الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب: أكل الثوم والبصل، والكراث
6176 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل من خضراواتكم هذه ذوات الريح فلا يقربنا في مساجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم"
(1)
.
6177 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أكل من هذه الشجرة فلا يأتي المساجد"
(2)
.
6178 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا ابن نمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أكل من هذه البقلة فلا يقربن المسجد حتى يذهب ريحها يعني: الثوم"
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف بمرة، طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي المكي متروك الحديث.
وأخرجه الحارث في مسنده (133 بغيبه) من طريق أبي نعيم، عن طلحة به.
وأخرجه الطبراني في الكبير 10/ 325 - (10798) من طريق محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.
وأخرجه ابن ماجة (1016) من طريق عبد الله بن رجاء به.
وأخرجه أحمد (4619)، والبخاري (853)، ومسلم (561)، وأبو داود (3825)، وابن خزيمة (1661)، وابن حبان (2088) من طرق عن عبيد الله بن عمر به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو في مصنف ابن أبي شيبة 8/ 266، ومن طريقه أخرجه مسلم (1143)(41).
6179 -
حدثنا محمد بن خزيمة، وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني ابن الهاد عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم بخيبر
(1)
.
6180 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا قيس، عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، عن علي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أكل من هذه البقلة فلا يقربنا أو يؤذينا في مسجدنا"
(2)
.
6181 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو صالح الحنفي محمد بن عبد الوهاب، قال: ثنا معن بن عيسى، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مساجدنا يعني الثوم"
(3)
.
6182 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (328) من طريق أبي النضر المدني، عن نافع به.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة شريك بن حنبل.
وأخرجه البزار كما في النخب 22/ 71 من طريق يحيى بن آدم، عن قيس بن الربيع به.
وأخرجه أبو داود (2838)، والترمذي (1911)، والبيهقي 3/ 78 من طريق الجراح، عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، عن علي قال: نهى عن أكل الثوم إلا مطبوخا.
(3)
إسناده ضعيف لجهالة محمد بن عبد الوهاب.
وأخرجه ابن خزيمة (1662)، والطبراني في الأوسط (8550) من طريق معن بن عيسى به.
عبد العزيز بن صهيب، قال: سأل رجل أنسًا رضي الله عنه: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الثوم؟، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أكل من هذه الشجرة، فلا يقربنا، ولا يصلين معنا"
(1)
.
6183 -
حدثنا محمد بن عمرو قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل من هذه البقلة فلا يقربنا في مسجدنا أو لا يقربنّ مسجدنا"
(2)
.
6184 -
حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا قيس بن الربيع، عن بشر بن بشير، عن أبيه -وكان من أصحاب الشجرة-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل من هذه الشجرة فلا يناجينا"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (856) من طريق أبي معمر به.
وأخرجه البخاري (5451)، وأبو عوانة 2/ 16، والبيهقي 30/ 76 من طريق عبد الوارث به. وأخرجه أحمد (12937)، ومسلم (562)(70)، وأبو عوانة 2/ 19 من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن عبد العزيز به.
(2)
إسناده ضعيف من أجل ابن أبي ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 510 - 8/ 303 من طريق ابن أبي ليلى به.
وأخرجه أحمد (35069)، والبخاري (854)، ومسلم (564)(74 - 75)، والترمذي (1806)، والنسائي 2/ 43، وابن خزيمة (1665)، وابن حبان (1644) من طريق ابن جريج عن عطاء به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف قيس بن الربيع. =
6185 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يونس بن محمد، قال: ثنا حكم بن عطية، عن أبي الرباب، عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له وإنا نزلنا في مكان فيه شجر ثوم، فبث أصحابه فيه، فأكلوا منه، ثم غدوا إلى المصلى، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم يريح الثوم، فقال:"لا تقربوا هذه الشجرة، ثم تأتوا المساجد"، قال: ثم جاءوا الثانية إلى المصلى، فوجد ريحها، فقال:"من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن المصلى"
(1)
.
6186 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا قيس عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أكل هذه البقلة فلا يقربنا، أو يؤذينا في مساجدنا"
(2)
.
قال أبو جعفر: فكره قوم
(3)
أكل البقول ذوات الريح أصلا، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
= وأخرجه الطبراني في الكبير 2/ 41 - (1225) من طرق عن قيس بن الربيع به.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة أبي الرباب جهله الحسيني في الإكمال (1076)، والحكم بن عطية أخطأ محمد بن عبد الله الزبيري في اسمه، قال الإمام أحمد فيما نقله الخطيب في الموضح 1/ 217: وإنما هو الحكم بن طهمان كما في التعجيل والموضح، وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: لا بأس به صالح الحديث.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 510، 8/ 302 - 303، والخطيب في الموضح 1/ 214 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن الحكم به.
وأخرجه أحمد (20302)، والخطيب 1/ 214 من طريق الحكم به.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة شريك بن حنبل، وهو مكرر سابقه (6180).
(3)
قلت أراد بهم: شريك بن حنبل الكوفي، وعطاء، وطائفة من الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 22/ 81.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، وقالوا: إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلها لا لأنها حرام، ولكن لئلا يؤذى بريحها من يحضر معه المسجد، وقد جاء في ذلك آثار أخر ما قد دل على ذلك.
6187 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أنا سعيد، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا أيها الناس إنكم لتأكلون من شجرتين خبيثتين: هذا الثوم، وهذا البصل، ولقد كنت أرى الرجل على عهد رسول الله لا يوجد منه ريحه، فيؤخذ بيده، فيخرج إلى البقيع، فمن كان أكلها، فليمتهما
(2)
طبخًا
(3)
.
فهذا عمر رضي الله عنه، قد أخبر بما كانوا يصنعون من أكلهما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أباح هو أكلهما بعد أن يماتا طبخًا.
فدل ذلك على أن النهي عنه لم يكن للتحريم. وقد
(1)
قلت أراد بهم: جماهير العلماء من السلف، وأئمة الفتوى، منهم: الأئمة الأربعة، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 22/ 82.
(2)
في د ن "فليطبخهما".
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (510 - 511) 8/ 304، وأحمد (341)، ومسلم (567)، وابن ماجة (1014) من طريق سعيد ابن أبي عروبة به.
وأخرجه مسلم (567)، وأبو يعلى (256)، وابن حبان (2091) من طريق شعبة به.
6188 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يونس بن محمد قال: ثنا خالد بن ميسرة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين فلا يقربن مسجدنا، فإن كنتم لا بد آكليهما، فأميتوهما طبخًا"
(1)
.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أباح أكلهما بعد ذهاب ريحهما.
فدل ذلك أن نهيه عن أكلهما إنما كان لكراهية ريحهما لا لأنهما حرام في أنفسهما وقد
6189 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون قال: أنا أبو هلال الراسبي وغيره، عن حميد بن هلال، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: أكلت الثوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت المسجد وقد سبقت بركعة، فدخلت معهم في الصلاة، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحه، فلما سلم قال:"من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا حتى يذهب ريحها" فأتممت صلاتي، فلما سلمت قلت: يا رسول الله! أقسمت عليك إلا أعطيتني يدك فناولني يده صلى الله عليه وسلم فأدخلتها في كمي حتى انتهيت إلى صدري فوجده معصوبًا
(2)
فقال: "إن لك عذرًا"
(3)
.
(1)
إسناده حسن من أجل خالد بن ميسرة.
وأخرجه أحمد (16247)، وأبو داود (3827)، والنسائي في الكبرى (6681)، والطبراني في الكبير 19/ 65، والبيهقي 3/ 8، والمزي في تهذيب الكمال 8/ 183 من طرق عن خالد بن ميسرة به.
(2)
أي: مشدودًا.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل أبي هلال الراسبي. =
ففي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أكل من هذه الشجرة الخبيثة، فلا يقربنا في مسجدنا حتى يذهب ريحها" دليل على أنه إنما نهى عن أكلها لئلا يؤذي ريحها من يحضر المسجد، لا لأن أكلها حرام.
6190 -
حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا سعيد بن عامر قال: ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل من طعام بعث بفضله إلى أبي أيوب، قال: فبعث إليه ذات يوم بقصعة لم يأكل منها، فأتاه أبو أيوب فقال: يا رسول الله! أحرام هو؟ قال: "لا، ولكن كرهته لريحه"، قال: فأنا أكره ما كرهت
(1)
.
6191 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه، قال: نزلت على أم أيوب الأنصارية رضي الله عنها التي كان النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليهم، فحدثتني أنهم
= وأخرجه أحمد (18176)، وأبو داود (3826)، والطبراني في الكبير 20/ 1003، والبيهقي 3/ 77 من طرق عن أبي هلال الراسبي بهذا الإسناد، وقرن البيهقي بأبي هلال الراسبي سليمان بن المغيرة وغيره.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 510، 8/ 115، وأحمد (18205)، وابن خزيمة (1672)، وابن حبان (2095) من طريق سليمان بن المغيرة به.
(1)
إسناده حسن من أجل سماك بن حرب.
وأخرجه البيهقي 3/ 77 من طريق إبراهيم بن مرزوق به.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (20897) من طريق سعيد بن عامر به.
وأخرجه الطيالسي (589)، وأحمد (23525)، وعبد بن حميد (229)، ومسلم (2053)(170)، والنسائي في الكبرى (6596)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1883)، وأبو عوانة (8389) من طرق عن شعبة به.
تكلفوا له طعامًا، فيه بعض هذه البقول، فأتوه به فكرهه، فقال لأصحابه:"كلوه، فإني لست كأحدكم، إني أخاف أن أوذي صاحبي"
(1)
.
6192 -
وحدثنا يونس، مرةً أخرى، قال: ثنا سفيان عن عبيد الله، قال: سمعت أم أيوب الأنصارية رضي الله عنها قالت: نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقربت إليه طعامًا، فيه من بعض هذه البقول فلم يأكله، وقال:"إني أكره أن أوذي صاحبي"
(2)
.
6193 -
حدثنا المؤذن قال: ثنا شعيب بن الليث قال: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن أبي رهم السماعي، أن أبا أيوب رضي الله عنه حدثه قال: قلت: يا رسول الله! كنت ترسل بالطعام، فأنظر، فإذا رأيت أثر أصابعك، وضعت يدي فيه حتى كان هذا الطعام الذي أرسلت به، فنظرت فيه، فلم أر فيه أثر أصابعك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أجل! إن فيه بصلًا، فكرهت أن آكله من أجل الملك الذي يأتيني، وأما أنتم فكلوه"
(3)
.
(1)
إسناده حسن في الشواهد من أجل أبي يزيد المكي.
وأخرجه الحميدي (339)، وابن أبي شيبة 2/ 511 - 8/ 301 - 302، والدارمي (2054)، وأحمد (27442)، والترمذي (1810)، وابن ماجة (3364)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3321)، وابن خزيمة (1671)، وابن حبان (2093)، والطبراني في الكبير 25/ 329 من طريق سفيان بن عيينة به.
(2)
رجاله ثقات.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 305، وأحمد (23570)، والشاشي في مسنده (1134)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1885)، والطبراني في الكبير (3878)، والبيهقي في دلائل النبوة 2/ 510، وابن الأثير في أسد الغابة 2/ 95 من طرق عن الليث بن سعد به.
6194 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
6195 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عياش بن وليد الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن أبي أمامة، عن أبي أيوب رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله، غير أنه لم يسم الشجرة
(2)
.
6196 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة، أن سفيان بن وهب حدثه، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه، إلا أنه قال بصل، أو كراث، وزاد في آخره وليس بمحرم
(3)
.
فقد أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار للناس أكل البصل والكراث، وأن ذلك غير محرم.
فإن قال قائل: هذا الذي ذكرت إنما هو على ما كان منهما قد طبخ، فأما ما كان
(1)
إسناده حسن لرواية ابن المقرئ عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه.
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
وأخرجه الطبراني (3855)، والحاكم 3/ 460 - 461 من طريق محمد بن إسحاق به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن خزيمة (1670) عن يونس بن عبد الأعلى به.
وأخرجه ابن حبان (2092)، والطبراني في الكبير (39، 4077) من طريق ابن وهب به.
غير مطبوخ فهو داخل في النهي الذي في الآثار الأول.
قيل له: قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرنا عنه في هذه الآثار: "إنما كرهته لريحه" وقد أباح أصحابه أكله، فما كانت ريحه فيه قائمة بعد الطبخ كان على حكمه قبل الطبخ، إذ كان إنما كره أكله فيهما جميعًا من أجل ريحه.
فدل إباحة أكله لهم بعد الطبخ وريحه موجودة على أن أكلهم إياه قبل الطبخ مباح لهم أيضًا. وقد
6197 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني عطاء بن أبي رباح، أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل ثومًا أو بصلًا، فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا فيقعد في بيته"، وإنه أتي بقدر أو ببدر
(1)
فيه خضرات
(2)
من بقول، فوجد لها ريحًا فسأل عنها فأخبر بما فيها من البقول فقال:"قربوها" إلى بعض أصحابه كان معه، فلما رآه كره أكله قال:"كل! فإني أناجي من لا تناجي"
(3)
.
(1)
في د خد "طبق" وقال القاضي عياض: قالوا: ولعل قولهم: "قدر" تصحيف من الرواة وذلك أن في كتاب أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم أتي ببدر، والبدر ها هنا هو الطبق.
(2)
جمع خضرة.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (15299)، والبخاري (855، 5452، 7359)، ومسلم (564)(73)، وأبو دواد (3822)، والنسائي في الكبرى (6679)، وأبو عوانة 1/ 410، والطبراني في الصغير (1126)، والبيهقي 3/ 76، والبغوي في شرح السنة (496) من طرق عن يونس بن يزيد به.
6198 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال: أنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أكل من الكراث فلا يغشانا في مساجدنا، حتى يذهب ريحها فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان"
(1)
.
6199 -
حدثنا عبد العزيز بن معاوية العتابي، قال: ثنا عبد الله بن رجاء (ح)
وحدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا شبابة بن سوار، قالا: ثنا إسرائيل، عن مسلم الأعور، عن حبة، عن علي رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأكل الثوم وقال: "لولا أن الملك ينزل على لأكلته"
(2)
.
فقد دل ما ذكرنا على إباحة أكلها مطبوحًا كان أو غير مطبوخ لمن قعد في بيته، وكراهة حضور المسجد وريحه موجود، لئلا يؤذي بذلك من يحضره من الملائكة وبني آدم، فبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.
(1)
إسناده صحيح، أبو الزبير قد صرح بالسماع عند أبي عوانة 1/ 411، وابن جريج مدلس وقد عنعن وهو متابع.
وأخرجه النسائي في الكبرى (6653)، وأبو عوانة 1/ 411، وابن حبان (1646) من طرق عن ابن جريج به.
وأخرجه الحميدي (1299)، وعبد بن حميد (1068)، وابن ماجة (3365)، وابن خزيمة (1668)، وأبو يعلى (2321)، والطبراني في الصغير (37) من طريق عن أبي الزبير به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف مسلم بن كيسان الأعور وحبة العرني.
وأخرجه البزار (317، 748)، والطبراني في الأوسط (2599)، وأبو نعيم في الحلية 8/ 357 من طرق عن إسرائيل به.
4 - باب: الرجل يمر بالحائط
(1)
، أله أن يأكل منه أم لا؟
6200 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا علي بن عاصم، قال: أنا الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتى أحدكم على حائط، فليناد صاحبه ثلاث مرات، فإن أجابه، وإلا فليأكل من غير أن يفسد، وإذا أتى على غنم فليناد صاحبه ثلاث مرات، فإن أجابه، وإلا فليشرب من غير أن يفسد"
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى هذا، فجعلوا لمن مر بالحائط أن ينادي صاحبه ثلاثًا، فإن أجابه، وإلا فأكل، وكذلك في الغنم.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
، فقالوا: لا ينبغي أن يأكل من غير ضرورة، فإن كانت ضرورة فالأكل من ذلك والشرب له مباح.
(1)
البستان من النخيل إذا كان عليه حائط، أي: جدار.
(2)
إسناده ضعيف لضعف علي بن عاصم وسماعه من الجريري بعد الاختلاط.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2824) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (11812) من طريق علي بن عاصم به.
وأخرجه أحمد (11045) من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن الجريري به، وحماد بن سلمة سمع من الجريري قبل الاختلاط.
وأخرجه أحمد (11160)، وابن ماجة (2300)، وأبو يعلى (1244 - 1287) وابن حبان (5281)، وأبو نعيم في الحلية 3/ 99، 6/ 203، والحاكم 4/ 132، والبيهقي 9/ 359 من طرق عن يزيد بن هارون، عن الجريري به.
(3)
قلت أراد بهم الحسن البصري، وزيد بن وهب الجهني، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 22/ 102.
(4)
قلت أراد بهم: جمهور العلماء، وفقهاء الأمصار، منهم: الأئمة الأربعة، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 22/ 103.
وقد روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في غير هذا الحديث ما يدل على أن الإباحة المذكورة في هذا الحديث هي على الضرورة، فذكروا ما
6201 -
حدثنا فهد، قال: ثنا مخوّل بن إبراهيم قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الله بن عصمة قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: إذا أرمل
(1)
القوم فصبحوا الإبل، فلينادوا الراعي ثلاثًا، فإن لم يجدوا الراعي، ووجدوا الإبل فليتصبحوا لبن الراوية
(2)
، إن كان في الإبل راوية، ولا حق لهم في بقيتها، فإن جاء الراعي فليمسكه رجلان، ولا يقاتلوه، وليشربوا، فإن كان معهم دراهم فهو حرام عليهم إلا بإذن أهلها
(3)
.
ففي هذا الحديث دليل على أن ما أبيح من ذلك في هذا الحديث الأول إنما هو على الضرورة.
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث ما يدل على هذا المعنى أيضًا.
6202 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا إسحاق بن بكر بن مضر، قال: ثنا أبي، عن يزيد
بن الهاد، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحتلبن أحدكم ماشية أخيه بغير إذنه، أيجب أحدكم أن تؤتى مَشْرَبته
(4)
،
(1)
أي: إذا نفد زادهم.
(2)
الراوية من الإبل الحاملة للماء، ويجمع على روايا، وبه سميت المزادة راوية، والمراد بها الحاملة للبن والمحلوب.
(3)
إسناده حسن مخول بن إبراهيم، قال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات وعبد الله بن عصمة حسن الحديث.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2825) بإسناده ومتنه. انظر ما بعده (6204).
(4)
المشربة بفتح الميم وضم الراء وفتحها: الغرفة.
فتكسر خزانته، فيحمل طعامه فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم، فلا يحتلبن أحدكم ماشية امرئ إلا بإذنه"
(1)
.
6203 -
حدثنا بكار، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا الثوري، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6204 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن الصباح قال: ثنا شريك بن عبد الله، عن عبد الله بن عصم قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، رفعه قال:"لا يحل لأحد أن تحل صوار ناقة إلا بإذن أهلها، فإنه خاتمهم عليها"
(3)
.
6205 -
حدثنا ابن مرزوق، قال حدثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا سليمان بن بلال، عن سهيل، عن عبد الرحمن بن سعد، عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2818) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 971، ومن طريقه أخرجه البخاري (2435)، ومسلم (1726)، وأبو داود (2623)، وابن حبان (5282)، والبيهقي 9/ 358، والبغوي 2168.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2820) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الحميدي (700)، ومسلم (1726)(13) من طريق سفيان، عن إسماعيل بن أمية به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك بن عبد الله.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2826) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (11419)، وأبو عبيد في غريب الحديث 3/ 263، والبيهقي 9/ 360 من طرق عن شريك به.
قال: "لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه"
(1)
. قال وذلك لشدة ما حرم الله على المسلمين من مال المسلم.
6206 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أصبغ بن الفرج، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، قال: ثنا عبد الملك بن الحسن، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن عمارة بن حارثة، عن عمرو بن يثربي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا بطيب نفس منه" قال: قلت: يا رسول الله، إن لقيت غنم ابن عمي آخذ منها شيئًا؟ فقال: "إن لقيتها تحمل شفرةً
(2)
وزنادًا
(3)
بخبت
(4)
الجميش
(5)
فلا تهجها
(6)
"
(7)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2822) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البزار في مسنده (3717)، وابن حبان (5978) من طريق أبي عامر العقدي به.
وأخرجه أحمد (23605)، والبيهقي في السنن 9/ 358، 6/ 100، وفي الشعب (5493) من طرق عن سليمان بن بلال به.
(2)
الشفرة: السكين العريض.
(3)
أي: النار.
(4)
أي: الأرض الواسعة.
(5)
أي: الذي لا نبات به كأنه جمش أي حلق.
(6)
من هاج الشيء إذا أثرته، ومعناه لا تتعرض لنعم أخيك بوجه ولا سبب، وإن كان ذلك سهلا متيسرا وهو معنى قوله: تحمل شفرة وزنادا، أي معها آلة الذبح والنار، والمعنى للثاني: لا تتعرض لنعم أخيك وإن كنت بخبت الجميش.
(7)
إسناده فيه عمارة بن حارثة لم يوثقه غير ابن حبان 5/ 244 وروى عنه عبد الرحمن بن أبي سعيد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2823) بإسناده ومتنه. =
فهذه الآثار التي ذكرنا تمنع ما توهم من ذهب في تأويل الحديث الأول إلى ما ذكرناه.
ولو ثبت ما ذهب إليه من ذلك لاحتمل أن يكون ذلك الحديث كان في حال وجوب الضيافة حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وأوجبها للمسافرين على من حَلَّوا به
6207 -
فإنه حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا بشر بن عمر ووهب بن جرير، قالا: ثنا شعبة عن منصور، عن الشعبي، عن المقدام أبي كريمة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم، فمن أصبح بفنائه فإنه دين إن شاء اقتضاه، وإن شاء تركه"
(1)
.
6208 -
حدثنا بكار، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
= وأخرجه أحمد (15488)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (979)، والدارقطني 3/ 25، والفسوي في المعرفة والتاريخ 1/ 332، والبيهقي في السنن 6/ 97 من طريق عبد الملك بن الحسن به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1839) بإسناده ومتنه دون ذكر وهب بن جرير.
وأخرجه الطيالسي (1151)، وأحمد (17172)، والطبراني في الكبير 20/ 622، والبيهقي في السنن 9/ 197 عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2812) بإسناده ومتنه.
وهو في مسند الطيالسي (1151).
6209 -
حدثنا نصر بن مرزوق قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا وهيب، عن منصور
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
6210 -
حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح قال: ثنا معاوية بن صالح أن أبا طلحة، حدثه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما ضيف نزل بقوم، فأصبح الضيف محرومًا، فله أن يأخذ بقدر قراه
(2)
، ولا حرج عليه"
(3)
.
6211 -
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: ثنا عمي، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن نعيم بن زياد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
6212 -
حدثنا ابن أبي داود: قال ثنا أبو مسهر، قال: ثنا يحيى بن حمزة، عن الزبيدي، عن مروان بن رؤبة أنه حدثه، عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، عن المقدام بن
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2813) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (17172)، والبخاري في الأدب المفرد (744)، وأبو داود (3750)، وابن ماجة (3677)، والطبراني في الكبير 20/ 621 - 623 - 624 من طرق عن منصور به.
(2)
بكسر القاف من قريت الضيف قوى إذا أحسنت إليه.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2817) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (8948) من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح به.
(4)
إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2816) بإسناده ومتنه
معدي كرب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أيها رجل ضاف بقوم فلم يقروه، كان له أن يعقبهم بمثلِ قراه"
(1)
.
6213 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث قال: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: قلنا يا رسول الله! إنك تبعثنا فنمر بقوم فلا يأمرون لنا بحق الضيف قال: "إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي"
(2)
.
فأوجب صلى الله عليه وسلم الضيافة في هذه الآثار، وجعلها دينًا، وجعل للذي وجبت له
(1)
إسناده قوي من أجل مروان بن رؤبة روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في الثقات وقد توبع.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2815) بإسناده ومتنه.
ورواه أبو داود (3804)، وابن حبان (12)، والدارقطني 4/ 287 من طريق الزبيدي به.
وأخرجه محمد بن نصر المروزي في السنة (404)، والطبراني في الكبير 20/ 667، والدارقطني (4768)، والبيهقي 9/ 332، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 89 من طريق مروان بن رؤبة به.
وأخرجه أحمد (17174)، وابن زنجويه في الأموال (620)، ومحمد بن نصر المروزي في السنة (244)، والطبراني في الكبير 20/ 668 - 670، وفي الشاميين (1061)، والبيهقي في الدلائل 6/ 549، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 89، وابن عبد البر في التمهيد 1/ 149 - 150 من طريق حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2814) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (17345)، والبخاري (2461، 6137)، ومسلم (1727)، وأبو داود (3752)، وابن ماجة (3676)، وأبو عوانة 4/ 59 - 60، وابن حبان (5288)، والطبراني في الكبير 17/ 766، والبيهقي في السنن 9/ 197، 10/ 270، والبغوي (3003) من طرق عن الليث بن سعد به.
أخذها كما يأخذ الدين. ثم نسخ ذلك. فمما روي في نسخه ما
6214 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا سليمان بن المغيرة، قال: ثنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ثنا المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: جئت أنا وصاحب لي قد كادت تذهب أسماعنا وأبصارنا من الجوع، فجعلنا نتعرض للناس، فلم يضفنا أحد. فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله! أصابنا جوع شديد، فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد، فأتيناك. فذهب بنا إلى منزله، وعنده أربعة أعنز، فقال: "يا مقداد، أحلبهن، وجزئ اللبن لكل اثنين جزءًا
…
" وذكر حديثًا طويلًا
(1)
.
6215 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال ثنا حماد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن المقداد بن عمرو رضي الله عنه قال: قدمت المدينة أنا وصاحب لي
…
ثم ذكر مثله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2810) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (1160)، وأحمد (23812)، والبخاري في الأدب المفرد (1028)، ومسلم (2055)، والترمذي (2719)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (323)، والطبراني 20/ 573، وابن السني في عمل اليوم والليلة (456)، والبيهقي في دلائل النبوة 6/ 85 - 86 من طرق عن سليمان بن المغيرة به.
(2)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2811) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (23809)، وأبو يعلى (1517)، والطبراني في الكبير 20/ 572 من طرق عن حماد بن سلمة به.
أفلا ترى أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضيفوهم، وقد بلغت بهم الحاجة إلى ما ذكر في هذا الحديث، ثم لم يعنفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك.
فدل ما ذكرنا على نسخ ما كان أوجب على الناس من الضيافة.
وقد ذكرنا فيما تقدم من كتابنا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مال المسلم على المسلم كحرمة دمه".
6216 -
وقد حدثنا ربيع، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن عبد الله بن السائب، عن أبيه، عن جده أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعبًا ولا جادا، وإذا أخذ أحدكم عصَا أخيه فليردها إليه"
(1)
.
وقد عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضيافة بما
6217 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال حدثني أبان بن يزيد العطار، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير قال: ثنا عبد الرحمن مولى سعد بن أبي وقاص قال: كنت مع سعد بن أبي وقاص في سفر، فآوانا الليل إلى قرية دهقان، وإذا الإبل عليها أحمالها. فقال لي سعد: إن
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1624) من طريق يزيد بن سنان عن أبي بكر الحنفي عن ابن أبي ذئب به.
وأخرجه أحمد (17940)، وعبد بن حميد (437)، والبخاري في الأدب المفرد (241)، وأبو داود (5003)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2867)، والدولابي في الكنى والأسماء 2/ 145، والطبراني في الكبير 22/ 630، والحاكم 3/ 637، والبيهقي 6/ 100، والبغوي (2572) من طرق عن ابن أبي ذئب به.
كنت تريد أن تكون مسلمًا حقا، فلا تأكل منها شيئًا فبتنا جائعين
(1)
.
فهذا سعد يقول إن سرك أن تكون مسلمًا حقا، فلا تأكل منها شيئًا فلا يكون ذلك إلا وقد ثبت عنده حقيقة علمه به، إذ كان عنده من أمور الإسلام، ولم يأخذ أهل القرية بحق الضيافة.
فذلك دليل أنه لم تكن حينئذ الضيافة واجبةً، والله سبحانه وتعالى أعلم
(1)
إسناده فيه عبد الرحمن مولى سعد قال في كشف الاستار 3/ 528: لا أعرف له ترجمة، وباقي رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2827) بإسناده ومتنه.
5 - باب: لبس الحرير
6218 -
حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال حدثني الليث بن سعد، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية، فبلغ ذلك أباه، مخرمة، فقال: يا بني، إنه قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية فهو يقسمها، فاذهب بنا إليه. قال: فذهبنا، فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله فقال لي أبي: يا بني، ادع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المسور: فأعظمت ذلك، وقلت: أدعو لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. فقال: يا بني، إنه ليس بجبار. فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج وعليه قباء
(1)
من ديباج
(2)
مزرر بذهب، فقال:"يا مخرمة! هذا خبأته لك"، فأعطاه إياه
(3)
.
قال أبو جعفر فذهب قوم
(4)
إلى هذا، فقالوا: لا بأس بلبس الحرير للرجال
(1)
أي: الذي يلبس، والجمع أقبية.
(2)
هو: الثياب المتخذة من الإبريسم، فارسي معرب.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3046) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (18927)، وابن زنجويه في الأموال (909)، والبخاري (2599، 5800)، ومسلم (1058)(129)، وأبو دواد (4028)، والترمذي (2818)، والنسائي في المجتبى 8/ 205 وفي الكبرى (9663)، وابن حبان (4817 - 4818)، والبيهقي 3/ 273 من طرق عن الليث بن سعد به.
وعلقه البخاري برقم (5862) في باب المزور بالذهب بصيغة الجزم عن الليث فقال قال الليث، وقد وصله البخاري من طريق الليث.
(4)
قلت أراد بهم: عبد الله بن أبي مليكة، وطائفة من الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 22/ 127.
والنساء، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فكرهوا لبس الحرير للرجال، واحتجوا في ذلك بالآثار المتواترة المروية في النهي عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فمنها ما
6219 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثنا أبي، عن قتادة، عن عامر الشعبي، عن سويد بن غفلة، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب بالجابية، فقال: نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع
(2)
.
6220 -
حدثنا يزيد قال: ثنا معاذ قال: ثنا أبي، عن قتادة عن أبي عثمان النهدي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين
(3)
.
6221 -
حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا يزيد بن هارون قال: ثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إياكم والحرير فإن رسول الله
(1)
قلت أراد بهم: عبد الرحمن بن أبي ليلى، والحسن البصري، وعامر الشعبي، وقتادة، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وعبد الرحمن الأوزاعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 22/ 128.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (2069)(15)، والترمذي (1721)، والنسائي في الكبرى (9552)، وابن حبان (5441)، والبيهقي 3/ 269 من طرق عن معاذ بن هشام به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (2069)(14)، والنسائي في الكبرى (9551) من طرق عن معاذ به.
صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه، وقال:"لا تلبسوا منه إلا ما كان هكذا"، وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصبعيه
(1)
.
6222 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6223 -
حدثنا يزيد، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي عثمان النهدي، قال: أتانا كتاب عمر رضي الله عنه، وأنا بأذربيجان
(3)
مع عتبة بن فرقد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن لبس الحرير إلا هكذا، قال: فأعلمنا أنها الأعلام
(4)
.
6224 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير عن أبيه، عن جميل بن مرة، عن أبي الوضيء، قال: رأيت عليا رضي الله عنه، ورأى على رجل بردًا يتلألأ فقال: فيه حرير؟، فقال: نعم، فأخذه، فجمع صنفتيه
(5)
بين أصبعيه فشقه، فقال:"أما إني لم أحسدك عليه، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير"
(6)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (301) من طريق يزيد به.
(2)
إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.
(3)
هي اسم لبلاد التبريز.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (356)، والبخاري (5828)، ومسلم (2069)(14)، والنسائي في الكبرى (9550)، والبغوي في الجعديات (1030)، وابن حبان (5454) من طرق عن شعبة به.
(5)
أي جانبيه.
(6)
إسناده صحيح.
6225 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عارم، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن عمر قال: يا رسول الله: إني مررت بعطارد أو بلبيد، وهو يعرض عليه حلة حرير، فلو اشتريتها للجمعة وللوفود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة"
(1)
.
6226 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب أن مالكًا حدثه، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
نحوه، غير أنه لم يذكر عطاردًا، ولا لبيدًا
(2)
.
6227 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب قال أخبرني يونس، وعمرو، عن ابن شهاب، عن سالم عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، وذكر أن الرجل عطارد، أو لبيد
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4830) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو عوانة 5/ 447 من طريق حماد بن زيد به.
وأخرجه عبد الرزاق (19929)، ومن طريقه أحمد (6339) عن معمر، عن أيوب به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4831) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 504، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (886، 2612)، ومسلم (2068)(6)، وأبو داود (1076، 4040)، وابن حبان (5439)، والبيهقي 2/ 422، 9/ 129، والبغوي (3099).
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4832) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (2068)(8)، وأبو داود (1077، 4041)، والنسائي 3/ 181 من طرق عن ابن وهب به.
وأخرجه البخاري (3054، 948)، ومسلم (2068)، وأبو عوانة 5/ 448، والبيهقي 3/ 280 من طرق عن الزهري به.
6228 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا يحيى بن أبي إسحاق، قال: قال لي سالم بن عبد الله: ما الإستبرق؟، قلت: ما غلظ من الديباج، وخشن منه، فقال سمعت عبد الله بن عمر يقول: رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رجل حلةً من إستبرق، فأتى بها، فقال يا رسول الله! اشتر هذه، فالبسها لوفد الناس إذا قدم عليك، فقال:"إنما يلبس الحرير من لا خلاق له"، قال فمضى لذلك ما مضى، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليه بحلة فأتاه بها، فقال: يا رسول! الله، بعثت إلي بهذه، وقد قلت في مثل هذا ما قلت، فقال:"إنما بعثت إليك بها لتصيب بها مالًا" وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه يكره العلم في الثوب من أجل هذا الحديث
(1)
.
6229 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا أبي قال: سمعت الصقعب بن زهير يحدث عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي عليه جبة مكفوفة بحرير، أو قال: مزررة بديباج، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبًا وأخذ بمجامع
(2)
جبته، فجذبها به، ثم قال:"لا أرى عليك ثياب من لا يعقل"
(3)
. وهو حديث طويل، فاختصرنا منه هذا المعنى.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (6081)، ومسلم (2068)(9)، والنسائي 8/ 198 من طريق عبد الوارث به.
(2)
أراد أطرافها التي يلتقي بعضها ببعض وهو جمع مجمع، ومجمع كل شيء ملتقاه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطبراني كما في النخب 22/ 141 من طريق حماد بن زيد عن الصقعب به.
6230 -
حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب قال: ثنا همام، عن قتادة، عن أبي شيخ الهنائي قال: كنت في ملإ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند معاوية رضي الله عنه فقال: "أنشدكم الله، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير؟ " قال: قالوا: اللهم نعم! قال: "وأنا أشهد"
(1)
.
6231 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: ثنا همام
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6232 -
حدثنا محمد، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد قال: أخبرني حميد، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما يلبس الحرير من لا خلاق له"
(3)
.
6233 -
حدثنا محمد بن حميد قال: ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا يحيى بن حمزة، قال: ثنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني حمران، قال: حج معاوية
(1)
إسناده حسن من أجل أبي شيخ الهنائي.
وأخرجه أحمد (16833)، وعبد بن حميد (419)، والطبراني في الكبير 19 (825) من طريق همام به.
وأخرجه أبو داود (1794)، والطبراني في الكبير (19/ 827، 828) من طرق عن قتادة به.
(2)
إسناده حسن وهو مكرر سابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3250) من طريق إسماعيل بن حمدويه البيكندي، عن حجاج بن منهال به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (5125)، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 78 - 79، والنسائي في المجتبى 8/ 201 وفي الكبرى (9592، 9624) من طريق شعبة، عن قتادة، عن بكر بن عبد الله وبشر بن المحتفز، عن عبد الله بن عمر به.
رضي الله عنه، فدعا نفرًا من الأنصار في الكعبة، فقال:"أنشدكم الله ألم تسمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثياب الحرير؟ "، فقالوا: اللهم نعم، قال:"وأنا أشهد"
(1)
.
6234 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، قال: استسقى حذيفة بالمدائن، فأتاه دهقان بإناء من فضة، فرمى به، ثم قال: إني كنت نهيته عنه، فأبى أن ينتهي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة، وعن لبس الحرير والديباج، وقال:"دعوه، لهم في الدنيا، وهي لكم في الآخرة"
(2)
.
6235 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف، فيه حمران، قال ابن حجر: حمان ويقال حمران وهو أخو أبي شيخ مستور.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3249) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني في الكبير 19/ 355 (832) من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير: قال حدثني أبو الشيخ قال: أنا حمان قال حج معاوية.
وأخرجه أحمد (16877)، والنسائي في المجتبى 8/ 162، وفي الكبرى (9456، 9819)، والطبراني في الكبير 19/ 831 من طريق حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي شيخ، عن أخيه حمان به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1418) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (429)، وأحمد (23269)، والبخاري (5632، 5831)، ومسلم (2067)، وأبو داود (3723)، وأبو عوانة (8481، 8482، 8483، 8484)، والبيهقي في الشعب (6088، 6378) من طرق عن شعبة به.
(3)
إسناده صحيح وهو مكرر سابقه. =
6236 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا مسعود بن سعد الجعفي، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
…
مثله
(1)
.
6237 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو إسحاق الضرير، قال: ثنا ابن عون، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى
…
مثله
(2)
.
6238 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عمر بن سعيد، عن علي بن عبد الله، عن أبيه، عن معاوية رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والذهب
(3)
.
6239 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن أبي التياح، عن رجل من
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1418) بإسناده ومتنه.
(1)
إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد الكوفي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 210، وأحمد (23464)، ومسلم (2067)، والبزار في مسنده (2952)، والنسائي 8/ 198 - 199، وابن الجارود (865)، وأبو عوانة (8485)، وابن حبان (5339) من طرق عن يزيد بن أبي زياد به.
(2)
حديث صحيح وإسناده ضعيف من أجل أبي إسحاق الضرير إبراهيم بن زكريا وقد توبع.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1419) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (23364)، والدارمي (2130)، والبخاري (5633)، ومسلم (2067)، والنسائي في الكبرى (6870)، والبزار في مسنده (2950)، وأبو عوانة (8448 - 8449 - 8450)، والخطيب في تاريخه 10/ 200 من طرق عن ابن عون به.
(3)
إسناده ضعيف الجهالة علي بن عبد الله بن علي وأبيه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 164، وأحمد (16872، 16923) من طرق عن عمر بن سعيد به.
بني ليث، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير
(1)
.
6240 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: ثنا أبو التياح، عن حفص الليثي، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. مثله
(2)
.
6241 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عياش الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن مطر، عن الحسن، عن عمران بن الحصين رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ألبس القميص المكفف
(3)
بالحرير"، وأومى الحسن إلى جيب قميصه
(4)
.
6242 -
حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة
(1)
إسناده ضعيف، الرجل الليثي هو حفص بن عبد الله الليثي كما جاءني في الرواية الآتية، ولم يرو عنه غير أبي التياح يزيد بن حميد، وذكره ابن حبان في الثقات.
وأخرجه الطيالسي (843)، وأحمد (19838)، والطبراني 18/ 492 من طرق عن شعبة به، وسمى الطيالسي والطبراني الرجل الليثي حفصا.
(2)
حديث صحيح وإسناده ضعيف الجهالة حفص بن عبد الله الليثي وقد توبع.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 123 - 351 - 352، وأحمد (19980)، والطبراني في الكبير 18/ 491، والمزي في تهذيب الكمال 7/ 21 - 22 من طرق عن حماد بن سلمة به.
(3)
هو ما اتخذ جيبه من حرير وكان لذيله وأكمامه كفاف منه.
(4)
إسناده ضعيف لضعف مطر بن طهمان الوراق، ولانقطاعه فإن الحسن البصري لم يسمع من عمران بن حصين.
وأخرجه البزار في مسنده (3549) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن سعيد، عن مطر أو قتادة به.
وأخرجه أحمد (19975)، وأبو داود (4048)، والطبراني في الكبير 18/ 312 - 313 - 314، والحاكم 4/ 191، والبيهقي في السنن 3/ 246 وفي الشعب (6320)، وفي الآداب (582، 757) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن به.
(ح)
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، ووهب قالا: ثنا شعبة، عن الأشعث بن أبي الشعثاء، معاوية بن سويد بن مقرن، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والديباج، والشرب في آنية الذهب والفضة
(1)
.
6243 -
حدثنا محمد بن النعمان، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت البناني، قال: سمعت عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، يقول: قال: محمد صلى الله عليه وسلم: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة"
(2)
.
6244 -
حدثنا بكار، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، عن داود السراج، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، ولو دخل الجنة يلبسه أهل الجنة ولا يلبسه هو"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1420) بإسناده ومتنه.
وهو في مسند الطيالسي (746).
وأخرجه أحمد (18504)، والبخاري (1239، 2445، 5650، 5863)، ومسلم (2066)، والترمذي (2809)، وأبو عوانة 2/ 69 - 70، 5/ 438 - 439، والبيهقي 1/ 27، والبغوي (1406) من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح وشيخ الطحاوي متابع.
وأخرجه أحمد (16118)، والبخاري (5833)، والنسائي في المجتبى 8/ 200 وفي الكبرى (9583، 11344)، وأبو يعلى (6815) من طرق عن حماد بن زيد به.
(3)
إسناده ضعيف الجهالة داود السراج.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4845) بإسناده ومتنه. =
6245 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث: قال: ثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة"
(1)
.
6246 -
حدثنا مبشر بن الحسن قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
حدثنا يونس قال: ثنا أسد قال: ثنا شعبة، عن عبد العزيز وسألته عن الحرير، فقال: سمعت أنسًا رضي الله عنه، فقلت: أعن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: شديدًا
…
ثم ذكر مثله
(2)
.
6247 -
حدثنا يونس، قال: ثنا أسد، قال ثنا شعبة، عن حميد الطويل، عن أنس رضي
= وأخرجه الطيالسي (2217)، وأحمد (11179)، والنسائي في الكبرى (9611)، وابن حبان (5437)، والحاكم 4/ 191 من طريق هشام الدستوائي به.
وأخرجه علي بن الجعد (981)، والنسائي في الكبرى (9607)، والبغوي في شرح السنة (3101) من طرق عن شعبة، عن قتادة به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البغوي في الجعديات (1470) من طريق عبد الوارث بن سعيد به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (13992)، والبخاري (5832)، وأبو يعلى (3930)، وأبو عوانة 2/ 66، 5/ 452، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1461 - 1469 - 1515)، وابن حبان (5435)، والبيهقي 2/ 422 من طرق عن شعبة به.
الله عنه، قال: كنا نتحدث بذلك
(1)
.
6248 -
حدثنا يونس وبحر، قال يونس أخبرنا ابن وهب، وقال بحر: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن هشام بن أبي رقية اللخمي حدثه، قال: سمعت مسلمة بن مخلد رضي الله عنه يخطب وهو يقول: أما لكم في العصب
(2)
والكتان ما يغنيكم عن لبس الحرير؟ وهذا فيكم رجل يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا عقبة! فقام عقبة بن عامر فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: "من لبس الحرير في الدنيا حرمه أن يلبسه في الآخرة"
(3)
.
6249 -
حدثنا محمد بن حميد بن هشام، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثني يحيى بن حمزة، عن الوليد بن السائب
(4)
أن شدادا أبا عمار، قال: ثنا أبو أمامة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يلبس الحرير في الدنيا إلا من لا خلاق له"
(5)
.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
بفتح العين المهملة وسكون الصاد المهملة وهي: برود يمنية يعصب غزلها، أي: يجمع ويشيد ثم يصبغ وينسج، فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض، لم يأخذه صبغ، يقال: برد عصب، ويرود عصب بالتنوين والإضافة.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4822) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (17431) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 2/ 506، وأبو يعلى (1751)، وابن حبان (5436)، والطبراني في الكبير 17/ 904، وابن عبد البر في التمهيد 14/ 245 - 246 من طرق عن عبد الله بن وهب به.
(4)
في الأصول والاتحاف هكذا هو: الوليد بن سليمان بن أبي السائب القرشي، وفي ن ومصادر التخريج "الأوزاعي".
(5)
إسناده صحيح. =
6250 -
حدثنا حسين بن نصر، ومحمد بن حميد، قالا: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثني يحيى بن حمزة قال: حدثني زيد بن واقد، أن خالد بن عبد الله بن حسين حدثه، قال: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الآخرة، ومن شرب في آنية الفضة والذهب لم يشرب بهما في الآخرة". ثم قال: "لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة، وآنية أهل الجنة"
(1)
.
ففي هذه الآثار المتواترة النهي عن لبس الحرير، فاحتمل أن تكون نسخت ما فيه الإباحة للبسه، واحتمل أن تكون ما فيه الإباحة هو الناسخ.
فنظرنا في ذلك لنعلم الناسخ من ذلك من المنسوخ فإذا
6251 -
ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن العلاف، قال: ثنا ابن سواء، عن سعيد، عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم جبةً من سندس
(2)
وذلك قبل أن ينهى عن الحرير، فلبسها، فعجب الناس منها، فقال:
= وأخرجه مسلم (2074)، والطبراني في الكبير 8/ 139 - 7627، والبيهقي 3/ 266 من طريق الأوزاعي، عن شداد أبي عمار به.
(1)
إسناده حسن من أجل خالد بن عبد الله بن حسين الأموي.
وأخرجه النسائي في الكبرى (6840)، وابن ماجة (3374) من طريق هشام بن عمار، عن يحيى بن ضمرة بهذا الإسناد.
(2)
هو: ما رق من الديباج ورفع.
"والذي نفسي بيده، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذه"
(1)
.
6252 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، والليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير، أنه سمع عقبة بن عامر رضي الله عنه، يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وعليه فروج
(2)
حرير، فصلى فيها، ثم انصرف فنزعها، وقال:"لا ينبغي لباس هذه للمتقين"
(3)
.
6253 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو عوانة في المناقب كما في الإتحاف 2/ 216، وابن حبان (7038) من طريق محمد بن سواء، عن سعيد به.
وعلق طرفا من أوله البخاري (2616) عن سعيد به.
وأخرجه أحمد (13148) من طريق روح عن سعيد به.
وأخرجه مسلم (2469)(127)، والبزار (2702 كشف) من طريق عمر بن عامر، عن قتادة به.
(2)
بفتح الفاء وضم الراء المشددة هو القباء الذي شق من خلفه.
(3)
إسناده صحيح وعبد الله بن لهيعة متابع.
وأخرجه أحمد (17343)، والبخاري (375، 5801)، ومسلم (2075)(23)، والنسائي في المجتبى 2/ 72 وفي الكبرى (846)، وأبو عوانة 2/ 67 و 5/ 452 - 453، وابن حبان (5433)، والطبراني في الكبير 17/ 759، والبيهقي في السنن 2/ 422 - 423، والبغوي في شرح الستة (525) من طرق عن الليث بن سعد به.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (17353)، ومسلم (2075)، وابن خزيمة (773)، وأبو عوانة 2/ 67 من طريق أبي عاصم به.
6254 -
حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أنه قال: أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير، فلبسه
…
ثم ذكر مثله
(1)
.
فدلت هذه الآثار أن لبس الحرير كان مباحًا، وأن النهي عن لبسه كان بعد إباحته، فعلمنا أن ما جاء في النهي عن لبسه، هو الناسخ لما جاء في إباحة لبسه.
وهذا أيضًا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، وأكثر العلماء رحمهم الله، وقد روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في ذلك ما
6255 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه أن عمه إسماعيل بن عبد الرحمن دخل مع عبد الرحمن على عمر رضي الله عنه، وعليه قميص من حرير وقلبان
(2)
من ذهب، فشق القميص، وفك القلبين وقال: اذهب إلى أمك
(3)
.
6256 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا مسعر، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن عامر، عن سويد بن غفلة، قال: أتينا عمر رضي الله عنه، وعلينا من ثياب أهل
(1)
إسناده صحيح وهو مكرر سابقه (6252).
(2)
تثنية قُلب بضم القاف هو السوار.
(3)
رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (24657) عن وكيع، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم به.
فارس، أو قال: كسرى، فقال: برح
(1)
الله هذه الوجوه، فرجعنا فألقيناها، ولبسنا ثياب العرب، فرجعنا إليه، فقال: أنتم خير من قوم أتوني، وعليهم ثياب قوم لو رضيها الله لهم لم يلبسهم إياها، لا يصلح أو لا يحل إلا أصبعين أو ثلاثًا أو أربعًا يعني: الحرير
(2)
.
6257 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن إسماعيل بن سميع، عن مسلم البطين، عن أبي عمرو السيباني، قال: رأى علي بن أبي طالب رضي الله عنه على رجل جبةً في صدره لبنة
(3)
من ديباج، فقال له علي رضي الله عنه: ما هذا الشيء الذي تحت لحيتك؟، فجعل الرجل ينظر، فقال له رجل: إنما يعني الديباج
(4)
.
6258 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، عن عمرو، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان، قال: استأذن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه على ابن عامر وتحته مرافق من حرير، فأمر بها فرفعت، فدخل عليه سعد، وعليه مطرف، شطره
(1)
بالتشديد بمعنى زال.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 2/ 50 بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 202 وفي الكبرى (9633) من طريق وبرة بن عبد الرحمن، عن الشعبي به موقوفا.
وأخرجه أحمد (365)، ومسلم (2062)(15)، وأبو عوانة 5/ 460، والبيهقي 2/ 423 من طريق قتادة، عن الشعبي به مرفوعا.
(3)
بكسر اللام وسكون الباء هي: رقعة تعمل موضع الجيب.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (24697) عن عبد الرحيم بن سليمان، عن إسماعيل بن سميع به.
حرير، فقال له ابن عامر: يا أبا إسحاق، استأذنت علي وتحتي مرافق من حرير، فأمرت بها فرفعت، فقال: نعم الرجل أنت يا ابن عامر إن لم تكن من الذين قال الله عز وجل {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20]؛ لأن أضطجع على جمر الغضاء أحب إلي من أن أضطجع على مرافق من حرير، قال: فهذا عليك مطرف، شطره خز، وشطره حرير قال: إنما يلي جلدي منه الخز
(1)
.
6259 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم، قال: ثنا سفيان عن عمرو بن دينار، عن طلق بن حبيب، قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أرأيت هذا الذي تقول في هذا الحرير، أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو وجدته في كتاب الله عز وجل؟، قال:"ما وجدته في كتاب الله ولا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني رأيت أهل الإسلام يكرهونه"
(2)
.
6260 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن عبد الله بن عون، قال: لا أعلمه إلا قال: عن الحسن، قال: دخلنا على ابن عمر بالبطحاء فقال له رجل: إن ثيابنا هذه يخالطها الحرير، قال: دعوه، قليله وكثيره
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (24639)، والحاكم 2/ 494، والبيهقي 3/ 267 من طرق عن سفيان به.
(2)
إسناده حسن من أجل طلق بن حبيب.
(3)
إسناده حسن من أجل الخصيب بن ناصح.
وأخرجه البيهقي في الشعب (5689) من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن عبد الله بن عون به.
قال أبو جعفر: فذهب ذاهبون
(1)
إلى أن ما حرم من ذلك فقد دخل فيه النساء والرجال جميعًا، واحتجوا في ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" ولم يخص في ذلك الرجال دون النساء.
وقالوا: قد رأينا آنية الذهب والفضة حرمت على المسلمين؛ لأنها آنية الكفار في الدنيا فاستوى في ذلك النساء والرجال.
وكذلك الحرير لما حرم على المسلمين لأنه لباس الكفار، استوى فيه الرجال والنساء جميعا.
فكان من الحجة على من ذهب إلى هذا القول أنه قد نهي عن لبس الثياب المصبغات، وقيل: إنها لباس الكفار. وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ما
6261 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصفرين فقال:"هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها"
(2)
.
(1)
قلت أراد بهم: زيد بن وهب الجهني، وسالما، والحسن البصري رحمهم الله، كما في النخب 22/ 177.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (6513)، والحاكم 4/ 190 من طريق يحيى القطان به.
وأخرجه ابن سعد 4/ 265، ومسلم (2077)(27)، والنسائي في المجتبى 8/ 203 وفي الكبرى (9569) من طرق عن هشام الدستوائي به.
6262 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا هارون بن إسماعيل الخزاز، قال: ثنا علي بن المبارك، قال: ثنا يحيى
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
ففي هذا الحديث أن الثياب المصبغة ثياب الكفار، فنظرنا في ذلك هل حرم لبسها لهذه العلة على النساء أم لا؟. فإذا
6263 -
سليمان بن شعيب قد حدثنا، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا عمارة بن زاذان، عن زياد النميري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب معصفر، فقال له:"لو أن ثوبك هذا في تنور لكان خيرًا لك"، فذهب الرجل فجعله تحت القدر، أو في التنور، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما فعل ثوبك؟ "، قال: صنعت به ما أمرتني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما بهذا أمرتك، أولا ألقيته على بعض نسائك؟ "
(2)
.
فكان ذلك التحريم على الرجال دون النساء. وقد روي في ذلك عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
6264 -
حدثنا أبو خازم عبد الحميد بن عبد العزيز، قال: ثنا بندار، قال ثنا ابن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عروبة عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها، فرأيت عليها ثيابا مصبغةً
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 368، وأحمد (6536)، ومسلم (2077)(27) من طريق وكيع، عن علي بن المبارك به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف عمارة بن زاذان وزياد النميري.
(3)
إسناده صحيح، إبراهيم النخعي دخل على السيدة عائشة وروى عنها ولم يسمع منها.
وأخرجه ابن أبي شيبة (24739) من طريق عباد بن العوام، عن سعيد، عن أبي معشر به.
6265 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم قال: أخبرني ابن جريج، عن موسى بن عقبة، قال: كانت أم سلمة، وعائشة، وأم حبيبة رضي الله عنهم يلبسن المعصفرات
(1)
.
6266 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرًا رضي الله عنه، يقول: المهلة لا تلبس ثياب الطيب، وتلبس الثياب المعصفرات من غير الطيب
(2)
.
6267 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها، أنها كانت تلبس الثياب المعصفرات وهي محرمة، ليس فيهن زعفران
(3)
.
6268 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: ما رأيت أسماء لبست إلا المعصفر حتى لقيت الله عز وجل، وإن كانت لتلبس الثوب فتقوم قيامًا من العصفر
(4)
.
فما تنكرون أن يكون الحرير كذلك، فيكون لبسه مكروهًا للرجال غير مكروه
(1)
رجاله ثقات.
(2)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه البيهقي في السنن 5/ 59، وفي المعرفة (9685) من طريق سعيد بن سالم، عن ابن جريج به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ / 438، ومن طريق مالك أخرجه البيهقي في السنن 5/ 59، وفي المعرفة (9680).
(4)
إسناده حسن من أجل يحيى بن عبد الله بن سالم.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (2254) عن هشام بن عروة به.
للنساء.
فإن قالوا لنا: فلم لا تشبهون حكم لباس الحرير في هذا الباب بحكم استعمال آنية الذهب والفضة؟.
قيل لهم؛ لأن الثياب المصبغة هي من اللباس، وكذلك ثياب الحرير والديباج والذهب والفضة، هما من الأواني، واللباس بعضه ببعض أشبه منه بالآنية.
وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى. وقد روي في ذلك أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما
6269 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن أبي الصعبة، عن رجل من همدان يقال له: أبو أفلح، عن ابن زرير أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرًا في يمينه، وأخذ ذهبًا، فجعله في يساره، ثم قال:"إن هذين حرام على ذكور أمتي"
(1)
.
6270 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد العزيز بن أبي الصعبة، عن أبي أفلح، عن عبد الله بن زرير
(1)
إسناده حسن عبد العزيز أبو الصعبة لا بأس به، وأبو الأفلح حسن الحديث.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4815) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (935)، وأبو داود (4057)، والنسائي 8/ 160 من طرق عن الليث به، وقد سقط عند أبي داود "أبي الصعبة".
الغافقي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6271 -
حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد العزيز بن أبي الصعبة القرشي، عن أبي علي الهمداني، عن عبد الله بن زرير، قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إحدى يديه ذهب، وفي الأخرى حرير، فقال:"هذان حرام على ذكور أمتي وحل لإناثها"
(2)
.
6272 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب، أن عبد العزيز بن أبي الصعبة القرشي حدثه
…
ثم ذكر بإسناده مثله
(3)
.
6273 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عبد الرحمن بن رافع، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
(1)
إسناده حسن، وقد صرح بالتحديث محمد بن إسحاق بالتحديث عند عبد بن حميد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4817) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (750)، وعبد بن حميد (80)، والنسائي 8/ 160 - 161، وأبو يعلى (272، 325)، والبيهقي 2/ 425 من طرق عن يزيد بن هارون به. وقد سقط من سند أحمد أبو أفلح الهمداني.
(2)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4816) بإسناده ومتنه.
(3)
إسناده ضعيف كسابقه.
(4)
إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي وعبد الرحمن بن رافع التنوخي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (24662) عن عبد الرحيم بن سليمان، عن الإفريقي به.
6274 -
حدثنا إبراهيم بن منقذ، وصالح بن عبد الرحمن، قالا: ثنا المقرئ، عن عبد الرحمن بن زياد
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
6275 -
حدثنا ابن أبي عمران، وابن أبي داود، وعلي بن عبد الرحمن، وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد بن خزيمة، قالوا: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، عن عباد بن العوام، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، قال: حدثني ثابت بن زيد بن أرقم، قال: حدثتني عمتي أنيسة بنت زيد بن أرقم، عن أبيها زيد بن أرقم رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
وزاد علي بن عبد الرحمن فقال له رجل: إنك لتقول هذا، وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينهى عنه، قالت: وكان في يدي قلبان من ذهب، فقال ضعيهما وركب حميرًا له، فانطلق، ثم رجع، فقال أعيديهما، فقد سألته، فقال: لا بأس به
(2)
.
6276 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني الحسن بن ثوبان وعمرو بن الحارث، عن هشام بن أبي رقية، قال: سمعت مسلمة بن مخلد يقول لعقبة بن عامر رضي الله عنه: قم! فحدث الناس بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقام عقبة، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كذب علي متعمدًا
(1)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه الطبراني في الكبير 13/ 51 - 126 من طريق هارون بن ملوك، عن المقري به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف ثابت بن زيد بن أرقم.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4820) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني 5/ 211 (5125) من طريق سعيد بن سليمان به.
فليتبوأ مقعده من النار"
(1)
. وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحرير والذهب حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم".
6277 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال الأنماطي، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الحرير والذهب حلال لإناث أمتي، حرام على ذكورها"
(2)
.
6278 -
حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح وهو مكرر سابقه (6248).
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4821) بإسناده ومتنه.
(2)
إسناده منقطع، سعيد بن أبي هند لم يلق أبا موسى فيما ذكر أبو حاتم كما في المراسيل لابنه (ص 67).
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4823) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 346، وعبد بن حميد (546)، وأحمد (19515)، والترمذي (1720)، والنسائي في المجتبى 8/ 190 وفي الكبرى (9449)، والبيهقي 2/ 425، وابن عبد البر في التمهيد 14/ 243 من طرق عن عبيد الله به.
(3)
إسناده منقطع سعيد بن أبي هند لم يسمع أبا موسى كما ذكر أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في المراسيل (ص 67)، والدارقطني في العلل 7/ 242.
وأخرجه عبد الرزاق (19931)، وأحمد (19502) من طريق عبد الرزاق، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن سعيد بن أبي، هند، عن رجل، عن أبي موسى به.
فبين في هذه الآثار من قصد إليه بالنهي في الآثار الأول، وأنهم الرجال دون النساء.
فقال الآخرون: فقد روي عن ابن عمر وابن الزبير أنهما جعلا قول النبي صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا، لم يلبسه في الآخرة على الرجال والنساء. وذكروا في ذلك ما
6279 -
حدثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو داود قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك قال: سألت امرأة ابن عمر قالت: أتحلى بالذهب؟، قال: نعم، قالت: فما تقول في الحرير؟ قال: يكره ذلك قالت: ما يكره؟ أخبرني، أحلال هو أم حرام؟ قال:"كنا نتحدث أن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة"
(1)
.
6280 -
حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا خالد بن نزار قال: ثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن امرأةً سألته عن لبس الحرير، فكرهه. فقالت: ولم؟ فقال لها: "أما إذ أبيت فسأخبرك، كنا نقول: أن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة
(2)
.
6281 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني أبو ذبيان، قال: سمعت ابن الزبير رضي الله عنهما يخطب يقول: يا أيها الناس لا تلبسوا نساءكم الحرير،
(1)
رجاله ثقات.
وأخرجه النسائي في الكبرى (9522) من طريق سريج بن يونس، عن هشيم به.
(2)
إسناده حسن من أجل خالد بن نزار.
فإني سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" قال ابن الزبير: وأنا أقول: من لم يلبسه في الآخرة، لم يدخل الجنة، لأن الله عز وجل قال:{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}
(1)
.
6282 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: حدثني الأزرق بن قيس الحارثي، قال: سمعت عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما يخطب يوم التروية وهو يقول: يا أيها الناس لا تلبسوا الحرير ولا تلبسوها نساءكم، ولا أبناءكم، فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة
(2)
.
وذكروا في ذلك أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم
6283 -
ما حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن أبا عشانة المعافري حدثه، أنه سمع عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير، ويقول:"إن كنتن تحببن حلية الجنة وحريرها فلا تلبسنها في الدنيا"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4843) بإسناده ومتنه.
وهو في مسند الطيالسي (43).
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 350، وأحمد (251)، والبخاري (5834)، ومسلم (2069)(11)، والنسائي في المجتبى 8/ 200 وفي الكبرى (11343)، والبغوي في الجعديات (1447) من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
(3)
إسناده صحيح. =
قيل لهم: أما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" فقد روي ذلك، وقد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد به الرجال خاصةً، ويجوز أن يكون أراد به الرجال والنساء.
وما ذكرنا من حديث علي، وعبد الله بن عمرو، وزيد بن أرقم، وأبي موسى رضي الله عنهم، يخبرون أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد به الرجال دون النساء فهو أولى.
وهذا المعنى أولى أن يحمل عليه وجه هذا الحديث حتى لا يتضاد ما ذكرنا قبله. ولئن كان ما ذكروه عن ابن عمر، وابن الزبير رضي الله عنهم في ذلك حجةً، فإن ما قد ذكرناه عن علي رضي الله عنه مما يخالف ذلك أحرى بأن يكون حجةً.
وقد روي في هذا أيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك.
6284 -
حدثنا يزيد بن سنان وابن مرزوق قالا: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت نافعًا يحدث، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: رأى عمر رضي الله عنه عطارد التميمي
(1)
يقيم في السوق حلةً سيراء
(2)
، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله!
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4837) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي 8/ 156، وابن حبان (5486)، والحاكم 4/ 191، والطبراني 17/ 835 من طرق عن عبد الله بن وهب به
وأخرجه أحمد (17310) من طريق رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث به.
(1)
هو عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي.
(2)
بكسر السين نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور وهو فعلاء من السير.
لو اشتريتها لوفد العرب إذا قدموا عليك؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة"، فلما كان بعد ذلك أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلل سيراء، فبعث إلى عمر بحلة، وإلى أسامة بحلة، وأعطى عليّا حلةً فأمره أن يشقها خمرًا بين نسائه. قال: وراح أسامة بحلته، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لها نظرًا عرف أنه كره ما صنع، فقال:"إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتشقها خمرًا بين نسائك"
(1)
.
6285 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا حامد بن يحيى، قال: ثنا سفيان قال ثنا أيوب بن موسى، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم حلةً سيراء على عطارد، فكرهها له، ونهاه عنها، ثم إنه كسا عمر مثلها. فقال: يا رسول الله، قلت في حلة عطارد ما قلت، وتكسوني هذه؟ فقال:"لم أكسكها لتلبسها، إنما أعطيتكها لتلبسها النساء"
(2)
.
فأخبر ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن قوله:"إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له" إنما قصد به الرجال دون النساء وقد روي هذا أيضا عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
6286 -
حدثنا أحمد بن داود، قال ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا وكيع، عن مسعر، عن
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (2068)(7)، وأبو يعلى (5814) من طريق شيبان، عن جرير به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحميدي (679) من طريق سفيان بن عيينة به.
وأخرجه عبد الرزاق (19929)، وأحمد (6339)، وأبو عوانة 5/ 447 من طريقين عن أيوب به.
أبي عون، عن أبي صالح الحنفي، عن علي رضي الله عنه، أن أكيدر دومة أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير فأعطاه إياه، وقال:"اشققه خمرًا بين النساء"
(1)
.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذلك ما
6287 -
حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: ثنا شعبة، عن أبي عون الثقفي قال: سمعت أبا صالح الحنفي يقول: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلةً سِيراء من حرير، فبعث بها إلي فلبستها، فرأيت الكراهة في وجهه، فأطرتُها
(2)
خمرًا بين نسائي
(3)
.
6288 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني أبو عون محمد بن عبيد الله
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
6289 -
حدثنا سليمان، قال ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة،
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل يعقوب بن حميد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 382، وأحمد (1077)، ومسلم (2071)(18)، وأبو يعلى (437) من طريق وكيع به.
(2)
أي قطعتها وشققتها، وقال الخطابي: معناه قسمتها.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4825) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (1171)، ومسلم (2071)، وأبو داود (4043)، والبزار (731)، والنسائي 8/ 197 من طرق عن شعبة به.
(4)
إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.
عن زيد بن وهب عن علي رضي الله عنه
…
فذكر مثله
(1)
.
6290 -
حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، أن إبراهيم بن عبد الله بن حنين حدثه: أن أباه حدثه أنه، سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم حلةً سيراء فرحت فيها، فقال لي:"يا علي إني لم أكسكها لتلبسها"، فرجعت إلى فاطمة رضي الله عنها فأعطيتها طرفها كأنها تطوي معي فشققتها، فقالت: تربت يداك يا ابن أبي طالب ماذا جئت به؟، قلت: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ألبسها، فالبسيها واكسي نساءك
(2)
.
6291 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال ثنا عمران بن عيينة، عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي فاختة، عن جعدة، عن علي رضي الله عنه، قال: أهدى أمير
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 353، وأحمد (755)، والبخاري (5840)، ومسلم (2071)(19)، والنسائي في الكبرى (9567) من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4826) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (710)، وأبو يعلى (329)، وأبو عوانة 2/ 174 من طريقين عن محمد بن إسحاق، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين به.
وأخرجه مسلم (480)(210، 211، 213)، وأبو داود (4046)، والنسائي 2/ 189، 8/ 168، 191 من طرق عن إبراهيم به.
أذربيجان إلى النبي صلى الله عليه وسلم حلةً مسيرةً
(1)
بحرير، إما سداها، وإما لحمتها، فبعث بها إلي فأتيته، فقلت يا رسول الله، ألبسها؟، قال:"لا، أكره لك ما أكره لنفسي، ولكن اجعلها خمرًا يين الفواطم"، قال: فقطعت منها أربع خمر، خمارًا لفاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب وخمارًا لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخمارًا لفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب، وخمارًا لفاطمة أخرى قد نسيتها
(2)
(3)
.
6292 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم، عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي فاختة، عن جعدة بن هبيرة، عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهديت له حلة، لحمتها أو سداها، إبريسم فقلت: يا رسول الله! ألبسها؟ قال: "لا، أكره لك ما أكره لنفسي، ولكن اقطعها خمرًا لفلانة وفلانة، وفلانة"، وذكر فيهن فاطمة قال، فشققتها أربع خمر
(4)
.
6293 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سمعت مجاهدًا، يحدث عن ابن أبي ليلى، قال: سمعت عليا رضي الله عنه، يقول: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بحالة حرير، فبعث بها إلي فلبستها فرأيت الكراهة في وجهه، فأطرتها خمرًا بين
(1)
أي فيها خطوط من إبرسيم كالسيور.
(2)
قال عياض: لعلها فاطمة امرأة عقيل بن أبي طالب وهو بنت شيبة بن ربيعة، وقيل: بنت عتبة بن ربيعة.
(3)
إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد القرشي الكوفي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 159، 12/ 66 من طريق ابن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد به.
(4)
إسناده ضعيف كسابقه.
النساء
(1)
.
وقد روي في ذلك عن أنس بن مالك رضي الله عنه ما
6294 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو اليمان، قال أنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه أنه رأى على أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم برد حرير سيراء
(2)
.
6295 -
حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا يحيى بن حمزة، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس
…
مثله
(3)
.
6296 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عبد الله بن جعفر الرقي، قال ثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، ومعمر، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه
…
مثله
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4827) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (958)، والبزار (618) من طريقين عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4838) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (8542)، والنسائي في الكبرى (9578) من طريقين عن أبي اليمان به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4839) بإسناده ومتنه.
(4)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4840) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 356 - 383، والنسائي في الكبرى (9576) وفي المجتبى 8/ 197 من طريقين عن عيسى بن يونس، عن معمر وحيوة به.
6297 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الخطاب بن عثمان، وحيوة بن شريح، قالا: ثنا بقية، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه
…
مثله، قال: والسيراء المضلع
(1)
بالقز
(2)
.
6298 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: رأيت على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بردًا سيراء من حرير
(3)
.
فقد ثبت بهذه الآثار مع ما قدمنا في ذلك من النظر إباحة لبس الحرير للنساء.
وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
6299 -
وقد حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا مسعر، عن عبد الملك بن ميسرة، عن عمرو بن دينار، أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما نزع الحرير عن الغلام، وتركه على الجواري، قال مسعر: وسألت عنه عمرو بن دينار، فلم يعرفه
(4)
.
(1)
المضلع الذي فيه سيور وخطوط من الإبريسم وغيره شبه الأضلاع.
(2)
إسناده ضعيف لتدليس بقية بن الوليد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4842) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود (4058) والنسائي في الكبرى (9504) من طريق بقية به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4841) بإسناده ومتنه.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (4059) من طريق أبي أحمد الزبيري به.
6 - باب: الثوب يكون فيه علم الحرير أو يكون فيه شيء من الحرير
قال أبو جعفر: قد روينا في غير هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن الحرير.
فذهب قوم
(1)
إلى أن ذلك النهي قد وقع على قليله وكثيره، فكرهوا بذلك لبس الثوب المعلم بِعَلَم الحرير، والثوب الذي لحمته غير حرير.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: قد وقع النهي من ذلك على ما جاوز الأعلام، وعلى ما كان سداه غير حرير، لا على غير ذلك.
واحتجوا في ذلك بما قد روينا في باب لبس الحرير، عن عمر رضي الله عنه في استثنائه مما حرم عليهم من الحرير الأعلام.
6300 -
وبما حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا القاسم بن مالك المزني، عن داود بن أبي هند عن حميد بن عبد الرحمن، عن سعد بن هشام قال: حدثتني عائشة رضي الله عنها، قالت: كانت لنا قطيفة
(3)
علمها حرير، فكنا نلبسها
(4)
.
(1)
قلت أراد بهم: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وسليمان الأعمش، وهشام بن عروة رحمهم الله، كما في النخب 22/ 216.
(2)
قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وقتادة، والشعبي، والثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 22/ 217.
(3)
بفتح القاف وهي: كساء له خمل.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (1321)، وأحمد (24218)، ومسلم (2107)(88 - 89)، والترمذي (2468)، =
6301 -
حدثنا يونس، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن المغيرة بن زياد، عن أبي عمر مولى أسماء، قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنهما اشترى جبةً فيها خيط أحمر، فردها، فأتيت أسماء، فذكرت ذلك لها، فقالت: "بؤسًا لابن عمر، يا جارية! ناوليني جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخرجت إلينا جبةً مكفوفة الجيب، والكمين، والفرج، بالديباج
(1)
.
6302 -
حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور قال: ثنا الهيثم بن جميل (ح)
وحدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قالا: أنا شريك، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب
= والنسائي في المجتبى 8/ 213 وفي الكبرى (9775)، وأبو يعلى (4468)، وابن حبان (672) من طرق عن داود بن أبي هند به.
(1)
إسناده حسن من أجل المغيرة بن زياد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1421) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود (4054)، والبيهقي في السنن 3/ 270، وابن عبد البر في التمهيد 14/ 255 من طريق عيسى بن يونس به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 358، وابن ماجة (3594)، وابن عبد البر في التمهيد 14/ 254 - 255 وفي الاستذكار 26/ 206 - 207 من طريق وكيع، عن مغيرة بن زياد به.
وأخرجه مسلم (2069)، والنسائي في الكبرى (9546) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي عمر عبد الله بن كيسان به.
المصمت
(1)
، وأما السدى والعلم، فلا
(2)
.
6303 -
حدثنا فهد قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن خصيف
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
ففي هذه الآثار إباحة لبس الثوب من غير الحرير إذا كان فيه من الحرير مثل العلم، أو كانت لحمته غير حرير إذا كان سداه حريرًا.
ومما دل على صحة ما قالوا من ذلك ما قد روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في لبسهم الخز.
6304 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر، قال: سمعت أبي يذكر، عن الشعبي، قال: رأيت على الحسين بن علي جبة خز
(4)
.
