.
(2)
إسناده منقطع، إبراهيم النخعي لم يسمع من عبد الله وعمر بن الخطاب.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18654) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش به.
وأخرجه سعيد بن منصور (1361)، والطبراني 9/ (342)(9700) من طريق أبي عوانة عن الأعمش به.
كتاب الله تعالى وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لعلها وهمت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لها السكنى والنفقة"
(1)
.
4226 -
حدثنا نصر، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا أبو عوانة عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن الأسود، أن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود قالا في المطلقة ثلاثا:"لها السكنى والنفقة"
(2)
.
قالوا: فهذا عمر رضي الله تعالى عنه قد أنكر حديث فاطمة هذا ولم يقبله، وقد أنكره عليها أيضا أسامة بن زيد.
4227 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: كانت فاطمة بنت
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1863) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 10/ 102 من طريق حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان أنه أخبر إبراهيم النخعي بحديث الشعبي عن فاطمة فقال إبراهيم
…
وقال: هذا مرسل.
وأخرجه سعيد بن منصور (1359) من طريق هشيم، عن مغيرة عن إبراهيم وعن حصين، عن الشعبي، كلاهما عن عمر به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1868) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18653)، والدارمي (2323)، والدارقطني (3959)، والبيهقي 7/ 475 من طريقين عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر به.
قيس تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لها: "اعتدي في بيت ابن أم مكتوم"
(1)
.
وكان محمد بن أسامة بن زيد يقول: كان أسامة إذا ذكرت فاطمة من ذلك شيئا، رماها بما كان في يده.
قال أبو جعفر: فهذا أسامة بن زيد قد أنكر من ذلك أيضا ما أنكره عمر رضي الله عنه. وقد أنكرت ذلك أيضا عائشة رضي الله تعالى عنها
4228 -
حدثنا يونس، قال: ثنا أنس بن عياض، عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت القاسم بن محمد، وسليمان بن يسار يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم، فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم. فأرسلت عائشة إلى مروان وهو أمير المدينة: أن اتق الله، واردد المرأة إلى بيتها. فقال مروان في حديث سليمان: إن عبد الرحمن غلبني، وقال في حديث القاسم: أما بلغك حديث فاطمة بنت قيس؟، فقالت عائشة: لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة بنت قيس. فقال مروان: إن كان بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1870) بإسناده ومتنه.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1872) بإسناده ومتنه.
وأخرجه سعيد بن منصور (1353) عن هشيم، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18836) عن علي بن مسهر، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم به. =
4229 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن يحيى بن سعيد
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4230 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه قال قالت عائشة: ما لفاطمة من خير حين تذكر هذا الحديث، تعني قولها: لا نفقة ولا سكنى
(2)
.
فهذه عائشة رضي الله عنها أيضا، لم تر العمل بحديث فاطمة أيضا، وقد صرف ذلك سعيد بن المسيب إلى خلاف المعنى الذي صرفه إليه أهل المقالة الأولى.
4231 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية الضرير، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، قال: قلت لسعيد بن المسيب أين تعتد المطلقة ثلاثا؟ فقال: في بيتها، فقلت له: أليس قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم؟ فقال: تلك امرأة فتنت الناس، واستطالت على أحمائها بلسانها، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، وكان رجلا مكفوف البصر
(3)
.
= وأخرجه رزين من طريق القاسم وسليمان بن يسار كما في النخب 15/ 39.
(1)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 579، ومن طريقه أخرجه البخاري (5321)، وأبو داود (2295).
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو عوانة 3/ 188 من طريق إبراهيم بن مرزوق وأبي قلابة، عن بشر بن عمر به.
وأخرجه البخاري (5323)، ومسلم (1481)(54) من طريق شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة به.
(3)
رجاله ثقات. =
قال أبو جعفر: فكان ما روت فاطمة بنت قيس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لها: "لا سكنى لك ولا نفقة" لا دليل فيه عند سعيد بن المسيب أن لا نفقة للمطلقة ثلاثا ولا سكني، إذ قد كان قد صرف ذلك إلى المعنى الذي ذكرناه عنه.
4232 -
وقد حدثنا نصر بن مرزوق، وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن فاطمة بنت قيس أخبرته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اعتدي في بيت ابن أم مكتوم" فأنكر الناس عليها ما كانت تحدث به من خروجها قبل أن تحل
(1)
.
فهذا أبو سلمة يخبر أيضا أن الناس قد كانوا أنكروا ذلك على فاطمة، وفيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن لحق بهم من التابعين.
فقد أنكر عمر، وأسامة، وسعيد بن المسيب، مع من سمينا معهم حديث فاطمة بنت قيس هذا ولم يعملوا به، وذلك من عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر ذلك عليه منكر.
فدل تركهم النكير في ذلك عليه أن مذهبهم فيه كمذهبه.
= وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1875) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي في السنن 7/ 433، وفي المعرفة (15554) من طريق أبي معاوية به.
وأخرجه عبد الرزاق (12037) عن ابن جريج، وأبو داود (2296) من طريق جعفر بن برقان، كلاهما عن ميمون بن مهران به.
(1)
إسناده حسن في المتابعات، من أجل عبد الله بن صالح، وهو مكرر سابقه (4214).
فقال الذين ذهبوا إلى حديث فاطمة وعملوا به: إن عمر رضي الله عنه إنما أنكر ذلك عليها لأنها خالفت عنده كتاب الله عز وجل، يريد قول الله عز وجل "أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم". فهذا إنما هو في المطلقة طلاقا لزوجها عليها فيه الرجعة.
وفاطمة كانت مبتوتة لا رجعة لزوجها عليها، وقد قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها "إن النفقة والسكنى لمن كانت عليها الرجعة"
وما ذكر الله تعالى في كتابه من ذلك، إنما هو في المطلقة التي لزوجها عليها الرجعة، وفاطمة لم تكن عليها رجعة. فما روت من ذلك فلا يدفعه كتاب الله، ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقد تابعها غيرها على ذلك، منهم عبد الله بن عباس. والحسن
4233 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال. أنا حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس، (ح)
(1)
4234 -
وحدثنا صالح، قال: ثنا سعيد قال: ثنا هشيم قال: أنا يونس، عن الحسن، أنهما كانا يقولان في المطلقة ثلاثا، والمتوفى عنها زوجها:"لا نفقة لهما، وتعتدان حيث شاءتا"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18669) من طريق ابن علية، عن أيوب، عن عكرمة والحسن به.
قالوا: وإن كان عمر وعائشة، وأسامة رضي الله عنهم أنكروا على فاطمة ما روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: بخلافه.
فهذا ابن عباس رضي الله عنهما قد وافقها على ما روت في ذلك فعمل به، وتابعه على ذلك الحسن.
فكان من حجتنا على أهل هذه المقالة أن ما احتج به عمر رضي الله عنه في دفع حديث فاطمة بنت قيس حجة صحيحة، وذلك أن الله عز وجل قال {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] ثم قال: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]، وأجمعوا أن ذلك الأمر هو المراجعة.
ثم قال {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] ثم قال {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1]، يريد في العدة.
فكانت المرأة إذا طلقها زوجها اثنتين للسنة على ما أمره الله عز وجل، ثم راجعها، ثم طلقها أخرى للسنة حرمت عليه، ووجبت عليها العدة التي جعل الله لها فيها السكني، وأمرها فيها أن لا تخرج، وأمر الزوج أن لا يخرجها.
ولم يفرق الله عز وجل بين هذه المطلقة للسنة التي لا رجعة عليها، وبين المطلقة للسنة التي عليها الرجعة.
فلما جاءت فاطمة بنت قيس، فروت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لها:"إنما السكنى والنفقة لمن كانت عليها الرجعة" خالفت بذلك كتاب الله نصا، لأن كتاب
الله تعالى قد جعل السكني لمن لا رجعة عليها، وخالفت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عمر رضي الله عنه قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما روت، فخرج المعنى الذي منه أنكر عليها عمر رضي الله عنه ما أنكر خروجا صحيحا، وبطل حديث فاطمة، فلم يجب العمل به أصلا، لما ذكرنا وبينا.
فقال قائل: لم يجئ تخليط حديث فاطمة إلا ما رواه الشعبي عنها، وذلك أنه هو الذي روى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يجعل لها سكنى ولا نفقة.
قال: وليس ذلك في حديث أصحابنا الحجازيين.
فأغفل في ذلك، أو ذهب عنه، لأنه لم يرو ما في هذا الباب بكماله، كما رواه غيره، فتوهم هو أنه قد جمع كل ما روي في هذا الباب، فتكلم على ذلك، فقال: ما حكيناه عنه بما وصفنا وليس كما توهم، لأن الشعبي أضبط مما يظن وأتقن، وأوثق، وقد وافقه على ما روى من ذلك من قد ذكرناه في حديثه في أول هذا الباب ما يغنينا ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
ويقال له: إن حديث مالك، عن عبد الله بن يزيد الذي لم يذكر فيه: لا سكنى لك، قد رواه الليث بن سعد، عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة، عن فاطمة، بمثل ما رواه الشعبي عنها.
فما جاء عن الشعبي في هذا تخليط، وإنما جاء التخليط ممن روى عن أبي سلمة، عن فاطمة، فحذف بعض ما فيه، وجاء ببعض، فأما أصل الحديث، فكما رواه الشعبي.
وكان من قول هذا المخالف أيضا أن قال: فلو كان أصل حديث فاطمة كما رواه الشعبي، لكان موافقا أيضا لمذهبنا، لأن معنى قوله صلى الله عليه وسلم:"لا نفقة لك" لأنك غير حامل "ولا سكنى لك" لأنك بذيئة، والبذاء: هو الفاحشة التي قال الله عز وجل {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19]. وذكر في ذلك ما
4235 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله تعالى {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] فقال: الفاحشة المبينة أن تفحش على أهل الرجل وتؤذيهم، قال: ففاطمة حرمت السكنى ببذاءها والنفقة لأنها غير حامل
(1)
.
قال: وهذا حجة لنا في قولنا: إن المبتوتة لا يجب لها النفقة إلا أن تكون حاملا.
قيل له: لو خرج معنى حديث فاطمة من حيث ذكرت، لوقع الوهم على عمر، وعائشة، وأسامة، ومن أنكر ذلك رضي الله عنهم، على فاطمة معهم، وقد كان ينبغي أن ينزل أمرهم على الصواب حتى يعلم يقينًا ما سوى ذلك فكيف ولو صح حديث فاطمة، لكان قد يجوز أن يكون معناه على غير ما حملته أنت عليه.
وذلك أنه قد يجوز أن يكون معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم حرمها السكني لبذائها كما ذكرت، ورأى أن ذلك هو الفاحشة التي قال الله عز وجل، وحرمها النفقة
(1)
إسناده جيد من أجل عمرو بن أبي عمرو.
وأخرجه البيهقي 7/ 708 من طريق سليمان بن بلال به.
لنشوزها ببذائها الذي خرجت به من بيت زوجها، لأن المطلقة لو خرجت من بيت زوجها في عدتها، لم يجب لها عليه النفقة حتى ترجع إلى منزله.
فكذلك فاطمة منعت من النفقة لنشوزها الذي به خرجت من منزل زوجها. فهذا معنى قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراده، إن كان حديث فاطمة صحيحا، وقد يجوز أن يكون أراد ما وصفت أنت.
وقد يجوز أن يكون أراد معنى غير هذين، مما لا يبلغه علمنا، ولا نحكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أراد في ذلك معنى بعينه دون معنى كما حكمت أنت عليه؛ لأن القول عليه بالظن حرام، كما أن القول بالظن على الله حرام.
وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما في الفاحشة المبينة، غير ما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما
4236 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن موسى بن عقبة، عن نافع، أن ابن عمر قال في قول الله تعالى:{وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] قال: خروجها من بيتها، فاحشة مبينة
(1)
.
وقد قال آخرون: إن الفاحشة المبينة أن تزني فتخرج ليقام عليها الحد.
فمن جعل لك أن تثبت ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في تأويل هذه الآية، وتحتج به على مخالفك، وتدع ما قال ابن عمر رضي الله عنهما.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (19206) من طريق يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة به.
وقد روي عن فاطمة بنت قيس في حديثها معنى غير ما ذكرنا، وذلك أن
4237 -
أبا شعيب البصري صالح بن شعيب حدثنا، قال: ثنا محمد بن المثنى الزمن، قال: ثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن فاطمة بنت قيس قالت: قلت: يا رسول الله، إن زوجي طلقني، وهو يريد أن يقتحم علي، قال:"انتقلي عنه"
(1)
.
فهذه فاطمة تخبر في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمرها أن تنتقل حين خافت زوجها عليها، فقال قائل وكيف يجوز هذا وفي بعض ما قد رويت في هذا الباب أنه طلقها وهو غائب أو طلقها ثم غاب، فخاصمت ابن عمه في نفقتها، وفي هذا أيضا أنها كانت تخافه، فأحد الخبرين يخبر أنه كان غائبا، والخبر الآخر يخبر أنه كان حاضرا، فقد تضاد هذان الخبران.
قيل له ما تضادا، لأنه قد يجوز أن تكون فاطمة لما طلقها زوجها خافته على الهجوم عليها فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأفتاها بالنقلة ثم غاب بعد ذلك ووكل ابن عمه بنفقتها، فخاصمته حينئذ في النفقة وهو غائب، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا سكنى لكِ ولا نفقة".
فاتفق معنى حديث عروة هذا ومعنى حديث الشعبي وأبي سلمة ومن وافقهما على ذلك عن فاطمة. فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1482)(53)، والنسائي في المجتبى 6/ 208، وفي الكبرى (5710) من طريق محمد بن المثنى به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 179، وابن ماجة (2033) من طريق حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه به.
وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن المطلقة طلاقا بائنا وهي حامل من زوجها أن لها النفقة على زوجها، وبذلك حكم الله عز وجل لها في كتابه فقال {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6].
فاحتمل أن تكون تلك النفقة جعلت على المطلق، لأنه يكون عنها ما يغذي الصبي في بطن أمه، فيجب ذلك عليه لولده كما يجب عليه أن يغذيه في حال رضاعه بالنفقة على من ترضعه ويوصل الغذاء إليه، ثم يغذيه بعد ذلك بما يغذى به مثله من الطعام والشراب.
فيحتمل أيضا إذا كان حملا في بطن أمه أنه يجب على أبيه غذاؤه بما يغذى به مثله في حالة تلك من النفقة على أمه، لأن ذلك يوصل الغذاء إليه.
ويحتمل أن تكون تلك النفقة إنما جعلت للمطلقة خاصة لعلة العدة لا لعلة الولد الذي في بطنها.
فإن كانت النفقة على الحامل إنما جعلت لها لمعنى العدة ثبت بذلك قول الذين قالوا: للمبتوتة النفقة والسكنى حاملا كانت أو غير حامل.
وإن كانت العلة التي بها وجبت النفقة هي الولد، فإن ذلك لا يدل على أن النفقة واجبة لغير الحامل، فاعتبرنا ذلك لنعلم كيف الوجه فيما أشكل من ذلك.
فرأينا الرجل يجب عليه أن ينفق على ابنه الصغير في رضاعه حتى يستغني عن ذلك، وينفق عليه بعد ذلك مثل ما ينفق على مثله ما كان الصبي محتاجا إلى ذلك.
فإن كان غنيا بمال له قد ورثه من أمه أو قد ملكه بوجه سوى ذلك من هبة أو غيرها لم يجب على أبيه أن ينفق عليه من ماله، وأنفق عليه مما ورث أو مما وهب له.
فكان إنما ينفق عليه من ماله لحاجته إلى ذلك، فإذا ارتفع ذلك لم يجب عليه الإنفاق عليه من ماله.
ولو أنفق عليه الأب من ماله على أنه فقير إلى ذلك بحكم القاضي له عليه ثم علم أن الصبي قد كان وجب له مال قبل ذلك بميراث أو غيره كان للأب أن يرجع بذلك المال الذي أنفقه في مال الصبي الذي وجب له بالوجه الذي ذكرنا.
وكان الرجل إذا طلق امرأته وهي حامل، فحكم القاضي لها عليه بالنفقة، فأنفق عليها حتى وضعت ولدًا حيًا وقد كان له أخ من أمه مات قبل ذلك فورثه الولد وأمه حامل، به لم يكن للأب في قولهم جميعا أن يرجع على ابنه بما كان أنفق على أمه بحكم القاضي لها عليه بذلك إذا كانت حاملا به.
فثبت بذلك أن النفقة على المطلقة الحامل لعلة العدة التي هي فيها من الذي طلقها لا لعلة ما ما هي به حامل منه.
فلما كان ما ذكرنا كذلك ثبت أن كل معتدة من طلاق بائن فلها من النفقة مثل ما للمعتدة من الطلاق إذا كانت حاملا قياسا، ونظرا على ما ذكرنا مما وصفنا وبينا. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
وقد روي ذلك عن عمر وعبد الله رضي الله عنهما وقد ذكرناه فيما تقدم من كتابنا هذا، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي
4238 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن المسيب، قال المطلقة ثلاثا لها النفقة والسكنى
(1)
.
4239 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع بن الوليد، عن المغيرة عن إبراهيم، مثله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 137 من طريق وكيع، عن شعبة، عن الحكم وحماد، عن إبراهيم به.
5 - باب: المتوفى عنها زوجها هل لها أن تسافر في عدتها وما دخل في ذلك من حكم المطلقة في وجوب الإحداد عليها في عدتها؟
4240 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم (ح)
وحدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قالا جميعا: عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير، عن جابر قال: طلقت خالة لي، فأرادت أن تخرج في عدتها إلى نخل لها، فقال لها رجل: ليس ذلك لك، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "اخرجي إلى نخلك وجديه
(1)
، فعسى أن تصدقي، وتصنعي معروفا"
(2)
.
4241 -
حدثنا المؤذن، قال ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أبو الزبير، قال: سمعت جابرا، يقول: أخبرتني خالتي أنها طلقت ألبتة، فأرادت أن تجد نخلها، فزجرها رجال أن تخرج فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"بلى، فجدي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي وتفعلي معروفا"
(3)
.
(1)
أمر من جد الثمرة، والجداد صرام النخل وهو قطع ثمرتها.
(2)
إسناده صحيح، وقد صرح أبو الزبير بسماعه عن جابر عند عبد الرزاق وأحمد ومسلم.
وأخرجه الدارمي (2436)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3327) من طريق أبي عاصم النبيل به.
وأخرجه مسلم (1483)، وأبو داود (2297) من طريق يحيى بن سعيد به.
وأخرجه عبد الرزاق (12032)، وأحمد (14444)، ومسلم (1483)، والنسائي في المجتبى 6/ 209، وفي الكبرى (5713)، وابن ماجة (2034)، والحاكم 2/ 207 - 208، والبيهقي 7/ 436 من طرق عن ابن جريج به.
(3)
إسناده ضعيف لسوء عبد الله بن لهيعة وقد توبع، وهو مكرر سابقه.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى أن للمطلقة وللمتوفى عنها زوجها أن تسافرا في عدتهما إلى حيث ما شاءتا، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: أما المتوفى عنها زوجها، فإن لها أن تخرج في عدتها من بيتها نهارا ولا تبيت إلا في بيتها.
وأما المطلقة فلا تخرج من بيتها في عدتها لا ليلا ولا نهارا.
وفرقوا بينهما، لأن المطلقة في قولهم: لها النفقة والسكنى في عدتها على زوجها الذي طلقها، فذلك يغنيها عن الخروج من بيتها. والمتوفى عنها زوجها لا نفقة لها، فلها أن تخرج في بياض نهارها، تبتغي من فضل ربها.
وكان من الحجة لهم في حديث جابر الذي احتج به عليهم أهل المقالة الأولى أنه قد يجوز أن يكون ما ذكر فيه، كان في وقت ما لم يكن الإحداد، يجب في كل العدة فإنه قد كان ذلك كذلك.
4242 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا حبان بن هلال، (ح)
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حبان (ح)
وحدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، (ح)
وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا جبارة بن المغلس، (ح)
(1)
قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وابن جريج، وجابر بن زيد، والحسن البصري، وطاووسا، وعمرو بن دينار، وعكرمة رحمهم الله، كما في النخب 15/ 79.
(2)
قلت أراد بهم: الثوري، والليث، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في المصدر السابق.
وحدثنا ربيع المؤذن، وسليمان بن شعيب، قالا: ثنا أسد، قالوا: ثنا محمد بن طلحة، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الله بن شداد، عن أسماء بنت عميس، قالت: لما أصيب جعفر، أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم تسلبي
(1)
ثلاثا، ثم اصنعي ما شئت
(2)
.
ففي هذا الحديث أن الإحداد لم يكن على المعتدة في كل عدتها، وإنما كان في وقت منها خاص، ثم نسخ ذلك وأمرت بأن تحد عليه أربعة أشهر وعشرا، فمما روي في ذلك ما
4243 -
حدثنا يونس قال: ثنا سفيان عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا"
(3)
.
(1)
أي: البسي ثوب الحداد وهو السلاب.
(2)
إسناده قوي، وفيه جبارة بن مغلس وهو ضعيف وقد توبع.
وأخرجه ابن سعد 8/ 282، وأحمد (27468)، والطبري في تفسيره (5088 - 5089)، وابن حبان (3148)، والطبراني في الكبير 24 / (369)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 1/ 187، والبيهقي في السنن 7/ 438 من طرق عن محمد بن طلحة به.
قال البيهقي: لم يثبت سماع عبد الله بن شداد من أسماء وقد قيل فيه عن أسماء فهو مرسل، ومحمد بن طلحة ليس بالقوي وتعقبه الحافظ في الفتح 9/ 478 بقوله وهذا تعليل مدفوع فقد صححه أحمد لكنه قال: إنه مخالف للأحاديث الصحيحة في الإحداد.
(3)
إسناده صحيح. =
4244 -
حدثنا يونس، قال ثنا سفيان، عن أيوب بن موسى، عن حميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة، قالت: لما جاء نعي أبي سفيان، دعت أم حبيبة بصفرة، فمسحت بذراعيها وعارضيها، وقالت: إني عن هذا لغنية، لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم .... ، ثم ذكرت مثل حديث عائشة رضي الله عنها سواء
(1)
.
4245 -
حدثنا المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن أيوب بن موسى، عن حميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة، قالت: بينما أنا عند أم حبيبة، ثم ذكرت مثل حديث يونس سواء، وزاد: قال حميد: وحدثتني زينب بنت أبي سلمة، عن أمها أم سلمة أنها قالت: جاءت امرأة من قريش، بنت النحام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنا نخاف على بصرها، فقال:"لا، أربعة أشهر وعشرا، قد كانت إحداكن تحد على زوجها السنة، ثم ترمي على رأس السنة بالبعر"
(2)
.
= أخرجه الحميدي (277)، وابن أبي شيبة 5/ 279، وابن راهويه (735)، وأحمد (24092)، ومسلم (1491)، والنسائي في المجتبى 6/ 198، وفي الكبرى (5719)، وابن ماجة (2085)، وابن الجارود في المنتقى (764)، وأبو يعلى (4424)، وابن حبان (4303)، والبيهقي في السنن 7/ 438 من طريق سفيان بن عيينة به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحميدي (308)، والبخاري (1280)، ومسلم (1486) من طرق عن سفيان بن عيينة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1148) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 198، وفي الكبرى (5691) من طريق عبد الله بن يوسف عن الليث به.
وأخرجه البخاري (5336 - 5337)، ومسلم (1486)، وأبو داود (2299)، والترمذي (1197) من طرق عن =
4246 -
حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن يحيى بن سعيد، عن حميد بن نافع مولى الأنصار، أنه سمع زينب بنت أبي سلمة، تحدث عن أمها، وأم حبيبة، مثل ما في حديث ربيع عنهما. قال حميد: فقلت لزينب: وما رأس الحول؟ فقالت: كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها، عمدت إلى شر بيت لها، فجلست فيه سنة، فإذا مرت بها سنة، خرجت ورمت ببعرة من ورائها
(1)
.
4247 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن عبد الله بن أبي بكر، عن حميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة، أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة، قالت: دخلت علي أم حبيبة، ثم ذكرت عنها مثل ما ذكرناه عنها، فيما تقدم من هذه الأحاديث، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قالت ودخلت على زينب بنت جحش فذكرت عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، قالت: وسمعت أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكرت نحو ما ذكرناه عنها في حديث يونس، عن
= حميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أمها.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1145) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 280، ومسلم (1488، 1486)، وابن ماجة (2084)، والنسائي في المجتبى 6/ 188 - 189، وفي الكبرى (5695)، والطبراني في الكبير 23 / (427)، وأبو يعلى (6961) من طرق عن يحيى بن سعيد، عن حميد بن نافع به.
علي وفي حديث ربيع، عن شعيب مما ذكراه في حديثهما، عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم في بنت النحام
(1)
.
4248 -
حدثنا محمد بن خزيمة، وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني ابن الهاد، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن حفصة بنت عمر، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أو عنهما كليهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على متوفى فوق ثلاث ليال، إلا على زوجها"
(2)
.
4249 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبد الله بن بكر السهمي، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن بعض أزواج النبي صلى الله
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1143) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 597 - 598، ومن طريقه أخرجه الشافعي في المسند 2/ 61 - 62، وعبد الرزاق (12130)، والبخاري (5336)، ومسلم (1488 - 1489)، وأبو داود (2299)، والترمذي (1197)، والنسائي في المجتبى 6/ 201 - 202، وفي الكبرى (5727)، وابن حبان (4304)، والطبراني 23/ 812، والبيهقي 7/ 437، والبغوي (2389)
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه أحمد (26455)، ومسلم (1490)(63)، والبيهقي في السنن 7/ 438، والمزي في تهذيب الكمال (في ترجمة صفية بنت أبي عبيد) من طرق عن الليث عن نافع به.
عليه وسلم، وهي أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، وزاد "فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا"
(1)
.
4250 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت نافعا يحدث عن صفية بنت أبي عبيد، عن بعض أمهات المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوج"
(2)
.
4251 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عارم أبو النعمان، قال: ثنا حماد بن زيد، قال: ثنا أيوب، عن نافع
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
4252 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن حفصة، عن أم عطية، قالت:"أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تحد المرأة فوق ثلاثة أيام إلا على زوج، ولا تكتحل، ولا تطيب، ولا تلبس ثوبا مصبوغا، إلا ثوب عصب"
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 189، وفي الكبرى (5668) من طريق عبد الله بن بكر بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (26453) من طريق أيوب، عن نافع به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1490)(64)، من طريق أبي الربيع، عن حماد، عن أيوب به.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (313، 5341)، ومسلم (ص 1128) من طريقين عن حماد بن زيد به.
4253 -
حدثنا أبو بكرة، قال ثنا وهب، قال: ثنا هشام بن حسان عن حفصة، عن أم عطية، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، غير أنه لم يذكر قوله:"إلا ثوب عصب"
(1)
.
4254 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا حسان بن غالب، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، أنه سمع القاسم بن محمد يخبر، عن زينب: أن أمها أم سلمة أخبرتها، أن بنت نعيم بن عبد الله العدوي أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن ابنتي توفي عنها زوجها وهي محدة، وقد اشتكت عينيها، أفتكتحل؟ فقال:"لا". فقالت: يا نبي الله، إنها تشتكي عينيها، فوق ما تظن، أفتكتحل؟ قال:"لا يحل لمسلمة أن تحد فوق ثلاثة أيام إلا على زوج"، ثم قال:"أولستن؟ كنتن في الجاهلية تحد المرأة السنة، وتجعل في السنة في بيت وحدها إلا أنها تطعم وتسقى حتى إذا كان رأس السنة أخرجت، ثم أتيت بكلب أو دابة، فإذا مستها ماتت، فخفف ذلك عنكن، وجعل أربعة أشهر وعشرا"
(2)
.
ففي هذه الآثار ما قد دل أن إحداد المتوفى عنها زوجها قد جعل في كل عدتها، وقد كان قبل ذلك في ثلاثة أيام من عدتها خاصة، على ما في حديث أسماء.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 280، والدارمي (2286)، وأحمد (20794)، والبخاري (5342)، ومسلم (ص 1128)، وأبو داود (2302)، والنسائي 6/ 202، وابن ماجة (2087)، وابن الجارود في المنتقى (766)، وابن حبان (4305)، والطبراني 25 / (140)، والبيهقي 7/ 440، 1/ 183 من طرق عن هشام بن حسان به.
(2)
إسناده ضعيف، لضعف حسان بن غالب ولسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وأخرجه أبو نعيم في المعرفة (68، 77)، والطبراني في الكبير 23 / (349) من طريقين عن ابن لهيعة بهذا الإسناد.
ثم قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الفُريعة بنت مالك، ما
4255 -
حدثنا يونس، قال: أخبرني أنس بن عياض، قال: أخبرني سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة الأنصاري، عن زينب بنت كعب قالت: أخبرتني الفُريعة بنت مالك بن سنان، وهي أخت أبي سعيد الخدري أنه أتاها نَعْي زوجها، خرج في طلب أعلاج له فأدركهم بطرف القدوم، فقتلوه. قالت: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! إنه أتاني نعي زوجي، وأنا في دار من دور الأنصار شاسعة عن دور أهلي، وأنا أكره القعدة فيها، وإنه لم يتركني في مسكن، ولا مال يملكه، ولا نفقة أنفق علي، فإن رأيت أن ألحق بأخي فيكون أمرنا جميعا، فإنه أجمع لي في شأني وأحب إلي، قال:"إن شئت فالحقي بأهلك". قالت: فخرجت مستبشرة بذلك، حتى إذا كنت في الحجرة، أو في المسجد دعاني أو دعيت له، فقال:"كيف زعمت؟ " فرددت عليه الحديث من أوله، فقال:"امكثي في البيت الذي جاءك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله" قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا. قالت: فأرسل إليها عثمان فسألها، فأخبرته فقضى به
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3638) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3329)، والطبراني في الكبير 24/ (1091) من طريق أنس بن عياض بهذا الإسناد.
4256 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: حدثني الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن يزيد بن محمد، عن سعد بن إسحاق بن كعب
…
ثم ذكر بإسناده مثله
(1)
.
4257 -
حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن يحيى بن سعيد، عن سعد بن إسحاق
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4258 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: حدثني يزيد بن زريع، قال: حدثني شعبة، وروح بن القاسم، جميعا عن سعد بن إسحاق
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3643) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 199، وفي الكبرى (5693) من طريق الليث به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3641) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن سعد 8/ 367، وأحمد (27087)، والنسائي في الكبرى (5722)، والطبراني في الكبير 24/ (1076، 1077، 1078)، والحاكم 2/ 208، والبيهقي في السنن 7/ 434، وابن عبد البر في التمهيد 21/ 31 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3646) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (1664)، والنسائي في المجتبى 6/ 199، وفي الكبرى (5722)، وابن حبان (4293)، والطبراني في الكبير 24/ (1081)، والبيهقي في السنن 7/ 434 من طريق شعبة به.
وأخرجه الطبراني (24/ 1084) من طريق روح بن القاسم به.
4259 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم، عن سعد بن إسحاق
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4260 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن سعد
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4261 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، قال: ثنا سفيان الثوري، عن سعد
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر سؤال عثمان إياها ولا قضاءه به
(3)
.
4262 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن سعد
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: الفارعة ولم يقل: الفُريعة، وذكر أيضا سؤال عثمان إياها، ولم يذكر قضاءه به
(4)
.
(1)
إسناده صحيح بالمتابعات من أجل يحيى بن عبد الله بن سالم.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3652) بإسناده ومتنه.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3645) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 591، ومن طريقه أخرجه الشافعي في مسنده 2/ 53 - 54، وابن سعد 8/ 368، والدارمي (2287)، وأبو داود (2300)، والترمذي (1204)، والنسائي في الكبرى (11044)، وابن حبان (4292)، والطبراني في الكبير 24/ (1086)، والبغوي في شرح السنة (2386) عن سعد بن إسحاق به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3647) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (12075)، والنسائي في المجتبى 6/ 200 - 201، وفي الكبرى (5726)، والطبراني في الكبير 24/ (1082) من طريق سفيان الثوري به.
(4)
إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق. =
4263 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن سعد بن إسحاق، أو إسحاق بن سعد
…
ثم ذكر بإسناده مثله، وقال: الفُريعة، ولا أدري أذكر سؤال عثمان إياها وقضاءه به، أم لا؟
(1)
.
قال أبو جعفر: فمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفُريعة رضي الله عنها عن الانتقال من منزلها في عدتها، وجعل ذلك من إحدادها، وقد ذكرنا في حديث أسماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"تسلبي ثلاثا، ثم اصنعي ما شئت" حين توفي عنها زوجها، وهو جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.
ففي ذلك أنه ليس عليها أن تحد أكثر من ثلاث، وكل قد أجمع أن ذلك منسوخ لتركهم ذلك، واستعمالهم حديث زينب بنت جحش، وعائشة، وأم سلمة، وأم حبيبة رضي الله عنهن.
وما ذكرنا مع ذلك مما يوجب الإحداد في العدة كلها، وكل ما ذكرنا في الإحداد إنما قصد بذكره المتوفى عنها زوجها.
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3649) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 199، وفي الكبرى (5692) من طريق ابن إدريس، عن شعبة وابن جريج ويحيى بن سعيد ومحمد بن إسحاق، عن سعد به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3648) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن سعد 8/ 368 من طريق زهير بن معاوية به.
فاحتمل أن يكون ذلك للعدة التي تجب بعقد النكاح، فتكون كذلك المطلقة عليها في ذلك من الإحداد في عدتها، مثل ما على المتوفى عنها زوجها.
واحتمل أن يكون ذلك خصت به العدة من الوفاة خاصة، فنظرنا في ذلك إذ كانوا قد تنازعوا في ذلك، واختلفوا.
فقال قائلون
(1)
. لا يجب على المطلقة في عدتها إحداد.
وقال آخرون
(2)
: بل الإحداد عليها في عدتها كما هو على المتوفى عنها زوجها.
فرأينا المطلقة منهية عن الانتقال من منزلها في عدتها، كما نهيت المتوفى عنها زوجها، وذلك حق عليها ليس لها ترك ذلك كما ليس لها ترك العدة.
فلما ساوت المتوفى عنها زوجها في وجوب بعض الإحداد عليها، ساوتها في وجوب كله عليها.
فثبت بما ذكرنا وجوب الإحداد على المطلقة في عدتها، وقد قال بذلك جماعة من المتقدمين.
(1)
قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وربيعة، ومالك، والشافعي، والليث بن سعد، وابن المنذر، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 15/ 124.
(2)
قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وابن سيرين، والحكم بن عتيبة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأبا عبيد، وأبا ثور، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في المصدر السابق.
4264 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أبو الزبير، قال: سألت جابرا: أتعتد المطلقة والمتوفى عنها زوجها أم تحد؟ فقال: لا، فقلت: أتتربصان حيث أرادتا، فقال جابر: لا
(1)
.
4265 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عبد الله بن محمد الفهمي، قال أخبرنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، أنه قال في المطلقة: إنها لا تعتكف، ولا المتوفى عنها زوجها، ولا تخرجان من بيوتهما، حتى توفيا أجليهما
(2)
.
فهذا جابر بن عبد الله، قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في إذنه لخالته في الخروج في جداد نخلها في عدتها، ما قد ذكرناه فيما تقدم من هذا الكتاب، ثم قد قال هو بخلاف ذلك، فهذا دليل على ثبوت نسخ ذلك عنده.
وفي حديث جابر رضي الله عنه أيضا الذي ذكرناه عنه من قوله: تسويته بين المطلقة، والمتوفى عنها زوجها في ذلك.
فلما كانتا في عدتهما سواء في بعض الإحداد، كانتا كذلك في كل الإحداد، وقد كان قبل ذلك في بعض العدة، على ما ذكرنا في حديث أسماء، ثم نسخ ذلك وجعل الإحداد في كل العدة.
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وأخرجه البيهقي في السنن 4/ 323 من طريق الحسن بن علي بن زياد، عن ابن أبي أويس، عن ابن أبي الزناد، عن موسى ابن عقبة، عن أبي الزبير به.
(2)
إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة وعنعنة أبي الزبير المكي.
فيحتمل أن يكون ما أمرت به خالة جابر رضي الله عنه كان، والإحداد: إنما هو في الثلاثة الأيام من العدة، ثم نسخ ذلك وجعل الإحداد في كل العدة.
وقد روي في ذلك أيضا عن المتقدمين، ما
4266 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا منصور. (ح)
وحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا قبيصة، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن سعيد بن المسيب، أن عمر: رد نسوة من ذي الحليفة، توفي عنهن أزواجهن، فخرجن في عدتهن
(1)
.
4267 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا بشر بن بكر، قال حدثني الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، أن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت، قالا في المتوفى عنها زوجها، وبها فاقة شديدة، فلم يرخصا لها: أن تخرج من بيتها إلا في بياض نهارها، وتصيب من طعامهم، ثم ترجع إلى بيتها فتبيت فيه
(2)
.
(1)
إسناده منقطع سعيد بن المسيب أدرك عمر ولم يسمع منه.
وأخرجه سعيد بن منصور (1343) عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور به.
وأخرجه عبد الرزاق (12072)، وابن أبي شيبة (14645)، وابن المقرئ في معجمه (261)، وابن حزم في المحلى 10/ 81 من طريق سفيان الثوري به.
(2)
رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18862 - 18863) من طريق وكيع، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير به.
4268 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا قبيصة، قال: ثنا سفيان، عن عبيد الله، وابن أبي ليلى، وموسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: في المتوفى عنها زوجها: لا تبيت عن غير بيتها
(1)
.
4269 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن يزيد بن قسيط، عن مسلم بن السائب، عن أمه، قالت: لما توفي السائب ترك زرعا بقناة، فجئت ابن عمر، فقلت: يا أبا عبد الرحمن! إن السائب توفي وترك ضيعة من زرع بقناة، وترك غلمانا صغارًا، ولا حيلة لهم، وهي لنا دار ومنزل، أفأنتقل إليها؟ فقال: لا تعتدي إلا في البيت الذي توفي فيه زوجك، اذهبي إلى ضيعتك بالنهار، وارجعي إلى بيتك بالليل، فبيتي فيه، فكنت أفعل ذلك
(2)
.
4270 -
حدثنا يونس، قال ثنا ابن وهب، قال: أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال:
سمعت أم مخرمة، تقول: سمعت أم مسلم بن السائب، تقول: لما توفي السائب، فسألت
(1)
إسناده صحيح ومحمد بن أبي ليلى متابع.
وأخرجه عبد الرزاق (12116) عن الثوري عن عبيد الله وابن أبي ليلى، وسعيد بن منصور (2137) عن هشيم عن ابن أبي ليلى، وابن أبي شيبة (18837) عن عبدة عن عبيد الله، والبيهقي 7/ 440 من طريق نمير، عن عبيد الله جميعهم عن نافع، عن ابن عمر به.
(2)
إسناده ضعيف، لعنعنة محمد بن إسحاق.
وأخرجه مالك في الموطأ 1/ 218، ومن طريقه البيهقي 7/ 436 عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن السائب بن خباب توفي وأن امرأته جاءت إلى عبد الله بن عمر
…
ابن عمر عن الخروج، فقال: لا تخرجي من بيتك إلا لحاجة، ولا تبيتي إلا فيه حتى تنقضي عدتك
(1)
.
4271 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن مهدي، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: لا تنتقل المبتوتة من بيت زوجها في عدتها
(2)
.
4272 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال في المتوفى عنها زوجها والمطلقة ثلاثا: لا تنتقلان ولا تبيتان إلا في بيوتهما
(3)
.
4273 -
حدثنا سليمان، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كانت امرأة في عدتها، فاشتكى أبوها، فأرسلت إلى أم سلمة
(1)
إسناده ضعيف لجهالة أم مخرمة.
وقال العيني في المغاني 3/ 497 أم مخرمة تروي عن أم مسلم بن السائب روى عنها بكير بن عبد الله بن الأشج وفي مختصره: لم أر لهما ترجمة فيما عندي وأم مسلم بن السائب لم أقف لها على ترجمة.
(2)
إسناده حسن، من أجل حسين مهدي.
وهو في المصنف (12039)، ومن طريقه أخرجه ابن حزم في المحلى 10/ 81، وأخرجه البيهقي في السنن 7/ 436 من طريق ابن جريج، عن ابن شهاب، عن سالم عنه به.
(3)
إسناده قوي من أجل خصيب بن ناصح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18837) عن عبدة، عن عبد الله، عن نافع به.
أم المؤمنين أن ما ترين فإن أبي اشتكى، أفآتيه فأمرضه؟ فقالت نبِيْتي في بيتك طرفي الليل
(1)
(2)
.
4274 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مخرمة، عن أبيه، أنه سمع القاسم بن محمد، يرى أن تخرج المطلقة إلى المسجد. قال بكير: وقالت عمرة، عن عائشة: تخرج من غير أن تبيت عن بيتها
(3)
.
4275 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن نافع، أن بنت سعيد كانت تحت عبد الله بن عمر، فطلقها ألبتة، فانتقلت، فأنكر ذلك عليها عبد الله بن عمر
(4)
.
4276 -
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن حميد بن قيس، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب كان يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء يمنعهن من الحج
(5)
.
(1)
في د س "النهار".
(2)
إسناده منقطع إبراهيم النخعي لم يدرك أم سلمة، ورجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18864) عن جرير، عن منصور، عن إبراهيم به.
(3)
إسناده منقطع بين بكير والقاسم بينهما عبد الرحمن.
(4)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 579، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 7/ 431، وفي المعرفة (15305).
(5)
إسناده منقطع سعيد بن المسيب أدرك عمر بن الخطاب ولم يسمع منه.
وهو في الموطأ 1/ 218، ومن طريقه أخرجه ابن أبي شيبة (18854)، والبيهقي في السنن 7/ 435.
4277 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن نافع، عن ابن عمر، قال: لا تبيت المتوفى عنها زوجها، ولا المطلقة إلا في بيتهما
(1)
.
4278 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: ثنا الليث، عن أيوب بن موسى، عن محمد بن عبد الرحمن الدؤلي، أن علقمة بن عبد الرحمن بن أبي سفيان طلق امرأة من أهله ألبتة، ثم خرج إلى العراق، فسألت ابن المسيب والقاسم وسالم ابن عبد الله وخارجة وسليمان بن يسار: هل تخرج من بيتها؟ فكلهم يقولون: لا، تقعد في بيتها
(2)
.
4279 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام، قال: ثنا حماد، عن إبراهيم، قال: المطلقة ثلاثا والمختلعة، والمتوفى عنها زوجها، والملاعنة لا يختضبن، ولا يتطيبن، ولا يلبسن ثوبا مصبوغا، ولا يخرجن من بيوتهن
(3)
.
فهؤلاء الذين روينا عنهم الآثار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين قد منعوا المتوفى عنها من السفر والانتقال من بيتها في عدتها، ورخصوا لها في الخروج في بياض نهارها، على أن تبيت في بيتها.
(1)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 592، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 7/ 435.
(2)
رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18834) عن يحيى بن محمد، عن ابن عجلان، عن عبد الرحمن بن نضلة به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18830) عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم به.
وقد قرن بعضهم معها المطلقة المبتوتة، فجعلها كذلك في منعه إياها من السفر، والانتقال من بيتها في عدتها ولم يرخص أحد منهم لها في الخروج من بيتها نهارا، كما رخص للمتوفى عنها زوجها.
فثبت بذلك ما ذكرنا من منعهما من السفر في عدتهما والخروج من منزلهما إلا ما رخص للمتوفى عنها زوجها في الخروج من بيتها، في بياض نهارها على الضرورة. وهذا كله قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
فإن قال قائل: فإن عائشة رضي الله عنها قد سافرت بأختها أم كلثوم في عدتها.
وذكر في ذلك ما
4280 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: حدثني جرير بن حازم، قال: سمعت عطاء يقول: حجت عائشة بأختها أم كلثوم في عدتها
(1)
.
4281 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو غسان، قال: حدثني جرير، قال: سمعت عطاء، يقول: حجت عائشة بأختها في عدتها من طلحة بن عبيد الله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18855) عن وكيع عن أسامة، عن القاسم، وعن جرير بن حازم، عن عطاء به.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 10/ 78 من طريق قيس بن عباد، عن عطاء به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (12053) عن ابن جريج، عن عطاء، عن عائشة به.
4282 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا أفلح، عن القاسم، عن عائشة
…
أنها حجت بأختها أم كلثوم في عدتها
(1)
.
4283 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن أيوب بن موسى، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة
…
مثله
(2)
.
قيل لهم: إنما كان ذلك للضرورة، لأنهم كانوا في فتنة، وقد بين ذلك ما
4284 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي قال: ثنا ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه قال: لما قتل طلحة بن عبيد الله يوم الجمل وسارت عائشة إلى مكة، بعثت عائشة إلى أم كلثوم وهي بالمدينة، فنقلتها إليها، لما تتخوف من الفتنة، وهي في عدتها
(3)
.
وهكذا نقول: إذا كانت فتنة تخاف على المعتدة من الإقامة فيها، فهي في سعة من الخروج فيها إلى حيث أحبت من الأماكن التي تأمن مَنْ فيها من تلك الفتنة، وبالله التوفيق.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18855) عن وكيع عن أسامة، عن القاسم، عن عائشة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 1/ 780 من طريق قيس بن عباد، عن عطاء به.
(3)
إسناده ضعيف، لعنعنة محمد بن إسحاق.
6 - باب: الأمة تعتق ولها زوج، هل لها خيار أم لا؟
4285 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة أنها قالت:"كان زوج بريرة حرا، فلما عتقت خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها"
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى هذا الحديث، وجعلوا للمعتقة الخيار، حرا كان زوجها أو عبدا.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
فقالوا: إن كان زوجها عبدا فلها الخيار، وإن كان حرا فلا خيار لها. وقالوا: إنما كان زوج بريرة عبدا. وذكروا في ذلك ما
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4374) بإسناده ومتنه.
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (1260)، وإسحاق بن راهويه (1539)، وأحمد (24150)، والترمذي (1155) من طريق أبي معاوية به.
وأخرجه سعيد بن منصور (1259)، وابن أبي شيبة 4/ 211، 385، 396، وابن ماجة (2074)، وأبو يعلى (4520) من طرق عن الأعمش به.
(2)
قلت أراد بهم: الشعبي، والثوري، ومحمد بن سيرين، وطاووسا، ومجاهدا، وحماد بن أبي سليمان، والحسن بن مسلم، وأبا قلابة، وأيوب السختياني، والحسن بن صالح، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 15/ 148.
(3)
قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، والزهري، والليث بن سعد، والشافعي، ومالكا، وأحمد وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 15/ 149.
4286 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إسماعيل بن سالم، قال: ثنا جرير بن عبد الحميد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان زوج بريرة عبدا، ولو كان حرا لم يخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
4287 -
حدثنا أحمد، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، وابن أبي حازم، عن هشام بن عروة، عن عبد الرحمن بن القاسم، قال: عبد العزيز: عن أبيه، قالا: عائشة، إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أعتقت بريرة خيرها، وكان زوجها عبدا
(2)
.
قالوا: فهذه عائشة رضي الله عنها تخبر أن زوج بريرة كان عبدا، فهذا خلاف ما رويتموه عن الأسود عنها. ثم قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: لو كان حرا لم يخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قيل لهم: أما هذا الحرف فقد يجوز أن يكون من كلام عائشة رضي الله تعالى عنها، وقد يجوز أن يكون من كلام عروة.
واحتج أهل هذه المقالة في تثبيت ما رووه في زوج بريرة أنه كان عبدا بما
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4380)(ص 189) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مطولا ومختصرا إسحاق بن راهويه (746)، وأحمد (25367)، ومسلم (1504)(9)، وأبو داود (2233)، والترمذي (1154)، والنسائي في المجتبى 6/ 164 - 165، وفي الكبرى (5644، 5015، 6402)، وابن حبان (4272)، والبيهقي في السنن 7/ 132، 221 من طريق جرير به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 396، ومسلم (1504)، وأبو داود (2234)، والنسائي في المجتبى 6/ 165، وفي الكبرى (5618) من طرق عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن القاسم به.
4288 -
حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عفان، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن زوج بريرة كان عبدا أسود يسمى مغيثا، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم وأمرها أن تعتد
(1)
.
4289 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال أخبرنا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما خيرت بريرة رأيت زوجها يتبعها في سكك المدينة، ودموعه تسيل على لحيته. فكلم له العباس النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلب إليها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: زوجك وأبو ولدك؟ فقالت: أتأمرني به يا رسول الله؟ فقال: "إنما أنا شافع" قالت: إن كنت شافعا فلا حاجة لي فيه، واختارت نفسها، وكان يقال له: مغيث، وكان عبدا لآل المغيرة من بني مخزوم
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح المشكل (4378) مطولا بإسناده ومتنه.
وأخرجه مطولا ومختصرا ابن أبي شيبة 10/ 182، وأحمد (2542)، وأبو داود (2232) من طريق عفان بن مسلم به.
وأخرجه البخاري (5280)، والطبراني (11826)، والبيهقي 7/ 221 - 222 من طرق عن همام به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4379) بإسناده ومتنه.
وأخرجه سعيد بن منصور (1257)، وأحمد (1844) عن هشيم به.
وأخرجه الدارمي (2292)، والبخاري (5283)، وأبو داود (2231)، والنسائي 8/ 245 - 246، وابن ماجة (2075)، وابن حبان (4273)، والطبراني (11962)، والدارقطني 2/ 154، والبيهقي 7/ 222، والبغوي (2299) من طرق عن خالد الحذاء به.
قالوا: فإنما خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أن زوجها كان عبدا.
فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأولى أن أولى الأشياء بنا إذا جاءت الآثار هكذا، فوجدنا السبيل إلى أن نحملها على غير طريق التضاد أن نحملها على ذلك، ولا نحملها على التضاد والتكاذب، ويكون حال رواتها -عندنا- على الصدق والعدالة فيما رووا، حتى لا نجد بدا من أن نحملها على خلاف ذلك. فلما ثبت أن ما ذكرنا كذلك وكان زوج بريرة قد قيل فيه: إنه كان عبدا، وقيل فيه: إنه كان حرا، جعلناه على أنه قد كان عبدا في حال، حرا في حال أخرى.
فثبت بذلك تأخر إحدى الحالتين عن الأخرى فكان الرق قد يكون بعده الحرية، والحرية لا يكون بعدها رق، فلما كان ذلك كذلك جعلنا حال العبودية متقدما، وحال الحرية متأخر.
فثبت بذلك أنه كان حرا في وقت ما خيرت بريرة عبدا قبل ذلك، هكذا تصحيح الآثار في هذا الباب ولو اتفقت الروايات كلها -عندنا- على أنه كان عبدا كما كان في ذلك ما ينفي أن يكون إذا كان حرا زال حكمه عن ذلك، لأنه لم يجئ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنما خيرتها لأن زوجها عبد" ولو كان ذلك كذلك لانتفى أن يكون لها خيار إذا كان زوجها حرا.
فلما لم يجئ من ذلك شيء، وجاء عنه أنه خيرها، وكان زوجها عبدا نظرنا هل يفترق في ذلك حكم الحر وحكم العبد؟ فنظرنا في ذلك، فرأينا الأمة في حال رقها
لمولاها، أن يعقد النكاح عليها للحر والعبد، ورأيناها بعدما تعتق ليس له أن يستأنف عليها عقد نكاح لحر ولا لعبد، فاستوى حكم ما إلى المولى في العبيد والأحرار، وما ليس إليه في العبيد والأحرار فلما كان ذلك كذلك، ورأيناها إذ أعتقت بعد عقد مولاها نكاح العبد عليها يكون لها الخيار في حل النكاح عنها كان كذلك في الحرة، إذا أعتقت يكون لها حل نكاحه عنها، قياسا ونظرا على ما بينا من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
وقد روي ذلك أيضا عن طاوس
4290 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: للأمة الخيار إذا أعتقت، وإن كانت تحت قرشي
(1)
.
4291 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن طاوس، عن أبيه أنه قال: لها الخيار، يعني في العبد والحر. قال: وأخبرني الحسن بن مسلم مثل ذلك
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 11/ 197 بإسناده ومتنه.
ورواه سعيد بن منصور في سننه (1252) عن سفيان به.
ورواه عبد الرزاق (13005)، وابن أبي شيبة 4/ 211 من طريق ابن جريج، عن ابن طاوس، عن طاوس به.
(2)
رجاله ثقات.
وأخرجه عبد الرزاق (13033) عن ابن جريج، عن حسن بن مسلم به.
7 - باب: الرجل يقول لامرأته: أنت طالق ليلة القدر متى يقع الطلاق؟
4292 -
حدثنا محمد بن حميد، وفهد بن سليمان، قالا: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق الهمداني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أسمع عن ليلة القدر، فقال:"هي في كل رمضان"
(1)
.
قال أبو جعفر: ففي هذا أنها في كل رمضان فقال قوم: هذا دليل على أنها قد تكون في أوله، وفي أوسطه، كما تكون في آخره.
وقد يحتمل قوله صلى الله عليه وسلم: "في كل رمضان" هذا المعنى، ويحتمل أنها في كل رمضان تكون إلى يوم القيامة، مع أن أصل هذا الحديث موقوف، كذلك رواه الأثبات، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر
…
مثله ولم يرفعه.
4293 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا حسن بن صالح، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر
…
مثله، ولم يرفعه
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (1387)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/ 226، والبيهقي 4/ 307 من طريق سعيد بن أبي مريم به.
(2)
إسناده صحيح وقفا.
وأخرجه ابن أبي شيبة (9528) من طريق وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق به موقوفا.
وقال الدارقطني في العلل (2807): الموقوف أشبه.
4294 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق الهمداني
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
وقد روى هذا الحديث عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق بلفظ غير هذا اللفظ
4295 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عمر عن ليلة القدر، فقال:"هي في رمضان كله"
(2)
.
فإن كان هذا هو لفظ هذا الحديث، فقد ثبت به أن معنى قوله:"هي في كل رمضان" يريد أنها في كل الشهر.
وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك.
4296 -
حدثنا عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا سعيد بن عفير، قال: حدثني سليمان بن بلال، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ليلة القدر، فقال: "تحروها في السبع الأواخر من رمضان
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده صحيح.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 511، 3/ 77، وأحمد (5283، 4808، 5430)، وعبد بن حميد (794) من طرق عن عبد الله ابن دينار به.
4297 -
حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4298 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرني الزهري، عن حديث سالم بن عبد الله، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمسوا ليلة القدر في السبع الأواخر"
(2)
.
4299 -
حدثنا يزيد بن سنان وابن أبي داود، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
4300 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا القعنبي، قال: قرأت على مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (3681) من طريق يحيى بن أيوب، عن إسماعيل بن جعفر به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (4938) من طريق ابن جريج به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات، من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه الدارمي (1911) قال: حدثني عبد الله بن صالح به.
وأخرجه البخاري (6991) من طريق يحيى بن بكير، عن الليث عن عقيل به.
(4)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 1/ 320، ومن طريقه أخرجه أحمد (5932)، ومسلم (1165)(206)، وأبو داود (1385)، والنسائي في الكبرى (3400)، والبيهقي 4/ 311.
4301 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
وقد روي عن غير ابن عمر رضي الله عنهما أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
4302 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، قال: ثنا عكرمة بن عمار، قال: حدثني أبو زميل، عن مالك بن مرثد، عن أبيه، قال: سألت أبا ذر، فقلت: أسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر؟ قال: نعم، كنت أسأل الناس عنها، قال عكرمة: يعني أشبع سؤالا. قلت: يا رسول الله، أخبرني عن ليلة القدر أفي رمضان هي أم في غيره؟ قال:"في رمضان" قلت: وتكون مع الأنبياء ما كانوا، فإذا رفعوا رفعت؟ قال:"بل هي إلى يوم القيامة". قلت: في أي رمضان هي؟ قال: "في العشر الأول، أو في العشر الأخر". ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثت، فقلت: يا رسول الله، في أي العشرين هي؟ قال:"التمسوها في العشر الأواخر، لا تسألني عن شيء بعدها". ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أقسمت عليك لتخبرني بحقي عليك في أي العشر هي؟ فغضب علي غضبا لم يغضب علي قبل ولا
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل أبي صالح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (3384) عن قتيبة بن سعيد عن الليث به.
وأخرجه عبد الرزاق (10953)، والطبراني في الأوسط (1646)، والدارقطني في السنن 4/ 9 - 10، وابن عدي في الكامل 6/ 2445 من طرق عن نافع به.
بعد، ثم قال:"إن الله عز وجل لو شاء لأطلعكم عليها، التمسوها في السبع الأواخر، لا تسألني عن شيء بعدها"
(1)
.
4303 -
حدثنا المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أبو الزبير، قال: أخبرني جابر، أن عبد الله بن أنيس الأنصاري سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، وقد خلت اثنتان وعشرون ليلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"التمسوها في هذه السبع الأواخر التي يبقين من الشهر"
(2)
.
4304 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن إسحاق، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن عبد الله بن عبد الله بن خبيب، أراه عن عبد الله بن أنيس أنه سئل عن ليلة القدر، فقال: سمعت رسول الله صلى
(1)
إسناده ضعيف، لجهالة مرثد بن عبد الله الزماني لم يرو عنه سوى ابنه مالك، وقال الذهبي في الميزان 4/ 87: فيه جهالة وذكره ابن حبان في الثقات.
وأخرجه أحمد (21499)، والنسائي في الكبرى (3427)، والبزار (4068)، وابن خزيمة (2170)، والحاكم 1/ 437، 2/ 530 - 531، والبيهقي 4/ 307 من طرق عن عكرمة بن عمار به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 74، والبزار (4067)، وابن خزيمة (2169)، وابن حبان (3683) من طرق عن الأوزاعي، عن مرثد بن أبي مرثد، عن أبيه، عن أبي ذر به.
لكن وقع في رواية أبي عاصم عند ابن خزيمة عن مرثد أو أبي مرثد شك أبو عاصم عن أبيه عن أبي ذر به.
(2)
إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.
وأخرجه أحمد (14607) من طريق حسن، عن ابن لهيعة به.
الله عليه وسلم يقول: "التمسوها الليلة"، وتلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين، فقال رجل: هذا إذًا أول ثمان، فقال:"بل أول سبع، فإن الشهر لا يتم"
(1)
.
فقد ثبت بهذا الحديث أيضا أنها في السبع الأواخر، وأنه إنما قصد ليلة ثلاث وعشرين، لأن ذلك الشهر كان تسعا وعشرين.
4305 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أبو زيد بن أبي الغمر، قال: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: كنت جالسا مع أبي على الباب، إذ مر بنا ابن عبد الله بن أنيس فقال له أبي: ما سمعت من أبيك يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر؟ فقال: سمعت أبي يقول: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني رجل تنازعني البادية، فمرني بليلة آتي فيها المدينة، فقال:"ائت في ليلة ثلاث وعشرين"
(2)
.
4306 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن معاذ بن عبد الله، عن أخيه عبد الله بن عبد الله، قال: وكان رجلا في زمن عمر بن الخطاب قد سأله
(1)
إسناده حسن، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد.
وأخرجه ابن أبي شيبة (9512) من طريق ليث به.
وأخرجه أحمد (16046)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (110)، وابن خزيمة (2185 - 2186)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5481)، وابن عبد البر في التمهيد 21/ 213 - 214 من طرق عن ابن إسحاق بهذا الإسناد.
(2)
إسناده حسن بالمتابعة من أجل ابن عبد الله بن أنيس وهو ضمرة.
