المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌18 - كتاب الهبة والصدقة (1) ‌ ‌1 - باب: الرجوع في - شرح معاني الآثار - ت البهرائجى - جـ ٨

[الطحاوي]

فهرس الكتاب

‌18 - كتاب الهبة والصدقة

(1)

‌1 - باب: الرجوع في الهبة

5417 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا شعبة، وهشام، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"العائد في هبته كالعائد في قيئه"

(2)

.

قال أبو جعفر فذهب قوم

(3)

إلى أن الواهب ليس له أن يرجع فيما وهب واحتجوا في ذلك بهذا الحديث. وقالوا: لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل الرجوع في الهبة كالرجوع في القيء وكان رجوع الرجل في قيئه حرامًا عليه كان كذلك رجوعه في هبته.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

فقالوا: للواهب أن يرجع في هبته إذا كانت قائمةً

(1)

في ج "الهبات والصدقات".

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5035) بإسناده ومتنه

وأخرجه البخاري (2621)، والبيهقي 6/ 180 من طريق مسلم بن إبراهيم، عن شعبة وهشام به.

وأخرجه الطيالسي (2649)، وأحمد (2529)، ومسلم (1622)(7)، وأبو داود (3538)، والنسائي 6/ 266، وابن ماجة (2385)، وابن حبان (5121)، والطبراني (10692)، وأبو نعيم في الحلية 6/ 281 من طرق عن شعبة، عن قتادة به.

(3)

قلت: أراد بهم: طاووس بن كيسان، وعكرمة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 19/ 399.

(4)

قلت: أراد بهم: سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وشريحا القاضي، والأسود بن يزيد، والحسن البصري، =

ص: 1

على حالها لم تستهلك، ولم يزد في بدنها بعد أن يكون الموهوب له ليس بذي رحم محرم من الواهب وبعد أن يكون لم يثبه منها ثوابا فإن كان أثابه منها ثوابا، وقبل ذلك الثواب منه أو كان الموهوب له ذا رحم محرم من الواهب فليس للواهب أن يرجع فيها، فإن لم يكن الواهب ذا رحم محرم للموهوب له، ولكنها امرأة وهبت لزوجها أو زوج وهب لامرأته، فهما في ذلك كذي الرحم المحرم، وليس لواحد منهما أن يرجع فيما وهب لصاحبه.

وكان من الحجة لهم في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل العائد في هبته كالعائد في قيئه ولم يبين لنا من العائد في قيئه؟ فقد يجوز أن يكون أراد الرجل العائد في قيئه، فيكون قد جعل العائد في هبته كالعائد فيما هو حرام عليه.

فثبت بذلك ما قال أهل المقالة الأولى.

وقد يجوز أن يكون أراد الكلب العائد في قيئه والكلب غير متعبد بتحريم ولا تحليل، فيكون العائد في هبته عائدًا في قذر كالقذر الذي يعود فيه الكلب، فلا يثبت بذلك منع الواهب من الرجوع في الهبة.

فنظرنا في ذلك هل نجد في الآثار ما يدلنا على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول ما هو؟

5418 -

فإذا فهد بن سليمان قد حدثنا، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن خالد الحذاء، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم

= وعامر الشعبي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 19/ 400.

ص: 2

قال: "ليس لنا مثل السوء، الراجع في هبته كالكلب يرجع في قيئه"

(1)

.

5419 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا معلى بن أسد، قال: ثنا وهيب، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه"

(2)

.

فدل هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد بما قد ذكرنا في الحديث الأول تنزيه أمته عن أمثال الكلاب، لا أنه أبطل أن يكون لهم الرجوع في هباتهم.

وقد روي هذا الكلام أيضًا الذي رويناه عن ابن عباس عن أبي هريرة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.

5420 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، عن أبي

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يحيى بن عبد الحميد.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5034) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النسائي 6/ 267، والطبراني (11959) من طريق عبد الله بن المبارك به.

وأخرجه عبد الرزاق (16536)، والحميدي (530)، وأحمد (1872)، والبخاري (2622، 6975)، والترمذي (1298)، والنسائي 6/ 267، وأبو يعلى (2405) من طرق عن أيوب السختياني به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5033) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (2647)، والبخاري (2589)، ومسلم (1622)(8)، والنسائي 6/ 267، والطبراني (10910)، والبيهقي 6/ 180 من طرق عن وهيب بن خالد به.

ص: 3

هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم (ح)

(1)

.

وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا عوف، عن خلاس بن عمرو، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مثل الذي يعود في عطائه كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم عاد في قيئه فأكله"

(2)

.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا الكلام في معنى غير هذا المعنى.

5421 -

حدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود، قالا: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يحدث أن عمر رضي الله عنه تصدق بفرس في سبيل الله، فوجده يباع بعد ذلك، فأراد أن يشتريه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمره في ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تعد في صدقتك فلذلك كان ابن عمر لا يرى أن يبتاع مالا جعله صدقةً"

(3)

.

(1)

إسناده منقطع، الحسن البصري لا يصح سماعه من أبي هريرة كما قاله البخاري في التاريخ 2/ 35.

(2)

إسناده صحيح، قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لم يسمع خلاس من أبي هريرة شيئا كما في تهذيب الكمال (1744)، وقد صحح البخاري روايته عن أبي هريرة، وأخرج حديثه عنه في صحيحه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5032) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 477، وأحمد (7524)، وابن راهويه (497)، وابن ماجة (2384) من طرق عن عوف بن أبي جميلة به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5024) من طريق إبراهيم بن أبي داود فقط.

وأخرجه البخاري (1489)، والنسائي 5/ 109، والبيهقي 4/ 151 من طريق الليث بن سعد به.=

ص: 4

5422 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أبتاعه منه، وظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم واحد، ولا تعد في صدقتك، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه"

(1)

.

5423 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى قال: ثنا محمد بن إدريس قال: ثنا سفيان عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه أنه أبصر فرسًا يباع في السوق، وكان تصدق به، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أشتريه؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تشتره ولا شيئًا من نتاجه"

(2)

.

= وأخرجه عبد الرزاق (16572)، وأحمد (4521)، ومسلم (1621)(4)، والنسائي 5/ 109، والبيهقي 4/ 151 من طريق الزهري به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5807) بإسناده ومتنه.

وهو في الموطأ 2/ 378، ومن طريقه أخرجه أحمد (281)، والبخاري (1490، 2623، 3003)، ومسلم (1620)، والبزار (266)، والنسائي 5/ 108، وابن حبان (5125).

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5022) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الحميدي (15)، وأحمد (166)، والبخاري (2636، 2970)، ومسلم (1620) من طريق سفيان بن عيينة به.

وأخرجه الطيالسي (46، 134)، وأحمد (258)، ومسلم (1620)(2)، وابن ماجة (2390)، وأبو يعلى (166، 225) من طرق عن زيد بن أسلم به.

ص: 5

فمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه أن يبتاع ما كان تصدق به أو شيئًا من نتاجه، وجعله - إن فعل ذلك - كالكلب يعود في قيئه فلم يكن ذلك بموجب حرمة ابتياع الصدقة على المتصدق بها، ولكن ترك ذلك أفضل له.

فكذلك ما ذكرنا قبل هذا لما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجوع في الهبة ليس على تحريم ذلك ولكنه لأن تركه أفضل.

5424 -

وقد حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن طاوس، عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لواهب أن يرجع في هبته إلا الوالد لولده"

(1)

.

فقال قائل: فقد دل هذا الحديث على تحريم الرجوع في الهبة من الرجل لغير ولده.

قيل له: ما دل ذلك على شيء مما ذكرت، فقد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وصف ذلك الرجوع، بأنه لا يحل لتغليظه إياه لكراهية أن يكون أحد من أمته له مثل السوء.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5064) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو داود (3539)، وابن حبان (5123)، والحاكم 2/ 46، والبيهقي 6/ 179 من طريق يزيد بن زريع به. وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 476، وأحمد (2119)، والترمذي (1299، 2132)، والنسائي 6/ 265، 267، وابن ماجة (2377)، وأبو يعلى (2717) من طرق عن حسين بن ذكوان المعلم به.

ص: 6

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تحل الصدقة لذي مرة سوي" فلم يكن ذلك على معنى أنها تحرم عليه كما تحرم على الأغنياء ولكنها على معنى

(1)

لا تحل له من حيث تحل لغيره من ذوي الحاجة والزمانة.

فكذلك ما ذكرنا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: لا يحل لواهب أن يرجع في هبته، إنما هو على أنه لا يحل له ذلك كما تحل له الأشياء التي قد أحلها الله عز وجل لعباده، ولم يجعل لمن فعلها مثلا كالمثل الذي جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم للعائد في هبته.

وقد دخل في ذلك العود فيها بالرجوع والابتياع وغيره، ثم استثنى من ذلك ما وهبه الوالد لولده.

فذلك عندنا - والله أعلم - على إباحته للوالد أن يأخذ ما وهب لابنه في وقت حاجته إلى ذلك وفقره إليه، لأن ما يجب للوالد من ذلك ليس بفعل فعله، فيكون ذلك رجوعا منه يكون مثله فيه كمثل الكلب الراجع في قيئه، ولكنه شيء أوجبه الله عز وجل له لفقره، فلم يضيق ذلك عليه، كما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث.

5425 -

حدثنا يونس قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم بن مالك، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني أعطيت أمي حديقةً، وإنها ماتت، ولم تترك وارثًا غيري،

(1)

في الأصول "عليه كما تحرم".

ص: 7

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وجبت صدقتك ورجعت إليك حديقتك"

(1)

.

أفلا ترى أن رسول الله قد أباح للمتصدق صدقته لما رجعت إليه بالميراث ومنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه من ابتياع صدقته.

فثبت بهذين الحديثين إباحة الصدقة الراجعة إلى المتصدق بفعل الله، وكراهيته الصدقة الراجعة إليه بفعل نفسه.

فكذلك وجوب النفقة للأب في مال الابن لحاجته وفقره، وجبت له بإيجاب الله تعالى إياها له. فأباح له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ارتجاع هبته، وإنفاقها على نفسه، وجعل ذلك كما رجع إليه بالميراث لا كما رجع إليه بالابتياع والارتجاع.

فإن قال قائل: فقد خص النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الوالد الواهب دون سائر الواهبين أفيكون حكم الولد فيهما وهب لأبيه خلاف حكم الوالد فيما وهب لولده؟.

قيل له: بل حكمهما في هذا سواء وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما على المعنى الذي ذكرنا يجزئ من ذكره إياهما ومن ذكر غيرهما ممن حكمه في هذا مثل حكمهما.

وقد قال الله عز وجل {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ

(1)

إسناده حسن.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5025) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (6731)، وابن ماجة (2395)، والبزار (1313) من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقي به.

وقال الهيثمي في المجمع 4/ 166، 232: رواه البزار وإسناده حسن.

ص: 8

وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23]. فحرم هؤلاء جميعا بالأنساب.

ثم قال {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] ولم يذكر في التحريم بالرضاعة غير هاتين. فكان ذكره ذلك دليلا على أن سائر من حرم بالنسب في حكم الرضاع سواء، وأغناه ذكر هاتين بالتحريم بالرضاع عن ذكر من سواهما في ذلك إذ كان قد جمع بينهن جميعا في التحريم بالأنساب فجعل حكمهن حكمًا واحدًا.

فدل تحريمه بعضهن أيضًا بالرضاع أن حكمهن في ذلك حكم واحد.

فكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما: قال: "لا يحل لأحد أن يرجع في هبته فعم بذلك الناس جميعًا. ثم قال: إلا الوالد لولده على المعنى الذي ذكرنا، دل ذلك على أن من سوى الوالد من الواهبين في رجوع الهبات إليهم برد الله عز وجل إياها كذلك وأغناه ذكر بعضهم عن ذكر سائرهم.

فلم يكن في شيء من هذه الآثار ما يدلنا على أن للواهب أن يرجع في هبته بنقضه إياها حتى يأخذها من الموهوب له، ويردها إلى ملكه المتقدم الذي أخرجها منه بالهبة.

فنظرنا هل نجد فيما روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئًا؟.

5426 -

فإذا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا حنظلة

ص: 9

عن سالم، قال: سمعت ابن عمر يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يقول: من وهب هبةً فهو أحق بها حتى يثاب منها بما يرضى

(1)

.

5427 -

وحدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب أن مالكًا حدثه عن داود بن الحصين، عن أبي غطفان بن طريف المري، عن مروان بن الحكم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: من وهب هبةً لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب، فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض منها

(2)

.

فهذا عمر رضي الله عنه قد فرق بين الهبات والصدقات فجعل الصدقات لا يرجع فيها، وجعل الهبات على ضربين. فضرب منها صلة الأرحام، فرد ذلك إلى حكم الصدقات، ومنع الواهب من الرجوع فيها، وضرب منها بخلاف ذلك، فجعل للواهب أن يرجع فيها ما لم يرض منه.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 13/ 32 بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي 6/ 181 من طريق ابن وهب، عن حنظلة بن أبي سفيان به.

وأخرجه الدارقطني 3/ 43، والحاكم 2/ 52، والبيهقي 6/ 180، 181 من طريق عبيد الله بن موسى حنظلة، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(2)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 13/ 32 بإسناده ومتنه.

وهو في الموطأ (805) برواية محمد بن الحسن، ومن طريق مالك أخرجه البيهقي 6/ 182.

ص: 10

5428 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق، قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن الأعمش، عن إبراهيم عن الأسود، عن عمر رضي الله عنه قال: من وهب هبةً لذي رحم جازت ومن وهب هبة لغير ذي رحم محرم له فهو أحق بها ما لم يثب منها

(1)

.

5429 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن جابر الجعفي، قال: سمعت القاسم بن عبد الرحمن يحدث، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن علي رضي الله عنه قال: الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها

(2)

.

فهذا علي رضي الله عنه قد جعل للواهب الرجوع في هبته ما لم يثب منها، فذلك عندنا على الواهب الذي جعل له عمر رضي الله عنه الرجوع في هبته على ما ذكرنا في الحديث الذي رويناه عنه قبل هذا حتى لا يتضاد قولهما رضي الله عنهما في ذلك.

5430 -

وقد حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن جابر، عن

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 13/ 33 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 472 عن أبي معاوية، عن الأعمش به.

وأخرجه عبد الرزاق (16528) من طريق الحكم، عن إبراهيم، عن عمر به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 13/ 34 بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (16526)، وابن أبي شيبة 6/ 474 من طريق سفيان الثوري، عن جابر الجعفي به.

ص: 11

القاسم

فذكر بإسناده مثله على ما روينا عن سليمان

(1)

.

وقد روي عن فضالة بن عبيد نحو من هذا.

5431 -

حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قال: ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن عامر اليحصبي، قال: كنت عند فضالة بن عبيد رضي الله عنه، فأتاه رجلان يختصمان إليه، فقال أحدهما: إني وهبت لهذا بازيًا على أن يثيبني فلم يفعل، فقال الآخر: وهب لي، ولم يذكر شيئًا. فقال له فضالة: اردد إليه هبته، فإنما يرجع في الهبة النساء وسُقَّاط الرجال

(2)

.

5432 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن عامر اليحصبي، أنه قال: كنت عند فضالة بن عبيد رضي الله عنه إذ جاءه رجلان يختصمان إليه في باز، فقال أحدهما وهبت له بازيًا وأنا أرجو أن يثيبني منه. وقال الآخر: نعم قد وهب لي بازيًا وما سألته وما تعرضت له، فقال له فضالة: واردد إليه هبته، فإنما يرجع في الهبات النساء وشرار الأقوام

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 13/ 34 بإسناده ومتنه.

(2)

إسناده حسن في المتباعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 473 عن عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح به.

(3)

إسناده حسن كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 13/ 35 بإسناده ومتنه.

ص: 12

وقد روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه في ذلك أيضًا.

5433 -

ما حدثنا فهد، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: المواهب ثلاثة رجل وهب من غير أن يَسْتَوهب فهي كسبيل الصدقة، فليس له أن يرجع في صدقته، ورجل استوهب فوهب فله الثواب، فإن قبل على موهبته ثوابا فليس له إلا ذلك، وله أن يرجع في هبته ما لم يثب، ورجل وهب واشترط الثواب، فهو دين على صاحبه في حياته وبعد موته

(1)

.

فهذا أبو الدرداء رضي الله عنه قد جعل ما كان من الهبات مخرجه مخرج الصدقات في حكم الصدقات، ومنع الواهب من الرجوع في ذلك كما يمنع المتصدق من الرجوع في صدقته، وجعل ما كان منها بغير هذا الوجه مما لم يشترط ثواب مما يرجع فيه ما لم يثب الواهب عليه.

وجعل ما اشترط فيه العوض في حكم المبيع، فجعل العوض لواهبه واجبًا على الموهوب له في حياته وبعد وفاته، فهذا حكم الهبات عندنا، فأما ما ذكرنا من انقطاع رجوع الواهب في هبته لموت الموهوب له أو باستهلاكه الهبة، فلما روي عن عمر رضي الله عنه أيضًا في ذلك.

(1)

إسناده ضعيف لتفرد عبد الله بن صالح به، وقال ابن حجر في التهذيب 3/ 226: رواية راشد بن سعد عن أبي الدرداء فيه نظر.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 13/ 35 بإسناده ومتنه.

ص: 13

5434 -

حدثنا صالح، قال: ثنا حجاج بن إبراهيم، قال: ثنا يحيى، عن الحجاج، عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود، عن عمر رضي الله عنه

مثله يعني: مثل حديثه الذي ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا الفصل، وزاد ويستهلكها أو يموت أحدهما

(1)

.

فجعل عمر رضي الله عنه استهلاك الهبة يمنع واهبها من الرجوع فيها وجعل موت أحدهما يقطع ما للواهب فيها من الرجوع أيضًا فكذلك نقول.

وقد روي عن شريح في الهبة نظير ما قد روي عن عمر رضي الله عنه.

5435 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، قال: ثنا جرير بن حازم، قال: سمعت محمدًا يحدث أن شريحًا قال: من أعطى في قرابة أو معروف أو صلة فعطيته جائزة، والجانب المستغرب يثاب من هبته أو يرد عليه

(2)

.

5436 -

حدثنا يونس قال: ثنا سفيان، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن شريح

مثله

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف حجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعن.

وأخرجه عبد الرزاق (16622) عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمر به.

(2)

إسناده حسن من أجل أبي عمر حفص بن عمر الضرير.

وأخرجه سعيد بن منصور، عن هشيم عن منصور ويونس وابن عون، عن ابن سيرين، عن شريح

كما في النخب 19/ 435.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة، عن ابن أبي زائدة، عن هشام، عن ابن سيرين عن شريح به. كما في النخب 19/ 435.

ص: 14

قال أبو جعفر: وأما هبة كل واحد من الزوجين لصاحبه.

5436 م - فإن أبا بكرة قد حدثنا، قال: ثنا أبو عمر، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن محمد: أن امرأة وهبت لزوجها هبة، ثم رجعت فيها، فاختصما إلى شريح فقال للزوج: شاهداك أنهما رأياها أنها وهبت لك من غير كره، ولا هوان، وإلا فيمينها لقد وهبت لك عن كره وهوان

(1)

.

فهذا شريح رحمه الله قد سأل الزوج البينة أنها قد وهبت له لا عن كره بعد ارتجاعها في الهبة.

فدل ذلك أن البينة لو ثبتت عنده على ذلك لرد الهبة إليه ولم يجز لها الرجوع فيها.

وقد كان من رأيه أن للواهب الرجوع في هبته إلا من ذي الرحم المحرم فجعل المرأة في هذا كذي الرحم المحرم، فهكذا نقول.

وأما هبة الزوج لامرأته.

5437 -

فإن أبا بكرة حدثنا، قال: ثنا أبو عمر، قال: ثنا أبو عوانة عن منصور، قال: قال إبراهيم إذا وهبت المرأة لزوجها أو وهب الرجل لامرأته فالهبة جائزة، وليس لواحد منهما أن يرجع في هبته

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل أبي عمر حفص بن عمر الضرير.

(2)

إسناده حسن كسابقه.

ص: 15

5438 -

حدثنا سليمان بن شعيب عن أبيه، عن محمد بن الحسن، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، أنه قال: الزوج والمرأة بمنزلة ذي الرحم المحرم، إذا وهب أحدهما لصاحبه لم يكن له أن يرجع

(1)

.

فجعل الزوجان في هذه الأحاديث كذي الرحم المحرم، فمنع كل واحد منهما من الرجوع فيها وهب لصاحبه فهكذا نقول.

وقد وصفنا في هذا ما ذهبنا إليه في الهبات، وما قلدنا في هذه الآثار إذ لم نعلم عن أحد مثل من رويناها عنه خلافًا لها. فتركنا النظر من أجلها وقلدناها.

وقد كان النظر لو خلينا وإياه خلاف ذلك وهو أن لا يرجع الواهب في الهبة لغير ذي الرحم المحرم؛ كما لا يرجع في الهبة لذي الرحم المحرم، لأن ملكه قد زال عنها بهبته إياها، وصار للموهوب له دونه، فليس له نقض ما قد ملك عليه إلا برضاء مالكه، ولكن اتباع الآثار وتقليد أئمة أهل العلم أولى، فلذلك قلدناها واقتدينا بها.

وجميع ما بينا في هذا الباب قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

(1)

إسناده صحيح.

ص: 16

‌2 - باب: الرجل ينحل بعض بنيه دون بعض

5439 -

حدثنا يونس قال: ثنا سفيان، قال: ثنا، الزهري عن محمد بن النعمان، وحميد بن عبد الرحمن أخبراه، أنهما سمعا النعمان بن بشير يقول: نحلني أبي غلاما، فأمرتني أمي أن أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أشهده على ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أكل ولدك أعطيته"، فقال: لا، قال:"فاردده"

(1)

.

5440 -

حدثنا يونس قال أخبرنا ابن وهب أن مالكًا حدثه، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف وعن محمد بن النعمان بن بشير يحدثانه، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: إن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ "، فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فارجعه"

(2)

.

(1)

إسناد صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5070) بإسناده ومتنه

وأخرجه الدارقطني 3/ 42 من طريق يونس بن عبد الأعلى به.

وأخرجه الشافعي في السنن (503)، وعبد الرزاق (16493)، والحميدي (922)، وابن أبي شيبة 11/ 220، 14/ 152، وأحمد (18382)، ومسلم (1623)(11)، والترمذي (1367)، والنسائي في المجتبى 6/ 258 وفي الكبرى (6499)، وابن ماجة (2376)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2025)، والبيهقي 6/ 176 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5071) بإسناده ومتنه. =

ص: 17

قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم

(1)

إلى أن الرجل إذا نحل بعض بنيه دون بعض أن ذلك باطل. واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا: قد كان النعمان في وقت ما نحله أبوه صغيرًا، وكان أبوه قابضًا له لصغره عن القبض لنفسه، فلما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: اردده بعدما كان في حكم ما قبض، دل هذا أن النحلى من الوالد لبعض ولده دون بعض لا يملكه المنحول ولا ينعقد له عليه هبة.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: ينبغي للرجل أن يسوي بين ولده في العطية ليستووا في البر، ولا يفضل بعضهم على بعض، فيوقع ذلك له الوحشة في قلوب المفضول منهم.

فإن نحل بعضهم شيئًا دون بعض وقبضه المنحول لنفسه إن كان كبيرا أو كان قبضه له أبوه من نفسه إن كان صغيرا بإعلامه إياه والإشهاد به فهو جائز.

وكان من الحجة لهم في ذلك أن حديث النعمان الذي ذكرنا قد روي عنه على ما ذكروا، وليس فيه دليل على أنه كان حينئذ صغيرًا، ولعله كان كبيرا ولم يكن قبضه.

= وهو في الموطأ 2/ 298 من طريقه أخرجه البخاري (2586)، ومسلم (1623)(9)، والنسائي في المجتبى 6/ 258، وفي الكبرى (6467)، وابن حبان (5100).

(1)

قلت: أراد بهم: طاووس بن كيسان، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهدا، وعروة، وابن جريج، والنخعي، والشعبي، وابن شبرمة، وابن الهاد، وأحمد وإسحاق، وداود، وسائر أهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 19/ 445.

(2)

قلت: أراد بهم: الثوري، والليث بن سعد، والقاسم بن عبد الرحمن، ومحمد بن المنكدر، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 19/ 447.

ص: 18

وقد روي أيضًا على غير هذا المعنى الذي في الحديث الأول.

5441 -

فحدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا وهيب، عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: انطلق بي أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحلني نحلا ليشهده على ذلك، فقال:"أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ " فقال: لا. قال: أيسرك أن يكونوا إليك في البر كلهم سواءً؟ " قال: بلى، قال: "فأشهد على هذا غيري"

(1)

.

فكان الذي في هذا الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم لبشير فيما كان نحله النعمان "أشهد على هذا غيري". فهذا دليل أن الملك ثابت لأنه لو لم يثبت لا يصح قوله: "وأشهد".

فهذا خلاف ما في الحديث الأول، لأن هذا القول لا يدل على فساد العقد الذي كان عقده النعمان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد يتوقى الشهادة على ماله أن يشهد عليه، وعلى الأمور التي قد كانت.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5072) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن الجارود (992) من طريق معلى بن أسد، عن وهيب بن خالد به.

وأخرجه أحمد (18366)، والبخاري في الأدب المفرد (93)، ومسلم (1623)(17)، والنسائي في المجتبى 6/ 259، 260، وفي الكبرى (6506 - 6507)، وابن ماجة (2375)، وابن حبان (5106)، والدارقطني 2/ 42، والبيهقي 6/ 177 من طرق عن داود بن أبي هند به.

ص: 19

فكذلك لمن بعده، لأن الشهادة إنما هي أمر يتضمنه الشاهد للمشهود له، فله أن لا يتضمن ذلك.

وقد يحتمل غير هذا أيضًا، فيكون قوله:"أشهد على هذا غيري" أي: أني أنا الإمام، والإمام ليس من شأنه أن يشهد، وإنما من شأنه أن يحكم.

وفي قوله: أشهد على هذا غيري" دليل على صحة العقد.

5442 -

وقد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن المغيرة، عن الشعبي، قال: سمعت النعمان رضي الله عنه على منبرنا هذا، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سووا بين أولادكم في العطية كما تحبون أن يسووا بينكم في البر"

(1)

.

فكان المقصود إليه في هذا الحديث الأمر بالتسوية بينهم في العطية ليستووا جميعا في البر، وليس فيه شيء من ذكر فساد العقد المعقود على التفضيل.

5443 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا عباد بن العوام، عن حصين عن الشعبي، قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنه، يقول: أعطاني أبي عطية، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5073) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (18378)، وأبو داود (3542)، وابن حبان (5104)، والبيهقي 6/ 178 من طريق مغيرة، عن الشعبي به.

ص: 20

فقال: إني قد أعطيت ابني من عمرة عطيةً، وإني أشهدك، قال:"أكل ولدك أعطيت مثل هذا؟ قال: لا، قال: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"

(1)

.

فليس في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره برد الشيء وإنما فيه الأمر بالتسوية بينهم.

5444 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا مرجي، قال: ثنا داود، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: انطلق بي أبي يحملني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! اشهد أني قد نحلت النعمان من مالي كذا وكذا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته؟ "، قال: لا، قال: "أما يسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ "، قال: بلى، قال: "فلا إذًا"

(2)

.

فقد اختلف لفظ حديث داود هذا فيما روى عنه مرجي هاهنا، وفيما روى عنه وهيب فيما تقدم من هذا الباب. وهكذا رواه الشعبي عن النعمان وقد رواه أبو الضحى عن النعمان أيضًا.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5074) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 219 - 220، ومن طريقه رواه مسلم (1623)(13).

وأخرجه البخاري (2587)، ومسلم (1623)(13)، والبيهقي 6/ 176 من طريقين عن حصين به.

(2)

إسناده حسن بالمتابعات من أجل مرجى بن رجاء.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5075) بإسناده ومتنه. وهو مكرر سابقه (5441).

ص: 21

5445 -

حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا مسدد قال: ثنا يحيى، عن فطر (ح)

وحدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا فطر، قال: ثنا أبو الضحى، قال سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما، يقول: ذهب بي أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على شيء أعطانيه. فقال: "ألك ولد غيره؟ قال: نعم، فقال بيده: "ألا سويت بينهم؟ "

(1)

.

فلم يخبر في هذا الحديث أنه أمره برده، وإنما قال:"ألا سويت بينهم؟ " على طريق المشورة، وأن ذلك لو فعله كان أفضل.

وقد روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة النعمان هذا خلاف كل مما روينا عن النعمان رضي الله عنه.

5446 -

حدثنا فهد، قال: ثنا النفيلي، قال: ثنا زهير قال: ثنا أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: قالت امرأة بشير لبشير انحل ابني غلامك، وأشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن بنت فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي، وقالت: وأشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أله إخوة؟ "، قال: نعم، قال:"أفكلهم أعطيت؟ "، قال: لا،

(1)

إسناداه صحيحان.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5076 - 5077) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النسائي 6/ 261 - 262 عن عبيد الله بن سعيد، عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الله بن المبارك في مسنده (213)، وأحمد (18359)، والنسائي في المجتبى 6/ 261 - 262، وفي الكبرى (6512 - 6513)، وابن حبان (5098 - 5099) من طرق عن فطر بن خليفة به.

ص: 22

قال: "فإن هذا لا يصلح، وإني لا أشهد إلا على حق"

(1)

.

ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان أمره لبشير بالرد قبل إنفاذ بشير الصدقة فأشار النبي صلى الله عليه وسلم عليه بما ذكرنا.

وهذا خلاف جميع ما روي عن النعمان رضي الله عنه لأن في تلك الأحاديث أنه نحله قبل أن يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني نحلت ابني هذا كذا وكذا، فأخبر أنه قد كان فعل.

وفي حديث جابر هذا إخباره للنبي صلى الله عليه وسلم بسؤال امرأته إياه، فكان كلام النبي صلى الله عليه وسلم إياه بما كلمه به على طريق المشورة وعلى ما ينبغي أن يفعل عليه الشيء إن آثر أن يفعله.

وقد روى شعيب بن أبي حمزة هذا الحديث عن الزهري موافقًا لهذا المعنى.

5447 -

حدثنا فهد قال: ثنا أبو اليمان، قال: ثنا شعيب عن الزهري، قال: حدثني حميد بن عبد الرحمن، ومحمد بن النعمان أنهما سمعا النعمان بن بشير رضي الله عنهما، يقول: نحلني أبي غلامًا، ثم مشى بي حتى أدخلني على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول

(1)

رجاله ثقات وأبو الزبير لم يصرح بالتحديث.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5080) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (14492)، ومسلم (1624)، وأبو داود (3545)، وابن حبان (5101)، والبيهقي (177) من طرق عن زهير بن معاوية به.

ص: 23

الله! إني نحلت ابني غلامًا، فإن أذنت أن أجيزه له أجزته

ثم ذكر الحديث

(1)

.

فدل ما ذكرنا على أنه لم يكن النحلى كملت فيه من حين نحله إياه إلى أن أمره النبي صلى الله عليه وسلم برده.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قسم شيئًا بين أهله سوى بينهم جميعًا فأعطى المملوك منهم كما يعطى الحر.

5448 -

حدثنا بذلك يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس، عن عبد الله بن نِيار، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بظيبة

(2)

فيها خرز، فقسمها بين الحرة، والأمة، قالت عائشة: وكذلك كان أبي يقسم للحر والعبد

(3)

.

فكان هذا مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله يعلم بعطاياه جميع أهله حرهم وعبدهم ليس على أن ذلك واجب ولكنه أحسن من غيره. فكذلك كانت مشورته في الولدان أن يسوي

(1)

إسناده صحيح.

وهو مكرر سابقه (5441).

(2)

بفتح الظاء المعجمة: جراب صغير عليه شعر.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1435)، وإسحاق بن راهويه (758)، وأحمد (25229)، وأبو داود (2952)، وأبو يعلى (4923)، والبيهقي 6/ 347، 348 من طرق عن ابن أبي ذئب به.

ص: 24

بينهم في العطية ليس على أنه واجب ولا على أن غيره إن فعل لم يثبت.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

وقد فضل بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم بعض أولادهم على بعض في العطايا.

5449 -

فحدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: إن أبا بكر الصديق نحلها جاد

(1)

عشرين وسقًا

(2)

من ماله بالغابة

(3)

، فلما حضرته الوفاة، قال: والله يا بنية ما من أحد من الناس أحب إلي غنًى بعدي منك ولا أعز الناس عليّ فقرًا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقًا، فلو كنت جددتيه وأحرزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقسموه على كتاب الله تعالى، فقالت عائشة: والله يا أبت لو كان كذا وكذا لتركته إنما هي أسماء فمن الأخرى، قال: ذو بطن بنت خارجة أراها جاريةً

(4)

.

5450 -

حدثنا فهد قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن

(1)

بالجيم وتشديد الدال، بمعنى: المجدودة، والمعنى: أعطاها نخلا يجد منه ما يبلغ عشرين وسقا.

(2)

بفتح الواو: ستون صاعا.

(3)

هو موضع قريب من المدينة من عواليها وبها أموال لأهلها.

(4)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 298.

ص: 25

شقيق، قال: ثنا مسروق، قال: كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه قد أعطى عائشة نُحلى، فلما مرض قال لها: اجعليه في الميراث، وذكر القبض في الهبة والصدقة

(1)

.

5451 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن عمرو، قال أخبره صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أن عبد الرحمن فضّل بني أم كلثوم بنحل قسمه بين وُلده

(2)

.

فهذا أبو بكر رضي الله عنه قد أعطى عائشة رضي الله عنها دون سائر ولده ورأى ذلك جائزا، ورأته هي كذلك، ولم ينكره عليهما أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم.

وهذا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قد فضَّل بعض أولاده أيضًا فيما أعطاهم على بعض، ولم ينكر ذلك عليه منكر.

فكيف يجوز لأحد أن يحمل فعل هؤلاء على خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن قول النبي صلى الله عليه وسلم عندنا فيما ذكرنا من ذلك إنما كان على الاستحباب كاستحبابه التسوية بين أهله في العطية وترك التفضيل لحرهم على مملوكهم، ليس على أن ذلك مما لا يجوز غيره ولكن على استحبابه لذلك، وغيره في الحكم جائز كجوازه.

وقد اختلف أصحابنا في عطية الولد التي يتبع فيها أمر النبي صلى الله عليه وسلم لبشير كيف

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده منقطع صالح بن إبراهيم لم يدرك جده عبد الرحمن بن عوف.

وأخرجه عبد الله بن وهب في مسنده كما في النخب (467) من طريق عمرو بن دينار، عن عبد الرحمن بن عوف به.

ص: 26

هي؟. فقال أبو يوسف رحمه الله: يسوي بين الأنثى فيها وبين الذكر، وقال محمد بن الحسن رحمة الله عليه بل يجعلها بينهم على قدر المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين.

قال أبو جعفر: في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سووا بينهم في العطية كما تحبون أن يسووا لكم في البر" دليل على أنه أراد التسوية بين الإناث والذكور، لأنه لا يراد من البنت شيء من البر إلا والذي يراد من الابن مثله.

فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد من الأب لولده ما يريد من ولده له، وكان ما يريد من الأنثى من البر مثل ما يريد من الذكر، كان ما أراد منه لهم من العطية للأنثى مثل ما أراد للذكر.

وفي حديث أبي الضحى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألك ولد غيره؟ "، فقال: نعم، فقال: "ألا سويت بينهم؟ ولم يقل: ألك ولد غيره ذكر أو أنثى، فذلك لا يكون وإلا وحكم الأنثى فيه كحكم الذكر، ولولا ذلك لما ذكر التسوية إلا بعد علمه أنهم ذكور كلهم، فلما أمسك عن البحث عن ذلك ثبت استواء حكمهم في ذلك عنده، فهذا أحسن عندنا مما قال محمد رحمه الله.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك أيضًا.

5452 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: ثنا عبد الله بن معاذ، عن معمر، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فجاء ابن له، فقبله وأجلسه على فخذه، ثم جاءت بنت له، فأجلسها إلى جنبه فقال:

ص: 27

"فهلا عدلت بينهما"

(1)

.

أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أراد منه التعديل بين الابنة والابن، وأن لا يفضل أحدهما على الآخر، فذلك دليل على ما ذكرنا في العطية أيضًا، والله أعلم.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه البيهقي في الشعب (10510) من طريق إبراهيم بن المنذر، عن عبد الله بن معاذ به.

وأخرجه البزار (2/ 378 كشف) عن بعض أصحابنا، عن عبد الله بن موسى، عن معمر به.

وأخرجه البخاري (3752)، والترمذي (3776)، وابن حبان (6973) من طريق عبد الرزاق، عن معمر به مختصرا بذكر صفة الحسن.

ص: 28

‌3 - باب العمري

5453 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري، قال: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:"المسلمون عند شروطهم"

(1)

.

قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم

(2)

إلى إجازة العمري، وجعلوها راجعة إلى المعمر بعد موت المعمَر له، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: إنما وقع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا على الشروط التي قد أباح الكتاب اشتراطها وجاءت بها السنة، وأجمع عليها المسلمون فأما

(1)

إسناده حسن من أجل إبراهيم بن حمزة وكثير بن زيد والوليد بن رباح.

وأخرجه ابن عدي في الكامل 6/ 2088، والدارقطني 3/ 27، والبيهقي 6/ 63 من طريق عبد العزيز بن أبي حازم به.

وأخرجه أبو داود (3594)، ومن طريقه البيهقي 6/ 65 من طريق مروان بن محمد الطاطري عن سليمان بن بلال أو عبد العزيز بن محمد - شك أبو داود عن كثير بن زيد به.

وأخرجه أحمد (8784)، وأبو داود (3594)، والدارقطني 3/ 27، والحاكم 2/ 49 وابن حبان (5091)، من طريق سليمان بن بلال به.

(2)

قلت: أراد بهم القاسم بن محمد، ويزيد بن قسيط، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والليث بن سعد، ومالكا رحمهم الله، كما في النخب 19/ 474.

(3)

قلت: أراد بهم: طاووسا، ومجاهدا، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن حي، والزهري في رواية، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، وأحمد، وبعض الظاهرية، وعبد الله بن شبرمة، وأبا عبيد رحمهم الله، كما في النخب 19/ 475.

ص: 29

ما نهى عنه الكتاب أو نهت عنه السنة فهو غير داخل في ذلك.

ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث بريرة رضي الله عنها "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط". وما في كتاب الله عز وجل هو ما كان منصوصًا فيه أو ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه إنما وجب قبوله بكتاب الله عز وجل إذ يقول فيه عز وجل:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].

وليس كل شرط يشرطه المسلمون يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم "المسلمون عند شروطهم" لأنه لو كان ذلك كذلك لجاز الشرطان في البيع اللذان قد نهى عنهما النبي صلى الله عليه وسلم، ولكان هذا الحديث معارضًا لذلك، ولقوله: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط".

فلما لم يجعل ذلك على هذا المعنى وإنما جعل على خاص من الشروط فقد وقفنا عليها وعرفناها، فأعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:"المسلمون عند شروطهم" أنهم عند تلك الشروط التي قد أجاز لهم اشتراطها حتى لا تجب لمن هي لهم عليه نقضها. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد دل على ذلك أيضًا.

5454 -

حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: ثنا عبد الله بن نافع الصائغ، قال: ثنا كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

ص: 30

"المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حرامًا أو حرم حلالًا"

(1)

.

فدل هذا أن الشروط التي المسلمون عندها هي بخلاف هذه الشروط المستثناة.

وكانت الشروط في العمرى قد وَقَفَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بطلانها في آثار قد جاءت عنه مجيئًا متواترا. فمنها ما

5455 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن عمرو عن سليمان بن يسار أن أميرا كان على المدينة يقال له: طارق، قضى بالعمرى للوارث عن قول جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

5456 -

حدثنا يونس قال: ثنا سفيان عن عمرو عن طاوس، عن حجر عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالعمرى للوارث

(3)

.

فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا العمرى للوارث، فقطع بذلك شرط المعمر.

(1)

إسناده ضعيف لضعف كثير بن عبد الله المزني.

وأخرجه الترمذي (1352)، وابن ماجة (2353) من طريقين عن كثير بن عبد الله المزني به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 2/ 169، وابن أبي شيبة 7/ 137، وأحمد (15077)، ومسلم (1625) - (29)، وأبو يعلى (1835)، والبيهقي 6/ 173 - 174، والمزي في ترجمة طارق بن عمرو من التهذيب 13/ 349 من طريق سفيان بن عيينة به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5469) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي في مسنده 2/ 168، والحميدي (398)، وابن أبي شيبة 137/ 7، وأحمد (21586)، والنسائي 6/ 271 - 272، وابن ماجة (2381)، والطبراني في الكبير (4945)، والبيهقي 6/ 174 من طرق عن سفيان به.

ص: 31

فقال الأولون: فلم يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ذلك الوارث وارث من هو؟ فقد يجوز أن يكون أراد وارث المعمر.

قيل له: هذا عندنا محال لأنه إنما كان الذكر على شيء قد جعل للمعمر حياته على أن يعود بعد موته إلى المعمر، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك للوارث، أي: جعل لوارث المعمر ما كان اشترط فيه المعمر أن لا يكون ميراثًا والدليل على ذلك.

5457 -

أن محمد بن بحر بن مطر حدثنا، قال: ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أعمر شيئًا حياته فهو له ولوارثه"

(1)

.

فدل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا على الوارث المحكوم بها له في هذا الحديث الذي ذكرناه في الفصل الذي قبل هذا أنه وارث المعمر.

5458 -

وقد حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار عن طاوس أن حجر بن قيس أخبره، أن زيد بن ثابت رضي الله عنه أخبره أن

(1)

إسناده منقطع بين طاوس وزيد بن ثابت و محمد بن مسلم الطائفي حسن الحديث.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5468) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 139، والنسائي في المجتبى 6/ 270 - 271، وفي الكبرى (6510 - 6513 - 6515) من طريقين عن طاوس به.

وأخرجه عبد الرزاق (16875 - 16915)، وأحمد (21626)، والنسائي 6/ 269، والطبراني (4957) من طريق ابن أبي نجيح، عن طاوس، عن رجل، عن زيد بن ثابت به.

ص: 32

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العمرى ميراث"

(1)

.

5459 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار عن طاوس، عن حجر المدري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"سبيل العمرى سبيل الميراث"

(2)

.

فهذا أيضًا معناه مثل معنى ما قبله.

5460 -

وقد حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي، عن معاوية، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"العمرى جائزة لأهلها"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5466) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (6873)، وأحمد (21649)، والطبراني (4941) عن ابن جريج به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5467) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبراني (4950) من طريق معاذ بن المثنى، عن محمد بن المنهال به.

وأخرجه ابن حبان (5132) من طريق محمد بن عبد الله بن بزيع، عن يزيد بن زريع به.

وأخرجه أحمد (21649)، من طريق روح بن القاسم به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5465) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (16883)، وأبو يعلى (7369)، والطبراني في الكبير 19/ 733، وابن قانع في معجم الصحابة 3/ 72، وأبو نعيم في الحلية 3/ 180 من طرق عن حماد بن سلمة به.

ص: 33

فقال أهل المقالة الأولى: أهلها هم الذين أعمروها، فكان من الحجة عليهم في ذلك أن

5461 -

فهدًا حدثنا، قال: ثنا عبيد بن يعيش، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية، قال: قال لي معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أعمر عمرى فهي له، يرثها من عقبه من ورثه"

(1)

.

فدل هذا الحديث على أن أهلها الذين جازت لهم هم المعمرون لا المعمرون.

5462 -

وقد حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال: ثنا الوليد، عن الأوزاعي عن يحيى، عن أبي سلمة، عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"العمرى لمن وهبت له"

(2)

.

5463 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى عن هشام بن أبي عبد الله، عن يحيى

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 142 من طريق يعلى، عن محمد بن إسحاق به.

وأخرجه الطبراني في الكبير 19/ 734 من طريق يحيى الحماني، عن ابن المبارك، عن ابن إسحاق به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (2625)، وأبو داود (3550)، والنسائي (6/ 277)، من طريق يحيى بن أبي كثير به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (14243) من طريق يحيى بن سعيد القطان به. =

ص: 34

5464 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا أبو معاوية عن الحجاج، عن أبي الزبير، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

5465 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها، فمن أعمر شيئًا فهو له"

(2)

.

5466 -

حدثنا فهد قال: ثنا علي بن معبد، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي كثير، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:"لا عمرى، فمن أعمر شيئًا فهو له"

(3)

.

= وأخرجه الطيالسي (1687)، ومسلم (1625)(25)، والنسائي 6/ 277، وابن حبان (5130)، والبيهقي 6/ 173 من طرق عن هشام الدستوائي به.

(1)

إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة وهو مدلس.

وأخرجه أحمد (2250)، والنسائي 6/ 267 من طريق أبي معاوية به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 138، والطبراني (10995، 10999) من طريقين عن الحجاج بن أرطاة به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو الزبير صرح بسماعه عن جابر عند البيهقي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5472) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (16876)، وأحمد (14126)، ومسلم (1625)(27)، والبيهقي 6/ 173 من طريق سفيان الثوري به.

(3)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5470) بإسناده ومتنه. =

ص: 35

فقال أهل المقالة الأولى: فنحن لا ننكر أن يكون العمرى لمن أعمرها وإنما قلنا: إنها ترجع إلى المعمر بعد موت المعمر.

فكان من حجتنا عليهم في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى فيما ذكرنا من الآثار عن العمري، فاستحال أن يكون نهى عنها وهي تجري كما عقدت، ولكنه نهى عنها لأنها تجري على خلاف ذلك. ثم قال: من أعمر شيئًا فهو له، فأرسل ذلك ولم يقل: فهو له ما دام حيا.

فدل ذلك على أنها له كسائر ماله في حياته وبعد موته. وهذا معنى ما روي عن رسول الله أنه جعلها جائزةً، للمعمر لا حق للمعمر فيها بعد ذلك أبدًا.

فمما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعلها جائزةً ما

5467 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عفان، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العمرى جائزة"

(1)

.

والدليل على ذلك أيضًا

= وأخرجه أحمد (8686)، والنسائي 6/ 277، وابن حبان (5131) من طرق عن إسماعيل بن جعفر به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 138، وعنه ابن ماجة (2379) من طريق يحيى بن أبي زائدة، عن محمد بن عمرو به.

(1)

رجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة الحسن البصري.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5471) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (20254)، والبيهقي 6/ 174 من طريق عفان بن مسلم به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 138، وأحمد (20084)، والترمذي (1349)، والطبراني في الكبير (6845 - 6846) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

ص: 36

5468 -

أن ابن أبي داود وأحمد بن داود قد حدثانا، قالا: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة قال: قال لي سليمان بن هشام ما تقول في العمرى؟، فقلت له: حدثني النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"العمرى جائزة". قال الزهري: إنها لا تكون عمرى حتى تجعل له ولعقبه. فقال لعطاء بن أبي رباح ما تقول؟ فقال: حدثني جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العمرى ميراث"

(1)

.

فهذا عطاء وقتادة جميعًا قد جعلاها جائزة للمعمر موروثة عنه، ولم ينكر ذلك عليهما الزهري، وإنما قال: لا تكون عمرى فيكون هذا حكمها حتى تجعل للمعمر ولعقبه، فتكون كماله وتكون موروثةً عنه، كما يورث سائر أمواله عنه وإن كان من يرثها عنه فيهم خلاف عقبه على ما حدثه أبو سلمة.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5463) من طريق ابن أبي داود فقط.

وأخرجه البخاري (2626)، والبيهقي 6/ 174، والبغوي (2197) من طريق أبي عمر حفص بن عمر الحوضي به. وأخرجه أبو داود (3548) من طريق أبي الوليد الطيالسي عن همام به.

وأخرجه أحمد (8567)، وابن أبي شيبة 7/ 143، والطيالسي (1423)، والنسائي 6/ 277، وابن الجارود (985)، والبيهقي 6/ 174 من طرق عن قتادة به.

وذكره النسائي 6/ 277 - 278 عقب حديث أبي هريرة حديث عطاء عن جابر، وحديث عطاء، عن جابر رواه أحمد (14172)، والطيالسي (1680)، والبخاري باتر الحديث (2626)، ومسلم (1625)، والنسائي 6/ 273، وابن حبان (5129).

ص: 37

وسنذكر ذلك في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى.

ومما يدل أيضًا على صحة ما ذكرنا

5469 -

أن يونس قد حدثنا، قال: ثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعمروا، ولا ترقبوا

(1)

، فمن أعمر شيئًا أو أرقبه فهو للوارث إذا مات"

(2)

.

5470 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسكوا عليكم أموالكم، لا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي له حيا وميتا ولعقبه"

(3)

.

5471 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا هشام، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعمر عمرى حياته فهي له في حياته، ولورثته

(1)

من الأرقاب، والاسم الرقبي، وهي فعلى "بالضم" من المراقبة، وهي: أن يقول الرجل لآخر: قد وهبت لك هذه الدار، فإن مت قبلي رجعت إلي، وإن مت قبلك فهي لك.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (1290)، والشافعي 2/ 168، وأبو داود (3556)، والنسائي في المجتبى 6/ 273 وفي الكبرى (6527)، وابن حبان (5127)، والبيهقي 6/ 175، والبغوي (2198) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير بالسماع عند غير المصنف.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5473) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (14341، 15136)، ومسلم (1625)(25 - 26)، والبيهقي 6/ 173 من طرق عن زهير بن معاوية به.

ص: 38

بعد موته

(1)

.

5472 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا يحيى بن أبي زائدة، عن أبيه، عن حبيب بن أبي ثابت، عن حميد، عن جابر رضي الله عنه، قال: نحل رجل منا أمه نحلًا لها حياتها، فلما ماتت قال: أنا أحق بنحلي، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أنها ميراث، قال ابن أبي شيبة: حميد هذا رجل من كندة

(2)

.

قال أبو جعفر: فقد كشفت لنا هذه الآثار مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآثار التي قبلها، وأنها على ما وصفنا من التأويل الذي ذكرنا، وقد رويت في العمرى أيضًا آثار بغير هذا اللفظ. فمنها ما

5473 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيها رجل أعمر

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير بالسماع عند غير المصنف.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5464) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1743)، وأحمد (15017)، والنسائي 6/ 274 من طرق عن هشام به.

(2)

إسناده إلى حبيب صحيح وحميد الكندي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/ 232، وسكت عنه وفي المغاني 1/ 252 روى عن جابر بن عبد الله وروى عنه حبيب بن أبي ثابت وأبو بكر بن عياش ولم أقف على من ترجمه روى له أبو بكر بن أبي شيبة وأبو جعفر الطحاوي.

وأخرجه ابن أبي شيبة (29073) عن يحيى بن أبي زائدة، عن أبيه به.

وأخرجه أبو داود (3557) والبيهقي 6/ 174 من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن حميد بن قيس الأعرج، عن طارق بن عمرو المكي، عن جابر به.

ص: 39

عمرى له ولعقبه، فإنها للذي يُعطاها، لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث"

(1)

.

5474 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا الليث، عن ابن شهاب (ح)

وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ليث، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أعمر رجلًا عمرى له ولعقبه، فقد قطع قوله حقه فيها، وهي لمن أعمرها ولعقبه"

(2)

.

5475 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعمر عمرى فهي له ولعقبه بته، لا يجوز للمعطي فيها شرط ولا ثنيا

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5461) بإسناده ومتنه.

وهو في الموطأ 2/ 756، ومن طريقه الشافعي 2/ 168، ومسلم (1625)(20)، وأبو داود (3553)، والترمذي (1350)، والنسائي 6/ 275 - 276، وابن الجارود (987)، وابن حبان (5137)، والبيهقي 6/ 172، 171، والبغوي (2196).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1625)(21)، والنسائي 6/ 275، وابن ماجة (2380)، وابن حبان (5138)، والبيهقي 6/ 172 من طرق عن الليث بن سعد.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1424)، ومسلم (1325) - (24)، والنسائي 6/ 276، وأبو يعلى (2092)، والطحاوي في شرح المشكل (5459)، والبيهقي 6/ 72 من طرق عن ابن أبي ذئب به.

ص: 40

ففي هذه الآثار من أعمر عمرى له ولعقبه فهي للذي أعمرها، لا يرجع إلى المعطي شرط ولا ثنيا، لأنه أعطى عطاء، وقعت فيه المواريث.

فقال الذين أجازوا الشرط في العمرى بهذا نقول: إذا وقعت العمرى على هذا لم ترجع إلى المعطي أبدا، وإذا لم يكن فيها ذكر العقب فهي راجعة إلى المعطي بعد زوال المعمر، قالوا: وهذا أولى مما روى عطاء، وأبو الزبير عن جابر بن عبد الله لأن هذا قد زاد عليهما قوله "ولعقبه" وليس هو بدونهما والزيادة أولى.

وكان من حجتنا للآخرين في ذلك أنه لو لم يكن روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في العمرى حديث غير حديث أبي سلمة هذا لكان فيه أكبر الحجة للذين يقولون: إن العمرى لا ترجع إلى المعمر أبدا، ولا يجوز شرطه.

وذلك أن العمرى لا تخلو من أحد وجهين إما أن تكون داخلة في قول النبي صلى الله عليه وسلم "المسلمون عند شروطهم" فينفذ للمعمر فيها الشرط على ما شرطه، لا يبطل من ذلك شيء كما تنفذ الشروط من الموقف فيما يوقف أو تكون خارجة من ملك المعمر داخلةً في ملك المعمر فتصير بذلك في سائر ماله ويبطل ما شرط عليه فيها.

فنظرنا في ذلك، فإذا العمرى إذا أوقعت على أنها للمعمر ولعقبه، فمات وله عقب، وزوجة أو أوصى بوصايا، أو كان عليه دين أن تلك الأشياء تنفذ فيها كما تنفذ في ماله، ولا يمنعها الشرط الذي كان من المعمر في جعله إياها له ولعقبه وزوجته ليست من عقبه، ولا غرماؤه ولا أهل وصاياه.

ص: 41

وكذلك لو مات المعمر ولا عقب له لم يرجع شيء من ذلك إلى المعمر.

فلما كان ما وصفنا كذلك كانت كذلك أبدًا تجوز على ما جعلها عليه المعمر ويبطل شرطه الذي اشترطه فيها فلا ينفذ منه قليل ولا كثير، وتخرج من قول النبي صلى الله عليه وسلم:"المسلمون عند شروطهم" فتكون شروطها ليست من الشروط التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا القول الذي صححناه هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

وقد روي أيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما مثل ذلك.

5476 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت قال سمعت ابن عمر وسأله رجل عن رجل وهب لرجل ناقة حياته فنتجت فقال: هي له وأولادها، فسألته بعد ذلك، فقال: هي له حيا وميتا

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 14/ 76 بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي 2/ 168، 169، وعبد الرزاق (19877 - 19879)، والبيهقي 6/ 174 من طرق عن حبيب بن أبي ثابت به.

ص: 42

‌4 - باب الصدقات الموقوفات

5477 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عاصم وسعيد بن سفيان الجحدري، قالا: ثنا ابن عون، قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره، فقال: إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالا قط أحسن منها، فكيف تأمرني؟ قال:"إن شئت حبست أصلها، لا تباع ولا توهب" قال أبو عاصم! وأراه قال: ولا تورث". قال: فتصدق بها في الفقراء والقربى، والرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضعيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها غير متمول، قال: فذكرت

(1)

ذلك لمحمد

(2)

فقال: غير متأثل

(3)

(4)

.

5478 -

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال: حدثني عمي، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، عن عبد العزيز بن المطلب، عن يحيى بن سعيد، عن نافع مولى ابن عمر، عن

(1)

أي: ابن عون.

(2)

أي: ابن سيرين.

(3)

أي غير جامع، يقال: مال مؤثل ومجد ماثل أي مجموع ذو أصل.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 252، وأحمد (4608)، والبخاري (2737 - 2772 - 2773)، ومسلم (1632)(15)، وأبو داوود (2878)، والنسائي في المجتبى 6/ 231، وفي الكبرى (6427 - 6428)، وابن ماجة (2396)، وابن الجارود (368)، وابن خزيمة (2483 - 2484 - 2485)، وابن حبان (4901)، والدارقطني 4/ 187 - 190، والبيهقي 6/ 158 - 159، والبغوي (2195) من طرق عن ابن عون به.

ص: 43

ابن عمر، أن عمر رضي الله عنهما استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يتصدق بماله بثمغ

(1)

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدق به، يقسم تمره ويحبس أصله لا يباع ولا يوهب"

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى أن الرجل إذا أوقف داره على ولده وولد ولده، ثم من بعدهم في سبيل الله أن ذلك جائز، وأنها قد خرجت بذلك من ملكه إلى الله عز وجل، ولا سبيل له بعد ذلك إلى بيعها، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار، وممن قال ذلك أبو يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله، وهو قول أهل المدينة وأهل البصرة.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

منهم: أبو حنيفة وزفر بن الهذيل رحمها الله فقالوا: هذا كله ميراث لا يخرج من ملك الذي أوقفه بهذا السبب.

وكان من الحجة لهم في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما شاوره عمر رضي الله عنه في ذلك قال له: حبّس أصلها وسبّل الثمرة.

(1)

بفتح الثاء المثلثة هي: بقعة على نحو ميل من المدينة، وكان بها مال لعمر بن الخطاب.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الدارقطني 4/ 187، وابن حبان (4900)، والبيهقي 6/ 160 من طريق ابن وهب به.

وأخرجه أحمد (5179)، وأبو داود (2878) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن نافع به.

(3)

قلت: أراد بهم: جماهير العلماء من التابعين، ومن بعدهم، منهم: مالك والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 19/ 519.

(4)

قلت: أراد بهم: شريحا، وعطاء بن السائب، وأبا بكر بن محمد، وأبا حنيفة، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 19/ 520.

ص: 44

فقد يجوز أن يكون ما أمره به من ذلك يخرج به من ملكه، ويجوز أن يكون ذلك لا يخرجها من ملكه، ولكنها تكون جاريةً على ما أجراها عليه من ذلك ما تركها، ويكون له فسخ ذلك متى شاء.

كرجل جعل الله عليه أن يتصدق بثمرة نخله ما عاش فيقال له: أنفذ ذلك ولا يجبر عليه، ولا يؤخذ به إن شاء وإن أبى، ولكن إن أنفذ ذلك فحسن، وإن منعه لم يجبر عليه، وكذلك ورثته من بعده إن أنفذوا ذلك على ما كان أبوهم أجراه ذلك فحسن، وإن منعوه ذلك كان ذلك لهم، وليس في بقاء حبس عمر رضي الله عنه إلى غايتنا هذه ما يدل على أنه لم يكن لأحد من أهله نقضه. وإنما الذي يدل على أنه ليس لهم نقضه لو كانوا خاصموا فيه بعد موته، فمنعوا من ذلك.

فلو كان جاز ذلك لكان فيه لعمرى ما يدل على أن الأوقاف لا تباع، ولكن إنما جاءنا تركهم لوقف عمر رضي الله عنه يجري على ما كان عمر رضي الله عنه أجراه عليه في حياته ولم يبلغنا أن أحدا منهم عرض فيه بشيء.

وقد روي عن عمر رضي الله عنه ما يدل على أنه قد كان له نقضه.

5479 -

حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكًا أخبره، عن زياد بن سعد، عن ابن شهاب، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لولا أني ذكرت صدقتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو نحو هذا لرددتها

(1)

.

(1)

إسناده مرسل الزهري لم يسمع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورجاله ثقات. =

ص: 45

فلما قال عمر رضي الله عنه هذا دل أن نفس الإيقاف للأرض لم يكن يمنعه من الرجوع فيها، وأنه إنما منعه من الرجوع فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره فيها بشيء، وفارقه على الوفاء به، فكره أن يرجع عن ذلك كما كره عبد الله بن عمر أن يرجع بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم الذي كان فارقه عليه أن يفعله وقد كان له أن لا يصوم.

ثم هذا شريح وهو قاضي عمر وعثمان وعلي الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم.

قد روي عنه في ذلك أيضًا ما

5480 -

حدثنا سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن أبي يوسف، عن عطاء بن السائب، قال: سألت شريحا عن رجل جعل داره حبسًا على الآخر، فالآخر من ولده، فقال: إنما أقضي ولست أفتي قال فناشدته، فقال: لا حبس عن فرائض الله، وهذا لا يسع القضاة جهله، ولا يسع الأئمة تقليد من يجهل مثله، ثم لا ينكر ذلك عليه منكر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من تابعيهم رحمة الله عليهم

(1)

.

ثم قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضًا ما

5481 -

حدثنا الربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أخي عيسى،

= وهو في الموطأ 2/ 487 برواية أبي مصعب الزهري.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه البيهقي 6/ 162 من طريق سفيان، عن عطاء بن السائب به.

ص: 46

عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بعدما أنزلت سورة النساء وأنزل فيها الفرائض نهى عن الحبس

(1)

.

5482 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: أخبرنا يحيى بن عبد الله بن بكير، وعمرو بن خالد، قالا: ثنا عبد الله بن لهيعة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

5483 -

حدثنا عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا ابن أبي، مريم، قال: حدثني ابن لهيعة

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

5484 -

حدثنا روح، ومحمد بن خزيمة، قالا: قال لنا أحمد بن صالح: هذا حديث صحيح وبه أقول. قال روح: قال لي أحمد بن صالح قد حدثنيه الدمشقي يعني: عبد الله بن يوسف عن ابن لهيعة

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة و لضعف أخيه عيسى بن لهيعة.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (9002) من طريق عبد الله بن يوسف، والبيهقي 6/ 162 من طريق عمرو بن خالد كلاهما، عن ابن لهيعة به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 8/ 152 من طريق العقيلي، عن روح ابن الفرج به.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه الدارقطني (4016) والطبراني 11/ 365، والبيهقي 6/ 162 من طريق كامل بن طلحة، عن ابن لهيعة به.

(4)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه ابن حبان في الثقات (9834) عن يحيى بن حسان عن ابن لهيعة به.

وقال العيني في النخب 19/ 528: وقال البيهقي في "الخلافيات" والمشهور أنه قول شريح، وابن لهيعة وأخوه ضعيفان.

ص: 47

فأخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن الإحباس منهي عنها غير جائزة، وأنها قد كانت قبل نزول الفرائض، بخلاف ما صارت عليه بعد نزول الفرائض، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

وأما وجهه من طريق النظر فإن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا وزفر رحمهم الله وجميع المخالفين لهم والموافقين قد اتفقوا على أن الرجل إذا وقف داره في مرضه على الفقراء والمساكين ثم توفي في مرضه ذلك أن ذلك جائز من ثلثه وأنها غير موروثة عنه.

فاعتبرنا ذلك هل يدل على أحد القولين؟ وكان الرجل إذا جعل شيئًا من ماله من دنانير أو دراهم صدقةً، فلم ينفذ ذلك حتى مات أنه ميراث وسواء جعل ذلك في مرضه أو في صحته إلا أن يجعل ذلك وصيةً بعد موته، فينفذ ذلك بعد موته من ثلث ماله كما تنفذ الوصايا.

فأما إذا جعله في مرضه، ولم ينفذه للمساكين بدفعه إياه لهم، فهو كما جعله في صحته، وكان جميع ما يفعله في صحته فينفذ من جميع ماله ولا يكون له عليه بعد ذلك ملك مثل العتاق والهبات والصدقات، هو الذي ينفذ إذا فعله في مرضه من ثلث ماله، وكان الواقف إذا وقف في مرضه داره أو أرضه، وجعل آخرها في سبيل الله كان ذلك جائزا باتفاقهم من ثلث ماله بعد وفاته لا سبيل لوارثه عليه.

وليس ذلك بداخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا حبس عن فرائض الله".

وكان النظر على ذلك أن يكون كذلك سبيله إذا وقف في الصحة، فيكون نافذًا من جميع المال، ولا يكون له عليه سبيل بعد ذلك قياسًا ونظرًا على ما ذكرنا.

ص: 48

وإلى هذا أذهب وبه أقول من طريق النظر، لا من طريق الآثار، لأن الآثار في ذلك قد تقدم وصفي لها، وبيان معانيها، وكشف وجوهها.

فإن قال قائل: أفتخرج الأرض بالوقوف من ملك ربها بوقفه إياها لا إلى ملك مالك؟ قيل له: وما تنكر من هذا وقد اتفقت أنت وخصمك على الأرض يجعلها صاحبها مسجدًا للمسلمين، ويخلي بينهم وبينها أنها قد خرجت بذلك من ملكه لا إلى ملك مالك، ولكن إلى الله عز وجل.

فالذي يلزم محالفك فيما احتججت عليه بما وصفنا يلزمك في هذا مثله.

فإن قال قائل: فما معنى نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحبس الذي رويته عنه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما؟

قيل له: قد قال الناس في ذلك قولين: أحدهما: القول الأول الذي ذكرناه عند روايتنا إياه.

والآخر أن ذلك أريد به ما كان أهل الجاهلية يفعلونه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، فكانوا يحبسون ما يجعلونه كذلك فلا يورثونه أحدًا، فلما أنزلت سورة النساء وبين الله عز وجل فيها المواريث، وقسم الأموال عليها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا حبس".

ثم تكلم الذين أجازوا الصدقات الموقوفات فيها بعد تثبيتهم إياها على ما ذكرنا فقال بعضهم: هي جائزة، قبضت من المتصدق بها أو لم تقبض. وممن قال بذلك أبو

ص: 49

يوسف رحمه الله.

وقال بعضهم: لا تنفذ حتى يخرجها من يده ويقبضها منه غيره، وممن قال بهذا القول ابن أبي ليلى، ومالك بن أنس، ومحمد بن الحسن رحمهم الله.

فاحتجنا أن ننظر في ذلك لنستخرج من القولين قولا صحيحا فرأينا أشياء يفعلها العباد على ضروب فمنها: العتاق ينفذ بالقول، لأن العبد إنما يزول ملك مولاه عنه إلى الله عز وجل.

ومنها: الهبات والصدقات لا تنفذ بالقول حتى يكون معه القبض من الذي ملكها له.

فأردنا أن ننظر حكم الأوقاف بأيها هي أشبه فنعطفه عليه.

فرأينا الرجل إذا وقف أرضه أو داره، فإنها ملك الذي أوقفها عليه منافعها، ولم يملكه من رقبتها شيئًا إنما أخرجها من ملك نفسه إلى الله عز وجل، فثبت أن ذلك نظير ما أخرجه من ملكه إلى الله عز وجل، فلما كان ذلك لا يحتاج فيه إلى القبض مع القول كان كذلك الوقف لا يحتاج فيه إلى القبض مع القول.

وحجة أخرى أن القبض لو أو جبناه فإنما كان القابض يقبض ما لم يملك بالوقف، فقبضه إياه وغير قبضه إياه سواء.

فثبت بما ذكرنا ما ذهب إليه أبو يوسف رحمه الله.

ص: 50

‌19 - كتاب الرهن

‌1 - باب: ركوب الرهن واستعماله وشرب لبنه

5485 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا

(1)

، ولبن الدر

(2)

يشرب بنفقته إذا كان مرهونا"

(3)

.

قال أبو جعفر فذهب قوم

(4)

إلى أن للراهن أن يركب الرهن بحق نفقته عليه، ويشرب لبنه أيضًا بحق نفقته عليه، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(5)

فقالوا: ليس للراهن أن يركب الرهن، ولا يشرب لبنه، وهو رهن معه، وليس له أن ينتفع بشيء منه.

(1)

في الأصول هكذا، وفي ن "مركوبا".

(2)

أي ذوات الدر، أي اللبن.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6152) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 180، وإسحاق بن راهويه 160 - 281، وأحمد (7125)، والبخاري (2511 - 2512)، وأبو داود (3526)، والترمذي (1254)، وابن ماجة (2440)، وابن الجارود (665)، وابن حبان (5935)، والدارقطني 3/ 34، والبيهقي 6/ 38، والبغوي (2131) من طرق عن زكريا بن أبي زائدة به.

(4)

قلت: أراد بهم إبراهيم النخعي، والشافعي، وجماعة الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 8/ 20.

(5)

قلت: أراد بهم: الثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 20/ 10.

ص: 51

وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن هذا الحديث الذي احتجوا به حديث مجمل لم يبين فيه من الذي يركب ويشرب اللبن فمن أين جاز لهم أن يجعلوه الراهن دون أن يجعلوه المرتهن هذا لا يكون لأحد إلا بدليل يدله على ذلك إما من كتاب، أو سنة، أو إجماع.

ومع ذلك فقد روى هذا الحديث، هشيم فبين فيه ما لم يبين يزيد بن هارون.

5486 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إسماعيل بن سالم الصائغ، قال: أنا هشيم عن زكريا، عن الشعبي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كانت الدابة مرهونةً فعلى المرتهن، علفها، ولبن الدر يشرب، وعلى الذي يشرب نفقتها ويركب"

(1)

.

فدل هذا الحديث أن المعني بالركوب وشرب اللبن في الحديث الأول: هو المرتهن لا الراهن، فجعل ذلك له، وجعلت النفقة عليه بدلا مما يتعوض منه مما ذكرنا.

وكان هذا عندنا - والله أعلم، في وقت ما كان الربا مباحًا، ولم ينه حينئذ عن القرض الذي يجر منفعةً، ولا عن أخذ الشيء بالشيء، وإن كانا غير متساويين، ثم حرم الربا بعد ذلك، وحرم كل قرض جر منفعة، وأجمع أهل العلم أن نفقة الرهن على الراهن

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم وهشيم بن بشير صرح بالتحديث عند الدارقطني.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6153) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (7125)، وأبو يعلى (6639)، والدارقطني 3/ 34 من طريق هشيم به.

ص: 52

لا على المرتهن، وأنه ليس للمرتهن استعمال الرهن.

فمما روي في نسخ الربا ما

5487 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة، عن منصور، والأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما نزلت الآيات التي في آخر سورة البقرة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأهن على الناس، ثم حرم التجارة في بيع الخمر

(1)

.

5488 -

حدثنا أحمد بن داود، قال ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن شعبة، قال: حدثني منصور، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها

مثله

(2)

.

فلما حرم الربا حرمت أشكاله كلها، وردت الأشياء المأخوذة إلى أبدالها المساوية لها، وحرم بيع اللبن في الضروع، فدخل في ذلك النهي عن النفقة التي يملك بها المنفق لبنًا في الضرع، وتلك النفقة فغير موقوف على مقدارها واللبن كذلك أيضًا.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (25576)، والبخاري (4542 - 2084)، وأبو داود (3490)، والنسائي في الكبرى (10989) من طرق عن شعبة، عن منصور، عن أبي الضحى به.

وأخرجه أحمد (24194)، والبخاري (4541)، والنسائي في الكبرى (11055) من طريق شعبة، عن الأعمش، عن أبي الضحى به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (25576) من طريق يحيى به.

ص: 53

فارتفع بنسخ الربا أن تجب النفقة على المرتهن بالمنافع التي تجب له عوضا منها وباللبن الذي يحتلبه فيشربه، ويقال لمن صرف ذلك إلى الراهن فجعل له استعمال الرهن أيجوز للراهن أن يرهن رجلا دابة هو راكبها فلا يجد بدا من أن يقول: لا.

فيقال له: فإذا كان الرهن لا يجوز إلا أن يكون مخلى بينه وبين المرتهن فيقبضه ويصير في يده دون يد الراهن كما وصف الله عز وجل الرهن بقوله {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] فيقول: نعم.

فيقال له: فلما لم يجز أن يستعمل الرهن على ما الراهن راكبه، لم يجز ثبوته في يده بعد ذلك رهنا بحقه إلا كذلك أيضًا، لأن دوام القبض لا بد منه في الرهن إذا كان الرهن إنما هو احتباس المرتهن للشيء المرهون بالدين، وفي ذلك أيضًا ما يمنع المرتهن من استخدام الأمة الرهن، لأنها ترجع بذلك إلى حال لا يجوز عليها استعمال الرهن.

وحجة أخرى أنهم قد أجمعوا أن الأمة الرهن ليس للراهن أن يطأها وللمرتهن منعه من ذلك. فلما كان المرتهن يمنع الراهن بحق الرهن من وطئها كان له أيضًا أن يمنعه بحق الرهن من استخدامها.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

5489 -

وقد حدثنا فهد قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا الحسن بن صالح، عن إسماعيل بن أبي

ص: 54

خالد، عن الشعبي قال: لا ينتفع من الرهن بشيء

(1)

.

فهذا الشعبي يقول هذا، وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا.

أفيجوز عليه أن يكون أبو هريرة رضي الله عنه يحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ثم يقول هو بخلافه ولم يثبت النسخ عنده؟ فلئن كان ذلك كذلك فلقد صار متهمًا في رأيه، وإذا كان متهما في رأيه كان متهمًا في روايته، وإذا ثبتت له العدالة في روايته ثبتت له العدالة في ترك خلافها، وإن وجب سقوط أحد الأمرين وجب سقوط الآخر.

والمحتج علينا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا يقول: من روى حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أعلم بتأويله.

فكان يجيء على أصله ويلزمه في قوله: أن يقول لم قال الشعبي على ما ذكرنا مما يخالف ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذلك دليلا على نسخه.