(1)
بضم الميم وسكون الصاد هو الذي جميعه حرير لا يخالطه قطن فيه ولا غيره.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل خصيف بن عبد الرحمن الجزري.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1422) من طريق فهد قال: حدثنا أبو غسان ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني قالا: أخبرنا شريك.
وأخرجه أحمد (1879)، وأبو داود (4055)، والطبراني في الكبير (12232)، والبيهقي في السنن الكبرى 2/ 424، 3/ 270، وفي شعب الإيمان (6101) من طريق خصيف بن عبد الرحمن به.
وأخرجه الطبراني (11939)، والبيهقي في الشعب (6103) من طريق مسلم بن سلام، عن عبد السلام بن حرب، عن مالك بن دينار، عن عكرمة به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف خصيف بن عبد الرحمن.
وأخرجه أبو داود (4055) من طريق ابن نفيل، عن زهير به.
(4)
إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر.
6305 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، قال: رأيت على الحسين بن علي رضي الله عنه، مطرف خز
(1)
(2)
.
6306 -
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله، أن بسر بن سعيد حدثه، أنه رأى على سعد بن أبي وقاص جبةً شاميةً، قيامها قز
(3)
، قال بسر: ورأيت على زيد بن ثابت رضي الله عنه، خمائص
(4)
معلمةً
(5)
.
6307 -
حدثنا علي، قال: ثنا يحيى بن معين، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا عبد الله بن عمر، عن وهب بن كيسان، قال: رأيت سعد بن أبي وقاص، وأبا هريرة، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك رضي الله عنهم، يلبسون الخز
(6)
.
6308 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، أنها كست عبد الله بن الزبير مطرف خز كانت عائشة
(1)
ثياب تنسج من صوف وإبريسم.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (24624) عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث به.
(3)
القز من الإبريسم معرب وهو الحرير النّي.
(4)
جمع خميصة وهي: كساء أسود مربع له علمان وإن لم يكن معلما فليس بخميصة.
(5)
إسناده ضعيف من أجل عبد الله بن صالح.
(6)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عمر بن حفص العمري.
تلبسه
(1)
.
6309 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا حماد سلمة، عن عمار بن أبي عمار مولى بني هاشم، قال: قدمت على مروان بن الحكم مطارف خز، فكساها ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأني أنظر إلى أبي هريرة رضي الله عنه، وعليه منها مطرف أغبر
(2)
، كأني أنظر إلى طرائق الإبريسم فيه
(3)
.
6310 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا صالح بن حاتم بن وردان، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: حدثني عبد الله بن عون قال: رأيت على أنس بن مالك رضي الله عنه جبة خز، ومطرف خز، وعمامة خز
(4)
.
6311 -
حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا مهدي بن ميمون، عن شعيب بن الحبحاب، قال: رأيت على أنس بن مالك رضي الله عنه جبة خز، ومطرف خز، أو قال:
(1)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 499، ومن طريقه البيهقي في الشعب (5796).
(2)
في ن "أكبر".
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (24631) من طريق أبي داود الطيالسي، عن عمران القطان، عن عمار به.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (24623)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2235)، وأبو نعيم في الحلية 3/ 41، وفي معرفة الصحابة (796) من طريقين عن ابن عون به.
وبرنس
(1)
خز
(2)
.
6312 -
حدثنا علي بن شيبة قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا شعبة، عن محمد بن زياد، أنه رأى على أبي هريرة رضي الله عنه، مطرف خز
(3)
.
فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانوا يلبسون الخز، وقيامه حرير.
وكان من الحجة للآخرين على أهل هذه المقالة أن الخز يومئذ لم يكن فيه حرير.
فيقال لهم: وما دليلكم على ما ذكرتم، وقد ذكرنا في بعض هذه الآثار أن جبة سعد كان قيامها قزا.
وروينا عنه في كتابنا هذا في غير هذا الباب أنه دخل على ابن عامر، وعليه جبة شطرها خز، وشطرها حرير، فكلمه ابن عامر في ذلك، فقال: إنما يلي جلدي منه الخز، فدل ذلك أن خزهم كان كخز الناس من بعدهم فيه حرير، وفيه خز.
(1)
كل ثوب رأسه منه ملتزق به من ذراعه، أو جبة أو ممطر أو غيره، وقال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الدولابي في الكنى والأسماء (1560) من طريق سالم بن عبد الله أبي غياث العتكي قال: رأيت على أنس.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 156، وابن سعد 4/ 333 من طريق شعبة به.
وأخرجه عبد الرزاق (19998)، ومن طريقه البيهقي في الشعب (5797) عن معمر، عن محمد بن زياد به.
ففي ثبوت ذلك ثبوت ما ذهب إليه من أباح لبس الثوب من غير الحرير المعلم بالحرير، ولبس الثوب الذي قيامه حرير، وظاهره غير حرير.
وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى
7 - باب: الرجل يتحرك سنه هل يشدها بالذهب أم لا؟
قال أبو جعفر قد اختلف الناس في الرجل يتحرك سنه فيريد أن يشدها بالذهب.
فقال أبو حنيفة: ليس له ذلك، وله أن يشدها بالفضة، وقال محمد بن الحسن رحمه الله: لا بأس أن يشدها بالذهب كذلك.
6313 -
حدثنا محمد بن العباس، قال: ثنا علي بن معبد، عن محمد بن الحسن، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة رحمه الله
(1)
.
وقال أصحاب الإملاء منهم بشر بن وليد، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة رحمهم الله:"أنه لا بأس أن يشدها بالذهب" وقال محمد بن الحسن رحمه الله: لا بأس أن يشدها بالذهب كذلك.
وكان من الحجة لأبي حنيفة في قوله الذي رواه محمد، عن أبي يوسف عنه، أنه قد نهي عن الذهب والحرير، فنهي عن استعمالهما وكان ما نهي عنه من الحرير يدخل فيه لباسه، وعصب الجراح به.
فكذلك ما نهي عنه من استعمال الذهب يدخل فيه شد السن به.
وكان من الحجة لمحمد فيما ذهب إليه من ذلك على أبي حنيفة في روايته عن أبي يوسف عنه، أن ما ذكر من تعصيب الجراح بالحرير إن كان مما فعل لأنه علاج للجراح،
(1)
إسناده صحيح غير شيخ الطحاوي.
أورده المصنف في شرح مشكل الآثار 4/ 35 بهذا الإسناد.
فلا بأس به، لأن ذلك دواء كما أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، لبس الحرير من الحكة التي كانت بهما، كذلك عصائب الحرير إن كانت علاجًا للجرح لتقل مدته كما أن الثوب الحرير علاج للحكة، فلا بأس بها، وإن لم يكن علاجًا للجرح فكانت هي وسائر العصائب في ذلك سواءً، فهي مكروهة.
فكذلك ما ذكرنا من الذهب إن كان يراد منه أنه لا ينتن كما تنتن الفضة، فلا بأس به، وقد أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم لعرفجة بن أسعد أن يتخذ أنفًا من ذهب.
6314 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا أبو الأشهب (ح)
وحدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا حسان بن عبيد الموصلي، قال: ثنا أبو الأشهب (ح)
وحدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أحمد بن يونس قال: ثنا أبو الأشهب، عن عبد الرحمن بن طرفة، عن جده عرفجة بن أسعد رضي الله عنه، أنه أصيب أنفه يوم الكلاب في الجاهلية، فاتخذ أنفًا من ورق، فأنتن منه، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يتخذ أنفًا من ذهب، ففعل
(1)
.
(1)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن طرفة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1406) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (19006)، والبخاري في التاريخ الكبير 7/ 64 - 65، وأبو داود (4232، 4233)، والترمذي في سننه (1770)، وفي العلل 2/ 738 - 739، والنسائي في المجتبى 8/ 164 وفي الكبرى (9464)، وابن قانع في معجمه 2/ 280 - 281، وابن حبان (5462)، والطبراني في الكبير 17/ 369، والبيهقي 2/ 425 من طرق عن أبي الأشهب به.
6315 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، والخصيب بن ناصح، وأسد بن موسى، قالوا: ثنا أبو الأشهب، عن عبد الرحمن بن طرفة، عن عرفجة رضي الله عنه
…
مثله
(1)
.
فقد أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم لعرفجة بن أسعد رضي الله عنه، أن يتخذ أنفًا من ذهب إذا كان لا ينتن كما تنتن الفضة فلما كان ذلك كذلك في الأنف كان كذلك السن لا بأس بشدها بالذهب إذا كان لا ينتن، فيكون النتن الذي من الفضة مبيحًا لاستعمال الذهب، كما كان النتن الذي يكون منها في الأنف مبيحًا لاستعمال الذهب مكانها فهذه حجة.
وفي ذلك حجة أخرى، أنا رأينا استعمال الفضة مكروهًا كما استعمال الذهب مكروها.
فلما كانا مستويين في الكراهة، وقد عمهما النهي جميعًا، وكان شد السن بالفضة خارجًا من الاستعمال المكروه كان كذلك شدها بالذهب أيضًا خارجًا من الاستعمال المكروه.
فإن قال قائل: فقد رأينا خاتم الفضة أبيح للرجال، ومنعوا من خاتم الذهب، فقد أبيح لهم من الفضة ما لم يبح لهم من الذهب.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1406) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني في الكبير 17/ 369 من طريق أسد بن موسى به.
قيل له: قد كان النظر لو خلينا نحن وهو إباحة خاتم الذهب للرجال كخاتم الفضة.
ولكنا منعنا من ذلك، وجاء النهي عن خاتم الذهب نصا فقلنا به، وتركنا له النظر، ولولا ذلك لجعلناه في الإباحة كخاتم الفضة.
فكذلك شد السن، لما أبيح بالفضة ثبت أن شدها بالذهب كذلك، حتى تأتي بالتفرقة بين ذلك سنة يجب بها ترك النظر كما جاء في خاتم الذهب سنة نهت عنها وقامت بها الحجة، ووجب بها ترك النظرة، فثبت بما ذكرنا ما قاله محمد رحمه الله.
فإن قال قائل: وما الذي روي في النهي عن خاتم الذهب؟.
قيل له: قد رويت عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك آثار متواترة جاءت مجيبًا صحيحًا، وسنذكرها في باب النهي عن خاتم الذهب إن شاء الله تعالى، وقد روي جماعة من المتقدمين عن إباحة شد الأسنان بالذهب فمن ذلك ما
6316 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، وموسى بن داود، قالا: ثنا طعمة بن عمرو، قال: رأيت صفرة الذهب بين ثناياه، أو قال: بين ثنيتي موسى بن طلحة
(1)
.
(1)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 4/ 34 بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25259) عن وكيع، عن طعمة بن عمرو به.
وأخرجه ابن سعد 5/ 163 عن معن بن عيسى، عن أبي الزبير الأسدي: أن موسى بن طلحة ربط أسنانه بالذهب.
6317 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن سليمان، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، قال: رأيت الحسن يشد أسنانه بالذهب
(1)
.
6318 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو الأشهب، عن حماد، قال: رأيت المغيرة بن عبد الله، أمير الكوفة، قد ضبب أسنانه بالذهب
(2)
. فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: لا بأس به.
6319 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، قال: رأيت أبا التياح، وأبا حمزة، وأبا نوفل بن أبي عقرب قد ضببوا أسنانهم بالذهب
(3)
.
6320 -
حدثنا سليمان، قال: ثنا الخصيب، قال: رأيت عبيد الله بن الحسن قاضي البصرة، قد شد أسنانه بالذهب
(4)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف سعيد بن سليمان النشيطي وقد توبع.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 4/ 37 بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25262) عن ابن مهدي، عن حماد بن سلمة به.
(2)
إسناده حسن.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 4/ 36 بإسناده ومتنه دون ذكر عبد الرحمن بن زياد. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 499 من طريق عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (20276) من طريق شيبان، كلاهما عن أبي الأشهب به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 4/ 37 بهذا الإسناد.
(4)
رجاله ثقات. =
فقد وافق ما روينا عنهم من هذا ما ذهب إليه محمد بن الحسن رحمه الله فبه نأخذه.
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 4/ 38 بهذا الإسناد.
8 - باب: التختم بالذهب
6321 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسحاق بن منصور، قال: ثنا أبو رجاء، عن محمد بن مالك، قال: رأيت على البراء خاتمًا من ذهب، فقيل له، قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمةً: فألبسنيه وقال: "البس ما كساك الله ورسوله"
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى إباحة لبس خواتيم الذهب للرجال، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وقالوا: قد روي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يلبسون خواتيم الذهب، فذكروا في ذلك ما
6322 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا القواريري، قال: ثنا ابن عيينة، عن إسماعيل بن محمد، عن مصعب بن سعد، قال: رأيت في يد طلحة بن عبيد الله خاتمًا من ذهب، ورأيت في يد صهيب خاتمًا من ذهب، ورأيت في يد سعد خاتمًا من ذهب
(3)
.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل محمد بن مالك الجوزجاني.
وأخرجه أحمد (18602)، وأبو يعلى (1708)، وابن عدي في الكامل 4/ 1567، والحازمي في الاعتبار (ص 186) من طريقين عن أبي رجاء به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 470 من طريق مالك بن مغول، ويعقوب بن سفيان 3/ 78 من طريق شعبة، كلاهما عن أبي السفر، عن البراء به.
(2)
قلت أراد بهم: عكرمة، وأبا القاسم الأزدي، والأعمش رحمهم الله، كما في النخب 22/ 242.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25154) من طريق ابن أبي نجيح، عن محمد بن إسماعيل به.
6323 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا النضر بن عبد الجبار، قال: ثنا ابن لهيعة، عن محمد بن زيد، عن عيسى بن طلحة، أنه أخبره أن طلحة بن عبيد الله قتل وفي يده خاتم من ذهب
(1)
.
6324 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد، عن جعفر بن ربيعة، عن ابن شهاب، عن يحيى بن سعيد بن العاص، أن سعيد بن العاص قتل وفي يده خاتم من ذهب
(2)
.
6325 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن عمر، قال: ثنا مالك بن مغول، قال: ثنا أبو السفر ح
(3)
.
6326 -
وحدثنا على، قال: ثنا خلاد بن يحيى، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، قال: ثنا أبو السفر، قال: رأيت على البراء رضي الله عنه خاتمًا من ذهب
(4)
.
فذهبوا إلى تقليد هذه الآثار مع ما تعلقوا به في ذلك من حديث البراء الذي
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
(2)
إسناده منقطع، جعفر بن ربيعة لم يسمع من الزهري بل كتب إليه، قاله الآجري عن أبي داود، وقاله أبو داود في السنن (2084)، والمزي في تهذيبه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25157) من طريق ابن نمير، عن مالك بن مغول به.
(4)
إسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق وخلاد بن يحيى.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25151) من طريق أبي إسحاق به.
ذكرناه في أول هذا الباب.
ولهم في ذلك من النظر أنه قد نهى عن استعمال الذهب والفضة نهيًا واحدًا، ومنع من الأكل في آنية الفضة كما منع من الأكل في آنية الذهب.
فلما كان قد سوى في ذلك بين الذهب والفضة وجعل حكمهما حكما واحدًا، ثم ثبت أن خاتم الفضة ليس مما نهى عنه، كان كذلك خاتم الذهب.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فكرهوا خواتيم الذهب للرجال، واحتجوا في ذلك بما
6327 -
حدثنا يونس، قال: أخبرني عبد الله بن نافع عن داود بن قيس، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تختم الذهب
(2)
.
6328 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن محمد بن عجلان، قال:
(1)
قلت أراد بهم: سعيد بن جبير، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وعلقمة، ومكحولا، وأبا حنيفة، وأصحابه، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 22/ 247.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 437، وأحمد (710)، والبخاري في خلق أفعال العباد (553 - 554)، ومسلم (480 - 210 - 211 - 213)، وأبو دواد (4046)، والنسائي 2/ 189، 8/ 168 - 191، وأبو يعلى (276، 315، 414، 420)، وأبو عوانة 2/ 168 من طرق عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين به.
حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن ابن عباس، عن علي رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6329 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن نافع، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6330 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا داود بن قيس، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن ابن عباس عن علي رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
6331 -
حدثنا يونس، قال: ثنا عبد الله بن يوسف (ح)
وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قالا: ثنا الليث، عن يزيد بن أبي
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان.
وأخرجه أحمد (611)، ومسلم (213، 480)، والنسائي 2/ 188، 8/ 191، وأبو يعلى (304، 537)، والبزار (457)، وأبو عوانة 2/ 172 من طريق يحيى بن سعيد به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 1/ 130، ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في السنن المأثورة (170)، وأحمد (1043)، ومسلم (2078)(29)، وأبو داود (4044)، والترمذي (264)، والبزار (918)، وأبو عوانة 2/ 175، والبيهقي 2/ 87.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو يعلى (603) من طريق أبي عامر العقدي به.
وأخرجه النسائي 2/ 217 من طريق داود بن قيس به.
حبيب، أن إبراهيم بن عبد الله بن حنين حدثه، أن أباه حدثه أنه سمع عليا رضي الله عنه يقول: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب"
(1)
.
6332 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن علي رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عن خاتم الذهب
(2)
.
6333 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسحاق بن منصور، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتختم بالذهب"
(3)
.
6334 -
حدثنا فهد، قال: ثنا النفيلي، قال: ثنا زهير، قال: ثنا يزيد بن أبي زياد، عن أبي سعد الأزدي، عن أبي الكنود، قال: أتيت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: نهى
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (586) من طريق عبد الله بن يوسف به.
وأخرجه مسلم (480) - (213)، والنسائي في المجتبى 2/ 189، 8/ 191 وفي الكبرى (635 - 9416 - 9495) من طريق عيسى بن حماد، عن الليث به.
(2)
إسناده حسن من أجل هبيرة بن يريم.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 468، 8/ 305، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1102)، والترمذي (2808)، والنسائي في المجتبى 8/ 165 وفي الكبرى (9404)، وابن ماجة (3654) من طريق أبي الأحوص به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف الحارث الأعور ولانقطاعه فإن أبا إسحاق وهو عمرو بن عبد الله السبيعي لم يسمع هذا الحديث من الحارث كما قال أبو داود في سننه بإثر الحديث (908).
وأخرجه الطيالسي (182)، وعبد بن حميد (67)، وأحمد (1244) من طريق إسرائيل به.
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلقة الذهب
(1)
.
6335 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن يزيد
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6336 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا أبو غسان، قال: حدثني ابن عجلان عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلًا جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس خاتم حديد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذه لبسة أهل النار"، فرجع فلبس خاتم ورق، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
.
6337 -
حدثنا عبد الغني بن رفاعة، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة (ح)
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود: قال ثنا شعبة، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن معاوية بن سويد بن مقرن، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: نهى
(1)
إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 277، وأبو يعلى (5152) من طريقين عن يزيد بن أبي زياد به.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه الطيالسي (386)، وأحمد (3715)، والشاشي (883 - 884 - 885)، والطبراني في الكبير (10494)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 200 من طرق عن شعبة به.
(3)
إسناده حسن.
وأخرجه أحمد (6518)، والبخاري في الأدب المفرد (1021) من طريقين عن ابن عجلان به.
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب
(1)
.
فهذا البراء قد روينا عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا خلاف ما رويناه عنه في أول هذا الباب.
6338 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا أبو التياح، قال: سمعت رجلًا من بني ليث يقول: أشهد على عمران بن حصين رضي الله عنه أنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنه نهى عن خاتم الذهب"
(2)
.
6339 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أبي التياح، عن حفص الليثي، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، عن رسول الله
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (677 - 678) بإسناده ومتنه بزيادة وهب بن جرير بعد أبي داود.
وأخرجه الطيالسي (746)، وأحمد (18504)، والبخاري (1239، 2445، 5650، 5863، 6222)، ومسلم (2066)، وأبو عوانة 2/ 69 - 70، 5/ 438، 439، والبيهقي 1/ 27، 3/ 379، 10/ 34 - 35، والبغوي (1406) من طرق عن شعبة به ويزيد فيه بعضهم على بعض.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة حفص بن عبد الله الليثي.
وأخرجه الطيالسي (843)، وأحمد (19838)، والطبراني 18/ 492 من طرق عن شعبة به، والرجل الليثي سمي في الرواية الآتية هو حفص بن عبد الله الليثي.
(3)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 123، 351 - 352، وأحمد (19980)، والطبراني في الكبير 18/ 491، والمزي في تهذيبه 7/ 21 من طرق عن حماد بن سلمة به.
6340 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا الحجاج بن محمد، قال: أخبرني شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن خاتم الذهب
(1)
.
6341 -
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب، قال: ثنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد يحدث، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي ثعلبة الخشني، قال: جلس رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب، فقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بقضيب كان في يده، ثم غفل عنه، فرمى الرجل بخاتمه، ثم نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أين خاتمك؟ "، فقال: ألقيته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أظننا إلا وقد أوجعناك وأغرمناك"
(2)
.
6342 -
حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني ابن لهيعة، عن عمارة بن غزية الأنصاري، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه،
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات 1/ 471، وأحمد (10052)، وأبو عوانة 5/ 484، وابن الأعرابي في معجمه (1187)، والبيهقي في السنن 4/ 145، وفي الشعب (6332) من طريق حجاج بن محمد المصيصي به.
وأخرجه الطيالسي (2452)، وإسحاق بن راهويه (113)، ومسلم (2089)(51)، وأبو عوانة 5/ 484، وابن حبان (5487)، وابن عبد البر في الاستذكار 352/ 26 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف نعمان بن راشد.
وأخرجه أحمد (17751)، وابن حبان (303)، والطبراني في الكبير 22/ 579، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 200 من طرق عن وهب بن جرير به.
أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق فلبس خاتمًا من حديد، ثم جاء فأعرض عنه، فانطلق فنزعه، ولبس خاتمًا من ورق، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم وأقبل إليه
(1)
.
فقد رويت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن التختم بالذهب.
منها حديث البراء رضي الله عنه الذي قد ذكرناه فيها وهو أصح وأثبت مما رويناه عنه في الإباحة.
فاحتمل أن يكون ما ذهب إليه أحد الفريقين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسخًا لما قد رواه الفريق الآخر. فنظرنا في ذلك فإذا
6343 -
ابن أبي داود قد حدثنا قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله قال: حدثني نافع عن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من ذهب، وجعل فصه مما يلي كفه، فاتخذه الناس فرمي به واتخذ خاتما من ورق، أو فضة
(2)
.
(1)
إسناده حسن ورواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة قوية.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1409) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (5865) عن مسدد به.
وأخرجه أحمد (4677)، ومسلم (2091)(53)، والبيهقي 4/ 42 من طريق يحيى القطان به.
وأخرجه البخاري (5866)، ومسلم (2091)(53)، وأبو داود (4218)، والنسائي 8/ 178، 195 - 196، وابن حبان (5494 - 5499)، والبيهقي 4/ 142 من طرق عن عبيد الله بن عمر به.
6344 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6345 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا القعنبي، قال: قرأت على مالك بن أنس، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس خاتمًا من ذهب، ثم قام فنبذه، وقال لا ألبسه أبدًا، فنبذ الناس خواتيمهم
(2)
.
6346 -
حدثنا نصر بن مرزوق، عن علي بن معبد، ثنا إسماعيل بن جعفر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
6347 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن المغيرة بن زياد، أنه حدثه قال: حدثني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من ذهب، فاتخذ أصحابه خواتيم من ذهب، ثم رمى به، واتخذ خاتمًا من ورق، وكتب فيه محمد رسول
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1410) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن سعد 1/ 470، وأحمد (5366)، والترمذي في الشمائل (83)، والنسائي 8/ 179، وابن حبان (5500)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (ص 130)، والبغوي (3135) من طرق عن أبي عوانة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1411) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 525، ومن طريقه أخرجه أحمد (5407)، والبخاري (5867).
(3)
إسناده منقطع إسماعيل بن جعفر لا يروي عن نافع بل عن عمر بن نافع.
الله
(1)
.
6348 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا عبد الواحد بن غياث، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
فثبت بهذه الآثار أن خواتيم الذهب قد كان لبسها مباحًا، ثم نهى عنه بعد ذلك، فثبت أن ما فيه تحريم لبسها هو الناسخ لما فيه إباحة لبسها، فهذا هو وجه هذا الباب من طريق الآثار.
وأما النظر في ذلك، فقد ذكرناه فيما تقدم ذكرنا له في غير هذا الموضع فإنه يوافق ما ذهب إليه من ذهب في ذلك إلى الإباحة.
ولكن السنة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حظرت ذلك، ومنعت منه. ومما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن ذلك أيضًا ما
6349 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع مولى ابن عمر، عن حنين مولى ابن عباس، عن علي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهاه عن التختم بالذهب
(3)
.
(1)
إسناده حسن من أجل المغيرة بن زياد.
وأخرجه أبو داود (4220)، والنسائي في الكبرى (9478) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد به.
(2)
إسناده صحيح وهو مكرر سابقه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 168 وفي الكبرى (9420)، من طريق حماد بن سلمة به. =
6350 -
حدثنا محمد، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن محمد بن عمرو، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
فإن قال قائل: فهل تجد عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك نهيًا؟.
قيل له: نعم.
6351 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا همام، عن همام، عن قتادة، عن عبد الرحمن مولى أم برثن، عن زياد عامل البصرة، قال: وفدنا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع الأشعري، فرأى علي خاتمًا من ذهب، فقال عمر: لقد تشبهتم بالعجم -ثلاثا يقولها- تختموا بهذا الورق، قال: فقال الأشعري أما أنا فخاتمي حديد، فقال عمر رضي الله عنه: ذاك أخبث وأنتن"
(2)
.
= وأخرجه ابن ماجة (3642) من طريق عبد الله بن نمير، عن عبيد الله به.
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو.
وأخرجه أبو داود (4046) من طريق حماد به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 437، ومسلم (480)(213)، وأبو يعلى (276)، والنسائي في المجتبى 8/ 168 وفي الكبرى (9417) من طرق عن محمد بن عمرو به.
(2)
إسناده فيه زياد بن أبي سفيان، قال الذهبي في الميزان (2923): لا تعرف له صحبة مع أنه ولد عام الهجرة، قال ابن حبان في الضعفاء: ظاهر أحواله المعصية، وقد أجمع أهل العلم على ترك الاحتجاج بمن كان كذلك.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25136) عن وكيع، عن سفيان، عن طارق، عن حكيم بن جابر به.
9 - باب نقش الخواتيم
6352 -
حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا محمد بن الصباح، قال: ثنا هشيم عن العوام بن حوشب، عن الأزهر بن راشد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تستضيئوا بنيران أهل الشرك، ولا تنقشوا عربيا"
(1)
.
قال: فسألت الحسن عن ذلك، فقال: قوله: لا تنقشوا عربيا لا تنقشوا في خواتيمكم محمد رسول الله، وقوله لا تستضيئوا بنيران أهل الشرك يقول: لا تشاوروهم في أموركم.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى كراهة نقش الخواتيم بشيء من العربية، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
ولم يروا بنقش غير العربية بأسًا، واحتجوا في ذلك بما كان على خواتيم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
6353 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا معلى بن منصور، قال: أخبرني عبد الواحد بن
(1)
إسناده ضعيف الجهالة الأزهر بن راشد البصري.
وأخرجه أحمد (11954)، والبخاري في التاريخ الكبير 1/ 455، والنسائي في المجتبى 8/ 176 وفي الكبرى (9464)، والبيهقي في السنن 10/ 127، وفي الشعب (9375)، والضياء في المختارة (1546) من طرق عن هشيم به.
(2)
قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وعامرا الشعبي، وإبراهيم النخعي، والحسن البصري رحمهم الله، كما في النخب 22/ 271.
زياد، قال: حدثتنا أم نافع بنت أبي الجعد مولى النعمان بن مقرن، عن أبيها، قال: كان نقش خاتم النعمان بن مقرن إيّلًا
(1)
، قابضًا إحدى يديه باسطًا الأخرى
(2)
.
6354 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا علي بن جعد، قال: ثنا شعبة، عن جابر، عن القاسم، قال: كان نقش خاتم عبد الله: دُبَابَان
(3)
.
6355 -
حدثنا علي، قال: حدثنا علي، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: ثنا شريك، عن الأعمش، عن موسى بن عبد الله بن يزيد، عن أبيه قال: كان نقش خاتم حذيفة، كُركيان
(4)
.
وخالفهم في ذلك آخرون
(5)
فقالوا: لا بأس بنقش العربية على الخواتيم غير ما منع منه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الانتقاش على خاتمه.
وقالوا: لا حجة لأهل المقالة الأولى فيما احتجوا به في ذلك، لأن حديثهم الذي
(1)
بكسر الهمزة وضمها وتشديد الباء، هو الذكر من الأوعال.
(2)
إسناده فيه أم نافع بنت أبي الجعد، قال في كشف الأستار 3/ 498: لم أر لها ترجمة، وأبو الجعد قال في كشف الاستار: 3/ 285 لم يذكر فيه العيني شيئا ولم أر له ذكرا في غيره.
(3)
إسناده ضعيف لضعف جابر بن يزيد الجعفي.
(4)
إسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25100) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن موسى بن عبد الله بن يزيد، عن أبيه، عن حذيفة به.
(5)
قلت أراد بهم: سعيد بن المسيب، ومسروق بن الأجدع، ومحمد بن سيرين، والقاسم، وسالما، وآخرين من الأئمة رحمهم الله، كما في النخب 22/ 273.
رووه عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يثبت من طريق الإسناد، وإنما أصله، عن عمر رضي الله عنه، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم. وذكروا في ذلك ما
6356 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا سريج بن النعمان، قال: ثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تنقشوا في خواتيمكم العربية
(1)
.
فهذا هو أصل حديث أنس رضي الله عنه فهذا عن عمر رضي الله عنه، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم لو ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لكان تفسيره عندنا ما قال الحسن، لأن نقش خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كذلك، فنهى أن ينقش عليه.
6357 -
حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة، عن أنس رضي الله عنه قال: كان نقش خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أسطر: سطر، محمد وسطر، رسول وسطر، الله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25117) عن يحيى بن آدم، عن أبي عوانة به.
(2)
إسناده حسن من أجل عبد الله بن المثنى الأنصاري.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات 1/ 474 - 475، والبخاري (3106، 5878)، والترمذي في سننه (1747)، وفي الشمائل (86)، وابن حبان (1414)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (132)، والبغوي (3336) من طرق عن محمد بن عبد الله الأنصاري به.
فهذا كان نقش خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
6358 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى كسرى وقيصر، فقيل له: إنهم لا يقبلون كتابك إلا بخاتم، فاتخذ خاتمًا من فضة: نقشه: محمدٌ رسولُ الله
(1)
.
6359 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، قال: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب كتابًا إلى الروم
…
ثم ذكر مثله
(2)
.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انتقش في خاتمه العربية، ثم قد فعل ذلك أصحابه من بعده.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3314) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن سعد 1/ 471 - 475، وأحمد (12738)، والبخاري (5872)، وأبو داود (4214 - 4215)، وابن حبان (6392)، وأبو يعلى (3154)، وأبو عوانة 4/ 197، 5/ 490، 491، والبغوي في الجعديات (958) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3315) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو يعلى (3272) من طريق شبابة بن سوار به.
وأخرجه ابن سعد 1/ 471، وعبد بن حميد (1173)، وأحمد (12720)، والبخاري (65، 2938، 5875)، ومسلم (2092)(56)، والنسائي 8/ 174 - 193، وأبو يعلى (3271، 3272)، وأبو عوانة 4/ 198، والبغوي في الجعديات (955 - 957)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (ص (131)، والبيهقي 10/ 128، والبغوي (3131) من طرق عن شعبة به.
6360 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا إبراهيم بن محمد القرشي، عن عمرو بن يحيى، عن جده، قال: قدم عمرو بن سعيد مع أخيه، على النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى حلقة في يده، فقال:"ما هذه الحلقة في يدك؟ " قال: هذه حلقة يا رسول الله! قال: "فما نقشها؟ " قال: محمد رسول الله، قال:"أرنيه"، فتختمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات وهو في يده، ثم أخذه أبو بكر رضي الله عنه بعد ذلك، فكان في يده، ثم أخذه عمر رضي الله عنه، فكان في يده، ثم أخذه عثمان رضي الله عنه، فكان في يده عامة خلافته حتى سقط منه في بئر أريس
(1)
.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر على خالد بن سعيد لبس ما هو منقوش بالعربية
6361 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: ثنا الربيع بن صبيح، عن حيان الصائغ، قال: كان نقش خاتم أبي بكر الصديق رضي الله عنه: "نعم القادر الله"
(2)
.
6362 -
حدثنا علي، قال: ثنا خالد بن عمرو، قال: ثنا إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: كان نقش خاتم علي رضي الله عنه: "الله الملك"
(3)
.
6363 -
حدثنا علي، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: أنا شعبة، عن قتادة، قال: كان نقش خاتم أبي عبيدة بن الجراح الحمد الله
(4)
.
(1)
إسناده مرسل، عمرو بن سعيد بن العاص روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ورجاله ثقات.
(2)
إسناده ضعيف لضعف الربيع بن صبيح.
(3)
إسناده ضعيف لضعف جابر بن يزيد الجعفي.
(4)
رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25105) من طريق منصور، عن إبراهيم به.
فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون المهديون قد نقشوا على خواتيمهم العربية.
فدلّ ما فعلوا من ذلك على أنه غير محظور عليهم، وأنه إنما أريد بالنهي أن لا ينقش على خاتم الإمام لئلا يفتعل فيما بيده من الأموال التي للمسلمين.
ألا ترى أن عمر رضي الله عنه قد روينا عنه النهي عن ذلك، ثم قد لبس هو من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو منقوش بالعربية.
فدل ذلك على أن ما كره من العربية هو العربية الموضوعة على خاتم إمام المسلمين خاصةً، لا غير ذلك.
وأما ما روي مما كان نقش خاتم النعمان بن مقرن، وابن مسعود، وحذيفة رضي الله عنهم، فإنه قد يجوز أن يكونوا فعلوا ذلك، ولهم أن ينقشوا مكانهم عربيا.
6364 -
ولقد حدثني ابن أبي داود، قال: ثنا القواريري، قال: ثنا عبد الوارث، عن عمرو، عن الحسن أنه كان يكره أن ينقش الرجل على خاتمه صورةً. وقال: إذا ختمت بها، فقد صورت بها
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
10 - باب: لبس الخاتم لغير ذي سلطان
6365 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا معلى بن منصور، قال: ثنا مفضل بن فضالة، قال: ثنا عيّاش بن عباس، عن الهيثم بن شفي الحجري، عن أبي عامر، عن أبي ريحانة رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبوس الخاتم إلا لذي سلطان
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى كراهة لبس الخاتم إلا لذي سلطان، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فلم يروا بلبسه لسائر الناس من سلطان وغيره بأسًا. وكان من حجتهم في ذلك الحديث الذي قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الباب الذي قبل هذا الباب أنه ألقى خاتمه، فألقى الناس خواتيمهم، فقد دل هذا على أن العامة قد كانت تلبس الخواتيم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: فكيف تحتج بهذا وهو منسوخ؟.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة أبي عامر المعافري هو عبد الله بن جابر وقيل اسمه عامر. وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3213) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (17209، 17220)، وأبو داود (4049)، والنسائي في المجتبى 8/ 143 - 144 وفي الكبرى (9313) من طريق المفضل بن فضالة به.
(2)
قلت أراد بهم: أبا الحصين، وأبا عامر، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 22/ 286.
(3)
قلت أراد بهم: جماهير العلماء، منهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 22/ 286.
قيل له: إن الذي احتججنا به منه ليس بمنسوخ، وإنما المنسوخ ترك لبس الخاتم من الذهب للنبي صلى الله عليه وسلم ولغيره من أمته، وقبل ذلك فقد كان هو وهم في ذلك سواء.
فلما نسخ حكم لبس خاتم الذهب، كان الحكم متقدمًا في لبسه ولبسهم الخاتم سواءً، وبما كان النسخ لم يمنعه وهو صلى الله عليه وسلم من لبس خاتم الفضة، فكذلك أيضًا لا يمنعهم من لبس الخواتيم من فضة، فهذا الذي أردنا من هذا الحديث.
وقد روي عن جماعة ممن لم يكن لهم سلطان أنهم كانوا يلبسون الخواتيم. فمما روي في ذلك ما
6366 -
حدثنا على بن معبد، قال: ثنا محمد بن جعفر المدائني، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن الحسن والحسين كانا يتختمان في يسارهما، وكان في خواتيمهما ذكر الله سبحانه
(1)
.
6367 -
حدثنا علي، قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا رشدين بن كريب، أنه قال: رأيت ابن الحنفية يتختم في يساره
(2)
.
6368 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوحاظي، قال: ثنا سليمان بن بلال، قال: ثنا
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن جعفر المدائني.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25164)، والترمذي (1743)، والبيهقي في الجامع في الخاتم (12) من طريق حاتم بن إسماعيل به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف رشدين بن كريب.
جعفر بن محمد، عن أبيه قال: كان الحسن والحسين يتختمان في يسارهما
(1)
.
6369 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن إبراهيم بن عطاء، عن أبيه، قال: كان نقش خاتم عمران بن حصين رضي الله عنه، رجلًا متقلدًا بسيف
(2)
.
6370 -
حدثنا علي، قال: ثنا خالد بن عمرو، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، قال رأيت قيس بن أبي حازم، وعبد الله بن الأسود، وقيس بن ثمامة، والشعبي، يتختمون بيسارهم
(3)
.
6371 -
حدثني علي، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: ثنا شعبة، عن مغيرة، قال: كان نقش خاتم إبراهيم نحن بالله وله
(4)
.
فهؤلاء الذين روينا عنهم هذه الآثار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم قد كانوا يتختمون وليس لهم سلطان.
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25104) عن يزيد بن هارون، عن إبراهيم بن عطاء به.
(3)
إسناده ضعيف جدا من أجل خالد بن عمرو بن محمد أبي سعيد الكوفي.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه علي بن الجعد في مسنده (636) عن شعبة، عن مغيرة به.
وأما من طريق النظر فإن السلطان إذا كان له لبس الخاتم، لأنه ليس بحلية، فكذلك أيضًا غير السلطان له أيضًا لبسه؛ لأنه ليس بحلية.
وقد رأينا ما نهي عنه من استعمال الذهب والفضة يستوي فيه السلطان والعامة.
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك ما أبيح للسلطان من لبس الخاتم يستوي فيه هو والعامة.
وإن كان إنما أبيح الخاتم لاحتياجه إليه ليختم به مال المسلمين، وأنه أيضًا مباح للعامة لاحتياجهم إليه للختم على أموالهم وكتبهم، فلا فرق في ذلك بين السلطان وغير السلطان.
11 - باب البول قائما
6372 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر (ح)
وحدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قالا: ثنا سفيان، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا منذ أنزل عليه القرآن
(1)
.
فكره قوم
(2)
البول قائمًا، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فلم يروا به بأسًا، واحتجوا في ذلك بما
6373 -
حدثنا يونس قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن حذيفة رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بال وهو قائم على سباطة قوم، ثم أتي بوضوء فتوضأ ومسح على خفيه
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (1570)، وأحمد (25045)، وأبو عوانة 1/ 198، والحاكم 1/ 181 - 185، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 1/ 296، والبيهقي في السنن 1/ 101 من طرق عن سفيان الثوري به.
(2)
قلت أراد بهم: الشعبي، والنخعي، والحسن البصري، وإبراهيم بن سعد، ومجاهدا رحمهم الله، كما في النخب 22/ 296.
(3)
قلت أراد بهم: محمد بن سيرين، وعروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، والحكم بن عتيبة، والأعمش رحمهم الله، كما في النخب 22/ 297.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (751)، والحميدي (447)، وأحمد (23246)، وابن ماجة (544)، وأبو عوانة (500) من طرق عن سفيان بن عيينة به.
6374 -
حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا شعبة، عن سليمان
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
6375 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا أبو عوانة، عن سليمان
…
فذكر بإسناده، مثله
(2)
.
6376 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان الثوري، قال: ثنا منصور، عن أبي وائل، عن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
ففي هذا الحديث إباحة البول قائمًا، وهذا أولى مما ذكرنا قبله عن عائشة رضي الله عنها لأن حديث عائشة رضي الله عنها إنما فيه من حدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائما بعدما أنزل عليه القرآن فلا تصدقه.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (224)، وأبو داود (23)، والنسائي 1/ 25، وابن حبان (1424)، والخطيب 5/ 11، 12 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (23)، وابن خزيمة (61)، وابن حبان (1425) من طريق أبي عوانة به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.
وأخرجه أبو نعيم 4/ 111 من طريق سفيان الثوري به.
وأخرجه البخاري (225)، ومسلم (273)(74)، وابن خزيمة (52)، وابن حبان (1429)، والبيهقي 1/ 100 من طريق جرير بن منصور به.
أي: لان القرآن لما نزل عليه أمر فيه بالطهارة، واجتناب النجاسة: والتحرز منها.
فلما رأت عائشة رضي الله عنها ذلك، وعلمت تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر الله، وكان الأغلب عندها أن من بال قائمًا لا يكاد يسلم من إصابة البول ثيابه وبدنه، قالت: ذلك، وليس فيه حكاية منها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم توافق ذلك.
ثم جاء حذيفة رضي الله عنه فأخبر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد نزول القرآن عليه يبول قائمًا.
فثبت بذلك إباحة البول قائمًا، إذا كان البائل في ذلك يأمن من النجاسة على بدنه وثيابه.
وقد روي عن عائشة رضي الله عنه في هذا ما يدل على ما ذهبنا إليه من معنى حديثها الذي ذكرناه.
6377 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: ثنا شريك، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: من حدثك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول قائمًا فكذبه، فإني رأيته يبول جالسًا
(1)
.
ففي هذا الحديث ما يدل على ما دفعت به عائشة رضي الله عنها رواية من روى
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك.
وأخرجه الطيالسي (1515)، وابن أبي شيبة 1/ 123 - 124، والترمذي (12)، والنسائي في المجتبى 1/ 26 وفي الكبرى (25)، وابن ماجة (307)، وأبو يعلى (4790)، وابن حبان (1430) من طرق عن شريك به.
أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول قائمًا، وإنما رؤيتها إياه يبول جالسًا.
فليس عندنا دليل على ذلك؛ لأنه قد يجوز أن يبول جالسًا في وقت، ويبول قائمًا في وقت آخر، فلم نحك عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا شيئًا يدل على كراهية البول قائمًا.
وقد روي عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بال قائمًا.
6378 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، عن شعبة، أنه حدث عن سليمان، عن زيد بن وهب، قال: رأيت عمر بال قائمًا فأفحج
(1)
حتى كاد يصرع
(2)
.
6379 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب وأبو داود، قالا: ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي ظبيان، أنه رأى عليا بال قائمًا
(3)
.
6380 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا شعبة، عن سليمان
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
6381 -
حدثنا فهد، قال ثنا عمر بن حفص قال، ثنا أبي، عن الأعمش
…
فذكر
(1)
من الافحاج، والفحج تباعد ما بين الفخذين، والمعنى: فرق ما بين رجليه وباعد ما بينهما حتى كاد يقع.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1310) من طريق ابن إدريس، عن الأعمش، عن زيد به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (783)، وابن أبي شيبة (1311)، وابن المنذر في الأوسط (276) من طرق عن أبي ظبيان به.
(4)
إسناده صحيح.
بإسناده مثله
(1)
.
6382 -
حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد قال: ثنا يحيى بن اليمان، عن معمر، عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، قال: رأيت زيد بن ثابت رضي الله عنه يبول قائمًا
(2)
.
6383 -
حدثنا يونس، قال: ثنا معن بن عيسى، قال: ثنا مالك، عن عبد الله بن دينار، أنه قال: رأيت عبد الله بن عمر رضي الله عنه يبول قائمًا
(3)
.
فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانوا يبولون قيامًا وذلك عندنا على أنهم كانوا يأمنون أن يصيب شيء من ذلك ثيابهم وأبدانهم.
فإن قال قائل: فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ما يخالف ما رويت عنه في هذا الباب. فذكر ما
6384 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال ثنا عبد الله بن إدريس،
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل يحيى بن يمان الكوفي.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (277) عن عبد الرزاق، عن معمر به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1312) من طريق ابن عيينة، عن الزهري به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 1/ 110، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن 1/ 102.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1313) من طريق حماد بن زيد، عن عبد الله الرومي به.
عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر رضي الله عنهم: "ما بلت قائمًا منذ أسلمت"
(1)
.
قيل له: قد يجوز أن يكون عمر رضي الله عنه لم يبل قائمًا منذ أسلم حتى قال هذا القول، ثم بال بعد ذلك قائمًا، على ما رواه عنه زيد بن وهب، ففي ذلك ما يدل على أنه لم يكن يرى بالبول قائمًا بأسًا.
وقد دلّ على ذلك أيضًا ما قد رويناه عن ابن عمر رضي الله عنهما في هذا الباب من بوله قائمًا، وقد حدث عن عمر بن الخطاب بما قد ذكرناه.
فدل ذلك على رجوع عمر رضي الله عنه عن كراهية البول قائمًا إذا كان ذلك لما رواه عنه عبد الله بن عمر، ولم يكن عبد الله بن عمر رضي الله عنه يترك ما سمعه من عمر إلا إلى ما هو أولى عنده من ذلك
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1324)، والبزار (149)، وابن المنذر في الأوسط (285) من طرق عن عبيد الله به.
12 - باب: القسم
6385 -
حدثنا إسحاق بن الحسين الطحان، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس في حديث طويل، فيه ذكر رؤيا عبَّرها أبو بكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: أصبتُ يا رسول الله؟ قال: "أصبتَ بعضا، وأخطأتَ بعضا"، قال: أقسمت عليك يا رسول الله! قال: "لا تقسم"
(1)
.
فذهب قوم
(2)
إلى كراهة القسم، وقالوا: لا ينبغي لأحد أن يقسم على شيء، وأعظموا ذلك، وكان ممن أعظم ذلك، الليث بن سعد، فذكر لي غير واحد من أصحابنا، عن عيسى بن حماد زغبة، قال: أتيت بكر بن مضر لأعوده، فجاء الليث فهم بالصعود إليه، فقال له بكر: أقسمت عليك أن تفعل، فقال له الليث: أوتدري ما القسم؟ أوتدري ما القسم؟ أوتدري ما القسم؟.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (666) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (7000، 7046)، وابن حبان (111)، والبيهقي 10/ 39 - 40 من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري به.
وأخرجه الحميدي (536)، وأحمد (1894)، ومسلم (2269)، وأبو داود (3267)، والنسائي في الكبرى (7640)، وابن ماجة (3918) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري به.
(2)
قلت: أراد بهم الزهري، وعبيد الله بن عبد الله، والليث بن سعد رحمهم الله، كما في النخب 22/ 313.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فلم يروا بالقسم بأسا وجعلوه يمينا، وحكموا له بحكم اليمين وقالوا: قد ذكر الله في غير موضع في كتابه، فقال عز وجل:{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)} [القيامة: 1، 2]، وقال:{فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)} [الواقعة: 75]، وقال:{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)} [البلد: 1].
وكان تأويل ذلك عند العلماء جميعا أقسم بيوم القيامة و "لا" صلةٌ، وقال الله عز وجل:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} [النحل: 38] فلم يعبهم بقسمهم، ورد عليهم كفرهم، فقال:{بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} [النحل: 38].
وكان في ذكره جَهدَ أيمانهم دليل على أن ذلك القسم الذي كان منهم يمينا، وقال الله عز وجل:{إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)} [القلم: 17] فلم يعب ذلك عليهم، ثم قال:{وَلَا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: 18].
6386 -
فحدثني سليمان بن شعيب عن أبيه، عن محمد بن الحسن قال: في هذه الآية دليل على أن القسم يمين؛ لأن الاستثناء لا يكون إلا في اليمين، وإذا كانت يمينا كانت مباحة فيما سائر الأيمان فيه مباحة: ومكروهة فيما سائر الأيمان فيه مكروهة
(2)
.
(1)
قلت: أراد بهم: النخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأصحابه رحمهم الله، كما في النخب 22/ 315.
(2)
رجاله ثقات.
ولا حجة عندنا على أهل هذه المقالة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي ذكرنا، فإنه يجوز أن يكون الذي كره رسول الله صلى الله عليه وسلم في القسم لأبي بكر رضي الله عنه من أجله، هو أن التعبير الذي صوبه في بعضه وخطأه في بعضه، لم يكن ذلك منه من جهة الوحي ولكن من جهة ما يعبر له الرؤيا كما نهى أن توطأ الحوامل على الإشفاق منه أن يضر ذلك أولادهم. فلما بلغه أن فارس والروم يفعلون ذلك فلا يضر أولادهم، أطلق ما كان حظر من ذلك.
وكما قال في تلقيح النخل: "ما أظن أن ذلك يغني شيئا" فتركوه، ونزعوا عنه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إنما هو ظن ظننته إن كان يغني شيئا فليصنعوه، فإنما أنا بشر مثلكم، وإنما هو ظن ظننته، والظن يخطئ ويصيب، ولكن ما قلت: قال الله عز وجل، فلن أكذب على الله".
6387 -
حدثنا بذلك يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا إسرائيل، عن سماك، عن موسى بن طلحة، عن أبيه
(1)
.
(1)
إسناده حسن من أجل سماك بن حرب.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1721) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (1399)، وابن ماجة (2470)، والشاشي (8) من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل به.
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ما قاله من جهة الظن فهو كسائر البشر في ظنونهم، وأن الذي يقوله عن الله عز وجل فهو الذي لا يجوز خلافه. وكانت الرؤيا إنما تعبر بالظن والتحري.
وقد روي ذلك عن محمد بن سيرين رحمه الله، واحتج بقول الله عز وجل:{وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا} [يوسف: 42]. فلما كان التعبير من هذه الجهة التي لا حقيقة فيها كره رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه أن يقسم عليه ليخبره بما يظنه صوابا على أنه عنده كذلك، وقد يكون في الحقيقة بخلافه.
ألا ترى! أن رجلا لو نظر في مسألة من الفقه، واجتهد فأدى اجتهاده إلى شيء وسعه القول به ورد ما خالفه، وتخطئة قائله إذا كانت الدلائل التي بها يستخرج الجواب في ذلك، دافعة له. ولو حلف على أن ذلك الجواب صواب كان مخطئا؛ لأنه لم يكلف إصابة الصواب، فيكون ما قاله هو الصواب، ولكنه كلف الاجتهاد.
وقد يؤديه الاجتهاد إلى الصواب وإلى غير الصواب فلهذا منع عن القسم فمن هذه الجهة كره رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه الحلف عليه ليخبره بصوابه ما هو، لا من جهة كراهية القسم. وقد روي في ذلك ما يدل على ما ذكرناه
6388 -
حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، مثل حديث إسحاق بن الحسين، غير أنه قال: والله لتخبرني بما أصبت مما أخطأت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقسم"
(1)
.
فدل ذلك على أن ما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الحلف فيه على إخباره إياه بصوابه أو خطئه في شيء لم يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي الذي يعلم به حقيقة الأشياء لا لذكره القسم
6389 -
وحدثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: القسم يمين
(2)
.
فهذا ابن عباس رضي الله عنهما هو الذي روى عنه الحديث الأول قد جعل القسم يمينا، ففي ذلك دليل على إباحة الحلف به وأنه عنده كسائر الأيمان.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (665) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 10/ 39 من طريق بحر بن نصر بهذا الاسناد.
وأخرجه مسلم (2269)، وابن حبان (111) عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد وشريك بن عبد الله النخعي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12328) من طريق الفضل بن دكين عن شريك، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس به.
فثبت بذلك ما تأولنا الحديث الأول، وانتفى قول من تأوله على غير ما تأولناه عليه، قال أبو جعفر رحمه الله: وقد روي في إباحة القسم ما قد
6390 -
حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن أشعث بن سليم، عن معاوية بن سويد بن مقرن، عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبرار القسم
(1)
.
6391 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، ووهب، قالا: ثنا شعبة
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: بإبرار القسم
(2)
.
أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بإبرار القسم، فلو كان المُقْسِم عاصيا لما كان ينبغي أن يبر قسمه
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (677) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مطولا ومختصرا الطيالسي (746)، وأحمد (18504)، والبخاري (1239، 2445، 6222)، ومسلم (2066)، والترمذي (2809) والنسائي 7/ 8، والبيهقي 3/ 379، 10/ 35 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (678) بإسناده ومتنه.
وهو في مسند الطيالسي (746).
6392 -
وقد حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق، قالا: ثنا عبد الله بن بكر السهمي، قال: ثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره"
(1)
.
فلو كان القسم مكروها لكان قائله عاصيا، ولما أبر الله قسم من عصاه. وقد روينا فيما تقدم من كتابنا هذا عن المغيرة بن شعبة أنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد ريح ثوم. فلما فرغ من الصلاة قال: من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا في مسجدنا حتى يذهب ريحها، فأتيته فقلت: أقسمت عليك يا رسول الله! لما أعطيتني يدك، فأعطانيها فأريته جبائر على صدري، فقال:"إن لك عذرا" ولم ينكر عليه إقسامه عليه.
6393 -
حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي قال: ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: حدثني عمر بن أبي بكر الموصلي، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم، فقال: "أهِدي
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (675) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (4500) عن عبد الله بن منير، عن عبد الله بن بكر السهمي به.
وأخرجه أحمد (12302)، والبخاري (2806، 4611)، وأبو داود (4595)، والنسائي 8/ 26، 27، 28، وابن ماجة (2649)، وابن حبان (6490) من طرق عن حميد به.
لزينب بنت جحش" قالت: فأهديت لها، فردته فقال: "أقسمتُ عليك أن لا رددتها"، فرددتها
(1)
.
فدل ما ذكرنا على إباحة القسم، وأن حكمه حكم اليمين، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى. وقد روي ذلك عن إبراهيم النخعي
6394 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أبي، عن محمد بن الحسن، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، قال: أقسم، وأقسم بالله يمينا، وكفارة ذلك كفارة يمين، وقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه
(2)
.
6395 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو حفص الفلاس، قال: ثنا أبو قتيبة، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الرجال، قال: حدثني أبي، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان إيلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقسم بالله لا أقربكن شهرا"
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عمر بن أبي بكر الموصلي.
وهو في آثاره (706).
(2)
رجاله ثقات.
(3)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الرجال.
وأخرجه أحمد (24743)، وابن ماجة (2059)، والحاكم 4/ 302، 303 من طريقين عن ابن أبي الرجال به.
13 - باب: الشرب قائما
6396 -
حدثنا ابن أبي عمران، ومحمد بن علي بن داود، قالا: ثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، قال: ثنا خالد بن الحارث، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي مسلم، عن الجارود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما
(1)
.
6397 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا خالد بن الحارث، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي مسلم، عن الجارود بن المعلى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6398 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن المبارك، قال: ثنا خالد بن الحارث، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي مسلم، عن الجارود. وعن سعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده حسن من أجل أبي مسلم الجذمي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2093) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني (2124) من طريق إسحاق بن إسماعيل، عن خالد بن الحارث به.
وأخرجه الترمذي (1881) عن حميد بن مسعدة، عن خالد بن الحارث بهذا الاسناد.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2094) بإسناده ومتنه.
(3)
إسناده حسن من الوجه الأول، وصحيح من الوجه الثاني.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2095) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني (2124) من طريق عبد الرحمن بن المبارك به.
وأخرجه أبو يعلى (3195) من طريق خالد بن الحارث، عن سعيد به. =
6399 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا همام، وهشام، قالا: ثنا قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6400 -
حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6401 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام الدستوائي
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
= وأخرجه أحمد (12338)، ومسلم (2024)(113)، والترمذي (1879)، وابن ماجة (3424)، وأبو يعلى (2973، 3165) من طرق عن سعيد، عن قتادة عن أنس به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2096) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (13062)، والدارمي (2127)، ومسلم (2024)(112)، وأبو يعلى (2867)، وأبو عوانة 5/ 340، 341، وابن حبان (5321، 5323)، والبيهقي 7/ 281 - 282 من طرق عن همام به.
وأخرجه الطيالسي (2000)، وابن أبي شيبة 8/ 206، وأحمد (12185)، ومسلم (2044)(113)، وأبو داود (3717)، وأبو عوانة 5/ 340، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/ 346 من طرق عن هشام الدستوائي به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2097) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الدارمي 2/ 120 - 121، وأبو داود (3717) عن مسلم بن إبراهيم به.
(3)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
6402 -
حدثنا حسين بن نصر، قال سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا همام، عن قتادة، عن أنس، وعن قتادة، عن أبي عيسى الأسواري، عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6403 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا موسى بن إسماعيل (ح)
وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى كراهة الشرب قائما، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
، فلم يروا بالشرب قائما بأسا، واحتجوا في ذلك
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2098) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (11278)، ومسلم (2025)(114)، وأبو يعلى (988)، والبيهقي 7/ 282 من طريق همام، عن قتادة، عن أبي عيسى به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2099) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (8335) من طريق حماد بن سلمة به.
(3)
قلت: أراد بهم الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وقتادة رحمهم الله، كما في النخب 22/ 334.
(4)
قلت: أراد بهم الشعبي، وسعيد بن المسيب، زاذان، وطاووس بن كيسان، وسعيد بن جبير، ومجاهدا رحمهم الله، كما في النخب 22/ 334.
6404 -
بما حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني ابن جريج، عن محمد بن علي بن حسين، عن أبيه، عن جده قال: قال لي علي بن أبي طالب ائتني بوضوء فأتيته به فتوضأ، ثم قام بفضل وضوئه، فشرب قائما، فعجبت لذلك، فقال: أتعجب يا بني؟ إني رأيت أباك رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك
(1)
.
6405 -
حدثنا ابن مرزوق: قال ثنا بشر بن عمر قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، قال: رأيت عليا رضي الله عنه شرب فضل وضوئه قائما، ثم قال: إن ناسا يكرهون أن يشربوا قياما، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ما فعلت
(2)
.
6406 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد قال: ثنا مسعر، عن عبد الملك
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
رجاله ثقات إلا أن ابن جريج عنعن وهو مدلس.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2103) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في المجتبى 1/ 69، وفي الكبرى (101) من طريق حجاج (بن محمد) قال: قال ابن جريج: حدثني شيبة أن محمد بن علي أخبره قال: أخبرني أبو علي ....
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2104) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (148)، وأحمد (1173)، والبخاري (5616)، والبزار (772)، والبغوي في الجعديات (4073)، والطبري 6/ 113، والبيهقي 751، والبغوي (3047 من طرق عن شعبة به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2105) بإسناده ومتنه. =
6407 -
حدثنا ربيع المؤذن قال: ثنا أسد، قال: ثنا ورقاء بن عمر، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، وميسرة، عن علي رضي الله عنه، أنه شرب قائما، فقيل له في ذلك، فقال: إن أشرب قائما فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما، وإن أشرب جالسا فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك
(1)
.
6408 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد سلمة، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، عن علي رضي الله عنه
…
مثله
(2)
.
6409 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
= وأخرجه أحمد (1223)، والبخاري (5615)، وأبو داود (3718)، والبزار (780)، وأبو يعلى (309)، وابن خزيمة (16) من طرق عن مسعر به.
(1)
حديث حسن، وإسناده ضعيف لرواية ورقاء بن عمر عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط وقد توبع.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2107) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الله بن أحمد (1125) من طريق خالد بن عبد الله، عن عطاء بن السائب به.
(2)
إسناده حسن، حماد بن سلمة روى عن عطاء بن السائب قبل الاختلاط وقد توبع.
وأخرجه أحمد (795) من طريق عفان عن، حماد عن عطاء به.
(3)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2106) بإسناده ومتنه.
6410 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن الشعبي، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يشرب وهو قائم
(1)
.
6411 -
حدثنا فهد، قال: ثنا ابن الأصبهاني، قال: ثنا شريك، عن الشيباني، عن عامر، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ناولت النبي صلى الله عليه وسلم دلوًا من زمزم، فشرب وهو قائم
(2)
.
6412 -
حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن الشعبي، عن ابن عباس رضي الله عنهما
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2108) بإسناده ومتنه.
ورواه البخاري (5617) عن أبي نعيم، عن سفيان الثوري به.
وأخرجه الحميدي (481)، وابن أبي شيبة 8/ 203، وأحمد (1903)، ومسلم (2027)(118)، وأبو يعلى (2406)، وابن خزيمة (2945) من طريق سفيان بن عيينة به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك بن عبد الله.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2109) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني (12579) من طريق شريك به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (3529) من طريق روح، عن حماد بن سلمة به.
6413 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا إسحاق بن أبي فروة المدني، قال: حدثتنا عبيدة بنت نايل، عن عائشة بنت سعد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب قائما
(1)
.
6414 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا حفص، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كنا نشرب ونحن قيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
6415 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، وعثمان بن عمر قالا: ثنا عمران بن حدير، عن أبي البزري -وهو يزيد بن عطارد-، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كنا نشرب ونحن قيام، ونأكل ونحن نسعى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف من أجل إسحاق بن محمد بن أبي فروة.
وأخرجه الترمذي في الشمائل (215)، والبزار (1205)، والطبراني في الكبير 1/ 147، 334 من طرق عن إسحاق بن محمد الفروي به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 17، وأحمد (5874)، وعبد بن حميد (786)، والدارمي (2265)، والترمذي (1880)، وابن ماجة (3301)، وابن حبان (5322، 5325)، والخطيب في التاريخ 8/ 195 - 196 من طرق عن حفص بن غياث به.
(3)
إسناده ضعيف الجهالة يزيد بن عطارد.
وأخرجه الدارمي (2264) من طريق عثمان بن عمر به.
وأخرجه الطيالسي (1904)، وابن أبي شيبة 8/ 17، وأحمد (4601)، وابن الجارود في المنتقى (867)، والدولابي في الكنى 1/ 127، وابن حبان (5243)، والبيهقي في السنن 7/ 283، وفي الشعب (5988، 5989) من طرق عن عمران بن حدير به.
6416 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عمران بن حدير، عن يزيد بن عطارد، عن ابن عمر رضي الله عنهما
…
مثله
(1)
.
6417 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الكريم بن مالك، قال: أخبرني البراء بن زيد، أن أم سليم رضي الله عنه حدثته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب وهو قائم من في قربة
(2)
.
6418 -
حدثنا فهد، قال: أنا أبو غسان، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا عبد الكريم الجزري، قال: حدثني البراء ابن بنت أنس وهو ابن زيد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: حدثتني أمي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وفي بيتها قربة معلقة، فشرب من في القربة قائما
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف كسابقه.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة البراء بن زيد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2110) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني في الكبير 25/ 307 من طريق عمرو بن أبي عاصم، عن أبيه، عن ابن جريج به.
وأخرجه الترمذي في الشمائل (215) من طريق أبي عاصم به، مع ذكر أنس بن مالك.
وأخرجه أحمد (12188) من طريق وكيع، عن سفيان، عن عبد الكريم به، مع ذكر أنس بن مالك به.
(3)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه أحمد (27185) من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن زهير به.
6419 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا شريك، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من قربة معلقة، وهو قائم
(1)
.
ففي هذه الآثار إباحة الشرب قائما، وأولى الأشياء بنا إذا روي حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتملا الاتفاق، واحتملا التضاد أن نحملهما على الاتفاق لا على التضاد، وكان فيما روينا في هذا الفصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إباحة الشرب قائما.
وفيما روينا عنه في الفصل الذي قبله النهي عن ذلك. فاحتمل أن يكون ذلك النهي لم يرد به هذه الإباحة ولكن أريد به معنى آخر، فنظرنا في ذلك
6420 -
فإذا فهد قد حدثنا، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا خالد، عن بيان، عن الشعبي قال: إنما أكره الشرب قائما، لأنه داء
(2)
.
فأخبر الشعبي في هذا المعنى الذي من أجله كان النهي، وإنه لما يخاف منه من الضرر وحدوث الداء لا غير ذلك، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك النهي
(1)
إسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله النخعي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2111) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (658) من طريق شريك به.
(2)
إسناده صحيح.
الإشفاق على أمته وأمره إياهم بما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم، كما قد قال لهم:"أما أنا فلا آكل متكئا".
6421 -
حدثنا ابن أبي داود، قال، ثنا سهل بن بكار (ح)
وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا أبو عوانة، عن رقبة، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا فلا آكل متكئا
(1)
.
6422 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
…
فذكر مثله
(2)
.
6423 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2090) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني في الكبير 22/ (346)، والبيهقي في السنن 7/ 49، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (ص 196) من طريق أبي عوانة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (5399)، وأبو يعلى (884) من طريق جرير به.
(3)
إسناده صحيح. =
6424 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مسعر بن كدام، عن علي بن الأقمر قال: سمعت أبا جحيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فذكر مثله
(1)
.
فليس ذلك على طريق التحريم منه عليهم أن يأكلوا كذلك، ولكن لمعنى في الأكل متكئا مخافة عليهم
6425 -
حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: ثنا جرير بن عبد الحميد، قال: قال الشعبي: إنما كره الأكل متكئا مخافة أن تعظم بطونهم
(2)
.
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2086) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (18754)، والدارمي (2071)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 2/ 651، والطبراني في الكبير 22/ (343)، والبيهقي في الشعب (5969) من طريق أبي نعيم به.
وأخرجه أبو داود (3769)، والترمذي في الشمائل (143)، وفي العلل الكبير 2/ 774 - 775، وابن حبان (5240)، والطبراني في الكبير 22/ (344)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (ص 196)، والبيهقي في السنن 7/ 49 من طرق عن سفيان به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2085) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الدارمي 2/ 106، والبخاري (5398)، والبيهقي في الآداب (671) عن أبي نعيم به.
وأخرجه أحمد (18764)، وابن ماجة (3262)، وابن قانع في معجمه 3/ 179، والطبراني في الكبير 22/ (340، 341)، وأبو نعيم في الحلية 7/ 256، والبيهقي في الآداب (535)، وفي الشعب (5970)، والبغوي في شرح السنة (2838) من طرق عن مسعر به.
(2)
رجاله ثقات.
فأخبر الشعبي بالمعنى الذي كره رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجله الأكل متكئا، وأنه إنما هو لما يحدث عنه من عظم البطن.
فكذلك ما روي عنه من النهي عن الشرب قائما، إنما هو لمعنى يكون من ذلك كرهه من أجله لا غير ذلك. وقد روي في هذا أيضا عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما
6426 -
حدثنا محمد بن الحجاج، قال: ثنا أسد (ح)
وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن شعيب بن عبد الله بن عمرو عن أبيه، قال: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا قط
(1)
.
فقد يجوز أن يكون اجتنب ذلك لما قال الشعبي، وقد يجوز في ذلك معنى آخر
6427 -
فإنه حدثنا يحيى بن عثمان، قال: ثنا أبي، قال: ثنا ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن إسماعيل الأعور قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا، فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال: انظروا إلى هذا العبد كيف يأكل متكئا، قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
(1)
إسناده حسن.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 454، وأحمد (6549)، وأبو داود (3770)، وابن ماجة (244)، والبيهقي في الشعب (5972) من طرق عن حماد بن سلمة به.
(2)
إسناده مرسل، وفيه عبد الله بن لهيعة وهو سيئ الحفظ.
فقد يجوز أن يكون هذا هو المعنى الذي من أجله قال: لا آكل متكئا؛ لأنه فعل الملوك والجبابرة، وفعل الأعاجم، فكره ذلك، ورغب في فعل العرب. كما قد روي عن عمر رضي الله عنه.
6428 -
فإنه حدثنا حسين بن نصر قال: سمعت يزيد بن هارون قال: ثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي. قال: أتانا كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اخشوشنوا
(1)
، واخشوشبوا
(2)
، واخلولقوا
(3)
، وتمعددوا
(4)
كأبيكم معد، وإياكم والتنعم، وزيّ العجم
(5)
.
أفلا ترى أنه نهاهم عن زيّ العجم، وأمرهم بالتمعدد، وهو العيش الخشن الذي يعرفه العرب، فكذلك الأكل متكئا نهوا عنه؛ لأنه فعل العجم.
(1)
من اخشوشن، وهو مبالغة في الخشن، يقال: اخشوشن إذا لبس الخشن.
(2)
من اخشوشب الرجل: إذا كان صلبا خشبا في دينه وملبسه ومطعمه وجميع أحواله.
(3)
قريب من معنى اخشوشنوا، وكان المعنى: البسوا الثياب الخلقة.
(4)
من قولهم: تمعد الرجل: إذا شب وغلظ، وقيل: أراد تشبهوا بعيش معد بن عدنان، وكانوا أهل غلظ وقشف، أي: كونوا مثلهم ودعوا التنعم وزي العجم.
(5)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 5/ 339 بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (301) عن يزيد بن هارون به.
وأخرجه البخاري (5829)، ومسلم (2069)(12) من طريق زهير بن معاوية، عن عاصم به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 348، 349، ومسلم (2069)(13)، وأبو داود (4042)، وابن ماجة (2820، 3593)، والبزار (307)، وأبو يعلى (213، 214)، والبغوي في الجعديات (1031) من طرق عن عاصم الأحول به.
وأما الشرب قاعدا فأمروا به خوفا مما يحدث عليهم في صدورهم، وليس في ذلك شيء من زيّ العجم.
وقد روي في إباحة الشرب قائما عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
6429 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن عبد الأعلى، عن بشر بن غالب قال: دخلت على الحسين بن علي رضي الله عنهما داره، فقام إلى بختية له، فمسح ضرعها، حتى إذا درّت دعا بإناء، فحلب ثم شرب وهو قائم، ثم قال: يا بشر! إني إنما فعلت ذلك لتعلم إنا نشرب ونحن قيام
(1)
.
6430 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، قال: رأيت أبي يشرب وهو قائم
(2)
.
6431 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن علي بن عبد الله البارقي، قال: ناولت ابن عمر رضي الله عنهما إداوة، فشرب منها قائما من فيها
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى بن عامر الثعلبي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (24120) عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن شريك، عن بشر بن غالب به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة كما في النخب 22/ 356 من طريق مالك بن أنس، عن عامر بن عبد الله به.
(3)
إسناده حسن من أجل علي بن عبد الله البارقي وعبد الله بن عثمان بن خثيم. =
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يشرب من في السقاء
6432 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء
(1)
.
6433 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
فلم يكن هذا النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم ذلك على أمته حتى يكون من فعله منهم عاصيا له، ولكن لمعنى قد اختلف فيه ما هو؟.
= وأخرجه ابن أبي شيبة (24108) من طريق شريك، عن سالم، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 397، 8/ 207 - 208، والدارمي (1975، 2117)، وأبو داود (3719)، وابن خزيمة (2552)، والطبراني (11819)، والبيهقي 5/ 254، 9/ 333 من طريق حماد بن سلمة به.
وأخرجه البخاري (5629)، والترمذي (1929)، وابن ماجة (3421) من طريق عكرمة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2099) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (8335) من طريق عبد الصمد، عن حماد به.
وأخرجه البخاري (5628) من طريق أيوب، عن عكرمة به.
6434 -
فحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، [عن عبد الله بن الزبير]
(1)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب من فيّ السقاء؛ لأنه ينتنه
(2)
.
فهذا معناه. وقد روي في ذلك معنى آخر وهو ما
6435 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج قال: ثنا حماد، عن ليث، عن مجاهد قال: كان يكره الشرب من ثلمة
(3)
القدح، وعروة الكوز، وقال: هما مقعدا الشيطان
(4)
.
فلم يكن هذا النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق التحريم بل كان على طريق الإشفاق منه على أمته والرأفة بهم، والنظر لهم، وقد قال قوم: إنما نهى عن ذلك، لأنه الموضع الذي يقصده الهوام، فنهى عن ذلك خوف أذاها.
فكذلك ما ذكرنا عنه في صدر هذا الباب من نهيه عن الشرب قائما ليس على التحريم الذي يكون فاعله عاصيا، ولكن للمعنى الذي ذكرناه في ذلك.
وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تقدم من هذا الباب أنه أتى بيت أم سليم، فشرب من قربة وهو قائم من فيها.
(1)
هذه الزيادة ليست في الأصول ولا في الاتحاف بل أضفناها من نخب الأفكار.
(2)
إسناده صحيح.
(3)
أي: موضع الكسر.
(4)
إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.
فدلّ ذلك على أن نهيه الذي روي عنه في ذلك ليس على النهي الذي يجب على منتهكه أن يكون عاصيا. ولكنه على النهي من أجل الخوف، فإذا ذهب الخوف ارتفع النهي فهذا عندنا معنى هذه الآثار، والله أعلم.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا "أنه نهى عن اختنا الأسقية" وهو: أن تكسر، فيشرب من أفواهها.
6436 -
حدثنا بذلك إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اختناث الأسقية
(1)
.
6437 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أسد قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
. قال ابن أبي ذئب: اختناثها أن تكسر فيشرب منها.
فالوجه الذي من أجله نهى عن ذلك، هو الوجه الذي من أجله نهي عن الشرب من في السقاء
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (11026)، ومسلم (2023)(110)، وأبو داود (3720)، والترمذي (1890)، وأبو يعلى (996، 1124)، والبيهقي في المعرفة (14462)، والبغوي (3041) من طريق سفيان بن عيينة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (11642)، والدارمي 2/ 119، والبخاري (5625)، وأبو عوانة 5/ 339، والبيهقي في المعرفة (14460)، وفي الشعب (6016) من طرق عن ابن أبي ذئب به.
14 - باب: وضع إحدى الرجلين على الأخرى
6438 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره أن يضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى
(1)
.