وأخرجه أبو داود (1380)، وابن نصر في قيام الليل (ص 110 - 111)، وابن خزيمة (200)، والبيهقي 4/ 309 من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن ضمرة بن عبد الله بن أنيس، عن عبد الله بن أنيس به.
فأعطاه، قال: جلس إلينا عبد الله بن أنيس في مجلس جهينة في آخر رمضان، فقلنا له: يا أبا يحيى، هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة المباركة شيئا؟، قال: نعم، جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر هذا الشهر، فقلنا: يا نبي الله متى نلتمس هذه الليلة المباركة؟ فقال: "التمسوها هذه الليلة" لمساء ثلاث وعشرين، فقال رجل من القوم: فهي إذن أولى ثمان، فقال:"إنها ليست بأولى ثمان، ولكنها أولى سبع ما تريد بشهر لا يتم؟ "
(1)
.
4307 -
حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن ابن الهاد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه أخبره، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن عبد الله بن أنيس، قال: كنا بالبادية، فقلنا: إن قدمنا بأهلنا شق ذلك علينا، وإن خلفناهم أصابهم ضيعة فبعثوني، وكنت أصغرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فأمرنا بليلة ثلاث وعشرين
(2)
.
4308 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثني ابن لهيعة، قال: ثنا بكير بن الأشج قال: سألت ضمرة بن عبد الله بن أنيس عن ليلة القدر، فقال: سمعت
(1)
إسناده حسن، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد.
وهو. عند المصنف في شرح مشكل (5481) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه (4304).
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (4001)، والبيهقي في فضائل الأوقات (90)، وفي السنن 4/ 309، وابن عبد البر في التمهيد 1/ 212 من طريق يحيى بن أيوب بهذا الإسناد.
أبي يخبر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"تحروها ليلة ثلاث وعشرين". فكان ينزل كذلك
(1)
.
4309 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى الحماني، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن بسر بن سعيد، عن عبد الله بن أنيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيتني في ليلة القدر كأني أسجد في ماء وطين"، فأصابتنا ليلة مطر، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فرأيته يسجد في ماء وطين، فإذا هي ليلة ثلاث وعشرين
(2)
.
فأما ما رويناه في هذا الباب عن ابن عمر، وأبي ذر رضي الله عنهما، فإن فيه الأمر بتحريها في السبع الأواخر من شهر رمضان، فقد يحتمل أن تكون في تلك السبع دون سائر الشهر، ويحتمل أن تكون في تلك السبع، وأن تكون في غيره من الشهر إلا أنها أكثر ما تكون في تلك السبع، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحري فيها لذلك.
وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه أمرهم أن يتحروها في العشر الأواخر من الشهر.
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.
وأخرجه الطبراني كما في النخب 15/ 185 من طريق يحيى بن أبي كثير، عن ابن لهيعة به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل يحيى الحماني.
وأخرجه أحمد (16045)، ومسلم (1168)، والبيهقي في السنن 4/ 309، وفي الشعب (3674) من طريق الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر به.
4310 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان"
(1)
.
4311 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: رأى رجل ليلة القدر في النوم كأنها في العشر الأواخر في سبع وعشرين، أو تسع وعشرين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أرى أن رؤياكم قد تواطأت، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر"
(2)
.
فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه ابن عمر رضي الله عنهما في هذا الحديث أن تتحرى في العشر الأواخر، كما أمر فيما قد روينا عنه قبل هذا من حديث ابن عمر رضي رضي الله عنهما أيضا أن تتحرى في السبع الأواخر فلم يكن ما روي عنه من أمره إياهم بالتماسها في السبع الأواخر ما ينفي أن تكون تلتمس أيضا فيما قبله من العشر الأواخر، فلم يدلنا ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنها في السبع الأواخر دون سائر الشهر، إلا أنه قد يجوز أن تكون السبع الأواخر أمر بالتماسها فيها بعدما أمر بالتماسها في
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 511، 3/ 77، وأحمد (5283) من طريق سفيان الثوري به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (4547)، والحميدي (634)، ومسلم (1165)(207)، وأبو يعلى (5419، 5542،5484)، وابن الجارود (405)، والبيهقي في السنن 4/ 308، وفي المعرفة (9073) من طريق سفيان بن عيينة به.
العشر الأواخر على ما في حديث أبي ذر، فتكون في السبع الأواخر تتحرى دون ما سواها من الشهر، وذلك تحر لا حقيقة معه.
فأردنا أن نعلم، هل روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على ذلك؟
4312 -
فإذا بكر بن إدريس قد حدثنا، قال: ثنا آدم، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا عقبة بن حريث، قال: سمعت ابن عمر يقول، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"التمسوها في العشر الأواخر، فإن عجز أحدكم أو ضعف، فلا يغلبن على السبع البواقي"
(1)
.
فدل ما ذكرنا من هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها قد تكون في السبع الأواخر أحرى من أن تكون فيما قبله من العشر الأواخر وأما ما ذكرنا عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه، فإن فيه الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم له أن يلتمسها ليلة ثلاث وعشرين، فاحتمل أن تكون تلتمس في كل شهر رمضان في تلك الليلة بعينها فإن كان ذلك كذلك فقد يجوز أن تكون قبل السبع الأواخر، فيخرج ذلك مما أمر فيه بالتماسها في السبع الأواخر، لأن الشهر قد يجوز أن لا ينقص عن ثلاثين، فتكون تلك الليلة أول ثمان بقين. فدل على معنى ما أشكل من ذلك ما قد رويناه فيما قد تقدم في هذا الباب عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه أن رسول الله
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (1912)، وأحمد (5031، 5485، 5651)، ومسلم (1165)(209)، وابن خزيمة (2183)، وابن حبان (3676)، والبيهقي 4/ 311 من طرق عن شعبة به.
صلى الله عليه وسلم، إنما أمره بذلك في شهر كان تسعا وعشرين، فكانت تلك الليلة أولى سبع، لا أولى ثمان، فقد دخل ذلك أيضا فيما أمر فيه بالتماس تلك الليلة في السبع الأواخر، وذلك كله على التحري، لا على اليقين.
4313 -
وقد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال: حدثني ابن عبد الله بن أنيس، عن أبيه: أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أكون ببادية يقال لها: الوطأة، وإني بحمد الله أصلي بهم، فمرني بليلة في هذا الشهر أنزلها إلى المسجد فأصليها فيه، قال:"انزل ليلة ثلاث وعشرين، فصلها فيه، فإن أحببت أن تستتم آخر الشهر فافعل، وإن أحببت فكف، فكان إذا صلى صلاة العصر دخل المسجد، ولا يخرج إلا لحاجة حتى يصلي الصبح، فإذا صلى الصبح كانت دابته بباب المسجد"
(1)
.
ففي هذا الحديث أنه قد جعل لليلة ثلاث وعشرين في التحري ما لم يجعل لسائر السبع الأواخر.
4314 -
وقد حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أحمد بن صالح، قال: ثنا ابن أبي فديك، قال: أخبرني عبد العزيز بن بلال بن عبد الله بن أنيس، عن أبيه بلال بن عبد الله، عن عطية بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن أنيس أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، فقال: إني رأيتها فأنسيتها، فتحرها في النصف الآخر. ثم عاد فسأله، فقال: "في
(1)
إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.
وأخرجه الطبراني من طريق عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق به، كما في النخب 15/ 194.
ثلاث وعشرين تمضي من الشهر". قال عبد العزيز: فأخبرني أبي: أن عبد الله بن أنيس كان يحيي ليلة ست عشرة إلى ليلة ثلاث وعشرين، ثم يقصر
(1)
.
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يتحراها في النصف الأخير من الشهر، ثم أمره بعد ذلك أن يتحراها ليلة ثلاث وعشرين.
فقد رجع معنى هذا الحديث إلى معنى ما رويناه قبله عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه.
وقد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمر عبد الله بن أنيس بتحري ليلة القدر في الليلة التي ذكرنا، على أن تحريه ذلك إنما كان في تلك السنة كذلك لرؤياه التي كان رآها النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانت قد تكون في غيرها من السنين بخلاف ذلك فأما ما روي عنه في رؤياه التي كان رآها فيما قد ذكرناها عنه في حديث بسر بن سعيد، عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه، فقد روي عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك
4315 -
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، قال: ثنا يحيى أن أبا سلمة حدثه، قال: أتيت أبا سعيد الخدري، فقلت: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر؟ فقال: نعم، اعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من شهر رمضان، فلما كان صبيحة عشرين قام النبي صلى الله عليه
(1)
رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني من طريق أحمد بن صالح به، كما في النخب 15/ 195.
وسلم فينا، فقال:"من كان خرج فليرجع، فإني أريت الليلة، وإني أنسيتها، وإني رأيت أني أسجد في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر من شهر رمضان، في وتر" قال أبو سعيد: وما نرى في السماء قزعة
(1)
، فلما كان الليل إذا سحاب مثل الجبال، فمطرنا حتى سال سقف المسجد، وسقفه يومئذ، من جريد النخل، حتى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في ماء وطين، حتى رأيت أثر الطين في أنف النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
.
قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث أنها كانت عامئذ في ليلة إحدى وعشرين فقد يجوز أن يكون ذلك العام هو عام آخر خلاف العام الذي كانت فيه في حديث ابن أنيس، ليلة ثلاث وعشرين، وذلك أولى ما حمل عليه هذان الحديثان حتى لا يتضادا.
4316 -
وقد حدثنا فهد قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا زهير قال: ثنا حميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان، فقال:"خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحي فلان وفلان، فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، فالتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة"
(3)
.
(1)
بالفتحات أي قطعة من الغيم، وجمعها قزع.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (3685) من طريق الوليد بن مسلم به.
وأخرجه مسلم (1167)(216)، والبيهقي 4/ 320 من طريقين عن الأوزاعي به.
وأخرجه الطيالسي (2187)، وأحمد (11580)، والبخاري (669، 836، 2016، 2036)، ومسلم (1167)(216)، والنسائي في الكبرى (3388)، وأبو يعلى (1158)، والبيهقي 4/ 320 من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.
(3)
إسناده صحيح. =
4317 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا ثابت وحميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها في ليلة بعينها، وقد أمرهم بعد رؤيته إياها أن يتحروها فيما بعد في التاسعة والسابعة، والخامسة، فدل ذلك على أنها قد تكون في عام في ليلة بعينها، ثم تكون فيما بعد في ليلة غير تلك الليلة.
فدل ذلك على المعنى الذي ذهبنا إليه في حديث ابن أنيس رضي الله تعالى عنه.
وقد روي في ذلك عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ما
4318 -
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أريت ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر"
(2)
.
= وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 514، 3/ 73، والدارمي (1781)، وأحمد (22667)، والبخاري (49، 2023، 6049)، والنسائي في الكبرى (3394 - 3395)، والبزار (1166)، وابن خزيمة (2198)، وابن حبان (3679)، والطبراني في الأوسط (4406)، وفي الشاميين (2468)، والبيهقي 4/ 311، والبغوي (1821) من طرق عن حميد به.
(1)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه الطيالسي (576)، وأحمد (22674) من طريقين عن حماد بن سلمة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1166)، وابن خزيمة (2197)، وابن حبان (3678)، والبيهقي 4/ 308 من طريق ابن وهب به.
وأخرجه الدارمي (1782) من طريق الليث عن يونس به.
4319 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا يحيى بن صالح قال: ثنا إسحاق بن يحيى، عن الزهري، قال: حدثني أبو سلمة، أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أريت ليلة القدر فأنسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر"
(1)
.
4320 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد قال: ثنا المسعودي، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"
(2)
.
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نسي الليلة التي كانت أريها أنها ليلة القدر، وذلك قبل كون تلك الليلة، فأمر بالتماس ليلة القدر فيما بعد من ذلك الشهر في العشر الأواخر، فهذا خلاف ما في حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، إلا أنه قد يجوز أن يكون ذلك كان في عامين، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحدهما ما ذكره عنه أبو هريرة رضي الله عنه قبل كون الليلة التي هي ليلة القدر، وذلك لا ينفي أن تكون فيما بعد ذلك العام من الأعوام الجائية فيما قبل ذلك من الشهر ويكون ما ذكره عبادة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في ذلك العام على ليلة القدر بعينها، ثم خرج ليخبرهم بها فرفعت، ثم أمرهم بالتماسها فيما بعد ذلك من الأعوام في السابعة، والخامسة، والتاسعة، وذلك أيضا كله على التحري لا على اليقين.
(1)
إسناده حسن بالمتابعة، من أجل إسحاق بن يحيى الكلبي، وهو مكرر سابقه.
(2)
حديث صحيح وأسد بن موسى لم يتبين أنه روى عن المسعودي قبل الاختلاط أم بعده.
وأخرجه أحمد (7905) من طريقين عن المسعودي به.
4321 -
وقد حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر تسعا يبقين، وسبعا يبقين، وخمسا يبقين"
(1)
.
فقد يجوز أن يكون أراد بذلك العام الذي كان اعتكف فيه وأري ليلة القدر فأنسيها، إلا أنه كان علم أنها في وتر، فأمرهم بالتماسها في كل وتر من ذلك العشر، ثم جاء المطر، فاستدل بها أنها كانت في عامه ذلك في تلك الليلة بعينها.
وليس في ذلك دليل على وقتها في الأعوام الجائية بعد ذلك هل هي في تلك الليلة بعينها أو فيما قبلها، أو فيما بعدها؟ وقد يجوز أن يكون ما حكاه أبو نضرة في هذا عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأعوام كلها.
فيعود معنى ذلك إلى معنى ما رويناه متقدما في هذا الباب عن ابن عمر رضي الله عنهما، إلا أن في حديث أبي سعيد رضي الله عنه زيادة معنى واحد، وهو إنما يكون في الوتر من ذلك.
4322 -
وقد حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، قال: ثنا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن عاصم بن كليب عن أبيه، عن ابن عباس، عن
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5482) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (2166)، وأحمد (11076)، ومسلم (1167)(217)، وأبو داود (1373)، وأبو يعلى (1076)، وابن خزيمة (2176)، وابن حبان (3661)، والبيهقي 4/ 308 من طريق سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة به.
عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وترا"
(1)
.
قال أبو جعفر: فالكلام في هذا أيضا مثل الكلام في حديث أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه.
4323 -
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحروها لعشر يبقين من شهر رمضان"
(2)
.
فالكلام في هذا أيضا مثل الكلام في حديث أبي نضرة، عن أبي سعيد رضي الله عنه.
(1)
إسناده حسن من أجل كليب بن شهاب والد عاصم.
وأخرجه أحمد (298) من طريق حسين بن علي به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 513، 3/ 73، وأحمد (85)، والبزار (210)، وأبو يعلى (165، 168)، وابن خزيمة (2172، 2173) من طريق عاصم بن كليب به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5479) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن راهويه (655) من طريق أبي معاوية به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 511، 3/ 75، 5/ 75، وأحمد (24233، 25690)، والبخاري (2019، 2020)، ومسلم (1169)، والترمذي (792)، والبيهقي 4/ 307، والبغوي (1822) من طرق عن هشام بن عروة به.
4324 -
وقد حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تحروها ليلة سبع وعشرين" يعني ليلة القدر
(1)
.
4325 -
حدثنا بكر بن إدريس، قال: ثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، قال: ثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
4326 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عارم أبو النعمان، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أرى رؤياكم قد تواطأت أنها ليلة السابعة في العشر الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها الليلة السابعة في العشر الأواخر"
(3)
.
فقد يحتمل أن يكون هذا أيضا في عام بعينه، ويحتمل أن يكون في كل الأعوام كذلك، إلا أن ذلك كله على التحري لا على اليقين، وكذلك ما ذكرناه قبل هذا عن عبد الله بن أنيس، مما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، يحتمل أن يكون
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (4808، 6474)، وعبد بن حميد (794)، والبيهقي 4/ 311 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (1158) قال: حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا حماد بن زيد به.
وأخرجه البخاري (2015)، ومسلم (1165)(205)، والنسائي في الكبرى (3398، 3399، 7628)، وابن حبان (3675)، والبيهقي 4/ 310، والبغوي (1823) من طرق عن نافع به.
ذلك على التحري من رسول الله صلى الله عليه وسلم لها في ذلك العام لما قد كان أريه من وقتها الذي تكون فيه فأنسيها.
فلم يكن في شيء من هذه الآثار ما يدلنا على ليلة القدر أي ليلة هي بعينها؟ غير أن في حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "هي في العشر الأول، أو في العشر الأواخر من رمضان"، إذ سأله عن وقتها على ما قد ذكرناه في حديثه الذي رويناه عنه في أول هذا الباب، فنفى بذلك أن تكون في العشر الأوسط، وثبت أنها في إحد العشرين، إما في الأول، وإما في الآخر.
وفي هذا الحديث أيضا رجوع أبي ذر رضي الله عنه بالسؤال على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أي العشرين هي؟ وجواب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه بأن يتحراها في العشر الأواخر.
فنظرنا فيما روي في غير هذه من الآثار، هل فيه ما يدل على أنها في ليلة من هذين العشرين بعينها
4327 -
فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير عن الصنابحي، عن بلال، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليلة القدر ليلة أربع وعشرين
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وأخرجه الطبراني (1102) من طريق يحيى بن كثير الناجي، عن ابنه لهيعة به.
وأخرجه أحمد (23890)، والبزار في مسنده (1376)، والشاشي (971) من طريق موسى بن داود، عن ابن لهيعة به.
ففي هذا الحديث أنها في هذه الليلة بعينها، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك
4328 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا يزيد بن عبد ربه، قال: ثنا بقية، عن ابن ثوبان، قال: حدثني عبدة بن أبي لبابة، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، وعلامتها أن الشمس تصعد ليس لها شعاع، كأنها طست"
(1)
.
4329 -
حدثنا يونس، قال: ثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، قال: حدثني عبدة بن أبي لبابة، قال حدثني زر بن حبيش، قال: سمعت أبي بن كعب بلغه أن ابن مسعود قال: "من قام السنة كلها أصاب ليلة القدر"، فقال أبي:"والله الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان، والله الذي لا إله إلا هو إني لأعلم أي ليلة هي؟ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقومها ليلة صبيحة سبع وعشرين"
(2)
.
4330 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا محمد بن سابق، قال: ثنا مالك بن مغول، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، قال: قلت لأبي بن كعب: إن عبد الله كان يقول في ليلة
(1)
إسناده ضعيف من أجل بقية بن الوليد.
وأخرجه أحمد (21195)، ومسلم (762)(179، 180)، وابن خزيمة (2188)، والشاشي (1479)، والبغوي في الجعديات (3533)، وابن حبان (3690)، والطبراني في الكبير (9587)، وفي مسند الشاميين (162)، وفي الأوسط (3807) من طرق عن عبدة بن أبي لبابة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (762)(179)، وابن حبان (3690) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي به.
القدر: "من قام الحول أدركها". فقال: رحمة الله على أبي عبد الرحمن، أما والذي يحلف به، لقد علم أنها لفي رمضان، وأنها ليلة سبع وعشرين، قال: فلما رأيته يحلف لا يستثني قلت ما علمك؟ قال: "بالآية التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحسبنا وعددنا، فإذا هي ليلة سبع وعشرين"
(1)
. يعني أن الشمس ليس لها شعاع.
قال أبو جعفر: فهذا أبي بن كعب رضي الله عنه، يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها في ليلة سبع وعشرين، وينفي قول عبد الله: من يقم الحول يصبها.
غير أنه قد روي عن عبد الله في ليلة القدر أنها في رمضان على ما قد حلف عليه أبي أن عبد الله قد علمه، ولكنه في خلاف ليلة سبع وعشرين.
4331 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو نعيم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حجير التغلبي، عن الأسود، عن عبد الله قال: التمسوا ليلة القدر في ليلة سبع وعشرة من رمضان صبيحتها صبيحة بدر، وإلا ففي ليلة إحدى وعشرين، أو في ثلاث وعشرين
(2)
.
(1)
إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة ومحمد بن سابق التميمي.
وأخرجه أحمد (21194)، والشاشي (1470)، وابن حبان (3691)، والطبراني في الكبير (9582،9583، 9584، 9585، 9586)، وفي الأوسط (4350) من طرق عن عاصم بن بهدلة به.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة حجير التغلبي ذكره العيني في ترجمة التغلبي حجير بن عبد الله الكندي من المغاني 1/ 181 - 182 وقال: فقد وثقه العجلي، وذكره ابن المديني فيمن تفرد أبو إسحاق بالرواية عنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (8680) عن وكيع عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حجير التغلبي، عن الأسود به. وأخرجه سعيد بن منصور (996) عن أبي إسحاق عن الأسود به.
وأخرجه أبو داود (1384) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه به. =
فأما ما ذكرنا عن عبد الله رضي الله عنه أنها ليلة تسع عشرة فقد نفاه ما حكاه أبو ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها في العشرين من الشهر الأول والآخر.
وقد روي عن عبد الله رضي الله عنه أيضا في ذلك ما
4332 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا المسعودي، عن سعيد بن عمرو ابن جعدة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، فقال: "أيكم يذكر ليلة الصهباوات
(1)
؟ " قال عبد الله: أنا والله بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وبيدي تمرات أتسحر بهن وأنا مستتر بمؤخرة رحلي من الفجر، وذلك حين يطلع الفجر
(2)
.
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ليلة القدر أخبرهم أي ليلة هي، وأنها ليلة الصهباوات، فوصفها عبد الله بما وصفها به من ضوء
= وأخرجه عبد الرزاق (7697)، وابن أبي شيبة (8671) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله به موقوفا.
(1)
هي جمع الصهباء، وهو: موضع على روحة من خيبر.
(2)
إسناده ضعيف لإنقطاعه، أبو عبيدة لم يسمع من أبيه والمسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة اختلط بآخره، وسعيد بن عمرو هو ابن جعدة ذكره ابن حبان في الثقات 6/ 370 وروى عنه جمع.
وأخرجه الطيالسي (329)، وأحمد (3565)، وأبو يعلى (5393)، والطبراني في الكبير (10289) من طرق عن المسعودي به.
القمر عند طلوع الفجر، وذلك لا يكون إلا في آخر الشهر. فقد دل ذلك أيضا على ما قاله أبي رضي الله عنه.
وفي كتاب الله عز وجل ما يدل أن ليلة القدر في شهر رمضان خاصة، قال الله عز وجل {حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)} [الدخان: 1 - 4] فأخبر الله عز وجل أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة القدر، وهي الليلة التي أنزل فيها القرآن، ثم قال {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185].
فثبت بذلك أن تلك الليلة في شهر رمضان واحتجنا إلى أن نعلم أي ليلة هي من لياليه؟ فكان الذي يدل على ذلك، ما قد رويناه عن بلال، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنها ليلة أربع وعشرين"، والذي روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها ليلة سبع وعشرين.
وقد روي عن معاوية رضي الله عنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما روي عن أبي رضي الله عنه في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
4333 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبيد الله بن معاذ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا شعبة، عن قتادة قال: سمعت مطرف بن عبد الله يحدث، عن معاوية بن أبي سفيان، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر، قال:"ليلة سبع وعشرين"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. =
فهذا منتهى ما وقفنا عليه من علم ليلة القدر بما دلنا عليه كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأما ما روي بعد ذلك عن أصحابه رضي الله عنهم وتابعيهم، فمعناه داخل في المعاني التي ذكرنا. وإنما احتجنا إلى ذكر ما روي في ليلة القدر لما قد اختلف فيه أصحابنا رحمهم الله في قول الرجل لامرأته: أنت طالق ليلة القدر متى يقع الطلاق؟.
فقال أبو حنيفة رحمه الله: إن قال لها ذلك قبل شهر رمضان لم يقع الطلاق حتى يمضي شهر رمضان كله، لما قد اختلف في موضع ليلة القدر من ليالي شهر رمضان على ما قد ذكرنا في هذا الباب مما قد روي أنها في الشهر كله، ومما قد روي أنها في خاص منه، قال رحمه الله: فلا أحكم بوقوع الطلاق إلا بعد مضي الشهر كله، لأني أعلم بذلك أنه قد مضى الوقت الذي أوقع الطلاق فيه، وأن الطلاق قد وقع.
قال رحمه الله: وإن قال ذلك لها في شهر رمضان، في أوله أو في آخره أو في وسطه لم يقع الطلاق حتى يمضي ما بقي من ذلك الشهر، وحتى يمضي شهر رمضان أيضا كله من السنة القابلة.
قال رحمه الله: لأنه قد يجوز أن تكون فيما مضى من هذا الشهر الذي هو فيه، فلا يقع الطلاق حتى يمضي شهر رمضان كله من السنة الجائية، وقد يجوز أن تكون فيما بقي
= وأخرجه أبو داود (1386)، وابن حبان (3680)، والطبراني 19/ 813، والبيهقي 4/ 312 من طريق عبيد الله بن معاذ به.
وأخرجه الطبراني 19/ 814 من طريق يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن مطرف به.
من ذلك الشهر الذي هو فيه، فيقع الطلاق فيها، ويكون كمن قال لامرأته، قبل شهر رمضان أنت طالق ليلة القدر فيكون الطلاق لا يحكم به عليه إلا بعد مضي شهر رمضان قال رحمه الله: فلما أشكل ذلك لم أحكم بوقوع الطلاق إلا بعد علمي بوقوعه، ولا أعلم ذلك إلا بعد مضي شهر رمضان الذي هو فيه، وشهر رمضان الجائي بعده.
فهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله في هذا الباب، وكان أبو يوسف رحمه الله، قال مرة بهذا القول أيضا، وقال مرة أخرى: إذا قال لها ذلك القول في بعض شهر رمضان لم يحكم بوقوع الطلاق حتى يمضي مثل ذلك الوقت من شهر رمضان من السنة الجائية.
قال: لأن ذلك إذا كان فقد كمل حول منذ قال ذلك القول فهي في كل حول، فعلمنا بذلك وقوع الطلاق.
قال أبو جعفر: وهذا القول -عندي- ليس بشيء، لأنه لم يقل لنا أن كل حول يكون ففيه ليلة القدر على أن ذلك الحول ليس فيه شهر رمضان بكماله من سنة واحدة.
وإنما كان قيل لنا: إنها في شهر رمضان من كل سنة، هكذا دلنا عليه كتاب الله عز وجل، وقاله لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قد ذكرناه مما تقدم في هذا الباب فلما كان ذلك كذلك احتمل أن يكون إذا قال لها في بعض شهر رمضان أنت طالق ليلة القدر أن تكون ليلة القدر فيما مضى من ذلك الشهر، فيكون إذا مضى حول من حينئذ إلى مثله من شهر رمضان من السنة الجائية لا ليلة قدر فيه.
ففسد بما ذكرنا قول أبي يوسف رحمه الله الذي وصفنا وثبت على هذا الترتيب ما ذهب إليه أبو حنيفة رضي الله عنه وقد كان أبو يوسف رحمه الله قال مرة أخرى: إذا
قال لها ذلك القول في بعض شهر رمضان إن الطلاق لا يقع حتى تمضي ليلة سبع وعشرين.
وذهب في ذلك -فيما يرى والله أعلم- إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنها في ليلة من شهر رمضان بعينها هو حديث بلال، وحديث أبي بن كعب رضي الله عنها فإذا مضت ليلة سبع وعشرين علم أن ليلة القدر قد كانت فحكم بوقوع الطلاق قبل ذلك فليس يعلم كونها فلذلك لم يحكم بوقوع الطلاق. وهذا القول تشهد له الآثار التي رويناها في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
8 - باب: طلاق المكره
4334 -
حدثنا ربيع بن سليمان المؤذن، قال: ثنا بشر بن بكر، قال: أخبرنا الأوزاعي، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تجاوز الله لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استُكْرِهوا عليه"
(1)
.
فذهب قوم
(2)
إلى أن الرجل إذا أكره على طلاق أو نكاح أو يمين أو عتاق أو ما أشبه ذلك حتى فعله كرهًا أن ذلك كله باطل، لأنه قد دخل فيما تجاوز الله فيه للنبي صلى الله عليه وسلم عن أمته، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فقالوا: بل يلزمه ما حلف به في حال الإكراه من يمين، وينفذ عليه طلاقه، وعتاقه، ونكاحه، ومراجعته لزوجته المطلقة إن كان راجعها.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (7219)، والطبراني في الصغير 1/ 270، والدارقطني 4/ 170 - 171، والبيهقي 7/ 356، وابن حزم في الأحكام 5/ 149 من طريق الربيع بن سليمان المرادي به.
وأخرجه الحاكم 2/ 198 من طريق بحر بن نصر، عن بشر بن بكر، ومن طريق الربيع بن سليمان، عن أيوب بن سويد، كلاهما عن الأوزاعي به.
وأخرجه ابن ماجة (2045) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس به.
وإسناده منقطع وعطاء يروي عن عبيد بن عمير كما تدل عليه هذه الرواية.
(2)
قلت أراد بهم: عمر بن عبد العزيز في رواية، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، والضحاك، وشريحا القاضي، وعكرمة، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وطاووسا، وأبا الشعثاء جابر بن زيد، والحسن بن حي، والأوزاعي، والشافعي، ومالكا، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 15/ 236.
(3)
قلت أراد بهم: الشعبي، وعمر بن عبد العزيز في رواية، وأبا قلابة عبد الله بن زيد، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن =
وتأولوا في هذا الحديث معنى غير المعنى الذي تأوله أهل المقالة الأولى فقالوا: إنما ذلك في الشرك خاصة، لأن القوم كانوا حديث عهد بالكفر، في دار كانت دار كفر، فكان المشركون إذا قدروا عليهم استكرهوهم على الإقرار بالكفر، فيقرون بذلك بألسنتهم كما قد فعلوا ذلك بعمار بن ياسر رضي الله عنه، وبغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم، فنزلت فيهم {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] وربما سهوا فتكلموا بما جرت عليه عاداتهم قبل الإسلام، وربما أخطئوا فتكلموا بذلك أيضا، فتجاوز الله عز وجل لهم عن ذلك، لأنهم غير مختارين، ولا قاصدين إليه. وقد ذهب أبو يوسف رحمه الله إلى هذا التفسير أيضا، حدثناه الكيساني، عن أبيه عنه.
فالحديث يحتمل هذا المعنى، ويحتمل ما قاله أهل المقالة الأولى، فلما احتمل ذلك احتجنا إلى كشف معانيه ليدلنا على أحد التأويلين، فنصرف معنى هذا الحديث إليه.
فنظرنا في ذلك، فوجدنا الخطأ هو ما أراد الرجل غيره ففعله، لا عن قصد منه إليه، ولا إرادة منه إياه، وكان السهو ما قصد إليه بفعله على القصد منه إليه على أنه ساه عن المعنى الذي يمنعه من ذلك الفعل، فكان الرجل إذا نسي أن تكون هذه المرأة له زوجة فقصد إليها فطلقها، فكل قد أجمع على أن طلاقه عامل، ولم يبطلوا ذلك لسهوه، ولم يدخل ذلك السهو في السهو المعفو عنه، فإذا كان السهو المعفو عنه ليس فيه ما ذكرنا
= جبير، وقتادة، وشريحا في رواية، والنخعي، والزهري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 15/ 236 - 237.
من الطلاق، والأيمان والعتاق، كان كذلك الاستكراه المعفو عنه ليس فيه أيضا من ذلك شيء فثبت بذلك فساد قول الذين أدخلوا الطلاق والعتاق والأيمان في ذلك.
واحتج أهل المقالة الأولى أيضا لقولهم بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
4335 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن علقمة وقاص الليثي أنه، سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"
(1)
.
4336 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5107) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ برواية محمد بن الحسن (983)، ومن طريقه أخرجه البخاري (54، 5070)، ومسلم (1907)، والنسائي 1/ 58، 6/ 158، والبيهقي 4/ 235، 6/ 331، والبغوي في شرح السنة (1).
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5111) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (37)، والبخاري (3898، 6953)، ومسلم (1907)، والبزار (257)، وابن خزيمة (142، 455)، والبيهقي في السنن 1/ 41، وفي المعرفة (49) من طرق عن حماد بن زيد به.
قالوا: فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأعمال بالنية" ثبت أن عملا لا ينفذ من طلاق، ولا عتاق، ولا غيره إلا أن تكون معه نية، فكان من الحجة للآخرين في ذلك أن هذا الكلام لم يقصد به إلى المعنى الذي ذكره هذا المخالف، وإنما قصد به إلى الأعمال التي يجب بها الثواب.
ألا تراه يقول: "الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى" يريد من الثواب، ثم قال:"فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"، فذلك لا يكون إلا جوابا لسؤال كان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما للمهاجر في عمله؟، أي: في هجرته فقال: "إنما الأعمال بالنية"، حتى أتى على الكلام الذي في الحديث وليس ذلك من أمر الإكراه على الطلاق والعتاق والرجعة والأيمان في شيء، فانتفى هذا الحديث أن تكون فيه حجة لأهل المقالة التي بدأنا بذكرها على أهل المقالة التي ثنينا بذكرها، وكان مما احتج به أهل المقالة الثانية لقولهم الذي ذكرنا ما
4337 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا أبو أسامة، عن الوليد بن جميع، قال: ثنا أبو الطفيل، قال: ثنا حذيفة بن اليمان، قال: ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي، فأخذنا كفار قريش، فقالوا: إنكم تريدون محمدا فقلنا: ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأخبرناه فقال: "انصرفا، ففيا لهم بعهودهم، ونستعين بالله عليهم"
(1)
.
4338 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثني يونس بن بكير، عن الوليد، عن أبي الطفيل، عن حذيفة، قال: خرجت أنا وأبي حُسَيل، ونحن نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
ثم ذكر نحوه
(2)
.
قالوا: فلما منعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من حضور بدر لاستحلاف المشركين القاهرين لهما على ما استحلفوهما عليه، ثبت بذلك أن الحلف على الطواعية والإكراه سواء، وكذلك الطلاق والعتاق وهذا أولى ما فعل في الآثار إذا وقف على معاني بعضها أن يحمل ما بقي منها على ما لا يخالف ذلك المعنى متى ما قدر على ذلك حتى لا تتضاد.
(1)
إسناده حسن من أجل وليد بن عبد الله بن جميع.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (656) بإسناده ومتنه.
وهو في مصنف ابن أبي شيبة 12/ 299، 14/ 381، ومن طريقه أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (23354) ومسلم (1787)، وأبو عوانة (6838)، والبيهقي 9/ 145 عن أبي أسامة بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار (2801)، وأبو عوانة (6836، 6837)، والطبراني في الكبير (3009)، وفي الأوسط (8431)، والحاكم 3/ 201 - 202 من طرق عن الوليد بن جميع به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (657) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.
فثبت بما ذكرنا أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الشرك، وحديث حذيفة رضي الله عنه في الطلاق والأيمان، وما أشبه ذلك، وأما حكم ذلك من طريق النظر فإن فعل الرجل مكرها لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون المكره على ذلك الفعل إذا فعله مكرها في حكم من لم يفعله، فلا يجب عليه شيء أو يكون في حكم من فعله، فيجب عليه ما يجب عليه لو فعله غير مستكره.
فنظرنا في ذلك، فرأيناهم لا يختلفون في المرأة إذا أكرهها زوجها وهي صائمة في شهر رمضان أو حاجة فجامعها أن حجها يبطل، وكذلك صومها ولم يراعوا في ذلك الاستكراه، فيفرقوا بينهما وبين الطواعية، ولا جعلت المرأة فيه في حكم من لم يفعل شيئا، بل قد جعلت في حكم من قد فعل فعلًا يجب عليه الحكم، ورفع عنها الإثم في ذلك خاصة.
وكذلك لو أن رجلا أكره رجلا على جماع امرأة اضطره إلى ذلك كان المهر في النظر على المجامع لا على المكره، ولا يرجع به المجامع على المكره لأن المكره لم يجامع، فيجب عليه بجماعه مهر، وما وجب في ذلك الجماع فهو على المجامع لا على غيره.
فلما ثبت في هذه الأشياء أن المكره عليها محكوم عليه بحكم الفاعل كذلك في الطواعية، فيوجبون عليه فيها من الأموال ما يجب على الفاعل لها في الطواعية، ثبت أنه كذلك المطلق والمعتق والمراجع في الاستكراه يحكم عليه بحكم الفاعل، فيلزم أفعاله كلها.
فإن قال قائل: فلم لا ألزمت بيعه وإجارته؟ قيل له: إنا قد رأينا البيوع والإجارات قد ترد بالعيوب وبخيار الرؤية، وبخيار الشرط، وليس النكاح كذلك ولا الطلاق ولا المراجعة ولا العتق.
فما كان قد نقض بالخيار المشروط فيه وبالأسباب التي هي في أصله من عدم الرؤية، والرد بالعيوب نقض بالإكراه، وما لا يجب نقضه بشيء بعد ثبوته لم ينقض بالإكراه ولا بغيره وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله، وقد رأينا مثل هذا قد جاءت به السنة
4339 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوحاظي، قال: ثنا سليمان بن بلال، قال: ثنا عبد الرحمن بن حبيب بن أردك أنه عطاء بن أبي رباح يقول: أخبرني يوسف بن ماهك أنه، سمع أبا هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد النكاح، والطلاق، والرجعة"
(1)
.
(1)
إسناده حسن، وعبد الرحمن بن حبيب بن أردك وثقه ابن حبان والحاكم وذكره ابن خلفون في الثقات، وقال عنه الذهبي: صدوق له ما ينكر، وقال ابن حجر في التلخيص 3/ 210: مختلف فيه، وقال النسائي: منكر الحديث ووثقه غيره فهو على هذا حسن.
وأخرجه الدارقطني (3593) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي به.
وأخرجه الدارقطني (3594)، والبيهقي 7/ 341 من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال به.
وأخرجه الترمذي (1184)، وابن ماجة (2039) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن حبيب بن أردك به.
4340 -
حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب، وأسد، قالا: ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبد الرحمن بن حبيب بن أردك، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن ماهك، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4341 -
حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا إسماعيل بن أبي كثير الأنصاري، عن حبيب بن أردك، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن ماهك، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد" فمنع النكاح من البطلان بعد وقوعه، وكذلك الطلاق والمراجعة، ولم نر البيوع حملت على ذلك المعنى، بل حملت على ضده، فجعل من باع لاعبا كان بيعه باطلا، وكذلك إن أجر لاعبا كانت إجارته باطلة.
فلم يكن ذلك -عندنا والله أعلم- إلا لأن البيوع والإجارات مما ينقض بالأسباب التي ذكرنا، فنقضت بالهزل كما نقضت بذلك.
(1)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه أبو داود (2194)، والدارقطني (3596) من طريق الدراوردي به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وكانت الأشياء الأخر من الطلاق والعتاق والرجعة لا تبطل بشيء من ذلك، فجعلت غير مردودة بالهزل. فكذلك أيضا في النظر ما كان ينقض بالأسباب التي ذكرنا ينقض بالإكراه، وما كان لا ينقض بتلك الأسباب لم ينقض بالإكراه.
وقد روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله
4342 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن العلاف، قال: ثنا ابن سواء، قال: ثنا أبو سنان، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: طلاق السكران والمستكره جائز
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف من أجل عيسى بن سنان أبي سنان الحنفي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (18031) خلاف هذا عن يحيى بن بشر، عن زيد بن رفيع، عن عمر بن عبد العزيز قال: لا طلاق ولا عتاق على مكره.
9 - باب: الرجل ينفي حمل امرأته أن يكون منه
قال أبو جعفر: ذهب قوم
(1)
إلى أن الرجل إذا نفى حمل امرأته أن يكون منه، لا عن القاضي بينها وبينه بذلك الحمل، وألزمه أمه، وأبان المرأة من زوجها واحتجوا في ذلك بحديث يحدثه عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بالحمل.
وقد كان أبو يوسف رحمه الله قال بهذا القول مرة، وليس بالمشهور من قوله.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: لا يلا عن بحمل، لأنه قد يجوز أن لا يكون حملا، لأن ما يظهر من المرأة مما يتوهم به أنها حامل ليس يعلم أنه حمل على حقيقة إنما هو توهم، فنفي المتوهم لا يوجب اللعان، وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن الحديث الذي احتجوا به عليهم حديث مختصر، اختصره الذي رواه فغلط فيه، وإنما أصله "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عن بينهما وهي حامل"، فذلك -عندنا- لعان بالقذف، لا لعان بنفي الحمل، فتوهم الذي رواه أن ذلك لعان بالحمل، فاختصر الحديث كما ذكرنا وأصل الحديث في ذلك ما
4343 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن حماد قال: ثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: بينا نحن عشية في المسجد إذ قال رجل: إن
(1)
قلت أراد بهم: ابن أبي ليلى، وعبيد الله بن الحسن، ومالكا، وأبا عبيد، وأبا يوسف في رواية رحمهم الله، كما في النخب 15/ 257.
(2)
قلت أراد بهم: الثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف في المشهور عنه، ومحمدا، وأحمد في رواية، والماجشون من أصحاب مالك، وزفر بن الهذيل رحمهم الله، كما في النخب 15/ 259.
أحدنا رأى مع امرأته رجلا، فإن قتله قتلتموه، وإن هو تكلم جلدتموه، وإن هو سكت سكت على غيظ، لأسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل، فقال: يا رسول الله! إن أحدنا رأى مع امرأته رجلا، فإن قتله قتلتموه، وإن هو تكلم جلدتموه، وإن سكت سكت على غيظ، اللهم احكم، فأنزلت آية اللعان، قال عبد الله: فكان ذلك الرجل أول من ابتلي به
(1)
.
4344 -
حدثنا يزيد، قال: ثنا حكيم بن سيف، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: قام رجل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة، فقال: أرأيتم إن وجد رجل مع امرأته رجلا؟
…
ثم ذكر نحوه وزاد: وقال عبد الله: فابتلي به، وكان رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاعن امرأته، فلما أخذت امرأته تلتعن، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه، فالتعنت، فلما أدبرت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لعلها أن تجيء به أسود جعدا" فجاءت به أسود جعدا
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (4001) من طريق يحيى بن حماد به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 405، ومسلم (1495)(10)، وأبو داود (2253)، وابن ماجة (2068)، والطبري في التفسير 18/ 84، وأبو يعلى (5161)، والبيهقي في السنن 7/ 405، و 8/ 337 من طرق عن الأعمش به.
(2)
إسناده حسن من أجل حكيم بن سيف.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5138) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.
4345 -
حدثنا يزيد، قال: ثنا الحسن بن عمر بن شقيق، قال: ثنا جرير، عن الأعمش
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
فهذا هو أصل حديث عبد الله في اللعان، وهو لعان بقذف كان من ذلك الرجل لامرأته وهي حامل، لا بحملها.
وقد رواه على ذلك أيضا غير ابن مسعود رضي الله تعالى عنه
4346 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: ثنا القاسم بن محمد، عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وامرأته وكانت حبلى، فقال زوجها: والله ما قربتها منذ عفرنا، والعفر: أن يسقى النخل بعد أن تترك من السقي بعد الإبار بشهرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم بين" فزعموا أن زوج المرأة كان حمش
(2)
الذراعين والساقين، أصهب
(3)
الشعرة، وكان الذي رميت به ابن السحماء قال: فجاءت بغلام أسود أجلى
(4)
جعدًا، قططا، عبل
(5)
الذراعين، خدل
(6)
الساقين، قال القاسم: فقال ابن شداد بن الهاد:
(1)
إسناده حسن من أجل حسن بن عمر بن شقيق.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5131) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (1495)، وأبو داود (2253)، وأبو يعلى (5161)، والبيهقي 7/ 405، والواحدي في أسباب النزول (ص 213) من طرق عن جرير بن عبد الحميد بهذا الإسناد.
(2)
أي: دقيق.
(3)
الصهوبة في الشعر: حمرة يعلوها سواد.
(4)
خفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين.
(5)
أي: غليظ الذراعين.
(6)
الغليظ الممتلئ الساق.
يا أبا عباس، أهي المرأة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو كنت راجما بغير بينة لرجمتها؟ " فقال ابن عباس: لا: ولكن تلك امرأة كانت قد أعلنت في الإسلام"
(1)
.
4347 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن القاسم، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
نحوه
(2)
.
4348 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا ابن أبي الزناد، قال: حدثني أبي، أن القاسم بن محمد حدثه، عن ابن عباس
…
مثله، غير أنه لم يذكر سؤال عبد الله بن شداد
…
إلى آخر هذا الحديث
(3)
.
4349 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، قال: حدثني ابن جريج، قال: أخبرني يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رجلا جاء إلى
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5141) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الشافعي 2/ 48 - 49، وعبد الرزاق (12452، 12453)، والحميدي (519)، وسعيد بن منصور في السنن (1564)، وأحمد (3106)، والبخاري (6855، 7238)، والنسائي 6/ 171، والطبراني (10711، 10712، 10713) من طرق عن أبي الزناد به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5142) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (3106)، والبيهقي 7/ 407 من طريق عبد الملك بن عمرو العقدي بهذا الإسناد.
(3)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو مكرر سابقه.
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي عهد بأهلي منذ عفّرنا النخل، فوجدت مع امرأتي رجلا، وزوجها نضْو خمش، سبط الشعر، والذي رميت به إلى السواد جعد قطط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم بين" ثم لاعن بينهما، فجاءت به يشبه الذي رميت به
(1)
.
4350 -
حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن كثير، عن مخلد بن حسين، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن هلال بن أمية قذف شريك بن سحماء بامرأته، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ائت بأربعة شهداء، وإلا فحد في ظهرك". فقال: والله يا رسول الله! إن الله يعلم أني لصادق، قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: "أربعة وإلا فحد في ظهرك" فقال: والله يا رسول الله! إن الله يعلم أني لصادق، يقول ذلك مرارًا ولينزلن الله عليك ما يبرئ به ظهري من الجلد، فنزلت آية اللعان {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] قال: فدعي هلالًا فشهد {أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} قال: ثم دعيت المرأة فشهدت {أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 8]، فلما كانت عند الخامسة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قفوها فإنها موجبة" قال فتكأكأت حتى ما شككنا أنها
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5140) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الشافعي 2/ 48، وعبد الرزاق (12451)، وأحمد (3449)، والطبراني (10714)، والبيهقي 7/ 407 من طريق ابن جريج به.
ستقر، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت على اليمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انظروا، فإن جاءت به أبيض سبطا قضيء العينين، فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به أكحل جعدًا حمش الساقين، فهو لشريك بن سحماء". قال: فجاءت به أكحل، جعدًا حمش الساقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لولا ما سبق من كتاب الله تعالى، كان لي ولها شأن"
(1)
، وقال: القضيء
(2)
العينين: طويل شق العينين، ليس بمفتوح العينين.
4351 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا هشام، عن محمد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنظروها، فإن جاءت به أبيض سبطا قضيء العينين فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به أكحل جعدًا حمش الساقين، فهو لشريك بن سحماء" قال: فجاءت به أكحل جعدًا حمش الساقين
(3)
.
(1)
إسناده حسن في المتابعات، من أجل محمد بن كثير بن أبي عطاء الثقفي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5148) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي 6/ 172 - 173، وأبو يعلى (2824)، وابن حبان (4451) من طريق مخلد بن حسين به.
(2)
أي فاسد العينين.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5147) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد بن حميد (1218)، وأحمد (12450)، وأبو يعلى (2825) من طريق وهب بن جرير بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (1496)، والنسائي 6/ 171 - 172، والبيهقي 7/ 405 - 406 من طريقين عن هشام بن حسان به.
4352 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أسد (ح)
وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قالا: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي، أن عويمرا جاء إلى عاصم بن عدي فقال: أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله، أتقتلونه به؟ سل لي يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجاء عاصم، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة وعابها، فقال عويمر: والله لآتين النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء وقد أنزل الله خلاف قول عاصم، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"قد أنزل الله فيكم قرآنا"، فدعاهما، فتقدما، فتلاعنا، ثم قال: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، ففارقها وما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقها، فجرت السنة في المتلاعنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انظروا، فإن جاءت به أحمر قصيرا، مثل وحرة فلا أراه إلا وقد كذب عليها، وإن جاءت به أسحم
(1)
أعين
(2)
ذا إليتين، فلا أحسبه إلا وقد صدق عليها" قال: فجاءت به على الأمر المكروه
(3)
.
(1)
هو الأسود كلون الغراب.
(2)
واسع العين.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5150، 5151) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الشافعي 2/ 45، والبخاري (7304)، والطبراني (5678)، والبيهقي 7/ 399، و 400 من طرق عن ابن أبي ذئب بهذا الإسناد.
وأخرجه مطولا ومختصرا الشافعي 2/ 45 - 46، وعبد الرزاق (12446 - 12447)، والدارمي (2230)، وأحمد =
فقد ثبت بما ذكرنا أن لا حجة في شيء من ذلك لمن يوجب اللعان بالحمل.
فإن قال قائل: فإن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن جاءت به كذا فهو لزوجها، وإن جاءت به كذا فهو لفلان" دليلا على أن الحمل هو المقصود إليه بالقذف واللعان، فجوابنا له في ذلك أن اللعان لو كان بالحمل إذن لكان منتفيًا من الزوج غير لاحق به، أشبهه أو لم يشبهه.
ألا ترى أنها لو كانت وضعته قبل أن يقذفها فنفي ولدها، وكان أشبه الناس به أنه يلاعن بينهما ويفرق بينهما، ويلزم الولد أمه، ولا يلحق بالملاعن لشبهه به؟ فلما كان الشبه لا يجب به ثبوت نسب، ولا يجب بعدمه انتفاء النسب، وكان في الحديث الذي ذكرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن جاءت به كذا، فهو للذي لاعنها"، دل ذلك أنه لم يكن باللعان نافيا له، لأنه لو كان نافيا له، إذًا لما كان شبهه به دليل على أنه منه، ولا بعد شبهه إياه دليل على أنه من غيره، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأله، فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود: ما
4353 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود، وإنى أنكرته. فقال له:"هل لك من إبل"
= (22830)، والبخاري (423، 4745، 4746، 5309، 7166، 7304)، ومسلم (1492)(2 - 3)، وأبو داود (2247، 2249، 2250، 2252)، وابن الجارود (756)، وابن حبان (4283، 4285)، والطبراني (5674)، والدارقطني 3/ 274، 275، والبيهقي 6/ 258، 398، 399 من طرق عن الزهري به.
قال: نعم. قال: "ما ألوانها؟ ". قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ " قال: إن فيها لورقا. قال: "فأنى ترى ذلك جاءها؟ " قال: يا رسول الله، عرق نزعها. قال: "فلعل هذا عرق نزعه"
(1)
.
4354 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، وابن أبي ذئب، وسفيان، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرخص له في نفيه لبعد شبهه منه، وكان الشبه غير دليل على شيء ثبت أن جعل النبي صلى الله عليه وسلم ولد الملاعنة من زوجها إن جاءت به على شبهه دليل على أن اللعان لم يكن نفاه منه.
فقد ثبت بما ذكرنا، فساد ما احتج به الذين يرون اللعان بالحمل، وفي ذلك حجة أخرى، وهي أن في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أنظروها، فإن جاءت به كذا، فلا أراه إلا وقد كذب عليها، وإن جاءت به
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (7314)، ومسلم (1500)(20)، وأبو داود (2262)، والبيهقي 7/ 411 من طرق عن عبد الله بن وهب به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الشافعي 1/ 31، والحميدي (1084)، وأحمد (7760)، والبخاري (5305)، ومسلم (1500)، وأبو داود (2261، 2262)، والترمذي (2128)، وابن ماجة (2002)، والنسائي 6/ 178 - 179، وأبو يعلى (5869)، وابن حبان (4106)، والبيهقي 7/ 411، والبغوي (2337) من طرق عن الزهري به.
كذا، فلا أراه إلا وقد صدق عليها"، فكان ذلك القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم على الظن لا على اليقين، وذلك مما دل أيضا أنه لم يكن منه جرى في الحمل حكم أصلا.
فثبت بذلك فساد قول من ذهب إلى اللعان بالحمل وإنما احتججنا به لمن ذهب إلى خلافه في أول هذا الباب، ممن أبى اللعان بالحمل، وهو قول أبي حنيفة، ومحمد، وقول أبي يوسف المشهور.
10 - باب: الرجل ينفي ولد امرأته حين يولد هل يلاعن به أم لا؟
4355 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا حبان (ح)
وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قالا: ثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، قال ربيع في حديثه: مولى الحسن بن علي، عن رباح قال: أتيت عثمان بن عفان فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الولد للفراش
(1)
.
4356 -
حدثنا يونس، قال أخبرني ابن وهب، قال أخبرني مالك، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الولد للفراش، وللعاهر الحجر"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف الجهالة رباح فقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال: لست أعرفه ولا أباه، وقال الحافظ في التقريب: مجهول، وباقي رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5130) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 415، 10/ 160، وأحمد (416، 502)، وأبو داود (2275)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (417)، والبيهقي 7/ 402 - 403 من طرق عن مهدي بن ميمون به، مع ذكر القصة فيه.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5131) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 739، مطولا، ومن طريقه أخرجه الشافعي في السنن (501)، وأحمد (26093)، والبخاري (2053، 2745، 4303، 6749، 7182)، والدارمي (2236)، وابن حبان (4105)، والدارقطني 4/ 241، والبيهقي في السنن 7/ 412، وابن عبد البر في التمهيد 8/ 179، 180، 181، 182، والبغوي في شرح السنة (2378).
4357 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: أنا شعبة، عن محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة يحدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4358 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم الخولاني، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
4359 -
حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس، عن سفيان، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه، سمع عمر رضي الله عنه يقول: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5132) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (2488)، وابن راهويه (53)، وأحمد (10153)، والبخاري (6750، 6818)، والبيهقي 7/ 412، والخطيب في تاريخه 4/ 295 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده حسن من أجل إسماعيل بن عياش فهو صدوق حسن الحديث في روايته عن أهل بلده وهذا منها.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5133) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (1127)، وعبد الرزاق (7277، 16308)، وسعيد بن منصور (427)، وابن أبي شيبة 4/ 415، وأحمد (22294)، والترمذي (2120)، وابن ماجة (2007)، والطبراني (7615، 7621)، والدارقطني 40/ 3 - 41 من طرق عن إسماعيل بن عياش به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات، من أجل أبي زيد المكي والد عبيد الله من كبار التابعين، وذكره ابن حبان في الثقات وقد توبع عند الضياء في المختارة (233).
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5129) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الشافعي 2/ 30، وعبد الرزاق (9152)، والحميدي (24)، وابن أبي شيبة 4/ 415، وأحمد (173)، وأبو يعلى (199)، والبيهقي 7/ 402 من طريق سفيان بن عيينة به.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى أن الرجل إذا نفى ولد امرأته لم ينتف به، ولم يلاعن به، واحتجوا في ذلك بما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب وقالوا: فالفراش يوجب حق الولد في إثبات نسبه من الزوج والمرأة فليس لهما إخراجه منه بلعان ولا غيره.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: بل يلاعن، وينتفي نسبه منه ويلزم أمه، وذلك إذا كان لم يقر به قبل ذلك، ولم يكن منه فيه ما حكمه حكم الإقرار ولم يتطاول ذلك. واحتجوا في ذلك بما
4360 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن نافع عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين المتلاعنين، وألزم الولد أمه"
(3)
.
قالوا: فهذه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نعلم شيئا عارضها ولا نسخها.
(1)
قلت أراد بهم: عامر الشعبي، ومحمد بن أبي ذئب، وبعض أهل المدينة رحمهم الله، كما في النخب 15/ 310.
(2)
قلت أراد بهم: جماهير الفقهاء من التابعين، ومن بعدهم منهم الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 15/ 311.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1985) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 567، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 47، وسعيد بن منصور (1554)، وأحمد (4527)، والبخاري (5315)، ومسلم (1494)(8)، وأبو داود (2259)، والترمذي (1203)، والنسائي في المجتبى 6/ 178، وابن حبان (4288)، والبيهقي 7/ 409، والبغوي (2368).
فعلمنا بها أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "الولد للفراش" لا ينفي أن يكون اللعان به واجبًا إذا نفي إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك، وأجمع أصحابه رضي الله عنهم من بعده، على ما حكموا في ميراث ابن الملاعنة، فجعلوه لا أب له، وجعلوه من قوم أمه وأخرجوه من قوم الملاعن.
ثم اتفق على ذلك تابعوهم من بعدهم، ثم لم يزل الناس على ذلك إلى أن شذ هذا المخالف لهم، فالقول -عندنا- في ذلك على ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من بعده وتابعوهم من بعدهم على ما قد ذكرناه وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
9 - كتاب العتاق
1 - باب: العبد يكون بين رجلين فيعتقه أحدهما
4361 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى النيسابوري، قال: ثنا أبو الأحوص، عن عبد العزيز بن رفيع، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق شقصا له في مملوك، ضمن لشركائه حصصهم"
(1)
.
4362 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن عفير، قال: حدثني داود بن عبد الرحمن، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أعتق عبدا بينه وبين شركائه، قُوّم عليه قيمته، وعتق"
(2)
.
4363 -
حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن محمد بن إسحاق، عن نافع عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أعتق جزءا له من عبد أو أمة، حمل عليه ما بقي في ماله حتى يعتق كله جميعا"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (4917)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5371) من طريق هناد بن السري، عن أبي الأحوص به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (4938) من طريق قتيبة، عن داود بن عبد الرحمن به.
(3)
إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.
وأخرجه أبو عوانة (4750) من طريق يعلى، عن ابن إسحاق به.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى أن العبد إذا كان بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه ضمن قيمة نصيب شريكه موسرا كان أو معسرا، وقالوا: قد جعل العتاق من الشريك جناية على نصيب شريكه، يجب عليه بها ضمان قيمته في ماله، وكان من جنى على مال لرجل وهو موسر أو معسر، وجب عليه ضمان ما أتلف بجنايته، ولم يفترق حكمه في ذلك إن كان موسرا أو معسرا في وجوب الضمان عليه.
قالوا: فكذلك لما وجب على الشريك ضمان قيمة نصيب شريكه لعتاقه لما كان موسرا وجب عليه ضمان ذلك أيضا وإن كان معسرا.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: لا يجب الضمان عليه لقيمة نصيب شريكه لعتاقه إلا أن يكون موسرًا وقالوا: في حديث ابن عمر رضي الله عنهما هذا: إنما الضمان المذكور فيه على الموسر خاصة، دون المعسر قد بين ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما في غير هذه الآثار، فمما روي عنه في ذلك، ما
4364 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق شركا له في عبد، فكان له
(1)
قلت أراد بهم: عروة بن الزبير، ومحمد بن سيرين، والأسود بن يزيد، وإبراهيم النخعي، وزفر بن الهذيل رحمهم الله، كما في النخب 15/ 324.
(2)
قلت أراد بهم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 15/ 329.
مال يبلغ ثمن العبد، قوم عليه قيمة العبد، فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق عليه ما عتق"
(1)
.
4365 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا ابن أبي ذئب، قال: حدثني نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أعتق شركًا له في مملوك، وكان للذي يعتق نصيبه ما يبلغ ثمنه، فهو عتيق كله"
(2)
.
4366 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا أبو أسامة، وعبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق شركا له في مملوك، فعليه عتقه كله إن كان له مال يبلغ ثمنه، وإن لم يكن له مال، فيقوم قيمة عدل على المعتق، وقد عتق ما عتق"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5378) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 773، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 66، وأحمد (5920)، والبخاري (2522)، ومسلم (1501)، وأبو داود (3940)، والنسائي في الكبرى (4957)، وابن ماجة (2528)، وابن الجارود في المنتقى (970)، وأبو يعلى (5802)، وابن حبان (4316)، والبيهقي 10/ 274، 278، والبغوي (2421).