(1)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 15/ 455 بإسناده ومتنه

وأخرجه عبد الرزاق (15068)، والبيهقي 6/ 39 من طريق سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد به.

ص: 55

‌2 - باب الرهن يهلك في يد المرتهن كيف حكمه؟

5490 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أنه سمع مالكًا، ويونس، وابن أبي ذئب يحدثون عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يغلق الرهن". قال يونس بن يزيد قال ابن شهاب وكان ابن المسيب يقول: الرهن ممن رهنه له غنمه وعليه غرمه

(1)

.

5491 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، عن ابن جريج عن عطاء، وسليمان بن موسى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغلق

(2)

الرهن"

(3)

.

قال أبو جعفر فقال قائل: لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغلق الرهن، لصاحبه غنمه"، وعليه غرمه ثبت بذلك أن الرهن لا يضيع بالدين، وأن لصاحبه غنمه، وهو سلامته وعليه غرمه وهو غرم الدين بعد ضياع الرهن.

وهذا تأويل قد أنكره أهل العلم جميعًا باللغة، وزعموا أن لا وجه له عندهم.

(1)

إسناد مرسل صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 271 من طريق مالك فقط.

وطريق ابن أبي ذئب أخرجها الشافعي في مسنده (2/ 163، وعبد الرزاق (15034)، وأبو داود في المراسيل (187)، والبيهقي 6/ 39.

(2)

معناه لا يذهب ويتلف باطلا.

(3)

إسناده مرسل صحيح وسليمان بن موسى القرشي حسن الحديث متابع.

ص: 56

والذي حملنا على أن نأتي بهذا الحديث وإن كان منقطعًا احتجاج الذي يقول بالمسند به علينا، ودعواه أنا خالفناه. وقد كان يلزمه على أصله لو أنصف خصمه أن لا يحتج بمثل هذا إذا كان منقطعًا، وهو لا تقوم الحجة عنده بالمنقطع.

فإن قال: إنما قبلته وإن كان منقطعًا، لأنه عن سعيد بن المسيب ومنقطع سعيد بن المسيب يقوم مقام المتصل.

قيل له: ومن جعل لك أن تخص سعيدًا بهذا وتمنع منه مثله من أهل المدينة، مثل أبي سلمة، والقاسم، وسالم، وعروة، وسليمان بن يسار رحمة الله عليهم وأمثالهم من أهل المدينة، والشعبي وإبراهيم النخعي وأمثالهما رحمة الله عليهم من أهل الكوفة، والحسن وابن سيرين وأمثالهما رحمة الله عليهم من أهل البصرة، وكذلك من كان في عصر من ذكرنا من سائر فقهاء الأمصار رحمة الله عليهم، ومن كان فوقهم من الطبقة الأولى من التابعين، مثل علقمة، والأسود، وعمرو بن شرحبيل، وعبيدة، وشريح رحمهم الله؟ لئن كان هذا لك مطلقًا في سعيد بن المسيب، فإنه مطلق لغيرك فيمن ذكرنا. وإن كان غيرك ممنوعًا من ذلك، فإنك ممنوع من مثله، لأن هذا تحكم، وليس لأحد أن يحكم في دين الله بالتحكم.

وقد قال أهل العلم في تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم غير ما ذكرت.

5492 -

حدثنا علي بن عبد العزيز - فيما أعلم - فإن لم يكن فقد دخل فيما كان أجازه لي، قال: ثنا أبو عبيد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة عن إبراهيم في رجل دفع إلى رجل رهنا

ص: 57

وأخذ منه دراهم وقال: إن جئتك بحقك إلى كذا وكذا، وإلا فالرهن لك بحقك، فقال إبراهيم: لا يغلق الرهن، قال أبو عبيد: فجعله جوابًا لمسألته؟

(1)

.

وقد روي عن طاوس نحو من هذا بلغني ذلك عن ابن عيينة، عن عمرو، عن طاوس، قال أبو عبيد: وأخبرني عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك بن أنس، وسفيان بن سعيد أنهما كان يفسرانه على هذا التفسير.

5493 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب عن مالك بن أنس بذلك أيضًا

(2)

.

5494 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو اليمان، قال أخبرنا شعيب

(3)

، عن الزهري، قال: سمعت سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغلق الرهن"

(4)

فبذلك يمنع صاحب الرهن من أن يبتاعه من الذي رهنه عنده حتى يباع من ذكرنا.

فذهب الزهري أيضًا في ذلك الغلق إلى أنه في البيع لا في الضياع فهؤلاء المتقدمون يقولون بما ذكرنا.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا أيضًا ما قد

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح

(3)

في د ج "سفيان".

(4)

إسناده صحيح.

ص: 58

5495 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن محمد التيمي، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: ثنا مصعب بن ثابت، عن عطاء بن أبي رباح أن رجلًا ارتهن فرسًا، فمات الفرس في يد المرتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذهب حقك"

(1)

.

فدل هذا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا على بطلان الدين بضياع الرهن.

فإن قال: هذا أيضا منقطع، قيل له والذي تأولته أيضًا منقطع، فإن كان المنقطع حجةً لك علينا، فالمنقطع أيضًا حجة لنا عليك.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى ما يوافق ذلك أيضًا.

5496 -

حدثنا أبو العوام محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي، قال: ثنا خالد بن نزار الأيلي، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: كان من أدركت من فقهائنا الذين ينتهي إلى قولهم منهم سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله في مشيخة من نظرائهم أهل فقه، وصلاح، وفضل، فذكر جميع ما جمع من أقاويلهم في كتابه على هذه الصفة أنهم قالوا: الرهن بما فيه إذا هلك وعميت قيمته، ويرفع ذلك منهم الثقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

فهؤلاء أئمة المدينة وفقهاؤها، يقولون: إن الرهن يهلك بما فيه، ويرفعه الثقة

(1)

إسناده مرسل، ورجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22785)، وأبو داود في المراسيل (188)، وعنه البيهقي 6/ 41 من طريق عبد الله بن المبارك به.

(2)

إسناده ضعيف تفرد به عبد الرحمن بن أبي الزناد، وشيخ الطحاوي لم أقف على ترجمته.

ص: 59

منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأيهم حكاه فهو حجة لأنه فقيه إمام، ثم قولهم جميعا بذلك وإجماعهم عليه، قد ثبت به صحة ذلك أيضًا ثم سعيد بن المسيب وهو المأخوذ عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يغلق الرهن".

وقد زعم هذا المخالف لنا أن من روى حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعلم بتأويله، حتى قال في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: الذي رواه سيف عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، قال عمرو: في الأموال فجعل هو قول عمرو بن دينار في هذا حجة ودليلا له أن ذلك الحكم في الأموال دون سائر الأشياء.

فلئن كان قول عمرو بن دينار: هذا وتأويله تجب به حجة، فإن قول سعيد بن المسيب الذي ذكرنا وتأويله فيما روى أحرى أن يكون حجة، وهذا المخالف لنا فقد زعم أنه يقول بالاتباع، فعمن أخذ قوله هذا ومن إمامه فيه.

وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه، وعن تابعي أصحابه خلافه أيضًا.

وقد روي عن أئمة أصحابه خلاف ذلك أيضًا.

5497 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن أبي العوام - يعني عمران بن داور، عن مطر، عن عطاء، عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: في الرجل يرتهن الرهن فيضيع قال: إن كان بأقل ردوا عليه وإن كان بأفضل فهو

ص: 60

أمين في الفضل

(1)

.

5498 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى التغلبي، عن محمد بن الحنفية، أن عليا رضي الله عنه قال: إذا رهن الرجل الرجل رهنًا، فقال له المعطى: لا أقبله إلا بأكثر مما أعطيك، فضاع، رد عليه الفضل، وإن رهنه وهو أكثر مما أعطى بطيب نفس من الراهن، فضاع، فهو بما فيه

(2)

.

5499 -

حدثنا نصر، قال: ثنا الخصيب قال: ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن خلاس هو ابن عمرو، أن عليا رضي الله عنه قال: إذا كان في الرهن فضل فأصابته جائحة فهو بما فيه، وإن لم تصبه جائحة واتهم فإنه يرد الفضل

(3)

.

5500 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا همام، عن قتادة عن الحسن وخلاس بن عمرو، أن عليا رضي الله عنه قال في الرهن: يترادان الزيادة

(1)

إسناده حسن في الشواهد من أجل مطر بن طمهان وعمران بن داور.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22803)، والبيهقي 6/ 43 عن أبي عاصم، عن عمران القطان أبي العوام به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى بن عامر الثعلبي.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22795) من طريق علي بن صالح، عن عبد الأعلى به.

(3)

إسناده حسن من أجل الخصيب بن ناصح.

وأخرجه البيهقي 6/ 43 من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة به.

ص: 61

والنقصان، فإن أصابته جائحة بريء

(1)

.

فهذا عمر وعلي رضي الله عنهما قد أجمعا أن الرهن الذي قيمته مقدار الدين يضيع بالدين، وإنما اختلافهما فيما زاد من قيمة الرهن على مقدار الدين.

الله فقال عمر رضي عنه: هو أمانة.

وقال علي رضي الله عنه: ما قد روينا عنه في حديث نصر بن مرزوق وأحمد بن داود.

وقد روي أيضًا عن الحسن وشريح في ذلك ما قد

5501 -

حدثنا نصر، قال: ثنا الخصيب قال: ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة أن الحسن وشريحا قالا: الرهن بما فيه

(2)

.

5502 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن أبي حصين، قال: سمعت شريحًا يقول: ذهبت الرهان بما فيها

(3)

.

5503 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن يزيد بن أبي

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 6/ 376 من طريق الحجاج بن منهال، عن همام بن يحيى، عن قتادة عن خلاس، عن علي به.

(2)

إسناده حسن من أجل الخصيب بن ناصح.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22786) عن شريك، عن أبي حصين به.

ص: 62

زياد، عن عيسى بن جابان، قال: رهنت حليا وكان أكثر مما فيه، فضاع، فاختصمنا إلى شريح فقال الرهن بما فيه

(1)

.

فهذا الحسن وشريح قد رأيا: الرهن يبطل ذهابه بالدين وقد روي ذلك أيضًا عن إبراهيم النخعي.

5504 -

حدثنا سليمان بن شعيب عن أبيه، عن محمد بن الحسن، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، أنه قال في الرهن: يهلك في يد المرتهن إن كانت قيمته والدين سواءً، ضاع بالدين، وإن كانت قيمته أقل من الدين رد عليه الفضل، وإن كانت قيمته أكثر من الدين فهو أمين في الفضل

(2)

.

وروي في ذلك أيضا عن عطاء بن أبي رباح ما قد

5505 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عطاء في رجل رهن رجلًا جاريةً فهلكت، قال: هي بحق المرتهن

(3)

.

فهذا عطاء يقول بهذا، وقد روينا عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يغلق الرهن.

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد القرشي الكوفي وعيسى بن جابان، قال ابن حبان في الثقات 8/ 491: من عباد أهل الكوفة ممن حفظ لسانه يروي الأخبار ولا سمع الآثار، إنما حكي عنه الرقائق في التعبد، روى عنه الكوفيون.

(2)

إسناده صحيح.

ورواه ابن أبي شيبة (22796)، من طريق سفيان، عن القعقاع بن يزيد، عن إبراهيم به.

وروى أبو يوسف في آثاره (884) عن أبي حنيفة بهذا الإسناد.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 63

فهذا أيضًا حجة على مخالفنا إذ كان من أصله أن من روى حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأويله فيه حجة.

فقد خالف هذا كله في هذا الباب، وخالف ما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن عمر وعلي رضي الله عنهما، وعمن ذكرنا من التابعين رحمة الله عليهم فمن إمامه في هذا وبمن اقتدى؟

ثم النظر في هذا أيضًا يدفع ما قال، وما ذهب إليه إذ جعل الرهن أمانة يضيع بغير شيء. وقد أجمعوا أن الأمانات لربها أن يأخذها، وحرام على المرتهن منعه منها. والرهن مخالف لذلك إذا كان للمرتهن حبسه ومنع مالكه منه حتى يستوفي دينه فخرج بذلك حكمه من حكم الأمانات.

ورأينا الأشياء المغصوبة حرام على الغاصبين حبسها، وحلال للمغصوبين منهم أخذها والرهن ليس كذلك لأن المرتهن حلال له حبس الرهن، ومنع الراهن منه حتى يستوفي منه دينه. ورأينا العواري للمستعير الانتفاع بها وللمعير أخذها منه متى أحب، والرهن ليس كذلك، لأن المرتهن حرام عليه استعمال الرهن وليس للراهن أخذه منه حتى يوفيه دينه، فبان حكم الرهن عن حكم الودائع والغصوب والعواري، وثبت أن حكمه بخلاف حكم ذلك كله.

وقد أجمعوا أن للمرتهن حبسه حتى يستوفي الدين، وحلال للراهن أخذه إذا برئ من الدين.

فلما كان حبس الرهن مضمنًا بحبس الدين، وسقوط حبسه مضمنًا بسقوط

ص: 64

حبس الدين كان كذلك أيضًا ثبوت الدين مضمنًا بثبوت الرهن، فما كان الرهن ثابتًا فالدين ثابت، وما كان الرهن غير ثابت فالدين غير ثابت.

وكذلك رأينا المبيع في قولنا وقول هذا المخالف لنا للبائع حبسه بالثمن، ومتى ضاع في يده ضاع بالثمن.

فالنظر على ما اجتمعنا عليه نحن وهو من هذا أن يكون الرهن كذلك، وأن يكون ضياعه يبطل الدين كما كان ضياع المبيع يبطل الثمن.

فهذا هو النظر في هذا الباب غير أن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا رحمهم الله ذهبوا في الرهن إلى ما قد رويناه في هذا الباب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإبراهيم النخعي.

واحتجوا في ذلك بما قد أجمعوا عليه في الغصب فقالوا: رأينا الأشياء المغصوبة لا يوجب ضياعها على من غصبها أكثر من ضمان قيمتها، وغصبها حرام، وقالوا: فالأشياء المرهونة التي قد ثبت أنها مضمونة أحرى أن لا يجب بضمانها على من قد ضمنها أكثر من مقدار قيمتها.

وكانوا يذهبون في تفسير قول سعيد بن المسيب: "له غنمه وعليه غرمه إلى أن ذلك في البيع، يريدون إذا بيع الرهن بثمن وفيه نقص عن الدين غرم المرتهن ذلك النقص، وهو غرمه المذكور في الحديث، وإذا بيع بفضل عن الدين أخذ الراهن ذلك الفضل وهو غنمه المذكور في الحديث.

ص: 65

‌20 - كتاب المزارعة والمساقاة

5506 -

حدثنا علي بن شيبة، وفهد بن سليمان قالا: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثني سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، قال: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رافع بن خديج رضي الله عنهم يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزارعة

(1)

.

5507 -

حدثنا أبو بكرة، قال ثنا إبراهيم بن بشار، قال ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: كنا نخابر ولا نرى بذلك بأسًا حتى زعم رسول رافع بن خديج رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة فتركناها

(2)

.

5508 -

حدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود، قالا: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر، أن أباه - يعني عبد الله بن عمر -، كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج الأنصاري

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2087)، والبخاري (2342)، ومسلم (1550)(121)، وأبو داود (3389)، وابن ماجة (2464)، والطبراني (10880)، والبيهقي 134/ 6) من طريق سفيان الثوري به.

(2)

إسناده صحيح. وأخرجه الشافعي 2/ 136، والحميدي (405)، وأحمد (4586)، ومسلم (1547 - 107)، والنسائي في المجتبى 7/ 48، وابن ماجة (2450)، والطبراني في الكبير (4248، 4249) من طريق سفيان بن عيينة به.

وأخرجه مسلم (1547)(106، 107)، والنسائي في المجتبى 7/ 48، والطبراني في الكبير (4250 - 4251 - 4252)، وابن عبد البر في التمهيد 3/ 42 من طرق عن عمرو به.

ص: 66

رضي الله عنه كان ينهي عن كراء الأرض، فلقيه فقال: يا ابن خديج ماذا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كراء الأرض؟. فقال: سمعت عمّيّ وكانا قد شهدا بدرًا يحدثان أهل الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض، قال عبد الله: لقد كنت أعلم أن الأرض كانت تكرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله أحدث في ذلك شيئًا، لم يكن علمه فترك كراء الأرض

(1)

.

5509 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن رافع بن خديج رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحقل، قال شعبة: فقلت للحكم ما الحقل؟ قال: أن تكرى الأرض

(2)

.

أراه أنا قال بالثلث أو الربع.

5510 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا يحيى بن حماد قال: ثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن مجاهد، عن رافع بن خديج رضي الله عنه، قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعًا،

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2679) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (15825)، والبخاري (2345)، ومسلم (1547) - (112)، وأبو داود (3394)، والنسائي في المجتبى 7/ 44، وفي الكبرى (4633)، والبيهقي 6/ 129 من طريق الليث به.

(2)

إسناده ضعيف لانقطاعه مجاهد بن جبر لم يسمع من رافع بن خديج.

وأخرجه الطيالسي (965)، وأحمد (15811)، والطبراني في الكبير (4365) من طريق شعبة به.

ص: 67

وأمر نبي الله أنفع لنا، قال:"من كانت له أرض فليَزْرعها أو ليُزرعها"

(1)

.

5511 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عيسى بن إبراهيم قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال: ثنا سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي، قال سمعت مجاهدًا يقول: حدثني أسيد بن أخي رافع بن خديج قال قال رافع بن خديج

فذكر مثله غير أنه قال: "فليَزْرعها فإن عجز عنها فليُزرعها أخاه"

(2)

.

5512 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد قال: أخذت بيد طاوس حتى أدخلته على ابن رافع بن خديج فحدثه عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن كراء الأرض، فأبى طاوس وقال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما أنه لا يرى بذلك بأسًا

(3)

.

5513 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا أبو

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 35، وفي الكبرى (4595) من طريق قتيبة، عن أبي عوانة، عن أبي حصين عثمان بن عاصم، عن مجاهد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (15808)، والنسائي في المجتبى 7/ 34 وفي الكبرى (4593)، والطبراني في الكبير (4363) من طريق عفان، عن عبد الواحد بن زياد به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 34 - 35، وفي الكبرى (4594)، والطبراني في الكبير (4358) من طريق عبد الكريم الجزري به، وأخرجه مسلم (1550) من طريق حماد بن زيد، عن عمرو، أن مجاهدا قال لطاوس ..

ص: 68

الأحوص، عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن رافع بن خديج، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة، وقال:"إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض فهو يزرعها، ورجل منح أخاه أرضًا فهو يزرع ما منح منها، ورجل اكترى أرضا بذهب أو فضة"

(1)

.

5514 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو نعيم، والمعلى بن منصور، قالا: ثنا أبو الأحوص

ثم ذكر بإسناده مثله

(2)

.

5515 -

حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له أرض فليزرعها، أو ليُزرعها أخاه، ولا يكريها بالثلث، ولا بالربع، ولا بطعام مسمى"

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل طارق بن عبد الرحمن.

وأخرجه ابن أبي شيبة 857 - 128، وأبو داود (3400)، والنسائي في المجتبى 7/ 40 - 267، وفي الكبرى (4603 - 6081)، وابن ماجة (2267 - 2449) من طرق عن أبي الأحوص به.

وقال النسائي: ميزه إسرائيل عن طارق فأرسل الكلام الأول وجعل الأخير من قول سعيد.

(2)

إسناده حسن كسابقه وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2678) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (1548)(113)، والطبراني (4281) من طريق ابن وهب به.

وأخرجه مسلم (1548)، وأبو داود (3395)، والنسائي 7/ 41 - 42، وابن ماجة (2465)، والطبراني (4278 - 4281)، والبيهقي 6/ 131 من طريقين عن يعلى بن حكيم به.

ص: 69

5516 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا بكير بن عامر، عن ابن أبي نعم، قال: حدثني رافع بن خديج، أنه زرع أرضًا، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسقيها، فسأله: لمن الزرع ولمن الأرض؟ فقال: زرعي ببذري وعملي لي الشطر، ولبني فلان الشطر، فقال:"أربيت، فرد الأرض على أهلها، وخذ نفقتك"

(1)

.

5517 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا بكير، عن الشعبي، عن رافع

مثله

(2)

.

5518 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عمر بن يونس قال: ثنا عكرمة بن عمار، قال: حدثني أبو النجاشي مولى رافع بن خديج قال قلت لرافع إن لي أرضًا أكريها، فنهاني رافع وأراه قال لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض، قال:"إذا كانت لأحدكم أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه، فإن لم يفعل فليدعها، ولا يكريها بشيء". فقلت: أرأيت إن تركتها ولم أزرعها، ولم أكرها بشيء، فزرعها قوم فوهبوا لي من نباتها شيئًا آخذه؟ قال: لا

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف بكبير بن عامر البجلي ضعيف.

وأخرجه أبو داود (3402)، والطبراني في الكبير (4443)، والحاكم 2/ 41، والبيهقي 6/ 133 - 136 من طريق بكير، عن عامر به. وصححه الحاكم لكن تعقبه الذهبي في تلخيصه بقوله: بكير ضعيف.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد (17267)، ومسلم (1548) - (114)، وأبو داود (3394) تعليقا، والبيهقي في السنن 6/ 130 من طريق عكرمة بن عمار به.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 49، وفي الكبرى (4653) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي النجاشي به.

ص: 70

5519 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا حِبَّان بن هلال (ح)

وحدثنا محمد بن علي بن داود، قال: ثنا عفان بن مسلم، قالا: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا سليمان الشيباني، قال: حدثني عبد الله بن السائب، قال: سألت عبد الله بن مغفل عن المزارعة، فقال: أخبرني ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة

(1)

.

5520 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، قال: ثنا علي بن مسهر، عن الشيباني، قال: أخبرنا عبد الله بن السائب

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

5521 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا بشر بن بكر، ثنا الأوزاعي، قال: حدثني عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان لرجال منا فضول أرضين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يؤاجرونها على النصف، والثلث والربع، فقال رسول الله

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (16388)، والطبراني 2/ 76 - 1342 من طريق عفان بن مسلم به.

وأخرجه مسلم (1549)(118)، وابن حبان (5188)، والبيهقي 6/ 128 من طرق عن عبد الواحد بن زياد به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 344 - 345، ومسلم (1549)(118 - 119)، والدارمي 2/ 270 - 271، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2128)، والطبراني في الكبير (1343) من طريقين عن سليمان الشيباني به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 344، والدارمي (2780)، ومسلم (1549) من طريق علي بن مسهر به.

ص: 71

صلى الله عليه وسلم: "من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنح أخاه، فإن أبى فليمسك"

(1)

.

5522 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: ثنا عطاء، عن جابر

مثله

(2)

.

5523 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا همام، قال: قيل لعطاء: هل حدثك جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له أرض فليَزْرعها، أو ليُزْرعها أخاه، ولا يؤاجرها"؟ فقال عطاء: نعم

(3)

.

5524 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا همام، قال: سأل سليمان بن موسى عطاءً وأنا شاهد

ثم ذكر بإسناده مثله

(4)

.

5525 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا خطاب بن عثمان الفوزي، قال: ثنا ضمرة،

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (14813)، والبخاري (2340 - 2632)، ومسلم (ص 1176)(89)، والنسائي 7/ 37، وابن ماجة (2451)، وابن حبان (5189) من طرق عن الأوزاعي به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (14242)، ومسلم (ص 1176)(91)، والنسائي 7/ 36، وأبو يعلى (2035)، وابن حبان (5148) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء به.

(3)

إسناده حسن من أجل الخصيب بن ناصح.

وأخرجه أحمد (14917)، ومسلم (1177)(92)، والنسائي 7/ 38 من طرق عن همام بن يحيى، قال: سأل سليمان بن عطاء وأنا شاهد.

(4)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

ص: 72

عن ابن شوذب، عن مطر، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله

(1)

.

5526 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يحيى بن معين قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال ابن خشيم: حدثني عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من لم يذر المخابرة فليؤذن بحرب من الله عز وجل"

(2)

.

5527 -

حدثنا فهد قال: ثنا محمد بن سعيد قال أخبرنا يحيى بن سليم الطائفي، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم

فذكر بإسناده مثله، وزاد من الله ورسوله

(3)

.

5528 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال ثنا أبو داود، عن سَليم بن حيّان، عن سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من كان له فضل ماء أو فضل أرض فليزرعها، أو ليُزرعها ولا تبيعوها". قال سليم: فقلت له: يعني الكراء؟

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل مطر الوراق.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 37، وفي الكبرى (4590)، وابن ماجة (2454) من طريق ضمرة بن ربيعة به.

وأخرجه مسلم 3/ 1176، (88)، والنسائي 7/ 37، وابن حبان (5190)، والبيهقي 6/ 129 من طريق مطر الوراق به.

(2)

رجاله ثقات إلا أن أبا الزبير لم يصرح بسماعه من جابر.

وأخرجه أبو داود (3406) من طريق يحيى بن معين به.

وأخرجه الترمذي في العلل الكبير 1/ 526، وابن حبان (5200)، وأبو نعيم في الحلية 9/ 326، والبيهقي 6/ 128 من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم به.

(3)

رجاله ثقات.

وأخرجه أبو يعلى (2030)، وابن حبان (5200) من طريق يحيى بن سليم به.

ص: 73

فقال نعم

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذه الآثار، وكرهوا بها إجارة أرض بجزء مما يخرج منها، وهذه الآثار فقد جاءت على معان مختلفة.

فأما ثابت بن الضحاك رضي الله عنه فروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المزارعة ولم يبين أي مزارعة هي؟ فإن كانت هي المزارعة على جزء معلوم مما تخرج من الأرض فهذا الذي يختلف فيه هؤلاء المحتجون بهذه الآثار ومخالفوهم.

وإن كانت تلك المزارعة التي نهى عنها هي المزارعة على الثلث والربع وشيء غير ذلك مثل مما تخرج مما يزرع في موضع من الأرض بعينه، فهذا مما يجتمع الفريقان جميعا على فساد المزارعة عليه. وليس في حديث ثابت هذا ما ينفي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد معنى من هذين المعنيين بعينه دون المعنى الآخر.

وأما حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فإنه قال فيه: كان لرجال منا فضول أرضين فكانوا يؤاجرونها على النصف والثلث والربع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنحها أخاه، فإن أبي فليمسك".

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4936) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (15283)، ومسلم (1177)(94)، وأبو يعلى (2142) من طرق عن سليم بن حيان به.

(2)

قلت: أراد بهم: عطاء، ومجاهدا، ومسروقا، والشعبي، وطاووس بن كيسان، والحسن، ومحمد بن سيرين، والقاسم بن محمد، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 20/ 80.

ص: 74

ففي هذا الحديث أنه لم يجز لهم إلا أن يزرعوها بأنفسهم أو يمنحوها من أحبوا ولم يبح لهم في هذا الحديث غير ذلك.

فقد يحتمل أن يكون ذلك النهي كان على أن لا تؤاجر بثلث ولا بربع ولا بدراهم ولا بدنانير ولا بغير ذلك، فيكون المقصود إليه بذلك النهي وهو إجارة الأرض.

وقد ذهب قوم

(1)

إلى كراهة إجارة الأرض بالذهب والفضة.

5529 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر قال: ثنا حماد بن زيد، قال: أخبرنا عمرو بن دينار قال: كان طاوس يكره كراء الأرض بالذهب والفضة

(2)

.

فهذا طاوس يكره كراء الأرض بالذهب والفضة، ولا يرى بأسًا بدفعها ببعض ما يخرج وسنخبر بذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى. فإن كان النهي الذي في حديث جابر رضي الله عنه وقع على الكراء أصلا بشيء مما تخرج وبغير ذلك، فهذا معنًى يخالفه الفريقان جميعًا. وقد يحتمل أن يكون النهي وقع لمعنى غير ذلك.

فنظرنا هل روى أحد عن جابر رضي الله عنه في ذلك شيئًا يدل على المعنى الذي من أجله كان النهي؟

(1)

قلت: أراد بهم: عطاء، وطاووس بن كيسان، ومجاهدا، والقاسم بن محمد، وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 20/ 87.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في المجتبى 2/ 151 من طريق زكريا بن عدي، عن حماد بن زيد به.

ص: 75

5530 -

فإذا يونس قد حدثنا، قال: ثنا عبد الله بن نافع المدني، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير المكي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه: أن رجالا يكرون مزارعهم بنصف ما يخرج منها، وبثلثه وبالماذيانات، فقال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له أرض فليزرعها، فإن لم يزرعها فليمنحها أخاه، فإن لم يفعل فليمسكها"

(1)

.

5531 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني هشام بن سعد، أن أبا الزبير المكي حدثه، قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ الأرض بالثلث أو الربع بالماذيانات

(2)

فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك

(3)

.

5532 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: كنا نخابر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصف من كذا فقال: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليحرثها أخاه، وإلا فليدعها"

(4)

.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وصرح أبو الزبير بالسماع في الرواية الآتية.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2683) بإسناده ومتنه.

(2)

قيل ما ينبت على الأنهار الكبار، وقيل: هي مسالات المياه.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2684) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم ص 1177، والبيهقي 6/ 130 من طريق ابن وهب به.

(4)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2685) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (14352)، ومسلم ص 1177 - (95)، والبيهقي 6/ 130 - 131 من طريقين عن زهير بن معاوية به.

ص: 76

فأخبر أبو الزبير في هذا عن جابر رضي الله عنه بالمعنى الذي وقع النهي من أجله وأنه إنما هو لشيء كانوا يصيبونه في الإجارة، فكأن النهي من قبل ذلك جاء.

وقد يحتمل أن يكون معنى حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه الذي ذكرنا كذلك.

وأما حديث رافع بن خديج رضي الله عنه فقد جاء بألفاظ مختلفة اضطرب علينا من أجلها.

فأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما فهو مثل حديث ثابت بن الضحاك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة، فهو يحتمل أيضا ما وصفنا من معاني حديث ثابت على ما ذكرنا وبينا.

وأما ما رواه علي مثل ما روى جابر رضي الله عنه فيحتمل أيضًا ما وصفنا مما يحتمله حديث جابر رضي الله عنه.

ثم نظرنا بعد ذلك هل نجد عن رافع معنى يدلنا على وجه النهي عن ذلك لم كان؟

5533 -

فإذا أبو بكرة قد حدثنا، قال: ثنا أبو عمر قال أخبرنا حماد بن سلمة، أن يحيى بن سعيد الأنصاري أخبرهم عن حنظلة بن قيس الزرقي، عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: كنا بني حارثة أكثر أهل المدينة حقلًا، وكنا نكري الأرض على أن ما سقى الماذيانات والربيع فلنا، وما سقت الجداول فلهم، فربما سلم هذا، وهلك هذا، وربما

ص: 77

هلك هذا، وسلم هذا، ولم يكن عندنا يومئذ ذهب ولا فضة، فنعلم ذلك، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنهانا

(1)

.

5534 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا حامد بن يحيى، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: ثنا حنظلة بن قيس الزرقي، أنه سمع رافع بن خديج يقول: كنا أكثر أهل المدينة حقلا، وكنا نقول للذي نخابره: لك هذه القطعة، ولنا هذه القطعة تزرعها لنا، فربما أخرجت هذه القطعة، ولم تخرج هذه شيئًا، وربما أخرجت هذه، ولم تخرج هذه شيئًا، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأما بالورق فلم ينهنا عنه

(2)

.

5535 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا ابن أبي عروبة، عن يعلى بن حكيم، عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: كنا نحاقل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمحاقلة: أن يكري الرجل أرضه

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1547)(117)، والنسائي في المجتبى 7/ 44 وفي الكبرى (4616، 11707)، والطبراني (4337) من طريق حماد بن سلمة به.

وأخرجه البخاري (2327)، ومسلم (1547) من طريقين عن يحيى بن سعيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2686) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (14453)، والحميدي (406)، والبخاري (2332، 2722)، ومسلم (1547)(117)، والنسائي في المجتبى 7/ 44، وفي الكبرى (4631)، وابن ماجة (2458)، والبيهقي 6/ 132، والطبراني في الكبير (4338)، والبغوي (2178) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

ص: 78

بالثلث أو الربع، أو طعام مسمى -. فبينا أنا ذات يوم إذ أتاني بعض عمومتي، فقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعًا، فطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفع، قال:"من كانت له أرض فليمنحها أخاه، ولا يكريها بثلث، ولا بربع، ولا بطعام مسمى"

(1)

.

فبين رافع رضي الله عنه في هذا الحديث كيف كانوا يزارعون، فرجع معنى حديثه إلى معنى حديث جابر رضي الله عنه، وثبت أن النهي في الحديثين جميعا إنما كان، لأن كل فريق من أرباب الأرضين والمزارعين كان يختص بطائفة من الأرض، فيكون ما يخرج منها من زرع إن سلم فله، وإن عطب فعليه، وهذا مما أجمع على فساده.

فهذا قد خرج معنى حديث رافع رضي الله عنه على أن النهي المذكور فيه كان للمعنى الذي وصفنا لا لإجارة الأرض بجزء مما يخرج منها.

وقد أنكر آخرون على رافع ما روى من ذلك، وأخبروا أنه لم يحفظ أول الحديث.

5536 -

فحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا بشر بن المفضل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عروة بن الزبير، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: يغفر الله لرافع بن خديج أنا والله كنت أعلم بالحديث منه، إنما جاء رجلان من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اقتتلا،

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 350، ومسلم (1548)(114)، وأبو داود (3395)، والنسائي 7/ 42، وابن ماجة (2465)، والطبراني في الكبير (4281)، والبيهقي 6/ 131 من طريق سعيد بن أبي عروبة به.

ص: 79

فقال: "إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع: فسمع قوله: لا تكروا المزارع

(1)

.

فهذا زيد بن ثابت رضي الله عنه يخبر أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تكروا المزارع" النهي الذي قد سمعه رافع لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم على وجه التحريم، إنما كان لكراهية وقوع الشر بينهم.

وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا من ذلك شيء.

5537 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سفيان، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس، قال: قلت له: يا أبا عبد الرحمن لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها، فقال: أخبرني أعلمهم يعني ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها، ولكنه قال:"الآن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير له من أن يأخذ عليها خراجًا معلوما"

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق وهو حسن الحديث.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2690) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي 6/ 134 من طريق داود بن الحسين عن يحيى بن يحيى به.

ورواه أبو داود (3390) عن مسدد عن بشر بن المفضل به.

وأخرجه عبد الرزاق (14465)، وابن أبي شيبة 6/ 342، 14/ 276، وأحمد (21588)، والنسائي 7/ 50، وابن ماجة (2461)، والطبراني (4822) من طرق عن عبد الرحمن بن إسحاق به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2691) بإسناده ومتنه. =

ص: 80

5538 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، عن عمرو

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

فبين ابن عباس رضي الله عنهما أن ما كان من النبي في ذلك لم يكن للنهي وإنما أراد الرفق بهم.

وقد يحتمل أيضًا أن يكون كره لهم أخذ الخراج لما وقع بين الرجلين في حديث زيد رضي الله عنه فقال: لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير له من أن يأخذ منه خراجًا معلومًا، لأن ما كان وقع بين ذينك الرجلين من الشر إنما كان في الخراج الواجب لأحدهما على صاحبه فرأى أن المنيحة التي لا تجري بينهم فيها من ذلك خير لهم من المزارعة التي توقع بينهم مثل ذلك.

وقد جاء بعضهم بحديث رافع على لفظ حديث ابن عباس هذا

5539 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك بن

= وأخرجه عبد الرزاق (14466)، وأحمد (3263)، والبخاري (2330)، ومسلم (1550)(121)، وأبو داود (3389)، وابن ماجة (2462 - 2464)، والبيهقي 6/ 134، والبغوي (2180) من طريق سفيان بن عيينة به.

وأخرجه أحمد (2541)، ومسلم (1550)(120)، والنسائي 7/ 36، والطبراني (10882)، والبيهقي 6/ 133 من طرق عن حماد بن زيد به.

وأخرجه الطبراني (10881) من طريق حماد بن سلمة، ثلاثتهم عن عمرو بن دينار به.

(1)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2691) بإسناده ومتنه.

ص: 81

ميسرة، قال: سمعت مجاهدًا، عن رافع بن خديج رضي الله عنه، قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعًا، وأمرنا بخير منه فقال:"من كانت له أرض فليزرعها أو يمنحها".

قال: فذكرت ذلك لطاوس فقال: قال ابن عباس إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليمنحها أخاه خير له، أو يمنحها خير"

(1)

.

فيحتمل أن يكون وجه هذا الحديث على ذلك أيضًا، فيكون قوله:"نهانا عن أمر كان لنا نافعًا" يريد ما ذكر زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رافعًا سمعه، وأمرنا بكذا، أما ما حكاه ابن عباس رضي الله عنهما، فلم يكن بجميع ما سمع في الحقيقة نهي لكراء الأرض بالثلث والربع.

وقد روي عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر رضي الله عنهم أيضًا في النهي عن ذلك أنه إنما كان لبعض المعاني التي تقدم ذكرنا لها.

5540 -

حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: ثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثني محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة. عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: كان الناس

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2598)، والنسائي في المجتبى 7/ 36، وفي الكبرى (4584) من طرق عن شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس وعطاء ومجاهد، عن رافع به.

ص: 82

يكرون المزارع بما يكون على الساقي

(1)

وبما يسعد

(2)

بالماء مما حول البئر، فنهى رسول الله الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال:"اكروها بالذهب والورق"

(3)

.

5541 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا حسان بن غالب، قال: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة عن نافع، أن رافع بن خديج أخبر عبد الله بن عمر رضي عنهم وهو متكئ على بدني أن عمومته جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجعوا فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: قد علمنا أنه كان صاحب مزرعة يكريها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن له ما في ربيع الساقي الذي يتفجر منه الماء وطائفة من التبن ولا أدري ما هو؟

(4)

(1)

النهر الذي يسقى الزرع.

(2)

في د خد هكذا، وفي ج س "يسقى"، والسعيد: النهر مأخوذ من هذا وجمعه سعد، ومنه الحديث كنا نزارع على السعيد والسواعد مجاري الماء في النهر.

(3)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة والجهالة محمد بن عكرمة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2682) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارمي 2/ 271، وأحمد (1542)، والبخاري في التاريخ الكبير 1/ 195 - 196، والنسائي 7/ 41، وأبو يعلى (811)، وابن حبان (5201)، والبيهقي 6/ 133 من طريق إبراهيم بن سعد به.

(4)

إسناده ضعيف حسان بن غالب قال الذهبي في الميزان: متروك.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2680) بإسناده ومتنه.

ورواه الطبري (4318)، والنسائي في المجتبى 7/ 45، وفي الكبرى (4622) من طريق فضيل بن سليمان، عن موسى بن عقبة به. =

ص: 83

فبين سعد رضي الله عنه في هذا الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم لم كان؟ وأنه كان لأنهم كانوا يشترطون ما على ربيع الساقي، وذلك فاسد في قول الناس جميعًا.

وحمل ابن عمر رضي الله عنهما النهي على أنه قد يجوز أن يكون على ذلك المعنى أيضًا.

وزاد حديث سعد على غيره من هذه الأحاديث إباحة النبي صلى الله عليه وسلم إجارة الأرض بالذهب والورق، فقد بان بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزارعة في الآثار المتقدمة لِمَ كَان، وما الذي نهى عنه من ذلك؟ ولم يثبت في شيء منها النهي عن إجارة الأرض ببعض ما يخرج إذا كان ثلثا أو ربعا أو ما أشبه ذلك.

وقد احتج قوم في ذلك لأهل المقالة الأولى بما

5542 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، عن أبيه، عن جعفر بن ربيعة، عن ابن هرمز، عن أسيد بن رافع بن خديج سمعه يذكر أنهم منعوا من المحاقلة وهي: أن تكري أرضًا على بعض ما فيها

(1)

.

= وأخرجه البخاري (2343 - 2344)، ومسلم (1547)(109)، وابن حبان (5194) من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر به.

(1)

إسناده حسن، وأسيد بن رافع متابع.

وأخرجه النسائي 7/ 50 بنفس السند.

وأخرجه الطبراني 4/ 266 - 4371 من طريق ابن شهاب، عن أسيد بن رافع به.

ص: 84

5543 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا، حامد قال: ثنا سفيان، قال: سمعت عمرو بن دينار، يقول: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: كنا نخابر ولا نرى بذلك بأسًا، حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها، فتركناها من أجل قوله

(1)

.

5544 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي، قال: أخبرني إبراهيم بن ميسرة، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة والمزابنة والمحاقلة. فالمخابرة على الثلث والربع والنصف من بياض الأرض، والمزابنة: بيع الرطب في رءوس النخل بالتمر، وبيع العنب في الشجر بالزبيب والمحاقلة: بيع الزرع قائما على أصوله بالطعام

(2)

.

5545 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو داود عن سليم بن حيان، عن سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهي عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (409)، وأحمد (2087)، والبخاري (2342)، ومسلم (1550)(121)، وأبو داود (3389)، والنسائي في المجتبى 7/ 48، وفي الكبرى (4631)، والطبراني (10880)، والبيهقي 6/ 134 من طرق عن سفيان به.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن مسلم الطائفي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2694) من طريق يزيد بن سنان، عن ابن أبي مريم به.

وأخرجه مسلم (1536)(93)، والنسائي 7/ 48 من طريقين عن عمرو بن دينار مختصرا به.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 85

5546 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا سعيد بن عفير قال: ثنا يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن عطاء، وأبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

5547 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة

(2)

.

5548 -

حدثنا علي بن شيبة، قال ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن إسحاق، عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

= وأخرجه الطيالسي (1782)، وأحمد (15204)، والبخاري (2196)، ومسلم (ص 1175)(84)، وأبو داود (3370)، وأبو يعلى (2141 - 2143)، والبيهقي 5/ 301 من طرق عن سليم بن حيان به.

(1)

إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد (14876)، والبخاري (2189)، ومسلم (ص 1174)(81)، والنسائي في المجتبى 7/ 37 - 263 وفي الكبرى (4592 - 6070 - 6097، والبيهقي 5/ 309 من طرق عن ابن جريج به.

(2)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.

وأخرجه البيهقي 5/ 311 من طريق أحمد بن خالد الوهبي به.

(3)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق، وقد تفرد محمد بن إسحاق بأن جعله من حديث زيد والصواب أنه من حديث ابن عمر.

وأخرجه أحمد (21657) من طريق يزيد بن هارون به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 131، وأحمد (21614)، والترمذي (1300)، والطبراني في الكبير (4756 - 4780) من طرق عن محمد بن إسحاق به.

ص: 86

5549 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عمر بن يونس بن القاسم، قال: ثنا أبي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

5550 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن حفص الأصبهاني، قال: ثنا سفيان، قال حدثني سعد بن إبراهيم، قال: حدثني عمر بن أبي سلمة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله. قال والمحاقلة: الشرك في الزرع، والمزابنة: التمر بالتمر على رءوس النخل

(2)

.

قالوا: فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة، وهي: كراء الأرض بالثلث والربع، ونهى أيضًا عن المخابرة وهي أيضًا كذلك.

قيل لهم: أما ما ذكرتم عن النبي صلى الله عليه وسلم من نهيه عن المحاقلة فقد صدقتم، ونحن نوافقكم على صحة مجيء ذلك. وأما تأويلكم إياه على أنه المزارعة بالثلث والربع، فهذا تأويل منكم، وليس عندكم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك دليل يدل على أن تأويله كما تأولتم، وقد يحتمل عندنا ما ذكرتم، ويحتمل أن يكون كما قال مخالفكم أنه بيع الحنطة كيلا

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (2207) من طريق إسحاق بن وهب عن عمر بن يونس به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عمر بن أبي سلمة.

وأخرجه عبد الرزاق (14488)، وابن أبي شيبة 7/ 130، وأحمد (10279)، والنسائي في المجتبى 7/ 39، وفي الكبرى (4597) من طرق عن سفيان الثوري به.

ص: 87

بحنطة هذا الحقل الذي لا يدري ما كيله.

فهذا عندنا وعندكم فاسد، وهذا أشبه بذلك، لأنه مقرون بالمزابنة، والمزابنة: هي بيع التمر المكيل بما في رءوس النخل من التمر. فهذا الحديث يحتمل ما تأوله الفريقان جميعًا عليه، ولا حجة فيه لأحد الفريقين على الفريق الآخر.

وقد جاءت آثار غير هذه الآثار فيها إباحة المزارعة بالثلث والربع، فمنها ما

5551 -

حدثنا ربيع المؤذن قال: ثنا أسد قال: ثنا يحيى بن زكريا، عن الحجاج بن أرطاة، عن الحكم، عن أبي القاسم - وهو مقسم -، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بالشطر ثم أرسل ابن رواحة فقاسمهم

(1)

.

5552 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال: ثنا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من الزرع

(2)

.

(1)

حديث صحيح، وإسناده ضعيف لتدليس حجاج بن أرطاة وقد عنعن وهو متابع.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2676) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (2255)، وأبو عبيد في الأموال (191)، وابن ماجة (2468)، وأبو يعلى (2341)، والدارقطني 3/ 37 - 38 من طرق عن هشيم، عن ابن أبي ليلى عن الحكم به.

وأخرجه أبو داود (3410 - 3411)، وابن ماجة (1820)، والطبراني (12062) من طريق ميمون بن مهران، عن مقسم به.

(2)

إسناده صحيح. =

ص: 88

5553 -

حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا عبد الله بن نافع عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كانت المزارع تكرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لرب الأرض ما على ربيع الساقي من الزرع، وطائفةً من التبن، لا أدري كم هو؟. قال نافع فجاء رافع بن خديج وأنا معه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر يهودًا على أنهم يعملونها ويزرعونها بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع

(1)

.

5554 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عون الزيادي - وهو محمد بن عون، قال: ثنا إبراهيم بن طهمان، قال: ثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه، قال: أفاء الله عز وجل خيبر، فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم، فبعث ابن رواحة فخرصها عليهم

(2)

.

5555 -

حدثنا أبو أمية، قال أخبرنا محمد بن سابق قال: ثنا إبراهيم بن طهمان، عن

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2673) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (4732)، ومسلم (1551)(3) من طريق عبد الله بن نمير به.

وأخرجه البخاري (2328 - 2329 - 2331)، وأبو داود (3408)، وابن ماجة (2467) وأبو عبيد في الأموال (192)، والبيهقي 6/ 133 من طرق عن عبيد الله به.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن نافع المدني.

وأخرجه الطبراني 4/ 255 - 4313 من طريق يزيد بن شعيب، عن أسامة بن زيد، عن نافع به.

(2)

إسناده صحيح، وقد صرح أبو الزبير بالتحديث عند أحمد.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2675) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (7205)، وأحمد (14161)، وأبو داود (3415) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير به.

ص: 89

أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه

مثله (1).

ففي هذه الآثار دفع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بالنصف من ثمرها وزرعها.

فقد ثبت بذلك جواز المزارعة والمساقاة، ولم يضاد ذلك ما قد تقدم ذكرنا له من حديث جابر ورافع وثابت رضي الله عنهم لما ذكرنا من حقائقها.

فاحتج محتج في ذلك فقال: قد عورضت هذه الآثار أيضًا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن بيع الثمار قبل أن يكون مما قد وصفنا ذلك في باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها.

قال: فإذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الابتياع بالثمار قبل أن تكون دخل في ذلك الاستئجار بها قبل أن تكون، فكما كان البيع بها قبل كونها باطلًا كان الاستئجار بها قبل كونها أيضًا كذلك.

ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيع ما ليس عندك؟ فكان الاستئجار بذلك غير جائز إذ كان الابتياع به غير جائز فكذلك لما كان الابتياع بما لم يكن غير جائز كان الاستئجار به أيضًا غير جائز.

(1)

إسناده صحيح كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2675) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (14953)، وأبو داود (3414)، والدارقطني 2/ 133 - 134، والبيهقي 4/ 123 من طريق محمد بن سابق به.

ص: 90

قيل له: إنه لو لم ترو في هذه الآثار التي ذكرنا في إجارة المزارعة بالثلث والربع لكان الأمر على ما ذكرت.

ولكن لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إباحتها، وعمل بها المسلمون بعده، احتمل أن لا يكون الاستئجار بما لم يكن داخلا في الابتياع بما لم يكن، ويكون مستثنى من ذلك، وإن لم يبين في الحديث، كما قد أبيح السلم ولم يحرمه النهي عن بيع ما ليس عندك، وإنما وقع النهي في ذلك عن بيع ما ليس عندك غير السلم.

فكذلك يحتمل أن يكون النهي عن بيع الثمار قبل أن تكون ذلك على ما سوى المزارعة بها والمساقاة. وقد عمل بالمزارعة والمساقاة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده.

5556 -

حدثنا فهد قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر، قال: سمعت أبي يذكر عن موسى بن طلحة، قال: أقطع عثمان رضي الله عنه نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن مسعود، والزبير بن العوام، وسعد بن مالك، وأسامة رضي الله عنهم فكان جاري منهم سعد بن مالك وابن مسعود يدفعان أرضها بالثلث والربع

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن إبراهيم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 7/ 123 بإسناده ومتنه.

ورواه سعيد بن منصور في سننه كما تغليق التعليق 3/ 301، ومن طريقه البيهقي 6/ 145 عن أبي عوانة، عن إبراهيم بن النجار، عن موسى بن طلحة به.

ورواه عبد الرزاق (14470) عن الثوري، عن إبراهيم بن المهاجر به.

ورواه ابن أبي شيبة 6/ 337 عن أبي الأحوص، عن إبراهيم بن مهاجر، عن موسى بن طلحة به.

ص: 91

5557 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال أخبرنا شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، قال: سألت موسى بن طلحة عن المزارعة، فقال: أقطع عثمان رضي الله عنه عبد الله أرضًا، وأقطع سعدًا أرضًا، وأقطع خبابًا أرضًا، وأقطع صهيبًا أرضًا فكلا جاري كانا يزارعان بالثلث والربع

(1)

.

5558 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر الضرير، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، أن يحيى بن سعيد الأنصاري أخبرهم عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عمر بن عبد العزيز، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث يعلى بن أمية إلى اليمن، فأمره أن يعطيهم الأرض البيضاء على أنه إن كان البقر والبذر والحديد من عمر فله الثلثان ولهم الثلث، وإن كان البقر والبذر والحديد منهم فلعمر الشطر ولهم الشطر، وأمره أن يعطيهم النخل والكرم على أن لعمر الثلثين ولهم الثلث

(2)

.

5559 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر الضرير، قال: أخبرنا عبد الواحد بن زياد، قال: أخبرنا الحجاج بن أرطاة، عن أبي جعفر محمد بن علي، أنه قال: كان أبو بكر

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك بن عبد الله القاضي وإبراهيم بن مهاجر.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 7/ 124 بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (14476) عن النوري عن قيس بن مسلم عن أبي جعفر ورواه ابن أبي شيبة 6/ 343 عن وكيع، عن سفيان به.

(2)

إسناده منقطع، عمر بن عبد العزيز لم يدرك عمر بن الخطاب، ورجاله ثقات.

وأخرجه البيهقي 6/ 135 من طريق عبد الواحد بن غياث، عن حماد بن سلمة به.

ص: 92

الصديق رضي الله عنه يعطي الأرض على الشطر

(1)

.

5560 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، قال أخبرنا حماد بن سلمة، أن الحجاج بن أرطاة، أخبرهم عن عثمان بن عبد الله بن موهب أنه قال: كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يكري الأرض على الثلث والربع

(2)

.

5561 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، أن معاذًا رضي الله عنه قدم إلى اليمن وهم يخابرون فأقرهم على ذلك

(3)

.

5562 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى قال: ثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، أن معاذًا رضي الله عنه لما قدم اليمن كان يكري الأرض أو المزارع على الثلث أو الربع. وقال: قدم اليمن وهم يفعلون ذلك فأمضى لهم ذلك

(4)

.

(1)

إسناده مرسل ضعيف لتدليس حجاج بن أرطأة وقد عنعن.

وأخرجه ابن أبي شيبة (21231) من طريق ابن أبي زائدة، عن الحجاج، عن أبي جعفر به.

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن حزم في المحلى 7/ 50 من طريق حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أرطاة به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 7/ 125 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (36516) من طريق جرير، عن ليث، عن طاوس به.

(4)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 7/ 125 بإسناده ومتنه. =

ص: 93

5563 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال: ثنا أسباط بن محمد، عن كليب بن وائل أنه قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أتاني رجل له أرض وماء، وليس له بذر ولا بقر، أخذت أرضه بالنصف فزرعتها ببذري وبقري فناصفته؟ فقال: حسن

(1)

.

ثم إنه قد اختلف التابعون من بعدهم في ذلك.

5564 -

فحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا شعبة، عن حماد أنه قال: سألت سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وسالم بن عبد الله ومجاهدا عن كراء الأرض بالثلث والربع فكرهوا ذلك

(2)

.

5565 -

حدثنا أبو بكرة، قال: أخبرنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن حماد، أنه قال: سألت مجاهدًا وسالمًا عن كراء الأرض بالثلث والربع فكرهاه، وسألت عن ذلك، طاوسًا فلم ير بذلك بأسًا، قال: فذكرت ذلك لمجاهد وقد كان يشرفه ويوقره فقال: إنه يزرع

(3)

.

5566 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، قال: أخبرنا أبو عوانة، عن منصور، أنه قال:

= وأخرجه ابن حزم في المحلى 7/ 49 من طريق حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن طاوس به.

(1)

أثر صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 7/ 121 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (21233) عن يحيى بن أبي زائدة وأبي الأحوص، عن كليب بن وائل به.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 94

كان إبراهيم يكره كراء الأرض بالثلث والربع

(1)

.

5567 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر قال: ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن

مثله

(2)

.

5568 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر قال أخبرنا أبو عوانة، عن منصور بن المعتمر، عن سعيد بن جبير

مثله

(3)

.

5569 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر قال أخبرنا حماد، أن قيس بن سعد أخبرهم عن عطاء

بمثل ذلك

(4)

.

5570 -

حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، ويونس بن عبيد، عن الحسن أنه كان يكره أن يكري الرجل الأرض من أخيه بالثلث والربع

(5)

.

وأما وجه وجه هذا الباب من طريق النظر فإن ذلك كما قد قاله أهل المقالة الأولى: أن ذلك لا يجوز في المزارعة والمعاملة والمساقاة إلا بالدراهم والدنانير والعروض.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

(4)

إسناده صحيح.

(5)

إسناده صحيح.

ص: 95

وذلك أن الذين قد أجازوا المساقاة في ذلك قد زعموا أنهم قد شبهوها بالمضاربة وهي المال يدفعه الرجل إلى الرجل على أن يعمل بذلك على النصف، أو الثلث، أو الربع، فكل قد أجمع على جواز ذلك، وقام ذلك مقام الاستئجار بالمال المعلوم.

قالوا: فكذلك المساقاة تقوم النخل المدفوعة مقام رأس المال في المضاربة ويكون الحادث عنها من التمر

(1)

مثل الحادث عن المال من الربح.

فكانت حجتنا عليهم في ذلك أن المضاربة إنما يثبت فيها الربح بعد سلامة رأس المال ووصول ذلك إلى يدي رب المال ولم ير المزارعة ولا المساقاة فعل فيهما ذلك.

ألا ترى أن المساقاة في قول من يجيزها لو أثمرت النخل فجد عنها الثمر ثم احترقت النخل وسلم الثمر كان ذلك الثمر بين رب النخل والمساقي على ما اشترطا فيها. ولم يمنع من ذلك عدم النخل المدفوعة كما يمنع عدم رأس المال في المضاربة من الربح. وقد كانت المساقاة والمزارعة إذا عقدتا لا إلى وقت معلوم كانتا فاسدتين ولا تجوزان إلا إلى وقت معلوم.

وكانت المضاربة تجوز لا إلى وقت معلوم وكان المضارب له أن يمتنع بعد أخذه المال للمضاربة من العمل به متى أحب ولا يجبر على ذلك وقد كان لرب المال أيضًا أن يأخذ المال من يده متى أحب شاء ذلك المضارب أو أبى.

وليست المساقاة ولا المزارعة كذلك، لأنا رأينا المساقي إذا أبى العمل بعد وقوع

(1)

في د "الثمن".

ص: 96

عقد المساقاة أجبر على ذلك وإن أراد رب النخل أخذها منه ونقض المساقاة بينه وبين المساقي لم يكن له ذلك له حتى تنقضي المدة التي قد تعاقدا عليها.

فكان عقد المضاربة عقدًا لا يوجب إلزام واحد من رب المال، ولا من المضارب، وإنما يعمل المضارب بذلك المال ما كان هو ورب المال متفقين على ذلك، وكانت المساقاة تجبر على الوفاء بما يوجب عقدها كل واحد من رب النخل ومن المساقي. فأشبهت المضاربة الشركة فيما ذكرنا، وأشبهت المساقاة الإجارة فيما قد وصفنا.

ثم إنا قد رجعنا إلى حكم الإجارات كيف هو؟ لنعلم بذلك كيف حكم المساقاة التي قد أشبهتها من حيث وصفنا. فرأينا الإجارات تقع على وجوه مختلفة.

فمنها إجارات على بلوغ مساقاة معلومة بأجر معلوم، فهي جائزة فهذا وجه من الإجارات.

ومنها ما يقع على عمل معلوم مثل خياطة هذا القميص وما أشبه ذلك بأجر معلوم فيكون ذلك أيضًا جائزا.

ومنها ما يقع على مدة معلومة كالرجل يستأجر الرجل على أن يخدمه شهرًا بأجر معلوم فذلك جائز أيضًا.

فاحتيج في الإجارات كلها إلى الوقوف على ما قد وقع عليها منها العقد فلم يجز في جميع ذلك إلا على شيء معلوم، إما مساقاة معلومة، وإما عمل معلوم، وإما أيام

ص: 97

معلومة وقد كانت هذه الأشياء المعلومة في نفسها لا يجوز أن يكون أبدالها مجهولة، بل قد جعل حكم أبدالها كحكمها.

فاحتيج إلى أن تكون معلومة كما أن الذي هو بدل من ذلك يحتاج أن يكون معلوماً وقد كانت المضاربة إنما تقع على عمل بالمال غير معلوم لا إلى وقت معلوم فكان العمل فيها مجهولا والبدل من ذلك مجهول أيضا.

فقد ثبت في هذه الأشياء التي قد وصفنا من الإجارات والمضاربات أن حكم كل واحد منهما حكم بدله.

فما كان بدل ذلك معلومًا فلا يجوز أن يكون ذلك في نفسه إلا معلوما، وما كان في نفسه غير معلوم، فجائز أن يكون بدله غير معلوم.

ثم رأينا المساقاة والمزارعة لا تجوز واحدة منهما إلا إلى وقت معلوم في شيء معلوم. فالنظر على ذلك أن لا يجوز البدل منهما إلا معلوما وأن يكون حكمها كحكم البدل منها كما كان حكم الأشياء التي ذكرنا من الإجارات والمضاربات حكم أبدالها.

فقد ثبت بالنظر الصحيح أن لا تجوز المزارعة ولا المساقاة إلا بالدراهم والدنانير وما أشبههما من العروض.

وهذا كله قول أبي حنيفة رضي الله عنه في هذا الباب.

وأما أبو يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله فإنهما قد ذهبا إلى جوازهما جميعًا

ص: 98

وتركا النظر في ذلك واتبعا ما قد روينا في هذا الباب من الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن أصحابه بعده وقلداها في ذلك، والله أعلم.

ص: 99

‌2 - باب الرجل يزرع في أرض قوم بغير إذنهم كيف حكمهم في ذلك؟

وما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك

5571 -

حدثنا فهد بن سليمان: قال ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا شريك عن أبي إسحاق، عن عطاء، عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من زرع زرعا في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء وترد عليه نفقته"

(1)

.

فذهب قوم

(2)

إلى أن من زرع في أرض قوم زرعاً بغير أمرهم كان ذلك الزرع

(1)

حديث صحيح وإسناده ضعيف لضعف شريك ولانقطاعه، فإن عطاء بن أبي باح لم يسمع من رافع بن خديج لكن تابعه قيس بن الربيع عند البيهقي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2668) بإسناده ومتنه.

وأخرجه يحيى بن آدم في الخراج (295)، والطيالسي (960)، و أبو عبيد في الأموال (1057)، وابن أبي شيبة 7/ 89، 14/ 219، وابن زنجويه في الأموال (1057)، وأحمد (15821)، وأبو داود (3404)، والترمذي (1366)، وفي العلل الكبير 1/ 563، وابن ماجة (2466)، والطبراني في الكبير (4437)، وابن عدي في الكامل 4/ 1334، والبيهقي في السنن 6/ 136 من طرق عن شريك به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من هذا الوجه من حديث شريك بن عبد الله، وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن، وقال: لا أعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من رواية شريك.

(2)

قلت: أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، وأحمد، حنبل، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 20/ 137.

ص: 100

لأرباب الأرض، وغرموا للزارع ما أنفق في ذلك، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: أصحاب الأرض بالخيار إن شاءوا خلوا بين الزارع وبين أخذ زرعه ذلك، وضمنو نقصان أرضهم إن كان زرعه ذلك قد نقص الأرض شيئًا وإن شاءوا منعوا الزارع من ذلك وغرموا له قيمة زرعه ذلك مقلوعًا.

وقد كان لهم من الحجة في ذلك أن هذا الحديث قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على غير ما ذكروه في ذلك. وهو كما قد

5572 -

حدثنا أحمد بن أبي، عمران، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن عطاء، عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فله نفقته، وليس له من الزرع شيء"

(2)

.

وقد روى هذا الحديث أيضًا يحيى بن آدم عن شريك وقيس جميعا عن أبي إسحاق وقد ذكر ذلك عنهما في كتاب الخراج كما قد حدثنا أحمد بن أبي عمران أيضًا لا كما قد حدثنا فهد بن سليمان.

(1)

قلت: أراد بهم: عامة الفقهاء، منهم: أبو حنيفة، وأصحابه، ومالكا، وأصحابه، والشافعي، وأصحابه، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 20/ 138.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2667) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22443) عن شريك به.

ص: 101

فمعنى هذا الحديث عندنا غير معنى ما قد روى الحماني، لأن ما روى الحماني هو قوله فليس له من الزرع شيء وترد عليه نفقته في ذلك. فوجه ذلك أن غيره يعطيه النفقة التي أنفقها في ذلك، فيكون له الزرع لا بما يعطى من ذلك.

وهذا محال عندنا، لأن النفقة التي قد أخرجت في ذلك الزرع ليست بقائمة، ولا لها بدل قائم، وذلك أنها إنما دفعت في أجر عمال وغير ذلك مما قد فعله المزارع له لنفسه، فاستحال أن يجب له ذلك على رب الأرض لا بعوض يتعوضه منه رب الأرض في ذلك.

ولكن أصل الحديث عندنا - والله أعلم - إنما هو على ما قد رواه أبو بكر بن أبي شيبة لا على ما قد رواه الحماني في ذلك.

ووجه ذلك عندنا على أن الزارع لا شيء له في الزرع بأخذه لنفسه، فيملكه كما يملك الزرع الذي يزرعه في أرض نفسه، أو في أرض غيره ممن قد أباحه الزرع فيها، ولكنه يأخذ نفقته وبذره ويتصدق بما بقي، هكذا وجه هذا الحديث عندنا في ذلك والله أعلم. وقد حكى ذلك يحيى بن آدم عن حفص بن غياث أيضًا.

ومن الدليل على صحة ذلك أيضًا ما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

5573 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أبو يوسف عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عروة، عن عروة بن الزبير، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن

ص: 102

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحيا أرضًا ميتةً فهي له، وليس لعرق

(1)

ظالم حق". قال عروة: فلقد حدثني هذا الرجل الذي قد حدثني بهذا الحديث أنه رأى نخلا تقطع أصولها بالفؤوس

(2)

(3)

.

5574 -

وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر الضرير، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عروة، عن أبيه، عن رجل من بني بياضة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بقطع النخل المغروس في غير حق بعدما قد نبت في الأرض ولم يجعله لأرباب الأرض فيوجب عليهم غرم ما أنفق فيه

(4)

.

فدل ذلك على أن الزرع المزروع في الأرض أحرى أن يكون كذلك، وأن يقلع ذلك فيدفع إلى صاحب الزرع كالنخل التي قد ذكرناها إلا أن يشاء صاحب الأرض أن يمنع ذلك ويغرم له قيمة الزرع والنخل منزوعين مقلوعين فيكون ذلك له.

وقد دل على ما ذكرناه من ذلك أيضًا ما

5575 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن الأوزاعي، عن واصل بن أبي جميل، عن مجاهد، قال: اشترك أربعة نفر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم: علّي

(1)

أي: ليس لذي عرق ظالم، فجعل العرق نفسه ظالما والحق لصاحبه.

(2)

بضم الفاء، جمع فأس، وهو الذي يشق به الحطب.

(3)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.

وأخرجه البيهقي 6/ 142 من طريق أبي شهاب، عن محمد بن إسحاق به.

(4)

إسناده ضعيف كسابقه.

ص: 103

البذر، وقال الآخر: علّي العمل، وقال الآخر: علّي الأرض، وقال الآخر: علي الفَدَّان

(1)

فزرعوا، ثم حصدوا، ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الزرع لصاحب البذر، وجعل لصاحب العمل أجرًا معلوما، وجعل لصاحب الفدان درهمًا في كل يوم وألغى الأرض في ذلك

(2)

.

أفلا ترى أن رسول الله لما أفسد هذه المزارعة لم يجعل الزرع لصاحب الأرض بل قد جعله لصاحب البذر.

وقد دل على ذلك أيضًا ما قد حكم به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعوهم من بعدهم فيمن بنى في أرض قوم بغير أمرهم بناءً، فروى عنهم في ذلك ما قد

5576 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر الضرير، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، أن عامر الأحول أخبرهم، عن عمرو بن شعيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: في رجل بني في دار بناءً ثم جاء أهلها فاستحقوها، قال: إن كان بني بأمرهم فله نفقته، وإن كان بني بغير إذنهم فله نقضه

(3)

.

5577 -

وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، قال: ثنا أبو عوانة، عن جابر الجعفي، عن

(1)

بفتح الفاء وتشديد الدال هي: البقر التي تحرث، وقيل آلة الثورين للحرث.

(2)

إسناده مرسل.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22563) عن وكيع، والدارقطني (3059) من طريق الوليد بن مسلم كلاهما، عن الأوزاعي به.

(3)

إسناده منقطع عمرو بن شعيب لم يدرك عمر بن الخطاب.

ص: 104

القاسم بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

مثله

(1)

.

5578 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر الضرير، قال: ثنا أبو عوانة، عن جابر الجعفي، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن شريح

بمثل ذلك أيضا سواء

(2)

.

5579 -

وقد حدثنا أبو بكرة، قال ثنا أبو عمر الضرير قال: ثنا حماد بن سلمة: عن حميد الطويل، أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله قد كتب بمثل ذلك فيمن بنى في دار قوم، وفيمن غرس في أرض قوم بمثل ذلك أيضًا سواءً

(3)

.

أفلا ترى أنهم جميعًا قد جعلوا النقض لصاحب البناء ولم يجعلوا ذلك لصاحب الأرض، فالزرع في النظر أيضًا كذلك.

والذي قد حملنا عليه معنى حديث رافع بن خديج رضي الله عنه الذي رويناه في هذا الباب أولى مما حمله عليه من قد خالفنا ليتفق ذلك، وما رواه الرجل البياضي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتضادان في ذلك.

وقد روينا عن رافع بن خديج رضي الله عنه في باب المزارعة الذي قبل هذا

(1)

إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي ولانقطاعه، فإن القاسم بن عبد الرحمن لم يدرك عبد الله بن مسعود.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22461) عن غندر، عن شعبة، عن جابر، عن القاسم، عن شريح وعبد الله به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22463) عن وكيع عن المسعودي، عن القاسم به.

(3)

إسناده حسن من أجل أبي عمر الضرير.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22465) من طريق هشام بن كليب عن إبراهيم عن شريح به.

ص: 105

الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مر برجل يزرع له، فسأله عنه، فقال: هو زرعي، والأرض لآل فلان، والبذر من قبلي بنصف ما يخرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"القد أربيت خذ نفقتك".

فلم يكن ذلك على معنى خذ نفقتك من رب الأرض، لأن رب الأرض لم يأمره بالإنفاق لنفسه، ولكن معنى ذلك: خذ نفقتك مما خرج من الزرع وتصدق بما بقي.

فما قد رويناه عن رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن قد زرع في أرض غيره، في جعله له نفقته كذلك أيضًا.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله.

ص: 106

‌21 - كتاب الشفعة

باب الشفعة بالجوار

5580 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني ابن جريج، أن أبا الزبير أخبره أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشفعة في كل شرك

(1)

بأرض، أو رَبع

(2)

، أو حائط، لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ، أو يدع"

(3)

.

قال أبو جعفر فذهب قوم

(4)

إلى أن الشفعة لا تكون إلا بالشركة في الأرض، أو الحائط، أو الربع، ولا تجب بالجوار، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

(1)

أي: في كل اشتراك بأرض أو في كل نصيب بأرض والشرك بالكسر النصيب.

(2)

أي: منزل ودار إقامة، وربع القوم: محلتهم، ويجمع على رباع.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير بسماعه من حابر عند المصنف ومسلم.

وأخرجه مسلم (1608)(135) من طريق عبد الله بن وهب به.

وأخرجه عبد الرزاق (14403)، وابن أبي شيبة 10/ 155، والدارمي (2628)، وأحمد (14403) ومسلم (1608)(134)، والنسائي في المجتبى 7/ 320، وابن الجارود (642)، وابن حبان (5178)، والدارقطني 4/ 224، والبيهقي 6/ 104 من طرق عن ابن جريج به.

(4)

قلت: أراد بهم: الأوزاعي، والليث بن سعد، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 20/ 154.

ص: 107

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: الشفعة فيما وصفتم واجبة للشريك الذي لم يقاسم، ثم هي لمن بعده واجبة للشريك الذي قاسم بالطريق الذي قد بقي له فيه الشرك ثم هي من بعده للجار الملازق.

وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذا الأثر إنما فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشفعة في كل شرك بأرض، أو رَبع، أو حائط".

ولم يقل: إن الشفعة لا تكون إلا في كل شرك فلو قال ذلك نفى أن الشفعة واجبة لغير الشريك.

ولكنه إنما أخبر في هذا الحديث أنها واجبة في كل شرك، ولم ينف أن تكون واجبةً في غيره، وقد جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد زاد على معنى هذا الحديث.

5581 -

حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا شجاع بن الوليد، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجار أحق بشفعة جاره، فإن كان غائبًا انتظر إذا كان طريقهما واحدًا"

(2)

.

(1)

قلت: أراد بهم النخعي، والثوري، وشريحا القاضي، وعمرو بن حريث، والحسن بن حي، وقتادة، والحسن البصري، وحماد بن أبي سليمان، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 20/ 155.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (14396)، وابن أبي شيبة 7/ 165 - 166، والدارمي (2627)، وأحمد (14253)، والترمذي =

ص: 108

5582 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، قال: ثنا عطاء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر مثله

(1)

.

5583 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إسماعيل بن سالم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي

مثله "

(2)

.

ففي هذا الحديث إيجاب الشفعة في المبيع الذي لا شرك فيه بالشرك في الطريق، فلا يجعل واحد من هذين الحديثين مضادا للحديث الآخر، ولكن يثبتان جميعًا، ويعمل بهما، فيكون حديث أبي الزبير فيه إخبار عن حكم الشفعة للشريك في الذي بيع منه ما بيع.

وحديث عطاء فيه إخبار عن حكم الشفعة في المبيع الذي لا شركة لأحد فيه بالطريق.

= (1369)، والنسائي في الكبرى (6264)، (11714)، والبيهقي 106/ 6 من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان به.

وقال الترمذي: حديث حسن غريب، ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وقد تكلم شعبة في عبد الملك بن أبي سليمان من أجل هذا الحديث وعبد الملك هو ثقة مأمون عند أهل الحديث، لا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (14253)، وأبو داود (3518)، وابن ماجة (2494) من طريق هشيم به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

ص: 109

فقال أصحاب المقالة الأولى: فإنه قد روي عن النبي لا ما ينفي ما ادعيتم.

فذكروا في ذلك ما

5584 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم عن مالك، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة

(1)

.

5585 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، عن مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة

مثله

(2)

.

5586 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي قتيلة المدني، قال: ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة

مثله

(3)

.

5587 -

حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، قال: ثنا مالك

فذكر بإسناده مثله

(4)

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن ماجة (2497)، والبيهقي 6/ 103 من طريق الضحاك بن مخلد بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 6/ 103، والمزي في تهذيبه 31/ 187 من طريق يحي بن عبد الرحمن بن أبي قتيلة به.

(4)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الملك بن الماجشون.

وأخرجه النسائي في الكبرى (6261 - 11732)، وابن حبان (5185)، والبيهقي 6/ 103 من طريق عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون به.

ص: 110

قالوا: فنفى هذا الحديث أن تكون الشفعة تجب إذا حددت الحدود.