6439 -
حدثنا يونس، قال: أخبرني شعيب بن الليث، عن أبيه، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
، وزاد: وهو مضطجع.
6440 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد (ح)
وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
6441 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن خداش، عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
(1)
إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو الزبير صرح بسماعه عن جابر عند أحمد. وأخرجه أحمد (14178) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير به.
(2)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد (14770)، ومسلم (2099)(72)، وأبو داود (4865)، والترمذي (2767)، وأبو يعلى (2260)، وأبو عوانة 5/ 507 - 508، وابن حبان (5553)، والحاكم 4/ 268، والبيهقي 2/ 224 من طرق عن الليث بن سعد به.
(3)
إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو الزبير صرح بالتحديث عند الحميدي (1273).
وأخرجه أبو داود (4865) من طريق حماد بن سلمة به.
(4)
إسناده ضعيف لضعف خداش بن عياش. =
6442 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أمية بن بسطام، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار، عن أبي بكر بن حفص، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه أن نهى أن يثني الرجل إحدى رجليه على الأخرى
(1)
.
قال أبو جعفر: فكره قوم
(2)
وضع إحدى الرجلين على الأخرى لهذه الآثار.
واحتجوا في ذلك أيضا
6443 -
بما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن واصل، عن أبي وائل قال: كان الأشعث وجرير بن عبد الله، وكعب قعودا، فرفع الأشعث إحدى رجليه على الأخرى وهو قاعد، فقال له كعب بن عجرة رضي الله عنه: ضمها، فإنه لا يصلح لبشر
(3)
.
= وأخرجه أبو يعلى (2031) من طريق معتمر، عن أبيه به.
وأخرجه الترمذي (2766) من طريق سليمان التيمي، عن خداش به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (5554)، والطبراني في الأوسط (2802) من طريق روح بن القاسم به.
(2)
قلت: أراد بهم: محمد بن سيرين، ومجاهدا، وطاووسا، وإبراهيم النخعي رحمهم الله، كما في النخب 22/ 366.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة كما في النخب 22/ 367 من طريق وكيع، عن إسماعيل، عن واصل به.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فلم يروا بذلك بأسا، واحتجوا في ذلك بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
6444 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى
(2)
.
6445 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عبد الرحمن بن يعقوب بن أبي عباد، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا الزهري، قال: حدثني عباد بن تميم، عن عمه، عبد الله بن زيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
6446 -
حدثنا يزيد بن سنان: قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا ابن أبي ذئب، قال: ثنا الزهري، قال حدثني عباد بن تميم، عن عمه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
(1)
قلت: أراد بهم: الحسن البصري، والشعبي، وسعيد بن المسيب، وأبا مجلز، ومحمد بن الحنفية رحمهم الله، كما في النخب 22/ 368.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحميدي (414)، وابن أبي شيبة 8/ 380، والدارمي 2/ 282، وأحمد (16449)، والبخاري (6287)، ومسلم (2100)(76)، والترمذي في السنن (2765)، وفي الشمائل (120)، وأبو عوانة 5/ 509، والبيهقي 2/ 224 من طريق سفيان بن عيينة به.
(3)
إسناده صحيح، وعبد الرحمن بن يعقوب متابع.
(4)
إسناده صحيح.
6447 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني مالك بن أنس، ويونس، عن ابن شهاب، عن عباد بن تميم، عن عمه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6448 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا مالك، عن ابن شهاب
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6449 -
حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج، قال: ثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون (ح)
وحدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: ثنا عبد العزيز بن عبد الله، عن ابن شهاب، قال: حدثني محمود بن لبيد، عن عباد بن تميم، عن عمه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 1/ 172، ومن طريق مالك أخرجه أحمد (16430)، والبخاري (475)، ومسلم (2100)(75)، وأبو داود (4866)، والنسائي في المجتبى 2/ 50، وفي الكبرى (800)، وأبو عوانة 5/ 509 - 510، وابن حبان (5552)، والبغوي (486).
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطبراني في الكبير كما في النخب 22/ 370 من طريق حجاج بن منهال، وأحمد بن يونس، عن عبد العزيز بن أبي سلمة به.
قالوا: فهذه الآثار قد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة ما منعت منه الآثار الأول.
وأما ما ذكروه مما احتجوا به من قول كعب بن عجرة، فإنه قد روي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك.
6450 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال: أخبرني مالك، ويونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما، كانا يفعلان ذلك
(1)
.
6451 -
حدثني ابن مرزوق، قال ثنا أبو عاصم، عن عبد الله بن عمر، قال: حدثني سالم أبو النضر، قال: كان أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم يجلس أحدهم متربعا وإحدى رجليه على الأخرى
(2)
.
6452 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع: أنه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه فعل ذلك
(3)
.
(1)
رجاله ثقات.
(2)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عمر العمري.
(3)
رجاله ثقات.
6453 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عمر بن عبد العزيز، أن محمد بن نوفل حدثه، أنه رأى أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك
(1)
.
6454 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني أسامة بن زيد الليثي، عن نافع، أنه رأى ابن عمر رضي الله عنه يفعل ذلك
(2)
.
6455 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، عن سفيان، عن جابر، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: رأيت عبد الله مضطجعا بالأراك واضعا إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول: ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين
(3)
.
6456 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن عمران بن مسلم، قال: رأيت أنس بن مالك رضي الله عنه قاعدا قد وضع إحدى رجليه على الأخرى
(4)
.
(1)
إسناده فيه محمد بن نوفل، قال في كشف الاستار 3/ 552: لا أعرفه، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25508) من طريق سفيان بن حسين، عن الزهري، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث: أنه رأى أسامة بن زيد .... .
(2)
إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25509) من طريق وكيع، عن أسامة به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف جابر بن يزيد الجعفي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25514) من طريق وكيع، عن سفيان به.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25515) من طريق ابن مهدي، عن سفيان به.
فقد روينا عن هؤلاء الجلة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا مما لا نصل إلى تبيينه
(1)
من طريق النظر فنستعمل فيه ما استعملناه في غيره من أبواب هذا الكتاب. ولكن لما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وصفنا في الفصل المتقدم.
وروي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه: أنها لا تصلح لبشر، فكان معني هذا عندنا -والله أعلم-، أنها لا تصلح لبشر لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها؛ لأنه لا تصلح لبشر أن يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قد جاء ما قد ذكرناه في الفصل الثاني من إباحتها باستعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها.
فاحتمل أن يكون أحد الأمرين قد نسخ الآخر، فلما وجدنا أبا بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، وهم الخلفاء الراشدون المهديون على قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمهم بأمره، قد فعلوا ذلك من بعده بحضرة أصحابه جميعا، وفيهم الذي حدث بالحديث الأول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكراهة، فلم ينكر ذلك أحد منهم، ثم فعله عبد الله بن مسعود، وابن عمر، وأسامة بن زيد، وأنس بن مالك رضي الله عنهم، فلم ينكر عليهم منكر.
(1)
في ن "تثبيته".
ثبت بذلك أن هذا هو ما عليه أهل العلم من هذين الخبرين المرفوعين، وبطل بذلك ما خالفه لما ذكرنا وبينا. وقد روي عن الحسن في ذلك ما يدل على غير هذا المعنى
6457 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا خالد بن نزار الأيلي، قال: حدثني السري بن يحيى، قال: ثنا عقيل قال: قيل للحسن: قد كان يكره أن يضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى؟ فقال الحسن: ما أخذوا ذلك إلا عن اليهود
(1)
.
فيحتمل أن يكون كان من شريعة موسى عليه السلام كراهة هذا الفعل، فكانت اليهود على ذلك، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع ما كانوا عليه؛ لأن حكمه أن يكون على شريعة النبي الذي كان قبله، حتى يحدث الله له شريعة تنسخ شريعته.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف ذلك، وبإباحة ذلك الفعل لما أباح الله عز وجل له ما قد كان حظره على من كان قبله. وقد روي عن الحسن خلاف ذلك أيضا
6458 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن حميد، عن الحسن، أنه كان يفعله يعني: يضع إحدى الرجلين على الأخرى وقال: إنما كره ذلك أن يفعله بين يدي القوم مخافة أن ينكشف
(2)
.
(1)
رجاله ثقات.
(2)
إسناده صحيح.
والوجه الأول عندي أشبه من هذا، ألا ترى! إلى قول كعب:"إنها لا تصلح لبشر"، فلو كان ذلك للمعنى الذي روي عن الحسن في هذا الحديث لم يقل ذلك كعب. ولكنه إنما قال ذلك لعلمه بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما كان عليه من اتباع من قبله، ثم نسخ الله عز وجل فلم يعلمه كعب، فكان على الأمر الأول، وعلمه غيره، فرجع إليه وترك ما تقدمه.
15 - باب: الرجل يتطرق
(1)
في المسجد بالسهام
6459 -
حدثنا أبو بكرة، وعلي بن معبد، قالا: ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير، قال: ثنا بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مرّ أحدكم في مسجدنا أو في مساجدنا وفي يده سهام فليمسك بنصالها لا يعقر
(2)
بها أحدا
(3)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(4)
إلى أنه لا بأس أن يتخطّى الرجل المسجد وهو حامل ما أراد حمله، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(5)
، فقالوا: لا ينبغي لأحد أن يدخل المسجد وهو حامل شيئا من ذلك إلا أن يكون دخل به يريد بدخوله الصلاة، أو أن يكون أدخله المسجد يريد به الصدقة، فأما أن يدخل به يريد به تخطي المسجد فإن ذلك مكروه.
(1)
أي: يتخذ طريقا في المسجد.
(2)
أي: لا يجرح.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (19545)، وأبو عوانة كما في اتحاف المهرة 10/ 65 من طريق أبي أحمد الزبيري به.
وأخرجه البخاري (452، 7075)، ومسلم (2615)(124)، وأبو داود (2587)، وابن ماجة (3778)، وأبو يعلى (7291)، وابن خزيمة (1318)، وابن حبان (1649)، والبيهقي 8/ 23 من طرق عن بريد به.
(4)
قلت: أراد بهم طائفة من أهل الحديث، وجماعة من الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 22/ 383.
(5)
قلت: أراد بهم: جماهير الفقهاء من التابعين، ومن بعدهم رحمهم الله، كما في النخب 22/ 383.
وقالوا: قد يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد بما ذكرتم في حديث أبي موسى رضي الله عنه الإدخال للصدقة. فنظرنا في ذلك، هل نجد شيئا من الآثار يدل عليه
6460 -
فإذا يونس قد حدثنا، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، والليث بن سعد -يزيد أحدهما على الآخر-، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: كان الرجل يتصدق بنبل في المسجد، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يمر بها إلا وهو آخذ بنصولها
(1)
.
6461 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، عن الليث، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
نحوه
(2)
.
فبين جابر رضي الله عنه في هذا الحديث أن الذين كانوا يدخلون بها المسجد إنما كانوا يريدون بها الصدقة فيه لا التخطي. فهذا هو ما أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما في حديث أبي موسى رضي الله عنه.
(1)
إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو الزبير روايته محمولة على السماع، وإن لم يصرح به فيما رواه عنه الليث بن سعد. وأخرجه أحمد (14781)، ومسلم (2614)(122)، وأبو داود (2586)، وابن خزيمة (1317)، وابن حبان (1648) من طرق عن الليث به.
(2)
إسناده صحيح.
16 - باب: المعانقة
(1)
6462 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، ويزيد بن زريع، عن حنظلة السدوسي، قال حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم قالوا: يا رسول الله! أينحني بعضنا البعض، إذا التقينا؟، قال:"لا"، قالوا، أفيعانق بعضنا بعضا؟ قال:"لا". قالوا: أفيصافح بعضنا لبعض؟ قال: "تصافحوا"
(2)
.
6463 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا أبو هلال، عن حنظلة، عن أنس رضي الله عنه، قال: قلنا يا رسول الله
…
ثم ذكر مثله
(3)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(4)
إلى هذا فكرهوا المعانقة، منهم أبو حنيفة، ومحمد، رحمهما الله.
(1)
هي: مفاعلة من الاعتناق.
(2)
إسناده ضعيف لضعف حنظلة السدوسي.
وأخرجه أبو يعلى (4287، 4289)، والبيهقي 7/ 100، من طرق عن حماد بن زيد به، وقال البيهقي: هذا ينفرد به حنظلة السدوسي، وقد كان اختلط تركه يحيى القطان لاختلاطه.
وأخرجه البخاري (6263)، والترمذي (2729)، وأبو يعلى (2871)، وابن حبان (792)، والبيهقي 7/ 99 من طريق قتادة، قلت: لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
(3)
إسناده ضعيف لضعف حنظلة السدوسي، وأبو هلال هو محمد بن سليم ضعيف يعتبر به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 619، وعبد بن حميد (1217)، وأحمد (13044)، والترمذي (2728)، وابن ماجة (3702)، وابن عدي في الكامل 2/ 828، وابن عبد البر في التمهيد 21/ 15 - 16، والمزي في ترجمة حنظلة من تهذيب الكمال 7/ 450 من طرق عن حنظلة السدوسي به.
(4)
قلت: أراد بهم: محمد بن سيرين، وعبد الله بن عون، وأبا حنيفة، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 22/ 389.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فلم يروا بها بأسا، وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف رحمة الله عليه. وكان مما احتجوا به في ذلك
6464 -
ما حدثنا فهد، قال: ثنا أبو كريب محمد بن العلاء، قال: ثنا أسد بن عمرو، عن مجالد بن سعيد، عن عامر، عن عبد الله بن جعفر، عن أبيه قال: لما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم من عند النجاشي، تلقاني، فاعتنقني
(2)
.
6465 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبيد الله بن محمد التيمي قال: ثنا أبو عوانة، عن الأجلح، عن الشعبي، قال: وافق قدوم جعفر فتح خيبر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا أدري بأي الشيئين أنا أشد فرحا: بفتح خيبر، أم بقدوم جعفر" ثم تلقاه فاعتنقه، وقبل بين عينيه
(3)
.
(1)
قلت: أراد بهم: عامر الشعبي، وأبا مجلز لاحق بن حميد، وعمرو بن ميمون، والأسود بن هلال، وأبا يوسف رحمهم الله، كما في النخب 22/ 389.
(2)
إسناده ضعيف من أجل مجالد بن سعيد.
وأخرجه البزار في مسنده (1328)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1446)، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 152 من طرق عن أسد بن عمرو به.
(3)
إسناده مرسل، ورجاله ثقات غير أجلح بن عبد الله بن حجية فهو مختلف فيه، قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال يعقوب بن سفيان: ثقة في حديثه لين، وضعفه أحمد وأبو داود والنسائي وابن سعد والجوزجاني والساجي وابن حبان وابن الجارود.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 621، ومن طريقه أبو داود في سننه (5220)، وفي مراسيله (491) عن علي بن مسهر، عن أجلح، عن الشعبي به. =
6466 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا إبراهيم بن يحيى بن محمد الشجري، قال: حدثني أبي: يحي بن محمد بن عباد، قال: أخبرني ابن إسحاق، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فأتاه، فقرع الباب، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا، والله ما رأيته عريانا قبله، فاعتنقه وقبّله
(1)
.
وقد روي في ذلك عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
6467 -
ما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا شعبة، عن غالب التمار، عن الشعبي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا التقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا
(2)
.
= وأخرجه ابن سعد 4/ 34، 35، عن عبد الله بن نمير، وابن سعد 4/ 35، والبيهقي 7/ 101 من طريق سفيان، كلاهما عن الأجلح به.
وذكره البيهقي 7/ 101 مسندا من حديث عبد الله بن جعفر، وقال: المحفوظ هو الأول مرسلا.
(1)
إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد الشجري، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1384) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الترمذي، (2732)، والعقيلي 4/ 427 - 428 من طريق إبراهيم بن يحيى بهذا الاسناد.
(2)
إسناده حسن من أجل غالب التمار.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25720)، والبيهقي 7/ 100 من طريقين عن شعبة، عن غالب التمار، قال: كان محمد بن سيرين يكره المصافحة فذكرت ذلك للشعبي فقال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
…
6468 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو الوليد (ح)
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا يحيى بن حماد، قالا: ثنا شعبة
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
6469 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا أبو غالب، عن أم الدرداء رضي الله عنها، قالت: قدم علينا سلمان، فقال: أين أخي؟ قلت في المسجد، فأتاه، فلما رآه اعتنقه
(2)
.
فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانوا يتعانقون. فدلّ ذلك على أن ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إباحة المعانقة كان متأخرا عما روي عنه من النهي عن ذلك. فبذلك نأخذ، وهو قول أبي يوسف رحمه الله.
(1)
إسناده حسن كسابقه.
(2)
إسناده حسن في المتابعات والشواهد من أجل أبي غالب.
17 - باب: الصور تكون في الثياب
6470 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا شعبة، عن علي بن مدرك قال: سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير، عن عبد الله بن نُجَي، عن أبيه، قال: سمعت عليا رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة"
(1)
.
6471 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق، وحبّان بن هلال، قالا: ثنا شعبة
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6472 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، قال: ثنا مغيرة بن مقسم، قال: حدثني الحارث العكلي، عن عبد الله بن نُجَي
(3)
، عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"قال لي جبريل عليه السلام: إنا لا ندخل بيتا فيه كلب، ولا صورة ولا تمثال"
(4)
.
(1)
إسناده ضعيف لجهالة نجي الحضرمي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 410، 8/ 290، وأحمد (632)، وأبو داود (227، 4152)، والنسائي في المجتبى 1/ 141، 7/ 185، وفي الكبرى (253، 4774)، وابن ماجة (3650)، وأبو يعلى (313، 626)، وابن حبان (1205)، والحاكم 1/ 171 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه.
(3)
في النخب زيادة "عن أبيه" وليست في عامة الأصول والاتحاف.
(4)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن نجي وقد توبع، ولانقطاعه، قال ابن حبان في الثقات: إنه لم يسمع من علي، بينه وبينه أبوه، كما قال ابن معين. =
6473 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل البيت وجد فيه صورة إبراهيم عليه السلام [وفي يده الأزلام]
(1)
، وصورة مريم عليها السلام، فقال: "أما هم، فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة وهذه صورة إبراهيم عليه السلام فما باله يستقسم [وقد علموا أنه كان لا يستقسم]
(2)
"
(3)
.
6474 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن أبي طلحة رضي الله عنهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة"
(4)
.
= وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 342، وأحمد (608)، والنسائي في المجتبى 3/ 12، وفي الكبرى (1137، 8448)، وابن ماجة (3708) من طرق عن أبي بكر بن عياش به.
(1)
من ن، وفي س "وفي يده الأخرى أزلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما له يستقسم، وقد علموا أنه كان لا يستقسم".
(2)
من ن.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (2508)، والبخاري (3351)، والنسائي في الكبرى (9772)، وأبو يعلى (2429)، وابن حبان (5858)، والطبراني (12171)، والبيهقي 5/ 158 من طرق عن عبد الله بن وهب به.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحميدي (431)، وابن أبي شيبة 5/ 410، 8/ 478، وأحمد (16353)، والبخاري (3322)، ومسلم (2106)(83)، والنسائي في المجتبى 7/ 1857، 8/ 212، وفي الكبرى (9769)، وابن ماجة (3649)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1893)، وأبو يعلى (1414، 1430)، والشاشي (1047)، والطبراني في الكبير (4689)، والبيهقي في المعرفة (11538) من طرق عن سفيان بن عيينة به.
6475 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عفان، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا سهيل بن أبي صالح، عن سعيد بن يسار، عن أبي طلحة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6476 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أمية بن بسطام، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا روح بن القاسم، عن سهيل بن أبي صالح، عن سعيد بن يسار، عن زيد بن خالد، عن أبي أيوب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6477 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها: أن جبريل، عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنا لا ندخل بيتا فيه صورة"
(3)
.
(1)
إسناده منقطع، سعيد بن يسار لم يدرك أبا طلحة، بينهما زيد بن خالد.
وأخرجه أحمد (16369) عن عفان به.
وأخرجه أبو يعلى (1432)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (537) من طريقين عن حماد بن سلمة به.
وأخرجه مسلم (2106)(2107)(87)، وأبو داود (4154)، والنسائي في الكبرى (9764، 10392)، وابن حبان (5468) من طرق جرير بن عبد الحميد، عن سهيل بن أبي صالح، عن سعيد بن يسار، عن زيد بن خالد، عن أبي طلحة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطبراني 4/ 121 (3860) من طريقين عن أمية بن بسطام به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (1069)، ومسلم (2104)، وأبو يعلى (4508)، وأبو نعيم في الحلية 3/ 257، من طريق عبد العزيز بن أبي حازم به. =
6478 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا أبو زيد بن أبي الغمر، قال: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة، عن نافع عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: اشتريت نمرقة
(1)
فيها تصاوير، فلما دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآها تغير ثم قال:"يا عائشة! ما هذه؟ ". فقلت: نمرقة اشتريتها لك، تقعد عليها، قال:"إنا لا ندخل بيتا فيه تصاوير"
(2)
.
6479 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني ابن شهاب، قال: أخبرني القاسم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مستترة بقرام
(3)
ستر، فيه صورة، فهتكه
(4)
، ثم قال:"إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله عز وجل"
(5)
.
= وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 479، وابن راهويه (1081)، وأحمد (25100)، وابن ماجة (3651)، والبغوي (3213) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة به.
(1)
بضم النون والراء وبكسرهما: الوسادة.
(2)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الغمر ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جمع.
وأخرجه الطيالسي (1425)، وإسحاق بن راهويه (976)، والبخاري (3224، 5957)، ومسلم (2107)(96)، والخطيب في التاريخ 2/ 293 - 294، 5/ 286، والبيهقي في السنن 7/ 269 - 270 من طرق عن نافع به.
(3)
بكسر القاف، وهو: الستر الرقيق، وقيل: الصفيق من صوف ذي ألوان.
(4)
أي: خرقه.
(5)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (7) من طريق يونس، عن بشر بن بكر به.
وأخرجه البيهقي في الدلائل 6/ 81 من طريق بشر بن بكر به. =
6480 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن كريب مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة"
(1)
.
6481 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: أنا ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن مهران، عن عمير مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل الكعبة فرأى فيها صورا
(2)
، فأمرني، فأتيته بدلو من ماء، فجعل يضرب به الصور، يقول:"قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون"
(3)
.
= وأخرجه أحمد (24556) من طريق محمد بن مصعب، عن الأوزاعي به.
(1)
إسناده حسن من أجل حارث بن عبد الرحمن القرشي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (887) من طريق عبد العزيز، عن ابن أبي ذئب به.
وأخرجه الطيالسي (627)، وابن أبي شيبة 5/ 406، 8/ 481، وأحمد (21772)، والبزار (2590)، والضياء في المختارة (1346) من طرق عن ابن أبي ذئب به.
(2)
في الأصول "صورة"، والمثبت من ن.
(3)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن مهران المدني.
وأخرجه الطيالسي (657)، وابن أبي شيبة في المصنف 14/ 490، وفي المسند (162)، وإسحاق، وأبو يعلى في مسنديهما كما في الاتحاف (4087، 4089)، والمقدسي في المختارة (1336)، والبغوي في الجعديات (2820)، والطبراني (407) من طريق ابن أبي ذئب به.
6482 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: حدثني عمر بن محمد، أن سالم بن عبد الله حدثه، عن أبيه، أن جبريل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنا لا ندخل بيتا فيه صورة"
(1)
.
6483 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن ابن السباق، عن ابن عباس، عن ميمونة رضي الله عنهم، زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6484 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أبو الزبير، قال: سألت جابرا عن الصور في البيت، وعن الرجل يفعل ذلك. فقال:"زجر رسول الله عن ذلك"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (3227، 5960) من طريق يحيى بن سليمان، عن ابن وهب به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (883) من طريق سليمان بن كثير، عن الزهري به.
وأخرجه مسلم (2105)، وأبو داود (4157)، وابن حبان (5856)، والبيهقي 1/ 242 - 243 من طرق عن ابن وهب به.
وأخرجه الطبراني في الكبير 23/ (1047)، 24/ (31)، والبيهقي في السنن 1/ 242 - 243، والحازمي في الاعتبار (ص 234) من طريق يونس بن يزيد به.
وأخرجه أحمد (26800)، وأبو يعلى (7093) من طريق محمد بن أبي حفصة، عن الزهري به.
(3)
حديث صحيح، وإسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وأخرجه أحمد (14614) من طريق حسن، عن ابن لهيعة به. =
6485 -
حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، قال: أنا محمد بن فضيل، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، قال: دخلت مع أبي هريرة رضي الله عنه دار مروان بن الحكم، فإذا بتماثيل. فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة"
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب ذاهبون
(2)
إلى كراهية اتخاذ ما فيه الصور من الثياب، وما كان يوطأ من ذلك ويمتهن، وما كان ملبوسا، وكرهوا كونه في البيوت، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فقالوا: ما كان من ذلك يوطأ ويمتهن فلا بأس به، وكرهوا ما سوى ذلك. وكان من الحجة لهم في ذلك
6486 -
ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أمه أسماء بنت عبد الرحمن وكانت في حجر عائشة رضي الله
= وأخرجه أحمد (14596)، والترمذي (1749)، وأبو يعلى (2244)، وابن حبان (5844) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 484، وأحمد (7166)، والبخاري (7559)، ومسلم (2111)، وأبو يعلى (6101، 6621)، والبيهقي 7/ 268، والبغوي (3217 من طريق محمد بن فضيل به.
(2)
قلت: أراد بهم: الليث بن سعد، والحسن بن حي، وبعض الشافعية رحمهم الله، كما في النخب 22/ 412.
(3)
قلت: أراد بهم: النخعي، والثوري، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 22/ 412.
عنها، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر، وعندي نمط
(1)
لي فيه صورة، فوضعته على سهوتي
(2)
فاجتبذه وقال: "لا تستري الجدار" قالت: فصنعته وسادتين، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتفق
(3)
عليهما
(4)
.
6487 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو، عن بكير بن الأشج، عن ربيعة بن عطاء مولى بني الأزهر، أنه سمع القاسم بن محمد، يذكر عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرتفق عليهما
(5)
.
6488 -
حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه، أن أباه حدثه، عن عائشة عن رضي الله عنها، أنها كانت نصبت سترا فيه تصاوير، فدخل رسول الله صلى الله
(1)
بفتح النون والميم وهو: ضرب من البسط له خمل رقيق ويجمع على أنماط.
(2)
بيت صغير منحدر في الأرض قليلا شبيه بالمخدع والخزانة.
(3)
أي: يتكئ عليهما.
(4)
حديث صحيح، وأسامة بن زيد حسن الحديث، واختلف عليه.
وأخرجه ابن حبان (5843) من طريق يونس بن عبد الأعلى به.
وأخرجه ابن ماجة (3653) من طريق وكيع، عن أسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة به.
(5)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (5860) من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة به.
عليه وسلم فنزعه، فقطعته وسادتين، فقال رجل في المجلس حينئذ -يقال له: ربيعة بن عطاء مولى بني أزهر-: أسمعت أبا محمد، يذكر أن عائشة رضي الله عنها قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتفق عليهما؟. فقال: لا، ولكن سمعت القاسم بن محمد يذكر ذلك عنها
(1)
.
6489 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا محمد بن أبي الوزير، قال: ثنا محمد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها جعلت سترا فيه تصاوير إلى القبلة. فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعته، وجعلت منه وسادتين، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس عليهما
(2)
.
6490 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن نافع، عن القاسم بن محمد، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب، فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهة، فقلت: يا رسول الله! أتوب إلى الله، وإلى رسوله، فماذا أذنبت؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما بال هذه النمرقة؟ " قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها، وتتوسدها، فقال
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه مسلم (2107)(95)، والنسائي في المجتبى 8/ 214، وفي الكبرى (9776)، والبيهقي في السنن 7/ 69 من طريق عمرو بن الحارث به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 317، وأحمد (24849)، والبخاري (2479، 5954)، ومسلم (2107)(92)، والنسائي 8/ 214، وابن ماجة (3653)، وأبو يعلى (4469) من طرق عن عبد الرحمن بن القاسم به.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم". ثم قال: "إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة"
(1)
.
6491 -
حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا سعيد بن عامر قال: ثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، قال: قالت عائشة رضي الله عنها كان ثوب فيه تصاوير، فجعلته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فكرهه أو قالت: فنهاني فجعلته وسائد
(2)
.
فقال أهل هذه المقالة ما كان مما يوطاً فلا بأس به لهذه الآثار، وما كان من غير ما يوطأ، فهو الذي جاءت به الآثار الأول.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استثنى مما نهى عنه من الصور إلا ما كان رقما في ثوب
6492 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكير بن الأشج حدثه، أن بسر بن سعيد حدثه أن زيد بن خالد الجهني حدثهم، ومع بسر بن سعيد عبيد الله الخولاني أن أبا طلحة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة"، قال بسر: فمرض زيد بن خالد، فعدناه، فإذا نحن في
(1)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 558، ومن طريق مالك أخرجه أحمد (26090)، والبخاري (2105، 5961،5181)، ومسلم (2107)(96)، وأبو عوانة 2/ 71، وابن حبان (5845)، والبيهقي 7/ 266 - 267.
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
بيته بستر فيه تصاوير. فقلت لعبيد الله الخولاني: ألم تسمعه حديثا في التصاوير؟ قال: إنه قد قال "إلا رقما في ثوب"، ألم تسمعه؟ قال: لا، فقلت: بلى، قد ذكر ذلك
(1)
.
6493 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن سالم أبي النضر، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال اشتكى أبو طلحة بن سهل فقال لي عثمان بن حنيف: هل لك في أبي طلحة تعوده؟ فقلت نعم قال: فجئناه، فدخلنا عليه، وتحته نمط فيه صورة، فقال: انزعوا عنه هذا النمط، فألقوه عني. فقال له عثمان بن حنيف: أوما سمعت يا أبا طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهى عن الصورة؟ قال: "إلا رقما في ثوب، أو ثوبا فيه رقم؟ " قال: بلى، ولكنه أطيب النفسي، فأميطوه عني
(2)
.
6494 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي النضر
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: مكان عثمان بن حنيف: سهل بن حنيف
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (3226)، ومسلم (2106)(86)، والطبراني في الكبير (4698)، والبيهقي 7/ 271 من طريق ابن وهب به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 410، وأحمد (16345)، والبخاري (5958)، ومسلم (2106)(85)، وأبو داود (4155)، والنسائي في المجتبى 8/ 212 - 213، والشاشي (1067، 1068)، وابن حبان (5850)، والبيهقي 7/ 271، والبغوي (3222) من طرق عن الليث عن بكير به.
(2)
رجاله ثقات غير أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعن.
وأخرجه النسائي في الكبرى (9680)، وأبو يعلى (1440) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق به.
(3)
إسناده صحيح. =
فثبت بما روينا خروج الصور التي في الثياب من الصور المنهي عنها، وثبت أن المنهي عنه الصور التي هي: نظير ما يفعله النصارى في كنائسهم من الصور في جدرانها، ومن تعليق الثياب المصورة فيها، فأما ما كان يوطأ ويمتهن ويفرش فهو خارج من ذلك، وهذا مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.
6495 -
حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا أبو كامل قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا الليث قال: دخلت على سالم بن عبد الله وهو متكئ على وسادة حمراء فيها تصاوير، قال: فقلت: أليس هذا يكره؟. فقال: لا، إنما يكره ما يعلق منه وما نصب من التماثيل، فأما ما وطئ فلا بأس، قال: ثم حدثني عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة حتى ينفخوا فيها الروح، يقال لهم أحيوا ما خلقتم"
(1)
.
فدل هذا من قول سالم على ما ذكرنا ثم اختلف الناس بعد ذلك في هذه الصور ما هي؟.
= وهو في الموطأ 2/ 555، ومن طريق مالك أخرجه أحمد (15979)، والترمذي (1750)، والنسائي في المجتبى 8/ 212، وفي الكبرى (9766)، وابن حبان (5851).
(1)
إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.
وأخرجه أحمد (6326) من طريق حفص بن غياث، عن ليث به.
وأخرج المرفوع البزار (2994 زاوائد) من طريق المعتمر بن سليمان، عن ليث به.
فقال قوم
(1)
: قد دخل في ذلك صورة كل شيء مما له روح ومما ليس له روح، قالوا: لأن الأثر جاء في ذلك مبهما واحتجوا في ذلك أيضا
6496 -
بما حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسدٌ، قال: ثنا وكيع ويحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن أبي، الضحى عن مسروق، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون"
(2)
.
6497 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو الوليد: قال ثنا شعبة، قال: ثنا عون بن أبي جحيفة، أخبرني عن أبيه قال:"لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المصور"
(3)
.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
، فقالوا: ما لم يكن له من ذلك روح فلا بأس بتصويره، وما كان له روح فهو المنهي عن تصويره واحتجوا في ذلك بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(1)
قلت أراد بهم جماعة من أهل الحديث، وطائفة من أهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 22/ 424.
(2)
إسناده صحيح، ويحيى بن عيسى النهشلي متابع وكيع.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 482، وأحمد (4050)، ومسلم (2109) من طريق وكيع به.
وأخرجه الحميدي (117)، والبخاري (5950)، ومسلم (2109)، والنسائي 8/ 216، وأبو يعلى (5209)، والبيهقي 7/ 268 من طرق عن الأعمش به.
(3)
إسناده صحيح وأخرجه أحمد (18756)، والبخاري (5347)، وأبو يعلى، (890)، وابن حبان (5852) من طرق عن شعبة به.
(4)
قلت: أراد بهم الجمهور من الفقهاء، وأهل الحديث رحمهم الله، كما في النخب 22/ 426.
6498 -
حدثنا بكار، قال: ثنا عبد الله بن حمران قال: ثنا عوف بن أبي جميلة، عن سعيد بن أبي الحسن، قال: كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما، إذ أتاه رجل، فقال: يا ابن عباس! إنما معيشتي من صنعة يدي، وأنا أصنع هذه التصاوير، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صوّر صورة فإن الله معذبه عليها يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ أبدا"، قال: فربا
(1)
الرجل ربوة شديدة، واصفر وجهه، فقال: ويحك، إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بالشجر، وكل شيء ليس فيه روح
(2)
.
6499 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا، قبيصة قال: ثنا سفيان، عن عوف
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
وقد دلّ على صحة ما قال ابن عباس من هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله يعذبه عليها حتى ينفخ فيها الروح. فدل ذلك على أن ما نهي من تصويره هو ما يكون فيه الروح.
(1)
الربوة هي: النهيج وتواتر النفس الذي يعرض للمسرع في مشيه وحركته.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (3394)، والبخاري (2225)، والنسائي في الكبرى (9785)، وأبو يعلى (2577)، وابن حبان (5846، 5848)، والطبراني (12772، 12773)، والبيهقي 4/ 270 من طرق عن عوف به.
(3)
إسناده صحيح.
وقد روي في ذلك أيضا عن غير ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المصورون يعذبون يوم القيامة: ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم
6500 -
حدثنا فهد قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا عبد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المصورون يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم"
(1)
.
6501 -
حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6502 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب
…
فذكر بإسناده، مثله
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عمر بن حفص العمري، وقد توبع.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 483، وأحمد (4707)، والبخاري (5951)، ومسلم (2108)، والنسائي في الكبرى (9786)، والبيهقي في السنن 7/ 268 من طرق عن عبيد الله بن عمر به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (6084)، والبخاري (7558)، ومسلم (2108)، والنسائي في المجتبى 8/ 215، وفي الكبرى (9787) من طرق عن حماد بن زيد به.
(3)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
6503 -
حدثنا علي بن معبد قال: ثنا يزيد بن هارون: قال: ثنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن عكرمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صور صورة عُذّب يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ"
(1)
.
فمعنى هذه الآثار معنى ما رويناه عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا ما يدل على هذا المعنى.
6504 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوحاظي، قال: ثنا عيسى بن يونس، قال: ثنا أبي، قال: لما قدم مجاهد الكوفة، أتيته أنا وأبي، فحدثنا عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل عليه السلام فقال: "يا محمد إني جئتك البارحة فلم أستطع أن أدخل البيت؛ لأنه كان في البيت تمثال رجل فمُر بالتمثال فليقطع رأسه حتى يكون كهيئة الشجرة"
(2)
.
6505 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: استأذن جبريل عليه
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (10549) من طريق يزيد بن هارون به.
وأخرجه النسائي 8/ 215 من طريق عفان بن مسلم، عن همام بن يحيى به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (8045)، وأبو داود (4158)، والترمذي (2806)، وابن حبان (5854)، والبيهقي 7/ 270 من طرق عن يونس بن أبي إسحاق به.
السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ادخل"، فقال:"كيف أدخل وفي بيتك سترا، فيه تماثيل خيل ورجال؟ فإما أن تقطع رءوسها، وإما أن تجعلها بساطا، فإنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه تماثيل"
(1)
.
فلما أبيحت التماثيل بعد قطع رءوسها الذي لو قطع من ذي الروح لم يبق دل ذلك على إباحة تصوير ما لا روح له، وعلى خروج ما لا روح لمثله من الصور مما قد نهي عنه في الآثار التي ذكرنا في هذا الباب. وقد روي عن عكرمة في هذا الباب أيضا
6506 -
ما حدثنا محمد بن النعمان، قال: ثنا أبو ثابت المدني قال: ثنا حماد بن زيد، عن رجل، عن عكرمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إنما الصورة الرأس، فكل شيء ليس له رأس فليس بصورة
(2)
.
وفي قول جبريل صلوات الله عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة "إما أن تجعلها بساطا، وإما أن تقطع رءوسها" دليل على أنه لم يبح من استعمال ما فيه تلك الصور إلا بأن يبسط.
(1)
إسناده حسن من أجل أبي بكر بن عياش.
وأخرجه النسائي 8/ 216 من طريق أبي بكر بن عياش به.
وأخرجه عبد الرزاق (19488)، وأحمد (8079)، وابن حبان (5853)، والبيهقي 7/ 270، والبغوي (3223) من طريق أبي إسحاق به.
(2)
إسناده ضعيف لإبهام الرجل الوارد في السند.
فإن قال قائل: ففي حديث أبي طلحة أنه كان في بيته ستر فيه تصاوير، ولم يدخل ذلك عنده فيما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة" لأنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إلا ما كان رقما في ثوب".
قيل له: أما ما ذكرت من الستر فإنما هو فعل أبي طلحة وقد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يقفه على أن ذلك الثوب المستثنى هو الستر. وقد يجوز أن يكون الستر أيضا فيها استثنى.
فلما احتمل ذلك ما ذكرناه، وكان في حديث مجاهد، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وصفنا علمنا أن الثياب المستثناة هي الثياب المبسوطة كهيئة البسط، لا ما سواها من الثياب المعلقة والملبوسة، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.
18 - باب: الرجل يقول: أستغفر الله وأتوب إليه
قال أبو جعفر رحمه الله: سمعت أبا جعفر بن أبي عمران، يكره أن يقول الرجل أستغفر الله وأتوب إليه، ولكنه يقول أستغفر الله وأسأله التوبة، وقال: رأيت أصحابنا يكرهون ذلك، ويقولون: التوبة من الذنب هي تركه، وترك العود عليه، وذلك غير موهوم من أحد.
فإذا قال: أتوب إليه فقد وعد الله أن لا يعود إلى ذلك الذنب، فإذا عاد إليه بعد ذلك كان كمن وعد الله ثم أخلفه. ولكن أحسن ذلك أن يقول: أسأل الله التوبة أي: أسأل الله أن ينزعني عن هذا الذنب، ولا يعيدني إليه أبدا.
وقد روي في ذلك أيضا عن الربيع بن خثيم
6507 -
حدثني موسى بن المبارك، قال: ثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن ليث عن منذر الثوري، عن الربيع بن خثيم، قال: لا يقول أحدكم إني أستغفر الله وأتوب إليه، ثم يعود فيكون كذبه، ويكون ذنبا، ولكن ليقل: اللهم اغفر لي وتب علي
(1)
.
وكان من الحجة لهم في ذلك
(1)
إسناده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.
وأخرجه أحمد في الزهد (1975) من طريق الأعمش، عن منذر به.
6508 -
ما حدثنا ابن أبي داود: قال ثنا أبو عمر الحوضي قال: ثنا خالد بن عبد الله الواسطي، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التوبة من الذنب أن يتوب الرجل من الذنب، ثم لا يعود إليه
(1)
.
فهذه صفة التوبة، وهذا غير مأمون على أحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه معصوم، ولذلك كان يقول فيما قد روي عنه
6509 -
ما قد حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا خطاب بن عثمان، وحيوة بن شريح، قالا: ثنا بقية بن الوليد، عن الزبيدي، عن الزهري، عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني لأتوب في اليوم مائة مرة" وقال أناس آخرون: إنما قال سبعين مرة
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف مرفوعا لضعف إبراهيم الهجري، والصحيح وقفه.
وأخرجه أحمد (4264) من طريق علي بن عاصم، والبيهقي في الشعب (7037،7036) من طريق بكر بن خنيس، كلاهما عن إبراهيم الهجري به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 300 عن وكيع، عن سفيان الثوري، والبيهقي في الشعب (7035) من طريق إسرائيل بن يونس، كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، عن عبد الله موقوفا، وهذا اسناد صحيح لذا ذكر البيهقي أن الموقوف هو الصحيح وأن رفعه ضعيف.
(2)
إسناده ضعيف لضعف بقية بن الوليد، وسماع عبد الملك عن أبي هريرة على خلاف كما في تهذيب الكمال 18/ 289.
وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (439)، والطبراني في مسند الشاميين (1796) من طريق بقية بن الوليد به.
6510 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أيوب بن سليمان بن بلال، قال: حدثني أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان، عن محمد بن عبد الله بن أبي عتيق، وموسى بن عقبة، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة"
(1)
.
6511 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سلامة بن روح، قال: ثنا عقيل، قال: ثنا الزهري، أن أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أخبره أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
ثم ذكر مثله
(2)
.
6512 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (10198)، والطبراني في الأوسط (4222)، وأبو نعيم في الحلية 2/ 188 من طريقين عن سليمان بن بلال به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل سلامة بن روح.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (436) بنفس السند.
وأخرجه ابن حبان (925) من طريق ابن وهب به.
وأخرجه أحمد (7793)، والبخاري (6307)، والترمذي (3259)، والنسائي في الكبرى (10196)، والبيهقي في الشعب (639) من طريق الزهري به.
6513 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا ابن أبي مريم قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، حدثه عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة"
(1)
.
6514 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا مروان بن معاوية، قال: أنا زياد بن المنذر، قال: أنا أبو بردة بن أبي موسى، قال: ثنا الأغر المزني رضي الله عنه، قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا يده وهو يقول: "يا أيها الناس استغفروا ربكم، ثم توبوا إليه، فوالله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة"
(2)
.
قالوا: فهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، لأنه معصوم من الذنوب، وأما غيره فلا ينبغي أن يقول ذلك، لأنه غير معصوم من العود فيما تاب منه.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (10274)، والطبراني في الدعاء (1810)، والبيهقي في شعب الإيمان (6789) من طريق موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق به.
(2)
إسناده ضعيف جدا، زياد بن المنذر الهمداني قال يحيى بن معين كذاب.
وأخرجه الطبراني في الدعاء (1835) من طريق زياد بن المنذر به.
وأخرجه عبد بن حميد (363)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (445)، وابن قانع 1/ 51، والطبراني في الكبير (883، 884)، وفي الدعاء (1827، 1828، 1829)، والخطيب في تاريخ بغداد 5/ 220 من طرق عن عمرو بن مرة، عن أبي برده به.
وأخرجه ابن المبارك في الزهد (1140)، وأحمد (17848)، ومسلم (2702)(41)، وأبو داود (1515)، والبيهقي 7/ 52، والبغوي (1287) من طرق حماد بن زيد، عن ثابت، عن أبي بردة به.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فلم يروا به بأسا أن يقول الرجل: أتوب إلى الله عز وجل وكان من الحجة لهم في ذلك، ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
6515 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من جلس مجلسا كثر فيه لغطه، ثم قال قبل أن يقوم: سبحانك ربنا، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك"
(2)
.
6516 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، قال: ثنا عثمان بن مطر، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كفارة المجلس سبحانك اللهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك"
(3)
.
(1)
: قلت أراد بهم الجماهير من الحنفية، والشافعية، وغيرهم رحمهم الله، كما في النخب 22/ 445.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (10415)، والترمذي (3433)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (397)، والطبراني في الدعاء (1914)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (447)، والحاكم 1/ 536، والبيهقي في الشعب (628)، والبغوي (1340) من طرق عن حجاج بن محمد المصيصي به.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 4/ 105، وفي الأوسط 2/ 40، وابن حبان (594) من طريقين عن ابن جريج به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف عثمان بن مطر الشيباني.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (5914)، والبزار كما في النخب 22/ 448، والعقيلي في الضعفاء 3/ 216 من طرق عن عثمان بن مطر به.
6517 -
حدثنا محمد بن خزيمة وفهد بن سليمان قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني ابن الهاد، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من إنسان يكون في مجلس، فيقول حين يريد أن يقوم: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في ذلك المجلس"، قال: فحدثت بهذا الحديث يزيد بن خصيفة، فقال: هكذا حدثني السائب بن يزيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
6518 -
حدثنا محمد بن خزيمة، وفهد، قالا: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني ابن الهاد، عن يحيى بن سعيد، عن زرارة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من المجلس إلا قال: "سبحانك اللهم ربي وبحمدك، لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك" فقلت له يا رسول الله ما أكثر ما تقول هذه الكلمات إذا قمت؟ فقال: "إنه لا يقولهن أحد حين يقوم من مجلسه إلا غفر له ما كان في ذلك المجلس"
(2)
.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روي عنه ما ذكرنا، وهذا أولى القولين عندنا لأن الله عز وجل قد أمر بذلك في كتابه العزيز فقال:{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} [البقرة:
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه أحمد (15729)، والطبراني في الكبير (6673) من طريقين عن ليث به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (10158) من طريق شعيب، عن الليث به.
54] وقال: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في الآثار التي ذكرنا، فلهذا أبحنا ذلك وخالفنا أبا جعفر فيما ذهب إليه على ما ذكرنا في أول هذا الباب.
فإن قال قائل: فإن الله عز وجل إنما أمرهم في كتابه أن يتوبوا، والتوبة هي: ترك الذنوب، وترك العود إليها، وليس يكون ذلك بقولهم قد تبنا إنما كان ذلك بالخروج عن الذنوب وترك العود إليها قال: وكذلك روي في قول الله عز وجل {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]. فذكروا ما
6519 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا موسى بن زياد المخزومي، قال: ثنا إسرائيل، قال: ثنا سماك، عن النعمان بن بشير، قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: التوبة النصوح، أن يجتنب الرجل السوء
(1)
كان يعمله، فيتوب إلى الله عز وجل منه، ثم لا يعود إليه أبدا
(2)
.
(1)
في د "الشرك".
(2)
إسناده حسن من أجل سماك بن حرب، والنعمان هو ابن حميد في شرح المشكل، وقال محقق شرح المشكل: هو عند غير المصنف النعمان بن بشير، كما هنا.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 4/ 99 بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 279، وهناد في الزهد (901)، والطبري في جامع البيان 28/ 167، والحاكم 2/ 495 من طريقين عن سماك به.
6520 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن النعمان، عن عمر
…
مثله
(1)
.
فهذه صفة التوبة التي أمرهم الله عز وجل بها في كتابه العزيز. فأما قولهم: نتوب إلى الله عز وجل ليس من هذا في شيء.
قيل لهم: إن ذلك وإن كان كما ذكرتم، فإنا لم نبح لهم أن يقولوا: نتوب إلى الله عز وجل على أنهم معتقدون للرجوع إلى ما تابوا منه. ولكنا أبحنا لهم أن يقولوا ذلك على أنهم يريدون به ترك ما وقعوا فيه من الذنب، ولا يريدون العودة في شيء منها.
فإذا قالوا ذلك، واعتقدوا هذا بقلوبهم كانوا في ذلك مأجورين مثابين. فمن عاد منهم بعد ذلك في شيء من تلك الذنوب كان ذلك ذنبا أصابه، ولم يحبط ذلك أجره المكتوب له بقوله الذي تقدم منه، واعتقاده معه ما اعتقد.
فأما من قال: أتوب إلى الله عز وجل، وهو معتقد أن يعود إلى ما تاب منه، فهو بذلك القول فاسق معاقب عليه، لأنه كذب على الله فيما قال، فأما إذا قال وهو معتقد لترك الذنب الذي كان وقع فيه، وعازم أن لا يعود إليه أبدا فهو صادق في قوله مثاب على
(1)
إسناده حسن من أجل سماك.
وأخرجه ابن أبي شيبة (34491) عن أبي الأحوص، عن سماك به.
صدقه إن شاء الله تعالى. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الندم توبة".
6521 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن عبد الكريم الجزري، قال: أخبرني زياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن معقل، قال: دخلت مع أبي على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال له أبي أنت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الندم توبة"؟ فقال: نعم
(1)
.
6522 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، عن مالك، عن عبد الكريم، عن رجل، عن أبيه، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1465) بإسناده ومتنه.
وأخرجه القضاعي (13) من طريق يونس بهذا الاسناد.
وأخرجه الحميدي (105)، وابن أبي شيبة 9/ 361، وأحمد (3568)، والبخاري في التاريخ الكبير 3/ 374، وابن ماجة (4252)، وأبو يعلى (4969، 5129)، والحاكم 4/ 243، والقضاعي في مسنده (13)، والبيهقي في السنن 10/ 154 من طريق سفيان بن عيينة به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 362، والشاشي (269)، والفسوي في المعرفة والتاريخ 3/ 135، والقضاعي (14) من طريق سفيان الثوري به.
(2)
إسناده فيه رجل وأبوه مجهولان، وقال العيني في النخب 22/ 454: بينا في بقية الطرق أنهما عبد الله بن معقل وأبوه معقل بن مقرن.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1466) بإسناده ومتنه.
6523 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا عمرو بن خالد قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن زياد بن أبي مريم أو ابن الجراح، عن عبد الله بن مغفل
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
6524 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا الهيثم بن جميل قال: ثنا زهير بن معاوية، عن عبد الكريم، عن زياد، وليس بابن أبي مريم
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6525 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا زهير، قال: ثنا عبد الكريم، عن عبد الله بن مغفل
…
نحوه
(3)
.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل الندم توبة. فدل ذلك على أن من قال: أتوب إلى الله من ذنب كذا وكذا وهو نادم على ما أصاب من ذلك الذنب أنه محسن، مأجور على قوله ذلك، والله أعلم.
(1)
إسناده صحيح
وأخرجه الشاشي (272) من طريق عبيد الله بن عمرو به.
وأخرجه الطيالسي (381)، وأحمد (4012)، والشاشي (270، 271، 273)، والفسوي 3/ 136، والطبراني في الصغير (80)، والبيهقي في السنن 10/ 154، والبغوي (1307) من طرق عن عبد الكريم الجزري به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 362، وأحمد (3568)، والشاشي (269)، والفسوي في المعرفة والتاريخ 3/ 135 من طريق سفيان الثوري، عن عبد الكريم به.
(3)
إسناده صحيح.
19 - باب البكاء على الميت
6526 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني مالك بن أنس، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، أن عتيك بن الحارث، وهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه، أخبره أن جابر بن عتيك رضي الله عنه أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت رضي الله عنه، فوجده قد غلب، فصاح به فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"غلبنا عليك يا أبا الربيع"، فصاح النسوة: وبكين، فجعل ابن عتيك يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية"، قالوا يا رسول الله! وما الوجوب؟ قال:"إذا مات"
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى كراهة البكاء على الميت، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وبما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه".
(1)
إسناده ضعيف لجهالة عتيك بن الحارث.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5104) بإسناده مطولا.
وهو في الموطأ 1/ 320، ومن طريق مالك أخرجه أبو داود (3111)، والنسائي في المجتبى 4/ 13 - 14، وابن حبان (3189)، والبيهقي 4/ 69، والبغوي (1532).
(2)
قلت: أراد بهم: القاسم، وعروة بن الزبير، وأبا نجيح، وداود بن علي، وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 22/ 461.
6527 -
حدثنا ربيع بن سليمان الجيزي، قال: ثنا أحمد بن محمد بن الأزرقي، قال: ثنا عبد الجبار بن الورد، قال: سمعت ابن أبي مليكة، يقول: لما ماتت أم أبان بنت عثمان بن عفان بن عفان حضرت مع الناس فجلست بين يدي عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، فبكى النساء، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: ألا تنهى هؤلاء عن البكاء؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه". فقال ابن عباس: قد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ذلك، فخرجت مع عمر رضي الله عنه، حتى إذا كنا بالبيداء
(1)
إذا ركب، فقال: يا ابن عباس من الركب؟ فذهبت فإذا هو صهيب وأهله، فرجعت فقلت: يا أمير المؤمنين! هذا صهيب وأهله فلما دخلنا المدينة وأصيب عمر رضي الله عنه جلس صهيب يبكي عليه وهو يقول: واحباه، واصاحباه، فقال عمر رضي الله عنه: لا تبك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه". قال: فذكر ذلك لعائشة رضي الله عنها فقالت: أم والله ما تحدثون هذا الحديث عن الكاذبين، ولكن السمع يخطئ، وإن لكم في القرآن لما يشفيكم {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل ليزيد الكافر عذابا ببكاء بعض أهله عليه"
(2)
.
(1)
قال ابن الأثير: البيداء المفازة التي لا شيء بها، وهي ها هنا اسم موضع مخصوص بين مكة والمدينة.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في المجتبى 4/ 18، وفي الكبرى (1997) من طريق عبد الجبار بن الورد، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة به.
وأخرجه أحمد (288)، ومسلم (928)، والبيهقي 4/ 73 من طريق إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة به. =
6528 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة
…
فذكر نحوه، غير أنه لم يذكر قصة صهيب
(1)
.
قالوا: فلما كان الميت يعذب ببكاء أهله عليه كان بكاؤهم عليه مكروها لهم.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: لا بأس بالبكاء على الميت إذا كان بكاء لا معصية معه من قول فاحش ولا نياحة. واحتجوا في ذلك
6529 -
بما حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن الحارث الأنصاري، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم. فلما دخل عليه وجده في غشيته، فقال:"أقد قضى؟ " قالوا: لا والله يا رسول الله! فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا، فقال: "ألا تسمعون أن الله تعالى لا
= وأخرجه عبد الرزاق (6675)، والشافعي 1/ 200، وأحمد (289)، والبخاري (1287)، ومسلم 2/ 641 - 642، والبيهقي 4/ 73، والبغوي (1537) من طريق ابن جريج، عن ابن أبي مليكة به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحميدي (222)، ومسلم (929)، من طريق سفيان، عن عمرو بن دينار به.
(2)
قلت: أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، وابن أبي ليلى، والحسن البصري، والثوري، والنخعي، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 22/ 471.
يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه، أو يرحم"
(1)
.
6530 -
حدثنا أحمد بن الحسن قال سمعت سفيان يقول: حدثني ابن عجلان، عن وهب بن كيسان، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه أبصر امرأة تبكي على ميت فنهاها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دعها يا أبا حفص! فإن النفس مصابة، والعين باكية، والعهد قريب"
(2)
.
6531 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال حدثني أسامة بن زيد الليثي، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنساء بني عبد الأشهل تبكين هلكاهن يوم أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولكن حمزة لا
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (924) من طرق يونس بن عبد الأعلى به.
وأخرجه البخاري (1304)، وابن حبان (3159)، والبيهقي 4/ 69، والبغوي (1529) من طرق عن ابن وهب به.
(2)
إسناده منقطع، وهب لم يدرك أبا هريرة.
وأخرجه الحميدي (1024) من طريق ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن هب بن كيسان، عمن سمع أبا هريرة به.
وأخرجه الطيالسي (2598) عن قيس، عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن أبي هريرة به.
وأخرجه عبد الرزاق (6674)، وأحمد (7691)، وعبد بن حميد (1440)، وابن حبان (3157) من طريق هشام، عن وهب بن كيسان، عن محمد بن عمرو، عن سلمة بن الأزرق، عن أبي هريرة به.
وأخرجه ابن ماجة (1587)، وأبو يعلى (6405) من طريقين عن هشام به.
بواكيَ له" فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة: فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ويحهن ما انقلبن بعد مرورهن فلينقلبن ولا يبكين على هالك بعد اليوم"
(1)
.
6532 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن عمر قال: ثنا سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل عثمان بن مظعون رضي الله عنه بعد موته ودموعه تسيل على لحيته
(2)
.
ففي هذه الآثار التي قد ذكرنا إباحة البكاء على الموتى دليل على أن ذلك غير ضار لهم، ولا سبب لعذابهم ولولا ذلك لما بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أباح البكاء، ولمنع من ذلك.
(1)
إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي.
وأخرجه ابن ماجة (1591) من طريق عبد الله بن وهب به.
وأخرجه ابن سعد 3/ 17، وابن أبي شيبة 3/ 394، 14/ 292، 293، وأحمد (4984، 5563، 5666)، وأبو يعلى (3576، 3610)، والطبراني (2944)، والحاكم 3/ 194 - 195، 197، والبيهقي 4/ 70 من طرق عن أسامة بن زيد الليثي به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عبيد الله.
وأخرجه عبد الرزاق (6775)، وابن أبي شيبة 3/ 385، وابن سعد 3/ 396، وإسحاق بن راهويه (921)، وعبد بن حميد (1527)، وأحمد (24165)، وأبو داود (3163)، وابن ماجة (1456)، والحاكم 1/ 361، 3/ 190 من طرق عن سفيان الثوري به.
فإن قال قائل: فإن في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي ذكرت ما يدل على نسخ ما كان أباح من ذلك، وهو قوله: ولا يبكين على هالك بعد اليوم".
قيل له: ما في ذلك دليل على ما ذكرت قد يجوز أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يبكين على هالك بعد اليوم" أي من هلكاهن الذين قد بكين عليهم منذ هلكوا إلى هذا الوقت، لأن في ذلك البكاء ما قد أتين به على ما جلا عنهن حزنهن.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير البكاء الذي قصد إلى النهي في نهيه عن البكاء على الموتى.
6533 -
ما حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عطاء عن جابر بن عبد الله عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي فانطلقت معه إلى ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره، حتى خرجت نفسه، فوضعه ثم بكى فقلت يا رسول الله! أتبكي وأنت تنهى عن البكاء؟، فقال: "إني لم أنه عن البكاء ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة: لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة، لطم وجوه، وشق جيوب، وهذا رحمة، من لا يرحم لا يرحم، يا إبراهيم لولا إنه وعد صادق، وقول حق وإن آخرنا سيلحق أولنا،
لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا، وإنا بك لمحزونون تبكي العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب"
(1)
.
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالبكاء الذي نهى عنه في الأحاديث الأول، وأنه البكاء الذي معه الصوت الشديد، ولطم الوجوه، وشق الجيوب.
وبين أن ما سوى ذلك من البكاء، فما فعل من جهة الرحمة أنه بخلاف ذلك البكاء الذي نهي عنه.
وأما ما ذكرناه عن عمر وابن عمر رضي الله عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه"، فقد ذكرنا عن عائشة رضي الله عنها إنكار ذلك، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله عز وجل ليزيد الكافر عذابا في قبره، ببعض بكاء أهله عليه".
وقد يجوز أن يكون ذلك البكاء الذي يعذب به ذلك الكافر في قبره يزاد به عذابا على عذابه بكاء قد كان أوصى به في حياته. فإن أهل الجاهلية قد كانوا يوصون
(1)
إسناده ضعيف لضعف محمد بن أبي ليلى.
وأخرجه الحاكم 4/ 43 من طريق إسرائيل به.
وأخرجه البزار (1001) من طريق النضر بن إسماعيل، والبيهقي في الشعب (9684) من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى به.
بذلك أهليهم أن يفعلوه بعد وفاتهم، فيكون الله عز وجل يعذبه في قبره بسبب قد كان سببه في حياته، فعل بعد موته.
وقد روي هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها بغير هذا اللفظ.
6534 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن بن عمر، يقول: إن الميت ليعذب ببكاء الحي. والله ما ذاك إلا إيهاما من عبد الله بن عمر يغفر الله له، إن الله عز وجل يقول:{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} .
وما ذاك إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على قبر يهودي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنتم تبكون عليه، وإنه ليعذب في قبره" يقول: بعمله
(1)
.
فأخبرت عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أخبر أن ذلك الكافر يعذب في قبره بعمله، وأهله يبكون عليه، وقد منع الله عز وجل أن تزر وازرة وزر أخرى.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 392، 393، وأحمد (24302)، والبخاري (3978، 3979)، ومسلم (1932)(26)، وأبو داود (3129)، والنسائي في المجتبى 4/ 17، وفي الكبرى (1994)، وأبو يعلى (4499) من طرق عن هشام به.
فدل ذلك على أن ميتاً لا يعذب في قبره ببكاء حي لم يأمر به في حياته، وبان بحديث جابر، عن عبد الرحمن بن عوف البكاء المكروه ما هو، وأنه هو الذي معه اللطم والشق.
فقد ثبت بما ذكرنا إباحة البكاء على الميت إذا لم يكن معه سبب مكروه من شق ثوب، ولطم وجه، ونياحة، وما أشبه ذلك.
6535 -
وقد حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد قال: دخلت على قرظة بن كعب، وعلى أبي مسعود الأنصاري، وثابت بن قيس وعندهم جوار يغنين، فقلت: أتفعلون هذا وأنتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: إن كنت تسمع وإلا فامض، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في اللهو عند العرس، وفي البكاء عند الموت
(1)
.
فإن قال قائل: فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الميت يعذب في قبره بنياحة أهله عليه".
6536 -
وذكر ما حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا سعيد بن عبيد أبو الهذيل الطائي، عن علي بن ربيعة قال نيح على قرظة بن كعب، فخطب المغيرة بن
(1)
إسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله النخعي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 192، والنسائي في المجتبى 6/ 135، وفي الكبرى (5539) من طريقين عن شريك به.
شعبة رضي الله عنه فقال: ما بال النياحة في هذه الأمة؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن كذبا علي ليس ككذب على أحد من كذب علّي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ومن نيح عليه عذب بما نيح عليه، أو لما نيح عليه"
(1)
.
قيل له: هذا عندنا - والله أعلم - على النياحة التي كانوا يوصون بها أهليهم، فتكون مفعولة بعدهم بوصيتهم بها في حياتهم، فيعذبون على ذلك، والله أعلم
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (415) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة /8/ 576، وأحمد (18140)، والبخاري (1291)، ومسلم (4) من طريق سعيد بن عبيد به.
20 - باب رواية الشعر هل هي مكروهة أم لا؟
6537 -
حدثنا علي بن عبد الرحمن، ومحمد بن سليمان الباغندي قالا: ثنا خلاد بن يحيى، قال: ثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عمرو بن حريث، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا
(1)
خير له من أن يمتلئ شعرا"
(2)
.
6538 -
حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن محمد بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه
(3)
خير له من أن يمتلئ [شعرا]
[*]
(4)
6539 -
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة
…
فذكر بإسناده مثله
(5)
.
(1)
هو: الصديد الذي يسيل من الدمل والجرح.
(2)
إسناده صحيح، ومحمد بن سليمان متابع علي بن عبد الرحمن.
وأخرجه البزار (347)، والفاكهي في فوائده (226)، والطبري في تهذيب الآثار 2/ 616 كلهم من طريق خلاد به.
(3)
من الوري، وهو: الداء
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (202)، وابن أبي شيبة 8/ 534، وأحمد (1506)، ومسلم (2258)، والترمذي (2852)، وابن ماجة (3760)، والشاشي (120، 121) من طرق عن شعبة به.
(5)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
[*](تعليق الشاملة): ما بين المعكوفين سقط من المطبوع، وهو في الطبعة المصرية.
6540 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، عن شعبة
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يقل:"حتى يريه"
(1)
.
6541 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال سمعت حنظلة، قال: سمعت سالم بن عبد الله، يقول: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يحدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6542 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن الجعد قال أنا أبو جعفر الرازي، عن، عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو يعلى (797) من طريق أبي خيثمة، عن أبي عامر العقدي به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 532، وأحمد (4975)، والدارمي (2870)، والبخاري في صحيحه (6154)، وفي الأدب المفرد (870)، وأبو يعلى (5516، 5573)، والبيهقي 10/ 244 من طرق عن حنظلة بن أبي سفيان به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف أبي جعفر الرازي.
وأخرجه أبو القاسم في الجعديات (3106)، وابن عدي في الكامل 5/ 1894 من طريق علي بن الجعد، عن أبي جعفر الرازي به.
وأخرجه أحمد (8375) من طريق أبي النضر، عن أبي جعفر به.
6543 -
حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا مسلم، قال: ثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله، وزاد: حتى يريه
(1)
.
6544 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح قال: ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن عوف بن مالك رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لأن يمتلئ جوف أحدكم من عانته إلى رهابته
(2)
قيحا، يتمخض
(3)
مثل السقاء
(4)
، خير له من أن يمتلئ شعرا"
(5)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (10220)، وأبو داود (5009)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (759)، وابن حبان (5779)، وأبو نعيم في الحلية 5/ 60 من طرق عن شعبة به.
وأخرجه ابن ابي شيبة (720)، وأحمد (7874)، والبخاري في صحيحه (6155)، وفي الأدب المفرد (860)، ومسلم (2257)(7)، والترمذي (2851)، وابن ماجة (3759)، وابن حبان (5777)، والبيهقي في الشعب (5087) من طرق عن الأعمش به.
(2)
قال الجوهري: الرهابة مثل الصحابة: عظم في الصدر وشرف على البطن مثل اللسان.
(3)
هو: تحريك السقاء الذي فيه اللبن ليخرج زبده.
(4)
السقاء بكسر السين الدلو.
(5)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وأخرجه الطبراني في الكبير 18/ 78 (144) من طريق يحيى بن عثمان، عن عبد الله بن صالح، عن ابن لهيعة به.
6545 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو عوانة، عن سليمان الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا"
(1)
.
قال أبو جعفر: فكره قوم
(2)
رواية الشعر، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فقالوا: لا بأس برواية الشعر الذي لا قذع
(4)
فيه.
وقالوا هذا الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو على خاص من الشعر. فذكروا في ذلك.
6546 -
ما حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب قال أخبرني إسماعيل بن عياش، عن محمد بن السائب عن أبي صالح قال قيل لعائشة رضي الله عنها: إن أبا هريرة يقول: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا، فقالت عائشة رضي الله عنها:
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو عوانة في أواخر الطب كما في الاتحاف (18335) من طرق عن الأعمش به.
(2)
قلت: أراد بهم: مسروق بن الأجدع، وإبراهيم النخعي، وسالم بن عبد الله، والحسن البصري وعمرو بن شعيب رحمهم الله، كما في النخب 22/ 496.
(3)
قلت: أراد بهم: الشعبي، وعامر بن سعد البجلي، ومحمد بن سيرين، وسعيد بن المسيب، والقاسم، والثوري، والأوزاعي، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأبا يوسف، ومحمدا، وإسحاق بن راهويه، وأباثور، وأبا عبيد رحمهم الله، كما في النخب 22/ 496.
(4)
أي لا فحش ولا خنى فيه، وفي دس "فحش".
يرحم الله أبا هريرة، حفظ أول الحديث ولم يحفظ آخره، إن المشركين كانوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا"، من مهاجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
6547 -
حدثنا علي بن عبد العزيز البغدادي قال: ثنا أبو عبيد قال: سمعت يزيد، يحدث عن الشرقي بن القطامي عن مجالد عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا" يعني من الشعر الذي هجي به النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
.
قالوا: وقد روي في إباحة الشعر آثار. فمنها
6548 -
ما حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إبراهيم بن المنذر بن الحزامي، قال: ثنا معن بن عيسي قال: حدثني عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، رأى نساء يلطمن وجوه الخيل بالخمر، فتبسم فقال:"يا أبا بكر، كيف قال حسان بن ثابت؟ " فأنشد أبو بكر رضي الله عنه:
عدمت بنيتي إن لم تروها
…
تثير النقع من كنفي كداء
(1)
إسناده ضعيف جدا لرواية إسماعيل بن عياش عن محمد بن السائب وهو الكوفي، وهو المتهم بالكذب، وأبو صالح باذام ضعيف يرسل.
(2)
إسناده مرسل ضعيف لضعف الشرقي بن القطامي، ومجالد بن سعيد.
وأخرجه البيهقي 10/ 244 من طريق يزيد بن هارون به.
وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار 2/ 622، 917 من طريق شريك، عن مجالد بن سعيد وغيره عن الشعبي به.
ينازعن الأعنة
(1)
مسرجات
(2)
يلطمهن بالخمر النساء
هكذا حدثنا أحمد بن داود وأهل العلم بالعربية يروون البيت الأول على غير ذلك.
تثير النقع موعدها كداء
حتى تستوي قافية هذا البيت مع قافية البيت الذي بعده قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادخلوها من حيث قال"
(3)
.
6549 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الشعر حكمة"
(4)
.
6550 -
حدثنا يونس، أنا ابن وهب، أخبرني مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، ولم يذكر عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(5)
(6)
.
(1)
جمع عنان الفرس.
(2)
في ن "مسرعات".
(3)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عمر بن حفص العمري.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه تمام في فوائده (169) من طريق أبي صالح عبد الغفار بن داود عن يعقوب بن عبد الرحمن به.
وأخرجه أبو يعلى في معجمه (261)، والفاكهي في فوائده (71)، والبزار كما في النخب 22/ 507، وتمام في فوائده (171)، وأبو نعيم في الحلية 7/ 269، وفي تاريخ أصبهان 2/ 271 من طرق عن هشام بن عروة به.
(5)
من د خد.
(6)
إسناده مرسل.
6551 -
حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس، ثنا أحمد بن حرب الموصلي، ثنا عبد الله بن إدريس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
(2)
.
6552 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا شريك، عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ فقالت: نعم من شعر ابن رواحة وربما قال هذا البيت: ويأتيك بالأخبار من لم تزود
(3)
.
6553 -
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال: ثنا يحيى بن معين قال: ثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن حسان النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين. قال: "فكيف بنسبي فيهم" قال: أسلّك منهم كما تسل الشعرة من العجين
(4)
.
(1)
من د خد.
(2)
إسناده حسن من أجل أحمد بن حرب.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل شريك بن عبد الله النخعي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3319) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (25071)، والبخاري في الأدب المفرد (867)، والترمذي في جامعه (2848)، وفي الشمائل (242)، والنسائي في الكبرى (10835)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (2305)، والبغوي في شرح السنة (3402) من طرق عن شريك به.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية 7/ 264 من طريق سفيان بن وكيع عن أبي أسامة، عن مسعر، عن المقدام به.
(4)
إسناده صحيح. =
6554 -
حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا يحيى بن حسان قال: ثنا إبراهيم بن سليمان التيمي، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، قال: كنا جلوسا بفناء الكعبة، أحسبه قال: مع أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا يتناشدون الأشعار، فوقف بنا عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، فقال: في حرم الله وحول كعبة الله تتناشدون الأشعار؟. فقال رجل منهم: يا ابن الزبير، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن الشعر، الذي إذا أتيت فيه النساء، وتزدرى فيه الأموات
(1)
.
فقد يجوز أن يكون الشعر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا في أول هذا الباب من الشعر الذي نهى عنه في هذا الحديث.
6555 -
حدثنا ابن أبي داود: قال: ثنا الحماني قال: ثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة عن عبد الله، وعن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الشعر حكما"
(2)
.
= وأخرجه أبو يعلى (4377) عن يحيى بن معين به.
وأخرجه البخاري (3531، 4145، 6150)، ومسلم (2489)، وابن حبان (5787، 7145)، والحاكم 3/ 487 - 488 من طرق عن عبدة بن سليمان به.
(1)
إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد.
وأخرجه البيهقي 10/ 243 من طريق إبراهيم بن نصر، عن أبي إسماعيل، عن مجالد به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل قيس بن الربيع.
وأخرجه ابن أبي شيبة (26011)، والطبراني في الكبير (10345)، والشاشي في مسنده (795) من طريق قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن إبراهيم عن عبيدة به.
6556 -
حدثنا ابن أبي داود وفهد وإسحاق بن إبراهيم قالوا: حدثنا عبد الله بن سعيد، قال: ثنا ابن عيينة، عن أبيه، عن عاصم عن زر، عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن من الشعر حكمة"
(1)
.
6557 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن مروان، عن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن من الشعر حكما"
(2)
.
6558 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: عن عبد الله بن الأسود بن عبد يغوث
(3)
.
6559 -
حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون، قال: ثنا إبراهيم بن سعد
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: عن عبد الله بن الأسود بن عبد يغوث
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (2844) من طريق أبي سعيد الأشج، وأبو يعلى (5104) من طريق الحسن بن حماد، كلاهما عن يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 291، وعبد الله بن أحمد (21160)، وأبو داود (5010)، وابن ماجة (3755)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1854)، وعبد الغني المقدسي في أحاديث الشعر (12) من طريق ابن المبارك، عن يونس بن يزيد به.
وأخرجه أحمد (21161)، والدارمي (2869)، والبخاري (6145) من طرق عن الزهري به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (21154)، وابن أبي عاصم في الأحاد والمثاني (1858) من طريقين عن إبراهيم بن سعد به.
