المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

معونة أولى النهى شرح المنتهى "منتهى الإرادات "   تصنيف الإمام محمد بن أحمد بن - شرح منتهى الإرادات لابن النجار = معونة أولي النهى - جـ ١

[ابن النجار الفتوحي]

فهرس الكتاب

معونة أولى النهى

شرح المنتهى

"منتهى الإرادات "

تصنيف

الإمام محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحى الحنبلى

الشهير: بابن النجار

(898 - 972 هـ)

دراسة وتحقيق

أ. د عبد الملك بن عبد الله دهيش

الجزء الأول

ص: 1

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 2

معونة أولى النهى

جميع الحقوق محفوظة للمحقق

أ. د عبد الملك بن عبد الله بن دهيش

الطبعة الخامسة

طبعة منقحة ومزيدة

1429 هـ - 2008 م

ص: 3

توزيع

مكتبة الأسدى

مكة المكرمة - هاتف (5570506/ 009662) فاكس (5575241/ 009662)

ص - ب: 2083

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة الطبعة الخامسة:

الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، والشكر له سبحانه على

نعمه الظاهرة والباطنة، والصلاة والسلام على سيد البرية، وهادى البشرية، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،

نحمده حمد الشاكرين المذكورين في الكتاب المبين. أما بعد:

فان كتاب: " معونة أولى النُّهَى شرح المنتهى " تأليف الإمام محمد بن

أحمد بن عبد العزيز الفُتُّوحِي الحنبلي الشهير بابن النجار (ت 932 هـ) يعد من الكتب المهمة في المذهب الحنبلي، هو وأصله. " منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع مع التنقيح وزيادات " وتعود أهميته كونه من الكتب المعوّل عليها في القضاء والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، ومما يزيد من أهميته أيضاً أنه شُرح من قِبَل مؤلف الأصل فصاحب الكتاب يكون أدرى بما فيه، وأكثر خبرة ببيان مبهمة وغامضة ومشكله. ولذا جاء هذا الشرح متقناً حاوياً شافياً.

وقد منّ الله عز وجل علي بأن أخرجت العديد والكثير من كتب الفقه الحنبلي وأصوله، ومن هذه الكتب كان " معونة أولي النُّهَى شرح المنتهى " الذي قمت بتحقيقه وإخراجه في اثني عشر مجلداً، ولأهميته فقد طبع في أربع طبعات سابقة لهذه الطبعة، وها أنا بتيسير من الله أقدم للطبعة الخامسة منه، وأطلب من الله عز وجل العون والتوفيق في إخراج النافع من تراث أمتنا الإسلامية، انه ولي ذلك والقادر عليه.

وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين. . .

محقق الكتاب

أ. د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش

مكة المكرمة في ربيع الأول 1429 هـ

ص: 5

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة الطبعة الرابعة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فهذه هي الطبعة الرابعة لكتاب " معونة أولي النُّهَى شرح المنتهى " المتن والشرح كلاهما للإمام تقي الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي بن إبراهيم الفُتُّوحِي المصري، الشهير بـ " ابن النجار ".

ويعد كتابه من المصادر القيمة في أصول مذهب الإمام أحمد- رحمه الله تعالى- الذي ينجلي به غامض المشتبه، وما مال عن جادة الصواب.

تمتاز هذه الطبعة الجديدة بما يلي:

1 -

وضع الآيات القرآنية من رسم المصحف الشريف لتجنب الخطأ في رسم الخط القرآني.

2 -

وضعنا أسماء الكتب ضمن أقواس التنصيص " ".

3 -

تصحيح الأخطاء الواقعة في الطبعات السابقة على ندرتها.

4 -

مراجعة متن " منتهى الإرادات " على طبعة " مكتبة دار العروبة " تحقيق عبد الغني عبد الخالق (1381 هـ - 1962 م).

5 -

استخدام أحدث ما وصلت إليه الطباعة الحديثة بأجهزة الصف التصويري والأوفست، بما يظهر جمال الحرف والكلمة والترتيب والإخراج.

وهذا ما يدفع بالقارئ إلى مطالعته واستجلاء فوائده، والعمل بما جاء فيه من أحكام شرعية.

وفي الختام نسأل الله عز وجل أن يرحم مؤلفه ابن النجار ويجزيه خير الجزاء. كما ندعو المولى عز وجل أن يتقبل منا عملنا، وينفعنا وينفع به المسلمين إلى يوم الدين، انه سميع مجيب.

د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش

غرة محرم الحرام 1428 هـ

ص: 6

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة الطبعة الثالثة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

فهذه هي الطبعة الثالثة لكتاب " معونة أولي النُّهَى شرح المنتهى " للإمام أحمد بن النجار الحنبلي. خاتمة محققي الحنابلة. نقدمها بعد أن نفدت طبعتي الكتاب الأولى والثانية. وتلقاها طلاب العلم بشغف وإقبال كبير.

ثم عثرت على نسخة خطية لهذا الكتاب ضمن مقتنيات والدي رحمه الله، قد نسخها بنفسه، وعلق على هوامشها بخطه، وذلك في عام 1363 هـ.

وهي قطعة من هذا الكتاب تبدأ من أوله وتنتهي بالأوقات التي يكره فيها الصلاة (فصل: ويكره فيها أي في الصلاة الالتفات. . . الخ) وعدد أوراقها 192 صفحة وكل صفحة تحتوي على 27 سطر.

وتمتاز هذه الطبعة بما يلي:

أ- تمت إعادة مراجعة المادة العلمية للكتاب بأصوله الخطية. وكذلك مراجعتها بأصول المصنف وموارده.

2 -

مراجعة أعمال التحقيق وتخريج الأحاديث والآثار.

3 -

إعادة تقسيم الكتاب، وجعله ضمن اثني عشر جزءاً. وكانت الطبعة الأولى والثانية في تسع مجلدات.

4 -

إعداد فهرس معجمي شامل للأحكام الفقهية الواردة في الكتاب تسهيلاً لمراجعتها.

نسأل الله أن يتقبل منا عملنا، وأن يجعله خالصا لوجهه، وأن ينفع به المسلمين.

انه سميع مجيب.

د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش

غرة رجب 1418 هـ

ص: 7

‌تقديم

الحمد لله رب العالمين، وصلوات الله وسلامه على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد كنت أثناء تولي القضاء بالمحكمة الكبرى بمكة المكرمة كثير الرجوع إلى كتاب " شرح منتهى الإرادات " للإمام منصور البهوتي- رحمه الله. وقد لفت انتباهي ما ورد في مقدمة المصنف، حيث قال:" ان كتاب " المنتهى " لعَلَم الفضائل وأوحد العلماء الأماثل، محمد تقي الدين ابن شيخ الإسلام أحمد شهاب الدين ابن النجار الفُتُّوحِي الحنبلي. تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جناته: كتاب وحيد في بابه، فريد في ترتيبه واستيعابه، سلك فيه منهاجاً بديعاً، ورصعه ببدائع الفوائد ترصيعاً. عُدّ ذلك الكتاب من المواهب، وسار في المشارق والمغارب، وشرحه مصنفه. . . "

(1)

.

فبدأت البحث عن الكتاب في المكتبات.

وأثناء زيارتي للقاهرة عام (1409 هـ)، شاء الله أن أزور " المكتبة الأزهرية " وأتفقد ما بها من مخطوطات قيمة، فعثرت هناك على مخطوطة كتاب " معونة أولي النُّهَى شرح المنتهى " للإمام تقي الدين محمد بن أحمد الفُتُّوحِي الشهير ب " ابن النجار الفُتُّوحِي الحنبلي ". فتأملت الكتاب فألفيته عديم النظير في الباب.

(1)

" شرح منتهى الإرادات " 1: 3.

ص: 8

ولم أزل أبحث عن مخطوطات أخرى لهذا الكتاب القيم، حتى وقفت على نسخ يأتى وصفها في مبحثها الخاص بها ان شاء الله

(1)

.

وتأتي أهمية هذا الكتاب المبارك من أمور أربعة:

الأول: أن المصنف- رحمه الله قد وثّق مسائل الكتاب بالأحاديث النبوية، وآثار الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة.

الثاني: كون متنه جامعاً لكتابين عظيمين هما " المقنع "لشيخ المذهب الإمام ابن قدامة، و" التنقيح " للإمام المرداوي- رحمهما الله-

الثالث: ما يتمتع به مصنف الكتاب الإمام ابن النجار عند علماء المذهب من مصداقية وقدم راسخة في الفقه: بوأته المكانة العلمية اللائقة بين علماء المذهب حتى شهد له بذلك القاصي والداني.

الرابع: أن العمل بالمحاكم الشرعية بالمملكة العربية السعودية يعتمد على المفتى به من مذهب الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله. وجاء في قرار هيئة المراقبة القضائية: أن المصادر المعتمدة في الفقه هي:

1 -

" شرح منتهى الإرادات ". المتن للشيخ الفُتُّوحِي، والشرح للشيخ البهوتي.

2 -

شرح الإقناع: "كشاف القناع عن متن الإقناع "، المتن للشيخ الحجاوي، والشرح للشيخ البهوتي

(2)

. فما اتفق عليه هذان الشرحان، أو انفرد به أحدهما فهو المتبع، وما اختلفا فيه فالعمل بما في " المنتهي".

وقد أثنى ابن حميد على الإمام الفُتُّوحِي، فقال

(3)

: ". . . انتهى إليه بعد

والده معرفة فقه الإمام أحمد- رضي الله عنه. . . ألف مصنفه المشهور

المنعوت ب " منتهى الإرادات ". حرر مسائله على الراجح من المذهب.

(1)

ص: (125).

(2)

مجموعة النظم الحكومية، قسم القضاء الشرعي 14.

(3)

" السحب الوابلة " لابن حميد 2: 854 - 855.

ص: 9

فاشتغل به عامة طلبة الحنابلة في عصره، واقتصروا عليه. . . انتهت إليه الرياسة في مذهبه ". فاندرج تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين "

(1)

.

وها أنا أقدم بين يدي المجلد الأول من هذا الكتاب دراسة تناولت حياة الإمام ابن النجار، وأهمية كتابه، والمنهج الذي رسمه المصنف لنفسه وسار عليه. فجاءت مسائل هذا الكتاب مؤيدة بالأحاديث النبوية، وأقوال السلف الصالح.

وأفرد المصنف في آخر هذا الكتاب مساحة للمصطلحات التي أوردها في كتابه وقواعد وتنبيهات قلّ أن تجدها مجتمعة في غير هذا الكتاب.

وأفردت مبحثاً خاصاً سجلت فيه الموارد التي اعتمد عليها ابن النجار في تصنيف كتابه هذا فبلغت (200) مورداً.

لذا أحببت إخراج هذا السفر المبارك للناس ليعم النفع به.

هذا وأسأل الله جلت قدرته أن ينفعنا به والمسلمين، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم انه ولي ذلك والقادر عليه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وكتبه

د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش

عاشر شهر الله المحرم عام 1416 هـ

مكة المكرمة

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(2948) 3: 1134 أبواب الخمس باب: قول الله تعالى: (فأن لله خُمُسَهُ وللرسول).

وأخرجه الإمام مسلم في " صحيحه "(1037) 2: 718 كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة.

ص: 10

‌المبحث الأول

حياة المؤلف

الإمام الفُتُّوحِي " ابن النّجار "

ص: 11

حياة المؤلف

الإمام الفُتُّوحِي " ابن النجار "

محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفُتُّوحِي، تقي الدين " ابن النجار ":(898 - 972 هـ).

مصادر ترجمته:

الكتب التي ترجمت لابن النجار قليلة جداً، فلم تقع له ترجمة في أهم كتب تراجم القرن العاشر. عصر مؤلفنا مثل:

* " النور السافر في أعيان القرن العاشر ": لعبد القادر بن شيخ ابن عبد الله العيدروس (ت 1038 هـ).

* " الكواكب السائرة في أعيان المائة العاشرة ": لمحمد بن محمد الغزي

(ت 1061 هـ).

* " البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ": للقاضي محمد بن علي الشوكاني (ت 1250 هـ).

أما الكتب التي ترجمت له فهي:

1 -

" شذرات الذهب في أخبار من ذهب ": لأبي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلى (ت 1089 هـ). وهو كتاب مطبوع مشهور وردت فيه ترجمة لمؤلفنا تحت اسم أحمد بن شهاب الدين الفُتُّوحِي في آخر وفيات سنة

ص: 13

(989 هـ)

(1)

، وقال:" وفي حدودها. . . ".

ولكن كل المعلومات التي وردت عند ترجمته تخص صاحب كتابنا، حيث أشار أنه صاحب " المنتهى "، ونقل ما ذكره الشعراني عنه في ذيله على الطبقات، وكلها معلومات تخص ابن النجار الابن (محمد بن أحمد)، أما ابن النجار الأب أحمد بن عبد العزيز المتوفى سنة (949 هـ) فقد أورد له ترجمة وافية عند وفيات السنة المذكورة

(2)

.

وهذا الخطأ قد جعل كل من ترجم لابن النجار أحمد بن محمد بن عبد العزيز يذكر أنه لم يعثر له على ترجمة في " شذرات الذهب "، وخاصة مُحَقِّقيْ كتاب " النعت الأكمل " فقد ذكرا أنه لم تقع لهما ترجمة له في " الشذرات "، وذلك عند ذكر ترجمته في الكتاب، كما ذكر القول نفسه محققا كتاب " شرح الكوكب المنير " لابن النجار إذ قالا: انه لم يترجم له في " شذرات الذهب " لابن العماد الحنبلي وذلك عند ذكرهما للكتب التي ترجمت لابن النجار في مقدمة تحقيق الكتاب.

2 -

" النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل " تأليف محمد الغزي

العامري (ت 1214 هـ). وهو شافعي المذهب ومع ذلك ترجم للحنابلة، وقد اشتمل على التراجم من سنة (901) إلى سنة (1207 هـ). وهو كتاب مطبوع بتحقيق كل من الأستاذين محمد مطيع حافظ، ونزار أباظة. من نشر دار الفكر بدمشق.

وقد جاءت ترجمة الفُتُّوحِي في هذا الكتاب مختصرة.

3 -

" السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة ": للشيخ محمد بن عبد الله بن عثمان بن حميد العامري (ت 1295 هـ). وهو كتاب ضخم ذيّل فيه على " طبقات ابن رجب " من وفيات سنة (751 هـ) حيث توقف ابن رجب واستمر إلى قرب وفاته في سنة (1250 هـ)، وقد توسع ابن حميد في ترجمته نوعاً ما.

(1)

" شذرات الذهب " 8: 390.

(2)

المرجع السابق 8: 276.

ص: 14

وقد خرج الكتاب مطبوعاً في ثلاث مجلدات بتحقيق كل من الدكتور عبد الرحمن العثيمين والدكتور بكر أبو زيد.

4 -

" مختصر طبقات الحنابلة " للشيخ محمد جميل بن عمر الشطي المتوفى سنة (1379 هـ). وهو ذيل على كتاب " النعت الأكمل ". فقد ذكر في مقدمته ما نصه: " وقد رأيت عندي تراجم متفرقة لبعض علماء مذهبنا الأحمد، مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه، فجعلتها ذيلاً لطبقات الغزي المذكور. . . ".

5 -

" المدخل لمذهب الإمام أحمد بن حنبل " للشيخ العلامة ابن بدران الدمشقي المتوفى سنة (1346 هـ). وقد أورد فيه ترجمة مختصرة عن الفُتُّوحِي وعن كتابه: " منتهى الإرادات ".

6 -

" الأعلام " للأستاذ خير الدين الزركلي. وأيضاً جاءت الترجمة فيه مختصرة.

7 -

" معجم المؤلفين " لعمر رضا كحالة، وفيه أيضاً نتف قليلة من ترجمة ابن النجار.

8 -

" مفاتيح الفقه الحنبلي " للدكتور سالم علي الثقفي، وقد أورد ترجمة مختصرة جداً عن مؤلفنا.

اسمه ونسبه:

هو الإمام محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي بن إبراهيم بن رشد الفُتُّوحِي، تقي الدين، أبو بكر بن شهاب الدين الشهير بـ " ابن النجار ". قاضي القضاة ابن شيخ الإسلام.

مولده:

ولد بالقاهرة سنة (898 هـ) الموافق (1492 م)، ونشأ بها.

أسرته:

أسرة ابن النجار الفُتُّوحِي من الأسر التي تشرفت بالعلم، وتولى أبناؤها مناصب القضاة والتدريس والفتوى بمصر، وأفادوا الناس، وحملوا مشاعل

ص: 15

الحضارة في مصر، واشتهروا بخدمة الكتاب والسنة، وكثرت تآليفهم الجيدة النافعة ".

فوالده الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز الفُتُّوحِي الحنبلي ولد سنة (862 هـ)، ومشايخه يزيدون عن (130) شيخاً. وكان- رحمه الله من أقضى القضاة عالماً متواضعاً طارحاً للتكلف. انتهت إليه الرئاسة في تحقيق نقول مذهبه وفي علوم السنة، وله مؤلفات عدة، وتوفي بالقاهرة في سنة (946 هـ)

(1)

.

وأما عن أولاده فقد أورد ابن حميد في " السحب الوابلة " أن له ثلاثة أولاد، وذكر أن اثنين منهم كانا من العلماء. إذ يقول:". . وكان قبل وفاته نزل عن تدريس المدارس لولده موفق الدين، وأجازه بالفتيا والتدريس، وأجلسه بالجامع الأزهر لإفادة الطلبة. . . ثم سأل قاضي مصر وهو مريض بمكاتبة أن يفوض لولده الكبير المدعو ولي الدين قضاء الصالحية. فأجابه إلى ذلك "

(2)

.

مما تقدم يدل على أن ولده موفق الدين تولى التدريس والفتوي بالجامع الأزهر، وولده ولي الدين هو أكبر أولاده تولى قضاء الصالحية. وأما الثالث فلم يذكر عنه أي شيء سوي أنه قال:" ولهما أخ ثالث بالغ، لم تنبت لحيته بعد ". كما جاء في حاشية على "السحب "

(3)

ما نصه: " لم أجد لوالديه المذكورين تراجم، ولا لحفيده المحقق يوسف مُحَشّي "المنتهي ". فمن وجد لهم ترجمة فليلحقها مثاباً عليه ".

وقد بحثنا كثيراً عن مزيد من المعلومات عن أسرة ابن النجار فلم نجد أكثر مما أوردنا. إلا أنه قد ذكر في " النعت الأكمل " للشيخ كمال الدين الغزي،

(1)

انظر ترجمته في: " الكواكب السائرة " 2: 112، " شذرات الذهب" 8: 276، " النعت الأكمل " 113 - 116، " مختصر طبقات الحنابلة " لجميل الشطي 82.

(2)

" السحب الوابلة " 2: 856.

(3)

هامش: 2: 857 من " السحب الوابلة ".

ص: 16

وكذلك في "مختصر طبقات الحنابلة " للشيخ جميل الشطي وغيرهما ترجمة

لحفيده الشيخ: عثمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي بن إبراهيم بن إبراهيم الفُتُّوحِي: ابن النجار أحد أجلاء علماء الحنابلة بمصر، كان

قاضياً بالمحكمة الكبري بمصر، له في الفقه مهارة كلية، وإحاطة بالعلوم العقلية والنقلية. أخذ العلم عن والده، كما أخذ عنه العلم ولده القاضي محمد، وله

الكثير من المؤلفات النافعة منها: " حاشية على منتهى الإرادات " وله: " الحاشية الجليلة " وغيرهما. توفي بمصر سنة (1064 هـ)

(1)

.

كما جاء في المصادر المذكورة ذاتها، ترجمة موجزة جداً لابن الشيخ عثمان

المتقدم ذكره، وهو القاضي محمد بن عثمان الفُتُّوحِي ابن النجار، إمام عالم فاضل، مشهور ب " أبو اليمن مهذب الدين " قاضي القضاة بالديار المصرية،

ولد بمصر ونشأ بها، وأخذ الفقه عن والده

(2)

.

طلبه العلم ومشايخه:

الشيخ ابن النجار الفُتُّوحِي الحنبلي أخذ عن والده شيخ الإسلام قاضي

القضاة أحمد بن عبد العزيز الفُتُّوحِي

(3)

الفقه والأصول، وحفظ كتاب " المقنع

للموفق وغيره على الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد البهوتي الحنبلي، ولعله

أحمد بن علي بن إدريس البهوتي جد شيخ المذهب الشيخ منصور البهوتي المتوفى سنة (1051 هـ) صاحب: " حاشية على منتهى الإرادات ".

كما أخذ العلم عن الشيخ أحمد المقدسي، كما ذكر ذلك ابن حميد في

" السحب الوابلة ".

وأخذ عن الشيخ عيد القادر الجزيري، وهو الذي نقل من خطه الشيخ ابن

حميد النجدي الحنبلي ترجمة ابن النجار في كتابه: " السحب الوابلة " وهو

(1)

انظر ترجمته في: " خلاصة الأثر " 3: 109، " النعت الأكمل" 216، " مختصر طبقات الحنابلة " للشيخ جميل الشطي 107، " إيضاح المكنون " 2: 570، "هدية العارفين " 1:657.

(2)

انظر ترجمته في: " النعت الأكمل "255.

(3)

انظر ترجمته عند كلامنا عن أسرة ابن النجار

ص: 17

الشيخ عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد الأنصاري الجزيري، ولد في مصر سنة (880 هـ)، فاضل، باحث، مصري، له مؤلفاته عدة، وتوفي بالقاهرة سنة (977 هـ)

(1)

.

رحلاته في طلب العلم:

لم يرد في المصادر التي بين أيدينا أن الشيخ ابن النجار قد تنقل وارتحل في طلب العلم سوى ما أورده ابن حميد في " السحب الوابلة " حيث قال: " وسافر إلى الشام، وأقام بها مدة من الزمان، وعاد وقد ألف مصنفه المشهور المنعوت: ب " منتهى الإرادات " حرر مسائله على الراجح من المذهب، فاشتغل به عامة طلبة الحنابلة في عصره واقتصروا عليه ".

ثناء العلماء عليه:

قال عنه الشعراني في ذيل " طبقاته ": " سيدنا ومولانا الشيخ الإمام العلامة الشيخ تقي الدين ولد شيخنا شيخ الإسلام الشيخ شهاب الدين الشهير بـ " ابن النجار ". صحبته أربعين سنة فما رأيت عليه ما يشينه في دينه. بل نشأ في عفة وصيانة ودين وعلم وأدب وديانة. . . انتهت إليه الرئاسة في مذهبه، وأجمع الناس أنه إذا انتقل إلى رحمة الله تعالى مات بذلك فقه الإمام أحمد في مصر ". . . ثم قال: " وما سمعته قط يستغيب أحداً من أقرانه ولا غيرهم، ولا حسد أحداً على شيء من أمور الدنيا، ولا تزاحم عليها، وولي القضاء بسؤال جميع أهل مصر ". ثم أضاف " أنه لم ير أحداً أحلى منطقاً منه، ولا أكثر أدباً مع جليسه، حتى يود أنه لا يفارقه ليلاً ولا نهاراً، وبالجملة فأوصافه الجميلة تجل عن تصنيفي "

(2)

. وقال عنه الشيخ عبد القادر الجزيري، وذلك كما ذكر ابن حميد فى " السحب ": ". . . وبالجملة فلم يكن من يضاهيه في مذهبه، ولا من يماثله في منصبه، وكان قلمه أحسن من لفظه، وله في تحرير الفتاوى اليد الطولى،

(1)

انظر ترجمته في: " الأعلام " للزركلي 4: 168، " معجم المؤلفين " 5:300.

(2)

" شذرات الذهب " 8: 390.

ص: 18

والكتابة المقبولة على الوجه الصحيح الأولى، وكان رَبْعُ فوائده بفضائله وفواضله مأهولاً "

(1)

.

قال شيخ المذهب الشيخ منصور بن يونس البهوتي (ت 1051 هـ) في مقدمة كتابه " شرح منتهى الإرادات ": " فان كتاب المنتهى لعَلَمِ الفضائل. وأوحد العلماء الأماثل، محمد تقي الدين ابن شيخ الإسلام أحمد شهاب الدين ابن النجار الفُتُّوحِي تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جناته: سلك فيه منهاجاً بديعاً، ورصّعه ببدائع الفوائد ترصيعاً، عُدّ ذلك الكتاب من المواهب، وسار في المشارق والمغارب "

(2)

.

مؤلفاته:

من أشهر مصنفات الشيخ ابن النجار الفُتُّوحِي:

ا- كتاب " منتهى الإرادات " ثم شرحه المؤلف نفسه شرحاً مفيداً سماه:

2 -

" معونة أولي النُّهى شرح المنتهى ". وهو كتابنا هذا. وسيأتي الحديث

عنهما.

3 -

" شرح الكوكب المنير "، أو " المختبر المبتكر شرح المختصر في

أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ". وهو كتاب قيم نفيس، حوى

قواعد علم الأصول ومسائله ومعاقد فصوله، بأسلوب سلس رصين، لا تعقيد

فيه ولاغموض في الجملة. وقد جمع المصنف مادته ونقوله من مئات المجلدات والأسفار. وهو كتاب زاخر بالقواعد والفوائد الأصولية، والمسائل

والفروع الفقهية واللغوية والبلاغية والمنطقية. ومادته العلمية غزيرة جداً.

والمختصر والشرح كلاهما للمؤلف. أما المختصر فقد اختصره من

كتاب: " تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول " للقاضي علاء الدين علي بن

سليمان بن أحمد المرداوي المقدسي المتوفى سنة (885 هـ). محرر أصول

(1)

" السحب الوابلة " 2: 855.

(2)

" شرح منتهى الإرادات " 1: 5.

ص: 19

المذهب وفروعه.

حيث قال في مقدمة هذا الشرح: " أما بعد فهذه تعليقة على ما اختصرته من كتاب " التحرير في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد ". تصنيف الإمام العلامة علاء الدين علي بن سليمان المرداوي الحنبلي، وسميتها ب " المختبر المبتكر شرح المختصر ". وسمى هذا المختصر اسماً آخر وهو " الكوكب المنير ". وانما وقع اختياري على اختصار هذا الكتاب دون بقية كتب هذا الفن لأنه جامع لأكثر أحكامه، حاوٍ لقواعده وضوابطه وأقسامه، قد اجتهد مؤلفه في تحرير نقوله وتهذيب أصوله "

(1)

.

وهذا الكتاب قد طبع لأول مرة بالقاهرة بمطبعة السنة المحمدية بالقاهرة سنة

(1372 هـ) بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي.

ثم طبع مرة ثانية بتحقيق د. محمد مصطفى الزحيلي، ود " نزيه كمال حماد. نشر مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة في أربعة مجلدات سنة (1400 هـ).

ثم طبع مرة ثالثة، نشر مكتبة العبيكان بالرياض في أربعة مجلدات أيضاً،

وهو صورة لطبعة مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى.

4 -

ذكر أبو حميد النجدي في " السحب الوابلة " أنه " شَرَح المنتهى " في ثلاثة مجلدات، فأحسن منه ما شاء.

5 -

كما ذكر أنه له مؤلفاً في علم الحديث.

تلاميذه:

قال ابن حميد: "وانفرد بعد والده بالإفتاء والتدريس بالأقطار المصرية،

ثم بعد وفاة شيخنا الشهاب الشويكي بالمدينة المنورة، وتلميذه العلامة الشيخ

موسى الحجاوي بالشام: انفرد فيما أعلم في سائر أقطار الأرض. وقُصِد

بالأسئلة في البلاد الشاسعة كاليمن وغيره، وتصدى لنفع المسلمين بالمدرسة

(1)

" شرح الكوكب المنير " 1: 29.

ص: 20

الصالحية بخط بين القصرين مكان مسكنه بخلوة الحنابلة، وكانت أيامه جميعاً

اشتغالاً بالفتاوى أو بالتدريس أو بالتصنيف، مع جلوسه في إيوان الحنابلة

للقضاء وفصل الأحكام "

(1)

.

وممن أجازهم بالفتوى ولده موفق الدين، كما تقدم ذكره.

وفاته:

مرض الشيخ ابن النجار خمسة عشر يومأ قبل موته بمرض الزحير

(2)

.

وكانت وفاته عصر يوم الجمعة ثامن عشر صفر سنة (972 هـ). فتأسف عامة

الناس والفقهاء على وفاته، وأكثروا من الترحم عليه، ولم يخلف بعده مثله في

مذهبه، وخرج نعشه من المدرسة الصالحية يوم السبت تاسع عشر، وصلى عليه

ولده موفق الدين بالجامع الأزهر، ودفن بتربة المجاورين بجوار قبر العلامة. الشمس العلقمي الشافعي بوصية منه قريباً من قبر الحافظ عبد الرحيم العراقي

صاحب " الألفية في مصطلح الحديث ".

(1)

السحب الوابلة " 2: 855.

(2)

الزحير: تقطيع في البطن يمشي دماً، والزحير استطلاق البطن، وكذلك الزُّحار وهو مرض يتميز بتبرز متقطع معظمه دم ومخاط ويصحبه ألم وتعَنُّ انظر:" الصحاح " 2: 668، " اللسان " 4:" 320، " القا موس المحيط " 2: 38، ما دة " زحر) " المعجم الوسيط " 1: 390 مادة (زحر).

ص: 21

‌المبحث الثاني

أهمية كتاب " معونة أولي النُّهَى

"

ص: 23

أهمية كتاب " معونة أولي النُّهَى "

تأتي أهمية كتاب " معونة أولي النُّهَى، من أهمية كتاب "منتهى الإرادات في

الجمع بين المقنع مع التنقيح وزيادات " للمؤلف نفسه ابن النجار الفُتُّوحِي

الحنبلي. حيث ان " المعونة " شرح لـ " منتهى الإرادات ".

وكتاب " منتهى الإرادات " جمع فيه مؤلفه بين كتاب " المقنع " لشيخ

المذهب عبد الله بن أحمد بن قدامة (ت 620 هـ)، و" التنقيح المشبع لتحرير

أحكام المقنع " للشيخ علي بن سليمان المرداوي (ت 885 هـ).

وعن سبب تأليفه لكتابه " منتهى الإرادات ". . . . يقول ابن النجار

(1)

:

فـ " التنقيح". . . المقرر على مذهب الإمام أحمد قد كان المذهب محتاجاً

إلى مثله- أي التنقيح- لأنه صحح فيه ما أطلق في " المقنع " من الروايتين أو الروايات، أو من الوجهين أو الأوجه. وقيّد ما أخلّ به من الشروط، وفسّر

ما أبهم فيه من حكم أو لفظ، أو استثنى من عمومه ما هو مستثنى على المذهب،

حتى خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقيد ما يحتاج إليه مما فيه إطلاقه، ويحمل على

بعض فروعه ما هو مرتبط معها، وزاد مسائل محررة مصححة فصار تصحيحأ

لغالب كتب المذهب، إلا أنه أي " التنقيح " غير مستغن عن أصله الذي هو

" المقنع "؛ لأن ما قطع به في " المقنع " أو صححه، أو قدمه، أو ذكر أنه المذهب، وكان موافقاً للصحيح، ومفهومه مخالفاً لمنطوقه، لم يتعرض له

" التنقيح " غالباً، فمن عنده " المقنع " يحتاج لل " تنقيح "، وبالعكس،

والجمع بينهما قد يشق.

فاستخرت الله تعالى، وما خاب من استخار أن أجمع مسائلهما في كتاب

(1)

" منتهى الإرادات ": 1: 6.

ص: 25

واحد، مع ضم ما تيسر عقله أي تقييده من الفوائد الشوارد. . . وسميته:

" منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات ". اهـ.

العلماء الذين ألفوا كتباً على غرار كتاب " منتهى الإرادات ":

يجمع بين " المقنع " و" التنقيح ":

(1)

الشيخ أحمد بن عبد الله بن أحمد العسكري الصالحي (ت 910 هـ).

قال الغَزِّيُّ: " وألف كتاباً في الفقه جمع فيه بين " المقنع " و" التنقيح " ومات

قبل أن يتمه "

(1)

.

وقال ابن طولون الدمشقي: " وصنف كتاباً جمع فيه بين " المقنع " في الفقه

لابن قدامة و" التنقيح " لأبي الحسن علي المرداوي. وهو كتاب مفيد، ولكنه

اخترمته المنية قبل إتمامه. وقد بلغني أن صاحبنا الشهاب الشويكي تلميذه شرع

فى تكملته "

(2)

.

(2)

الشيخ أحمد بن أحمد الشويكي النابلسي الصالحي، شهاب الدين

أبو الفضل (ت 948 هـ).

صنف كتاب " التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح ". وزاد عليهما

أشياء مهمة، وقد سبقه إلى التأليف في هذا الجمع بين الكتابين شيخه المتقدم

ذكره الشيخ أحمد العسكري الذي اخترمته المنية قبل إتمامه

(3)

.

وأما عن سبب شرحه لكتاب " المنتهى " الذي هو " المعونة " فيقول

رحمه الله فى مقدمته

(4)

:. . . وقد كتبت كتاباً على مذهب الإمام أحمد. . .

جمعت فيه بين " المقنع " و" التنقيح المشبع " الذي هو تصحيح عليه، وزدت

على مسائلهما ما ظهر لي أنه من المحتاج إليه، لكنني لما بالغت في اختصار

(1)

" النعت الأكمل "87.

(2)

" مفاتيح الفقه الحنبلي " 2: 187، هامش " الجوهر المنضد " تحقيق: د: عبد الرحمن العثيمين 15.

(3)

المرجع السابق: 2: 189، و" المدخل للفقه الحنبلي "440.

(4)

1: 145 - 146.

ص: 26

ألفاظه- يقصد " كتاب المنتهى "- صارت ألفاظه على وجوه عرائس معانيه كالنقاب- أي صعبة مغلقة-. فاحتاجت إلى شرح يبرزها لمن يريد إبرازها من

الطلاب والخُطّاب. فتصديت لكتاب أشرحه شرحاً يبين حقائقه، ويوضح معانيه ودقائقه. راجياً من الله تعالى جزيل الثواب في يوم المرجع والمآب. اهـ.

وكان هذا الشرح الذي أسماه " معونة أولي النُّهَى شرح المنتهى ".

وقد شُرح كتاب " المنتهى " عدة شروح لعدد من علماء المذهب نظراً

لأهميته. فهو كتاب وحيد في بابه، فريد في ترتيبه واستيعابه. سلك فيه ابن

النجار رحمه الله منهاجاً بديعاً، ورصّعه ببدإئع الفوائد ترصيعاً، فَعُدّ ذلك

الكتاب من المواهب، وسار في المشارق والمغارب، واشتغل به عامة الطلبة في

عصره واقتصروا عليه.

ومن أهم هذه الشروح " معونة أولي النُّهَى ".

ومما يعطي لهذا الكتاب القيم " معونة أولي النُّهَى " أهمية أكبر أنه شرح من قِبَل مؤلف الأصل وهو " المنتهى ". فصاحب الكتاب أدرى بما فيه، وأكثر

خبرة ببيان مبهمه وغامضه ومشكله. ولذا جاء هذا الشرح متقناً حاوياً شافياً.

والمطلع على- هذا الشرح يجد أن صاحبه له إلمام كبير بالحديث وباختلاف

ألفاظه ورواياته، فهو فقيه محدث.

شُرّاح " المنتهى " وكُتّاب حواشيه:

ان من أشهر من اشتغلوا واهتموا بكتاب " المنتهى " الشيخ منصور بن

يونس بن صلاح الدين بن حسن بن أحمد بن علي بن إدريس البهوتي، شيخ

الحنابلة في عصره (ت 1051 هـ). فقد قام بشرح الكتاب في ثلاث مجلدات.

وهو كتاب مشهور مطبوع.

قال الشيخ عبد القادر بن بدران: " جَمَعَهُ من شرح مؤلف " المنتهى "

لكتابه، ومن شرحه نفسه على " الإقناع "، وهو شرح مشهور ومطبوع "

(1)

.

(1)

" المدخل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل "440.

ص: 27

وللشيخ منصور البهوتي أيضاً حاشية على " شرح المنتهى "

(1)

.

ولحفيد المصنف ابن النجار الفُتُّوحِي الحنبلي الشيخ عثمان بن أحمد بن

القاضي تقي الدين محمد بن أحمد بن النجار الفُتُّوحِي القاهري (ت 1064 هـ)

حاشية على " المنتهى ".

وللشيخ عثمان بن أحمد بن سعيد بن عثمان بن قائد النجدي (ت-1067 هـ)

حاشية نفيسة ومفيدة، جردها من هوامش نسخته تلميذه ابن عوض النابلسي،

فجاءت في مجلد ضخم محرراً تحريراً نفيساً، فصار من أنفس كتب المذهب

(2)

.

وكتب الشيخ محمد بن أحمد بن علي البهوتي الشهير بالخلوتي المصري ابن

أخت الشيخ منصور البهوتي (ت 1088 هـ) تحريرات على هامش نسخته متن

" المنتهى " فجردت بعد موته فبلغت أربعين كراساً. وكان من الملازمين للشيخ

منصور

(3)

.

ولابن العماد الحنبلي: عبد الحي بن أحمد بن محمد، أبو الفلاح

العسكري (ت 1089 هـ) صاحب " شذرات الذهب في أخبار من ذهب ". شرح

على " متن المنتهى " في الفقه على مذهب الإمام أحمد، حرره تحريراً أنيقاً

(4)

.

وللشيخ إبراهيم بن أبي بكر إسماعيل الذنابي العوفي، الصالحي المصري

(ت 1094 هـ) شرح على " منتهى الإرادات " في فقه المذهب في عدة مجلدات

(5)

.

وللشيخ عبد الوهاب بن محمد بن عبد الله بن فيروز التميمي الإحسائي

(1)

" المدخل إلى فقه الإمام ابن حنبل "441.

(2)

" مفاتيح الفقه الحنبلي " 2: 195.

(3)

" المدخل "441.

(4)

" مفاتيح الفقه الحنبلي " 2: 192.

(5)

المرجع السابق 2: 193.

ص: 28

(ت 1205 هـ) حاشية على شرح الشيخ منصور البهوتي، وهى حاشية جليلة حقق فيها ووثق.

وللشيخ أبا بطين، عبد الله بن عبد الرحمن بن عيد العزيز بن عبد الرحمن

ابن عبد الله بن سلطان بن خميس (ت 1282 هـ) حاشية على " شرح المنتهى لما

في مجلد ضخم، وقد جردها سبطه ابن مانع

(1)

.

وللشيخ محمد بن عبد الله بن علي بن عثمان بن حميد الحنبلي النجدي

(ت 1097) هـ حاشية على " متن المنتهى " غالب نقله منها من حواشي ابن فيروز الإحسائي

(2)

. قال ابن بدران:، (وهي حاشية نافعة تميل إلى التحقيق

والتد قيق "

(3)

.

وللشيخ عبد القادر بن بدران الدمشقي (ت 1346 هـ) حاشية على " كتاب المنتهى " في مجلد ضخم، وصل فيها إلى باب السلم.

قال في " المدخل ": ((ولقد كنت في حدود أربع عشرة وثلاث مئة بعد

الألف أقمت مدة في قصبة دوما دمشق، فأقرأت هذا الشرح، وكتبت عليه

حاشية وضعتها أثناء القراءة، وصلت فيها إلى باب السلم في مجلد ضخم، ثم

خرجت من دوما إلى دمشق، وهناك لم أجد أحداً يطلب العلم من الحنابلة، بل

يندر وجود حنبلي بها، ففترت همتي عن إتمامها، وبقيت على ماهي

عليه "

(4)

.

ولابن عوض، أحمد بن محمد المرداوي النابلسي حاشية على " شرح

المنتهى".

كل هؤلاء إضافة إلى مؤلفنا ابن النجار الفُتُّوحِي الحنبلي الذي ألف هذا

الكتاب الجليل " منتهى الإرادات ". حيث عكف عليه علماء المذهب، وقدموه

(1)

" مفاتيح الفقه الحنبلي " 1: 214.

(2)

" مفاتيح الفقه الحنبلي " 2: 217.

(3)

" المدخل 441.

(4)

" المدخل إلى فقه الإمام أحمد "441.

ص: 29

على غيره واعتمدوا عليه في الحفظ والتدريس والإفتاء والقضاء، وكتبوا عليه

عدة شروح.

وما اعتنى العلماء بهذا الكتاب إلا لما ظهر لهم من تحقيق مؤلفه، والمبالغة

في تحريره وبنائه على الراجح من المذهب المعوّل عليه في القضاء والإفتاء. ثم جاء شرحه لهذا الكتاب مبرزاً " لكتاب المنتهى "، مبيناً لحقائقه، موضحاً لمعانيه ودقائقه.

ص: 30

‌المبحث الثالث

منهج ابن النجار في كتابه

" معونة أولي النُّهَى "

ص: 31

منهج ابن النجار في كتابه

" معونة أولي النُّهَى "

قال ابن بدران: " ان ابن النجار الفُتُّوحِي الحنبلي ألف كتابه " المنتهى " بعد

أن حرر مسائله على الراجح من المذهب، واشتغل به عامة الطلبة في عصره واقتصروا عليه، ثم شرحه شرحاً مفيداً في ثلاثة مجلدات ضخام. وغالب استمداده فيه من كتاب " الفروع " لابن مفلح، وبالجملة فقد كان منفرداً في علم المذهب "

(1)

.

وقال الشيخ منصور البهوتي في مقدمة شرحه لـ " منتهى الإرادات ":

" وبعد: فان كتاب " المنتهى " لعَلَم الفضائل، وأوحد العلماء الأماثل " محمد

تقي الدين ابن شيخ الإسلام أحمد شهاب الدين بن النجار الفُتُّوحِي الحنبلي تغمده

الله تعالى برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جناته: كتاب وحيد في بابه، فريد

في ترتيبه واستيعابه. سلك فيه منهاجاً بديعاً، ورصعه ببدائع الفوائد ترصيعا.

عُدّ ذلك الكتاب من المواهب، وسار في المشارق والمغارب، وشرحه مصنفه

شرحاً غير شاف للعليل، فأطال في بعض المواضع وترك أخرى بلا دليل

ولا تعليل. وسألني بعض الفضلاء أن أشرحه شرحاً مختصراً يسهل قراءته.

فأجبته لذلك. مع اعترافي بالقصور عن رتبة الخوض في هذه المسالك.

ولخصته من شرح مؤلفه وشرحي على " الإقناع " "

(2)

.

(1)

" المدخل "440.

(2)

" شرح منتهى الإرادات " 3: 1.

ص: 33

وقد استوقفني كلام الشيخ منصور البهوتي كثيراً، فجعلت أدرس هذا الشرح دراسة متأنية وافية، وأعقد المقارنات بينه وبين شرح البهوتي؛ لأتبين مواضع الإطالة والمواضع التي أشار البهوتي إلى ترك شرحها بلا دليل.

فتبين لي إطالة ابن النجار رحمه الله في بعض المواضع، ولكن كان الحال يقتضي الإطالة فيه لتوضيح المسألة، وذلك بتأمل طالب العلم في مثل هذه المواضع. في حين اختصار الشيخ البهوتي غير شاف كما اتضح لي، فقد كان ينقل كثيراً من النصوص من كتاب ابن النجار الحنبلي بأكملها. وهذا يدل على أن شرح ابن النجار كان الأساس والمعتمد لدى الشيخ البهوتي، ويؤكد ما أشار هو بنفسه في مقدمته من تلخيصه من شرحه مؤلفه.

وقد جاء شرح ابن النجار الفُتُّوحِي الحنبلي مؤيداً بالأحاديث النبوية الشريفة وأقوال السلف، موثقاً بذلك مسائله الفقهية. وقد عزا ذلك إلى مصادره. ويدل ذلك على أنه رحمه الله له إلمام جيد بالحديث الشريف واختلافه وألفاظه وغريبه ورواياته. فهو بذلك لم يكن فقيهاً فقط. بل كان فقيهاً محدثاً.

وعن منهجه الفقهي، وتفسيره للمصطلحات التي أوردها في كتابه، فقد أفرد في خاتمة كتابه ما مقداره ثماني صفحات أوضح فيها المصطلحات العامة للفقه الحنبلي ومنهجه الذي سار عليه في شرحه لهذا الكتاب. ولكنه لم يضع عنوانا لهذه الصفحات. وقد رأيت أن أسردها كما هي في هذا الموضع. حيث ان المصطلحات الفقهية من حقها أن تكون في مقدمة الكتاب.

وقد حرصت على إبقائها كما هي في موضعها بنهاية الكتاب كما رأى ذلك المؤلف رحمه الله.

قال ابن النجار رحمه الله:

ص: 34

[قاعدة في بيان معنى الروايات والأوجه]

ثم اعلم أن ما في هذا الشرح من قولي: على الأصح فهو من الروايتين أو

الروايات عن الإمام أحمد رضي الله عنه، ومن قولي: في الأصح فمن الوجهين، أو الأوجه للأصحاب.

ثم اعلم أيضاً أن الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه لم يؤلف كتاباً مستقلاً في

الفقه كما فعله بعض الأئمة، وانما أخذ أصحابه مذهبه من أجوبته عما يُسأل

عنه، ومن بعض تأليفه في غير الفقه، ومن أقواله وأفعاله. فان ألفاظه

إما صريحة في الحكم بما لا يحتمل غيره، أو ظاهرة فيه مع احتمال غيره، أو

محتملة لشيئين فأكثر على السواء. ثم كلامه قد يكون صريحاً، وقد يكون تنبيهاً

كقولنا أومأ إليه، أو أشار إليه، أو نحو ذلك.

فمذهبه ما قاله بدليل ومات قائلاً به. قاله في " الرعاية ".

وقال ابن مفلح في " أصوله ": مذهب الانسان ما قاله أو جرى مجراه من

تنبيه أو غيره

(1)

0 انتهى.

وان قال قولاً بدليل ثم آخر بدليل يخالف الأول، فالثاني مذهبه دون

الأول. [قال في " الإنصاف ": على الصحيح]

(2)

0 اختاره في " التمهيد "

و" الروضة " و" العمد ة " وغيرهن. وقدمه في " الرعا ية " وغيرها.

فان نقل عن الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه قولان صريحان مختلفان في

(1)

في ج: تنبيه ونحوه.

(2)

ساقط من أ.

ص: 35

وقتين وتعذر الجمع بينهما: فان علم التاريخ فالثاني فقط مذهبه في

(1)

الأصح.

فيحمل

(2)

عام كلامه في

(3)

خاصه ومطلقه على مقيده، فيكون كل

(4)

واحد منهما مذهبه؛ لإمكان الجمع بينهما. وهذا في الأصح فيعمل بكل واحد منهما في

محله وفاقاً باللفظ. وان جهل التاريخ فمذهبه أقربهما من الكتاب والسنة [أو

الإجماع]

(5)

والأثر، ومن قواعده [أو عوائده]

(6)

أو مقاصده أو أدلته.

قال في " الفروع ": فان جهل أي التاريخ فمذهبه أقربهما من الأدلة وقواعده

انتهى. [وان تساويا نقلاً ودليلاً فالوقف أولى. قاله في " الرعاية "]

(7)

.

فان وافق أحد قوليه مذهب غيره فهل الأولى ما وافقه أو ما خالفه؟ يحتمل

وجهين. قاله في " الرعاية ".

قال في " الإنصاف ": قلت: الأولى ما وافقه. انتهى.

وان علم تاريخ

(8)

أحد القولين دون الآخر فكما لو جهل تاريخهما في

الأصح.

ويخص عام كلامه بخاصة في مسألة واحدة في أصح الوجهين. قاله في

" الفروع "

(9)

.

والمقيس على كلامه مذهبه في الأصح.

قال في " الفروع ": مذهبه في الأشهر. وهو مذهب الأثرم والخرقي

(1)

في ج: على.

(2)

ساقط من أ.

(3)

في ج: على.

(4)

فى أ: على.

(5)

ساقط من أ.

(6)

ساقط من أ.

(7)

ساقط من أ.

(8)

في ج: التاريخ.

(9)

في ج " الرعاية ".

ص: 36

وغيرهما. قاله ابن حامد في " تهذيب الأجوبة ". [وقيل: لا يكون مذهبه.

قال ابن حامد: عامة شيوخنا مثل الخلال وأبى بكر عبد العزيز وأبي [علي]

وإبراهيم وسائر من شاهدناه أنه لا يجوز نسبته إليه. وأنكروا على الخرقي

ما رسمه في كتابه من حيث انه [قاس] على قوله [0 انتهى.

وأطلقهما ابن مفلح في " أصوله "،. قاله ابن حامد.

والمأخوذ أن يفصل: فما كان من جواب له في أصل يحتوي [على] مسائل

خرج جوابه على بعضها، فانه جائز أن ينسب إليه بقية مسائل ذلك الأصل من

حيث القياس. وصوّر له صوراً كثيرة.

فأما أن يبتدئ بالقياس في مسائل لا شبه لها في أصوله، ولا يأخذ غير

منصوص يبني عليه فذلك غير جائز]

(1)

.

وان أفتى في مسألتين متشابهتين في حكمين

(2)

فى وقتين: فقيل واختاره

كثير من الأصحاب: أنه يجوز. نقله الحكم، ويخرجه من كل واحدة إلى الأخرى [بشرط أنه لا يفضي إلى خرق إجماع.

قال في " آداب المفتي ": ولدفع ما اتفق عليه الجمع الغفير من العلماء أو

عارضه نص كتاب أو سنة]

(3)

والصحيح من المذهب أنه لا يجوز كقول الشارع.

ذكره أبو الخطاب في " التمهيد " وغيره. وقدمه ابن مفلح فى " أصوله " والطوفي في " أصوله " وصاحب " الحاوي الكبير " وغيرهم. وجزم به الموفق

في " الروضة " كما لو فرق بينهما أو منع النقل والتخريج.

قال

(4)

في " الرعايتين " و" آداب المفتي ". أو قرب

(5)

الزمن بحيث يظن أنه

(1)

ساقط من أ، وما بين الأقواس الداخلية زيادة من "كتاب الانصاف " 12: 243 - 244.

(2)

في ج: محكيين.

(3)

ساقط من أ.

(4)

في ج: قاله.

(5)

في أ: وقرب.

ص: 37

ذاكر حكم الأولة حين أفتى بالثانية.

وإذا توقف الإمام أحمد في مسألة تشبه مسألتين فأكثر

(1)

، أحكامهما مختلفة

فهل تلحق بالأخف

(2)

، أو بالأثقل، أو يخير المقلد بينهما؟ فيه ثلاثة أوجه.

وأطلقهن في " الرعاية الكبرى " و" آداب المفتي والمستفتي " و" الحاوي

الكبير " و" الفروع ".

قال في " الرعاية " و" آداب المفتي " و" الحاوي ": الأولى العمل بكل

منهما لمن هو أصلح له. انتهى.

وان أشبهت مسألة واحدة جاز إلحاقها بها ان كان حكمها أرجح من غيره.

قاله في " الرعاية " و" الحاوي ".

وما انفرد به بعض الرواة وقوي دليله فهو مذهبه في الأصح. قدمه في

" الرعايتين " و" آداب المفتي ". واختاره ابن حامد، وقال: يجب تقديمها

على سائر الروايات، لأن الزيادة من العدل مقبولة في الحديث عن أحمد فكيف

والراوي عنه ثقة خبير بما رواه عنه. انتهى.

وما دل عليه كلامه فهو مذهبه [ان لم يعارضه ما هو أقوى منه. قاله في

" الرعايتين " و" الفروع " و" آداب المفتي "]

(3)

.

فقوله: لا ينبغي أوْ لا يصلح أو أستقبحه أو هو قبيح أو لا أراه: للتحريم.

قاله الأصحاب. [لكن ذكر صاحب " الفروع " مسائل أجاب فيها بـ: لا ينبغي وليست

محرمة]

(4)

.

وان قال: هذا حرام ثم قال: أكرهه أو لا يعجبني فحرام.

وقيل: بل يكره. قاله في " الرعاية ".

(1)

في ج: وأكثر.

(2)

في أ: الأخف.

(3)

ساقط من أ.

(4)

ساقط من أ.

ص: 38

وقوله: أُحِبُّ كذا، أو يعجبني، أو هذا أعجب إلىّ: الندب في الأصح.

وقيل: للو جوب.

وقوله: لا بأس به، أو أرجو أن لا بأس: الإباحة

(1)

.

وقوله: أخشى، أو أخاف أن يكون، أو أن لا يكون: ظاهر في المنع.

قاله في " الرعايتين " و" الحاوي " وقدماه واختاره ابن حامد والقاضي.

" قال في " آداب المفتي والمستفتي ": في " الفروع ": فهو كيجوز أو

لا يجوز. انتهى.

وان أجاب الإمام أحمد في مسألة في شيء، ثم قال في نحوه: هذا أهون،

أو أشد، أو هذا أشنع فقيل [هما عنده سواء. واختاره أبو بكر عبد العزيز والقاضي. وقيل: بالفرق.

قال]

(2)

في " الإنصاف " قلت: وهو الظاهر. واختاره ابن حامد في

" تهذيب الأجوبة ". وأطلقهما

(3)

في " الرعاية " و" الفروع ".

قال

(4)

في " الرعاية " قلت: ان اتحد المعنى وكثر التشابه فالتسوية أولى،

وإلا فلا.

وقيل: قوله: هذا أشنع عند الناس يقتضي المنع.

وقيل: لا.

وقول الإمام عن شيء: أجبن عنه للجواز قدمه في " الرعايتين ".

وقيل: يكره. اختاره في " الرعاية الصغرى " و" آداب المفتي ".

قال

(5)

في " الفروع ": وأجبن عنه مذهبه.

(1)

في أ: أرجو ما لا بأس للإباحة.

(2)

ساقط من أ.

(3)

في أ: وأطلقها.

(4)

في أ: قاله.

(5)

في أ: وقال.

ص: 39

وما أجاب الإمام فيه بكتاب أو سنة أو إجماع أو قول بعض الصحابة فهو

مذهبه؛ لأن قول أحد الصحابة عنده

(1)

حجة على الأصح.

وما رواه من سنة أو أثر وصححه أو حسنّه أو رضي سنده أو دوّنه في كتبه ولم

يرده ولم يفت بخلافه فهو مذهبه في الأصح. اختاره الأكثر.

وقيل: لا.

وأطلقهما في " آداب المفتي " و" الفروع " ".

وقال: فلهذا أذكر روايته للخبر وان كانت في " الصحيحين ". انتهى.

وان أفتى بحكم فاعتُرض عليه فسكت فليس رجوعاً في الأصح.

وان ذكر عن الصحابة قولين فمذهبه أقربهما من الكتاب والسنة أو الإجماع

سواء عللهما أو لا، إذا لم يرجح أحدهما ولم يختاره في الأصح.

وقيل: لا مذهب له منهما عَيْناً، كما لو حكاهما عن التابعين فمن بعدهم.

ولا مزية

(2)

لأحدهما بما ذكر؛ لجواز إحداث قول ثالث يخالف الصحابة.

قال

(3)

في " الرعاية ": وان علل أحدهما واستحسن الآخر أو فعلهما في

أقوال التابعين فمن بعدهم فأيهما

(4)

مذهبه؟ فيه وجهان.

قال في " الإنصاف ": قلت الصواب أن الذي استحسنه مذهبه، ولا يلزم

من تعليله القول أن يكون قد أخذ به، ولا يدل عليه ثم وجدته في "آداب

المفتي " قدمه. وقال اختاره ابن حامد. وقال عن الثاني فيه بعد.

وان حسّن أحدهما أو علله فهو مذهبه قولاً واحداً. جزم به في " الفروع "

وغيره.

(1)

في أ: عنه.

(2)

في ج: مزيد.

(3)

في ج: قاله.

(4)

في ج: فانهما.

ص: 40

وان أعاد

(1)

ذكر أحدهما أو فرّع عليه فهو مذهبه قدمه في " آداب المفتي ".

وقيل: لا. انتهى.

وان نص في مسألة على حكم وعلله بعلة فوجدت تلك العلة في مسائل أُخَر

فمذهبه في تلك المسائل كالمسألة المعللة.

قال في " الرعاية ": سواء قلنا بتخصيص العلة أو لا كما سبق.

وان نُقل عنه في مسألة في روايتان دليل إحداهما قول النبي صلى الله عليه وسلم، ودليل

الأخرى قول صحابي وهو أخص، وقلنا هو حجة يخص به العموم فأيهما

مذهبه؟ فيه وجهان: أحدهما مذهبه ما كان دليله قول النبي صلى الله عليه وسلم.

قال في " الإنصاف ": قلت وهو الصواب وقدمه في " تهذيب الأجوبة "

ونصره و" آداب المفتي ". انتهى.

وان كان قول النبي صلى الله عليه وسلم أخصهما وأحوطهما تعين.

وان ذكر اختلاف الناس وحسّن بعضه فهو مذهبه ان سكت عن غيره.

وان سئل مرة فذكر الاختلاف، ثم سئل

(2)

مرة ثانية فتوقف، ثم سئل مرة

ثالثة فتوقف فيها

(3)

: فالذي أفتى به مذهبه.

وهل يجعل فعله أو مفهوم كلامه مذهباً له؟ على وجهين.

قال في " تهذيب الأجوبة ": عامة أصحابنا يقولون: ان فعله مذهباً له.

وقدمه هو. ورد غيره.

لكن ان نص في مسألة على خلاف مفهوم كلامه في مسألة أخرى بطلت

المفهومية.

وصيغة الواحد من أصحابه ورواته في تفسير مذهبه، وإخبارهم عن رأيه:

(1)

في الأصول: عاد، وما أثبتناه من " الانصاف ". 12:252.

(2)

في أ: سأله.

(3)

في أ: فأفتى فيهما.

ص: 41

كنصه في وجه. قاله

(1)

في " الرعايتين ".

قال في " الفروع ": هو مذهبه في الأصح.

قال في " تهذيب الأجوبة ": إذا بين أصحاب أبي عبد الله قولاً

(2)

بتفسير

جواب له أو نسبوا

(3)

إليه بيان حد في سؤال فهو منسوب إليه ومنوط به وإليه

يعزى. وهو

(4)

بمثابة نصه. ونصره.

قال في " آداب المفتي ": اختاره ابن حامد وغيره. وهو قياس قول الخرقي

وغيره.

قال ابن حامد: وخالفنا في ذلك طائفة من أصحابنا مثل الخلال وأبي بكر

عبد العزيز. انتهى.

(1)

في أ: قال.

(2)

في ج: قواه.

(3)

في أ: تفسيراً.

(4)

في أ: بغير أو هو.

ص: 42

فصل [في الألفاظ الواردة عن الأصحاب]

هذا الذي تقدم ذكره هو الوارد عن الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه.

وأما الوارد عن الأصحاب: فهو أما وجه، وأما احتمال، وأما تخريج، وزاد

في " الفروع " التوجيه.

فأما الوجه فهو قول بعض الأصحاب وتخريجه، ان كان مأخوذاً من قواعد

الإمام أحمد أو إيمائه أو دليله أو تعليله أو سياق كلامه وقوله.

وان كان مأخوذاً من نصوص أحمد ومخرجاً منها فذلك روايات مخرجة له

ومنقولة من نصوص إلى ما يشابهها من المسائل ان قلنا أن ما قيس على كلامه

مذهب له.

وان قلنا: لا. فهي أوجه لمن خرجها وقاسها.

فان خرج من نص ونقله إلى مسألة فيها نص يخالف ما خرج فيها [صار

فيها]

(1)

رواية منصوصة ورواية مخرجة منقولة من نصه إذا قلنا المخرج من نصه

مذهبه.

وان قلنا: لا. ففيها رواية أحمد ووجه لمن خرجه.

وان لم يكن فيها وجه يخالف القول المخرج من نصه في غيرها فهو وجه لمن

خرجه. فان خالفه غيره من الأصحاب في الحكم دون طريق التخريج ففيها للمخرج ولمن خالفه في الحكم وجهان، وان جهلنا مستندها فليس لأحدهما

(2)

قولاً مخرجاً للإمام ولا مذهباً له.

(1)

ساقط من أ.

(2)

في ج: أحدهما.

ص: 43

ومن قال من الأصحاب عن مسألة: فيها رواية واحدة: أراد نص الإمام،

ومن قال: فيها روايتان: فإحداهما بنص والأخرى بإيماء أو تخريج من نص آخر

له أو نص جُهل منكره.

ومن قال: فيها وجهان: أراد عدم نصه عليهما، سواء جهل مستنده أو

علمه. ولم يجعله مذهباً لأحمد. فلا يعمل إلا بأصح الوجهين وأرجحهما،

وسواء وقعا معاً أو لا، من واحد أو أكثر، سواء علم التاريخ

(1)

أو جهل.

وأما الاحتمال الذي للأصحاب: فقد يكون

(2)

لدليل مرجوح بالنسبة إلى ما خالفه، أو دليل مساوٍ له

(3)

.

وأما التخريج فهو نقل حكم مسألة إلى ما يشابهها والتسوية بينهما فيه.

(1)

ساقط من أ.

(2)

في ج زيادة: عبارة " الانصاف " وقد يكون.

(3)

في أ: مرجوحاً النسبة أي ما خالفه أو دليله مساو له.

ص: 44

فصل [في أصناف المجتهدين]

ثم اعلم أن صاحب هذه الأوجه والاحتمالات والتخاريج لا يكون إلا مجتهداً. وينقسم المجتهد إلى أربعة أقسام:

الأول: المجتهد المطلق وهو الذي اجتمعت فيه شروط الاجتهاد المذكورة

في كتاب القضاء إذا استقل بإدراك الأحكام الشرعية عن الأدلة الشرعية العامة

والخاصة وأحكام الحوادث منها ولا يتقيد بمذهب أحد.

قال في " آداب المفتي والمستفتي ": ومن زمن طويل عدم المجتهد المطلق

مع أنه الآن أيسر منه في الزمن الأول؛ لأن الحديث والفقه قد دُوّنا، وكذا

ما يتعلق بالاجتهاد من الآيات والاثار وأصول الفقه والعربية وغير ذلك. لكن

الهمم قاصرة والرغبات فاترة ونار الجد والحذو خامدة، وعين الخوف والخشية

جامدة، اكتفاء بالتقليد واستغناء عن التعب الوكيد، وهربا من الأثقال - وهو

فرض كفاية قد أهملوه وملوه ولم يعقلوه ليفعلوه. انتهى.

قال في " الإنصاف ": قلنا قد ألحق جماعة من الأصحاب المتأخرين

بأصحاب هذا القسم: الشيخ تقي الدين بن تيمية، وتصرفاته في فتاويه وتصانيفه

تدل على ذلك.

القسم الثاني: مجتهد في مذهب إمامه وإمام غيره. وأحواله أربعة:

الأولى: أن يكون غيز مقلد لإمامه

(1)

في الحكم والدليل، لكن سلك طريقه

في الاجتهاد والفتوى، ودعا إلى مذهبه، وقرأ كثيراً منه على أهله فوجده صواباً

فأولى من غيره وأشد موافقة فيه وفي طريقه.

(1)

في أ: الإمام.

ص: 45

الحالة الثانية: أن يكون مجتهداً في مذهب إمامه مستقلاً بتقديره بالدليل،

لكن لا يتعدى أصوله وقواعده مع إتقانه للفقه وأصوله وأدلة مسائله [أي مسائل

الفقه]

(1)

عالماً بالقياس ونحوه، تام الرياضة قادراً على التخريج والاستنباط،

وإلحاق الفروع بالأصول، والقواعد التي لإمامه. وهذا شأن أهل الأوجه

والطرق في المذاهب. وهو حال أكثر علماء الطوائف الان. فمن علم بفتيا هذا

فقد قلد إمامه دونه؛ لأنه مقر له على إضافة ما يقول إلى إمامه لعدم استقلاله

بتصحيح نسبته إلى الشارع بلا واسطة إمامه. والظاهر أنه لا بد من معرفة ما يتعلق

بذلك من حديث ولغة ونحو. فالمجتهد في مذهب أحمد مثلاً إذا أحاط بقواعد

مذهبه وتدرب في قياسه وتصرفاته ينزل من إلحاق منصوصاته وقواعد مذهبه،

بمنزلة المجتهد المستقل في إلحاقه ما لم ينص عليه الشارع بما

(2)

نص عليه.

وهذا أقدر

(3)

على ذا من ذاك فانه يجد في مذهب إمامه قواعد ممهدة وضوابط

مهذبة ما لم يجده المستقل في أصول الشارع ونصوصه. والحاصل أن المجتهد

في مذهب إمامه هو الذي يتمكن من التفريع على أقواله كما يتمكن المجتهد

المطلق من التفريع على كل ما انعقد عليه الإجماع ودل عليه الكتاب والسنة والاستنباط.

وليس على المجتهد أن يفتي في كل مسألة بل يجب عليه أن يكون على بصيرة

فيما يفتي به.

الحالة الثالتة: أن لا يبلغ باجتهاده رتبة أئمة المذاهب أصحاب الوجوه

والطرق غير أنه فقيه النفس حافظٌ لمذهب إمامه عارفٌ بأدلته قائمٌ بتقديره ونصرته، يصور ويحرر، ويمهد ويقرر، ويوقف ويرجح، لكنه قصر عن درجة

أولئك: أما لكونه لم يبلغ في حفظ المذهب مبلغهم.

وأما لكونه غير متبحر في أصول الفقه ونحوه. على أنه لا يخلو مثله في

(1)

ساقط من أ.

(2)

في ج: ما.

(3)

في ج: قوي.

ص: 46

ضمن ما يحفظه من الفقه ويعرفه من أدلته عن أطرافٍ من قواعد أصول الفقه

ونحوه.

وأما لكونه مقصراً في غير ذلك من العلوم التي هي أدوات الاجتهاد

والحاصل لأصحاب الوجوه والطرق.

وهذه صفة كثير من المتأخرين الذين رتبوا المذاهب وحرروها وصنفوا فيها

تصانيف بها يشتغل الناس. وأما فتاويهم فكانوا يستنبطون فيها استنباط أولئك أو

نحوه ويقيسون على المنقول نحو قياس المرأة على الرجل في رجوع البائع إلى

(1)

عين ماله عند تعذر الثمن.

الحالة الرابعة: أن يقوم بحفظ المذهب ونقله وفهمه. فهذا يعتمد نقله

وفتواه به فيما يحكيه من مسطورات مذهبه من منصوصات إمامه أو تفريعات

أصحابه المجتهدين في مذهبه وتخريجاتهم.

وأما ما لا يجده منقولاً في مذهبه فان وجد في المنقول ما هذا في معناه

بحيث يدرك من غير فضل فكرٍ، وتأمله

(2)

أنه لا فارق بينهما كما في الأمة بالنسبة

إلى العبد المنصوص عليه في إعتاق الشريك جاز له إلحاقه به والفتوى به.

وكذلك

(3)

ما يعلم اندراجه تحت ضابط ومنقول ممهد في المذهب. وما لم يكن

كذلك فعليه الإمساك عن الفتيا به.

ثم ان هذا الفقيه لا يكون إلا فقيه النفس؛ لأن تصور المسائل على وجهها،

ونقل أحكامها لا يقوم به إلا فقيه النفس، ويكفيه استحضار أكثر المذهب مع

قدرته على استحضار بقيته قريبة.

القسم الثالث من المجتهدين: المجتهد في نوع من العلم. فمن عرف

القياس وشروطه فله أن يفتي في مسائل منه قياسية لا تتعلق بالحديث، ومن عرف

(1)

في أ: أي.

(2)

في ج: وتأمله.

(3)

في أ: كذلك.

ص: 47

الفرائض فله أن يفتي فيها، وان جهل أحاديث النكاح وغيرها.

وعليه الأصحاب.

وقيل: يجوز ذلك في الفرائض دون غيرها.

وقيل: بالمنع فيهما. وهو بعيد ذكره في " آداب المفتي ".

القسم الرابع من المجتهدين: المجتهد في مسائل أو مسألة واحدة وليس له

الفتوى في غيرها، وأما فيها فالأظهر

(1)

جوازه. ويحتمل المنع، لأنه مظنة

القصور والتقصير. قاله في " آداب المفتي والمستفتي ".

قال في " الإنصاف ": قلت: المذهب الأول.

قال ابن مفلح في " أصوله ": يتحرى الاجتهاد عند أصحابنا أوغيرهم.

وجزم به الآمدي خلافاً لبعضهم. وذكر بعض أصحابنا]

(2)

مثله. وذكر أيضاً

قولاً: يتحرى في بابٍ لا في مسألة. انتهى

هذا ما ذكره المصنف عن منهجه في هذا الكتاب.

(1)

في أ: وما فيها قال أظهر.

(2)

ساقط من أ.

ص: 48

‌المبحث الرابع

موارد الفُتُّوحِي في كتابه

" معونة أولي النُّهَى شرح المنتهى "

ص: 49

موارد الفُتُّوحِي في كتابه

" معونة أولي النُّهَى شرح المنتهى "

1 -

" الأحاديث المختارة " للضياء المقدسي (567 - 643 هـ)

محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن الحنبلي المقدسي،

ضياء الدين أبو عبد الله: المحدث الفقيه المفسر اللغوي. ابتنى في دمشق

" المدرسة الضيائية ". واعتكف الضياء فيها، وأفنى عمره تدريساً ونسخاً

وتصنيفاً.

قال المزي: الشيخ الضياء أعلم بالحديث والرجال من الحافظ عبد الغني.

ولم يكن في وقته مثله. اهـ.

له: " الأحاديث المختارة " في (86) جزءاً، ولم يتم. ونقوم بتحقيقه،

وقد تم إصدار أحد عشر جزءاً حتى الآن. صدرت عن مكتبة النهضة الحديثة (1409 - 1417 هـ). وله أيضاً: " كتاب الأحكام " في ثلاثة مجلدات، ولم

يتمه، وأتمه ابن أخيه شمس الدين بن الكمال، و" فضائل الأعمال "،

و" فضائل الشام "، و" فضائل القرآن ". وغيرها

(1)

.

2 -

" الأحكام السلطانية " للقاضي أبي يعلى الفراء (380 - 458 هـ).

محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء. الشيخ الإمام

(1)

مصادر ترجمته: " سير أعلام النبلاء " 23: 126، و" تذكرة الحفاظ " 4: 1404 - 1406، و" الوافي بالوفيات " 4: 65 - 66، و" البداية والنهاية " 13: 181، و" الدارس " 2: 91 - 95، و" ذيل الطبقات " 2: 236 - 0 24، و" الشذرات " 5:224.

ص: 51

علامة الزمان، قاضي القضاة أبي يعلى. كان عالم زمانه، وفريد عصره

وأوانه.

كان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدين والدنيا المحل

السامي. له التصانيف الفائقة التي لم يسبق إلى مثلها والتي منها: " التعليقة

الكبيرة في الخلاف "، و" إبطال تأويل الصفات "، و" العدة في أصول

الفقه "، و" المجرد في فقه الإمام أحمد "، و" تفضيل الغني على

الفقير ". . . وغير ذلك "

(1)

.

3 -

" أحكام القرآن " للقاضي أبي يعلى الفراء (0 38 - 458 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الأحكام السلطانية ". كما أنه له أكثر من

كتاب، نقل عنه ابن النجار الفُتُّوحِي. وكتابه هذا " أحكام القرآن " نقل عنه

الرسغني في " تفسيره رموز الكنوز ".

4 -

" آداب عيون المسائل "

لم أقف على كتاب بهذا العنوان ولعله مختصر، أو تهذيب أو حاشية

لكتاب: " عيون المسائل " للقاضي أبي يعلى الفراء (ت 458 هـ) الذي سبق

التعريف به. و" كتاب عيون المسائل " سيرد ذكره في موضعه ان شاء الله ص: 103.

5 -

" الأدب " لأبي حفص العكبري

لعله عمر بن إبراهيم بن عبد الله، أبو حفص العكبري، ويعرف ب " ابن

المسلم ". له معرفة عالية بالمذهب الحنبلي. وله التصانيف السائرة، منها:

" المقنع " و" شرح الخرقي " و" الخلاف بين أحمد ومالك " و" الاختيارات في

المسائل والمشكلات ". وصحب عدداً من فقهاء الحنابلة كأبي إسحاق بن

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 2: 193، ومختصره: 377، " المنهج الأحمد ": 2: 128، ومختصره: 49، و" مناقب الإمام أحمد ": 627، ومختصره: 71، و" المقصد الأرشد ": 2: 395، و" المنتظم ": 8: 243، و" سير أعلام النبلاء ": 18: 89، و" الوافي بالوفيات ": 3: 7، و" البداية والنهاية ": 12: 94، و" الشذرات ": 3: 306.

ص: 52

شاقلا، والأثرم (أحمد بن محمد بن هانئ) وابن بطة (عبيد الله بن محمد) والعكبري (عمر بن محمد بن رجا).

ولم أقف على كتاب " الأدب " هذا ضمن مؤلفاته. ولكن سبق لمؤلفنا ابن

النجار الفُتُّوحِي أن نقل في كتابه " شرح الكوكب المنير " عنه، الكلام عن

البسملة وأنها من سورة الفاتحة حيث قال: " والرواية الثانية: أنها من الفاتحة.

اختارها ابن بطة وأبو حفص العكبري من أصحابنا "

(1)

.

وتوفي أبو حفص في سنة 387 هـ

(2)

.

6 -

" آداب المفتي والمستفتي " لابن حمدان بن شبيب (603 - 695 هـ)

أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان النميري الحراني، أبو عبد الله

نجم الدين: فقيه حنبلي، أصولي، أديب. ولد ونشأ بحران، ورحل إلى حلب،

ودمشق. وولي القضاء في القاهرة فسكنها، وأسن وكف بصره وتوفي بها.

له مؤلفات ومصنفات كثيرة منها: " الرعايتان الكبرى، والصغرى "،

وكلاهما مذكور في بحثنا هذا ص: 83. وكتابه هذا يسمى: " صفة المفتي والمستفتي " وهو كتاب مطبوع في دمشق سنة 1381 هـ

(3)

.

7 -

" الآداب الكبرى " لشمس الدين بن مفلح الراميني (08 7 - 763 هـ).

محمد بن مفلح بن مفرج المقدسي الراميني: الإمام العالم العلامة البارع

(1)

" شرح الكوكب المنير " 2: 124.

(2)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 2: 163، ومختصره: 354، و" المنهج الأحمد ": 2: 39، ومختصره: 44، و" المقصد الأرشد ": 2: 291، و" مناقب الإمام أحمد ": 625، ومختصره: 71، و" الوافي بالوفيات ": 23: 419.

وهناك آخر يكنى بأبي حفص العكبري وهو:

عمر بن محمد بن رجاء، أبو حفص العكبري المتوفى سنة (339 هـ). أخباره في:" طبقات الحنابلة ": 2: 56، ومختصره: 319، و" المنهج الأحمد ": 2: 47، ومختصره: 41، و" المقصد الأرشد ": 2: 306، و" مناقب الإمام أحمد ": 62، ومختصره:70.

(3)

مصادر ترجمته: " الذيل على طبقات الحنابلة ": 2: 311، ومختصره: 87، و" المنهج الأحمد ": 405، ومختصره: 129، و" المنهل الصافي ": 1: 290، و" الدليل الشافي ": 1: 45، و" شذرات الذهب ": 5: 428.

ص: 53

الأوحد المحقق شيخ الإسلام قدوة الأنام. فقيه، نحوي، أصولي. تفقه بشيخ الإسلام ابن تيمية، وبرع، وأفتى ودرس وناظر وصنف وحقق ودقق، ورأس. وصنف كتاب "الفروع في الفقه " وغيره من الكتب. ومنها كتابنا هذا الذي أسماه:" الآداب الشرعية والمصالح المرعية ". فانه جمع فيه كثيراً من كتب من تقدمه في هذا النمط ووفى بالمراد. وله أيضاً: " الآداب الصغرى " في مجلد

(1)

.

8 -

" إدراك الغاية " لعبد المؤمن القطيعي (658 - 739 هـ)

هو: عبد المؤمن بن عبد الحق بن عبد الله بن علي بن مسعود القطيعي الأصل، البغدادي، صفي الدين أبو الفضائل، ابن الخطيب كمال الدين أبي محمد، عالم بغداد، مولده ووفاته بها، كان يضرب به المثل في معرفة الفرائض.

له عدة مصنفات منها في الفقه، والأصول، والجدل، والحساب والفرائض، والتاريخ، والحديث، والطب، واختصر كتباً كثيرة. ومن مصنفاته هذا الكتاب:" إدراك الغاية في اختصار الهداية " في الفقه. يقع في مجلد لطيف

(2)

.

9 -

" الإرشاد في الفروع الحنبلية " لابن أبي موسى (345 - 428 هـ)

محمد بن أحمد بن حمد بن عيسى بن أحم دبن موسى بن محمد بن

إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عبد المطلب الهاشمي، أبو علي، وأبو موسى،

من القضاة. كان عالي القدر، سامي الذكر، له القدم العالي، والحظ الوافر

(3)

.

(1)

مصادر ترجمته: " البداية والنهاية ": 14: 294، و" الدرر الكامنة ": 5: 30، و" النجوم الزاهرة ": 11: 16، و" قضاة دمشق ": 84، و" الجوهر المنضد " لابن عبد الهادي: 112، و" المنهج الأحمد ": 2: 123، و" شذرات الذهب ": 6: 199. وانظر: " المدخل " لابن بد ران: 459.

(2)

مصادر ترجمته: " الذيل على طبقات الحنابلة " لابن رجب: 2: 428، ومختصره: 110، و" المنهج الأحمد ": 2: 442، ومختصره: 147، و" المقصد الأرشد ": 2: 167، و" البداية والنهاية ": 4 1: 181، و" الدرر الكامنة ": 3: 32، و" شذرات الذهب ": 6: 197، و" البدر الطالع ": 1: 404.

(3)

مصادر ترجمته: " المنتظم ": 8: 93، و" طبقات الحنابلة " للفراء: 368، و" طبقات الفقهاء " =

ص: 54

10 -

" أسباب الهداية " لابن الجوزي (508 - 597 هـ)

عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله القرشي التميمي البكري

البغدادي، جمال الدين أبو الفرج، من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وهو والد يوسف بن عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى سنة (656 هـ). صاحب

كتاب: " الإيضاح " الذي سيأتي ذكره في هذا المبحث ص: 63. إمام

عصره، وفريد دهره.

له من المصنفات الكثيرة. قال أبو العباس ابن تيمية في " أجوبته

المصرية ": ان عدد مؤلفاته أكثر من ألف مصنف، منها كتابه هذا: " أسباب

الهداية لأرباب البداية " في الفقه في مجلد.

كما أن له كتاباً آخر في مبحثنا هذا بعنوان: " السر المصون " سيأتي

التعريف به في موضعه ان شاء الله ص: 86. وكتاباً بعنوان: " مسبوك الذهب "

سيأتي ص: 113

(1)

.

11 -

" الاستعاذة " للشيخ برهان الدين ابن مفلح (816 - 884 هـ)

إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح الراميني الأصل، المقدسي

الحنبلي، برهان الدين، أبو إسحاق، وحيد دهره، وفريد عصره، شيخ الإسلام، وأحد الأئمة الأعلام. قال العليمي: " كان غاية في نقل مذهب الإمام

أحمد ". وقال أبو البقاء السبكي: " ما رأت عيناي أحد أفقه منه ".

أهم مؤلفاته: " المبدع شرح المقنع "، و" المقصد الأرشد في طبقات

الحنابلة "، و" كتاب الاستعاذة "، والأصول

(2)

.

(1)

= للشيرازي: 147، و" النجوم الزاهرة ": 5: 26، و" المنهج الأحمد ": 2: 95 - 98، و" شذرات الذهب ": 3: 238. وانظر " المدخل " لابن بدران: 417.

مصادر ترجمته: " وفيات الأعيان ": 2: 321، و" طبقات القراء " لابن الجزري: 1: 375، و" طبقات المفسرين " للداودي: 1: 270، و" طبقات الحفاظ ": 477، و" تذكرة الحفاظ ": 4: 1342، و" البداية والنهاية ": 13: 28، و" شذرات الذهب ": 4: 329، و" الذيل لابن رجب: 1: 146.

(2)

مصادر ترجمته: " الضوء اللامع ": 1: 152، و" الدارس ": 59، و" المنهج الأحمد ": =

ص: 55

12 -

" الإشارات " لسليمان الطوفي (657 - 716 هـ)

سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم بن سعيد الطوفي، الصرصري،

البغدادي، الحنبلي. نجم الدين أبو الربيع: فقيه أصولي، مشارك في أنواع من العلوم. ولد بقرية طوفي من أعمال بغداد، وقدم الشام، ثم مصر، وتوفي

بالخليل بفلسطين.

له تصانيف كثيرة منها كتابه هذا وعنوانه: " الإشارات الإلهية والمباحث

الأصولية ". وكتاب آخر بعنوان: " شرح الطوفي على متن الخرقي " سيأتي التعريف به ان شاء الله تعالى في موضعه ص: 93، وآخر بعنوان " الأصول "

وسيأتي التعريف به ص: 57

(1)

.

13 -

" الإشراف على مذاهب أهل العلم " لابن المنذر (242 - 319 هـ)

محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، أبو بكر، فقيه مجتهد من

الحفاظ. كان شيخ الحرم بمكة.

قال الذهبي: " ابن المنذر صاحب الكتب التي لم يصنف مثلها ". منها:

" المبسوط في الفقه "، و" الأوسط في السنن "، و" الإجماع والاختلاف "،

و" اختلاف العلماء "، و" تفسير القرآن "، وكتابه هذا: " الإشراف على

مذاهب أهل العلم "، وغير ذلك من المصنفات.

وتوفي بمكة سنة (319 هـ)

(2)

.

14 -

" الأصول " لابن حامد الوراق (000. - 403 هـ)

الحسن بن حامد بن علي بن مروان البغدادي، أبو عبد الله: إمام الحنابلة

(1)

= 508، ومختصره: 193، و" قضاة دمشق ": 300، و" حوادث الزمان " للحمصي: 1: 79، و" شذرات الذهب ": 7: 338، و" المدخل " لابن بدران: 435، وانظر دراسة الدكتور العثيمين عند تحقيقه " المقصد الأرشد ".

مصادر ترجمته: " الدرر الكامنة ": 2: 249، و" بغية الوعاة " للسيوطي: 262، و" شذرات " 6:39. وانظر: " كشف الظنون ": 59، وغيرها، و" إيضاح المكنون ": 1: 83.

(2)

مصادر ترجمته: " تذكرة الحفاظ ": 3: 4، و" الوفيات ": 1: 461، و" طبقات الشافعية ": 2: 126، و" لسان الميزان ": 5: 27، و" الوافي بالوفيات ": 1: 336.

ص: 56

في زمانه ومدرسهم ومفتيهم. من أهل بغداد، عاش طويلاً.

له مصنفات في الفقه وغيره، منها كتابه هذا:" أصول الفققه". وقد اعتمد

ابن النجار الفُتُّوحِي في النقل من هذا الكتاب، وكتابي الأصول لكل من الطوفي

وابن مفلح وهما الكتابان الآتيان

(1)

.

15 -

" الأصول " للطوفي (657 - 716 هـ) سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الطوفي. مرت ترجمته عند ذكر

كتابه: " الإشارات " الذي ورد في مبحثنا هذا ص: 56.

16 -

" الأصول " لابن مفلح (816 - 884 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الاستعاذة " ص: 55. واسمه: " مرقاة

الوصول إلى علم الأصول ".

17 -

" اعلام الموقعين " لابن القيم (691 - 751 هـ)

شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز

الزرعي، الدمشقي، الفقيه الحنبلي، المفسر، النحوي، الأصولي المتكلم

الشهيربـ: " ابن قيم الجوزية ".

قال ابن رجب: " كان ابن القيم عارفاً بالتفسير لا يجارى فيه، وبأصول

الدين وإليه فيه المنتهى، وبالحديث ومعانيه وفقهه ودقائق الكلام، وغير ذلك،

وعالماً بعلم السلوك، وكلام أهل التصوف وإشاراتهم، ومتونه وبعض رجاله،

وكان رحمه الله ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وقد امتحن

وأوذي مرات، وحبس مع الشيخ تقي الدين ".

له مؤلفات ومصنفات عدة في جميع فنون المعرفة وذات فائدة عظيمة،

ومنها كتابه هذا: " اعلام الموقعين " وهو كتاب مشهور مطبوع متداول

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " المنتظم ": 7: 263، و" العبر ": 3: 84، و" النجوم الزاهرة ": 4: 232، و" المنهج الأحمد ": 2: 82، و" شذرات الذهب ": 3: 166، و" تاريخ بغداد ": 7: 303، و" البداية والنهاية "؟ 11:349.

(2)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 2: 447، ومختصره: 114، و" المنهج الأحمد ": =

ص: 57

18 -

" الإفادات " لابن حمدان (653 - 695 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتاب " آداب المفتي والمستفتي " ص: 53.

9 1 - " الأفر اد " للدارقطني (306 - 385 هـ)

علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار بن عبد الله

البغدادي، أبو الحسن الدارقطني: شيخ الإسلام، حافظ الزمان، إمام عصره

في الحديث، وأول من صنف في القراءات وعقد لها أبوابا. ولد بدارالقطن- من

أحياء بغداد- ورحل إلى مصر، وتوفي ببغداد.

من تصانيفه كتاب: " السنن " وهو كتاب قيم جليل مطبوع، و" العلل

الواردة في الأحاديث النبوية "، و" المجتبى من السنن المأثورة "، و" المؤتلف والمختلف ". . وغير ذلك

(1)

.

20 -

" الإفصاح " لابن هبيرة (499 - 560 هـ)

يحيى بن محمد بن هبيرة الدوري، البغدادي، الوزير عون الدين: عالم

بالفقه والأدب، ولد وتوفي بالعراق. تعلم صناعة الانشاء وقرأ التاريخ والأدب

وعلوم الدين، وكان على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه. استوزره

المقتفي الوزارة فقام بها حكماً وسياسة وإدارة أفضل قيام، واستمر كذلك بعد

وفاة المقتفي إلى أن توفي.

صنف كتباً كثيرة. فمن ذلك: " الإفصاح عن معاني الصحاح " في عدة

مجلدات، وهو يشتمل على تسعة عشر كتاباً، شرح الجمع بين

" الصحيحين "، وكشف عما فيه من الحكم النبوية. وهذا الشرح صنفه في

(1)

= 449، ومختصره: 153، و" المقصد الأرشد ": 2: 384، و" الوافي بالوفيات ": 2: 370، و" البداية والنهاية ": 14: 234، و" الدرر الكامنة ": 4: 21، و" النجوم الزاهرة ": 10: 249، و" الدليل الشافي ": 2: 583، و" شذرات الذهب ": 6: 168، و" البدر الطالع ": 2: 143.

مصادر ترجمته: " وفيات الأعيان ": 1: 331، و" اللباب ": 1: 404، و" غاية النهاية ": 1: 558، و" تاريخ بغداد ": 12: 34، و" طبقات الشافعية ": 2: 310.

ص: 58

ولايته الوزارة، وجمع الناس عليه من المذاهب، حتى قدموا من البلاد

الشاسعة، وأنفق عليه نحو مئة ألف دينار وثلاثة عشر ألفاً، وحدث به، واجتمع

الخلق العظيم لسماعه عليه.

وطبع بعض أجزاء منه

(1)

.

21 -

" الإقناع " للحجا وي (. . . - 968 هـ)

موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى بن سالم الحجاوي،

المقدسي الصالحي، شرف الدين، أبو النجا: فقيه حنبلي من أهل دمشق. كان

مفتي الحنابلة وشيخ الإسلام فيها. نسبته إلى " حَجّة " من قرى نابلس.

له عدة مؤلفات منها: " زاد المستقنع في اختصار المقنع "، و" شرح

منظومة الآداب الشرعية " للمرداوي. وكتابه هذا يسمى: " الإقناع لطلب

الانتفاع ". وهو كتاب مطبوع في أربع مجلدات. ويعد من أجل كتب الفقه عند

الحنابلة.

قال ابن العماد: " لم يؤلف أحد مؤلفاً مثله في تحرير النقول وكثرة

المسائل "

(2)

.

22 -

" الإقناع " لابن الزاغوني (455 - 527 هـ)

علي بن عبيد الله بن نصر بن السري، أبو الحسن، ابن الزاغوني: مؤرخ،

فقيه، من أعيان الحنابلة، أصله من بغداد.

كان متفنناً في علوم شتى، من الأصول والفروع والحديث والوعظ،

وصنف في ذلك كله، ومن تصانيفه في الفقه كتابه هذا:" الإقناع "،

و" الواضح "، و" الخلاف الكبير ". وقد نقل عنه ابن النجار، وسيرد ذكره في

(1)

مصادر ترجمته: " وفيات الأعيان ": 5: 274 - 287، و" المنتظم ": 10: 14، و" العبر ": 4: 172، و" المنهج الأحمد ": 2: 286 - 313، و" شذرات الذهب ": 4: 191.

وانظر: مقدمة " اانصاف ": 1: 14، و" المدخل " لابن بدران:420.

(2)

مصادر ترجمته: " النعت الأكمل ": 125، و" المختصر ": 93، و" شذرات الذهب ": 8: 127، و" الكواكب السائرة ": 3: 215.

ص: 59

موضعه ان شاء الله ص: 81، و" المفردات "، وله مؤلفات في الفرائض،

منها " التلخيص "- وقد نقل عنه أيضاً مؤلفنا ابن النجار، وسيرد ذكره أيضاً في موضعه ص:72. وله كذلك في الفرائض " جزء في عويص المسائل الحسابية ". وتوفي- رحمه الله يوم الأحد سادس عشر المحرم من سنة 527 هـ، ودفن

بمقبرة الإمام أحمد

(1)

.

23 -

" الأم " للشافعي (150 - 204 هـ)

محمد بن إدريس بن العباس الشافعي القرشي أبو عبد الله. صاحب المذهب. قال الإمام أحمد بن حنبل: ما أحد مس محبرة ولا قلماً

إلا وللشافعي في عنقه منّة.

له مصنفات أشهرها: " الرسالة " في الأصول، و" الأم " في الفروع،

و"المسند"

(2)

.

24 -

" الأمر بالمعروف " للقاضي أبي يعلى الفراء (380 - 458 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الأحكام السلطانية " ص: 51.

25 -

" الأموال " لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت 224 هـ)

القاسم بن سلاّم الهروي الأزدي الخزاعي، بالولاء، الخراساني

البغدادي، أبو عبيد: من كبار العلماء بالحديث والأدب والفقه. من أهل

هراة، ولد وتعلم بها. وكان مؤدِّباً. ورحل إلى بغداد فولي القضاء بطرطوس 18 سنة ورحل إلى مصر، وحج فتوفي بمكة.

(1)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 1: 180، و" مختصره ": 19، و" المنهج الأحمد ": 2: 277، و" مختصره ": 64، و" المقصد الأرشد ": 2: 232، و" المنتظم ": 10: 32، و " مشيخة ابن الجوزي ": 79، و" العبر ": 4: 72، و" البداية والنهاية ": 12: 305، و" شذرات الذهب ": 4: 80.

(2)

مصادر ترجمته: " تاريخ بغداد " 2: 56 - 73، و" طبقات الحنابلة " 1: 280 - 284، و" الوفيات " 1: 447، و" تذكرة الحفاظ " 2: 362، و" سير أعلام النبلاء " 10: 5، و" البداية والنهاية ": 10: 251، و" تهذيب التهذيب " 9:25.

ص: 60

وصنف الكتب في كل فن من العلوم والآداب واللغة والتفسير والحديث

والفقه وغير ذلك. ومن مؤلفاته: كتابه هذا " الأموال ". وهو من أمهات كتب

الأموال في الإسلام. يقول فيه القفطي: " وكتابه الأموال من أحسن ما صنف في

الفقه وأجوده "، و" فضائل القرآن " و" غريب الحديث "، و" الغريب المصنّف "، و" الأمثال "، وغير ذلك. وأكثر مؤلفاته مطبوعة. كما أن كتب ومصنفات أبو عبيد من الأهمية لدرجة أن كل من يشتغل بالتراث لا بد مستفيد

منها، حيث صنف في جميع الفنون تقريباً

(1)

.

26 -

" الانتصار " لأبي الخطاب الكَلْوذاني (432 - 510 هـ)

محفوظ بن أحمد بن الحسن الكَلْوذاني، البغدادي، الأزجي الحنبلي

(أبو الخطاب): فقيه، أصولي، متكلم فرضي، أديب، ناظم. سمع الكثير

وتفقه ودرس على القاضي أبي يعلى، وهو أحد الأئمة في المذهب، وقرأ الفرائض، ودرس، وحدث وأفتى، وناظر. توفي ببغداد ودفن بالقرب من

الإمام أحمد.

صنف الكثير من الكتب، ومن تصانيفه كتابه هذا: " الانتصار في المسائل

الكبار ". ذكر فيه أفراد المسائل الكبار من الخلاف بين الأئمة؛ وينتصر فيه

لمذهب الإمام أحمد، مع ذكر ما استدل به أصحاب كل إمام لنصرة إمامه وهدمه، ومثله " مفردات القاضي أبي يعلى الصغير "، و" مفردات الإمام أبي

الوفاء علي بن عقيل " البغدادي.

وقد طبع هذا الكتاب مؤخراً ونشر بمكتبة العبيكان بالرياض بتحقيق

(1)

مصادر ترجمته: " معجم الأدباء ": 16: 4، و" تاريخ بغداد ": 12: 403، و" وفيات الأعيان ": 3: 225، و" انباه الرواة ": 3: 12، و" بغية الوعاة ": 2: 253، و" طبقات النحويين واللغويين ": 217، و" نزهة الألباء ": 109، و" تهذيب التهذيب ": 8: 315، و" شذرات الذهب ": 2: 54، و" تذكرة الحفاظ ": 2: 417، و" طبقات المفسرين " للداودي: 2: 34، و" طبقات القراء " لابن الجوزي: 2: 17، و" معرفة القراء الكبار " للذهبي: 1: 141، و" صفة الصفوة ": 4: 103، و" طبقات الشافعية " للسبكي: 2: 153، و" طبقات الحنابلة " لأبي يعلى: 1: 259.

ص: 61

د. عوض بن رجاء العوفي وآخرين.

وذكر الفُتُّوحِي في موارده كتباً أخرى لأبي الخطاب الكلوذاني منها:

1 -

" التمهيد في أصول الفقه ".

2 -

" التهذيب في الفرائض والوصايا ".

3 -

" رؤوس المسائل ".

4 -

" منتهى الغاية في شرح الهداية ".

وسيأتي التعريف بها ان شاء الله في مواضعها

(1)

.

27 -

" الانصاف " للمرداوي (817 - 885 هـ)

- علي بن سليمان بن أحمد بن محمد الصالحي، الحنبلي، يعرف

بـ (المرداوي): فقيه، محدث، أصولي. ولد بمردا بفلسطين ونشأ بها.

له مصنفات عدة منها: " الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف " في 12

مجلد. وطريقته فيه: أنه يذكر في المسألة أقوال الأصحاب، تم يجعل المختار

ما قاله الأكثر منهم. سالكاً في ذلك مسلك ابن قاضي عجلون في تصحيحه

لـ " منهاج " النووي، وغيره من كتب التصحيح، فصار كتابه مغنياً للمقلد عن

سائر كتب المذهب.

وقد ذكر الفُتُّوحِي في موارده ثلاثة كتب أخرى من مؤلفات المرداوي هي:

ا- " التنقيح المشبع ".

2 -

" تصحيح الفروع ".

3 -

" شرح التحرير ".

(1)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 1: 116، ومختصره: 13، و" المنهج الأحمد ": 2: 233، و" المقصد الأرشد ": 3: 25، " المنتظم ": 9: 190 - 193، " سير أعلام النبلاء ": 19: 347، " تذكرة الحفاظ ": 4: 56، و" الكامل ": 1: 524، و" اللباب ": 3: 107، " مرآة الزمان ": 8: 41، و" العبر ": 4: 21، و" البدا ية ": 12: 180، و" شذرات الذهب ": 4: 27، و" النجوم الزاهرة ": 5: 212. وانظر: " المدخل " لابن بدران: 419، 453.

ص: 62

وسنعرف بها ان شاء الله تعالى في موضعها من هذا البحث

(1)

.

28 -

" الإيضاح " لمحيي الدين ابن الجوزي (580 - 656 هـ)

هو: يوسف بن الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي عبد الرحمن بن علي بن

محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله القرشي، التيمي، البكري، البغدادي،

الحنبلي، فقيه أصولي، واعظ، مفسر، محدث، سمع من أبيه وذاكر ابن

كامل وطائفة. أنشأ مدرسة بدمشق عرفت بـ " الجوزية " ووقف عليها أوقافاً

كثيرة، وقتل شهيداً عند دخول هولاكو إلى بغداد.

صنف عدداً من الكتب، منها كتاب: " الإيضاح لقوانين الاصطلاح في

الجدل ". وقد رتبه على خمسة أبواب. ذكر في الأول منه الحاجة إلى الجدل،

وفي الثاني قواعد المناظرة، وفي الثالث أقسام الأدلة وأحكامها، وفي الرابع

الاعتراض والجواب، وفي الخامس الترجيحات.

ذكر الفُتُّوحِي كتاباً آخر من مؤلفات محيي الدين ابن الجوزي في موارده

بعنوان: " طريق الأقرب " سيرد التعريف به في موضعه ان شاء الله

(2)

.

29 -

" الإيضاح " لأبي الفرج المقدسي (. . . - 486 هـ)

عبد الواحد بن محمد بن علي الشيرازي، المعروف ب " المقدسي ": من

تلاميذ أبي يعلى، شيخ الشام في وقته، حنبلي، أصله من شيراز. تفقه

ببغداد، وسكن بيت المقدس، واستقر في دمشق، فنشر مذهب الإمام أحمد.

له تصانيف في الفقه والوعظ والأصول، ومنها كتاب:" الإيضاح ". قاله

العليمي في " المنهج الأحمد ". وله غرائب كثيرة، منها: أنه نقل رواية عن

أحمد في " الإيضاح " أن مس الأمرد بشهوة ينقض. ومنها: أن المسافر إذا مسح

(1)

مصادر ترجمته: " الجوهر المنضد ": 99، و" المنهج الأحمد ": 2: 151، و" الضوء اللامع ": 5: 225، و" شذرات الذهب ": 7: 340، و" البدر الطالع ": 1: 446. وانظر: مقدمة الانصاف: 1: 14، " المدخل " لابن بدران: 436.

(2)

مصادر ترجمته: " الدارس ": 2: 62، و" شذرات الذهب ": 5: 286، و" كشف الظنون ": 213، و" هدية العارفين ": 2: 555. وانظر: " المدخل " لابن بدران: 465.

ص: 63

في السفر أكثر من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم مسح مسافر. ومنها: أن الجنب

يكره له أن يأخذ من شعره وأظفاره. وهو غريب مخالف لمنصوص أحمد في

رواية جماعة

(1)

30 -

" بدائع الفوائد " لابن القيم الجوزية (691 - 751 هـ)

محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي. سبق التعريف به

عند ذكر كتاب " أعلام الموقعين " ص: 57.

31 -

" البدر المنير " لابن الملقن الشافعي (723 - 804 هـ)

عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي، سراج الدين، أبو حفص، ابن

النحوي، المعروف بـ " ابن الملقن ": من أكابر العلماء بالحديث والفقه وتاريخ الرجال، أصله من وادي آشي بالأندلس، ومولده ووفاته با لقاهرة.

له نحو ثلاثمائة مصنف، منها: "إكمال تهذيب الكمال في أسماء

الرجال "، و" التذكرة في علوم الحديث "، و" الإعلام بفوائد عمدة

الأحكام "، و" غريب كتاب الله العزيز "، و" التوضيح لشرح الجامع الصحيح "،

وكتابه هذا اسمه: " البدر المنير في تخريج أحاديث شرح الوجيز للرافعي ".

قال الشيخ عبد القادر بن بدران: ". . . وقال في كتابه " البدر المنير ":

أحكام الحافظ مجد الدين عبد السلام ابن تيمية المسمى ب " المنتقى " هو كاسمه. . . "

(2)

.

وله أيضاً: " خلاصة البدر المنير "، وقال حاجي خليفة

(3)

: " المنتقى في

مختصر الخلاصة ". وهي مختصر " البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح

(1)

مصادر ترجمته: "طبقات الحنابلة": 2: 348، وختصره: 401، و"الذيل على طبقات الحنابلة ": 1: 68، ومختصره: 7، و" المنهج الأحمد ": 2: 194، ومختصره: 55، و" المقصد الأرشد ": 2: 79، و" الكامل في التاريخ ": 10: 228، و" العبر ": 3: 312، و" سير أعلام النبلاء ": 19: 51، و" تذكرة الحفاظ ": 3: 1199، و" شذرات الذهب ": 3: 378.

(2)

" المدخل " إلى مذهب الإمام أحمد 467.

(3)

"كشف الظنون " 1852، وانظر:"هدية العارفين " 1: 761، 791، "إيضاح المكنون " 1:153.

ص: 64

الكبير " للرافعي. كلاهما لسراج الدين عمر بن علي المعروف ب (ابن الملقن) "

(1)

.

32 -

" البُلغة " لابن تيمية (542 - 622 هـ)

محمد بن الخضر بن محمد بن علي بن تيمية الحراني، الحنبلي الفقيه،

أبو عبد الله فخر الدين: مفسر، خطيب واعظ، كان شيخ حران وخطيبها،

وكتابه البلغة اسمه: " بلغة الساغب في الفقه "

(2)

.

33 -

" البلغة " للحسين بن المبارك الربعي (546 - 631 هـ)

هو: الحسين بن المبارك بن محمد بن يحيى بن مسلم بن موسى بن عمران

الربعي الزبيدي الأصل، البغدادي، الحنبلي. سراج الدين أبو عبد الله: فقيه، محدث، أديب، لغوي، مقرئ. تفقه وأفتى، ودرس، وحدث ببغداد

ودمشق وحلب وغيرها.

من تصانيفه: " البلغة في الفقه "

(3)

.

34 -

التاريخ (تاريخ نيسابور) للحاكم النيسابوري (321 - 405 هـ)

محمد بن عبد الله بن حمدويه بن نعيم الضبي، الطهماني النيسابوري الشهير

(1)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحفاظ ": 197، 369، و" الضوء اللامع ": 6: 100، و" شذرات الذهب ": 7: 44، و" البدر الطالع ": 1: 508، و" حسن المحاضرة ": 1: 249، و" الأعلام ": 5: 57، و" معجم المؤلفين ": 7: 297.

(2)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 2: 151، ومختصره: 59، و" المنهج الأحمد ": 1: 356، ومختصره: 102، و" تاريخ إربل ": 1: 96، و" وفيات الأعيان " 4: 386، و" دول الإسلام ": 2: 96، و" العبر ": 5: 92، و" سير أعلام النبلاء ": 22: 289، و" الوافي بالوفيات ": 3: 37، و" البداية والنهاية ": 13: 109 و" النجوم الزاهرة ": 6: 362، و" طبقات المفسرين " للسيوطي: 32، و" طبقات المفسرين " للداودي: 2: 139، و" شذرات الذهب ": 5: 102.

(3)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 2: 188، ومختصره: 65، و" المنهج الأحمد ": 1: 366، ومختصره: 1106، و" العبر ": 5: 124، و" سير أعلام النبلاء ": 22: 357، و" البداية والنهاية ": 13: 133، و" النجوم الزاهرة ": 6: 386، و" شذرات الذهب ": 5: 144.

ص: 65

بـ " الحاكم "، ويعرف ب " ابن البَيِّع " أبو عبد الله: من أكابر حفاظ الحديث والمصنفين. ولي قضاء نيسابور ثم قلد قضاء جرجان فامتنع. وهو من أعلم

الناس بصحيح الحديث وتمييزه عن سقيمه.

قال السبكي عن تاريخه هذا المسمى " تاريخ نيسابور ": " وهو عندي من أعود

التواريخ على الفقهاء بفائدة، ومن نظره عرف تفنن الرجل في العلوم جميعها ".

وله من المؤلفات ما يزيد عن الـ 1500 جزء

(1)

.

تاريخ أبي شامة المقدسي (599 - 665 هـ)

انظر: " الروضتين بأخبار الدولتين " ص: 84.

35 -

" تاريخ الأمم والملوك " لابن جرير الطبري (226 - 310 هـ)

محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبو جعفر: المؤرخ، المفسر، الإمام

المحدث، المقرئ، الفقيه، الأصولي. من أكابر الأئمة المجتهدين. ولد في طبرستان، حفظ القرآن وكتب الحديث وهو صغير، وطوف الأقاليم،

واستوطن بغداد، واختار لنفسه مذهباً في الفقه، وتوفي ببغداد.

له عدة مؤلفات منها كتابه هذا: " تاريخ الأمم والملوك " وهو من أوسع

كتب التاريخ في صدر الإسلام، وأغلب الظن أنه بدأ فيه سنة 295 هـ، فقد ذكر

ياقوت الحموي أنه فرغ من تصنيفه سنة 303 هـ، واستهله بتعريف الزمان، ورتبه

على الحوادث بالنسبة للقسم الإسلامي

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات السبكي ": 3: 64، و" الوفيات " 1: 484، و" غاية النهاية ": 2: 184، و" ميزان الاعتدال ": 3: 85، و" لسان الميزان ": 5: 232، و" تاريخ بغداد ": 5: 473، و" الوافي بالوفيات ": 3: 0 32.

(2)

مصادر ترجمته: " المنتظم ": 6: 170 - 172، و" تاريخ بغداد ": 2: 162 - 169، و" وفيات الأعيان ": 1: 577، و" معجم الأدباء ": 4: 94، و" البداية والنهاية ": 11: 145، و" تذكرة الحفاظ ": 2: 251 - 255، و" لسان الميزان ": 5: 100 - 103، و" ميزان الاعتدال ": 3: 35، و" النحوم الز اهرة ": 3: 205، و" اللباب ": 2: 81، و" شذرات الذهب ": 2: 260. وانظر: تا ريخه: 1: 1 - 3.

ص: 66

36 -

" التاريخ الكبير " للبخاري (194 - 256 هـ)

سيأتي التعريف به عند ذكر كتابه " صحيح البخاري " ص: 100.

37 -

" التبصرة " للحلواني (490 - 546 هـ)

عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد الحلواني، أبو محمد ابن

أبي الفتح. مفسر، فقيه، حنبلي، عارف بالأدب، من أهل بغداد.

له عدة مؤلفات منها هذا الكتاب واسمه: " التبصرة في الفقه "، وله

كتاب: " الهداية في أصول الفقه "، و" تفسير القرآن " في 41 جزءاً، و" تعليقة

في مسائل الخلاف "

(1)

.

38 -

" التبصرة " لأبي الفرج المقدسي (000 - 486 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الإيضاح " ص: 63.

ومن مصنفاته هذا الكتاب واسمه: " التبصرة في أصول الدين ".

39 -

" تجريد العناية " لابن اللحام (803 هـ)

علي بن محمد بن علي بن عباس بن فتيان البعلي، ثم الدمشقي، الفقيه،

الزاهد، الواعظ، الأصولي، القدوة. يعرف بـ " ابن اللحام " شيخ الحنابلة في

وقته، قدم القاهرة بعد الكائنة العظمى بدمشق وولي تدريس المستنصرية.

قال ابن عبد الهادي في " الجوهر المنضد ": " قلت: وله تصانيف مفيدة

منها: " تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية "، وهو كتاب جليل بيض فيه

كفاية ابن زرين حين مات ولم يحررها، وقد كان بيضها قبله الشيخ عبد المؤمن

ولم يطلع على ذلك. فلما رآه واطلع عليه قال: لو رأينا هذا ما تعبنا. وأخبرت

أنه لما صنفه أراه ابن رجب فرمى به وقال: " لقد قرطمت العلم "

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " الذيل على طبقات الحنابلة ": 1: 221، و" المنهج الأحمد ": 2: 263، و" شذرات الذهب ": 4: 144.

(2)

مصادر ترجمته: " الرد الوافر ": 185، و" انباء الغمر ": 2: 174، و" الضوء اللامع ":

5: " 320، و" الجوهر المنضد ": 81 - 83، و" المنهج الأحمد ": 2: 135، و" مختصره ": 175، و" قضاة دمشق ": 288، و" شذرات الذهب ": 7: 31.

ص: 67

45 -

" التذكرة " لابن عبدوس (510 - 559 هـ)

أبو الحسن، علي بن عمر بن أحمد بن عمار بن أحمد بن علي بن عبدوس

الحراني. الفقيه الحنبلي، الزاهد، العارف، الواعظ: برع في الفقه والتفسير والوعظ. والغالب على كلامه التذكير وعلوم المعاملات. وله تفسير كبير

مشحون بهذا الفن، وله كتاب " المذقب في المذهب " وكتب أخرى. قال عنه

الشيخ فخر الدين بن تيمية: " كان نسيج وحده في علم التذكير والاطلاع على

علم التفسير، وله فيه التصانيف البديعة والمبسوطات الوسيعة ".

قال المرداوي: " التذكرة لابن عبدوس، فانه بناها على الصحيح من

المذهب "

(1)

.

41 -

" التذكرة " لأبي الوفاء ابن عقيل (431 - 513 هـ)

هو: علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري، الحنبلي.

الإمام، الفقيه الأصولي المقرئ الواعظ: أحد المجتهدين صاحب المؤلفات الكثيرة. قال عنه ابن حجر في " لسان الميزان ": " كان معتزلياً ثم أشهد على

نفسه أنه تاب عن ذلك، وصحت توبته ثم صنف في الرد عليهم، وقد أثنى عليه

أهل عصره، ومن بعدهم ".

اعتمد الفُتُّوحِي في كثير من مصادره على مؤلفات ابن عقيل، فإضافة إلى

كتابه: " التذكرة " اعتمد على كتب أخرى له وهي:

1 -

" الفصول ".

2 -

" الفنون ".

3 -

" المفردات ".

(1)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": ا: 241، ومختصره: 25، و" المنهج الأحمد ": 2: 315، ومختصره: 71، و" المقصد الأرشد ": 2: 243، و" طبقات المفسرين ": 1: 418، و" شذرات الذهب ": 4: 83 1.

وا نظر: " الانصاف ": ا: 14 - 16، و" المدخل " لابن بدران:416.

ص: 68

4 -

" المنثور ".

5 -

"النسخ ".

وسنُعَرِّف بهذه الكتب ان شاء الله في مواضعها من هذا البحث

(1)

.

42 -

الترغيب لعبد الغني المقدسي (541 - 600 هـ)

عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر الجمّاعيلي المقدسي، الحافظ، الزاهد، أبو محمد، ويلقب ب (تقي الدين): حافظ الوقت ومحدثه. ولد في " جمّاعيل "- قرب نابلس- وانتقل صغيراً إلى دمشق، ثم رحل إلى الإسكندرية وأصبهان، وامتحن مرات، وتوفي بمصر.

له عدة مؤلفات منها هذا الكتاب: " الترغيب في الدعاء " ويقع في مجلد كبير

(2)

.

43 -

" التسهيل " لعبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي (658 - 739 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " إدراك الغاية " ص: 54.

وأما كتابه هذا فاسمه: " تسهيل الوصول إلى علم الأصول ".

كما أن الفُتُّوحِي رحمه الله قد ذكر له ضمن موارده كتاباً آخر بعنوان:

" قواعد الأصول ومعاقد الفصول " سيرد ذكره ص: 109 ان شاء الله تعالى.

44 -

" التصحيح " للجَنّة النابلسي (727 - 797 هـ)

محمد بن عبد القادر بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد المنعم الجعفري

(1)

مصادر ترجمته: " البداية والنهاية ": 12: 184، و" الكامل في التاريخ ": 8: 291، و" طيقات القراء " لابن الجزري: 1: 556، و" لسان الميزان ": 4: 243، و" المنهج الأحمد ": 2: 215 - 232، و" ذيل طبقات ابن رجب ": 1: 142 - 165، و" شذرات الذهب ": 35: 4 - 40.

(2)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 2: 5، و" المنهج الأحمد ": 324، ومختصره: 90، و" التقييد ": 2: 135، و" مرآة الزمان ": 8: 519، و" تذكرة الحفاظ ": 4: 1372، و" العبر ": 4: 313، و" البداية والنهاية ": 13: 38، و" النجوم الزاهرة ": 6: 185، و" طبقات الحفاظ ": 485، و" الشذرات ": 4: 345.

ص: 69

النابلسي، أبو عبد الله، شمس الدين: فاضل، من فقهاء الحنابلة. من أهل نابلس بفلسطين، يقال له " الجنة " لكثرة ما فيه من الفضائل، صحب ابن قيم الجوزية وتفقه عليه، وأصيب في آخر عمره بفقد ولد له، ففقد عقله، ومات بنابلس.

له عدة مصنفات منها كتابه هذا ويسمى: " تصحيح الخلاف المطلق في الفقه "

(1)

.

45 -

" تصحيح الفروع " لعلي المرداوي (817 - 885 هـ)

سبق الترجمة له عند ذكر كتابه: " الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف "

ص: 62.

وأما كتابه: " تصحيح الفروع " الذي نحن بصدده الآن فهو اختصار

لكتاب: " الفروع " للعلامة شمس الدين ابن مفلح مع زيادة عليه، ويقع في

مجلد كبير، وقد طبع على هامش " الفروع " بمطبعة مصر سنة (1379 هـ)،

وهو يكشف المبهمات على المتأخرين.

كما سيرد له في هذا المبحث كتاب آخر بعنوان: " التنقيح المشبع في تحرير

أحكام المقنع ".

46 -

" تصحيح المحرر " لعزالدين الكناني العسقلاني (800 - 876 هـ)

أحمد بن إبراهيم بن نصربن أحمد بن محمد أبي الفتح بن هاشم بن

إسماعيل الكناني، العسقلاني الأصل، القاهري، الصالحي، الحنبلي، القادري، عز الدين، أبو البركات. ولد بالقاهرة ونشأ وتوفي بها.

أكثَرَ من الجمع والتأليف والانتقاء والتصنيف. من تصانيفه: " مختصر

المحرر في الفقه " وهو نفسه تصحيح المحرر المذكور

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " الدرر الكامنة ": 4: 20، و" مقدمة الانصاف ": 1: 15، و" شذرات الذهب ": 6: 349.

(2)

مصادر ترجمته: " الضوء اللامع ": 1: 205 - 208، و" المقصد الأرشد ": 1: 75، و" نظم =

ص: 70

47 -

" التعليق " للقاضي أبي يعلى الفراء (380 - 458 هـ)

سبقت ترجمته عند ذكر كتابه " الأحكام السلطانية " ص: 51.

48 -

" تفسير ابن جرير " الطبري (226 - 310 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " تاريخ الأمم والملوك " ص: 66.

49 -

" تفسير القرطبي "(- 671 هـ)

محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي القرطبي

أبو عبد الله. من كبار المفسرين، له " الجامع لأحكام القرآن " في عشرين جزءاً، ويعرف بتفسير القرطبي، و" التذكرة بأحوال الموتى وأحوال الآخرة "، و" التقريب لكتاب التمهيد " وغيرها

(1)

.

55 -

" تفسير الرازي "(543 - 606 هـ)

محمد بن عمر بن الحسن التميمي البكري الطبرستاني الرازي فخر الدين. درس العلوم الدينية والعلوم العقلية، فتعمق في المنطق والفلسفة، وبرز في علم الكلام. له:" مفاتيح الغيب في تفسير القرآن "، وتفسيره " أسرار التنزيل وأنوار التأويل "، و" إحكام الأحكام "، و" الملل والنحل "، وغيرها كثير

(2)

.

51 -

" تفسير الزمخشري "(467 - 538 هـ)

محمود بن عمر الخوارزمي الزمخشري أبو القاسم، معتزلي، رحل إلى

مكة وجاور بها زمأنا، فقيل له: جار الله. وبها ألف كتابه في التفسير:

" الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ". له

(1)

= العقيان " للسيوطي: 31 - 35، و" حسن المحاضرة " للسيوطي: 1: 277، و" شذرات الذهب ": 7: 321، و" إيضاح المكنون ": 1: 363.

مصادر ترجمته: " الجامع لأحكام القرآن ": مقدمة الجزء الأول، و" الديباج "317.

(2)

مصادر ترجمته: " الوفيات " 1: 474، و" البداية والنهاية " 13: 55، و" طبقات الشافعية " 5: 33، و" لسان الميزان " 4:426.

ص: 71

بالإضافة إلى كتاب التفسير هذا: " أساس البلاغة "، و" الفائق في تفسير

الحديث "، و" المنهاج في الأصول "، و" المفصل في النحو "، و" رؤوس

المسائل الفقهية "

(1)

.

52 -

" تفسير البيضاوي "(- 691 هـ)

عبد الله بن عمر بن محمد بن علي البيضاوي الشافعي أبو الخير. قاض

مفسر. له: " مدارك التنزيل وحقائق التأويل " يعرف بتفسير البيضاوي،

و" طوالع الأنوار " و" منهاج الوصول إلى علم الأصول " وغيرها

(2)

.

53 -

" التمام " للقاضي أبي الحسين ابن أبي يعلى (451 - 526 هـ)

محمد بن محمد (أبي يعلى) بن الحسين بن محمد، أبو الحسين ابن الفراء

المعروف بـ " ابن أبي يعلى " ويقال له ابن الفراء وهو ابن القاضي أبو يعلى

المتوفى سنة (458 هـ) والذي سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الأحكام السلطانية " ص: 51. وابن أبي يعلى صاحب " كتاب التمام " هذا. وهو تمام

لكتاب والده: " الروايتين والوجهين " مؤرخ، من فقهاء الحنابلة، ولد ببغداد

ومات مقتولاً.

له المصنفات العديدة، منها كتابه المشهور " طبقات الحنابلة "،

و" المجرد "، و" المفتاح "، و" المفردات في الفقه ". . . وغيرها في

الأصول

(3)

.

54 -

" التلخيص " لابن الزاغوني (455 - 527 هـ)

تقدمت ترجمته عند ذكر كتابه: " الإقناع " ص: 59.

(1)

مصادر ترجمته: " وفيات الأعيان " 2: 81، و" لسان الميزان " 6:4.

(2)

مصادر ترجمته: " البداية والنهاية " 13: 309، و" مفتاح السعادة " 1: 436، و" طبقات السبكي " 59:5.

(3)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 1: 176، ومختصره: 19، و" المنهج الأحمد ": 2: 275، و" المقصد الأرشد ": 2: 499، ومختصره: 64، و" مناقب الإمام أحمد ": 637، و" المنتظم ": 10: 29، و" التقييد ": 1: 104، و" العبر ": 4: 69، و" الوافي بالوفيات ": 1: 159، و" الشذرات ": 4: 79.

