الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
93 - كِتَابُ الأَحْكَامِ
(1)
1 - بَابُ
(2)
قَوْلِ اللَّهِ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]
7137 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ
(3)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ
(4)
، عَنْ يُونُسَ
(5)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَطَاعَنِي
(6)
فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ
(7)
،
" بَابُ" ثبت في ذ.
===
(1)
قوله: (كتاب الأحكام) جمع الحكم، هو إسناد أمر إلى آخر إثباتًا أو نفيًا. وفي اصطلاح الأصوليين: خطاب الله المتعلق بافعال المكلفين بالاقتضاء والتخيير. وأما خطاب السلطان للرعية وخطاب السيد لعبده فوجوب طاعته هو بحكم الله تعالى: " {وَأُولِي الْأَمْرِ} " هم الأمراء، وقيل: العلماء. والطاعة هو الإتيانُ بالمامور به والانتهاء عن المنهيِّ عنه، والمعصية خلافه، "ك"(24/ 192)، [انظر:"الفتح" 13/ 111].
(2)
سقط لفظ "باب" لغير أبي ذر.
(3)
لقب عبد الله بن عثمان.
(4)
ابن المبارك.
(5)
ابن يزيد.
(6)
مأخوذ من قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]، "ع"(16/ 386).
(7)
قوله: (فقد أطاع الله) يحتمل أن يكون ذلك؛ لأن الله أمر بطاعة رسوله، وكذا الرسول أمر بطاعة أميره؛ أو لأن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هو نفس
وَمَنْ عَصانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصانِي". [راجع: 2957، أخرجه: 1835، تحفة: 15319].
7138 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ
(1)
،
"حَدَّثَنِي مَالِكٌ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ"، وفي نـ:"حَدَّثنا مَالِكٌ".
===
طاعة الله تعالى؛ لأنه لا يأمر إلا بما أمره به، "ك (24/ 192 - 193). قال ابن التين: قيل: كانت قريش ومن يليها من العرب لا يعرفون الإمارة فكانوا يمتنعون على الأمراء، فقال هذا القول يحثهم على طاعة من يؤمّرهم عليهم والانقياد لهم إذا بعثهم في السرايا، وإذا ولاهم البلاد فلا يخرجوا عليهم لئلا تفترق الكلمة، "ف"(13/ 112)، "ع"(16/ 386 - 387).
(1)
قوله: (ألا كلكم راع
…
) إلخ، قال الخطابي [في "الأعلام" (1/ 579)]: اشتركوا أي: الإمام والرجل ومن ذكر في التسمية بالراعي ومعانيهم مختلفة، فرعاية الإمام الأعظم حياطة الشريعة بإقامة الحدود والعدل في الحكم، ورعاية الرجل أهله سياسته لأمرهم وإيصالهم حقوقهم، ورعاية المرأة تدبير أمر البيت والأولاد والخدم والنصيحة للزوج في كل ذلك، ورعاية الخادم حفظ ما تحت يده والقيام بما يجب عليه من خدمته. قال الطيبي: في هذا الحديث أن الراعي ليس مطلوبًا لذاته وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك، فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه، وهو تمثيل ليس في الباب ألطف ولا أجمع ولا أبلغ منه، فإنه أجمل أولًا ثم فصل، وأتى بحرف التنبيه مكررًا. والفاء في قوله:"ألا فكلكم راع" جواب شرط محذوف، وختم بما يشبه الفذلكة إشارة إلى استيفاء التفصيل. وقال غيره:
وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ
(1)
عَنْ رَعِيَّتِهِ
(2)
، فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْه، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". [راجع: 893، أخرجه: د 2928، تحفة: 7231].
2 - بَابٌ الأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ
7139 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهُمْ
(3)
عِنْدَهُ فِي
"الأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ" في صـ، ذ:" الأمرُ أمرُ قُرَيْشِ". "عَنِ الزُّهْرِيّ" في نـ: "عَنِ الزُّهْرِيِّ قال". "وَهُمْ عِنْدَهُ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي نـ: "وهو
(4)
عنده".
===
دخل في هذا العموم المنفرد الذي لا زوج له ولا خادم ولا ولد فإنه يصدق عليه أنه راع على جوارحه حتى يعمل المامورات ويجتنب المنهيات فعلًا ونطقًا واعتقادًا، فجوارحه وقواه وحواسه رعيته، ولا يلزم من الاتصاف بكونه راعيًا أن لا يكون مرعيًّا باعتبار آخر، "ف"(113/ 13).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 893).
(2)
بفتح الراء وشدة التحتانية، وأصل الرعاية حفظ الشيء وحسن التعهد فيه، "ك"(24/ 193).
(3)
أي: محمد بن جبير وأصحابه.
(4)
قوله: (وهو) أي: والحال أن محمد بن جبير عند معاوية، ويروى "وهُمْ عنده"، أي: محمد بن جبير بن مطعم ومن كان معه في
وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو
(1)
يُحَدِّثُ: أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ
(2)
: فَغَضِبَ
(3)
، فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُه، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْد، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي
"يُحَدِّثُونَ" في حـ، ذ، "يَتَحَدَّثُونَ".
===
وفد الذين أرسلهم أهل المدينة إلى معاوية ليبايعوه، وذلك حين بويع له بالخلافة لما سلم له الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قوله:"فغضب" أي: معاوية. قال ابن بطال (8/ 212): سبب إنكار معاوية: أنه حمل حديث عبد الله بن عمرو على ظاهره، وقد يكون معناه أن قحطانيًا يخرج في ناحية من النواحي فلا يعارض حديث معاوية. قوله:"أحاديث" جمع حديث على غير قياس. وواحد الأحاديث أحدوثة ثم جعلوه جمعًا للحديث،"ع"(16/ 388). وفي هذا الكلام أن معاوية كان يراعي خاطر عمرو بن العاص، فما آثر أن ينص على تسمية ولده بل نسب ذلك إلى رجال بطريق الإبهام، ومراده بذلك عبد الله بن عمرو ومن وقع منه التحديث بما يضاهي ذلك، "ف" (13/ 115). قوله:"إلا كبه الله" أي: ألقاه فيها، وهو من الغرائب إذ أكب لازم وكب متعد عكس المشهور، والمعنى: لا ينازعهم في أمر الخلافة أحد إلا وكان مقهورًا في الدنيا معذَّبًا في الآخرة، "قس" (15/ 103). قوله:"ما أقاموا الدين" فإن قلت: هذا لا ينافي كلام عبد الله؛ لإمكان ظهوره عند عدم إقامتهم الدين؟ قلت: غرضه أنه لا اعتبار له إذ ليس في الكتاب ولا في السُّنَّة، "ك"(24/ 194).
(1)
أي: ابن العاص.
(2)
هو أبو اليمن.
(3)
أي: معاوية.
كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا تُؤْثَرُ
(1)
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَالأَمَانِيَّ
(2)
الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "إِنَّ هَذَا الأَمْرَ
(3)
فِي قُرَيْشٍ، لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ
(4)
اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ". تَابَعَهُ نُعَمٌ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ. [راجع: 3500].
7140 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي
(5)
يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ
(6)
فِي قُرَيْشٍ
(7)
مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ". [راجع: 3501].
"كَبَّهُ اللَّهُ" زاد في نـ: "في النَّارِ".
===
(1)
أي: لا تروى.
(2)
بتشديد الياء وتخفيفها، أي: احذروها، وهي جمع أمنية، ما تقدره النفس وتتمنى، ولذا يطلق على الكذب وما يتمنى ويقرّ، [انظر:"العيني" 16/ 388].
(3)
أي: الخلافة. هذا موضع الترجمة.
(4)
أي: ألقاه.
(5)
محمد بن عبد الله بن عمر.
(6)
أي: الإمامة. ومرَّ الحديث والذي قبله (برقم: 3501) في "مناقب قريش".
(7)
قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش
…
) إلخ، قال ابن هبيرة: يحتمل أن يكون على ظاهره وأنهم لا يبقى منهم في آخر الزمان إلا اثنان: أمير ومؤمّر عليه والناس لهم تبع. وقيل: ليس المراد حقيقة العدد وإنما المراد انتفاء أن يكون الأمر في غير قريش. وقال النووي [في "المنهاج"
3 - بَابُ أَجْرِ مَنْ قَضَى بِالْحِكْمَةِ
لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
(1)
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون} [المائدة: 47].
7141 -
حَدَّثَنِي شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ
(3)
، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
(4)
، عَنْ قَيسٍ
(5)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
"لِقَوْلِهِ" في نـ: "لِقَوْلِ اللَّهِ تَعالَى". "حَدَّثَنِي شِهَابُ" في نـ: "حَدَّثَنَا شِهَابُ".
===
(12/ 200)]: حكم حديث ابن عمر مستمر إلى الآن لم تزل الخلافة في قريش من غير مزاحمة لهم على ذلك، ومن تغلب على الملك بطريق الشوكة لا ينكر أن الخلافة في قريش، وإنما يدعي أن ذلك بطريق النيابة عنهم. وقال القرطبي [في "المفهم" (4/ 6)]: هذا الحديث خبر عن المشروعية أي: لا تنعقد الإمامة الكبرى إلا لقرشي مهما وجد منهم أحد، فكأنه جنح إلى أنه خبر بمعنى الأمر "ع"(16/ 389)، "ف"(17/ 113 - 118).
(1)
قوله: (لقوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
…
} إلخ، وجه الاستدلال بالآية لما ترجم به أن منطوق الحديث دل على أن من قضى بالحكمة كان محمودًا. ومفهومه يدل على أن من لم يفعل ذلك فهو على العكس من فاعله، وقد صرحت الآية بأنه فاسق، واستدلال المصنف بها يدل على أنه يرجح قول من قال: إنها عامة في أهل الكتاب وفي المسلمين، "فتح"(13/ 120) مختصرًا.
(2)
العبدي الكوفي.
(3)
الرؤاسي.
(4)
ابن أبي خالد.
(5)
ابن أبي حازم.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ
(1)
: رَجُلٌ
(2)
آداهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ
(3)
فِي الْحَقِّ، أو آخَرُ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً
(4)
فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا". [راجع: 73].
4 - بَابُ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلإمَامِ
(5)
مَا لَمْ تَكُنْ
(6)
مَعْصِيَةٌ
7142 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شعْبَةَ،
"فَسَلِّطَهُ" في نـ: "فَسُلِّطَ". "أو آخَرُ" في نـ: "وَآخَرُ". "يَحْيَى" في نـ: "يَحْيَىَ بنُ سَعيدٍ".
===
(1)
قوله: (لا حسد إلا في اثنتين
…
) إلخ، الهلكة بالمفتوحات: الهلاك، والتسليط عليه هو الإهلاك، والحكمة: العلم الوافي، والمراد به علم الدين. فإن قلت: الحسد مطلقًا مذموم؟ قلت: هذا ليس حسدًا بل غبطة ويطلق أحدهما على الآخر، أو معناه: لا حسد إلا فيهما وما فيهما ليس بحسد فلا حسد، كقوله تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]، "ك"(24/ 195). فليس هو خبرًا وإنما المراد به الحكم، ومعناه حصر المرتبة العليا من الغبطة في هاتين الخصلتين، وليس المراد نفي أصل الغبطة مما سواهما فيكون من مجاز التخصيص، "ف"(13/ 121).
(2)
بالجر، ويجوز الرفع على الاستئناف، والنصب بإضمار: أعني، "ف"(120/ 13).
(3)
بفتحات أي: على إهلاكه أي: إنفاقه "في الحق"، "ف"(13/ 120).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 73، و 1409).
(5)
قوله: (للإمام) وإنما قيده بالإمام وإن كان في أحاديث الباب الأمر بالطاعة لكل أمير ولو لم يكن إمامًا؛ لأن محل الأمر بطاعة الأمير أن يكون مؤمّرًا من قِبَل الإمام، "ف"(13/ 122).
(6)
أي: تلك الطاعة، "قس"(15/ 106).
عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ
(1)
، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ
(2)
عَلَيكُمْ عَبدٌ
(3)
حَبَشِيُّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ"
(4)
. [راجع: 693].
"وإنِ اسْتُعْمِلَ عَليْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ" في سـ، حـ، ذ، "وَإِنِ اسْتُعْمَلَ عَليْكُمْ عَبْدًا حَبَشِيًّا".
===
(1)
اسمه يزيد بن حميد الضبعي، "ع"(16/ 391).
(2)
قوله: (وإن استعمل) على صيغة المجهول أي: جُعل عاملًا بأن أمر إمارة عامة على البلد مثلًا، أو ولي فيها ولاية خاصة كالإمامة في الصلاة، أو جباية الخراج، أو مباشرة الحرب، فقد كان في أيام الخلفاء الراشدين من تجمع له الأمور الثلاثة ومن يختص ببعضها، "ع" (16/ 391). قوله:"كأنها زبيبة" أراد بالتشبيه صغر رأسه وبيان حقارة صورته على سبيل المبالغة، وهذا في الأمراء والعمال دون الخلفاء؛ لأن الحبشة لا تتولى الخلافة؛ لأن الأئمة من قريش. وقال الخطابي [في "الأعلام" (4/ 2334)]: قد يضرب المثل بما لا يقع في الوجود وهذا من ذاك، أطلق العبد الحبشي مبالغة في الأمر بالطاعة وإن كان لا يتصور شرعًا أن يلي ذلك، "ع"(16/ 391)، "ك (24/ 195)، "ف" (13/ 122 - 123).
(3)
مرفوع على أنه مفعول ما لم يسم فاعله، ويروى بالنصب على أن يكون "استعمل" على بناء المعلوم، والضمير فيه يرجع إلى الإمام بدلالة القرينة، "ع"(16/ 391).
(4)
بفتح الزاي: الحبة من العنب اليابسة السوداء، "ك (24/ 195).
مرَّ الحديث مع توجيه كون العبد عاملًا (برقم: 693).
7143 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ
(1)
، عَنِ الْجَعْدِ
(2)
، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ
(3)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ
(4)
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ
(5)
، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ
(6)
إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً". [راجع: 7053].
7144 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
(7)
، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ
(8)
قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(9)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "السَّمْعُ
(10)
وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ
"فَكَرِهَهُ" في هـ، ذ:"يَكرَههُ".
===
(1)
ابن زيد.
(2)
ابن دينار الصيرفي.
(3)
اسمه عمران العطاردي.
(4)
هو في معنى قوله: عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(5)
قوله: (فليصبر) هذا موضع المطابقة للترجمة؛ لأنه يدل على وجوب السمع والطاعة للأئمة. قوله: "يرويه" فائدته الإشعار بأن الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أعم بأن يكون بالواسطة أو بدونها. قوله: "ميتة" بكسر الميم كالميتة الجاهلية، حيث لا إمام لهم، ولا يراد به أن يكون كافرًا، كما في "العيني"(16/ 391).
(6)
بالنصب والرفع نحو: ما تأتينا فتحدثنا، "ك، (24/ 196).
(7)
القطان.
(8)
هو ابن عمر العمري، "ف"(13/ 123).
(9)
أي: ابن عمر رضي الله عنهما.
(10)
مرَّ الحديث (برقم: 3955) في "الجهاد"، [انظر:"العيني" 16/ 392].
الْمُسْلِمِ
(1)
فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ"
(2)
. [راجع: 2955].
7145 -
حَدَّثنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ
(3)
، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(4)
، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً
(5)
،
"وَكَرِهَ" في ذ: "أو كَرِهَ".
===
(1)
أي: ثابت أو واجب، "ك"(24/ 196).
(2)
قوله: (فإذا أمر بمعصبة فلا سمع ولا طاعة) أي: لا يجب ذلك بل يحرم على من كان قادرًا على الامتناع، وفي حديث معاذ عند أحمد (3/ 288):"لا طاعة لمن لم يطع الله". وقد تقدم البحث في هذا على حديث عبادة. "إلا أن تروا كفرًا بواحًا"، ملخصه أنه ينعزل بالكفر إجماعًا فيجب على كل مسلم القيام في ذلك، فمن قوي على ذلك فله الثواب، ومن داهن فعليه الإثم، ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض، "فتح"(13/ 123) مختصرًا.
(3)
مصغر العبدة ضد الحرة، سعد هذا أبو حمزة - بالزاي - ختن أبي عبد الرحمن أستاذه، [انظر:"العيني" 16/ 392].
(4)
اسمه عبد الله بن حبيب السلمي، بضم المهملة.
(5)
قوله: (سرية) هي قطعة من الجيش نحو ثلاثمائة أو أربعمائة. قوله: "لما جمعتم" أي: إلا جمعتم، جاء "لما" بمعنى كلمة إلا للاستثناء، ومعناه: ما أطلب منكم إلا جمعكم، ذكره الزمخشري في "المفصل". قوله:"خمدت" بالخاء المعجمة وفتح الميم، وضبط في بعض الروايات بكسر الميم ولا يعرف في اللغة، ومعنى خمدت: سكن لهبها وإن لم يطفأ جمرها، فإن طفئ قيل: همدت. قوله: "لو دخلوها
…
" إلخ، فإن قلت: ما وجه الملازمة؟ قلت:
وَأَمَّرَ عَلَيهِمْ رَجُلًا
(1)
مِنَ الأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوه، فَغَضبَ عَلَيهِمْ وَقَالَ: أَلَيسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: عَزَمْتُ عَليْكُمْ لَمَّا
(2)
جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا، ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا. فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا، فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِرَارًا مِنَ النَّارِ، أَفَنَدْخُلُهَا
(3)
؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّار، وَسَكَنَ غَضَبُه، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ
(4)
"وَقَالَ" سقطت الواو في نـ. "عَزَمْتُ" في ذ: "قد عَزَمْتُ". "فَأَوْقَدُوا" في هـ: "فَأَوْقَدُوا نارًا". "فَقَامَ" في هـ، ذ:"فَقَامُوا".
===
الدخول فيها معصية فإذا استحلوها كفروا، وهذا جزاء من جنس العمل. وقال بعضهم: أراد بالأبد [أبد] الدنيا أي: لو دخلوها لماتوا فيها ولم يخرجوا منها أحياء، قاله الكرماني (24/ 196 - 197). ورجح الوجه الأخير العيني (16/ 392 - 393). وفي "الفتح" (13/ 123): وقد قيل: إنه لم يقصد دخولهم النار حقيقة، وإنما أشار لهم بذلك إلى أن طاعة الأمير واجبة، ومن ترك الواجب دخل النار، فإذا شق عليكم دخول هذه [النار] فكيف بالنار الكبرى، وكأن قصده أنه لو رأى منهم الجد في ولوجها لمنعهم.
(1)
هو عبد الله بن حذافة السهمي، وهو مهاجري، لعله أطلق عليه أنصاريًا باعتبار حلف أو غير ذلك من أنواع المجاز، كذا في "المقدمة" (ص:308).
(2)
بالتخفيف وجاء بالتشديد فقيل: إنها بمعنى "إلا"، "ف"(13/ 123).
(3)
الهمزة للاستفهام.
(4)
أي: إنما يجب الطاعة في المعروف لا في المعصية"ع"(16/ 393).
فِي الْمَعْرُوفِ"
(1)
. [راجع: 4340].
5 - بَابُ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ
(2)
الإِمَارَةَ أَعَانَهُ اللَّهُ
7146 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ
(4)
، عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَبدَ الرَّحْمَنِ بنَ سمرة لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ
(5)
وُكِلْتَ
(6)
إِلَيْهَا
(7)
، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ
"أَعَانَهُ اللَّهُ" في ذ: "أَعَانَهُ اللَّهُ عليها". "وُكِلْتَ" في نـ: "وُكِّلْتَ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 434).
(2)
أكذا في النسخ الهندية. وفي نسخ الشروح الثلاثة وحاشية السندي: "باب من لم يسأل الإمارة" بدون لفظ الجلالة، وما في نسخ الشروح هو الأوجه، انظر "الأبواب والتراجم"(6/ 295)].
(3)
بكسر الميم وسكون النون، "ك"(24/ 197).
(4)
أي: البصري.
(5)
أي: عن سؤال.
(6)
بالتخفيف، "ك"(24/ 198)، "ع"(16/ 393).
(7)
قوله: (وكلت إليها) بضم الواو وكسر الكاف مخففًا ومشددًا وسكون اللام، ومعنى المخفف أي: صرف إليها، ومن وكل إلى نفسه هلك. ومنه في الدعاء:"ولا تكلني إلى نفسي"، وكل أمره إلى فلان: صرفه إليه، ووكَّله بالتشديد: استحفظه. ومعنى الحديث: أن من طلب الإمارة فأعطيها تركت إعانته عليها من أجل حرصه. ويستفاد منه: أن طلب ما يتعلق بالحكم مكروه. فيدخل في الإمارة القضاء والحسبة ونحو ذلك. وأن من
عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينِ فَرَأَيْتَ غَيرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ"
(1)
. [راجع: 6622].
6 - بَابٌ مَنْ سَأَلَ الإِمَارَةَ وُكِلَ إِلَيْهَا
7147 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُس، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سمُرَةَ، لَا تَسْأَلِ الإمَارَةَ، فَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا مِنْ غَيرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ
"عَنْ يَمِينِكَ" كذا في ذ، وفي نـ:"يَمِينَكَ". "وُكِلَ" في نـ: "وُكِّلَ". "حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّحْمَنِ" في نـ: "حَدَّثَنِي عَبدُ الرَّحْمَنِ". "لَا تَسْأَلِ" في هـ، ذ:"لَا تتمنَّيَنَّ". "وُكِلْتَ" في نـ: "وُكِّلْتَ". "مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ" في نـ: "عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ".
===
حرص عليه لا يعان، ويعارضه في الظاهر ما أخرجه أبو داود (ح: 3577) عن أبي هريرة رفعه: "من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة، ومن غلب جوره عدله فله النار". والجمع بينهما أنه لا يلزم من كونه لا يعان عليه بسبب طلبه أن لا يحصل منه العدل إذا ولي، أو يحمل الطلب هنا على القصد وهناك على التولية. قال ابن التين: هو محمول على الغالب وإلا فقد قال يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ} [يوسف: 55]، وقال سليمان:{وَهَبْ لِي مُلْكًا} [ص: 35]، ويحتمل أن يكون في غير الأنبياء عليهم السلام، "فتح"(13/ 124 - 125).
(1)
مرَّ الحديث مع تحقيقه (برقم: 6622).
(2)
بفتح الميمين، اسمه عبد الله بن عمر البصري "ع"(16/ 394).
عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ
(1)
، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ"
(2)
. [راجع: 6622].
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 6722).
(2)
قوله: (وكَفِّرْ عن يمينك) هو ههنا مذكور بعد الإتيان، وفي الحديث السابق قبله ففيه إشعار بأنه لا ترتيب بين الحنث والكفارة فجاز تقديمها عليه، قاله الكرماني (24/ 198)، هذا مذهب الشافعي في الكفارة بالمال دون الصوم؛ لأنه أدى بعد السبب وهو اليمين، والحنث شرطه، والتقديم على الشرط بعد وجود السبب ثابت شرعًا كما في الزكاة قبل الحول بعد وجود النصاب. أقول: ومقتضى هذا لا يفرق المال والصوم، وعندنا - أي: الحنفية - لا يجوز تقديم الكفارة على الحنث؛ لأن الكفارة لستر الجناية، من الكفر وهو الستر، ولا جناية قبل الحنث؛ لأنها منوطة بالحنث لا باليمين؛ لأنه ذكر الله على وجه التعظيم فيكون الحنث سببًا لا اليمين؛ لأن السبب يكون مفضيًا إلى المسبب واليمين ليس كذلك، بل مانع عن الإقدام على المحلوف عليه، فكيف يكون مفضيًا؟!
فإن قيل: قد ورد السمع به في قوله عليه السلام: "فليكفر عن يمينه ثم ليأت بالذي هو خير". قلنا: المعروف في الصحيحين من حديث عبد الرحمن بن سمرة: "فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير"، وفي "مسلم" (ح: 1650) من حديث أبي هريرة: "فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير"، وكذا في "البخاري"، وليس في شيء من الروايات المعتبرة لفظ "ثم" إلا وهو مقابل بروايات كثيرة بالواو، فمن ذلك حديث عبد الرحمن بن سمرة في أبي داود قال فيه:"فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير" وهذه الرواية مقابلة بروايات عديدة كحديث عبد الرحمن هذا في "البخاري " وغيره بالواو فينزل منزلة الشاذ منها، فيجب حملها على معنى الواو حملًا للقليل الأقرب إلى الغلط على الكثير، ومن ذلك حديث عائشة في "المستدرك" (4/ 301): كان
7 - بَابُ ما يُكْرَهُ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الإِمَارَةِ
7148 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ
(1)
،
===
عليه السلام إذا حلف لا يحنث حتى أنزل الله كفارة اليمين فقال: "لا أحلف [على يمين] " إلى أن قال: "إلا كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو خير"، وهذا في "البخاري" عن عائشة: أن أبا بكر كان
…
إلى آخر ما في "المستدرك"، وفيه العطف بالواو وهو أولى بالاعتبار، وقد شذت [رواية "ثم"] لمخالفتها روايات الصحيحين والسنن والمسانيد، فصدق عليها تعريف المنكر في علم الحديث، وهو ما خالف الحافظ فيها الأكثر، يعني: من سواه ممن هو أولى منه بالحفظ والإتقان فلا يعمل بهذه الرواية، ويكون التعقيب المفاد بالفاء لجملة المذكور كما في: ادخل السوق فاشتر لحمًا وفاكهةً. فإن المقصود تعقيب دخول السوق بشراء كل من الأمرين، وهذا لأن الواو لما لم تقتض التعقيب كان قوله:"فليكفر" لا يلزم تقديمه على الحنث بل جاز كونه قبله كما بعده، فلزم من هذا كون الحاصل فليفعل الأمرين فيكون المعقَّب الأمرين.