(4)
إسناده صحيح. =
6560 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: ثنا ابن فضيل، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يحمي أعراض المؤمنين؟ ". قال كعب أنا. قال ابن رواحة: أنا، قال:"إنك لتحسن الشعر"، قال حسان بن ثابت أنا إذا قال:"اهجُهم، فإنه سيعينك عليهم روح القدس"
(1)
.
6561 -
حدثنا ابن أبي، عمران قال: ثنا أبو إبراهيم الترجماني، قال: ثنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عائشة عن رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لحسان بن ثابت منبرا في المسجد، ينشد عليه الشعر"
(2)
.
6562 -
حدثنا فهد قال: ثنا أحمد بن حميد قال ثنا محمد بن فضيل
…
فذكر مثل حديث ابن أبي داود، الذي قبل هذا الحديث عن ابن نمير، عن ابن فضيل
(3)
.
= وأخرجه أحمد (21154)، والشاشي في مسنده (1512) من طريق يزيد بن هارون به.
(1)
إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد.
وأخرجه البزار كما في النخب 22/ 518، وابن أبي الدنيا في الإشراف في منازل الأشراف (346)، والطبري في تهذيب الآثار (931) من طرق عن محمد بن فضيل به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل ابن أبي الزناد وهو: عبد الرحمن.
وأخرجه أحمد (24438)، وأبو داود (5015)، والترمذي في جامعه (2846)، وفي الشمائل (250)، وبحشل في تاريخ واسط (ص 197)، والطبري في تهذيب الآثار (926، 928 مسند عمر بن الخطاب)، والحاكم 3/ 487، والبغوي في شرح السنة (3408) من طرق عن ابن أبي الزناد به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد وهو مكرر سابقه (6560).
6563 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عفان (ح)
وحدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج، وعبد الله بن رجاء قالوا: حدثنا شعبة قال: أخبرني عدي بن ثابت قال: سمعت البراء رضي الله عنه، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: "اهجهم، أو هاجهم، وجبريل معك"
(1)
.
6564 -
حدثنا محمد بن عمرو قال: ثنا أبو معاوية عن أبي إسحاق الشيباني، عن عدي
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6565 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد قال: ثنا عيسى بن عبد الرحمن، قال: حدثني عدي بن ثابت، قال سمعت البراء بن عازب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت: "لا يزال معك روح القدس ما هجوت المشركين"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح
وأخرجه أحمد (18689)، والبخاري (3213، 4123، 6153)، ومسلم (2486)، والنسائي في الكبرى (5980) من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (18526)، والطبراني في الأوسط (3132)، والخطيب في تاريخ بغداد 14/ 31 من طريق أبي معاوية به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 697 عن علي بن مسهر، عن أبي إسحاق الشيباني به.
وعلقه البخاري في الصحيح (4124) بصيغة الجزم فقال: وزاد إبراهيم بن طهمان عن الشيباني به، ووصله النسائي في الكبرى (8294) من طريقه عن أبي إسحاق الشيباني به.
(3)
إسناده صحيح. =
6566 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر على حسان بن ثابت وهو ينشد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهره عمر رضي الله عنه، فأقبل عليه حسّان، فقال: قد كنت أنشد، وفيه من هو خير منك، فانطلق عنه عمر رضي الله عنه. فقال حسان لأبي هريرة يا أبا هريرة أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يا حسان أجب عن رسول الله، اللهم أيده بروح القدس؟ " قال: اللهم نعم
(1)
.
6567 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، أن حسان
…
ثم ذكر مثله، غير قوله قد كنت أنشد، وفيه من هو خير منك فإنه لم يذكره"
(2)
.
6568 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أبو اليمان: قال ثنا شعيب، عن الزهري، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أنه سمع حسان بن ثابت، يستشهد أبا هريرة
…
فذكر مثله
(3)
.
= وأخرجه ابن حبان (7146)، والطبراني في الكبير (3590)، والحاكم 3/ 487 من طريق عيسى بن عبد الرحمن السلمي، عن عدي بن ثابت به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحميدي (1105)، وأحمد (21936)، والبخاري (3212)، وأبو داود (5013)، والنسائي في المجتبى 2/ 48، وفي الكبرى (795)، وابن حبان (7148)، والطبراني (3596) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري به.
(2)
رجاله ثقات.
(3)
إسناده صحيح
وأخرجه البخاري (453)، ومسلم (2485)(152)، والنسائي في الكبرى (9928) من طريق أبي اليمان به.
6569 -
حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن عبد الواحد بن عنبسة القرشي، قال: حدثني جدي عنبسة، عن يونس بن عبيد عن الحسن، عن الأسود بن سريع رضي الله عنه، وكان شاعرا أنه قال: يا رسول الله! ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي؟. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أما إن ربك يحب الحمد" وما استزاده على ذلك شيئا
(1)
.
6570 -
حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن الأسود بن سريع
…
مثله غير أنه قال فجعلت أنشده
(2)
.
6571 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو مسهر، قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أبي الرجال، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن
(1)
إسناده ضعيف لانقطاعه، الحسن البصري لم يسمع من الأسود فيما ذكره علي بن المديني في العلل (ص 59)، ومحمد بن عبد الواحد بن عنبسة القرشي عن جده وعنه فهد، قال في كشف الاستار 3/ 548: لم أر له ترجمة فيما عندي.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (859)، والنسائي في الكبرى (7698) من طريقين عن يونس بن عبيد به.
وأخرجه ابن سعد 7/ 142، وأحمد (15586)، والبخاري في الأدب المفرد (861، 868)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1159)، والطبراني في الكبير (820، 821، 822، 823، 824، 825)، والحاكم 3/ 614، والبيهقي في الشعب (4366) من طرق عن الحسن به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (342)، وأبو نعيم في الحلية 1/ 46 من طريق الحجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة به.
وأخرجه أحمد (15585) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة به.
وأخرجه الطبراني في الكبير (844)، والحاكم 3/ 615، وأبو نعيم في الحلية 1/ 46 من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة به.
عائشة رضي الله عنها قالت: قال عبد الله بن رواحة فأحسن، ثم قال كعب فأحسن، ثم قال حسان فشفى وأشفى
(1)
.
6572 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: ثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أمية بن أبي الصلت في شعره، وقال:
رجل وثور تحت رجلِ يمينه
…
والنسر للأخرى وليث مرصد
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق" وقال:
والشمس تطلع كل آخر ليلة
…
حتى الصباح ولونها يتورد
تأبى فما تطلع لنا في رسلها
…
إلا معذبة وإلا تجلد
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق"
(2)
.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد.
(2)
إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 693، وأحمد (2314)، والدارمي (2703)، وابن أبي عاصم في السنة (1168)، وعبد الله بن أحمد في السنة (1168)، وأبو يعلى (2482)، وابن خزيمة في التوحيد 1/ 204، والطبراني (11591) من طرق عن عبدة بن سليمان به.
6573 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا أبو معشر البّراء، عن صدقة بن طيلسة، قال: حدثني معن بن ثعلبة
(1)
، قال: حدثني أعشى المازني، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدته:
يا مالك الناس وديّان
(2)
العرب
…
إني لقيتُ ذربة
(3)
من الذرب
خرجت أبغيها
(4)
الطعام في رجب
…
أخلفت العهد ولطّتْ
(5)
بالذنب
وهن شر غالب لمن غلب
قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وهن شر غالب لمن غلب"
(6)
.
6574 -
حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور، قال: ثنا الهيثم بن جميل، قال: ثنا شريك عن سماك، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الشعر حكما"
(7)
.
(1)
في دس خد "الحي بعده".
(2)
: أي: مالكها وسايسها.
(3)
أي امرأة ذربة بكسر الذال المعجمة، هو الفحش في اللسان.
(4)
أي: أبغي لها الطعام، أي: أطلب.
(5)
أراد أنها سارت في الأرض مسرعة، وملازمة بذنبها وهو كناية عن توليها وجعلها وراءها إليه.
(6)
إسناده ضعيف لجهالة معن بن ثعلبة.
وأخرجه عبد الله بن أحمد (6885)، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 61، وأبو يعلى (6871)، وابن حبان في الثقات 3/ 21، والبيهقي في السنن 10/ 240 من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي به.
(7)
إسناده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله، وسماك بن حرب روايته عن عكرمة مضطربة.
وأخرجه أحمد (2473)، والطبراني (11761) من طريقين عن شريك به. =
6575 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الحماني قال: ثنا قيس، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله
(1)
(ح)
وحدثنا ابن أبي داود قال: ثنا قيس عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. مثله
(2)
.
6576 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا الفريابي، عن سفيان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه قال: استنشدني النبي صلى الله عليه وسلم شعر أمية بن أبي الصلت فأنشدته، فكلما أنشدته بيتا، قال:"هيه" حتى أنشدته مائة قافية قال: "كاد ابن أبي الصلت يسلم"
(3)
.
6577 -
حدثنا محمد بن علي بن داود، قال: ثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي، قال: ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمر بن الحكم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال الأقرع بن حابس لشاب من شبانهم قم! فاذكر فضلك وفضل قومك، فقام، فقال:
= وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 503، والبخاري في الأدب المفرد (872)، وأبو داود (5011)، والترمذي (2845)، وابن ماجة (3756)، وأبو يعلى، (2332، 2581)، وابن حبان (5778، 5780) من طرق عن سماك بن حرب به.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل قيس بن الربيع، وهو مكرر سابقه (6555).
(2)
إسناده حسن كسابقه.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (1271)، وأحمد (19457)، والبخاري في الأدب المفرد (869)، ومسلم (2255)، والترمذي في الشمائل (249)، وابن ماجة (3758)، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 342، والطبراني في الكبير (7237)، والبغوي (3400) من طرق عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلي به.
نحن الكرام فلا حي يعادلنا
…
نحن الكرام وفينا يقسم الربع
(1)
ونطعم الناس عند القحط كلهم
…
من السديف
(2)
إذا لم يؤنس القزع
(3)
إذا أتينا فلا يعدل بنا أحد
…
إنا كرام وعند الفخر نرتفع
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا حسان أجبه"، فقال:
نصرنا رسول الله والدين عنوة
(4)
…
على رغم
(5)
عات
(6)
من بعيد وحاضر
بضرب كإيزاع
(7)
المخاض مشاشه
…
وطعن
(8)
كأفواه اللقاح
(9)
الصوادر
(10)
ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى
(11)
…
إذا صار برد الموت بين العساكر
(1)
بضم الراء والباء: أراد به ربع الغنيمة.
(2)
أراد به شحم السنام.
(3)
هو السحاب، والمعنى: نطعم الشحم في المحل.
(4)
أي: قهرا وغلبة.
(5)
أي: على ذل عات وقهره.
(6)
من عتا يعتو، وهو التجبر، وفي بعض الروايات على رغم باد من معد وحاضر، وهو الأصح.
(7)
أراد به التوزيع، وهو التفريق، والمعنى كتفريق المخاض مشاشه، أي: بوله.
(8)
أي: الطعن بالرماح وما أشبهها.
(9)
بكسر اللام ذوات الألبان.
(10)
جمع صادرة وهي التي تصدر عن الماء ريا.
(11)
أي: في معظم القتال.
ونضرب هام
(1)
الدارعين وننتمي
…
إلى حسب من جذم
(2)
غسان باهر
ولولا حبيب الله قلنا تكرما
…
على الناس بالحنين هل من مفاخر
(3)
فلما جاءت هذه الآثار متواترة بإباحة قول الشعر ثبت أن ما نهي عنه في الآثار الأول ليس لأن الشعر مكروه، ولكن لمعنى كان في خاص من الشعر مكروه، قصد بذلك النهي إليه.
وقد ذهب قوم
(4)
في تأويل هذه الآثار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول هذا الباب إلى خلاف التأويل الذي وصفنا فقالوا: لو كان أريد بذلك ما هجي به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعر لم يكن لذكر الامتلاء معنى، لأن قليل ذلك وكثيره كفر، ولكن ذكر الامتلاء يدل على معنى في الامتلاء ليس فيما دونه، قالوا: فهو عندنا على الشعر الذي يملأ الجوف فلا يكون فيه قرآن ولا تسبيح ولا غيره. فأما من كان في جوفه القرآن والشعر مع ذلك فليس ممن امتلأ جوفه شعرا، فهو خارج من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا.
(1)
الهام جمع هامة، وهي: الرأس والدارعين جمع دارع، وهو الذي عليه الدرع.
(2)
بالكسر: أصله، وغسان: اسم قبيلة.
(3)
إسناده ضعيف من أجل المعلى بن عبد الرحمن الواسطي.
وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1056) من طريق القاسم بن محمد، عن المعلى بن عبد الرحمن الواسطي به.
(4)
قلت: أراد بهم: عبيد الله بن محمد البصري، وغيره كما في النخب 22/ 542.
6578 -
حدثنا ابن أبي، عمران قال سمعت عبيد الله بن محمد بن عائشة يفسر هذا الحديث على هذا التفسير، وسمعت ابن أبي عمران أيضا وعلي بن عبد العزيز يذكران ذلك عن أبي عبيد أيضا
(1)
.
(1)
رجاله ثقات.
21 - باب العاطس يشمت كيف ينبغي أن يرد على من يشمته
6579 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا ورقاء عن منصور، عن هلال بن يساف، عن خالد بن عرفجة قال: كنا مع سالم بن عبيد فعطس رجل من القوم، فقال: السلام عليكم، فقال سالم: وعليك وعلى أمك، ما شأن السلام وشأن ما هاهنا، ثم سار ساعة، ثم قال للرجل: أعظم عليك ما قلت لك؟ قال: وددت أنك لم تذكر أمي بخير ولا غيره. قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقال: السلام عليكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عليك وعلى أمك، إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين، أو على كل حال، وليردوا عليه يرحمك الله وليرد عليهم يغفر الله لكم"
(1)
.
(1)
رجاله ثقات غير خالد بن عرفطة فقد جهله أبو حاتم والبزار.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4010) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (1203)، ومن طريقه البخاري في التاريخ الأوسط 2/ 233، والبيهقي في الشعب (9343)، وأخرجه أبو داود (5032) من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق كلاهما (الطيالسي وإسحاق) عن ورقاء، عن منصور، عن هلال، عن خالد بن عرفجة، عن سالم بن عبيد به. سماه خالد بن عرفجة وقد صوب الحافظ في تهذيبه أنه ابن عرفطة وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (231) من طريق يزيد بن هارون، وابن قانع في معجم الصحابة 1/ 283، والمزي في تهذيب الكمال 8/ 132 من طريق عبد الصمد بن النعمان كلاهما عن ورقاء، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن خالد بن عرفطة، عن سالم بن عبيد به.
6580 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد: قال ثنا قيس بن الربيع، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن شيخ من أشجع قال: كنا مع سالم
…
فذكر مثله
(1)
.
6581 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا حبان بن هلال، قال: ثنا أبو عوانة عن منصور
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى هذا، فقالوا: هكذا ينبغي أن يقول العاطس: ويقال له على ما في هذا الحديث، هكذا مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
، فقالوا: بل يقول العاطس بعد أن يشمت: يهديكم الله ويصلح بالكم. واحتجوا في ذلك
6582 -
بما حدثنا عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: ثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي الأسود، أنه سمع عبيد بن أم كلاب يقول: سمعت عبد الله بن جعفر
(1)
إسناده ضعيف لجهالة الشيخ من أشجع، ولضعف قيس بن الربيع.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة الشيخ من أشجع.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4011) بإسناده ومتنه.
(3)
قلت: أراد بهم: عطاء بن السائب، وسليمان الأعمش، والثوري، والنخعي رحمهم الله، كما في النخب 22/ 546.
(4)
قلت: أراد بهم: ابن أبي ليلى، وعروة بن الزبير، ويحيى، وعيسى بن أبي طلحة، وإبراهيم بن محمد بن طلحة، ومالكا، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 22/ 547.
بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس حمد الله، فيقال له: يرحمك الله، فيقول لهم:"يهديكم الله ويصلح بالكم"
(1)
.
6583 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال: حدثني أبو معشر، عن عبد الله بن أبي يحيى عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة
رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت عطس رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا أقول يا نبي الله؟ قال: قل: "الحمد الله"، قال القوم: ماذا نقول له يا رسول الله! قال: "قولوا: يرحمك الله" قال: ماذا أقول لهم؟ قال: "قل: يهديكم الله ويصلح بالكم"
(2)
.
فقال أهل المقالة الأولى: إنما كان قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يهديكم الله ويصلح بالكم" لأن الذين كانوا بحضرته كانوا يهودا، وكان تعليمه للعاطس في حديث عائشة رضي الله عنها من قوله:"يهديكم الله ويصلح بالكم" إنما هو لأن من كان بحضرته حينئذ كانوا يهودا، احتجوا في ذلك.
(1)
إسناده ضعيف من أجل عبد الله بن لهيعة وعبيد بن أم كلاب جهله الحسيني وقال ابن حجر في التعجيل: هو شاعر كان بالمدينة وكان يمدح عبد الله بن جعفر.
وأخرجه أحمد (1748)، والطبراني في الدعاء (1980)، والبيهقي في الشعب (9340) من طرق عن ابن لهيعة به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف أبي معشر وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي، وشيخه عبد الله بن أبي يحيى قال في كشف الأستار 2/ 152: لا أعرفه، وزعم العيني في النخب أنه عبد الله بن نجي وهو من أوهامه.
وأخرجه أحمد (24496)، وأبو يعلى (4946)، والطبراني في الدعاء (1981)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (258)، والبيهقي في الشعب (9341) من طريق أبي معشر به.
6584 -
بما حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: ثنا سفيان، عن حكيم بن الديلم عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كانت اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول: يرحمكم الله، فكان يقول:"يهديكم الله ويصلح بالكم"
(1)
.
6585 -
حدثنا ابن مرزوق قال حدثنا أبو حذيفة، قال حدثنا سفيان، عن حكيم بن الديلم عن الضحاك، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
قالوا: فإنما كان قول النبي صلى الله عليه وسلم "يهديكم الله ويصلح بالكم" لليهود على ما في هذا الحديث. فأما المسلمون فيقولون على ما في حديث سالم بن عبيد الذي ذكرناه في أول هذا الباب، وليست لهم عندنا حجة في هذا الحديث على أصحاب المقالة الأخرى، لأن الذي في هذا الحديث أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي صلى الله
(1)
إسناده صحيح
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4014) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (1114) من طريق أبي نعيم به.
وأخرجه أحمد (19586)، والبخاري في الأدب المفرد (940)، وأبو داود (5038)، والترمذي (2739)، والنسائي في الكبرى (9990)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (262)، والحاكم 4/ 268، والبيهقي في الشعب (9351) من طرق عن سفيان الثوري به.
(2)
إسناده حسن من أجل أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، والضحاك بن مزاحم فإنهما حسنا الحديث.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4015) بإسناده ومتنه.
عليه وسلم رجاء أن يقول لهم: يرحمكم الله، فكان يقول لهم:"يهديكم الله ويصلح بالكم".
فإنما كان هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم لليهود إذ كانوا عاطسين.
وليس يختلفون هم ومخالفوهم فيما يقول المشمت للعاطس. وإنما اختلافهم فيما يقول العاطس بعد التشميت وليس في حديث أبي موسى رضي الله عنه من هذا شيء، فلم يضاد حديث أبي موسى رضي الله عنه هذا حديث عبد الله بن جعفر ولا حديث عائشة رضي الله عنها اللذين ذكرنا واحتجوا في ذلك بما روي عن إبراهيم النخعي،
6586 -
حدثنا محمد بن عمرو قال: ثنا يحيى بن عيسى (ح)
وحدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا الفريابي قالا: ثنا سفيان، عن واصل، عن إبراهيم قال:"يهديكم الله ويصلح بالكم عند العطاس شيء، قالته الخوارج، لأنهم كانوا لا يستغفرون للناس"
(1)
.
هكذا لفظ حديث أبي بشر، وليس في حديث محمد بن عمرو رضي الله عنه ولأنهم كانوا لا يستغفرون للناس.
(1)
إسناده صحيح
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 10/ 184 بإسناده ومتنه.
قيل لهم وكيف يجوز أن تكون الخوارج أحدثت هذا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله ويعلمه أصحابه؟.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا.
6587 -
ما حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا سعيد بن عامر ووهب بن جرير، قالا: ثنا شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أخيه، عن أبيه عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد الله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمكم الله، وليقل هو: يهديكم الله ويصلح بالكم"
(1)
.
6588 -
حدثنا حسين بن نصر قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4013) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (591)، والدارمي (2659)، وأحمد (23557)، والترمذي (2741)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (213)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (679)، والشاشي في مسنده (1105)، والطبراني (4009)، والحاكم 4/ 266، وأبو نعيم في الحلية 7/ 163، والبيهقي في شعب الإيمان (9336، 9337)، والبغوي (3342) من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه.
6589 -
حدثنا ربيع المؤذن، وحسين بن نصر، قالا: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
فثبت بذلك انتفاء ما قال إبراهيم، وكان ما روي من هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح مجيئا وأظهر مما روي في خلافه فهو أحب إلينا مما خالفه
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4012) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (8631)، والبخاري في صحيحه (6224)، وفي الأدب المفرد (921، 927)، وأبو داود (5033)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (232)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (254)، والبيهقي في الشعب (9334، 9335)، وفي الآداب (317)، والبغوي (3341) من طرق عن عبد العزيز بن أبي سلمة به.
22 - باب: الرجل يكون به الداء هل يجتنب أم لا؟
6590 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: قال أبو سلمة: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يورد الممرض على المصح». فقال له الحارث بن أبي ذباب: فإنك قد كنت حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى"، فأنكر ذلك أبو هريرة، فقال الحارث: بلى، فتمارى هو وأبو هريرة رضي الله عنه، حتى اشتد أمرهما، فغضب أبو هريرة وقال للحارث أتدري ما قلت؟ قال: الحارث: لا، قلت: يريد بذلك أني لم أحدثك ما تقول، قال أبو سلمة: لا أدري أنسي أبو هريرة أم ما شأنه، غير أني لم أر عليه كلمة نسيها بعد أن كان يحدثنا بها عن النبي صلى الله عليه وسلم غير إنكاره ما كان يحدثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا عدوى"
(1)
.
6591 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن أبا سلمة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا عدوى" وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يورد ممرض على مصح". قال أبو سلمة: كان أبو هريرة رضي الله عنه يحدثهما كليهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صمت أبو هريرة رضي
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1661) دون طريق سنان بن أبي سنان الدؤلي.
وأخرجه البخاري (5773، 5774)، ومسلم (2221)(105) من طريق أبي اليمان به.
وأخرجه أحمد (9263)، والبخاري (5717، 5770، 5771)، ومسلم (2221)، وأبو داود (3911) من طرق عن الزهري به.
الله عنه بعد ذلك عن قوله: "لا عدوى" وأقام على أن لا يورد ممرض على مصح، ثم حدث مثل حديث ابن أبي داود
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى هذا فكرهوا إيراد الممرض على المصح، وقالوا: إنما كره ذلك مخافة الإعداء، وأمروا باجتناب ذي الداء والفرار منه، واحتجوا في ذلك أيضا بما روي عن عمر رضي الله عنه في الطاعون في رجوعه بالناس، فارا منه فذكروا ما
6592 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال ثنا حماد، قال: ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أقبل إلى الشام فاستقبله أبو طلحة، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، فقالا: يا أمير المؤمنين! إن معك وجوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيارهم، وإنا تركنا من بعدنا مثل حريق النار، فارجع العام، يعني: فرجع عمر رضي الله عنه فلما كان العام المقبل جاء فدخل، يعني الطاعون
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1660) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (7547)، والطبري في تهذيب الآثار (4)، والبيهقي 7/ 216 عن يونس بن عبد الأعلى به.
وأخرجه مسلم (2221)(104)، وابن حبان (6115) من طريق حرملة، عن ابن وهب به.
(2)
قلت: أراد بهم: أبا قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، وعمرو بن الشريد، ويعلى بن عطاء، وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 22/ 561.
(3)
إسناده صحيح.
6593 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب أن مالكا، أخبره، عن ابن شهاب، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن عبد الله بن عبد الله بن بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ
(1)
، لقيه أمراء الأجناد
(2)
: أبو عبيدة بن الجراح، وأصحابه رضي الله عنهم فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء
(3)
قد وقع بالشام فاختلفوا عليه، فقال بعضهم: قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه. وقال بعضهم: معك بقية الناس، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني. ثم قال: ادعوا لي الأنصار فدعوتهم له، فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف عليه منهم رجلان قالوا: نرى أن ترجع بالناس، ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر رضي الله عنه في الناس إني مصبح على ظهر، فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر رضي الله عنه: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله! أرأيت لو كانت لك إبل فهبطت واديا له عدوتان
(4)
،
(1)
بفتح السين المهملة وسكون الراء هي مدينة بالشام افتتحها أبو عبيدة.
(2)
جمع جند بضم الجيم وسكون النون، قال الجوهري: الشام خمسة أجناد: دمشق، وحمص، وقنسرين، وأردن وفلسطين، ويقال لكل منها: جند.
(3)
هو: الطاعون.
(4)
بضم العين وكسرها وقرئ بهما في السبعة وهي جانب الوادي.
إحداهما خصبة، والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف، وكان غائبا في بعض حاجته، فقال: إن عندي من هذا علما، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه" قال: فحمد الله عمر رضي الله عنه، ثم انصرف
(1)
.
6594 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب، أن مالكا، أخبره عن ابن شهاب، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام، فلما جاء بسرغ، بلغه أن الوباء قد وقع بالشام، فأخبره عبد الرحمن بن عوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر بما في حديث يونس الذي قبل هذا من حديث عبد الرحمن خاصة، قال: فرجع عمر من سرغ
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك 2/ 894 - 896، ومن طريقه أخرجه أحمد (1683)، والبخاري (5729)، ومسلم (2219)(98)، وأبو داود (3103)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (223)، والبزار (989)، والنسائي في الكبرى (7522)، وأبو يعلى (837)، والشاشي (235، 237)، وابن حبان (2953)، والطبراني (269)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (484)، وبعضهم لم يذكر القصة.
(2)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك 2/ 897،896، ومن طريقه أخرجه أحمد (1682)، والبخاري (5730، 6973)، ومسلم (2219)(100)، والنسائي في الكبرى (7521)، والبيهقي 3/ 376.
6595 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال حدثني هشام بن سعد، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أراد الرجوع من سرغ، واستشار الناس فقالت طائفة منهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أمن الموت تفر إنما نحن بقدر، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. فقال عمر: يا أبا عبيدة لو كنت بواد، إحدى عدوتيه مخصبة، والأخرى مجدبة، أيهما كنت ترعى؟ قال: المخصبة. قال: فإنا إن تقدمنا فبقدر، وإن تأخرنا فبقدر، وفي قدر نحن
(1)
.
6596 -
حدثنا الحسين بن الحكم الحبري، قال: ثنا عاصم بن علي (ح)
وحدثنا سليمان بن، شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد، قالا: ثنا شعبة بن الحجاج، عن قيس بن مسلم قال: سمعت طارق بن شهاب، قال: كنا نتحدث إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال لنا ذات يوم: لا عليكم أن تخفوا عني، فإن هذا الطاعون قد وقع في أهلي، فمن شاء منكم أن يتنزه عنه فليتنزه، واحذروا اثنتين، أن يقول قائل: خرج خارج فسلم وجلس جالس فأصيب، لو كنت خرجت لسلمت كما سلم آل فلان، أو يقول قائل: لو كنت جلست لأصبت كما أصيب آل فلان وإني سأحدثكم بما يتبع الناس في الطاعون، إني كنت مع أبي عبيدة، وأن الطاعون قد وقع بالشام، وأن عمر إليه: إذا أتاك كتابي هذا فإني أعزم عليك إن أتاك مصبحا فلا تمس حتى تركب، وإن أتاك ممسيا أن لا تصبح حتى تركب إلي، فقد عرضت لي إليك حاجة لا غنى لي عنك فيها. فلما قرأ أبو عبيدة هل الكتاب، قال: إن أمير المؤمنين أراد أن يستبقى من ليس بباق، فكتب إليه
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل هشام بن سعد.
أبو عبيدة إني في جند من المسلمين، إني فررت من المناة والسرر لن أرغب بنفسي عنهم، وقد عرفنا حاجة أمير المؤمنين، فحللني من عزمتك
(1)
، فلما جاء عمر رضي عمر رضي الله عنه، الكتاب بكي، فقيل له: توفي أبو عبيدة؟ قال: لا، ولكن قد كتب إليه عمر رضي الله عنه: إن الأردن أرض عمقة، وإن الجابية أرض نزهة، فانهض بالمسلمين إلى الجابية. فقال لي أبو عبيدة: انطلق فبوئ المسلمين، منزلهم، فقلت: لا أستطيع، قال: فذهب ليركب، وقال لي: رحل الناس، قال: فأخذته أخذة، فطعن فمات، وانكشف الطاعون
(2)
.
قالوا: فهذا عمر رضي الله عنه قد أمر الناس أن يخرجوا من الطاعون، ووافقه على ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى عبد الرحمن بن عوف، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما ذهب إليه من ذلك. وقد روي عن غير عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذا ما روى عبد الرحمن رضي الله عنه.
6597 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان الطاعون بأرض وأنتم بها، فلا تفروا منها، وإذا كان بأرض فلا تهبطوا عليها"
(3)
.
(1)
الحق من الحقوق والواجب من الواجبات
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الشاشي في مسنده (618) من طريق وهب، عن شعبة به.
(3)
إسناده حسن من أجل الحضرمي بن لاحق. =
6598 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا حبان قال: ثنا أبان قال: ثنا يحيى، أن الحضرمي بن لاحق حدثه أن سعيد بن المسيب حدثه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6599 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض هذه الأمم قبلكم، ثم بقي في الأرض، فيذهب المرة، ويأتي الأخرى، فمن سمع به في أرض فلا يقدمن عليه، ومن وقع بأرض وهو بها فلا يخرجنه الفرار منه"
(2)
.
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1745) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (1554)، والشاشي (153)، والدورقي (95)، والخطيب في الموضح 1/ 228 من طرق عن هشام الدستوائي به.
(1)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1746) بإسناده ومتنه.
وأخرجه احمد (1615) من طريق أبان العطار به.
(2)
إسناده صحيح
وأخرجه مسلم (2218)(96) من طريق ابن وهب به.
وأخرجه البزار في مسنده (2587)، وابن خزيمة في كتاب التوكل كما في الاتحاف 1/ 284، وأبو عوانة في الطب كما في اتحاف المهرة 1/ 286، والطبراني في الكبير (274)، والبيهقي 7/ 217 من طريق يونس بن يزيد به.
وأخرجه أحمد (21806، 21807)، والبخاري (6974)، ومسلم (2218)، والترمذي (1065)، والنسائي في الكبرى (7482، 748)، وابن حبان (2952، 2954) من طرق عن عامر به.
6600 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت، عن إبراهيم بن سعد، قال: سمعت أسامة بن زيد يحدث [سعدا رضي الله عنه] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا الطاعون رجز أو عذاب عذب به قوم، فإذا كان بأرض فلا تهبطوا عليه، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا عنه"
(1)
.
6601 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي النضر، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه سمع أباه، يسأل أسامة بن زيد رضي الله عنهما: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الطاعون؟ قال: نعم! قال: كيف سمعته؟ قال: سمعته يقول: "هو رجز سلطه الله على بني إسرائيل، أو على قوم! فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإن وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا فرارا منه"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (630)، وأحمد (21798)، والبخاري (5728)، ومسلم (2218)(97)، والبزار في مسنده (2605)، وابن خزيمة في كتاب التوكل كما في الاتحاف 1/ 285، وأبو عوانة في الطب كما في الاتحاف 1/ 286، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (559)، والبيهقي 3/ 376، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 256 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن خزيمة في كتاب التوكل كما في الاتحاف 1/ 285، وأبو عوانة في الطب كما في اتحاف المهرة 1/ 285 من طريق عمرو بن الحارث به.
وأخرجه مسلم (2218)(93) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي النضر به.
6602 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب أن مالكا، حدثه، عن ابن المنكدر، وأبي النضر
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
6603 -
حدثنا محمد بن خزيمة وفهد قالا ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني ابن الهاد عن محمد بن المنكدر، عن عامر بن سعد، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الطاعون عنده، فقال: إنه رجس، أو رجز عذب به أمة من الأمم، وقد بقيت منه بقايا، ثم ذكر مثل حديث يونس وزاد قال لي محمد فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز، فقال لي: هكذا حدثني عامر بن سعد
(2)
.
6604 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد سلمة، قال: أنا عكرمة بن خالد المخزومي، عن أبيه، أو عن عمه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه
(1)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك برواية أبي مصعب الزهري (1868)، وابن القاسم (87)، ومن طريقه أخرجه أحمد (21763)، والبخاري (3473)، ومسلم (2218)(92)، والنسائي في الكبرى (7525)، وأبو عمرو الداني في السنن (352)، والبغوي (1443).
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه أبو عوانة كما في الاتحاف 1/ 286، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 252 من طريق يزيد بن الهاد به.
وأخرجه مسلم (2218)(94)، والطبراني في الكبير (275) من طريقين عن محمد بن المنكدر به.
وسلم قال في غزوة تبوك: "إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا منها، وإذا كنتم بغيرها فلا تقدموا عليها"
(1)
.
6605 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أبو الوليد، قال حدثنا شعبة، عن يزيد بن حميد، قال: سمعت شرحبيل بن حسنة يحدث عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: إن الطاعون وقع بالشام فقال عمرو: "تفرقوا عنه فإنه رجز"، فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة فقال: قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسمعته يقول: "إنها رحمة ربكم،
(1)
إسناده فيه "أبيه" وهو خالد بن العاص صحابي، وقال أبو عمر: إن خالدا لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وجده العاص بن هشام قتل كافرا يوم بدر، فعن هذا قالوا: إن هذا الاسناد فيه وهم لأن عكرمة كيف يروي عن أبيه عن جده وجده كافر.
و قال ابن الأثير في أسد الغابة في ترجمة خالد بن العاص وقد اختلف في جد عكرمة فقال ابن أبي حاتم: عكرمة بن خالد بن سعيد بن العاص، وقال ابن حبان: عكرمة بن خالد بن سلمة المخزومي، والاسناد المذكور يستقيم على ما ذكره ابن أبي حاتم لأنه حينئذ يكون جد عكرمة هو سعيد بن العاص، وسعيد بن العاص صحابي ولد عام الهجرة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا في قول ابن حبان لأنه حينئذ يكون جد عكرمة سلمة بن هشام بن المغيرة، وسلمة بن هشام صحابي أسلم قديما.
وقد أخرج أبو موسى المديني هذا الحديث وليس فيه عن جده من طريق حبان بن هلال عن حماد بن سلمة عن عكرمة بن خالد عن أبيه أو عن عمه
…
كما حكاه العيني في النخب 22/ 580 - 581.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (732) من طريق هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة به.
وأخرجه ابن قانع في معجم الصحابة 1/ 185، من طريق عبد الله بن صالح، عن حماد بن سلمة، عن عكرمة بن خالد، عن أبيه، وعمه، عن جده.
وأخرجه الطبراني كما في النخب 22/ 580 من طريق شيبان بن فروخ عن حماد بن سلمة به، دون "أو عمه".
ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، فاجتمعوا له ولا تفرقوا عنه فقال عمرو رضي الله عنه:"صدق"
(1)
.
قالوا: فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار أن لا يقدم على الطاعون، وذلك للخوف منه.
قيل لهم: ما في هذا دليل على ما ذكرتم لأنه لو كان أمر بترك القدوم للخوف منه لكان يطلق لأهل الموضع الذي وقع فيه أيضا الخروج منه لأن الخوف عليهم منه كالخوف على غيرهم. فلما منع أهل الموضع الذي وقع فيه الطاعون من الخروج منه ثبت أن المعنى الذي من أجله منعهم من القدوم عليه غير المعنى الذي ذهبتم إليه.
فإن قال قائل: فما ذلك المعنى؟.
قيل له: هو عندنا - والله أعلم - على أن لا يقدم عليه رجل فيصيبه بتقدير الله عز وجل عليه أن يصيبه فيقول: لولا أني قد قدمت هذه الأرض لما أصابني هذا الوجع، ولعله لو أقام في الموضع الذي خرج منه لأصابه، فأمر أن لا يقدمها خوفا من هذا القول. وكذلك أمر أن لا يخرج من الأرض التي قد نزل بها، لئلا يسلم فيقول: لو أقمت في تلك
(1)
إسناده حسن من أجل شرحبيل بن شفعة.
وأخرجه أحمد (17754، 17755)، وابن خزيمة في التوكل كما في اتحاف المهرة 6/ 184، وابن حبان (2951)، والطبراني في الكبير (7210) من طرق عن شعبة به.
الأرض لأصابني ما أصاب أهلها، ولعله لو كان أقام بها ما أصابه من ذلك شيء، فأمر بترك القدوم على الطاعون للمعنى الذي وصفنا وبترك الخروج عنه للمعنى الذي ذكرنا.
وكذلك ما روينا عنه في أول هذا الباب من قوله: "لا يورد ممرض على مصح" ليس على ما تأوله عليه أهل المقالة الأولى ولكنه عندنا - والله أعلم - على أن لا يورد ممرض على مصح، فيصيب المصح ذلك المرض، فيقول الذي أورده: لو أني لم أورده عليه لم يصبه من هذا المرض شيء فلعله لو لم يورده أيضا لأصابه كما أصابه لما أورده. فأمر بترك إيراده وهو صحيح على ما هو مريض لهذه العلة التي لا يؤمن على الناس وقوعها في قلوبهم وقولهم مما ذكرنا بألسنتهم.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفي الإعداء
6606 -
ما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد قال: ثنا يحيى، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي، أن سعيد بن المسيب قال: سألت سعدا عن الطيرة: فانتهرني، وقال: من حدثك؟ فكرهت أن أحدثه، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا عدوى ولا طيرة"
(1)
.
(1)
إسناده حسن من أجل الحضرمي بن لاحق، وهو مكرر سابقه (6597).
6607 -
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا حبان: قال ثنا، أبان قال: ثنا يحيى
…
فذكره بإسناده مثله، وزاد:"ولا هامة"
(1)
.
6608 -
حدثنا فهد، قال: ثنا عثمان بن أبي شيبة (ح)
وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قالا: ثنا الوليد بن عقبة الشيباني، قال: ثنا حمزة الزيات عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة بن يزيد الحماني، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يعدي سقيم صحيحا"
(2)
6609 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص عن سماك، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طيرة، ولا هامة، ولا عدوى" قال رجل: أطرح الشاة الجرباء في الغنم، فتجربهن؟. قال النبي صلى الله عليه وسلم أو ابن عباس -:"فالأولى من أجربها؟ "
(3)
.
(1)
إسناده حسن، وهو مكرر سابقه (6598).
(2)
إسناده ضعيف لضعف ثعلبة بن يزيد الحماني، وقال ابن عدي في الكامل: سماعه من علي فيه نظر.
وأخرجه أبو يعلى (431) من طريق عثمان بن أبي شيبة، وابن نمير عن الوليد بن عقبة به.
(3)
إسناده ضعيف، سماك بن حرب روايته عن عكرمة خاصة مضطربة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 40، ومن طريقه ابن ماجة (3539).
وأخرجه أحمد (2425) من طريق زائدة، عن سماك به.
6610 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا أبو عوانة، عن سماك
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يشك في شيء منه، وذكر كله عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
6611 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا سريج بن النعمان، قال ثنا هشيم، عن ابن شبرمة، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا عدوى"، فقال رجل: يا رسول الله! فإن النقبة
(2)
من الجرب تكون بجنب البعير، فتشمل ذلك الإبل كلها جربا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فمن أعدى الأول؟ خلق الله عز وجل كل دابة، فكتب أجلها ورزقها، وأثرها"
(3)
.
6612 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا قبيصة، عن سفيان عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة، عن رجل عن عبد الله رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
(1)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه أحمد (3031)، وأبو يعلى، (2333، 2582)، وابن حبان (6117)، والطبراني (11764) من طرق عن أبي عوانة به.
(2)
بضم النون وسكون القاف وفتح الباء الموحدة، وهو أول شيء يظهر من الجرب، وجمعها: نقب.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (8343) عن هاشم عن محمد بن طلحة، وأبو يعلى (6112) من طريق هشام كلاهما، عن عبد الله بن شبرمة به.
وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار مسند علي (ص 7)، وابن حبان (6119)، والبغوي (3249)، والخطيب في التاريخ 11/ 168، 169 من طريق شجاع بن الوليد، عن ابن شبرمة به.
(4)
إسناده ضعيف لإبهام راويه عن ابن مسعود. =
6613 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا، المقدمي قال: ثنا حسان بن إبراهيم الكرماني قال: ثنا سعيد بن مسروق، عن عمارة، عن أبي زرعة عن رجل من أصحاب ابن مسعود، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6614 -
حدثنا أبو بكرة، قال: أنا مؤمل قال أنا سفيان عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6615 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب قال: أنا مالك، ويونس، عن ابن شهاب، عن حمزة، وسالم ابني عبد الله بن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا عدوى
(3)
.
6616 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريح (ح)
= وأخرجه أحمد (4198)، والترمذي (2143) من طريق سفيان الثوري به.
(1)
إسناده ضعيف لابهام راويه عن أبي هريرة.
قد وقع في المطبوع "رجل من أصحاب رسول الله عن ابن مسعود"، والمثبت من نسخة العيني، والذي يغلب على الظن أنه عن رجل عن ابن مسعود.
(2)
إسناده صحيح
وأخرجه الحميدي (1117)، وابن حبان (6118) من طريق سفيان بن عيينة به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (9233) عن يونس بن عبد الأعلى به.
وأخرجه البخاري (5772)، ومسلم (2225)، والنسائي في الكبرى (9278) من طريق ابن وهب، عن يونس به.
وطريق مالك في الموطأ برواية أبي مصعب الزهري (2047)، ومن طريقه أخرجه أحمد (6095)، والبخاري (5093)، ومسلم (2225)، وأبو داود (3922)، والنسائي في المجتبى 6/ 220، وفي الكبرى (4395).
وحدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم قال أنا يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، أن أبا الزبير حدثه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6617 -
حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام قال: ثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6618 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر، قال: ثنا شعبة، عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
6619 -
حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم قال أنا يحيى بن أيوب، قال: أخبرني ابن عجلان، قال: حدثني القعقاع بن حكيم وزيد بن أسلم، وعبيد الله بن مقسم عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله. وزاد: ولا
(1)
إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح ابن جريج بالسماع من أبي الزبير عند أحمد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (784) من الوجه الأول.
وأخرجه أحمد (15103)، ومسلم (222)(109)، وابن أبي عاصم في السنة (268)، والطبري في مسند علي من تهذيب الآثار (ص 13)، وابن حبان (6128) من طريق أبي عاصم به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري في الصحيح (5756)، وفي الأدب المفرد (913)، وأبو داود (3916)، والبيهقي 8/ 139، والخطيب في تاريخ بغداد 4/ 378 من طريق مسلم بن إبراهيم به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 41، ومن طريقه ابن ماجة (3537) عن يزيد بن هارون عن شعبة به.
هامة، ولا غول، ولا صفر، قال أبو صالح فسافرت إلى الكوفة ثم رجعت، فإذا أبو هريرة رضي الله عنه ينتقص لا عدوى لا يذكرها، فقلت: ولا عدوى؟ فقال: أبيت
(1)
.
6620 -
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة، وغيره، أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى". فقال أعرابي: يا رسول الله! فما بال الإبل تكون في الرمل، كأنها الظباء، فيأتي البعير الأجرب فيجربها؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فمن أعدى الأول؟ "
(2)
.
6621 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال أخبرني يونس قال: قال ابن شهاب: حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2889) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (9) عن ابن عبد الرحيم البرقي، حدثنا ابن أبي مريم بهذا الاسناد.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (2220) من طريق يعقوب بن إبراهيم به.
وأخرجه البخاري (5717) عن إبراهيم بن سعد به.
وأخرجه أحمد (7620)، والبخاري (5773)، ومسلم (2220)، وابن أبي عاصم في السنة (272، 274، 286)، والنسائي (7591)، وابن حبان (6116)، والبيهقي (7/ 216 من طرق عن ابن شهاب به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1660) بإسناده مطولا. =
6622 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني معروف بن سويد الجذامي، عن عُلَي بن رباح اللخمي، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا عدوى"
(1)
.
6623 -
حدثنا ابن أبي داود: قال ثنا أبو اليمان قال: ثنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني السائب بن يزيد ابن أخت نمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6624 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا هشام، وسعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
6625 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن علقمة بن مرثد قال سمعت أبا الربيع يحدث، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه
= وأخرجه النسائي في الكبرى (7574) بنفس السند.
وأخرجه مسلم (2220)(101)، وابن حبان (6116)، والبيهقي 7/ 216، والطبري في مسند علي من تهذيب الآثار (3) من طرق عن ابن وهب به.
(1)
إسناده حسن من أجل معروف بن سويد.
وأخرجه أحمد (9454)، والطبري في مسند علي من تهذيب الآثار (ص 9)، والمزي في ترجمة معروف بن سويد من تهذيب الكمال 28/ 268 من طرق عن عبد الله بن وهب به.
(2)
إسناده صحيح
وأخرجه أحمد (15727)، ومسلم (2220)(103)، والطبراني في الكبير (6658) من طريق أبي اليمان به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (270)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/ 358، والطبراني في الكبير (6657، 6659) من طرق عن الزهري به.
(3)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (6617).
وسلم قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لن يدعهن الناس الطعن في الأنساب والنياحة ومطرنا بنوء كذا وكذا، والعدوى تكون البعير في الإبل، فيجرب، فيقول: من أعدى الأول؟
(1)
.
6626 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن علقمة
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6627 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو سعيد الأشج، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى وقال: فمن أعدى الأول؟ "
(3)
.
(1)
إسناده حسن من أجل أبي الربيع المدني.
وأخرجه أحمد (9365)، والبزار (9695) من طرق عن شعبة به.
وأخرجه الطيالسي (2395)، والترمذي (1001)، والبيهقي في الشعب (5143) من طريق شعبة، والمسعودي، عن علقمة به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه أحمد (10871) من طريق عبد الله بن الوليد، عن سفيان به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (24 مسند علي) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، عن أبي أسامة به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (283)، والطبراني في الكبير (7801)، وفي مسند الشاميين (214) من طرق عن القاسم به.
6628 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا يونس بن محمد، عن مفضل بن فضالة، عن حبيب بن الشهيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه، قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد مجذوم، فوضعها في القصعة، وقال:"بسم الله، ثقة بالله، وتوكلا على الله"
(1)
.
6629 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: ثنا إسماعيل بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6630 -
حدثنا علي بن زيد قال: ثنا موسى بن داود قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن سعيد، عن أبي مسلم الخولاني، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مع صاحب البلاء تواضعا لربك وإيمانا"
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف مفضل بن فضالة بن أبي أمية.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 129، وعبد بن حميد (1093)، وأبو داود (3925)، والترمذي (1817)، وأبو يعلى (1822)، وابن حبان (6120)، والطبري في مسند علي (84)، والحاكم 4/ 136 - 137، والبيهقي 7/ 219 من طرق عن يونس بن محمد به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن مسلم المكي.
(3)
رجاله ثقات.
وأخرجه ابن شاهين في الترغيب (470)، وفي الناسخ والمنسوخ (542) من طريق أحمد بن إسحاق بن بهلول، عن أبيه، عن موسى بن داود عن يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن سعيد، عن رجل، عن أبي مسلم الخولاني به.
فقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم العدوى في هذه الآثار التي ذكرناها، وقال: فمن أعدى الأول؟، أي: لو كان إنما أصاب الثاني لما أعداه الأول، إذا لمَا أصاب الأول شيء، لأنه لم يكن معه ما يعديه، ولكنه لما كان ما أصاب الأول إنما كان بقدر الله عز وجل كان ما أصاب الثاني كذلك.
فإن قال قائل: أفنجعل هذا مضادا لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يورد ممرض على مصح" كما جعله أبو هريرة رضي الله عنه؟.
قلت: لا، ولكن نجعل قوله:"لا عدوى" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم على نفي العدوى أن يكون أبدا، ونجعل قوله:"لا يورد ممرض على مصح" على الخوف منه أن يورده عليه فيصيبه بقدر الله عز وجل ما أصاب الأول، فيقول الناس: أعداه الأول.
فكره إيراد المصح إلى الممرض خوف هذا القول.
وقد روينا عن رسول الله في هذه الآثار أيضا وضعه يد المجذوم في القصعة، فدلّ فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أيضا على نفي الإعداء، لأنه لو كان الإعداء مما يجوز أن يكون إذًا لما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما يخاف ذلك منه، لأن في ذلك جر الله التلف إليه، وقد نهى عز وجل عن ذلك، فقال:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدف مائل فأسرع، فإذا كان يسرع من الهدف المائل مخافة الموت فكيف يجوز عليه أن يفعل ما يخاف منه الإعداء؟.
وقد ذكرت فيما تقدم من هذا الباب أيضا معنى ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون في نهيه عن الهبوط عليه، وفي نهيه عن الخروج منه، وأن نهيه عن الهبوط عليه خوفا أن يكون قد سبق في علم الله عز وجل أنهم إذا هبطوا عليه أصابهم فيهبطون فيصيبهم فيقولون: أصابنا لأنا هبطنا عليه، ولولا أنا هبطنا عليه لما أصابنا، وأن نهيه عن الخروج منه لئلا يخرج رجل فيسلم، فيقول: سلمت لأني خرجت، ولولا أني خرجت لم أسلم.
فلما كان النهي عن الخروج عن الطاعون، وعن الهبوط عليه لمعنى واحد وهو الطيرة لا الإعداء كان كذلك قوله "لا يورد ممرض على مصح" هو الطيرة أيضا لا الإعداء. فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا كله عن الأسباب التي من أجلها يتطيرون.
وفي حديث أسامة الذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا وقع بأرض وهو بها، فلا يخرجه الفرار منه دليل على أنه لا بأس بأن يخرج منها لا على الفرار منه. وقد دل على ذلك أيضا ما
6631 -
حدثنا يونس، قال: أنا بشر بن بكر، قال: أنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أنس أن نفرا من عكل قدموا على رسول الله صلى الله عليه
وسلم المدينة، فاجتووها
(1)
، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو خرجتم إلى ذود
(2)
لنا، فشربتم من ألبانها وأبوالها" ففعلوا فصحوا
…
ثم ذكر الحديث
(3)
.
6632 -
حدثنا فهد: قال ثنا أبو غسان قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا سماك بن حرب، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر مرضى من حي من أحياء العرب، فأسلموا وبايعوه، وقد وقع بالمدينة الموم
(4)
، وهو البرسام
(5)
. فقالوا: يا رسول الله! أهذا الوجع قد وقع، لو أذنت لنا فخرجنا إلى الإبل، فكنا فيها. قال:"نعم اخرجوا فكونوا فيها"
(6)
.
(1)
أي: أصابهم الجوى بالجيم وهو المرض، وداء الجوف إذا تطاول وذلك إذا لم يوافقهم هواها.
(2)
الذود من الإبل: ما بين اثنتين إلى تسع.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1812) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (13045)، والبخاري (6803،6802)، ومسلم (1671)(21)، وأبو داود (4366)، والنسائي 947، 95، وابن حبان (4467)، والطبري في تفسيره 6/ 208، والبغوي في تفسيره 2/ 32 من طرق عن الأوزاعي به.
(4)
هو البرسام مع الحمى، وقيل: هو بثر أصغر من الجدري.
(5)
بكسر الباء، وهي: علة معروفة.
(6)
إسناده حسن من أجل سماك بن حرب.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1818) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (1671)(13)، وأبو عوانة (6123) من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل به.
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالخروج إلى الإبل، وقد وقع الوباء بالمدينة، فكان ذلك عندنا - والله أعلم - على أن يكون خروجهم للعلاج، لا للفرار منه.
فثبت بذلك أن الخروج من الأرض التي وقع بها الطاعون مكروه للفرار منه، ومباح لغير الفرار. وعلى هذا المعنى - والله أعلم - رجع عمر رضي الله عنه بالناس، من سرغ، لا على أنه فار مما قد نزل بهم. والدليل على ذلك
6633 -
ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن عياش الحمصي، قال: ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اللهم إن الناس نحلوني
(1)
ثلاث خصال، وأنا أبرأ إليك منهن زعموا أني فررت من الطاعون، وأنا أبرأ إليك من ذلك، وأني أحللت لهم الطلاء
(2)
، وهو الخمر، وأنا أبرأ إليك من ذلك، وأني أحللت لهم المكس
(3)
، وهو البخس
(4)
، وأنا أبرأ إليك من ذلك
(5)
.
(1)
بالنون من نحلته القول: إذا أضفت إليه قولا قاله غيره وادعيته عليه.
(2)
بكسر الطاء وبالمد وهو: الشراب المطبوخ من عصير العنب وهو الرُّبّ، واصله القطران الخاثر الذي تطلى به الإبل.
(3)
هو الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار.
(4)
بالباء الموحدة وفسر المكس به لأن البخس هو ما يأخذه الولاة باسم العشور والمكوس يتأولون فيه الزكاة والصدقة.
(5)
إسناده صحيح.
فهذا عمر رضي الله عنه يخبر أنه يبرأ إلى الله عز وجل أن يكون فر من الطاعون، فدل ذلك أن رجوعه كان لأمر آخر غير الفرار، وكذلك ما أراد بكتابه إلى أبي عبيدة رضي الله عنه أن يخرج هو ومن معه من جند المسلمين، إنما هو لنزاهة الجابية، وعمق الأردن.
وقد بين أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، في حديث شعبة المكروه في الطاعون ما هو؟ وهو أن يخرج منه خارج فيسلم، فيقول: سلمت لأني خرجت أو يهبط عليه هابط فيصيبه، فيقول: أصابني لأني هبطت.
وقد أباح أبو موسى رضي الله عنه مع ذلك للناس أن يتنزهوا عنه إن أحبوا، فدل ما ذكرنا على التفسير الذي وصفنا، فهذا معنى هذه الآثار عندنا - والله أعلم -
وأما الطيرة، فقد رفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت الآثار بذلك مجيئا متواترا
6634 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، وروح، قالا: ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل عن عيسى رجل من بني أسد، عن زر، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الطيرة من الشرك، وما منا إلا ولكن الله عز وجل يذهبه بالتوكل"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (829) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (356)، وأحمد (4171)، والشاشي (653،652،651، 654، 657،656)، والحاكم 1/ 17 - 18، والبيهقي في السنن 8/ 139، والبغوي في شرح السنة (3257) من طرق عن شعبة به.
6635 -
حدثنا أبو أمية، قال حدثنا سريج: قال ثنا هشيم، عن ابن شبرمة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا طيرة"
(1)
.
6636 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا، قبيصة، عن سفيان عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن رجل، عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6637 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب قال أخبرني مالك، ويونس، عن ابن شهاب، عن حمزة، وسالم ابني عبد الله بن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله)
(3)
.
6638 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا ابن أبي الزناد، قال: حدثني علقمة بن أبي علقمة عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبغض الطيرة ويكرهها
(4)
.
(1)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (6611).
(2)
إسناده ضعيف لابهام راويه عن ابن مسعود، وهو مكرر سابقه (6613).
(3)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (6615).
(4)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد.
وأخرجه ابن وهب في جامعه (669) من طريق حمزة بن عبد الواحد، عن علقمة بن أبي علقمة به.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (912) من طريق إسماعيل، عن أبي الزناد به.
6639 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى قال: ثنا هشام، وشعبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا طيرة"
(1)
.
6640 -
حدثنا علي بن معبد قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6641 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
6642 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني معروف بن سويد، عن علي بن رباح اللخمي، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
6643 -
حدثنا عبد الله بن محمد بن، خشيش قال: ثنا، مسلم قال: ثنا هشام، عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله)
(5)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (1961)، وأحمد (12179)، وأبو يعلى (3211) من طريق يحيى، والطيالسي، عن شعبة، وهشام به.
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (6620).
(3)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (6621).
(4)
إسناده حسن من أجل معروف بن سويد، وهو مكرر سابقه (6622).
(5)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (6617).
6644 -
حدثنا ابن، مرزوق: قال ثنا سعيد بن عامر عن شعبة، عن قتادة
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
6645 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو سعيد الأشج، قال: ثنا أبو أسامة، قال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6646 -
حدثنا ابن أبي داود: قال: ثنا الحماني قال: ثنا مروان بن معاوية بن الحارث، وابن المبارك، عن عوف، عن حيان، عن قطن بن قبيصة بن المخارق، عن أبيه رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "العيافة
(3)
، والطيرة، والطرق
(4)
من
الجبت"
(5)
.
(1)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (6618).
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (6627).
(3)
بكسر العين المهملة، هو زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها.
(4)
بفتح الطاء وسكون الراء المهملتين، هو الضرب بالحصى الذي تفعله النساء، وقيل: هو الخط في الرمل.
(5)
إسناده ضعيف لجهالة حيان بن العلاء.
وأخرجه عبد الرزاق (19502)، وابن سعد 7/ 35، وابن أبي شيبة 9/ 4243، وأحمد (15915)، وأبو داود (3907)،
والنسائي في الكبرى (11108)، والدولابي في الكنى 1/ 86، وابن حبان (6131)، والطبراني في الكبير 18 / (941، 943،942، 944، 945)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/ 158، والبيهقي 8/ 39، والبغوي (3256 من طرق عن عوف به.
فلما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطيرة، وأخبر أنها من الشرك نهى الناس عن الأسباب التي تكون عنها الطيرة مما ذكر في هذا الباب.
فإن قال قائل: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الشؤم في الثلاث".
قيل له: قد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكرت
6647 -
حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس، ومالك، عن ابن شهاب، عن حمزة، وسالم ابني عبد الله بن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما الشؤم في ثلاثة: في المرأة، والفرس، والدار"
(1)
.
6648 -
حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا القعنبي قال: ثنا مالك، عن ابن شهاب
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (776) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (9233) بنفس السند.
وهو في الموطأ 2/ 566، ومن طريق مالك أخرجه أحمد (6095)، والبخاري (5093)، ومسلم (2225)(115)، وأبو داود (3922)، والنسائي في المجتبى 6/ 220، وفي الكبرى (4410، 4411، 9278، 9279)، والقضاعي في مسند الشهاب (294)، والبغوي (2244).
وأخرجه البخاري (5772)، ومسلم (2225)(116) من طريق ابن وهب به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (777) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (2225)(115)، وأبو داود (3922) من طريق القعنبي به
6649 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن ابن شهاب
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر حمزة
(1)
.
6650 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني سالم، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
…
فذكر مثله
(2)
.
6651 -
حدثنا يزيد قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني عتبة بن مسلم، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
وقد روي ذلك أيضا على خلاف هذا المعنى من حديث ابن عمر وغيره.
(1)
رجاله ثقات، وابن جريج متابع.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (778) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (1821)، وأحمد (4544)، والبخاري (2858)، ومسلم (2225)(116)، والنسائي في الكبر (9277، 9278، 9281، 9282، 9284، 9285) من طرق عن الزهري به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (2858)، ومسلم (2225)(116) من طريق أبي اليمان، عن شعيب به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (779) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (2225)(116)، والبيهقي 8/ 140 من طريق محمد بن إسحاق الصغاني، عن سعيد بن أبي مريم به.
6652 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد قال: ثنا يحيى، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي، أن سعيد بن المسيب، قال: سألت سعد بن مالك عن الطيرة، فانتهرني، وقال: من حدثك؟ فكرهت أن أحدثه، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا طيرة، وإن كانت الطيرة في شيء، ففي المرأة، والدار والفرس"
(1)
.
6653 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا ابن أبي مريم قال: أنا سليمان بن بلال، قال: حدثني عتبة بن مسلم عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن كان الشؤم في شيء، ففي ثلاث في الفرس، والمسكن، والمرأة"
(2)
.
6654 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، سمع جابرا رضي الله عنه، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده حسن من أجل حضرمي بن لاحق.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1745) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (1502)، وأبو داود (3921)، وأبو يعلى (766) من طرق عن أبان العطار به.
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر (6651).
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (779) بإسناده ومتنه.
(3)
إسناده صحيح، وقد صرح ابن جريج بالتحديث عند ابن حبان.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (782) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن حبان (4033) من طريق أبي عاصم به.
وأخرجه أحمد (14574)، ومسلم (2227)، والنسائي 6/ 220 - 221 من طرق عن ابن جريج به.
6655 -
حدثنا سليمان بن، شعيب: قال ثنا عبد الرحمن بن، زياد قال: ثنا يحيى بن أيوب، عن أبي حازم، أنه سمع سهل بن سعد رضي الله عنه، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
. قال أبو حازم فكأن سهل بن سعد، لم يكن يثبته، وأما الناس فيثبتونه.
6656 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا، حبان قال: ثنا أبان، قال: ثنا يحيى، عن الحضرمي بن لاحق حدثه أن سعيد بن المسيب حدثه قال: سألت سعدا عن الطيرة، فانتهرني وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا طيرة، وإن كانت الطيرة في شيء، ففي المرأة، والدار، والفرس"
(2)
.
6657 -
حدثنا فهد قال: ثنا أبو، غسان قال ثنا زهير بن معاوية، عن عتبة بن حميد، قال: حدثني عبيد الله بن أبي بكر أنه أنس سمع بن مالك رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (781) بإسناده ومتنه.
وأخرجه مسلم (2226)، والطبراني (5906،5852،5832،5807،5803،5747)، وأبو نعيم في الحلية 3/ 252 من طرق عن أبي حازم به.
(2)
إسناده حسن من أجل حضرمي بن لاحق، وهو مكرر (6652).
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1746) بإسناده ومتنه.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عتبة بن حميد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2323) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن حبان (6123) من طريق مالك بن إسماعيل أبي غسان به.
6658 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاث في المرأة، والفرس، والدار"
(1)
.
6659 -
حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى قال: حدثنا أبي، عن ابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا عدوى، ولا طيرة، وإن كان في شيء ففي المرأة، والفرس، والدار"
(2)
.
ففي هذا الحديث ما يدل على غير ما في الفصل الذي قبل هذا الفصل. وذلك أن سعدا انتهر سعيدا حين ذكر له الطيرة، وأخبره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا طيرة" ثم قال: إن تكن الطيرة في شيء، ففي المرأة، والفرس، والدار، فلم يخبر أنها فيهن، وإنما قال: إن تكن في شيء ففيهن أي: لو كانت تكون في شيء لكانت في هؤلاء، فإذا لم تكن في هؤلاء الثلاث، فليست في شيء.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (780) بإسناده ومتنه.
وهو في الموطأ 2/ 566، ومن طريق مالك أخرجه أحمد (22836)، والبخاري (2859، 5095)، ومسلم (2226)(119)، وابن ماجة (1994)، والطبراني في الكبير (5770).
(2)
إسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى وعطية العوفي.
وأخرجه الطبري في مسند علي من تهذيب الآثار (27) من طريق أبي شهاب، عن ابن أبي ليلى، عن العوفي به.
وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 273 من طريق عمرو بن عطية، عن أبيه به.
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أن ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك كان على غير هذا اللفظ
6660 -
حدثنا علي بن معبد قال: ثنا يزيد بن هارون قال: ثنا همام بن يحيى، عن قتادة عن أبي حسان قال دخل رجلان من بني عامر على عائشة رضي الله عنها، فأخبراها أن أبا هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الطيرة في المرأة، والدار، والفرس"، فغضبت وطارت شقة منها في السماء وشقة في الأرض، فقالت: والذي نزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، ما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، إنما قال:"إن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون من ذلك"
(1)
.
فأخبرت عائشة رضي الله عنها أن ذلك القول كان من النبي صلى الله عليه وسلم حكاية عن أهل الجاهلية، لا أنه عنده كذلك
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (25168) من طريق بهز عن همام به بلفظ: أن رجلا قال لعائشة ....
وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد 9/ 288 من طريق الوليد بن مسلم، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي حسان به.
23 - باب التخيير
(1)
بين الأنبياء عليهم السلام
6661 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد قال: ثنا سفيان عن المختار بن فلفل، قال: سمعت أنسا رضي الله عنه يقول: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا خير البرية! فقال: "ذاك أبي إبراهيم عليه السلام"
(2)
.
6662 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد قال: ثنا يحيى عن سفيان، عن المختار بن فلفل، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
6663 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، وإبراهيم بن محمد بن يونس، قالا: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سفيان
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
(1)
أي: في حكمه مثل أن يقول النبي الفلان خير من فلان النبي.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1014) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (12826)، ومسلم (2369)، والترمذي (3352)، وأبو يعلى (3950)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 2/ 156، 157 من طرق عن سفيان الثوري به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 518، ومسلم (2369)، وأبو داود (4672)، والنسائي في الكبرى (11692)، وأبو يعلى (3948، 3949)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 128، والبيهقي في الدلائل 5/ 497 من طرق عن المختار بن فلفل به.
(3)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1016) بإسناده ومتنه.
(4)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1015) بإسناده ومتنه.
6664 -
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا، عفان قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، عن المختار بن فلفل، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى أنه لا بأس بالتخيير بين الأنبياء عليهم السلام فيقال: إن فلانا خير من فلان على ما جاء مما كان في كل واحد منهم.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فكرهوا التخيير بين الأنبياء عليهم السلام واحتجوا في ذلك
6665 -
بما حدثنا يونس قال ثنا نعيم بن حماد: قال ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تخيروا بين أنبياء الله تعالى"
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1017) بإسناده ومتنه.
(2)
قلت أراد بهم طائفة من أهل الحديث كما في النخب 8/ 23.
(3)
قلت: أراد بهم: جماهير أهل الحديث والفقه كما في النخب 8/ 23.
(4)
إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1028) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (11265)، والبخاري (6916)، ومسلم (2374)(163)، وأبو داود (4668)، وابن حبان (6237)، والطبراني في الأوسط (262 من طرق عن عمرو بن يحيى به.
6666 -
حدثنا فهد قال: ثنا محمد بن سعيد قال: ثنا وكيع عن سفيان، عن عمرو بن يحيى بن عمارة، عن أبيه، عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6667 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6668 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي قال: ثنا الماجشون، عن عبد الله بن الفضل، قال: أخبرني الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله، في حديث طويل غير أنه قال:"لا تفضلوا"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1027) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 509، وأحمد (11265)، ومسلم (2374)(163) من طريق وكيع به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1026) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (6916) عن أبي نعيم به.
وأخرجه مسلم (2374)(163)، وأبو يعلى (1368)، وابن حبان (6237) من طريق سفيان الثوري به.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1029) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (3414)، ومسلم (2373)(159)، والنسائي في الكبرى (11394) من طرق عن عبد العزيز الماجشون به.
فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفضل بين الأنبياء عليه السلام. وقد روي عنه أنه قال: "لا تفضلوني على موسى".
6669 -
حدثنا بذلك ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال حدثنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد يحدث، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى عليه السلام باطش بجانب العرش، فلا أدري أصعق، فيمن كان صعق فأفاق قبلي، أو كان فيمن استثنى الله عز وجل؟ "
(1)
.
فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفضلوه على موسى، وقال لهم:"إني أول من يفيق من الصعقة فأجد موسى قائما، فلا أدري أكان فيمن صعق، فأفاق قبلي، أم كان فيمن استثنى الله عز وجل؟ ".
فكان ذلك عندنا على أنه جاز عنده أن يكون فيما استثنى الله عز وجل فلم تصبه الصعقة، ففضل بذلك، أو صعق فأفاق قبله، فكان في منزلته، لأنهما قد صعقا جميعا.
فكره النبي صلى الله عليه وسلم لذلك تفضيله عليه لما احتمل تخطي الصعقة إياه.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل نعمان بن راشد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1010) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (3408)، ومسلم (2373)(161)، والبيهقي في الدلائل 5/ 491، 492 من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قال: لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى
6670 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى
(1)
.
6671 -
حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت حميد بن عبد الرحمن يحدث، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: "ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متي"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1011) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (2650)، وابن أبي شيبة 11/ 541، وأحمد (2167)، والبخاري (3395، 3413، 3630، 7539)، ومسلم (2377)(167)، وأبو داود (4669)، والطبراني (12753)، والبيهقي في الدلائل 5/ 495 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1012) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (2531)، وأحمد (10043،9255)، والبخاري (3416، 4631)، وابن حبان (6238) من طرق عن شعبة به، ولم يرو الحديث مرفوعا إلى الله كما عند المصنف.
6672 -
حدثنا سليمان: قال ثنا عبد الرحمن قال: ثنا شعبة عن عمرو بن مرة، قال: سمعت عبد الله بن سلمة يحدث، عن علي رضي الله عنه كأنه عن الله عز وجل
…
فذكر مثله، وزاد: قد سبح الله عز وجل في الظلمات
(1)
.
فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار عن التخيير بينه، وبين أحد من الأنبياء بعينه، وأخبر بفضيلة لكل من ذكره منهم لم يكن لغيره.
فإن قال قائل: أفتجعل هذا مضادا الحديث المختار بن فلفل؟.
قلت: ليس هو عندي بمضاد له، لأن حديث المختار إنما هو عن أنس رضي الله عنه على أن إبراهيم خير البرية فلم يقصد في ذلك إلى أحد دون أحد. وفي الآثار الأخر تفضيل نبي على نبي، ففي تفضيل أحدهم بعينه على آخر بعينه منهم إزراء على المفضول، وليس في تفضيل رجل على الناس إزراء على أحد منهم، هذا يحتمل أن يكون هو المعنى حتى لا تتضاد هذه الآثار.
وقد يحتمل أن يكون الله عز وجل إطلع رسوله على أن إبراهيم عليه السلام خير البرية، ولم يطلعه على تفضيل بعض الأنبياء غيره على بعض. فوقف فيما لم يطلعه الله عز وجل عليه، وأمر بالوقف عنده، وأطلق الكلام فيما أطلعه الله عز وجل عليه
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن سلمة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1013) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 540 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة به.
24 - باب: إخصاء البهائم
6673 -
حدثنا أبو خالد يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تخصى الإبل والبقر والغنم والخيل، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنها يقول: منها نشأت الخلق، فلا تصلح الإناث إلا بالذكور
(1)
.
6674 -
حدثنا يزيد، قال ثنا عبد الله بن يوسف: قال ثنا عيسى بن يونس، عن عبد: الله بن نافع
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى هذا، فقالوا: لا يحل إخصاء شيء من الفحول، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، ويقول الله عز وجل:{فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:119] قالوا: وهو الإخصاء.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن نافع.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 225، وأحمد (4769) من طريق وكيع، عن عبد الله بن نافع به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن نافع.
وأخرجه ابن عدي 2/ 602 من طريق عيسى بن يونس عن عبد الله بن نافع به.
وأخرجه ابن عدي في الكامل 2/ 603، والبيهقي 1/ 24 من طريقين عن عيسى بن يونس، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع به.
(3)
قلت: أراد بهم: عكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان، ومجاهدا، والحسن البصري رحمهم الله، كما في النخب 23/ 24.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
فقالوا: ما خيف عضاضه
(2)
من البهائم، أو ما أريد شحمه منها فلا بأس بإخصائه، وقالوا: هذا الحديث الذي احتج به علينا مخالفنا إنما هو عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوف، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم. فذكروا ما
6675 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما
…
مثله
(3)
، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم
فصار أصل هذا الحديث إنما هو عن ابن عمر رضي الله عنهما لا عن النبي صلى الله عليه وسلم فأما ما ذكروا من قول الله عز وجل: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:119].
فقد قيل: في تأويله ما ذهبوا إليه، وقيل: إنه دين الله عز وجل. وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين موجوءين، وهما المرضوضان خصاهما، والمفعول به ذلك، فقد انقطع أن يكون له نسل، فلو كان إخصاؤهما مكروها لما ضحى بهما رسول
(1)
قلت: أراد بهم: محمد بن سيرين، وأيوب السختياني، وعروة بن الزبير، وعطاء بن أبي رباح في الأصح عنه، والثوري، والنخعي، وأبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 23/ 25.
(2)
بكسر العين مصدر كالمعاضة إذا عض كل واحد منهما صاحبه.
(3)
إسناده صحيح.
وهو في الموطأ 2/ 537، ومن طريقه رواه عبد الرزاق (8440).
الله صلى الله عليه وسلم لينتهي الناس عن ذلك، فلا يفعلونه، لأنهم متى علموا أن ما أخصي تجتنب أو تجافى، أحجموا عن ذلك، فلم يفعلوه.
ألا ترى! أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله، فيما روينا عنه في باب: ركوب البغال أنه أتي بعبد خصي ليشتريه. فقال: ما كنت لأعين على الإخصاء، فجعل ابتياعه إياه عونا على إخصائه، لأنه لولا من يبتاعه لأنه خصي لم يخصه من أخصاه، فكذلك إخصاء الغنم، وإخصاء البهائم لو كان مكروها لما ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قد أخصي منها، ولا يشبه إخصاء البهائم إخصاء بني آدم لأن إخصاء البهائم إنما يراد به ما ذكرنا من سمانتها، وقطع عضها، فذلك مباح وبنو آدم فإنما يراد بإخصائهم المعاصي فذلك غير مباح.