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1501) من طريق ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5373) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 482، ومن طريقه البيهقي 10/ 279 بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (6279)، والبخاري (2523)، ومسلم (1501)، والبيهقي 10/ 279 من طريق عبيد الله به.
4367 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق شركا له في مملوك، فقد عتق كله، فإن كان للذي أعتقه من المال ما يبلغ ثمنه، فعليه عتقه كله"
(1)
.
4368 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا صخر بن جويرية، عن نافع، أن ابن عمر، كان يفتي في العبد أو الأمة، يكون أحدهما بين شركائه، فيعتق أحدهم نصيبه منه، فإنه يجب عتقه على الذي أعتقه إذا كان له من المال ما يبلغ ثمنه، يقوم في ماله قيمة عدل، فيدفع إلى شركائه أنصباءهم، ويخلي سبيل العبد، يخبر بذلك عبد الله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
4369 -
حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5328) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (5150)، والنسائي في الكبرى (4948 - 4949) عن يحيى بن القطان به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 482، والنسائي في الكبرى (4945، 4946، 4947، 4950، 4951)، والدارقطني 2/ 124 من طرق عن عبيد الله بهذا الإسناد.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (2503)، وأبو داود (3945) من طريقين عن جويرية بن أسماء، عن نافع به.
العبد بين اثنين، فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان موسرا، فإنه يقوم عليه بأعلى القيمة، ثم يعتق". قال سفيان: وربما قال عمرو بن دينار: "قيمة عدل، لا وكس فيها ولا شطط"
(1)
.
فثبت بتصحيح هذه الآثار أن ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، إنما هو في الموسر خاصة.
فأردنا أن ننظر في حكم عتاق المعسر كيف هو؟ فقال قائلون: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "وإلا فقد عتق منه ما عتق" دليل على أن ما بقي من العبد لم يدخله عتاق، فهو رقيق للذي لم يعتق على حاله.
وخالفهم آخرون
(2)
في ذلك، فقالوا: بل يسعى العبد في نصف قيمته للذي لم يعتقه.
وكان من الحجة لهم في ذلك أن أبا هريرة رضي الله عنه قد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن عمر رضي الله عنهما، وزاد عليه شيئا بين فيه كيف حكم ما بقي من العبد بعد نصيب المعتق.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الشافعي 2/ 66، والحميدي (670)، وأحمد (4589)، والبخاري (2521)، ومسلم 3/ 1287، والنسائي في الكبرى (4941 - 4942)، والبيهقي في السنن 10/ 275 من طريق سفيان بن عيينة به.
(2)
قلت أراد بهم: عامر الشعبي، والحسن البصري، والأوزاعي، وسعيد بن المسيب، وقتادة، وعبد الله بن شبرمة القاضي، والحسن بن حي، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 15/ 336.
4370 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أعتق نصيبا أو شركا له في مملوك، فعليه خلاصه كله في ماله، فإن لم يكن له مال استسعي العبد غير مشقوق عليه"
(1)
.
4371 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا أبان بن يزيد، عن قتادة
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4372 -
حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث بن سعد، قال: حدثني جرير بن حازم، عن قتادة
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5385) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (10107)، وأبو داود (3939)، والترمذي بإثر الحديث (1348) من طريق يحيى بن سعيد القطان به.
وأخرجه الحميدي (1093)، وابن أبي شيبة 6/ 481، وإسحاق بن راهويه (101 - 102)، والبخاري (2492، 2527)، ومسلم (1503)(4)، وأبو داود 3938 - 3939)، والترمذي (1348)، والنسائي في الكبرى (4962 - 4963)، وابن ماجة (2527)، وابن حبان (4318 - 4319)، والدارقطني 4/ 128 - 129، والبيهقي 10/ 281 من طرق عن سعيد ابن أبي عروبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5390) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود (3937) عن مسلم بن إبراهيم بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في الكبرى (4965) من طريق أبي هشام، عن أبان به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح. =
4373 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الرحيم بن سليمان الرازي، عن حجاج بن أرطاة، عن قتادة
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4374 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4375 -
حدثنا محمد بن النعمان، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن سعيد بن أبي عروبة، ويحيى بن صبيح، عن قتادة
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
فكان هذا الحديث فيه ما في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وفيه وجوب السعاية على العبد إذا كان معتقه معسرا.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5389) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (2504، 2526)، ومسلم (1503)(4)، والدارقطني 4/ 127 - 128، والبيهقي 10/ 281 من طرق عن جرير بن حازم به.
(1)
إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5391) بإسناده ومتنه.
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (4370).
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5388) بإسناده ومتنه.
وهو عند الحميدي في مسنده (1093).
ورواه ابن حبان (4318) من طريق إبراهيم بن بشار الرمادي، عن سفيان به.
4376 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن أبي المليح، عن أبيه: أن رجلا أعتق شقصا له في مملوك، فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم كله عليه، وقال:"ليس الله شريك"
(1)
.
4377 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا همام
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
فدل قول النبي صلى الله عليه وسلم "ليس الله شريك" على أن العتاق إذا وجب به بعض العبد الله تعالى، انتفى أن يكون لغيره على بقيته ملك فثبت بذلك أن إعتاق الموسر والمعسر جميعا يبرئان العبد من الرق.
فقد وافق هذا الحديث أيضا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وزاد حديث أبي هريرة رضي الله عنه عليه، وعلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما وجوب السعاية للشريك الذي لم يعتق إذا كان المعتق معسرا، فتصحيح هذه الآثار يوجب العمل بذلك، ويوجب الضمان على المعتق الموسر لشريكه الذي لم يعتق، ولا يوجب الضمان على المعتق
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5381) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود (3933)، والنسائي في الكبرى (4970) من طريق أبي الوليد الطيالسي بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (20716)، والنسائي في الكبرى (4970)، والطبراني في الكبير (507)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (777)، والبيهقي 10/ 273 من طرق عن همام به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5382) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.
المعسر، ولكن العبد يسعى في ذلك للشريك الذي لم يعتق، وهذا كله قول أبي يوسف ومحمد، رحمهما الله، وبه نأخذ.
فأما أبو حنيفة رضي الله عنه، فكان يقول: إن كان المعتق موسرا فالشريك بالخيار إن شاء أعتق كما أعتق وكان الولاء بينهما نصفين. وإن شاء استسعى العبد في نصف القيمة، فإذا أداها عتق، وكان الولاء بينهما نصفين، وإن شاء ضمن المعتق نصف القيمة، فإذا أداها عتق ورجع بها المضمن على العبد فاستسعاه فيها، وكان الولاء للمعتق، وإن كان المعتق معسرا فالشريك بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، فأيهما فعل فالولاء بينهما نصفان. واحتج في ذلك بما
4378 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: كان لنا غلام قد شهد القادسية فأبلى فيها، وكان بيني وبين أمي وبين أخي الأسود، فأرادوا عتقه، وكنت يومئذ صغيرا، فذكر ذلك الأسود لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال:"أعتقوا أنتم، فإذا بلغ عبد الرحمن، فإن رغب فيما رغبتم أعتق، وإلا ضمنكم"
(1)
.
ففي هذا الحديث أن لعبد الرحمن بعد بلوغه أن يعتق نصيبه من العبد الذي قد كان دخله عتاق أمه وأخيه قبل ذلك.
(1)
رجاله ثقات رجال الشيخين.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 13/ 427 بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (21729) من طريق أبي معاوية به.
قال أبو حنيفة: فلما كان له أن يعتق بلا بدل كان له أن يأخذ العبد بأداء قيمة ما بقي له فيه حتى يعتق بأداء ذلك إليه، ولما كان للذي لم يعتق أن يعتق نصيبه من العبد، فضمن الشريك المعتق رجع إلى هذا المضمن من هذا العبد مثل ما كان للذي ضمنه، فوجب له أن يستسعي العبد في قيمة ما كان لصاحبه فيه، وفيما كان لصاحبه أن يستسعيه فيه.
فهذا مذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه في هذا الباب، والقول الأول الذي ذهب إليه أبو يوسف، ومحمد رحمهما الله أصح القولين عندنا، لموافقته ما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
2 - باب: الرجل يملك ذا رحم محرم منه هل يعتق عليه أم لا؟
4379 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه"
(1)
.
4380 -
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن سفيان (ح)
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن سهيل
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5395، 695) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (2405)، وابن أبي شيبة 8/ 539، ومسلم (1510)، والترمذي (1906)، والنسائي في الكبرى (4896)، وابن حبان (424)، وأبو نعيم في الحلية 6/ 345، والبيهقي في السنن 10/ 289، والبغوي (2425) من طرق عن سهيل بن أبي صالح به.
(2)
إسناده صحيح من الوجه الثاني، وحسن في المتابعات من الوجه الأول من أجل يحيى بن عيسى النهشلي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5396) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (7143)، والبخاري في الأدب المفرد (10)، ومسلم (1510)، وأبو داود (5137)، وابن الجارود (971)، والبيهقي في السنن 10/ 289، وفي الشعب (7846) من طرق عن سفيان الثوري به.
4381 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا علي بن الجعد، قال أخبرنا زهير بن معاوية، عن سهيل
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى أن من ملك أباه لم يعتق عليه حتى يعتقه.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فقالوا: يعتق عليه بملكه إياه، وكان من الحجة لهم في ذلك، أن قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا يحتمل ما قالوا، ويحتمل "فيشتريه فيعتقه بشرائه"، هذا في الكلام صحيح، وهو أولى ما حمل عليه هذا الحديث، حتى يتفق هو وغيره مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى.
4382 -
فإنه حدثنا محمد بن عبد الله الأصبهاني، قال: ثنا أبو عمير بن النحاس، قال: ثنا ضمرة، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر"
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5397) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (7570) من طريق أبي كامل، عن زهير به.
(2)
قلت أراد بهم: ربيعة، ومالكا، ومكحولا رحمهم الله، كما في النخب 15/ 355.
(3)
قلت أراد بهم: النخعي، والأوزاعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وداود رحمهم الله، كما في النخب 15/ 356.
(4)
إسناده قوي من أجل ضمرة بن ربيعة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5398) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 10/ 289 - 290 من طرق عن أبي عمير به.
وأخرجه ابن ماجة (2525)، والنسائي في الكبرى (4877)، وابن الجارود (972) من طرق عن ضمرة بن ربيعة به.
4383 -
حدثنا محمد بن عبد الله، قال: ثنا إبراهيم بن الحجاج، وعبد الواحد بن غياث، قالا: ثنا حماد سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر"
(1)
.
4384 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج (ح)
وحدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا أسد، قالا: ثنا حماد بن سلمة
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4385 -
حدثنا محمد بن عبد الله، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن حماد سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر"
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، والحسن البصري مدلس وقد عنعن وفي سماعه من سمرة بن جندب خلاف.
وأخرجه الطيالسي (910)، وأحمد (20167)، وأبو داود (3949)، والترمذي (1365)، والنسائي في الكبرى (4898، 4899، 4900، 4901، 4902)، وابن ماجة (2524)، وابن الجارود (973)، والطبراني في الكبير (6852)، والحاكم 2/ 214، والبيهقي 10/ 289 من طرق عن حماد بن سلمة به.
(2)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5400، 5401) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.
(3)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5402) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.
فتصحيح حديثي سمرة رضي الله عنه هذين يوجب أن ذا الرحم المذكور فيها، هو ذو الرحم المحرم، وأن ذا الرحم المذكور فيهما، هو ذو المحرم من الرحم، فيكون معناهما لما جمع ما فيهما، هو مثل ما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: من ملك ذا رحم محرم، فهو حر.
4386 -
وقد بلغني أن محمد بن بكر البرساني كان يحدث، عن حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن الحسن، عن سمرة قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "من ملك ذا رحم من ذي محرم، فهو حر"
(1)
.
فدل ذلك على ما ذكرناه، وقد روي عمن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه وتابعيهم رضي الله عنهم، ما يوافق هذا أيضا
4387 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عاصم، عن أبي عوانة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر رضي الله عنه قال: من ملك ذا رحم محرم فهو حر
(2)
.
(1)
رجاله ثقات.
وقد وصله المصنف في شرح مشكل الآثار (5403) عن أحمد بن شعيب، عن عبيد الله بن سعيد، عن محمد بن بكر، عن حماد بن سلمة، عن عاصم وقتادة، عن الحسن به.
وأخرجه الترمذي (1365)، والنسائي في الكبرى (4902)، وابن ماجة (2524) من طريق محمد بن بكر البرساني به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 13/ 445 بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (4910)، والبيهقي 10/ 290 من طرق عن أبي عاصم به.
وأخرجه أبو داود (3950)، والنسائي في الكبرى (4903، 4906) من طريق قتادة، عن عمر به.
4388 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن المستورد، أن رجلا زوج ابن أخيه مملوكته، فولدت له أولادا، فأراد أن يسترق أولادها، فأتى ابن أخيه عبد الله بن مسعود، فقال: إن عمي زوجني وليدته، وإنها ولدت لي أولادا، فأراد أن يسترق ولدي. فقال عبد الله: كذب، ليس له ذلك
(1)
.
4389 -
حدثنا أحمد بن الحسن قال: ثنا أسباط بن محمد، قال: ثنا سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء بن أبي رباح، قال: إذا ملك الرجل عمته، أو خالته، أو أخاه، أو أخته، فقد عتقوا، وإن لم يعتقهم
(2)
.
4390 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال أبو جعفر: أظنه عن حجاج، عن عطاء، والشعبي
…
مثله، قال: وقال إبراهيم: لا يعتق إلا الوالد والولد
(3)
.
(1)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 13/ 447، بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 10/ 290 من طريق خلف بن عبد العزيز، عن أبيه، عن جده، عن شعبة به.
(2)
رجاله ثقات.
وأخرجه عبد الرزاق (16859) عن سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أمية به.
(3)
إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 8/ 191 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن زيد، عن ابن شبرمه، عن الحارث العكلي، عن إبراهيم النخعي به.
ومن طريق وكيع، عن شعبة، عن الحكم بن عتيبة وحماد بن أبي سليمان به.
فلما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا، ووافق ذلك ما روينا عمن ذكرنا من أصحابه وتابعيهم ولم نعلم في ذلك خلافا عن مثلهم، وجب القول بما روي عنهم من ذلك، وترك خلافهم. وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
3 - باب: المكاتب متى يعتق؟
4391 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا حماد سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يؤدي المكاتب بحصة ما أدى دية حر، وما بقي دية عبد"
(1)
.
4392 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
…
ولم يذكر ابن عباس
(2)
.
4393 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى النيسابوري، قال: ثنا وكيع، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:"قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكاتب قتل بدية الحر بقدر ما عتق منه"، قال ابن عباس: ويقام على المكاتب حد المملوك
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2040) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (3489)، والترمذي (1259)، والنسائي 8/ 46، والبيهقي 10/ 325 من طريق يزيد بن هارون به.
وأخرجه البيهقي 10/ 326 من طريق وهيب بن خالد، عن أيوب به.
(2)
إسناده مرسل.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2041) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (5024) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة مرسلا.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2043) بإسناده ومتنه. =
4394 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني الحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يودى المكاتب بقدر ما أدى دية الحر، وبقدر ما رق منه دية العبد"
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى أن المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى، ويكون حكمه فيه حكم الحر، ويكون حكمه فيما لم يؤد حكم العبد. واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فقالوا: لا يعتق المكاتب إلا بأداء جميع الكتابة. واحتجوا في ذلك بما
= وأخرجه الطيالسي (2686)، وعبد الرزاق (15731)، وأحمد (1944)، وأبو داود (4581)، والنسائي في المجتبى 8/ 45 - 46، وفي الكبرى (5019 - 5020)، والطبراني (11991، 11992، 11993)، والحاكم 2/ 218، والبيهقي 10/ 326 من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2042) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (3423)، وأبو داود (4581)، والنسائي 8/ 46، والدارقطني 3/ 199، 4/ 123 من طريق يعلى بن عبيد، عن حجاج الصواف به.
(2)
قلت أراد بهم: الشعبي، وعكرمة، والحكم بن عتيبة، وإبراهيم النخعي، وشريحا، وعطاء بن أبي رباح، وأحمد بن حنبل في قول، وداود، وجماعة الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 15/ 378.
(3)
قلت أراد بهم: الزهري، والثوري، والأوزاعي، وقتادة، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله =
4395 -
حدثنا ابن أبي داود، قال حدثنا الخطاب بن عثمان، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن سليم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم"
(1)
.
قال أبو جعفر: فكانت هذه الآثار قد اختلف فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرنا فيما روي عن أصحابه رضي الله عنهم من ذلك، فإذا
4396 -
علي بن شيبة قد حدثنا، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن معبد الجهني، عن عمر بن الخطاب، قال: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم
(2)
.
4397 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن جابر بن سمرة، عن عمر رضي الله عنه قال: إذا أدى المكاتب النصف فهو غريم
(3)
.
= كما في المصدر السابق.
(1)
إسناده حسن، من أجل إسماعيل بن عياش فروايته عن أهل بلده صحيحة، وسليمان بن سليم شامي من أهل بلده.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2044) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود (3926)، ومن طريقه البيهقي في السنن 1/ 324 من طريق إسماعيل بن عياش به.
(2)
إسناده مرسل، قال ابن التركماني في الجوهر النقي 10/ 325 رواية معبد، عن عمر مرسلة.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2053) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 10/ 325 من طريق يزيد بن هارون به.
(3)
إسناده منقطع، وقال البيهقي القاسم بن عبد الرحمن لا يثبت سماعه من جابر بن سمرة، قلت: وسفيان الثوري روى عن المسعودي قبل الاختلاط.
4398 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن جابر بن سمرة، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: أيها الناس، إنكم تكاتبون مكاتبين فأيهم أدى النصف، فلا رد عليه في الرق
(1)
.
فهذا خلاف ما قد رويناه قبله عن عمر رضي الله عنه
4399 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن عمران بن بشير، عن سالم سبلان أنه قال لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ما أراك أن لا تستحيي مني، فقالت: مالك؟ فقال: كاتبت، قالت إنك عبد ما بقي عليك شيء
(2)
.
4400 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية، وشجاع بن الوليد، عن عمرو بن ميمون، عن سليمان بن يسار قال: استأذنت على عائشة، فقالت: كم بقي عليك من كتابتك؟ قلت: عشر أواق، فقالت: ادخل، فإنك عبد ما بقي عليك درهم
(3)
.
= وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2051) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (15736) عن معمر، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود به.
وأخرجه البيهقي 10/ 325 من طريق قبيصة بن عقبة، عن سفيان به.
(1)
إسناده منقطع كسابقه، ولم يتبين أن أحمد بن خالد الوهبي سمع من المسعودي قبل الاختلاط أم بعده.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2051) بإسناده ومتنه، هو مكرر سابقه.
(2)
حديث صحيح، وعمران بن بشير بن محرز مع أنه مجهول الحال ذكره ابن حبان في الثقات وقال: يروي عن أبيه، روى عنه ابن أبي ذئب انتهى، وبقية رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2048) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي في السنن 10/ 324 - 325 من طريق سعيد بن مسلم المدني، عن سالم به.
(3)
إسناده صحيح. =
4401 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عمرو بن ميمون
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4402 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: إذا أدى المكاتب ثلثا أو ربعا فهو غريم
(2)
.
4403 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: إذا أدى المكاتب قيمة رقبته فهو غريم
(3)
.
= وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2046) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي في السنن 10/ 324، وفي المعرفة (20695) من طريق سعدان بن نصر، عن أبي معاوية، عن عمرو بن ميمون به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2047) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (20567) من طريق حفص بن غياث، عن عمرو بن ميمون به.
(2)
إسناده منقطع، إبراهيم هو النخعي لم يلق عبد الله بن مسعود.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2054) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو يوسف في آثاره (861) عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (20575) عن حفص بن غياث عن الأعمش، عن إبراهيم به.
(3)
إسناده منقطع كسابقه.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2056) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 10/ 326 من طريق يزيد بن هارون عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم به.
4404 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن جابر، عن الشعبي قال: كان عبد الله وشريح يقولان في المكاتب: إذا أدى الثلث فهو غريم
(1)
.
4405 -
حدثنا يونس، قال: أنا عبد الله بن نافع، عن أبي معشر وهو السندي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، أن أم سلمة رضي الله عنها قالت: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء
(2)
.
4406 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أسامة بن زيد، ومالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف، من أجل جابر الجعفي، وللانقطاع فإن الشعبي لم يسمع من عبد الله بن مسعود.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2055) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (20575) عن حفص بن غياث، عن الأعمش، عن إبراهيم، وعن أشعث، عن الشعبي قالا: قال
عبد الله
…
(2)
إسناده ضعيف، لضعف أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي، وذكر عبد الحق الأشبيلي أن سعيد المقبري لم يسمع من أم سلمة، كما في التهذيب 4/ 40
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2050) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (15728) من طريق أبي معشر به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2049) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 787، والبيهقي في المعرفة (20694).
4407 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: كان زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول: المكاتب عبد ما بقي عليه شيء من كتابته
(1)
.
وكان جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول: شروطهم جائزة فيما بينهم، فلما كانوا قد اختلفوا في ذلك، كما ذكرنا، وكلهم قد أجمع أن المكاتب لا يعتق بعقد المكاتبة، وإنما يعتق بحال ثانية، فقال بعضهم: تلك الحال أداء جميع المكاتبة وقال بعضهم: هي أداء بعض المكاتبة، وقال بعضهم: يعتق منه بقدر ما أدى من المكاتبة.
ثبت أن حكم ذلك قد خرج من حكم المعتق على مال، لأن المعتق على مال يعتق بالقول قبل أن يؤدي شيئا، والمكاتب ليس كذلك لإجماعهم على ما ذكرنا.
فلما ثبت أن المكاتب لا يستحق العتاق بعقد المكاتبة، وإنما يستحقه بحال ثانية، نظرنا في ذلك وفي سائر الأشياء التي لا تجب بالعقود، وإنما تجب في حال آخر بعدها كيف حكمها؟.
فرأينا الرجل يبيع الرجل العبد بألف درهم، فلا يجب للمشتري قبض العبد بنفس العقد حتى يؤدي جميع الثمن، ولا يكون له قبض بعض العبد بأدائه بعض الثمن،
(1)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (2045) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (15717)، وابن أبي شيبة (20566)، والبيهقي في السنن 10/ 324، وفي المعرفة (20692) من طريق سفيان الثوري به.
وكذلك الأشياء التي هي محبوسة بغيرها مثل الرهن المحبوس بالدين، وكل قد أجمع أن الراهن لو قضى المرتهن بعض الدين فأراد أن يأخذ الرهن أو بعضه بقدر ما أدى من الدين لم يكن له ذلك إلا بأدائه جميع الدين. فكان هذا حكم الأشياء التي تملك بأشياء إذا وجب احتباسها، فإنها تحبس حتى يؤخذ جميع ما جعل بدلا منها.
فلما خرج المكاتب من أن يكون في حكم المعتق على المال الذي يعتق بالعقد، لا بحال ثانية، وثبت أنه في حكم من يحبس لأداء شيء ثبت أن حكمه في المكاتبة وفي احتباس المولى إياه كحكم المبيع في احتباس البائع إياه.
فلما كان المشتري غير قادر على أخذه إلا بعد أداء جميع الثمن، كان كذلك المكاتب أيضا غير قادر على أخذ شيء من رقبته من ملك المولى إلا بأداء جميع المكاتبة.
فثبت بما ذكرنا قول الذين قالوا: لا يعتق من المكاتب شيء إلا بأداء جميع المكاتبة، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
4 - باب: الأمة يطؤها مولاها ثم يموت، وقد كانت جاءت بولد في حياته هل يكون ابنه، وتكون به أم ولد أم لا؟
4408 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني، فاقبضه إليك فلما كان عام الفتح أخذه سعد، وقال: ابن أخي وقد كان عهد إلي فيه، فقام إليه عبد بن زمعة وقال: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه، فتساوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال سعد: يا رسول الله، ابن أخي قد كان عهد إلي فيه، وقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو لك يا عبد بن زمعة
…
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش، وللعاهر الحجر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسودة بنت زمعة: احتجبي منه، لما رأى به من شبهه بعتبة، قالت: فما رآها حتى لقي الله تعالى
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4244) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 739، ورواه الدارقطني 4/ 241 - 242 من طريق يونس بن عبد الأعلى بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (26093)، والدارمي 2/ 203، والبخاري (2053، 2745، 4303، 6749، 7182)، وابن حبان (4105)، والبيهقي 7/ 412، والبغوي 2378 من طرق عن مالك ورواية أحمد والدارمي مختصرة.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى أن الأمة إذا وطئها مولاها فقد لزمه كل ولد يجيء به بعد ذلك ادعاه أو لم يدعه.
واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"هو لك يا عبد بن زمعة" ثم قال "الولد للفراش، وللعاهر الحجر".
فألحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بزمعة، لا لدعوة ابنه، لأن دعوة الابن للنسب لغيره من أبيه غير مقبولة، ولكن لأن أمه كانت فراشا لزمعة بوطئه إياها، واحتجوا في ذلك أيضا بما
4409 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: ما بال رجال يطئون ولائدهم، ثم يعزلونهن لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها، فاعزلوا أو اتركوا
(2)
.
(1)
قلت أراد بهم: الزهري، والشافعي، ومالكا، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، وداود رحمهم الله، كما في النخب 15/ 394.
(2)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 24/ 742، ومن طريقه رواه البيهقي في السنن 7/ 413، وفي السنن الصغير (2765)، وفي المعرفة (15165).
4410 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو اليمان، قال أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: حدثني سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، يقول .... فذكر مثله
(1)
.
4411 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يدعونهن يخرجن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فأرسلوهن بعد، أو أمسكوهن
(2)
.
4412 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: من وطئ أمة ثم ضيعها فأرسلها تخرج، ثم ولدت فالولد منه والضيعة عليه. قال نافع: فهذا قضاء عمر بن الخطاب، وقول ابن عمر
(3)
.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
، فقالوا: ما جاءت به هذه الأمة من ولد، فلا يلزم مولاها إلا أن يقر به، وإن مات قبل أن يقر به لم يلزمه.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (12522) عن معمر وابن جريج، عن الزهري به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 24/ 743، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 7/ 413.
(3)
إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي.
(4)
قلت أراد بهم: النخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 15/ 397.
وكان من الحجة لهم في الحديث الأول "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال لعبد بن زمعة: "هو لك يا عبد" ولم يقل: "هو أخوك"، فقد يجوز أن يكون أراد بقوله: "هو لك" أي: هو مملوك لك لحق مالك عليه من اليد، ولم يحكم في نسبه بشيء.
والدليل على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر سودة بنت زمعة بالحجاب منه.
فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعله ابن زمعة إذًا لما حجب بنت زمعة منه، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمر بقطع الأرحام، بل كان يأمر بصلتها، ومن صلتها التزاور، فكيف يجوز أن يأمرها وقد جعله أخاها بالحجاب منه؟، هذا لا يجوز عليه صلى الله عليه وسلم.
وكيف يجوز ذلك عليه، وهو يأمر عائشة رضي الله عنها أن تأذن لعمها من الرضاعة عليها، ثم يحجب سودة ممن قد جعله أخاها وابن أبيها؟، ولكن وجه ذلك - عندنا والله أعلم- أنه لم يكن حكم فيه بشيء غير اليد الذي جعله بها لعبد بن زمعة، ولسائر ورثة زمعة دون سعد.
فإن قال قائل: فما معنى قوله الذي وصله بهذا "الولد للفراش وللعاهر الحجر".
قيل له: ذلك على التعليم منه لسعد رضي الله عنه، أي: أنك تدعي لأخيك، وأخوك لم يكن له فراش، وإنما يثبت النسب منه لو كان له فراش، فإذا لم يكن له فراش فهو عاهر، وللعاهر الحجر، وقد بين هذا المعنى وكشفه ما
4413 -
حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة، قال: ثنا محمد بن قدامة، قال: ثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن مجاهد، عن يوسف بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير قال "كانت لزمعة جارية يطؤها، وكان يظن برجل آخر أنه يقع عليها، فمات زمعة وهي حبلى، فولدت غلاما كان يشبه الرجل الذي كان يظن بها، فذكرته سودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أما الميراث فله، وأما أنت فاحتجبي منه، فإنه ليس لك بأخ"
(1)
.
ففي هذا الحديث أن زمعة كان يطأ تلك الأمة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسودة:"ليس هو لك بأخ" يعني ابن الموطوءة.
فدل هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن قضى في نسبه على زمعة بشيء، وأن وطئ زمعة لم يكن -عنده- بموجب أن ما جاءت به تلك الموطوءة من ولد منه فإن قال قائل: ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أما الميراث فله" فهذا يدل على قضائه بنسبه.
قيل له: ما يدل ذلك على ما ذكرت، لأن عبد بن زمعة قد كان ادعاه، وزعم أنه ابن أبيه، لأن عائشة رضي الله عنها قد أخبرت في حديثها الذي ذكرناه عنها في أول هذا
(1)
إسناده جيد، من أجل يوسف بن الزبير.
وهو عند المصنف في شرح مشكل القرآن (4257) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 180 - 181، وأبو يعلى (6813)، والدارقطني 4/ 240، والحاكم 4/ 96 - 97، والبيهقي 6/ 87 من طريق جرير بن عبد الحميد به.
الباب، أن عبد بن زمعة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم -حين نازعه سعد بن أبي وقاص- أخي وابن وليدة أبي ولد على فراش أبي، فقد يجوز أن تكون سودة قالت مثل ذلك، وهما وارثا زمعة، فكانا بذلك مقرين له بوجوب الميراث مما ترك زمعة.
فجاز ذلك عليهما في المال الذي يكون لهما، لو لم يقرا بما أقرا به من ذلك، ولم يجب بذلك ثبوت نسب يجب به حكم فيخلى بينه وبين النظر إلى سودة.
فإن قال قائل: إنما كان أمرها بالحجاب منه لما كان رأى من شبهه بعتبة كما في حديث عائشة رضي الله عنها.
قيل له هذا لا يجوز أن يكون كذلك، لأن وجود الشبه لا يجب به ثبوت نسب، ولا يجب بعدمه انتفاء نسب.
ألا ترى إلى الرجل الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن امرأتي ولدت غلاما أسود. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ فقال: نعم، قال فما ألوانها؟ فذكر كلاما، قال فهل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لورقًا. قال مم ترى ذلك جاءها؟ قال: من عرق نزعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ولعل هذا من عرق نزعه".
وقد ذكرنا هذا الحديث بإسناده في باب اللعان فلم يرخص له رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفيه لبعد شبهه منه، ولا منعه من إدخاله على بناته وحرمه، بل ضرب له مثلا أعلمه به أن الشبه لا يوجب ثبوت الأنساب، وأن عدمه لا يجب به انتفاء الأنساب.
فكذلك ابن وليدة زمعة لو كان وطئ زمعة لأمه يوجب ثبوت نسبه منه إذًا لما كان لبعد شبهه من معنى، ولو كان نسبه منه ثابتا لدخل على بناته كما يدخل عليهن غيره من بنيه، وأما ما احتجوا به عن عمر وابن عمر رضي الله عنهما -في ذلك- مما قد رويناه عنهما فإنه قد خالفهما في ذلك عبد الله بن عباس، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم.
4414 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا شعبة، عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة، عن ابن عباس قال كان ابن عباس يأتي جارية له، فحملت، فقال: ليس مني، إني أتيتها إتيانا لا أريد به الولد
(1)
.
4415 -
حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي، قال: ثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد أن أباه كان يعزل عن جارية فارسية، فحملت بحمل، فأنكره وقال: إني لم أكن أريد ولدك، وإنما استطبت نفسك، فجلدها وأعتقها وأعتق الولد
(2)
.
4416 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت
…
مثله، غير أنه لم يقل: فأعتقها وأعتق ولدها
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (12534) عن محمد بن عمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 10/ 322 من طريق محمد بن عبيد الله بن يزيد، عن سفيان بن عيينة به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (12531) عن سفيان به.
4417 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال ثنا شعبة، قال: ثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال ولدت جارية لزيد بن ثابت فقال: إنه ليس مني، وإني كنت أعزل عنها
(1)
.
فهذا زيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، قد خالفا عمر، وابن عمر رضي الله عنهما في ذلك. فقد تكافأت أقوالهم، ووجب النظر لنستخرج من القولين قولا صحيحا.
فرأينا الرجل إذا أقر بأن هذا ولده من زوجته، ثم نفاه بعد ذلك لم ينتف.
وكذلك لو ادعى أن حملها منه، ثم جاءت بولد من ذلك الحمل لم يكن له بعد ذلك أن ينفيه بلعان ولا بغيره، لأن نسبه قد ثبت منه، فهذا حكم ما قد وقعت عليه الدعوة مما ليس لمدعيه أن ينفيه، ورأيناه لو أقر أنه وطئ امرأته، ثم جاءت بولد فنفاه، لكان الحكم في ذلك أن يلاعن بينهما ويخرج الولد من نسب الزوج، ويلحق بأمه فلم يكن إقراره بوطء امرأته يجب به ثبوت نسب ما تلد منه، ولم يكن في حكم ما قد لزمه مما ليس له نفيه.
فلما كان هذا حكم الزوجات كان حكم الإماء أحرى أن يكون كذلك فإن أقر رجل بولد أمته أنه منه، أو أقر وهي حامل أن ما في بطنها منه لزمه، ولم ينتف منه بعد ذلك أبدا، وإن أقر أنه قد وطئها، لم يكن ذلك في حكم إقراره بولدها أنه منه بل يكون
(1)
إسناده صحيح.
بخلاف ذلك، فيكون له أن ينفيه، ويكون حكمه وإن أقر بوطء أمته كحكمه لو لم يكن أقر بوطئها قياسا على ما وصفنا من الحرائر.
وهذا كله قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
10 - كتاب الأيمان والنذور
1 - باب: المقدار الذي يعطى كل مسكين من الطعام في الكفارات
4418 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا هشام بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله، إني وقعت بأهلي في رمضان قال له أعتق رقبة قال: ما أجدها يا رسول الله، قال فصم شهرين متتابعين قال: ما أستطيع، قال فأطعم ستين مسكينا قال: ما أجده يا رسول الله قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بمكتل فيه قدر خمسة عشر صاعا تمرا، فقال: خذ هذا فتصدق به قال: أعلى أحوج مني وأهل بيتي؟ قال: فكله أنت وأهل بيتك، وصم يوما مكانه، واستغفر الله
(1)
.
(1)
رجاله ثقات، رجال الشيخين غير هشام بن سعد فمن رجال مسلم.
وأخرجه الدارقطني 2/ 211 حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا إبراهيم بن مرزوق والحسن بن أبي الربيع قالا: حدثنا أبو عامر العقدي بهذا الإسناد.
ورواه ابن عدي في الكامل 7/ 2567، وأبو داود (2393)، ومن طريقه الدارقطني 2/ 190، من طريق ابن أبي فديك، وابن خزيمة (1954)، والبيهقي 4/ 226 - 227 من طريق حسين بن حفص، كلاهما عن هشام بن سعد به.
وقال ابن خزيمة: هذا الإسناد وهم، الخبر عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن وهو الصحيح لا عن أبي سلمة.
وقال الحافظ في الفتح 4/ 163، قال البزار وابن خزيمة وأبو عوانة: أخطأ فيه هشام بن سعد، قلت: وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن محمد بن أبي حفصة، فرواه عن الزهري، أخرجه الداقطني في العلل والمحفوظ عن ابن أبي حفصة كالجماعة
…
ويحتمل أن يكون الحديث عند الزهري عنهما فقد جمعهما صالح بن أبي الأخضر، أخرجه الدارقطني في العلل من طريقه.
قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم
(1)
إلى أن الإطعام في كفارات الأيمان إنما هو مد لكل مسكين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل في الحديث الذي ذكرنا أن يطعم ستين مسكينا خمسة عشر صاعا، فالذي يصيب كل مسكين منهم مدٌ مدٌ، قالوا: وقد ذهب جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في كفارات الأيمان إلى ما قلنا. فذكروا في ذلك ما
4419 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن، أن أبا حازم حدثه، عن أبي جعفر مولى ابن عباس، عن ابن عباس أنه كان يقول: في كفارات الأيمان إطعام عشرة مساكين، كل مسكين مد بيضاء
(2)
.
4420 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني سفيان الثوري، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس
…
مثله
(3)
.
(1)
قلت أراد بهم: مالكا، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 15/ 414.
(2)
إسناده ضعيف الجهالة أبي جعفر مولى ابن عباس قال العيني في المغاني /3/ 285، روى عن ابن عباس وروى عنه أبو حازم سلمة بن دينار، وفي مختصر المغاني قال: ولم أر له ذكرا في غيره، وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12205) عن ابن فضيل وابن إدريس، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي في السنن 10/ 55 من طريق عبد الله بن إدريس، عن داود به.
4421 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان إذا كفر يمينه فأطعم عشرة مساكين بالمد الأصغر، رأى أن ذلك يجزي عنه
(1)
.
4422 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه كان يقول: من حلف بيمين فوكَّدها ثم حنث فعليه عتق رقبة، أو كسوة عشرة مساكين، ومن حلف على يمين فلم يوكِّدها، ثم حنث، فعليه إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين مد من حنطة
(2)
.
4423 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام، عن يحيى عن أبي سلمة، عن زيد بن ثابت أنه قال: يجزي في كفارة اليمين مد من حنطة، لكل مسكين
(3)
.
4424 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني الخليل بن مرة، أن يحيى بن أبي كثير، حدثه
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
(1)
إسناده حسن، من أجل أسامة بن زيد الليثي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12207) عن ابن إدريس، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 479، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 10/ 55، وفي المعرفة (15021).
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12206)، والحارث في مسنده (458 بغية)، والدارقطني (4336)، والبيهقي 10/ 55 من طرق عن هشام الدستوائي به.
(4)
إسناده ضعيف، لضعف الخليل بن مرة البصري.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فقالوا: لا يجزي في الإطعام في كفارة الأيمان إلا مدين مدين لكل مسكين، ويجزي من التمر صاع كامل، وكذا من الشعير.
وكان من الحجة لهم في ذلك على أهل المقالة الأولى، أنه قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لما علم حاجة الرجل أعطاه ما أعطاه من التمر، ليستعين به فيما وجب عليه لا على أنه جميع ما وجب عليه كالرجل يشكو إلى الرجل ضعف حاله وما عليه من الدين، فيقول له: خذ هذه العشرة الدراهم فاقض بها دينك، ليس على أنها تكون قضاء عن جميع دينه، ولكن على أن يكون قضاء بمقدارها من دينه.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مقدار ما يجب من الطعام في كفارة من الكفارات، وهي ما يجب في حلق الرأس في الإحرام من أذى، فجعل ذلك مدّين من حنطة لكل مسكين
4425 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر الزهراني، قال: ثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، قال سمعت عبد الله بن معقل، قال: قعدت إلى كعب بن عجرة في المسجد فسألته عن هذه الآية {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] فقال: في أنزلت، حُملتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقمل يتناثر على وجهي، فقال:"ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا أو بلغ بك ما أرى" فنزلت فيَّ خاصة ولكم عامةً، فأمرني
(1)
قلت أراد بهم: مجاهدا، ومحمد بن سيرين، وجابر بن زيد، وعامر الشعبي، والثوري، وإبراهيم النخعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 15/ 418.
أن أحلق رأسي، وأن أنسك نسيكه، وأصوم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من حنطة
(1)
.
4426 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال ثنا سفيان الثوري، عن ابن الأصبهاني، عن عبد الله بن معقل، عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، غير أنه قال: وأطعم فرقا، في ستة مساكين"
(2)
.
4427 -
حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا وهيب بن خالد، عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، قال: حدثني كعب بن عجرة
…
مثله، غير أنه قال:"كل مسكين نصف صاع من تمر"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1691) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (18109، 18110، 18111)، والبخاري (1816، 4517)، ومسلم (1201)(85)، والنسائي في الكبرى (4113، 11031)، وابن ماجة (3079)، وأبو القاسم في الجعديات (610)، والطبري في التفسير (3338)، وابن حبان (3985، 3987)، والطبراني في الكبير 19 / (299)، والبيهقي في السنن 5/ 55، وابن عبد البر في التمهيد 21/ 5 - 6، والبغوي في شرح السنة (1195) من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل وهو سيء الحفظ ثقة في سفيان الثوري. وهو عند المصنف في أحكام القرآن (1692) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (18119)، والطبري في التفسير (3337) من طريق مؤمل بن إسماعيل به، وعند أحمد أو يذبح شاة.
(3)
حديث صحيح وإسناده منقطع، الشعبي لم يسمع من كعب بن عجرة بينهما ابن أبي ليلى كما عند أحمد (18122)، قال الحافظ في الفتح 4/ 13، وجاء عن أبي قلابة والشعبي عن كعب وروايتهما عند أحمد لكن الصواب أن بينهما واسطة وهو ابن أبي ليلى على الصحيح. =
4428 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، غير أنه لم يذكر التمر
(1)
.
4429 -
حدثنا أبو شريح، محمد بن زكريا، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا سفيان الثوري (ح)
وحدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا وهيب، قالا جميعا عن أيوب، عن مجاهد
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
= وأخرجه أحمد (18124)، وأبو داود (1858)، والطبري في التفسير (3334 - 3335)، والطبراني في الكبير 19 (245، 246، 247، 248، 249)، والدارقطني 2/ 299 من طرق عن داود به.
(1)
رجاله ثقات غير أبي بشر هو جعفر بن أبي وحشية، ضعف شعبة حديثه عن مجاهد وقال: لم يسمع منه شيئا كما في التهذيب، وقال الحافظ في مقدمة الفتح (ص 395): احتج به الجماعة، لكن لم يخرج له الشيخان من حديثه عن مجاهد ولا عن حبيب بن سالم.
وأخرجه الطبراني في الكبير 19/ (218)، وابن عبد البر في التمهيد 2/ 235 من طريقين عن شعبة، عن أبي بشر به.
(2)
إسناده صحيح، وشيخ الطحاوي أبو شريح متابع.
وأخرجه الحميدي (726)، وابن حبان (3980) من طريق سفيان الثوري به.
وأخرجه أحمد (18107)، والبخاري (4190، 5665، 5703)، ومسلم (1201)(80، 83)، والترمذي (2974، 953)، والنسائي في الكبرى (4110)، والطبري في التفسير (3340، 3341، 3346)، وابن حبان (3978، 3983)، والطبراني في الكبير 19/ (232، 233، 236، 237)، والدارقطني 2/ 298، والبيهقي 5/ 242 من طرق عن أيوب به.
4430 -
حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4431 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن مجاهد
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4432 -
حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس، قال: أنا مالك بن أنس، عن حميد بن قيس، عن مجاهد
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
4433 -
حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا سعيد بن سفيان الجحدري، قال: ثنا ابن عون، عن مجاهد
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطبراني في الكبير 19/ (222) من طريق عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم به.
وأخرجه مسلم (1201)(83)، والترمذي (953)، والفاكهي في أخبار مكة (2860)، والطبراني في الكبير 19/ (236)، والبيهقي في السنن 5/ 55، 4/ 170، وفي معرفة السنن (10363، 10364) من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم الجزري به.
(2)
حديث صحيح رجاله ثقات غير أبي بشر كسابقه (4428).
وأخرجه الطيالسي (1065)، وأحمد (18101)، والبخاري (4191)، والترمذي (2973)، والطبري في التفسير (3348)، والطبراني في الكبير (19/ (219) من طرق عن هشيم به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ (1259) برواية أبي مصعب الزهري، ومن طريقه رواه البخاري (1814).
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (6708)، ومسلم (1201)(81)، والنسائي في الكبرى (4096، 10963)، والطبري (3342)، =
4434 -
حدثنا يزيد، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4435 -
حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن نافع، قال: حدثني أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن كعب القرظي، عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، وزاد "وقد علم أنه ليس عندي ما أنسك به"
(2)
.
4436 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، غير أنه لم يذكر الزيادة التي فيها، على ما في الأحاديث التي قبله
(3)
.
= وابن حبان (3982)، والطبراني 19/ (230 - 231)، والبيهقي 5/ 169، والواحدي في أسباب النزول (ص 36) من طرق عن ابن عون به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (18116)، والطبراني في الكبير 19/ (347) من طريق محمد بن بكر، عن ابن جريج به.
(2)
إسناده حسن عبد الله بن نافع الصائغ، وأسامة بن زيد الليثي حسنا الحديث.
وأخرجه ابن ماجة (3080) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم، عن عبد الله بن نافع به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ (504) برواية محمد بن الحسن.
وأخرجه أحمد (18106)، والنسائي في المجتبى 5/ 194 - 195، وابن الجارود في المنتقى (450)، والطبري في التفسير (3351)، والبيهقي في السنن 5/ 169، 55، وابن عبد البر في التمهيد 20/ 64 من طرق عن مالك به.
فكان الذي أمره به النبي صلى الله عليه وسلم من الإطعام في هذه الآثار -مع تواترها- هو نصف صاع من حنطة لكل مسكين، وأجمعوا على العمل بذلك في كفارة حلق الرأس. وجاء عنه في إطعام المساكين في الظهار من التمر ما
4437 -
حدثنا فهد، قال: ثنا فروة بن أبي المغراء، قال: ثنا يحيى بن زكريا، عن محمد بن إسحاق، عن معمر بن عبد الله، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: حدثتني خولة ابنة مالك بن ثعلبة ابن أخي عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعان زوجها حين ظاهر منها بعرق من تمر، وأعانته هي بعرق آخر، وذلك ستون صاعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تصدق به"، وقال:"اتقي الله وارجعي إلى زوجك"
(1)
.
فالنظر على ما ذكرنا أن يكون كذلك إطعام كل مسكين في كل الكفارات من الحنطة نصف صاع، ومن التمر صاع.
وقد روي في ذلك عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
4438 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن يسار بن نمير، قال: قال لي عمر رضي الله عنه: إني أحلف أن لا أعطي أقواما، ثم
(1)
إسناده ضعيف الجهالة معمر بن عبد الله بن حنظلة قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام 4/ 464: مجهول الحال، وقال الذهبي في الميزان: لا يعرف.
وأخرجه أحمد (27319)، وأبو داود (2214 - 2215)، وابن الجارود (746)، والطبري في التفسير (سورة المجادلة)، وابن حبان (4279)، والطبراني في الكبير 616، 24/ (633)، والبيهقي 7/ 389، 392، 391) من طرق عن ابن إسحاق به، وحسنه الحاظ في الفتح 9/ 433.
يبدو لي أن أعطيهم، فإذا رأيتني فعلت ذلك، فأطعم عني عشرة مساكين، كل مسكين صاعا من تمر
(1)
.
4439 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن يسار بن نمير، عن عمر رضي الله عنه
…
مثله، غير أنه قال: عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع حنطة أو صاع تمر
(2)
.
4440 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة عن منصور، قال: سمعت أبا وائل، عن يسار
…
فذكر بإسناده مثله، وزاد أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير
(3)
.
4441 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان عن منصور، عن أبي وائل، عن يسار
…
مثله
(4)
.
4442 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا هلال بن يحيى، قال: ثنا أبو يوسف، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن يسار
…
مثله
(5)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي في السنن 10/ 55 من طريق أبي معاوية به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12194) من طريق أبي خالد الأحمر، عن الأعمش به.
(2)
إسناده صحيح.
(3)
إسناده صحيح.
(4)
إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.
وأخرجه عبد الرزاق (16075) عن الثوري، عن منصور به.
(5)
إسناده صحيح، لولا تحامل ابن حبان في هلال بن يحيى الرأي، وقال العيني في المغاني 3/ 190: وكان هلال أجل من أن يضعف، وقال ابن الجوزي: كان هلال الرأي فقيها كثيرا.
4443 -
حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا بشر بن الوليد، وعلي بن صالح، قالا: ثنا أبو يوسف، عن ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله سلمة، عن علي في كفارات الأيمان، فذكر نحوا مما روي عن عمر
(1)
.
4444 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا حسن بن صالح، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس في كفارة اليمين، قال: نصف صاع من حنطة
(2)
.
وهذا خلاف ما رويناه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الفصل الذي قبل هذا.
فهذا عمر، وعلي رضي الله عنهما قد جعلا الإطعام في كفارات الأيمان من الحنطة مدين مدين لكل مسكين، ومن الشعير والتمر صاعًا صاعًا، فكذلك نقول. وكذلك كل إطعام في كفارة أو غيرها هذا مقداره على ما أجمع على ذلك في كفارة الأدنى
(3)
.
وقد شد ذلك أيضا ما قد بيناه في كتاب صدقة الفطر، من مقدارها، وما ذكرنا في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.
(1)
إسناده ضعيف لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12192) عن وكيع، عن ابن أبي ليلى به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف مسلم بن كيسان الضبي.
(3)
في د س خد "الأذى".
2 - باب: الرجل يحلف أن لا يكلم الرجل شهرا، كم عدد ذلك الشهر من الأيام؟
4445 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: ثنا محمد بن بشر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن محمد بن سعد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا، ونقص في الثالثة إصبعا"
(1)
.
4446 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا هشام بن إسماعيل الدمشقي، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن أبي يعفور قال: تذاكرنا عند أبي الضحى الشهر، فقال بعضنا: تسع وعشرون، وقال بعضنا: ثلاثون فقال أبو الضحى حدثنا ابن عباس قال: أصبحنا يومًا ونساء النبي صلى الله عليه وسلم يبكين عند كل امرأة منهن أهلها، فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فصعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في غرفة له، فسلم عليه فلم يجبه أحد، ثم سلم فلم يجبه أحد، فلما رأى ذلك انصرف فدعاه بلال، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم،
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (983) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 84، وأحمد (1594)، ومسلم (1086)(26)، والنسائي 4/ 138، وابن ماجة (1657)، وأبو يعلى (823) من طريق محمد بن بشر به.
وأخرجه النسائي 4/ 138 - 139 من طريق محمد بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا، قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في العلل 1/ 255: المتصل عن محمد بن سعد، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أشبه لأن الثقات قد اتفقوا عليه.
فقال: أطلقت نساءك؟ قال: لا، ولكن آليت منهن شهرا فمكث تسعا وعشرين ليلة، ثم نزل فدخل على نسائه
(1)
.
4447 -
حدثنا بكر بن إدريس، قال: ثنا آدم، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا جبلة بن سحيم، قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا، وضم إبهامه في الثالثة"
(2)
.
4448 -
حدثنا بكر
(3)
، قال: ثنا آدم، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا الأسود بن قيس، قال سمعت سعيد بن عمرو، يقول: سمعت عبد الله بن عمر يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (5203)، والنسائي في المجتبى 6/ 166، وفي الكبرى (5620)، والطبراني في الكبير (12229) من طريق مروان بن معاوية به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (984) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (5302) من طريق آدم بن أبي إياس به.
وأخرجه أحمد (5039)، والبخاري (1908)، ومسلم (1080)(13)، والنسائي 4/ 140، وابن خزيمة (1917)، وابن حبان (3454) من طرق عن شعبة به.
(3)
في ن خد "أبو بكرة"، والمثبت من الاتحاف والأصول.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (1913) من طريق آدم بن أبي إياس به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 85، وأحمد (5017)، ومسلم (1080)(15)، وأبو داود (2319)، والنسائي في المجتبى 4/ 140، وفي الكبرى (5884)، والبغوي (1715) من طرق عن شعبة به.
4449 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا بشر بن المفضل، عن سلمة بن علقمة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشهر تسع وعشرون، فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُم عليكم فاقدروا له"
(1)
.
قال أبو جعفر: وقد ذكرنا في هذا آثارًا فيما تقدم من كتابنا هذا.
4450 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: أنبأني سلمة بن كهيل، قال: سمعت أبا الحكم السلمي، يحدث عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرا، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، الشهر تسع وعشرون
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1080)(7) من طريق حميد بن مسعدة عن بشر بن المفضل به.
وأخرجه عبد الرزاق (7307، 19498)، وابن أبي شيبة 3/ 21، وأحمد (4488)، والدارمي (1807)، والبخاري (1906)، ومسلم (1080)، وأبو داود (2320)، والنسائي في المجتبى 4/ 134، وفي الكبرى (2442)، وابن خزيمة (1913، 1918)، وابن حبان (3445، 3451، 3593)، والطبراني في الأوسط (597)، والبيهقي في السنن 4/ 204 - 205 من طرق عن نافع به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (2744)، وأحمد (1885)، والنسائي 4/ 138، والطبراني (12737) من طرق عن شعبة به.
4451 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن صالح الوحاظي، قال: ثنا معاوية بن سلام، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، أنه سمع عبد الله بن عمر، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الشهر تسع وعشرون يوما"
(1)
.
4452 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفي، أن عكرمة بن عبد الرحمن أخبره، أن أم سلمة أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم: حلف أن لا يدخل على بعض أهله شهرا، فلما مضى تسع وعشرون غدا عليهم أو راح، فقيل له: حلفت يا نبي الله أن لا تدخل عليهن شهرًا، فقال:"إن الشهر تسع وعشرون يوما"
(2)
.
4453 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا زكريا بن إسحاق، قال: ثنا أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا، وكان يكون في العلو، ويكن في السفل، فنزل إليهن في تسع وعشرين، فقال
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (4981)، والنسائي في المجتبى 4/ 139، وفي الكبرى (2460) من طريق معاوية بن سلام به.
وأخرجه أحمد (5453)، ومسلم (1080)(11) من طريق شيبان بن عبد الرحمن به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (26683)، ومسلم (1085)، والطبراني في الكبير 23/ (683) من طريق روح بن عبادة به.
وأخرجه البخاري (1910، 5202)، ومسلم (1085)، والنسائي في الكبرى (9158)، وابن ماجة (2061)، وأبو يعلى (6987)، والطبراني في الكبير (682، 684) من طريق ابن جريج به.
رجل: إنك مكثت تسعا وعشرين ليلة، فقال: إن الشهر هكذا وهكذا، بأصابع يديه، وهكذا وقبض في الثالثة إبهامه
(1)
.
4454 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا
…
فذكر مثله
(2)
.
4455 -
حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس، قال: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه، فأقام في مشربة
(3)
تسعا وعشرين، ثم نزل، فقالوا: يا رسول الله آليت شهرا، فقال:"الشهر تسع وعشرون"
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (989) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (14527)، وأبو عوانة كما في الإتحاف 3/ 385 من طريق روح بن عبادة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (990) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (14528) من طريق روح بن عبادة به.
وأخرجه مسلم (1084)(24)، والنسائي في الكبرى (9159)، وأبو يعلى (2249)، وابن حبان (3452) من طريق ابن جريج به.
(3)
بفتح الميم وسكون الشين وضم الراء: الغرفة.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 85، وأحمد (13071)، والبخاري (1911، 2469، 5201، 5289، 6684)، والترمذي (690)، والنسائي 6/ 166 - 167، وأبو يعلى (3728)، وابن حبان (4277)، والبيهقي 7/ 381، والبغوي (2344) من طرق عن حميد به.
قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم
(1)
إلى أن الرجل إذا حلف أن لا يكلم رجلا شهرا، فكلمه بعد مضي تسعة وعشرين يوما أنه لا يحنث، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: إن كان حلف مع رؤية الهلال فهو على ذلك الشهر الذي كان ثلاثين يوما أو تسعا وعشرين يوما، وإن كان حلف في بعض شهر فيمينه على ثلاثين يوما.
واحتجوا في ذلك بالحديث الذي ذكرناه في أول هذا الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشهر تسع وعشرون، فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين يوما".
أفلا تراه قد أوجب عليهم -إذا غم- ثلاثين، وجعله على الكمال حتى يروا الهلال قبل ذلك؟ وكذلك فعل أيضا في شعبان أمر بالصوم بعدما يرى هلال شهر رمضان، فإذا غمي عليهم لم يصوموا، وكان شعبان على الثلاثين إلا أن ينقطع ذلك برؤية الهلال. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك غير ما في الآثار الأول.
4456 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة قالت: حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهجرنا شهرا،
(1)
قلت أراد بهم: عامر الشعبي، وسويد بن غفلة، والشافعي في قول، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 15/ 448.
(2)
قلت أراد بهم: النخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي في قول، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في المصدر السابق.
فدخل علينا لتسع وعشرين، فقلت: يا رسول الله إنك حلفت أن لا تكلمنا شهرا، وإنما أصبحت من تسع وعشرين، فقال إن الشهر لا يتم
(1)
.
فأخبر أنه إنما فعل ذلك لنقصان الشهر، فهذا دليل على أنه كان حلف عليهن مع غرة الهلال، فكذلك نقول، وقد روي في ذلك ما هو أبين من هذا.
4457 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: وقولهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشهر تسع وعشرون" لا والله ما كذلك قال، أنا -والله- إني أعلم بما قال في ذلك، إنما قال حين هجرنا:"لأهجركن شهرا"، فجاء حين ذهبت تسع وعشرون ليلة. فقلت: يا نبي الله، إنك أقسمت شهرا، وإنما غبت عنا تسعا وعشرين ليلة. فقال:"إن شهرنا هذا كان تسعا وعشرين ليلة"
(2)
.
فثبت بذلك أن يمينه كانت مع رؤية الهلال وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من هذا شيء.
(1)
إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.
وأخرجه أحمد (24743)، وابن ماجة (2059)، والحاكم 4/ 302 - 303 من طريق أبي الرجال، عن عمرة به.
(2)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد.
وأخرجه أحمد (24050)، ومسلم (1083)(22)، والنسائي في المجتبى 4/ 136 - 137، وفي الكبرى (2441) من طريق الزهري، عن عروة به.
4458 -
حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق، قالا: ثنا عمر بن يونس، قال: ثنا عكرمة بن عمار، عن سماك أبي زُميل قال: حدثني عبد الله بن عباس، قال: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فذكر إيلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه، وأنه نزل لتسع وعشرين وقال:"إن الشهر لا يتم قد يكون تسعا وعشرين"
(1)
.
وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما
4459 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا هارون بن إسماعيل، قال: ثنا علي بن المبارك، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الشهر يكون تسعا وعشرين، ويكون ثلاثين، فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (987)، وشرح مشكل الآثار (1524) بإسناده ومتنه، ورواية شرح مشكل الآثار مطولة.
وأخرجه مسلم (1479)، وأبو يعلى (164)، وابن حبان (3453)، والبيهقي 7/ 46 من طريق عمر بن يونس به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (993) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في المجتبى 1/ 302 من طريق هارون بن إسماعيل به.
وأخرجه النسائي في الكبرى (2138، 2459) من طريق يحيى بن أبي كثير به.
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه إنما يكون تسعا وعشرين برؤية الهلال قبل الثلاثين، فقد دلت هذه الآثار لما كشفت على ما ذكرنا. وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.
وقد روي ذلك أيضا عن الحسن رحمه الله.
4460 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا معاذ بن معاذ، عن أشعث، عن الحسن في رجل نذر أن يصوم شهرًا، قال: إن ابتدأ لرؤية الهلال صام لرؤيته، وأفطر لرؤيته، وإن ابتدأ في بعض الشهر صام ثلاثين يوما
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
3 - باب: الرجل يوجب على نفسه أن يصلي في مكان فيصلي في غيره
4461 -
حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حبيب المعلم، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر، أن رجلا قال يوم فتح مكة: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني نذرت -إن فتح الله عليك مكة- أن أصلي في بيت المقدس. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "صل هاهنا"، فأعادها على النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"شأنك إذًا"
(1)
.
قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الذي نذر أن يصلي في بيت المقدس أن يصلي في غيره.
فقال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن رحمهم الله من جعل لله عليه أن يصلي في مكان فصلى في غيره أجزأه ذلك. واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
غير أن أبا يوسف قد قال في أماليه: من نذر أن يصلي في بيت المقدس، فصلى في المسجد الحرام، أو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أجزأه ذلك؛ لأنه صلى في موضع الصلاة فيه أفضل من الصلاة في موضع الذي أوجب الصلاة فيه على نفسه.
(1)
إسناده صحيح، وشيخ الطحاوي متابع.
وأخرجه عبد بن حميد (1009)، وأحمد (14919)، والدارمي (2339)، وأبو داود (3305)، وابن الجارود (945)، وأبو يعلى (2116، 2224)، والحاكم 4/ 304 - 305 من طرق عن حماد بن سلمة به.
ومن نذر أن يصلي في المسجد الحرام، فصلى في بيت المقدس لم يجزه ذلك لأنه صلى في مكان ليس للصلاة فيه من الفضل ما للصلاة في ذلك المكان الذي أوجب على نفسه الصلاة فيه.
واحتج في ذلك بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
4462 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عمرو بن مرزوق، قال: ثنا شعبة، عن أبي عبد العزيز الربذي، عن عمر بن الحكم، عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام"
(1)
.
4463 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا مكي، وشجاع، (ح)
وحدثنا عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا مكي، قالا: ثنا موسى بن عبيدة، عن داود بن مدرك، عن عروة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف للإنقطاع، عمر بن الحكم بن ثوبان المدني روايته عن سعد بن أبي وقاص منقطعة، ولضعف موسى بن عبيدة أبي عبد العزيز المدني.
وأخرجه الشاشي في مسنده (182) من طريق عمرو بن مرزوق به.
وأخرجه البزار (426 كشف الأستار) من طريق أبي دواد، عن شعبة، عن موسى بن عبيدة الربذي، عن عمر بن الحكم، عن سعد به.
وأخرجه أحمد (1605) من طريق ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن أبي عبد الله القراظ، عن سعد به.
(2)
إسناده ضعيف، لجهالة داود بن مدرك ولضعف موسى بن عبيدة الربذي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (32528)، والبزار كما في المجمع 3/ 502، والنخب 15/ 466 من طريق عبيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة الربذي به.
4464 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا يعلى بن عبيد، عن موسى الجهني، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4465 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا ابن جريج قال: سمعت نافعا، مولى ابن عمر، يقول: حدثني إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس، عن ميمونة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
4466 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني الليث، قال: حدثني نافع
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل يحيى الحماني.
وأخرجه أحمد (5155)، ومسلم (1395)(509)، والنسائي 5/ 213، والفاكهي في أخبار مكة (1208)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 1/ 353، وابن عبد البر في التمهيد 6/ 29 من طرق عن موسى الجهني به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 1/ 302، وأبو يعلى (7113) من طريق أبي عاصم بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (26836) من طريق علي بن إسحاق، عن عبد الله، عن ابن جريج به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 371، 12/ 209، ومسلم (1396)، والطبراني في الكبير 23/ (1029) من طرق عن الليث ابن سعد، عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس، عن ابن عباس، عن ميمونة به.
وقال المزي في التحفة 12/ 485: وهو في عامة النسخ من صحيح مسلم عن ابن عباس عن ميمونة.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم 9/ 166: هذا الحديث مما أنكر على مسلم بسبب إسناده، وقال الحفاظ: ذكر ابن عباس فيه وهم.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (26826)، والبخاري في التاريخ 1/ 302، والنسائي في المجتبى 2/ 33، وفي الكبرى (770)، والبيهقي 10/ 83 من طرق عن ليث به.
4467 -
حدثنا الربيع الجيزي، قال: ثنا حسان بن غالب، قال: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله. قال موسى: وحدثني هذا الحديث أبو عبد الله، عن سعد بن أبي وقاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4468 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن سهم بن منجاب، عن قزعة، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
4469 -
حدثنا محمد بن النعمان، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف، حسان بن غالب قال الذهبي: متروك.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (601 - 602) بإسناده ومتنه.
وحديث سعد بن أبي وقاص أخرجه أحمد (1605)، وأبو يعلى (774) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن أبي عبد الله القراظ، عن سعد به، وإسناده حسن.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل يحيى الحماني.
وأخرجه أحمد (11734)، وأبو يعلى (1165)، وابن حبان (1623)، والبزار (429 زوائده) من طرق عن جرير به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (596) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (9132)، والحميدي (940)، والدارمي (142)، وأحمد (7253)، ومسلم (1394)(505)، وابن ماجة بإثر الحديث (1404)، وأبو يعلى (5875) من طريق سفيان بن عيينة به.
4470 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت أبا سلمة، يحدث عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4471 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني أفلح بن حميد، (ح)
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، (ح)
وحدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا القعنبي، قالوا: ثنا أفلح بن حميد، قال: حدثني أبو بكر بن حزم، عن سلمان الأغر، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (9131)، وأحمد (7734، 7739) من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أو عن عائشة به.
وأخرجه أحمد (7735) من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة وعن عائشة فذكره ولم يشك.
وأخرجه أحمد (9154)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار بإثر الحديث (2878) من طريق المسور بن رفاعة، عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 371، وأحمد (10044)، والنسائي 5/ 214 من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة وسأل الأغر عن هذا الحديث فحدث الأغر أنه سمع أبا هريرة.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (10299)، والدارمي (1418) من طريقين عن أفلح بن حميد به.
4472 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن زيد بن رباح، وعبيد الله بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4473 -
حدثنا يونس قال: ثنا أنس بن عياض، عن محمد بن عمرو، عن سلمان الأغر، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
4474 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا خالد بن مخلد القطواني، قال: ثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني عبيد الله بن سلمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (606) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 1/ 196، ومن طريقه أخرجه البخاري (1190)، والترمذي (325)، وابن ماجة (1404)، وابن حبان (1625)، والبيهقي 5/ 246، والبغوي (449).
(2)
إسناده حسن، من أجل محمد بن عمرو بن علقمة.
وأخرجه أحمد (7481)، وأبو يعلى (6166) من طريقين عن محمد بن عمرو به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل خالد بن مخلد القطواني.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (530) من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (598) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، كلاهما عن عبيد الله بن سلمان به، ووقع عند أبي الشيخ عبيد بن سلمان بدل عبيد الله.
وأخرجه أحمد (10009) من طريق مالك، عن عبد الله بن سلمان، عن أبيه به.
4475 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا محمد بن هلال، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4476 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن عياش، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني يحيى بن سعيد، قال: سألت أبا صالح: هل سمعت أبا هريرة، يذكر فضل الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا ولكن حدثني إبراهيم بن عبد الله بن قارظ أنه سمع أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكر مثله
(2)
.
قال أبو جعفر: فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فضل الصلاة في مسجده على الصلاة في غيره بألف صلاة غير المسجد الحرام.
فاحتمل أن يكون لا فضل للصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجده، أو تكون الصلاة في أحدهما أفضل من الصلاة في الآخر. فنظرنا في ذلك.
4477 -
فإذا أحمد بن داود قد حدثنا، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا حماد بن زيد، عن حبيب المعلم، عن عطاء، عن ابن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في
(1)
إسناده ضعيف الجهالة هلال بن أبي هلال المدني.
وأخرجه أحمد (10475) من طريق يونس بن محمد، عن محمد بن هلال، عن أبيه، عن أبي هريرة.
(2)
إسناده ضعيف لرواية إسماعيل بن عياش الشامي عن غير بلده، ويحيى بن سعيد القطان هو البصري.
وأخرجه مسلم (1394)(50) من طريق عبد الوهاب، عن يحيى بن سعيد القطان به.
وأخرجه أحمد (7415) من طريق يحيى، عن أبي صالح، عن إبراهيم بن عبد الله أو عبد الله بن إبراهيم شك يحيى.
وأخرجه أحمد (10112)، وأبو يعلى (6165) من طريقين عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن إبراهيم بن عبد الله به.
مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في ذلك أفضل من مائة صلاة في هذا"
(1)
.
4478 -
حدثنا محمد بن النعمان، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا سفيان، قال: حدثني زياد بن سعد، قال: حدثني سليمان بن عتيق، قال: سمعت عبد الله بن الزبير، على المنبر يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه
…
فذكر مثله ولم يرفعه
(2)
.
قال سفيان: فيرون أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما فضله عليه بمائة ألف صلاة.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (597) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (16117)، وعبد بن حميد (521)، والبزار (425 زوائده)، والفاكهي في أخبار مكة (1183)، وابن حبان (1620)، والبيهقي 5/ 246، وفي الشعب (4141 - 4142)، وابن عبد البر في التمهيد 6/ 24 - 25 من طرق عن حماد بن زيد به.
وقال ابن عبد البر: أسند حبيب المعلم هذا الحديث وجوده ولم يخلط في لفظه ولا في معناه.
وأخرجه الطيالسي (1367)، ومن طريقه البيهقي في الشعب (4143) من طريق الربيع بن صبيح، عن عطاء به.
(2)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 2/ 61 بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 371 - 372 عن سفيان بهذا الإسناد.
4479 -
حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم بن مالك، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه"
(1)
.
قال: فلما كان فضل الصلاة في بعض هذه المساجد على بعض، على ما قد ذكر في هذه الآثار لم يجز لمن أوجب على نفسه صلاة في شيء منها إلا أن يصليها حيث أوجب، أو فيما هو أفضل منه من المواضع.
وكان من الحجة لأبي حنيفة ومحمد رحمهما الله على أهل هذا القول أن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه"، إنما ذلك على الصلوات المكتوبات لا على النوافل.
ألا ترى إلى قوله: في حديث عبد الله بن مسعود "لأن أصلي في بيتي أحب إلي من أن أصلي في المسجد".
وقوله في حديث زيد بن ثابت: "خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، وذلك حين أرادوا أن يقوم بهم في شهر رمضان في التطوع.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (599) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (14694، 15271)، وابن ماجة (1406)، وابن عبد البر في التمهيد 6/ 27 من طرق عن عبيد الله بن عمرو به.
وقد ذكرنا ذلك في غير هذا الموضع من هذا الكتاب
فلما روي ذلك على ما ذكرنا كان تصحيح الآثار يوجب أن الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لها الفضل على الصلاة في البيوت هي الصلاة التي هي خلاف هذه الصلاة، وهي المكتوبة.
فثبت بذلك فساد ما احتج به أبو يوسف وثبت أن من أوجب على نفسه صلاة في مكان فصلاها في غيره أجزأه، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
وأما وجهه من طريق النظر، فإنا رأينا الرجل إذا قال: لله علي أن أصلي ركعتين في المسجد الحرام، فالصلاة التي أوجبها قربة حيث ما كانت فهي عليه واجبة.
ثم أردنا أن ننظر في الموطن الذي أوجب على نفسه أن يصليها فيه، هل تجب عليه كما تجب عليه تلك الصلاة أم لا؟ فرأيناه لو قال الله علي أن ألبث في المسجد الحرام ساعة لم يجب ذلك عليه، وإن كان ذلك اللبث هو لو فعله قربة.
فكان اللبث وإن كان قربة لا يجب بإيجاب الرجل إياه على نفسه.
فلما كان ما ذكرنا كذلك، كان من أوجب الله على نفسه صلاة في المسجد الحرام وجبت عليه الصلاة، ولم يجب عليه اللبث بها في المسجد الحرام. فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة ومحمد، رحمهما الله.
4 - باب: الرجل يوجب على نفسه المشي إلى بيت الله الحرام
4480 -
حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الهقل بن زياد، قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني عبد الرحمن بن اليمان، عن يحيى بن سعيد، أن حميد الطويل أخبره، أنه سمع أنس بن مالك يقول: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يهادى بين ابنين له، فسأل عنه، فقالوا: نذر أن يمشي فقال: "إن الله عز وجل لغني عن تعذيب هذا نفسه، وأمره أن يركب"
(1)
.
4481 -
حدثنا الربيع الجيزي، قال: ثنا عبد الله بن صالح
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4482 -
حدثنا محمد بن خزيمة، وابن أبي داود، قالا: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن حميد، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
حديث صحيح وإسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح وعبد الرحمن بن اليمان.
وأخرجه ابن حبان (4382) من طريق الهقل بن زياد به.
وأخرجه النسائي 7/ 30 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن يحيى بن سعيد به.
وأخرجه عبد بن حميد (1201)، وأحمد (12039)، والبخاري (1865) تعليقا بإثر الحديث (6701)، ومسلم (1642)، والترمذي (1537)، والنسائي 7/ 30، وأبو يعلى (3424، 3532، 3842، 3881)، وابن الجارود (939)، وابن خزيمة (3044)، وأبو نعيم في الحلية 2/ 329، والبيهقي 10/ 78 من طرق عن حميد به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (12127، 12889)، والبخاري (6701)، وأبو داود (3301) من طريق يحيى به.
وأخرجه مسلم (1642)، وأبو يعلى (3842)، وابن حبان (4383) من طريق يزيد بن زريع، عن حميد به.
4483 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عيسى بن إبراهيم، قال ثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: ثنا يزيد بن أبي منصور، عن دُخين الحجري، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: نذرت أختي أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة. فأتى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال هذه؟ قالوا: نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة. فقال: مروها فلتركب ولتختمر
(1)
.
قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم
(2)
إلى هذه الآثار، فقالوا: من نذر أن يحج ماشيا أمر أن يركب ولا شيء عليه غير ذلك.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
فقالوا: يركب كما جاء في هذا الحديث فإن كان أراد بقوله: "لله علي" معنى اليمين فعليه مع ذلك كفارة يمين، لأن معنى:"لله علي" قد يكون في معنى: والله، لأن النذر معناه معنى اليمين.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن في النذر كفارة يمين". فمما روي في ذلك ما
(1)
إسناده حسن من أجل يزيد بن أبي منصور.
وأخرجه الطبراني في الكبير (17/ (320، 886) من طريقين عن سهل بن أسلم، عن يزيد بن أبي منصور به.
(2)
قلت أراد بهم: الأوزاعي، ومالكا، وداود، وسائر الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 15/ 477.
(3)
قلت أراد بهم: عطاء، والشعبي، والحسن البصري، وقتادة، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في المصدر السابق.
4484 -
حدثنا يونس، قال: أخبرني ابن وهب، قال: أنا جرير بن حازم، عن محمد بن الزبير التميمي، عن أبيه، عن عمران بن الحصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين"
(1)
.
4485 -
حدثنا يونس، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا حماد بن زيد، عن محمد بن الزبير
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4486 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو سلمة المنقري، قال: ثنا أبان، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني محمد بن الزبير الحنظلي
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف جدا، محمد بن الزبير التميمي قال ابن معين: ضعيف لا شيء، وقال البخاري: منكر الحديث وفيه نظر، وقال النسائي: ليس بثقة، وذكر عباس الدوري قال ابن معين: قيل لمحمد بن الزبير الحنظلي سمع أبوك من عمران بن الحصين؟ قال: لا، وقال الخطابي: محمد بن الزبير هذا مجهول لا يعرف، وقال النسائي: محمد بن الزبير: ضعيف لا تقوم بمثله حجة وقد اختلف عليه في هذا الحديث، وقيل: إن الزبير لم يسمع هذا من عمران.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2160) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (839)، والنسائي 7/ 27 - 28، والبيهقي 10/ 70، والخطيب في التاريخ 13/ 56 من طرق عن محمد بن الزبير به.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2161) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي 7/ 27 - 28، والخطيب في التاريخ 13/ 56، والبيهقي 10/ 70 من طريق حماد بن زيد به.
(3)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه النسائي 7/ 27 - 28 من طريق يحيى بن أبي كثير به.
4487 -
حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي، قال: ثنا علي بن الحسن، قال: ثنا عباد بن العوام، قال: ثنا محمد بن الزبير
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4488 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا خالد بن عبد الله (ح)
وحدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قالا أخبرنا محمد بن الزبير الحنظلي، عن أبيه، عن رجل، عن عمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
4489 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أيوب بن سليمان بن بلال، قال: حدثني أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عتيق، وموسى بن عقبة، عن ابن شهاب، عن سليمان بن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير الذي كان يسكن اليمامة أنه حدثه أنه سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن يخبر، عن عائشة، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين"
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2162) بإسناده ومتنه.
(2)
إسناده ضعيف، لضعف محمد بن الزبير، وجهالة أبيه والرجل المبهم.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2163 - 2164) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (19888)، والطبراني في الكبير 18 / (486)، والحاكم 4/ 305 من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف به.
وأخرجه النسائي 7/ 27 - 28، والطبراني 18/ (485، 487، 488)، وابن عدي 6/ 2209، والبيهقي 10/ 70، والخطيب في التاريخ 13/ 56 من طرق عن محمد بن الزبير به.
(3)
إسناده ضعيف، سليمان بن أرقم متروك ذاهب الحديث فيما قال البخاري.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2159) بإسناده ومتنه. =
4490 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني عمرو بن الحارث، عن كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن شماسة المهري عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كفارة النذر كفارة اليمين"
(1)
.
4491 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: سمعت يحيى بن عبد الله بن سالم يحدث عن إسماعيل بن رافع، عن خالد بن يزيد، عن عقبة بن عامر، قال: أشهد لسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نذر نذرا لم يسمه، فكفارته كفارة اليمين"
(2)
.
وذكروا في ذلك أيضا ما
4492 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عقبة بن عامر الجهني، أن أخته نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية
= وأخرجه البخاري في التاريخ 4/ 2، وفي الصغير 2/ 197، وأبو داود (3293)، والترمذي (1525)، والنسائي 7/ 27، ويعقوب بن سفيان في المعرفة 3/ 4، والطبراني في الأوسط (4601)، وابن عدي في الكامل 3/ 1102 - 1103، وتمام الرازي في فوائده (942)، والبيهقي في السنن 10/ 269، والبغوي في شرح السنة (2447) من طريق محمد ابن أبي عتيق، وموسى بن عقبة، عن الزهري به.
(1)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وهو عند المصنف في شرح المشكل (2154) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 26، وفي الكبرى (4755) من طريق عبد الله بن وهب به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن رافع، وخالد بن يزيد الجهني في عداد المجهولين.
وأخرجه البيهقي 10/ 45 من طريق يحيى بن عبد الله بن سالم به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 71، وابن ماجة (2127) من طريق وكيع، عن إسماعيل بن رافع به.
غير مختمرة، فذكر ذلك عقبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مر أختك فلتركب ولتختمر، ولتصم ثلاثة أيام"
(1)
.
4493 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن زحر، أنه سمع أبا سعيد الرعيني يذكر، عن عبد الله بن مالك، عن عقبة بن عامر
…
مثله
(2)
.
4494 -
حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور، قال: ثنا الهيثم بن جميل، قال: ثنا هشيم، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن زحر، عن أبي سعيد اليحصبي، عن عبد الله بن مالك، عن عقبة بن عامر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده حسن، من أجل حيي بن عبد الله المعافري، قال ابن معين: ليس به بأس، ووثقه ابن حبان، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2148) بإسناده ومتنه.
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل عبيد الله بن زحر.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2149) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (15871)، وابن أبي شيبة 4/ 143، وأحمد (17306، 17348)، والدارمي (2334)، وأبو داود (3294)، والترمذي (1544)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة 2/ 505 - 506، والطبراني 17/ (894)، والبيهقي في السنن 10/ 80 من طرق عن يحيى بن سعيد به.
(3)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه أحمد (17291)، والطبراني في الكبير 17/ (894) من طريق هشيم به.
قالوا: فتلك الثلاثة الأيام إنما كانت كفارة ليمينها التي كانت بها حالفة، لقولها: لله علي أن أحج ماشية.
وقد دل على ذلك ما
4495 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن سليمان، عن شريك، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كريب، عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج ماشية، فقال: إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا، لتحج راكبة وتكفر عن يمينها
(1)
.
وخالف هؤلاء أيضا آخرون
(2)
فقالوا: بل نأمر هذا الذي نذر أن يحج ماشيا أن يركب ويكفر عن يمينه إن كان أراد يمينا، ونأمره مع هذا بالهدي. وكان من الحجة لهم في ذلك
4496 -
أن علي بن شيبة قد حدثنا، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن عقبة بن عامر الجهني أتى النبي صلى الله عليه
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك بن عبد الله القاضي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2147) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (2828، 2885)، وأبو داود (3295)، وأبو يعلى (2443)، وابن خزيمة (3047)، وابن حبان (4384)، والحاكم 4/ 302، والبيهقي 10/ 80 من طرق عن شريك بهذا الإسناد.
(2)
قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، وعكرمة، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 15/ 491.
وسلم فأخبره أن أخته نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية ناشرة شعرها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"مرها فلتركب ولتختمر ولتهد هديا"
(1)
.
4497 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عيسى بن إبراهيم، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: ثنا مطر الوراق، عن عكرمة، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: نذرت أختي أن تمشي إلى الكعبة، فأتى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما لهذه؟ فقالوا: نذرت أن تمشي إلى الكعبة، فقال: إن الله لغني عن مشيها، مرها فلتركب ولتهد بدنة
(2)
.
ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالهدي لمكان ركوبها.
فتصحيح هذه الآثار كلها يوجب أن يكون حكم من نذر أن يحج ماشيا أن يركب إن أحب ذلك، ويهدي هديا لتركه المشي، ويكفر عن يمينه لحنثه فيها. وبهذا كان أبو حنيفة وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله، يقولون.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2151) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (2134)، والدارمي (2335)، والطبراني (11828)، والبيهقي 10/ 79 من طرق عن همام به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل مطر الوراق.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2152) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (17793) من طريق عفان، عن عبد العزيز بن مسلم، عن مطرف عن عكرمة، عن عقبة به.
وأخرجه أبو داود (3304)، والبيهقي 10/ 79 - 80 من طريق سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، عن عقبة به.
وأما وجه وجه النظر في ذلك، فإن قوما قالوا: ليس المشي فيما يوجبه نذر، لأن فيه تعبا للأبدان، وليس الماشي في حال مشيه في حرمة إحرام، فلم يوجبوا عليه المشي ولا بدلا من المشي.
فنظرنا في ذلك فرأينا الحج فيه الطواف بالبيت والوقوف بعرفة وبجمع.
وكان الطواف منه ما يفعله الرجل في حال إحرامه وهو طواف الزيارة. ومنه ما يفعله الرجل بعد أن يحل من إحرامه، وهو طواف الصدر.
وكان ذلك كله من أسباب الحج، قد أريد أن يفعله الرجل ماشيا، وكان من فعله راكبا مقصرا، وجعل عليه الدم، هذا إذا كان فعله لا من عذر، وإن كان فعله من علة، فإن الناس مختلفون في ذلك.
فقال بعضهم: لا شيء عليه، وممن قال بذلك: أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وقال بعضهم: عليه دم وهذا هو النظر -عندنا- لأن العلل إنما تسقط الآثام في انتهاك الحرمات، ولا تسقط الكفارات.
ألا ترى أن الله عز وجل قال: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} فكان حلق الرأس حراما على المحرم في إحرامه إلا من عذر، فإن حلقه فعليه الإثم والكفارة، وإن اضطر إلى حلقه فعليه الكفارة ولا إثم عليه.
فكان العذر يسقط به الآثام، ولا تسقط به الكفارات، فكان يجيء في النظر أن يكون كذلك حكم الطواف بالبيت إذا كان من طافه راكبا للزيارة لا من عذر فعليه دم
إلا أن يكون من طافه من عذر راكبا كذلك أيضا. فهذا حكم النظر في هذا الباب وهو قياس قول زفر.
ولكن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا لم يجعلوا على من طاف بالبيت طواف الزيارة راكبا من عذر شيئا.
فلما ثبت بالنظر ما ذكرنا كان كذلك المشي لما رأيناه قد يجب بعد فراغ الإحرام إذ كان من أسبابه، كما يجب في الإحرام، كان كذلك المشي الذي قبل الإحرام من أسباب الإحرام حكمه حكم المشي الواجب في الإحرام.
فلما كان على تارك المشي الواجب في الإحرام دم كان على تارك هذا المشي الواجب قبل الإحرام دم أيضا، وذلك واجب عليه في حال قوته على المشي، وفي حال عجزه عنه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد أيضا، وذلك دليل لنا صحيح على ما بيناه من حكم الطواف بالحمل في حال القوة عليه وفي حال العجز عنه.
فإن قال قائل: فإذا وجب عليه المشي بإيجابه على نفسه أن يحج ماشيا، وكان ينبغي إذا ركب أن يكون في معنى من لم يأت بما أوجب على نفسه فيكون عليه أن يحج بعد ذلك ماشيا فيكون كمن قال: لله علي أن أصلي ركعتين قائما فصلاهما قاعدا.
فمن الحجة عندنا على قائل هذا القول: أنا رأينا الصلوات المفروضات التي علينا أن نصليها قياما، ولو صليناها قعودا لا لعذر وجب علينا إعادتها، وكنا في حكم من لم يصلها.
وكان من حج منا حجة الإسلام التي يجب علينا المشي في الطواف لها، فطاف ذلك الطواف راكبا، ثم رجع إلى أهله لم يجعل في حكم من لم يطف، ويؤمر بالعود بل قد جعل في حكم من طاف، وأجزأه طوافه ذلك إلا أنه جعل عليه دم لتقصيره.
فكذلك الصلوات الواجبة بالنذر، والحج الواجب بالنذر، هما مقيسان على الصلاة والحج الواجبين بإيجاب الله عز وجل.
فما كان من ذلك مما وجب بإيجاب الله يكون المقصر فيه في حكم تاركه، كان كذلك ما وجب عليه من ذلك الجنس بإيجابه إياه على نفسه فقصر فيه، يكون بتقصيره فيه في حكم تاركه فعليه إعادته.
وما كان من ذلك مما وجب بإيجاب الله عليه فقصر فيه فلم يجب عليه إعادته، ولم يكن بذلك التقصير في حكم تاركه، كان كذلك ما وجب عليه من ذلك الجنس بإيجابه إياه على نفسه فقصر فيه، فلا يكون بذلك التقصير في حكم تاركه، فيجب عليه إعادته، ولكنه في حكم فاعله وعليه لتقصيره ما يجب عليه من التقصير في أشكاله الدماء. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.
5 - باب: الرجل ينذر وهو مشرك نذرًا ثم يسلم
4498 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام، فقال:"ف بنذرك"
(1)
.
4499 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: ثنا حفص بن غياث، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، أراه عن عمر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية نذرا وقد جاء الله بالإسلام، فقال:"ف بنذرك"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4149) بإسناده ومتنه إلا أنه عنده عمر بدل رجلا.
وأخرجه أحمد (255)، والبخاري (2042)، ومسلم (1656)، وأبو داود (3325)، والترمذي (1539)، وابن خزيمة (2239)، وابن حبان (4380) من طريق يحيى بن سعيد القطان به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4151) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (3335) عن إسحاق بن إبراهيم به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 41، 14/ 167، وعبد بن حميد (40)، والدارمي (2485)، ومسلم (1656)(27)، وابن ماجة (2129)، وأبو يعلى (254) من طرق عن حفص بن غياث به.
4500 -
حدثنا يونس، قال ثنا ابن وهب، قال: أخبرني جرير بن حازم أن أيوب حدثه، أن نافعا حدثه، أن عبد الله بن عمر حدثه، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة، فقال: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما في المسجد الحرام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اذهب فاعتكف يوما"
(1)
.
قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم
(2)
إلى أن الرجل إذا أوجب على نفسه شيئا في حال شركه من اعتكاف أو صدقة أو شيء مما يوجبه المسلمون الله، ثم أسلم أن ذلك واجب عليه، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
فقالوا: لا يجب عليه من ذلك شيء، واحتجوا في ذلك بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4156)، وأحكام القرآن (1068) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الحميدي (708)، وأحمد (4577)، والنسائي في المجتبى 7/ 21، وفي الكبرى (3353 - 3354)، وابن ماجة (1772) من طريق سفيان عن أيوب به.
(2)
قلت أراد بهم: طاووسا، وقتادة، والحسن البصري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وجماعة الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 15/ 501.
(3)
قلت أراد بهم: النخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي في قول، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 15/ 503.
4501 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا مالك بن أنس، عن طلحة بن عبد الملك الأيلي، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"
(1)
.
4502 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا مالك
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4503 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، عن عبيد الله بن عمر، عن طلحة بن عبد الملك
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4164) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 476، ومن طريقه أخرجه الشافعي في مسنده 2/ 74 - 75، وإسحاق بن راهويه (944)، وأحمد (24075)، والبخاري (6696، 6700)، وأبو داود (3289)، والترمذي (1526)، والنسائي في المجتبى 7/ 17، وفي الكبرى (4748، 8749)، وابن خزيمة (2241)، وابن حبان (4387، 4389)، والبيهقي 9/ 231، والبغوي (2440).
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4163) بإسناده ومتنه.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2145، 4166) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (24141)، والنسائي في المجتبى 7/ 17، وفي الكبرى (4750) من طريق عبد الله بن إدريس به.
4504 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن طلحة
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4505 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو سلمة المنقري، قال: ثنا أبان، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن أبان، عن القاسم، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:"من نذر أن يعصي الله فلا يعصه"
(2)
.
4506 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا حرب بن شداد، قال: ثنا يحيى
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
4507 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا يعقوب بن كعب الحلبي، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن أبي حرملة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما النذر ما ابتغي به وجه الله تعالى"
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2146، 4164) بإسناده ومتنه، وهو مكرر سابقه.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 1/ 33 - 34، وأبو يعلى (4863) من طريق أبان بن يزيد به.
وأخرجه ابن حبان (4390) من طريق الأوزاعي، عن محمد بن أبان به.
(3)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(4)
إسناده حسن.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4162) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (6714، 6975)، وأبو داود (2192، 3273)، والخطيب في التاريخ 6/ 48، والبيهقي 10/ 67 من طرق عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي، عن عمرو بن شعيب به.
قالوا: فلما كانت النذور إنما تجب إذا كانت مما يتقرب بها إلى الله تعالى ولا تجب إذا كانت معاصي الله تعالى وكان الكافر إذا قال الله علي صيام، أو قال: لله علي اعتكاف، فهو لو فعل ذلك لم يكن به إلى الله متقربا، وهو في وقت ما أوجبه إنما قصد به إلى ربه الذي يعبده من دون الله عز وجل وذلك معصية. فدخل ذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا نذر في معصية الله".
وقد يجوز أيضا أن يكون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: "ف بنذرك"، ليس من طريق أن ذلك كان واجبا عليه، ولكن على أنه قد كان سمح في حال ما نذره أن يفعله فهو في معصية الله عز وجل، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعله الآن على أنه طاعة الله عز وجل.
فكان ما أمره به خلاف ما كان أوجبه هو على نفسه، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.
11 - كتاب الحدود
1 - باب: حد البكر في الزنى
4508 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن الجعد، قال أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر، والثيب بالثيب، البكر يجلد وينفى، والثيب يجلد ويرجم"
(1)
.
4509 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يحيى الحماني، قال: ثنا وكيع عن الفضل بن دلهم، عن الحسن، عن قبيصة بن حريث، عن سلمة بن المحبق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (240) بإسناده ومتنه.
وهو في مسند علي بن أبي الجعد (983).
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 80، 14/ 171، وأحمد (22730)، ومسلم (1690)(14)، والبزار في مسنده (2686)، والطبري في تفسيره 4/ 293 - 294، وأبو عوانة (6251 - 6252)، والشاشي في مسنده (1321)، وابن حبان (4427) من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده ضعيف، لضعف الفضل بن دلهم الواسطي على خطأ في إسناده، قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 456: سألت أبي عن حديث رواه الفضل بن دلهم، عن الحسن، عن قبيصة بن حريث، عن سلمة بن المحبق، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا
…
الحديث"، قال أبي: هذا خطأ، إنما أراه الحسن، عن حطان، عن عبادة ابن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم. =
4510 -
حدثنا يونس، وعيسى بن إبراهيم الغافقي، قالا: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني، وشبل، قالوا: كنا قعودا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه رجل، فقال: أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله عز وجل، فقام خصمه وكان أفقه منه، فقال: صدق اقض بيننا بكتاب الله، وإيذن لي، قال: قل، قال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزني بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم، ثم سألت رجالا من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وعلى امرأة هذا الرجم، فقال:"والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله المائة الشاة والخادم ردّ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"، فغدا عليها فاعترفت فرجمها
(1)
.
= وأخرجه أحمد (15910) من طريق وكيع بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (4417) من طريق محمد بن خالد الوهبي، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن، عن سلمة بن المحبق، عن عبادة به.
(1)
إسناده صحيح، لكنه وهم فيه سفيان بن عيينة حيث ذكر شبلا وهو شبل بن حامد المزني ليس له صحبة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (94) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الشافعي 2/ 79، وابن أبي شيبة 10/ 79 - 80، 159، 170، 171، والحميدي (811)، وأحمد (17042)، والدارمي 2/ 177، والترمذي (1433)، والنسائي في المجتبى 8/ 241، وفي الكبرى (7190)، وابن ماجة (2549)، وابن الجارود (811)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1113)، والطبراني في الكبير (5191 - 5192)، والبيهقي 8/ 222 من طرق عن سفيان بن عيينة به.
4511 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، ومالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني، قالا: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم
…
ثم ذكر نحوه
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى أن البكر إذا زنى فعليه جلد مائة، وتغريب عام، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
فقالوا: حد البكر إذا زنى مائة جلدة ولا نفي عليه الجلد، إلا أن يرى الإمام أن ينفيه للدعارة التي كانت منه، فينفيه إلى حيث أحب، كما ينفى الدعار غير الزناة. واحتجوا في ذلك بما
4512 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال: "إذا زنت فاجلدوها، ثم إن
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (96) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (952، 1334، 2513)، ومالك 2/ 822، والبخاري (2232 - 2233)، ومسلم (1704)، والنسائي في الكبرى (7256، 7257، 7258)، والطبراني في الكبير (5204 - 5205) من طرق عن الزهري به.
(2)
قلت أراد بهم: الأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، والحسن بن حي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 16/ 21.
(3)
قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 16/ 22.
زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير"، قال مالك: قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة
(1)
.
4513 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن شبل بن خالد أخبره، أن عبد الله بن مالك الأوسي أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الوليدة إذا زنت
…
" مثله إلا أنه قال في الثالثة أو الرابعة: البيع
(2)
.
وأخبره زيد بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، قال أبو جعفر: هذا خطأ شبل هذا ابن خليد المزني.
4514 -
حدثنا فهد، قال: ثنا حيوة بن شريح قال: ثنا بقية عن الزبيدي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله أن شبل بن خليد المزني أخبره، أن عبد الله بن مالك الأوسي
(1)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك 1/ 350.
(2)
إسناده حسن رجاله ثقات رجال الشيخين، غير شبل بن حامد صوابه: شبل بن خليد روي عنه جمع وذكره ابن حبان في الثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3728) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري في التاريخ 5/ 20، والنسائي في الكبرى (7261)، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 121 من طريق ابن وهب عن يونس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن شبل بن حامد المزني أن عبد الله بن مالك الأوسي به مرفوعا، وذكر ابن معين: أن شبل بن حامد هو الصواب، وخالفه البخاري فقال: خليد أشبه، وحامد لا يصح عندي وبنحو قول البخاري قال الطحاوي.
أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الوليدة إذا زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فبيعوها ولو بضفير"
(1)
. والضفير: الحبل.
4515 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني أسامة بن زيد الليثي، عن مكحول، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها"، قال ذلك ثلاث مرات، ثم قال في الثالثة أو الرابعة:"ثم بيعوها ولو بضفير"
(2)
.
4516 -
حدثنا بحر بن نصر، حدثنا شعيب بن الليث، أن أباه أخبره، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنه سمعه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
…
فذكر مثله
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف بقية بن الوليد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3729) بإسناده ومتنه.
ورواه النسائي (7263) عن محمد بن المصفى بن بهلول، عن بقية به.
(2)
إسناده حسن، من أجل أسامة بن زيد الليثي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3735) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3622) من طريق أسامة بن زيد به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3733) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (10405)، والبخاري (2152، 2234، 6839)، ومسلم (1703)(30)، والنسائي في الكبرى (7245)، والبيهقي 8/ 242، والبغوي (2588) من طرق عن الليث بن سعد به.
4517 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني أسامة، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه
(1)
، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
نحوه
(2)
.
4518 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا معلى بن منصور، قال أخبرنا أبو أويس، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عمه، وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا زنت الأمة فاجلدوها، ثم إذا زنت فاجلدوها، ثم إذا زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير"
(3)
.
4519 -
حدثنا علي، قال: ثنا معلى بن منصور، عن أبي أويس، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله، عن زيد بن خالد
…
مثله
(4)
.
(1)
ساقط من النخب وشرح المشكل، والمثبت من الأصول.
(2)
إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3734) بإسناده ومتنه.
ولم يذكر أبا سعيد المقبري، وفي نسخة النخب أيضا لم يذكر أبا سعيد.
وأخرجه مسلم (1703)(31)، والبيهقي 8/ 242 من طريق أسامة بن زيد الليثي به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن عبد الله بن أويس.
وأخرجه ابن أبي شيبة (36091)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1994)، والدارقطني (3443) من طريق معلى بن منصور به.
(4)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه الطبراني 5/ (240، 5207) من طريق عبد الله بن جعفر، عن صالح بن كيسان به.
4520 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمارة بن أبي فروة، أن محمد بن مسلم حدثه، أن عروة حدثه، أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته أن عائشة حدثتها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
قال ثم ذكر مثله
(1)
.
4521 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي جميلة، عن علي، قال: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأمة لهم فجرت فأرسلني إليها، فقال:"اذهب فأقم عليها الحد"، فانطلقت فوجدتها لم تجف من دمها، فرجعت إليه فقال لي:"فرغت؟ " فقلت: وجدتها لم تجف من دمها، فقال:"إذا هي جفت من دمها فاجلدها"، قال علي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، لجهالة عمار بن أبي فروة فقد تفرد يزيد بن أبي حبيب بالرواية عنه، وقال البخاري: لا يتابع على حديثه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (7264)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/ 433 من طريق شعيب بن الليث به.
وأخرجه أحمد (24361)، وابن ماجة (2566)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/ 433، والطبراني في الأوسط (8787)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/ 168 من طرق عن الليث بن سعد به.
(2)
إسناده ضعيف، لضعف عبد الأعلى الثعلبي.
وأخرجه البيهقي في السنن 8/ 245 من طريق عفان عن أبي الأحوص به.
وأخرجه عبد الرزاق (13601)، وابن أبي شيبة 14/ 158 - 159، والطيالسي (146)، وأحمد (736)، وأبو داود (4473)، والنسائي في الكبرى (7239، 7268)، وأبو يعلى (4473)، والطحاوي (3738)، والبيهقي 8/ 245، والبغوي (2589) من طرق عن عبد الأعلى به.
قالوا: فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمة إذا زنت أن تجلد ولم يأمر مع الجلد بنفي، وقد قال الله عز وجل:{فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} فاعلمنا بذلك أن ما يجب على الإماء -إذا زنين- هو نصف ما يجب على الحرائر إذا زنين. ثم ثبت أن لا نفي على الأمة إذا زنت، كان كذلك أيضا أن لا نفي على الحرة إذا زنت.
وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تقدم من كتابنا هذا أنه نهى أن تسافر امرأة ثلاثة أيام إلا مع محرم، فذلك دليل أيضا أن لا تسافر المرأة ثلاثة أيام في حد الزنا بغير محرم، وفي ذلك إبطال النفي عن النساء في الزنا، فإذا انتفى أن يكون يجب على النساء اللاتي غير المحصنات نفي في الزنا انتفى ذلك أيضا عن الرجال.
وكان درء النبي صلى الله عليه وسلم إياه عن الإماء فيما ذكرنا كان درءا عن الحرائر، وفي درئه إياه عن الحرائر دليل على درئه إياه عن الأحرار. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
فإن قال قائل: فإن نفي الأمة إذا زنت ستة أشهر مثل ما تنفى الحرة؟ وقال: لم ينف النبي صلى الله عليه وسلم النفي فيما ذكرتموه عنه من جلد الأمة إذا زنت، ولا بقوله: ثم بيعوها في المرة الرابعة.
فكفى بهذا القائل المخالف جهلا إذ قد خالف كل من تقدمه من أهل العلم وخرج من أقاويلهم. فيقال له: بل فيما رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله:
"إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها" ثم قال في الرابعة: فليبعها دليل على أن لا نفي عليها، لأنه إنما علمهم في ذلك ما يفعلون بإمائهم إذا زنين.
فمحال أن يكون يقصر في ذلك عن جميع ما يجب عليهن ومحال أن يأمر ببيع من لا يقدر مبتاعه على قبضه من بائعه، ولا يصل إلى ذلك إلا بعد مضي ستة أشهر.
ويقال له أيضا: زعمت أن قول النبي صلى الله عليه وسلم لأنيس رضي الله عنه: "اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" دليل على أن لا جلد عليها مع ذلك، وإن كان إبطال الجلد لم يذكر في هذا الحديث وجعلت ذلك معارضا لما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله:"الثيب بالثيب جلد مائة والرجم".
فإذا كان هذا عندك دليلا على ما ذكرنا فما تنكر على خصمك أن يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها" عنده دليلا على إبطال النفي عن الأمة.
فإذا كان ما ذكرنا في السكوت عن نفي الأمة ليس يرفع النفي عنها، فيما ذكرت أنت أيضا في السكوت عن الجلد مع الرجم لا يرفع الجلد عن الثيب الزاني مع الرجم.
وما يلزم خصمك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها"، شيء إلا لزمك مثله في قول النبي صلى الله عليه وسلم لأنيس رضي الله عنه:"فإن اعترفت فارجمها".
ويقال له روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النفي في غير الزنا ما قد
4522 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عبد العزيز الواسطي، قال: ثنا إسماعيل ابن عياش، قال: ثنا الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلا قتل عبده عمدا، فجلده النبي صلى الله عليه وسلم مائة، ونفاه سنة، ومحا سهمه من المسلمين وأمره أن يعتق رقبة
(1)
.
فلم يكن ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا من نفيه القاتل سنة دليلا عندنا ولا عندك على أن ذلك حد واجب لا ينبغي تركه. وإن كان على أنه للدعارة لا لأنه حد.
فما تنكر أيضا أن يكون ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مما أمر به من نفي الزاني على أنه للدعارة، لا لأنه حد واجب كوجوب الجلد والرجم.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل محمد بن عبد العزيز العمري الرملي ابن الواسطي.
وأخرجه الدارقطني (3282)، والبيهقي في السنن 8/ 36 من طريق محمد بن عبد العزيز الرملي، عن إسماعيل بن عياش بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 304، وابن ماجة (2664)، والدارقطني (3283)، والبيهقي 8/ 36 من طريق إسماعيل بن عياش، عن ابن أبي فروة، عن إبراهيم بن عبد الله، عن عمرو به.
2 - باب: حد الزاني المحصن ما هو؟
4523 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: سمعت ابن جريج يحدث، عن أبي الزبير عن جابر، أن رجلا زنى فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فجلد، ثم أخبر أنه قد كان أحصن، فأمر به فرجم
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب إلى هذا قوم
(2)
، فقالوا: هكذا حدُّ المحصن إذا زنى الجلد والرجم جميعا.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
فقالوا: بل حده الرجم دون الجلد.
وقالوا: قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما رجمه لما أخبر أنه محصن، لأن الجلد الذي كان جلده إياه، ليس من حده في شيء، لأن حده كان الرجم دون الجلد ويجوز أن يكون رجمه، لأن ذلك الرجم هو حده مع الجلد، واحتج أهل المقالة الأولى أيضا لقولهم بما
(1)
إسناده ضعيف مرفوعا، فقد انفرد عبد الله وهب برفعه، وخالفه أبو عاصم كما عند أبي داود ومحمد بن بكر البرساني كما أشار إليه أبو داود.
وأخرجه أبو داود (4438)، والنسائي في الكبرى (7173)، وابن الجارود (818)، والطبراني في الأوسط (6520)، والدارقطني (3351 - 3352)، والطبري في تهذيب الآثار (1237)، والبيهقي 8/ 217 من طريق عبد الله بن وهب به، وقال النسائي بإثر (7173): لا أعلم أن أحدا رفع هذا الحديث غير ابن وهب.
(2)
قلت أراد بهم: الشعبي، والحسن البصري، وإسحاق، وداود، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 16/ 45.
(3)
قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، والزهري، والثوري، والأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد في الأصح رحمهم الله، كما في النخب 16/ 46.
4524 -
حدثنا يونس، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر يجلد وينفي، والثيب بالثيب يجلد ويرجم"
(1)
4525 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال أخبرنا منصور بن زاذان، عن الحسن، قال: ثنا حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم"
(2)
.
قالوا: فبهذا القول نرى أن يجلد المحصن، ثم يرجم بعد ذلك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان من الحجة للآخرين عليهم في ذلك ما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره أنيسا الأسلمي برجم المرأة التي أمره أن يغدو عليها فيرجمها إن اعترفت، ولم يأمره بجلدها.
وقد ذكرت ذلك بإسناده في الباب الأول وفي ذلك الحديث أيضا أن الذي قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إني سألت رجالا من أهل العلم فأخبروني أن على امرأة هذا الرجم، ولم يذكر معه الجلد فلم ينكر ذلك عليه رسول الله صلى الله عليه
(1)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (4524).
وسلم. فدل هذا أن جميع ما كان عليها من الحد في الزنا الذي كان منها هو الرجم دون الجلد. وقد شدّ ذلك أيضا ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعل بماعز رضي الله عنه
4526 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا الأسود بن عامر، قال أخبرنا حماد بن سلمة، عن سماك، عن جابر بن سمرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا، ولم يذكر جلدا
(1)
.
ففيما ذكرنا من ذلك ما يدل أن حد المحصن هو الرجم دون الجلد.
فإن قال قائل: ولم لا كان ما فيه الرجم، والجلد أولى مما فيه الرجم خاصة؟ قيل له: لدلالة قد دلت على نسخ الجلد مع الرجم، وهو أنا رأينا أصل ما كان على الزاني قبل أن يفرق بين حكمه إذا كان محصنا، وبين حكمه إذا كان غير محصن ما وصف الله عز وجل في كتابه بقوله:{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)} فكان هذا هو حد الزانية أن تمسك في البيوت حتى تموت أو يجعل الله لهن سبيلا.
(1)
إسناده حسن، من أجل سماك بن حرب.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 82، وأحمد (20867)، وعبد الله بن أحمد في زياداته (20901) من طرق عن حماد بن سلمة به.
وأخرجه مسلم (1962)(17)، وأبو داود (4422)، والنسائي في الكبرى (7183)، وأبو يعلى (7446)، والطبراني (1979، 1980، 2049)، والبيهقي 8/ 226 - 227 من طرق عن سماك بن حرب به.
ثم قال النبي عليه السلام: "خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا" فذكر ما قد ذكرناه في حديث عبادة بن الصامت فكان ذلك هو السبيل الذي قال الله تعالى {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] فجعل الله ذلك السبيل، على ما قد بينه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وفرض في ذلك الجلد والرجم على الثيب والجلد والنفي على غير الثيب.
فعلمنا أن ذلك القول قد كان من النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية وأنه لم يتقدم نزول هذه الآية وجوب الرجم على الزاني، لأن حده كان ما وصف الله عز وجل في كتابه من الحبس في البيوت.
ولم يكن بين قوله: "أو يجعل الله لهن سبيلا" وبين حديث عبادة حكم آخر، فعلمنا أن حديث عبادة رضي الله عنه كان بعد نزول هذه الآية، وأن حديث ماعز الذي سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه عن إحصانه، لتفرقته بين حد المحصن وغير المحصن وحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بين حكم البكر والثيب "فجعل على البكر جلد مائة، وتغريب عام، وعلى الثيب الرجم" - متأخرا عنه.
فكان ذلك ناسخا له، لأن ما تأخر من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسخ ما تقدم منه.
فلهذا كان ما ذكرنا من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد وحديث ماعز رضي الله عنهم أولى من حديث عبادة رضي الله عنه مع ما قد شد ذلك من النظر الصحيح.
وذلك أنا رأينا العقوبات المتفق عليها في انتهاك الحرمات كلها إنما هي شيء واحد. من ذلك أنا رأينا أن السارق عليه القطع لا غيره والقاذف عليه الجلد لا غير.
وكان النظر على ذلك أيضا أن يكون كذلك الزاني المحصن عليه شيء واحد لا غيره فيكون عليه الرجم الذي قد اتفق أنه عليه، وينتفي عنه الجلد الذي لم يتفق أنه عليه، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يكون ذلك منسوخًا وقد عمل به علي رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
4527 -
فذكر ما حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: جاءت امرأة من همدان يقال لها: شراحة إلى علي رضي الله عنه، فقالت: إني زنيت، ترددها حتى شهدت على نفسها أربع شهادات، فأمر بها فجلدت، ثم أمر بها فرجمت
(1)
.
4528 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4529 -
حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قال: ثنا محمد بن بكار بن بلال، قال: ثنا سعيد بن بشر، عن قتادة عن الرضراض بن أسعد، قال: شهدت عليا رضي الله عنه جلد شراحة ثم رجمها
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده صحيح.
(3)
إسناده ضعيف لضعف سعيد بن بشير الأزدي.
4530 -
حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا موسي بن أعين، عن مسلم الأعور، عن حبّة العربي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: أتته شراحة، فأقرت عنده أنها زنت، فقال لها علي: فلعلك غصبت نفسك، قالت: أتيت طائعة غير مكرهة، قال: فأخرها حتى ولدت، وفطمت ولدها، ثم جلدها الحد بإقرارها، ثم دفنها في الرحبة إلى منكبها ثم رماها هو أول الناس، ثم قال: ارموا، ثم قال: جلدتها بكتاب الله تعالى ورجمتها بسنة محمد صلى الله عليه وسلم
(1)
.
4531 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا شعبة، عن سلمة، عن الشعبي، قال: جلد علي رضي الله عنه شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، وقال: جلدتها بكتاب الله تعالى، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، لضعف مسلم بن كيسان الأعور وحبة بن جوين العربي البجلي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2062) بإسناده ومتنه.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2061) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (839) من طريق محمد بن جعفر، والبخاري (6812) عن آدم بن أبي إياس، والنسائي (7140) من طريق بهز بن أسد ثلاثتهم عن شعبة به.
وأخرجه علي بن الجعد في مسنده (505)، وأحمد (716)، والنسائي في الكبرى (7141) من طريق شعبة، عن سلمة ومجالد، عن الشعبي به.
قيل لهم: إن هذا وإن كان قد روي عن علي رضي الله عنه كما ذكرنا، فإن غير علي رضي الله عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روى عنه في ذلك خلاف ما قد روي عن علي رضي الله عنه. فمن ذلك ما
4532 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله، أن أبا واقد الليثي، ثم الأشجعي، أخبره -وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما نحن عند عمر رضي الله عنه مقدمه الشام بالجابية أتاه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين إن امرأتي زنت بغلام، فهي هذه تعترف بذلك، فأرسلني عمر رضي الله عنه في رهط إليها لنسألها عن ذلك فجئتها، فإذا هي جارية حديثة السن، فقلت: اللهم أفرج فاها اليوم عما شئت، فسألتها وأخبرتها بالذي قال زوجها، فقالت: صدق، فبلغنا ذلك عمر رضي الله عنه فأمر برجمها
(1)
.
4533 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، عن أبي واقد الليثي، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أتاه رجل وهو بالشام، فذكر له أنه وجد امرأته رجلا، فبعث عمر بن الخطاب أبا واقد الليثي إلى امرأته ليسألها عن ذلك، فأتاها وعندها نسوة حولها، فذكر لها الذي قاله
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (13441)، والطبراني في مسند الشاميين (3128)، والبيهقي 8/ 215 من طرق عن الزهري به.
زوجها لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله، وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنتزع، فأبت أن تنتزع، وثبتت على الاعتراف، فأمر بها عمر، فرجمت
(1)
.
فهذا عمر رضي الله عنه بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجلدها قبل رجمه إياها.
فهذا خلاف لما فعل علي رضي الله عنه بشراحة من جلده إياها قبل رجمها، فهذا أولى الفعلين عندنا لما قد ذكرنا في هذا الباب.
(1)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 349.
3 - باب: الاعتراف بالزنا الذي يجب به الحد ما هو؟
قال أبو جعفر: ذهب قوم
(1)
إلى أن الرجل إذا أقر بالزنا مرة واحدة أقيم عليه حد الزنا.
واحتجوا في ذلك بما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الكتاب من قوله لأنيس: "اغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها".
قالوا: ففي هذا دليل على أن الاعتراف بالزنا مرة واحدة يوجب الحد.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
فقالوا: لا يجب حد الزنا على المعترف بالزنا حتى يقر به على نفسه أربع مرات.
وقالوا: ليس فيما ذكرتم من حديث أنيس دليل على ما قد وصفتم، وذلك أنه قد يجوز أن يكون أنيس قد كان علم الاعتراف الذي يوجب حد الزنا على المعترف -ما هو به- بما أعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم في ماعز وغيره، فخاطبه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب بعد علمه أنه قد علم الاعتراف الذي يوجب الحد ما هو؟.
وقد جاء غير هذا الأثر من الآثار ما قد بين الاعتراف بالزنا الذي يوجب الحد على المعترف ما هو؟. فمن ذلك ما قد
(1)
قلت أراد بهم: حماد بن أبي سليمان، وعثمان البتي، والحسن بن حي، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 16/ 65.
(2)
قلت أراد بهم: سفيان الثوري، وابن أبي ليلى، والحكم بن عتيبة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر، وأحمد في الأصح عنه، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 16/ 66.
4534 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا إسرائيل، عن جابر، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي بكر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ماعزا أربع مرات
(1)
.
4535 -
حدثنا أحمد بن الحسن، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا الحجاج بن أرطاة، عن عبد الملك بن المغيرة الطائفي، عن عبد الله بن المقدام، عن ابن شداد، عن أبي ذر قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأتاه رجل فأقر عنده بالزنا، فرده أربعا ثم نزل فأمرنا، فحفرنا له حفرة ليست بالطويلة، فأمر به فرجم، فارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم كئيبا حزينا، فسرنا حتى نزلنا منزلا، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبا ذر ألم تر إلى صاحبكم، غفر له وأدخل الجنة"
(2)
.
4536 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: ثنا إبراهيم بن الزبرقان، وأبو خالد الأحمر، عن الحجاج
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف جابر وهو ابن يزيد الجعفي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 72، وأحمد (41)، والبزار (55)، والمروزي (79 - 80)، وأبو يعلى (40 - 41) من طرق عن إسرائيل به.
(2)
إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة، وجهالة عبد الله بن المقدام.
وأخرجه أحمد (21554) من طريق يزيد بن هارون به.
وأخرجه البزار في مسنده (4035) من طريق سلمة بن الفضل، عن الحجاج به.
(3)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (28774) من طريق أبي خالد الأحمر، عن الحجاج به.
4537 -
حدثنا إبراهيم بن محمد الصيرفي، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا أبو عوانة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لماعز:"أحق ما بلغني عنك؟ " قال: وما بلغك عني؟ قال: "بلغني أنك أتيت جارية آل فلان"، فأقر على نفسه أربع مرات، فأمر به فرجم
(1)
.
4538 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا أبو عوانة
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4539 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، أن رجلا من أسلم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فناداه فحدثه أنه زنى، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنحى لشقه الذي أعرض قبله، فأخبره أنه زنى، وشهد على نفسه أربع مرات، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هل بك
(1)
إسناده ضعيف، رواية سماك بن حرب عن عكرمة فيها اضطراب.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4943) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (2627)، وأحمد (2202)، ومسلم (1693)، وأبو داود (4425)، والترمذي (1427)، والنسائي في الكبرى (7171)، وأبو يعلى (2580)، والطبراني (12305) من طرق عن أبي عوانة، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 25، وأحمد (2129)، وعبد بن حميد (571)، والبخاري (6824)، وأبو داود (4427)، والنسائي في الكبرى (7130 - 7131)، والطبراني (11936)، والبيهقي 8/ 226 من طريقين عن عكرمة به.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه.
جنون؟ " قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ " قال: نعم، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجم بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة جمز
(1)
حتى أدرك بالحرة، فقتل بها رجما
(2)
.
4540 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر وعثمان بن عمر، قالا: ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أشعر قصير ذو عضلات فأقر له بالزنا، فأعرض عنه، فأتاه من قبل وجهه الآخر، فأعرض عنه، قال: لا أدري مرتين أو ثلاثا، فأمر به فرجم، قال: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير، فقال: رده أربع مرات
(3)
.
(1)
بالجيم والزاي المعجمة، أي: أسرع هاريا من القتل.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (5270، 6814)، ومسلم (1691)(16)، والنسائي في الكبرى (7174)، وابن حبان (4440)، والبيهقي 8/ 225 من طريق يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري به.
وأخرجه الطيالسي (1690)، وعبد الرزاق (13337)، وأحمد (14462)، والدارمي (2315)، والبخاري (6820)، ومسلم (1691)(16)، وأبو داود (4430)، والترمذي (1429)، والنسائي في المجتبى 4/ 62، وفي الكبرى (7176)، وابن الجارود (813)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (431)، وابن حبان (3094)، والدارقطني 3/ 127 - 128، والبيهقي 8/ 218 من طرق عن الزهري به.
(3)
إسناده حسن من أجل سماك بن حرب.
وأخرجه الطيالسي (764)، وابن أبي شيبة 10/ 73، وأحمد (20983)، ومسلم (1692)(18)، وأبو داود (4423)، والنسائي في الكبرى (7192)، وأبو عوانة (6268، 6269، 6270)، وابن حبان (4436)، والطبراني (1897)، والبيهقي 8/ 212 من طرق عن شعبة به.
4541 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة
…
فذكر بإسناده مثله غير أنه قال: رده مرتين
(1)
.
فقال قائل: ففي هذا الحديث أنه حده بعد إقراره أقل من أربع مرات. قيل له: في هذا الحديث علة. وذلك أن
4542 -
ربيعا المؤذن حدثنا، قال: ثنا أسد بن موسي، قال: ثنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك فاعترف مرتين، فقال: اذهبوا به، ثم ردوه، فاعترف مرتين حتى اعترف أربعا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اذهبوا به فارجموه"
(2)
.
ففي هذا الحديث أنه أقر مرتين ثم ذهبوا به ثم ردوه فأقر مرتين.
فيجوز أن يكون جابر بن سمرة رضي الله عنه حضر المرتين الآخرتين ولم يحضر ما كان قبل ذلك، وحضر ابن عباس رضي الله عنهما الإقرار كله، وكذلك من وافقه على أنه كان أربعا.
(1)
إسناده حسن كسابقه.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه الطيالسي (2627)، وعبد الرزاق (13344)، وأحمد (2202)، ومسلم (1693)، وأبو داود (4425، 4426)، والترمذي (1427)، والنسائي في الكبرى (7171، 7172، 7173)، والطبراني (12305) من طرق عن سماك بن حرب به.