فكان من الحجة عليهم أن هذا الحديث على أصل المحتج به علينا، لا تجب به حجة، لأن الأثبات من أصحاب مالك إنما رووه عن مالك منقطعا لم يرفعوه إلى أبي هريرة رضي الله عنه.

5588 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، والقعنبي، قالا: ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم و بالشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة

(1)

.

5589 -

حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني مالك، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، وأبي سلمة

مثله

(2)

.

فكان هذا الحديث منقطعًا والمنقطع لا تقوم به حجة.

ثم لو ثبت هذا الحديث واتصل إسناده لم يكن فيه عندنا ما يخالف الحديث الذي ذكرناه عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه. لأن الذي في هذا الحديث إنما هو قول أبي هريرة رضي الله عنه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم. فكان بذلك مخبراً عما قضى

(1)

إسناده مرسل.

(2)

إسناده مرسل.

وهو في الموطأ 2/ 713 ومن طريقه الشافعي في مسنده 2/ 164 - 165، وابن أبي شيبة 7/ 171، والنسائي في الكبرى (11733)، والبيهقي 6/ 103.

ص: 111

به رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة.

ثم قال بعد ذلك: فإذا وقعت الحدود فلا شفعة فكان ذلك قولاً من رأيه، لم يحكه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنما يكون هذا الحديث حجةً على من ذهب إلى وجوب الشفعة بالجوار، لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة فيكون ذلك نفياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قد قسم أن تكون فيه الشفعة.

ولكن أبا هريرة رضي الله عنه إنما أخبر في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما علمه من قضائه ثم نفى الشفعة برأيه بما لم يعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حكمًا وعلمه غيره.

ثم قد روى معمر هذا الحديث عن الزهري، فخالف مالكا في متنه وفي إسناده.

5590 -

حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا مسدد قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما لم يقسم بالشفعة فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة

(1)

.

5591 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا عبد الرزاق، عن

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (15289)، والبخاري (2214 - 2257 - 2496)، والبيهقي 6/ 102، والبغوي (2171) من طريق مسدد به.

وأخرجه البخاري (2214)، وابن حبان (5187) من طريقين عن عبد الواحد بن زياد به.

ص: 112

معمر

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

ففي هذا الحديث نفي الشفعة بعد وقوع الحدود، وصرف الطرق، فذلك دليل على ثبوتها قبل صرف الطرق وإن حدت الحدود. فقد وافق هذا الحديث حديث عبد الملك عن عطاء، وزاد على ما روى مالك فهو أولى منه.

وقد يحتمل أيضًا حديث مالك أن يكون عني بوقوع الحدود التي نفيت بوقوعها الشفعة في الدور والطرق، فيكون المبيع لا شرك لأحد فيه ولا في طريقه.

فيكون معنى هذا الحديث مثل معنى حديث معمر، وهو أولى ما حمل عليه حتى لا يتضاد هو وحديث معمر.

وقد روى ابن جريج عن الزهري ما يوافق ما روى معمر.

5592 -

حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا ابن أبي رواد عن ابن جريج عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا حدت الطرق فلا شفعة"

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وهو عند المصنف (14391) لعبد الرزاق، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد (1080)، وأحمد (14157)، والبخاري (2213)، والترمذي (1370)، وابن ماجة (2499)، وابن الجارود (643)، وابن حبان (5184 - 5186)، والدارقطني 4/ 232، والبيهقي 6/ 102 - 103.

(2)

إسناده مرسل.

ص: 113

فإن قال قائل: فقد ثبت بما ذكرت وجوب الشفعة بالشرك في الدور والأرضين وبالشرك في الطريق إلى ذلك، فمن أين أوجبت الشفعة بالجوار؟.

قيل له: أوجبتها بما

5593 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا علي بن بحر القطان، وأحمد بن جناب، قالا: ثنا عيسى بن يونس، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جار الدار أحق بالدار"

(1)

.

5594 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا علي وأحمد، قالا: ثنا عيسى بن يونس، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن الحسن، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "جار الدار أحق بشفعة الدار"

(2)

.

5595 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عفان، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة

فذكر

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في الكبرى (11713)، وابن حبان (5182)، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة 1/ 204 من طريق عيسي بن يونس به.

(2)

رجاله ثقات إلا أن الحسن البصري مدلس ولم يصرح بسماعه من سمرة.

وأخرجه النسائي في الكبرى (11717) من طريق عيسى بن يونس به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 165، وأحمد (20128)، والترمذي (1368)، والطبراني في الكبير (6803 - 6804) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به.

ص: 114

بإسناده مثله

(1)

.

5596 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، وأحمد بن داود، قالا: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شعبة، عن قتادة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

5597 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عفان، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا حميد، وقتادة، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله، ولم يذكر سمرة

(3)

.

5598 -

حدثنا أحمد بن أبي عمران، قال: ثنا أحمد بن جناب (ح)

وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن بحر وأحمد بن جناب، قالا: ثنا عيسى بن يونس عن شعبة، عن يونس، عن الحسن، عن سمرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(4)

.

(1)

رجاله ثقات كسابقه.

وأخرجه أحمد (2008)، والبيهقي 6/ 106 من طريق عفان به.

وأخرجه الطبراني في الكبير (6802) من طريق أبي عمر الحوضي، عن همام به.

(2)

رجاله ثقات كسابقه.

وأخرجه أبو داود (3517)، وابن الجارود (644)، وابن أبي حاتم في العلل 1/ 480، والطبراني في الكبير (6801) من طريق أبي الوليد الطيالسي به.

(3)

إسناده مرسل.

وأخرجه أحمد (20251) عن عفان عن حماد بهذا الإسناد موصولا.

(4)

رجاله ثقات.

وأخرجه النسائي في الكبرى (11717) من طريق عيسى بن يونس به.

ص: 115

5599 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان - هو الثوري، عن منصور، عن الحكم، عمن سمع عليا، وعبد الله رضي الله عنهما يقولان قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجوار

(1)

.

5600 -

حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا محمد بن كثير، قال: ثنا سفيان، عن أبي حيان عن أبيه، عن عمرو بن حريث

مثله

(2)

ففي هذه الآثار وجوب الشفعة بالجوار.

فإن قال قائل: قد يجوز أن يكون هذا الجار شريكا، فإنه قد يقال للشريك جار

قيل له: ما في الحديث ما قد يدل على شيء مما ذكرت، ولكنه قد روي عن أبي رافع ما قد دل على أن ذلك الجار هو الذي لا شركة له.

5601 -

حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا يعقوب بن حميد قال ثنا سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد، قال: أتاني المسور بن مخرمة فوضع يده على أحد منكبي فقال: انطلق بنا إلى سعد، فأتينا سعد بن أبي وقاص في داره، فجاء أبو رافع فقال

(1)

إسناده ضعيف لجهالة الراوي عن علي وابن مسعود.

وأخرجه عبد الرزاق (14383)، وابن أبي شيبة 7/ 164، وأحمد (923)، وابن حزم في المحلى (9/ 101) من طرق عن سفيان الثوري به.

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22728)، عن معاوية بن هشام، عن سفيان، عن أبي حيان، عن أبيه، أن عمرو بن حريث.

ص: 116

للمسور: ألا تأمر هذا؟ يعني: سعدًا أن يشتري مني بيتين في داره، فقال سعد: والله لا أزيدك على أربع مائة دينار مقطعة

(1)

أو منجمة. فقال: سبحان الله لقد أعطيت به خمس مائة دينار نقدًا، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الجار أحق بسقبه

(2)

ما

بعتك"

(3)

.

فدل ما ذكرنا أن ذلك الجار الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الجار الذي تعرفه العامة، ومن أعطاك أن الشريك يقال له جار، وأين وجدت هذا في لغات العرب؟ فإن قال: لأني قد رأيت المرأة تسمى جارة زوجها.

قيل له: صدقت قد سميت المرأة جارة زوجها، ليس لأن لحمها مخالط للحمه، ولا دمها مخالط لدمه، ولكن لقربها منه فكذلك الجار سمي جارًا لقربه من جاره لا لمخالطته إياه فيما جاوره به وأنت فقد زعمت أن الآثار على ظاهرها، فكيف تركت الظاهر في هذا ومعه الدلائل وتعلقت بغيره مما لا دلالة معه؟.

(1)

أراد بالمقطعة: المؤدات في دفعات، وهي والمنجمة سواء.

(2)

أي: القرب.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه الشافعي في مسنده 2/ 165، وعبد الرزاق (14382)، والحميدي (552)، وابن أبي شيبة 7/ 164 - 165، وأحمد (27180)، والبخاري (6977)، وأبو داود (3516)، والنسائي في المجتبى 7/ 320 وفي الكبرى (6301)، وابن ماجة (2495 - 2498)، وابن حبان (1580)، والطبراني في الكبير (977)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 2/ 240 - 241، والبيهقي 6/ 105 - 106 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

ص: 117

ثم قد روي عن رسول الله أيضًا من إيجاب الشفعة بالجوار، وتفسير ذلك الجوار

5602 -

ما حدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا أبو أسامة، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد، عن أبيه الشريد بن سويد قال: قلت يا رسول الله! أرضي ليس فيها لأحد قسم ولا شرك إلا الجوار بيعت، قال:"الجار أحق بسقبه"

(1)

.

فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجار أحق بسقبه" جوابًا لسؤال الشريد إياه عن أرض منفردة لا حق لأحد فيها ولا طريق. فدلّ ما ذكرنا أن الجار الملازق تجب له الشفعة بحق جواره.

فقد ثبت بما روينا من الآثار في هذا الباب وجوب الشفعة بكل واحد من معان ثلاثة: بالشرك في المبيع بيع منه ما بيع، وبالشرك في الطريق إليه، وبالمجاورة له. فليس ينبغي ترك شيء منها ولا حمل بعضها على التضاد لبعض، إذا كانت قد خرجت على الاتفاق من الوجوه التي ذكرنا على ما شرحنا وبينا في هذا الباب.

فإن قال قائل: فقد جعلت هؤلاء الثلاثة شفعاء بالأسباب التي ذكرت، فَلِم

(1)

إسناده صحيح

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 168 ومن طريقه ابن ماجة (2496)، والطبراني في الكبير (7253) عن أبي أسامة به.

وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 320 وفي الكبرى (6302)، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 342 من طريقين عن حسين المعلم به.

ص: 118

أوجبت الشفعة لبعضهم دون بعض إذا حضروا وطالبوا بها، وقدمت حق بعضهم فيها على حق بعض، ولم تجعلها لهم جميعا إذ كانوا كلهم شفعاء؟.

قيل له: لأن الشريك في الشيء المبيع خليط فيه، وفي الطريق إليه فمعه من الحق في الطريق مثل الذي مع الشريك في الطريق. ومعه اختلاط ملكه بالشيء المبيع، وليس ذلك مع الشريك في الطريق فهو أولى منه ومن الجار الملازق.

ومع الشريك في الطريق شركة في الطريق، وملازقة للشيء المبيع، فمعه من أسباب الشفعة مثل الذي مع الجار الملازق، ومعه أيضًا ما ليس مع الجار الملازق من اختلاط حق ملكه في الطريق بملكه فيه، فلذلك كان عندنا أولى بالشفعة منه.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

وقد روي ذلك عن شريح.

5603 -

حدثنا أحمد بن داود: قال ثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سفيان، عن هشام، عن محمد عن شريح، وأشعث أظنه عن الشعبي، عن شريح قال: الخليط أحق من الشفيع، والشفيع أحق ممن سواه

(1)

.

5604 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: حدثني إسماعيل بن سالم، قال: أخبرنا هشيم عن يونس، وهشام، عن محمد، (ح)

(1)

إسناده صحيح من الوجه الأول وحسن من الوجه الثاني من أجل أشعث بن سوار.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22725) عن أبي معاوية، عن عاصم، عن الشعبي، عن شريح به.

ص: 119

وحدثنا أحمد، قال: ثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا عبد الله بن رجاء، عن هشام، عن محمد، عن شريح

مثله

(1)

.

5605 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا شريك، عن جابر، عن عامر، عن شريح، قال: الشفعة شفعتان شفعة للجار، وشفعة للشريك

(2)

.

فإن قال قائل: فقد روي عن عثمان رضي الله عنه خلاف هذا فذكر ما

5606 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إسماعيل بن سالم قال: ثنا هشيم عن محمد بن إسحاق، عن منظور بن أبي ثعلبة، عن أبان بن عثمان، قال: قال عثمان رضي الله عنه: لا مكابلة

(3)

إذا وقعت الحدود فلا شفعة

(4)

.

قيل له: قد روي هذا عن عثمان رضي الله عنه كما ذكرت، وليس فيه عندنا حجة لأنه قد يجوز أن يكون أراد بذلك إذا حدت الحدود من الحقوق كلها، وأدخل الطريق في

(1)

إسناده صحيح من الوجه الأول وحسن من الوجه الثاني من أجل يعقوب بن حميد.

(2)

إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي وشريك بن عبد الله.

وأخرجه عبد الرزاق (14402) عن سفيان الثوري، عن جابر، عن الشعبي، عن شريح به.

(3)

في الأصول "مكاءلة"، والمثبت من ن والمكابلة تكون في الحبس يقول: إذا حدت الحدود فلا يحبس أحد عن حقه.

(4)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.

وأخرجه سعيد بن منصور كما في النخب 20/ 188، ومن طريقه ابن حزم في المحلى 8/ 6 عن هشيم به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22744)، والبيهقي في المعرفة (12039) من طريق أبي بكر بن محمد بن حزم، عن أبان بن عثمان به.

ص: 120

ذلك، فيكون ذلك موافقًا لما قد رويناه عن جابر رضي الله عنه في هذا الباب: إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.

ولو كان على ما تأولتموه عليه لكان قد خالفه في ذلك سعد بن أبي وقاص والمسور بن مخرمة وأبو رافع فيما قد رويناه عنهم فيما مضى من هذا الباب.

وقد روي عن عمر رضي الله عنه أيضًا في ذلك ما قد

5607 -

حدثنا أحمد بن داود: قال ثنا يزيد بن خالد بن موهب قال: ثنا ابن إدريس عن يحيى بن سعيد، عن عون بن عبيد الله بن أبي رافع، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، قال: قال عمر رضي الله عنه إذا وقعت الحدود وعرف الناس حقوقهم فلا شفعة

(1)

.

فقد وافق هذا ما رويناه عن عثمان رضي الله عنه واحتمل ما احتمله حديث عثمان رضي الله عنه.

وقد روي عن عمر رضي الله عنه خلاف ذلك أيضًا.

5608 -

حدثنا أحمد قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي بكر بن حفص، أن عمر رضي الله عنه كتب إلى شريح أن يقضي بالشفعة للجار

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22745) عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن عون بن عبيد الله.

وأخرجه سعيد بن منصور عن إسماعيل بن زكريا، عن يحيى بن سعيد به كما في النخب 20/ 191.

ص: 121

الملازق

(1)

.

وقد روي أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن الشفعة تجب بالشرك في الطريق.

5609 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا نعيم قال: ثنا الفضل بن موسى، عن أبي حمزة السكري، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء"

(2)

.

5610 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي قال: ثنا ابن إدريس ابن جريج عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء

(3)

.

فلما كان الشريك في الطريق يسمى شريكًا كان داخلا في ذلك.

فإن قال قائل: فأنت لا تقول بهذا الحديث، لأنه يوجب الشفعة في كل شيء من

(1)

إسناده منقطع، أبو بكر بن حفص لم يسمع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (22724)، وسعيد بن منصور كما في النخب 20/ 192 عن ابن عيينة به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.

وأخرجه البيهقي 6/ 109 من طريق نعيم بن حماد به.

وأخرجه الترمذي (1371)، والنسائي في الكبرى (6259، 11726)، والدارقطني (4479) من طريق الفضل بن موسي به.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 122

حيوان وغيره وأنت لا توجب الشفعة في الحيوان.

قيل له: ليس هذا على ما ذكرت إنما معنى قضى بالشفعة في كل شيء أي: في الدور والعقار والأرضين.

والدليل على ذلك ما قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما.

5611 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا معن بن عيسى محمد بن عبد الرحمن، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا شفعة في الحيوان

(1)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

ص: 123

‌22 - كتاب الإجارات

‌1 - باب الاستئجار على تعليم القرآن هل يجوز ذلك أم لا؟

5612 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن عامر الشعبي عن خارجة بن الصلت، عن عمه أنه قال: أقبلنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتينا على حي من أحياء العرب، فقالوا لنا: إنكم قد جئتم من عند هذا الحَبْر

(1)

بخير، فهل عندكم دواء أو رقية أو شيء؟، فإن عندنا معتوهًا

(2)

في القيود. قال: فقلنا: نعم. فجاءوا به فجعلت أقرأ عليه بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوةً وعشيةً أجمع بزاقي ثم أتفل، فكأنها نشط من عقال، فأعطوني جعلًا، فقلت: لا حتى أسأل رسول

الله صلى الله عليه وسلم فسألته، فقال:"كل فلعمري لمن أكل برقية باطلة لقد أكلت برقية حق"

(3)

.

5613 -

وقد حدثنا أبو العوام محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا هشيم عن أبي بشر، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانوا في غزاة، فمروا بحي من أحياء

(1)

بفتح الحاء وسكون الباء، أي: العالم.

(2)

المجنون المصاب بعقله.

(3)

إسناده حسن من أجل خارجة بن الصلت.

وأخرجه أحمد (21836)، وأبو داود (3897، 3901، 3420، 3897، 3901)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (1032) وابن السني (635) من طرق عن شعبة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 53، والطبراني 17/ 509، والحاكم 1/ 559 - 560، وابن حبان (6110 - 6111) من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن خارجة به.

ص: 124

العرب، فقالوا: هل فيكم من راق؟ فإن سيد الحي قد لدغ أو قد عرض له شيء، قال: فرقاه رجل بفاتحة الكتاب، فبرأ فأعطي قطيعًا من الغنم فأبى أن يقبله، فسأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:"بم رقيته؟ " فقال: بفاتحة الكتاب. قال: "وما يدريك أنها رقية؟ " قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوها واضربوا لي معكم بسهم فيها"

(1)

.

فاحتج قوم

(2)

بهذه الآثار فقالوا: لا بأس بالجعل على تعليم القرآن.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فكرهوا الجعل على تعليم القرآن كما قد يكره الجعل على تعليم الصلاة.

وقد كان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى في ذلك أن الآثار الأول لم يكن الجعل المذكور فيها على تعليم القرآن، وإنما كان على الرقى التي لم تقصد بالاستئجار

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (10985)، ومسلم (2201)(65)، والنسائي في الكبرى (10868)، وابن ماجة (2156) من طريق هشيم به ..

وأخرجه البخاري (2276، 5749)، وأبو داود (3418، 3900)، والبيهقي 6/ 124 من طريق أبي عوانة به.

ومسلم (2201)، والترمذي (2064)، والنسائي في الكبرى (10867)، وابن ماجة (2156) من طريق شعبة كلاهما عن أبي بشربه.

(2)

قلت أراد بهم: أبا قلابة، وطاووس بن كيسان، وعطاء بن أبي رباح، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 20/ 207.

(3)

قلت أراد بهم: عبد الله بن شقيق، والأسود بن ثعلبة، وإبراهيم النخعي، وعبد الله يزيد، وشريح بن الحارث القاضي، والحسن بن حي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 20/ 208.

ص: 125

عليها إلى القرآن.

فكذلك نقول نحن أيضًا: لا بأس بالاستئجار على الرقى والعلاجات كلها، وإن كنا نعلم أن المستأجر على ذلك قد يدخل فيما يرقي به بعض القرآن، لأنه ليس على الناس أن يرقي بعضهم بعضًا، فإذا استؤجروا على أن يعملوا ما ليس عليهم أن يعملوه جاز ذلك.

وتعليم القرآن على الناس واجب أن يعلمه بعضهم بعضًا، لأن في ذلك التبليغ عن الله تعالى إلا أن من علم ذلك منهم فقد أجزأ ذلك عن بقيتهم، كالصلاة على الجنائز هي فرض على الناس جميعًا إلا أن من فعل ذلك منهم أجزأ عن بقيتهم.

ولو أن رجلاً أستأجر رجلاً ليصلي على ولي له مات لم يجز ذلك، لأنه إنما استأجره على أن يفعل ما عليه أن يفعل ذلك.

فكذلك تعليم الناس القرآن بعضهم بعضًا هو عليهم فرض، إلا أن من فعله منهم ذلك فقد أجزأ فعله ذلك عن بقيتهم.

فإذا استأجر بعضهم بعضًا على تعليم ذلك كانت إجارته تلك واستئجاره إياه باطلًا لأنه إنما استأجره على أن يؤدي فرضًا هو عليه الله تعالى وفيما يفعله لنفسه، لأنه يسقط عنه الفرض بفعله إياه، والإجارات إنما تجوز وتملك بها الأبدال فيما يفعله المستأجرون للمستأجرين.

فإن قال قائل: فهل روي عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يدل على ما ذكرت في المنع من

ص: 126

الاستجعال

(1)

على تعليم القرآن أم لا؟ قيل له: نعم قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أنه قال: "لا تأكلوا بالقرآن".

وقد روي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: قد كنت أقرئ ناسًا من أهل الصفة القرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسًا على أن أقبلها في سبيل الله تعالى.

فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: "إن أردت أن يطوقك الله بها طوقا

(2)

من نار فاقبلها"

وقد ذكرنا ذلك كله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيدها فيما تقدم منا من كتابنا هذا في باب التزويج على سورة من القرآن في كتاب النكاح.

ثم قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضًا ما قد

5614 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا يحيى بن حسان قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أبي مسعود سعيد بن إياس الجريري، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أخيه مطرف بن الشخير، عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرًا"، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان بالأجر

(3)

.

(1)

أي: طلب الجُعْل.

(2)

في الأصول "قوسا" والمثبت من ن.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6000) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (16271)، وأبو داود (531)، والنسائي 2/ 23، وابن خزيمة (423)، والطبراني (8365)، والحاكم =

ص: 127

وقد روي في ذلك أيضًا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ما قد

5615 -

حدثنا أحمد بن أبي عمران، قال: ثنا عبيد الله، عمران قال: ثنا عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن يحيى البكاء: أن رجلًا قال لابن عمر رضي الله عنهما: إني أحبك في الله. فقال له ابن عمر: لكني أبغضك في الله لأنك تبغي في أذانك أجراء أو تأخذ على الأذان أجرًا

(1)

.

فقد ثبت بما ذكرنا كراهية الاستجعال على الأذان، فالاستجعال على تعليم القرآن كذلك أيضًا، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بالتبليغ عن الله عز وجل ولو آية من كتاب الله وأوجب الله على أمته التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67].

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك أيضًا ما قد

5616 -

حدثنا أبو بكرة وإبراهيم بن مرزوق جميعًا، قالا: ثنا أبو عاصم عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي كبشة السلولي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا

= 1/ 199 - 201، والبيهقي 1/ 429، والبغوي (417) من طرق عن حماد بن سلمة به.

(1)

إسناده ضعيف لضعف يحيى بن مسلم البكاء.

وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (1239) من طريق حجاج، عن حماد به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (2372) من طريق عمارة بن زاذان، عن يحيى به.

ص: 128

حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"

(1)

.

فأوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على أمته التبليغ عنه، كما أوجب الله عز وجل التبليغ عنه، فلما لا يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم أخذ الأجر فكذلك لا يجوز لأمته.

ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين التبليغ عنه والحديث عن غيره فقال: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" أي ولا حرج عليكم أن لا تحدثوا عنهم.

فالاستجعال على ذلك استجعال على الفرض، ومن استجعل جعلا على عمل يعمله فيما افترض الله عمله عليه، فذلك عليه، حرام، لأنه إنما يعمل ذلك لنفسه ليؤدي بذلك فرضًا عليه.

ومن استجعل جعلاً على عمل يعمله لغيره من رقية أو غيرها وإن كانت بالقرآن أو علاج أو ما أشبه ذلك، فذلك جائز والاستجعال عليه حلال.

فيصح بما ذكرنا معاني ما قد روي عن النبي الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب من النهي ومن

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (134) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري (3461)، والترمذي (2669) من طريق أبي عاصم به.

وأخرجه عبد الرزاق (10157، 19210)، وابن أبي شيبة 8/ 760، والدارمي (548)، وأحمد (6486)، والترمذي (2669)، وأبو خيثمة في العلم (45) من طرق عن الأوزاعي به.

ص: 129

الإباحة، ولا يتضاد ذلك فيتنافى.

وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

ص: 130

‌2 - باب الجعل على الحجامة، هل يجوز ذلك أم لا؟

5617 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا هارون بن إسماعيل الخراز، قال: ثنا علي بن المبارك، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، أن السائب بن يزيد حدثه، أن رافع بن خديج رضي الله عنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن كسب الحجام خبيث"

(1)

.

5618 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا بشر بن بكر، قال: ثنا الأوزاعي، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله بن، قارظ، قال: حدثني السائب بن يزيد، قال: سمعت رافع بن خديج رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر هذا الحديث بمثل ذلك أيضا سواء

(2)

.

5619 -

وحدثنا يزيد بن سنان، وإبراهيم بن مرزوق، قالا: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا رباح بن أبي، معروف عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4662) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (966)، وابن أبي شيبة 6/ 246، والدارمي (2785)، وأحمد (15812)، ومسلم (1568)(41)، وأبو داود (3421)، والترمذي (1275)، والنسائي في الكبرى (4668)، وابن حبان (5152 - 5153)، والطبراني (4259)، والبيهقي 9/ 337 من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1568)(41)، وابن حبان (5153)، والبيهقي 9/ 336 - 337 من طريق الأوزاعي به.

ص: 131

"إن من السحت كسب الحجام"

(1)

.

5620 -

حدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا أحمد بن يونس قال: ثنا أبو شهاب، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر هذا الحديث بمثل ذلك أيضا سواء

(2)

.

5621 -

وقد حدثنا عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا وهب بن بيان الواسطي، قال: ثنا يحيى بن سعيد العطار، قال: حدثني عبد العزيز بن زياد، عن أنس بن مالك رضي عنه، أنه قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كسب الحجام

(3)

.

5622 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: أنا شعبة، قال: ثنا عون بن أبي جحيفة أنه قال: قد اشترى أبي حجاما فكسر آلة محاجمه، فقلت له: يا أبت لم كسرتها؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ثمن الدم

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4661) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (10490) من طريق حجاج، عن عطاء به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 269، وأبو يعلى (6371) من طريق وكيع، عن ابن أبي ليلى به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف يحيى بن سعيد العطار ولجهالة عبد العزيز بن زياد.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1043 - 1045)، وابن أبي شيبة 6/ 563، 4/ 375، وأحمد (18756)، والبخاري (2086، 2238، 5374، 5945)، وأبو داود (3483)، والحارث في مسنده (438 زوائد)، وأبو يعلى (890)، والبغوي =

ص: 132

قال أبو جعفر رحمه الله: وليس في هذا الحديث دليل على تحريم كسب الحجام ولكنا إنما أتينا بذلك لئلا يتوهم متوهم أنا قد أغفلنا ذلك، وإنما في هذا الحديث هو كراهية أبي جحيفة ذلك فقط.

فأما ما في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عن ثمن الدم فهو ما يباع به الدم لا غير ذلك.

فذهب قوم

(1)

إلى كراهية كسب الحجام، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: إن كسب الحجام كسب دني دنس فيكره للرجل أن يدنس نفسه ويذمها بذلك.

فأما أن يكون ذلك في نفسه حراما فلا. واحتجوا في ذلك بما

5623 -

حدثنا يونس، والربيع المؤذن، قالا: ثنا يحيى بن حسان: قال ثنا وهيب، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما أنه قال: احتجم

= في الجعديات (518 - 519)، وابن حبان (4939، 5852)، والطبراني في الكبير 22/ 295 - 296، والبيهقي 6/ 6، والبغوي (2039) من طرق عن شعبة به.

(1)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، ومنصورا، وعون بن أبي جحيفة رحمهم الله، كما في النخب 20/ 222.

(2)

قلت أراد بهم: عكرمة، وسالما، والقاسم، وابن سيرين، والأوزاعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 20/ 223.

ص: 133

رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره

(1)

.

5624 -

وحدثنا الحسين بن الحكم الحيري، قال: ثنا عفان بن مسلم (ح)

وحدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا سهل بن بكار، قالا: ثنا وهيب

ثم ذكر هذا الحديث بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك سواء

(2)

.

5625 -

وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شعبة، عن جابر الجعفي، أنه قال: سمعت الشعبي يحدث، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسل إلى غلام حجام فجاء فحجمه، فأعطاه أجرًا مدا أو نصف مد، ولو كان حرامًا لم يعطه

(3)

.

5626 -

حدثنا الحسين بن نصر، قال: ثنا محمد بن يوسف الفريابي، قال: ثنا سفيان الثوري، عن جابر الجعفي، عن عامر الشعبي، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2337)، والبخاري (2278)، ومسلم (ص 1205)(65)، وأبو داود (3867)، والنسائي في الكبري (1580)، وابن حبان (5150)، والطبراني (10908)، والبيهقي 9/ 337 - 338 من طرق عن وهيب به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2659)، ومسلم (ص 1205)(65)، والحاكم 4/ 405، والبيهقي 9/ 337 - 338 من طريق عفان بن مسلم به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي.

وأخرجه أحمد (2155) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة به.

ص: 134

قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطى الحجام أجره، ولو كان حرامًا لم يعطه

(1)

.

5627 -

وقد حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي طالب، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن حجاما كان يقال له أبو طيبة، حجم النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أجره وحط عنه طائفة من غلته أو وضع عنه أهله طائفةٌ من غلته. فقال ابن عباس: لو كان حرامًا ما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك

(2)

.

5628 -

حدثنا عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا سعيد بن كثير بن عفير، قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم فأمر للحجام بصاع من طعام، وأمر مواليه أن يخففوا عنه من الخراج شيئًا

(3)

.

5629 -

قد حدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا أبو غسان قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا أبا طيبة

(1)

إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي.

وأخرجه أحمد (2091)، والترمذي في الشمائل (355)، والطبراني (12584) من طرق عن سفيان الثوري به.

(2)

إسناده صحيح.

أبو طالب في المغاني، 3/ 306، سئل أبو زرعة عن اسم أبي طالب فقال: لا أعرف اسمه، ووثقه وكيع وشعبة وذكره ابن حبان في الثقات.

(3)

رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة ابن جريج وأبي الزبير وهما مدلسان.

ص: 135

الحجام فحجمه، فسأله:"كم ضريبتك؟ " فقال: ثلاثة آصع فوضع عنه صاعًا منها

(1)

5630 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر هذا الحديث بمثل ذلك أيضا سواءً

(2)

.

5631 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا آدم بن أبي إياس، قال: ثنا ورقاء بن عمر، عن عبد الأعلى، عن أبي جميلة، عن علي رضي الله عنه قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره

(3)

.

5632 -

حدثنا محمد بن النعمان، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كسب الحجام:"اعلفه الناضح، أو قال: اعلف ذلك ناضحك"

(4)

.

(1)

إسناده منقطع، سليمان بن قيس قال البخاري عنه: مات في حياة جابر، ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر ولا نعرف لأحد منهم سماعا إلا أن يكون عمرو بن دينار سمع منه في حياة جابر.

وأخرجه الطيالسي (1723)، وأحمد (14809)، وأبو يعلى (1777، 2057) من طرق عن أبي عوانة به.

(2)

إسناده كسابقه.

وهو في مسند الطيالسي (1723).

(3)

إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى الثعلبي.

وأخرجه الطيالسي (153)، وأحمد (692)، والترمذي في الشمائل (361)، وابن ماجة (2163)، والبزار (763)، والبيهقي 9/ 338 من طرق عن ورقاء بن عمرو به.

(4)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير بالتحديث عند أحمد (15079)، و شيخ الطحاوي متابع.

وأخرجه الحميدي (1321)، وأحمد (14290)، وأبو يعلى (2114) من طريق سفيان بن عيينة به.

ص: 136

5633 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن عون، (ح)

وحدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم، قال: ثنا المعلى بن منصور، قالا: ثنا خالد بن عبد الله، عن يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: احتجم رسول الله، وأعطى الحجام أجره

(1)

.

5634 -

وحدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا القاسم بن مالك، عن عاصم، عن أنس رضي الله عنه أن أبا طيبة قد حجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم، فأعطاه أجره، ولو كان حرامًا لم يعطه ذلك

(2)

.

5635 -

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: ثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: ثنا حميد الطويل أنه قال: سئل أنس بن مالك عن كسب الحجام، فقال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة الحجام، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاعين من طعام، فكلم مواليه ليخففوا عنه من غلته شيئًا، ففعلوا ذلك

(3)

.

5636 -

وحدثنا يونس، قال: أخبرنا عبد الله بن وهب قال أخبرني سفيان الثوري، أن

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن ماجة (2164)، وأبو يعلى (2835)، وابن حبان (5151) من طرق عن خالد بن عبد الله به.

(2)

رجاله ثقات.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 2/ 176، وعبد بن حميد (1403)، وأحمد (12883)، والبخاري (5696)، ومسلم (1577)(62 - 63)، والترمذي (1278)، وأبو يعلى (3758 - 3850)، والبيهقي 9/ 337 من طرق عن حميد الطويل به.

ص: 137

حميدًا الطويل قد حدثه، عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم

بمثل ذلك سواء.

وقد حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني مالك بن أنس، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله

(1)

.

5637 -

وحدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

ففي هذه الآثار إباحة كسب الحجام فاحتمل أن يكون ذلك تأخر عن النهي الذي ذكرناه أو تقدم ذلك. فنظرنا في ذلك فإذا

5638 -

يونس قد حدثنا، قال: ثنا عبد الله بن يوسف (ح)

وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث قالا: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي عفير الأنصاري، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة الأنصاري، عن محيصة بن مسعود الأنصاري رضي الله عنه، أنه كان له غلام حجام يقال له نافع

(3)

أبو طيبة

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند أبي عوانة (5291) بنفس السند.

وأخرجه البخاري (2277)، والنسائي في الكبرى (7551) من طريق سفيان به.

وهو في موطأ مالك 2/ 974، ومن طريقه أخرجه الشافعي في السنن المأثورة (277)، والبخاري (2102)، وأبو داود (3424).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1577)(62)، والترمذي (1275) من طرق عن إسماعيل بن جعفر به.

(3)

ويقال اسمه دينار.

ص: 138

فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن خراجه فقال: "لا تقربنه" فرد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال: "اعلف به الناضح

(1)

اجعلوه في كرشه

(2)

"

(3)

.

5639 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عمر بن يونس قال: ثنا عكرمة بن عمار، قال: ثنا طارق بن عبد الرحمن أن رفاعة بن رافع أو رافع بن رفاعة الشك منهم - قد جاء إلى مجلس الأنصار، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام، وأمرنا أن نطعمه ناضحنا

(4)

.

5640 -

وحدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا عبد الله بن صالح الكاتب، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن حرام بن سعد بن محيصة، عن المحيصة رجل من بني حارثة، أنه قد كان له حجام، واسم الرجل المحيصة، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنهاه أن يأكل كسبه، ثم عاد فنهاه، ثم عاد فنهاه، ثم عاد

(1)

هي الإبل التي لا يستقى عليها.

(2)

الكرش لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة أبي عفير الأنصاري وهو محمد بن سهل بن أبي حثمة.

وأخرجه أحمد (23689)، والبخاري في التاريخ الكبير 8/ 53، 54، والدولابي في الكنى والأسماء 1/ 76، وابن قانع في معجم الصحابة 3/ 116، والطبراني في الكبير 20/ 742، والبيهقي 9/ 337 وابن عبد البر في التمهيد 11/ 79 من طرق عن الليث به.

(4)

إسناده ضعيف الجهالة طارق بن عبد الرحمن بن القاسم القرشي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4657) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (18998)، وأبو داود (3426)، والحاكم 2/ 42 من طريق هاشم بن القاسم، عن عكرمة بن عمار، عن طارق بن عبد الرحمن، دون الشك في اسم رافع بن رفاعة.

ص: 139

فنهاه، فلم يزل يراجعه حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعلف كسبه ناضحك وأطعمه رقيقك

(1)

.

5641 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس، قال: ثنا سفيان عن الزهري، عن حرام بن سعد بن محيصة الحارثي، أن محيصة رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر مثله

(2)

.

5642 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس، قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك المدني، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن حرام بن سعد بن محيصة الحارثي، عن أبيه، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر مثله

(3)

.

5643 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا أسد بن موسى قال: ثنا ابن أبي ذئب

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه أحمد (23696)، وابن الجارود (583) من طريق معمر، عن الزهري به.

(2)

إسناده مرسل، قال ابن عبد البر في التمهيد 11/ 78: رواية حرام عن جده مرسلة وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4658) بإسناده ومتنه.

(3)

رجاله ثقات غير سعد بن محيصة فإنه لا يعرف.

وأخرجه الشافعي في السنن المأثورة (274)، وأحمد (23698)، وابن ماجة (2166)، والطبراني في الكبير (5471)، والبيهقي في المعرفة (19320) من طرق عن ابن أبي ذئب به.

(4)

رجاله ثقات كسابقه. =

ص: 140

5644 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن ابن شهاب الزهري عن حرام بن محيصة أحد بني حارثة عن أبيه

فذكر مثله

(1)

.

فدل ما ذكرنا أن ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإباحة في هذا إنما كان بعد نهيه عنه نهياً عاما مطلقًا على ما في الآثار الأول. وفي إباحة النبي صلى الله عليه وسلم أن يطعمه الرقيق أو الناضح دليل على أنه ليس بحرام.

ألا ترى! أن المال الحرام الذي لا يحل للرجل أكله لا يحل له أيضًا أن يطعمه رقيقه، ولا ناضحه، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الرقيق "أطعموهم مما تأكلون".

فلما ثبت إباحة النبي صلى الله عليه وسلم لمحيصة أن يعلف ذلك ناضحه، ويطعم رقيقه من كسب حجامة دل ذلك على نسخ ما كان تقدم من نهيه عن ذلك، وثبت حل ذلك له ولغيره.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

وهذا هو النظر عندنا أيضًا لأنا قد رأينا الرجل يستأجر الرجل ليفصد له عرقًا أو يبزغ له حمارًا، فيكون ذلك جائزًا، والاستئجار على ذلك جائز فالحجامة أيضًا كذلك.

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4659) بإسناده ومتنه.

(1)

إسناده مرسل كما قال ابن عبد البر في التمهيد 11/ 78.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4660) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي في المسند 2/ 166، والسنن المأثورة (278)، وأحمد (23690)، وأبو داود (3422)، والترمذي (1277)، وابن قانع في معجم الصحابة 3/ 116 - 117، والبيهقي 9/ 337، والبغوي (2034) من طرق عن مالك به.

ص: 141

وقد روي في ذلك أيضًا عمن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد

5645 -

حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني موسى بن علي بن رباح اللخمي، عن أبيه، قال: كنت عند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فأتته امرأة، فقالت له: إن لي غلامًا حجامًا، وإن أهل العراق يزعمون أني آكل ثمن الدم، فقال لها عبد الله بن عباس: لقد كذبوا إنما تأكلين خراج غلامك

(1)

.

5646 -

حدثنا يونس قال: ثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث، قال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي، أن الحجامين قد كان لهم سوق على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه

(2)

.

5647 -

وحدثنا يونس قال: ثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث أنه قال: أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري أن المسلمين لم يزالوا مقرين بأجرة الحجامة، ولا ينكرونها

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (20989) عن وكيع، عن موسى بن رياح به.

(2)

رجاله ثقات.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 142

‌3 - كتاب اللقطة

(1)

والضالة

(2)

5648 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد عن أيوب، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أبي مسلم الجذمي، عن الجارود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ضالة المسلم حرق النار"

(3)

.

5649 -

حدثنا محمد بن علي بن داود، قال: ثنا عفان بن مسلم قال: ثنا همام قال: ثنا قتادة، عن يزيد أخي مطرف عن أبي مسلم الجذمي، عن الجارود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن ضالة المسلم أو المؤمن حرق

(4)

النار"

(5)

.

(1)

بضم اللام وفتح القاف اسم المال الملفوظ، أي: الموجود، والالتقاط أن تعثر على الشيء من غير قصد وطلب.

(2)

بتشديد اللام هي الضالة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره، يقال: ضل الشيء: إذا ضاع، وضل عن الطريق إذا حاد.

(3)

إسناده حسن من أجل أبي مسلم الجذمي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4720) بإسناده ومتنه.

ورواه الطبراني (2118) عن أبي مسلم الكشي، عن سليمان بن حرب به.

وأخرجه أحمد (20758)، والنسائي في الكبرى (5797)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1639)، والطبراني (2118) من طرق عن حماد بن زيد به.

وأخرجه البيهقي 6/ 190 من طريق وهيب، عن أيوب به.

(4)

بفتحتين وقد تسكن الراء، حرق النار لهبها، والمعنى أن ضالة المسلم إذا أخذها إنسان ليمتلكها أدته إلى النار، وهذا تشبيه بليغ، وحرف التشبيه محذوف لأجل المبالغة، وهو من قسم تشبيه المحسوس بالمحسوس.

(5)

إسناده حسن كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4721) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (20759)، والطبراني (2115) من طريقين عن همام بن يحيى به. =

ص: 143

5650 -

حدثنا محمد بن علي بن داود قال: ثنا عفان بن مسلم قال: ثنا يحيى بن سعيد قال: حدثني حميد الطويل، قال: ثنا الحسن، عن مطرف بن الشخير، عن أبيه، أنه قال: كنا قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من بني عامر، فقال لنا:"ألا أحملكم؟ " فقلت: إنا نجد في الطريق هَوَامِي

(1)

الإبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن ضالة المسلم حرق النار"

(2)

.

فذهب قوم

(3)

إلى أن الضوال حرام أخذها على كل حال لتعريف أو لغيره واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

فقالوا: إنه لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم بما قد ذكرنا في هذه الآثار

= وأخرجه الطيالسي (1294)، واحمد (20757)، والنسائي في الكبرى (5796)، وأبو يعلى (1539،919)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1641)، وابن حبان (4887)، والطبراني (2114 - 2116)، والبيهقي 6/ 190 من طرق عن قتادة به.

(1)

أراد بالهوامي من التي لا راعي لها ولا حافظ.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4722) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات 7/ 34 عن عفان بن مسلم به.

وأخرجه أحمد (16314)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث 1/ 22 - 2/ 203، والنسائي في الكبرى (5790)، وابن ماجة (2502)، وابن حبان (4888)، والبيهقي 6/ 191، والبغوي (2209 - 2210) من طريق يحيى بن سعيد القطان به.

(3)

قلت أراد بهم: أبا ظبيان، والوليد بن سعد، وسعيد بن جبير، والربيع بن خثيم، وشريح بن الحارث القاضي، ومجاهداء وجابر بن زيد، وعطاء بن أبي رباح رحمهم الله، كما في النخب 20/ 248.

(4)

قلت أراد بهم الحسن البصري، والنخعي، والثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأبا يوسف، =

ص: 144

تحريم أخذ الضالة للتعريف وإنما أراد أخذها لغير ذلك.

وقد بين ما ذهبوا إليه من ذلك ما

5651 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا شعبة، عن خالد الحذاء، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أبي مسلم الجذمي، عن الجارود رضي الله عنه أنه قال: قد كنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على إبل عجاف

(1)

، فقلنا: يا رسول الله! إنا قد نمر بالجرف

(2)

، فنجد إبلًا فنركبها، فقال:"إن ضالة المسلم حرق النار"

(3)

.

فكان سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم عن أخذها، لأن يركبوها، لا لأن يعرفوها، فأجابهم بأن قال:"إن ضالة المسلم حرق النار" أي: إن ضالة المسلم حكمها أن تحفظ على صاحبها، حتى تؤدى إلى صاحبها، لا لأن ينتفع بها لركوب ولا لغير ذلك.

فبان بذلك معنى هذا الحديث، وأن ذلك على ما قد ذكرنا.

= ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 20/ 249.

(1)

أي: مهزولة من كثرة الأسفار وهو جمع عجيف.

(2)

بالضم، وهو اسم موضع قريب من المدينة وأصله ما تجرفه السيول من الأودية.

(3)

إسناده حسن من أجل أبي مسلم الجذمي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4723) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي في السنن 6/ 190 من طريق إبراهيم بن مرزوق به.

وأخرجه الدارمي (2601)، والنسائي في الكبرى (5762) من طريق سعيد بن عامر به.

وأخرجه أحمد (20576)، والنسائي في الكبرى (5795) من طريق عبد الوهاب، عن خالد الحذاء به.

ص: 145

وقد كان مما احتج بذلك أيضًا من قد حرم أخذ الضالة من ذلك ما قد

5652 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يعلى بن عبيد قال: ثنا أبو حيان التيمي، عن الضحاك بن المنذر عن المنذر، أنه قال: كنت بالبوازيج

(1)

موضع فراحت

(2)

البقر، فرأى فيها جرير بقرةً أنكرها، فقال للراعي: ما هذه البقرة؟ فقال: بقرة لحقت بالبقر، لا أدري لمن هي؟ فأمر بها جرير فطردت حتى توارت. ثم قال: قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يؤوي الضالة إلا ضال"

(3)

.

قالوا: فهذا الحديث أيضًا يحرم أخذ الضالة.

فكان من الحجة عليهم للآخرين في ذلك أنه قد يحتمل أن يكون هو ذلك الإيواء الذي لا تعريف معه. فإنه قد بين ذلك أيضًا ما قد

5653 -

حدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا ابن أبي مريم قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة قد أخبره، عن أبي سالم الجيشاني، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آوى ضالة فهو ضال ما

(1)

بفتح الباء، هي: بوازيج الأنبار، فتحها جرير بن عبد الله البجلي.

(2)

من الرواح، هو: العدو إلى البيوت آخر النهار.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة الضحاك بن منذر.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4719) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 464، وأحمد (19184)، والنسائي في الكبرى (5800)، وابن ماجة (2503)، والطبراني (2376 - 2377)، والبيهقي 6/ 190 من طرق عن أبي حيان به.

ص: 146

لم يعرفها"

(1)

.

5654 -

وحدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب قال: حدثني عمرو بن الحارث

ثم ذكر هذا الحديث بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك أيضًا سواءً

(2)

.

فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من الذي يكون بإيوائه الضالة ضالا، وأنه الذي لا يعرفها. فعاد معنى هذا الحديث إلى معنى حديث الجارود وعبد الله بن الشخير أيضًا.

5655 -

وقد حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا الحسين بن المهدي قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أنا سفيان بن عيينة عن وائل بن داود عن الزهري، عن محمد بن سراقة، عن أبيه سراقة بن مالك رضي الله عنه أنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله! أرأيت الضالة ترد

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4727) بإسناده ومتنه.

ورواه الطبراني (5281) عن أحمد بن رشدين المصري، عن سعيد بن أبي مريم به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4726) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (17055)، ومسلم (1725)، والنسائي في الكبرى (5806)، وأبو عوانة 4/ 34 - 35، وابن حبان (4897)، والطبراني في الكبير (5282)، والبيهقي في السنن 6/ 191 من طرق عن ابن وهب به.

ص: 147

على حوض إبلي ألى أجرٌ إن سقيتها؟ قال: "وفي الكبد الحرى

(1)

أجر"

(2)

.

5656 -

وحدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهري، عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم، عن أبيه، أن أخاه سراقة بن مالك رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله

ثم ذكر هذا الحديث بمثل ذلك أيضًا سواءً

(3)

.

قال أبو جعفر: وهو في حال سقيه إياها مؤولها، فلم ينهه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك الإيواء، إذ كان إنما يريد به منفعة صاحبها، وإبقاءها على ربها والثواب فيها.

فثبت بذلك أن الإيواء المكروه في حديث جرير رضي الله عنه إنما هو الإيواء الذي يراد به خلاف حبسها على صاحبها وطلب الثواب فيها.

وقد احتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضًا بما قد

5657 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال: أنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، ومالك بن أنس، وسفيان بن سعيد الثوري، أن ربيعة بن أبي

(1)

وزنه فعلى، من الحر وهو تأنيث حران يريد أنها لشدة حرها قد عطشت ويست من العطش، والمعنى أن في سقي كل ذي كبد حري أجرا.

(2)

إسناده فيه محمد بن سراقة عن أبيه، وفي المغاني 3/ 543 لم أر من ترجم له، وبقية رجاله ثقات.

(3)

إسناده حسن، وابن إسحاق قد صرح بسماعه في السيرة لابن هشام 2/ 133 - 135.

وأخرجه أحمد (17581)، وابن ماجة (3686)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1032)، وأبو نعيم في الدلائل (236) من طرق عن محمد بن إسحاق به.

ص: 148

عبد الرحمن الرأي حدثهم جميعًا، عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه. معه، فسأله عن اللقطة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اعرف

(1)

عفاصها

(2)

ووكاءها، ثم عرفها سنةً، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها" قال: فضالة الغنم يا رسول الله؟ فقال: "هي لك أو لأخيك أو للذئب". قال: فضالة الإبل يا رسول الله؟ فقال: "معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها"

(3)

.

5658 -

حدثنا روح بن الفرج، روح بن الفرج، قال: ثنا عبد الله بن محمد الفهمي، قال: أنا سليمان بن بلال، قال: حدثني يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن جميعا، عن يزيد مولى

(1)

أمر من عرف.

(2)

بكسر العين هو الوعاء الذي يكون فيه النفقة من جلد أو خرقة وغير ذلك من العفص.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4728) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (1722)(3)، وأبو داود (1705)، وابن الجارود (666)، وابن حبان (4890)، والطبراني (5254)، والبيهقي 6/ 189 من طرق عن ابن وهب به.

وهو في الموطأ 2/ 757 ومن طريقه رواه الشافعي، 2/ 137، وعبد بن حميد (279)، والبخاري (2372 - 2429)، ومسلم (1722)، والنسائي في الكبرى (5814)، وأبو عوانة 4/ 33 - 34 - 40 - 41، وابن حبان (4889)، والطبراني (5250)، والبيهقي 6/ 185، والبغوي (2207).

ورواه البخاري (2427 - 2438)، وابن الجارود (667)، وأبو عوانة 4/ 34، والطبراني (5249)، والبيهقي 6/ 185 - 192، من طرق عن سفيان الثوري به.

ص: 149

المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه قال: قد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة من الذهب، والورق، فقال: "اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنةً، فإن لم تعرف فاستنفع بها، ولتكن وديعةً عندك، فإن جاء لها طالب يومًا من الدهر فأدها إليه

" ثم ذكر باقي الحديث بمثل ما في حديث يونس

(1)

.

5659 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: ثنا سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، أنه سمع زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، يقول: ثم ذكر هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك أيضا سواءً

(2)

".

5660 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن قال: ثنا عبد الله بن مسلمة، قال: ثنا سليمان بن

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4732) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارقطني 4/ 235 من طريق روح بن الفرج به.

وأخرجه مسلم (1722)(6)، وأبو داود (1708)، والنسائي في الكبرى (5802 - 5812)، وأبو عوانة 4/ 39، وابن حبان (4893) من طريق حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن به، ولم يذكر ابن حبان في اسناده ربيعة.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4731)، بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (1722)(51)، وأبو عوانة 4/ 40، والبيهقي 6/ 185 - 186 - 190 من طريق عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي به، غير أنهم لم يذكروا في الإسناد ربيعة بن أبي عبد الرحمن.

ص: 150

بلال، عن يحيى بن سعيد، عن يزيد مولى المنبعث، أنه سمع زيد بن خالد يقول: فذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

5661 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك الحديث أيضًا سواء غير أنه لم يقل في ذلك: وليكن وديعةً عندك

(2)

.

5662 -

حدثنا فهد بن سليمان وعلي بن عبد الرحمن قالا: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني محمد بن عجلان، قال: حدثني القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ضالة الغنم فقال:"هي لك أو لأخيك أو للذئب". وسئل عن ضالة الإبل فقال: "مالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها دعها حتى يجدها ربها"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4731) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري (2428)، وأبو عوانة 4/ 40 من طريق سليمان بن بلال به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (91) من طريق أبي عامر العقدي به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4729) بإسناده ومتنه. =

ص: 151

قالوا: ففي هذا الحديث أنه قد نهاه عن أخذ ضالة الإبل، وأمره بتركها، فذلك أيضًا دليل على تحريم أخذ الضالة.

قيل لهم ما في ذلك دليل على ما ذكرتم ولكن في ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم إياه بترك ضالة الإبل، لأن من شأنها طلب الماء حتى تقدر على ذلك ولا يخاف عليها الضياع لذلك، لأنها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها، فتركها أفضل من أخذها، وليس من أخذها ليحفظها على صاحبها بمأثوم بذلك.

وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أيضا عن ضالة الغنم، فقال: هي لك أو لأخيك، أو للذئب، أي لك أن تأخذها لنفسك، فتكون في يدك لأخيك، أو تخليها فيأخذها الذئب فيأكلها، أو يجدها ربها فيأخذها. ففي ذلك إباحة لأخذها.

وقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم ما

5663 -

حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث، و هشام بن سعد، كلاهما عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلاً من مزينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال له: يا نبي الله كيف ترى في ضالة الغنم؟. فقال: "طعام مأكول لك، أو لأخيك، أو للذئب، احبس على أخيك ضالته". فقال له: يا رسول الله فكيف ترى في ضالة الإبل؟ فقال: "ما لك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها، ولا يخاف عليها الذئب، تأكل الكلأ وترد الماء، دعها حتى يأتي

= وأخرجه البزار (1364 كشف) من طريق سعيد بن أبي مريم به.

ص: 152

طالبها"

(1)

.

ففي هذا الحديث إباحة أخذ الضوال التي يخاف عليها الضياع وحبسها لربها.

فدل ذلك على أن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ضالة المسلم أو المؤمن حرق النار" وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يأوي أو يؤوي الضالة إلا ضال" إنما أراد بذلك الإيواء الذي لا تعريف مع ذلك والأخذ الذي لا تعريف مع ذلك أيضًا اللذين هما ضد الحبس على صاحب الضوال حتى يتفق معنى هذا الحديث ومعنى ذينك الحديثين، ولا يتضاد.

وفيما قد بين النبي صلى الله عليه وسلم في الإبل بقوله: "ما لك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها ولا يخاف الذئب عليها" دليل على أنه لم يطلق له أخذها لعدم الخوف عليها،

وفي إباحته أخذ الشاة لخوفه عليها من الذئب دليل على أن الناقة كذلك أيضًا إذا خيف عليها من غير الذئب أن أخذها لصاحبها وحفظها على ربها أولى من تركها

(1)

إسناده حسن.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4730) بإسناده ومتنه.

ورواه الدارقطني (236) من طريق يونس بن عبد الأعلى به.

ورواه البيهقي 4/ 152 من طريق ابن وهب به.

ورواه ابن أبي شيبة 6/ 460 عن وكيع، عن هشام بن سعد به.

وأخرجه عبد الرزاق (18597)، وأحمد (6683)، وأبو داود (1710)، والنسائي في المجتبى 8/ 85 - 86، والطبراني في الأوسط (5030)، والدارقطني 3/ 194 - 195 - 4/ 236، والحاكم 4/ 381، والبيهقي 4/ 152، 6/ 190 من طرق عن عمرو بن شعيب به.

ص: 153

وذهابها.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا ما يدل على أن حكم الضالة كحكم اللقطة.

5664 -

كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي العلاء، عن عياض بن حمار، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الضالة، فقال:"عرفها، فإن وجدت صاحبها وإلا فهي مال الله عز وجل"

(1)

.

ففي هذا الحديث أن تعريفها واجب، ومعرفها في حال تعريفه إياها ممسك بها لصاحبها ولم يؤمر بترك ذلك.

فدل هذا على أن الإمساك المنهي عنه في غير هذا الحديث إنما هو الإمساك الذي يفعله الممسك لنفسه لا لرب الضالة.

فهذا ما في الضوال من الأحكام الشرعية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد روي في اللقطة أنه قد أمر بالإشهاد عليها وترك كتمانها فمما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ما قد

5665 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا المعلى بن أسد قال: ثنا عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذاء، عن يزيد بن الشخير عن مطرف بن الشخير، عن عياض بن حمار

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني 7/ 3581 - 985 من طريق حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن أبي العلاء، عن مطرف به.

ص: 154

المجاشعي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من التقط لقطة فليشهد عليها ذوي صلى الله عليه وسلم "من

عدل، ولا يكتم ولا يغير فإن جاء ربها فهو أحق بها وإلا فمال الله يؤتيه من يشاء"

(1)

.

فلما كان أخذ اللقطة على هذا الوجه مباحًا كان كذلك أيضًا أخذ الضالة وإنما يكره أخذهما جميعًا إذا كان يراد بهما ضد ذلك.

ولقد استحب أبي بن كعب أخذ اللقطة وأن لا تترك للسباع.

5666 -

فحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا سفيان بن سعيد الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، أنه قال: قد خرجت حاجا فأصبت سوطا فأخذته. فقال لي زيد بن صوحان دعه، فقلت: لا أدعه للسباع، لأخذنه، فلأستنفعن به فلقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فذكرت ذلك له، فقال لي: لقد أحسنت إني قد كنت وجدت صرةً فيها مائة دينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتها، فذكرتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "عرفها حولا، فإن وجدت من يعرفها فادفعها إليه، وإلا فاستنفع

بها"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4714) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (17481)، والنسائي في الكبرى (5808) من طريق هشيم، عن خالد الحذاء به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 455 - 456، وأبو داود (1709)، وابن ماجة (2005) من طرق عن خالد الحذاء به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4699) بإسناده ومتنه. =

ص: 155

5667 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، أنه قال: سمعت سويد بن غفلة يقول: قد كنت خرجت حاجا فأصبت سوطا فأخذته. فقال لي زيد بن صوحان: دعه عنك فقلت: والله لا أدعه للسباع ولآخذنه فلأستنفعن به فلقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فذكرت له ذلك فقال لي: لقد أحسنت في أخذها فإني قد كنت وجدت صرةٌ فيها مائة دينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتها ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرتها له فقال: "عرفها حولا"، قال: فعرفتها حولاً، فلم أجد من يعرفها. قال: فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اذهب فعرفها حولاً فعرفتها حولاً فلم أجد من يعرفها". ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الثالثة، فقال لي:"عرفها حولاً" فعرفتها حولاً فلم أجد من يعرفها. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احفظ عدَدَهَا ووعاءهَا (وعفَاصها ووكاءها)، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها". قال شعبة: ثم إن سلمة بن كهيل شك لا يدري أثلاثة أعوام قال في الحديث أو عامًا واحدًا؟. قال سلمة بن كهيل: فأعجبني هذا الحديث فقلت لأبي صادق ذلك فقال أبو صادق وقد سمعت أنا ذلك الحديث أيضًا من أبي بن كعب كما قد سمعه سويد بن غفلة من أبي بن كعب سواء

(1)

.

= وأخرجه عبد الرزاق (18615)، وابن أبي شيبة 6/ 454 - 455، 14/ 191 - 192، وعبد بن حميد (162)، وأحمد (21166)، ومسلم (1723)(10)، والترمذي (1374)، وابن ماجة (2506)، والنسائي في الكبرى (5825)، وابن الجارود (668)، وابن حبان (4892)، والشاشي (1461)، والبيهقي 6/ 192 - 197 من طرق عن سفيان الثوري به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4698) بإسناده ومتنه.=

ص: 156

5668 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا أبو معمر قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا محمد بن جحادة، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، عن أبي بن كعب رضي الله عنه، أنه قال: كنت التقطت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة دينار، فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال:"عرّفها سنةً" فعرفتها سنةً، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: عرفتها سنةً فلم أجد من يعرفها، فقال لي:"عرفها سنةً"، فعرفتها سنةً فلم أجد أحدًا يعرفها، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: عرفتها سنةً فلم أجد من يعرفها، فقال لي:"عرفها سنةً" فعرفتها سنةً فلم أجد أحدًا يعرفها [فأتيته فقلت: قد عرفتها سنة فلم أجد أحدا يعرفها]

(1)

فقال لي: "اعلم عددها، ووكاءها، ثم استمتع بها"

(2)

.

وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك أيضًا ما قد

5669 -

حدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، قال: أنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، أنه قال: حدثني عمرو بن شعيب عن عمرو وعاصم ابني سفيان بن

= وأخرجه الطيالسي (552)، وأحمد (21167)، والبخاري (2426، 2437)، ومسلم (1723)(9)، وأبو داود (1701 - 1702)، والنسائي في الكبرى (5822 - 5823)، وأبو عوانة (6419 - 6420 - 6421)، والشاشي (1463 - 1464، 1467)، والبيهقي 6/ 186، 193 - 194 من طرق عن شعبة به.

(1)

من شرح المشكل.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4700) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو عوانة (6424) من طريق أبي معمر عبد الله بن عمرو المنقري، عن عبد الوارث به.

وأخرجه عبد الله بن أحمد (21169) عن أحمد بن أيوب بن راشد البصري، عن عبد الوارث به.

ص: 157

عبد الله بن ربيعة أن أباهما سفيان بن عبد الله وجد عيبةً، فأتى بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: عرفها سنةً فإن عرفت فذاك، وإلا فهي لك، قال: فعرفها سنةً، فلم تعرف، فأتى عمر رضي الله عنه العام المقبل أو القابل في الموسم فأخبره بذلك، فقال له عمر هي لك. وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمرنا بذلك. فأبى سفيان أن يأخذها، فأخذها منه عمر بن الخطاب فجعلها في بيت مال المسلمين

(1)

.

5670 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن الحسين اللهبي، قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة فقال:"عرفها سنةً فإن جاء باغيها، فأدها إلى صاحبها وإلا فاعرف عفاصها ووِكَاءها ثم كُلْها فإن جاء باغيها فأدها إليه"

(2)

.

أفلا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعنف أبي بن كعب في أخذه تلك الدنانير حين أخذها

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4695) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارمي (2641)، واالنسائي في الكبرى (5818)، والبيهقي 6/ 187 من طريق أبي أسامة به.

(2)

إسناده حسن من أجل الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد الحزامي.

وأخرجه أحمد (21686)، وأبو داود (1706)، وأبو عوانة (6434 - 6435) من طريق ابن أبي فديك به.

وأخرجه مسلم (1722)، والترمذي (1373)، والنسائي في الكبرى (5779)، وابن ماجة (2507)، وابن حبان (4895) من طريقين عن الضحاك بن عثمان به.

ص: 158

وقد صوب أبي بن كعب سويدًا في أخذه السوط ليحفظه على صاحبه ولا يدعه للسباع،

وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث سفيان بن عبد الله: هي لك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فلما أبي سفيان ذلك جعلها عمر رضي الله عنه في بيت المال، فقد أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ اللقطة والضالة، لأن يحفظهما على صاحبهما.

وقد روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضًا ما قد

5671 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، قال: ثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، أن ثابت بن الضحاك وجد بعيرا، فقال له عمر رضي الله عنه: عرفه، فعرفه ذلك ثلاث مرات ثم جاء إلى عمر رضي الله عنه، فقال: قد شغلني عن صنعتي، فقال عمر: انزع خطامه، ثم أرسله حيث وجدته

(1)

.

5672 -

حدثنا يونس، أخبرنا عبد الله بن وهب أن مالكًا حدثه، عن يحيى بن سعيد

ثم ذكر هذا الحديث بإسناده عن عمر بن الخطاب مثل ذلك أيضًا سواء. وزاد: أن ثابت بن الضحاك حدثه أنه قد وجد بعيرًا على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه

(2)

.

(1)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 12/ 161 بإسناده ومتنه.

وهو في الموطأ 2/ 759.

(2)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 12/ 161 بإسناده ومتنه.

ص: 159

5673 -

حدثنا يونس قال: أنا أنس بن عياض، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: سمعت سليمان بن يسار يحدث عن ثابت بن الضحاك أنه كان وجد بعيرا ثم ذكر هذا الحديث عن عمر بن الخطاب مثل ذلك أيضًا سواء

(1)

.

فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد حكم للضالة بحكم اللقطة.

وكذلك روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في ذلك أيضًا وهو كما قد

5674 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا العوام بن حوشب، قال: حدثني العلاء بن سهيل أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يسأل عن الضالة من القدح، والشيء يجده الإنسان، فقال: اتق خيرها بشرها وشرها بخيرها ولا تضمها فإن الضالة لا يضمها إلا ضال

(2)

.

5675 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، وبشر بن عمر، قالا: ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت رجلا يسأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن الضالة، فقال له ادفعها إلى السلطان

(3)

.

(1)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 12/ 160 بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (18610) وابن أبي شيبة 6/ 466، والبيهقي 6/ 191 من طرق عن يحيى بن سعيد به.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (21633) عن وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت به.

ص: 160

5676 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب بن، ناصح، قال: ثنا همام، عن نافع وأنس بن سيرين، أن رجلا سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال له: إني قد أصبت ناقةً فقال: عرفها فقال: عرفتها فلم تعرف فقال: ادفعها إلى الوالي

(1)

.

5677 -

حدثنا سلمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد الرصاصي، قال: ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقد سئل عن الضالة، فقال: ادفعها إلى السلطان أو إلى الأمير

(2)

.

وقد روي عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضًا ما قد

5678 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير قال: ثنا شعبة، عن يزيد الرشك، عن معاذة العدوية، أن امرأةً سألت عائشة رضي الله عنها، فقالت: إني أصبت ضالةً في الحرم، وإني عرفتها، فلم أجد أحدًا يعرفها، فقالت لها عائشة: استنفعي بها

(3)

.

وقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مثل ذلك أيضًا ما قد

5679 -

حدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، أنا شريك، عر عامر بن شقيق، عن أبي وائل، أنه قال: اشترى عبد الله خادمًا بسبعمائة درهم، فطلب

(1)

إسناده قوي من أجل الخصيب بن ناصح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (23239) عن أبي الأحوص، عن زيد بن جبير، عن ابن عمر به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي 6/ 189 من طريق قبيصة، عن سفيان الثوري، عن حبيب به.

(3)

إسناده صحيح.

ص: 161

صاحبها، فلم يجده فعرفها حولا، فلم يجد صاحبها، فجمع المساكين فجعل يعطيهم، ويقول: اللهم عن صاحبها، فإن أبى ذلك فمني ذلك وعلي الثمن، ثم قال: هكذا يفعل بالضوال

(1)

.

وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمن روينا من أصحابه ممن قد ذكرناهم في هذا الباب التسوية بين حكم اللقطة والضالة جميعا.

فدل أن ما قد جاء من هذه الآثار مما في ذلك ذكر إحداهما فهو فيها وفي الأخرى، وأن حكمهما حكم واحد في جميع ذلك.

فإن قال قائل: إن الضال ما ضل بنفسه واللقطة ما سوى ذلك من الأمتعة وما أشبهها.

قيل له وما دليلك على ما ذكرت؟ بل قد رأينا اللغة في ذلك أباحت أن تسمى ما لا نفس له ضالا.

ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث الإفك: "إن أمكم قد ضلت قلادتها".

وقد روي عن عائشة رضي الله عنها في الضالة أن حكمها مثل حكم اللقطة.

(1)

إسناده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله وعامر بن شقيق لين الحديث.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 12/ 127 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 449 - 450 عن شريك بن عبد الله به.

وأخرجه عبد الرزاق (18631) عن سفيان الثوري، واسرائيل، عن عامر بن شقيق به.

ص: 162

5680 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق عن العالية امرأة أبي إسحاق أنها قالت: كنت عند عائشة رضي الله عنها فأتتها امرأة فقالت: يا أم المؤمنين إني وجدت ضالةً، فكيف تأمريني أن أصنع بها؟. فقالت: عرفيها واعلفي واحتلبي قالت: ثم عادت فسألتها فقالت عائشة: تريدين أن آمرك تبيعها أو تذبحيها؟

(1)

ليس ذلك لك

(2)

.

فقد ثبت بما ذكرنا التسوية بين حكم الضوال واللقطة، وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى.

وقد روي عن النبي لعل صلى الله عليه وسلم في لقطة مكة شرفها الله ما قد

5681 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، قال: ثنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في وصف مكة: "ولا تلتقط ضالتها إلا

لمنشد"

(3)

.

(1)

في دس خد "تدعيها"

(2)

إسناده صحيح، والعالية روى عنها يونس وزوجها أبو إسحاق، ذكرها ابن حبان في الثقات، وترتفع الجهالة برواية اثنين كما تراها، وقال ابن التركماني في الجوهر النقي 5/ 330: العالية معروفة روى عنها ابنها وزوجها وهما إمامان، وقال ابن عبد الهادي كما في نصب الراية 4/ 16 هذا إسناد جيد وقول من قال في العالية مجهولة فيه نظر فقد خالفه غيره.

وأخرجه ابن أبي شيبة (23238) من طريق أبي الأحوص، عن أبي اسحاق، عن العالية به

وأخرجه عبد الرزاق (18634) عن معمر، عن الثوري، عن أبي اسحاق به.

(3)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو. =

ص: 163

5682 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا الأوزاعي، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

5683 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا حرب بن شداد، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

قال أبو جعفر: وكان النضر بن شميل يقول فيما بلغني عنه في ذلك، يقول: أن معنى ذلك أنه لا ينبغي أن تلتقط ضالة في الحرم إلا أن يسمع رجلًا يطلبها وينشدها فيرفعها إليه ليراها، ثم يردها من حيث أخذها.

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3146) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أبو يعلى (5954) من طريق خالد بن عبد الله والبزار كما في النخب 20/ 299 من طريق عبد الوهاب، كلاهما عن محمد بن عمرو به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3144) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (7242)، والبخاري (2434)، ومسلم (1355)(447)، والترمذي (1405 - 2667)، وابن ماجة (2624)، وأبو عوانة 4/ 43 - 44، وابن حبان (3715)، والدارقطني 3/ 96 - 97، والبيهقي 8/ 53 من طريق الوليد بن مسلم به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3145) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارمي (2600)، وأحمد (7242)، والبخاري (6880) معلقا، وأبو عوانة 4/ 42، والبيهقي 8/ 52 من طرق عن حرب بن شداد به.

ص: 164

وقد روي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير هذا اللفظ

5684 -

حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: أنا عمرو بن عون، قال: أنا أبو يوسف، عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف مكة: "ولا ترفع لقطتها إلا لمنشديها"

(1)

.

5685 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال أبو محمد الأنماطي، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل البصري، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصف

مكة: "ولا يرفع لقطتها إلا منشد"

(2)

فهذا الحديث يمنع من أخذها إلا للإنشاد بها.

فقد أباح هذا الحديث أخذ لقطة الحرم لمعرف، فاحتمل أن يكون ذلك يراد به أن تنشد ثم ترد في مكانها.

واحتمل أن يكون المراد أن تنشد كما تنشد اللقطة الموجودة في سائر الأماكن

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد الهاشمي الكوفي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3139، 4704) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 497، والدارقطني (4519) من طريق محمد بن فضيل، عن يزيد به.

وأخرجه البزار كما في النخب 20/ 302 من طريق جرير، عن يزيد به.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4705) بإسناده ومتنه.

ص: 165

والبلدان.

فوجدنا عن عائشة رضي الله عنها ما قد رويناه عنها في هذا الباب أنها سئلت عن ضالة الحرم، وأن المرأة التي سألتها أخبرتها أنها قد عرفتها فلم تجد من يعرفها، فقالت لها: استنفعي بها. فدل ذلك على أن حكم اللقطة في الحرم كحكمها في غير الحرم.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في لقطة الحاج أيضًا ما قد

5686 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أبو مصعب الزهري، قال: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أسامة بن زيد، عن بكير بن عبد الله، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الرحمن بن عثمان أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لقطة الحاج

(1)

.

فمعنى هذا عندنا - والله أعلم - على اللقطة التي لا تنشد بها ولا تعرف بها، لأن لقطة الحرم لما أبيحت للإنشاد.

وقد تكون للحاج وغير الحاج كانت لقطة الحاج في غير الحرم أحرى أن تكون كذلك أيضًا والله عز وجل أعلم.

(1)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4703) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (16070)، ومسلم (1724)، وأبو داود (1719)، والنسائي في الكبرى (5805)، وابن حبان (4896) من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله الأشج به.

ص: 166

‌23 - كتاب القضاء والشهادات

‌1 - باب: القضاء بين أهل الذمة

5687 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا علي بن معبد، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم بن مالك، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهوديا ويهوديةً حين تحاكموا إليه

(1)

.

قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم

(2)

إلى أن أهل الذمة إذا أصابوا شيئًا من حدود الله تعالى لم يحكم عليهم بحكم المسلمين حتى يتحاكموا إليهم، ويرضوا بحكمهم، فإذا تحاكموا إليهم كان الإمام مخيرا إن شاء أعرض عنهم، فلم ينظر فيما بينهم وإن شاء حكم.

واحتجوا في ذلك بقول الله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} .

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: على الإمام أن يحكم بينهم بأحكام المسلمين،

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5864) بإسناده ومتنه.