ص: 72

55 -

" التمهيد " لأبي الخطاب الكَلْوَذاني (432 - 510 هـ)

سبقت ترجمته عند ذكر كتابه: " الانتصار في المسائل الكبار " ص: 61.

وأما كتابه هذا: " التمهيد في أصول الفقه " فهو كتاب سلك فيه مسالك

المتقدمين، وأكثر من ذلك الدليل والتعليل. وقد طبع في أربعة مجلدات في

مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

بتحقيق كل من د. محمد علي إبراهيم، د. مفيد أبو عمشة.

56 -

" التمهيد " لابن عبد البر (368 - 464 هـ)

يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي،

أبوعمر. من كبار حفاظ الحديث، مؤرخ، أديب، بحاثة، يقال له " حافظ

المغرب " ولد بقرطبة، ورحل رحلات طويلات في غربي الأندلس وشرقيها،

وولي قضاء لشبونة وشفترين وتوفي بشاطبة.

من كتبه: " الدرر في اختصار المغازي والسير "(مطبوع)، و" العقل

والعقلاء "، و" الاستيعاب " (مطبوع في مجلدين وهو كتاب في تراجم الصحابة)، و" جامع بيان العلم وفضله " (مطبوع)، و" المدخل في القراءات "،

و" بهجة المجالس وأنس المجالس "(4 أجزاء في المحاضرات مطبوع) وغير

ذلك من الكتب الكبار. إضافة إلى كتابه هذا واسمه: " التمهيد لما في الموطأ

من المعاني والأسانيد " وهو كتاب كبير جداً وهو أعظم شرح للموطأ

(1)

.

57 -

" التنبيه " لغلام الخلال (282 - 363 هـ)

عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد بن معروف، أبو بكر المعروف

ب " غلام الخلال ": إمام، محدث، فقيه، مفسر.

له مؤلفات عدة خاصة في الفقه على مذهب الإمام أحمد، ومنها كتابه هذا:

(1)

مصادر ترجمته: " بغية الملتمس ": 474، و" وفيات الأعيان ": 2: 348، و" الصلة ": 616، و" جمهرة الأنساب ": 285، و" المغرب في حلى المغرب ": 1: 407، و" الديباج المذهب ":357.

ص: 73

" التنبيه في الفقه "، وكتاب " زاد المسافر " سيأتي التعريف به في مبحثنا هذا في

موضعه ان شاء الله تعالى وأيضاً كتاب " الشافي "

(1)

.

58 -

" التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع " للمرداوي (817 - 885 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الإنصاف " ص: 62.

59 -

" تهذيب الأجوبة " لابن حامد الوراق (000 - 403 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الأصول " ص: 56. وكتابه

" التهذيب " هذا، يقوم على تحقيقه الدكتور عبد العزيز بن محمد الزيد،

اعتماداً على ثلاث نسخ خطية منه. (أورد ذلك الدكتور العثيمين في هامش

تحقيقه على " كتاب المقصد الأرشد " 3: 22).

60 -

" تهذيب الأسماء واللغات " والتأويل للنووي (631 - 676 هـ)

يحيى بن شرف بن مزي بن حسن الحزامي الحوراني، النووي، الشافعي،

أبو زكريا، محي الدين: علامة في الفقه والحديث. مولده ووفاته في نوى من

قرى حوران السورية وإليها نسبته. تعلم في دمشق وأقام بها زمنة طويلاً.

له مصنفات عدة منها كتابه هذا: " تهذيب الأسماء واللغات " وهو كتاب

مشهور مطبوع، وله:" منهاج الطالبين "، و" الدقائق "، و" تصحيح التنبيه "

في فقه الشافعية، و"المنهاج في شرح صحيح مسلم "، و"المجموع شرح المهذب "، وقد نقل عنه مؤلفنا، وسيأتي ذكره في موضعه ان شاء الله

ص: 95. وغير ذلك

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 2: 119، ومختصره: 334، و" المنهج الأحمد ": 2: 68، ومختصره: 43، و" المقصد الأرشد ": 2: 126، و" المنتظم ": 7: 71، و" تاريخ بغداد ": 0 1: 459، و" البداية والنهاية ": 11: 278، و" طبقات الفقهاء " للشيرازي: 146، و" النجوم الزاهرة ": 4: 363، و" شذرات الذهب ": 3: 45، و" طبقات المفسرين ": 1: 306، و" سير أعلام النبلاء ": 16: 143.

وانظر: " المدخل " لابن بدران: 414.

(2)

مصادر ترجمته: " طبقات الشافعية " للسبكي: 8: 395، و" شذرات الذهب ": 5: 354، و" الفتح المبين ": 2: 81، و" طبقات الحفاظ ": 510، و" تذكرة الحفاظ ": 4: 147، و" النجوم الزاهرة ": 7: 278.

ص: 74

61 -

" التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح " للشيخ الشويكي

(ت 948 هـ)

سبق التعريف به في المبحث الثاني ص: 26.

62 -

" الثواب " لأبي الشيخ (274 - 369 هـ)

عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري الحياني، أبو محمد

الوزان، الحافظ الملقب ب " أبي الشيخ الأصبهاني " محدث، حافظ، مفسر،

مؤرخ، توفي في سلخ المحرم.

من تصانيفه: " التفسير "، و" كتاب عظمة الله ومخلوقاته "، و" كتاب

التاريخ على السنين "، و" طبقات المحدثين " بأصبهان (طبع في بيروت سنة 1409 هـ)، و" كتاب المسند ". و" كتاب الثواب " هذا، ويسمى: " ثواب

الأعمال الزكية "

(1)

.

63 -

" الجامع " للخلال (000 - 311 هـ)

أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر المعروف ب " الخلال " البغدادي،

الفقيه: جمع مذهب الإمام أحمد وصنفه. وكان واسع العلم، شديد الاعتناء

بالاثار. من كتبه: " الجامع "، و" العلل " و" السنة "، و" الطبقات "،

و" تفسير الغريب "، و" الأدب "، و" أخلاق أحمد ".

وكان شيوخ المذهب يشهدون له بالفضل والتقدم

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " أخبار أصبهان ": 2: 90، و" طبقات علماء الحديث ": 3: 138، و" سير أعلام النبلاء ": 16: 276، و" تذكرة الحفاظ ": 3: 147، و" النجوم الزاهرة ": 4: 136، و" طبقات المفسرين " للداودي: 1: 240، و" اللباب ": 1: 231، و" كشف الظنون ": 1406، و" شذرات الذهب ": 3: 68، و" طبقات الحفاظ ": 381، و" هدية العارفين ":

(2)

مصادر ترجمته: " الطبقات ": 2: 12، ومختصره: 295، و" المنهج الأحمد ": 8: 2، ومختصره: 39، و" المقصد الأرشد ": 1: 166، و" تاريخ بغداد ": 5: 112، و"طبقات الفقهاء ": 171، و" المنتظم ": 6: 174، و" سير أعلام النبلاء ": 14: 297، و" تذكر ة الحفاظ ": 3: 785، و" العبر ": 2: 148، و" الوافي بالوفيات ": 8: 99، و" البداية =

ص: 75

64 -

" الجامع الكبير " لأبي يعلى الفراء (380 - 458 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه "الأحكام السلطانية" ص: 51 في هذا المبحث،

كما أن له أكثر من كتاب، نقل عنه ابن النجار الفُتُّوحِي. وكتابه هذا: " الجامع

الكبير " قطعة من الطهارة وبعض الصلاة والنكاح والخلع والوليمة والطلاق. 65 - " حاشية الفروع " لابن قندس (809 - 861 هـ)

هو: أبو بكر بن إبراهيم بن يوسف البعلي، الصالحي، الدمشقي، الحنبلي،

يعرف ب " ابن قندس ". عالم مشارك في الفقه وأصوله والتفسير والتصوف والفرائض والعربية والمنطق والمعاني والبيان. ولد ببعلبك وتوفي بدمشق.

له عدة مؤلفات منها: " حاشيته هذه على الفروع "

(1)

.

66 -

" حاشية ابن نصر على المغني " لابن نصر الله (765 - 846 هـ)

أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر التستري، شيخ المذهب

عز الدين المصري، الفقيه، الأصولي، مفتي الديار المصرية، البغدادي

الأصل، المصري: نحوي، محدث، زاهد ورع. له عدة مؤلفات منها:

" حواشي على المحرر " وسيأتي التعريف به لاحقاً ص 78، والتعريف أيضاً

بكتابه " حاشية على الفروع لابن مفلح " ص: 78

(2)

.

67 -

" الحاوي الصغير " لعبد الرحمن بن عمر الضرير (624 - 684 هـ)

عبدالرحمن بن عمربن أبي القاسم البصري الحنبلي، نور الدين

(1)

= والنهاية ": 11: 148، و" النجوم الزاهرة ": 3: 209، و" غاية النهاية ": 1: 133، و" طبقات الحفاظ ": 329، و" شذرات الذهب ": 2: 261.

مصادر ترجمته: " المنهج الأحمد ": 496، ومختصره: 186، و" المقصد الأرشد ": 3: 154، و" الضوء اللامع ": 11: 37، و" الشذرات ": 7: 300.

وانظر " الجوهر المنضد ": 180، و" المدخل " لابن بدران:421.

(2)

مصادر ترجمته: " الجوهر المنضد " لابن عبد الهادي: 6، و" المنهج الأحمد ": 1: 488، و" الضوء اللامع ": 2: 233، و" المقصد الأرشد ": 1: 202، و" انباء الغمر ": 2: 157، و" المنهل الصافي ": 2: 244، و" الدليل الشافي ": 1: 93، و" النجوم الزاهرة ": 15: 483، و" الشذرات ": 7: 250.

ص: 76

أبو طالب: فقيه، مفسر، من العلماء. ولد في قرية " عبد ليا " من نواحى البصرة،

ويقال له " العبدلياني " نسبة إليها. وتعقم وعقم بالبصرة. وكفث بصره سنة

(634 هـ)، وأذن له بالإفتاء سنة (648 هـ) ورحل إلى بغداد سنة (657 هـ) ففوض إليه

التدريس للحنابلة في المدرسة البشيرية، ثم في المستنصرية سنة (681 هـ).

له عدة مؤلفات منها: " الحاويان " الصغير هذا الذي نحن بصدده، والكبير

الذي سيأتي ذكره عقب كتابنا هذا مباشرة وكلاهما في الفقه الحنبلي في

مجلدين

(1)

.

68 -

" الحاوي الكبير " لعبد الرحمن بن عمر الضرير (624 - 684 هـ)

تقدمت ترجمته عند ذكر كتابه " الحاوي الصغير " الذي سبق هذا الكتاب

مباشرة. كما تم التعريف بالكتاب نفسه حيث شمل التعريف " الحاويين "

الصغير والكبير.

69 -

" حواشي التنقيح " لأبي النجا الحجاوي (000 - 968 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الإقناع " ص: 59. وكتابه هذا " حاشية

التنقيح "، توجد منه نسخة مخطوطة في المكتبة السعودية التابعة لدار الإفتاء

تحت رقم 198: 86 (أفادنا بذلك فضيلة الشيخ الجليل عبد الله بن عقيل العقيل)، وله " مختصر المقنع والإقناع " وهو كتاب مطبوع في 4 مجلدات،

مشهور، و" منظومة الآداب الشرعية "، وغير ذلك.

70 -

" حواشي الروضة " للشيخ الإمام البلقيني (724 - 805 هـ)

عمر بن رسلان بن بصير بن صالح بن شهاب بن عبد الخالق بن عبد الحق

السراج البلقيني. الحافظ، المحدث، الفقيه، الأصولي. كان أعجوبة زمانه

حفظاً واستذكاراً. انفرد برئاسة المذهب، ولقب بشيخ الإسلام.

(1)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 2: 313، ومختصره: 85، و " المنهج الأحمد ": 400، ومختصره: 126، و" المقصد الأرشد ": 2: 101، و" ذيل التقييد ": 214، و" تاريخ علماء دمشق " لابن رافع: 86، و" طبقات المفسرين " للسيوطي: 17، و" نكت الهميان ": 189، و" شذرات الذهب ": 5: 386، و" إيضاح المكنون ": 1: 355.

ص: 77

قال له ابن كثير: " أذكرت ابن تيمية ". وقال له ابن شيخ الجبل:

" ما رأيت بعد ابن تيمية أحفظ منك ".

له مؤلفات عدة منها: " شرح على الروضة " في عدة مجلدات وهو

المقصود هنا، وأيضاً " شرح على البخاري "، و" شرح الترمذي "، و" منهج

الأصلين " في أصول الفقه، و" التدريب في الفقه ". . . وغير ذلك

(1)

.

71 -

" حواشي الفروع " لابن نصر الله (765 - 846 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر حاشيته على " المغني " ص: 76.

72 -

" حواشي المحرر " لابن نصر الله (765 - 846 هـ)

تقدم التعريف به عند ذكر " حاشيته على المغني " ص: 76.

73 -

" حواشي المقنع " لشمس الدين بن مفلح الراميني (708 - 763 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الآداب الكبرى " ص: 53. ونظراً

لأهمية " كتاب المقنع "، فقد اهتم الكثير من العلماء ومنهم شمس الدين ابن

مفلح بدراسة هذا الكتاب، وشرحه واختصاره، والتعليق عليه.

74 -

" حواشي المنذري ". لعله: ابن ظفر المنذري (574 - 639 هـ)

إسماعيل بن ظفر بن أحمد بن إبراهيم بن مفرج المنذري، من ذرية

النعمان بن المنذر. الشيخ الإمام المحدث، أبو الطاهر.

قال ابن الحاجب: كان عبداً صالحاً له كرامات، ذا مروءة مع فقر؛ سهل

العارية، صحيح الأصول.

والمنذري هذا لم أجد ذكراً لمؤلفاته في مصادر ترجمته التي وقفت

عليها

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " الضوء اللامع ": 6: 85، و" طبقات المفسرين ": 2: 3، و" طبقات الحفاظ ": 538، و" الفتح المبين ": 3: 10، و" حسن المحاضرة ": 1: 329، و" البدر الطالع ": 1: 506، و" ذيل تذكرة الحفاظ ": 206، 369، و" شذرات الذهب ": 7: 51.

(2)

مصادر ترجمته: " الذيل على طبقات الحنابلة ": 2: 224، ومختصره: 96، و" المنهج الأحمد ": 376، ومختصره: 7110، و" المقصد الأرشد ": 1: 262، و" العبر ": =

ص: 78

75 -

" الخصال " للقاضي أبي يعلى الفراء (380 - 458 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الأحكام السلطانية " ص: 51. وله غير

هذا الكتاب.

76 -

" الخلاصة " لعبد الغني الجمّاعيلي المقدسي (541 - 600 هـ)

تقدمت ترجمته عند ذكر كتابه: " الترغيب " ص: 69.

له عدة مؤلفات ومصنفات. منها كتابه هذا " الخلاصة ".

صرح ابن النجار بالنقل من " كتاب الخلاصة " في عدة مواضع، دون تحديد

لأية خلاصة، وصرح بالنقل من " خلاصة أبي المعالي ابن منجى "(اللاحق) في

موضع آخر، ويبدو أن ابن النجار عندما أطلق فانما كان مقصده " خلاصة

عبد الغني الجمّاعيلي "، حيث انه من الكتب المشهورة في المذهب، والله

أعلم.

77 -

" الخلاصة " لأبي المعالي ابن منجى (519 - 606 هـ)

أسعد بن المنجى بن بركات بن المؤمل التنوخي، المعري، المصري

الأصل، الدمشقي الحنبلي، أبو المعالي، وجيه الدين: فقيه، ارتحل إلى

بغداد وتفقه بها، وبرع في المذهب الحنبلي، وتوفي بدمشق.

له مصنفات عدة منها: " الكفاية في شرح الهداية "، و" العمدة "

و" الخلاصة " وجميعها في الفقه الحنبلي

(1)

.

78 -

" الخلاف " للشريف أبي جعفر (411 - 470 هـ)

ويسمى كتاب الخلاف هذا " رؤوس المسائل ".

= 5: 160، و" سير أعلام النبلاء ": 23: 81، و" النجوم الزاهرة ": 6: 344، و" شذرات الذهب ": 5: 203.

(1)

مصادر ترجمته: " الذيل على طبقات الحنابلة ": 2: 49، و" المنهج الأحمد ": 322، و" مختصره ": 93، و" المقصد الأرشد ": 1: 279، و" سير أعلام النبلاء ": 21: 436، و" العبر ": 5: 17، و" القلائد الجوهرية ": 2: 421، و" شذرات الذهب ": 5: 18، و" النجوم الز اهرة ": 6: 99.

ص: 79

عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى بن أحمد بن يونس بن

محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم،

الشريف أبو جعفر الهاشمي العباسي: عالم فقيه، ورع، زاهد، قوال بالحق،

لا تأخذه في الله لومة لائم. كان مختصر الكلام، مليح التدريس، جيد الكلام

في المناظرة، عالماً بالفرائض، وأحكام القرآن والأصول، وكان شديد القول

واللسان على أهل البدع، زاهداً في الدنيا إلى الغاية، قائماً بانكار المنكر بيده

ولسانه، من كبار فقهاء المذهب.

من أشهر كتبه: " رؤوس المسائل " وهو المقصود هنا بـ " خلاف

الشريف "، ويعد كتاباً عمدة في المذهب.

قال الشيخ عبد القادر بن بدران عن هذا الكتاب: " وطريقته فيه أنه يذكر

المسائل التي خالف فيها الإمام أحمد واحداً من الأئمة أو أكثر، ثم يذكر الأدلة

منتصراً للإمام. . . بحيث من تأمل كتابه وجده مصححاً للمذهب ".

وهو على شاكلة كتاب: " الانتصار " لأبي الخطاب الكَلْوذاني، و" رؤوس

المسائل " لأبي الخطاب أيضاً

(1)

.

79 -

" الخلاف " لأبي الخطاب الكَلْوَذاني (432 - 510 هـ)

وكتاب الخلاف هذا يطلق عليه: " الخلاف الكبير " وهو نفسه كتاب

الانتصار سالف الذكر ويسمى: " الانتصار في المسائل الكبار " ص: 61.

وقد اطلعت على مقدمته في نسخته الخطية الموجودة صورتها في مركز

البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى. وفيه يقول الإمام الكَلْوَذاني: " رغب إلىّ أصحابي كثرهم الله تعالى، ووفقهم للرشاد، ووفقهم

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 2: 237، ومختصره: 393، و" الذيل " لابن رجب: 1: 15، ومختصره: 2، و" المنهج الأحمد ": 2: 151، ومختصره: 51، و" مناقب الإمام أحمد ": 629، و" المقصد الأرشد ": 2: 144، و" المنتظم ": 8: 315، و" العبر ": 3: 273، و" سير أعلام النبلاء ": 18: 546، و" البداية والنهاية ": 12: 119، و" النجوم الزاهرة ": 5: 106، و" الشذرات ": 3: 336، و" المدخل " لابن بدران:432.

ص: 80

في الدين، وجعلهم من أئمة المؤمنين: في إفراد المسائل الكبار من الخلاف بين

الأئمة رضي الله عنهم، والانتصار فيها لمذهب إمامنا الأفضل أبي عبد الله

أحمد بن حنبل ".

ويعتبر من أعظم كتب أبي الخطاب رحمه الله. وله كتاب آخر يسمى

" الخلاف الصغير " ويسمى " رؤوس المسائل "، قال الشيخ مجد الدين بن

تيمية: ما ذكره فيه هو ظاهر المذهب

(1)

. وقد سبقت الإشارة إلى طباعة الكتاب.

80 -

" الخلاف " لابن المَنِّي (501 - 583 هـ)

نصر بن فتيان بن مطر النهرواني، أبو الفتح، الفقيه، الزاهد المعروف

بـ " ابن المَنِّي ". ناصح الإسلام، وأحد الأعلام، فقيه العراق، صرف همته

إلى الفقه أصولاً وفروعة، مذهباً وخلافاً واشتغالاً ومناظرة، وتصدر للتدريس والاشتغال والإفادة. قال ابن الحنبلي: " أفتى ودرس نحواً من سبعين سنة

ولا تزوج ولا تسرى، ولا ركب بغلة ولا فرساً، ولا ملك مملوكاً ولا لبس

الثياب الفاخرة إلا لباس التقوى، وكان أكثر طعامه ماء الباقلاء ".

له مؤلفات عدة منها كتابه هذا ويسمى: " تعليقة في الخلاف "

(2)

.

1 8 - " الخلاف " للقاضي أبي يعلى الفراء (0 38 - 458 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الأحكام السلطانية " ص: 51 من هذا

المبحث، وكتابه هذا يسمى:" الخلاف الكبير ".

82 -

" الخلاف الكبير " لابن الزاغوني (455 - 527 هـ)

تقدمت ترجمته عند ذكر كتابه: " الإقناع " ص: 59.

(1)

" المقصد الأرشد " لابن مفلح 3: 22.

(2)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 1: 358، ومختصره: 41، و" المنهج الأحمد لأ: 302، ومختصره: 800، و" المقصد الأرشد": 3: 62، و" الكامل ": 11: 230، و " سير أعلام النبلاء ": 21: 138، و" العبر ": 4: 251، و" البداية والنهاية ": 12: 329. و" النجوم الزاهرة ": 6: 106، و" شذرات الذهب ": 4: 277.

ص: 81

" كتاب الخلال " لأبي بكر الخلال الحنبلي (000 - 311 هـ)

انظر ترجمته عند تعريفنا لكتاب " الجامع " ص: 75.

وكتاب الخلال هذا يقصد به: " الجامع لعلوم أحمد بن حنبل " سالف

الذكر، وهو كتاب لم يصنف في المذهب مثله، ويقع في عشرين مجلداً. 83 - " الرسالة " للقشيري (376 - 465 هـ)

عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة النيسابوري القشيري، أبو القاسم

زين الإسلام: الزاهد العالم. له " التيسير في التفسير " و" لطائف الإشارات " في التفسير، و" الرسالة القشيرية " في الحِكَم

(1)

.

84 -

" الرعايتين " لابن حمدان (603 - 695 هـ)

هو: أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان بن شبيب بن حمدان النميري

الحراني، سبق التعريف به عند ذكر كتابه " آداب المفتي والمستفتي " ص:53.

و" الرعايتين " هذا عبارة عن كتابين أحدهما " الرعاية الكبرى "، والآخر

" الصغرى " للمؤلف نفسه، وقد حشاهما بالروايات الغريبة التي لا تكاد توجد

في الكتب الكثيرة.

وهي على ثمانية أجزاء في مجلد. وقد شرحها الشيخ شمس الدين محمد بن

هبة الله بن عبد الرحيم البارزي المتوفى سنة (738 هـ) وسمى شرحه هذا:

" الدراية لأحكام الرعاية ". وقد اختصره الشيخ عز الدين عبد السلام

(2)

.

وابن حمدان هذا يقدم في موضع الإطلاق، ويطلق في موضع التقديم،

ويسوي بين شيئين المعروف التفرقة بينهما، وعكسه. ومن أجل ذلك حصل

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات السبكي " 3: 243 - 248، و" تاريخ بغداد " 11: 83، و" الوفيات " 1:299.

(2)

" المدخل " لابن بدران 446.

ص: 82

الخوف من كتابيه وعدم الاعتماد عليهما. وبالجملة فالكتابان غير

محر رين

(1)

. .

85 -

" الرعاية الصغرى " لابن حمدان (603 - 695 هـ)

تقدم التعريف به عند ذكر " الرعايتين " اللتين سبقا كتابنا هذا. كما سبق

التعريف بالرعاية الصغرى مع ذكر " الرعايتين ".

86 -

" الرعاية الكبرى " لابن حمدان (603 - 695 هـ)

انظر ما تقدم.

87 -

" الروايتين " للقاضي أبي يعلى الفراء (0 38 - 458 هـ)

وردت ترجمته عند التعريف بكتابه: " الأحكام السلطانية " ص: 51.

وكتابه هذا اسمه: " الروايتين والوجهين "، وطريقته: ينقل ما ورد عن

الإمام أحمد من فتاوى قال فيها بروايتين أو أكثر، أو بوجهين له أو أكثر. وقد

طبعت منه " المسائل الفقهية والأصولية " بالرياض بتحقيق الدكتور عبد الكريم

اللاحم.

ولابنه القاضي الشهيد أبو الحسن بن أبي يعلى المتوفى سنة (526 هـ) تمام

لهذا الكتاب ويحمل العنوان نفسه، وسبق التعريف به تحت عنوان " التمام "

ص: 72.

وللإمام أبي الوفا ابن عقيل (ت 513 هـ) مختصر لهذا الكتاب أسماه:

" الإشارة " ويقع في مجلد لطيف.

88 -

" الروضة " لموفق الدين ابن قدامة (541 - 620 هـ)

إمام المذهب وأحد أركانه وقدوة المتأخرين من علمائه في اتباع مذهب

السلف القائم على التمسك بالكتاب والسنة. وشهرته تغني عن الإطالة بذكره والإسهاب في أمره، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن

(1)

المرجع السابق

ص: 83

قدامة، المقدسي الحنبلي. ولد بـ " جماعيل "(من أعمال نابلس) بفلسطين،

وهاجر مع والده وأسرته إلى دمشق، وانتقلوا بعد ذلك إلى سفح قاسيون من

صالحية دمشق، وكان إماما في فنون كثيره، زاهدا ورعا، وكان كثير الحياء،

عزوفا عن الدنيا وأهل ها، هينا لينا متواضعا، محبا للمساكين، حسن الأخلاق،

جوادا سخيا.

له مؤلفات عدة أشهرها: " المغني "، و" الكافي "، و" المقنع "،

و" العمدة "، وغير ذلك، إضافة لكتابنا هذا " الروضة " وهو كتاب في مجلد

متوسط في الأصول، رتبه على ثمانية أبواب، عدد أبواب الجنة

(1)

.

89 -

" الروضتين بأخبار الدولتين " لأبي شامة المقدسي (599 - 665 هـ)

عبدالرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الأصل الدمشقي،

أبو شامة: الإمام الحافظ المؤرخ الثقة الفقيه البارع اللغوي المقرئ. قال التاج

الفزاري الفقيه الشافعي: عجبت من أبى شامة كيف قلد الشافعي. يريد انه بلغ

رتبة الاجتماع ومع ذلك استمر على الانتساب للإمام الشافعي. له مصنفات

عديدة، منها كتابنا هذا " الروضتين بأخبار الدولتين "، وذيله، و" المحقق "

في الأصول، و" المرشد الوجيز في علوم تتعلق بالقرآن العزيز "، و" مختصر

تاريخ دمشق " لابن عساكر. وغيرها

(2)

.

90 -

" رؤوس المسائل " لأبي الخطاب الكلوذانى (432 - 510 هـ)

وردت ترجمته عند ذكر كتابه: " الانتصار " ص: 61.

و" كتاب رؤوس المسائل " هذا يسمى: " الخلاف الصغير "، حيث

(1)

مصادر ترجمته: " مختصر طبقات الحنابلة ": 45، وذيله: 2: 132، ومختصره 56، و" المنهج الأحمد ": 350، ومختصره: 101، و" المقصد الأرشد ": 2: 15، و" التقييد " لابن نقطه: 2: 78، و" التكملة لوفيات النقلة ": 3: 107، و" سير أعلام النبلاء ": 22: 165، و" العبر ": 5: 79، و" البداية والنهاية ": 13: 99، و" شذرات الذهب ": 5: 88، و" فوات الوفيات ": 2: 158، و" النجوم الزاهره "): 6: 256.

(2)

مصادر ترجمته: " فوات الوفيات " 1: 252، و" البدآية والنهايه " 13: 250، و" ذيل الروضتين " 37، و" طبقات الشافعية " 5:61.

ص: 84

لأبي الخطاب كتاب بعنوان: " الخلاف الكبير " ويسمى: " الانتصار ".

و" الخلاف الصغير " هذا، أو رؤوس المسائل قال عنه الشيخ مجد الدين

ابن تيمية: " ما ذكره فيه هو ظاهر المذهب ".

91 -

" زاد المسافر " لأبي بكر " غلام الخلال "(282 - 363 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " التنبيه " ص: 73.

92 -

" الز اهر " لابن الانباري (271 - 328 هـ)

محمد بن القاسم بن محمد بن بشار الانباري. الإمام اللغوي النحوي

المتميز، صاحب التصانيف الجيدة في علوم القرآن واللغة والآداب والأشعار.

قيل عنه: " كان يحفظ ثلاثمائة ألف شاهد في القرآن. صنف كتبا كثيرة في علوم القرآن، والمشكل، والوقف والابتداء على من خالف مصحف العامة، وغريب الحديث.

من أهم مؤلفاته: " شرح المعلقات "، و" الأضداد "، و" إيضاح الوقف

والابتداء "، وكتابه هذا " الزاهر في معانى كلمات الناس ". وهو مطبوع سنة 1399 هـ بتحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن

(1)

.

93 -

" زوائد المسند " للإمام عبد الله بن أحمد) 213 - 290 هـ)

أبو عبد الرحمن، عبد الله بن أحمد بن حنبل، الإمام الحجة، الحافظ

العمدة، الذهلي الشيبانى البغدادي. أحد الأعلام. كان ثبتا فهما ثقة. شيوخه

يزيدون على الأربعمائة، روى عن أبيه:" المسند "، و" التفسير "، و" الزهد "، و" التاريخ "، و" العلل "، و" السنة "، و" المسائل ". وغير ذلك.

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 2: 69، ومختصره: 327، و" المنهج الأحمد ":2: 24، ومختصره: 40، و" مناقب الإمام أحمد ": 621، و" المقصد الأرشد ": 2: 448، و" طبقات النحاة واللغويين " للزبيدي: 171، و" تاريخ بغداد ": 3: 181، و" المنتظم ":6: 311، و" انباه الرواة ": 3: 201، و" سير أعلام النبلاء ": 15: 274، و" العبر ": 2: 214، و" البداية والنهايه ": 11: 196، و" غاية النهايه ": 2: 230، و" النجوم الزاهره ": 3: 269، و" طبقات الحنابلة ": 349، و" شذرات الذهب ": 2: 315.

ص: 85

جمع وصنف ورتب مسند أبيه وهذبه بعض التهذيب، وزاد فيه أحاديث

كثيرة عن مشايخه، وهذا هو المقصود بـ " زوائد المسند "

(1)

.

94 -

" السر المصون " لابن الجوزي (508 - 597 هـ)

سبقت الترجمة له عند ذكر كتابه المسمى: " اسباب الهداية " الذي تقدم

ذكره ص: 55.

كما أن له كتابا آخر بعنوان: " الإيضاح " سبق ص: 63.

وأما كتابه هذا المنعوت بـ " السر المصون " فهو كتاب في أصول الفقه.

95 -

" السنن " للدارمي (181 - 255 هـ)

عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام السمرقندي موطناً، الدارمي

نسبا. الإمام الحافظ. قال محمد بن بشار

(2)

: حفّاظ الدنيا أربعه: أبو زرعة

بالري، ومسلم بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن [الدارمي] بسمرقند،

ومحمد بن إسماعيل [البخارى] ببخارى.

له "المسند"، و" الثلاثيات "، وهي خمسة عشر حديثا منتقاة من

" مسنده "، و" كتاب صوم المستحاضة والمتحيرة "، و" الجامع الصحيح "، و"التفسير"

(3)

.

96 -

" السنن " لأبي بكر النجاد (000 - 348 هـ)

أحمد بن سليمان بن الحسن بن إسراًئيل، أبو بكر النجاد: شيخ العلماء

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 1: 180، ومختصره: 131، و" المنهج الأحمد "1: 249، ومختصره: 13، و" مناقب الإمام أحمد ": 383، و" المقصد الأرشد ": 2: 5، و" الجرح والتعديل ": 5: 7، و" تاريخ بغداد ": 2: 86، و" المنتظم ": 6: 39، و" تذكرة الحفاظ ": 2: 665، و" العبر ": 2: 86، و" سير أعلام النبلاء ": 13: 516، و" البداية والنهايه ": 11: 96، و" الوافي بالوفيات ": 17: 24، و" غآية النهاية ": 1: 408، و" تهذيب التهذيب": 5: 141، و" طبقات الحفاظ ":288.

(2)

" سير اعلام النبلاء " 12: 226.

(3)

مصادر ترجمته: " تاريخ بغداد " 10: 32، و" سير أعلام النبلاء " 12: 227، و" شذرات

الذهب ": 2: 130، و" تهذيب التهذيب ": 5: 295.

ص: 86

ببغداد في عصره، من حفاظ الحديث. كانت له في جامع المنصور يوم الجمعة حلقتان: الأولى قبل الصلاة، للفتوى على مذهب الإمام أحمد " والثانية بعد

الصلاة لإملاء الحديث. ويكثر الناس حتى يغلق بابان من أبواب الجامع مما يلي حلقته. وكف بصره في أوآخر عمره. له بالإضافة إلى كتاب " السنن " كتاب

" الخلاف " نحو مائتي جزء

(1)

.

97 -

" السنن " للأثرم (000 - 261 هـ)

الإمام أحمد بن محمد بن هانئ الإسكافي الطائي الأثرم، أبو بكر،

الحافظ، المحدث، الفقيه، صاحب الإمام أحمد بن حنبل، روى عنه وتفقه

عليه وسأله عن المسائل والعلل.

قال عنه الخلال: " كان معه تيقظ عجيب جداً ".

وقال ابن معين: " كان أحد أبوي الأثرم جني ".

له عدة تصانيف منها: " السنن في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل "

(2)

.

98 -

" سنن أبي داود" " لأبي داود السجستانى (202 - 275 هـ)

الإمام الحافظ أبو داود سليمان بن الأشعب بن إسحاق بن بشير بن شداد بن

عمران الأزدي السجستاني. إمام أهل الحديث في زمانه. أصله من سجستان،

رحل رحلة كبيرة وتوفي بالبصرة. وله عدة مصنفات، من تصانيفه كتابه هذا

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة " 2: 7 " مناقب الإمام أحمد "512. و" ميزان الاعتدال 1: 48. و (تاريخ بغداد " 4: 189. و" اليدآية والنهاية " 11: 234. و" شذرات الذهب " 2: 376، و" سير أعلام النبلاء " 15: 502.

(2)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 1: 66، ومختصره: 37، و" المنهج الأحمد ": 1: 218، و" المقصد الأرشد ": 1: 161، و" الجرح والتعديل ": 2: 72، و" تاريخ بغداد ": 5: 110 - 112، و" تذكرة الحفاظ ": 2: 135 - 136، و" البدآية والنهاية ":11: 108، و" شذرات الذهب ": 2: 141 - 142، و" تهذيب التهذيب ": 1: 78،6 (تهذيب الكمال ": 1: 476، و" سير أعلام النبلاء ": 13: 623، و" طبقات الحفاظ "()

ص: 87

" السنن " جمع فيه (4800) حديث انتخبها من خمسمائة ألف حديث. وأثنى

عليه العلماء كثيراً. فقد قال فيه ابن الأعرابي: " لو أن رجلاً لم يكن عنده شيء

من كتب العلم إلا المصحف الذي فيه كلام الله تعالى، ثم كتاب أبى داود لم يحتج معهما إلى شيء من العلم ألبتة ".

وقال أبو سليمان الخطابي عن " السنن ": " كتاب شريف لم يصنف في علم

الدين كتاب مثله "

(1)

.

99 -

" السنن " للد ارقطني (306 - 385 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الأفراد " ص: 58.

100 -

" السنن " لسعيد بن منصور (000 - 227 هـ)

سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني المكي، أصل أبويه من مرو، ولكنه ولد في جوزجان، وشب في بلخ، ثم استقر في مكة، ومن أساتذته: مالك، وسفيان بن عيينة، وحدث عنه: مسلم، وأبو داود، وغيرهم. كان محدثا ثقة من المتقنين الأثبات، وكتابه " السنن " موجود منه قطعة من الجزء الثالث، وطبعت في الدار السلفية بالهند في جزأين بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي. كما طبعت قطعة أخرى منه بتحقيق الدكتور سعد بن عبد الله آل حميد

في خمسة أجزاء ونشرته دار الصميعي عام 1414 هـ- 1993 م

(2)

.

101 -

" السنن " لابن ماجه (209 - 273 هـ)

محمد بن يزيد بن عبد الله، أبو عبد الله ابن ماجه القزويني، الربعي. أحد الأئمة الأعلام، حافظ الإسلام التقي الثبت، المحدث الواعي، المتقن لعلوم

(1)

مصادر ترجمته: " تذكرة الحفاظ ": 2: 188 - 190، و" تهذيب ابن عساكر ": 6: 246، و" طبقات الحنابلة ": 118، و" تاريخ بغداد ": 9: 55، و (اين خلكان ": ا: 214.

(2)

مصادر ترجمته: " الطبقات " لابن سعد: 5: 502، و" التاريخ الكبير " للبخاري: 2: 1: 516، و" الجرح والتعديل " 2: 1: 68، و" ميزان الاعتدال ": 1: 391، و" تذكرة الحفاظ ": 416، و" تهذيب التهذيب ": 4: 89، و" شذرات الذهب ": 2: 62، و" تاريخ التراث العربي " لسزكين: 1: 195.

ص: 88

الحديث، والمشارك في التفسير والتاريخ.

وتعد " سنن ابن ماجه " أحد المصادر المعتبرة، وهو كتاب مطبوع مشهور

متداول، من أحسن المراجع تبويبا وترتيبا، وهو سادس الكتب الحديثية عند

أكثر أهل العلم

(1)

.

152 -

" السنن الكبرى " للبيهقي (384 - 458 هـ)

أحمد بن الحسين بن علي أبو بكر البيهقي: الإمام الحافظ. كَتَبَ الحديث وحفظه من صباه، وتفقه وبرع وأخذ في الأصول، وصنف ما لم يسبقه أحد في ألف جزء. جمع بين علم الحديث والفقه وبيان علل الحديث ووجه الجمع بين الحديث. له " السنن الكبرى ".

قال ابن الصلاح

(2)

: ما ثَمَّ كتاب في السنة أجمع للأدلة من " كتاب السنن الكبرى " للبيهقي. وكانه لم يترك في سائر أقطار الأرض حديثا إلا وقد وضعه في كتابه. اهـ.

وله أيضاً: " معرفة آثار السنن "، و" شعب الإيمان "، و" دلائل النبوة "، وغير ذلك

(3)

.

103 -

" الشافي " لأبي بكر غلام الخلال (282 - 363 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " التنبيه " ص: 73. وكتابه " الشافي " هذا

في فقه الإمام أحمد بن حنبل.

قال الشيخ عبد القادر بن بدران: " وكثيراً ما يقول أصحابنا: قاله أبو بكر بن عبد العزيز في " الشافي "، ونحو هذه العبارة ".

(1)

مصادر ترجمته: " تهذيب التهذيب ": 9: 530، و" تذكرة الحفاظ ": 2: 189، و" المنتظم ": 5: 90، و" سير أعلام النبلاء ": 3: 274، 5: 90، و" وفيات الأعيان ": 4: 279، و" الوافي بالوفيات ": 5: 220، و" البداية والنهاية ": 11: 52، و" النجوم الزاهرة ": 3: 70، و" طبقات الحفاظ ": 278، و" طبقات المفسرين ": 2: 372، و" شذرات الذهب ": 2: 164.

(2)

" الميزان الكبرى " 1: 78.

(3)

مصادر ترجمته: " شذرات الذهب " 3: 304، و" طبقات الشافعية " 3: 3، و" المنتظم ": 8: 242، و" ابن خلكان " 1:20.

ص: 89

انظر: " المدخل " لابن بدران: 414 - 415.

104 -

" شرح الأربعين " لابن رجب (736 - 795 هـ) ويسمى أيضاً: " جامع العلوم والحكم ".

عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسين بن محمد بن مسعود، الشيخ العلامة الحافظ، الزاهد، شيخ الحنابلة زين الدين أبو الفرج. أحد أئمة الحفاظ الكبار والعلماء الزهاد والأخيار.

له مصنفات كثيرة جداً، طبع أكثرها، وكتابه:" شرح الأربعين " هذا قال عنه ابن قاضي شهبة: " وشرح أربعين النووي شرحاً حسنا "

(1)

. 05 1 - " شرح التحرير " للمرداوي (817 - 885 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الإنصاف " ص: 62. والتحرير هذا وشرحه، كتاب في أصول الفقه.

106 -

" شرح ابن تميم " لمحمد بن تميم الحرانى (601 - 675 هـ)

محمد بن عبد الوهاب بن منصور الحرانى الفقيه الحنبلي الأصولي، شمس

الدين أبو عبد الله، ولد بحران وتفقه بها على الشيخ مجد الدين بن تيمية ولازمه حتى برع، سافر إلى مصر ودرس على الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وولي القضاء في بعض البلاد المصرية، وهو أول حنبلي حكم في مصر، صاحب المختصر المشهور في الفقه. توفي في دمشق.

ويسمى هذا الكتاب: " مختصر ابن تميم " وهو كتاب نافع جداً لمن يريد الاطلاع على اختيارات الأصحاب، ولكنه لم يكمل، بل وصل فيه المؤلف إلى أثناء كتاب الزكاه

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " الجوهر المنضد ": 46، و" المنهج الأحمد ": 1: 430، ومختصره: 168، و" المقصد الأرشد ": 2: 81، و" الدرر الكامنه ": 2: 428، و" انباء الغمر): 1: 460، و" الشذرات ": 6: 339، و" البدر الطالع": 1: 328.

(2)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 2:. 290، ومختصره: 80، و" المنهج الأحمد ": 394، ومختصره: 112، و" المقصد الأرشد ": 2: 386، و" شذرات الذهب ": 5: 348، و" النجوم الزاهرة ": 7: 254 - 255، و" المدخل ": 417 - 431.

ص: 90

107 -

" شرح الحارثي " لسعد الدين الحارثي (652 - 711 هـ)

مسعود بن أحمد بن مسعود بن زيد بن عباس الحارثي، البغدادي، المصري، الفقيه الحافظ قاضي القضاة، سعد الدين أبو محمد. عني بالحديث وكتب بخطه الكثير.

له مصنفات عدة، قال ابن مفلح في " المقصد الأرشد ":" وكلامه في الحديث أجود من كلامه في الفقه ". توفي بالقاهرة ودفن بالقرافة. وشرحه هذا شرحاً لقطعة من كتاب " المقنع في الفقه ". قال الحافظ ابن رجب: " من العارية إلى آخر الوصايا ".

وجاء في مقدمة " الإنصاف " للمرداوي: " ومما نقلت منه من الشروح:. . . وقطعة من الحارثي من العارية إلى الوصايا عليه "

(1)

.

108 -

" شرح الخرقي " للقاضى أبي يعلى بن الفراء (0 38 - 458 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الأحكام السلطانية " الذي سبق ذكره ص: 51. وشرحه للخرقي هذا، ذكر الشيخ عبد القادر بن بدران انه " في مجلدين ضخمين، وبعض نسخه من اربعة مجلدات. وطريقته: انه يذكر المسألة من الخرقي ثم يذكر من خالف فيها. ثم يقول: ودليلنا. . . فيفيض في إقامة الدليل من الكتاب والسنة والقياس على طريقة الجدل ".

وتوجد من جزئه الثالث نسخة بالمكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم 54، فقه حنبلي، ونسخة من الجزء الرابع ويبدأ بكتاب الأشربة في المكتبة الأزهرية تحت رقم (10643) .

(1)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 2: 362، ومختصره: 92، و" المنهج الأحمد ": 1: 416، ومختصره: 136، و" المقصد الأرشد ": 3: 29، و" معجم الذهبي ": 171، و" تذكرة الحفاظ ": 4: 1495، و" البداية والنهاية ": 14: 64، و" النجوم الزاهرة ": 9: 221، و" طبقات الحفاظ ": 515، و" شذرات الذهب ": 6: 28.

ص: 91

109 -

" شرح ابن رزين " لابن رزين (000 - 656 هـ)

عبد الرحمن بن رزين بن عبد العزيز بن نصر بن عبيد بن علي بن أبي الجيش

الغسانى الحوراني، ثم الدمشقي، سيف الدين أبو الفرج. فقيه فاضل، قتل

شهيداً بسيف التتار.

له عدة مصنفات منها اختصاره للـ " مغني "، ويسمى " التهذيب " في مجلدين، واختصاره للهدآية لأبي الخطاب، و" تعليقة في الخلاف " مختصرة

(1)

.

110 -

" شرح الزركشي على متن الخرقي " للزركشي (ت 772 هـ)

محمد بن عبد الله بن محمد الزركشي، المصري، الحنبلي، شمس الدين، أبو عبد الله، فقيه، إمام في المذهب. له عدة مصنفات منها:" شرح قطعة من المحرر"، و"شرح قطعة من الوجيز "، و" شرح الخرقي ".

و" مختصر الخرقي " يعد من اشهر ما كتب في فقه الإمام أحمد، ولم يخدم كتاب في المذهب مثل ما خدم هذا المختصر، ولا اعتني بكتاب مثل ما اعتني به، حتى قال ابن عبد الهادي (ت 909 هـ) في كتابه:" الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي ": " قال شيخنا عز الدين المصري: ضبطت للخرقي ثلاثمائة شرح ".

وقال الشيخ عبد القادر بن بدران

(2)

: " وبالجملة فهو مختصر بديع لم يشتهر متن عند المتقدمين اشتهاره، وأعظم شروحه وأشهرها " المغني " لابن قدامة. . . وقال في غير موضع: " والزركشي شرح الخرقي شرحاً لم يسبق إلى مثله، وكلامه فيه يدل على فقه نفس وتصرف في كلام الأصحاب "

(3)

(1)

مصادر ترجمته: " الذيل " لابن رجب: 2: 264، ومختصره: 2: 264، و" المنهج الأحمد ": 387، ومختصره: 117، و" المقصد الأرشد ": 2: 88، و" المدخل " لابن بدران: 414، و" مقدمة الانصاف ": 1: 15، و" كشف الظنون ": 1989، و" معجم المؤلفين ": 5: 138.

(2)

" المدخل " لابن بدران 424 - 425.

(3)

المرجع السابق 419.

ص: 92

ولأهمية شرح الزركشي فقد وفقنا الله عز وجل لإخراج هذا الكتاب محققا في أربعة أجزأء. وقد نشرته مكتبة النهضة عام 1412 هـ - 1991 م

(1)

.

111 -

" الشرح الصغير " للقاضي أبي يعلى (ت 458 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الأحكام السلطانية " ص: 51.

ولم أقف ضمن مصنفاته على كتاب له بهذا العنوان، ولعله وهم من الناسخ أو تحريف في النسخ من " الجامع " إلى " الشرح " حيث أن القاضي أبا يعلى له كتاب بعنوان:" الجامع الصغير ".

112 -

" شرح الطوفي على متن الخرقي " لسليمان الطوفي (657 - 716 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الإشارات " ص: 56. وذكر صاحب " مفاتيح الفقه الحنبلي " أن الطوفي اختصر نصف " شرح الخرقي " فقط.

وهو من الشروح التي اعتمد في النقل منها المرداوي في " الإنصاف ". قال في مقدمة كتابه: " وقطعة من شرح الطوفي إلى النكاح عليه "

(2)

.

113 -

" شرح ابن عبيدان " لابن عبيدان (675 - 734 هـ)

الشيخ عبد الرحمن بن محمود بن محمد بن عبيدان أبو الفرج زين الدين، البعلي. فقيه حنبلي من أهل بعلبك ووفاته بها. كان عالما باصول الفقه والحديث والعربية، زاهدا ورعا. له مصنفات عدة منها:" زوائد الكافي والمحرر على- المقنع " في الفقه، وهو شرح على كتاب " المقنع " لابن قدامة

(3)

.

(1)

مصادر ترجمته: " شذرات الذهب ": 6: 224، و" المنهج الأحمد ": 462، و" النجوم الزاهرة ": 11: 127، و" المدخل " لابن بدران:419.

(2)

" الانصاف ": 1: 15.

(3)

مصادر ترجمته: " شذرات الذهب ": 6: 107، و" الدرر الكامنة ": 2: 347، و" ذيل طبقا الحنابلة ": 2: 49.

ص: 93

114 -

" شرح السنة " للبغوي (000 - 516 هـ)

الحسين بن مسعود أبو محمد الفراء البغوي: الإمام المفسر المتقن، والمحد الجليل، والفقيه البارع محيي السنة.

له عدد من المصنفات، منه " التهذيب " في فقه الشافعي، و" مصابيح السنة "، و" معالم التنزيل " في التفسير

(1)

.

115 -

" الشرح الكبير " لعبد الرحمن بن قدامة (597 - 682 هـ)

عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي، ثم الصالحي. الإمام الفقيه الزاهد أبو الفرج، شمس الدين: فقيه من أعيان الحنابلة، ولد وتوفي في دمشق، وهو أول من تولى قضاء الحنابلة بها. واستمر فيه نحو 12 عاما ولم يتناول عليه معلوما، ثم عزل نفسه. له مصنفات كثيرة منها " شرح المقنع " في عشرة مجلدات مستمدا من " المغني ". ومتى قال الأصحاب قال في " الشرح ": كان المراد هذا الكتاب، ومتى قالوا: الشارح أرادوا مؤلفه. قال المؤلف في خطبة الكتاب

(2)

: " اعتمدت في جمعه على " كتاب المغني "، وذكرت فيه من غيره ما لم أجده من الفروع والوجوه والروايات، ولم أترك من " كتاب المغني " إلا شيئاً يسيراً من الأدلة، وعزوت من الأحاديث ما لم يعز ما امكنني عزوه "

(3)

.

116 -

" شرح المحرر " للشيخ صفي الدين القطيعي (658 - 739 هـ) عبد المؤمن بن عبد الحق بن عبد الله بن علي بن مسعود القطيعي.

(1)

مصادر ترجمته: " وفيات الأعيان " 1: 177، و" سير أعلام النبلاء " 9: 439 - 43 4، و" تذكرة الحفاظ " 4: 52 - 53، و" الوافي بالوفيات " 13: 26، و" طبقات الشافعية " للسبكي 4: 48 - 49، و" البدايه والنهاية " 12:193.

(2)

" الشرح الكبير " 1: 4.

(3)

مصادر ترجمته: " ذيل طيقات الحنابلة ": 2: 304، ومختصره: 82، و" المنهج الأحمد " 397، ومختصره: 124، و" المقصد الأرشد ": 2: 107، و" معجم الدمياطي ": 2: 30، و" العبر ": 5: 7338، و" النجوم الزاهرة ": 7: 358، و" فوات الوفيات ": 1: 262، و" البداي والنها يه ": 13: 302، و" الشذرات ": 5: 376، وا نظر:" المدخل " لابن بدران: 435.

ص: 94

وردت ترجمته عند ذكر كتابه: " إدراك الغاية " ص: 54. و" شرح المحرر " هذا في ستة مجلدات، وهو من الشروح التي اعتمد في النقل عنها المرداوي في " الإنصاف " فقد صرح بذلك في مقدمة كتابه

(1)

.

117 -

" شرح المذهب " للقاضي أبي يعلى الفراء (380 - 458 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الأحكام السلطانية " ص: 51.

118 -

"شرح مسلم " شروح مسلم كثيرة جداً إذ بلغت 48 شرحاً تقريباً. ولعله يريد أشهرها وهو شرح النو وي (631 - 676 هـ) وتقدم التعريف بالنووي رحمه الله عند ذكر كتابه: " تهذيب الأسماء واللغات " ص: 74. وشرحه هذا اسمه: " المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج " مطبوع في خمسة مجلدات، وهو شرح متوسط مفيد. قال عنه: " ولولا ضعف الهمم وقلة الراغبين، لبسطته فبلغت به ما يزيد عن مائة من المجلدات، لكني أقتصر على التوسط ".

119 -

" شرح المقنع " شروح " المقنع " ومختصراته والكتب التي علقت عليه كثيرة جداً، وقد حاولنا حصرها، وسوف نسرد ما تمكنا من حصره، ونعرف به عند التعريف بكتاب " المقنع " لابن قدامة (ت 629 هـ). وقد سبق أن عرفنا فيما سبق من مصادر الفتوحي بعضاً من شروح " المقنع " منها:" الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف "، و" الشرح الكبير " وغيرهما.

120 -

" شرح المهذب " للنووي (631 - 676 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " تهذيب الأسماء واللغات والتأويل " ص: 74.

(1)

" الانصاف " 1: 15.

ص: 95

وشرح المهذب هذا اسمه: " المجموع شرح المهذب " وهو كتاب مشهور. طبع بإدارة الطباعة المنيرية بالقاهرة وبحاشيته " فتح العزيز شرح الوجيز ".

121 -

" شرح الهداية " للمجد ابن تيمية (590 - 652 هـ)

عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن عبد الله الخضر بن محمد بن علي بن تيمية الحراني الحنبلي، مجد الدين أبو البركات، جد شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية. تفقه في صغره على عمه الخطيب فخر الدين، وسمع الكثير ورحل إلى البلاد، وبرع في الحديث والفقه وغيره، ودرس وأفتى وانتفع به الطلبة. له مصنفات عدة، منها " أحاديث التفسير "، و" الأحكام الكبرى "، و" المنتقى "، و" المحرر "، وكتابه هذا اسمه:" منتهى الغاية في شرح الهداية " بيض بعضها في أربع مجلدات كبار إلى أوائل الحج، وزاد فيه ولده ثم حفيده. وسماه المؤلف أيضاً باسم:" مسودة المجد على الهداية "

(1)

.

122 -

" شرح الوجيز "

ان الإمام ابن النجار قد نقل في كتابه هذا " معونة أولى النهى " في ثلاثة مواضع من كتاب " شرح الوجيز ". وقد صرح في أحدها بالنقل من " شرح الوجيز " لابن يونس الشافعي الذي سيأتي التعريف به بعد، ولم يصرح في الموضعين الاخرين من أي شرح نقل، ولكن النصين المنقولين، يدلان على أن النص منقول من كتاب في الفقه الحنبلي؛ حيث النقل الأول كان في الجزء الأول، وقد نقل قولا عن الإمام أحمد، والنص الثاني كان في الجزء الرابع وكان نقلا من كتاب " الإنصاف " للمرداوي، وذكر بأن المرداوي نقله من " شرح

(1)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 2: 249، ومختصره: 73، و" المنهج الأحمد ": 382، ومختصره: 116، و" المقصد الأرشد ": 2: 162، و" العبر ": 5: 212، و" طبقات المفسرين للداودي ": 1: 297، و" فوات الوفيات ": 2: 323، و" النجوم الزاهرة ": 7: 33 و" سير أعلام النبلاء ": 23: 291، و" غآية النهاية ": 1: 385، و" المنهل الصافى ":. 1: 412، و" شذرات الذهب ": 5: 257 - 259، و" البداية والنهاية ": 13: 185.

ص: 96

الوجيز " ومعروف أن المرداوي في مقدمة كتابه " الإنصاف " قد حدد الكتب والمتون والشروح التى نقل عنها، ومنها شرحان لى " كتاب الوجيز " وهما: " شرح الوجيز " للزركشي. و" شرح الوجيز " للشيخ حسن بن ناصر المقدسي. ويجدر بنا أن نعرف بـ " كتاب الوجيز " وبشروحه التى يسر الله لنا التعرف عليها.

أما " الوجيز " فسيتم التعرف به أن شاء الله في موضعه، واما الشروح فسوف نورد تعريفا موجزا عن مؤلفيها تعميما للفائدة؛ وهى: أ- " شرح الوجيز " للزركشي) ت 772 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " شرح على متن الخرقي " ص: 92.

قال المرداوي في مقدمة كتابه: " الإنصاف "

(1)

"ومما نقلت منه من الشروح. . وقطعة من شرح الوجيز للزركشى ".

ب- " شرح الوجيز " لابن عبد القادر النابلسي المعروف بـ " الجنة "(ت 797 هـ) تقدم التعريف به عند ذكر كتابه: " التصحيح " ص: 69.

وقال العليمي في "المنهج ": ". . . و" شرح الوجيز"، شرع فيه ولم يتمه ".

ج- " شرح الوجيز " لعبد الرحمن أبو شعر (ت 845 هـ)

عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الكرم " أبو شعر ". الشيخ الإمام العالم، الفقيه، المحدث، المفسر، النحوي، العابد الزاهد، المحقق القدوة، شيخ الحنابلة أبو الفرج

(2)

.

(1)

" الانصاف " للمرداوي 1: 15.

(2)

أخباره في: " الضوء اللامع ": 4: 82، و" المنهج الأحمد ": 2: 142، ومختصره: 183 و" طبقات المفسرين ": 1: 266، و" شذرات الذهب ": 7: 253، و" الجوهر المنضد:

ص: 97

قال ابن عبد الهادي في " الجوهر ": " له حواشي على كتب من كتب في الفقه، منها على كتاب " الوجيز " على المسائل التي ليست في المذهب "

(1)

. د- " شرح الوجيز " لمحمد بن أحمد بن سعيد النابلسي (ت 885 هـ) عز الدين المقدسي النابلسي، الدمشقي، الحلبي، المكي، الحنبلي، الشيخ الورع الزاهد

(2)

.

قال ابن حميد في: " الدر المنضد في أسماء كتب مذهب الإمام أحمد ": " محمد بن أحمد النابلسي له شرح الوجيز خمسة مجلدات. . "

(3)

.

5 -

" شرح الوجيز " لابن البهاء الحنبلي (ت بعد 890 هـ)

علي بن البهاء البغدادي الحنبلي، علاء الدين. قال ابن عبد الهادي في " الجوهر المنضد ":" برع وأفتى ودرس واشتغل وشغل، وحفظ الوجيز، وشرح منه قطعة "

(4)

. و " شرح الوجيز " لابن النجار الفتوحي (ت 949 هـ) أحمد بن عبد العزيز بن علي بن رشيد الفتوحي، شهاب الدين القاهري، ابن النجا الحنبلي، والد المؤلف. انتهت إليه رئاسة المذهب في مصر، له " شرح الوجيز "، ولم يتمه

(5)

.

ز- " شرح الوجيز " لحسن بن فتيان (ت؛)

حسن بن علي بن ناصر بن فتيان، الفقيه المحقق، الحجة. برع وصنف

(6)

.

(1)

" الجوهر المنضد " لابن عبد الهادي 61.

(2)

أخباره في: " الضوء اللامع " 6: 309، و" حوادث الزمان ": 2: 16، و" المنهج الأحمد ": 2: 143، و" الجوهر المنضد ": 145، و" الشذرات ": 7: 276.

(3)

" الدر المنضد " لابن حميد، مخطوط، لوحة 7.

(4)

اخباره في: " الضوء اللامع ": 5: 207، و" القلائد الجوهرية ": 1:139، و" الجوهر المنضد":104.

(5)

أخباره في: " النعت الأكمل ": 142 - 148، و" شذرات الذهب ": 8: 276، و" السحب الوابلة ": 1: 156.

(6)

اخباره في: " الجوهر المنضد ": 28.

ص: 98

قال عنه ابن عبد الهادي مؤلف " الجوهر ": " وفي بعض نسخ الوجيز انه شرحه في سبع مجلدات، وانها كلها احترقت في الفتنة ".

ج- " شرح الوجيز " لحسن الموصلي (ت؛)

حسن بن محمد الموصلي، الشيخ بدر الدين الفقيه

(1)

.

قال عنه مؤلف " الجوهر ": " وجد له قطعة من شرح الوجيز من الإيمان إلى آخر الكتاب ".

123 -

" شرح الوجيز " لابن يونس (535 - 608 هـ) محمد بن يونس بن محمد بن منعة، أبو حامد، عماد الدين الموصلي. إمام وقته في فقه الشافعية. ولد بقلعة إربل، ونشأ بالموصل، وتفقه ببغداد. قال ابن خلكان:" لم يرزق سعادة في تصانيفه، فانها ليست على قدر فضائله ". له عدة مصنفات منها: هذا الكتاب وهو " شرح لوجيز الغزالي "

(2)

.

وقد استشهد به مؤلفنا لإثبات أن بعض الشافعية قد منع وطء الجن وذلك في فصل:) في جملة من أحكام الجن) إذ قال: ". . . ومنع منه غير واحد من متأخري الحنفية وبعض الشافعية وجوده، منهم ابن يونس في "شرح الوجيز"

(3)

.

124 -

" الشروط " لابن الزاغوني (455 - 527 هـ) انظر ترجمته عند ذكر " كتاب الإقناع " له في هذا المبحث ص: 59. وكتاب الشروط هذا اسمه: " شروط أهل الذمة ".

125 -

" الشفاء " للقاضي عياض (476 - 544 هـ)

عياض بن موسى بن عياض بن عمر بن موسى بن عياض السبتي أبو الفضل

(1)

ترجمته في: " الجوهر المنضد ": 28.

(2)

هو كتاب في فروع فقه الشافعية للإمام حجة الإسلام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي الشافعي) ت 5 " 5 هـ).

أخذه من " البسيط " و" الوسيط " له، وزاد فيه أموراً، وهو كتاب جليل، عمدة في مذهب الشافعي، واعتنى به كثير من العلماء والأئمة فشرحوه واختصروه. انظر:" كشف الظنون ": 2002 - 2003.

(3)

مصادر ترجمته: " وفيات الأعيان ": 1: 602، و" طبقات الشافعية " للسبكي: 5: 45، و" البداية والنهاية ": 13: 62، و" مرآة الجنان ": 4: 16، و" شذرات الذهب ": 5: 34.

ص: 99

الاندلسي المالكي، عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته. له نحو ثلاثين مؤلفا: منها " الإكمال شرح صحيح مسلم "، و" مشارق الانوار " في الحديث، و" شرح حديث أم زرع "، و" ترتيب كتاب المدارك وتقريب المسالك في معرفة أعلام مذهب الإمام مالك "، و" الإلماع في معرفة أصول الرواية " في مصطلح الحديث، و" الشفا بتعريف حقوق المصطفى "، وهو من أجل الكتب في موضوعه

(1)

.

126 -

" الصحاح " للجوهري (ت 393 هـ)

إسماعيل بن حماد الجوهري، أبو نصر. أول من حاول الطيران، ومات في سبيله. لغوي من الأئمة. صنع جناحين من خشب وربطهما بحبل وصعد سطح داره، ونادى في الناس، لقد صنعت ما لم أسبق إليه، وسأطير الساعة فازدحم أهل نيسابور ينظرون إليه فتأبط الجناحي ونهض بهما، فخانه اختراعه فسقط على الأرض قتيلا.

له بعض المؤلفات لعل أشهرها كتابه هذا " الصحاح " وهو كتاب مطبوع ومتداول

(2)

.

127 -

" صحيح البخاري " للإمام البخاري (194 - 256 هـ)

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، حبر الإسلام، الحافظ

لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. سمع من نحو ألف شيخ. ولد ونشأ وتوفي ببخارى، صنف الكثير من الكتب ومنها. " الجامع الصحيح " المعروف بـ " صحيح البخاري "، وهو من أوثق الكتب الستة المعول عليها في الحديث، جمع نحو ستمائة ألف حديث، اختار

(1)

مصادر ترجمته: " وفيات الأعيان " 1: 392، و" مفتاح السعادة " 2: 19، و" الفكر السامي " 4: 58، و " شرح الشفا " 1:5.

(2)

مصادر ترجمته: " " معجم الأدباء ": 2: 269، و" النجوم الزاهرة ": 4: 207، و" لسان الميزان ": 1: 400، و" انباء الرواة ": 1: 194، و" نزهة الألباء ": 18، و" يتيمة الدهر ": 4: 289، و" شذرات الذهب ": 3: 142، و" بغية الوعاة ": 1: 446.

ص: 100

منها في " صحيحه " ما وثق برواته. وهو أول من وضع في الإسلام كتابا على

هذا النحو

(1)

.

128 -

" صحيح ابن حبان "(270 - 354)

محمد بن حبان بن أحمد بن حبان، أبو حاتم التميمي البُستي: الإمام الحافظ. له المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع "، يعرف بـ " صحيح ابن حبان "، و" كتاب الثقات "، و" كتاب العظمة "، وغيرها

(2)

.

و" صحيح ابن حبان " رتبه الأمير علاء الدين الفارسي (ت 739 هـ) ترتيباً موضوعيا، وهو المشهور المتداول المطبوع.

129 -

" صحيح ابن خزيمة " لابن خزيمة النيسابورى (223 - 311 هـ) محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري أبو بكر: الإمام الحافظ الفقيه المجتهد المحدث: رحل إلى العراق والشام والجزيرة ومصر.

قال عنه السبكي: إمام الأئمة. له " صحيح ابن خزيمة " طبعت قطعة منه في أربعة أجزاء، و" كتاب التوحيد "

(3)

.

130 -

" الصَّداق " لابن عقيل (431 - 513 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " التذكرة " ص: 68 من هذا المبحث. ومؤلفنا ابن النجار الفتوحي قد أكثر من النقل عن كثير من كتبه ومنها.: " الفصول "، و" الفنون "، و" المفردات "، و" المنثور " و" النسخ "، و" الصداق " هذا.

(1)

مصادر ترجمته: " تذكرة الحفاظ ": 2: 122، و" تهذيب التهذيب ": 9: 47، و" الوفيات ": 1: 455، و" تاريخ بغداد ": 2: 4 - 36، و" طبقات الشافعية ": 2: 2، و (طبقات الحنابلة ": 1: 271 - 279.

(2)

مصادر ترجمته: " شذرات الذهب ": 163، و" تذكرة الحفاظ ": 3: 125، و" طبقات السبكي ": 2: 141، و" ميزان الاعتدال " 3:39.

(3)

مصادر ترجمته: " البداية والنهاية " 11: 149، " تذكرة الحفاظ " للذهبي 720 - 721، و" طبقات الشافعية " للسبكي 3: 109 - 119، و" الوافي بالوفيات " 2:196.

ص: 101

131 -

" طبقات الحنابلة " للقاضي ابن أبى يعلى (451 - 526 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " التمام " ص: 72.

132 -

" الطرق الحكمية " لابن قيم الجوزية (ت 751 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " اعلام الموقعين " ص: 57. وكتابه هذا اسمه: " الطرق الحكمية في السياسة الشرعية " طبع في القاهرة سنة 1317 هـ.

133 -

. " طريق الأقرب " لمحيي الدين ابن الجوزي (580 - 656 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الإيضاح " ص: 63.

134 -

" العلل " لابن أبي حاتم (240 - 327 هـ)

عبد الرحمن بن أبى حاتم محمد بن إدريس التميمي الحنظلي: الإمام الحافظ ابن الحافظ، شيخ الإسلام. أخذ علم أبيه وأبي زرعة، وكان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال. صنف في الفقه واختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار. من مصنفاته:" التفسير " و" الجرح والتعديل " و" الرد على الجهمية " و" علل الحديث " و" المسند " وغير ذلك. كان أبوه يقول: ومن يقوى على عبادة عبد الرحمن، لا أعرف لعبد الرحمن ذنباً

(1)

.

135 -

" العلل " للدارقطني (306 - 385 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الأفراد " ص: 58. وكتابه هذا في علل الحديث، وقد طبع منه 13 جزءا.

136 -

" عمدة الأدلة " لابن عقيل (431 - 513 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " التذكرة " ص: 68 من هذا المبحث.

وكتاب " عمدة الأدلة " هذا قد سبق لابن النجار الفتوحي أن نقل عنه نصوصا

في ثنايا كتابه " شرح الكوكب المنير " عند تعريفه الواجب، وكلامه عن سقوط

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة " 2: 55، و" المنهج الأحمد ": 2: 17.

ص: 102

بعض الواجب للعجز لا يمنع بقاء الوجوب للمقدور. إذ أورد ما نصه: " قال ابن عقيل في " عمدة الأدلة " يمر الموس، ولا يجب، ذكره أصحابنا وشيخنا "

(1)

.

137 -

" عمل اليوم والليلة " لابن السني (285 - 364 هـ)

أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الهاشمي الدينوري أبو بكر، المشهور بابن السني: الإمام الحافظ الثقة الرحال. كان ديِّناً خيّراً صدوقا. له " عمل اليوم والليلة " قال عنه الذهبي: هو من المرويات الجيدة، وله أيضاً " فضائل الأعمال "، و" القناعة "، و" الطب النبوي "، و" الصراط المستقيم "

(2)

.

138 -

" عيون المسائل " للقاضي أبي يعلى الفراء (380 - 458 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الأحكام السلطانية ". ص: 51.

139 -

" غريب الحديث " لأبي عبيد القاسم بن سلام (154 - 224 هـ)

تقدم التعريف به عند ذكر كتابه: " الأموال " ص: 60. وقد صرح المؤلف بنقله عن " الغريب " لأبي عبيد عند ذكره لمعنى " المنقبة "، وانها الطري الضيق بين دارين لا يمكن أن يسلكه أحد. ولم يوضح أى غريب، هل هو " غريب الحديث "، أم " غريب القرآن "، أم " الغريب المصنف ". وقد وقفت على نقله هذا في كتاب " غريب الحديث " 3: 121، وهو كتاب مشهور متداول. طبع بدائرة المعارف الهنديه سنة (1384 هـ). قال عنه أبو عبيد:"مكثت في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال فأضعها فى موضعها من الكتاب، فأبيت ساهرا فرحا مني بتلك الفائده ".

(1)

" شرح الكوكب المنير " 1: 362.

(2)

مصادر ترجمته: " الإكمال " لابن ماكولا: 4: 501، و" سير أعلام النبلاء ": 16: 255،

و" الوافي بالوفيات ": 7: 2962، و" طبقات الشافعية ": 3: 39.

ص: 103

وأما كتابه " غريب القرآن " فقد نسبه إليه ابن النديم في الفهرس ص (78)،

وقال ياقوت في " معجم الأدباء ": 16: 255، نقلا عن أبي الطيب اللغوي في " كتاب مراتب النحويين ": و" كذلك كتابه في " غريب القرآن " منتزع من كتاب أبي عبيدة " أي كتاب " غريب القرآن " لأبي عبيدة معمر بن المثنى.

والكتاب لا يزال في عداد المفقودات فلم يعرف حتى الآن عن وجود نسخ مخطوطة منه في أي من مكتبات العالم.

وأما كتابه " الغريب المصنف " ويعد من أوائل المعاجم العربية في غريب اللغة، مرتب بحسب الموضوعات والمسائل.

قضى أبو عبيد في تأليفه شطرا من عمره، وأودعه حصيلة علمه، ووشّاه بمختار جمعه وتقييده، فجاء جليل القدر، جمّ الفوائد، نسيج وحده في باب الغريب.

وكان هذا الكتاب موضوع أطروحة دكتوراه قدمها الدكتور رمضان عبد التواب بجامعة ميونيخ الألمانية سنة 1962 م، وقام بنشر الجزء الأول منه في القاهرة، وصدر عن مكتبة الثقافة الدينية.

وقام بتحقيقه أيضاً محمد المختار العبيدي وصدر منه جزآن حتى الآن

فيما أعلم في تونس، نشرته المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات (بيت الحكمة) الجزء الأول سنة 1989 م، والثانى سنة 1995 م.

140 -

" غريب الحديث " لأبي محمد بن قتيبة (213 - 276 هـ)

عبد الله بن مسلم بن قتيبه الدِّينَوري، أبو محمد. من أئمة الأدب، ومن المصنفين المكثرين. ولد ببغداد، وسكن الكوفة. ثم ولي قضاء الدينور مدة فنسب إليها، وتوفي ببغداد.

له مؤلفات عديدة أكثرها مطبوع. منها: " تأويل مختلف الحديث "، و" أدب الكاتب "، و" المعارف "، و" المعاني " و" عيون الأخبار "، و " الشعر والشعراء". . .وغير ذلك الكثير.

ص: 104

وكتابه " الغريب " طبع في جزأين في الهند، وحققه الدكتور عبد الله الجبوري، وطبع في وزارة الأوقاف ببغداد عام 1977 م في ثلاث مجلدات، وتوجد منه أجزأء مخطوطة في المكتبة الظاهرية بدمشق، ويوجد منه بمكتبه شستربتي تحت رقم 3494 المجلد الثانى مخطوطاً منسوخاً سنة 279 هـ ببغداد

(1)

.

141 -

" فتاوى ابى الخطاب " لأبي الخطاب الكلوذاني (432 - 510 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الانتصار " ص: 61.

والمقصود بالفتاوى كتابه " الانتصار في المسائل الكبار " الذي يطلق عليه " الحلاف الكبير " حيث انه مجموعة من الفتاوى.

142 -

" الفتاوى الرجبيات " لابن الزاغوني (455 - 527 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الإقناع " ص: 59.

143 -

" فتاوى ابن الزاغونى " لابن الزاغوني (455 - 527 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " الإقناع " ص: 59. ومؤلفاته تناولها ابن النجار الفتوحي، وأكثر النقل منها لتفننه في علوم شتى من الأصول والفروع والحديث والوعظ.

وكتابه الفتاوى هذا يسمى: " فتاوى ومسائل في القرآن ".

144 -

" الفتاوى " للموفق بن قدامة (541 - 620 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الروضة " ص: 83.

وكتابه هذا يسمى: " مجموع فتاوى ومسائل منثورة ".

(1)

مصادر ترجمته: " وفيات الأعيان": 1: 314، و" تاريخ بغداد ": 10: 170، و" المنتظم ": 5: 102، و" انباه الرواة ": 2: 143، و " البداية والنهاية ": 11: 48، و" نزهه الألباء: 272، و" بغية الوعاه،: 291، و" شذرات الذهب،: 2: 196، و" مرآة الجنان ": 2: 191، و" تهذيب الأسماء واللغات ": 2: 281، و" اللباب ": 2: 242، و" تذكرة الحفاظ ": 2: 185، و " لسان الميزان ": 3: 357، و" النجوم الزاهرة ": 3: 75.

ص: 105

145 -

" فتح الباري شرح صحيح البخاري " لابن حجر العسقلاني (773 - 852 هـ) أحمد بن علي بن محمد بن علي الكناني العسقلاني شهاب الدين أبو الفضل المعروف بابن حجر: الحافظ المحدث أمير المؤمنين في الحديث. قال السخاوي: انتشرت مصنفاته في حياته وتهادتها الملوك وكتبها الأكابر. له المصنفات الكثيرة الجليلة، وقد أحصاها الدكتور شاكر محمود عبد المنعم في كتابه " ابن حجر العسقلانى ودراسات مصنفاته ومنهجه وموارده في كتابه الإصابه " فبلغت 282 مصنفا. أشهرها " فتح الباري شرح صحيح البخاري "، " الإصابة في تمييز الصحابة "، " تهذيب التهذيب "، " الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة "

(1)

.

146 -

" فتح الباري في شرح البخاري " لابن رجب (736 - 795 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه السابق: " شرح الأربعين " ص: 95.

وأما كتابه هذا شرح البخاري فقال عنه ابن عبد الهادي في " الجوهرالمنضد ":

". . . وشرع في شرح البخاري واخترمته المنية ". وقال ابن مفلح في " المقصد الأرشد ": " وشرع في شرح البخاري " سماه " فتح الباري في شرح البخاري ". وقد نشرته في عشرة أجزأء مكتبة الغرباء الأثرية في المدينة المنورة عام 1417 هـ-1996 م.

147 -

" الفروع " لشمس الدين ابن مفلح الراميني (708 - 763 هـ)

سبق التعريف بابن مفلح عند ذكر كتابه " الآداب الكبرى " ص: 53.

148 -

" فضائل أحمد بن حنبل " لابن المنادي (256 - 336 هـ)

أحمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله، أبو الحسين المنادي. ثقة أميناً ثبتاً صدوقا ورعا حجة فيما يرويه محصلاً لما يحكيه، صنف كتبا كثيرة، قيل انها

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات السبكي " 1: 197، و" الضوء اللامع " 2: 38، و" لحظ الألحاظ " 232، و" كشف الظنون " 2: 618، و" المنهل الصافي " 1:1113.

ص: 106

نحو أربعمائة مصنف، ولم يسمع الناس منه إلا أقلها

(1)

.

149 -

" فضائل القرآن " لأبي الشيخ (274 - 369 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الثواب " ص: 75.

150 -

" الفوائد " لابن رجب (736 - 795 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " شرح الأربعين " ص: 90.

وكتابه: " الفوائد " هذا ذيل على كتاب " القواعد الفقهية " له. وهو فوائد مسائل مشتهرة، فيها اختلاف في المذهب، ينبنى على الاختلاف فيها فوائد متعددة، وهي إحدى وعشرون مساًلة تقع في مجلد ضخم في نحو خمسمائة صفحة مسطرة كبيرة

(2)

.

151 -

" الفوائد " لتمام (330 - 414 هـ)

تمام بن محمد بن عبد الله بن جعفر أبو القاسم البجلي الرازي: من حفاظ الحديث، كان محدث دمشق في عصره، وكتابه " الفوائد " يقع في ثلاثين جزءاً

(3)

.

152 -

" القضاء " لعمر بن شبة (172 - 262 هـ)

عمر بن شبة بن عبيدة بن ريطة النميري البصري، أبو زيد: شاعر، راوية، مؤرخ، حافظ للحديث. من أهل البصرة، توفي بسامراء.

له مصنفات عدة منها: " النسب " و" أخبار بني نمير " و" أخبار المدينة "

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 2: 3، ومختصره: 291، و" المنهج الأحمد ": 245 - 247 و" تاريخ بغداد ": 4: 69، و" المنتظم ": 6: 357، و" تذكرة الحفاظ ": 3: 849، و" سير أعلام النبلاء ": 15: 361، و" العبر ": 2: 242، و" الوافي بالوفيات ": 6: 290، و" مرآه الجنان ": 2: 325، و" النجوم الزاهره ": 3: 295، و" غاية النهاية ": 1: 44، و" شذرات الذهب ": 2: 343، و" المقصد الأرشد ": 1: 85، و" بغية الوعاة ":130.

(2)

" مفاتح الفقه الحنبلي " 2: 167.

(3)

مصادر ترجمته: " سير أعلام النبلاء " 17: 289، و" شذرات الذهب " 3:200.

ص: 107

و" تاريخ البصرة " و" تاريخ أمراء الكوفة " و" أمراء البصرة " و" أمراء المدينة " و" أمراء مكة " وغير ذلك من المصنفات

(1)

.

153 -

" قطعة في الجمع بين المقنع والتنقيح " للعسكري (ب 910 هـ) سبق التعريف به في المبحث الثانى ص: 26.

154 -

" القواعد " للقاضي علاء الدين البعلي (ت 803 هـ)

علي بن محمد بن علي بن عبأس، أبو الحسين البعلى الحنبلي، علاء الدين المعروف بـ " ابن اللحام ". كان يعظ في الجامع الأموي وينقل مذاهب المخالفين محررة من كتبهم مع حسن المجالسة وكثرة التواضع، شيخ الحنابلة بالشام.

له مؤلفات منها: " القواعد والفوائد الأصولية "، و" الأخبار العلمية "، و" اختيارات الشيخ تقي الدين "، و" تجريد أحكام النهايه "، و" المختصر في أصول الفقه ". . وغير ذلك

(2)

".

155 -

" القواعد " للقرافي أحمد بن إدريس (ت 684 هـ)

شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي العلاء إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يلين الصنهاجي البهغشيمي البهتمي المصري، الإمام العلامة، وحيد دهره، وفريد عصره، أحد الأعلام المشهورين والأئمة المذكورين، انتهت إليه رئاسة الفقه على مذهب مالك رحمه الله.

قال ابن فرحون في " الديباج المذهب ": أن سبب شهرته بالقرافي انه لما أراد الكاتب أن يثبت اسمه في بيت الدرس، كان حينئذ غائبا فلم يعرف اسمه، وكان إذا جاء للدرس يقبل من جهة القرافة فكتب " القرافي " فمرت عليه هذه النسبة وتوفي في عام 684 هـ.

(1)

مصادر ترجمته: " إرشاد الأريب ": 6: 48، و" تهذيب التهذيب ": 7: 460، و" الوفيات ": 1: 378، و" بغية الوعاة ":361.

(2)

مصادر ترجمته: " الجوهر المنضد ": 81، و" انباء الغمر ": 2: 174، و" الضوء اللامع ": 5: 320، و" قضاة دمشق " 0 288، و" الدارس في تاريخ المدارس ": 2: 124، و" شذرات الذهب ": 7: 31.

ص: 108

ومصنفاته كثيرة مفيدة في الفقه والأصول والعلوم العقلية والتفسير، منها كتاب " الذخيرة " و" شرح التهذيب " و" شرح الجلاب " و" شرح المحصول " وغير ذلك؛ إضافة إلى كتابه هذا " القواعد " الذي قال عنه ابن فرحون:" ان كتاب القواعد لم يسبق إلى مثله ولا أتى أحد بعده بشبهه "

(1)

.

156 -

" القواعد الفقهية " لابن رجب (736 - 795 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " شرح الأربعين " ص: 90.

157 -

" قواعد الأصول ومعاقد الفصول " للقطيعي (658 - 739 هـ)

عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي. سبق التعريف به عند ذكر كتابه " إدراك الغاية " ص: 54.

158 -

" كشف المشكل " لأبي الفرج ابن الجوزي (ت 597 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " أسباب الهداية " ص: 55. وكتابه هذا اسمه: " كشف مشكل الصحيحين " قال حاجي خليفة: " فرغ من تأليفه في ثامن رجب سنة 576 هـ، واختصره بعض العلماء ". وقال: " رأيته يذكر فيه شيئاً من الأحاديث غير مشكل أو مشكلاً ولا يأتي فيه بشيء شاف، فأحببت أن أذكره على ترتيبه، أذكر الحديث الأول عن الصحابي، ثم أعطف عليه ما ورد عنه في مسنده بلفظه وعنه، طلبا للاختصار، وترتيبه انه يذكر المتفق عليه ثم ما أنفرد به البخاري ثم مسلم، ثم قال: وإذا قلت: قال فهو أبو الفرج. . . إلخ، وفرغ منه في ربيع الآخر سنة 746 هـ "

(2)

.

159 -

" لسان العرب " لابن منظور (630 - 711 هـ)

محمدبن مكرم بن علي بن أحمد بن أبي القاسم بن حبقة بن منظور الانصاري الرويفعي الأفريقي المصري، جمال الدين أبو الفضل.

(1)

مصادر ترجمته: " الديباج المذهب " لابن فرحون: 62 - 67، و" المنهل الصافي ": 1: 215 " و" الدليل الشافي ": 1: 39.

(2)

" كشف الظنون "1495.

ص: 109

أديب، لغوي، ناظم، ناثر، مشارك في علوم، اختصر الكثير من الكتب المطولة في الأدب منها:" الأغانى "، و" العقد "، و" الذخيرة "، و" نشوان المحاضرة "، وغير ذلك. فقد بلغت مختصراته خمسمائة مجلد، وكان صدرا رئيساً مناضلاً في الأدب، مليح الانشاء.

وكتاب " لسان العرب " جمع فيه بين " التهذيب "، و" المحكم "، و" الصحاح "، و" الجمهرة "، و" النهاية "، و" حاشية الصحاح "، جوّده ما شاء ورتبه ترتيب " الصحاح "

(1)

.

160 -

" المبتدي " للحلواني (439 - 505 هـ)

محمد بن علي بن محمد بن عثمان بن المراق الحلواني، أبو الفتح، الفقيه الزاهد. كان مشهوراً بالورع الثخين، والعلم المتين.

وكتاب المبتدي اسمه: " كفآية المبتدي " في الفقه ويقع في مجلد، وله كتاب آخر في أصول الفقه في مجلدين

(2)

.

161 -

" المترجم " لأبي إسحاق الجوزجاني (ت 259 هـ)

إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي الجوزجاني، أبو إسحاق، محدث الشام وأحد الحفاظ المصنفين المخرجين الثقات، نسبته إلى جوزجان من كور بلخ بخراسان، ومولده فيها، رحل إلى مكة، ثم إلى البصرة، ثم الرملة، وأقام في كل منها مدة، ونزل دمشق فسكنها إلى أن مات. ذكره أبو بكر الخلال فقال:" جليل جداً، كان أحمد بن حنبل يكاتبه ويكرمه إكراماً شديداً ".

(1)

مصادر ترجمته: " الدرر الكامنة ": 4: 262، و" فوات الوفيات ": 2: 265، و" بغية الوعاة ": 106، و" مرآة الجنان ": 4: 251، و" شذرات الذهب ": 6: 26، و" حسن المحاضرة ": 1: 219.

(2)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 408، و" الذيل على طبقات الحنابل ": 1: 106، و" مختصرة ": 11، و" المنهج الأحمد ": 2: 224، ومختصره ": 58، و" المنتظم ": 4: 7149، و" الوافي بالوفيات ": 4: 149.

ص: 110

له " كتاب في الجرح والتعديل "، و" كتاب في الضعفاء ". وكتابه هذا " المترجم " قال عنه ابن كثير:" وفيه علوم غزيرة وفوائد كثيرة "

(1)

.

162 -

" المحرر " للمجد ابن تيمية (590 - 653 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " شرح الهدايه " ص: 96.

163 -

" مختصر أخبار المدينة " لأبي بكر ابن المراغي (727 - 816 هـ)

أبو بكر بن الحسين بن عمر بن محمد بن يونس بن أبي الفخر بن محمد بن عبد الرحمن القرشي، العبشمي، الأموي، العثماني، المراغي، المصري، الشافعي، نزيل المدينة، مؤرخ، فقيه، ولد بالقاهرة ونشأ بها، وتحول من القاهرة إلى الحجاز، فاستوطن المدينة خمسين سنة، وولي قضاءها وخطابتها وإمامتها سنة (809 هـ)، وصرف بعد سنة ونصف، وأقام بمكة سنتين، ومات بالمدينة في ذي الحجة. من مؤلفاته:" تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة ". وهو كتاب مطبوع في تاريخ المدينة، ولعله المقصود هنا.

و" الوافي بتكملة الكافي لشرح الإسنوي على منهاج الطالبين " في فروع الفقه الشافعى، و" روائح الزهر " وهو مختصر للزهر الباسم في السيرة النبوية. . . وغير ذلك

(2)

.

164 -

" مختصر ابن رزين " لابن رزين (ت 656 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " شرح ابن رزين " ص: 92.

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 1: 98، و" المنهج الأحمد ": ا: 271، و" معجم البلدان ": 3: 167، و" البداية والنهاية ": 11: 31، و" تهذيب ابن عساكر ": 2: 31، و" تذكره الحفاظ ": 2: 117، و" تهذيب التهذيب ": ا: 181، و" شذرات الذهب ": 2: 139.

(2)

مصادر ترجمته: " الضوء اللامع ": 11: 28 - 31، و" شذرات الذهب ": 7: 120، و" النجوم الزاهرة ": 14: 125.

ص: 111

وله عدد من المختصرات منها: اختصار للمغني أسماه: " التهذيب " في مجلدين، واختصار للهدآية لأبي الخطاب، و" تعليقة في الخلاف " مختصرة.

ولا ندري أي مختصر يقصد مؤلفنا ابن النجار الفتوحي: مختصر " المغني "، أم مختصر " الهداية "؛ الله سبحانه أعلم.

165 -

" مدارج السالكين " لابن القيم (691 - 751 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " أعلام الموقعين " ص: 57. وكتابه هذا: " مدارج السالكين في شرح منازل السائرين " يقع في ثلاثة أجزاء، وقد طبع بالقاهرة في عام 1333 هـ.

وطبع ثانية في مطبعة انصار السنة المحمدية سنة 1375 هـ بتحقيق محمد حامد الفقي.

166 -

" المراسيل " لأبي داود السجستانى (202 - 275 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه " السنن " ص: 87. واما كتاب: " المراسيل " فقد طبع في باكستان بمطبعة إيجو كيشنل بريس بكراتشي، بعناية محمد ذكي.

167 -

" المسائل " لصالح بن الإمام أحمد بن حنبل (203 - 265 هـ)

صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل أبو الفضل، أكبر أولاد الإمام أحمد. كان سخياً صدوقاً ثقة، وقد روى عن أبيه، وقد ولي قضاء طرسوس وأصفهان

(1)

.

168 -

" مسائل حرب "(000 - 280 هـ)

حرب بن إسماعيل بن خلف الحَنْظلي الكرمانى، أبو محمد وقيل أبو عبد الله. نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة. قال ابن يعلى: كان حرب فقيه البلد، وكان السلطان قد جعله على أمر الحكم

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة " 1: 173 - 175، و" سير أعلام النبلاء " 12:529.

(2)

مصادر ترجمته: " تهذيب تاريخ دمشق " 44: 101 - 103، و" طبقات الحنابلة " 1: 145،=

ص: 112

169 -

" مسبوك الذهب " لأبي الفرج ابن الجوزي (ت 597 هـ) سبق التعريف به عند ذكر كتابه: " أسباب الهداية " ص: 55، وله عدة كتب نقل عنها ابن النجار. وكتابه:" مسبوك الذهب " اسمه: " مسبوك الذهب في المذهب " في الفروع ويقع في نحو مجلد.

170 -

" المستدرك " للحاكم النيسابوري (321 - 405 هـ)

سبقت ترجمته عند ذكر كتابه " تاريخ نيسابور " ص: 65.

171 -

" المسند " للإمام أحمد بن حنبل (164 - 241 هـ) أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيبانى: إمام أهل السنة، صاحب المذهب، وأحد الأئمة الأربعة، امتحن في مسألة القول بخلق القرآن وسجن ثمانية عشر شهراً لمّا لم يُجب إلى هذه الفتنة، له عدد من المصنفات، منها:" المسند "، و" المناسك "، و" التفسير " و" التاريخ "، وغيرها من الكتب. صنف ابن الجوزي " مناقب الإمام أحمد بن حنبل "

(1)

.

172 -

" المسند " للحميدي (. .- 219 هـ)

عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الحميدي الأسدي أبو بكر، تفقه بالشافعي، وذهب معه إلى مصر. قال أحمد بن حنبل: الحميدي عندنا إمام جليل

(2)

.

و" مختصره " 103، و" المنهج الأحمد " 1: 394، و" سير أعلام النبلاء " 13: 244، و" شذرات الذهب " 2:176.

(1)

مصادر ترجمته: " الطبقات الكبرى لابن سعد " 7: 354 - 355، و" التاريخ الصغير " للبخاري 2: 375، و" طبقات الحنابلة " 4: 20، و" تاريخ بغداد " 4: 412 - 423، و" وفيات الأعيان " 1: 17، و" تذكرة الحفاظ " 2: 431 - 432، و" سير أعلام النبلاء " 11: 177 - 358، و" البداية والنهاية " 10: 325 - 343، و" شذرات الذهب " 2: 96 - 98.

(2)

مصادر ترجمته: " طبقات الشيرازي " ص: 99، و" مناقب الشافعي " 2: 326، و" طبقات السبكى " 2: 140، و" سير أعلام النبلاء " 10:616.

ص: 113

173 -

" مسند الشافعى "(150 - 204 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " الأم " ص: 60. و" كتاب المسند " هذا يحوي أحاديث سمعها أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم المتوفى سنة (346 هـ) من الربيع بن سليمان المرادي المؤذن المتوفى سنة (270 هـ) في ضمن كتب " الأم " وغيرها التي سمعها مباشرة من الإمام الشافعي رضي الله عنه غير أحاديث سمعها بواسطة البويطي-. وقد دون هذه الأحاديث أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر النيسابوري المتوفى سنة (340 هـ) صاحب الأصم، وكان جمعه لتلك الأحاديث لشيخه بطلبه. وقيل: أن جمعه كان لنفسه لا لشيخه. ويقال: أن الجامع هو الأصمّ نفسُه. والله أعلم

(1)

.

وقد رتب " المسند " على أبواب الفقه مع شرحه إلى نصفه الشيخ محمد عابد السندي المتوفى سنة (1257 هـ).

174 -

" المسند " لمسدد (في حدود 150 - 228 هـ)

مسدد بن مسرهد بن مسربل الأسدي البصري، الحافظ أبو الحسن، أحد أعلام الحديث.

حدث عنه جويرية بن أسماء، وحماد بن زيد، وأبو عوانة وغيرهم.

وحدث عنه البخاري، وأبو داود وأبو حاتم وغيرهم كثيرون.

قال أحمد بن حنبل: " مسدد صدوق، فما كتبت عنه فلا تعد ".

قال الذهبي في " سير أعلام النبلاء ": " ولمسدد " مسند " في مجلد رواه عنه معاذ بن المثنى، و" مسند " آخر صغير يرويه عنه أبو خليفة، (الفضل بن الحباب الجمعي) "

(2)

.

(1)

" مقدمة ترتيب مسند الإمام الشافعي " ص: 6.

(2)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 1: 341، ومختصره: 248، و" المنهج الأحمد ": 1: 144، و" المقصد الأرشد ": 3: 24، و" طبقات ابن سعد ": 7: 73، و" التاريخ الكبير ": 8: 72، و" التاريخ الصغير ": 2: 357، و" الجرح والتعديل ": 7: 438،=

ص: 114

175 -

" المسند " لابن سنجر (- 258 هـ)

محمد بن عبد الله بن سنجر الجرجانى الحافظ الثقة. له " المسند " في عشرين جزء، و" العين " في ستة أجزأء

(1)

.

176 -

" المسند " ليعقوب بن شيبة (182 - 262 هـ)

هو: يعقوب بن شيبة بن الصلت بن عصفور السَّدُوسي مولاهم البصري الحافظ. ذكره أبو محمد الخلال في " من روى عن أحمد ". قال الذهبي: هو صاحب "المسند الكبير" الذي ما صنف مسند أحسن منه. ولكنه ما أتمه. اهـ

(2)

.

177 -

" المسند " لأبي داود الطيالسي (133 - 204 هـ)

سليمان بن داود بن الجارود، أبو داود الطيالسي. من كبار حفاظ الحديث. قال: أسرد ثلاثين ألف حديث ولا فخر

(3)

.

178 -

" المسند " لأبي يعلى الموصلى (210 - 307 هـ)

أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي الإمام الحافظ المشهور. قال عنه تلميذه الحافظ ابن حبان: هو من المتفنين المواظبين على رعاية الدين، واسباب الطاعة. . . ثم قال: وبينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلام ثلاثة أنفس

(4)

.

179 -

" المسند " لابن رزين (ت؛)

العلاء بن أيوب بن رزين: الإمام المجود الحافظ من أحسن الناس خلقاً. قال يزيد بن محمد الأزدي: كان خاشعاً مخبتاً، من أحسن الناس صوتاً بالقرآن

(5)

.

(1)

= و" الإكمال ": 7: 249، و" التقييد ": 2: 267، و" تذكرة الحفاظ ": 2: 421، و" سير أعلام النبلاء ": 10: 591، و" العبر ": 1: 404، و" تهذيب التهذيب ": 10: 107، و" شذرات الذهب ": 2: 66.

() مصادر ترجمته: " فهرسة ابن خليفة " 142، و" تاريخ جرجان " 337، و" الرسالة المستطرفة "69.

(2)

مصا در ترجمته: " تذكرة الحفاظ " 2: 141، و" النجوم الزاهرة " 3:37.

(3)

مصادر ترجمته: " تاريخ بغداد " 9: 24، و" اللباب " 2:96.

(4)

مصادر ترجمته: " سير أعلام النبلاء " 14: 174 - 182، و" الوافي بالوفيات " 7: 241، و" البداية والنهاية " 11: 130، و" تذكرة الحفاظ " 2: 707 - 708، و" شذرات الذهب " 2: 250، و" العبر " للذهبي 2:354.

(5)

" سير أعلام النبلاء " 13: 355.

ص: 115

180 -

" المسند " لابن شاهين (297 - 385 هـ)

عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين أبو حفص البغدادي الواعظ المحدث المفسر. له: " التفسير الكبير " و" ناسخ الحديث ومنسوخه "، و" تاريخ أسماء الثقات "، و" التاريخ "، وغيرها من المصنفات

(1)

.

181 -

" المسند " للفريابي (120 - 212 هـ)

محمد بن يوسف بن واقد الضبي أبو عبد الله الفريابي: المحدث العابد شيخ الشام. قال البخاري: كان من أفضل أهل زمانه

(2)

.

182 -

" المُطّلِع " لابن أبي الفتح البعلي (645 - 709 هـ)

محمدبن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي الحنبلي، شمس الدين أبو عبد الله: الإمام الفقيه المحدث النحوي اللغوي. قال الذهبي: كان إماماً في المذهب، والعربية، والحديث. غزير الفوائد، متقناً، صنف كتباً كثيرة مفيدة. وكان ثقة صالحاً، متواضعا. . . له:" شرح الألفية لابن مالك "، و" الفآخر في شحر جمل عبد القاهر الجرجانى "، وابتدأ في " شرح الرعاية " لابن حمدان، و" المطلع في أبواب المقنع ". وقد رتبه على ابواب الكتاب لا على حروف المعجم، ثم ذيله بتراجم الأعلام المذكورين في " المقنع ". فهو كـ " المُغْرِب " للحنفية، و" المصباح " للشافعية.

وقد اختصر " المطلع " ابن أبي الفتح عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن إسماعيل شرف الدين الزريرتي البغدادي الفقيه (ت 741 هـ)

(3)

.

(1)

مصادر ترجمته: " البداية والنهاية " 11: 265، و" تذكرة الحفاظ " 3: 987 - 990، و" تاريخ بغداد " 11: 265، و" سير أعلام النبلاء " 16:431.

(2)

مصادر ترجمته: " شذرات الذهب " 2: 28، و" تذكرة الحفاظ " ا: 376، و" تهذيبه "

(3)

مصادر ترجمته: " الشذرات " 6: 20، و" كشف الظنون " 1810، و" ذيل الطبقات " 2:356. وانظر " ذيل الطبقات " 2: 435، و" المدخل " لابن بدران ص: 436 - 437.

ص: 116

183 -

" معالم السنن " للخطابي (319 - 388 هـ)

حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البُستي أبو سليمان، المحدث الرحّال، صاحب التصانيف، له " غريب الحديث "، و" معالم السنن "، و" أعلام السنن "، و" العزلة "، و"الغنية عن الكلام وأهل هـ "، وغير ذلك من المؤلفات

(1)

.

184 -

" المعجم الصغير " للطبراني (. . .- 360 هـ)

سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبرانى أبو القاسم. كان أحد الأئمة والحفاظ في علم الحديث. وله مصنفات كثيره، منها " المعجم الكبير " و" الأوسط " و" الصغير "، و" كتاب الأوائل " و" الأحاديث الطوال " وغير ذلك

(2)

.

185 -

" المعجم الكبير " للطبراني (000.- 360 هـ) انظر ما سبق.

186 -

" معرفة آثار السنن " للبيهقي (384 - 458 هـ)

سبق ترجمته عند ذكر كتابه " السنن الكبرى " ص: 89.

187 -

" المفردات " لابن عقيل (431 - 513 هـ)

سبق التعريف به عند كتابه: " التذكرة " ص: 68، وله أيضاً أكثر من كتاب في مبحثنا هذا. وكتاب " المفردات " هذا كتاب في الفقه.

188 -

" مفردات أبى يعلى " للقاضي أبي الحسين (451 - 526 هـ) "

محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن الفراء القاضي؛ أبو الحسين، ابن شيخ المذهب القاضي أبي يعلى، كان عارفاً بالمذهب، متشدداً في السنة، كثير الحط على الأشاعرة، وكان مفتياً مناظراً.

(1)

مصادر ترجمته: " وفيات الأعيان " 1: 166، و" سير أعلام النبلاء " 17:23.

(2)

مصادر ترجمته: (طبقات الحنابلة " 2: 49، و" المنتظم " 7: 54، و" سير أعلام النبلاء ". 16: 119، و" المنهج الأحمد " 2: 46.

ص: 117

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " التمام " ص: 72.

له تصانيف كثيرة في الأصول والفروع منها: " المجموع في الفروع "، و" المفردات في الفقه "، و" المفردات في أصول الفقه "، و" أيضاًح الأدلة في الرد على الفرق الضالة المضلة "، و" طبقات الحنابلة ". وغير ذلك.

دخل عليه بعض خدمه وهو نائم في بيته، فأخذوا ماله وقتلوه سنة (526 هـ).

وابن النجار الفتوحي الحنبلي نص في نقله عن " مفردات أبي يعلى " في موضعين، أحدهما في الجزء الثانى، والآخر في الجزء الرابع، انه " أبو يعلى الصغير " وأبو يعلى الصغير هو ابن المذكور (ت 560 هـ)، ولم أجد في مصنفاته كتاباً بعنوان " المفردات " فلعله وهم من الناسخ أو المؤلف، أو يكون المؤلف أسماه هكذا على أساس أن أبا يعلى القاضي ابن الفراء والد الشهيد وجد الصغير هو الكبير، وأطلق على ابنه الشهيد صاحب " المفردات " الصغير، والله أعلم بالصواب

(1)

.

189 -

" الممتع فيي شرح المقنع " لابن منجى التنوخي (631 - 695 هـ)

المنجى بن عثمان بن أسعد بن المنجى التنوخي، الحنبلي، الدمشقي، الأصولي، المفسر، النحوي. ممن انتهت إليه الرئاسة في المذهب أصولا وفروعا، مع التبحر في العربية والبحث. كان وقورا جليل القدر، توفي بدمشق. وقد نهج في شرحه هذا انه ذكر دليل كل حكم وصححه. وطريقته انه يذكر المسألة من " المغني " ويبين دليلها، ويحقق المسائل والروايات، ولم يتعرض لغير مذهب الإمام.

وقد طبع بتحقيقنا في ستة مجلدات. ونشرته مطبعة النهضة عام 1417 هـ - 1996 م

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 1: 176، ومختصره: 19، و" المنهج الأحمد ": 2: 275، ومختصره: 64، و" المقصد الأرشد ": 2: 499، و" المنتظم ": 10: 29، و" التقييد ": 1: 104، و" العبر ": 4: 69، و" الوافي بالوفيات ": 1: 159، و" مرآة الجنان ": 3: 252، و" الشذرات ": 4: 79.

(2)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 2: 332، ومختصره: 87، و" المنهج الأحمد ": =

ص: 118

190 -

" المناسك " للإمام أحمد بن حنبل (164 - 241 هـ)

سبق التعريف به عند كتابه " المسند " ص: 113.

191 -

" المناسك " لحنبل (5 5 5 - 273 هـ)

حنبل بن إسحاق بن حنبل، ابن عم الإمام أحمد. سمع " المسند " كاملا مع ولدي الإمام أحمد منه. له بالإضافة إلى كتاب " المناسك ":" المسائل " و" التاريخ "

(1)

.

192 -

" منتخب الأدمي " لأحمد بن محمد الأدمي (237 - 327 هـ)

أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي، المقرئ، حدث عن الفضل بن زياد صاحب الإمام أحمد، وروى عنه. قال: سمعت أبا عبد الله يقول: من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة.

قال المرداوي في مقدمة " الإنصاف "

(2)

: " فمما نقلت منه من المتون. . . و" المنتخب " للشيخ تقي الدين أحمد بن محمد الأدمي البغدادي ". وقد نقل ابن النجار الفتوحي في كتابه: " شرح الكوكب المنير "

(3)

عن " منتخب الأدمي " في الاستثناء، وانه " يصح استثناء النصف "

(4)

.

193 -

" منتهى الغاية في شرح الهداية " لأبي الخطاب (432 - 510 هـ)

سبقت ترجمته عند ذكر كتابه: " الانتصار في المسائل الكبار " ص: 61. 406، ومختصره: 129، و" المقصد الأرشد ": 3: 41، و" الدليل الشافي ": 2: 743، و" شذرات الذهب ": 5: 433، و" هدية العارفين ": 2: 472، و" البدايه والنهاية ": 13: 345، و" الدارس ": 1: 75، 2: 73.

(1)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة " 1: 143، و" المنتظم " 5: 89، و" سير أعلام النبلاء " 13: 51، و" المنهج الأحمد " 1:166.

(2)

" مقدمه الانصاف " 1: 14.

(3)

" شرح الكوكب المنير " 2: 307.

(4)

مصادر ترجمته: " طبقات الحنابلة ": 2: 15، ومختصره: 297، و" المنهج الأحمد ": 2: 22، ومختصره: 40، و" المقصد الأرشد ": 1: 168، و" تاريخ بغداد ": 4: 389، و" غاية النهاية ": 1: 106.

ص: 119

194 -

" الموازية " لمحمد بن المواز (ت 281 هـ)

محمد بن إبراهيم بن زياد المواز، أبو عبد الله، فقيه مالكي، من أصل الاسكندرية، أخذ عن أصبغ بن الفرج، وعبد الله بن الحكم، وانتهت إليه رئاسة المذهب في عصره، وتوفي في دمشق لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة (281 هـ).

من تصانيفه: " الموازية ". قال الزركلي في " الأعلام ": " توجد منه قطعة على الرق في 16 ورقة، في فقه الإمام مالك في خزانة محمد الطاهر بن عاشور بتونس "

(1)

.

195 -

" الموضوعات " لابن الجوزي (508 - 597 هـ)

سبق التعريف به عند ذكر كتابه " أسباب الهداية " ص: 55.

196 -

" نظم المفردات " لابن عبد القوي (635 - 699 هـ)

محمد بن عبد القوي بن بدران بن عبد الله المقدسي، شمس الدين أبو عبد الله، الفقيه المحدث. كان شيخا فاضلا في الفقه والنحو واللغة، كثير المحفوظ. له مؤلفات عدة من أشهرها:" منظومة الأدب "، و" منظومة مفردات المذهب "، و" مختصر في طبقات أصحاب الإمام أحمد " وغير ذلك

(2)

.

197 -

" النهاية " لأبي المعالي (519 - 606 هـ)

تقدمت ترجمته عند ذكر كتابه " الخلاصة " ص: 79. وكتابه: " النهاية

(1)

مصادر ترجمته: " الديباج " لابن فرحون: 232، و" شذرات الذهب ": 2: 177، و" مرآة الجنان " لليافعي: 2: 194، و" الوافي بالوفيات ": 1: 335، و" الأعلام " للزركلي: 5: 294، و" معجم المؤلفين ": 8: 200 ..

(2)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 2: 342، ومختصره: 89، و" المقصد الأرشد ": 2: 495، و" المقتفى " للبرزالي: 2: 5، و" المعجم المختص " للذهبي: 78، و" العبر ": 7: 03 4، و" تذكرة الحفاظ ": 4: 1486، و" الوافي يالوفيات ": 3: 278، و" برنامج الوادي آشى ": 128، و" طبقات النحاة واللغويين ": 1: 170، و" النجوم الزاهرة ": 8: 192، و" بغية الوعاه ": 1: 161، و" الدارس في تاريخ المدارس ": 2: 83، و" الشذرات ": 5: 452.

ص: 120

في شرح الهداية " يقع في بضعة عشر مجلدا.

198 -

" نوادر المذهب " لابن الحبيشي (583 - 678 هـ)

يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح بن رافع الحرانى، أبو ركريا جمال الدين الحبيشي، ويعرف أيضاً بـ " ابن الصيرفي ". فقيه حنبلي، إمام. أحد مشايخ الإسلام، ونقل عنه صاحب " الفروع " في كتاب الجنائز: في باب عيادة المريض، ولد بحران، وسافر إلى الموصل وبغداد، واستقر بدمشق وتوفي بها. له مصنفات منها:" عقوبات الجرائم "، و" نوادر المذهب "، و" انتهاز الفرص فيمن أفتى بالرخص "

(1)

.

199 -

" الواضح " لابن عقيل (431 - 513 هـ)

علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي، المقرئ، أبو الوفاء. سبق ترجمته عند ذكر كتابه:" التذكرة " ص: 68 من هذا المبحث.

و" كتاب الواضح " هذا في أصول الفقه من الكتب المهمة جداً، ويقع في مجلدين ضخمين، وقد حقق غالبه في جامعه أم القرى.

200 -

" الوظائف " لأبي موسى المديني (000 - 581 هـ)

محمد بن عمر بن أحمد الأصبهانى المديني أبو موسى: من حفاظ الحديث

(2)

.

(1)

مصادر ترجمته: " ذيل طبقات الحنابلة ": 2: 295، و" شذرات الذهب ": 5: 363، و" هدية العارفين ": 2: 525، و" المدخل " لابن بدران: 419 - 420، و" الأعلام " للزركلي: 8: 173، و" معجم المؤلفين ": 13: 233.

(2)

مصادر ترجمته: " وفيات الأعيان " 1: 486، و" سير أعلام النبلاء " 21: 152، و" طبقات الشافعية " 4:90.

ص: 121

‌المبحث الخامس

وصف النسخ الخطية للكتاب

ص: 123

وصف النسخ الخطية للكتاب

وقفت على ثلاث نسخ خطية للكتاب؛ بالإضافة إلى الجزء الأول فقط من نسخة رابعة لا يوجد باقيها، وقطعة من الجزء الأول: ووصف النسخ كالآتى:

النسخة الأولى:

مصورة المخطوطة الموجودة بمكتبة جامعة برنستون. وهي لكامل الكتاب، وتتكون من ثلاثة أجزاء، وهي النسخة التي اعتمدتها أصلاً في عملي في تحقيق ودراسة هذا الكتاب ورمزت لها بنسخة (أ):

الجزء الأول منها: برقم (2606) وعدد أوراقها 336 ورقة. كل ورقة تتكون من صفحتين (وجه وظهر) ومسطرة الصفحة (29) سطراً، ومتوسط كلمات السطر 15 كلمة، ويرجع خطها إلى القرن الحادي عشر تقريبا، ولم يذكر فيها اسم ناسخها أو تاريخ نسخها، وخطها (نسخ جيد) وتبدأ بأول الكتاب (مقدمة المؤلف)، وتنتهي بحكم من جاءت بأمان فحصل له ذرية ثم نقض العهد من باب في أحكام أهل الذمة الواجبة على الإمام، من كتاب الجهاد.

والجزء الثانى: برقم (2439) وعدد أوراقها 300 ورقه كل ورقة تتكون من صفحتين (وجه وظهر) ومسطرة الصفحة (35) سطراً، ومتوسط كلمات السطر 20 كلمة، وتاريخ نسخها (1025 هـ)، وذكر أن ناسخها (صالح القبانى الشافعي المدنى) وخطها (نسخ واضح) وتبدأ بكتاب البيع، وتنتهي بحكم ما لو وطئ أحد اثنين أمتهما من باب أحكام أم الولد من كتاب العتق. وهذا الجزء كان من ممتلكات ابن المصنف وكتب على غلافه بخط يده تملك

ص: 125

وأوقفه لطلبة العلم، حيث ورد ما نصه: " يقول كاتبه عثمان بن أحمد ابن شيخ الإسلام تقي الدين محمد الفتوحي مصنف هذا الكتاب، أن حبس وسبل هذا الجزء والذي بعده لله تعالى على الشيخ الفاضل محفوظ ابن الشيخ مجد الدين] على نفسه [وعلى اولاده وذريته ونسله من الحنابلة وعلى طلبة العلم الشريف، وجعلت النظر على ذلك للشيخ محفوظ وذريته من الحنابلة ثم بعدهم لمن يكون شيخ الحنابلة بدمشق الشام.

حررت في سادس عشر لشهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وألف. كاتبه الفقير عثمان الحنبلي ". والجزء الثالث: برقم (2606) وعدد أوراقها 359 ورقة، كل ورقة تتكون من صفحتين (وجه وظهر) ومسطرة الصفحة (29) سطراً، ومتوسط كلمات السطر 14 كلمة، ويرجع خطها إلى القرن الحادي عشر تقريبا، ولم يذكر فيها اسم ناسخها أو تاريخ نسخها، وخطها (نسخ معتاد). وتبدأ بكتاب النكاح وتنتهي بنهاية الكتاب، وقد ختمت بالاتي: " وهذا آخر الكتاب والحمد لله الفتاح العليم الوهاب وصلى الله على سيدنا محمد الذي حارب بالحق المبين وعلى اله وصحبه أجمعين. آمين ".

النسخة الثانية:

مصورة المخطوطة الموجودة بالمكتبة الأزهرية تحت رقم (3: 4226)، وهي لكامل الكتاب وهي النسخة التي اعتبرتها أصلاً ثانيا للكتاب ورمزت إليها بنسخة (ب). وهي نسخة دقيقة، يقل فيها السقط والتحريف. وقد تم مقابلتها. حيث جاء في هامش ورقة 216 من الجزء الأول: بلغ مقابلة. وتتكون من ثلاثة أجزاء، ومسطرة الصفحة (35) سطراً، ومتوسط كلمات السطر 18 كلمة، ولم يوضح في أجزأء هذه النسخ اسم ناسخ أو تاريخ نسخ، وهي بخط نسخ معتاد. إلا أن الجزء الأول منها ناقص من أوله 100 ورقة.

الجزء الأول منها: عدد أوراقه 210 ورقة، كل ورقة تتكون من صفحتين، ويبتدئ بقوله:" البدن أو الثوب حتى يتيقن غسلها. . . " من باب كيفية إزالة

ص: 126

النجاسة، من كتاب الطهارة. وينتهي بنهاية كتاب الجهاد.

الجزء الثانى منها: عدد أوراقه 327 ورقة، كل ورقة تتكون من صفحتين، ويبتدئ بكتاب البيوع، وينتهي بنهاية كتاب العتق.

الجزء الثالث منها: عدد أوراقه 275 ورقة، كل ورقة تتكون من صفحتين، يبتدئ بكتاب النكاح، وينتهي بنهاية الكتاب.

النسخة الثالثة:

مصورة المخطوطة الموجودة بالمكتبة الأزهرية، وهي لكامل الكتاب. وتتكون من أربعة أجزأء:

الجزء الأول منها: برقم (574: 47812) وعدد أوراقه 406 ورقة، كل ورقة تتكون من صفحتين (وجه وظهر) ومسطرة الصفحة (25) سطراً، ومتوسط كلمات السطر 10 كلمات، وتاريخ نسخها (1284 هـ)، وذكر أن نساخها (محمد برعي السقطي الشافعي) وخطها نسخ عادي. وتبدا من أول الكتاب) مقدمة المؤلف) وتنتهي بفصل في حكم صدقة التطوع والمن بها، من باب في بيان أصناف الزكاة الثمانية والأحكام المتعلقة بها من كتاب الزكاة.

والجزء الثاني: برقم (574: 47812) وعدد أوراقه 429 ورقة، كل ورقة تتكون من صفحتين (وجه وظهر)، ومسطرة الصفحة (25) سطراً، كلمات السطر (10) كلمات، ولم يذكر فيها اسم ناسخ أو تاريخ نسخ، وخطها (نسخ واضح). وتبدأ بكتاب الصيام وتنتهي بحكم قتل الصائل والخنزير وإتلاف المزمار ونحوه من كتاب الغصب.

والجزء الثالث: برقم (574: 47812) وعدد أوراقه 390 ورقة، كل ورقة تتكون من صفحتين (وجه وظهر)، ومسطرة الصفحة) 25) سطراً، كلمات السطر الواحد 12 كلمة، ولم يذكر فيها اسم ناسخ أو تاريخ نسخ، وخطها (نسخ معتاد). ويبدأ بباب الشفعة وأحكامها، وينتهي ببداية فصل في القسم بين الزوجات من باب عشرة النساء من كتاب الصداق، وناقص من نهايته حتى نهاية كتاب الصداق، وكتاب الخلع بأكمله، ومن أول كتاب الطلاق وحتى نهاية فصل

ص: 127

في أدوات الشرط الست المستعملة في الطلاق والعتاق.

والجزء الرابع: برقم (574) وعدد أوراقه 429 ورقة، كل ورقة تتكون من صفحتين (وجه وظهر)، ومسطرة الصفحة (25) سطراً، كلمات السطر 12 كلمة، ولم يذكر فيها اسم ناسخ أو تاريخ نسخ، وخطها (نسخ معتاد). ويبدأ بفصل في حكم ما لو قال عامي:" أن قمت- بفتح الهمزة- فاًنت طالق "، ويبدو انه مبتور من اوله ولا يتضح قدر النقص حيث أن النقص حاصل في نهاية الثالث أيضاً وقد وضحت ذلك، وينتهي بنهاية الكتاب.

النسخة الرابعة:

لا يوجد من هذه النسخة سوى الجزء الأول فقط، وهي مصورة عن النسخه الموجودة بالمكتبة المحمودية بالمدينة المنورة تحت رقم (1431)، وتبدأ باًول الكتاب وتنتهي بحكم من جاءت بأمان فحصل له ذرية ثم نقض العهد. وعدد أوراقها 267 ورقة، تتكون كل ورقة من صفحتين (وجه وظهر)، وسطر الصفحة 31 سطراً، وكلمات السطر 25 كلمة. وقد ذكر أن ناسخها (عبد الله بن محمد بن بسام)، وتاريخ نسخها (1039 هـ)، وهي بخط (نسخ معتاد). وتبدأ ببداية الكتاب ومقدمة المؤلف وتنتهي بنهاية كتاب الجهاد، بحكم من جاءت بأمان فحصل له ذرية ثم نقض العهد. وقد استفدت من هذا الجزء في المقابلة.

النسخة الخامسة:

هي نسخة خطية لجزء من الكتاب عثرت عليها ضمن مقتنيات والدي، وكتب عليها تعليقاًت بخطه. وغالبا نسخت له وبأمره. وتبدأ من أول الكتاب وتنتهي بالأوقات التي يكره فيها الصلاه (فصل: ويكره فيها أي في الصلاة الالتفات. . . إلخ). وعدد أوراقها 192 صفحة. كل صفحة تحتوي على 27 سطر، وعليها تعليقاًت بخط الوالد أيضاً في الورقة الأخيرة. وذلك في عام 1363 هـ.

وبعد أن انتهيت من إعداد هذه الطبعة وقفت على نسخة خطية أخرى. وهذه النسخة هي من محفوظات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.

ص: 128

ناسخها أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد السفطي، وهي بخط نسخ معتاد، وتاريخ نسخها 1025 هـ. وتقع ضمن ثلاثة أجزأء:

الجزء الأول منها برقم (949)، وعدد أوراقه 346 ورقة، ويبتدئ ببداية الكتاب (مقدمة المؤلف)، وينتهى بنهاية كتاب الجهاد.

والجزء الثاني منها برقم (950)، وعدد أوراقه 381، ويبتدئ بكتاب البيوع، وينتهى بنهاية كتاب العتق.

والجزء الثالث منها برقم (951)، وعدد أوراقه 338، ويبتدئ بكتاب النكاح، وينتهي بنهاية الشرح.