4543 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال أخبرنا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن بن هضّاض، عن أبي هريرة، أن ماعز بن مالك زنى، فأتى هزالا، فأقر له أنه زنى، فقال له هزال: إيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبره قبل أن ينزل فيك قرآن، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني زنيت فأعرض عنه حتى قال ذلك أربعا، فأمر به فرجم
(1)
.
4544 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو اليمان، قال أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة، وسعيد بن المسيب، أن أبا هريرة قال: أتى رجل من أسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فناداه، فحدثه أنه زنى، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنحى لشقه الذي أعرض قبله، فأخبره أنه زنى وشهد على نفسه أربع مرات، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال هل بك جنون؟ قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجم بالمصلى
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف الجهالة عبد الرحمن بن هضاض.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (438) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (7128) من طريق حماد بن سلمة به.
وأخرجه أبو داود (4429)، وابن حبان (4400) من طريق أبي الزبير به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (5271 - 5272)، ومسلم (1691)(16)، والنسائي في الكبرى (7178)، والبيهقي 8/ 219 من طريق شعيب بن أبي حمزة به.
4545 -
حدثنا فهد بن سليمان، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا بشير بن المهاجر الغنوي قال: حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل يقال له: ماعز بن مالك، فقال: يا نبي الله إني قد زنيت وإني أريد أن تطهرني، فقال له ارجع. فلما كان من الغد أتاه أيضا فاعترف عنده بالزنا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ارجع"، ثم أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومه، فسألهم عنه، فقال:"ما تقولون في ماعز بن مالك؟ " هل ترون به بأسا، أو تنكرون من عقله شيئا؟ فقالوا: يا رسول الله ما نرى به بأسا وما ننكر من عقله شيئا، ثم عاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم الثالثة، فاعترف أيضا عنده بالزنا، فقال: يا رسول الله طهرني، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومه فسألهم عنه، فقالوا له كما قالوا له في المرة الأولى: ما نرى به بأسا وما ننكر من عقله شيئا، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرابعة، فاعترف عنده بالزنا، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فحفرت له حفرة، فجعل فيها إلى صدره، ثم أمر الناس أن يرجموه، قال بريدة: كنا نتحدث بيننا -أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن ماعز بن مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلبه، وإنما رجمه عند الرابعة
(1)
.
= والرجل المبهم المرجوم هو ماعز الأسلمي كما وقع عند أحمد (7850).
وأخرجه أحمد (9845)، والبخاري (6815، 6816، 7167، 7168)، ومسلم (1691)(16)، والنسائي في الكبرى (7177)، والبيهقي 8/ 214 من طرق عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب به.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل بشير بن المهاجر الغنوي الكوفي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4778) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (22942)، والدارمي (2320)، والنسائي في الكبرى (7202)، وأبو عوانة (6294)، وأبو نعيم =
فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرجمه بإقراره مرة ولا مرتين ولا ثلاثا دل ذلك أن الحد لم يكن وجب عليه بذلك الإقرار، ثم رجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقراره في المرة الرابعة.
فثبت بذلك أن الإقرار بالزنا الذي يوجب الحد على المقر هو إقراره به أربع مرات.
فمن أقر كذلك حد، ومن أقر أقل من ذلك لم يحد.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين وقد عمل بذلك علي رضي الله تعالى عنه في شراحة، فردها أربع مرات.
= الأصبهاني في تسمية من انتهى إلينا من الرواة عن أبي نعيم الفضل بن دكين (65) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين به.
وأخرجه مسلم (1695)(23)، وأبو داود (4434)، والنسائي في الكبرى (7167)، وأبو عوانة (6293 - 6294)، والحاكم 4/ 362، والبيهقي 8/ 221 من طرق عن بشير بن المهاجر به.
4 - باب: الرجل يزني بجارية امرأته
4546 -
حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا بكر بن بكار قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن جون بن قتادة، عن سلمة بن المحبق، أن رجلا زنا بجارية امرأته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن كان استكرهها فهي حرة وعليها مثلها، وإن كانت طاوعته فهي له وعليه مثلها
(1)
.
4547 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا القاسم بن سلام بن مسكين، قال: حدثني أبي، قال: سألت الحسن عن الرجل يقع بجارية امرأته فقال: حدثني قبيصة بن حريث الأنصاري، عن سلمة بن المحبق، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
فذكر مثله وزاد "ولم يقم عليه حدا"
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، لضعف بكر بن بكار، وجهالة جون بن قتادة التميمي.
وأخرجه الطبراني (6335)، وابن عدي في الكامل 2/ 600، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (117)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 1/ 234 - 235، والبيهقي 8/ 240، والحازمي في الإعتبار (ص 204) من طريق بكر بن بكار عن شعبة به.
وأخرجه أحمد (20063)، وأبو داود (4461)، والنسائي في المجتبى 6/ 125، وفي الكبرى (7232) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن الحسن، عن سلمة بن المحبق به، والحسن البصري لم يسمع من سلمة بن المحبق، وقال النسائي في الكبرى: ليس في هذا الباب شيء صحيح يحتج به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف قبيصة بن حريث.
وأخرجه ابن أبي حاتم في العلل 1/ 447 - 448، والطبراني (6339)، والبيهقي 8/ 240 من طريق سلام بن مسكين، عن الحسن البصري به.
وأخرجه عبد الرزاق (13417)، ومن طريقه أخرجه أحمد (20069)، وأبو داود (4460)، والنسائي في المجتبى 6/ 124 - 125، وفي الكبرى (7233)، والعقيلي في الضعفاء 3/ 484، والطبراني (6336)، والبيهقي 8/ 240 عن =
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى هذا، وقالوا: هذا هو الحكم فيمن زنى بجارية امرأته على ما في حديث سلمة هذا. وقالوا: قد عمل بذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكروا في ذلك ما
4548 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، عن شعبة، عن منصور، عن عقبة ابن جيان، أن رجلا أتى عبد الله بن مسعود فقال: إني زنيت فقال: كيف صنعت؟ قال: وقعت على جارية امرأتي. فقال عبد الله بن مسعود: الله أكبر إن كنت استكرهتها، فأعتقها، وإن كانت طاوعتك، فأعتق وعليك مثلها
(2)
.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
فقالوا: بل نرى عليه الرجم إن كان محصنا، والجلد إن كان غير محصن. وكان ما ذهبوا إليه في ذلك من الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم ما
4549 -
قد حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا هشيم بن بشير، عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم أن رجلا وقع بجارية امرأته، فأتت امرأته النعمان بن بشير
= معمر، عن قتادة، عن الحسن به.
(1)
قلت أراد بهم: الشعبي، وعامر بن مطر، وقبيصة، والحسن رحمهم الله، كما في النخب 16/ 94.
(2)
إسناده فيه عقبة بن جيان روى عنه منصور بن المعتمر وربعي بن حراش، وقال العيني في المغاني 2/ 331 لم أقف على من تعرض إليه بشيء، وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (28550)، والطبراني 9/ 339 من طريق عامر بن مطر، عن عبد الله بن مسعود به.
(3)
قلت أراد بهم: جماهير الفقهاء من التابعين ومن بعدهم، منهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 16/ 96.
فأخبرته، فقال: أما إن عندي في ذلك خبرا ثابتا أخذته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت أذنت له جلدته مائة، وإن كنت لم تأذني له رجمته
(1)
.
4550 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا همام، قال: سئل قتادة عن رجل وطئ جارية امرأته، فحدثنا عن حبيب بن يساف، عن حبيب بن سالم أنها رفعت إلى النعمان بن بشير فقال: لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن كانت أحلتها له جلدته مائة، وإن لم تكن أحلتها له رجمته
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، أبو بشر هو جعفر بن أبي وحشية لم يسمع من حبيب بن سالم وبينهما خالد بن عرفطة وهو مجهول، وفي إسناده اضطراب.
وأخرجه الطيالسي (796)، وابن أبي شيبة 10/ 12، وسعيد بن منصور (2257)، وأحمد (18446)، والترمذي في جامعه (1452)، وفي العلل 2/ 614، والنسائي في الكبرى (7226)، والبيهقي في السنن 8/ 239 من طريق هشيم بهذا الإسناد، وقال الترمذي: أبو بشر لم يسمع من حبيب بن سالم إنما رواه عن خالد بن عرفطة، وقال: حديث النعمان في إسناده اضطراب.
(2)
إسناده ضعيف، لجهالة حبيب بن يساف.
وأخرجه البيهقي في السنن 8/ 239 من طريق أبي عمر الحوضي بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في الكبرى (7229) من طريق حبان، والبيهقي في السنن 8/ 239 من طريق هدبة بن خالد، كلاهما عن همام، عن قتادة، عن حبيب بن سالم عن حبيب بن يساف، عن النعمان بن بشير به.
وذكر ابن أبي حاتم في العلل 1/ 448 عن أبيه قوله: حبيب بن يساف مجهول لا أعلم أحدا روى عنه غير قتادة هذا الحديث الواحد وكذلك خالد بن عرفطة مجهول لا نعرف أحدًا يقال له خالد بن عرفطة إلا واحد الذي له صحبة.
وقال عباس الدوري في تاريخه (3583) عن يحيى بن معين: قد روى قتادة، عن حبيب بن سالم ولا أحسبه لقيه.
وحكى المزي في تحفة الأشراف 9/ 18 عن النسائي قوله: أحاديث النعمان هذه مضطربة.
ففي هذا الحديث خلاف ما في الحديث الأول، لأن فيه أنها إن لم تكن أذنت له رجم. وأما قوله: وإن كنت أذنت له جلدته مائة، فتلك المائة -عندنا- تعزير كأنه درًا عنه الحد بوطئه بالشبهة وعزره بركوبه ما لا يحل له.
فإن قال قائل: أفيجوز التعزير بمائة؟.
قيل له: نعم قد عزر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائة في حديث قد ذكرناه عنه في رجل قتل عبده متعمدا في "باب حد البكر" في هذا الكتاب. فهذا الذي ذكره النعمان -عندنا- ناسخ لما رواه سلمة بن المحبق رضي الله عنه. وذلك أن الحكم كان في أول الإسلام يوجب عقوبات بأفعال في أموال ويوجب عقوبات في أبدان باستهلاك أموال. من ذلك ما قد ذكرناه في "باب تحريم الصدقة على بني هاشم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم -في مانع الزكاة-" أنا آخذوها منه وشطر ماله عقوبة له لما قد صنع. ومن ذلك ما
4551 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا نعيم، عن ابن ثور، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة أحسبه، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ضالة الإبل المكتومة: غرامتها ومثلها معها
(1)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عمرو بن مسلم الجندي ونعيم بن حماد المروزي.
وأخرجه عبد الرزاق (18599)، ومن طريقه أخرجه أبو داود (1718)، والعقيلي في الضعفاء 3/ 259، والبيهقي 6/ 191.
4552 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، وهشام بن سعد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رجلا من مزينة أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف ترى في حريسة الجبل؟
(1)
، فقال: هي ومثلها والنكال
(2)
، ليس في شيء من الماشية قطع إلا ما أواه المراح، فبلغ ثمنه ثمن المجن ففيه قطع اليد، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثليه وجلدات نكال.، قال: يا رسول الله كيف ترى في الثمر المعلق؟ قال: هو ومثله معه والنكال، وليس في شيء من الثمر المعلق قطع، إلا ما أواه الجرين
(3)
فما أخذ من الجرين فبلغ ثمنه ثمن المجن ففيه القطع وما لم يبلغ ثمن المجن، ففيه غرامة مثليه وجلدات نكال
(4)
.
فكانت العقوبات جارية في هذه الآثار على ما ذكر فيها حتى نسخ ذلك بتحريم الربا، فعاد الأمر إلى أن لا يؤخذ ممن أخذ شيئا إلا مثل ما أخذ، وإن العقوبات لا تجب في الأموال بانتهاك الحُرُم التي هي غير أموال. فحديث سلمة -عندنا- كان في الوقت الأول.
(1)
يقال للشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها: حريسة.
(2)
لا يجب قطع لأنه ليس بحرز وإنما تجب هي ومثلها عقوبة على سارقها.
(3)
أي: ضمه الجرين وهو بفتح الجيم موضع تجفيف التمر.
(4)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل هشام بن سعد.
وأخرجه النسائي 5/ 85، وابن الجارود (670)، والبيهقي 4/ 152 من طريق عبد الله بن وهب به.
وكان الحكم على من زنى بجارية امرأته مستكرها لها عليه أن تعتق عقوبة له في فعله، ويغرم مثلها لامرأته. وإن كانت طاوعته ألزمها جارية زانية، وألزم مكانها جارية طاهرة، ولم تعتق هي لطواعيتها إياه.
وفرق في ذلك بينما إذا كانت مطاوعة له وبينهما إذا كانت مستكرهة، ثم نسخ ذلك فردت الأمور إلى أن لا يعاقب أحد بانتهاك حرمة لم يأخذ فيها مالا بأن يغرم مالا، ووجبت عليه العقوبة التي أوجب الله على سائر الزناة. فثبت بما ذكرنا ما روى النعمان و نسخ ما روى سلمة بن المحبق.
وأما ما ذكروا من فعل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ومذهبه في ذلك إلى مثل ما روى سلمة رضي الله عنه فقد خالفه فيه غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
4553 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: كان علي بن أبي طالب يقول: لا أوتى برجل وقع على جارية امرأته إلا رجمته
(1)
.
4554 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا ابن أبي الزناد، قال: حدثني أبي، عن محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي عن أبيه، أن عمر رضي الله عنه بعثه
(1)
إسناده ضعيف لرواية أبي الأحوص عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط.
وأخرجه عبد الرزاق (13424) من طريق خالد، عن ابن سيرين، وابن أبي شيبة (28535) من طريق الشيباني، عن عكرمة، والبيهقي 8/ 240 من طريق سلمة بن كهيل، عن حجية بن عدي، ثلاثتهم عن علي به.
مصدقًا على سعد بن هذيم، فأتى حمزة بمال ليصدقه، فإذا رجل يقول لامرأته: أدي صدقة مال مولاك، وإذ المرأة تقول له: بل أنت أدِّ صدقة مال ابنك، فسأل حمزة عن أمرهما وقولهما، فأخبر أن ذلك الرجل زوج تلك المرأة، وأنه وقع على جارية لها، فولدت ولدا فأعتقته امرأته.
قالوا: فهذا المال لابنه من جاريتها، فقال حمزة: لأرجمنك بأحجارك. فقيل له: أصلحك الله إن أمره قد رفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجلده عمر مائة ولم ير عليه الرجم، فأخذ حمزة بالرجل كفيلا، حتى قدم على عمر رضي الله عنه، فسأله عما ذكر من جلد عمر رضي الله عنه إياه ولم ير عليه الرجم. فصدقهم عمر رضي رضي الله تعالى عنه بذلك من قولهم، وقال: إنما درأ عنه الرجم أنه عذره بالجهالة
(1)
.
فهذا حمزة بن عمرو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى أن على من زنى بجارية امرأته الرجم، ولم ينكر عليه عمر رضي الله عنه ما كان رأى من ذلك حين كفل الرجل حتى يجيئه أمر عمر رضي الله عنه في إقامة الحد عليه.
فقد وافق ذلك أيضا ما روي عن علي رضي الله عنه وما رواه النعمان عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم جاء في حديث حمزة أيضا من جلد عمر رضي الله عنه ذلك الرجل مائة جلدة، تعزيرًا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد ومحمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 11/ 310 بإسناده ومتنه.
وعلقه مختصرا البخاري في صحيحه (2290) بصيغة الجزم بلفظ، وقال أبو الزناد عن محمد بن حمزة، عن أبيه
…
فقد دل ذلك على ما روى النعمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم من جلد الزاني بجارية امرأته مائة أنه أراد بذلك التعزير أيضا. فقد وافق كل ما في حديث حمزة هذا ما روى النعمان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فكان علم الحكم الأول الذي رواه سلمة بن المحبق رضي الله عنه، ولم يعلم ما نسخه مما رواه النعمان وعلم ذلك عمر وعلي وحمزة بن عمرو رضي الله عنهم فقالوا به. وقد أنكر علي على عبد الله رضي الله عنه في هذا قضاءه بما قد نسخ
4555 -
حدثنا أحمد بن الحسن، قال: ثنا علي بن عاصم، عن خالد الحذاء، عن محمد بن سيرين، قال: ذكر لعلي رضي الله عنه شأن الرجل الذي أتى ابن مسعود وامرأته وقد وقع على جارية امرأته فلم ير عليه حدا، فقال علي: لو أتاني صاحب ابن أم عبد لرضخت رأسه بالحجارة، فلم يدر ابن أم عبد ما حدث بعده، فأخبر علي أن ابن مسعود رضي الله عنهما تعلق في ذلك بأمر قد كان ثم نسخ بعده، فلم يعلم ابن مسعود رضي الله عنه بذلك
(1)
.
وقد خالف علقمة في ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أيضا ومال إلى قول من خالفه على أنه أعلم أصحابه رضي الله عنه به.
(1)
إسناده ضعيف لضعف شيخ الطحاوي.
وأخرجه البيهقي 8/ 240 من طريق عبد الله بن الوليد، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (28546) من طريق ابن فضيل عن مغيرة، عن إبراهيم، عن ابن مسعود به.
4556 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، عن شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، أنه سئل عن رجل أتى جارية امرأته، فقال: ما أبالي إياها أتيت أو جارية امرأة عوسجة
(1)
(2)
.
فهذا علقمة رحمه الله وهو أجل أصحاب عبد الله رضي الله عنه وأعلمهم قد ترك قول عبد الله في ذلك مع جلالة عبد الله رضي الله عنه -عنده- وصار إلى غيره. وذلك عندنا - لثبوت نسخ ما كان ذهب إليه عبد الله في ذلك عنده، فكذلك نقول: من زنى بجارية امرأته حد، إلا أن يدعي شبهة مثل أن يقول: ظننت أنها تحل لي، أو تكون المرأة أحلتها له، فيدرأ عنه الحد ويعزر ويجب عليه العقر. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، رحمهم الله.
(1)
عند ابن أبي شيبة عوسجة: رجل من الحي.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (28541) من طريق وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة به.
5 - باب: من تزوج امرأة أبيه أو ذات محرم منه فدخل بها
4557 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا الحسن بن صالح، عن السدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: لقيت خالي ومعه الراية، فقلت: أين تذهب؟ فقال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه أو أقتله
(1)
.
4558 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف، هو ابن منازل، وأبو سعيد الأشج، قالا: ثنا حفص بن غياث، عن أشعث، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: مرّ بي خالي أبو بردة بن نيار الأسلمي ومعه اللواء
…
فذكر مثله إلا أنه قال آتيه برأسه
(2)
.
(1)
إسناده حسن من أجل إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكوفي.
وأخرجه النسائي في المجتبى 6/ 109، وفي الكبرى (5488، 7222) من طريق أبي نعيم به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 104 - 105، 12/ 513، 14/ 178 - 179، وأحمد (18557)، وابن حبان (4112)، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 88، وأبو نعيم في الحلية 7/ 334 - 335، والطبراني في الكبير 22/ 509 (3407)، والحاكم 2/ 191 من طرق عن الحسن بن صالح به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل أشعث بن سوار.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2958، 2959) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 104، 12/ 514، 14/ 178، والترمذي (1362)، وابن ماجة (2607)، وأبو يعلى (1667)، والطبراني في الكبير 22/ 510، والدارقطني 3/ 196، والبغوي في شرح السنة (2592) من طريق حفص بن غياث، عن أشعث بن سوار به. =
4559 -
حدثنا محمد بن علي بن داود، قال: ثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني، قال: هشيم حدثناه، قال: أخبرنا الأشعث، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال مرّ بي الحارث بن عمرو ومعه لواء قد عقده له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إلى أي شيء بعثك؟ قال: إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن أضرب عنقه
(1)
.
4560 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن منازل، قال: ثنا حفص بن غياث، عن أشعث
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4561 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن مطرف، عن أبي الجهم، عن البراء بن عازب، قال: ضلت إيل لي، فخرجت في طلبها، فإذا الخيل قد أقبلت، فلما رأى أهل الماء الخيل انضموا إلي، وجاءوا إلى خباء من تلك الأخبية، فاستخرجوا منه رجلًا فضربوا عنقه، فقالوا: هذا رجل عرس بامرأة أبيه، فبعث إليه
= وقال ابن حزم في المحلى 11/ 252: هذا الخبر من طريق الرقين -يعني طريق ابن أبي أنيسة- صحيح نقي الإسناد، وقال: هذه الآثار صحاح تجب بها الحجة، ولا يضربنا أن يكون عدي بن ثابت حدث به مرة عن البراء، ومرة عن يزيد بن البراء عن أبيه، فقد يسمعه من البراء ويسمعه من يزيد بن البراء، فيحدث به مرة عن هذا، ومرة عن هذا.
(1)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه سعيد بن منصور (942)، وأحمد (18579)، وابن ماجة (2607)، وأبو يعلى (1666)، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 174، والطبراني في الكبير (3405)، والمزي في تهذيب الكمال 5/ 265، وابن حزم في المحلى 1/ 252 من طريق هشيم به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى أن من تزوج ذات محرم منه وهو عالم بحرمتها عليه، فدخل بها أن حكمه حكم الزاني، وأنه يقام عليه حد الزنا: الرجم أو الجلد واحتجوا في ذلك بهذه الآثار. وممن قال بهذا القول أبو يوسف ومحمد رحمهما الله.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فقالوا: لا يجب في هذا حد الزنا، ولكن يجب فيه التعزير والعقوبة البليغة. وممن قال بذلك أبو حنيفة وسفيان الثوري رحمهما الله.
حدثنا سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن محمد، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة، بذلك.
حدثنا فهد قال: ثنا أبو نعيم قال: سمعت سفيان يقول في رجل تزوج ذات محرم منه فدخل بها قال: لا حد عليه.
وكان من الحجة على الذين احتجوا عليهما بما ذكرنا أن في تلك الآثار أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل وليس فيها ذكر الرجم، ولا ذكر إقامة الحد. وقد أجمعوا جميعًا أن فاعل
(1)
إسناده حسن من أجل أبي بكر بن عياش.
وأخرجه سعيد بن منصور (943)، وأحمد (18608)، وأبو داود (4456)، والنسائي في الكبرى (7220)، والدارقطني 3/ 196، والحاكم 2/ 192، 4/ 356 - 357، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 237، وفي المعرفة (16853) من طرق عن مطرف به.
(2)
قلت أراد بهم: الحسن البصري، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 16/ 125.
(3)
قلت أراد بهم: فقهاء الكوفة، منهم: أبو حنيفة، وسفيان الثوري رحمهم الله، كما في النخب 16/ 126.
ذلك لا يجب عليه قتل إنما يجب عليه -في قول من يوجب الحد- عليه الرجم إن كان محصنًا. فلما لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم رسوله بالرجم، وإنما أمره بالقتل ثبت بذلك أن ذلك القتل ليس بحد للزنا، ولكنه لمعنى خلاف ذلك. وهو أن ذلك المتزوج فعل ما فعل من ذلك على الاستحلال كما كانوا يفعلون في الجاهلية، فصار بذلك مرتدا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل به ما يفعل بالمرتد.
وهكذا كان أبو حنيفة وسفيان رحمهما الله يقولان في هذا المتزوج إن كان أتى ذلك على الاستحلال أنه يقتل. فإذا كان ليس في هذا الحديث ما ينفي ما يقول أبو حنيفة وسفيان، لم يكن فيه حجة عليهما، لأن مخالفهما ليس بالتأويل أولى منها. وفي ذلك الحديث أيضا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لأبي بردة الراية، ولم تكن الرايات تعقد إلا لمن أمر بالمحاربة، والمبعوث على إقامة حد الزنا غير مأمور بالمحاربة.
وفي الحديث أيضًا أنه بعثه إلى رجل تزوج بامرأة أبيه وليس فيه أنه دخل بها. فإذا كانت هذه العقوبة وهي القتل مقصودًا بها إلى المتزوج لتزوجه دل ذلك أنها عقوبة وجبت بنفس العقد لا بالدخول، ولا يكون ذلك إلا والعاقد مستحل لذلك.
فإن قال قائل: فهو عندنا على أنه تزوج ودخل بها. قيل له: وهو عند مخالفك على أنه تزوج واستحل.
فإن قال: ليس للاستحلال ذكر في الحديث قيل له: ولا للدخول ذكر في الحديث، فإن جاز لك أن تحمل معنى الحديث على دخول غير مذكور في الحديث جاز
لخصمك أن يحمله على استحلال غير مذكور في الحديث.
وقد روي في ذلك حرف زائد على ما في الآثار الأول.
4562 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن جابر الجعفي، عن يزيد بن البراء، عن أبيه، قال: لقي خاله ومعه راية فقلت له: إلى أين تذهب؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه أن أقتله وآخذ ماله
(1)
.
وقد روي نحو ذلك أيضًا عن غير البراء
4563 -
ما حدثنا محمد بن علي بن داود، وفهد ومحمد بن الورد، قالوا: حدثنا يوسف بن منازل الكوفي، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، عن خالد بن أبي كريمة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه أن يضرب عنقه ويخمس ماله
(2)
.
فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين بأخذ مال المتزوج وتخميسه دل ذلك أن
(1)
إسناده ضعيف من أجل جابر الجعفي.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده كما في النخب 16/ 131 من طريق عبيد بن جناد، عن عبيد الله بن عمرو به.
(2)
إسناده صحيح، ومحمد بن الورد قال في كشف الاستار 3/ 552: لا أعرفه وهو متابع.
وأخرجه النسائي في الكبرى (7186)، وابن ماجة (2608)، والدارقطني 3/ 196)، والحاكم 2/ 191، والبيهقي 8/ 208، والمزي في تهذيب الكمال 32/ 462 من طرق عن يوسف بن منازل به.
المتزوج كان بتزوجه مرتدا محاربًا، فوجب أن يقتل لردته، وكان ماله كمال الحربيين، لأن المرتد الذي لم يحارب كل قد أجمع في أخذ ماله على خلاف التخميس.
فقال قوم: وهم أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله ومن قال بقولهم: ماله لورثته من المسلمين.
وقال مخالفوهم
(1)
: ماله كله فيء ولا خمس فيه لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب.
ففي تخميس النبي صلى الله عليه وسلم مال المتزوج -الذي ذكرنا- دليل على أنه قد كانت منه الردة والمحاربة جميعا.
فانتفى بما ذكرنا أن يكون على أبي حنيفة وسفيان رحمهما الله في ذلك الحديث حجة.
فإن قال قائل: فقد رأينا ذلك النكاح نكاحًا لا يثبت، فكان ينبغي إذا لم يثبت أن يكون في حكم ما لم يُعقد فيكون الواطئ عليه كالواطئ لا على نكاح فيحد.
قيل له: إن كان ذلك كذلك، فلم كان سؤالك إيانا ما ذكرت ذكر التزويج؟ كان ينبغي أن تقول: رجل زنى بذات محرم منه.
فإن قلت: ذلك كان جوابنا لك أن نقول: عليه الحد وإن أطلقت اسم التزوج، وسميت ذلك النكاح نكاحًا، وإن لم يكن ثابتًا فلا حد على واطئ على نكاح جائز ولا
(1)
قلت أراد بهم ربيعة، ومالكا، وابن أبي ليلى، والشافعي وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 16/ 134.
فاسد.
وقد رأينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في المتزوج في العدة التي لا يثبت فيها نكاح الواطئ على ذلك ما يدل على خلاف مذهبك. وذلك أن
4564 -
إبراهيم بن مرزوق حدثنا قال: ثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، قال: ثنا مالك، عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار: أن طليحة نكحت في عدتها، فأتي بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فضربها ضربات بالمخفقة، وضرب زوجها، وفرق بينهما، وقال: أيما امرأة نكحت في عدتها فرق بينها وبين زوجها الذي نكحت ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم اعتدت من الآخر، إن كان دخل بها الآخر ثم لم ينكحها أبدا، وإن لم يكن دخل بها اعتدت من الأول، وكان الآخر خاطبًا من الخطاب
(1)
.
4565 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
(1)
إسناده منقطع، وقال أبو زرعة الرازي كما في المراسيل (82): سليمان بن يسار عن عمر مرسل، وسعيد بن المسيب أدرك عمر بن الخطاب ولم يسمعه.
وهو في الموطأ 1/ 194، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى 7/ 441، وفي الصغير (2821)، وفي المعرفة (15345).
وأخرجه عبد الرزاق (10539) من طريق معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب به.
وأخرجه عبد الرزاق (10544) من طريق معمر، عن الزهري، عن سليمان بن يسار به.
(2)
إسناده منقطع.
4566 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، أن رجلاً تزوج امرأةً في عدتها، فرفع إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فضربها دون الحد، وجعل لها الصداق، وفرق بينهما، وقال: لا يجتمعان أبدًا قال: وقال علي رضي الله عنه: إن تابا وأصلحا خطبها مع الخطاب
(1)
.
أفلا ترى أن عمر رضي الله عنه قد ضرب المرأة والزوج المتزوج في العدة بالمخفقة، فاستحال أن يضربهما وهما جاهلان بتحريم ما فعلا، لأنه كان أعرف بالله عز وجل من أن يعاقب من لم تقم عليه الحجة.
فلما ضربهما دل ذلك أن الحجة قد كانت قامت عليهما بالتحريم قبل أن يفعلا ثم هو رضي الله عنه لم يقم عليهما الحد، وقد حضره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتابعوه على ذلك ولم يخالفوه فيه.
فهذا دليل صحيح أن عقد النكاح إذا كان وإن كان لا يثبت وجب له حكم النكاح في وجوب المهر بالدخول الذي يكون بعده، وفي العدة منه وفي ثبوت النسب، وما كان يوجب ما ذكرنا من ذلك فمستحيل أن يجب فيه حد، لأن الذي يوجب الحد هو الزنا، والزنا لا يوجب ثبوت نسب ولا مهر ولا عدة.
فإن قال قائل: إن هذا الذي ذكرت من وطئ ذات المحرم منه على النكاح الذي
(1)
إسناده منقطع. قال ابن حزم في المحلى 11/ 247: الإسناد إلى عمر منقطع؛ لأن سعيدا لم يلحق عمر سماعا إلا نعيه النعمان بن مقرن على المنبر.
وأخرجه ابن أبي شيبة (28553) عن وكيع، عن هشام به.
وصفته وإن لم يكن زنّا فهو أغلظ من الزنا، فأحرى أن يجب فيه ما يجب في الزنا.
قيل له: قد أخرجته بقولك هذا من أن يكون زنى وزعمت أنه أغلظ من الزنا وليس ما كان مثل الزنا أو ما كان أعظم من الزنا من الأشياء المحرمة يجب في انتهاكها من العقوبات ما يجب في الزنا، لأن العقوبات إنما تؤخذ من جهة التوقيف لا من جهة القياس.
ألا ترى أن الله عز وجل قد حرم الميتة والدم ولحم الخنزير كما حرم الخمر، وقد جعل على شارب الخمر حدا لم يجعل مثله على أكل لحم الخنزير، ولا على أكل لحم الميتة وإن كان تحريم ما أتى به هذان كتحريم ما أتى ذلك.
وكذلك قذف المحصنة جعل الله فيه جلد ثمانين وسقوط شهادة القاذف وإلزامه اسم الفسق ولم يجعل ذلك فيمن رمى رجلًا بالكفر، والكفر في نفسه أعظم وأغلظ من القذف.
وكانت العقوبات قد جعلت في أشياء خاصة، ولم تجعل في أمثالها ولا في أشياء هي أعظم منها وأغلظ.
فكذلك ما جعل الله تعالى من الحد في الزنا لا يجب به أن يكون واجبا فيما هو أغلظ من الزنا.
فهذا الذي ذكرنا في هذا الباب هو النظر، وهو قول أبي حنيفة وسفيان رحمهما الله تعالى.
6 - باب: حد الخمر
4567 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد بن مسرهد قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن الداناج عن حضين بن المنذر الرقاشي أبي ساسان، عن علي رضي الله عنه، قال: جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر أربعين، وأبو بكر رضي الله عنه أربعين، وكملها عمر رضي الله عنه ثمانين، وكلٌ سُنة
(1)
4568 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا عبد العزيز بن المختار الأنصاري، قال: ثنا عبد الله بن الداناج، قال: ثنا حضين بن المنذر الرقاشي، قال: شهدت عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد أتي بالوليد بن عقبة وقد صلى بأهل الكوفة الصبح أربعًا، وقال أزيدكم قال فشهد عليه حمران ورجل آخر قال: فشهد عليه أحدهما أنه رآه يشربها وشهد الآخر أنه رآه يقيئها، قال: فقال عثمان إنه لم يقئها حتى شربها، فقال عثمان لعلي أقم عليه الحد، فقال علي لابنه الحسن: أقم عليه الحد، قال: فقال الحسن: ولّ حارَّها من تولى قارَّها. قال: فقال علي لعبد الله بن جعفر: أقم عليه الحد، فأخذ السوط فجعل يجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين، ثم قال له: أمسك. ثم قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم جلد
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2447) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود (4481) عن مسدد به.
وأخرجه عبد الرزاق (13545)، وابن أبي شيبة 9/ 545، وأحمد (624)، ومسلم (1707)(38)، والنسائي في الكبرى (5250)، وابن ماجة (2571)، وأبو يعلى (598) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به.
أربعين، وجلد أبو بكر رضي الله عنه أربعين، وجلد عمر رضي الله عنه ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي"
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى أن الحد الذي يجب على شارب الخمر هو أربعون، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
وادعوا فساد هذا الحديث وأنكروا أن يكون علي رضي الله عنه قال: من ذلك شيئًا، لأنه قد روي عنه ما يخالف ذلك ويدفعه.
4569 -
وهو ما حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، عن مطرف عن عمير بن سعيد النخعي، قال: قال علي رضي الله عنه من شرب الخمر فجلدناه فمات وديناه لأنه شيء صنعناه
(4)
.
(1)
إسناده صحيح
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2448) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الدارمي (2461) من طريق مسلم بن إبراهيم به.
وأخرجه الطيالسي (173)، ومسلم (1707)(38)، وأبو داود (4480)، والنسائي في الكبرى (5270)، وابن ماجة (2571)، وأبو يعلى (504) من طريق عبد العزيز بن المختار به.
(2)
قلت أراد بهم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 16/ 150.
(3)
قلت أراد بهم: الحسن البصري، والشعبي، وأبا حنيفة، ومالكا، وأبو يوسف، ومحمدا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 16/ 151.
(4)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 6/ 237 بإسناده ومتنه. =
4570 -
حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، قال أخبرنا شريك، عن أبي حصين، عن عمير بن سعيد، عن علي رضي الله عنه، قال: ما حددت أحدًا حدا فمات فيه فوجدت في نفسي شيئًا إلا الخمر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسن فيه شيئًا
(1)
.
فهذا علي رضي الله تعالى عنه يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن سنان في شرب الخمر حدا.
ثم الرواية عن علي رضي الله تعالى عنه في حد شارب الخمر، فعلى خلاف ما في الحديث الأول أيضًا من اختياره للأربعين على الثمانين.
4571 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، قال: أتي علي رضي الله عنه بالنجاشي قد شرب الخمر في رمضان، فضربه ثمانين، ثم أمر به إلى السجن، ثم أخرجه من الغد، فضربه عشرين، ثم قال: إنما جلدتك هذه
= وأخرجه ابن ماجة (2569) من طريق مطرف به.
وأخرجه البخاري (6778)، ومسلم (1707)، والنسائي في الكبرى (5252) من طريق أبي حصين، عن عمير بن سعيد به.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك بن عبد الله.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2449) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود (4486)، وابن ماجة (2569)، وأبو يعلى (514) من طريق شريك به.
وأخرجه عبد الرزاق (13543، 18007)، وأحمد (1024)، والبخاري (6778)، ومسلم (1707)، وأبو يعلى (336) من طريق سفيان الثوري، عن أبي حصين به.
العشرين لإفطارك في رمضان، وجرأتك على الله عز وجل
(1)
.
4572 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن أبي مصعب عن أبيه، أن رجلاً شرب الخمر في رمضان .... ثم ذكر نحوه
(2)
.
4573 -
حدثنا يونس، قال ثنا ابن وهب قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي، أن ابن شهاب حدثه أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف حدثه أن رجلًا من كلب يقال له: ابن وبرة أخبره أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يجلد في الشراب أربعين، وكان عمر رضي الله عنه يجلد فيها أربعين، قال: فبعثني خالد بن الوليد إلى عمر بن الخطاب، فقدمت عليه فقلت: يا أمير المؤمنين! إن خالدًا بعثني إليك. قال: فيم؟ قلت: إن الناس قد تجافوا العقوبة
(3)
وانهمكوا في الخمر، فما ترى في ذلك؟ فقال عمر لمن حوله ما ترون؟ فقال علي بن أبي طالب نرى يا أمير المؤمنين! ثمانين جلدةً فقبل ذلك عمر. فكان خالد أول من جلد ثمانين ثم جلد عمر بن الخطاب ناسًا بعده
(4)
.
(1)
إسناده حسن من أجل أبي مروان الأسلمي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 6/ 238 بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 8/ 321 من طريق سفيان به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (28624) من طريق حجاج، عن أبي مصعب به.
(3)
أي أبعدوها عن أنفسهم وأصله من الجفاء وهو التبعد.
(4)
إسناده ضعيف الجهالة ابن وبرة، ولم أقف عليه.
وأخرجه عبد الله بن وهب في مسنده كما في النخب 16/ 158.
4574 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا أسامة بن زيد الليثي
…
فذكر بإسناده مثله غير أنه قال: فأتيت عمر بن الخطاب فوجدت عنده عليا، وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم وهم متكئون في المسجد، فذكر مثل ما في حديث يونس. غير أنه زاد في كلام علي أنه قال: إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون، وتابعه أصحابه
…
ثم ذكر الحديث
(1)
.
أفلا ترى أن عليّا رضي الله عنه لما سئل عن ذلك، ضرب أمثال الحدود كيف هي، ثم استخرج منها حدًا، برأيه، فجعله كحد المفتري.
ولو كان عنده في ذلك شيء موقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لأغناه عن ذلك ولو كان عند أصحابه رضي الله عنهم في ذلك أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء إذًا لأنكروا عليه أخذ ذلك جهة الاستنباط وضرب الأمثال.
فدل ما ذكرنا منه ومنهم أنه لم يكن عندهم في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء فكيف يجوز أن يقبل بعد هذا عن علي رضي الله تعالى عنه ما يخالف هذا؟
4575 -
حدثنا فهد قال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، قال: أخبرنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رضي الله عنه قال: شرب نفر من أهل الشام الخمر وعليهم يومئذ يزيد بن أبي سفيان وقالوا: هي حلال وتأولوا:
(1)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه البيهقي 8/ 320 من طريق أسامة بن زيد به.
{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] الآية، فكتب فيهم إلى عمر رضي الله عنه. فكتب عمر أن ابعث بهم إلي قبل أن يفسدوا منِ قبلكَ. فلما قدموا على عمر استشار فيهم الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين نرى أنهم قد كذبوا على الله عز وجل وشرعوا في دينهم ما لم يأذن به الله فاضرب أعناقهم وعلي ساكت. فقال ما تقول يا أبا الحسن فيهم؟ قال أرى أن تستتيبهم، فإن تابوا ضربتهم ثمانين ثمانين لشربهم الخمر، وإن لم يتوبوا ضربت أعناقهم، فإنهم قد كذبوا على الله، وشرعوا في دينهم ما لم يأذن به الله، فاستتابهم فتابوا، فضربهم ثمانين ثمانين
(1)
.
ففي هذا الحديث أن عليا رضي الله عنه لما سأله عمر رضي الله عنه عن حدهم، أجابه أنه ثمانون، ولم يقل: إن شئت جعلته أربعين وإن شئت جعلته ثمانين.
فهذا ينفي ما في حديث الداناج مما ذكر فيه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأربعين ومن اختياره هو من بعد ذلك.
وقد روي أن السوط الذي ضرب به الوليد كان له طرفان فكانت الضربة ضربتين.
4576 -
حدثنا سليمان بن، شعيب قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا سفيان، عن
(1)
إسناده صحيح
وأخرجه ابن أبي شيبة (28509) من طريق ابن فضيل، عن عطاء بن السائب به.
عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، أن عليا جلد الوليد أربعين بسوط له طرفان
(1)
.
4577 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا ابن لهيعة، قال: حدثني أبو الأسود، عن عروة، أن عليا رضي الله عنه جلد الوليد بن عقبة بسوط له ذنبان أربعين جلدةً في الخمر، قال: وذلك في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه
(2)
.
ففي هذا الحديث أن عليا رضي الله عنه ضربه ثمانين لأن كل سوط من تلك الأسواط سوطان.
فاستحال أيضًا أن يكون علي رضي الله عنه يقول: إن الأربعين أحب إلي من الثمانين ثم يجلد هو ثمانين.
فهذا دليل أيضًا على فساد حديث الداناج.
وقد روى آخرون عن علي رضي الله عنه خلاف ذلك كله.
4578 -
حدثنا فهد، قال: ثنا حسان بن عبد الله (ح)
وحدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا عبد الغفار بن داود و عثمان بن صالح قالوا: حدثنا ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نبيه بن وهب
(1)
إسناده ضعيف لانقطاعه، محمد بن علي بن الحسين بن علي أبو جعفر، لم يسمع من جد أبيه علي بن أبي طالب.
وأخرجه أبو يعلى (599)، والبيهقي في السنن 8/ 321، وفي المعرفة (17458) من طرق عن سفيان بن عيينة به.
(2)
إسناده ضعيف، من أجل عبد الله بن لهيعة، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في المراسيل (149): عروة بن الزبير عن علي مرسل.
عن محمد بن علي بن أبي طالب، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلد رجلاً في الخمر ثمانين، غير أن صالحًا قال في حديثه: جلد رجلًا من بني حارث بن الخزرج
(1)
.
وهذا - عندنا - أيضًا فاسد لا يثبت عن علي رضي الله عنه لما روينا عنه متقدما من قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ولم يسن في الخمر حدا، وأنهم جعلوه بعده ثمانين، بالتمثيل الذي قد ذكرناه عنه في هذا الباب.
ولا يجوز - عندنا والله أعلم عن علي رضي الله عنه أن يكون يحتاج في استخراج حد الخمر من ذلك، وعنده فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما في هذا الحديث.
وقد جاءت الآثار متواترةً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقصد في حد الشارب إلى عدد من الضرب معلوم، حتى لقد بين في بعض ما روي عنه نفي ذلك مثل ما رويناه عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ولم يسنّ فيه حدًّا.
فمما روي في ذلك ما
4579 -
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني أسامة بن زيد الليثي عن ابن شهاب حدثه، عن عبد الرحمن بن أزهر قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن وهو في الرحال يلتمس رحل خالد بن الوليد يوم حنين. فبينما هو كذلك، أتي برجل قد شرب الخمر فقال للناس: اضربوه فمنهم من ضربه بالنعال ومنهم من ضربه بالعصا، ومنهم من
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (349) من طريق أحمد بن رشدين، عن عبد الغفار بن داود به.
ضربه بالميتخة
(1)
، يريد الجريدة الرطبة
(2)
.
ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ترابًا من الأرض، فرمى به في وجهه.
4580 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا أسامة بن زيد، قال: حدثني ابن شهاب قال حدثني عبد الرحمن بن أزهر الزهري، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين يتخلل الناس يسأل عن منزل خالد بن الوليد فأتي بسكران، فأمر من كان عنده، فضربوه بما كان في أيديهم، ثم حثا عليه التراب، ثم أتي أبو بكر رضي الله عنه بسكران، فتوخى الذي كان من ضربهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه أربعين، ثم أتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسكران، فضربه أربعين
(3)
.
أفلا ترى أن أبا بكر رضي الله عنه، إنما كان ضرب بعد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين على التحري منه لضرب النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن وقفهم في ذلك على شيء
(1)
بكسر الميم هي الدرة أو العصا أو الجريدة.
(2)
إسناده ضعيف لانقطاعه، الزهري لم يسمع هذا الحديث من عبد الرحمن بن الأزهر، بينهما عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر، كما في المراسيل لابن أبي حاتم (190 - 191).
وأخرجه أبو داود (4487) من طريق ابن وهب به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 504، وأحمد (16809 - 16810)، وأبو داود (4489)، والنسائي في الكبرى (5262)، والفسوي في المعرفة والتاريخ 1/ 283 - 284، والبيهقي في السنن 8/ 320 من طرق عن أسامة بن زيد به.
(3)
إسناده ضعيف كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2450) بإسناده ومتنه.
بعينه.
4581 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن أبي التياح، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد، قال: لا أشرب نبيذًا بجر بعد أن أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنشْوان
(1)
، فقال: يا رسول الله ما شربت خمرًا إنما شربت نبيذ تمر وزبيب في دباء. فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فبُهِزَ
(2)
بالأيدي وخُفِقَ بالنعال
(3)
.
4582 -
حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا نافع بن يزيد، قال: حدثني ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتي بشارب، فقال:"اضربوه"، فمنهم من ضربه بيده، وبثوبه وبنعله
(4)
4583 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا أنس بن عياض، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن
(1)
أي: بسكران.
(2)
من البهز: هو الدفع العنيف.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2451) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (2176) من طريق وهب بن جرير به.
وأخرجه أحمد (11297)، والنسائي في الكبرى (5292) من طريقين عن شعبة به.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (4478) من طريق يحيى بن أيوب وحيوة بن شريح وابن لهيعة، عن ابن الهاد به.
أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4584 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا محمد بن بشر، قال: ثنا محمد بن عمرو قال: ثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم، والزهري، عن عبد الرحمن بن أزهر، قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بشارب يوم حنين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس: قوموا إليه فقام الناس، فضربوه بنعالهم
(2)
.
4585 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا المعلى بن الأسد، قال: ثنا وهيب، عن أيوب، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث قال: أتي بالنعيمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو سكران، قال: فشق على النبي صلى الله عليه وسلم مشقةً شديدةً، قال: فأمر من كان في البيت أن يضربوه، قال فضربوه بالنعال والجريد قال عقبة: كنت فيمن ضربه
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2453) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (7985)، والبخاري (6777، 6781)، وأبو داود (4477)، والنسائي في الكبرى (5287)، وابن حبان (5730)، والبيهقي 8/ 312، والبغوي (2607) من طرق عن أنس بن عياض به.
(2)
إسناده صحيح، ومحمد بن مسلم الزهري متابع.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 546) من طريق محمد بن بشر به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2454) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (5295) من طريق معلى بن أسد به.
وأخرجه أحمد (16155)، والبخاري (6775)، والطبراني 17/ 977، والبيهقي 8/ 317 من طرق عن وهيب به.
4586 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا وهيب
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال بالنعيمان أو ابن النعيمان
(1)
.
4587 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عفان قال: ثنا وهيب
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
فدل ما ذكرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوقفهم في حد الخمر على ضرب معلوم كما وقفهم في حد الزنا لغير المحصن وفي حد القذف.
فإن قال قائل: فقد روي عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضرب في الخمر بنعلين أربعين أربعين.
فجعل عمر رضي الله عنه بكل نعل سوطًا قيل له: قد صدقت.
4588 -
حدثنا بذلك محمد بن بحر بن مطر: قال: ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا المسعودي، عن زيد العمي عن أبي الصديق أو أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، عن
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2454) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (6775)، والبيهقي 8/ 317 من طريق سليمان بن حرب به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2454) بإسناده ومتنه.
رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثل ذلك
(1)
.
وليس في هذا الحديث أيضًا ما يدل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصد بذلك الضرب إلى ثمانين. قد يجوز أن يكون قصد إلى ضرب غير معلوم، فضرب الناس وكان ضربهم في جملته ثمانين فتوخى عمر رضي الله عنه ذلك لما أراد أن يوقف الناس في ذلك على شيء معلوم، فجعل مكان كل نعل سوطًا.
والدليل على ذلك أيضًا أن
4589 -
عبد الله بن محمد بن خشيش حدثنا، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام، عن قتادة عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلما ولي عمر دعا الناس فقال: ما ترون في حد الخمر؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعله كأخف الحدود، وتجعل فيه ثمانين
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف، المسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة قد اختلط، وسماع يزيد بن هارون منه بعد الاختلاط، وزيد العمي هو ابن الحواري أبو الحواري العمي البصري قاضي هراة، ضعيف.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 547، وأحمد (11641) من طريق يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن زيد العمي، عن أي نضرة، عن أبي سعيد به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 548، وأحمد (11277)، والترمذي (1442)، وأبو يعلى (1205) من طريق وكيع، عن مسعر، عن زيد العمي، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد الخدري به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2455) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (6776)، وأبو داود (4479) عن مسلم بن إبراهيم به. =
فلو كان عمر رضي الله عنه قد علم أن ما في حديث أبي سعيد الذي ذكرناه توقيفًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على حد الخمر أنه ثمانون إذاً لما احتاج في ذلك إلى شوري.
ولكنه إنما شاور ليستنبطوا وقتًا معلومًا في ذلك لا يجاوزوه إلى ما هو أكثر منه ولا ينقصوه إلى أقل منه. وقد
4590 -
حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، (ح)
وحدثنا فهد، قال: ثنا موسى بن داود، قال: ثنا همام قالا جميعًا: عن قتادة عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل شرب الخمر، فأمر به فضرب بجريدتين نحواً من أربعين" ثم صنع أبو بكر مثل ذلك. فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوف يا أمير المؤمنين أخف الحدود ثمانون، ففعل ذلك
(1)
.
= وأخرجه الطيالسي (1970)، والبخاري (6773، 6776)، ومسلم (1706)(36)، والنسائي في الكبرى (5277)، وأبو يعلى (3015)، والبيهقي 8/ 319 من طرق عن هشام الدستوائي به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2456) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (13583)، وأبو يعلى (2894)، والبيهقي 8/ 319 من طرق عن همام به.
وأخرجه أحمد (12805)، والدارمي (2311)، والبخاري (6773)، ومسلم (1706)(35)، والنسائي في الكبرى (5274، 5276)، وأبو يعلى (3053، 3219)، وابن الجارود (829)، وابن حبان (4450)، والبيهقي 8/ 319، والبغوي (2604) من طرق عن شعبة به.
فثبت بما ذكرنا أن التوقيف في حد الخمر على جلد معلوم إنما كان في زمن عمر رضي الله عنه وأن ما وقفوا عليه من ذلك كان ثمانين ولم يخالفهم في ذلك أحد منهم.
فلا ينبغي لأحد منهم أن يدع ذلك ويقول بخلافه، لأن إجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة، إذا كانوا بريئًا من الوهم والزلل. وهو كنقلهم الحديث البريء من الوهم والزلل.
فلما كان نقلهم الذي نقلوه جميعًا حجةً، لا يجوز لأحد خلافه، فكذلك رأيهم الذي رأوه جميعًا حجة لا يجوز لأحد خلافه. وقد
4591 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا سليمان بن بلال عن ربيعة عن السائب بن يزيد، أن عمر صلى على جنازة فلما انصرف أخذ بيد ابن له ثم أقبل على الناس فقال أيها الناس: إني وجدت من هذا ريح الشراب وإني سائل عنه، فإن كان سكر جلدناه. قال السائب: فرأيت عمر جلد ابنه بعد ذلك الحد ثمانين
(1)
.
4592 -
حدثنا فهد قال: ثنا أبو اليمان، قال أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: ثنا السائب
…
فذكر مثله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد في الأشربة (85) من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم، عن سليمان بن بلال به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2998) عن أبي زرعة، عن أبي اليمان به. =
وهذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه منكر فدل ذلك على متابعتهم له.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا في التوقيف على حد الخمر أنه ثمانون حديث إن كان ثابتًا. وهو ما قد
4593 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: ثنا هشام بن يوسف، عن عبد الرحمن بن صخر الأفريقي، عن جميل بن كريب، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من شرب بسقة خمر، فاجلدوه ثمانين"
(1)
.
فهذا الذي وجدنا فيه التوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حد الخمر وهو ثمانون.
فإن كان ذلك ثابتًا فقد ثبت به الثمانون، وإن لم يكن ثابتًا فقد ثبت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد تقدم ذكرنا له في هذا الباب من إجماعهم على الثمانين ومن استنباطهم إياها من أخف الحدود، فذلك من إجماعهم بعدما كان خلافه كإجماعهم على
المنع من بيع أمهات الأولاد، وتكبيرات الجنائز، وقد كان خلافه.
= وأخرجه مالك في موطئه 2/ 409، ومن طريقه أخرجه النسائي في المجتبى 8/ 326، وفي الكبرى (5198)، والدارقطني (4568)، والبيهقي في السنن 8/ 295، وفي المعرفة (17327) عن الزهري به.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة حال عبد الرحمن بن صخر الإفريقي، وقال العيني في النخب 16/ 184 لم أقف على من تعرض إليه بشيء، وفي الميزان قال ابن حزم لا يدرى من هو.
وأخرجه الطبراني في الكبير 13/ 49 (120) من طريق القاسم بن زكريا، عن إسحاق بن إبراهيم المروزي به.
وأخرجه ابن يونس في تاريخه كما في النخب 16/ 184 من طريق أحمد بن خالد، عن إسحاق به.
فكما لا ينبغي خلافهم في ترك بيع أمهات الأولاد، فكذلك لا ينبغي خلافهم في توقيفهم الثمانين في حد الخمر.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله.
7 - : باب من سكر أربع مرات ما حده؟
4594 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة، عن عاصم، عن ذكوان أبي صالح، عن معاوية بن أبي سفيان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن شربوا خمراً فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا
(1)
عند الرابعة فاقتلوهم"
(2)
.
4595 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سهل بن بكار، قال: ثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن معبد القاص، عن عبد الرحمن بن عبد الجدلي، عن معاوية، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
4596 -
حدثنا علي بن معبد قال: ثنا عبد الوهاب، قال أخبرنا قرة بن خالد، عن
(1)
في دج خد "زادها".
(2)
إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وعبد الوهاب بن عطاء.
وأخرجه الحاكم 4/ 372 من طريق عبد الوهاب بن عطاء به.
وأخرجه ابن ماجة (2573)، وابن حبان (4446)، والطبراني في الكبير 19/ (768) من طريق سعيد بن أبي عروبة به.
وأخرجه أحمد (16859)، وأبو داود (4482)، والترمذي (1444)، وابن ماجة (2573)، وأبو يعلى (7363)، والحاكم 4/ 372، والبيهقي 8/ 313 من طرق عن عاصم بن بهدلة به.
(3)
إسناده صحيح
وأخرجه أحمد (16847)، والنسائي في الكبرى (5299)، والطبراني في الكبير 19 / (844) من طرق عن أبي عوانة به.
وأخرجه النسائي في الكبرى (5298)، والطبراني في الكبير 19 / (845)، والحازمي في الاعتبار (ص 199) من طريق سليمان التيمي عن المغيرة بن مقسم الضبي به.
الحسن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
قال: فقال عبد الله بن عمرو: ائتوني برجل قد أقيم عليه الحد ثلاث مرات، فإن لم أقتله فأنا كذاب.
4597 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا هدبة قال: ثنا همام، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، ولم يذكر قول عبد الله بن عمرو
(2)
.
4598 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: ثنا بشر بن عمر الزهراني، (ح)
وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قالا: ثنا ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لانقطاعه، الحسن البصري لم يسمع هذا الحديث من عبد الله بن عمرو، وقال ابن أبي حاتم في المراسيل (132): قال علي المديني: الحسن لم يسمع من عبد الله بن عمرو شيئا.
وأخرجه أحمد (6791) من طريق قرة بن خالد به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب.
وأخرجه أحمد (6553) من طريق همام به.
وأخرجه أحمد (6553)، والحاكم 4/ 372 من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة به.
(3)
إسناده حسن من أجل الحارث بن عبد الرحمن القرشي.
وأخرجه الطيالسي (2337)، والدارمي (2105)، وأحمد (7911)، وأبو داود (4484)، والنسائي في المجتبى 8/ 314، وفي الكبرى (5172)، وابن ماجة (2572)، وابن حبان (4447)، والحاكم 4/ 317، والبيهقي 8/ 313 من طرق عن ابن أبي ذئب به.
4599 -
حدثنا ابن مرزوق، قال ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا داود بن يزيد الأودي، عن سماك بن حرب، عن خالد بن جرير، عن جرير، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4600 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا ابن هبيرة، أن أبا ربيع سليمان مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثه أن أبا رمداء البلوي أخبره: أن رجلاً منهم شرب الخمر، فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضربه، ثم شرب الثانية، فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه، ثم شرب الخمر فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أدري قال في الثالثة أو في الرابعة: فأمر به فجعل على العجل
(2)
، ثم ضرب عنقه
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف داود بن يزيد الأودي.
وأخرجه الطبراني في الكبير 2/ 335 (2397، 2398)، والحاكم في المستدرك 4/ 412 من طرق عن داود بن يزيد به.
وأخرجه ابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (526) من طريق إبراهيم بن طهمان عن سماك، عن أخيه محمد بن حرب، عن ابن جرير، عن أبيه به.
(2)
جمع عجلة، قال أبو حاتم: هي الأنطاع.
(3)
إسناده ضعيف من أجل عبد الله بن لهيعة، وأبو سليمان قال العيني في المغاني 3/ 302: ذكره ابن يونس في العلماء المصريين، وقال: يروي عن الربداء البلوي، روى عنه ابن هبيرة ولم يقل شيئا غير ذلك، وفي المصادر أبو الرمداء، وفي المغاني 3/ 302: أبي الربداء، وفي الاتحاف (17773): أبو رقبة البلوي، وفي النخب 16/ 194: وأبو الرمداء، بفتح الراء وسكون الميم وفتح الدال المهملة، وقيل: أبو الربداء بالباء الموحدة موضع الميم. وقال ابن الأثير: أبو الرمداء وقيل: أبو الربداء البلوي مولى لهم، وأكثر أهل الحديث يقولونه بالميم، وأهل مصر يقولونه بالباء.
وأخرجه عبد الله بن وهب في مسنده كما في النخب 16/ 194 من طريق عبد الله بن لهيعة به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2615)، والدولابي في الكنى والأسماء (190)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6794)، والطبراني 23/ 355 (893) من طرق عن ابن لهيعة به.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى هذه الآثار، فقلدوها وزعموا أن من شرب الخمر أربع مرات فحده القتل.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
فقالوا: حده في الرابعة كحده في الأولى.
واحتجوا عليهم في ذلك بما
4601 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا حبّان بن هلال.
وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عارم بن الفضل قالا: ثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد أن أبا أمامة بن سهل بن حنيف هكذا قال ابن مرزوق في حديثه.
وقال يزيد في حديثه: عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كنا مع عثمان وهو محصور فقال: علام تقتلوني؟ وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني، والمفارق دينه
(3)
التارك للجماعة
(4)
.
(1)
قلت أراد بهم طائفة من أهل الحديث، وجماعة الظاهرية، كما في النخب 16/ 197.
(2)
قلت أراد بهم: جمهور العلماء من التابعين، ومن بعدهم، منهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم رحمهم الله، كما في المصدر السابق.
(3)
في خد "لدينه".
(4)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1802) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الشافعي 2/ 96، والطيالسي (72)، والدارمي (2297)، وأحمد (437)، وأبو داود (4502)، والترمذي (2158)، وابن ماجة (2533)، وابن الجارود (836)، والحاكم 4/ 350، والبيهقي 8/ 18 - 19، والبغوي (2518) من طرق عن حماد بن زيد به.