ثم وردت روايات بعكسه، منها: ما في "صحيح مسلم"(ح: 1651) من حديث عدي بن حاتم عنه صلى الله عليه وسلم: "فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه"، ومنها: ما رواه أحمد عن عبد الله بن عمر بمثله، وقال النسائي (ح: 3778): عن أبي الأحوص عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله
…
إلى أن قال: "فأمرني أن آتي الذي هو خير وأكفر عن يميني"، ورواه ابن ماجه بنحوه. ثم لو فرض صحة رواية "ثم" كان من تغيير الرواية؟ إذ قد ثبتت الروايات في الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث بالواو، ولو سلم فالواجب كما قدمنا حمل القليل على الكثير لا عكسه، فتحمل "ثم" على الواو التي امتلأت كتب الحديث منها دون "ثم"، كذا قال ابن الهمام في "شرح الهداية"(5/ 83 - 85).
(1)
هو: محمد بن عبد الرحمن، "تقريب" (رقم: 6082).
عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ
(1)
عَلَى الإِمَارَةِ
(2)
، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ
(3)
وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ". [أخرجه: س 4211، تحفة: 13017].
- وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ
(5)
، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ
(6)
(7)
،
===
(1)
بكسر الراء وفتحها، "ك (24/ 198).
(2)
يدخل فيها الإمارة العظمى، وهي الخلافة، والصغرى وهي الولاية على البلد، "ع"(16/ 394).
(3)
قوله: (فنعم المرضعة .. .) إلخ، أي: نعم أولها، "وبئست الفاطمة" أي: بئس آخرها، وذلك لأن فيها المال والجاه واللذات الحسية والوهمية أولًا، لكن آخرها القتل والعزل ومطالبة التبعات في الآخرة، "ك" (24/ 198). قال الداودي: نعم المرضعة أي: في الدنيا، وبئست الفاطمة أي: بعد الموت؛ لأنه يصير إلى المحاسبة على ذلك، فهو كالذي يفطم قبل أن يستغني فيكون في ذلك هلاكه. تنبيه: ألحقت التاء في "بئست" دون نعم، والحكم فيهما إذا كان فاعلهما مؤنثًا جواز الإلحاق وتركه، فوقع التفنن في هذا الحديث بحسب ذلك، "فتح"(13/ 126).
(4)
بضم الحاء المهملة وسكون الميم وبالراء، الأموي، "ك"(24/ 198).
(5)
ابن جعفر الأوسي المدني، "ك (24/ 198).
(6)
أي: الأنصاري.
(7)
قوله: (عن عمر بن الحكم
…
) إلخ، أدخل عبد الحميد بن جعفر
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ
(1)
.
7149 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ
(2)
، عَنْ بُرَيْدٍ
(3)
، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ
(4)
صلى الله عليه وسلم أَنَا وَرَجُلَينِ مِنْ قَوْمِي فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: أَمِّرْنَا
(5)
يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَالَ الآخَرُ مِثْلَه، فَقَالَ: "إِنَّا لَا نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَه، وَلَا مَنْ حَرَصَ
(6)
عَلَيهِ". [راجع: 2261، أخرجه: م 1733، تحفة: 9054].
"وَرَجُلَيْنِ" في نـ: "وَرَجُلَانِ". "لَا نُوَلِّي هَذَا" في نـ: "لَا نُوَلِّي هَذَا الأمر".
===
بين سعيد وأبي هريرة رجلًا ولم يرفعه، وابن أبي ذئب أتقن من عبد الحميد وأعرف بحديث المقبري منه، فروايته هي المعتمدة، وعقبه البخاري بطريق عبد الحميد إشارة منه إلى إمكان تصحيح القولين، فلعله كان عند سعيد: عن عمر بن الحكم عن أبي هريرة موقوفًا على ما رواه عنه عبد الحميد، وكان عنده: عن أبي هريرة بغير واسطة مرفوعًا، "ف"(13/ 125).
(1)
أي: موقوفًا عليه"ع"(16/ 395)، "ف"(13/ 126).
(2)
اسمه حماد بن أسامة.
(3)
ابن عبد الله بن أبي بردة.
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 6923) في "استتابة المرتدين".
(5)
أمر من التأمير.
(6)
بفتح الراء، "ع"(16/ 395).
8 - باب مَنِ اسْتُرْعِيَ
(1)
رَعِيَّةً فَلَمْ يَنْصَحْ
(2)
7150 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ
(3)
، عَنِ الْحَسَنِ
(4)
: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ
(5)
عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ
(6)
فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيه اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا
(7)
بِنَصِيحةٍ، لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ"
(8)
. [أخرجه: م 142، تحفة: 11466].
"مِنَ النَّبِيّ" في نـ: "من رسول الله". "سَمِعْتُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " زاد بعده في نـ: "يقول". "يَسْتَرْعِيه" كذا في صـ، ذ، وفي [صغـ]:"استرعاه". "بنَصِيحَةٍ" في سـ، ذ:"بِالنَّصِيحَةِ"، وفي نـ:"بِنُصْحِه". "لَمْ يَجِدْ" في نـ: "إَّلا لَمْ يَجِدْ".
===
(1)
قوله: (باب من استرعي) بلفظ المجهول: استحفظ وجعل راعيًا على رعيته، و"لم ينصح" إما بتضييعه تعريفهم ما يلزمهم من دينهم، أو بإهمال حدودهم حقوقهم، أو ترك حماية حوزتهم، أو [ترك] العدل فيهم، "ك"(24/ 199).
(2)
أي: لها، "ف"(13/ 127).
(3)
اسمه جعفر بن حيّان بمهملة وتحتانية ثقيلة، "ف"(13/ 127).
(4)
أي: البصري.
(5)
أي: أمير البصرة في زمن معاوية وولده يزيد، "ف"(13/ 127).
(6)
هو المزني الصحابي المشهور، "ف"(13/ 127).
(7)
من الحياطة، وهو الحفظ والتعهد، "ك"(24/ 199).
(8)
قوله: (لم يجد رائحة الجنة) إما تغليظ، أو للمستحل، وإما أنه
7151 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَين الْجُعْفِيُّ
(1)
قَالَ زَائِدَةُ
(2)
: ذَكَرَهُ
(3)
عَنْ هِشَامٍ
(4)
، عَنِ الْحَسَنِ
(5)
: أَتَيْنَا مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ نَعُودُه، فَدَخَلَ عُبَيدُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِل: أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً
(6)
مِنَ الْمُسْلِمِينَ،
"حُسَيْنٌ" في نـ: "حُسَيْنُ بن عليٍّ". "عَنِ الْحَسَنِ" في نـ: "عَنِ الْحَسَنِ قَالَ". "فَدَخَلَ" في هـ، ذ:"فَدَخَلَ علينا"."عُبَيْدُ اللَّهِ" في نـ: "عُبَيْدُ اللَّهِ بن زياد".
===
لم يجد رائحتها مع الفائزين الأولين؛ لأنه ليس عامًا في جميع الأزمان. فإن قلت: مفهوم الحديث أنه يجدها عكس المقصود؟ قلت: "إلا" مقدر أي: إلا لم يجد، أو الخبر محذوف أي: ما من عبد كذا إلا حرم الله عليه الجنة، ولم يجد استئناف كالمفسر له، أو "ما" ليست للنفي وجاز زيادة "من" للتأكيد في الإثبات عند بعض النحاة. وفي بعض النسخ:"إلا لم يجد" بزيادة "إلا" تصريحًا بالمراد، "ك"(24/ 199).
(1)
بضم الجيم وسكون العين المهملة وبالفاء، [انظر:"الكرماني"(24/ 199)].
(2)
ابن قدامة.
(3)
أي: الحديث الآتي.
(4)
ابن حسان.
(5)
أي: البصري.
(6)
قوله: (ما من والٍ يلي رعية
…
) إلخ، قال ابن بطال (8/ 219): هذا وعيد شديد على أئمة الجور، فمن ضيع من استرعاه الله أو خانهم أو ظلمهم فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة، فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة. ومعنى:"حرم الله عليه الجنة" أي: أنفذ الله عليه
فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ
(1)
لَهُمْ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَليْهِ الْجَنَّةَ". [أخرجه: م 142، تحفة: 11466].
9 - بَابٌ مَنْ شَاقَّ
(2)
شَاقَّ اللَّهُ عَليْهِ
7152 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ
(3)
الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ
(4)
، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ
(5)
،
"مَنْ شَاقَّ" في سفـ: "مَنْ شَقَّ". "شَاقَّ اللَّهُ" في نـ: "شَقَّ اللَّهُ". "حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ" في نـ: "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ".
===
الوعيد ولم يرض عنه المظلومين. ونقل ابن التين عن الداودي نحوه، وقال: ويحتمل أن يكون هذا في حق الكافر؛ لأن المؤمن لا بد له من نصيحة. قلت: وهو احتمال بعيد جدًّا، والتعليل مردود، والكافر أيضًا قد يكون ناصحًا فيما تولاه ولا يمنعه ذلك الكفر. وقال غيره: يحمل على المستحل، والأولى أنه محمول على غير المستحل، وإنما أريد منه الزجر والتغليظ، "فتح"(13/ 128).
(1)
هو ضد الناصح.
(2)
وفي رواية: "شَقَّ" بغير ألف، والمعنى: من أدخل على الناس المشقة، "ف"(13/ 129).
(3)
ابن شاهين.
(4)
ابن عبد الله الطحّان.
(5)
قوله: (عن الجريري) بضم الجيم وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف، نسبة إلى جرير بن عباد أخي الحارث بن عباد، اسمه سعيد بن إياس. و"طريف" بالطاء "أبي تميمة" بالمثناة بوزن عظيمة، وهو ابن مجالد بضم الميم، الهجيمي بالجيم مصغر، نسبة إلى بني الهجيم بطن من تميم،
عَنِ طَرِيفٍ
(1)
أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ: شَهِدْتُ صَفْوَانَ
(2)
وَجُنْدُبًا
(3)
وَأَصْحَابَهُ وَهُوَ يُوصِيهِمْ فَقَالُوا: هَلْ سَعْمتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ سَمَّعَ سمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ:
"وَجُنْدُبًا" في نـ: "وَجُنْدُبَ".
===
وكان مولاهم، وهو بصري، "ع"(16/ 397)، "ف" (13/ 129). قوله:"وجندبًا" وفي بعضها: "جندب" بدون الألف، وهو لغة ربعية يكتبون المنصوب بدون الألف، "ك" (24/ 200). قوله:"وهو" أي: صفوان بن محرز، وعند الكرماني: الضمير راجع إلى جندب، وكذا هو في "الأطراف" للمزي (2/ 442، ح: 3259)، ولفظه:"شهدت صفوان وأصحابه وجندبًا يوصيهم"، (قس" (15/ 117). قوله:"من سمّع" أي: من عمل للسمعة يظهر الله للناس سريرته ويملأ أسماعهم بما ينطوي عليه من خبث السرائر جزاءً لفعله، وقيل: أي: يسمعه الله ويريه ثوابه من غير أن يعطيه، وقيل: معناه من أراد بعمله الناس أسمعه الله الناس وذلك ثوابه فقط. وفيه: أن الجزاء من جنس الذنب. الخطابي: من راءى بعمله وسمّع به الناس ليعظموه بذلك شهّره الله يوم القيامة وفضحه حتى يرى الناس ويسمعون ما يحل به من الفضيحة عقوبة على ما كان منه في الدنيا من الشهرة. "ومن يشاقق" هو إما بأن يضر الناس ويحملهم على ما يشق من الأمر، صىاما بأن يكون ذلك من شقاق الخلاف، وهو أن يكون في شق منهم وفي ناحية من جماعتهم، "ك"(24/ 201).
(1)
على وزن عظيم.
(2)
ابن محرز، تابعي مشهور ثقة.
(3)
ابن عبد الله البجلي، صحابي مشهور، [انظر:"الفتح" 13/ 129].
وَمَنْ يُشَاقِقْ يُشَقِّقِ اللَّهُ عَلَيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". فَقَالُوا: أَوْصِنَا. فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ
(1)
مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُه، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُحَالَ
(2)
بَينَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفٍّ
(3)
مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ
(4)
فَلْيَفْعَلْ"
(5)
. قال
(6)
: قُلْتُ لأَبِي عَبدِ اللَّهِ
(7)
: مَنْ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، جُنْدُب؟ قَالَ: نَعَمْ جُنْدُب. [راجع: 6499، تحفة: 3259].
"وَمَنْ يُشَاقِقْ يُشَقِّقِ اللَّه، [كذا في سـ، حـ]، وفي هـ: "وَمَنْ شَاقَّ شقَّ اللَّهُ". "يُشقّقُ" في نـ: "شَقَّقَ". "أَنْ لَا يُحَالَ" في هـ، صـ، ذ: "أَنْ لَا يَحُولَ". "بِمِلْءِ كَفِّ كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ:"مِلْءُ كَفٍّ"، وفي صـ، مه:"بِمِلْءِ كَفِّه". "أَهْرَاقَهُ" في ذ: "هَرَاقَهُ".
===
(1)
من أنتن، والنتن الرائحة الكريهة.
(2)
وفي رواية الكشميهني: "أن لا يحول"،"ع"(16/ 398).
(3)
قوله: (بملء كف) هكذا في رواية أبي ذر عن الحموي والمستملي. وفي رواية الكشميهني: "ملء" بغير موحدة، ورفع على أنه فاعل لفعل محذوف دل عليه المتقدم أي: يحول بينه وبين الجنة ملء كف. ووقع في رواية كريمة والأصيلي: "كفه" وهو عبارة عن مقدار دم إنسان واحد، [انظر:"القسطلاني"(15/ 118) و"الفتح، (13/ 130)].
(4)
أي: صبه.
(5)
أي: من قدر أن لا يجعل القتل بغير الحق حائلًا بينه وبين الجنة فليفعل. وفيه تغليظ عقوبة القتل، "ك"(24/ 201).
(6)
أي: الفربري.
(7)
أي: البخاري.
10 - بَابُ الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فِي الطَّرِيقِ
(1)
وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ
(2)
فِي الطَّرِيقِ. وَقَضى الشَّعْبِيُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ.
7153 -
حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ
(3)
، عَنْ مَنْصورٍ
(4)
، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: بَينَمَا أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَارِجَانِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ
(5)
(6)
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
"حَدَّثَنِي عُثْمَانُ" في نـ: "حَدَّثَنَا عُثْمَانُ". "قَالَ: بَيْنَمَا" لفظ "قَالَ" سقط في ذ.
===
(1)
فالأثران المذكوران في الترجمة متعلقان بالقضاء، والحديث المرفوع بالفتيا، [انظر "الفتح" (13/ 131)].
(2)
قوله: (قضى يحيى بن يعمر) بفتح الميم، هو التابعي الجليل المشهور، وكان من أهل البصرة فانتقل إلى مرو بأمر الحجاج، فولي قضاء مرو لقتيبة بن مسلم، كذا في "الفتح"(13/ 131). و"الشعبي" هو عامر بن شراحيل بن عبد الله، ونسبته إلى شعب من همدان، مات في أول سنة ست ومائة وله سبع وسبعون سنة، [انظر "العيني" (16/ 399)].
(3)
ابن عبد الحميد.
(4)
ابن المعتمر.
(5)
أي: عتبته ورحبته.
(6)
قوله: (عند سدة المسجد
…
) إلخ، مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله هذا؛ لأن السُّدّة في قوله هي الساحة أمام البيت، وقيل: هي باب الدار، وقيل: هي المظلة على الباب لوقاية المطر والشمس، وقيل: عتبة
"مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ "، فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ
(1)
، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ
(2)
صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ:"أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ"
(3)
. [راجع: 3688، أخرجه: م 2639، تحفة: 844].
11 - بَابُ مَا ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ
7154 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ مَنْصورٍ قال: حدثنا عَبدُ الصَّمَدِ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِت الْبُنَانِيُّ قَالَ: سمعت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ لامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ: تَعْرِفِينَ فُلَانَةَ
(5)
؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّ
"مَا أَعْدَدْتَ" كذا في ذ، ولغيره:"مَا عَدَّدْتَ". "مَا أَعْدَدْتُ" في هـ، ذ:"مَا عَدَّدْتُ". "كَبِيرَ صِيَامٍ " في نـ: "كَثِيرَ صِيَامٍ"، وزاد قبله في نـ:"مِنْ]. "وَلَكِنِّي" في سـ، حـ، ذ: "وَلَكِنْ". "ابنُ مَنصُورٍ" ثبت في صـ، ذ. "حَدَّثَنَا عَبدُ الصَّمَدِ، كذا في صـ، ذ، وفي نـ:"أخبرنا عَبْدُ الصَّمَدِ". "قَالَ: سَمعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، كذا في ذ، وفي نـ: "عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ".
===
الدار. وقيل لإسماعيل بن عبد الرحمن: السدي؛ لأنه كان يبيع المقانع عند سدة مسجد الكوفة، "ع"(16/ 399 - 400).
(1)
أي: ذلّ وخشع، وهو افتعل من السكون، فالمد شاذ. وقيل: استفعل من السكون، فالمد قياس، "ك"(24/ 201 - 202).
(2)
بالموحدة للأكثرين وبالمثلثة عند البعض.
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 6167) في "الأدب".
(4)
ابن عبد الوارث.
(5)
غير منصرف، كناية عن أعلام إناث الأناسي، "ك"(24/ 202).
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهَا وَهيَ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: "اتَّقِي اللَّهَ وَاصبِرِي". فَقَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي
(1)
، فَإِنَّكَ خِلْوٌ
(2)
مِنْ مُصِيبَتِي. قَالَ: فَجَاوَزَهَا وَمَضى، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ
(3)
فَقَالَ: مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: مَا عَرَفْتُهُ! قَالَ: إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَجَاءَتْ إِلَى بَابِهِ فَلَمْ تَجِدْ عَليْهِ بَوَّابًا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا عَرَفْتُكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الصَّبرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ"
(4)
. [راجع: 1252].
"قَالَ: فَجَاوَزَهَا" في نـ: "فقَالَ: فَجَاوَزَهَا". "إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ" في هـ: "إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأولى"، وفي هـ، ذ:"إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ الصَدْمَةِ".
===
(1)
أي: تنحّ عني وكفّ نفسك مني، "ك"(24/ 202).
(2)
بكسر الخاء المعجمة وسكون اللام أي: خال من همي، "ف"(13/ 132).
(3)
هو الفضل بن عباس"ع"(16/ 400).
(4)
قوله: (عند أول صدمة) والصدمة إصابة الأمر، يعني: وقع في أول مرة منك التقصير. فإن قلت: كان له بوّاب مثل الغلام الذي كان على المشربة، وأذن لعمر في الدخول فيها بأمره صلى الله عليه وسلم، وأبو موسى كان بوّابًا في البستان في حديث:"بشّره بالجنة". قلت: معناه: لم يكن له بوّاب راتب دائمًا في حجرته التي كانت مسكنًا له، أو لم يكن ذلك بتعيينه صلى الله عليه وسلم بل باشرا ذلك بأنفسهما، "ك"(24/ 202). واختلف في مشروعية الحاجب للحاكم، فقال الشافعي وجماعة: ينبغي للحاكم أن لا يتخذ حاجبًا، وذهب آخرون إلى جوازه. وقال آخرون: بل يستحب ذلك لترتيب الخصوم ومنع المستطيل ودفع الشرير، "ع"(16/ 401).
12 - بَابٌ الْحَاكِمُ
(1)
يَحْكُمُ بِالْقَتْلِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دُونَ
(2)
الإِمَامِ الَّذِي فَوْقَهُ
7155 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ مُحَمَّد
"مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ" زاد في صـ، صغـ:"الذهلي". "الأَنْصارِيُّ مُحَمَّد" كذا في مر، وللأكثر:"مُحمد بنُ عبدِ اللَّهِ الأنصَارِيُّ".
===
(1)
مرفوع على الابتداء. وقوله: "يحكم بالقتل" خبره، وليس لفظ الباب مضافًا إلى الحاكم، "ع"(16/ 401).
(2)
هو إما بمعنى عند وإما بمعنى غير، لكن الحديث الثاني يدل على أنه بمعنى عند لا غير، والأول يحتملهما، "ك"(24/ 202 - 203).
(3)
قوله: (محمد بن خالد) قال الحاكم والكلاباذي: أخرج عن محمد بن يحيى الذهلي - بضم المعجمة وسكون الهاء وكسر اللام - فلم يصرح به، وإنما يقول:"ثنا محمد"، وتارة:"محمد بن عبد الله" فينسبه لجده، وتارة:"ثنا محمد بن خالد"، فكأنه نسبه إلى جد أبيه؛ لأنه محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس، "ف" (13/ 134). قوله: "كان يكون
…
" إلخ، فإن قلت: ما فائدة تكرار معنى الكون وهل أحدهما إلا زائد؟ قلت: فائدته بيان الاستمرار والدوام. و"الشرط" بضم المعجمة وفتح الراء جمع الشرطة، وهم أول الجيش، سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات، والأشراط الأعلام، فصاحب الشرط معناه صاحب العلامات، لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة كان قيس في مقدمته وينفذ في أموره، والعلماء اختلفوا فيه فقال الحنفية: لا يقيم الحدود إلا أمراء الأمصار ولا يقيمها عامل السواد، وبعض المالكية: لا يقتل إلا والي الفسطاط، "ك" (24/ 203).
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ
(1)
، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ قَيسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ
(2)
مِنَ الأَمِيرِ. [أخرجه: ت 3850، تحفة: 501].
7156 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى
(3)
، عَنْ قُرَّةَ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ
(6)
وَأَتْبَعَهُ بِمُعَاذٍ. [راجع: 2261].
7157 -
ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ
(7)
قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ
(8)
بْنُ الْحَسَنِ قَالَ:
"حَدَّثَنِي أَبِي، كذا في ذ، وفي مر: "حَدَّثنا أَبِي". "عَنْ أَنَسٍ" في ذ: "عَنْ أَنَس بن مالك قال". "قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ" في مر: "قَيسَ بْنَ سَعْد بن عبادة". "الشُّرَطِ" في نـ: "الشُّرْطَة". "قُرَّةَ" في نـ: "قُرَّة بن خالد". "صَبَّاحٍ" في نـ: "الصَبَّاحِ".
===
(1)
بضم المثلثة وخفة الميم، ابن عبد الله بن أنس بن مالك، "ك"(24/ 203).
(2)
هم أعوان الأمير، وصاحب الشرط كبيرهم، "ف"(13/ 135).
(3)
ابن سعيد القطان.
(4)
السدوسي.
(5)
أي: العدوي.
(6)
أي: أرسله إلى اليمن قاضيًا، "ك"(24/ 203).
(7)
العطار البصري.
(8)
قوله: (ثنا محبوب) ضد المبغوض، "ابن الحسن" القرشي البصري، ويقال اسمه محمد ومحبوب لقب له وهو به أشهر، وهو مختلف في
حَدَّثَنَا خَالِدٌ
(1)
، عَنْ حُمَيدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، فَأَتَاه مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ
(2)
عِنْدَ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: مَا لِهَذَا؟ قَالَ: أَسْلَمَ
(3)
ثُمَّ تَهَوَّدَ. قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى أَقْتُلَه، قَضَاءُ اللَّهِ
(4)
وَرَسُولِهِ. [راجع: 2261].
13 - بَابٌ هَلْ يَقْضِي الْحَاكِمُ أَوْ يُفْتِي وَهُوَ غَضْبَانُ؟
7158 -
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: كَتَبَ أَبُو بَكرَةَ
(5)
إِلَى ابْنِهِ
(6)
- وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ -: أَنْ لَا تَقْضِ بَينَ
"مَا لِهَذَا؟ " في نـ: "مَا هَذَا؟ ". "وَرَسُولِهِ" في نـ: "وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم ". "الْحَاكِمُ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"القاضي".
===
الاحتجاج به، وليس له في "البخاري" سوى هذا الموضع وهو في حكم المتابعة؛ لأنه قد تقدم في "استتابة المرتدين" [ح: 6923] من وجه آخر، "ع"(16/ 402 - 403). و "معاذ" بضم الميم "ابن جبل" ضد السهل، الأنصاري. ووجه مطابقته للترجمة أنهما قتلاه ولم يرفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، "ك"(24/ 204).
(1)
الحذاء.
(2)
أي: الرجل المشهود، (في (24/ 203).
(3)
مرَّ الحديث مفصَّلًا (برقم: 4344).
(4)
بالرفع أي: هذا حكم الله ورسوله، "ك"(24/ 204).
(5)
اسمه نفيع الثقفي.