وبعد الاطلاع عليها لم أر فيها جديداً يمكن أن يفيد الكتاب، لذلك فقد تم الاكتفاء بمقابلة الكتاب على النسخ أنفة الذكر.

ص: 129

نماذج من المخطوطات

ص: 131

الصفحة الأولى من نسخة جامعة برنستون (الجزء الأول) والمرموز لها بـ (أ)

ص: 132

الصفحة الأولى من نسخة جامعة برنستون (الجزء الثاني) والمرموز لها بـ (أ)

ص: 133

صفحه العنوان من نسخة جامعة برنستون (الجزء الثالث) والمرموز لها بـ (أ)

ص: 134

صفحه العنوان من نسخة المكتبة الأزهرية (الجزء الثانى) والمرموز لها بـ (ب)

ص: 135

الصفحة الأولى من نسخة المكتبة الأزهرية (الجزء الثانى) والمرموز لها بـ (ب)

ص: 136

الصفحة الأولى من نسخة المكتبة الأزهرية الثانية (الجزء الأول) والمرموز لها بـ (ج)

ص: 137

الصفحة الأخيرة من نسخة المكتبة الأزهرية الثانية (الجزء الرابع) والمرموز لها بـ (ج)

ص: 138

صفحة العنوان من نسخة المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة (الجزء الأول)

ص: 139

الصفحة الأخيرة من نسخة المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة (الجزء الأول)

ص: 140

الصفحة الأولى من نسخة الوالد والمرموز لها بـ (د)

ص: 141

الصفحة الأخيرة من نسخة الوالد والمرموز لها بـ (د)

ص: 142

معونة أولي النهى

شرح منتهى الإرادات

تصنيف

ابن النجّار الفُتُوحي الحنبلي

898 -

972 هـ

النص المحقق

ص: 143

بسم الله الرحمن الرحيم

[مقدمة]

[وهو حسبي ونعم الوكيل]

(1)

.

الحمد لله ذي الإكرام والجلال، المبين على لسان نبيه ما حرم من حرام وما أحل من الحلال، المنزه عما لا يليق به من الخلال، الذي ليس لخلقه بذاته اتصال، ولا لعقولهم في حقيقة معرفته مجال، المرشد إلى التفقه في الدين من

اختاره من النساء والرجال. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المحمود على كل حال، شهادة أدخرها إلى يوم توزن الأعمال وتسير الجبال، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله؛ خير بني ادم وأرفعهم مقاما، وأفصحهم فى المقال. صلى الله عليه وعلى صحبه واله خير صحب وآل، صلاة وسلاما دائمين متلازمين من غير زوال.

أما بعد: فان الاشتغال بالعلم من أفضل الأعمال خصوصاً علم الفقه المتعلق

بأحكام الحرام والحلال. وقد كنت ألفت

(2)

كتابا فيه على مذهب الإمام المبجل، والحبر المفضل أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانى رضى الله تعالى عنه وأرضاه، وجعل الجنة متقلبه ومثواه. جمعت فيه بين " المقنع " و" التنقيح المشبع " الذي هو تصحيح عليه، وزدت على مسائلهما ما ظهر لي انه من المحتاج إليه، لكنني لما بالغت في اختصار ألفاظه، صارت

(1)

زيادة من أ.

(2)

في ج: وقد كتبت.

ص: 145

ألفاظه، على وجوه عرائس

(1)

معانيه كالنقاب. فاحتاجت إلى شرح يبرزها لمن يريد إبرازها من الطلاب والخطاب. فتصديت لكتاب يشرحه شرحاً يبين حقائقه ويوضح معانيه ودقائقه

(2)

. راجيا من الله تعالى جزيل الثواب في يوم المرجع والمآب.

(بسم الله الرحمن الرحيم): ابتدأت بها امتثالا، لقوله صلى الله عليه وسلم: " كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بسم الله

(3)

فهو أبتر "

(4)

. والباء متعلقة بمحذوف تقديره: أبدأ.

وانما كان الامتثال الإتيان بهذه الصيغة دون صيغة بالله الرحمن الرحيم " ليكون ذلك اقتداء بكتاب الله سبحانه وتعالى، وللتبرك بذكر اسمه، وللفرق بين التيمن واليمين.

والله: علم على الذات يوصف ولا يوصف به.

والرحمن الرحيم: اسمان بنيا للمبالغة من رحم " كالغضبان من غضب، والعليم من علم. والرحمن أبلغ من الرحيم، لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى.

وانما قدم والقياس يقتضي الترقي، لأنه صار كالعلم من حيث انه لا يوصف به غيره، لأن معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها. وذلك لا يصدق على غيره، أو لأن الرحمن لما دل على جلائل النعم وأصولها ذكر الرحيم " ليتناول ما خرج منها فتكون كالتتمة.

(أحمد الله) أي أصفه بجميع صفاته التي كل منها جميل. فان رعاية الجميع أبلغ في التعظيم المراد بقولي أحمد " لأن هذه الصيغة تدل على إيجاد الحمد الذي هو الثناء على الله بجميع المحامد لا الإعلام

(5)

بذلك.

(1)

في ج: غير آيس.

(2)

جاء في هامش ج ما نصه: جمع دقيقة، وهي المسألة الغامضة. من دق الشيء، صار دقيقا، أي غامضا. اهـ. والمراد بذلك شرح لكلمة دقائقه.

(3)

في ج: ببسم الله الرحمن الرحيم.

(4)

أخرجه أحمد في " مسنده "(8697) 2: 359 من حديث أبي هريره رضي الله عنه.

(5)

في هامش ج: أي الإخبار.

ص: 146

وانما أتيت بلفظ الجلالة دون بقية الأسماء كالحي والقيوم " لئلا يتوهم اختصاص استحقاقه الحمد بذلك الوصف؛ كالحياة والقيومية دون غيره. (وحق) بضم الحاء (لي أن أحمد). أي أنا جدير بأن أحمد الله سبحانه وتعالى؛ لتواتر نعم الله سبحانه وتعالى التي لا تحصى علي، ومنها تأهيلي للاشتغال بالعلم المنتفع به امتثالا لقوله سبحانه وتعالى:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11].

ولما كان الحمد على النعمة واجباً بدأت به.

ثم قلت: (وأصلي وأسلم على خير خلقه أحمد) امتثالا لقوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

فمعنى وأصلي أي أقول: اللهم صل على النبي. ومعنى وأسلم أي أقول السلام عليك أيها النبي. وفي ذلك إشارة إلى الاعتناء بإظهار شرفه وتعظيم شانه.

وهذا من رفع ذكره المخبر به في قوله سبحانه وتعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}

[الشرح: 4].

قال الأزهري: ومعنى الصلاة من الله سبحانه وتعالى: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار، ومن الآدمي: التضرع والدعاء.

وقال أبو العالية: صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء.

وتستحب الصلاة عليه بتآكد، وتتآكد كلما ذكر. وقيل: بوجوب الصلاة عليه كلما ذكر اسمه.

(وعلى آله). وفيهم أقوال:

أحدها: انهم الأتقياء من أمته.

والثانى: انهم أقاربه المؤمنون من بني هاشم والمطلب ابني عبد مناف.

ص: 147

والثالث: انهم أتباعه على دينه. وهذا الصحيح عند الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه

(1)

.

(و) على (صحبه). وهم: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا ولو ارتد ثم اسلم ومات على إيمانه.

(و) على (تابعيهم) أي تابع الصحب (على المذهب) أي على المعتقد (الأحمد) أي الأرضى لله سبحانه وتعالى.

(وبعد) بالبناء على الضم أي بعد ما ذكر.

(فالتنقيح)، أي: فالكتاب الموسوم بـ " التنقيح "(المشبع في تحرير أحكام المقنع في الفقه) المقرر (على مذهب الإمام المبجل) أى المعظم (ابي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل) بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هِنب- بكسر الهاء - بن أفصى- بالفاء والصاد المهملة- بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان (الشيباني) نسبة لشيبان بن ذهل بن ثعلبة المذكور (رضي الله تعالى عنه: قد كان المذهب)، أى الطريقة المنسوبة إلى الإمام المتقدم

(2)

ذكره في أحكام أفعال المكلفين (محتاجا إلى مثله)، أي مثل " التنقيح "؛ فانه صحح ما أطلقه الشيخ الموفق في " المقنع " من الروايتين أو الروايات، ومن الوجهين أو الأوجه، وقيّد ما أخل به من شرط، وفسر ما فيه من إبهام في حكم أو لفظ، واستثنى من عموم ألفاظه ما هو مستثنى على المذهب، حتى خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وما هو مقيد للإطلاق، وكمّل على بعض فروع مسائله ما هو مرتبط بها، وزاد عليه مسائل محررة مصححة، فصار تصحيحاً لغالب ما في المطولات.

(1)

في ج: سبحانه وتعالى.

(2)

في ج: المقدم.

ص: 148

وأما ما قطع به الشيخ في " المقنع " من المحكم، أو قدمه، أو صححه، أو ذكر انه المذهب وكان موافقا للصحيح ومفهومه مخالفا لمنطوقه: فانه لم يتعرض إليه غالبا، ولم يذكره في " التنقيح ". فاحتاج من عنده " التنقيح " أن يكون عنده " المقنع ". فلهذا قلت:(إلا انه) أي " التنقيح "(غير مُسْتَغنٍ عن أصله) الذي هو " المقنع ".

(فاستخرت الله) سبحانه و (تعالى أن أجمع مسائلهما)، أي: مسائل الكتابين اللذين هما " المقنع " و" التنقيح "(في) كتاب (واحد) يحيط بهما، (مع ضم ما تيسر عقله من الفوائد) - جمع فائدة- وهي: ما يكون الشيء بها أحسن حالاً منه بدونها (الشوارد) أي المتفرقة إلى مسائل الكتابين. تشبيها بعقل الإبل النافره، وهي أن يشد وظيفها إلى ذراعها؛ لئلا تنفر.

(ولا أحذف منهما) أي من الألفاظ المكتوبة فيهما (إلا) اللفظ (المستغنى عنه): إما للعلم به، أو لكونه زائدا، أو تذكر المسألة بعبارة أخصر من عبارتهما أو عبارة احدهما.

(و) إلا القول (المرجوح وما بني عليه) من فرع.

(ولا اذكر) أي في هذا الكتاب (قولا غير ما قدّم) صاحب " التنقيح " في " التنقيح "(أو صحح في " التنقيح "؛ إلا إذا كان) غير المقدم، أو المصحح (عليه العمل)، أي عمل الناس في الغالب، أو عمل الحكام من الحنابلة. (أو شُهِرَ)، أي شهره أحد من أصحابنا. (أو قوي الخلاف) بأن اختلف التصحيح ولم يبلغ من صحح الثاني رتبة من صحح الأول في الكثرة أو التحقيق

(1)

، (فربما أشير إليه) ليعلم قائل ذلك وما الناس واقعون فيه، ورتبة المشهور، وما قوي الخلاف فيه.

(وحيث قلت) في مسألة: (قيل) كذا (وقيل) كذا (ويندر ذلك) أي يقل هذا الصنيع في هذا الكتاب؛ (فلعدم الوقوف على تصحيح) لأحد القولين.

(1)

في ج: والتحقيق.

ص: 149

(وان كانا) أي القولان منسوبين الواحد) من الأصحاب، (فلإطلاق احتماليه)، كما لو قال واحد من الأ صحاب: وان فعل كذا فيحتمل الجواز ويحتمل المنع، ولم تنقل المسألة عن غير قائل هذا القول.

(وسميته: منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات)، لأنه لا يراد كتاب أكثر مسائل منه في أقل من لفظه.

(واسأل الله تعالى العصمة)، أى الامتناع بلطفه من الزلل.

(و) أساًل الله سبحانه وتعالى أيضاً (النفع)، أي أن ينفع (به)، أى بهذا الكتاب من يقف عليه طالبا للاستفادة

(1)

، (وان يرحمني) أى يغفر لي (وسائر الأمة) أي أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فانه على ذلك قدير وبالإجابه جدير.

قال القاضى أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف المعروف بابن الفراء شيخ حنابلة زمانه: وانما اخترنا مذهب أحمد على مذهب غيره من الأئمة، ومنهم من هو أسن منه وأقدم هجرة مثل مالك وسفيان وأبي حنيفة؛ لموافقته الكتاب والسنة والقياس الجلي. فانه كان إماما في القرآن، وله فيه التفسير العظيم، وكتب من علم العربية فاطلع به على كثير من معاني كلام الله عز وجل. انتهى.

وقال أبو الحسين ابن المنادي في كتابه الذي صنفه في " فضائل أحمد ": انه صنف " المسند " وهو ثلاثون ألفا، و" التفسير " وهو مائة وخمسون ألفا، و" الناسخ والمنسوخ "، و" التاريخ "، و" المقدم والمؤخر في كتاب الله سبحانه عز وجل "، و" جوابات القرآن "، و" المناسك الكبير، والصغير ". وقال: أن ابنه عبد الله سمع منه جميع ذلك إلا التفسير فانه سمع منه ثمانين ألفا والباقي إجازة.

وروى بسنده إلى الحسين بن إسماعيل انه قال: سمعت أبى يقول: كنا نجتمع في مجلس أحمد زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة

(1)

في ج: للاشتغال.

ص: 150

يكتبون والباقون يتعلمون منه حسن الأدب وحسن السمت. فمن أعيانهم ابناه صالح وعبد الله وأبو بكر الأثرم وأبو بكر المروذي وإبراهيم الحربي وأبو زرعة الرازي وأبو زرعة الدمشقي وأبو داود السجستاني وغير ذلك.

واما سنه فقال عبد الله: سمعت أبي يقول: ولدت في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة.

قال عبد الله: ومات رحمه الله في ربيع الآخر لاثنتي عشرة ليلة خلت منه سنة إحدى وأربعين ومائتين. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 151

[كتاب الطهارة]

هذا (كتاب) أي: مكتوب، جامع لأحكام المسائل التي تتعلق بالطهارة في هذا التأليف، وما يوجبها، وما يتطهر به، وما هو في نحو ذلك.

وانما بدأ الفقهاء كتبهم بأحكام الطهارة؛ لأن آكد أركان الدين بعد الشهادتين الصلاة، المشترط لها الطهارة. والشرط مقدم على المشروط. وبدؤوا بربع العبادات تقديما للأمور الدينية على الدنيوية. وقدموا ربع المعاملات على النكاح وما يتعلق به؛ لأن من أسباب المعاملات الأكل والشرب ونحوهما وذلك ضروري يستوي فيه الكبير والصغير، وشهوته مقدمة على شهوة النكاح. وقدموا النكاح على الجنايات والحدود والمخاصمات؛ لأن وقوع ذلك في الغالب انما هو بعد الفراغ من شهوة البطن والفرج.

ثم (الطهارة) مصدر ظهر- بضم الهاء-، ولا يتعدى إلا بالتضعيف.

وأما مصدر ظهر- بفتح الهاء- فهو الطُّهر- بضم الطاء-.

ومعناها لغة النظافة والنزاهة عن الأقذار.

وشرعاً: - وكلام الفقهاء مبني عليه - (ارتفاع) مصدر ارتفع ليطابق المفسر المفسر في اللزوم (حدثٍ). وسيأتي في- المتن معنى الحدث.

والمراد بارتفاع الحدث: زوال الوصف الحاصل بالحدث المقتضي للمنع مما تجب له الطهارة؛ كالصلاة والطواف ومس المصحف وقراءة القرآن: بفعل الوضوء أو الغسل.

(وما في معناه) أي معنى ارتفاع الحدث كالغسل للميت؛ لأنه تعبدي لا عن حدث، وما يحصل بالوضوء والغسل المستحبين، وما زاد على المرة في

ص: 153

الوضوء والغسل، وما يحصل بغسل أنثييه بخروج مذي إذا لم يصبهما المذي،

وزوال الحاصل باليدين بنوم الليل الناقض للوضوء، وطهارة المستحاضة، ونحوها.

(بماء) متعلق بارتفاع (طهور مباح). فاستعمال الماء غير الطهور المباح في جميع البدن، أو في اعضاء الوضوء لا أثر له في الطهارة.

(وزوال خبث) أي نجاسة (به) أي: بالماء الطهور (ولو لم يبح)؛ لأن إزالة النجاسات من قسم المتروك.

وتحصل الطهارة به وحده أن لم تكن النجاسة نجاسة كلب أو خنزير أو متولد من أحدهما.

وأشير إلى طهارة هذه النجاسة بقوله: (أو مع تراب طهور أو نحوه) أي: نحو التراب؛ كالأشنان والصابون فلا تطهر باستعمال الماء وحده.

(او) زوال خبث (بنفسه) أى بنفس ذلك النجس.

وصورة ذلك: أن الماء الكثير الطهور إذا سقطت فيه نجاسة، وقلنا انها لا تنجسه إلا أن غيرته فتغير بها، فانا نحكم بنجاسته، ثم إذا زال تغيره بنفسه من

غير إضافة ولا نزح ولا نقل، فقد ظهر وحصلت

(1)

طهارته بنفسه. وكذلك الخمرة إذا انقلبت بنفسها - أي: من غير صنع آدمي- خلاًّ، فانها تطهره فقد حصلت طهارتها بنفسها. (أو ارتفاع حكمهما) أي: الحدث والخبث (بما يقوم مقامه) أي مقام الماء في الجملة.

ومن صور ذلك: التيمم للحدث، وللنجاسة على البدن، والاستجمار بالحجر ونحوه في السبيلين. والله سبحانه وتعالى أعلم.

(1)

في ج: فقد حصلت.

ص: 154

[باب: أنواع الماء وأحكامها] هذا (باب) يذكر فيه أنواع الماء وأحكامها وما يلحق بذلك.

باب الشيء: ما يتوصل منه إليه، فباب الدار ونحوها ما يتوصل إليها منه بالدخول، وباب المياه ونحوها بالوقوف على مسائله.

ثم (المياه) باعتبار ما تتنوع إليه في الشرع في الأصح (ثلاثة)؛ لأنه إما أن يجوز به الوضوء أو لا. والأول الطهور، والثانى إما أن يجوز شربه أو لا.

والأول الطاهر. والثانى النجس. أو يقال: إما أن يكون مأذونا في استعماله أو لا، الثانى النجس والأول إما أن يكون مطهراً لغيره أو لا، والأول الطهور، والثانى الطاهر.

وأشرف الأنواع منها ما هو (طهور) أى مطهر لغيره.

قال ثعلب: طَهور- بفتح الطاء- الطاهر في ذاته، المطهر لغيره.

قال في " الفروع ": قال أصحابنا: فهو من الأسماء المتعدية، بمعنى المطهر، وفاقاً للمالكية والشافعية.

وقال في " الفنون ": الطهارة: النزاهة، فطاهر: نزه، وطهور: غاية في النزاهة لا للتعدي. الدليل عليه قوله: " خلق الماء طهوراً لا ينجسه شيء "

(1)

. ففسر كونه طهوراً بالنزاهة ولا ينجس بغيره. لا بأنه يطهر غيره.

فمن تعاطى في طهور غير ما ذكره الشارع

(2)

فقد أبعد. فحصل على كلامه الفرق

(1)

لم أقف عليه هكذا. والحديث رواه أبو داود والنسائي والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ: " أن الماء طهور لا ينجسه شيء ". وسيذكره المؤلف في النوع الثالث من أنواع المياه ص: 169.

(2)

في ج: الشارح.

ص: 155

بينهما بغير التعدي.

وقول الحنفية: انه من الأسماء اللازمة بمعنى الطاهر " لأن المنقول عن الخليل وسيبويه وغيرهما من الأئمة انه مصدر كالطهارة، وانما الشرع جعل الماء مطهراً. ورد المطرّزي قول ثعلب وقال: ليس فعول من التفعيل في شيء، وقياسه على الأفعال المتعدية كالتطوع غير سديد.

وقال اليزيدي: الطُّهور- با لضم - المصدر. وحكى فيهما الضم والفتح.

وقال الجوهري: الطهور: اسم لما تطهرت به.

وكذا قال شيخنا: التحقيق انه ليس معدولا عن طاهر حتى يشاركه في اللزوم والتعدي بحسب اصطلاح النحاة، كضارب وضروب. ولكنه من أسماء الآلات التي يفعل بها، كوَجور وفطور وسحور، ويقولون ذلك بالضم للمصدر نفس الفعل. فأما طاهر فصفة محضة لازمة لاتدل على ما يتطهر به. وفائدة المسألة: أن المائعات لا تزيل النجاسات. قاله القاضي وأصحابه.

وقال شيخنا: وفائدة ثانية: ولا تدفعها عن نفسها، والماء يدفع بكونه مطهراً، كما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:" خلق الماء طهوراً لا ينجسه شيء "

(1)

. وغيره ليس بطهور فلا يدفع. وأجاب القاضي وغيره من المالكية عن قولهم في طهارة المستعمل: الطهور ما تكرر منه التطهير: أن المراد جنس الماء أو كل جزء منه إذا ضم إلى غيره وبلغ قلتين، أو أن معناه يفعل التطهير. ولو اريد ما ذكروه لم يصح وصفه بذلك إلا بعد الفعل. انتهى كلامه في " الفروع ".

ومن أحكام الطهور: انه (يرفع) وحده (الحدث). نص عليه.

(وهو) أي الحدث: (ما أوجب وضوءاً) ويوصف بالأصغر، (أو) أوجب (غسلا) ويوصف بالأكبر.

(إلا حدث رجل). وقيل: وصبي.

(و) إلاّ حدث (خُنْثى) مشكل احتياطا. وقيل: يرتفع.

(1)

سبق تخريجه قريبا.

ص: 156

(بقليل) أي بما دون قلتين. وقيل: وكثير.

(خلَتْ به امرأة) مكلفه (ولو كافرة). صرح به في " التنقيح" وغيره؛ لأنها أدنى من المسلمة وأبعد من الطهارة. وقيل: أو مميزة.

(لطهارة كاملة). وقيل: أو بعضها.

(عن حدث). وقيل: أو خبث. وقيل: أو طهْر مستحب.

(كخلوة نكاح). فيزول حكم الخلوة بمشاهدة مميز وكافر وامرأة. وقيل: لا يزول حكم الخلوة إلا بمشاهدة ذكر مسلم مكلف. وقيل: وتعتبر حرية.

والأصل في ذلك ما روى الحكم بن عمرو الغفاري قال: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة "

(1)

. رواه الخمسة إلا النسائي وابن ماجه

قالا: " وضوء المرأة "، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، واحتج به الإمام أحمد في رواية الأثرم.

وقال في رواية أبى طالب: أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون ذلك، وهذا لا يقتضيه القياس.

فدل على أنهم قالوه توقيفاً، فيكون (تعبداً).

وممن كرهه عبد الله بن عمرو وعبد الله بن سرجس رضي الله تعالى عنهما.

وهذا عام وانما خصصناه بالخلوه؛ لقول عبد الله بن سرجس: " توضأ انت هاهنا وهي هاهنا فإذا خلت به فلا تقربنه ". رواه الأثرم.

وانما خصصناه بالقليل؛ لأن النجاسة لا تؤثر في الكثير فهذا أولى. ولأن الغالب على النساء أن يتطهرن من القليل فينصرف الإطلاق إليه.

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(82) 1: 21 كتاب الطهارة، باب النهي عن ذلك.

وأخرجه الترمذي فى " جامعه "(64) 1: 93 أبواب الطهارة، باب ما جاء في كراهية فضل طهور المرأة.

وأخرجه النسائي في " سننه "(343) 1: 179 كتاب المياه، باب النهي عن فضل وضوء المرأة. وأخرجه ابن ماجه في " سننه " (373) 1: 132 كتاب الطهارة، باب النهي عن ذلك. وأخرجه أحمد في " مسنده " (17898) 4:213.

ص: 157

وعن الإمام رواية ثانية: انه يجوز للرجل أن يتطهر بما خلت به المرأة ويرتفع به حدثه.

والأول هو المفتى به.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب المعروف، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم. انتهى.

وظاهر ما تقدم انها إذا خلت بالتراب للتيمم لا تؤثر فيه خلوتها، وهو المذهب.

وفيه احتمال: أن حكمه حكم الماء.

وظاهره أيضاً: انه لا تأثير لذلك في إزالة الخبث به في حق الرجل.

وظاهره أيضاً: انه لا تأثير لخلوة الخنثى المشكل بالماء القليل للطهارة، وهو المذهب، وفيه وجه: انه كالمرأة.

(و) من أحكام الطهور أيضاً انه (يزيل الخبث الطارئ) على ما هو طاهر قبل طروئه؛ لأن نَجِس العين لا يمكن تطهيره.

(وهو) أى الماء الطهور في الحكم هو: (الباقي على خلقته) التي خلق عليها مطلقاً، فلا يقيد بوصف دون وصف، وهي صفة الطهورية. وهو: ماء البحر، وما نزل من السماء، أو نبع من الأرض، وذوب الثلج والبرد، سواء كان عذبا أو ملحا، بارداً أو حاراً.

(ولو تصاعد ثم قَطَرَ كبخار الحمامات)؛ لأن ذلك لا يغيره عن خلقته.

(أو استهلك فيه) ماء (يسير مستعمل، أو) استهلك فيه (مائع طاهر) كاللبن، (ولو) كان استهلاكه فيه (لعدم كفاية) الماء للطهارة، (ولم يغيره) أي: يغير الماء؛ لأنه لما لم يؤثر في أوصاف الماء أشبه ما لو لم يكن.

وفي استهلاك المائع وجه: انه يسلبه. وفيما إذا لم يكف الماء للطهارة رواية: انه تسلب طهوريته باستهلاك المائع فيه.

(أو استعمل في طهارة لم تجب)؛ كتجديد الوضوء، (أو غسل كافر)؛ لأنه

ص: 158

لم يرفع حدثاً ولم يزل نجساً.

والكافر ولو شمل الذمية التي تغتسل من الحيض والنفاس لحل وطئها لزوجها المسلم لا يسلبه الطهورية؛ لأن الكافر ليس من أهل النية.

وفيما إذا استعمل في تجديد وضوء ونحوه رواية: انه يسلبه الطهورية؛ لأنه استعمل في طهارة شرعية. أشبه ما لو دفع به حدثا.

(أوغُسِل به) أي: بالماء الطهور (رأس بدلاً عن مسحٍ) في وضوء، فان ذلك لا يسلبه الطهورية؛ لعدم وجوب غسل الرأس في الوضوء.

(و) من الماء الباقي على طهرريته (المتغير بمحل تطهير). قطع به في "المغني ". قال: وإذا كان على العضو طاهر؛ كالزعفران والعجين فتغير به الماء وقت غسله لم يمنع حصول الطهارة به؛ لأنه تغير في محل التطهير. أشبه ما لو تغير الماء الذي تزول به النجاسة في محلها. انتهى.

(و) من الطهور المتغير (بما يأتي) ذكره (فيما) أي: في النوع الذي (كره) منه، (و) في (ما) أي: النوع الذي (لا يكره) منه؛ لأن الماء الطهور ينقسم باعتبار كراهية استعماله وعدمها إلى نوعين.

وأشير إلى النوع المكروه منه بقوله: (وكُره) بالبناء للمفعول (منه) أي: من الطهور (ماء) بئر (زمزم في إزالة خبث). وقيل: يحرم لتعظيمه، وقد زالت نجاسته. وقيل: يكره الغسل به أيضاً لا الوضوء.

وفي جَبْلِ التراب الطاهر به ورَشِّ الطرق وجهان. وقيل: أن سبب النهي اختيار الواقف وشرطه.

فعلى هذا اختلف الأصحاب لو سبّل ماء للشرب هل يجوز الوضوء به مع الكراهة، أم يحرم؛ على وجهين.

ص: 159

(و) كره من الطهور أيضاً: ماء (بئر بمقبرة)، مثلثة الباء مع فتح الميم، وبفتح الباء مع كسر الميم.

قال في " الفروع " في باب الأطعمة: وكره أحمد ماء بئر بين القبور وشوكها وبقلها.

قال ابن عقيل: كما سُمِّد

(1)

بنجس والجلالة. انتهى.

وظاهره: كراهة استعمال مائها في أكل وشرب وطهارة وغير ذلك. والله أعلم.

(و) كره منه أيضاً: (ما اشتد حره أو برده). قاله ابن عبدوس في " تذكرته ". ووجهه ظاهر.

(و) كره منه أيضاً: (مسخن بنجاسة) ولو بعد أن يبرد؛ لأنه لا يسلم غالبا من صعود أجزأء لطيفة من النجاسة إليه. وعنه: لا يكره.

وللأصحاب في ذكر الخلاف في هذه المساً لة أربع عشرة طريقا نقلها في " الإنصاف " وقال: أن أصحها أن فيها روايتين مطلقاً.

ومحل كراهته (ان لم يحتج إليه)؛ لأن كراهته من طريق الورع ومع الحاجة إليه يتعين وجوب استعماله.

ومما يكره أيضاً من الطهور: المسخن بالمغصوب، وإلى ذلك أشير بقوله: (أو بمغصوب.

و) مما يكره من الطهور أيضاً: (متغير بما لا يخالطه: من عود قَماريٍّ)

- بفتح القاف- نسبة إلى بلدة قمار، (أو قطع كافور أو دهن).

قال في " الشرح الكبير ": وفي معناه ما يتغير بالقطران والزفت والشمع؛ لأن فيه دهنية يتغير بها الماء. انتهى.

ووجه الكراهة: أن القياس أن تغير الماء بالطاهر يسلبه الطهورية، لكن

(1)

في ج: سمك.

ص: 160

لما كان هذا التغير عن مجاورة، لا عن ممازجة اغتفر. مع أن فيه وجهاً للأصحاب موافقا لقول مالك - رضي الله تعالى عنه: انه يصير طاهراً غير طهور فكان أقل أحواله الكراهة.

ويلحق بذلك ما تغير بمخالطة ما أصله الماء؛ كالملح البحري، وإليه أشير بقوله:(أو بمخالط أصله الماء)، وممن قطع بكراهيته ابن حمدان في " الرعاية

الكبرى " وتبعه في " التنقيح ". وقيل: أن وُضع قصداً سلبه الطهورية.

وعلم مما تقدم أن الماء أن تغير بالملح المعدنى سلبه الطهوريه؛ لأن البحري انما لم يسلبه الطهورية؛ لأنه منعقد من الماء. أشبه ذوب الثلج.

بخلاف المعدنى. والله أعلم.

وأشير إلى النوع الثانى وهو الذي لا يكره من الماء الطهور بقوله: (لا) أي: لا يكره متغير (بما يشق صونه) أي صون الماء (عنه) أي عما غيره؛ (كطُحْلُب) بضمء اللام وفتحها. وهو: خضرة تعلو الماء المزمن.

ويحصل ذلك غالبا بسبب الشمس.

(وورق شجر) يحصل بغير صنع آدمى في الماء؛ لمشقة الاحتراز عنه. أشبه ما لو كان في منبع الماء، أو ممرّه معدن من كبريت، أو نحوه فتغير به.

وكذا المتغير بما تلقيه الريح أو السيول من تبن ونحوه.

(و) كذا المتغير من الطهور بسبب طول (مُكث)؛ لما روي " أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر كان ماءه نقاعة الحنا "

(1)

.

ولا فرق بين كون المكث في الأرض، أو في آنية من آدم، أو نحاس أو غيرهما؛ لأن هذا التغير يشق الاحتراز منه

(2)

. أشبه المتغير بمنبعه.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه ") 5430) 5: 2174 كتاب الطب، باب السحر. 159 وأخرجه أحمد في " مسنده ") 4392 2) 6:63.

(2)

في ج: منه الاحتراز.

ص: 161

(و) لا يكره أيضاً ما تغير من (ريح) بسبب حملها الرائحة الخبيثة إلى الماء، فيتروج بها، (ولا ماء البحر) الملح، (و) لا ماء (الحمام، ومسخن بشمس، أو بطاهر) نص عليه في رواية صالح وابن منصور، لأنه باق على خلقته. أشبه ما لو أخذه من منبعه حاراً فبرده.

وفيما يتغير بما يشق صونه عنه وجه بالكراهة.

قال في " الفروع ": وان غيره ما يشق صونه عنه لم يكره في الأصح. انتهى.

ومن كره - دخول الحمام فعلة الكراهة خوف مشاهدة العورة، أو قصد التنعيم بدخوله لا كون الماء مسخناً.

(ولا يباح غير بئر الناقة من) آبار (ثمود) نص على ذلك، لما روى ابن عمر:" أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحِجر أرض ثمود. فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين. فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهرقوا ما استقوا من آبارها، ويعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة "

(1)

. رواه أحمد والبخاري ومسلم.

قال في " الفروع ": ولا وجه لظاهر كلام الأصحاب رحمهم الله تعالى على إباحته مع الخبر، ونص أحمد. انتهى.

النوع (الثاني): ما هو (طاهر) غير طهور. وهو أقسام:

منها: المستخرج بالعلاج (كماء ورد) ونحوه، لأنه لا يصدق عليه اسم الماء بلا قيد، ولا يلزم من وَكّل في شراء ماء قبوله.

(و) منها ماء (طهور تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه) بمخالطة شيء طاهر

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(3199) 3: 1237 كتاب الانبياء، باب قول الله تعالى:(* 4 n< خ) ur y`q ك JrO أَخَاهُمْ صَالِحًا) [هود: 61].

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(2981) 4: 2286 كتاب الزهد والرقائق، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(5984) 2: 117.

ص: 162

من غير جنس الماء، لا يشق صون الماء عنه. سواء طبخ فيه " كمرق الباقلاء أو الحمص ونحوها، أو لم يطبخ فيه كما لو سقط فيه زعفران أو نحوه فتغير به " لأنه زال إطلاق اسم الماء عليه وزال عنه أيضاً معنى الماء " لأنه صار لا يطلب بشربه الإرواء.

وعنه: أن ما تغير أحد أوصافه بغير طبخ باق على طهوريته.

ورد بأنه تغير بممازجته طاهر يمكن صونه عنه. أشبه المتغير بالطبخ.

وعنه: انه يرفع الحدث مع عدم غيره.

ومحل هذا: إذا كان التغير (في غير محل التطهير)، وتقدمت الإشارة إلى ذلك.

ولا فرق فيما تقدم بين سقوط ذلك الطاهر في الماء بغير فعل آدمى أو بفعله، (ولو بوضع) انسان في الماء (ما يشق صونه عنه)؛ كالطحلب يؤخذ من ماء خلق فيه فيوضع في غيره، (أو بخلط) الآدمى الماء بـ (ما لا يشق) صون الماء

عنه مما تقدم ذكره ونحوه، (غير تراب) فانه (ولو) وضع (قصداً) لا يسلبه الطهورية " لأنه أحد الطهورين.

(و) غير (ما مرّ) مما لا يخالط الماء " كالعود القماري وقطع الكافور والدهن، وما أصله الماء؛ كالملح البحري، فان التغير بهذا لا يسلب الماء الطهورية. سواء سقط فيه بنفسه، أو وضعه فيه واضع.

وعلم من قول المتن: كثير من لونه أو طعمه أو ريحه، انه لو تغير يسير من ذلك أن الماء باق على طهوريته؛ لما روت أم هانئ:" انه صلى الله عليه وسلم اغتسل هو وزوجته ميمونة من قصعة فيها أثر العجين "

(1)

. رواه أحمد والنسائي.

(و) من أقسام الماء الذي هو طاهر غير طهور: (قليلٌ استعمل في رفع

(1)

أخرجه النسائي في " سننه "(240) 1: 131 كتاب الطهارة، باب ذكر الاغتسال في القصعة التى يعجن فيها.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(26940) 6: 342.

ص: 163

الحدث). قال في " الفروع ": نقله واختاره الأكثر. انتهى.

ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب "

(1)

. رواه

مسلم من حديث أبي هريرة.

ولولا أن الغسل فيه يؤثر منعاً لما نهي عنه. ولأنه أزال مانعاً من الصلاة. أشبه ما لو أزال به نجاسة، أو انه استُعمل في عبادة على وجه الإتلاف، فلم يمكن استعماله فيها ثانيا؛ كالرقبة في الكفارة.

وعنه: انه نجس.

ورُدَّ " بأن النبي صلى الله عليه وسلم صب على جابر من وضوئه "

(2)

. رواه البخاري.

فدل على طهارته. .

وعنه: انه باق على طهوريته. اختاره ابن عقيل وأبو البقاء والشيخ تقي الدين.

ولا يشترط في زوال طهوريته أن يغسل به المحدث عضوا من أعضائه، بل يتأثر (ولو بغمس بعض عضو من عليه حدث أكبر بعد نية رفعه.

و) لكن (لايصير مستعملا إلا بأنفصاله)؛ لأنه حينئذ يصدق عليه انه استعمل، ولا يرتفع الحدث عن ذلك المغموس.

وعلم من تقييد الحدث بالأكبر انه لا يضر اغتراف المتوضئ. وفيه وجه.

قال في " الفروع ": وقيل اغتراف متوضئ بيده بعد غسل وجهه لم ينو غسلها فيه؛ كجنب. والمذهب طهور، لمشقة تكرره. انتهى، ولنرجع إلى قوله: في غمس الجنب. قال في " الفروع ": وان نوى جنب بانغماسه أو بعضه في قليل راكد رفعَ

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(283) 1: 236 كتاب الطهارة، باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد.

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(5327) 5: 2139 كتاب المرضى، باب عيادة المغمى عليه.

ص: 164

حدثه لم يرتفع وصار مستعملاً. نص عليه. قيل: بأول جزء لاقى كمحلٍّ نجس لاقاه وفاقاً.

قال القاضي وغيره: وذلك الجزء لا يُعلم؛ لاختلاف أجزأء العضو، كما هو معلوم في الرأس. وقيل: بأول جزء انفصل؛ كالمتردد على المحل. وقيل: ليس مستعملاً. وقيل: يرتفع. وقيل: أن كان المنفصل عن العضو لو غسل بمائع، ثم صبّ فيه أثر هنا، وكذا نيته بعد غمسه. وقيل: يرتفع. انتهى.

وعلم مما تقدم: انه لا فرق في ذلك بين الكبير والصغير الذي تصح منه الطهارة.

وعلم منه أيضاً: انه لا أثر لغمس الجنب عضوه في الماء القليل الطهور بلا نية غسل؛ لطهارة بدنه، ولا يكره. وعنه: يكره.

وان كان الماء كثيراً وهو راكد كره أن يغتسل فيه.

قال أحمد: لا يعجبني.

وعنه: لا ينبغي.

وهل يرتفع حدثه باتصاله بالماء أو بأنفصاله عنه؛ فيه وجهان.

ومن أقسام الماء الطاهر الذي ليس بطهور أيضاً: ما أزيلت به النجاسة فى صورتين، أشير إليهما بقوله:

(أو) استعمل في (إزالة خبث). فان لم ينفصل عن المحل الذي استعمل في تطهيره، ولو تغير بالنجاسة فهو باق على طهوريته.

قال في " الفروع ": ولا يؤثر تغيره في محل التطهير، وفيه قول. انتهى.

ومراده بتأثره والله أعلم: انا لا نحكم عليه بالنجاسة ولا بسلب الطهورية؛ لأنه وارد على المحل. فلو حكمنا عليه بشئ من ذلك بمجرد الملاقاة لزم أن لا يمكن تطهير شيء أبداً. والله أعلم.

(و) أن (انفصل) الماء (غير متغير مع زواله) أي زوال الخبث (عن محل طهر)

ص: 165

أى حكم بطهارته فهو طاهر، لأن المنفصل بعض المتصل، والمتصل طاهر فكذلك المنفصل.

وفيه وجه: انه نجس.

ومن أقسامه أيضاً ما أشير إليه بقوله: (أو غسل به ذكره وأُنْثَييْه لخروج مذي دونه) أي دون المذي، لتنجسه به.

قال في " الشرح الكبير " بعد أن ذكر الماء الذي غمست فيه يد القائم من نوم الليل قبل غسلها ثلاثاً: وعلى قياسه المستعمل في غسل الذكر والانثيين من المذي لكونه

(1)

في معناه. انتهى.

ومن أقسامه أيضاً ما أشير إليه بقوله: (أو غُمس) بالبناء للمفعول (فيه) أي في الماء القليل (كلُّ يد) انسان (مسلم مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء) لو كان، (أو حصل) الماء (في كلها) أي كل اليد بأن صب على جميع يده من الكوع إلى منتهاها. (ولو باتت) اليد التي غمست أو حصل الماء في كلها (مكتوفة أو بجراب ونحوه)، ككيس صفيق (قبل غسلها) أي اليد (ثلاثاً). سواء (نواه) أي نوى الغسل (بذلك) الغمس أو الحصول (أو لا) أي: أو لم ينوه.

والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه

(2)

قبل أن يدخلهما في الاناء ثلاثاً فان أحدكم لا يدري أين باتت يده "

(3)

. رواه مسلم وكذا البخاري إلا انه لم يذكر: " ثلاثاً ".

فلولا انه يفيد منعاً لم ينه عنه

(4)

.

(1)

في أ: لكون.

(2)

في ج: يده.

(3)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(160) 1: 72 كتاب الوضوء، باب الاستجمار وتراً. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (278) 1: 233 كتاب الطهارة، باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الاناء قبل غسلها ثلاثاً.

(4)

في أزيادة: بأن يتطهر به مع عدم غيره من الماء الذي غمس فيه يده القائم من نوم الليل قبل غسلها.

ص: 166

وخص الحكم بالمسلم المكلف " لأن الصحابة المكلفين هم المخاطبون بذلك.

وحكى في " الفروع " في تاًثير غمس يد كافر ومجنون وطفل وجهين.

وخص بنوم الليل من قوله: باتت، والمبيت انما يكون بالليل.

وخص النوم بما ينقض الوضوء " لأن ما دونه لا أثر له.

وحكم نوم جميع الليل حكم مجرد ما ينتقض به الوضوء في وجوب الطهارة بكل منهما.

وقال ابن عقيل: هو ما زاد على نصف الليل.

والمراد باليد ها هنا: إلى الكوع، لأنه المفهوم عند الإطلاق في لغة العرب. وشارك الحصول في كل اليد غمسه " لأنه في معناه. واعتبر الكل " لأن الحديث ورد فيه وهو تعبد، ولا يلزم من كون شيء مانعاً كون بعضه مانعاً، كما لا يلزم من كون الشيء سبباً كون بعضه سبباً.

وانما لم يفرق بين كونها مُطْلَقة وبين كونها مكتوفة أو مشدودة داخل جراب أو نحوه، لعموم الأخبار. ولأن الحكم إذا علق على المظنة لم تعتبر حقيقة الحكمة " كالعدة الواجبة لاستبراء الرحم في حق الصغيرة والآيسة.

وانما لم يفرق بين كون اليد نوى غسلها بالغمس أو الحصول أو لم ينو، لعموم الخبر.

(ويستعمل ذا) أي هذا الماء الذي غمس فيه كل اليد أو حصل في كلها في الوضوء والغسل وإزالة النجاسة (ان لم يوجد غيره)، لقوة الخلاف إذ القائلون بعدم التأثير من العلماء أكثر من القائلين به. (مع تيمم) أي: وتيمم معه وجوباً؛

لقوة الدليل على التأثير.

ولا أثر لغمسها في مائع طاهر على الأصح. قال في " الفروع ".

(وطهورٌ مُنع منه لخلوة المرأة أولى) بأن يتطهر به مع عدم غيره من الماء الذي

ص: 167

غمس فيه يد القائم من نوم الليل قبل غسلها، لبقاء طهوريته.

ومن أقسامه أيضاً ما أشير إليه بقوله:

(أو خُلط) أي الماء الطهور القليل (بمستعمل) في رفع حدث أو في إزالة خبث وانفصل غير متغير عن محل طهر، أو بماء غمس فيه يد كل قائم من نوم ليل ناقض لوضوء، أو غسل به كل اليد بحيث (لو خالفه) أي خالف المستعمل الطهور (صفة) أى في الصفة بحيث لو فرضنا المستعمل أصفر أو أحمر أو أسود أو نحو ذلك كان قد (غيره) أي ظهرت صفته في الماء الطهور، (ولو بلغا) أي الماء الطهور والمستعمل الذي لو خالفه في الصفة غيره (قلتين) أي فلا يصير الكل طهوراً ببلوغه قلتين في الأصح " كما لو أضيف مستعمل إلى مستعمل وبلغا قلتين.

قال في " الفروع ": وان خلط طهور بمستعمل فان كان لو خالفه في الصفة غيّره أثر، وعند صاحب " المحرر " الحكم للأكثر قدراً، وعند ابن عقيل أن غيره لو كان خلاًّ أثر. ونصه فيمن انتضح من وضوئه في انائه لا بأس. وان بلغ بعد خلطه قلتين، أو كانا مستعملين فطاهر. وقيل: طهور. انتهى.

النوع (الثالث) من أنواع المياه: (نجس. وهو) قسمان:

الأول: (ما تغير بنجاسة) خالطته (لا بمحل تطهير) سواء كان قليلا أو كثيراً بغير خلاف.

حكى ابن المنذر الإجماع على نجاسة المتغير بالنجاسة.

والثانى: ما أشير إليه بقوله:

(وكذا قليل لاقاها) أي: النجاسة ولم يتغير بها، (ولو) كان الماء (جارياً، أو) كانت النجاسة التي لاقته (لم يدركها طرف) أي: لم تتبين للناظر إليها، (أو) لم (يمض زمن تسري) النجاسة (فيه).

والقول بتنجس اليسير بمجرد الملاقاه هو أحد الروايتين.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب. انتهى.

ص: 168

ودليله: ما روى ابن عمر قال: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الماء يكون بالفلاة وما ينوبه من الدواب والسباع. فقال: إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء "

(1)

.

وفي رواية " لم يحمل الخبث "

(2)

. رواه الخمسة والحاكم، وقال: على شرط الشيخين. ولفظه لأحمد.

وسئل ابن معين عنه فقال: إسناده جيد، وصححه الطحاوي.

قال الخطابي: ويكفي شاهد على صحته أن نجوم أهل الحديث صححوه.

و" لأنه عليه السلام أمر بإراقة الاناء الذي ولغ فيه الكلب "

(3)

، ولم يعتبر التغيير، والظاهر عدمه. وتحديد الشارع الماء بالقلتين يدل على تنجيس ما دونهما، وإلا لم يكن التحديد مفيداً.

والرواية الثانية: أن الماء لا ينجس إلا بالتغير؛ لما روى أبو سعيد قال: " قيل: يا رسول الله لِلَّهِ أنتوضأ من بئر بضاعة؛ - وهي بئر تلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن- قال: أن الماء طهور لا ينجسه شيء "

(4)

. رواه الإمام أحمد وصححه، والترمذي وحسنه، وأبو داود.

لكن الظاهر أن ماءها كان يزيد على القلتين. وقد روي: أن قطر رأسها ستة.

(1)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(517) 1: 172 كتاب الطهارة، باب مقدار الماء الذي لا ينجس.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(4803) 2: 48.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(63) 1: 17 كتاب الطهارة، باب ما ينجس الماء.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(67) 1: 97 أبواب الطهارة، باب منه آخر. وأخرجه النسائي في " سننه " (328) 1: 175 كتاب المياه، باب التوقيت في الماء.

وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 1: 134.

(3)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(279) 1: 234 كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب.

(4)

أخرجه أبو داود في " سننه "(66) 1: 17 كتاب الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة. وأخرجه الترمذي في " جامعه " (66) 1: 95 أبواب الطهارة، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(11275) 3: 31.

ص: 169

أذرع. وبضاعة: يروى با لضم والكسر.

ولما روى أبو أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه "

(1)

. رواه ابن ماجه والدارقطني.

ويمكن الجواب عنه بأنه مطلق، وحديث القلتين مقيد، والمطلق محمول على المقيد.

وعنه: أن كان جارياً لا ينجس إلا بالتغيير.

قال في " الإنصاف ": جزم به في " العمدة " و" الإفادات " وقدمه في

" الرعا يتين ".

قال في " الكبرى ": هو أقيس وأولى.

قال في " الحاوي الصغير ": ولا ينجس قليل جار قبل تغيره في أصح الروايتين.

وقال في " الحاوي الكبير ": وهو أصح عندي، واختارها المصنف والشارح والمجد والناظم.

قال في " الفروع ": اختارها جماعة واختارها الشيخ تقي الدين. وقال: هي أنص الروايتين. انتهى.

قال في " الفروع ": وحكى عنه أبي الوقت الدينوري طهارة ما لا يدركه طرف. ذكره ابن الصيرفي. انتهى. وقيل: أن مضى زمن تسري فيه النجاسة نجس، وإلا فلا. والمذهب الأول.

وعليه يكون الماء الطهور القليل من حيث كونه لا يرفع النجاسة عن نفسه؛ (كمائع) من لبن وخل ونحوهما، (و) كماء (طاهر) غير طهور (ولو كَثُرا). نص على ذلك.

(1)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(521) 1: 174 كتاب الطهارة، باب الحياض.

وأخرجه الدارقطني في " سننه "(3) 1: 28 كتاب الطهارة، باب الماء المتغير.

ص: 170

قال في " الشرح الكبير ": فأما غير الماء من المائعات إذا وقعت فيه نجاسة

ففيه ثلاث روايات:

إحداهن: أنه ينجس وان كثر. وهو الصحيح أن شاء الله تعالى " " لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تموت في السمن. فقال: أن كان جامداً فألقوها وما حولها، وان كان مائعاً فلا تقربوه "

(1)

. رواه الإمام أحمد.

نهى عنه، ولم يفرق بين قليله وكثيره. ولأنها لا تطهر غيرها فلا تدفع النجاسة عن نفسها " كاليسير. انتهى.

وان تغير الماء الكثير بنجاسه جاورته فقال ابن نصر الله: لو تغير بنجس لا يمازجه وكان كثيراً كالدهن النجس، فإطلاق الأصحاب يقتضي نجاسته، ومقتضى قولهم: أن الطهور إذا خالطه طاهر لا يمازجه فغيره لم يسلبه الطهورية أن لا ينجس " لأنهم عللوا هناك بأن تغيره عن مجاورة، وتغير الماء بنجاسة مجاورة لا ينجسه. انتهى.

(و) الطهور (الوارد) إذا تغير (بمحل تطهير) من نجاسة فهو (طهور) أي باق على طهوريته " لبقاء عمله (كما لم يتغير منه) أي من الماء الطهور الوارد على

محل طرأت عليه نجاسة (ان كثر) أي: أن كان قلتين فأكثر كما لو لم يكن وارداً، للحاجة إلى تطهير المحل.

وعلم مما تقدم أن الراكد كالجاري.

(وعنه: كل جرية من) ماء (جار) تعتبر بنفسها (كمنفرد). وانما ذكرت هذه الرواية " لقوتها وتشهيرها وما ينبني عليها مما يوهم انه على المذهب.

قال في " الإنصاف ": وعنه: تعتبر كل جرية بنفسها. اختارها القاضى وأصحابه، وقال: هي المذهب.

قال الزركشي: هي اختيار الأكثرين.

(1)

أخرجه أحمد في " مسنده "(7591) 2: 265.

ص: 171

قال في " الكافي ": وجعل أصحابنا المتأخرون كل جرية كالماء المنفرد. واختارها في " المستوعب ".

قال في " الفروع ": وهي أشهر.

قال في " الحاوي الكبير ": هذا ظاهر المذهب.

قال الأصحاب: فيفضي إلى تنجيس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة؛ لقلة ما يحاذي القليلة، إذ لو فرضنا كلباً في جانب نهر وشعرة منه في جانبه الآخر لكان ما يحاذيها لا يبلغ قلتين؛ لقلته، والمحاذي للكلب يبلغ قلالاً كثيرة. انتهى. (ف) على هذه الرواية (متى امتدت نجاسة بـ) ماء (جار فكل جرية نجاسة مفردة).

قال في " الفروع ": وان امتدت النجاسة فقيل واحدة. وقيل: كل جرية نجاسة منفردة. انتهى.

وقد علمت أن المذهب اعتبار جميع الماء الجاري؛ لأن الذي عليه جماهير الأصحاب أن حكمه. كالراكد. وكلامه في " الإنصاف " يوهم خلاف ذلك فانه قال: فوائد: الأولى كذا. ثم قال: الثانية: لو امتدت النجاسة فما في كل جرية نجاسة منفردة، على الصحيح من المذهب. اختاره المصنف والشارح وجزما به، وابن رزين في " شرحه ". وقيل: الكل نجاسة واحدة، وأطلقهما في " الفروع " و" الرعاية الكبرى ". انتهى.

فلم يبين هل ذلك على القول بأنه تعتبر كل جرية بنفسها أو لا؛. ثم أشار إلى بيان الجرية بقوله:

(والجرية ما أحاط بالنجاسة) من الماء يمنة ويسرة وعلواً وسفلاً إلى قرار النهر (سِوَى ما وراءها)، لأنه لم يصل إليها، (و) سوى ما (أمامها) " لأنها لم تصل إليه. وفيهما وجه.

قال في " الفروع ": وقال الشيخ: وما انتشرت إليه عادة أمامها وورائها. انتهى.

ص: 172

(وان لم يتغير) الماء (الكثير) الذي هو قلتان فصاعداً بملاقاة النجاسة (لم ينجس)؛ لحديث القلتين؛ (إلا ببول آدمي أو عذرة رطبة أو يابسة ذابت) في الماء دون الخارج من سبيل سائر الحيوانات غير الآدمي. نص عليه. وعنه: أو لم تذب.

والأول المذهب (عند أكثر المتقدمين والمتوسطين) من الأصحاب. ويروى نحو ذلك عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - فروى الخلال بإسناده " أن عليّا رضي الله تعالى عنه سُئل عن صبي بال في بئر فأمرهم بنزحها ". وهو قول الحسن؛ لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يبولَنَّ أحدكمْ في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل منه "

(1)

. متفق عليه.

وهذا يتناول القليل والكثير وهو خاص في البول فيجمع بينه وبين حديث القلتين، بحمل هذا على البول، وبحمل حديث القلتين على سائر النجاسات.

والعذرة الرطبة واليابسة اذا ذابت في الماء في معنى البول؛ لأن أجزأءها تتفرق في الماء وتنتشر. بل هي أفحش منه.

(إلا أن تعظم مشقة نزحه) أي نزح الماء الذي حصل فيه البول أو العذرة الموصوفة في العرف؛ (كمصانع مكة) فلا يتنجس ببول آدمى ولا غيره ما لم يتغير.

قال في " الشرح ": لا نعلم خلافاً أن الماء الذي لا يمكن نزحه إلا بمشقة عظيمة مثل: المصانع التي جعلت مورداً للحجاج بطريق مكة يصدرون عنها ولا ينفد ما فيها أنها لا تنجس إلا بالتغير. انتهى.

ولا فرق فيما تقدم بين قليل البول والعذرة أو كثيرهما.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(236) 1: 94 كتاب الوضوء، باب البول في الماء الدائم.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(282) 1: 235 كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الدائم.

ص: 173

قال مهنا: سألت أحمد عن بئر غزيرة وقعت فيها خرقة أصابها بول. قال: تنزح، لأن النجاسات لا فرق بين قليلها وكثيرها.

قال في " الفروع ": ويتوجه من تقييد العذرة بالمائعة لا تنزح. انتهى.

وعنه: أن حكم البول والعذرة حكم سائر النجاسات فلا ينجس بها ما بلغ قلتين إلا بالتغير. قال في " التنقيح ": اختاره أكثر المتأخرين وهو أظهر. انتهى. لأن نجاسة بول الآدمى لا تزيد على نجاسة بول كلب وهو لاينجس القلتين. وحديث النهي عن البول في الماء الدائم لا بد من تخصيصه بدليل ما لا يمكن نزحه إجماعاً فيقاس عليه ما بلغ القلتين، أو متخصص بخبر القلتين ويكون تخصيصه بخبر القلتين أولى من تخصيصه بالرأي والتحكم، ولو تعارضا يرجح حديث القلتين لموافقته القياس، والتفريع على الأول.

(فما تنجس بما ذكر) أي ببول الآدمى أو العذرة المذكورة (ولم يتغير) مما نجس به (فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه) إضافة (بحسب الإمكان) عرفاً.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب. انتهى.

واعتبر الأزجي وصاحب " المستوعب " الاتصال في صبه.

وتلك الإضافة إما بالصب وإما بإجراء ساقية إليه أو نحو ذلك " لأن هذا القدر المضاف يدفع نجاسة البول والعذرة عن نفسه وعما اتصل به، ولا ينجس إلا بالتغير إذا وردت عليه هذه النجاسة فكذلك إذا كان وارداً عليها، ومن ضرورة الحكم بطهارته طهارة ما اختلط به.

(وان تغير) ما تنجس ببول آدمي أو عذرته (فان شق نزحه فـ) طهارته (بزوال تغيره بنفسه، أو) زوال تغيره (بإضافة ما يشق نزحه) إليه، (أو بنزح يبقى بعده ما يشق نزحه)، لأن ما بلغ هذا الحد في الكثرة لا يكون لتنجيسه علة إلا التغير. فإذا زالت علة التنجيس طهر " كالخمرة إذا انقلبت بنفسها خلاً

ص: 174

(وان لم) يكن الماء المتغير بهذه النجاسة مما (يشق) نزحه (فـ) تطهيره (بإضافة ما يشق نزحه) إليه (مع زوال تغيره) وهذا طاهر.

(وما تنجس بغيره) أي: بغير ما ذكر من البول والعذرة بأن كان دون قلتين (ولم يتغيرفـ) تطهيره (بإضافة كثير) أي قلتين فصاعداًً.

(وان تغير) بالنجاسة (فان كثر) بأن كان قلتين فصاعداًً (فـ) يطهر (بزوال تغيره بنفسه، أو بإضافة) طهور (كثير) أي قلتين فأكثر إليه، (أو بنزح يبقى بعده كثير) وهو قلتان فصاعداًً.

(والمنزوح طهور بشرطه) وهو: زوال التغير منه وبلوغه حداً يدفع به تلك النجاسة التي نزح من أجلها عن نفسه لو سقطت فيه ولم تغيره.

قال في " الإنصاف ": الماء المنزوح طهور ما لم تكن عين النجاسة فيه على الصحيح من المذهب. وقيل: طاهر؛ لزوال النجاسة به. انتهى.

وكلام " الإنصاف " محمول على أن عين النجاسة التي في المنزوح بأن تكون بحيث لو سقطت في المنزوح ابتداء نجسه فيكون نجسا بوجودها دواما.

(وإلا) أي وان لم يكن الماء الذي تغير بالنجاسة كثيرا، (أو كان كثيراً مجتمعا من متنجس يسير: فـ) تطهيره (بإضافة) طهور (كثير) إليه (مع زوال تغيره).

قال في " الفروع ": وظاهر كلامهم أن نجاسة الماء النجس عينية.

وذكر شيخنا في " شرح العمده ": لا؛ لأنه يُطَهرغيره فنفسه أولى، وانه كالثوب النجس.

وذكر بعض أصحابنا في كتب الخلاف: أن نجاسته مجاورة سريعة الإزالة لا عينية فلهذا يجوز بيعه. وحرم الحلوانى وغيره استعماله إلا لضرورة. وذكر جماعة أن سقيه للبهائم كالطعام النجس.

وفي " نهاية الأزجي ": لا يجوز قربانه بحال بل يراق. وقاله في " التعليق " في المتغير وانه في حكم عين نجسة. بخلاف قليل نجس لم يتغير

ص: 175

فيجوز بَلُّ الطين به وسقي الدواب. انتهى.

(ولا يجب غسل جوانب بئر نُزحت).

قال في " الإنصاف ": وهو الصحيح.

قال المجد في " شرحه ": هذا الصحيح دفعا للحرج والمشقة وصححه في " مجمع البحرين ". انتهى.

وعنه: بلى.

وممن أطلق الروايتين صاحب " الفروع ".

وعمومه يشمل البئر الضيقة.

وقال القاضي في " الجامع الكبير ": الروايتان في البئر الواسعة. والضيقة يجب غسلها رواية واحدة.

قال في " الرعايتين " و" الحاويين ": ويجب غسل البئر الضيقة وجوانبها وحيطانها. وعنه: والواسعة أيضاً.

(والكثير) من الماء عند إطلاق أصحابنا (قلتان فصاعدا) أى فأكثر. بقلال هَجَر

(1)

. بفتح الهاء والجيم.

قال في " القاموس ": قرية كانت قرب المدينة إليها تنسب القلال. انتهى.

وانما خصصنا القلتين بقلال هجر لوجهين:

أحدهما: ما روى الخطابي بإسناده إلى ابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا:

" إذا كان الماء قلتين بقلال هجر "

(2)

.

الثاني: أن قلال هجر أكبر مايكون من القلال وأشهرها في عصر

(1)

هجر: جاء في " اللسان ": قال ابن الأثير: هجر بلد معروف بالبحرين. فأما هجر التي ينسب إليها القلال الهجرية، فهي قرية من قرى المدينة، والنسب إلى هجر هجرياً على القياس، وهاجري على غير القياس. انظر:" لسان العرب " لابن منظور، مادة: هجر.

(2)

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 262 كتاب الطهارة، باب قدر القلتين.

وأخرجه الإمام الشافعي في كتاب " الأم " 1: 4.

ص: 176

النبي صلى الله عليه وسلم. ذكره الخطابي فقال: هي مشهورة الصفة، معلومة المقدار لا تختلف كما لا تختلف الصيعان والمكاييل، فلذلك حملنا الحديث عليها وعملنا بالاحتياط.

(واليسير ما دونهما). والقلة: الجرة. وانما سميت قلة؛ لأتها تقل بالأيدي. وانما جعلتا حداً للكثير؛ لأن حديث القلتين دل على نجاسة ما لم يبلغهما بطريق المفهوم وعلى دفعهما للنجاسة عن أنفسهما، فلذلك جعلناهما حدا للكثير.

(وهما خمسمائة رطل عراقي).

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب. ثم قال بعد أسطر: وعنه: أربعمائة. ثم قال: وقال في " الكافي " و" الرعاية الكبرى ": وحكي عنه ما يدل على أن القلتين ستمائة رطل. ثم قال: قلت: ويؤخذ من رواية نقلها ابن تميم وابن حمدان وغيرهما: أن القلتين أربعمائه رطل وستة وستون رطلاً وثلثا رطل، فانهم قالوا: القلة تَسَع قربتين. وعنه: ونصفاً.

وعنه: وثلثاً.

والقربة تسعمائة رطل عند القائلين بها.

فعلى الرواية الثالثة: تكون القلتان ما قلناه، ولم أجد من صرح به، وانما يذكرون الروايات فيما تَسَعُ القلة، وما قلناه لازم ذلك. انتهى. ووجه المذهب: ما روي عن ابن جريج انه قال: " رأيت قلال هجر، فرأيت القلة تسع قربتين وشيئاً "

(1)

. والقربة مائة رطل بالعراقي باتفاق القائلين بتحديد الماء بالقرب. والاحتياط أن يجعل الشيء نصفاً فكانت القلتان بما ذكرنا خمسمائة رطل بالعراقي.

(وأربعمائة) أى أربعمائة رطل (وستة وأربعون) رطلاً (وثلاثة أسباع رطل مصري وما وافقه) في قدره.

(1)

ذكره البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 263 كتاب الطهارة، باب: قدر القلتين.

ص: 177

(ومائة) أي مائة رطل (وسبعة) أرطال (وسبع رطل دمشقي وما وافقه) في قدره.

(وتسعة وثمانون) رطلاً (وسبعا رطل حلبي وما وافقه) في قدره.

(وثمانون) رطلاً (وسبعان ونصف سبع رطل قدسي وما وافقه) في قدره.

والأصح من الوجهين كون هذا التقدير (تقريباً فلا يضر نقص يسير) كرطل ورطلين من خمسمائة، لأن الذين نقلوا تقدير القلال لم يضبطوها بحد. انما قال ابن جريج: القربة تسع قربتين أو قربتين وشيئاً، وانما جعلوا الشيء نصفا احتياطا، لأنه أقصى ما ينطلق عليه اسم شيء منكرا.

ويحيى بن عقيل قال: أظنها تسع قربتين. وهذا لا تحديد فيه.

والوجه الثاني: أن هذا التقدير على سبيل التحديد فيضر نقص الرطل ونحوه. ووجهه: أن ما اعتبر احتياطا كان واجبا، كغسل جزء من الرأس مع الوجه. ولأنه تقدير يدفع النجاسة فاعتبر تحقيقه، كالعدد في الغسلات.

(ومساحتهما) أي: مساحة ما يسع القلتين من الماء حال كونه (مربعاً ذراع وربع طولاً وعرضاً وعمقاً). قال في " التنقيح ": قاله ابن حمدان وغيره. (بذراع اليد). قال في " التنقيح ": والمراد ذراع اليد قاله القمولي الشافعي.

(و) حال كونه (مدوراً ذراع طولاً) أي: من كل جهة من حافاته إلى

ما يقابلها، (وذراعان). قال (المنقح: والصواب ونصف) أي: نصف (ذراع عمقاً) قال: (حررت ذلك فيسع كل قيراط) يعني من المربع (عشرة أرطال وثلثي رطل عراقي). انتهى.

وطريقة عمل ذلك: أن يضرب المخرج في المخرج والبسط في البسط، ويقسم حاصل البسط على حاصل المخرج. فتقول بسط الذراع والربع خمسة، فيؤخذ ربعه واحداً، ويبسط الصحيح من جنس الكسر أي: أربعة، فإذا ضممت

ص: 178

ذلك كان مجموعه خمسة، وقد تكرر ذلك ثلاث مرات باعتبار طوله وعرضه وعمقه فيضرب خمسة في خمسة يبلغ خمسة وعشرين، ثم يضرب الحاصل في

خمسة يبلغ مائة وخمسة وعشرين وهو الحاصل من ضرب البسط بعضه في بعض، ومخرج الكسر من أربعة، وقد تكرر ذلك ثلاثة مرات فيضرب بعضه في بعض على نحو ما تقدم فيكون الحاصل من ذلك أربعة وستين، فتقسم بسط الأذرع الذي هو مائة وخمسة وعشرون على بسط المخرج وهو أربعة وستون التي هي سهام الذراع، فيحصل بالقسم ذراع ونصف ذراع وربع ذراع وثمن ذراع وخمسة أثمان ثمن ذراع.

فإذا أردنا معرفتها بالقيراط قلنا: الذراع أربعة وعشرون قيراطا، والنصف والربع والثمن أحد وعشرين قيراطا وذلك خمسة وأربعون قيراطا وخمسة أثمان

ثمن الذراع قيراطان إلا ثمناً تضم إلى الخمسة والأربعين فيصير المجموع سبعة

وأربعين قيراطاً إلا ثمن قيراط.

ثم لك طريقان: أن شئت قسمت الخمسمائه رطل عليها فتقول: لكل سهم قيراط من سبعة وأربعين عشرة أرطال ينقص منها ثمن عشرة أحد وربع لنقص الثمن عن سبعة وأربعين ثم تضم الأحد والربع إلى الثلاثين الباقية من الخمسمائة فيكون مجموعه واحداً وثلاثين وربعا نسبتها إلى ستة وأربعين وسبعة أثمان ثلثان، فهي نصيب كل قيراط منها. فعلم أن نصيب القيراط من خمسمائة رطل

عشرة أرطال وثلثا رطل. وان شئت بسطت السبعة والأربعين إلا ثمنا من جنس

الكسر فتكون ثلاثمائة وخمسة وسبعين وعليها القسم ثم تبسط الخمسمائة أيضاً من جنس الكسر فتكون أربعة آلاف وهي المقسومة فلك

(1)

ذلك من ثلاثة آلاف وسبعمائة وسبعين عشرة يبقى من الأربعة آلاف مائتان وخمسون نسبتها من ثلثمائة وخمسة وسبعين ثلثان فتضم إلى العشرة فتبقى عشرة أرطال وثلثا رطل وهي ما يخص كل قيراط. والله سبحانه وتعالى أعلم.

(1)

ساقط من أ.

ص: 179

(و) الرطل (العراقي) زنته بالدراهم (مائة وثمانية وعشرون) درهما (وأربعة أسباع درهم، و) بالمثاقيل (تسعون مثقالا). . فهو (سبع) الرطل (القدسي وثمن سبعه، وسبع) الرطل (الحلبي وربع سبعه، وسبع) الرطل (الدمشقي ونصف سبعه، ونصف) الرطل (المصري وربعه وسبعه). والرطل القدسي ثمانمائة درهم، والحلبى سبعمائة درهم وعشرون درهما، والدمشقي ستمائة درهم، والمصري مائة درهم وأربعة وأربعون درهما. وكل رطل اثنا عشر أوقية لا تختلف في سائر البلاد، وأوقية العراقي عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم، وأوقية المصري اثنا عشر درهما، وأوقية الدمشقي خمسون درهماً، وأوقية الحلبي ستون درهما، وأوقية القدسى ستة وستون درهما وثلثا درهم.

(وله) أى لمن أراد الطهارة، (استعمال ما لا ينجس إلا بالتغير) مع عدم تغيره،) ولو مع قيام) عين النجاسة (فيه) أي في الماء الطهور، (و) لو كان) بينه وبينها قليل) منه، لأنا إذا لم نحكم بنجاسته فلا فرق بين ما قرب من عين النجاسة وبين ما بعد.

(وما انتضح من) ماء (قليل لسقوطها) أي النجاسة (فيه) فهو (نجس)، لملاقاته النجاسة.

(ويعمل بيقين في كثرة ماء وطهارته ونجاسته، ولو مع سقوط عظم وروث شك في نجاستهما، أو طاهر ونجس وتغير بأحدهما ولم يعلم) التغير هل هو من الطاهر أو من النجس؛ لأن الشيء إذا كان على حال فانتقاله عنها يفتقر إلى عدمها، ووجود الأخرى وبقاؤها وبقاء الأولى لا يفتقر إلا إلى مجرد البقاء فيكون أيسر من الحدوث.

(وان أخبره) أي أخبر من يريد استعمال الماء (عدل) بنجاسته (وعيّن السبب) أي سبب النجاسه:) قُبل) بالبناء للمفعول أي لزم قبول خبره. رجلاً كان أو امرأة حراً أو عبداً. ومفهومه: انه أن لم يعين السبب لم يقبل وهو المذهب؛ لاحتمال اعتقاده نجاسة بسبب لا يعتقده من يريد استعمال الماء " كموت ذبابة فيه عند الشافعي. وقيل: يقبل خبره، وان لم يبين السبب.

ص: 180

(وان اشتبه) ماء (مباح طهور بمحرم أو نجس لا يمكن تطهيره) أي: النجس (به) أي: بالطهور فسيأتي حكم ذلك.

وان أمكن بأن يكون الطهور- قلتين وعنده اناء يضمهما وجب خلطهما فيه ويطهر، وإلا (ولا مباح) من الماء (طهور بيقين لم يتحر) أي: لم ينظر أيهما يغلب على ظنه انه الطهور أو المباح. فيستعمله (ولو زاد عدد المباح أو الطهور)؛ لأنه اشتباه مباح بمحظور فيما لا تبيحه الضرورة. فلم يجز التحري؛ كما لو اشتبهت أخته بأجنبيات.

وعنه: يتحرى أن زاد عدد الطهور ولو بواحد وكان النجس غير بول. وقيل: يتحرى مطلقاً إذا اشتبه طهور مباح بطهور محرم.

(و) على المذهب (يتيمم بلا إعدام)؛ لأنه غير قادر على استعمال الماء الطهور. أشبه ما لو كان عنده بئر ولا يمكنه الوصول إلى مائه.

وعنه: يشترط لصحة التيمم إعدامها بالإراقة أو الخلط؛ ليصير عادما للطهور بيقين.

(و) على المذهب (لا يعيد الصلاة) التي صلاها بالتيمم (لو علمه) أي علم الماء الذي يصح منه الوضوء (بعد) أي بعد صلاته.

قال في " الفروع ": في الأصح. انتهى.

قال في " الإنصاف ": ولو توضأ من أحدهما من غير تحرٍّ فبان انه طهور لم يصح وضوءه على الصحيح من المذهب. وقيل: يصح. وأطلقها في " الحاوي الكبير " و" الفائق ". انتهى.

والظاهر أن قوله: من غير تحرٍّ ليس بشرط على المذهب؛ لأن التحري ليس مطلوباً منه، وانما الواجب عليه التيمم. والله أعلم.

وان توضأ بماء ثم علم نجاسته أعاد.

قال في " الفروع ": نقله الجماعة وفاقاً خلافاً للـ " رعاية " أن لم نقل: إزالة النجاسة شرطاً كذا قال. ونصه: حتى يتيقن براءته.

ص: 181

وقال القاضي وأصحابه: بعد ظنه نجاسته. وذكر في " الفصول " والأزجي: أن شك هل كان وضوءه قبل نجاسة الماء أو بعده لم يعد؛ لأن الأصل الطهارة. وهذا معنى كلام غيرهما؛ لعدم العلم انه صلى بنجاسة. لكن يقال: شكه في القدر الزائد كشكه مطلقاً، فيؤخذ من هذا: لا يلزمه أن يعيد إلا ما تيقنه بماء نجس. وهو متجه وفاقاً لأبي يوسف ومحمد وبعض الشافعية، كشكه في شرط العبادة بعد فراغها. فهو كشكه في النية بعد الفراغ. وعلى هذا لا يغسل ثيابه وانيته. ونص أحمد: يلزمه وفاقاً. انتهى.

(ويلزم من) أي انسان (علم) الماء (النجس إعلام من أراد أن يستعمله). قال في " الإنصاف ": قدمه في " الرعاية الكبرى " في باب النجاسة، وفرضه في إرادة التطهير به. وقيل: لا يلزمه. وقيل: يلزمه أن قيل أن إزالتها شرط في صحة الصلاة، وأطلقهن في " الفروع ". انتهى.

ومن أصابه ماء ولا إمارة تدل على نجاسته كره سؤاله عنه، نقله صالح؛ لقول عمر رضي الله تعالى عنه:" يا صاحب الحوض لِلَّهِ لا تخبرنا "

(1)

.

فلا يلزم الجواب. وقيل: بلى؛ كما لو سئل عن القبلة. وقيل: الأولى السؤال والجواب. وقيل: بلزومهما. وأوجب الأزجي إجابته أن علم نجاسته، وإلا فلا.

(ويلزمه) أي يلزم من اشتبه طهور له بنجس (التحري لحاجة شرب واكل)؛ كما لو اشتبهت ميتة بمذكاة واحتاج إلى الأكل وليس عنده طعام حلال بيقين. (لا غسل فمه)؛ لأن الأصل الطهارة.

وعنه: لا يلزمه التحري.

وعلى الأولى لو لم يغلب على ظنه شيء استعمل ما شاء منهما في الشرب والأكل؛ لأنه حال ضرورة.

(1)

أخرجه مالك فى " موطئه "(14) 1: 51 كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء.

وأخرجه البيهقي في " السنن الكبرى ": ا: 250 كتاب الطهارة، باب سؤر سائر الحيوانات سوى الكلب والخنزير.

ص: 182

وقيل: يلزمه غسل فمه؛ كما لو علم أن النجس الذي استعمله.

(و) أن اشتبه ماء طهور (بطاهر أمكن جعله) أي جعل الطاهر (طهوراً به) بأن كان الطهور قلتين فأكثر وعنده اناء يمكن ضمهما فيه (أو لا) أي: أو لم يمكن ذلك: (يتوضأ مرة) أي وضوءاً واحداً يأخذ لكل عضو (من ذا غرفة ومن ذا غرفة).

وقيل: يتوضأ من كل واحد وضوءاً كاملا.

والأول المذهب؛ وذلك: أن الوضوء الواحد مجزوم بنية كونه رافعا.

بخلاف الوضوءين فانه لا يدري أيهما الرافع للحدث.

(ويصلي صلاة) واحدة.

قال في " الشرح ": لا نعلم فيه خلافاً. انتهى.

وتظهر للخلاف في كونه يتوضأ وضوءاً أو وضوئين فائدة. وهو: ما إذا كان عنده طهور بيقين. فمن يقول: يتوضأ وضوءين لا يصححهما معه، ومن قال: وضوءاً واحداً من هذا غرفة ومن ذا غرفة يصححه معه فإلى ذلك أشرت بقولي:

(ويصح ذلك ولو مع طهور بيقين) ولا يتحر للطهارة في مطلق ومستعمل خلافاً للشافعي. قاله في " الفروع ".

(و) أن اشتبهت (ثياب طاهرة مباحة بنجسة أو محرمة ولا طاهر) عنده (أو مباح بيقين) فتارة يعلم عدم الثياب التي لا تصح فيها الصلاة وتارة لا يعلمه، (فان علم عدد) ثياب (نجسة أو محرمة صلى في كل توب) صلاة (وزاد) على العدد (صلاة) ينوي بكل صلاة الفرض احتياطا؛ كمن نسي صلاه من

(1)

يوم. ووجه ذلك: انه أمكنه أداء فرضه بيقين فلزمه؛ كما لو لم تشتبه.

(وإلا) أي: وان لم يعلم عدد الثياب النجسة فانه يلزمه أن يصلي في كل ثوب صلاة (حتى يتيقن صحتها) أي حتى يتيقن انه صلى في ثوب طاهر. وظاهره ولو كثرت الثياب؛ لأن هذا يندر جداً فألحق بالغالب. وقيل: يتحرى مع كثرتها دفعا للمشقة.

(1)

في أ: في.

ص: 183

وقيل: يصلي في واحد بلا تحر، وفي الإعادة وجهان.

قال في " الفروع ": ويتوجه أن هذا فيما إذا بان طاهراً كنظيره في ماء مشتبه في وجه. انتهى.

وعلم من قول المتن: ولا طاهر أو مباح بيقين، انه إذا كان عنده ثوب تصح صلاته فمه غيرمشتبه بما لا تصح الصلاة فيه انه يلزمه أن يصلي فيه ويترك ما اشتبه.

قال في " الفروع ": ولا تصح في الثياب المشتبهة مع طاهر يقينا. انتهى.

ولا تصح إمامة من اشتبهت عليه ثياب تصح فيها الصلاة بما لا تصح فيها في شيء منها.

قال في " الفروع ": وفرق أحمد بين الثياب والأواني بأن الماء يلصق ببدنه.

قال الأصحاب: ولأنه ليس عليها أمارة، ولا لها بدل يرجع إليه، ويتوجه احتمال سواء. انتهى.

(وكذا) أي وكالثياب المتنجسة المشتبهة بالطاهرة في كونه لا يتحرى فيها ويصلي في كل واحد حتى يتيقن انه صلى في طاهر (أمكنة ضيقة) تنجس بعضها ونسي. فإذا تنجست زاوية من مكان ضيق واشتبهت ولا سبيل إلى مكان طاهر بيقين فانه يصلى في زاويتين من البيت. فإذا تنجست زاويتان فانه يصلي في ثلاث، وإذا تنجست ثلاث صلى في الأربع.

قال في " الفروع " بعد مسألة الثياب: وكذا الأمكنة. ويصلي في فضاء واسع حيث شاء بلا تحرٍّ.

وان اشتبهت أخته بأجنبية لم يتحر. وقيل: بلى في عشيرة. وفي قبيلة كبيرة له النكاح. وفي لزوم التحري وجهان، ويتوجه مثله الميتة بالمذكاة.

قال أحمد: أما شاتان لا يجوز التحري، فأما إذا كثرت فهذا غير هذا.

ونقل الأثرم أنه قيل له: فثلاثة؛ قال: لا أدري. انتهى.

***

ص: 184

[باب الآنية]

هذا (باب) يذكر فيه مسائل من أحكام الآنية وثياب الكفار وأجزأء الميتة.

ووجه مناسبة ذكر أحكام الآنية عقب باب المياه: كون الماء لا يقوم إلا بآنية.

و (الآنية: الأوعية) جمع اناء ووعاء وسقاء وأسقية، وجمع الآنية أوانى.

والأصل أآني أبدلت الهمزة الثانية واواً كراهة اجتماع همزتين كآدم وأوادم.

(ويحرم اتخاذها واستعمالها) أي الآنية (من ذهب وفضة).

قال في " الإنصاف ": وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم. ثم قال: وعنه: يجوز اتخاذها، وذكرها بعض الأصحاب وجها في المذهب.

واتخاذها هو جعل الذهب والفضة على هيئة الآنية؛ لأن ما حرم استعماله مطلقاً حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال؛ كالملاهي.

والدليل على تحريم استعماله ما روى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها. فانها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة "

(1)

.

وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الذي يشرب في آنية الذهب والفضة انما يجرحر في بطنه نار جهنم "

(2)

. متفق عليهما.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه ") 5110) 5: 2069 كتاب الأطعمة، باب الأكل في اناء مفضض.

وأخرجه مسلم في " صحيحه ") 2067) 3: 638 1 كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال اناء الذهب والفضة. .

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(5311) 5: 2133 كتاب الأشربة، باب آنية الفضة. =

ص: 185

فتوعد عليه بالنار فدل على تحريمه. ولأن في ذلك سرفاً وخيلاء وكسر قلوب الفقراء.

والجرجرة: هي صوت وقوع الماء بانحداره في الجوف.

والاستعمال في غير الأكل والشرب في معناهما؛ لأن ذكرهما قد خرج مخرج الغالب وما كان كذلك لا يتقيد الحكم به.

(و) يحرم اتخاذ الآنية أيضاً (من عظم آدمى وجلده)؛ لحرمته.

وما حرم اتخاذ الآنية واستعمالها منه يحرم اتخاذ الآلة منه؛ كالقلم (حتى الميل ونحوه)؛ كالكرسي والسرير.

وحكى ابن عقيل في " الفصول " أن أبا الحسن التميمي قال: إذا اتخذ مِسْعَطا، أو قنديلاً، أو نعلين، أو مجمرة أو مدخنة ذهباً أو فضة كره، ولم يحرم. ويحرم سرير وكرسي. ويكره عمل خفين من فضة، ولا يحرم كالنعلين. قال: ومنع من الشربة والملعقة.

قال في " الفروع " بعد نقل ذلك: كذا حكاه، وهو غريب.

قال في " الإنصاف " بعد ذكره كلام " الفروع ": قلت: هذا بعيد جداً والنفس تأبى صحة هذا.

ولا يختص تحريم ذلك بالذكور وإلى ذلك أشرت بقولي: (و) حتى (على أنثى) لعموم الأخبار وعدم المخصص. وانما أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إلى التزين للزوج. وهذا يختص بالحلي فاختصت الإباحة به.

(وتصح الطهارة من اناء من ذلك) أي مما يحرم اتخاذ الاناء منه، (و) من اناء (مغصوب أو ثمنه محرم) بأن يكون عين الثمن مغصوباً أو خمراً أو خنزيراً أو نحو ذلك. وقيل: لا تصح الطهارة من اناء محرم الاستعمال اختاره أبو بكر؛ لأنه

= وأخرجه مسلم في " صحيحه "(2065) 3: 1634 كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال أوانى الذهب والفضة.

ص: 186

استعمل المحرم في العبادة. فلم تصح، كما لو صلى في دار مغصوبة.

ورد بأن القيام والقعود والركوع والسجود في الدار المغصوبة محرم، لأنه استعمال لها، وأفعال الوضوء من المسح والغسل ليس بمحرم " لأنه ليس باستعمال للاناء، وانما يقع ذلك بعد رفع الماء من الاناء وفصله عنه. أشبه ما لو اغترف باناء محرم الاستعمال في اناء غيره ثم توضأ منه.

(و) تصح الطهارة أيضاً (فيه) أي: في الاناء المحرم.

ومن صور ذلك: لو غصب حوضاً يسع قلتين وملأه ماءاً مباحاً وانغمس فيه محدث ناوياً رفع حدثه فانه يرتفع، لأن الاناء ليس بشرط للطهارة. أشبه ما لو صلى وفي يده خاتم ذهب فان ذلك لا يؤثر في صحة الصلاة.

(وإليه) أي: إلى الاناء المحرم بأن جعله مصبالماء الوضوء أو الغسل فان ذلك لا يؤثر " لأن المنفصل الذي يقع في الاناء قد رفع الحدث. فلم يبطل بوقوعه فيه.

(و) اناء (مُمَوَّه) بالرفع اسم مفعول من موه. وصوره ذلك: أن يذاب الذهب أو الفضة ويلقى فيها الاناء من النحاس ونحوه فيكتسب منه لونه.

(و) اناء (مطلي) بذهب أو فضة بأن يجعل الذهب أو الفضة ورقاً ويطلى به الاناء من الحديد ونحوه.

(و) اناء (مُطَعَّم) بذهب أو فضة بأن يحفر في الاناء من الخشب أو غيره حفراً ويوضع فيها قطع من الذهب أو الفضة مقدرة على قدر تلك الحفر.

(و) اناء (مُكفت). وصورة ذلك: أن يبرد الاناء من الحديد ونحوه حتى يصير فيه شبه المجاري في غاية الدقة ثم يوضع فيها شريط رقيق من الذهب أو الفضة ويدق حتى يلصق بالاناء. .

(كَمُصْمَت) يعني أن الاناء المموه والمطلي والمطعم والمكفت بذهب أو فضة في حكم التحريم كمصمت أي: كمنفرد من ذلك النوع الذي موه أو طلي أو طعم أو كفت به " لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من شرب من اناء ذهب

ص: 187

أو فضة أو من اناء فيه شيء من ذلك فانما يجرحر في بطنه نار جهنم "

(1)

. رواه الدارقطني. ولأن العلة التي لأجلها حرم المصمت وهي الخيلاء وكسر قلوب الفقراء موجودة في المموه والمطلي والمطعم والمكفت.

(وكذا) في الحكم اناء (مضبب) بذهب أو فضة. وصورة ذلك: أن ينكسر الاناء من الخشب أو نحوه فيضبب بضبة كبيرة أو يسيرة من ذهب، أو- كبيرة من فضة فيحرم استعمال هذا الاناء كما يحرم استعمال المكفت ونحوه بسبب ذلك؛ لوجود العلة فيه.

(لا) إذا ضبب بضبة (يسيرة عُرفاً من فضة لحاجة) فانه لا يحرم استعماله مع ذلك، لما روى أنس بن مالك- رضي الله تعالى عنه- " أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة "

(2)

. رواه البخاري.

وهذا مخصص لعموم الأحاديث المتقدمة.

قال في " الشرح ": وممن رخص في ضبة الفضة سعيد بن جبير وميسرة وطاووس والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي وإسحاق رضي الله عنهم. (وهي) أي: الحاجة (ان يتعلق بها) أي بالضبة اليسيرة من الفضة (غرض غير زينة) قال في " الشرح ": ومعنى ذلك: أن تدعو الحاجة إلى فعله، وليس معناه: أن لا يندفع بغيره. انتهى.

وإلى ذلك أشير بقولي: (ولو وُجد غيرُها.

(1)

أخرجه الدارقطني في " سننه "(1) 1: 40 كاب الطهارة، باب أواني الذهب والفضة. وقال: إسناده حسن.

(2)

أخرجه اليخاري في " صحيحه "(2942) 3: 1131 أبواب الخمس، باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم وعصاه.

ص: 188

وتكره مباشرتُها) أي: ضبة الفضة المباحة؛ لأن في مباشرتها استعمال للفضة المتصلة بالآنية.

ومحل الكراهة إذا كان استعمالها (بلا حاجة) فان احتاج إلى استعمالها لكونه إذا لم يباشرها عند الشرب تدفق الماء عليه أو نحو ذلك فانه لا يكره.

وفيما تقدم من المباح والمحرم خلاف فصله صاحب " الفروع ". وعبارته: ويحرم المضبب بذهب وفاقاً للشافعي. وقيل: كثير. وقيل: لحاجة. ويحرم بفضة وفاقاً للشافعي، واحتج بعضهم بأنه يحرم أبواب ذهب وفضه ورفوف، وان كان تابعاً بما يقتضي انه محل وفاق، فان كثرت الضبة لحاجة، أو قلّت لغيرها فوجهان. فان قلّت لحاجة أبيح وفاقاً. وقيل: يكره. وتباح مباشرتها لحاجة وبدونها، قيل: تحرم، وهو ظاهر كلامه. وقيل: تكره. وقيل: تباح.

والكثير ما كثر عرفا. وقيل: ما استوعب أحد جوانبه. . وقيل: ما لاح على بعد.

والحاجة: أن يتعلق بها غرض غير الزينة في ظاهر كلام بعضهم. قال شيخنا: مرادهم أن يحتاج إلى تلك الصورة، لا إلى كونها من ذهب وفضة فان هذه ضرورة، وهي تبيح المنفرد. وقيل: عجزه عن اناء آخر واضطراره إليه. وقيل: عجزه عن ضبه غيرها. انتهى.

(وكل) اناء (طاهر من غير ذلك) أي غير ما نص على حرمته (مباح) اتخاذه واستعماله. (ولو) كان ذلك الاناء (ثمينا) أي كثير الثمن؛ كالمتخذ من الجوهر والياقوت والزمرد لفقد العلة التي لأجلها حرمت آنية الذهب والفضة؛ لأن هذه الجواهر لا يعرفها إلا خواص الناس فلا تنكسر قلوب الفقراء لكونهم لا يعرفونه، ولا يحصل باتخاذها اناء تضييق؛ لأنها لا يكون منها درهم ولا دينار. ولأنها لقلتها لا يحصل اتخاذ آنية منها إلا نادراً، ولو اتخذت كانت مصونة لا تستعمل ولا تظهر غالباً. فلا تفضى إباحتها إلى استعمالها. بخلاف آنية

ص: 189

الذهب والفضة فانها في مظنة الكثرة فكان التحريم متعلقا بالمظنة فلم يتجاوزه.

فلو جعل فص خاتم جوهرة ثمينة جاز ولو جعله ذهباً لم يجز. والله أعلم.

(وما لم تعلم نجاسته من آنية كفار ولو لم تحل ذبيحتهم وثيابهم ولو وَلِيَت عوراتهم)؛ كالسراويل. (وكذا من لابس النجاسة كثيراً) كمدمن الخمر:

(طاهر مباح) خبران لـ " ما ".

والأصل في ذلك قوله سبحانه وتعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} [المائده: 5]. وهو يتناول ما لا يقوم إلا بآنية.

وما " روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه توضؤوا من مزادة مشركة "

(1)

متفق عليه.

ولأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك.

قال في " الفروع ": وثياب الكفار وآنيتهم مباحة أن جهل حالها وفاقاً لأبي حنيفة. وعنه: الكراهة وفاقاً لمالك والشافعي. وعنه: المنع. وعنه:

فيما ولي عوراتهم. وعنه: المنع في الكل ممن تحرم ذبيحته وكذا حكم ما صبغوه، وآنية من لابس النجاسة كثيراً وثيابه. وقيل لأحمد عن صبغ اليهود بالبول فقال: المسلم والكفار في هذا سواء، ولا تساًل عن هذا ولا تبحث عنه،

فان علمت فلا تصل فيه حتى تغسله. واحتج غير واحد بقول عمر- رضي الله تعالى عنه- في ذلك: " نهانا الله عن التعمق والتكلف "

(2)

.

وبقول ابن عمر في ذلك: " نهينا عن التكلف والتعمق ".

وسأله أبو الحارث عن اللحم يشترى من القصاب؛ قال: يغسل. وقال شيخنا: بدعة. وبدنُ الكافر طاهر، وعند جماعة كثيابه. وقيل: وكذا طعامه

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه ") 3378) 3: 1308 كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(682) 1: 474 كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة. .

(2)

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 10: 117 كتاب آداب القاضي، باب إثم من أفتى أو قضى بالجهل.

ص: 190

وماؤه. انتهى.

(ويباح دبغ جلد) لحيوان طاهر، (نجس بموت) سواء كان مأكولا؛ كالبعير ونحوه، أو غير مأكول؛ كالهر ونحوه.

(و) يباح (استعماله بعده) أي بعد الدبغ؛ " لأن النبي صلى الله عليه وسلم وجد شاة ميتة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخذوا إهابها

فدبغوه فانتفعوا به "

(1)

. رواه مسلم. ولأن الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- لما فتحوا فارس انتفعوا بسروجهم وأسلحتهم وذبائحهم ميتة. ونجاسته لا تمنع الانتفاع به؛ كالاصطياد بالكلب، وركوب البغل والحمار مطلقاً.

(و) استعمال (منخل من شعر نجس)؛ كشعر البغل. قال ابن قندس في " حاشية الفروع ": ونص على جواز المنخل من شعر نجس. انتهى.

ومحل إباحة استعمال الجلد والمنخل النجسين إذا كان الاستعمال (في يابس) احتراز به عن استعمالهما في مائع فانه يحرم.

قال كثير من الأصحاب: رواية واحدة.

وعنه: لا يجوز استعماله في اليابس أيضاً.

(ولا يطهر) الجلد (به) أي بالدبغ. نقله الجماعة عن أحمد. ويروى ذلك عن عمر وابنه وعائشة وعمران بن حصين رضي الله تعالى عنهم؛ لما روى عبد الله بن عكيم " أن النبى صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة انى كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميته بإهاب ولا عصب "

(2)

. رواه

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(363) 1: 277 كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(4128) 4: 67 كتاب اللبأس، باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(18802) 4: 310.

وأخرجه الطبراني في " الأوسط " 2: 301.

ص: 191

أبو داود والإمام أحمد وقال: إسناد جيد يرويه يحيى بن سعيد عن شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه. وليس في أبي داود: " كنت رخصت

لكم " ولا عند أحمد، بل ذلك من رواية الطبراني والدارقطني.

وفي لفظ: " أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر أو شهرين "

(1)

. وهو ناسخ لما قبله؛ لأنه في آخر عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولفظه دال على سبق الرخصة وانه متآخر عنه؛ لقوله: " كنت رخصت لكم "، وانما يؤخذ بالآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فان قيل: هذا مرسل؛ لأنه من كتاب لا يعرف حامله. قلنا: كتاب النبي صلى الله عليه وسلم كلفظه، ولذلك لزمت الحجة من كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم وحصل له البلاغ؛ لأنه لو لم يكن حجة لم تلزمهم الإجابة ولكان لهم عذر في ترك الإجابة لجهلهم لحامل الكتاب، والأمر بخلاف ذلك.

وروى أبو بكر الشافعي بإسناده عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

" لا تنتفعوا من الميتة بشيء "

(2)

. وإسناده حسن. ولأنه جزء من الميتة. فلا يطهر بمعالجة؛ كلحمها.

قال في " الفروع ": ونقل جماعة أخيراً طهارته وفاقاً لأبي حنيفة والشافعي ومالك في إحدى الروايتين عنه. وعنه: مأكول اللحم اختارهما جماعة، والمذهب الأول عند الأصحاب؛ لعدم رفع المتواتر بالآحاد

(3)

، وخالف شيخنا وغيره. يؤيده نقل الجماعة: لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان، ونقل خطاب بن بشر: كنت أذهب إليه ثم رأيت السنة كلها. وهو المذهب عند الأصحاب.

وقال القاضي: وعندي أن أحمد رجع عن القول الأول؛ لأنه صرح به في

(1)

أخرجه أحمد في " مسنده "(18805) 4: 310

(2)

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 25 كتاب الطهارة، باب المنع من الادهان في عظام الفيلة وغيرها مما لا يؤكل لحمه.

(3)

في ج: من الأحاديث.

ص: 192

رواية خطاب، وفي اعتبار غسله وجعل تشميسه دباغاً وجهان. ويتوجهان في تنزيه أو ريح، ولا يحصل بنجس، وفي " الرعاية ": بلى ويغسل بعده وفاقاً لأبي حنيفة والشافعي وينتفع بما ظهر وفاقاً. وقيل: ويأكل المأكول وفاقاً لأحد قولي الشافعي. انتهى.

(ولا) يطهر (جلد غير مأكول بذكاة) أي بذبح؛ كلحمه.

قال في " الفروع ": ولا يجوز ذبح الحيوان لذلك خلافاً لأبي حنيفة. قال شيخنا: ولو في النزع. انتهى.

(ولبن) من ميتة، (وأنفحَّة) - بكسر الهمزة وتشديد الحاء وقد تكسر الفاء- شيء يستخرج من بطن الجدي الراضع أصفر، فيعصر في صوفه فيغلظ كالجبن.

قاله في " القاموس ".

(وجلدتها) أي جلد الأنفحّة من ميتة (وعظم وقرن وظفر وعصب وحافر من ميتة نجس).

أما اللبن والأنفحة فلأنهما مائعان لاقيا وعاء نجسا فتنجسا. وفيهما رواية بالطهارة، وأما جلدة الأنفحّة وما بعدها فمن جملة الميتة المحرمة. قال في " الفروع ": ولبن الميتة وأنفحّتها وجلدتها نجس، جزم به جماعة في الجلدة، وذكره في " الخلاف " فيها اتفاقا. وعنه: طاهر مباح وفاقاً لأبي حنيفة. ثم قال: وعظمها وقرنها وظفرها وعصبها نجس. وعنه: طاهر وفاقاً لأبي حنيفة.

قال بعضهم: فعلى هذا يجوز بيعه، اختاره ابن وهب المالكى، فقيل: لأنه لا حياة فيه وفاقاً لأبي حنيفة. وقيل- وهو أصح-: لانتفاء سبب التنجيس وهي الرطوبة. وعلى نجاسة ذلك لا يباع كما سبق وفاقاً لأبي حنيفة، وجوز مطرف وابن الماجشون المالكيان بيع انياب الفيل، وأجازه ابن وهب وأصبغ:

إذا دبغت بأن تغلى وتلصق

(1)

. انتهى.

(1)

في " الفروع ": وتسلق 1: 110 باب الآنية.

ص: 193

(لا صوف وشعر وريش ووبر من) حيوان (طاهر في حياة) فانه لا ينجس بالموت. نقل الميموني: صوف الميتة لا أعلم أحدا كرهه.

والأصل في ذلك قوله سبحانه وتعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} النحل: [80].

والآية في سياق الامتنان فالظاهر شمولها لحالتي الحياة والموت، والريش مقيس على الثلاثة المذكورين.

قال في " الفروع ": وعنه: نجس وفاقاً للشافعي اختاره الآجري. قال: لأنه ميتة، وكذا من حيوان حي لا يؤكل. وعنه: من طاهر طاهر وافق الشافعية عليه؛ كجزه إجماعاً وكشعر آدمي وفاقاً للشافعي وان لم ينتفع به على الأصح فيهما لحرمته. وقيل: ينجس شعر هر؛ لزوال علة الطواف به وان لم ينجس شعر غيرآدمي جاز استعماله، وإلا ففي استعماله في يابس ولبسه في غير صلاة روايتان. واستثنى جماعه شعر كلب وخنزير وجلدهما، وفي طهارة رطوبة أصله بغسله

(1)

وجهان. ونقل عبد الله: لا بأس به إذا غسل، وكذا. رواه الدارقطني عن أم سلمة مرفوعاً

(2)

وهو ضعيف. ونقل أبو طالب: ينتفع بصوفها إذا غسل، قيل: فريش الطير؛ قال: هذا أبعد. وحرم في " المستوعب " نتف ذلك من حي؛ لإيلامه، وكرهه في " النهاية ". انتهى.

(ولا) ينجس (باطن بيضة مأكول صلب قشرها) بموت الطائر.

قال في " الإنصاف ": بلا نزاع نص عليه، وان لم يصلب فهو نجس على الصحيح من المذهب. انتهى.

قال في " الشرح ": وان ماتت الدجاجة وفيها بيضة قد صلب قشرها فهي طاهرة، وهو قول أبو حنيفة وبعض الشافعية وابن المنذر، وكرهها علي بن أبي طالب وابن عمر ومالك والليث وبعض الشافعية؛ لأنها جزء من الميتة. ولنا أنها

(1)

في الأصول زيادة: وذكر شيخنا وهو.

(2)

أخرجه الدارقطني في " السنن "(19) 1: 47 كتاب الطهارة، باب الدباغ. من حديث أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول: " لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ، ولا بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء ". قال الدارقطني: يوسف بن السفر متروك، ولم يأت به غيره.

ص: 194

بيضة صلبة القشر منفصلة عن الميتة. أشبهت الولد إذا خرج حيا من الميتة، وكراهية الصحابة محمولة على التنزيه استقذارا لها. وان لم تكمل البيضه فقال بعض أصحابنا: ما كان قشرها أبيض فهو طاهر وما لم يبيض فهو نجس؛ لأنه ليس عليه حائل حصين. واختار ابن عقيل انها لا تتنجس؛ لأن البيضة عليها غاشية رقيقة كالجلد وهو القشر قبل أن يقوى فلا يتنجس منها إلا ما لاقى النجاسة؛ كالسمن الجامد إذا ماتت فيه فأرة؛ إلا أن هذه تطهر إذا غسلت؛ لأن لها من القوة ما يمنع دخول أجزأء النجاسة فيها، بخلاف السمن، والله أعلم. انتهى.

(وما أُبين من) حيوان (حي فـ) حكمه (كميتته) فان كانت ميتته طاهرة مباحة " كالسمك فما قطع منه مع بقاء الحياة فيه فهو طاهر مباح، وما كانت ميتته نجسة " كبهيمة الانعام فما قطع منها من قرن وظفر وحافر وعظم ولحم دون. أن تذكى فهو نجس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"مايقطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة "

(1)

. رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

قال في " الشرح ": وكذلك ما يتساقط من قرون الوعول في حياتها.

ويحتمل أن هذا طاهر؛ لأنه طاهر متصلا مع عدم الحياة فيه. فلم ينجس بفصله من الحيوان كالشعر. والحديث أريد به ما يقطع من البهيمة مما فيه حياة فيموت بفصله لدليل الشعر. انتهى.

(وسن تخمير) أي: تغطية (انية وإيكاء) أي ربط فم (اسقية) جمع سقاء.

قال في " القاموس ": والسقاء ككساء جلد السخلة إذا أجذع، يكون للماء واللبن. انتهى.

والأصل في ذلك ما روى أبو هريرة قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي الاناء ونوكي السقاء "

(2)

. رواه أبو داود.

(1)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(1480) 4: 74 كتاب الأطعمة، باب ما قطع من الحي فهو ميت من حديث أبي واقد الليثي.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه ") 3693) 3: 331 كتاب الأشربة، باب في الأوعية، ولفظه:" أنهاكم عن النقير، والمقير، والحنتم، والدباء، والمزادة المجبوبه، ولكن اشرب في سقائك وأوكه ".

ص: 195

والحكمة في ذلك: حفظه مما يحصل فيه مما يضر.

فوائد:

قال في " الفروع ": وفي الخرز بشعر خنزير روايات: الجواز وفاقاً لأبي حنيفة ومالك، والكراهة والتحريم وفاقاً للشافعي. ويجب غسل ما خرز به رطبا لتنجيسه. وعنه: لا؛ لإفساد المغسول. وفي لبس جلد الثعلب وافتراش جلد سبع روايتان. ويجوز الانتفاع بالنجاسات في رواية وفاقاً لأبي حنيفة ومالك في إحدى الروايتين عنه لكن كرهه أحمد وجماعة. وعنه: وشحم الميتة وفاقاً للشافعي أومأ إليه في رواية ابن منصور، ومال إليه شيخنا. وعنه: وفاقاً لمالك في إحدى روايتيه المنع، ويعتبر أن لا ينجس. وقيل: مائعا.

ص: 196

[باب الاستنجاء]

هذا (باب) يذكر فيه مسائل من أحكام الاستنجاء.

ثم (الاستنجاء) شرعاً: (إزالة خارج من سبيل بماء، أو) رفع حكمه بما يقوم مقام الماء من (حجر ونحوه)؛ كخشب وخرق. وبعض الأصحاب عبر عن ذلك بالاستطابة.

قال في " القاموس ": واستطاب استنجى كأطاب. انتهى.

ويسمى الاستنجاء بالحجر ونحوه: استجماراً، وهو استفعال من الجمار.

وهي الحجارة الصغار.

(يسن لداخل خلاء) بالمد، وهو موضع للمتوضأ به، والمكان الذي لا شيء به. والمراد به هنا المكان المعد لقضاء الحاجة (ونحوه) أي: ونحو داخل الخلاء كالمريد لقضاء حاجة بالصحراء (قول: بسم الله)؛ لما روى علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ستر ما بين الجن وعورات بني ادم إذا دخل الكنيف أن يقول: بسم الله "

(1)

. رواه ابن ماجه والترمذي وقال: ليس إسناده بالقوي.

ثم قول: (أعوذ بالله من الخبث والخبائث)؛ لأن التسمية يبتدأ بها للتبرك.

ثم يستعيذ. وانما قدم التعوذ في القراءة على البسملة؛ لأنها من القرآن، والاستعاذة من أجل القراءة.

(1)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(606) 2: 503 أبواب الصلاة، باب ما ذكر من التسمية عند دخول الخلاء.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(297) 1: 109 كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء.

ص: 197

قال في " المقنع ": (الرجس النجس الشيطان الرجيم) وكذا قال في " البلغة "، ولم يزد في " الغنية " و" المحرر " و" الفروع " على قوله: من الخبث والخبائث، واقتصر في " الوجيز " على الاستعاذة من الرجس النجس الشيطان الرجيم، ولم يذكر الخبث والخبائث.

وكل لفظ من ذلك ورد في حديث. فروى انس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم لِلَّهِ انى اعوذ بك من الخبث والخبائث "

(1)

. متفق عليه.

قال في " الفروع ": روى البخاري إذا أراد دخوله، وفي رواية لمسلم:

" أعوذ بالله "

(2)

0 انتهى.

وروى أبو امامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم انى أعوذ بك من الرجس النجس، الشيطان الرجيم "

(3)

. رواه ابن ماجه.

فما في " المقنع " و" البلغة " جامع لما في الحديثين.

والخبث بإسكان الباء، قاله أبو عبيدة. ونقل القاضي عياض انه أكثر روايات الشيوخ وفسره بالشر. والخبائث بالشياطين فكانه استعاذ من الشر وأهله.

وقال الخطابي: هو بضم الباء وهو جمع خبيث، والخبائث جمع خبيثة، فكأنه استعاذ من ذكران الشياطين واناثهم. وقيل: الخبث الكفر، والخبائث الشياطين.

والرجس القذر، ويحرك وتفتح الراء وتكسر الجيم. قاله في " القاموس ".

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه ") 5963) 5: 2330 كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الخلاء.

وأخرجه مسلم في " صحيحه ") 375) 1: 283 كتاب الحيض، باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه ") 375) 1: 284 الموضع السابق.

(3)

أخرجه ابت ماجه في " سننه ") 299) 1: 109 كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء.

ص: 198

والنجس: اسم فاعل من نجس ينجس فهو نجس.

قال الفراء: إذا قالوه مع الرجس أتبعوه إياه أي: قالوا بكسر النون وسكون الجيم.

والشيطان: مشتق من شطن أي بعد، يقال: دار شطون أي: بعيدة. سمي بذلك؛ لبعده من رحمة الله تعالى. وقيل: من شاط، أي: هلك. سمي به؛ لهلاكه بمعصية الله تعالى.

والرجيم: نعت له، ويجوز أن يكون بمعنى راجم أي: يرجم غيره بالإغواء بمعنى مرجوم؛ لأنه يرجم بالكواكب عند استراقه السمع.

(وانتعاله وتغطية رأسه) أي: يسن لداخل الخلاء أن ينتعل ويغطي رأسه.

ذكرهما في " الفروع ": أما الانتعال ففي هذا الباب، وأما تغطية الرأس ففي باب عشرة النساء. قال: ذكره جماعة، قال في " الإنصاف ": قلت: منهم ابن حمدان في " رعايتيه " وابن تميم وابن عبيدان والموفق والشارح وغيرهم. انتهى.

(و) يسن له (تقديم يسراًه) أي: رجله اليسرى (دخولا) أي: في حالة الدخول؛ لأن اليسرى تقدم للأذى، واليمين لما سواه.

(و) يسن (اعتماده عليها) أي: على الرجل اليسرى (جالسا) أي: في حالة جلوسه لقضاء الحاجة؛ لما روى سراًقة بن مالك قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكئ على اليسرى وان ننصب اليمين "

(1)

. رواه الطبرانى في " المعجم " والبيهقي. ولأنه أسهل لخروج الخارج.

(و) يسن له تقديم (يمناه خروجا)؛ لأنها أحق بالتقديم إلى الأماكن الطيبة؛ (كخلع) أي: كما تقدم اليسرى إذا أراد خلع نعل أو خف، ويؤخر اليمين.

(1)

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير "(6605) 6: 136.

وأخرجه البيهقي في (السنن الكبرى " 1: 96 كتاب الطهارة، باب تغطية الرأس عند دخول الخلاء.

ص: 199

(وعكسه) أي: وعكس ذلك وهو تقديم اليمنى وتأخير اليسرى في الدخول (مسجد وانتعال) ونحوهما، لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا خلع فليبدأ باليسرى "

(1)

. رواه الطبرانى في

" المعجم الصغير ". ولأن اليمنى أحق بالتقديم إلى الأماكن الطيبة.

(و) يسن لمن أراد قضاء الحاجة وهو (بفضاء بُعدٌ)" لما روى جابر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد "

(2)

. رواه أبو داود.

(واستتار)" لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أتى الغائط فليستتر. فان لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستتر به " فان الشيطان يلعب

بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج "

(3)

. رواه أبو داود.

وروى عبد الله بن جعفر قال: " كان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل "

(4)

. رواه مسلم.

وفسر بأنه جماعة النخل لا واحد له من لفظه.

(وطلب مكان رخو) بتثليث الراء أي: لين هش، لما روى أبو موسى قال:" كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأراد أن يبول فأتى دمثاً في أصل جداًر فبال ثم قال: إذا بال أحدكم فليرتد لبوله "

(5)

. رواه أحمد وأبو داود. قال في " القاموس ": دَمِثَ المكانُ وغيرهُ كَفِرَحَ، سهل ولانَ. انتهى.

وفي " التبصرة ": ويقصد مكاناً علواً. انتهى.

ولعله: لينحدر عنه البول.

(1)

أخرجه الطبرانى في " المعجم الصغير " 1: 25 وقال: لم يروه عن ابن شوذب إلا محمد بن كثير.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(2) 1: 1 كتاب الطهارة، باب التخلي عند قضاء الحاجة.

(3)

أخرجه أبو داود في " سننه "(35) 1: 9 كتاب الطهارة، باب الاستتار في الخلاء.

(4)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(342) 1: 268 كتاب الحيض، باب ما يستتر به لقضاء الحاجة.

(5)

أخرجه أبو داود في " سننه "(3) 1: 1 كتاب الطهارة، باب الرجل يتبوأ لبوله. وأخرجه أحمد في " مسنده " (19497) 4:399.

ص: 200

(ولَصْقُ ذكرهِ بصُلب) بضم الصاد. أي: شديد أن لم يجد مكانا رخواً؛ لأنه يأمن بذلك من رشاش البول.

(وكره) له (رفع ثوبه قبل دنوه من الأرض)؛ لما روى أبو داود من طريق رجل لم يسمه وقد سماه بعض الرواة: القاسم بن محمد عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض "

(1)

. ولأن ذلك أستر له.

والمراد بلا حاجة.

(و) كره له (أن يصحب ما) أى شيئاً (فيه اسم الله تعالى)؛ لما روى أنس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه "

(2)

. رواه الخمسة إلا أحمد وصححه الترمذي.

وقد صح أن نقش خاتمه " محمد رسول الله "

(3)

. ولأن الخلاء موضع القاذورات فشرع تعظيم اسم الله تعالى وتنزيهه عنه.

(بلا حاجة) إلى ذلك، كما لو لم يجد من يحفظه وخاف ضياعه.

وعنه: لا يكره.

قال في " الفروع ": وفي " المستوعب " وغيره تركه أولى وجزم

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(14) 1: 4 كتاب الطهارة، باب كيف التكشف عند الحاجة.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(19) 1: 5 كتاب الطهارة، باب الخاتم يكون فيه ذكر الله. وأخرجه الترمذي في " جامعه " (1746) 4: 229 كتاب اللباس، باب ما جاء في لبس الخاتم.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(303) 1: 110 كتاب الطهارة، باب ذكر الله عز وجل على الخلاء والخاتم في الخلاء.

وأخرجه النسائي في " سننه "(13 52) 8: 178 كتاب الزينة، نزع الخاتم عند دخول الخلاء.

قال أبو داود: هذا حديث منكر، وانما يعرف عن ابن جريج عن زياد عن الزهري عن أنس، والوهم فيه من همام ولم يروه إلا همام. وقال في " زوائد ابن ماجه ": هو متفق على تضعيفه. والحديث بهذا اللفظ غير ثابت. انتهى.

(3)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(1745) 4: 229 كتاب اللباس، باب ما جاء في لبس الخاتم وقال: هذا حديث حسن غريب.

ص: 201

بتحريمه؛ كمصحف.

(لا دراهم ونحوها)، كدنانير فيها اسم الله تعالى " لمشقة التحرز من ذلك.

قال أحمد: فالرجل يدخل الخلاء ومعه الدراهم أرجو أن لا يكون به بأس.

قال في " الفروع ": ويتوجه في حرز مثلها، وقال صاحب النظم: وأولى 0 انتهى.

(لكن يجعل فص خاتم) فيه ذكر الله تعالى واحتاج أن يصحبه (بباطن كف يمنى).

قال أحمد: الخاتم إذا كان فيه اسم الله تعالى يجعله في باطن كفه ويدخل الخلاء. (و) كره له أيضاً (استقبال شمس وقمر)، لما فيهما من نور الله تعالى، وقد روي أن معهما ملائكة، وأن أسماء الله تعالى مكتوبة عليهما.

(و) استقبال (مهب ريح) خشية أن يرد عليه البول فيتنجس.

(و) كره له أيضاً. وقيل: يحرم عليه (مس فرجه) بيمينه (واستجماره بيمينه)؛ لما روى أبو قتادة أن رسول الله قال: " لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه "

(1)

. متفق عليه.

وروى سلمان قال: " نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا، وان نستنجي باليمين "

(2)

. رواه مسلم.

فإذا كان يستجمر من غائط أخذ الحجر بيساره فمسح به، وان كان من بول أمسك ذكره بشماله ومسحه على الحجر.

ومحل الكراهة: أن فعل ذلك (بلا حاجة). فان كان لحاجة، (كصغر حجر تعذر وضعه بين عقبيه) وأحدهما عقب، ككتف وهو مؤخر القدم، (أو) تعذر وضعه بين (اصبعيه) أي: إبهامي رجليه (فيأخذه) أي الحجر (بها) أي بيمينه

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(152) 1: 69 كتاب الوضوء، باب النهي عن الاستنجاء باليمين. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (267) 1: 225 كتاب الطهارة، باب النهي عن الاستنجاء باليمين.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(262) 1: 223 كتاب الطهارة، باب الاستطابة.

ص: 202

(ويمسح بشماله).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. صححه المجد في

" شرحه " وابن عبيدان وصاحب " الحاوي الكبير " والزركشي و" مجمع البحرين "، وقدمه في " الرعاية الكبرى ". وقيل: يمسك ذكره بيمينه ويمسح بشماله. انتهى.

وبكل حال تكون اليسرى هي المتحركة؛ لأن الاستجمار انما يحصل بالمتحركة.

فان كان أقطع اليسرى أو بها مرض استجمر بيمينه؛ للحاجة.

قال في " التلخيص ": يمينه أولى من يسار غيره. انتهى.

وعلم مما تقدم انه إذا أمكنه وضع الحجر بين عقبيه أو أصبعيه لا يمسكه بيمينه. قال في " الفروع ": ويكره بيمينه وفاقاً للشافعي. وقيل: بتحريمه وأجزأئه

في الأصح. نقل صالح: أكره أن يمس فرجه بيمينه، فظاهره مطلقاً، وذكره صاحب " المحرر "، وهو ظاهر كلام الشيخ، وحمله أبو البركات ابن منجى على وقت الحاجة لسياقه فيها، وترجم الخلال رواية صالح كذلك. انتهى.

(و) كره أيضاً (بوله في شق) بفتح الشين، واحد الشقوق، (و) بوله في (سرب) بفتح السين والراء، وهو ما يتخذه الوحش والذئب بيتاً في الأرض؛ لما روى قتادة عن عبد الله بن سرجس قال:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الجحر. قالوا لقتادة: ما تكره من البول في الجحر؛ قال: يقال: انها مساكن الجن "

(1)

. رواه أحمد وأبو داود.

وقد روي: " أن سعد بن عبادة بال بجحر بالشام ثم استلقى ميتا. فسمع من

بئر بالمدينة قائلا يقول:

نحن قتلناسيدالخز

رج سعدبن عبادة

ورميناه بسهمين

فلم نخطئفؤاده "

(2)

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(29) 1: 8 كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الجحر.

(2)

أخرجه الطبراني في " الكبير "(5359 - 5360) 6: 16. =

ص: 203

فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه سعد. ولأنه يخشى أن يخرج ببوله دابة تؤذيه، أو ترده عليه فتنجسه.

(و) كره بوله في (اناء بلا حاجة).

قال في " الفروع ": والمنصوص: وفي اناء بلا حاجة. انتهى.

وعلم مما تقدم انه لا بأس به للحاجة؛ لقول أميمة: " كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح

من عَيدان يبول فيه ويضعه تحت السرير "

(1)

. رواه أبو داود والنسائي.

والعيدان بفتح العين: الطوال من النخل.

قال في " القاموس ": ومنها كان قدح يبول فيه النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.

(و) كره بوله في (مستحَم غير مُقيَّر أو مبلّط).

قال في " الفروع ": ومستحم غير مبلط. وعنه: ومبلط، وفي مقير روايتان. انتهى.

قال في " الشرح ": ولا يبول في المغتسل؛ لما روى الإمام أحمد

وأبو داود عن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله "

(2)

. وقد روي " أن عامة الوسواس منه "

(3)

. رواه أبو داود وابن ماجه. وقال: سمعت علي بن محمد يقول: انما هذا في الحفيرة، فأما اليوم

فمغتسلاتهم الجص والصاروج والقير. فإذا بال وأرسل عليه الماء فلا بأس به.

(1)

= وأخرجه ابن سعد 3: 2: 145، وفي " أسد الغابة " 2: 358، و" الاستيعاب " 4: 159، و" سير أعلام النبلاء " 1:277.

() أخرجه أبو داود في " سننه "(24) 1: 7 كتاب الطهارة، باب في الرجل يبول بالليل في الاناء ثم يضعه عنده.

وأخرجه النسائي في " سننه "(32) 1: 31 كتاب الطهارة، باب البول في الاناء.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(28) 1: 8 كتاب الطهارة، باب في البول في المستحم.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(53017) 4: 111.