4602 -
حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4603 -
حدثنا علي بن شيبة، وأبو أمية قالا: ثنا عبيد الله بن موسى، قال أخبرنا شيبان، عن الأعمش
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4604 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
4605 -
وحدثنا أبو أمية، قال: ثنا محمد بن سابق، قال: ثنا زائدة (ح)
وحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبيد الله (ح)
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (6878) عن عمر بن حفص به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 270، ومن طريقه مسلم (1676)(25) عن حفص بن غياث وأبي معاوية ووكيع به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1807) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (1676)(26) من طريقين عن عبيد الله بن موسى به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (25475)، ومسلم (1676)(26)، والنسائي 7/ 90 - 91، وفي الكبرى (3479)، وأبو يعلى (4767، 4768)، وابن حبان (4407)، والدارقطني 3/ 82، والبيهقي 8/ 194 - 195 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري به.
وحدثنا أبو أمية، أيضًا قال: ثنا عبيد الله قال: أنا زائدة، قال محمد بن سابق في حديثه، قال: ثنا سليمان الأعمش، وقال عبيد الله في حديثه عن الأعمش
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
قال سليمان فحدثت به إبراهيم، فقال: حدثني الأسود، عن عائشة
…
مثله.
4606 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن غالب، قال: دخل الأَشْتَر على عائشة فقالت: أردت قتل ابن أختي؟، فقال: لقد حرص على قتلي وحرصت على قتله فقالت: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
…
فذكرت مثله
(2)
.
فهذه الآثار التي ذكرناها تعارض الآثار الأوُل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد منع في هذه الآثار أن يحل الدم إلا بإحدى الثلاث الخصال المذكورة فيها، غير أنه قد يحتمل أن تكون هذه الآثار ناسخةً للآثار الأوُل، فنظرنا في ذلك هل نجد شيئًا من الآثار تدل عليه؟
4607 -
فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا أصبغ بن الفرج، قال: ثنا حاتم بن
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1806) بإسناده ومتنه.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1808) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن راهويه (1603)، وابن أبي شيبة 9/ 414، وأحمد (25477)، والنسائي في المجتبى 7/ 91، وفي الكبرى (3480) من طرق عن سفيان الثوري به.
إسماعيل، عن شريك، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن عاد فاجلدوه، ثم إن عاد فاجلدوه، ثم إن عاد فاجلدوه"، قال: فثبت الجلد ودرئ القتل
(1)
.
4608 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث، أن محمد بن المنكدر، حدثه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في شارب الخمر:"إن شرب الخمر فاجلدوه ثلاثاً، ثم قال في الرابعة فاقتلوه فأتي ثلاث مرات برجل قد شرب الخمر فجلده، ثم أتي به في الرابعة فجلده، ووضع القتل عن الناس"
(2)
.
4609 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب الكعبي، أنه حدثه أنه بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكر مثله سواءً
(3)
.
فثبت بما ذكرنا أن القتل بشرب الخمر في الرابعة منسوخ، فهذا وجه هذا الباب
(1)
إسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله ولعنعنة ابن إسحاق.
وأخرجه النسائي في الكبرى (5283) من طريق شريك به.
وأخرجه البيهقي في السنن 8/ 313، وفي المعرفة (17394) من طريق زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق به.
وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 415، والعقيلي في الضعفاء 4/ 142 من طريقين عن محمد بن المنكدر به.
(2)
إسناده مرسل.
(3)
إسناده مرسل.
وأخرجه الشافعي 2/ 89، وعبد الرزاق (17084)، وأبو داود (4485)، والبيهقي 8/ 314، والبغوي (2605) من طرق عن الزهري به.
من طريق الآثار.
ثم عدنا إلى النظر في ذلك لنعلم ما هو؟ فرأينا العقوبات التي تجب بانتهاك الحرمات مختلفةً.
فمنها حد الزنا وهو الجلد في غير الإحصان، فكان من زنى وهو غير محصن فحد، ثم زنى ثانيةً كان حده كذلك أيضًا، ثم كذلك حده في الرابعة لا يتغير عن حده في أول مرة.
وكان من سرق ما يجب فيه القطع فحده قطع اليد، ثم إن سرق ثانية فحده قطع الرجل ثم إن سرق ثالثةً ففي حكمه اختلاف بين الناس.
فمنهم من يقول: تقطع يده، ومنهم من يقول: لا تقطع، فهذه حقوق الله عز وجل التي تجب فيما دون الأنفس.
وأما حدود الله التى تجب في الأنفس، فهى القتل في الردة والرجم في الزنا إذا كان الزاني محصنًا.
فكان من زنى ممن قد أحصن، رجم، ولم ينتظر به أن يزني أربع مرات وكان من ارتد عن الإسلام قتل، ولم ينتظر به أن يرتد أربع مرات.
وأما حقوق الآدميين فمنها أيضًا ما يجب فيما دون النفس.
فمن ذلك حد القذف، فكان من قذف أربع مرات فحكمه فيما يجب عليه بكل
مرة منها فهو حكم واحد لا يتغير، ولا يختلف ما يجب في قذفه إياه في المرة الرابعة، وما يجب عليه بقذفه إياه في المرة الأولى.
وكانت الحدود لا تتغير في انتهاك الحرم، وحكمها كلها حكم واحد.
فما كان منها جلد في أول مرة فحكمه كذلك أبدًا، وما كان منها قتل قتل الذي وجب عليه ذلك بفعله أول مرة، ولم ينتظر به أن يتكرر فعله أربع مرات.
فلما كان ما وصفنا كذلك، وكان من شرب الخمر مرةً فحده الجلد لا القتل، كان في النظر أيضًا عقوبته في شربه إياها بعد ذلك أبدًا كلما شربها الجلد لا القتل، ولا تزيد عقوبته بتكرر أفعاله، كما لم تزد عقوبته التي وصفنا بتكرر أفعالهم.
فهذا الذي وصفنا هو النظر، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
8 - باب المقدار الذي يقطع فيه السارق
4610 -
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال: ثنا عبد الله بن نمير، قال: ثنا عبيد الله العمري، عن نافع عن ابن عمر قال: قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجن
(1)
قيمته ثلاثة دراهم
(2)
.
4611 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا شعبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
4612 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك بن أنس، عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
(1)
بكسر الميم، وهو الترس.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (6293)، ومسلم (1686)(6) من طريق ابن نمير به.
وأخرجه أحمد (5157)، والبخاري (6797)، ومسلم (1686)، والنسائي 8/ 77، وابن ماجة (2584)، والبيهقي 8/ 256 من طرق عن عبيد الله به.
(3)
إسناده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق (18968)، وأحمد (4503)، والدارمي 2/ 173، ومسلم (1686)(6)، وابن الجارود في المنتقى (825)، والطرسوسي في مسنده (35) من طرق عن أيوب به.
(4)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 831، ومن طريقه أخرجه الطيالسي (1847)، والشافعي 2/ 83، وأحمد (5310)، والبخاري (6795)، ومسلم (1686)(6)، وأبو داود (4385)، والنسائي في المجتبى 8/ 76، وابن حبان (4463)، الدارقطني 3/ 190، والبيهقي في السنن 8/ 256، والبغوي (2596).
4613 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب أن مالكًا حدثه
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4614 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن نافع عن ابن عمر قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد سرق حجفةً
(2)
ثمنها ثلاثة دراهم، فقطعه
(3)
.
قال أبو جعفر فكان الذي في هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في جحفة قيمتها ثلاثة دراهم، وليس فيها أنه لا يقطع فيما هو أقل من ذلك. فنظرنا في ذلك فإذا
4615 -
أحمد بن داود قد حدثنا قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا وهيب بن خالد قال: ثنا صالح أبو واقد، عن عامر بن سعد عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يقطع السارق إلا في ثمن المجن"
(4)
.
(1)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(2)
بفتح الحاء المهملة والجيم: الترس.
(3)
إسناده حسن، ومحمد بن إسحاق عنعن وقد توبع.
وأخرجه الدارقطني (3384) من طريق عبد الله بن إدريس، عن يحيى بن سعيد ومحمد بن إسحاق ومالك بن أنس، عن نافع به.
وعلقه البخاري في صحيحه إثر (6798)، وقال ابن حجر في الفتح 12/ 105: وروايته موصولة عند الاسماعيلي من طريق عبد الله بن المبارك، عن مالك ومحمد بن إسحاق وعبيد الله بن عمر ثلاثتهم عن نافع عن ابن عمر به.
(4)
إسناده ضعيف لضعف صالح بن محمد أبي واقد الليثي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 469، وأحمد (1455)، وابن ماجة (2586)، والدورقي (24)، وأبو يعلى (799)، والشاشي (98)، وابن عدي 4/ 1377، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (539)، والبيهقي 8/ 259 من طرق عن وهيب بن خالد به.
فعلمنا بهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفهم عند قطعه في المجن على أنه لا يقطع فيما قيمته أقل من قيمة المجن.
فذهب قوم
(1)
إلى أن السارق يقطع في هذا المقدار الذي قدره ابن عمر رضي الله عنهما في ثمن المجن، وهو ثلاثة دراهم، ولا يقطع فيما هو أقل من ذلك، واحتجوا في ذلك بما رووه من هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: لا يقطع السارق إلا فيما يساوي عشرة دراهم فصاعدًا. واحتجوا في ذلك بما
4616 -
حدثنا ابن أبي داود، وعبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قالا: ثنا أحمد بن خالد الوهبي، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء، عن ابن عباس قال: كان قيمة المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم
(3)
.
4617 -
حدثنا ابن أبي داود وعبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قالا: ثنا الوهبي، قال:
(1)
قلت أراد بهم: الأوزاعي، والليث، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 16/ 218.
(2)
قلت أراد بهم عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وأيمن الحبشي، وحماد بن أبي سليمان، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 16/ 221.
(3)
إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.
وأخرجه أبو داود (4387)، والنسائي في المجتبى 8/ 83، وفي الكبرى (7397)، وأبو يعلى (2495)، والدارقطني (3390)، والبيهقي في السنن 8/ 257، وفي المعرفة (17097) من طرق عن محمد بن إسحاق به.
ثنا ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده
…
مثله
(1)
.
4618 -
حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، قال: أنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، وعطاء، عن أيمن الحبشي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أدنى ما يقطع فيه السارق ثمن المجن"
(2)
. قال: وكان يقوّم يومئذ دينارًا.
4619 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا شريك، عن منصور، عن عطاء، عن أيمن ابن أم أيمن عن أم أيمن قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقطع يد السارق إلا في حجفة"
(3)
. وقومت يومئذ - على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارًا أو عشرة دراهم.
(1)
إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 474، وأحمد (6687)، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 25، والنسائي في المجتبى 8/ 84، والكبرى (7444)، والدارقطني 3/ 190، والبيهقي 8/ 259 من طرق عن ابن إسحاق به.
(2)
إسناده مرسل، قال البخاري هذا أصح بارساله، وقال البيهقي: رواية أيمن عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعة.
وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 82، وفي الكبرى (7389)، وابن الأعرابي في معجمه (813)، والطبراني في الكبير (849)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1009) من طرق عن معاوية بن هشام به.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 2/ 25، والنسائي في الكبرى (7392، 7393)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (611، 615) والبيهقي 8/ 257 من طريق الحكم بن عتيبة، عن مجاهد وعطاء به.
(3)
إسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله النخعي.
وأخرجه الطبراني في الكبير 25/ 88 (228)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7875) من طريقين عن يحيى الحماني به.
وأخرجه البيهقي في الخلافيات من طريق أبي حفص عن شريك به، كما في النخب 16/ 232.
فلما اختلف في قيمة المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، احتيط في ذلك، فلم يقطع إلا فيما قد أجمع أن فيه وفاءً بقيمة المجن التي جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدارًا أن لا يقطع فيما هو أقل منها، وهي عشرة دراهم.
وقد ذهب آخرون
(1)
إلى أنه لا يقطع إلا في ربع دينار فصاعدًا. واحتجوا في ذلك بما
4620 -
حدثنا يونس قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع في ربع دينار فصاعدًا
(2)
.
قيل لهم ليس في هذا حجةً على من ذهب إلى أنه لا يقطع إلا في عشرة دراهم، لأن عائشة رضي الله عنها إنما أخبرت عما قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فيحتمل أن يكون ذلك؛ لأنها قومت ما قطع فيه، فكانت قيمته عندها ربع دينار، فجعلت ذلك مقدار ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطع فيه. واحتجوا في ذلك أيضًا بما
4621 -
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن
(1)
قلت أراد بهم الشافعي، وأحمد وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 16/ 232.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الشافعي،2/ 83، والحميدي (279)، وإسحاق بن راهويه (983،740)، وأحمد (24078)، ومسلم (1684)، والترمذي (1445)، والنسائي في المجتبى 8/ 78 - 79، وفي الكبرى (6408)، وابن حبان (4459)، والبيهقي 8/ 254، والبغوي (2595) من طرق عن سفيان بن عيينة به.
شهاب، عن عروة وعمرة، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا"
(1)
.
فقالوا: هذا إخبار من عائشة رضي الله تعالى عنها عن قول النبي صلى الله عليه وسلم، فدل ذلك، أن ما ذكرنا عنها في الحديث الأول من قطع النبي صلى الله عليه وسلم في ربع دينار فصاعداً، إنما أخذت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما وقفها عليه على ما في هذا الحديث لا من جهة تقويمها؛ لما كان قطع فيه.
قيل لهم: هذا كما ذكرتم لو لم يختلف في ذلك عنها فقد روى ابن عيينة، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، ما قد ذكرناه في الفصل الأول فكان ذلك إخبارًا منها عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لا عن قوله، ويونس بن يزيد - عندكم - لا يقارب ابن عيينة، فكيف تحتجون بما روى وتدعون ما روى ابن عيينة؟ قالوا: فقد روي هذا الحديث أيضًا من غير هذا الوجه عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، كما رواه يونس بن يزيد.
4622 -
فذكروا ما حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن عمرة عن عائشة أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (6790)، ومسلم (1684)(2)، وأبو داود (4384)، والنسائي في المجتبى 8/ 78، وفي الكبرى (7364)، وابن حبان (4455، 4460)، والبيهقي 8/ 254 من طرق عن عبد الله بن وهب به.
يقول: "لا يقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً"
(1)
.
قيل لهم فكيف تحتجون بهذا الحديث وأنتم تزعمون أن مخرمة لم يسمع من أبيه حرفًا، وأن ما روي عنه مرسلا، وأنتم لا تحتجون بالمرسل؟ فما تذكرون مما تنفون به سماع مخرمة عن أبيه ما.
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم عن خاله موسى بن سلمة، قال: سألت مخرمة بن بكير: هل سمعت من أبيك شيئًا؟ فقال: لا.
قالوا فإنه قد روى هذا الحديث عن عمرة، كما رواه يونس بن يزيد عن الزهري، يحيى بن سعيد أيضًا. وذكروا في ذلك ما
4623 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا أبان بن يزيد، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا"
(2)
.
قيل لهم قد روى هذا الحديث، عن يحيى، من هو أثبت من أبان، فأوقفه على
(1)
إسناده صحح.
وأخرجه مسلم (1684)(3)، والنسائي 8/ 81، وابن حبان (4464)، والدارقطني 3/ 189 من طرق عن ابن وهب به.
وأخرجه النسائي، 8/ 81، 82، والدارقطني 3/ 189 من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن بكير الأشج به.
(2)
إسناده صحيح
وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 79، وفي الكبرى (7370) من طريق مسلم بن إبراهيم به.
عائشة، ولم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4624 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما طال علي ولا نسيت: القطع في ربع دينار فصاعداً
(1)
.
4625 -
حدثنا محمد بن إدريس المكي، قال: ثنا الحميدي عن سفيان، قال: ثنا أربعة عن عمرة، عن عائشة، لم يرفعه عبد الله بن أبي بكر ورزيق بن حكيم الأيلي، ويحيى، وعبد ربه ابنا سعيد والزهري أحفظهم كلهم إلا أن في حديث يحيى ما قد دل على الرفع ما نسيت ولا طال علي: القطع في ربع دينار فصاعداً
(2)
.
4626 -
حدثنا يونس قال أخبرني أنس بن عياض، عن يحيى بن سعيد، قال: حدثتني
(1)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك 2/ 395، ومن طريقه أخرجه النسائي في المجتبى 8/ 79، وفي الكبرى (7374، وابن حبان (4462).
(2)
إسناده صحيح
وأخرجه الحميدي (282) عن سفيان به.
وأخرجه ابن حبان (4465) من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن سفيان بن عيينة قال: سمعت من أربعة: يحيى بن سعيد ورزيق وسعيد بن سعيد والزهري، عن عمرة به.
وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 79 من طريق قتيبة، عن سفيان، عن يحيى بن سعيد وعبد ربه ورزيق - صاحب أيلة - أنهم سمعو عن عمرة.
وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 79 من طريق قتيبة، عن سفيان، عن الزهري، عن عمرة به.
عمرة، أنها سمعت عائشة، تقول: القطع في ربع دينار فصاعدًا
(1)
.
فكان أصل حديث يحيى، عن عمرة هو ما ذكرنا مما رواه عنه أهل الحفظ والإتقان: مالك وابن عيينة، لا كما رواه أبان بن يزيد.
فقد عاد حديث يحيى بن سعيد عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها إلى نفسها، إما لتقويمها ما قد خولفت في تقويمه، ولم يثبت فيه عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء.
وأما ما استدل به ابن عيينة، على أن حديث عائشة رضي الله عنها مما رواه يحيى بن سعيد، عن عمرة عنها مرفوع بقولها: ما طال علي، ولا نسيت فإن ذلك - عندنا - لا دلالة فيه، على ما قد ذكرتم، وقد يجوز أن يكون معناها في ذلك: ما طال علي ولا نسيت ما قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كانت قيمته عندها ربع دينار، وقيمته عند غيرها أكثر من ذلك، فيعود معنى حديثها هذا إلى معنى ما قد روينا عنها قبل هذا من ذكرها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطع فيه، ومن تقويمها إياه بربع دينار.
فإن قالوا فقد رواه أبو بكر بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، مثل ما رواه أبان بن يزيد، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها. وذكروا في ذلك، ما
4627 -
حدثنا محمد بن إدريس المكي، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا عبد العزيز بن أبي
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 79، وفي الكبرى (7372) من طريق ابن إدريس، عن يحيى بن سعيد به.
حازم، قال: حدثني ابن الهاد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً"
(1)
.
4628 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا عبد الله بن جعفر، عن يزيد بن الهاد
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4629 -
حدثنا محمد بن خزيمة، وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني ابن الهاد
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
4630 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عمرو بن عون، قال أخبرنا هشيم عن محمد بن إسحاق، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1684)(4) من طريق عبد العزيز بن محمد به.
وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 79، وفي الكبرى (7375) من طريق ابن أبي حازم به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (985)، ومسلم (1684)(4) من طريق أبي عامر العقدي به.
وأخرجه البيهقي في المعرفة 12/ 366 من طريق خالد بن مخلد، عن عبد الله بن جعفر به.
وأخرجه أحمد (24725) من طريق عبد الله بن جعفر، عن يزيد بن عبد الله، عن أبي بكر، عن عائشة به، وإسناده منقطع.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
قيل لهم قد روي هذا كما ذكرتم، ولكنه لا يجب على أصولكم، أن تعارضوا بهذا الحديث ما روى الزهري، ولا ما روى يحيى وعبد ربه ابنا سعيد، لأن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ليس له من الإتقان ولا من الحفظ ما لواحد من هؤلاء، ولا لمن روى هذا الحديث أيضًا عن أبي بكر بن محمد، وهو ابن الهاد ومحمد بن إسحاق عندكم من الإتقان للرواية والحفظ ما لمن روى حديث الزهري ويحيى وعبد ربه ابني سعيد عنهم.
وقد خالف أيضًا أبا بكر بن محمد فيما روى عن عمرة من هذا ابنه عبد الله بن أبي بكر.
4631 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب أن مالكًا، حدثه، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، قالت قالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعداً
(2)
.
وقد خالفه في ذلك أيضًا رزيق بن حكيم فرواه عن عمرة مثل ما رواه عبد الله بن أبي بكر، ويحيى، وعبد ربه عنها.
(1)
إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.
وأخرجه البيهقي 8/ 255 من طريق أحمد بن خالد، عن محمد بن إسحاق به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك 2/ 395، ومن طريقه أخرجه النسائي في المجتبى 8/ 80، وفي الكبرى (7377)، والبيهقي في السنن 8/ 276، وفي المعرفة (17234).
فإن كان هذا الأمر يؤخذ من جهة كثرة الرواة فإن من روى حديث عمرة عنها بخلاف ما رواه عنها أبو بكر بن محمد أكثر عددًا.
وإن كان يؤخذ من جهة الإتقان في الرواة والحفظ فإن لمن روى حديث عمرة عنها من يحيى وعبد ربه من الإتقان في الرواية والضبط لها ما ليس لأبي بكر بن محمد.
فإن قالوا فقد رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن وغيره عن عمرة مثل ما رواه عنها أبو بكر بن محمد. فذكروا في ذلك ما
4632 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن جعفر بن ربيعة عن العلاء بن الأسود بن جارية، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وكثير بن خنيس أنهم تنازعوا في القطع فدخلوا على عمرة يسألونها. فقالت: قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا قطع إلا في ربع دينار"
(1)
.
قيل لهم: أما أبو سلمة فلا نعلم لجعفر بن ربيعة منه سماعًا ولا نعلمه لقيه أصلا فكيف يجوز لكم أن تحتجوا بمثل هذا على مخالفكم وتعارضوا به ما قد رواه عن عمرة من قد ذكرناهم؟ وإن احتجوا في ذلك أيضًا بحديث الزهري فإنه
4633 -
حدثنا محمد بن إدريس، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا الزهري، قال: أخبرتني عمرة بنت عبد الرحمن، أنها سمعت عائشة تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
"يقطع السارق في ربع دينار فصاعداً"
(1)
.
4634 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عمرة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السارق إذا سرق ربع دينار قطع"
(2)
.
4635 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عمرة
(3)
، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً"
(4)
.
قيل لهم: قد روينا هذا الحديث عن الزهري في هذا الباب من حديث ابن عيينة على غير هذا اللفظ مما معناه خلاف هذا المعنى. وهو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع في ربع الدينار فصاعدًا.
فلما اضطرب حديث الزهري على ما ذكرنا واختلف عن غيره عن عمرة على ما وصفنا ارتفع ذلك كله فلم تجب الحجة بشيء منه إذا كان بعضه ينفي بعضًا.
ورجعنا إلى أن الله عز وجل قال في كتابه والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما
(1)
إسناده صحيح. وهو مكرر سابقه (4620).
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (4620).
(3)
في د خد س "عروة" وهو خطأ.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 202، والدارمي (2449)، والبخاري (6789)، ومسلم (1684)(1)، وابن ماجة (2585)، وأبو يعلى (4411) من طريق إبراهيم بن سعد به.
جزاء بما كسبا نكالا من الله".
فأجمعوا أن الله تعالى لم يعن بذلك كل سارق، وأنه إنما عنى به خاصا من السراق لمقدار من المال معلوم، فلا يدخل فيما قد أجمعوا عليه أن الله تعالى عنى به خاصا إلا ما قد أجمعوا أن الله تعالى عناه.
وقد أجمعوا أن الله تعالى قد على سارق العشرة الدراهم واختلفوا في سارق ما هو دونها.
فقال قوم: هو ممن عنى الله تعالى وقال قوم: ليس هو منهم.
فلم يجز لنا - لما اختلفوا في ذلك - أن نشهد على الله تعالى أنه عنى ما لم يجمعوا أنه عناه. وجاز لنا أن نشهد فيها أجمعوا أن الله عز وجل عناه.
فجعلنا سارق العشرة الدراهم فما فوقها داخلا في الآية فقطعناه وجعلنا سارق ما دون العشرة خارجا من الآية فلم نقطعه.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين وقد روي ذلك عن ابن مسعود وعطاء وعمرو بن شعيب.
4636 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، عن المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، أن عبد الله بن مسعود قال: لا تقطع اليد إلا في الدينار أو عشرة
دراهم
(1)
.
4637 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: كان قول عطاء مثل قول عمرو بن شعيب: لا تقطع اليد في أقل من عشرة دراهم
(2)
.
(1)
إسناده مرسل، وعثمان بن عمر روى عن المسعودي قبل الاختلاط، والقاسم بن عبد الرحمن يروي عن جده عبد الله بن مسعود مرسلا.
وأخرجه عبد الرزاق (18950)، وابن أبي شيبة (28106)، وابن أبي الجعد (1927)، والطبراني في الكبير (9742)، والدارقطني (3398)، والبيهقي 8/ 260 من طرق عن المسعودي به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (18947) من طريق ابن جريج به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (28108) من طريق عبد الملك بن سليمان، عن عطاء به.
9 - باب الإقرار بالسرقة التي توجب القطع
4638 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا سعيد بن عون مولى بني هاشم، قال: ثنا الدراوردي، عن يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة: قال: أتي بسارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إن هذا، سرق، فقال:"ما إخاله سرق"، فقال السارق: بلى يا رسول الله، فقال:"اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به" قال: فذهب به فقطع ثم حسم ثم أتي به، فقال:"تب إلى الله عز وجل"، فقال: تبت إلى الله، فقال:"تاب الله عليك"
(1)
.
4639 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
4640 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن يزيد بن خصيفة
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده حسن من أجل سعيد بن عون.
وأخرجه البزار كما في النخب 16/ 264، والدارقطني (3138)، والحاكم 4/ 422، والبيهقي في السنن 8/ 271، وفي المعرفة (17231) من طرق عن عبد العزيز بن محمد الداروردي به.
(2)
إسناده مرسل، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.
وأخرجه البيهقي 8/ 271 من طريقين عن يزيد بن خصيف به، مرسلا.
(3)
إسناده مرسل.
وأخرجه ابن أبي شيبة (28577) من طريق سفيان بن عيينة، عن يزيد بن خصيف به.
4641 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال: سمعت ابن جريج يحدث، أن يزيد بن خصيفة أخبره أنه سمع محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان يحدث، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4642 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد بن موسى،، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن ثعلبة الأنصاري، عن أبيه: أن عمرو بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني سرقت جملاً لبني فلان، قال: فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا فقدنا جملًا لنا، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقطعت يده، قال ثعلبة: أنا أنظر إليه حين قطعت يده وهو يقول: الحمد لله الذي طهرني مما أراد أن يدخل جسدي النار
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى أن الرجل إذا أقر بالسرقة مرة واحدة قطع واحتجوا في ذلك بهذا الحديث. وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة ومحمد بن الحسن رحمهما الله.
(1)
إسناده مرسل.
وأخرجه بن وهب في مسنده كما في النخب 16/ 267.
(2)
إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة، ولجهالة عبد الرحمن بن ثعلبة الأنصاري.
وأخرجه ابن ماجة (2588)، والطبراني في الكبير (1385)، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 121 من طرق عن ابن لهيعة به.
(3)
قلت أراد بهم عطاء بن أبي رباح، والثوري، ومالكا، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 16/ 269.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
ومنهم: أبو يوسف رحمه الله فقالوا: لا يقطع حتى يقر مرتين. واحتجوا في ذلك بما
4643 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إبراهيم بن الحجاج ومحمد بن عون الزيادي قالا: ثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي أمية المخزومي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلصّ اعترف اعترافًا ولم يوجد معه المتاع، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما إخالك سرقت"، قال: بلى يا رسول الله، فأعادها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثًا، قال: بلى يا رسول الله، فأمر به فقطع. ثم جيء به، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"قل: أستغفر الله وأتوب إليه" قال: أستغفر الله وأتوب إليه ثم قال: "اللهم تب عليه"
(2)
.
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعه بإقراره مرةً واحدةً حتى أقر ثانيةً.
فهذا أولى من الحديث الأول، لأن فيه زيادةً على ما في الأول. وقد يجوز أن يكون أحدهما قد نسخ الآخر.
(1)
قلت أراد بهم: سليمان الأعمش، والحسن بن صالح، وأبا يوسف، وأحمد، وزفر بن الهذيل رحمهم الله، كما في النخب 16/ 271.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة أبي المنذر مولى أبي ذر.
وأخرجه أحمد (22508)، والدارمي (2303)، وأبو داود (4380)، والنسائي 8/ 67، وابن ماجة (2597)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4380)، والدولابي في الكنى 1/ 14، والطبراني في الكبير 22/ (905) من طرق عن حماد بن سلمة به.
فلما احتمل ذلك رجعنا إلى النظر فوجدنا السنة قد قامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقر بالزنا أنه رده أربع مرات وأنه لم يرجمه بإقراره مرةً واحدةً، وأخرج ذلك من حكم الإقرار بحقوق الآدميين التي يقبل فيها إقراره مرةً واحدةً، ورد حكم الإقرار بذلك إلى حكم الشهادة عليه.
فلما كانت الشهادة عليه غير مقبولة إلا من أربعة، فكذلك جعل الإقرار به لا يوجب الحد إلا بإقراره أربع مرات.
فثبت بذلك أن حكم الإقرار بالسرقة أيضًا كذلك يرد إلى حكم الشهادة عليها.
ولما كانت الشهادة عليها لا تجوز إلا من اثنين فكذلك الإقرار بها لا يقبل إلا مرتين.
وقد رأيناهم جميعاً لما رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقر بالزنا لما هرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لولا خليتم سبيله"، فكان ذلك عندهم على أن رجوعه مقبول، واستعملوا ذلك في سائر حدود الله عز وجل، فجعلوا من أقر بها ثم رجع قبل رجوعه ولم يخصوا الزنا بذلك دون سائر حدود الله عز وجل.
فكذلك لما جعل الإقرار في الزنا لا يقبل إلا بعدد ما يقبل عليه من البينة ثبت أنه لا يقبل الإقرار بسائر حدود الله عز وجل إلا بعدد ما يقبل عليها من البينة.
فأدخل محمد بن الحسن رحمه الله في هذا على أبي يوسف رحمه الله فقال: لو كان لا يقطع في السرقة حتى يقّر بها سارقها مرتين لكان إذا أقر أول مرة صار ما أقرّ به عليه ديناً
ولم يجب عليه القطع بعد ذلك إذا كان السارق لا يقطع فيما قد وجب عليه بأخذه إياه دينا.
فكان من حجتنا لأبي يوسف رحمة الله عليه في ذلك أنه لو لزم ذلك أبا يوسف في السرقة للزم محمدًا مثله في الزنا أيضًا إذ كان الزاني في قولهم: لا يحد فيما وجب عليه فيه مهر كما لا يقطع السارق فيها قد وجب عليه دينًا.
فلو كانت هذه العلة التي احتج بها محمد بن الحسن رحمه الله على أبي يوسف يجب بها فساد قول أبي يوسف رحمه الله في الإقرار بالسرقة للزم محمدا مثل ذلك في الإقرار بالزنا.
وذلك أنه لما أقر بالزنا مرةً لم يجب عليه حد، وقد أقر بوطئ لا يحد فيه بذلك الإقرار فوجب عليه مهر فلا ينبغي أن يحد في وطء قد وجب عليه فيه مهر.
فإذا كان محمد رحمه الله لم يجب عليه بذلك حجة في الإقرار بالزنا فكذلك أبو يوسف رحمه الله لا يجب عليه بذلك حجة في الإقرار بالسرقة.
وقد رد علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي أقر عنده بالسرقة مرتين.
4644 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رجلًا أقر عنده بسرقة مرتين،
فقال: قد شهدت على نفسك شهادتين قال: فأمر به فقطع وعلقها في عنقه
(1)
.
أفلا ترى أن عليا رضي الله تعالى عنه رد حكم الإقرار بالسرقة إلى حكم الشهادة عليها في عدد الشهود، فكذلك الإقرار بحدود الله عز وجل كلها لا يقبل في ذلك إلا بعدد ما يقبل من الشهود عليها.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (18783)، وابن أبي شيبة (28190)، والبيهقي في السنن 8/ 275، وفي المعرفة (17223) من طرق عن الأعمش به.
10 - باب: الرجل يستعير الحلي فلا يرده هل يجب عليه في ذلك قطع أو لا؟
قال أبو جعفر: روي عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن امرأةً كانت تستعير الحلي فلا ترده قالت فأتي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقطعت.
4645 -
حدثنا عبيد بن رجال قال: ثنا أحمد بن صالح، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع فتجحده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم قطع يدها، فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه فكلم أسامة النبي صلى الله عليه وسلم فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا أسامة، لا أراك تكلمني في حد من حدود الله عز وجل"، قال: ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: "إنما أهلك من كان قبلكم، أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف، قطعوه، والذي نفسي بيده إن كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها" فقطع يد المخزومية
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى أن من استعار شيئًا فجحده وجب أن يقطع فيه وكان عندهم بذلك في معنى السارق واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2301) بإسناده ومتنه.
وهو في مصنف عبد الرزاق (18830)، ومن طريقه أخرجه أحمد (25297)، ومسلم (1688)(10)، وأبو داود (4374، 4397)، وابن الجارود في المنتقى (804).
(2)
قلت أراد بهم: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وجماعة الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 16/ 281.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
فقالوا: لا يقطع ويضمن.
وكان من الحجة لهم أن هذا الحديث قد رواه معمر كما ذكروا، وقد رواه غيره فزاد فيه أن تلك المرأة التي كانت تستعير الحلي فلا ترده، سرقت، فقطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسرقتها. فمما روي في ذلك ما
4646 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن عروة بن الزبير أخبره، عن عائشة أن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الفتح، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع، فكلمه فيها أسامة بن زيد فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أتشفع في حد من حدود الله عز وجل؟ "، فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال:"أما بعد فإنما أهلك الناس من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها"
(2)
.
(1)
قلت أراد بهم: الشعبي، والنخعي، والثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأبا يوسف، ومحمدا، وأهل المدينة، وأهل الكوفة رحمهم الله، كما في النخب 16/ 282.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2305) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (2648)، ومسلم (1688)(9)، والنسائي في المجتبى 8/ 74 - 75، وفي الكبرى (7389) من طريق ابن وهب به.
4647 -
حدثنا يونس، قال: حدثنا شعيب بن الليث، عن أبيه، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أن قريشًا همهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يجترئ يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة؟
…
ثم ذكر مثل معناه
(1)
.
فثبت بهذا الحديث أن القطع كان بخلاف المستعار المجحود.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدفع القطع في الخيانة ما قد
4648 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال سمعت ابن جريج يحدث، عن أبي الزبير، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس على الخائن ولا على المختلس ولا على المنتهب قطع"
(2)
.
4649 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا ابن جريج
…
فذكر
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2306) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الدارمي 2/ 173، والبخاري (3475، 6887، 6788)، ومسلم (1688)(8)، وأبو داود (4373)، والترمذي (1430)، والنسائي 8/ 73 - 74، وابن ماجة (2547)، وابن الجارود (805)، والبيهقي 8/ 253 - 254، والبغوي (2603) من طرق عن الليث بن سعد به.
(2)
إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير بالتحديث عند عبد الرزاق.
وأخرجه عبد الرزاق (18844، 18858، 18860)، وابن أبي شيبة 10/ 45 - 47، والدارمي (2310)، وأحمد (15070)، وأبو داود (4391، 4392، 4393)، والترمذي (1448)، والنسائي في المجتبى 8/ 88 - 89، وفي الكبرى (7463)، وابن ماجة (2591)، وابن حبان (4456، 4557)، والدارقطني 3/ 187، والبيهقي 8/ 279 من طرق عن ابن جريج به.
بإسناده مثله
(1)
.
4650 -
حدثنا عبيد بن رجال قال: حدثنا إسماعيل بن سالم، قال: حدثنا شبابة بن، سوار، قال: ثنا المغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
فلما كان الخائن لا قطع عليه، وفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين السارق، وأحكمت السنة أمر السارق الذي يجب عليه القطع أنه هو الذي يسرق مقدارًا من المال معلومًا من حرز، وكان المستعير أخذ المال المستعار من غير حرز ثبت أنه لا قطع عليه في ذلك لعدم
الحرز.
وهذا الذي ذكرنا مما صححنا عليه معاني هذه الآثار قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
(1)
إسناده صحيح على شرط مسلم وهو مكرر سابقه.
(2)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 89، وفي الكبرى (7426) من طريق شبابة به.
11 - باب: سرقة الثمر والكثر
(1)
4651 -
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، أن عبدا سرق وديًا من حائط رجل، فغرسه في حائط سيده، فخرج صاحب الودي يلتمس وديه فوجده، فاستعدى
(2)
على العبد عند مروان بن الحكم فسجن العبد، وأراد قطع يده، فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج فأخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا قطع في ثمر ولا كثر"، فقال الرجل: فإن مروان بن الحكم أخذ غلامي وهو يريد قطع يده وأنا أحب أن تمشي معي إليه، فتخبره بالذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشى معه رافع حتى أتى مروان فقال: أخذت عبدًا لهذا؟ فقال: نعم قال: ما أنت صانع به؟ قال: أردت قطع يده فقال له رافع إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا قطع في ثمر ولا كثر" فأمر مروان بالعبد فأرسل
(3)
.
4652 -
حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه، واسع بن حبان، أن عبداً سرق وديا من حائط رجل، فجاء به فغرسه في مكان آخر، فأتى به مروان، فأراد أن
(1)
بفتحتين: التمر الذي هو معلق في النخل قبل أن يجد ويحرز.
(2)
من العدوى وهو طلبك إلى الوالي ليعديك على من ظلمك، أي: ينتقم منه.
(3)
إسناده منقطع، محمد بن يحيى لم يسمعه من رافع.
وهو في موطأ مالك 2/ 839، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 83 - 84، وأبو داود (4388)، والطبراني في الكبير (4341)، والبيهقي في بيان خطأ من أخطأ على الشافعي (ص 274، 275)، والبغوي (2600) قال ابن عبد البر في التمهيد 23/ 303: هذا حديث منقطع، لأن محمد بن يحيى لم يسمعه من رافع بن خديج.
يقطعه، فشهد رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا قطع في ثمر ولا كثر"
(1)
.
قال أبو جعفر فذهب قوم
(2)
إلى أنه لا يقطع في شيء من الثمر ولا من الكثر وسواء عندهم أخذ من حائط صاحبه أو من منزله بعدما قطعه وأحرزه فيه.
وقالوا: لا قطع أيضًا في جريد النخل ولا في خشبه، لأن رافعًا لم يسأل عن قيمة ما كان في الودية المسروقة من الجريد، ولا عن قيمة جذعها، ودرأ القطع عن السارق في ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا قطع في كثر" وهو الجمار.
فثبت بذلك أنه لا قطع في الجمار، ولا فيما يكون عنه من الجريد والخشب والثمر.
وممن قال ذلك أبو حنيفة رحمة الله عليه.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
فقالوا: هذا الذي حكاه رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: "لا قطع في ثمر ولا كثر"، وهو على الثمر والكثر المأخوذين من الحوائط التي ليست بحرز لما فيها.
فأما ما كان من ذلك مما قد أحرز فحكمه حكم سائر الأموال، ويجب القطع على
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الشافعي 2/ 84، والحميدي (407)، والدارمي 2/ 174، والنسائي في المجتبى 8/ 87، وفي الكبرى (7456)، وابن ماجة (2593)، ابن الجارود (826)، وابن حبان (4466)، والبيهقي في السنن 8/ 263، وابن عبد البر في التمهيد 23/ 304، 305 من طريق سفيان بن عيينة به.
(2)
قلت أراد بهم: الحكم بن عتيبة، والحسن البصري، وأبا حنيفة، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 16/ 298.
(3)
قلت أراد بهم: الزهري، والثوري، ومالكا، والشافعي، وأبا يوسف رحمهم الله، كما في النخب 16/ 299.
من سرق من ذلك المقدار الذي يجب القطع فيه.
واحتجوا في ذلك بما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الكتاب في غير هذا الباب لما سئل عن الثمر المعلق، فقال: "لا قطع فيه إلا ما أواه الجرين
(1)
وبلغ ثمن المجن، ففيه القطع، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثله وجلدات نكال".
4653 -
وقد حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا الوهبي قال: ثنا ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أيضًا
(2)
.
ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثمار المسروقة بين ما أواه الجرَين منها وبين ما لم يأوه وكان في شجره فجعل فيما أواه الجرين منها القطع، وفيما لم يأوه الجرين الغرم والنكال.
فتصحيح هذا الحديث وما رواه رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: "لا قطع في ثمر ولا كثر" أن نجعل ما روى رافع هو على ما كان في الحوائط التي لم يحرز ما فيها على ما في حديث عبد الله بن عمر وما زاد على ما في حديث رافع فهو خلاف ما في حديث رافع ففي ذلك القطع ولا قطع فيما سوى ذلك ليستوي هذان الأثران ولا يتضادان وهذا قول أبي يوسف رحمه الله.
(1)
هو موضع تجفيف التمر.
(2)
إسناده حسن، ومحمد بن إسحاق متابع.
وأخرجه مطولا ومقطعا ابن أبي شيبة 6/ 450، وأحمد (6683)، وأبو داود (1713)، وابن خزيمة (2328) من طرق عن محمد بن إسحاق به.
12 - كتاب الجنايات
1 - باب ما يجب في قتل العمد وجراح العمد
4654 -
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير (ح)
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة، قال: حدثني أبو هريرة قال: لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة شرفها الله عز وجل قتلت هذيل رجلاً من بني ليث بقتيل كان لهم في الجاهلية.
فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فخطب، فقال في خطبته:"من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يودى" واللفظ لمحمد بن عبد الله
(1)
.
وقال أبو بكرة في حديثه: قتلت خزاعة رجلًا من بني ليث.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3144، 3145) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مطولا ومختصرًا أحمد (7242)، والبخاري (2434)، ومسلم (1355)(447)، وأبو داود (2017)، والترمذي (1405، 2667)، وابن ماجة (2624)، وأبو عوانة 4/ 43 - 44، وابن حبان (3715)، والدارقطني 3/ 96 - 97، والبيهقي 8/ 53 من طريق الوليد بن مسلم به.
وأخرجه أحمد (7242)، والدارمي (2600)، والبخاري (6880) معلقا، وأبو عوانة 4/ 42، والبيهقي 8/ 52 من طريق حرب بن شداد به.
قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث ذكر ما يجب في النفس خاصةً، وقد روي عن أبي شريح الخزاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
4655 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن أبي ذئب، قال: حدثني سعيد المقبري، قال: سمعت أبا شريح الكعبي، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم فتح مكة: "ألا إنكم معشر خزاعة، قتلتم هذا القتيل من هذيل، وأنا عاقله، فمن قتل له بعد مقالتي قتيل، فأهله بين خيرتين بين أن يأخذوا العقل، وبين أن يقتلوا"
(1)
.
وقد روي عن أبي شريح الخزاعي من غير هذا الوجه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما دون النفس مثل ذلك أيضًا.
4656 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن سفيان بن أبي العوجاء، عن أبي شريح الخزاعي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصيب بدم أو بخبل
(2)
يعني بالخبل الجراح، فوليه بالخيار بين
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4903) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (27160)، وأبو داود (4504)، والترمذي (1406)، والدارقطني 3/ 95 - 96 من طريق يحيى بن سعيد القطان به.
وأخرجه الشافعي 1/ 295، والطبراني في الكبير 22/ 486، والدارقطني 3/ 96، والبغوي (2004) من طرق عن ابن أبي ذئب به.
(2)
بسكون الباء وهو: فساد الأعضاء، يقال: رجل خبل أي من أصيب بقتل نفس أو قطع عضو.
إحدى ثلاث بين أن يعفو أو يقتص أو يأخذ الدية، فإن أتى الرابعة فخذوا على يديه، فإن قبل واحدةً منهن ثم عداهن بعد ذلك فله النار خالدًا فيها مخلدًا"
(1)
4657 -
حدثنا علي بن معبد قال: ثنا سعيد بن سليمان، قال: ثنا عباد، عن ابن إسحاق قال أخبرني الحارث بن، فضيل، عن سفيان بن أبي العوجاء، عن أبي شريح، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
ففي هذا الحديث أن حكم الجراح العمد كحكم القتل العمد فيما يجب في كل واحد منهما من القصاص والدية.
قال أبو جعفر فذهب قوم
(3)
إلى أن الرجل إذا قتل عمدا فوليه بالخيار بين أن يعفو أو يأخذ الدية أو يقتص، رضي بذلك القاتل، أو لم يرض، واحتجوا في ذلك بهذه
(1)
إسناده ضعيف لضعف سفيان بن أبي العوجاء.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4904) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (16375)، والدارمي، 2/ 188، والطبراني في الكبير 22/ 497، والمزي في تهذيب الكمال 11/ 177 من طريق يزيد بن هارون به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 440، 441، وأبو داود (4496)، وابن ماجة (2623)، والطبراني في الكبير 22/ 494، 495، 496، والبيهقي 8/ 52 من طرق عن ابن إسحاق به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف سفيان بن أبي العوجاء.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4905) بإسناده ومتنه. وهو مكرر سابقه.
(3)
قلت أراد بهم سعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، ومجاهدا، والشعبي، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبا ثور، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 16/ 313.
الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
فقالوا: ليس له أن يأخذ الدية إلا برضى القاتل.
وكان من الحجة لهم أن قوله: "أو يأخذ الدية" قد يجوز أن يكون على ما قال أهل المقالة الأولى، ويجوز أن يأخذ الدية إن أعطيها كما يقال للرجل:"خذ بدينك إن شئت دراهم وإن شئت دنانير وإن شئت عروضًا" وليس المراد بذلك أنه يأخذ ذلك رضي الذي عليه الدين أو كره، ولكن يراد إباحة ذلك له إن أعطيه.
فإن قال قائل: فما حاجتهم إلى ذكر هذا؟ قيل له: لما قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
4658 -
حدثنا يونس قال: ثنا سفيان عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: كان القصاص في بني إسرائيل ولم يكن فيهم، دية، فقال الله عز وجل لهذه الأمة {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178] إلى قوله {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] والعفو أن تقبل الدية في العمد {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178] مما كان كتب على من كان قبلكم
(2)
.
(1)
قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، وعبد الله بن ذكوان، وسفيان الثوري، وعبد الله بن شبرمة، والحسن بن حي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 16/ 314.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (12/ 421) بإسناده ومتنه. =
فأخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن بني إسرائيل لم يكن فيهم دية، أي: أن ذلك كان حراما عليهم أن يأخذوه، أو يتعوضوا بالدم بدلا أو يتركوه حتى يسفكوه، وأن ذلك مما كان كتب عليهم.
فخفف الله تعالى عن هذه الأمة ونسخ ذلك الحكم بقوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] معناه: إذا وجب الأداء. وسنبين ما قيل في ذلك في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى.
فبين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أيضا على هذه الجهة، فقال: "من قتل له ولي فهو بالخيار بين أن يقتص أو يعفو أو يأخذ الدية التي أبيحت لهذه الأمة، وجعل لهم أخذها إذا أعطوها. هذا وجه يحتمله هذا الحديث.
وليس لأحد إذا كان حديث مثل هذا يحتمل وجهين متكافئين أن يعطفه على أحدهما دون الآخر إلا بدليل من غيره يدل أن معناه على ما عطفه عليه.
فنظرنا في ذلك هل نجد في ذلك شيئًا يدل على شيء من ذلك؟ فقال أهل المقالة الأولى: فقد قال الله عز وجل {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178] الآية.
= وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير 1/ 293 (1573) من طريق يونس بن عبد الأعلى به.
وأخرجه الشافعي 2/ 99، والبخاري (4498، 6881)، والنسائي 8/ 36 - 37، وابن الجارود (775)، والطبراني 2/ 107، والدارقطني 3/ 199، والبيهقي 8/ 51 - 52 من طرق عن سفيان بن عيينة به.
فأخبر الله عز وجل في هذه الآية أن للولي أن يعفو ويتبع القاتل بإحسان فاستدلوا بذلك أن للولي - إذا عفا - أن يأخذ الدية من القاتل وإن لم يكن اشترط ذلك عليه في عفوه عنه.
قيل لهم ما في هذا دليل على ما ذكرتم، وقد يحتمل ذلك وجوهًا: أحدها ما وصفتم.
ويحتمل أيضًا {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] على الجهة التي قلنا برضى القاتل أن يعفي عنه على ما يؤخذ منه.
وقد يحتمل أيضًا أن يكون ذلك في الدم الذي يكون بين جماعة، فيعفو أحدهم فيتبع الباقون القاتل بحصصهم من الدية بالمعروف ويؤدي ذلك إليهم بإحسان.
هذه تأويلات قد تأولت العلماء هذه الآية عليها فلا حجة فيها لبعض على بعض إلا بدليل آخر في آية أخرى متفق على تأويلها أو سنة أو إجماع.
وفي حديث أبي شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم "فهو بالخيار بين أن يعفو أو يقتص أو يأخذ الدية" فجعل عفوه غير أخذه الدية.
فثبت بذلك أنه إذا عفا فلا دية له وإذا كان لا دية له إذا عفا عن الدم، ثبت بذلك أن الذي كان وجب له هو الدم، وأن أخذه الدية التي أبيحت له هو بمعنى أخذها بدلاً من القتل. والإبدال من الأشياء لم نجدها تجب إلا برضى من تجب عليه ورضى من تجب له.
فإذا ثبت ذلك في القتل، ثبت ما ذكرنا وانتفى ما قال المخالف لنا.
ولما لم يكن فيما احتج به أهل المقالة الأولى لقولهم: ما يدل عليه نظرنا هل للآخرين خبر يدل على ما قالوا فإذا
4659 -
أبو بكرة وإبراهيم بن مرزوق قد حدثانا، قالا: ثنا عبد الله بن بكر السهمي، (ح)
وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قالا: ثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك أن عمته الرُّبَيع لطمت جاريةً فكسرت ثنيتها، فطلبوا إليهم العفو، فأبوا، والأرش، فأبوا إلا القصاص، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص. فقال أنس بن النضر يا رسول الله، أتكسر ثنية الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أنس كتاب الله القصاص"، فرضي القوم فعفوا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" يزيد بعضهم على بعض
(1)
.
فلما كان الحكم الذي حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم على الربيع للمنزوعة ثنيتها هو
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4951 - 4952) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (12704)، والبخاري (2703، 4499، 6894)، والطبراني في الكبير 24/ 664 (768)، والقضاعي في مسند الشهاب (1002، 1003، 1004)، والبيهقي 8/ 25 - 64 من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري به.
وأخرجه البخاري (4500) من طريق عبد الله بن بكر السهمي به.
القصاص ولم يخيرها بين القصاص وأخذ الدية، وحاج أنس بن النضر حين أبى ذلك، فقال:"يا أنس كتاب الله القصاص" فعفا القوم فلم يقض لهم بالدية.
ثبت بذلك أن الذي يجب بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه السلام في العمد هو القصاص، لأنه لو كان يجب للمجني عليه الخيار بين القصاص وبين العفو مما يأخذ به الجاني إذاً لخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعلمها بما لها أن تختاره من ذلك.
ألا ترى أن حاكمًا لو تقدم إليه رجل في شيء يجب له فيه أحد شيئين: فثبت عنده حقه أنه لا يحكم له بأحد الشيئين دون الآخر، وإنما يحكم له بأن يختار ما أحب من كذا و كذا، فإن تعدى ذلك فقد قصر عن فهم الحكم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أحكم الحكماء.
فلما حكم بالقصاص وأخبر أنه كتاب الله عز وجل القصاص ثبت بذلك أن الذي يجب في مثل ذلك هو القصاص لا غيره.
فلما ثبت هذا الحديث على ما ذكرنا وجب أن نعطف عليه حديث أبي شريح وأبي هريرة رضي الله عنهما.
فنجعل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما فهو بالخيار بين أن يعفو أو يقتص أو يأخذ الدية على الرضاء من الجاني بغرم الدية، حتى يتفق معاني هذين الحديثين ومعنى حديث أنس رضي الله عنه.
فإن قال قائل: فإن النظر يدل على ما قال أهل المقالة الأولى، وذلك أن على الناس أن يستحيوا أنفسهم.
فإذا قال الذي له سفك الدم، قد رضيت بأخذ الدية، وترك سفك الدم وجب على القاتل استحياء نفسه، فإذا وجب ذلك عليه أخذ من ماله وإن كره.
فالحجة عليه في ذلك أن على الناس استحياء أنفسهم كما ذكرت بالدية، وبما جاوز الدية وبجميع ما يملكون.
وقد رأيناهم أجمعوا أن الولي لو قال للقاتل قد رضيت أن آخذ دارك هذه على أن لا أقتلك أن الواجب على القاتل فيما بينه وبين الله تسليم ذلك له، وحقن دم نفسه، فإن أبى لم يجبر عليه باتفاقهم ولم يؤخذ منه ذلك كرها فيدفع إلى الولي.
فكذلك الدية إذا طلبها الولي فإنه يجب على القاتل فيما بينه وبين ربه أن يستحي نفسه بها، وإن أبى ذلك لم يجبر عليه، ولم يؤخذ منه كرهًا.
ثم رجعنا إلى أهل المقالة الأولى في قولهم إن للولي أن يأخذ الدية وإن كره ذلك الجاني.
فنقول لهم: ليس يخلو ذلك من أحد وجوه ثلاثة إما أن يكون ذلك لأن الذي له على القاتل هو القصاص والدية جميعًا، فإذا عفا عن القصاص فأبطله بعفوه كان له أخذ الدية.
وإما أن يكون الذي وجب له هو القصاص خاصةً ولكن له أن يأخذ الدية بدلاً من ذلك القصاص.
وإما أن يكون الذي وجب له هو أحد أمرين: إما القصاص وإما الدية، يختار من ذلك ما شاء، ليس يخلو ذلك من أحد هذه الوجوه الثلاثة.
فإن قلتم: الذي وجب له هو القصاص والدية جميعًا فهذا فاسد، لأن الله عز وجل لم يوجب على أحد فعل فعلاً أكثر مما فعل وقد قال الله عز وجل {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} .
فلم يوجب الله عز وجل على أحد بفعل يفعله أكثر مما فعل، ولو كان ذلك كذلك لوجب أن يقتل ويأخذ الدية.
فلما لم يكن له بعد قتله أخذ الدية، دل ذلك على أن الذي كان وجب له هو خلاف ما قلتم.
وإن قلتم: إن الذي وجب له هو القصاص خاصة ولكن له أن يأخذ الدية بدلاً ذلك القصاص فإنا لا نجد حقا لرجل يكون له أن يأخذ به بدلاً بغير رضى من عليه ذلك الحق، فبطل هذا المعنى أيضًا.
وإن قلتم: إن الذي وجب له هو أحد أمرين: إما القصاص، وإما الدية يأخذ منهما ما أحب، ولم يجب له أن يأخذ واحداً منهما دون الآخر.
فإنه ينبغي إذا عفا عن أحدهما بعينه أن لا يجوز عفوه، لأن حقه لم يكن هو العفو
عنه بعينه، فيكون له إبطاله إنما كان له أن يختاره فيكون هو حقه، أو يختار غيره فيكون هو حقه، فإذا عفا عن أحدهما قبل اختياره إياه وقبل وجوبه له بعينه فعفوه باطل.
ألا ترى أن رجلًا لو جرح أبوه عمدًا فعفا عن جارح أبيه ثم مات أبوه من تلك الجراحة ولا وارث له غيره أن عفوه باطل، لأنه إنما عفا قبل وجوب ما وقع العفو عنه.
فلما كان ما ذكرنا كذلك، وكان العفو عن القاتل قبل اختياره القصاص أو الدية جائزاً ثبت بذلك أن القصاص قد كان وجب له بعينه قبل عفوه عنه، ولولا وجوبه له.
إذًا لما كان له إبطاله بعفوه كما لم يجز عفو الابن عن دم أبيه قبل وجوبه له.
ففي ثبوت ما ذكرنا وانتفاء هذه الوجوه التي وصفنا ما يدل على أن الواجب على القاتل عمدًا أو الجارح عمدًا هو القصاص لا غير ذلك من دية ولا غيرها إلا أن يصطلح هو إن كان حيّا أو وارثه إن كان هو ميتًا، والذي وجب ذلك عليه على شيء، فيكون الصلح جائزاً على
ما اصطلحا عليه من دية أو غيرها.
وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
2 - باب الرجل يقتل رجلاً كيف يقتل؟
4660 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن أنس أن يهوديّا رضَّ رأس صبي بين حجرين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرضَّ رأسه بين حجرين
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى هذا الحديث فقلدوه، وقالوا: يقتل كل قاتل بما قتل به.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
فقالوا: كل من وجب عليه قود لم يقتل إلا بالسيف.
وقالوا هذا الحديث الذي رويتموه يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم رأى أن ذلك القاتل يجب قتله الله إذ كان إنما قتل على مال قد بين ذلك في بعض الحديث
(1)
إسناده صحيح
وأخرجه أبو عوانة في الحدود كما في اتحاف المهرة 2/ 178 من طريق أبي داود الطيالسي به.
وأخرجه أحمد (13840)، والدارمي (2355)، والبخاري (2413، 2746، 6884، 6876)، ومسلم (1672)(17)، وأبو داود (4527، 4535)، والترمذي (1394)، والنسائي في المجتبى 8/ 22، وفي الكبرى (6918)، وأبو يعلى (2866)، وابن حبان (5993)، وابن الجارود (838)، والبيهقي 8/ 42، والبغوي (2528) من طرق عن همام بن يحيى به.
(2)
قلت أراد بهم: عمر بن عبد العزيز، وقتادة، والحسن، وابن سيرين، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأبا ثور، وإسحاق، وابن المنذر، وجماعة الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 16/ 344.
(3)
قلت أراد بهم عامرا الشعبي، وإبراهيم النخعي، والحسن البصري، وسفيان الثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 16/ 345.
4661 -
حدثنا إبراهيم بن داود، قال: ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن شعبة، عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك، قال: عدا يهودي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جارية، فأخذ أوضاحًا كانت عليها، ورضخ رأسها، فأتى بها أهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في آخر رمق وقد أصمتت، وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قتلك؟ أفلان؟ " لغير الذي قتلها، فأشارت برأسها: أي: لا، فقال:"ففلان؟ " لقاتلها، فأشارت برأسها أي نعم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضّ رأسه بين حجرين
(1)
.
فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل دم ذلك اليهودي قد وجب الله عز وجل كما يجب دم قاطع الطريق الله تعالى.
فكان له أن يقتل كيف شاء بسيف أو بغير ذلك والمثلة حينئذ مباحة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين.
4662 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني جرير بن حازم، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس قال: قدم ثمانية رهط من عكل فاستوخموا المدينة، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذود له، فشربوا من ألبانها، فلما صحوا ارتدوا عن الإسلام، وقتلوا راعي الإبل وساقوا الإبل، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فأخذوا فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم،
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (5295) من طريق عبد العزيز بن عبد الله الأويسي به.
وأخرجه أحمد (12748)، والبخاري (6877، 6879)، ومسلم (1672)(15)، وأبو داود (4529)، والنسائي 8/ 35، وابن ماجة (2666)، وأبو عوانة 5/ 193، وابن حبان (5992)، والدارقطني 3/ 168 من طرق عن شعبة به.
وتركهم حتى ماتوا
(1)
.
4663 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن بكر، قال: ثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
نحوه
(2)
.
4664 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا قبيصة، عن سفيان، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] قال: هم من عكل قطع النبي صلى الله عليه وسلم أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم
(3)
.