(6)
قوله: (كتب أبو بكرة إلى ابنه) كذا وقع هنا غير مسمى، ووقع في "أطراف المزي":"إلى ابنه عبيد الله" وقد سمي في روإية "مسلم" ولكن بغير هذا اللفظ، أخرجه من طريق أبي عوانة عن عبد الملك بن عمير عن
اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَان، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "لَا يَقْضيَنَّ
(1)
===
عبد الرحمن قال: "كتب أبي وكتبت له إلى عبيد الله بن أبي بكرة". ووقع في "العمدة": "كتب أبي وكتبت له إلى ابنه عبيد الله"، "ف" (13/ 137). قوله: "وكان بسجستان
…
" إلخ، بكسر المهملة الأولى والجيم وسكون الثانية وبالفوقانية قبل الألف وبالنون بعدها: بلاد بين كرمان والهند، لهم سلطان مستقل وأسلحة كثيرة، قاله الكرماني (24/ 204). قال في "العيني" (16/ 403): هي في الأصل اسم إقليم من الأقاليم الغربية، وهو إقليم عظيم، وأطلق اسم إقليم على المدينة، انتهى.
وقال في "الفتح"(13/ 137): وهي إلى جهة الهند بينها وبين كرمان مائة فرسخ، منها أربعون فرسخًا مفازة ليس فيها ماء، وينسب إليها سجستاني وسجزتي بزاي بدل السين [الثانية] والتاء وهو على غير قياس، وسجستان لا يصرف للعلمية والعجمة أو زيادة الألف والنون، قال ابن سعد في "الطبقات" (7/ 16): كان زياد في ولايته على العراق قرّب أولاد أخيه لأمه أبي بكرة وشرفهم وأقطعهم، وولَّى عبيد الله بن أبي بكرة بسجستان. قوله:"وهو غضبان، وذلك لأن الغضب يغير الطباع ويفسد الرأي ويطير العقل، ولذلك يقال: الغضب عزل العقل فلا يؤمن معه الخطأ، وفي معنى الغضب كل ما يغير طبع الإنسان وأوهنه عن الفكر من الجوع والمرض ونحوه، فلا يقضي حتى تزول عنه هذه الأعراض، "ك" (24/ 204).
(1)
قوله: (يقول: لا يقضين
…
) إلخ، قال ابن المنير: أدخل البخاري حديث أبي بكرة الدال على المنع، ثم حديث أبي مسعود الدال على الجواز تنبيهًا منه على طريق الجمع بأن يجعل الجواز خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم لوجود العصمة في حقه والأمن من التعدي، أو أن غضبه إنما كان للحق، فمن كان في مثل حاله جاز وإلا منع، وهو كما قيل في شهادة العدو إن كانت دنيوية ردت، وإن كانت دينية لم ترد.
حَكَمٌ
(1)
بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ". [أخرج: م 1717، د 3589، ت 1334، س 5406، ق 2316، تحفة: 11676].
7159 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ
(2)
، عَنْ قيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ
(3)
، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ
(4)
: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسولَ اللَّهِ، إِنِّي وَاللَّهِ لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ
(5)
، مِمَّا
(6)
يُطِيلُ بِنَا فِيهَا. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَطُّ أَشَدَّ
(7)
غَضَبًا
"أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ" في نـ: "أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ". "جَاءَ رَجُلٌ" في نـ: "قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ". "إِلَى رَسُولِ اللَّهِ" في ذ: "إلى النبي".
===
وفي الحديث: أن الكتابة بالحديث كالسماع من الشيخ في وجوب العمل، وأما في الرواية فمنع منها قوم إذا تجردت عن الإجازة، والمشهور الجواذ. نعم، الصحيح عند الأداء أن لا يطلق الإخبار بل يقول: كتب إلي أو كاتبني أو أخبرني في كتابه. وفيه ذكر الحكم مع دليله في التعليم ويجيء مثله في الفتوى. وفيه شفقة الأب على ولده وإعلامه بما ينفعه وتحذيره من الوقوع فيما ينكر. وفيه نشر العلم للعمل به والاقتداء وإن لم يسأل العالم عنه، "ف"(13/ 138).
(1)
بفتحتين: الحاكم.
(2)
البجلي.
(3)
البجلي أيضًا.
(4)
اسمه عقبة.
(5)
كناية عن معاذ بن جبل، "ك"(24/ 204).
(6)
"ما" مصدرية أي: من إطالته.
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 702)، و (برقم: 90) في "كتاب العلم".
فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاس، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ
(1)
، فَأَيُّكُمْ مَا
(2)
صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ". [راجع: 90].
7160 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْكَرْمَانِيُّ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُس، قَالَ مُحَمَّدٌ
(5)
: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بنُ عَبدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَغَيَّظَ
(6)
فِيهِ
(7)
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:
"أَيُّهَا النَّاسُ" في نـ: "يا أَيُّهَا النَّاسُ". "بِالنَّاسِ" في نـ: "للنَّاسِ". "ذَا الْحَاجَةِ" في ذ: "ذُو الْحَاجَةِ". "قَالَ مُحَمَّد" زاد في نـ: "هو الزهري"، وفي نـ:"قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد هو الزهري"، وفي ذ:"حدثنا مُحَمَّد هو الزهري". "فَتَغَيَّظَ فِيهِ" في هـ، ذ:"فَتَغَيَّظَ عليه".
===
(1)
أي: عن الجماعة.
(2)
ما زائدة.
(3)
المشهور عند المحدثين فتح الكاف، لكن أهلها يقولون بالكسر، وأهل مكة أعرف بشعابها، وهو بلد أهل السُّنَّة والجماعة، "ك"(24/ 205).
(4)
العمري.
(5)
ابن شهاب.
(6)
أي: غضب.
(7)
قوله: (فتغيظ فيه) وفي رواية الكشميهني: "فتغيظ عليه"، والضمير في قوله:"فيه" يعود للفعل المذكور وهو الطلاق الموصوف، وفي "عليه" للفاعل وهو ابن عمر رضي الله عنهما، "ف" (13/ 138). قوله:"فتطهر" فإن قلت: ما فائدة التأخير إلى الطهر الثاني؟ قلت: هو أن لا تكون الرجعة لغرض الطلاق فقط، وأن يكون كالتوبة من معصية، وأن يطول مقامه معها
"لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهٌ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا".
قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ
(1)
: مُحَمَّدٌ هُوَ الزُّهْرِيُّ. [راجع: 4908، أخرجه: د 2182، تحفة: 6996].
14 - بَابُ مَنْ
(2)
رَأَى
(3)
الْقَاضِيَ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ إذَا لَمْ يَخَفِ الظُّنُونَ وَالتُّهَمَةَ
كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ". وَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَمْرًا مَشْهُورًا.
"الْقَاضِيَ" في نـ: "للقاضي"، وفي نـ:"للحاكم"."أَمْرًا مَشْهُورًا" كذا في قتـ، صـ، عسـ، ذ، وفي ذ:"أَمْرٌ مَشْهُورٌ". - بالرفع على أنه كان تامة -.
===
فلعله يجامعها، ويذهب ما في نفسها من سبب الطلاق فيمسكها. مرَّ في أول "الطلاق" (برقم: 5251)، "ك"(24/ 205).
(1)
هو البخاري.
(2)
أي: من الفقهاء.
(3)
قوله: (من رأى
…
) إلخ، أشار بهذا إلى قول الإمام الأعظم أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فإن مذهبه أن للقاضي أن يحكم بعلمه في حقوق الناس، وقيد به لأنه ليس له أن يقضي بعلمه في حقوق الله كالحدود. قوله:"إذا لم يخف الظنون والتهمة" بفتح الهاء، وشرط شرطين في جواز ذلك أحدهما: عدم التهمة والآخر: وجود شهرة القضية. قوله: "كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
…
" إلخ، ذكره في مقام الاستدلال ومعرض الاحتجاج لمن رأى للقاضي أن يحكم بعلمه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قضى لهند بنفقتها وبنفقة ولدها على أبي سفيان لعلمه بوجوب ذلك، "ع" (16/ 405). قال مالك وأحمد: لا يقضي بعلمه أصلًا، لا في حق الله ولا في حق الناس، "ك" (24/ 205 - 206).
7161 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدٌ بنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ
(1)
أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ
(2)
يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا
(3)
مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. ثُمَّ قَالَتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ
(4)
، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ من أَنْ أُطْعِمَ الَّذِي لَهُ
"حَدَّثَنِي عُرْوَةُ" في ذ: "أخبرنِي عُرْوَةُ"، وزاد بعده في نـ:"ابن الزبير". "حَرَجٌ" في نـ: "من حَرَجٍ". "الَّذِي لَهُ" في سـ، ذ:"من الَّذِي لَهُ".
===
(1)
قوله: (ما كان على ظهر الأرض أهل خباء
…
) إلخ، والخباء بالمد: الخيمة. قيل: أرادت بقولها: أهل خباء نفسه صلى الله عليه وسلم فكنَّت عنه بأهل الخباء إجلالًا له، ويحتمل أنها أرادت به أهل بيته وصحابته. و"أبو سفيان" هو صخر الأموي أبو معاوية، "ك"(24/ 206)[و"ع" (16/ 406)].
وتعقب ابن المنير البخاريَّ بأن لا دلالة له في الحديث للترجمة بأنه خرج مخرج الفتيا، وكلام المفتي يتنزل على تقدير صحة إنهاء المستفتي، كأنه قال: إن ثبت أنه يمنعك حقك جاز لك أخذه. وأجاب بعضهم: بأن الأغلب من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم الحكم والإلزام فيجب تنزيل لفظه عليه، وبأنه لو كانت فتيا لقال: لك أن تأخذي، فلما أتى بصيغة الأمر بقوله:"خذي" - كما في الرواية الأخرى - دل على الحكم، "قس"(15/ 129).
(2)
كلمة "أن" مصدرية أي: ذلهم، "ع"(16/ 406).
(3)
أي: عزهم.
(4)
بكسر الميم وتشديد السين المهملة بصيغة المبالغة أي: بخيل جدًّا، "ع"(16/ 406).
عِيَالَنَا؟ قَال لَهَا: "لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ مِنْ مَعْرُوفٍ". [راجع: 2211، تحفة: 16475].
15 - بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ الْمَخْتُومِ
(1)
وَمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ
(2)
، وَمَا يَضِيقُ عَلَيهِ، وَكِتَاب الْحَاكِمِ إِلَى عَامِلِهِ، وَالْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي. وَقَال بَعْضُ النَّاسِ
(3)
: كِتَابُ الْحَاكِمِ
"الْمَخْتُومِ" في هـ، ذ:"المحكوم". "وَمَا يَضِيقُ عَليْهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَمَا يَضِيقُ عَلَيهِمْ"، وزاد في صـ:"فيه". "عَامِلِهِ" في نـ: "عُمَّالِهِ".
===
(1)
قوله: (على الخط المختوم) كذا في رواية الأكثرين. وفي رواية الكشميهني: "المحكوم" بالحاء المهملة والكاف، وليست هذه اللفظة بموجودة عند ابن بطال، ومراده: هل تصح الشهادة على الخط أي: على أنه خط فلان، وقيد بالمختوم لأنه أقرب إلى عدم التزوير على الخط. ومعنى المحكوم: المحكوم به. قوله: "ما يضيق عليه" أي: على الشاهد أي: ما لا يجوز أو ما يشترط فيه، يريد أن القول بذلك لا يكون على التعميم إثباتًا ونفيًا لأنه لو منع مطلقًا لتضيع الحقوق، ولا يعمل به مطلقًا؛ لأنه لا يؤمن فيه التزوير، فحينئذ يجوز بشروط. وقوله:"كتاب الحاكم إلى عماله" عطف على قوله: "الشهادة" وهذه الترجمة مشتملة على ثلاثة أحكام كما رأيتها، ويجيء بيان حكم كل منها مع بيان الخلاف فيها"ع"(16/ 406)، "ف"(13/ 141)، "قس"(15/ 130 - 131)، "ك"(24/ 206).
(2)
أي: الشهادة على الخط.
(3)
قوله: (قال بعض الناس
…
) إلخ، أراد به الحنفية، وليس غرضه من ذكر هذا ونحوه مما مضى إلا التشنيع على الحنفية لأمر جرى بينه وبينهم،
جَائِزٌ إِلَّا فِي الْحُدُودِ. ثُمَّ قَالَ: إِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَهُوَ جَائِزٌ
(1)
؛ لأَنَّ هَذَا مَال بِزُعْمِهِ وَإِنَّمَا صَارَ
(2)
مَالًا بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ
(3)
، وَالْخَطَأُ
(4)
وَالْعَمْدُ وَاحِدٌ
(5)
"أَنْ ثَبَتَ" في ذ: "أَنْ يثبتَ". "وَالْخَطَأُ" في نـ: "فَالْخَطَأُ".
===
وحاصل غرض البخاري إثبات المناقضة فيما قاله الحنفية، فإنهم قالوا: كتاب القاضي [إلى القاضي] جائز إلا في الحدود، ثم قالوا: إن كان القتل خطأ يجوز فيه كتاب القاضي إلى القاضي؛ لأن قتل الخطأ في نفس الأمر أمال، لعدم القصاص فيه فيلحق بسائر الأموال. وقوله: "وإنما صار
…
" إلخ، بيان وجه المناقضة في كلام الحنفية، حاصله: إنما يصير قتل الخطأ مالًا بعد ثبوته عند الحاكم، والخطا والعمد واحد، يعني: [في] أول الأمر حكمهما واحد لا تفاوت في كونهما حدًا، والجواب عن هذا أن يقال: لا نسلم أن الخطأ والعمد واحد، وكيف يكونا واحدًا، ومقتضى العمد القصاص، ومقتضى الخطأ عدم القصاص ووجوب المال لئلا يكون دم المقتول خطأ هدرًا، وأيّ نسبة بين المال الذي وجوبه لئلا يكون دم المقتول هدرًا وبين القصاص الذي هو مقتضى العمد، والحدود والقصاص يحتاط فيهما ما لا يحتاط في غيرهما، "ع" (16/ 406 - 407)، "خ".
(1)
أي: كتاب الحاكم، "قس"(15/ 131).
(2)
هذا كلام البخاري ردًّا عليهم.
(3)
أي: عند الحاكم.
(4)
أي: في أول الأمر.
(5)
لا تفاوت في كونهما حدًّا، "ك (24/ 206).
وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ
(1)
إِلَى عَامِلِهِ فِي الْجَارُودِ.
وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
(2)
فِي سِنٍّ كُسِرَتْ.
"عُمَرُ" في نـ: "عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيز
(1)
". "فِي الْجَارُودِ" كذا في هـ، سـ، ص، ذ، وفي نـ: "فِي الْحُدُود".
===
(1)
قوله: (وقد كتب عمر
…
) إلخ، غرضه في إيراد هذا الردُّ على الحنفية أيضًا في عدم رؤيتهم بجواز كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود، ولا يرد على ما نذكره، وذكر هذا الأثر عن عمر للرد عليهم فيما قالوا. قوله:"في الحدود" كذا في رواية الأكثرين. وفي رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني: "في الجارود" بالجيم وضم الراء وبالواو والدال المهملة أي: في شهادة الجارود، حيث شهد على قدامة بن مظعون - بسكون المعجمة - بشرب الخمر، فكتب عمر إلى عامله بالبحرين أن يسأل امرأة قدامة في ذلك، كذا في "الكرماني" (24/ 206 - 207). وروى العيني (16/ 407) قصته هكذا: استعمل عمر قدامة على البحرين فقدم الجارود على عمر فقال: إن قدامة شرب فسكر. فكتب عمر إلى قدامة في ذلك، فذكر القصة بطولها في قدوم قدامة وشهادة الجارود وأبي هريرة عليه، وجلده الحد، والجواب عنه: أن كتاب عمر رضي الله عنه إلى عامله لم يكن في إقامة الحد، وإنما كان لأجل شرح الحال، ألا ترى أن عمر هو الذي أقام الحد فيه بشهادة الجارود وشهادة أبي هريرة؟ انتهى عبارة العيني مختصرًا.
(2)
إلى عامله زريق بن حكيم كتابًا أجاز فيه شهادة رجل على سن كسرت، "قس"(15/ 131).
(1)
كذا في الهندية، وهو خطأ، والصواب هو عمر بن الخطاب، انظر "فتح الباري"(13/ 141) و"عمدة القاري"(16/ 407) و"إرشاد الساري"(15/ 131).
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ
(1)
: كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي جَائِزٌ، إِذَا عَرَفَ
(2)
الْكِتَابَ وَالْخَاتَمَ. وَكَانَ الشَّعْبِيُّ
(3)
يُجِيزُ الْكِتَابَ الْمَخْتُومَ بِمَا فِيهِ مِنَ الْقَاضِي
(4)
. وَيُرْوَى
(5)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ.
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ
(6)
بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الثَّقَفِيُّ: شهِدْتُ
(7)
عَبْدَ الْمَلِكِ
(8)
بْنَ يَعْلَى قَاضِيَ الْبَصرَةِ وَإِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ
(9)
وَالْحَسَنَ وَثُمَامَةَ
(10)
بْنَ
===
(1)
أي: النخعي، وصله ابن أبي شيبة (رقم: 3169)، "ع"(16/ 407).
(2)
أي: كان الكتاب والختم مشهورًا بحيث لا يلتبس لغيره، "ك"(24/ 207).
(3)
هو عامر بن شراحيل، وصله ابن أبي شيبة (رقم: 3167) "ع"(16/ 407).
(4)
وعليه مالك، وأما أكثر الفقهاء فعلى أنه إذا أشهد القاضي على ما في كتابه ولم يعرف الشاهد ما فيه لم يجز للقاضي المكتوب إليه الحكم به، "ك"(24/ 207).
(5)
ولم يصح هذا، فلذا ذكره بصيغة التمريض"ع"(16/ 408).
(6)
المعروف بالضالّ، سمي بذلك لأنه ضلّ في طريق مكة"ع"(16/ 408)، "ف"(13/ 141).
(7)
أي: حضرتُ.
(8)
قاضي البصرة من جانب يزيد بن هبيرة لما ولي إمارتها من قبل يزيد بن عبد الملك بن مروان، "ف"(13/ 142).
(9)
المزني القاضي بالبصرة في خلافة عمر بن عبد العزيز.
(10)
ولي قضاء البصرة في أوائل خلافة هشام بن عبد الملك، "ع"(16/ 408).
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ وَبلَالَ
(1)
بْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ
(2)
بْنَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيَّ وَعَامِرَ بْنَ عَبِيدَةَ
(3)
وَعَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ
(4)
يُجِيزُونَ كُتُبَ الْقُضَاةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ، فَإِنْ قَالَ الَّذِي جِيءَ عَليْهِ بِالْكِتَابِ: إنَّهُ زُورٌ. قِيلَ لَهُ: اذْهَبْ فَالْتَمِسِ الْمَخْرَجَ
(5)
مِنْ ذَلِكَ. وَأَوَّلُ مَنْ سَألَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ ابْنُ أبِي لَيْلَى
(6)
وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
"عَامِرَ بْنَ عَبِيدةَ" في نـ: "عَامِرَ بْنَ عَبدةَ". "مِنَ الشُّهُودِ" في ذ: "مِنَ المشهُودِ".
===
(1)
الأشعري، قاضي البصرة من قبل خالد بن عبد الله صديقه [في] خلافة هشام بن عبد الملك، [انظر "العيني" (16/ 408)].
(2)
الأسلمي: قاضي مرو في ولاية أسد بن عبد الله القسري على خراسان، [انظر "العيني" (16/ 408)].
(3)
كان ولي القضاء بالكوفة مرة، "ف"(13/ 142).
(4)
أبو سلمة، ولي قضاء البصرة خمس مرات "ع"(16/ 408 - 409).
(5)
بفتح الميم وسكون المعجمة وآخره جيم: اطلب الخروج من عهدة ذلك إما بالقدح في البينة بما يقبل فتبطل الشهادة، وإما بما يدل على البراءة من المشهود به، "ف"(43/ 113)، "ع"(16/ 409).
(6)
قوله: (ابن أبي ليلى) هو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، واسم أبي ليلى: يسار قاضي الكوفة، وأول ما وليها في زمن يوسف بن عمر الثقفي في خلافة الوليد بن يزيد، ومات سنة [ثمان]، وأربعين ومائة، وهو صدوق اتفقوا على ضعف حديثه من قبل سوء حفظه. وقال الساجي: كان يمدح في قضائه، وأما في الحديث فليس بحجة، وقال أحمد: فقه ابن أبي ليلى أحب إلينا من حديثه، وحديثه في السنن الأربعة.
وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
(1)
: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ
(2)
: جِئْتُ بِكِتَابٍ مِنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ
(3)
قَاضِي الْبَصْرَةِ، وَأَقَفتُ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، فَجِئْتُ بِهِ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(4)
فَأَجَازَهُ
(5)
. وَكَرِهَ الْحَسَنُ
(6)
وَأَبُو قِلَابَةَ
(7)
أَنْ يُشْهَدَ
(8)
عَلَى وَصِيَّةٍ حَتَّى يُعْلَمَ مَا فِيهَا؛ لأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ فِيهَا جَوْرًا
(9)
. وَقَدْ كَتَبَ
"جِئْتُ" في نـ: "قال: جِئْتُ". "فَجِئْتُ" كذا في هـ، ذ، "وَجِئْتُ".
===
"وسوار ابن عبد الله" بفتح المهملة وتشديد الواو وهو العنبري نسبة إلى بني العنبر من بني تميم، قال ابن حبان في "الثقات": كان فقيهًا، ولَّاه المنصور قضاء البصرة سنة ثمان وثلاثين ومائة، فبقي على قضائها إلى أن مات في ذي القعدة سنة ست وخمسين، "فتح"(13/ 143).
(1)
أي: الفضل بن دكين.
(2)
على وزن فاعل الإحراز.
(3)
ابن مالك، قاضي البصرة التابعي المشهور، [انظر "العيني" 16/ 409)].
(4)
ابن عبد الله بن مسعود، كان على قضاء البصرة زمن عمر بن عبد العزيز، [انظر "العيني" (16/ 409)].
(5)
أي: أمضاه وعمل به، "ف"(13/ 143)، "ع"(16/ 409).
(6)
أي: البصري.
(7)
اسمه عبد الله بن زيد الجرمي.
(8)
بفتح الياء، والفاعل محذوف أي: الشاهد، "ف"(13/ 143).
(9)
قوله: (لعل فيها جورًا) في هذا بيان السبب في المنع المذكور، وقد وافق الداودي من المالكية هذا القولَ فقال: هذا هو الصواب أن لا يشهد
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ خَيْبَرَ: "إِمَّا أَنْ تَدُوا
(1)
صَاحِبَكُمْ
(2)
، وَإِمَّا أَنْ تُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ". وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي شَهَادَةٍ عَلَى الْمَرْأَةِ
(3)
مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: إِنْ عَرَفتَهَا فَاشْهَدْ، وَإِلَّا فَلَا تَشْهَدْ.
"فِي شَهَادَةٍ" في ذ: "فِي الشَّهَادَةِ". "مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ" في نـ: "مِنَ السِّتْرِ".
===
على وصية حتى يعرف ما فيها، وتعقبه ابن التين أنها إذا كان فيها جور لم يمنع التحمل؛ لأن الحاكم قادر على رده إذا أوجب حكم الشرع رده، وما عداه يعمل به فليس خشية الجور فيها مانعًا من التحمل، وإنما المانع الجهل بما يشهد. قال: وجه الجواز به أن كثيرًا من الناس يرغب في إخفاء أمره لاحتمال أن لا يموت فيحتاط بالإشهاد ويكون حاله مستمزا على الإخفاء، "فتح"(13/ 144).
(1)
أي: تعطوا الدية.
(2)
قوله: (أن تدوا صاحبكم) وهو عبد الله بن سهل وُجد قتيلًا بين اليهود بخيبر، والإضافة إليهم بملابسة كونه مقتولًا بينهم إن كان خطابًا لهم وإلا فهو ظاهر، "ك (24/ 208).
(3)
قوله: (في شهادة علي المرأة
…
) إلخ، حاصله: أنه إذا عرفها بأي طريق كان يجوز له الشهادة عليها، ولا يشترط أن يراها حال الإشهاد. ومذهب مالك جواز شهادة الأعمى في الإقرار وفي كل ما طريقه الصوت سواء كان عند تحملها أعمى أو بصيرًا ثم عمي. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا تقبل إذا تحملها أعمى، ودليل مالك أن الصحابة والتابعين رووا عن أمهات المؤمنين من وراء حجاب [وميزوا أشخاصهن] بالصوت، وكذا أذان [ابن] أم مكتوم، ولم يفرقوا بين ندائه ونداء بلال إلا بالصوت؛ ولأن الإقدام على الفروج أعلى من الشهادة بالحقوق، والأعمى
7162 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكْتُبَ
(2)
إِلَى الرُّومِ قَالُوا: "إِنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا. فَاتَّخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، كَأنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِهِ
(3)
، وَنَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. [راجع: 65].
16 - بَابٌ مَتَى يَسْتَوْجِبُ الرَّجُلُ الْقَضَاءَ
(4)
؟
وَقَالَ الْحَسَنُ: أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْحُكَّامِ
(5)
(6)
أَنْ لَا يَتَّبِحُوا
"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ".