(3)

أخرجه أبو داود (27) 1: 7 كتاب الطهارة، باب البول في المستحم.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(304) 1: 111 كتاب الطهارة، باب كراهية البول في المغتسل.

ص: 204

وقال الإمام أحمد: ان صب عليه الماء وجرى في البالوعة فلا بأس، وقد قيل: أن البصاق على البول يورث الوسواس، وان البول على النار يورث السقم. انتهى.

(و) كره أن يبول في (ماء رآكد) ولو كان كثيرا، (و) في ماء (قليل جار): أما الراكد، فـ " لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البول فيه "

(1)

في حديث متفق عليه. وعمومه يشمل الكثير الذي يشق نزحه في العادة.

وأما الجاري الكثير فلا بأس بالبول فيه، لأن تخصيص النهي بالراكد دليل على أن الجاري بخلافه.

وأما الجاري القليل فيتنجس بالبول.

قال في " الفروع ": وأطلق أحمد النهي عن بوله في راكد، وأطلق الآدمي البغدادي تحريمه فيه. وفي " النهايه ": يكره تغوطه فيه. انتهى.

قال في " الإنصاف ": ويكره بوله في ماء قليل جار، ولا يكره في الكثير على الصحيح من المذهب، واختار في " الحاوي الكبير " الكراهة، ويحرم التغوط في الماء الجاري على الصحيح جزم به في " المغني " و" الشرح ". وعنه: يكره، جزم به المجد في " شرحه " وابن تميم وصاحب " الحاوي الكبير " و" مجمع البحرين ". انتهى.

(و) كره (استقبال قبلة بفضاء باستنجاء او استجمار).

قال في " الإنصاف ": يكره استقبالها في فضاء باستنجاء واستجمار على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب. وقيل: لا يكره ذكره في " الرعاية ". قلت: ويتوجه التحريم. انتهى. قال في " الفروع " بعد أن قدم الكراهة: وقيل: لا؛ كبيت المقدس في

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(236) 1: 94 كتاب الوضوء، باب البول في الماء الدائم. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (281) 1: 235 كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد.

ص: 205

ظاهر نقل إبراهيم بن الحارث، وهو ظاهر ما في الخلاف، وحمل النهي حيث كان قبلة، ولا يسمى بعد النسخ قبلة، وذكر ابن عقيل في النسخ بقاء حرمته، وظاهر نقل حنبل فيه: يكره وفاقاً للشافعي. انتهى.

(و) كره (كلام فيه) أي في الخلاء (مطلقاً) سواء كان في غير مباح؛ كسؤال

عن شيء، أو مستحب؛ كإجابة مؤذن، أو و (3) ؛ كرد سلام. نص على هذه، لما روى ابن عمر قال:" مر بالنبي صلى الله عليه وسلم رجل وسلم عليه وهو يبول فلم يرد عليه "

(1)

. رواه مسلم وأبو داود.

وقال: " يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم ثم رد على الرجل السلام "

(2)

.

قال في " الفروع ": ويكره أن يتكلم ولو رد سلام نص عليه. وقال:

لا ينبغي أن يتكلم، وكرهه الأصحاب، وان عطس حمد بقلبه. وعنه: وبلفظه، وكذا إجابة المؤذن، ذكره أبو الحسين وغيره، وجزم صاحب " النظم " بتحريم القراءة في الحش وسطحه وهو متجه على حاجته، وظاهر كلام صاحب " المحرر " وغيره يكره؛ لأنه ذكر انه أولى من الحمام لمظنة نجاسته، وكراهه ذكر الله تعالى فيه خارج الصلاة، وفي " الغنية ": لا يتكلم، ولا يذكر الله

(3)

، ولا يزد على التسمية والتعوذ. انتهى.

(وحرم) على قاضي الحاجة لُبثُه فوق حاجته)، لما فيه من كشف العورة

بلا حاجة. وقيل: انه يدمي الكبد ويورث الباسور.

قال في " الفروع ": ولبثه فوق حاجته مضر عند الأطباء، وهو كشف لعورته خلوة بلا حاجة، وفي تحريمه وكراهته روايتان اختار القاضي وغيره الكراهه، واختار صاحب " المحرر " وغيره التحريم، وهي مساً لة سترها عن الملائكة والجن، ذكره أبو المعالي، ومعناه في " الرعاية "، ويوافقه كلام صاحب

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه ") 370) 1: 281 كتاب الحيض، باب التيمم. وأخرجه ائو داود في " سننه " (16) 1: 5 كتاب الطهارة، باب أي رد السلام وهو يبول.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(0 33) 1: 0 9 كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر.

(3)

زيادة من " الفروع " 1: 114.

ص: 206

" المحرر "

(1)

في ذكر الملائكة فانه احتج للتحريم بما رواه الترمذي عن ابن عمر مرفوعا: " إياكم والتعري فان معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهل هـ، فاستحيوهم وأكرموهم "

(2)

.

وكذا رفع ثوبه قبل دنوه من الأرض بلا حاجة. وحيث لم يحرم خلافاً

للشافعي كره، وفي كلام ابن تميم جاز. وعنه: يكره، كذا قال. انتهى.

(و) حرم (تغوطه) أي: أن يتغوط (بماء) قليل وكثير جار وراكد، (وبوله وتغوطه) أي: أن يبول أو يتغوط (بمورده) أي: مورد الماء، (وطريق مسلوك، وظل نافع)؛ لما روى معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل "

(3)

. رواه أبو داود وابن ماجه.

ولما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اتقوا اللاعنين؛ قالوا:

وما اللاعنان؛ قال: الذي يتخلى في طريق الناس، أو في ظلهم "

(4)

. رواه مسلم.

ففي إضافة الظل إليهم دليل على أن المراد المنتفع به، ولم يقيده في

" المستوعب ". وقيل: يكره البول في الطريق، والظل النافع، ومورد الماء، وصححه في " الإنصاف "، وصحح الحرمة في التغوط في الماء الجاري ثم قال: وعنه: يكره.

(1)

في " الفروع ": 1: 115. " المجرد ".

(2)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(2800) 5: 112 كتاب الأدب، باب ما جاء في الاستتار عند الجماع.

(3)

أخرجه أبو داود في " سننه "(26) 1: 7 كتاب الطهارة، باب المواضع التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فيها.

وأخر جه ابن ماجه في " سننه "(328) 1: 119 كتاب الطهارة، باب النهي عن الخلاء على قارعه الطريق.

(4)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(269) 1: 226 كتاب الطهارة، باب النهى عن التخلي في الطرق والظلال.

ص: 207

وقال في " الشرح ": وأما الجاري فلا يجوز التغوط فيه؛ لأنه يؤذي من يمر به.

(وتحت شجرة عليها ثمر)؛ لأنه يفسد على الناس ثمرهم وتعافه النفس.

فأما إذا لم يكن عليها ثمر جاز أن لم يكن ظلا نافعاً؛ لأن أثر ذلك يزول بالأمطار إلى مجيء الثمرة.

(وعلى ما نهي عن استجماره به لحرمته)؛ كطعام الآدميين والبهائم.

(و) حرم (في فضاء) دون بنيان (استقبال قبلة واستدبارها)؛ لما روى

أبو أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا "

(1)

. رواه البخاري ومسلم. ولأن جهة القبلة أشرف الجهات فصينت عن ذلك. وانما جاز ذلك في البنيان؛ لما روى الحسن بن ذكوان عن مروان الأصفر قال: " رأيت ابن عمر اناخ رأحلته ثم جلس يبول إليها فقلت: أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا؛ فقالك انما نهي عن هذا في الفضاء، أما إذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس "

(2)

. رواه أبو داود وابن خزيمة والحاكم وقالا: على شرط البخاري. والحسن وان كان قد ضعفه جماعه فقد قواه جماعة، وروى له البخاري.

فهذا تفسير لنهيه صلى الله عليه وسلم العام. فتحمل أحاديث النهي على الفضاء. وأحاديث الرخصة على البنيان.

قال في " الإنصاف ": أعلم أن في هذه المسألة روايات:

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(386) 1: 4 5 1 أبواب القبلة، باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(264) 1: 224 كتاب الطهارة، باب الاستطابه.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(11) 1: 3 كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة.

وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه "(60) 1: 35 كتاب الوضوء، باب ذكر الخبر المفسر.

وأخرجه الحاكم في " المستدرك " ا: 54.

ص: 208

إحداها: جواز الاستقبال والاستدبار في البنيان دون الفضاء، وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب.

قال الشيخ تقي الدين: هذا المنصوص عند الأصحاب.

قال في " الفروع ": اختاره الأكثر وجزم به في " الإيضاح " و" تذكرة ابن عقيل " و" الطريق الأقرب " و" العمدة " و" المنور " و" التسهيل " وغيرهم، وقدمه في " المحرر " و" الخلاصة " و" الحاويين " و" الفائق " و" النظم " و" مجمع البحرين ".

وقال: هذا تفصيل المذهب واختاره ابن عبدوس في " تذكرته " وصححه

ابن عبيدان وغيره.

والثانية: يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء والبنيان. جزم به في

" الوجيز " و" المنتخب "، وقدمه في " الرعايتين " واختاره أبو بكر عبد العزيز

(1)

والشيخ تقي الدين وصاحب " الهدي " و" الفائق " فيه وغيرهم. والثالثة-: يجوز فيهما.

والرابعة: يجوز الاستدبار في الفضاء والبنيان، ولا يجوز الاستقبال فيهما.

والخامسة: يجوز الاستدبار في البنيان فقط. انتهى.

(ويكفي انحرافه) عن الجهة.

قال في " الفروع ": نقله أبو داود، ومعناه في " الخلاف " وفي " جامعه الكبير ". احتج لوجوب توجه المصلي إلى العين بأن التوجه ثبت للكعبة للتعظيم فيستوي فيه المواجهة. والغيبة كالمنع من الاستقبال والاستدبار بالبول. قال: ومن ذهب إلى توجه المصلي إلى الجهة يقول: الاستقبال والاستدبار يحصل إلى الجهة في حال الغيبة، وظاهر كلام صاحب " المحرر " وحفيده: لايكفي. انتهى.

(1)

في ج: بن عبد العزيز.

ص: 209

(و) يكفي أصلاً " (حائل ولو) كان الحائل (كمؤخرة الرحل).

قال في " الفروع ": ويكفي الاستتار في الأشهر بدابة، وجداًر، وجبل ونحوه. وفي إرخاء ذيله يتوجه وجهان.

وظاهر كلامهم: لا يعتبر قربه منها كما لو كان في بيته، ويتوجه وجه كسترة صلاة. يؤيده انه يعتبر نحو آخرة الرحل لتستر أسافله. انتهى.

(ويسن) لقاضي الحاجة (إذا فرغ) من حاجته (مسح ذكره من حلقة دبره) فيضع أصبعه الوسطى تحت الذكر والإبهام فوقه (إلى رأسه ثلاثاً) " لئلا يبقى شيء من البلل في ذلك المحل.

(و) سن أيضاً بعد ذلك (نتره) أي الذكر (ثلاثاً) نص على ذلك وهو بالمثناة.

قال في " القاموس ": واستنتر من بوله اجتذبه واستخرج بقيته من الذكر عند الاستنجاء حريصا عليه مهتما به. انتهى.

قال في " الفروع ": وذكر جماعة ويتنحنح، زاد بعضهم ويمشي خطوات،

وعن أحمد نحو ذلك.

وقال شيخنا: ذلك كله بدعة، ولا يجب باتفاق الأئمة، وذكر في " شرح

العمدة " قولا: تكره نحنحة ومشي ولو احتاج إليه، لأنه وسواس.

وقال الشيخ: يستحب أن يمكث بعد بوله قليلا. انتهى.

والأصل في مشروعيه النتر، ما روى عيسى بن يزداد عن أبيه مرفوعا قال:

" إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثاً "

(1)

. رواه أحمد وأبو داود. ولأنه بالنتر يستخرج ما عساه أن يبقى ويخشى عوده بعد الاستنجاء.

(و) سن (بداء ذكر وبكر بقُبُل): أما الذكر، فلئلا تتلوث يده إذا بدأ بالدبر، لأن قبله بارز. وأما البكر فألحقت بالذكر، لوجود عذرتها.

(1)

أخرجه أبو دا ود في "مراسيله " ص: 73 كتاب الطهارة. وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(326) 1: 18 1 كتاب الطهارة، باب الاستبراء بعد البول.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(19020) 4: 347.

ص: 210

(وتُخيّر ثيب) في البداءة بما شاءت من قبل أو دبر. وقيل: تبدا بالدبر.

ومتى لم ينتشر بول الثيب أجزأها الحجر ونحوه كالبكر.

قال في " الإنصاف ": وان تعدى إلى مخرج الحيض فقال الأصحاب: يجب غسله كالمنتشر على

(1)

المخرج. ويحتمل أن يجزئ فيه الحجر.

قال المجد في " شرح الهداية ": وهو الصحيح فانه معتاد كثيراً والعمومات تعضد ذلك، واختاره في " مجمع البحرين " و" الحاوي الكبير "، وقال هو وغيره: هذا إذا قلنا: يجب تطهير باطن فرجها على ما اختاره القاضي، والمنصو عن أحمد: انه لا يجب فتكون كالبكر قولا واحدا، وأطلقها ابن تميم. انتهى.

(و) سن (تحول من يخشى تلوثا) باستنجائه في مكانه؛ لئلا يتنجس.

(و) سن (قول خارج) للخلاء ونحوه: (غفرانك) بالنصب على المفعولية أي: أسألك غفرانك، مأخوذ من الغفر وهو الستر. والسر في ذلك انه لما خلص من النجو المثقل للبدن ساًل الخلا ص مما يثقل القلب وهو الذنب " لتكمل الراحة. والأصل في مشروعية ذلك ما روت عائشة قالت:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك "

(2)

. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

(و) سن له أيضاً أن يقول: (الحمد لله الذي اذهب عني الأذى وعافاني)،

لما روى أنس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني "

(3)

. رواه ابن ماجه من رواية إسماعيل بن مسلم، وقد ضعفه الأكثر.

وفي " مصنف عبد الرزاق ": " أن نوحا عليه السلام كان يقول إذا خرج من الخلاء: الحمد لله الذي اذاقني لذته، وأبقى في منفعته، وأذهب عني أذاه ".

(1)

في " الانصاف ": عن 1: 106.

(2)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(7) 1: 12 أبواب الطهارة، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء.

(3)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(301) 1: 110 كتاب الطهارة، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء.

ص: 211

(و) يسن الجمع بين الحجر والماء فيسن (استنجاء بحجر ثم ماء) بعد الحجر؛ لقول عائشة رضي الله تعالى عنها للنساء: " مرن أزواجكن أن يتبعوا الحجارة الماء فانى استحييتهم، وان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله "

(1)

. رواه أحمد واحتج به في رواية حنبل والنسائي والترمذي وصححه. ولأن هذا أبلغ في الانقاء؛ لأن الحجر يزيل عين

(2)

النجاسة فلا تباشرها يده والماء يزيل ما بقى.

(فان عكس) بأن بدأ بالماء ثم ثنى بالحجر (كره) له ذلك. نص عليه.

(ويجزئه أحدهما) وهو الاستنجاء بالماء فقط أو بالحجر فقط؛ لقول أكثر

أهل العلم.

وحكي عن سعد بن أبي وقا ص وابن الزبير أنهما انكرا الاستنجاء بالماء. قال سعيد بن المسيب: هل يفعل ذلك إلا النساء.

وقال عطاء: غسل الدبر محدث.

ودليل الأول ما روى أنس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل انا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء "

(3)

. متفق عليه.

وأما الاقتصار على الحجر فهو جائز بغير خلاف بين أهل العلم، ومما يدل على ذلك ما روى أحمد وأبو داود من حديث جابر مرفوعا:" إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة احجار فانها تجزئ عنه "

(4)

.

(1)

أخرجه الترمذي في " جامعه ") 19) 1: 30 أبواب الطهارة، باب ما جاء في الاستنجاء بالماء. وأخرجه النسائي في " سننه ") 46) 1: 42 كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء.

وأخرجه أحمد في " مسنده ") 24683) 6: 95.

(2)

في أوج: ما على.

(3)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(151) 1: 69 كتاب الوضوء، باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (271) 1: 227 كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء من التبرز.

(4)

أخرجه أبو داود في " سننه "(40) 1: 10 كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة. =

ص: 212

(والماء) وحده (أفضل) من الحجر وحده (كجمعهما) أي: كما أن جمعهما أفضل من الاقتصار على أحدهما؛ لماروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

" نزلت هذه الآية في أهل قباء {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} [التوبة: 108]

قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية "

(1)

. رواه أبو داود.

وروي عن ابن عمر: انه كان لا يفعله ثم فعله. وقال لنافع: انا جربناه فوجدناه صالحا. ولأنه يزيل العين والأثر، ويطهر المحل وأبلغ في التنظيف.

وأجيب عن انكار سعد بن أبي وقاص وابن الزبير، بأنه كان على من يعتقد وجوبه ولا يرى الأحجار مجزئة؛ لأنهم شاهدوا من الناس محافظة عليه فخافوا التعمق في الدين. فإذا استعمل الماء في فرج والحجر في آخر فلا بأس به.

(ولا يجزئ فيما) أي: في خارج من سبيل (تعدى موضع عادة) مثل: أن

ينتشر الخارج على شيء من الصفحة أو يمتد إلى الحشفة امتدادا غير معتاد (إلا الماء)؛ لأن الاستجمار في المحل المعتاد رخصة لأجل المشقة في غسله لتكرر النجاسة فيه، فما لا يتكرر لا يجزئ فيه إلا الماء؛ كما لو تعدت يده أو رجله ونحوهما.

قال في " الفروع ": ونص أحمد رضي الله تعالى عنه: لا يستجمر في غير المخرج. وقيل: يستجمر في الصفحتين والحشفة وفاقاً للشافعي، واختار شيخنا وغيره

(2)

ذلك للعموم. وظاهر كلامهم: لا يمنع القيام الاستجمار ما لم يتعدى الخارج خلافاً للشافعي ولا يجب الماء لغير المتعدي. نص عليه. وقيل: بلى. ويتوجه مع اتصاله، ولا للنادر خلافاً لمالك. انتهى.

ومما لا يجزئ فيه إلا الماء ما أشير إليه بقوله: (كقبلي خنثى مشكل).

(1)

= وأخرجه أحمد في " مسنده "(24815) 6: 108. كلاهما عن عائشة. ولم أجده من حديث جابر بهذا اللفظ.

() أخرجه أبو داود في " سننه "(44) 1: 11 كتاب الطهارة، باب في الاستجاء بالماء.

(2)

في الأصول: وغير. وما أثبت من " الفروع " 1: 119.

ص: 213

قال في " الإنصاف ": إذا خرج من أحد فرجي الخنثى نجاسة لم يجزئه الاستجمار، قاله في " النهاية " وجزم به ابن عبيدان، وقدمه في " الفروع "، ذكره في نواقض الوضوء. وقيل: يجزئ الاستجمار سواء كان مشكلا أو غيره إذا خرج من ذكره وفرجه.

قال في " الفروع ": ويتوجه وجه. يعني بالأجزأء. انتهى.

ووجه الأول: أن الأصل من القبلين غير معلوم، والاستجمار بالحجر

لا يجزئ في غير فرج أصلي. والله أعلم.

(و) كتنجس (مخرج غير فرج) بخارج منه أو من غيره.

قال في " الشرح ": وان انسد المخرج المعتاد وأنفتح آخر لم يجز فيه الاستجمار. وحكي عن بعض أصحابنا انه صار معتادا. ولنا أن هذا نادر بالنسبة إلى سائر الناس. فلم يثبت فيه أحكام الفرج. ولأن لمسه لا ينقض الوضوء ولا يتعلق بالإيلاج فيه شيء من أحكام الوطء.

أشبه سائر البدن. انتهى.

(و) كتنجس (مخرج بغير خارج واستجمار بمنهي عنه).

قال في " الإنصاف ": لو تنجس المخرجان أو أحدهما بغير الخارج ولو باستجمار بنجس وجب الماء عند الأصحاب. وفي " المغني " احتمال بأجزأء الحجر.

قال الزركشي: وهو وهم. انتهى.

(ولا يجب غسل نجاسة وجنابة بداخل فرج ثيب ولا) بداخل (حشفة أقلف

غير مفتوق).

قال في " الإنصاف ": لا يجب غسل ما أمكن من داخل فرج ثيب في نجاسة وجنابة على الصحيح من المذهب نص عليه. انتهى.

قال في " الفروع ": وفي وجوب غسل ما أمكن من داخل فرج ثيب في

ص: 214

نجاسة وجنابة وجهان، والنص عدمه فلا تدخل يدها واصبعها بل ما ظهر وفاقاً للشافعي. نقل جعفر: إذا اغتسلت فلا تدخل يدها في فرجها.

قال في " الخلاف ": أراد ما غمض من الفرج " لأن المشقة تلحق فيه.

قال ابن عقيل وغيره: هو باطن. وقال أبو المعالي وصاحب " الرعاية "

(1)

وغيرهما: هو في حكم الظاهر، وذكره في " المطلع " عن أصحابنا، واختلف كلام القاضي. وعلى ذلك يخرج إذا خرج ما احتشته ببلل هل ينقض؛

قال في " الرعاية ": لا، لأنه في حكم الظاهر.

وقال أبو المعالي: أن ابتل ولم يخرج من مكانه فان كان بين الشفرين نقض، وان كان داخلا لم ينقض، وقاله الحنفية قالوا: وان أدخلت أصبعها فيه انتقض " لأنها لا تخلو عن بلة. ويتوجه عندنا الخلاف. ويتخرج وفاقاً على ذلك أيضاً: فساد الصوم بدخول أصبعها، أو حيض إليه. والوجهان في حشفة الأقلف. وذكر

(2)

بعضهم أن حكم طرف القلفة كرأس الذكر، وأوجب الحنفية ما لا مشقة فيه من الفرج دون الأقلف، والدبر في حكم الباطن لإفساد الصوم بنحو الحقنة، ولا يجب غسل نجاسته. انتهى.

ويستحب لمن استنجى بالماء أن ينضح فرجه وسراًويله.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. وعنه: لا يستحب كمن استجمر. انتهى.

قال في " الفروع ": ومن ظن خروج شيء فقال أحمد: لا يلتفت حتى يتيقن زواله عنه فانه من الشيطان، فانه يذهب ان شاء الله تعالى. ولم ير أحمد حشو الذكر في ظاهر ما نقله عبد الله، وانه لو فعل فصلى ثم أخرجه فوجد به بللا فلا بأس، ما لم يظهر خارجا. وكره الصلاة فيما أصابه الاستنجاء

(3)

حتى

(1)

في ج: و" الرعاية ".

(2)

في الأصول: ويكره. وما اثبت من " الفروع " 1: 122.

(3)

في " الفروع ": الاستجمار 1: 123.

ص: 215

يغسله، ونقل صالح: أو يمسحه، ونقل عبد الله: لا يلتفت إليه. انتهى. (ولا يصح استجمار إلا بطاهر) فلا يصح بنجس؛ " لأن ابن مسعود جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحجرين وروثة يستجمر بهما فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: هذا ركس "

(1)

يعني: نجسا. رواه الترمذي. وهذا تعليل من النبي صلى الله عليه وسلم يجب المصير إليه. ولأنه إزالة نجاسة فلا يحصل بالنجس كالغسل. وقد تقدم انه إذا استجمر بنجس لا يجزئ في المحل بعد ذلك إلا الماء.

(مباح) فلا يصح بمحرم؛ كمغصوب وذهب اوفضة؛ لأن الاستجمار رخصة، والرخص لا تستباح على وجه محرم. واختار الشيخ تقي الدين الأجزأء في ذلك.

(مُنقًّ) اسم فاعل من أنقى أي: قالع؛ (كحجر وخشب وخِرَق).

فلا يجزئ بأملس من زجاج ونحوه، ولا بشيء رخو أو ندي؛ لأنه إذا لم يُنَقّ لم يحصل المقصود منه.

(وهو) أي الانقاء بالحجر ونحوه (ان يبقى أثر لا يزيله إلا الماء، و) الانقاء (بماء خشونة المحل) بأن يدلكه حتى يرجع خشنا (كما كان) قبل خروج الخارج، ويواصل صب الماء ويسترخي قليلا.

(وظنه) الانقاء (كاف) فلا يشترط التحقق.

قال في " الإنصاف ": لو أتى بالعدد المعتبر اكتفى في زوالها بغلبة الظن. ذكره ابن الجوزي في " المذهب "، وجزم به جماعة من الأصحاب، وقدمه في " القواعد الأصولية ".

وقال في " النهاية ": لا بد من العلم بذلك. انتهى.

(وحرم) الاستجمار (بروث) ولو كان لمأكول (وعظم)؛ لما روى مسلم عن

(1)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(17) 1: 25 أبواب الطهارة، باب ما جاء في الاستنجاء بالحجرين.

ص: 216

ابن مسعود

(1)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تستنجوا بالروث ولا بالعظم فانه زاد إخوانكم من الجن "

(2)

.

وروى الدارقطني: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن نستنجي بروث أو عظم وقال:

أنهما لا يطهران "

(3)

. وقال: إسناد صحيح.

وروى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم " انه قال لرويفع بن ثابت: أخبر الناس انه من استنجى برجيع اوعظم فهو بريء من محمد "

(4)

.

وهذا عام في الظاهر منها وغيره. والنهي يقتضي الفساد وعدم الأجزأء.

(و) حرم أيضاً بـ (طعام ولو) كان الطعام (لبهيمة)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل النهي عن الروث والعظم بكونه زاد الجن فزادنا وزاد بهائمنا أولى؛ لكونه أعظم حرمة.

(و) حرم أيضاً بـ (ذي حرمة)؛ ككتب الفقه والحديث ونحو ذلك؛ لما فيه

من هتك الشريعة والاستخفاف بحرمتها.

(و) حرم أيضاً بـ (متصل بحيوان)؛ كذنب البهيمة وصوفها المتصل بها؛ لأن له حرمة فهو كالطعام وقد ينجس شيئاً يلاقيه.

قال في " الفروع ": ويحرم في الأصح بجلد سمك أو حيوان مذكى. وقيل: مدبوغ أو حشيش رطب. انتهى.

(ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات؛ إما بحجر ذي شعب أو بثلاثة (تعم كل مسحة المحل).

قال في " الإنصاف ": وكيفما حصل الانقاء في الاستجمار أجزأ.

(1)

في ج: أبي.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(450) 1: 332 كتاب الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن.

(3)

أخرجه الدارقطني في " سننه "(9) 1: 56 كتاب الطهارة، باب الاستنجاء. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

أخرجه ائو داود في " سننه "(36) 1: 9 كتاب الطهارة، باب ما ينهى عنه أن يستجى به.

ص: 217

وقال القاضي وغيره: المستحب أن يُمِرَّ الحجر الأول من مقدم صفحته اليمنى إلى مؤخرها، ثم يديره على اليسرى حتى يرجع به إلى الموضع الذي بدأ منه، ثم يمر الثانى من مقدم صفحته اليسرى كذلك، ثم يمر الثالت على المسربة والصفحتين فيستوعب المحل في كل مرة. انتهى.

وعنه: لا يجزئ أدل من ثلاثة أحجار فلا يجزئ الحجر ذو الشُّعَب؛

لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار "

(1)

. رواه مسلم.

والأول أصح؛ لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا تغوط أحدكم فليتمسح ثلات مرات "

(2)

. رواه أحمد.

وهذا يبين أن المقصود تكرار المسح لا تكرار الممسوح به. ولأنه استجمر بالحجر الكبير ثلاثاً منقية. فأجزأه؛ كما لو فصله ثلاثة أحجار واستجمر بكل منها فانه لا- فرق بين الصورتين إلا تفصيله، ولا أثر لذلك في التطهير. والحديث يقتضي ثلاث مسحات بحجر؛ كما يقال: ضربته ثلاثة أسواط، أي: ثلاث ضربات بسوط. وذلك لأن معناه معقول ومراده معلوم، والحاصل من ثلاث أحجار الحاصل من ثلاث شعب، وكما لو مسح ذكره في صخرة عظيمة بثلاثة مواضع منها فلامعنى للجمود على اللفظ مع وجود ما يساويه.

(فان لم ينق) بالمسحات الثلاث (زاد) حتى ينقى؛ لأن المحل إذا لم ينق لم يحصل المقصود بالاستجمار.

(وسن قطعه) أي: قطع ما زاد على الثلاث (على وتر)؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من استجمر فليوتر. من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج "

(3)

. رواه الإمام أحمد وأبو داود.

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(262) 1: 224 كتاب الطهارة، باب الاستطابة.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده ") 14606) 3: 336.

(3)

أخرجه أبو داود في " سننه "(35) 1: 9 كتاب الصلاة، باب الاستتار في الخلاء.

وأخرجه أحمد في " مسنده ") 8825) 2: 371.

ص: 218

فإذا أنقى برابعة قطع على خامسة وهكذا، وان أنقى على وتر كخامسة أو سابعة لم يزد شيئاً.

(ويجب) الاستجمار (لكل خارج) من سبيل ولو نادرا كالدودة ونحوها، لعموم الأحاديث (إلا الريح) وفاقاً؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من استنجى من ريح فليس منا "

(1)

. رواه الطبرانى في " معجمه الصغير ".

قال الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه: ليس في الريح استنجاء في كتاب الله

ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وعن زيد بن أسلم " في قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] إذا قمتم من النوم "

(2)

. ولم يأمر بغيره. ولأن الوجوب من الشرع، ولم يرد به نص ولا هو في معنى المنصوص.

قال في " الشرح ": ولأنها ليست نجسة ولا يصحبها نجاسة. فلم يجب

غسل المحل منها؛ كسائر المحال الطاهرة. انتهى.

قال في " الفروع ": وهو واجب خلافاً لمالك في إحدى الروايتين عنه ولو لم يزد على درهم خلافاً لأبي حنيفة لكل خارج، وقيل: نجس. وقيل: نجس ملوث وهو أظهر وفاقاً للشافعي لا من ريح وفاقاً.

وقال في " المبهج ": لأنها عرض بإجماع الأصوليين. كذا قال.

وفي " الانتصار ": منع الشرع منه، وهي طاهرة، وفي " النهاية ": نجسة، فتنجس ماء يسيرا، والمراد على المذهب، أو أن تغير بها، وفي " الانتصار ": طاهرة لا تنقض بنفسها، بل بما يتبعها من النجاسة فتنجس ماء يسيرا. ويعفى عن خلع السراويل للمشقة، كذا قال. وقيل: الاستنجاء من نوم وريح وان أصحابنا بالشام قالب: الفرج ترمص كما ترمص العين، وأوجبت غسله، ذكره أبو الوقت الدينوري، ذكره ابن الصيرفي. انتهى كلامه في " الفروع ".

(1)

أخرجه ابن عدي في " الكامل " 1: 196. ولم أره في " معجم الطبرانى الصغير ".

(2)

أخرجه مالك في " موطئه "(9) 1: 49 كتاب الطهارة، باب: وضوء النائم إذا قام إلى الصلاة.

ص: 219

قال بعض الأصحاب معارضا لقوله في " المنهج ": أن الريح عرض بإجماع الأصوليين: من المعلوم أن للريح الخارج من الدبر رائحة منتنة قائمة بها ولا شك في كون الرائحة عرضا فلو كانت الريح أيضاً عرضا لزم قيام العرض بالعرض، وهو غير جائز عند المتكلمين.

(و) إلا الخارج (الطاهر، و) النجس (غير الملوث).

قال في " التنقيح ": ويجب لكل خارج إلا الريح. قلت: والطاهر وغير الملوث. انتهى.

وصحح في " الإنصاف " وجوب الاستنجاء منهما ثم قال: وقيل: لا يجب الاستنجاء للخارج الطاهر، وهو ظاهر " المحرر " و" المنور " و" المنتخب " فانهم قالوا: وهو واجب لكل نجاسة من السبيل وكذا قيده المجد في " شرح الهداية ".

قال ابن عبدوس في " تذكرته ": ويجب

(1)

أحدهما لسبيل نجس بخارجه.

قال في " التسهيل ": وموجبه خارج من سبيل سوى طاهر. وقيل:

لا يجب للخارج الطاهر ولا للنجس غير الملوث قال: وتبعه الشارح، والقياس لا يجب الاستنجاء من ناشف لا ينجس المحل، وكذا إذا كان الخارج طاهراً؛ كالمني إذا حكمنا بطهارته؛ لأن الاستنجاء انما شرع لإزالة النجاسة، ولا نجاسة هنا.

قال في " الفروع ": وهو أظهر، قال في " الرعاية الكبرى ": وهو أصح قياساً. قلت: وهو الصواب. وكيف يستنجي أو يستجمر من طاهر؛ أم كيف

يحصل الانقاء بالأحجار في الخارج غير الملوث؛ وهذا من أشكل ما يكون. انتهى كلامه في " الإنصاف ".

(1)

في " الانصاف " 1: 113. ويجزئ.

ص: 220

وانما لم أذكر ما صححه في " الإنصاف " وعزاه إلى جماهير الأصحاب من وجوب الاستنجاء من الطاهر وغير الملوث؛ لأنه لم يذكره في " التنقيح ".

(ولا يصح وضوء ولا تيمم قبله) أي: قبل الاستنجاء.

قال في " الفروع ": ولا يصح تقديم الوضوء عليه اختاره الأكثر. وعنه: يصح وفاقاً للأئمة الثلاثة وكذا التيمم. وقيل: لا يصح وفاقاً للشافعي. انتهى. ووجه المذهب: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث المقداد المتفق عليه: " يغسل ذكره ثم يتوضأ "

(1)

. ولأنها طهارة يبطلها الحدث. فاشترط تقديم الاستنجاء عليها؛ كالتيمم.

والحكم في التيمم مخرج على الروايتين في الوضوء. وقيل: لا يصح وجها واحدا؛ لأنه لا يرتفع الحدث، وانما تستباح به الصلاة، ولا تباح مع قيام المانع؛ كالتيمم قبل الوقت.

فائدة:

قال في " الإنصاف ": لو كانت النجاسة على غير السبيلين، أو على السبيلين غير خارجة منهما: صح الوضوء قبل زوالها على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم. وقيل: لا يصح. قاله القاضي في بعض كلامه.

قال ابن البنا

(2)

: وليس بشيء. ثم قال بعد ذلك بأسطر: فعلى القول بعدم الصحة في التيمم: لو كانت النجاسة في غير السبيلين: صح تقديم التيمم على غسلها على الصحيح من المذهب، اختاره ابن عقيل في " الفصول ". قال المصنف في " المغني " وتبعه ابن منجى في " شرحه ": والأشبه الجواز. وصححه في " الرعاية الكبرى ". انتهى.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه (288) 1:111 كتاب الغسل، باب غسل ما يصيب من فرج المرأة. عن عثمان.

وأخرجه مسلم في " صحيحه (303) 1: 247 كتاب الحيض، باب المذي.

(2)

في " الانصاف " 1: 115 ابن رزين.

ص: 221

تذنيب:

قال في " الفروع ": قال شيخنا: ويحرم منع المحتاج إلى الطهارة ولو وقفت على طائفة معينة، كمدرسة ورباط، ولو في ماله " لأنها بموجب الشرع والعرف مبذولة للمحتاج، ولو قدر أن الواقف صرح بالمنع فانما يسوغ مع الاستغناء، وإلا فيجب بذل المنافع المختصة للمحتاج " كسكنى داره، والانتفاع بماعونه، ولا أجرة في الأصح.

قال: وان كان في دخول أهل الذمة طهارة المسلمين تضييق أو تنجيس أو إفساد ماء ونحوه وجب منعهم، قال: وان لم يكن ضرر ولهم ما يستغنون به عن مطهرة المسلمين، فليس لهم مزاحمتهم. والله أعلم.

ص: 222

[باب السواك]

هذا (باب) يذكر فيه مسائل من أحكام السواك والادهان والاكتحال والختان والحلق ونحو ذلك.

وسنن الوضوء: (التسوك). مصدر تسوك إذا دَلَّك فمه بالعود.

(وكونه) أي: التسوك) عَرْضاً) بالنسبة إلى الأسنان طولاً بالنسبة إلى الفم، وكونه (بيسراًه) أي: بيده اليسرى (على الأسنان) جمع سن بكسر السين، (و) على (لِثًة) بتخفيف المثلثة وفتحها وكسر اللام، (و) على (لسان بعود رطب ينقي) الفم (ولا يجرح) ما يستاك به عليه، (ولا يضره ولا يتفتت) في الفم.

(ويكره بغيره) أي: بغير الرطب وبغير الذي ينقي الفم وبغير الذي لا يجرح ولا يضر ولا يتفتت.

(مسنون) خبر للتسوك (مطلقاً) أي: في جميع الأوقات؛ لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " السواك مطهرةٌ للفم مرضاة للرب "

(1)

. رواه الشافعي وأحمد وابن خزيمة والبخاري تعليقاً. ورواه أحمد أيضاً عن أبي بكر وابن عمر رضي الله عنهما

(2)

.

(1)

ذكره البخاري في " صحيحه " تعليقاً 2: 682 كتاب الصوم، باب السواك الرطب واليابس للصائم. وأخرجه أحمد في " مسنده " (24249) 6:47.

وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه "(135) 1: 70 كتاب الوضوء، باب فضل السواك وتطهير الفم به.

وأخرجه الشافعي في " مسنده "(71) 1: 30 كتاب الطهارة، باب في صفه الوضوء.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(7) 1: 3 عن أبي بكر الصديق. وفي (4377 2) 6: 62. عن عائشة، ولم أره عن ابن عمر.

ص: 223

وعن عائشة أيضاً قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته يبدأ بالسواك "

(1)

. رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.

(إلا لصائم بعد الزوال فيكره)؛ لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

" لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك "

(2)

. متفق عليه.

وهو انما يظهر غالباً بعد الزوال. فوجب اختصاص الحكم به. ولأنه أثر عبادة تستطاب شرعاً. فتستحب إدامته، كدم الشهيد عليه.

وعنه: يباح بعد الزوال.

وعنه: يستحب. قال في " الفروع ": اختاره شيخنا، وهو أظهر.

(ويباح قبله) أي: قبل الزوال (بعود رطب). وعنه: يكره به قبل الزوال أيضاً.

والأول أصح " لما روى عامر بن ربيعة قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم "

(3)

. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. ورواه البخاري تعليقاً.

وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من خير خصال الصائم:

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(253) 1: 220 كتاب الطهارة، باب السواك. وأخرجه أبو داود في " سننه " (51) 1: 13 كتاب الطهارة، باب في الرجل يستاك بسو اك غيره.

وأخرجه النسائي في " سننه "(8) 1: 13 كتاب الطهاره، باب السواك في كل حين. وأخرجه ابن ماجه في " سننه " (290) 1: 106 كتاب الطهارة، باب السواك.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(25596) 6: 188.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه "(1805) 2: 673 كتاب الصوم، باب هل يقول: اني صائم إذا شُتم. وأخرجه مسلم في " صحيحه "(1151) 1: 807 كتاب الصيام، باب فضل الصيام.

(3)

ذكره البخاري في " صحيحه " تعليقاً 2: 682 كتاب الصوم، باب السواك الرطب واليابس للصائم. وأخرجه أبو داود في " سننه " (2364) 2: 307 كتاب الصوم، باب السواك للصائم.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(725) 3: 17 كتاب الصوم، باب ما جاء في السواك للصائم.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(15124) ط إحياء التراب.

ص: 224

السواك "

(1)

. رواه ابن ماجه.

وهذان الحديثان محمولان على ما قبل الزوال؛ لما روى البيهقي بإسناده

عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشية "

(2)

.

(و) التسوك للصائم قبل الزوال (بيابس يستحب).

قال في " الإنصاف ": وأما الصائم قبل الزوال: فان كان بسواك غير رطب استحب له. ولم يذكر في ذلك خلافاً ويستدل لذلك بالحديثين المذكورين المتقدمين.

(ولم يصب السنة من استاك بغير عود) كمن استاك بأصبعه أو بخرقة؛ لأن

الشرع لم يرد به، ولا يحصل بذلك الانقاء الحاصل بالعود. وقيل: يصيبها.

وظاهر قوله في استحباب التسوك بعود رطب: التساوي بين جميع ما يستاك

به من العيدان.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب وعليه الأصحاب، وقال في

" الفر وع ": ويتوجه احتمال: أن الأراك أولى. انتهى. قلت: ويتوجه أن أزال أكثر.

وذكر الأزجي: انه لا يعدل عن الأراك والزيتون والعرجون إلا لتعذره.

قال في " الرعاية الكبرى ": من أراك أو زيتون أو عرجون. وقيل: أو قتاد. واقتصر كثير من الأصحاب على هذه الثلاثة. انتهى كلامه في " الإنصاف ".

قال في " الفروع ": ويكره بقصب؛ كريحان ورمان وآس ونحوها.

(1)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(1677) 1: 536 كتاب الصيام، باب ما جاء في السواك والكحل للصائم.

(2)

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 4: 274 كتاب الصيام، باب من كره السواك بالعشي.

ص: 225

وقيل: يحرم وكذا تخلله به، قال بعضهم: ولا لتسوك بما يجهله؛ لئلا يكون من ذلك. انتهى.

(ويتآكد) استحباب السواك في خمسة مواضع: (عند صلاة): لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة "

(1)

. رواه الجماعة.

يعني: لأمرتهم به أمر إيجاب.

ولما روى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرضت عليهم الوضوء "

(2)

. قال الشافعي: لو كان واجباً لأمرهم به شق أو لم يشق.

(و) عند (انتباه) من نوم؛ لما روى حذيفة قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك "

(3)

. متفق عليه.

يعني: يغسله، يقال: شاصه وماصه إذا غسله.

وعن عائشة قالت

(4)

: " كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرقد من ليل أو نهار فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ "

(5)

. رواه الإمام أحمد.

(و) عند (تغير رائحة فم) بمأكول أو غيره؛ لأن السواك مشروع لتطييب الفم

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه ") 847) 1: 303 كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة.

وأخرجه مسلم في " صحيحه ") 252) 1: 220 كتاب الطهارة، باب السواك.

وأخرجه أبو داود فى " سننه ") 46) 1: 12 كتاب الطهارة، باب السواك.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(22) 1: 34 أبواب الطهارة، باب ما جاء في السواك.

وأخرجه النسائي في " سننه ") 7) 1: 12 كتاب الطهارة، الرخصة في السواك بالعشي للصائم.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(287) 1: 105 كتاب الطهاره، باب السواك.

وأخرجه أحمد في " مسنده ") 7335) 2: 45 2.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده ") 1835) 1: 214.

(3)

أخرجه البخاري في " صحيحه ") 1085) 1: 382 أبواب التهجد، باب طول القيام في صلاة الليل.

وأخرجه مسلم في " صحيحه ") 255) 1: 220 كتاب الطهاره، باب السواك.

(4)

في ج: قال.

(5)

أخرجه أحمد في " مسنده ") 25312) 6: 160.

ص: 226

وإزالة رائحته فتأكد عند تغيره.

(و) عند (وضوء)؛ لما جاء في حديث أبي هريرة: " لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء "

(1)

. رواه الإمام أحمد وهو للبخاري تعليقاً.

(و) عند (قراءة) قرآن. قاله في " الفروع " و" الفائق " و" الرعاية الصغرى "

و" الحاويين " و" النظم " و" تذكرة ابن عبدوس " وغيرهم، زاد في " التسهيل ": وعند دخول المنزل، واختار المجد في " شرح الهداية " وزاد في " الرعاية الكبرى ": وعند الغسل. وقيل: عند دخول المسجد وجزم به الزركشي.

(وكان) السواك (واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم. اختاره القاضي وابن عقيل. وقيل: لا. اختاره ابن حامد.

ويدل للأول ما رواه أبو داود من حديث عبد الله بن أبي حنظلة بن أبي عامر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء عند كل صلاة طاهراً وغير طاهر. فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة "

(2)

.

قال في " الفروع ": والسواك باعتدال يطيب الفم والنكهة، ويجلو الأسنان ويقويها، ويشد اللثة.

قال بعضهم: ويسمنها، ويقطع البلغم، ويجلو البصر، ويمنع الحفر ويذهب به، ويصح المعدة، ويعين على الهضم، ويشهي الطعام، ويصفي الصوت، ويسهل مجاري الكلام، وينشط، ويطرد النوم، ويخفف عن الرأس، وفم المعدة.

قال الأطباء: واكل السعد والأشنان ينقي رأس المعدة، ويشد اللثة، ويطيب النكهة، ومضغ السعد دائما له تأثير عظيم في تطييب النكهة، ومن استفّ

(1)

ذكره البخاري في " صحيحه " تعليقاً 2: 682 كتاب الصوم، باب السواك الرطب واليابس للصائم. وأخرجه أحمد في " مسنده " (9930) 2:460.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(48) 1: 12 كتاب الطهارة، باب السواك.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(21711) 5: 225.

ص: 227

من الزنجبيل اليابس واللبان الخالص أذهبا عنه رائحة خلوف الفم، وما هو أشد من الخلوف.

(وسن بداءة ب) الجانب (الأيمن) من فم وبدن (في سواك وطهور و) في (شأنه كله)؛ كترجل وانتعال ونحو ذلك؛ لحديث عائشة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله "

(1)

. متفق عليه.

(و) سن (ادهان غبّا يوماً) يدهن (ويوماً) لا يدهن.

قال في " الفروع ": واحتجوا ب " انه صلى الله عليه وسلم نهى عن الترجل إلا غباً "

(2)

،

و" نهى أن يتمشط أحدهم كل يوم "

(3)

.

فدل على انه يكره غير الغب.

والترجل: تسريح الشعر ودهنه. وظاهر ذلك أن اللحية كالرأس.

وفي " شرح العمدة ": ودهن البدن.

والغب يوماً ويوماً. نقله يعقوب.

وفي " الرعاية ": ما لم يجف الأول، لا مطلقاً للنساء خلافاً للشافعى.

ويفعله لحاجة للخبر. واختار شيخنا فعل الأصلح للبدن " كالغسل بماء حار ببلد رطب " لأن المقصود ترجيل الشعر. ولأنه فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وان مثله نوع اللبس والمأكل.

وانهم لما فتحوا الأمصار كان كل منهم يأكل من قوت بلده، ويلبس من لباس بلده. من غير أن يقصدوا قوت المدينة ولباسها. قال: ومن هذا أن الغالب عليه وعلى أصحابه الإزار والرداء، فهل هما أفضل لكل أحد ولو مع القميص، أو الأفضل مع القميص السراًويل فقط؛ هذا

(1)

أخرجه البخارى في " صحيحه "(166) 1: 74 كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (268) 1: 226 كتاب الطهاره، باب التيمن في الطهور وغيره.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(16811) 4: 86.

(3)

أخرجه أحمد في " مسنده "(23179) 5: 369.

ص: 228

مما تنازع فيه العلماء. والثانى أظهر، فالاقتداء به: تارة يكون في نوع الفعل وتارة في جنسه، فانه قد يفعل الفعل لمعنى يعم ذلك النوع وغيره، لا لمعنى يخصه، فيكون المشروع هو الأمر العام. قال: وهذا ليس مخصوصا بفعله وفعل أصحابه، بل وبكثير مما أمرهم به ونهاهم عنه.

وعن أبي أمامة مرفوعا: " أن البذاذة من الإيمان. يعني: التَّقَحُّل "

(1)

.

رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. وفي لفظ يعني: " التَّقَشُّف "

(2)

.

وقال أحمد: البذاذة: التواضع في اللباس.

وعن فضالة بن عبيد قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن كثير من الإرفاه ويأمرنا أن نحتفي احيانا "

(3)

. رواه أبو دا ود.

وعن عبد الله بن سفيان عن صحابي عامل بمصر قال. " كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا عن الإرفاه والترجيل كل يوم "

(4)

0 انتهى.

(و) سن (اكتحال) كل ليلة قبل النوم (في كل عين ثلاث)، لما روى ابن

عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم " انه كان يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام، وكان يكتحل في كل عين ثلاثة أميال "

(5)

. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه. وقيل: المسنون أن يكتحل ثلاثاً في اليمين واثنين في إليسار؛ لأنه إذا اكتحل في كل عين ثلاثة لم يحصل الوتر في العينين.

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(4161) 4: 75 كتاب الترجل.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(21289) ط إحياء التراث.

(2)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(4118) 2: 1379 كتاب الزهد، باب من لا يؤبه له.

(3)

أخرجه أبو داود في " سننه "(4160) 4: 75 كتاب الترجل.

(4)

أخرجه النسائي في " سننه "(58 50) 8: 132 كتاب الزينة، الترجل غبا.

(5)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(1757) 4: 234 كتاب، اللباس، باب ما جاء في الاكتحال.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(3499) 2: 1157 كتاب الطب، باب من اكتحل وترا.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(0 332) 1: 354.

ص: 229

والأول أولى؛ للحديث. ولأن لكل عين حكمها فلا يعتبر المجموع.

ويسن اتخاذ الشعر.

قال في " الفروع ": ويتوجه لا ان شق إكرامه وفاقاً للشافعي، ولهذا قال أحمد: هو سنة ولو نقوى عليه اتخذناه، ولكن له كلفة ومؤونة.

ويسرحه، ويفرقه، ويكون إلى أذنيه، وينتهي إلى منكبيه " كشعره صلى الله عليه وسلم.

ولا بأس بزيادة على منكبيه وجعله ذؤابة.

قال أحمد: أبو عبيدة كانت له عقيصتان، وكذا عثمان.

ويعفي لحيته، وفي " المذهب " ما لم يستهجن طولها وفاقاً لمالك. ويحرم حلقها ذكره شيخنا.

ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة. ونصه: لا بأس بأخذه وما تحت حلقه كفعل ابن عمر. لكن " انما فعله إذا حج أو اعتمر "

(1)

. رواه البخاري.

وفي " المستو عب ": وتر أولى. وقيل: يكره، وأخذ أحمد من حاجبه وعارضه. نقله ابن هانئ.

(ونظرٌ في مرآة).

قال حنبل: رأيت أبا عبد الله وكانت له صينية فيها مرآة ومكحلة ومشط فإذا

فرغ من قراءة حزبه نظر في المرآة واكتحل وامتشط.

والحكمة في ذلك: أن يزيل ما عسى أن يكون بوجهه من أذى، ويفطن إلى نعمة الله تعالى عليه في خلقه.

(وتطيب)؛ لما روى أبو أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أربع من سنن المرسلين: الحياء والتعطر والسواك والنكاح "

(2)

. رواه الإمام أحمد.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(5553) 5: 2209 كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(23250) 5: 421.

ص: 230

(ويجب ختان ذكر) بأخذ جلدة الحشفة.

قال في " الفروع ": ذكره جماعة وفاقاً للشافعي، ونقل الميمونى: أو أكثرها، وجزم به صاحب " المحرر ".

(و) ختان (انثى) بأخذ جلدة فوق محل الإيلاج شبه عرف الديك. ويستحب أن لا تؤخذ كلها نص عليه للخبر.

والدليل على وجوبه ما روي " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أسلم: ألق عنك شعر الكفر واختتن "

(1)

. رواه أبو داود.

وفي الحديث " اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعدما أتت عليه ثمانون سنة "

(2)

. متفق عليه، واللفظ للبخاري.

وقال تعالى: (ثم أؤحتنآ إليك أن آتبع ملى إئرهيو حنيفا)[النحل: 123]. ولأنه من شعار المسلمين. فكان واجباً؛ كسائر شعارهم. ولأنه يجوز كشف العورة والنظر إليها لأجله لغير التداوي، ولو لم يكن واجباً لما جاز النظر إلى العورة من أجله.

قال أحمد: وكان ابن عباس يشدد في أمره حتى قد روي عنه: انه لا حج له

ولا صلاة.

وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا التقى الختانان وجب الغسل "

(3)

دليل على أن النساء كن يختتن.

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه ") 356) 1: 98 كتاب الطهارة، باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل.

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(3178) 3: 1224 كتاب الانبياء، باب قول الله تعالى:(واتخذ الله إئرهيوظيلاص)[النساء].

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(2370) 4: 1839 كتاب الفضائل باب من فضائل إبراهيم الخليل

(3)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(349) 1: 271 كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(67 260) 6: 239.

ص: 231

ولأن هناك فضلة. فوجبت إزالتها؛ كالرجل.

وعنه: لا يجب على النساء ختان؛ لأنه انما وجب على الرجال لما يستر

الكَمَرَة من الجلدة المدلاه عليها من أجل انه لا ينقي ما تحته، والمرأة ليست

كذلك.

وعنه: لا يجب مطلقاً.

والأول أصح.

(و) يجب ختان (قبلي خنثى) مشكل احتياطا. ومحل وجوبه (عند بلوغ)؛ لأنه قبل كذلك ليس بأهل للتكليف.

قال في " الفروع ": قال شيخنا: يجب إذا وجبت الطهارة والصلاة.

ووجوبه مقيداً بـ (ما) إذا (لم يخف على نفسه) التلف؛ لأن الوضوء والغسل

وما هو آكد من الختان يسقط بخشية التلف وهذا أولى.

قال في " المنور " و" المنتخب ": ويجب ختان بالغ أمن.

قال في " الفصول ": يجب إذا لم يخف عليه التلف.

(ويباح) الختان (إذا) أي مع خوف التلف فيكون مخيرا بين الفعل وعدمه. قال في " الفروع ": وان خاف على نفسه فقال أحمد: لا بأس أن لا يختتن، كذا قال أحمد وغيره، مع أن الأصحاب وغيرهم اعتبروه بفرض طهارة وصلاة وصوم من طريق الأولى، ومنعه صاحب " المحرر " وفاقاً للشافعى.

قال ابن قندس في " حواشيه على الفروع ": وجد في بعض النسخ لا بأس أن يختتن. ولعله أقرب بسياق اللفظ لقوله: كذا قال أحمد وغيره. مع أن

الأصحاب اعتبروه بفرض طهارة وصلاة وصوم من طريق الأولى، وظاهره أن كلام الأصحاب بخلاف كلام أحمد وغيره، وكون الأصحاب اعتبروه - أي:

قاسوه- بفرض طهارة وفرض الطهارة يسقط بالخوف كالوضوء فانه يسقط فرضه بالخوف من استعمال الماء فيكون كلام أحمد: أن الختان لا يسقط بالخوف،

ص: 232

ولا يحصل هذا المعنى إلا بقوله: لا بأس أن يختتن بإسقاط لا، وهذا دقيق فافهمه، وفرض الوضوء في هذه الصورة المتقدمة هو الماء واستعماله يسقط بالخوف. قاس الشيخ في المعنى سقوط الختان بالخوف على سقوط الغسل والوضوء، وان سقوط الختان بالخوف أولى. فظاهر ذلك أن الخوف المسقط للغسل والوضوء مسقط للختان. وفيه قولان: هل هو خوف التلف، أو الضرر على ما ذكره في التيمم؛. ويزاد هنا قول آخر وهو: عدم السقوط كما هو ظاهر رواية حنبل. انتهى كلام ابن قندس.

قال في " الفروع ": وان أمره به ولي الأمر في حر أو برد فتلف ففي ضمانه وجهان، وان أمره به وزعم الأطباء انه يتلف أو ظن تلفه ضمنه؛ لأنه ليس له. وفي " الفصول ": أن فعله في شدة حر أو برد أو في مرض يخاف من مثله الموت من الختان فحكمه كالحد في ذلك يضمن، وهو من خطأ الإمام، فيه الروايتان. (و) فعله (زمن صغر أفضل).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب، زاد جماعة كثيره من الأصحاب: إلى التمييز.

قال الشيخ تقي الدين: هذا المشهور.

وقال في " الرعايتين " و" الحاويين ": يسن ما بين سبع إلى عشر.

قال في " التلخيص ": ويستحب أن يختتن قبل مجاوزة العشر سنين، إذا

بلغ سنا يؤمن فيه ضرره.

قال في " المستوعب " في العقيقة: والأفضل أن يختن يوم حادي عشرين،

فان فات ترك حتى يشتد ويقوى، وعن أحمد: لم أسمع فيه شيئاً. وقيل:

التأخير أفضل، واختاره المجد في " شرحه ".

(وكره في سابع) للتشبه باليهود خلافاً للشافعي. وعنه: لا.

قال الخلال: العمل عليه.

(و) كره الختان (من ولادة إليه) أي: إلى اليوم السابع.

ص: 233

قال في " الفروع ": ولم يذكر كراهة الأكثر.

(وسن استحداد وحف شارب وتقليم ظفر ونتف إبط)، لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط "

(1)

. متفق عليه.

وقد تقدم الكلام على الختان.

وأما الاستحداد فهو: حلق العانة. وحكمه الاستحباب " لأنه من الفطرة، ويفحش بتركه. وله قصه وإزالته بما شاء. والتنور

(2)

في العورة وغيرها فعله أحمد وكذا النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

. رواه ابن ماجه من حديث أم سلمة وإسناده ثقات.

قال في " الفروع ": وقد أُعل بالإرسال، وقال أحمد: ليس بصحيح " لأن قتادة قال " ما اطّلى النبي صلى الله عليه وسلم " كذا قال أحمد، وفي " الغنيه ": ويجوز حلقه، لأنه يستحب إزالته كالنورة، وان ذكر خبر بالمنع حمل على التشبه بالنساء، وكره الآمدي كثرة التنوير. ويدفن ذلك نص عليه، ويفعله كل أسبوع، ولا يتركه فوق أربعين يوماً عند أحمد، وفي " الغنية " روي عنه انه احتج بالخبر فيه أو صححه، وروي عنه انكاره وقيل له في رواية سندي: حلق العانة وتقليم الأظفار كم يترك؛ قال: أربعين للحديث. فأما الشارب ففي كل جمعة، لأنه يصير وحشا. وقيل: عشرين. وقيل: للمقيم. انتهى.

ويدل لكون ذلك كل جمعة ما أخرجه البغوي بسنده إلى عبدالله بن عمرو بن العا ص " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ أظفاره وشاربه كل جمعة "

(4)

.

قال في " الفروع ": ويحف شاربه خلافاً لمالك أو يقص طرفه، وحفه أولى

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(5552) 5: 2209 كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(257) 1: 222 كتاب الطهارة، باب خصال الفطره.

(2)

في " الفروع ": ا: 130. وا لتنوير.

(3)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(3751) 2: 1234 كتاب الأدب، باب الاطلاء بالنورة.

(4)

أخرجه البغوي في " شرح السنة " 12113، باب التوقيت في تقليم الأظافر وقص الشارب. وأصل الحديث أخرجه أبو الشيخ بن حيان في كتابه " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ص 277.

ص: 234

في المنصوص وفاقاً لأبي حنيفة والشافعي، ولا يمنع منه خلافاً لمالك. وذكر ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض، وأطلق أصحابنا وغيرهم الاستحباب.

وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: " خالفوا المشركين "

(1)

. متفق عليه.

ولمسلم " خالفوا المجوس "

(2)

.

وعن زيد بن أرقم مرفوعا: " من لم يأخذ شاربه فليس منا "

(3)

. رواه أحمد

والنسائى والترمذي وصححه.

وهذه الصيغة تقتضي عند أصحابنا التحريم.

ثم قال: ويقلم ظفره مخالفا يوم الجمعة قبل الزوال. وقيل: يوم الخميس. وقيل: يخير. ويسن أن لا يحيف عليها في السفر؛ لأنه يحتاج إلى حل حبل أو شيء نص عليه. وينتف إبطه. انتهى.

ويستحب دفن ما قلَّم من أظفاره أو أزال من شعره، لما روى الخلال بإسناده عن ميل بنت مسرح الأشعرية قالت:" رأيت أبي يقلم أظفاره ويدفنها ويقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك "

(4)

.

وعن ابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كان يعجبه دفن الدم ".

قال مهنا: ساً لت أحمد عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره أيدفنه أم يلقيه؛ قال: يدفنه. قلت: بلغك فيه شيء؛ قال: كان ابن عمر يفعله.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(5553) 5: 2209 كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(259) 1: 222 كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(260) 1: 222 كتاب الطهارة، ياب خصال الفطرة.

(3)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(2761) 5: 93 كتاب الأدب، باب ما جاء في قص الشارب. وأخرجه النسائي في " سننه " (13) 1: 15 كتاب الطهارة، قص الشارب.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(3) 4: 366.

(4)

أخرجه الطبرانى في " الكبير "(0 762) 0 2: 322. وقال الهيثمي في " مجمعه " 5: 168: رواه البزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " من طريق عبيد الله بن سلمة بن وهرام عن أبيه وكلاهما ضعيف، وأبوه وثق.

ص: 235

(وكره حلق القفا لغير حجامة ونحوها).

قال المروذي: سألت أبا عبد الله عن حلق القفا قال: هو من فعل المجوس، ومن تشبه بقوم فهو منهم، وقال: لا بأس أن يحلق قفاه بالحجامة.

(و) كره (القزع. وهو: حلق بعض الرأس وترك بعض)، لما روى ابن عمر:" أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع وقال: أحلقه كله أو دعه كله "

(1)

. رواه أبو داود.

وفي شروط عمر رضي الله تعالى عنه على أهل الذمة: أن يحلقوا مقادم رؤوسهم " ليتميزوا عن المسلمين، فمن فعل ذلك فقد تشبه، ومن تشبه بقوم فهو منهم.

وذكر ابن عبد البر عن ابن عباس قال: " حلق القفا يزيد في الحفظ ".

وعن أحمد: انه امتنع من الحجامة في نقرة القفا. وكرهه بعض الأطباء

للنسيان، وخالفه غيره منهم.

وحلق رأس امرأة وقصه يكرهان. وقيل: يحرمان عليها، نقل

(2)

الأثرم:

أرجو أن لا بأس لضرورة.

ولا يكره حلق رأس ذكر كقصه. وعنه: يكره لغير نسك وحاجة وفاقاً لمالك.

قال في " الفروع ": وحرم بعضهم حلقه على مريد لشيخه " لأنه ذل وخضوع لغير الله تعالى.

(و) كره أيضاً (نتف شيب)، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نتف الشيب. وقال: انه نور الإسلام "

(3)

.

وعن طارق بن حبيب: " أن حجاما أخذ من شارب النبي صلى الله عليه وسلم فرأى شيبة في لحيته فأهوى إليها ليأخذها. فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم يده، وقال: من شاب شيبة في

(1)

أخرجه أبو داود في "سننه "(4194) 4: 83 كتاب الترجل، باب في الذؤابة.

(2)

في ج: نقله.

(3)

أخرجه الترمذي في "جامعه "(1 282) 5: 25 1 كتاب الأدب، باب ما جاء في النهي عن نتف الشيب. وأخرجه النسائي في " سننه " (68 0 5) 8: 136 كتاب الزينة، النهي عن نتف الشيب.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(3721) 2: 1226 كتاب الأدب، باب نتف الشيب.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(6989) 2: 12 2.

ص: 236

الإسلام كانت له نورا يوم القيامة "

(1)

. رواه الخلال في " جامعه ".

(و) كره أيضاً (تغييره) أي: تغيير الشيب (بسواد).

قيل لأبي عبد الله: يكره الخضاب بالسواد قال: إي والله. قال: و" جاء

أبو بكر بأبيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا. فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروهما وجنبوه السواد "

(2)

.

(و) كره أيضاً (ثقب أذن صبي) لا جارية. نص عليه. وقيل: يحرم واختاره

ابن الجوزي. وقيل: على الذكر، وفي " الفصول " يفسق به في الذكر، وفي

النساء يحتمل المنع، ولم يذكر غيره.

(ويحرم نمص ووَشْرٌ ووشم ووصل ولو بشعر بهيمة أو بإذن زوج)؛ لما روي

عن النبي صلى الله عليه وسلم: " انه لعن الواصلة والمستوصلة والنامصة والمنتمصة والواشرة والمستوشرة "

(3)

.

وفي خبر آخر: " لعن الواشمة والمستوشمة "

(4)

. ذكرهما في " الشرح ".

فأما النامصة: فهي التي تنتف الشعر من الوجه. والمنتمصة: المنتوف

شعرها بأمرها.

وأما الواشرة: فهي التي تبرد الأسنان لتحددها وتفلجها وتحسنها.

والمستوشرة: المفعول بها ذلك بإذنها.

وأما الواشمة: فهي التي تغرز الجلد بإبرة ثم تحشوه كحلا. والمستوشمة

(1)

لم أقف عليه هكذا. وقد أخرج البيهقي في " السنن الكبرى " 9: 162 جماع أبواب السير، باب فضل من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل. عن كعب بن مرة السلمي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة، ومن رمى بسهم في سبيل الله كان كعتق رقبة ".

(2)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(3624) 2: 197 1 كتاب اللباس، باب الخضاب بالسواد.

وأخرجه أحمد في " مسنده ") 12656) 3: 160.

(3)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(2125) 3: 1678 كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة.

(4)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(2124) 3: 1677 الموضع السابق.

ص: 237

التي يفعل بها ذلك بإذنها.

والواصلة: التى تصل شعرها أو شعر غيرها بشعر غيره.

والمستوصلة: الموصول شعرها بأمرها؛ لأن لعن فاعلة ذلك يدل على تحريمه؛ لأن فاعل المباح لا يجوز لعنه.

وأما وصل الشعر بغير الشعر قال في " الشرح ": فان كان بقدر ما تشد به رأسها فلا بأس للحاجة، وان كان أكثر من ذلك ففيه روايتان:

إحداهما: انه مكروه غير محرم؛ لما روي عن معاوية " انه اخرج كبة من شعر. وقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا. وقال: انما هلك بنو إسراًئيل حين اتخذ هذا نساؤهم "

(1)

.

فخص التي تصله بالشعر، فيمكن جعل ذلك تفسيرا للفظ العام في الحديث الذي ذكرناه. ولأن وصله بالشعر فيه تدليس. بخلاف غيره.

والثانية انه قال: لا تصل المرأة برأسها الشعر والقرامل ولا الصوف؛ وذلك لما روى الإمام أحمد في " مسنده " عن جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئاً "

(2)

.

قال شيخنا

(3)

: والظاهر أن المحرم انما هو وصل الشعر بالشعر لما فيه من التدليس. واستعمال الشعر المختلف في نجاسته وغير ذلك لا يحرم؛ لعدم

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(5482) 5: 91 1 2 كتاب اللباس، باب اشتمال الصماء.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(27 1 2) 3: 679 1 كتاب اللباس والزينه، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة.

وأخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 2: 426 كتاب الصلاة، باب لا تصل المرأة شعرها بشعر غيرها. واللفظ له.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(126 2) 3: 679 1 كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة .. وأخرجه أحمد في مسنده (172 4 1) 3:296.

(3)

في هامش أيعني بذلك الشيخ موفق الدين ابن قدامة المقدسي صاحب " المغني " و" الكافي " و" العمدة " و" الروضة في الأصول " وغيرهم. اهـ.

ص: 238

ذلك فيه، وحصول المصلحة من تحسين المرأة لزوجها من غير مضرة، وتحمل أحاديث النهي على الكراهة والله أعلم. انتهى.

وعموم الأحاديث تتناول ما إذا كان ذلك بإذن الزوج. وقيل: يجوز بإذن زوج. وقيل: يكره الوصول، ولا يحرم نمص ووشر ووشم.

(وتصح الصلاة مع) وصل شعر (طاهر). وقيل: تصح ولو كان نجسا حكاه

في " الرعاية " وتبعه في " الفر وع ".

قال في " الإنصاف ": قلت: وفيه نظر ظاهر. ولا بأس بالفتايل

(1)

، وتركها أفضل. وعنه: هي كالوصل بالشعر ان أشبهه كصوف. وقيل: ولا بأس بما يحتاج إليه لشد الشعر، وأباح ابن الجوزي النمص وحده، وحمل النهي على التدليس، أو انه كان شعار الفاجرات، وفي " الغنية " وجه يجوز بطلب زوج ولها حلقه وحفه نص عليهما، وتحسينه بتحمير ونحوه، وكره ابن عقيل حفه كالرجل، كرهه أحمد له، والنتف أو بمنقاش لها. ويكره له التحذيف وهو: إرسال الشعر الذي بين العذار والنزعة، لا لها "

" لأن علياً كرهه ". رواه الخلال.

ويكره النقش والتطريف. ذكره الأصحاب. رواه المروذي عن عمر، وبمعناه عن عائشة وأنس وغيرهما.

قال في " الإفصاح ": كره العلماء أن تسود شيبا بل تخضب بأحمر، وكرهوا النقش.

قال أحمد: لتغمس يدها غمساً.

قال في " الفروع ": ويتوجه وجه إباحة التحمير ونقش وتطريف بإذن زوج فقط. انتهى.

(1)

في " الانصاف " 1: 126: بالقرامل.

ص: 239

[فصل: في سنن الوضوء]

(فصل) هو عبارة عن الحجز بين شيئين. ومنه فصل الربيع؛ لأنه يحجز بين الشتاء والصيف. وهو في كتب العلم حاجز بين أجناس المسائل وأنواعها. (وسنن وضوء) أي: ما يسن فيه. وسمي وضوءاً؛ لتنظيفه المتوضئ وتحسينه: (استقبال قبلة) أي: أن يستقبل القبلة في الوضوء.

قال في " الفروع ": وظاهر ما ذكره بعضهم يستقبل القبلة ولا تصريح بخلافه، وهو متجه في كل طاعه إلا لدليل. انتهى.

(وسواك) وتقدم الكلام عليه.

(وغسل يدي غير قائم من نوم ليل ناقض لوضوء)؛ " لأن عثمان بن عفان

وعلياً وعبد الله بن زيد وصفوا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وذكروا انه غسل كفيه ثلاثاً "

(1)

. ولأنهما آلة نقل الماء إلى الأعضاء ففي غسلهما احتياط لجميع الوضوء. (ويجب) غسلهما (لذلك) أي: للقيام من نوم ليل ناقض لوضوء (تعبداً) كغسل الميت (ثلاثاً) فلا يجزئ أقل منها (بنية شرطت وبتسمية).

قال في " الإنصاف " بعد أن ذكر أن غسلهما تعبد لا يعقل معناه: على الصحيح من المذهب. فعلى هذا تعتبر النية والتسمية في أصح الأوجه.

والوجه الثاني: لا يعتبران.

(1)

أخرجه البخاري في (صحيحه " (188) 1: 81 كتاب الوضوء، باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة. عن عبد الله بن زيد.

وأخرجه النسائي في " سننه "(95) 1: 69 كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء. عن علي بن أبى طالب. وفي (85) 1: 65 كتاب الطهارة، بأي اليدين يتمضمض. عن عثمان بن عفان.

ص: 240

والوجه الثالث: يعتبران أن وجب غسلهما، وإلا فلا.

والوجه الر ابع: تعتبر- النية دون التسمية. ذكره الزركشي.

وعلى الصحيح: لاتجزئ نية الوضوء عن نية غسلهما على المذهب المشهور، وانها طهارة مفردة، لا من الوضوء. وقيل: تجزئ. وقيل:

غسلهما معلل بمبيت يده ملابسة للشيطان. انتهى.

فعلى هذا يكون غسلهما لمعنى فيهما. فلو استعمل الماء ولم يدخل يده في

الاناء: لم يصح وضوءه وفسد الماء. وقيل- وذكره أبو الحسين رواية -: لإدخالهما الاناء فيصح وضوؤه.

(ويسقط غسلهما والتسمية سهوا): أما سقوط وجوب غسلهما بالنسيان فذكر في " الإنصاف " أن صاحب " الرعاية " قدمه؛ لأنه طهارة مفردة. بخلاف ما لو كان من فروض الوضوء. وقيل: لايسقط؛ لأنه من تمام الوضوء.

قال في " المبدع ": والأول أقيس؛ لأنه يجوز تقديم غسلهما قبل الوضوء بزمن طويل. انتهى.

وأما التسمية فانها تسقط بالنسيان في الوضوء فهنا أولى.

(و) من سنن الوضوء أيضاً: (بداءة قبل غسل وجه بمضمضة فاستنشاق بيمينه واستنثار بيساره)؛ لما روي عن علي رضي الله تعالى عنه: " انه دعا بوضوء فتمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى ففعل هذا ثلاثاً. ثم قال: هذا طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم "

(1)

. رواه أحمد والنسائى وهو مختصر.

قال في " الإنصاف ": يستحب تقديم المضمضة [على الاستنشاق]

(2)

.

على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب. انتهى.

(1)

أخرجه النسائي فى " سننه "(91) 1: 67 كتاب الطهارة، بأي اليدين يستنثر.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(133 1) 1: 135.

(2)

ساقط من أ.

ص: 241

(و) من سنن الوضوء أيضاً: (مبالغة فيهما) أي: في المضمضة والاستنشاق (لغير صائم)؛ لما روى لقيط بن صبرة قال: " قلت: يا رسول الله لِلَّهِ أخبرني عن الوضوء. قال: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما "

(1)

. رواه الخمسة وصححه الترمذي.

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثاً "

(2)

.

رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

وعنه: أن المبالغة في الاستنشاق واجبة؛ لظاهر الحديث المتقدم.

وعنه: انها واجبة في المضمضة والاستنشاق.

وعنه: في وضوء. ذكره ابن عقيل في " الفنون ".

والمنصوص عنه انها سنة؛ لسقوطها بصوم النفل والواجب لا يسقط بالنفل. وعنه: أن الاستنثار واجب في الوضوء؛ لظاهر الحديث.

قال في " الفروع ": وهو مأخوذ من النثرة وهي طرف الأنف أو هو. انتهى.

وأما المبالغة في حق الصائم فتكره على الصحيح من المذهب.

(و) من السنن أيضاً: المبالغة بالغسل (في بقية الأعضاء مطلقاً) أي: في الوضوء والغسل ومع الصوم والفطر. (ف) المبالغة (في مضمضة: إدارة الماء بجميع الفم، وفي استنشاق: جذبه بنفس إلى أقصى أنف).

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(142) 1: 35 كتاب الطهارة، باب في الاستنثار.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(788) 3: 17 كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم.

وأخرجه النسائي في " سننه "(87) 1: 66 بكتاب الطهارة، المبالغة في الاستنشاق.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(407) 1: 142 كتاب الطهاره، المبالغه في الاستنشاق والاستنثار. وأخرجه أحمد فى " مسنده " (17879) 4: 1 1 2.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(141) 1: 35 كتاب الطهارة، باب في الاستنثار.

وأخرجه الترمذي فى " جامعه "(408) 1: 143 كتاب الطهارة، المبالغة في الاستنشاق والاستنثار. وأخرجه أحمد في (مسنده " (2010) 1:228.

ص: 242

قال في " الفروع ": وتسن المبالغة فيهما إلى أقاصيهما، وفي " الرعاية " أو أكثره.

(والواجب الإدارة) ولو ببعض الفم، (وجذبه) أي: جذب الماء (إلى باطن أنف) ولو لم يبلغ أقصاه، (وله بلعه) أي: بلع الماء الذي تمضمض به (لا جعل مضمضة أولاً) أي: ابتداء قبل الإداره (وجوراً و) لا جعل (استنشاق سعوطاً).

قال في " الشرح ": والمبالغة في المضمضة إدارة الماء في أعماق الفم وأقاصيه، ولا يجعله وجوراً ثم يمجه، وان ابتلعه جاز، لأن الغسل قد حصل. ومعنى المبالغة في الاستنشاق: اجتذاب الماء بالنفس إلى أقصى الأنف، ولا يجعله سعوطا.

(و) المبالغة (في غيرهما) أي غير المضمضة والاستنشاق من باقي الأعضاء،

و (دلك ما ينبو عنه الماء) أي: لم يطمئن عليه.

(و) من سنن الوضوء أيضاً: (تخليل لحية كثيفة) بالثاء المثلثة (بكف من ماء

يضعه من تحتها بأصابعه مشتبكة)؛ لما روى أنس بن مالك: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأأخذ كفا من ماء فجعله تحت حنكه وخلل به لحيته وقال: هكذا أمرنى ربي "

(1)

. رواه أبو داود.

(او) يضعه (من جانبيها ويعركها).

قال يعقوب: سألت أحمد عن التخليل فأرانى من تحت لحيته فخلل بالأصا بع.

وقال حنبل: من تحت ذقنه من أسفل الذقن يخلل جانبي لحيته جميعا بالماء.

قال في " الإنصاف ": ويكون ذلك عند غسلها، وان شاء إذا مسح رأسه.

نص عليه. انتهى.

(وكذا عَنْفَقَة وشارب وحاجبان ولحية أنثى وخنثى).

قال في " الإنصاف ": شعر غير اللحية كالحاجبين والشارب والعَنْفَقَة ولحية

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(145) 1: 36 كتاب الطهارة، باب تخليل اللحية.

ص: 243

المرأة وغير ذلك: مثل اللحية في الحكم على الصحيح من المذهب، وعليه الجمهور، وجزم به في " الرعاية " في لحية المرأة. وقيل: يجب غسل باطن ذلك كله مطلقاً. انتهى.

(و) من سنن الوضوء أيضاً: (مسح الأذنين بعد رأس بماء جديد)، لما روى

عبد الله بن زيد: " انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فأخذ ماء خلاف الذي لرأسه "

(1)

. رواه البيهقي وقال: إسناده صحيح.

وعنه: لا يسن ذلك. وتأتي صفة مسحهما.

(و) من السنن أيضاً: (تخليل الأصابع) من اليدين والرجلين، لأن في حديث لقيط بن صبرة المتقدم:" وخلل بين الأصابع "

(2)

.

قال في " الشرح ": وهو في الرجلين آكد، قال المستورد بن شداد:

" رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ دلَك أصابع رجله بخنصره "

(3)

. رواه أبو داود. ويبدأ في تخليل اليمنى من خنصرها إلى إبهامها، وفي اليسرى من إبهامها إلى خنصرها، ليحصل التيامن في التخليل.

وذكر ابن عقيل في استحباب تخليل أصابع اليدين روايتين:

إحداهما: يستحب لما ذكرناه. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك "

(4)

. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

والثانيه: لا يستحب، لأن تفريقها يغني عن التخليل. والأول أولى. انتهى.

(و) من سنن الوضوء أيضاً: (مجاوزة محل فرض) بالغسل؛ لما روى نعيم

(1)

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 65 كتاب الطهارة، باب مسح الأذنين بماء جديد.

(2)

سبق تخريجه ص (242) رقم (1).

(3)

أخرجه أبو داود في " سننه "(48 1) 1: 37 كتاب الطهاره، باب غسل الرجلين.

(4)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(39) 1: 57 أبواب الطهارة، باب ما جاء في تخليل الأصابع.

ص: 244

المجمر " انه رأى أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين. ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ان أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل "

(1)

. متفق عليه.

ولمسلم عنه: " سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء "

(2)

.

(و) من سننه أيضاً: (غسلة ثانية و) غسلة (ثالثة)؛ لما روى علي- رضي الله تعالى عنه- " أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً ثلاثاً "

(3)

. رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: هذا أحسن شيء في الباب وأصح.

وليس ذلك بواجب، لما روى ابن عباس قال: " توضأ النبى صلى الله عليه وسلم مرة

مرة "

(4)

. رواه الجماعة إلا مسلماً.

وعن عبد الله بن زيد: " أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين "

(5)

. رواه أحمد والبخاري.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(136) 1: 63 كتاب الوضوء، باب فضل الوضوء والغر المحجلون من آثار الوضوء.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(246) 1: 216 كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(250) 1: 219 كتاب الطهاره، باب تبليغ الحلية حيث يبلغ الوضوء.

(3)

أخرجه الترمذي في جامعه (44) 1: 63 أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء ثلاثاً ثلاثاً. وأخرجه أحمد في " مسنده " (1344) 1:156.

(4)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(156) 1: 70 كتاب الوضوء، باب الوضوء مرة مرة.

وأخرجه أبو داود في " سننه "(138) 1: 34 كتاب الطهارة، باب الوضوء مرة مرة.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(42) 1: 60 أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء مرة مرة.

وأخرجه النسائي في " سننه "(101) 1: 73 كتاب الطهارة، مسح الأذنين.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(410) 1: 143 كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء مرة مرة. عن جابر ابن عبد الله. وأخرجه أحمد في " مسنده "(2913) ط إحياء التراث.

(5)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(157) 1: 70 كتاب الوضوء، باب الوضوء مرتين مرتين. وأخرجه أحمد في " مسنده " (16499) 4:41.

ص: 245

(وكره فوقها) أي: فوق الغسلة الثالثة، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه

عن جده قال: " جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثاً ثلاثاً وقال: هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم "

(1)

. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه.

(1)

أخرجه النسائي في " سننه "(140) 1: 88 كتاب الطهارة، الاعتداء في الوضوء.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(422) 1: 146 كتاب الطهارة، باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(6684) 2: 180.

ص: 246

[باب: فروض الوضوء]

هذا (باب) يذكر فيه فرض الوضوء وشرطه وصفته.

(الوُضوء) بضم الواو الذي هو فعل المتوضئ هو في عرف الشرع: (استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة) التي هي الوجه واليدان والرأس والرجلان (على صفة مخصو صة) من قبل الشارع، وهي المستكملة لفروض الوضوء وشروطه.

والحكمة في غسل الأعضاء المذكورة في الوضوء دون غيرها: أنه ليس في البدن ما يتحرك للمخالفة أسرع منها. فاً مر بغسلها ظاهراً؛ تنبيها على طهارتها الباطنة. ورتب غسلها على ترتيب سرعة الحركة في المخالفة. فأمر بغسل الوجه وفيه الفم والأنف فابتدأ بالمضمضة؛ لأن اللسان أكثر الأعضاء وأشدها حركة؛ لأن غيره قد يسلم، وهو كثير العطب قليل السلامة غالبا، ثم بالأنف؛ ليتوب عما يشم به، ثم بالوجه ليتوب عما نظر، ثم باليدين لتتوب عن البطش، ثم خص الرأس بالمسح؛ لأنه مجاور لمن تقع منه المخالفة، ثم بالأذن لأجل السماع، ثم بالرجل لأجل المشي، ثم أرشده بعد ذلك إلى تجديد الإيمان

بالشهادتين.

(ويجب) الوضوء (بحدث).

قال في " الفروع ": ذكره ابن عقيل وغيره، وفي " الانتصار " بإرادة الصلاة بعده.

قال ابن الجوزي: لا تجب الطهارة عن حدث ونجس قبل إرادة الصلاة، بل يستحب، ويتوجه قياس المذهب بدخول الوقت لوجوب الصلاة إذن، ووجوب

ص: 247

الشرط بوجوب المشروط، ويتوجه مثله في غسل.

قال شيخنا: وهو لفظي. انتهى.

(ويحل) الحدث الموجب للوضوء (جميع البدن كجنابة). ذكره القاضي

أبو الخطاب وأبو الوفاء وأبو يعلى الصغير.

قال في " الفروع ": ويتوجه وجه: أعضاء الوضوء. انتهى.

ويؤيد الأول: أن المحدث لا يحل له مس المصحف بعضو غسله في الوضوءحتى يتم وضوءه.

(وتجب التسمية) أي: أن يقول: بسم الله على الوضوء " لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه "

(1)

. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

ولأحمد وابن ماجه من حديث سعيد بن زيد وأبي سعيد مثله

(2)

.

قال البخاري: أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن يعني حديث سعيد بن زيد. وسئل إسحاق بن راهويه أي حديث أصح في التسمية؛

فذكر حديث أبي سعيد.

وعنه: لا تجب وتستحب.

(و) على المذهب (تسقط سهوا) نص عليه (كـ) سقوطها سهواً (في غسل)، لأن الوضوء عبادة تتغاير أفعالها. فكان من واجباتها ما يسقط سهواً " كالصلاة.

(1)

أخرجه أبو داود فى " سننه "(101) 1: 25 كتاب الطهارة، باب التسميه على الوضوء.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(399) 1: 140 كتاب الطهارة، باب ما جاء في التسمية في الوضوء. وأخرجه أحمد فى " مسنده " (9408) 2:418.

(2)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(398) 1: 140 كتاب الطهارة، باب ما جاء في التسمية في الوضوء. عن سعيد بن زيد. وفي (397) 1:139. عن أبي سعيد.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(23284) 5: 382. عن رباج بن عبد الرحمن بن حويطب يقول: حدثتنى جدتي انها سمعت أباها يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.

وفي (1388 1) 3: 1 4. عن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده.

ص: 248

(ولكن ان ذكرها في بعضه) وقد نسيها في أوله (ابتدأ) الوضوء؛ لأنه أمكنه أن يأتي بها على جميعه. فوجب؛ كما لو ذكرها في أوله. وقيل: يكفي أن يأتى بها حيث ذكرها ويبني على وضوئه.

وعنه: أنها فرض لا تسقط بحال.

وعلم مما تقدم انه لو لم يذكرها حتى فرغ من وضوئه لم يلزمه إعادته

(1)

.

(و) على المذهب (تكفي إشارة أخرس ونحوه) كالمعتقل لسانه (بها)؛ لأن

ذلك غاية ما يمكنه.

(وفروضه) ستة:

الأول: (غسل الوجه)؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6].

(ومنه) أي: من الوجه (فم وأنف)؛ لدخولهما في حده.

ولأنهما في حكم الظاهر. بدليل أن الصائم لا يفطر بوصول شيء إليهما، ويفطر بعود القيء بعد وصوله إليهما، وانه يجب غسلهما من النجاسة.

وعنه: أنهما ليسا من الوجه.

(و) الثانى: (غسل اليدين مع المرفقين)؛ لقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]. نص على هذا الإمام وقطع به أكثر الأصحاب وهو قول أكثر أهل العلم.

وعنه: لا يجب إدخال المرفقين في الغسل، وبه قال ابن داود

(2)

وبعض المالكية وحكي عن زفر؛ لأن الله تعالى أمر بالغسل إلى المرافق وجعلها غاية بحرف " إلى " وهو لانتهاء الغاية فلا يدخل ما بعده فيما قبله. واستدل لذلك بقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} [البقرة: 187].

(1)

في ج: إعادتها.

(2)

في ج: أبوداود.

ص: 249

وأجيب على ذلك: بأن الغاية ان كانت بحيث لو لم تدخل كلمة: " إلى " لم يتناولها صدر الكلام لم تدخل تحت المعنى كالليل في الصوم، وان كانت بحيث يتناولها صدر الكلام كالمتنازع فيه فتدخل تحت المعنى. على أن للنحويين في كلمة:" إلى " أربعة مذاهب:

الأول: دخول ما بعدها فيما قبلها حقيقة وعدمه مجازاً.

الثانى: عكس ذلك.

الثالث: أنها حقيقة فيهما فيكون من باب الاشتراك.

الرابع: الدخول ان كان ما بعدها من جنس قبلها، وعدمه ان لم يكن كذلك.

فهذا المذهب الرابع يوافق ما ذكرنا في الليل والمرافق، وأما الثلاثة الأول فالأول يعارضه، الثاني فتساويا، والثالث أوجب التساوي أيضاً فوقع الشك في موضع استعمال كلمة " إلى " ففي مثل صورة الليل في الصوم انما وقع الشك في التناول والدخول فلا يثبت التناول بالشك، وفي مثل صورة النزاع انما وقع الشك في الخروج بعدما ثبت أن صدر الكلام تناوله فلا يخرج بالشك.

وأيضاً فكلمة " إلى " تستعمل بمعنى " مع " كقوله تعالى: {مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ} [ال عمران: 52]{وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52]{وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2].

وأجيب عنه أيضاً: بأن نص الكتاب يحتمله وهو مجمل فيه، وفعله عليه السلام بيان لمجمل الكتاب في قدر الغسل المأمور به. وقد روى جابر قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه "

(1)

. أخرجه الدارقطني. وروي أيضاً عن عثمان- رضي الله تعالى عنه- انه قال: " هلم أتوضأ لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم. فغسل وجهه ويديه حتى مسح أطراف العضدين. ثم مسح

(1)

أخرجه الدارقطني في " سننه "(15) 1: 83 كتاب الطهاره، باب وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي إسناده ابن عقيل، قال الدارقطني: ليس بقوي.

ص: 250

برأسه. ثم أمر بيديه على أذنيه ولحيته. ثم غسل رجليه "

(1)

.

(و) الثالث: (مسح الرأس كله).

قال في " الإنصاف ": هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم. وعفى في " المنهج " و" المترجم " عن يسيره؛ للمشقة. قلت: وهو الصواب.

قال الزركشي: وظاهر كلام الأكثرين بخلافه. انتهى.

وعنه: يجزئ مسح أكثره.

وعنه: يجزئ مسح قدر الناصية.

وعنه: يجزئ مسح بعضه من غيرتحديد.

وعنه: يجزئ مسح بعضه للمرأة دون الرجل.

ووجه المذهب أن " الباء " في قوله تعالى: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: 6] للإلصاق. فكأنه قال: " وامسحوا رؤوسكم ". وهذا كقوله تعالى في آية التيمم: {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [المائدة: 6].

قال ابن برهان: من زعم أن "الباء " للتبعيض فقد جاء أهل اللغة بما لا يعرفونه. ولأن الذين وصفوا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا " أنه مسح رأسه كله "

(2)

.

وما روي انه عليه الصلاة والسلام " مسح مقدم رأسه "

(3)

فمحمول على أن

ذلك مع العمامة كما جاء مفسراً في حديث المغيرة بن شعبة ونحن نقول به. (ومنه الأذنان)؛ لما روى ابن ماجه من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:

(1)

أخرجه مسلم من طرق عن عثمان رضي الله عنه (226) 1: 204 كتاب الطهارة، باب صفه الوضوء وكماله.

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(832 1) 2: 682 كتاب الصوم، باب السواك الرطب واليابس للصائم.

(3)

أخرجه مسلم في (صحيحه " (274) 1: 231 كتاب الطهارة، باب المسح على الناصيه والعمامة.

ص: 251

" الأذنان من الرأس "

(1)

. فيجب مسحهما.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. نص عليه. قال الزركشي: اختاره الأكثرون وقدمه في " الشرح " وغيره. انتهى.

وعنه: لا يجب مسحهما يعني مع القول أنهما من الرأس.

وعنه: هما عضوان مستقلان، فيجب لهما ماء جديد في وجه.

(و) الرابع: (غسل الرجلين مع الكعبين).

قال في " الإنصاف ": وهذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب. وعنه:

لا يجب إدخالهما فيه. انتهى.

والكلام في الكعبين كالكلام المتقدم في المرفقين.

(و) الخامس: (ترتيب) بين أعضاء الوضوء كما ذكر الله تعالى. وهذا مذهب الشافعي وأبي ثور وأبي عبيد وإسحاق.

وحكى أبو الخطاب عن أحمد رواية بعدم وجوبه، وهو مذهب مالك والثوري وأصحاب الرأي واختاره ابن المنذر، لأن الله تعالى أمر بغسل الأعضاء وعطف بعضها على بعض بواو الجمع وهي لا تقتضي ترتيبا فكيف ما غسل كان ممتثلا.

وروي عن علي انه قال: " ما أبالي إذا تممت وضوئي بأي اعضائي بدأت ".

وعن ابن مسعود انه قال: " لا بأس أن تبدأ برجليك قبل يديك فى الوضوء ".

ووجه المذهب: أن في الآية قرينة تدل على الترتيب فانه أدخل ممسوحا بين مغسولين وقطع النظير عن نظيره، والعرب لا تفعل ذلك إلا لفائدة والفائدة هي: الترتيب.

(1)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(444) 1: 152 كتاب الطهاره، باب الأذنان من الرأس.

ص: 252

فان قيل: فائدته استحباب الترتيب. قلنا: الآية انما صيغت لبيان الواجب ولهذا لم يذكر السنن فيها. ولأنه متى اقتضى اللفظ الترتيب كان مأمورا به. ولأن الحاكين لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم انما ذكروه مرتباً، وهو مفسر لما في كتاب الله تعالى.

و" توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتباً وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة

إلا به "

(1)

. أي: بمثله.

وما روي عن علي. قال أحمد: انما عنى به اليسرى قبل اليمنى؛ لأن مخرجهما في الكتاب واحد.

وروى الإمام أحمد بإسناده " أن عليا سُئل فقيل له: أحدنا يستعجل فيغسل شيئاً قبل شيء فقال: لا. حتى يكون كما أمر الله تعالى ".

وما نقل عن ابن مسعود فلا يعرف له أصل.

وأما الترتيب بين اليمنى واليسرى من اليدين والرجلين فلا يجب. حكى ابن المنذر الإجماع على ذلك، لأن الله سبحانه وتعالى ذكر مخرجهما واحداً فقال:{وَأَيْدِيَكُمْ .... وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6].

وقال في " الإنصاف ": واختار أبو الخطاب في " الانتصار " عدم وجوب الترتيب في نفل الوضوء، ومعناه للقاضي في " الخلاف ". ثم قال: أعلم أن الواجب عند الإمام أحمد والأصحاب: الترتيب، لا عدم التنكيس. فلو وضأه أربعة في حالة واحدة لم يجزئه. ولو انغمس في ماء جار ينوي رفع الحدث، فمرت عليه أربع جريات أجزأه أن مسح رأسه، أو قيل بإجزاء الغسل على ما يأتي. ولو لم يمر عليه إلا جرية واحدة لم يجزئه، وهذا الصحيح من المذهب. انتهى.

(1)

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 80 كتاب الطهارة، باب فضل التكرار في الوضوء.

ص: 253

قال في " الشرح ": فان نكس وضوءه فبدأ بشيء من أعضائه قبل وجهه لم يحتسب بما غسله قبله، وان بدأ برجليه وختم بوجهه لم يصح إلا غسل وجهه، وان توضأ منكساً أربع مرات صح وضوؤه إذا كان متقاربا يحصل له من كل مرة غسل عضو، ومذهب الشافعي نحو هذا. ولو غسل أعضاءه دفعة واحدة لم يصح إلا غسل وجهه. انتهى.

(و) السادس: (موالاة).

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب نص عليه في رواية الجماعة وعليه

الأصحاب.

قال الزركشي وغيره: وهو ظاهر كلام الخرقي لقوله في مسح الخفين: فان خلع قبل ذلك أعاد الوضوء. وهو من مفردات المذهب. انتهى.

وعنه: أن الموالاة سنة.

واستدل للأول بقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} الآية [المائدة: 6] لأن الأول شرط، والثاني جواب، وإذا وجد الشرط وهو القيام وجب ألا يتآخر عنه جوابه وهو غسل أعضاء الوضوء.

وبما روى خالد بن معدان: " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلى وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء "

(1)

. رواه أحمد وأبو داود، وزاد:" والصلاة "، وفي سنده بقية، وهو ثقه روى له مسلم.

ولو لم تجب الموالاة لأجزأه غسل اللمعة فقط. ولأن الوضوء عبادة يفسدها الحدث. فاشترطت لها الموالاة، كالصلاة.

و" لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم انه توضأ إلا متواليا "

(2)

.

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(175) 1: 45 كتاب الطهاره، باب تفريق الوضوء.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(15532) 3: 424.

(2)

أحاديث وضوء النبي صلى الله عليه وسلم أخرجها مسلم من طرق عن عثمان رضي الله عنه (226) 1: 204 كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء وكماله.

ص: 254

وانما لم تشترط في غسل الجنابة؛ لأن المغسول فيه بمنزلة العضو الواحد. (ويسقطان) أي: الترتيب والموالاة (مع غسل) أي: مع الطهارة الكبرى.

وسيأتي الكلام على ذلك في باب الغسل

(1)

.

(وهي) أي: الموالاة: بـ (ان لا يؤخر غسل عضو حتى يجف ما) أي:

العضو الذي (قبله بزمن معتدل أو قدره) أي قدر الزمن المعتدل (من غيره) أي:

غير المعتدل من زمن حار أو بارد.

قال في " الإنصاف ": وهذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب.

قال الزركشي: هذا المشهور عند الأصحاب. ثم قال: وقيل: هو ألا يؤخر غسل عضو حتى ينشف أي عضو كان. حكاه ابن عقيل.

وعنه: يعتبر طول المكث عرفا. انتهى.

(ويضر) أي: وتفوت الموالاة (ان جف) العضو قبل إتمام الوضوء (لاشتغال) المتوضئ (بتحصيل ماء) فدمه الزركشي و" الرعاية " وفيه رواية وأطلقهما في " الفروع ".

(أو جف لإسراًف أو إزالة نجاسة أو وسخ ونحوه) كجبيرة يرى ما تحتها الغير طهارة) بأن كان في غير أعضاء الوضوء، أما إذا كان ذلك في أعضاء الوضوء فلا يضر؛ لأنه إذن من أفعال الطهارة كما (لا) يضر اشتغاله (بسنة) من سنن الوضوء (كتخليل) اللحية أو الأصابع، (وإسباغ) الماء بأن يبلغه مواضعه من أعضاء الوضوء ويوفي كل عضو حقه، (وإزالة شك) بأن يكرر غسل ذلك العضو حتى يعلم انه استكمل غسله (او) إزالة (وسوسة) وفيها وجه، وأطلقهما في " الفروع "، وصحح ما في المتن في " الرعاية الكبرى "، قطع به في "التنقيح ".

ووجه ذلك: أن الوسوسة شك في الجملة.

(1)

ص: 371.

ص: 255

فصل [في شروط الوضوء]

وأما شروط الوضوء فعشرة منها ما يشاركه فيها الغسل. وإلى ذلك أشير بقوله:

(ويشترط لوضوء وغسل ولو مستحبين نية) خلافاً لأبي حنيفة.

قال في " الفروع ": لأن الإخلا ص من

(1)

عمل القلب وهو النية مأمور به وفاقاً؛ لخبر " انما الأعمال بالنيات "

(2)

. أي: لا عمل جائز ولا فاضل. ولأن النص دل على الثواب في كل وضوء، ولا ثواب في غير منوي إجماعاً. ولأن النية للتمييز. ولأنه عبادة ومن شرطها النية؛ لأن ما لم يعلم إلا من الشارع فهو عبادة كصلاة وغيرها.

وهذا معنى قول الفخر إسماعيل وأبي البقاء وغيرهما: العبادة ما أمر به شرعاً من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي. قيل لأبي البقاء: الإسلام والنية عبادتان ولا يفتقران إلى النية؛ فقال: الإسلام ليس بعبادة لصدوره من الكافر وليس من أهلها. سلمنا، لكن للضرورة؛ لأنه لا يصدر إلا من كافر.

واما النية فلقطع التسلسل. وفي " الخلاف " لأن ما كان طاعة لله فعبادة.

فقيل له: فقضاء الدين ورد الوديعة عبادة؛ فقال: كذا نقول. قيل له:

(1)

زيادة من " الفروع " 1: 138.

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(1) 1: 3 بدء الوحى، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 256

العبادة ما كان من شرطه النية؛.

فقال: إذا لم يجز أن يقال في طاعة الله والمأمور به هو الذي من شرطه النية كذلك لا يجوز ذلك في العبادة. انتهى.

قال ابن قندس في " حواشيه ": أي إذا امتنع أن يقال: الطاعة والمأمور هو الذي من شرطه النية كذلك يمتنع أن يقال: العبادة هي التي من شرطها النية. انتهى.

قال في " الفروع " بعد ذلك: ونية الصلاة تضمنت السترة واستقبال القبلة لوجودهما فيها حقيقة، ولهذا يحنث بالاستدامة. انتهى.

قال ابن قندس: هذا جواب عن سؤال وتقديره أن يقال: السترة واستقبال القبلة شرط من شروط الصلاه فلم اعتبرت النية للوضوء دونهما مع انه شرط كالسترة؛ فأجاب بأن السترة تضمنتها نية الصلاة وكذلك استقبال القبلة فلم يحتاجا إلى نية مفردة.

فان قيل: فلم لم يحكم على الوضوء بهذا الحكم وهو أن يقال: نية الصلاة تضمنت الوضوء، كما قيل في السترة واستقبال القبلة؛

فأجاب بأن السترة واستقبال القبلة موجودان في الصلاة حقيقة. والدليل على ذلك: انه لو حلف لا يستتر فاستدام السترة التي عليه، أو حلف انه لا يستقبل

وهو مستقبل فاستدامه حنث. وليس الوضوء كذلك؛ لأن استدامة الوضوء ليست وضوءاً؛ لأن الوضوء عبارة عن الهيئة المعروفة فإذا توضأ ثم دام على ذلك لا يقال أن دوامه على الوضوء يكون وضوءا. دليله: انه لو حلف لا يتوضأ وكان متوضئا ودام على ذلك لا يحنث؛ لعدم وجود الهيئة المعروفة. وانما الدائم من الوضوء حكمه وهو ارتفاع الحدث لا حقيقة الوضوء؛ لأن حقيقته هي غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين، وتلك الصفة ليست دائمة، وانما الدائم حكمها وهو ارتفاع الحدث. انتهى.

ص: 257

إذا تقرر أن النية شرط لطهارة الحدث فانه يستثنى من ذلك ما أشير إليه بقوله:

(سوى غسل كتابية) لزوج مسلم من حيض، (و) سوى (مسلمة ممتنعة) من غسل لزوج من حيض حتى انه لا يطؤها ما دامت كذلك. (فتغتسل قهراً) من أجل حق الزوج، ويباح له وطؤها. (ولا نية) مشترطة هنا (للعذر) كالممتنع من زكاة. (و) الصحيح (لا تصلي به) ذكره في " النهاية " نقله عنه في " الفروع "، وقياس ذلك منعها من الطواف وقراءة القرآن ونحو ذلك مما يشترط له الغسل، لأنه انما أبيح وطؤها لحق زوجها فيه فلا تستبيح به العبادة المشترط لها الغسل.

وانما لم يصح أن ينوي عنها، لعدم تعذرها منها. بخلاف الميتة.

(ويُنوى) الغسل (عن ميت ومجنونة غسلاً) " لتعذر النية منهما.

وقال أبو المعالي في المجنونة: لا نية " لعدم تعذرها مالا. بخلاف الميت، وانها تعيد الغسل إذا أفاقت.

(و) الشرط الثاني لهما: (طهورية ماء).

(و) الثالث: (إباحته) أي: الماء. فلا يصح وضوء ولاغسل بماء غير طهور ولا بماء محرم الاستعمال.

(و) الرابع: (إزالة مانع وصوله) أي: الماء إلى البشرة.

(و) الخامس: (تمييز) المتوضئ والمغتسل، لأن سن التمييز أدنى سن يعتبر قصد الصغير فيه شرعا. فلا يصح الوضوء ولا الغسل ممن لم يميز " لعدم اعتبار قصده.

(وكذا) يشترط لصحة الوضوء والغسل: (إسلام وعقل) وهما الشرط السادس والسابع (لسوى من تقدم). وما تقدم هو عدم اشتراط الإسلام في الكتابية إذا اغتسلت لزوجها المسلم من الحيض، وعدم اشتراط العقل في المجنونة إذا اغتسلت من الحيض " ليطأها زوجها.

(و) ما يشترط (لوضوء) فقط وهو الشرط الثامن: (دخول وقت على من

ص: 258

حدثه دائم لفرضه) أي: لفرض ذلك الوقت؛ لأن طهارة من حدثه دائم طهارة عذر وضرورة. فتقيدت بالوقت؛ كالتيمم.

(و) الشرط التاسع: (فراغ خروج خارج) لمنافاته للوضوء.

(و) الشرط العاشر: فراغ (استنجاء) بالماء (أو استجمار) بحجر أو نحوه. وتقدم التنبيه على ذلك في المتن.

(و) يشترط (لغسل الحيض أو نفاس فراغهما) أي: فراغ خروج دم الحيض أو دم النفاس لمنافاة وجودهما الغسل لهما.

(والنية) المشترطة في الوضوء والغسل: (قصد رفع الحدث) بذلك الوضوء أو الغسل، (او) قصد (استباحة ما) أي: فعل أو قول (تجب له الطهارة)؛ كاستباحة الطواف بالوضوء، وقراءة القرآن بالغسل.

(وتتعين) الصورة (الثانية) وهي قصد الاستباحة (لمن حدثه دائم)؛ كمستحاضة، ومن به سلس ونحوه.

قال في " الإنصاف ": ينوي من حدثه دائم الاستباحة، على الصحيح من المذهب. ثم قال: وقيل: أو ينوي رفع الحدث. وقيل: هما.

قال في " الرعايتين " و" الحاويين ": وجمعهما أولى. ولا يشكل تعين نية الاستباحة لمن حدثه دائم.

(وان انتقضت طهارته بطروء) حدث (غيره) أي: غير الدائم لتناولها الدائم والطارئ. وانما نقض الطارئ دون الدائم؛ لأن الدائم انما لم ينقض للضرورة وما عداه على الأصل.

(وتسن) النية (عند أول مسنون) في الطهارة إذا (وجد قبل واجب)؛ كغسل الكفين قبل المضمضة والاستنشاق، وغسل بقية الوجه لتشمل النية مفروض الوضوء ومسنونه فيثاب على كل منهما.

(و) يسن (نطق بها) أي: بالنية (سراً)؛ ليوافق لسانه قلبه.

قال في " الإنصاف ": لا يستحب التلفظ بالنية على أحد الوجهين، وهو المنصو ص عن أحمد قاله الشيخ تقي الدين، وقال: هو الصواب.

ص: 259

والوجه الثانى: يستحب التلفظ بها سراً، وهو المذهب قدمه في " الفروع " وجزم به ابن عبيدان و" التلخيص " وابن تميم وابن رزين.

قال الزركشي: هو الأولى عند كثير من المتأخرين. انتهى.

قال في " الفروع ": قال الشيخ تقي الدين: واتفق الأئمة انه لا يشرع الجهر بها وتكريرها، بل من اعتاده ينبغي تأديبه وكذا بقية العبادات. وقال: الجاهر بها مستحق للتعزير بعد تعريفه. لا سيما إذا آذى به أو كرره. وقال: الجهر بلفظ النية منهي عنه عند الشافعية وسائر أئمة الإسلام وفاعله مسيء، وان اعتقده ديناً خرج عن إجماع المسلمين، ويجب نهيه، ويعزل عن الإمامة ان لم ينته. قال في " سنن أبي داود ":" أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعزل إمام لأجل بصاقه في القبله "

(1)

. فان الإمام عليه أن يصلي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي. انتهى.

(و) يسن (استصحابُ ذكرها) بأن يكون مستحضراً لها في جميع الطهارة؛ لتكون أفعاله كلها مقترنة بالنية.

(ويجزئ استصحاب حكمها) بأن لا ينوي قطعها. فان غربت عن خاطره لم يؤثر ذلك في الطهارة؛ كما لا يؤثر ذلك في الصلاة.

(ويجب تقديمها على الواجب) من العبادة؛ لأن النية شرط لصحة واجباتها. فيعتبر كونها كلها بعد النية. فلو فعل شيئاً من الواجبات قبل وجود النية لم يعتد به.

(ويضرّ كونه) أي: التقدم (بزمن كثير).

قال في " الإنصاف ": ولا يجوز بزمن طويل على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب. وقيل: يجوز مع ذكرها وبقاء حكمها بشرط أن لا يقطعها. قال ابن تميم: وجوّز الآمدي تقديم نية الصلاة بالزمن الطويل ما لم يفسخها وكذا يُخَرّج ها هنا، وجزم به في " الجامع الكبير ".

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(481) 1: 130 كتاب الصلاة، باب في كراهية البزاق في المسجد. عن أبي سهلة السائب بن خلاد رضي الله عنه.

ص: 260

وقال القاضي في " شرحه الصغير ": إذا قدم النيه واستصحب ذكرها حتى يشرع في الطهارة جاز، وان نسيها أعاد.

وقال أبو الحسين: يجوز تقديم النية ما لم يعرض ما يقطعها من اشتغال بعمل ونحوه. انتهى.

وعلم مما تقدم انه لا يضر تقدمها في الزمن اليسير؛ كالصلاة.

و (لا) يضر (سبقُ لسانه) عند تلفظه بالنية (بغير قصده)؛ كما لو أراد أن يقول: نويت الوضوء فقال: نويت الصوم؛ لأن النية محلها القلب لا اللسان. والأصح (ولا إبطالُه) الطهارة (بعد فراغه)؛ لأنه قد تم صحيحاً ولم يوجد ما يفسده مما عُدّ مفسداً.

قال في " الإنصاف ": لو أبطل الوضوء بعد فراغه منه لم يبطل على الصحيح من المذهب. وقيل: يبطل وأطلقهما ابن تميم. انتهى.

(أو شك فيها) أى النية أو الطهارة (بعده) أي: بعد فراغ الوضوء، كشكه في وجود الحدث مع تيقن الطهارة.

قال في " الإنصاف ": لو شك في الطهارة بعد فراغه منها لم يؤثر على الصحيح من المذهب. نص عليه. وقيل: يبطل. وقيل: ان شك عقب فراغه استأنف وان طال الفصل فلا. انتهى.

وعلم مما تقدم انه لو أبطل النية في أثناء طهارته بطل ما مضى منها.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. اختاره ابن عقيل والمجد في " شرحه " وقدمه في " الرعايتين " و" الحاويين ". وقيل: لا يبطل ما مضى منها. جزم به المصنف في " المغني ". انتهى.

فعلى هذا لو غسل الباقي بنية أخرى قبل طول الفصل صحت طهارته، - وان طال انبنى على وجوب الموالاه وعدمه. فأما ان غسل بعض أعضائه بنية الوضوء وبعضها بنية التبرد ثم أعاد غسل ما نوى به التبرد بنية الوضوء قبل طول الفصل أجزأ.

وعلم مما تقدم أيضاً: أنه لو شك في النية في أثناء الطهارة لزمه استئنافها

ص: 261

كما لو شك في نية الصلاة وهو فيها، لأن النية هي القصد. فمتى علم انه جاء ليتوضأ أو أراد فعل الوضوء مقارنا له أو سابقا عليه قريبا منه فقد وجدت النية. فمتى شك في وجود ذلك في أثناء طهارته لم يصح ما مضى منها. وهكذا ان شك في غسل عضو أو مسح رأسه، حكمه حكم من لم يأت به، لأن الأصل عدمه. إلا أن يكون وهماً كالوسواس فلا يلتفت إليه. قاله في " الشرح ".

ولما كانت نية ما يلزم منه رفع الحدث كنية رفع الحدث

(1)

أشير إليه بقوله:

(فلو نوى) بوضوئه (ما) أي: قولا وفعلا (تسن له الطهارة؛ كقراءة) قرآن، (وذكر الله تعالى، وأذان، ونوم، ورفع شك، وغضب، وكلام محرم، وفعل منسك) من مناسك الحج نصاً (غير طواف) فانه مما يجب له الوضوء، (و)(جلوس بمسجد. وقيل) وقدمه في " الرعاية "(ودخوله، وحديث، وتدريس علم)، وفي " المغني " وغيره:(وأكل)، وفي " النهاية ":(وزيارة قبره). وقيل: ولأكل ما مسته النار والقهقهة.

قال في " الإنصاف ": وأطلقها ابن تميم وابن حمدان وابن عبيدان والزركشي وكذا " مجمع البحرين " في القهقهة. انتهى.

وكوطء وشرب لجنب.

(أو) نوى بوضوئه (التجديد ان سنّ) التجديد (بأن صلى بينهما) أي بين الوضوئين وكان قد أحدث ونوى التجديد (ناسيا حدثه): صحت طهارته و (ارتفع) حدثه بنية المسنون والتجديد؛ لأنه نوى طهارة شرعية فينبغي أن يحصل له للخبر. ولأنه شرع له فعل التجديد وهو غير محدث، وقد نوى ذلك، فينبغي أن يحصل له. ولأنه نوى شيئاً من ضرورته صحة الطهارة وهي الفضيلة الحاصلة لمن فعل ذلك على طهارة.

وعنه: لا يرتفع حدثه في الصورتين.

(1)

في أزياده: وحيث تقرر أن النية المشترطة للطهارة هي قصد رفع الحدث أو استباحة ما تجب له الطهارة وكان فيما تسن له الطهارة روايتان.

ص: 262

و (لا) يرتفع (ان نوى طهارة أو وضوءاً وأطلق).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح. انتهى.

ووجهه: أن الطهارة تنقسم إلى مشروع وغيره. فلم تصح مع التردد، والطهارة المطلقة منها ما لا يرفع الحدث كالطهارة من النجاسة.

(أو) نوى (جنب الغسل وحده) أي دون الوضوء لم يرتفع حدثه الأصغر.

(أو) نوى الغسل (لمروره) في المسجد فانه لا يرتفع؛ لأن هذا القصد لا تشرع

له الطهارة. أشبه ما لو نوى بطهارته لبس ثوب ونحوه. وفي كل منهما وجه.

قال في " الفروع ": وان نوى طهارة مطلقة أو وضوءاً مطلقاً ففي رفعه وجهان. وان نوى جنب الغسل وحده أو لمروره لم يرتفع. وقيل: بلى. وقيل: في الثانية. انتهى.

(ومن نوى) غسلا (مسنونا) وعليه غسل واجب، (او) نوى غسلا (واجبا) في محل غسل مسنون:(أجزأ عن الآخر). وفي كل منهما وجه.

(وان نواهما) أي: نوى الواجب والمسنون بالغسل الواحد (حصلا) أي:

حصل له ثوابهما. نص عليه. وقيل: يحتمل وجهين.

(وان تنوعت أحداث) أي: موجبات للوضوء أو الغسل (ولو) لم توجد معا بل وجدت (متفرقة توجب) هذه الأحداث أي: كل منهما (غسلا أو وضوءا، ونوى) بوضوئه أو غسله (أحدهم، لا) أن كانت نيته (على أن لا يرتفع غيره) أي: غير المنوي من الأحداث بالوضوء والغسل. وقيل: ولو كانت نيته على أن لا يرتفع غيره: (ارتفع سائرها) في الأصح.

ووجهه: أن الأحداث تتداخل فإذا نوى بعضها غير مقيد ارتفع جميعها كما لو نوى رفع الحدث وأطلق. وأما إذا نوى رفع حدث منها على أن لا يرتفع غيره فهذا قد تطهر بنية بقاء غيره من الأحداث. فلم يرتفع سوى ما نواه وإلا لزم حصول عمل لم ينوه. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 263

فصل [في صفة الوضوء]

(وصفة الوضوء) أي: كيفية الوضوء الكامل: (أن ينوي، ثم يسمي، ويغسل كفيه ثلاثاً، ثم يتمضمض، ثم يستنشق ثلاثاً ثلاثاً) ان شاء من ست غرفات وان شاء من ثلاث.

(و) كونهما (من غر فة) واحدة (أفضل) نصاً.

قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يساًل أيهما أحب إليك المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة، أو كل واحدة منهما على حدة؛ قال: بغرفة واحدة. ويشهد لهذا ما روي عن علي رضي الله تعالى عنه: " انه توضأ فتمضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً من كف واحد. وقال: هذا وضوء نبيكم صلى الله عليه وسلم "

(1)

. رواه الإمام في " المسند ".

ويشهد للثلاث أن في لفظ آخر عن على: " أنه تمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً بثلاث غرفات "

(2)

. متفق عليه.

وما روي عن عثمان: " انه توضأ فدعا بماء فغسل يديه ثلاثاً ثم غرف بيمينه

ثم رفعها إلى فيه فمضمض واستنشق بكف واحد واستنثر بيساره. فعل ذلك ثلاثاً. ثم ذكر سائر الوضوء. ثم قال: ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ لنا كما توضأت لكم "

(3)

. رواه سعيد.

(1)

أخرجه أحمد في " مسنده "(998) 1: 123.

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(184) 1: 80 كتاب الوضوء، باب غسل الرجلين إلى الكعبين. وأخرجه مسلم فى " صحيحه " (235) 1: 211 كتاب الطهارة، ياب في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم. كلاهما عن عبد الله بن زيد الانصاري، ولم أره عن على رضى الله عنه.

(3)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(226) 1: 204 كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء وكماله.

ص: 264

ويشهد للست ما في حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق "

(1)

. رواه أبو داود.

ووضوؤه كان ثلاثاً ثلاثاً. فلزم كونها من ست.

(ويصح أن يسمّيا) أي: المضمضة والاستنشاق (فرضين) في أصح الروايتين. وهما واجبان في الوضوء والغسل. فلا يسقط واحد منهما سهواً على المشهور؛ لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه "

(2)

. رواه أبو بكر في " الشافي ".

وعن أبي هريرة قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمضمضة والاستنشاق "

(3)

.

وفي حديث لقيط بن صبرة: " إذا توضأت فتمضمض "

(4)

. رواه أبو داود وأخرجهما الدارقطني. ولأن كل من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقصي ذكر أنه تمضمض واستنشق. ومداومته عليهما يدل على وجوبهما؛ لأن فعله يصلح أن يكون بيانا لأمر الله تعالى.

وبوجوبهما قال ابن المبارك وابن أبي ليلى وإسحاق.

وعن أحمد رواية أخرى: أن الاستنشاق وحده واجب في الطهارتين.

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(139) 1: 34 كتاب الطهارة، باب فى الفرق بين المضمضة والاستنشاق.

(2)

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 52 كتاب الطهارة، باب تاكيد المضمضة والاستنشاق.

(3)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(27) 1: 40 أبواب الطهارة، باب ما جاء في المضمضة والاستنشاق.

وأخرجه الدارقطني في " سننه "(9) 1: 116 كتاب الطهارة، باب ما روي فى المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة.

(4)

أخرجه أبو دأود في " سننه "(144) 1: 36 كتاب الطهارة، باب في الاستنثار.

وأخرجه الدارقطني في " سننه "(27) 1: 1 0 1 كتاب الطهارة، باب ما روي من قول النبي صلى الله عليه وسلم:" الأذنان من الرأس ". عن ابن عباس، ولفظه:" إذا توضأ أحدكم فليتمضمض ". ولم أره من حديث لقيط بن صبرة.

ص: 265

وعنه: أن المضممضة والاستنشاق واجبان في الطهارة الكبرى دون الصغرى.

وعنه: أنهما واجبان في الصغرى دون الكبرى. عكس التي قبلها. نقلها الميمونى.

وعنه: يجب الاستنشاق في الوضوء وحده. ذكرها صاحب " الهداية " و" المحرر " وغيرهما.

وعنه: عكسها. ذكرها ابن الجوزي.

وعنه: هما سنة مطلقاً.

(ثم يغسل وجهه) ثلاثاً. وحده: (من منابت شعر الرأس المعتاد غالبا).