4665 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال:
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1813) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (17132)، وأحمد (12639)، والبخاري (233، 3018، 6805،6804)، وأبو داود (4364، 4365)، وابن حبان (4468، 4469) من طرق عن أيوب به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1814) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 96 - 97، وأحمد (12042)، ومسلم (1671)(9)، والنسائي 7/ 95، 96، وابن حبان (4471)، والبغوي (2569) من طرق عن حميد به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1810) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي 7/ 95 من طريق محمد بن بشر، عن سفيان به.
ثنا حميد، عن أنس
(1)
، (ح)
4666 -
وحدثنا صالح، قال: ثنا سعيد قال: ثنا هشيم قال: أخبرنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم وتركهم حتى ماتوا"
(2)
.
4667 -
حدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا أبو غسان قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا سماك بن حرب، عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من حي من أحياء العرب، فأسلموا وبايعوه، قال: فوقع الموم - وهو البرسام، فقالوا: يا رسول الله، هذا الوجع قد وقع فلو أذنت لنا فخرجنا إلى الإبل فكنا فيها؟ قال نعم اخرجوا فكونوا فيها.
قال: فخرجوا فقتلوا أحد الراعيين وذهبوا بالإبل، قال: وجاء الآخر وقد جرح، فقال: قد قتلوا صاحبي، وذهبوا بالإبل. قال: وعنده شبان من الأنصار قريب من عشرين. قال: فأرسل إليهم الشبان وبعث معهم قائفًا يقص آثارهم، فأتى بهم، فقطع
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 262، والنسائي في الكبرى (7527) من طريقين عن هشيم به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 262، 14/ 197، والنسائي في الكبرى (7526)، وأبو يعلى (3905) من طرق عن هشيم به.
وأخرجه مسلم (1671)(9) من طريقين عن هشيم، عن عبد العزيز بن صهيب وحميد، عن أنس به.
أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم
(1)
.
ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين ما فعل بهم من هذا، فلما حل له من سفك دمائهم وكان له أن يقتلهم كيف أحب، وإن كان ذلك تمثيلاً بهم، لأن المثلة كانت حينئذ مباحةً، ثم نسخت بعد ذلك، ونهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن لأحد أن يفعلها.
فيحتمل أن يكون فعل باليهودي ما فعل من أجل ذلك، ثم نسخ ذلك بعد نسخ المثلة.
ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ما وجب على اليهودي من ذلك الله تعالى ولكنه رآه واجباً لأولياء الجارية فقتله لهم.
واحتمل أن يكون قتله كما فعل، لأن ذلك هو الذي كان وجب عليه.
واحتمل أن يكون الذي كان وجب عليه هو سفك الدم بأي شيء ما شاء الولي يسفكه به فاختاروا الرضخ ففعل ذلك لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذه وجوه يحتملها هذا الحديث، ولا دلالة معنا تدلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بعضها دون بعض.
(1)
إسناده حسن من أجل سماك بن حرب.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1818) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (1671)(13)، وأبو عوانة (6123) عن هارون بن عبد الله الحمال عن مالك بن إسماعيل به.
وأخرجه ابن حبان (1387) من طريق شريك، عن سماك به.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قتل ذلك اليهودي بخلاف ما كان قتل به الجارية.
4668 -
حدثنا إبراهيم بن أبي داود وأحمد بن داود، قالا: ثنا أبو يعلى محمد بن الصلت، قال: ثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان قال ابن أبي داود وكان ثقةً، ورفع به عن ابن جريج، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، أن رجلاً من اليهود رضخ رأس جارية على حلي لها، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجم حتى قتل
(1)
.
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قتل ذلك اليهودي رجماً بقتله الجارية على ما ذكرنا في هذا الأثر، وفيما تقدمه من الآثار وهو رضخه رأسها، والرجم قد يصيب الرأس وغير الرأس فقد قتله بغير ما كان قتل به الجارية.
فدل ذلك أن ما كان فعل هذا كان حلالاً يومئذ، ثم نسخ بنسخ المثلة.
فمما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسخ المثلة ما قد
4669 -
حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا نافع بن يزيد، قال: أخبرني ابن جريج، عن عكرمة، قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1672)(16)، والنسائي 1017، والدارقطني 3/ 169 من طريق ابن جريج، عن معمر به.
وأخرجه عبد الرزاق (10171، 18233، 18525)، ومن طريقه أخرجه أحمد (12667)، ومسلم (1672)(16)، وأبو داود (4528)، وأبو يعلى (2818) عن معمر به.
عن المجثمة والمجثمة: الشاة ترمى بالنبل حتى تقتل
(1)
.
4670 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر "ح"
وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء الغداني، قالا: أخبرنا شعبة، عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا"
(2)
.
4671 -
حدثنا حسين بن نصر، قال سمعت يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شعبة
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
4672 -
حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا خالد بن عبد الرحمن قال: ثنا سفيان الثوري، عن عاصم الأحول، وسماك، عن عكرمة، قال أحدهما عن ابن عباس عن
(1)
إسناده ضعيف لعنعنة ابن جريج، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 397، 8/ 19، وأحمد (1989)، والدارمي (2108، 2256)، وأبو داود (3719، 3786)، والترمذي (1825)، والنسائي 7/ 240، وابن خزيمة (2552)، وابن حبان (5399) من طرق عن قتادة، عن عكرمة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (2616)، وأحمد (2532)، ومسلم (1957)، والنسائي في المجتبى 7/ 238، وفي الكبرى (4517)، وأبو عوانة 5/ 194 - 195، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (495)، وابن حبان (5608)، والطبراني (12262)، والبيهقي 9/ 70، والبغوي (2784 من طرق عن شعبة به.
(3)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4673 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا شعبة، عن سماك، عن عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
4674 -
حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، قال: حدثني المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير أو مجاهد، قال: مر ابن عمر بدجاجة قد نصبت ترمي، فقال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يمثل بالبهائم
(3)
.
4675 -
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: حدثني عمي وهو ابن وهب، قال: حدثني عمرو بن الحارث، وابن لهيعة أن بكير بن عبد الله حدثهما عن أبيه، عن ابن تعلى أنه قال: غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأتي بأربعة أعلاج
(4)
من العدو، فأمر بهم عبد الرحمن فقتلوا صبرًا بالنبل، فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري فقال: سمعت رسول الله
(1)
إسناده صحيح، وسماك متابع.
وأخرجه عبد الرزاق (8427)، وابن أبي شيبة 5/ 398، وأحمد (1863)، وابن ماجة (3187) من طرق عن سفيان الثوري به.
(2)
إسناده ضعيف رواية سماك عن عكرمة مضطربة.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (8428)، وابن أبي شيبة 5/ 397، وأحمد (4622) من طرق عن الأعمش به دون الشك.
وأخرجه البخاري (5515) ن ومسلم (1958)(59)، والنسائي في المجتبى 7/ 238، وفي الكبرى (4515)، وأبو يعلى (5652) من طريق أبي بشر، عن سعيد بن جبير به.
(4)
جمع علج، وهو: الرجل الكافر من العجم.
صلى الله عليه وسلم "ينهى عن قتل الصبر" والذي نفسي بيده لو كانت دجاجة ما صبرتها. فبلغ ذلك عبد الرحمن فأعتق أربع رقاب
(1)
.
4676 -
حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن بكير
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4677 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر، قال: أخبرني يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن أبيه، عن عبيد بن تعلى، عن أبي أيوب الأنصاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صبر الدابة، قال أبو أيوب: ولو كانت دجاجةً ما صبرتها
(3)
.
4678 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عمرو بن عون قال أخبرنا هشيم عن منصور،
(1)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن الأشج، وعبد الله بن لهيعة متابع.
وأخرجه الطبراني في الكبير (4002)، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال 19/ 190 - 191 من طريق ابن وهب به.
وأخرجه أحمد (23591)، وسعبد بن منصور (2667)، وأبو داود (2687)، وابن حبان (5610) من طريق ابن وهب به، إلا أنه سقط فيه عبد الله بن الأشج.
(2)
إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق، ولجهالة عبد الله بن الأشج.
وأخرجه الطبراني 4/ 159 (4003) من طريق محمد بن إسحاق به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 398، 9/ 422 من طريق محمد بن إسحاق به دون ذكر أبيه أي: عبد الله بن الأشج.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن الأشج.
وأخرجه أحمد (23589)، والدارمي (1974)، والشاشي (1160، 1161)، والطبراني (4001)، والبيهقي 9/ 71 من طريق أبي عاصم به.
عن الحسن، عن عمران بن الحصين قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطبنا فيأمرنا بالصدقة، وينهانا عن المثلة
(1)
.
4679 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا هشيم عن حميد، عن الحسن، قال: ثنا سمرة بن جندب قال: قلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبةً إلا أمرنا فيها بالصدقة، ونهانا فيها عن المثلة
(2)
.
4680 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن إبراهيم، قال: ثنا الحسن قال: قال سمرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما قام فينا يخطب إلا أمرنا بالصدقة، ونهانا عن المثلة
(3)
.
4681 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن هشام بن زيد،
(1)
إسناده منقطع، الحسن البصري لم يسمع من عمران بن حصين.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1820) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (19996)، والطبراني في الكبير 18/ 325 من طريق هشيم عن منصور وحميد ويونس، عن الحسن به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1821) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (20136) من طريق هشيم به وصرح هشيم عنده بالتحديث.
(3)
إسناده صحيح.
هو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1822) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (20225)، والطبراني في الكبير (6944) من طريق وكيع، عن يزيد بن إبراهيم به.
عن أنس بن مالك قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم
(1)
.
4682 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا القاسم يعني ابن مالك، عن مسلمة بن نوفل الثقفي، قال: ثنا المغيرة بن صفية عن المغيرة بن شعبة، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة
(2)
.
4683 -
حدثنا ابن أبي عمران وابن أبي داود، قالا: ثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: ثنا غندر، عن شعبة، عن مغيرة، عن شباك، عن إبراهيم، عن هني بن نويرة، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحسن الناس قتلةً أهل الإيمان
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (2070)، وابن أبي شيبة 5/ 389، وأحمد (12161)، والبخاري (5513)، ومسلم (1956)، وأبو داود (2816)، والنسائي 7/ 238، وابن ماجة (3186)، وابن الجارود (898)، وأبو عوانة 5/ 194، والبيهقي 9/ 334 من طرق عن شعبة به.
(2)
حديث صحيح، وإسناده ضعيف لجهالة المغيرة بن صفية، ذكره ابن حبان في الثقات، وهو يروي عن المغيرة بن شعبة وعنه مسلمة بن نوفل.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 7/ 316، والطبراني في الكبير 20/ (894) من طريق أبي نعيم، عن مسلمة بن نوفل عن المغيرة ابن بنت المغيرة بن شعبة به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 421 عن وكيع عن مسلمة بن نوفل، عن صفية بنت المغيرة قالت: نهي
…
وأخرجه أحمد (18152) عن وكيع عن مسلمة بن نوفل، عن رجل من ولد المغيرة بن شعبة، عن المغيرة بن شعبة به.
(3)
إسناده حسن من أجل هني بن نويرة، فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه العجلي، وقال أبو داود: كان من العباد. وباقي رجاله ثقات. =
4684 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن عون قال: ثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم، ولم يذكر شباكا عن هني، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
فقد ثبت بهذه الآثار نسخ المثلة بعد أن كانت مباحةً على ما قد رويناه في حديث العرنيين.
فإن قال قائل: لم يدخل ما اختلفنا نحن وأنتم فيه من القصاص في هذا، لأن الله عز وجل قال {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] قيل له: ليست هذه الآية يراد بها هذا المعنى، إنما أريد بها ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه ابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهم.
4685 -
حدثنا فهد قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا قيس، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم عن ابن عباس قال: لما قتل حمزة ومثل به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن ظفرت
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4636) من طريق إبراهيم بن أبي داود به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 420، وابن ماجة (2682)، وأبو يعلى (4974) من طريق غندر، عن شعبة به.
وأخرجه أبو داود (2666)، وأبو يعلى (4973)، والشاشي (353)، والبيهقي 9/ 71، والمزي في تهذيب الكمال 30/ 318 من طريق هشيم بن بشير، عن المغيرة به.
(1)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4639) من طريق يوسف بن يزيد عن سعيد بن منصور، عن هشيم به.
وأخرجه أحمد (3728) من طريق شعبة، والطيالسي (274)، والشاشي (352)، والبيهقي 8/ 61 من طريق أبي عوانة، وابن حبان (5994) من طريق جرير ذ كلهم عن المغيرة به.
بهم لأمثلن بسبعين رجلًا منهم". فأنزل الله عز وجل {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل نصبر"
(1)
.
4686 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، (ح)
وحدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور قال: ثنا الهيثم بن جميل، قالا: ثنا صالح، المري، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد، فنظر إلى أمر لم ينظر قط إلى أمر أوجع لقلبه منه، فقال: يرحمك
الله إن كنت لوصولاً للرحم، فعولاً للخيرات، ولولا حزن من بعدك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أفواج شتى، وايم الله لأمثلن بسبعين منهم مكانك.
فنزل عليه جبريل عليه السلام والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعد بخواتيم سورة النحل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] إلى آخر السورة فصبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفر عن يمينه، فإنما نزلت هذه الآية في هذا المعنى لا في المعنى الذي ذكرت
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف محمد بن أبي ليلى.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 288 من طريق مطين، والواحدي في أسباب النزول كما في النخب 16/ 385 من طريق أبي العباس محمد إسحاق كلاهما عن يحيى بن عبد الحميد به.
وأخرجه الطبراني في الكبير (11051) من طريق محمد بن كعب القرظي والحكم بن عتيبة، عن مقسم ومجاهد، عن ابن عباس به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف صالح بن بشير المري. =
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا قود إلا بالسيف".
4687 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا سفيان الثوري، عن جابر، عن أبي عازب، عن النعمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا قود إلا بالسيف"
(1)
.
فدل هذا الحديث أن القود لكل قتيل ما كان لا يكون إلا بالسيف، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد دل على ما ذكرنا أيضًا.
4688 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سليمان بن حيان، عن ابن أبي أنيسة، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجراح، فأمرهم أن يستأنوا
(2)
بها سنةً
(3)
.
= وأخرجه ابن سعد 3/ 13، والبزار 2/ 326 (1795 كشف)، والآجري في الشريعة (1725)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1830)، والحاكم 3/ 218، والطبراني في الكبير (2937)، والبيهقي في الشعب (9253)، وفي الدلائل 3/ 288 من طرق عن صالح المري به.
(1)
إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي، ولجهالة أبي عازب مسلم بن عمرو.
وأخرجه عبد الرزاق (17182)، وابن أبي شيبة 9/ 140، وأحمد (18395)، وابن ماجة (2667)، والبزار (1527 كشف)، وابن أبي عاصم في الديات (132)، وابن عدي في الكامل 2/ 542، والدارقطني 3/ 106، والبيهقي 8/ 42 من طرق عن سفيان الثوري به.
وأخرجه الطيالسي (802)، وابن أبي عاصم في الديات (128)، والدارقطني 3/ 107، والبيهقي في السنن 8/ 62 من طرق عن جابر الجعفي به.
(2)
أي ينتظروا.
(3)
إسناده ضعيف لضعف يحيى بن أبي أنيسة. =
4689 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا مهدي بن جعفر، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن عنبسة، بن سعيد، عن الشعبي عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ"
(1)
.
ولو كان يفعل بالجاني كما فعل هو كما قال أهل المقالة الأولى لم يكن للاستيناء معنى لأنه يجب على القاطع قطع يده إن كانت جنايته قطعا، برئ من ذلك المجني عليه أو مات.
فلما ثبت الاستيناء لينظر ما تئول إليه الجناية ثبت بذلك أن ما يجب فيه القصاص هو ما يئول إليه الجناية لا غير ذلك.
فإن طعن طاعن في يحيى بن أبي أنيسة وأنكر علينا الاحتجاج بحديثه، فإن علي بن المديني قد ذكر عن يحيى بن سعيد أنه أحب إليه في حديث الزهري عن محمد بن
= وأخرجه الطبراني في الصغير (377) والدارقطني (3099)، والبيهقي في السنن 8/ 67، وفي المعرفة (15965) من طرق عن أبي الزبير به.
(1)
رجاله ثقات، وقال ابن التركماني في الجوهر النقي 8/ 67: سنده جيد، ونقل الزيلعي عن صاحب التنقيح قوله: إسناده صالح، وقال أبو حاتم هو مرسل مقلوب.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (126) من طريق أحمد بن يحيى بن خالد، عن مهدي بن جعفر به.
وأخرجه البزار كما في النخب 16/ 394 من طريق عبد الله بن سنان، عن ابن المبارك، عن عنبسة، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر به.
إسحاق.
4690 -
وقد حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته"
(1)
.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الله الناس بأن يحسنوا القتلة، وأن يريحوا ما أحل الله لهم ذبحه من الأنعام، فما أحل لهم قتله من بني آدم، فهو أحرى أن يفعل به ذلك.
فإن قال قائل: لا يستأنى برء الجراح، وخالف ما ذكرنا في ذلك من الآثار، فكفى به جهلاً في خلافه كل من تقدمه من العلماء.
(1)
إسناده صحيح،
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4643) بإسناده ومتنه.
والحديث في السنن المأثورة (607) للشافعي.
وأخرجه ابن ماجة (1370)، والبيهقي 9/ 280 من طريقين عن عبد الوهاب الثقفي به.
وأخرجه الطيالسي (1119)، وعبد الرزاق (8604)، وابن أبي شيبة 9/ 421، وأحمد (17113)، ومسلم (1955)، وأبو داود (2815)، والترمذي (1409)، والنسائي 7/ 227، وابن ماجة (3170)، وابن الجارود (839، 899)، وابن حبان (5883، 5884)، والطبراني (7114، 7120)، والبيهقي 8/ 60 - 61، 9/ 280، والبغوي (2783) من طرق عن خالد الحذاء به.
وعلى ذلك فإنا نفسد قوله من طريق النظر وذلك إنا لو رأينا رجلًا قطع يد رجل خطأ فبرأ منها، وجبت عليه دية اليد، ولو مات منها وجبت عليه دية النفس، ولم يجب عليه في اليد شيء، ودخل ما كان يجب في اليد فيما وجب في النفس.
فصار الجاني كمن قتل وليس كمن قطع وصارت اليد لا يجب لها حكم إلا والنفس قائمة مقامها ولا يجب لها حكم إذا كانت النفس تالفةً.
فكان النظر على ذلك أن يكون كذلك إذا قطع يده عمدًا، فإن برأ فالحكم لليد وفيها القود وإن مات منها فالحكم للنفس، وفيها القصاص لا في اليد قياسًا ونظرًا على ما ذكرنا من حكم الخطأ.
ويدخل أيضًا على من يقول: إن الجاني يقتل كما قتل أن تقول: إذا رماه بسهم فقتله أن ينصب الرامي فيرميه حتى يقتله، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر ذي الروح، فلا ينبغي أن يصبر أحد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولكن يقتل قتلاً لا يكون معه معه شيء من النهي.
ألا ترى أن رجلًا لو نكح رجلًا فقتله بذلك أنه لا يجب للولي أن يفعل بالقاتل كما فعل، ولكن يجب له أن يقتله لأن نكاحه إياه حرام عليه.
فكذلك صبره إياه فيما وصفنا حرام عليه، ولكن له قتله كما يقتل من حل دم بردة أو بغيرها.
هذا هو النظر وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
غير أن أبا حنيفة رضي الله عنه كان لا يوجب القود على من قتل بحجر، وسنبين قوله هذا، والحجة له في باب شبه العمد إن شاء الله تعالى.
3 - باب: شبه العمد الذي لا قود فيه ما هو؟
4691 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: أنا هشيم عن خالد الحذاء، عن قاسم بن ربيعة بن جوشن، عن عقبة بن أوس السدوسي، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم فتح مكة، فقال في خطبته:"ألا إن قتيل خطأ العمد بالسوط والعصا والحجر، فيه دية مغلظة مائة من الإبل: منها أربعون خَلِفةً في بطونها أولادها"
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى هذا الحديث فقالوا: لا قود على من قتل رجلًا بعضًا أو حجر. وممن قال بذلك أبو حنيفة رحمه الله.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
منهم أبو يوسف ومحمد رحمة الله عليهما فقالوا: إذا كانت الخشبة مثلها يقتل فعلى القاتل بها القصاص وذلك عمد.
(1)
إسناده صحيح، وهشيم صرح بالتحديث عند أحمد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4945)، وأحكام القرآن (1982) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري في تاريخه 8/ 393، وأحمد (15388)، والنسائي في المجتبى 8/ 41، وفي الكبرى (6997) من طريق هشيم به.
وأخرجه مطولا ومختصرا عبد الرزاق (17231)، والشافعي 2/ 108، والدارقطني 3/ 103 - 104 - 105، والبيهقي 8/ 45، 68 - 69 من طرق عن خالد الحذاء به.
(2)
قلت أراد بهم: عبد الله بن ذكوان، وسفيان الثوري وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 16/ 415.
(3)
قلت أراد بهم: عامر الشعبي، وعطاء بن أبي رباح، والنخعي، والشافعي، واحمد وإسحاق رحمهم الله، كما في المصدر السابق.
وإن كان مثلها لا يقتل ففي ذلك الدية، وذلك شبه العمد.
وقالوا ليس فيما احتج به علينا أهل المقالة الأولى من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا إن قتيل خطأ العمد بالسوط والعصا والحجر فيه مائة من الإبل" دليل على ما قالوا، لأنه قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك العصا التي لا تقتل مثلها التي هي كالسوط الذي لا يقتل مثله.
فإن كان أراد ذلك فهو الذي قلنا، وإن لم يكن أراد ذلك، وأراد ما قلتم أنتم فقد تركنا الحديث وخالفناه.
فنحن بعد لم نثبت خلافنا لهذا الحديث إذ كنا نقول: إن من العصا ما إذا قتل به لم يجب به على القاتل قود.
وهذا المعنى الذي حملنا عليه معنى هذا الحديث أولى مما حمله عليه أهل المقالة الأولى؛ لأن ما حملناه عليه لا يضاد حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في إيجابه القود على اليهودي الذي رضخ رأس الجارية بحجر.
وما حمله عليه أهل المقالة الأولى يضاد ذلك وينفيه. ولأن يحمل الحديث على ما يوافق بعضه بعضًا أولى من أن يحمل على ما يضاد بعضه بعضًا.
فإن قال قائل: فإنك قد قلت إن حديث أنس رضي الله عنه هذا منسوخ في الباب الأول فكيف أثبت العمل به هاهنا؟.
قيل له: لم نقل: إن حديث أنس رضي الله عنه هذا منسوخ من جهة ما ذكرت وقد ثبت وجوب القود في القتل بالحجر في حديث أنس رضي الله عنه.
وإنما قلت: إن القصاص بالحجر قد يجوز أن يكون منسوخًا لما قد ذكرت من الحجة في ذلك. فحديث أنس رضي الله عنه في إيجاب القود عندنا غير منسوخ.
وفي كيفية القود الواجب به يحتمل أن يكون منسوخًا على ما فسرنا وبينا في الباب الذي قبل هذا الباب.
فكان من حجة الذين قالوا: إن القتل بالحجر لا يوجب القود في دفع حديث أنس رضي الله عنه أنه قد يحتمل أن يكون ما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم من القتل في ذلك حقا الله عز وجل، وجعل اليهودي كقاطع الطريق الذي يكون ما وجب عليه حدا من حدود الله
عز وجل.
فإن كان ذلك كذلك، فإن قاطع الطريق إذا قتل بحجر أو بعصًا وجب عليه القتل في قول الذين زعموا أنه لا قود على من قتل بعضًا، وقد قال بهذا القول جماعة من أهل النظر.
وقد قال أبو حنيفة رحمه الله في الخناق أن عليه الدية، وأنه لا يقتل إلا أن يفعل ذلك غير مرة فيقتل ويكون ذلك حدًا من حدود الله عز وجل.
فقد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قتل اليهودي على ما في حديث أنس رضي الله عنه لأنه وجب عليه القتل الله عز وجل كما يجب على قاطع الطريق.
فإن كان ذلك كذلك فإن أبا حنيفة رحمه الله يقول: كل من قطع الطريق فقتل بعضًا أو حجر، أو فعل ذلك في المصر يكون حكمه فيما فعل حكم قاطع الطريق، وكذلك الخناق الذي قد فعل ذلك غير مرة أنه يقتل.
وقد كان ينبغي في القياس على قوله أن يكون يجب على من فعل ذلك مرةً واحدةً القتل ويكون ذلك حدا من حدود الله عز وجل، كما يجب إذا فعله مراراً، لأنا رأينا الحدود يوجبها انتهاك الحرمة مرةً واحدةً، ثم لا يجب على من انتهك تلك الحرمة ثانيةً إلا ما كان وجب عليه في انتهاكها في البدء.
فكان النظر فيما وصفنا أن يكون الخناق كذلك أيضًا، وأن يكون حكمه في أول مرة هو حكمه في آخر مرة، هذا هو النظر في هذا الباب.
وفي ثبوت ما ذكرنا ما يدفع أن يكون في حديث أنس رضي الله عنه حجة على من يقول: من قتل رجلًا بحجر فلا قود عليه.
وكان من حجة أبي حنيفة رحمه الله أيضًا في قوله هذا ما
4692 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة قال اقتتلت امرأتان من هذيل، فضربت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى أن دية جنينها عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم. فقال حمل بن مالك بن النابغة الهذلي: يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق،
ولا استهل؟ فمثل ذلك يطل
(1)
، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجعه"
(2)
.
4693 -
حدثنا الحسين بن نصر، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا سفيان عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيد بن نضلة الخزاعي عن المغيرة بن شعبة أن امرأتين ضربت إحداهما الأخرى بعمودا بعمود الفسطاط فقتلتها. فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدليلة على عصبة القاتلة، وقضى فيما في بطنها بغرة، والغرة عبد أو أمة، فقال الأعرابي: أغرم من لا طعم، ولا شرب، ولا صاح، ولا استهل، ومثل ذلك يطل. فقال:"سجع كسجع الأعراب"
(3)
.
4694 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال أخبرنا زائدة، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيد بن نضلة عن المغيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
(1)
بضم الياء من طل دمه: إذا أهدر ولم يطلب به
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (6910)، ومسلم (1681)(36)، وأبو داود (4576)، والنسائي 8/ 48، وابن الجارود (776)، وابن حبان (6020)، والبيهقي 8/ 105 من طرق عن ابن وهب به.
وأخرجه أحمد (10916)، والدارمي (2382)، وابن أبي عاصم في الديات (ص 73)، والبيهقي 8/ 114 من طريق عثمان بن عمر عن يونس به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (18351)، وأحمد (18138)، ومسلم (1682)(38)، والترمذي (1411)، والنسائي في المجتبى 8/ 50، وفي الكبرى (7027)، والدارقطني،3/ 198، والطبراني في الكبير 20/ (978) من طرق عن سفيان الثوري به.
(4)
إسناده صحيح. =
قالوا: فهذه الآثار تخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل المرأة القاتلة بالحجر ولا بعمود الفسطاط وعمود الفسطاط يقتل مثله.
فدل ذلك على أنه لا قود على من قتل بخشبة وإن كان مثلها يقتل.
فكان من حجة من خالفهم في ذلك أن قال: فقد روى حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا فذكر ما
4695 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نشد الناس قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين، فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: إني كنت بين امرأتين، وإن إحداهما ضربت الأخرى بمسطح، فقتلتها وجنينها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة، وأن تقتل مكانها
(1)
.
4696 -
حدثنا محمد بن النعمان، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا هشام بن سليمان
= وأخرجه أحمد (18148)، والنسائي في المجتبى 8/ 49، وفي الكبرى (7025) من طريق زائدة به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 255، 10/ 157 - 158، ومسلم (1682)(37)، وأبو داود (4569)، والنسائي في المجتبى 8/ 50، وفي الكبرى (7026، 7028)، وابن ماجة (2633)، والطبراني 20/ (982)، والدارقطني 3/ 197، والبيهقى 8/ 105 - 106، 8/ 114 من طرق عن منصور به.
(1)
إسناده صحيح، وابن جريج صرح بالتحديث هنا.
وأخرجه الدارمي (2381)، وأبو داود (4572)، وابن ماجة (2641)، وابن حبان (6021)، والدارقطني 3/ 115، والبيهقي 8/ 114 من طريق أبي عاصم به.
وأخرجه أحمد (3439)، والدارقطني 3/ 117 من طريقين عن ابن جريج به.
المخزومي
(1)
، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار عن طاوس، عن ابن عباس
…
مثله، غير أنه لم يذكر قوله: وأن تقتل مكانها
(2)
.
قال أبو جعفر: فهذا حمل بن مالك رضي الله عنه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل المرأة بالتي قتلتها بالمسطح. فقد خالف أبا هريرة والمغيرة رضي الله عنهما فيما رويا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قضائه بالدية في ذلك. فقد تكافأت الأخبار في ذلك.
فلما تكافأت واختلفت وجب النظر في ذلك لنستخرج من القولين قولا صحيحًا فاعتبرنا ذلك. فوجدنا الأصل المجتمع عليه أن من قتل رجلًا بحديدة عمداً فعليه القود وهو آثم في ذلك، ولا كفارة عليه في قول أكثر الفقهاء.
وإذا قتله خطأً فالدية على عاقلته، والكفارة عليه ولا إثم عليه فكانت الكفارة تجب حيث يرتفع الإثم. وترتفع الكفارة حيث يجب الإثم.
ورأينا شبه العمد قد أجمعوا أن الدية فيه، وأن الكفارة فيه واجبة، واختلفوا في كيفيتها ما هي؟ فقال قائلون: هو الرجل يقتل رجلًا متعمداً بغير سلاح.
وقال آخرون: هو الرجل يقتل الرجل بالشيء الذي لا يرى أنه يقتله كأنه يتعمد ضرب رجل بسوط أو بشيء لا يقتل مثله، فيموت من ذلك فهذا شبه العمد عندهم.
(1)
في النخب 16/ 448: هنا عكرمة بن خالد بن العاص القرشي المخزومي، قلت: هو خطأ يدل عليه الأصول والاتحاف ومتن المحقق نفسه، ولم يتنبه له محققه.
(2)
إسناده حسن من أجل هشام بن سليمان، وهو مكرر سابقه.
فإن كرر عليه الضرب بالسوط مرارًا حتى كان ذلك مما قد يقتل جملته كان ذلك عمدًا، ووجب عليه فيه القود. فكل من جعل منه شبه العمد على جنس من هذين الجنسين أوجب فيه الكفارة.
وقد رأينا الكفارة فيما قد أجمع عليه الفريقان تجب حيث لا يجب الإثم، وتنتفي حيث يكون الإثم، وكان القاتل بحجر أو بعصا، أو مثل ذلك يقتل عليه إثم النفس وهو فيما بينه وبين ربه كمن قتل رجلًا بحديدة، وكان من قتل رجلًا بسوط ليس مثله يقتل غير آثم إثم القتل ولكنه آثم إثم الضرب، فكان إثم القتل في هذا عنه مرفوعا:، لأنه لم يرده، وإثم الضرب عليه مكتوب لأنه قصده وأراده.
فكان النظر أن يكون شبه العمد الذي قد أجمع أن فيه الكفارة في النفس هو ما لا إثم فيه وهو القتل بما ليس مثله يقتل الذي يتعمد به الضرب، ولا يراد به تلف النفس فيأتي ذلك على تلف النفس.
فقد ثبت بذلك قول أهل هذه المقالة وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمه الله.
وقد روي ذلك أيضًا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
4697 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عيسى بن إبراهيم البركي، قال: ثنا عبد الواحد قال: ثنا الحجاج قال: حدثني زيد بن جبير الجشمي، عن جروة بن حُمَيل، عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب يعمد أحدكم فيضرب أخاه بمثل آكلة اللحم، قال الحجاج: يعني
العصا، ثم يقول: لا قود علي، لا أوتى بأحد فعل ذلك إلا أقدته
(1)
.
وقد روي عن علي رضي الله عنه خلاف ذلك.
4698 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه، قال شبه العمد بالعصا والحجر الثقيل وليس فيهما قود
(2)
.
(1)
إسناده حسن وحجاج بن أرطاة صرح بالتحديث هنا.
وأخرجه البيهقي 8/ 44 من طريق يزيد عن الحجاج بن أرطاة به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (27686) من طريق شريك، عن زيد بن جبير به.
(2)
إسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله النخعي.
وأخرجه عبد الرزاق (17205)، وابن أبي شيبة (26762)، والحارث في مسنده (525 بغية) من طرق عن سفيان، عن أبي إسحاق به.
4 - باب شبه العمد هل يكون فيها دون النفس كما يكون في النفس؟
قال أبو جعفر رحمه الله: فإن قال قائل: لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النفس قد يكون فيها شبه العمد كان كذلك فيما دون النفس وذكر في ذلك الآثار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فيها، ألا إن قتيل خطأ العمد بالسوط والعصا والحجر، فيه مائة من الإبل، منها أربعون خلفةً في بطونها أولادها.
فكان من حجتنا عليه في ذلك أنه قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النفس ما قد روي عنه فيها.
وقد روي عنه فيها دون النفس ما يخالف ذلك وهو ما قد ذكرناه بإسناده في أول هذا الكتاب في خبر الربيع أنها لطمت جاريةً فكسرت ثنيتها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بالقصاص.
وقد رأينا اللطمة إذا أتت على النفس لم يجب فيها قود، ورأيناها فيما دون النفس قد أوجبت القود.
فثبت بذلك أن ما كان في النفس شبه عمد أنه فيما دون النفس عمد على تصحي هذه الآثار. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله.
5 - باب: الرجل يقول عند موته: إن متُّ ففلان قتلني
قال أبو جعفر رحمه الله: قد روينا فيما تقدم من هذا الباب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأل الجارية التي رضخ رأسها: "من رضخ رأسك أفلان هو؟ " فأومت برأسها أي نعم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برضخ رأسه بين حجرين.
فذهب قوم
(1)
إلى هذا الحديث فزعموا أنهم قلدوه وقالوا من ادعى - وهو في حال الموت - أن فلانًا قتله ثم مات، قبل قوله في ذلك، وقتل الذي ذكر أنه قتله.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
فقالوا: قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم سأل اليهودي فأقر بما ادعت الجارية عليه من ذلك، فقتله بإقراره لا بدعوى الجارية.
فاعتبرنا الآثار التي قد جاءت في ذلك هل نجد فيها على شيء من ذلك دليلا؟
4699 -
فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وزاد قال فسأله فأقر بما ادعت، فرضخ رأسه بين حجرين
(3)
.
(1)
قلت أراد بهم: قوما من الظاهرية، وأهل الحديث كما في النخب 16/ 459.
(2)
قلت أراد بهم: جماهير العلماء منهم: الأئمة الأربعة، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 16/ 461.
(3)
إسناده صحيح. =
4700 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي قال: أنا همام، عن قتادة، عن أنس أن يهوديا رضخ رأس جارية بين حجرين فقيل لها من فعل بك هذا؟ أفلان أفلان؟ ذكروا اليهودي فأتي به فاعترف فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فرض رأسه بالحجارة
(1)
.
فبين هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قتله بإقراره بما ادعى عليه لا بالدعوى. وقد بين ذلك أيضًا ما قد أجمعوا عليه.
ألا ترى أن رجلاً لو ادعى على رجل دعوى قتل أو غيره، فسأل المدعى عليه عن ذلك، فأومأ برأسه أي: نعم أنه لا يكون بذلك مقراً.
فإذا كان إيماء المدعى عليه برأسه لا يكون منه إقرارًا يجب به عليه حق، كان إيماء المدعي برأسه أحرى أن لا يوجب له حقا.
4701 -
وقد حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه"
(2)
.
= وأخرجه الطيالسي (1986)، وأحمد (12895)، والبخاري (2413، 2746، 6876، 6884)، ومسلم (1672)(17)، وأبو داود (4527، 4535)، وابن أبي عاصم في الديات (ص 59)، وابن الجارود (838)، وأبو يعلى (2866)، وابن حبان (5993)، والبيهقي 8/ 42 من طرق عن همام بن يحيى به.
(1)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(2)
إسناده صحيح، وابن جريج وإن عنعن فقد أخرجه الشيخان من طريقه وقد توبع.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4473) بإسناده ومتنه. =
فمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطى أحد بدعواه دماً أو مالا ولم يوجب للمدعى فيه بدعواه إلا باليمين.
فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنهم قد أجمعوا أن رجلًا لو ادعى في حال موته أن له على رجل دراهم
(1)
ثم مات أن ذلك غير مقبول منه وأنه في ذلك كهو في دعواه في حال الصحة.
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك هو في دعواه الدم في تلك الحال كهو في دعواه ذلك في حال الصحة.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين
4702 -
حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا خالد بن نزار قال: أخبرنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: كنت عاملاً لابن الزبير على الطائف فكتبت إلى ابن عباس في امرأتين كانتا في بيت تخرزان حريرًا
(2)
لهما فأصابت إحداهما يد صاحبتها بالإشفى فجرحتها،
= وأخرجه مسلم (1711)(1)، وابن ماجة (2321)، وابن حبان (5083)، والدارقطني 4/ 157، والبيهقي 10/ 252، والبغوي (2501) من طرق عن ابن وهب به.
وأخرجه الشافعي 2/ 181، وعبد الرزاق (1593)، والبخاري (4552)، والنسائي في الكبرى (5994)، وابن حبان (5082)، والطبراني (11224، 11225)، والبيهقي 10/ 252 من طرق عن ابن جريج به.
(1)
في ج س ن "درهما".
(2)
في ن "جرزا" وهو من لباس النساء من الوبر.
فخرجت وهي تدمى وفي الحجرة حدات
(1)
فقالت: أصابتني فأنكرت ذلك الأخرى.
فكتبت في ذلك إلى ابن عباس فكتب إلي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن اليمين على المدعى عليه، ولو أن الناس أعطوا بدعواهم لادعى ناس من الناس دماء رجال وأموالهم فادعها فاقرأ هذه الآية عليها {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] الآية فقرأت عليها الآية فاعترفت، قال نافع فحسبت أنه قال فبلغ ذلك ابن عباس فسره
(2)
.
ألا ترى أن ابن عباس رضي الله عنهما قد رد حكمها في ذلك إلى حكم سائر ما يدعي الناس بعضهم على بعض والله أعلم.
(1)
أي: جماعة يتحدثون.
(2)
إسناده حسن من أجل خالد بن نزار الأيلي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4474) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 248 من طريق يحيى بن أبي زائدة، عن نافع به.
6 - باب المؤمن يقتل الكافر متعمدًا
4703 -
حدثنا إسماعيل بن يحيى، قال: ثنا محمد بن إدريس، قال: أخبرنا سفيان. (ح)
وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أسباط، عن مطرف بن طريف، عن الشعبي، عن أبي جحيفة قال: سألت عليا هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم علم غير القرآن؟ فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى القرآن وما في هذه الصحيفة. قال: قلت وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى أن المسلم إذا قتل الكافر متعمدًا لم يقتل به واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5764، 5765) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الشافعي 2/ 104، والحميدي (40)، وأحمد (599)، والبخاري (6903)، والنسائي 8/ 23، وابن الجارود (794)، وأبو يعلى (451)، والبيهقي 8/ 28 من طريق سفيان بن عيينة به.
وأخرجه الطيالسي (91)، وعبد الرزاق (18508)، والدارمي (2356)، والبخاري (111، 3046، 6915)، والترمذي (1412)، وابن ماجة (2658)، والبيهقي 8/ 28 من طرق عن مطرف به.
(2)
قلت أراد بهم: عمر بن عبد العزيز، والأوزاعي، والثوري، وابن شبرمة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 16/ 471.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
فقالوا: بل يقتل به.
وكان من الحجة لهم في ذلك: أن هذا الكلام الذي حكاه أبو جحيفة في هذا الحديث عن علي رضي الله عنه لم يكن منفردًا
(2)
ولو كان منفردًا لاحتمل ما قالوا: ولكنه كان موصولاً بغيره
4704 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا مسدد قال: ثنا يحيى، عن ابن أبي عروبة، قال: ثنا قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى علي فقلنا: هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدًا لم يعهده إلى الناس عامةً؟ قال: لا إلا ما كان في كتابي هذا، فأخرج كتابًا من قراب سيفه، فإذا فيه المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، ومن أحدث حدثًا فعلى نفسه، ومن أحدث حدثًا أو آوى محدثًا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
(3)
.
(1)
قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، وعامر الشعبي، ومحمد بن أبي ليلى، وعثمان البتي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف في رواية، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 16/ 472.
(2)
في ج ن "مفردا".
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5889) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود (4530) عن مسدد به.
وأخرجه أحمد (993)، والبزار (714)، والنسائي 8/ 19، وأبو يعلى (628)، والبغوي (2531) من طريق يحيى بن سعيد به.
وأخرجه البزار (713)، وأبو يعلى (338)، والبيهقي 8/ 29 من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة به.
فهذا هو حديث علي رضي الله عنه بتمامه، والذي فيه من نفي قتل المؤمن بالكافر هو قوله" لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده.
فاستحال أن يكون معناه على ما حمله عليه أهل المقالة الأولى، لأنه لو كان معناه على ما ذكروا لكان ذلك لحنًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم أبعد الناس من ذلك، ولكان لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذي عهد في عهده.
فلما لم يكن لفظه كذلك، وإنما هو:"ولا ذو عهد في عهده علمنا بذلك أن ذا العهد هو المعني بالقصاص، فصار ذلك كقوله "لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر".
وقد علمنا أن ذا العهد كافر، فدل ذلك أن الكافر الذي منع النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل به المؤمن في هذا الحديث هو الكافر الذي لا عهد له.
فهذا مما لا اختلاف فيه بين المسلمين أن المؤمن لا يقتل بالكافر الحربي، وأن ذا العهد الكافر الذي قد صارت له ذمة لا يقتل به أيضًا.
وقد نجد مثل هذا كثيرًا في القرآن قال الله تعالى {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]، فكان معنى ذلك "واللائي يئسن من المحيض" واللائي لم يحضن "إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر" فقدم وأخر.
فكذلك قوله "لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده" إنما مراده فيه - والله أعلم "لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر" فقدم وأخر. فالكافر الذي منع صلى الله عليه وسلم أن يقتل به المؤمن هو الكافر غير المعاهد.
فإن قال قائل: قوله: "ولا ذو عهد في عهده" إنما معناه "لا يقتل مؤمن بكافر" فانقطع الكلام ثم قال: "ولا ذو عهد في عهده" كلام مستأنف أي: "ولا يقتل المعاهد في عهده".
فكان من حجتنا عليه أن هذا الحديث إنما جرى في الدماء المسفوك بعضها ببعض، لأنه قال:"المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم" ثم قال: "لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده"، فإنما أجرى الكلام على الدماء التي تؤخذ قصاصًا، ولم يجر على حرمة دم بعهد، فيحمل الحديث على ذلك فهذا وجه.
وحجة أخرى أن هذا الحديث إنما روي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم أنه روي عن غيره من طريق صحيح فهو كان أعلم بتأويله.
وتأويله هو فيه إذ كان محتملاً عندكم هذين المعنيين اللذين ذكرتم دليل على أن معناه في الحقيقة هو ما تأوله عليه.
4705 -
حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، أنه قال: أخبرني سعيد بن المسيب، أن عبد الرحمن
بن أبي بكر الصديق، قال - حين قتل عمر رضي الله عنه مررت على أبي لؤلؤة
(1)
ومعه هرمزان
(2)
. فلما بغتهم
(3)
ثاروا فسقط من بينهم خنجر له رأسان ممسكه في وسطه. قال: قلت فانظروا لعله الخنجر الذي قتل به عمر فنظروا فإذا هو الخنجر الذي وصف عبد الرحمن.
فانطلق عبيد الله بن عمر حين سمع ذلك من عبد الرحمن ومعه السيف حتى دعا الهرمزان، فلما خرج إليه قال: انطلق حتى تنظر إلى فرس لي
(4)
ثم تأخر عنه حتى إذا مضى بين يديه علاه بالسيف، فلما وجد مس السيف: قال: لا إله إلا الله، قال عبيد الله: ودعوت جفينة
(5)
وكان نصرانيا من نصارى الحيرة، فلما خرج إلّي علوته بالسيف، فصلب
(6)
بين عينيه، ثم انطلق عبيد الله فقتل ابنة أبي لؤلؤة صغيرةً تدعي الإسلام.
فلما استخلف عثمان رضي الله عنه دعا المهاجرين والأنصار فقال: أشيروا علي في قتل هذا الرجل الذي فتق في الدين ما فتق فاجتمع المهاجرون فيه على كلمة واحدة يأمرونه بالشدة، عليه ويحثون عثمان على قتله، وكان فوج الناس الأعظم مع عبيد الله
(1)
اسمه فيروز المجوسي الأصل الرومي الدار غلام المغيرة بن شعبة.
(2)
هو الهرمزان صاحب تستر وكان مجوسيا، ولما فتحت الصحابة مدينة تستر في سنة سبع عشرة من الهجرة أسر الهرمزان هذا وسيروه مع الجيش على يد وفد فيهم أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(3)
أي: فلما فاجأهم نهضوا وقاموا.
(4)
في د "أبي".
(5)
بضم الجيم وفتح الفاء، كان نصرانيا من أهل الحيرة، وكان قّد مالا هو والهرمزان أبا لؤلؤة على قتل عمر بن الخطاب.
(6)
بالصاد المهملة وتشديد اللام، معناه ضربه على عرضه حتى صارت الضربة كالصليب.
يقولون لجفينة والهرمزان: - أبعدهما الله - فكان في ذلك الاختلاف. ثم قال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين إن هذا الأمر قد أغناك الله من أن يكون بعدما قد بويعت، وإنما كان ذلك قبل أن يكون لك على الناس سلطان، فأعرض عن عبيد الله. وتفرق الناس عن خطبة عمرو بن العاص، وودى الرجلين والجارية
(1)
.
ففي هذا الحديث أن عبيد الله رضي الله عنه قتل جفينة وهو مشرك وضرب الهرمزان وهو كافر، ثم كان إسلامه بعد ذلك.
فأشار المهاجرون رضوان الله عليهم على عثمان رضي الله عنه بقتل عبيد الله، وعلي فيهم.
فمحال أن يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يقتل مؤمن بكافر" يراد به غير الحربي، ثم يشير المهاجرون وفيهم علي على عثمان رضي الله عنه بقتل عبيد الله بكافر ذمي ولكن معناه هو على ما ذكرنا من إرادته الكافر الذي لا ذمة له.
فإن قال قائل: ففي هذا الحديث أن عبيد الله رضي الله عنه قتل بنتًا لأبي لؤلؤة صغيرةً تدعي الإسلام، فيجوز أن يكون إنما استحلوا سفك دم عبيد الله بها لا بجفينة والهرمزان.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه عبد الرزاق (9775)، وابن سعد 3/ 271، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (99) من طرق عن الزهري به مطولا ومختصرا.
قيل له: في هذا الحديث ما يدل على أنه أراد قتله بجفينة والهرمزان وهو قولهم: "أبعدهما الله".
فمحال أن يكون عثمان رضي الله عنه أراد أن يقتله بغيرهما، ويقول الناس له: أبعدهما الله، ثم لا يقول لهم: إني لم أرد قتله بهذين إنما أردت قتله بالجارية ولكنه أراد قتله بهما، وبالجارية، ألا تراه يقول: فكثر في ذلك الاختلاف.
فدل ذلك أن عثمان رضي الله عنه إنما أراد قتله بمن قتل، وفيهم الهرمزان وجفينة.
فقد ثبت بما ذكرنا ما صحح عليه معنى هذا الحديث أن معنى حديث علي رضي الله عنه الأول على ما وصفنا، فانتفى أن يكون فيه حجة تدفع أن يقتل المسلم بالذمي.
وقد وافق ذلك أيضًا وشدة ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان منقطعاً.
4706 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن البيلماني، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل من المسلمين قد قتل معاهدًا من أهل الذمة، فأمر به فضرب عنقه، وقال:"أنا أولى مَن وفَى بذمته"
(1)
.
4707 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا يحيى بن سلام، عن محمد بن أبي حميد المدني،
(1)
إسناده مرسل ضعيف لضعف عبد الرحمن بن البيلماني.
وأخرجه أبو داود في المرسيل (250) من طريق ابن وهب، عن سليمان بن بلال به.
وأخرجه عبد الرزاق (18514)، والدارقطني (3233)، والبيهقي 8/ 30 من طرق عن ربيعة به.
عن محمد بن المنكدر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
والنظر عندنا شاهد لذلك أيضًا، وذلك أنا رأينا الحربي دمه حلال وماله حلال، فإذا صار ذميا حرم دمه وماله كحرمة دم المسلم ومال المسلم.
ثم رأينا من سرق من مال الذمي ما يجب فيه القطع، قطع كما يقطع في مال المسلم.
فلما كانت العقوبات في انتهاك المال الذي قد حرم بالذمة كالعقوبات في انتهاك الدم الذي حرم بالإسلام كان يجيء في النظر أيضًا أن تكون العقوبة في الدم الذي قد حرم بالذمة كالعقوبة في الدم الذي قد حرم بالإسلام.
فإن قال قائل: فإنا قد رأينا العقوبات الواجبات في انتهاك حرمة الأموال قد فرق بينها وبين العقوبات الواجبات في انتهاك حرمة الدم، وذلك أنا رأينا العبد يسرق من مال مولاه فلا يقطع، ويقتل مولاه فَيُقتل، ففرق بين ذلك فما تنكرون أيضًا أن يكون قد فرق بين ما يجب في انتهاك مال الذمي ودمه؟.
قيل له: هذا الذي ذكرت قد زاد ما ذهبنا إليه توكيداً، لأنك ذكرت أنهم قد أجمعوا أن العبد لا يقطع في مال، مولاه، وأنه يقتل بمولاه وبعبيد مولاه. فما وصفت من
(1)
إسناده مرسل ضعيف لضعف محمد بن أبي حميد المدني.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 10/ 225 من طريق يحيى بن سلام به.
وأخرجه البيهقي 8/ 30 من طريق إبراهيم بن أبي يحيى، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن البيلماني به.
ذلك كما ذكرت، فقد خففوا أمر المال، ووكدوا أمر الدم، فأوجبوا العقوبة في الدم حيث لم يوجبوها في المال.
فلما ثبت توكيد أمر الدم وتخفيف أمر المال، ثم رأينا مال الذمي يجب في انتهاكه عن المسلم من العقوبة كما يجب عليه في انتهاك مال المسلم كان دمه أحرى أن يكون عليه في انتهاك حرمته من العقوبة ما يكون عليه في انتهاك حرمة دم المسلم.
وقد أجمعوا أن ذميا لو قتل ذميا ثم أسلم القاتل أنه يقتل بالذمي الذي قتله في حال كفره ولا يبطل ذلك إسلامه.
فلما رأينا الإسلام الطارئ على القتل لا يبطل القتل الذي كان في حال الكفر وكانت الحدود تمامها أحدها، ولا يوجد على حال لا يجب في البدء مع تلك الحال.
ألا ترى أن رجلًا لو قتل رجلًا والمقتول مرتد أنه لا يجب عليه شيء، وأنه لو جرحه وهو مسلم ثم ارتد - عياذا بالله - فمات منها لم يقتل. فصارت ردته التي تقدمت الجناية والتي طرأت عليها في درء القتل - سواءً. فكان كذلك في النظر أن يكون القاتل قبل جنايته وبعد جنايته سواءً.
فلما كان إسلامه بعد جنايته قبل أن يقتل بها لا يدفع عنه القود كان كذلك إسلامه المتقدم لجنايته لا يدفع عنه القود. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
4708 -
وقد حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك
ابن ميسرة، عن النزال بن سبرة، قال: قتل رجل من المسلمين رجلًا من العباد
(1)
فذهب أخوه إلى عمر رضي الله عنه فكتب عمر أن يقتل، فجعلوا يقولون: اقتل حنين، فيقول حتى يجيء الغيظ، قال: فكتب عمر أن يودي ولا يقتل
(2)
.
فهذا عمر رضي الله عنه قد رأى أيضًا أن يقتل المسلم بالكافر، وكتب به إلى عامله بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليه منهم منكر.
فهذا - عندنا - منهم على المتابعة منهم له على ذلك، وكتابه بعد هذا - لا يقتل- فيحتمل أن يكون ذلك كان منه على أنه كره أن يبيحه دمه لما كان من وقوفه عن قتله وجعل ذلك شبهة منعه بها من القتل وجعل له ما يجعل في القتل العمد الذي تدخله شبهة وهو الدية.
وقد قال أهل المدينة: إن المسلم إذا قتل الذمي قتل غيلة على ماله أنه يقتل به.
فإذا كان هذا عندهم خارجًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقتل مسلم بكافر؟ " فما
(1)
بفتح العين المهملة والباء الموحدة المخففة والعباد قبائل شتى من بطون العرب اجتمعوا على النصرانية بالحيرة والنسبة إليهم عبادي.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 3/ 279 بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 292 - 293 عن وكيع، عن محمد بن قيس الأسدي، عن عبد الملك بن ميسرة به.
وأخرجه عبد الرزاق (18520) عن معمر، عن ليث - أحسبه، عن الشعبي قال: كتب عمر بن الخطاب
…
وأخرجه البيهقي 8/ 32 من طريق الشافعي، عن محمد بن الحسن، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم به.
ينكرون على مخالفكم أن يكون كذلك الذمي المعاهد خارجا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقتل مسلم بكافر" والنبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط من الكفار أحدًا.
فلما كان لهم أن يخرجوا من الكفار من أريد ماله كان لمخالفهم أن يخرج أيضًا من وجبت ذمته.
7 - باب القسامة هل تكون على ساكني الدار
الموجود فيها القتيل أو على مالكها؟
4709 -
حدثنا يونس قال: ثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، سمع بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة، قال: وجد عبد الله بن سهل قتيلاً في قليب من قلب خيبر. فجاء أخوه عبد الرحمن بن سهل وعماه حويّصة ومحيّصة ابنا مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن ليتكلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الكُبر الكُبر"، فتكلم أحد عميه، إما حويصة وإما محيصة فكلم الكبير منهما، فقال: يا رسول الله إنا وجدنا عبد الله بن سهل قتيلًا في قَليب من قُلُب خيبر، وذكر عداوة يهود لهم. قال:"أفتبرئكم يهود بخمسين يمينًا أنهم لم يقتلوه؟ " قال: قلت وكيف نرضى بأيمانهم وهم مشركون؟ قال: "فيقسم منكم خمسون أنهم قتلوه" قالوا كيف نقسم على ما لم نر؟ فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده
(1)
.
4710 -
حدثنا يونس قال أخبرنا ابن وهب أن مالكًا حدثه، عن يحيى بن سعيد، عن
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4588) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الشافعي 2/ 114، وعبد الرزاق (18259)، والحميدي (403)، وأحمد (16091)، ومسلم (1669)(2)، و النسائي 8/ 11، وابن الجارود (798)، والطبراني (5625)، والبيهقي 8/ 119 من طرق عن سفيان بن عيينة به.
وأخرجه الشافعي 2/ 113 - 114، والبخاري (6143،6142)، ومسلم (1669)(1 - 2)، وأبو داود (4520)، والترمذي (1422)، والنسائي 7/ 8 - 8 - 9 - 10، وابن الجارود (800)، وابن حبان (6009)، والطبراني (4428، 5627)، والدارقطني 3/ 108 - 109، والبيهقي 8/ 118 - 119، والبغوي (2546) من طرق عن يحيى بن سعيد به.
بُشير بن يسار، أنه أخبره أن عبد الله بن سهل الأنصاري ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر، فتفرقا في حوائجهما، فقتل عبد الله بن سهل فبلغ محيصة، فأتى هو وأخوه حويصة وعبد الرحمن بن سهل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن ليتكلم لمكانه من أخيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كبِّر كبِّر"، فتكلم حويصة ومحيصة، فذكرا شأن عبد الله بن سهل، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتحلفون خمسين يمينا و تستحقون دم قاتلكم، أو صاحبكم؟ "، قالوا: يا رسول الله لم نشهد ولم نحضر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفتبرئكم يهود بخمسين يمينًا؟ "، قالوا: يا رسول الله كيف نقبل أيمان قوم كفار؟. قال مالك: قال يحيى بن سعيد: فزعم بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وداه من عنده
(1)
.
4711 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سعيد بن عبيد الطائي، عن بُشير بن يسار أن رجلًا من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة، أخبره، أن نفراً من قومه انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها، فوجدوا أحدهم قتيلاً، فقالوا للذين وجدوه عندهم قتلتم صاحبنا، قالوا: والله ما قتلنا ولا علمنا قاتلًا. فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله،
(1)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4587) بإسناده ومتنه.
وهو في موطأ مالك 2/ 452، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق (18258)، والنسائي في المجتبى 8/ 11، وفي الكبرى (6894).
وقال أبو عمر في التمهيد 23/ 198: لم يختلف الرواة عن مالك في إرسال هذا الحديث، وقد رواه حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، والليث بن سعد وعبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة، وبضهم يجعل مع سهل بن أبي حثمة رافع بن خديج جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكلهم يجعله عن سهل بن أبي حثمة مسندا.
انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أخانا قتيلاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الكُبْر الكُبْر" فقال لهم: "تأتون بالبينة على من قتل؟ " قالوا: ما لنا بينة. قال "أفيحلفون لكم؟ " قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود
(1)
.
فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل، دمه فوداه بمائة من إبل الصدقة.
4712 -
حدثنا يونس قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن، عن سهل بن أبي حثمة، أنه أخبره رجال من كبراء قومه، أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم، فأتى محيصة، فأخبر أن عبد الله بن سهل قتل، وطرح في فقير
(2)
أو عين، فأتى يهودًا، فقال: أنتم والله قتلتموه، فقالوا: والله ما قتلناه. فأقبل حتى قدم على قومه، فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه، وعبد الرحمن بن سهل فذهب محيصة ليتكلم وهو الذي كان بخيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحيصة:"كبِّر كبِّر" يريد السن. فتكلم حويصة قبل، ثم تكلم محيصة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب، فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فكتبوا إنا والله ما قتلناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: "أتحلفون
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4590) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 383، والبخاري (6898)، ومسلم (1669)(5)، وأبو داود (4523)، والنسائي 8/ 12، والطبراني (5629)، والدارقطني 3/ 110، والبيهقي 8/ 120 من طريق أبي نعيم به.
(2)
بفتح الفاء هي: البئر قليلة الماء، وفقير النخلة حفرة تحفر للفسيلة إذا حولت لتغرس فيها.
وتستحقون دم صاحبكم؟ "، قالوا: لا، قال: "أفتحلف لكم يهود؟ " قالوا: ليسوا بمسلمين.
فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده، فبعث إليهم بمائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار
(1)
.
قال أبو يوسف رحمه الله فقد علمنا أن خيبر كانت للمسلمين لأنهم افتتحوها وكانت اليهود عمالهم فيها.
فلما وجد فيها هذا القتيل جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم القسامة فيه على اليهود السكان لا على المالكين.
قال: فكذلك نقول: كل قتيل وجد في دار أو أرض فيها ساكن مستأجر أو مستعير فالقسامة في ذلك والدية على الساكن لا على ربها المالك.
وكان أبو حنيفة ومحمد بن الحسن رحمهما الله يقولان: الدية والقسامة في ذلك على المالك لا على الساكن.
وكان من حجتنا لها على أبي يوسف رحمه الله أن ذلك القتيل لم يذكر لنا في هذا الحديث أنه وجد بخيبر بعدما افتتحت أو قبل ذلك.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4577) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (1669)(6)، وابن الجارود (799)، والطبراني (5630)، والبيهقي 8/ 117 من طرق عن مالك به.