واخرجه أحمد (5276)، والنسائي في الكبرى (7216) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن عبد الكريم بن مالك به.

(2)

قلت أراد بهم: عامر الشعبي، وإبراهيم النخعي، والحسن البصري، ومالكا، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في النخب 20/ 313.

(3)

قلت أراد بهم: مجاهدا، وعكرمة، والزهري، عمر بن عبد العزيز، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي في قول رحمهم الله، كما في النخب 20/ 314.

ص: 167

وكل ما وجب على الإمام أن يقيمه على المسلمين فيما أصابوا من الحدود وجب عليه أن يقيمه على أهل الذمة غير ما يستحلونه في دينهم كشربهم الخمر وما أشبهه، فإن ذلك يختلف حالهم فيه وحال المسلمين، لأن المسلمين يعاقبون على ذلك، وأهل الذمة لا يعاقبون عليه، وما خلا الرجم في الزنا، فإنه لا يقام عندهم على أهل الذمة، لأن الأسباب التي يجب بها الإحصان في قولهم: أحدها الإسلام.

فأما ما سوى ذلك من العقوبات الواجبات في انتهاك الحرمات فإن أهل الذمة فيه كأهل الإسلام، ويجب على الإمام أن يقيمه عليهم، وإن لم يتحاكموا إليه كما يجب عليه أن يقيمه على أهل الإسلام وإن لم يتحاكموا إليه.

وكان من الحجة لهم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي ذكرنا أنه إنما أخبر فيه ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهودية ويهوديا حين تحاكموا إليه، ولم يقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما رجمتهم لأنهم تحاكموا إلي.

ولو كان قال ذلك لعلم أن الحكم منه إنما يكون إليه بعد أن يتحاكموا إليه، وأنهم إذا لم يتحاكموا إليه لم ينظر في أمورهم، ولكنه لم يجئ هكذا إنما جاء عنه أنه رجمهم حين تحاكموا إليه.

فإنما أخبر عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم وحكمه إذا تحاكموا إليه، ولم يخبر عن حكمهم عنده قبل أن يتحاكموا إليه هل يجب عليهم فيه إقامة الحد عليهم أم لا؟.

فبطل أن يكون في هذا الحديث دلالة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن ابن

ص: 168

عمر رضي الله عنهما من رأيه.

ثم نظرنا فيما سوى ذلك من الآثار هل نجد فيها ما يدل على شيء من ذلك؟

5688 -

فإذا أحمد بن أبي عمران قد حدثنا، قال: ثنا أبو خيثمة زهير بن حرب، قال: ثنا حفص بن غياث عن مجالد بن سعيد، عن عامر الشعبي، عن جابر بن عبد الله: أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة منهم زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إيتوني بأربعة منكم يشهدون"

(1)

.

فثبت بهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان نظر بينهم قبل أن يحكمه الرجل والمرأة المدعى عليهما الزنا، لأنهما جميعًا جاحدان، ولو كانا مقرين لما احتاج مع إقرارهما إلى أربعة يشهدون

وقد روي عن البراء بن عازب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك أيضًا.

5689 -

حدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء رضي الله عنه قال: مر على رسول الله بيهودي قد حمم وجهه، وقد ضرب يطاف به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما شأن هذا؟ "، فقالوا: زنى

(1)

إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد.

وأخرجه الحميدي (1331)، وابن أبي شيبة 6/ 501، 10/ 149، 14/ 148، وأبو داود (4452)، وأبو يعلى (1928 - 2138) من طرق عن مجالد به.

ص: 169

قال: "فما تجدون في كتابكم؟ "، قالوا: يحمم وجهه ويعزر ويطاف به، فقال:"أنشدكم بالله ما تجدون حدّه في كتابكم؟ "، فأشاروا إلى رجل منهم، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: نجد في التوراة الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكرهنا أن نقيم الحد على سفلتنا، وندع أشرافنا فاصطلحنا على شيء، فوضعنا هذا، فرجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"أنا أولى من أحيا ما أماتوا من أمر الله عز وجل"

(1)

.

ففي هذا ما قد دل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان له أن يحكم بينهم، وإن لم يحكموه، لأن في هذا الحديث أنهم مروا به عليه وهو محمم. فذكر باقي الحديث ثم رجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فلما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكارا لما فعلوه من قبل أن يأتوه، فرد أمرهم إلى حكم الله الذي قد عطلوه وغيروه، ثبت بذلك أنه قد كان له أن يحكم فيما بينهم حكموه أو لم يحكموه.

فهذا ما في هذه الآثار من الدليل على ما تكلمنا فيه

وأما قول الله عز وجل {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} فإن الذين ذهبوا إلى تثبيت الحكم يقولون: هي منسوخة.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4541) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 501، 14/ 148، وأحمد (18525)، ومسلم (1700)، وأبو داود (4447 - 4448)، والنسائي في الكبرى (7218)، وابن ماجة (2558)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ (ص 161 - 162) من طرق عن الأعمش به.

ص: 170

5690 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، عن سفيان، عن السدي، عن عكرمة {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} قال: نسختها هذه الآية {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة:49]

(1)

.

وقال الآخرون تأويلها {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} إن حكمت، فلما اختلف في تأويل هذه الآية، وكانت الآثار قد دلت على ما ذكرنا ثبت أن الحكم عليهم على إمام المسلمين ولم يكن له تركه، لأن في حكمه النجاة في قول جميعهم، لأن من يقول: عليه أن يحكم، يقول: قد فعل ما هو عليه أن يفعله.

ومن يقول: هو مخير، يقول: قد فعل ما له أن يفعله، وإذا ترك الحكم فمن يقول: عليه أن يحكم، يقول: قد ترك ما كان عليه أن يفعله، ومن يقول له أن لا يحكم، يقول: قد ترك ما كان له تركه فإذا حكم شهد له الفريقان جميعا بالنجاة، وإذا لم يحكم لم يشهدا له بذلك.

فأولى الأشياء به أن يفعل ما فيه النجاة بالاتفاق دون ما فيه ضد النجاة بالاختلاف.

(1)

إسناده حسن من أجل أبي حذيفة موسى بن مسعود و اسماعيل بن عبد الرحمن السدي.

وأخرجه البيهقي 8/ 249 من طريق إبراهيم بن مرزوق به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (21783)، وعبد الرزاق (10010)، والقاسم بن سلام في الناسخ والمنسوخ (245) من طرق عن سفيان به.

ص: 171

وهذا الذي ذكرناه من وجوب الحكم عليهم قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

فإن قال قائل: فأنتم لا ترجمون اليهود إذا زنوا، فقد تركتم بعض ما في الحديث الذي به احتججتم.

قيل له: إن الحكم كان في الزناة في عهد موسى عليه السلام هو الرجم على المحصن وغير المحصن.

وكذلك كان جواب اليهودي الذي سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حد الزنا في كتابهم، فلم ينكر ذلك عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان على النبي صلى الله عليه وسلم اتباع ذلك والعمل به، لأن على كل نبي اتباع شريعة النبي الذي كان قبله حتى يحدث الله له شريعةً تنسخ شريعته، قال الله تعالى {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين

(1)

على ذلك الحكم، ولا فرق حينئذ في ذلك بين المحصن وغير المحصن.

ثم أحدث الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الشريعة نسخت هذه الشريعة، فقال:{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] فكان هذا ناسخًا لما كان قبله، ولم يفرق في ذلك أيضا بين المحصن وغير المحصن.

(1)

في س "اليهودي".

ص: 172

ثم نسخ الله تعالى ذلك الحد، فجعل الحد هو الأذى بالآية التي بعدها، ولم يفرق في ذلك أيضًا بين المحصن وغير المحصن.

ثم جعل الله لهن سبيلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم".

ففرق حينئذ بين حد المحصن وغير المحصن فجعل حد المحصن الرجم، وحد غير المحصن الجلد، ثم اختلف الناس من بعده في الإحصان، فقال قوم

(1)

: لا يكون الرجل محصنًا بامرأته، ولا المرأة محصنة بزوجها حتى يكونا حرين مسلمين بالغين قد جامعها وهما بالغان في نكاح صحيح.

وممن قال بذلك أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.

وقال آخرون

(2)

: يحصن أهل الكتاب بعضُهم بعضًا، ويحصن المسلم النصرانية ولا تحصن النصرانية المسلم، وقد كان أبو يوسف قال بهذا القول في الإملاء فيما حدثني به سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن أبي يوسف رحمه الله.

فاحتمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الثيب بالثيب الرجم" أن يكون هذا على كل ثيب،

(1)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، وطاووسا، وموسى عقبة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا رحمهم الله، كما في النخب 20/ 331.

(2)

قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 20/ 333.

ص: 173

واحتمل أن يكون على خاص من الثيب.

فنظرنا في ذلك، فوجدناهم مجمعين أن العبيد غير داخلين في ذلك، وأن العبد لا يكون محصنًا، ثيباً كان أو بكرا، ولا يحصن زوجته، حرةً كانت أو أمةً.

وكذلك الأمة لا تكون محصنةً بزوجها، حرا كان أو عبدًا، ولا تحصن زوجها حرا كان أو عبدا.

فثبت بما ذكرنا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الثيب بالثيب الرجم" إنما وقع على خاص من الثيب، لا على كل الثيب فلم يدخل فيها قد أجمعوا أنه وقع على خاص إلا ما قد أجمعوا أنه فيه داخل.

وقد أجمعوا أن الحرين المسلمين البالغين الزوجين اللذين قد كان منها جماع محصنين واختلفوا فيمن سواهما.

فقد أحاط علمنا أن ذلك قد دخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الثيب بالثيب الرجم". فأدخلناه فيه، ولم يحط علمنا بما سوى ذلك، فأخرجناه منه.

وقد كان يجيء في القياس لما كانت الأمة لا تحصن الحر، ولا يحصنها الحر، وكانت هي في عدم إحصانها إياه كهو في عدم إحصانه إياها أن تكون كذلك النصرانية لما كانت هي لا تحصن زوجها المسلم كان هو أيضًا كذلك لا يحصنها.

وقد رأينا الأمة أيضًا لما بطل أن تكون تحصن الحر، بطل أن تكون تحصن العبد،

ص: 174

فكذلك يجيء في النظر أيضا أن تكون النصرانية لما بطل أن تحصن المسلم، بطل أن تحصن الكافر قياسًا ونظرًا على ما ذكرنا والله تعالى أعلم.

ص: 175

‌2 - باب القضاء باليمين مع الشاهد

5691 -

حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: ثنا زيد بن الحباب قال: أخبرني سيف بن سليمان المكي، عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قضي باليمين مع الشاهد

(1)

.

5692 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال أخبرني سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

5693 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، وابن أبي داود، قالا: ثنا سعيد بن منصور قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن

فذكر بإسناده مثله. قال عبد العزيز ونسيه سهيل فقال: حدثني ربيعة عني

(3)

.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه ابن أبي شبة 7/ 242 - 243، 10/ 160، 14/ 225، وأحمد (2224)، ومسلم (1712)، وأبو داود (3608)، وابن الجارود (1006)، وأبو يعلى (2511)، وابن عدي 3/ 1274، والبيهقي 10/ 167 من طريق زيد بن الحباب.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن الجارود (1007)، وابن حبان (5073)، والبيهقي 10/ 168 من طرق عن ابن وهب به.

وأخرجه أبو داود (3611)، والبيهقي 10/ 168 من طريق سليمان بن بلال به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 2/ 179، وأبو داود (3610)، والترمذي (1343)، وابن ماجة (2368)، وأبو يعلى (6683)، والبيهقي 10/ 168، والبغوي (2503) من طرق عن عبد العزيز الدراوردي به.

ص: 176

5694 -

حدثنا فهد قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد - يعني الحماني - قال: ثنا سليمان بن بلال والدراوردي

فذكر بإسناده مثله. قال عبد العزيز فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه

(1)

.

5695 -

حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا عبد الله بن وهب قال: حدثني عثمان بن الحكم عن زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

5696 -

حدثنا وهبان بن عثمان، قال: ثنا أبو همام، قال: ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

5697 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان عن جعفر، عن أبيه، عن رسول

الله صلى الله عليه وسلم

مثله، ولم يذكر جابرا

(4)

.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

(2)

رجاله ثقات.

واخرجه أبو عوانة (6019)، والبيهقي 10/ 172 من طريق بحر بن نصر به.

وأخرجه الطبراني في الكبير 5/ 150 - (4909)، وأبو نعيم في الحلية 8/ 326 من طريقين عن ابن وهب به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (14278)، والترمذي (1344)، وابن ماجة (2369)، وابن الجارود (100)، والدارقطني 4/ 212، والبيهقي 10/ 170، وابن عبد البر في التمهيد 6/ 136 من طريق عبد الوهاب الثقفي به.

(4)

إسناده مرسل.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 225 من طريق الثوري به مرسلا.

ص: 177

5698 -

حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

5699 -

حدثنا بحر، قال: ثنا عبد الله بن وهب قال: حدثني عمر بن محمد، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

5700 -

حدثنا بحر، قال: ثنا ابن وهب قال: حدثني عمر بن محمد، ومالك بن أنس، ويحيى بن أيوب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(4)

إلى القضاء باليمين مع الشاهد الواحد في خاص من الأشياء في الأموال خاصةً، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(5)

، فقالوا: لا يجب أن يقضى في شيء من الأشياء إلا

(1)

إسناده مرسل أبو جعفر محمد بن علي الباقر من فقهاء التابعين.

وهو في الموطأ 2/ 263، ومن طريقه أخرجه أبو عوانة في الأيمان والنذور كما في الاتحاف 3/ 340، والبيهقي 10/ 169.

(2)

إسناده مرسل محمد بن زيد بن عبد الله يروي عن الصحابة.

وأخرجه أبو عوانة والبيهقي 10/ 169 من طريق يحيى بن أيوب به.

(3)

إسناده مرسل.

(4)

قلت أراد بهم سليمان بن يسار، وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وأبا الزناد، وعبد الرحمن بن عبد الحميد، ومالكا، والشافعي، وأحمد وإسحاق، وأبا عبيد، وأبا ثور، وداود بن علي رحمهم الله، كما في النخب 20/ 351.

(5)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، والزهري، والثوري، والأوزاعي، والحكم بن عتيبة، والليث بن سعد، ويحيى بن يحيى، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن شبرمة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 20/ 353.

ص: 178

برجلين أو برجل وامرأتين ولا يقضى بشاهد ويمين في شيء من الأشياء وقالوا: أما ما رويتموه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ذكر فيه أنه قضى باليمين مع الشاهد، فقد دخله الضعف الذي لا يقوم به معه حجة.

فأما حديث ربيعة عن سهيل فقد سأل الدراوردي سهيلًا عنه، فلم يعرفه، ولو كان ذلك من السنن المشهورة والأمور المعروفة إذًا لما ذهب عليه

(1)

، وأنتم قد تضعفون من الأحاديث ما هو أقوى من هذا الحديث بأقل من هذا.

وأما حديث عثمان بن الحكم عن زهير بن محمد، عن سهيل، عن أبيه، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه فمنكر أيضًا، لأن أبا صالح لا تعرف له رواية عن زيد.

ولو كان عند سهيل من ذلك شيء ما أنكر على الدراوردي ما ذكره له عن ربيعة ويقول له: لم يحدثني به أبي، عن أبي هريرة رضي الله عنه ولكن حدثني به، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، مع أن عثمان بن الحكم ليس بالذي يثبت مثل هذا بروايته.

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فمنكر، لأن قيس بن سعد لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشيء، فكيف تحتجون به في مثل هذا؟، وأما حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر رضي الله عنه فإن عبد الوهاب رواه كما ذكرتم.

وأما الحفاظ: مالك وسفيان الثوري وأمثالهما، فرووه عن جعفر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا فيه جابرًا وأنتم لا تحتجون بعبد الوهاب فيما يخالف فيه الثوريَّ

(1)

في ن "علمه".

ص: 179

ومالكًا.

ثم لو لم ينازع في طرق هذا الحديث وسلمت لكم على هذه الألفاظ التي قد رويت عليها لكانت محتملة للتأويل الذي لا يقوم لكم بمثلها معه الحجة، وذلكم أنكم إنما رويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد،

ولم يبين في هذا الحديث كيف كان ذلك السبب، ولا المستحلف من هو؟ فقد يجوز أن يكون ذلك على ما ذكرتم، ويجوز أن يكون أريد به يمين المدعى عليه

وإذا ادعى المدعي، ولم يقم على دعواه إلا شاهدًا واحدا، فاستحلف له النبي صلى الله عليه وسلم المدعى عليه، فروى ذلك ليعلم الناس أن المدعي يجب له اليمين على المدعى عليه لا بحجة أخرى غير الدعوى لا يجب له اليمين إلا بها.

كما قال قوم: إن المدعي لا يجب له اليمين فيما ادعى، إلا أن يقيم البينة أنه قد كانت بينه وبين المدعى عليه خلطة ولبس، فإن أقام على ذلك بينةً استحلف له، وإلا لم يستحلف.

فأراد الذي روى هذا الحديث أن ينفي هذا القول، ويثبت اليمين بالدعوى وإن لم يكن مع الدعوى غيرها فهذا وجه.

وقد يجوز أن يكون ذلك أريد به يمين المدعي مع شاهده الواحد، لأن شاهده الواحد كان ممن يحكم بشهادته وحده، وهو خزيمة بن ثابت رضي الله عنه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كان عدل شهادته بشهادة رجلين

ص: 180

5701 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو اليمان، قال: ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: أخبرني عمارة بن خزيمة الأنصاري، أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي، فاستتبعه ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي، فيساومونه الفرس لا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه به النبي صلى الله عليه وسلم، فنادى الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنت مبتاعًا لهذا الفرس فابتعه وإلا بعته. فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي، فقال:"أوليس قد ابتعته منك؟ "، فقال الأعرابي: لا والله ما بعتك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بلى قد ابتعته منك". فطفق الناس يلوذون

(1)

بالنبي صلى الله عليه وسلم والأعرابي وهما يتراجعان، وطفق الأعرابي يقول: هلم شاهداً يشهد لك أني قد بايعتك فمن جاء من المسلمين قال: يا أعرابي ويلك إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقول إلا حقا، حتى جاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم ومراجعة الأعرابي وهو يقول: هلم شاهدًا يشهد لك أني قد بايعتك. فقال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بايعته. فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة، فقال:"بم تشهد؟ " فقال بتصديقك يا رسول الله! فجعل رسول الله شهادة خزيمة بشهادة رجلين

(2)

.

(1)

في الأصول "يلوون" والمثبت من ن، أي: ينضمون به وبالأعرابي.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4802) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (21883)، وأبو داود (3607)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2085 - 2089)، والطبراني =

ص: 181

فلما كان ذلك الشاهد الذي ذكرنا قد يجوز أن يكون هو خزيمة بن ثابت فيكون المشهود له شهادة واحده مستحقا لما شهد له به كما يستحق غيره بالشاهدين ما شهدا له به، فادعى المدعى عليه الخروج من ذلك الحق إلى المدعي، فاستحلفه به النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأريد بنقل هذا الحديث ليعلم أن المدعي إذا أقام البيئة على دعواه، وادعى المدعى عليه الخروج من ذلك الحق إليه أن عليه اليمين مع بيئته.

فهذه وجوه تحتملها ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قضائه باليمين مع الشاهد.

فلا ينبغي لأحد أن يأتي إلى خبر قد احتمل هذه التأويلات، فيعطفه على أحدها بلا دليل يدله على ذلك من كتاب أو سنة أو إجماع، ثم يزعم أن من خالف ذلك مخالف لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكيف يكون مخالفًا لما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تأول ذلك على معنًى يحتمل ما قال.

بل ما خالف إلا تأويل مخالفه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يخالف شيئًا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ما

= 22/ 946، والحاكم 2/ 17 - 18، والبيهقي 10/ 145 - 146 من طريق أبي اليمان به.

وأخرجه ابن سعد 4/ 378 - 379، والنسائي 7/ 301 - 302، والحاكم 2/ 17 - 18، والبيهقي 10/ 145 - 146 والخطيب في الأسماء المبهمة (ص 120 - 121) من طرق عن الزهري به.

ص: 182

5702 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري قال: ثنا مسعر، عن عمرو بن مرة،، عن أبي البختري، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رضي الله عنه قال: إذا بلغكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث فظنوا به الذي هو أهنأ، والذي هو أهدى، والذي هو أتقى والذي هو خير

(1)

.

5703 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب وأبو الوليد قالا: ثنا شعبة، عن عمرو

فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يقل: والذي هو خير

(2)

.

فهكذا ينبغي للناس أن يفعلوا وأن يحسنوا تحقيق ظنونهم، ولا يقولوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بما قد علموه فإنهم منهيون عن ذلك معاقبون عليه.

وكيف يجوز لأحد أن يحمل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما حمله عليه هذا المخالف وقد وجدنا كتاب الله عز وجل يدفعه، ثم السنة المجمع عليها تدفعه أيضًا.

فأما كتاب الله عز وجل فإن الله تعالى يقول {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] وقال

{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2].

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (99)، والدارمي (592)، وأبو يعلى (591)، وأبو نعيم في الحلية 7/ 246، والضياء في المختارة (574، 573، 572) من طرق عن عمرو بن مرة به.

(2)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

ص: 183

وقد كانوا قبل نزول هاتين الآيتين لا ينبغي لهم أن يقضوا بشهادة ألف رجل، ولا أكثر منهم ولا أقل، لأنه لا يوصل بشهادتهم إلى حقيقة صدقهم.

فلما أنزل الله عز وجل ما ذكرنا فقطع بذلك العذر، وحكم ما أمر به على ما تعبد به خلقه ولم يحكم بما هو أقل من ذلك، لأنه لم يدخل فيما تعبدوا به.

أما السنة المتفق عليها فهي أنه لا يحكم بشهادة جار إلى نفسه معنا ولا دافع عنها مغرمًا.

فالحكم باليمين مع الشاهد الواحد على ما حمل عليه هذا المخالف لنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حكم المدعي يمينه، فذلك حكم لجار إلى نفسه بيمينه.

فهذه سنة متفق عليها تدفع الحكم باليمين مع الشاهد مع ما قد دفعه مما قد ذكرنا من كتاب الله تعالى.

فأولى الأشياء بنا أن نصرف وجه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما يوافق كتاب الله تعالى والسنة المتفق عليها لا إلى ما يخالفهما أو يخالف أحدهما.

ولقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدفع القضاء باليمين مع الشاهد على ما ادعى هذا المخالف لنا

5704 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، ومحمد بن خزيمة، قالا: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن علقمة بن وائل، عن وائل بن حجر رضي الله عنه،

ص: 184

قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجلان يختصمان في أرض، فقال أحدهما: إن هذا يا رسول الله ابتزى

(1)

على أرضه في الجاهلية وهو امرؤ القيس بن عابس الكندي، وخصمه ربيعة بن عيدان. فقال له:"بينتك" فقال: ليس لي بينة، قال:"لك يمينه" قال: إذًا تذهب بها قال: "ليس لك منه إلا ذلك". فلما قام ليحلف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من اقتطع أرضًا ظالما لقي الله وهو عليه غضبان"

(2)

.

5705 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل، عن أبيه قال: جاء رجل من حضرموت، ورجل من كندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الحضرمي: يا رسول الله! إن هذا قد غلبني على أرض كانت لي، فقال الكندي: هي أرضي في يدي أزرعها، ليس له فيها حق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحضرمي:"ألك بينة؟»، فقال: لا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأحلفه؟ "، فقال: إنه ليس له يمين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس لك منه إلا ذلك". فانطلق ليحلفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أنه إن حلف على مالك ظالما ليأكله لقي الله عز وجل وهو عنه معرض"

(3)

.

(1)

أي: غلب عليها وأخذها منه قهرا.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3223) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1025)، وأحمد (18863)، ومسلم (139)(224)، والنسائي في الكبرى (5990)، والطبراني في الكبير 22/ 25، والبيهقي 10/ 137، 261 من طرق عن أبي عوانة به.

(3)

إسناده حسن من أجل سماك بن حرب.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3224) بإسناده ومتنه. =

ص: 185

5706 -

حدثنا فهد، قال: ثنا جندل بن والق، قال: ثنا أبو الأحوص

فذكر بإسناده مثله. غير أنه قال: فقال الحضرمي: يا رسول الله إن هذا غلبني على أرض كانت لأبي

(1)

.

قال أبو جعفر رحمه الله: فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينتك أو يمينه ليس لك منه إلا ذلك" دل على أنه لا يستحق شيئاً بغير، البينة، فهذا ينفي القضاء باليمين مع الشاهد.

والذي هو أولى بنا أن نحمل وجه ما اختلف في تأويله من الحديث الأول على ما يوافق هذا لا على ما يخالفه.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه".

فدل ذلك أن اليمين لا يكون أبدًا إلا على المدعى عليه، وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم من هذا الكتاب.

وأما النظر في هذا فإنه يغنينا عن ذكر - أكثره فساد قول الذين ذهبوا إلى القضاء باليمين مع الشاهد، فجعلوا ذلك في الأموال خاصةً دون سائر الأشياء.

فلما ثبت أنه لا يقضى بيمين وشاهد في غير الأموال كان حكم الأموال في النظر

= وأخرجه مسلم (139)(223)، وأبو داود (3623،3245)، والترمذي (1340)، والنسائي في الكبرى كما في التحفة 9/ 86، وابن حبان (5074)، والطبراني 22/ 17، والبيهقي 10/ 179 من طرق عن أبي الأحوص به.

(1)

إسناده حسن كسابقه وجندل بن والق حسن الحديث.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3225) بإسناده ومتنه.

ص: 186

كذلك.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. وقد

5707 -

حدثنا وهبان، قال: ثنا أبو همام، قال: ثنا ابن المبارك، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري: أن معاوية رضي الله عنه أول من قضى باليمين مع الشاهد، وكان الأمر على غير ذلك

(1)

.

(1)

رجاله ثقات.

ص: 187

‌3 - باب رد اليمين

قال أبو جعفر رحمه الله: اختلف الناس في المدعى عليه يرد اليمين على المدعي.

فقال قوم:

(1)

لا يستحلف المدعي.

وقال آخرون

(2)

: بل يستحلف، فإن حلف استحق ما ادعى بحلفه، وإن لم يحلف لم يكن له شيء.

واحتجوا في ذلك بما قد روينا في غير هذا الموضع عن سهل بن أبي حثمة في القسامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: "أتبرئكم يهود بخمسين يمينًا؟ " فقالوا: كيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتحلفون وتستحقون؟ ".

قالوا: فقد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيمان التي جعلها في البدء على المدعى عليهم، فجعلها على المدعين [بعد أن جعلها على المدعى عليهم، فدل على جواز رد اليمين على المدى]

(3)

.

فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأولى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال: "أتبرئكم

(1)

قلت أراد بهم: النخعي، وابن سيرين، وابن أبي ليلى في قول، وسوار بن عبد الله العنبري، وعبيد الله بن الحسن العنبري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأبا عبيد، وإسحاق في قول، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 20/ 378.

(2)

قلت أراد بهم الشعبي، وشريحا القاضي، وابن أبي ليلى في قول، وإسحاق في قول، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأبا ثور رحمهم الله، - كما في المصدر السابق.

(3)

من ن.

ص: 188

يهود بخمسين يمينا" لم يكن من اليهود رد الأيمان على الأنصار، فيردها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم فيكون ذلك حجة لمن يرى رد اليمين في الحقوق إنما قال: "أتبرئكم يهود بخمسين يمينًا؟ " فقالت الأنصار: كيف نقبل أيمان قوم كفار؟. فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتحلفون وتستحقون؟.

فقد يجوز أن يكون كذلك حكم القسامة، ويجوز أن يكون على النكير منه عليهم، إذ قالوا: كيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فقال لهم: أتحلفون وتستحقون؟ كما قال: أتدعون وتستحقون.

فلما احتمل الحديث هذين الوجهين لم يكن لأحد أن يحمله على أحدهما دون الآخر إلا ببرهان يدله على ذلك.

فنظرنا فيما سوى هذا الحديث من الآثار المروية في هذا فإذا ابن عباس رضي الله عنه قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال، وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه".

فثبت بذلك أن المدعي لا يستحق بدعواه دمًا ولا مالاً، وإنما يستحق بها يمين المدعى عليه خاصةً.

هذا حديث ظاهر المعنى وأولى بنا أن نحمل ما خفي علينا معناه من الحديث الأول على ذلك.

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا رأينا المدعى الذي عليه أن يقيم الحجة على

ص: 189

دعواه، لا تكون حجته تلك جارةً إلى نفسه مغنا، ولا دافعةً عنها مغرمًا.

فلما وجبت اليمين على المدعى عليه فردها على المدعي، فإن استحلفنا المدعي جعلنا يمينه حجةً له، فحكمنا له بحجة كانت منه هو بها جار إلى نفسه مغنمًا، وهذا خلاف ما تعبد به العباد فبطل ذلك.

فإن قال قائل: إنما نحكم له بيمينه وإن كان بها جارا إلى نفسه، لأن المدعى عليه قد رضي بذلك.

قيل له: وهل يوجب رضا المدعى عليه زوال الحكم عن جهته؟.

أرأيت لو أن رجلا قال: ما ادعى علّي فلان من شيء فهو مصدق، فادعى عليه درهمًا فما فوقه، هل يقبل ذلك منه؟

أرأيت لو قال: قد رضيت بما يشهد به زيد علّي لرجل فاسق أو لرجل جار إلى نفسه بتلك الشهادة مغنمًا، فشهد زيد عليه بشيء هل يحكم بذلك عليه؟ فلما كانوا قد اتفقوا أنه لا يحكم عليه بشيء من ذلك وإن رضي به، وأن رضاه في ذلك وغير رضاه سواء، وأن الحكم لا يجب في ذلك، وإن رضي بذلك إلا بما كان يجب لو لم يرض كان كذلك أيضًا يمين المدعي لا يجب له بها حق على المدعى عليه، وإن رضي المدعى عليه بذلك.

والحكم بيمينه بعد رضاه بها كحكمها قبل ذلك.

ص: 190

فثبت بما ذكرنا بطلان رد اليمين على المدعى عليه وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

ص: 191

‌4 - باب: الرجل تكون عنده الشهادة للرجل، هل يجب أن يخبره بها؟

وهل يقبله الحاكم على ذلك أم لا؟

5708 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير، قال: ثنا إسرائيل قال: ثنا عبد الملك بن عمير، قال: ثنا جابر بن سمرة رضي الله عنهما، قال: خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجابية فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي فيكم اليوم، فقال:"أحسنوا إلى أصحابي، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذي يلونهم، ثم يفشوا الكذب، حتى يشهد الرجل على الشهادة لا يسألها، وحتى يحلف الرجل على اليمين ولا يستحلف"

(1)

.

5709 -

حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال: ثنا عارم بن الفضل، قال: ثنا جرير بن حازم، قال: ثنا عبد الملك بن عمير

فذكر بإسناده مثله غير أنه قال: "أحسنوا إلى أصحابي، ثم الذين يلونهم ثم الذي يلونهم، ثم يفشوا الكذب"

(2)

(1)

إسناده صحيح، وعبد الملك صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2461) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (177)، والنسائي في الكبرى (9219)، وابن ماجة (2363)، وأبو يعلى (143)، وابن حبان (5586)، وابن منده في الإيمان (1087) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (31)، وابن أبي عاصم في السنة (1489،902)، والنسائي (9220)، (9221)، وأبو يعلى (141 - 142)، وابن حبان (4576 - 6728)، وابن منده (1086) والخطيب في التاريخ 2/ 187 من طريق جرير بن حازم به.

ص: 192

5710 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

5711 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: ثنا حماد بن يزيد، قال: ثنا معاوية بن قرة المزني، قال: سمعت كهمسًا، يقول: سمعت عمر رضي الله عنه يقول

فذكر نحو حديث أبي بكرة عن أبي أحمد

(2)

.

قال أبو جعفر فذهب قوم

(3)

إلى أن من شهد بالشهادة قبل أن يسألها أنه يكون مذموما، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

فقالوا: بل هو محمود مأجور على ما كان فيه من ذلك.

وكان من الحجة لهم في دفع ما احتج به عليهم أهل المقالة الأولى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثم يفشو الكذب، حتى يشهد الرجل على الشهادة لا يسألها، وحتى يحلف على

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده حسن من أجل حماد بن يزيد بن مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2460) بإسناده ومتنه.

وهو في مسند الطيالسي (ص 7 - 8) مطولا ومن طريقه أخرجه البزار في مسنده (248).

(3)

قلت أراد بهم جماعة من أهل الحديث، وطائفة من الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 20/ 390.

(4)

قلت أراد بهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، وآخرين رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 193

اليمين لا يستحلف".

فمعنى ذلك أن يشهد كاذباً، أو يحلف كاذبًا؛ لأنَّه قال:"حتى يفشو الكذب فيكون كذا وكذا. فلا يجوز أن يكون ذلك الذي يكون إذا فشى الكذب إلا كذبًا، وإلا فلا معنى لذكره: "فيفشو الكذب".

واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضًا بما

5712 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا نعيم قال: ثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا محمد بن سوقة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنه أنه خطبهم بالجابية فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أكرموا أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد"

(1)

.

5713 -

حدثنا عبد الله بن محمد المصري، قال: ثنا عارم، قال: ثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"، قال: والله أعلم أذكر الثالث أم لا؟ "ثم ينشأ قوم يشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويخونون ولا يؤتمنون

(1)

إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.

وأخرجه أحمد (114)، وابن حبان (7254)، والحاكم 1/ 113، والبيهقي 7/ 91 من طرق عن عبد الله بن المبارك به.

وأخرجه أبو عبيد في الخطب والمواعظ (133)، والترمذي (2165)، وابن أبي عاصم في السنة (88، 897)، والبزار (166)، والنسائي في الكبرى (9225) من طريق النضر بن إسماعيل، عن محمد بن سوقة به.

ص: 194

ويفشو فيهم السّمن"

(1)

.

5714 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن ثابت البزار، قال: ثنا شعبة، عن أبي جمرة، عن زهدم بن مضرب الجرمي، أنه سمع عمران بن حصين رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم قرني

" ثم ذكر مثله

(2)

.

قالوا: فقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي يشهد ولا يستشهد.

قيل لهم هذا على الذي لا يستشهد في بدء الأمر، فيكون في شهادته عند الحاكم شاهدًا بما لم يشهد عليه ولا يعلمه.

فعاد معنى هذا الحديث إلى معنى الحديث الأول. وذكروا في ذلك أيضًا ما

5715 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا الليث بن سعد، عن يحيى بن سليم، عن مصعب بن عبد الله بن أبي أمية، قال: حدثتني أم سلمة رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي على الناس زمان يكذب فيه الصادق ويصدق فيه الكاذب، ويخون فيه الأمين، ويؤتمن فيه الخائن، ويشهد فيه المرء وإن لم

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (19953)، ومسلم (2535)(215)، وأبو داود (4657)، والترمذي (2222)، والبزار في مسنده (3521)، وابن حبان (6729)، والطبراني 18/ 527، وابن حزم في المحلى 1/ 26 من طرق عن أبي عوانة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (841)، وأحمد (19835)، والبخاري (2651، 3650)، ومسلم (2535)(214)، والنسائي 7/ 17، 18، والطبراني في الكبير 18/ 581، والبيهقي 10/ 74، 123، والبغوي (3857) من طرق عن شعبة به.

ص: 195

يستشهد، ويحلف المرء وإن لم يستحلف"

(1)

.

5716 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عفان، قال: ثنا حماد، (ح)

وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا هشام بن عبد الملك، قال: ثنا أبو عوانة، قالا جميعًا عن أبي بشر، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير أمتى قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"، ثم لا أدري أذكر الثالث أم لا؟، ثم تخلف بعدهم خلوف

(2)

تعجبهم السمانة، ويشهدون ولا يستشهدون"

(3)

.

5717 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو مسهر، قال: ثنا صدقة بن خالد، قال: حدثني عمرو بن شراحيل، عن بلال بن سعد، عن أبيه قال: قلنا: يا رسول الله أي أمتك خير؟ قال: "أنا وقرني"، قال: قلنا ثم ماذا؟، قال:"ثم القرن الثاني" قال: قلنا ثم ماذا؟ قال: "ثم القرن الثالث"، قال: قلنا: ثم ماذا؟ قال: "ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون،

(1)

إسناده ضعيف لجهالة يحيى بن سليم بن زيد.

وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 8/ 279 (2993)، والطبراني في الكبير 23/ 314 (711) من طريق أبي صالح عن الليث به.

(2)

بفتح الخاء جمع خَلف، والخلف بالتحريك والسكون كل من يجيء بعد من مضى، إلا أنه بالتحريك في الخير، وبالتسكين في الشر.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2468) من طريق إبراهيم فقط.

وأخرجه مسلم (2534) عن حجاج بن الشاعر، عن أبي الوليد به.

وأخرجه أحمد (7123)، ومسلم (4213)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (35) عن هشيم به.

ص: 196

ويحلفون ولا يستحلفون، ويؤتمنون ولا يؤدون"

(1)

.

فالكلام في تأويل هذا هو الكلام الذي ذكرنا في تأويل الآثار التي في الفصل الذي قبل هذا الفصل. واحتجوا في ذلك أيضًا بما

5718 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا شعبة، عن منصور، وسليمان، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يخلف قوم تسبق شهادتهم أيمانهم، وأيمانهم شهادتهم"

(2)

.

5719 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا أحمد بن إشكاب، قال: ثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2469) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة (724)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2456)، وفي السنة (1478)، وابن المقرئ في معجمه (89) وتمام في الفوائد (1172)، والقاضي عبد الجبار في تاريخ داريا (ص 92 - 94)، والطبراني (5460)، وأبو نعيم في الحلية 5/ 233 في معرفة الصحابة (3209)، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 254 من طرق عن صدفة بن خالد به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2462) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (299)، وأحمد (4173)، والشاشي (789)، وأبو نعيم في الحلية 2/ 78 من طرق عن شعبة به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (3594)، والترمذي (3859)، وابن أبي عاصم في السنة (1466)، والشاشي (794)، وابن حبان =

ص: 197

5720 -

حدثنا ابن مرزوق، قال ثنا عفان، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن عبد الله بن مَوَلَة القشيري، قال: كنت أسير مع بريدة الأسلمي رضي الله عنه وهو يقول: اللهم ألحقني بقرني الذي أنا منه وأنا معه، فقلت: وأنا؟ فدعا لي ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خير هذه الأمة القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يكون قوم تسبق شهاداتهم أيمانهم، وأيمانهم شهاداتهم"

(1)

.

5721 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن عاصم عن خيثمة، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يخلف قوم تسبق شهاداتهم أيمانهم وأيمانهم شهاداتهم"

(2)

.

= (7228) من طريق أبي معاوية به.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن مولة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2466) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 177 - 178، وأحمد (23024)، وابن أبي عاصم في السنة (1474)، وابن حبان في الثقات 1/ 8 من طريق عفان به.

(2)

إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2467) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 177، وأحمد (18428)، وابن أبي عاصم في السنة (1477)، ومحمد بن عاصم الثقفي في جزئه (9)، والبزار (2767) من طريق حسين بن علي الجعفي به.

ص: 198

5722 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم

فذكر بإسناده مثله. وزاد: "ثم الذين يلونهم" مرةً أخرى: "ثم يأتي قوم

"

(1)

.

فكان من حجتنا على الذين احتجوا بهذه الآثار لأهل المقالة الأولى أن هذه الشهادة لم يرد بها الشهادة على الحقوق، وإنما أريد بها الشهادة في الأيمان، وقد روي ما يدل على ذلك عن إبراهيم النخعي.

5723 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا شيبان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله! أي الناس خير؟ قال: "قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته" قال إبراهيم: كان أصحابنا ينهوننا ونحن غلمان أن نحلف بالشهادة والعهد

(2)

.

(1)

إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وأبي بكر بن عياش.

وأخرجه أحمد (18447) من طريق أسود بن عامر، والطبراني كما في النخب 20/ 403 من طريق الحماني، كلاهما عن أبي بكر بن عياش به.

وأخرجه ابن حبان (6727) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن عاصم به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (6658) من طريق سعد بن حفص، عن شيبان به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 175، وأحمد (4130)، والبخاري (6658)، ومسلم (2533)(210 - 211)، والنسائي في الكبرى (6031)، وابن ماجه (2362)، وابن حبان (7223 - 7227)، والطبراني في الكبير (10338)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 334 من طرق عن منصور به.

ص: 199

فدلّ هذا من قول إبراهيم أن الشهادة التي ذم النبي صلى الله عليه وسلم صاحبها هي قول الرجل: أشهد بالله بما كان كذا، على معنى الحلف، فكره ذلك كما يكره الحلف فإنه مكروه للرجل الإكثار منه وإن كان صادقًا.

فنهى عن الشهادة التي هي حلف، كما نهى عن اليمين إلا أن يستحلف بها، فيكون حينئذ معذورًا

ولعله أن يكون أراد بالشهادة التي ذكرنا الحلف بها على ما لم يكن لقوله: ثم يفشو الكذب فتكون تلك الشهادة شهادة كذب.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفضيل الشاهد المبتدئ بالشهادة ما

5724 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن أبي عمرة الأنصاري، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسأل عنها أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها" قال مالك: الذي يخبر بشهادته، ولا يعلم بها الذي هي له، أو يأتي بها الإمام

(1)

.

(1)

حديث صحيح رجاله ثقات، واختلف فيه على مالك فرواه بعض الرواة عنه عن أبي عمرة كما عند المصنف، ورواه آخرون عنه عن عبد الرحمن بن أبي عمرة وهو الصحيح.

وهو في الموطأ 2/ 260 ومن طريقه أخرجه أحمد (17040) والترمذي (2295)، والنسائي في الكبرى (6029)، وابن حبان (5079)، والبيهقي في السنن الصغير (4195)، والبغوي (2513).

وقد رواه محمد بن الحسن في الموطأ (849)، ومن طريقه الشافعي في السنن (530)، وعبد الرزاق (15557)، وأبو داود (3596)، وأبو عوانة 4/ 19 وعندهم عبد الرحمن بن أبي عمرة.

ص: 200

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مدح الذي يخبر بشهادته من هي له، أو يأتي بها الإمام فيشهد بها عنده، وجعله خير الشهداء

فأولى بنا أن نحمل الآثار الأول على ما وصفنا من تأويل كل أثر منها حتى لا تتضاد ولا تختلف ولا يدفع بعضها بعضًا.

فتكون الآثار الأول على المعاني التي ذكرنا وتكون هذه الآثار الأخر على تفضيل المبتدئ بالشهادة من هي له أو المخبر بها الإمام.

وقد فعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا الإمام، فشهدوا ابتداءً منهم: أبو بكرة، ومن كان معه حين شهدوا على المغيرة بن شعبة، فرأوا ذلك لأنفسهم لازمًا، ولم يعنفهم عمر رضي الله عنه على ابتدائهم إياه بذلك، بل سمع شهاداتهم.

ولو كانوا في ذلك مذمومين لذمهم، وقال: من سألكم عن هذا؟ ألا قعدتم حتى تسألوا؟.

فلما سمع منهم ولم ينكر ذلك عليهم عمر رضي الله عنه ولا أحد ممن كان بحضرته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دلّ ذلك أن فرضهم كذلك، وأن من فعل ذلك ابتداء لا عن مسألة محمود.

فمما روي في ذلك ما

5725 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عفان بن مسلم وسعيد بن أبي مريم، قالا:

ص: 201

حدثنا السري بن يحيى، قال: حدثني عبد الكريم بن رشيد، عن أبي عثمان النهدي، قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فشهد على المغيرة بن شعبة، فتغير لون عمر، ثم جاء آخر، فشهد فتغير لون عمر، ثم جاء آخر، فشهد، فتغير لون عمر، حتى عرفنا ذلك فيه، وأنكر لذلك، وجاء آخر يحرك بيديه فقال: "ما عندك يا سلح

(1)

العقاب؟ " وصاح أبو عثمان صيحةً يشبه بها صيحة عمر حتى كدت أن يغشى علي، قال: رأيت أمراً قبيحًا، فقال عمر رضي الله عنه: "الحمد لله الذي لم يشمت الشيطان بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأمر بأولئك النفر فجلدوا"

(2)

.

5726 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا محمد بن مسلم الطائفي، قال: ثنا إبراهيم بن ميسرة عن سعيد بن المسيب، قال: شهد على المغيرة أربعة، فنكل زياد بن أبي سفيان، فجلد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الثلاثة، واستتابهم، فتاب الاثنان، وأبى أبو بكرة أن يتوب، فكان يقبل شهادتهما حين تابا، وكان أبو بكرة لا يقبل شهادته؛ لأنَّه أبى أن يتوب، وكان مثل النضو

(3)

من العبادة

(4)

.

(1)

السلح: إذا خرى مائعا، والسلاح بالضم: النجو، قاله الجوهري، والعقاب طائر معروف، فشبه عمر رضي الله عنه زيادا بسلح العقاب وهو نجوه المائع الذي يذرقه تحقيرا له.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (28822) عن ابن علية، عن التيمي، عن أبي عثمان به.

(3)

بكسر النون وسكون الضاد المعجمة: البعير المهزول، والناقة نضوة.

(4)

رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 12/ 362 بإسناده ومتنه.=

ص: 202

5727 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا الوليد بن عبد الله بن جميع، قال: حدثني أبو الطفيل، قال: أقبل رهط معهم امرأة حتى نزلوا، فتفرقوا في حوائجهم، فتخلف رجل مع امرأة، فرجعوا وهو بين رجليها، فشهد ثلاثة أنهم رأوه يهب كما يهب المرود في المكحلة، وقال الرابع: أحمي سمعي وبصري لم أره يهب فيها، رأيت سخنتيه يعني خصيتيه، تضربان استها، ورجليها مثل أذني حمار. وعلى مكة يومئذ نافع بن عبد الحارث الخزاعي، فكتب إلى عمر. فكتب إليه عمر: إن شهد الرابع بمثل ما شهد الثلاثة فقدمهما فاجلدهما، وإن كانا محصنين فارجمهما، وإن لم يشهد إلا بما كتبت به إليّ فاجلد الثلاثة، وخلّ سبيل الرجل والمرأة، قال: فجلد الثلاثة وخلّى سبيل الرجل والمرأة

(1)

.

فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد بعضهم ابتداءً، وقبلها بعضهم، وحضر ذلك أكثرهم، فلم ينكره.

فدل ذلك على اتفاقهم جميعًا على هذا المعنى، وثبت أن معاني الآثار الأول على ما ذكرنا من معانيها التي وصفناها في مواضعها.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

=وعنده أبو نعيم الفضل بن دكين قبل سعيد بن أبي مريم.

وأخرجه عبد الرزاق (15550) عن محمد بن مسلم به.

(1)

إسناده حسن من أجل الوليد بن عبد الله بن جميع به.

ص: 203

‌5 - باب الحكم بالشيء فيكون في الحقيقة بخلافه

(1)

في الظاهر

5728 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أبو اليمان، قال: أنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن زينب بنت أبي سلمة وأمها أم سلمة أخبرته، أن أمها أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمع النبي صلى الله عليه وسلم جلبة

(2)

خصام

(3)

عند بابه، فخرج إليهم، فقال:"إنما أنا بشر مثلكم وإنه يأتي الخصم، ولعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأقضي له بذلك، وأحسب أنه صادق، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي من قطعة النار، فليأخذها أو ليدعها"

(4)

.

5729 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله

(5)

.

(1)

في ن "على".

(2)

الجلبة: الصوت واللغط.

(3)

خصام جمع خصيم.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (7185) من طريق أبي اليمان، عن شعيب به.

وأخرجه أحمد (26626)، ومسلم (1713)(5 - 6)، والنسائي في الكبرى (5984)، وأبو عوانة 4/ 5، والطبراني في الكبير 23/ (903)، وفي الأوسط (1876)، وفي الشاميين (3116)، والبيهقي في السنن 10/ 143 من طرق عن الزهري، عن عروة عن زينب، عن أم سلمة به.

(5)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (2458، 7181) من طريق عبد العزيز بن عبد الله الأويسي به.

وأخرجه أحمد (26627)، ومسلم (1713)(6)، والدارقطني 4/ 239، والبيهقي في السنن 10/ 149، 150 من=

ص: 204

5730 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة رضي الله عنها، عن رسول الله

مثله

(1)

.

5731 -

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن

(2)

بحجته فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فإنها أقطع له قطعةً من النار فلا يأخذه"

(3)

.

5732 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن رسول الله

مثله

(4)

.

=طريق يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 259 ومن طريقه الشافعي في المسند 2/ 78، والبخاري (2680، 7169)، والنسائي في الكبرى (5943)، وأبو عوانة 4/ 4، 5، وابن حبان (5070)، والبيهقي 10/ 143، 149، والخطيب في التاريخ 4/ 10، والبغوي (2506).

(2)

أي: أفطن لها، وأجدل بها.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (26491)، ومسلم (1713)، وابن الجارود في المنتقى (999)، وأبو عوانة 4/ 3، والبيهقي 10/ 149 من طرق عن أبي معاوية به.

(4)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 234 - 14/ 269، وأحمد (8394)، وابن ماجه (2318)، وأبو يعلى (5920)، وابن حبان (5071) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة به.

ص: 205

5733 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا وكيع عن أسامة بن زيد، سمعه من عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست

(1)

، وليست بينهما بينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم، ولعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأقضي له بذلك، وأحسب أنه صادق، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو ليدعها"، فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لأخي الآخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إذ فعلتما هذا فاذهبا فاقتسما وتوخيا

(2)

الحق ثم استهما

(3)

، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه"

(4)

.

5734 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال أنا أسامة بن زيد

فذكر بإسناده مثله

(5)

.

(1)

درست أي: عتقت ومضى عليها زمان.

(2)

أي: تحرياه واقصداه.

(3)

أي: اقترعا.

(4)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (760) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 23 - 234، وأحمد (26717)، وأبو داود (3584 - 3585)، وأبو يعلى (6897، 7027)، وابن الجارود (1000)، والطبراني في الكبير 23/ 663، والدارقطني 4/ 238 - 239، والحاكم 4/ 95، والبيهقي في السنن 6/ 66، 10/ 260، والبغوي (2508) من طرق عن أسامة بن زيد الليثي به.

(5)

إسناده حسن كسابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (759) بإسناده ومتنه.=

ص: 206

5735 -

حدثنا يونس، قال: أخبرني عبد الله بن نافع الصائغ، قال: حدثني أسامة

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

قال أبو جعفر فذهب قوم

(2)

إلى أن كل قضاء قضى به الحاكم من تمليك مال أو إزالة ملك، أو إثبات نكاح أو من حله بطلاق، أو بما أشبهه أن ذلك كله على حكم الباطن فإن كان ذلك كله في الباطن كهو في الظاهر وجب ذلك على ما حكم به.

وإن كان ذلك في الباطن على خلاف ما شهد به الشاهدان أو على خلاف ما حكم به بشهادتهما على الحكم الظاهر، لم يكن قضاء القاضي موجبًا شيئًا من تمليك، ولا تحريم، ولا تحليل، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وممن قال ذلك أبو يوسف رحمه الله.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: ما كان من ذلك من تمليك مال فهو على حكم الباطن، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعةً من النار".

وما كان ذلك من قضاء بطلاق أو نكاح بشهود ظاهرهم العدالة، وباطنهم

=ورواه الدارقطني 2/ 239 عن ابن مرزوق به.

(1)

إسناده حسن من أجل عبد الله بن نافع وأسامة بن زيد الليثي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (758) بإسناده ومتنه.

(2)

قلت أراد بهم: الثوري، والأوزاعي، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأبا ثور، وداود، وسائر الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 20/ 426.

(3)

قلت أراد بهم: عامر الشعبي، وأبا حنيفة، ومحمد بن الحسن رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 207

الجرحة، فحكم الحاكم بشهادتهم على ظاهرهم الذي تعبد الله أن يحكم بشهادة مثلهم معه، فذلك تحريم في الباطن كحرمته في الظاهر.

والدليل على ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين.

5736 -

حدثنا يونس، قال: أنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان وقال لهما: "حسابكما على الله، الله يعلم أن أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها"، قال: يا رسول الله! صداقي الذي أصدقتها؟ قال: "لا مال لك إن كنت صدقت عليها، فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فهو أبعد لك منه"

(1)

.

5737 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، سمع سهل بن سعد الساعدي يقول: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين المتلاعنين، فقال: يا رسول الله كذبت عليها إن أمسكتها

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5287) بإسناده ومتنه، بزيادة عيسى بن إبراهيم قبل سفيان بن عيينة.

وأخرجه الشافعي في مسنده 2/ 49، وعبد الرزاق (12455)، وسعيد بن منصور (1556)، وأحمد (4587)، والبخاري (5312)، ومسلم (1493)(5)، والنسائي في المجتبى 6/ 177، وابن الجارود في المنتقى (753)، وأبو يعلى (5651)، والبيهقي في السنن 7/ 401 من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 2/ 46، وابن أبي شيبة 4/ 351 - 14/ 172 - 173، وأحمد (22803)، والبخاري (6854، 7165)، وأبو داود (2251)، والطبراني في الكبير (5687، 5691)، والبيهقي 7/ 401 من طريق سفيان بن عيينة به.

ص: 208

5738 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، أن سهل بن سعد الساعدي، أخبره أن عويمرًا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: أرأيت يا عاصم لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فيقتلونه أم كيف يفعل؟ سل لي عن ذلك يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال: يا عاصم ماذا قال لك رسول الله؟. فقال عاصم لعويمر لم تأتني بخير، فقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها. فقال عويمر: لا أنتهي حتى أسأله عنها، فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس، فقال: يا رسول الله! أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك، فاذهب فائت بها"، قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما فرغا، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلاقها قال ابن شهاب: فكانت سنة المتلاعنين

(1)

.

5739 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا الماجشون، عن الزهري، عن سهل بن سعد، عن عاصم بن عدي قال: جاءني عويمر

ثم ذكر مثله

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

هو في الموطأ 2/ 76، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 44، والدارمي (2229)، وأحمد (22851)، والبخاري (5259، 5308)، ومسلم (1492)(1)، وأبو داود (2245)، والنسائي 6/ 143 - 144، وابن الجارود (737)، وابن حبان (4284)، والطبراني في الكبير (5675 - 5676)، والبيهقي 7/ 398 - 399، والبغوي (2366).

(2)

إسناده صحيح.=

ص: 209

فقد علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لو علم الكاذب منهما بعينه لم يفرق بينهما، ولم يلاعن، ولو علم أن المرأة صادقة لحد الزوج لها بقذفه إياها.

ولو علم أن الزوج صادق لحد المرأة للزنا الذي كان منها.

فلما خفي الصادق منهما على الحاكم وجب حكم آخر، فحرم الفرج على الزوج في الباطن والظاهر، ولم يرد ذلك إلى حكم الباطن.

فلما ثبت هذا في المتلاعنين ثبت أن كذلك الفرق كلها، والقضاء بما ليس فيه تمليك أموال أنه على حكم الظاهر لا على حكم الباطن، وأن حكم القاضي يحدث في ذلك التحريم والتحليل في الظاهر والباطن جميعا، وأنَّه خلاف الأموال التي تقضى بها على حكم الظاهر، وهي في الباطن على خلاف ذلك.

فتكون الآثار الأول هي على القضاء بالأموال والآثار الآخر هي على القضاء بغير الأموال من إثبات العقود وحلها حتى تتفق معاني وجوه الآثار والأحكام ولا تتضاد.

وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتبايعين إذا اختلفا في الثمن، والسلعة قائمة أنهما يتحالفان ويترادان، فتعود الجارية إلى البائع، ويحل له فرجها، ويحرم على المشتري.

ولو علم الكاذب منهما بعينه إذًا لقضى بما يقول الصادق، ولم يقض بفسخ بيع

=وأخرجه أحمد (22856)، والنسائي 6/ 170 - 171، والبغوي في الجعديات (2977)، والطبراني في الكبير (5690 - 5692) من طرق عن عبد العزيز بن أبي سلمة.

ص: 210

ولا بوجوب حرمة فرج الجارية المبيعة على المشتري.

فلما كان ذلك كذلك على ما وصفنا كان كذلك كل قضاء بتحريم أو تحليل أو عقد نكاح على ما حكم القاضي فيه في الظاهر لا على حكمه في الباطن، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن رحمهما الله.

ص: 211

‌6 - باب الحُر يجب عليه دين، ولا يكون له مال كيف حكمه؟

5740 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يحيى بن صالح الوحاظي، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن البيلماني، قال: كنت بمصر فقال لي رجل: ألا أدلك على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى، فأشار إلى رجل فجئته، فقلت: من أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا سرّق فقلت: سبحان الله ما ينبغي لك أن تسمى بهذا الاسم، وأنت رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماني بسرق فلن أدع ذلك الاسم أبدًا، قلت: ولم سماك سرقًا؟ قال: لقيت رجلًا من أهل البادية ببعيرين له يبيعهما، فابتعتهما منه، فقلت له: انطلق معي حتى أعطيك، فدخلت بيتي، ثم خرجت من خلف لي، وقضيت بثمن البعيرين حاجتي، وتغيبت حتى ظننت أن الأعرابي قد خرج، فخرجت والأعرابي مقيم فأخذني وقدمني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما حملك على ما صنعت؟ " قلت: قضيت بثمنهما حاجتي يا رسول الله! قال: "فاقضه"، قال: قلت: ليس عندي قال: "أنت سرق اذهب به يا أعرابي، فبعه حتى تستوفي حقك". قال: فجعل الناس يسومونه

(1)

بي، ويلتفت إليهم، فيقول: ماذا تريدون؟ فيقولون: نريد أن نبتاعه منك، قال: فوالله إن منكم أحد أحوج إليه مني، اذهب فقد أعتقتك

(2)

.

(1)

في د س "يساومونه".

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن البيلماني.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1876) بإسناده ومتنه.=

ص: 212

5741 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، قال: حدثني زيد بن أسلم، قال: لقيت رجلًا بالإسكندرية، يقال له: سرق، فقلت: ما هذا الاسم؟ فقال: سمانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدمت المدينة، فأخبرتهم أنه يقدم لي مال فبايعوني، فاستهلكت أموالهم، فأتوا بي النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أنت سرق" فباعني بأربعة أبعرة، فقال له غرماؤه: ما يصنع به؟ قال: "أعتقه"، قالوا: ما نحن بأزهد في الأخر منك، قال: فأعتقوني

(1)

.

قال أبو جعفر رحمه الله: ففي هذا الحديث بيع الحرّ في الدين، وقد كان ذلك في أول الإسلام يباع مَن عليه دين فيما عليه من الدين، إذا لم يكن له مال يقضيه عن نفسه، حتى نسخ الله عز وجل ذلك فقال:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280].

=ورواه ابن سعد 7/ 504 - 505، والطبراني (6716) من طرق عن مسلم بن خالد به.

ووقع في طبعة الطبقات هشام بن خالد بدل مسلم بن خالد.

وأخرجه الحاكم 4/ 101 - 102، وعنه البيهقي 6/ 51 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عبد الرحمن بن عبد الله ابن دينار، عن زيد بن أسلم به.

(1)

رجاله رجال الصحيح غير صحابيه سرق فقد روى له ابن ماجه فقط.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1875) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن عبد الحكم في فتوح مصر ص 318 عن محمد بن عبد الجبار، عن عبد الصمد بن عبد الوارث به.

وأخرجه الحاكم 2/ 54، وعنه البيهقي 6/ 50 من طريق محمد بن بشار، عن عبد الصمد بن عبد الوارث به.

ص: 213

وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في الذي ابتاع الثمار، فأصيب فيها فكثر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تصدقوا عليه"، فتصدق عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك".

وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم من كتابنا هذا.

ففي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه: "ليس لكم إلا ذلك" دليل على أن لا حق لهم في بيعه، ولولا ذلك لباعه لهم كما باع سرقًا في دينه لغرمائه، وهذا قول أهل العلم جميعًا رحمهم الله.

ص: 214

‌7 - باب: الوالد هل يملك مال ولده أم لا؟

5742 -

حدثنا ربيع الجيزي، وابن أبي داود: قالا حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثني عيسى بن يونس، قال: ثنا يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، عن ابن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي مالًا وعيالًا، وإن لأبي مالًا وعيالًا، وإنه يريد أن يأخذ مالي إلى ماله، فقال صلى الله عليه وسلم:"أنت ومالك لأبيك"

(1)

.

5743 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رجل: يا رسول الله!: إن لي مالًا وإن لي والدًا يريد أن يجتاح مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنت ومالك لأبيك، إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1598) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (3534) من طريق عبد الله بن يوسف به.

وأخرجه ابن ماجه (2291)، والطبراني في الأوسط (6728)، وابن عدي في الكامل 7/ 2621 - 2626 من طريق هشام ابن عمار، عن عيسى بن يونس به.

وأخرجه السهمي في تاريخ جرجان ص 385، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 140، والطبراني في الأوسط (6570)، وفي الصغير (947)، وابن عدي 5/ 1727، والإسماعيلي في معجمه 3/ 806، والبيهقي 7/ 481 من طرق عن محمد بن المنكدر به.

(2)

إسناده حسن.=

ص: 215

قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم

(1)

إلى أن ما كسبه الابن من مال فهو لأبيه، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: ما كسب الابن من شيء فهو له خاصةً دون أبيه.

وقالوا: قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا ليس على التمليك منه للأب كسب الابن وإنما هو على أنه لا ينبغي للابن أن يخالف الأب في شيء من ذلك، وأن يجعل أمره فيه نافذًا كأمره فيما يملك.

ألا تراه يقول: "أنت ومالك لأبيك" فلم يكن الابن مملوكًا لأبيه بإضافة النبي صلى الله عليه وسلم إياه إليه، فكذلك لا يكون مالكًا لماله بإضافة النبي صلى الله عليه وسلم إياه إليه.

5744 -

وقد حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نفعني مال قط

= وأخرجه أحمد (7001)، وأبو داود (3530)، وابن ماجه (2718)، والبيهقي 7/ 480 من طريق حسين بن ذكوان المعلم به، وعند أحمد والبيهقي حبيب المعلم به.

(1)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، ومسروق بن الأجدع، ومجاهدا، والحكم بن عتيبة، وعامر الشعبي، والحسن البصري، وابن أبي ليلى رحمهم الله، كما في النخب 20/ 453.

(2)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، والزهري، ومحمد بن سيرين، وجابر بن زيد، ومجاهدا في قول، وحماد بن أبي سليمان، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 20/ 455.

ص: 216

ما نفعني مال أبي بكر"، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إنما أنا ومالي لك يا رسول الله

(1)

.

فلم يرد أبو بكر بذلك أن ماله ملكًا للنبي صلى الله عليه وسلم دونه، ولكنه أراد أن أمره ينفذ فيه وفي نفسه، كما ينفذ أمر ذي المال في ماله بإيجابة ذلك له.

فكذلك قوله: "أنت ومالك لأبيك" هو على هذا المعنى أيضًا والله أعلم.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حرم أموال المسلمين كما حرم دماؤهم ولم يستثن في ذلك والدا ولا غيره.

فمما روي عنه في ذلك ما.

5745 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود (ح)

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي، قالوا: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة بن شراحيل، قال حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسبه قال: في غرفتي هذه، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هل تدرون أيّ يوم هذا؟ " قالوا: نعم! يوم النحر، قال:"صدقتم يوم الحج الأكبر". قال: "هل تدرون

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1599) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 6 - 7، وأحمد في المسند (7446) وفي فضائل الصحابة (25)، والنسائي في الكبرى (8110)، وابن ماجه (94)، وابن أبي عاصم في السنة (1229)، وابن حبان (6858)، والخطيب في تاريخ بغداد 12/ 135 من طريق أبي معاوية به.

ص: 217

أي شهر هذا؟ قالوا: نعم! ذو الحجة، قال:"صدقتم شهر الله الأصم"، قال:"هل تدرون أيّ بلد هذا؟ "، قالوا: نعم! المشعر الحرام، قال:"صدقتم". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأحسبه قال: وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا

(1)

.

5746 -

حدثنا علي بن معبد قال: ثنا أبو الأشهب هوذة بن خليفة البكراوي، قال: ثنا عوف الأعرابي، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة يوم النحر يوم حجة الوداع:"إن أموالكم، وأعراضكم، ودماءكم حرام بينكم في مثل يومكم هذا، في مثل شهركم هذا، في مثل بلدكم هذا، ألا ليبلغ الشاهد الغائب"

(2)

.

5747 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: سمعت أبا صالح يحدث، عن أبي سعيد الخدري، أو عن أبي هريرة، وأراه أبا سعيد

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (42) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (15886) عن وكيع، عن شعبة به.

وأخرجه الطبري في التفسير (16454) عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن رجل به.

(2)

إسناده صحيح

وأخرجه أحمد (20387)، والدارمي (1916)، والبخاري (67)، ومسلم (1679)(30)، والنسائي في الكبرى (4091 - 4092 - 5851)، وابن أبي عاصم في الديات (ص 23 - 24)، وابن حبان (3848 - 5973)، والبيهقي في السنن 3/ 298 من طرق عن ابن عون به.

ص: 218

الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "إن أعظم الأيام حرمةً هذا اليوم، وإن أعظم الشهور حرمةً هذا الشهر، وإن أعظم البلدان حرمةً هذا البلد، وإن دماءكم، وأموالكم حرام عليكم كحرمة هذا اليوم، وهذا الشهر، وهذا البلد، هل بلغت؟ "، قالوا: نعم قال: "اللهم اشهد"

(1)

.

5748 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، قال: ثنا جعفر بن محمد، عن عن أبيه، أبيه، عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم في حجة الوداع فقال:"ألا إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا"

(2)

.

5749 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا دحيم بن اليتيم، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال ثنا هشام بن الغاز الجرشي، قال: أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11762)، وابن ماجه (3931) من طريق عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1218) - (147)، وأبو داود (1905)، وابن ماجه (3074)، وابن حبان (3944) من طريق حاتم بن إسماعيل به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (1945) من طريق الوليد بن مسلم به.

وأخرجه ابن ماجه (3058) من طريق صدقة بن خالد، عن هشام به.

ص: 219

5750 -

حدثنا محمد بن علي بن داود، قال: ثنا عفان بن مسلم، قال: ثنا ربيعة بن كلثوم بن جبر، قال: حدثني أبي، قال: سمعت أبا غادية الجهني رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله

(1)

.

5751 -

حدثنا علي بن معبد قال: ثنا يونس بن محمد، قال: ثنا حسين بن عازب عن شبيب بن غرقدة، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه عمرو قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع

فذكر مثله

(2)

.

فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمة الأموال كحرمة الأبدان.

فكما لا يحل أبدان الأبناء للآباء إلا بالحقوق الواجبة، فكذلك لا تحل أموالهم إلا بالحقوق الواجبة.

فإن قال قائل: نريد أن يوجد ما ذكرت في الأب منصوصا عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت:

(1)

إسناده حسن من أجل ربيعة بن مكتوم ووالده فإنهما حسنا الحديث.

وأخرجه ابن سعد 3/ 260، وأحمد (20666) من طريق عفان بن مسلم، عن ربيعة به.

(2)

إسناده محتمل للتحسين، والحسين بن عازب -وهو متابع- لم يؤثر فيه جرح ولا تعديل كما في ابن أبي حاتم، وسليمان بن عمرو بن الأحوص روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في الثقات وبقية رجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2381) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 26، وأحمد (15507)، وأبو داود (3334)، والترمذي (2159)، والنسائي في الكبرى (4100 - 11213)، وابن ماجه (2669 - 3055)، والطبراني في الكبير 17/ 58، والبيهقي في السنن 8/ 27 من طرق عن أبي الأحوص، عن شبيب به.

ص: 220

5752 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن عياش بن عباس القتباني، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الرجل: أمرت بيوم الأضحى عيدًا جعله الله عز وجل لهذه الأمة". فقال الرجل: أفرأيت إن لم أجد إلا منيحة

(1)

ابني أفأضحي بها. قال: "لا، ولكنك تأخذ من شعرك، وأظفارك، وتقص من شاربك، وتحلق عانتك، فذلك تمام أضحيتك عند الله"

(2)

.

قال أبو جعفر: فلما قال هذا الرجل: يا رسول الله أضحي بمنيحة ابني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا".

وقد أمره أن يضحي من ماله وحضه عليه، دلّ ذلك على أن حكم مال ابنه خلاف حكم ماله.

مع أن أولى الأشياء بنا حمل هذه الآثار على هذا المعنى؛ لأن كتاب الله عز وجل يدل على ذلك، قال الله عز وجل {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}

(1)

هي الناقة التي يعطيها صاحبها لآخر، ينتفع بلبنها ويعيدها.

(2)

إسناده حسن من أجل عيسى بن هلال الصدفي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5530) بإسناده ومتنه.

بزيادة وعمرو بن الحارث وعبد الله بن عياش بعد سعيد ..

وأخرجه النَّسَائِي 7/ 212 - 213، والدارقطني 4/ 282، والبيهقي 9/ 263 عن يونس بن عبد الأعلى به.

وأخرجه ابن حبان (5914)، والحاكم 4/ 223، والبيهقي 9/ 264 من طريقين عن ابن وهب به.

ص: 221

[النساء: 11] ثم قال {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 11].

فورث الله عز وجل غير الولد مع الوالد من مال الابن فاستحال أن يكون المال للأب في حياة الابن ثم يصير بعضه لغير الأب في حياة الأب.

ثم قال الله عز وجل {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] فجعل الله عز وجل المواريث للوالدين وغيرهم بعد قضاء الدين إن كان على الميت وبعد إنفاذ وصاياه من ثلث ماله.

وقد أجمعوا أن الأب لا يقضي من ماله دين ابنه، ولا ينفذ وصايا ابنه من ماله.

ففي ذلك ما قد دل على ما ذكرنا.

وقد أجمع المسلمون أن الابن إذا ملك مملوكةً حل له أن يطأها، وهي ممن أباح الله عز وجل له وطئها بقوله تعالى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)} [المؤمنون: 5، 6] فلو كان ماله لأبيه إذا الحرم عليه وطء ما كسب من الجواري كحرمة وطء جواري أبيه عليه.

فدلّ ذلك أيضًا على انتفاء ملك الأب لمال الابن، وأن ملك الأب لمال الابن فيه ثابت دون أبيه.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

ص: 222

‌8 - باب الولد يدعيه الرجلان كيف حكمه فيه؟

5753 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: دخل مجزز المدلجي، على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أسامة وزيدًا، وعليهما قطيفة قد غطيا رءوسهما، فقال: إن هذه الأقدام، بعضها من بعض، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا

(1)

.

5754 -

حدثنا يونس، قال: ثنا شعيب بن الليث، عن أبيه، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورًا تبرق أسارير وجهه، فقال: "ألم تري

(2)

أن مجززًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد، فقال: إن بعض هذه الأقدام عن بعض"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4780) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (13834)، والحميدي (239)، وابن سعد في الطبقات 4/ 63، وابن راهويه (728)، وأحمد (24099)، والبخاري (6771)، ومسلم (1459) - (39)، وأبو داود (2267)، والترمذي بإثر (2129)، والنسائي في المجتبى 6/ 184، وفي الكبرى (5688 - 6035)، وابن ماجه (2349)، وأبو يعلى (4422)، وابن حبان (7057)، والدارقطني 4/ 340، والبيهقي 10/ 262، والبغوي (2381) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(2)

في ن "ترين".

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4781) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات 4/ 63، وأحمد (24526)، والبخاري (6770)، ومسلم (1459)(38)، وأبو داود (2268)، والترمذي (2129)، والنسائي في المجتبى 6/ 184، وفي الكبرى (5687)، وابن أبي عاصم في الآحاد =

ص: 223

قال أبو جعفر: فاحتج قوم

(1)

بهذا الحديث، فزعموا أن فيه ما قد دلهم أن القافة يحكم بقولهم وتثبت بها الأنساب.

قالوا: ولولا ذلك لأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على مجزز، ولقال له: وما يدريك؟.

فلما سكت ولم ينكر عليه دل أن ذلك القول مما يؤدي إلى حقيقة يجب بها الحكم.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

فقالوا: لا يجوز أن يحكم بقول القافة في نسب ولا غيره.

وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن سرور النبي صلى الله عليه وسلم بقول مجزز المدلجي الذي ذكروا في حديث عائشة رضي الله عنها، ليس فيه دليل على ما توهموا من وجوب الحكم بقول القافة؛ لأن أسامة قد كان نسبه ثبت من زيد قبل ذلك.

ولم يحتج النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك إلى قول أحد، ولولا ذلك لما كان دعي أسامة فيما تقدم إلى زيد.

وإنما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من إصابة مجزز كما تعجب من ظن الرجل الذي.

=والمثاني (255)، وابن حبان (4102)، والدارقطني 4/ 340 من طرق عن الليث بن سعد به.

(1)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، ومالكا، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وداود، وسائر الظاهرية، وأكثر أهل الحديث رحمهم الله، كما في النخب 20/ 474.

(2)

قلت أراد بهم: سفيان الثوري، والنخعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 20/ 476.

ص: 224

بظنه حقيقة الشيء الذي ظنه، ولا يجب الحكم بذلك.

وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنكار عليه؛ لأنَّه لم يتعاطى بقوله ذلك إثبات ما لم يكن ثابتًا فيما تقدم، فهذا ما يحتمله هذا الحديث.

وقد روي في أمر القافة، عن عائشة رضي الله عنها ما يدل على غير هذا.

5755 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أصبغ بن الفرج، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن النكاح كان في الجاهلية على أربعة أنحاء: فمنه أن يجتمع الرجال العدد على المرأة، لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا، وكن ينصبن على أبوابهن رايات، فيطؤها كل من دخل عليها، فإذا حملت ووضعت حملها جمع لهم القافة، فأيهم ألحقوه به، صار أباه، ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك. فلما بعث الله عز وجل محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق، هدم نكاح أهل الجاهلية، وأقر نكاح أهل الإسلام

(1)

.

ففي هذا الحديث أن إثبات النسب بقول القافة كان من حكم الجاهلية، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هدم ذلك النكاح الذي كان يكون فيه ذلك الحكم، وأقر الناس على

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4784) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارقطني 3/ 217 - 218 من طريق محمد بن إسحاق، عن أصبغ بن الفرج به.

وأخرجه البخاري (5127)، وأبو داود (2272)، والبيهقي 7/ 110 - 190 من طريق أحمد بن صالح، عن عنبسة بن خالد، عن يونس بن يزيد به.

ص: 225

النكاح الذي لا يحتاج فيه إلى قول القافة، وجعل الولد لأبيه الذي يدعيه، فثبت نسبه بذلك، ونسخ الحكم المتقدم الذي كان يحكم فيه بقول القافة. وقد كان أولاد البغايا الذين ولدوا في الجاهلية من ادعى أحدًا منهم في الإسلام ألحق به.

5756 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن يحيى بن سعيد

وحدثنا يونس، قال: أنا أنس، عن يحيى بن سعيد، قال: مالك في حديثه: عن سليمان بن يسار، وقال أنس: أخبرني سليمان بن يسار، أن عمر رضي الله عنه كان يليط

(1)

أهل الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام

(2)

.

فدل ذلك أنهم لم يكونوا يلحقون بهم بقول القافة، فيكون قولهم كالبينة التي تشهد على ذلك.

فلو كان قولهم مستعملًا في الإسلام كما كان مستعملًا في الجاهلية إذًا لما قالت عائشة رضي الله عنها: إن ذلك مما هدم إذا كان يجب به علم أن الصبي ممن وطئ أمة من الرجال ففي نسخ ذلك دليل على أن قولهم: لا يجب به حكم بثبوت النسب.

(1)

من ألاط إذا ألصق.

(2)

إسناده مرسل، سليمان بن يسار لم يلق عمر رضي الله عنه، ورجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 11/ 17 - 18، وأحكام القرآن (1991) بإسناده ومتنه.

وهو في الموطأ 2/ 740، ومن طريقه البيهقي 10/ 263.

ورواه أبو عبيد في غريب الحديث 3/ 340 عن أبي معاوية، عن يحيى بن سعيد به.

ص: 226

واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضًا بما

5757 -

حدثنا يونس، قال: أنا أنس، قال: أخبرني يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، أن رجلين أتيا عمر رضي الله عنه، كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا لهما رجلًا من بني كعب قائفًا، فنظر إليهما، فقال لعمر: قد اشتركا فيه، فضربه عمر بالدرة، ثم دعا المرأة، فقال: أخبريني بخبرك، فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيها، وهي في إبل لأهلها، فلا يفارقها حتى يطأها يظن أن قد استمر بها حمل، ثم ينصرف عنها، فأهراقت عنه دمًا، ثم خلفها ذا، تعني الآخر، فلا يفارقها حتى استمر بها حمل، فلا تدري ممن هو، فكبر الكعبي، فقال عمر رضي الله عنه للغلام:"والِ أيهما شئت"

(1)

.

5758 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان

مثله

(2)

.

5759 -

حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن يحيى بن حاطب، عن أبيه، قال: أتى رجلان إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يختصمان في غلام من ولادة الجاهلية، يقول هذا: هو ابني، ويقول هذا: هو ابني. فدعا لهما عمر رضي الله عنه قائفًا من بني المصطلق، فسأله عن الغلام، فنظر إليه

(1)

إسناده مرسل.

وأخرجه البيهقي في الخلافيات كما في النخب 20/ 483 من طريق يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار به.

(2)

إسناده مرسل وهو مكرر سابقه (5756).

ص: 227

المصطلقي ثم نظر، ثم قال لعمر: والذي أكرمك ليس لأحدهما، قد اشتركا فيه جميعًا. فقام إليه عمر فضربه بالدرة حتى اضطجع ثم قال: والله لقد ذهب بك النظر إلى غير مذهب ثم دعا أم الغلام فسألها، فقالت: إن هذا لأحد الرجلين قد كان غلب عليّ الناس، حتى ولدت له أولادًا، ثم وقع بي على نحو ما كان يفعل فحملت فيما أرى، فأصابني هراقة من دم حتى وقع في نفسي أن لا شيء في بطني، ثم إن هذا الآخر وقع بي، فوالله ما أدري من أيهما هو؟. فقال عمر للغلام: اتبع أيهما شئت، فاتبع أحدهما. قال عبد الرحمن بن حاطب: فكأني أنظر إليه متبعًا لأحدهما، فذهب به. وقال عمر رضي الله عنه: قاتل الله أخا بني المصطلق

(1)

.

قالوا ففي هذا الحديث أن عمر رضي الله عنه حكم بالقافة، فقد وافق ما تأولنا في حديث مجزز المدلجي.

فكان من الحجة عليهم للآخرين أن في هذا الحديث ما يدل على بطلان ما قالوا، وذلك أن فيه أن القائف قال: هو منهما جميعًا.

فلم يجعله عمر عمر رضي الله عنه كذلك، وقال له: وَال أيهما شئتَ على ما يجب في

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 12/ 254 بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي 10/ 263 من طريق بحر بن نصر به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 379 - 380، والبيهقي 10/ 263 من طريقين عن هشام به.

وقال البيهقي عن طريق ابن أبي شيبة: هذا إسناد صحيح موصول.

ص: 228

صبي ادعاه رجلان فإن أقر لأحدهما كان ابنه، فلما ردّ عمر حكم ذلك الصبي إلى حكم الصبي المدعي إذا ادعاه، رجلان، ولم يكن بحضرة الإمام قائف لا إلى قول القائف دل ذلك على أن القافة لا يجب بقولهم ثبوت نسب من أحد.

وقد روي عن عمر رضي الله عنه أيضًا من وجوه صحاح أنه جعله بين الرجلين جميعا.

5760 -

حدثنا ابن مرزوق، قال ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن توبة العنبري، عن الشعبي، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلين اشتركا في طهر امرأة فولدت فدعا عمر رضي الله عنه القافة، فقالوا: أخذ الشِبه منهما جميعًا، فجعله بينهما

(1)

.

5761 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن قتادة عن سعيد بن المسيب، عن عمر رضي الله عنه

نحوه، قال: فقال لي: سعيد لمن ترى ميراثه؟ قال هو لآخرهما موتًا

(2)

.

5762 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا عوف بن أبي جميلة، عن أبي المهلب، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في رجل ادعاه رجلان كلاهما يزعم أنه

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 12/ 252 بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 378 - 379 عن جرير عن مغيرة، عن الشعبي، قال: قضى عمر ..

(2)

إسناده منقطع سعيد بن المسيب أدرك عمر ولم يسمع منه.

وأخرجه البيهقي 10/ 246 من طريق شعبة، عن قتادة به.

ص: 229

ابنه، وذلك في الجاهلية، فدعا عمر رضي الله عنه أم الغلام المدعى، فقال: أذكرك بالذي هداك للإسلام، لأيهما هو؟. قالت: لا والذي هداني للإسلام، ما أدري لأيهما هو؟ أتاني هذا أول الليل، وأتاني هذا آخر الليل، فما أدري لأيهما هو؟. قال: فدعا عمر من القافة أربعةً، ودعا ببطحاء

(1)

فنثرها، فأمر الرجلين المدعيين فوطئ كل واحد منهما بقدم، وأمر المدعى، فوطئ بقدم، ثم أراه القافة، فقال: انظروا، فإذا أتيتم فلا تتكلموا حتى أسألكم، قال: فنظر القافة، فقالوا: قد أثبتنا، ثم فرق بينهم، ثم سألهم رجلًا رجلًا قال: فتقادعوا يعني فتتابعوا أربعتهم، كلهم يشهد أن هذا لمن هذين. قال: فقال عمر رضي الله عنه: يا عجبًا لما يقول هؤلاء، قد كنت أعلم أن الكلبة تلقح بالكلاب ذوات العدد، ولم أكن أشعر أن النساء يفعلن ذلك قبل هذا، إني لأرى ما ترون، اذهب فهما أبواك

(2)

.

5763 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال أنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، أن رجلين اشتركا في طهر امرأة، فولدت لهما ولدًا، فارتفعا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فدعا لهما ثلاثةً من القافة، فدعا بتراب، فوطئ فيه الرجلان والغلام، ثم قال لأحدهم: انظر، فنظر، فاستقبل واستعرض، واستدبر، ثم قال: أسرّ أو أعلن؟ فقال عمر: بل أسّر. فقال: لقد أخذ الشبه منهما جميعًا، فما أدري لأيهما هو؟

(1)

الحصى الصغار اللين في بطن الوادي.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 12/ 257 - 258 بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي 10/ 264 من طريق الحسن البصري، عن عمر به.

ص: 230

فأجلسه، ثم قال للآخر أيضًا: انظر، فنظر، واستقبل، واستعرض، واستدبر، ثم قال: أسر أو أعلن؟ قال: بل أسر، قال: لقد أخذ الشبه منهما جميعًا، فلا أدري لأيهما هو؟ فأجلسه، ثم أمر الثالث فنظر، فاستقبل، واستعرض واستدبر، ثم قال: أسر أم أعلن؟. قال: لقد أخذ الشبه منهما جميعًا، فلا أدري لأيهما هو؟. فقال عمر: إنا نقوف

(1)

الآثار ثلاثًا بقولها، وكان عمر، قائفا، فجعله لهما يرثانه ويرثهما. فقال لي سعيد: أتدري من عصبته؟ قلت: لا، قال: الباقي منهما

(2)

.

قال أبو جعفر: فليس يخلو حكمه في هذه الآثار التي ذكرنا من أحد الوجهين: إما أن يكون بالدعوى؛ لأن الرجلين ادعيا الصبي وهو في أيديهما، فألحقه بهما بدعواهما، أو يكون فعل ذلك بقول القافة.

وكان الذين يحكمون بقول القافة لا يحكمون بقولهم إذا قالوا: هو ابن هذين.

فلما كان قولهم كذلك ثبت على قولهم أن يكون قضاء عمر رضي الله عنه بالولد للرجلين كان بغير قول القافة.

وفي حديث سعيد بن المسيب ما يدل على ذلك، وذلك أنه قال: فقال القافة: لا

(1)

من قاف الأثر يقوفه.

(2)

إسناده منقطع سعيد بن المسيب أدرك عمر ولم يسمع منه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 12/ 252 بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي 10/ 264 من طريق يحيى بن أبي طالب، عن يزيد بن هارون به.

ص: 231

ندري لأيهما هو؟ فجعله عمر ابنهما.

والقافة لم يقولوا: هو ابنهما، فدل ذلك أن عمر رضي الله عنه أثبت نسبه من الرجلين بدعواهما، ولما لهما عليه من اليد، لا بقول القافة.

فإن قال قائل: فإذا كان ذلك كما ذكرت، فما كان احتياج عمر رضي الله عنه إلى القافة حتى دعاهم؟.

قيل له: يحتمل ذلك -عندنا، والله أعلم-، أن يكون عمر رضي الله عنه وقع بقلبه أن حملًا لا يكون من رجلين، يستحيل إلحاق الولد بمن يعلم أنه لم يلده، فدعا القافة ليعلم منهم، هل يكون ولد يحمل من نطفتي رجلين أم لا؟ وقد بين ذلك ما ذكرنا في حديث أبي المهلب.

فلما أخبره القافة بأن ذلك قد يكون، وأنَّه غير مستحيل رجع إلى الدعوى التي كانت من الرجلين، فحكم بها، فجعل الولد ابنهما جميعًا يرثهما ويرثانه، فذلك حكم بالدعوى، لا بقول القافة.

وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذلك أيضًا

5764 -

ما حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن مولًى لبني مخزوم قال: وقع رجلان على جارية في طهر واحد، فعلقت الجارية، فلم تدر من أيهما هو، فأتيا عمر رضي الله عنه يختصمان في الولد، فقال عمر: ما أدري كيف أقضي في هذا؟، فأتيا عليا رضي الله عنه فقال: هو بينكما، يرثكما وترثانه، وهو

ص: 232

للباقي منكما

(1)

.

فهذا علي رضي الله عنه حكم بالولد لمدعييه جميعًا، فجعله ابنهما، ولم يحتج في ذلك إلى قول القافة، فبهذا نأخذ.

وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة مولى بني مخزوم.

وأخرجه عبد الرزاق (13473) عن الثوري، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن علي به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (31466) عن حسين بن علي، عن زائدة، عن سماك، عن حنش، عن علي به.

ص: 233

‌9 - باب: الرجل يبتاع السلعة فيقبضها ثم يموت أو يفلس وثمنها عليه دين

5765 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أيما رجل أفلس فأدرك رجل ماله بعينه فهو أحق به من غيره"

(1)

.

5766 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، وحدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قالا: ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

5767 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد أنه أخبره، أنه سمع عمر بن عبد العزيز يحدث، أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يحدث، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يحدث، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4601) بإسناده ومتنه.

وهو في الموطأ 2/ 211، ومن طريقه أخرجه الشافعي في المسند 2/ 162، وعبد الرزاق (15160)، وأبو داود (3519)، وابن حبان (5036)، والبيهقي 6/ 44، والبغوي (2133).

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4603) بالسند الأول،

وأخرجه الطيالسي (2507) عن شعبة به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 234

5768 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، وبشر بن عمر، (ح)

وحدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قالوا: ثنا شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نَهيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي

مثله

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن الرجل إذا اشترى عبدًا بثمن، وقبض العبد ولم يدفع ثمنه، فأفلس المشتري، وعليه دين، والعبد قائم في يده بعينه أن بائعه أحق به من غيره من غرماء المشتري، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

=وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4600) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارمي (2590)، وأحمد (7507)، وابن الجارود (630)، والدارقطني 3/ 30، وأبو نعيم في الحلية 5/ 361، والبيهقي 6/ 45 من طريق يزيد بن هارون به.

وأخرجه الشافعي في المسند 2/ 162 - 163، وعبد الرزاق (15161)، والحميدي (1036)، والبخاري (2402)، ومسلم (1559)(22)، وأبو داود (3519)، والترمذي (1262)، والنسائي 7/ 311، وابن ماجه (3519)، وابن حبان (5036 - 5037)، والدارقطني 3/ 29، والبيهقي 6/ 44 من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4602) بالسند الأول.

وأخرجه الطيالسي (2450)، وإسحاق بن راهويه (104)، وأحمد (9320)، ومسلم (155)(24)، والبيهقي 6/ 46 من طرق عن شعبة به.

(2)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وعروة بن الزبير، وطاووسا، وعامر الشعبي، والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وداود رحمهم الله، كما في النخب 20/ 500.

ص: 235

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فقالوا: بل بائع العبد، وسائر الغرماء فيه سواء، لأن ملكه قد زال عن العبد، وخرج من ضمانه، فإنما هو في مطالبة غريم من غرماء المطلوب، يطالبه بدين في ذمته، لا وثيقة في يديه، فهو وهُم في جميع مالهم سواء.

وكان من حجتهم على أهل المقالة الأولى في فساد ما ذهبوا إليه، واحتجوا به لقولهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي ذكرنا أن الذي في ذلك الحديث فأصاب رجل عين ماله بعينه، والمبيع ليس هو عين ماله، وإنما هو عين مال قد كان له، وإنما ماله بعينه يقع على الغصوب، والعواري والودائع، وما أشبه ذلك، فذلك ماله بعينه فهو أحق به من سائر الغرماء، وفي ذلك جاء هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإنما يكون هذا الحديث حجةً لأهل المقالة الأولى لو كان فأصاب رجل عين ماله قد كان له فباعه من الذي وجده في يده، ولم يقبضِ منه ثمنه، فهو أحق به من سائر الغرماء.

فهذا الذي يكون حجةً لهم لو كان لفظ الحديث كذلك.

فأما إذا كان على ما روينا في الحديث فلا حجة لهم في ذلك، وهو على الودائع والغصوب، والعواري والرهون أموال الطالبين في وقت المطالبة بها، وذلك كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث سمرة رضي الله عنه فإنه

(1)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، والحسن البصري، والشعبي في رواية، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن شبرمة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 20/ 503.

ص: 236

5769 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا أبو معاوية، عن حجاج، عن سعيد بن زيد بن عقبة، عن أبيه، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من سرق له متاع أو ضاع له متاع، فوجده في يد رجل بعينه فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن"

(1)

.

فقال أهل المقالة الأولى: لو كان الحديث على ما ذكرتم من التأويل الذي وصفتم، إذًا لما كان بنا إلى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من حاجة؛ لأن هذا تعلمه العامة فضلًا عن الخاصة، فالكلام بذلك فضل، وليس من صفته صلى الله عليه وسلم الكلام بالفضل، ولا الكلام بما لا فائدة فيه.

فكان من الحجة للآخرين عليهم في ذلك أن ذلك ليس بفضل بل هو كلام صحيح، وفيه فائدة، وذلك أنه أعلمهم أن الرجل إذا أفلس فوجب أن يقسم جميع ما في يده بين غرمائه، فثبت ملك رجل لبعض ما في يده، أنه أولى بذلك وإذا كان الذي ذلك في يده قد ملكه وغرّ فيه، فلا يجب له فيه حكم إذ كان مغرورًا، فعلمهم بهذا الحديث ما علمهم بحديث سمرة رضي الله عنه، ونفى أن يكون المغرور الذي يشكل حكمه عند العامة يستحق بذلك الغرور شيئًا، فهذا وجه لهذا الحديث صحيح.

(1)

إسناده ضعيف لعنعنة حجاج بن أرطاة وهو مدلس وقد عنعن.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 181، وأحمد (20146)، وابن ماجه (2331)، والبيهقي 6/ 51، والمزي في ترجمة سعيد بن زيد بن عقبة من التهذيب 10/ 445 من طريق أبي معاوية به.

ص: 237

فقال أهل المقالة الأولى: فقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه بألفاظ غير ألفاظ الحديث الأول. فذكروا ما قد

5770 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلعة يبتاعها الرجل، فيفلس وهي عنده بعينها لم يقبض البائع من ثمنها شيئًا أن يرد إلى صاحبها، فإن كان صاحبها قد قبض ثمنها شيئًا فهو أسوة الغرماء قال أبو بكر: وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من توفي وعنده سلعة رجل بعينها، ولم يقبض من ثمنها شيئًا، فصاحب السلعة أسوة الغرماء

(1)

.

5771 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أيما رجل ابتاع متاعًا، فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا، فوجده بعينه، فهو أحق به، فإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء"

(2)

.

قالوا: فقد بان بهذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد في الحديث الأول الباعة لا

(1)

إسناده مرسل.

وأخرجه أبو داود في المراسيل (173) من طريق عبد الله بن وهب به.

(2)

إسناده مرسل، ورجاله ثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4605) بإسناده ومتنه.

وهو في الموطأ 2/ 209، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق (15158)، وأبو داود (3520)، والبيهقي 7/ 46.

ص: 238

غيرهم.

فكان من الحجة عليهم: أن هذا الحديث منقطع لا تقوم بمثله حجة.

فإن قالوا: إنما قبلناه وإن كان منقطعًا؛ لأنَّه بين ما أشكل في الحديث المتصل.

قيل لهم: قد كان ينبغي لكم لما اضطرب حديث أبي بكر بن عبد الرحمن هذا، فرواه عنه الزهري كما ذكرنا آخرًا، ورواه عنه، عمر بن عبد العزيز على ما وصفنا أولًا أن ترجعوا إلى حديث غيره، وهو بشير بن نهيك، فتجعلونه أصل حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وتسقطون ما خالفه.

فإذا فعلتم ذلك عادت الحجة الأولى عليكم، وإن لم تفعلوا ذلك كان لخصمكم أن يقول: هذا الحديث الذي رواه الزهري، عن أبي بكر، ففرق فيه بين حكم التفليس والموت، هو غير الحديث الأول فيكون الحديث الأول عنده مستعملًا من حيث تأوله، ويكون هذا الحديث الثاني حديثًا منقطعًا شاذا لا تقوم بمثله حجة، فيجب لذلك ترك استعماله.

فهذا الذي ذكرنا هو وجه الكلام في الآثار المروية في هذا الباب.

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا رأينا الرجل إذا باع من رجل شيئًا كان له أن يحبسه حتى ينقده الثمن، وإن مات المشتري، وعليه دين فالبائع أحق بذلك الشيء من سائر الغرماء، وإن دفعه إلى المشتري، ثم مات وعليه دين فالبائع أسوة الغرماء.

ص: 239

فكان البائع متى كان محتسباً لما باع حتى مات المشتري كان أولى به من سائر غرماء المشتري، ومتى دفعه إلى المشتري وقبضه منه، ثم مات فهو وسائر غرماء المشتري فيه سواء. فكان الذي يوجب له الانفراد بثمنه دون الغرماء ما هو بقاؤه في يده.

فلما كان ما وصفنا كذلك كان كذلك إفلاس المشتري إذا كان العبد في يد البائع، فهو أولى به من سائر غرماء المشتري.

وإن كان قد أخرجه من يده إلى يد المشتري فهو وسائر غرمائه فيه سواء، فهذه حجة صحيحة.

وحجة أخرى: إنا رأيناه إذا لم يقبضه المشتري وقد بقي للبائع كل الثمن أو نقده بعض الثمن، وبقيت له عليه طائفة منه أنه أولى بالعبد حتى يستوفي ما بقي له من الثمن.

فكان ببقائه في يده أولى به إذا كان له كل الثمن أو بعض الثمن، ولم يفرق بين شيء من ذلك، بل جعل حكمه حكمًا واحدًا.

فلما كان ذلك كذلك، وأجمعوا أن المشتري إذا قبض العبد ونقد البائع من ثمنه طائفةً، ثم أفلس المشتري أن البائع لا يكون بتلك الطائفة الباقية له أحق بالعبد من سائر الغرماء، بل هو وهم فيه سواء.

وكذلك إذا بقي له ثمنه كله حتى أفلس، فلا يكون بذلك أحق بالعبد من سائر الغرماء، ويكون هو وهُم فيه سواء.

ص: 240

فيستوي حكمه إذا بقي له كل الثمن على المشتري، أو بعض الثمن حتى أفلس المشتري، كما استوى بقاؤهما جميعًا له عليه حتى كان الموت الذي أجمعوا فيه على ما ذكرنا.

فثبت بالنظر ما ذكرنا من ذلك، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

5772 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن المغيرة عن إبراهيم

(1)

.

5773 -

وحدثنا سليمان قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن أشعث مولى آل حمران، عن الحسن قالا: هو أسوة الغرماء

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

ص: 241

‌10 - باب شهادة البدوي هل تقبل على القروي أم لا؟

5774 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني نافع بن يزيد ويحيى بن أيوب، عن ابن الهاد، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقبل شهادة البدوي على القروي"

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن شهادة أهل البادية غير مقبولة على أهل الحضر، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: أما من كان من أهل البادية ممن يجيب إذا دعي، وفيه من أسباب العدالة ما في أهل العدالة من أهل الحضر، فشهادته مقبولة، وهو كأهل الحضر.

ومن كان منهم لا يجيب إذا دعي، فلا تقبل شهادته.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبيان ذلك

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (3602) من طريق عبد الله بن وهب به.

وأخرجه ابن ماجه (2367) من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، عن نافع بن يزيد وحده به.

وأخرجه أبو يعلى (6444) من طريق عبد الله بن وهب، عن يحيى بن أيوب وحده به.

(2)

قلت أراد بهم: عطاء بن يسار، ومالك بن أنس، وطائفة من المحدثين رحمهم الله، كما في النخب 20/ 515.

(3)

قلت أراد بهم: جمهور أهل العلم، منهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 20/ 516.

ص: 242

5775 -

ما قد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي قال: ثنا ابن إسحاق، عن صالح بن كيسان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدمت أم سنبلة الأسلمية ومعها وطب

(1)

من لبن تهديه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعته عندي ومعها قدح لها، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"مرحبًا وأهلًا، يا أم سنبلة"، فقالت: بأبي أنت وأمي، أهديت لك هذا الوطب من لبن. قال:"بارك الله عليك، صبّي في هذا القدح فصبت له في القدح"، فلما أخذه، قلتُ: قد قلت: "لا أقبل هديةً من أَعرابي". قال: "أأعراب أسلم يا عائشة؟، إنهم ليسوا بأعراب، ولكنهم أهل باديتنا ونحن أهل حاضرتهم، إذا دعوناهم أجابونا، وإذا دعونا أجبناهم" ثم شرب

(2)

.

5776 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا ابن إسحاق

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

5777 -

حدثنا الربيع بن سليمان، قال: ثنا سعيد بن كثير بن عفير، قال: ثنا سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن عبد الله بن نيار، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

بنحوه وزاد في آخره فليسوا بالأعراب

(4)

.

(1)

بفتح الواو، هو: الزق الذي يكون فيه السمن واللبن.

(2)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق وهو مدلس.

وأخرجه أبو يعلى (4773) من طريق يونس، عن محمد بن إسحاق به.

(3)

إسناده كسابقه.

(4)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1734) بإسناده ومتنه.=

ص: 243

فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من كان من أهل البادية عمن يجيب إذا دعي فهو كالحضري، وأن الأعراب المذمومين، الذين لا تقبل هداياهم، هو خلاف هؤلاء، وهم الذين لا يجيبون إذا دعوا، فمن كان كذلك لم تقبل شهادتهم، وهم الذين عناهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي ذكرنا فيما نرى، والله أعلم.

=ورواه البزار (1941) من طريق سعيد بن عفير به.

ورواه ابن منده في الصحابة كما في الإصابة 4/ 444 من طريق سليمان بن بلال به.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات 8/ 294، وأحمد (25010)، والبزار (1940)، والحاكم 4/ 128، وابن عبد البر في الاستيعاب 4/ 441 - 442 من طرق عن عبد الرحمن بن حرملة به.

ص: 244

‌24 - كتاب الصيد والذبائح والأضاحي

‌1 - باب: العيوب التي لا تجزئ الهدايا والضحايا إذا كانت بها

5778 -

حدثنا أبو موسى يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، وابن لهيعة، والليث بن سعد، أن سليمان بن عبد الرحمن حدثهم، عن عبيد بن فيروز مولى بني شيبان، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، أنه سأله عما كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأضاحي، أو ما نهى عنه، فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدي أقصر من يده، فقال: "أربع لا تجزئ في الضحايا، العوراء البين

(1)

عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي

(2)

". قال البراء رضي الله عنه: فلقد رأيتني وإني لأرى الشاة وقد تركت، فأسير إليها، فإذا أطرقت

(3)

، أخذتها فضحيت بها. فقلت له: فإني أكره أن يكون في السن نقص، أو في الأذن نقص، أو في القرن نقص. فقال: ما كرهت فدعه، ولا تحرمه على أحد

(4)

.

(1)

الظاهر.

(2)

من الانقاء، والمعنى: لا تسمن.

(3)

في د "بركت".

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 7/ 215 - 216، وفي الكبرى (4461)، وابن عبد البر في التمهيد 20/ 165 من طريق ابن وهب به إلا أن النَّسَائِي أبهم ابن لهيعة في روايته.

وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 6/ 2، وابن حبان (5919)، والبيهقي 9/ 274 من طرق عن الليث بن سعد، عن سليمان، عن عبيد بن فيروز به.

ص: 245

5779 -

حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن عمرو بن الحارث، عن عبيد بن فيروز، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ماذا يتقى من الضحايا؟ فأشار بيده وقال:"أربعًا". وكان البراء رضي الله عنه يشير بيده ويقول: يدي أقصر من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العرجاء البين ظلعها

(1)

، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تُنقي"

(2)

.

5780 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، وجّان بن هلال (ح)

وحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قالوا: أخبرنا شعبة، عن سليمان بن عبد الرحمن قال سمعت عبيد بن فيروز قال سألت البراء

فذكر مثله

(3)

.

(1)

أي: العرج.

(2)

إسناده منقطع فقد أسقط منه مالك سليمان بن عبد الرحمن الراوي عن عبيد بن فيروز.

وهو في الموطأ 1/ 619، ومن طريقه أخرجه الدارمي (1949)، وأحمد (18675)، والبخاري في التاريخ الكبير 6/ 2، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 2/ 484 - 485، والبيهقي في السنن 9/ 274، وفي المعرفة 14/ 31 - 33، والبغوي (1123).

وقال أبو حاتم كما في العلل 2/ 41: نقص مالك في هذا الإسناد رجلا إنما هو عمرو بن الحارث عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي عن عبيد بن فيروز عن البراء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (749)، والدارمي (1950)، وأحمد (18510)، وأبو داود (2802)، والترمذي (1497)، والنسائي في المجتبى 7/ 214 - 215 وفي الكبرى (4459 - 4460)، وابن ماجه (3144)، وابن الجارود (907)، وابن خزيمة (2912)، وابن حبان (5922)، والحاكم 1/ 467 - 468، والبيهقي 5/ 242 من طرق عن شعبة به.

ص: 246

5781 -

حدثنا يونس، قال: ثنا أيوب بن سويد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله، غير أنه قال:"والعجفاء التي لا تُنقي" ولم يقل: الكسيرة

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا الحديث، فقالوا: لا تجزئ شاة، ولا بدنة، ولا بقرة، إذا كان بها واحد من هذه العيوب الأربع في هدي، ولا أضحية.

قالوا: وما كان سوى هذه الأربع مثل قطع الإلية، والأذن، وغير ذلك، فإن ذلك لا يمنع الشاة، ولا، البقرة، ولا البدنة أن تهدى، ولا أن يضحى بها.

واحتجوا في ذلك أيضًا بما

5782 -

حدثنا إبراهيم بن محمد الصيرفي، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا أبو عوانة، وشريك، عن جابر، عن محمد بن قرظة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: اشتريت كبشًا لأضحي به، فعدا الذئب عليه، فقطع إليته، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:"ضح به"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف أيوب بن سويد الرملي.

(2)

قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والحكم بن عتيبة - الله، كما في النخب 21/ 13.

(3)

إسناده ضعيف لضعف جابر بن يزيد الجعفي وجهالة محمد بن قرظة قال ابن القطان: لا يعرف، وقال عبد الحق يقال: إنه لم يسمع من أبي سعيد.

وأخرجه أحمد (11274)، وابن ماجه (3146)، وابن حبان في الثقات 5/ 366، والبيهقي 9/ 289 من طريق سفيان الثوري، عن جابر بن يزيد الجعفي به.

ص: 247

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فقالوا: لا يجوز أن يضحي بالشاة، ولا بالبقرة، ولا بالبدنة، وبها عيب من هذه العيوب الأربع، ولا يجوز مع ذلك أيضًا أن يضحي بمقطوعة الأذن، ولا أن يهدي.

واحتجوا في ذلك أيضًا بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث.

5783 -

حدثنا محمد بن بحر بن مطر البغدادي، قال: ثنا شجاع بن الوليد قال: ثنا زياد بن خيثمة، قال: ثنا أبو إسحاق، عن شريح بن النعمان، عن علي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "لا يضحى بمقابلة

(2)

، ولا مدابرة

(3)

، ولا خرقاء

(4)

، ولا شرقاء

(5)

، ولا عوراء

(6)

"

(7)

.

5784 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد قال: ثنا زهير بن معاوية، قال:

(1)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، ومحمد بن سيرين، والثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 21/ 15.

(2)

هي: التي يقطع من طرف أذنها شيء ثم يترك معلقا كأنه زَنَمَة.

(3)

هي: التي يقطع من مؤخر إذنها شيء، ثم يترك ك معلقا كأنه زَنَمَة.

(4)

هي: الشاة التي في أذنها ثقب مستدير.

(5)

هي: المشقوقة الأذن باثنين من شرق أذنها تشرقها شرقا.

(6)

هي: الذاهبة إحدى عينيها.

(7)

إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن أبا إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي، لم يسمع هذا الحديث من شريح بن النعمان بينهما سعيد بن عمرو بن أشوع.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 7/ 217، وفي الكبرى (4449) من طريق هارون بن عبد الله، عن شجاع بن الوليد به.

ص: 248

حدثنا أبو إسحاق، عن شريح بن النعمان، قال أبو إسحاق وكان رجل صدق: عن علي رضي الله عنه، عن النبي

مثله

(1)

.

5785 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة، عن قتادة، قال سمعت جري بن كليب، قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عضباء

(2)

القرن والأذن. قال قتادة فقلت لسعيد بن المسيب: ما عضباء الأذن؟ قال: إذا كان النصف فأكثر من ذلك مقطوعًا

(3)

.

5786 -

حدثنا سليمان، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن شريح بن النعمان الهمداني، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحى بمقابلة، أو مدابرة، أو شرقاء، أو خرقاء، أو جدعاء

(4)

(5)

.

(1)

إسناده ضعيف زهير بن معاوية سمع من أبي إسحاق بعد تغيره.

وأخرجه أحمد (851)، وأبو داود (2804)، والنسائي 7/ 216 - 217، والبيهقي 9/ 275 من طرق عن زهير بن معاوية به.

وأخرجه الترمذي (1498) من طريق شريك بن عبد الله والنسائي 7/ 216 من طريق زكريا بن أبي زائدة كلاهما عن أبي إسحاق به.

(2)

أي: المكسورة.

(3)

إسناده حسن من أجل جري بن كليب.

وأخرجه النَّسَائِي 7/ 217، 218، وأبو يعلى (270)، والبزار (876)، وابن خزيمة (2913)، والبيهقي 9/ 275 من طرق عن شعبة به.

(4)

أي: مقطوعة الأنف.

(5)

إسناده ضعيف أبو بكر بن عياش سماعه من أبي إسحاق ليس بذاك القوي، قاله أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه =

ص: 249

5787 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن حُجِّية بن عدي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف

(1)

العين والأذن

(2)

.

5788 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا حسن بن صالح، (ح)

وحدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد قال: أخبرنا شريك، قالا جميعًا، عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي قال: أتى رجل عليا رضي الله عنه فسأله عن المكسورة القرن، فقال: لا يضرك، قال: عرجاء؟ قال: إذا بلغت المنسك

(3)

أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن

(4)

.

= في العلل 1/ 35.

وأخرجه أحمد (609)، والنسائي 7/ 217، وابن ماجه (3142)، وابن الجارود (906)، والحاكم 4/ 224 من طريق أبي بكر بن عياش به.

(1)

قال الترمذي: أي: ننظر أصحيحة أم لا؟.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل حجية بن عدي الكندي.

وأخرجه عبد الرزاق (13437)، وابن ماجه (3143)، وأبو يعلى (615)، وابن حبان (5920)، والبيهقي 9/ 275 من طرق عن سفيان الثوري به.

(3)

أي: المذبح.

(4)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه الترمذي (1503)، والبزار (754)، وابن خزيمة (2915)، والحاكم 1/ 468، والبيهقي 9/ 275 من طرق عن سلمة بن كهيل به.

ص: 250

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار النهي عن الأضحية بمقابلة، أو مدابرة، وذلك في الأذن ما كان من ذلك مشقوقا من قبالة الأذن، فهي مقابلة، وما كان من أسفلها فهي مدابرة.

وبين سعيد بن المسيب عضباء الأذن المنهي عن ذبحها في الأضحية، فقال: هي المقطوعة نصف أذنها.

فثبت بذلك ما نهى عن ذلك في الأذن، ولم يجز لنا تركه؛ لأن حديث البراء رضي الله عنه الذي ذكرنا لا يخلو من أحد وجهين إما أن يكون متقدمًا على حديث علي رضي الله عنه هذا، فيكون حديث علي هذا زائدًا عليه، أو يكون متأخرًا عنه، فيكون ناسخًا.

فلما لم نعلم نسخ حديث علي رضي الله عنه بعدما قد علمنا ثبوته، جعلناه ثابتًا مع حديث البراء رضي الله عنه، وأوجبنا العمل بهما جميعًا.

فإن قال قائل: فأنت لا تكره عضباء القرن، وفي حديث جري بن كليب، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنها؟.

قيل له: إنما تركنا ذلك لأن عليا رضي الله عنه لم ير بذلك بأسًا فيما قد روينا عنه، في حديث حجية بن عدي، فعلمنا بذلك أن عليا رضي الله عنه لم يقل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ثبوت نسخ ذلك عنده.

وأما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي رويناه من حديث إبراهيم بن محمد الصيرفي، فحديث فاسد في إسناده ومتنه قد بين ذلك شعبة.

ص: 251

5789 -

حدثنا عبد الغني بن رفاعة أبو عقيل، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن جابر، عن محمد بن قرظة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: ولم يسمعه منه أنه اشترى كبشًا ليضحي به، فأكل الذئب ذنبه، أو بعض ذنبه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:"ضح به"

(1)

.

فقد فسد إسناد هذا الحديث بما قد ذكرنا، وفسد متنه لأنَّه قال: قطع ذنبه أو بعض ذنبه، فإن كان البعض هو المقطوع فيجوز أن يكون ذلك أقل من ربعه، وذلك لا يمنع أن يضحى به في قول أحد من الناس.

ولو كان الحديث كما رواه إبراهيم بن محمد أنه قطع إليته لاحتمل أن يكون ذلك على بعضها؛ لأنَّه قد يقال: قطع أليته: إذا قطع بعضها، كما يقال: قطع إصبعه إذا قطع بعضها.

فتصحيح هذه الآثار يمنع أن يضحي بالأربع التي في حديث البراء، أو بالمقابلة أو بالمدابرة، وهي المشقوقة أكثر أذنها من قبلها أو من دبرها.

وإذا كان ذلك لا يجزئ في الأضاحي فالمقطوعة الأذن أحرى أن لا تجزئ.

وكذلك في النظر عندنا كل عضو قطع من شاة مثل ضرعها، أو أليتها فذلك يمنع أن يضحى بها، وكل ما كان من هذا يمنع أن يضحى به إذا قطع بكماله، فأما إذا قطع بعضه فإن أصحابنا رحمهم الله يختلفون في ذلك.

(1)

إسناده ضعيف لضعف جابر بن يزيد الجعفي وجهالة محمد بن قرظة، وانظر الحديث رقم (5782).

ص: 252

فأما أبو حنيفة، رحمة الله عليه فروي عنه أن المقطوع من المقطوع من ذلك، إذا كان ربع ذلك العضو فصاعدًا لم يضح بما قطع ذلك منه، وإن كان أقل من الربع ضحى به.

وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: إذا كان المقطوع من ذلك هو النصف فصاعدًا، فلا يضحى بما قطع ذلك منه، وإن كان أقل من النصف فلا بأس أن يضحى بها.

إلا أن أبا يوسف رحمه الله ذكر أنه ذكر هذا القول لأبي حنيفة فقال له: قولي مثل قولك.

فثبت بذلك رجوع أبي حنيفة رحمة الله عليه عن قوله الذي قد كان قاله إلى ما حدثه به أبو يوسف.

وقد وافق ذلك من قولهم ما روينا عن سعيد بن المسيب في هذا الباب في تفسير العضباء التي قد نهي عن الأضحية بها، وأنها المقطوعة نصف أذنها، وكل ما كان من هذا لا يكون أضحيةً لما قد نقص منه، فإنه لا يكون هديًا.

ص: 253

‌2 - باب: من نحر يوم النحر قبل أن ينحر الإمام

5790 -

حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي، قال: ثنا سنيد بن داود، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن أبي الزبير أخبره، عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم النحر بالمدينة. فتقدم رجال فنحروا، وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر فأمر: من كان نحر قبله أن يعيد بذبح آخر، و أنه لا ينحر حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا، فقالوا: لا يجوز لأحد أن ينحر حتى ينحر الإمام، وإن نحر قبل ذلك بعد الصلاة أو قبلها لم يجزه ذلك، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وتأولوا قول الله عز وجل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]، على ذلك.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: من نحر بعد صلاة الإمام أجزأه ذلك، ومن نحر قبل الصلاة لم يجزه ذلك، وقالوا: قد روي عن ابن الزبير أن هذه الآية قد نزلت في غير هذا المعنى. فذكروا ما

5791 -

حدثنا محمد بن عبد الله الأصبهاني، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل سنيد بن داود المصيصي.

وأخرجه أحمد (14130، 14471)، ومسلم (1964) من طريقين عن ابن جريج به.

(2)

قلت أراد بهم: الأوزاعي، ومالكا، والشافعي، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 21/ 31.

(3)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 21/ 33.

ص: 254

إسرائيل، قال: ثنا هشام بن يوسف، عن ابن جريج أن ابن أبي مليكة أخبره أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أخبره أن ركبًا من بني تميم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله! أمِّر القعقاع بن معبد بن زرارة. وقال عمر رضي الله عنه: أمِّر الأقرع بن حابس. فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما أردت بذلك إلا خلافي، فقال عمر رضي الله عنه: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فأنزل الله عز وجل يا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]

(1)

.

وكان من الحجة لهم في ذلك أن حديث جابر رضي الله عنه قد روي على غير هذا اللفظ.

5792 -

حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن رجلًا ذبح قبل أن يصلي النبي صلى الله عليه وسلم عتودًا

(2)

جذعًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تجزئ عن أحد بعدك" ونهى أن يذبحوا قبل أن يصلي

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (337) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البخاري (4367، 4847)، والنسائي في المجتبى 8/ 226، وفي الكبرى (11514)، وأبو يعلى (6816)، والطبراني (276)، والواحدي في أسباب النزول (ص 287)، والبغوي في التفسير 6/ 218 من طريق ابن جريج به.

(2)

هو الصغير من أولاد المعز إذا قوي ورعى وأتي عليه حول، وقوله: جذعا صفة للعتود، أراد به عتودا شابا قويا، والجذع ما كان من الدواب شابا فتيا، وهو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة، ومن البقر والمعز ما دخل في السنة الثانية.

(3)

رجاله ثقات، وأبو الزبير لم يصرح بسماعه من جابر.

وأخرجه أحمد (14927)، وأبو يعلى (1779)، وابن حبان (5909) من طريقين عن حماد بن سلمة به.

ص: 255

ففي هذا الحديث أن النهي من النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصد به إلى النهي عن الذبح قبل الصلاة، لا قبل ذبحه هو فلا يجوز أن ينهاهم عن الذبح قبل أن يصلي إلا وهو يريد بذلك إعلامهم إباحة الذبح لهم بعد ما يصلي، وإلا لم يكن لذكره الصلاة معنًى.

وقد روي في ذلك أيضًا عن غير جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق هذا.

5793 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، ووهب بن جرير، قالا: ثنا شعبة، عن زبيد اليامي، قال: سمعت الشعبي يحدث، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى إلى البقيع، فبدأ، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال:"إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة، ثم نرجع، فننحر، فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم عجله لأهله، ليس من النسك في شيء". فقال خالي: يا رسول الله، إني ذبحت، وعندي جذعة خير من مسنة، فقال:"اذبحها، ولا تجزئ أو لا توفي عن أحد بعدك"

(1)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4871) بإسناده ومتنه.

وهو في مسند الطيالسي (743).

وأخرجه أبو عوانة 5/ 216، وابن حبان (5907)، وأبو نعيم في الحلية 4/ 337، 5/ 34 - 35، 1/ 185 من طريق عفان بن مسلم به.

وأخرجه أحمد (18481)، والبخاري (951، 965، 968، 5560)، ومسلم (1961)(7)، والنسائي في المجتبى 3/ 182، وفي الكبرى (1764)، وأبو عوانة 5/ 215 - 216، والبغوي في الجعديات (513)، وابن حبان (5906)، =

ص: 256

5794 -

حدثنا محمد بن علي بن داود، قال: ثنا عفان بن مسلم، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني زبيد، ومنصور، وداود وابن عون، ومجالد، عن الشعبي. وهذا حديث زبيد، قال: سمعت الشعبي، هاهنا يحدث عن البراء رضي الله عنه، عند سارية في المسجد، ولو كنت قريباً منها لأخبرتكم بموضعها

ثم ذكر مثله

(1)

.

5795 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو المطرف بن أبي الوزير، قال: ثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن الشعبي، عن البراء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله، إلا أنه قال: اذبحها، ولا تزكي جذعةً بعد

(2)

.

قال أبو جعفر ففي هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أول نسكنا في يومنا هذا أن

= وأبو نعيم في الحلية 7/ 184 والبيهقي 9/ 269، والبغوي (1114) من طرق عن شعبة به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4872) بإسناده ومتنه، مع زيادة وهبان بن عثمان البغدادي في بداية السند.

وأخرجه أحمد (18481)، والنسائي في الكبرى كما في التحفة (1769)، وابن حبان (5907) من طريق عفان بن مسلم به.

وأخرجه الشافعي في السنن (573)، ومسلم (1961)(5)، والنسائي في المجتبى 7/ 222 وفي الكبرى (4486)، وأبو عوانة 5/ 218 - 219 من طرق عن داود بن أبي هند به.

وأخرجه البخاري (983)، ومسلم (1961)(7)، وأبو داود (2800)، والنسائي 7/ 223، وابن حبان (5910)، والبيهقي 3/ 283 من طريق أبي الأحوص عن منصور به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (976) من طريق أبي نعيم، عن محمد بن طلحة به.

ص: 257

نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا" فأخبر أن النسك في يوم النحر هو الصلاة، ثم الذبح بعدها.

فدل ذلك على أن ما يحل به الذبح هو الصلاة، لا نحر الإمام الذي يكون بعدها، وعلى أن حكم النحر بعد الصلاة خلاف حكم النحر قبلها.

وقد روى مثل هذا أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم غير البراء رضي الله عنه.

5796 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان، عن الأسود بن قيس، عن جندب رضي الله عنه قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فمر بقوم قد ذبحوا قبل أن يصلي، فقال:"من كان ذبح قبل الصلاة فليعد فإذا صلينا فمن شاء ذبح، ومن شاء فلا يذبح"

(1)

.

5797 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن الأسود بن قيس، عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يعني في يوم النحر: "من كان ذبح قبل أن يصلي فليعد أخرى مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح"

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وأخرجه الحميدي (793)، وأحمد (18805)، ومسلم (1960)، وابن ماجه (3152)، وأبو عوانة 224/ 5 من طرق عن سفيان به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (936)، وأحمد (18798)، والبخاري (985، 5562، 6674، 7400)، ومسلم (1960)(3)، وأبو عوانة 5/ 223 - 224، والبغوي في الجعديات (844)، وابن قانع في معجمه 1/ 144، والطبراني في الكبير (1713)، والبيهقي 9/ 262 من طرق عن شعبة به.

ص: 258

5798 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الأسود بن قيس، سمع جندبًا رضي الله عنه يقول: شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلم أن ناسًا ذبحوا قبل الصلاة، فقال:"من كان ذبح فليعد ومن لا فليذبح على اسم الله"

(1)

.

5799 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلى بالناس العيد، فإذا هو بغنم قد ذبحت، فقال: من كان ذبح قبل الصلاة، فتلك شاة لحم، ومن لم يكن ذبح، فليذبح على اسم الله"

(2)

.

5800 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، قال حماد: ولا أعلمه إلا عن أنس، وهشام عن محمد، عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ثم خطب، فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد ذبحًا

(3)

.

قال أبو جعفر: فدل ما ذكرنا أن أول وقت الذبح يوم النحر هو من بعد الصلاة،

(1)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه (5796).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1960)، والنسائي في المجتبى 7/ 214 وفي الكبرى (4442، 7615) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (984)، ومسلم (1962)(11)، وأبو عوانة 5/ 226، والبيهقي 9/ 277 من طريق حماد بن زيد به.

وأخرجه مسلم (1962) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، وهشام، عن محمد بن سيرين به.

ص: 259

لا من بعد ذبح الإمام.

فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار.

وأما ما يدل عليه النظر في ذلك، فإنا قد رأينا الأصل المجتمع عليه أن الإمام لو لم ينحر أصلًا لم يكن ذلك بمسقط عن الناس النحر، ولا بمانع لهم من النحر في ذلك العام.

وقد روي عن حذيفة بن أسيد أبي سريحة رضي الله عنه ما قد

5801 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أشهل بن حاتم، قال: ثنا شعبة، عن سعيد بن مسروق، عن الشعبي، عن أبي سريحة أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان

(1)

.

5802 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن وروح بن الفرج، قالا: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن الشعبي، عن أبي سريحة، قال: لقد رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وما يضحيان

(2)

.

أفترى ما ضحى في تلك السنين أحد إذ كان إمامهم لم يضح، أو لا ترى أن إمامًا

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل أشهل بن حاتم.

وأخرجه البيهقي 9/ 265 من طريق مطرف وإسماعيل بن أبي خالد، عن مطرف عن الشعبي به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

وأخرجه البيهقي 9/ 265 من طريق الفريابي، عن سفيان، عن أبيه، عن الشعبي به.

ص: 260

لو تشاغل يوم النحر بقتال عدو أو غيره فشغله ذلك عن النحر، إما لغيره ممن أراد أن يضحي، فله أن يضحي؟ فإن قال قائل: إنه ليس لأحد أن يضحي في عامه ذلك خرج بهذا من قول الأئمة.

وإن قال للناس: أن يضحوا إذا زالت الشمس لذهاب وقت الصلاة، فقد دل ذلك على أن ما يحل به النحر ما كان وقت صلاة العيد، فإنما هي الصلاة لا نحر الإمام فإذا صلى الإمام حل النحر لمن أراد أن ينحر.

أو لا ترى أن الإمام لو نحر قبل أن يصلي لم يجزه ذلك، وكذلك سائر الناس. وكان الإمام وغيره في الذبح قبل الصلاة سواءً في أن لا يجزئهم.

فالنظر على ذلك أن يكون الإمام وسائر الناس أيضًا سواءً في الذبح بعد الصلاة يجزيه. فكما كان ذبح الإمام بعد الصلاة يجزئه، فكذلك ذبح سائر الناس بعد الصلاة يجزئهم.

هذا هو النظر في هذا، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين.

ص: 261

‌3 - باب: البدنة عن كم تجزئ في الضحايا والهدايا؟

5803 -

حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم، قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عالم الحديبية يريد زيارة البيت، وساق معه الهدي، وكان الهدي سبعين بدنةً، وكان الناس سبعمائة، رجل، فكانت كل بدنة عن عشرة

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن البدنة تجزئ في الهدايا والضحايا عن عشرة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: لا تجزئ البدنة إلا عن سبعة، وقالوا: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نحر البدن يوم الحديبية ما يخالف هذا. وذكروا في ذلك ما

5804 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا مالك بن أنس، عن أبي الزبير، أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه حدثهم أنهم نحروا يوم الحديبية البدنة عن

(1)

إسناده ضعيف، ومحمد بن إسحاق عنعن وهو مدلس.

وأخرجه أحمد (18910) عن يزيد بن هارون، والطبراني في الكبير 20/ 14 من طريق محمد بن مسلمة، كلاهما عن محمد بن إسحاق به.

(2)

قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، ومحمد بن إسحاق، ومالكا رحمهم الله، كما في النخب 21/ 58.

(3)

قلت أراد بهم: الحسن البصري، والشعبي، والنخعي، وطاووس بن كيسان، وعطاء بن أبي رباح، وحماد بن أبي سليمان، والأوزاعي، والثوري، وأبا حنيفة، والشافعي، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 21/ 60.

ص: 262

سبعة، والبقرة عن سبعة

(1)

.

5805 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

5806 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، وأبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم البدانة عن سبعة نفر، فقيل لجابر: فالبقرة؟ قال: هي مثلها. وحضر جابر رضي الله عنه، عام الحديبية، قال: ونحرنا يومئذ سبعين بدنةً

(3)

.

5807 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن عمران، قال: حدثني أبي، قال: ثنا ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية سبعين بدنةً وأمرنا أن يشترك منا سبعة في البدنة

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2592) بإسناده ومتنه.

وهو في الموطأ 1/ 624، ومن طريقه أخرجه أحمد (14127)، والدارمي (1956)، ومسلم (1318)(350)، وأبو داود (2809)، والترمذي (904)، والنسائي في الكبرى (4122)، وابن ماجه (3132)، وابن خزيمة (2901)، وابن حبان (4006)، والبيهقي 5/ 168 - 169، 216، 234، 9/ 294.

(2)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2592) بإسناده ومتنه.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح كاتب الليث.

وأخرجه مسلم (1318)(353) عن محمد بن حاتم، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن أبي الزبير به.

(4)

إسناده ضعيف لضعف ابن أبي يعلى.=

ص: 263

5808 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر رضي الله عنه قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين بدنةً، البدنة عن سبعة

(1)

.

5809 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا هدبة بن خالد، قال: سمعت أبان بن يزيد، يحدث عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الجزور عن سبعة"

(2)

.

فهذا جابر بن عبد الله رضي الله عنه يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا، وهو كان معه حينئذ.

وقد روي عن علي، وعبد الله رضي الله عنهما من قولهما ما يوافق هذا في البدنة أنها عن سبعة.

5810 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسرائيل، عن عيسى بن أبي عزة، عن

= وأخرجه الدارمي (1955)، ومسلم (1318)(351)، وابن حبان (4004)، وابن خزيمة (2901)، والبيهقي 5/ 234 من طرق عن أبي الزبير به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1795)، وأحمد (14808)، والطحاوي في شرح المشكل (2591) عن أبي عوانة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2594) بإسناده ومتنه.

ورواه الطبراني في الأوسط كما في المجمع 3/ 226.

ص: 264

عامر، عن علي، وعبد الله رضي الله عنهما قالا: البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة

(1)

.

وقد روي في ذلك، عن أنس رضي الله عنه يحكيه عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم.

5811 -

حدثنا ابن أبي داود، قال حدثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا أبو هلال، قال: ثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يشتركون السبعة في البدنة من الإبل، والسبعة في البدنة من البقر"

(2)

.

فهذا مذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، في البدنة يوافق ما روي عن جابر رضي الله عنه لا ما روي عن المسور ومروان فهو أولى منه.

ولما اختلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرنا رجعنا إلى ما روي عنه في هذا الباب مما سوى ما نحر يوم الحديبية.

5812 -

فإذا حسين بن نصر قد حدثنا، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا حفص بن غياث، عن ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأل رجل رسول

(1)

إسناده صحيح من الوجه الأول والثاني فيه انقطاع، عامر الشعبي لم يسمع من عبد الله بن مسعود.

وأخرجه البزار (1563)، والطبراني (10026) من طريق مغيرة عن إبراهيم، عن علقمة عن عبد الله به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن سليم أبي هلال الراسبي، ولم يتابع عليه.

وأخرجه ابن أبي شيبة كما في النخب 21/ 68 عن أنس به.

ص: 265

الله صلى الله عليه وسلم فقال: علي ناقةً، وقد غربت

(1)

عني، فقال:"اشتر سبعًا من الغنم"

(2)

.

أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إنما عدلها بسبع من الغنم، مما يجزئ كل واحدة منهن عن رجل، ولم يعدلها بعشر من الغنم. فدل ذلك على تصحيح ما روى جابر رضي الله عنه في ذلك، لا ما روى المسور، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن البقرة لا تجزئ في الأضحية، عن أكثر من سبعة وهي من البدن باتفاقهم. فالنظر على ذلك أن تكون الناقة مثلها، ولا تجزئ عن أكثر من سبعة.

فإن قال قائل: إن الناقة وإن كانت بدنةً كما أن البقرة، بدنة، فإن الناقة أعلى من البقرة في السمانة والرفعة.

قيل له: إنها وإن كانت كما ذكرت، فإن ذلك غير واجب لك به علينا حجة.

ألا ترى أنا قد رأينا البقرة الوسط تجزئ عن سبعة، وكذلك ما هو دونها، وما هو

(1)

أي: بعدت، وأراد أنه لم يظفر بها.

(2)

إسناده ضعيف، ابن جريج مدلس وقد عنعن، وعطاء هو ابن أبي مسلم الخراساني صاحب أوهام كثيرة ثم هو لم يسمع من ابن عباس شيئا.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2596) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (2839)، وأبو داود في المراسيل (154 - 155)، وابن ماجه (3136)، وأبو يعلى (2613) من طرق عن ابن جريج به.

وأخرجه البيهقي 5/ 169 من طريق إسماعيل بن عياش، عن عطاء الخراساني به.

ص: 266

أرفع منها، وكذلك الناقة تجزئ عن سبعة أو عن عشرة، رفيعةً كانت أو دون ذلك.

فلم يكن السمن والرفعة مما يبين به بعض البقر عن بعض، ولا بعض الإبل عن بعض فيما يجزئ في الهدي والأضاحي، بل كان حكم ذلك كله حكمًا واحدًا يجزئ عن عدد واحد.

فلما كان ما ذكرنا كذلك، وكانت الإبل والبقر بدنًا كلها ثبت أن حكمها حكم واحد، وأن بعضها لا يجزئ عن أكثر مما يجزئ عنه البعض الباقي، وإن زاد بعضها على بعض في السمن والرفعة. فلما كانت البقرة لا تجزئ عن أكثر من سبعة كانت الناقة أيضًا كذلك في النظر لا تجزئ عن أكثر من سبعة قياسًا ونظرًا على ما ذكرناه.

وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

ص: 267

‌4 - باب: الشاة عن كم تجزئ أن يضحى بها؟

5813 -

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا عمي (ح)

وحدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو زرعة، قالا أنا حيوة، عن أبي صخر المدني، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، وينظر في سواد، ويبرك في سواد، فأتي به ليضحي به. ثم قال:"يا عائشة، هلمي المدية"، ثم قال:"اشحذيها بحجر" ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، وقال:"بسم الله، اللهم تقبل من محمد ومن آل محمد، ومن أمة محمد" ثم ضحى به

(1)

.

5814 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال حدثني سفيان الثوري، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أو عن عائشة رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشتري كبشين عظيمين سمينين أملحين

(2)

أقرنين موجوءين

(3)

، يذبح أحدهما عن أمته من شهد منهم بالتوحيد، وشهد له بالبلاغ، والآخر

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو عوانة 5/ 207 عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب به.

وأخرجه أحمد (24491)، ومسلم (1967)، وأبو داود (2792)، وابن حبان (5915)، وأبو عوانة 5/ 208، والبيهقي في السنن 9/ 267، وفي السنن الصغير (1803) من طرق عن عبد الله بن وهب به.

(2)

في النهاية: الأملح الذي بياضه أكثر من سواده، وقيل: هو النقي البياض.

(3)

أي: منزوعي الأنثيين، والوجاء: الخصاء.

ص: 268

عن محمد وآل محمد"

(1)

.

5815 -

حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن علي بن حسين، عن أبي رافع رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحّى اشترى كبشين عظيمين أملحين حتى إذا خطب الناس وصلى أتي بأحدهما وهو قائم في مصلاه، فذبحه بيده، ثم قال:"اللهم هذا عن أمتي جميعًا من شهد لك بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ". ثم يؤتى بالآخر فيذبحه ثم يقول: "اللهم هذا عن محمد وآل محمد" ثم يجمعهما جميعًا، ويأكل هو وأهله منها. قال: فمكثنا سنين ليس رجل من بني هاشم يضحي، قد كفاه الله المؤنة والعزم برسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

5816 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عفان (ح)

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل، قال: أخبرني عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، قال: حدثني أبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بكبشين أملحين عظيمين أقرنين موجوأين، فأضجع أحدهما وقال:

(1)

إسناده ضعيف، عبد الله بن محمد بن عقيل ضعيف يعتبر به ولم يتابع هنا، وللاضطراب في سنده.

وأخرجه عبد الرزاق (8130)، وأحمد (25046، 25886)، وابن ماجه (3122)، والبيهقي 9/ 267، 287 من طرق عن سفيان الثوري به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن محمد بن عقيل ولانقطاعه، فإن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لم يدرك أبا رافع.

وأخرجه أحمد (23860، 27190)، والطبراني في الكبير (920 - 921) من طريق عبد الله بن عقيل به.

ص: 269

"بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عن محمد وأمته، ومن شهد لك بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ"

(1)

.

5817 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن خالد الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي عياش، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين في يوم عيد، فقال حين وجههما:{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} إلى آخر الآية الأخرى، اللهم منك ولك، عن محمد وأمته ثم سمى وكبر وذبح

(2)

.

5818 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن، ويحيى بن عبد الله بن سالم، عن عمرو مولى المطلب، عن المطلب بن عبد الله، وعن رجل من بني سلمة أنهما حدثاه أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخبرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن محمد بن عقيل.

وأخرجه عبد بن حميد (1147)، وأبو يعلى (1792)، والبيهقي 9/ 268 من طرق عن حماد بن سلمة به.

(2)

إسناده حسن، محمد بن إسحاق صرح بالتحديث عند ابن خزيمة (2899).

وأخرجه الدارمي (1946)، والبيهقي 9/ 287 من طريق أحمد بن خالد الوهبي به.

وأخرجه أبو داود (2795)، وابن ماجه (3121)، والبيهقي 9/ 287، والمزي في تهذيبه 34 - 163 - 164 من طرق عن محمد بن إسحاق به.

وأخرجه أحمد (15022)، وابن خزيمة (2899)، والحاكم 1/ 467 من طريق ابن إسحاق عن يزيد بن حبيب عن خالد بن أبي عمران عن أبي عياش به.

ص: 270

صلى للناس يوم النحر، فلما فرغ من خطبته وصلاته دعا بكبشين، فذبحها هو بنفسه، وقال:"بسم الله، والله أكبر، اللهم عني وعمن لم يضح من أمتي"

(1)

.

5819 -

حدثنا نا روح بن الفرج، قال: ثنا أبو إبراهيم الترجماني، قال: ثنا الدراوردي، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبش، أقرن، ثم قال: اللهم هذا عني، وعمن لم يضح من أمتي"

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى أن الشاة، لا بأس أن يضحى بها عن الجماعة وإن كثروا، وافترق أهل هذه المقالة على فرقتين فقالت: فرقة لا يجزئ إلا أن يكون الذين يضحى بها عنهم من أهل بيت واحد.

وقالت فرقة: إن ذلك يجزئ، كان المضحى بها عنهم من أهل بيت واحد، أو من

(1)

إسناده حسن إن صح سماع المطلب بن عبد الله عن جابر، ورجل من بني سلمة مجهول تابعه المطلب.

وأخرجه الحاكم 4/ 229 من طريق ابن وهب بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (14893)، وأبو داود (2810)، والترمذي (1521)، والدارقطني 4/ 285، والبيهقي 9/ 286 - 287 من طريق يعقوب بن عبد الرحمن، عن عمرو، عن المطلب بن عبد الله، عن جابر به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف ربيح بن عبد الرحمن.

وأخرجه أحمد (11051)، والبزار (1209 زوائد)، وابن عدي في الكامل 3/ 1034، والحاكم 4/ 228، والدارقطني 4/ 284 من طرق عن الدراوردي به.

(3)

قلت أراد بهم: جماعة الظاهرية منهم: داود، وطائفة من أهل الحديث، ومالكا، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 21/ 83.

ص: 271

أهل أبيات شتى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بالكبش الذي ضحى به عن جميع أمته، وهم أهل أبيات شتى، فإن كان ذلك ثابتاً لمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فهو يجزئ عمن أجزأه بذبح النبي صلى الله عليه وسلم.

فثبت بهذا قول الذين قالوا: يضحى بها عن أهل البيت وعن غيرهم.

ثم كان الكلام بين أهل هذا القول وبين الفرقة التي تخالف هؤلاء جميعًا

(1)

، وتقول: إن الشاة لا تجزئ عن أكثر من واحد، وتذهب إلى أن ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم مما احتجت به الفرقتان الأوليان لقولهما، منسوخ، أو مخصوص.

فمما دلّ على ذلك أن الكبش لما كان يجزئ عن غير واحد لا وقت في ذلك ولا عدد، كانت البقرة والبدنة أحرى أن تكون كذلك، وأن تكونا تجزيان عن غير واحد، لا وقت في ذلك ولا عدد.

ثم قد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد دل على خلاف ذلك مما قد ذكرناه في الباب الذي قبل هذا من نحر أصحابه معه الجزور عن سبعة، والبقرة عن سبعة، وكان ذلك عند أصحابه على التوقيف منه لهم على أن البقرة والبدنة لا تجزئ واحدة منهما عن أكثر مما ذبحت عنه يومئذ، وتواترت عنهم الروايات بذلك.

5820 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا سلمة بن كهيل، عن حجية بن عدي، وعبد الله بن تمام، ومالك بن الحويرث فيما يحسب سلمة بن

(1)

قلت أراد بهم: سفيان الثوري، والنخعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 21/ 85.

ص: 272

كهيل أن رجلًا اشترى بقرةً أضحيةً فنتجها، فسأل عليا رضي الله عنه: هل أبدل مكانها أخرى؟ فقال: لا، ولكن اذبحها وولدها يوم النحر عن سبعة

(1)

.

5821 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن زهير بن حبيب، عن مغيرة بن حذف، عن علي رضي الله عنه

مثله

(2)

.

5822 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن ربعي، قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم يقولون: البقرة عن سبعة

(3)

.

5823 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، قال: ثنا سفيان، عن أبي حصين (ح)

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب قال ثنا شعبة، عن أبي حصين، عن خالد بن سعد، عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: البقرة عن سبعة

(4)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف حجية بن عدي، وعبد الله بن تمام ذكره ابن حبان في الثقات، روى عنه كثير بن زيد أبو جرير كما في المعاني 2/ 60.

(2)

إسناده محتمل للتحسين.

(3)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وأخرجه البيهقي 9/ 288 من طريق سفيان، عن زهير به.

وأخرجه ابن أبي شيبة كما في النخب 21/ 89 عن الشعبي به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة كما في النخب 21/ 89 عن وكيع عن سفيان، عن حصين بن عبد الرحمن، عن خالد بن سعد، عن أبي مسعود به.

ص: 273

5824 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، حدثنا ابن أبي ذئب، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

قال أبو جعفر

(2)

: فلما جعلت البقرة عن سبعة، وكان ذلك مما قد وقف عليه، ولم يجعل لنا أن نعدو ذلك إلى ما هو أكثر منه كانت الشاة أحرى أن لا تجزئ عن أكثر مما تجزئ عنه البقرة من ذلك.

فلما ثبت أن الشاة لا تجزئ عن أكثر من سبعة انتفى بذلك قول من قال: إنها تجزئ عن جميع من ذبحت عنه ممن لا وقت لهم ولا عدد، ولا تجاوز إلى غيره، وثبت ضده، وهو قول من قال: إن الشاة لا تجزئ إلا عن واحد.

فقال قائل: إنما جعلنا الشاة تجزئ عن أكثر مما تجزئ عنه البقرة والجزور؛ لأن الشاة أفضل منهما.

(1)

إسناده حسن من أجل خالد بن عبد الرحمن الخراساني.

وأخرجه ابن أبي شيبة كما في النخب 21/ 90 عن وكيع عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم به.

(2)

في س "قال أبو جعفر: فلما ثبت بهذا أن البدنة والبقرة عن سبعة وأنَّه لا يجاوز مجاوزته، دل أن الشاة مثله، فأما قول هذا المخالف: إن الشاة تجزئ عن أكثر من سبعة كان ما ذكرنا من الآثار مبطلا لما ذهب إليه، وإذا بطل قوله صح أن البقرة والبدنة لا تجزئ عن أكثر من سبعة، وأن الشاة لا تجزئ عن أكثر من واحد، فإن قال قائل: فإنما جازت الشاة لا تجزئ عن أكثر من سبعة، وإن الشاة لا تجزئ عن أكثر من واحد عن غير واحد؛ لأنَّه أفضل من غيره، فقيل له: لم زعمت هذا، وما دليلك عليه؟ ".

ص: 274

فقيل له: ولم قلت ذلك؟ وما دليلك عليه؟. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد

5825 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا عبد الله بن نافع عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالجزور إذا وجده، وكان لا يذبح البقرة والغنم وهو قادر عليه، ثم إذا لم يجد الجزور ذبح البقرة والغنم، وبالكبش إذا لم يجد جزورًا"

(1)

.

فأخبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالجزور إذا وجده، وذلك دليل على أنه كان يدع ما سواه مما يضحي به من البقر والغنم، وهو قادر عليه، ويضحي بالشاة إذا لم يقدر على الجزور، فذلك دليل على أن الجزور كان عنده أفضل من الشاة.

وقد رأينا الهدايا في الحج جعل للبدنة فيها من الفضل ما لم يجعل للشاة، فجعلت البدنة مما يشترك فيها الجماعة فيهدونها عن قرانهم ومتعتهم، ولم تجعل الشاة كذلك.

فمما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إباحة الشركة في الهدي إذا كان جزورًا ما

5826 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة، وأشرك عليا رضي الله عنه في

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن نافع مولى ابن عمر.

وأخرجه البيهقي 9/ 272 من طريق عبد الكبير الحنفي به.

ص: 275

ثلثها

(1)

.

5827 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، رضي الله عنه قال:"ساق النبي صلى الله عليه وسلم سبعين بدنةً، وأشرك بينهم فيها"

(2)

.

فلما كانت الشركة جائزةً في الجزور مباحةً في الهدي، وغير مباحة في الشاة ثبت بذلك أن الشاة إنما عدلت بجزء من الجزور.

وقد ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الباب الذي قبل هذا أن رجلًا قال له: إن عليّ ناقةً وقد غربت عني، فأمره أن يجعل مكانها سبعًا من الغنم، فدل ذلك على ما ذكرنا أيضًا.

وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يوافق هذا المعنى.

5828 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن أبي جمرة قال: سئل ابن عباس رضي الله عنهما عما استيسر من الهدي، فقال: "جزور أو بقرة، أو

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (14549)، والحميدي (1269)، وعبد بن حميد (1133)، وابن خزيمة (2892)، وابن حبان (4018) من طرق عن جعفر به.

(2)

إسناده حسن من أجل موسى بن مسعود النهدي أبي حذيفة.

وأخرجه الدارمي (1955)، وأبو يعلى (2150)، وابن حبان (4004)، والدارقطني 2/ 244، والبيهقي 6/ 78 من طريق الثوري به.

ص: 276

شرك في دم"

(1)

.

5829 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أبي جمرة قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول

فذكر مثله

(2)

.

فأخبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بأن الجزء من الجزور يعدل الشاة فيما استيسر من الهدي.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا ما يدل على فضل الجزور على البقرة، وعلى فضل البقرة على الشاة.

5830 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجلسوا يستمعون الذكر، فمثل المهجّر كمثل الذي يهدي بدنةً، ثم كالذي يهدي بقرةً، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2600) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (850)(24)، والنسائي في الكبرى كما في التحفة 10/ 100 من طرق عن ابن وهب به.

وأخرجه أحمد (7767)، والنسائي كما في التحفة 10/ 100 من طريق يونس، عن الزهري به.=

ص: 277

5831 -

حدثنا محمد بن خزيمة، وفهد قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني ابن الهاد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مثل المهجّر إلى الصلاة كمثل الذي يهدي بدنةً، ثم الذي على إثره كمثل الذي يهدي البقرة، ثم الذي على إثره كمثل الذي يهدي الكبش، ثم الذي على إثره كالذي يهدي الدجاجة، ثم الذي على أثره، كالذي يهدي البيضة"

(1)

.

5832 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه

فذكر نحوه

(2)

.

5833 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا

= وأخرجه البخاري (3211)، والنسائي 2/ 116 من طريقين عن الزهري، عن الأغر وأبي سلمة، عن أبي هريرة به.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح كاتب الليث.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2603) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (11918) من طريق مالك عن الزهري به.

وأخرجه الدارمي (1664)، وأبو يعلى (5994)، وابن خزيمة (1768) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2602) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي 1/ 131، والحميدي (934)، وأحمد (7258)، ومسلم (ص 587)(24)، والنسائي 3/ 98، وابن ماجه (1092)، وابن خزيمة (1769)، والبيهقي 3/ 225 - 226، والبغوي (1061) من طريق سفيان بن عيينة به.

ص: 278

روح بن القاسم، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

5834 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكر مثله

(2)

.

فلما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم المهجر في أفضل الأوقات كالمهدي بدنةً، والمهجر في الوقت الذي بعده كالمهدي بقرةً، والمهجر في الوقت الثالث كالمهدي كبشًا، ثبت بذلك أن أفضل ما يهدى الجزور، ثم البقرة، ثم الكبش.

فلما كانت البدنة أعظم ما يهدى ثبت أنها أعظم ما يضحى به.

ولما كانت باتفاقهم لا تجزئ في الأضحية عما فوق السبعة، كانت الشاة أحرى أن لا تجزئ عن ذلك، ولما انتفى أن تجزئ الشاة عما فوق السبعة ثبت أنها لا تجزئ إلا عن

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2605) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (11921)، وابن حبان (2774) من طريقين عن يزيد بن زريع به.