فلا عبرة بالأفرع- بالفاء- الذي ينبت شعره في بعض جبهته، ولا بالأجلح الذي انحسر شعره-عن مقدم رأسه (إلى النازل من اللحيين). وهما: العظمان اللذان في أسفل الوجه قد اكتنفاه.

(والذقن) وهو مجمع اللحيين (طولا) أي: من جهة الطول فيجب غسل ذلك (مع مسترسل) شعر (اللحية) طولا، وما خرج منه عن حد الوجه عرضا.

قال في " الإنصاف " عن حكم المسألتين: انه الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب. وعنه: لا يجب غسل ما خرج عن محاذاة البشرة طولاً وعرضا. وهو ظاهر كلام الخرقي في المسترسل، كما لا يجب مسح ما استرسل من شعر الرأس.

والأول أصح، لأن اللحية تشارك الوجه في معنى التوجه والمواجهة، وخرج ما نزل من الرأس عنه؛ لعدم مشاركته الرأس في الترأس. وعنه: أنه قال: غسل اللحية ليس من السنة، وان لم تخلل أجزأه. فأخذ من ذلك الخلال انها لا تغسل مطلقاً فقال: الذي ثبت عن أبي عبد الله انه لا يغسلها، وليست من الوجه، ورد ذلك القاضي وغيره من الأصحاب وقالوا معنى قوله: ليس من السنة أي: غسل باطنها، ورد أبو المعالي على القاضي. نقله في " الإنصاف ".

ص: 266

(و) حد الوجه من غير جهة الطول: (من الأذن إلى الأذن عرضا).

ومفهومه: أن الأذنين ليسا من الوجه وهو صحيح.

وقال الزهري: منه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره "

(1)

. رواه مسلم. لأنه أضاف السمع إليه كما أضاف البصر.

وأجيب عن ذلك بأن إضافتهما إلى الوجه للمجاورة، وأنه لم ينقل عن أحد ممن يعتد به انه غسلهما مع الوجه. وحيث تقرر حد الوجه طولاً وعرضاً (فيدخل) فيه (عِذار. . وهو: شعر نابت على عظم ناتئ يُسامِت) أي: يحاذي (صِماخَ الأذن) بكسر الصاد وهو خرقها.

(و) يدخل فيه أيضاً (عارض. وهو: ما تحته) أي: تحت العذار (إلى ذقن).، قال في " الشرح ": وهو الشعر النابت على الخد واللحيين.

قال الأصمعي: ما جاوزته الأذن عارض.

و (لا) يدخل (صدغ وهو ما فوق العذار يحاذي رأس الأذن وينزل عنه قليلا) وهو من الرأس؛ لأن في حديث الرُبَيِّع: " أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وصدغيه وأذنيه مرة واحدة "

(2)

. رواه أبو داود.

ولم ينقل أحد أنه غسله مع الوجه. ولأنه شعر متصل بشعر الرأس ويثبت معه في حق الصغير. فكان ثابتا معه في حق الكبير.

(ولا) يدخل (تحذيفٌ. وهو): الشعر (الخارج إلى طرفي الجبين في جانبي الوجه بين النزعة ومنتهى العذار)؛ لأنه شعر متصل بشعر الرأس لم يخرج عن

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(771) 1: 535 كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(129) 1: 32 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبى صلى الله عليه وسلم.

ص: 267

حده أشبه الصدغ.

قال في " الإنصاف " عن الصدغ والتحذيف: هما من الرأس، على الصحيح من المذهب اختاره المصنف في " الكافي " والمجد، وقال: هو ظاهر كلام أحمد.

قال في " الرعاية الكبرى ": الأظهر أنهما من الرأس.

قال في " مجمع البحرين ": هذا أصح الوجهين، وقدمه اين رزين في الصدغ. وقيل: هما من الوجه. انتهى. وقيل: التحذيف من الوجه دون الصدغ. وقيل: عكسه.

(ولا) يدخل في الوجه أيضاً (النزعتان. وهما: ما انحسر عنه الشعر من جانبي الرأس) أى جانبي مقدمه. قال في " الشرح ": وأما النزعتان وهما ما انحسر عنه الشعر من الرأس متصاعدا في جانبي الرأس فقال ابن عقيل: هما من الوجه؛ لقول الشاعر:

فلا تنكحي ان فرق الله بيننا

أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعا

وقال القاضي وشيخنا: هما من الرأس وهو الصحيح؛ لأنه لا تحصل بهما المواجهة، ولدخولهما في حد الرأس، لأنه ما ترأس وعلا. انتهى.

(ولا يجزئ غسل ظاهر شعر) في الوجه خفيف يصف البشرة، لأنه البشرة ظاهرة تحصل بها المواجهة فوجب غسلها كالتي لا شعر فيه، أو وجب غسل الشعر معها، لأنه نابت في محل الفرض فتبعه.

(إلا أن) يكون الشعر كثيفا (لا يصف البشرة) فانه يجزئه غسل ظاهره، لأنه لما كانت تحصل المواجهة به دون ما تحته من البشرة وجب تعلق الحكم به. وقيل: لا يجزؤه غسل ظاهره.

(و) على المذهب (يسن تخليله). وقيل: لا، وفاقاً لمالك، كتيمم.

و (لا) يسن (غسل داخل عين) في وضوء ولا غسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله

ص: 268

ولا أمر به.

(ولا يجب) غسله (من نجاسة ولو أمن الضرر). وقيل: يستحب غسله في وضوء وغسل مع أمن الضرر. وعنه: يجب. وعنه: في " الكبرى ". وقيل: يجب من نجاسة.

ويستحب التكثير في ماء الوجه؛ لأن فيه غضونا، جمع غضن وهو: التمني ودواخل وخوارج ليصل الماء إلى جميعه.

وقد روى ابن عباس: " أن عليا رضي الله تعالى عنه قال: يا ابن عباس لِلَّهِ ألا أتوضأ لك وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قلت: بلى فداك أبي وأمي. قال: فوضع اناء فغسل يديه ثم مضمض واستنشق واستنثر، ثم أخذ بيديه فصك بهما وجهه وألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه قال: ثم عاد في مثل ذلك ثلاثاً، ثم أخذ كفا من ماء بيده اليمنى فأفرغها على ناصيته ثم أرسلها تسيل على وجهه، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثاً ثم يده الأخرى مثل ذلك. وذكر بقية الوضوء. . . "

(1)

. رواه أحمد وأبو داود.

وقد روي عن أبي أمامة: " انه وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ثلاثاً ثلاثاً قال: وكان يتعاهد المأقين "

(2)

. رواه أحمد.

والمأقان: مثنى الماق وهو: مجرى الدمع من العين.

(ثم) إذا تم غسل وجهه يغسل (يديه مع مرفقيه و) مع (اصبع زائده و) مع (يد) زائدة (أصلها بمحل الفرض)؛ لأن ذلك زيادة بمحل الفرض. أشبهت الثؤلول

(3)

.

(أو) أصلها (بغيره ولم تتميز) الزائدة منهما؛ ليخرج من العهدة بيقين؛

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(117) 1: 29 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(625) 1: 83.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(21976) 5: 258.

(3)

الثؤلول: بثر صغير صلب مستدير يظهر على الجلد كالحمصة أو دونها، وفي الحديث في صفة خاتم النبوة:" كأنه ثاليل ". " اللسان ": ثال و" المعجم الوسيط " ص 93.

ص: 269

كما لو تنجست إحدى يديه وجهلها.

(و) مع (أظفار) وان طالت؛ لأنها متصلة بيده بأصل الخلقة فدخلت في مسمى اليد.

(ولا يضر وسخ يسير تحت ظفر ونحوه) كالوسخ داخل أنفه (يمنع وصول الماء)؛ لأن هذا مما يكثر وقوعه عادة فلو لم يصح الوضوء معه لبينه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

قال في " الإنصاف ": لو كانت تحت أظفاره يسير وسخ يمنع وصول الماء إلى ما تحته لم تصح طهارته. قاله ابن عقيل، وقدمه في " القواعد الأصولية " و" التلخيص " وابن رزين في " شرحه ". وقيل: تصح، وهو الصحيح، صححه في " الرعاية الكبرى " وصاحب " حواشي المقنع " وجزم به في " الإفادات " وقدمه في " الرعاية الصغرى "، وإليه ميل المصنف واختاره الشيخ تقي الدين وأطلقهما في " الحاويين ". وقيل: يصح ممن يشق تحرزه منه؛ كأرباب الصنائع والأعمال الشاقة من الزراعة وغيرها، واختاره في " التلخيص " وأطلقهن في " الفروع ". وألحق الشيخ تقي الدين كل يسير منع حيث كان من البدن؛ كدم وعجين ونحوهما واختاره. انتهى. "

وان تقلصت جلدة من الذراع فتدلت من العضد لم يجب غسلها؛ لأنها صارت في غير محل الفرض. وان كان بالعكس وجب غسلها؛ لأنها صارت في محل الفرض. وان تقلصت من أحد المحلين، والتحم رأسها في الآخر وجب غسل ما حاذى محل الفرض من ظاهرها وباطنها وما تحتها دون ما لم يحاذه. وعلم مما تقدم انه لو كان له يد زائدة أصلها بغير محل الفرض وتميزت الأصلية من الزائد انه

(1)

لا يجب غسل الزائدة سواء كانت قصيرة أو طويلة وهذا المذهب. وقيل: يجب غسل ما حاذى محل الفرض منها.

(ومن خلق بلا مرفق غسل إلى قدره) أي: قدر المرفق (في غالب الناس).

(1)

في ج: لانه.

ص: 270

قال في " الإنصاف ": قاله الزركشي وغيره. انتهى.

وهو ظاهر.

(ثم) إذا تم غسل يديه (يمسح جميع ظاهر رأسه) بالماء.

قال في " الإنصاف ": فلو مسح البشرة لم يجزئه كما لو غسل باطن اللحية، ولو حلق البعض فنزل عليه شعر ما لم يحلق أجزأه المسح عليه. وحده:(من حد الوجه إلى ما يسمى قفا. والبياض فوق الأذنين منه).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب ثم قال: وذكر جماعة انه ليس من الرأس إجماعاً. انتهى.

والصفة المسنونة في مسحه انه: (يمر يديه من مقدمه إلى قفاه ثم يردهما) إلى الموضع الذي بدأ منه؛ لما روي عن عبد الله بن زيد: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه "

(1)

. رواه الجماعة.

قال في " الشرح ": فان كان ذا شعر يخاف أن ينتفش برد يديه لم يردهما نص عليه أحمد؛ لأنه قد روي عن الربيع: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها، فمسح الرأس كله من مفرق الشعر كل ناحية لمصب الشعر لا يحرك الشعر عن هيئته "

(2)

. رواه أبو داود.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(183) 1: 80 كتاب الوضوء، باب مسح الرأس كله.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(235) 1: 211 كتاب الطهارة، باب في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أبو داود في " سننه "(118) 1: 29 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه الترمذي في جامعه (32) 1: 47 أبواب الطهارة، باب ما جاء في مسح الرأس انه يبدأ بمقدم الرأس إلى مؤخره.

وأخرجه النسائي في " سننه "(98) 1: 71 كتاب الطهارة، باب صفة مسح الرأس.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(434) 1: 149 كتاب الطهارة، باب ما جاء في مسح الرأس.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(16475) 4: 39.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(128) 1: 31 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 271

وسُئل أحمد: كيف تمسح المرأة؛ قال: هكذا فوضع يده على وسط رأسه ثم جرها إلى مقدمه ثم رفعها فوضعها حيث منه بدا ثم جرها إلى مؤخره.

(ثم يدخل سبابتيه في صماخي أذنيه ويمسح بإبهاميه ظاهرهما). وهذه هي الصفة المسنونة في مسح الرأس، لما في النسائى عن ابن عباس:" أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه باطنهما بالسبابتين وظاهرهما بإبهاميه "

(1)

.

قال في " الشرح ": ولا يجب مسح ما استتر بالغضاريف، لأن الرأس الذي هو الأصل لا يجب مسح ما استتر منه بالشعر فالأذن أولى. انتهى.

قال في " القاموس ": أن الغضروف داخل قُوفِ الأذن، وقال في موضع آخر: قُوف الأذن بالضم: أعلاها، أو مُسْتدارُ سَمِّها.

(ويجزئ) المسح (كيف مسح) أي: على أى كيفية فعل بيده (وبحائل).

قال في " الإنصاف ": والصحيح من المذهب أن المسح بحائل يجزئ مطلقاً فيدخل في ذلك المسح بخشبة وخرقة مبلولتين ونحوهما. وقيل:

لا يجزئ. ثم قال: ولو وضع يده مبلولة على رأسه ولم يمرها عليه أو وضع عليه خرقة مبلولة أو بلها وهي عليه لم يجزئه في الأصح، قطع به المجد وغيره. ويحتمل أن يصح، قاله المصنف. انتهى.

(و) يجزئ (غسل) بأن يوصل الماء إلى رأسه بفعله مع إمرار يده على رأسه، لما روي عن معاوية:" انه توضأ للناس كما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء فتلقاها بشماله حتى وضعها على وسط رأسه حتى قطر الماء أو كاد يقطر، ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره ومن مؤخره إلى مقدمه "

(2)

. رواه أبو داود. ولأنه إذا أمر يده مع الماء فقد وجد المسح. وعنه: يجزئه غسله وان لم يمر يده.

(1)

أخرجه النسائي في " سننه "(102) 1: 74 كتاب الطهارة، باب مسح الأذنين مع الرأس، وما يستدل به على أنهما من الرأس.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(124) 1: 31، كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 272

قال في " الإنصاف ": وأطلق الروايتين فيما إذا لم يمر يده، قاله المجد في " شرحه " وابن تميم. انتهى. وقيل: لا يجزئه غسله وان أمرّ يده. (أو إصابة ماء مع إمرار يده) يعني: لو أصاب الماء رأس المتوضئ من غير فعله كمطر ونحوه ثم أمر يده عليه أجزأه؛ لأن حصول الماء على رأسه بغير قصد لم يؤثر في الماء. فمتى وضع يده على ذلك البلل ومسح به فقد مسح بماء غير مستعمل. فصحت طهارته؛ كما لو حصل بقصده. قال في " الفروع ": وان أصابه ماء أجزأه أن أمر يده. وعنه: وقصده وان لم يمرها ولم يقصده فكغسله. انتهى. وقيل: يجزئ بلُّ شعر الرأس بلا مسح ولا غسل ولا يستحب تكرار مسح الرأس؛ لما روى أبو حية قال: " رأيت عليا توضأ فغسل كفيه حتى انقاهما، ثم مضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً وذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه مرة، ثم غسل قدميه إلى الكعبين. ثم قال: أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم "

(1)

. رواه الترمذي وصححه.

وعن ابن عباس: " أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ. فذكر الحديث كله ثلاثاً ثلاثاً وقال: مسح برأسه وأذنيه واحدة "

(2)

. رواه أحمد وأبو داود.

ولأبي داود عن عثمان: " انه توضأ مثل ذلك، وقال؛ هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ "

(3)

. ولأنه مسح في طهارة عن حدث. فلم يسن تكراره؛ كالمسح على الجبيرة والخفين وفي التيمم.

(1)

أخرجه الترمذي (48) 1: 67 أبواب الطهارة، باب ما جاء في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان.

(2)

أخرجه أبو داود (133) 1: 32 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أحمد في مسنده (2416) 1: 268.

(3)

أخرجه أبو داود (108) 1: 26 كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 273

وعنه: يستحب تكراره بماء جديد. نصره أبو الخطاب وابن الجوزي.

وكذا أذنيه وفاقاً، ذكره ابن هبيرة نقله عنه في " الفروع ". ثم قال: ولا يمسح العنق. وعنه: بلى. اختاره في " الغنية " وابن الجوزي في " أسباب الهداية " وأبو البقاء وابن الصيرفي وابن رزين وفاقاً لأبي حنيفة. انتهى.

(ثم يغسل) بعد مسح رأسه وأذنيه (رجليه مع كعبيه. وهما) يعني الكعبين:

(العظمان الناتئان) اللذان في أسفل الساق من جانبي القدم. وقد حكي عن محمد بن الحسين أنه قال: هما في مشط القدم وهو معقد الشراك من الرجل بدليل انه قال: (إلى الكعبين)[المائدة: 6] فدل على أن في الرجلين كعبين لا غير، ولو أراد ما ذكر ثم كانت كعاب الرجلين أربعة. قال في "- الشرح ": ولنا أن الكعاب المشهورة هي التي ذكرنا. قال أبو عبيد: الكعب هذا الذي في أصل القدم منتهى الساق إليه بمنزلة كعاب القنا، وروي عن النعمان بن بشير قال:" كان أحدنا يلزق كعبه بكعب صاحبه في الصلاة ". رواه الخلاط.

وقوله: (إلى الكعبين) حجة لنا. فانه أراد كل رجل تغسل إلى الكعبين، ولو أراد جميع الأرجل لذكره بلفظ الجمع كما قال:(إلى المرافق). انتهى. وعنه: لا يجب إدخال الكعبين في الغسل. وحجة القائلين بوجوب غسل الكعبين، والقائلين بعدم الوجوب قد تقدم معناها في المرفقين، ويكون الغسل فيما يغسل ثلاثاً ثلاثاً.

(والأقطع من مفصل مرفق و) الأقطع من مفصل (كعب يغسل طرف عضد وساق) وجوباً.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب منهم القاضي، ونص عليه في رواية عبد الله وصالح. انتهى. وقيل: يستحب وحمل عليه كلام الإمام.

(و) الأقطع (من دونهما): أي من دون مفصل المرفق ومفصل الكعب يغسل

ص: 274

(ما بقي من محل فرض)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم "

(1)

. متفق عليه.

والأقطع من فوق مفصل مرفق وكعب لا يجب عليه غسل بلا نزاع. لكن يستحب له أن يمسح محل القطع بالماء؛ لئلا يخلو العضو من طهارة.

(وكذا) أي: وكالوضوء في ذلك (تيمم) فإذا قطعت اليد من مفصل الكف وجب أن يمسح محل القطع بالتراب، وان كان القطع من دونه وجب التيمم على ما بقي من محل الفرض، وان كان القطع من فوقه استحب له أن يمسح محل. القطع بالتراب. وقال القاضي: إذا قطعت اليد من مفصل الكف سقط التيمم فيها. والأول منصوص أحمد.

(وسن لمن فرغ (من الوضوء) رفع بصره إلى السماء وقول: اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله)، لما روى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ- الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء "

(2)

. رواه مسلم.

ورواه الترمذي وزاد فيه: " اللهم لِلَّهِ اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين "

(3)

.

ورواه الإمام أحمد وأبو داود، وفي بعض رواياته: " فأحسن الوضوء ثم

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(6858) 6: 2658 كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(337 1) 4: 1337 كتاب الفضائل باب توقيره صلى الله عليه وسلم. كلاهما من حديث أبى هريرة رضى الله عنه.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(234) 1: 9 0 2 كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء.

(3)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(55) 1: 77 أبواب الطهارة، باب فيما يقال بعد الوضوء.

ص: 275

رفع نظره إلى السماء. . وساق الحديث "

(1)

.

(ويباح) للمتوضئ (تنشيف) من ماء الوضوء.

قال الخلال: المنقول عن أحمد انه لا بأس بالتنشيف بعد الوضوء. وممن رخص فيه الحسن وابن سيرين ومالك والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي " لماروى سلمان: " أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قلب جبة كانت عليه فمسح بها وجهه "

(2)

. رواه ابن ماجه والطبرانى في " المعجم الصغير ".

وعنه: يكره، لما روت ميمونة:" أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل. قالت: فأتيته بالمنديل فلم يردها وجعل ينفض الماء بيده "

(3)

. متفق عليه.

قال في " الشرح ": والأول أصح، لأن الأصل الإباحه. وترك النبي صلى الله عليه وسلم

لا يدل على الكراهة فانه قد يترك المباح. وهذه

(4)

قضيه في عين يحتمل انه ترك ذلك المنديل لأمر يختص بها. ولأنه إزالة للماء عن يديه. أشبه نفضه بيديه، ولا يكره نفض الماء عن يديه بيديه، لحديث ميمونة. ويكره نفض يده. ذكره أبو الخطاب وابن عقيل. انتهى.

وعلم مما تقدم انه لا يستحب.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب. انتهى.

(و) يباح (مُعين) لمتوضئ، لما روى المغيرة بن شعبة: " انه أفرغ على

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(170) 1: 44 كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا توضأ.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(121) 1: 20.

(2)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(3564) 2: 1180 كتاب اللباس، باب لبس الصوف.

وأخرجه الطبرانى في " المعجم الصغير " 1: 12، قال الطبراني: لا يروى عن سلمان إلا بهذا الإسناد، تفرد به مروان بن محمد الطاطري.

(3)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(270) 1: 06 1 كتاب الغسل، باب من توضأ في الجنابة ثم غسل سائر جسده ولم يعد غسل مواضع الوضوء.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(317) 1: 254 كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة.

(4)

في ج: وهذ ا.

ص: 276

النبي صلى الله عليه وسلم ومن وضوئه "

(1)

. رواه مسلم.

وعن صفوان بن عسال قال: " صببت على النبي صلى الله عليه وسلم الماء في الحضر والسفر في الوضوء "

(2)

. رواه ابن ماجه.

ولا يستحب المعين؛ لما روى ابن عباس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يكل طهوره الى أحد، ولا صدقته التي يتصدق بها. يكون هو الذي يتولاها بنفسه "

(3)

. رواه ابن ماجه.

وعنه: يكره المعين من غير عذر.

قال أحمد: ما أحب أن يعينني على وضوئي أحد، لأن عمر قال ذلك.

والأول المذهب.

قال في " الإنصاف ": جزم به في " الهداية " و" المستوعب " و" الكافي " و" الخلاصة " و" الإفادات " و" الرعاية الصغرى " و" الوجيز " و" الحاويين " و" المنور " و" المنتخب " وابن رزين وغيرهم.

(وسن كونه) أي: المعين (عن يساره) أي: عن يسار المتوضئ.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. جزم به في " مجمع البحرين " وقدمه في " الفروع " و" شرحه ابن عبيدان ". وقيل: يقف عن يمينه اختاره الامدي. انتهى.

وانما سن كون معينه عن يساره، ليسهل تناول الماء عند الصب، (كاناء وضوء ضيق الرأس) ليصبه بيساره على يمينه.

(وإلا) أي: وان لم يكن الاناء ضيق الرأس بل كان واسعا (فـ) انه يكون (عن يمينه)، ليغترف منه بها.

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(274) 1: 229 كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.

(2)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(391) 1: 138 كتاب الطهارة، باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه.

(3)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(362) 1: 129 كتاب الطهارة، باب تغطية الاناء.

ص: 277

(ومن وضئ أو غسل أو يمم) بالبناء للمفعول في الثلاث (بإذنه) أي: بإذن المفعول به (ونواه) أي: نوى الوضوء أو الغسل أو التيمم المفعول به دون الفاعل (صح). .

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. وقيل: يشترط أيضاً نية من يوضئه ان كان مسلما. وعنه: لايصح مطلقاً من غير عذر وهو من المفردات. انتهى.

(لا ان أُكره فاعل) يعني: لو أكره انسان انسانا على أن يوضئه أو يصب عليه الماء فوضأه أو صبه عليه مكرها لم يصح الوضوء.

قال في " الإنصاف ": قدمه في " الرعاية ": وقيل: يصح. وقيل: يصح في صب الماء فقط.

وقال في " الفروع " بعد أن ذكر حكم من يوضئه: وان أكرهه عليه لم يصح في الأصح. ففهم صاحب " القواعد الأصولية ": أن المكره بفتح الراء هو المتوضئ، فقال بعد أن حكى ذلك: كذا ذكر بعض المتأخرين قال: ومحل النزاع مشكل على ما ذكره، فانه إذا أكره على الوضوء ونوى وتوضأ لنفسه صح بلا تردد، وكذا قال الشيخ أبو محمد وغيره: إذا أكره على العبادة وفعلها لداعي الشرع لا لداعي الإكراه: صحت. وان توضأ ولم ينو لم يصح، إلا على وجه شاذ: انه لا يعتبر لطهارة الحدث نية. وقد يقال: لا يصح ولو نوى، لأن الفعل ينسب إلى الغير. فبقيت النية مجردة عن فعل فلا تصح. وقد ذكروا أن الصحيح من الروايتين في الأيمان: أن المكره بالتهديد إذا فعل المحلوف على تركه لا يحنث، لأن الفعل ينسب إلى الغير. انتهى.

ثم قال صاحب " الإنصاف ": والذي يظهر: أن مراد صاحب " الفروع " بالإكراه: إكراه من يصب الماء أو يوضئه بدليل السياق والسباق، وموافقة صاحب " الرعاية " وغيره. فتقدير كلامه: وان أكره المتوضئ لمن يوضئه. فعلى هذا يزول الإشكال الذي أورده قبله. انتهى كلامه في " الإنصاف ".

ص: 278

[باب: المسح على الخفين]

هذا (باب) يذكر فيه مسائل من أحكام المسح على الحائل. ووجه مناسبته للباب الذي قبله: كونه بدلا عن غسل أو مسح ما تحته في الطهارة من الحدث: أما (مسح الخفين و) مسح (ما في معناهما) من الجرموقين والجوربين فهو (رخصة). وهي لغة: السهولة. وشرعا: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لعارض راجح.

قال في " الإنصاف ": المسح رخصة على الصحيح من المذهب. وعنه: عزيمة. انتهى.

والعزيمة لغة: القصد المؤكد، وشرعا: حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح.

والرخصة والعزيمه وصفان للحكم الوصفي.

قال في " الفروع ": والظاهر أن من فوائدهما: المسح في سفر المعصية، وتعيين المسح على لابسه. انتهى.

قال ابن قندس: أى إذا قيل: عزيمة جاز فى سفر المعصية، وان قيل: رخصة لا يجوز، لأن الرخصة لا تباح في المعصية.

وأما قوله. وتعيين المسح على لابسه فمعناه والله أعلم: أن الذي وجب على اللابس هو المسح دون الغسل، وعلى القول بالرخصة يكون الواجب الغسل، والمسح بدلا عن الغسل. انتهى.

قال في " القواعد الأصولية " عن كلامه في " الفروع ": وفيما قال نظر.

(و) المسح (أفضل من غسل)، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه انما طلبوا الفضل.

ص: 279

وهذا مذهب الشعبي والحكم وإسحاق، لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:" أن الله يحب أن يؤخذ برخصه "

(1)

. ولأن فيه مخالفة أهل البدع.

قال في " الإنصاف ": المسح أفضل من الغسل على الصحيح من المذهب. نص عليه وهو من المفردات.

قال القاضي: لم يرد المداومة على المسح. وعنه: الغسل أفضل. وقيل: انه آخر أقواله، وقدمه في " الرعايتين ". وعنه: هما سواء في الفضيلة، وأطلقهن في " الحاويين " و" الفائق ". وقيل: ان لم يداوم المسح فهو أفضل، اختاره القاضي.

قال الشيخ تقي الدين: وفصل الخطاب: أن الأفضل في حق كل واحد ما هو الموافق لحال قدمه. فالأفضل لمن قدماه مكشوفتان: غسلهما. ولا يتحرى لبس الخف ليمسح عليه، كما كان عليه أفضل الصلاة والسلام يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين، ويمسح قدميه إذا كان لابسا للخف. انتهى.

(و) المسح (يرفع الحدث).

قال في " الإنصاف ":. على الصحيح من المذهب نص عليه. وقيل: لا يرفعه. انتهى.

ووجه المذهب: أن المسح طهارة بالماء. فرفع الحدث، كالغسل.

(ولا يسن أن يلبس) الحائل (ليمسح) عليه، كسفره ليترخص.

(وكره) في المنصوص (لبس) ما يمسح عليه (مع مدافعة أحد الأخبثين) وفاقاً لمالك " لأن الصلاة مكروهة بهذه الطهارة فكذلك اللبس الذي يراد للصلاه.

قال في " الشرح ": والأولى أن لا يكره، وروي عن إبراهيم النخعي: انه كان إذا أراد أن يبول لبس خفيه.

(1)

أخرجه ابن حبان في " صحيحه ": " الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان " 1: 284 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وأخرجه أيضاً من حديث ابن عمر 4: 182 وه: 231.

ص: 280

ولأنها طهارة كاملة. أشبه ما لو لبسهما عند غلبة النعاس.

والصلاة انما كرهت للحاقن؛ لأن اشتغال قلبه بمدافعة الأخبثين تذهب بخشوع الصلاة، وتمنع الإتيان بها على الكمال، وتحمله على العجلة ولا يضر ذلك في اللبس. والله أعلم. انتهى.

(ويصح) المسح (على خف) في رجليه عند عامة أهل العلم.

قال ابن المبارك: ليس في المسح على الخفين اختلاف أنه جائز. وعن الحسن قال: " حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين ".

قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ليس في قلبي من المسح شيء. فيه أربعون حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال في " المبدع ": ومن أمهاتها حديث جرير قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بال

وتوضأ ثم مسح على خفيه ".

قال إبراهيم النخعي: فكان يعجبهم ذلك؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة

(1)

. متفق عليه.

وقد استنبطه بعض العلماء من القرآن في قراءة من قرأ: " وأرجلِكم "

بالجر. وحمل قراءة النصب على الغسل؛ لئلا تخلو إحدى القراءتين عن فائدة. انتهى.

(و) يصح المسح أيضاً على (جرموق). وهو (خف قصير). ويسمى أيضاً الموق.

قال الجوهري: هو مثال الخف يلبس فوقه لا سيما في البلاد الباردة، وهو معرب، وكذا كل كلمة فيها جيم وقاف.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(0 38) 1: 151 كتاب الصلاة في الثياب، باب الصلاة في الخفاف.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(272) 1: 227 كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين

ص: 281

ويدل لصحة المسح عليه ما روى بلال قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الموقين والخمار "

(1)

. رواه أحمد.

ولأبي داود: " كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالماء فيتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه "

(2)

.

ولسعيد بن منصور في " سننه " عن بلال قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " امسحوا على النصيف والموق ".

(و) يصح المسح أيضاً على (جورب صفيق). والجورب معرب.

قال الزركشي: هو غشاء من صوف يتخذ للدفء.

قال في " القاموس ": والجورب: لفافة الرجل. الجمع جواربة وجوارب. وتجورب: لبسه، وجَورَبْتُهُ: ألبسته إياه. انتهى.

ولعله اسم لكل ما يلبس في الرجل على هيئة الخف من غير الجلد.

قال ابن المنذر: ويروى إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي وعمار وابن مسعود وأنس وابن عمر والبراء وبلال وابن أبي أوفى وسهل بن سعد. وهو قول عطاء والحسن وسعيد بن المسيب والثوري وابن المبارك وإسحاق ويعقوب ومحمد سواء نعلا أو لم ينعلا.

وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي والشافعي وغيرهم: لا يجوز المسح عليهما إلا أن ينعلا " لأنه لا يمكن متابعة المشي فيهما. فهما كالرقيعتين.

قال في " الشرح ": ولنا ما روى المغيرة بن شعبة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين "

(3)

. رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وقال:

(1)

أخرجه أحمد في " مسنده "(23963) 6: 5.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(153) 1: 9 كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.

(3)

أخرجه أبو داود في " سننه "(159) 1: 1 كتاب الطهارة، باب المسح على الجوربين.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(99) 1: 67 أبواب الطهارة، باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين. وأخرجه أحمد في " مسنده " (18231) 4:52.

ص: 282

حسن صحيح.

وهذا يدل على أنهما لم يكونا منعولين؛ لأنه لو كان كذلك لم يذكر النعلين. فانه لا يقال: مسحت على الخف ونعله. ولأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم مسحوا على الجوارب، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم. والجورب في معنى الخف، لأنه ملبوس ساتر لمحل الفرض يمكن متابعة المشى فيه. أشبه الخف. انتهى.

وتكلم في الحديث جماعة.

قال أبو داود: وكان ابن مهدي لا يحدث به، لأن المعروف عن المغيرة: الخفين.

قال في " المبدع ": وهذا لا يصلح مانعاً لجواز رواية لفظين. انتهى.

وعنه: لا يجوز المسح على جورب الخرقة. جزم به في " التلخيص ". إذا تقرر هذا فانه لا يشترط في لابس ما يجوز المسح عليه السلامة بل يجوز المسح. (حتى لزمن) لا يمكنه المشي لعاهة (وبرجل قطعت اخراها من فوق فرضها) فيلبس ما يصح المسح عليه في الباقية ويمسح عليه.

قال في " الإنصاف ": قاله في " الفروع " وغيره. انتهى.

وعلم من هذا انه لو لبس الخف في إحدى الرجلين فقط، وأراد المسح عليه وغسل الأخرى لم يجز له ذلك، لأنه إذا غسل واحدة غلب جانب الغسل فيجب غسل ما في الخف تبعا للتي غسلها.

(لا لمحرم لبسهما)، أى الخفين (لحاجة). قدمه في " التنقيح ". ثم قال: وقيل: يجوز وهو أظهر. انتهى.

ثم قال في حاشية

(1)

له عليه: انما قدمت عدم جواز المسح تبعا لظاهر كلام

" الفروع "، وانه قال: ولا تمسح امرأة عمامة، ولحاجة برد وغيره وجهان. ثم قال: ومثل الحاجة لو لبس محرم خفين لحاجة هل يمسح. انتهى.

(1)

في ج: حاشيته.

ص: 283

فظاهر كلامه أن لبس المحرم الخفين للحاجة كلبس المرأة العمامة لحاجة برد وغيره. وقد أطلق عن المراة الوجهين في جواز مسح العمامة للحاجة وصححنا في " تصحيح الفروع " عدم الجواز قطع به في " المغني " و" الشرح " و" شرح ابن رزين " و" مجمع البحرين " وغيرهم. وكذا على هذا: لا يصح المسح لمحرم إذا لبسه لحاجة على ما قدمناه في العمامة للمراة، لكن اخترنا جواز المسح له وهو ظاهر كلام الأصحاب لإطلاقهم المسح على الخفين، ولم يستثنوا أحدا ولم أر المسألة إلا في " الفروع "، وهو عمده وعنده تحقيق. انتهى.

(و) يصح المسح (على عمامة). وبه قال أبو بكر وعمر وأنس وأبو أمامة رضي الله تعالى عنهم. وهو قول عمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة وابن المنذر وغيرهم.

وقال عروة والنخعي والشعبي والقاسم ومالك والشافعي وأصحاب الرأي:

لا يمسح عليها؛ لقول الله تعالى: [وامسحوا برءوسكم) [المائدة: 6]. ولأنه لا تلحقه المشقة بنزعها. أشبهت الكمين.

قال في " الشرح ": ولنا ما روى المغيرة بن شعبة قال: " توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين والعمامة "

(1)

. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وروى مسلم: " أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار "

(2)

.

وعن عمرو بن أمية قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مسح على عمامته وخفيه "

(3)

.

رواه البخاري. انتهى.

وروى الخلال بإسناده إلى عمر رضي الله تعالى عنه انه قال: " من لم يطهره

(1)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(100) 1: 170 أبواب الطهارة، باب المسح على العمامة.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(275) 1: 231 كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامة. عن بلال بن أبي رباح رضي الله عنه.

(3)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(202) 1: 85 كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين. عن جعفر بن عمرو عن أبيه قال:" رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته ".

ص: 284

المسح على العمامه فلا طهره الله ". ولأن الرأس عضو يسقط فرضه في التيمم. فجاز المسح على حائله، كالقدمين.

(و) يصح المسح أيضاً على (جبائر) مشدودة على كسر أو جرح أو نحوهما.

وبه قال ابن عمر، ولم يعرف له من الصحابة مخالف. وهو قول الحسن والنخعي ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي، لما روى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في صاحب الشجة:" انما كان يكفيه أن يتيمم ويعضد أو يعصب على جرحه خرقة ويمسح عليها ويغسل لسائر جسده "

(1)

. رواه أبو داود والدارقطني.

(و) يصح أيضاً على (خُمُر نساء مُدارة تحت حُلوقهن) في إحدى الروايتين.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب. صححه في " التصحيح " والمجد في " شرح الهدايه " و" مجمع البحرين " و" الحاوي الكبير ". انتهى.

و" كانت أم سلمة تمسح على خمارها "

(2)

. ذكره ابن المنذر " لما روى بلال قال: " مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين والخمار "

(3)

. رواه مسلم. وفي لفظ لأحمد: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: امسحوا على الخفين والخمار "

(4)

. ولأنه ساتر يشق نزعه. أشبه العمامة المحنكة، ولا يجوز المسح على الوقاية.

قال في " الشرح ": رواية واحدة لا نعلم فيه خلافاً؛ لأنها لا يشق نزعها.

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(336) 1: 3 كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم.

وأخرجه الدارقطني في " سننه "(3) 1: 189 كتاب الطهارة، باب جواز التيمم لصاحب الجراح.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه "(223) 1: 29 كتاب الطهارات، من كان يرى المسح على العمامة.

وأخرجه ابن المنذر في " الأوسط " 1: 468 ذكر اختلاف أهل العلم في المسح على العمامة.

(3)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(275) 1: 231 كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامه.

(4)

أخرجه أحمد في " مسنده "(23954) 6: 14.

ص: 285

فهي كطاقية الرجل. انتهى.

(لا قلانس) في إحدى الروايتين.

قال في " الإنصاف ": إحداهما: لا يباح وهو المذهب. انتهى.

قال في " الفروع ". ولا يمسح قلنسوة. وعنه: بلى. وقيل: المحبوسة تحت حلقه. ولا ساتراً كخضاب نص عليه. انتهى.

ووجه المذهب: أن القلنسوة لا يشق نزعها. فلم يجز المسح عليها؛ كالطاقية. ولأن العمامه التي ليست محنكة ولا ذات ذؤابه لا يجوز المسح عليها وهذه أدنى منها.

قال في " الشرح " عند إطلاق الشيخ في " المقنع " في القلانس الروايتين:

أراد القلانس المبطنات كدنيات القضاة والمنومنات. انتهى.

قال في " الإنصاف ": القلانس مبطنات تتخذ للنوم. والدنيات قلانس كبار أيضاً كانت القضاة تلبسها قديما.

قال في " مجمع البحرين ": هي على هيئة ما تتخذه الصوفية الان. انتهى.

(و) لا يمسح (لفائف). وهي خرق تشد على الرجل.

قال في " الفروع ": في المنصو ص وفاقاً تحتها نعل أو لا، ولو مع مشقة في الأصح. انتهى.

إذا علمت ما يصح المسح عليه فمنه ما لا يتوقت

(1)

بزمن. وإلى ذلك أشير بقوله: (إلى حل جبيرة) يعنى: أو برئها؛ لأن مسحها للضرورة وما كان كذلك فيتقيد بقدرها، والضرورة تدعو إلى مسحها إلى حلها بخلاف غيرها.

(ولا يمسح في) الطهارة (الكبرى غيرها) أي: غير الجبيرة؛ لما روى

(1)

في أ: يتوقف.

ص: 286

صفوان بن عسال قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا مسافرين أو سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابه "

(1)

. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صصحيح. ولأن المسح على الجبيرة أبيح للضرر. أشبه التيمم.

(وهو) أي المسح (عليها) أي: على الجبيرة (عزيمة. فيجوز بسفر المعصية) كسائر العزائم.

(وغيرها) أي: غير الجبيرة وهو ما يتوقف بزمن يكون ابتداؤه (من حدث بعد لبس) الخف أو نحوه (يوماً وليلة لمقيم وعاص بسفر، وثلاثة بلياليهن لمن بسفر قصر لم يعص به)؛ لما روى شريح بن هانئ قال: " سألت عائشة على المسح على الخفين. فقالت: سل عليا فانه أعلم بهذا مني. كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسألته. فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوماً وليلة "

(2)

. رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه. وعن خزيمة: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المسح على الخفين فقال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوماً وليلة "

(3)

. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.

(1)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(96) 1: 159 أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(27) 1: 232 كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين.

وأخرجه النسائي في " سننه "(129) 1: 84 كتاب الطهارة، التوقيت في المسح على الخفين للمقيم. وأخرجه ابن ماجه في " سننه " (552) 1: 183 كتاب الطهارة، باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(748) 1: 96.

(3)

أخرجه أبو داود في " سننه "(157) 1: 40 كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح.

وأخرجه الترمدي في " جامعه "(95) 1: 158 أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(21619) 5: 214.

ص: 287

وسفر المعصية كالحضر في مدة المسح؛ لأنه لا يستباح به الرخص.

وكون ابتداء المدة من الحدث بعد اللبس كما دل عليه كلام المتن هو المذهب.

قال في " الفروع ": وابتداء المدة من حدثه بعد لبسه وفاقاً، أي: من وقت جواز مسحه بعد حدثه. فلو مضى من الحدث يوم وليلة، أو ثلاثة أن كان مسافراً، ولم يمسح انقضت المدة. وما لم يحدث لا تحتسب المدة. فلو بقي بعد لبسه يوماً على طهارة اللبس ثم أحدث استباح بعد الحدث المدة، وانتهاء المدة وقت جواز مسحه بعد حدثه. وعنه: ابتداؤها من مسحه بعد حدثه، وانتهاؤها وقت المسح. انتهى.

وكون المسح مؤقتا كما في المتن هو المذهب. فعليه لو مضت المدة وخاف النزع لمرض أو نحوه، أو تضرر رفيقه في سفر بانتظاره إذا اشتغل بنزع الخف ونحوه تيمم. فلو مسح وصلى أعاد، نص عليه. وقيل: يمسح ما عدا الجبيرة كالجبيرة. يعني إلى حين نزع ذلك الممسوح.

قال في " الفروع ": واختاره شيخنا. ويحتمل أن يمسح عاص بسفره كغيره. ذكره ابن شهاب. وقيل: لا يمسح. انتهى.

قال في " الإنصاف ": وقال يعني الشيخ تقي الدين في " الاختيارات ":

ولا تتوقف مدة المسح في حق المسافر الذي يشق اشتغاله بالخلع واللبس كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين. انتهى.

وحكم من سافر بعد اللبس وقبل الحدث حكم من سافر بعد الحدث وقبل المسح وهو المشار إليه بقوله: (أو سافر بعد حدث قبل مسح)؛ لأن المسح لم يوجد إلا في السفر.

(ومن مسح) حال كونه (مسافراً ثم أقام) قبل مضي ثلاثة ايام، (أو) مسح المقيم (أقل من مسح مقيم) أي: أقل من يوم وليلة (ثم سافر، أو شك) المسافر (في ابتدائه) أي: في ابتداء المسح بأن شك هل ابتدأ المسح بعد أن شرع في

ص: 288

السفر أو قبل أن يشرع فيه: فان الحكم في هذه الصور انه (لم يزد على مسح مقيم) " لأن المسح عبادة يختلف حكمها بالسفر والحضر. فلا بد من تحقق وجود جميعها بالسفر حتى يحكم عليها بحكم السفر.

(ومَنْ شك) من مقيم أو مسافر (في بقاء المدة) أي: المدة التي يجوز المسح فيها وأراد الوضوء (لم يمسح) مع وجود الشك، لأن المسح رخصة جوزت بشرط. فان لم يتيقن شرطها رجع إلى الأصل.

(فان مسح فبان بقاءها) أي: بقاء المده (صح) وضوؤه، ولا يصلي به قبل أن يتبين له بقاؤها. فان صلى قبل تبين بقائها أعاد

(1)

.

ولما كان مسح الحائل القائم مقام غسل ذلك العضو المستور أو مسحه متوقفا على شروط. أشير إلى الأول منها بقوله:

(بشرط تقدم كمال الطهارة بماء). فلو لبسه على طهارة تيمم لم يصح المسح عليه.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية عبد الله، وجزم به في " المغني " و" الشرح "، وقدمه ابن عبيدان وقال: هو أولى.

وقال في رواية من قال: لا ينقض طهارته إلا وجود الماء: له أن يمسح. انتهى.

ووجه المذهب: أن التيمم لا يرفع الحدث. فقد صدق عليه أنه لبسه وهو محدث.

(ولو مسح فيها على حائل) يعني انه لو توضأ وضوءاً كاملا مسح فيه على عمامة أو جبيرة ثم لبس خفا على هذه الطهارة: صح أن يمسح عليه " لأنها

طهارة كاملة رافعة للحدث فصح المسح على ما لبس عليها، كما لو لم يمسح فيها على حائل.

(1)

ساقط من أ.

ص: 289

وقيل: لايصح؛ لأنه ليس طهارة ممسوح فيها على بدل. فلم يستبح المسح باللبس فيها كما لو لبس خفا على طهارة مسح فيها على خف.

ورد بأن الممسوح عليه ليس ببدل عما لبسه. بخلاف الخف الملبوس على خف ممسوح عليه. (أو تيمم) في الطهارة بالماء المتقدمة على اللبس (لجرح) في بعض أعضائه، (أو كان حدثه) أي المتوضئ (دائما)؛ كمن به سلس وكمستحاضه فانه يصح المسح على ما يلبسه على هذا الوضوء؛ لأن من به جرح، أو حدثه دائم مضطر إلى الترخص وأحق ما يترخص المضطر. ولأن هذه الطهارة كامله في حق كل منهما.

وعنه: لا يشترط كمالها. اختاره الشيخ تقي الدين وصاحب " الفائق ". وقال: وعنه: لا يشترط الطهارة لمسح العمامة. ذكره ابن هبيرة.

وعنه: لا يشترط تقدم الطهارة رأساً لصحه المسح على حائل، فلو لبس محدث خفاً ثم توضأ وغسل رجليه في الخف جاز له المسح عليه.

قال في " الإنصاف ": قال الزركشي: وهو غريب بعيد. قلت: اختاره الشيخ تقي الدين. وقال أيضاً: ويتوجه أن العمامة لا يشترط لها ابتداء اللبس على طهارة. ويكفي فيها الطهارة المستدامة؛ لأن العادة أن من توضأ مسح رأسه ورفع العمامة ثم أعادها، ولا يبقى مكشوف الرأس إلى آخر الوضوء. انتهى.

وما قاله رواية عن أحمد. حكاها غير واحد. انتهى كلامه في" الإنصاف ". وعنه: لا يشترط تقدم الطهارة رأساً لشد الجبيرة. اختارها الخلال.

ووجه المذهب ما روى المغيرة بن شعبة قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في مسير فأفرغت عليه من الإداوة. فغسل وجهه وغسل ذراعيه ومسح برأسه، ثم

ص: 290

أهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما "

(1)

.

متفق عليه.

ولأبي داود: " دع الخفين فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان فمسح عليهما"

(2)

. وعن المغيرة أيضاً قال: " قلنا: يا رسول الله لِلَّهِ أيمسح أحدنا على الخفين؛ قال: نعم، إذا أدخلهما وهما طاهرتان "

(3)

. رواه الحميدي في "مسنده".

وعن أبي هريرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه. فقلت:

يا رسول الله لِلَّهِ رجليك لم تغسلهما. قال: إني أدخلتهما وهما طاهرتان "

(4)

.

رواه أحمد.

وعن صفوان بن عسال قال: " أمرنا- يعني النبي صلى الله عليه وسلم أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثاً إذا سافرنا، ويوماً وليلة إذا أقمنا، ولا نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم، ولا نخلعهما إلا من جنابة "

(5)

. رواه أحمد وابن خزيمة. وقال الخطابي: وهو صحيح الإسناد.

وعن عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوماً وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما "

(6)

. رواه الأثرم في " سننه " وابن خزيمة والدارقطني. وقال

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(5463) 5: 2185 كتاب اللباس، باب لبس جبة الصوف في الغزو. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (274) 1: 230 كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(151) 1: 38 كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.

(3)

أخرجه الحميدي فى " مسنده " 2: 334 أحاديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

(4)

أخرجه أحمد في " مسنده "(0 868) 2: 358.

(5)

أخرجه أحمد في " مسنده "(18116) 4: 239.

(6)

أخرجه الدارقطني فى " سننه "(1) 1: 194 كتاب الطهارة، باب الرخصة في المسح كلاهما.

وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه "(190) 1: 96 كتاب الوضوء، الأخبار الواردة في المسح.

ص: 291

الخطابي: هو صحيح الإسناد.

فعلى المذهب لو غسل رجلاً ثم أدخلها الخف ثم الثانية ثم أدخلها الخف خلع الأولى ثم لبسها قبل الحدث وإلا لم يصح المسح، وان لبس الخفين محدث ثم توضأ وغسل رجليه داخل الخفين خلعهما ثم لبسهما قبل الحدث، وكذا لو نوى جنب رفع حدثه وغسل رجليه ثم أدخلهما في خفه.

(ويكفي من خاف نزع جبيرة لم تتقدمها طهارة: تيمم)، لأنه موضع يخاف الضرر باستعمال الماء فيه. فجاز التيمم له؛ كجرح غير مشدود. (فلو عمت محله) أي: محل التيمم (مسحها بالماء)؛ لأن كلاً من التيمم والمسح بدل عن الغسل. فإذا تعذر أحدهما وجب الآخر.

الشرط الثانى: ما أشير إليه بقوله: (وستر محل فرض).

قال في " الإنصاف ": هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به أكثرهم. واختار الشيخ تقي الدين جواز المسح على الخف المخرق، ما دام اسمه باقياً، والمشي فيه ممكن. واختاره أيضاً جده المجد وغيره من العلماء. لكن من شرط المخرق: أن لا يمنع متابعة المشي فيه، واختار الشيخ تقي الدين أيضاً جواز المسح على الملبوس ولو كان دون الكعب. انتهى كلامه.

ووجه المذهب: أن حكم ما ظهر الغسل، وحكم ما ستر جواز المسح والغسل. ولا سبيل إلى وجوب الجمع بينهما من غير ضرورة. فغلب الغسل؛ كما لو ظهرت إحدى الرجلين بالماء فانه يجب أن تغسل الأخرى.

(و) لا يشترط في الساتر كونه صحيحا بل (لو) حصل الستر (بمخرّق أو مفتّق وينضم بلبسه، أو) كان القدم (يبدو بعضه) من الملبوس (لولا شده) أي: ربطه (أو شَرَجُه) بالشين المعجمة والجيم بأن يكون له عرى كالزربول الذي له ساق فيدخل بعضها في بعض فيستتر بذلك محل الفرض: فانه يصح المسح عليه.

قال في " الشرح ": فأما ان كان الشق ينضم فلا يبدو منه القدم لم يمنع جواز المسح نص عليه، وهو مذهب معمر وأحد قولي الشافعي.

ص: 292

وقال في موضع آخر: ولو كان للخف قدم وله شرج إذا شده يستر محل الفرض جاز المسح عليه.

وقال أبو الحسن الآمدي: لا يجوز المسح عليه كاللفائف. ولنا: انه خف ساتر يمكن متابعة المشي فيه. أشبه غير ذي الشرج. انتهى.

ولا فرق في المخرق الذي لا ينضم بلبسه بين كون الخرق كبيرا أو صغيراً من موضع الخرز أو من غيره. صرح به في " الشرح ".

الشرط الثالث: ما أشير إليه بقوله: (وثبوته بنفسه أو بنعلين إلى خلعهما).

قال في " الفروع ": لا بشده في المنصو ص. انتهى.

قال في " الإنصاف ": فعلى المذهب: لو ثبت الجوربان بالنعلين جاز المسح عليه ما لم يخلع النعلين. وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به. وقال الزركشي: وقد يتخرج المنع، ويجب أن يمسح على الجوربين وسيور النعلين قدْر الواجب، قاله القاضي وقدمه في ". الرعاية الكبرى ".

قال في " الصغرى " و" الحاويين ": مسحهما. وقيل: يجزئ مسح الجورب وحده. وقيل: أو النعل.

قال في " الفروع ": فقيل: يجب مسحهما. وعنه: أو أحدهما.

قال المجد في " شرحه " وابن عبيدان وصاحب " مجمع البحرين ": ظاهر كلام أحمد: إجزأء المسح على أحدهما قدر الواجب.

قلت: ينبغي أن يكون هذا المذهب، وأطلقهما في " الفروع " والزركشي وابن تميم. انتهى.

الشرط الرابع: ما أشير إليه بقوله: (وإمكان مشي عرفاً بممسوح). لا كونه يمنع نفوذ الماء، ولا كونه معتادا. وقيل: بلى فيهما.

فعلى المذهب: يصح المسح على الخف من الجلود واللبود والخشب

والحديد والزجاج الذي لا يصف البشرة ونحو ذلك حيث أمكن المشي فيه؛ لأنه

خف يمكن متابعة المشي فيه ساتر لمحل الفرض. أشبه الجلود.

ص: 293

ولأنه قد يحتاج إلى بعضها في بعض البلاد ولا يضر عدم الحاجة في غيره.

الشرط الخامس: ما أشير إليه بقوله: (وإباحته مطلقاً) أي: سواء كان هناك ضرورة تدعو إلى لبسه؛ كخوف سقوط أصابعه من شدة البرد ان نزعه، أو لم تكن ضرورة. فلا يصح المسح على مغصوب ونحوه مطلقاً على الصحيح من المذهب؛ لأن المسح رخصة. فلا يستباح بالمعصية؛ كما لا يستبيح المسافر الرخص بسفر المعصية.

قال في " الإنصاف ": وعنه: يجوز المسح عليه. حكاها غير واحد. انتهى.

قال في " الفروع ": مباح على الأصح خلافاً لأبي حنيفة والشافعي، وفي " الفصول " و" النهاية " و" المستوعب " إلا لضرورة برد؛ لأن المعصية لا تختص باللبس؛ لأنه لو تركه لم يزل إثم الغصب. بخلاف سفر المعصية فانه لو تركه خرج منها. ذكره القاضي وغيره. انتهى.

الشرط السادس: ما أشير إليه بقوله: (وطهارة عينه ولو في ضرورة.

ويتيمم معها) أي: مع الضرورة (لمستور) بذلك النجس. فان كان النجس خفا تيمم مع خوف نزعه لغسل الرجلين، وان كان عمامة تيمم مع خوف نزعها لمسح الرأس، وان كان لجبيرة تيمم مع خوف نزعها لغسل ذلك العضو المشدودة عليه.

(ويعيد ما صلى به) أي بالخف النجس ونحوه.

قال في " الإنصاف ": ومنها طهارة عينه ان لم تكن ضرورة بلا نزاع. فان كان ثم ضرورة فيشترط أيضاً طهارة عينه على الصحيح من المذهب، فلا يصح المسح على جلد الكلب والخنزير والميتة

(1)

في بلاد الثلوج إذا خشي سقوط أصابعه لحاجة ونحو ذلك بل يتيمم للرجلين.

قال المجد وتبعه ابن عبيدان: هذا الأظهر، واختاره ابن عقيل وابن عبدوس

(1)

في " الانصاف " 1: 181. زياده: قبل الدبغ.

ص: 294

المتقدم. انتهى.

ثم قال بعد أسطر: فائدة:

لو مسح على خف طاهر العين، ولو كان بباطنه أو قدمه نجاسة لا يمكن إزالتها إلا بنزعه: جاز المسح عليه، ويستبيح بذلك مس المصحف والصلاة إذا لم يجد ما يزيل النجاسة وغير ذلك. صححه المجد وابن عبيدان وقدمه في " مجمع البحرين " وابن تميم. وقيل: فيه وجهان أصلهما الروايتان في صحة الوضوء قبل الاستنجاء " لكونها طهارة لا يمكن الصلاة بها غالبا بدون نقضها، فجعلت كالقدم. قاله في " المستوعب " وغيره.

قال الزركشي: قال كثيرون: يخرج على روايتي الوضوء قبل الاستنجاء.

وفرق المجد بينهما بأن نجاسة المحل هناك لما أوجبت الطهارتين جعلت إحداهما تابعة للأخرى، وهذا معلوم هنا، وأطلقهما في " الرعاية الكبرى ". انتهى.

الشرط السابع: ما أشير إليه بقوله: (وأن لا يصف البشرة) التي من داخله "

(لصفائه أو خفته).

قال في " الإنصاف ": ومنها: أن لا يصف القدم لصفائه. فلو وصفه لم يصح على الصحيح من المذهب؛ كالزجاج الرقيق ونحوه. وقيل: يجوز المسح عليه. انتهى.

قال في " الشرح ": وكذلك ان كان الجورب خفيفا يصف القدم لم يجز المسح عليه " لأنه غير ساتر لمحل الفرض. أشبه النعل. انتهى.

الشرط الثامن: وهو المكمل لها ما أشير إليه بقوله: (وان لا يكون واسعا يرى منه بعض محل الفرض).

قال في " المقنع ": أو كان واسعاً يرى منه الكعب لم يجز المسح.

ووجهه: أنه غير ساتر. أشبه المخرق الذي لا ينضم بلبسه.

(وان لبس) لابس خف (عليه آخر لا بعد حدث)، لأن اللبس يكون إذاً على

ص: 295

غير طهارة. فإذا لبس الثانى قبل الحدث (ولو مع خرق أحدهما) أي: أحد الخفين (صح المسح) على الفوقانى؛ لأنه خف ساتر يثبت بنفسه. أشبه المنفرد.

وفهم من قول المتن: وان لبس عليه آخر: أنه لو لبس خفاً صحيحاً على لفافة انه يجوز المسح عليه من باب أولى.

وفهم من قوله: ولو مع خرق أحدهما أنهما لو كانا مخرقين لم يصح المسح وهو كذلك.

قال في " الإنصاف ": لو كان تحت المخرق مخرّق وستَرا: لم يجز المسح على الصحيح من المذهب ونص عليه. وقيل: يجوز. انتهى.

وشمل قوله: ما إذا كانا صحيحين، أو كان التحتانى وحده صحيحا، أو كان الفوقانى وحده صحيحا. وقيل: إذا كان التحتانى وحده صحيحا لا يصح المسح إلا عليه.

وقال في " الفروع ": وان كان تحت مخردتى جورب أو خف جاز المسح، لا لفافة في المنصو ص فيهما. وعنه: في الأولى هما كنعل مع جورب، وفي مخرق على مخرق يستر القدم بهما وجهان ويمسح صحيحا على مخرق أو لفافة. انتهى.

(وان نزع الممسوح لزم نزع ما تحته) وغسل الرجلين؛ لأن محل المسح قد زال.

ونزع أحد الخفين كنزعهما؛ لأن الرخصة تعلقت بهما فصار كانكشاف القدم.

ولو أدخل يده من تحت الفوقانى ومسح الذي تحته جاز؛ لأن كل واحد منهما محل للمسح. فجاز المسح عليه؛ كما يجوز غسل قدميه في الخف مع جواز المسح عليه.

ولو لبس أحد الجرموقين في إحدى الرجلين دون الأخرى جاز المسح عليه،

ص: 296

وعلى الخف الذي في الرجل الأخرى؛ لأن الحكم تعلق به وبالخف في الرجل الأخرى. فهو كما لو لم يكن تحته شيء.

فرع: قال في " الرعاية ": لو لبس عمامة فوق عمامة لحاجة كبرد وغيره قبل حدثه، وقبل مسح السفلى: مسح العليا التي بصفة السفلى، وإلا فلا؛ كما لو ترك فوقها منديلا أو نحوه. نقله في " الإنصاف ".

(وشرط في) صحة مسح على (عمامة) أيضاً ثلاثة شروط:

الأول: (كونها محنكة). وهي: التي يدار منها تحت الحنك كَور بفتح الكاف أو كَوران.

قال في " الشرح ": ومتى كانت محنكة جاز المسح عليها رواية واحدة سواء كان لها ذؤابة أو لم يكن؛ لأن هذه عمامة العرب وهي أكثر سترا ويشق نزعها. قال القاضي: وسواء كانت صغيرة أو كبيرة. ولأنها مأمور بها، وتفارق عمائم أهل الكتاب. انتهى.

(أو) كونها (ذات ذُؤَابة) بضم المعجمة وبعدها همزة مفتوحة. وهي الناصية أو منبتها من الرأس، وشعر في أعلى ناصية الفرس. والمراد بالذؤابة هنا: طرف العمامة المرخي. سمي بذلك مجازاً. وفي صحة المسح عليها وجهان. قال في " الإنصاف ": أحدهما: يجوز المسح عليها وهو المذهب. جزم به في " العمدة " و" المنور " و" المنتخب " و" التسهيل ". وقدمه ابن رزين فى " شرحه " واختاره ابن حامد والمصنف، وهو مقتضى اختيار الشيخ تقي الدين بطريق الأولى فانه اختار جواز المسح على العمامة الصماء، فذات الذؤابة أولى بالجو از. انتهى.

قال في " الفروع ": وكره أحمد لبس غير المحنكة. ونقل الحسن بن ثواب كراهية شديدة، ولم يصرح الأصحاب بإباحة لبسها، بل ذكر بعضهم كراهة أحمد.

وقال بعضهم: لا تباح مع النهي، فلا يتعلق بها رخصة. وعلله بعضهم

ص: 297

بعدم المشقة كالكتله، وبأنها تشبه عمائم أهل الذمة، وقد نهي عن التشبه بهم، ويأتي في ستر العورة

(1)

.

وقال شيخنا: المحكي عن أحمد الكراهة، والأقرب أنها كراهة لا ترتقي إلى التحريم. ومثل هذا لا يمنع الترخص؛ كسفر النزهة، كذا قال، ويأتي في القصر

(2)

. ولعل ظاهر من جوز المسح إباحة لبسها، وهو متجه؛ لأنه فعل أبناء المهاجرين والأنصار. وتحمل كراهة السلف على الحاجة إلى ذلك؛ لجهاد أو غيره، واختاره شيخنا، أو على ترك الأولى، وحمله صاحب " المحرر " وغيره على غير ذوات ذؤابة، مع أن الكراهة انما هي من عمر وابنه والحسن وطاووس والثوري. وفي الصحة نظر. انتهى.

(و) الشرط الثاني: كونها (على ذكر).

قال في " الفروع ": ولا تمسح امرأة عمامة. ولحاجة برد وغيره وجهان.

وان قيل: يكره التشبه توجه خلاف كصماء. انتهى.

قال في " الإنصاف ": لا يجوز للمرأة المسح على العمامة ولو لبستها للضرورة على الصحيح من المذهب.

(و) الشرط الثالث: (ستر) العمامة من الرأس (غير ما العادة كشفه) كمقدم الرأس والأذنين وجوانب الرأس فانه يعفى عنه. بخلاف خرق الخف فانه لا يعفى عنه؛ لأن هذا جرت العاده به ويشق التحرز عنه.

(ولايجب مسحه) أي مسح ماجرت العادة بكشفه (معها) أي: مع العمامه.

قال في " الفروع ": ولا يمسح معها ما العادة كشفه. وعنه: يجب. وعنه: حتى الأذنين. انتهى.

ووجه المذهب: أن العمامة نَابَت عن الرأس. فانتقل الفرض إليها وتعلق

(1)

2: 25

(2)

2: 420

ص: 298

الحكم بها. فلم يبق للمظهر حكم. ولأن الجمع بينهما يفضي إلى الجمع بين البدل والمبدل في عضو واحد.

فلم يجز من غير ضرورة، كالخف. لكنه مستحب.

قال في " الشرح ": نص عليه، " لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته "

(1)

في حديث المغيرة وهو صحيح. انتهى.

ثم لما فرع الكلام على ما يصح المسح عليه أشير إلى ما يجب مسحه منه بقوله:

(ويجب مسح أكثرها) أي أكثر العمامة، لأنها أحد الممسوحين على وجه البدل. فأجزأ مسح بعضه؛ كالخف.

وعنه: يجب استيعابها قياسا على مسح الرأس. وقيل: يجزئ مسح بعضها.

قال في " الشرح ": والصحيح الأول. انتهى.

قال في " الفروع ": ويجزئ مسح أكثر العمامة على الأصح. انتهى.

(و) يجب مسح (جميع جبيرة) سواء كانت على كسر أو جرح. نص عليه؛ لحديث صاحب الشجة: " انما كان يكفيه أن يتيمم ويعضد أو يعصب على جرحه خرقة ويمسح عليها ويغسل سائر جسده "

(2)

. رواه أبو داود.

وقال ابن حامد: يمسح على جبيرة الكسر، ولا يمسح على لصوق بل يتيمم ان خاف.

(فلو تعدى شدها محل الحاجة نزعها) كما لو شدها على ما لا كسر فيه.

ومحل وجوب نزعها: إذا لم يخف ضرراً، (فان خاف تيمم لزائد) على محل الحاجة " لأنه موضع يخاف الضرر باستعمال الماء فيه. فجاز التيمم له " كالجرح. وفيه وجه: يجزئه المسح على الزائد. اختاره المجد وغيره. وقيل: يجمع

(1)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(100) 1: 171 أبواب الطهارة، باب ما جاء في المسح على العمامه.

(2)

سبق تخريجه ص: (285) رقم (1).

ص: 299

فيه بين المسح والتيمم.

(ودواء) على البدن (ولو قارًا في شق وتضرر بقلعه) في حكم المسح (كجبيرة). قال في " الإنصاف ": لو تألمت أصبعه فالقمها مرارة جاز المسح عليها.

قاله المجد وغيره. ثم قال: لو جعل في شق قاراً ونحوه. وتضرر بقلعه جاز له المسح عليه على الصحيح من المذهب. جزم به في " الكافي " وصححه في " الرعايتين " و" الحاويين " و" النظم ". واختاره المجد وغيره. وقدمه ابن تميم وحواشي " المقنع ".

وعنه: ليس له المسح، بل يتيمم. اختاره أبو بكر. وأطلقهما في " المستوعب " و" الفروع " والزركشي وابن عبيدان.

وقال ابن عقيل: يغسله، ولا يجزئه المسح.

وقال القاضي: يقلعه، إلا أن يخاف تلفا فيصلي ويعيد. انتهى.

(و) يجب مسح (أكثر أعلى خف ونحوه)، كالجرموق والجورب.

قال في " الإنصاف ": والصحيح من المذهب أن الواجب مسح أكثر أعلى الخف وعليه الجمهور. انتهى.

قال في " الفروع ": ويجب مسح أكثر أعلى الخف. وقيل: قدر الناصيه

من الرأس. وقيل: هو المذهب. وقيل: جميعه وفاقا لمالك. لا قدر ثلاثة أصابع خلافاً لأبي حنيفه، أو ما سمي مسحا خلافاً للشافعي. انتهى.

(وسن) أن يكون المسح (بأصابع يده) مبتدئا (من أصابعه) أي: من أصابع رجليه (إلى ساقه) يمسح رجله اليمنى بيده اليمنى ورجله اليسرى بيده اليسرى، لما روى الخلال بإسناده عن المغيرة فذكر وضوء النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ثم توضأ ومسح على الخفين فوضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ووضع يده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى كأنى أنظر إلى أثر أصابعه على الخفين "

(1)

.

(1)

أخرجه الحميدي في " مسنده " 2: 334 أحاديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

ص: 300

قال ابن عقيل: سنة المسح هكذا أن يمسح خفيه بيديه باليمنى اليمنى وباليسرى اليسرى.

قال في " الشرح ": والمستحب أن يفرج أصابعه إذا مسح.

قال الحسن: خطوطاً بالأصابع.

ووضع الثوري أصابعه على مقدم خفه وفرج بينهما ثم مسح على أصل الساق.

وروي عن عمر: " انه مسح حتى رؤي آثار أصابعه على خفيه خطوطاً ". انتهى.

(ولا يجزئ أسفله) أى: أسفل الخف (وعقبه) ان اقتصر عليهما.

قال في " الإنصاف ": قولاً واحداً.

(ولا يسن) مسحهما مع أعلى الخف.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم.

وقال ابن أبي موسى: يستحب ذلك. انتهى.

وباستحباب مسحهما قال مالك والشافعي؛ لما روى المغيره بن شعبة قال: " وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح أعلى الخف وأسفله "

(1)

. رواه أبو داود

والترمذي. ولأنه يحاذي محل الفر ض. أشبه ظاهره.

وبعدمه قال عروة وعطاء والحسن والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر؛ لقول علي رضي الله تعالى عنه: " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من ظاهره، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(165) 1: 42 كتاب الطهارة، باب كيف المسح.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(97) 1: 162 أبواب الطهارة، باب ما جاء في المسح على الخفين أعلاه وأسفله.

ص: 301

خفيه "

(1)

. رواه الإمام أحمد وأبو داود.

وعن عمر رضي الله تعالى- عنه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالمسح

على ظاهر الخفين إذا لبسهما وهما طاهرتان "

(2)

. رواه الخلال. ولأن مسحه غير واجب، ولا يكاد يسلم من مباشرة أذى فيه تتنجس به يده فكان تركه أولى.

وأما حديث المغيرة فقال الترمذي: انه معلول وقال: سألت أبا زرعة ومحمداً عنه فقالا: ليس بصحيح. وقال الإمام أحمد عنه: انه من وجه ضعيف. (وحكمه) أي: حكم مسح الخف (بأصبع) واحدة أو أصبعين (أو حائل، و) حكم (غسله حكم رأس) في وضوء، وتقدم انه كيفما فعل فهو جائز. فلو وضع يده مبلولة على ساق الخف وأمرّها إلى أسفل جاز.

(وكره غسل) الخف.

قال في " الإنصاف ": ويكره غسله، ويجزئ على الصحيح من المذهب، واختاره ابن حامد وغيره.

قال الزركشي: وبالغ القاضي فقال بعدم الإجزاء مع الغسل " لعدوله عن المأمور، وتوقف الإمام أحمد في ذلك. انتهى.

(و) وكره أيضاً (تكرار مسح) الخف " لأن في حديث المغيرة: " مسحة واحدة "

(3)

.

قال في " الفروع ": ويكره غسله وتكرار مسحه. انتهى.

(ومتى ظهر) من عمامة ممسوحة (بعض رأس وفَحُشَ) أي: كثر ما ظهر من الرأس.

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(162) 1: 42 كتاب الطهارة، باب كيف المسح.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(387) 1: 54.

(2)

أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 1: 292 كتاب الطهارة، باب الاقتصار بالمسح على ظاهر الخفين.

(3)

سبق تخريجه ص: (291) رقم (3).

ص: 302

قال في " الفروع ": وان رفع العمامة يسيراً لم يضر، ذكره الشيخ للمشقة.

قال أحمد رضي الله تعالى عنه: إذا زالت عن رأسه فلا بأس ما لم يفحش.

(أو) ظهر (بعض قدم) من خف: مسح عليه (إلى ساق خف، أو انتقض بعض العمامة) الممسوحة، (أو انقطع دم مستحاضة ونحوها) كمن به سلس بول، (أو انقضت المدة) أي: مدة المسح التي تنتهي اعتبار بدليته من الغسل إليها. (ولو) وجد شيء من ذلك (في صلاة: استأنف الطهارة) لبطلانها

بما ذكر، أما كونها تبطل بظهور الرأس من العمامة أو القدم من الخف " فلأن مسح العمامة قائم مقام مسح الرأس، ومسح الخف أقيم مقام غسل الرجلين. فإذا زال الساتر الذي أقيم مسحه بدلاً عن مسح ذلك العضو، أو غسله بطل حكم طهارته؛ كالمتيمم يجد الماء.

وانتقاض بعض العمامة كنزعها.

قال القاضي: لو انتقض منها كور واحد بطلت؛ لأنه زال الممسوح عليه.

أشبه نزع الخف.

وعنه: لا أثر لنقض بعضها. وعنه: ان ظهر رأس الماسح على العمامة لم تبطل طهارته، وأجزأه مسح رأسه، وغسل قدميه. وان ظهر قدم الماسح على الخف أجزأه غسل رجليه.

وأما كون من حدثه دائم تبطل طهارته بانقطاعه " فلأن الحكم بصحة طهارته

(1)

انما كان لوجود العذر. فإذا زال حكم ببطلانها على الأصل.

وأما كون طهارة المسح تبطل بانقضاء مدته " فلأن طهارته مؤقتة. فبطلت بانتهاء وقتها " كخروج وقت الصلاة في حق المتيمم. ويستأنف الطهارة التي هي الوضوء، لا لوجوب الموالاة فيها في الأصح، والأصح أن ذلك مبني على أن المسح يرفع الحدث، وعلى أن الحدث لا يتبعض، فإذا خلع عاد الحدث إلى العضو الذي مسح الحائل عنه، فيسري إلى بقية الأعضاء فيستأنف الوضوء وان

(1)

في ج: طهارة.

ص: 303

قرب الزمن. وقطع بهذه الطريقة القاضي أبو الحسين وصححه المجد في " شرحه " وابن عبد القوي في " مجمع البحرين " وغيرهم.

وقال أبو المعالي وغيره: أن هذا الصحيح من المذهب عند المحققين.

قال في " الفروع ": وان ظهر بعض قدم الماسح، أو انقضت مدة المسح ابتدأ الطهارة. وعنه: يجزئه مسح رأسه وغسل رجليه وفاقاً لأبي حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي. وهل هو مبني على الموالاة وفاقا لمالك؛ جزم به الشيخ، أو رفع الحدث؛ جزم به أبو الحسين، واختاره أبو البركات. وذكر أبو المعالي: أنه الصحيح من المذهب عند المحققين، ويرفعه في المنصوص وفاقاً، أو مبني على غسل كل عضو بنية، أو على أن الطهارة لا تتبعض في النقض، وان تبعضت في الثبوت كالصلاة والصوم. اختاره في " الانتصار " وقاله في " الخلاف "؛ فيه أوجه. وهو كقدرة المتيمم على الماء. وقيل:

كسبق الحدث. قال صاحب " المحرر ": ان رفعه. انتهى.

(وزوال جبيرة) في الحكم (كـ) زوال (خف) ولو قبل برء الجرح أو الكسر، لأن مسحها بدل عن غسل ما تحتها. إلا انها إذا مسحت في الطهارة الكبرى وزالت أجزأ غسل ما تحتها لعدم وجوب الموالاة في الطهارة الكبرى.

ولما فرغ من الكلام على الوضوء وعلى مسح الحائل وكان له مبطلات ناسب ذكرها هنا. والله أعلم.

ص: 304

[باب: مبطلات الوضوء]

هذا (باب) يذكر فيه مبطلات الوضوء.

(نواقض الوضوء): جميع ناقضة (وهي مفسداته).

انواعها: (ثمانية)، وانما قلت: وهي مفسداته؛ لأن النقض حقيقة في البناء واستعماله في المعانى مجاز كنقض الوضوء ونقض العلىة.

والأولى من الثمانية: (الخارج ولو) كان (نادرا): أما المعتاد منه؛ كالبول والغائط والريح من الدبر قبلا خلاف. وأما النادر، كالريح من القبل والدود والحصى من الدبر قالذي عليه جماهير الأصحاب ان ذلك ينقض الوضوء؛ لما روى عروة عن فاطمة بنت أبى حبيش:" انها كانت تستحاض فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إذا كان دم الحيض فانه أسود يعرف. فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلى. فانما هو دم عرق "

(1)

. رواه أبو داود والدارقطني وقا ل: إسناده كلهم ثقات.

فقد أمر بالوضوء لكل صلاة ودمها غير معتاد. ولأنه خارج من سبيل. أشبه المعتاد.

ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " لا وضوء إلا من حدث أو ريح "

(2)

. رواه الترمذي

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه"(286) 1: 75 كتاب الطهارة، باب من قال إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة.

وأخرجه النسائي في " سننه "(362) 1: 185 كتاب الحيض والاستحاضة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة.

وأخرجه الدارقطني في " سننه "(4) 1: 207 كتاب الحيض.

(2)

أخرجه الترمذي فى " جامعه "(74) 1: 109 أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من الريح.

ص: 305

وصححه من حديث أبي هريرة.

وهو شامل للريح من القبل.

وقيل: لا ينقض ريح من قبل مطلقاً.

وقيل: لا ينقض خروجه من ذكر فقط.

(أو) كان الخارج (طاهراً)؛ كولد بلا دم في الأصح فيه فانه ينقض.

ولا فرق في ذلك بين ما خرج من الجوف أو أدخل من السبيل ثم خرج كدهن يقطر في الاحليل ثم يخرج، وإلى ذلك أشير بقوله:

(أو مقطََرا) بفتح الطاء وتشديدها.

قال في " الإنصاف ": لو قطر في إحليله دهنا ثم خرج: نقض الوضوء على الصحيح من المذهب. جزم به في " المغني " وابن رزين. وصححه في

" الشرح " و" مجمع البحرين ". وقدمه ابن عبيدان، وقالوا: لأنه لا يخلو من بلة نجسة تصحبه.

وقال القاضي في " المجرد ": لا ينقض. انتهى.

وعلم من هذا انه لو قطره من غير السبيل ولم يصل إلى محل محكوم بنجاسته

ثم خرج لم ينقض.

قال في " الفروع ": ولو صب دهنا في أذنه فوصل دماغه ثم خرج منها لم ينقض

(1)

، وكذا لو خرج من فمه في ظاهر كلامهم وفاقاً لأبي حنيفة خلافاً

لأبي المعالي. انتهى.

ولو احتشى قطنا أو نحوه في ذكره ثم أخرجه وعليه بلل نقض الوضوء كما لو خرج البلل منفردا. وإلى ذلك أشير بقوله:

(أو محتشى وابتلَ). وقيل: لا ينقض. ومفهومه: انه لو خرج ناشفا لم

ينقض وهو المذهب.

(1)

في ج: ينتقض.

ص: 306

قال في " الإنصاف ": وهو ظاهر نقل عبد الله عن أحمد. ذكره القاضي في "المجرد" ورجحه ابن حمدان وقدمه ابن رزين في "شرحه " وابن عبيدان. انتهى. ووجهه: انه ليس بين المثانة والجوف منفذ ولم تصحبه نجاسة فلم ينقض.

وقيل: بل.

قال في " الفروع ": وظاهر كلامهم فيما تحمله لا فرق بين كون طرفه

خارجا أو لا، وعند الحنفية: ان لم يكن طرفه خارجا ثم أخرجه، أو خرج:

نقض وأفسد الصوم، وان كان طرفه خارجا فلا، إلا مع بلة ورائحة فينقض. وعند أكثر الشافعية: ان بقي بعضه خارجا، أو بلع بعض خيط فوصل المعدة ثبت حكم النجاسة، فلا تصح صلاة ولا طواف. انتهى.

وإذا دب ماء رجل إلى فرج امرأة، أو استدخلته ثم خرج وقد توضأت نقض وضوءها. وإلى ذلك أشير بقوله:

(أو منيّاً دبّ أو استُدخِل)؛ لأنه خارج من سبيل لا يخلو من بلة تصحبه من

الفرج.

قال في " الإنصاف ": إذا خرجت الحقنة من الفرج نقضت.

قال ابن تميم: نقضت وجها واحدا.

قال صاحب " النهاية ": لا يختلف في ذلك المذهب.

وهكذا لو وطئ امرأته دون الفرج فدبَ ماؤه فدخل الفرج ثم خرج منه نقض

ولم يجب عليها الغسل على الصحيح من المذهب.

وقيل: يغتسل منه.

وان لم يخرج من الحقنة أو المني شيء، فقيل: ينقض. وقيل:

لا ينقض. لكن ان كان المحتقن قد أدخل رأس الزرَاقة

(1)

نقض. وقدمه

ابن رزين في المني. والحقنة مثله.

(1)

الزرَاقه: أنبوبه من الزجاج ونحوه، أحد طرفيها واسع والآخر ضيق، في جوفها عود يجذب السائل ثم يدفعه. " المعجم الوسيط ": 393:1

ص: 307

قلت: وهو ظاهر كلام المصنف والخرقي وغيرهما وأطلقهما في

" المغني " و" الشرح " والزركشي و" الرعايتين " و" الحاوي الصغير " وابن

عبيدان. وقيل: ينقض إذا كانت الحقنة في الدبر دون القبل. وأطلقهن في

" الفروع " وابن تميم وحواشي " المقنع " و" الرعاية ". انتهى.

إلا) إذا كان الحدث (دائما) كمستحاضة (ومن) به سلس فان الدائم لا ينقض

للضرورة.

والجار والمجرور المتعلق بلفظ الخارج في المتن قوله: (من سبيل) وهو

مخرج البول والغائط.

وانما ينقض الخارج إذا خرج (إلى ما) أي: محل (يلحقه حكم التطهير).

قال في " الفروع ": الخارج من السبيلين والمراد إلى ما هو في حكم الظاهر

ويلحقه حكم التطهير. انتهى.

لأن المحل الذي يصلى اليه الخارج إذا لم يلحقه حكم التطهير من الخبث

لا يلحق بسببه حكم التطهير من الحدث.

ولا يشترط انفصال الخارج. فينقض ولو لم ينفصل. وإلى ذلك أشير

بقوله:

(ولو بظهور مَقْعَدة عُلم بللُها).

قال في " الشرح ": قال أبو الحارث: سألت أحمد عن رجل به علة

وربما ظهرت مقعدته قال: ان علم أنه يظهر معها ندى توضأ وان لم يعلم

فلا شيء عليه. انتهى.

قال في " الفروع ": وان ظهرت مقعدته فعلم ان عليها بللا. وقيل: أو

يجهله، ولم ينفصل انتقض في المنصوص، وكذا طرف مصران، أو رأس

دودة. انتهى.

قال في " الإنصاف ": وجزم الزركشي انه لا ينتقض إذا خرجت مقعدته

ومعها بلّة لم تنفصل عنها ثم عادت. انتهى.

ص: 308

وكلام الزركشي مخالف لنص أحمد. والله تعالى أعلم.

وان شك في كونه ما خرج منه الخارج سبيلا أو لا ففيه؟ تفصيل أشير اليه بقوله:

إلا يسير نجس) يخرج (من أحد فرجي) أي: قُبُلى (خنثى مشكل غير بول

وغائط).

قال في " الإنصاف ": لو خرج من أحد فرجي الخنثى المشكل غير بول

وغائط وكان يسيرا: لم ينقض على المذهب. قاله الزركشي وغيره.

قال في " الرعاية ": لم ينقض في الأشهر. انتهى.

ووجه المذهب: أن الطهارة متيقنة فلا تبطل مع الشك في شرط الناقض وهو

كونه: من فرج أصلى.

وأما إذا كان النجس كثيراً أو بولا أو غائطا فلا يشترط كونه من سبيل للنقض

بخروجه من سائر البدن. والله تعالى أعلم.

(ومتى استَدّ المخرج) المعتاد (وانفتح غيره ولو) كان المنفتح (أسفلَ المعدة)

على وزن كلمة. موضع الطعام قبل انحداره إلى الامعاء. وهي

(1)

لنا بمنزلة

الكرش لذوي الأظلاف والأخفاف: (لم يثبت له) أي: للمخرج المنفتح (حكم)

المخرج (المعتاد).

قال في " الإنصاف ": لو انسدّ المخرج وفتح غيره فأحكام المخرج باقية

مطلقاً على الصحيح من المذهب. انتهى.

(فلا نقض بريح منه) أي: من المنفتح. وقيل: ينقض خروج الريح منه.

قال في " الفروع ": وان انسد المخرج وفتح غيره، قال ابن عقيل وغيره:

أسفل المعدة لم يثبت له أحكام المعتاد. وقيل: إلا في النقض بريح منه،

ويتوجه عليه بقية الأحكام، وفي إجزاء الاستجمار. وقيل: حتى مع بقاء

المخرج وجهان وأحكام المخرج باقية.

(1)

في أ: وهو.

ص: 309

قال في " النهاية ": إلا أن يكون سُد خلقة فسبيل الحدث المنفتح والمسدود كعضو زائد من الخنثى. انتهى.

النوع (الثاني): من الثمانيه: (خروج بول أو غائط من باقي البدن) أي غير السبيلين؛ لتقدم حكمهما. (مطلقاً) أي: سواء كان البول أو الغائط كثيراً أو

قليلا.

قال في " الشرح ": لا يختلف المذهب في نقض الوضوء بخروج الغائط

والبول سواء كان من مخرجهما أو من غيره. ويستوي قليلهما وكثيرهما في ذلك.

(أو) خروج (نجاسة غيرهما) أي: غير البول والغائط من باقي البدن (كقيء

ولو بحاله) كما لو شرب ماء وقذفه في الحالى بصفته؛ لأن نجاسته بوصوله إلى الجوف لا باستحالة (فاحشة) صفة لنجاسة

(1)

(في نفس كل أحد بحسبه) نص عليه.

قيل لأحمد: يا أبا عبد الله ما قدر الفاحش؟ قال: ما فحش في قلبك.

وروي نحو ذلك عن ابن عباس.

قال الخلال: الذي استقرت عليه الرواية عن أبي عبد الله: ان الفاحش ما يستفحشه كل انسان في نفسه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك "

(2)

.

ولأن اعتبار حالا لانسان بما يستفحشه غيره حرج فيكون منفيا.

وعنه: ما فحش في نفس أوساط الناس.

قال في " الإنصاف ": والنفس تميل إلى ذلك. وأطلقهما في " الفروع ". وعنه: الكثير قدر الكف. وعنه: قدر عشر أصابع. وعنه: هو ما لو انبسط جامده، أو انضم متفرقه كان شبرا في شبر. وعنه: هو ما لا يعفى عنه في

(1)

في ج: لنجاسته.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(12571) 3: 152.

ص: 310

الصلاة. حكاهن في " الرعاية ".

قال الزركشي: ولا عبرة بما قطع به ابن عبدوس، وحكى عن شيخه: ان

اليسير قطرتان. انتهى.

قال في " المقنع ": وحكي عنه: ان قليلها ينقض.

وقال الشيخ تقي الدين: لا ينقض مطلقاً. واختاره الاجري في غير القيء.

وعنه: ينقض كثير القيء ويسيره، طعاما كان أو دما أو قيحا أو دوداً ونحوه، وينقض الوضوء بخروج النجاسة الفاحشة من غير السبيل. قال ابن عباس

وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء وقتادة والثوري وأصحاب الرأي.

وقال مالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر: لا وضوء فيه؛ لأنه خارج من غيرالمخرج مع بقاء المخرج. فلم ينقض؛ كالبصاق.

ولأنه لا نص فيه. ولا يصح قياسه على الخارج من السبيلين؛ لكون الحكم

فيه غيرمعلل.

ولأن الخارج من السبيل لا فرق بين قليله وكثيره وطاهره ونجسه وما هو

بخلافه فامتنع القياس.

قال في " الشرح ": ولنا ما روى أبو معدان بن أبى طلحة عن أبي الدرداء:

" ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ. قال: فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فسألته فقال: صدق أنا سكبت له وضوءه "

(1)

. رواه الترمذي وقال: هذا أصح شيء في الباب.

قيل لأحمد: حديث ثوبان ثبت عندك؟ قال: نعم.

و" لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: انهدم عرق فتوضئي لكل صلاة "

(2)

. رواه الترمذى.

(1)

أخرجه الترمذي في "جامعه "(87) 1: 42 1 أبواب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من القيء والرعاف.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(22128) 5: 277.

(2)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(129) 1: 229 أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة انها تغتسل عند كل صلاة.

ص: 311

وعلل بكونه دم عرق وهذا كذلك.

ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم.

ولأنه خارج نجس. فنقض؛ كالخارج من السبيلين.

وقياسهم منقوض بما إذا انفتح مخرج دون المعدة. والبصاق طاهر.

بخلاف هذا.

إذا تقرر هذا فتنقض النجاسة الفاحشة إذا خرجت من بدن المتوضئ (ولو بقطنة ونحوها)؛ كخرقة، (أو بمص علق) أو قراد؛ لأن الفرق بين ما خرج بنفسه أو بمعالجة لا أثر له في نقض الوضوء وعدمه.

إلا) ما خرج بمص (بعوض ونحوه)؛ كبق وذباب وبراغيث؛ لقلته،

ومشقة الاحتراز منه.

النوع (الثالث) من الأنواع الثمانية: (زوال عقل)؛ كحدوث جنون أو

برسام. كثيراً كان أو قليلا. وهذا بالاجماع.

(أو تغطيته) أي: تغطية العقل بسكر أو إغماء أو شرب دواء.

(حتى بنوم) وهو غشية ثقيلة تقع على القلت تمنع المعرفة بالأشياء. والأصل

في ذلك ما روي عن على رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العين وكاء السه. فمن نام فليتوضأ "

(1)

. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

وعن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العين وكاء السه، فإذا نامت

العينان استطلق الوكاء "

(2)

. رواه أحمد والدارقطني.

والسه: اسم لحلقة الدبر.

وسئل أحمد عن حديث على ومعاوية في ذلك فقال: حديث على اثبت

وأقوى.

(1)

أخرجه أبوداودفي " سننه "(203) 1: 52 كتاب الطهارة، باب الوضوء من النوم.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(477) 1: 161 كتاب الطهارة، باب الوضوء من النوم.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(16925) 4: 97.

وأخرجه الدارقطني في " سننه "(2) 1: 160 كتاب الطهارة، باب ما روي فيمن نام قاعدا.

ص: 312

وفي إيجاب الوضوء بالنوم تنبيه على وجوبه بما هو آكد منه؛ كالسكر

والإغماء.

ولأن النوم ونحوه مظنة الحدث فأقيم مقامه.

قال أبو الخطاب وغيره: ولو تلجم على المخرج ولم يخرج شيء إلحاقا بالغالب.

(إلا نوم النبي صلى الله عليه وسلم يسيرا كان أو كثيرا. لأن النوم انما يقع على عينيه دون

قلته كما صح ذلك عنه صلى الله عليه وسلم (و) إلا النوم (اليسير عرفا) على الأصح، وقيل:

ما لم يتغير عن هيئته كسقوطه وقيل: مع بقاء نومه. قال في " الفروع " وان رأى رؤيا فهو كثير خلافاً لأبي حنيفة والشافعي. وعنه: لا وهي أظهر. انتهى.

(من جالس) لما روي عن أنس قال: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون "

(1)

رواه أبو داود بإسناد صحيح، ولأن النوم اليسير يكثر وقوعه من منتظري الصلاة فعفي عنه لمشقة التحرز عنه (و) إلا النوم اليسير من (قائم) لما روى ابن عباس قال:" بت عند خالتي ميمونة فقلت لها إذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظيني، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت إلى جنبه الأيسر فأخذ بيدي فجعلني من شقه الأيمن فجعلت إذا اغفيت يأخذ بشحمة أذني. قال: فصلى إحدى عشرة ركعة "

(2)

رواه مسلم، ولأن الجالس والقائم يشتبهان في الأنحفاظ واجتماع المخرج وربما كان القائم ابعد من الحدث لكونه لو استثقل في النوم سقط.

وشرط عدم النقض بالنوم اليسير من جالس وقائم: ان إلا) يكون (مع احتباء أو اتكاء أو استناد).

قال في " الفروع ": ومستند ومتكئء ومحتب كمضطجع. وعنه: لا وفاقاً للشافعي، ولأبي حنيفة في إحدى الروايتين عنه. وعن أحمد: لا ينقض نوم

(1)

أخرجه أبوداودفي " سننه "(200) 1: 51 كتاب الطهاره، باب الوضوء من النوم.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(763) 1: 528 كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقياسه.

ص: 313

مطلقاً. واختار شيخنا: ان ظن بقاء ظهره. انتهى.

وفهم من قول المتن: من جالس أو قائم: ان النوم اليسير من راكع وساجد ينقض.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب على ما اصطلحناه. اختاره الخلإلى والمصنف.

قال في " الكافي ": الأولى الحاق الراكع والساجد بالمضطجع. وهو

ظاهر الخرقي و" العمدة " و" التسهيل " و" المنتخب " وغيرهم. وجزم به في

" الوجيز ". وقدمه في " الفائق " وابن رزين في " شرحه " و" المستوعب ". وعنه: ان نوم الراكع والساجد لا ينقض يسيره وعليه جمهور الأصحاب. انتهى.

ولم يستثن في التنقيح غير يسير نوم الجالس والقائم وتبعته على ذلك.

وعلم مما تقدم ان يسير نوم المضطجع ينقض من باب أولى.

النوع (الرابع) من الأنواع الثمانية: (مس فرج آدمي) " سواء كان ذكر رجل

أو قبل امرأة. وهو: فرجها الذي بين أسكتيها.

(و) كذا (لو) كان الفرج الممسوس (دبرا) لأحدهما: أماكون مس ذكر

الرجل ينقض الوضوء؛ فلما روت بسرة بنت صفوان: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" من مس ذكره فليتوضأ "

(1)

.

وعن جابر مثل ذلك

(2)

.

(1)

أخرجه الترمدي في " جامعه "(82) 1: 126 أبواب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(479) 1: 161 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(27333) 6: 406.

وأخرجه مالك في " الموطأ "(58) 1: 63 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج.

وأخرجه الشافعي في " مسنده "(87) 1: 34 كتاب الطهارة، باب في نواقض الوضوء.

(2)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(480) 1: 162 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر. قال البوصيري في " الزوائد ": في إسناده مقال، عقبة بن عبد الرحمن ذكره ابن حبان في الثقات، قال

عنه ابن المديني: شيخ مجهول.

ص: 314

روى حديث بسرة مالك والشافعي وأحمد وابن ماجه والترمذي وقال:

حسن صحيح، وصححه أحمد وابن معين. وقال البخاري: أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة. وروى حديث جابر ابن ماجه.

وأما كون مس الفرج غير الذكر ينقض الوضوء؛ فلعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أم حبيبة: " من مس فرجه فليتوضأ"

(1)

. رواه ابن ماجه والأثرم وصححه أحمد وأبو زرعة.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: " أيضاً امرأة مست فرجها فلتتوضأ "

(2)

. رواه الإمام أحمد من حديث عمرو بن شعيب.

قال في " المبدع ": وإسناده جيد اليه.

ولا فرق بين كون الممسوس فرجا للماس أو لغيره؛ لأنه إذا انتقض وضوءه بمس فرج نفسه مع كون الحاجة تدعو إلى مسه وهو جائز، فلأن ينتقض بمس فرج غيره مع كونه معصية أولى.

ولأن نصه على نقض الوضوء بمس فرج نفسه مع انه لم يهتك حرمة تنبيه على نقضه بمس فرج غيره.

ولأن في بعض الفاظ حديث بسرة: " من مس الذكر فليتوضأ"

(3)

فيشمل

كل ذكر حتى ذكر الطفل والميت، ولهذا قلت:(أو ميتا).

(1)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(481) 1: 162 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر. قال البوصيري في " الزوائد ": في إسناده مقال: ففيه مكحول الشامي وهومدلس موجب ترك حديثه،

لا سيما وقد قال البخاري وأبو زرعة: انه لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان، فالإسناد منقطع. قلت: وذكر الحافظ دحيم وهو أعرف بحديث الشاميين أن سماع مكحول من عنبسة ثابت. وقال

الخلال في " العلل ": صحح أحمد حديث أم حبيبة، وقال ابن السكن: لا أعلم به علة. أفاد ذلك الحافظ ابن حجر في " تلخيصه " 1: 124.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(7076) 2: 223. قال الحافظ ابن حجر

في " تلخيصه ": 1: 124 نقل الترمذي عن البخاري أنه قال: هو عندي صحيح.

(3)

أخرجه أبوداودفي " سننه "(181) 1: 46 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.

وأخرجه النسائي في " سننه "(163) 1: 0 0 1 كتاب الطهارة، الوضوء من مس الذكر.

ص: 315

ولأن حرمته باقية.

(متصلى) بالجر صفة للفرج فلا ينقض المنفصلى؛ لذهاب الحرمة بالقطع.

(أصلى) صفة أيضاً فلا ينقض مس أحد قبلي خنثى مشكل؛ لاحتمال ان

يكون الممسوس غير أصلى. وما يتطرق اليه الاحتمال لا ينقض الطهارة المتيقنة.

وأما الذكر الأصل فان مسه ينقض (ولو) كان (أشل) أي: لا نفع فيه؛ لبقاء

الاسم والخدمة.

وقيل: لا.

(أو) كان الممسوس (قلفة) متصلة؛ لأنه اداخلة في مسمى الذكر، وفي

حكم حرمته.

قال في " القاموس ": والقلفة بالضم ريحرك: جلدة الذكر.

(أو) كان الممسوس (قبلي خنثى مشكل)؛ لأن أحدهما فرج أصلى فنقض

كما لو لم يكن معه فرج زائد.

(أو) مس غير الخنثى من الخنثى (لشهوة ما للامس مثله) وذلك ان يمس

الرجل ذكر الخنثى لشهوة، أو تمس المرأة فرج الخنثى لشهوة. ومس غير الختتى الخنثى منحصر في اثنتي عشرة صورة؛ لأن الماس لفرج الخنثى إما ان

يكون رجلاً أو امرأة، وأما ان يمس أحد فرجيه، أو هما جميعا وفي كل هذه الصور: أما أن يكون المس لشهوة، أو لا. فتلخص من ذلك ست صور في

الرجل ومثلها في المرأة. فان كان رجلاً ومس أحدهما لغير شهوة فلا نقض؛ لأنه يحتمل زيادة الفرج الممسوس، وان كان لشهوة انتقض بمس ذكره. وهذه

إحدى صور المتن؛ لأن الخنثى ان كان رجلاً فقد حصلى المس لذكر رجل، وان

كان امرأة فقد مسها الرجل لشهوة.

وان مس الرجل قبلي الخنثى لشهوة أو لغير شهوة انتقض وضوءه. وهاتان

الصورتان أيضاً في المتن. وتقدمت الاشارة إلى توجيه ذلك، وان كان أيضاً

ص: 316

امرأة ومست أحد قبلي الخنثى لغير شهوة فلا نقض؛ لاحتمال زيادة الممسوس،

وان كان لشهوة والممسوس الذكر فلا نقض؛ لاحتمال زيادته، وان كان الممسوس الفرج انتقض. وهذه أيضاً من صور المتن؛ لأنه ان كان رجلاً فقد

مسته لشهوة، وان كان امرأة فقد مست فرج امرأة، وان مستهما جميعا لشهوة أو لغير شهوة انتقض. وهاتان الصورتان أيضاً من صور المتن وتقدم توجيههما.

وأما مس الخنثى المشكل فرج الخنثى المشكل فله صور يقع النقض بواحدة

منها فقط، وهي: ما إذا مس أحدهما قبلي الآخر لشهوة أو لغير شهوة؛ وتقدم

توجيه ذلك. وان مس أحدهما ذكر الآخر ومس الآخر فرجه فلا وضوء على

واحد منهما، سواء كان المس لشهوة أو لغير شهوة؛ لأن يقين الطهارة باق في

حق كل واحد منهما فلا يزول بالشك؛ لاحتمال ان يكونا رجلين فلا ينتقض

وضوء لامس الفرج، أو امرأتين فلا ينتقض وضوء لامس الذكر. وان مس كل

واحد منهما فرج الآخر فلا نقض؛ لاحتمال كونهما رجلين، وكذا ان مس كل

واحد منهما ذكر الآخر؛ لاحتمال ان يكونا انثيين. والله سبحانه وتعالى أعلم.

وانما ينقض المس المتقدم ذكره ان كان (بيد)؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من

أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء ")

(1)

. رواه الإمام

أحمد والدارقطني.

ولأن غير اليد ليس بآلة للمس.

وعمومه شامل لليد الأصلية والزائدة.

قال في " الفروع ": واللمس بزائد ينقض فلهذا قلت: (ولو زائدة) ثم

قال: وعنه: لا؛ كمس زائد في الأصح. انتهى.

(1)

أخرجه أحمد في " مسنده "(8385) 2: 333.

وأخرجه الدارقطنى في " سننه "(6) 1: 147 كتاب الطهارة، باب ما روى

في لمس القبل، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

والحديث قد أخرجه ابن حبان في " صحيحه " والبيهقي والطبراني

في " الصغير " لكن قال: تفرد به الأصبغ، وفي رواته أيضاً نافع بن أبي نعيم، وكان الإمام أحمد لا يرضاه في الحديث ويرضاه فى القراءة لكن خالفه ابن معين فوثقه. أفاد ذلك الحافظ في " تلخيصه " 1: 125، والله أعلم.

ص: 317

وعمومه شامل لجميع اليد إلى الكوع فينقض المس بحرف الكف وظهره على المذهب.

وقيل: لا ينقض بحرفه.

وعنه: لا ينقض بظهره.

والأولى المذهب؛ لعموم الحديث.

ولأن ظهر الكف جزء من اليد أشبه ظاهره. وهو قول عطاء والاوزاعي.

(خلا ظفر) قال في " الإنصاف ": فان مسه بالظفر لم ينقض على الصحيح

من المذهب.

قال في " القواعد الفقهية ": هو في حكم المنفصلى هذا جادة المذهب. انتهى.

(أو الذكر) بالجر معطوف على قوله: فرج آدمي. يعني: ان الوضوء

ينتقض بمس فرج الادمي باليد وبمس ذكر الادمى (بفرج) من الماس (غيره)

أي: غير الذكر كمس الرجل ذكر غيره بحلقة دبره، أو مس المرأة ذكر الرجل، بقبلها أو دبرها.

قال في " الفروع ": واختار الاكثر ينقض مسه بفرج خلافاً للأئمة الثلاثة. والمراد: لا ذكره بذكر غيره، وصرح به أبو المعالي. انتهى.

قال في " الإنصاف " بعد ان ذكر المذهب: وقيل لا ينقض، اختاره بعض الأصحاب، وهو احتمال للمجد في " شرحه ". انتهى.

اشتراط عدم الحائل في نقض الوضوء ويشترط في النقض بمس الفرج: ان

يكون (بلا حائل)؛ لما تقدم في لفظ الحديث من قوله: " ليس دونه ستر ")

(1)

.

و (لا) ينقض مس (محل) ذكر (بائن)؛ لذهاب الاسم. وقيل: بل.

(و) لابنقض من (شفري امرأة مخرج)؛ لأن الفرج اسم لمخرج

(1)

سبق تخريجه في الصفحة السابقة.

ص: 318

الحدث لا ما قاربه.

وعلم مما تقدم انه لا نقض بمس غير الفرجين من البدن. وهو قول الجمهور

من العلماء.

وروي عن عروة: الوضوء من مس الأنثيين، وعن عكرمة: الوضوء من مس ما بين الفرجين.

ورد ذلك بانه لا نص فيه ولا هو في معنى المنصوص، فكان حكمه حكم سائر البدن.

وعن الإمام رواية: لا ينقض مس الفرج بحإلى. وعنه: انما ينقض مسه ان تعمده. وعنه: لا ينقض إلا إذا مسه لشهوة. وعنه: ينقض معها ولو مسه بحائل. وعنه: يختص النقض بمس الثقب. وعنه: بمس الحشفة. وعنه: بمس ذكر نفسه.

قال في " الفروع ": وفي فرج البهيمة احتمال. وحكي عن الليث.

انتهى.

النوع (الخامس) من الأنواع الثمانية: (لمس) شخص (ذكر أو أنثى الآخر) بان يمس الرجلالمرأةأو تمسالمرأةالرجل (لشهوة) على المذهب.

قال في " الإنصاف ": وعليه جماهيرالأصحاب.

وعنه: لا ينقض مطلقاً. اختاره الاجري والشيخ تقي الدين في " فتاويه " وصاحب " الفائق " ولو باشر مباشرة فاحشة.

وقيل: ان انتشر نقض، وإلا فلا.

وعنه: ينقض مطلقاً.

وحكي عن الإمام أحمد: انه رجع عنها. وأطلقهن في " المستوعب ".

انتهى.

اللمس الناقض للوضوء والأصل في ذلك قوله سبحانه وتعالى: (أولامستم

النساء) [المائدة: 6].

ص: 319

وأما كون اللمس لا ينقض إلا إذا كان لشهوة؛ فللجميع بين الآية والاخبار؛ لأنه روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها انها قالت: " فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش. قالتمسته فوقعت يدي على بطن قدمه وهو في المسجد وهما منصوبتان "

(1)

. رواه مسلم.

ونصبهما دليل على أنه كان يصلى.

وروي عنها أيضاً قالت: " كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي "

(2)

. متفق عليه.

والظاهر: أن غمزه برجلها كان من غير حائل.

" ولأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وهو حامل إمامة بنت أبى العاص بن الربيع. إذا سجد وضعها وإذا قام حملها "

(3)

. متفق عليه.

والظاهر: أنه لا يسلم من مسها.

ولأن اللمس ليس بحدث في نفسه وانما هو داع إلى الحدث، فاعتبرت الحالة التي يدعو فيها إلى

(4)

الحدث وهي حالة الشهوة. وهذا مذهب الشعبي والنخعي والحكم وحماد ومالك والثوري وإسحاق.

وأما كون المرأة ينتقض وضوؤها بلمس الرجل لشهوة؛ فلأنه ملامسة تنقض الوضوء. فاستوى فيها الذكر والأنثى؛ كالجماع.

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(486) 1: 352 كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود.

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(375) 1: 150 أبواب الصلاة في الثياب، باب الصلاة على الفراش.

أخرجه مسلم في " صحيحه "(12 5) 1: 367 كتاب الصلاة، باب الاعتراض بين يدي المصلي.

(3)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(494) 1: 193 أبواب سترة المصلي، باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة.

وأخرجه مسلم في " صحيحه"(543) 1: 385 كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة.

(4)

سقط من أ.

ص: 320

سئل أحمد عن المرأة إذا مست زوجها قال: ما سمعت فيها شيئاً، ولكن هي شقيقة الرجل، يعجبني أن تتوضأ.

قال في " الإنصاف ": حكم مس المرأة بشرة الرجل حكم مس الرجل بشرة المرأة على الصحيح من المذهب. قطع به الاكثر.

وعنه: لا ينقض مس المرأة الرجل، وان قلنا: ينقض لمسه لها.

وهو ظاهر " المغني "، وأطلقهما في " الكافي " وابن عبيدان وابن تميم. انتهى.

وشرط النقض باللمس أن يكون (بلا حائل)؛ لأنه مع وجود الحائل لم يلمس بشرتها. أشبه ما لو لمس ثيابها لشهوة، والشهوة لا توجب الوضوء بمجردها، كما لو وجدت من غير لمس شيء.

قال في " الإنصاف ": لمس المرأة من غير حائل لشهوة لا ينقض الوضوء على الصحيح من المذهب نص عليه، وعليه الأصحاب. وعنه: بل.

قال القاضي في " مقنعه ": قياس المذهب النقض إذا كان لشهوة.

قال في " الرعاية " عن هذه الرواية: وهو بعيد. انتهى.

(و) عموم اللمس يشمل ما (لو) كان (بزائد لزائد).

قال في " الإنصاف ": شمل قول المصنف: أن تمس بشرته بشرة أنثى

لشهوة: اللمس بخلقة زائدة من اللامس أو الملموس؛ كاليد والرجل والأصبع. وهو صحيح، وهو المذهب وعليه الأصحاب.

وقيل: لا ينقض اللمس بزائد، ولا مس الزائد.

قال ابن عقيل: ريحتمل أن لا ينقض على ما وقع لي؛ لأن الزائد لا يعطى حكم الأصل. بدليل ما لو مس الذكر الزائد فانه لا ينقض كذا ها هنا.

قال صاحب " النهاية ": وهذا ليس بشيء.

وقيل: لا ينقض مس أصلى بزائد بخلاف الأصل. انتهى.

(أو) كان اللمس لعضو (أشل) بعضو أشل.

ص: 321

قال في " الفروع ": ولمس زائد وبه كأصلى في الأصح، وكذا أشل. انتهى.

قال في " الإنصاف ": وشمل كلامه أيضاً المس بيد شلاء وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور، وقدمه في " الفروع " و" الرعايتين " وابن عبيدان وغيرهم وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب. وقيل: لا ينقض.

قال ابن عقيل: يحتمل أن يكون كالشعر؛ لأنها لا روح فيها، وأطلقهما ابن تميم و"الحاويين".

وقيل: لا ينقض مس أصلى باًشل بخلاف العكس. انتهى.

وعمومه أيضاً: يشمل الحي والميت ولهذا قلت: (أو ميت)، وكما يجب الغسل بوطء الميت.

قال في " الإنصاف ": أما الميتة فهي كالحية على الصحيح من المذهب جزم به في " المستوعب " و" التلخيص " و" الإفادات " وابن رزين في " شرحه " واختاره القاضي وابن عبدوس المتقدم وابن البنا. وقدمه في " الرعاية الكبرى " وهو ظاهر كلام الخرقي و" المحرر " و" الكافي " و" الوجيز " وغيرهم.

وقيل: لا ينقض لمسها. اختاره المجد والشريف أبو جعفر وابن عقيل

وقدمه في " الرعاية الصغرى ". انتهى.

ولما كان عموم النص يتناول لمس الهرمة وذات المحرم قلت: (أو هرم أو محرم).

قال في " الإنصاف ": وأما العجوز فهي كالشابة على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام كثيز من الأصحاب. جزم به في " المستوعب " و" المغني " و" الكافي " و" التلخيص " و" الشرح " وابن رزين في " شرحه " و" الإفادات" وابن تميم والزركشي.

وصححه الناظم وقدمه ابن عبيدان و" الرعاية الكبرى".

وقيل: لا ينقض. وأطلقهما في " الفروع " وحكاهما روايتين ابن عبيدان وغيره.

ص: 322

وأما المحرم فهي كالأجنبية على الصحيح من المذهب، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وجزم به في " المستوعب " و" التلخيص " و" المغني "

و" الكافي " وابن رزين في " شرحه " وابن تميم و" مجمع البحرين " و"الحاويين" و" الفائق " والزركشي وغيرهم وصححه الناظم وقدمه ابن عبيدان و" الرعاية الكبرى ".

وقيل: لا ينقض وقدمه في " الرعاية الصغرى ". انتهى.

و (لا) ينقض لمسِِِِِِِ مطلقاً (لشعر وظفر وسن) وكذا لو كان المس بشعر اللامس أو ظفره أو سنه؛ لأن ذلك لا يقع الطلاق بإيقاعه عليه ولا الظهار ولا العتق؛ لكونه ينفصل في حال السلامة. أشبه لمس الدمع.

قال في " الفروع ": ولا لمس سن وشعر وظفر في الأصح خلافاً لمالك.

وقال بعضهم: وكذا اللمس به وهو متجه. انتهى.

و (لا) نقض بلمس (من) لها أو له (دون سبع).

قال في " التنقيح ": غير طفلة وعكسه. انتهى.

يعني انه لا ينقض مس الرجل الطفلة ولاالمرأة الطفل. ومن ولد فهو طفل أو طفلة إلى سن التمييز وهو تمام سبع سنين.

وقال في " الإنصاف ": وأما الصغيرة فهي كالكبيرة على الصحيح من المذهب ثم ذكر من جزم به ومن اختاره ثم قال: وقيل: لا ينقض. ثم قال:

وصرح المجد أنه لا ينقض لمس الطفلة، وانما ينقض لمس التي تشتهى.

قلت: لعله مراد من أطلق. انتهى.

وبمعنى هذا قطع في " التنقيح ". وتقدمت حكآية لفظه. وقد قال في خطبة

" التنقيح ": فإذا وجدت في هذا الكتاب لفظا أو حكما مخالفا لأصله أو غيره فاعتمده فانه وضع عن تحرير، ومراده بأصله " الإنصاف ". فلهذا لم أعول على ما في " الإنصاف " من كون: ان حكم الصغيرة كالكبيرة، وذكرت معنى ما في " التنقيح ". والله أعلم.

ص: 323

(ولا) نقض بلمس (رجل لأمرد).

قال في " القاموس ": والامرد الشاب طر شاربه ولم تنبت لحيته. انتهى.

قال في " الإنصاف ": ولو كان لشهوة. وهو المذهب نص عليه الإمام أحمد وقطع به أكثر المتقدمين. وخرج أبو الخطاب رواية بالنقض إذا كان لشهوة، وحكاها ابن تميم وجها، وجزم به في " الوجيز "، وحكاه في " الإيضاح" رواية.

قال ابن رجب في " الطبقات ": وهو غريب.

قال ابن عبيدان: وهذا قول متوجه ونصره.

قلت: وليس ببعيد. انتهى.

وكذا لمس امرأة امرأة لشهوة في عدم النقض على المذهب.

قال في " الفروع ": وقيل ينقض مس رجل رجلا، أو امرأة امرأة لشهوة،

فينقض مس أحدهما كخنثى ومسه لهما. انتهى.

قال في خطبته: ومتى قلت: وقيل كذا قالمقدم خلافه فعلم من هذا الصنيع: ان المقدم عنده عدم النقض في الجمع.

ووجه المذهب: عدم تناول الآية لما ذكر.

الملموس فرجه هل ينتقض وضوءه (ولا ان وجد ممسوسٌ فرجه أو ملموسٌ شهوة) ولو وجدت منه شهوة: أما الممسوس فرجه فقال في " الإنصاف ":

لا ينتقض وضوءه ذكرا كان أو أنثى رواية واحدة قاله القاضي وغيره.

قال المجد في " شرحه ": لا أعلم فيه خلافا.

قال في " النكت ": وصرح به غير واحد، وذكر بعض المتأخرين رواية بالنقض. وحكى الخلاف في " الرعاية الكبرى " وجهين وأطلقهما ثم قال: وقيل: روايتان. وقيل: لا ينتقض وضوء الملموس ذكره. بخلاف لمس قبل

المرأة. انتهى.

ص: 324

وأما الملموس لشهوة؛ فقال في " المقنع ": وفي نقض وضوء الملموس

روا يتان.

قال في " الإنصاف ": أحدهما: لا ينتقض، وان انتقض وضوء اللامس وهو المذهب.

قال في " الفروع ": لا ينتقض على الأصح، وصححه المجد والأزجي في

" النهاية " وابن هبيرة وابن عبيدان وصاحب " مجمع البحرين "

و" التصحيح ". والرواية الثانية: ينتقض وضوءه أيضاً، صححه ابن عقيل.

قال الزركشي: اختاره ابن عبدوس وجزم به في " الإفادات ". ثم قال:

محل الخلاف في الملموس إذا قلنا: ينتقض وضوء اللامس، فأما إذا قلنا:

لا ينتقض، قالملموس بطريق الأولى. ثم قال: قال ابن تميم: لم يعتبر أصحابنا الشهوة في الملموس.

قال في "النكت " عن قوله: يجب أن يكون اكتفاء منهم ببيان حكم اللامس: وأن الشهوة معتبرة منه.

قال الزركشي: محل الخلاف وفاقاً للشيخين- يعني بهما المصنف والمجد- فيما إذا وجدت الشهوة من الملموس.

قال المجد: يجب أن تحمل رواية النقض عندنا على ما إذا التذ الملموس.

قال الشيخ تقي الدين في " شرح العمدة ": إذا قلنا بالنقض في الملموس: اعتبرنا الشهوة في المشهور، كما نعتبرها من اللامس حتى ينتقض وضوءه إذا وجدت الشهوة منه دون اللامس، ولا ينتقض إذا لم توجد منه، وان وجدت من اللامس. انتهى.

النوع (السادس) من الأنواع الثمانية: (غسل ميت).

قال في " الإنصاف ": الصحيح من المذهب: أن غسل الميت ينقض الوضوء. نص عليه، وعليه جماهيرالأصحاب. مسلما كان أو كافرا، صغيرا كان أو كبيرا، ذكرا أو أنثى. وهو من مفردات المذهب. وعنه: لا ينقض،

ص: 325

اختاره أبو الحسن التميمي

(1)

والمصنف وصاحب "مجمع البحرين " والشيخ تقي الدين. ولبعض الأصحاب احتمال بعدم النقض إذا غسله في قميص.

قال في " الرعاية الكبرى ": وهو أظهر. انتهى.

وبالنقض قال النخعي وإسحاق؛ لأن ابن عمر وابن عباس كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء.

وعن أبي هريرة أنه قال: " أقل ما فيه الوضوء "، ولم يعلم لهم مخالف من الصحابة.

ولأن الغاسل لا يسلم من مس عورة الميت غالبا، فأقيم مقامه؛ كالنوم مع الحدث.

(أو) غسل (بعضه) أي: بعض الميت.

قال في " الإنصاف ": غسل بعض الميت كغسل جميعه على الصحيح من المذهب. وقيل: لا ينقض غسل البعض.

قال في " الرعاية ": وهو أظهر. انتهى.

وقيد في " الرعاية ": النقض من غسل الميت بما إذا قلنا: ينقض مس الفرج.

قال في " الإنصاف ": وهو ظاهر تعليل كثير من الأصحاب. وظاهر كلام كثير من الأصحاب: الاطلاق، وقد يكون تعبديا. انتهى.

(لا ان يممه) يعني أن من يمم الميت لتعذر الغسل لا ينتقض وضوؤه.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. نص عليه، وعليه الأصحاب، وفيه احتمال: أنه كالغسل انتهى.

والمراد بالغاسل: من يقلبه ويباشره ولو مرة، لا من يصب الماء ونحوه.

النوع (السابع) من الأنواع الثمانية: (أكل لحم إبل) بكسرتين، وتسكن الباء.

(1)

في " الانصاف " 1: 216: التيمي.

ص: 326

قال في " القاموس ": واحد يقع على الجمع ليس بجمع ولا اسم جمع، وجمعه: آبال. انتهى.

فينتقض به الوضوء سواء علمه أو جهله، وسواء كان نيئا أو مطبوخا، وسواء

كان عالما بالحديث الوارد في ذلك أو لا. وبالنقض قاله جابر بن سلمة

ومحمد بن إسحاق وأبو خيثمة ويحيى بن يحيى وابن المنذر.

قال الخطابي: ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث.

وروي عن أبى عبد الله قال: ان كان لا يعلم فليس عليه وضوء، وان كان قد

علم وسمع فعليه الوضوء واجب ليس هو كمن لم يعلم.

قال الخلالى: وعلى هذا استقر قول أبي عبد الله.

وعنه: ينقض نيئه دون مطبوخه. ذكرها ابن حامد.

وعنه: لا ينقض مطلقاً، اختاره يوسف الجوزي والشيخ تقي الدين. وهذا مذهب الثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي؛ لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" الوضوء مما يخرج لا مما يدخل "

(1)

.

وقال جابر: " كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار "

(2)

. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي.

ولأنه مأكول. فلم ينقض، كسائر المأكولات.

قال في " الشرح ": ولنا ما روى البراء بن ع (9) : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

أخرجه البيهقى في " السنن الكبرى " 4: 261 كتاب الصيام، باب الإفطار بالطعام وبغير الطعام. وأخرجه الدارقطنى في " سننه " (1) 1: 151 كتاب الطهارة، باب في الوضوء من الخارج من البدن. وفي إسناده الفضيل بن المختار وهو ضعيف جدا، وفيه شعبة مولى ابن عباس، وهو ضعيف.

"تلخيص الحبير " ا: 207 - 208.