وأخرجه الشافعي 2/ 112 - 113، وأحمد (16097)، والبخاري (7192)، وأبو داود (4521)، والنسائي 8/ 6 - 7، والبغوي (2547) من طرق عن مالك به.
فقد يجوز أن يكون أصيب فيها بعدما افتتحت فيكون ذلك كما قال أبو يوسف رحمه الله ويجوز أن يكون أصيب في حال ما كانت صلحًا بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهلها.
فإن كان موجودًا في حال ما كانت صلحًا قبل أن تفتح فلا حجة لأبي يوسف رحمه الله في هذا الحديث.
وفي حديث أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن ما يدل أنها كانت يومئذ صلحًا، وذلك أنه فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأنصار رضي الله عنهم "إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب" فلا يقال: هذا إلا لمن كان في أمان وعهد في دار هي صلح بين أهلها وبين المسلمين.
وقد بين ذلك سليمان بن بلال في حديثه عن يحيى بن سعيد.
4713 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، قال: ثنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار، أن عبد الله بن سهل بن زيد، ومحيصة بن مسعود بن زيد الأنصاري، من بني حارثة خرجا إلى خيبر في زمن رسول الله الا الله صلى الله عليه وسلم وهي يومئذ صلح، وأهلها يهود، فتفرقا لحاجتها. فقتل عبد الله بن سهل فوجد في شربة
(1)
مقتولًا، فدفنه صاحبه، ثم أقبل إلى المدينة فمشى أخو المقتول عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن سهل، وحيث قتل. فزعم بشير بن يسار وهو يحدث عمن أدرك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم: "تحلفون خمسين
(1)
بفتح الشين والراء، هي: حوض يكون في أصل النخلة وحولها يملأ ماء لتشربه.
يمينًا وتستحقون دم قتيلكم أو صاحبكم؟ ". فقالوا: يا رسول الله، ما شهدنا ولا حضرنا. قال: "أفتبرتكم يهود بخمسين يمينا؟ " فقالوا يا رسول الله، وكيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فزعم بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقله من عنده
(1)
.
فبين لنا هذا الحديث أنها كانت في وقت وجود عبد الله بن سهل فيها قتيلًا دار صلح ومهادنة، فانتفى بذلك أن يلزم أبا حنيفة ومحمداً شيء مما احتج به عليها أبو يوسف رحمة الله عليه من هذا الحديث؛ لأن فتح خيبر إنما كان بعد ذلك.
قال أبو يوسف رحمة الله عليه والنظر يدل على ما قلنا أيضًا. وذلك أنا رأينا الدار المستأجرة والمستعارة في يد مستأجرها ومستعيرها لا في يد ربها. ألا ترى أنهما وربهما لو اختلفا في ثوب وجد فيها أن القول فيه قولهما لا قول رب الدار. فكذلك ما وجد فيها من القتلى فهم موجودون فيها، وهي في يد مستأجرها ويد مستعيرها لا في يد ربها. فما وجب بذلك من قسامة ودية فهي على من هي في يده لا على من ليست في يده، وإن كان ملكها له.
فكان من حجة محمد بن الحسن رحمه الله في ذلك أن قال: رأيت إجماعهم قد دل على أن القسامة تجب على المالك لا على الساكن.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4591) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (1669)(3) عن القعنبي بهذا الاسناد.
وذلك أن رجلًا وامرأته لو كانت في أيديهما دار يسكنانها وهي للزوج، فوجد فيها قتيل كانت القسامة والدية على عاقلة الزوج خاصةً دون عاقلة المرأة، وقد علمنا أن أيديهما عليها وأن ما وجد فيها من ثياب فليس أحدهما أولى به من الآخر إلا لمعنًى ليس من قبل الملك واليد في شيء.
فلو كانت القسامة يحكم بها على من الدار في يده لحكم بها على المرأة والرجل جميعًا لأن الدار في أيديهما ولأنهما سكانها. فلما كان ما يجب في ذلك على الزوج خاصةً دون المرأة إذ هو المالك لها كانت القسامة والدية في كل المواضع الموجود فيها القتلى على مالكيها لا على ساكنيها.
8 - باب القسامة كيف هي؟
قال أبو جعفر: اختلف الناس في القتيل الموجود في محلة قوم كيف القسامة الواجبة فيه؟.
فقال قوم
(1)
: يحلف المدعى عليهم بالله ما قتلنا، فإن أبوا أن يحلفوا استحلف المدعون واستحقوا ما ادعوا.
واحتجوا في ذلك بحديث سهل بن أبي حثمة الذي ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب.
وقال آخرون
(2)
: بل يستحلف المدعى عليهم فإذا حلفوا غرموا الدية.
وقالوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار: "أتحلفون وتستحقون؟ " إنما كان على النكير منه عليهم، كأنه قال:"أتدعون وتأخذون؟ " وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: أفتبرئكم يهود بخمسين يمينًا بالله ما قتلنا.
فقالوا: كيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحلفون وتستحقون؟. أي: إن اليهود وإن كانوا كفارًا فليس عليهم فيما تدعون عليهم غير
(1)
قلت أراد بهم: يحيى بن سيعد، وأبا الزناد عبد الله بن ذكوان، وربيعة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، والليث بن سعد رحمهم الله، كما في النخب 17/ 5.
(2)
قلت أراد بهم: عثمان البتي، والحسن بن صالح، وسفيان الثوري، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن شبرمة، وعامر الشعبي، وإبراهيم النخعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 17/ 9.
أيمانهم. وكما لا يقبل منكم - وإن كنتم مسلمين - أيمانكم فتستحقون بها، كذلك لا يجب على اليهود بدعواكم عليهم غير أيمانهم.
والدليل على صحة هذا التأويل ما قد حكم به عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة أصحابه، فلم ينكره عليه منهم منكر، ومحال أن يكون عند الأنصار رضي الله عنهم من ذلك علم، ولا سيما مثل محيصة، وقد كان حيا يومئذ، وسهل بن أبي حثمة فلا يخبرونه به ويقولون ليس هكذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا على اليهود.
فمما روي عن عمر رضي الله عنه في ذلك ما قد
4714 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن الحكم عر الحارث بن الأزمع أنه قال لعمر رضي الله عنه: أما تدفع أموالنا أيماننا ولا أيماننا عن أموالنا قال: لا وعقله
(1)
.
4715 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن الحارث بن الأزمع، قال: قتل قتيل بين وادعة وحي آخر، والقتيل إلى وادعة أقرب. فقال عمر لوادعة: يحلف خمسون رجلًا منكم بالله ما قتلناه ولا نعلم له قاتلًا ثم أغرموا الدية. فقال له الحارث نحلف وتغرمنا؟ فقال: نعم
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (18266) عن الثوري، عن منصور، عن الحكم عن الحارث به.
(2)
رجاله ثقات. =
4716 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عثمان بن مطر، عن أبي جرير، عن الشعبي عن الحارث الوادعي، قال: أصابوا قتيلاً بين قريتين، فكتبوا في ذلك إلى عمر بن الخطاب. فكتب عمر أن قيسوا بين القريتين، فأيهما كان إليه أدنى، فخذوا خمسين قسامةً، فيحلفون بالله ثم غرموهم الدية. قال الحارث: فكنت فيمن أقسم، ثم غرمنا الدية
(1)
.
فهذه القسامة التي حكم بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد وافق ذلك ما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الموضع أنه قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه".
فسوى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك بين الأموال والدماء، وحكم فيها بحكم واحد، فجعل اليمين في ذلك كله على المدعى عليه.
فثبت بذلك أن معنى حديث سهل هذا أيضًا على ما قد تأولناه عليه.
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 11/ 513 بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 381 عن وكيع، عن إسرائيل به.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عثمان بن مطر.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 11/ 512 بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (18267)، والبيهقي 8/ 124 من طريق منصور، عن الشعبي، عن عمر به.
وقد دل على ذلك أيضًا ما قد ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب عن سعيد بن عبيد عن بُشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاهم بالبينة، فلما ذكروا أن لا بينة لهم قال:"أفيحلفون لكم؟ " فدل ما ذكرنا أن ما كان من حكم رسول
الله صلى الله عليه وسلم من ذلك هو هذا، وكان ما زاد عليه مما في حديث يحيى بن سعيد وأبي ليلى بن عبد الله ليس على الحكم، ولكن على المعنى الذي تأولناهما عليه. ثم هذا الزهري قد علم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقسامة.
فمما روي عنه في ذلك ما قد
4717 -
حدثنا يونس، قال: ثنا أيوب بن سويد، عن الأوزاعي، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وسليمان بن يسار، عن أناس من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القسامة كانت في الجاهلية، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه، وقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أناس في قتيل ادعوه على اليهود
(1)
.
4718 -
حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا بشر بن بكر، قال: ثنا الأوزاعي، قال: ثنا الزهري، قال: ثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن أناس من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أيوب بن سويد الرملي.
وأخرجه أحمد (16598)، ومسلم (1670)، والنسائي 8/ 4 - 5، و ابن الجارود (797) من طرق عن الزهري به.
(2)
إسناده صحيح. =
ثم قال الزهري في القسامة أيضًا ما
4719 -
قد حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أبو معاوية الضرير، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالقسامة على المدعى عليهم
(1)
.
فدل ذلك على أن القسامة على المدعى عليهم لا على المدعين على ما بين الزهري في حديثه هذا.
وإنما كان أخذ القسامة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان هذا مما أخذه عنهم.
وقد وافق ذلك ما رويناه عن عمر رضي الله عنه مما فعله وحكم به بحضرة سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم فلم ينكره عليه منهم منكر.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4582) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي 8/ 5 من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي به.
(1)
إسناده مرسل، وفيه انقطاع، أبو معاوية لم يدرك ابن أبي ذئب.
وأخرجه ابن أبي شيبة (29111) من طريق شبابة بن سوار، عن ابن أبي ذئب به.
9 - : باب ما أصابت البهائم في الليل والنهار
4720 -
حدثنا يونس، قال: ثنا أيوب بن سويد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حرام ابن محيصة، عن البراء بن عازب، أن ناقة لرجل من الأنصار دخلت حائطًا فأفسدت فيه، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم على أهل الحوائط لحفظها بالنهار، وعلى أهل المواشي ما أفسدت مواشيهم بالليل
(1)
.
4721 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكًا حدثه، عن ابن شهاب، عن حرام بن سعد بن محيصة، أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائطًا لرجل، فأفسدت فيه فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضمان على أهلها
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أيوب بن سويد الرملي، ولانقطاعه حرام بن محيصة لم يسمع البراء بن عازب فيما ذكر ابن حبان وابن حزم وعبد الحق، وهذا يعكر على الشافعي قوله باتصاله، كما في اختلاف الحديث 7/ 401، وقال ابن عبد البر في التمهيد 11/ 82: هذا الحديث وإن كان مرسلا فهو حديث مشهور أرسله الأئمة، وحدث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز، وتلقوه بالقبول، وجرى في المدينة به العمل.
وأخرجه الدارقطني 3/ 155 من طريق يونس بن عبد الأعلى به.
وأخرجه الشافعي في مسنده 2/ 107، وفي اختلاف الحديث 7/ 400 - 401، ومن طريقه الدارقطني 3/ 155، والبيهقي 8/ 341 عن أيوب بن سويد به.
وأخرجه أحمد (18606)، وأبو داود (3570)، والنسائي في الكبرى (5785)، والحاكم 2/ 47 - 48، والبيهقي 8/ 341، وابن عبد البر في التمهيد 11/ 89 من طرق عن الأوزاعي به.
(2)
إسناده مرسل صحيح. =
قال أبو جعفر فذهب قوم
(1)
إلى هذه الآثار فقالوا: ما أصابت البهائم نهاراً فلا ضمان على أحد فيه، وما أصابت ليلًا ضمنه أرباب تلك البهائم، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
فقالوا: لا ضمان على أرباب المواشي فيما أصابت مواشيهم في الليل والنهار إذا كانت منفلتةً.
واحتجوا في ذلك بما قد
4722 -
حدثنا فهد قال: ثنا الخضر بن محمد الحراني قال: ثنا عباد بن عباد، قال: ثنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السائمة عقلها
(3)
جبار
(4)
والمعدن جبار"
(5)
.
= وهو في الموطأ 2/ 747، ومن طريقه أخرجه الشافعي في مسنده 2/ 107، وفي السنن المأثورة (526)، والطحاوي في شرح المشكل (6159)، والدارقطني 3/ 156، والبيهقي، 8/ 279، 341، وقرن الدارقطني بمالك يونس بن يزيد.
وقال ابن عبد البر في التمهيد 11/ 81: هكذا رواه جميع رواة الموطأ فيها علمت مرسلا.
(1)
قلت أراد بهم شريحا، والشعبي، والليث بن سعد، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 17/ 29.
(2)
قلت أراد بهم: سفيان الثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وبعض الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 17/ 30.
(3)
أي: ديتها وأرشها.
(4)
بضم الجيم، أي: هدر لا يبنى عليه حكم.
(5)
إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد.
وأخرجه أحمد (14592) من طريق إسماعيل بن محمد، عن عباد بن عباد به.
وأخرجه البزار (894 كشف الاستار)، وأبو يعلى (2134) من طريق حماد بن زيد، عن مجالد بن سعيد به.
4723 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العجماء جبار، والمعدن جبار"
(1)
.
4724 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، قال له السائل: يا أبا محمد معه أبو سلمة؟ فقال: إن كان معه فهو معه
(2)
.
4725 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب وعبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
4726 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع بن الوليد، عن محمد بن عمرو، عن أبي
(1)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك 2/ 868 - 869، ومن طريقه أخرجه الدارمي (1668، 2378)، والبخاري (1499)، ومسلم (1710)(45)، والنسائي في المجتبى 5/ 45، وفي الكبرى (5833)، وابن خزيمة (2326)، وابن حبان (6005)، والدارقطني 3/ 151، والبيهقي في الكبرى 4/ 155، 8/ 343.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الشافعي في السنن المأثورة (370)، وابن أبي شيبة 3/ 255، والترمذي (1377)، والنسائي في المجتبى 5/ 44، وفي الكبرى (2286)، وابن ماجة (2673)، والدارقطني 3/ 149 - 150 من طريق سفيان بن عيينة به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1710)(45)، والنسائي في المجتبى 5/ 45، وفي الكبرى (2287) من طريق يونس بن عبد الأعلى به.
سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4727 -
حدثنا علي بن معبد قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال أخبرنا محمد بن عمرو
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4728 -
حدثنا فهد، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
4729 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
4730 -
حدثنا فهد قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن محمد بن زياد، قال: سمعت
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 257، وأحمد (9371)، والدارمي (2530) من طرق عن محمد بن عمرو به.
وأخرجه مسلم (1710)(46) من طريق الأسود بن العلاء، عن أبي سلمة به.
(2)
إسناده حسن، وهو مكرر سابقه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 224، 12/ 255 من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب به موقوفا.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 244، 12/ 255 من طريق وكيع، عن ابن عون به موقوفا.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 224، 12/ 255، وأحمد (7120)، والنسائي في المجتبى 5/ 45، وفي الكبرى (2289، 5804)، وأبو يعلى (6050، 6072، 6075) من طرق عن ابن سيرين به.
أبا هريرة يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
…
يقول فذكر مثله
(1)
.
4731 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا، الفريابي: قال ثنا سفيان، عن ابن ذكوان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، يرفعه
…
مثله
(2)
.
قال أبو جعفر: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصابته العجماء جباراً، والجبار: هو الهدر فنسخ ذلك ما تقدم مما في حديث حرام بن محيصة وإن كان منقطعًا لا تقوم بمثله عند المحتج به علينا حجة.
لأنه وإن كان الأوزاعي قد وصله فإن مالكًا والأثبات من أصحاب الزهري قد قطعوه.
ومع ذلك فإن الحكم المذكور فيه مأخوذ من حكم سليمان النبي عليه السلام في الحرث إن نفشت فيه الغنم.
فحكم النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك الحكم حتى أحدث الله له هذه الشريعة فنسخت ما
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 272، وأحمد (9005) من طرق عن حماد بن سلمة به.
وأخرجه البخاري (6913)، ومسلم (1710)(46) من طرق عن محمد بن زياد به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحميدي (1080)، والدارمي (2379)، والبيهقي في المعرفة (2386) من طريق سفيان، عن أبي الزناد به.
وأخرجه الشافعي في السنن المأثورة (371)، وأحمد (8971)، والنسائي في الكبرى (5805)، وأبو يعلى (6308) من طرق عن أبي الزناد به.
قبلها.
فما دل على هذا الذي رويناه عن جابر، وأبي هريرة رضي الله عنهما أنه كان بعدما في حديث حرام بن محيصة من قوله: فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل، وأن على أهل الزرع حفظ زرعهم بالنهار.
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الماشية إذا كان على ربها حفظها مضمونًا ما أصابت، وإذا لم يكن عليه حفظها غير مضمون عليه ما أصابت فأوجب في ذلك ضمان ما أصابت المنفلتة بالليل إذ كان على صاحبها حفظها.
ثم قال في حديث العجماء جرحها جبار، فكان ما أصابت في انفلاتها جباراً، فصارت كما لو هدمت حائطًا أو قتلت رجلًا لم يضمن صاحبها شيئًا، وإن كان عليه حفظها حتى لا تنفلت إذا كانت مما يخاف عليه مثل هذا، فلما لم يراع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وجوب حفظها عليه، وراعى انفلاتها فلم يضمنه فيها شيئًا مما أصابت ليلا أو نهارا رجع الأمر في ذلك إلى استواء الليل والنهار.
فثبت بذلك أن ما أصابت ليلًا أو نهاراً إذا كانت منفلتةً فلا ضمان على ربها فيه وإن كان هو سيبها فأصابت شيئًا في فورها أو في سيبها ضمن ذلك كله.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله وهو أولى ما حملت عليه هذه الآثار لما ذكرنا وبينا.
10 - باب غرة الجنين المحكوم بها فيه لمن هي؟
4732 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن امرأتين من هُذيل رمت إحداهما الأخرى بحجر، فطرحت جنينها فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو وليدة
(1)
.
4733 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا شعيب بن الليث، عن أبيه، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتاً بغرة عبد أو أمة، وأن التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها
(2)
.
4734 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد أو أمة. فقال
(1)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك 2/ 855، ومن طريقه أخرجه الشافعي في الأم 6/ 107، وأحمد (7217)، والبخاري (5759، 6904)، ومسلم (1681)(34)، والنسائي 8/ 48 - 49، والبيهقي في السنن 8/ 112 - 113، وفي المعرفة (4962)، والبغوي (2544).
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 182، وأحمد (10953)، والبخاري (6740، 6909)، ومسلم (1681)(35)، وأبو داود (4577)، والترمذي (2111)، والنسائي في المجتبى 8/ 47، وفي الكبرى (6992)، وابن حبان (6018)، والبيهقي في السنن 8/ 106، 113، وفي المعرفة (4963)، والبغوي (2543) من طرق عن الليث به.
الذي قضى عليه بالعقل: كيف ندى من لا شرب، ولا أكل، ولا صاح، فاستهل، فمثل ذلك يطل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا يقول بقول شاعر، فيه غرة عبد أو أمة"
(1)
.
4735 -
حدثنا حسين بن نصر قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيد بن نضلة عن المغيرة بن شعبة أن رجلًا كانت له امرأتان فضربت إحداهما الأخرى بعمود فسطاط، أو بحجر فأسقطت، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال الذي يخاصم: كيف يعقل أو كيف ندى من لا صاح، فاستهل، ولا شرب ولا أكل؟. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أسجع كسجع الأعراب؟ "، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه غرةً عبد وجعله على قومها
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى أن الغرة الواجبة في الجنين إنما تجب لأم الجنين لأن الجنين لم يعلم أنه كان حيا في وقت وقوع الضربة بأمه.
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو.
وأخرجه أبو داود (4579)، وابن حبان (6022)، والبيهقي 8/ 115 من طريق عيسى بن يونس، عن محمد بن عمرو به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (696)، وأحمد (18149)، والدارمي (2291)، ومسلم (1682)(38)، وأبو داود (4568)، والترمذي (1411)، والنسائي في المجتبى 8/ 51، وفي الكبرى (7029)، وابن الجارود (778)، وابن حبان (6061)، والطبراني في الكبير (20/ 979، 980)، والدارقطني 3/ 198، والبيهقي 8/ 109 من طرق عن شعبة به.
(3)
قلت أراد بهم داود، وجماعة الظاهرية، ومالكا في رواية، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في النخب 17/ 53.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
فقالوا: بل تلك الغرة المحكوم بها للجنين ثم يرثها من كان يرثه لو كان حيا.
وكان من الحجة لهم في ذلك ما قد ذكرناه في هذه الآثار "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى على المحكوم عليه بالغرة، قال: كيف يعقل من لا أكل ولا شرب ولا نطق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه غرة عبد أو أمة" ولم يقل للذي سجع ذلك السجع "إنما حكمت هذا للجناية على المرأة لا في الجنين".
وقد دل على ذلك أيضًا ما رويناه فيما تقدم في هذا الكتاب أن المضروبة ماتت بعد ذلك من الضربة فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بالدية مع قضائه بالغرة. فلو كانت الغرة للمرأة المقتولة إذا لما قضى لها بالغرة ولكان حكمها حكم امرأة ضربتها امرأة فماتت من ضربها، فعليها ديتها، ولا يجب عليها للضربة أرش.
فلما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع دية المرأة بالغرة ثبت بذلك أن الغرة دية للجنين لا لها فهي موروثة عن الجنين كما يورث ماله لو كان حيا فمات اتباعًا لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
(1)
قلت أراد بهم: عامر الشعبي، والزهري، والثوري، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي في قول، وأحمد، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 17/ 53.
13 - كتاب السير
1 - باب: الإمام يريد قتال العدو هل عليه قبل ذلك أن يدعوهم أم لا؟
4736 -
حدثنا أبو بشر عبد الملك بن مروان الرقي، قال: ثنا محمد بن يوسف الفريابي، قال: ثنا سفيان بن سعيد الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أمر رجلاً على سرية، قال له:"إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال: فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم، ادعُهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، أن عليهم ما على المهاجرين، ولهم ما لهم، فإن هم أبوا، فأخبرهم أنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا أن يدخلوا في الإسلام، فسلهم إعطاء الجزية، فإن فعلوا فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم"، قال علقمة فحدثت به مقاتل بن حيان، فقال: حدثني مسلم بن هيصم، عن النعمان بن مقرن، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3574) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (9428)، وأحمد (22978)، والدارمي (2439، 2442)، ومسلم (1731)(2)، وأبو داود (2613)، والترمذي (2858)، والنسائي في الكبرى (8765)، وابن ماجة (2858)، وأبو عوانة (6492، 6494، 6502)، وابن حبان (4739)، والبيهقي 9/ 49، 97، 184 من طرق عن سفيان بن سعيد الثوري به.
4737 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة قال: ثنا سفيان
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر حديث علقمة، عن مقاتل، عن مسلم بن هيصم
(1)
.
4738 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو صالح (ح)
وحدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال كل واحد منهما: حدثني الليث بن سعد، قال حدثني جرير بن حازم، عن شعبة بن الحجاج، عن علقمة بن مرثد الحضرمي
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
4739 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وجه علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى خيبر وأعطاه الراية، فقال علي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟، قال:"إنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله عز وجل، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن تكون لك حمر النعم"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده صحيح، وعبد الله بن صالح متابع.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3568، 3569) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (1731)، والنسائي في الكبرى (8627، 8731) من طرق عن شعبة به.
(3)
إسناده صحيح. =
4740 -
حدثنا محمد بن النعمان السقطي، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا سفيان، عن عمر بن ذر عن ابن أخي أنس بن مالك، عن عمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب إلى قوم يقاتلهم، ثم بعث في أثره يدعوه، وقال له:"لا تأته من خلفه، وائته من بين يديه"،: قال وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها أن لا يقاتلهم حتى يدعوهم
(1)
.
4741 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن كثير، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما حتى يدعوهم
(2)
.
4742 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عيسى بن إبراهيم قال ثنا عبد الواحد بن زياد، قال ثنا الحجاج، قال ثنا عبد الله بن أبي نجيح
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
= وأخرجه أحمد (22821)، والبخاري (3009، 4210)، ومسلم (2406)، والنسائي في الكبرى (8149، 8587)، وفي الخصائص له برقم (17)، وأبو نعيم في الحلية 1/ 62، والبيهقي في الدلائل 4/ 205، وفي الأسماء والصفات (ص 498)، والبغوي (3906) من طريق قتيبة بن سعيد، عن يعقوب بن عبد الرحمن به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (33056) من طريق وكيع، عن عمر بن ذر، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن علي به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد بن حميد (697)، وأحمد (2105)، والدارمي (2444)، وأبو يعلى (2591)، والطبراني (11269)، والحاكم 1/ 15، والبيهقي 9/ 107 من طرق عن سفيان الثوري به.
(3)
إسناده حسن من أجل حجاج بن أرطاة، وهو مدلس لكنه صرح بالتحديث هنا وقد توبع. =
4743 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا حجاج بن إبراهيم، قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: ثنا حجاج عن ابن أبي نجيح
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
4744 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا حفص بن غياث، عن حجاج
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى أن الإمام وأهل السرايا إذا أرادوا قتال العدو دعوهم قبل ذلك إلى مثل ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار، وقالوا: إن قاتلهم الإمام أو أحد من أهل سراياه من غير هذا الدعاء فقد
أساءوا في ذلك.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
فقالوا: لا بأس بقتالهم والغارة عليهم وإن لم يدعوا قبل ذلك. واحتجوا في ذلك بما
= وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 365، وأحمد (2053)، وأبو يعلى (2494)، والطبراني (11269، 11271) من طرق عن الحجاج بن أرطاة به.
(1)
إسناده ضعيف من أجل الحجاج بن أرطاة وهو مدلس وقد عنعن.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه أحمد (2053)، والطبراني (11271) من طريق حفص بن غياث به.
(3)
قلت: أراد بهم: عمر بن عبد العزيز، وقتادة، وأبا نجيح، ومالكا، وأحمد في رواية، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 17/ 71.
(4)
قلت: أراد بهم: الحسن البصري، والنخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، وأحمد - رحمهم
الله -، كما في النخب 17/ 72.
4745 -
حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا يحيى بن حسان قال: ثنا عيسى بن يونس عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أسامة بن زيد قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أغر على أبنى
(1)
ذا صباح
(2)
، ثم حرق"
(3)
.
4746 -
حدثنا محمد بن الحجاج، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن (ح)
وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، وعبيد الله بن محمد التيمي (ح)
وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو الوليد (ح)
وحدثنا ابن مرزوق: قال ثنا بشر بن عمر قالوا: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير على العدو عند صلاة الصبح فيستمع، فإن سمع أذانًا أمسك وإلا أغار
(4)
.
(1)
بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة اسم موضع من فلسطين بين عسقلان والرملة.
(2)
أي: في الصباح.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل صالح بن أبي الأخضر.
وأخرجه الطيالسي (625)، وابن أبي شيبة 12/ 366، 391، وأحمد (21785)، وأبو داود (2616)، وابن ماجة (2843)، والبزار (2566)، وأبو القاسم البغوي في مسند أسامة (2)، والطبراني في الكبير (400)، والبيهقي 9/ 83، وابن عبد البر في التمهيد 2/ 220 من طرق عن صالح بن أبي الأخضر به.
وأخرجه الشافعي في المسند 2/ 120 قال: أخبرنا بعض أصحابنا، عن عبد الله بن جعفر، عن الزهري به.
وأخرجه مرسلا ابن سعد في الطبقات 4/ 67 عن حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه به.
(4)
إسناده صحيح. =
4747 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا حماد بن سلمة، عن الحجاج، عن عمرو بن مرة، عن زاذان، عن جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4748 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، عن ابن إسحاق قال حدثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قومًا لم يُغر عليهم حتى يصبح، فإن سمع أذانًا أمسك، وإن لم يسمع أذانا أغار، فنزلنا خيبر، فلما أصبح ولم يسمع أذانا ركب وركبنا معه، فركبت خلف أبي طلحة، وإن قدمي لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلنا عمال خيبر قد أخرجوا مساحيهم
(2)
ومكاتلهم
(3)
، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم والجيش، قالوا: محمد والخميس
(4)
فأدبروا هُرّابًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ} [الصافات: 177] "
(5)
.
= وأخرجه الطيالسي (2034)، وابن أبي شيبة 14/ 461 - 462، وعبد بن حميد (1299)، والدارمي (2445)، وأحمد (12351)، ومسلم (382)، وأبو داود (2634)، والترمذي (1618)، وأبو يعلى (3307)، وابن خزيمة (400)، وابن حبان (4753)، وأبو عوانة 1/ 335، والبيهقي 9/ 107 - 108 من طرق عن حماد بن سلمة به.
(1)
إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة وهو مدلس.
(2)
جمع مسحاة، وهي: المجرفة من الحديد.
(3)
جمع مكتل، بكسر الميم هو الزنبيل الكبير، قيل: إنه يسع خمسة عشر صاعا.
(4)
الجيش.
(5)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث هنا.
وأخرجه أحمد (13481) من طريق يعقوب، عن أبيه، عن ابن إسحاق به. =
4749 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن مسلم بن عبد الله بن حبيب الجهني، عن جندب بن مُكَيث الجهني رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله
الليثي في سرية كنت فيهم، وأمره أن يشنَّ الغارة على بني الملوِّح
(1)
بالكديد
(2)
، قال: فراحت الماشية من إبلهم وغنمهم، فلما احتلبوا وعطنوا، واطمأنوا نيامًا، شننّا عليهم الغارة، فقتلنا واستقنا النعم
(3)
.
4750 -
حدثنا سليمان بن، شعيب قال: ثنا أسد قال: ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال، قال: جاء أبو العالية إليّ وإلى صاحب لي، فانطلقنا معه حتى أتينا نصر بن عاصم الليثي، فقال أبو العالية حدث هذين حديثك. قال: ثنا عقبة بن مالك الليثي قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريةً، فأغارت على القوم، فشذ رجل واتبعه رجل من السرية، ثم ذكر حديثاً طويلًا أوردنا منه ما فيه من ذكر الغارة
(4)
.
= وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 367، والبخاري (610، 2944، 2943، 2945)، والترمذي (1550)، والنسائي في الكبرى (8544)، وأبو يعلى (3804)، وابن حبان (4745، 4746) من طرق عن حميد به.
(1)
بضم الميم وتشديد الواو المكسورة: هم بطن من بني ليث.
(2)
أي: فيها وهو موضع عند قديد من أرض عسفان.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة مسلم بن عبد الله بن حبيب الجهني.
وأخرجه ابن سعد 2/ 124، وأحمد (15844)، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 221، وأبو داود (2678)، والحاكم 2/ 124، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 145، والبيهقي 9/ 88 - 89 من طرق عن ابن إسحاق به.
(4)
إسناده صحيح. =
4751 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، قال: لما قربنا من المشركين أمرنا أبو بكر الصديق، فشننا عليهم الغارة
(1)
.
ففي هذه الآثار أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغارة، والغارة لا تكون وقد تقدمها الدعاء والإنذار، فيحتمل أن يكون أحد الأمرين مما روينا ناسخًا للآخر، فنظرنا في ذلك فإذا
4752 -
يزيد بن سنان قد حدثنا، قال: ثنا سعيد بن سفيان الجحدري (ح)
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا بكر بن بكار (ح)
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو إسحاق الضرير
(2)
، قالوا: ثنا عبد الله بن عون،
= وأخرجه ابن سعد 7/ 48، وابن أبي شيبة 10/ 126، 12/ 378 - 379، وأحمد (22490)، والنسائي في الكبرى (8593)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (942)، وأبو يعلى (6829)، وابن حبان (5972)، والطبراني في الكبير 17/ (980)، والحاكم 1/ 18 - 19، والبيهقي 9/ 116 من طرق عن سليمان بن المغيرة به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3916) من طرق عن عكرمة به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 366، 416، 503، وأحمد (16502)، ومسلم (1755)، وأبو داود (2638،2596، 2697)، والنسائي في الكبرى (8665)، وابن ماجة (2846)، وأبو عوانة 4/ 127 - 129، وابن حبان (4860)، والطبراني في الكبير (6237، 6238)، والحاكم 3/ 36، والبيهقي 9/ 129 من طرق عن عكرمة بن خالد به.
(2)
في الأصول هكذا، وفي الاتحاف 9/ (10692) الزبيري بدل الضرير، وفي المغاني 3/ 273 أبو إسحاق الضرير اسمه إبراهيم بن زكريا، وفي مختصره: إبراهيم بن زكريا أبو إسحاق العجلي البصري المعلم عن حماد وعنه ابن مرزوق ذكره ابن حجر في لسان الميزان 1/ 282 وفي نسخة العيني إسحاق الضرير ثم تغير رأيه في النخب أنه إسحاق بن يوسف =
قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال فقال: إنما كان ذلك في أول الإسلام أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق، وهم غارون، وأنعامهم على الماء فقتل مقاتلهم وسبى سبيهم، ثم أصاب يومئذ جويرية بنت الحارث، وحدثني بهذا الحديث، عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وكان في ذلك الجيش
(1)
.
4753 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا حماد بن زيد، عن ابن عون
…
مثله
(2)
.
4754 -
حدثنا روح بن الفرج قال: ثنا عمرو بن خالد قال: ثنا ابن المبارك، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي قال: كل ذلك قد كان قد كنا نغزو، فندعو ولا ندعو
(3)
.
= الأزرق البصري، قلت: هذا الأخير هو الصواب كما يتضح من مراجعة ترجمة عبد الله بن عون وإسحاق بن يوسف الأزرق من تهذيب الكمال في باب المشايخ والتلاميذ، ولا علاقة له بالأول من هذا السند كما يتضح هذا جليا من مراجعة لسان الميزان وكشف الاستار، فالذي استدرك عليه محقق النخب بالتسرع دون مراجعة كتب الرجال.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 365، 14/ 427، وأحمد (4857)، والبخاري (2541)، ومسلم (1730)، وأبو داود (2633)، والنسائي في الكبرى (8531)، والبيهقي في السنن 9/ 79، 107، وفي المعرفة (18012) من طرق عن ابن عون به.
(2)
إسناده صحيح.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه سعيد بن منصور (2488) عن خالد بن عبد الله، وابن أبي شيبة (33064) من طريق إسماعيل بن أمية، كلاهما عن سليمان التيمي به.
4755 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا أبو عمر الضرير قال: ثنا حماد بن سلمة، عن سليمان التيمي أخبرهم عن أبي عثمان النهدي قال: كنا نغزو، فندعو ولا ندعو
(1)
.
4756 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا مبارك، قال: كان الحسن يقول: ليس على الروم دعوة، لأنهم قد دعوا
(2)
.
4757 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا محمد بن طلحة، عن أبي حمزة، قال: قلت لإبراهيم: إن ناسًا يقولون: إن المشركين ينبغي أن يدعوا، ولا ينبغي أن يدعوا. فقال: قد علمت الروم على ما يقاتلون، وقد علمت الديلم على ما يقاتلون
(3)
.
4758 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن منصور، قال: سألت إبراهيم عن دعاء الديلم، فقال: قد علموا ما الدعاء
(4)
، [فأخذنا الدعاء ليكون ذلك تبليغا لهم وإعلاما لهم على ما يقاتلون عليه]
(5)
قال أبو جعفر: فبين ما روينا من هذا أن الدعاء إنما كان في أول الإسلام، لأن
(1)
إسناده حسن من اجل أبي عمر حفص بن عمر الضرير.
(2)
رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (33069) من طريق وكيع، عن أبي هلال، عن الحسن به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف أبي حمزة ميمون الأعور.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (9426) عن الثوري به.
(5)
من س.
الناس حينئذ لم تكن الدعوة بلغتهم، ولم يكونوا يعلمون على ما يقاتلون عليه، فأمر بالدعاء ليكون ذلك تبليغاً لهم، وإعلاما لهم على ما يقاتلون عليه.
ثم أمر بالغارة على آخرين فلم يكن ذلك إلا لمعنى لم يحتاجوا معه إلى الدعاء، لأنهم قد علموا ما يدعون إليه لو دعوا وما لو أجابوا إليه لم يقاتلوا، فلا معنًى للدعاء.
وهكذا كان أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، رحمة الله عليهم أجمعين يقولون: كل قوم قد بلغتهم الدعوة، فأراد الإمام قتالهم، فله أن يغير عليهم، وليس عليه أن يدعوهم، وكل قوم لم تبلغهم الدعوة، فلا ينبغي قتالهم حتى يتبين لهم المعنى الذي عليه يقاتلون، والمعنى الذي إليه يدعون.
وقد تكلم الناس في المرتد عن الإسلام، أيستتاب أم لا؟.
فقال قوم
(1)
: إن استتاب الإمام المرتد فهو أحسن، فإن تاب وإلا قتله. وممن قال ذلك أبو حنيفة، وأبو يوسف ومحمد رحمة الله عليهم.
وقال الآخرون
(2)
: لا يستتاب، وجعلوا حكمه كحكم الحربيين - على ما ذكرنا - من بلوغ الدعوة إياهم، ومن تقصيرها عنهم.
وقالوا: إنما تجب الاستتابة لمن خرج عن الإسلام، لا عن بصيرة منه به، فأما من
(1)
قلت: أراد بهم عمر بن عبد العزيز، والشعبي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في النخب 17/ 95.
(2)
قلت: أراد بهم: الحسن البصري، والليث بن سعد، وسفيان بن محمد بن الجراد رحمهم الله، كما في المصدر السابق.
خرج منه إلى غيره على بصيرة منه، فإنه يقتل ولا يستتاب. وهذا قول، قال به أبو يوسف في كتاب الإملاء فقال: أقتله ولا أستتيبه إلا أنه إن بدرني بالتوبة خليت سبيله، ووكلت أمره إلى الله وقد حدثنا سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن أبي يوسف بذلك أيضًا.
وقد روي في استتابة المرتد وفي تركها اختلاف عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن ذلك ما قد
4759 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عمرو بن عون قال أخبرنا هشيم عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، قال: حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما فتحنا تستر بعثني أبو موسى إلى عمر رضي الله عنه فلما قدمت عليه قال: ما فعل حجيبة
(1)
وكانوا ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين فقتلهم المسلمون.
فأخذت به في حديث آخر، فقال: ما فعل النفر البكريون؟ قلت: يا أمير المؤمنين إنهم ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين، فقتلوا. فقال عمر رضي الله عنه: لأن يكون أخذتهم سلمًا أحب إلي من كذا وكذا، فقلت: يا أمير المؤمنين ما كان سبيلهم لو أخذتهم سلمًا إلا القتل، قوم ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين. فقال: لو أخذتهم سلمًا، لعرضت عليهم الباب الذي خرجوا منه، فإن رجعوا وإلا استودعتهم السجن
(2)
.
(1)
المراد به النفر الذين كانوا من بكر بن وائل.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (32737) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن داود بن أبي هند به.
4760 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد بن عبد الله بن عتبة، قال: أخذ بالكوفة رجال يفشون حديث مسيلمة الكذاب - لعنه الله، فكتبت فيهم إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، فكتب عثمان أن اعرض عليهم دين الحق وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فمن قبلها وتبرأ من مسيلمة فلا تقتله، ومن لزم دين مسيلمة فاقتله، فقبلها رجال منهم فتركوا، ولزم دين مسيلمة رجال فقتلوا
(1)
.
4761 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال حدثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن أبيه، عن جده، قال: لما افتتح سعد وأبو موسى تستر أرسل أبو موسى رسولًا إلى عمر، فذكر حديثاً طويلًا، قال: ثم أقبل عمر على الرسول، فقال: هل كانت عندكم من مغّربَة
(2)
خبر؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أخذنا رجلًا من العرب كفر بعد إسلامه. فقال عمر فما صنعتم به؟ قال: قدمناه فضربنا عنقه. فقال عمر: أفلا أدخلتموه بيتًا، ثم طينَّتم عليه، ثم رميتم إليه برغيف ثلاثة أيام، لعله أن يتوب أو يراجع أمر الله؟ اللهم إني لم آمر ولم أشهد ولم أرض إذ بلغني
(3)
.
(1)
رجاله ثقات.
وأخرجه البيهقي في السنن 8/ 201 عن يحيى بن نصر، عن عبد الله بن وهب به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (32753)، والطبراني في مسند الشاميين (3127) من طرق عن الزهري به.
(2)
أي: هل من خبر جديد جاء من بلد بعيد، ومغربة بكسر الراء وفتحها وهو من الغرب: البعد.
(3)
رجاله ثقات.
وأخرجه سعيد بن منصور (2586) من طريق يعقوب به.
4762 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب أن مالكًا حدثه عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري، عن أبيه، عن جده أنه قال: قدم على عمر رجل من قبل أبي موسى
…
ثم ذكر نحوه
(1)
.
فهذا سعد وأبو موسى رضي الله عنهم لم يستتيباه، وأحب عمر لو استتيب فقد يحتمل أن يكون ذلك لأنه كان يرجو له التوبة، ولم يوجب عليهم بقتلهم شيئًا، لأنهم فعلوا ما لهم أن يروه فيفعلوه، وإن خالف رأي إمامهم.
4763 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان (ح).
وحدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا علي بن معبد قالا: ثنا أبو بكر بن عياش قال: ثنا عاصم بن بهدلة، قال: حدثني أبو وائل قال: حدثني ابن معيز السعدي، قال: خرجت أطلب
(2)
فرسًا لي بالسحر، فمررت على مسجد من مساجد بني حنيفة، فسمعتهم يشهدون أن مسيلمة رسول الله، قال: فرجعت إلى عبد الله بن مسعود، فذكرت له أمرهم، فبعث الشرط فأخذوهم، فجيء بهم إليه، فتابوا ورجعوا عما قالوا، وقالوا: لا نعود فخلّى سبيلهم، وقدم رجلًا منهم يقال له: عبد الله بن النواحة فضرب عنقه، فقال الناس: أخذت قوماً في أمر واحد، فخليت سبيل بعضهم وقتلت بعضهم. فقال: كنت
(1)
رجاله ثقات.
وهو في موطأ مالك 2/ 280، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 8/ 206، وفي المغرفة (16620) دون "جده".
(2)
في د "أضمر" وفي ن ج "أسقد" أي أضمره، وقد وقع "أسفر" ومعناه أنه خرج يدمنه على السير ويروضه ليقوى على السفر كما في النخب 17/ 109.
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا، فجاء ابن النواحة، ورجل معه يقال له: حجر بن وثال وافدين من عند مسيلمة. فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتشهدان أني رسول الله؟ " فقالا: أتشهد أنت أن مسيلمة رسول الله؟ فقال لهما "آمنت بالله وبرسوله، لو كنت قاتلًا وفدًا لقتلتكما" فلذلك قتلت هذا
(1)
.
فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قد قتل ابن النواحة، ولم يقبل توبته إذ علم أن هكذا خلقه، يظهر التوبة إذا ظفر به، ثم يعود إلى ما كان عليه إذا خلي.
4764 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، قال: ثنا صالح بن عمر، قال ثنا، مطرف عن أبي الجهم عن البراء، أن عليا بعثه إلى أهل النهروان
(2)
،
(1)
إسناده ضعيف، ابن معيز السعدي ذكره ابن سعد 6/ 196 في الطبقة الأولى من الكوفيين الذين رووا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأورده ابن أبي حاتم 2/ 328: فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال ابن الأثير في أسد الغابة 6/ 346: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وسماه الدارقطني والذهبي والحافظ عبد الله، وقال الأول منهم: لا يعرف إلا في هذا الحديث، وأبو بكر بن عياش وإن كان ثقة إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وقد خالف سفيان والمسعودي وغيرهما كما في العلل 5/ 88، فرواه عن عاصم - هو ابن أبي النجود - عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن معيز السعدي، عن ابن مسعود زاد عليهم في إسناده رجلا و هو ابن معيز.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2861، 4525، 4524) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (3837)، والدارمي 2352، والخطيب في الأسماء المبهمة (ص 186) من طريق أبي بكر بن عياش به وقال الهيثمي في المجمع 5/ 314: رواه أحمد وابن معيز لم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد (3708)، والبيهقي 9/ 211 - 212 من طريق عاصم به.
(2)
هي عن بغداد على أربعة فراسخ، وكانت مدينة قديمة ولما ارتد أهلها بعث علي بن أبي طالب البراء بن عازب إليهم فدعاهم ثلاثة أيام.
فدعاهم ثلاثًا
(1)
.
4765 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: ثنا زائدة بن قدامة، عن عمر بن قيس الماصر، عن زيد بن وهب قال: أقبل علي رضي الله عنه حتى نزل بذي قار
(2)
، فأرسل عبد الله بن عباس إلى أهل الكوفة فأبطئوا عليه، ثم أتاهم عمار، فخرجوا، قال: زيد فكنت فيمن خرج معه. قال: فكف معه. قال: فكف عن طلحة والزبير وأصحابهم، ودعاهم حتى بدءوا فقاتلهم
(3)
.
4766 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال أخبرنا شريك بن عبد الله، عن جابر، عن الشعبي، أن رجلًا كان نصرانيا فأسلم، ثم تنصر، فأتى به علي رضي الله عنه فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: وجدت دينهم خيراً من دينكم، فقال له علي رضي الله عنه: ما تقول في عيسى صلوات الله وسلامه عليه؟ قال: هو ربي، أو هو رب علي، فقال: اقتلوه فقتله الناس فقال علي بعد ذلك: إن كنت لمستتيبه ثلاثًا، ثم قرأ {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} [النساء: 137]
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (33063) عن حميد بن عبد الرحمن، عن الحسن، عن مطرف به.
(2)
هو موضع به ماء معروف.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (37833) عن أحمد بن عبد الله، عن زائدة به.
(4)
إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي، وشريك بن عبد الله النخعي. =
4767 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: ثنا سليمان بن معاذ الضبي، عن عمار بن أبي معاوية الدهني، عن أبي الطفيل، أن قومًا ارتدوا وكانوا نصارى، فبعث إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه معقل بن قيس التميمي، فقال لهم: إذا حككت رأسي فاقتلوا المقاتلة، واسبوا الذرية، فأتى على طائفة منهم، فقال: من أنتم؟ فقالوا: كنا قومًا نصارى فخيرنا بين الإسلام وبين ديننا، فاخترنا الإسلام، ثم رأينا أن لا دين أفضل من ديننا الذي كنا عليه، فنحن نصارى، فحك رأسه، فقتلت المقاتلة، وسبيت الذرية. قال عمار: فأخبرني أبو شيبة أن عليا أتى بذراريهم، فقال من يشتريهم مني؟ فقام مسقلة بن هبيرة الشيباني فاشتراهم من علي بمائة ألف، فأتاه بخمسين ألفًا، فقال علي: إني لا أقبل المال إلا كاملاً، فدفن المال في داره، وأعتقهم، ولحق بمعاوية، فنفذ علي رضي الله عنه عتقه
(1)
.
= وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 4/ 1091 (6110) من طريق أبي غسان، عن شريك به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (32757)، والبيهقي 8/ 207 من طرق عن وكيع، عن سفيان، عن جابر به
(1)
إسناده ضعيف لضعف سليمان بن معاذ الضبي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (32738)، ومن طريقه أخرجه البيهقي 8/ 208 عن عبد الملك بن سعيد بن حيان، عن عمار الدهني به.
2 - باب ما يكون الرجل به مسلمًا
4768 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، عن أبيه، قال: سمعت النعمان بن راشد يحدث، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار عن المقداد بن عمرو رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله أرأيت إن اختلفت أنا ورجل من المشركين ضربتين، فضربني فأبان يدي، ثم قال: لا إله إلا الله أقتله أم أتركه؟ قال: "بل اتركه" قلت وقد أبان يدي، قال:"نعم، فإن قتلته فأنت مثله قبل أن يقولها، وهو بمنزلتك قبل أن تقتله"
(1)
.
4769 -
حدثنا أبو بكرة، قال ثنا عبد الله بن بكر، قال: ثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن النعمان، عن عمرو بن أوس أخبره أن أباه أوسًا، قال: إنا لقعود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفة
(2)
وهو يقص علينا، ويذكرنا إذ أتاه رجل فساره، فقال:"اذهبوا فاقتلوه"، فلما ولى الرجل دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أما تشهد أن لا إله إلا الله؟ " فقال الرجل: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهبوا فخلوا سبيله فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل النعمان بن راشد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (941) من طريقين عن الليث بن سعد، عن الزهري به.
وأخرجه عبد الرزاق (18719)، وابن أبي شيبة 10/ 125 - 126، 13/ 378، وأحمد (23811)، والبخاري (6865)، ومسلم (95)(155)(157)، وأبو داود (2644)، والنسائي في الكبرى (8537)، وابن حبان (164)، والطبراني 20/ (584، 585، 586، 587، 589، 590، 592، 593)، وابن مندة (57، 58)، والبيهقي 8/ 19، والخطيب 4/ 241، 242 من طرق عن الزهري به.
(2)
في دج س "الصف".
إلا الله، ثم يحرم دماؤهم وأموالهم إلا بحقها"
(1)
.
4770 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة رضي الله عنه أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني
ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله"
(2)
.
4771 -
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكًا حدثه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
4772 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
(1)
إسناده صحيح، ونعمان هو ابن سالم الطائفي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 555، 10/ 123، 12/ 376، وأحمد (16163)، والنسائي في المجتبى 7/ 81، وفي الكبرى (3431)، وابن ماجة (3929) من طريق عبد الله بن بكر به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه من جه مسلم (21)(33)، والنسائي 7/ 78، وابن مندة في الإيمان (23)، والبيهقي في السنن 8/ 136، 9/ 182 من طريق ابن وهب به.
(3)
إسناده صحيح.
(4)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي.
وأخرجه أحمد (10518)، والبغوي (32) من طريق يزيد بن هارون به.
4773 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يعلى بن عبيد قال: ثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، وعن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
4774 -
حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا يحيى بن سعيد قال: ثنا ابن عجلان، قال: سمعت أبي يحدث، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
4775 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 79، وفي الكبرى (3425) من طريق يعلى بن عبيد به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 122، 12/ 374، ومن طريقه مسلم (135)(21) عن حفص بن غياث، عن الأعمش به.
وأخرجه ابن ماجة (3928) من طريق علي بن مسهر، وأبو يعلى (2282) من طريق يعلى بن عبيد، كلاهما عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر به.
وأخرجه أبو داود (2640)، والترمذي (2606)، والنسائي في المجتبى 7/ 79، وفي الكبرى (3424) من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به.
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان.
وأخرجه أحمد (9661) من طريق يحيى بن سعيد به.
(3)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه ابن مندة في الإيمان (29) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج به.
وأخرجه عبد الرزاق (10021، 19251)، ومن طريقه أحمد (14141) قال: أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله به.=
قال أبو جعفر: فقد ذهب قوم
(1)
إلى أن من قال: لا إله إلا الله فقد صار بها مسلمًا له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
فقالوا: لا حجة لكم في هذا الحديث، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان يقاتل قومًا لا يوحِّدون الله تعالى، فكان أحدهم إذا وحد الله عز وجل، علم بذلك تركه لما قوتل عليه وخروجه منه، ولم يعلم بذلك دخوله في الإسلام، أو في بعض الملل التي توحد الله تعالى، ويكفر به بجحدها رسله وغير ذلك من الوجوه التي يكفر بها أهلها مع توحيدهم الله عز وجل.
فكان حكم هؤلاء أن لا يقاتلوا إذا وقعت هذه الشبهة حتى تقوم الحجة على من يقاتلهم بوجوب قتالهم، فلهذا كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتال من كان يقاتل بقولهم: لا إله إلا الله، فأما من سواهم من اليهود فإنا قد رأيناهم يشهدون: أن لا إله إلا الله، ويجحدون
النبي صلى الله عليه وسلم، فليسوا بإقرارهم بتوحيد الله عز وجل مسلمين إذ كانوا جاحدين برسول الله
= وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 123، 12/ 376، وأحمد (14209)، ومسلم (21)(35)، والترمذي (3341)، والنسائي في الكبرى (11670)، والحاكم 2/ 522، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 96) من طرق عن سفيان الثوري به.
(1)
قلت: أراد بهم: سعيد بن المسيب، وطائفة من أهل الحديث، وجماعة من الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 17/ 127.
(2)
قلت: أراد بهم: جماهير العلماء من الفقهاء المحدثين، منهم: أبو حنيفة، وأصحابه، ومالك، والشافعي، وأحمد في رواية صحيحة رحمهم الله، كما في النخب 17/ 130.
صلى الله عليه وسلم فإذا أقروا برسول الله صلى الله عليه وسلم علم بذلك خروجهم من اليهودية، ولم يعلم به دخولهم في الإسلام، لأنه قد يجوز أن يكونوا قد انتحلوا قول من يقول: إن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العرب خاصةً.
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب حين بعثه إلى خيبر وأهلها يهود. بما
4776 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دفع الراية إلى علي حين وجهه إلى خيبر، قال:"امض ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك"، فسار علي شيئًا ثم وقف ولم يلتفت فصرخ، فقال: يا رسول الله على ماذا أقاتل؟ قال: "قاتلهم حتى يشهدوا: أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله"
(1)
.
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان أباح له قتالهم وإن شهدوا: أن لا إله إلا الله حتى يشهدوا مع ذلك: أن محمدًا رسول الله، لأنهم قوم كانوا يوحدون الله عز وجل ولا يقرون برسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا بقتالهم حتى يعلم خروجهم مما أمر بقتالهم عليه من اليهودية، كما أمر بقتال عبدة الأوثان حتى يعلم خروجهم مما قوتلوا عليه، وليس في إقرار اليهود أيضًا بأن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ما يجب أن
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (2405)، والنسائي في الكبرى (8149، 8587) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن به.
وأخرجه الطيالسي (2441)، وأحمد (8990) من طريق وهيب، عن سهيل به.
يكونوا مسلمين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بترك كل قتالهم إذا قالوا ذلك، لأنه قد يجوز أن يكونوا أرادوا به الإسلام أو غير الإسلام، فأمر بالكف عن قتالهم حتى يعلم ما أرادوا بذلك كما ذكرنا فيما تقدم من حكم مشركي العرب.
وقد أتى اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقروا بنبوته ولم يدخلوا في الإسلام فلم يقاتلهم على إبائهم الدخول في الإسلام إذ لم يكونوا عنده بذلك الإقرار مسلمين.
4777 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق وإبراهيم بن أبي داود، وأبو أمية، وأحمد بن داود، وعبد العزيز بن معاوية، قالوا: حدثنا أبو الوليد، (ح)
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود (ح)
وحدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا حجاج بن محمد، (ح)
وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن مرزوق، قالوا: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله سلمة، بن عن صفوان بن عسال أن يهوديا قال لصاحبه: تعال حتى نسأل هذا النبي فقال له الآخر لا تقل له نبي، فإنه إن سمعها صارت له أربعة أعين، فأتاه فسأله عن هذه الآية {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101] فقال لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تمشوا ببريء إلى سلطان ليقتله، ولا تقذفوا المحصنة، ولا تفروا من الزحف، وعليكم خاصة اليهود أن لا تعدوا في السبت، قال: فقبلوا يده وقالوا نشهد أنك نبي، قال: فما يمنعكم أن تتبعوني؟، قالوا: إن داود دعا أن لا يزال في
ذريته نبي، وإنا نخشى إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود
(1)
.
ففي هذا الحديث أن اليهود كانوا أقروا بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع توحيدهم الله، فلم يأمر بترك قتالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقروا بجميع ما يقر به المسلمون، فدل ذلك أنهم لم يكونوا بذلك القول مسلمين، وثبت بذلك أن الإسلام لا يكون إلا بالمعاني التي تدل على الدخول في الإسلام، وترك سائر الملل، وقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك.
4778 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يحيى بن أيوب، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإذا شهدوا: أن لا إله إلا
الله، وأن محمدًا رسول الله، وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وأكلوا ذبيحتنا، حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم"
(2)
.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن سلمة المرادي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (63، 65) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (1164)، وأحمد (18092)، والترمذي (2733، 3144)، والنسائي في المجتبى 7/ 111، وفي الكبرى (3541، 8656)، وابن ماجة (3705)، والطبراني في الكبير (7396)، والحاكم 1/ 9، وأبو نعيم في الحلية 5/ 97 - 98، والبيهقي في السنن 8/ 166، والبغوي في التفسير 4/ 187 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب الغافقي.
وأخرجه أبو داود (2642)، ومحمد بن نصر (10)، والدارقطني 1/ 232، وابن مندة في الإيمان (191)، والبيهقي 3/ 92 من طريق يحيى بن أيوب به. =
فدل ما ذكر في هذا الحديث على المعنى الذي يحرم به دماء الكفار، ويصيرون به مسلمين، لأن ذلك هو ترك ملل الكفر كلها وجحدها، والمعنى الأول من توحيد الله عز وجل خاصةً هو المعنى الذي نكف به عن القتال حتى يعلم ما أراد به قائله الإسلام أو غيره، حتى تصح هذه الآثار ولا تتضاد، فلا يكون الكافر مسلمًا محكومًا له وعليه بحكم الإسلام حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويجحد كل دين سوى الإسلام، ويتخلى عنه. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما
4779 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا مروان بن معاوية، قال: ثنا أبو مالك سعد بن طارق بن أشيم، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله ويتركوا ما يعبدون من دون الله، فإذا
فعلوا ذلك حرمت علّي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله تعالى"
(1)
.
4780 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الله بن بكر، قال: ثنا بهز بن حكيم، عن أبيه،
= وعلقه البخاري (393) من طريق يحيى بن أيوب به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 380، وأحمد (13056)، والبخاري (392)، وأبو داود (2641)، والترمذي (2608)، والنسائي 7/ 76، 8/ 109، وابن حبان (5895)، والدارقطني 1/ 232، وأبو نعيم في الحلية 8/ 173، والبيهقي 2/ 3، والبغوي (34) من طرق عن عبد الله بن المبارك، عن حميد به.
(1)
إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.
وأخرجه أحمد (27213)، ومسلم (23)(37) من طريق مروان بن معاوية به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 123، 12/ 375، وأحمد (15875)، ومسلم (38)، وابن حبان (171)، والطبراني في الكبير (8190، 8192) من طرق عن أبي مالك به.
عن جده قال قلت يا رسول الله ما آية الإسلام؟ قال "أن تقول: أسلمت وجهي الله، وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتفارق المشركين إلى المسلمين"
(1)
.
فلما كان جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن حيدة لما سئله عن آية الإسلام "أن تقول: أسلمت وجهي الله، وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتفارق المشركين إلى المسلمين" وكان التخلي هو ترك كل الأديان إلى الله عز وجل ثبت بذلك أن من لم يتخل مما سوى الإسلام لم يعلم بذلك دخوله في الإسلام.
وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمة الله عليهم أجمعين.
(1)
إسناده حسن.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4160) بإسناده ومتنه، وقد قرن بابن مروان علي بن معبد.
وأخرجه مطولا ومختصرا عبد الرزاق (20115)، وابن أبي شيبة 13/ 257، وأحمد (20037)، والبخاري في خلق أفعال العباد (401)، والنسائي في المجتبى 5/ 4، 5، 82، 83، وفي الكبرى (11469)، والطبراني في الكبير 19/ (969، 970، 971، 972، 973) من طرق عن بهز به.