ولو كان ما روينا في أول هذا الباب صحيحا لاحتمل أن يكون أريد به الإخصاء الذي لا يبقى معه شيء من ذكور البهائم حتى تخصى، فذلك مكروه، لأن فيه انقطاع النسل. ألا تراه! يقول في ذلك الحديث منها نشأت الخلق، أي: فإذا فعل لم ينشأ شيء من ذلك الخلق، فذلك مكروه. فأما ما كان من الإخصاء الذي لا ينقطع منه نشء الخلق، فهو بخلاف ذلك.
وقد روي في إباحة إخصاء البهائم عن جماعة من المتقدمين
6676 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن عروة، أنه أخصى بغلا له
(1)
.
6677 -
حدثنا ابن أبي، عمران قال: ثنا عبيد الله بن عمر قال: ثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه
…
مثله
(2)
.
6678 -
حدثنا ابن أبي، عمران قال: ثنا عبيد الله، قال: ثنا سفيان، عن ابن طاوس أن أباه أخصى جملا له
(3)
.
6679 -
حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا عبيد الله، قال: ثنا سفيان، عن مالك بن مغول، عن عطاء، قال: لا بأس بإخصاء الفحل إذا خشي عضاضه
(4)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (8438) من طريق معمر، والثوري، عن هشام بن عروة به.
(2)
إسناده صحيح، وسفيان هو ابن عيينة.
(3)
إسناده صحيح.
(4)
إسناده صحيح.
25 - باب: كتابة العلم هل تصلح أم لا؟
6680 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه، عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة العلم، فلم يأذن له
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى كراهة كتابة العلم، ونهوا عن ذلك، واحتجوا فيه بما ذكرناه.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فلم يروا بكتابة العلم بأسا، وعارضوا ما احتج به عليهم مخالفوهم من الأثر الذي ذكرنا بما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
6681 -
حدثنا فهد قال: ثنا أبو غسان قال: ثنا شريك، عن المخارق عن طارق، قال: خطبنا علي رضي الله عنه فقال: ما عندنا من كتاب نقرؤه عليكم إلا كتاب الله، وهذه
(1)
إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وأخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاضل (ص 379)، والخطيب في تقييد العلم (ص 33) من طرق عن الحسين بن الحسن المروزي، عن سفيان بن عيينة به.
(2)
قلت: أراد بهم: إبراهيم النخعي، ومحمد بن سيرين، والقاسم، وعبيدة، والأوزاعي، والزهري رحمهم الله، كما في النخب 23/ 31.
(3)
قلت: أراد بهم: سعيد بن المسيب، والضحاك، وسعيد بن جبير، وعامر الشعبي، وصالح بن كيسان، وآخرين كثيرين رحمهم الله، كما في النخب 23/ 31.
الصحيفة يعني الصحيفة في دواته، أو قال: في غلاف سيف عليه أخذتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فرائض الصدقة
(1)
.
6682 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا عبيد الله بن موسى قال: أنا سفيان عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، قال: ليس عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب إلا كتاب الله عز وجل، وشيء في هذه الصحيفة: المدينة حرام ما بين عير إلى ثور
(2)
.
وفي الحديث غير هذا.
6683 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا الوهبي قال: ثنا ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن المغيرة بن حكيم، ومجاهد، أنهما سمعا أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو،
(1)
إسناده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله القاضي.
وأخرجه أحمد (782) من طريق هاشم بن القاسم، والبزار (513) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، كلاهما عن شريك بن عبد الله به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (1037)، والبخاري (1870، 3179)، ومسلم (1370)(468)، وأبو داود (2034)، والنسائي في الكبرى (4278)، وأبو يعلى (296)، وابن حبان (3717)، والبيهقي 5/ 196، والبغوي (2009) من طريق سفيان الثوري به.
فإني كنت أعي بقلبي، وكان يعي بقلبه، ويكتب بيده استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأذن له
(1)
.
6684 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب قال أخبرني عبد الرحمن بن سلمان، عن عقيل بن خالد، عن عمرو بن شعيب أن شعيبا حدثه، ومجاهد، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله! أكتب ما سمعت منك؟ قال: "نعم". قلت: عند الغضب والرضاء؟ قال: نعم إنه لا ينبغي لي أن أقول إلا حقا"
(2)
.
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وعمرو بن شعيب، إلا أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعن لكنه توبع، وقد حسن الحافظ هذا الإسناد في الفتح 1/ 207.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1665) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1515)، والبيهقي في المدخل (751)، والخطيب البغدادي في تقييد العلم (ص 82،83) من طريق أحمد بن خالد الوهبي به.
وأخرجه أحمد (9231)، والبيهقي (751)، والخطيب البغدادي (ص 83) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن سليمان الحجري.
وأخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن 2/ 131 من طريق ابن وهب به.
وأخرجه الحاكم 1/ 105 من طريق عقيل بن خالد به.
وأخرجه أحمد (6930)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (ص 89) من طريق ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده به.
6685 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال: وأخبرني، يعني عبد الرحمن بن سلمان، عن عقيل بن خالد، عن المغيرة بن حكيم أنه سمع من أبي هريرة رضي الله عنه
…
فذكر نحوا من ذلك
(1)
.
6686 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا ابن أبي مريم قال: أخبرني يحيى بن أيوب، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قلت يا رسول الله! إني أسمع منك أشياء أخاف أن أنساها، أفتأذن لي أن أكتبها؟ قال:"نعم"
(2)
.
ففي هذه الآثار الإباحة لكتابة العلم، وخلاف حديث أبي سعيد رضي الله عنه الذي ذكرناه في أول هذا الباب.
وهذا أولى بالنظر، لأن الله عز وجل قال في الدين:{وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} [البقرة: 282].
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن سلمان.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1664) بإسناده ومتنه.
وأخرجه العقيلي في الضعفاء 2/ 334 من طريق عبد الرحمن بن سليمان، عن عقيل بن خالد، عن المغيرة بن حكيم، عن أبي هريرة به.
وأخرجه الخطيب في تقييد العلم (ص 83 - 84) من طريق عبد الرحمن بن سليمان، عن عقيل بن خالد، عن عمرو بن شعيب، عن المغيرة بن حكيم، عن أبي هريرة به.
وأخرجه أحمد (9231) من طريق عمرو بن شعيب، عن مجاهد، والمغيرة، عن أبي هريرة به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني.
فلما أمر الله عز وجل بكتابة الدَّين خوف الريب، كان العلم الذي حفظه أصعب من حفظ الدين أحرى أن تباح كتابته، خوف الريب فيه والشك.
وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. وقد روي في ذلك أيضا من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق هذا
6687 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا حفص بن عمر العدني، قال: ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ناسا، من أهل الطائف أتوه بصحف من صحفه ليقرأها عليهم، فلما أخذها، لم ينطلق، فقال: إني لما ذهب بصري بلهت
(1)
، فاقرءوها عليّ، ولا يكن في أنفسكم من ذلك حرج، فإن قراءتكم علي كقراءتي عليكم
(2)
.
(1)
بكسر اللام من بله يبله بلاهة ومنه رجل أبله وهو الذي غلب عليه سلامة الصدر ومعنى بلهت هنا: تغيرت عما كنت فيه.
(2)
إسناده ضعيف لضعف حفص بن عمر بن ميمون العدني.
وأخرجه البيهقي في المدخل كما في النخب 40/ 23 من طريق حفص بن عمر به.
وأخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاضل (ص 429) من طريق ابن جريج، عن عكرمة به.
6688 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا ابن المبارك، قال: ثنا سليمان التيمي عن طاوس، قال: كان سعيد بن جبير يكتب عند ابن عباس رضي الله عنهما، فقيل له: إنهم يكتبون، فقال:"يكتبون، وكان أحسن شيء خلقا"
(1)
.
6689 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو الربيع الزهراني، قال: ثنا يعقوب القمي، قال: ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل، قال: كنا نأتي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فنسأله عن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكتبها
(2)
.
6690 -
حدثنا حسين، قال: ثنا، نعيم، قال: ثنا ابن المبارك، قال: أنا سليمان التيمي، عن ثابت عن أنس قال: ثنا محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك، قال أنس رضي الله عنه: فلقيت عتبان، فحدثني به، فأعجبني فقلت لابني: اكتبه، فكتبه
(3)
.
6691 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد (ح)
وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار قالا: ثنا سفيان، عن عمرو، عن وهب بن منبه، عن أخيه، سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: ليس أحد من
(1)
إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.
وأخرجه ابن أبي شيبة (26434) من طريق عثمان بن حكيم، والبيهقي في المدخل 2/ 149 من طريق جعفر، كلاهما عن سعيد بن جبير به.
(2)
إسناده ضعيف من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل.
وأخرجه البيهقي في المدخل 2/ 151 من طريق محمد بن علي السلمي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد.
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني ما خلا عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإنه كان يكتب ولا أكتب
(1)
.
6692 -
حدثنا يونس قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا شعيب بن إسحاق الدمشقي، عن عمران بن حدير عن بشير بن نهيك، قال: كنت آخذ الكتب من أبي هريرة فأكتبها، ذا فرغت قرأتها عليه، فأقول: الذي قرأته بها عليك، أسمعته منك؟، فيقول: نعم
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 4/ 356 من الوجه الثاني.
وأخرجه أحمد (7389)، والدارمي (483)، والبخاري (113)، والترمذي (2668، 3841)، والنسائي في الكبرى (5853)، وابن حبان (7152)، والرامهرمزي في المحدث الفاضل (328)، والبيهقي في المدخل (133، 748)، والخطيب البغدادي في تقييد العلم (ص (82) من طرق عن سفيان بن عيينة به.
(2)
رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (26432) عن وكيع، والدارمي (511) عن معاذ، كلاهما عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز، عن بشير بن نهيك به.
26 - باب الكي هل هو مكروه أم لا؟
6693 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله رضي الله عنه أن ناسا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بصاحب لهم، فسألوه: أنكويه؟ فسكت، فسألوه فسكت
(1)
، ثم سألوه فقال: "ارضفوه
(2)
أو حرقوه وكره ذلك"
(3)
.
6694 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر، فقالوا: إن صاحبا لنا مريض، ووصف له الكي، أفنكويه؟ فسكت، ثم عادوا فسكت، ثم قال لهم في الثالثة:"اكووه إن شئتم، وإن شئتم فارضفوه بالرضف"
(4)
.
قال أبو جعفر ومعنى هذا عندنا على الوعيد الذي ظاهره الأمر، وباطنه النهي، كما قال الله عز وجل:{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64] الآية، وكقوله {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40].
(1)
في ن "فسألوه، فسكت".
(2)
أي: كمّدوه بالرضف، وهو الحجر المحمي، قال الجوهري: الرضف: الحجارة المحماة يوغر بها اللبن واحدها رضفة.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (3701 م) 261/ 6، و النسائي في الكبرى (7557)، وابن حبان (6082) من طرق عن شعبة به.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (3701)، والشاشي (733)، والحاكم 4/ 416 من طريقين عن إسرائيل به.
6695 -
حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا أبو سعيد محمد بن أسعد التغلبي، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن كان في شيء مما تداوون به شفاء، ففي شرطة
(1)
محجم، أو شربة عسل، أو لذعة
(2)
نار، وما أحب أن أكتوي"
(3)
.
6696 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب بن جرير قال ثنا هشام بن حسان، عن الحسن، عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب". قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال "هم الذين لا يتطيرون
(4)
، ولا يكتوون، ولا يسترقون
(5)
، وعلى ربهم يتوكلون"
(6)
.
(1)
من شرط الحجام والمحجم قارورة الحجام.
(2)
أراد بها: الكي بالنار.
(3)
إسناده ضعيف لضعف محمد بن أسعد التغلبي.
وأخرجه العقيلي في الضعفاء 4/ 30، والطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار (795) من طرق عن محمد بن أسعد التغلبي به.
وأخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (410)، والحاكم في المستدرك 4/ 232 من طريق أسيد بن زيد، عن زهير به.
(4)
أي: لا يتشاءمون بشيء.
(5)
من الاسترقاء، وهو العوذة التي ترقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات، وكذلك الرقية.
(6)
إسناده منقطع، الحسن البصري لم يسمع من عمران.
وأخرجه أحمد (19913)، والبزار (3565)، وأبو عوانة 1/ 87، والطبراني في الكبير 18/ 380، وابن مندة في الإيمان (977) من طرق عن هشام بن حسان به.
6697 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: نهينا عن الكي
(1)
.
6698 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عمرو بن خالد قال: حدثنا ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي
(2)
.
فذهب قوم
(3)
إلى أن الكي مكروه، وأنه لا يجوز لأحد أن يفعله على حال من الأحوال، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
فقالوا: لا بأس بالكي لما علاجه الكي. وكان من الحجة لهم في ذلك.
(1)
إسناده منقطع كسابقه.
وأخرجه الترمذي (2049)، والطبراني 18/ 296 من طريق همام بن يحيى به.
وأخرجه أحمد (19831)، والبزار (3540)، والترمذي (2049)، وابن حبان (6081)، والطبراني 18/ 323، والحاكم 4/ 213 من طريق شعبة، عن قتادة به.
(2)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وأخرجه أحمد (17426)، والطبراني في الكبير 17/ 932، 933، 934 من طرق عن ابن لهيعة، عن الحارث، عن عبد الرحمن به.
وأخرجه أحمد (17427) عن الحسن، عن ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن عبد الرحمن بن جبير به. دون الكي.
(3)
قلت: أراد بهم: الشعبي، وأبا مجلز لاحق بن حميد، والحسن البصري، ومجاهدا رحمهم الله، كما في النخب 23/ 52.
(4)
قلت: أراد بهم: قتادة، ومحمد بن الحنفية، والحسن بن سعد، وعطاء بن السائب، والثوري، والنخعي، وأبا حنيفة، =
6699 -
ما حدثنا المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا محمد بن خازم، عن الأعمش، ربيع عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه قال: اشتكى
(1)
أبي بن كعب، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم طبيبا، فقطع منه عرقا، ثم كواه عليه
(2)
.
6700 -
حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا عياش الرقام، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب طبيبا، فقطع منه عرقا ثم كواه عليه
(3)
.
6701 -
حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه قال: اشتكى أبي بن كعب، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم طبيبا، فقد عرقه
(4)
الأكحل، وكواه عليه
(5)
.
= ومالكا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 23/ 52.
(1)
أي مرض.
(2)
إسناده حسن من أجل أبي سفيان طلحة بن نافع.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 70 - 71، وأحمد (14379)، ومسلم (2207)، وأبو داود (3864)، وأبو يعلى (2288)، والحاكم 4/ 214، والبيهقي 9/ 342 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم به.
(3)
إسناده حسن كسابقه، وهو مكرر سابقه.
(4)
أي: قطعه، والأكحل عرق في اليد يفصد
(5)
إسناده حسن كسابقه.
6702 -
حدثنا فهد قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: رمي سعد بن معاذ في أكحله فحسمه
(1)
رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده بمشقص
(2)
، ثم ورمت
(3)
، فحسمه الثانية
(4)
.
6703 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، أن أبي بن كعب أو سعدا رمي رمية في يده، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم طبيبا فكواه عليها
(5)
.
6704 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب، قال: ثنا الليث، عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، قال: رمي يوم الأحزاب سعد بن معاذ رضي الله عنه فقطعوا أكحله، فحسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنار، فانتفخت يده، فحسمه مرة أخرى
(6)
.
(1)
أي: قطع الدم عنه بالكي.
(2)
بكسر الميم، وهو نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض فإذا كان عريضا فهو المعبلة.
(3)
أي انتفخت.
(4)
إسناده صحيح على شرط مسلم وقد رواه عنه الليث بن سعد عند أحمد (14773) فأمن تدليسه.
وأخرجه مسلم (2208)(75) من طريق أحمد بن يونس به.
وأخرجه الطيالسي (1746)، وأحمد (14343)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (2745)، والحاكم 4/ 417، والبيهقي 9/ 342 من طرق عن زهير بن معاوية به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 63، وابن ماجة (3494)، وأبو يعلى (2158) من طريق سفيان الثوري، عن أبي الزبير.
(5)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
(6)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3579) بإسناده مطولا. =
6705 -
حدثنا فهد قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد قال: ثنا يزيد بن زريع، عن معمر عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن زرارة من شوكة
(1)
(2)
.
6706 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع
…
فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال من شوصة
(3)
(4)
.
6707 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عمرو بن مرزوق، قال: ثنا عمران، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال: كواني أبو طلحة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، فما نهيت عنه
(5)
.
= وأخرجه ابن سعد 3/ 429، والدارمي (2509)، وأحمد (14773)، والترمذي (1582)، والنسائي في الكبرى (7679)، وابن حبان (4784، 6083) من طرق عن الليث بن سعد به.
(1)
هي: حمرة تعلوا الوجه والجسد ويقال منه: شيك الرجل فهو مشوك، وكذا إذا دخل في جسمه شوكة.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الترمذي (2050)، وأبو يعلى (3582)، وابن حبان (6080)، والبيهقي 9/ 342 من طرق عن يزيد بن زريع به.
(3)
هي: وجع الضرس، وقيل: وجع في البطن من ريح ينعقد تحت الأضلاع.
(4)
إسناده صحيح
وأخرجه أبو يعلى (3582) من طريق محمد بن منهال به.
(5)
إسناده حسن من أجل عمران بن داور.
وأخرجه الحاكم 4/ 417 من طريق عمرو بن مرزوق به.
وأخرجه الطيالسي (2015)، وأحمد (12416) من طريق عمران به.
6708 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن يونس قال: ثنا زهير قال: ثنا أبو الزبير، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كوى رسول الله صلى الله عليه وسلم سعدا أو أسعد بن زرارة من الذبحة
(1)
في حلقه
(2)
.
ففي هذه الأخبار إباحة الكي للداء المذكور فيها، وفي الآثار الأول النهي عن الكي، فاحتمل أن يكون المعنى الذي كانت له الإباحة في هذه الآثار غير المعنى الذي كان له النهي في الآثار الأول، وذلك أن قوما كانوا يكتوون قبل نزول البلاء بهم يرون أن ذلك يمنع البلاء أن ينزل بهم كما يفعل الأعاجم.
فهذا مكروه لأنه ليس على طريق العلاج وهو شرك، لأنهم يفعلونه لدفع قدر الله عنهم، فأما ما كان بعد نزول البلاء، إنما يراد به الصلاح، والعلاج مباح مأمور به.
وقد بين ذلك جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في حديث رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
بضم الذال المعجمة وفتح الباء وقد تسكن وهو وجع يعرض في الحلق من الدم وقيل: هي قرحة تظهر فيه فينسد معها، وينقطع النفس فيقتل.
(2)
إسناده ضعيف، أبو الزبير محمد بن مسلم مدلس وقد عنعن.
وأخرجه أحمد (16618) من طريق حسن بن موسى، عن زهير به.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 610 عن الفضل بن دكين، عن زهير به دون ذكر "عن أبيه".
6709 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا عبد الرحمن بن سليمان، عن عاصم بن عمر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن يكن في شيء من أدويتكم هذه خير ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة نار، توافق داء، وما أحب أن أكتوي"
(1)
.
فإذا كان في هذا الحديث أن لذعة النار التي توافق الداء مباحة، والكي مكروه، وكانت اللذعة بالنار كية: ثبت أن الكي الذي يوافق الداء مباح، وأن الكي الذي لا يوافق الداء مكروه، ويحتمل أن يكون الكي منهيا عنه على ما في الآثار الأول، ثم أبيح بعد ذلك على ما في هذه الآثار الأخر.
6710 -
وذلك أن ابن أبي داود حدثنا، قال: ثنا خطاب بن عثمان، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن سليم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الكي، فقال:"لا تكتو". فقال: يا رسول الله! بلغ بي الجهد، ولا أجد بدا من أن أكتوي. قال: "ما شئت أما إنه ليس من جرح إلا
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 443، وأحمد (14701)، والبخاري (5683، 5702، 5704)، ومسلم (2205)(71)، وأبو يعلى (2100)، والبيهقي 9/ 341، والبغوي (3229) من طرق عن عبد الرحمن بن الغيسل به.
وهو آتي الله عز وجل يوم القيامة، يدمي، يشكو الألم الذي كان سببه، وإن جرح الكي يأتي يوم القيامة يذكر أن سببه كان من كراهة لقاء الله عز وجل ثم أمره أن يكتوي"
(1)
.
ففي هذا الحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكي وإباحته إياه بعد ذلك، فاحتمل أن يكون ما في الآثار الأول، كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال النهي المذكور في هذا الحديث.
وما كان من الإباحة في الآثار الأخر، كان عندما كانت منه الإباحة المذكورة في هذا الحديث، فتكون الإباحة ناسخة للنهي، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كوى سارقا بعدما قطعه.
6711 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا أبو بكر بن علي، قال: ثنا الحجاج بن أرطاة، عن مكحول، عن ابن محيريز، قال: قلت لفضالة بن عبيد: أمن السنة أن يقطع يد السارق، وتعلق في عنقه؟، فقال: نعم! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بسارق، فأمر به فقطعت يده، ثم حسمه، ثم علقها في عنقه
(2)
.
(1)
إسناده حسن، ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين مستقيمة، وسليمان بن سليم الشامي الحمصي.
وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (1391) من طريق محمد بن حميد، عن سليمان بن سليم به.
(2)
إسناده ضعيف، حجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعن، ولجهالة أبي بكر بن علي بن مقدم المقدمي.
وأخرجه النسائي 8/ 92، والبيهقي 8/ 275 من طريق عبد الله بن المبارك عن أبي بكر بن علي به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 134، وأحمد (23946)، وأبو داود (4411)، والترمذي (1447)، والنسائي 8/ 92، وابن ماجة (2587)، والطبراني 18/ (769)، وفي مسند الشاميين (2175)، والدارقطني 3/ 208، وأبو نعيم في الحلية 5/ 148، والبيهقي 8/ 275 من طرق عن عمر بن علي المقدمي، عن حجاج به.
6712 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا سفيان، عن يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل سرق شملة، فقال:"أسرقت؟ ما إخاله سرقت قال بلى يا رسول الله!، قال: "اذهبوا به فاقطعوه، ثم احسموه"، ثم قال: "تب إلى الله"
(1)
.
ففي هذا أيضا دليل على إباحة الكي الذي يراد به العلاج، لأنه دواء، وقد سأل الأعراب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ألا نتداوى؟، فكان جوابه لهم في ذلك ما
6713 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار قال: ثنا سفيان، قال: ثنا زياد بن علاقة قال: سمعت أسامة بن شريك رضي الله عنه يقول: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم والأعراب يسألونه، فقالوا: هل علينا جناح أن نتداوى؟، فقال:"تداووا عباد الله، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء، إلا الهرم"
(2)
.
(1)
إسناده مرسل.
وأخرجه عبد الرزاق (13583)، وأبو داود في المراسيل (244)، والدارقطني 4/ 98 (3139) من طرق عن سفيان به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحميدي (824)، وابن أبي شيبة 28، وابن ماجة (3436)، وابن حبان (6061)، والطبراني (469)، والحاكم 4/ 400 من طرق عن سفيان بن عيينة به.
6714 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب قال حدثني طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا أيها الناس تداووا، فإن الله عز وجل لم يخلق داء إلا خلق له شفاء إلا السام"، والسام: الموت
(1)
.
6715 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله"
(2)
.
فأباح لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتداووا، والكي مما كانوا يتداوون به. وقد اكتوى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بعده، فممن روي عنه في ذلك ما
6716 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل قال: ثنا سفيان، قال: ثنا ابن أبجر، عن أبي حمزة عن قيس بن أبي حازم، عن جرير، قال: أقسم على عمر لأكتوين
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف جدا، طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي متروك.
وأخرجه الطبراني (11337)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 2/ 86 عن ابن وهب.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (921) عن الفضل بن موسى، وعبد بن حميد (625) من طريق محمد بن عبيد، كلاهما عن طلحة بن عمرو به.
(2)
رجاله ثقات، إلا أن أبا الزبير لم يصرح بسماعه عن جابر.
وأخرجه أحمد (14597)، ومسلم (2204)، والنسائي في الكبرى (7556)، وأبو يعلى (2036)، وابن حبان (6063)، والحاكم 4/ 199 - 200، والبيهقي 9/ 343 من طرق عن ابن وهب به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.
وأخرجه ابن أبي شيبة (23609) عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن عبد الملك بن أبجر، عن سيار، عن قيس، عن جرير به.
6717 -
حدثنا فهد قال: ثنا أحمد بن يونس قال: ثنا زهير قال: ثنا أبو الزبير، قال: رأيت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما اكتوى من اللقوة في أصل أذنيه
(1)
.
6718 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا زهير قال: ثنا موسى بن عقبة، عن نافع، أن ابن عمر رضي الله عنهما اكتوى من اللقوة
(2)
.
6719 -
حدثنا شعيب بن إسحاق بن يحيى، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: ثنا أبو حنيفة، عن نافع، أن ابن عمر رضي الله عنهما اكتوى من اللقوة، ورقي من العقرب
(3)
.
6720 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني مالك، عن نافع عن ابن عمر
…
رضي الله عنه مثله
(4)
.
6721 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب قال دخلت على خباب رضي الله عنه، وقد اكتوى
(5)
.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (23538) من طريق عبيد الله، عن نافع به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي في السنن 9/ 343 من طريق عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر عن نافع به.
(4)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك 2/ 533.
(5)
إسناده صحيح.
6722 -
حدثنا محمد بن حميد قال: ثنا على بن معبد، قال: ثنا موسى بن أعين، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم، عن خباب رضي الله عنه، أنه أتاه يعوده، وقد اكتوى سبعا في بطنه
(1)
.
6723 -
حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا وهب عن أبيه قال: سمعت حميدا، قال ابن مرزوق أظنه عن مطرف، قال: قال لي عمران بن حصين رضي الله عنه: أشعرت أنه كان يسلم علي، فلما اكتويت انقطع عني التسليم
(2)
.
فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اكتووا، وكووا غيرهم، وفيهم ابن عمر، وقد روينا عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أحب أن أكتوي.
فدلّ فعله ذلك على ثبوت نسخ ما كان النبي صلى الله عليه وسلم كرهه من ذلك. وفيهم عمران بن حصين وهو الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مدحه للذين لا يكتوون.
(1)
إسناده صحيح، محمد بن حميد بن هشام بن حميد الرعيني ترجم له ابن يونس في تاريخه 1/ 443 وقال: كان ثقة وأخرجه ابن أبي شيبة (23607) عن وكيع عن إسرائيل، عن قيس بن أبي حازم به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد في الزهد (805) من طريق ابن وهب به.
وأخرجه الطيالسي (827)، وأحمد (19833)، ومسلم (1226)(167)، وابن حبان (3938) من طريق شعبة، عن حميد بن هلال به.
فدل ذلك أيضا على علمه بإباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك. فإن قال قائل: فكيف يكون ذلك وقد روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه؟ فذكر ما
6724 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أبو جابر، قال: ثنا عمران بن حدير، عن أبي مجلز قال: كان عمران بن حصين رضي الله عنه ينهى عن الكي فابتلي، فكان يقول: لقد اكتويت كية بنار، فما أبرأتني من إثم، ولا شفتني من سقم
(1)
.
قيل له: قد يجوز أن يكون الكي الذي كان عمران رضي الله عنه ينهى عنه هو الكي يراد به، لا العلاج من البلاء الذي قد حل، ولكن لما يفعل قبل حلول البلاء مما كانوا يرون أنه يدفع البلاء، فلما ابتلي بما كان ابتلي به اكتوى على أن ذلك كان علاجا لما به من البلاء، فلما لم يبرأ بذلك علم أن كيه لم يوافق بلاه، ولم يكن علاجا له، فأشفق أن يكون بها آثما فقال: ما شفتني من سقم، ولا أبرأتني من إثم. أي: لم أعلم أني بريء من الإثم مع أنه لم يحقق أنه صار آثما بها، لأنه إنما كان أراد بها الدواء لا غير ذلك، والدواء مباح للناس جميعا، وهم مأمورون به. وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار تنهى عن التمائم.
فمما روي في ذلك ما
6725 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن أم قيس بنت محصن رضي الله عنها قالت: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن
(1)
إسناده فيه محمد بن عبد الملك الأزدي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم كما في الجرح: ليس بقوي، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (23616) من طريق يزيد بن هارون، عن عمران بن حدير به.
لي، وقد أعلقت
(1)
عليه من العذرة
(2)
، فقال: "علام تدغرن
(3)
أولادكن بهذا العلاق
(4)
؟ عليكن بهذا العود الهندي
(5)
، فإن فيه سبعة أشفية، منها ذات الجنب، يسعط من العذرة، ويلدّ من ذات الجنب".
(6)
.
فقد يحتمل أن يكون ذلك العلاق كان مكروها في نفسه، لأنه كتب فيه ما لا يحل كتابته، فكرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك لا لغيره. وقد روي في ذلك أيضا ما
(1)
من الإعلاق، وهو معالجة عذرة الصبي، وحقيقة ذلك أعلقت عنه، أي أزلقت العلوق وهي: الداهية.
(2)
بضم العين: وجع في الحلق يهيج من الدم، وقيل: هي قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق تعرض للصبيان عند طلوع العذرة فتعمد المرأة إلى خرقة فتفتلها فتلا شديدا وتدخلها في أنفه فتطعن ذلك الموضع فينفجر منه دم الأسود، وربما أقرحه، وذلك الطعن سمي الدغر، يقال: عذرت المرأة الصبي إذا غمزت حلقه من العذرة أو فعلت به ذلك.
(3)
أي: على ما تغمزن حلق الصبي بأصابعكن، والدغر هو: غمز حلق الصبي بالأصبع وكبسه.
(4)
المراد به: ما يعلق على الصغير من تميمة وهي الخرزة التي تعلق على الصغير لدفع عين أو مرض أو نحو ذلك، أو رقعه مكتوب فيها أشياء من الأسامي وغيرها.
(5)
هو القسط البحري، وقيل: العود الذي يتبخر به.
(6)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1936) بإسناده ومتنه.
وأخرجه عبد الرزاق (1486)، والحميدي (344)، وابن أبي شيبة 8/ 8، وأحمد (26997)، والبخاري (5692، 5693)، ومسلم 4/ 1734، وأبو داود (3877)، والنسائي في الكبرى (7583)، وابن ماجة (3462)، والطبراني في الكبير 25/ 435، والبيهقي 4657، والبغوي (3238) من طرق عن سفيان بن عيينة به.
6726 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال أخبرني يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن بكر بن سوادة، عن رجل من صداء، قال: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رجلا، فبايعناه، وترك رجلا منا لم يبايعه فقلنا بايعه يا نبي الله! فقال:"لن أبايعه حتى ينزع الذي عليه إنه من كان منا مثل الذي عليه كان مشركا ما كانت عليه"
(1)
. فنظرنا فإذا في عضده سير من لحاء
(2)
شجرة أو شيء من الشجرة.
6727 -
حدثنا إبراهيم بن منقذ قال: ثنا المقرئ، عن حيوة، قال: أخبرني خالد بن عبيد، قال سمعت مشرح بن هاعان، يقول: سمعت عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة
(3)
، فلا أودع
(4)
الله له"
(5)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف عبيد الله بن زحر.
وأخرجه ابن وهب في الجامع (666) من طريق يحيى بن أيوب به.
(2)
بكسر اللام وبالمد، أي: قشر شجرة يقال: لحوت الشجرة ولحيتها وهو: قشرها.
(3)
شيء أبيض يجلب من البحر يعلق في طوق الصبيان ونحرهم.
(4)
أي: لا خفف الله عنه ما يخافه.
(5)
إسناده ضعيف لجهالة خالد بن عبيد المعافري.
وأخرجه أحمد (17404)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص 289)، وابن عبد البر في التمهيد 17/ 162 من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقري به.
وأخرجه ابن عبد الحكم (ص 289)، وأبو يعلى (1759)، والدولابي في الكنى 2/ 115، وابن حبان (6086)، والطبراني في الكبير 17/ 820، والحاكم 4/ 216، 417، والبيهقي 9/ 350، وابن عبد البر 17/ 162 من طرق عن حيوة بن شريح به.
6728 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، أن أبا بشير الأنصاري أخبره أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، قال عبد الله بن أبي بكر: حسبت أنه قال: والناس في مبيتهم، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا: ألا لا يبقين في عنق بعير قلادة، ولا وتر
(1)
، إلا قطعت". قال مالك: أرى أن ذلك من العين
(2)
.
فكان ذلك عندنا - والله أعلم -، ما علق قبل نزول البلاء ليدفع نزول البلاء، وذلك ما لا يستطيعه غير الله عز وجل، فنهى عن ذلك لأنه شرك.
فأما ما كان بعد نزول البلاء، فلا بأس، لأنه علاج. وقد روي هذا الكلام بعينه عن عائشة رضي الله عنها.
(1)
وتر القوس، نهاهم عن ذلك لأنهم كانوا يعتقدون أن تقليد الدواب بالأوتار يدفع عنها العين والأذى.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (324) بإسناده ومتنه.
وهو في موطأ مالك 2/ 526، ومن طريقه أخرجه ابن أبي شيبة 12/ 484، وأحمد (21887)، والبخاري (3005)، ومسلم (2115)، وأبو داود (2552)، والنسائي في الكبرى (8808)، وابن حبان (4698)، والطبراني 22/ 750، والبيهقي 5/ 254، والبغوي (2679).
6729 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث، وابن لهيعة، عن بكير بن الأشج، عن القاسم بن محمد، أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ليست بتميمة ما علق بعد أن يقع البلاء
(1)
.
6730 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، عن عبد الله بن المبارك، عن طلحة بن أبي سعيد، أو سعد، عن بكير
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
فقد يحتمل أيضا أن يكون الكي نهي عنه إذا فعل قبل نزول البلاء، وأبيح إذا فعل بعد نزول البلاء، لأن ما فعل بعد نزول البلاء فإنما هو علاج.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العلاج ما قد ذكرناه في هذا الباب. وروي عنه أيضا ما
(1)
إسناده ضعيف للانقطاع بين بكير بن عبد الله الأشج، وبين القاسم بن مطر، بينهما عبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن لهيعة متابع.
وأخرجه ابن وهب في جامعه (675)، من طريق ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج به.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (7507)، والبيهقي 9/ 350 من طرق عن يحيى بن نصر، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث وحده به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (7506، 8291)، والبيهقي 9/ 350، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 137 من طرق عن عبد الله بن المبارك به.
6731 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا الفريابي قال: ثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، فعليكم بألبان البقر، فإنها ترم
(1)
من كل الشجر"
(2)
.
6732 -
حدثنا إبراهيم بن محمد بن يونس قال: ثنا المقرئ، قال: ثنا أبو حنيفة
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
وقد كره قوم
(4)
الرقى، واحتجوا في ذلك بحديث عمران بن حصين رضي الله عنه الذي ذكرناه في الفصل الأول.
(1)
أي: فإنها تأكل من رم يرم، من باب نصر ينصر.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان (6075) من طريق محمد بن يوسف الفريابي به.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في الجعديات (2165) من طريق حميد بن زنجويه، عن الفريابي به موقوفا.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في الجعديات أيضا (2165) من طريق محمد بن كثير، عن سفيان الثوري به، مرفوعا.
وأخرجه الطيالسي (368)، وأبو القاسم البغوي (2164، 2166)، والنسائي في الكبرى (6865)، والحاكم 4/ 196، 197، والخطيب في التاريخ 7/ 356، وابن عبد البر في التمهيد 5/ 285، والبيهقي 9/ 345 من طرق عن قيس بن مسلم به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطبراني كما في النخب 23/ 97 من طريق المقري به.
(4)
قلت: أراد بهم: الشعبي، وقتادة، وسعيد بن جبير، وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 23/ 98.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فلم يروا بها بأسا. واحتجوا في ذلك
6733 -
بما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه رخص في رقية الحية والعقرب
(2)
.
ففي هذا الحديث الرخصة في رقية الحية والعقرب، والرخصة لا تكون إلا بعد النهي، فدل ذلك على أن ما أبيح من ذلك منسوخ من النهي عنه في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمر بالرقية للذعة العقرب، ما
6734 -
حدثنا محمد بن سليمان الباغندي، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا ملازم بن عمرو، قال: ثنا عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق عن أبيه قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدغتني عقرب، فجعل يمسحها ويرقيه
(3)
.
(1)
قلت: أراد بهم: الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والزهري، والثوري، والأئمة الأربعة، وآخرين كثيرين رحمهم الله، كما في النخب 23/ 99.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن ماجة (3517)، وابن حبان (6101)، وأبو الشيخ في تاريخ أصبهان 1/ 312، وفي طبقات المحدثين بأصبهان (949) من طريق أبي الأحوص به.
وأخرجه الطيالسي (1395)، عن أبي عوانة، وأحمد (24018)، ومسلم (2193)(53) من طريق هشيم، كلاهما عن مغيرة به.
(3)
إسناده حسن من أجل قيس بن طلق.
وأخرجه أحمد (16298)، والحاكم 4/ 416 من طريق علي بن عبد الله، عن ملازم بن عمرو به.
6735 -
حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: ثنا ملازم
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
6736 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: لدغت رجلا منا عقرب عند النبي صلى الله عليه وسلم. فقال رجل: يا رسول الله! أرقيه؟ فقال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"
(2)
.
6737 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب، قال: ثنا الليث، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه
…
نحوه
(3)
.
ففي حديث جابر ما يدل على أن كل رقية يكون فيها منفعة فهي مباحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل".
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحة الرقية من النملة
(1)
إسناده حسن كسابقه.
وأخرجه ابن حبان (6093) من طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب به.
وأخرجه الطبراني في الكبير (8244)، والحاكم 4/ 416 من طريق ملازم به.
(2)
إسناده صحيح، وقد صرح بالتحديث ابن جريج وأبو الزبير عند أحمد وابن حبان.
وأخرجه ابن حبان (532) من طريق أبي عاصم به.
وأخرجه أحمد (15102)، ومسلم (2199)(61)، والبيهقي 9/ 348 من طرق عن ابن جريج به.
(3)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد (14584)، والنسائي في الكبرى (7540) من طرق عن الليث بن سعد به.
6738 -
حدثنا فهد، قال: ثنا ابن الأصبهاني: قال: ثنا أبو معاوية، عن عبد العزيز بن عمر، عن صالح بن كيسان، عن أبي بكر بن أبي حثمة، عن الشفاء امرأة، وكانت بنت عم لعمر قالت: كنت عند حفصة رضي الله عنها، فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ألا تعلميها رقية النملة كما علمتيها الكتابة؟ "
(1)
.
6739 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عامر قال: ثنا سفيان عن محمد بن المنكدر، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، عن حفصة رضي الله عنها، أن امرأة من قريش يقال لها: الشفاء كانت ترقي من النملة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"علميها حفصة"
(2)
.
ففي هذا الحديث إباحة الرقية من النملة فاحتمل أن يكون ذلك كان بعد النهي، فيكون ناسخا للنهي، أو يكون النهي بعده، فيكون ناسخا له.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحة الرقية من الجنون ما
6740 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا المقدمي قال: ثنا فضيل بن سليمان، عن محمد بن زيد عن عمير مولى آبي اللحم قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم رقية، كنت
(1)
رجاله ثقات.
وأخرجه البيهقي في السنن 9/ 349 من طريق أبي معاوية به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 38، وأبو داود (3887)، والنسائي في الكبرى (7543)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3177)، والطبراني في الكبير 24 / (790) من طريق محمد بن بشر، عن عبد العزيز به.
(2)
رجاله ثقات، أبو بكر بن أبي حثمة في سماعه من حفصة نظر.
وأخرجه أحمد (26449)، والنسائي في الكبرى (7500) من طريقين عن سفيان الثوري به.
أرقي بها من الجنون، فأمرني ببعضها، ونهاني عن بعضها، وكنت أرقي بالذي أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
فهذا يحتمل أيضا ما ذكرنا فيما روي في الرقية من النملة. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين ما
6741 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن معبد بن خالد، قال: سمعت عبد الله بن شداد، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أمرني رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم أن أسترقي من العين
(2)
.
6742 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل قال: ثنا سفيان عن معبد، عن عبد الله بن شداد، عن عائشة، رضي الله عنها، مثله. أو قال قال عبد الله بن شداد: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها أن تسترقي من العين
(3)
.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل فضيل بن سليمان النميري.
وأخرجه الطبراني في الكبير 17/ 68 (134) من طريق عبد الرحمن بن زياد عن محمد بن زيد به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2903) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (7494) من طريق عمرو بن منصور عن أبي نعيم به.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (1589)، وأحمد (24345)، والبخاري (5738)، ومسلم (2195)(56)، والنسائي في الكبرى (7536)، وابن ماجة (3152)، والحاكم 4/ 412، والبيهقي في السنن 9/ 347 من طرق عن سفيان الثوري به.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.
6743 -
حدثنا علي بن عبد الرحمن قال: ثنا يحيى بن معين قال: ثنا عبد الرزاق بن همام، عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت عميس:"ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة نحيفة؟ أتصيبهم الحاجة؟ " قالت لا ولكن العين تسرع إليهم، أفأرقيهم؟، قال:"بماذا؟ " فعرضت عليه كلاما لا بأس به فقال: "أرقيهم"
(1)
.
6744 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان وأحمد بن يونس قالا: ثنا زهير قال: ثنا ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن عبد الله بن باباه عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها، قالت: قلت يا رسول الله إن العين تسرع إلى بني، جعفر، فأسترقي لهم؟ قال:"نعم، فلو أن شيئا يسبق القدر لقلت: إن العين تسبقه"
(2)
.
فهذا يحتمل ما ذكرنا في رقية النملة والجنون. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا الرخصة في الرقية من كل ذي حمة.
(1)
إسناده صحيح، وقد صرح ابن جريج وأبو الزبير بالتحديث عند أحمد وغيره.
وأخرجه أحمد (14573)، ومسلم (2198)، والبيهقي 9/ 348 من طرق عن ابن جريج به.
(2)
إسناده ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.
وأخرجه الطبراني في الكبير 24/ 377 من طريق محمد بن إسحاق به.
6745 -
حدثنا محمد بن عمرو قال: ثنا أسباط بن محمد، عن الشيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من كل ذي حمة
(1)
(2)
.
6746 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الشيباني
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
فهذا فيه دليل على أنه كان بعد النهي، لأن الرخصة لا تكون إلا من شيء محظور.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إباحة الرقى كلها ما لم تكن شرك ما
6747 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قال: كنا
(1)
بضم الحاء وفتح الميم المخففة، هو: السم، وقد تشدد الميم.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (1004)، وأحمد (24326) من طريق أسباط به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 34، والبخاري (5741)، ومسلم (2193)، والنسائي في الكبرى (7497)، وأبو يعلى (4909، 4938)، والبيهقي في السنن 9/ 347 من طرق عن الشيباني به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (1005)، وأحمد (25571)، والنسائي في الكبرى (7539) من طرق عن سفيان الثوري به.
نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله! كنا نرقي في الجاهلية فما ترى في ذلك؟. قال: "اعرضوا علي رقاكم، فلا بأس بالرقى ما لم يكن شرك"
(1)
.
فهذا يحتمل أيضا ما احتمله ما روينا قبله، فاحتجنا أن نعلم هل هذه الإباحة للرقى متأخرة لما روي في النهي عنها، أو ما روي في النهي عنها متأخرا عنها، فيكون ناسخا لها؟ فنظرنا في ذلك.
6748 -
فإذا ربيع المؤذن حدثنا، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه، أن عمرو بن حزم دعي لامرأة بالمدينة لدغتها حية ليرقيها فأبى، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال عمرو: يا رسول الله! إنك تزجر عن الرقى، فقال:"اقرأها عليّ" فقرأها عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا بأس بها إنما هي مواثيق
(2)
، فارق بها"
(3)
.
6749 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه قال: لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه الطبراني 18/ 88 من طريق عبد الله بن صالح به.
وأخرجه مسلم (2200)، وأبو داود (3886)، وابن حبان (6094)، والبيهقي 9/ 349 من طرق عن عبد الله بن وهب به.
(2)
أي: عهود، وهو: جمع ميثاق.
(3)
حديث صحيح، وإسناده ضعيف من أجل عبد الله بن لهيعة، ولتدليس أبي الزبير المكي.
وأخرجه أحمد (15235) من طريق حسن، عن ابن لهيعة به.
أتاه خالي فقال: يا رسول الله! إنك نهيت عن الرقى وأنا أرقي من العقرب، قال:"من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"
(1)
.
6750 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا يحيى بن حماد، قال: ثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه قال: كان أهل بيت من الأنصار يرقون من الحية، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، فأتاه رجل، فقال: يا رسول الله! إني كنت أرقي من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل" قال: وأتاه رجل كان يرقي من الحية، فقال:"اعرضها علي" فعرضها عليه، فقال: لا بأس بها إنما هي مواثيق"
(2)
.
فثبت بما ذكرنا أن ما روي في إباحة الرقى ناسخ لما روي في النهي عنها، ثم أردنا أن ننظر في تلك الرقى كيف هي؟ فإذا عوف بن مالك حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا، أنه لا بأس بها ما لم تكن شركا.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا
(1)
إسناده حسن من أجل طلحة بن نافع أبي سفيان.
وأخرجه أحمد (14231)، ومسلم (2199)(62) من طريق وكيع به
وأخرجه عبد بن حميد (1026)، ومسلم (2199)(62)، وابن ماجة (3515)، وأبو يعلى (1913، 1914، 2006، 2007)، وابن حبان (6091، 6097)، والحاكم 4/ 328 من طرق عن الأعمش به.
(2)
إسناده حسن من أجل طلحة بن نافع أبي سفيان.
وأخرجه أبو عوانة في الطب كما في الإتحاف 3/ 174 من طريق بكار بن قتيبة به.
6751 -
ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الحماني قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا عثمان بن حكيم، قال حدثتني الرباب قالت سمعت سهل بن حنيف رضي الله عنه يقول: مررنا بسيل، فدخلنا، نغتسل فخرجت منه وأنا محموم، فنمي
(1)
ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مروا أبا ثابت فليتعوذ"، فقلت: يا سيدي! إن الرقى صالحة؟ فقال: "لا رقية إلا من ثلاثة: من النظرة، والحمة، واللدغة"
(2)
.
فاحتمل أن يكون ما أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرقى هو التعوذ، فأما قول سهل: لا رقية إلا من ثلاثة، فيحتمل أن يكون علم ذلك من إباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نهيه المتقدم، ولم يعلم ما سوى ذلك مما روينا عن غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيه
6752 -
حدثنا محمد بن علي بن داود، قال: ثنا عفان قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا عبد العزيز بن صهيب قال: ثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتكيت يا محمد؟ قال: "نعم! "، قال: "بسم
(1)
من نميت الحديث إذا بلغته على وجه الإصلاح وطلب الخير.
(2)
إسناده حسن من أجل الرباب جدة عثمان بن حكيم وهي توبعت فيها.
وأخرجه أحمد (15978)، وأبو داود (3888)، والنسائي في الكبرى (10873)، والطبراني في الكبير (5615)، والحاكم 4/ 413 من طرق عن عبد الواحد بن زياد به.
الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل ذي نفس، وعين الله يشفيك، بسم الله أرقيك"
(1)
.
6753 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال ثنا معاوية بن صالح، عن أزهر بن سعيد، عن عبد الرحمن بن السائب ابن أخي ميمونة قال: إن ميمونة رضي الله عنها قالت له: ألا أرقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى قالت: "بسم الله أرقيك، والله يشفيك من كل داء فيك، أذهبِ
(2)
البأس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شافيَ إلا أنت"
(3)
.
فهذا وما أشبهه من الرقى فلا بأس به، وقد دل على ذلك أيضا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عوف:"لا بأس بالرقى ما لم يكن شركا".
فدل ذلك أن كل رقية لا شرك فيها فليست بمكروهة والله أعلم.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (11534) من طريق عفان به.
وأخرجه أحمد (11225)، ومسلم (2186)، والترمذي (972)، والنسائي في الكبرى (7660، 1005)، وابن ماجة (3523)، وأبو يعلى (1066)، والطبراني في الدعاء (1092) من طرق عن عبد الوارث به.
(2)
أمر من الإذهاب والبأس: الشدة والألم.
(3)
إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن السائب، وأزهر بن سعيد.
وأخرجه أحمد (26821)، والنسائي في الكبرى (10860)، وابن حبان (6095)، والطبراني في الكبير 23/ (1061)، وفي الأوسط (3318)، وفي الدعاء (1105)، وفي الشاميين (2049) من طريقين معاوية بن صالح به.
27 - باب الحديث بعد العشاء الآخرة
6754 -
حدثنا عبد الغني بن رفاعة اللخمي قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن سيار بن سلامة، قال: دخلت مع أبي على أبي برزة رضي الله عنه فسمعته يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء الآخرة، والحديث بعدها
(1)
.
6755 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن سيار
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
فقالوا: أما الكلام الذي ليس بقربة إلى الله عز وجل، وإن كان ليس بمعصية فهو مكروه [وأما الكلام الذي هو قربة إلى الله تعالى فهو
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4022) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (19811)، والبخاري (771،541)، ومسلم (647)، وأبو داود (398)، والنسائي 1/ 246 من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4023) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (19800)، ومسلم (647)(237) من طريقين عن حماد بن سلمة به.
(3)
قلت: أراد بهم: سعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وشقيق بن سلمة رحمهم الله، كما في النخب 23/ 122.
(4)
قلت: أراد بهم: ابن أبي ليلى، والقاسم، وعمر بن عبد العزيز، ومحمد بن سيرين، وعكرمة، ومجاهدا، وعروة بن =
غير مكروه]
(1)
حينئذ لأنه يستحب للرجل أن ينام على قربة، وخير، وفضل يختم به عمله. فأفضل الأشياء له أن ينام على الصلاة، فتكون هي آخر عمله. واحتجوا في إباحة الحديث بعد العشاء.
6756 -
بما حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا وهيب، عن عطاء بن السائب، عن أبي وائل، قال: قال: ثنا عبد الله (ح)
وحدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا هدبة بن خالد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال: حبب
(2)
إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم السمر بعد صلاة العتمة، وقال مسلم: بعد صلاة العشاء
(3)
.
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبب
(4)
لهم السمر بعد العشاء الآخرة، وفي الحديث الأول أنه كان يكره ذلك، فوجههما عندنا - والله أعلم - أنه
= الزبير، وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 23/ 123.
(1)
من ن.
(2)
في س "جذب" أي: مدّ.
(3)
إسناده ضعيف من الوجه الأول، وصحيح من الوجه الثاني، فإن وهيب بن خالد سمع من عطاء بن السائب بعد الاختلاط، وحماد بن سلمة سمع منه قبل الاختلاط.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 279، وأحمد (3686)، وابن ماجة (703)، وابن خزيمة (1340)، وابن حبان (2031)، والبيهقي 1/ 452 من طرق عن عطاء بن السائب به.
(4)
في الأصول "حدب".
كره لهم من السمر ما ليس بقربة، وحبب
(1)
لهم ما هو قربة على المعنى الذي ذكرناه عن أهل المقالة الثانية المذكورة في هذا الباب وقد
6757 -
حدثنا إبراهيم بن محمد الصيرفي، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: ربما سمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر ذات ليلة في الأمر يكون من أمر المسلمين
(2)
.
فبين هذا الحديث سمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يسمره، وأنه في أمور المسلمين، فذلك من أعظم الطاعات، فدل ذلك أن السمر المنهي عنه خلاف هذا.
وقد روي في ذلك أيضا عن عمر رضي الله عنه ما
6758 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه قال: حبب
(3)
إلينا عمر السمر بعد العشاء الآخرة
(4)
.
ففي هذا الحديث أن عمر حبب إليهم السمر بعد العشاء الآخرة، ولم يبين لنا في هذا الحديث أي سمر ذلك فنظرنا في ذلك
(1)
في الأصول "حدب".
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (6689) عن أبي معاوية به.
(3)
في س "جذب"، وفي د خد "حدب".
(4)
إسناده صحيح.
6759 -
فإذا سليمان بن شعيب قد حدثنا، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة عن الجريري، قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد مولى الأنصار قال: كان عمر رضي الله عنه لا يدع سامرا بعد العشاء الآخرة، يقول: ارجعوا، لعل الله يرزقكم صلاة أو تهجدا، فانتهى إلينا، وأنا قاعد مع ابن مسعود وأبي بن كعب، وأبي ذر رضي الله عنهم فقال: ما يقعدكم؟ قلنا: أردنا أن نذكر الله فقعد معهم
(1)
.
فهذا عمر رضي الله عنه، قد كان ينهاهم عن السمر بعد العشاء، ليرجعوا إلى بيوتهم ليصلوا، أو ليناموا نوما، ثم يقومون لصلاة يكونون بذلك متهجدين. فلما سألهم: ما الذي أقعدهم؟ فأخبروه أنه ذكر الله لم ينكر ذلك عليهم وقعد معهم، لأن ما كان يقيمهم له هو الذي هم قعود له، فثبت بذلك أن السمر الذي في حديث أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر رضي الله عنه، جذباه إليهم، هو الذي فيه قربة إلى الله عز وجل، والمنهي عنه في حديث أبي برزة رضي الله عنه هو: ما لا قربة فيه لتستوي معاني هذه الآثار فتتفق ولا تتضاد.
وقد روينا عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة رضي الله عنهما أنهما سمرا إلى طلوع الثريا، فذلك عندنا على السمر الذي هو قربة إلى الله عز وجل، وقد ذكرنا ذلك الحديث بإسناده فيما تقدم من كتابنا هذا.
(1)
إسناده صحيح.
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أيضا من طريق ليس مثله يثبت أنها قالت: "لا سمر إلا لمصل، أو مسافر"، فذلك عندنا إن ثبت عنها غير مخالف لما رويناه، وذلك أن المسافر يحتاج إلى ما يدفع النوم عنه ليسير، فأبيح بذلك السمر وإن كان ليس بقربة ما لم تكن معصية لاحتياجه إلى ذلك. فهذا معنى قولها: لا سمر إلا لمسافر. وأما قولها: أو مصل، فمعناه عندنا على المصلي بعدما يسمر، فيكون نومه إذا نام بعد ذلك على الصلاة لا على السمر، فقد عاد هذا المعنى إلى المعنى الذي صرفنا إليه معاني الآثار الأول، والله أعلم.
28 - باب: نظر العبد إلى شعور الحرائر
6760 -
حدثنا المزني، قال: ثنا الشافعي، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن نبهان مولى أم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان لإحداكن مكاتب، وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه". قال سفيان: سمعته من الزهري، وثبتنيه معمر
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
من أهل المدينة إلى أن العبد لا بأس أن ينظر إلى شعور مولاته ووجهها، وإلى ما ينظر إليه ذو محرمها منها واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا: في قول النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: "فلتحتجب منه" دليل على أنها قد كانت قبل ذلك غير محتجبة منه: وقالوا: قد روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعمل به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بعده. فذكروا في ذلك.
(1)
إسناده حسن من أجل نبهان مولى أم سلمة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (298) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الشافعي في السنن (600)، والحميدي (289)، وأحمد (26473)، وأبو داود (3928)، والترمذي (1261)، والنسائي في الكبرى (9228)، وابن ماجة (2520)، والطبراني في الكبير 23 / (955)، والبيهقي 10/ 327 من طريق سفيان بن عيينة به.
(2)
قلت: أراد بهم: عمرو بن شعيب، ويزيد بن عبد الله بن قسيط المدني، والقاسم بن محمد، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن رافع، وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية رحمهم الله، كما في النخب 23/ 134.
6761 -
ما حدثنا فهد قال: ثنا ابن الأصبهاني، قال: أنا شريك، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا بأس أن ينظر العبد إلى شعر مولاته
(1)
.
6762 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني ميمون بن يحيى من آل الأشج، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، ويزيد بن عبد الله، وعمرة بنت عبد الرحمن أنهم قالوا: لو أن امرأة جلست عند عبد زوجها بغير خمار لم يكن بذلك بأسا
(2)
.
قال بكير وأخبرني عبد الرحمن بن القاسم، أن أسماء بنت عبد الرحمن كانت تجلس عند عبيد القاسم وهو زوجها بغير خمار.
قال بكير: عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: "كانت عائشة رضي الله عنها يراها العبيد لغيرها".
قال بكير: قالت أم علقمة مولاة عائشة رضي الله عنها: قد كانت عائشة رضي الله عنها يدخل عليها عبيد المسلمين، قالت أم علقمة: وإن كان عبيد الناس ليرون عائشة رضي الله عنها بعد أن يحتلم أحدهم وإنها لتمتشط.
(1)
إسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله النخعي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (17270) من طريق شريك به.
(2)
رجاله ثقات، وقال أبو داود: مخرمة لم يسمع من أبيه إلا حديثا واحدا وهو حديث الوتر، وقال ابن معين: يقال: وقع إليه كتاب أبيه ولم يسمع منه شيئا.
قال بكير: عن عبد الله بن رافع: لم تكن أم سلمة رضي الله عنها تحتجب من عبيد الناس.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فقالوا: لا ينظر العبد من الحرة إلا إلى ما ينظر إليه منها الحر الذي لا محرم بينه وبينها. وكان من الحجة لهم في ذلك أن قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكروا في حديث أم سلمة رضي الله عنه لا يدل على ما قال أهل تلك المقالة: لأنه قد يجوز أن يكون أراد بذلك حجاب أمهات المؤمنين، فإنهن قد كن حجبن عن الناس جميعا، إلا من كان منهم ذو رحم محرم.
فكان لا يجوز لأحد أن يراهن أصلا إلا من كان بينهن وبينه رحم محرم، وغيرهن من النساء لسن كذلك لأنه لا بأس أن ينظر الرجل من المرأة التي لا رحم بينه وبينها، وليست عليه بمحرمة إلى وجهها وكفيها، وقد قال الله عز وجل {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]. فقيل في ذلك ما
(1)
قلت: أراد بهم: عامر الشعبي، والحسن البصري، وطاووسا، ومجاهدا، ومحمد بن سيرين، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 23/ 138.
6763 -
حدثنا سليمان قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله رضي الله عنه {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] قال:
(الزينة): القرط
(1)
، والقلادة، والسوار
(2)
، والخلخال
(3)
، [والدملج]
[*]
(4)
(ما ظهر منها): الثياب، والجلباب
(5)
(6)
.
6764 -
حدثنا محمد بن حميد قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا موسى بن أعين، عن مسلم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] الكحل
(7)
، والخاتم
(8)
.
(1)
الذي يعلق في شحمة الأذن.
(2)
بكسر السين هو من الحلي المعروف
(3)
واحد خلاخيل النساء.
(4)
بضم الدال واللام هو: المعضد من الحلي.
(5)
بكسر الجيم: الإزار والرداء.
(6)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطبراني في الكبير 9/ 228 (9116، 9117) من طريق إسرائيل، وخديج بن معاوية، عن أبي إسحاق به.
(7)
أي: في العينين.
(8)
رجاله ثقات.
وأخرجه البيهقي 7/ 85 من طريق جعفر بن عون، عن مسلم به.
وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير 8/ 2574 (14398)، وابن أبي شيبة (17017)، وابن المنذر في الأوسط (2404)، والبيهقي في السنن 2/ 225 من طرق عن عبد الله بن مسلم، عن سعيد بن جبير به.
[*](تعليق الشاملة): ما بين المعكوفين سقط من المطبوع، وهو في الطبعة المصرية.
6765 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] قال: هو ما فوق الدرع
(1)
.
فأبيح للناس أن ينظروا إلى من ليس بمحرم عليهم من النساء إلى وجوههن، وأكفهن، وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت آية الحجاب، ففضلن بذلك على سائر الناس.
6766 -
حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا عبد الله بن بكر السهمي، قال: ثنا حميد، عن أنس قال: قال عمر رضي الله عنه قلت يا رسول الله! يدخل عليك البر والفاجر، فلو حجبت أمهات المؤمنين، فأنزل الله عز وجل آية الحجاب
(2)
.
6767 -
حدثنا حسين بن نصر قال سمعت يزيد بن هارون قال: ثنا حميد
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير 8/ 2576 (14413) من طريق سفيان، وابن أبي شيبة (17005) من طريق جرير كلاهما عن منصور به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار 4/ 340 من طريق إبراهيم بن مرزوق به.
وأخرجه ابن حبان (6896) من طريق عبد الله بن بكر السهمي به.
وأخرجه أحمد (157)، والدارمي (1849)، والبخاري (4916،402)، والترمذي (2960)، والنسائي في الكبرى (11611)، وابن ماجة (1009)، والبزار (220، 221)، والطبراني 1/ 534، 535، وابن أبي داود في المصاحف (ص 109)، والطبراني في الصغير (868)، والبيهقي 7/ 88، والبغوي (3887) من طرق عن حميد به.
(3)
إسناده صحيح. =
6768 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إلى المناصع
(1)
، وهو صعيد أفيح
(2)
، وكان عمر رضي الله عنه يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم احجب نساءك، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. فخرجت سودة ذات ليلة، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة، حرصا على أن تنزل آية الحجاب. قالت عائشة رضي الله عنها: فأنزل الله الحجاب
(3)
.
6769 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
6770 -
حدثنا روح، قال: ثنا يحيى قال: حدثني الليث عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أعلم الناس بشأن الحجاب فيما أنزل، وكان أول ما أنزل في مبتنى
(5)
رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش
= وأخرجه الدارمي (1980) من طريق يزيد بن هارون به.
(1)
هي: المواضع التي يتخلى فيها لقضاء الحاجة واحدها منصع.
(2)
أي: واسع.
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه أحمد (25866)، والبخاري (146)، ومسلم (2170)(18)، والبيهقي 7/ 88 من طرق عن الليث به.
(4)
إسناده صحيح.
(5)
من الابتناء، الابتناء والبناء: الدخول بالزوجة، والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها.
أصبح بها عروسا، فدعا القوم، فأصابوا من الطعام ثم خرجوا، وبقي رهط منهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطالوا المكث، فقام رسول الله فخرج وخرجت معه حتى جاء عتبة حجرة عائشة رضي الله عنها ثم ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قد خرجوا فرجع، ورجعت معه حتى دخل على زينب فإذا هم جلوس، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعت معه حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة الله رضي عنها، وظن أنهم قد خرجوا، رجع، ورجعت معه فإذا هم قد خرجوا. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينه بالستر، وأنزل الحجاب
(1)
.
6771 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن بكر قال ثنا حميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه قال: أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بني بزينب بنت جحش رضي الله عنها، ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين، فلما رجع إلى بيته رأى رجلين قد مد بهما الحديث فوثبا مسرعين فرجع حتى دخل البيت، وأرخى الستر، وأنزلت آية الحجاب
(2)
.
6772 -
حدثنا إبراهيم بن منقذ قال: ثنا المقرئ عن جرير، عن سلم العلوي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كنت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت
(1)
إسناده صحيح
وأخرجه البخاري (5166) عن يحيى بن بكير به.
وأخرجه أحمد (12716)، والبخاري في الأدب المفرد (1051)، والبيهقي 7/ 87 من طرق عن الليث بن سعد به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (13769)، والبخاري (4794) من طريق عبد الله بن بكر السهمي به.
أدخل عليه بغير إذن، فجئت يوما أدخل، فقال:"كما أنت، فإنه قد حدث بعدك أمر، فلا تدخل علينا إلا بإذن"
(1)
.
6773 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد، عن سلم العلوي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما أنزلت آية الحجاب جئت أدخل كما كنت أدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"رويدًا وراءك يا بني"
(2)
.
6774 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبيد الله بن معاذ قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي مجلز، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش ودعا القوم فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، فأخذ كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، وقام من قام معه القوم، وقعد الثلاثة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم جاء، فدخل فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا وانطلقوا، فجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا، فجاء فدخل، وأنزلت آية الحجاب:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ} [الأحزاب: 53] الآية
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف سلم بن قيس العلوي.
وأخرجه أحمد (13176)، والبخاري في الأدب المفرد (807)، والبيهقي في الشعب (7795) من طرق عن جرير بن حازم به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف سلم بن قيس العلوي.
واخرجه أحمد (12366)، وأبو يعلى (4276)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (322)، وابن عدي 3/ 1176، والبيهقي في شعب الإيمان (7795) من طرق عن حماد بن زيد به.
(3)
إسناده صحيح. =
قال أبو جعفر: فكن أمهات المؤمنين قد خصصن في الحجاب ما لم يجعل فيه سائر الناس مثلهن.
فإن قال قائل: فقد قال الله عز وجل {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: (31)، ثم قال {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] فجعل ما ملكت أيمانهن كذي الرحم المحرم منهن.
قيل له: ما جعلهن كذلك ولكنه ذكر جماعة مستثنين من قوله عز وجل: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] فذكر البعول، وذكر الآباء، ومن ذكر معهم مثل ما ذكره، و ما ملكت أيمانهن، فلم يكن جمعه بينهم بدليل على استواء أحكامهم، لأنا قد رأينا البعل قد يجوز له أن ينظر من امرأته إلى ما لا ينظر إليها أبوها منها.
= وأخرجه البخاري (4791، 6239، 6271)، ومسلم (1428)(92)، والنسائي في الكبرى (11356)، وابن حبان (5578)، والبيهقي 7/ 87 من طرق عن معتمر بن سليمان به.
ثم قال: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} فلا يكون ضمه أولئك مع ما قبلهم، بدليل أن حكمهم مثل حكمهم، ولكن الذي أباح بهذه الآية للمملوكين من النظر إلى النساء إنما هو ما ظهر من الزينة، وهو الوجه والكفان.
وفي إباحته ذلك للمملوكين، وليسوا بذوي أرحام محرمة دليل على أن الأحرار الذين ليسوا بذوي أرحام محرمة من النساء في ذلك كذلك.
وقد بين هذا المعنى ما في حديث عبد بن زمعة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسودة: "احتجبي منه" فأمرها بالحجاب منه، وهو ابن وليدة أبيها، وليس يخلو أن يكون أخاها، أو ابن وليدة أبيها، فيكون مملوكا لها، ولسائر ورثة أبيها، فعلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحجبها منه، لأنه أخوها، ولكن لأنه غير أخيها وهو في تلك الحال مملوك، فلم يحل له برقه النظر إليها.
فقد ضاد هذا الحديث حديث أم سلمة، وخالفه، وصارت الآية التي ذكرنا على قول هذا الذاهب إلى حديث سودة أنها على سائر النساء دون أمهات المؤمنين، وأن عبيد أمهات المؤمنين كانوا في حكم النظر إليهن في حكم الغرباء منهن الذين لا رحم بينهم وبينهن لا في حكم ذوي الأرحام منهن المحرمة.
وكل من كان بينهم وبينهن محرمة فهو عندنا في حكم ذوي الأرحام منهن المحرمة في منع ما وصفنا ثم رجعنا إلى النظر لنستخرج به من القولين قولا صحيحا،
فرأينا ذا الرحم المحرم لا بأس أن ينظر من المرأة التي هو لها محرم إلى وجهها، وصدرها، وشعرها، وما دون ركبتها. ورأينا القريب منها ينظر إلى وجهها وكفيها فقط.
ثم رأينا العبد حرام عليه في قولهم جميعا أن ينظر إلى صدر المرأة مكشوفا أو إلى ساقيها، سواء كان رقه لها أو لغيرها. فلما كان فيما ذكرنا كالأجنبي منها، لا كذي رحمها المحرم عليها كان في النظر إلى شعرها أيضا كالأجنبي لا كذي الرحم المحرم عليها.
فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. وقد وافقهم في ذلك من المتقدمين الحسن، والشعبي رحمهما الله.
6775 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أنا مغيرة عن الشعبي، ويونس عن الحسن، أنهما كرها أن ينظر العبد إلى شعر مولاته
(1)
.
(1)
رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (17271) عن أبي الأحوص، عن مغيرة به.
29 - باب: التكنى بأبي القاسم، هل يصح أم لا؟
6776 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا علي بن قادم قال: ثنا فطر، عن منذر الثوري، عن محمد بن الحنفية، عن علي رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله! إن وُلد لي ابنٌ أسميه باسمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال "نعم". قال: وكانت رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي
(1)
.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل علي بن قادم.
وأخرجه أحمد (730)، والبخاري في الأدب المفرد (843)، وأبو داود (4967)، والترمذي (2843)، وأبو يعلى (303)، والحاكم 4/ 278 من طرق عن فطر بن خليفة به.
ذكر العلامة ابن القيم في زاد المعاد 2/ 245 - 248: أن الناس اختلفوا في التكني بكنيته والتسمي باسمه صلى الله عليه وسلم على أربعة أقوال:
أحدها: أنه لا يجوز التكني بكنيته مطلقا، سواء أفردها عن اسمه، أو قرنها به، وسواء محياه وبعد مماته، وحكي ذلك عن الشافعي.
القول الثاني: أن النهي إنما هو عن الجمع بين اسمه وكنيته، فإذا أفرد أحدهما عن الآخر، فلا بأس.
القول الثالث: جواز الجمع بينهما، وهو المنقول عن مالك.
القول الرابع: أن التكني بأبي القاسم كان ممنوعا منه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو جائز بعد وفاته. وذكر أدلة القائلين بكل قول من هذه الأربعة.
وقال الإمام البغوي في شرح السنة 12/ 331 - 332 بعد أن أشار إلى آراء أهل العلم في المسألة والأحاديث في النهي المطلق أصح. وانظر "شرح صحيح مسلم" للإمام النووي 14/ 112 - 113.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى أنه لا بأس بأن يكتنى الرجل بأبي القاسم، وأن يتسمى مع ذلك بمحمد.
واحتجوا في ذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث. وقالوا: أما ما ذكر من أن ذلك رخصة لعلي رضي الله عنه، فلم يذكر ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ذكر عن علي الله عنه أن ذلك كان رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو قول ممن بعد علي رضي الله عنه.
وقد يجوز أن يكون ذلك على ما قال ويجوز أن يكون على خلاف ذلك. والدليل على أنه خلاف ذلك أنه قد كان في زمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة قد كانوا مسمين بمحمد متكنين بأبي القاسم، منهم: محمد بن طلحة، ومحمد بن الأشعث، ومحمد بن أبي حذيفة، فلو كان ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول خاصا له، إذًا لما سوغه غيره، ولا يكره على فاعله، وأنكره معه من كان بحضرته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال الذين ذهبوا إلى أن ذلك كان خاصا لعلي رضي الله عنه: قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما قلنا. فذكروا في ذلك ما
6777 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح بن أسلم قال: ثنا أيوب بن واقد، قال: ثنا فطر بن خليفة عن منذر الثوري عن محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه قال: قال
(1)
قلت: أراد بهم: محمد بن الحنفية، ومالكا، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 23/ 159.
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ولد لك بعدي ابنٌ فسمِّه باسمي، وكنِّه بكنيتي وهي لك خاصة دون الناس"
(1)
.
قالوا: ففي هذا الحديث الخصوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بذلك دون الناس.
قيل لهم: هذا كما ذكرتم لو ثبت هذا الحديث على ما رويتم، ولكنه ليس بثابت عندنا، لأن أيوب بن واقد لا يقوم مقام من خالفه في هذا الحديث، ممن رواه عن فطر على ما ذكرنا في أول هذا الباب.
فقال الذين ذهبوا إلى أن ذلك كان خاصا لعلي له بعد أن افترقوا فرقتين.
فقالت فرقة
(2)
: لا ينبغي لأحد أن يتكنى بأبي القاسم، سواء كان اسمه محمدا، أو لم يكن.
وقالت الفرقة الأخرى
(3)
: لا ينبغي لأحد ممن سمي بمحمد أن يكنى بأبي القاسم، ولا بأس لمن لم يتسم بمحمد أن يتكنى بأبي القاسم.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما قلنا في خصوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك عليا رضي الله عنه. فذكروا ما
(1)
إسناده ضعيف لضعف روح بن أسلم الباهلي، وأيوب بن واقد الكوفي.
(2)
قلت: أراد بهم: محمد بن سيرين وإبراهيم النخعي، والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 23/ 165.
(3)
قلت: أراد بهم: طائفة من أهل الحديث، منهم: أحمد في رواية، وطائفة من الظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 23/ 165.
6778 -
حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب بن جرير قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن يزيد النخعي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي"
(1)
.
6779 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب، قال: ثنا هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، غير أنه قال:"سموا باسمي"
(2)
.
6780 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا الحسين بن محمد، قال: ثنا جرير بن حازم، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (180)، وأحمد (9894) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة، عن عبد الله بن يزيد به.
وقال الدارقطني في العلل (2229): يرويه شعبة عن عبد الله بن يزيد، وإنما سمعه من مسلم بن عبد الرحمن النخعي فوهم في اسمه.
وأخرجه أحمد (8109، 9863)، وأبو يعلى (6102) من طرق عن شريك، عن مسلم بن عبد الرحمن، عن أبي زرعة به.
(2)
إسناده صحيح. وأخرجه أحمد (10372) من طريق محمد بن جعفر، والدارمي (2696)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان 2/ 143 من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن هشام بن حسان به وقرن أبو نعيم بهشام أيوب السختياني.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (9094) من طريق حسين بن محمد به.
وأخرجه البخاري (3539)، ومسلم (2134)، وأبو داود (4965)، وابن ماجة (3735)، وأبو يعلى (6063)، والبيهقي 308 من طريق أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين به.