(2)

أخرجه أبوداودفي " سننه "(192) 1: 49 كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما مست النار. وأخرجه الترمذي في " جامعه " (80) 1: 116 أبواب الطهارة، باب ما جاء في ترك الوضوء مما غيرت النار.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(489) 1: 164 كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك.

ص: 327

سئل: أنتوضأ من لحوم الابل؟ قال: نعم، قيل: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا "

(1)

. رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي.

وروى جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

(2)

. أخرجه مسلم.

قال أحمد: فيه حديثان صحيحان حديث البراء وجابر بن سمرة،

فأما حديث ابن عباس فانما هو من قوله: موقوف عليه، ولو صح لوجب تقديم حديثنا عليه؛ لكونه أصح وأخص، والخاص يقدم على العام، وحديث جابر: لا يعارض حديثنا أيضاً لصحته وخصوصه.

فان فيل: فحديث جابر متأخر فيكون ناسخا.

قلنا: لا يصح أن يكون ناسخا لوجوه أربعة:

أحدها: أن الأمر بالوضوء من لحوم الإابل متاً خر عن نسخ الوضوء مما مست النار أو مقارن له. بدليل أنه قرن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل بالنهي عن الوضوء من لحوم الغنم وهي مما مست النار. فأما أن يكون النسخ حصلى بهذا النهي أو بشيء قبله، فان كان حصلى به كان الأمر بالوضوء من لحوم الإبل مقارنا لنسخ الوضوء مما مست النار فلا يكون ناسخا إذ من شرط النسخ:

تأخر الناسخ. وكذلك بما قبله؛ لأن الشيء لا ينسخ بما قبله.

الثانى: ان النقض بلحوم الإبل يتناول ما مست النار وغيره، ونسخ أحد الجهتين لا يثبت به نسخ الآخر كما لو حرمت المرأة بالرماع، وبكونها ربيبته

(1)

أخرجه أبو داود في سننه (184) 1: 47 كتاب الطهارة، باب الوضوء من لحوم الإبل.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(81) 1: 122، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل. قال الترمذي، قال إسحاق: صح في هذا الباب حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث البراء، وحديب جابر.

وهو قول أحمد وإسحاق.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(494) 1: 166 كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل. عن البراء بن عازب بلفظ: قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل فقال: توضؤوا منها ".

وأخرجه أحمد في " مسنده "(0 1870) 4: 4 30.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(360) 1: 275 كتاب الحيض، باب الوضوء من لحم الإبل.

ص: 328

فنسخ تحريم الرضاع لم يكن ناسخا لتحريم الربيبة.

الثالث: أن خبرهم عام وخبرنا خاص، فالجمع بينهما ممكن بحمل خبرهم على ما سوى صورة التخصيص، ومن شرط النسخ تعذر الجمع بين النصين. الرابع: أن خبرنا أصح من خبرهم وأخص، والناسخ لا بد وأن يكون مساويا للمنسوخ أو راجحا عليه.

فان قيل: قالأمر بالوضوء في خبركم يحتمل الاستحباب ريحتمل انه أراد

بالوضوء غسل اليد؛ لأن إمافته للطعام قرينة تدل على ذلك كما كان عليه السلام يأمر بالوضوء قبل الطعام وبعده وخص ذلك بلحم الإبل؛ لأن فيه من الحرارة والزهومة ما ليس في غيره.

قلنا: أما الأولى فمخالف للظاهر من وجوه:

أحدها: أن مقتضى الأمر الوجوب.

الثانى: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن حكم هذا اللحم فاً جاب بالأمر بالوضوء فلو حمل على غير الوجوب كان تلبيسا لا جواباً.

الثالث: أنه عليه السلام قرنه بالنهي عن الوضوء من لحوم الغنم، والمراد بالنهي ها هنا نفي الايجاب لا التحريم. فتعين حمل الأمر على الايجاب؛ ليحصل الفرق.

وأما الثاني فلا يصح لوجوه أربعة:

أحدها: أنه يلزم منه حمل الأمر على الاستحباب؛ لكون غسل اليد بمفردها

غير واجب وقد بينا فساده.

الثانى: ان الوضوء في لسان الشارع انما ينصرف إلى الموضوع الشرعي إذ الظاهر منه التكلم بموضوعاته.

الثالث: أنه خرج جواباً للسؤال عن حكم الوضوء من لحومها، والصلاة في مباركها فلا يفهم من ذلك سوى الوضوء المراد للصلاة ظاهراً.

الرابع: أنه لو أراد غسل اليد لما فرق بينه وبين لحم الغنم، فان غسل اليد

ص: 329

منها مستحب.

وما ذكروه من زيادة الزهومة ممنوع وان ثبت فهو أمر يسير لا يقتضي التفرقة. وصرف اللفظ عن ظاهره انما يكون بدليل قوي يعدل قوة الظواهر المتروكة وأقوى منها. فأما قياسهم فهو طردي لا معنى فيه. وانتفاء الحكم في سائر المأكولات؛ لانتفاء المقتضي لا لكونه مأكولاً.

ومن العجب: ان مخالفينا في هذه المسألة أوجبوا الوضوء بأحاديث ضعيفة تخالف الأصول. فأبو حنيفة أوجب بالقهقهه في الصلاة دون خارجها بحديث مرسل من مراسيل أبى العالية، ومالك والشافعي أوجباه بمس الذكر بحديث مختلف فيه معارض بمثله دون مس سائر الأعضاء، وتركوا هذا الحديث

الصحيح الذي لا معارض له مع بعده عن التأويل وقوه دلالته؛ لقياس طردي لا معنى فيه. انتهى.

ولا نقض بأكل ما سوى لحم الإبل من اللحوم سواء كانت مباحة أو محرمة كلحوم السباع؛ لكون النقض بلحم الإبل (تعبداً).

قال في " الإنصاف ": ظاهر كلام المصنف أن أكل الاطعمة المحرمة لا تنقض الوضوء وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.

وعنه: ينقض الطعام المحرم.

وعنه: ينقض اللحم المحرم مطلقاً.

وعنه: ينقض لحم الخنزير فقط.

قال أبو بكر: وبقية النجاسات تخرج عليه. حكاه عنه ابن عقيل.

وقال الشيخ تقي الدين: وأما لحم الخبيث المباح للضرورة كلحم السباع فينبنى الخلاف فيه على أن النقض بلحم الإبل تعبدي، ولا يتعدى إلى غيره أو معقول المعنى، فيعطى حكمه بل هو أبلغ منه.

قلت: الصحيح من المذهب أن الوضوء من لحم الإبل تعبدي وعليه الأصحاب.

ص: 330

قال الزركشي: هو المشهور.

وقيل: هو معلل فقد قيل: انها من الشياطين كماجاء في الحديث

الصحيح

(1)

. رواه أحمد وأبو داود.

فإذا أكل منها أورث ذلك قوة شيطانية، فشرع الوضوء منها لتذهب سورة

الشيطان. انتهى.

إذا تقرر هذا (فلا نقض ببقية أجزائها) أي: أجزاء الإبل كأكل سنامها ودهنها

وقلبها وكبدها وطحالها وكرشها ومصرانها؛ لأن النص لم يتناوله.

وقيل: بل.

وقيل: الخلاف في ذلك روايتان.

و (لا) ينقض أيضاً بـ (شرب لبنها أو) شرب

(2)

(مرق لحمها)؛ لأن الاخبار

الصحيحة انما وردت في اللحم، والحكم فيه غير معقول المعنى فيقتصر على

مورد النص فيه.

ولما روى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مضمضوا من اللبن فان فيه

دسما"

(3)

.

فدل على أنه يكتفى بها في كل لبن.

وعنه: ينقض شرب لبنها؛ لما روى أسيد بن حضير "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ألبان الإبل؟ قال: توضؤوا من ألبانها"

(4)

. رواه الإمام أحمد وابن ماجه.

(1)

حديث البراء بن عازب قال: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مبارك الإبل؛ فقال: لا تصلوا فيها، فأنها من الشياطين " أخرجه أبو داود في " سننه "(184) 1: 47 كتاب الطهاره، باب الوضوء من

لحوم الإبل.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(1 1854) 4: 288.

(2)

في أ: وشربه.

(3)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(500) 1: 167 كتاب الطهارة، باب المضمضه من شرب اللبن.

(4)

أخرجه ابن ماجه في "سننه "(496) 1: 166 كتاب الطهاره، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل.

قال البوصيري في " الزوائد ": إسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطأة

وتدليسه. وقد خالفه غيره.=

ص: 331

وروي عن عبد الله بن عمر نحوه

(1)

.

وأجيب عن حديث أسيد بان في طريقه حجاج بن أرطأة. قال الإمام أحمد والدارقطني: لا يحتج به، وعن حديث عبد الله بن عمر: بأن ابن ماجه. رواه من رواية عطاء بن السائب وقد اختلط في آخر عمره.

قال الإمام أحمد: من سمع منه قديما فهو صحيح، ومن سمع منه حديثا لم

يكن بشيء. والله أعلم.

النوع (الثامن) من النواقض: (الردة) عن الإسلام وفاقاً للشافعي في نقض

التيمم بها في أحد قوليه. وبقولنا قال الأوزاعي وأبو ثور.

قال في " الإنصاف ": الصحيح من المذهب: أن الردة عن الإسلام تنقض الوضوء رواية واحدة، واختاره الجمهور وهو من مفردات المذهب.

وقال جماعة من الأصحاب: لا تنقض، وذكر ابن الزاغونى روايتين في النقض بها.

قال في " الفروع ": ولا نص فيها. انتهى.

ووجه المذهب: قوله سبحانه وتعالى (لئن أشركت ليحبطن عملك)

[الزمر: 65] وقوله تعالى: (ومن يكفر بالأيضان فقد حبط عمله)[الماندة: 5].

والطهارة عمل وحكمها باق. فوجب أن يحبط بالردة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: " الطهور شطر الإيمان "

(2)

. والردة تبطل الإيمان. فوجب أن

تبطل ما هو شطره.

قال ابن رجب في " شرح الاربعين ": والصحيح الذي عليه الأكثرون: أن

(1)

= وأخرجه أحمد في " مسنده "(19413) 4: 391.

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(497) 1: 166 كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل. قال البوصيري: في إسناده بقية بن الوليد وهو مدلس، وخالد بن يزيد الفزاري وهو مجهول

الحال.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه " في كتاب الطهارة (223) 1: 203 كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.

ص: 332

المراد بالطهور هاهنا: التطهير بالماء من الأحداث. ولذلك بدأ مسلم بتخريجه في أبواب الوضوء، وكذلك خرجه النسائي وابن ماجه وغيرهما. انتهى.

وقال القاضي: لا معنى لجعلها مع النواقض مع وجوب الطهارة الكبرى يعني إذا عاد إلى الإسلام.

وقال الشيخ تقي الدين: له فائدة تظهر بما إذا عاد إلى الإسلام، فانا نوجب

عليه الوضوء والغسل، فان نواهما بالغسل أجزأه، وان قلنا لم ينتقض وضوءه: لم يجب عليه إلا الغسل.

قال الزركشي: قلت: ومثل هذا لا يخفى على القاضي، وانما أراد القاضي: أن وجوب الغسل ملازم لوجوب الطهارة الصغرى، وممن صرح بأن

موجبات الغسل تنقض الوضوء: السامري. وحكى ابن حمدان وجها: بأن الوضوء لا يجب بالالتقاء بحائل، ولا بالإسلام.

وإذا ينتفي الخلاف بين الأصحاب في المسألة. وإلى ذلك أشرت بقولي:

(وكل ما أوجب غسلا غير موت؛ كإسلام وانتقال مني ونحوهما)؛ كحيض ونفاس (أوجب وضوءا).

وظاهر ما تقدم: أن الوضوء لا ينتقض بغير ما ذكر هنا، وفي باب المسح

على الحائل بما إذا مسح على الخف ثم خرجت رجله إلى ساق الخف ونحو ذلك. وهذا هو المذهب.

قال في " الشرح ": ولا ينقض الوضوء ما عدا الردة من الكذب والغيبة والرفث والقذف ونحوها. نص عليه أحمد.

قال ابن المنذر: أجمع من نحفظ قوله من علماء الأمصار على أن القذف وقول الزور والكذب والغيبة لا يوجب طهارة ولا ينقض وضوءا، وقد روينا عن غير واحد من الاوائل أنهم أمروا بالوضوء من الكلام الخبيث وذلك استحباب عندنا ممن أمر به، ولا نعلم حجة توجب وضوءاً في شيء من الكلام، وقد ثبت

ص: 333

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف باللات فليقل: لا اله إلا الله "

(1)

، ولم يأمر في ذلك بوضوء. رواه البخاري.

والقهقهة لا تنقض الوضوء بحال. روي ذلك عن عروة وعطاء والزهري

ومالك والشافعي وإسحاق وابن المنذر. وذهب الثوري والنخعي والحسن وأصحاب الرأي إلى أنها تبطل الوضوء داخل الصلاة دون خارجها؛ لما روى

أسامة عن أبيه قال: " بينا نحن نصلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل ضرير البصر فتردى في حفرة فضحكنا منه. فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعادة الوضوء كاملا

وإعادة الصلاة من أولها "

(2)

. رواه الدارقطني من طرق كثيرة وضعفها.

وقال: انما روي هذا الحديث عن أبى العالية مرسلا، وقال نحو ذلك

أحمد وعبد الرحمن بن مهدي.

ولنا: أنه معنى لا يبطل الوضوء خارج الصلاة. فلم يبطله داخلها؛ كالكلام. ولأنه لا نص فيه ولا في شيء يقاس عليه.

قال ابن سيرين: لا تأخذوا بمراسيل الحسن وأبي العالية فانهما لا يباليان

عمن أخذا. والله أعلم.

والقهقهة: أن يضحك حتى يتحصلى من ضحكه حرفان. ذكره ابن عقيل.

(ولا نقض) أيضاً (بإزالة شعر ونحوه)؛ كظفر.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب، وعليه الأصحاب، ونص عليه.

وقيل: ينقض.

قال في " الرعاية ": وهو بعيد غريب.

قال ابن تميم: لا يبطل بذلك في الأصح.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(5756) 5: 2264 كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا.

(2)

أخرجه الدارقطني في " سننه "(1) 1: 161 كتاب الطهارة، باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها.

ص: 334

فصل [حكم الشك في الحدث]

يذكر فيه مسائل في حكم الشك في الحدث، وما يحرم بالحدث، ومسائل

من أحكام المصحف.

فمن ذلك: (من شك في) وجود (طهارة) بعد يقين حدث، (أو) شك في وجود (حدث) بعد يقين طهارة (ولو) كان شكه في وجود الحدث (في غير صلاة: بنى على يقينه) أي: ما يتيقنه منهما.

أما الشك فهو خلاف اليقين. قاله في " القاموس ".

وأما اليقين فقال الشيخ موفق الدين في مقدمة" الروضة في الأصول ": هو

ما إذا عنت النفس للتصديق به، وقطعت به، وقطعت بأن قطعها صحيح.

وفي " الكشاف ": هو إتيان العلم بانتفاء الشك والشبهة عنه.

وقال الفخر الرازي: هو العلم بالشيء بعد ان كان صاحبه شاكا فيه. ثم قال: ولهذا لا يوصف الله به.

فيكون اليقين على هذا: هو العلم بعد الشك وهو معنى كلام الزمخشري،

لكن كلام الرازي يقتضي دخول الظن في حد اليقين بانتفاء الشك، وكلام الزمخشري يمنع دخول الظن في حد اليقين؛ لأن الظن وان انتفى عنه الشك فما انتفت عنه الشبهة، فلما قال بانتفاء الشك خرج متساوى الطرفين وبقي الظن الذي يترجح فيه أحدهما فنفاه بقوله، والشبهة وهي الاحتمال الباقي مع الظن فيصير علما لكنه بعد جهل.

وقال البيضاوي: واليقين إتيان العلم بنفي الشك والشبهة عنه بالاستدلال، ولذلك لم يوصف به علم الباري ولا العلوم الضرورية. انتهى.

ص: 335

وقال ابن نصر الله: في تسمية ما هنا يقينا بعد ورود الشك عليه: نظر. نعم

كان يقينا ثم صار الأن شكا، فاعتبرت صفته السابقة وقدمت على صفته اللاحقة للأحاديث الصحيحة في ذلك استصحابا للأصلى السابق لما قارنه من اليقين وتقديما له على الوصف اللاحق؛ لنزوله عن درجته. انتهى.

والأصل في ذلك ما روى عبد الله بن زيد قال: " شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل اليه أنه يجد الشيء في الصلاة. فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا "

(1)

. متفق عليه.

ولمسلم معناه مرفوعا من حديث أبي هريرة

(2)

، ولم يذكر فيه:" وهو في الصلاة ". ولأنه إذا شك تعارض عنده الأمران. فيجب سقوطهما؛ كالبينتين إذا تعارضتا.

ويرجع إلى اليقين سواء غلب على ظنه أحدهما أو لا؛ لأن غلبة الظن إذا لم

يكن لهاضابط في الشرع لم يلتفت اليها كظن صدق أحد المتداعيين. بخلاف القبلة والوقت، وهذا اصطلاح الفقهاء، وعند الاصوليين: ان تساوى الاحتمالان فهو شك، والراجح ظن، والمرجوح وهم.

(وان تيقنهما) أي: تيقن كونه مرة محدثا، وكونه مرة متطهرا أحدهما قبيل الشروق والآخر بعيده (وجهل أسبقهما) أي: أسبق زمن التيقنين. فتارة يجهل حاله قبلهما وتارة يعلمها، (فان جهل حاله قبلهما تطهر) وجوباً لفعل ما يتوقف إباحته على الطهارة؛ لوجود يقين الحدث في إحدى المرتين، والأصل بقأوه؛ لأن وجود يقين الطهارة في المرة الأخرى مشكوك فيه هل كان قبل يقين الحدث أو

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(137) 1: 64 كتاب الوضوء، باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(361) 1: 276 كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة

ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك.

(2)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(362) 1: 276 الموضع السابق.

ص: 336

بعده؟ فلا يرتفع يقين الحدث بالشك في رفعه. ولأنه لا بد من طهارة متيقنة أو مظنونة أو مستصحبة وليس هنا شيء من

ذلك. فوجب الوضوء.

(والا) أي وان لم يجهل حاله قبلهما بل كان عالما بها (فهو على ضدها) فان

كان متطهرا فهو محدث، وان كان محدثا فهو متطهر، لأنه قد تيقن زوال تلك الحالة، والأصل بقاء ذلك، لأن ما يغيره مشكوك فيه فلا يلتفت اليه. وقيل: يتطهر مطلقاً، كما لو جهل حاله قبلهما.

قال الأزجي في " النهاية ": لو قيل يتطهر لكان له وجه؛ لأن يقين الطهارة

قد عارضه يقين الحدث، وإذا تعارضا تساقطا وبقي عليه الوضوء احتياطا للصلاة، فانه يكون مؤديا فرضه بيقين.

(وان علمها) أي: علم حاله قبلهما (وتيقن فعلهما) أى فعل الطهارة حال كون الفعل (رفعا لحدث، و) حال كون فعل الحدث (نقما لطهارة) يعني وجهل اسبقهما، (أو عين) لفعلهما (وقتا لا يسعهما) يفعلان فيه (فهو على مثلها) أي:

مثل حاله قبلهما في الصورتين: أما الأولى، فلأنه مع تيقن طهارته قبلهما قد تيقن أنه نقض تلك الطهارة ثم توضأ إذ لا يمكن ان يتوضأ مع بقاء تلك الطهارة، لتيقن كون طهارته عن حدث، ونقض هذه الطهارة مشكوك فيه فلا يزول به اليقين.

ولأنه مع تيقن حدثه قبلهما قد تيقن أنه عنه إلى الطهارة ثم أحدث

عنها، ولم يتيقن بعد الحدث الثانى طهارة.

وأما الصورة الثانية وهو ما إذا عين وقتا لا يسعهما، فلأن هذا اليقين

لما تعارض سقط، وكان على حاله قبل ذلك من حدث أو طهارة.

(فان جهل حالهما) أي: حال الحدث والطهارة بأن لم يدر هل كان الحدث على طهارة أو لا؟ ولم يدر هل كانت الطهارة عن حدث أو لا؟، (و) جهل أيضاً (أسبقهما) أي: أسبق اليقينين، (أو تيقن حدثا وفعل طهارة فقط: فبضدها.

ص: 337

وان تيقن أن الطهارة عن حدث ولم يدر الحدث) هل كان (عن طهارة أو لا؟) يعني: وجهل أسبقهما: (فمتطهر مطلقاً) أي: سواء كان قبل ذلك محدثا أو متطهرا؛ لتيقنه رفع الحدث بالطهارة وشكه في وجوده بعدها.

(وعكس هذه) المسألة في التصوير وهي ما إذا تيقن أن الحدث نقض به طهارة ولم يدر هل رفع بالطهارة حدثا أولا؛ (بعكسها) في الحكم وهو أنه. لا يكون محدثا مطلقاً أي: سواء كان قبل ذلك متطهرا أو محدثا " لتيقنه نقض الطهارة بالحدث وشكه في وجود الطهارة بعده.

(ولا وضوء على) واحد من اثنين: (سامعي صوت أو شامي ريح من أحدهما لابعينه).

قال في " المبدع ": على الأصح. انتهى.

والمراد: وكل واحد منهما لا يتحقق وجوده منه فهو متيقن للطهارة شاك في الحدث فلا يحكم ببطلان طهارته بالشك في حدثه.

(و) كذا (لا) ضوء لازم (ان مس واحد ذكرخنثى وآخر فرجه)؛ لأنه لا يعلم

أيهما مس الأصل من الفرجين.

(وان أم أحدهما الآخر أو صافه وحده أعادا) صلاتهما. نص على ذلك الإمام في مسألة الإتمام؛ لاعتقاد كل منهما أن أحدهما محدث.

وقيل عنه: ينوي كل منهما الأنفراد ويتم صلاته وحده.

وأما في مساً لة المصافة إذا لم يكن معهما في الصف غيرهما؛ فلأن كلا منهما يدفع المحدث المبهم منهما.

(وان أرادا ذلك) أي: أرادا ان يصليا جماعة، أو ان يكونا صفا وحدهما (توضأ) ثم فعلا ذلك؛ ليزول الاعتقاد الذي أبطلنا صلاتهما من أجله. ولا يكفي في ذلك وضوء أحدهما؛ لاحتمال أن يكون الذي أحدث منهما هو الذي لم يتوضأ. والله سبحانه وتعالى أعلم.

(ويحرم بحدث صلاة) إجماعا؛ لما روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

ص: 338

" لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول "

(1)

. رواه الجماعة إلا البخاري.

وهو يعم الفرض والنفل، والسجود المجرد؛ كسجود التلاوة والشكر، والقيام المجرد؛ كصلاة الجنازة، وسواء كان عالما أو جاهلا، ولا يكفر من صلى محدثا خلافاً لأبي حنيفة.

(و) يحرم به أيضاً (طواف) لقوله صلى الله عليه وسلم: " الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله تعالى أباج فيه الكلام "

(2)

. رواه الشافعي في " مسنده ".

وعن طاووس عن رجل قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " انما الطواف بالبيت صلاة فإذا طفتم فأقلوا الكلام "

(3)

. رواه أحمد والنسائي.

قال في " الإنصاف ": وأما الطواف فتشترط له الطهارة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب فيحرم فعله بلا طهارة ولا يجزئه. وعنه: يجزئه ويجبره بدم. وعنه: وكذا الحائض. وهو ظاهر كلام القاضي، واختاره الشيخ تقي الدين. قال: لادم عليها؛ لعذر، وقال: هل هي واجبة أو سنة لها؟ فيه

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(224) 1: 204 كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة. وأخرجه أبو داود في " سننه " (59) 1: 16 كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء. عن أبي المليح عن أبيه.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(1) 1: 5 أبواب الطهارة، باب ما جاء لا تقبل صلاة بغير طهور. وأخرجه النسائي في " سننه " (139) 1: 87 كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء. وأخرجه ابن ماجه في " سننه " (272) 1: 100 كتاب الطهارة، باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(5123) 2: 51. قال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن.

(2)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(960) 3: 293 كتاب الحج، باب ما جاء في الكلام في الطواف. وأخرجه الحاكم في " مستدركه " 2: 267 كلاهما عن ابن عباس. وأخرجه الشاقعي في " مسنده " عن ابن عمر ا: 348 كتاب الحج، باب: فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة. ولفظه: " أقلوا الكلام في الطواف، فانما أنتم في الصلاة ".

وقد أطال الكلام عليه الحافظ ابن حجر في " تلخيصه " 1: 225 - 227.

(3)

أخرجه النسائي في " سننه "(2922) 5: 222 كتاب مناسك الحج، إباحة الكلام في الطواف. وأخرجه أحمد في " مسنده " (16642) 4:64.

ص: 339

قولان في مذهب أحمد وغيره، ونقل أبو طالب: التطوع أيسر. انتهى.

(و) يحرم بالحدث أيضاً: (مس مصحف وبعضه)؛ لقوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون)[الواقعة: 79] أي: لا يمس القرآن. وهو خبر بمعنى النهي.

وقيل: ان المراد اللوح المحفوظ والملائكة؛ لأن المطهر من طهره غيره،

ولو أريد بنو آدم لقيل: المتطهرون.

وأجيب بأنه ان كان المراد هم فبنو آدم بالقياس عليهم بدليل ماروى

عبد الله بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده: " ان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا وكان فيه: لا يمس القرآن إلا طاهر "

(1)

. رواه الأثرم والنسائي والدارقطني متصلا.

قال الأثرم: واحتج به أحمد، ورواه مالك مرسلا.

والحكم شامل لما يسمى مصحفا من الكتاب والجلد والحواشي والورق الأبيض. فلهذا قلت: (حتى جلده وحواشيه) بدليل البيع.

وقيل: انما يحرم مس كتابته، واختاره في " الفنون "، قال: لشمول اسم

المصحف له فقط؛ لجواز جلوسه على بساط على حواشيه كتابة.

قال في " الفروع ": كذا قال.

وعمومه يشمل المس (بيد وغيرها).

قال في " الإنصاف ": ولو كان المس بصدره. وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم. انتهى.

وأباح الحكم وحماد مسه بظاهر الكف؛ لأن الة المس باطن اليد فينصرف

اليه النهي.

ورد بأن ذلك ممنوع بل كل شيء لاقى شيئاً فقد مسه.

وانما يحرم المس إذا كان (بلا حائل)؛ لأن النهي انما تناول مسه، ومع

(1)

أخرجه الدارقطني في " سننه "(122) 2: 285 كتاب الحج، باب المواقيت.

ص: 340

وجود الحائل انما يكون المس للحائل.

وإلا) يحرم على محدث: (حمله بعلاقة وفي كيس وكم) من غير مس

كما لوحمله في رحله.

ولأن النهي انما تناول المس، والحمل ليس بمس.

(و) لا يحرم على المحدث أيضاً: (تصفحه) أى تصفح المصحف (به) أي بكمه (وبعود).

قال في " الإنصاف ": لا يحرم حمله بعلاقة، ولا في غلافه، أو كمه، أو تصفحه بكمه، أو بعود أو مسه من وراء حائل على الصحيح من المذهب، وعليه الجمهور وقدمه في " الفروع " و" الشرح " وابن عبيدان وغيرهم. وصححه المصنف وغيره.

قال الزركشي: هو المشهور، وقطع به أبو الخطاب وابن عبدوس وصاحب

" التلخيص " واختاره القاضي وأبو محمد.

قال القاضي: وعنه: يحرم. وقيل: يحرم إلا وراق لحاجة. وعنه: المنع من تصفحه بكمه، وخرجه القاضي والمجد وغيرهما إلى بقية الحوائل، وأبى ذلك طائفة من الأصحاب منهم المصنف في " المغني "، وفرق بأن كمه وثيابه متصلة به أشبهت أعضاءه، وأطلق الروايتين في حمله بعلاقة، أو في غلافه، وتصفحه بكمه، أو عود ونحوه في " المستوعب " و" المحرر "

وابن تميم و" الرعايتين " و"الحاويين" و" مجمع البحرين " و" الفائق ". انتهى.

(و) لا يحرم على محدث أيضا (مس تفسير) ونحوه؛ ككتب الفقه، والرسائل التي فيها آيات من القرآن.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب، وحكى القاضي رواية بالمنع وأطلقهما في " الرعاية ".

وقيل: فيها.

ص: 341

وقيل: الروايتان أيضاً في حمل كتب التفسير.

وقيل: وفي مس القرآن المكتوب فيه.

وذكر القاضي في " الخلاف " من ذلك: ما نقله أبو طالب في الرجل يكتب

الحديث أو الكتاب للحاج

(1)

فيكتب فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم)[النمل: 30]

فقال بعضهم: يكره، وكانه كرهه.

وقال: الصحيح المنع من حمل ذلك ومسه. انتهى.

(و) لا يحرم عليه أيضاً: مس (منسوخ تلاوته).

قال في " الإنصاف ": يجوز مس المنسوخ تلاوته، والمأثور عن الله

تعالى، والتوراة والانجيل على الصحيح من المذهب. وقيل: لا يجوز ذلك. قلت: والمنع من قراءة التوراة والانجيل أقوى وأولى. انتهى.

ولا يحرم حمل رقى وتعاويذ فيها قرآن.

قال في " الفروع ": وفاقاً، وهل يجوز مس ثوب رقم بالقرآن، أو فضة

نقشت به؟.

قال في " الإنصاف ": فيه وجهان أو روايتان. ثم قال بعد اسطر: قال

الزركشي: ظاهر كلامه الجواز. قال في " النظم " عن الدرهم المنقوش: هذا

المنصوص. انتهى.

(و) لا يحرم على ولي (صغير) تمكينه ان يمس (لوحا فيه قرآن).

قال في " الفروع ": ويجوز في رواية مس صبي لوحا كتب فيه. وعنه:

ومسه المكتوب، وذكر القاضي في موضع رواية: ومسه المصحف. انتهى.

وظاهر هذا الصنيع أن الراجح عنده: انه يجوز مس المحل الخالي من

الكتابة دون المكتوب. هذا هو المذهب.

قال في " الإنصاف ": وهو تارة يمس المصحف فلا يجوز على المذهب،

(1)

في " الانصاف " 1: 225: للحاجة.

ص: 342

وعليه الأصحاب، وذكر القاضي في موضع رواية بالجواز وهو وجه في

" الرعاية " وغيرها، وتارة يمس المكتوب من اللوح فلا يجوز أيضاً على الصحيح من المذهب. انتهى.

(ويحرم مس مصحف بعضو متنجس).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. وقيل: لا يحرم.

قلت: هذا خطأ قطعا. ثم قال: لا يحرم مسه بعضو طاهر إذا كان على غيره نجاسة على الصحيح من المذهب. وقيل: يحرم. انتهى.

قال في " الفروع ": وكذا مس ذكر الله بنجس.

(و) يحرم (سفر به) أي بالمصحف (لدار حرب).

قال في " الفروع ": وفاقاً لمالك والشافعي. نقل إبراهيم بن الحارث:

لا يجوز للرجل ان يغزو ومعه مصحف. وقيل: إلا مع غلبة السلامة. وفي

" المستوعب ": يكره بدونها وفاقاً لأبي حنيفة. انتهى.

(و) يحرم (توسده) أي: توسد المصحف (وكتب علم فيها قرآن).

قال في " الإنصاف ": كره أحمد رحمه الله تعالى توسده، وفي تحريمه

وجهان، وأطلقهما في " الفروع "، واختار في " الرعاية " التحريم، وقطع به المصنف في " المغني " والشارح. قاله في " الآداب "، وقدم هو عدم التحريم، وهو الذي ذكره ابن تميم وجها وكذا كتب العلم التي فيها قرآن وإلا كره.

قال أحمد في كتب الحديث: ان خاف سرقة فلا بأس. انتهى.

(و) يحرم (كتبه) أي: ان يكتب القرآن (بحيث يهان).

قال في " الفروع ": ببول حيوان أو جلوس ونحوه. ذكره شيخنا إجماعاً

فتجب إزالته.

قال أحمد: لا ينبغي تعليق شيء فيه قرآن يستهان به.

قال جماعة: وتكره كتابته. زاد بعضهم: فيما هو مظنة بذله، وأنه لا يكره

ص: 343

كتابة غيره من الذكر فيما لم يدنس، وإلا كره كرها شديدا، ويحرم دوسه والمراد غير حائط المسجد.

في " الفصول " وغيره: يكره ان يكتب على حيطان المسجد ذكرا وغيره؛ لأن ذلك قال يلهي المصلى.

وكره أحمد شراء ثوب فيه ذكر الله يجلس عليه ويداس.

وما تنجس أوكتب بنجس غسل.

قال في " الفنون ": يلزم غسله. وقال: فقد جاز غسله وتحريقه لنوع صناعة. وقال: ان قصد بكتبه بنجس إهانة قالواجب قتله.

وفي البخاري: ان الصحابة حرقته- بالحاء المهمله- لما جميعوه.

وقال ابن الجوزي: ذلك لتعظيمه وصيانته. ذكر القاضي: ان أبا بكر بن

أبي داود روى بإسناده عن طلحة بن مصرف قال: دفن عثمان المصاحف بين القبر والمنبر.

وبإسناده عن طاووس: انه لم يكن يرى بأسا ان تحرق الكتب، وقال: ان الماء والنارخلق من خلق الله.

وذكر أحمد: ان أبا الجوزاء بلي مصحف له فحفر له في مسجده فدفنه. وقيل: يدفن كما لو بلي المصحف أو اندرس. نص عليه. انتهى.

(وكره مد رجل اليه واستدباره) أي ان يمد رجله إلى جهة المصحف أو يستدبره.

قال في " الفروع ": ولم يذكر أصحابنا مد الرجلين إلى جهة ذلك. يشير إلى المصحف وإلى كتب العلم التي فيها قرآن.

قال: وتركه أولى أو يكره، وكرهه الحنفية، وكذا في معناه استدباره،

وقد كره أحمد إسناد الظهر إلى القبلة فها هنا أولى، لكن اقتصر أكثر أصحابنا على استحباب استقبالها فتركه أولى ولعلى هذا أولى.

وفي " الصحيحين " في حديث الاسراًء: " فإذا انا بإبراهيم مسندا ظهره إلى

ص: 344

البيت المعمور "

(1)

.

ولأحمد بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير "أنه قال وهو مستند إلى الكعبة: ورب هذه الكعبة لِلَّهِ لقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلانا وما ولد من صلبه "

(2)

. ولأحمد عن كعب ين عجرة قال: " بينما نحن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسندي ظهورنا إلى قبلته إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم. . وذكر الحديث "

(3)

. انتهى. (و) كره (تخطيه) أي: أن يتخطى المصحف بأن يركبه ويتجاوزه بخطوته.

قال في " الفروع " بعد أن ذكر توسده واستدباره: وفي معنى ذلك التخطي ورميه بالأرض بلا وضع ولا حاجة تدعو إلى ذلك، بل هو بمسألة التوسد أشبه، وقد رمى رجل بكتاب عند أحمد فغضب وقال: هكذا يفعل بكلام الابرار؟.

(و) تكره (تحليته) أي: تحلية المصحف (بذهب أو فضة).

قال في " الفروع ": وفاقاً لمالك والشافعي نص عليه. وعنه: لا وفاقاً لأبي حنيفة. ثم قال: وقيل: لا تكره تحليته للنساء. وقيل: يحرم، جزم به الشيخ وغيره، ككتب العلم في الأصح. ثم قال: وقال ابن الزاغونى: يحرم كتبه بذهب؛ لأنه من زخرفة المصاحف، ويؤمر بحكه، فان كان يجتمع منه ما يتمول زكاه. وقال أبو الخطاب: يزكيه ان كان نصابا، وله حكه وأخذه.

(ويباح تطييبه) ولا يكره. نص عليه. واستحب الامدي تطييبه؛ " لأنه عليه الصلاة والسلام طيب الكعبة ". وهي دونه.

قال في " الفروع "" وهو ظاهر كلام القاضي " لأمره عليه الصلاة والسلام بتطييب المساجد ". فالمصحف أولى. انتهى.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(3674) 3: 0 141 كتاب فضائل الصحابة، باب المعراج. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (162) 1: 145 كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات وفرض الصلوات.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(16172) 4: 5.

(3)

أخرجه أحمد في " مسنده "(18157) 4: 244.

ص: 345

(و) يباح (تقبيله).

قال في " الفروع ": ويجوز تقبيله. وعنه: يستحب؛ لفعل عكرمة بن أبي

جهل. رواه أحمد.

ونقل جماعة الوقف فيه، وفي جعله على عينيه؛ لعدم التوقيف وان كان فيه رفعة وإكرام؛ لأن ما طريقه القرب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يستحب فعله وان كان فيه تعظيم إلا بتوقيف، ولهذا قال عمر عن الحجر:" لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك "

(1)

.

ولما " قبل معاوية الاركان كلها أنكر عليه ابن عباس فقال: ليس شيء من البيت مهجورا فقال: انما هي السنة "

(2)

. فاً نكر عليه الزيادة على فعل النبي صلى الله عليه وسلم وان كان فيه تعظيم. ذكر ذلك القاضي، ولهذا ذكره الامدي رواية تكره. وظاهر ذلك: انه لا يقام له؛ لعدم التوقيف. وقد ذكر الحافظ ابن

أبي الاخضر من أصحابنا فيمن روى عن أحمد في ترجمة أبي زرعة الرازي: سمعت أحمد بن حنبل- وذكره عنده إبراهيم بن طهمان وكان متكئا- فاستوى جالسا وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون فنتكئ.

وذكر ابن عقيل في " الفنون ": انه كان مستندا فأزال ظهره وقال: لا ينبغي ان يجري ذكر الصالحين ونحن مستندون.

قال ابن عقيل: فأخذت من هذا حسن الأدب فيما يفعله الناس عند ذكر إمام

العصر من النهوض؛ لسماع توقيعاته. ومعلوم أن مسألتنا أولى.

وقال شيخنا: إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض فهو أحق. انتهى.

(و) يباح (كتابة آيتين فأقل إلى الكفار) نصا.

قال في " الفروع ": نقل الأثرم: يجوز ان يكتب إلى أهل الذمة كتابا فيه

ذكر الله. قد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين.

(1)

أخرجه أحمد في " مسنده "(0 38) 1: 4 5.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(16904) 4: 95.

ص: 346

وفي " النهاية ": لحاجة التبليغ. وهو ظاهر الخلاف.

وقال ابن عقيل: لا بأس بتضمينه لمقاصد تماهي مقصوده تحسينا للكلام، كآيات في الرسائل للكفار مقتضية الدعاية، ولا يجوز في نحو كتب المبتدعة، بل هي من الشعر لصحة القصد وسلامة الوضع. انتهى.

ويمنع الكافر من مس المصحف مطلقاً " لعدم صحة الطهارة منه.

قال في " الإنصاف ": لكن له نسخه على الصحيح من المذهب.

وقال ابن عقيل: بدون حمل ومس. قاله القاضي في " التعليق " وغيره.

قال ابن عقيل في " التذكرة ": يجوز استئجار الكافر على كتابة المصحف

إذا لم يحمله.

قال أبو بكر: لا يختلف قول أحمد: ان المصاحف يجوز ان يكتبها

النصارى.

قال القاضي في "الجامع ": يحتمل قول أبى بكر يكتبه بين يديه

ولا يحمله، وهو قياس المذهب، لأن مس القلم للحرف كمس العود للحرف. وقيل لأحمد: يعجبك ان تكتب النصارى المصاحف؛ قال: لا يعجبني.

قال الزركشي: فأخذ من ذلك رواية بالمنع.

قال القاضي في " خلافه ": يمكن حملها على انهم حملوا المصاحف في

حإلى كتابتها.

وقال في " الجامع ": ظاهره كراهته لذلك، وكرهه للخلاف.

وقال في " النهاية ": يمنع منه. انتهى.

ص: 347

[باب: موجبات الغسل]

هذا (باب) يذكر فيه موجبات الغسل، وما يمنع منه من لزمه، وما يستحب

له الغسل، وصفته، ومسائل من أحكام المسجد والحمام.

(الغسل) بضم الغين الذي هو الاسم هو في الشرع: (استعمال ماء طهور في جميع بدنه) أي المغتسل (على وجه) مستفاد من الشرع (مخصوص) بتخصيص.

والأصل في مشروعيته قوله تعالى: (وان كنتم جنبا فاً طهروا)

[المائدة: 6]. سمي به، لأنه نهي ان يقرب مواضع الصلاة. وقيل: لمجانبة الناس حتى يتطهر. وقيل: لأن الماء جانب محله.

(وموجبه) يعني ان الحدث الموجب للغسل باعتبار انواعه (سبعة):

الأولى: (انتقال مني) يعني ان الغسل يجب بمجرد إحساس الرجل بانتقال المني عن صلبه والمرأة بانتقاله عن ترائبها، لأن الجنابة تباعد الماء عن محله وقد وجد فتكون الجنابة موجودة فيجب بها الغسل.

ولأن الغسل يراعى فيه الشهوة وقد حصلت بانتقاله. أشبه ما لو ظهر، وهذا

هو المشهور عن أحمد، وأنكر ان يكون الماء يرجع.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب وعليه جماهيرالأصحاب ونص عليه

في رواية أحمد بن أبي عبده وحرب. انتهى.

والقول بوجوب الغسل بانتقال المني من المفردات.

وعن أحمد رواية أخرى: انه لا يجب الغسل حتى يخرج المني ولو لغير شهوة.

قال في " الرعاية ": فعليها يعيد ما صلى لما انتقل.

ص: 348

قال في " الإنصاف ": وما رأيته

(1)

لغيره. انتهى.

وعلى المذهب: لو اغتسل للمني المنتقل قبل خروجه ثم خرج بعد الغسل

لم تجب إعادة الغسل له. وإلى هذا أشير بقوله:

(فلا يعاد غسل له بخروجه بعده)؛ لأن وجوب الغسل تعلق بانتقاله وقد اغتسل له. فلم يجب عليه غسل ثان؛ كبقية المني إذا خرجت بعد الغسل على المشهور الذي عليه الجمهور.

قال الخلال: تواترت الروايات عن أبي عبد الله: أن ليس عليه إلا الوضوء

بال أو لم يبل. على هذا استقر قوله. انتهى.

لأنه جنابة واحدة. فلم يجب به غسلان؛ كما لو خرج دفعة واحدة.

وفيه رواية ثانية: أنه يجب عليه الغسل ثانيا بخروج بقية المني بكل حال.

وهو مذهب الشافعي.

وفيه رواية ثالثة: انه ان خرج قبل البول اغتسل له وان خرج بعده لم يغتسل. وهو مذهب أبي حنيفة.

(و) على المذهب أيضاً وهو وجوب الغسل بالانتقال (يثبت به حكم بلوغ وفطر وغيرهما)؛ كفساد نسك ووجوب كفارة ونحو ذلك.

قال في " الإنصاف ": قاله القاضي في " تعليقه " التزاما، وعلقه

الزركشي.

قلت: وهو أولى. انتهى.

وفيه وجه آخر: انه لا يثبت به شيء من ذلك. وهو ظاهر اختياره في

" الرعاية الكبرى " وبعد الأولى.

(وكذا) أي: وكانتقال المني في الحكم (انتقال حيض) فيثبت بانتقاله

ما يثبت بخروجه. فإذا أحست بانتقال حيضها قبل الغروت بلحظة وهي صائمة

(1)

في ج: وأما روايته.

ص: 349

ثبت لها حكم الفطر ولو لم يخرج الدم إلا بعد الغروت.

قال في " الإنصاف " بعد قوله فوائد: ومنها: قياس انتقال المني وانتقال الحيض. قاله الشيخ تقي الدين. انتهى.

الموجب (الثاني) من موجبات الغسل: (خروجه) أي خروج المني (من مخرجه) المعتاد (ولو دما) أي ولو كان المني الخارج من مخرجه أحمر كالدم. فلو ضرب على صلبه أو نحوه فخرج المني من غير مخرجه لم يجب غسل بذلك. (وتعتبر) لوجوب الغسل بخروجه (لذة) أي وجودها عند خروجه. وعنه:

لا تعتبر (في) حق (غير نائم ونحوه)؛ كمغمى عليه، ويلزم من وجود اللذة: ان يكون دفقا فلهذا استغنينا عن ذكر الدفق باللذة، فلو خرج من يقظان لغير ذلك لم يوجب غسلا.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب. وقطع به كثير منهم. وعنه: يوجب الغسل. انتهى.

ولما كان المني يخلق منه الحيوان؛ لخروجه من جميع البدن، وكان يضعف بكثرته جبر بالغسل.

ولو خرج ما يشبه المني لمرض أو إبردة من غير شهوة لم يجب به غسل.

قال في " الشرح ": وهذا قول أبي حنيفة ومالك.

وقال الشافعي: يجب.

(ولو جامع وأكسل فاغتسل ثم انزل بلا لذة لم يعد) الغسل لذلك.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. ثم قال: وجزم جماعة بوجوب الغسل هنا منهم ابن تميم فقال: وان جامع وأكسل فاغتسل ثم أنزل: فعليه الغسل نص عليه، وفيه وجه: لا غسل إلا ان ينزل لشهوة.

وقال- في " الرعاية ": والنص يغتسل ثانيا. انتهى.

(وان أفاق نائم ونحوه) كمغمى عليه وهو بالغ أو من يحتمل بلوغه (فوجد) ببدنه أو ثوبه (بللا فان تحقق انه مني) ولو لم يذكر احتلاما (اغتسل) وجوبا.

ص: 350

قال في " الشرح ": وان انتبه فرأى منيا ولم يذكر احتلاما فعليه الغسل، قال شيخنا: لا نعلم فيه خلافا.

(فقط) يعني: انه لا يجب مع الغسل ان يغسل ما أصابه المني كما يغسل

ما أصابته النجاسة.

(والا) أي وان لم يتحقق انه مني فان سبق نومه ملاعبة أو نظر أو فكر أو نحوه أوكان به أبردة لم يجب الغسل.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب.

قال في " الشرح ": فان انتبه من النوم فوجد بللا لا يعلم هل هو مني أو

غيره، فقال أحمد: إذا وجد بلة اغتسل إلا ان يكون به أبردة أو لاعب أهله فانه ربما خرج منه المذي فأرجو إلا يكون به بأس، وكذلك ان كان انتشر من أولى الليل بتذكر أو رؤية وهو قول الحسن؛ لأن الظاهر انه مذي لوجود سببه فلا يجب الغسل بالاحتمال.

وان لم يتحقق انه مني (ولا سبب) من الاسباب المتقدمة ونحوها موجود اغتسل وجوباً و (طهر ما أصابه) البلل (أيضا) احتياطا.

وما ذكرناه مشروط بما إذا كان الثوب لا ينام فيه غيره ممن يحتلم، فأما إذا

كان ينام فيه هو وغيره ممن يحتلم فلا غسل على واحد منهما مفردا شاك فيما يوجب الغسل. والأصل عدم وجوبه وليس لأحدهما الائتمام بالآخر " لأن أحدهما جنب يقينا.

(ومحل ذلك) أي: ما ذكر من قوله: وان أفاق نائم. . . إلى آخره (في)

حق (غير النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يحتلم)؛ لكونه لا ينام قلبه.

الموجب (الثالث) من موجبات الغسل: التقاء الختانين. والمراد من التقائهما تقابلهما وتحاذيهما بتغييب الحشفة في الفرج، لا إذا تماسا من غير إيلاج. ولما كان المراد ذلك عدلت اليه بقولي:(تغييب حشفته) أي: حشفة الذكر. وهي: ما تحت الجلدة المقطوعة من الذكر في الختان ولو لم يجد بذلك

ص: 351

حرارة خلافاً لأبي حنيفة، (الأصلة) فلا غسل بتغييب حشفة الخنثى المشكل؛ لاحتمال ان يكون خلقة زائدة، (أو) تغييب (قدرها) من مقطوعها (بلا حائل)؛ لأنتفاء التقاء الختانين مع الحائل؛ لأن الحائل هو الملاقي لختان كل من المغيب والمغيب فيه. وقيل: ولو مع حائل (في فرج أصلى) متعلق بتغييب فلا غسل بتغييب حشفة أصلية في قبل خنثى مشكل؛ لاحتمال ان يكون فرجه خلقة زائدة، (ولو) كان الفرج الأصل (دبرا) في المنصو ص؛ لوجود الفرج الأصل، وكذا لو كان الفرج الأصل (لميت) أو طفل؛ لأنه إيلاج في فرج أصلى. فوجب به الغسل؛ كفرج الحي. وخالف في ذلك أبو حنيفة. وكذا ما أشير اليه بقوله:

(أو) كان الفرج المولج فيه فرج (بهيمة) حتى سمكة. قاله القاضي في " تعليقه " وتبعه في " الفروع "؛ لأنه إيلاج في فرج. أشبه الادمية، وخالف أبو حنيفة.

ولايشترط لوجوب الغسل بتغييب الحشفة في الفرج بلوغ ولايقظة

ولا عقل. لكن يشترط كونه: (ممن يجامع مثله)، أو يجامع مثلها (ولو نائما أو مجنونا أو لم يبلغ)، كالحدث الأصغر ينقض الوضوء في حق الكبير والصغير. والمراد بمن يجامع مثله: ابن عشر فأكثر، وبمن يجامع مثلها: بنت تسع فأكثر.

وليس معنى وجوب الغسل في حق الصغير التأثيم بتركه بل معناه: ان الغسل شرط لصحة الصلاة والطواف وإباحة قراءة القرآن وإلى ذلك أشير بقوله:

(فيلزم) أي الغسل لمن لم يبلغ ممن يجامع مثله (إذا أراد ما يتوقف على غسل أو وضوء لغير لبث بمسجد، أو مات ولو شهيدا)؛ لاشتراط الطهارة لذلك في حق الصغير كالكبير.

(واستدخالُ ذَكر أحدِ من ذُكر)، كالمرأة تستدخل في قبلها أو دبرها ذكر ميت أو ذكر بهيمة (كإتيانه) أي: كإتيان الرجل الميتة أو البهيمة. وكذا استدخإلى الكبيرة في فرجها ذكر الطفل فانه كإتيان الكبير الطفلة، وقد تقدم ان ذلك كله موجب للغسل.

ص: 352

الموجب (الرابع) من موجبات الغسل: (إسلام كافر)؛ لما روى قيس بن عاصم: "انه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم ان يغتسل بماء وسدر "

(1)

. رواه أحمد وأبو داود والنسائى والترمذي وحسنه.

حتى (ولو) كان الذي أسلم (مرتدا)؛ لأن المرتد مساو للأصلى في المعنى وهو الإسلام. فوجب مساواته له في الحكم.

قال في " الإنصاف ": الحق المصنف المرتد بالكافر إلا صلى وهو الصحيح

من المذهب وعليه جماهيرالأصحاب.

وقيل: لا غسل على المرتد وان أوجبناه على الأصل. انتهى.

ولا فرق في ذلك بين ما إذا وجد في كفره ما يوجبه كالامناء والتقاء الختانين

(أو لم يوجد في كفره ما يوجبه)؛ لأن المظنة أقيمت مقام حقيقة الحدث.

قال في " الإنصاف " بعد أن ذكر المذهب وقال أبو بكر: لا غسل عليه

إلا إذا وجد منه في حال كفره ما يوجب الغسل من الجنابة ونحوها. انتهى. فعل المذهب: لو وجد منه سبب من الاسباب الموجبة للغسل كتغييب الحشفة في الفرج أو نحو ذلك في حال كفره: لم يلزمه له غسل إذا أسلم بل يكتفي بغسل الإسلام على الصحيح من المذهب.

ولا فرق في ذلك بين كون من أسلم بالغا (أو مميزا)؛ لأن الإسلام موجب. فاستوى فيه الكبير والصغير كالوطء والحدث الأصغر.

(و) يكون (وقت لزومه) أى لزوم الغسل للصغير (كما مر) يعني إذا أراد

ما يتوقف على الغسل؛ لأنه يأثم بتأخير الغسل.

الموجب (الخامس) من موجبات الغسل (خروج) دم (حيض) وانقطاعه

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(355) 1: 98 كتاب الطهارة، باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل. وأخرجه الترمذي في " جامعه " (605) 2: 502 أبواب الصلاة، باب ما ذكر في الاغتسال عندما يسلم الرجل.

وأخرجه النسائي في " سننه "(188) 1: 9 0 1 كتاب الطهارة، ذكر ما يوجب الغسل وما لا يوجبه. وأخرجه أحمد في " مسنده " (20634) 5:61.

ص: 353

شرط لصحة الغسل له.

وقيل: انما يجب الغسل بانقطاعه.

قال في " الإنصاف ": تظهر فائدة الخلاف: إذا استشهدت الحائض قبل الطهر فان قلنا: يجب الغسل بخروج الدم: وجب غسلها للحيض، وان قلنا:

لا يجب إلا بالانقطاع: لم يجب الغسل، لأن الشهيدة لا تغسل. ولم ينقطع الدم الموجب للغسل.

قاله المجد وابن عبيدان والزركشي وصاحب "مجميع البحر ين " و" الفر وع " و" الرعاية " وغيرهم.

قال الطوفي في " شرح الخرقي ": وتظهر فائدة الخلاف: فيما إذا استشهدت الحائض قبل الطهر هل تغسل للحيض؟ فيه وجهان ان قلنا: يجب الغسل عليها بخروج الدم: غسلت لسبق الوجوب، وان قلنا: لم يجب إلا بالانقطاع: لم يجب. انتهى.

وقطع جماعة: انه لا يجب الغسل على القولين منهم المصنف؛ لأن الطهر شرط في صحة الغسل، أو في السبب الموجب له ولم يوجد.

قال الطوفي في " شرحه " بعد ما ذكر ما تقدم: وعلى هذا. التفريع إشكال وهو ان الموت إما ان ينزل منزلة انقطاع الدم أو لا. فان نزل منزلته لزم وجوب الغسل " لتحقق سبب وجوبه وشرطه على القولين، وان لم ينزل منزلة انقطاع الدم فهي في حكم الحائض على القولين فلا يجب غسلها " لأنا ان قلنا: الموجب هو الانقطاع فسبب الوجوب منتف، والحكم ينتفي " لانقطاع شرطه. انتهى.

الموجب (السادس: خروج دم نفاس). ولا خلاف في وجوب الغسل بالحيض والنفاس، وانما الخلاف في وقت الوجوب. وهو: أن الغسل هل يجب بخروجهما أو بانقطاعه ما؛ والمذهب أنه يجب بالخروج كما في المتن

(1)

فيهما. ومما يترتب على الخلاف لو علق انسان عتقا أو طلاقا على ما يوجب

(1)

في ج: المني.

ص: 354

غسل أحدهما فعل المذهب يقع المعلق على ذلك بخروج الدم، وعلى الثانى بانقطاعه.

وحيث كان الموجب خروج دم النفاس (فلا يجب) الغسل (بولادة عرت عنه) أي: عن الدم على المذهب؛ كما لو القت علقة. وفيه وجه، وفي " الكافي "

رواية: يجب.

الموجب (السابع: الموت)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " اغسلنها "

(1)

إلى غيره من الأحاديث.

(تعبداً)، لأنه لو كان عن حدث لم يرتفع مع بقاء سببه، كالحائض لا يصح غسلها للحيض مع جريان الدم، ولو كان عن نجس لم يطهر مع بقاء سبب التنجيس وهو الموت.

ويستثنى من ذلك الشهيد والمقتول ظلما- كما أشير اليه بقوله:

(غير شهيد معركة ومقتول ظلما). وسيأتي الكلام على ذلك ان شاء الله تعالى في كتاب الجنائز.

(ويمنع من عليه غسل) من جنب وحائض ونفساء (من) قراءة (آية)؛

لما روى على: "أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يحجبه، أو قال: يحجزه عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة "

(2)

. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي بمعناه، وقال: حسن صحيح.

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(939) 2: 646 كتاب الجنائز، باب في غسل الميت، من حديث أم عطيه رضي الله عنها.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(229) 1: 58 كتاب الطهارة، باب فى الجنب يقرأ القرآن.

وأخرجه الترمذي في صلى الله عليه وسلم " جامعه "(46 1) 1: 273 أبواب الطهارة، باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا.

وأخرجه النسائي في " سننه "(265) 1: 144 كتاب الطهارة، باب حجب الجنب من قراءة القرآن.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(594) 1: 195 كتاب الطهارة، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة.

ص: 355

وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقرأ الحائض ولا النفساء شيئاً من القرآن "

(1)

. رواه الدارقطني.

إلا) من قراءة (بعضها) أي بعض آية.

قال في " الفروع ": على الأصح خلافاً للشافعي.

(ولو كرر. ما لم يتحيل على قراءة تحرم) عليه. هكذا قال في " الفروع ".

قال في " الإنصاف ": وقدمه في " المحرر " و" الرعايتين " و"الحاويين"

و" الفائق ". انتهى.

ووجه ذلك: ان بعض الايه لا يحصل به إعجاز ولا يجزئ في الخطبة.

أشبه الذكر.

ولأنه يجوز إذا لم يقصد به القرآن، فكذلك إذا قصد.

قال (المنقح: ما لم تكن طويلة).

قال في " الإنصاف ": كآية الدين.

(وله) أي لمن لزمه غسل: (تهجيه) أي تهجي القرآن.

قال في " الفروع ": في الأصح. فيتوجه في بطلان صلاة بتهجيه هذا الخلاف. وفي " الفصول ": تبطل لخروجه عن نظمه وإعجازه. انتهى.

(و) له أيضاً: (تحريك شفتيه به) أي بالقرآن (ان لم يبين الحروف).

قال في " الفروع ": وله قراءة لا تجزئ في الصلاة لأسرارها في ظاهر

" نهاية الأزجي ".

وقال غيره: له تحريك شفتيه به إذا لم يبين الحروف. انتهى.

لأن هذا لا يسمى قراءة.

(و) له أيضاً: (قول ما وافق قرآنا ولم يقصده).

(1)

أخرجه الدارقطني في " سننه "(15) 1: 121 كتاب الطهارة، النهى للجنب والحائض من قراءة القرآن.

ص: 356

قال في " الفروع ": نص عليه. انتهى.

وذلك كقول عاطس: " الحمد لله رب العالمين " ونحو ذلك.

(و) له أيضاً: (ذكر) أي: ان يذكر الله تعالى؛ لما روى مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه "

(1)

.

وعنه ما أحب أن يؤذن؛ لأنه في القرآن. -

قال في " الفروع ": وفي التعليل نظر.

قال القاضي: وعلله في رواية الميمونى بأنه كلام مجموع. انتهى.

وكره الشيخ تقي الدين الذكر لجنب لا الحائض.

(ويجوز لجنب وحائض ونفساء انقطع دمهما: دخول مسجد ولو

بلا حاجة). وقيل: لا إلا لحاجة. ومنها: كون المسجد طريقا قريبا. لكن كره أحمد اتخاذه طريقا.

والأصل فى جواز دخول الجنب المسجد قوله تعالى: (ولا جنبا إلاعابرى سبيل)[النساء: 43] قياسه الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما.

إلا لبث) لمن ذكر (فيه) أى بالمسجد فيحرم؛ لقول الله تعالى: (حتى تغتسلوا)

[النساء: 43].

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب "

(2)

. رواه

أبو داود.

(إلا بوضوء)؛ لما روى عطاء بن يسار قال: " رأيت رجإلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة "

(3)

. رواه سعيد بن منصور والأثرم.

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(373) 1: 282 كتاب الحيض، باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغير ها.

(2)

أخرجه أبو داود في " سننه "(232) 1: 0 6 كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد.

(3)

أخرجه سعيد بن منصور في " سننه "(646) 4: 1275 (طبعة آل حميد).

ص: 357

وحكم الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما حكم الجنب.

وعنه: لا يجوز اللبث وان توضؤوا.

وعنه: يجوز للجنب اللبث فيه وان لم يتوضأ. ذكرها في " الرعاية " ونقلها الخطابي عن أحمد.

(ف) على الأولى (ان تعذر) الوضوء على من قلنا يجوز له اللبث بالوضوء (واحتيج: للبث) في المسجد (جاز بلا تيمم).

قال في " الفروع ": وان تعذر واحتاج فبدونه نص عليه، واحتج بـ " ان

وفد عبد القيس قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فانزلهم المسجد "

(1)

؛ كمستحاضة ونحوها، ويأمنون تلويثه وعند أبي المعالي والشيخ: يتيمم وفاقاً للشافعي كلبثه لغسله فيه، وفيه قول. انتهى.

(ويتيمم للبث لغسل فيه) أي: في المسجد.

قال في " الإنصاف ": وأما لبثه فيه لأجل الغسل: قالصحيح من المذهب: انه يتيمم له.

وقال ابن شهاب وغيره وقدمه في " الفروع "، قال ابن تميم: وفيه بعد مع اقتصاره عليه. وقيل: لا يتيمم. انتهى.

وقال ابن قندس في " حاشيته على الفروع ": يعني إذا أراد ان يغتسل في المسجد واحتاج إلى اللبث فيه ولم يقدر على الوضوء ولا الغسل عاجلا فانه يتيمم لذلك اللبث، ولم أر هذه الزيادة فى " المغني " ولا في " شرح الهداية " لمجد الدين. انتهى.

وقول ابن قندس: واحتاج إلى اللبث فيه مخالف لما تقدم من انه إذا احتاج للبث فيه فانه يجوز بلا تيمم، والظاهر تقييده بعدم الاحتياج. والله أعلم.

(ولا يكره) غسل (ولا وضوء) في المسجد (ما لم يؤذ بهما).

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(1997) 3: 1585 كتاب الأشربة.

ص: 358

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب.

قال في " الفروع " في باب الوضوء: ويباح هو وغسل في مسجد ان لم يؤذ

به أحدا. حكاه ابن المنذر إجماعاً. وعنه: يكره

وفاقاً لأبي حنيفة ومالك. انتهى.

وقال في " الآداب الكبرى ": وحكى بعضهم بانه لا يجوز، ولعلىه على رواية: ان المستعمل في رفع الحدث نجس فان كان فهو واضح. انتهى. (ويكره إراقة مائهما) أي: ماء الغسل والوضوء به، أي: بالمسجد، (وبما يداس) أي: بمحل يداس؛ كالطريق ونحوها. وعنه: لا يكره.

قال في " الإنصاف ": فعل المذهب الكراهة تنزيها للماء جزم به في

" الرعاية ".

(ومصلى العيد) وهو المكان المتخذ لصلاة العيد فقط.

إلا) المكان المتخذ لصلاة (الجنائز مسجد). أمامصلى العيد فمسجد على الصحيح من المذهب، قاله في " الإنصاف " و" الفروع ".

ووجهه: ان صلاة العيد صلاة ذات ركوع وسجود. أشبه المكان المتخذ لجميع الصلوات. وأما مصلى الجنائز فلا خلاف في انه ليس بمسجد.

قال في " الإنصاف ": ليس بمسجد قولا واحدا.

(ويمنع) بالبناء للمفعول (منه) أي: من المسجد (مجنون).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب.

(و) يمنع منه أيضاً (سكران).

قال في "الإنصاف ": على الصحيح من المذهب، وللقاضي في

" الخلاف " جواب: بانه لا يمنع.

(و) يمنع منه أيضاً: (من عليه نجاسة تتعدى).

قال في " الفروع ": وفاقاً لظاهر كلام القاضي وغيره، ولكن قد قال

ص: 359

بعضهم: يتيمم لها للعذر وهذا ضعيف. انتهى.

(ويكره) للمكلف (تمكين صغير) من المسجد، نقل مهنا: ينبغي ان يجنب الصبيان المساجد.

وقال في " الآداب الكبرى ": ويسن ان يصان عن صغير. أطلقوا العبارة. والمراد والله أعلم: إذا كان صغيرا لا يميز لغير مصلحة ولا فائدة. انتهى. وقال فيها أيضاً: ويباح غلق أبوابه؛ لئلا يدخله من يكره دخوله اليه نص عليه.

(ويحرم تكسب بصنعة فيه) أي: في المسجد.

ص: 360

فصلى [في الأغسال المستحبة]

قد تقدم ما يجب له الغسل. وأما ما يستحب له الغسل فقد شرع فيه بقوله:

(والأغسال المستحبة ستة عشر) غسلا. ياً تى ذكرها:

(آكدها): الغسل (لصلاة جميعة في يومها لذكر حضرها ولو لم تجب عليه) الجمعة؛ كالمسافر والعبد (ان صلى)؛ لما روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أتى منكم الجمعة فليغتسل "

(1)

. متفق عليه.

وعنه: يجب الغسل على من تلزمه الجمعة.

وعلى الروايتين ليس الغسل بشرط لصحتها.

(و) الغسل للجميعة (عند مضي) اليها أفضل من الغسل قبل ذلك، (و) كون الغسل لها (عن جماع أفضل) من كونه من غير جماع.

(ثم) يلي غسل الجمعة في الآكدية من الأغسال المستحبة: الغسل (لغسل ميت) مسلم أو كافر.

قال في " الإنصاف ": الصحيح من المذهب: استحباب الغسل من غسل الميت، وعليه جماهيرالأصحاب ونص عليه. وعنه: لا يستحب. انتهى.

وعنه: يجب الغسل؛ لغسل الميت الكافر.

قال في " الشرح ": وذكر بعض أصحابنا رواية في وجموب الغسل من غسل

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(877) 1: 1 31 كتاب الجمعة، باب الخطبة على المنبر.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(844) 2: 579 كتاب الجمعة، كلاهما من حديث ابن عمررضي الله عنهما.

ص: 361

الحي الكافر قياسا على الميت. ثم قال: ولا نعلم أحدا قال به من العلماء. والله أعلم.

(ثم) الثالث من الأغسال المستحبة: الغسل (لعيد) أي لصلاته (في يومها لحاضرها) وفاقاً؛ لما روى ابن عباس والفاكه بن سعد رضي الله تعالى عنهما: " ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر والأضحى "

(1)

. رواه ابن ماجه. ومحل استحباب ذلك: (ان صلى) صلاة العيد (ولو منفردا). وقيل:

لا يستحب الغسل لها إلا إذا صلى في جماعة. وقيل: يجب الغسل لصلاة العيد، وفي " التلخيص ": يستحب الغسل لمن حضر العيد ولو لم يصلى.

(و) الرابع من الأغسال المستحبة: الغسل (لكسوف) أي لصلاته.

(و) الخامس: لصلاة (استسقاء)، لأنهما صلاتان يجتمع لهما الناس فاستحب الغسل لهما؛ كصلاة الجمعة والعيدين.

قال في " الإنصاف ": هذا المذهب وعليه جماهيرالأصحاب وقطع به كثير منهم. وقيل: لا يستحب الغسل لهما. ذكره في " التبصرة ".

(و) السادس والسابع من الأغسال المستحبة: الغسل (لجنون وإغماء

لا احتلام فيهما) أي: في الجنون والإغماء، لأنه لو وجد في أحدهما احتلام وجب الغسل. ودليل الاستحباب ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"انه اغتسل للإغماء "

(2)

. متفق عليه. ولأنه لا يؤمن ان يكون احتلم ولم يشعر، والجنون في معناه بل أولى؛

لأن مدته تطول فيكون الإحتلام فيه أكثر.

(1)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(1316) 1: 417 كتاب إقامه الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في في العيدين. وحديث الفاكه بن سعد، في إسناده يوسف بن خالد، قال عنه ابن معين: كذاب، خبيث، زنديق، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث، أفاد ذلك البوصيري في " زوائده ".

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(655) 1: 243 كتاب الجماعة والإمامة، باب انما جعل إلامام ليؤتم به.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(418) 1: 311 كتاب الصلاة، باب استخلاف إلامام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما من يصلى بالناس، كلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها.

ص: 362

وحكى بعضهم رواية بوجوب الغسل للجنون والإغماء لكن المشهور عند الأصحاب الاستحباب؛ لأن الغسل لا يجب بدون تيقن الأنزال اطراحا للشك واستصحابا لليقين.

(و) الثامن من الأغسال المستحبة: الاستحاضة) أي: ان تغتسل المستحاضة (لكل صلاة).

قال في " الإنصاف ": هذا المذهب وعليه جماهيرالأصحاب وقطع به كثير منهم. وعنه: يجب. حكاها في " التبصرة " ومن بعده.

(و) التاسع: الغسل إلاحرام) بحج أو عمرة؛ لما روى زيد بن ثابت "انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل "

(1)

. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. ويدخل في هذا كل مريد للإحرام (حتى حائض ونفساء).

قال في " الفروع ": وفاقاً، وللشافعي قول: لا يستحب لهما. انتهى.

وأوجب بعض العلماء دما على من ترك الغسل للإحرام.

(و) العاشر: الغسل (لدخول مكة).

قال في " المستوعب ": حتى لحائض. وظاهره: ولو كان بالحرم كالذي بمنى إذا أراد دخولصلى الله عليه وسلم مكة فانه يستحب له الغسل لذلك.

(و) الحادي عشر: الغسل لدخول (حرمها) أي: حرم مكة. نص عليه في رواية صالح.

(و) الثانى عشر: الغسل ل (وقوف بعرفة) وفاقاً. روي ذلك عن على وعبد الله بن مسعود.

(و) الثالت عشر: الغسل ل (طواف زيارة) وفاقاً.

(و) الرابع عشر: الغسل لطواف (وداع) وفاقاً.

(1)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(830) 3: 192 كتاب الحج، باب ما جاء في الاغتسال عند الإحرام.

ص: 363

(و) الخامس عشر: الغسل ل (مبيت بمزدلفة).

(و) السادس عشر: الغسل ل (رمي جمار)، لأن هذه كلها أنساك يجتمع لها الناس فاستحب لها الغسل، كالإحرام ودخول مكة.

(ويتيمم) استحبابا اللكل) أي: لكل الأغسال المستحبة (لحاجة) أي عند حاجة الصحيح إلى الماء لعدمه، أو لعدو يحول بينه وبين الماء، أو يكون الماء ببئر ولا يجد الة يستقى بها أو نحو ذلك.

(و) يستحب التيمم (لما يسن له وضوء)، كقراءة القرآن (لعذر)، كالمريض والجريح العاجز عن أن يمس الماء بشرته.

ص: 364

فصلى في صفة الغسل

وهو ضربان: كامل ومجزئ. (وصفة الكامل) ان كان واجباً أو مستحبا:

(أن ينوي) من يصح منه غسل الغسل، (ويسمي) بان يقول: باسم الله بعد ان

ينوي، (ويغسل يديه ثلاثاً) خارج الماء، (و) يفرغ بيمينه على شماله فيغسل

(ما لوثه) أي: لطخه من مني أو غيره بفرجه أو غيره، (ثم يتوضأ) وضوءاً

(كاملا) كوضوء المنفرد عن الغسل، (ويروي) بتشديد الواو (رأسه) أي: أصول شعر رأسه (ثلاثاً) يحثي الماء عليها ثلاث حثيات، (ثم) يغسل (بقية جسده) بإفاضة الماء عليه (ثلاثاً)؛ لماروت عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلاثاً، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يخلل شعره بيديه حتى إذا ظن انه قد روى بشرته أفاض الماء عليه ثلاث

مرات، ثم غسل سائر جسده "

(1)

. متفق عليه.

(ويتيامن) بان يبدأ بغسل شقه الأيمن؛ لأنه قد روي في حديث عن عائشة

رضي الله تعالى عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب فأخذ بكفيه بدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه "

(2)

. متفق عليه.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(269) 1: 105 كتاب الغسل، باب تخليل الشعر حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(316) 1: 253 كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة.

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(255) 1: 102 كتاب الغسل، باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(318) 1: 255 كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة.

ص: 365

(ويدلكه) أي: ويدلك جسده بيديه عند غسله استحبابا. وهذا قول أكثر العلماء. وقال مالك: يجب.

ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة في غسل الجنابة: " انما يكفيك ان تحثي على

رأسك الماء ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهري "

(1)

. رواه مسلم. (ويعيد غسل رجليه بمكان آخر)؛ لأن في رواية البخاري عن ميمونة " ثم

تنحى فغسل قدميه "

(2)

.

(ويكفي الظن) أي ظن المغتسل (في الإسباغ) أي في وصول الماء إلى البشرة.

قال في " الإنصاف ": يكتفي في الإسباغ بغلبة الظن على الصحيح من المذهب. وقال بعض الأصحاب: يحرك خاتمه في الغسل؛ ليتيقن وصول الماء. انتهى.

(و) الضرب (المجزئ) من الغسل: (ان ينوي) الغسل، (ويسمي) بان

يقول: باسم الله بعد نية الغسل، (ويعمم بالماء بدنه حتى ما يظهر من فرج امرأة عند قعود) على رجليها (لحاجة) أي: لقماء الحاجة، (و) حتى (باطن شعر) من ذكر وأنثى.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب وعليه جماهيرالأصحاب. ثم قال:

وقيل: لا يجب غسل الشعر. ثم قال: ونص في " المغني ": انه لا يجب غسل الشعر المسترسل. ثم قال: وقيل: يجب غسل الشعر في الحيض دون الجنابة.

(وينقض) شعرالمرأة وجوباً لغسلها (لحيض).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب وعليه جمهور الأصحاب

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(330) 1: 259 كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة.

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(277) 1: 108 كتاب الغسل، باب التستر في الغسل عند الناس.

ص: 366

ونص عليه، وهو من مفردات المذهب. انتهى.

وعلم من هذا: انه لا يجب نقضه لغسلها من الجنابة مطلقاً.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب نص عليه، وعليه

جماهير الأصحاب. انتهى. وقيل: يجب ان طالت المدة. وقيل: يستحب نقضه للغسل من الحيض.

وعلم مما تقدم: انه يجب غسل حشفة الأقلف المفتوق. جزم به

ابن تميم؛ لأنه اجزء من بدنه لا مشقة في غسله. فوجب؛ كبقية الذكر.

(ويرتفع حدث) أكبر أو أصغر عن متوضئ أو مغتسل ذكر أو أنثى من جنابة

أو حيض (قبل زوال حكم خبث) أي: قبل الحكم بطهارة نجاسة على البدن

لا تمنع وصول الماء اليه. ويبقى حكمها إلى ان يغسل العدد المشترط في تطهيرها.

قال في " الإنصاف ": والصحيح من المذهب ان الغسل يصح قبل زوال

النجاسة. انتهى.

ومرادهه زوال حكمها؛ لأنه قال قبل ذلك: وان منعت وصول الماء ال

البدن فلا إشكال في توقف صحة الغسل على زوالها. انتهى.

وحيث ارتفع الحدث الأكبر مع بقاء حكم النجاسة قالأصغر أولى بالإرتفاع.

(وتسن موالاة) بين غسل جميع أجزاء البدن ولا تشترط.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب كالترتيب.

وعنه: تشترط الموالاة، حكاها ابن حامد وحكاها أبو الخطاب وغيره وجها.

(فان فاتت) الموالاة بان جف ما غسله من بدنه بزمن معتدل وأراد ان يتم

غسله (جدد لإتمامه نية)؛ لأنقطاع النية بفوات الموالاة فيقع غسل ما بقي بدون نية.

(و) يسن أيضاً: (سدر في غسل كافر) أسلم كإزالة شعره أى كما يسن له

ص: 367

إزالة شعره: أما مسنونية السدر في غسل الكافر؛ فلما روى قيس بن عاصم: "انه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم ان يغتسل بماء وسدر "

(1)

. رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن.

وأما مسنونية إزالة الشعر؛ فلما روي: " ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أسلم:

ألق عنك شعر الكفر واختتن "

(2)

. رواه أبو داود.

(و) يسن أيضاً: سدر في غسل (حائض) لحيض (طهرت) منه.

(و) يسن أيضاً: (أخذها) أي: الحائض (مسكا. فان لم تجد) المسك (فطيبا) من أي طيب كان. (فان لم تجد) الطيب، (فطينا تجعله) أي: تجعل ما تأخذه من مسك أو طيب أو طين (في فرجها) ويكون ذلك (في قطنة أو غيرها) مما يمسكه، ويكون جعلها ذلك (بعد غسلها) من الحيض؛ ليقطع رائحته. والأصل في ذلك ما في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها لما سالت أسماء رضي الله تعالى عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل الحيض:" ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها "

(3)

. رواه مسلم.

الفرصة: القطعة من كل شيء.

(و) سن لمتوضئ (توضؤ بمد) أى بزنة مد من الماء. (وزنته) أي: زنة المد (مائة واحد وسبعون) درهما إسلاميا (وثلاثة أسباع درهم. وهي) أي: وهذه الدراهم والأجزاء زنتها بالمثاقيل: (مائة وعشرون مثقالا). وهي: (رطل وثلث عراقي وما وافقه) أي: وافق الرطل العراقي في زنته، (ورطل وسبع) رطل (وثلث سبع) رطل (مصري وما وافقه) أي: وافق الرطل المصري في زنته.

(و) زنة ذلك: (ثلاث أواق وثلاثة أسباع أوقية بوزن دمشق وما وافقه) أي: وافق وزن دمشق من الأوزان. (و) هي (أوقيتان وستة أسباع) أوقية (ب) الوزن

(1)

سبق تخريجه ص: (353).

(2)

سبق تخريجه ص: (231) رقم (1).

(3)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(332) 1: 261 كتاب الحيض، باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم.

ص: 368

(الحلبي وما وافقه) من الأوزان. (و) هي (أوقيتان وأربعة أسباع) أوقية (بالقدسي وما وافقه) من الأوزان.

(و) سن لمغتعسل (اغتسال بصاع) أي: بزنة صاع من الماء، (وزنته) أى

الصاع بالدراهم الإسلامية: (ستمائة) درهم (وخمسة وثمانون) درهما (وخمسة أسباع درهم، وهي) بالمثاقيل (اربعمائة وثمانون مثقالا، و) بالأرطال (خمسة أرطال وثلث) رطل (عراقية) نقله الجماعة عن أحمد وفاقاً لمالك والشافعي وأومأ في رواية ابن مشيش: انه ثمانية أرطال فى الماء. أختاره في " الخلاف " و" منتهى الغاية " نقله في " الفروع ".

فعل الأولى: يكون كصاع الفطرة والفدية والكفارة فيعتبر (بالبر الرزين) وذلك بالرطل المصري (اربعة) أرطال (وخمسة أسباع) رطل (وثلث سبع رطل مصري) وذلك (رطل وسبع دمشقي، و) الصاع بالوزن الحلبي (إحدى عشرة أوقية وثلاثة أسباع) أوقية (حلبية، و) بالوزن القدسي (عشر أواق وسبعان) من أوقية (قدسية).

قال (المنقح: وهذا) أي: ما ذكر من تقدير

(1)

المد والصاع (ينفعك هنا) أي: في الطهارتين، (وفي الفطرة) أى زكاة الفطر، (و) في (الفدية) في الحج والعمرة، (و) في (الكفاره) أي: كفارة- الظهار والقتل واليمين ونحوها، (وغيرها) أي: غير ما ذكر؛ كمن نذر التصدق بمد أو بصاع من طعام فانه يحتاج إلى معرفة قدر ذلك. انتهى الكلام على كلام المنقح.

(وكره) الاغتسال حالكون المغتسل (عريانا) إذا لم يره أحد من الناس.

أما إذا كان معه أحد يراه فيحرم.

قال في " الفروع ": ويكره الاغتسال في مستحم وماء عريانا.

قال شيخنا: عليه أكثر نصوصه. وعنه: لا. اختاره جماعة وفاقاً، وعن أحمد: لا يعجبني. ان للماء سكانا. واحتج أبو المعالي للتحريم خلوة بهذا

(1)

في أ: تقديم.

ص: 369

الخبر، ونقل حرب: أن أحمد كرهه شديدا. انتهى.

(و) كره أيضاً: (إسراف) في الماء الذي يتوضأ أو يغتسل به، والزيادة الكثيرة فيه؛ لما روي:" ان النبي صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال: ما هذا السرف؛ فقال: أفي الوضوء إسراف؛ قال: نعم وان كنت على نهر جار "

(1)

. رواه ابن ماجه.

وإلا) يكره (إسباغ) في وضوء، أو غسل (بدون ما ذكر) من الوضوء بالمد والغسل بالصاع؛ لما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها:" انها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من اناء واحد يسع ثلاثة أمداد أو قريبا من ذلك "

(2)

. رواه مسلم.

(ومن نوى بغسل رفع الحدثين) الأكبر والأصغر عنه، (أو) نوى بغسله رفع (الحدث وأطلق) بان لم يقيد لا بأكبر ولا بأصغر، (أو) نوى بغسله (امرا) أي:

فعل أمر إلا يباح إلا بوضوء وغسل)؛ كصلاة وطواف ونحوهما: (أجزأ) هذا الغسل (عنهما) أي: عن الطهارتين منفردتين؛ لقوله تعالى: (ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا)[النساء: 43] جعل الغسل غاية للمنع من الصلاة فإذا اغتسل وجب إلا يمنع منها.

ولأنه ما عبادتان من جنس. فدخلت الصغرى في أفعال الكبرى بالنية؛ كالعمرة في أفعال الحج فيما إذا أحرم قارنا.

وعنه: يجب مع الغسل الوضوء.

قال في " الفروع " بعد ان قدم الأولى: فعل الأولى لو نوى رفع الحدث وأطلق ارتفعا، وظاهر كلام جماعة عكسه كالرواية الثانية. وقيل: يجب الوضوء. انتهى.

(1)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(425) 1: 147 كتاب الطهارة، باب ما جاء فى القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه.

(2)

أخرجه مسلم فى " صحيحه "(321) 1: 256 كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.

ص: 370

وقوله: وقيل: يجب الوضوء مختص بما إذا نوى رفع الحدث وأطلق. قال في " الإنصاف ": فائدتان:

إحداهما: مثل نية الوضوء والغسل: لو نوى استباحة الصلاة أو أمرا لا يباح

إلا بالوضوء والغسل؛ كمس المصحف ونحوه، لا قراءة القرآن ونحوه. الثانية: لو نوت من انقطع حيضها بغسلها حل الوطء صح على الصحيح من المذهب. وقيل: لا يصح؛ لأنه اانما ما يوجب الغسل، وهو الوطء، ذكره أبو المعالي. انتهى.

وعلم مما تقدم: انه ان لم ينو الوضوء لم يجزئه إلا عن الغسل؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "وانما لكل امرئ ما نوى "

(1)

.

فان نواهما ثم أحدث في أثناء غسله ثم غسله ثم إذا أراد الصلاة توضأ.

وعلم منه أيضاً: سقوط الترتيب والموالاة في أعضاء الوضوء. فلو اغتسل

إلا أعضاء الوضوء لم يجب الترتيب في غسلها؛ لأن حكم الجنابة باق.

(وسن لكل) ممن وجب عليه غسل (من جنب ولو) كان الجنب (أنثى، و)

كل من (حائض ونفساء انقطع دمهما غسل فرجه) أي: ان يغسل فرجه، (ووضوء)

(2)

أي: وان يتوضأ (لنوم) أى إذا أرادا نوما؛ لما روي ان عمر رضي الله عنه: " ساً ل النبي صلى الله عليه وسلم: أيرقد أحدنا وهو جنب؛ قال: نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد "

(3)

. متفق عليه.

(وكره تركه) أي: ترك الجنب الوضوء (له) أي للنوم (فقط) أي: فلا يكره

ترك الجنب الوضوء؛ لما يأتى ذكره دون النوم.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه "(1) 1: 3 بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(2)

في ج: ووضو ؤه.

(3)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(283) 1: 9 0 1 كتاب الغسل، باب نوم الجنب.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(306) 1: 248 كتاب الحيض، باب جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء له ..

ص: 371

قال في " الإنصاف " في هذه المسألة: فعل القول بالاستحباب يكره تركه على الصحيح من المذهب نص عليه.

(و) سن للجنب أيضاً: الوضوء (لمعاودة وطء)؛ لما روي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد ان يعود فليتوضأ"

(1)

.

رواه مسلم.

(والغسل) لمعاودة الوطء (أفضل) من الوضوء؛ لأنه انشط.

(و) يسن لكل من جنب وحائض ونفساء انقطع دمهما: الوضوء إلأكل وشرب): أماالجنب؛ فلما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها: " ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد ان يأكل أو ينام توضأ. يعني وهو جنب "

(2)

. رواه أبو داود.

وأما غيره؛ فبالقياس عليه.

قال في " الإنصاف ": الحائض والنفساء بعد انقطاع الدم كالجنب، وقبل انقطاعه لا يستحب لهما الوضوء؛ لأجل الأكل والنوم. قاله الأصحاب. انتهى.

وحكم الشرب كالأكل. صرح به في " الرعاية " و" الفروع "

و" الإنصاف ".

(ولا يضر نقضه) أي: نقض الوضوء (بعد) فلا تسن أعادته ان أحدث قبل

ما توضأ لأجله.

قال في " الفروع ": ومن أحدث بعده لم يعده في ظاهر كلامهم؛ لتعليلهم بخفة الحدث أو بالنشاط.

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(308) 1: 249 الموضع السابق.

(2)

أخرجه وداود في " سننه "(222) 1: 57 كتاب الطهارة، باب الجنب يأكل.

ص: 372

فصلى [في حكم الحمام]

(يكره بناء الحمام وبيعه وإجارته) قدمه في " الإنصاف ". ثم قال: وحرمه القاضي، وحمله الشيخ تقي الدين على غير البلاد الباردة.

وقال في رواية ابن الحكم: لا تجوز شهادة من بناه للنساء. انتهى.

(و) تكره (القراءة) في الحمام (والسلام فيه). .

قال في " الإنصاف ": وتكره فيه القراءة نص عليه، ونقل صالح: لا يعجبنى. وقيل: لا تكره.

والصحيح من المذهب: يكره السلام. وقيل لا. انتهى.

قال في " الفروع " بعد ان ذكر نقل صالح: وظاهره ولو خفض صوته خلافاً

لأبي حنيفة.

(يلا الذكر).

قال في " الإنصاف ": ولا يكره الذكر على الصحيح من المذهب.

قال في " الشرح ": فأما رد السلام فقال أحمد: ما سمعت فيه شيئاً.

وقال ابن عقيل: يكره.

والأولى جوازه من غير كراهة؛ لعموم قوله عليه السلام: " أفشوا السلام بينكم "

(1)

. ولأنه لم يرد فيه نص، والأشياء على الإباحة والله أعلم. انتهى.

(1)

أخرجه أحمد في " مسنده "(1412) 1: 165. من حديث الزبير بن العوام.

ص: 373

قال في " الفروع ": وسطحه ونحوه كبقيته ذكره بعضهم، ويتوجه فيه كصلاة.

(ودخوله) أي: الحمام (بسترة مع أمن الوقوع في محرم مباح) نص عليه.

فانه يروى " ان ابن عباس دخل حماما وكان بالجحفة "

(1)

. ويروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، و" كان الحسن وابن سيرين يدخلان الحمام ". زواه الخلال، ذكره في "الشرح ".

(وان خيف) الوقوع في محرم بدخول الحمام (كره) دخوله.

(وان علم) الوقوع في محرم لجدخول الحمام حرم وكل هذا في حق الرجل،

جزم بالمسالتين في " الرعاية الكبرى " وغيرها.

وأما المرأة فيجوز لها دخول الحمام لعذر؛ كتعذر غسلها ببيتها، أو وجود مرض، أو لخوف ضرر، أو لحيض أو نفاس. ويحرم بدون عذر وهو المراد بقوله:(أو دخلته أنثى بلا عذر حرم).

قال في " الشرح ": لما روي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ستفتح أرض العجم وستجدون فيها حمامات فامنعوا نساءكم إلا حائضا أو نفساء "

(2)

.

وروي " أن عائشة دخل عليها نساء من أهل حمص فقالت: لعلىكن من النساء اللاتي يدخلن الحمامات. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ان المرأة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت سترما بينها وبين الله عز وجل "

(3)

. رواهما ابن ماجه.

(1)

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 5: 63 كتاب الحج، باب دخول الحمام في الإحرام وحك الرأس والجسد.

(2)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(3748) 2: 233 1 كتاب الأدب، باب دخول الحمام، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ولفظه " تفتح لكم أرض الأعاجم، وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات، فلا يدخلها الرجال إلا بإزار، وامنعوا النساء أن يدخلنها، إلامريضة أو نفساء ".

(3)

أخرجه ابن ماجه في " سننه "(3750) 2: 1234 كتاب الأدب، باب دخول الحمام.

ص: 374

[باب: التيمم]

(بابٌ) بالتنوين. (التيمم) لغة: القصد. قال الله سبحانه وتعالى: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون)[البقرة: 267]، وقال تعالى:(فتيمموا صعيدا طيبا)[المائدة: 6] أي: اقصدوا.

وقال امرؤ القيس:

تيممّتِ العين التي عند ضارجٍ يفيء عليها الظلُ عَرْمَضُها طامي

(1)

أي: قصدت.

وأما التيمم في عرف أهل الشرع فهو: (استعمال تراب مخصوص) وهو: ان يكون طهوراً مباحا غير محترق، له غبار يعلق باليد إذا ضرب بها (ل) مسح (وجه ويدين)، لأجل رفع حكم ما يمنع الصلاة من حدث ونجاسة على بدن (بدل طهارة ماء) بالتنوين.

(لكل ما) أي فعل (يفعل به) أي: بالماء. وذلك كالطواف ومس المصحف ونحوهما.

(عند عجز) متعلق باستعمال (عنه) أي: عن الماء (شرعا) أي: من جهة الشرع. فلا يشترط لصحة التيمم: عدم الماء حسا لصحة التيمم في بعض الصور مع وجود الماء.

(سوى نجاسة على غير بدن) مثل: النجاسة على الثوب فانه لا يتيمم لها،

(و) سوى تيمم لأجل (لبث بمسجد لحاجة) إلى اللبث فانه لا يتيمم لذلك. وهذا

(1)

البيت في " لسان العرب " لابن منظور. مادة: عرمض.

ص: 375

مستثنى من قوله: لكل ما يفعل به.

وأجميعتء على جواز التيمم في الجملة. وسنده الكتاب والسنة:

أما الكتاب؛ فقوله تعالي: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيد اطيبا فامسحوا بوجوهكم وأيد يكم منه)[المائدة: 6].

وأما السنة؛ فلما روي عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال:

" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فصلى بالناس فإذا هو برجل معتزل فقال: ما منعك ان تصلى؛ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: عليك بالصعيد فانه يكفيك "

(1)

. متفق عليه.

ولحديث عمار

(2)

وغيره.

(وهو) أي: التيمم (عزيمة) وتقدم الكلام على معناها في مسح الخفين فـ (يجوز بسفر المعصية)؛ كالمسح على الجبيرة فانه لا يجوز تركه. بخلاف الرخصة؛ كالمسح على الخف، والفطر، والقصر في السفر، فانه يجوز له غسل الرجلين والصوم والإتمام في السفر.

(وشروطه) أي شروط التيمم الذي لا يصح بدون واحد منها (ثلاثة):

الأولى: (دخول وقت لصلاة) لمن تيمم لها.

(ولو) كانت الصلاة (منذورة ب) زمن (معين)؛ كما لو نذر ان يصلى ركعتين

من يوم كذا بعد طلوع الشمس بعشر درج (فلا يصح) التيمم لهذه الصلاة قبل دخول الوقت المذكور.

ولا (ل) صلاة (حاضرة، و) لا لصلاة (عيد ما لم يدخل وقتهما) أي: وقت الصلاة الحاضرة وصلاة العيد.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(337) 1: 131 كتاب التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(682) 1: 476 كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها.

(2)

سيأتي ذكر حديث عمار وتخريجه ص (390).

ص: 376

(ولا) يتيمم (لفائتة) من الصلوات المفروضات (إلا إذا ذكرها واراد فعلها.

ولا ل) صلاة (كسوف قبل وجوده، ولا ل) صلاة (استسقاء ما لم يجتمعوا)

أي الناس لها.

(ولا لـ) صلاة (جنازة إلا إذا غسل الميت أو يمم لعذر، ولا ل) صلاة (نفل

وقت نهي)؛ لأن التيمم طهارة ضرورة. فلم تجز قبل الوقت؛ كطهارة المستحاضة. ولأن ما قبل الوقت مستغن عن التيمم فيه فأشبه ما لو تيمم عند عدم العذر.

الشرط (الثاني: تعذر الماء) أي: تعذر استعماله (لعدمه) أي: لعدم الوصول اليه (ولو بحبس) للماء عن المتيمم بوضعه في مكان لا يصلى اليه، أو حبس المتيمم عن الخروج في طلب الماء، (أو قطع عدو ماء بلدة، أو عجز عن تنأولىه) أي: تناول الماء من بئر أو نحوها (ولو بفم؛ لفقد الة) يتناول بها الماء؛ كمقطوع اليدين، وكما لو كانت يداه نجستان وعجز عن تناول الماء بفمه، والماء دون قلتين. وكالصحيح يفقد ما يستقي به من حبل أو دلو أو نحوهما. ولا فرق في ذلك بين كونه مقيما أو مسافرا، سفرا قصيرا أو طويلا. فمن اتصف بصفة من هذه الصفات جاز له ان يتيمم ويصلى؛ لما روى أبو ذر رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ان الصعيد الطيب طهور المسلم وان لم يجد الماء عشر سنين. فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فان ذلك خير"

(1)

. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وهذا عام فى السفر وغيره. ولأنه عادم للماء. أشبه المسافر.

فاً ما الآية فلعلى ذكر السفر فيها خرج مخرج الغالب؛ لكون الغالب ان الماء

انما يعدم فيه، كما ذكر السفر في عدم وجود الكاتب في الرهن وليس بشرط فيه.

(1)

أخرجه الترمذي في " جامعه ") 124) 1: 211 أبوابالطهارة، باب ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجدالماء.

ص: 377

وأما تعذر استعمال الماء مع وجوده لعأرض فهو المشار اليه بقوله: (أو لمرض) يعجز معه عن الوضوء بنفسه (مع عدم موضئ) عنده، (أو

خوف فوت الوقب بانتظاره) أي: بانتظار المريض من يوضئه، وكذا لو عجز عن صب الماء على نفسه في الغسل ولم يجد من يصب عليه، (أوخوفه) أي المريض القادر على التوضئ بنفسه أو بموضئ (باستعماله) أي: استعمال الماء (بطء برء) أي: أن يطول مرضه، (أو بقاء) أثر (شين) أي: فاحش في جسده بسبب استعماله الماء.

قال في " الشرح ": واختلفوا في الخوف المبيح للتيمم فروي عن أحمد:

لا يبيحه إلا خوف التلف. وهذا أحد قولي الشافعي. والصحيح من المذهب: انه يباح له التيمم إذا خاف زيادة المرض، أو تطأولى البرء، أو خاف شيئاً فاحشا، أو الما غير محتمل، وهذا مذهب أبي حنيفة، والقول ى للشا فعي، لعموم قوله تعالى:(وان كنتم مرضى)[المائدة: 6].

ولأنه يجوز له التيمم إذا خاف ذهاب شيء من ماله، أو ضررا في نفسه من

لص أو سبع أو لم يجد الماء إلا بزيادة على ثمن مثله. فلأن يجوز ها هنا أولىى. انتهى.

ومما يبيح التيمم أيضاً ما أشير اليه بقوله:

(أو ضرر بدنه) يعني: ان الانسان إذا خاف ضرر بدنه (من جرح) فيه، (أو)

من (برد شديد، أو) خاف (فوت رفقة، أو) فوت (مال) ان تخلف ليتوضأ، (أو) خاف ان تطهر بما معه من الماء (عطش نفسه، أو) عطش (غيره من آدمي أو بهيمة محترمين) احترازا عن نحو الحربي والخنزير والكلب الأسود البهيم، (أو احتياجه) أي: خاف ان توضأبما معه من الماء ان يحتاجه (لعجن أو طبخ). فمن خاف شيئاً من ذلك أبيح له التيمم: أماضرر بدنه من الجرح أو البرد " فلأن الخوف لا يختلف وانما اختلفت جهاته.

وأما خوف فوت الرفقة أو المال إذا تأخر ليتطهر بالماء فقد قال في

" الإنصاف ": لو خاف فوت رفقة ساغ له التيمم.

ص: 378

قال في " الفروع ": وظاهر كلامه ولو لم يخف ضرراً بفوت الرفقة؛ لفوت

الألف والأنس. انتهى.

وخوف فوت الماء أولى من خوف فوت الرفقة.

وأما خوفه على نفسه أو غيره العطش ان توضأبما معه من الماء فقد قال في

" الشرح ": قال ابن المنذر: أجميع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ان المسافر إذا كان معه ماء فخشي العطش انه يبقي ماءه للشرب ويتيمم. منهم على وابن عباس والحسن وعطاء ومجاهد والثوري ومالك والشافعى وإسحاق وأصحاب الرأي. انتهى.

وأما كونه يتيمم مع وجود الماء المحتاج اليه لعجن وطبخ فنقله في

" الفروع " عن ابن الجوزي واقتصر عليه، وقاله في " الرعاية " بصيغة التمريض وعبارته: وقيل أو احتاجه لطبخ ونحوه. انتهى.

ومما يبيح التيمم أيضاً: لو لم يجد ماء إلا مع من لم يبذله إلا بزيادة كثيرة

عادة على ثمن مثله في ذلك المكان الذي هما به. وهو المشار اليه بقوله:

(أو لعدم بذله إلا بزيادة كثيرة عادة على ثمن مثله في مكانه)؛ لأن عليه في

دفع الزيادة الكثيرة ضررا كثيرا. فلم يلزمه ان يتحمله؛ كضرر النفس.

(ولا إعادة في الكل) أي: في كل ما تقدم من الصور؛ لأنه أتى بما أمر به فخرج عن عهدته.

(ويلزم) من احتاج الى ماء يتطهر به (شراء ماء و) شراء (حبل ودلو) احتيج اليهما لاستقاء الماء. (بثمن مثل أو زائد) عن ثمن المثل شيئاً، (يسيرا) إذا كان معه ما يشتري به بدليل ما يأتي، (فاضل من حاجته)؛ لأن ى على ثمن العين كالقدرة على العين في المنع من الأنتقال الى البدل.

ولأن ضرر الزيادة يسير، وقد اغتفر الضرر اليسير في النفس ففي المال أحر ى.

(و) يلزم أيضاً: (استعارتهما) أي: الحبل والدلو بان يطلبهما ممن هما معه

ص: 379

على وجه العارية، (وقبولهما عارية) إذا بذلا له على وجه العارية، (و) قبول (ماء قرضا، و) قبوله (هبة) أي: على وجه الهبة، (و) قبول (ثمنه قرضا وله وفاء) بذلك؛ لأن المنة في ذلك يسيرة في العادة فلا يضر احتمالها.

(ويجب) على من معه ما يستغني عن شربه (بذله لعطشان) ولو كان الماء نجسا؛ لأنه انقاذ من هلكة كانقاد الغريق.

(وييمم) عوضا عن غسل (رب ماء مات لعطش رفيقه) كما يتيمم لو كان حيا لذلك. (ويغرم) الرفيق (ثمنه) أي: الماء (مكانه وقت إتلافه) أي: الماء لورثة الميت.

قال في " الفروع ": وظاهر كلامه في " النهايه ": ان غرمه مكانه فمثله. وقيل: أولىى به. وقيل: رفيقه ان خاف الموت. انتهى.

(ومن أمكنه ان يتوضأ به) أي: بالماء الذي معه (ثم يجميعه) بعد وضوئه به (ويشربه لم يلزمه) لأن النفس تعاف شرب ذلك.

(ومن قدر على) استعمال (ماء بئرب) تدلية (ثوب يبله ثم) يخرجه (يعصره لزمه) ذلك (ما لم تنقص قيمته) أي: الثوب بسبب بله بذلك نقصا (اكثر من ثمن الماء) لو اشتراه فلا يلزمه. وحيث لزمه فانه يفعله (ولو خاف فوت الوقت)؛ لأنه قادر على استعمال الماء. أشبه ما لو كانت الة الاستقاء المعتادة حاضرة عنده.

(ومن) أجنب أو أحدث و (بعض بدنه) الواجب غسله لو كان سليماً (جريح أو

نحوه) أي: نحو الجريح؛ كمن به قروح ويتضرر باستعمال الغسل في ذلك البعض (ولم يتضرر بمسحه بالماء وجب) المسح (وأجزأ) عن التيمم. نص عليه في المجروح؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم "

(1)

. ولأنه عجز عن غسله وقدر على مسحه وهو بعض الغسل. فوجب الإتيان

(1)

سبق تخريجه ص: (275) رقم (1).

ص: 380

بما قدر عليه؛ كمن عجز عن الركوع والسجود وقدر محل الإيماء.

وعنه: أن فرضه التيمم.

وعنه: يجمع بينهما.

(وإلا) أي. وان لم يمكنه المسح من غير تضرر (تيمم له) أي: للجرح ونحوه، (ولما يتضرر بغسله مما قرب) من الجرح؛ لاستوائهما في الحكم.

(وان عجز عن ضبطه) أي: ضبط ما يتضرر بغسله مما قرب من الجرح

(وقدر ان يستنيب) من يضبطه (لزمه) ذلك لتعلق فرض الغسل بما عدا ما يتضرر بغسله

(1)

، وان عجز عن الاستنابة أيضاً تيمم وصلى وأجزأه.

(ويلزم من جرحه ببعض أعضاء وضوئه إذا توضأ ترتيب) لوجوبه في الوضوء. (فيتيمم له) أي: للعضو الجريح (عند غسله لو كان صحيحا). فلو كان الجرح في الوجه بحيث لا يمكنه غسل شيء منه تيمم أولىا ثم أتم الوضوء. وان كان في بعض وجهه خير بين غسل الصحيح منه ثم يتيمم للجرح منه، وبين التيمم ثم يغسل صحيح وجهه ويتمم الوضوء. وان كان الجرح في عضو آخر

لزمه غسل ما قبله، ثم كان فيه على ما ذكرنا في الوجه. وان كان في وجهه ويديه ورجليه احتاج في كل عضو إلى تيمم في محل غسله؛ ليحصل الترتيب،

ولو غسل صحيح وجهه ثم تيمم له وليديه تيمماً واحدا لم يجزئه؛ لأنه يؤدي

إلى سقوط الفرض عن جزء من الوجه اليدين في حالة واحدة.

فان قيل: هذا يبطل بالتيمم عن جملة الطهارة حيث يسقط الفرض عن جميع الأعضاء جملة واحدة. قلنا: إذا كان عن جملة الطهارة فالحكم له دونها، وان كان عن بعضها ناب عن ذلك البعض فاعتبر فيه مايعتبر فيما عنه من الترتيب. قاله في "الشرح ".

في ج زيادة: مما قرب من الجرح.

(1)

في ج زيادة: مما قرب من الجرح.

ص: 381

(و) يلزم أيضاً من الجرح ببعض أعضاء وضوئه: (موالاة. فيعيد غسل الصحيح عند كل تيمم). فلو كان الجرح في رأجله فتيمم لها عند غسلها ثم بعد زمن لا تمكن فيه الموالاة خرج الوقت بطل تيممه وبطلت طهارته بالماء أيضاً " لفوات الموالاة فيعيد غسل الصحيح ثم يتيمم عقبه.

وعلم مما تقدم: أن التيمم عن جرح لو كان في غسل جنابة لم تبطل طهارته بالماء بخروج الوقت، لعدم وجوب الترتيب والموالاة فيه.

(ولو وجد) مريد الطهارة (حتى المحدث) حدثا أصغر فقط (ماء) قليلا

إلا يكفي لطهارته استعمله) وجوباً (ثم تيمم) للباقي من أعضاء طهارته الذى لم يجد له ماء.

ولا يصح تيممه قبل استعماله، لقوله تعالى:(فلم تجدوا ماء فتيمموا)[المائدة: 6]، وقوله صلى الله عليه وسلم:" إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم "

(1)

. رواه البخاري. ولأنه قدر على بعض الشرط. فلزمه فعله، كبعض السترة، وكما لو كان

بعض بدنه جريحا وبعضه صحيحا فانه يلزمه غسل الصحيح.

(ومن) لزمته طهارته وقد (عدم الماء لزمه إذا خوطب بصلاة طلبه)، لأنه

لا أثر لطلبه قبل ذلك.

ويكون طلبه للماء (في رحله) بأن يفتش في رحله ما يمكن أن يكون فيه،

(وما قرب عادة) منه بأن ينظر ورائه وأمامه وعن يمينه وعن شماله، فان رأى خضرة أو شيئاً يدل على الماء قصده فاستبرأه.

(و) يلزمه أيضاً: طلبه (من رفيقه).

وعلم مما تقدم: أنه لو تيمم قبل طلب الماء لم يصح تيممه، لقوله تعالى:(فلم تجدوا ماء فتيمموا)[1 المائدة: 6]. ولا يقال لم يجد إلا لمن طلب " لجواز أن يكون بقربه ماء لا يعلمه.

(1)

سبق تخريجه ص: (275) رقم (1).

ص: 382

ولأن التيمم بدل. فلم يجز العدول إليه قبل الطلب المبدل؛ كالصيام في

الظهار.

ومحل هذا: (ما لم يتحقق عدمه) أي: عدم الماء؛ لأنه لا أثر لطلب شيء

متحقق العدم.

وعلم من ذلك: انه يجب الطلب مع ظن العدم. وعنه: لا يلزمه طلبه ان

ظن عدمه، ذكره في " التبصرة ".

(ومن تيمم) لعدم الماء (ثم رأى ما يشك معه في الماء لا في صلاة بطل

تيممه)؛ لأنه إذا راى خارج الصلاة ركبا يحتمل ان يكون معه ماء أو ما يشك معه

في الماء، من خضرة أو نحوها وجب عليه طلبه، وإذا وجب عليه الطلب بطل

تيممه.

قال في " الفروع ": وقيل: لا؛ كما لو كان في صلاة. جزم به الأصحاب. انتهى.

وأما كون الصلاة لا تبطل إذا وجد ذلك فيها؛ لأنه لا يلزمه طلبه حينئذ.

وحيث لزم عادم الماء طلبه (فان دله عليه ثقة أو علمه قريبا عرفا) منه. (ولم

يخف) بقصده إياه (فوت وقت ولو) كان الوقت الذي يخاف فوته (للاختيار) بان

يظن أنه لا يدرك الصلاة بالوضوءإلا في وقت الضرورة، (أو) لم يخف بقصده

فوت (رفقة، أو عدو، أو مال، أو) لم يخف (على نفسه) ان قصد الماء لصا أو

سبعا أو عدوا ونحو ذلك (ولو) كان المخوف منه (فساقا) يفسقون بطالب الماء.

بشرط أن لا يكون خوفه جبنا. وإلى ذلك أشير بقوله: (غير جبان)، أمامن

خوفه جبنا لا عن سبب يخاف من مثله كالذي يخاف بالليل وليس شيء يخاف منه

فلا التفات لخوفه، ولا يباح له التيمم في هذه الحالة، نص عليه.

(أو) لم يخف على (ماله) ان قصد الماء وترك دابته أو أهله أو ماله: شرود

دابته أو أن يأتي إلى أهله لص أو سبع: (لزمه قصده) أي: الماء ولم يصح تيممه

في هذه الحالة.

ص: 383

(وإلا) أي: وان لم يلزمه قصده بأن خاف شيئاً مما ذكر (تيمم) وصلى

ولا إعادة؛ لأنه انما ترك استعمال الماء خوف الضرر فكان حكمه حكم المريض.

(ولا يتيمم) أي: ولا يصح التيمم مع وجود الماء، الخوف فوت جنازة) بالوضوء، (ولا) لخوف فوت (وقت فرض إلا هنا) أي: في الصورة المتقدمة وهي ما إذا كان الماء قريبا وخشي ان قصده خروج الوقت قبل وصوله اليه والطهارة به.

(و) إلا (فيما إذا وصل مسافر إلى ماء، وقد ضاق الوقت) عن طهارته به،

(أو) لم يضق الوقت عن الطهارة به ولكن (علم النوبة) أي نوبة استقائه منه (لا تصلى اليه إلا بعده) أي: بعد الوقت: فيصح تيممه حينئذ.

وفي خوف فوت الجنازة رواية يجوز التيمم.

وفي خوف فوت الوقت في الصور المتقدمة وجه: بعدم جواز التيمم.

(ومن ترك ما يلزمه قبوله أو تحصيله من ماء) كما لو وهب له ماء فاًبى قبوله، أو دل عليه قريبا فلم يقصده (وغيره) أي غير الماء " كما لو أعير حبلا أو دلوا فأبى قبوله (وتيمم وصلى: أعاد)، لأنه قادر على استعمال الماء من غير ضرر يلحقه. فلم يصح تيممه؛ كالصحيح إذا كان بين يديه ما يملكه وتركه وتيمم.

(ومن خرج) من المصر إلى أرض من أعماله الحرث أو صيد ونحوه)، كاحتطاب (حمله) أي: حمل الماء معه في المنصو ص عن الإمام (ان أمكنه) حمله " لأنه لا عذر له في عدم حمله مع إمكانه. (و) متى حمله وفقده أو لم يحمله وحضرت الصلاة فانه (يتيمم ان فاتت حاجته) التي خرج اليها (برجوعه) إلى المصر ويصلى (ولا يعيد)؛ لأنه أشبه المسافر الخارج إلى قرية أخرى.

وفيه وجه يعيد إلا أن تكون الأرض التي خرج اليها من غير أرض قريبة

فلا إعادة عليه وجها واحدا؛ لأنه مسافر. قاله في " الشرح ".

ص: 384

(ومن في الوقت) أي: وقت الصلاة الحاضرة (أراقه) أي: الماء (أو مر به وأمكنه الوضوء) منه (ويعلم أنه لا يجد غيره) ولم يتوضأ منه (أو باعه أو وهبه) وقد دخل الوقت ولم يترك منه ما يتطهر به: (حرم) عليه ذلك (ولم يصح العقد) الذي وقع عليه من البيع أو الهبة؛ لأنه تعلق به حق الله تعالى. فلم يصح نقل الملك فيه؛ كالأضحية المعيبة.

(ثم ان) لم يجد غيره و (تيمم وصلى لم يعد)؛ لأنه اصلاة بتيمم صحيح؛ لعدم القدرة على الماء حينئذ. أشبه ما لو فعل ذلك قبل الوقت. وفيه وجه؛ لأنه فوت على نفسه القدرة على الطهارة بالماء فبقي في عهدة الواجب.

(ومن ضل عن رحله وبه الماء وقد طلبه، أو) ضل (عن موضع بئر كان

يعرفها فتيمم) وصلى قبل أن يجد ماء ضل عنه: (أجزأه) ذلك، ولا تلزمه الإعادة عند وجود ماء ضل عنه؛ لأنه حال تيممه لم يكن واجدا للماء فدخل في عموم قوله تعالى:(فلم تجدوا ماء فتيمموا)[المائدة: 6].

ولأنه غير مفرط. حتى (ولو بان بعد) أي: بعد أن تيمم وصلى (بقربه بئر خفية لم يعرفها)؛ لعدم تفريطه.

(لا ان نسيه) أي: الماء، (أو جهله بموضع يمكنه استعماله وتيمم) وصلى

فانه لا يجزئه نص عليه؛ لأنها طهارة تجب مع الذكر. فلم تسقط بالنسيان؛ كمصلى ناسيا لحدثه ثم تذكر، و (كمصلى عريانا، ومكفر بصوم ناسيا للسترة والرقبة) فانه لا تصح صلاته ولا يجزئه الصوم والحال ما ذكر.

(ويتيمم) بالبناء للمفعول أى يشرع التيمم (لكل حدث): أماللحدث الأصغر، فبالاتفاق. وأما للأكبر؛ ففي قول أكثر العلماء منهم الأئمة الأربعة. وكان ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ومن وافقه لا يرى التيمم للجنب.

وحكم الحائض والنفساء إذا انقطع دمها حكم الجنب.

(ولكل نجاسة ببدن) أي: بدن المتيمم.

قال أحمد: هو بمنزلة الجنب يتيمم.

ص: 385

(لعدم ماء أوضرر) في بدنه.

(ولو من برد حضرا) أي: في الحضر، مع عدم ما يسخن به الماء (بعد تخفيفها) عن بدنه (ما أمكن) بمسح رطبة أو حك يابسة (لزوما) أي: على وجه اللزوم.

(ولا إعادة) عليه. ولا فرق بين كون النجاسة على محل صحيح أو جريح.

قال في " الفروع ": ويتيمم لنجاسة بدن على الأصح خلافاً للأئمة الثلاثة؛ لعدم ماء، أو ضرر، ولا إعادة اختاره الاكثر. وعنه: بل. وعنه: لعدم. انتهى.

ووجه الأولى: قوله عليه الصلاة والسلام: " الصعيد الطيب طهور المسلم "

(1)

، وقوله:" جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا "

(2)

.

ولأنها طهارة في البدن تراد للصلاة. فجاز لها التيمم قياسا على الحدث.

ووجه عدم وجوب الإعادة: قوله صلى الله عليه وسلم: " التراب كافية ما لم تجد الماء "

(3)

، وقياسا على طهارة الحدث.

وعلم مما تقدم: أنه لا يتيمم للنجاسة على الثوب ولا على المكان.

(وان تعذر) على من أراد الصلاة (الماء والتراب لعدم) كمن حبس بمحل

لا ماء فيه ولا تراب، (أو) لأجل (قروح) في بدنه (لا يستطيع معها مس البشرة) بماء ولا تراب (ونحوها) أي: نحو القروح كالجراحات: (صلى الفرض فقط) أي: دون النوافل (على حسب

(4)

حاله)؛ لأن الطهارة شرط. فلم تؤخر الصلاة

(1)

سبق تخريجه ص: (377).

(2)

أخرجه البخاري فى " صحيحه "(328) 1: 128 كتاب التيمم، باب الصلاة على النفساء وسنتها.

(3)

أخرجه الترمذي في " جامعه "(124) 1: 211 أبواب الطهارة، باب ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجدالماء.

وأخرجه الدارقطني في " سننه "(1) 1: 186: كتاب الطهارة، باب في جواز التيمم لمن لم يجدالماء سنين كثيرة.

(4)

في ج: حساب.

ص: 386

عند عدمه؛ كالسترة.

(ولا يزيد) ان كان جنبا (على ما يجزئ) في الصلاة.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب وعليه الأصحاب فلا يقرأ زائدا على الفاتحة، ولا يسبح زائدا على المرة الواحدة، ولا يزيد على ما يجزئ في طمأنينة ركوع أو سجود وجلوس بين السجدتين، وإذا فرغ من قراءة الفاتحة ركع في الحال، وإذا فرغ مما يجزئ في التشهد الأول نهض في الحال، وإذا فرغ مما يجزئ في التشهد الاخير سلم في الحال.

(ولا يؤم متطهرا بأحدهما) أي: لا يؤم هذا المصلى على حسب حاله متوضئا ولا متيمما؛ لعدم صحة اقتداء المتطهر بالمحدث العالم حدثه.

(ولا إعادة) على هذا المصلى على حسب حاله في إحدى الروايتين.

قال في " الإنصاف ": وهي المذهب. انتهى.

لأنه اتى بما أمر به. فوجب أن يخرج به عن العهدة.

والرواية الثانية: يغيد.

قال في " الفروع ": ولا إعاده. وعنه: بل. نقله واختاره الاكثر وفاقاً

للشافعي ومالك في إحدى الروايتين عنه ولو تيمم في المنصوص.

(وتبطل) صلاة المصلى على حسب حاله (بحدث ونحوه)؛ كطروء نجاسة

لا يعفى عنها على بدنه أو ثوبه (فيها) أي: في الصلاة؛ لأن حدوث المنافي للصلاة فيها يقتضي بطلانها على أي حالة كانت. فوجب وجود مقتضاه وهو البطلان ثم يستأنفها على حسب حاله.

(وان وجد) العادم للماء (ثلجا وتعذر تذويبه مسح به أعضاءه لزوما).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب نص عليه.

وقيل: لا يلزمه. انتهى.

لأنه ماء جامد قد تعذر أن يستعمل في الطهارة الاستعمال المعتاد وهو

الغسل؛ لعدم ما يذيبه. فوجب ان يستعمل الاستعمال المقدور عليه وهو مسح

ص: 387

الأعضاء الواجب غسلها به، يؤيد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:" إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم "

(1)

.

(وصلى ولم يعد) صلاته (ان جرى) أي: الثلج (بمس)، لأنه حينئذ يصيرغسلاخفيفا.

وعلم مما تقدم: أنه إذا لم يجر بمس أن عليه الإعادة ومثله لو صلى

بلا تيمم مع وجود طين يابس عنده؛ لعدم ما يدقه به ليكون له غبار.

(الشرط الثالث) من شروط صحة التيمم: (تراب). فلا يجوز التيمم بالرمل، ولا النورة، ولا الحصى، ولا نحيت الحجارة، ولا ما في معنى ذلك.

(طهور) فلا يجوز التيمم بتراب تيمم به لزول طهوريته باستعماله. وذلك

هو التراب المتناثر من الوجه اليدين بعد مسحهما به والباقي عليهما. ووجه ذلك: أنه تراب مستعمل في طهارة إباحة الصلاة. أشبه الماء المستعمل في الطهارة. وفيه وجه: أما إذا تيمم جماعة من موضع واحد فيجوز بلا خلاف كما إذا توضأ جماعة من حوض واحد يغترفون منه.

(مباح) فلا يجوز التيمم بتراب مغصوب " كما لا يجوز الوضوء بالماء المغصوب.

قال في " الفروع ": وتراب مغصوب كالماء. وظاهره ولو تراب مسجد وفاقاً للشافعي وغيره، ولعله غير مراد، فانه لا يكره بتراب زمزم مع أنه مسجد. انتهى.

(غير محترق) فلا يجوز التيمم بما دق من خزف أو نحوه؛ لأن الطبخ أخرجه عن أن يقع عليه اسم التراب.

(يعلق غباره)؛ لقوله تعالى: فتيممواصعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) [المائدة: 6]. وما لا غبار له لا يمسح بشيء منه.

(1)

سبق تخريجه ص: (275) رقم (1).

ص: 388

وشمل ذلك ما لو ضرب على لبد، أو ثوب، أو بساط، أو حصير، أو حائط، أو صخرة، أو حيوان، أو بردعة حمار، أو شجر، أو خشب، أو عدل شعير، أو نحوه مما عليه غبار طهور يعلق بيديه فانه يصح التيمم. وخرج بذلك السبخة ونحوها مما ليس له غباريعلق باليد فانه لا يصح التيمم به.