===
له وطء زوجته وهو لا يعرفها إلا بالصوت، وهذا لم يمنع منه أحد، "ع"(16/ 410).
(1)
لقب محمد بن جعفر.
(2)
فيه دليل على أن كتاب القاضي حجة دمان لم يكن مختومًا، "ك"(24/ 209).
(3)
بالصاد المهملة أي: بريقه ولمعانه، "ك"(24/ 209).
(4)
أي: متى يستحق أن يكون قاضيًا؟.
(5)
جمع حاكم.
(6)
قوله: (أخذ الله على الحكام
…
) إلخ، قلت: فأراد من {يَادَاوُودُ} قوله: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [سورة ص: 26]، وأراد من آية المائدة بقية ما ذكر، وأطلق على هذه المناهي أمرًا إشارة إلى أن النهي عن الشيء أمر بضده، ففي النهي عن الهوى أمر بالحكم بالحق، وفي النهي عن خشية الناس أمر بخشية الله، ومن لازِم خشية الله الحكم بالحق، وفي النهي عن بيع آياته الأمر باتباع ما دلت عليه، وإنما وصف الثمن بالقلة إشارة
الْهَوَى
(1)
، وَلَا يَخْشَوُا النَّاسَ وَلَا يَشْتَرُوا بآيَاتِه ثَمَنًا قَلِيلًا، ثُمَّ قَرَأَ
(2)
: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا
(3)
يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26]، وَقَرَأَ
(4)
: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ
(5)
وَالْأَحْبَارُ
(6)
بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
(7)
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
"بآيَاتِه" كذا في ذ، وفي نـ:"بِآيَاتِي"، وفي نـ:"بآيات اللَّهِ". " {بِمَا اسْتُحْفِظُوا} " زاد في سـ: "استُودِعُوا".
===
إلى أنه وصف لازم له بالنسبة للعوض فإنه أغلى من جميع ما حَوَتْه الدنيا، "ف"(13/ 147).
(1)
أي: هوى النفس، وهو ما تحبه وتشتهيه، "ع"(16/ 411).
(2)
أي: الحسن البصري.
(3)
ما مصدرية أي: بنسيانهم.
(4)
أي: الحسن.
(5)
العلماء والحكماء، وهو [جمع] رباني، وأصله رب العلم، والألف والنون فيه للمبالغة، "ع"(16/ 412).
(6)
أي: العلماء.
(7)
قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
…
} إلخ)، هذه والتي بعدها نزلت في الكفار ومن غير حكم الله من اليهود، وليس في أهل الإسلام منها شيء؟ لأن المسلم وإن ارتكب كبيرة لا يقال له كافر،"ع" (16/ 412). قوله:" {إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} " قيل: كان حرثهم عنبًا نفشت فيه الغنم أي: رعت ليلًا، فقضى داود بالغنم لهم، فمروا على سليمان فأخبروه الخبر فقال سليمان: لا، ولكن أقضي بينهم أن يأخذوا الغنم فيكون لهم لبنها وصوفها
فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، وَقَرَأَ: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ
(1)
فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا
(2)
سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: 78، 79]، فَحَمِدَ سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَلُمْ
(3)
دَاوُدَ، وَلَوْلَا مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ هَذَيْنِ
(4)
لَرُئِيَتْ أَنَّ الْقُضَاةَ هَلَكُوا
(5)
، فَإِنَّهُ أَثْنَى عَلَى هَذَا
(6)
بِعِلْمِهِ وَعَذَرَ هَذَا
(7)
بِاجْتِهَادِهِ.
"{فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} " زاد بعده في نـ: " {بِمَا اسْتُحْفِظُوا}: استودعوا من كتاب الله". "وَلَمْ يَلُمْ" في نـ: "وَلَمْ يَذُمَّ". "لَرُئِيَتْ" كذا في ص، وفي نـ:"لَرَأَيْتُ".
===
ومنفعتها، ويقوم هؤلاء على حرثهم حتى إذا عاد كما كان ردوا عليهم غنمهم، "فتح" (13/ 148). قال:{وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} فجمعهما في الحكم والعلم، وخص سليمان بالفهم، قال: والأصح في الواقعة أن داود أصاب الحكم وسليمان أرشد إلى الصلح، وقيل: الاختلاف بين الحكمين في الأولوية لا في العمد والخطأ، ومعنى قول الحسن:"فحَمِد سليمان" يعني لموافقة الأرجح، و لم يذمه لاقتصاره على الراجح، "ع"(16/ 413).
(1)
أي: رعت.
(2)
أي: القضية.
(3)
من اللوم، وفي بعض من الذم.
(4)
أي: داود وسليمان عليهما السلام.
(5)
لما تضمنه قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] ودخل في عمومه العامة، "ع"(16/ 413).
(6)
أي: سليمان عليه السلام.
(7)
أي: داود عليه السلام.
وَقَالَ مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ
(1)
: قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ
(2)
الْقَاضِي مِنْهُنَّ خَصْلَةً
(3)
كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ: أَنْ يَكُونَ فَهمًا، حَلِيمًا، عَفِيفًا، صَلِيبًا، عَالِمًا سَئُولًا عَنِ الْعِلْمِ.
17 - بَابُ رِزْقِ الْحاكمِ وَالْعَامِلِينِ عَلَيْهَا
(4)
(5)
"مِنْهُنَّ" في نـ: "مِنْهُم". "خَصْلَةً" كذا في هـ، ذ، وفي سـ، حـ، ذ:"خُطَّةً". "فَهمًا" في سـ: "فَقِيهًا". "الْحاكمِ" في نـ: "الحكّام".
===
(1)
الكوفي.
(2)
أي: تجاوز وفات، "ك"(24/ 215).
(3)
قوله: (إذا أخطأ القاضي منهن خُطَّة) بضم الخاء المعجمة وتشديد الطاء، كذا لأبي ذر عن غير الكشميهني. وله عنه:"خصلة" بفتح أوله وسكون الصاد المهملة، وكذا في رواية الباقين وهما بمعنى، "ف" (13/ 149). قوله:"منهن"، وفي بعضها:"منهم" ولعل ذلك باعتبار العفيف لا العفة والحليم لا الحلم ونحوه، أو الضمير راجع إلى القضاة. والوصمة: العيب والعار، و "فهمًا" أي: لدقائق القضايا متفرسًا للحق من كلام الخصوم. والحلم هو الطمأنينة أي: يكون متحملًا بسماع كلام المتحاكمين واسع الخلق غير متضجر ولا غضوب. والعفة: النزاهة عن القبائح أي: لا يأخذ الرشوة بصورة الهدية ولا يميل إلى ذي جاه ونحوه. والصلابة: هي القوة النفسانية على استيفاء الحدود من القتل والقطع والجلد. فإن قلت: هذه ستة لا خمسة؟ قلت: السادس من تتمة الخامس لأن كمال العلم لا يحصل إلا بالسؤال، "ك"(24/ 210).
(4)
أي: على الحكومات، وقيل: على الصدقات.
(5)
قوله: (رزق الحاكم والعاملين عليها) العامل هو الذي يتولى أمرًا من أعمال المسلمين كالولاة وعمال الصدقات، والرزق: ما يرتبه الإمام من
وَكَانَ شُرَيْحٌ
(1)
يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا. وَقَالَتْ عَائِشَةُ
(2)
: يَأْكُلُ الْوَصِيُّ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ
(3)
، وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
(4)
.
7163 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
(5)
قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ
(6)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ
(7)
:
===
بيت المال لمن يقوم بمصالح المسلمين، "ع" (16/ 414). قوله: "كان شريح
…
" إلخ، هذا التعليق ضعيف وهو يرد على من قال: التعليق المجزوم به عند البخاري صحيح، "ك" (24/ 210). وإلى جواز أخذ القاضي الأجرةَ على الحكم ذهب الجمهور من أهل العلم من الصحابة وغيرهم، وكرهه طائفة كراهة تنزيهية، منهم: مسروق، ورخص فيه الشافعي وأكثر أهل العلم. وقال صاحب "الهداية" من الحنفية: وإذا كان القاضي فقيرًا فالأفضل بل الواجب أخذ كفايته، وإن كان غنيًا فالأفضل الامتناع عن أخذ الرزق من بيت المال، وقيل: الأخذ هو الأصح صيانة للقضاء عن الهوان، وعن الإمام أحمد: لا يعجبني، وإن كان فبقدر عمله مثل ولي اليتيم، "قس" (15/ 139).
(1)
ابن الحارث بن قيس النخعي الكوفي قاضي الكوفة، ولَّاه عمر رضي الله عنه، ثم قضى لمن بعده بالكوفة دهرًا طويلًا، "ف"(13/ 150)، "ع"(16/ 414).
(2)
[وصله ابن أبي شيبة (رقم: 1427)].
(3)
بالضم وخفة الميم، وقيل: هو من المثلثات وهي أجر العمل، "ك"(24/ 420).
(4)
أي: في أيام خلافتهما.
(5)
أي: الحكم بن نافع.
(6)
ابن أبي حمزة.
(7)
بفتح النون وكسر الميم، الصحابي المشهور.
أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى
(1)
أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ
(2)
أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فِي خِلَافَتِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا
(3)
، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ
(4)
كَرِهْتَهَا؟ فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ عُمَرُ: فَمَا تُريدُ
(5)
إِلَى ذَلِكَ؟ قُلْتُ: إِنَّ لِي أَفْرَاسًا
(6)
وَأَعْبُدًا
(7)
(8)
، وَأَنَا بِخَيْرٍ، وَأَرِيدُ أنْ تَكُونَ عُمَالَتِي صَدَقَةً عَلَى
"فَمَا تُرِيدُ" كذا في ذ، وفي نـ:"مَا تُرِيدُ". "إِلَى ذَلِكَ" في نـ: "إِلَى ذَاكَ". "قُلْتُ" في ذ: "فَقُلْتُ"[وعزاه القسطلاني إلى أبي الوقت]. "وَأَعْبُدًا" في هـ، ذ:"وَأَعْتُدًا".
===
(1)
كان من أعيان قريش، وعاش ستين في الجاهلية وستين في الإسلام، [انظر:"الفتح"(13/ 151)].
(2)
هو ابن وقدان بن عبد شمس
(1)
وإنما قيل له ابن السعدي لأن أباه كان مسترضعًا في بني سعد"ع"(16/ 416).
(3)
من إمارة وقضاء.
(4)
أي: أجرة العمل.
(5)
أي: ما غاية قصدك بهذا الرد؟ "ف"(13/ 152).
(6)
جمع فرس.
(7)
جمع عبد.
(8)
قوله: (وأعبدًا) للأكثر بضم الموحدة. وللكشميهني بمثناة فوقية بدل الموحدة جمع عتيد، وهو المال المدّخر. ووقع عند ابن حبان في "صحيحه" (رقم: 3472) من طريق قبيصة بن ذويب: "أن عمر أعطى
(1)
في الأصل: "وقدان بن جندب" ولم أجد بهذا الاسم في الشروح ولا في كتب الرجال.
الْمُسْلِمِينَ. قَال عُمَرُ: لَا تَفْعَلْ فَإِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ
(1)
الَّذِي أَرَدْتَ
(2)
وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُول: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ
(3)
وَلَا سَائِلٍ فَخُذْه، وَإِلَّا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ". [راجع: 1473، أخرجه: م 1045، د 1647، س 2604، تحفة: 10487].
"وَكَانَ" في نـ: "فَكَانَ". "فَقَالَ النَّبِيُّ" في ذ: "فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ"، وفي نـ:"فَقَالَ لي النَّبِيُّ".
===
ابن السعدي ألف دينار"، فذكر [بقية] الحديث نحو الذي هنا. قوله: "يعطيني العطاء" أي: المال الذي يقسمه الإمام في المصالح، "ف" (13/ 152). قوله: "أفقر إليه مني" فإن قلت: كيف جاز الفصل بين أفعل وبين كلمة من؟ قلت: ليس أجنبيًا بل هو ألصق به من الصلة؛ لأن ذلك محتاج إليه بحسب جوهر اللفظ، والصلة محتاج إليها بحسب الصيغة، "ك" (24/ 211).
(1)
بضم التاء.
(2)
بفتح التاء.
(3)
قوله: (غير مشرف) أي: غير طامع وناظر إليه. "وإلا" أي: إن لم يجئ إليك "فلا تتبعه نفسك" في طلبه واتركه. فإن قلت: لم منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإيثار؟ قلت: إنما أراد الأفضل والأعلى من الأجر؛ لأن عمر وإن كان مأجورًا بإيثاره على الأحوج لكن أخذه ومباشرته للصدقة بنفسه أعظم لأجره، وذلك لأن الصدقة بعد التمول إنما هو بعد دفع الشح الذي هو مستولٍ على النفوس. وفيه: أن من اشتغل بشيء من عمل المسلمين له أخذ الرزق عليه لأنه صلى الله عليه وسلم أعطى عمر العمالة على عمله الذي استعمله عليه.
7164 -
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنِي سالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيهِ مِنِّي. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْه، وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ". [راجع: 1473].
18 - بَابُ مَنْ قَضَى وَلَاعَنَ فِي الْمَسْجِدِ
(2)
"سَمِعْتُ عُمَرَ" في ذ: "سَمِعْتُ عُمَرَ بن الخطاب". "إِلَيْهِ مِنِّي" في نـ: "مِنِّي إِلَيْهِ". "فَقَالَ النَّبِيُّ" في نـ: "فَقَالَ له النَّبِيُّ"، وفي نـ:"فَقَالَ لِي النَّبِيُّ".
===
وفيه: أن أخذ ما جاء من غير السؤال أفضل من تركه؛ لأنه نوع من إضاعة المال، "ك" (24/ 211 - 212). وقال ابن التين: في هذا الحديث: كراهة أخذ الرزق على القضاء مع الاستغناء وإن كان المال طيبًا "ع"(16/ 417)، "ف" (13/ 154). قوله:"وإلا" أي: وإن لم يجئ إليك فلا تطلبه بل اتركه إلا لضرورة، والأصح تحريم الطلب على القادر على الكسب، وقيل: يباح بشرط أن لا يذل نفسه ولا يلح في الطلب ولا يؤذي المسئولَ عنه، فإن فقد شرط من الثلاثة حرم اتفاقًا. وهذا الحديث فيه أربعة من الصحابة، "قس"(15/ 141).
(1)
هو موصول بالسند المذكور أولًا إلى الزهري، (ع، (16/ 416).
(2)
فعلان، تنازعا في "المسجد". "ولاعن " أي: أمر بايقاع اللعان بين الزوجين فهو مجاز، "ف"(13/ 155).
وَلَاعَنَ عُمَرُ
(1)
عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَضَى مَرْوَانُ
(2)
عَلَى
===
(1)
قوله: (ولاعن عمر
…
) إلخ، وإنما خص عمر المنبر لأنه كان يرى التحليف عند المنبر أبلغ في التغليظ، ويؤخذ منه التغليظ في الأيمان بالمكان، وقاسوا عليه الزمان. قوله:"يحيى بن يعمر" بفتح التحتانية والميم وسكون المهملة بينهما وبالراء: البصري القاضي بمرو، وهو أول من نقط المصاحف، وربما كان يقضي في السوق والطريق ونحوهما. "وزرارة" بضم الزاي وخفة الراء الأولى "ابن أوفى" بفتح الهمزة وسكون الواو وبالفاء مقصورًا، العامري قاضي البصرة. و"الرحبة" بفتح الراء والحاء المهملة بعدها موحدة، هي الساحة والمكان المتسع أمام باب المسجد غير منفصل عنه، وحكمها حكم المسجد، فيصح فيها الاعتكاف في الأصح بخلاف ما إذا كانت منفصلة، وأما الرحبة بسكون المهملة فهي مدينة مشهورة، "ع"(16/ 417)، "ك"(24/ 212 - 213)، "ف"(13/ 155).
وفي هذه الآثار حجة للحنفية، قال في "الهداية" (3/ 103): يجلس للحكم جلوسًا ظاهرًا في المسجد كيلا يشتبه مكانه على الغرباء وبعض المقيمين، والمسجد الجامع أولى لأنه أشهر. وقال الشافعي رحمه الله: يكره الجلوس في المسجد للقضاء؛ لأنه يحضره المشرك وهو نجس بالنص، والحائضُ وهي ممنوعة عن دخوله. ولنا قوله عليه السلام:"إنما بنيت المساجد لذكر الله تعالى والحكم"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل الخصومة في معتكفه، وكذا الخلفاء الراشدون كانوا يجلسون في المساجد لفصل الخصومات؛ ولأن القضاء عبادة فيجوز إقامتها في المسجد كالصلاة. ونجاسة المشرك في اعتقاده لا في ظاهره فلا يمنع من دخوله، والحائض تخبر بحالها فيخرج القاضي إليها أو إلى باب المسجد أو يبعث من يفصل بينها وبين خصمها، ولو جلس في داره لا بأس به، انتهى. وأيضًا حديثا الباب حجة لهم.
(2)
ابن الحكم.
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَقَضى شُرَيْحٌ
(1)
وَالشَّعْبِيُّ
(2)
وَيحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ الْحَسَنُ
(3)
وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى يَقْضِيَانِ فِي الرَّحبَةِ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ.
7165 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(5)
: قَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: شَهِدْتُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشِرَةَ فُرِّقَ بيهنَهُمَا. [راجع: 423].
7166 -
حَدَّثَنِي يَحْيَى
(6)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ:
"عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " في نـ: "عِنْدَ الْمِنْبَرِ"، وفي هـ، ذ:"على الْمِنْبَرِ". "زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى" في نـ: "زُرَارَةُ بْنُ أبي أَوْفَى". "عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ" زاد في نـ: "قَالَ". "خَمْسَ عَشْرَةَ" في هـ، ذ:"خَمْسَ عَشِرَةَ سنة". "فُرِّقَ بَيْنَهُمَا" في نـ: "فَفُرِّقَ بَينَهُمَا". "حَدَّثَنِي يَحْيَى" في نـ: "حَدَّثَنَا يَحْيَى".
===
(1)
هو القاضي المشهور. [أثر شريح وصله ابن أبي شيبة (رقم: 1874)، وأثر الشعبي وصله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي في "جامع سفيان"، انظر "تغليق التعليق" (5/ 296)، وأثر يحيى بن يعمر وصله ابن أبي شيبة (رقم: 1873)].
(2)
هو: عامر بن شراحيل.
(3)
هو: البصري.
(4)
أي: المديني.
(5)
ابن عيينة.
(6)
قوله: (حدثني يحيى) يحتمل أن يكون يحيى بن جعفر بن أعين البخاري البيكندي، وأن يكون يحيى بن موسى بن عبد ربه البلخي الذي يقال له: خَتّ بفتح المعجمة وتشديد المثناة؛ لأن كل منهما روى عن
أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ: أَنَّ رَجُلًا
(1)
مِنَ الأنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ
(2)
رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ؟ فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ.
[راجع: 423].
19 - بَابُ مَنْ حَكَمَ فِي الْمَسْجِدِ
(3)
حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حَدٍّ أَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ
(4)
فَيُقَامَ
"أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ" في نـ: "أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ". "أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ".
===
عبد الرزاق بن همام، وروى البخاري عنهما. قوله:"أخي بني ساعدة" أي: واحد منهم، كما يقال: هو أخو العرب أي: واحد منهم، وبنو ساعدة ينسب إلى ساعدة بن كعب بن الخزرج"ع"(16/ 418).
(1)
هو عويمر العجلاني.
(2)
مرَّ الحديث مطوَّلًا (برقم: 5309).
(3)
أي: باب في بيان من كان لا يكره الحكم في المسجد إذا حكم فيه ثم أتى [إلى] حكم فيه إقامة حد من الحدود ينبغي أن يأمر أن يُخرج من وجب عليه الحد من المسجد فيقام الحد عليه خارج المسجد، "ع"(16/ 418).
(4)
قوله: (أن يخرج من المسجد) واختلف العلماء في إقامة الحدود في المسجد، وروي عن عمر وعلي منع ذلك، وهو قول مسروق والشعبي وعكرمة والكوفيين والشافعي وأحمد وإسحاق. وروي عن الشعبي أنه أقام على رجل من أهل الذمة حدًا في المسجد، وهو قول ابن أبي ليلى، وروي عن مالك الرخصة في الضرب بالأسواط اليسيرة في المسجد، وإذا كثرت
وَقَالَ عُمَرُ أَخْرِجَاهُ
(1)
مِنَ الْمَسْجِدِ. ويُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوُهُ.
7167 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيث، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَتَى رَجُلٌ
(3)
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ
(4)
. فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعًا قَالَ: "أَبِكَ جُنُونٌ؟ "
(5)
. قَالَ: لَا، قَالَ:"اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ". [راجع: 5271، أخرجه: م 1691، س في الكبرى 7177، تحفة: 15217، 13208].
7168 -
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ سمِعَ
(6)
جَابِرَ بْنَ عَبدِ اللَّهِ
"أَخْرِجَاهُ مِنَ الْمَسْجِدِ" زاد في نـ: "وَضَربهُ"، وفي نـ:"وَأَمَرَ بضربه"، وفي نـ:"واضرباه". "حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي اللَّيْثُ". "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ" زاد في نـ: "قال".
===
الحدود فلا تقام فيه، وهو قول أبي ثور أيضًا، "ع"(16/ 418 - 419).
(1)
أي: الذي وجب عليه الحد. [أثر عمر وصله ابن أبي شيبة (رقم: 8695)، وعبد الرزاق (رقم: 1706). وأثر علي وصله ابن أبى شيبة (رقم: 8694)].
(2)
أي: ابن خالد.
(3)
هو ماعز الأسلمي.
(4)
كراهة سماع ذلك، وأراد به الستر.
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 6815).
(6)
ومن سمع يشبه أن يكون ذلك هو أبو سلمة لما صرح به في الروايات الأخر، "ك"(24/ 213).
قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ بِالْمُصَلَّى
(1)
. رَوَاهُ يُونُسُ
(2)
(3)
وَمَعْمَرٌ
(4)
وَابْنُ جُرَيْجٍ
(5)
عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّجْمِ
(6)
[راجع: 5270].
20 - بَابُ مَوْعِظَةِ الإِمَامِ لِلْخُصُومِ
(7)
7169 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ
(8)
،
===
(1)
أي: مصلى الجنائز وهو البقيع، [انظر:"الكرماني"(24/ 213)].
(2)
ابن يزيد.
(3)
قوله: (رواه يونس
…
) إلخ، أراد البخاري بهذا أن هؤلاء خالفوا عقيلًا في الصحابي، فإنه جعل أصل الحديث من رواية أبي سلمة عن أبي هريرة، وقول ابن شهاب:"أخبرني من سمع جابر بن عبد الله [قال:] كنت فيمن رجم بالمصلى" وهؤلاء جعلوا الحديث كله عن جابر، ورواية يونس وصلها البخاري في "الحدود" (ح: 614)، وكذلك رواية معمر (ح: 6820)، "ف"(13/ 157)، "ع"(16/ 420).
(4)
ابن راشد.
(5)
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، [انظر:"العيني"(16/ 420)].
(6)
إشعار بعدم روايتهم الإقرار أربعًا، "ك"(24/ 213)، "ع"(16/ 420).
(7)
أي: عند الدعوى.
(8)
عروة.
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ
(1)
: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ
(2)
(3)
، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ
"زَيْنَبَ بْنَتِ أَبِي سَلَمَةَ" كذا في ذ، وفي نـ:"زينَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ". "أَنَا بَشَرٌ" في نـ: "أَنَا بَشَرٌ مثلكم".
===
(1)
اسمها: هند المخزومية أم المؤمنين.
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 2458).
(3)
قوله: (إنما أنا بشر) على معنى الإقرار على نفسه بصفة البشرية من أنه لا يعلم الغيب إلا ما علمه الله منه. قوله: "ألحن بحجته" يعني: أفطن لها وأجدل، وقال ابن حبيب: أنطق وأقوى، مأخوذ من قوله تعالى:{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30] أي: في منطق القول، وقيل: معناه أن يكون أحدهما أعلم بمواقع الحجج وأهدى لإيرادها. قال أبو عبيد: اللحن بفتح الحاء: النطق، وبالإسكان: الخطأ في القول. وذكر ابن سيده: لحن الرجل لحنًا: تكلم بلغته، ولحن [له] يلحن لحنًا: قال له قولًا يفهمه إياه ويخفي على غيره، وألحنه القول: أفهمه إياه، ولحنه [لحنًا]: فهمه، ورجل لحن: عالم بعواقب الكلام. قوله: "فأقضي نحو ما أسمع" فيه: أن الحاكم مأمور بأن يقضي بما يقر به الخصم عنده "ع"(16/ 420) و"ألحن" أي: أبلغ وأفطن وأعلم بحجته. و"قطعة من النار" لأن مآله إليها، وفيه أن البشر لا يعلم الغيب إلا أن يعلمه الله، وأنه يحكم بالظاهر وحكمه صلى الله عليه وسلم في مثل هذه لا يكون إلا صحيحًا؛ لأنه لا يحكم إلا بالبينة، كما هو مقتضى البينة وإن كانت خطأ. وفيه: أن حكم الحاكم لا ينفذ باطنًا ولا يحل حرامًا خلافًا للحنفية، "ك"(24/ 214)، وسيجيء الكلام عليه. والحجة للحنفية (برقم: 7181) إن شاء الله تعالى. فإن قيل: هذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم قد يُقَرُّ على الخطأ وقد أطبق الأصوليون على أنه لا يقر عليه. أجيب: بأنه فيما حكم بالاجتهاد، وهذا في فصل الخصومات بالبينة والإقرار والنكول، "مجمع"(4/ 486).
أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي على نَحْوِ مَا أَسْمَع، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيئًا فَلَا يَأخُذْه، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ". [راجع: 2458].
21 - بَابُ الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ
(1)
فِي وِلَايَتِهِ الْقَضاءَ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لِلْخَصْمِ
(2)
وَقَالَ شُرَيْحٌ
(3)
(4)
الْقَاضِي، وَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ الشَّهَادَةَ فَقَالَ: ائْتِ الأَمِيرَ حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ
(5)
(6)
: قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
"على نَحْوِ مَا أَسْمَعُ" كذا في حـ، ذ، وفي نـ:"نَحْوَ مَا أَسْمَعُ". "بِحَقِّ أَخِيهِ" في سـ، حـ، ذ:"من حَقِّ أَخِيهِ". "وِلَايَتِهِ الْقَضاءَ" في ذ: "وِلَايَةِ الْقَضَاءِ". "فَقَالَ: ائْتِ" في ذ: "قَالَ: ائْتِ".
===
(1)
قوله: (باب الشهادة تكون عند الحاكم
…
) إلخ، أي: إذا كان الحاكم شاهدًا للخصم الذي هو أحد المتحاكمين عنده، سواء تحملها قبل تولية للقضاء أو في زمان التولي هل له أن يحكم بها؟ اختلفوا في أن له ذلك أم لا؟ فلذلك لم يجزم بالجواب؛ لقوة الخلاف في المسألة، وإن كان آخر كلامه يقتضي اختيار أن لا يحكم بعلمه فيها، "ع"(16/ 421)، "ك"(24/ 214).
(2)
متعلق بالشهادة، "ك"(24/ 214).
(3)
ابن الحارث.
(4)
قوله: (قال شريح
…
) إلخ، وصله سفيان الثوري في "جامعه" عن عبد الله بن شبرمة عن الشعبي قال:"أشهد رجل شريحًا ثم جاء فخاصم إليه فقال: ائت الأمير وأنا أشهد لك"، "ف"(13/ 159).
(5)
مولى ابن عباس.
(6)
قوله: (قال عكرمة: قال عمر لعبد الرحمن
…
) إلخ، وصله
عَوْفٍ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَى حَدِّ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ وَأَنْتَ أَمِيرٌ فَقَالَ: شَهَادَتُكَ شهَادَةُ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ صَدَقْتَ. قَالَ عُمَرُ: لَوْلَا
(1)
أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ بِيَدِي. وَأَقَرَّ مَاعِزٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعًا بِالزِّنَا، فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ
"أَرْبَعًا بِالزِّنَا" في نـ: "بِالزِّنَا أَرْبَعًا".
===
الثوري أيضًا عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة به، ووقع في الأصل:"لو رأيت - بالفتح - وأنت أمير". وفي الجواب: "فقال: شهادتك"، ووقع في "الجامع" بلفظ:"أرأيت - بالفتح - لو رأيت - بالضم - رجلًا سرق أو زنى؟ قال: أرى شهادتك" وقال: "أصبت" بدل قوله: "صدقت"، وأخرجه ابن أبي شيبة (رقم: 8926) عن شريك عن عبد الكريم بلفظ: "أرأيت لو كنت القاضي أو الوالي وأبصرت إنسانًا على حد أكنت تقيمه عليه؟ قال: لا، حتى يشهد معي غيري، قال: أصبت، لو قلت غير ذلك لم تجده"، وهو بضم المثناة وكسر الجيم وسكون الدال من الإجادة، "ف"(13/ 159).
(1)
قوله: (قال عمر: لولا أن
…
) إلخ، قال المهلب: استشهد البخاري لقول عبد الرحمن بن عوف المذكور قبله بقول عمر هذا أنه كانت عنده شهادة في آية الرجم أنها من القرآن فلم يلحقها بنص المصحف بشهادته وحده، وأفصح بالعلة في ذلك بقوله:"لولا أن يقول [الناس]: زاد عمر في كتاب الله " فأشار إلى أن ذلك من قطع الذرائع، لئلا يجد حكام السوء السبيل إلى أن يدعوا العلم لمن أحبوا له الحكم بشيء، "ف"(13/ 159)، "ع" (16/ 421). قوله: "وأقر ماعز
…
" إلخ، أراد به الرد على من قال: لا يقضي بإقرار الخصم حتى يدعو بشاهدين يحضرهما إقراره، "ك" (24/ 215).
وَقَالَ حَمَّادٌ
(1)
: إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ رُجِمَ. وَقَالَ الْحَكَمُ
(2)
: أَرْبَعًا
(3)
.
7170 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيث، عَنْ يَحْيَى
(4)
، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ
(5)
مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ
(6)
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ: "مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَه، فَلَهُ سَلَبُهُ"
(7)
. فَقُمْتُ لأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِي، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي، فَجَلَسْت، ثُمَّ بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ إِلَى رِسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سِلَاحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِي يُذْكُرُ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنِّي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
"اللَّيْثُ" في ذ: "اللَّيثُ بن سعد". "يَحْيَى" في نـ: "يَحْيَى بن سعيد". "عَلَى قَتِيلِي "كذا في ذ، وفي نـ:"عَلَى قَتِيلٍ". "فَأَرْضِهِ" في نـ: "قَالَ: فَأَرْضِهِ". "مِنِّي" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"منه".
===
(1)
ابن سليمان، فقيه الكوفة.
(2)
ابن عتيبة، مصغر عتبة الدار، هو أيضًا فقيه الكوفة.
(3)
أي: لا يرجم حتى يقر أربع مرات، "ف"(13/ 159).
(4)
الأنصاري.
(5)
هو نافع.
(6)
اسمه الحارث الأنصاري الخزرجي، "ك"(24/ 215).
(7)
السلب بفتح اللام: مال مع القتيل من الثياب والأسلحة ونحوهما، "ع"(16/ 422)، "ك"(24/ 215).
كَلَّا، لَا تُعْطِهِ
(1)
أُصَيْبِغَ
(2)
مِنْ قُرَيْشٍ وَتَدَعُ
(3)
أَسَدًا
(4)
مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ
(5)
عَنِ اللَّهِ وَوَسُولِهِ. قَالَ: فَعَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَدَّاهُ إِلَيَّ
(6)
"أُصبْبغَ" في ذ: "أُضَيْبع". "فَعَلِمَ
(1)
" كذا في صـ، هـ، ذ، وفي مه: "فأمر"، وفي سـ، حـ، ذ: "فقام".
===
(1)
قوله: (لا تعطه أصيبغ) بإهمال الصاد وإعجام الغين وبالعكس، وعلى الأول: مصغر وتحقير له بوصفه باللون الردي، وعلى الثاني: تصغير الضبع على غير قياس، كأنه لما عظّم أبا قتادة بأنه أسد صغر هذا، وشبّهه بالضبع لضعف افتراسه. الخطابي: الأصيبغ بالصاد المهملة: نوع من الطير ونبات ضعيف. قوله: "منه خرافًا
…
" إلخ، الخراف بكسر الخاء المعجمة وخفة الراء: البستان. و"تأثلته" أي: اتخذته أصل المال واقتنيته. فإن قلت: أول القصة وهو طلب البينة يخالف آخرها حيث حكم بدونها؟ قلت: لا يخالف لأن الخصم اعترف بذلك مع أن المال لرسول الله صلى الله عليه وسلم له أن يعطي من شاء ويمنع من شاء، "ك" (24/ 215 - 216).
(2)
مفعول "لا تعطه".
(3)
بالرفع والنصب والجزم، "ك"(24/ 216).
(4)
أراد بالأسد أبا قتادة، "ك"(24/ 216).
(5)
صفة "أسدًا".
(6)
من هذا تؤخذ المطابقة للترجمة.
(1)
كذا في الهندية، وكذا نقل الحافظ وغيره، أما القسطلاني (15/ 150) فقال: وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني: "فحكم".
فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ. قَالَ عَبدُ اللَّهِ
(1)
عَنِ اللَّيْثِ: فَقَامَ النَّبِيُّ
(2)
صلى الله عليه وسلم فأَدَّاهُ إِلَيَ.
وَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ
(3)
: الْحَاكِمُ لَا يَقْضي بِعِلْمِهِ، شَهِدَ بِذَلِكَ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ قَبْلَهَا. وَلَوْ أَقَرَّ عِنْدَهُ خَصْمٌ آخَرُ بِحَقٍّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي عَليْهِ
(4)
فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، حَتَّى يَدْعُوَ بِشَاهِدَيْنِ فَيُحْضرَهُمَا
(5)
إِقْرَارَ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ
(6)
: مَا سَمِعَ أَوْ رَآهُ
(7)
فِي مَجْلِسِ الْقَضاءِ
"قَالَ عَبْدُ اللَّهِ" في هـ: "قَالَ لي عَبدُ اللَّهِ". "عِنْدَهُ خَصْمٌ آخَرُ" في نـ: "خَصْمٌ عِنْده لِآخَرَ".
===
(1)
هو ابن صالح الجهني كاتب الليث.
(2)
فوله: (فقام النبي صلى الله عليه وسلم) بدل علم. وفيه دلالة على أن الرواية السابقة متعينة أن يكون علم. ومرَّ الحديث في "غزوة حنين"(رقم: 4322)"كرماني"(24/ 216).
(3)
يعني: مالكًا ومن وافقه في هذه المسألة، "ع"(16/ 423).
(4)
هو قول ابن القاسم وأشهب، "ع"(16/ 423).
(5)
من الإحضار.
(6)
قوله: (قال بعض أهل العراق) أراد بهم أبا حنيفة ومن تبعه، وهو قول مطرف وابن الماجشون وأصبغ وسحنون من المالكية، وقال ابن التين: وجرى به العمل، ويوافقه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن سيرين قال:"اعترف رجل عند شريح بأمر ثم أنكره، فقضى عليه باعترافه، فقال: أتقضي عليّ بغير بينة؟ فقال: شهد عليك ابن أخت خالتك. يعني نفسه"،"ع"(16/ 423).
(7)
أي: الإمام أو القاضي.
قَضَى بهِ، وَمَا كَانَ فِي غَيْرهِ لَمْ يَقْضِ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ
(1)
: بَلْ يَقْضِي بِهِ
(2)
؛ لأنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَإِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَعْرِفَةُ الْحَقِّ، فَعِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنَ الشَّهَادَةِ. وَقَالطَ بَعْضُهُمْ
(3)
: يَقْضي بِعِلْمِهِ فِي الأَمْوَالِ، وَلَا يَقْضِي فِي غَيْرِهَا. وَقَالَ الْقَاسِمُ
(4)
: لَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ
"وَإنَّمَا" في هـ، ذ:"وأنه". "يُرَادُ" في نـ: "يُرَادُ به".
===
(1)
أي: من أهل العراق.
(2)
قوله: (بل يقضي به) أي: بما سمع أو رآه في مجلس القضاء أو غيره، وهو قول أبي يوسف ومن تبعه [و] وافقهم الشافعي، قال أبو علي الكرابيسي: قال الشافعي بمصر فيما بلغني عنه: إن كان القاضي عدلًا لا يحكم بعلمه في حد ولا قصاص إلا ما أقر به بين يديه، ويحكم بعلمه في كل الحقوق مما علمه قبل أن يلي القضاء أو بعد ما ولي، فقيد ذلك بكون القاضي عدلًا إشارة إلى أنه ربما ولي القضاء من ليس بعدل بطريق التغلب، "ف"(13/ 161).
(3)
قوله: (وقال بعضهم) أي: أهل العراق "يقضي بعلمه
…
" إلخ، هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف فيما نقله الكرابيسي عنه: إذا رأى الحاكم رجلًا يزني مثلًا لم يقض بعلمه حتى تكون بينة تشهد بذلك عنده، وهي رواية عن أحمد، قال أبو حنيفة: القياس أنه يحكم في ذلك كله بعلمه، ولكن أَدَعُ القياس وأستحسن أن لا يقضي في ذلك بعلمه، "فتح" (13/ 161).
(4)
قوله: (وقال القاسم) القاسم هذا كنت أظن أنه ابن محمد بن أبي بكر الصديق، أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة؛ لأنه إذا أطلق في الفروع الفقهية انصرف الذهن إليه، لكن رأيت في رواية عن أبي ذر أنه القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وهو الذي تقدم ذكره قريبًا في "باب الشهادة على الخط"، فإن كان كذلك فقد خالف أصحابَه الكوفيين،
أَنْ يَقْضِيَ قَضَاءً بِعِلْمِهِ
(1)
دُونَ عِلْمِ غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ عِلْمَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ
(2)
فِيهِ تَعَرُّضٌ لِتُهَمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِيقَاعًا
(3)
لَهُمْ فِي الظُّنُونِ، وَقَدْ كَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظَّنَّ فَقَالَ:"إِنَّمَا هَذِهِ صَفِيَّةُ"
(4)
.
[راجع: 2100].
7171 -
حَدَّثَنَا عَبدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ سعدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ
(5)
: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَتْهُ
(6)
صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَلَمَّا رَجَعَتِ انْطَلَقَ مَعَهَا، فَمَرَّ بِهِ رَجُلَانِ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَعَاهُمَا فَقَالَ:"إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ". فَقَالَا:
"أَنْ يَقْضِيَ" كذا في -، سـ، حـ، ذ، وفي هـ:"أَنْ يمضي". "وَلَكِنْ فِيهِ تَعَرُّضٌ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"وَلَكِنَّ فِيهِ تَعَرُّضًا". "عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" زاد في نـ: "الأويسي" - مصغر الأوس بالواو والمهملة -. "ابنُ سعدٍ" سقط في نـ. "فَقَالَا" في نـ: "قَالَا".
===
ووافق أهل المدينة في هذا الحكم، "ف"(13/ 161 - 162).
(1)
أي: إذا كان وحده عالمًا به لا غيره، "ف"(13/ 161).
(2)
بتخفيف "لكن" ورفع "تَعَرُّض" وفي نسخة بالتشديد ونصب تعرضًا، [انظر:"العيني"(16/ 424)].
(3)
بالنصب عطف على تعرضًا، أو منصوب على أنه مفعول [معه] والعامل فيه متعلق الظرف، "ع"(16/ 424).
(4)
هذا طرف من الحديث الذي وصله بعد هذا.
(5)
الملقب بزين العابدين، هو تابعي فالحديث مرسل.
(6)
ذكر هذا الحديث بيانًا لقوله في الأثر المذكور: "إنما هذه صفية"، "ع"(16/ 424).
سُبحَانَ اللَّهِ
(1)
، قَالَ:"إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ"
(2)
. رَوَاهُ شُعَيْبٌ
(3)
وَابْنُ مُسَافِرٍ
(4)
وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ
(5)
وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ صَفِيَّةَ
(6)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 2035].
22 - بَابُ أَمْرِ الْوَالِي إِذَا وَجَهَ أَمِيرَيْنِ إِلَى مَوْضِعٍ أَنْ يتَطَاوَعَا وَلَا يَتَعَاصَيَا
(7)
7172 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَقَدِيُّ
(8)
قَالَ:
"عَنْ عَلِيٍّ" زاد في نـ: "يعني ابن حسين". "وَلَا يَتَعَاصَيَا" في نـ: "ولا يتغاضبا".
===
(1)
قوله: (فقالا: سبحان الله) تعجبًا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الشيطان يوسوس فخفت أن يوقع في قلبكما شيئًا من الظنون الفاسدة فتأثمان به فقلته دفعًا لذلك، "ك"(24/ 217)"ع"(16/ 424).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 2035).
(3)
ابن أبي حمزة.
(4)
هو: عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، "ك"(24/ 217).
(5)
محمد بن عبد الله بن أبي عتيق الصديقي، "ك، (24/ 217).
(6)
فعلى هذا الحديثُ متصل، ولذا عقب البخاري بهذا.
(7)
بمهملتين وياء تحتانية، ولبعضهم بمعجمتين وموحدة، "ف"(13/ 162).
(8)
قوله: (حدثنا العقدي) هو عبد الملك بن عمرو بن قيس، ونسبته إلى العقد بفتحتين، وهم قوم من قيس وهم صنف من الأزد. و"سعيد بن أبي بردة" بضم الباء: عامر بن عبد الله بن قيس أبي موسى الأشعري. والحديث مرسل؛ لأن أبا بردة من التابعين، سمع أباه وجماعة آخرين من الصحابة، كان على
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ قَال: سَمِعْتُ أَبِي قَال: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبِي
(1)
وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إلَى الْيَمَنِ فَقَال: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا
(2)
وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا"
(3)
. فَقَال لَهُ أَبُو مُوسَى: إِنَّهُ يُصنَعُ بِأَرْضِنَا الْبِتْعُ. فَقَال: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ".
===
قضاء الكوفة فعزله الحجاج وجعل أخاه مكانه، مات سنة أربع ومائة، "ع" (16/ 425). قوله:"بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبي" القائل هو أبو بردة، وأبوه أبو موسى الأشعري. و"البتع" بكسر الموحدة وإسكان الفوقانية وبالمهملة هو: نبيذ العسل يتخذ منه مسكرًا، [انظر:"الكرماني"(24/ 219)].
(1)
مر الحديث بطوله (برقم: 4341).
(2)
أي: بما تطيب النفوس.
(3)
قوله: (وتطاوعا) أي: توافقا في الحكم ولا تختلفا؛ لأن ذلك يؤدي إلى اختلاف أتباعكما فيفضي إلى العداوة ثم المحاربة، والمرجع في الاختلاف إلى ما جاء في الكتاب والسُّنَّة، كما قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]. قال ابن بطال (8/ 247) وغيره: في الحديث الحض على الاتفاق لما فيه من إثبات المحبة والألفة والتعاون على الحق. وفيه جواز نصب القاضيين في بلد واحد فيقعد كل منهما في ناحية. وقال ابن العربي: كان النبي صلى الله عليه وسلم أشركهما فيما ولَّاهما، فكان ذلك أصلًا في تولية اثنين قاضيين مشتركين في الولاية. كذا جزم به. قال: وفيه نظر؛ لأن محل ذلك فيما إذا نفذ حكم كل منهما فيه، لكن قال ابن المنير: يحتمل أن يكون ولاهما ليشتركا في الحكم في كل واقعة، ويحتمل أن يكون لكل منهما عمل يخصه، والله أعلم كيف كان. وقال ابن التين: الظاهر اشتراكهما، لكن جاء في غير هذه الرواية أنه أمَّر كلًّا منهما على مخلاف، والمخلاف الكورة، وكان اليمن مخلافين. قلت: هذا هو المعتمد، وتقدم في "المغازي" (ح: 4341) أن كلًّا منهما إذا سار في عمله زار رفيقه، وكان عمل معاذ
وَقَالَ النَّضْرُ
(1)
وَأَبُو دَاوُدَ
(2)
وَيزِيدُ بْنُ هَارُونَ
(3)
وَوَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ
(4)
، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ
(5)
، عَنْ جَدِّهِ
(6)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 2261، أخرجه: م 1733، د 4356، س 5596، ق 3391، تحفة: 19560، 9086].
23 - بَابُ إِجَابَةِ الْحَاكِمِ الدَّعْوَةَ
وَقَدْ أَجَابَ عُثْمانُ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.
7173 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
(7)
،
"عَنْ سَعِيدٍ" في ذ: "عَنْ سَعيدٍ بن أبي بردة". "عُثْمَانُ" في نـ: "عُثْمَان بن عفَّان".
===
النجود وما تعالى من بلاد اليمن، وعمل أبي موسى التهائم وما انخفض منها، وعلى هذا فأمره صلى الله عليه وسلم لهما بأن يتطاوعا ولا يتخالفا محمول على ما إذا اتفقت قضية يحتاج الأمر فيها إلى اجتماعهما، ولا يلزم منه أن يكونا شريكين كما استدل به ابن العربي، "فتح"(13/ 163).
(1)
ابن شميل.
(2)
سليمان الطيالسي.
(3)
أشار بهذا التعليق إلى أن الحديث السابق رَفَعَه هولاء، "ع". (16/ 426).
(4)
ابن الحجاج.
(5)
أي: أبي بردة.
(6)
أبي موسى الأشعري.
(7)
القطان.
عَنْ سفْيَانَ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ
(2)
عَنْ أَبِي وَائِلٍ
(3)
، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فُكُّوا الْعَانِيَ
(4)
وَأَجِيبُوا الدَّاعِيَ"
(5)
.
[راجع: 3046].
24 - بَابُ هَدَايَا الْعُمَّالِ
7174 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(6)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن عُرْوَةَ قَالَ: أَخبَرَنَا أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ
(7)
قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ بَنِي أُسدٍ
(8)
- يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللتْبِيَّةِ - عَلَى
"عَن عُرْوَةَ" في نـ: "أنه سمع عن عُرْوَةَ". "بَنِي أَسْدٍ" في صـ: "بَنِي الأَسد". "ابْنُ الّلتْبِيَّةِ" كذا في صـ، كن، وفي صـ، ذ:"ابْنُ الأُتَبِيَّةِ".
===
(1)
الثوري.
(2)
ابن المعتمر.
(3)
شقيق بن سلمة.
(4)
أي: الأسير في أيدي الكفار، "ك" (24/ 218). مرَّ الحديث (برقم: 5174).
(5)
أي: إلى الطعام.
(6)
ابن عيينة.
(7)
اسمه عبد الرحمن.
(8)
قوله: (رجلًا من بني أسد) قيل: وقع ههنا بفتح الهمزة وسكون السين المهملة، ووقع في "الهبة" (ح: 2597): من بني الأزد، والسين يقلب زايًا. ووقع في رواية الأصيلي:"من بني الأسد" بالألف واللام. قوله: "ابن الأتبية" بضم الهمزة وسكون التاء المثناة من فوق وكسر الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف، ويقال: اللتبية بضم اللام وسكون التاء المثناة من
صَدَقَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ - قَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا
(1)
: فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ -، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَليْهِ ثُمَّ قَالَ
(2)
: "مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُه، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي. فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيتِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ
(3)
"فَيَأْتِي فَيَقُولُ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ:"فَيَأْتِي يَقُولُ". "أَوْ أُمِّهِ" في نـ: "وَأُمِّهِ".
===
فوق وبفتحها وبكسر الباء الموحدة، ووقع لمسلم باللام وهي اسم أمه. "الرغا" بضم الراء وبالغين المعجمة والمد: صوت البعير. و"الخوار" بضم الخاء المعجمة وتخفيف الواو: صوت البقرة، ويروى "جؤار" بضم الجيم وبالهمزة، هو رفع الصوت. قوله:"تيعر" على وزن تسمع وتضرب، ووقع عند ابن التين:"أو شاة لها يعار" بفتح التحتية وتخفيف المهملة، هو صوت الشاة الشديد، وقيل: بضم أوله: صوت المعز، يعرف العنز تيعر - بالفتح والكسر - إذا صاحت. قوله:"عفرة إبطيه" بضم العين المهملة وسكون الفاء، ويروى بفتح الفاء أيضًا بلا هاء، وهو البياض المخالط للحمرة ونحوه. قوله:"أذني" بلفظ المفرد، وفي بعضها بالمثنى، وذلك على مذهب من جوز حالاته الثلاث بالياء. قال النووي: معناه: أني أعلمه علمًا يقينًا لا أشك في علمي به، هذا ملتقط من "ع"(16/ 427 - 428)، "ف"(13/ 146 - 166)، "ك"(24/ 219).
(1)
أي قال مرة: "قام"، ومرَّ تارة "صعد"، "ع"(16/ 427)
(2)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم:6636، وبرقم: 2597).
(3)
أي: الذي عليه.
بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ". ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ:"أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ" ثَلَاثًا
(1)
.
وَقَالَ سُفْيَانُ
(2)
: قَصَّهُ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ. وَزَادَ
(3)
هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعَ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنِي، وَسَلُوا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ سَمِعَهُ مَعِي. وَلَمْ يَقُلِ
(4)
الزُّهْرِيُّ: سَمِعَ أُذُنِي.
خُوَارٌ: صَوْتٌ
(5)
، وَالْجُؤَارُ: مِنْ {يَجْأَرُونَ} كَصَوْتِ الْبَقَرَةِ. [راجع: 925].
"خُوَارٌ" في نـ: "جُؤَارٌ". "وَقَالَ سُفْيَانُ" في نـ: "قَالَ سُفْيَانُ". "أُذُنَايَ" في نـ: "أُذُنِي". "مَعِي" ثبت في ذ
(1)
. "خُوَارٌ: صَوْتٌ
…
" إلخ، ثبت في هـ.
===
(1)
أي: أعادها ثلاث مرات.
(2)
ابن عيينة.
(3)
هذا أيضًا من قول سفيان وليس تعليقًا من البخاري، "ع"(16/ 428)، "ف"(13/ 166).
(4)
هو أيضًا قول سفيان.