(2)

إسناده حسن، محمد بن إسحاق حسن الحديث وقد صرح بالتحديث عند أحمد.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2606) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النَّسَائِي (11906) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق به.

وأخرجه أحمد (11769) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن ابن إسحاق به.

ص: 279

خاص من الناس.

وقد أجمعوا على أنها مجزئة عن الواحدة، واختلفوا فيما هو أكثر منه، فلا يدخل فيما قد ثبت له حكم الخصوص إلا ما قد أجمعوا على دخوله فيه.

فثبت بما ذكرنا أنه لا يجوز أن يضحى بالشاة الواحدة عن اثنين، ولا عن أكثر من ذلك، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله، وبه نأخذ.

ص: 280

‌5 - باب: من أوجب أضحيةً في أيام العشر، أو عزم على أن يضحي، هل له أن يقص شعره أو يقلم أظفاره؟

5835 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا بشر بن ثابت، البزار، قال: ثنا شعبة، عن مالك بن أنس، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من رأى منكم هلال ذي الحجة، وأراد أن يضحّي فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحّي"

(1)

.

5836 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن عمرو بن مسلم أنه قال: أخبرني سعيد بن المسيب، أن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته، عن النبي صلى الله عليه وسلم

فذكر مثله. قال الليث: قد جاء هذا، وأكثر الناس على غيره

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5507) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (26654)، ومسلم (1977)(41)، والترمذي (1523)، والنسائي في المجتبى 7/ 211 وفي الكبرى (4451)، وابن ماجه (3150)، وأبو يعلى (6911)، وابن حبان (5916)، والطبراني في الكبير 23/ 564، والدارقطني 4/ 278، والحاكم 4/ 220، والبيهقي 9/ 266 من طرق عن شعبة به.

ورواه الطبراني في الكبير 23/ 562 من طريق القعنبي وعبد الله بن يوسف، كلاهما عن مالك بن أنس به، وعند أحمد عن عمر أو عمرو بن مسلم.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5510) بإسناده ومتنه.=

ص: 281

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى هذا الحديث فقلدوه، وجعلوه أصلًا.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فقالوا: لا بأس بقص الأظفار والشعر في أيام العشر لمن عزم على أن يضحي، ولمن لم يعزم على ذلك.

واحتجوا في ذلك بما ذكرناه في كتاب الحج، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث بها، ثم يقيم فينا حلالًا لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المحرم حتى يرجع الناس.

ففي ذلك دليل على إباحة ما قد حظره الحديث الأول.

ومجيء حديث عائشة رضي الله عنها هذا أحسن من مجيء حديث أم سلمة رضي الله عنها؛ لأنَّه جاء مجيئاً متواترًا.

وحديث أم سلمة رضي الله عنها، فلم يجئ كذلك، بل قد طعن في إسناد حديث

=وأخرجه الدارمي 2/ 76، والطبراني 23/ 563 من طريق يحيى بن عثمان، عن عبد الله بن صالح به.

ورواه النَّسَائِي في المجتبى 7/ 212 من طريق شعيب بن الليث، عن أبيه.

وأخرجه مسلم (1977)(42)، وأبو عوانة 5/ 205 - 206، وابن حبان (5897)، والطبراني في الكبير 23/ 563 من طريق خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال به.

وأخرجه أحمد (26571) من طريق حسن، عن ابن لهيعة، عن سعيد بن أبي هلال به.

(1)

قلت أراد بهم: محمد بن سيرين، والأوزاعي، وأحمد وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 21/ 107.

(2)

قلت أراد بهم: عطاء بن يسار، وأبا بكر بن عبد الرحمن، وأبا بكر بن سليمان، والثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 21/ 109.

ص: 282

مالك، فقيل: إنه موقوف على أم سلمة رضي الله عنها.

5837 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر بن فارس، قال: أخبرنا مالك، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة رضي الله عنها، ولم ترفعه، قالت: من رأى هلال ذي الحجة، وأراد أن يضحي فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره حتى يضحّي

(1)

.

5838 -

حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال: أنا مالك، عن عمرو بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة رضي الله عنها

مثله ولم ترفعه

(2)

.

فهذا هو أصل الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها، فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار.

وأما النظر في ذلك فإنا قد رأينا الإحرام يحظر أشياء مما قد كانت كلها قبله حلالًا، منها: الجماع، والقبلة، وقص الأظفار، وحلق الشعر، وقتل الصيد، فكل هذه الأشياء تحرم بالإحرام، وأحكام ذلك أحكام مختلفة.

(1)

إسناده صحيح موقوف.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5509) بإسناده ومتنه.

ورواه الطبراني 23/ 557، والحاكم 4/ 220 - 221 من طريق أبي سلمة، عن أم سلمة موقوفًا، ورواه النَّسَائِي 7/ 212 فعله.

(2)

إسناده صحيح موقوف على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5508) بإسناده ومتنه.

ص: 283

فأما الجماع فمن أصابه في إحرامه فسد إحرامه، وما سوى ذلك لا تفسد إصابته الإحرام فكان الجماع أغلظ الأشياء التي يحرمها الإحرام.

ثم رأينا من دخلت عليه أيام العشر، وهو يريد أن يضحي أن ذلك لا يمنعه من الجماع فلما كان ذلك لا يمنعه من الجماع وهو أغلظ ما يحرم بالإحرام كان أحرى أن لا يمنع مما دون ذلك.

فهذا هو النظر في هذا الباب أيضًا، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

وقد روي ذلك أيضًا عن جماعة من المتقدمين.

5839 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب (ح)

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، أن عطاء بن يسار وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبا بكر بن سليمان كانوا لا يرون بأسًا أن يأخذ الرجل من شعره، ويقلم أظفاره في عشر ذي الحجة

(1)

.

وقد احتج بعض أصحابنا بما

5840 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن عثمان بن

(1)

إسناده صحيح.

ص: 284

عبيد الله بن أبي رافع، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن محمد بن ربيعة، قال: رآني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، طويل الشارب، وذلك بذي الحليفة وأنا على ناقتي وأنا أريد الحج، فأمرني أن أقص من شعري ففعلت

(1)

.

ولا حجة عندنا في هذا؛ لأنَّه لا يريد أن يضحي إذا كان يريد الحج، فلا حجة في هذا على أهل المقالة الأولى لأنهم إنما يمنعون من ذلك من أراد أن يضحي.

وحجة أخرى تدفع هذا الحديث أن يكون فيه حجة عليهم، وذلك أنه لم يذكر أن ذلك كان في عشر ذي الحجة، أو قبل ذلك.

(1)

رجاله ثقات.

ص: 285

‌6 - باب الذبح بالسن والظفر

5841 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، وروح بن عبادة، قالا: ثنا شعبة (ح)

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، قالا جميعًا: عن سماك بن حرب، عن مُرَي بن قطري رجل من بني تغلب

(1)

، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، أرسل كلبي فيأخذ الصيد، فلا يكون معي ما أذكي به إلا المروة والعصا، فقال:"أنهر الدم بما شئت، واذكر اسم الله عز وجل"

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى أن أباحوا الذبح بالسن والظفر المنزوعين وغير المنزوعين واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

، فكرهوا ما ذبح بهما إذا كانا غير منزوعين، وأباحوا ما ذبح بهما إذا كانا منزوعين. واحتجوا في ذلك بما

(1)

في ن د "يعلى".

(2)

إسناده ضعيف الجهالة مري بن قطري.

وأخرجه أحمد (18250)، وابن ماجه (3177)، والحاكم 4/ 240 من طرق عن سفيان الثوري به.

وأخرجه الطيالسي (1033 - 1034)، وأحمد (18262)، والترمذي (1565)، والنسائي في المجتبى 7/ 194 وفي الكبرى (4797)، والبغوي في الجعديات (562 - 563 - 564)، وابن حبان (332)، والطبراني في الكبير 17/ 247 - 250 - 251)، والبيهقي 7/ 279 من طرق عن شعبة به.

(3)

قلت أراد بهم طائفة من أهل الحديث، والأوزاعي في رواية عنه رحمهم الله، كما في النخب 21/ 116.

(4)

قلت أراد بهم: الثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 21/ 118.

ص: 286

5842 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا روح وسعيد بن عامر، قالا: ثنا شعبة، عن سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن جده رافع بن خديج رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله إنا لاقو العدو غدًا وليس معنا مدًى، قال:"ما أنهر الدم وذكرت اسم الله عليه، فكل ليس السن والظفر، وسأخبرك أما الظفر فمُدَى الحبشة، وأما السن فعظم"

(1)

.

5843 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: حدثني سفيان الثوري، عن أبيه، عن عباية بن رفاعة، عن جده، رافع بن خديج رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا نرجو، أو نخشى أن نلقى العدو، وليس معنا مدًى: أفنذبح بالقصب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا، إلا السن والظفر"

(2)

.

قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث إخراج النبي صلى الله عليه وسلم السن والظفر مما أباح الذكاة به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (15806)، والبيهقي 9/ 245 - 246 من طريق سعيد بن عامر به.

وأخرجه البخاري (5503)، ومسلم (1968)(23)، والنسائي في المجتبى 7/ 228 وفي الكبرى (4498) من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (8481)، وأحمد (17261)، والبخاري (5506، 5509)، ومسلم (1968)(20)، والترمذي (1491)، والنسائي في المجتبى 7/ 228 وفي الكبرى (4499)، وابن الجارود (895)، والطبراني في الكبير (4380 - 4381)، والبيهقى 9/ 246 من طرق عن سفيان الثوري به.

ص: 287

فاحتمل أن يكون ذلك على المنزوعين، واحتمل أن يكون على المنزوعين وغير المنزوعين.

فإن كان ذلك على المنزوعين فهما إذا كانا غير منزوعين أحرى أن يكونا كذلك.

وإن كان ذلك على غير المنزوعين فليس في ذلك دليل على حكم المنزوعين في ذلك كيف هو؟ فلما أحاط العلم بوقوع النهي في هذا على غير المنزوعين، ولم يحط العلم بوقوعه على المنزوعين، وقد جاء حديث عدي بن حاتم الذي ذكرناه مطلقا أخرجنا معه ما أحاط العلم بإخراج حديث رافع إياه منه، وتركنا ما لم يحط العلم بإخراج حديث رافع إياه منه على ما أطلقه حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.

وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذا ما

5844 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا أبو الأشهب، عن أبي رجاء العطاردي، قال: خرجنا حجاجًا فصاد رجل من القوم أرنبًا، فذبحها بظفره فشواها

(1)

، فأكلوها، ولم أكل معهم. فلما قدمنا البلد سألت ابن عباس رضي الله عنهما فقال: لعلك أكلت معهم؟ قلت: لا، قال: أصبت إنما قتلها خنقًا

(2)

.

5845 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق، قال: ثنا سلم بن

(1)

في ن خد "فملوها" بفتح وتشديد اللام هو نوع من الشواء تحت الرماد الحار الذي يحمي ليدفن فيه الخبز لينضج.

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه عبد الرزاق (8617)، وابن حزم في المحلى 6/ 140 عن معمر، عن عوف العبدي، عن أبي رجاء العطاردي به.

ص: 288

زرير، عن أبي رجاء

مثله

(1)

.

أفلا يرى أن ابن عباس رضي الله عنهما قد بين في حديثه هذا المعنى الذي به حرم أكل ما ذبح بالظفر أنه الخنق؛ لأن ما ذبح به فإنها ذبح بكف لا بغيرها فهو مخنوق. فدل ذلك أن ما نهي عنه من الذبح بالظفر هو الظفر المركب في الكف، لا الظفر المنزوع منها.

وكذلك ما نهي عنه من الذبح بالسن، فإنما هو على السن المركبة في الفم؛ لأن ذلك يكون عظما، فأما السن المنزوعة فلا.

وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

(1)

إسناده ضعيف لضعف سلم بن زرير أبو يونس العطار.

ص: 289

‌7 - باب: أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام

5846 -

حدثنا أحمد بن داود، قال ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن، أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول يوم الأضحى:"أيها الناس، إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن تأكلوا نسككم بعد ثلاث فلا تأكلوها بعدها"

(1)

.

5847 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: حدثني أبو عبيد مولى ابن أزهر، قال: صليت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه العيد وعثمان بن عفان رضي الله عنه محصور، فصلى، ثم خطب فقال: لا تأكلوا من لحوم أضاحيكم بعد ثلاثة أيام، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك

(2)

.

5848 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يحيى بن صالح الوحاظي، قال: ثنا إسحاق بن يحيى الكلبي، عن الزهري عن سالم عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلوا

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه مالك في موطئه (491)، والحميدي (8)، والبخاري (5571 - 5572 - 5573)، ومسلم (1969)، وأبو يعلى (152)، وابن حبان (3600) من طرق عن الزهري به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه مالك في موطئه 1/ 451 عن ابن شهاب به.

وأخرجه مسلم (1969) من طريق يونس، عن الزهري به.

ص: 290

منها ثلاثًا" يعني لحوم الأضاحي

(1)

.

5849 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن نافع عن ابن عمر، رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:"لا يأكل أحدكم من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام"

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى هذا، فحرموا لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

، فلم يروا بأكلها وادخارها بأسًا. واحتجوا في ذلك بما

5850 -

حدثنا يونس، قال: ثنا معن بن عيسى، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية،

(1)

إسناده ضعيف لجهالة إسحاق بن يحيى بن علقمة الكلبي.

وأخرجه أحمد (4558)، والبخاري (5574)، ومسلم (1970)(27)، والنسائي في المجتبى 2/ 232، وفي الكبرى (4497)، وأبو عوانة 5/ 232 من طرق عن الزهري به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1970)(26)، والترمذي (1509)، وابن حبان (5923)، والحازمي في الاعتبار (ص 154) من طرق عن الليث به.

(3)

قلت أراد بهم: عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وجماعة من الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 21/ 129.

(4)

قلت أراد بهم: جماهير العلماء، وفقهاء الأمصار من الأئمة الأربعة، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 21/ 130.

ص: 291

عن جبير بن نفير، عن ثوبان رضي الله عنه قال: ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أضحيته ثم قال: "يا ثوبان أصلح لحم هذه الأضحية"، فما زلت أطعمه منها حتى قدم المدينة

(1)

.

5851 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا شعبة، عن جابر بن يزيد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كنا لنأكله بعد عشرين، تعني لحوم الأضاحي

(2)

.

5852 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا زهير بن محمد، عن شريك بن أبي نمر، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، وعمه قتادة رضي الله عنهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كلوا الحوم الأضاحي وادخروا"

(3)

.

قال أبو جعفر: فاحتمل أن يكون أحد هذين المعنيين اللذين ذكرناهما حجةً لأحد هذين القولين ناسخًا للمعنى الآخر، فنظرنا في ذلك

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1975)(35) من طرق معن بن عيسى به.

وأخرجه أحمد (22391)، ومسلم (1975)، وأبو داود (2814)، والنسائي في الكبرى (4156)، وأبو عوانة (7874 - 7875)، والطبراني في الكبير (1411)، والبيهقي 9/ 491 من طرق عن معاوية بن صالح به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي.

وأخرجه الطيالسي (1512) من طريق شعبة به.

(3)

إسناده حسن من أجل شريك بن أبي نمر.

وأخرجه الدولابي في الكنى 1/ 34، وأبو يعلى (1235)، والحاكم 4/ 232 من طريق أبي عامر العقدي به.

وأخرجه أحمد (11449) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن زهير به.

ص: 292

5853 -

فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث، قال: حدثني علي بن زيد، قال: حدثني ربيعة بن النابغة بن مخارق بن سليم، قال: حدثني أبي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تدخروها فوق ثلاثة أيام، فادخروها ما بدا لكم"

(1)

.

5854 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد (ح)

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد عن ربيعة بن النابغة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

5855 -

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان، ولجهالة ربيعة بن النابغة وأبيه - وانظر ما بعده.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 11، 160، وأحمد (1236، 1237)، وأبو يعلى (278)، وابن عدي في الكامل 3/ 1019 من طريقين عن حماد بن زيد به.

(3)

إسناده ضعيف، ابن جريج مدلس، وقد عنعن وأيوب بن هاني فيه لين.

وأخرجه مطولا ومختصرا ابن ماجه (1571، 3388)، وأبو يعلى (5079)، والشاشي (397)، وابن حبان (981)، والواحدي في أسباب النزول (ص 178)، والطبراني في الكبير (10304)، وابن عدي 1/ 351، والحاكم 2/ 336، والبيهقي في السنن 4/ 77، 8/ 311 من طريق عبد الله بن وهب به.

ص: 293

5856 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد قال: ثنا زهير بن معاوية عن زبيد، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

5857 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، (ح)

وحدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أحمد بن يونس، قالا: ثنا معرف بن واصل، قال: حدثني محارب بن دثار

ثم ذكر بإسناده مثله

(2)

.

5858 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

5859 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني أسامة بن زيد الليثي، أن محمد

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه تاما ومختصرا أحمد (23003)، ومسلم (977)، والنسائي 7/ 234، 8/ 311، وأبو عوانة (7882)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4743)، وابن حبان (5390)، والحاكم 1/ 376، والبيهقي 4/ 76 من طرق عن زهير بن معاوية به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (3698) عن أحمد بن يونس، عن معرف بن واصل به.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، ابن بريدة هو سليمان.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4745) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم 3/ 1564 (37)، 3/ 1585 (64)، والترمذي مقطعا (1054، 1510، 1869)، والحازمي في الاعتبار (ص 228) من طرق عن أبي عاصم به.

وأخرجه أحمد (23016)، وأبو عوانة (7879 - 7880 - 7881)، والبغوي في الجعديات (2082) من طرق عن سفيان الثوري به.

ص: 294

بن يحيى بن حبان أخبره، أن واسع بن حبان أخبره، أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

5860 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أيوب بن سليمان بن بلال، قال: ثنا أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن عطاء بن أبي رباح سمعه يحدث، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما أنهم كانوا يأكلون الضحايا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا لا يزيدون عليها، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لهم بعد أن يأكلوا ويتزودوا

(2)

.

5861 -

حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه، نحوه

(3)

.

(1)

إسناده حسن من اجل أسامة بن زيد الليثي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4744) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الحاكم 1/ 374، والبيهقي 4/ 77 من طريق عبد الله بن وهب به.

وأخرجه أحمد (11329)، وعبد بن حميد (985) من طريقين عن ابن المبارك، عن أسامة به.

وأخرجه البخاري (3997، 5568)، والنسائي 7/ 233 من طريق عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري به.

(2)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق.

وأخرجه أحمد (14412)، والبخاري (1719)، ومسلم (1972)(30)، والنسائي في الكبرى (4138)، والبيهقي 9/ 291، والبغوي (1952) من طرق عن ابن جريج، عن عطاء به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1972)(31) من طريق زكريا بن عدي، عن عبيد الله بن عمرو به.

وأخرجه أبو عوانة 5/ 237 من طريق زيد بن أبي أنيسة به.

ص: 295

5862 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن زبيد، أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه أخبره أنه أتى أهله، فوجد عندهم قصعة ثريد، ولحم من لحم الأضاحي، فأبى أن يأكله. فأتى قتادة بن النعمان، أخاه، فحدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عالم الحج، قال:"إني كنت نهيتكم أن لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، وإني أحله لكم فكلوا منه ما شئتم"

(1)

.

5863 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا الحماني، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المليح، عن نبيشة الخير رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنا نهيناكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام كي يسعكم فقد جاء الله بالسعة، فكلوا وادخروا، فإن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل"

(2)

.

5864 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني عمرو بن الحارث، ومالك، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، ثم أذن فيه فقال:"كلوا، وتزودوا، وادخروا". فقال عمرو: قال أبو الزبير: قال

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة ولانقطاعه، فإن زبيد بن الحارث لم يلق أحدا من الصحابة.

وأخرجه الطبراني في الكبير 19/ 7 من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن زبيد به.

وأخرجه أحمد (16211) من طريق ابن جريج عن سليمان بن موسى، عن زبيد، عن أبي سعيد الخدري به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وأخرجه أحمد (20728)، ومسلم (1141)، وأبو داود (2813)، وابن ماجه (3160) من طرق عن خالد الحذاء به.

ص: 296

جابر رضي الله عنه: فتزودنا منها إلى المدينة

(1)

.

5865 -

حدثنا إبراهيم بن منقذ، قال: ثنا إدريس بن يحيى، عن بكر بن مضر قال أخبرني خالد بن يزيد، عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال:"ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنًى وتزودنا منها إلى المدينة"

(2)

.

5866 -

حدثنا يونس، قال أخبرني أنس بن عياض، عن سعد بن إسحاق، عن زينب بنت كعب، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يدخر لحم الأضاحي فوق ثلاث، وأمرنا أن نأكل منها ونتصدق منها، ولا نأكلها بعد ثلاث، فأقمنا على ذلك ما شاء الله، ثم بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم! أن يأمرنا بأكلها، والصدقة منها، وأن يدخر من أحب ذلك

(3)

.

5867 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال ثنا الليث بن سعد، عن

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو الزبير لم يصرح بسماعه من جابر لكنه متابع.

وهو في الموطأ 2/ 484 ومن طريقه أخرجه أحمد (15168)، ومسلم (1972)(29)، والنسائي في المجتبى 233/ 7، وفي الكبرى (4500)، وأبو عوانة 5/ 236، وابن حبان (5925)، والبيهقي (9/ 290 - 291، والبغوي (1133).

وأخرجه أبو عوانة 5/ 236 من طريق عمرو بن الحارث به.

(2)

رجاله ثقات.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (11176)، والنسائي في المجتبى 7/ 234، وفي الكبرى (4517)، وأبو يعلى (997)، وابن حبان (5926) من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، عن سعد بن إسحاق به.

ص: 297

الحارث بن يعقوب، عن يزيد بن أبي يزيد، يزيد الأنصاري، عن امرأته، أنها سألت عائشة رضي الله عنها عن لحوم الأضاحي، فقالت: قدم علي بن أبي طالب رضي الله عنه من سفر فقدمنا إليه منه، فقال: لا آكل حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله، فقال:"كلوا من ذي الحجة إلى ذي الحجة"

(1)

.

5868 -

حدثنا، بحر، عن شعيب، عن أبيه، عن الحارث بن يعقوب، عن يزيد بن أبي يزيد، مولى الأنصار

ثم ذكر بإسناده مثله

(2)

.

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار ما يدل على نسخ ما رويناه في أول هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام.

فإن قال قائل: فقد رويتم عن علي رضي الله عنه في هذا الفصل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لحوم الأضاحي بعدما قد كان نهى عنه.

ثم رويتم عنه في الفصل الذي قبل ذلك الفصل أنه خطب الناس، وعثمان رضي الله عنه محصور فقال: لا تأكلوا من لحوم أضاحيكم بعد ثلاثة أيام، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك.

فقد دلّ ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان نهى عن ذلك بعدما كان أباحه، حتى

(1)

إسناده ضعيف الجهالة يزيد بن أبي يزيد الأنصاري.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1692)، وأحمد (25218)، والخطيب في الموضح 1/ 193 - 194 من طرق عن الليث به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

ص: 298

تتفق معاني ما رويتموه، عن علي رضي الله عنه من هذا، ولا تتضاد.

قيل له ما في هذا دليل على ما ذكرت، لأنَّه قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نهى عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام لشدة كان الناس فيها، ثم ارتفعت تلك الشدة، فأباح لهم بذلك، ثم عاد مثل ذلك في وقت ما خطب علي رضي الله عنه الناس، فأمرهم بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم به في مثل ذلك الوقت.

والدليل على ما ذكرنا من هذا أن

5869 -

ابن مرزوق حدثنا، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا عبد الرحمن بن عابس، عن أبيه قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها، فقلت: يا أم المؤمنين! أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام؟. فقالت: إنما فعل ذلك في عام جاع الناس فيه، فأراد أن يطعم الغني الفقير. قالت: ولقد كنا نرفع الكراع، خمس عشرة ليلةً

(1)

.

فدل هذا الحديث أن ذلك النهي إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم للعارض المذكور في هذا الحديث.

(1)

إسناده حسن من أجل موسى بن مسعود أبي حذيفة النهدي.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1599)، وابن أبي شيبة 13/ 361، وأحمد (2496)، والبخاري (5423 - 5438 - 6687)، ومسلم (2970)(23)، والنسائي في المجتبى 7/ 235 وفي الكبرى (4506)، والبيهقي 7/ 47، 9/ 293، والبغوي (1134) من طرق عن سفيان الثوري به.

ص: 299

فلما ارتفع ذلك العارض أباح لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد كان حظره عليهم على ما ذكرناه في الآثار الأول التي في الفصل الذي قبل هذا. فكذلك ما فعله علي رضي الله عنه في زمن عثمان رضي الله عنه وأمر به الناس بعد علمه بإباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد نهاهم هو عنه، إنما كان ذلك منه عندنا - والله أعلم - لضيق كانوا فيه مثل ما كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي نهاهم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام. فأمرهم علي رضي الله عنه في أيامهم، بمثل ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر به الناس في مثلها.

وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان نهى عن ذلك لأجل دافة دفت عليهم.

5870 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دف

(1)

ناس من أهل البادية، حضرة الأضحى

(2)

، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ادخروا الثلاث، وتصدقوا بما بقي". قالت: فلما كان بعد ذلك، قلت يا رسول الله! قد كان الناس ينتفعون بضحاياهم يحملون منها الودك

(3)

ويتخذون منها الأسقية. قال: وما ذاك؟ قلت: نهيت عن إمساك لحوم الأضاحي بعد ثلاث قال: "إنما كنت نهيتكم للدافة

(4)

التي دفت، فكلوا،

(1)

أي: جاءوا إلينا.

(2)

أي: وقت الأضحى.

(3)

أي: الشحم.

(4)

الدافة قوم من الأعراب يردون المصر، يريد أنهم قدموا المدينة عند الأضحى فنهاهم عن ادخار لحوم الأضاحي يفرقوها ويتصدقوا بها.

ص: 300

وتصدقوا، وتزودوا"

(1)

.

5871 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

فأخبرت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن حرمها، ولكنه أراد التوسعة على الدافة التي دفت عليهم.

فقد عاد معنى هذا الحديث إلى معنى حديث عابس، عن عائشة رضي الله عنها.

وقد روي هذا الحديث عن عابس عن عائشة رضي الله عنها على غير ذلك اللفظ

5872 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عابس بن ربيعة، قال: أتيت عائشة رضي الله عنها فقلت: يا أم المؤمنين! أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الأضاحي فوق ثلاث؟ فقالت: "لا، ولكنه لم يكن ضحى منهم إلا قليل، ففعل ذلك ليطعم من ضحى منهم من لم يضح، ولقد رأيتنا نخبأ الكراع

(3)

، ثم نأكلها

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2424)، وأبو داود (2812)، والنسائي في المجتبى 7/ 235، وأبو عوانة 5/ 234، والحازمي في الاعتبار ص (155) من طرق عن مالك به.

وهو في الموطأ 1/ 623، ومن طريقه أخرجه الشافعي في المسند 1/ 162، ومسلم (1971)، وابن حبان (5927)، والبيهقي 5/ 240 عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن واقد، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث، قال أبو بكر: فذكرت ذلك لعمرة.

(2)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

(3)

الكراع في الغنم والبقر بمنزلة الوظيف في الفرس والبعير وهو مستدق الساق.

ص: 301

بعد ثلاث"

(1)

.

فقد يجوز أن تكون تلك الدافة كانت كثيرةً، فكان الناس الذين يضحون معها قليلًا، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أمرهم به من الصدقة من أجل ذلك.

فقد عاد معنى هذا أيضًا إلى معنى ما قبله.

وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أيضًا أن ذلك القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على العزيمة، ولكنه كان على الترغيب منه لهم في الصدقة.

5873 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: ثنا عبيد الله، عن أبي الأسود، عن هشام بن عروة، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت في لحوم الأضاحي: كنا نصلح منه، فيقدم به الناس إلى المدينة، فقال:"لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام"

(2)

.

ليست بالعزيمة ولكن أراد أن يطعموا منه، فلم نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام من أحد وجهين: إما أن يكون ذلك على التحريم، أو يكون ذلك على الحض منه لهم على الصدقة والخير.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (24707) من طريق زهير، والترمذي (1511) من طريق أبي الأحوص، كلا هما عن أبي إسحاق به.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه البخاري (5570) من طريق سليمان، عن يحيى بن سعيد به.

ص: 302

فإن كان ذلك على الحض منه لهم في الصدقة لا على التحريم، فذلك دليل على أن لا بأس بادخار لحوم الأضاحي وأكلها بعد الثلاث.

وإن كان ذلك كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم على التحريم، فقد كان منه بعد ذلك ما قد نسخ، وأوجب التحليل.

فثبت بما ذكرنا إباحة ادخار لحوم الأضاحي وأكلها في الثلاث وبعدها، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

ص: 303

‌8 - باب: أكل الضَّبْع

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى إباحة أكل لحم الضبع، واحتجوا في ذلك بحديث ابن أبي عمار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هي من الصيد

(2)

.

وبحديث إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك، ويؤكل، وقد ذكرنا ذلك بإسناده في كتاب مناسك الحج.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: لا يؤكل.

وكان من الحجة لهم في ذلك أن حديث جابر رضي الله عنه هذا قد اختلف في لفظه، فرواه كل واحد من حديث إبراهيم الصائغ كما ذكرناه عنه.

ورواه ابن جريج على خلاف ذلك، فذكر عن ابن أبي عمار رضي الله عنه أنه سأل جابرًا رضي الله عنه عن الضبع. فقال: أصيد هي؟ قال: نعم! قال: وسمعت ذلك من النبي؟ فقال: نعم!

فأخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها صيد، وليس كل الصيد يؤكل. فاحتمل أن تكون تلك الزيادة على ذلك المذكور، في حديث ابن جريج، من قول جابر رضي الله عنه: لأنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم سماها صيدًا. واحتمل أن يكون عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، ومالكا، والشافعي، وأحمد وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 21/ 160.

(2)

في د "وتوكل".

(3)

قلت أراد بهم الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، والأوزاعي، والثوري، وعبد الله بن المبارك، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 21/ 161.

ص: 304

فلما احتمل ذلك، ووجدنا السنة قد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع والضبع ذو ناب لم نخرج من ذلك شيئًا قد علمنا أنه دخل فيه بشيء لم نعلم يقيناً أنه أخرجه منه.

فمما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم كل ذي ناب من السباع ما

5874 -

حدثنا ربيع المؤذن، ونصر بن مرزوق، قالا: ثنا أسد قال: ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير

(1)

.

5875 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف، لانقطاعه وحبيب بن أبي ثابت مدلس وقد عنعن وهو لم يسمع من عاصم بن ضمرة شيئا وابن جريج مدلس وقد عنعن.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3473) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (219) عن ابن جريج قال: أخبرت عن حبيب به، وأخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند (1254)، وأبو يعلى (357)، والحاكم في علوم الحديث (ص 109)، والعقيلي في الضعفاء 1/ 224 من طرق عن عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن ذكوان، عن حبيب بن أبي ثابت به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3474) بإسناده ومتنه.=

ص: 305

5876 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر

فذكر بإسناده مثله وقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

5877 -

حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي، قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: ثنا أبو عوانة

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

5878 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن المبارك، قال: ثنا خالد بن الحارث، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن علي بن الحكم، عن ميمون بن مهران، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

5879 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم، عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى

= وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 399، ومسلم (1934)، والبيهقي 9/ 315 من طريق هشيم، عن أبي بشر به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3475) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 399، والدارمي (1982)، وأحمد (2192)، ومسلم (1934)، وأبو داود (3803)، وأبو عوانة 5/ 143، وابن حبان (5280)، والطبراني (12995) من طرق عن أبي عوانة به.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3479) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (3141)، وأبو داود (3805)، والنسائي في المجتبى 7/ 206 وفي الكبرى (4747)، وابن ماجه (3234)، وابن الجارود (893)، وأبو يعلى (2690)، والبيهقي 9/ 315 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به.

ص: 306

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع

(1)

.

5880 -

وحدثنا يونس، قال: أنا سفيان، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

5881 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عيسى بن إبراهيم البركي، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: ثنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

فقد قامت الحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنهيه عن كل ذي ناب من السباع، وتواترت بذلك الآثار عنه، فلا يجوز أن يخرج من ذلك الضبع إذا كانت ذات ناب من

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ربيعة.

وأخرجه أحمد (3002) من طريق شريك، عن الأعمش، عن مجاهد به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3480) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي في المسند 2/ 172 - 173، والحميدي (875)، وابن أبي شيبة 5/ 398، وأحمد (17740)، والبخاري (5780)، ومسلم (1932)(12)، والترمذي (1477)، والنسائي في المجتبى 7/ 200 وفي الكبرى (4837)، وابن ماجه (3232)، وابن الجارود (889)، وأبو عوانة 5/ 137 - 138، والطبراني في الكبير 22/ 557، والبيهقي 9/ 314 - 315 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(3)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3483) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (8789)، والترمذي (1795)، وابن عبد البر في التمهيد 1/ 141 من طريق زائدة، عن محمد بن عمرو به.

ص: 307

السباع إلا بما تقوم علينا به الحجة بإخراجها من ذلك.

وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

ص: 308

‌9 - باب: صيد المدينة

5882 -

حدثنا فهد بن سليمان، قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: حدثني إبراهيم التيمي، قال: حدثني أبي، قال: خطبنا علي رضي الله عنه على منبر من آجر، وعليه سيف فيه صحيفة معلقة به فقال: والله ما عندنا من كتاب نقرؤه إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، ثم نشرها، فإذا فيها:"المدينة حرام من عَير إلى ثَوْر"

(1)

.

5883 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا عبد الله بن جعفر

(2)

، عن إسماعيل بن محمد، عن عامر بن سعد، أن سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد غلامًا يقطع شجرا - أو يحتطبه

(3)

-، قال أبو جعفر رضي الله عنه: أظن فيه: فأخذ سلبه، فلما رجع أتاه أهل الغلام، فكلموه أن يرد عليهم ما أخذ من غلامهم، فقال:"معاذ الله أن أرد شيئًا نفلنيه رسول الله، وأبى أن يرده إليهم"

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (7300) من طريق عمر بن حفص به.

وأخرجه عبد الرزاق (16309، 17153)، والطيالسي (184)، وابن أبي شيبة 12/ 454، وأحمد (615)، والبخاري (3172 - 6755)، ومسلم (1370)، والترمذي (2127)، وأبو يعلى (263)، وابن حبان (3716) من طرق عن الأعمش به.

(2)

في ن هنا "عن أبيه" وليست هذه الزيادة في شرح المشكل، وهو يروي عن أبيه وعن إسماعيل بن محمد.

(3)

في ن "يخبطه" هو ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقه.

(4)

إسناده صحيح.=

ص: 309

5884 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن يعلى بن حكيم، عن سليمان بن أبي عبد الله، قال: شهدت سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وقد أتاه قوم في عبد لهم، أخذ سعد بن أبي وقاص سلبه رآه يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ سلبه، فكلموه أن يرد عليهم سلبه، فأبى، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حدّ حدود الحرام، حرم المدينة، فقال:"من وجدتموه يصيد في شيء من هذه الحدود، فمن وجده فله سلبه"، فلا أرد عليكم طعمةً أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إن شئتم غرمت لكم ثمن سلبه، فعلت

(1)

.

5885 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن عثمان بن حكيم، قال أخبرني عامر بن سعد، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ما بين

= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4799) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (1443)، والدورقي (32)، ومسلم (1364)، والبزار (1102)، والبيهقي 5/ 199 من طريق أبي عامر العقدي به.

وأخرجه الحاكم 1/ 487، وعنه البيهقي في السنن 5/ 199 من طريق خالد بن مخلد القطواني عن عبد الله بن جعفر به.

(1)

حديث حسن، سلمان بن أبي عبد الله لم يرو عنه غير يعلى بن حكيم، قال أبو حاتم ليس بالمشهور فيعتبر بحديثه وذكره ابن حبان في الثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4800) بإسناده ومتنه بزيادة يزيد بن سنان في بداية السند.

وأخرجه الدورقي (122) وأبو يعلى (806) من طريق وهب بن جرير به.

وأخرجه أحمد (1460)، وأبو داود (2037)، والبيهقي 5/ 199 - 200 من طريق أبي سلمة موسى بن إسماعيل، عن جرير بن حازم به.

ص: 310

لابتي المدينة أن يقطع عضاهها

(1)

أو يقتل صيدها

(2)

.

5886 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا أحمد بن أبي بكر، قال: حدثني أبو ثابت عمران بن عبد العزيز الزهري، عن عبد الله بن يزيد مولى المنبعث، عن صالح بن إبراهيم، عن أبيه، قال: اصطدت طيرًا بالقنبلة

(3)

، فخرجت به في يدي، فلقيني أبي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقال: ما هذا؟ فقلت: طيرًا اصطدته بالقنبلة، فعرك أذني عركًا شديدًا، ثم أرسله من يدي، ثم قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم صيد ما بين لابتيها

(4)

.

5887 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني مالك، عن يونس بن يوسف، عن عطاء بن يسار، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه وجد غلمانًا قد ألجئوا ثعلبًا إلى زاوية، فطردهم، قال مالك: لا أعلم إلا أنه قال: أفي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هذا؟

(5)

.

(1)

كل شجر له شوك.

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.

وأخرجه مسلم (1363)(460)، والنسائي في الكبرى (4265)، والبزار (1124) من طريق مروان بن معاوية به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 198، وأحمد (1572) وعبد بن حميد (153)، ومسلم (1363)، وأبو يعلى (699)، والبيهقي 5/ 197 من طريقين عن عثمان بن حكيم به.

(3)

هي مصيدة يصاد بها النُهس وهو أبو براقش.

(4)

إسناده ضعيف لضعف عمران بن عبد العزيز بن عمر الزهري.

وأخرجه البزار (1008)، والبيهقي 5/ 198 من طريق أبي ثابت عمران بن عبد العزيز الزهري به.

(5)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 468 ومن طريقه أخرجه الشاشي في مسنده (1108)، والبيهقي في السنن 5/ 198.=

ص: 311

5888 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عفان، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا سليمان الشيباني، عن يسير بن عمرو، عن سهل بن حنيف قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهوى بيده إلى المدينة يقول: إنه حرم آمن"

(1)

.

5889 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي، قال: حدثنا سفيان، قال: ثنا زياد بن سعد، عن شرحبيل، قال: أتانا زيد بن ثابت رضي الله عنه، ونحن ننصب فخاخًا

(2)

لنا بالمدينة، فرمى بها، وقال: ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم صيدها؟

(3)

.

5890 -

حدثنا علي بن معبد قال: ثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي، قال: ثنا وهيب، قال: ثنا عمرو بن يحيى، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبراهيم عليه السلام حرم مكة ودعا لهم، وإني حرمت المدينة ودعوت لهم

= وأخرجه الطبراني في الكبير 4/ 137 (3918) من طريق مالك، عن يوسف بن حماس، عن عطاء به.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 331، وأحمد (15976)، ومسلم (1068)(160)، وابن أبي عاصم في السنة (909)، والطبراني في الكبير (5609 - 5610 - 5611)، والبيهقي في الدلائل 6/ 429 من طرق عن أبي إسحاق الشيباني به.

(2)

جمع فخ، وهو: الذي يصاد به الطير.

(3)

إسناده ضعيف لضعف شرحبيل بن سعد.

وأخرجه الحميدي (400)، وأحمد (21663)، والطبراني (4913) من طريق سفيان به.

ص: 312

بمثل ما دعا به إبراهيم لأهل مكة أن يبارك لهم في صاعهم ومدهم"

(1)

.

5891 -

حدثنا علي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني عمرو بن يحيى

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

5892 -

حدثنا علي بن شيبة، قال ثنا قبيصة بن عقبة، قال: ثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبراهيم عليه السلام حرم بيت الله صلى الله عليه وسلم: وأمنه، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها"

(3)

.

5893 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان (ح)

وحدثنا يونس، قال ثنا: أنس بن عياض، عن سعد بن إسحاق، عن زينب بنت كعب، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ما بين لابتي المدينة

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1250، 4797) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (16446)، وعبد بن حميد (518)، والبخاري (2129)، ومسلم (1360)(455)، والبيهقي 5/ 197 من طرق عن وهيب به.

(2)

إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4798) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد بن حميد (1076)، ومسلم (1363)، والنسائي في الكبرى (4284)، وأبو يعلى (2151)، والبيهقي 5/ 198 من طريق سفيان الثوري به.

ص: 313

أن يعضد

(1)

شجرها، أو يخبط

(2)

.

5894 -

حدثنا حسين بن نصر، وعلي بن معبد، قالا: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال أخبرني عتبة بن مسلم مولى بني تيم، عن نافع بن جبير، عن رافع بن خديج رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ما بين لابتي المدينة

(3)

.

5895 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا سليمان بن بلال، عن عتبة بن مسلم، عن نافع بن جبير، أن مروان بن الحكم خطب، فذكر مكة وحرمتها وأهلها ولم يذكر المدينة وحرمتها وأهلها، فقام رافع بن خديج رضي الله عنه فقال: مالي أسمعك ذكرت مكة وحرمتها وأهلها ولم تذكر المدينة وحرمتها وأهلها؟ وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة وذلك عندنا في الأديم الخولاني، إن شئت اقرأتكه، فقال: مروان قد سمعت بعض ذلك

(4)

.

(1)

أي: يقطع.

(2)

إسناده ضعيف الجهالة زينب بنت كعب وقد توبعت.

وأخرجه أحمد (11177)، وأبو يعلى (998) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن سعد بن إسحاق به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني (4323) من طريق محمد بن جعفر به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1361)(457)، والطبراني في الكبير (4324)، والبيهقي في السنن 5/ 198 من طريق سليمان بن بلال به.

وأخرجه أحمد (17272) من طريق فليح بن سليمان الخزاعي، عن عتبة به.

ص: 314

5896 -

حدثنا محمد بن خزيمة وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني

(1)

ابن الهاد، عن أبي بكر بن محمد، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر مكة، ثم قال: إن إبراهيم عليه السلام حرم مكة، وإني حرمت ما بين لابتيها يعني المدينة

(2)

.

5897 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا، حدثه عن عمرو مولى المطلب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طالع له

(3)

أحد فقال: "هذا جبل يحبنا ونحبه، اللهم إن إبراهيم حرم مكة، وإني أحرم ما بين لابتيها"

(4)

.

5898 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا عبد العزيز الدراوردي، عن عمرو، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

نحوه

(5)

.

(1)

في د س "عن".

(2)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه أحمد (17271، 17273)، ومسلم (1361)(456)، والطبراني في الكبير (4325 - 4326 - 4327 - 4328) من طرق عن يزيد بن الهاد به.

(3)

أي: ظهر له كما تقول: طلعت الشمس.

(4)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 889 ومن طريقه أخرجه أحمد (12510)، والبخاري (3367، 4084، 7333)، وعمر بن شبه في تاريخ المدينة 1/ 81، والترمذي (3922)، وأبو يعلى (3702)، والبيهقي 5/ 197.

(5)

إسناده صحيح.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 8/ 265، وفي الكبرى (7858)، وأبو يعلى (3704) من طريق عبد العزيز الدراوردي به.

ص: 315

5899 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

5900 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا الحسن بن صالح، عن عاصم، قال: سألت أنسًا رضي الله عنه: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرم المدينة؟ فقال: نعم! هي حرام من لدن كذا إلى كذا

(2)

.

5901 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عاصم الأحول، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

5902 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد، عن عاصم، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم المدينة ما بين كذا إلى كذا أن لا يعضد شجرها

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1366)(462)، والبيهقي 9/ 125 من طريق سعيد بن منصور به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 200، وأحمد (13063)، والبخاري (1867، 7306)، ومسلم (1366، 1367)، وأبو يعلى (4027)، والبيهقي 5/ 197 من طرق عن عاصم الأحول به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (13499) من طريق حسن بن موسى، عن حماد بن سلمة به.

(4)

إسناده صحيح.

ص: 316

5903 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا شريك، عن عاصم الأحول، قال: سمعت أنسًا رضي الله عنه يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله، وزاد: فمن أحدث فيها حدثًا، فعليه لعنة الله والملائكة، والناس أجمعين

(1)

.

5904 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: لو أني رأيت الظباء ترتع بالمدينة ما ذعرتها

(2)

؛ لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين لابتيها حرام"

(3)

.

5905 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري، قال ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن إبراهيم حرم مكة، وإني أحرم المدينة بمثل ما حرم". قال: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعضد شجرها أو يخبط، أو يؤخذ طيرها

(4)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(5)

إلى تحريم صيد المدينة وتحريم شجرها، وجعلوها

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك بن عبد الله.

(2)

أي: ما خوفتها.

(3)

إسناده صحيح

وهو في الموطأ 2/ 467 ومن طريقه أخرجه أحمد (7218)، والبخاري (1873)، ومسلم (1372)، والترمذي (3921)، والنسائي في الكبرى (4286)، وابن حبان (3751)، والبيهقي 5/ 196.

(4)

إسناده حسن من أجل إبراهيم بن حمزة الزبيري وكثير بن زيد الأسلمي والوليد بن رباح.

(5)

قلت أراد بهم: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومحمد بن مسلم الزهري، والشافعي، ومالكا، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 21/ 206.

ص: 317

في ذلك كمكة في حرمة صيدها وشجرها.

وقالوا: من فعل من ذلك شيئًا في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم حل سلبه لمن وجده، يفعل ذلك، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: أما ما ذكرتموه من تحريم النبي صلى الله عليه وسلم صيد المدينة وشجرها، فقد كان فعل ذلك، ليس أنه جعله كحرمة صيد مكة، ولا كحرمة شجرها، ولكنه أراد بذلك بقاء زينة المدينة، ليستطيبوها ويألفوها.

وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم منع من هدم آطام المدينة، وقال: إنها زينة المدينة.

5906 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا يحيى بن معين، قال: ثنا وهب بن جرير، عن العمري، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آطام

(2)

المدينة أن تهدم

(3)

.

5907 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا إسحاق بن محمد الفروي، قال ثنا العمري

فذكر بإسناده مثله

(4)

.

(1)

قلت أراد بهم: الثوري، وابن المبارك، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 21/ 208.

(2)

جمع أطم، هو بناء مرتفع.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 186 من طريقين عن وهيب بن جرير به.

وأخرجه العقيلي في الضعفاء 2/ 311 من طريق عبد الله بن نافع، عن أبيه به.

وأخرجه البزار كما في النخب 21/ 209 من طريق محمد بن سنان بن عبيد الله بن عمر به.

(4)

إسناده حسن في المتابعات من أجل إسحاق بن محمد الفروي.

ص: 318

5908 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، قال: ثنا عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تهدموا الآطام، فإنها زينة المدينة"

(1)

.

5909 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أبو مصعب قال: ثنا الدراوردي

فذكر بإسناده، مثله

(2)

.

أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم عن هدم آطام المدينة؛ لأنها زينة لها.

قالوا: فكذلك ما نهاهم عنه من قطع شجرها، وقتل صيدها، إنما هو لأن ذلك زينة للمدينة، فأراد أن يترك لهم فيها زينتها، ليألفوها ويطيب لهم بذلك سكناها، لا لأنها تكون في ذلك كمكة في حرمة صيدها ونباتها، ووجوب الجزاء على من انتهك حرمة شيء من ذلك.

ثم نظرنا، هل نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك دليلًا يدلنا على ما ذكرنا

5910 -

فإذا إسماعيل بن يحيى المزني قد حدثنا، قال: قرأنا على محمد بن إدريس الشافعي، عن الثقفي، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان لأبي طلحة ابنٌ من أم سليم يقال له: أبو عمير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه إذا دخل، وكان له نغير. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أبا عمير حزيناً، فقال: ما شأن أبي عمير؟ فقيل: يا

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن نافع مولى ابن عمر.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

ص: 319

رسول الله صلى الله عليه وسلم! مات نغيره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا عمير! ما فعل النغير

(1)

؟ "

(2)

.

5911 -

حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يحيى بن أيوب، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه قال كان لأبي طلحة ابن يدعى أبا عمير، فكان له نغير، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل قال: يا أبا عمير! ما فعل النغير"

(3)

.

5912 -

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال ثنا شعبة، عن أبي التياح، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: "يا أبا عمير! ما فعل النغير"

(4)

.

5913 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس

(1)

هو طائر يشبه العصفور أحمر المنقار ويجمع على نغران.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (12957)، وعبد بن حميد (1416)، والنسائي في الكبرى (10091 - 10092)، وابن أبي الدنيا في العيال (400)، والبيهقي 5/ 203، والبغوي (3378) من طرق عن حميد به.

(3)

إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب الغافقي.

وأخرجه أحمد (12137) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن حميد به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2088)، وابن أبي شيبة 1/ 400، 9/ 14، وأحمد (12199)، والبخاري (6129)، والترمذي في السنن (333) وفي الشمائل (236)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (334)، وابن ماجه (3720، 3740)، وأبو عوانة 2/ 72، والبغوي في الجعديات (1455 - 1456)، وابن حبان (2506)، والبيهقي 5/ 203، والبغوي في شرح الستة (3377) من طرق عن شعبة به.

ص: 320

رضي الله عنه قال: كان لي أخ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبله ويقول:"يا أبا عمير! ما فعل النغير"

(1)

.

قال أبو جعفر: فهذا قد كان بالمدينة، ولو كان حكم صيدها كحكم صيد مكة، إذًا لما أطلق له رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبس النغير، ولا اللعب به، كما لا يطلق ذلك بمكة.

فقال قائل: فقد يجوز أن يكون هذا الحديث كان بقناة

(2)

، وذلك الموضع غير موضع المحرم، فلا حجة لكم في هذا الحديث.

فنظرنا هل نجد فيما سوى هذا الحديث ما يدل على شيء من حكم صيد المدينة.

فإذا

5914 -

عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وفهد بن سليمان، قد حدثانا، قالا: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش

(3)

، فإذا خرج لعب واشتد، وأقبل وأدبر، فإذا أحسّ برسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عمارة بن زاذان.

وأخرجه ابن سعد 8/ 431، وعبد بن حميد (1331)، وأبو يعلى (3398)، وابن حبان (7188)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (ص)(33) من طريق عمارة بن زاذان به.

وأخرجه عبد بن حميد (1279)، وأحمد (13325)، والبخاري في الأدب المفرد (384) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت به.

(2)

هو واد من أودية المدينة عليه حرث ومال وزرع، وقد قال فيه: وادي قناة.

(3)

هو حيوان البر.

ص: 321

أنه قد دخل ربض، فلم يترمرم

(1)

كراهية أن يؤذيه

(2)

.

فهذا بالمدينة في موضع قد دخل فيما حرم منها، وقد كانوا يؤوون فيه الوحش، ويتخذونها، ويغلقون دونها الأبواب.

فقد دلّ هذا أيضًا على أن حكم المدينة في ذلك خلاف حكم مكة.

5915 -

وقد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي قُتَيلة المدني، قال: ثنا محمد بن طلحة التيمي، عن موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، أنه كان يصيد ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم من صيده، فأبطأ عليه، ثم جاءه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما الذي حبسك؟ "، فقال: يا رسول الله! انتفى عنا الصيد، فصرنا نصيد ما بين تيت

(3)

إلى قناة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنك لو كنت تصيد بالعقيق لشيعتك إذا ذهبت، وتلقيتك إذا جئت فإني أحب العقيق"

(4)

.

(1)

من ترمرم إذا حرك فاه بالكلام.

(2)

رجاله ثقات إلا أن مجاهدا لم يصرح بما يفيد سماعه هذا الحديث من السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1193)، وأحمد (24818)، والبيهقي في الدلائل 6/ 31 من طريق أبي نعيم به.

وأخرجه إسحاق (1192 - 1193)، والبزار (2450)، وأبو يعلى (4441، 4660)، والطبراني في الأوسط (6587)، وأبو نعيم في الدلائل (277)، والبيهقي في الدلائل 6/ 31 من طرق عن يونس به.

(3)

بكسر التاء، هو جبل قرب المدينة على بريد منها.

(4)

إسناده ضعيف، موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي منكر الحديث.

وأخرجه الطبراني في الكبير 7/ 6 (6222)، والبيهقي في المعرفة (10618) من طريق محمد بن طلحة به.

ص: 322

5916 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا محمد بن طلحة التيمي، عن موسى بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، عن النبي

مثله

(1)

.

5917 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: ثنا محمد بن طلحة، قال: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي

ثم ذكر بإسناده مثله

(2)

.

ففي هذا الحديث ما يدل على إباحة صيد المدينة، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دلّ سلمة، وهو بها على موضع الصيد، وذلك لا يحل بمكة.

ألا ترى أن رجلًا لو دل وهو بمكة رجلًا على صيد يصيدها كان آثمًا.

فلما كانت المدينة في ذلك ليست كمكة ثبت أن حكم صيدها خلاف حكم صيد مكة شرفها الله تعالى، وفي هذا الحديث أيضًا إباحة صيد العقيق.

وقد روينا عن سعد في الفصل الأول عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما قد روينا، ففي هذا ما يخالفه.

(1)

إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد وموسى بن إبراهيم.

وأخرجه الطبراني (6222) من طريق نعيم بن حماد به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه الطبراني (6222) من طريق إبراهيم بن المنذر به.

ص: 323

فأما ما في حديث سعد من إباحة سلب الذي يصيد صيد المدينة، فإن ذلك- عندنا والله أعلم- كان في وقت ما كانت العقوبات التي تجب بالمعاصي في الأموال.

فمن ذلك ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة أنه قال: من أداها طائعًا فله أجرها، ومن لا أخذناها منه وشطر ماله.

وما روي عنه، فيمن سرق ثمرًا من أكمامه أن عليه غرامة مثليه وفي نظائر لذلك كثيرة، قد ذكرناها في موضعها من كتابنا هذا.

ثم نسخ ذلك في وقت نسخ الربا، فردت الأشياء المأخوذة إلى أمثالها، إن كانت لها أمثال، وإلى قيمتها إن كان لا مثل لها، وجعلت العقوبات في انتهاك الحرم في الأبدان، لا في الأموال.

فهذا وجه ما روي في صيد المدينة.

وأما حكم ذلك من طريق النظر، فإذا رأينا مكة حرامًا، وصيدها وشجرها كذلك، هذا ما لا اختلاف بين المسلمين فيه.

ثم رأينا من أراد دخول مكة لم يكن له أن يدخلها إلا حرامًا، فكان دخول الحرم لا يحل الحلال وكانت حرمة صيده وشجره، كحرمته في نفسه.

ثم رأينا المدينة، كل قد أجمع أنه لا بأس بدخولها للرجل حلالًا، فلما لم تكن محرمةً في نفسها، كان حكم صيدها وشجرها كحكمها في نفسها.

ص: 324

وكما كان صيد مكة إنما حرم لحرمتها، ولم تكن المدينة في نفسها حرامًا لم يكن صيدها ولا شجرها حرامًا.

فثبت بذلك قول من ذهب إلى أن صيد المدينة وشجرها كصيد سائر البلدان وشجرها غير مكة.

وهذا أيضًا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

ص: 325

‌10 - باب: أكل الضباب

5918 -

حدثنا محمد بن الحجاج بن سليمان الحضرمي، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا يزيد بن عطاء، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة رضي الله عنه قال: نزلنا أرضًا كثيرة الضباب، فأصابتنا مجاعة، فطبخنا منها، فإن القدور لتغلي بها إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ما هذا؟ " فقلنا ضباب أصبناها. فقال: "إن أمةً من بني إسرائيل مسخت دوابًا في الأرض، وإني أخشى أن تكون هذه، فأكفئوها"

(1)

.

5919 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: ثنا زيد بن وهب الجهني، قال: ثنا عبد الرحمن بن حسنة رضي الله عنه

ثم ذكر مثله

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

إلى تحريم لحوم الضباب؛ لأنهم لم يأمنوا أن تكون ممسوخةً واحتجوا في ذلك، بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(4)

، فلم يروا بها بأسًا، وكان من الحجة لهم في ذلك أن

(1)

إسناده ضعيف لضعف يزيد بن عطاء بن يزيد اليشكري وقد توبع.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 78، وأحمد (17757)، والبزار (1217) كشف)، وأبو يعلى (931)، وابن حبان (5266) من طرق عن الأعمش به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3276) بإسناده ومتنه.

(3)

قلت أراد بهم: الأعمش، وزيد بن وهب، وجماعة آخرين رحمهم الله، كما في النخب 21/ 228.

(4)

قلت أراد بهم: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في المصدر السابق.

ص: 326

حصينًا قد روى هذا الحديث عن زيد بن وهب، على خلاف هذا المعنى الذي رواه الأعمش.

5920 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن حصين، عن زيد بن وهب، عن ثابت بن زيد الأنصاري رضي الله عنه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصاب الناس ضبابًا، فاشتووها، فأكلوها. فأصبت منها ضبا، فشويته ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ جريدةً، فجعل يعد بها أصابعه فقال:"إنه أمة من بني إسرائيل مسخت دوابا في الأرض، وإني لا أدري لعلها هي؟ ". فقلت: إن الناس قد اشتووها فأكلوها، فلم يأكل ولم ينه

(1)

.

5921 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا أبو عوانة، عن حصين

فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: ثابت بن وديعة

(2)

.

ففي هذا الحديث خلاف ما في الحديث الأول لأن في هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينههم عن أكلها، وقد خشي في هذا الحديث أن يكون ممسوخًا كما خشي في الحديث الأول.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3277) بإسناده ومتنه.

وهو في مصنف ابن أبي شيبة 8/ 273، ومن طريقه رواه ابن ماجه (3238)، والطبراني في الكبير (1367).

وأخرجه ابن سعد 1/ 395، وأحمد (17931)، وأبو داود (3795)، والنسائي في المجتبى 7/ 199، وفي الكبرى (4718)، والطبراني (1366) من طرق عن حصين به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3278) بإسناده ومتنه.

ص: 327

غير أنه قد يجوز أن يكون ترك النهي؛ لأنهم كانوا في مجاعة، على ما في حديث الأعمش، فأباح ذلك لهم للضرورة.

ثم رجعنا إلى ما في ذلك أيضًا سوى هذين الحديثين.

5922 -

فإذا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا، قال: ثنا أبو الوليد وعفان قالا: ثنا أبو عوانة، قال: ثنا عبد الملك بن عمير، عن حصين رجل من بني فزارة، قال: أخبرني سمرة بن جندب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أتاه أعرابي وهو يخطب، فقطع عليه خطبته فقال: يا رسول الله! ما تقول في الضب؟. فقال: "إن أمةً من بني إسرائيل مسخت، فلا أدري، أي الدواب مسخت"

(1)

.

5923 -

حدثنا فهد قال: ثنا حيوة بن شريح قال: ثنا بقية بن الوليد، عن شعبة، قال حدثني الحكم، عن زيد بن وهب، عن البراء بن عازب، عن ثابت بن وديعة الأنصاري رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتي بضب فقال:"أمة مسخت"

(2)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3282) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 268 - 269، وأحمد (20209)، والطبراني (6790) من طريق أبي عوانة به.

(2)

إسناده ضعيف من أجل بقية بن الوليد وقد عنعن.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3279) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1220)، وابن سعد 1/ 395، والدارمي 2/ 92، وابن أبي شيبة 1/ 267، والنسائي في المجتبى 7/ 200، وفي الكبرى (6646)، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 127، والطبراني في الكبير (1363 - 1364)، والبيهقي 9/ 325 من طرق عن شعبة به.

ص: 328

5924 -

حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة، قال ثنا أبو داود، قال ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت زيد بن وهب، عن البراء بن عازب، عن ثابت بن وديعة رضي الله عنهما أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بضب. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أمةً فقدت فالله أعلم"

(1)

.

5925 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا حميد الصائغ، قال: ثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن زيد بن وهب، عن ثابت بن وديعة الأنصاري، أن رجلًا من بني فزارة أتى النبي صلى الله عليه وسلم بضباب احترشها فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلبها، وينظر إلى ضب منها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمة مسخت، فلا يدرى ما فعلت، ولا أدري لعل هذا منه"

(2)

.

5926 -

حدثنا فهد قال: ثنا الحسن بن بشر، قال ثنا المعافى بن عمران، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى أن يأكله يعني الضب، وقال:"لا أدري لعله من القرون الأولى التي مسخت"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3280) بإسناده ومتنه.

وهو في مسند الطيالسي (1220).

(2)

إسناده صحيح وحميد الصائغ متابع.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3281) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (17928)، والنسائي في المجتبى 7/ 200، وفي الكبرى (4719)، والطبراني (1365) من طرق عن شعبة به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل الحسن بن بشر البجلي.

وأخرجه عبد الرزاق (8680)، وأحمد (14460)، ومسلم (1949)، وأبو عوانة 5/ 182، والبيهقي 9/ 329 من=

ص: 329

قال أبو جعفر: ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك أكله خوفًا من أن يكون مما مسخ.

فاحتمل أن يكون قد حرّمه مع ذلك، واحتمل أن يكون تركه تنزهًا منه عن أكله، ولم يحرمه، فنظرنا في ذلك.

5927 -

فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا أبو عَقيل بشير بن عقبة، قال: ثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني في حائط

(1)

مضبة

(2)

، وإنه طعام أهلنا، فسكت. فقلنا له: عاوده فعاوده، فسكت، ثم قلنا

(3)

له: عاوده، فعاوده فقال:"إن الله لعن، أو غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دوابا يدبون على الأرض، فما أظنهم إلا هؤلاء، ولست آكلها ولا أحرمها"

(4)

.

=طرق عن ابن جريج به.

(1)

البستان من النخيل إذا كان عليها جدار.

(2)

أرض مضبة أي ذات ضباب.

(3)

في س ن "قالوا: ".

(4)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3283) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (2153)، وأحمد (11599)، ومسلم (1951)(51)، وأبو عوانة 5/ 181، والبيهقي 9/ 325 من طرق عن أبي عقيل به.

ص: 330

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم الضباب مع خوفه أن يكون من الممسوخ.

ثم نظرنا، هل روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ينفي أن تكون الضباب ممسوخة؟

5928 -

فإذا أبو بكرة قد حدثنا، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن المغيرة بن عبد الله اليشكري، عن المعرور بن سويد، عن عبد بن مسعود رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القردة والخنازير: أهي مما مسخ؟ فقال: "إن الله عز وجل لم يهلك قومًا أو لم يمسخ قومًا، فيجعل لهم نسلًا ولا عاقبةً"

(1)

.

5929 -

حدثنا ابن أبي داود، وأحمد بن داود قالا: ثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سفيان الثوري

ثم ذكر بإسناده مثله، وزاد: وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك

(2)

.

5930 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن مسعر، عن علقمة بن مرثد، عن المغيرة اليشكري، عن المعرور بن سويد، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لم يهلك قومًا،

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3269) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (3925)، ومسلم (2663)(33)، والبغوي (1362) من طريق الثوري به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3270) بإسناده ومتنه، إلا أن عند شرح المشكل يزيد بن سنان بدل ابن أبي داود.

ص: 331

فيجعل لهم نسلًا ولا عقبًا"

(1)

.

5931 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحسن بن الربيع، قال: ثنا ابن إدريس، عن ليث، عن علقمة بن مرثد، عن المعرور بن سويد، عن أم سلمة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الممسوخ لا يكون له نسل ولا عقب، فعلمنا بذلك أن الضب لو كان مما مسخ لم يبق، فانتفى بذلك أن يكون الضب مكروها، من قبل أنه مسخ أو من قبل ما يخاف أن يكون مسخًا.

ثم نظرنا فيما روي فيه خلاف ما ذكرنا هل نجد في شيء من ذلك ما يدلنا على إباحة أكله، أو على المنع من ذلك؟

5932 -

فإذا حسين بن نصر وزكريا بن يحيى بن إياس قد حدثانا، قالا: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومًا: "ليت عندنا قرصةً من برة سمراء،

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3271) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 190 - 191، وأحمد (3700)، ومسلم (2663)(32)، وأبو يعلى (5313)، وابن أبي عاصم في السنة (262) من طرق عن مسعر به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.

وأخرجه الطبراني في الكبير 23/ 325، (746) من طريق الحسن بن الربيع به.

ص: 332

ملبقة

(1)

بسمن ولبن"، فقام رجل من أصحابه، فعملها ثم جاء بها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيم كان سمنها"، قال: في عكة ضب، قال له: "ارفعها"

(2)

.

فقال قائل: ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما هذا ما يدل على كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكل لحم الضب.

قيل له: قد يجوز أن يكون هذا على الكراهة التي ذكرها أبو سعيد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قد رويناه، لا على تحريمه إياه على الناس.

وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضًا ما يدل على ذلك.

5933 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عارم، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بضب، فلم يأكله، ولم يحرمه

(3)

.

5934 -

حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني مالك، عن عبد الله بن دينار،

(1)

أي: مخلوطة.

(2)

إسناده ضعيف جدا لضعف نعيم بن حماد، وأيوب هو أيوب بن خوط، هو متروك الحديث.

قال أبو داود: هذا حديث منكر، وأيوب ليس هو السختياني.

وأخرجه أبو داود (3818)، وابن ماجه (3341) من طريقين عن الفضل بن موسى السيناني به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1943)(41) من طريق حماد بن زيد به.

وأخرجه عبد الرزاق (8672)، وأحمد (4497)، ومسلم (1943)(41) من طرق عن أيوب السختياني به.

ص: 333

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نادي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: ما تقول في الضب؟ فقال: "لست بآكله ولا محرمه"

(1)

.

5935 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: أخبرنا ابن جريج، عن نافع، قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضب

فذكر مثله

(2)

.

5936 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا سهل بن عامر البجلي، قال: ثنا مالك بن مغول، قال سمعت نافعًا يحدث، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضب. فقال: "لا آكل، ولا أنهى"

(3)

.

5937 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ورقاء، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(4)

.

5938 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال ثنا أبو حذيفة، قال ثنا سفيان، عن عبد الله بن

(1)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 968، ومن طريقه أخرجه الترمذي (1790)، والنسائي في المجتبى 7/ 197، وفي الكبرى (4807).

(2)

إسناده صحيح، وعبد الملك بن جريج متابع.

وأخرجه مسلم (1943)(41) من طريق محمد بن بكر، عن ابن جريج به.

(3)

إسناده ضعيف جدا من أجل سهل بن عامر البجلي.

وأخرجه أحمد (5004)، ومسلم (1943)(41) من طريقين عن مالك بن مغول به.

(4)

إسناده صحيح.

ص: 334

دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

5939 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

فهذا ابن عمر رضي الله عنهما يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يحرم أكل الضب.

وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حلال.

5940 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، وعبد الصمد، قالا: ثنا شعبة، عن توبة العنبري، قال: سمعت الشعبي، يقول: أرأيت فلانًا حين يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لقد جالست ابن عمر رضي الله عنهما، فما سمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أنه قال: كان أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يأكلون ضبا، فنادتهم امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: إنها ضب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلوه، ليس من طعامي" وفي حديث وهب "فإنه حلال"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي في مسنده 2/ 174، وعبد الرزاق (8674)، والحميدي (641)، وأحمد (4562)، وابن ماجة (3242)، والبيهقي في السنن 9/ 322 - 323 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5058) من طريق يزيد بن هارون به.

وأخرجه الطيالسي (1877)، والنسائي في الكبرى (6648) من طريق بهز، عن شعبة به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3284) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1945)، وابن أبي شيبة 8/ 567، وأحمد (5565)، والبخاري (7267)، ومسلم (1944)(42)، =

ص: 335

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أنه حلال، وإنما تركه؛ لأنَّه لم يكن من طعامه.

وقد روي عن عمر بن بن الخطاب رضي الله عنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرمه.

5941 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، قال: سألت جابرًا رضي الله عنه عن الضب. فقال: أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا أطعمه" فقال عمر رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرمه، وإن الله لينفع به غير واحد، وهو طعام عامة الرعاة ولو كان عندي لأكلته

(1)

.

قال أبو جعفر: وقد كره قوم أكل الضب، منهم أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله. واحتج لهم محمد بن الحسن بما

5942 -

حدثنا محمد بن بحر بن مطر، قال: ثنا يزيد بن هارون قال: ثنا حماد بن سلمة

(ح)

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عفان (ح)

= وابن حبان (5264)، والبيهقي في السنن 9/ 323 من طرق عن شعبة به.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة، ولم نتبينه أن أسد بن موسى روى عن ابن لهيعة قبل الاختلاط أم بعده.

وأخرجه أحمد (14684) من طريق حسن، عن ابن لهيعة به.

وأخرجه مسلم (1950)(49)، والبيهقي 9/ 324 من طريق معقل بن عبيد الله، عن أبي الزبير به.

وأخرجه ابن ماجه (3239) من طريق قتادة، عن سليمان اليشكري، عن جابر به.

ص: 336

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قالا: ثنا حماد بن سلمة، قال ثنا حماد، عن إبراهيم، عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدي له ضب فلم يأكله، فقام عليهم سائل فأرادت عائشة رضي الله عنها أن تعطيه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتعطينه ما لا تأكلين؟ "

(1)

.

قال محمد رحمه الله: فقد دل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره لنفسه ولغيره أكل الضب، قال: فبذلك نأخذ.

قيل له ما في هذا دليل على ما ذكرت.

قد يجوز أن يكون كره لها أن تطعمه السائل؛ لأنها إنما فعلت ذلك من أجل أنها عافته، ولولا أنها عافته لما أطعمته إياه، وكان ما تطعمه السائل فإنما هو الله تعالى.

فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكون ما يتقرب به إلى الله عز وجل إلا من خير الطعام، كما قد نهى أن يتصدق بالبسر الرديء، والتمر الرديء. فمما روي عنه في ذلك ما

5943 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، قال: ثنا عباد بن العوام، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (1758)، وأحمد (24736)، والبيهقي في السنن 9/ 325 من طرق عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 79، ومن طريقه أبو يعلى (4461) عن عبيد الله بن سعيد، عن الثوري به.

ص: 337

قال: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فجاء رجل بكبائس

(1)

من هذه النخل، قال سفيان: يعني الشيص

(2)

، وكان لا يجيء أحد بشيء إلا نسب إلى الذي جاء به، فنزلت {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة: 267] ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجعرور

(3)

ولون الحُبَيق

(4)

أن يؤخذا في الصدقة قال الزهري: لونان من تمر المدينة

(5)

.

5944 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا سليمان بن كثير، قال: حدثني الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الجعرور ولون الحبيق

(6)

.

5945 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن السدي، عن أبي مالك، عن البراء رضي الله عنه، قال: كانوا يجيئون في الصدقة بأردأ تمرهم، وأردأ طعامهم،

(1)

الكبائس جمع كباسة وهو: العذق التام بشماريخه ورطبه.

(2)

بكسر الشين المعجمة هو: التمر الذي لا يشتد نواه ولا يقوى وقد لا يكون له نوى أصلا.

(3)

بضم الجيم: هو نوع من الدقل يحمل رطبا صغارا لا خير فيه والدقل أردأ التمر.

(4)

بضم الحاء المهملة هو تمر أغبر صغير مع طول فيه.

(5)

إسناده ضعيف لضعف ما روى سفيان بن حسين الواسطي عن الزهري وقد توبع.

وأخرجه الطبراني في الكبير 6/ 76، (5567) من طريق محمد بن الفضل، عن سعيد بن سليمان به.

وأخرجه أبو داود (1607)، وابن خزيمة (2313) من طريق محمد بن يحيى بن فارس، عن سعيد بن سليمان به.

(6)

إسناده ضعيف لضعف روايته عن الزهري.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 226، والنسائي في المجتبى 5/ 43، وفي الكبرى (2283)، وابن خزيمة (2311 - 2312) من طريقين عن الزهري، عن أبي أمامة به دون أبيه.

ص: 338

فنزلت {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: 267]. قال: لو كان لكم فأعطاكم، لم تأخذوه إلا وأنتم ترون أنه قد نقصكم من حقكم

(1)

.

5946 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عبد الله بن حمران، قال: ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن صالح، عن ابن مرة، عن عوف بن مالك رضي الله عنه، قال: بينما نحن في المسجد إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عصا وأقناء

(2)

معلقة في المسجد، فيها قنو حَشف

(3)

فقال: "لو شاء رب هذا القنو لتصدق بأطيب منه، إن رب هذه الصدقة ليأكل الحشف يوم القيامة". ثم أقبل على الناس فقال: "أما والله ليدعنها، مذللةً أربعين عاما للعوافي

(4)

" يعني: نخل المدينة

(5)

.

5947 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا عبد الحميد بن جعفر،

(1)

إسناده حسن بالمتابعة من أجل مؤمل بن إسماعيل.

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 226، والترمذي (2987) من طريقين عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل بن يونس، عن السدي به.

(2)

جمع قنو بكسر القاف هو: العذق بما فيه من الرطب.

(3)

بفتح الحاء المهملة اليابس الفاسد من التمر، وقيل: الضعيف الذي لا نوى له.

(4)

تفسيره في رواية الطبراني: الطير والسباع، وهو جمع عافية، يقال: طير عاف على الماء أي حائم عليه ليجد فرصة فيشرب.