(فان خالطه) أي: خالط التراب الذي يجوز التيمم به المتقدم وصفه (ذو غبار غيره) لا يجوز التيمم به؛ كالحص والنورة ونحوهما (فكماء) طهور (خالطه) ماء (طاهر) يعني: ان كانت الغلبة للتراب جاز التيمم به، وان كانت الغلبة للمخالط لم يجز التيمم به قياسا على الماء. فأما ان كان المخالط لا غبار له يعلق باليد لم يمنع التيمم؛ لأن أحمد رضي الله تعالى عنه قد نص على جواز التيمم من الشعير؛ وذلك لأنه لا يحصل على اليد منه ما يحول بين غبار التراب وبينها.

فائدتان:

الأولى: قال في " الإنصاف ": أعجب الإمام أحمد رحمه الله تعالى حمل التراب لأجل التيمم، وعند الشيخ تقي الدين وغيره: لا يحمله.

قال في " الفروع ": وهو أظهر.

قلت: وهو الصواب إذا لم ينقل عن الصحابة ولا غيرهم من السلف فعل

ذلك مع كثرة أسفارهم.

الثانية: لا يجوز التيمم بالطين.

قال القاضي: بلا خلاف.

قال في " الإنصاف ": لكن ان أمكنه تجفيفه والتيمم به قبل خروج الوقت

لزمه ذلك، ولا يلزمه ان خرج الوقت على الصحيح من المذهب. وقيل: يلزمه وان خرج الوقت وهو احتمال في " المغني ". انتهى.

ص: 389

فصل [في فرائض التيمم]

(وفرائضه) أي: التيمم خمس.

الأولى: (مسح وجهه سوى ما تحت شعر ولو خفيفا، وداخل فم وأنف، ويكره) إدخال التراب في الفم والأنف.

قال في " الإنصاف ": مراده بقوله: مسح جميع وجهه سوى المضمضة والاستنشاق قطعا، بل يكره. انتهى.

(و) مسح (يديه إلى كوعيه) هذا هو الفرض الثانى " لقوله تعالى: (فآمسحوا بوجوهكم وأيديكم منه)[المائدة: 6].

وإذا علق حكم بمطلق اليدين لم يدخل فيه الذراع " كقطع السارق، ومس الفرج.

ولما روى عمار قال: " بعثنى النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فاً جنبت فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تتمرغ الدابة، ثم أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: انما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة. ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه "

(1)

. متفق عليه.

(ولو أمر المحل) الذي يجب مسحه في التيمم (على تراب) ومسحه به، (أو صمده) أي: نصب المحل الذي يجب مسحه في التيمم الريح فعمه) التراب (ومسحه به: صح) التيمم في الصورتين ان نوى التيمم، كما لو صمد أعضاء الوضوء بعد نيته للمطر حتى جرى الماء على أعضائه.

(1)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(0 34) 1: 133 كتاب التيمم، باب التيمم ضربة.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(367) 1: 279 كتاب الحيض، باب التيمم.

ص: 390

(لا ان سفته) أي: سفت الريح التراب على المحل الذي يجب مسحه في التيمم من غير تصميد (فمسحه به) فانه لا يصح التيمم؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمر بقصد الصعيد ولم يوجد.

(وان تيمم) المتيمم (ببعض يده أو) تيمم (بحائل) كخرقة أو نحوها صح لأن الله تعالى أمر بالمسح ولم يعين اليد.

(أو يممه غيره فكوضوء) يعني: أنه صح كما لو وضأه غيره. وتعتبر النية

في المتيمم دون الميمم؛ لأنه الذي يتعلق به الإجزاء والمنع.

(و) الفرض الثالث: (ترتيب.

و) الرابع: (موالاة لحدث أصغر) في المسألتين؛ لأن التيمم مبني على الطهارة بالماء، والتراب والموالاة فرضان في الوضوء فكذا في التيمم القائم مقامه.

(وهي) أي: الموالاة في التيمم (بقدرها في وضوء).

قال في " الرعاية ": والموالاة بقدرها زمنا في الوضوء عرفا. انتهى.

(و) الفرض الخامس: (تعيين نية استباحة ما يتيمم له) من صلاة أو طواف أو

غيرهما (من حدث) أكبر، كحيض ونفاس وجنابة، أو أصغر وهو ما أوجب وضوءاً (أو نجاسة) على بدنه. فلو نوى بتيممه رفع الحدث لم يصح تيممه؛ لأنه لا يرفع الحدث؛ لأن التيمم طهارة ضرورة. فلم ترفع الحدث؛ كطهارة المستحاضة.

ولو اجتمع حدث ونجاسة على بدن وعين بتيممه أحدهما دون الآخر لم يكتف بهذا التيمم. وهذا هو المراد بقوله: (فلا يكفي أحدهما) أي: عن الآخر.

وكذا لو كان عليه حدثان أكبر وأصغر فنوى بتيممه أحدهما لم يجزه عن

الآخر. وهذا هو المراد بقوله: (ولا أحد الحدثين عن الآخر).

وكذا لو كان التيمم عن جرح في عضو من أعضائه فلا بدأن ينوي التيمم عن

ص: 391

غسل ذلك العضو. والأصل في ذلك قوله "صلى الله عليه وسلم: " انما الأعمال بالنيات وانما لامرئ ما نوى "

(1)

.

(وان نواهما) أي: الحدثين بتيممه الواحد أجزأ عن الحدثين (أو أحد أسباب أحدهما): أي أحد الحدثين كما لو بال ومس ذكره، ولمس امراه لشهوة، ونوى بتيممه أحد هذه الاسباب (أجزأ) هذا التيمم (عن الجمع). أي جميع الأسباب المذكورة.

وكذا إذا وجد منه موجبات للغسل ونوى بتيممه أحدها فانه يجزئ عن جميعها.

(ومن نوى) بتيممه (شيئاً) أي فعل شيء من العبادات التى تشترط لها الطهارة " كالصلاة: (استباحه) أي: استباح ما نواه، (ومثله). فمتى نوى بتيممه فرضا معينا " كظهر أو عصر استباح فعله وفعل مثله؛ كقضاء فائتة.

(ودونه)؛ كفعل صلاة منذورة وراتبة، وطواف، ومس مصحف. (فأعلاه) أي: أعلى ما يستباح بالتيمم: (فرض عين)، كواحدة من الخمس، (ف) يليه

(نذر) أي: ما نذر لله أن يصليه، (ف) فرض (كفآية)" كصلاة العيد، (فنافلة) " كتحية المسجد، (فطواف نفل، فمس مصحف، فقراءة) قرآن، (فلبث) بمسجد ..

أما كونه إذا نوى استباحة الأعلى يستبيح به ما دونه، لأن الأدنى تبع للأعلى

في الاستباحة.

وأما كونه إذا نوى استباحة الأدنى لا يستبيح به الأعلى، لأنه لا يملك ما لم ينوه، ولا متبوعه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:" وانما لامرئ ما نوى "

(2)

.

(وان أطلقها) أي: أطلق نية الاستباحة (لصلاة أو طواف) بأن لم يعين

(1)

أخرجه البخاري في " ضحيحه "(6553) 6: 2551 كتاب الحيل، باب في ترك الحيل ..

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(1907) 3: 1515 كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم:" انما الأعمال- بالنية .. ".

(2)

سبق تخريجه في الحديث السابق.

ص: 392

فرضهما ولا نفلهما: (لم يفعل) بهذا التيمم (إلا نفلهما)، لقوله صلى الله عليه وسلم:" انما الأعمال بالنيات وانما لامرئ ما نوى "

(1)

. وهذا ما نوى الفرض فلا يحصل له. وفارق طهارة الماء، لأنها ترفع الحدث المانع من فعل الصلاة فيباج له جميع ما يمنعه الحدث، ولا يلزم استباحة النفل بنية الفرض، لأن الفرض اعلى ما في الباب، فنيته تضمنت نية ما دونه، فإذا استباحه استباح ما دونه تبعا.

(وتسمية فيه) أي: في التيمم (كوضوء) فتجب مع الذكر وتسقط مع السهو.

ولما تم الكلام على النية في التيمم شرع في مبطلاته فقال:

(ويبطل) التيمم (حتى تيمم جنب لقراءة) قرآنا، (ولبث) بمسجد، (و) تيمم (حائض لوطء بخروج الوقت)، لأن التيمم طهارة ضرورة فتقيدت بالوقت كطهارة المستحاضة (ك) ما لو تيمم (لطواف، و) صلاة (جنازة، و) صلاة (نافلة ونحوها)؛ كتيممه لسجود شكر، وكذا لو تيمم عن (نجاسة) ببدنه قاله في " الرعاية "، فان التيمم في جميع هذه الصور يبطل بخروج الوقت " لأن طهارته انتهت بانتهاء وقتها فبطلت، كما لو انقضت مدة المسح وهو في الصلاة. ولو كان في صلاة بطلت. وقيل: لا.

ومحل هذا الخلاف: (ما لم يكن في صلاة جمعة) فانها لا تبطل؛ لأنها لاتنقض.

قال في " الإنصاف ": تنبيه: محل الخلاف في هذه المسألة: إذا كان في

غير صلاة الجمعة، أما إذا خرج وقت الجمعة وهو فيها لم تبطل، ذكره الأصحاب وجزم به في " الفروع " والزركشي وغيرهما. قلت: فيعايى بها. انتهى.

(أو) ما لم (ينو الجمع في وقت ثانية) من يباح له بأن يتيمم في وقت الظهر لصلاتها مجموعة مع العصر جمع تأخير (فلا يبطل) تيممه (بخروج وقت الأولى)

(1)

سبق تخريجه فى الصفحة السابقة.

ص: 393

التي هي الظهر؛ لأن نية الجمع صيرت الوقتين كالوقت الواحد.

(و) يبطل التيمم أيضاً: (بوجود ماء) مقدور على استعماله من غير ضرر على

ما مر في موضعه.

قال في " الفروع ": وان قدر عليه في تيممه بطل، وكذا بعده قبل الصلاة. ذكره بعضهم إجماعا.

(و) يبطل التيمم أيضاً: بـ (زوال مبيح) للتيمم؛ كما لو تيمم لمرض فعوفي

أو لبرد فزال؛ لأن التيمم طهارة ضرورة فتزول بز وال تلك الضرورة.

(و) يبطل التيمم أيضاً: بـ (مبطل ما تيمم له) من الطهارتين، فيبطل تيممه

عن الوضوء بما يبطل الوضوء من بول ونحوه، ويبطل تيممه للغسل بما يبطل الغسل من خروج مني دفقا بلذة ونحوه.

(و) يبطل التيمم أيضاً: بـ (خلع ما يمسح)؛ كخف وعمامة (ان تيمم وهو عليه).

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب المنصو ص عن أحمد في رواية عبد الله على الخفين، وفي رواية حنبل: عليهما وعلى العمامة. انتهى.

وكذا ان انقضت مدة المسح.

(لا) إذا تيمم (عن حيض ونفاس بحدث غيرهما) يعنى: أنه لا يبطل تيمم المرأة التي انقطع عنها دم الحيض لأجل وطء زوجها بحدث غير وجود الحيض، ولا من انقطع دم نفاسها بدون وجود دم النفاس.

قال في " الفروع " وتبعه في " الإنصاف ": فلو تيممت بعد طهرها من

الحيض له ثم أجنبت فله الوطء؛ لبقاء حكم تيمم الحيض، والوطء انما يوجب حدث الجنابة. انتهى.

(وان وجد الماء) من تيمم لعدمه (في صلاة أو طواف بطلا) أي: الصلاة والطواف لبطلان طهارته. فيتوضأ ان كان محدثا، ويغتسل ان كان جنبا ويبتدأ الصلاة.

ص: 394

(وان) تيمم لعدم الماء وصلى أو طاف ثم وجد الماء بعد ان (انقضيا لم يجب إعادتهما) ولو لم يخرج الوقت. واحتج أحمد " بأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما تيمم وهو يرى بيوت المدينة فصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة ". فلم يعد.

صلى الله عليه وسلم ولأنه أدى فرضه كما أمر. فلم تلزمه الإعادة، كما لو وجد بعد الوقت. ولأن عدم الماء عذر معتاد. فإذا تيمم معه يجب أن يسقط فرض الصلاة " كالمرض، وكما لو وجده بعد الوقت.

(و) ان وجد الماء من تيمم لعدمه وهو (في قراءة، و) كذا ان كان في (وطء، و) كذا ان كان في (نحوهما)، كلبث بمسجد (يجب الترك) أي: ترك القراءة والوطء ونحوهما. والأصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:. " الصعيد الطيب وضوء المسلم وان لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك "

(1)

. أخرجه أبو داود والنسائي.

فهذا يدل بمفهومه على أنه لا يكون طهوراً عند وجود الماء، وبمنطوقه على وجوب استعماله عند وجوده.

(ويغسل ميت) يمم لعدم الماء، (ولو صلى عليه) ولم يدفن حتى وجد الماء،) وتعاد) الصلاة عليه ولو كانت الأولى بوضوء.

(وسن لعالم وراج وجود ماء، أو مستو عنده الأمران) وهما الوجود والعدم (تأخير التيمم إلى آخر الوقت المختار)، لقول على رضي الله تعالى عنه في الجنب:" يتلوم ما بينه وبين آخر الوقت. فان وجد الماء وإلا تيمم ". ولأنه يستحب تأخير الصلاة لإدراك الجماعة فتأخيرها لإدراك الطهارة أولى.

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(332) 1: 0 9 كتاب الطهارة، باب الجنب يتيمم.

وأخرجه النسائي في " سننه "(322) 1: 171 كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد، كلاهما

من حديث أبي ذر رضي الله عنه.

ص: 395

وعلم مما تقدم: أنه لو تيمم وصلى أولى الوقت أجزأه ولو وجد الماء بعد ذلك في الوقت؛ لأنه أتى بما أمر في حال العذر. فلا إعادة عليه بزواله؛ كمن صلى عريانا ثم قدر على السترة في أولى الوقت، وكمن صلى جالسا لمرض ثم برا في الوقت.

(وصفته) أى التيمم: (أن ينوي) بالتيمم استباحة ما يتيمم له مع تعيين الحدث الذي يتيمم عنه. (ثم يسمي) ان ذكر التسمية. (ويضرب التراب بيده مفرجتي الأصابع) ليصلى التراب إلى ما بينها (ضربة) واحدة. ولو كان التراب ناعما فوضع يديه على التراب وضعا من غير ضرب فعلق التراب بيديه أجزأه. ثم (يمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه). .

قال في " الإنصاف ": الصحيح من المذهب: أن المسنون والواجب ضربة واحدة نص عليه، وعليه جمهور الأ صحاب. انتهى.

قال في " الشرح ": قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله التيمم ضربة واحدة؛ فقال: نعم للوجه والكفين، ومن قال: ضربتين فانما هو شيء زاده. انتهى. والأصل في ذلك ما روى عمار قال: " بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فاً جنبت

فلم أجد الماء. فتمرغت في الصعيد كما تتمرغ الدابة. ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك. فقال: انما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا. ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه "

(1)

. متفق عليه. ولأنه حكم علق بمطلق اليدين. فلم يدخل فيه الذراع؛ كقطع السارق،

ومس الفرج، وقد احتج ابن عباس بهذا.

فان قيل قد روي في حديث عمار: " إلى المرفقين "

(2)

، فعلى هذه الرواية

يحتمل أنه أراد بالكفين اليدين إلى المرفقين.

(1)

سبق تخريجه ص: (390).

(2)

أخرجه النسائي في " سننه "(319) 1: 170 كتاب الطهارة، نوع آخر.

ص: 396

قلنا: حديث: " إلى المرفقين " لا يعول عليه، انما رواه سلمة، وشك

فيه. ذكر ذلك النسائي، فلا يثبت مع الشك. مع أنه قد أنكر عليه، وخالف به

سائر الرواة الثقات.

(وان بذل) بالبناء للمفعول ماء لأولى جماعة، (أو نذر) ماء لأولى جماعة، (أو وقف) ماء على أولى الجماعة، (أو وصي بماء لأولى جماعة قدم غسل طيب

محرم)؛ لما يترتب عليه من وجوب الفدية بتأخير غسل الطيب من غير عذر.

(ف) ان فضل عن غسل طيب المحرم شيء قدم به غسل (نجاسة ثوب)؛ لوجوب

إعادة الصلاة على من صلى في ثوب نجس لعدم غيره. (ف) ان فضل عن غسل

نجاسة الثوب شيء قدم به غسل نجاسة (بقعة) تعذرت الصلاة في غيرها؛ لأنه

وان لم تجب على المصلى فيها إعادة لا يصح التيمم لها. (ف) ان فضل عن غسل

نجاسة بقعة المصلى شيء قدم به غسل نجاسة على (بدن)؛ لاختلاف العلماء في

صحة التيمم لها بخلاف الحدث. (ثم) ان فضل شيء عن غسل النجاسة على

البدن قدم (ميت) به؛ لأن غسله خاتمة طهارته، والاحياء يرجعون إلى الماء

فيغتسلون.

ولأن القصد بغسل الميت تنظيفه ولا يحصل بالتيمم، والحي يقصد يغسله

استباحة ما هو محرم عليه بدونه وذلك يحصل بالتراب.

(ف) ان فضل عن غسل الميت شيء قدمب به (حائض) انقطع دمها لغسلها من

الحيض؛ لأن حدثها أغلظ من الجنب. بدليل وجوب نقض شعرها للغسل من

الحيض دون الجنابه.

ولأنها تقضي به حق الله تعالى وحق زوجها في إباحة وطئها.

(ف) ان فضل شيء قدم به (جنب) يكفيه الماء لغسله من الجنابة؛ لأن حدث

الجنابة أغلظ من حدث المحدث حدثا أصغر.

ولأنه يستفيد به ما لا يستفيده المحدث به.

(ف) ان فضل عن الجنب شيء توضأبه (محدث إلا ان كفاه) أي: كفى الماء

ص: 397

لوضوء المحدث (وحده) أي: دون أن يكفي الجنب لغسله (فيقدم) به المحدث

(على جنب)؛ لأن استعماله في طهارة كاملة أولى من استعماله في بعض طهارة.

وان كان الماء لا يكفي الجنب ولا المحدث لطهارة كاملة قدم به الجنب؛ لأنه يستفيد به تطهير بعض أعضائه.

(ويقرع مع التساوي) وهو ما إذا لم يكن أحدهما أولى من الآخر بأن يجتمع حائضان أو محدثان والماء لا يكفي إلا أحدهما فانه يقرع بينهما. فمن قرع صاحبه قدم به؛ لأنه صار أولى بخروج القرعة له.

(وان تطهر به) أي: بالماء (غير الأولى) به؛ كما لو تطهر به حي مع وجود ميت يحتاجه (أساء) الحي (وصحت) طهارته؛ لأن الأولى لم يملكه بكونه أولى وانما رجح لشدة حاجته.

(والثوب) المبذول للأولى من حي وميت محتاج كل منهما اليه (يصلى فيه) الحي. (ثم يكفن به) الميت جمعا بين المصلحتين. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 398

[باب: إزالة النجاسة]

هذا (باب) كيفية (إزالة النجاسة الحُكْميَّة) أي: الطارئة على الأعيان الطاهرة، وحكم زوالها، وذكر النجاسات، وذكر ما يعفى عن يسيره منها،

وما يلتحق بذلك.

(يشترط لـ) تطهير (كل متنجس حتى) لو كان المتنجس (أسفل خف، و) أسفل (حذاء) وهو النعل، (و) حتى (ذيل امرأة سبع غسلات).

أما أسفل الخف والحذاء؛ فقياسا على الرجل، وأما الذيل؛ فقياسا على

بقية الثوب.

وأما كون الغسلات سبعا؛ فلما روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: " أمرنا بغسل الأنجاس سبعا "

(1)

. فينصرف إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

وقياسا على نجاسة الكلب والخنزير تستوعب كل غسلة المحل المتنجس.

وهي كافية (ان أنقت) النجاسة، (وإلاف) يزاد على السبع (حتى تنقى) النجاسة (بماء) متعلق بغسلات، (طهور) صفة للماء يعني: أنه يشترط أن تكون كل غسلة من السبع بماء طهور، فلو كانت إحداهما بغير الماء، أو بماء طاهر غير طهور لم يعتد بها (مع حت وقرص) للمحل المتنجس (لحاجة) إلى شيء من ذلك ولو في كل مرة (ان لم يتضرر المحل) المتنجس بالحت أو القرص، (و) مع (عصر مع إمكان) للعصر (فيما) أي في متنجس (تشزب) النجاسة (كل مرة) من الغسلات، ويكون العصر (خارج الماء، وإلا) أي: وان لم يكن العصر خارج الماء بأن عصر داخل الماء ولو مرات (ف) ذلك (غسلة) واحدة (يبني عليها) أي:

(1)

ر. " إرواء الغليل، 1:186.

ص: 399

يتمم ما بقي من الغسلات السبع، (أو دقه) أي: دق ما تشرب نجاسة، (وتقليبه) ان لم يمكن عصره، (أوتثقيله) كل غسلة حتى يذهب أكثر ما فيه من الماء.

(و) يشترط (كون إحداها) أي: أحد الغسلات السبع (في متنجس بكلب،

أو) متنجس (بخنزير، أو) بـ (متولد من أحدهما) أي: الكلب والخنزير (بتر اب طهور). ومحل هذا: إذا كانت النجاسة على غير الأرض. والأصل في ذلك ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ولغ الكلب في اناء أحدكم فليغسله سبعا أولاهن بالتراب "

(1)

. رواه مسلم.

ويشترط كون التراب: (يستوعب المحل؛ إلا فيما يضر) يعني: إلا إذا

كان المتنجس محلا يضره التراب (فيكفي مسماه) أي: مسمى التراب.

قال في " الفروع ": وهل يعتبر استيعاب محل الولوغ به، أم مسمى التراب، أم مسماه فيما يضره، أم ما يغير الماء؛ فيه أوجه. انتهى.

قال في " الإنصاف " عما في المتن: قلت: وهو الصواب. انتهى.

(ويعتبر مائع يوصله) أي: التراب (اليه) أي: إلى المحل المتنجس.

قال في " الفروع ": ذكره أبو المعالي و" التلخيص " وفا قا للشافعي. ريحتمل أن يكفي ذره ويتبعه الماء، وهو ظاهر كلام جماعة، وهو أظهر. انتهى.

(و) الغسلة (الأولى أولى) بجعل التراب فيها.

قال في " الشرح ": والمستحب أن يجعل التراب في الغسلة الأولى لموافقة

لفظ الخبر، وليأتي الماء بعده فينظفه. ومتى غسل به أجزأه؛ لأنه روي في حديث:" إحداهن "

(2)

، وفي حديث:" أولاهن "

(3)

، وفي حديث:" في الثامنة "

(4)

. فيدل على أن محل التراب من الغسلات غير مقصود. انتهى.

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(279) 1: 234 كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب.

(2)

أخرجه النسائي في " سننه "(337) 1: 177 كتاب المياه، باب تعفير الاناء بالتراب من ولوغ الكلب فيه.

(3)

إحدى روايات مسلم قبل السابق.

(4)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(280) 1: 235 كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب.

ص: 400

(ويقوم أشنان ونحوه) أي: نحو الأشنان، كالصابون والنخالة (مقامه) أي: التراب، لأن هذه الأشياء أبلغ من التراب في الإزالة، فنصه على التراب تنبيه عليها.

ولأنه جامد، أمر به في إزالة النجاسة. فاً لحق به ما يماثله؛ كالحجر في الاستجمار. وفيه وجه: لا يقوم شيء مقام التراب.

(ويضر بقاء طعم) فلا يحكم بطهارة المحل المغسول مع بقاء طعم النجاسة فيه؛ لدلالته على بقاء العين، ولسهولة إزالته؛ لأنه جزء من أجزاء النجاسة.

قال في " الإنصاف ": ويضر بقاء الطعم على الصحيح من المذهب.

وقيل: لا يضر.

(لا) بقاء (لون أو ريح) للنجاسة (أو هما) أي: اللون والريح (عجزا) عن إزالتهما. فان ذلل لا يضر.

وقيل: يضر بقاؤهما أو أحدهما.

قال في " الإنصاف ": فعلى المذهب يطهر مع بقائهما أو بقاء أحدهما على الصحيح من المذهب، وقال جماعة: يعفى عنه. انتهى.

(وان لم تزل النجاسة) من المحل المتنجس (إلا بملح أو نحوه)؛ كالأشنان

(مع الماءلم يجب) ذلك.

قال في " الفروع ": في ظاهر كلامهم. ويتوجه احتمال. ويحتمله كلام أحمد، وذكره ابن الزاغونى في التراب تقوية للماء.

فعل هذا أثر المداد يلطخ بغسل قصب ثم يحط في الشمس، ثم يغسل بماء وصابون، ويلطخ أثر الحبر بخردل مطحون مجبول بماء، ثم يغسل بماء

وصا بون.

(ويحرم استعمال مطعوم) كالدقيق (في إزالتها)؛ لما فيه من إفساد الطعام بالتنجيس.

(وما نجس) من محل طاهر (ب) إصابة ماء (غسله يغسل) ذلك

ص: 401

المحل

(1)

(عدد ما بقي بعدها).، أى بعد تلك الغسلة؛ لأنها نجاسة تطهر في محلها بما بقي من الغسلات فطهرت به في مثله قياسا عليه. فلو تنجس بالغسلة الرابعة مثلا غسل ثلاث غسلات إحداهن (بتراب طهور حيث اشترط ولم يستعمل).

وفيه وجه: انما تنجس بما غسله. ولو كانت السادسة يغسل سبعا.

(ويغسل) بالبناء للمفعول (بخروج مذي) من ذكر (ذكر) نائب الفاعل

(وأنثيان).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. نص عليه، جزم به

ناظم " المفردات " وهو منها، وقدمه ابن تميم و" الفائق " و" الحواشي "، واختاره أبو بكر والقاضي. انتهى.

وفي الغسل تفصيل: أما ما لم يصبه فيغسل (مرة، و) أما (ما أصابه) المذي

من الذكر والأنثيين فيغسل (سبعا) كباقي النجاسات. وما قلنا: أنه يغسل مرة فقيل: لتبريدهما. وقيل: لتلويثهما غالبا؛ لنزوله متسبسبا.

وعنه: لا يغسل إلا ما اصابه المذي من الذكر والأنثيين.

وعنه: يغسل ما أصابه المذي وما لم

(2)

يصبه من الذكر فقط.

(ويجزئ في بول غلام لم يأكل طعاما لشهوة نضحه. وهو غمره بماء)

ولا يحتاج إلى مرس وعصر؛ لما روت أم قيس بنت محصن: " أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه. فدعى بماء فنضحه ولم يغسله "

(3)

. متفق عليه.

وعن لبابة بنت الحارث قالت: " كان الحسين بن على في حجر

(1)

في ج زيادة لفظ: حينئذ.

(2)

ساقط من أ.

(3)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(221) 1: 90 كتاب الوضوء، باب بول الصبيان.

وأخرجه مسلم في " صحيحه صلى الله عليه وسلم (287) 1: 238 كتاب الطهارة، باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله.

ص: 402

رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال عليه. فقلت: البس ثوبا آخر وأعطني إزارك حتى أغسله. قال: انما يغسل من بول الأنثى، وينضح من بول الذكر "

(1)

. رواه أبو داود.

وعن على رضي اليه تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بول الغلام ينضح، وبول الجارية يغسل. قال قتادة: هذا ما لم يطعما الطعام فإذا طعما غسل بولهما "

(2)

. رواه الإمام أحمد.

وقال: الصبي إذا طعم الطعام وأراده واشتهاه غسل بوله، وليس إذا أطعم؛ لأنه قد يلعق العسل ساعة يولد، و" النبي صلى الله عليه وسلم حنك يالتمر "

(3)

.

(و) يجزئ (في صخر وأجرنة وأحواض ونحوها، وأرض تنجست بمائع

ولو من كلب وخنزير مكاثرتها بالماء حتى يذهب لون نجاسة وريحها)؛ لأن بقاءهما أو بقاء أحدهما يدل على بقاء النجاسة. (ما لم يعجز) عن إذهابهما أو إذهاب أحدهما فلا يضر ذلك- كما تقدم ذلك- في غير الأرض.

ويطهر ما تنجس ببول الصبي الذي لم يأكل الطعام لشهوة بالنضح والأرض النجسة بالمكاثرة بالماء (ولو لم يزل) الماء (فيهما).

قال في " شرح المقنع الكبير ": والدليل على أن الأرض تطهر بذلك

ما روى أنس قال: " جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم. فلما قضى بوله أمر بذنوب من ماء فاً ريق عليه "

(4)

.

متفق عليه. ولا نعلم في ذلك خلافا. (ولا يطهر دهن) تنجمس؛ " لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن السمن إذا وقعت فيه الفأرة ققال: ان كان مائعاً فلا تقربوه "

(5)

. رواه أبو داود.

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه "(375) 1: 2 0 1 كتاب الطهارة، باب بول الصبي يصيب الثوب.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(63 5) 1: 76.

(3)

أخرجه أحمد في " مسنده "(12818) 3: 175. من حديث أنس رضي الله عنه.

(4)

أخرجه البخاري في" صحيحه "(219) 1: 89 كتاب الوضوء، باب يهريق الماء على البول. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (284) 1: 236 كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد ..

(5)

أخرجه أبو داود في " سننه "(3842) 3: 364 كتاب الاطعمة، باب في الفأرة تقع في السمن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 403

ولو كان يمكن تطهيره لم يأمر بإراقته.

(ولا) تطهر (أرض اختلطت بنجاسة ذات أجزاء).

قال في " شرح المقنع الكبير ": فان كانت النجاسة ذات أجزاء متفرقة كالرمم والدم إذا جف والروث فاختلطت بأجزاء الأرض لم تطهر بالغسل؛ لأن عينها لا تنقلب ولا تطهر إلا بإزالة أجزاء المكان بحيث يتيقن زوال أجزاء النجاسة. (ولا باطن حب و) لا باطن (اناء وعجين ولحم تشربها) بغسل، لأن الغسل

لا يستاً صل أجزاء النجاسة مما ذكر، (ولا سكين سقيتها) أي: سقيت النجاسة (بغسل) أي: بغسل الحب ولأن والعجين واللحم والسكين.

قال أحمد في العجين: يطعم النواضح ولا يطعم شئ يؤكل في الحال،

ولا يحلب لبنه؛ لئلا يتنجس به ويصير كالجلالة.

(ولا) يطهر (صقيل)؛ كالسيف والمرآة والزجاج (بمسح) له دون أن

يغسله؛ لأنه محل لا تتكرر فيه النجاسة. فلا يكفي فيه المسح كالأوانى.

(ولا) تطهر (أرض بشمس وريح وجفاف)؛ " لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يصب على بول الأعرابي ذنوبا من ماء "

(1)

. والأمر يقتضي الوجوب. ولأنه محل نجس. . فلم يطهر بغير الغسل؛ كالثياب والأوانى.

(ولا) تطهر (نجاسة بنار فرمادها نجس)، [والأمر يقتضى الوجوب]

(2)

؛ لأنه انما تغيرت هيئة جسمها؛ كالميتة النجسة تصير بتطاول بتطاول ترابا.

(ولا) تطهر النجاسة أيضاً: (باستحالة. قالمتوالد منها)، أي: من النجاسة؛ (كدود جرح، وصراصير كنف) جميع كنيف، أو كالكلاب تلقى في الملاحة فتصير ملحا (نجسة)؛ كالدم إذا استحال قيحا، و" لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الجلالة وألبانها "

(3)

لأكلها النجاسة. فلو كانت النجاسة تطهر

(1)

سبق تخريجه في الصفحة السابقه.

(2)

ساقط من أ.

(3)

أخرجه أبو داود في " سنته "(3785) 3: 1 35 كتاب الاطعمة، باب النهي عن أكل الجلالةوألبانها.

ص: 404

بالاستحالة لم يؤثر أكلها النجاسة؛ لأنها تستحيل.

(إلا علقة يخلق منها) حيوان (طاهر) فانها تصير طاهرة بعد أن كانت نجسة، (وخمرة انقلبت بنفسها) خلا فانها تطهر.

قال في " شرح المقنع الكبير ": لا نعلم في ذلك خلافا، لأن نجاستها لشدتها المسكره الحادثة لها، وقد زال ذلك من غير نجاسة خلفتها. فوجب أن تطهر " كالماء الذي تنجس بالتغيرات إذا زال تغيره بنفسه. ولا يلزم عليه سائر النجاسات؛ لكونها لا تطهر بالاستحالة، لأن نجاستها لعينها، والخمرة نجاستها بالانقلاب.

(أو) انقلبت خلا (بنقل لا لقصد تخليل) فانها تطهر أيضاً.

وعلم من هذا: أنها لو خللت أو نقلت لقصد التخليل أنها لا تطهر وهو المذهب.

(ودنها) أي: دون الخمر وهو وعاؤها (مثلها) فيطهر بطهارتها.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب مطلقاً وعليه الأصحاب.

قال في " الفروع ": ويتوجه فيما لم يلاق الخل مما فوقه مما أصابه الخمر

في غليانه وجهان.

(كمحتقر) من الأرض فيه ماء كثير حكم بنجاسته بتغيره بها، ثم زال تغيره بنفسه فانه يحكم بطهارته وطهارة محله من الأرض تبعا له. ويلحق بذلك ما بني با لأرض، كا لصهاريج والبحيرات.

(لا اناء طهر ماؤه) فان انائه لا يطهر، لأن الأوانى وان كانت كبيرة لا تطهر

إلا بسبع غسلات.

(ويمنع غير خلال) وهو بائع الخل (من إمساكها) أي: إمساك الخمرة (لتتخلل) أي: لتصير خلا بيد غير الخلال، (ثم ان تخللت) بيد غير الخلال، (أو اتخذ) غير الخلال (عصيرا ليتخمر) أي: ليصير خمرا (فتخلل بنفسه حل) وطهر.

ص: 405

قال في " الفروع ": على الأصح، والخل المباح: أن يصب على العنب أو على العصير خل قبل غليانه حتى لا يغلي. نقله الجماعة عن الإمام. قيل له: فان صب عليه خل فغلى؛ قال: يهراق.

(ومن بلع لوزا أو نحوه) كبندق (في قشره ثم قاءه أو تحوه) بأن خرج على أية صفة كانت: (لم ينجس باطنه) لصلابة الحائل؛ (كبيض صلق فى خمر) فانه لا يتنجس باطنه.

قال في " الرعاية ": ومن بلع شيئاً طاهراً ثم قائه أو قذفه ولو بقي استحال؛ كلحم وخبز فنجس، وإلا فطاهر الباطن؛ كجوز ولوز وفستق وبندق. انتهى. (واي نجاسة خفيت) في بدن أو ثوب (غسل) كل محل احتمل أن النجاسة أصابته من البدن أو الثوب (حتى يتيقن غسلها) منه. نص عليه. فان لم يعلم جهتها من البدن أو الثوب بأن لم يعلم هل كانت مما يقع عليه بصره من ذلك أو لا؟ غسله كله. وان علمها في إحدى الكمين ونسيه غسلهما. وان رآها في بدنه أو ثوبه الذي عليه غسل كل ما يدركه بصره من بدنه أو ثوبه. فلو صلى مع وجود النجاسة الخفية في بدنه أو في الثوب الذي خفيت فيه بدون الغسل المذكور لم تصح صلاته؛ لأنه تيقن المانع من الصلاة. فلم تبح له الصلاة إلا بيقين زواله؛ كمن تيقن الحدث وشك في الطهارة ان خفيت النجاسة.

(لا في صحراء ونحوها)؛ كالحوش الواسع فانه لا يجب غسل جميعه؛ لأن ذلك يشق.

(ويصلى فيها بلا تحر)؛ لأنه لو منع من الصلاة في ذلك افضى إلى الحرج والمشقة.

وأما إذا كان المكان التي خفيت فيه النجاسة صغيرا؛ كالبيت والحوش الصغير فانه إذا أراد الصلاة فيه يلزمه غسله كله؛ كالثوب. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 406

[فصل في الأعيان النجسة]

هذا (فصل) يذكر فيه الأشياء المتفق على نجاستها والمختلف في نجاستها

سوى ما تقدم في باب الآنية، وما يعفى منها عن يسيرها وغير ذلك.

(المسكر): نجس سواء كان خمراً؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ انمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ} [المائدة: 90].

ولأنه يحرم تناوله من غير ضرر. أشبه الدم.

أو كان نبيذاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" كل مسكر خمر، وكل خمر حرام "

(1)

. رواه مسلم.

ولأنه شراب فيه شدة مطربه. أشبه الخمر، وكذا الحشيشة المسكرة.

(وما لا يؤكل من الطير والبهائم مما فوق الهر خلقة) أي: في الخلقة نجس فدخل فيما لا يؤكل من الطير سباعها؛ كالعقاب والصقر والحدأة والبومة،

وما يأكل الجيف منها؛ كالنسر والرخم واللقلق وغراب البين والأبقع، ودخل فيما لا يؤكل من البهائم الفيل والبغل والحمار وسباعها مما فوق الهر " كالأسد والنمر والذئب والفهد والكلب والخنزير وابن آوى والدب والقرود، وما تولد بين مأكول وغيره؛ كالسِّمع ولد الضبع من الذئب، والعسبار ولد الذئبة من الذيخ.

وعلم مما تقدم: أن ما دون ذلك في الخلقة طاهر؛ وذلك كالنمس والنسناس وابن

عرس والقنفذ والفأر.

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(2003) 3: 1588 كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر. . .

ص: 407

(وميتة غير آدمي، و) غير (سمك، و) غير (جراد، وغير ما لا نفس له

سائلة؛ كالعقرب) نجسة: أما ميتة الآدمى فطاهرة، لأنه لو نجس بالموت لم يطهر بالغسل، كالحيوانات التي تنجس بالموت. وحكم أجزأء الآدمى وأبعاضه حكم جملته.

وأما ميتة السمك وسائر حيوان البحر مما لا يعيش إلا فى الماء فطاهرة

أيضاً؛ لأنها لو كانت نجسة لم يبح أكلها. وكذا الجراد.

وعلم من هذا: أن ميتة ما يعيش في البحر والبر؛ كالضفدع ونحوه من

بحري محرم له نفس سائلة نجسة.

وأما ميتة ما لا نفس له سائلة، أي: لا دم لها سائل؛ كالعقرب والخنفساء والعنكبوت والذباب والنحل والزنبور والنمل والدود والقمل والصراصر التي لم تتولد من النجاسة ونحوها فانها طاهرة، لقوله صلى الله عليه وسلم:" إذا وقع الذباب في اناء أحدكم فليمقله فان في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء "

(1)

رواه البخاري.

وفي لفظ: " فليغمسه كله، ثم ليطرحه "

(2)

.

فان قيل: مَقْلُه ليس بقتله.

قلنا: اللفظ عام في كل شراب بارد وحار ودهن مما يموت بغمسه فيه. فلو

كان ينجس الشراب كان أمراً بإفساده.

(لا الوزغ والحية) فان ميتتهما نجسة، لأن لهما نفس سائلة.

قال في " الإنصاف ": والصحيح من المذهب: أن الوزع لها نفس سائلة.

نص عليه؛ كالحية. قدمه في " الفروع " واختاره القاضي. انتهى.

(والعلقةُ يخلق منها حيوان ولو) كان ذلك الحيوان (آدمياً أو طاهراً) نجسة.

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه "(3142) 3: 1206 كتاب بدء الخلق، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ..

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(5445) 5: 2180 كتاب الطب، باب إذا وقع الذباب في الاناء، عن أبي هريرة.

ص: 408

قال في " الإنصاف ": والصحيح من المذهب أنها نجسة؛ لأنها دم خارج

من الفرج. انتهى.

(والبيضة تصير دماً) نجسة.

قال المجد: حكمها حكم العلقة. وأطلق في " الفروع " في نجاستها

وجهين. ثم قال: وذكر أبو المعالي و" التلخيص " نجاسة بيض مذر، واقتصر عليه، ونقل في " الإنصاف " من ابن تميم: أن الصحيح طهارتها.

(ولبن) غير آدمى ومأكول؛ كلبن الهر نجس، (ومني غير آدمى ومأكول) نجس، (وبيضه) أي: بيض غير المأكول نجس، (والقيء) مما لا يؤكل

نجس، (والودي) مما يؤكل نجس وهو ماء أبيض يخرج عقب البول غير لزج، (والمذي) مما لا يؤكل نجس وهو ماء أبيض رقيق لزج؛ كماء السيبسبان يخرج عند مبادئ الشهوة والانعاظ. وهو الانتشار.

(والبول والغائط مما لا يؤكل أو آدمي) نجس.

(والنجسُ منا طاهرٌ منه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء) صلى الله وسلم عليهم.

(وماء قروح) نجس، (ودم غير عرق مأكول ولو ظهرت حمرته) أي: حمرة

دم العرق المأكول، (و) دم غير (سمك، و) دم غير (بق، و) غير (قمل، و)

غير (براغيث، و) غير (ذباب ونحوها، و) دم غير (شهيد عليه) نجس، (وقيح) نجس، (وصديد نجس).

هذا خبر لجميع ما تقدم ما عدا ما استثني.

(ويعفى في غير مائع، و) في غير (مطعوم عن يسير لم ينقض) الوضوء خروج قدره من البدن (من دم ولو) كان الدم (حيضاً ونفاساً واستحاضة، و) من (قيح وصديد ولو) كان الدم والقيح والصديد (من غير مصل).

قال في " الفروع ": ويعفى على الأصح عن يسير دم وما تولد منه وفاقاً.

وقيل: من بدنه.

(لا) ان كان الدم أو القيح أو الصديد (من حيوان نجس)؛ كالكلب فانه

ص: 409

لايعفى عنه؛ لأنه لا يعفى عن يسير شيء من فضلاته؛ كعرقه وريقه فدمه أولى.

(أو) كان من (سبيل) أي: خارجاً من قبل أو دبر فانه لا يعفى عنه؛ لأن

حكم الخارج من السبيل حكم البول والغائط.

(و) يعفى (عن أثر استجمار بمحله).

قال في " شرح المقنع الكبير ": ولا نعلم خلافاً في العفو عنه بعد الانقاء واستيفاء العدد.

(و) يعفى أيضاً: عن (يسير سلس بول)؛ لمشقة التحرز منه.

(و) يعفى أيضاً: عن (دخان نجاسة وغبارها وبخارها ما لم تظهر له) أي:

للدخان أو الغبار أو البخار (صفة) في الشيء الظاهر.

وقال جماعة: ما لم يتكاثف؛ لعسر التحرز عن ذلك.

(و) يعفى أيضاً: عن (يسير ماء نجس بما) أي بشيء (عفي عن يسيره)؛

كالدم ونحوه. (قاله ابن حمدان) في " رعايته ". وعبارته: ويُعفى عن يسير دم كل حيوان طاهر له نفس سائلة يؤكل أو لا يؤكل، وعن دم البق ونحوه ان قلنا:

انه نجس، وعن يسير الماء النجس بما عفي عنه من دم ونحوه في الأصح فيهما. انتهى.

(وأطلقه) أي: أطلق القول بالعفو عن يسير الماء النجس (المنقح) في

" التنقيح "(عنه) أي: عن ابن حمدان. فلم يقيده بماتنجس بما عفي عن

يسيره.

ووجه ذلك: أن كل نجاسة نجست الماء فحكم هذا الماء المتنجس بها

حكمها؛ لأن نجاسة الماء ناشئة عن نجاسة الواقع فيه، فهي فرع فان كانت هذه النجاسة مما يعفى عن يسيرها فيعفى عن يسير هذا الماء وإلا فلا؛ لأن الفرع يثبت له حكم أصله.

(ويُضم) نجس يعفى عن يسيره (متفرق بثوب) واحد؛ كما لو كان بثوب بُقَع

ص: 410

من دم أو قيح، فان كان يصير بضمه كثيراً منع من الصلاة فيه، (لا) ان كان في ثوبين فـ (أكثر) فانه لا يضم ويكون لكل ثوب حكم نفسه.

(و) يعفى (عن نجاسة بعين)، وقد تقدم عدم وجوب غسلها.

(و) يعفى عن (حمل كثيرها في صلاة خوف) للضرورة.

(وعرق وريق من) حيوان (طاهر) مأكول أو غير مأكول طاهر، (والبلغم) الخارج من الرأس أو الصدر (ولو أزرق) طاهر؛ لما روى مسلم عن أبى هريرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد فأقبل عليّ فقال: ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فينتخع أمامه. أيجب أن يُستقبل فينتخع في وجهه؟. فإذا انتخع أحدكم فلينتخع عن يساره أو تحت قدمه. فان لم يجد فليقل هكذا.

ووصف القاسم فتفل في ثوبه ثم مسح بعضه ببعض "

(1)

.

ولو كانت نجسة لما أمر بمسحها في ثوبه وهو في الصلاة ولا تحت قدمه.

ولأنه لو كان نجسا لنجس الفم ونقض الوضوء كثيره. ولم ينقل عن الصحابة

رضي الله تعالى عنهم ما يخالف ذلك.

ولأنه منعقد من الأبخرة. أشبه المخاط.

(ورطوبة فرج آدمية) طاهرة، لأن المني طاهر وان كان من جماع، فلو

حكمنا بنجاسة رطوبة فرجها لحكمنا بنجاسة منيها؛ لأنه يتنجس برطوبة فرجها؛ لخروجه منه، وفي ذلك رواية النجاسة.

(وسائل من فم) لآدمي (وقت نوم) طاهر.

قال في " الفروع ": وما سال من الفم وقت النوم طاهر في ظاهر قولهم.

انتهى.

(ودود قز) طاهر. قال بعضهم: بلا خلاف.

(1)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(0 55) 1: 389 كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن اليصاق في المسجد. .

ص: 411

(ومسك وفأرتُه) طاهران وهو سرة الغزال. ولا يضر كونه جزءاً منفصلاً من حيوان حي؛ لأنه ينفصل بطبعه؛ كالجنين.

وقيل: انه من دابة في البحر لها أنياب.

وكذا الزباد طاهر؛ لأنه عرق سنور بري. وقيل: لبن سنور بحري.

وكذا العنبر طاهر. واختلف من أى شيء هو، فقيل: نبات ينبت في قعر

البحر فيبتلعه بعض دوابه فإذا ثملت منه قذفته رجيعاً فيقذفه البحر إلى ساحله.

وقيل: طل ينزل من السماء في جزائر البحر فتلقيه الأمواج إلى الساحل.

وقيل: روث دابة بحرية تشبه البقرة.

وقيل: هو خثاء من خثاء البحر أي: زبد.

وقيل: هو فيما يُظن نبع من عين في البحر.

(وطينُ شارع ظُنت نجاسته طاهر).

قال في " الرعاية ": وطين الشوارع طاهر ان جهل حاله. أومأ إليه أحمد. وعنه: أنه نجس. وقيل: من ظن نجاسته غالباً ويعفى إذاً عن يسيره في

الأصح. وقيل: ان شق التحرز منه، وترابها طاهر. انتهى.

يعني: أن تراب الشوارع وطينها طاهران على المقدم.

(ولا يكره) استعمال (سؤر طاهر) أي: حيوان طاهر. وسؤره: فضل

ما أكل أو شرب منه.

(غير) سؤر (دجاجة مخلاة).

قال في " الإنصاف ": يكره سؤر الدجاجة إذا لم تكن مضبوطة. نص عليه

قاله ابن تميم وغيره. انتهى.

وقيل: يكره سؤر الكافر. وقيل: يكره سؤر الفأر أيضاً؛ لأنه ينسي.

(ولو أكل هر ونحوه) من الحيوانات الطاهرة كالنمس والفأر والقنفذ،

(أو طفل نجاسة ثم شرب ولو قبل أن يغيب من ماء يسير) أو مائع لم يؤثر، (أو

ص: 412

وقع فيه) أي: في الماء القليل (هر ونحوه مما ينضم دبره إذا وقع في مائع)؛ كالفأر (وخرج حياً لم يؤثر) ذلك.

قال في " الإنصاف ": فهو طاهر على الصحيح من المذهب. نص عليه. (وكذا) لو وقع (في جامد وهو) أى الجامد: (ما يمنع انتقالها) أي:

النجاسة (فيه) أي: في الجامد لكثافته.

(وان مات) حيوان ينجس بالموت،

(أو وقع ميتاً رطباً في دقيق ونحوه أُلقيَ

وما حوله) واستعمل الباقي.

(وان اختلط ولم ينضبط حرم) الكل. نقله صالح وغيره. والله أعلم.

ص: 413

[باب: الحيض]

هذا (باب) يذكر فيه حكم الحيض والاستحاضة والنفاس وما يتعلق بذلك. (الحيض) لغة: السيلان. وهو مصدر حاضت المرأة تحيض حيضاً

ومحيضاٍ، فهي حائض وحائضة. مأخوذ من قولهم: حاض الوادي إذا سال، وحاضت الشجرة إذا سال منها شبه الدم وهو الصمغ الأحمر. واستحيضت المرأة استمر منها الدم بعد أيامها فهي مستحاضة. وتحيضت أي: قعدت أيام حيضها عن الصلاة.

ومن أسمائه: الطمث، والعراك، والضحك، والإعصار، والإكبار،

والنفاس، والفراك، والدراس، وهل المحيض: الحيض؟ لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222]، والأذى انما هو الدم وهو الحيض، وكذلك قوله تعالى:{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ}

[الطلاق: 4]، وانما يئسن من الحيض أو المحيض مكان الحيض؛ كالمقيل والمبيت مكان القيلولة والبيتوتة، وما جاء في القرآن يحمل على المجاز: خلاف. وفائدته: أنا إذا قلنا المحيض اسم لمكان الحيض اختص التحريم به، وإذا قلنا: أنه اسم للدم جاز أن ينصرف إلى ما عداه لأجله.

ودم الحيض (دم طبيعة) أي: سجية (وجبلَة) بضم الجيم وكسرها أي:

خلقة جبل الله بناتِ آدم عليها (تُرخيه الرحم). ومخرجه من قعر الرحم.

والرَّحِم بفتح الراء وكسر الحاء، وبكسر الراء مع سكون الحاء: بيت منبت

الولد ووعائه.

(يعتاد) ذلك (أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة). وليس هو بدم فساد بل

ص: 414

خلقه الله تعالى لحكمة غذاء الولد وتربيته؛ لأن المرأة إذا حملت انصرف الدم بإذن الله تعالى إلى غذاء الولد. ولذلك لا تحيض الحامل. فإذا وضعته قَلَبه الله بحكمته لبناً يتغذى به، ولذلك قلّ أن تحيض المرضع. فإذا خلت عنهما بقي

الدم لا مصرف له فيستقر في مكانه، ثم يخرج في الغالب من كل شهر ستة أيام أو سبعة. وقد يزيد على ذلك وقد ينقص، وقد يطول شهرها وقد يقصر بحسب

ما كتبه الله تعالى في الطباع.

(ويَمنع) وجود الحيض اثني عشر شيئاً: (الغسل له) هذا هو الأول أي:

صحة الطهارة له (لا لجنابة، بل يسن) أن تغتسل للجنابة وهي حائض.

(و) يمنع (الوضوء) المبيح للصلاة ونحوها.

(و). يمنع (وجوب صلاة) زمنه.

قال في " الفروع ": إجماعاً، ولا تقضيها إجماعاً. قيل لأحمد في رواية الأثرم: فان أحبت أن تقضيها؟ قال: لا، هذا خلاف. فظاهر النهي التحريم. ويتوجه احتمال يكره، لكنه بدعة، كما رواه الأثرم عن عكرمة. ولعل المراد:

إلا ركعتي الطواف، لأنها نسك لا آخر لوقته. فيعابى بها.

ويتوجه أن وصفه عليه السلام لها بنقصان الدين بترك الصلاة زمن الحيض

يقتضي أن لا تثاب عليها.

ولأن نيتها تركها زمن الحيض، وفضل الله يؤتيه من يشاء. بخلاف المريض

والمسافر. انتهى.

(و) يمنع أيضاً: (فعلها) أي: صحة فعل الصلاة، ولو سجدة تلاوة

لمستمعة لقيام المانع بها.

(و) يمنع أيضاً: (فعل طواف) أي: صحة فعله لقيام المانع بها. وعنه:

يصح وتجبره بدم وفاقاً لأبي حنيفة.

(و) يَمنع أيضاً: فعل (صوم) إجماعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أليست إحداكن

ص: 415

إذا حاضت لم تصم ولم تصلي؛ قلن: بلى "

(1)

. رواه البخاري. .

لا وجوبه فتقضي الصوم إجماعاً؛ لما روت معاذة قالت: " سألت عائشة رضي الله تعالى عنها فقلت: ما بالُ الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحَرُوريةٌ أنتِ؟ فقلت: لست بحرورية ولكني أسأل. فقالت:

كنا نحيضُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمرُ بقضاء الصوم ولانؤمر بقضاء الصلاة "

(2)

. متفق عليه.

ويكون قضاؤها بالأمر السابق لا بأمر جديد.

قال في " الفروع ": في الأشهر. انتهى.

(و) يمنع أيضاً: (مس مصحف) وفاقاً؛ لقوله سبحانه وتعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]

(و) يمنع أيضاً: (قراءة قرآن)؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تقرأ الحائض

ولا الجنب شيئاً من القرآن "

(3)

. رواه أبو داود والترمذي.

قال في " الإنصاف ": مطلقاً على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم. وقيل: لا يمنع منه. وحكي رواية.

قال في " الرعاية ": وهو بعيد.

(و) يمنع أيضاً: (اللبث بمسجد) وفاقاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب "

(4)

. رواه أبو داود.

(1)

أخرجه الجاري في " صحيحه "(298) 1: 116 كتاب الحيض، "باب ترك الحائض الصوم، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه

(2)

2 اخرجه الجاري في " صحيحه "(315) 1: 122 كتاب الحيض، باب لا تقضي الحائض الصلاة. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (335) 1: 265 كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة.

(3)

3 أخرجه أبو داود في " سننه "(229) 1: 59 كتاب الطهارة، باب في الجنب يقرأ القرآن.

وأخرجه الترمذي في " جامعه ") 131) 1: 236، أبواب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض انهما لا يقرآن القرآن من حديث ابن عمر رضي الله عنهما

(4)

أخرجه أبو داود فى " سننه "(232) 1: 0 6 كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد

ص: 416

(ولو) كان اللبث (بوضوء).

قال في "الإنصاف ": مطلقاً على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. وقيل: لا يمنع إذا توضأت وأمنت التلويب.

و (لا) يمنع الحيض: (المرور) بالمسجد (ان أمنت تلويثه). ونصه في رواية

ابن إبراهيم: تمرّ ولا تقعد.

وقيل: يمنع دخوله. وحكي رواية: كخوفها تلويثه.

(و) يمنع الحيض أيضاً: (وطأً في فرج)؛ إجماعاً لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُواْ

النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222].

(إلا لمن به شَبَقٌ بشرطه). وشرطه: أن لا تندفع شهوته بدون الوطء في الفرج، ويخاف شق أنثييه ان لم يطأ، وأن لا يجد غير زوجته الحائض بأن

لا يقدر على مهر حرة ولا ثمن أمة.

(و) يمنع الحيض أيضاً: (سنة الطلاق)؛ لما روي عن ابن عمر: " أنه طلق امرأته وهي حائض. فذكر عمر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً "

(1)

. متفق عليه، ولم يقل البخاري:" أو حاملاً ".

ولأنه إذا طلقها فيه كان محرماً وهو طلاق بدعة؛ لما فيه من تطويل العدة.

ومحل ذلك: (ما لم تسأله) أي: تسأل المرأة زوجها (خلعاً أو طلاقاً على عوض) ويجيبها؛ لأن المنع لتضررها بتطويل العدة. فاذا سألته ذلك فقد أدخلت الضرر على نفسها.

(و) يمنع الحيض أيضاً: (اعتداداً بأشهر)؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ

يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ} [البقرة: 228]. فأوجب العدة بالقروء على من تحيض، وقوله: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ ان ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُر

(1)

1 أخرجه البخاري في " صجحه "(4954) 5: 2011 كتاب الطلاق، باب إذا طلقت الحالض يعتد بذلك الطلاق.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(1471) 2: 1095 كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها ..

ص: 417

وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]. يدل على أن شرط الاعتداد بالأشهر عدم الحيض. (إلا) الاعتداد (لوفاة) فانه بالأشهر، ولو أن الزوجة تحيض؛ لقوله تعالي:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة: 234]. ولم يفصل بين من تحيض ومن لا تحيض، وقد انقضى ما يمنعه الحيض.

وأما الذي يوجبه الحيض فثلاثة أشياء:

الأول: الغسل، وإلى ذلك أشير بقوله:(ويوجب الغسل) عند انقطاع دم

الحيض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلى وصلي "

(1)

. متفق عليه.

الثانى: مما يوجبه الحيض: البلوغ. وإلى ذلك الإشارة بقوله:

(والبلوغ)؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار "

(2)

. رواه أحمد وغيره.

فأوجب عليها أن تستتر لأجل الحيض، فدل على أن التكليف حصل به.

والثالث: مما يوجبه الحيض: الاعتداد به لغير الوفاة. وهو المشار إليه

بقوله: (والاعتداد به إلا لوفاة). وتقدم الكلام على معنى ذلك.

(ونفاس) مبتدأ (مثله) خبره أي: مثل حيض يمنع ما يمنعه الحيض ويوجب

ما يوجبه. (إلا) في ثلاثة أشياء:

الأول: (في اعتداد)؛ لأن انقضاء العدة يكون بالقرء، والنفاس ليس

بقرء.

(1)

1 أخرجه البخاري في "صحيحه "(319) 1: 124 كتاب الحيض، باب إذا حاضت في شهر ثلات حيض .. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (334) 1: 264 كتاب الحيض، باب المستحاضه وغسلها وصلاتها.

(2)

أخرجه أحمد في " مسنده "(25875) 6: 218.2

وأخرجه أبو داود في " سننه "(641) 1: 171 كتاب الصلاة، باب المرأة تصلي بغير خمار. كلاهما

من حديث عائشة رضي الله عنها. قال الحافظ ابن حجر في " التلخيص " 1: 279: أعله الدارقطني بالو قف، وأعله الحاكم بالإرسال.

ص: 418

(و) الثانى: في (كونه) أى النفاس: (لا يوجب بلوغاً)؛ لحصول البلوغ

بالانزال السابق للحمل.

(و) الثالث: في كونه (لا يحتسب به) أي: النفاس (في مدة إيلاء) أي: في

زمن تربص الأربعة الأشهر. بخلاف زمن الحيض فانه محتسب على المولي من الأربعة الأشهر.

(ولا يباح قبل غسل بانقطاع دم) الحيض (غير صوم)؛ لأن وجوب الغسل

لا يمنع فعله؛ كالجنب. (و) غير (طلاق)؛ لأن تحريمه لتطويل العدة بالحيض

وقد زال ذلك.

(ويجوز أن يستمتع) زوج وسيد (من حائض بدون فرج) مما بين سرتها وركبتها. وبهذا قال عطاء وعكرمة والشعبي والثوري وإسحاق.

وعنه: لا يجوز الاستمتاع من الحائض إلا بما عدا ما بين السرة والركبة

وفاقاً للأئمة الثلاثة.

ووجه المذهب: ما روى عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس رضي الله

تعالى عنهما " في قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]

أي: اعتزلوا نكاح فروجهن ".

ولأن المحيض: اسم لمكان الحيض؛ كالمقيل والمبيت. فيختص

التحريم بمكان الحيض وهو الفرج. ولهذا لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم:

" اصنعوا كل شيء إلا النكاح "

(1)

. رواه مسلم.

وفي لفظ: " إلا الجماع "

(2)

. رواه أحمد وغيره.

ولأنه وطء منع لأجل الأذى. فاختص بمحل الأذى؛ كالدبر.

(1)

1 أخرجه مسلم في " صحيحه "(302) 1: 246 كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها .. ، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

(2)

2 أخرجه أحمد في " مسنده "(2376 1) 3: 133 ولفظه: " إلا النكاح ". عن انس. ولفظ:

" إلا الجماع " أخرجه ابن ماجه في " سننه "(644) 1: 211 كتاب الطهارة، باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها.

ص: 419

وعنه: لا يجوز الاستمتاع من الحائض بما بين السرة والركبة؛ لما روى

عبد الله بن سعد: " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزار "

(1)

. رواه أبو داود.

وأجيب: بأنه من رواية حزام بن حكيم وقد ضعفه ابن حزم وغيره. وعلى

تسليم صحته فانه يدل بالمفهوم، والمنطوق راجح عليه.

وما روى البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان

يأمرنى أن أتزر فيباشرنى وأنا حائض "

(2)

؛ لأنه كان يترك بعض المباح تعذراً؛ كتركه أكل الضب. ولا شك أن الاستمتاع بما فوق السرة وتحت الركبة جائز إجماعاً فكذا ما بينهما.

(و) على المذهب (يسن ستره) أى الفرج (إذاً) أي: حين استمتاعه

بما دونه؛ لما روى عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه كان إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها خرقة "

(3)

. رواه أبو داود.

(فان أولج) في فرج حائض (قبل انقطاعه) أي: دم الحيض (من يجامع مثله) حشفته أو قدرها من مقطوعها ولو بحائل (فعليه) أي: المولج (كفارة). وعلى

هذا جمهور الأصحاب.

قال في " الإنصاف ": وعنه: ليس عليه إلا التوبة. وهو قول الأئمة الثلاثة.

وعلى المذهب فالكفارة (دينار أو نصفه على التخيير). نقله الجماعة عن

أحمد؛ لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: " في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: يتصدق بدينار أو نصف دينار "

(4)

. رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي.

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(212) 1: 55 كتاب الطهارة، باب في المذي، عن حزام بن حكيم عن عمه وهو عبد الله بن سعد، قلت: وقد أخرج أبو داود رحمه الله هذا الحديث في غير موضعه، فقد أدرجه تحت باب: المذي، مع انه أورد أحاديث في هذا الموضوع في باب الرجل يصيب منها دون الجماع.

(2)

أخرجه البخاري في " صحيحه "(295) 1: 115 كتاب الحيض، باب مباشرة الحائض. 2

(3)

3 أخرجه أبو داود في "سننه "(272) 1: 71 كتاب الطهارة، باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع.

(4)

4 أخرجه أبو داود في " سننه "(264) 1: 69 كتاب الطهارة، باب في إتيان الحائض وأخرجه الترمذي في " جامعه " (136) 1: 244 أبواب الفهارة، باب ما جاء في الكفارة في ذلك.

وهذا الحديث قد روي بأسانيد كثيرة وألفاظ مختلفة وله نحوا من خمسين طريقأ أو أكثر أشار إليها الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على " الترمذي ".

وأخرجه التسائي في " سننه. "(370) 1: 188 كتاب الحيض والاستحاضة، ذكر ما يجب على من

أتى حليلته في حال حيضها مع علمه بنهي الله.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(2595) 1: 286.

ص: 420

فان قيل: يخيربين شيء ونصفه.

قلنا: كما خير المسافر بين القصر والإتمام.

وعنه: أن الكفارة نصف دينار.

وعنه: أن وطئ في إقبال الحيض فدينار، وان وطئ في إدباره فنصف

دينار.

وعنه: أن كان في الدم الأسود فدينار، وان كان في الأحمر فنصف دينار.

وعلى المذهب تجب (ولو) كان الواطئ (مكرها) على الوطء، (أو ناسياً) للحيض، (أو جاهل الحيض والتحريم)؛ لعموم الخبر، وقياسا على الوطء في

الاحرام.

(وكذا هي) أي وكالرجل المرأة في وجوب الكفارة عليها (ان طاوعته) أى طاوعت الواطئ على الوطء.

(وتجزئ) الكفارة أن أعطاها (إلى) مسكين (واحد؛ كنذر مطلق).

ويستوي في ذلك التبر والمضروب؛ لوقوع الاسم عليه.

(وتسقط) الكفارة (بعجز) عنها.

قال في " المبدع ": على الأصح؛ ككفارة الوطء في نهار رمضان.

(وأقل سن الحيض) أى سن امرأة يمكن أن تحيض فيه (تمام تسع سنين).

فمن رأت دما قبل بلوغ هذا السن لا يكون حيضا.

قال في "الشرح": لا نعلم في ذلك خلافاً في المذهب.

ص: 421

ولأن المرجع في ذلك إلى الوجود، ولم يوجد من النساء من تحيض عادة

فيما دون هذا السن.

ولأن الله سبحانه وتعالى خلق دم الحيض لحكمة تربية الولد. وهذه

لاتصلح للحمل فلا توجد فيها حكمته. فينتفي، لانتفاء حكمته.

ومن رأت من الدم ما يصلح أن يكون حيضا وقد بلغت هذا السن حكم بكونه

حيضا، وحكم ببلوغها، وثبت في حقها أحكام الحيض كلها، لأنه روي عن

عائشة رضي الله تعالى عنها انها قالت:" إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي

امرأة "

(1)

، وروي ذلك مرفوعا من رواية ابن عمر.

والمراد به: أن حكمها حكم المرأة.

وعنه: لا حيض قبل تمام اثنتي عشرة سنة؛ لأنه الزمان الذي يصح فيه بلوغ

الغلام.

قال في " الشرح ": والأول أصح.

(وأكثره) أى أكثر سن تحيض فيه النساء (خمسون سنة) " لقول عائشة

رضي الله تعالى عنها: " إذا بلغت خمسين سنة خرجت من حد الحيض ".

وروي عنها أيضاً انها قالت: " لن ترى المرأة في بطنها ولدا بعد

الخمسين ".

وعنه: ستون في نساء العرب.

وعنه: أنها لا تيأس من الحيض يقينا إلى ستين سنة، وما تراه فيما بين

الخمسين والستين حيض مشكوك فيه لا تترك الصلاة ولا الصوم؛ لأن وجوبها

متيقن فلا يسقط بالشك، وتقضي الصوم المفروض احتياطا.

وعنه: أن تكرر بعد الخمسين فهو حيض، وإلا فلا.

والأول اختيار عامة المشايخ، قاله ابن الزاغونى في " شرحه ".

(1)

1 أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ا: 318 كتاب الحيض، باب السن التي وجدت المرأة حاضت فيها.

ص: 422

(والحامل لا تحيض) في المنصوص وفاقاً لأبي حنيفة، لما روى أبو سعيد

" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبي أوطاس: لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض "

(1)

. رواه أحمد وأبو داود من رواية شريك القاضي.

فجعل الحيض علما على براءة الرحم فدل على انه لا يجتمع معه.

وقال عليه الصلاة والسلام في حق ابن عمر لما طلق زوجته وهي حائض:

" ليطلقها طاهراً أو حاملا "

(2)

.

فجعل الحمل علما على عدم الحيض؛ كالطهر. احتج به أحمد.

ولأنه زمن لا ترى الدم فيه غالبا. فلم يكن ما تراه حيضا، كالايسة.

قال أحمد: انما تعرف النساء الحمل بانقطاع الدم.

وبهذا قال سعيد بن المسيب وعطاء والحسن وعكرمة والشعبي وحماد

والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وابن المنذر وأبو عبيد. وروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها.

وروي عنها أيضاً أنها قالت: " إذا رأت الدم لا تصلي "

(3)

. وهو محمول على ما إذا قاربت الوضع جمعا بين قوليها.

وعنه: انها تحيض.

قال في " الفروع ": وهي أظهر.

وعلى الرواية الأولى التي هي المذهب: إذا رات دما فهو دم فساد،

ولا تترك له الصلاة، ولا يمنع زوجها من وطئها.

ويستحب أن تغتسل بعد انقطاعه. نص عليه.

(وأقله) أي: أقل زمن دم يصلح أن يكون حيضا (يوم وليلة).

(1)

أخرجه أبو داود في " سننه ") 2157) 2: 248 كتاب النكاج، باب في وطء السبايا. 1

وأخرجه أحمد في " مسنده "(11244) 3: 28

(2)

2 سبق تخريجه ص:417)

(3)

3 أخرجه الدارمي في " سننه "(927) 1: 161 كتاب الصلاة، باب في الحبلى إذا رأت الدم.

ص: 423

قال في " الإنصاف ": هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب. وعنه: يوم.

(واكثره خمسة عشر يوماً).

قال الخلال: مذهب أبي عبد الله رحمه الله تعالى أن أكثر الحيض: خمسة

عشر يوماً لا اختلاف فيه عنده. ولعله الذي استقر عليه مذهبه. فانه قد روي عنه انه: سبعة عشر يوماً.

والأول موافق لقول علي رضي الله تعالى عنه: " ما زاد على خمسة عشر

استحاضة "

(1)

، و" أقل الحيض يوم وليلة "

(2)

.

(وغالبه ست أو سبع)، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحمنة رضي الله تعالى عنها:

" تحيضي في علم الله سته أيام أو سبعة ثم اغتسلي وصلي أربعة وعشرين يوماً أو ثلاثة وعشرين يوماً كما تحيض النساء، وكما يطهرن لميقات "

(3)

.

(وأقل طهر بين حيضتين ثلاثة عشر) يوماً، لما روى الإمام أحمد

رحمه الله تعالى. واحتج به عن علي رضي الله تعالى عنه: " أن امرأة جاءته وقد طلقها زوجها فزعمت انها حاضت في شهر ثلاث حيض. فقال علي لشريح: قل لي فيها. فقال شريح: أن جاءت ببينة من بطانة أهل ها ممن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك وإلا فهي كاذبة فقال علي: قالون. أي جيد بالرومية "

(4)

.

(1)

1 قال ابن حجر: هذا اللفظ لم أجده عن علي، لكنه يخرج من قصة علي وشريح. " تلخيص الحبير

ا: 5. وسوف يأتي ذكر قصة علي وشريح قريبأ.

(2)

2 قال ابن حجر: كانه يشير إلى ما ذكره البخاري تعليقاً (1: 123 - 124 كتاب الحيض، باب إذا

حاضت في شهر ثلاث حيض) عن علي وشريح: انهما جوزا ثلاث حيض في شهر. " للخيص الحبير"ا:304.

(3)

3 أخرجه الترمذي في " جامعه "(128) 1: 1 22 أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضه انها

تجمع بين الصلاتين بغسل واحد.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(27514) 6: 439.

(4)

4 أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 7: 418 كتاب العدد، باب تصديق المرأه فيما يمكن فيه انقضاء

عدتها.

وقد ذكره البخاري في " صحيحه! تعلمقا ا: 123 كتاب الحيض، باب إذا حاضب في شهر ثلاث حيض ....

ص: 424

وهذا لا يقوله إلا توقيفا وهو قوك صمحابي انتشر ولم يعلم خلافه. ووجود

ثلاث حيض في شهر دليل على أن الثلاثة عشر طهريقينا.

قال أحمد: لا يختلف أن العدة تصح في أن تنقضي في شهر إذا فامت به

البينة. وعنه: خمسة عشر يوماً. وعنه: لا توقيت فيه.

(و) أقل ظهر (زمن حيض) أي: في أثناء الحيضة: (خلوص النقاء بأن

لا تتغير معه قطنة احتشت بها).

قال في " الفروع ": نقل بكر: هي طاهر إذا رأت البياض. وذكر شيخنا انه قول أكثر أصحابنا أن كان الطهر ساعة. وعنه: أقله ساعة. وعنه: يوم اختاره الشيخ وقال: إلا أن ترى ما يدل عليه. انتهى.

(ولا يكره وطؤها) أي: وطء من انقطع دمها في أثناء عادتها واغتسلت

(زمنه) أى زمن ظهرها في أثناء حيضتها؛ لأن الله تعالى وصف الحيض بكونه اذى فإذا انقطع الدم واغتسلت فقد زال الأذى.

وعنه: أن أقل الطهر زمن العادة يوم.

وعنه: يكره الوطء في الطهر زمن الحيض.

(وغالبه) أي: غالب الطهر بين الحيضتين (بقية الشهر) بعد القدر الذي

تجلسه. فمن كانت تحيض في كل شهر ستا أو سبعا، فالغالب أن ظهرها ثلاثة وعشرين يوماً واربعة وعشرين؛ لأن غالب النساء تحيض من كل شهر حيضة. (ولا حد لأكثره) أي: لأكثر الطهر بين الحيضتين؛ لأنه لم يرد لأكثره تحديد من الشرع.

ولأن من النساء من تطهر الشهر والثلاثة والسنة واكثر من ذلك، ومنهن من

لا تحيض أصلا.

***

ص: 425

فصل [في المبتدأة]

(والمبتدأة بدم أو صفرة أو كدرة) في وقت يمكن أن تحيض فيه (تجلس)

أي: تدع الصلاة والصيام (بمجرد ما تراه) أي: الدم أو الصفرة أو الكدرة (أقله)

أي: أقل الحيض وهو يوم وليلة. (ثم تغتسل وتصلي)، ولاتصلي قبل

اغتسالها، لوجوبه عليها للحيض.

وعلم من هذا: انه لو انقطع لدون أقل الحيض كما لو انقطع لنصف يوم أو

نحو ذلك لم يجب عليها غسل، لأنه لا يصلح أن يكون حيضا.

(فإذا انقطع) بعد ذلك (ولم يجاوز اكثره) أي: أكثر الحيض بأن انقطع لستة

أيام أو سبعة أو نحو ذلك (اغتسلت أيضاً) وجوباً لصلاحيته لأن يكون كله حيضا. (تفعله) أي: تكرر هذا الفعل وهو جلوسها يوماً وليلة، وغسلها عند آخرهما، وغسلها عند انقطاع الدم (ثلاثاً)، لأن العادة لا تثبت بدون الثلاث على المذهب، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" دعي الصلاة أيام أقرائك "

(1)

. وهي صيغة جمع، وأقله تلاثة.

ولأن ما اعتبر له التكرار اعتبر فيه الثلاث، كالأقراء في عدة الحرة

والشهور، وخيار المصراة، ومهلة المرتد.

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه "(226) 1: 91 كتاب الوضوء، باب غسل الدم.

وأخرجه مسلم في " صحمحه "(333) 1: 262 كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها. ولفظهما:" فإذا أتتك الحيضة فدعي الصلاة ".

واما اللفظ الذي ساقه المصنف فقد أخرجه الدارقطني في " سننه "(36) 1: 212 كتاب الحيض.

وأخرجه البيهقي في " السنن الكبرى ": 7: 416 جماع ائواب عدة المدخول بها، باب من- قال:

الأقراء الحيض.

ص: 426

(فان لم تختلف صار عادة تنتقل إليه). فعلى هذا تجلس جميع زمن الدم

الصالح أيضاً في الشهر الرابع.

(وتعيد صوم رمضان) بأصل الشرع أو بإيجابها عن نفسها (ونحوه)،

كالطواف والاعتكاف الواجبين إذا وقعا (فيه)، لأنا تبينا فعل ذلك في زمن الحيض

الا أن أيست قبل تكراره) ثلاثاً، (أو لم يعد) ولم تيأس فلا تعيده.

وعنه: أن الدم يصير عادة بتكرره مرتين، لأن العادة مأخوذة من المعاودة،

وقد عاودها في المرة الثانية.

فعلى هذا تجلس جميع زمن الدم الصالح حيضا في الشهر الثالث.

ولا يختلف المذهب أن العادة لا تثبت بمرة.

(ويحرم وطؤها) زمن الدم الزائد على اليوم والليلة (قبل تكراره) " لأن

الظاهر انه حيض، وانما امرناها بالعبادة فيه احتياطا لبراءه ذمتها فيجب ترك وطئها احتياطا أيضاً.

(ولا يكره) وطؤها (ان ظهرت) في أثنائه (يوماً فأكثر)، لأنها رأت النقاء الخالص.

ويشترط لحل الوطء: غسلها فبله.

وعنه: يكره الوطء في أثنائه؛ لأنه لا يؤمن معاودة الدم؛ كالنفساء إذا انقطع دمها لأقل من أربعين.

(وان جاوزه) أي: جاوز دم المبتدأة أكثر الحيض (ف) هي (مستحاضة)؛

لأن دمها لا يصلح أن يكون حيضا لمجاوزته أكثر الحيض.

والاستحاضة: سيلان الدم في غير زمن الحيض من العرق العاذل- بالذال المعجمة-. وقيل: بالمهملة حكاها ابن سيده، والعاذر لغة فيه. من أدنى الرحم دون قعره، إذ المرأة لها فرجان: داخل بمنزلة الدبر. منه الحيض،

وخارج بمنزلة الإليتين. منه الاستحاضة.

ص: 427

ثم أن المستحاضة لا تخلو من أحد حالين: إما أن تكون مميزة، أو غير مميزة. وأشير إلى المميزة بقوله:

(فما بعضه) أي: بعض دم استحاضتها (ثخين) وبعضه رقيق، (او) بعضه (اسود) وبعضه أحمر، (او) بعضه (منتن) وبعضه غير منتن، (وصلح) الثخين أو الأسود أو المنتن (حيضا) بأن لم ينقص عن يوم وليلة ولم يزد على خمسة عشر يوماً، ولم يكن بين طرفيهما زمن يزيد على أكثر الحيض:(تجلسه) أي: تدع الصلاة والصوم والطواف وكل فعل تشترط له الطهارة زمنه. فإذا مضى اغتسلت وصلت، لما روت عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:" جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسو ل الله! انى أستحاض فلا أظهر. افأدع الصلاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا اقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلى عنك الدم وصلي "

(1)

. متفق عليه. وللنسائي وأبي داود: " إذا كان دم الحيض فانه أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي فانما هو عرق "

(2)

.

وقال ابن عباس: " اما ما رأت الدم البحرانى فانها تدع الصلاة، انها والله!

ان ترى الدم بعد أيام محيضها إلا كغسالة ماء اللحم "

(3)

.

ولأنه خارج من الفرج يوجب الغسل. فرجع إلى صفته عند الاشتباه،

كالمني والمذي.

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه "(314) 1: 122 كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (333) 1: 262 كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها.

(2)

2 سبق تخريجه ص: (305) رقم (1)

(3)

3 أخرجه ابن أبي شيية نحوه في " مصنفه " عن ائس بن سيرين قال: " اشحيضت امرأه من ال أنس فأمروني فسألب ابن عباس فقال: أما ما رأت الدم البحراني فلا تصلي. وإذا رأت الطهر ولو ساعة من

النهار فلتغتسل ولتصلي " 10: 128.

وأخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 340 كتاب الحيض، باب المرأه تحيض يوماً وتطهر يوماً.

مثله.

وذكره أبو داود تعليقاً 1: 75 كتاب الطهارة، باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة.

ص: 428

وحيث صلح زمن الدم الأسود أو الثخين أو المنتن أن يكون حيضا فانها

يجب عليها أن تجلسه، (ولو لم يتوال أو يتكرر). فمن صور عدم التوالي فقط: بأن كانت ترى يوماً أسود ويوماً أحمر إلى خمسة عشر ثم اطيق الأحمر، فانها

تضم الأسود إلى الأسود فيصير زمن الاسود ثمانية أيام من كل شهر فيكون

حيضاً، وزمن الدم الأحمر استحاضة. وكذا لو كانت ترى يوماً اسود ثم تسعة

احمر ثم يوماً اسود ثم ستة

(1)

أحمر ثم يوماً أسود ثم اطبق الأحمر خمسة عشريوماً، فانها تضم أيام الأسود الثلاثة إلى بعضها، فيكون حيضها ثلاثة أيام من كل شهر.

ومن صور عدم التكرار: بأن رات في الشهرالأولي خمسه عشريوما أسود ثم

في الشهر الثانى اربعة عشر، ثم فى الشهر الثالث ثاثة عشر يوماً، فتجلس زمن

الدم الأسود فقط من كل شهر وان لم يتكرر.

ومن صور عدم التوالي وعدم التكرار: لو راب فى الشهر الأول يوماًا سود ثم

يوماً أحمر ثم يومين أسود ثم الباقي احمر، وفي الشهر الثانى ثمانية أيام أحمر،

تم يومين اسود ثم ثمانية أيام أحمر ثم يومين اسود ثم الباقي احمر، وفي الشهر الثالث يومين أسود ثم يومين أحمر ثم ثلاثة أسود ثم الباقي أحمر. فانها تجلمس

زمن الدم الأسود حيث وقع ما لم يجاوز أكثر الحيض؛ وذلك لأن التمييز إمارة بمجرده. فلم يحتج إلى ضم غيره إليه؛ كالعادة.

(وإلا) أي: وان لم يكن دم المبتدأة التي جاوز دمها أكثر الحيض متميزا (ف)

انها تجلس (أقل الحيض من كل شهر حتى يتكرر) ذلك في ثلاثة أشهر (فتجلس

من) مثل (اول وقت ابتدائها) من كل شهر ستا أو سبعا بتحر أن علمت وقت ابتداءالدم بها، (او) جلست من (أول) كل (شهر هلالي أن جهلته) أي: جهلت وقت بتداء الدم بها (ستا أو سبعا بتحر)؛ لما روي: " أن حمنة بنب جحش قالت: يا رسول الله! انى أستحاض حيضة شديدة كبيرة قد منعتني الصوم والصلاة.

(1)

1 في أ: تسعه.

ص: 429

فقال: تحيضي في علم الله ستا أو سبعا ثم اغتسلي "

(1)

. رواه أحمد وغيره. وعملا بالغالب.

ولأنها ترد إلى غالب الحيض وقتا، فكذا قدرا.

وعنه: تجلس أقل الحيض فقط؛ لأنه المتيقن. وكحالة الابتداء.

وعنه: تجلس أكثر الحيض من كل شهر؛ لأنه زمنه. فإذا رأت الدم فيه جلسته؛ كالمعتا دة.

وعنه: تجلس زمن عادة أقاربها؛ كأمها وأختها وعمتها وخالتها من كل

شهر، وتقدم القربى فالقربى؛ لأن الغالب عليها ان تشبههن. وعلى هذه أن اختلفت عادتهن جلست الأقل من عادتهن وقيل: الأكثر منها وقيل:

تتحرى.

(وان استحيضت من لها عادة جلستها) أي: جلست عادتها ولو كان دمها

متميزا؛ لما روت أم حبيبة: " انها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الدم فقال لها: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي"

(2)

. رواه مسلم.

وهو عام في كل مستحاضة.

ولأن العادة أقوى؛ لكونها لا تبطل دلالتها. بخلاف اللون فانه إذا زاد على

أكثر الحيض تبطل دلالته.

وعنه: يقدم التمييز. وهو اختيار الخرقي.

ومحل الخلاف إذا خالف التمييز العادة. أما إذا وافق العادة كان العمل بهما

على الروايتين.

ثم العادة على ضربين: متفقة ومختلفة: فالمتفقة أن تكون أياما متساوية؛

(1)

1 أخرجه الترمذي في " جامعه "- (128) 1: 221 أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة انها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، وأخرجه أحمد في " مسنده " (27512) 6:439.

(2)

2 أخرجه مسلم في " صحيحه "(334) 1: 264 كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها.

ص: 430

كخمسة في كل شهر. فإذا استحيضت جلستها فقط، وأما المختلفة فان كانت

على ترتيب؛ مثل: أن ترى في شهر ثلاثة، وفي الثانى أربعه، وفي الثالث خمسه، ثم تعود إلى ثلاثة، ثم إلى أربعة، ثم إلى خمسة على ما كانت: فهذه

إذا استحيضت في شهر فعرفت نوبته عملت عليه ثم على الذي بعده والذي بعده على العادة، وان نسيت نوبته حيضناها اليقين وهو ثلاثة أيام، ثم تغتسل وتصلي بقية الشهر، وان علمت انه غير الأول وشكت هل هو الثانى أو الثالث؛ جلست أربعة؛ لأنها اليقين، ثم تجلس من الشهرين الأخرين ثلاثة ثلاثة وتجلس في الرابع اربعة؛ ثم تعود إلى الثلاثة كذلك ابدا.

وكذا (لا) تجلس (ما نقصته) عادتها (قبل)؛ كان كانت عادتها خمسة أيام

من كل شهر، ثم صارت تحيض من كل شهر يومين، ثم استحيضت فانها

لا تجلس إلا اليومين التى استقرت عليها عادتها قبل الاستحاضة، ولا يشترط لنقصها تكرار.

وحيث قلنا تجلس عادتها فمحله: (ان علمتها)؛ وذلك أن تعرف شهرها

وهو: ما يجتمع لها فيه حيض وظهر صحيحان، وتعرف وقت حيضها منه وظهرها وعدد أيامها؛ لما روت أم سلمة:" أن امرأة كانب تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لتنظر الأيام والليالي التي كانت تحيضهن قبل أن يصيبها الذي اصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ثم لتصلي "

(1)

. رواه أبو داود وابن ماجه.

وهذا أحد الأحاديث الثلاثة التي قال الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه: أن

الحيض يدور عليها.

(وإلا) أي: وان لم تعلم عادتها بأن جهلت شهرها ووقت حيضها وعدد

أيامها (عملت) وجوباً (بتمييز صالح) لأن يكون حيضا

؛ بأن لا ينقص عن يوم

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(274) 1: 71 كتاب الطهارة، باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(623) 1: 4 0 2 كتاب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة.

ص: 431

وليلة، ولا يزيد على خمسة عشر يوماً؛ لما روى أبو داود والنسائى من حديث فاطمة بنت أبى حبيش:" إذا كان دم الحيض فانه دم اسود يعرف فأمسكي عن الصلاة. فإذا كان الآخر فتوضئي فانما هو عرق "

(1)

.

ولأنها مستحاضة لا تعلم لها عادة. فلزمها العمل بالتمييز؛ كالمبتدأه.

والمذهب (ولو تنقل) التمييز (أو لم يتكرر)؛ كما تقدم في المبتدأة.

(و) المذهب أيضاً أن التمييز (لا تبطل دلالته بزيادة الدمين) اللذين هما

الأسود والأحمر، أو الثخين والرقيق، أو المنتن وغير المنتن (على شهر) أي:

على ثلاثين يوماً بأن كانت ترى عشرة أيام أسود وثلاثين أحمر دائما؛ لأن الأحمر بمثابة الطهر، ولا حد لأكثره فلا يضر ذلك.

(ولا يلتفت لتمييز إلا مع استحاضة)؛ لأنه يجب عليها أن تجلس جميع دم

لم يجاوز أكثر الحيض ولو كان مختلف الصفة لصلاحيته أن يكون حيضا كله. (فان عدم) تمييز دمها مع جهلها عادتها (فمتحيرة)؛ لأنها قد تحيرت في حيضها بجهل العادة وعدم التمييز. وهذه (لا تفتقر استحاضتها إلى تكرار).

قال في " الإنصاف "؛ على أصح الوجهين. بخلاف غير المتحيرة على الصحيح. انتهى.

ولهذه التي يسميها الفقهاء متحيرة أحوال:

أحدها: أن تنسى عدد ايامها دون موضع حيضها ولذلك أشير بقوله:

(وتجلس ناسية العدد فقط غالب الحيض) أي: ستا أو سبعا بالتحري (في

موضع حيضها) من اوله، وستأتي الإشارة إلى ذلك في المتن.

وعنه: تجلس فيه أقل الحيض فقط.

(فان لم تعلم إلا شهرها وهو: ما يجتمع) لها (فيه حيض وظهر صحيحان

ففيه) أي: فتجلس فيه ستا أو سبعا) أن اتسع له) أي لهذا القدر. وذلك بأن

(1)

1 سبق تخريجه، ص:(305) رقم (1).

ص: 432

تقول: كان يتحصل لي حيض وطهر في كل عشرين يوماً فتجلس في أولها ستا أو سبعا بالتحري، ثم تغتسل وتصلي إلى أن تمضي بقية العشرين، ثم تجلس

كذلك أبدا.

(والا) أي: وان لم يتسع لذلك بأن قالت: كان يتحصل لي في كل ستة عشر

يوماً حيض وطهر: (جلست الفاضل بعد أقل الطهر). وقد تقدم أن أقل الطهر

ثلاثة عشر يوماً فيكون الفاضل بعد ذلك من الستة عشر يوماً ثلاثة فتجلسها من اول الستة عشر، ثم تغتسل وتصلي بقية الستة عشر يوماً ثم تجلس ثلاثة ابدا.

الحال الثانى: أن تذكر عدد أيام حيضها وتنسى موضعه وإلى ذلك أشير

بقوله:

(وتجلس العدد به من ذكرته ونسيت الوقت) من أول كل مدة علم الحيض

فيها وضاع موضعه كنصف الشهر الثانى، وان لم تعلم لحيضها مدة بأن كانت

لا تعلم هل كان حيضها في اول الشهر أو وسطه وأخره؟ فانها تجلس العدد من

اول كل شهر هلالي.

الحال الثالث: أن لا تذكر عددا ولا وقتا لحيضها وإلى ذلك أشير بقوله:

(و) تجلس (غالب الحيض من نسيتهما) أي: نسيت العدد والوقت (من أول

كلل مدة علم الحيض فيها وضاع موضعه؛ كنصف الشهر الثانى)، أو نصف

الشهر الأول، أو العشر الأوسط من الشهر. .

(وان جهلت) كون موضعها في شيء من ذلك (فـ) انها تجلس غالب الحيض

(من اول كل) شهر هلالي (كمبتدأة)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحمنة: " تحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي وصلي اربعاً وعشرين ليلة أو ثلاثاً

وعشرين ليلة وأيامها وصومي "

(1)

. فقدم حيضها على الطهر ثم أمرها بالصلاه

والصوم في بقية الشهر.

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(287) 1: 76 كتاب الطهارة، باب من قال: إذا أقيلت الحيضه تدع

الصلاة، من حديث عمران بن طلحة بن عبد الله، عن أمه حمنة بنت جحش رضي الله عنها.

ص: 433

وفي ذلك وجه: انها تتحرى فأي وقت أداها اجتهادها إلى الجلوس فيه

جلسته. سواء كان ذلك الوقت من أول الشهر أو وسطه أو اخره.

(ومتى ذكرت) ناسية العادة (عادتها رجعت إليها) فجلستها، لأن ترك

الجلوس فيها انما كان لعارض النسيان وإذا زال العارض رجعت إلى الأصل. (وقضت الواجب زمنها) أي زمن عادتها، (و) قضت أيضاً الواجب (زمن جلوسها في غيرها) أي غير عادتها. فلو كانت عادتها خمسة من آخر العشر الأول فجلست سبعة من أوله ثم ذكرت لزمها قضاء ما تركت من الصلاة والصيام المفروض في الخمسة الأولى، وقضاء ما صامت من الفرض في الثلاثة الأيام الأخيرة؛ لأنها صامتها في زمن حيضها.

(وما تجلسه ناسية) لعادتها (من) حيض (مشكوك فيه كحيض يقينا) أي:

كالحيض المتيقن في أحكامه. (وما زاد) على ذلك أي: على ما تجلسه (إلى أكثره) أي أكثر الحيض من ظهر مشكوك فيه (كطهر متيقن) في أحكامه.

قال في " الرعاية ": والحيض والطهر مع الشك فيهما؛ كاليقين فيما يحل ويحرم ويكره ويجب ويستحب ويباح ويسقط. وعنه: يكره الوطء في طهر مشكوك فيه كالاستحاضة. انتهى.

(وغيرهما) أي: وغير الحيض المشكوك فيه والطهر المشكوك فيه (استحاضة). ووجه ذلك: خبر حمنة، وكالمبتدأة والمعتادة فان الشك قائم في حقهما.

ولأن الاستحاضه تطول مدتها غالبا ولا غاية لانقطاعها تنتظر، فتعظم مشقة

قضاء ما فعلته في الطهر المشكوك فيه من صوم مفروض. بخلاف النفاس المشكوك فيه؛ لأنه لا يتكرر غالبا، وبخلاف ما زاد على الأقل في المبتدأة ولم يجاوز الأكثر، وعلى عادة المعتادة لانكشاف أمره قريبا بالتكرار.

وقيل: تقضي ما صامته فيه.

وقيل: يحرم وطؤها فيه.

ص: 434

وقيل: به في مبتدأة استحيضت، وقلنا لا تجلس الأكثر.

(وان تغيرت عادة) معتادة (مطلقاً) يعني بزيادة أو تقدم أو تاً خر (فـ) حكم

زمن الدم الزائد على العادة أو المتقدم عليها أو المتأخر عنها (كدم زائد على اقل

حيض من مبتداة في إعادة صوم ونحوه). يعني: انها لا تلتفت إليه حتى يتكرر

ثلاث مرات. فتصوم فيه وتصلي قبل التكرار وتغتسل عند انقطاعه غسلا ثانيا حيث كان أنفطاعه في زمن ظهر معتاد. فإذا تكرر فقد صار عادة فتعيد ما صامته فيه من فرض وما فعلته من طواف واجب؛ لأنا تبينا انها صامت وطافت في حيض. ولا تقضي الصلاة؛ لأن الحائض لا يلزمها صلاة. وفي ذلك وجه: انها تجلسه من غير تكرار.

(ومن انقطع دمها) في أثناء عادتها اغتسلت وصلت وجوباً (ثم) أن (عاد) الدم

(في عادتها جلسته)؛ لأنه صادف زمن العادة. فأشبه ما لو لم ينقطع.

وعنه: انه ليس بحيض. وهو ظاهر كلام الخرقي.

(لا ما جاوزها) أي: جاوز العادة، (ولو لم يزد على اكثره) أي: أكثر

الحيض (حتى يتكرر) ثلاث مرات فتجلسه بعد التكرار؛ لأنه قد تبين انه

حيض.

(وصفرة وكدرة في أيامها) أي: أيام العادة (حيض) نص عليه؛ لقوله تعالى:

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222]. وهو يتناول الصفرة والكدرة. و" لأن النساء كن يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الصفرة والكدرة فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. تريد بذلك الطهر من الحيض "

(1)

.

(لا) أن وجد شيء من ذلك (بعد) أي: بعد العادة (ولو تكرر) فلا تجلسه.

نص عليه؛ لقول أم عطية: " كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً "

(2)

.

(1)

1 ذكره البخاري في " صحيحه " تعليقاً 1: 121 كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره.

(2)

2 أخرجه البخاري في " صحيحه "(320) 1: 124 كتاب الحيض، باب الصفره والكدره في غير أيام الحيض وأخرجه أبو داود في " سننه " (7 0 3) 1: 83 كتاب الطهارة، باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة بعد الطهر.

ص: 435

رواه أبو داود والبخاري، ولم يذكر:" بعد الطهر ".

وعنه: أن ذلك حيض أن تكرر.

(ومن) كانت (ترى يوماً أو أقل) من يوم (أو اكثر) من يوم (دما) متفرقا (يبلغ مجموعه) أي: مجموع مما ترى من الدم (اقله) أي: أقل الحيض، (ونقاء متخللا) بين الدماء:(فالدم حيض)؛ لأنه دم في زمن يصلح كونه حيضا. أشبه

ما لو لم يفصل بينهما طهر. والنقاء المتخلل طهر؛ لما تقدم من أن الطهر في أثناء الحيضة صحيح.

(ومتى انقطع قبل بلوغ الأقل وجب الغسل) إذا.

وفيه وجه: لا يحتاج إلى غسل حتى ترى من الدم ما يبلغ أقل الحمض.

وشرط ذلك: أن لا يجاوز مجموعهما أكثر الحيض، (فان جاوز أكثره)

كمن ترى يوماً دما ويوماً نقاء إلى ثمانية عمثر يوماً مثلا (فمستحاضة) ترد إلى عادتها أن كانت لها عادة، وان نسيت عادتها عملت بتمييز صالح أن كان لها تمييز، وان كانت مبتدأة ولا تمييز لها جلست اليقين في ثلاثه أشهر تم تنتقل إلى غالب الحيض.

قال في " الشرح ": وهل تلفق لها السبعة من خمسه عمثر يوماً، أو تجلس أربعة من سبعة؟ على وجهين.

ص: 436

فصل [في حكم دائم الحدث]

(يلزم كلل من دام حدثه) دائما من مستحاضة ومن به سلس بول أو مذي أو

ريح وجريح لا يرقى دمه ومن به رعاف دائم (غسل المحل) الملوث بالحدث لإزالة ما عليه منه. (وتعصيبه) تعصيبا يمنع الخارج حسب الإمكان من حشو بقطن، وشد بخرقة طاهرة. وتستثفر المستحاضة أن كان دمها كثيراً بخرقة مشقوقة الطرفين تشدهما على جنبيها ووسطها على الفرج " لأن في حديث:

" لتستثفر بثوب "

(1)

.

وقال لحمنة حين شكت إليه كثرة الدم: " أنعت لك الكرسف- يعني:

القطن- تحشين به المكان. قالت: انه أكثر من ذلك قال: تلجمي "

(2)

.

و (لا) يلزم (إعادتهما) أي: إعادة الغسل والتعصيب الكل صلاة أن لم

يفرط)، لأن الحدث مع غلبته وقوته لا يمكن التحرز من خروجه قالت عائشة:" اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأه من ازواجه فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي "

(3)

. رواه البخاري.

(وتتوضأ لوقت كل صلاة أن خرج شيء)، لما روى عدي بن ثابت عن ابيه

عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " في المستحاضة: تدع الصلاة أيام اقرائها، ثم تغتسل وتصوم وتصلي، وتتوضأعند كل صلاة "

(4)

. رواه أبو داود والترمذي.

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(284) 1: 74 كتاب الطهارة، باب إذا أقبلت الحيضه تدع الصملاة.

(2)

2 أخرجه الترمذي في " جامعه "(128) 1: 221 أبواب الطهارة، باب ما جاء فى المستحاضة انها تجمع يين الصلاتين بغسل واحد.

(3)

3 أخرجه البخاري في " صحيحه "(1932) 2: 716 كتاب الاعتكاف، باب اعتكاف المستحاضة.

(4)

4 أخرجه أبو داود في " سننه "(281) 1: 73 كتاب الطهارة، باب في المرأة تستحاض وأخرجه الترمذي في " جامعه " (126) 1: " 22 أبواب الطهارة، باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ كل صلاة.

ص: 437

وعن عائشة قالت: " جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر

خبرها. ثم قال: وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت "

(1)

. رواه الإمام- أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

ولأنها طهارة عذر وضرورة. فتقيدت بالوقت؛ كالتيمم.

وعلم مما تقدم: انه إذا لم يخرج شيء لم يجب وضوء. نص عليه فيمن به

سلس البول، وانه إذا كان الوضوء قبل الوقت بطل بدخول الوقت أو خرج شيء.

(وان اعتيد انقطاعه) أي: انقطاع الحدث (زمنا يتسع للفعل) أي: فعل

الصلاة المفروضة والطهارة لها (فيه: تعين) فعل العبادة في زمن انقطاع الحدث؛ لأنه قد أمكن الإتيان بالعبادة على وجه لا عذر معه ولا ضرورة. فتعين فعلها على هذا الوجه؛ كمن لا عذر له.

(وان عرض هذا الانقطاع) يعني المتسع لفعل الطهارة والصلاة (لمن عادته الاتصال) أي: اتصال الحدث وهو متوضئ (بطل وضوءه)؛ لأنه صار بهذا الانقطاع في حكم غير من حدثه دائم.

وعلم مما تقدم: أن الانقطاع زمنا لا يتسع لفعل الطهارة والصلاة لا أثر له.

(ومن) أي: والذي (تمتنع قراءته) في الصلاة قائما لا قاعدا، (أو يلحقه

السلس) في الصلاة (قائما) لا قاعدا: (صلى قاعدا).

ولو كان لو قام وقعد لم يحبسه، ولو استلقى حبسه: صلى قائما؛ لأن

المستلقي لا نظير له اختيارا.

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(298) 1: 80 كتاب الطهارة، باب من قال تغتسل من ظهر إلى ظهر. وأخرجه الترمذي في " جامعه " (125) 1: 217 أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(25663) 6: 194.

ص: 438

(ومن لم يلحقه) السلس (إلاراكعا أو ساجدا) لا يكفيه الإيماء و (ركع

وسجد). نص عليه كالمكان النجس.

قال في " الفروع ": ويتخرج انه يومئ. وجزم به أبو المعالي" لأن فوات

الشرط لا بدل له.

(وحرم) على زوج (وطء مستحاضة من غير خوف عنت منه أو منها):

أما كون وطئها يحرم مع عدم خوف العنت منه أو منها؛ فلما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها انها قالت: " المستحاضة لا يغشاها زوجها "

(1)

.

ولأن بها أذى. فحرم وطؤها، كالحائض.

وأما كونه يباح مع خوف العنت، لأن حكمه أخف من حكم الحيض،

ومدته تطول. بخلاف الحيض.

ولأن وطء الحائض قد يتعدى إلى الولد. بخلاف المستحاضة.

وعنه: أن وطئها مباح مطلقاً. وهو قول أكثر العلماء.

وعنه: انه يكره.

وحيث قلنا: يحرم لا كفاره فيه في الأشهر.

(ولرجل شرب) دواء (مباح يمنع الجماع)، ككافور ونحوه.

(ولانثى شربه) أي: شرب الدواء المباح الإلقاء نطفة).

قال في " الفروع ": ذكره في " الوجيز ". وفي " أحكام النساء "

لابن الجوزي: يحرم انتهى.

(و) لها أيضاً: شرب دواء مباح لأجل (حصول حيض). ذكره الشيخ

تقي الدين واقتصر عليه في " الفروع ".

قال أبو يعلى الصغير: (إلا قرب رمضان لتفطره).

قال في " الانصاف": قلت: وليس له مخالف. والظاهر انه مراد من ذكر المسألة.

(1)

1 أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 329 كتاب الحيض، باب صلاة المستحاضة.

ص: 439

(و) لها أيضاً: شرب دواء مباح (لقطعه) أي: قطع الحيض. نص عليه.

قال في" الفروع ": وقال القاضي: بإذن الزوج؛ كالعزل. يؤيده قول

أحمد في بعض جوابه: المزوجة تستاذن زوجها، ويتوجه يكره. انتهى.

الا فعل الأخير بها) أي: ليس لأحد أن يسقيها دواء لقطع الحيض

(بلا علمها) لإسقاط حقها مطلقاً من الغسل المقصود.

قال في " الإنصاف ": قال في " الفائق ": ولا يجوز ما يقطع الحمل.

ذكره بعضهم.

ص: 440

فصل [في النفاس]

(النفاس لا حد لأقله). وبه قال الثوري والشافعي؛ لأنه لم يرد في الشرع تحديده فيرجع فيه إلى الوجود، وقد وجد قليلا وكثيرا وقد روي:" أن امرأة ولدت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تر دما فسميت ذات الجفوف "

(1)

.

ولأن اليسير دم وجد عقيب سببه. فكان نفاسا؛ كالكثير. وعنه: أقله

يوم.

(وهو) أي: النفاس (دم يرخيه الرحم مع ولادة وقبلها) أي: قبل الولادة

(بيومين أو ثلاثة بإمارة) متعلق بقوله وقبلها. (وبعدها) أي: بعد الولادة (إلى تمام اربعين) يوماً. اولها (من ابتداء خروج بعض الولد) وهو بقيه الدم الذي احتبس في مدة الحمل لأجله.

وأصله لغه: من التنفس. وهو الخروج من الجوف، أو من نفس الله كربته

أي: فر جها.

وعلم من قوله: إلى تمام الأربعين: أن أكثر النفاس أربعون يوماً.

وعنه: ستون.

والأول المذهب.

(1)

1 ذكر البخاري في " التاريخ الكبير " 4: 194 عن موسى بن إسماعيل عن سهم مولى بني سليم " أن ألاته أم يوسف ولدت بمكة فلم تر دماً. فلقيت عائشة. فقالت: انت امرأة طهرك الله. فلما نفرت وأخرج البيهقي هذا الأثر في " السنن الكبرى " 2: 343 كتاب الحهيض، باب النفاس. من طريق

البخاري.

ص: 441

قال الترمذي: أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي

(1)

. قال أبو عبيد: وعلى هذا جماعة الناس.

(وان جاوزها) أي: جاوز دم النفاس أربعين يوماً (وصادف عادة حيضها ولم يزد) عن العادة. فالمجاوز حيض، لأنه دم في زمن العادة. أشبه ما لو يتصل بزمن النفاس.

(أو زاد وتكرر ولم يجاوز اكثره) أي أكثر الحيض: (فحيض) أي: فالزائد حيض، لأنه دم متكرر في زمن يصلح أن يكون حيضا. أشبه ما لو لم يكن قبله نفاس.

(وإلا) أي: وان جاوز أكتر الحيض تكرر أو لا، (أو لم يصادف) ما جاوز الأربعين (عادة: فاستحاضة) أي: فالدم المجاوز لأكثر الحيض والذي لم يصادف عادة استحاضة.

(ولا تدخل استحاضة في مدة نفاس) كما انها لا تدخل في مدة حيض، لأن الحكم للأقوى.

(ويثبت حكمه) أي: حكم النفاس (بوضع ما يتبين فيه خلق انسان) نص

عليه. فلو وضدت علقة أو مضغة لاتخطيط فيها لم يثبت لها بذلك حكم النفاس. نص عليه.

وعنه: يثبت بوضع مضغة. وعنه: وعلقة.

(والنقاء زمنه) أي: زمن النفاس (طهر) ولو كان أقل من يوم، كالنقاء زمن عادة الحيض.

وعنه: أن رأت النقاء أقل من يوم لا يثبت لها أحكام الطاهراًت.

(ويكره وطؤها فيه).

(1)

1 جامع الترمذي " 1: 258.

ص: 442

قال أحمد: ما يعجبني أن يأتيها زوجها على حديث عثمان بن أبي العاص:

" انها اتته قبل الأربعين. فقال: لا تقربيني "

(1)

.

ولأنه لا يؤمن من عود الدم في زمن الوطء. فيكون وطئها في نفاس.

ويجب عليها الصلاة وفعل الصوم المفروض.

وعنه: لا يكره وطؤها فيه. وعنه: يحرم.

(وان عاد الدم في الأربعين أو لم تره) عند الولادة (ثم راته فيها) أي: في الأربعين (فمشكوك فيه) أي: فهذا الدم مشكوك فيه: في كونه دم نفاس، أو دم فساد.

وعنه: هو نفاس.

وعلى المذهب: وهو كونه مشكوكا فيه (تصوم وتصلي) معه؛ لأن سبب العادة متيقن وسقوطها بهذا الدم مشكوك فيه.

(وتقضي الصوم المفروض) ونحوه؛ لأن فعله مع الشك في صحته ليس بمبرئ لما تيقن شغل ذمتها به.

(ولا توطأ) في هذا الدم، كما لا توطا المبتدأة في الدم الزائد على اليوم

والليله قبل تكراره.

(وان صارت نفساء بتعديها) على نفسها بضرب أو شرب دواء أو غيرهما (لم تقض) الصلاة زمن نفاسها.

قال في " الفروع ": والمذهب أن صارت نفساء بتعديها لم تقض؛ لأن

وجود الدم ليس بمعصية من جهتها، فقيل للقاضي وغيره: وخوف التلف في سفر المعصية ليس معصية من جهته؟ فقال: إلا انه يمكنه قطعه، والنفساء

(1)

1 لم أقف عليه هكذا. وقد أخرج الدارقطنى في " السنن " عن عثمان بن أبي العاص " انه كان يقول لنسائه: لا تشوفن لي دون الأربعين، ولا تجاوزن الأربعين ". كتاب الحيض (67) 1: 0 22.

وعنه (68): " انه قال لامرأته لما تعلب من نفاسها وتزينت: ألم أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن

نعتزل النفساء أربعين ليلة.

ص: 443

لا يمكنها؛ كالسكر يعلق عليه حكم سببه وهو الشرب، وان كان حدث بغير فعله، إلا أن سببه من جهته. فهما سواء. كذا قال.

وقال أيضاً: السكر جعل شرعاً كمعصية مستدامة يفعلها شيئاً فشيئاً بدليل جريان الإثم والتكليف.

ولأن الشرب يسكر غالبا. فأضيف إليه؛ كالقتل يحصل معه خروج الروح

فأضيف إليه. انتهى.

(وفي وطء نفساء ما في وطء حائض). نقله حرب. وقاله غير واحد فتلزمه الكفارة الواجبة في وطء الحائض.

(ومن وضعت توأمين) أي: ولدين (فأكثر فأول نفاس واخره من الأول)؛

لأنه دم خرج عقب الولادة. فكان نفاسا؛ كحمل واحد ووضعه.

(فـ) على هذا الو كان بينهما اربعون) فأكثر (فلا نفاس للثانى). نص عليه؛ لأن الولد الثانى تبع للأول. فلم يعتبر في آخر النفاس، كما لا يعتبر في اوله. وعنه: أن آخر النفاس من الولد الأخير. فلو كان بينهما أربعون فأكثر فهما نفاسان. والله أعلم.

ص: 444

‌كتاب الصلاة

[الصلاه] في اللغة: الدعاء لقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبه: 103]

أي: ادع لهم. وانما عدي بـ " على " لتضمنه معنى الانزال أي: انزل رحمتك عليهم.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فان كان مفطرا

فليطعم، وان كان صائما فليصل "

(1)

.

وقال الشاعر

(2)

:

تقول بنتي وقد قربت مرتحلا يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا

عليك مثل الذي صفيت فاغتمضي يوماًفان لجنب المرءمضطجعا

وفي الشرع: (اقوال وافعال معلومة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة

بالتسليم).

فان قيل: صلاة الأخرس لا يوجد فيها أقوال؟.

فا لجواب: أن الأقوال المقدرة كالموجودة.

والأصل في وجوبها الكتاب والسنة والإجماع: أما الكتاب؛ فقوله تعالى:

{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البينه: 5]

ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله

إلا الله وان محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان،

(1)

1 أخرجه أحمد في " مسنده "(7735) 2: 279.

(2)

2 الشاعر هو: الأعشى ميمون بن قيس، والبيتان في ديوانه:101.

ص: 445

وحج البيت من استطاع إليه سبيلا "

(1)

. متفق عليه.

والأخبار في ذلك كثيرة.

وأجمع المسلمون على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة.

وسميت صلاة؛ لاشتمالها على الدعاء.

وقيل: لأنها ثانيه لشهادة التوحيد، كالمصلي من السابق في الخيل.

واشتقاقهما من الصلوين، وأحدهما صلا كعصا، وهما عرقان من جانب

الذنب. وقيل: عظمان ينحنيان في الركوع والسجود.

وقال ابن فارس: من صليت العود بتشديد اللام إذا لينته؛ لأن المصلي يلين

ويخشيع.

ورده النووي بأن لام الكلمة في الصلاة واو، ومن صليت ياء.

وجوابه: أن الواو وقعت رابعة فقلبت ياء.

وفرضت الصلاة ليلة الإسراًء بعد مبعثه بخمس سنين. وقيل: قبل الهجرة

بسنة. وقيل: بعد مبعثه بخمسة عشر شهرا.

(وتجب) الصلوات

(2)

(الخمس) في كل يوم وليله (على كل مسلم) ذكر أو

أنثى أو خنثى، حر أو عبد أو مبعض (مكلف) أي: بالغ عأقل (غير حائض ونفساء) فلا تجب عليهما؛ لأنها لو وجبت عليهما لأمرتا بقضائها إذا طهرتا من الحيض والنفاس.

ومن فاتته الصلاة وهو من أهل وجوبها لزمه قضاوها (ولو لم يبلغه الشرع أو

نائما، أو مغطى عقله بإغماء، أو شرب دواء، (و) شرب (محرم).

أما النائم والناسي " فلقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها.

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه "(8) 1: 12 كتاب الإيمان، باب الإيمان

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(16) 1: 45، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإيمان كلاهما من حديث ابن عمر.

(2)

2 في ج: الصلا ة.

ص: 446

إذا ذكرها "

(1)

.رواه مسلم.

ويلحق بذلك الساهي ومن لم يبلغه الشرع.

وأما المغمى عليه؛ فلما روي " أن عمارا غشي عليه ثلاثاً ثم أفاق فقال:

هل صليت؟ قالوا: ما صليب منذ ثلاث. ثم توضأ وصلى تلك الثلاث "

(2)

.

وعن عمران بن حصين وسمرة بن جندب نحوه، ولم يعرف لهم مخالف

فكان كا لإجماع.

ولأن الإغماء لا تطول مدته غالبا، ولا يثبت على متلبس به الولاية، ويجوز

على الأنبياء، ولا يسقط الصوم. فكذا الصلاة " كالنائم.

وأما شارب الدواء المباح فأولى بالوجوب من المغمى عليه.

وأما المغطى عقله بشرب مسكر مكرها فكذلك. وان كان بشرب محرم كالسكران، فلان سكره معصية. فلا يناسبها إسقاط الواجب.

(1)

1 أخرجه مسلم في " صحيحه "(684) 1: 477 كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة.

(2)

2 لم أقف عليه بهذا اللفظ. وقد روى عبد الرزاق " أن عمار بن ياسر رمي فأغمي عليه في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء فأفاق نصف الليل. فصلى الظهر، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء ". (4156) 2: 479 - - 480. كتاب الصلاة، باب: صلاة المريض على الدابة وصلاه المغمى عليه.

وأخرجه ابن شيبة في " مصنفه "(6583) 2: 71 كتاب الصلوات، ما يعيد المغمى عليه من الصلاة. نحوه. وأخرجه الدارقطني في " سننه " (1) 2: 81 كتاب الصلاة، باب: الرجل يغمى عليه وقد جاء وقت

الصلاة هل يقضي أم لا؛.

وأخرجه البيهقي فى " السنن الكبرى " 1: 388 كتاب الطهارة، باب: المغمى عليه يفيق بعد ذهاب الوقتين فلا يكون عليه قضاؤهما. كلهم عن السدي عن يزيد مولى عمار.

3 قال صاحب " التعليق المغني " 1: 81 - 82: قوله: عن السدي، هو إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، كان يحى بن معين يضعفه، وكان يحى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي لا يريان بأسا، ولم يحتج به البخاري. وشيخه يزيد مولى عمار مجهول. والحديث رواه البيهقي في

" المعرفة "، وقال: قال الشافعي: هذا ليس بثابت عن عمار، ولو ثبت فمحمول على الاستحباب.

وقال ابن التركمانى (1: 387): سكت- أي البيهقي- عنه، وسنده ضعيف.

ص: 447

(فيقضي) الصلاة زمن سكره (حتى زمن جنون طرا) على السكر (متصلا به) تغليظا عليه. وفيه احتمال: لا يلزمه قضاء زمن جنونه.

(ويلزم) مستيقظا (إعلام نائم بدخول وقتها) أي: وقت الصلاة (مع ضيقه)

أي: إذا ضاق.

قال في" الإنصاف ":ويجب إعلامه إذا ضاق الوقت على الصحيح. جزم

به أبو الخطاب في " التمهيد ". وقيل: لا يجب إعلامه. وقيل: يجب ولو لم يضق الوقت، بل بمجرد دخوله. وهن احتمالات مطلقاًت في " الرعاية "

و" الفروع " انتهى.

(ولا تصح) الصلاة (من مجنون)؛ لأنه لا يعقل النيهة. فلم تصح منه. أشبه

الطفل الذي لا يعقل.

وعلم مما تقدم أن الصلاة لا تجب على كافر ولا مجنون: أما الكافر؛ فانها

لو وجبت عليه في حال كفره لوجب عليه قضاؤها إذا أسلم. وهو لا يجب إجماعاً؛ لأنه أسلم خلق كثير في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده، فلم يؤمر أحد بقضاء؛ لما فيه من التنفير عن الإسلام.

وأما المجنون؛ فلانه ليس من أهل التكليف. أشبه الطفل.

ولو ضرب رأسه فجن لم يجب عليه القضاء على الصحيح. قاله في القاعده الثانيه بعد المائة.

وفي " المستوعب": لا تجب على الأبله الذي لا يعقل.

وقال في الصوم: لا يجب على المجنون ولا على الأبله اللذين لا يفيقان.

وقال في " الفروع ": وجزم بعضهم، وقدمه بعضهم: أن زال عقله بغير

جنون لم تسقط. انتهى.

(وإذا صلى) كافر في دار الإسلام أو دار الحرب في جماعة أو منفودا بمسجد

أو خارجه، (أو اذن ولو في غير وقته، كافر يصح إسلامه) بأن يعقله: (حكم به) أي: بإسلامه. ومعنى الحكم بإسلامه: انه لو مات عقب الصلاة أو الأذان قضي

ص: 448

بتركته لأقاربه من المسلمين دون الكفار، ويدفن في مقابو المسلمين، وانه لو أراد البقاء على الكفر وقال: انما صليت أو انما أذنت متلاعبا اومستهزءا لم يقبل منه؛ كما لو أتى بالشهادتين، ثم قال: انما قلت ذلك متلاعبا أو مستهزءا.

أما كون الكافر يحكم بإسلامه إذا صلى؛ فلما روى أبو داود من حديث

أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهيت عن قتل المصلين "

(1)

. فظاهره أن العصمة تثبت بالصلاة، وهي لا تكون بدون الإسلام.

ولما روى البخاري من حديث أنس موقوفا من قوله حين سأله ميمون بن سياه

(2)

فقال: " من شهد أن لا إله إلا الله، واستقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا،

وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم "

(3)

.

والظاهر من قوله: " وصلى صلاتنا " انه لا يحكم بإسلامه حتى يصلي

ركعة، لما يأتي فيمن حلف لا يصلي صلاة: انه لا يحنث حتى يصلي ركعة. ولأن الصلاة على هذه الهيئة عبادة تختص بشرعنا. أشبهت الأذان.

وأما كونه يحكم بإسلامه بالأذان؛ لإتيانه بالشهادتين طائعا.

(ولا تصح صلاته) أي: صلاة الكافر (ظاهرا). فيؤمر بإعادتها؛ لفقد

شرطها وهو الإسلام حالة نيتها.

قال في " المغني ": أن علم انه كان قد أسلم ثم توضأ وصلى بنية صحيحة فصلاته صحيحة وإلا فعليه الإعادة. انتهى.

وقيل: بل تصح ظاهرا لكن لا تصح إمامته فيها. وقيل: بلى.

(ولا يعتد بأذانه) فلا يسقط به فرض الكفاية؛ لاشتراط النية فيه، وعدم صحتها من الكافر.

(ولا تجب) الصلاة (على صغير) لم يميز قولا واحدا، ولا تصح منه على الصحيح

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(4928) 4: 282 كتاب الأدب، باب في الحكم في المختثين.

(2)

2 في الأصول: شاه. وما أثبت من " الصحيح ".