(5)
قوله: (خوار صوت
…
) إلخ، هذا من كلام البخاري، وقع هنا في رواية الكشميهني، هو بضم الخاء المعجمة وفسره بقوله: صوت. "والجؤار" بضم الجيم وبالهمزة، وأشار بقوله:"من {يَجْأَرُونَ} " إلى ما في سورة "قد أفلح": {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ} [المؤمنون: 64]، قال أبو عبيدة: أي: يرفعون أصواتهم كما يجأر الثور. والحاصل: أنه بالجيم وبالخاء المعجمة، بمعنى: إلا أنه بالخاء للبقر وغيرها من الحيوان، وبالجيم للبقر والناس، قال الله تعالى:{فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53].
(1)
وفي القسطلاني (15/ 157) هكذا: "سمعه معي"، ولأبي ذر:"سمع معي".
25 - بَابُ اسْتِقْضَاءِ المَوَالِي
(1)
وَاسْتِعْمَالِهِمْ
7175 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ: أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ
(3)
(4)
"قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ" لفظ "قَالَ" سقط في نـ، وفي نـ:"أخبرنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ". "أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ".
===
وفيه: أن ما أهدي إلى العمال وخدمة السلطان بسبب السلطنة أنه لبيت المال إلا أن الإمام إذا أباح له قبول الهدية لنفسه فهو يطيب له، كما قال عليه السلام لمعاذ:"قد طيبت لك الهدية" فقبلها معاذ، وأتى بما أهدي إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده قد توفي، فأخبر بذلك الصديق فأجازه، ذكره ابن بطال (8/ 248). وقال ابن التين: هدايا العمال رشوة وليست بهدية؛ إذ لولا العمل لم يهد إليه، "ع"(16/ 428) مختصرًا.
(1)
أي: توليتهم القضاء. "واستعمالهم" أي: على إمرة البلاد حربًا أو خراجًا أو صلاة، "ف"(13/ 168).
(2)
السهمي البصري.
(3)
ابن معقل.
(4)
قوله: (كان سالم
…
) إلخ، هو من أهل فارس وكان من فضلاء الموالي وخيار الصحابة وكبارهم، ويعدُّ في القراء. وكان يوم اليمامة اللواء بيمين سالم فَقُطِعت فأخذها بيساره فقطعت فاعتنقها حتى قُتِل رضي الله عنه. و"المهاجرين الأولين" هم الذين صلوا إلى القبلتين. وفي "الكشاف": هم الذين شهدوا بدرًا واستشكل عَدّ أبي بكر الصديق فيهم؛ لأنه إنما هاجر في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد وقع في حديث ابن عمر أن ذلك
مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ
(1)
يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ
(2)
وَأَصْحَابَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ
(3)
، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو سَلَمَةَ
(4)
وَزَيْدٌ
(5)
وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ
(6)
. [راجع: 692، تحفة: 7780].
26 - بَابُ الْعُرَفَاءِ لِلنَّاسِ
7176 و 7177 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ إبْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ
(7)
وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ
===
كان قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم. وأجاب البيهقي بأنه يحتمل أن يكون سالم استمرَّ يؤمهم بعد أن تحول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ونزل بدار أبي أيوب قبل بناء مسجده بها، فيحتمل أن يقال: فكان أبو بكر يصلي خلفه إذا جاء إلى قباء، كذا في "ع"(16/ 429)، "ك"(24/ 220)، "ف"(13/ 168).
(1)
ابن عتبة.
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 692) بمضمونه بعبارة أخرى.
(3)
ممدودًا ومقصورًا منصرفًا وغير منصرف.
(4)
الظاهر أنه ابن [عبد] الأسد المخزومي زوج أم سلمة أم المؤمنين، هاجر [إلى] الحبشة، "ك"(24/ 220)، "ع"(16/ 429).
(5)
أي: ابن حارثة، "ف"(13/ 168)، هو ابن الخطاب العدوي الأسدي من المهاجرين الأولين شهد المشاهد كلها، [انظر "الكرماني" (24/ 220)].
(6)
بفتح الواء هو صاحب الهجرتين، "ك"(24/ 220).
(7)
بفتحتين.
أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ حِينَ أَذِنَ لَهُمُ
(1)
الْمُسْلِمُونَ فِي عِتْقِ سَبْيِ هَوَازِنَ
(2)
: "إِنِّي لَا أَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمِ". فَرَجَعَ النَّاسُ
(3)
فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ
(4)
، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأخْبَرُوهُ أنَّ النَّاسَ قَدْ طَيَّبُوا
(5)
وَأَذِنُوا
(6)
.
[راجع: 2307، 2308].
"أَذِنَ لَهُمْ" في نـ: "أَذِنَ لَهُ". "أَذِنَ مِنْكُمْ" في هـ، ذ:"أَذِنَ فيكُمْ".
===
(1)
أي: للنبي صلى الله عليه وسلم ومن كان مساعدًا له في عتقهم، ويحتمل أن يكون الضمير لهوازن، ويروى "حين أذن له" بالإفراد وهو ظاهر، [انظر "الكرماني" (24/ 220)، و "العيني" (16/ 430)].
(2)
قبيلة.
(3)
مرَّ الحديث بطوله (برقم: 4318).
(4)
قوله: (عرفاؤهم) بالمهملة والفاء جمع عريف بوزن عظيم، وهو القائم بأمر طائفة من الناس، من عرفت - بالضم وبالفتح - على القوم أعرف بالضم فأنا عارف وعريف أي: وليت أمر سياستهم وحفظ أمورهم وسمي بذلك لكونه يتعرف أمورهم حتى يعرف بها من فوقه عند الاحتياج. قال ابن بطال (8/ 249): في الحديث مشروعية إقامة العرفاء؛ لأن الإمام لا يمكنه أن يباشر جميع الأمور بنفسه فيحتاج إلى إقامة من يعاونه ليكفيه ما يقيمه فيه، "فتح"(13/ 169) مختصرًا.
(5)
أي: تركوا السبايا بطيب قلوبهم، "ك"(24/ 221).
(6)
أي: في إعتاقهم وإطلاقهم، "ك"(24/ 221).
27 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ثَنَاءِ السُّلْطَانِ
(1)
، وَإِذَا خَرَجَ
(2)
قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ
7178 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ: قَالَ أُنَاسٌ لابْنِ عُمَرَ: إِنَّا نَدْخُلُ عَلَى سُلْطَانِنَا فَنَقُولُ لَهُمْ
(3)
بِخِلَافِ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ. قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ هَذَا نِفَاقًا
(4)
. [تحفة: 7427].
7179 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَة، حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكٍ
(5)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنْ شَرَّ
"مِنْ ثَنَاءِ السُّلْطَانِ" في نـ: "مِنَ الثَّنَاءِ على السُّلْطَانِ". "حَدَّثَنَا عَاصِمُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ". "بِخِلَافِ" كذا في ذ، وفي نـ:"خِلَاف". "نَعُدُّ هَذا" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"نَعُدُّهَا". "حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ".
===
(1)
الإضافة فيه إلى المفعول.
(2)
أي: من عنده.
(3)
أي: نثني عليهم.
(4)
قوله: (نفاقًا) لأنه إبطان أمر وإظهار أمر آخر، ولا يراد به أنه كفر بل إنه كالكفر، ولا ينبغي لمؤمن أن يثني على سلطان وغيره في وجهه وهو عنده مستحق للذم، ولا يقول بحضرته خلاف ما يقوله إذا خرج من عنده؛ لأن ذلك نفاق، كما قال ابن عمر، وقال فيه عليه السلام: "شر الناس ذو الوجهين
…
" الحديث؛ لأنه يظهر لأهل الباطل الرضا عنهم ويظهر لأهل الحق مثل ذلك ليرضى كل فريق منهم ويريه أنه منهم، "ع" (16/ 431).
(5)
بكسر المهملة وخفة الراء، ابن مالك الغفاري بكسر المعجمة وتخفيف الفاء، "ك"(24/ 221).
النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ
(1)
، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ".
[راجع: 3494، أخرجه: م 2526، تحفة: 14155].
28 - بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ
(2)
===
(1)
قوله: (ذو الوجهين) فإنَّ قلت: ما المراد بالوجهين؛ إذ لا يصح حمله على الوجه المشهور؟ قلت: هو مجاز عن الجهتين مثل المدحة والمذمة {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14] أي: شر الناس المنافقون. فإن قلت: هذا عام لكل نفاق، سواء كان كفرًا أم لا، فكيف يكون شرًا في القسم الثاني؟ قلت: هو للتغليظ أو للمستحل، أو المراد شر الناس عند الناس؛ لأن من اشتهر بذلك لا يحبه أحد من الطائفتين. قال المهلب: قيل: هو معارض لحديث ابن عمر الذي فيه: "بئس ابن العشيرة، ثم تلقاه بوجه طلق". وليس كذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل خلاف ما قاله أولًا إذ لم يقل بحضوره: نعم ابن العشيرة بل تفضل عليه بحسن اللقاء استئلافًا وكف بذلك أذاه عن المسلمين. ومنه أجاز العلماء التجريح والإعلام بما يعلم من سوء حال الرجل إذا خشي منه فسادًا، "ك"(24/ 221 - 222).
(2)
قوله: (باب القضاء على الغائب) أي: في حقوق الآدميين دون حقوق الله بالاتفاق، حتى لو قامت البينة على غائب بسرقة مثلًا حكم بالمال دون القطع. ولا مطابقة بين الترجمة وبين حديث الباب؛ لأنه لا حكم فيه على الغائب؛ لأن أبا سفيان كان حاضرًا في البلد، وأيضًا فإن الحديث استفتاء وجواب وليس بحكم؛ لأن الحكم له شروط. واحتجاج الشافعي ومن تبعه بهذا الحديث على جواز القضاء على الغائب غير موجه كما لا يخفى، "ع"(16/ 431 - 432).
قال ابن الهمام (7/ 308): ولا يقضي القاضي على غائب إلا أن يحضر من يقوم مقامه، وقال الشافعي: يجوز إذا كان غائبًا عن البلد أو فيها
7180 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانْ، عَنْ هِشَام بن عروة، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ هِنْدًا
(1)
قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ
(2)
، فَأَحْتَاجُ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ
(3)
. قَالَ: "خُذِي
(4)
مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ". [وأجع: 2211].
"حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ".
===
وهو مستتر، قولًا واحدًا، وهو قول مالك وأحمد؛ لأن فيه تضييع الحقوق لو لم يحكم، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم:"البينة على المدعي واليمين على من أنكر"، فاشتراط حضور الخصم زيادة عليه بلا دليل. ولنا قوله عليه السلام لعلي رضي الله عنه حين استقضاه على اليمن:"لا تقض لأحد الخصمين [بشيء] حتى تسمع كلام الآخر" رواه أبو داود والترمذي وهو حديث حسن، فعلم أن جهالة كلامه مانعة من القضاء، وذلك ثابت مع غيبته وغيبة من يقوم مقامه؛ ولأن حجية البينة على وجه يوجب العمل بها موقوف على عجز المنكر عن الدفع والطعن فيها، والعجز عنه لا يعلم إلا مع حضوره أو نائبه، انتهى مع تغير. قال في "فتح الباري" (13/ 172): إن أبا حنيفة عمل بذلك في الحكم على من عنده للغائب مال أن يدفع منه نفقة زوجة الغائب. أجاب العيني (16/ 432) بأن القاضي فيه لا يحكم على العائب بل يفرض [في] ماله المودع عند أحد، ولكن بشروط وهي أن يعلم القاضي بذلك المال وبالنكاح وباعتراف من كان المال عنده بالمال والنكاح، وتحليفه إياها بعدم النفقة وأخذ الكفيل منها.
(1)
زوجة أبي سفيان الأموي، "ك"(24/ 222).
(2)
أي: بخيل.
(3)
أي: بدون إذنه، "ك"(24/ 222).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 5364، وبرقم: 5359) في "النفقات".
29 - بَابُ مَنْ قُضِيَ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ
(1)
فَلَا يَأْخُذْهُ؛ فَإِنَّ قَضَاءَ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا يُحَرِّمُ حَلَالًا
===
(1)
قوله: (بحق أخيه) إنما ذكر بالأخوة باعتبار الجنسية؛ لأن المراد خصمه [وهو] أعم من أن يكون مسلمًا أو ذميًا أو معاهدًا أو مرتدًا؛ لأن الحكم في الكل سواء. قوله: "فإن قضاء الحاكم
…
" إلخ، هذا مذهب الشافعي وأحمد وأبي ثور وداود وسائر الظاهرية: أن كل ما قضى به الحاكم من تمليك مال أو إزالة ملك أو إثبات نكاح أو طلاق وما أشبه ذلك على ما حكم وإن كان في الباطن على ضد ما شهد به الشاهدان، وعلى خلاف ما حكم، بشهادتهما على الحكم الظاهر لم يكن قضاء القاضي موجبًا شيئًا من تمليك ولا تحليل ولا تحريم. [انظر "العيني" (16/ 432 - 433).
وقال في "فتح القدير"(7/ 306 - 307): وكل شيء قضى به القاضي في الظاهر بتحريمه في الباطن كذلك أي: هو عند الله حرام وإن كان الشهود الذين قضى بهم كذبة والقاضي لا يعلم ذلك، وكذا لو قضى بإحلال، وهذا عند أبي حنيفة، وهو مشروط بما إذا كانت الدعوى بسبب معين للحل والحرمة كالبيع والنكاح والطلاق؛ لأن القضاء إظهار لعقد سابق، ولا بد من عقد سابق فيها وإلا تقدم العقد اقتضاء لينقطع المنازعة من كل وجه؛ إذ لو لم يثبت الحل بينهما يكون هذا تمهيدًا للمنازعة لا قطعًا؛ ولأنه في صورة التفريق لو فرق بينهما بأمر الزوج نفذ ظاهرًا وباطنًا فبأمر الله أولى، والقاضي مأمور بذلك منه، ولما روي أن رجلًا ادعى على امرأة نكاحًا بين يدي علي رضي الله عنه وأقام شاهدين فقضى بالنكاح بينهما، فقالت: إن لم يكن [لي منه] بُدٌّ يا أمير المؤمنين فزوجني، فقال علي رضي الله عنه: شاهداك زوجاك. ولو لم ينعقد بينهما بقضائه لما امتنع علي رضي الله عنه من تجديد نكاح عند طلبها ورغبة الزوج فيها، هذا كله من "فتح القدير" و"الكفاية" و"النهاية" شروح "الهداية".
7181 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيز بْنُ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ
(1)
، عَنْ صَالِحٍ
(2)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ زيْنَبَ بِنْتَ أبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ
(3)
، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ، وَلَعَلَّ
(4)
"حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ". "زيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ" كذا في ذ، وفي نـ:"زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِي سَلَمَةَ". "وَلَعَلَّ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي نـ:"فَلَعَلَّ".
===
(1)
ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
(2)
ابن كيسان.
(3)
قوله: (إنما أنا بشر
…
) إلخ، البشر يطلق على الجماعة والواحد، يعني أنه منهم، والمراد أنه مشارك للبشر في أصل الخلقة، ولو زاد عليهم بالمزايا التي اختص بها في ذاته وصفاته، والحصر هنا مجازي؛ لأنه يختص بالعلم الباطن، ويسمى قصر قلب؛ لأنه أتى به رداً على من زعم أن من كان رسولاً فإنه يعلم كل غيب حتى لا يخفى عليه المظلوم، "ف"(13/ 173).
وقد ذكر في "شرح معاني الآثار" قوله: "إنما أنا بشر" أي: من البشر، ولا أدري باطن ما تتحاكمون فيه عندي وتختصمون فيه لديّ، وإنما أقضي بينكم على ظاهر ما تقولون، فإذا كان الأنبياء عليهم السلام لا يعلمون ذلك فغير جائز أن تصح دعوى غيرهم من كاهن أو منجم، وإنما يعلم الأنبياء من الغيب ما أُعلموا به بوجه من وجوه الوحي، "ع"(16/ 434).
(4)
استعمل لعل استعمال عسى، وبينهما معارضة، "ك"(24/ 223)، "ع"(16/ 434).
بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ
(1)
مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ
(2)
، فَأَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّمَا هِيَ
(3)
قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ
(4)
،
===
(1)
أي: أفصح في كلامه وأقدر على إظهار حجته، "ع"(16/ 434).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 6967).
(3)
الضمير للحكومة التي تقع بينكم على هذا الوجه يعني بحسب الظاهر، "ع"(16/ 434).
(4)
قوله: (فإنما هي قطعة من النار
…
) إلخ، تمسك بهذا الحديث الشافعية، والحنفية حملوه في الأملاك المرسلة أي: المطلقة عن تعيين سبب الملك بأن ادعى شيئًا ولم يعين سببه، وأيضًا أجابوا عن هذا الحديث بأن ظاهره يدل على أن ذلك مخصوص بما يتعلق بسماع كلام الخصم حيث لا بينة هناك ولا يمين، وليس النزاع فيه، وإنما النزاع في الحكم المرتب على الشهادة، وبأن "مَن" في قوله:"فمن قضيت له" شرطية وهي لا تستلزم الوقوع، فيكون من فرض ما لم يقع، وهو جائز فيما تعلق به غرض وهو هنا محتمل؛ لأن يكون للتهديد والزجر عن الأقدام على أخذ أموال الناس باللسن والإبلاغ في الخصومة، وهو وإن جاز أن يستلزم عدم نفوذ الحكم باطنًا في العقود والفسوخ لكنه لم يسق لذلك فلا يكون فيه حجة لمن منع، وبأن الاحتجاج به يستلزم أنه صلى الله عليه وسلم يُقَرّ على الخطأ؛ لأنه لا يكون ما قضى به قطعة من النار إلا إذا استمرَّ الخطأ، وإلا فمتى فرض أنه يطلع عليه فإنه يجب أن يبطل ذلك الحكم ويرد الحق لمستحقه، وظاهر الحديث يخالف ذلك، فإما أن يسقط الاحتجاج به ويؤول على ما تقدم، وإما أن يستلزم استمرار التقرير على الخطأ وهو باطل.
وتعقبه ابق حجر العسقلاني في "الفتح"(13/ 175 - 176) بأن الأول والثاني خلاف الظاهر، والثالث أن الخطأ الذي لا يقر عليه هو الحكم الذي صدر عن اجتهاده فيما لم يوح إليه فيه، وليس النزاع فيه وإنما النزاع في
فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا"
(1)
. [راجع: 2458].
7182 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِيْ وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ
(3)
سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ
(4)
وَلِيدَةِ
(5)
زَمْعَةَ
(6)
مِنِّي فَاقْبِضْهُ إلَيْكَ. فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْح أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ: إنَّ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِليَّ فِيهِ. فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ:
"إنّ أَخِي" في نـ: "ابْنُ أَخِي".
===
الحكم الصادر منه بناء على شهادة زور أو يمين فاجرة فلا يسمى خطأ للاتفاق على وجوب العمل بالشهادة وبالأيمان، وإلا لكان الكثير من الأحكام يسمى خطأ وليس كذلك. واحتجوا - أي: الحنفية - بأن الحاكم قضى بحجة شرعية فيما له ولاية الإنشاء فيه فجعل الإنشاء تحرزًا عن الحرام، والحديث صريح في المال، وليس النزاع فيه؛ فإن القاضي لا يملك دفع مال أحد إلى آخر، ويملك إنشاء العقود والفسوخ؛ فإنه يملك بيع أمة زيد حال خوف الهلاك للحفظ وحال الغيبة، ويملك إنشاء النكاح على الصغيرة والفرقة على العنين. مرَّ بعض تحقيقه (برقم: 7169، و 6967).
(1)
تخيير على سبيل التهديد؛ إذ معلوم أن العاقل لا يختار أخذ النار التي تحرقه، "ك"(24/ 223).
(2)
ابن أبي أويس.
(3)
أي: أوصى عند وفاته، "ك"(24/ 223).
(4)
اسم الابن عبد الرحمن، "ك"(24/ 223)، "ع"(16/ 435).
(5)
الوليدة الجارية، "ك"(24/ 223).
(6)
بسكون الميم وفتحها، "ك"(24/ 223).
أَخِي
(1)
وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا
(2)
إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ أَخِي
(3)
، كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَليدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ"
(4)
. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ
(5)
، وَلِلْعَاهِرِ
(6)
الْحَجَرُ"
(7)
. ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: "احْتَجِبِي مِنْهُ"
(8)
، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللهَ عز وجل. [راجع: 2053].
"قَالَ رَسُولُ اللهِ" في نـ: "وَقَالَ رَسُولُ اللهِ"، وفي نـ:"ثم قَالَ رَسُولُ اللهِ".
===
(1)
أي: هو أخي.
(2)
من التساوق وهو مجيء واحد بعد واحد، والمراد هنا: المنازعة، "ع"(16/ 435).
(3)
أي: هو ابن أخي.
(4)
قوله: (هو لك يا عبد بن زمعة) وجه إيراد هذا الحديث عقيب الحديث السابق أن الحكم بحسب الظاهر ولو كان في نفس الأمر خلاف ذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم حكم في أن ولدها لزمعة وإن كان في نفس الأمر ليس من زمعة، ولا يسمى ذلك خطأ في الاجتهاد، فيدخل هذا في معنى الترجمة، "ع"(16/ 435).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 6817، 6764، 6749، 4303 وغيرها).
(6)
أي: الزاني.
(7)
أي: الخيبة من الولد كما يقال: بفيه الحجر، وقيل: يراد به الحجر الذي يرجم به المحصن وليس بظاهر، "ع"(16/ 435).
(8)
أي: من الابن المتنازع فيه، وإنما قال ذلك تورعًا واحتياطًا، "ع"(16/ 435).
30 - بَابُ الْحُكْمِ فِي الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا
7183 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ
(1)
، عَنْ مَنْصُورٍ
(2)
وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ
(3)
قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ
(4)
: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ
(5)
، يَقْتَطِعُ
(6)
مَالًا وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ
(7)
، إِلَّا لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"
(8)
.
"حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ" في نـ: "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ". "أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ". "يَقْتَطِعُ" في نـ: "يَقْتَطِعُ بها".
===
(1)
أي: الثوري.
(2)
ابن المعتمر.
(3)
اسمه شقيق بن سلمة.
(4)
أي: ابن مسعود.
(5)
أي: يمين حبس الشخص عندها ليحلف عليه يعني لا يكون سهوًا منه، "ك"(24/ 224).
(6)
أي: يكتسب قطعة من المال لنفسه، "ك"(24/ 224).
(7)
أي: كاذب.
(8)
قوله: (وهو عليه غضبان) فإن قلت: الغضب غليان دم القلب لإرادة الانتقام ولا يصح على الله تعالى؟ قلت: أمثال هذه الإطلاقات يراد بها لوازمها أي: إرادة إيصال العقاب إليه. قوله: "وفي رجل خاصمته" اسم الرجل [المخاصم] الجفشيش بالحاء والجيم والخاء المنقوطة المفتوحة في الثلاثة وإسكان الفاء وكسر المعجمة الأولى وهو كندي أيضًا، "ك" (24/ 224). وقال في "المقدمة" (ص: 279): هو لقبه، واسمه: معدان. ذكره الطبراني وغيره.
فَأَنْزَلَ اللهُ
(1)
: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} الآية [آل عمران: 77].
[راجع: 2356].
7184 -
فَجَاءَ الأَشْعَثُ بنُ قَيسٍ وَعَبْدُ اللهِ يُحَدِّثُهُمْ فَقَالَ: فِيَّ نَزَلَتْ وَفِي رَجُلٍ خَاصَمْتُهُ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ ". قُلْتُ: لَا. قَالَ: "فَلْيَحْلِفْ". قُلْتُ: إِذَنْ يَحْلِفَ. فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} الآية [آل عمران: 77]. [راجع: 2357].
31 - بَابٌ الْقَضَاءُ
(2)
فِي قَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِه سواءٌ
"{بِعَهْدِ اللَّهِ} " زاد في نـ: " {وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ} ". "ابنُ قَيسٍ" ثبت في ذ. "فَلْيَحْلِفْ" في هـ، ذ:"فَيَحْلِفُ". "فِي قَلِيل الْمَالِ وَكثِيرِه" في نـ: "فِي كَثِيرِ الْمَالِ وَقَليلِهِ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 2356).
(2)
قوله: (باب القضاء
…
) إلخ، بتنوين باب، وقوله:"القضاء" مبتدأ وقوله: "سواء" خبره، هذا على رواية أبي ذو بإثبات قوله:"سواء"، وفي رواية غيرِه بحذف قوله:"سواء"، وإضافة الباب إلى القضاء في قليل المال وكثيره، كذا في "القسطلاني" (15/ 167). أي: لا فرق في الحكم بين الكثير والقليل؛ لأن كل ذلك مال، لكن الأقل من درهم لا يعد مالًا في العرف حتى لو قال: لفلان علي مال فإنه لا يصدق في أقل من درهم، كذا قاله العيني (16/ 436). قال ابن المنير: كأنه خشي غائلة التخصيص في الترجمة التى قبل هذه، فترجم بأن القضاء عام في كل شيء قَل أو جل، وكأنه أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من قال: إن للقاضي أن يستنيب بعض من يريد في بعض الأمور دون بعض، بحسب قوة معرفته ونفاذ كلمته في ذلك، وهو منقول عن بعض المالكية، أو على من قال: لا يجب اليمين إلا في قدر معين من المال،
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ
(1)
عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ
(2)
: الْقَضاءُ فِي قَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ سَوَاءٌ.