6781 -
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب وابن نافع، قالا: ثنا داود بن قيس (ح)
وحدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا القعنبي قال: ثنا داود بن قيس، عن موسى بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي، فإني أنا أبو القاسم"
(1)
.
6782 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا أحمد بن إشكيب الكوفي، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي"
(2)
.
6783 -
حدثنا محمد، قال: ثنا أبو ربيعة، قال: ثنا أبو عوانة عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (7728)، والبخاري في الأدب المفرد (836)، وفي التاريخ الكبير 1/ 7 من طريقين عن داود بن قيس به.
(2)
إسناده حسن من أجل طلحة بن نافع أبي سفيان.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 671، وأحمد (14364)، والترمذي (2250)، وابن ماجة (3736) من طريق أبي معاوية به.
وأخرجه عبد بن حميد (1025)، وأبو يعلى (1922) من طريق محاضر بن المورع، والبخاري في الأدب المفرد (961) من طريق أبي عوانة، كلاهما عن سليمان الأعمش به.
(3)
حديث صحيح، وإسناده ضعيف، أبو ربيعة اسمه زيد بن عوف ولقبه فهد، قال النسائي: ليس بثقة، وقال علي: ذاهب الحديث وقال الفلاس ومسلم بن الحجاج: متروك، وقال الدارقطني: ضعيف.
وأخرجه الطيالسي (2541)، والبخاري (110، 6197)، والبيهقي 9/ 308 من طريق أبي عوانة به.
6784 -
حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن قال ثنا شعبة، عن قتادة ومنصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
قال أبو جعفر: قالوا: فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتكنى بكنيته، وأباح أن يتسمى باسمه، وجاء ذلك عنه مجيئا ظاهرا متواترا، فدل ذلك على خصوصية ما خالفه.
ثم رجعنا إلى الكلام بين الذين ذهبوا إلى ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن الحنيفة أنه كان خاصا لعلي فكان من حجة الفرقة التي ذهبت إلى أن النهي المذكور في حديث أبي هريرة وجابر رضي الله عنهما إنما هو على الكنية خاصة، كان اسم المكتنى بها محمدا، أولم يكن ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
6785 -
حدثنا بكار، قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عبد الكريم، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتنى بكنيته
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (14964)، والبخاري في الصحيح (3114، 3538)، وفي الأدب المفرد (839)، ومسلم (2133)(3، 7)، والحاكم 4/ 277 من طرق عن شعبة، عن منصور به.
وأخرجه الطيالسي (1730)، وأحمد (14183)، والبخاري في الصحيح (3114)، وفي الأدب المفرد (839)، ومسلم (2133)(7)، والحاكم 4/ 277 من طرق عن شعبة، عن قتادة به.
(2)
إسناده صحيح، وقد وقع في نسخة العيني عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة، دون عمه، وعم عبد الرحمن هو ثعلبة بن عمرو بن محصن الأنصاري صحابي =
فقصد بالنهي في هذا الحديث إلى الكنية خاصة، فدل ذلك أن ما قصد بالنهي إليه في الآثار التي ذكرناها قبله هي الكنية أيضا خاصة. وقد دل على ذلك أيضا.
6786 -
ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي، أنا أبو القاسم الله يعطي وأنا أقسم"
(1)
.
6787 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: ولد لرجل من الأنصار، غلام فسماه محمدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أحسنت الأنصار، تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي، إنما أنا قاسم، أقسم بينكم، فتسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي"
(2)
.
= وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 5/ 136 من طريق أبي عاصم به.
وأخرجه أحمد (10627) من طريق روح، عن ابن جريج، عن عبد الكريم، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه، عن أبي هريرة به.
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان.
وأخرجه أحمد (9598)، والبخاري في الأدب المفرد (844)، والترمذي (2841)، وابن حبان (5817،5814) من طرق عن محمد بن عجلان به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (14963)، والبخاري (6196)، ومسلم (2133)(7)، والحاكم 4/ 277، والبيهقي 9/ 308 من طرق عن شعبة به.
6788 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا محمد بن خازم، عن الأعمش، عن ابن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي، فإنما جعلت قاسما أقسم بينكم"
(1)
.
فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعنى الذي من أجله نهي أن يكتنى بكنيته، وإنما هو لأنه يقسم بينهم. فثبت بذلك أن ما قصده كان في النهي إلى الكنية دون الجمع بينهما وبين الاسم واحتجوا في ذلك أيضا بما.
6789 -
حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل وحسين بن نصر، قالا: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن حميد الطويل، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم في السوق فقال له رجل: يا أبا القاسم! فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرجل: إنما أدعو ذاك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 671، وأحمد (14363)، ومسلم (2133)(5)، وأبو يعلى (1923)، وأبو عوانة في الأسامي كما في الإتحاف 3/ 130، والبغوي (3365) من طريق أبي معاوية به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (12731)، والبخاري في الصحيح (2120، 3533)، وفي الأدب المفرد (737، 845)، وأبو عوانة في الأسامي كما في الإتحاف 1/ 652، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1511)، والبيهقي 9/ 309 من طرق عن شعبة به.
6790 -
حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون قال: أنا حميد، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6791 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: ثنا حميد، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
فهذا يدل على أن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو عن التكني بكنيته خاصة دون الجمع بينها وبين اسمه. وقد ذهب إلى هذا المذهب إبراهيم النخعي، ومحمد بن سيرين.
6792 -
حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي، قال: ثنا وكيع بن الجراح، عن محل، قال: قلت لإبراهيم: أكانوا يكرهون أن يكنى الرجل بأبي القاسم إن لم يكن اسمه محمدا؟، قال:"نعم"
(3)
.
فهذا إبراهيم يحكي هذا أيضا عمن كان قبله يريد بذلك: أصحاب عبد الله أو من فوقهم وقد
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد بن حميد (1408)، وأحمد (12218)، والترمذي (2841)، وأبو يعلى (3811)، وأبو عوانة في الأسامي كما في الإتحاف 1/ 652، والبغوي (3364) من طريق يزيد بن هارون به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (12961) من طريق محمد بن عبد الله به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف شيخ الطحاوي.
6793 -
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب قال: ثنا يزيد بن إبراهيم، عن محمد بن سيرين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي" قال: ورأيت محمد بن سيرين يكره أن يكتنى الرجل أبا القاسم، كان اسمه محمدا أو لم يكن
(1)
.
وكان من حجة من ذهب إلى أن النهي في ذلك هو الجمع بين الكنية والاسم جميعا
6794 -
ما حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا عبد العزيز بن الخطاب الكوفي، قال: ثنا قيس عن ابن أبي ليلى عن حفصة بنت البراء، عن عمها عبيد بن عازب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجمع بين اسمه وكنيته
(2)
.
6795 -
حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده مرسل، ورجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (25930) عن وكيع، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين به، دون ذكر المرفوع.
(2)
إسناده ضعيف لضعف قيس بن الربيع وابن أبي ليلى.
وأخرجه الطبراني في الكبير كما في النخب 23/ 182، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (478)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4797) من طريق عبد العزيز بن الخطاب عن قيس بن الربيع عن ابن أبي ليلى عن حفصة بنت عبيد عن عمها البراء بن عازب، وعند الطبراني حفصة بنت البراء بن عازب عن عمها عبيد بن عازب، ونسخة العيني موافقة للطبراني وأبي نعيم، ونسخة المطبوع موافقة لما في الناسخ والمنسوخ، وقد ترجم العيني في المغاني 3/ 488 الحفصة بنت البراء بن عازب.
(3)
إسناده حسن محمد بن عجلان وأبوه صدوقان. =
6796 -
حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله، قال: ثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي، ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسم باسمي"
(1)
.
قالوا فثبت بهذه الآثار أن ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك هو الجمع بين كنيته مع اسمه. وفي حديث جابر رضي الله عنه إباحة التكني بكنيته إذا لم يتسم معها باسمه. فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأولى أنه قد يحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قصد بنهيه ذلك المذكور في حديث عبيد وأبي هريرة وجابر رضي الله عنهم إلى الجمع بين الكنية والاسم، وأباح إفراد كل واحد منهما، ثم نهى بعد ذلك عن التكني بكنيته، فكان ذلك زيادة فيما كان تقدم من نهيه في ذلك.
فإن قال قائل: فما جعل ما قلت أولى من أن يكون نهى عن التكني بكنيته، ثم نهى عن الجمع بين اسمه وكنيته، وكان ذلك إباحة لبعض ما كان وقع عليه نهيه قبل ذلك؟
= وأخرجه أحمد (9598) من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن عجلان به.
(1)
رجاله ثقات، وأبو الزبير لم يصرح بالسماع.
وأخرجه أبو داود (4966)، والبيهقي 6/ 309 من طريق مسلم بن إبراهيم به.
وأخرجه الطيالسي (1750)، وأحمد (14357) من طرق عن هشام به.
قيل له: لأن نهيه عن التكني بكنيته في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فيما ذكرنا معه من الآثار لا يخلو من أحد وجهين. إما أن يكون متقدما للمقصود فيه إلى الجمع بين الاسم والكنية أو متأخرا عن ذلك، فإن كان متأخرا عنه، فهو زائد عليه غير ناسخ له، وإن كان متقدما له فقد كان ثابتا، ثم روي هذا بعده فنسخه فلما احتمل ما قصد فيه إلى النهي عن الكنية أن يكون منسوخا بعد ما علمنا بثبوته كان عندنا على أصله المتقدم، وعلى أنه غير منسوخ حتى نعلم يقينا أنه منسوخ فهذا وجه هذا الباب، من طريق معاني الآثار.
وأما وجهه من طريق النظر، فقد رأينا الملائكة لا بأس أن يتسموا بأسمائهم، وكذلك سائر أنبياء الله عليهم السلام غير نبينا صلى الله عليه وسلم فلا بأس أن يتسمى بأسمائهم، ويكنى بكناهم، ويجمع بين اسم كل واحد منهم وكنيته. فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم لا بأس أن يتسمى باسمه. فالنظر على ذلك أن لا بأس أن يتكنى بكنيته، وأن لا بأس أن يجمع بين اسمه وكنيته.
فهذا هو النظر في هذا الباب غير أن اتباع ما قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى. فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا.
6797 -
ما حدثنا يونس قال: ثنا سفيان، عن ابن المنكدر، سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم، فقلنا لا نكنيك أبا القاسم، ولا
ننعمك
(1)
عينا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال:"سم ابنك عبد الرحمن"
(2)
.
فهذه الأنصار قد أنكرت على هذا الرجل أن يسمي ابنه القاسم، لئلا يكتنى به، وقصدوا بالكراهة في ذلك إلى الكنية خاصة. ثم لم ينكر ذلك عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه فدل ذلك أن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التكني بكنيته على أن لا يتكنى أحد بكنيته يتسمى مع ذلك باسمه، أو لم يتسم به.
فإن قال قائل: ففي هذا الحديث ما يدل على كراهة التسمي بالقاسم.
قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك مكروها كما ذكرت لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا قاسم أقسم بينكم".
وقد يجوز أن يكون كره ذلك، لأنهم كانوا يكنون الآباء بأسماء الأبناء، وقد كان أكثرهم لا يكتنى حتى يولد له، فيكتنى باسم ابنه. والدليل على ذلك ما
6798 -
حدثنا يونس قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن صهيب عن أبيه صهيب، قال: قال لي عمر رضي الله عنه: نعم الرجل أنت يا صهيب! لولا خصال فيك ثلاث، قلت: وما هي يا أمير
(1)
بضم النون الأولى وسكون الثانية، والمعنى: لا نقرك عينا.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحميدي (1232)، وابن أبي شيبة 8/ 672، وأحمد (14296)، والبخاري (6186، 6689)، ومسلم (2133)(7)، وأبو يعلى (2016)، والبيهقي 9/ 308، والبغوي (3366) من طرق عن سفيان بن عيينة به.
المؤمنين؟ قال: تكنيت ولم يولد لك، وفيك سَرَف
(1)
في الطعام وانتميت إلى العرب، ولست منهم قلت: أما قولك: تكنيت ولم يولد لك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني أبا يحيى. وأما قولك: انتميت إلى العرب ولست منهم فإني رجل من بني النمر بن قاسط، سبتنا الروم من الطائف بعدما عقلت أهلي ونسبي، وأما قولك فيك سَرَف في الطعام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خياركم من أطعم الطعام
(2)
.
فهذا عمر قد أنكر على صهيب رضي الله عنه أن يتكنى قبل أن يولد له، فدل ذلك أنهم، أو أكثرهم كانوا لا يتكنون حتى يولد لهم فيكتنون بأبنائهم، فلما ولد لذلك الأنصاري ابن فسمى القاسم أنكرت الأنصار ذلك عليه، لأنه إنما سمى به ليكنونه به، فأبوا ذلك وأنكروه عليه، فأثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك، وقد دل على ذلك أيضا ما
6799 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد قال: ثنا ابن لهيعة، عن أسامة بن زيد أن أبا الزبير المكي أخبره، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ولد لرجل منا
(1)
بفتحتين، أي: إسراف وتبذير في النفقة.
(2)
إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن محمد بن عقيل.
وأخرجه ابن سعد 3/ 226 - 227، وأحمد (23929)، والطبراني في الكبير (7310)، وأبو نعيم في الحلية 1/ 153 من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقي به.
غلام، فسماه القاسم وتكنى به، فأبت الأنصار أن تكنيه بذلك. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أحسنت الأنصار، تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي"
(1)
.
ففي هذا الحديث ما قد دلّ على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما حول اسم ذلك الصبي، لأن أباه تكنى به، فحوله إلى اسم يجوز لأبيه التكني به، وفيه ما يدل على أن النهي إنما قصد به إلى الكنية خاصة لا إلى الجمع بينها وبين الاسم، والله تعالى أعلم.
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وأخرجه البخاري (3114)، ومسلم (2133)(7) من طريق قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر به.
30 - باب السلام على أهل الكفر
6800 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن عمرو بن رومي، قال: أنا محمد بن ثور، قال: أنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بمجلس فيه أخلاط
(1)
من المسلمين واليهود والمشركين من عبدة الأوثان، فسلم عليهم"
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى أنه لا بأس بأن يبتدأ أهل الكفر بالسلام، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(4)
، فكرهوا أن يبتدءوا بالسلام، وقالوا: لا بأس بأن يرد عليهم إذا سلموا. واحتجوا في ذلك بما
(1)
جمع خلط بكسر الخاء، أراد به: أنواع الناس والجماعات المتفرقة من المسلمين وأهل الكفر.
(2)
حديث صحيح، وإسناده ضعيف لضعف محمد بن عمر بن عبد الله بن فيروز ابن الرومي.
وأخرجه البخاري (6254) من طريق هشام بن يوسف، عن معمر به.
وأخرجه عبد الرزاق (9784)، ومن طريقه أخرجه أحمد (21767)، ومسلم (1798)، والترمذي (2702)، والبزار (2567)، وأبو عوانة (6914، 6915)، وابن حبان (6581)، والبيهقي في الدلائل 2/ 576، 578 عن معمر عن الزهري به.
(3)
قلت: أراد بهم عامر الشعبي، وإبراهيم النخعي، وابن وهب، ومحمد بن كعب، ومحمد بن عجلان رحمهم الله، كما في النخب 23/ 193.
(4)
قلت: أراد بهم: عمر بن عبد العزيز، ومجاهدا، والحسن البصري، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 23/ 194.
6801 -
حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد قال: أنا شريك، وأبو بكر - يعني ابن عياش، عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبدءوهم بالسلام" يعني: اليهود والنصارى
(1)
.
6802 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو حذيفة قال: ثنا سفيان عن سهيل
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6803 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب قال: ثنا شعبة
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
6804 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن سهيل
…
فذكر بإسناده مثله
(4)
.
6805 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عياش الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني، عن أبي عبد الرحمن
(1)
إسناده حسن من أجل أبي بكر بن عياش، وشريك متابع.
وأخرجه مسلم (2167)، والترمذي (1602)، وابن النجار في ذيل تاريخ بغداد 3/ 196 من طرق عن سهيل به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (9726)، والبخاري في الأدب المفرد (1111)، ومسلم (2167)، وأبو نعيم في الحلية 7/ 140، 141، والبيهقي في الشعب (9381) من طريقين عن سفيان الثوري به.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (2424)، وأحمد (8561)، ومسلم (2166)(3)، وأبو داود (5205)، وابن حبان (501) من طرق عن شعبة به.
(4)
إسناده صحيح.
الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا راكب غدا إلى يهود، فلا تبدءوهم فإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم"
(1)
.
6806 -
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الرحيم، عن محمد بن إسحاق
…
فذكر بإسناده مثله. غير أنه قال: فلا تبدءوهم بالسلام
(2)
.
6807 -
حدثنا فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني، عن أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله، غير أنه لم يقل: بالسلام
(3)
.
6808 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير أنه سمع أبا بصرة الغفاري رضي الله عنه، يقول: إنه سمع رسول
(1)
رجاله ثقات، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد (17295)، وهذا الإسناد قد أخطأ فيه ابن إسحاق، فروى عنه جماعة هكذا، وخالفهم آخرون عنه فجعلوه من حديث أبي بصرة.
وأخرجه ابن سعد 4/ 351، وابن أبي شيبة 8/ 630، وأحمد (17295)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2577)، وأبو يعلى (936)، والطبراني في الكبير 22/ 743، وابن الأثير في أسد الغابة 6/ 197 من طرق عن محمد بن إسحاق به.
(2)
رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني 22/ 743 من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن محمد بن إسحاق به.
(3)
حديث صحيح، وإسناده ضعيف من أجل محمد بن إسحاق فإنه مدلس وقد عنعن.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (1102)، والطبراني في الكبير (2164) من طرق عن ابن إسحاق به.
الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني راكب إلى يهود، فإذا أتيتموهم، فسلموا عليكم، فقولوا: وعليكم"
(1)
.
6809 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عبد الحميد بن جعفر، قال: أخبرني يزيد بن أبي حبيب
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
ففي هذه الآثار النهي عن ابتداء اليهود والنصارى بالسلام من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم سلّم عليهم من قول أسامة، فقد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد بسلامه من كان فيهم من المسلمين، ولم يرد اليهود والنصارى ولا عبدة الأوثان، حتى لا تتضاد هذه الآثار، وهذا الذي وصفنا جائز.
فقد يجوز أن يسلم رجل على جماعة وهو يريد بعضهم، وقد يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم سلّم عليهم، وأراد: جميعهم لأن ذلك كان في وقت قد أمر فيه أن لا يجادلهم إلا بالتي هي أحسن، فكان السلام من ذلك ثم أمر بقتالهم ومنابذتهم فنسخ ذلك ما كان تقدم من سلامه عليهم. فنظرنا في ذلك
(1)
إسناده حسن لرواية ابن وهب عن ابن لهيعة قوية.
وأخرجه أحمد (27236)، وابن قانع في معجمه 1/ 149، والطبراني في الكبير (2163) من طرق عن ابن لهيعة به.
(2)
رجاله ثقات، وقد اختلف على عبد الحميد بن جعفر.
وأخرجه أحمد (27235)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 2/ 491، وابن قانع في معجمه 1/ 149، والطبراني في الكبير (2162)، والبيهقي في شعب الإيمان (8904) من طريق أبي عاصم به.
6810 -
فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا أبو اليمان، قال: ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أخبره، أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب على حمار عليه إكاف
(1)
على قطيفة، وأردف أسامة بن وراءه، يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن خزرج قبل وقعة بدر، فسار حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول و ذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي ابن سلول، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين من عبدة الأوثان، واليهود، وفي المجلس عبد الله بن رواحة. فلما غشيت المجلس عجاجة
(2)
الدابة خمر
(3)
ابن أبي ابن سلول أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله عز وجل، وقرأ عليهم القرآن قال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء إنه لأحسن مما تقول إن كان حقا فلا تؤذينا به في مجالسنا ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه فقال عبد الله بن رواحة بل يا رسول الله! فاغشنا به في مجالسنا فإنا نحب ذلك. فاستب المسلمون والمشركون واليهود، حتى كادوا يتثاورون
(4)
، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكنوا، ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا سعد ألم
(1)
بكسر الهمزة: ما يشد على الحمار تحت الراكب.
(2)
أي: غبار الدابة.
(3)
أي: غطى.
(4)
من المثاورة، وهي المثاوبة وأصله من ثار الغبار إذا سطع وظهر.
تسمع إلى ما يقول أبو حباب؟ " يعني ابن أبي ابن سلول قال كذا وكذا، قال سعد: يا رسول الله! اعف عنه واصفح فوالذي نزل عليك الكتاب، لقد جاءك الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة
(1)
على أن يتوجوه فيعصبوه
(2)
بالعصابة، فلما رد الله عز وجل ذلك بالحق الذي أعطاك، شرق
(3)
بذلك! فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم
(4)
.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين، وأهل الكتاب ويصبرون على الأذى، حتى قال الله عز وجل:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل: عمران: 186]. وقال الله عز وجل {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] الآية. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول
(5)
العفو، كما أمره الله عز وجل به حتى أذن الله فيهم، فلما غزا النبي صلى
(1)
أي: مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
أي: يسودوه ويملكوه.
(3)
أي: غصّ وشرق بريقه.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (21769)، والبخاري في الصحيح (4566، 6207)، وفي الأدب المفرد (1108)، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة 1/ 356 - 357، والبزار في مسنده (2569)، وأبو عوانة (6916)، والطبراني في مسند الشاميين (3105)، والبيهقي في دلائل النبوة 2/ 576 - 578 من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع به.
(5)
يعني بأخذه من أول قول الله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} .
الله عليه وسلم بدرا، فقتل الله عز وجل به من قتل من صناديد
(1)
كفار قريش، قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان هذا أمر قد توجه فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام وأسلموا.
ففي هذا الحديث أن ما كان من تسليم النبي صلى الله عليه وسلم عليهم كان في الوقت الذي أمره الله بالعفو عنهم والصفح، وترك مجادلتهم إلا بالتي هي أحسن، ثم نسخ الله ذلك وأمره بقتالهم فنسخ مع ذلك السلام عليهم، وثبت قوله: لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام، ومن سلم عليكم منهم، فقولوا: وعليكم، حتى تردوا عليه ما قال، ونهوا أن يزيدوهم على ذلك.
6811 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا ابن عون، عن حميد بن زادويه، عن أنس مالك بن رضي الله عنه قال: نهينا أن نزيد أهل الكتاب على: وعليكم
(2)
.
فبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى"
(1)
جمع صنديد القوم، وهو سيدهم وكبيرهم.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة حميد بن زادويه.
وأخرجه عبد الرزاق (9838)، وابن أبي شيبة 8/ 631، وأحمد (12115)، والبخاري في التاريخ 2/ 348 - 349 من طرق عن ابن عون به.
27 - كتاب الزيادات
1 - باب صلاة العيدين كيف التكبير فيهما
6812 -
حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة، قال: ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير، قال: ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الثقفي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين اثنتي عشرة تكبيرة، سبعا في الأولى، وخمسا في الآخرة، سوى تكبيرة الصلاة
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى أن التكبير في صلاة العيدين كذلك واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
6813 -
وبما حدثنا عبد الرحمن بن الجارود، قال: ثنا سعيد بن كثير بن عفير قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أبي واقد الليثي، وعائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس يوم الفطر والأضحى، فكبر في الأولى سبعًا، وقرأ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} وفي الثانية خمسا، وقرأ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}
(3)
.
(1)
إسناده حسن في الشواهد من أجل عبد الله بن عبد الرحمن.
وأخرجه الدارقطني 2/ 47 - 48، والبيهقي 3/ 285 من طريق أبي أحمد الزبيري به.
وأخرجه عبد الرزاق (5677)، وابن أبي شيبة 2/ 172، وأحمد (6688)، وأبو داود (1151، 1152)، وابن ماجه (1278، 1292)، وابن الجارود (262)، والفريابي في أحكام العيدين (135) من طرق عن عبد الله الطائفي الثقفي به.
(2)
قلت: أراد بهم: الزهري، والأوزاعي، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور رحمهم الله، كما في النخب 23/ 216.
(3)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة قوية. =
6814 -
حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين سبعا، وخمسا سوى تكبيرتي الركوع
(1)
.
6815 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد بن موسى قال: ثنا ابن لهيعة
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6816 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
6817 -
حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال: ثنا حرملة، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
= وأخرجه الطبراني في الكبير (3298) من طريق روح بن الفرج، عن سعيد بن عفير بهذا الإسناد.
(1)
إسناده حسن، فإن رواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة صحيحة.
وأخرجه أبو داود (1150)، وابن ماجة (1280)، والدارقطني 2/ 47، والبيهقي 3/ 287 من طرق عن عبد الله بن وهب به.
(2)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
وأخرجه الدارقطني 2/ 46، والحاكم في المستدرك 1/ 298 من طريق إسحاق بن عيسى، عن ابن لهيعة به.
(3)
إسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.
وأخرجه أبو داود (1149)، والدارقطني 2/ 46، والحاكم 1/ 298، والبيهقي في السنن 3/ 286 - 287، وفي معرفة السنن والآثار 5/ 71 من طرق عن ابن لهيعة به.
(4)
إسناده حسن لرواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة. =
6818 -
حدثنا يحيى بن عثمان قال: ثنا عبدوس العطار، عن الفرج بن فضالة، عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في تكبيرات العيدين:"في الركعة الأولى سبعا، وفي الثانية خمس تكبيرات"
(1)
.
6819 -
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: كتب إلي كثير بن عبد الله بن عمرو يحدثني، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر في الأضحى سبعا خمسا وفي الفطر مثل ذلك
(2)
.
قالوا: وقد روي أيضا عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكروا.
= وأخرجه ابن ماجة (1280) من طريق حرملة بن يحيى بهذا الإسناد.
(1)
إسناده ضعيف لضعف الفرج بن فضالة وعبد الله بن عامر الأسلمي.
وأخرجه الحارث في المسند (209 بغيية) من طريق عبد الله بن عون عن فرج بن فضالة به.
وأخرجه الدارقطني 2/ 37 من طريق سعيد بن عبد الحميد، عن فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن نافع به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وأبوه مجهول.
وأخرجه ابن خزيمة (1438) بنفس السند.
وأخرجه عبد بن حميد (290)، والترمذي (536)، وابن ماجة (1279)، وابن خزيمة (1439)، والبزار (3389)، والطبراني 17/ 15، والدارقطني 2/ 48، والبيهقي 3/ 286 من طرق عن كثير بن عبد الله به.
6820 -
ما حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره، عن نافع أنه قال: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة رضي الله عنه فكبر في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة
(1)
.
6821 -
حدثنا أبو بكرة، قال حدثنا، روح، قال: ثنا مالك، وصخر بن جويرية، عن نافع، عن أبي هريرة رضي الله عنه
…
مثله
(2)
.
قالوا: فبهذه الآثار نقول، وإليها نذهب.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
فقالوا: بل التكبير في العيدين تسع تكبيرات، خمسا في الأولى، وأربع في الآخرة ويوالي بين القراءتين.
وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى فيما احتجوا به عليهم من الآثار التي ذكرنا أن حديث عبد الله بن عمر وإنما يدور على عبد الله بن عبد الرحمن وليس عندهم بالذي يحتج بروايته، ثم هو أيضا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وذلك عندهم أيضا ليس بسماع، فكيف يحتجون على خصمهم بما لو احتج به عليهم لم يسوغوه ذلك؟.
(1)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك 1/ 180، ومن طريقه الشافعي في المسند 1/ 157 - 158، والبيهقي 3/ 288 عن نافع به.
(2)
إسناده صحيح.
(3)
قلت: أراد بهم: الشعبي، والثوري، والنخعي، وقتادة، وسعيد بن المسيب، ومسروق بن الأجدع، ومحمد بن سيرين، والأعمش، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 23/ 226.
وأما حديث ابن لهيعة فبين الاضطراب، مرة يحدث عن عقيل، ومرة عن خالد بن يزيد، عن ابن شهاب، ومرة عن خالد بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب، ومرة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، وأبي واقد رضي الله عنه قد ذكرنا ذلك كله في هذا الباب. وبعد فمذهبهم في ابن لهيعة ما شرحناه في غير موضع من هذا الكتاب.
وأما حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فإنما يدور على ما رووه على عبد الله بن عامر وهو عندهم ضعيف، وإنما أصل هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما نفسه.
6822 -
حدثنا يحيى بن عثمان، قال: ثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار، قال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم، عن نافع بن أبي نعيم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، مثله ولم يرفعه
(1)
.
فهذا هو أصل هذا الحديث. وأما حديث كثير بن عبد الله فإنما هو عن كتابه إلى ابن وهب، وهم لا يجعلون ما سمع منه حجة، فكيف ما لم يسمع منه!، فلما انتفى أن يكون في هذه الآثار شيء يدل على كيفية التكبير في العيدين لما بينا من وهائها وسقوطها نظرنا في غيرها هل فيه ما يدل على شيء من ذلك؟
(1)
إسناده حسن من أجل نافع بن أبي نعيم.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5721) من طريق خالد بن مخلد، عن نافع بن أبي نعيم به.
6823 -
فإذا علي بن عبد الرحمن ويحيى بن عثمان قد حدثانا، قالا: ثنا عبد الله بن يوسف، عن يحيى بن حمزة، قال حدثني الوضين بن عطاء أن القاسم أبا عبد الرحمن حدثه، قال: حدثني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد، فكبر أربعا، وأربعا، ثم أقبل علينا بوجهه حين انصرف، فقال:"لا تنسوا كتكبير الجنائز"، وأشار بأصابعه، وقبض إبهامه
(1)
.
فهذا حديث حسن الإسناد. وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن حمزة، والوضين والقاسم رحمهم الله كلهم أهل رواية معروفون بصحة الرواية ليسوا كمن روينا عنهم الآثار الأول فإن كان هذا الباب من طريق الإسناد يؤخذ فإن هذا أولى أن يؤخذ به مما خالفه، غير أنه ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في كل ركعة أربعا، وأخبرهم أن ذلك كتكبير الجنازة.
فاحتمل أن يكون الأربع سوى تكبيرة الافتتاح، فيكون ذلك قد وافق قول الذين احتججنا بهذا الحديث لقولهم، واحتمل أن يكون ذلك على أربع بتكبيرة الافتتاح، فيكون مخالفا لقولهم.
فنظرنا فيما روي من الآثار في هذا الباب سوى هذا الأثر أيضا. فإذا
6824 -
محمد بن أحمد الجوزجاني قد حدثنا، قال: ثنا غسان بن الربيع، قال: ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، أنه سمع مكحولا يقول: حدثني أبو عائشة أن
(1)
إسناده حسن من أجل الوضين بن عطاء.
سعيد بن العاص رضي الله عنه دعا أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، فسألهما كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: أربعا كتكبيره على الجنائز، وصدقه حذيفة. فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبر لأهل البصرة إذ كنت أميرا عليهم
(1)
.
فلم يكن في هذا أيضا زيادة على ما في الحديث الأول. فنظرنا في ذلك أيضا
6825 -
فإذا يحيى بن عثمان قد حدثنا قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن النعمان بن المنذر عن مكحول، قال: حدثني رسول حذيفة وأبي موسى رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين أربعا أربعا سوى تكبيرة الافتتاح
(2)
.
فبين هذا الحديث أن تكبيرة الافتتاح خارجة من التكبيرات المذكورات في حديث الجوزجاني وفي حديث علي بن عبد الرحمن ويحيى بن عثمان، فهذا ما ثبت عندنا في التكبير في العيدين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم نعلم شيئا روي عنه مما يثبت مثله يخالف شيئا من ذلك؟ وأما ما احتجوا به من حديث نافع، عن أبي هريرة، وابن عمر
(1)
إسناده ضعيف الجهالة أبي عائشة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 172، وأحمد (19734)، وابن المنذر في الأوسط 4/ 277، وأبو داود (1153)، والطبراني في الشاميين (139، 3573)، والبيهقي 3/ 289 - 290،، وابن الجوزي في التحقيق (823)، والمزي في تهذيب الكمال في ترجمة أبي عائشة من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان به.
(2)
إسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد، ورسول حذيفة، وأبي موسى هو أبو عائشة.
رضي الله عنهم، فإنه قد روي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك، منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
6826 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثني زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن علي رضي الله عنه أنه كان يكبر في النحر خمس تكبيرات ثلاثا في الأولى، وثنتين في الثانية لا يوالي بين القراءتين
(1)
.
فهكذا كان علي رضي الله عنه يكبر في النحر، وقد كان يكبر في الفطر خلاف ذلك
6827 -
حدثنا يحيى بن عثمان، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن الحارث، عن علي رضي الله عنه أنه كان يكبر يوم الفطر إحدى عشرة تكبيرة، يفتتح بتكبيرة واحدة، ثم يقرأ، ثم يكبر خمسا يركع بأخراهن، ثم يقوم فيقرأ، ثم يكبر خمسا يركع بإحداهن، ثم ذكر عنه فيما كان يكبر في الأضحى نحوا مما ذكره أبو بكرة
(2)
.
فهكذا كان علي رضي الله عنه يكبر في الفطر، ودل ما ذكر يحيى في حديثه هذا على أن ترك علي رضي الله عنه الموالاة بين القراءتين إنما هو لأنه كان يكبر بعض التكبير الذي
(1)
إسناده ضعيف لضعف الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني.
(2)
إسناده ضعيف كسابقه.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5700) من طريق وكيع عن سفيان، عن أبي إسحاق به.
كان يكبره في الركعة الأولى قبل القراءة، وبعضه بعد القراءة، وأنه كان يبتدئ بالقراءة في الركعة الثانية قبل التكبير الذي كان يكبره فيها.
وقد روي عن عمر رضي الله عنه خلاف ذلك أيضا
6828 -
حدثنا يحيى بن عثمان قال حدثنا العباس بن طالب، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، عن أبي إسحاق الشيباني، عن عامر، أن عمر وعبد الله رضي الله عنهما اجتمع رأيهما في تكبير العيدين على تسع تكبيرات، خمس في الأولى، وأربع في الآخرة، ويوالي بين القراءتين
(1)
.
وقد روي خلاف ذلك أيضا عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
6829 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا قتادة، وخالد الحذاء، عن عبد الله بن الحارث، أنه صلى خلف ابن عباس رضي الله عنهما في العيد فكبر أربعا، ثم قرأ، ثم كبر فركع، ثم قام في الثانية فقرأ، ثم كبر ثلاثا، ثم كبر فركع
(2)
.
(1)
إسناده منقطع، قال أبو حاتم كما في المراسيل لابن أبي حاتم (160): عامر لم يسمع من عبد الله بن مسعود، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: الشعبي عن عمر مرسل كما في مراسيل ابن أبي حاتم (160)، وقال الدارقطني في سننه 3/ 309: لم يدرك عمر.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5698) عن وكيع عن محل، عن إبراهيم، وعن إسماعيل، عن الشعبي، عن عبد الله به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 3/ 295 من طريق شعبة، عن خالد الحذاء، وقتادة به.
6830 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا خالد الحذاء، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس رضي الله عنهما
…
مثله
(1)
.
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا ما يخالف هذا القول، وقول أهل المقالة الأولى.
6831 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان بن عيينة، قال: ثنا عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان يكبر يوم الفطر ثلاث عشرة تكبيرة، سبعا في الأولى قبل القراءة، وستا في الآخرة بعد القراءة
(2)
.
6832 -
حدثنا صالح، قال: ثنا سعيد قال: ثنا هشيم قال: ثنا عبد الملك، وحجاج، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما
…
مثله. ولم يذكر القراءة
(3)
.
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا في ذلك من قوله ما
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5708) عن هشيم عن خالد به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه الفريابي في أحكام العيدين (ص 174) من طريق قتيبة بن سعيد، عن سفيان به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5702) عن وكيع، عن ابن جريج، عن عطاء به.
(3)
إسناده صحيح، وحجاج بن أرطاة متابع.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5701) عن هشيم عن حجاج، وعبد الملك به.
6833 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: من شاء كبر سبعا، ومن شاء كبر تسعا وإحدى عشرة وثلاث عشرة
(1)
.
فهذا ابن عباس رضي الله عنهما قد روى عنه عكرمة ما ذكرنا، فدل ذلك على أنه كبر على ما روي عنه كل واحد من عبد الله بن الحارث وعطاء، وله أن يكبر على ما رواه عنه الفريق الآخر، وقد اختلفا عنه في موضع القراءة، فروى عنه كل واحد منهما ما قد ذكرناه في حديثه، فاحتمل أن يكون كان الحكم في ذلك عنده أن يفعل من هذين ما شاء، واحتمل أن يكون كان الحكم عنده فيمن كبر تسعا أن يوالي بين القراءتين، وفيمن كبر ثلاث عشرة أن يخالف بين القراءتين.
وقد روي خلاف ذلك أيضا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
6834 -
حدثنا سليمان بن، شعيب: قال ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن إبراهيم بن عبد الله بن قيس، عن أبيه، أن سعيد بن العاص رضي الله عنه دعاهم يوم عيد فدعا الأشعري وابن مسعود وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم فقال: إن اليوم عيدكم، فكيف أصلي؟ فقال حذيفة: سل الأشعري، وقال الأشعري: سل عبد الله. فقال عبد الله: تكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة ثم تكبر بعدها
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 3/ 296 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن سعيد بن أبي عروبة به.
ثلاثا، ثم تقرأ ثم تكبر تكبيرة تركع بها، ثم تسجد، ثم تقوم فتقرأ، ثم تكبر ثلاثا، ثم تكبر تكبيرة تركع بها
(1)
.
6835 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن أبي موسى، عن عبد الله رضي الله عنه في التكبير يوم العيد
…
فذكر نحو ذلك
(2)
.
6836 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، قال: خرج الوليد بن عقبة بن أبي معيط على ابن مسعود وحذيفة والأشعري رضي الله عنهم فقال: إن العيد غدا، فكيف التكبير؟. فقال ابن مسعود رضي الله عنه: فذكر نحو ذلك، وزاد: فقال الأشعري وحذيفة رضي الله عنهما: صدق أبو عبد الرحمن
(3)
.
فهذا حذيفة وأبو موسى رضي الله عنهما قد وافقا عبد الله على ما ذهب إليه من التكبير وكيفية صلاة العيد.
وقد روي خلاف ذلك أيضا عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما
(1)
إسناده ضعيف لرواية زهير بن معاوية عن أبي إسحاق بعد الاختلاط.
(2)
إسناده ضعيف لضعف مؤمل بن إسماعيل.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي في السنن 3/ 291 من طريق مسلم بن إبراهيم، عن هشام به.
6837 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، عن ابن جريج، قال: ثنا يوسف بن ماهك، أخبرني أن ابن الزبير لم يكن يكبر إلا أربعا أربعا سوى تكبيرتين للركعتين، سمع ذلك منه، زعم
(1)
.
فقد يحتمل أن تكون الأربع التي كان يكبرهن في الركعة الأولى سوى تكبيرة الافتتاح، فيكون ما فعل من ذلك موافقا لما ذهب إليه ابن مسعود، وحذيفة، وأبو موسى رضي الله عنهم، ويحتمل أن تكون تكبيرة الافتتاح داخلة فيهن، فيكون ذلك مخالفا لمذهبهم. وأولى بنا أن نحمله على ما وافق قولهم لا على ما خالفه، وقد روي خلاف ذلك أيضا، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
6838 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا الأشعث، عن محمد، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه أنه قال: تسع تكبيرات، خمس في الأولى، وأربع في الآخرة مع تكبيرة الصلاة
(2)
.
6839 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد قال: ثنا هشيم قال: أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك، عن جده، أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إذا كان في منزله بالطَّفّ
(3)
، فلم يشهد العيد إلى مصره جمع مواليه وولده، ثم يأمر مولاه عبد الله بن
(1)
رجاله ثقات.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5711) عن يحيى بن سعيد، عن أشعث به.
(3)
بفتح الطاء المهملة وتشديد الفاء، اسم موضع بناحية الكوفة بينه وبين الكوفة فرسخان، وكان له فيه قصر - وتوفي أنس فيه ودفن هنا.
أبي عتبة فيصلي بهم كصلاة أهل المصر، فذكر مثل حديث عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس رضي الله عنهما الذي ذكرناه في هذا الباب سواء
(1)
.
وقد روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما خلاف ذلك أيضا
6840 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن جابر بن عبد الله، ومسروق وسعيد بن المسيب أنهم قالوا: عشر تكبيرات مع تكبيرة الصلاة
(2)
. وبه يأخذ قتادة.
وقد خالف ذلك أيضا غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
6841 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا ابن عون عن مكحول، قال: حدثني من أرسله سعيد بن العاص فاتفق له أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على ثمان تكبيرات
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (5855)، والبيهقي 3/ 305 من طريق هشيم به.
(2)
رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5707) من طريق أبي أسامة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن جابر، وسعيد بن المسيب به.
(3)
إسناده ضعيف لإبهام الذي روى عنه مكحول وإن قيل هو أبو عائشة فهو مجهول.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5696) من طريق ابن عون به.
فهذا الحديث الذي قد رويناه فيما تقدم من هذا الباب، وفي الأربعة، أبو موسى، وحذيفة رضي الله عنهما وقد صدقا أبا عبد الرحمن فيها أفتى به الوليد بن عقبة، وفيما أفتى به أن تكبيرة الافتتاح سوى هذه الثمان، تكبيرات فثبت بذلك أن التكبيرات التي هي في هذا الحديث، وفي حديث الجوزجاني غير تكبيرة الافتتاح.
فهذا ما روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تكبير العيدين.
وقد روي عن تابعيهم في ذلك اختلاف فمما روي عنهم في ذلك ما
6842 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا عتاب بن بشير عن خصيف، أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كان يكبر سبعا وخمسا
(1)
.
فقال: أهل المقالة الأولى: فهذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله قد وافق مذهبنا مذهبه، قيل لهم: فقد روي عن أكثر التابعين خلاف هذا.
6843 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة عن منصور، عن إبراهيم، أن مسروق بن الأجدع كان يكبر في العيدين تسع تكبيرات
(2)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف رواية عتاب بن بشير عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5723) من طريق خالد بن مخلد، عن ثابت بن قيس قال: صليت خلف عمر بن عبد العزيز به.
(2)
إسناده صحيح.
6844 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال سمعت منصورا يحدث، عن إبراهيم، عن الأسود، ومسروق أنهما كانا يكبران في العيدين تسع تكبيرات
(1)
.
6845 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا، روح، قال: ثنا الأشعث، عن الحسن رحمه الله، قال: تسع تكبيرات خمس في الأولى، وأربع في الآخرة مع تكبيرة الصلاة
(2)
.
6846 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا، روح، قال: ثنا سعيد عن أبي معشر، عن إبراهيم النخعي، قال: تسع تكبيرات
(3)
.
6847 -
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح قال: ثنا شعبة، قال: سمعت حمزة أبا عمارة، قال: سمعت الشعبي يقول: ثلاثا ثلاثا سوى تكبيرة الصلاة
(4)
.
6848 -
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن إبراهيم، قال: ثنا محمد -وهو ابن سيرين-، في تكبير العيدين، فذكر مثل حديث تكبير ابن مسعود رضي الله عنه
(5)
. ووافقه أيضا على الموالاة بين القراءتين.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5710) من طريق غندر، وابن مهدي، عن شعبة، عن منصور، عن إبراهيم عن الأسود ومسروق به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5716) عن إسحاق الأزرق، عن هشام، عن الحسن، ومحمد به.
(3)
إسناده صحيح.
(4)
رجاله ثقات.
(5)
إسناده صحيح.
6849 -
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، عن ابن عون، عن محمد
…
بنحوه
(1)
.
فهذا أكثر من روينا عنه من التابعين قد وافق قوله قول ابن مسعود رضي الله عنه. ولما اختلف في التكبير في صلاة العيدين هذا الاختلاف أردنا أن ننظر في ذلك لنستخرج من أقاويلهم هذه قولا صحيحا.
فنظرنا في ذلك فلم يرو عن أحد منهم أنه فرق بين الصلاة في الفطر والأضحى غير علي رضي الله عنه وكانت صلاة الفطر وصلاة النحر صلاتي عيد مفعولتان لمعنى واحد وهما مستويتان في ركوعهما وسجودهما، فكان النظر أن تكونا سواء، لا اختلاف بين إحداهما وبين الأخرى في سائر حكمهما.
فثبت بما ذكرنا التسوية بين الصلاتين في يوم النحر ويوم الفطر، ثم نظرنا في عدد التكبير فيهما فرأينا سائر الصلوات خالية من هذا التكبير ورأينا صلاة العيدين قد قد أجمع أن فيها تكبيرا زائدا على غيرها من الصلوات.
فكان النظر أن لا يزاد في الصلاة للعيدين على ما في سائر الصلوات غيرهما إلا ما اتفق على زيادته، فكل قد أجمع على زيادة التسع تكبيرات على ما ذهب إليه ابن مسعود، وحذيفة، وابن عباس، وأبو موسى، ومن سمينا معهم رضي الله عنهم.
(1)
إسناده صحيح.
واختلفوا في الزيادة على ذلك، فزدنا في هذه الصلاة ما اتفق على زيادته فيها، ونفينا عنها ما لم يتفق على زيادته فيها. فثبت بذلك ما ذهب إليه أهل هذه المقالة. ثم نظرنا في موضع القراءة منها
فقال الذين ذهبوا: إلى أنها في الركعة الأولى بعد التكبير، وفي الثانية كذلك، قد رأيناكم قد اتفقتم ونحن أن القراءة في الركعة الأولى مؤخرة عن التكبير، فالنظر أن تكون في الثانية كذل، فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأخرى أن التكبير ذكر يفعل في الصلاة وهو غير القراءة.
فنظرنا في موضع الذكر من الركعة الأولى في الصلاة، ومن الركعة الثانية أين موضعه؟. فوجدنا الركعة الأولى فيها الاستفتاح والتعوذ على ما روينا في غير هذا الموضع من كتابنا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمن رويناه عنه من أصحابه رضي الله عنهم، فكان ذلك في أول الصلاة قبل القراءة، فثبت بذلك أن كذلك موضع التكبير في صلاة العيدين في الركعة الأولى هو ذلك الموضع منها. ووجدنا القنوت في الوتر يفعل في الركعة الأخيرة في صلاة الوتر، فكل قد أجمع أنه بعد القراءة، وأن القراءة مقدمة عليه.
وإنما اختلفوا في تقديم الركوع عليه، وفي تقديمه على الركوع، فأما في تأخيره عن القراءة فلا، فثبت بذلك أن موضع التكبير من الركعة الآخرة من صلاة العيد هو بعد القراءة ليستوي موضع سائر الذكر في الصلوات ويكون موضع كل ما اختلف في موضعه منه كموضع ما قد أجمع على موضعه منه. وكل ما بينا في هذا الباب فهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
2 - باب حكم المرأة في مالها
6850 -
حدثنا يونس قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: ثنا الليث، عن عبد الله بن يحيى الأنصاري، عن أبيه، عن جده، أن جدته أتت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلي لها، فقالت: إني تصدقت بهذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنه لا يجوز للمرأة في مالها أمر إلا بإذن زوجها، فهل استأذنت زوجك؟ "، فقالت: نعم. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال: هل أذنت لامرأتك أن تتصدق بحليها هذا؟ "، فقال: نعم، فقبله منها رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى هذا الحديث، فقالوا: لا يجوز للمرأة هبة شيء من مالها ولا الصدقة به دون إذن زوجها.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فأجازوا أمرها كله في مالها، وجعلوها في مالها كزوجها في ماله. واحتجوا في ذلك بقول الله عز وجل:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، فأباح الله عز وجل للزوج ما طابت به نفس
(1)
إسناده ضعيف، عبد الله بن يحيى وأبوه مجهولان.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 5/ 230 معلقا، وابن ماجة (2389)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 6/ 126، والطبراني في الكبير 24/ 654، وفي الأوسط (8671)، وابن الأثير في أسد الغابة 7/ 101، والمزي في ترجمة عبد الله بن يحيى من تهذيب الكمال 16/ 297 من طريق الليث بن سعد به.
(2)
قلت: أراد بهم: طائفة من أهل الحديث، وجماعة من أهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 23/ 262.
(3)
قلت: أراد بهم: جمهور الفقهاء من التابعين، ومن بعدهم، منهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 23/ 262.
امرأته. وبقوله عز وجل: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237]، فأجاز الله عز وجل عفوها عن مالها، بعد طلاق زوجها إياها بغير استثمار من أحد.
فدل ذلك على جواز أمر المرأة في مالها كالرجل في ماله، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق هذا المعنى أيضا. وهو ما قد رويناه عنه في كتاب الزكاة في امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين أخذت حليها، لتذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتتصدق به. فقال عبد الله رضي الله عنه: هلمي تتصدقي به علي، فقالت: لا، حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنته في ذلك، فقال:"تصدقي به عليه، وعلى الأيتام الذين في حجره، فإنهم له موضع". فقد أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة بحليها على زوجها، وعلى أيتامه، ولم يأمرها بالاستيماره فيما تتصدق به على أيتامه.
وفي هذا الحديث أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظ النساء، فقال:"تصدقن" ولم يذكر في ذلك أمر أزواجهن. فدل ذلك أن لهن الصدقة بما أردن من أموالهن بغير أمر أزواجهن وقد
6851 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، وأبو الوليد، قالا: ثنا شعبة، قال: سمعت أيوب يحدث عن عطاء قال: أشهد على ابن عباس رضي الله عنهما، أو أحدث به عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوم فطر، فصلى، ثم خطب، ثم أتى النساء، فأمرهن أن يتصدقن
(1)
.
6852 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل قال: ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عابس، قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما، شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. قال: نعم! ولولا مكاني منه ما شهدته من صغري، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العيد، فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء مع بلال رضي الله عنه فوعظهن، فجعلت المرأة تهوي بيدها إلى رقبتها، والمرأة تهوي بيدها إلى أذنها، فتدفعه إلى بلال وبلال يجعله في ثوبه، ثم انطلق به مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله
(2)
.
6853 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا ابن جريج، قال: حدثني الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شهدت الصلاة مع رسول الله
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (2655)، وأحمد (2593)، والبخاري (98)، وأبو داود (1142)، وابن حبان (2884)، والطبراني (11340) من طرق عن شعبة به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل مؤمل بن إسماعيل.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 168، وأحمد (2062، 3226)، والبخاري (863، 975، 5249،977، 7325)، وأبو داود (1146)، والنسائي في المجتبى 3/ 192، وفي الكبرى (1789)، وأبو يعلى (2701)، وابن حبان (2823) من طرق عن سفيان الثوري به.
صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فكلهم يصليها قبل الخطبة، ثم يخطب بعد، قال: فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم فكأني أنظر إليه يجلس الرجال بيده ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء، ومعه بلال فقال:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12] إلى قوله {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 17]. فقال حين فرغ أنتن على ذلك، فقالت امرأة واحدة لم تجبه غيرها: نعم يا رسول الله! قال: فتصدقن فبسط بلال ثوبه، ثم قال لهن:"ألقين" فجعلن يلقين الفتخ
(1)
والخواتيم في ثوب بلال
(2)
.
6854 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعته يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قام يوم الفطر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم خطب الناس، فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم قام فأتى النساء، فذكرهن وهو يتوكأ على بلال، وبلال باسط ثوبه، فجعل النساء يلقين فيه صدقاتهن
(3)
.
(1)
بفتح الفاء هي: حلقة من فضة لا فص لها، قال: فإذا كان فيها فص فهو الخاتم.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (5632)، وابن أبي شيبة 2/ 170، وأحمد (2004)، والدارمي (1726)، والبخاري (979،962، 4895، 5880)، ومسلم (884)(1)، وأبو داود (1147)، والنسائي في الكبرى (1781)، وابن خزيمة (1458) من طرق عن ابن جريج به.
(3)
إسناده صحيح. =
6855 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبيد بن هشام الحلبي، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن زيد بن رفيع، عن حزام بن حكيم، عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم النساء ذات يوم، فأمرهن بتقوى الله عز وجل، والطاعة لأزواجهن، وأن يتصدقن
(1)
.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر النساء بالصدقات، وقبلها منهن، ولم ينتظر في ذلك رأي أزواجهن.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك أيضا
6856 -
حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا بكير بن الأشج، عن كريب مولى ابن عباس قال: سمعت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: أعتقت وليدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك
= وأخرجه عبد الرزاق (5631)، وأحمد (14163)، والبخاري (978، 958، 961)، ومسلم (885)، وأبو داود (1141)، وابن خزيمة (1444، 1459)، وابن حزم في المحلى 5/ 87، 88، والبيهقي 3/ 298 من طرق عن ابن جريج به.
(1)
حديث صحيح، وإسناده فيه زيد بن رفيع مختلف فيه، قال الذهبي في الميزان: ضعفه الدارقطني وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن حجر في اللسان ذكره ابن حبان في الثقات، وقال كان فقيها ورعا فاضلا، وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه فقال: إنه ما به بأس، وقال أبو داود: جزري ثقة وذكره ابن حبان في الثقات.
وأخرجه ابن حبان (3320، 7479)، والطبراني في الكبير (3109) من طريق عبيد بن هشام الحلبي به.
وأخرجه ابن حبان (7478) عبد الله بن جعفر، عن عبيد الله بن عمرو به.
لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"لو أعطيتها أختك الأعرابية كان أعظم لأجرك"
(1)
.
6857 -
حدثنا الربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا محمد بن خازم، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ميمونة رضي الله عنها
…
مثله
(2)
.
فلو كان أمر المرأة لا يجوز في مالها بغير إذن زوجها لرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاقها، وصرف الجارية إلى الذي هو أفضل من العتاق، فكيف يجوز لأحد ترك
(1)
حديث صحيح، وإسناده ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4376) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (26822)، وأبو يعلى (7109) من طريق الحسن بن موسى عن ابن لهيعة به.
وأخرجه البخاري (2592)، والطبراني في الكبير 23/ 1067، 24/ 57، والبغوي في شرح السنة (1687) من طريق يزيد بن أبي حبيب، ومسلم (999)، والنسائي في الكبرى (4931)، وابن حبان (3343)، والبيهقي في السنن 4/ 179، وفي شعب الإيمان (3424) من طريق عمرو بن الحارث، كلاهما عن بكير بن عبد الله الأشج به.
(2)
إسناده ضعيف محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4377) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن خزيمة (2434) بنفس السند.
وأخرجه النسائي في الكبرى (4934) عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، عن أسد بن موسى به.
وقال المزي في تحفة الأشراف (18074): قال النسائي: هذا الحديث خطأ ولا نعلمه من حديث الزهري، وقال المزي: يعني أن الصواب حديث ابن إسحاق، عن بكير بن عبد الله، عن سليمان بن يسار عن ميمونة به.
آيتين من كتاب الله عز وجل وسنن ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متفق على صحة مجيئها إلى حديث شاذ لا يثبت مثله؟.
ثم النظر من بعد يدل على ما ذكرنا، وذلك أنا رأيناهم لا يختلفون في المرأة، في وصاياها من ثلث مالها أنها جائزة من ثلثها، كوصايا الرجال ولم يكن لزوجها عليها في ذلك سبيل ولا أمر، وبذلك نطق الكتاب العزيز. قال الله عز وجل {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]. فإذا كانت وصاياها في ثلث مالها جائزة بعد وفاتها، فأفعالها في مالها في حياتها أجوز من ذلك. فبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
3 - باب ما يفعله المصلي بعد رفعه من السجدة الأخيرة من الركعة الأولى
6858 -
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو الربيع الزهراني، قال: ثنا حماد بن زيد، قال: ثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، أنه كان يقول لأصحابه: ألا أريكم كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وإن ذلك لفي غير حين الصلاة، فقام فأمكن القيام، ثم ركع، فأمكن الركوع، ثم رفع رأسه وانتصب قائما هنيهة، ثم سجد، ثم رفع رأسه، فتمكن في الجلوس، ثم انتظر هنيهة، ثم سجد، قال أبو قلابة: فصلى كصلاة شيخنا هذا - يعني عمرو بن سلمة - سلمة - قال: فرأيت عمرو بن سلمة يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه، إنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى والثالثة التي لا يقعد فيها استوى قاعدا، ثم قام
(1)
.
6859 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا خالد، عن أبي قلابة، قال: أخبرنا مالك بن الحويرث رضي الله عنه، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته، لم ينهض حتى يستوي قاعدا
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6069) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (20539)، والبخاري (802، 818)، والطبراني في الكبير 19/ 633 من طرق عن حماد بن زيد به.
وأخرجه أحمد (15599)، وأبو داود (843)، والنسائي في المجتبى 2/ 223، 234، وفي الكبرى (737)، والدارقطني في السنن 1/ 345 - 346 من طريق إسماعيل بن علية، والبخاري (677، 824)، وأبو داود (842)، والطبراني في الكبير 19/ 634، والبيهقي 2/ 123 - 124 - من طريق وهيب بن خالد، كلاهما عن أيوب به.
(2)
إسناده صحيح. =
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى أن الرجل إذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى والثالثة قعد حتى يطمئن قاعدا، ثم يقوم بعد ذلك، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: بل يقوم منها، ولا ينتظر أن يستوي قاعدا.
واحتجوا في ذلك بما.
6860 -
حدثني به غير واحد من أصحابنا، منهم علي بن سعيد بن بشير الرازي قال: ثنا أبو همام الوليد بن شجاع السكوني قال: ثنا أبي، قال: ثنا أبو خيثمة قال: ثنا الحسن بن الحر، قال: حدثني عيسى بن عبد بن الله مالك، عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني بن مالك، عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي رضي الله عنه وكان في مجلس فيه أبوه، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي المجلس أبو هريرة وأبو أسيد وأبو حميد الساعدي والأنصار رضي الله عنهم أنهم تذاكروا الصلاة فقال أبو حميد: "أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
= وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6070) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (823)، وأبو داود (844)، والترمذي (287)، وابن خزيمة (686)، وابن حبان (1934)، والبيهقي 2/ 123، والبغوي (668) من طرق عن هشيم به.
(1)
قلت: أراد بهم: عطاء، والحسن البصري، وأبا قلابة والشافعي رحمهم الله، كما في النخب 23/ 277.
(2)
قلت: أراد بهم: النخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 23/ 278.
قالوا: فأرنا، فقام يصلي وهم ينظرون، فكبر ورفع يديه في أول التكبير، ثم ذكر حديثا طويلا، ذكر فيه أنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى، قام، ولم يتورك
(1)
.
فلما جاء هذا الحديث على ما ذكرنا وخالف الحديث الأول احتمل أن يكون ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلة كانت به، فقعد من أجلها، لا لأن ذلك من سنة الصلاة كما قد كان ابن عمر رضي الله عنهما يتربع في الصلاة فلما سئل عن ذلك، قال: إن رجلي لا تحملاني.
فكذلك يحتمل أن يكون ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك القعود كان لعلة أصابته، حتى لا يضاد ذلك ما روي عنه في الحديث الأول، ولا يخالفه، وهذا أولى بنا من حمل ما روي عنه على التضاد والتنافي.
وحديث أبي حميد أيضا فيه حكاية أبي حميد ما حكي بحضرة جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينكر ذلك عليه أحد منهم. فدل ذلك أن ما عندهم في ذلك غير مخالف لما حكاه لهم.
(1)
إسناده حسن من أجل عيسى بن عبد الله بن مالك.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (6071) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن حبان (1866) من طريق الوليد بن شجاع به.
وأخرجه الدارمي 1/ 299، والبخاري في رفع اليدين (5، 6)، وأبو داود (734، 967)، والترمذي (260)، وابن خزيمة (589، 608، 689، 681)، وابن حبان (1871) من طرق عن العباس بن سهل به.
وفي حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه من كلام أيوب ما كان عمرو بن سلمة يفعل من ذلك لم يكن يرى الناس يفعلونه، وهو فقد رأى جماعة من أجلة التابعين. فذلك حجة في دفع ما روي عن أبي قلابة عن مالك أن تكون سنة.
ثم النظر بعد هذا يوافق ما روى أبو حميد رضي الله عنه، وذلك أنا رأينا الرجل إذا خرج في صلاته من حال إلى حال استأنف ذكرا، من ذلك أنا رأيناه إذا أراد الركوع كبر، وخر راكعا، وإذا رفع رأسه من الركوع، قال: سمع الله لمن حمده، وإذا خر من القيام إلى السجود فقال: الله أكبر، وإذا رفع رأسه من السجود، قال: الله أكبر، وإذا عاد إلى السجود فعل ذلك أيضا، وإذا رفع رأسه لم يكبر من بعد رفعه رأسه إلى أن يستوي قائما غير تكبيرة واحدة.
فدل ذلك أنه ليس بين سجوده وقيامه، جلوس ولو كان بينهما جلوس لاحتاج أن يكون تكبيره بعد رفع رأسه من السجود للدخول في ذلك الجلوس، ولاحتاج إلى تكبير آخر إذا نهض للقيام. فلما لم يؤمر بذلك ثبت أن لا قعود بين الرفع من السجدة الأخيرة، والقيام إلى الركعة التي بعدها ليكون ذلك حكم سائر الصلاة مؤتلفا غير مختلف، فبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، رحمهم الله.
4 - باب ما يجب للمملوك على مولاه من الكسوة والطعام
6861 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد (ح)
وحدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا مهدي بن جعفر: قالا: ثنا حاتم بن إسماعيل، قال: ثنا يعقوب بن مجاهد المدني أبو حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: خرجت أنا وأبي نطلب هذا العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أول من لقينا أبو اليسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غلام له، وعليه بردة
(1)
ومعافري
(2)
، وعلى غلامه بردة ومعافري. قال: فقلت له: يا عم! لو أخذت بردة غلامك، فأعطيته معافريك، أو أخذت معافريه وأعطيته، بردتك، فكانت عليك حلة
(3)
، وعليه حلة. قال: فمسح رأسي، وقال: اللهم بارك فيه، ثم قال: يا ابن أخي أبصرت عيناي هاتان وسمعت أذناي هاتان، ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول:"أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون" فكان إن أعطيته من متاع الدنيا أحب إلي من أن يأخذ من حسناتي يوم القيامة
(4)
.
(1)
هي الشملة المخططة وقيل: كساء أسود مربع فيه صفر تلبسه الأعراب.
(2)
بفتح الميم برد منسوب إلى معافر قبيلة باليمن والميم زائدة.
(3)
هي: برود اليمن ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (187)، ومسلم (3007)(74)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (522)، والطبراني في الكبير 19/ 168 (379) من طرق عن حاتم بن إسماعيل به.
وأخرجه الشهاب القضاعي في مسنده (462) من طريق حنظلة بن عمرو الزرقي، عن أبي حرزة به.
6862 -
حدثنا محمد بن سنان الشيرازي قال: ثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، قال: ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن المعرور بن سويد، قال: خرجنا حجاجا أو معتمرين، فلقينا أبا ذر رضي الله عنه بالربذة، فإذا عليه برد، وعلى غلامه برد مثله. فقلنا له يا أبا ذر! لو أخذت هذا البرد إلى بردك لكانت حلة وكسوته بردا غيره، فقال أبو ذر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إخوانكم جعلهم الله عز وجل تحت أيديكم
(1)
، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، ويلبسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه"
(2)
6863 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: أخبرنا أبو عامر العقدي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن مورق عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لائمكم من خدمكم فأطعموهم ما تأكلون واكسوهم مما تكتسون ومن لا يلائمكم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله عز وجل"
(3)
.
(1)
في الأصول "أقدامكم"، والمثبت من ن.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1661)، وأبو داود (5158) من طريق عيسى بن يونس به.
وأخرجه عبد الرزاق (17965)، والبخاري (6050)، ومسلم (1661)، وأبو داود (5158)، وابن ماجة (3690)، والبزار (3992)، وأبو عوانة (6068، 6069، 6070)، والبغوي (2402) من طرق عن الأعمش به.
(3)
إسناده منقطع، مورق العجلي لم يسمع من أبي ذر.
وأخرجه أحمد (21483) عن أبي عامر العقدي به.
وأخرجه أحمد (21515) من طريق سفيان، وأبو داود (5161) من طريق جرير، كلاهما عن منصور به.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(1)
إلى أن على الرجل أن يسوي بين مملوكه وبين نفسه في الطعام والكسوة. واحتجوا في ذلك بما رويناه في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما رويناه من مذهب أبي اليسر، وأبي ذر رضي الله عنهما، الذي ذكرناه في ذلك.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: الذي يجب للمملوك على مولاه هو طعامه وكسوته لا غير ذلك مما يوسع به الرجل على نفسه. واحتجوا في ذلك.
6864 -
بما حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي، قال: ثنا سفيان بن عيينة، قال: ثنا ابن عجلان عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عجلان أبي محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق"
(3)
.
(1)
قلت: أراد بهم: الأعمش، ومورق بن مشمرج، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 23/ 289.
(2)
قلت: أراد بهم: الجمهور من التابعين، ومن بعدهم، منهم: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وآخرين رحمهم الله، كما في النخب 23/ 289.
(3)
إسناده حسن، من أجل محمد بن عجلان وعجلان احتج به مسلم وقد توبع.
وأخرجه الشافعي 2/ 66، وعبد الرزاق (17967)، والحميدي (1155)، وأحمد (7364)، وابن حبان (4313)، والبيهقي 6/ 8، وابن عبد البر في التمهيد 24/ 286، والبغوي (2403) من طرق عن سفيان بن عيينة به.
قالوا: فهذا الذي يجب للمملوك على سيده، وكان أولى الأشياء بنا لما روي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحمل ما روينا قبله في هذا الباب على ما وافقه ما وجدنا إلى ذلك سبيلا.
فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون قد يحتمل أن يكون أراد بذلك الخبز والأدم، والثياب من الكتان والقطن، فإذا شاركوا مواليهم في ذلك، فقد أكلوا مما يأكلون، ولبسوا مما يلبسون، فوافق ذلك معنى حديث أبي هريرة رضي الله عنه وإنما تجب المساواة لو قال: أطعموهم مثل ما تأكلون، واكسوهم مثل ما تلبسون فلو كان قال هذا لم يجز للموالي أن يفضلوا أنفسهم على عبيدهم في كسوة ولا في طعام، ولكنه إنما قال: أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون، فلم يكن في ذلك وجوب المساواة بينهم وبينهم في الكسوة والطعام، وإنما فيه وجوب الكسوة مما يلبسون، ووجوب الطعام مما يأكلون، وإن كانوا في ذلك غير متساويين. وقد دل على ذلك أيضا ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
6865 -
حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي، عن سفيان أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كفى أحدكم خادمه طعامه حره ودخانه فليجلسه، فليأكل معه، فإن أبى فليأخذ لقمة، فليروغها
(1)
ثم ليطعمها إياه"
(2)
.
(1)
أي: فليشربها من دسم الطعام ثم ليطعمها إياه.
(2)
إسناده صحيح. =
6866 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله أكلة أو أكلتين أو قال: لقمة، أو لقمتين، فإنه ولي حره وعلاجه ودخانه"
(1)
.
أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وسع على المولى أن يطعم عبده صنعته له عبده لقمة واحدة، ثم يستأثر هو بما بقي من ذلك من طعامه الذي قد ولي الطعام بعد تلك اللقمة، فدل ذلك أن معنى ما أراد بقوله صلى الله عليه وسلم: أطعموهم مما تأكلون إنه لم يرد به المساواة وكذلك معنى قوله: "واكسوهم مما تلبسون".
وأما ما فعل أبو اليسر فعلى الإشفاق منه والخوف لا على غير ذلك. وهذا الذي صححنا عليه معاني هذه الآثار قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
= وأخرجه الشافعي 2/ 65 - 66، والحميدي (1070)، وأحمد (7338)، والبيهقي 8/ 8 من طريق سفيان بن عيينة به.
وأخرجه أبو يعلى (6320) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق المدني، عن أبي الزناد به.
وأخرجه ابن ماجة (3290) من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج به.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن راهويه (92)، والدارمي (2074)، وأحمد (9307)، والبخاري (2557، 5460)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1167)، والبيهقي في السنن 8/ 8، وفي الشعب (8566) من طرق عن شعبة به.
5 - باب إنشاد
(1)
الشعر في المساجد
6867 -
حدثنا يونس قال: ثنا عبد الله بن يوسف قال حدثني الليث قال: حدثني محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تنشد الأشعار في المساجد، وأن تباع فيه السلع
(2)
، وأن يتحلق فيه قبل الصلاة
(3)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(4)
إلى كراهة إنشاد الشعر في المساجد، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(5)
، فلم يروا بإنشاد الشعر في المسجد بأسا إذا كان ذلك الشعر مما لا بأس بإنشاده وبروايته في غير المسجد. واحتجوا في ذلك بما قد رويناه
(1)
من أنشد الشعر: إذا قاله.
(2)
بكسر السين وفتح اللام جمع سلعة.
(3)
إسناده حسن.
وأخرجه الترمذي (322)، والنسائي في المجتبى 2/ 48، وفي الكبرى (796، 993) من طريق قتيبة، عن الليث به. وأخرجه أحمد (6676)، وأبو داود (1079)، وابن ماجة (749، 766، 1133)، والنسائي في المجتبى 47/ 2، وفي الكبرى (795)، وابن خزيمة (1304، 1306، 1816)، والفاكهي في أخبار مكة (1267) من طرق عن محمد بن عجلان به.
(4)
قلت: أراد بهم: مسروق بن الأجدع والحسن البصري، وعمرو بن شعيب رحمهم الله، كما في النخب 23/ 298.
(5)
قلت: أراد بهم: جمهور الفقهاء من التابعين، ومن بعدهم، منهم الأئمة الأربعة، وأصحابهم رحمهم الله، كما في النخب 23/ 299.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الموضع أنه وضع لحسان منبرا في المسجد ينشد عليه الشعر وبما رويناه مع ذلك من حديث حسان رضي الله عنه، حين مر به عمر رضي الله عنه وهو ينشد الشعر في المسجد، فزجره عمر رضي الله عنه. فقال له حسان رضي الله عنه قد كنت أنشد فيه الشعر مع من هو خير منك، وذلك بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر ذلك عليه منهم أحد، ولا أنكره عليه أيضا عمر رضي الله عنه. وكان حديث يونس الذي قد بدأنا بذكره في أول هذا الباب وقد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بذلك الشعر الذي نهى عنه أن ينشد في المسجد، هو الشعر الذي كانت قريش تهجوه به.
ويجوز أن يكون من الشعر الذي تؤبن
(1)
فيه النساء، وتزر
(2)
فيه الأموات
(3)
على ما قد ذكرناه في باب رواية الشعر من جواب الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن الزبير رضي الله عنه بذلك حين أنكر عليهم إنشاد الشعر حول الكعبة.
وقد يجوز أيضا أن يكون أراد بذلك الشعر الذي يغلب على المسجد حتى يكون كل من فيه أو أكثر من فيه متشاغلا بذلك كمثل ما تأول عليه ابن عائشة
(4)
وأبو عبيد
(1)
من أبنه يأبنه إذا رماه بخلة سوء فهو مأبون.
(2)
أي تنقص فيه الأموات.
(3)
في الأصول "الأموال"، والمثبت من ن.
(4)
هو عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي شيخ أبي داود.
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا على ما قد ذكرنا ذلك عنهما في غير هذا الموضع، فيكون الشعر المنهي عنه في هذا الحديث هو خاص من الشعر، وهو الذي فيه معنى من هذه المعاني الثلاثة التي ذكرنا، حتى لا يضاد ذلك ما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إباحة ذلك وما عمل به من أصحابه من بعده.
فإن قال قائل: فإذا كان كما ذكرت فلم قصد إلى المسجد؟ والذي ذكرت من الذي هُجِي به النبي صلى الله عليه وسلم، والذي أبنت فيه النساء، ورزئت فيه الأموات، مكروه في غير المسجد كما هو مكروه في المسجد، ولو كان كما ذكرت لم يكن لذكره في المسجد معنى.
قيل له: قد يجري الكلام كثيرا بذكر معنى، فلا يكون ذلك المعنى بذلك الحكم الذي جرى في ذلك الذكر مخصوصا، من ذلك قول الله عز وجل:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23]. فذكر الربيبة التي قد كانت في حجر ربيبها، فلم تكن ذلك على خصوصيتها، لأنها كانت في حجره بذلك الحكم، وإخراجها منه إذا لم تكن كانت في حجه، ألا ترى أنها لو كانت أكبر منه أنها عليه حرام كحرمتها لو كانت صغيرة في حجره؟ وقال عز وجل أيضا في الصيد {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة:
95]. فأجمعت العلماء إلا من شذ منهم أن قتله إياه ساهيا كذلك في وجوب الجزاء، فلم يكن ذكره فيما ذكرنا من هاتين الآيتين يوجب خصوص الحكم.
فكذلك ما روينا من ذكره المسجد في الشعر المنهي عن روايته ليس فيه دليل على خصوصية المسجد بذلك، وكذلك أيضا ما نهي عنه من البيع في المسجد، هو البيع الذي يعمه، أو يغلب عليه حتى يكون كالسوق، فذلك مكروه، فأما ما سوى ذلك فلا.
وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على إباحة العمل الذي ليس من القرب في المسجد.