(5)

إسناده حسن من أجل صالح بن أبي عريب وعبد الله بن حمران.

وأخرجه أحمد (23998)، وأبو داود (1608)، والنسائي في المجتبى 5/ 43 - 44 وفي الكبرى (2284)، وابن ماجه (1821)، وابن خزيمة (2467)، وابن عبد البر في التمهيد 6/ 85 - 86 من طريق يحيى بن سعيد القطان به.

ص: 339

قال: حدثني صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

فلهذا المعنى كره رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها الصدقة بالضب، لا لأن أكله حرام.

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحة أكله أيضًا ما

5948 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، ومالك، عن ابن شهاب أنه أخبرهم، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن خالد بن الوليد رضي الله عنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة رضي الله عنها، فأتي بضب محنوذ

(2)

، فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده. فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة رضي الله عنها: أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يريد أن يأكل منه. فقالوا: هو ضب، فرفع يده فقلت: أحرام هو؟ قال: "لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافُه". فاجتررته فأكلته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليّ، فلم ينهني

(3)

.

(1)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه أحمد (23976) من طريق أبي بكر الحنفي به.

وأخرجه عمر بن شبه في تاريخ المدينة 1/ 281، والبزار في مسنده (2759 - 2763)، وابن حبان (6774)، والطبراني 18/ 99، والحاكم 2/ 285، 4/ 425 - 426 من طريقين عن عبد الحميد بن جعفر به.

(2)

أي: مشوى.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3285) بإسناده ومتنه.=

ص: 340

5949 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: حدثني أسباط بن محمد، عن الشيباني، عن يزيد بن الأصم، قال: دعينا لعرس بالمدينة، فقرب إلينا طعام فأكلناه، ثم قرب إلينا ثلاثة عشر ضبا، فمنا آكل، ومنا تارك، فلما أصبحت أتيت ابن عباس رضي الله عنهما فأخبرته بذلك، فقال بعض من عنده: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا آكله ولا أحرمه، ولا آمر به، ولا أنهى عنه". فقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا محللًا أو محرمًا. قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لحلم، فمد يده ليأكل، فقالت ميمونة رضي الله عنها يا رسول الله، إنه لحم ضب فكف يده، ثم قال:"هذا لحم لم آكله قط"، فأكل الفضل بن عباس رضي الله عنهما، وخالد بن الوليد رضي الله عنه، وامرأة كانت معهم. وقالت ميمونة رضي الله عنها لا أكل طعامًا لم يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

5950 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا حبيب المعلم، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بصحفة فيها ضباب

=وهو في الموطأ برواية أبي مصعب الزهري (2037)، ومن طريقه رواه الشافعي 2/ 174، ومسلم (1945)، وابن حبان (5264، 5267)، والبيهقي 9/ 323، والبغوي (2799). وهو في موطأ مالك برواية يحيى 2/ 968 عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عبد الله بن عباس، عن خالد بن الوليد ومن طريقه رواه البخاري (5537)، وأبو داود (3794)، والطبراني (3816)، والبيهقي 9/ 323.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3286) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (3007)، والبيهقي 9/ 323 - 324 من طريق أسباط بن محمد بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن سعد 1/ 396، وابن أبي شيبة 8/ 269، ومسلم (1948)، وأبو عوانة 5/ 177 من طرق عن الشيباني به.

ص: 341

فقال: "كلوا، فإني عائف"

(1)

.

5951 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أهدت خالتي أم حفيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطًا وسمنًا وأضبا، فأكل النبي صلى الله عليه وسلم من الأقط والسمن، ولم يأكل من الأضب، وأكل على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان حرامًا لم يؤكل على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

فثبت بتصحيح هذه الآثار أنه لا بأس بأكل الضب وأنا به أقول، والله أعلم بالصواب.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3288) بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي 9/ 324 من طريق يوسف بن يعقوب، عن المقدمي بهذا الإسناد.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3287) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (2622)، وابن سعد 1/ 397، وأحمد (2299)، والبخاري (5402، 2575)، ومسلم (1947)، وأبو داود (3793)، والنسائي في المجتبى 7/ 198 وفي الكبرى (4716)، والبيهقي 9/ 324 من طرق عن شعبة به.

ص: 342

‌11 - باب: أكل لحوم الحمر الأهلية

5952 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مسعر بن كدام، عن عبيد بن حسن، عن ابن معقل، عن رجلين من مزينة أحدهما عن الآخر: عبد الله بن عمرو بن لويم، والآخر: غالب بن الأبجر رضي الله عنه. قال: مسعر: أرى غالبًا الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنه لم يبق من مالي شيء أستطيع أن أطعم منه أهلي غير حمر لي أو حمرات لي. قال: "فأطعم أهلك من سمين مالك، فإنها قذرت لكم جوّالَ

(1)

القرية"

(2)

.

5953 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا شعبة، عن عبيد بن حسن، عن عبد الرحمن بن معقل، عن عبد الرحمن بن بشر، عن رجال من مزينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الظاهرة، عن أبجر، أو ابن أبجر أنه قال: يا رسول الله! إنه لم يبق من مالي شيء أستطيع أن أطعمه أهلي إلا حمرًا لي. قال: "فأطعم أهلك من سمين مالك، فإنما كرهت

(1)

الجوال هي التي تأكل القذرة، وهي الجلة.

(2)

إسناده ضعيف لاضطرابه في السند كما ذكر الترمذي في علله (1491)، والعيني في نخب الأفكار 21/ 270، فيقول العيني: ففي الطريق الأول عن ابن معقل عن رجلين من مزينة، وفي الثاني عن عبد الرحمن بن معقل عن عبد الرحمن بن بشر وفيه أبجر أو ابن أبجر، وفي الثالث عبد الله بن معقل عوض عبد الرحمن بن معقل، وفي الرابع رواية الطبراني عبد الله بن بشر عوض عبد الرحمن بن بشر، وهذا اختلاف شديد فلا يقاوم الأحاديث الصحيحة التي وردت بتحريم لحوم الحمر الأهلية. وقال البيهقي: هذا حديث معلول

وقال ابن حزم: هذا الحديث بطرقه بطل لأنها كلها من طريق عبد الرحمن بن بشر وهو مجهول

وأخرجه أبو داود (3810)، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 318، والطبراني 18/ 666 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين به.

ص: 343

لكم جوّال القرية"

(1)

.

5954 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت عبيد بن الحسن، عن عبد الرحمن بن معقل، عن عبد الرحمن بن بشر، أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من مزينة حدثوا أن سيد مزينة الأبجر، أو ابن الأبجر سأل النبي صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر مثله

(2)

.

5955 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة

فذكر بإسناده مثله. غير أنه قال: عبد الرحمن بن معقل وقال: عن رجال من مزينة الظاهرة، ولم يقل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن أبجر، أو ابن أبجر

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1082)، وابن الأثير في أسد الغابة 1/ 48 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 265 - 266، وابن أبي عاصم في الآحاد (1131) عن شعبة، عن عبيد بن حسن، عن ابن معقل، عن أناس ..

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه أبو داود الطيالسي (1305)، وابن أبي عاصم في الآحاد (1134)، والطبراني في الكبير 18/ 667، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1081)، وابن الأثير في أسد الغابة 14/ 48 من طريق شعبة، عن عبيد بن الحسن، عن عبد الله بن معقل به.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه وهو مكرر سابقه.

وأخرجه الطبراني في الكبير 18/ 266 (667) من طريق أبي داود، عن شعبة به.

ص: 344

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى هذا، فأباحوا أكل لحوم الحمر الأهلية، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فكرهوا أكل لحوم الحمر الأهلية، وقالوا: قد يجوز أن تكون الحمر التي أباح النبي صلى الله عليه وسلم أكلها في هذا الحديث كانت وحشيةً، ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم فإنها كرهت لكم جوّال القرية على الأهلية.

وقد روى شريك حديث غالب هذا على خلاف ما رواه مسعر وشعبة.

5956 -

حدثنا ابن أبي داود، ويحيى بن عثمان، وروح بن الفرج، قالوا: حدثنا يوسف بن عدي (ح)

وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن الحكم الأودي (ح)

وحدثنا فهد، قال ثنا محمد بن سعيد، يزيد بعضهم على بعض، قالوا: ثنا شريك، عن منصور بن المعتمر، عن عبيد بن الحسن، عن غالب بن الذيخ رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه قد أصابتنا سنة، وإن سمين مالنا في الحمير فقال:"كلوا من سمين مالكم"

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: عاصم بن عمر بن قتادة، وعبيد بن الحسن، وعبد الرحمن بن أبي ليلى رحمهم الله، كما في النخب 21/ 272.

(2)

قلت أراد بهم: جمهور العلماء من التابعين، ومن بعدهم منهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 21/ 273.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه.=

ص: 345

فأخبر أن ما كان أباح لهم من ذلك في كل عام سنة.

فإن كان ذلك على ما حملنا عليه حديث، مسعر وشعبة، فهو على ما حملناه عليه من ذلك.

وإن كان ذلك على الحمر الأهلية، فإنه إنما كان في حال الضرورة، وقد تحل في حال الضرورة الميتة.

فليس في هذا الحديث دليل على حكم لحوم الحمر الأهلية في غير حال الضرورة.

وقد جاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيئًا متواترًا في نهيه عن أكل لحوم الحمر الأهلية. فمهما روي عنه في ذلك ما قد

5957 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، وأسامة، ومالك، عن ابن شهاب، عن الحسن، وعبد الله ابني محمد بن علي بن أبي طالب، عن أبيهما أنه سمع علي بن أبي طالب، يقول لابن عباس رضي الله عنهم: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل

=وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 265، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1132)، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 319 من طريق شريك عن منصور عن عبيد بن الحسن عن غالب بن ذيخ كذا قال شريك، وقال أبو عمر بن عبد البر الاستيعاب: غالب بن أبجر ويقال: غالب بن ذيخ ولعله جده.

وأخرجه أبو داود (3809)، والبيهقي 9/ 332، وابن الأثير في أسد الغابة (335) من طريق عبيد الله، عن إسرائيل، عن منصور، عن عبيد أبي الحسن به.

ص: 346

لحوم الحمر الإنسية، وعن متعة النساء يوم خيبر

(1)

.

5958 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم، عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن أكل لحوم الحمر الإنسية

(2)

.

5959 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا عبد الله بن نمير، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر عن أكل لحوم الحمر الأهلية

(3)

.

5960 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى القطان، عن عبيد الله بن

(1)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 50، ومن طريقه أخرجه الدارمي (2123)، والبخاري (4216، 5523)، ومسلم (1407)(29)، والترمذي (1794)، والنسائي 6/ 126، وابن ماجه (1961)، والبيهقي 27/ 201.

وأخرجه الطيالسي (111)، والحميدي (37)، وسعيد بن منصور (848)، والبخاري (5115)، ومسلم (1407)(30)، والترمذي (1121، 1794)، والنسائي 7/ 202، وأبو يعلى (576) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري به.

(2)

إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن الحارث المخزومي.

وأخرجه البزار كما في النخب 21/ 280 من طريق ابن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (6291)، ومسلم (ص 1538)(24)، والبيهقي 9/ 329 من طريق عبد الله بن نمير به وقرن مسلم والبيهقي بنافع سالم بن عبد الله.

ص: 347

عمر

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

5961 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا دحيم، قال: ثنا عبيد بن موسى، عن أبي حنيفة، عن نافع، ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

5962 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا ابن نمير، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن عمرو بن ضمرة، الفزاري، عن عبد الله بن أبي سليط، عن أبيه أبي سليط رضي الله عنه، وكان بدريا قال: لقد أتانا نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية، ونحن بخيبر وإن القدور لتفور بها، فأكفأناها على وجهها

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (4720)، والبخاري (5522)، والنسائي 7/ 203، وابن عبد البر في التمهيد 10/ 126 من طريق يحيى بن سعيد القطان به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 261، والبخاري (4217)، والنسائي في المجتبى 7/ 203 وفي الكبرى (6645) من طريقين عن عبيد الله بن عمر به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو بكر بن عاصم في مسنده كما في النخب 21/ 282.

(3)

إسناده ضعيف الجهالة عبد الله بن عمرو بن ضمرة وعبد الله بن أبي سليط وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند أحمد.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 72، وعنه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (15459)، ومن طريقه ابن أبي عاصم في

الآحاد والمثاني (1968)، والدولابي في الكنى 1/ 36، والطبراني في الكبير (580) عن عبد الله بن نمير به.

وأخرجه أحمد (15458)، والطبراني في الكبير (578) من طريقين عن ابن إسحاق به.

ص: 348

5963 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن أكل لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل

(1)

.

5964 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان

(2)

، عن عمرو، عن جابر رضي الله عنه قال: أطعمنا النبي صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم الحمر

(3)

.

5965 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا ابن جريج، أن أبا الزبير المكي، أخبره أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: أكلنا زمن خيبر الخيل والحمار الوحشي، ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمار الأهلي

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3060) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (14890)، والدارمي (1993)، والبخاري (4219، 5520، 5524)، ومسلم (1941)(36)، وأبو داود (3788)، والنسائي 7/ 201، وأبو يعلى (1998)، وابن حبان (5273)، والبيهقي 9/ 326، والبغوي (2810) من طرق عن حماد بن زيد به.

(2)

في المطبوع هنا "حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: ثنا سفيان".

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (8734)، والشافعي 2/ 172، والحميدي (1291)، وابن أبي شيبة 8/ 68 - 8/ 73/ 14/ 179، والترمذي (1793)، والنسائي في المجتبى 7/ 201 وفي الكبرى (6608)، وأبو يعلى (1832، 1975)، وابن حبان (5268) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(4)

إسناده صحيح.=

ص: 349

5966 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال أخبرنا أبو خالد الأحمر، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر

مثله

(1)

.

5967 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة

(2)

، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي الله عنه سمعه منه، قال: أصبنا حمرًا يوم خيبر، فطبخناها، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أكفئوا القدور

(3)

.

5968 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن البراء، وابن أبي أوفى رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم

نحوه

(4)

.

5969 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا شعبة، عن عدي بن

= أخرجه عبد الرزاق (8737)، وأحمد (14450)، ومسلم (1941)(37)، والنسائي 7/ 205، وابن ماجه (3191)، وأبو عوانة 5/ 154، والطحاوي في شرح المشكل (3063)، والبيهقي 9/ 322 من طرق عن ابن جريج به.

(1)

إسناده صحيح، وابن جريج تغتفر عنعنته في عطاء بن أبي رباح.

وأخرجه ابن أبي شيبة كما في النخب 21/ 285 عن أبي خالد الأحمر، عن ابن جريج به.

(2)

في المطبوع "ابن أبي داود، قال: ثنا ابن علي بن حكيم الأودي".

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي - (706)، وأحمد (18573)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 2/ 623، ومسلم (1938)(29)، وأبو يعلى (1728)، وأبو عوانة 5/ 164 - 166 من طرق عن شعبة به.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (731)، وأحمد (19116)، والبخاري (4221 - 4222 - 4223 - 4224 - 5525 - 5526)، ومسلم (1938)(28)، وأبو عوانة 5/ 162 - 163 - 165 - 166 من طرق عن شعبة به.

ص: 350

ثابت، قال: سمعت البراء، وعبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما

مثله، ولم يذكر خيبر

(1)

.

5970 -

حدثنا ابن مرزوق: قال ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن إبراهيم الهجري، عن ابن أبي أوفى

مثله

(2)

.

5971 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة عن الشيباني، عن ابن أبي أو في رضي الله عنه

مثله

(3)

.

5972 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس، قال: ثنا سفيان، قال: أخبرنا عمرو، قال: قلت لجابر بن زيد إنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن لحوم الحمر الأهلية.

فقال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن أبي

(1)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده ضعيف من أجل إبراهيم بن مسلم الهجري.

وأخرجه عبد الرزاق (8722) من طريق سفيان الثوري، عن إبراهيم الهجري وأبي إسحاق الشيباني، عن ابن أبي أوفى به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (816) من طريق وهب، عن شعبة به.

وأخرجه أحمد (19120) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 263، والبخاري (3155، 4220)، ومسلم (1937)(26 - 27)، وابن ماجه (3192)، وأبو عوانة 5/ 161 - 162، والبيهقي 9/ 330 - 331 من طرق عن الشيباني به.

ص: 351

ذلك الحبر يعني ابن عباس رضي الله عنهما وقرأ {قُلْ لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] الآية

(1)

.

5973 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عيسى بن إبراهيم، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الإنسية

(2)

.

5974 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال أخبرنا الدراوردي، قال: ثنا محمد بن عمرو

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

5975 -

حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي، قال: ثنا

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3485) بإسناده ومتنه.

وهو في السنن المأثورة (600).

وأخرجه الحميدي (859)، وأحمد (17861)، والبخاري (5529)، والطبراني في الكبير (3164)، والحاكم 2/ 317، والبيهقي 9/ 330 من طرق عن سفيان بن عيينة به.

وأخرجه أبو داود (3808) من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار به.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3483) بإسناده ومتنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 397، 399، 8/ 75، وأحمد (8789)، والترمذي (1795)، وابن عبد البر في التمهيد 1/ 141 من طريق زائدة بن قدامة، عن محمد بن عمرو بن علقمة به.

(3)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه أحمد (9422)، والترمذي (1479) من طريق قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي به.

ص: 352

سفيان، عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما افتتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر أصابوا حمرًا، فطبخوا منها، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عنها، فإنها نجس فأكفئوا القدور"

(1)

.

5976 -

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، قال: ثنا حماد، عن هشام، عن محمد، عن أنس، وأيوب، عن محمد، قال حماد وأظنه: عن أنس رضي الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، فقيل له: أكلت الحمر، فسكت ثم أتي، فقيل له: فنيت الحمر فأمر أبا طلحة ينادي

ثم ذكر مثله

(2)

.

5977 -

حدثنا حسين بن نصر، قال سمعت يزيد بن هارون، قال: ثنا هشام، عن محمد، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الحميدي (1234، 1232)، وأحمد (12086)، والبخاري (2991، 3647)، ومسلم (1940)(34)، والنسائي 1/ 56، وأبو عوانة 5/ 167 - 168، والبيهقي 9/ 331 من طريق سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو يعلى (2828) من طريق عبيد الله بن عمر بهذا الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق (8719)، ومن طريقه أخرجه أحمد (12679)، وابن ماجه (3196)، وابن حبان (5274).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (12217) من طريق يزيد بن هارون به.

وأخرجه أحمد (12140)، والدارمي (1991)، ومسلم (1940)(35)، وأبو عوانة 5/ 168 - 169 من طرق عن هشام بن حسان به.

ص: 353

5978 -

حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الوهاب بن نجدة، قال: ثنا بقية، قال ثنا الزبيدي، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة الخشني، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل ذي ناب من السباع، وعن لحوم الحمر الأهلية

(1)

.

5979 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا إبراهيم بن سويد، قال: ثنا يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع، قال: أخبرني سلمة رضي الله عنه، أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مساء يوم افتتحوا خيبر، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نيرانًا توقد. فقال:"ما هذه النيران؟ " قالوا: على لحوم الحمر الإنسية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهريقوا ما فيها، واكسروها" يعني: القدور. فقال رجل من القوم: أو نغسلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو ذاك"

(2)

.

5980 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، قال: أنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة

فذكر نحوه

(3)

.

فكانت هذه الآثار تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن أكل لحوم الحمر

(1)

إسناده ضعيف لضعف بقية بن الوليد، فإنه يدلس تدليس التسوية.

وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2630)، والنسائي في المجتبى 7/ 204، وفي الكبرى (4835)، وأبو عوانة 5/ 141، وابن أبي حاتم في العلل 2/ 15، والطبراني 22/ 559 من طريق محمد بن الوليد الزبيدي به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (16525)، والبخاري (6819، 2477)، ومسلم (1802)، وابن ماجه (3195)، وابن حبان (5276)، والطبراني (6294، 6301)، والبيهقي 9/ 330، والبغوي (3805) من طرق عن يزيد بن أبي عبيد به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (2477)، ومسلم (ص 1223)(33) من طريق أبي عاصم به.

ص: 354

الأهلية.

فكان أولى الأشياء بنا أن نحمل حديث غالب بن الأبجر على ما وافقها، لا على ما خالفها. فقال قوم

(1)

: إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك إبقاءً على الظهر، ليس على وجه التحريم. ورووا في ذلك ما.

5981 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عباد بن موسى الختلي، قال: ثنا يحيى بن سعيد الأموي، عن الأعمش قال: حدثت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أكل لحوم الحمر الأهلية إلا من أجل أنها ظهر

(2)

.

5982 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي، مريم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، أن نافعًا أخبره، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الحمار الأهلي يوم خيبر، وكانوا قد احتاجوا إليها

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: نافعا، وعبد الملك بن جريج، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وبعض أصحاب مالك رحمهم الله، كما في النخب 21/ 299.

(2)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة (24339) عن شريك، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى دون ذكر ابن عباس.

وأخرجه البخاري (4227)، ومسلم (1939) من طريق عاصم، عن عامر، عن ابن عباس به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (561)(25)، وأبو عوانة (7655)، والعقيلي في الضعفاء 4/ 245 من طرق عن ابن جريج به.

وأخرجه ابن حبان (5275) من طريق مالك، عن نافع به.

ص: 355

5983 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، وأبو عاصم قالا: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني نافع، قال: قال ابن عمر رضي الله عنهما

ثم ذكر مثله

(1)

.

فكان من الحجة عليهم في ذلك أن جابرًا رضي الله عنه قد أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أطعمهم يومئذ لحوم الخيل، ونهاهم عن لحوم الحمر، وهم كانوا إلى الخيل أحوج منهم إلى الحمر.

فدل تركه منعهم عن أكل لحوم الخيل أنهم كانوا في بقية من الظهر، ولو كانوا في قلة من الظهر حتى احتيج لذلك أن يمنعوا من أكل لحوم الحمر الأهلية، لكانوا إلى المنع من أكل لحوم الخيل أحوج؛ لأنهم يحملون على الخيل كما يحملون على الحمر الأهلية، ويركبون الخيل بعد ذلك لمعان لا يركبون لها الحمر. فدلّ ما ذكرنا أن العلة التي لها منعوا من أكل لحوم الحمر، ليست هي هذه العلة.

وقال آخرون

(2)

: إنما منعوا يومئذ من أكل لحوم الحمر؛ لأنها حمر كانت تأكل العذرة. ورووا في ذلك ما

5984 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن الشيباني قال: ذكرت لسعيد بن جبير حديث ابن أبي أوفى في أمر النبي صلى الله عليه وسلم إياهم بإكفاء القدور يوم

(1)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

(2)

قلت أراد بهم: سعيد بن جبير، وجماعة من المالكية رحمهم الله، كما في النخب 21/ 302.

ص: 356

خيبر. فقال: "إنما نهى عنها؛ لأنها كانت تأكل العذرة"

(1)

.

قالوا: فإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلها لهذه العلة، فكان من الحجة عليهم في ذلك، أنه لو لم يكن جاء في هذا إلا الأمر بإكفاء القدر، لكان ذلك محتملًا لما قالوا، ولكنه قد جاء هذا، وجاء النهي في ذلك مطلقًا.

5985 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شبابة بن سوار، قال: ثنا أبو زبر عبد الله بن العلاء، قال: ثنا مسلم بن مشكم، كاتب أبي الدرداء، قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! حدثني ما يحل لي مما يحرم عليّ؟ فقال: "لا تأكل الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع"

(2)

.

فكان كلام النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث جوابًا لسؤال أبي ثعلبة رضي الله عنه إياه عما يحل له مما يحرم عليه.

فدلّ ذلك على نهيه عن أكل لحوم الحمر الأهلية لا لعلة تكون في بعضها دون بعض من أكل العذرة وما أشبهها، ولكن لها في أنفسها. وقد جعلها صلى الله عليه وسلم في نهيه عنها، كذي الناب من السباع. فكما كان ذو ناب منهيا عنه لا لعلة، كان كذلك الحمر الأهلية منهيا عنها لا لعلة.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق (8722)، وأحمد (19400) من طريق سفيان، عن الشيباني به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3484) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (17745)، والطبراني في الكبير 22/ 582، وفي الشاميين (781) من طريق عبد الله بن العلاء به.

ص: 357

وقد قال قوم

(1)

: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نهى عنها لأنها كانت نهبةً. ورووا في ذلك ما

5986 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن مرزوق، قال: ثنا حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، عن النحاز الحنفي، عن سنان بن سلمة، عن أبيه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر يوم خيبر بقدور فيها لحم حمر الناس، فأمر بها فأكفئت

(2)

.

فكان من الحجة عليهم في ذلك أن قوله: "حمر الناس" يحتمل أن يكون لانهم انتهبوها من الناس، ويحتمل أن تكون نسبت إلى الناس لأنهم يركبونها، فيكون النهي وقع عليها لأنها أهلية لا لغير ذلك.

قالوا: فإنه قد روي في ذلك ما يدل على أنها كانت نهبةً. فذكروا ما

5987 -

حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن البراء رضي الله عنه أنهم أصابوا من الفيء أنهم أصابوا من الفيء حمرًا، فذبحوها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أكفوا القدور"

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: طائفة من المالكية، كما في النخب 21/ 305.

(2)

حديث صحيح، ونحاز بن جدى لم يذكر في الرواة عنه سوى يحيى بن أبي كثير، وذكره ابن حبان في الثقات، وبقية رجاله ثقات.

وأخرجه الطبراني في الكبير (6346) من طريق عمرو بن مروزق به.

وأخرجه أحمد (15907، 15913)، والبخاري في التاريخ 8/ 132 من طريقين عن حرب بن شداد به.

(3)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه (5969).

ص: 358

قالوا: فبين هذا الحديث أن تلك الحمر كانت نهبةً.

فقيل لهم: فإذا ثبت أنها كانت نهبةً كما ذكرتم، فما دليلكم على أن النهي عنها كان للنهبة؟ وما جعلكم بتأويل ذلك النهي أنه كان للنهبة أولى من غيركم في تأويله أن النهي عنها كان لها في أنفسها لا للنهبة.

وقد ذكرنا في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: "أكفئوها فإنها رجس" فدلّ ذلك على أن النهي وقع عليها؛ لأنها رجس، لا لأنها نهبة.

وفي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: "أكفئوا القدور، واكسروها". فقالوا: يا رسول الله! أو نغسلها؟ فقال: "أو ذاك"

فدل ذلك أيضًا على أن النهي كان لنجاسة لحوم الحمر لا لأنها نهبة، ولا لأنها مغصوبة.

ألا ترى أن رجلًا لو غصب شاةً فذبحها وطبخ لحمها أن قدره التي طبخ ذلك فيها لا يتنجس، وأن حكمها في طهارتها حكم ما طبخ فيه لحم غير مغصوب. فدل ما ذكرنا من أمره إياه بغسلها على نجاسة ما طبخ فيها على أن الأمر الذي كان منه بطرح ما كان فيها لنجاستها، لا لغصبهم إياها.

وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في شاة غصبت فذبحت وطبخت بخلاف هذا.

5988 -

حدثنا فهد، قال: ثنا النفيلي، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا عاصم بن

ص: 359

كليب، عن أبيه، عن رجل، قال: حسبته من الأنصار أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فلقيه رسول امرأة من قريش يدعوه إلى طعام، فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم فنظر آباؤنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده أكلة، فقال:"إن هذا لحم شاة"، تخبرني أنها أخذت بغير حلها. فقامت المرأة، فقالت: يا رسول الله! لم تزل تعجبني أن تأكل في بيتي، وإني أرسلت إلى البقيع، فلم توجد فيه شاة، وكان أخي اشترى شاةً بالأمس، فأرسل إلى أهله بالثمن، فقال: أطعموها الأسارى" فتنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكلها، ولم يأمر بطرحها، بل أمرهم بالصدقة بها إذ أمرهم أن يطعموها الأسارى

(1)

.

فهذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللحم الحلال إذا غصب فاستهلك، فلو كانت لحوم الحمر الأهلية حلالًا عنده لأمر فيها لما انتهبت بمثل ما أمر به في هذه الشاة لما غصبت.

ولكنه إنما أمر في لحم تلك الحمر بما أمر به لمعنًى خلاف المعنى الذي من أجله أمر في لحم هذه الشاة بما أمر به.

ألا ترى أن رجلًا لو غصب رجلًا شاةً، فذبحها وطبخ لحمها أنه لا يؤمر بطرح ذلك في قول أحد من الناس، فكذلك لحم الحمر الأهلية المذبوحة بخيبر لو كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عنها من أجل النهبة التي حكمها حكم الغصب إذًا لما أمرهم بطرح ذلك

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3005) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (22509)، وأبو داود (3332)، والدارقطني 4/ 285 - 286، والبيهقي 5/ 335، وفي الدلائل 6/ 310 من طرق عن عاصم بن كليب به.

ص: 360

اللحم، ولأمرهم فيه بمثل ما يؤمر به من غصب شاة، فذبحها، وطبخ لحمها.

فلما انتفى أن يكون نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية لمعنًى من هذه المعاني التي ادعاها الذين أباحوا لحمها، ثبت أن نهيه ذلك عنها كان لها في نفسها، كما نهى عن كل ذي ناب من السباع، فكان ذلك النهي له في نفسه، فلا ينبغي لأحد خلاف شيء ذلك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال:"لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من من أمري فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حرام حرمناه، وما وجدنا فيه من حلال أحللناه، ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مثل ما حرم الله".

5989 -

حدثنا بذلك محمد بن الحجاج: قال: ثنا أسد، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن الحسن بن جابر، عن المقدام رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

5990 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو مسهر، قال: ثنا يحيى بن حمزة، قال: ثنا الزبيدي، عن مروان بن رؤبة، أنه حدثه عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، عن المقدام بن معدي كرب الكندي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني أوتيت الكتاب وما يعدله، يوشك شبعان على أريكته، يقول: بيننا وبينكم هذا الكتاب، فما كان فيه من حلال حللناه، وما كان فيه من حرام حرمناه، ألا وإنه ليس كذلك، لا يحل ذو ناب من

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الدارمي (606) من طريق أسد بن موسى به.

وأخرجه أحمد (17194)، والترمذي (2666)، وابن ماجه (12)، والدارقطني 4/ 276 - 277، والبيهقي 9/ 331، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2343)، والحاكم 1/ 109 من طريق معاوية بن صالح به.

ص: 361

السباع، ولا الحمار الأهلي

(1)

.

5991 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي النضر، عن موسى بن عبد الله بن قيس، عن أبي رافع رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

5992 -

وحدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني الليث بن سعد، عن أبي النضر، عن موسى بن عبد الله بن قيس، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس حوله: لا أعرفن أحدكم يأتيه الأمر من أمري قد أمرت به أو نهيت عنه، وهو متكئ على أريكته فيقول: ما وجدناه في كتاب الله عملناه، وإلا فلا

(3)

.

5993 -

حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي، قال: حدثني سفيان، عن ابن المنكدر، وأبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، أو عن غيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا

(1)

حديث صحيح، مروان بن رؤية التغلبي وإن كان مجهولا متابع.

وأخرجه الطبراني في الكبير 20/ 669، والبيهقي في السنن 9/ 332 من طريق يحيى بن حمزة به.

وأخرجه أبو داود (3804)، وابن حبان (12) من طريق محمد بن حرب، عن الزبيدي به.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة موسى بن عبد الله بن قيس.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه

وأخرجه الحاكم 1/ 109 من طريق ابن وهب به.

وأخرجه الطبراني (975) من طريق الليث عن أبي النضر به.

ص: 362

أدري ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه

(1)

.

فحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلاف، أمره، كما حذر من خلاف كتاب الله عز وجل فليحذر أن يخالف شيئًا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق عليه ما يحق على مخالف كتاب الله عز وجل.

وقد تواترت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن لحوم الحمر الأهلية بما قد ذكرنا، ورجعت معانيها إلى ما وصفنا، فليس ينبغي لأحد خلاف شيء من ذلك.

فإن قال قائل: فقد رويتم عن ابن عباس رضي الله عنهما إباحتها، وما احتج به في ذلك من قول الله عز وجل:{قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الآية.

قيل له: ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، فهو أولى مما قاله ابن عباس رضي الله عنهما.

وما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك فهو مستثنًى من الآية، على هذا ينبغي أن يحمل ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المجيء المتواتر في الشيء المقصود إليه بعينه مما قد أنزل الله عز وجل في كتابه آيةً مطلقةً على ذلك الجنس فيجعل ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك مستثنًى من تلك الآية، غير مخالف لها حتى لا يضاد القرآنُ السنةَ، ولا السنةُ القرآنَ.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الترمذي (2663) من طريق قتيبة، عن سفيان بن عيينة به.

ص: 363

فهذا حكم لحوم الحمر الأهلية من طريق تصحيح معاني الآثار ولو كان النظر لكان لحوم الحمر الأهلية حلالًا، وكان ذلك كلحم الحمر الوحشية؛ لأن كل صنف قد حرم إذا كان أهليا مما قد أجمع على تحريمه، فقد حرم إذا كان وحشيا.

ألا ترى أن لحم الخنزير الوحشي كلحم الخنزير الأهلي، فكان النظر على ذلك أيضًا إذا كان الحمار الوحشي لحمه حلالا أن يكون كذلك الحمار الأهلي.

ولكن ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى ما اتبع، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

ص: 364

‌12 - باب: أكل لحم الفرس

5994 -

حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا نعيم (ح)

وحدثنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قال: ثنا يزيد بن عبد ربه، وخالد بن خلى، قالوا: ثنا بقية بن الوليد، عن ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه عن جده، عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عن لحوم الخيل، والبغال والحمير

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى هذا، فكرهوا لحوم الخيل. وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة رحمه الله واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

، فقالوا: لا بأس بأكل لحوم الخيل. واحتجوا في ذلك بما

(1)

إسناده ضعيف لضعف بقية بن الوليد وصالح بن يحيى بن المقدام، ولجهالة أبيه يحيى بن المقدام.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3066) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (16817)، والبخاري في التاريخ الكبير 4/ 293، وأبو داود (3790)، والنسائي في المجتبى 7/ 202 وفي الكبرى (4843 - 4844 - 6640)، وابن ماجه (3198)، والطبراني في الكبير (3826)، والدارقطني 4/ 287، والبيهقي 9/ 328 من طرق عن بقية بن الوليد به.

(2)

قلت أراد بهم: مجاهدا، والحسن البصري، والحكم بن عتيبة، والأوزاعي، ومالكا رحمهم الله، كما في النخب 21/ 328.

(3)

قلت أراد بهم: سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، والثوري، والشافعي، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 21/ 330.

ص: 365

5995 -

حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا نأكل لحوم صل الله الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

5996 -

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن الأصبهاني، قال أخبرنا شريك، عن عبد الكريم، ووكيع، عن سفيان، عن عبد الكريم

فذكر بإسناده، مثله

(2)

.

5997 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن امرأته فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، قالت: نحرنا فرسًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3061) بإسناده ومتنه.

وأخرجه النَّسَائِي 7/ 201 عن علي بن حجر، عن عبيد الله بن عمرو به.

وأخرجه النَّسَائِي 7/ 202، وابن ماجه (3197)، والدارقطني 4/ 288 من طرق عن سفيان الثوري، عن عبد الكريم به.

(2)

إسناده صحيح، وشريك متابع.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3062) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الدارقطني 4/ 288 من طريق شريك، عن عبد الكريم، عن عطاء، عن جابر به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3065) بإسناده ومتنه.

وأخرجه أحمد (26919)، ومسلم (1942)، والدارقطني 4/ 290 من طريق أبي معاوية به.

وأخرجه الشافعي 2/ 172، وعبد الرزاق (8731)، والحميدي (322)، وابن أبي شيبة 8/ 255 - 256 - 14/ 179، والبخاري (5510 - 5511 - 5512، 5519)، ومسلم (1942)، والنسائي في المجتبى 7/ 227 - 231، وفي الكبرى: =

ص: 366

وفي هذا الباب آثار قد دخلت في باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، فأغنانا ذلك عن إعادتها.

فذهب قوم إلى هذه الآثار، فأجازوا أكل لحوم الخيل، وممن ذهب إلى ذلك، أبو يوسف، ومحمد رحمها الله واحتجوا بذلك بتواتر الآثار في ذلك وتظاهرها.

ولو كان ذلك مأخوذًا من طريق النظر لما كان بين الخيل الأهلية والحمر الأهلية فرق.

ولكن الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صحت وتواترت أولى أن يقال بها مما يوجبه النظر، ولا سيما إذ قد أخبر جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباح لهم لحوم الخيل في وقت منعه إياهم من لحوم الحمر، فدل ذلك على اختلاف حكم لحومهما.

= (4495، 4509، 4510، 6644)، وابن حبان (5271)، والطبراني في الكبير 24/ 298، 304 والدارقطني 4/ 290، والبيهقي 9/ 279 من طرق عن هشام بن عروة به.

ص: 367

‌25 - كتاب الأشربة

‌1 - باب الخمر المحرمة ما هي؟

5998 -

حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة"

(1)

.

5999 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن الأوزاعي، وعكرمة بن عمار، عن أبي كثير، وهشام عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي كثير، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

6000 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن حمران، قال: ثنا عقبة بن التوءم الرقاشي،

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (10710)، وأبو عوانة في الأشربة كما في الإتحاف 16/ 254/ 1 من طريق الضحاك بن مخلد به.

وأخرجه مسلم (1985)، وأبو داود (3678)، والنسائي في الكبرى (5064)، وابن ماجه (3378) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 109، وأحمد في المسند (9297)، وفي الأشربة (215)، والدارمي (2096)، ومسلم (1985)(15)، والترمذي (1875)، والنسائي 8/ 294، وأبو يعلى (6002)، والبيهقي 8/ 289 - 290 من طرق عن الأوزاعي به.

وأخرجه أحمد في المسند (10806)، وفي الأشربة (215)، ومسلم (1985)(15)، والترمذي (1875)، وابن ماجه (3378)، وابن حبان (5344) من طرق عن عكرمة بن عمار به.

ص: 368

قال: حدثني أبو كثير اليمامي، قال: دخلت من اليمامة إلى المدينة لما أكثر الناس الاختلاف في النبيذ، دخلت لألقى أبا هريرة رضي الله عنه، فأسأله عن ذلك، فلقيته فقلت: يا أبا هريرة، إني أتيتك من اليمامة أسألك عن النبيذ، فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تحدثني عن غيره. فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الخمر من الكرمة والنخلة"

(1)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(2)

إلى أن الخمر من التمر والعنب جميعًا، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون

(3)

فقالوا: الخمر المحرمة في كتاب الله تعالى هي الخمر التي من عصير العنب إذا نش

(4)

العصير وألقى بالزبد، هكذا كان أبو حنيفة رحمه الله يقول.

وقال أبو يوسف رحمه الله: إذا نش، وإن لم يلق بالزبد فقد صار خمرًا.

وليس الحديث الذي رويناه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في أول هذا الباب، مخالف لذلك عندنا؛ لأنَّه يحتمل وجوها، أحدها: أن يكون كما قال أهل المقالة الأولى، ويحتمل أن يكون أراد بقوله: الخمر من هاتين الشجرتين إحداهما، فعمهما

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم وعقبة بن التوأم متابع.

وأخرجه مسلم (1985) من طريق عقبة بن التوأم به، دون القصة.

(2)

قلت أراد بهم: فقهاء أهل المدينة، وأهل الحجاز كما في النخب 21/ 339.

(3)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 21/ 342.

(4)

من نش ينش نشيشا، وهو صوت الماء وغيره عند الغليان.

ص: 369

بالخطاب وأراد إحداهما دون الأخرى، كما قال الله عز وجل {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ والْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] وإنما يخرج من أحدهما.

وكما قال عز وجل: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ} [الأنعام: 130] والرسل من الإنس لا من الجن وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه إذ أخذ على أصحابه في البيعة كما أخذ على النساء: "أن لا تشركوا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا" ثم قال: فمن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به، فهو كفارة له".

6001 -

حدثنا بذلك يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي إدريس، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد علمنا أن من أشرك، فعوقب بشركه فليس ذلك بكفارة له

(1)

.

فدل ما ذكرنا أنه إنما أراد بقوله رضي الله عنه: فمن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به، أنه إنما أراد ما سوى الشرك، مما ذكر في هذا الحديث.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (194) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الشافعي في مسنده 1/ 15 - 16، والحميدي (387)، وابن أبي شيبة 9/ 440، وأحمد (22678)، والبخاري (4894، 6784)، ومسلم (1709)(41)، والترمذي (1439)، والنسائي 7/ 161 - 162، 8/ 108 - 109، وابن الجارود (803)، وأبو عوانة (6344 - 6345)، والشاشي في مسنده (1230)، وأبو نعيم في الحلية 5/ 126، والبيهقي 8/ 328 من طريق سفيان بن عيينة به.

ص: 370

فلما كانت هذه الأشياء وقد جاء ظاهرها على الجميع، وباطنها على خاص من ذلك، احتمل أيضًا أن يكون قوله:"الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة" ظاهر ذلك عليهما، وباطنها على إحداهما، فتكون الخمر المقصودة في ذلك من العنبة لا من النخلة.

ويحتمل أيضًا قوله: "الخمر من هاتين الشجرتين أن يكون عنى به الشجرتين جميعا، ويكون ما خمر من ثمرهما خمرًا كما ذهب إليه أبو حنيفة، وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله في نقيع من الزبيب والتمر، فجعلوه خمرًا.

ويحتمل قوله: "الخمر من هاتين الشجرتين" أن يكون أراد أن الخمر منهما، وإن كانت مختلفةً على أنها من العنب ما قد عقلنا من الخمر، وعلى أنها من التمر ما يسكر، فيكون خمر العنب هي عين العصير، إذا اشتد وخمر التمر هي المقدار من نبيذ التمر الذي يسكر.

فلما احتمل هذا الحديث هذه الوجوه التي ذكرنا لم يكن الأخذ بأحدها أولى من بقيتها، ولم يكن لمتأول أن يتأوله على أحدها إلا كان لخصمه أن يتأوله على ضد ذلك.

فإن قال قائل: فما معنى حديث عمر رضي الله عنه يريد ما قد

6002 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: سمعت ابن إدريس، قال: سمعت أبا حيان التيمي، عن الشعبي، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت عمر رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أما بعد! أيها الناس إنه نزل

ص: 371

تحريم الخمر، وهي يومئذ من خمسة: من التمر، والعنب والعسل، والحنطة والشعير، والخمر: ما خامر العقل"

(1)

.

وقد روي مثل ذلك أيضًا عن ابن عمر والنعمان رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

6003 -

حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود، قال: أنا ابن لهيعة، عن أبي النضر، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن من العنب خمرًا، ومن العسل خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن التمر خمرا، ومن الحنطة خمرا، وأنا أنهاكم عن كل مسكر"

(2)

.

6004 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن إبراهيم بن المهاجر، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، عن

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (4619، 7337)، ومسلم (3032)(33)، وابن حبان (5353، 5359) من طرق عن عبد الله بن إدريس به.

وأخرجه عبد الرزاق (17049)، وابن أبي شيبة 7/ 464، والبخاري (5581، 5588)، ومسلم (3032)، وأبو داوود (3669)، والنسائي في المجتبى 8/ 295 وفي الكبرى (5068، 6752)، وابن حبان (5358) من طرق عن أبي حيان به.

(2)

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة وهو عبد الله.

وأخرجه أحمد (5992) من طريق حسن بن موسى، عن ابن لهيعة به.

وأخرجه الطبراني في الكبير 12/ 295 (13159) من طريق عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة به.

وأخرجه النَّسَائِي 8/ 295 من طريق عبيد الله عن إسرائيل، عن أبي حصين، عن الشعبي، عن ابن عمر موقوفًا.

ص: 372

النبي صلى الله عليه وسلم

مثله، غير أنه لم يذكر قوله:"وأنهاكم عن كل مسكر"

(1)

.

قيل له: يحتمل هذان الحديثان جميع المعاني التي يحتملها الحديث الأول غير معنًى واحد، وهو ما احتمله الحديث الأول مما حمله عليه من ذهب إلى كراهة نقيع التمر والزبيب فإنه لا يحتمله هذا الحديث؛ لأنَّه قد قرن مع ذلك خمر الحنطة وخمر الشعير، وهم لا يقولون ذلك؛ لأنهم لا يرون بنقيع الحنطة والشعير بأسًا، ويفرقون بينهما وبين نقيع التمر والزبيب، فذلك التأويل لا يحتمله هذا الحديث ولكنه يحتمل التأويلات الآخر كما يحتمله الحديث الأول.

فإن احتج محتج في ذلك بما روي عن أنس رضي الله عنه وهو ما قال:

6005 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا أبو الأحوص، قال: ثنا أبو إسحاق الهمداني، عن بريد بن أبي مريم، عن أنس رضي الله عنه قال: كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ننبذ الرطب والبسر، فلما نزل تحريم الخمر أهرقناهما من الأوعية، ثم تركناهما

(2)

.

6006 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر،

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل إبراهيم بن المهاجر بن جابر البجلي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 470 من طريق عبيد الله بن موسى به.

وأخرجه أحمد (18350)، وأبو داود (3676)، والترمذي (1872 - 1873)، والدارقطني 4/ 253، والبيهقي 8/ 289، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق 1/ 384 - 385 من طرق عن إسرائيل به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (24014) من طريق أبي الأحوص به.

ص: 373

قال: ثنا حميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان أبو عبيدة بن الجراح وسهيل بن البيضاء، وأبي بن كعب عند أبي طلحة وأنا أسقيهم من شراب حتى كاد أن يأخذ فيهم، قال: فمر بنا مار من المسلمين، فنادى: ألا هل شعرتم إن الخمر قد حرمت؟، فوالله ما انتظروا أن يأمروني أن أكفي ما في الآنية، ففعلت فما عادوا في شيء منها، حتى لقوا الله عز وجل، وإنها للبسر والتمر وإنها لخمرنا يومئذ

(1)

.

6007 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبد الله بن بكر، قال: ثنا حميد، عن أنس رضي الله عنه

مثله

(2)

.

6008 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال ثنا عفان، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرني ثابت، وحميد، عن أنس، قال: كنت أسقي أبا طلحة، وسهيل بن بيضاء، وأبا عبيدة بن الجراح، وأبا دجانة، خليط البسر والتمر، حتى أسرعت فيهم، فمر رجل فنادى ألا إن الخمر قد حرمت، قال: فوالله ما انتظروا حتى يعلموا أحقا ما قال أم باطلًا، فقالوا: أكفئ إناءك يا أنس، فكفأتها، فلم يرجع إلى رءوسهم حتى لقوا الله عز وجل، قال: وكان

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (5361) من طريق إسماعيل بن جعفر به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 184، وأحمد في المسند (12869)، وفي الأشربة (136)، وأبو عوانة 5/ 256، وابن حبان (5363)، والدارقطني 4/ 155 من طرق عن حميد الطويل به.

(2)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

ص: 374

خمرهم يومئذ، البسر والتمر

(1)

.

6009 -

حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، قال: إني لأسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، وسهيل بن بيضاء خليط بسر وتمر إذ حرمت الخمر، فأرقتها وأنا ساقيهم يومئذ، وأصغرهم، وإنا نعدها يومئذ خمرًا

(2)

.

قالوا: ففي هذا ما يدل على أن ذلك أيضا خمر.

قيل له: ليس فيه دليل على ما ذكرت، لأنَّه قد يجوز أن يكون ذلك الشراب نقيع تمر مخمر، فثبت بذلك قول من كره نقيع التمر، ولا تجب بذلك حجة حرمة طبيخه.

ويحتمل أن يكونوا فعلوا ذلك، لعلمهم أن كثير ذلك يسكر، فلم يأمنوا على أنفسهم الوقوع فيه لقرب عهدهم به، فكسروه لذلك.

وأما قول أنس رضي الله عنه وإنها لخمرنا يومئذ، فيحتمل أن يكون أراد أن

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (5363) من طريق عبد الأعلى بن حماد، عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه البخاري (5580)، والبغوي في مسند بن أبي الجعد (3317) من طريقين عن ثابت به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه البخاري (5600)، والبيهقي 8/ 290 من طريق مسلم بن إبراهيم به.

وأخرجه مسلم (1980)(7)، وأبو يعلى (3008) من طريق هشام، عن قتادة به.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 8/ 287 وفي الكبرى (5033) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة به.

ص: 375

ذلك ما كنا نخمر.

والدليل على ذلك

6010 -

أن فهدا قد حدثنا، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا أبو شهاب، عن ابن أبي ليلى، عن عيسى أن أباه بعثه إلى أنس رضي الله عنه في حاجة، فأبصر عنده طلاءً شديدًا

(1)

.

والطلاء ما يسكر كثيره، فلم يكن ذلك عند أنس رضي الله عنه خمرًا، وإن كان كثيره يسكر.

فثبت بما وصفنا أن الخمر لم يكن عند أنس رضي الله عنه، من كل شراب يسكر ولكنها من خاص من الأشربة.

وقد وجدنا من الآثار ما يدل على ما ذكرنا أيضًا مما تأولنا عليه أحاديث أنس رضي الله عنه.

6011 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مسعر بن كدام، عن أبي عون الثقفي، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: حرمت الخمر، بعينها، والسكر من كل شراب

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 12/ 505 بإسناده ومتنه.

وأخرجه البيهقي 8/ 297 من طريق جعفر بن عون، عن مسعر به.

وأخرجه النَّسَائِي 8/ 321 من طريق عباس بن ذريح، عن أبي عون به.

ص: 376

فأخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن الحرمة وقعت على الخمر بعينها، وعلى السكر من سائر الأشربة سواها.

فثبت بذلك أن ما سوى الخمر التي حرمت مما يسكر كثيره قد أبيح شرب قليله الذي لا يسكر على ما كان عليه من الإباحة المتقدمة لتحريم الخمر، وأن التحريم الحادث إنما هو في عين الخمر خاصة والسكر مما سواها من الأشربة.

فاحتمل أن يكون الخمر المحرمة هي عصير العنب خاصةً، واحتمل أن يكون كل ما خمر من عصير العنب وغيره.

فلما احتمل ذلك وكانت الأشياء قد تقدم تحليلها جملةً، ثم حدث التحريم في بعضها لم يخرج شيئا مما قد أجمع على تحليله إلا بإجماع يأتي على تحريمه.

ونحن نشهد على الله عز وجل أنه قد حرم عصير العنب إذا حدثت فيه صفات الخمر، ولا نشهد عليه أنه حرم ما سوى ذلك إذا حدث فيه مثل هذه الصفة.

فالذي نشهد على الله عز وجل بتحريمه إياه هي الخمر التي آمنا بتأويلها من حيث قد آمنا بتنزيلها، والذي لا نشهد على الله أنه حرم هو الشراب الذي ليس بخمر.

فما كان من خمر، فقليله وكثيره حرام، وما كان مما سوى ذلك من الأشربة فالسكر منه حرام، وما سوى ذلك منه مباح.

هذا هو النظر عندنا، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

ص: 377

غير نقيع الزبيب والتمر خاصةً، فإنهم كرهوه، وليس ذلك عندنا في النظر كما قالوا، لأنا وجدنا الأصل المجتمع عليه أن نيّ العصير وطبيخه سواء، وأن الطبخ لا يحل به ما لم يكن حلالًا قبل الطبخ إلا الطبخ الذي يخرجه من حد العصير إلى أن يصير في حد العسل، فيكون بذلك حكمه حكم العسل.

ورأينا طبيخ الزبيب والتمر مباحًا باتفاقهم.

فالنظر على ذلك أن يكون فيهما كذلك، فيستوي نبيذ التمر والعنب النيّ والمطبوخ، كما استوى في العصير وطبيخه.

فهذا هو النظر، ولكن أصحابنا خالفوا ذلك التأويل الذي تأولوا عليه حديث أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما اللذين ذكرنا، بشيء رووه عن سعيد بن جبير، فإنه

6012 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أنا هشيم، عن ابن شبرمة، عن سعيد بن جبير أنه قال في ذلك: هي الخمر فاجتنبها

(1)

.

(1)

رجاله ثقات.

وأخرجه ابن أبي شيبة (23841) من طريق ليث، عن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر به.

ص: 378

‌2 - باب ما يحرم من النبيذ

6013 -

حدثنا يزيد بن سنان، وربيع الجيزي، قالا: ثنا عبد الله بن مسلمة، قال: ثنا عبد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن زياد عن مسلم بن يسار، عن سفيان بن وهب الخولاني، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام"

(1)

.

6014 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام"

(2)

.

6015 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، وعبد الله بن عمر بن غانم جهله أبو حاتم ووثقه أبو سعيد يونس، روى له أبو داود.

وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2772)، وأبو يعلى (248) من طريق عبد الله بن يزيد، عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي به.

(2)

إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي.

وأخرجه أحمد (4644)، والترمذي (1864)، والنسائي في المجتبى 8/ 297 وفي الكبرى (5097)، وأبو يعلى (5621 - 5622)، وابن حبان (5369) من طرق عن محمد بن عمرو به.

(3)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه أحمد (4863)، والنسائي في المجتبى 8/ 325 وفي الكبرى (5210)، وابن ماجه (3390) من طريق يزيد بن=

ص: 379

6016 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وابن عمر رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

6017 -

حدثنا ابن أبي داود، قال أنا أبو الربيع الزهراني، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

6018 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الخطاب بن عثمان، قال: ثنا عبد المجيد، عن ابن جريج، عن أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

6019 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني ابن عجلان، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

=هارون به.

(1)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه الترمذي (1864) من طريق عبد الله بن إدريس به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد في المسند (5730) وفي الأشربة (26)، ومسلم (2003)(73)، وأبو داود (3679)، والترمذي (1861)، وأبو عوانة 5/ 270 - 271، وابن حبان (5366)، والدارقطني 4/ 448، والبيهقي 8/ 288 - 293، والبغوي (3013) من طرق عن حماد بن زيد به

(3)

إسناده صحيح لولا عنعنة ابن جريج وقد توبع.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 8/ 297 وفي الكبرى (5075) من طريق عبد المجيد بن أبي رواد به.

ص: 380

مثله

(1)

.

6020 -

حدثنا محمد بن إدريس المكي، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

6021 -

حدثنا محمد بن إدريس المكي، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد

فذكر بإسناده مثله، ولم يرفعه

(3)

.

6022 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أنا محمد بن جعفر، قال: أنا الضحاك بن عثمان، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره"

(4)

.

6023 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد قال أنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي،

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان.

وأخرجه أحمد (6218)، والنسائي في المجتبى 8/ 297 وفي الكبرى (5096)، وابن حبان (5368، 5375)، والدارقطني 4/ 249 من طرق عن عبد الله بن المبارك، عن محمد بن عجلان به.

(2)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه (6017).

(3)

إسناده صحيح.

(4)

إسناده حسن من أجل الضحاك بن عثمان بن عبد الله الأسدي.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 8/ 301 وفي الكبرى (5098)، والبيهقي 8/ 296 من طريق سعيد بن الحكم به.

وأخرجه الدارمي (2235)، والنسائي في المجتبى 8/ 301 وفي الكبرى (5091)، وأبو يعلى (694 - 695)، وابن الجارود (862)، وابن حبان (5370)، والدارقطني 4/ 251 من طرق عن الضحاك بن عثمان به.

ص: 381

عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن الحكم، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر

(1)

.

6024 -

حدثنا يونس، وحسين بن نصر، قالا: ثنا علي بن معبد، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن قيس بن حبتر، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل حرم الخمر، والميسر

(2)

، والكوبة

(3)

"، وقال: "كل مسكر حرام"

(4)

.

6025 -

حدثنا علي بن معبد، قال حدثنا إسحاق بن عيسى، قال: ثنا مالك بن أنس، قال: حدثني ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع

(5)

نبيذ، فقال: "كل شراب أسكر فهو

(1)

إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 461، وأحمد في المسند (26634) وفي الأشربة (4)، وأبو داود (3686)، والطبراني في الكبير.

23/ 781، والبيهقي 8/ 296 من طريقين عن الحسن بن عمرو به.

(2)

بضم الكاف قيل: هي النرد، وقيل: الطبل، وقيل: البريط.

(3)

هو القمار بالقداح، وكل شيء فيه قمار فهو من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (2625)، والبيهقي 10/ 221 من طريقين عن عبيد الله بن عمرو الرقي به.

وأخرجه أحمد في المسند (2476) وفي الأشربة (192 - 193 - 194)، وأبو داود (3696)، وأبو يعلى (2729)، وابن حبان (5365)، والبيهقي 10/ 221 من طريق علي بن بذيمة، عن قيس بن حبتر به.

(5)

بكسر الباء، هو: نبيذ العسل وهو خمر أهل اليمن.

ص: 382

حرام"

(1)

.

6026 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب قال: أخبرني مالك ويونس عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

6027 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا سريج بن النعمان الجوهري، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل شراب أسكر، فهو حرام"

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4970) بإسناده ومتنه.

وهو في الموطأ 2/ 412، ومن طريقه أخرجه الشافعي في السنن (553)، وأحمد (25572)، والبخاري (5585)، ومسلم (2001)(67)، وأبو داود (3682)، والترمذي (1863)، والنسائي في المجتبى 8/ 298 وفي الكبرى (5102، 6814)، وابن حبان (5345، 5371)، والدارقطني 4/ 251، والبيهقي 8/ 291، والبغوي (3008).

(2)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4968، 4969) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم (2001)(68)، وابن حبان (5371)، والدارقطني 4/ 251، والبيهقي 8/ 291 من طرق عن عبد الله ابن وهب به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4971) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (1478)، والشافعي في مسنده 2/ 92، والحميدي (281)، وابن أبي شيبة 7/ 100 - 101، وابن راهويه (808، 1066)، وأحمد (24082)، والبخاري (242)، ومسلم (2001)(69)، والنسائي في المجتبى 8/ 297 - 298، وفي الكبرى (5101)، وابن ماجه (3386)، وأبو يعلى (5423)، وابن حبان (5397)، والبيهقي=

ص: 383

6028 -

حدثنا علي، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا مهدي بن ميمون، عن أبي عثمان الأنصاري قال: سمعت القاسم بن محمد يحدث، عن عائشة قالت: سمعت رسول الله يقول: "كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق

(1)

منه، فملء الكف منه حرام"

(2)

.

6029 -

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عطاء بن يسار، عن ميمونة، وعن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل شراب أسكر فهو حرام"

(3)

.

6030 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن

= 1/ 8 - 9، والبغوي (3009) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(1)

بفتح الفاء والراء مكيال يسع ستة عشر رطلا.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه إسحاق بن راهويه (949 - 950 - 952)، وأحمد (24432)، وأبو داود (3687)، والترمذي (1866)، وابن الجارود (861)، وأبو يعلى (4360)، وابن حبان (5383)، والدارقطني 4/ 255، والبيهقي 8/ 296 من طرق عن مهدي بن ميمون به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن محمد بن عقيل

وأخرجه أحمد في المسند (26823) وفي الأشربة (10)، وإسحاق بن راهويه (948)، والطبراني في الكبير 23/ 1063 من طريق أبي عامر العقدي به.

وأخرجه أبو يعلى (7103) من طريق أبي عامر بإسناده إلى ميمونة.

وأخرجه الطبراني في الكبير 23/ 1063 من طريق أبي حذيفة، عن زهير بن محمد بالإسنادين.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 8/ 297 وفي الكبرى (5100) من طريق عبد الله بن العلاء بن زبر، عن القاسم به.

ص: 384

إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب عن وليد بن عبدة، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخمر والميسر، والكوبة، وقال:"كل مسكر حرام"

(1)

.

6031 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يونس بن محمد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما أسكر كثيره فقليله حرام"

(2)

.

6032 -

حدثنا الجيزي، قال ثنا أبو الأسود، قال أنا ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، ربيع قال: سمعت شيخًا، يحدث أبا تميم أنه سمع قيس بن سعد بن عبادة على المنبر يقول:

(1)

هذا الإسناد قد اختلف في تسمية، وليد بن عبدة فقد سماه محمد بن إسحاق هكذا، وسماه عبد الحميد بن جعفر وابن لهيعة في روايتهما، عن يزيد: عمرو بن الوليد لم يرو عنه غير يزيد بن أبي حبيب، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: مجهول.

وأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 2/ 518، وأبو داود (3685)، والبزار (2454)، والبيهقي 10/ 221 من طريق محمد بن إسحاق به.

وأخرجه أحمد (6478 - 6591)، ويعقوب / 519، والطبراني في الكبير قطعة من الجزء (13 - 20)، والبيهقي 1/ 221 - 222، و ابن عبد البر في التمهيد 11/ 248، 5/ 167 من طريقين عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد عن عبد الله بن عمرو به.

(2)

إسناده حسن.

وأخرجه أحمد (6674)، والنسائي في المجتبى 8/ 300، وابن ماجه (3394)، والدارقطني 4/ 245، والبيهقي 8/ 296 من طريق عبيد الله بن عمرو به.

وأخرجه عبد الرزاق (17007)، وأحمد (6558)، والبيهقي 3/ 296 من طريق عبد الله بن عمر و به، وعبد الله بن عمرو المكبر ضعيف وهو متابع.

ص: 385

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل مسكر حرام"

(1)

.

6033 -

حدثنا علي بن معبد، قال ثنا معلى بن منصور، قال: أنا إسماعيل بن جعفر، عن داود بن بكر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره فقليله حرام"

(2)

.

6034 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، عن عثمان بن مطر، عن أبي حريز، عن الشعبي، قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنهاكم عن كل مسكر"

(3)

.

6035 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن بحر، قال ثنا معتمر بن سليمان، قال، قرأت على فضيل بن ميسرة أبي معاذ، قال: حدثني أبو حريز، أن الشعبي حدثه، قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنه، يخطب على منبر الكوفة يقول: قال رسول الله

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة وابهام الشيخ.

وأخرجه أحمد 2/ 15482، وأبو يعلى (1436)، والطبراني في الكبير 18/ 898 من طريقين عن ابن لهيعة به.

(2)

إسناده حسن من أجل داود بن بكر.

وأخرجه أحمد في المسند (14703) وفي الأشربة (148)، وأبو داود (3681)، والترمذي (1865)، والبغوي 4/ 217 من طرق عن إسماعيل بن جعفر به.

وأخرجه ابن ماجه (3393)، وابن الجارود (860)، وابن حبان (5382)، والبيهقي 8/ 296 من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، عن داود بن بكر به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف عثمان بن مطر.

وأخرجه الدارقطني 4/ 253 من طريق عثمان بن مطر به.

ص: 386

صلى الله عليه وسلم: "أنهاكم عن كل مسكر"

(1)

.

6036 -

حدثنا مبشر بن الحسن، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال ثنا الحريش بن سليم الكوفي، عن طلحة اليامي، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام"

(2)

.

6037 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، قال: سمعت أبي يحدث، عن أبي موسى رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث أبا موسى ومعاذًا رضي الله عنهما إلى اليمن، قال أبو موسى إن شرابًا يصنع في أرضنا من العسل، يقال له: البتع، ومن الشعير يقال له: المزر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كل مسكر حرام"

(3)

.

(1)

إسناده حسن من أجل أبي حريز عبد الله بن حسين الأزدي وفضيل بن ميسرة فإنهما حسنا الحديث.

وأخرجه أبو داود (3677)، وابن حبان (5398)، والبيهقي 8/ 289 من طريق معتمر بن سليمان به.

وأخرجه أحمد في المسند (18407) وفي الأشربة (72)، وابن أبي شيبة 8/ 133، وأبو داود (3676)، والترمذي (1872)، وابن ماجه (3379)، والحاكم 4/ 148، والدارقطني 4/ 253، والبيهقي 8/ 289 من طرق عن الشعبي به.

(2)

إسناده حسن وحريش بن سليم روى عنه جمع وذكره ابن حبان في الثقات.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4978) بإسناده ومتنه.

وهو في مسند الطيالسي (498)، ومن طريقه أخرجه النَّسَائِي في المجتبى 8/ 298 - 299 وفي الكبرى (5112، 5107)، وأبو نعيم في الحلية 5/ 26.

وأخرجه أحمد في المسند (19728) وفي الأشربة (11) من طريق سليمان بن داود، عن حريش به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4972) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (497)، وأحمد في المسند (19673) وفي الأشربة (8)، والبخاري (4344 - 4345) مطولا=

ص: 387

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(1)

إلى أن حرموا قليل النبيذ وكثيره، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فأباحوا من ذلك ما لا يسكر، وحرموا الكثير الذي يسكر.

وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذه الآثار التي ذكرنا قد رويت عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن تأويلها يحتمل أن يكون كما ذهب إليه من حرم قليل النبيذ وكثيره، ويحتمل أن يكون على المقدار الذي يسكر منه شاربه خاصةً.

فلما احتملت هذه الآثار كل واحد من هذين التأويلين نظرنا فيما سواها، لنعلم به أي المعنيين أريد بما ذكرنا فيها.

فوجدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو أحد النفر الذين روينا عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"كل مسكر حرام".

= (6124، 7172)، ومسلم (1733)(70)(ص 1586)، والنسائي 8/ 298، وابن ماجه (3391)، وأبو عوانة 5/ 263، والبيهقي 8/ 291 من طرق عن شعبة به.

(1)

قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وطاووسا، ومجاهدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 21/ 405.

(2)

قلت أراد بهم: سويد بن غفلة، وزر بن حبيش، والحسن البصري، وعلقمة بن قيس، وعمرو بن ميمون، ومرة الهمداني، وعامر الشعبي، وابن أبي ليلى، وإبراهيم النخعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 21/ 406.

ص: 388

قد روي عنه في إباحة القليل من النبيذ الشديد ما قد

6038 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: حدثني إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن عمر رضي الله عنه أنه كان في سفر، فأتي بنبيذ، فشرب منه فقطب

(1)

، ثم قال: "إن نبيذ الطائف له عرام

(2)

"، فذكر شدةً لا أحفظها، ثم دعا بماء فصب عليه، ثم شرب

(3)

.

6039 -

حدثنا أبو بكرة، قال ثنا أبو داود، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال شهدت عمر حين طعن، فجاء الطبيب فقال: أي الشراب أحب إليك؟ قال: "النبيذ"، فأتي بنبيذ فشربه فخرج من إحدى طعنتيه

(4)

(5)

.

6040 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، عن عمرو بن ميمون

مثله، وزاد قال: عمرو وكان يقول: إنا نشرب من هذا النبيذ شرابًا يقطع به لحوم الإبل في بطوننا من أن يؤذينا، قال وشربت من نبيذه، فكان

(1)

من قطب وجهه إذا عبس.

(2)

بضم العين المهملة أي: شدة وقوة.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (24207) من طريق وكيع، عن الأعمش به.

(4)

في ن "طعناته".

(5)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (23875) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق به.

ص: 389

كأشد النبيذ

(1)

.

6041 -

حدثنا روح، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا زهير، قال: قال أبو إسحاق، عن عامر، عن سعيد بن ذي لَعْوَة، قال: أتي عمر رضي الله عنه برجل سكران فجلده، فقال: إنما شربت من شرابك، فقال:"وإن كان"

(2)

.

6042 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، قال: حدثني أبو إسحاق، عن سعيد بن ذي حُدان، أو ابن ذي لعوة، قال: جاء رجل قد ظمئ

(3)

إلى خازن عمر رضي الله عنه، فاستسقاه فلم يسقه، فأتي بسطيحة

(4)

لعمر، فشرب منها، فسكر، فأتي به عمر فاعتذر إليه وقال: إنما شربت من سطيحتك، فقال عمر رضي عنه: إنما أضربك على السكر، فضربه عمر

(5)

.

6043 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، قال: حدثني

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (23875) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق به.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة سعيد بن ذي لعوة.

وأخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ (ص 173) من طريق أبي إسحاق به.

(3)

أي: عطش.

(4)

قال ابن الأثير: السطيحة من المزاد: ما كان من جلدين قوبل أحدهما بالآخر فسطح عليه وتكون صغيرة وكبيرة وهي: من أواني المياه، وقال الجوهري: السطيحة المزادة.

(5)

إسناده كسابقه.

ص: 390

حبيب بن أبي ثابت، عن نافع عن ابن علقمة، قال: أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنبيذ تمر له، فصنع في بعض تلك المنازل، فأبطأه عليهم ليلةً، فأتي بطعام، فطعم، ثم أتي بنبيذ، قد أخلف واشتد، فشرب منه ثم قال: إن هذا الشديد، ثم أمر بماء فصب عليه، ثم شرب هو وأصحابه

(1)

.

6044 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج بن منهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا خالد الحذاء، عن أبي المعذل، عن ابن عمر، أن عمر رضي الله عنهما انتبذ له في مزادة فيها خمسة عشر، أو ستة عشر قائمة، فذاقه، فوجده حلوًا، فقال:"كأنكم أقللتم عكره"

(2)

.

6045 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: ثنا عقيل، عن ابن شهاب، أنه قال: أخبرني معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، أن أباه عبد الرحمن بن عثمان قال صحبت عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مكة شرفها الله

(1)

إسناده فيه ضعف الجهالة ابن علقمة، قال في كشف الأستار 3/ 537: روى عنه نافع لا أعرفه وبقية رجاله ثقات، وقد صححه العيني في النخب 21/ 419 هذا السند بناء على أنه نافع بن علقمة وهو وهم فيه، وراجع الإصابة 3/ 546، والصواب هو نافع بن جبير.

(2)

إسناده رجاله ثقات إلا أن فيه عطية أبو المعذل الطفاوي ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه خالد الحذاء وعوف بن أبي جميلة كما في المغاني 2/ 328 وجهله ابن حزم.

وأخرجه سعيد بن منصور كما في النخب 21/ 420 من طريق ابن علية، عن الحذاء به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (23979) من طريق وكيع، عن سفيان، عن خالد به.

ص: 391

فأهدى له ركب من ثقيف سطيحتين من نبيذ، والسطيحة: فوق الإداوة، ودون المزادة.

قال عبد الرحمن: فشرب عمر إحداهما، ولم يشرب الأخرى حتى اشتد ما فيه، فذهب عمر فشرب منه فوجده قد اشتد فقال:"اكسروه بالماء"

(1)

.

6046 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو اليمان، قال: ثنا شعيب، عن الزهري

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

قال: فلما ثبت بما ذكرنا عن عمر رضي الله عنه إباحة قليل النبيذ الشديد، وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل مسكر حرام، كان ما فعله من هذا دليلًا أن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول له ذلك عنده من النبيذ الشديد هو السكر منه لا غير، فأما أن يكون سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قولًا، أو رآه رأيًا.

فأقل ما يكون منه في ذلك أن يكون رآه رأيًا، فرأيه في ذلك عندنا حجة، ولا سيما إذ كان فعله المذكور في الآثار التي رويناها عنه بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليه منهم منكر، فدل ذلك على متابعتهم إياه عليه.

وهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو أحد النفر الذين رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم:"كل مسكر حرام". قد روي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.

وأخرجه البيهقي 8/ 305 من طريقين عن الزهري به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (23878) عن عبدة بن سليمان، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب به.

ص: 392

6047 -

حدثنا أبو أمية، قال ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن ليث، عن عبد الملك بن أخي القعقاع بن شوّر، عن ابن عمر قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب، فأدناه إلى فيه فقطب، فرده، فقال رجل: يا رسول الله أحرام هو؟ فرد الشراب، ثم دعا بماء فصبه عليه، ذكر مرتين أو ثلاثًا، ثم قال: "إذا اغتلمت

(1)

هذه الأسقية عليكم، فاكسروا متونها بالماء"

(2)

6048 -

حدثنا وهبان بن عثمان البغدادي، قال: ثنا أبو همام، قال: حدثني يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن إسماعيل بن أبي خالد، قال ثنا قرة العجلي، قال: حدثني عبد الملك بن أخي القعقاع، عن ابن عمر رضي الله عنهما

مثله

(3)

.

6049 -

حدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: حدثني أسباط بن محمد، عن الشيباني، عن عبد الملك بن نافع، قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما فقلت: إن أهلنا ينبذون نبيذًا في سقاء، لو أنهكته

(4)

لأخذ فيّ؟. فقال ابن عمر رضي الله عنهما: إنما البغي على من

(1)

أي: إذا جاوزت حدها الذي لا يسكر إلى حدها الذي يسكر.

(2)

إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم وعبد الملك بن نافع الشيباني الكوفي ابن أخي القعقاع بن شور.

وأخرجه النَّسَائِي في المجتبى 8/ 323 وفي الكبرى (5184) من طريق العوام، عن عبد الملك بن نافع، عن ابن عمر به.

(3)

إسناده ضعيف الجهالة قرة العجلي ولضعف عبد الملك بن نافع.

وأخرجه البيهقي 8/ 305 من طريق ابن أبي زائدة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة (23867) من طريق وكيع، عن إسماعيل به.

(4)

أي: لو بالغت في شربه وأكثرت منه لأخذني من شدته وقوته.