(3)

3 أخرجه البخاري في " صحيحه "(385) 1: 53 1 أبواب القبلة، باب فضل استقبال القيله

ص: 449

وأما المميز فلا تجب عليه على الصحيح لكن تصح منه، وإلى ذلك أشير

بقوله:

(وتصح من مميز. وهو: من بلغ) أي: استكمل (سبعا) من السنين.

واختار صاحب " الرعاية ": ستا.

وقال في " القواعد الأصولية ": وفي كلام بعضهم ما يقتضي انه ابن عشر.

وقال ابن أبي الفتح في" المطلع ": هو الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب،

ولا ينضبط بسن، بل يختلف باختلاف الأفهام. وصوبه في" الإنصاف " وقال:

ان الاشتقاق يدل عليه.

وعنه: تجب الصلاة على المميز. وعنه: على من بلغ عشرا. وعنه:

على المراهق.

(و) متى صلى المميز كان (الثواب له).

قال في " الفروع ": ذكره الشيخ في غير موضع، وذكره شيخنا، وذكر في

"شرح مسلم ": في حجه: انه صحيح يقع تطوعا، يثاب عليه عند مالك والشافعي وأحمد، وكذا قال ابن عقيل في " الفنون ". انتهى.

وانما لم تجب الصلاة على من لم يبلغ على الصحيح " لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

" رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ. . "

(1)

.

ولأن من لم يبلغ صغير. فلم تجب عليه؛ كالطفل.

ولأن الصغير ضعيف العقل والبنية ولا بد من ضابط يضبط الحد الذي تتكامل

فيه بنيته وعقله. فانه يتزايد تزايدا خفي التدريج. فلا يعلم بنفسه، والبلوغ

ضابط لذلك، ولهذا تجب به الحدود، ويتعلق به أكثر أحكام التكليف فكذلك

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(4403) 4: 141 كتاب الحدود، باب فى المجنون يسرق أو يصيب حدا

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(423 1) 4: 32 كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه

الحد.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(1183) 1: هـ 14 من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ص: 450

الصلاة. فأما التأديب ها هنا فهو كالتأديب على تعلم الخط والقرآن والصناعة؛ ليعتادها ويتمرن عليها. ولا فرق بين الذكر والانثى فيما ذكرنا.

ولا خلاف في انها تصح من الصبي العاقل، ويشترط لصلاته

(1)

ما يشترط لصحة صلاة الكبير إلا في السترة، فان قوله عليه السلام:" لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار "

(2)

: يدل على صحتها بدون الخمار. قاله في " الشرح ". (ويلزم الولي امره) أي: أمر الصغير (بها) أي: بالصلاة (لـ) تمام (سبع، وتعليمه إياها) أي: الصلاة (والطهارة، كـ) ما يلزم الولي فعل ما يعود على (إصلاح ماله) أي: مال الصغير، (و) كـ (كفه عن المفاسد، و) يلزمه أيضاً (ضربه على تركها لعشر) أي: لتمامها: أما كون ولي الصغير يلزمه امره بها لسبع وضربه على تركها لعشر؛ فلما روى عمروبن شعيب عن ابيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مروا أبناءكم بالصلاة وهم ابناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع "

(3)

. رواه أحمد وأبو داود من رواية سوار بن داود، وقد وثقه ابن معين وغيره.

والأمر والتأديب في حقه؛ لتمرينه عليها حتى يألفها ويعتادها فلا يتركها.

ويلزم الولي أيضاً: تعليمه إياها والطهارة. نص عليه؛ لأن الصغير

لا يمكنه فعل ما أمر به إلا إذا علمه. فان احتاج إلى أجرة فمن مال الصغير. فان لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته.

(وان بلغ) الصغير (في) أثناء صلاة (مفروضة) من الخمس؛ كمن تمت مدة

(1)

1 في " الشرح " ا: 380: ويشترط لصحة صلاته.

(2)

2 أخرجه أبو داود في " سننه "(641) 1: 173 كتاب الصلاة، باب المرأة تصلي يغير خمار. وأخرجه الترمذي في " جامعه " (377) 2: 5 1 2 أبواب الصلاة، باب ما جاء: لا تقبل صلاه المرأة

إلا بخمار.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(655) 1: 215 كتاب الطهارة، باب إذا حاضت الجارية لم تصل

إلا بخمار. كلهم من حديث عائشه رضي الله عنها.

(3)

3 أخرجه أبو داود في " سننه "(494) 1: 133 كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاه. وأخرجه أحمد في " مسنده " (6689) 2:180.

ص: 451

بلوغه وهو فيها، وسمي بلوغا؛ لبلوغه حد التكليف (أو بعدها) أي: بعد أن صلاها (في وقتها لزمه إعادتها)، لأنها نافلة في حقه. فلم تجزئه؛ كما لو نواها نفلا، وكما يلزمه إعادة الحج.

(مع) إعادة (تيمم لها)؛ لأنه لما تيمم لها قبل بلوغه كانت الصلاة التى تيمم

لها نافلة في حقه، ولما بلغ بعد تيممه صارت الصلاة في حقه فريضة، والمتيمم لنافله لا يجوز أن ينوي

(1)

بتيممه لها فريضه.

(لا) إعادة (وضوء)

(2)

؛ لأن المتوضئ لنافلة يجوز أن يصلى به فريضة.

ولا إعادة غسل لجنابة؛ لما تقدم.

ولأن المقصود بالطهارةغيرها.

(و) لا إعادة (إسلام).

قال في " الفروع ": لأن

(3)

أصل الدين لا يصح نفلا، فإذا وجد فعلى وجه

الوجوب. ولأنه يصح بفعل غيره وهو الأب.

وذكر أبو المعالي خلافا.

وقال أبو البقاء: الإسلام أصل العبادات وأعلاها، فلا يصح القياس عليه،

ومع التسليم فقد قال بعض أصحابنا: يجب عليه إعادتها. انتهى.

(ولا يجوز لمن لزمته) صلاة من الخمس (تاخيرها أو) تأخير (بعضها عن

وقت الجواز) في صلاة لها وقت جواز ووقت ضرورة. حال كونه (ذاكرا) لها عند تأخيرها، (قادرا على فعلها): أما كون من تجب عليه الصلاة لا يجوز له

تأخيرها عن وقتها المأمور بإيقاعها فيه؛ لأنه بالتأخير من غير عذر يكون تاركاً للواجب مخالفا للأمر، وهو عاص مستحق للعقاب.

(1)

1 في أ: يؤدي.

(2)

2 في ج: وضوءه.

(3)

3 في ج: لانه

ص: 452

ولأنه لو عذر بالتأخير لفاتت فائدة التوقيت

(1)

.

وأما كون عدم جواز التاًخير مختصا بالذاكر القادر؛ فلما روى أبو قتادة أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس في النوم تفريط، انما التفويط في اليقظة: أن تؤخر

الصلاة إلى أن يدخل وقت صلاة اخرى "

(2)

. رواه مسلم.

ويستثنى مما تقدم صورتان إحداهما: ما أشير إليها بقوله:

(إلا لمن له الجمع) أي: الجمع بين الصلاتين في صورة جمع التاًخير.

(وينويه) في الوقت التي تعتبر نيته فيه؛ " لأنه صلى الله عليه وسلم كان يؤخر الصلاة الأولى في الجمع ويصليها في وقت الثانية "

(3)

. وسياتي.

والصورة الثانية: ما أشير إليها بقوله: (أو لمشتغل بشرطها الذي يحصله

قريبا)؛ كما لو قام يصلي في اثناء الوقت فانقطع ثوبه قطعاً لا تصح معه الصلاة؛ لانكشاف عورته بسبب ذلك القطع، وليس عنده غيره، ولم يفرغ من خياطته حتى خرج الوقت ونحو ذلك.

(وله) أي: ولمن لزمته صلاة (تأخير فعلها في الوقت مع العزم عليه) أي:

على الفعل (مالم يظن مانعا) أي: حصول ما يمنعه من فعلها في الوقت؛

(كموت وقتل وحيض) أي: كمن يظن انه يموت أو يقتل في وقتها قبل فعلها، أو

تظن المراة انها تحيض في وقتها قبل فعلها.

(او) ما لم (يعر سترة اوله)، أي: أول الوقت (فقط) ليصلي فيها ولا يعيرها

(1)

1 في ج: التأقيت.

(2)

2 أخرجه مسلم في " صحيحها (681) 1: 472 كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة، وهو

طرف من حديث طويل رواه أبو قتادة رضي الله عنه.

(3)

3 روى معاذ " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوه تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى

العصر يصليهما جميعا هاذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار وكان يفعل ذلك

في المغرب والعشاء ".

أخرجه أبو داود في " سننه "(1220) 2: 7 كتاب صلاه السفر، باب الجمع بين الصلاتين.

وأخرجه الترمذي في " جامعه ") 53 5) 2: 438 أبواب الصلاة، باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين.

ص: 453

له بعد ذلك، (أو لا يبقى وضوء عادم الماء سفرا إلى اخره) أي: آخر الوقت (ولا يرجو وجوده) أي: وجود الماء في الوقت: فانه يتعين فعلها في أول الوقت في هذه الصررة كلها " لما فيها من تفويت الفعل في بعض، والشرط في بعض. (ومن له أن يوخر) الصلاة إلى آخر وقتها، فمات في الوقت قبل فعلها فانها (تسقط بموته)

قال القاضي وغيره: لأنها لا تدخلها النيابه، فلا فائدة في بقائها في الذمة. بخلاف الزكاة والحج.

(ولم يأثم).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. وقيل: يأثم. انتهى.

ووجه عدم الإثم: انه لم يقصر ولم يعزم على ترك فعلها في الوقت. أما لو

عزم على ترك فعلها في الوقت فهو إثم إجماعاً، مات أم لم يمت، ومتى فعلها في الوقت بعد العزم على تركها فيه وقعت إذا.

(ومن تركها) أي: ترك الصلاة ممن تجب عليه (جحودا) لوجوبها مع علمه بوجوبها، (و) كذا لو) كان جحده لوجوبها (جهلا وعرف) بانها واجبة (وأصر) على جحوده:(كفر) أي: صار مرتدا حكمه حكم سائر المرتدين عن الإسلام " لأنه صار بجحدها على الحالتين المذكورتين في المتن مكذبا لله تعالى

ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولإجماع الأمة.

(وكذا) في الحكم لو تركها (تهاونا أو كسلا إذا) كان ذلك بعد أن (دعاه إمام)

أو نائبه (لفعلها وأبى) أن يفعلها (حتى تضايق وقت التي بعدها) فانه يقتل أيضاً وجوباً بضرب عنقه نص عليه كفرا. اختاره الأكثر، لقوله تعالى: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَان تَابُواْ وَأَقَامُواْ

الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمًْ} [التوبة: 5]. فأباح قتلهم حتى يقيموا

الصلاة ويؤتوا الزكاة. فمن ترك الصلاة لم ياًت بشرط التخلية. فيبقى على إباحة القتل.

ص: 454

ولقوله صلى الله عليه وسلم: " بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة "

(1)

. رواه مسلم.

ولقوله عليه الصلاة والسلام: " العهد الذين بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها

فقد كفر "

(2)

. رواه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن

صحيح.

ولقوله عليه الصلاة والسلام: " من ترك الصلاة متعمدا برئت منه ذمة الله ورسوله "

(3)

. رواه الإمام أحمد بإسناده عن مكحول، وهو مرسل جيد.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: " أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون

الصلاة "

(4)

.

قال أحمد: كل شيء ذهب اخره لم ييق منه شيء.

وقال عمر رضي الله عنه: " لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة "

(5)

.

وقال علي رضي الله عنه: " من لم يصل فهو كافر ".

قال عبد الله بن شقيق: " لم يكن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة "

(6)

.

(1)

1 أخرجه مسلم في " صحيحه "(82) 1: 88 كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

(2)

2 أخرجه الترمذي في " جامعه "(2621) 5: 14 كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك المحلاة. وأخرجه النسائي في " سننه " (463) 1: 231 كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه.

وأخرجه ابن ماجه في " سننه "(079 1) 1: 342 كتاب إقامه الصلاة، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(22987) 5: 346 عن بريدة الأسلمي.

(3)

3 أخرجه أحمد في " مسنده "(2. 2274) 6: 421.

(4)

4 أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 6: 289 كتاب الوديعه، باب ما جاء في الترغيب في أداء الأمانات، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(5)

5 أخرجه البيهقي في " السنن الكيرى " 1: 357 كتاب الحيض، باب ما يفعل من غلبه الدم من رعاف أو جرج.

(6)

6 أخرجه الترمذي في " جامعه "(2622) 5: 14 كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة.

ص: 455

ولأن الصلاة ركن من أركان الإسلام لا تدخله النيابة. فقتل تاركها؛

كالشهادتين.

وعنه: يجب قتله إذا أبى حتى تضايق وقت أول صلاة.

وعنه: يجب القتل بدخول وقت التى بعدها وان لم يضق.

وعنه: لا يجب حتى يترك ثلاثاً، ويضيق وقت الرابعة.

وعنه: لا يجب حتى يترك صلاة ثلاثة أيام.

(و) حيث وجب القتل على جاحد وجوب الصلاة وتاركها تهاونا فانهما

(يستتابان ثلاثة ايام)، ويضيق عليه، ويدعى في وقت كل صلاة إلى فعلها لأنة

قتل لترك واجب فتقدمته

(1)

الاستتابة؛ كقتل المرتد.

(فان تابا بفعلها) أي: بفعل الصلاة زمن الاستتابة (وإلا ضربت عنقهما)

بالسيف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا قتلتم فأحسنوا القتلة "

(2)

. رواه مسلم. اي:

الهيئة من القتل.

والصحيح من المذهب: انه لا يزاد على ذلك.

وقال القاضي: يضرب ثم يقتل.

(وكذا) أي: وكترك الصلاة جحدا أو تهاونا (ترك ركن) فيها، (أو شرط)

لها (يعتقد) التارك (وجوبه) أي: وجوب الإتيان به. فيقال فيه ما يقال في ترك جميعها.

قال في " الإنصاف ": ذكره ابن عقيل وغيره، وقدمه في" الفروع "

وغيره. انتهى.

وعبارته في " الفروع ": ومن ترك شرطا أو ركنا مجمعا عليه: كالطهارة

فكتركها. وكذا مختلفا فيه يعتقد وجوبه. ذكره ابن عقيل وغيره، وعند الشيخ:

لا. وزاد ابن عقيل أيضاً في " الفصول ": لا بأس بوجوب قتله، كما نحده

(1)

1 في ج: فتقدمت.

(2)

2 أخرجه مسلم في " صحيحه "(1955) 3: 1548 كتاب الصيد، باب الأمر بإحسان الذبح.

ص: 456

بفعل ما يوجب الحد على مذهبه، وهذا ضعيف، وفي الأصل نظر، مع أن الفرق واضح.

وقال ابن هبيرة في قول حذيفة: وقد رأى رجلاً لا يتم ركوعه ولا سجوده:

ما صليت، ولومت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم: فيه أن انكار المنكر في مثل هذا يغلظ له لفظ الانكار. وفيه إشارة إلى تكفير تارك الصلاة، وإلى تغليظ الأمر في الصلاة، حتى أن من أساء في صلاته ولا يتم ركوعها ولا سجودها فان حكمه حكم تاركها. انتهى.

فائدة:

قال في " الإنصاف ": اختلف العلماء بما كفر إبليس: فذكر أبو إسحاق بن شاقلا: انه كفر بترك السجود لا بجحوده. وقيل: كفر لمخالفة الأمر الشفاهي

من الله تعالى. فانه سبحانه وتعالى خاطبه بذلك.

قال الشيخ برهان الدين ولد صاحب " الفروع " في الاستعاذة له: وقال

جمهور العلماء: انما كفر لأنه أبى واستكبر، وعاند، وطغى، واصر واعتقد

انه محق في تمرده. واستدل بـ {أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ} [الاعراف: 12]. فكان تركه للسجود تسفيها لأمر الله تعالى وحكمته.

قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: انما أمر بالسجود فاستكبر وكان من

الكافرين. فالاستكبار كفر.

وقال

(1)

الخوارج: كفر بمعصية الله تعالى، وكل معصية كفر. وهذا خلاف

الإجماع. انتهى.

(1)

1 في ج: وقا لت.

ص: 457

[باب: الأذان]

هذا (باب) يذكر فيه شيء من أحكام الأذان والإقامة، وما يتعلق بهما.

و (الأذان) لغة: الإعلام. قال الله سبحانه وتعالى: وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ

وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] أي: إعلام، وقال تعالى:{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] أي: أعلمهم.

وقال الشاعر:

آذنتنا ببينها أسماء

أي: أعلمتنا. يقال: أذن بالشيء يؤذن أذانا وتاًذينا وأذينا على وزن

رغيف، إذا أعلم به. وهو اسم وضع موضع المصدر. وأصله من الأذن وهو الاستماع، كأنه يلقي في اذان الناس ما يعلمهم به.

والأذان في الشرع: (إعلام بدخول وقت الصلاة، او) إعلام بـ (قربه) أي:

قرب وقتها (لفجر) فقط.

(والإقامة) في الأصل مصدر أقام، وحقيقته إقامة القاعد. فكان المؤذن إذا

أتى بألفاظ الإقامة أقام القاعدين وازالهم عن قعودهم.

وهي في الشرع: (إعلام بالقيام إليها) أي: إلى الصلاة (بذكر مخصوص

فيهما) أي: في الأذان والإقامة.

(وهو) أي: الأذان (أفضل منها) أي: من الإقامة.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. وقيل: الإقامة

أفضل، وهو رواية في " الفائق ". وقيل: هما في الفضيلة سواء.

ص: 458

(و) أفضل أيضاً (من إمامة).

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب.

قال الشيخ تقي الدين: هذا أصح الروايتين واختيار أكثر الأصحاب.

وعنه: الإمامة أفضل. وهو وجه في" الفائق" وغيره. اختاره ابن حامد

وابن الجوزي. وقيل: هما سواء في الفضيلة. وقيل: ان علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة وجميع خصالها فهي أفضل وإلا فلا. انتهى.

ويشهد لفضل الأذان، ما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لو يعلم

الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه "

(1)

. متفق عليه.

وعن معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المؤذنون

أطول الناس أعناقا يوم القيامة "

(2)

. رواه مسلم.

وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أذن سبع سنين محتسبا كتب له براءة

من النار "

(3)

. رواة ابن ماجه.

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة على كثبان المسك يوم

القيامة: رجل أم قوما وهم به راضون، ورجل يؤذن في كل يوم خمس صلوات، وعبد أدى حق الله عز وجل وحق مواليه "

(4)

. رواه الإمام أحمد

والترمذي.

وعن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أن الله وملائكته يصلون على

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه "(624) 1: 233 كتاب الجماعه والإمامة، باب الصف الأول. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (437) 1: 5 32 كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف.

(2)

2 أخرجه مسلم في " صحيحه "(387) 1: 0 9 2 كتاب الصلاة، باب الأذان.

(3)

3 أخرجه ابن ماجه في " سننه "(727) 1: 0 24 كتاب الأذان، باب فضل الأذان.

(4)

4 أخرجه الترمذي في " جامعه "(1986) 4: 355 كتاب البر والصلة، باب ما جاء في فضل المملوك الصالح.،-

وأخرجه أحمد في " مسنده "(4799) 2: 26.

ص: 459

الصف المقدم، والمؤذن يغفر له بمد صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه "

(1)

. رواه الإمام أحمد والنسائي.

ويشهد لكون االأذان أفضل من الإمامة؛ ما روى أبو هريرة أن النبي

صلى الله عليه وسلم قال: " الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن. اللهم! أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين "

(2)

. رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي.

والأمانة أعلى من الضمان، والمغفرة أعلى من الإرشاد.

واستدل من قال: أن الإمامة أفضل بأن النبي صلى الله عليه وسلم تولاها بنفسه وخلفاءه من

بعده، ولا يختارون إلا الأفضل.

ولأن الإمام يختار لها من هو اكمل حالاً وأفضل، واعتبار فضيلته دليل على

فضيلة منزلته.

وأجيب بانه: انما لم يتول النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاوه من بعده الأذان؛ لضيق وقتهم عنه، ولهذا قال عمر رضي الله تعالى عنه: " لولا الخليفى

(3)

لأذنت ". والله

أعلم.

وذكر أبو المعالي: أن الجمع بين الأذان والإمامة أفضل، وقال أيضاً:

ما صلح له فهو أفضل.

والأصل في مشروعية الأذان والإقامة؛ ما روي عن أنس بن مالك قال: " لما

كثر الناس ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه. فذكروا أن يوقدوا نارا أو يضربوا ناقوسا، فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامه "

(4)

. متفق عليه.

(1)

1 أخرجه النسائي في " سننه "(646) 2: 13 كتاب الأذان، رفع الصوت بالأذان.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(18529) 4: 284.

(2)

2 أخرجه أبو داود في " سننه "(517) 1: 143 كتاب الصلاة، باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(207) 2: 402 أبواب الصلاة، باب مابء في أن الإمام ظ من.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(7169) 2: 232.

(3)

3 الخليفى: الخلافه. القاموس. مادة خلف.

(4)

4 أخرجه البخاري في " صحيحه "(581) 1: 220 كتاب الأذان، باب الأذان مثنى مثنى. وأخرجه مسلم فيأ صحيحه " (378) 1: 286 كتاب الصلاة، ياب الأمر بشفع الأذان هايتار

الإقامة.

ص: 460

وعن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: " لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس

يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت: يا عبد الله! أتبيع الناقوس؟ قال: ما تصنع به؛ قلت: ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت: بلى. قال: فقال تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، اشهد أن لا إله إلا الله، اشهد أن

لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حى

على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر

الله أكبر، لا إله إلا الله. ثم استأخر غير بعيد عني، ثم قال تقول إذا قمت إلى الصلاة: الله أكبر الله أكبر، اشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا

رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. فلما أصبحب أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال: انها لرويا حق أن شاء الله تعالى، فقم مع بلال فألق عليه ما رايت فليؤذن، فانه اندى صوتا منك. فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به. قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو في ييته فخرج يجر رداءه يقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله! لقد رأيت مثل الذي رأى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فـ لله الحمد ")

(1)

.أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وهذا لفظه، وابن ماجة، وأخرج الترمذي بعضه وقال: حديث حسن صحيح. (وسن أذان) أي: أن يؤذن (في يمين أذنى مولود حين يولد، وإقامة) إي:

وان يقيم بأن ياتي بألفاظ الإقامه (في) اذن المولود (اليسرى)؛ " لأنه صلى الله عليه وسلم أذن في اذن الحسن حين ولدته فاطمة "

(2)

. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.

(1)

1 أخرجه أيو داود في " سننه "(499) 1: 135 كتاب الصلاة، باب كيف الأذان.

وأخرجه الترمذي في " جامعه"(189) 1 - 385 أبواب الصلاة، باب ما جاء في بدء الأذان.

وأخرجه أحمد في (مسنده " (16534) 4: 43.

(2)

2 أخرجه الترمذي في " جامعه"(1514) 4: 97 كتاب الأضاحي، باب الأذان في أذن المولود.

ص: 461

ولخبر ابن السني: " من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان "

(1)

. أي: التابعة من الجن.

وليكون إعلامه بالتوحيد أول ما يقرع سمعه عند قدومه إلى الدنيا كما يلقن

عند خروجه منها، ولما فيه من طرد الشيطان عنه فانه يدبر عند سماع الأذان كما ورد في الخبر، وفي " مسند ابن رزين ":" انه صلى الله عليه وسلم قرأ في أذن مولود سورة الإخلا ص ". والمراد أذنه اليمنى.

(وهما) أي: الأذان والإقامة (فرض كفاية)؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم "

(2)

. متفق عليه.

والأمر يقتضي الوجوب على أحدهم.

وعن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من ثلاثة لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان "

(3)

. رواه أحمد والطبرانى.

ولانهما من شعائر الإسلام الظاهرة. فكانا فرض كفاية؛ كالجهاد.

(للخمس) أي: للصلوات الخمس دون المنذورة (المؤداة) دون المقضيات (والجمعة) أي: وللجمعة. نص عليها في " الفروع ".

قال في " المبدع ": ولا يحتاج إليه لدخولها في الخمس.

وانما لم يشرعاً في غير ما ذكر؛ لأن المقصود منهما الإعلام بوقت الصلاة المفروضة على الأعيان والقيام إليها وهذا لا يوجد في غيرها.

(على الرجال) متعلق بقوله: فرض كفايه. وعنه: والرجل الواحد،

(1)

1 أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة "(623) ص: 294 باب ما يعمل بالولد إذا ولد.

(2)

2 أخرجه البخاري في " صحيحه "(653) 1: 242 كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا استووا في القراءه فليؤمهم أكبرهم.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(674) 1: 465 كتاب المساجد، باب من أحق بالإقامه كلاهما من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه.

(3)

3 أخرجه أحمد في " مسنده "(21758) 5: 196. وأما الطبرانى فلم أجد الحديث فيه في القسم المطبوع من " المعجم الكبير ".

ص: 462

(الأحرار) صفة للرجال. وخص الأحرار (إذ فرض الكفآية لا يلزم رقيقا)، لاشتغالهم بخدمة ملاكهم (حضرا) في القرى والأمصار. وعنه: في المصر

فقط. وعنه: وسفرا.

وعنه: هما سنة وفاقاً للأئمة الثلاثة، وفي " الروضة ": هو فرض، وهي

سنة.

(و) على المذهب (يسنان لمنفرد)، لما روى عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يعجب ربك من راعي غنم في رأس الشظية للجبل يؤذن

بالصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة "

(1)

. رواه النسائي.

(و) يسنان أيضاً (سفرا) " لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث ولابن عم

له: " إذا سمافرتما فأذنا واقيما وليؤمكما أكبركما "

(2)

. متفق عليه.

(ولمقضية) أي: ويسنان أيضاً لصلاة مقضية، لما روى عمرو بن أمية الضمري قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فنام عن الصبح حتى طلعت الشمس. فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تنحوا عن هذا المكان. قال:

ثم أمر بلالا فأذن ثم توضأ وصلى ركعتي الفجر، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم صلاة الصبح "

(3)

. رواه أبو داود.

(ويكرهان) أى الأذان والإقا مة (لخناثى ونساء).

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب وعليه الجمهور.

(ولو) كان الأذان والإقامة من الخناثى والنساء (بلا رفع صوت).

قال في " الإنصاف ": وعنه: يباحان لهما مع خفض

(4)

الصوت. ذكرها

في " الرعاية " انتهى.

(1)

1 أخرجه النسائي في " سننه "(666) 2: 0 2 كتاب الأذان، باب الأذان لمن يصلى وحده.

(2)

2 سبق تخريجه حديث مالك بن الحويرث في الصفحه السابقه رقم (2)

(3)

3 أخرجه أبو داود في " سننه "(444) 1: 121 كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة.

(4)

4 في ج: حفظ.

ص: 463

فعلم من هذا: أن المقدم خلاف هذه الرواية. وهو كونهما يكرهان مطلقاً. وعبارته في " الفروع ": وفي كراهتهما بلا رفيع صوت. وقيل. مطلقاً

روايتان.

وعنه: تسن لهن الإقامة وفاقاً للشافعي، لا الأذان خلافاً لمالك، ويتوجه

في التحريم جهرا: الخلاف في قراءة وتلبية. انتهى.

(ولا ينادى لجنازة وتراويح).

قال في " الإنصاف ": والصحيح من المذهب انه لا ينادى على الجنازة والتراويح. نص عليه.

(بل) ينادى (لعيد وكسوف واستسقاء) بأن يقال: (الصلاة جامعة، او)

يقال: (الصلاة) فقط.

قال في " الفروع ": وينادى لكسوف- لأنه في " الصحيحين "- واستسقاء

وعيد: الصلاة جامعة أو الصلاة بنصب الأول على الإغراء، والثانى على الحال. وفي " الرعاية ": برفعهما ونصبهما. وقيل. لا ينادى. وقيل:

لا في عيد كجنازة وتراويح على الأصح فيهما.

قال ابن عباس وجابر: " لم يكن يؤذن يوم الفطر حين خروج الإمام،

ولا بعد ما يخرج، ولا إقامة، ولا نداء ولا شيء "

(1)

متفق عليه. انتهى.

(وكره) النداء في عيد وكسوف واستسقاء (يحي على الصلاة).

قال في " الفروع ": ذكره ابن عقيل وغيره.

(ويقاتل أهل بلد تركوهما) أي: الأذان والإقامة؛ لانهما من شعائر

الإسلام، وأعلام الدين الظاهرة. فقوتلوا على تركهما؛ كصلاة العيدين. والمقاتل لهما الإمام الأعظم، أو من يجري مجراه؛ كنائبه. ومقتضاه: انه إذا

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه "(917) 1: 327 كتاب العيدين، باب المشي والركوب إلى العيد والصلاة قبل الخطبه بغير أذان ولا إقامة.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(86 1) 1: 4 0 6 كتاب صلاة العيدين.

ص: 464

قام بهما من يحصل به الإعلام غالبا أجزأ عن الكل، وان كان واحدا. نص

عليه.

وعلم مما تقدم: أن من صلى بلا أذان ولا إقامة صحت صلاته؛ لما روي

عن علقمة والأسود انهما قالا: " دخلنا على عبد الله بن مسعود فصلى بنا بلا أذان ولا إقامة "

(1)

. رواه الأثرم، واحتج به الإمام أحمد. وهو قول

الجمهور.

وروي عن عطاء: أن من نسي الإقامة يعيد صلاته، ونحوه عن الأوزاعي. واجيب بأن الإقامه أحد الأذانين. فلم يفسد تركها؛ كالآخر.

(وتحوم الأجرة عليهما) أي: على الأذان والإقامة؛ لما روي " أن النبي صلى الله عليه وسلم

قال لعثمان بن أبي العاصى. واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا "

(2)

. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه. وقال: العمل على هذا عند أهل العلم.

ولأنه يقع قربه لفاعله. أشبه الإمامة. والإقامة كالأذان معنى وحكما

وفيهما

(3)

رواية: يجوز.

(فان لم يوجد) مؤذن (متطوع)، ولا مقيم متطوع، (رزق الإمام من بيت المال من يقوم بهما) أي: الأذان والإقامة؛ لأن بالمسلمين حاجة إلى ذلك،

ويكون ما يرزقه الإمام في ذلك من مال الفيء؛ لأنه المعد للمصالح فهو

كأرزاق القضاة والقراء.

وعلم مما تقدم: انه إذا وجد متطوع بذلك لم يعط غيره شيئاً من بيت

المال؛ لعدم الحاجة إليه.

(1)

1 أخرجه البيهقى في " السنن الكبرى 1: 6، 4 كتاب الصلاة، باب الاكتفاء بأذان الجماعة واقامتهم.

(2)

2 أخرجه أيو داود فى " سننه، 5311) 1: 146 كتاب الصلاة، باب أخذ الأجر على التاً ذين.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(9، 2) 1: 409 أبواب الصلاة، باب ما جاء فى كرأهية أن يأخذ المؤذن أجرا.

(3)

3 في ج: فيهما.

ص: 465

(وشرط) بالبناء للمفعول في المؤذن الذي يعتد بأذانه ثلاثة شروط:

الأول: (كونه مسلما)؛لاشتراط النية فيه، وهي لا تصح من الكافر.

الثاني: كونه (ذكرا).

قال في " الفروع ": ولا يعتد بأذان امرأة وفاقاً وخنثى.

قال جماعه: ولا يصح؛ لأنه منهي عنه كالحكاية. وظاهر كلام جماعة

صحته؛ لأن الكراهة لا تمنيع الصحة. فيتوجه على هذا بقاء فرض الكفاية؛ لأنه لم يفعله من هو فرض عليه. وفي كلام الحنفية؛ لأن صورتها عورة. انتهى.

الثالث: كونه (عاقلا) فلا يصح من مجنون؛ كسائر العبادات.

(و) مؤذن (بصير اولى) من مؤذن أعمى؛ لأن البصير يؤذن عن يقين. بخلاف الأعمى، فانه ربما يغلط في الوقت، ومثلهما عارف بالوقت مع جاهل

به.

وعلم مما تقدم صحة أذان الأعمى؛ لأن ابن أم مكتوم كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن عمر: " وكان رجلاً أعمى لا يؤذن حتى يقال: أصبحت أصبحت "

(1)

. رواه البخاري.

قال في " الشرح الكبير ": ويستحب أن يكون معه بصير كما كان ابن

أم مكتوم يؤذن بعد بلال.

(وسن) بالبناء للمفعول (كونه) أي المؤذن (صيتا) أي: رفيع الصوت؛

لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد: " ألقه على بلال فانه اندى صوتا منك"

(2)

. واختار أبا محذوره للأذان؛ لكونه صيتا.

ولأنه أبلغ في الإعلام المقصود بالأذان.

وسن أيضاً: أن يكون (امينا)؛ لما روي عن أبي محذورة قال: قال

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه "(592) 1: 223 كتاب الأذان، باب أذان الأعمى.

(2)

2 سبق تخريجه ص: (461) رقم (1).

ص: 466

رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمناء الناس على صلاتهم وسحورهم

(1)

المؤذنون"

(2)

.

رواه البيهقي من رواية يحيى بن عبد الحميد. وفيه كلام.

ولأنه يؤذن على موضع عال، فلا يؤمن منه النظر إلى العورات.

وسن أيضاً: كونه (عالما بالوقت)، ليتحراه فيؤذن في أوله.

ولأنه إذا لم يكن عالما بالوقب لا يؤمن منه الخطأ. واشترطه أبو المعالي.

(ويقدم) من اثنين فأكثر (مع التشاح) بتشديد الحاء في الأذان (الأفضل في

ذلك) أي: في هذه الخصال المذكورة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم بلالا على عبد الله بن زيد " لكونه اندى صوتا منه، وقدم أبا محذورة لصوته. وقسنا عليه سائر الخصال.

(ثم) أن استووا في الخصال المذكورة قدم الأفضل (في دين وعقل)،

لماروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم

أقروكم "

(3)

رواه أبو دا ود وغيره.

ولأنه إذا قدم بالأفضلية في الصوت ففي الأفضلية في ذلك بالطريق الأولى. ولأن مراعاتهما

(4)

أولى من مراعاة الصوت، لأن الضرر بفقدهما اشد.

(ثم) أن استووا في جميع ما تقدم قدم (من يختاره أكثر الجيران)، لأن

الأذان لإعلامهم. فكان لرضاهم أثر في التقديم.

ولانهم اعلم بمن يبلغهم صوته ومن هو أعف عن النظر.

(ثم) أن تساووا في جميع الجهات (يقرع) بينهم. فأيهم خرجت له القرعة

قدم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا

(1)

1 في الأصول: وسجودهم. وما أثبتناه من " السنن ".

(2)

2 أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 426 كتاب الصلاة، باب لا يؤذن إلا عدل ثقة

(3)

3 أخرجه أبو داود في " سننه "(590) 1: 161 في كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة.

وأخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 426 كتاب الصلاة، باب لا يؤذن إلا عدل ثقه

(4)

4 في ج: مراعتهما.

ص: 467

إلا أن يستهموا عليه لاستهموا "

(1)

.

و" لما تشاج الناس في الأذان يوم القادسيه أقرع بينهم سعد "

(2)

.

(ويكفي مؤذن) واحد في المصر (بلا حاجة).

قال في " الفروع ": ويكفي مؤذن في المصر. نص عليه وأطلقه جماعة،

وقال جماعة: يسمعهم.

وفي" المستوعب": متى أذن واحد سقط عمن صلى معه مطلقاً خاصة.

وقيل: يستحب أن يؤذن اثنان، ويتوجه احتمال فى الفجر فقط؛ كبلال وابن

أم مكتوم، ولا يستحب الزيادة عليهما،

وقال القاضي: على أربعة، لفعل عثمان إلا من حاجة.

والأولى: أن يؤذن واحد بعد واحد.

(ويزاد) ان دعت الحاجة إلى أكثر (بقدرها).

قال في " الفروع ": وان لم يحصل الإعلام بواحد زيد بقدر الحاجة كل

واحد في جانب أو دفعه واحدة

(3)

بمكان واحد.

(ويقيم) الصلاة (من يكفي) في الإقامة.

وان أذن اثنان واحد بعد واحد يقيم من أذن أولاً. قاله في" الفروع ".

(وهو) أي: الأذان (خمس عشرة كلمة بلا ترجيع) الشهادتين خفية يان

يخفض بهما صوته ثم يعيدهما رافعاً بهما صوته، خلافاً لمالك والشافعي.

بتربيع التكبيو أوله، لا مرتين خلافاً لمالك. فيكون الأذان عند مالك سبع عشرة كلمة، وعتد الشافعي تسع عشره كلمة، واحتجا بما روى أبو محذور:

(1)

سبق تخريجه ص: (459) رقم (1). 1

(2)

2 أخرجه البيهقي فى " السنن الكبرى 1: 428 - 429 كتاب الصلاة، باب الاستهام على الأذان. وعلقه إليخاري فى " صحيحه " 1 - 222 كتاب الأذان، ياب إلاستهام علي الأذان ولفظه: ويذكر: أن أقواما إختلفوا في الأذان، فأقرع بينهم سعد.

(3)

3 في خ: واحد.

ص: 468

" أن النبي صلى الله عليه وسلم لقنه الأذان والقاه عليه فقال له تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، اشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، اشهد أن محمدا رسول الله. . ثم ذكر سائر الأذان "

(1)

. أخرجه مسلم.

واحتج مالك لمذهبه بأن الأذان الذي كان يؤذن به أبو محذورة: الله أكبر الله اكبر، اشهد أن لا إله إلا الله.

واحتج الإمام أحمد رحمه الله تعالى بحديث عبد الله بن زيد، لأن بلالا كان

يؤذن به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حضرا وسفرا، واقره النبي صلى الله عليه وسلم بعد أذان أبى محذورة.

قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل إلى أى الأذان تذهب؟ قال: إلى أذان

بلال. قيل له: أليس حديث أبى محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد، لأن

حديث أبي محذورة بعد فتح مكة؟ فقال: اليس قد رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وأقر بلال على اذان عبد الله بن زيد.

ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم انما أمر أبا محذورة بذكر الشهادتين سراً، ليحصل له الإخلاص بهما فانه في الإسراًر أبلغ، وخص أبا محذورة بذلك؛ لأنه لم يكن مقرا بهما حينئذ فان في الخبر:" انه كان مستهزءا يحكي أذان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم. فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته فدعاه فأمره بالأذان. قال: ولا شئ عندي أبغض من النبي صلى الله عليه وسلم ولامماجاء به "

(2)

فقصد النبي صلى الله عليه وسلم نطقه بالشهادتين سراً " ليسلم بذلك، وهذا لا يوجد في غيره. ودليل هذا الاحتمال: كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يأصر به

بلالا ولا غيره ممن هو ثابت الإسلام.

(وهي) الإقامة (إحدى عشرة) كلمة (بلا تثنية) وفاقاً للشافعي. وهي

المذكورة في حديث عبد الله بن زيد؛ لما روي عن عبد الله بن عمر انه قال:

" انما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة.

(1)

1 أخرجه عسلم في " صحيحه! (379) 1: 287 كتاب الصلاة، بهاب صفة الأذان

(2)

2 أخرجه النسائي في " سننه دا (631) 2: 5 كتاب الأذان، بهاب كيف الأذان، من حديث أبي محذووة رضي الله عنه وذكر القصة بطولها.

ص: 469

إلا أن يقول: قد قمت الصلاة، قد قامت الصلاة "

(1)

. رواه الإمام أحمد

وأبو داود والنسائي.

وقال أبو حنيفة: الإقامة مثل الأذان وتزيد: قد قامت الصلاة مرتين؛

لحديثين:

الأول: ما روي عن عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه انه قال: " كان

أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا في الأذان والإقامة "

(2)

. رواه الترمذي.

والثانى: ما روي عن أبي محذورة " أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشره كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة "

(3)

.رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث

حسن صحيح.

وأجيب عن الأول: بأن الراوي عن عبد الله بن زيد: عبد الرحمن بن

أبي ليلى، وقد قال الترمذي: عبد الرحمن لم يسمع من عبد الله بن زيد.

وأجيب عن الثاني بأن أبا حنيفة لم يعمل به في الأذان، والشافعي لم يعمل به

في الإقامة. فكان الأخذ بحديث عبد الله بن زيد السابق الذي أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه أولى.

وقال مالك: الإقامة عشر كلمات يقول: قد قامت الصلاة مرة واحدة؛

لقول انس: " أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة "

(4)

. متفق عليه.

وأجيب بأن هذا الحديث حجه لنا؛ لأنه ذكره مجملا، وقد فسره ابن عمر

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(510) 1: 141 كتاب الصلاة، باب في الإقامة.

وأخرجه النسائي في " سننه "(668) 2: 0 2 كتاب الأذان، كيف الإقامة.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(5569) 2: 85.

(2)

2 أخرجه الترمذي في " جامعه "(94 1) 1: 0 37 أبواب الصلاة، باب ما جاء أن الإمامه مثنى مثنى.

(3)

3 أخرجه ائو داود في " سننه "(502) 1؛ 137 كتاب الصلاة، باب كيف الأذان.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(192) 1: 367 أبواب الصلاة، باب ما جاء في الترجيع في الأذان. وأخرجه أحمد في " مسنده " (15418) 3:409.

(4)

4 أخرجه البخاري في " صحيحه "(582) 1: 0 22 كتاب الأذان، داب الإقاملى واحط ة.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(378) 1: 286 كتاب الصلاة، باب الأمر يشفيع الأذان.

ص: 470

في حديثه وبينه فكان الأخذ به أولى.

(ويباح ترجيعه) أي: الأذان (وتثنيتها) أي: الإ قامة؛ لأن الاختلاف السا بق

في الأفضلية مع جواز كل من الأمرين. نص عليه.

وعنه: لا يعجبني ترجيع الأذان.

وعنه: الترجيع وعدمه سواء.

(ويسن) الأذان (اول الوقت) ليصلي المتعجل.

(وترسل فيه) أي: في الأذان أي: أن يتمهل المؤذن ويتاًنى فيه. من قولهم جاء فلان على رسله.

(وحدرها) أي: وان يسرع في الإقامة وفاقاً لأبي حنيفة والشافعي؛ لقول

النبي صلى الله عليه وسلم لبلال: " إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحدر"

(1)

. رواه الترمذي وقال: إسناده مجهول.

وروى أبو عبيد بإسناده عن عمر رضي الله تعالى عنه: " انه قال للمؤذن:

إذا اذنت فترسل، وإذا أقمت فاحدر"

(2)

. وأصل الحدر في المشي:

الإسراع.

ولأنه يحصل به الفرق بين الأذان والإقامة فاستحب.

ولأن الأذان إعلام الغائبين، فالتثبيت فيه أبلغ في الإعلام، والإقامة:

إعلام الحاضرين فلا حاجة إليه فيهما.

(و) يسن (الوقف على كل جملة) أي: في الأذان والإقامة.

قال في " الفروع ": ويجزمهما ولا يعربهما. وكذا قال غير واحد؛

لما روي عن إبراهيم النخعي انه قال: شيئاً ن مجزومان كانوا لا يعربونهما: الأذان والإقامة.

وقال أيضاً: الأذان جزم.

(1)

1 أخرجه الترمذي في " جامعه "(195) 1: 373 أبواب الطهارة، باب ما جاء في الترسل في الأذان.

(2)

2 أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 428 كتاب الصلاة، باب ترسيل الأذان وحدر الإقامة

ص: 471

قال المجد في " شرحه ": معناه استحباب تقطيع الكلمات بالوقف على

كل جملة فيحصل الجزم والسكون بالوقف؛ لأنه مع عدم الوقف على الجمله يترك إعرابها. وهذا موافق لقولي في المتن: والوقف على كل جملة.

(و) يسن (قول) المؤذن: (الصلا ة خير من النوم. مرتين بعد حيعلة أذان الفجر) وفاقاً لمالك والشافعي.

والحيعله: قول حي على الصلاة، حي على الفلاح.

(ويسمى) قوله: الصلاة خير من النوم (التثويب)؛ لأنه من ثاب بالمثلثة إذا

رجع؛ لأن المؤذن دعى إلى الصلاة بالحيعلتين ثم عاد إليها بالتثويب.

وقيل: سمي به؛ لما فيه من الدعاء.

وظاهره انه يقوله ولو اذن فبل الفجر.

والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي محذورة: " فإذا كان أذان الفجر فقل: الصلاة خير من النوم. مرتين"

(1)

.رواه أحمد وأبو داود.

وما روى النسائي وأبو داود عن أبي محذورة: " فان كان صلاة الصبح

قلت: الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله اكبر، لا إله إلا الله "

(2)

.

وقيل: يجب التثويب. وجزم به في" الروضة ".

والمذهب انه يكره

(3)

في غير أذان الفجر، وبين الأذان والإقامة؛ لقول

بلال: " أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اثوب في الفجر، ونهاني أن أثوب في

العشاء "

(4)

. رواه الإمام أحمد وابن ماجه.

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(4 0 5) 1: 137 كتاب الصلاة، باب كيف الأذان. وأخرجه أحمد في " مسنده "(14951) طبعة إحياء التراث.

(2)

2 أخرجه أبو داود في " سننه "(" 0 5) 1: 136 كتاب الصلاة، باب كيف الأذان. وأخرجه النسائي في " ستنه " (647) 2: 13 كتاب الأذان، التثويب في أذان الفجر

(3)

3 في أ: يكون. وهو تصحيف.

(4)

4 أخرجه ابن ماجه في " سننه "(5 71) 1: 237 كتاب الأذان، باب السنة فى الأذان. وأخرجه أحمد في " مسنده " (23958) 6:14.

ص: 472

(و) يسن (كونه) أي: المؤذن (قائما فيهما) أي: في الأذان والإقامة:

اما في الأذان، فلما روى أبو قتادة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: قم فأذن "

(1)

.

وكان مؤذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذنون قياما.

وأما في الإقامة " فلان المقيم يدعو الناس إلى القيام إلى الصلاة، والداعي

إلى شيء أولى بالمبادرة إلى ما يدعو إليه غيره.

ولأنها أحد الأذانين. فشرع لها القيام؛ كالآخر.

(فيكرهان) أي: الأذان والإقامة (قاعدا) أى من قاعد.

وانما يكرهان الغير مسافر ومعذور).

قال في " الإنصاف ": فلو أذن أو أقام قاعدا أو راكبا لغير عذر أو ماشيا:

جاز، ويكره على الصحيح من المذهب. انتهى.

وعللوا صحة الأذان والإقامة من القاعد من غير عذر بأنهما ليسا بآكد من الخطبة، وتصح من القاعد لغير عذر.

قال في " المبدع ": ولم يذكروا الاضطجاع، ويتوجه الجواز لكن يكره " لمخالفة السنة. انتهى.

ويسن كونه في الأذان والإقامة: (متطهرا) من الحدثين الأكبر والأصغر،

لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يؤذن إلا متوضئ "

(2)

. رواه الترمذي والبيهقي موقوفا على أبي هريرة، والموقوف أصح.

والإقامة آكد من الأذان " لأنها أقرب إلى الصلاة.

(1)

1 أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 404 كتاب الصلاة، باب الأذان والإقامة للفائتة.

(2)

2 أخرجه الترمذي في " جامعه "(0 0 2) 1: 389 أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء. وقال: الزهري لم يسمع من أبي هريرة.

وأخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 397 مرفوعا. قال البيهقي: هكذا رواه معاوية بن يححى الصرفي وهو ضعيف، والصحيح رواية يونس وغيره عن الزهري قال: قال أبو هريرة

قلت: س رجع بدلك رواية الوقف على الرفيع وهو ما أشار إليه المصنف رحمه الله.

ص: 473

(فيكره اذان جنب) لا محدث. نص عليه، لأن الأذان لا يزيد على قراءة

القرآن، ولا تشترط لها الطهارة من الحدث.

(و) يكره أيضاً: (إقامة محدث) وفاقاً للفصل بين الإقامه والصلاة بالوضوء.

ويسن كون الأذان: (على علو) أي: على موضيع عال كالمنارة ونحوها،

لأنه أبلغ في الإعلام.

وروي عن امرأة من بني النجار قالت: " كان بيتي من أطول بيب حول. المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر فيأتي بسحر، فيجلس على البيت فينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى ثم قال: اللهم! انى أستعينك وأستعديك على قريش

أن يقيموا دينك. قالت: ثم يؤذن،

(1)

. رواه أبو داود.

ويسن كون المؤذن: (رافعا وجهه) في حال أذانه.

قال في" الانصاف": يرفع وجهه إلى السماء في الأذان كله على الصحيح

من المذهب، ونص عليه. انتهى.

وقيل: عند الشهادتين. وقيل: عند كلمة الإخلاص فقط.

ويسن كونه أيضاً: (جاعلا سبابتيه في اذنيه).

قال في" الإنصاف ": هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. انتهى.

لما روى أبو جحيفة: " أن بلالا وضيع إصبعيه في أذنيه "

(2)

.رواه الإمام

أحمد والترمذي. وقال: حديث حسن صحيح.

وعن سعد القرظي: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل إصبعيه في أذنيه وقال: انه أرفع لصوتك "

(3)

. رواه ابن ماجه.

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(519) 1: 143 كتاب الصلاة، باب الأذان فوق المناره

(2)

2 أخرجه الترمذي في " جامعه "(97 1) 1: 375 أبواب الصلاة، باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(1 878 1) 4: 8 0 3.

(3)

3 أخرجه ابن ماجه في " سننه "(" 71) 1: 236 كتاب الأذان، باب السنة في الأذان. وقال البوصيري

في " الزوائد ": هاسناد المصنف، يعني ابن ماجه: ضعيف، لضعف أولاد سعد.

ص: 474

وعنه: انه يجعل أصابعه مضمومة على أذنيه.

ويسن أيضاً كونه: (مستقبل القبلة).

قال في" الشرح الكبير ": قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من

السنة أن يستقبل القبله بالأذان، وذلك لأن مؤذنى رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة. فان أخل باستقبال القبلة كره له ذلك، وصح. انتهى.

وكونه: (يلتفت يمينا لحي على الصلاة، وشمالا لحي على الفلاح،

ولا يزيل قدميه) وفاقاً لأبي حنيفة والشافعي؛ لما روى أبو جحيفة قال:

" رأيت بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا يقول يمينا وشمالا يقول: حي على الصلاة حي على الفلاج "

(1)

. متفق عليه.

ولا فرق في ذلك بين كونه على منارة أو غيرها أو على الأرض.

قال في " الإنصاف ": وهو المذهب، وعليه الأصحاب. وجزم به

أكثر هم.

(و) يسن أيضاً: (ان يتولاهما) أي: الأذان والإقامة رجل (واحد) أي: أن

يتولى الإقامة من يتولى الأذان وفاقاً للشافعي، لما في حديث ابن الحارث الصدائي حين أذن قال: " فأراد بلال أن يقيم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يقيم أخو

صداء. فان من أذن فهو يقيم "

(2)

. رواه أحمد وأبو داود.

ولانهما ذكران يتقدمان الصلاة. فسن أن يتولاهما واحد " كالخطبتين.

وعنه: لا فرق بينه وبين غيره.

ويسن أيضاً كون الأذان والإقامة: (بمحل واحد) بأن يقيم الصلاة بالموضع

الذي يؤذن فيه، لقول بلال- رضي الله تعالى عنه- للنبي صلى الله عليه وسلم: " لا تسبقني

(1)

1 أخرجه البخاري في "صحيحه "(608) 1: 227 كتاب الأذان باب هل يتبيع المؤذن فاه ها هنا وها هنا. وأخرجه مسلم في " صحيحه "(503) 1: 360 كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود.

(2)

2 أخرجه أبو داود فى " سننه "(514) 1: 142 كتاب الصلاة، باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر. وأخرجه أحمد في " مسنده " (17572) 4:169.

ص: 475

بآمين"

(1)

؛لأنه لو كان يقم في المسجد لما خاف أن يسبقه بها. كذا استنبطه الإمام أحمد، واحتج به.

ولقول ابن عمر: " كنا إذا سمعنا الإقامة توضانا ثم خرجنا إلى

الصلاة "

(2)

.

ولأنه أبلغ في الإعلام كالخطبة الثانية.

ومحل هذا: (ما لم يشق) ذلك على المؤذن؛ مثل: أن يؤذن "في منارة أو

مكان بعيد عن المسجد. فانه يقيم في المسجد؛ لئلا تفوته بعض الصلاة.

لكن لا يقيم إلا بإذن الإمام.

قال في " الإتصاف ": وهو المذهب، وعليه الأصحاب، وهو من

المفردات.

وقال في " النصيحة ": السنة أن يؤذن بالمنارة، ويقيم أسفل.

قلت: وهو الصواب، وعليه العمل في جميع الأمصار والأعصار. ونقل

جعفر بن محمد: يستحب ذلك؛ ليلحق آمين مع الإمام. انتهى.

(و) يسن أيضاً: (ان يجلس) المؤذن (بعد اذان ما) أي: صلاة (يسن

تعجيلها جلسة خفيفة. ثم يقيم) الصلاة؛ لما روى عبد الله بن الإمام أحمد بإسناده عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بلال! اجعل بين أذانك وإقامتك نفسا يفرغ الآكل من طعامه في مهل، ويقضي حاجته في مهل "

(3)

. ولما روى جابر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: اجعل بين أذانك وإقامتك

قدر ما يفرغ الآكل من اكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته "

(4)

. رواه أبو داود والترمذي.

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سننه "(937) 1: 246 كتاب الصلاة، باب التأمين وراء الإمام.

(2)

2 أخرجه أحمد في " مسنده "(569 5) 2: 85.

(3)

3 أخرجه أحمد في " مسنده "(1323 2) 5: 43 1.

(4)

4 أخرجه الترمذي في " جامعه "(5 9 1) 1: 373 أبواب الصلاة، باب ما جاء في الترسل في الأذان. قال الترمذي: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وهو إسناد مجهول. وأخرجه الحاكم في " مستدركه " 1: 204 من طريق آخر بنحوه. قال الحاكم: هذا حديث لي في

إيسناده مطعون فيه غير عمرو بن فائد، والباقون شيوخ البصرة، قال الذهيي: قال الدارقطني:

عمرو بن فائد: متروك. قلت: لم أجد الحديث عند أبي داود. والحافظ المزي لم يذكر إلا الترمذي فقط، ويظهر أن المصنف

قد وهم في عزو الحديث إلى أبي داود. ر" تحفة الأشراف " 1: 168.

ص: 476

ولأن الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت. فيسن تأخير الإقامة عنه زمانا

يتمكن فيه الانسان من إدواك الصلاة مع الإمام.

قال في "الإنصاف ": واستحباب الجلوس بين أذان المغرب وكراهة

تركه: من المفردات. انتهى.

ولا تكره الركعتان قبل المغرب في المنصوص خلافاً للأئمة الثلاثة.

(ولا يصح) الأذان (الا مرتبا)؛ لأنه ذكر يعتد به. فلا يجوز الإخلال بنظمه

كأركان الصلاة.

(متوالياً عرفاً)؛ لأنه لا يحصل المقصود منه وهو الإعلام بدخول الوقت بغير

موالاه.

ولأن مشروعيته وقعت كذلك بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم علم أبا محذورة الأذان

مرتياً متواليا

(1)

.

إذا تقرر هذا (فان تكلم) المؤذن في اثناء اذانه (بـ) كلام (محرم)؛ كقذف

وغيبة ولو يسيرا بطل؛ لأنه فعل محرماً فيه. أشبه ما لو ارتد في أثنائه.

(أوسكت) سكوتاً (طويلا بطل) الأذان للإخلال بالموالاة المشترطه فيه.

وكذا لو أغمي عليه، أو نام طويلا فيستأنفه.

(وكره) في أثنائه كلام (يسير كيره) أي: غير محرم.

(و) كره أيضاً: (سكوت بلا حاجة) في اثنائه.

قال في " الفروع ": ويكره فيه كلام وسكوت يسير بلا حاجة كإقامة. انتهى.

أي: كما يكره ذلك في اثناء الإقامة.

(1)

1 تقدم قريبا حديث أبي محذورة رضي الله عنه.

ص: 477

ولا يصح الأذان أيضاً إلا (منويا)، لأنه عبادة. فاشترطت له النية؛ كسائر

العبادات.

(من) انسان (واحد).

قال في"الانصاف": فلو أذن واحد بعضه وكمله آخر لم يصح بلا خلاف

أعلمه. انتهى.

(عدل) بالجر صفة لواحد. فلا يعتد بأذان فاسق، " لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف المؤذنين با لأمانة "

(1)

. والفاسق غير أمين.

وفيه رواية: بلى. وذكر الخلاف في"المقنع " وجهين.

قال في " الشرح الكبير": وهذا الخلاف فيمن هو ظاهر الفسق.

فأما مستور الحال فيصح أذانه بغير خلاف علمناه. انتهى.

ولا يصح الأذان أيضاً لغير فجر إلا (في الوقت)؛ لما روى مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم

أكبركم "

(2)

. متفق عليه.

ولأن الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت، وهو حث على الصلاة. فلم

يصح في وقت لا تصح فيه الصلاة.

قال في " الشرح": أما الأذان لغير الفجر قبل الوقت فلا يجزئ بغير

خلاف نعلمه. انتهى.

(ويصح) الأذان الفجر بعد نصف، الليل) وفاقاً لمالك والشافعي؛ لقول

النبي صلى الله عليه وسلم: " أن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم "

(3)

متفق عليه.

(1)

1 أخرجه الترمذي في " جامعه "(207) 1: 402 باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

2 سبق تخريجه ص (462) رقم (2).

(3)

3 أخرجه البخاري في " صحيحه "(595) 1: 224 كتاب الأذان، باب الأذان بعد الفجر.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(92 0 1) 2: 768 كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم.، كلاهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

ص: 478

ولأن وقت الفجر يدخل على النالس وفيهم الجنب والنائم. فاستحب تقديم

أذانه حتى يتهيؤوا لها، فيدركوا فضيلة أول الوقت.

(ويكره) الأذان للفجر (في رمضان قبل) طلوع (فجر ثان). نص عليه، لئلا

يغتر الناس فيتركوا سحورهم.

وعنه: لا. وعنه: يكره إذا لم يعده بعد الفجر.

قال في

(1)

" الانصاف": ويستحب لمن أذن قبل الفجر: أن يكون معه من

يؤذن في الوقت، وان يتخذ ذلك عادة، لئلا يغر الناس. وفي " الكافي "

ما يقتضى اشتراط ذلك. انتهى.

(ورفع الصوت) بالأذان (ركن، ليحصل السماع. ما لم يؤذن لحاضر)

فبقدر ما يسمعه

(2)

.

قا ل في" الإنصاف ": قال ابن تميم: أن أذن لنفسه أو لجماعة حاضرين

فان شاء رفع صوته- وهو أفضل- وان شاء خافت بالكل أو بالبعض.

قلت: والظاهر أن هذا مراد من اطلق. بل هو كالمقطوع به، وهو واضح.

وقال في " الرعاية الكبرى ": ويرفع صوته أن أذن في الوقت للغائبين، أو

في الصحراء. فزاد: في الصحراء وهي زيادة حسنة.

وقال أبو المعالي: رفيع الصوب بحيث يسمع من تقوم به الجماعة: ركن.

انتهى.

(ومن جمع) بين صلاتين، (أو قضى فوائت، أذن للأولى) من المجموعتين

أو الفوائت، (وأقام للكل) أي: لكل صلاة بعد الأولى.

ولا فرق في ذلك بين كون الجمع في وقت الأولى أو في وقت الثانية،

وذلك لما روى جابر " أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفه، وبين

المغرب والعشاء بمزدلفة باً ذان وإقامتين "

(3)

. رواه مسلم.

(1)

1 ساقط من أ.

(2)

2 في ج: سمعه.

(3)

3 أخرجه مسلم في " صحيحه "(1218) 2: 886 كتاب الحج، باب حجة النبي.

ص: 479

ولما روى أبو عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود: " أن المشركين يوم

الخندق شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فاًمر بلالا فاًذن ثم أقام فصلى الظه، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء "

(1)

. رواه النسائي والترمذي ولفظه له. وقال: ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه.

ولأن ما بعد الأولى من المجموعتين أو الفوائت صلاة أذن لما تلتها. فلم

يشرع لها أذان؛ كما لو صلى فائتة عقب مؤداة.

وعنه: يقيم لكل صلاة من غير اذان.

وعنه: تكفي إقامة واحدة للكل.

(ويجزئ أذان مميز) للبالغين؛ لما روى ابن المنذر بإسناده عن عبد الله بن

أبي بكر بن أنس قال: " كان عمومتي يأمرونني أن اوذن لهم وأنا غلام لم أحتلم، وأنس بن مالك شاهد لم ينكر ذلك ".

ولأنه ذكر تصح صلاته. فصح اذانه؛ كالبالغ.

وعنه: لا يجزئ.

(لا) اذان (فاسق) وتقدم تعليله.

(و) لا أذان (خنثى) أي: مشكل؛ لأنه لا يعلم ذكوريته. أما الخنثى الذي ظهرت فيه علامة الرجال كبوله من ذكره ونحوه، فحكمه حكم سائر الرجال. (و) لا أذان (امرأة)؛ لأن رفع صوتها منهي عنه، وإذا كان كذلك خرج عن كونه قربة. فلم يصح؛ كالحكاية.

(ويكره) الأذان (ملحنا) وهو الذي فيه تطريب. يقال: لحن في قرائته إذا

(1)

1 أخرجه النسائي في " سننه "(622) 1: 297 كتاب الصلاة، باب كيف يقضي الفائت من الصلاة. وأخرجه الترمذي في " جامعه " (179) 1: 337 أبواب الصلاة، باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ. قلت: وللحديث شاهد عند الشافعي في " كتاب الأم " من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

ص: 480

طرب بها وغرد.

قال أحمد رحمه الله تعالى: كل شيء محدث أكرهه مثل: التطريب.

ويصح لحصول المقصود به، وفيه وجه: لا يعتد به؛ لما روى الدارقطني

عن ابن عباس قال: " كان للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن يطرب فقال عليه الصلاة والسلام: الأذان سهل سمح فان كان أذانك سهلا سمحا وإلا فلا تؤذن"

(1)

. لكن ذكر ابن الجوزي هذا الحديث في " الموضوعات ".

(و) يكره أيضاً الأذان حال كونه: (ملحونا).

قال في " الإنصاف ": الصحيح من المذهب أن حكم الأذان الملحون حكم

الأذان الملحن. جزم به في " الفروع " وغيره.

وقال في " الرعايه الكبرى ": وفي أجزأء الأذان الملحن. وقيل:

والملحون وجهان. انتهى.

والمراد بالملحون الذي يكره، ويعتد به: هو الذي لا يحيل لحنه المعنى؛

كما لو رفع أو نصب تاء الصلاة، وحاء الفلاح؛ كما سيأتي التنبيه عليه في المتن.

(و) يكره أيضاً الأذان (من ذي لثغة فاحشة).

قال في " الشرح الكبير ": فاما أن كان ألثغ لثغة فاحشة كره أذانه. انتهى. (وبطل) الأذان (ان أحيل المعنى) بلحنه أو بلثغة المؤذن. فمثال إحالة

المعنى في اللحن: لو مد همزة الله، أو باء اكبر

(2)

ونحو ذلك. فان مد الهمزة يصيرها اسشفهامية، ومد باء أكبر يصير جمع كبر وهو الطبل.

(1)

1 أخرجه الدارقطني في " سننه "(11) 1: 239 كتاب الصلاة، باب ذكر الإقامة واختلاف الروايات فيها.

وأخرجه ابن الجوزي في " كتاب الموضوعات " 2: 82 باب الأذان سمح، ثم نقل عن ابن حبان انه قال: ليس لهذا الحديب-أصل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، واسحاق يعني أحد رواة الحديث: لا يحل

الاحتجاج به، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار

(2)

2 في ج: أكبر.

ص: 481

ومثال إحالة المعنى باللثغة: كإسقاط حرف وإبدال الكاف بهمزة ونحو

ذلك، لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤذن لكم من يدغم قلنا كيف يقول؟ قال: يقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله "

(1)

أخرجه الدارقطني في " الأفراد ". وهذا الحديث فيه إسقاط

الهاء من كلمة الله.

(وسن) بالبناء للمفعول (لمؤذن وسامعه) نص عليهما (ولو) سمع مؤذنا (ثانيا

و) مؤذنا (ثالثا).

(و) سن أيضاً (لمقيم) الصلاة (وسامعه) أي سامع المقيم، (ولو) كان

السامع (في طواف، أو) في (قراءة، أو) كان السامع (امرأة: متابعة) نائب الفاعل لسن (قوله) أي متابعة قول المؤذن أو المقيم (سراً بمثله)، أي: بمثل ما يقول.

(لا مصل ومتخل) أي: إلا إذا كان السامع في صلاة ولو نفلا، ولا إذا كان

في الخلاء.

(ويقضيانه) أي: يقضيه المصلي إذا فرغ من صلاته، والمتخلي إذا خرج من

الخلاء ما فاته من إجابة المؤذن حتى سماعه.

(إلا في الحيعلة فيقولان) أي: المؤذن وسامعه: (لا حول ولا قوة إلا بالله)

هذا مستثنى من قوله: بمثله. يعني: أن السامع يجيب المؤذن أو المقيم، والمؤذن أو المقيم يجيب نفسه بأن يقول مثل ما يقول إلا إذا قال المؤذن

والمقيم: حي على الصلاة حي على الفلاح فانه والسامع يقولان: لا حول

ولا قوة إلا بالله.

(و) إلا (في التثويب) وهو قول المؤذن في أذان الفجر: الصلاة خير من

النوم، فان سامعه يقول:(صدقت وبررت) بكسر الراء.

(و) إلا (في لفظ الإقامة) فان سامع المقيم يقول عند ذلك: (اقامها الله

(1)

لم أقف على " كتاب الأفراد " للدارقطني مطبوعا.1

ص: 482

وادامها). والأصل في ذلك؛ ما روى عمر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قال المؤذن: الله أكبر فقال أحدكم: الله أكبر، ثم قال: أشهد أن

لا إله إلا الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله فقال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله قال: لا إله إلا الله مخلصا من قلبه، دخل الجنة "

(1)

. رواه مسلم.

قال الأثرم: هذا من الأحاديث الجياد.

وأما كونه يقول عند الحيعلة: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فلأن حي على

الصلاة خطاب فإعادته عبث بل سبيله الطاعة وسؤال الحول والقوة.

وتكون الإجابة عقيب كل كلمة.

والأصل في استحباب إجابة المقيم؛ ما روى أبو داود بإسناده عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم: أقامها الله وأدامها "

(2)

.

وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر في الأذان.

ومعنى: ولا حول ولا قوة إلا بالله: إظهار العجز وطلب المعونة منه في كل الأمور وهو حقيقة العبودية.

وقال الهيثم: أصل لا حول من حال الشيء إذا تحرك. يقول: لا حركة

ولا استطاعة إلا بالله.

وقال اين مسعود: معناه: لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة

على طاعته إلا بمعونته.

قال الخطابي: هذا أحسن ما جاء فيه.

(1)

1 أخرجه مسلم في " صحيحه "(385) 1: 289 كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه

(2)

2 أخرجه أبو داود في " سننه "(528) 1: 145 كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا سمع الإقامة.

ص: 483

ويقال: لا حيل لغة. حكاه الجوهري.

وعبر عنها

(1)

الأزهري بالحوقلة على أخذ الحاء من حول، والقاف من

قوة، واللام من اسم الله تعالى، وعبر عن حي على الصلاة وحي على الفلاح بالحيعلة على أخذ الحاء والياء من حي، والعين واللام من على.

(ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ. ويقول: اللهم! رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته)؛ لما روى عبد الله بن عمر مرفوعا: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن ئم صلوا علي، فان من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله تعالى لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون انا هو. فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة "

(2)

. رواه مسلم.

ولما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من قال حين يسمع النداء: اللهم!

رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلب له شفاعتي يوم القيامة. "

(3)

. رواه البخاري، ورواه النسائي وأبو حازم والبيهقي:" وابعثه المقام المحمود " معرفين، ولم يثبت

فيه: " الدرجة الرفيعة ".

وروى البيهقي في " سننه " في آخره: " انك لا تخلف الميعاد "

(4)

.

وفي " الرعاية ": أنه يرفع بصره إلى السماء.

فوائد تتعلق بهذه الأحاديث:

(1)

1 في ا: عنهما.

(2)

2 أخرجه مسلم في " صحيحه "(384) 1 ت 288 كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه

(3)

3 أخرجه البخاري في " صحيحه "(589) 1: 222 كتاب الأذان، باب الدعاء عند النداء.

وأخرجه النسائي في " سننه "(680) 2: 27 كتاب الأذان، باب الدعاء عند الأذان.

وأخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 1: 410 كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا فرغ من ذلك.

(4)

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " في الموضع السابق. 4

ص: 484

اللهم: أصله: يا الله، والميم بدل من ياء. قاله الخليل وسيبويه.

وقال الفراء: أصله: يا الله أمنا بخير. فحذف حرف النداء، ولا يجوز الجمع بينهما إلا في الضرورة.

والدعوة: بفتح الدال هي دعوة الأذان سميت تامة؛ لكمالها، وعظم

موقعها، وسلامتها من نقص يتطرق إليها.

وقال الخطابي: وصفها بالتمام؛ لأنها ذكر الله تعالى يدعى بها إلى طاعته. وهذه الأمور التي تستحق صفة الكمال والتمام، وما سواها من أمور الدنيا فانه معرض للنقص والفساد.

وكان الإمام أحمد رضى الله تعالى عنه يستدل بهذا على أن القرآن غير مخلوق. قال: لأنه مامن مخلوق إلا وفيه نقص.

والصلاة القائمة: التي ستقوم وتفعل بصلاتها.

والوسيلة: منزلة عند الملك. وهي منزلة في الجنة.

والمقام المحمود: الشفاعة العظمى في موقف القيامة؛ لأنه يحمده فيها

الأولون والاخرون. والحكمة في سؤال ذلك مع كونه واجب الوقوع بوعد الله تعالى: إظهار كرامته، وعظم منزلته. وقد وقع منكرا في الحديث الصحيح تأدبا مع القرآن فيكون قوله: الذي وعدته منصوبا على البدلية، أو على إضمار فعل، أو مرفوع على انه خبر لمبتدأ محذوف.

(ثم يدعو هنا)؛ لما روى أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الدعاء لا يرد

بين الأذان والإقامة "

(1)

. رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن.

(1)

1 أخرجه أبو داود في "سننه "(521) 1: 144 كتاب الصلاة، باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة. وأخرجه النسائي في " سننه " ص: 167 في كتاب عمل اليوم والليلة، باب الترغيب في الدعاء بين

الأذان والإقامة.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(212) 1: 415 أبواب الصلاة، باب ما جاء فى أن الدعاء لا يرد بين

الأذان والإقا مة.

وأخرجه أحمد في " مسنده "(13693) 3: 254.

ص: 485

(وعند إقامة) أي: ويدعو أيضاً عند الإقامة، فعله الإمام أحمد ورفع يديه. (ويحرم خروجه) أي: خروج من وجب عليه الصلاة التي أذن لها مع صحتها

منه إذأ (من مسجد) بعده أي: بعد الأذان (بلا عذر أو نية رجوع) إلى المسجد. قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. وكرهه أبو الوفا

وأبو المعالي. ونقل ابن الحكم: أحب إلي أن لا يخرج. ونقل صالح:

لا يخرج. ونقل أبو طالب: لا ينبغي.

وفال ابن تميم: ويجوز للمؤذن أن يخرج بعد أذان الفجر. نص عليه.

قال الشيخ تقي الدين: إلا أن يكون التاًذين للفجر قبل الوقت فلا يكره الخروج نص عليه.

قلت: الظاهر أن هذا مراد من اطلق. انتهى.

ويباح للمؤذن التأذين على سطح بيته أن كان قريباً من المسجد، وان كان

بعيدا كره له ذلك " لأن القريب من المسجد يسمع أذانه عند المسجد فيأتون إلى المسجد والبعيد قد يسمعه من لا يعرف المسجد فيغتر به ويقصده فيضيع عن المسجد. فانه قد روي عن أحمد في الذي يؤذن في بيته وبينه وبين المسجد طريق يسمع الناس: أرجو أن لا يكون به بأس.

وقال في رواية إبراهيم الحربي: فيمن يؤذن في بيته على سطح: معاذ الله

ما سمعنا أن أحدا يفعل هذا. فحمل الأول على القريب والثاني على البعيد، وقد روي " أن بلالاً كان يؤذن على سطح امرأة من الأنصار "

(1)

.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

(1)

1 سبق تخريجه ص: (473) رقم (2).

ص: 486

[باب: شروط الصلاة]

هذا (باب) تذكر فيه شروط الصلاة، وأحكام المواقيت، وكيف

(1)

قضاء

الصلوات.

(شروط الصلاة: ما يتوقف عليها) أي: الشروط (صحتها) أي الصلاة،

وكذا سائر العبادات والعقود. فان صحتها تتوقف على شروطها.

ومحل ذلك في العبادات والعقود: (ان لم يكن عذر) يعجز به عن تحصيل الشرط.

والشروط جمع شرط؛ كفلوس جمع فلس، والشرائط جمع شريطة؛

كفرائض جمع فريضة، والأشراط جمع شرط؛ كاًقمار جمع قم. وهذا لغة العلامة، ومحه قوله تعالى:{فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَ} [محمد: 18] أي: علاماتها. وعرف الشرط- الذي على وزن فلس- أيضاً في الاصطلاح: بانه ما يوجد المشروط مع عدمه، ولا يلزم أن لا يوجد عند وجوده. وهو عقلي؛ كالحياة للعلم ولغوي: كان دخلت الدار فاً نت طالق. وشرعي: كالطهارة للصلاة. (وليست) شروط الصلاة (منها) أي: من الصلاة (بل تجب) شروط الصلاة

(لها قبلها) بأن تتقدم على الصلاة وتسبقها. ويجب استمرارها فيها. وبهذا

المعنى فارقت الأركان.

قال (المنقح: إلا النية) يعني: انه لا يجب أن تتقدم نية الصلاة عليها، بل

تكفي مقارنة النية للصلاة. وهو ظاهر.

(1)

1 في ج: وكيفية

ص: 487

(وهي) أى شروط الصلاة مع ما ينضم إليها مما ذكر في شروط الوضوء تسعة:

(إسلام، وعقل، وتمييز). وهذه الثلاثة مشروطة في كل عبادة إلا التمييز

في الحج فانه يصح ممن لم يميز، ولو انه ابن ساعة، ويحرم عنه وليه.

(و) الرابع: (طهارة.

و) الخامس: (دخول وقت) لصلاة مؤقتة، لقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ

الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]. قال ابن عباس: " دلوكها إذا فاء الفيء "

(1)

، ويقال: هو غروبها. وقيل: طلوعها وهو غريب.

قال عمر رضى الله تعالى عنه: " الصلاة لها وقت شرطه الله لها لا تصح

إلا به "

(2)

. وهو " حديث جبريل حين أم النبي صلى الله عليه وسلم بالصلوات الخمس، ثم

قال: يا محمد! هذا وقت الأنبياء من قبلك "

(3)

.

قال في " الفروع ": سبب وجوب الصلاة الوقت " لأنها تضاف إليه

- يعني: إلى الوقت- فيقال: صلاة الظهر، صلاة العصر، صلاة المغرب، صلاة العشاء، صلاة الفجر، وهي- يعني الإضافة- تدل على السببية، وتتكرر بتكرره، وهو سبب نفس الوجوب. إذ سبب وجوب الأداء الخطاب.

(وهو) أي: الوقت الظهر) أي: لصلاة ظهر. واشتقاقه من الظهر " لأن

فعلها يكون ظاهرا في وسط النهار. وتسمى أيضاً الهجير، لفعلها في وقت

الهاجرة.

والظهر لغة: الوقت بعد الزوال. وشرعا: صلاة هذا الوقت.

(1)

1 ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4: 354. وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن المذر.

(2)

2 رواه ابن حزم في " المحلى " 2: 239 من طريق إبراهيم بن المذر الحزامي عن عمه الضحاك بن عثمان أن عمر بن الخطاب قال في خطبته في الجايية: " ألا هان الصلاة لها وقت

" قال الشيخ

أحمد لفماكر: الأثر منقطع لأن الضحاك لم يدرك عمر.

(3)

3 حديث جبريل أخرجه الترمذي في " جامعه "(149) 1: 278 أبواب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، من حديث ابن عباس رضي الله عنه.

ص: 488

(وهي الأولى) لبداءة جبريل عليه السلام لما صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم. وفي البداءة

بها إشارة إلى أن هذا الدين ظهر أمره وسطع نوره من غير خفاء.

ولأنه لو بدا بالفجر لختم بالعشاء في ثلث الليل، وهو وقت خفاء، فلذلك

ختم بالفجر، لأنه وقت فيه ضعف، إشارة إلى أن هذا الدين يضعف في آخر الأمر.

(من الزوال) يعني: إذا ابتدأ وقت صلاة الظهر من الزوال. (وهو) أي

الزوال: (ابتداء طول الظل بعد تناهي قصره)، لأن الظل يكون أولا طويلا لمقابلة قرصها، وكذا كل منتصب في مسامته نير، وكلما صعدت قصر الظل إلى أن ينتهي. فإذا أخذت في النزول مغربة طال لابتداء المسامتة ومحاذاة المنتصب قرصها، ويقصر الظل جداً في كل بلد بحسب وسط الفلك.

(لكن لا يقصر) الظل (في بعض بلاد خراسان لسير الشمس ناحية عنها) فصيفها كشتاء غيرها.

وعلم من كون الظل لا يقصر في جميع البلاد: عدم ارتباط التكليف به.

بخلاف الزوال.

(ويختلف) - قدر الظل (بالشهر والبلد. فأقله) أي: أقل ظل آدمى تزول عليه الشمس (بإقليم الشام والعراق: قدم وثلث) بقدم ذلك الآدمى (في نصف

حزيران)، وذلك مقارب لها طول أيام السنة، واطولها سابع عشر حزيران. (ويتزايد) بتقاصر النهار (إلى عشرة) اقدام (وسدس) قدم (في نصف كانون الأول) وذلك مقارب لأقصر أيام السنة، وأقصرها سابع عشر كانون الأول. (ويكون) الظل (اقل) قصرا (وأكثر) طولاً (في غير ذلك)، أي: في غير الشام والعراق

فإذا أردت معرفة ذلك فقف على مستو من الأرض، وعلم الموضع الذي

ينتهي إليه ظلك، ثم ضع قدمك اليمنى بين يدي قدمك اليسرى، والصق عقبك بإبهامك، فإذا بلغت مساحته هذا القدر بعد انتهاء النقص فهو وقت زوال

الشمس.

ص: 489

(وطول كل انسان بقدمه) أي: بقدم نفسه: (ستة) أقدام (وثلثان لقريبا) فانها

ربما تنقص في بعض الناس يسيرا أو تزيد يسيرا.

ويمتد وقت الظهر من الزوال (حتى يتساوى منتصب وفيؤه سوى ظل الزوال) بأن ينظر ظل المنتصب الذي زالت عليه الشمس ويزاد عليه بقدر طول المنتصب. فإذا بلغ الظل ذلك المقدار فقد خرج وقت الظهر نصا.

قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: وأي شيء آخر وقت الظهر؟ قال: أن

يصير الظل مثله. قيل له: فمتى يكون الظل مثله؟ قال: إذا زالت الشمس.

فكان الظل بعد الزوال مثله.

ومعرفة ذلك: أن يضبط ما زالت عليه الشمس، ثم ينظر الزيادة عليه فان

بلغت قدر الشخص فقد انتهى وقت الظهر.

وتجب الصلاة المفروضة بدخول أول وقتها في حق من هو من أهل

الوجوب. وهو قول الشا فعي.

وقال أبو حنيفة: تجب بآخر وقتها إذا بقى منه ما لا يتسع لأكثر منها، لأنه

في أول الوقت يتخير بين فعلها وتركها. فلم تكن واجبة، كالنافلة.

قال في " الشرح الكبير ": ولنا: انه مأمور بها في أول وقتها لقوله تعالى:

{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]. والأمر للوجوب على الفور.

ولأن دخول الوقت سبب للوجوب، فترتب عليه حكمه عند وجوده

(1)

. ولأنها تشترط لها نية الفرض، ولو كانت نفلا لأجزأت بنيه النفل كالنافلة.

وتفارق النافلة من حيث: أن النافلة يجوز تركها لا إلى بدل، وهذه

انما يجوز تركها مع العزم على فعلها كما تؤخر صلاة المغرب ليلة المزدلفة عن وقتها، وكما تؤخر سائر الصلوات عن وقتها لمن هو مشتغل بشرطها. انتهى.

(والأفضل تعجيلها) أي: تعجيل صلاة الظهر بأن يتأهب لها بدخول الوقت. قاله في " الفروع ". وذكر الأزجي قولا: يتطهر قبله فيكون تعجيلها

(1)

1 في ج: وجو به.

ص: 490

بفعلها في أول وقتها؛ لما روى أبو برزة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس "

(1)

.

وقال جابر: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة "

(2)

. متفق عليهما.

(إلا مع) وجود (حر مطلقاً).

قال في " الشرح الكبير ": في ظاهر كلام أحمد والخرقي حكاه عنه الأثرم.

وهو قول إسحاق وأصحاب الرأي واين المنذر. وهو الصحيح أن شاء الله

تعالى؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا اشتد الحر فاً بردوا بالظهر فان شدة الحر من فيح جهنم "

(3)

. متفق عليه.

وقيل: إلا مع حر لمن يصلي جماعة. وقيل: وان يكون في البلدان

الحاره.

ويكون التأخير على كل من الأقوال (حتى ينكسر) الحر.

(و) إلا (مع غيم لمصل جماعة). نص عليه في روايه المروذي؛ لما روى

ابن منصرر عن إبراهيم قال: " كانوا يؤخرون الظهر ويعجلون العصر في اليوم المتغيم ".

ويكون تأخيرها في الغيم (لقرب وقت العصر)، لأنه وقت يخاف منه

العوارض من الريح والمطر. فيشق الخروج لكل صلاة من المجموعتين.

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه) (522) 1: 1 20 كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العصر. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (647) 1: 447 كتاب المساجد، باب استحباب التكبير بالصبح

،

(2)

2 أخرجه البخاري في " صحيحه "(535) 1: 205 كتاب مواقيت الصلاة، باب وقب المغرب. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (646) 1: 446 كتاب المساجد، باب استحباب التكبير بالصبح

(3)

3 أخرجه البخاري في " صحيحه "(512) 1: 199 كتاب مواقيب الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(615) 1: 430 كتاب المساجد، باب استحباب الإبراد بالظهر في

شدة الحر، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 491

فاستحب تأخير الأولى ليقرب من الثانية ليخرج لها خروجا واحداً طلبا للأسهل المطلوب شرعا.

(فيسن) التاًخير مع شدة الحر مطلقاً، ومع الغيم لمن يصلي جماعة إذا كانت صلاة الظهيرة (غير جمعة فيهما) أي: في غير صورة الحر والغيم، وأما الجمعة فيسن تقديمها مطلقاً؛ لما روي عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه انه قال:" ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة "

(1)

.

وقال سلمة بن الأكوع: "كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرجع فنتتبع

(2)

الفيء "

(3)

. متفق عليهما.

(وتأخيرها) أي: صلاة الظهر (لمن لا عليه جمعة)؛ كالعبد والانثى، (أو)

لمن (يرمي الجمرات حتى يفعلا) أي: حتى تصلى الجمعة ويرمى الجمرات (أفضل) من فعلها قبل ذلك، كما سيأتي ذلك في الجمعة والحج.

(ويليه) أي: ويلي وقت الظهر الوقت (المختار للعصر).

وعلم من هذا أن بخروج وقت الظهر يدخل وقت العصر من غير فصل

بينهما، وهذا هو المعروف في المذهب.

قال في " الإنصاف ": وقيل: لا يدخل وقت العصر إلا بعد زيادة يسيرة عن خروج وقت الظهر. ويحتمله كلام الخرقي، و" التذكرة " لابن عقيل و"التلخيص ".

وقال ابن تميم وصاحب " الفروع " وغيرهما: وعن أحمد: آخر وقت الظهر

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه "(897) 1: 318 كتاب الجمعة، باب قول الله تعالى: (فإذا قضيت الصلاة

).

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(9 85) 2: 588 كتاب الجمعة، باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس.

(2)

2 في ج: فتتيع

(3)

3 أخرجه ألبخاري في " صحيحه "(3935) 4: 1529 كتاب المغازي، باب غزو الحديبية.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(860) 2: 589 كتاب الجمعة، باب صلاه الجمعة حين تزول الشمس.

ص: 492

أول وقت العصر.

قال في"الفروع ": فبينهما وقت مشترك قدر أربع ركعات. انتهى.

(وهي) أي: وصلاة العصر الصلاة (الوسطى).

قال في" الإنصاف ": نص عليه الإمام أحمد، وقطع به الأصحاب،

ولا أعلم عنه ولا عنهم فيها خلافا. انتهى.

ويمتد وقت العصر المختار من خروج وقت الظهر (حتى يصير ظل كل شئ مثليه سوى ظل الزوال) أي: غير ظل الشاخص الذي زالت عليه الشمس أن كان؛ " لأن جبريل صلاها بالنبى صلى الله عليه وسلم في اليوم الثانى حين صار ظل كل شيء مثليه، وقال: الوقت فيما بين هذين "

(1)

.

(ثم هو) أي: وقت العصر بعد خروج وقت الاختيار (وقت ضرورة الى الغروب) وهو سقوط قرص الشمس. وهو في الأصل مصدر غربت الشمس بفتح الراء وضمها غروبأ أو مغربا، ويطلق على وقت الغروب ومكانه. فتكون الصلاة فيه أداء؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:" من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها "

(2)

. متفق عليه.

ولا فرق في ذلك بين المعذور وغيره إلا في الإثم وعدمه. فمن اخرها إليه

لغير عذر أثم، وإلا لم يأثم.

وعنه: أن آخر وقت الاختيار للعصر اصفرار الشمس. حكاها عنه جماعة، واختارها جماعة.

(وتعجيلها) أي: صلاة العصر (مطلقاً) أي: مع غيم وبدونه (أفضل)؛

(1)

1 أخرجه أبو داود في " سنه "(393) 1: 7 0 1 كتاب الصلاة، باب في المواقيت.

وأخرجه الترمدي في " جامعه "(149) 1: 278 أبواب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة.

(2)

2 أخرجه البخاري في، صحيحها (554) 1: 211 كتاب مواقيت الصلاة، باب من ادرك من الفجر ركعة.

وأخرجه مسلم في " صحيحه "(608) 1: 424 كتاب المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد

أدرك تلك الصلاة، كلاهما من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.

ص: 493

لما روى أبو أمامة بن سهل قال: " صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلي العصر. فقلنا: يا أبا حمزة! ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال: العصر. وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كنا نصليها معه "

(1)

. متفق عليه. وغير ذلك من الأحاديث.

وعنه: يستحب تعجيلها مع الغيم دون الصحو. نقلها صالح. قاله القاضي

في " الفروع "، ولفظ روايته: يؤخر العصر أحب إلي. آخر وقت العصر عندي ما لم تصفر الشمس. فظاهره مطلقاً. انتهى.

(ويليه) أي: ويلي وقت الضرورة للعصر الوقت (للمغرب. وهي الوتر)

أي: وتر النهار. ويمتد وقتها (حتى يغيب الشفق)؛ لما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وقت المغرب ما لم يغب الشفق "

(2)

. رواه مسلم.

والمراد بالشفق: الشفق (الأحمر) روى ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال:

" الشفق الحمرة. فإذا غاب الشفق وجبت العشاء "

(3)

. رواه الدارقطني. (والأفضل تعجيلها) أي تعجيل المغرب؛ لما روى رافع بن خديج قال:

" كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وانه ليبصر مواقع نبله "

(4)

. متفق عليه.

وفعل جبريل [عليه الصلاة والسلام]

(5)

لها في اليومين في وقت واحد دليل

على تأكيد استحباب تعجيلها.

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه ") 524) 1: 202 كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العصر.

وأخرجه مسلم في " صحيحه ") 623) 1: 434 كتاب المساجد، باب استحباب التبكير بالعصر.

(2)

2 أخرجه مسلم في " صحيحه ") 612) 1: 427 كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس.

(3)

3 أخرجه الدارقطني في " سنته "(3) 1: 269 كتاب الصلاة، باب في صفة المغرب والصبح.

(4)

4 أخرجه البخاري في " صحيحه "(534) 1: 05 2 كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت المغرب.

وأخرجه مسلم في " صحيحه ") 637) 1: 441 كتاب المساجد، باب بيان أن أول وقت المغرب عندغروب الشمس.

(5)

5 فائدة من ج

ص: 494

ولأن فيه خروجا من الخلاف فكان أولى.

(إلا ليلة جمع) وهي: ليلة المزدلفة. سميت جمعا؛ لاجتماع الناس فيها.

وهي ليلة عيد الأضحى. فيسن تأخيرها المحرم قصدها) أي: قصد مزدلفة.

قال في " الفروع ": إلا ليلة مزدلفة لمحرم قصدها إجماعاً. انتهى.

(ان لم يوافها) أي: يواف مزدلفة (وقت الغروب) فلا يسن تأخيرها.

قال في " الفروع ": وكلامهم يقتضي لو دفع من عرفة قبل الغروب وحصل

بمزدلفة

(1)

وقت الغروب لم يؤخرها، ويصليها في وقتها. قال: وكلام القاضي

يقتضي الموافقة، وهو واضح. انتهى.

(و) إلا (في غيم لمصل جماعة) فيسن تأخيرها.

قال في " الإنصاف ": والصحيح من المذهب انها في الغيم كالظهر

كما تقدم. انتهى.

(و) إلا في (جمع) أي: لمن يباح له الجمع (ان كان) تأخيرها ليصليها في

وقت العشاء (ارفق) له من تعجيل العشاء في وقت المغرب فانه يسن له التأخير؛ لأن المستحب في حقه فعل الأرفق به من تأخير الأولى إلى وقت الثانية، وتقديم

الثانية إلى وقت الأولى.

ولا يكره تسمية المغرب بالعشاء.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب.

(ويليه) أي: يلي وقت المغرب الوقت (المختار للعشاء)، والعشاء اسم

لأول الظلام. وأضيفت إليه هذه الصلاة؛ لأنها تفعل فيه، ويقال لها: عشاء

الآخر ة.

ويمتد وقتها المختار (إلى ثلث الليل) الأول. نص عليه في رواية الجماعة

واختاره الأكثر؛ " لأن جبريل صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول حين غاب

(1)

1 في ج: با لمز دلفة

ص: 495

الشفق، وفي اليوم الثانى حين كان ثلث الليل الأول ثم قال: الوقت فيما بين هذين "

(1)

. رواه مسلم.

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: " كانوا يصلون العتمة فيما بين أن

يغيب الشفق إلى ثلث الليل "

(2)

. رواه البخاري.

وعنه: أن وقت الاختيار يمتد إلى نصف الليل الأول.

وقال في " الفروع ": وهو أظهر.

(وصلاتها) أي: وتاً خير صلاتها إلى أن يكون الوقت (آخر الثلث) الأول من

الليل (أفضل)؛ لقوله النبي صلى الله عليه وسلم: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه "

(3)

. رواه الترمذي. وقال: حديث صحيح ومحل ذلك: (ما لم يؤخر المغرب). قاله في " الفروع ". يعني: حيث

جاز تأًخير المغرب لجمع أو غيره.

(ويكره) التاًخير (ان شق) ذلك (ولو على بعضهم) أي: بعض المأمومين.

قال في " الإنصاف ": على الصحيح من المذهب. انتهى.

ونص عليه في رواية الأثرم؛ " لأنه عليه الصلاة والسلام كان يأمر بالتخفيف

رفقاً بالمأمومين "

(4)

.

(و) يكره (النوم قبلها) أي: قبل صلاة العشاء.

قال في " الفروع": وفاقاً لمالك والشافعي

(5)

.

وعنه: بلا موقظ وفاقاً لأبي حنيفة؛ " لأنه عليه الصلاة والسلام رخص

(1)

1 أخرجه مسلم في " صحيحه "(614) 1: 429 كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس.

(2)

2 أخرجه البخاري في " صحيحه "(826) 1: 295 كتاب صفة الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس.

(3)

3 أخرجه الترمذي في " جامعه "(167) 1: 0 31 أبواب الصلاة، باب ما جاء في نأخير صلاة العشاء الاخره، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

4 سياتي تخريجه من حديث أبي هريرة وفيه: " إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فان فيهم السقيم والضعيف وذا الحهاجة واذا صلى لنفسه قليطول ما شاء " ص: 2/ 346.

(5)

5 ساقط من أ.

ص: 496

لعلي "

(1)

. رواه أحمد. واحتج بفعل ابن عمر. جزم بها في " جامع

القاضي "انتهى.

(و) يكوه (الحديث بعدها) أي: بعد صلاة العشاء.

قال في " الفروع ": في الجملة وفاقاً.

(إلا) حديثا (يسيرا، و) إلا (لشغل، و) إلا مع (أهل).

وقيل: يكوه مع الأهل. قدمه في " الفائق ".

(ثم هو) أي: وف العشاء بعد ثلث الليل (وقت ضرورة إلى طلوع الفجر

الثاني) المستطير (وهو: البياض المعترض بالمشرق ولا ظلمة بعده) ويقال له: الفجر الصادق.

(و) الفجر (الأول) الذي قبله يقال له: الكاذب. وهو (مستطيل) بلا اعتراض، (ازرق له شعاع ثم يظلم). ولدقته يسمى ذنب السرحان وهو الذئب.

قال في " الفروع ": قال محمد بن حسنويه: سمعت أبا عبد الله يقول:

الفجر يطلع بليل، ولكنه يستره أشجار جنان عدن.

وقيل: يخرج الوقت مطلقاً بخروج وقت الاختيار في صلاتي العصر والعشاء.

(ويليه) أي: ويلي وقت العشاء الوقت (للفجر) إجماعاً. ويمتد (إلى

الشروق)؛ لما روى عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وقت الفجر ما لم تطلع الشمس "

(2)

. رواه مسلم.

(وتعجيلها مطلقاً أفضل)؛ " لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكو وعمر

وعثمان

(3)

انهم كانوا يغلسون بالفجر "

(4)

. ومحال أن يتركوا الأفضل وهم

(1)

1 روى أحمد رحمه الله أحاديث في الرخصة فى السمر بعد العشاء انظر " المسند " 1: 15. وعقد " الترمذي " 1: 315 في أبواب الصلاة بابا في ذلك باب ما جاء من الرخصة في السمر بعد العشاء.

(2)

2 أخرجه مسلم في " صحيحه "(612) 1: 427 كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس

(3)

3 ساقط من أ.

(4)

أخرجه مسلم في " صحيحه "(646) 1: 446 كتاب المساجد، باب امستحباب التبكير بالصبح

بلفظ: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس " من حديث جابر رضي الله عنه.

ص: 497

النهاية في إتيان الفضائل.

وعنه: أن أسفر المأمومون فالأفضل الإسفار.

وقال الثوري وأصحاب الرأي الأفضل الإسفار مطلقاً، لما روى رافع بن

خديج قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " أسفر بالفجر فانه أعظم للأجر "

(1)

.

رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.

وأجيب عنه بأن المراد بالإسفار: أن يتبين ضوء الصبح وينكشف. من

قولهم: أسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته.

فائدة:

وقت العشاء في الطول والقصر يتبع النهار فيكون وقت الصيف أطول، ووقت الفجر يتبع الليل فيكون في الشتاء أطول؛ لأن النورين تابعان الشمس. هذا يتقدمها وهذا يتأخر عنها. فإذا كان في الشتاء طال زمن مغيبها فيطول زمن الضوء التابع لها، وإذا كان في الصيف طال زمن ظهورها فيطول زمن النور التابع لها.

(وتأخير الكل) أي: كل الصلوات (مع أمن فوت) لما يؤخرها (لمصلي

كسوف) أي: لمن يصلي صلاة الكسوف، (ومعذور كحاقن وتائق) أي: تائق إلى طعام حتى يبول ويأكل: (أفضل) من فعل الصلاة قبل ذلك. والمراد: إذا أمن فوت الوقت أو بعضه الجائز فعلها فيه. وانما كان أفضل لمصلي الكسوف؛ لتحصيل فضيلة الصلاتين، وللمعذور، لإتيانه بالصلاة على أكمل الأحوال.

(ولو أمره به) أي: أمر انسانا بالتاً خير (والده ليصلي به: أخر) تلك الصلاه

التي أمره والده بتأخيرها إلى أن يبقى من الوقت الجائز فعلها فيه بقدر ما يسعها. قال أحمد في رواية أبي بكر بن حماد المقري: في الرجل يأمره والده بأن

يؤخر الصلاة ليصلي به قال: يؤخرها. فظاهره أن هذا التاً خير يكون واجبا.

(1)

1 أبو داود فى " سننه "(424) في الصلاة، باب وقت الصبح.

وأخرجه الترمذي في " جامعه "(154) 1: 289 أبواب الصلاة، باب ما جاء في الإسفار بالفجر.

والنسائي في المواقيت (548 - 549).

وابن ماجه 672) في الصلاة، باب وقت صلاة الفجر.

ص: 498

(و) يؤخذ من هذا النص أن الرجل (لا يكره) له (ان يؤم أباه)؛ لأن الكراهة تنافي ما طلب فعله شرعا.

(ويجب) التأخير إلى أن يضيق الوقت على من لا يحسن الفاتحة ولا ذكرا

واجباً (لتعلم الفاتحة وذكر واجب) حيث امكنه التعلم ليأتي بالصلاة تامة من غير محذور بالتأخير.

(وتحصل فضيلة التعجيل) لما تعجيلها أفضل (بالتأهب اول الوقت) بأن

يشتغل بأسباب الصلاة من طهارة ونحوها إذا دخل الوقت.

(ويقدر للصلاة أيام الدجال قدر) الزمن (المعتاد) في غير أيام الدجال.

قال ابن قندس في " حاشية الفروع ": مواقيت الصلاة الخمس التي علمها جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته حين بين مواقيت الصلوات التي ذكرها العلماء في كتبهم هي عن الأيام المعتادة. فاما اليوم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم " اقدروا له قدره

(1)

"

(2)

المذكور في قضية الدجال فله حكم اخر. وهو: أنه يقدر للصلاة في ذلك اليوم بقدر ما كان في الأيام المعتادة لا انه للظهر مثلا بالزوال وانتصاف النهار، ولا للعصر بمصير ظل الشيء مثله، بل يقدر الوقت بزمن يساوي الزمن الذي كان في الأيام المعتادة. أشار إلى ذلك يعني الشيخ تقي الدين في " الفتاوى المصرية ". والليلة في ذلك كاليوم؛ لأنه قد يطلق اليوم ويراد به مع ليلته. فإذا كان الطول يحصل في الليلة كان للصلاة في الليل ما يكون في النهار. والله أعلم.

(1)

1 في أ: من قدره.

(2)

2 أخرجه أبو داود في " سننه "(4321) 4: 17 1 كتاب الملاحم، باب خروج الدجال من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه.

ص: 499

[فصل: في وقت أداء الصلاة]

(فصل. أداء) الصلاة المكتوبة (حتى) صلاة (الجمعة يدرك) بالبناء للمفعول

أي: يدركه المصلي (ب) وجود (تكبيرة إحرام) يأتي بها في وقت لك الصلاة.

(ولو) كانت التكبيرة انما وجدت (اخر وقت) صلاة (ثانية في جمع) أي جمع تأخير.

ومعنى إدراك الأداء: هو بناء ما خرج منها عن الوقت على تحريمة الأداء في الوقت، ووقوعه موقعه في الصحة والأجزأء. قاله المجد فى " شرحه " وتابعه في " مجمع البحرين " وابن عبيدان.

قال في " الفروع ": وظاهر كلامه في " المغني " انها مسألة القضاء والأداء الآتية بعد ذلك.

ومقتضى إطلاق المتن انها تكون أداء كلها في حق من كان تأخيره لعذر؛ كحائض تطهر. أو لغير عذر؛ كمن كان تأخيره تكاسلا وهو المذهب، وعليه الجمهور.

وقيل: يكون ما وقع في الوقت أداء وما وقع خارجه قضاء.

وقيل: تكون أداء في المعذور دون غيره.

وعن الإمام رواية ثانية: أن الأداء لا يدرك بدون ركعة؛ كالجمعة في حق المسبوق؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ادرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر "

(1)

. وجميع الصلوات في ذلك سواء.

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه "(554) 1: 211 كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الفجر ركعة. وأخرجه مسلم فى " صحيحه " (608) 1: 424 كتاب المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد

أدرك تلك الصلاة، كلاهما من حديث أبى هريره رضي الله عنه.

ص: 500

ووجه المذهب: ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته "

(1)

. متفق عليه.

وللنسانى: " فقد أدركها "

(2)

.

ولأن الإدراك إذا تعلق به حكم في الصلاة استوى فيه الركعة وما دونها؛

كإدراك الجماعة، وإدراك المسافر صلاة المقيم.

(ومن جهل الوقت) أي وقت المكتوبة فلم يدر ادخل الوقت أم لا، (و) كان

بمحل (لا تمكنه) فيه (مشاهدة) لدلائل الوقت من شمس أو غيرها، (ولا) كان عنده (مخبر) له بدخول الوقت إخبارا (عن يقين) واراد أن يصلي تلك المكتوبة:(صلى إذا ظن دخولى) أي: دخول وقتها لا قبله.

وعنه: لا يصلي حتى يتيقن دخول الوقت.

قال في " الإنصاف ": فعلى المذهب يستحب التأخير حتى يتيقن فى دخول لوقت. قاله ابن تميم وغيره.

(و) إذا صلى مع غلبة ظنه فانه (يعيد) الصلاة (ان اخطأ) بأن بانت صلاته فبل الوقت؛ لأنها لم تجب واليقين ممكن.

(ويعيد اعمى عاجز) عن معرفة وقت تلك الصلاة إذا (عدم مقلدا) وصلاها

بغير تقليد (مطلقاً) أي سواء تبين انه أخطأ أو اصاب؛ كمن اشتبهت عليه القبلة فصلى بغير اجتهاد.

(1)

1 أخرجه البخاري في " صحيحه ") 531) 1: 204 كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب، ولفظه له.

وأخرجه مسلم فى " صحيحه "(608) 1: 424 كتاب المساجد، باب من ادرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة.

(2)

2 أخرجه النسائي في " سننه "(1 5 5) 1: 273 كتاب المواقيت، باب من أدرك ركعة من صلاة الصبح.

ص: 501

(ويعمل) أي: ويجب العمل في دخول وقت المكتوبة (بأذان) رجل (ثقة

عارف) بأوقات الصلوات، لأن الأذان شرع للإعلام بدخول وقت الصلاة. فلو لم يجز تقليد المؤذن لم تحصل الحكمة التي شرع الأذان لها، ولم تزل الناس يجتمعون للصلاة في مساجدهم، فإذا سمعوا الأذان قاموا إلى الصلاة وبنوا على قول المؤذن من غير مشاهدة للوقت ولا اجتهاد فيه من غير نكير، فكان إجماعاً. (وكذا إخباره) أي إخبار- الثقة العارف بالوقت (بدخوله) عن يقين الا عن

ظن) في وجوب العمل به، لأنه خبر ديني. فقبل فيه قول الواحد؛ كالرواية. (وإذا دخل) على مكلف (وقت صلاة) مكتوبة (بقدر تكبيرة) كما لو طلع

الفجر، (ثم) بعد قدر تكبيرة فأكثر من طلوعه (طرأ مانع) من صحة الصلاة، (كجنون وحيض) ثم عقل وظهرت:(قضيت) صلاة الفجر وجوبا، لأن الصلاة تجب بدخول أول الوقت على مكلف لم يقم به مانع وجوباً مستقرا، فإذا أقام به مانع بعد ذلك لم يسقطها. فيجب قضاوها عند زوال المانع.

ومقتضى كلام المتن: انه لا يلزمه غير التي دخل وقتها قبل طروء المانع وهو المذهب.

ووجهه: انه لم يدرك جزءاً من وقتها ولا من وقت تبعها. فلم يجب،

كما لو لم يدرك من وقت الأولى شيئاً. وفارق مدرك وقت الثانية فانه أدرك وقتا يتبع الأولى فان الأولى تفعل في وقت الثانية متبوعة مقصودة يجب تقديمها والبداءة بها

(1)

. بخلاف الثانية مع الأولى، ولأن من لا يجوز الجمع إلا في

وقت الثانية ليس وقت الأولى عنده وقتا للثانية بحال فلا يكون مدركا لشيء من وقتها، ووقت الثانية وقت لهما جميعا لجواز فعل الأولى في وقت الثانية. ومن جوز الجمع في وقت الأولى فانه يجوز تقديم الثانية رخصة تحتاج إلى نية التقديم وترك التفريق، ومتى أخر الأولى إلى الثانية كانت مفعولة واجبة لا يجوز تركها ولا يجب نية جمعها ولا يشترط ترك التفريق بينهما. فلا يصح قياس الثانية على الأولى. والأصل انه لا تجب صلاة إلا بإدراك وقتها.

(1)

1 في ج: لها.

ص: 502

وعن الإمام رواية اخرى: انه يلزمه أيضاً قضاء ما يجميع معها بعدها.

فعلى هذه الرواية لو طرأ المانع بعد الزوال لزمه قضاء الظهر والعصر، أو

بعد الغروب لزمه قضاء المغرب والعشاء.

(وان طرأ) على غير مكلف؛ كصغير ومجنون، أو من قام به مانع؛

كحائض وكافر (تكليف؛ كبلوغ) وعقل (ونحوه) أي: ونحو

(1)

التكليف من زوال المانع؛ كطهر الحائض، وإسلام الكافر (وقد بقي) من وقت تلك الصلاة التي طرا التكليف أو زوال المانع في وقتها (بقدرها) أي: بقدر تكبيرة: (قضيت) تلك الصلاة (مع مجموعة إليها قبلها). فان كان طروء التكليف أو زوال المانع قبل طلوع الشمس بقدر تكبيرة قضيت الفجر فقط، وان كان قبل غروب الشمس بقدر تكبيرة قضيت الظهر والعصر، وان كان قبل طلوع الفجر بقدر تكبيرة قضيت المغرب والعشاء: اما كون الوقت يدرك بتكبيرة؛ لأنه أدرك فاستوى فيه القليل والكثير كإدراك المسافر صلا ة المقيم. وانما اعتبرت الركعة في الجمعة للمسبوق؛ لأن الجماعة شرط لصحتها. فاعتبر إدراك الركعة؛ لئلا يفوته الشرط في معظمها.

وأما كونها تقضى مع مجموعة إليها قبلها؛ فلأن وقت الثانية وقت للأولى حال العذر. فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها؛ كما يلزمه فرض الثانية.

(ويجب) على من فاتته صلاة فأكثر من المفروضات الخمس (قضاء فائتة فأكثر مرتبا) نص عليه الإمام أحمد فى مواضع؛ لما روي " أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب فلما فرغ قال: هل علم أحد منكم اني صليت العصر؟ قالوا: يا رسول الله! ما صليتها. فأمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى العصر ثم أعاد المغرب "

(2)

. رواه الإمام أحمد.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: " صلوا كما رأيتموني أصلي"

(3)

، وقد رأوه قضى الصلاتين

(1)

1 في ج: نحو.

(2)

2 أخرجه أحمد في " مسنده "(17016) 4: 106.

(3)

3 سيأتي تخريجه ص: 2/ 114.

ص: 503

مرتبا، كما رأوه يقرا قبل أن يركع ويركع قبل أن يسجد.

ولأن الترتيب بين كل صلاتين واجب لوجوبه بين المجموعتين.

حتى (ولو كثرت) المقضيات وذكر ترتيبها.

وقد علم من هذا: أن الترتيب في القضاء مع ذكر الترتيب شرط للصحة،

لأنه ترتيب في الصلاة فكان شرطا كالركوع مع السجود.

(إلا إذا خشي) أن رتب (فوات حاضرة) يخرج وقتها فيصيران فائتتين.

ولأن فعل الحاضرة آكد. بدليل انه يقتل بتركها. بخلاف الفائتة.

ولأن ترك الترتيب أيسر من ترك الصلاة في الوقت. وفي ذلك رواية.

(أو) إلا إذا خشي (خروج وقت اختيار)، لأنه كما يحرم أن يؤخر الصلاة إلى

بعد وقتها يحرم عليه أن يؤخرها عن وقت الجواز إلى وقت الضرورة.

وعلم مما تقدم انه لو صلى الفائتة مع خشية خروج الوقت أو خروج وقت الاختيار انها تصح. نص عليه، وفيه وجه.

(ولا يصح تنفله إذا) أى مع ضيق وقت الحاضرة أو ضيق وقت جوازها لتحريمه كأوقات النهي.

(أو نسيه) أي: الترتيب هذا معطوف على المستثنى بقوله: إلا إذا خشي

فوات الحاضرة. فان نسيان الترتيب (بين فوائت حال قضائها) يسقط وجوبه. نص عليه في رواية الجماعة، لأن المنسية ليس عليها أمارة تعلم بها. فجاز أن يؤثر فيها النسيان، كالصيام.

وعنه: أن الترتيب لا يسقط مع النسيان كالمجموعتين.

وجوابه: أن المجموعتين لا يتحقق فيها النسيان إذ لا بد من نيه الجمع وهو متعذر مع النسيان.

(أو حاضرة وفائتة حتى فرغ) يعنى: انه لو نسي الترتيب بين حاضرة وفائتة حتى فرغ من فعل الحاضرة. فانه يسقط ولا يجب عليه إعادة الحاضرة بعد الفائتة. نص عليه.

ص: 504

وقال مالك: يجب. واستدل بحديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب المتقدم

ذكره

(1)

.

وأجيب عنه بأنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها في الصلاة.

(لا ان جهل) من عليه فوائت (وجوبه) أي الترتيب. فانه لا يسقط؛ لأن

الجهل بأحكام الشرع مع التمكن من العلم لا يسقطها؛ كالجهل بتحريم الأكل في الصوم.

ولأنه ترتيب واجب في الصلاة. فلم يسقط بالجهل؛ كترتيب أركانها،

وكالمجموعتين.

(فورا) في المنصوص. يعني: أن من فاتته صلاة فأكثر فانه يجب قضاؤها فورا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها "

(2)

. متفق عليه.

ومحل ذلك: (ما لم ينضر في بدنه) بأن ضعف (او) ينضر في (معيشة) يحتاجها فينقطع بذلك عنها.

قال في " شرح الوجيز ": نص الإمام أحمد على معنى هذا. انتهى.

قال في " الفروع ": وانما تحول صلى الله عليه وسلم بأصحابه لما ناموا وقال: " أن هذا

منزل حضرنا فيه الشيطان "

(3)

؛ لأنه سنة كفعل سنة قبل الفرض.

(أو يحضر) أي: وما لم يحضر (لصلاة عيد) فانه يكره له قضاء الفوائت حتى

يفرغ من صلاة العيد كما سيأتي في بابها.

(1)

1 سبق ص: (503).

(2)

2 أخرجه البخاري في " صحيحه "(572) 1: 215 كتاب مواقيت الصلاة، باب من تسي صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة. وأخرجه مسلم في " صحيحه " (684) 1: 477 كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب

تعجيل قضائها، كلاهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

(3)

3 أخرجه مسلم في " صحيحه "(680) 1: 471 كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها.

ص: 505

(ولا يصح نفل مطلق إذا).

قال في " الفروع ": على الأصح.

(ويجوز التأخير) أي: تأخير قضاء الفائتة (لغرض صحيح، كانتظار رفقة،

او) انتظار (جماعة لها) أي: لصلاة الفائتة لاستحباب القضاء في جماعة إذا امكن " لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته أربع صلوات يوم الخندق فقضاهن مرتبات في جماعة"

(1)

(وان ذكر فائتة) من هي عليه وهو (إمام) وقد (أحرم بحاضرة) أي مكتوبة (لم يضق وقتها) أي وقت الحاضرة عنها وعن الفائتة بأن كان يمكنه أن يأتي بالفائتة ثم بالحاضرة في وقتها، فان الأمر إذا كان كذلك (قطعها) أي: قطع الإمام الحاضرة التي أحرم بها وجوبا؛ لأن الترتيب لا يسقط إذا تذكره قبل تمام الحاضرة مع اتساع الوقت لها وللفائتة لإمكان اعتباره.

وانما قلنا: انه يقطعها وجوبا؛ لأنه لو لم يقطعها لكانت نفلا. نص عليه أحمد على ذلك معللا بأن المأمومين يصيرون مفترضين خلف متنفل، وإذا قطعها الإمام فالمنصوص أن المأمومين يستأنفون الصلاة. وأما غير الإمام كالمأًموم والمنفرد إذا ذكر فائتة وقد احرم بحاضرة مع اتساع الوقت لإتمام الصلاة التي أحرم بها التي صارت نفلا ولقضاء الفائتة ثم إعادة صاحبة الوقت فيه: فانه لا يقطعها ويتمها نفلا، وأما إذا ضاق الوقت عنها أي: عن الصلاة التي أحرم بها وعن المستأنفة التي يصليها بعد صلاة الفائتة فانه يجب عليه قطعها، ويأتى بالفائتة ثم بصاحبة الوقت فيه، وإلى ما قلنا هو المشار إليه في المتن بقوله:

(كغيره) أي: كغير الإمام (إذا ضاق) الوقت (عنها) أي: عن الصلاة التي احرم بها (وعن المستأنفة) أي: صاحبة الوقت التي يستأنفها بعد أن يصلي الفائته.

(وإلا) أي: وان لم يضق الوقت عن ذلك (أتمها) أي: التي احرم بها (نفلا)

(1)

1 سبق تخريجه ص: (480).

ص: 506

أي: على سبيل التطوع، ثم صلى الفائتة، ثم الحاضرة في وقتها.

وعن الإمام رواية: انه يتمها نفلا، ورواية: انها تبطل بمجرد تذكرة

الفائتة. فلا يحتاج إلى قطع. ووجه: انه يتمها فرضا.

(ومن) فائتة صلاة و (شك في) قدر (ما عليه) منها (وتيقن سبق الوجوب)

كمن قال: بلغت منذ سنة وصليت بعضها ثم تركت الباقي، ولا أعلم قدر

ما صليت من السنه ولا قدر ما تركت منها: (ابرأ ذمته) بأن يقضي حتى يعلم أن

ذمته برأت (يقينا).

قال المجد في " شرح الهداية ": نص عليه.

(وإلا) أي: وان لم يتيقن سبق الوجوب كمن قال: لم

(1)

أصل منذ بلغت،

ولم أدر متى بلغت. فان هذا لم يتيقن سبق الوجوب الذي هو زمن البلوغ: فهذا

يلزمه أن يقضي حتى يعلم أن ذمته برأت (مما تيقن وجوبه).

ودليلنا على وجوب القضاء في الصورة المتقدمة حتى يتيقن براءة ذمته: انها

صلاة تحقق وجوبها وشك في قدر ما فعل منه. فانه يبني على اليقين وهو

الأفل؛ كمن شك في عدد الركعات.

(فلو ترك) من هو من أهل وجوب الصلاة (عشر سجدات من صلاة شهر قضى عشرة أيام) من ذلك الشهر لجواز تركه كل يوم سجدة. ذكره أبو المعالي،

واقتصر عليه في " الفروع ".

(ومن نسي صلاة) واحدة (من يوم) وليلة (وجهلها) أي: جهل عين

المنسية: (قضى خمسا) أي: أعاد صلاة اليوم جميعه ينوي كل واحدة انها

الفائتة. نص عليه.

قال في " الشرح الكبير للمقنع ": وهو قول أكثر أهل العلم؛ لأن التعيين

شرط في صحة الصلاة المكتوبة ولا يتوصل إليه إلا بذلك فلزمه. انتهى.

(و) من نسي (ظهرا وعصرا من يومين وجهل السابقة) منهما. يعني: جهل

(1)

1 في ج: لا.

ص: 507

هل ترك الظهر من اليوم الأول والعصر من اليوم الثانى، أو ترك العصر من اليوم الأول والظهر من اليوم الثانى:(تحرى بأيهما يبدأ) يعني: انه يتحرى ايهما نسي أولا فيقضيها اولا ثم يقضي الأخرى بعدها. نص عليه في رواية الأثرم؛ لأن الترتيب يباح تركه لوجود الضرورة كما إذا ضاق وقت الحاضرة أو نسي الترتيب. فيدخله التحري؛ كالقبلة.

وهذه الرواية هي اختيار الأكثر، (ف) عليها (ان استويا) أى استوى عنده الأمران بأن تحرى فلم يظهر له شيء (ف) انه يبدأ (بما شاء) من الصلاتين، والرواية الثانية: انه يبدأ بالظهر، والرواية الثالثة: يصلي ظهرين بينهما عصرا وعكسه، وذكرها الموفق في " المغني " احتمالا وقال: وهذا أقيس. انتهى.

لأنه أمكنه أداء فرضه بيقين.

(ولو شك مأموم) بأن تردد (هل) ما (صلى الإمام) به (الظهر أو العصر؟ اعتبر بالوقت) فان كان ذلك في وقت الظهر فهي الظهر، وان كان ذلك في وقت العصر فهي العصر. (فان اشكل) عليه الوقت فالأصل أن الصلاة التي صلاها خلف الإمام وقعت مبراة لذمته (ف) يكون (الأصل عدم) وجوب (الإعادة).

فائدة:

قال المجد في " شرحه ": لو توضأ وصلى الظهر، ثم احدث وتوضأ وصلى العصر، ثم ذكر انه ترك فرضا من إحدى طهارتيه ولم يعلم عينها: لزمه إعادة الوضوء والصلاتين، وأما أن لم يعلم انه أحدث بين الصلاتين وتوضأ للثانية تجديدا، وقلنا: لا يرتفع الحدث فكذلك، وان قلنا: يرتفع لزمه إعادة الوضوء، والأولى خاصة؛ لأن الثانية صحيحة على كل تقدير. نقله عنه في

" الإنصاف ". والله الموفق.

ص: 508