6868 -
حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني قال: أنا شريك، عن منصور عن ربعي بن حراش، عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا معشر قريش ليبعثن الله عليكم رجلا امتحن الله به قلبه للإيمان
(1)
، يضرب رقابكم على الدين". فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا هو يا رسول الله؟ قال: "لا". فقال عمر رضي الله عنه: أنا هو يا رسول الله؟ قال "لا، ولكنه خاصف
(2)
النعل في المسجد"، قال: وقد كان ألقى إلى علي رضي الله عنه نعله يخصفها
(3)
.
(1)
أي: صفى قلبه وهذبه للإيمان.
(2)
من خصف نعله: إذا خرزها.
(3)
إسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله النخعي
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4053) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الترمذي (3715)، والقطيعي في زوائد فضائل الصحابة (1105)، والنسائي في خصائص على (31)، والحاكم 4/ 298 من طريق شريك بن عبد الله به.
أفلا ترى! أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينه عليا رضي الله عنه عن خصف النعل في المسجد، وأن الناس لو اجتمعوا حتى يعموا المسجد بخصف النعال كان ذلك مكروها. فلما كان ما لا يعم المسجد من هذا غير مكروه، وما يعمه منه، أو يغلب عليه مكروها كان كذلك البيع، وإنشاد الشعر والتحلق فيه قبل الصلاة ما عمه من ذلك فهو مكروه، وما لم يعمه منه، ولم يغلب عليه، فليس بمكروه، والله أعلم بالصواب.
6 - باب: شراء الشيء الغائب
6869 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامي، قال: أنا أبي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة
(1)
.
6870 -
حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
6871 -
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (2207) من طريق إسحاق بن وهب، عن عمر بن يونس، وهو مكرر سابقه رقم (5192).
(2)
إسناده صحيح.
وهو في موطأ مالك 2/ 503، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 144، والبخاري (821،2146)، والنسائي 7/ 259، والبيهقي 5/ 341، والبغوي (2101).
(3)
إسناده صحيح
وأخرجه النسائي في المجتبى 7/ 260، وفي الكبرى (6057) بنفس السند.
وأخرجه البخاري (5820)، ومسلم (1512)، وأبو داود (3379) من طريق يونس بن يزيد به.
وأخرجه أحمد (11902)، ومسلم (1512)، والنسائي 7/ 261 من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري به.
6872 -
حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا محمد بن إدريس، عن سفيان، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6873 -
حدثنا ربيع بن سليمان الجيزي، قال: ثنا حسان بن غالب، ويحيى بن عبد الله بن بكير، قالا: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى أن الرجل إذا ابتاع ما لم يره لم يجز ابتياعه إياه، وذهبوا في ذلك إلى تأويل تأولوه في هذا الحديث فقالوا الملامسة ما لمسه مشتريه بيده من غير أن ينظر إليه بعينه، قالوا: والمنابذة هي: من هذا المعنى أيضًا، وهو قول الرجل للرجل: انبذ إلي ثوبك وأنبذ إليك ثوبي على أن كل واحد منهما مبيع لصاحبه من غير
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الحميدي (747)، وابن أبي شيبة 7/ 43، وأحمد (11022)، والدارمي (2724)، والبخاري (6284)، وأبو داود (3377)، والنسائي 7/ 260، 8/ 210، وابن ماجة (2170، 3559)، وأبو يعلى (1116،976)، وابن الجارود (592)، والبيهقي 5/ 342 من طرق عن سفيان بن عيينة به.
(2)
إسناده صحيح، وحسان بن غالب متابع.
وأخرجه أحمد (9435)، ومسلم (1511، 1545)(104)، والترمذي (1224، 1758)، والبيهقي 5/ 308 من طريق قتيبة بن سعيد، عن يعقوب بن عبد الرحمن به.
(3)
قلت: أراد بهم: الأوزاعي، وأبا الزناد، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 23/ 312.
نظر من كل واحد من المشتريين إلى ثوب صاحبه، وممن ذهب إلى هذا التأويل مالك بن أنس رحمه الله.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فقالوا: من اشترى شيئا غائبا عنه، فالبيع جائز، وله فيه خيار الرؤية إن شاء أخذه، وإن شاء تركه، وذهبوا في تأويل الحديث الأول إلى أن الملامسة المنهي عنها فيه هي: بيع كان أهل الجاهلية يتبايعونه فيما بينهم، فكان الرجلان يتراوضان
(2)
على الثوب، فإذا لمسه المساوم به كان بذلك مبتاعا له، ووجب على صاحبه تسليمه إليه، وكذلك المنابذة كانوا أيضا يتقاولون في الثوب، وفيما أشبهه، ثم يرميه ربه إلى الذي قاوله عليه، فيكون ذلك بيعا منه إياه، ثوبه ولا يكون له بعد ذلك نقضه، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وجعل الحكم في البياعات أن لا يجب إلا بالمعاقدات المتراضى عليها، فقال:"البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"، فجعل إلقاء أحدهما إلى صاحبه الثوب قبل أن يفارقه غير قاطع لخياره.
ثم اختلف الناس بعد ذلك في كيفية تلك الفرقة على ما قد ذكرنا من ذلك في موضعه من كتابنا هذا، وممن ذهب إلى هذا التأويل أبو حنيفة رضي الله عنه. ولما اختلفوا
(1)
قلت: أراد بهم: الشعبي، والنخعي، والثوري، والزهري، وابن شبرمة، والحسن، وابن سيرين، ومكحولا، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر رحمهم الله، كما في النخب 23/ 313.
(2)
من المراوضة وهو: التجاذب في البيع والشراء، وهو ما يجري بين المتابعين من الزيادة والنقصان، كأن كل واحد منهما يروض، صاحبه من رياضة الدابة.
في ذلك أردنا أن ننظر فيما سوى هذا الحديث من الأحاديث هل فيه ما يدل على أحد القولين اللذين ذكرناهما. فنظرنا في ذلك
6874 -
فإذا إبراهيم بن محمد الصيرفي قد حدثنا، قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: ثنا حماد، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد
(1)
.
فدل ذلك على إباحة بيعه بعدما يشتد وهو في سنبله، لأنه لو لم يكن كذلك لقال حتى يشتد ويبرأ
(2)
من سنبله. فلما جعل الغاية
(3)
في البيع المنهي هي شدته ويبوسته دلّ ذلك أن البيع بعد ذلك بخلاف ما كان عليه في البدء، فلما جاز بيع الحب المغيب في السنبل الذي لم يينع
(4)
، دل هذا على جواز بيع ما لا يراه المتبايعان إذا كانا يرجعان منه إلى معلوم كما يرجعان من الحنطة المبيعة المغيبة في السنبل إلى حنطة معلومة، وأولى الأشياء بنا في مثل هذا إذ كنا قد وقفنا على تأويل هذا الحديث، واحتمل الحديث الآخر موافقته أو مخالفته أن نحمله على موافقته، لا على مخالفته.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (3371)، وابن حبان (4993)، والترمذي (1228) من طريق الوليد الطيالسي به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 116، وأحمد (13314)، والترمذي (1228)، وابن ماجة (2217)، وأبو يعلى (3744)، والدارقطني 3/ 47 - 48، والحاكم 2/ 19، والبيهقي 5/ 301، والبغوي (2082) من طرق عن حماد بن سلمة به.
(2)
في ن "يرى".
(3)
في ن "العلة".
(4)
في الأصول "يبع"، والمثبت من ن، وهو: من ينع الثمر إذا أدرك ونضج.
6875 -
وقد حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب في تفسير الملامسة، والمنابذة: قال كان القوم يتبايعون السلع لا ينظرون إليها ولا يخبرون عنها، والمنابذة: أن يتنابذ القوم السلع لا ينظرون إليها، ولا يخبرون عنها فهذا من أبواب القمار
(1)
.
6876 -
حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ربيعة، قال: كان هذا من أبواب القمار فنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
فهذا الزهري وهو أحد من روي عنه هذا الحديث قد أجاز للرجل أن يشتري ما قد أخبر عنه، وإن لم يكن عاينه. ففي ذلك دليل على جواز ابتياع الغائب.
فقال قائل: ممن ذهب إلى التأويل الذي قدمنا ذكره في أول هذا الباب من أين أجزتم بيع الغائب وهو مجهول؟. قيل له: ما هو بمجهول في نفسه لأنه متى رجع إليه رجع إلى معلوم بنفسه، فهو كبيع الحنطة في سنبلها المرجوع منها إلى حنطة معلومة وإنما الجهل في هذا هو جهل البائع والمشتري، فأما المبيع في نفسه فغير مجهول.
وإنما المجهول الذي لا يجوز بيعه هو المجهول في نفسه الذي لا يرجع منه إلى معلوم كبعض طعام غير مسمى باعه رجل من رجل فذلك البعض غير معلوم، وغير مرجوع منه إلى معلوم فالعقد على ذلك غير جائز، وقد وجدنا البيع يجوز عقده على طعام بعينه على أنه كذا وكذا قفيزا، والبائع والمشتري لا يعلمان حقيقة كيله، فيكون من حقوق
(1)
إسناده صحيح.
(2)
رجاله ثقات.
البيع وجوب الكيل للمشتري على البائع، ولا يكون جهلهما به يوجب وقوع البيع على كيل مجهول إذا كانا يرجعان منه إلى كيل معلوم، فكذلك الطعام الغائب إذا بيع والمشتري والبائع به جاهلان لا يكون جهلهما به يوجب وقوع البيع على شيء مجهول إذا كانا يرجعان منه إلى طعام معلوم.
فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
وقد روينا فيما تقدم من كتابنا هذا أن عثمان وطلحة رضي الله عنهما تبايعا مالا بالكوفة. فقال عثمان لي الخيار، لأني بعت ما لم أر، وقال طلحة: لي الخيار، لأني ابتعت ما لم أر، فحكم بينهما جبير بن مطعم فقضى أن الخيار لطلحة ولا خيار لعثمان رضي الله عنه. فاتفق هؤلاء الثلاثة بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على جواز بيع شيء غائب عن بائعه، وعن مشتريه وقد.
6877 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: أخبرني سالم، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ركب يوما مع عبد الله بن بحينة وهو رجل من أزد شنوءة، حليف لبني عبد المطلب بن عبد مناف وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أرض له بريم، فابتاعها منه عبد بن عمر رضي الله عنهما على أن ينظر إليها وريم من المدينة على قريب من ثلاثين ميلا
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
فهذا عبد الله بن عمر، وعبد الله بن بحينة رضي الله عنهم قد تبايعا ما هو غائب عنهما، ورأيا ذلك جائزا.
فإن قال قائل: إنما جاز ذلك لاشتراط ابن عمر رضي الله عنهما الخيار.
قيل له: إن ذلك الخيار لم يجب لابن عمر رضي الله عنهما من جهة الاشتراط، ولو كان من جهة الاشتراط وجب لكان البيع فاسدا ألا ترى! أن رجلا لو اشترى من رجل عبدا، أو أرضا على أنه بالخيار فيها لا إلى وقت معلوم أن البيع فاسد. وابن عمر رضي الله عنهما في هذا الحديث الذي رويناه عنه لم يشترط خيار الرؤية إلى وقت معلوم، فدل ذلك أن ذلك الخيار الذي اشترطه، هو خيار يجب له بحق العقد وهو خيار الرؤية الذي ذهب إليه طلحة وجبير فيما رويناه عنهما، لا خيار شرط وقد
6878 -
حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني يونس، عن ابن شهاب عن سالم، قال: قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا إذا تبايعنا كان كل واحد منا بالخيار ما لم يتفرق المتبايعان، قال فتبايعت أنا وعثمان، فبعته مالا لي بالوادي بمال له بخيبر، قال: فلما بايعته طفقت
(1)
أنكص القهقرى
(2)
على عقبي، خشية أن يترادني في البيع عثمان قبل أن أفارقه
(3)
.
(1)
أي: أخذت أتأخر وأرجع إلى ورائي وأنكص وهو الرجوع إلى وراء.
(2)
في الأصول هكذا، وفي ن "أنكص على عقبي القهقرى".
(3)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه الدارقطني (2787) من طريق يحيى بن بكير، عن الليث به. =
فهذا عثمان بن عفان، وعبد الله بن عمر رضي رضي الله عنهم قد تبايعا ما هو غائب عنهما، ورأيا ذلك جائزا، وذلك بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليهما منكر.
6879 -
وقد حدثنا ربيع بن سليمان المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن محمد بن عمير، قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين أن يقول الرجل للرجل: انبذ إلي ثوبك، وأنبذ إليك ثوبي من غير أن يقلبا
(1)
أو يتراضيا أو يقول: دابتي بدابتك من غير أن يقلبا، أو يتراضيا
(2)
.
ففي هذا الحديث إجازة البيع بالتراضي، ودليل على أن المنابذة المنهي عنها ما ذهب إليه أبو حنيفة رضي الله عنه لا ما ذهب إليه مخالفه، والحمد لله رب العالمين.
= وذكره البخاري (2116) معلقا عن الليث، عن عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب به.
(1)
في الأصول "يعلما"، والمثبت من ن.
(2)
إسناده ضعيف لجهالة محمد بن عمير المحاربي.
وأخرجه النسائي في الكبرى (9750)، والمزي في تهذيب الكمال 36/ 235 من طريق أبي الأحوص به.
7 - باب: تزويج الأب ابنته البكر هل يحتاج في ذلك إلى استثمارها؟
6880 -
حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قال: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فقد أذنت، وإن أنكرت لم تكره"
(1)
.
6881 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبيد الله بن محمد التيمي، قال: أنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اليتيمة تستأمر، فإن رضيت فلها رضاها، وإن أنكرت فلا جواز عليها"
(2)
.
(1)
إسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5727) بإسناده ومتنه
وأخرجه البيهقي 7/ 120 من طريق الحسن بن ميمون، عن أبي نعيم به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 139، والدارمي (2185)، وأحمد (19516)، والبزار (1423 زوائد)، وأبو يعلى (7229، 7327)، وابن حبان (4085)، والدارقطني 3/ 241، 242، والحاكم 2/ 166، 167، والبيهقي 7/ 120 - 122 من طرق عن يونس بن أبي إسحاق به.
(2)
إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة الليثي به.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5728) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (8988)، وأبو داود (2093)، والبيهقي 7/ 122 من طريقين عن حماد بن سلمة به وأخرجه عبد الرزاق (10297)، وابن أبي شيبة 4/ 138، وأبو داود (2094)، والترمذي (1109)، والنسائي 6/ 87، وأبو يعلى (7328)، وابن حبان (4079، 4086)، والحاكم 2/ 166، والبيهقي 7/ 120 - 122 من طرق عن محمد بن عمرو به.
6882 -
حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمرو، قال: حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(2)
إلى أن للرجل أن يزوج ابنته البكر البالغة بغير أمرها ولا استئذانها ممن رأى، ولا رأي لها في ذلك معه عندهم، قالوا: ولما قصد النبي صلى الله عليه وسلم في الأثرين المذكورين في أول هذا الباب بما ذكر فيهما من الصمات، المحكوم له بحكم الإذن إلى اليتيمة، وهي التي لا أب لها دل ذلك أن ذات الأب في ذلك بخلافها، وأن أمر أبيها عليها أوكد من أمر سائر أوليائها بعد أبيها. وممن ذهب إلى هذا القول، مالك بن أنس رحمهم الله.
وخالفهم في ذلك آخرون
(3)
، فقالوا: ليس لولي البكر أبا كان أو غيره أن يزوجها إلا بعد استئمارها. وقالوا: ليس في قصد النبي صلى الله عليه وسلم في الأثرين المرويين في
(1)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5729) بإسناده ومتنه.
(2)
قلت: أراد بهم الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والليث بن سعد، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 23/ 328.
(3)
قلت: أراد بهم الأوزاعي، والثوري، والحسن بن حي، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد في رواية، وهي اختيار أبي بكر من أصحابه، وأبا عبيد، وأبا ثور، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 23/ 330.
ذلك في أول هذا الباب إلى اليتيمة ما يدل على أن غير اليتيمة في ذلك على خلاف حكم اليتيمة. فقد يجوز أن يكون أراد بذلك سائر الأبكار اليتامى وغيرهن. وخص اليتيمة بالذكر إذ كان لا فرق بينها في ذلك وبين غيرها، ولأن السامع ذلك منه في اليتيمة البكر يستدل به على حكم البكر غير اليتيمة.
وقد رأينا مثل هذا في القرآن قال الله عز وجل فيما حرم من النساء {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23]، فذكر الربيبة التي في حجر الزوج، فلم يكن ذلك على تحريم الربيبة التي في حجر الزوج دون الربيبة التي هي أكبر منه بل كان التحريم عليهما جميعا.
فكذلك ما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في البكر اليتيمة ليس على اليتيمة البكر خاصة بل هو على البكر اليتيمة وغير اليتيمة، وكان ما سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك في اليتيمة البكر دليلا لهم أن ذات الأب فيه كذلك إذ كانوا قد علموا أن البكر قبل بلوغها إلى أبيها عقد البياعات على أموالها، وعقد النكاحات على بضعها. ورأوا بلوغها، يرفع ولاية أبيها عليها في العقود على أموالها، فكذلك يرفع عنها العقود على بضعها.
ومع هذا فقد روى أهل هذا المذهب لمذهبهم آثارا احتجوا له بها، غير أن في بعضها طعنا على مذهب أهل الآثار، وأكثرها سليم من ذلك وسنأتي بها كلها وبعللها وفساد ما يفسده أهل الآثار منها في هذا الباب إن شاء الله تعالى. فمما رووا في ذلك مما طعن فيه أهل الآثار ما
6883 -
حدثنا أبو أمية، ومحمد بن علي بن داود، قالا: ثنا الحسين بن محمد المروذي قال: ثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا زوج ابنته وهي بكر وهي كارهة، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فخيرها
(1)
.
فكان من طعن من يذهب إلى الآثار، والتمييز بين رواتها وتثبيت ما روى الحفاظ منهم، وإسقاط ما روى من هو دونه أن قالوا هكذا روى هذا الحديث جرير بن حازم وهو رجل كثير الغلط. وقد رواه الحفاظ عن أيوب على غير ذلك منهم سفيان الثوري وحماد بن زيد وإسماعيل بن علية. فذكروا في ذلك.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5746) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (2469)، وأبو داود (2096)، والنسائي في الكبرى (5387)، وابن ماجة (1875)، وأبو يعلى (2526)، والدارقطني 2343 - 235، والبيهقي 7/ 117، والخطيب 8/ 118 من طرق عن الحسين بن محمد المروذي به.
6884 -
ما حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا عبد الرحمن بن عبد الوهاب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين رجل وبين امرأته، زوجها أبوها، وهي كارهة، وكانت ثيبا
(1)
.
فثبت بذلك عندهم خطأ خطأ جرير في هذا الحديث من وجهين: أما أحدهما: فإدخاله ابن عباس فيه. وأما الآخر فذكره أنها كانت بكرا، وإنما كانت ثيبا. ومما روي في ذلك أيضا.
6885 -
ما حدثنا أحمد بن أبي عمران، وإبراهيم بن أبي داود وعلي بن عبد الرحمن قالوا: ثنا أبو صالح الحكم بن موسى، قال: ثنا شعيب بن إسحاق الدمشقي، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلا زوج ابنته وهي بكر بغير أمرها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ففرق بينهما
(2)
.
(1)
إسناده مرسل صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5747) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود في المراسيل (232) من طريق حماد، عن أيوب، عن عكرمة به.
وأخرجه عبد الرزاق (10305) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، وأيوب، عن عكرمة به.
(2)
إسناده منقطع، قال الدارقطني: الأوزاعي لم يسمع من عطاء، وقال الدارقطني في السنن إثر (3520): الصحيح مرسل، وقول شعيب وهم.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5748) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (5384)، والدارقطني 3/ 233، والبيهقي 7/ 117 من طرق عن الحكم بن موسى به.
فكان من الحجة لمن يذهب في ذلك إلى تتبع الأسانيد أن هذا الحديث لا يعلم أن أحدا ممن رواه عن شعيب ذكر فيه جابرا غير أبي صالح هذا. فممن رواه وأسقط منه جابرا علي بن معبد.
6886 -
حدثنا محمد بن العباس، عن علي بن معبد عن شعيب بن إسحاق، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، ولم يذكر جابر رضي الله عنه
(1)
.
وقد رواه عمرو بن أبي سلمة، عن الأوزاعي، فبين من فساد ما هو أكثر من هذا.
6887 -
حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: ثنا الأوزاعي، عن إبراهيم بن مرة، عن عطاء بن أبي رباح، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
(2)
.
فصار هذا الحديث عن الأوزاعي عن إبراهيم بن مرة عن عطاء، وإبراهيم بن مرة هذا فضعيف الحديث، ليس عند أهل الآثار من أهل العلم أصلا.
ومما روى في ذلك أيضا مما لا طعن لأحد فيه
(1)
إسناده مرسل.
وأخرجه الدارقطني (3521) من طريق أبي المغيرة عن الأوزاعي، عن عطاء به.
(2)
إسناده مرسل.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5749) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (5385) من طريق أحمد بن عبد الواحد الدمشقي، عن عمرو بن أبي سلمة به.
وأخرجه الدارقطني (3520) من طريق عيسى بن يونس، عن الأوزاعي به.
6888 -
ما حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا أخبره (ح)
وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، وصالح بن عبد الرحمن الأنصاري، قالا، ثنا القعنبي عبد الله بن مسلمة (ح)
وحدثنا محمد بن العباس قال: ثنا القعنبي وإسماعيل بن مسلمة، قالا: ثنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر في نفسها، وإذنها صماتها"
(1)
.
6889 -
وحدثنا الحسين بن نصر، قال: ثنا يوسف بن عدي قال: ثنا حفص بن غياث، عن عبد الله بن عبد الله بن موهب عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5731، 5732، 5733) بإسناده ومتنه.
وهو في موطأ مالك 2/ 524، 525، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/ 12، وعبد الرزاق (10282)، وسعيد بن منصور (556)، وابن أبي شيبة 4/ 136، والدارمي (2188)، وأحمد (1888)، ومسلم (1421)(66)، وأبو داود (2098)، والترمذي (1108)، والنسائي 6/ 84، وابن ماجة (1870)، وابن حبان (4084، 4087)، والطبراني (10743، 10744، 10745)، والدارقطني 3/ 239 - 240 - 241، والبيهقي 7/ 118، 122، والبغوي (2254).
(2)
إسناده حسن في الشواهد والمتابعات من أجل عبيد الله بن عبد الله بن موهب.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5736) بإسناده ومتنه. =
6890 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد بن موسى قال: ثنا عيسى بن يونس، عن ابن موهب
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
6891 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد قال أخبرنا سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن عبد الله بن الفضل سمع نافع بن جبير، يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر"
(2)
.
فلما كانت الأيم المذكورة في هذا الحديث التي وليها أي ولي كان من أب أو غيره، كان كذلك البكر المذكورة فيه هي البكر التي وليها أي ولي كان من أب أو غيره.
وقد روى هذا الحديث صالح بن كيسان عن نافع بن جبير بلفظ غير هذا اللفظ.
6892 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن صالح بن كيسان عن نافع بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
= وأخرجه الدارمي (2190)، وأحمد (2481)، والطبراني (10747)، والدارقطني 3/ 242 من طرق عن عبيد الله بن عبد الله بن موهب به.
(1)
إسناده حسن كسابقه، وهو مكرر سابقه
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5736) بإسناده ومتنه.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5736) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الحميدي (517)، وأحمد (1898)، ومسلم (1421)(67، 68)، وأبو داود (2099)، والنسائي 6/ 85، والدارقطني 3/ 240 - 241، وابن حبان (4088)، والطبراني (10745) من طريق سفيان بن عيينة به.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس للأب مع الثيب أمر، والبكر تستأمر، وإذنها صماتها"
(1)
.
فهذا معناه ومعنى الأول سواء. والبكر المذكورة في هذا الحديث هي البكر ذات الأب، كما أن الثيب المذكورة فيه كذلك، فهذا ما روي في هذا الباب، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأما عائشة رضي الله عنها فروي في ذلك عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم ما
6893 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: سمعت ابن أبي مليكة، يقول: قال ذكوان مولى عائشة سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا؟ قال: "نعم! تستأمر". فقلت: إنها تستحيي فتسكت قال: "فذاك إذنها إذا هي سكتت"
(2)
.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل يحيى بن عبد الحميد.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5735) بإسناده ومتنه
وأخرجه ابن حبان (4089) من طريق حبان بن موسى، والدارقطني 3/ 239 من طريق سويد، كلاهما عن ابن المبارك به.
وأخرجه عبد الرزاق (10299)، ومن طريقه أحمد (3087)، وأبو داود (2100)، والنسائي 6/ 85، والدارقطني 393، والبيهقي 7/ 118 عن معمر به.
وقال الدارقطني في سننه 3/ 239: صالح لم يسمع من نافع بن جبير، وإنما سمعه من عبد الله بن الفضل.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5738) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 122/ 7 من طريق حجاج بن منهال به. =
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سوى بين أهل البكر جميعا في تزويجها، ولم يفصل في ذلك بين حكم أبيها، ولا بين حكم غيره من سائر أهلها.
وأما أبو هريرة رضي الله عنه فروي في ذلك عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
6894 -
ما حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن". قالوا: وكيف إذنها يا رسول الله؟ قال: "الصمت"
(1)
.
6895 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن عبد الوهاب، عن وكيع، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6896 -
حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال: ثنا الوليد بن مسلم، (ح)
= وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 136، وابن راهويه (1746)، وأحمد (24185)، والبخاري (6946، 6971)، ومسلم (1420)، وأحمد (24185)، والنسائي في المجتبى 6/ 85 - 86، وفي الكبرى (5376)، وابن الجارود (708)، وأبو يعلى (4803)، وابن حبان (408)، والبيهقي، 7/ 119، 122، 123، والبغوي (2255) من طرق عن ابن جريج به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5740) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (9605)، والبخاري (5136، 6968)، ومسلم (1419)(64)، والنسائي 6/ 86، وابن الجارود (707)، والبيهقي 7/ 119 من طرق عن هشام به.
(2)
إسناده صحيح.
وحدثنا محمد بن الحجاج وربيع المؤذن قالا ثنا بشر بن بكر، قالا: ثنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
فقد جمع في ذلك بين سائر الأولياء، ولم يجعل للأب في ذلك حكما زائدا على حكم من سواه منهم، فدل ذلك أن المعنى الذي ذكرنا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رويناه عن محمد بن عمرو في أول هذا الباب، كما ذكرنا ليوافق معناه معنى هذا الحديث، ولا يضاده. ولئن كان هذا الأمر يؤخذ من طريق فضل بعض الرواة على بعض في الحفظ والإتقان والجلالة، فإن يحيى بن أبي كثير أجل من محمد بن عمرو وأتقن، وأرجح رواية، لقد فضله أيوب السختياني على أهل زمان ذكره فيه.
6897 -
حدثنا ابن أبي داود: قال ثنا موسى بن إسماعيل المنقري، قال: ثنا وهيب بن خالد، قال: سمعت أيوب، يقول: ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى بن أبي كثير
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5741) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن ماجة (1871)، والبيهقي 7/ 122 من طريقين عن الوليد بن مسلم به.
وأخرجه البيهقي 7/ 122 من طريق بشر بن بكريه.
وأخرجه الدارمي 2/ 138، ومسلم (1419)، والترمذي (1107)، وأبو يعلى (6013)، والدارقطني 2/ 238 من طرق عن الأوزاعي به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه المزي في تهذيب الكمال 31/ 507 معلقا، والبخاري في التاريخ الكبير 8/ 302 من طريق موسى بن إسماعيل، عن وهيب به.
وليس محمد بن عمرو عندهم في هذه المرتبة، ولا في قريب منها، بل قد تكلم فيه جماعة منهم مالك بن أنس رحمه الله. فروى عنه.
6898 -
ما حدثني أحمد بن داود، قال: ثنا سليمان بن داود المنقري، قال: ثنا عبد الرحمن بن عثمان البكراوي قال كنت عند مالك بن أنس فذكر عنده محمد بن عمرو. فقال: حملوه، يعني الحديث، فتحمل
(1)
.
وأما عدي الكندي فروى عنه في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
6899 -
ما حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب قال حدثني الليث بن سعد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن عدي بن عدي الكندي، عن أبيه عدي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها"
(2)
.
6900 -
حدثنا بحر، عن شعيب عن الليث
…
بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف لضعف سلميان بن داود المنقري.
(2)
رجاله ثقات، لكنه منقطع فإن عدي بن عدي لم يسمع من أبيه، قال البوصيري: عدي لم يسمع من أبيه عدي بن عميرة يدخل بينهما العرس بن عميرة قاله أبو حاتم وغيره.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5743) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 7/ 123 من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب به.
وأخرجه أحمد (17722)، وابن ماجة (1872)، والطبراني في الكبير 17/ 264، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 291، والبيهقي 7/ 123 من طرق عن الليث به.
(3)
إسناده منقطع كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5744) بإسناده ومتنه.
6901 -
حدثنا يحيى بن عثمان، قال: ثنا عمرو بن الربيع بن طارق، قال: ثنا يحيى بن أيوب، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عدي بن عدي، عن أبيه، عن العرس وهو ابن عميرة رضي الله عنه وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله
…
مثله
(1)
.
فهذا كنحو ما روى يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا تصحيح الآثار في هذا الباب، فدل أن أبا البكر لا يزوجها بعد بلوغها إلا كما يزوجها سائر أوليائها بعده.
وقد قدمنا من ذكر النظر في ذلك في أول هذا الباب ما يغنينا عن إعادته هاهنا فبذلك كله نأخذ أي:
(2)
لا يزوج أب البكر ابنته البكر البالغة إلا بعد استئماره إياها في ذلك، وعند صماتها عند ذلك الاستثمار وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله. وقد احتج قوم في ذلك بما روي في بنت نعيم بن النحام رضي الله عنه.
(1)
إسناده منقطع عدي بن عدي لم يسمع من أبيه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5745) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 7/ 123 من طريق محمد بن إسحاق، عن عمرو بن الربيع بن طارق به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2430)، والطبراني 17/ 342 من طريق سفيان بن عامر، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين به.
وقال الطبراني: زاد سفيان بن عامر في الإسناد العرس، ورواه الليث بن سعد عن أبي حسين، فلم يجاوز عدي بن عميرة.
(2)
في الأصول "نرى أن"، والمثبت من ن.
6902 -
حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي، مريم، قال: ثنا جدي سعيد بن أبي مريم قال وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن إبراهيم بن نعيم بن عبد الله بن النحام أخبره أن أباه أخبره، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه اخطب علي ابنة عبد الله بن النحام فقال له: إن له بني أخ ولم يكن لينكحك ويتركهم، فذهب ابن عمر رضي الله عنهما إلى زيد بن الخطاب فكلمه، فخطب عليه. فقال ابن النحام ما كنت لأترب
(1)
لحمي، وأرفع لحمكم فأنكحها ابن أخيه، وكان هوى
(2)
الجارية وأمها في ابن عمر رضي الله عنهما. فذهبت المرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن أباها أنكحها ولم يؤامرها، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحها. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشيروا على النساء في أنفسهن وكانت الجارية بكرا. فقال ابن النحام يا رسول الله! إنما يكرهونه من أجل أنه لا مال له، فإن له في مالي مثل ما أعطاهم ابن عمر رضي الله عنهما
(3)
.
قالوا: ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز عليها نكاح أبيها وهي كارهة له إذ كانت بكرا، ولم يجعل لها مع أبيها رأيا في عقد النكاح عليها.
قيل لهم: لو كان هذا الحديث صحيحا ثابتا على ما روينا، وكيف يكون ذلك كذلك وقد رواه الليث بن سعد فخالف عبد الله بن لهيعة في إسناده ومتنه.
(1)
من ترب الشيء تتريبا إذا لطخه بالتراب.
(2)
أي: ميلها.
(3)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة، ولضعف شيخ الطحاوي.
6903 -
حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث قال: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن إبراهيم بن صالح بن عبد الله، واسمه الذي يعرف به نعيم بن النحام ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه صالحا، أنه أخبره أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: اخطب علي ابنة صالح؟ فقال له: إن له يتامى ولم يكن ليؤثرنا عليهم فانطلق عبد الله إلى عمه زيد بن الخطاب ليخطب عليه، فانطلق زيد بن الخطاب إلى صالح فقال: إن عبد الله بن عمر أرسلني إليك يخطب ابنتك، فقال: لي يتامى ولم أكن لأترب لحمي، وأرفع لحمكم، إني أشهدك أني قد أنكحتها فلانا، وكان هوى أمها في عبد الله بن عمر فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله! خطب عبد الله بن عمر ابنتي، فأنكحها أبوها يتيما في حجره، ولم يؤامرها، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صالح فقال:"أنكحت ابنتك ولم تؤامرها؟، فقال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشيروا على النساء في أنفسهن" وهي بكر فقال صالح: إنما فعلت هذا لما يصدقها ابن عمر، فإن لها في مالي مثل ما أعطاها
(1)
.
ففي هذا الحديث خلاف ما في الحديث الأول من الإسناد، ومن المتن جميعا، لأن هذا الحديث إنما هو موقوف على إبراهيم بن صالح والأول قد جوز به إبراهيم بن صالح
(1)
إسناده مرسل إبراهيم بن صالح لم يدرك القصة.
وأخرجه أحمد (5720) من طريق يونس بن محمد، عن الليث به.
إلى أبيه وإلى ابن عمر رضي الله عنهما: فقد كان ينبغي على مذهب هذا المخالف لنا أن يجعل ما روى الليث بن سعد في هذا أولى مما رواه عبد الله بن لهيعة، لثبت الليث وضبطه وقلة تخليط حديثه، ولما في حديث عبد الله بن لهيعة من ضد ذلك.
وأما ما في متن هذا الحديث مما يخالف حديث عبد الله بن لهيعة، فإن فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنعيم لما بلغه ما عقد على ابنته من النكاح بغير رضاها:"أشيروا على النساء في أنفسهن" فكان بذلك ردا على نعيم لأن نعيما لم يشاور ابنته في نفسها. فهذا خلاف ما في حديث عبد الله بن لهيعة.
فإن قال قائل: فليس في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم فسخ النكاح.
قيل له: ذلك عندنا - والله أعلم أن ابنة نعيم لم تحضر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتسأله ذلك. وإنما كانت حضرته أمها، لا عن توكيل منها إياها بذلك حتى كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم يجب لها به الكلام عنها.
فكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من الكلام لنعيم على جهة التعليم. فلم يفسخ النكاح، إذ كان ذلك من جهة القضاء وإن كان القضاء لا يجب إلا الحاضر باتفاق المسلمين جميعا.
ولقد روى الوليد بن مسلم، عن ابن أبي ذئب عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلا زوج ابنته وهي بكر، وهي كارهة فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه عنها.
فكيف يجوز أن يحمل حديث نعيم بن النحام على ما رواه عبد الله بن لهيعة إذ كان قد رده إلى عبد الله بن عمر، وهذا نافع، فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما خلاف ذلك. ثم قد وجدنا حديثا قد روي في أمر ابنة نعيم بن النحام ما يدل على أنها كانت أيما.
6904 -
حدثنا القاسم بن عبد الله بن مهدي، قال: ثنا أبو مصعب الزهري، قال: أنا حاتم بن إسماعيل، عن الضحاك بن عثمان، عن يحيى بن عروة، عن أبيه، أن عبد الله بن عمر أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إني قد خطبت ابنة نعيم بن النحام وأريد فتكلمه لي. فقال عمر رضي الله عنه: إني أعلم بنعيم منك، أن عنده ابن أخ أن تمشي معي له يتيما، ولم يكن لينقض لحوم الناس ويترب لحمه، فقال: إن أمها قد خطبت إلي، فقال عمر رضي الله عنه: إن كنت فاعلا. فاذهب معك بعمك زيد بن الخطاب قال: فذهبا إليه فكلماه، قال: فكأنهما سمع مقالة عمر رضي الله عنه فقال: مرحبا بك وأهلا، وذكر من منزلته وشرفه، ثم قال: إن عندي ابن أخ لي يتيم ولم أكن لأنقض لحوم الناس وأترب لحمي. قال: فقالت أمها من ناحية البيت والله لا يكون هذا حتى يقضي به علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحبس أيما من بني عدي على ابن أخيك سفيه؟ قالت: أو
ضعيف. قال: ثم خرجت حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر، فدعا نعيما، فقص عليه كما قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنعيم:"صل رحمك وأرض أيمك وأمها، فإن لهما من أمرهما نصيبا"
(1)
ففي هذا الحديث أن بنت نعيم بن النحام كانت أيما، فذلك أبعد من أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح أبيها عليها، وهي كارهة، وبالله التوفيق.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي في المعرفة (13578) من طريق أبي بكر محمد بن النضر الجارودي، عن أبي مصعب.
8 - باب المقدار الذي يُحرم الصدقة على مالكه
6905 -
حدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا أيوب بن سويد، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثني ربيعة بن يزيد عن أبي كبشة السلولي، قال: حدثني سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سأل الناس عن ظهر غنى، فإنما يستكثر من جمر جهنم. قلت يا رسول الله، وما ظهر غنى؟ قال: "أن يعلم أن عند أهله ما يغديهم أو ما يعشيهم"
(1)
.
6906 -
حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، قال: ثنا بشر بن بكر، قال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر
…
ثم ذكر مثله بإسناده
(2)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(3)
إلى أن من ملك هذا المقدار حرمت عليه الصدقة، ولم تحل له المسألة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
(1)
إسناده ضعيف لضعف أيوب بن سويد الرملي.
وأخرجه أحمد (17625)، وابن حبان (545) من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (486) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود (1629، 2548)، وابن خزيمة (2391)، والطبراني في مسند الشاميين (585)، والبيهقي 7/ 25 من طريق ربيعة بن يزيد به.
(3)
قلت: أراد بهم جماعة من أهل الحديث، منهم: أحمد بن حنبل رحمهم الله، كما في النخب 23/ 368.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فقالوا: من ملك أوقية من الورق، وهي أربعون درهما أو عدلها من الذهب حرمت عليه الصدقة، ولم تحل له المسألة، ومن ملك ما دون ذلك لم تحرم عليه الصدقة. واحتجوا في ذلك.
6907 -
بما حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني أسد قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول لرجل يسأله: من سأل منكم وعنده أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا والأوقية يومئذ أربعون درهما"
(2)
.
6908 -
وبما حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا بشر بن عمر قال: ثنا مالك بن أنس
…
ثم ذكر بإسناده مثله
(3)
.
6909 -
وبما حدثنا يزيد قال: ثنا محمد بن كثير، قال: ثنا سفيان الثوري، عن زيد بن أسلم
…
ثم ذكر بإسناده مثله
(4)
.
(1)
قلت: أراد بهم: الحسن البصري، وأبا عبيد، ومالكا في رواية، والوليد رحمهم الله، كما في النخب 23/ 369.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (487) بإسناده ومتنه.
وهو في موطأ مالك 2/ 599، ومن طريقه أخرجه أبو داود (1627)، والنسائي في المجتبى 5/ 98 - 99، والبغوي في شرح السنة (1601).
(3)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (16411)، وأبو عبيد في الأموال (1734)، وابن زنجويه في الأموال (2074) من طرق عن سفيان به.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
، فقالوا: من ملك خمسين درهما أو عدلها من الذهب حرمت عليه الصدقة، ولم تحل له المسألة، ومن ملك ما دون ذلك لم تحرم عليه الصدقة. واحتجوا في ذلك.
6910 -
بما حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا الفريابي (ح)
وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم قالا: ثنا سفيان الثوري، عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يسأل عبد مسألة، وله ما يغنيه إلا جاءت شينا
(2)
، أو كدوحا
(3)
، أو خدوش
(4)
في وجهه يوم القيامة". قيل: يا رسول الله! وماذا غناه؟ قال: خمسون درهما أو حسابها من الذهب"
(5)
.
(1)
قلت: أراد بهم: إبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، والحسن بن حي، وعبد الله بن المبارك، ومالكا في رواية، وأحمد في الأصح، والشافعي في قول، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 23/ 372.
(2)
هو خلاف الزين.
(3)
بضم الكاف بمعنى: الخدوش، وكل أثر من خدش أو عض فهو: كدح.
(4)
من خدشت المرأة وجهها: إذا خمشتها بظفر أو حديد.
(5)
إسناده ضعيف لضعف حكيم بن جبير.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (488) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 180، والدارمي 1/ 386، وأحمد (3675)، وأبو داود (1626)، والترمذي (651)، والنسائي 5/ 97، وابن ماجة (1840)، وأبو يعلى (5217)، والشاشي (479)، والدارقطني 2/ 122، والحاكم 1/ 407، والبيهقي 7/ 24، والخطيب 3/ 205 من طريق عن سفيان به.
6911 -
حدثنا أحمد بن خالد البغدادي، قال: ثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا يحيى بن آدم، قال: ثنا سفيان الثوري
…
فذكر بإسناده مثله. غير أنه قال: كدوحا في وجهه، ولم يشك، وزاد فقيل لسفيان ولو كان غير حكيم؟ فقال: حدثنا زبيد، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد
(1)
.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: من ملك مئتي درهم، حرمت عليه المسألة، ومن ملك دونها لم تحرم عليه المسألة، ولم تحرم عليه الصدقة أيضا. واحتجوا في ذلك بما.
6912 -
حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني أبي، عن رجل من مزينة أنه أتى أمه فقالت: يا بني لو ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته، قال: فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم يخطب الناس، وهو يقول:"من استغنى أغناه الله استعف أعفه الله، ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق سأل إلحافا"
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (489) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الترمذي (651)، والحاكم 1/ 407، وابن عدي 2/ 636 من طريق يحيى بن آدم به.
(2)
قلت: أراد بهم: عبد الله بن شبرمة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 23/ 377.
(3)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (490) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (17237) عن أبي بكر الحنفي به.
قال أبو جعفر فلما اختلفوا في ذلك وجب الكشف عما اختلفوا فيه لنستخرج من هذه الأقوال قولا صحيحا فرأينا الصدقة لا تخلو من أحد وجهين إما أن تكون حراما لا يحل منها إلا ما يحل من الأشياء المحرمات عند الضرورات إليها، أو تكون تحل إلى أن يملك مقدارا من المال، فتحرم على مالكه فرأينا من ملك دون ما يغديه، أو دون ما يعشيه كانت الصدقة له حلالا باتفاق الفرق كلها، فخرج بذلك حكمها من حكم الأشياء المحرمات التي تحل عند الضرورة.
ألا ترى! أن من اضطر إلى الميتة أن الذي يحل له منها هو ما يمسك به نفسه لا ما يشبعه حتى يكون له غداء، أو حتى يكون له عشاء. فلما كان الذي يحل من بخلاف ما يحل من الصدقة هو الميتة عند الضرورة: ثبت أنها إنما تحرم على مالك مقدار ما.
فأردنا أن ننظر في ذلك المقدار ما هو؟ فرأينا من ملك دون ما يغدي، أو دون ما يعشي لم يكن بذلك غنيا. وكذلك من ملك أربعين درهما، أو خمسين درهما، أو ما هو دون المئتي درهم فإذا ملك مئتي درهم كان بذلك غنيا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه في الزكاة "خذها من أغنيائهم، واجعلها في فقرائهم".
فعقلنا بذلك أن مالك المئتين غني، وأن مالك دونها غير غني. فثبت بذلك أن الصدقة حرام على مالك المئتي درهم، فصاعدا، وأنها حلال لمن يملك ما هو دون ذلك، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله.
9 - باب فرض الزكاة في الإبل السائمة فيما زاد على عشرين ومائة
6913 -
حدثنا علي بن شيبة، قال ثنا يزيد بن هارون، قال أخبرنا حبيب بن أبي حبيب، قال: ثنا عمرو بن هرم قال حدثني محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز أرسل إلى المدينة يلتمس كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقات وكتاب عمر، فوجد عند آل عمرو بن حزم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم في الصدقات، ووجد عند آل عمر كتاب عمر في الصدقات مثل كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسخا فحدثني عمرو، أنه طلب آل محمد بن عبد الرحمن
(1)
أن ينسخه ما في ذينك الكتابين، فنسخ له ما في هذا الكتاب، فكان مما في ذلك الكتاب "أن الإبل إذا زادت على تسعين واحدة: ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى أن تبلغ عشرين ومائة، فإذا بلغت الإبل عشرين ومائة، فليس فيما زاد منها دون العشر شيء. فإذا بلغت ثلاثين ومائة، ففيها بنتا لبون وحقة إلى أن تبلغ أربعين ومائة. فإذا كانت أربعين ومائة، ففيها حقتان، وابنة لبون إلى أن تبلغ خمسين ومائة، فإذا كانت خمسين ومائة ففيها ثلاث حقاق، ثم أجرى الفريضة كذلك حتى تبلغ ثلاثمائة. فإذا بلغت ثلثمائة، ففيها من كل خمسين حقة، ومن كل أربعين بنت لبون"
(2)
.
(1)
في الأصول هكذا، وفي ن دونه.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن زنجويه في الأموال (1389)، والقاسم بن سلام في الأموال (947)، والدارقطني (1968)، والبيهقي 4/ 91، والحاكم 1/ 552 من طرق عن يزيد بن هارون عن حبيب بن أبي حبيب به، وقرن الحاكم مع حبيب محمد بن إسحاق.
قال أبو جعفر: فذهب إلى هذا الحديث قوم
(1)
فقالوا به.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: ما زاد على العشرين والمائة ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون. وتفسير ذلك أنه لو زادت الإبل بعيرا واحدا على عشرين ومائة وجب بزيادة هذا البعير حكم ثان غير حكم العشرين والمائة. فوجب في كل أربعين بنت لبون ثم يجرون ذلك كذلك، حتى تبلغ الزيادة تمام المائة والثلاثين، فيجعلون فيها حقة وبنتي لبون.
ثم يكون ذلك كذلك حتى تتناهى الزيادة إلى أربعين ومائة، فإذا كانت أربعين ومائة، كان فيها حقتان وبنت لبون إلى خمسين ومائة. فإذا كانت خمسين ومائة كان فيها ثلاث حقاق، ثم يجرون الفرض في الزيادة على ذلك كذلك أبدا، واحتجوا في ذلك من الآثار بما.
6914 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني أبي، عن ثمامة بن عبد الله، عن أنس رضي الله عنه، أن أبا بكر الصديق لما استخلف وجه أنس بن مالك إلى البحرين فكتب له هذا الكتاب هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله عز وجل بها رسوله، فمن
(1)
قلت: أراد بهم: محمد بن إسحاق صاحب المغازي، ومالك بن أنس، وأبا عبيد القاسم بن سلام، وأحمد في رواية رحمهم الله، كما في النخب 23/ 386.
(2)
قلت أراد بهم الأوزاعي، والشافعي وأحمد وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 23/ 387.
سئلها من المؤمنين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعطه. فكان في كتابه ذلك: أن الإبل إذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة
(1)
.
6915 -
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر الضرير، قال: ثنا حماد سلمة، قال: بن أرسلني ثابت البناني إلى ثمامة بن عبد الله بن أنس الأنصاري؛ ليبعث إليه بكتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عنه، الذي كتبه لأنس بن مالك رضي الله عنه حين بعثه مصدقا، قال حماد: فدفعه إلي، فإذا عليه خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا فيه ذكر فرائض الصدقات، ثم ذكر مثل حديث ابن مرزوق
(2)
.
6916 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الحكم بن موسى أبو صالح، قال: ثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، قال حدثني الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2128) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (1448، 1453)، وابن ماجة (1800)، وابن الجارود (342)، وابن خزيمة (2261، 2279، 2281، 2296)، وابن حبان (3266)، والدارقطني 2/ 113 - 114، والبيهقي 4/ 85، والبغوي (1570) من طرق عن محمد بن عبد الله الأنصاري به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2129) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (72)، وأبو داود (1567)، والنسائي 5/ 27، والبزار (41)، والمروزي (70)، وأبو يعلى (127)، والدارقطني 2/ 114، والحاكم 1/ 390، والبيهقي 4/ 86 من طرق عن حماد بن سلمة به.
اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات، وبعث به مع عمرو بن حزم، ثم ذكر فيما زاد على العشرين والمائة من الإبل كذلك أيضا
(1)
.
6917 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عبد الله بن لهيعة، عن عمارة بن غزية الأنصاري، عن عبد الله بن أبي بكر الأنصاري، أخبره أن هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في الصدقات. فذكر فيما زاد على العشرين والمائة من الإبل، كذلك أيضا
(2)
.
6918 -
حدثنا أحمد بن داود بن موسى قال: ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لعمرو بن حزم فرائض الإبل، ثم ذكر فيما زاد على العشرين والمائة كذلك أيضا
(3)
.
(1)
إسناده ضعيف سليمان بن داود هو سليمان بن أرقم غلط الحكم بن موسى في اسم والده، فقال: سليمان بن داود حكي ذلك غير واحد من العلماء وسليمان بن أرقم ضعيف بالاتفاق.
وأخرجه الدارمي (1744، 1751، 1758، 2413 مقطعا)، وأبو داود في المراسيل (259)، والنسائي في المجتبى 8/ 57، وفي الكبرى (7029)، وابن حبان (6559) من طرق عن الحكم بن موسى به.
(2)
إسناده حسن لرواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (602) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن وهب في الجامع (182) بهذا الإسناد.
(3)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (606) بإسناده ومتنه. =
6919 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب في الصدقة، وهي عند آل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أقرأنيها سالم وعبد الله ابنا ابن عمر رضي الله عنهما، فوعيتها على وجهها، وهي التي نسخ عمر بن عبد العزيز رحمه الله من سالم وعبد الله ابني ابن عمر حين أمر على المدينة وأمر عمَّاله بالعمل بها
…
ثم ذكر هذا الحديث
(1)
.
قالوا: وقد عمل بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فذكروا في ذلك
6920 -
ما حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن موسى بن عقبة عن نافع، عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان يأخذ على هذا الكتاب فذكر فرائض الإبل وفيما ذكر منها أن ما زاد على عشرين ومائة، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة
(2)
.
= وأخرجه عبد الرزاق (17314، 17358، 17679،17619،17488،17457،17408، 17694)، والدارمي (1745) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في أحكام القرآن (612) وشرح مشكل الآثار (5820) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أحمد (4632)، وأبو داود (1568)، والترمذي (621)، وأبو يعلى (5471،5470)، والحاكم 1/ 392 - 393، والبيهقي 4/ 88، 105، 106 من طريق سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه به.
(2)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (614) بإسناده ومتنه
وأخرجه ابن زنجويه في الأموال (1394) من طريق علي بن الحسين، عن ابن المبارك به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (9893) من طريق سفيان، عن موسى بن عقبة به.
وخالفهم في ذلك آخرون
(1)
فقالوا: ما زاد على العشرين والمائة من الإبل استؤنفت فيه الفريضة. فكان في كل خمس منها شاة حتى تتناهى الزيادة إلى خمس وعشرين، فيكون فيها بنت مخاض إلى تسع وأربعين ومائة. فإذا كانت خمسين ومائة، ففيها ثلاث حقاق، ثم كذلك الزيادة ما كان دون الخمسين، ففيها فرائض مستأنفات على حكم أول فرائض الإبل، فإذا كملت خمسين، ففيها حقة، واحتجوا في ذلك من الآثار.
6921 -
بما حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب بن ناصح، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: قلت لقيس بن سعد اكتب لي كتاب أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، فكتبه لي في ورقة، ثم جاء بها، وأخبرني أنه أخذه من كتاب أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وأخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه لجده عمرو بن حزم رضي الله عنه في ذكر ما يخرج من فرائض الإبل، فكان فيه: أنها إذا بلغت تسعين ففيها حقتان إلى أن تبلغ عشرين ومائة. فإذا كانت أكثر من ذلك، ففي كل خمسين حقة، فما فضل فإنه يعاد إلى أول فريضة الإبل، فما كانت أقل من خمس وعشرين، ففيه الغنم في كل خمس ذود شاة
(2)
.
(1)
قلت: أراد بهم: إبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا رحمهم الله، كما في النخب 23/ 397.
(2)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (617) بإسناده ومتنه.
وأخرجه أبو داود في المراسيل 1/ 128 عن موسى بن إسماعيل، قال: قال حماد: قلت لقيس بن سعد
…
6922 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر الضرير، قال: ثنا حماد بن سلمة
…
ثم ذكر مثله
(1)
.
قال أبو جعفر: فلما اختلفوا في ذلك وجب النظر؛ لنستخرج من هذه الأقوال الثلاثة قولا صحيحا. فنظرنا في ذلك، فرأيناهم جميعا قد جعلوا العشرين والمائة نهاية لما وجب فيما زاد على التسعين. وقد رأينا ما جعل نهاية فيما قبل ذلك إذا زادت الإبل عليه شيئا وجب بزيادتها فرض غير الفرض الأول.
من ذلك: أنا وجدناهم جعلوا في خمس من الإبل شاة، ثم بينوا لنا أن الحكم كذلك فيما زاد على الخمس إلى تسع. فإذا زادت واحدة أوجبوا بها حكما مستقبلا فجعلوا فيها شاتين، ثم بينوا لنا أن الحكم كذلك، فيما زاد إلى أربع عشرة، فإذا زادت واحدة أوجبوا بها حكما مستقبلا، فجعلوا فيها ثلاث شياه، ثم بينوا لنا أن الحكم كذلك فيما زاد على العشرين، فإذا كانت عشرين ففيها أربع شياه، ثم أجروا الفرض كذلك فيما زاد إلى عشرين ومائة كلما أوجبوا شيئا بينوا أنه الواجب فيها أوجبوه فيه إلى نهاية معلومة. فكل ما زاد على تلك النهاية شيء انتقض به الفرض الأول إلى غيره، أو إلى زيادة عليه. فلما كان ذلك كذلك وكانت العشرون والمائة قد جعلوها نهاية لما أوجبوه في الزيادة على التسعين، ثبت أن ما زاد على العشرين يجب به شيء إما زيادة على الفرض الأول، وإما
(1)
رجاله ثقات.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (618) بإسناده ومتنه.
وأخرجه إسحاق بن راهويه كما في النخب 23/ 399 عن حماد بن سلمة به.
غير ذلك، فثبت بما ذكرنا فساد قول أهل المقالة الأولى وثبت تغير الحكم بزيادة على العشرين والمائة.
ثم نظرنا بين أهل المقالة الثانية والمقالة الثالثة. فوجدنا الذين يذهبون إلى المقالة الثانية يوجبون بزيادة البعير الواحد على العشرين والمائة رد حكم جميع الإبل إلى ما يجب فيه بنات اللبون في قولهم، وهو ما ذكرنا عنهم أن في كل أربعين بنت لبون.
فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الثالثة أنا رأينا جميع ما يزيد على النهايات المسماة في فرائض الإبل فيما دون العشرين والمائة يتغير بتلك الزيادة الحكم وأن لتلك الزيادة حصة فيما وجب بها ومن ذلك أن في أربع وعشرين أربعا من الغنم، فإذا زادت واحدة كانت فيها بنت مخاض إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت واحدة ففيها بنت لبون، فكانت بنت المخاض واجبة في الخمس والعشرين لا في بعضها. وكذلك بنت اللبون واجبة في الستة والثلاثين كلها لا في بعضها وكذلك سائر الفرائض في الإبل حتى تتناهى إلى عشرين ومائة، لا ينتقل الفرض بزيادة لا شيء فيها، بل ينتقل بزيادة فيها شيء.
ألا ترى أن في عشر من الإبل شاتين، فإذا زادت بعيرا، فلا شيء فيه، ولا تتغير بزيادته حكم العشرة التي كانت قبله. فإذا كانت الإبل خمس عشرة، كان فيها ثلاث شياه، فكانت الفريضة واجبة في البعير الذي كمل به ما يجب فيه ثلاث شياه وفيها قبله. فلما كان ما ذكرنا كذلك، وكانت الإبل إذا زادت بعيرا واحدا على عشرين ومائة بعير،
فكل قد أجمع أنه لا شيء في هذا البعير؛ لأن الذين أوجبوا استئناف الفريضة لم يوجبوا فيه شيئا، ولم يغيروا به حكما.
والذين لم يوجبوا استئناف الفريضة من أهل المقالة الثانية جعلوا في كل أربعين من العشرين والمائة بنت لبون، ولم يجعلوا في البعير الزائد على ذلك شيئا.
فلما ثبت أن الفرض فيما قبل العشرين والمائة لا ينتقل إلا بما يجب فيه جزء من الفرض الواجب به، وكان البعير الزائد على العشرين والمائة لا يجب فيه شيء من فرض إن وجب به، فثبت أنه غير مغير فرض غيره عما كان عليه قبل حدوثه.
فثبت بما ذكرنا قول من ذهب إلى المقالة الثالثة، وممن ذهب إليها أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، رحمهم الله. وقد روي ذلك أيضا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
6923 -
حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن خصيف، عن أبي عبيدة وزياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال في فرائض الإبل: إذا زادت على تسعين: ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإذا بلغت العشرين ومائة استقبلت الفريضة بالغنم، في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسا وعشرين ففرائض الإبل. فإذا كثرت الإبل، ففي كل خمسين حقة
(1)
.
(1)
إسناده منقطع.
وأخرجه ابن أبي شيبة كما في النخب 23/ 405 من طريق عبد السلام، والطبراني في الكبير 9/ 318 (9589) من طريق زائدة، كلاهما عن خصيف به.
وقد روي ذلك أيضا، عن إبراهيم النخعي رحمه الله.
6924 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، قال: أنا أبو عوانة، عن منصور بن المعتمر، قال: قال إبراهيم النخعي: إذا زادت الإبل على عشرين ومائة، ردت إلى أول الفرض
(1)
.
فإن احتج أهل المقالة الثانية لمذهبهم، فقالوا: معنى الآثار المتصلة شاهدة لقولنا، وليس ذلك مع مخالفنا.
قيل لهم: أما على مذهبكم فأكثرها لا تجب لكم به الحجة على مخالفكم؛ لأنه لو احتج عليكم بمثل ذلك لم تسوغوه إياه، ولجعلتموه باحتجاجه بذلك عليكم جاهلا بالحديث.
فمن ذلك أن حديث ثمامة بن عبد الله، إنما وصله عبد الله بن المثنى وحده، لا نعلم أحدا وصله غيره وأنتم لا تجعلون عبد الله بن المثنى حجة. ثم قد جاء حماد بن سلمة، وقدره عند أهل العلم في العلم أجل من قدر عبد الله بن المثنى، وهو ممن يحتج به، فروى هذا الحديث عن ثمامة منقطعا. فكان يجيء على أصولكم، أن يكون هذا الحديث يجب أن يدخل في معنى المنقطع، ويخرج من معنى المتصل؛ لأنكم تذهبون إلى أن زيادة غير الحافظ على الحافظ غير ملتفت إليها. وأما حديث الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فإنما رواه عن الزهري سليمان بن داود وقد سمعت ابن أبي داود، يقول:
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (9911) عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم به.
سليمان بن داود هذا وسليمان بن داود الحراني عندهم ضعيفان جميعا. وسليمان بن داود الذي يروي عن عمر بن عبد العزيز عندهم ثبت.
ومما يدل أيضا على وهاء هذا الحديث أن أصحاب الزهري المأخوذ علمه عنهم مثل يونس بن يزيد، ومن روى عن الزهري في ذلك شيئا، إنما روى عنه الصحيفة التي عند آل عمر رضي الله عنه أفترى الزهري يكون فرائض الإبل عنده، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، وهم جميعا أئمة وأهل علم مأخوذ عنهم فيسكت عن ذلك، ويضطره الأمر إلى الرجوع إلى صحيفة عمر غير مروية، فيحدث الناس بها، هذا عندنا مما لا يجوز على مثله.
فإن قال قائل: فإن حديث معمر عن عبد الله بن أبي بكر حديث متصل، لا مطعن لأحد فيه.
قيل له: ما هو بمتصل؛؛ لأن معمرا إنما رواه عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن جده، وجده محمد بن أبي بكر، وهو لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ولا ولد إلا بعد أن كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب لأبيه؛ لأنه إنما ولد بنجران قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة، ولم ينقل في الحديث إلينا أن محمد بن
عمرو بن حزم روى هذا الحديث عن أبيه. فقد ثبت انقطاع هذا الحديث أيضا، والمنقطع فأنتم لا تحتجون به.
فقد ثبت أن كل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب منقطع. فإن كنتم لا تسوغون لمخالفكم الاحتجاج بالمنقطع في غير هذا الباب، فلم تحتجون عليه به في هذا الباب؟ فإن وجب أن يكون عدم الاتصال في موضع من المواضع يزيل قبول الخبر إنه ليجب أن يكون كذلك هو في كل المواضع، ولئن وجب أن يقبل الخبر، وإن لم يتصل إسناده؛ لثقة من صمد
(1)
به إليه في باب واحد إنه ليجب أن يقبل في كل الأبواب.
فإن قال قائل: أما حديث عمرو بن حزم فقد اضطرب، واختلف فيه، فلا حجة فيه لواحد من أهل هذه المقالات، وغيره مما روي في هذا الباب أولى منه.
قيل له: ومن أين اضطرب حديث عمرو بن حزم؟ أما قيس بن سعد، فقد رواه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم على ما قد ذكرنا عنه، وقيس، حجة حافظ. وأما حديث الزهري الذي خالفه، فإنما رواه عن الزهري من لا تقبلون أنتم روايته عن
(1)
من صمد يصمد صمدا إذا قصده.
الزهري؛ لضعفه عندكم. وأما حديث معمر، فإنما رواه عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، وعبد الله بن أبي بكر ليس في الثبت والإتقان كقيس بن سعد.
6925 -
ولقد حدثني يحيى بن عثمان، قال: سمعت ابن الوزير يقول: سمعت الشافعي يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: كنا إذا رأينا الرجل يكتب الحديث عن واحد من أربعة، -ذكر فيهم، عبد الله بن أبي بكر-، سخرنا منه؛ لأنهم كانوا لا يعرفون الحديث
(1)
.
فلما لم يكافئ عبد الله بن أبي بكر قيسا في الضبط، والحفظ صار الحديث عندنا ما رواه قيس لا سيما وقد ذكر قيس أن أبا بكر بن محمد كتبه له، والله أعلم.
(1)
إسناده حسن.
28 - كتاب الوصايا
1 - باب: ما تجوز فيه الوصايا من الأموال، وما يفعله المريض في مرضه الذي يموت فيه من الهبات، والصدقات، والعتاق
6926 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: مرضت عام الفتح مرضا أشفيت منه على الموت، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني فقلت يا رسول الله! إن لي مالا كثيرا، وليس يرثني إلا ابنتي أفأتصدق بمالي كله؟ قال:"لا". قال: أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: "لا" قال فالشطر؟ قال: (لا) قال: فالثلث؟ قال الثلث والثلث كثير"
(1)
6927 -
حدثنا فهد بن سليمان، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا الحسين بن علي، عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: عادني رسول
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (5221) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الشافعي في السنن المأثورة (536)، والحميدي (66)، وابن سعد 3/ 144، وابن أبي شيبة 11/ 199، وأحمد (1546)، والبخاري (6733)، ومسلم (1628)(5)، وأبو داود (2864)، والترمذي (2116)، والنسائي 6/ 241، 242، وابن ماجة (2708)، وأبو يعلى (747)، وابن الجارود (947)، والشاشي (84)، والبزار (1085)، وابن حبان (4249) من طريق سفيان بن عيينة به.
الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أوصي بمالي كله؟ قال: "لا" قلت: فالنصف؟ قال: "لا" قلت: فالثلث؟ قال: "نعم! والثلث كثير"
(1)
.
6928 -
حدثنا فهد قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن قال: قال سعد
…
ثم ذكر نحوه
(2)
.
قال أبو جعفر: فتكلم الناس في الرجل هل يسعه أن يوصي بثلث ماله، أو ينبغي أن يقصر عن ذلك؟
فقال قوم
(3)
: له أن يوصي بثلث ماله كاملا فيما أحب مما تجوز فيه الوصايا.
واحتجوا في ذلك بإجازة النبي صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه، أن يوصي بثلث ماله بعد منعه إياه أن يوصي بما هو أكثر من ذلك على ما ذكرنا في هذه الآثار. وبما
6929 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، وبحر بن نصر، قالا: ثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني طلحة بن عمرو الحضرمي، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه مسلم (1628)(7) من طريق القاسم بن زكريا، عن حسين بن علي به.
(2)
إسناده ضعيف، رواية محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط.
وأخرجه ابن أبي شيبة (30913) من طريق عامر بن سعد، عن أبيه به.
(3)
قلت: أراد بهم: شريحا القاضي، ومحمد بن سيرين، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، وأحمد رحمهم الله، كما في النخب 23/ 421.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل جعل لكم ثلث أموالكم في آخر أعماركم زيادة لكم في أعمالكم"
(1)
.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: ينبغي للموصي أن يقصر في وصيته عن ثلث ماله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "الثلث والثلث كثير". فمما روي في ذلك عمن ذهب إليه من المتقدمين.
6930 -
ما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن هشام بن عروة، عن عروة قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: استقصروا عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لكثير"
(3)
.
6931 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا حميد، عن بكر بن عبد الله قال أوصيت إلى حميد بن عبد الرحمن الحميري فقال: ما كنت لأقبل وصية رجل له ولد يوصي بالثلث
(4)
.
(1)
إسناده ضعيف جدا، طلحة بن عمرو المكي متروك.
وأخرجه ابن ماجة (2709)، وسحنون في المدونة 6/ 5، والبزار (9316)، وابن حزم في المحلى 9/ 355، والبيهقي 6/ 269، والخطيب في تاريخ بغداد 1/ 349 من طريق طلحة بن عمرو المكي به.
(2)
قلت: أراد بهم: عطاء، وإبراهيم النخعي، والشعبي، ومطرفا، والضحاك، وطاووسا، ومالكا، وإسحاق رحمهم الله، كما في النخب 23/ 422.
(3)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (30914) من طريق وكيع، عن هشام به.
(4)
إسناده صحيح. =
فمن الحجة لأهل المقالة الأولى على أهل هذه المقالة أن الوصية بالثلث لو كانت جورًا إذًا لأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك على سعد، ولقال له: قصر عن الثلث، فلما ترك ذلك كان قد أباحه إياه.
وفي ذلك ثبوت ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى، وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة، وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. ثم تكلم الناس بعد هذا في هبات المريض وصدقاته، إذا مات في مرضه ذلك.
فقال قوم
(1)
: وهم أكثر العلماء: هي من الثلث كسائر الوصايا، وممن ذهب إلى ذلك، أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.
وقالت فرقة
(2)
: هو من جميع المال كأفعاله وهو صحيح، وهذا قول لم نعلم أحدا من المتقدمين قاله، وقد روينا فيما تقدم من كتابنا هذا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنت نحلني أبو بكر رضي الله عنه جداد
(3)
عشرين وسقا من ماله بالعالية
(4)
فلما مرض قال لي: إني كن
= وأخرجه ابن أبي شيبة (30930) عن ابن علية، عن حميد، عن بكر به.
(1)
قلت: أراد بهم: جمهور العلماء من التابعين، ومن بعدهم، منهم: الليث بن سعد، والأوزاعي، والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، ومالك، وأحمد، وأصحابهم، وعامة أهل الحديث رحمهم الله، كما في النخب 23/ 426.
(2)
قلت: أراد بهم داود الظاهري، ومن تبعه، قيل: وعطاء أيضا كما في النخب 23/ 426.
(3)
أي قطعها من الجد، وهو القطع.
(4)
هي: أماكن بأعلى أراضي المدينة، وأدناها من المدينة على أربعة أميال، وأبعدها من جهة نجد ثمانية وتجمع على عوالي.
نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي بالعالية، فلو كنت جددتيه وحزتيه
(1)
كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه بينكم على كتاب الله تعالى. فأخبر أبو بكر الصديق رضي الله عنه أنها لو قبضت ذلك في الصحة تم لها ملكه، وأنها لا تستطيع قبضه في المرض قبضا تتم لها به ملكه، وجعل ذلك غير جائز كما لا تجوز الوصية لها، ولم تنكر ذلك عائشة رضي الله عنها على أبي بكر رضي الله عنه، ولا سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فدل ذلك أن مذهبهم جميعا فيه، كان مثل مذهبه.
فلو لم يكن لمن ذهب إلى ما ذكرنا من الحجة لقوله الذي ذهب إليه إلا ما في هذا الحديث وما ترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإنكار في ذلك على أبي بكر لكان فيه أعظم الحجة فكيف.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك أيضا.
6932 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم قال: ثنا منصور بن زاذان عن الحسن، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أن رجلا أعتق ستة أعبد له عند الموت لا مال له غيرهم، فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة"
(2)
.
(1)
في الأصول هكذا، وفي ن "وهزته".
(2)
حديث صحيح، وإسناده منقطع الحسن البصري لم يسمع من عمران لكنه قد توبع.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (741) من طريق يوسف، عن سعيد به. =
6933 -
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن الحسن، عن عمران رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
6934 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: ثنا عطاء الخراساني، عن سعيد بن المسيب، وأيوب، عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين، وقتادة، وحميد، وسماك بن حرب، عن الحسن، عن عمران بن حصين رضي الله عنه
…
فذكر مثله
(2)
.
= وأخرجه سعيد بن منصور (408)، وأحمد (19866)، والنسائي في المجتبى 4/ 64، وفي الكبرى (4975)، والطبراني في الكبير 18/ 412 من طريق هشيم بن بشير به.
(1)
إسناده منقطع كسابقه.
وأخرجه أحمد (19845)، والبزار في مسنده (3529)، والطبراني في الكبير 18/ (303، 304، 305) من طرق عن قتادة به.
وأخرجه الحميدي (830)، والطبراني 18/ (351، 357، 358، 359، 361، 365، 368، 408، 429)، وابن عبد البر في التمهيد 23/ 414، 415، 416، 417 من طرق عن الحسن البصري به.
(2)
هذا الحديث له ثلاث أسانيد، الأول إلى سعيد بن المسيب إسناده ضعيف لضعف عطاء الخراساني ولإرساله، والثاني: من أيوب إلى عمران فإسناده صحيح، والثالث من قتادة إلى عمران فإسناده ضعيف لأن الحسن البصري لم يسمع من عمران بن حصين.
وأخرجه بالإسناد الأول أحمد (20001)، وابن حبان (5075)، والدارقطني 234/ 4، والبيهقي 286/ 10، وابن عبد البر في التمهيد 23/ 415 من طريق حماد بن سلمة به ..
وأخرجه الشافعي 2/ 67، وعبد الرزاق (16751)، وسعيد بن منصور (411)، والبيهقي 296/ 10، وابن عبد البر 23/ 419 من طريق مكحول، عن سعيد بن المسيب به. =
6935 -
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا مسدد وسليمان بن حرب، قالا: ثنا حماد بن زيد عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(1)
.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل العتاق في المرض من الثلث، فكذلك الهبات والصدقات وقد احتج بعض من ذهب إلى هذه المقالة أيضا بحديث
= وأخرجه بالإسناد الثاني النسائي في الكبرى (4977) من طريق حجاج بن منهال به.
وأخرجه ابن حبان (5075)، والدارقطني 4/ 234، والبيهقي 10/ 286، وابن عبد البر في التمهيد 23/ 415 من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب وحده به.
وأخرجه أبو داود (3961)، والطبراني 18/ 430، 431، والدارقطني 4/ 234، والبيهقي 10/ 285، وابن عبد البر 23/ 418 من طريقين عن أيوب وحده.
وأخرجه بالإسناد الثالث النسائي في الكبرى (9477)، وابن حبان (5075)، والطبراني في الكبير 18/ 302، والدارقطني 4/ 234، والبيهقي 10/ 286 من طريقين عن حماد بن سلمة، عن قتادة، وحميد، وسماك به.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (743) من طريق ابن أبي داود عن سلميان بن حرب وحده به. وأخرجه أبو داود (3958) عن سليمان بن حرب به وأخرجه مسلم (1668)(57)، والترمذي (1364)، وابن حبان (4542)، والبيهقي 10/ 285 من طريق حماد بن زيد به.
وأخرجه الطيالسي (845)، والشافعي 2/ 67، وعبد الرزاق (19532)، وأحمد (19826)، والنسائي في الكبرى (4974)، والطبراني 18/ 431، 457، 458، والدارقطني 4/ 234، والبيهقي 10/ 285، وابن عبد البر في التمهيد 23/ 418 - 419 من طرق عن أيوب السختياني به.
الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاده في مرضه فقال: أتصدق بمالي كله؟ فقال: "لا"، حتى رده إلى الثلث على ما قد ذكرنا في أول هذا الباب.
قال ففى هذا الحديث أنه قد جعل صدقته في مرضه من الثلث كوصاياه بعد موته. فيدخل مخالفه عليه أن مصعب بن سعد روى هذا الحديث عن أبيه أن سؤاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك إنما كان على الوصية بالصدقة بعد الموت على ما ذكرنا عنه في أول هذا الباب أيضا. فليس ما احتج به هو من حديث عامر بأولى مما احتج به عليه مخالفه من حديث مصعب.
ثم تكلم الناس بعد هذا فيمن أعتق ستة أعبد له عند موته لا مال له غيرهم، فأبى الورثة أن يجيزوا.
فقال قوم
(1)
، يعتق منهم ثلثهم، ويسعون فيما بقي من قيمتهم، وممن قال ذلك أبو حنيفة، وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. وقال آخرون
(2)
: يعتق منهم ثلثهم، ويكون ما بقي منهم رقيقا لورثة المعتق.
(1)
قلت: أراد بهم: سفيان الثوري، وإبراهيم النخعي، وعبد الله بن المبارك، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمد رحمهم الله كما في النخب 23/ 433.