ص: 393

أراد البغي

(1)

، شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الركن فأتاه رجل بقدح من نبيذ. ثم ذكر مثل حديث أبي أمية، غير أنه قال: فاكسروها بالماء

(2)

.

ففي هذا إباحة قليل النبيذ الشديد. وأولى الأشياء بنا إذ كان قد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"كل مسكر حرام" أن يجعل كل واحد من القولين على معنى غير المعنى الذي عليه القول الآخر.

فيكون قوله: "كل مسكر حرام" على المقدار الذي يسكر من النبيذ، ويكون ما في الحديث الآخر على إباحة قليل النبيذ الشديد.

وقد روي عن أبي مسعود الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

6050 -

أخبرنا فهد قال: ثنا محمد بن سعيد قال: ثنا يحيى بن اليمان، عن سفيان، عن منصور، عن خالد بن سعد، عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: عطش النبي صلى الله عليه وسلم حول

(1)

البغي: مجاوزة الحد.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الملك بن نافع.

وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 324 وفي الكبرى (5185) من طريق أبي معاوية، عن أبي إسحاق الشيباني، عن عبد الملك به.

وأخرجه الدارقطني (4648) من طريق جرير، عن أبي إسحاق، عن مالك بن القعقاع به.

وأخرجه البيهقي 8/ 305 من طريق عبد الواحد، عن سليمان الشيباني، عن عبد الملك به.

ص: 394

الكعبة، فاستسقى، فأتي بنبيذ من نبيذ السقاية

(1)

، فشمه فقطب

(2)

، فصب عليه ماء من ماء زمزم، ثم شرب. فقال رجل: أحرام هو؟ فقال: "لا"

(3)

.

وقد روي في ذلك أيضا عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ما

6051 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يونس، قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ومعاذًا إلى اليمن فقلنا: يا رسول الله إن بها شرابين يصنعان من البر والشعير، أحدهما يقال له: المزر، والآخر يقال له: البتع، فما نشرب؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اشربا ولا تسكرا"

(4)

.

6052 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه أنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ومعاذًا إلى اليمن. فقلت: إنك

(1)

هو ما كانت قريش تسقيه الحجاج من الزبيب المنبوذ في الماء، وكان يليها العباس بن عبد المطلب في الجاهلية والإسلام.

(2)

أي عبس وجهه من التقطيب.

(3)

إسناده ضعيف لتفرد يحيى بن يمان.

وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 383 - 7/ 498، والنسائي في المجتبى 8/ 325 وفي الكبرى (5193)، والطبراني 17/ 675، والدارقطني (4695) والبيهقي 8/ 304 من طريق يحيى بن يمان به.

(4)

إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك به.

وأخرجه البخاري (4343، 6124)، ومسلم بإثر (2001)، وابن ماجة (3391) من طريق سعيد بن أبي بردة، عن أبي بردة به.

ص: 395

بعثتنا إلى أرض كثير شراب أهلها، فقال:"اشربا، ولا تشربا مسكرًا"

(1)

.

6053 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا الفضيل بن مرزوق، عن أبي إسحاق

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى ومعاذ رضي الله عنهما حين سألا عن البتع "اشربا ولا تسكرا أو لا تشربا مسكرًا" كان ذلك دليلًا أن حكم المقدار الذي يسكر من ذلك الشراب خلاف حكم ما لا يسكر منه.

فدل ذلك على أن ما ذكر أبو موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ذكرناه عنه في الفصل الأول من قوله: "كل مسكر حرام" إنما هو على المقدار الذي يسكر، لا على العين التي كثيرها يسكر.

وقد روينا حديث أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، في جواب النبي صلى الله عليه وسلم للذي سأله عن البتع بقوله:"كل شيء أسكر فهو حرام" فإن جعلنا ذلك على قليل الشراب الذي يسكر كثيره ضاد جواب النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ وأبي موسى الأشعري.

(1)

إسناده حسن كسابقه.

وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 298 وفي الكبرى (5086)، والبزار (3919) من طريق اسرائيل، عن أبي إسحاق به.

(2)

إسناده حسن من أجل الفضيل بن مرزوق.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 458، والنسائي في المجتبى 8/ 300 وفي الكبرى (5094)، وابن حبان (5377) من طريق سليمان بن أبي سليمان الشيباني، عن أبي بردة به.

ص: 396

وإن جعلناه على تحريم السكر خاصةً لا على تحريم الشراب في عينه وافق حديث أبي موسى، وأولى الأشياء بنا حمل الآثار على الوجوه التي لا تتضاد إذا حملت عليها.

وقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في ذلك أيضًا ما

6054 -

حدثنا ابن مرزوق قال ثنا محمد بن كثير، قال: أنا سفيان عن أبيه، عن لبيد بن شماس قال: قال عبد الله رضي الله عنه: إن القوم ليجلسون على الشراب، وهو يحل لهم، فما يزالون حتى يحرم عليهم

(1)

.

6055 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا حماد، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس أنه أكل مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عنه خبزًا ولحمًا، قال: فأتينا بنبيذ شديد نبذته امرأته سيرين في جرة خضراء فشربوا منه

(2)

.

6056 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا، نعيم وغيره، قالوا: أنا جرير، قال: أنا حجاج، عن حماد، عن إبراهيم عن علقمة، قال: سألت ابن مسعود رضي الله عنه عن قول

(1)

إسناده ضعيف لجهالة لبيد بن شماس.

وأخرجه ابن أبي شيبة (23881) عن أبي الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن شماس به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حزم 6/ 189 من طريق حماد بن سلمة به.

ص: 397

رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسكر، فقال:"الشربة الأخيرة"

(1)

.

فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قد روي عنه في إباحة قليل النبيذ الشديد من فعله، وقوله ما ذكرنا، ومن تفسير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل مسكر حرام" على ما وصفنا.

وقد روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ما يدل على هذا أيضًا.

6057 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا سفيان، عن علي بن بذيمة، عن قيس بن حبتر قال: سألت ابن عباس عن الجر الأبيض، والجر الأحمر، فقال: إن أول سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وفد عبد القيس، فقال:"لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت، ولا في النقير، واشربوا في الأسقية". فقالوا: يا رسول الله فإن اشتد في الأسقية؟ فقال: "صبوا عليه من الماء" وقال لهم في الثالثة أو الرابعة: "فأهريقوه"

(2)

.

6058 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا إسرائيل، عن علي بن بذيمة، عن قيس بن حبتر، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه سئل عن الجر

فذكر

(1)

إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد ولعنعنة حجاج بن أرطاة.

وأخرجه الدارقطني (4585) من طريق عمار بن مطر، عن جرير بن عبد الحميد، عن الحجاج به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد في المسند (2476) وفي الأشربة (192 - 193 - 194)، وأبو داود (3696)، وأبو يعلى (2729)، وابن حبان (5365)، والبيهقي 10/ 221 من طريق أبي أحمد الزبيري بهذا الإسناد.

ص: 398

مثل ذلك

(1)

.

ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباح لهم أن يشربوا من نبيذ الأسقية وإن اشتد.

فإن قال قائل: فإن في أمره إياهم بإهراقه يعد ذلك دليل على نسخ ما تقدم من الإباحة؟.

قيل له: وكيف يكون ذلك كذلك؟ وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما من كلامه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب.

وقد ذكرنا ذلك بإسناده فيما تقدم من هذا الكتاب، وهو الذي روى عنه صلى الله عليه وسلم ما ذكرت. فدل ذلك أن التحريم في الأشربة كان على الخمر بعينها، قليلها وكثيرها والسكر من غيرها.

فكيف يجوز على ابن عباس رضي الله عنهما مع علمه وفضله أن يكون قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوجب بعد تحريم النبيذ الشديد، ثم يقول: حرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب فيعلم الناس أن قليل الشراب من غير الخمر وإن كان كثيره يسكر حلال هذا غير جائز عليه عندنا.

ولكن معنى ما أراد بإهراق النبيذ في حديث قيس أنه لم يأمنهم عليه أن يسرعوا

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني (12598 - 12599)، والبيهقي 8/ 303 من طريق إسرائيل به.

ص: 399

في شربه، فيسكروا السكر المحرم عليهم، فأمرهم بإهراق ذلك.

وقد روي في مثل هذا أيضًا ما

6059 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عثمان بن الهيثم بن الجهم المؤذن، قال: ثنا عوف بن أبي جميلة، قال: حدثني أبو القموص زيد بن علي، عن أحد الوفد الذين وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وفد عبد القيس، إلا يكون قيس بن النعمان، فإني قد نسيت اسمه، إنهم سألوه عن الأشربة، فقال:"لا تشربوا في الدباء، ولا في النقير، واشربوا في السقاء الحلال الموكئ عليه، فإن اشتد منه فاكسروه بالماء فإن أعياكم فأهريقوه"

(1)

.

فإن قال قائل: قد رويت في هذا الباب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما ذكرت من حديث عمرو بن ميمون وغيره.

وقد روي عنه خلاف ذلك فذكر ما

6060 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب، عن الزهري، قال: حدثني السائب بن يزيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج فصلى على جنازة، ثم أقبل على القوم، فقال لهم: إني وجدت آنفًا من عبد الله بن عمر ريح شراب، فسألته عنه، فزعم أنه طلاء، وإني سائل عنه، فإن كان يسكر جلدته. قال: ثم شهدت عمر رضي الله

(1)

إسناده حسن من أجل أبي القموص زيد بن علي.

وأخرجه أحمد (17829)، وأبو داود (3695)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/ 297 - 298، وابن أبي عاصم

في الآحاد والمثاني (2934)، وابن قانع 2/ 346، والبيهقي 8/ 302 من طرق عن عوف الأعرابي به.

ص: 400

عنه بعد ذلك جلد عبيد الله ثمانين في ريح الشراب الذي وجد منه

(1)

.

6061 -

حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج عليهم فقال: إني وجدت من فلان ريح، شراب، فزعم أنه شراب الطلاء أنا سائل مما شرب، فإن كان يسكر جلدته، فجلده عمر رضي الله عنه الحد تاما

(2)

.

قال: فهذا عمر رضي الله عنه قد حد في الشراب الذي يسكر، فهذا يخالف لما رويتم عن عمرو بن ميمون وغيره عنه.

قيل له: ما هذا بمخالف لذلك، لأن عمر رضي الله عنه قال في هذا الحديث وأنا سائل عما شرب، فإن كان يسكر جلدته.

فقد يحتمل أن يكون أراد بذلك المقدار الذي شرب، أي: فإن كان ذلك المقدار يسكر فقد علمت أنه قد سكر، ووجب عليه الحد.

وهذا أولى ما حمل عليه تأويل هذا الحديث حتى لا يضاد ما سواه من الأحاديث

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2998) من طريق أبي اليمان به.

وأخرجه عبد الرزاق (17028) من طريق معمر، عن الزهري به.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 1/ 357، ومن طريقه أخرجه النسائي في المجتبى 8/ 326 وفي الكبرى (5708)، والدارقطني (4568)، والبيهقي 8/ 295.

ص: 401

التي قد رويت عن عمر رضي الله عنه. وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا في هذا ما

6062 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد بن موسى قال: ثنا مسلم بن خالد، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعامًا، فليأكل طعامه، ولا يسأل عنه، فإن سقاه شرابًا فليشرب منه، ولا يسأل عنه، فإن خشي منه، فليكسره بشيء"

(1)

.

ففي هذا الحديث إباحة شرب النبيذ الشديد.

فإن قال قائل: إنما أباحه بعد كسره بالماء، وذهاب شدته.

قيل له: هذا كلام فاسد لأنه لو كان في حال شدته حرامًا لكان لا يحل، وإن ذهبت شدته بصب الماء عليه.

ألا ترى أن خمرًا لو صب فيها ماء حتى غلب الماء عليها أن ذلك الماء حرام.

فلما كان قد أبيح في هذا الحديث الشراب الشديد إذا كسر بالماء ثبت بذلك أنه قبل أن يكسر بالماء غير حرام.

(1)

إسناده حسن في الشواهد من أجل مسلم بن خالد الزنجي.

وأخرجه أحمد (9184)، وأبو يعلى (6358)، والطبراني في الأوسط (301، 2461)، وابن عدي في الكامل 6/ 2311، والحاكم 4/ 126، والبيهقي في الشعب (5801)، والخطيب في التاريخ 3/ 87 - 88 من طرق عن مسلم بن خالد به.

ص: 402

فقد ثبت بما روينا في هذا الباب إباحة ما لا يسكر من النبيذ الشديد، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.

ص: 403

‌3 - باب الانتباذ

(1)

في الدباء

(2)

، والحنتم

(3)

، والنقير

(4)

، والمزفت

(5)

6063 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا القواريري، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان الثوري، عن سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي رضي الله عنه قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والمزفت"

(6)

.

6064 -

حدثنا علي بن معبد قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام الدستوائي، قال: ثنا أيوب، عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن نبيذ الجر، فقال: حرمه النبي صلى الله عليه وسلم. فأتيت ابن عباس رضي الله عنهما، فذكرت ذلك له، فقال: صدق، قلت: أي جر؟ قال: كل شيء من المدر

(7)

.

(1)

اتخاذ النبيذ لأنه افتعال من نبذت التمر ونحوه.

(2)

هي: القرعة.

(3)

بفتح الحاء وسكون النون وفتح التاء هي جرار مدهونة خضر كانت تحمل الخمر فيها إلى المدينة ثم اتسع فيها.

(4)

أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر، ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا مسكرا.

(5)

الوعاء المطلي بالزفت وهو نوع من القير.

(6)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (634)، والبخاري (5594)، والنسائي 8/ 305، وأبو يعلى (538) من طريق يحيى بن سعيد به.

وأخرجه مسلم (1994)، واالبزار (801)، وأبو يعلى (589) من طريقين عن الأعمش به.

(7)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 303 وفي الكبرى (5129) من طريق هشام الدستوائي.

وأخرجه أحمد (5090)، وابن حبان (5403) من طريقين عن أيوب به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 115، ومسلم (1997)(46)، وأبو داود (3690)، والنسائي في المجتبى 8/ 308، وفي =

ص: 404

6065 -

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا وهيب عن أيوب، عن رجل، عن سعيد بن جبير

مثله

(1)

.

6066 -

حدثنا علي بن معبد، قال ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا سفيان، عن علي بن بذيمة، قال حدثني قيس بن حبتر، قال: سألت ابن عباس عن الجر الأبيض والأحمر.

فقال: إن أول من سأل النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس، فقالوا: إنا نصيب من النخل، فقال:"لا تشربوا في الدباء، ولا في المزفت ولا في النقير، ولا في الجر"

(2)

.

6067 -

حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، عن يحيى البهراني، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما، يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت

(3)

.

6068 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا شعبة، وحماد بن سلمة، عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما، يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس عن

= الكبرى (5153)، وأبو عوانة 5/ 301، والبيهقي في السنن 8/ 308 من طريق منصور بن حبان، عن سعيد بن جبير به.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة الرجل.

وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 304 وفي الكبرى (5110) من طريق إسماعيل، عن أيوب، عن رجل، عن سعيد به.

(2)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه (6058).

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2713)، ومسلم (ص 1580)(42)، وأبو عوانة (313) من طرق عن شعبة به.

وأخرجه أحمد (3166) من طريقين عن شعبة، عن الحكم، عن يحيى، عن ابن عباس به.

ص: 405

الدباء، والحنتم، والنقير، في حديث شعبة وربما قال المقير والمزفت في حديثهما جميعًا.

وفي حديث شعبة: فاحفظوهن عني، وأخبروا بهن من وراءكم

(1)

.

6069 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن زيد، وأبو هلال، عن أبي جمرة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس عن الحنتم، والنقير، والمزفت، وفي حديث حماد والدباء

(2)

.

6070 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا أبي، عن يعلى بن حكيم، عن سعيد بن جبير قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر، فأتيت ابن عباس رضي الله عنهما، فقلت: ألا تسمع ما يقول ابن عمر؟ قال: وما يقول؟ قلت يقول: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجرّ، قال: صدق ابن عمر، حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (2747)، وابن أبي شيبة 11/ 6، 12/ 202، وأحمد (2020)، والبخاري (35، 87، 7266)، ومسلم (17)(24)، والنسائي 8/ 322، وابن خزيمة (307)، وابن حبان (172)، والطبراني (12949)، والبيهقي 6/ 294، والبغوي (20) من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح، وأبو هلال محمد بن سليم متابع.

وأخرجه البخاري (1398، 3095، 3510، 4369)، ومسلم (ص 1255)(39)، وأبو داود (3692)، والترمذي (2611)، وابن خزيمة (2245) من طرق عن حماد بن زيد به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5916)، ومسلم (1997)(47)، وأبو داود (3691)، والبيهقي في السنن 8/ 308 من طرق عن جرير به.

ص: 406

6071 -

حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت أبا الحكم، قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيذ، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر، والدباء، قال: وسألت ابن الزبير فقال: مثل ذلك،: قال وسألت ابن عمر فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر، والدباء، والمزفت. قال: وأخبرني أخي عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك

(1)

.

6072 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عطاء بن يسار عن ميمونة، وعن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تنبذوا في الدباء، والمزفت، والنقير، والجرار"

(2)

.

6073 -

حدثنا ابن مرزوق: قال ثنا عبد الصمد، عن شعبة عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: سألت عائشة رضي الله عنها عما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوعية التي

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 322 وفي الكبرى (5178) من طريق أبي عامر والنضر بن شميل ووهب بن جرير، عن شعبة به.

وأخرجه الطيالسي (16)، وأحمد (185)، والدارمي (2247 - 2250)، وأبو يعلى (1223) من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده حسن في الشواهد من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل.

وأخرجه أحمد في المسند (26823)، وإسحاق بن راهويه (948) من طريق أبي عامر العقدي به.

وأخرجه الطبراني في الكبير 23/ 1063 من طريق أبي حذيفة، عن زهير بن محمد به.

ص: 407

تنبذ فيها، فقالت:"المزفت"

(1)

.

6074 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن الأوعية التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: القرع، والمزفت، وهي جرار خضر

(2)

كان يجاء بها من مصر مزفتةً

(3)

.

6075 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن منصور، قال سمعت إبراهيم، يحدث عن الأسود، قال: سألت عائشة رضي الله عنها عما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوعية التي ينبذ فيها؟ فقالت: المزفت

(4)

.

6076 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد، عن شعبة، قال: سمعت منصورًا

فذكر بإسناده مثله. قال: قلت: فالجرار؟ قالت ما أنا بزائدك على ما قد سمعت

(5)

.

6077 -

حدثنا المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا شيبان أبو معاوية، عن الأشعث بن

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (25390)، والنسائي في الكبرى (6828)، وأبو عوانة 5/ 295 من طريق شعبة به.

(2)

في ن ج خد ن "حمر".

(3)

إسناده صحيح.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في الكبرى (6829)، وأبو عوانة 5/ 294 من طريق شعبة وحده، عن منصور به، ورواية أبي عوانة مقرونا بالأعمش.

وأخرجه أحمد (25669) من طريق سفيان وشعبة، عن منصور وسليمان وحماد، عن إبراهيم به.

(5)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

ص: 408

أبي الشعثاء، قال: حدثني عبد الله بن معقل المحاربي، قال: سمعت عائشة رضي الله عنها، تقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتبذ في الحنتم، والدباء، والمزفت

(1)

.

6078 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: حدثنا همام، قال: حدثني قتادة قال: حدثني أربعة رجال عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وحدثني خمس نسوة، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نبيذ الجر

(2)

.

6079 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا عبيد الله بن عمران، أو عمران بن عبيد الله قال: سمعت عبيد الله بن شماس، يقول: سألت عائشة رضي الله عنها فقالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحنتمة، وهي الجرة، وعن الدباء، والمزفت، والنقير

(3)

.

6080 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال ثنا سليمان بن معاذ، قال: ثنا

(1)

إسناده حسن في الشواهد من أجل عبد الله بن معقل المحاربي.

وأخرجه أحمد (24507) من طريق شيبان، عن الأشعث به.

(2)

إسناده ضعيف من أجل أربعة الرجال وخمس النسوة.

وأخرجه أبو يعلى (1212) من طريق عبد الصمد، عن همام به.

وأخرجه أحمد (11737، 24649) من طريق عفان، عن همام به.

(3)

حديث صحيح، وإسناده محتمل للتحسين من أجل عبيد الله بن عمران، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه شعبة وغيره، وقال أبو حاتم: شيخ مجهول.

وأخرجه أحمد (24656) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة به.

ص: 409

الأشعث، قال: سمعت حبة العرني، يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها، تقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت

(1)

.

6081 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا حماد بن زيد عن ثابت، قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما، أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر؟ فقال: قد زعموا ذلك

(2)

.

6082 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا هدبة بن خالد قال: أنا سليمان بن مغيرة عن ثابت قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر؟ قال: قد زعموا ذلك

(3)

.

6083 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب في بعض مغازيه، فانصرف قبل أن أبلغه،

(1)

إسناده ضعيف لضعف سليمان بن قرم بن معاذ.

وأخرجه أحمد (24814) من طريق حسين بن محمد، عن سليمان بن قرم به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1997)(50) من طريق يحيى بن يحيى به.

وأخرجه عبد الرزاق (16938)، وأحمد (4915) عن معمر، عن ثابت به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5423) من طريق عفان، عن سليمان بن المغيرة به.

ص: 410

فسألت ماذا قال؟ قالوا: نهى أن ينتبذ في الدباء والمزفت

(1)

.

6084 -

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو الوليد، قال ثنا شعبة، عن سليمان التيمي، عن طاوس، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر

(2)

.

6085 -

حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القرع والمزفت

(3)

.

6086 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا أبو خيثمة، عن أبي الزبير، عن جابر، وابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النقير، والدباء والمزفت

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 410، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 312، ومسلم (1997)(48 - 49).

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (5960)، والنسائي في المجتبى 8/ 303 وفي الكبرى (5125)، وأبو عوانة 5/ 299، والطبراني في الكبير (13451) من طرق عن شعبة به.

وأخرجه مسلم (1997)(53)، وأبو يعلى (5619)، وأبو عوانة 5/ 299 من طريق إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 475 من طريق أبي أسامة به.

وأخرجه أحمد (5789)، وأبو عوانة (5789) من طريق محمد بن عبيد، عن عبيد الله به.

(4)

رجاله ثقات إلا أن أبا الزبير لم يصرح بسماعه من جابر.

وأخرجه مسلم (1998)(59) من طريق يحيى بن يحيى به.

وأخرجه أحمد (6012)، وأبو عوانة 5/ 300 من طرق عن زهير بن معاوية به.

ص: 411

6087 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة (ح)

وحدثنا ابن مرزوق أيضًا، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا شعبة، عن عقبة وهو ابن حريث، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجر، والدباء، والمزفت، وأمر أن ينبذ في الأسقية

(1)

.

6088 -

حدثنا ابن مرزوق، قال ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء، والحنتم، والمزفت، قال: لا أدري، أذكر النقير أم لا؟

(2)

.

6089 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، قال: حدثني عمرو بن مرة عن زاذان قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أخبرني عما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه من الأوعية، وفسره لنا بلغتنا. قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحنتم، وهي التي تسمونها الجرة، ونهى عن الدباء، وهي التي تسمونها القرعة، ونهى عن المزفت، وهي المقيرة، ونهى عن النقير وهي النخلة تنسح نسحا

(3)

وتنقر نقرًا، وأمر أن تنبذ في

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1911)، وأحمد (5030)، ومسلم (1997)(55)، وأبو عوانة 5/ 296 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1934)، وابن أبي شيبة 7/ 475، وأحمد (5015)، ومسلم (1997)(54 - 57)، والنسائي في الكبرى (6826)، وأبو يعلى (5671)، وأبو عوانة 5/ 295 من طرق عن شعبة به.

(3)

أي تنحى قشرها، وقال الجوهري: والمعنى أن النخلة يزال قشرها ويملس ثم تنقر نقرا.

ص: 412

الأسقية

(1)

.

6090 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، عن حماد، عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والمزفت والنقير

(2)

.

6091 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا الحجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: قال لي أبو الزبير: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجر والمزفت والدباء، والنقير

(3)

.

6092 -

حدثنا علي، قال: ثنا الحجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو قزعة، أن أبا نضرة وحسنًا أخبراه أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه أخبرهما أن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا نبي الله، جعلنا الله فداك، ما يصلح لنا من الأشربة؟ قال:"لا تشربوا في النقير" قالوا: يا نبي الله، جعلنا الله فداك، لا ندري ما النقير؟ قال: "نعم،

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (1939)، وعبد الرزاق (16963)، وابن أبي شيبة 8/ 141، وأحمد (5191)، ومسلم (1997)(57)، والترمذي (1868)، والنسائي في المجتبى 8/ 308 وفي الكبرى (5155)، وأبو عوانة 5/ 289 - 290، والبيهقي 8/ 309 من طرق عن شعبة به.

(2)

إسناده صحيح على شرط مسلم وقد صرح أبو الزبير بالتحديث عند أحمد (4914).

وأخرجه أحمد (14843)، وأبو يعلى (1788) من طريقين عن حماد بن سلمة به.

(3)

إسناده صحيح على شرط مسلم، وابن جريج صرح بالتحديث عند النسائي وغيره.

وأخرجه عبد الرزاق (16935)، ومسلم (1998)(60)، والنسائي 8/ 309، وابن حبان (5410) من طرق عن ابن جريج به.

ص: 413

الجذع ينقر وسطه، ولا في الدباء، ولا في الحنتمة"

(1)

.

6093 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عياش الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن إسحاق، عن الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عما يصنع في الظروف المزفتة وفي الدباء، وقال:"كل مسكر حرام"

(2)

.

6094 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت التيمي .. يحدث عن أبي نضرة، عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نبيذ الجر

(3)

.

(1)

إسناده صحيح على شرط مسلم.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5616) بإسناده ومتنه.

وأخرجه عبد الرزاق (16929)، وأحمد في المسند (11544) وفي الأشربة (86)، ومسلم (18)(28)، والطبراني (5439) من طريقين عن ابن جريج به.

وفي النكت الظراف 3/ 465 عن أبي موسى المديني أن الحسن البصري ليس له في هذا الحديث رواية وإنا حدث به أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري بحضرة الحسن البصري.

(2)

إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق وهو مدلس.

وأخرجه أبو يعلى (3589) من طريق القواريري، عن عبد الأعلى به.

وأخرجه البزار (6318) من طريقين عن عبد الأعلى به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (5378) من طريق الطيالسي عن شعبة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 541، وأحمد في المسند (11065) وفي الأشربة (50)، ومسلم (1987)(20)، والترمذي (1877)، وأبو يعلى (1177)، وأبو عوانة 5/ 297 - 298 من طرق عن سليمان التيمي به.

ص: 414

6095 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا أبو زيد النحوي، عن سليمان التيمي

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

6096 -

حدثنا يونس، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء، والمزفت أن ينبذ فيهما

(2)

.

6097 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: أنا شعبة، قال: أخبرني سليمان الشيباني، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر الأخضر، قال: قلت: فالأبيض؟ قال: لا أدري

(3)

.

6098 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب وسعيد بن عامر، قالا: ثنا شعبة عن

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (1992)(30)، والنسائي في المجتبى 8/ 305 وفي الكبرى (5119) من طريق قتيبة عن ليث به.

وأخرجه أحمد (12071)، والدارمي (2110)، والبخاري (5587)، والنسائي 8/ 305، وأبو عوانة 5/ 311 - 312 - 313، والطبراني في الأوسط (376)، والبيهقي 8/ 308 - 309 من طرق عن الزهري به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه الطيالسي (814)، وأحمد (19103)، والنسائي في المجتبى 8/ 304 وفي الكبرى (5131)، والبغوي في الجعديات (707) من طرق عن شعبة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 124، والبخاري (5596)، وابن حبان (5402)، والبيهقي 8/ 309 من طرق عن الشيباني به.

ص: 415

سليمان الشيباني، عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

6099 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، عن أبي شمر الضبعي، قال: سمعت عائذ بن عمرو رضي الله عنه، يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء، والنقير، والمزفت، والحناتم

(2)

.

6100 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أبي التياح، عن حفص الليثي، عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحنتم

(3)

.

6101 -

حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا هشام بن حسان، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس عن الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت والمزادة

(4)

المجبوبة. وقال: انتبذ في سقائك،

(1)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.

(2)

إسناده محتمل للتحسين من أجل أبي شمر الضبعي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 478، والطيالسي (1297)، وأحمد (20638)، والطبراني في الكبير 18/ 29/ 2 من طرق عن شعبة به.

(3)

إسناده ضعيف لجهالة حفص بن عبد الله الليثي.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 123 - 351 - 352، وأحمد (19980)، والطبراني في الكبير 18/ 491، والمزي في ترجمة حفص الليثي من تهذيبه 7/ 21 - 22 من طرق عن حماد بن سلمة به. وأخرجه الترمذي (1738)، والنسائي في المجتبى 8/ 170 وفي الكبرى (9434)، وابن حبان (5406) من طريق عبد الوارث بن سعيد أبي التياح به.

(4)

بالجيم من الجب، وهو: القطع واراد بها المزادة التي قطع رأسها وليس لها عزلاء من أسفلها يتنفس منها الشراب.

ص: 416

واشربه حلوًا طيبًا. فقال له رجل: أتأذن لي في مثل هذه؟ وأشار بيده، وفرج بينهما فقال: إذًا تجعلها مثل هذه. وأشار بيده أكثر من ذلك

(1)

.

6102 -

حدثنا علي بن معبد قال: ثنا سريج بن النعمان الجوهري، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، أخبره أبو سلمة، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنتبذوا في الدباء، ولا في المزفت". ثم يقول أبو هريرة: اجتنبوا الحناتم والنقير

(2)

.

6103 -

حدثنا ابن أبي داود، قال ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت الأوزاعي يقول: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة، قال: حدثني أبو هريرة ضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجرار المزفتة، والدباء

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (10373) من طريق يزيد بن هارون به.

وأخرجه النسائي 8/ 309، وابن حبان (5401) من طريقين عن هشام به.

وأخرجه مسلم (1992)(33)، وأبو داود (3693)، وأبو يعلى (6077)، وابن حبان (5405)، والدارقطني 4/ 258، والبيهقي 8/ 309 من طريق عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي 2/ 94، والحميدي (1081)، ومسلم (1993)، والنسائي في المجتبى 8/ 305 وفي الكبرى (5120)، والبيهقي 8/ 309 من طريق سفيان بن عيينة به.

(3)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عمرو بن أبي سلمة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 120، وأحمد (10971)، والنسائي في المجتبى 8/ 306 وفي الكبرى (5125 - 6794)، وابن ماجة (3408)، وابن حبان (5404) من طرق عن الأوزاعي به.

ص: 417

6104 -

حدثنا فهد، قال: ثنا النفيلي، قال: ثنا زهير قال: ثنا أبو إسحاق، قال: أنبأني مجاهد، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننتبذ في الدباء والمزفت

(1)

.

6105 -

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال: ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجرار، والدباء، والظروف المزفتة

(2)

.

6106 -

حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينتبذ في الدباء والمزفت

(3)

.

6107 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شبابة بن سوار قال: ثنا شعبة، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(4)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه البزار كما في النخب 21/ 487 عن روح بن عبادة، عن شعبة، عن أبي إسحاق به.

وأخرجه أبو يعلى (6128) من طريق حميد الرؤاسي بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي إسحاق به.

(2)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه (6103).

(3)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 843 - 844، ومن طريقه أخرجه أحمد (10667)، وابن عبد البر في التمهيد 20/ 237.

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 475، والترمذي في العلل 6/ 254، والنسائي في المجتبى 8/ 305 وفي الكبرى (5118) من طرق عن شبابة بن سوار به.

ص: 418

6108 -

حدثنا علي، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن وقاء بن إياس، عن علي بن ربيعة عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء، والحنتم، والمزفت

(1)

.

6109 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو، عن عبد الله بن الديلمي، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم حين نزل تحريم الخمر، فقلت: يا رسول الله! إنا أصحاب أعناب وكرم، وقد أنزل تحريم الخمر، فماذا نصنع بها؟ فقال:"تتخذونه زبيبًا" قالوا: يا رسول الله! نصنع بالزبيب ماذا؟ قال: "تصنعونه على غدائكم وتشربونه على عشائكم، وتصنعونه على عشائكم وتشربونه على غدائكم". قالوا: يا رسول الله! ألا نؤخره حتى يشتد؟ قال: "لا تجعلوه في القلال والدباء"

(2)

.

(1)

إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل وقاء بن إياس.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 474، وأحمد (20186)، وعبد الله بن أحمد في زياداته (20187)، والطبراني في الكبير (6758) وابن عدي في الكامل 7/ 2551 من طرق عن عبد الله بن المبارك به.

(2)

إسناده حسن، إسماعيل بن عياش وهو الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده وهذا الحديث منها، وهو متابع.

وأخرجه أحمد (18042)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2679)، وابن قانع 2/ 327 - 328، والطبراني 18/ 846 من طرق عن إسماعيل بن عياش به.

وأخرجه الدارمي (2108)، وابن أبي عاصم (2680)، والنسائي 8/ 332، والطبراني في الكبير 18/ 847، وفي مسند الشاميين (870) من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرو به.

ص: 419

قال أبو جعفر فذهب قوم

(1)

إلى أن الانتباذ في الدباء، والنقير، والحنتم، والمزفت، حرام، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون

(2)

، فأباحوا الانتباذ في الأوعية كلها وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذه الآثار التي رويناها منسوخة كلها. فمما روي في نسخها ما.

6110 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، قال: ثنا عبد الوارث، قال: حدثني علي بن زيد: قال حدثني النابغة بن مخارق بن سليم، قال: حدثني أبي، أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني كنت نهيتكم عن الأوعية، فاشربوا في ما بدا لكم، وإياكم وكل مسكر"

(3)

.

6111 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن ربيعة بن نابغة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(4)

.

(1)

قلت أراد بهم: عمر بن عبد العزيز، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، وجابر بن زيد، ومالك بن أنس، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 21/ 496.

(2)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، ومحمد بن الحنفية، ومسروقا، والأسود، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وشريحا، وأبا حنيفة، والشافعي، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 21/ 497.

(3)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان ولجهالة النابغة بن مخارق، قال كشف الاستار: 3/ 106 قال الحسيني: مجهول، وقال ابن حجر في اللسان: لا أعرف حاله، وقال ابن حجر في التعجيل ص 418: مخارق بن سليم، أخرج له النسائي، وذكر صاحب التهذيب أنه روى عنه ولداه قابوس وعبد الله ولم يذكر نابغة.

(4)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان ولجهالة ربيعة بن النابغة وأبيه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 111 - 160، وأحمد (1236)، وأبو يعلى (278)، وابن عدي في الكامل 3/ 1019 من طريق =

ص: 420

6112 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال حدثنا حجاج، قال حدثنا حماد

فذكر بإسناده مثله

(1)

.

6113 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال: ثنا ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله وزاد: ألا إن وعاءً لا يحرم شيئًا

(2)

.

6114 -

حدثنا حسين بن نصر: قال سمعت يزيد بن هارون قال: ثنا حماد بن زيد، قال: ثنا فرقد السبخي، قال: ثنا جابر بن يزيد، أنه سمع مسروقًا يحدث، عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل حديث علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

6115 -

حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا محمد بن الصباح الدولابي، قال: ثنا شريك، عن

= يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة به.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

(2)

إسناده ضعيف، ابن جريج مدلس وقد عنعن، وأيوب بن هاني الكوفي جهله ابن عدي وضعفه ابن معين، وقال الذهبي في الكاشف: صدوق.

وأخرجه ابن ماجة (1571) بنفس السند.

وأخرجه ابن ماجة (3388)، وأبو يعلى (5079)، والشاشي (397)، وابن حبان (981)، والطبراني في الكبير (10304)، وابن عدي 1/ 351، والبيهقي في السنن 4/ 77 - 8/ 311 من طريق عبد الله بن وهب به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف فرقد السبخي وجابر بن يزيد هكذا ورد غير منسوب، ولعله الجعفي، قال العيني في النخب 21/ 502: وليس هو جابر الجعفي، قاله ابن أبي حاتم ثم قال: سئل أبو زرعة عنه فقال: لا يعرف.

وأخرجه أحمد (4319)، وأبو يعلى (5299) من طريق يزيد بن هارون به.

ص: 421

زياد بن فياض، عن أبي عياض عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأوعية فقال: "لا تنتبذوا في الدباء، والحنتم، والنقير"، فقال أعرابي: لا ظروف لنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اشربوا ما حل لكم، واجتنبوا كل مسكر"

(1)

.

6116 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد قال: ثنا يحيى القطان، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأوعية قالت الأنصار: إنه لا بد لنا منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فلا، إذًا"

(2)

.

6117 -

حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أنا نافع بن يزيد، قال حدثني أبو حزرة يعقوب بن مجاهد، قال: أخبرني عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إني كنت نهيتكم أن تنتبذوا في الدباء، والحنتم، والمزفت، فانتبذوا، ولا أحل مسكرًا"

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله.

وأخرجه أحمد (6979)، وأبو داود (3700، 3701)، والبيهقي في السنن 8/ 310 من طرق عن شريك به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (14244)، والبخاري بإثر (5592) تعليقا، وأبو داود (3699)، وابن حزم في المحلى 7/ 515 من طريق يحيى القطان به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 519، والبخاري (5592)، والترمذي (1870)، والنسائي في المجتبى 8/ 312 وفي الكبرى (5146)، والبيهقي 8/ 310 من طريقين عن سفيان الثوري به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو عوانة (7955)، والبيهقي 8/ 310 من طريق ابن أبي مريم به.

ص: 422

6118 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال حدثني أسامة بن زيد، أن محمد بن يحيى بن حبان أخبره، أن واسع بن حبان حدثه أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه حدثه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

نحوه

(1)

.

6119 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن معبد، ويحيى بن عبد الحميد قالا: ثنا أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي، عن سماك بن حرب، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن أبي بردة بن نيار الأنصاري رضي الله عنه، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني كنت نهيتكم عن الشرب في الأوعية، فاشربوا فيما بدا لكم، ولا تسكروا"

(2)

.

6120 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم النبيل، قال: ثنا سفيان الثوري، عن

(1)

إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4744) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الحاكم 1/ 374، والبيهقي 4/ 77 من طريقين عن عبد الله بن وهب به.

وأخرجه أحمد (11329)، وعبد بن حميد في المنتخب (985) من طريق ابن المبارك، عن أسامة به.

(2)

حديث منكر قاله النسائي، وإسناده ضعيف: قال النسائي غلط فيه أبو الأحوص سلام بن سليم، لا نعلم أن أحدا تابعه عليه من أصحاب سماك بن حرب وسماك ليس بالقوي، وكان يقبل التلقين، قال أحمد بن حنبل: كان أبو الأحوص يخطئ في هذا الحديث.

وأخرجه الطيالسي (1466)، وابن أبي شيبة 7/ 516 - 517، والنسائي في المجتبى 8/ 319 وفي الكبرى (5167)، والطبراني 22/ 198 - 199 - 522، والدارقطني 4/ 259 من طرق عن أبي الأحوص به.

ص: 423

علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

نحوه

(1)

.

6121 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد قال: ثنا زهير بن معاوية، عن زبيد، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

6122 -

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم (ح)

وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قالا: ثنا معروف بن واصل، قال: حدثني محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

ومثله

(3)

.

6123 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا زهير بن

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4745) بإسناده ومتنه.

وأخرجه مسلم 3/ 1564 (37)، 3/ 1858 (64)، والترمذي مقطعا (1054، 1510، 1869)، والحازمي في الاعتبار (ص 288) من طرق عن أبي عاصم به.

وأخرجه أحمد (23016)، ومسلم (977)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (2082)، وأبو عوانة (7879 - 7880 - 7881) من طرق عن سفيان الثوري به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه أحمد (23003)، ومسلم (977)، والنسائي 7/ 234 - 8/ 311، والطحاوي في شرح المشكل (4743)، وأبو عوانة (7882)، وابن حبان (5390)، والبيهقي 4/ 76، والحاكم 1/ 376 من طرق عن زهير به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود (3235) من طريق أحمد بن يونس، عن معروف به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 462، ومن طريقه مسلم (977) عن وكيع، عن معروف به.

ص: 424

معاوية، عن زبيد اليامي، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، قال زهير: أراه عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

نحوه

(1)

.

6124 -

حدثنا فهد، قال ثنا أبو نعيم، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، وغيره، عن عبد الله بن المغفل رضي الله عنه، قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهى عن نبيذ الجر، وشهدته حين أمر بشربه، وقال: اجتنبوا السكر

(2)

.

6125 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال ثنا حماد، قال أنا خالد الحذاء، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما قفل وفد عبد القيس قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل امرئ حسيب نفسه، لينتبذ كل قوم فيما بدا لهم"

(3)

.

فثبت بهذه الآثار نسخ ما تقدمها مما قد روينا في هذا الباب من تحريم الانتباذ في الأوعية المذكورة فيها.

وثبت إباحة الانتباذ في الأوعية كلها، وهذا كله قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

(1)

إسناده صحيح وهو مكرر سابقه (6121).

(2)

إسناده ضعيف، أبو جعفر الرازي سيئ الحفظ ..

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 110، وأحمد (16804) من طريق وكيع، عن أبي جعفر به.

(3)

إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب.

وأخرجه أحمد (8052) من طريق حماد بن سلمة به.

وأخرجه أبو يعلى (6399) من طريق وهب بن بقية، عن خالد الحذاء به.

ص: 425

ومما يدل على ذلك أيضًا أن

6126 -

فهدا حدثنا، قال: ثنا أبو نعيم، قال ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: دخلت على أنس رضي الله عنه، فرأيت نبيذه في جرة خضراء

(1)

.

6127 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، قال: دخلت على أنس بن مالك رضي الله عنه بواسط القصب

(2)

، فرأيت نبيذه في جرة خضراء، ينتبذ له فيها

(3)

.

فهذا أنس بن مالك رضي الله عنه ينتبذ في الظروف، وهو أحد من روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن الانتباذ فيها، فدل ذلك على ثبوت نسخ ذلك عنده، والله أعلم.

(1)

إسناده ضعيف أبو جعفر الرازي سيء الحفظ.

(2)

هي مدينة اختطها الحجاج بين الكوفة والبصرة في أرض كسكر، وهي نصفان على شطي دجلة، وبينهما جسر من سفن.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة (23910) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن ثعلبة، عن أنس به.

ص: 426

‌26 - كتاب الكراهة

‌1 - باب حلق الشارب

6128 -

حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا حماد بن سلمة (ح)

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عفان قال: ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سلمة بن محمد، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفطرة عشرة

فذكر قص الشارب"

(1)

.

6129 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا وكيع عن زكريا، عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان وسلمة بن محمد بن عمار ثم إنه منقطع لأن سلمة لم يسمع من عمار.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (684) بإسناده ومتنه.

وأخرجه الطيالسي (641)، وأبو عبيد في الطهور (283)، وابن أبي شيبة 1/ 195، وأحمد (18327)، وابن ماجة (294)، وأبو يعلى (1627)، والشاشي (1043 - 1044)، والبيهقي في السنن 1/ 53 من طرق عن حماد بن سلمة به.

وأخرجه أبو داود (54) من طريق حماد عن علي بن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال موسى عن أبيه وقال داود عن عمار بن ياسر، قال المنذري في المختصر: حديث سلمة بن محمد عن أبيه مرسل.

(2)

إسناده ضعيف مصعب بن شيبة بن جبير العبدري ضعيف انفرد برفعه، وقال الحافظ في التلخيص 1/ 77 بعد عزوه لمسلم وصححه ابن السكن وهو معلول.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (685) بإسناده ومتنه. =

ص: 427

6130 -

حدثنا عبد الغني بن رفاعة بن أبي عقيل ويونس قالا: ثنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الفطرة خمس

" ثم ذكر مثله

(1)

.

6131 -

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا المسعودي، عن أبي عون الثقفي عن المغيرة بن شعبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا طويل الشارب فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعا بسواك وشفرة، فقص شارب الرجل على عود السواك

(2)

.

= وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 195، 8/ 567، 568 وإسحاق بن راهويه (547)، وأحمد (25060)، ومسلم (261)(56)، وأبو داود (53)، والترمذي (547)، والنسائي في المجتبى 8/ 126 وفي الكبرى (9286)، وابن ماجة (293)، وأبو يعلى (4517)، وابن خزيمة (88)، وأبو عوانة 1/ 190 - 191، والدارقطني 1/ 94 - 95، والبيهقي 1/ 36 - 52، والبغوي (205) من طريق وكيع به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (683) بإسناده ومتنه. دون طريق عبد الغني.

وأخرجه مسلم (257)(50)، والنسائي 7/ 13 - 14، وأبو عوانة 1/ 190، وابن حبان (5480)، وتمام في فوائده (158)، والبيهقي 3/ 244 - 8/ 323 من طريق يونس عن الزهري به.

وأخرجه أحمد (7139)، والبخاري (5891، 6297)، والنسائي 1/ 14، 8/ 181، وابن حبان (5479)، وأبو عوانة 1/ 190 من طريق الزهري به.

(2)

إسناده ضعيف، والمسعودي لم نتبينه أن عبد الرحمن بن زياد روى عن المسعودي قبل الاختلاط أم بعده، وأبو عون لم يدرك المغيرة.

وأخرجه الطيالسي (733)، ومن طريقه البيهقي 1/ 150 عن المسعودي به.

ص: 428

6132 -

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا المسعودي، قال: ثنا محمد بن عبيد الله، عن المغيرة بن شعبة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم طويل الشارب، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعا بسواك، ثم دعا بشفرة، فقص شارب الرجل على سواك

(1)

.

6133 -

حدثنا بكار، قال: ثنا إبراهيم بن أبي الوزير (ح)

وحدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قالا: ثنا سفيان عن مسعر، عن أبي صخرة جامع بن شداد المحاربي، عن المغيرة بن عبد الله، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاربي على سواك

(2)

.

قال أبو جعفر: فذهب قوم

(3)

من أهل المدينة إلى هذه الآثار، واختاروا لها قص الشارب على إحفائه.

(1)

إسناده صحيح، وعبد الله بن رجاء سمع عن المسعودي قبل اختلاطه.

(2)

إسناده حسن من أجل مغيرة بن عبد الله اليشكري.

وأخرجه أحمد (18212)، وأبو داود (188)، والترمذي في الشمائل (168)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1550) مختصرا، والنسائي في الكبرى (6655)، والطبراني في الكبير 20/ 1058، وابن عبد البر في التمهيد 24/ 144 من طرق عن مسعر به.

(3)

قلت أراد بهم: سالما، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وجعفر بن الزبير، عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام رحمهم الله، كما في النخب 22/ 14.

ص: 429

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

فقالوا: بل يستحب إحفاء الشوارب ونراه أفضل من قصها. واحتجوا في ذلك.

6134 -

بما حدثنا محمد بن علي بن محرز، قال: ثنا يحيى بن أبي بكير قال: ثنا الحسن بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجز شاربه، وكان إبراهيم صلى الله عليه وسلم يجز شاربه

(2)

.

6135 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال: حدثني مالك، عن أبي بكر بن نافع، عن أبيه (ح)

وحدثنا محمد بن عمرو بن يونس، قال: ثنا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى"

(3)

.

(1)

قلت أراد بهم: جمهور السلف، منهم: أهل الكوفة، ومكحول، ومحمد بن عجلان، ونافع مولى ابن عمر، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله، كما في النخب 22/ 15.

(2)

إسناده ضعيف من أجل سماك، فإن روايته عن عكرمة مضطربة.

وأخرجه أحمد (2738)، وأبو يعلى (2715)، والطبراني (11725) من طرق عن يحيى بن أبي بكير به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 567، والترمذي (2760) من طريقين عن سماك به.

(3)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 2/ 535، ومن طريق مالك أخرجه مسلم (259)(53)، وأبو داود (4199)، والترمذي (2764)، وأبو عوانة 1/ 189، وابن حبان (5475)، والبيهقي 1/ 151، والبغوي (3193).

وأخرجه مسلم (259)(52)، والترمذي (2763)، وأبو عوانة 1/ 189 من طريق عبد الله بن نمير به.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 564، والبخاري (5893)، والبيهقي في الشعب (6432) من طريق عبدة، عن عبيد الله به.

ص: 430

6136 -

(ح) وحدثنا ابن أبي عقيل قال: ثنا ابن وهب قال: حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثله

(1)

.

6137 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا حبان بن هلال، قال: ثنا أبو جعفر المديني، قال: ثنا عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم وزاد: ولا تشبهوا باليهود

(2)

.

6138 -

حدثنا يزيد، قال ثنا ابن أبي مريم قال ثنا محمد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جزوا الشوارب، وأعفوا

(3)

اللحى"

(4)

.

(1)

حديث صحيح رجاله ثقات لكن وقع في إسناده اختلاف بين الرواة عن مالك فمنهم من ذكره كما ها هنا عن نافع وجماعة أصحابه رووه عنه عن أبي بكر بن نافع كما سبق وهو الصحيح كما قال الدارقطني في العلل وابن عبد البر في التمهيد 24/ 142.

وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد 24/ 124 من طريق أحمد بن سعيد عن ابن وهب وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 2/ 67، 278 من طريق النعمان بن عبد السلام وأحمد (6456) من طريق حماد، كلهم عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر به.

(2)

إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن جعفر أبي جعفر المديني.

وأخرجه البزار كما في النخب 22/ 23 من طريق الحسن بن أبي جعفر، عن عبد الله به.

(3)

في س ن "وأرخوا".

(4)

إسناده صحيح.

وأخرجه مسلم (260)، وأبو عوانة 1/ 188 من طريق محمد بن جعفر به.

وأخرجه أحمد (8785)، والبيهقي 1/ 150 من طريق سليمان بن بلال، عن العلاء به.

ص: 431

6139 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى

(1)

.

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بإحفاء الشوارب، فثبت بذلك الإحفاء على ما ذكرنا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

وفي حديث ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم، "جزوا الشوارب" فذاك يحتمل أن يكون جزًا معه الإحفاء، ويحتمل أن يكون على ما دون ذلك، فقد ثبت معارضة حديث ابن عمر بحديث أبي هريرة، وعمار، وعائشة الله رضي عنهم، الذي ذكرنا في أول هذا الباب.

وأما حديث المغيرة، فليس فيه دليل على شيء، لأنه يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، ولم يكن بحضرته مقراض يقدر على إحفاء الشارب، ويحتمل أيضا حديث عمار وعائشة، وأبي هريرة رضي الله عنهم في ذلك معنى آخر، يحتمل أن تكون الفطرة هي التي لا بد منها، وهي قص الشارب، وما سوى ذلك فعل حسن.

فثبتت الآثار كلها التي رويناها في هذا الباب ولا تتضاد، ويجب بثبوتها أن الإحفاء أفضل من القص. وهذا معنى هذا الباب من طريق الآثار.

(1)

إسناده حسن في المتابعات من أجل عمر بن أبي سلمة.

وأخرجه أحمد (7132)، وابن عدي في الكامل 5/ 1698 من طريق هشيم به.

وأخرجه أحمد (8672)، والترمذي (1752)، وأبو يعلى (6021) من طريق أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة به.

ص: 432

وأما من طريق النظر، فإنا رأينا الحلق قد أمر به في الإحرام، ورخص في التقصير. فكان الحلق أفضل من التقصير، وكان التقصير من شاء فعله، ومن شاء زاد عليه، إلا أنه يكون بزيادته عليه أعظم أجرا ممن قصّ.

فالنظر على ذلك أن يكون كذلك حكم الشارب قصه حسن، وإحفاؤه أحسن وأفضل. وهذا مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله.

وقد روي عن جماعة من المتقدمين

6140 -

ما قد حدثنا ابن أبي عقيل قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني إسماعيل بن عياش، قال: حدثني إسماعيل بن أبي خالد، قال: رأيت أنس بن مالك وواثلة بن الأسقع رضي الله عنهما يحفيان شواربهما ويعفيان لحاهما، ويصفرانها.

قال إسماعيل: وحدثني عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع المدني، قال: رأيت عبد الله بن عمر، وأبا هريرة، وأبا سعيد الخدري، وأبا أسيد الساعدي، ورافع بن خديج، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهم، يفعلون ذلك

(1)

.

6141 -

حدثنا محمد بن النعمان قال: ثنا أبو ثابت، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، قال: رأيت أبا سعيد الخدري، وأبا أسيد، ورافع بن

(1)

إسناده ضعيف لرواية إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين، وهو إسماعيل بن أبي خالد الكوفي وعثمان بن عبيد الله بن رافع المدني.

وأخرجه البيهقي في الشعب (6030) من طريق ابن وهب به.

ص: 433

خديج، وسهل بن سعد وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله وأبا هريرة رضي الله عنهم يحفون شواربهم

(1)

.

6142 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: ثنا عاصم بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان يحفي شاربه حتى يرى بياض الجلد

(2)

.

6143 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا حامد بن يحيى، قال: ثنا سفيان، عن إبراهيم بن محمد بن حاطب، قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنهما يحفي شاربه

(3)

.

6144 -

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، قال: أنا شريك، عن عثمان بن إبراهيم الحاطبي، قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنهما يحفي شاربه، كأنه ينتفه

(4)

.

(1)

رجاله ثقات غير شيخ الطحاوي.

(2)

إسناده صحيح.

(3)

إسناده صحيح.

(4)

إسناده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله، وعثمان بن إبراهيم الحاطبي، قال الذهبي في الميزان: له ما ينكره، وقال أبو حاتم: روى عن أبيه أحاديث منكرة.

وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 277، وابن سعد 4/ 176، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (743)، وأبو الفضل الهروي في حديثه 5/ 2 من طرق عن عثمان به.

وأخرجه البيهقي في الشعب (6028) من طريق سفيان به.

ص: 434

6145 -

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا وهب قال ثنا شعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أنه كان يحفي شاربه

(1)

.

6146 -

حدثنا يونس قال: ثنا عبد الله بن يوسف، عن ابن لهيعة، عن عقبة بن مسلم، قال: ما رأيت أحدا أشد إحفاء لشاربه من ابن عمر، كان يحفيه حتى إن الجلد ليرى

(2)

.

فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانوا يحفون شواربهم، وفيهم أبو هريرة، وهو ممن روينا عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من الفطرة قص الشارب.

فدل ذلك أن قص الشارب من الفطرة، وهو مما لا بد منه، وأن ما بعد ذلك من الإحفاء، هو أفضل، وفيه من إصابة الخير ما ليس في القص

(1)

إسناده صحيح.

(2)

إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.

ص: 435

‌2 - باب: استقبال القبلة بالفروج للغائط والبول

6147 -

حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، سمع أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تستقبلوا القبلة لغائط، ولا لبول، ولكن شرقوا أو غرّبوا". فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو القبلة، فننحرف عنها، ونستغفر الله

(1)

.

6148 -

حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال: ثنا يونس عن ابن شهاب

فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر قول أبي أيوب: فقدمنا الشام

إلى آخر الحديث

(2)

.

6149 -

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أبو مصعب، قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جارية، أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه

ثم ذكر مثله، وذكر كلام أبي أيوب أيضًا

(3)

.

(1)

إسناده صحيح.

وأخرجه الشافعي في المسند 1/ 28، والحميدي (378)، والدارمي (665)، وأحمد (23579)، والبخاري (394)، ومسلم (264)، وأبو داود (9)، والترمذي (8)، والنسائي في المجتبى 1/ 22 - 23، وابن خزيمة (57)، وأبو عوانة (505)، والشاشي (1113)، والطبراني (3937)، والبيهقي،1/ 91، وابن عبد البر في التمهيد 1/ 304، والبغوي (174) من طرق عن سفيان بن عيينة به.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن ماجة (318) من طريق عبد الله بن وهب به.

وأخرجه أحمد (23524)، والنسائي 1/ 23، وابن حبان (1417)، والطبراني في الكبير (3936)، وفي الأوسط (1365) من طريق معمر، عن الزهري به.

(3)

إسناده صحيح. =

ص: 436

6150 -

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن رافع بن إسحاق، مولى لآل الشفاء -امرأة-، وكان يقال له مولى أبي طلحة أنه سمع أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه يقول وهو بمصر: والله ما أدري كيف أصنع بهذه الكرابيس، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا ذهب أحدكم لغائط أو لبول فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها بفرجه"

(1)

.

6151 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن نافع: أن رجلا من الأنصار أخبره، عن أبيه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينهى أن تستقبل القبلة لغائط أو بول

(2)

.

6152 -

حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي، قال: ثنا عَبيدة بن حميد النحوي، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه

= وأخرجه الطبراني في الكبير 4/ 138 (3921) من طرق عن إبراهيم بن سعد به.

(1)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 1/ 193 ومن طريقه أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 150، وأحمد (23514)، والنسائي 1/ 21 - 22، والشاشي في مسنده (1151)، والطبراني في الكبير (3931).

(2)

إسناده ضعيف لإبهام الأنصاري لكن جاء مسمى عند الطبراني في الكبير 17/ 11 من طريق عبد الله بن نافع، عن أبيه أن عبد الله بن عمرو العجلاني حدث عبد الله بن عمر عن أبيه وعبد الله بن نافع ضعيف.

وهو في الموطأ 1/ 193، ومن طريقه أخرجه الشافعي في السنن المأثورة (112)، والشاشي في مسنده (1152)، وابن عبد البر في التمهيد 16/ 126 عن نافع، عن رجل من الأنصار، عن أبيه، وليس في رواية يحيى الليثي للموطأ "عن أبيه"، والصواب رواية غيره عنه بإثباتها فيما قاله ابن عبد البر.

ص: 437

وسلم قال له رجل: إني أظن أن صاحبكم يعلمكم حتى إنه ليعلمكم كيف تأتون الغائط، فقال له: أجل! وإن سخرت؛ إنه ليفعل إنه لينهانا إذا أتى أحدنا الغائط أن يستقبل القبلة

(1)

.

6153 -

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث، والليث وابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي رضي الله عنه قال: أنا أول من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة، وأنا أول من أخبر الناس بذلك

(2)

.

6154 -

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه، قال: أنا أول من سمع النبي صلى الله عليه وسلم ينهى الناس أن يبولوا مستقبلي القبلة، فخرجت إلى الناس، فأخبرتهم

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف شيخ الطحاوي.

وأخرجه أحمد (23705) من طريق زائدة عن منصور به.

(2)

إسناده صحيح وعبد الله بن لهيعة متابع.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 151، وأحمد (17700)، وابن ماجة (317)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2485)، وابن قانع 2/ 86، والطبراني في الأوسط (6496)، وأبو نعيم في الحلية 7/ 326 من طرق عن الليث به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه عبد بن حميد (487)، وأحمد (17701)، وابن قانع 2/ 86 من طريق أبي عاصم الضحاك بن خالد به.

ص: 438

6155 -

حدثنا أبو بشر عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: أخبرني يزيد بن أبي حبيب، عن جبلة بن نافع، قال: سمعت عبد الله بن الحارث الزبيدي رضي الله عنه

فذكر نحوه

(1)

.

6156 -

حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني سهل بن ثعلبة، عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبول الرجل مستقبل القبلة، وأنا أول من سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

6157 -

حدثنا فهد قال: ثنا جندل بن والق، قال: ثنا جعفر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن سلمان رضي الله عنه، قال: نهينا أن نستقبل القبلة لقضاء الحاجة

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة وجبلة بن نافع الفهمي، قال العيني في المغاني 1/ 141: ذكره ابن يونس في علماء مصر يروي عن عبد الله بن الحارث الزبيدي وعنه يزيد بن أبي حبيب، ذكره ابن حبان في الثقات.

وأخرجه ابن يونس في تاريخ مصر في ترجمة جبلة بن نافع من طريق عثمان بن صالح به.

(2)

إسناده ضعيف لجهالة سهل بن ثعلبة.

وأخرجه الطبراني من طريق أبي صالح كما في النخب 22/ 42.

(3)

إسناده حسن من أجل جندل بن والق.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 154 - 155 - 156، 14/ 223، وأحمد (23704)، ومسلم (262)(57)، وأبو داود (7)، والترمذي (16)، والنسائي 1/ 38، وابن ماجة (316)، والبزار في مسنده (2502)، وابن الجارود (29)، وابن خزيمة (74)، والطبراني في الكبير (6082)، والدارقطني 1/ 54، والبيهقي 1/ 102 من طرق عن الأعمش به.

ص: 439

6158 -

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا أبو غسان، قال: حدثني ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما أنا لكم مثل الوالد، أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها"

(1)

.

6159 -

حدثنا بكار قال: ثنا صفوان بن عيسى قال ثنا محمد بن عجلان

فذكر بإسناده مثله

(2)

.

6160 -

حدثنا روح قال: ثنا سعيد بن كثير بن عفير، قال حدثني ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا خرج أحدكم لغائط أو بول فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها، ولا يستقبل الريح"

(3)

.

6161 -

حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا سليمان بن بلال قال: ثنا عمرو بن يحيى، عن أبي زيد، عن معقل بن أبي معقل الأسدي رضي الله عنه، وكان قد صحب النبي صلى

(1)

إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان.

وأخرجه الشافعي 1/ 28، والحميدي (988)، والدارمي (674)، وأحمد (7368)، وأبو داود (8)، والنسائي 1/ 38، وابن ماجة (312 - 313)، وأبو عوانة 1/ 200، وابن حبان (1431)، والبيهقي 1/ 112 من طرق عن محمد بن عجلان به.

(2)

إسناده حسن كسابقه.

(3)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة المصري.

ص: 440

الله عليه وسلم قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة لغائط أو بول

(1)

.

6162 -

حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا ابن أبي مريم قال: أنا داود العطار، قال: حدثني عمرو بن يحيى، قال: أنا أبو زيد مولى بني ثعلبة، عن معقل بن أبي معقل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(2)

.

6163 -

حدثنا يزيد قال: ثنا أبو كامل، قال: ثنا عبد العزيز بن المختار، قال: ثنا عمرو بن يحيى، عن أبي زيد، عن معقل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مثله

(3)

.

فذهب قوم

(4)

إلى كراهة استقبال القبلة لغائط أو بول في جميع الأماكن، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار، وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وأبو يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة أبي زيد مولى بني ثعلبة، ضعفه الحافظ في الفتح 1/ 246.

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 150، وابن ماجة (319) من طريق خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال به.

وأخرجه البخاري في تاريخه 7/ 392، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1057)، وابن قانع 3/ 77 - 78، والطبراني 20/ 549 من طرق عن عمرو بن يحيى به.

(2)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه الطبراني في الكبير 20/ 550 من طريق سعيد بن أبي مريم به.

وأخرجه أحمد (17838)، وابن قانع في معجم الصحابة 3/ 78 من طريق داود بن عبد الرحمن العطار به.

(3)

إسناده ضعيف كسابقه.

وأخرجه أحمد (17840)، والبخاري 7/ 391 - 392، وأبو داود (10)، وابن قانع 3/ 78، والبيهقي 1/ 91 من طريق وهيب، عن عمرو بن يحيى به.

(4)

قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، ومحمد بن سيرين، وسفيان الثوري، وأحمد، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب =

ص: 441

وخالفهم في ذلك آخرون

(1)

، فقالوا: لا بأس باستقبال القبلة للغائط والبول في جميع الأماكن. واحتجوا في ذلك

6164 -

بما حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبّان، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: إن ناسا يقولون: إذا قعدت لحاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس، فقال عبد الله: لقد ارتقيت على ظهر بيت، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته

(2)

.

6165 -

حدثنا يونس قال: أنا أنس، عن يحيى بن سعيد

فذكر بإسناده مثله

(3)

.

6166 -

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: أنا هشيم، قال أنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبّان، قال: سمعت

= 22/ 49.

(1)

قلت أراد بهم: قتادة، وربيعة شيخ مالك، وعروة بن الزبير، وداود رحمهم الله، كما في النخب 22/ 49.

(2)

إسناده صحيح.

وهو في الموطأ 1/ 269، ومن طريقه أخرجه الشافعي 1/ 26، والبخاري (145)، وأبو داود (12)، والنسائي 1/ 23 - 24، وابن حبان (1421)، والبيهقي 1/ 92، والبغوي (176).

(3)

رجاله رجال الصحيح.

وأخرجه أبو عوانة (514) بنفس السند.

ص: 442

ابن عمر رضي الله عنهما يقول: ظهرت على إجار

(1)

لي في بيت حفصة في ساعة لم أكن أظن أن أحدا يخرج فيها

فذكر مثله

(2)

.

6167 -

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إبراهيم بن الحجاج، قال: ثنا وهيب، عن إسماعيل بن أمية، ويحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: رقيت فوق بيت حفصة، فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم جالس على مقعدته مستقبل القبلة، مستدبر الشام

(3)

.

6168 -

حدثنا ابن أبي داود، قال ثنا ابن أبي مريم قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني محمد بن عجلان، عن محمد بن يحيى، عن واسع بن حبان، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: يتحدث الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغائط بحديث، وقد اطلعت يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهر بيت يقضي حاجته محجوبا عليه بلبن، فرأيته مستقبل القبلة

(4)

.

(1)

بكسر الهمزة وتشديد الجيم هو: السطح الذي ليس حواليه ما يرد الساقط عنه.

(2)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة (59)، والدارقطني 1/ 61، والبغوي (177) من طريق هشيم به.

(3)

إسناده صحيح.

وأخرجه ابن حبان (1418) من طريق إبراهيم بن الحجاج به.

وأخرجه ابن خزيمة (59) من طريق أبي هشام، عن وهيب به.

(4)

إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان ويحيى بن أيوب الغافقي.

وأخرجه ابن خزيمة (59) من طريق ابن أبي مريم به.

ص: 443

6169 -

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن خالد بن أبي الصلت، قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز، فذكروا استقبال القبلة بالفرج، فقال عراك بن مالك: قالت عائشة رضي الله عنها: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا يكرهون استقبال القبلة بالفروج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أو قد فعلوها؟ حولوا مقعدتي نحو القبلة"

(1)

.

6170 -

حدثنا محمد بن الحجاج، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: أنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، عن أبي قتادة رضي الله عنهم، أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل القبلة

(2)

.

6171 -

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: ثنا أبان بن صالح، عن مجاهد بن جبر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا أن نستقبل القبلة ونستدبرها بفروجنا للبول، ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة

(3)

.

(1)

إسناده ضعيف، خالد بن أبي الصلت على ضعفه لم يسمع من عراك، وقال الترمذي في العلل الكبير 1/ 87: سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: فيه إضطراب، والصحيح عن عائشة قولها.

وأخرجه الطيالسي (1541)، وإسحاق بن راهويه (1095)، وابن أبي شيبة 1/ 151، وأحمد (25063)، والبخاري في تاريخه 3/ 156، وابن ماجة (324)، والدارقطني 1/ 60، وابن المنذر في الأوسط (261) من طرق عن حماد بن سلمة به.

(2)

إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.

وأخرجه أحمد (22560)، والترمذي (10) من طرق عن ابن لهيعة به.

(3)

إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق. =

ص: 444

6172 -

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن خالد بن أبي الصلت، قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز فذكروا الرجل يجلس على الخلاء، فيستقبل القبلة فكرهوا ذلك، فحدث عراك بن مالك، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أن ذلك ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أو قد فعلوها؟ حولوا مقعدتي إلى القبلة"

(1)

.

فكانت هذه الآثار حجة لأهل هذه المقالة على أهل المقالة الأولى، وموجبة الحجة عليهم لأن في هذه الآثار تأخير الإباحة عن النهي على ما ذكرنا في حديث جابر رضي الله عنه، فهي ناسخة للآثار التي ذكرناها في أول هذا الباب.

وقد خالف قوم

(2)

القولين جميعا، فقالوا: بل نقول: إن هذه الآثار كلها لا ينسخ شيء منها شيئا. وذلك لأن عبد الله بن الحارث أخبر في حديثه أنه أول من سمع النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن ذلك. قال: وأنا أول من حدث الناس بذلك.

= وأخرجه أحمد (14872)، وابن الجارود (31)، وابن حبان (1420)، والدارقطني 1/ 58 - 59، والحاكم 1/ 154، والبيهقي 1/ 92 من طرق عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد به.

وأخرجه أبو داود (13)، وابن ماجة (325)، والترمذي (9)، وابن خزيمة (58) من طريق جرير بن حازم، عن ابن إسحاق به.

(1)

إسناده ضعيف من أجل خالد بن أبي الصلت، وهو مكرر سابقه (6169).

(2)

قلت أراد بهم: عامرا الشعبي، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، ومالكا، وإسحاق بن راهويه، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 22/ 63.

ص: 445

فقد يجوز أن يكون ذلك النهي لم يقع على البول والغائط في جميع الأماكن، ووقع على خاص منها، وهي الصحارى.

ثم جاء أبو أيوب، فكانت حكايته عن النبي صلى الله عليه وسلم هي النهي خاصة، فذلك يحتمل ما احتمله حديث ابن جزء على ما فسرناه، وكراهة الاستقبال في الكرابيس المذكور فيه، فهو عن رأيه، ولم يحكه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فقد يجوز أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما سمع، فعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد به الصحارى، ثم حكم هو للبيوت برأيه بمثل ذلك، ويجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد البيوت والصحارى إلا أنه ليس في ذلك دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا في ذلك أنه أراد أحد المعنيين دون الآخر.

وحديث عبد الرحمن بن يزيد، عن سلمان، وحديث معقل بن أبي معقل، وحديث أبي هريرة، فما فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم فمثل ذلك أيضا.

ثم عدنا إلى ما رويناه في الإباحة، فإذا ابن عمر رضي الله عنهما يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على ظهر بيت مستقبل القبلة. فاحتمل أن يكون ذلك على إباحته لاستدبار القبلة للغائط والبول في الصحارى والبيوت، واحتمل أن يكون ذلك على الإباحة لذلك في البيوت خاصة، فكان أراد به فيما روي عنه في النهي على الصحارى خاصة.

ص: 446

فأولى بنا أن نجعل معنى هذا الحديث زائدا على الأحاديث الأول غير مخالف لها، فيكون هذا على البيوت، وتلك الأحاديث الأول على الصحارى، وهذا قول مالك بن أنس.

6173 -

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أنه سمع مالكا يقول ذلك

(1)

.

ثم رجعنا إلى حديث أبي قتادة رضي الله عنه، ففيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل القبلة.

فقد يكون رآه حيث رآه ابن عمر رضي الله عنهما، فيكون معنى حديثه وحديث ابن عمر سواء. أو يكون رآه في صحراء، فيخالف حديث ابن عمر، وينسخ الأحاديث الأول، فهو عندنا غير ناسخ لها، حتى نعلم يقينا أنه قد نسخها.

وأما حديث جابر رضي الله عنه ففيه النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة واستدبارها لغائط أو بول ولم يبين مكانا. فيحتمل أن يكون ذلك أيضا على ما فسرنا وبينا من حديث أبي أيوب رضي الله عنه، فلا حجة فيه أيضا توجب مضادة حديث ابن عمر، وأبي قتادة رضي الله عنهم. قال جابر في حديثه: ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل القبلة.

فقد يحتمل أن يكون ذلك البول كان في المكان الذي لم يكن نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول وقع عليه، فلم نعلم شيئا من هذه الآثار نسخ شيئا منها شيء.

(1)

رجاله ثقات.

ص: 447

ثم عدنا إلى حديث عراك ففيه أنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن أناسا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حولوا مقعدتي مستقبل القبلة".

فقد يجوز أن يكون أنكر قولهم، لأنهم كرهوا ذلك في جميع الأماكن، فأمر بتحويل مقعدته نحو القبلة ليرد عليهم، وليعلم أنه لم يقع نهيه على ذلك، وإنما وقع النهي على استقبالها في مكان دون مكان.

ويحتمل أن يكون أراد بذلك نسخ النهي الأول في الأماكن كلها، لأن النهي كان وقع في الآثار الأول عن ذلك، فليس فيه دليل أيضا على نسخ ولا على غيره. فلما كان حكم هذه الآثار كذلك كان أولى بنا أن نصححها كلها. فنجعل ما فيها النهي منها على الصحارى، وما فيها الإباحة على البيوت، حتى لا يتضاد منها شيء وقد.

6174 -

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل (ح)

وثنا يونس، قال: أنا ابن وهب عن حاتم عن عيسى بن أبي عيسى الخياط ح

(1)

6175 -

وحدثنا إسماعيل قال: ثنا عبيد الله بن موسى قال: ثنا عيسى، عن الشعبي أنه سأله عن اختلاف هذين الحديثين فقال الشعبي: صدقا والله، أما حديث أبي هريرة رضي

(1)

إسناده ضعيف عيسى بن أبي عيسى متروك.

ص: 448

الله عنه، فعلى الصحارى إن الله ملائكة يصلون، فلا تستقبلوهم، وإن حشوشكم هذه لا قبلة فيها

(1)

.

فعلى هذا المعنى تحمل هذه الآثار حتى لا تتضاد منها شيء.

(1)

إسناده ضعيف كسابقه.

ص: 449