7185 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَلَبَةَ
(3)
خِصَامٍ
(4)
عِنْدَ بَابِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأتِينِي الْخَصْم، فَلَعَلَّ بَعْضًا أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْض، أَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ وَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ
(5)
فَإنَّمَا هىَ قطْعَةٌ منَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ ليَدَعْهَا".
[راجع: 2458].
"أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ"، في نـ:"قَالَ: أَخبَرَنَا شُعَيْبٌ". "فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ"، في هـ، ذ:"فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ". "أَقْضِي" في نـ: "فأقْضِي". "مِنَ النَّارِ" في سـ، حـ، ذ:"مِن نَارٍ".
===
ولا تجب في الشيء التافه، أو على من كان من القضاة لا يتعاطى الحكم في الشيء التافه - تَفِهَ تَفَهًا وتُفوهًا: قلّ وخس، "ق" (ص: 1145) -، بل إذا رفع إليه رده إلى نائبه مثلًا، قاله ابن المنير، قال: وهو نوع من الكبر، والأول أليق بمراد البخاري، "ف"(13/ 178 - 179).
(1)
سفيان.
(2)
هو عبد الله، قاضي الكوفة.
(3)
بفتح الجيم واللام: اختلاط الأصوات، "ك"(24/ 224).
(4)
يحتمل أنه مصدر لكن السياق يشعر بأنه جمع خصم، "ك"(24/ 225).
(5)
هذا محل المطابقة؛ لأن الحق [يتناول] القليل والكثير، "ع"(16/ 437).
32 - باب بَيْعِ الإِمَامِ
(1)
عَلَى النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَضِيَاعَهُمْ
(2)
وَقَدْ بَاعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ
(3)
.
"بَاعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " زاد في نـ: "مدبَّرًا" - سقط للحموي والمستملي، "قس"(15/ 169).
===
(1)
قوله: (باب بيع الإمام
…
) إلخ، قال ابن المنير: أضاف البيع إلى الإمام ليشير إلى أن ذلك يقع منه في مال السفيه أو في وفاء دين الغائب أو من يمتنع أو غير ذلك، ليتحقق أن للإمام التصرف في عقود الأموال في الجملة، "ف"(13/ 179)، "ع" (16/ 437). قوله:"وقد باع النبي صلى الله عليه وسلم"، قال ابن المنير: ذكر في الترجمة الضياع ولم يذكر إلا بيع العبد، فكأنه أشار إلى قياس العقار على الحيوان. قال المهلب: إنما يبيع الإمام على الناس أموالهم إذا رأى منهم سفهًا في أموالهم، وأما من ليس بسفيه فلا يباع عليه شيء من ماله إلا في حق يكون عليه، يعني إذا امتنع من أداء حق، لكن قصة بيع المدبر ترد على هذا الحصر. وقد أجاب عنها بأن صاحب المدبر لم يكن له مال غيره، فلما راه أنفق جميع ماله وأنه تعرض للتهلكة نقض عليه فعله، ولو كان لم ينفق جميع ماله لم ينقض فعله، كما قال للذي كان يخدع في البيوع:"قل: لا خلابة"، لأنه لم يفوت على نفسه جميع ماله، انتهى. فكأنه كان في حكم السفيه فلذلك باع عليه ماله، "ف"(13/ 179).
(2)
جمع الضيعة، وهي العقار، فهو من عطف الخاص على العام، "ك"(24/ 225).
(3)
قوله: (من نعيم بن النحام) نعيم مصغرًا وهو النحام؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: "سمعت "نحمة [مِن] نعيم" أي: سعلته في الجنة، فلفظ الابن زائد والمبيع هو مدبر، "ك" (24/ 225). "نحمة نعيم" بفتح النون أي: صوتًا، والنحيم صوت يخرج من الجوف، ورجل نحم، وبه سمي نعيم النحام، "مجمع" (4/ 691).
7186 -
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ
(1)
، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(2)
، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءٍ
(3)
، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
"حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ" في نـ: "حَدَّثَنِي ابْنُ نمَيْرٍ". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا محَمَّدُ". "حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ". "حَدَّثَنَا سَلَمَةُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ". "عَنْ جَابِرٍ" في نـ: "عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله".
===
قال النووي في "تهذيب الأسماء"(2/ 130 - 131): نعيم بضم النون، والنحام بفتح النون وتشديد الحاء المهملة، وهو نعيم بن عبد الله بن أسيد بن عوف بن عبيد بن عويج - بفتح العين فيهما - ابن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، وقيل له:"النحام"؛ للحديث المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دخلت الجنة فسمعت نحمة نعيم فيها" والنحمة بفتح النون: السعلة بفتح السين، وقيل: النحنحة الممدود آخرها، هذا هو الصواب أن نعيمًا هو النحام، ويقع في كثير من كتب الحديث نعيم بن النحام وهو غلط؛ لأن النحام وصف لنعيم لا لأبيه، قالوا: وأسلم نعيم قديمًا في أول الإسلام، وقيل: أسلم بعد عشرة أنفس، وقيل: بعد ثمانية وثلاثين قبل إسلام عمر بن الخطاب، وكان يكتم إيمانه وأقام بمكة فلم يهاجر إلا قبيل الفتح، ومنعه قومه لشرفه فيهم من الهجرة؛ لأنه كان ينفق على أرامل بني عدي وأيتامهم ويمونهم؛ فقالوا: أقم عندنا على أيّ دين شئت، فواللّه لا يتعرض إليك أحد إلا ذهبت أنفسنا جميعًا دونك، ثم هاجر عام الحديبية وشهد ما بعدها من المشاهد، واستشهد يوم اليرموك سنة 15 هـ في خلافة عمر، وقيل: استشهد يوم أجنادين سنة 13 هـ في خلافة أبي بكر رضي الله عنه.
(1)
هو محمد بن عبد الله بن نمير، "ع"(16/ 438).
(2)
ابن خالد.
(3)
ابن أبي رباح.
بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَجُلًا
(1)
مِنْ أَصحَابِهِ أَعْتَقَ غُلَامًا
(2)
عَنْ دُبُرٍ
(3)
، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُه، فَبَاعَهُ
(4)
بِثَمَانِي مِائَةِ دِرْهَمٍ
(5)
(6)
، تُمَّ أَرْسَلَ بِثَمَنِهِ إِلَيْهِ. [راجع: 2141، أخرجه: د 3955، س في الكبرى 5003، ق 2512، تحفة: 2416].
"غُلَامًا" في قتـ، ذ:"غُلَامًا له". "عَنْ دُبُرٍ" في هـ، ذ:"عَنْ دَيْنٍ". "بِثَمَانِي مِائَةِ دِرْهَمٍ" في نـ: "بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ".
===
(1)
هو المشهور بأبي مذكور.
(2)
اسمه يعقوب.
(3)
أي: علّق عتقه بعد موته. ووقع للكشميهني: "دين" بدل "دبر" وهو تصحيف، "ع"(16/ 438).
(4)
واسم المشتري نعيم، "ك"(24/ 225).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 2534).
(6)
قوله: (فباعه بثماني مائة درهم) فيه جواز بيع المدبر، وهو مذهب الشافعي. وأما عندنا - أي: الحنفية - لا يجوز بيع المدبر المطلق، وهو الذي عُلق عتقه بمطلق موت المولى. والمقيد هو الذي قال له المولى: إن مت في مرضي هذا مثلًا فأنت حر فبيعه جائز بالاتفاق. ولنا في المطلق قوله عليه السلام: "المدبر لا يباع ولا يوهب ولا يورث وهو حر من الثلث"؛ ولأن سبب الحرية انعقد في الحال لعدم الأهلية بعد الموت. والجواب عن هذا الحديث وغيره من استدلالات الشافعي: أنه لا شك أن الحر كان يباع في ابتداء الإسلام على ما روي: "أنه صلى الله عليه وسلم باع رجلًا يقال له: سرق في دَينه" ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]، ذكره في "الناسخ والمنسوخ"، فلم يكن فيه دلالة على جواز بيعه الآن بعد النسخ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وإنما يفيده استصحاب ما كان [ثابتًا] من جواز بيعه قبل التدبير؛ إذ لم يوجب زوال الوق عنه، ثم رأينا أنه صح عن عمر رضي الله عنه:"لا يباع المدبر ولا يوهب وهو حر من ثلث [المال] "، وقد رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن ضعف الدارقطني رفعه وصحح وقفه. وأخرج الدارقطني أيضًا عن علي بن ظبيان بسنده عن ابن عمر قال:"المدبر من الثلث" وضعف ابن ظبيان. والحاصل: أن وقفه صحيح وضعف رفعه، فعلى تقدير الرفع لا إشكال، وعلى تقدير الوقف لا يعارضه النص البتة؛ لأنه واقعة حال لا عموم لها، وإنما يعارضه لو قال عليه السلام: يباع المدبر. وإن قلنا بوجوب تقليده فظاهر، وعلى عدم تقليده يجب أن يحمل على السماع؛ لأن منع بيعه على خلاف القياس لما ذكرنا أن بيعه مستصحب برقه فمنعه مع عدم زوال رقيته وعدم الاختلاط بجزء المولى كما في أم الولد خلاف القياس فيحمل على السماع، فبطل ما قيل: حديث ابن عمر لا يصلح لمعارضة حديث جابر، وأيضًا ثبت عن أبي جعفر أنه ذكر عنده أن عطاء وطاوسًا يقولان عن جابر في الذي أعتقه مولاه عن دبر، الحديث، فقال أبو جعفر: شهدت الحديث من جابر: "إنما أذن في بيع خدمته" رواه الدارقطني عن عبد الغفار بن القاسم الكوفي عن أبي جعفر، وقال أبو جعفر: هذا وإن كان من الثقات الأثبات ولكن حديثه هذا مرسل. وقال ابن القطان: هو مرسل صحيح؛ لأنه من رواية عبد الملك بن أبي سليمان العزرمي وهو ثقة عن أبي جعفر، انتهى. فقد صرح أبو جعفر محمد الباقر الإمام بأنه شهد حديث جابر، وأنه إنما أذن في بيع منافعه، ولا يمكن لثقةٍ إمامٍ ذلك إلا بعلمه من جابر الراوي للحديث، هذا خلاصة ما حققه المحقق ابن الهمام، [انظر:"فتح القدير"(5/ 22 - 24)].
33 - بَابُ مَنْ لَمْ يَكْتَرِثْ
(1)
(2)
لِطَعْنِ مَنْ لَا يَعْلَمُ فِي الأُمَرَاءِ
7187 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا
(3)
وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ
(4)
أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطُعِنَ
(5)
فِي إِمَارَتِهِ، وَقَالَ: "إِنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ
(6)
فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ
(7)
فِي إِمَارَةِ
"لِطَعْنِ" كذا في ذ
(1)
، وفي نـ:"بِطَعْنِ". "الأُمَرَاءِ" في نـ: "الإمام". "يَقُولُ" في ذ: "قَالَ". "وَقَالَ" في ذ: "فَقَالَ".
===
(1)
أي: لم يبال ولم يعتد به، "ك"(24/ 226).
(2)
قوله: (من لم يكترث
…
) إلخ، أصله من الكرث وهو المشقة، ولا يستعمل إلا في النفي، واستعماله في الإثبات شاذ. ومعنى هذه الترجمة أن الطاعن إذا لم يعلم حال المطعون عليه فرماه بما ليس فيه لا يعبأ بذلك الطعن ولا يعمل به، "ع"(16/ 438)، "ف"(13/ 180).
(3)
أي: جيشًا.
(4)
أي: جعل أميرًا عليهم، "ع"(16/ 438).
(5)
بصيغة المجهول.
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 4469) في أواخر "المغازي".
(7)
قوله: (فقد كنتم تطعنون
…
) إلخ، فإن قلت: قال النحاة: الشرط سبب للجزاء مقدم عليه وههنا ليس كذلك؟ قلت: يؤول مثله بالإخبار عندهم أي: إن طعنتم فيه فأخبركم بأنكم طعنتم من قَبْلُ في أبيه، ويلازمه عند البيانيين أي: إن طعنتم فيه تأثمتم بذلك لأنه لم يكن حقًا، والغرض أنه كان خليقًا بالإمارة لما ظهر من كفايته
(1)
عزا القسطلاني وغيره إلى أبي الوقت (15/ 170).
أَبِيهِ
(1)
مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ
(2)
اللهِ إِنْ
(3)
كَانَ خَلِيقًا
(4)
لِلإِمْرَةِ
(5)
(6)
، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ". [راجع: 3730، تحفة: 7217].
"خَلِيقًا" في نـ: "لخَلِيقًا". "لِلإِمْرَةِ" في هـ، ذ:"لِلإِمَارَةَ".
===
وتفصيه عن عهدتها فكذا هذا، فلا اعتبار لطعنكم ولا اكتراث به، "ك"(24/ 226).
(1)
أي: زيد.
(2)
وهمزته للوصل.
(3)
مخففة.
(4)
أي: مستحقًّا، بدون اللام، وجوزه ابن مالك، وهذا من جملة أدلته، "ك"(24/ 226).
(5)
أي: للإمارة.
(6)
قوله: (إن كان لخليقًا للإمرة) فإن قلت: قد طُعِن على أسامة وأبيه ما ليس فيهما ولم يعزل الشارع واحدًا منهما بل بَيَّن فضلهما، ولم يعمل عمر بن الخطاب بهذا الحديث عند القول في سعد وعزله حين قذفه أهل الكوفة بما هو بريء منه. قلت: عمر رضي الله عنه لم يعلم من مغيب أمر سعد كعلم الشارع من مغيب أمر زيد وابنه، يعني: كان سبب عزله قيام الاحتمال، أو رأى عمر أن عزل سعد أسهل من فتنة يثيرها من قام عليه من أهل الكوفة، وقد قال عمر: ما عزلت سعدًا لضعف ولا خيانة. وقيل: قطع النبي صلى الله عليه وسلم بسلامة العاقبة في إمرة أسامة وأبيه فلم يلتفت لطعن من طعن، وأما عمر فسلك سبيل الاحتياط لعدم قطعه بمثل ذلك، "ع"(16/ 439)، "قس"(15/ 171)، "ف"(13/ 180).
34 - بَابٌ الأَلَدُّ الْخَصِمُ
وَهُوَ الدَّائِمُ فِي الْخُصُومَةِ
(1)
. {لُدًّا
(2)
}: عُوجًا.
7188 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
(3)
، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
(4)
قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ
(5)
أَبِي مُلَيْكَةَ
(6)
يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَبْغَضُ الرِّجَالِ
(7)
إِلَى اللهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ"
(8)
.
[راجع: 2457].
"{لُدًّا}: عُوجًا" في هـ، ذ:"أَلَدُّ أَعْوَجُ". "حَدَّثَنَا يَحْيَى" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى".
===
(1)
أي: الذي لا يرجع إلى الحق، "ك"(24/ 226).
(2)
قال تعالى: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} [مريم: 97]، أي:"عوجًا"، جمع الأعوج، "ك"(24/ 226).
(3)
القطان.
(4)
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، "ع"(16/ 439).
(5)
عبد الله.
(6)
اسمه زهير.
(7)
قوله: (أبغض الرجال
…
) إلخ، قال الكرماني: الأبغض هو الكافر، ثم قال: معناه: أبغض الكفار الكافر المعاند، أو أبغض الرجال المخاصمين، قيل: المعنى الثاني هو الأصوب وهو أعم من أن يكون كافرًا أو مسلمًا، "ع"(16/ 439 - 440).
(8)
مرَّ الحديث (برقم: 2457) في "المظالم".
35 - بَابٌ إذَا قَضَى الْحَاكِمُ
(1)
بِجَوْرٍ
(2)
أَوْ خِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فهُوَ رَدٌّ
7189 -
حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْن عُمَرَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَالِدًا. ح وَحَدَّثَنِي نعَيْمٌ
(3)
، أَخبَرَنَا عَبْدُ اللهِ
(4)
، أَخبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
"بَابٌ" زاد قبله في نـ: "بسم الله الرحمن الرحيم". "حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ" في نـ: "حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ". "أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ". "وَحَدَّثَنِي نُعَيْمٌ" في ذ: "وَحَدَّثَنِي أبو عبد الله نعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ"، وفي نـ:"قال أبو عبد الله: وَحَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ"، وفي نـ:"وَحَدَّثَنِي نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ". "أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ" في ذ: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ". "أخبَرَنَا مَعْمَرٌ" في نـ: "قَالَ: أَخبَرَنَا مَعْمَرٌ".
===
(1)
قوله: (باب إذا قضى الحاكم
…
) إلخ، أي: إذا قضى الحاكم بجور، أو قضى بحكم يخالف أهل العلم، فإن كان على وجه الاجتهاد والتأويل كما صنع خالد بن الوليد على ما يأتي فإن الأثم فيه ساقط، والضمان لازم في ذلك عند عامة أهل العلم إلا أنهم اختلفوا فيه، فقالت طائفة: إذا أخطأ في حكمه في قتل أو جرح فدِيَةُ ذلك في بيت المال، كذا عند الثوري وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق. وعند الأوزاعي ومحمد وأبي يوسف والشافعي على عاقلته، "ع"(16/ 440).
(2)
أي: بظلم.
(3)
ابن حماد الرفاء - بتشديد الفاء - المروزي الأعور، امتحن في القرآن وقُيِّد فمات بسامرا محبوسًا سنة 229 هـ، "ك"(24/ 227).
(4)
ابن المبارك.
عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ
(1)
إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ
(2)
(3)
فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا. فَقَالُوا: صَبَأْنَا
(4)
صَبَأْنَا
(5)
. فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَه، وَأَمَرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَسِيرَه، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ. فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْكَ
(6)
"عَنْ أَبِيهِ" في نـ: "عَنِ ابن عُمر". "وَأَمَرَ" في نـ: "فَأَمَرَ".
===
(1)
الملقب بسيف الله.
(2)
أي: داعيًا لهم إلى الإسلام لا مقاتلًا، فدعاهم إلى الإسلام، "قس"(15/ 172).
(3)
بفتح الجيم وكسر الذال: قبيلة من عبد قيس، [انظر "الكرماني" (24/ 227)].
(4)
صبأ الرجل: إذا خرج من دين إلى دين، "ك"(24/ 227)، "ع"(16/ 441).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 4339).
(6)
قوله: (إني أبرأ إليك
…
) إلخ، من هذا تؤخذ المطابقة للترجمة أي: من قوله: "أبرأ إليك مما صنع خالد" يعني من قتله الذين قالوا: صبأنا، قبل أن يستفسرهم عن مرادهم بذلك القول؛ فإن فيه إشارة إلى تصويب فعل ابن عمر ومن تبعه في تركهم متابعة خالد على قتل من أمرهم بقتلهم من المذكورين. وقال الخطابي [الأعلام (3/ 176)]: الحكمة في تبرئته [صلى الله عليه وسلم] من فعل خالد مع كونه لم يعاقبه على ذلك لكونه مجتهدًا أن يعرف أنه لم يأذن له في ذلك خشية أن يعتقد أحد أنه كان بإذنه، ولينزجر غير خالد بعد ذلك عن مثل فعله، انتهى. "ع"(16/ 440)، "ف"(13/ 182).
مِمَّا صَنَعَ
(1)
خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ" مَرَّتَيْنِ. [راجع: 4339].
36 - بَابُ الإِمَامِ يَأْتِي قَوْمًا فَيُصْلِحُ بَينَهُمْ
7190 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ
(2)
، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِم الْمَدَنِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: كَانَ قِتَالٌ بَينَ بَنِي عَمْرٍو
(3)
، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَتَاهُمْ يُصْلِحُ بَينَهُمْ، فَقَالَ: يَا بِلالُ إِنْ حَضَرَتِ الصَّلاةُ وَلَمْ آتِكَ فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنّاسِ، فَلَمَّا حَضرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَأَذَّنَ
(4)
بِلَالٌ وَأَقَامَ وَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ
"فَيُصْلِحُ" في هـ، ذ:"لِيُصْلِحَ". "حَدَّثَنَا حَمَّادُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ". "حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ". "المدني" كذا في ذ، وفي نـ:"الْمَدِينِي".
===
(1)
من العجلة في قتلهم وترك التثبت في أمرهم، "ك"(24/ 227)، "ع"(16/ 441).
(2)
اسمه محمد بن الفضل.
(3)
قبيلة.
(4)
قوله: (فأذَّنَ) فإن قلت: هذا ليس محل الفاء، سواء كان "لمَّا" شرطية أو ظرفية. قلت: جزاؤه محذوف وهو: "جاء المؤذّن"، والفاء للعطف عليه. قوله:"فشق الناس" فإن قلت: جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التخطي؟ قلت: ليس هذا من المنهي عنه؛ لأن الإمام مستثنى من ذلك، لا سيما الشارع إذ ليس لأحد التقدم عليه؛ ولأنه ليس حركة من حركاته إلا ولنا فيها مصلحة وسنة نقتدي بها. قوله:"مشى القهقرى" وهو نوع من المشي وهو الرجوع إلى خلف. قوله: "لم يكن لابن أبي قحافة" بضم القاف وخفة المهملة وبالفاء، وهو كنية والد أبي بكر، واسمه عثمان التيمي أسلم عام
فَتَقَدَّمَ، وَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأَبُو بَكْر فِي الصلَاةِ، فَشَقَّ النَّاسَ حَتَّى قَامَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَتَقَدَّمَ فِي الصَّفِّ
(1)
الَّذِي يَلِيهِ. قَالَ: وَصَفَّحَ الْقَوْم، قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْرُغ، فَلَمَّا رَأَى التَّصْفِيحَ
(2)
لَا يُمْسَكُ
(3)
عَلَيهِ الْتَفَتَ فَرَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَلْفَه،
"لَا يُمْسَكُ عَلَيْهِ" في نـ: "لَا يُمْسَكُ عَنْه".
===
الفتح وعاش إلى خلافة عمر. وإنما قال هذا - ولم يقل: لي أو لأبي بكر - تحقيرًا لنفسه واستصغارًا لمرتبته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: "رابكم" أي: سنح لكم حاجة، وفي بعضها:"نابكم" أي: أصابكم. قوله: "فليسبح" أي: ليقل: سبحان الله، "ك"(24/ 228)، "ع"(16/ 441)، "قس"(15/ 174).
قوله: "وليصفح النساء" التصفيح: هو التصفيق، وهو ضرب صفحة الكَفِّ على صفحة الكف، وقيل: هو بالحاء: الضرب بظاهر إحدى اليدين على الأخرى، وبالقاف: بباطنها على باطن الأخرى، وقيل: بالحاء: الضرب بالأصبعين للإنذار والتخويف والتنبيه، وبالقاف: بجميعها للهو واللعب، "مجمع" (3/ 328). قال ابن المنير: فقه الترجمة: التنبيه على جواز مباشرة الحاكم الصلحَ بين الخصوم، ولا يعد ذلك تصحيفًا في الحكم، وعلى جواز ذهاب الحاكم إلى موضع الخصوم للفصل بينهم، إما عند عظم الخطب وإما ليكشف ما لا يحاط به إلا بالمعاينة، ولا يعد ذلك تخصيصًا ولا تمييزًا ولا وهنًا، "ف"(13/ 183).
(1)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 684) في "كتاب الصلاة".
(2)
التصفيح: التصفيق، وهو التصويت باليد، "ك"(24/ 228).
(3)
بلفظ المجهول.
فَأَوْمَى إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بيَدِه أَنِ امْضِهْ
(1)
وَأَوْمَى بِيَدِهِ هَكَذَا
(2)
، وَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ هُنَيَّةً
(3)
يَحْمَدُ اللهَ
(4)
عَلَى قَوْلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ مَشَى الْقَهْقَرَى، فَلَمَّا رَأَىَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ تَقَدَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ:"يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ إِذْ أَوْمَأْتُ إِلَيْكَ أَنْ لَا تَكُونَ مَضَيْتَ؟ "
(5)
. قَالَ: لَمْ يَكُنْ لابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَؤُمَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ لِلْقَوْمِ: "إِذَا رَابَكُمْ أَمْرٌ، فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَال، وَلْيصَفِّحِ النِّسَاءُ".
قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ
(6)
: لَمْ يَقُلْ هَذا الْحَرفَ غَيرُ حَمَّادٍ: يَا بِلَالُ مُرْ أَبَا بَكْرٍ. [راجع: 684، أخرجه: د 941، س 793، تحفة: 4669].
"فَأَوْمَى" في نـ: "فَأوْمَأَ". "وَأَوْمَى" في نـ: "وَأَوْمَأ". "يَحْمَدُ اللهَ" في هـ، ذ:"فَحَمِدَ الله". "فَصَلَّى بِالنَّاسِ" في نـ: "فَصَلَّى النِّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالناسِ". "رَابَكُمْ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"نَابَكُمْ". "وَلْيُصفِّحِ" في نـ: "وَلْتُصَفِّحِ".
===
(1)
أمر من الأمضاء، وهو الإنفاذ. والهاء للسكتة، "ك"(24/ 228)، "ف"(13/ 182).
(2)
أي: مشيرًا بالمكث في مكانه، "ك"(24/ 228).