(2)
قلت: أراد بهم: مالكا، وأحمد في رواية، وطائفة من الشافعية رحمهم الله، كما في النخب 23/ 434.
وقال آخرون
(1)
: يقرع بينهم، فيعتق منهم من قرع من الثلث، ويرق من بقي. واحتجوا في ذلك بما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران رضي الله عنه. فكان من الحجة لأهل المقالتين الأوليين على أهل هذه المقالة أن ما ذكروا من القرعة المذكورة في حديث عمران رضي الله عنه منسوخ، لأن القرعة قد كانت في بدء الإسلام تستعمل في أشياء، فحكم بها فيها، ويجعل ما قرع منها وهو الشيء الذي كانت القرعة من أجله بعينه من ذلك ما كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه حكم به في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمن ما قد.
6936 -
حدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي قال: ثنا جعفر بن عون، أو يعلى بن عبيد، أنا أشك، عن الأجلح، عن الشعبي، عن عبد الله بن الخليل الحضرمي، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل من اليمن، وعلي رضي الله عنه يومئذ بها، فقال: يا رسول الله! أتى عليا ثلاثة نفر يختصمون في ولد قد وقعوا على امرأة في طهر واحد، فأقرع بينهم، فقرع أحدهم، فدفع إليه الولد، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، أو قال أضراسه
(2)
.
(1)
قلت: أراد بهم الشافعي، وأحمد، وإسحاق رحمهم الله، كما في المصدر السابق.
(2)
إسناده ضعيف لضعف أجلح بن عبد الله أبي حجية الكندي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (744) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الحميدي (785)، وأحمد (19342)، وأبو داود (2269)، والنسائي في المجتبى 6/ 182 - 183، والطبراني في الكبير (4990)، والحاكم 3/ 136، والعقيلي في الضعفاء 2/ 244 من طريق الأجلح به.
وأعله المنذري في مختصره 3/ 177 بالأجلح فقال: لا يحتج بحديثه.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر على علي رضي الله عنه ما حكم به في القرعة في دعوى النفر الولد فدل ذلك أن الحكم حينئذ كان كذلك، ثم نسخ بعد ذلك باتفاقنا واتفاق هذا المخالف لنا، ودل على نسخه ما قد رويناه في باب القافة من حكم علي رضي الله عنه في مثل هذا بأن جعل الولد بين المدعيين جميعا يرثهما ويرثانه، فدل ذلك أن الحكم كان يوم حكم علي رضي الله عنه بما حكم في كل شيء مثل النسب الذي يدعيه النفر، أو المال الذي يوصي به للنفر
(1)
، بعد أن يكون قد أوصى به لكل واحد على حدة أو العتاق الذي يعتق به العبيد في مرض معتقهم أن يقرع بينهم، فأيهم أقرع استحق ما ادعى، وما كان وجب بالوصية والعتاق، ثم نسخ ذلك بنسخ الربا إذ ردت الأشياء إلى المقادير المعلومة التي فيها التعديل الذي لا زيادة فيه ولا نقصان.
وبعد هذا فليس يخلو ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من العتاق في المرض من القرعة، وجعله إياه من الثلث من أحد وجهين إما أن يكون حكما دليلا لنا على سائر أفعال المريض في مرضه من عتاقه، وهباته وصدقاته، أو يكون ذلك حكما في عتاق المريض خاصة دون سائر أفعاله، ومن هباته، وصدقاته، فإن كان خاصا في العتاق دون ما سواه، فينبغي أن لا يكون ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من العتاق في الثلث دليلا على الهبات والصدقات أنها كذلك.
(1)
في الأصول "النفر"، والمثبت من ن.
فثبت قول الذي يقول: إنها من جميع المال إذ كان النظر يشهد له، وإن كان هذا لا يدرك فيه خلاف ما قال إلا بالتقليد، ولا شيء في هذا الباب نقلده غير هذا الحديث، وإن كان جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العتاق في الثلث دليلا لنا على أن هبات المريض وصدقاته كذلك، فكذلك هو دليل لنا على أن القرعة قد كانت في ذلك كله جارية محكوم بها. ففي ارتفاعها عندنا وعند هذا المخالف لنا من الهبات والصدقات دليل على أن ارتفاعها أيضا من العتاق.
فبطل بذلك قول من ذهب إلى القرعة وثبت أحد القولين الآخرين فقال: من ذهب إلى تثبيت القرعة: وكيف تكون القرعة منسوخة وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بها فيما قد أجمع المسلمون على العمل بها فيه من بعده؟ فذكروا.
6937 -
ما حدثنا يونس قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن إسحاق بن راشد عن الزهري، عن عروة، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعلقمة بن وقاص، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (746) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطبراني 23/ 141 من طريق عبد الله بن جعفر الرقي، عن عبيد الله بن عمرو الرقي به.
وأخرجه ابن حبان (4212، 7099) من طريقين عن الزهري به.
6938 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا الليث قال: حدثني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب
…
فذكر بإسناده مثله
(1)
.
6939 -
حدثنا فهد قال: ثنا يوسف بن بهلول، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، قال: ثنا محمد بن مسلم عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها، وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعن علقمة بن وقاص، وسعيد بن المسيب وعبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، ويحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها
…
مثله
(2)
.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن صالح.
وأخرجه البخاري (4750) عن يحيى بن بكير، عن الليث به.
وأخرجه البخاري (2879)، ومسلم (2770)(56)، والطبراني 23/ 134، والبيهقي 10/ 41 من طريق يونس بن يزيد به.
(2)
في هذا الحديث أربعة أسانيد، أما الإسناد الأول: فإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
وأخرجه أحمد (24859)، وإسحاق بن راهويه (730)، والبخاري (2688،2593)، وأبو داود (2138)، والنسائي في الكبرى (8923)، وأبو يعلى (4397) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري به.
أما الإسناد الثاني: فإسناده أيضا حسن.
وأخرجه عبد الرزاق (9748)، وأحمد (25623)، والبخاري (4141)، ومسلم (2770)(56)، وابن حبان (4212) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله، عن السيدة عائشة رضي الله عنها.
وأما الإسناده الثالث: فإسناده أيضا حسن.
وأخرجه أحمد (26314) من طريق يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة به.
وأما الإسناد الرابع: فإسناده أيضا حسن.
6940 -
حدثنا محمد بن حميد قال: ثنا سعيد بن عيسى بن، تليد قال: ثنا المفضل بن فضالة القتباني عن أبي الطاهر عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمه عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: حدثتني خالتي عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها
…
مثله
(1)
.
قالوا: فهذا ما ينبغي للناس أن يفعلوه إلى اليوم، وليس بمنسوخ فما تنكرون أن تكون القرعة في العتاق في المرض أيضا كذلك. قيل لهم قد ذكرنا ذلك في موضعه ما يغني، ولكنا نذكر هاهنا أيضا ما فيه دليل أن لا حجة لكم في هذا إن شاء الله تعالى.
قال أبو جعفر: أجمع المسلمون أن للرجل أن يسافر إلى حيث أحب وإن طال سفره ذلك، وليس معه أحد من نسائه، وأن حكم القسم يرتفع عنه بسفره، فلما كان ذلك كذلك كانت قرعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين نسائه في وقت احتياجه إلى الخروج بإحداهن لتطيب نفس من لا يخرج به منهن، وليعلم أنه لم يحاب التي خرج بها عليهن، لأنه لما كان له أن يخرج ويخلفهن جميعا كان له أن يخرج ويخلف من شاء منهن.
فثبت بما ذكرنا أن القرعة إنما تستعمل فيها لمستعملها تركها، وفيما له أن يمضيه بغيرها، ومن ذلك الخصمان يحضران عند الحاكم فيدعي كل واحد منهما على صاحبه
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (748) بإسناده ومتنه.
دعوى، فينبغي للقاضي أن يقرع بينهما، فأيهما قرع بدأ بالنظر في أمره، وله أن ينظر في أمر من شاء منهما بغير قرعة، فكان الأحسن به لبعد الظن به في هذا استعمال القرعة كما استعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر نسائه.
وكذلك عمل المسلمون في أقسامهم بالقرعة فيما قد عدلوه بين أهله مما لو أمضوه بينهم لا عن قرعة كان ذلك مستقيما، فأقرعوا بينهم لتطمئن به قلوبهم، وترتفع الظُّنة عمن تولى لهم قسمتهم.
ولو أقرع بينهم على طوائف من المتاع الذي لهم قبل أن يعدل ويسوي قيمته على أملاكهم منه كان ذلك القسم باطلا، فثبت بذلك أن القرعة إنما فعلت بعد أن تقدمها ما يجوز القسم به وأنها إنما أريدت لانتفاء الظن لا بحكم يجب بها.
فكذلك نقول: كل قرعة تكون بمثل هذا فهي حسنة، وكل قرعة يراد بها وجوب حكم وقطع حقوق متقدمة فهي غير مستعملة.
ثم رجعنا إلى القولين الآخرين، فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكم في العبد إذا كان بين اثنين فأعتقه أحدهما، فإنه حر كله، ويضمن إن كان موسرا، و إن كان معسرا، ففي ذلك من الاختلاف ما ذكرناه في كتاب العتاق.
ثم وجدنا في حديث أبي المليح الهذلي، عن أبيه أن رجلا أعتق شقصا له في مملوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو حر كله ليس الله شريك" فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم العلة التي عتق لها نصيب الشريك الذي لم يتولى العتاق لما عتق نصيب صاحبه.
فدل ذلك أن العتاق متى وقع في بعض العبد انتشر في كله. وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا حكم في العبد بين اثنين إذا أعتقه أحدهما، ولا مال له يحكم عليه فيه بالضمان بالسعاية على العبد في نصيب الذي لم يعتق.
فثبت بذلك أن حكم هؤلاء العبيد المعتقين في المرض كذلك، وأنه لما استحال أن يجب على غيرهم ضمان ما جاوز الثلث الذي للميت أن يوصي به، ويملكه في مرضه من أحب من قيمتهم وجب عليه السعاية في ذلك للورثة. وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى.
2 - باب الرجل يوصي بثلث ماله لقرابته، أو لقرابة فلان مَنْ هم؟
قال أبو جعفر: اختلف الناس في الرجل يوصي بثلث ماله لقرابة فلان من هم؟ القرابة الذين يستحقون تلك الوصية. فقال أبو حنيفة رحمه الله: هم كل ذي رحم محرم من فلان من قبل أبيه، أو من قبل أمه، غير أنه يبدأ في ذلك من كانت قرابته منه من قبل أبيه، على من كانت قرابته من قبل أمه وتفسير ذلك أن يكون للموصي لقرابته عم، وخال، فقرابة عمه من قبل أبيه، كقرابة خاله منه من قبل أمه، فيبدأ في ذلك عمه على خاله فيجعل الوصية له.
وقال زفر رحمه الله: الوصية لكل من قرب منه من قبل أبيه، أو من قبل أمه دون من كان أبعد منهم وسواء في ذلك بين من كان منهم ذا رحم محرم، وبين من كان ذا رحم غير محرم.
وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن رحمهما الله تعالى الوصية في ذلك لكل من جمعه وفلانا أب واحد منذ كانت الهجرة من قبل أبيه، أو من قبل أمه. وسويا في ذلك بين من بعد منهم وبين من قرب وبين من كانت رحمه محرمة، وبين من كانت رحمه غير محرمة ولم يفصلا في ذلك من كانت رحمه من قبل الأب على من كانت رحمه من قبل الأم.
وقال آخرون
(1)
: الوصية في ذلك لكل من جمعه وفلانا أبوه الرابع إلى ما هو أسفل من ذلك. وقال آخرون
(2)
: الوصية في ذلك لكل من جمعه وفلانا أب واحد في الإسلام أو في الجاهلية ممن يرجع بآبائه أو بأمهاته إليه أبا عن أب، أو أما عن أم إلى أن يلقاه، بما تثبت به المواريث أو تقوم به الشهادات.
وإنما جوز أهل هذه المقالات الوصية للقرابة على ما ذكرنا من قول كل واحد منهم، إذا كانت تلك القرابة قرابة تحصى وتعرف، فإن كانت لا تحصى ولا تعرف، فإن الوصية لها باطلة في قولهم جميعا إلا أن يوصي بها لفقرائهم، فتكون جائزة لمن رأى الوصي دفعها إليه منهم، وأقل من يجوز له أن يجعلها له منهم اثنان فصاعدا في قول محمد بن الحسن رحمه الله. وقد قال أبو يوسف رحمه الله: إن دفعها إلى واحد منهم أجزأه ذلك. فلما اختلفوا في القرابة من هم هذا الاختلاف وجب أن ننظر في ذلك لنستخرج من أقاويلهم هذه قولا صحيحا.
فنظرنا في ذلك فكان من حجة الذين ذهبوا إلى أن القرابة هم الذين يلتقون هم ومن يقاربونه عند أبيه الرابع فأسفل من ذلك، إنما قالوا ذلك فيما ذكروا، لأن رسول الله
(1)
قلت: أراد بهم: طائفة من أهل الحديث، وجماعة من الظاهرية كما في النخب 23/ 452.
(2)
قلت: أراد بهم: مالك والشافعي، وأحمد رحمهم الله كما في النخب 23/ 453.
صلى الله عليه وسلم لما قسم سهم ذي القربى أعطى بني هاشم وبني المطلب، وإنما يلتقي هو وبنو المطلب عند أبيه الرابع، لأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. والآخرون بنو المطلب بن هاشم بن عبد مناف يلتقون هم، وهو عند عبد مناف، وهو أبوه الرابع.
فمن الحجة عليهم في ذلك للآخرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أعطى بني هاشم وبني المطلب قد حرم بني أمية، وبني نوفل، وقرابتهم منه كقرابة بني المطلب. فلم يحرمهم لأنهم ليسوا قرابة ولكن لمعنى غير القرابة. فكذلك من فوقهم لم يحرمهم لأنهم ليسوا قرابة ولكن لمعنى غير القرابة. ثم قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرابة من غير هذا الوجه.
6941 -
ما قد حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: ثنا حميد عن أنس ل الله قال: لما نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قال: أو قال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] جاء أبو طلحة فقال: يا رسول الله! حائطي الذي بمكان كذا وكذا لله تعالى ولو استطعت أن أسره لم أعلنه، فقال:"اجعله في فقراء قرابتك، أو فقراء أهلك"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (12781)، والدارقطني 4/ 191 من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري به.
6942 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبي، عن ثمامة، قال: قال أنس رضي الله عنه كانت لأبي طلحة رضي الله عنه أرض فجعلها الله عز وجل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:"اجعلها في فقراء قرابتك" فجعلها لحسان وأبي، قال: أبي عن ثمامة، عن أنس قال: وكانا أقرب إليه مني
(1)
.
فهذا أبو طلحة رضي الله عنه، قد جعلها لأبي، وحسان وإنما يلتقي هو وأبي عند أبيه السابع؛ لأن أبا طلحة اسمه زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. وأبي بن كعب بن قيس بن عتيك بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار. فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي طلحة ما فعل من ذلك.
فدل ما ذكرنا على أن من كان يلقى الرجل إلى أبيه الخامس، أو السادس، أو إلى من فوق ذلك من الآباء المعروفين قرابة له، كما أن من يلقاه إلى أب دونهم قرابة أيضا، وقد أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن ينذر عشيرته الأقربين. فروي عنه في ذلك ما
(1)
إسناده صحيح
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (4701) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البخاري (4555) عن محمد بن عبد الله الأنصاري به.
وأخرجه الدارقطني (4376)، والبيهقي 6/ 280 من طرق عن محمد بن عبد الله الأنصاري به.
6943 -
حدثنا محمد بن عبد الله بن مخلد الأصفهاني، قال: ثنا عباد بن يعقوب، قال: ثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله قال: قال عليه: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا علي اجمع لي بني هاشم" وهم أربعون رجلا، أو أربعون إلا رجلا
…
ثم ذكر الحديث
(1)
.
ففي هذا الحديث أنه قصد بني أبيه الثالث. وقد روي عنه أيضا في ذلك ما
6944 -
حدثنا محمد بن عبد الله بن مخلد أبو الحسين الأصبهاني، قال: ثنا محمد بن حميد الرازي قال: ثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس عن علي رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله، غير أنه قال: اجمع لي بني عبد المطلب قال: وهم أربعون رجلا، يزيدون رجلا، أو ينقصونه
(2)
.
ففي هذا الحديث أنه قصد بني أبيه الثاني. وقد روي عنه أيضا في ذلك ما
(1)
إسناده ضعيف لضعف عباد بن عبد الله الأسدي.
وأخرجه ابن أبي شيبة كما في النخب 23/ 462، وأحمد (883)، والطبري في تهذيب الآثار (ص 60 - 61) من طريق شريك، عن الأعمش به.
(2)
إسناده ضعيف جدا عبد الغفار بن قاسم الأنصاري متروك، ومحمد بن حميد الرزاي ضعيف، ومحمد بن إسحاق قد عنعن وهو مدلس.
وأخرجه البزار (456) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن سلمة بن الفضل به.
6945 -
حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا مسدد قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي عن قبيصة بن مخارق، وزهير بن عمرو، قالا: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رضمة
(1)
من جبل فعلا أعلاها، ثم قال: يا بني عبد مناف إني نذير"
(2)
.
ففي هذا الحديث أنه قصد بني أبيه الرابع. وقد روي عنه أيضا في ذلك ما
6946 -
حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود، وحسان بن غالب، قالا: ثنا ضمام، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا بني هاشم يا بني قصي، يا بني عبد مناف، أنا النذير، والموت المغير والساعة "الموعد"
(3)
.
ففي هذا الحديث أنه دعا بني أبيه الخامس. وقد روي عنه أيضا في ذلك ما
6947 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، وعفان عن أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة الله قال: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ
(1)
الرضمة واحدة الرضم وهي دون الهضاب، وقيل: صخور بعضها على بعض
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (10749، 11315) من طريق يحيى، ويزيد بن زريع به.
وأخرجه أحمد (15914)، ومسلم (207)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1446)، والطبري في التفسير 19/ 120، وأبو عوانة 1/ 92 - 93، والطبراني في الكبير 18/ 956، والبيهقي في الدلائل 2/ 178 من طرق عن سليمان التيمي به.
(3)
إسناده حسن من أجل موسى بن وردان، وحسان بن غالب ضعيف لكنه متابع.
وأخرجه أبو يعلى (6149) من طريق سويد بن سعيد عن ضمام به. هو مكرر سابقه رقم (5026).
الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] قام نبي الله صلى الله عليه وسلم فنادى: يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئا، غير أن لكم رحما، سأبلها ببلالها"
(1)
.
ففي هذا الحديث أنه دعا معهم بني أبيه التاسع؛ لأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي. وقد روي عنه أيضا في ذلك ما.
6948 -
حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث قال: ثنا أبي، قال: ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي: "يا بني فهر، يا بني عدي، يا بني" فلان لبطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر وجاء أبو لهب وقريش، فاجتمعوا فقال: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (10725)، والبخاري في الأدب المفرد (48)، ومسلم (204)(349)، وأبو عوانة 1/ 93 من طرق عن أبي عوانة به، وقد سبق برقم (5027).
مصدقي"، قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقا، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد"
(1)
.
ففي هذا الحديث أنه دعا بطون قريش كلها، وقد روي مثل ذلك، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
6949 -
حدثنا يونس، قال: ثنا سلامة بن روح، قال: ثنا عقيل، قال: حدثني الزهري قال: قال سعيد وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]: "يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب، لا أغني من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، يا فاطمة بنت رسول الله، لا أغني عنكِ من الله شيئا"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (5028).
وأخرجه البخاري (1394، 3525، 4973)، والنسائي في الكبرى (11362) من طريق عمر بن حفص به.
وأخرجه أحمد (2801)، والبخاري (4971)، ومسلم (208)(355)، والطبري 19/ 121، وابن حبان (6550)، وابن مندة (949، 950)، والبيهقي في الدلائل 181/ 2 - 182 من طريق الأعمش به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل سلامة بن روح بن خالد.
وأخرجه الدارمي (2898)، والبخاري (2753، 4771)، والنسائي في المجتبى 6/ 249، وفي الكبرى (6441) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري به. وهو مكرر سابقه برقم (5029).
6950 -
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد، وأبو سلمة أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
ثم ذكر مثله، غير أنه قال: يا صفية، يا فاطمة
(1)
.
ففي هذا الحديث أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمره الله تعالى أن ينذر عشيرته الأقربين دعا عشائر قريش، وفيهم من يلقاه عند أبيه الثاني، وفيهم من يلقاه عند أبيه الثالث، وفيهم من يلقاه عند أبيه الرابع، وفيهم من يلقاه عند أبيه الخامس، وفيهم من يلقاه عند أبيه السابع، وفيهم من يلقاه عند آبائه الذين فوق ذلك إلا أنه ممن جمعته وأباءه قريش.
فبطل بذلك قول أهل هذه المقالة، وثبت إحدى المقالات الأخر. فنظرنا في قول من بدأ منهم من قرب رحمه على من هو أبعد رحما منه فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قسم سهم ذوي القربى عم به بني هاشم وبني المطلب، وبعض بني هاشم أقرب إليه من بعض، وبعض بني المطلب أيضا أقرب إليه من بعض وبنو هاشم أقرب إليه من بني المطلب. فلما لم يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك من قرب رحمه منه على من هو أبعد إليه رحما منه، وجعلهم كلهم قرابة له يستحقون ما جعل الله عز
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (4771)، ومسلم (206)، والنسائي في المجتبى 6/ 249، وفي الكبرى (6440)، وابن حبان (6549) من طريق ابن وهب به، وهو مكرر سابقه (5030).
وجل لقرابته. فكذلك من قربت رحمه في الوصية لقرابة فلان لا يستحق بقرب رحمه منه شيئا مما جعل لقرابته إلا كما يستحق سائر قرابته ممن رحمه منه أبعد من رحمه، فهذه حجة.
وحجة أخرى أن أبا طلحة رضي الله عنه، لما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل أرضه في فقراء قرابته، جعلها لحسان، وأبي رضي الله عنهما. وإنما يلتقي هو وأبي عند أبيه السابع، ويلتقي هو وحسان عند أبيه الثالث لأن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام. وأبا طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام. فلم يقدم أبو طلحة في ذلك حسانا رضي الله عنه؛ لقرب رحمه منه، على أبي لبعد رحمه منه، ولم يروا واحدا منهما مستحقا لقرابته منه في ذلك، إلا كما يستحق منه الآخر. فثبت بذلك أيضا فساد هذا القول.
ثم رجعنا إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله، فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قسم سهم ذوي القربى أعطى بني هاشم جميعا، وفيهم من رحمه منه رحم محرمة، وفيهم من رحمه منه رحم غير محرمة. وأعطى بني المطلب معهم، وأرحامهم جميعا منه غير محرمة. وكذلك أبو طلحة أعطى أبيا وحسانا ما أعطاهما على أنهما قرابة، ولم يخرجهما من قرابته ارتفاع الحرمة من رحمهما منه. فبطل بذلك أيضا ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله.
ثم رجعنا إلى ما ذهب إليه أبو يوسف ومحمد رحمهما الله، فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى سهم ذوي القربى بني هاشم وبني المطلب، ولا يجتمع هو وواحد منهم إلى أب منذ كانت الهجرة، وإنما يجتمع هو وهم عند آباء كانوا في الجاهلية. وكذلك أبو طلحة وأبي، وحسان رضي الله عنهم لا يجتمعون عند أب إسلامي، وإنما يجتمعون عند أب كان في الجاهلية، ولم يمنعهم ذلك أن يكونوا له قرابة يستحقون ما جعل للقرابة.
فكذلك قرابة الموصي لقرابته لا يمنعهم من تلك الوصية إلا يجمعهم وإياه أب منذ كانت الهجرة. فبطل بذلك قول أبي يوسف، ومحمد رحمهما الله، وثبت القول الآخر.
فثبت أن الوصية في ذلك: لكل من يوقف على نسبه أبا عن أب أو أما عن أم حتى يلتقي هو والموصي لقرابته إلى جد واحد في الجاهلية أو في الإسلام بعد أن يكون أولئك الآباء آباء قد يستحق بالقرابة بهم المواريث في حال، وتقوم بالأنساب منهم الشهادات على سياقه ما بين الموصي لقرابته وبينهم من الآباء أو من الأمهات، فهذا القول عندنا هو أصح ما وجدناه في هذا الباب.
29 - كتاب الفرائض
1 - باب الرجل يموت ويترك بنتا وأختا وعصبة سواها
6951 -
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا المعلى بن أسد، قال: ثنا وهيب بن خالد، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا المال بالفرائض، فما أبقت الفرائض، فلأولى رجل ذكر"
(1)
.
6952 -
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أمية بن بسطام، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا وح بن القاسم، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (2609)، والدارمي (2987)، وأحمد (2657)، والبخاري (6732، 6735، 6737)، ومسلم (1615)(2)، والترمذي (2098)، والنسائي في الكبرى (6331)، وأبو يعلى (2371)، وابن الجارود (955)، والطبراني (10904)، والدارقطني 4/ 71، والبيهقي 6/ 234، 238، 10/ 306، والبغوي (2216) من طرق عن وهيب بن خالد به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري (6746)، ومسلم (1615)(3)، والبيهقي 6/ 239 من طريق أمية بن بسطام به.
وأخرجه ابن حبان (6028)، والطبراني في الكبير (10903)، والدارقطني 4/ 71 من طريق محمد بن المنهال، عن يزيد بن زريع به.
6953 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
…
ولم يذكر ابن عباس
(1)
.
6954 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا سفيان الثوري
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6955 -
حدثنا علي بن زيد قال: ثنا عبدة بن سليمان، قال: أنا ابن المبارك، قال أنا معمر، وسفيان، عن ابن طاوس
…
فذكر بإسناده مثله
(3)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(4)
إلى أن رجلا لو مات وترك ابنته، وأخاه لأبيه وأمه وأخته لأبيه وأمه، كان لابنته النصف، وما بقي فلأخيه لأبيه وأمه، دون أخته لأبيه وأمه.
واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا أيضا لو لم يكن مع الابنة أخٌ، وكانت معها أخت وعصبة كان للابنة النصف، وما بقي فللعصبة وإن بعدوا، واحتجوا في ذلك أيضا بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(1)
إسناده مرسل.
وأخرجه النسائي في الكبرى (6298) من طريق عمر بن سعد الحفري، عن سفيان الثوري به.
(2)
إسناده مرسل، وهو مكرر سابقه.
(3)
إسناده مرسل.
(4)
قلت: أراد بهم: طاووس بن كيسان، ومسروقا، وإسحاق بن راهويه، والظاهرية رحمهم الله، كما في النخب 23/ 484.
6956 -
كما حدثنا علي بن زيد قال: ثنا عبدة بن سليمان قال: أنا ابن المبارك، عن معمر، عن ابن طاوس، قال أخبرني أبي، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: قال الله عز وجل: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176]، قال ابن عباس:"فقلتم أنتم لها النصف، وإن كان لها ولد"
(1)
.
وخالفهم في ذلك آخرون
(2)
، فقالوا: بل للابنة النصف، وما بقي فبين الأخ والأخت، للذكر مثل حظ الأنثيين. وإن لم يكن مع الابنة غير الأخت، كان للابنة النصف، وللأخت ما بقي.
وكان من الحجة لهم في ذلك أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي ذكروا، على ما قد ذكرنا في أول هذا الباب ليس معناه عندنا على ما حملوه عليه، ولكن معناه عندنا -والله أعلم-، ما أبقت الفرائض بعد السهام، فلأولى رجل ذكر كعمة وعم، فالباقي للعم دون العمة، لأنهما في درجة واحدة متساويان في النسب، وفضل العم على
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (19023) من طريق معمر عن الزهري عن أبي سلمة به.
وأخرجه عبد الرزاق (19004)، ومن طريقه أخرجه أحمد (2860)، ومسلم (1615)(4)، وأبو داود (2898)، والترمذي بأثر الحديث (2098)، وابن ماجة (2740)، وابن حبان (6029)، والطبراني (10902)، والدارقطني 4/ 71 - 70 عن معمر به بلفظ أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله تبارك وتعالى ..
(2)
قلت: أراد بهم شريحا القاضي، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وجماهير العلماء من التابعين، ومن بعدهم رحمهم الله، كما في النخب 23/ 486.
العمة في ذلك بأن كان ذكرا، فهذا معنى قوله:"فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر" وليس الأخت مع أخيها بداخلين في ذلك.
والدليل على ما ذكرنا من ذلك أنهم قد أجمعوا في بنت وبنت ابن وابن ابن، أن للابنة النصف، وما بقي فبين ابن الابن وابنة الابن، للذكر مثل حظ الأنثيين، ولم يجعلوا ما بقي بعد نصيب الابنة، لابن الابن خاصة دون ابنة الابن. ولم يكن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر" على ذلك، إنما هو على غيره. فلما ثبت أن هذا خارج منه باتفاقهم، وثبت أن العم والعمة داخلان في ذلك باتفاقهم إذ جعلوا ما بقي بعد نصيب الابنة للعم دون العمة.
ثم اختلفوا في الأخت مع الأخ، فقال قوم: هما كالعم والعمة، وقال آخرون: هما كابن الابن وابنة الابن. فنظرنا في ذلك؛ لنعطف ما اختلفوا فيه منه، على ما أجمعوا عليه.
فرأينا الأصل المتفق عليه أن ابن الابن وبنت الابن لو لم يكن غيرهما، كان المال بينهما، للذكر مثل حظ الأنثيين. فإذا كان معهما ابنة كان لها النصف، وكان ما بقي بعد ذلك النصف بين ابن الابن وابنة الابن علي مثل ما يكون لهما من جميع المال لو لم يكن معهما ابنة. وكان العم والعمة لو لم يكن معهما ابنة كان المال باتفاقهم للعم دون العمة.
فإذا كانت هناك ابنة كان لها النصف، وما بقي بعد ذلك فهو للعم دون العمة، فكان ما بقي بعد نصيب الابنة للذي كان يكون له جميع المال لو لم تكن ابنة.
فلما كان ذلك كذلك، وكان الأخ والأخت لو لم يكن معهما ابنة كان المال بينهما، للذكر مثل حظ الأنثيين، فالنظر على ذلك أن يكونا كذلك إذا كانت معهما ابنة، فوجب لها نصف المال بحق فرض الله عز وجل لها، وأن يكون ما بقي بعد ذلك النصف بين الأخ والأخت كما كان يكون لهما جميع المال لو لم تكن ابنة، قياسا ونظرا على ما ذكرنا من.
ذلك. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ما قد دلّ على ما ذكرنا.
6957 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، وعبيد الله بن موسى العبسي (ح) وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن يوسف الفريابي، قالوا: أنا سفيان، عن أبي قيس عن هذيل بن شرحبيل قال أتي سلمان بن ربيعة وأبو موسى الأشعري في ابنة وابنة ابن، وأخت، فقالا: للابنة النصف، وللأخت النصف، ثم قالا: ائت عبد الله، فإنه سيتابعنا، فأتاه، فقال عبد الله رضي الله عنه:{قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} ، ولكن سأقضي فيها بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم للابنة النصف، ولابنة الابن السدس، تكملة للثلثين وما بقي فللأخت
(1)
.
(1)
إسناده صحيح
وأخرجه عبد الرزاق (19031، 19032)، وابن أبي شيبة 10/ 158، 11/ 245، 246، وأحمد (3691)، والدارمي 2/ 348 - 349، والبخاري (6742)، والترمذي (2093)، والنسائي في الكبرى (6328)، وابن ماجة (2721)، وابن الجارود (962)، وأبو يعلى (5108، 5295)، والشاشي (911، 912)، والطبراني في الكبير (9869)، والدارقطني 4/ 79، 80، والحاكم 4/ 334 - 335، والبيهقي 6/ 230 من طرق عن سفيان الثوري به.
6958 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن أبي قيس، عن هذيل
…
مثله
(1)
.
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الأخوات من قبل الأب مع الابنة عصبة، فصرن مع البنات في حكم الذكور من الإخوة من قبل الأب.
فصار قول النبي صلى الله عليه وسلم فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر لأنه عصبة، ولا عصبة أقرب منه، فإذا كانت هناك عصبة هي أقرب من ذلك الرجل، فالمال لها، وعلى هذا المعنى ينبغي أن يحمل هذا الحديث حتى لا يخالف حديث ابن مسعود رضي الله عنه هذا، ولا يضاده.
وسبيل الآثار أن تحمل على الاتفاق ما وجد السبيل إلى ذلك، ولا تحمل على التنافي والتضاد، ولو كان حديث ابن عباس على ما حمله عليه المخالف لنا لما وجب على مذهبه أن يضاد به حديث ابن مسعود؛ لأن حديث ابن مسعود هذا مستقيم الإسناد، صحيح المجيء. وحديث ابن عباس مضطرب الإسناد؛ لأنه قد قطعه من ليس بدون من قد رفعه على ما قد ذكرنا في أول هذا الباب.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه الطيالسي (375)، وسعيد بن منصور (28)، وأحمد (4420)، والبخاري (6736)، والنسائي في الكبرى (6329)، والطبراني في الكبير (9871)، والبيهقي 6/ 229، والبغوي (2218) من طرق عن شعبة به.
وأما ما احتجوا به من قول الله عز وجل: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] فقالوا: إنما ورّث الله عز وجل الأخت إذا لم يكن له ولد. فالحجة عليهم في ذلك أن الله عز وجل قد قال أيضا: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176].
وقد أجمعوا جميعا، على أنها لو تركت بنتها وأخاها لأبيها، كان للابنة النصف، وما بقي فللأخ. وأن معنى قول الله عز وجل {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] إنما هو على ولد يجوز كل الميراث، لا على الولد الذي لا يجوز كل الميراث.
فالنظر على ذلك أيضا أن يكون قوله عز وجل {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] هو على الولد الذي يحوز جميع الميراث لا على الولد الذي لا يحوز جميع الميراث.
وأما ما احتجوا به من مذهب ابن عباس في ذلك، فإنه قد خالف فيه سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سواه فمما روي عنهم في ذلك ما.
6959 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا ابن لهيعة، عن عقيل أنه سمع ابن شهاب يخبر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن زيد بن ثابت، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قسم الميراث بين الابنة والأخت نصفين
(1)
.
6960 -
حدثنا علي بن زيد الفرائضي، قال: ثنا عبدة بن سليمان، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: أنا يزيد بن أبي حبيب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قسم المال شطرين بين الابنة والأخت
(2)
.
6961 -
حدثنا علي، قال: ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا إسرائيل، عن جابر، عن الشعبي، عن علي وعبد الله رضي الله عنهما، في ابنة وأخت، للابنة النصف، وللأخت النصف
(3)
.
وقال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، إلا ابن عباس، وابن الزبير رضي الله عنهم.
(1)
إسناده ضعيف لسوء حفظ عبد الله بن لهيعة.
(2)
إسناده منقطع، أبو سلمة لم يدرك عمر بن الخطاب.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31072)، عن زيد بن حباب، عن يحيى بن أيوب المصري به.
(3)
إسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31075) عن وكيع، عن إسرائيل به.
6962 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، وأبو نعيم قالا: ثنا سفيان، عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق، عن عبد الله في ابنة، وأخت، وجدٍّ، قال: من أربعة
(1)
.
6963 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود: قال ثنا شعبة، عن أشعث بن أبي الشعثاء، قال: سمعت الأسود بن يزيد يقول: قضى فينا معاذ باليمن في رجل ترك ابنته وأخته، فأعطى الابنة النصف، وأعطى الأخت النصف
(2)
.
قال شعبة: وأخبرني الأعمش، قال: سمعت إبراهيم يحدث، عن الأسود، قال: قضى فينا معاذ باليمن، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي
…
فذكر مثله.
6964 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون قال: أنا سفيان الثوري، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن الأسود بن يزيد قال: قضى ابن الزبير في ابنة وأخت، فأعطى الابنة النصف، وأعطى العصبة سائر المال. فقلت له: إن معاذا قضى فينا باليمن، فأعطى الابنة النصف، وأعطى الأخت النصف. فقال عبد الله بن الزبير: فأنت رسولي إلى عبد الله بن عتبة، فتحدثه بهذا الحديث وكان قاضي أهل الكوفة
(3)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31231) عن وكيع عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي 6/ 233 من طريق إبراهيم بن مروزق به.
(3)
إسناده صحيح. =
فهذا عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، قد رجع عن قوله الذي وافق فيه ابن عباس رضي الله عنهما في هذا، إلى قول الآخرين.
6965 -
حدثنا صالح بن عبد الرحمن وروح بن الفرج، قالا: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن الأسود بن يزيد، قال: قدم معاذ إلى اليمن فسئل عن ابنة وأخت، فأعطى الابنة النصف، والأخت النصف
(1)
.
6966 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون قال أنا سفيان الثوري، عن معبد بن خالد، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها في ابنتين وبنات ابنٍ، وبني ابن، وفي أختين لأب وأم وإخوة وأخوات لأب أنها أشركت بين بنات الابن، وبني الابن، وبني الإخوة والأخوات من الأب فيما بقي. قال: وكان عبد الله لا يشرك بينهم
(2)
.
وقال قوم في ابنة وعصبة: إن للابنة جميع المال، ولا شيء للعصبة.
= وأخرجه عبد الرزاق (19025)، وابن أبي شيبة 11/ 243، والدارمي (3051) من طريق سفيان الثوري، عن أشعث، عن الأسود به قضى معاذ
…
وأخرجه البخاري (6734) من طريق شيبان، عن أشعث به.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 347، والدارمي (2935)، وابن حزم في المحلى 9/ 270، والبيهقي 6/ 230 من طريق سفيان الثوري به.
فكفى بهم جهلا في تركهم قول كل الفقهاء إلى قول لم يعلم أن أحدا قال به قبلهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من تابعيهم، مع أن ما ذهبوا إليه من ذلك، يدقعه نص القرآن؛ لأن الله عز وجل قال:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11].
فبين الله عز وجل لنا بذلك كيف حكم الأولاد في المواريث إذا كانوا ذكورا، وإناثا ثم قال الله عز وجل:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11]، فبين لنا تبارك وتعالى حكم الأولاد في المواريث، إذا كانوا نساء، ثم قال الله عز وجل {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11].
فبين لنا كم ميراث الابنة الواحدة، فلما بين لنا مواريث الأولاد على هذه الجهات علمنا بذلك أن حكم ميراث الواحدة لا يخرج من هذه الجهات الثلاث. واستحال أن يسمي الله عز وجل للابنة النصف وللبنات الثلثين ولهن أكثر من ذلك إلا لمعنى آخر بينه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كما أبان في مواريث ذوي الأرحام.
ولو كانت الابنة ترث المال كله دون العصبة، لما كان لذكر الله عز وجل النصف معنى، ولأهمل أمرها كما أهمل أمر الابن. فلما بين لها ما ذكرنا كان توقيفا منه عز وجل،
إيانا على أن ما لها من ذلك هو سهمها كما كان ما للأخوات من قيل: الأم بقوله: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]. فكان ما بقي بعد ما سمي لهن للعصبة. وكذلك ما سمي للزوج والمرأة، فما بقي بعد الذي سمي لهما للعصبة. فكذلك الابنة ما بقي أيضا بعد الذي سمي لها للعصبة، هذا دليل قائم صحيح في هذه الآية. ثم رجعنا إلى قوله عز وجل {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} ? [النساء: 176] فلم يبين لنا عز وجل هاهنا ما ذلك الولد فدلنا ما تقدم من قوله في الآية التي ذكرنا التي وقفنا فيها على أنصباء الأولاد أن ذلك الولد هو بخلاف الولد الذي سمى له الفرض في الآية الأخرى.
ثم قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ذكرنا أيضا ما
6967 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، وبحر بن نصر، قالا: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني داود بن قيس، عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن امرأة سعد بن الربيع أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن سعدا قتل معك، وترك ابنتيه وتركني، وأخاه، فأخذ أخوه ماله، وإنما تتزوج النساء
بمالهن. فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أعط امرأته الثمن، وابنتيه الثلثين، ولك ما يقي"
(1)
.
6968 -
حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(2)
.
فقد وافق هذا أيضا ما ذكرنا، وبهذا كان أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله يقولون به، وبه يقول أكثر الفقهاء.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1286) بإسناده ومتنه
وأخرجه أبو داود (2892) من طريق ابن وهب به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (1285) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن سعد 3/ 524، وأحمد (14798)، والترمذي (2092)، والحاكم 4/ 333، 334 من طرق عن عبيد الله بن عمرو به.
وأخرجه أبو داود (2891، 2892)، وابن ماجة (2720)، وأبو يعلى (2039)، والدارقطني 4/ 78، 79، والبيهقي 6/ 216، 229 من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل به.
2 - باب مواريث ذوي الأرحام
6969 -
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا عبد الله بن نافع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أن رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! رجل هلك، وترك عمته وخالته، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على حماره، فوقف، ثم رفع يديه، وقال:"اللهم رجل هلك وترك عمته وخالته"، فسأله الرجل، ويفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات، ثم قال:"لا شيء لهما"
(1)
.
6970 -
حدثنا بحر بن نصر، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني حفص بن ميسرة، وهشام بن سعد، وعبد الرحمن بن زيد عن زيد بن أسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعي إلى جنازة من الأنصار، حتى إذا جاءها قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما ترك؟ قالوا ترك عمته وخالته ثم تقدم، فقال: "قفوا الحمار" فوقف الحمار فقال: "اللهم رجل ترك عمته وخالته فلم ينزل عليه شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا أجد لهما شيئا"
(2)
.
(1)
إسناده مرسل.
وأخرجه أبو داود في المراسيل (361)، والدارقطني (4110)، والبيهقي في السنن 6/ 212، وفي المعرفة (12745) من طرق عن زيد بن أسلم به.
(2)
إسناده مرسل ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31123) عن وكيع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم به.
6971 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، ومحمد بن عبد الرحمن بن المجبر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، قال: أتى رجل من أهل العالية
(1)
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن رجلا هلك، وترك عمة وخالة، فانطلق يقسم ميراثه فتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال:"يا رب! رجل ترك عمة وخالة" ثم سار هنيهة
(2)
ثم قال يا رب! رجل ترك عمة وخالة" ثم سار هنيهة، ثم قال: "يا رب! رجل ترك عمة وخالة ثم قال: لا أرى ينزل علي شيء، لا شيء لهما"
(3)
.
قال أبو جعفر: فذهب قوم
(4)
إلى أن الرجل إذا مات وترك ذا رحم ليس بعصبة، ولم يترك عصبة غيره، أنه لا يرث من ماله شيئا، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
وخالفهم في ذلك آخرون
(5)
، فقالوا: يرث ذو الرحم إذا لم يكن عصبة بالرحم بينه وبين الميت كما يورث بالرحم التي تدلى بها، فيكون للعمة الثلثان، وللخالة التي الثلث؛ لأنها تدلي برحم الأم.
(1)
أماكن بأعلى أرض المدينة وأدناها من المدينة على أربعة أميال، وتجمع على عوالي.
(2)
أي قليلا من الزمان، وهو تصغير هنة.
(3)
إسناده مرسل صحيح، والطريق الثانية ضعيف لضعف محمد بن عبد الرحمن بن المجبر.
وأخرجه البيهقي 6/ 212 من طريق يزيد بن هارون به.
(4)
قلت: أراد بهم: سعيد بن المسيب، ومكحولا، والأوزاعي، ومالكا، والشافعي، وأهل المدينة، وأهل الظاهر رحمهم الله، كما في النخب 23/ 514.
(5)
قلت: أراد بهم: الشعبي، والنخعي، وشريحا القاضي، ومسروق بن الأجدع، وعلقمة بن الأسود، وطاووسا، =
وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذا الحديث الذي احتج به عليهم مخالفهم حديث منقطع، ومن مذهب هذا المخالف لهم أن لا يحتج بمنقطع. فكيف يحتج عليهم بما لو احتجوا به عليهم لم يسوغهم إياه. ثم لو ثبت هذا الحديث لم يكن فيه أيضا عندنا حجة في دفع مواريث ذوي الأرحام؛ لأنه قد يجوز لا شيء لهما، أي: لا فرض لهما مسمى كما لغيرهما من النسوة اللاتي يرثن كالبنات والأخوات والجدات، فلم ينزل عليه شيء، فقال: لا شيء لهما على هذا المعنى. ويحتمل أيضا، لا شيء لهما، أي: لا ميراث لهما أصلا؛ لأنه لم يكن نزل عليه حينئذ {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6]. فلما نزل ذلك عليه جعل لهما الميراث. فإنه قد روي عنه في مثل هذا أيضا ما.
6972 -
حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول: قال ثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، قال: توفي ثابت بن الدحداح، وكان أتيَّا، وهو الذي ليس له أصل يعرف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعاصم بن عدي:"هل تعرفون له فيكم نسبا؟ " قال: لا، يا رسول الله! فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا لبابة بن عبد المنذر ابن أخته، فأعطاه ميراثه
(1)
.
= والثوري، وابن أبي ليلى، الحسن بن صالح، ويحيى بن آدم، وضرار بن صرد، ونوح بن دراج، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه رحمهم الله، كما في النخب 23/ 515.
(1)
إسناده مرسل ضعيف لعنعنة محمد بن إسحاق.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31132) من طريق ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق به.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ورث أبا لبابة من ثابت، برحمه التي بينه وبينه. فثبت بذلك مواريث ذوي الأرحام، ودلّ سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه سبحانه وتعالى في حديث عطاء بن يسار عن العمة والخالة: هل لهما ميراث أم لا؟ أنه لم يكن نزل عليه في ذلك فيما تقدم شيء. فثبت بما ذكرنا تأخر حديث واسع هذا، عن حديث عطاء بن يسار، فصار ناسخا له.
فإن قلتم: إن حديث واسع هذا منقطع. قيل لكم: وحديث عطاء بن يسار منقطع أيضا، فمن جعلكم أولى بتثبيت المنقطع فيما يوافقكم من مخالفكم فيما يوافقه؟ وقد روي مثل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثار متصلة الأسانيد. منها: ما
6973 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: ثنا وكيع قال ثنا سفيان (ح)
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير، قال: ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: أن رجلا رمى رجلا بسهم فقتله، وليس له وارث إلا خال. فكتب في ذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب. فكتب عمر
رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له"
(1)
.
6974 -
حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج عن عمرو بن مسلم، عن طاوس، عن عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الخال وارث من لا وارث له"
(2)
.
6975 -
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم
…
فذكر بإسناده مثله، ولم يرفعه
(3)
.
(1)
إسناده حسن في الشواهد من أجل عبد الرحمن بن الحارث بن عياش.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 263، وأحمد (189)، والنسائي في الكبرى (6351)، وابن ماجة (2737)، والدارقطني 4/ 84 - 85 من طريق وكيع به.
وأخرجه الترمذي (2103)، وابن حبان (6037) من طريق محمد بن عبد الله بن الزبير به.
وأخرجه البزار (253)، وابن الجارود (964)، والبيهقي 6/ 214 من طريق سفيان الثوري به.
(2)
إسناده حسن في الشواهد من أجل عمرو بن مسلم، وابن جريج صرح بالتحديث عند أبي عوانة. وأخرجه الترمذي (2104)، والنسائي في الكبرى (6318)، والبزار 18/ 248، وأبو عوانة (5638، 5640)، والدارقطني (4112، 4113)، والبيهقي 6/ 215 من طريق أبي عاصم به.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (1234)، والحاكم 383/ 4 من طريق ابن جريج به.
(3)
إسناده حسن من أجل عمرو بن مسلم وابن جريج صرح بالتحديث عند عبد الرزاق.
وأخرجه عبد الرزاق (16202، 19124)، والدارمي (3020)، والدارقطني (4069)، والبيهقي 6/ 215 من طريق أبي عاصم به موقوفا.
وأخرجه النسائي في الكبرى (6319) من طريق مخلد بن يزيد، عن ابن جريج به.
6976 -
حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبي مسرة المكي، قال: ثنا أبي، قال: حدثني هشام بن سليمان، عن ابن جريج
…
فذكر بإسناده مثله قال أبو يحيى وأراه قد رفعه
(1)
.
6977 -
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا شعبة، قال: بديل العقيلي: أخبرني علي بن أبي طلحة عن راشد بن سعد، عن أبي عامر الهوزني، عن المقدام بن معد يكرب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك كلا فعلي. قال شعبة: ربما قال: فإلي، قال:"ومن ترك مالا، فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه، والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه"
(2)
.
6978 -
حدثنا ابن أبي مسرة، قال: ثنا بدل بن المحبر، قال: ثنا شعبة
…
ثم ذكر بإسناده مثله
(3)
.
(1)
إسناده حسن وأحمد بن زكريا بن الحارث أورده العيني في المغاني ولم يذكر فيه شيئا وقد توبع.
(2)
إسناده حسن من أجل علي بن أبي طلحة.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2749) بإسناده ومتنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 264، وسعيد بن منصور (172)، وأحمد (17175)، وأبو داود (2899)، والنسائي في الكبرى (6356)، وابن ماجة (2738)، وابن حبان (6035)، والطبراني في الكبير 20/ 625، والبيهقي في السنن 6/ 214 من طرق عن شعبة به.
(3)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2749) بهذا الإسناد.
ولعله تحرف في شرح المشكل ابن أبي ميسرة إلى ابن أبي مغيرة، وفي كشف الأستار 2/ 54 هو عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبي ميسرة المكي أبو يحيى.
6979 -
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد، عن بديل
…
فذكر بإسناده مثله، إلا أنه قال: "فإلي أرث ماله وأفك عانه، والخال وارث من لا وارث له يرث ماله ويفك عانه
(1)
.
6980 -
حدثنا ابن أبي مسرة، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن زيد
…
فذكر بإسناده مثله
(2)
.
6981 -
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا معاوية بن صالح، قال: حدثني راشد بن سعد، أنه سمع المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الله ورسوله مولى من لا مولى له، يرث ماله، ويفك عُنّوه
(3)
، والخال وارث من لا وارث له، يرث ماله ويفك عنوه"
(4)
.
(1)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2748) من طريق ابن أبي ميسرة، وابن أبي داود، عن سليمان بن حرب به.
وأخرجه أحمد (17203)، وأبو داود (2900)، والنسائي في الكبرى (6355)، وابن ماجة (2634)، وابن الجارود (965)، والطبراني في الكبير 20/ 626، والدارقطني 4/ 85 - 86، والحاكم 4/ 344، والبيهقي 6/ 214، والبغوي (2229) من طرق عن حماد بن زيد به.
(2)
إسناده حسن كسابقه.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2784) بإسناده ومتنه.
(3)
بضم العين والنون وتشديد الواو من عنا يعنو، والمعنى: يفك أسره.
(4)
إسناده قوي، وفيه التصريح بسماع راشد بن سعد من المقدام بن معد يكرب وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2750) بإسناده ومتنه.
وأخرجه النسائي في الكبرى (6386) من طريق أسد بن موسى به.=
فهذه آثار متصلة قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يوافق ما روى الواسع بن حبان، ويخالف ما روي عن عطاء بن يسار. وقد شد ذلك كله وبينه قول الله عز وجل:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6].
فقال المخالف لنا: لا دليل لكم في هذه الآية على ما ذهبتم إليه من هذا؛ لأن الناس كانوا يتوارثون بالتبني، كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة، فكان يقال: زيد بن محمد، وكان من فعل هذا ورث المتبني ماله دون سائر أرحامه، وكان الناس يتعاقدون في الجاهلية على أن الرجل يرث الرجل، فأنزل الله عز وجل:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6] دفعا لذلك، وردا للمواريث إلى ذوي الأرحام، وقال تعالى:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} ? [الأحزاب: 5]، وذكروا في ذلك.
6982 -
ما حدثنا علي بن زيد قال: ثنا عبدة بن سليمان قال: أنا ابن المبارك قال: أخبرنا ابن عون عن عيسى بن الحارث قال: كانت لأخي شريح بن الحارث جارية، فولدت جارية، فشبت فزوجها، فولدت غلاما، وماتت الجدة. فاختصم شريح والغلام إلى شريح قال فجعل شريح يقول: ليس له ميراث في كتاب الله تعالى، إنما هو لابن، بنت، فقضى للغلام بالميراث، فقال:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6]: قال فركب ميسرة بن يزيد إلى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، فحدثه:
= وأخرجه أحمد (17199)، والنسائي في الكبرى (6419، 64354) من طرق عن معاوية بن صالح به.
بالذي قضى شريح. قال: فكتب ابن الزبير إلى شريح أن ميسرة حدثني أنك قضيت بكذا، وكذا، وقلت عند ذلك {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6] وإنما كانت تلك الآيات في العصبات في الجاهلية، وكان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل، فيقول: ترثني، وأرثك، فلما نزلت هذه الآية ترك ذلك. قال: فقدم الكتاب على شريح فقرأه، وقال: إنما أعتقها حيتان بطنها، وأبى أن يرجع عن قضائه
(1)
.
وكان من الحجة للآخرين على أهل هذه المقالة أن عبد الله بن الزبير قد أخبر في حديثه هذا، أنهم كانوا يتوارثون بالتعاقد دون الأنساب فأنزل الله عز وجل، ردًا لذلك {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6]. فكان في هذه الآية دفع الميراث بالمعاقدة، وإيجابه لذوي الأرحام دونهم.
ولم يبين لنا في هذه الآية أن ذوي الأرحام هم العصبة أو غيرهم، فقد يحتمل أن يكونوا هم العصبة ويحتمل أن يكون كل ذي رحم على ما جاء في تفصيل المواريث في
(1)
إسناده حسن، عيسى بن الحارث في كشف الاستار 2/ 434: لا أعرف له ترجمة، قلت في الجرح (1521) قال أبو زرعة: لا بأس به، وميسرة بن يزيد قال العيني في المغاني 3/ 102 يروي عن عبد الله بن الزبير، وشريح القاضي.
وأخرجه وكيع في أخبار القضاة 2/ 321 من طريق عبد الله بن المبارك به.
وأخرجه البيهقي 10/ 121 من طريق ابن علية، عن ابن عون به.
وأخرجه مختصرا القاسم بن سلام في الناسخ والمنسوخ (413) من طريق معاذ، عن ابن عون، عن عيسى بن الحارث، عن عبد الله بن الزبير به.
وأخرجه الدارقطني (4166) من طريق إسماعيل بن علية، عن ابن عون به.
غير هذا الحديث، فلما كان ما ذكرنا كذلك ثبت أن لا حجة لأحد الفريقين في هذا الحديث، وإنما هذا الحديث حجة على ذاهب لو ذهب إلى ميراث المتعاقدين بعضهم من بعض لا غير ذلك، فهذا معنى حديث ابن الزبير رضي الله عنهما هذا.
وقد ذهب أهل بدر إلى مواريث ذوي الأرحام. فمما روي عنهم في ذلك، ما قد ذكرناه فيما تقدم من كتابنا هذا عن عمر رضي الله عنه في كتابه إلى أبي عبيدة بن الجراح. فلم ينكر أبو عبيدة ذلك عليه، فدلّ أن مذهبه فيه كان كمذهبه وقد
6983 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون قال: أنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، قال: أتى زياد في رجل مات، وترك عمته وخالته فقال: هل تدرون كيف قضى عمر رضي الله عنه فيها؟. قالوا: لا. قال: والله إني لأعلم الناس بقضاء عمر فيها، جعل العمة بمنزلة الأخ، والخالة بمنزلة الأخت، فأعطى العمة الثلثين، والخالة الثلث
(1)
.
6984 -
حدثنا علي، قال: ثنا يزيد قال أنا يزيد بن إبراهيم، والمبارك بن فضالة، عن الحسن، عن عمر رضي الله عنه، أنه جعل للعمة الثلثين، وللخالة الثلث
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 260، وسعيد بن منصور (154)، والبيهقي 6/ 216، 217 من طرق عن داود بن أبي هند به.
وأخرجه الدارمي (3021) من طريق فراس عن الشعبي به.
(2)
إسناده منقطع، الحسن لم يدرك عمر بن الخطاب.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31115) من طريق وكيع، عن يزيد بن إبراهيم به.
وأخرجه عبد الرزاق (19113)، وابن أبي شيبة (31121)، وسعيد بن منصور (153)، والدارمي (3022) من طريق يونس بن عبيد عن الحسن به.
6985 -
حدثنا على قال: ثنا يزيد قال أنا سفيان عن منصور، عن إبراهيم، عن مسروق، قال: أتى عبد الله رضي الله عنه في إخوة لأم، وأم، فأعطى الإخوة من الأم الثلث، وأعطى الأم سائر المال وقال: الأم عصبة من لا عصبة له، وكان لا يرد على الإخوة لأم مع الأم، ولا على ابنة ابن مع ابنة الصلب، ولا على أخوات لأب، مع أخت لأب وأم ولا على امرأة، ولا على جدة، ولا على زوج
(1)
.
6986 -
حدثنا علي بن شيبة قال: ثنا يزيد قال: أنا قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن يحيى بن وثاب عن مسروق، عن عبد الله رضي الله عنه قال: الخالة والدة
(2)
.
6987 -
حدثنا علي، قال: ثنا يزيد قال: ثنا حبيب بن أبي حبيب، عن عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد، أن عمر رضي الله عنه، قضى للعمة الثلثين، وللخالة الثلث
(3)
.
6988 -
حدثنا علي، قال: ثنا يزيد قال: ثنا حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله، عمر
…
مثله
(4)
.
(1)
إسناده صحيح
وأخرجه ابن أبي شيبة (31167) من طريق وكيع عن سفيان به.
(2)
إسناده حسن في المتابعات من أجل قيس بن الربيع.
وأخرجه الدارمي (3024)، والبيهقي 6/ 217 من طريق محمد بن سالم، عن الشعبي، عن مسروق به.
(3)
إسناده منقطع، جابر بن زيد هو أبو الشعثاء لم يدرك عمر بن الخطاب.
وأخرجه البيهقي 6/ 217 عن جابر بن زيد معلقا ..
(4)
إسناده منقطع بكر بن عبد الله لم يدرك عمر بن الخطاب.
وأخرجه الدارمي (3092) من طريق يزيد بن هارون به.
وأخرجه البيهقي 6/ 217 عن بكر بن عبد الله معلقا.
6989 -
حدثنا علي، قال: ثنا يزيد قال أنا سفيان الثوري، عن منصور، عن فضيل، عن إبراهيم، قال: كان عمر وعبد الله يورثان الأرحام دون الولاء، قلت: أفكان علي رضي الله عنه يفعل ذلك، قال: كان علي رضي الله عنه أشدهم في ذلك
(1)
.
6990 -
حدثنا علي، قال: ثنا يزيد قال: أنا عبيدة عن حبان الجعفي، عن سويد بن غفلة، أن رجلا مات وترك ابنته وامرأته، ومولاة. قال سويد بن غفلة: إني جالس عند علي رضي الله عنه، إذ جاءته مثل هذه الفريضة، فأعطى ابنته النصف، وامرأته الثمن، ثم رد ما بقي على ابنته، ولم يعط المولى شيئا
(2)
.
6991 -
حدثنا علي بن زيد قال: ثنا عبدة بن سليمان قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا سفيان، عن حيان الجعفي، قال: كنا عند سويد بن غفلة
…
فذكر مثله
(3)
.
6992 -
حدثنا علي، قال: ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا شريك، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: كان علي رضي الله عنه يرد بقية المواريث على ذوي السهام من ذوي الأرحام
(4)
.
(1)
إسناده منقطع.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31157) من طريق جرير، عن منصور، عن فضيل به.
(2)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 273، والفسوي في المعرفة والتاريخ 3/ 191، والبيهقي 6/ 242 من طريق سفيان، عن حيان الجعفي به.
وأخرجه الدارمي (3063) من طريق زهير، عن حيان به.
(3)
إسناده صحيح
(4)
إسناده منقطع، ومعلول بجابر الجعفي، وشريك بن عبد الله.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31170) عن وكيع، عن شريك به.
6993 -
حدثنا علي، قال: ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا سفيان، عن مطرف عن الشعبي، قال: أتي زياد في عم لأم وخالة. فقال: ألا أخبركم بقضاء عمر فيهما؟ أعطى العم للأم الثلثين وأعطى الخالة الثلث
(1)
.
6994 -
حدثنا علي بن زيد قال ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا شعبة، عن سليمان، قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه للعمة الثلثان، وللخالة الثلث. قلت: أسمعته من إبراهيم؟ قال: هو أول ما سمعته منه
(2)
.
6995 -
حدثنا علي قال: ثنا عبدة، قال: ثنا ابن المبارك، عن شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن عبد الله
…
مثله
(3)
.
فهؤلاء أهل بدر قد ورثوا ذوي الأرحام بأرحامهم، وإن لم يكونوا عصبة. فإن كان إلى التقليد فتقليد هؤلاء أولى، وإن كان إلى ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ذكرنا ما روي عنه في هذا الباب.
(1)
إسناده صحيح، وهو مكرر سابقه (6984).
(2)
إسناده منقطع، سليمان الأعمش لم يدرك عبد الله بن مسعود.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31119) من طريق الشعبي، عن ابن مسعود به.
(3)
إسناده منقطع، إبراهيم لم يدرك عبد الله بن مسعود.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31122) من طريق أبي عوانة، عن مغيرة عن إبراهيم، عن عبد الله بن مسعود به.
وإن كان إلى النظر فإنا قد رأينا العصبة يرثون إذا كانوا ذكورا، ورأينا بعضهم إذا كان لهم من القرب ما ليس لبعض كان بذلك القرب أولى بالميراث ممن هو أبعد منه. وكان المسلمون إذا لم يكن للميت عصبة يرثونه جميعا، فإذا كان بعضهم أقرب إليه من بعض، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون من قرب منهم أولى بالميراث ممن هو أبعد منه من المتوفى من المسلمين.
فثبت بالنظر أيضا ما ذكرنا، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى. وقد ذكرنا في هذه الآثار التي قد رويناها عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلافا بينهم في بعضها بعد اجماعهم فيها على الوراثة بالأرحام التي لا تعصب أهلها فمما اختلفوا فيه من ذلك في ميراث ذوي الأرحام دون الموالي، فقد ذكرنا ذلك، عن عمر، وعلي، وعبد الله رضي الله عنهم.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك
6996 -
حدثنا علي بن زيد قال: ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا أبان بن تغلب، الحكم، عن عبد الله بن شداد بن الهاد أن ابنة حمزة، أعتقت مولى لها، فمات المولى،
وتركها، وترك ابنته، فأعطاها النبي صلى الله عليه وسلم النصف، وأعطى بنت حمزة النصف
(1)
.
6997 -
حدثنا علي، قال: ثنا عبدة، قال: ثنا ابن المبارك، قال: أنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت عبد الله بن شداد، يقول: هي أختي
…
ثم ذكر مثله
(2)
.
6998 -
حدثنا علي، قال: ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، قال: انتهيت إلى عبد الله بن شداد، وهو يحدث القوم، وهو يقول: هي أختي فسألتهم فقالوا: كان مولى لابنة حمزة
…
ثم ذكر مثله
(3)
.
6999 -
حدثنا علي، قال: ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك قال: أنا سفيان، عن منصور بن حيان الأسدي، عن عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله
(4)
.
(1)
إسناده مرسل.
وأخرجه أبو يوسف في آثاره (774)، وسعيد بن منصور (174)، وابن أبي شيبة 11/ 267، وأبو داود في المراسيل (364)، والطبراني 24/ 880 من طرق عن الحكم بن عتيبة به.
(2)
إسناده مرسل.
وأخرجه أبو داود في المراسيل (364)، والطبراني 24/ 880، والبيهقي 6/ 241 من طريق شعبة به.
(3)
إسناده مرسل.
وأخرجه عبد الرزاق (16210)، والطبراني في الكبير 24/ 357 من طريق الثوري به.
(4)
إسناده مرسل.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31145) من طريق وكيع، والبيهقي 6/ 241 من طريق قبيصة، كلاهما عن سفيان به.
7000 -
حدثنا علي، قال: ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك، قال أنا جرير بن حازم، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب وأبي فزارة، قالا: ثنا عبد الله بن شداد
…
فذكر مثله. ثم قال: هل تدرون ما بيني وبينها؟ هي أختي من أمي، كانت أمنا أسماء بنت عميس الخثعمية
(1)
.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ورث بنت حمزة من مولاها، ما بقي بعد نصيب ابنته بحق فرض الله عز وجل لها، ولم يرد ما بقي على البنت.
فدلت هذه الآثار أن مولى العتاقة أولى بالميراث من الرحم الذي ليس بعصبة، وقد روي مثل هذا أيضا عن علي رضي الله عنه.
7001 -
حدثنا علي بن زيد قال: ثنا عبدة، قال: ثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا فطر، عن الحكم بن عتيبة قال: قضى علي رضي الله عنه في أناس منا فيمن ترك ابنته ومولاته، فأعطى ابنته النصف ومولاته النصف
(2)
.
(1)
إسناده مرسل.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31135) من طريق الشيباني، عن عبيد الله بن أبي الجعد، عن عبد الله بن شداد به.
(2)
إسناده منقطع.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 268، وسعيد بن منصور (176)، والدارمي (3057) من طريق الشيباني، عن الحكم، عن شموس الكندية، عن علي به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 268، والدارمي (3058) من طريق ابن أبي ليلى عن الحكم، عن أبي الكنود، عن علي به.
7002 -
حدثنا علي، قال: ثنا عبدة، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، قال: رأيت المرأة التي ورثها علي رضي الله عنه له من أبيها النصف، وورث مولاها النصف (1).
فهذا هو النظر أيضا عندنا؛ لأنا رأينا المولى إذا لم يكن معه بنت ورث بالتعصيب، كما ترث العصبة من ذوي الأرحام، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك هو إذا كانت معه ابنة يرث معها كما ترث العصبة من ذوي الأرحام.
فهذا هو النظر في هذا، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم تعالى. وأما ما ذكرناه أيضا عن عبد الله رضي الله عنه أنه كان لا يرد على إخوة لأم مع أم شيئا، ولا على ابنة ابن مع ابنة الصلبة، ولا على أخوات لأب، مع أخوات لأب وأم. فقد ذكرنا عن علي رضي الله عنه خلاف ذلك، وأنه كان يرد بقية المواريث على ذوي السهام من ذوي الأرحام فإن النظر عندنا في ذلك أيضا ما ذهب إليه علي رضي الله عنه لأنهم جميعا ذوو أرحام.
وقد رأيناهم في فرائضهم التي قد فرضها الله عز وجل لهم، قد ورثوها جميعا بأرحام مختلفة. ولم يكن بعضهم بقرب رحمه أولى بالميراث من غيره منهم ممن بعد رحمها.
(1)
إسناده منقطع.
فالنظر على ذلك أن يكونوا جميعا فيما يرد عليهم من فضول المواريث كذلك، وأن لا يقدم منهم من قرب رحمه على من كان أبعد رحما من الميت منه وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.
وقد روي عن إبراهيم فيما ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إعطائه بنت حمزة النصف وبنت مولاها النصف، أن ذلك إنما كان طعمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنة حمزة رضي الله عنها.
7003 -
حدثنا بذلك فهد، قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا حسن بن صالح، عن منصور، عن إبراهيم
(1)
.
وهذا عندنا، كلام فاسد؛ لأن ابنة مولى ابنة حمزة إن كان وجب لها جميع ميراث أبيها برحمها منه، فمحال أن يطعم النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قد وجب لها بنت حمزة. وإن كان ذلك لم يجب لها كله، وإنما وجب لها نصفه فما بقي بعد ذلك النصف راجع إلى من أعتقه، وهي ابنة حمزة.
فاستحال ما ذكر إبراهيم في ذلك، وثبت أن ما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بنت حمزة كان بالميراث لا بغيره.
(1)
إسناده مرسل.
وأخرجه ابن أبي شيبة (31142) من طريق عبدة، عن الأعمش، عن إبراهيم به.
فإن قال قائل: فقد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا آثار في توريث من ليس بعصبة ولا رحم فذكر ما
7004 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار قال: سمعت عوسجة مولى ابن عباس يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رجلا مات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يترك قرابة إلا عبدا هو أعتقه، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه
(1)
.
قالو: فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ورث المولى الأسفل من المولى الأعلى وأنتم لا تقولون بهذا؟.
قيل لهم: إنه ليس في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المولى الأسفل يرث من المولى الأعلى. وإنما فيه أنه دفع ميراثه، وهو تركته إليه، وليس كما روي
(1)
إسناده حسن من أجل عوسجة المكي مولى ابن عباس.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (3879) بإسناده ومتنه.
وأخرجه البيهقي 6/ 242 من طريق يزيد بن هارون به.
وأخرجه الطيالسي (2738)، وأبو داود (2905)، والحاكم 4/ 347، والبيهقي 6/ 242 من طريق حماد بن سلمة به.
وأخرجه عبد الرزاق (16192)، والحميدي (523)، وسعيد بن منصور (194)، وأحمد (1930)، والترمذي (2106)، والنسائي في الكبرى (6409)، وابن ماجة (2741)، وأبو يعلى (2399)، والطبراني (12210)، والحاكم 4/ 347، والبيهقي 6/ 242 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو به.
عنه في الخال أنه قال هو وارث من لا وارث له، فقد يحتمل وجوها: منها أن يكون دفعه إليه؛ لأنه ورثه إياه بما للميت عليه من الولاء، ويحتمل أن يكون مولاه ذا رحم له، فدفع إليه ماله بالرحم، وورثه به، لا بالولاء.
ألا تراه يقول في الحديث: ولم يترك قرابة إلا عبدًا هو أعتقه، فأخبر أن العبد كان قرابة له فورثه بالقرابة، ويحتمل أن يكون دفع إليه ميراثه؛ لأن الميت كان أمر بذلك، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله، حيث أمر بوضعه فيه، كما قد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فإنه
7005 -
حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن الشعبي، عن عمرو بن شرحبيل، قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إنه ليس من حي من العرب، أحرى أن يموت الرجل منهم، ولا يعرف له وارث منكم معشر همدان فإذا كان كذلك فليضع ماله حيث أحب. قال الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: حدثني همام بن الحارث، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله
…
مثله
(1)
.
(1)
إسناده حسن في المتابعات من أجل يحيى بن عيسى الفاخوري.
وأخرجه سعيد بن منصور (217) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن عمرو بن شرحبيل به.
7006 -
حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي عمرو السيباني، عن ابن مسعود
…
مثله
(1)
.
7007 -
حدثنا سليمان قال ثنا عبد الرحمن قال: ثنا شعبة عن الحكم، عن إبراهيم عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله
…
مثله
(2)
.
7008 -
حدثنا سليمان: قال ثنا عبد الرحمن قال: ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت أبا عمرو السيباني يحدث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: السائبة
(3)
يضع ماله حيث أحب
(4)
.
7009 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر، وأبو الوليد قالا: ثنا شعبة، عن الحكم عن إبراهيم عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله
…
مثله
(5)
7010 -
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن بكر، قال أخبرنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم عن همام، عن عمرو، عن عبد الله
…
نحوه
(6)
.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة (30903) من طريق الشعبي، عن عمرو بن شرحبيل به.
(3)
هو: العبد يقول مولاه إذا أعتقه هو سائبة فلا عقل بينهما ولا ميراث.
(4)
إسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 369، والدارمي (3159)، والبيهقي 10/ 302 من طريق شعبة به.
(5)
رجاله ثقات.
(6)
إسناده صحيح.
7011 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون قال: أنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي عمرو السيباني، عن عبد الله
…
مثله
(1)
.
ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أطعمه المولى الأسفل لفقره كما للإمام أن يفعل ذلك فيما في يده من الأموال التي لا رب لها، وقد سمعت ابن أبي عمران يذكر أن هذا التأويل الأخير، قد روي عن يحيى بن آدم.
فلما احتمل هذا الحديث ما ذكرنا، لم يكن لأحد أن يحمله على تأويل منها إلا بدليل يدله عليه، إما من كتاب الله عز وجل، أو من سنة رسوله، وإما من إجماع. وقد روي في نحو من هذا ما
7012 -
حدثنا يونس ومحمد بن خزيمة، قالا: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا شريك، عن أبي بكر بن أحمر، عن ابن بريدة عن أبيه، قال: توفي رجل من خزاعة، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه فقال:"اطلبوا له وارثا، أو ذا قرابة" هكذا قال يونس. وقال ابن خزيمة: "أو ذا رحم"، فطلبوا فلم يجدوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادفعوا إلى أكبر خزاعة"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح.
(2)
إسناده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله الكوفي.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (2404) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الطيالسي (812)، وأحمد (22944)، والبخاري في التاريخ الكبير 2/ 253، وأبو داود (2904)، والنسائي في الكبرى (6394)، والبيهقي 6/ 243 من طريق شريك بن عبد الله النخعي به.
فهذا عندنا - والله أعلم - على ما قاله يحيى بن آدم في الحديث الذي قبل هذا وقد
7013 -
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون قال: أنا سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن مجاهد، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن مولى للنبي صلى الله عليه وسلم وقع من نخلة فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"انظروا هل له وارث؟ " فقالوا: لا، قال:"أعطوا ماله بعض القرابة"
(1)
.
فقد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك قرابته هو، لا قرابة الميت، فأراد أن يجعله فيهم صلة منه لهم، والله أعلم.
(1)
إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (977) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الترمذي (2105) من طريق يزيد بن هارون به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 412، وأحمد (25054)، وأبو داود (2902)، وابن ماجة (2733)، والبيهقي 6/ 243 من طريق وكيع، عن سفيان به.