(3)
مصغر الهنة، أصلها الهنوة أي: زمانًا يسيرًا، "ك"(24/ 228).
ويروى: "هُنَيهَة" بإبدال الياء هاء، "ق" (ص: 1235).
(4)
المستفاد من الإشارة بالإمضاء والمكث في المكان، "ك"(24/ 228)، "مجمع"(5/ 189).
(5)
أي: نفذتَ.
(6)
أي: البخاري.
37 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْكَاتِبِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا عَاقِلًا
(1)
7191 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ
(2)
أَبُو ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ
(3)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيدِ بْنِ السَّبَّاقِ
(4)
، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ لِمَقْتَلِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ
(5)
وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
"مَا يُستَحَبُّ" لفظ "ما" سقط في نـ. "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ" في نـ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ". "حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ". "لِمَقْتَلِ" في حـ، ذ:"مَقْتَلَ".
===
(1)
قوله: (عاقلًا) أي: لا يكون مغفّلًا مثل بعض قضاة مصر، - المغفَّل كَمُعَظَّم: من لا فطنة له، "ق" (ص: 957) -؛ لأن المغفل يخدع ويضيع حقوق الناس ولا سيما إذا كان لا يميز بين كلام بعض الخداعين الأكالين أموال الناس المفسدين، وعن الشافعي رحمه الله: ينبغي لكاتب القاضي أن يكون عاقلًا لئلا يخدع، ويحرص على أن لا يكون فقيهًا ليؤمن من جهالته، "ع"(16/ 442).
(2)
مولى آل عثمان رضي الله عنه، "تقريب" (رقم: 6110).
(3)
ابن إبراهيم [بن سعد] بن عبد الرحمن بن عوف، "ع"(16/ 443).
(4)
الثقفي.
(5)
قوله: (لمقتل أهل اليمامة
…
) إلخ، اليمامة بتخفيف الميم الأولى: جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام، وبلاد الجون منسوبة إليها وهي من اليمن، وفيها قُتِل مسيلمة الكذاب، وقُتل من القراء سبعون أو سبعمائة. قوله:"استحر" أي: اشتد وكثر، "ك" (24/ 229). قال في "المجمع" (1/ 471): استحر استفعل من الحر: الشدة، وهذا حين بعث أبو بكر خالد بن الوليد مع جيش إلى اليمامة فقاتلهم بنو حنيفة قتالًا شديدًا
إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بقُرَّاءِ الْقُرْآنِ فِي الْمَوَاطِنِ كُلَّهَا، فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَإِنِّي أَرَى
(1)
أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ
(2)
: كَيفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي
(3)
فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ. قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْر: وَإِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَتَبَّعِ
(4)
الْقُرْآنَ وَاجْمَعْهُ. قَالَ زيدٌ: فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ
(5)
"أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ" في نـ: "أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ". "وَاجْمَعْهُ" في نـ: "فَاجْمَعْهُ".
===
وقتل من القراء سبعمائة ومن غيرهم خمسمائة، ثم فتح وقتل مسيلمة. "وأخشى إن يستحرّ القتل" إن شرطية ومفعول أخشى محذوف، أو مصدرية مفعوله قوله:"خير" يحتمل أن يكون أفعل التفضيل وأن لا يكون. فإن قلت: كيف يكون فعلهم خيرًا مما كان في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: يعني هو خير في زمانهم، وكذا الترك كان خيرًا في زمانه لعدم تمام النزول واحتمال النسخ، فلو جمعت بين الدفتين وسارت به الركبان إلى البلدان ثم يُنسَخ لأدّى ذلك إلى اختلاف عظيم، "ك"(24/ 229 - 230).
(1)
من الرأي، "لم".
(2)
أي: لعمر رضي الله عنه.
(3)
راجعه الكلام: عاوده، "ق" (ص: 665).
(4)
أمر من التفعل أي: بالغ في تحصيله عن المواضع المتفرقة، "مر"(4/ 726).
(5)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 4679).
مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا كَلَّفَنِي مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلَانِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ يُحِبُّ مُرَاجَعَتِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَيَا، فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ
(1)
(2)
"يُحِبُّ" في نـ: "يَحُثُّ" - بالمثلثة بعد المهملة المضمومة، ولأبي ذر: بالموحدة بدل المثلثة وضم أوله، "قس"(15/ 177) -.
===
(1)
جمع عسيب وهو جريدة النخل، وأكثر ما يقال إذا يبست، وإن كانت رطبة فشطبة، قال السيوطي: كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض، "لمعات".
(2)
قوله: (من العسب) جمع عسيب، وهو جريد النخل إذا نزع منه الخوص - الخوص بالضم: ورق النخل، الواحدة بهاء، والخوّاص: بائعه، أخوصت النخلة: أخرجته، "ق" (ص: 570) -. "واللخاف" بالمعجمة جمع اللخفة: الحجر الأبيض، وقيل: الخزف. و"خزيمة" مصغر الخزمة بالمعجمة والزاي، ابن ثابت الأنصاري، وأبو خزيمة هو ابن أوس، والشك من الراوي. فإن قلت: مرَّ في "باب جمع القرآن" أن الآية التي مع خزيمة: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} من سورة الأحزاب؟ قلت: آية التوبة كانت عند النقل من العسب إلى الصحف، وآية الأحزاب عند النقل من الصحيفة إلى المصحف. فإن قلت: كليف ألحقها بالقرآن وشرطه التواتر؟ قلت: معناه: لم أجدها مكتوبة عند غيره. فإن قلت: لما كان متواترًا فما هذا التتبع؟ قلت: للاستظهار لا سيما وقد كُتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وليعلم هل فيها قراءة أخرى أم لا؟ فإن قلت: فما وجه ما اشتهر أن عثمان هو جامع القرآن؟ قلت: الصحف كانت مشتملة على جميع أحرفه ووجوهه التي نزل بها
وَالرِّقَاعِ
(1)
وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، فَوَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} إِلَى آخِرِهَا [التوبة: 128 - 129] مَعَ خُزَيْمَةَ أَوْ أَبِي خُزَيْمَةَ فَأَلْحَقْتُهَا فِي سُورَتِهَا، وَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أبِي بَكْرٍ حَيَاتَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصةَ بِنْتِ عُمَرَ.
قَالَ مُحَمَّدُ
(2)
بْنُ عُبَيْدِ اللهِ
(3)
: اللِّخَافُ يَعْنِي الْخَزَفَ.
"مَعَ خُزَيْمَةَ" في نـ: "مَعَ خُزَيْمَةَ بن ثابت". "وَكَانَتِ الصحُفُ" في هـ، ذ:"فَكَانَتِ الصُّحُفُ".
===
فجرَّد عثمان اللغة القرشية منها، أو كانت صحفًا فجعلها مصحفًا واحدًا جَمعَ الناسَ عليه، وأما الجامع الحقيقي سورًا وآيات فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي، "ك" (24/ 230). والغرض من الحديث قول أبي بكر لزيد:"إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك". وحكى ابن بطال (8/ 264) عن المهلب في هذا الحديث: أن العقل أصل الخلال المحمودة؛ لأنه لم يصف زيدًا بأكثر من العقل وجعله سببًا لائتمانه ورفع التهمة عنه. قلت: وليس كما قال؛ فإن أبا بكر ذكر عقب الوصف المذكور: "وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم " فمن ثم اكتفى بوصفه بالعقل لأنه لو لم تثبت أمانته وكفايته وعقله لما استكتبه النبيُّ صلى الله عليه وسلم الوحيَ، وإنما وصفه بالعقل وعدم الاتهام دون ما عداهما إشارة إلى استمرار ذلك له، وإلا فمجرد قوله:"لا نتهمك" مع قوله: "عاقل" لا يكفي في ثبوت الأمانة والكفاية، فكم من بارعٍ في العقل والمعرفة وُجدَتْ منه الخيانة، "ف"(13/ 183 - 184).
(1)
جمع رقعة، وهي قد تكون من جلد رقيق أو كاغذ، "لم".
(2)
هو شيخ البخاري الذي روى عنه هذا الحديث، "ف"(13/ 183).
(3)
بالتصغير.
[راجع: 2807، أخرجه: ت 3103، س في الكبرى 8002، تحفة: 6594، 3729، 10439].
38 - بَابُ كتَاب الْحَاكمِ إِلَى عُمَّالِهِ
(1)
، وَالْقَاضِي إِلَى أُمَنَائِهِ
(2)
7192 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي لَيلَى
(3)
. ح وَحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي لَيْلَى بْنِ
"أَخْبَرَنَا مَالِكٌ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ". "وَحَدَّثَنِي" ثبتت الواو في صـ، ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنَا"[في "قس": ولأبي ذر والأصيلي: "وحدثنا"].
===
(1)
جمع عامل، وهو الذي يولِّيه الحاكم على بلد لجمع خراجها، أو زكاتها، أو الصلاة بأهلها، أو التأمير على جهاد عدوها، "ع"(16/ 443).
(2)
جمع أمين، وهو الذي يولِّيه القاضي في ضبط أمور الناس، "ع"(16/ 444)، "ف"(13/ 184).
(3)
قوله: (عن أبي ليلى) بفتح اللامين مقصورًا: ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل بن أبي حثمة، وقيل: أبو ليلى هو عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل، وقيل: لم يرو عنه إلا مالك فقط، فهو نقض على قاعدة البخاري حيث قالوا: شرطه أن يكون لروايته راويان. و "سهل بن أبي حثمة" بفتح المهملة وإسكان المثلثة، الأنصاري الحارثي. قوله:"ومحيصة" بضم الميم وفتح المهملة، وأما التحتانية فمشددة مكسورة أو مخففة ساكنة، وبإهمال الصاد: ابن مسعود بن كعب الحارثي. قوله: "من جهد" بالفتح: الفقر والاشتداد ونكادة العيش. قوله: "وطرح في فقير" الفقير بالفاء والقاف والراء: فم القناة، والحفيرة التي يغرس فيها الفسيل. وقوله:"حويصة" بالمهملتين على وزن محيصة في الوجهين. "وهو "أي: حويصة
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ
(1)
: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَهْلٍ
(2)
وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جُهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأُخْبِرَ مُحَيِّصَةُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي فَقِير
(3)
أَوْ عَينٍ، فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ: أَنْتُمْ وَاللهِ قَتَلْتُمُوهُ. قَالُوا: مَا قَتَلْنَاهُ وَاللهَ. ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ لَهُمْ، فَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ، فَقَالَ لِمُحَيِّصَةَ:"كَبِّرْ كَبِّرْ"
(4)
. يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ
(5)
، وَإِمَّا أنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ". فَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيهِمْ بِهِ،
"فَأَقْبَلَ" في نـ: "وَأَقْبَلَ". "فَقَالَ لِمُحَيِّصةَ" في نـ: "فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم لِمُحَيِّصَةَ". "فَكَتَبَ "في صـ، هـ، ذ:"فَكَتَبُوا".
===
"أكبر"، يروى أنه لما أمر صلى الله عليه وسلم بقتل اليهود وثب محيصة على يهودي يقتله فجعل حويصة يضرب محيصة: أي عدوّ الله أقتلته؟! أما والله لرب شحم في بطنك من ماله، فقال له محيصة:[والله] لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لضربت عنقك. فقال: إن هذا الدين لعجب. فأسلم حويصة، "ك"(24/ 231 - 232).
(1)
أي: من عظمائهم، "ك"(24/ 231)، "ع"(16/ 444).
(2)
ابن زيد بن كعب الحارثي، "ع"(16/ 444)، "ك"(24/ 231).
(3)
هو فم القناة، وفقير النخلة: حفرة تحفر إذا حولت لتغرس فيها، وقيل: بئر قريبة القعر واسع الفم، "مجمع"(4/ 166).
(4)
أي: قدَّم الأسنَّ في الكلام، "ك"(24/ 232)، "ع"(16/ 445).
(5)
أي: إما أن اليهود يعطوا دية صاحبكم، "ك"(24/ 232).
فَكُتِبَ
(1)
: مَا قَتَلْنَاهُ
(2)
. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: "أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ ". قَالُوا: لَا.
"قَالُوا: لَا" في ذ: "فَقَالُوا: لَا".
===
(1)
بضم الكاف في الفرع كأصله وفي غيرهما بفتحها، "قس"(15/ 179).
(2)
قوله: (فكتب ما قتلناه) وفي رواية الكشميهني: "فكتبوا" وهذا أوجه. قال الكرماني: فكتب أي: كتب الحي المسمى باليهود، وفيه تكلف، وقال بعضهم: وأقرب منه أن يراد الكاتب عنهم؛ لأن الذي يباشر الكتابة إنما هو واحد، فالتقدير: فكتب كاتبهم. قلت: هذا أيضًا فيه تكلف، والأقرب فيه والأصوب: كتبوا بصيغة الجمع، والأولى أن يكون: كُتِبَ على صيغة المجهول، ولفظ "ما قتلناه" مرفوع به محلًا أي: كتب هذا اللفظ، "ع"(16/ 445).
واعلم أن الدعوى كان لأخيه عبد الرحمن لا لابني عمه أو عم أبيه أو لابني أخيه على اختلاف فيه، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم أن يتكلم الأكبر ليحقق صورة القضية وكيفيتها، فإذا أراد حقيقة الدعوى يتكلم صاحبها، أو معناه وكل الأكبر بالدعوى. فإن قلت: كيف عرضت اليمين على الثلاثة وإنما هي للوارث خاصة وهو أخوه؟ قلت: كان معلومًا عندهم أن اليمين يختص به فأطلق الخطاب لهم لأنه كان لا يعمل شيئًا إلا بمشورتهما، إذ هو كان كالولد لهما. وإنما عقله صلى الله عليه وسلم من عنده قطعًا للنزاع وجبرًا لخاطرهم وإلا فاستحقاقهم لم يثبت، "ك" 24/ 232 - 233).
واستشكل وجه المطابقة بين الحديث والترجمة، لأنه ليس في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى نائبه ولا أمينه وإنما كتب إلى الخصوم أنفسهم؟ فأجاب ابن المنير بأنه يؤخذ من مشروعية مكاتبة الخصوم جواز مكاتبة النواب في
حق غيرهم بطريق الأولى، "قس"(15/ 180).
قَالَ: "أَفَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟
(1)
"، قَالُوا: لَيْسَ بِمُسْلِمِينَ. فَوَدَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتِ الدَّارَ
(2)
. قَالَ سَهْلٌ: فَرَكَضَتْنِي
(3)
(4)
مِنْهَا نَاقَةٌ. [راجع: 2702].
39 - بَابٌ هَلْ يَجُوزُ لِلْحَاكِم
(5)
أَنْ يَبْعَثَ رَجُلًا وَحْدَهُ لِلنَّظَرِ فِي الأُمُورِ؟
7193 و 7194 - حَدَّثَنَا آدَم، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ
(6)
،
"قَالُوا: لَيْسَ" في نـ: "قَالَ: لَيْسَ"، وفي نـ:"لَيْسُوا" بدل "لَيْسَ"، مصحح عليه. "لِلنَّظَرِ" في سـ، هـ، ذ:"ينظر". "الأُمُورِ" في نـ: "الأَمرِ". "حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ".
===
(1)
مرَّ الحديث مع تحقيقه (برقم: 6898، 6142).
(2)
بالمجهول.
(3)
الركض: الضرب بالرِّجْل.
(4)
أراد بهذا الكلام ضبط الحديث وحفظه حفظًا بليغًا.
(5)
قوله: (هل يجوز للحاكم
…
) إلخ، في إيراده الترجمة بصيغة الاستفهام الإشارة إلى خلاف محمد بن الحسن؛ فإنه قال: لا يجوز للقاضي أن يقول: أقر عندي فلان بكذا لشيء يقضي به عليه من قتل أو مال أو عتق أو طلاق حتى يشهد معه على ذلك غيره، وادعى أن مثل هذا الحكم الذي في حديث الباب خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، قال: وينبغي أن يكون في مجلس القاضي أبدًا عدلان يسمعان من يقر ويشهدان على ذلك فينفذ الحكم بشهادتهما، "ف"(13/ 185).
(6)
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، بكسر الذال المعجمة، "ع"(16/ 446).
حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَا: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ
(1)
(2)
. فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ: صَدَقَ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ. فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا
(3)
عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِي: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ. فَافتَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَليدَةٍ
(4)
، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ
(5)
، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ
(6)
- لِرَجُلٍ - فَاغْدُ
(7)
عَلَى امْرَأَةِ هَذَا
(8)
"حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ". "ابن عتبة" سقط في نـ. "عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ" في سـ، حـ، ذ:"إن عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمَ". "فَافتَدَيْتُ" في نـ: "فَفَدَيْتُ".
===
(1)
مرَّ الحديث مع تحقيقه (برقم: 6827، و 6633).
(2)
أي: بقضائه أو بحكم القرآن.
(3)
أي: أجيرًا.
(4)
أي: أمةٍ.
(5)
أي: مردود أي: يجب عليه ردُّه عليك.
(6)
مصغر الأنس، ابن الضحاك الأسلمي على الأصح، والمرأة كانت أسلمية، "ك"(24/ 233)، "ع"(16/ 446).
(7)
هذا موضع مطابقة الترجمة.
(8)
قوله: (فاغد على امرأة هذا) قالوا: كان بعثه لإعلام المرأة بأن الرجل قذفها بابنه فعرفها بأن لها عنده حد القذف فتطالب به أو تعفو عنه،
فَارْجُمْهَا"
(1)
. فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. [راجع: 2314، 2315].
40 - بَابُ تَرْجَمَةِ الْحُكَّامِ
(2)
، وَهَلْ يَجُوزُ تُرْجُمَان وَاحِدٌ؟
"الْحُكَّامِ" في هـ، ذ:"الحاكم".
===
إلا أن تعترف بالزنا فيجب عليها الرجم؛ لأنها كانت محصنة؛ وذلك لأن حد الزنا لا يحتاط بالتجسس بل لو أقر الزاني به يلقن الرجوع عنه مرارًا، "ك" (24/ 233). وقال المهلب: وفيه حجة لمالك في جواز إنفاذ الحاكم رجلًا واحدًا في الأعذار، وفي أن يتخذ واحدًا يثق به يكشف له عن حال الشهود في السر، كما يجوز قبول الفرد فيما طريقه الخبر لا الشهادة، "ف"(13/ 185).
(1)
أي: إن اعترفت، صرح به في سائر الروايات، "ع"(16/ 446)، "ك"(24/ 233).
(2)
قوله: (باب ترجمة الحكام) جمع حاكم، والترجمة تفسير الكلام بلسان غير لسانه، يقال: ترجم كلامه إذا فسره بلسان آخر، ومنه الترجمان. وفي "القاموس" (ص 1000): الترجمان كعُنفُوان وزَعفَران ورَيهُقَان: المفسر للسان، وقد ترجمه، وعنه، والفعل يدل على أصالة التاء، انتهى. قال العيني (16/ 446): ذكره بالاستفهام لأجل الخلاف الذي فيه، فعند أبي حنيفة وأحمد يكتفى بواحد، واختاره البخاري وابن المنذر وآخرون. وقال الشافعي وأحمد في الأصح: إذا لم يعرف الحاكم لسان الخصم لا يقبل فيه إلا عدلان كالشهادة، وقال أشهب وابن نافع عن مالك وابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: إذا اختصم إلى القاضي من لا يتكلم بالعربية ولا يفهمه فلا بد من أن يترجم له عنهم ثقة مسلم [مأمون]، واثنان أحب إلي، ولا يترجم من لا يجوز شهادته، انتهى.
7195 -
وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
(1)
، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ الْيَهُودِ
(2)
، حَتَّى كَتَبْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُتُبَهٌ
(3)
، وَأَقْرَأتُهُ كُتُبَهُمْ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ
(4)
.
وَقَالَ عُمَرُ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ
(5)
وَعُثْمَانُ
(6)
: مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ
(7)
؟ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ
(8)
: فَقُلْتُ: تُخْبِرُكَ بِصَاحِبِهِمَا الَّذِي صَنَعَ بِهَا.
وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ
(9)
: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ.
"الْيَهُودِ" في هـ، ذ:"الْيَهُودِيَّةِ". "وَقَالَ عُمَرُ" في نـ: "قَالَ عُمَرُ".
===
(1)
الأنصاري.
(2)
أي: كتابتهم يعني: خطهم، "ك"(24/ 234).
(3)
أي: إليهم.
(4)
هذا من الأحاديث التي لم يخرجها البخاري إلا معلَّقة وقد وصله مطوَّلًا في "كتاب التاريخ"، "ع"(16/ 447).
(5)
ابن عوف.
(6)
ابن عفان.
(7)
قوله: (ماذا تقول هذه؟) وأشار بقوله: "هذه" إلى امرأة كانت حاضرة عندهم، فترجم عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة عنها لعمر رضي الله عنه بإخبارها عن فعل صاحبها، وهي كانت نوبية - بضم النون وكسر الباء وبالواو بينهما وتشديد الياء التحتية - أعجمية من جملة عتقاء حاطب، وقد زنت وحملت فأقرت أن ذلك من عبد اسمه مرغوس - بالراء والمعجمة والواو والسين المهملة - بدرهمين، "ع"(16/ 447)، "ك"(24/ 234).
(8)
ابن أبي بلتعة.
(9)
بالجيم والراء، اسمه نصر - بالمهملة - الضبعي، "ك"(24/ 234).
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ
(1)
(2)
. [أخرجه: د 3645، ت 2715، تحفة: 3702، 6534].
7196 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
"أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ".
===
(1)
رويت بصيغة الجمع وبصيغة التثنية، "ف"(13/ 187).
(2)
قوله: (من مترجمين) قال ابن قوقول - بضم القافين - في "المطالع": أي لا بد له ممن يترجم له عمن يتكلم بغير لسانه، وذلك يتكرر فيتكرر المترجمون، قال: وعند بعضهم مترجمين بالتثنية، واختلفوا هل هو من باب الخبر فيقتصر على واحد أو من باب الشهادة فلا بد من اثنين. قال مغلطاي المصري: كأنه يريد ببعض الناس الشافعي وهو رد لقول من قال: إن البخاري إذا قال: بعض الناس أراد به أبا حنيفة. أقول: غرضهم بذلك غالب الأمر، أو في موضع شنع عليه وقبح الحال، أو أراد به ههنا أيضًا بعض الحنفية؛ لأن محمد بن الحسن قال بأنه لا بد من اثنين. غاية ما في الباب أن الشافعي أيضًا قائل به، لكن لم يكن مقصودًا بالذات. ثم نقول: الحق أن البخاري ما حرر المسألة إذ لا نزاع لأحد أنه يكفي ترجمان واحد عند الإخبار، ولا بد من الاثنين عند الشهادة، ففي الحقيقة النزاع في أنها إخبار أو شهادة؟ حتى لو سلم الشافعي أنها إخبار لم يقل بالتعدد، ولو سلم الحنفي أنها شهادة لقال به، والصور المذكورة كلها إخبارات، أما المكتوبات فظاهر، وأما قصة المرأة وقول أبي جمرة فأظهر، فلا محل لأن يقال - على سبيل الاعتراض -: قال بعض الناس كذا؛ بل السؤال يرد عليه أنه نصب الأدلة في غير ما ترجم عليه وهو ترجم الحاكم؛ إذ لا حكم فيها، "ك"(24/ 234 - 235).
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ
(1)
أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ
(2)
أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ
(3)
، ثُمَّ قَالَ لَتُرْجُمَانِهِ
(4)
: قُلْ لَهُمْ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
(5)
، فَقَالَ لِتَرْجُمَانِه: قُلْ لَهُ: إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ. [راجع: 7].
41 - بَابُ مُحَاسَبَةِ الإِمَامِ عُمَّالَهُ
7197 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ
(6)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ
(7)
، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ
"لِتَرْجُمَانِه" في نـ: "لِلتَّرْجُمَانِ". "عُمَّالَهُ" في ذ: "مَعَ عُمَّالِه".
"حَدَّثَنَا هِشَامُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ".
===
(1)
اسمه صخر بن حرب الأموي.
(2)
هو قيصر الروم.
(3)
أي: في جملتهم.
(4)
قوله: (قال لترجمانه
…
) إلخ، فإن قلت: هرقل كان كافرًا فلا حجة في فعله؟ قلت: قال بعضهم: إنما ذكره ليدل أن الترجمان كان يجري عند الأمم مجرى الخبر. وأقول: وجه الاحتجاج أنه كان نصرانيًا، وشرع من قبلنا حجة ما لم ينسخ، وعلى قول من قال: بأنه أسلم فالأمر ظاهر، "ك" (24/ 235). قلت: بل هو أشد إشكالًا؛ لأنه لا حجة في فعله عند أحد إذ ليس صحابيًا، ولو ثبت أنه أسلم فالمعتمد ما تقدم، والله أعلم، "ف"(13/ 188).
(5)
أي: المتقدم في أول "الجامع"(ح: 7)، "ك"(24/ 235).
(6)
ابن سلام.
(7)
ابن سليمان.
ابْنَ اللُّتْبِيَّةَ
(1)
(2)
عَلى صَدَقَاتِ
"ابنَ اللُّتْبِيَّةَ" كذا في صـ، كن، وفي نـ:"ابن الأُتَبِيَّةِ".
===
(1)
هي أمه.
(2)
قوله: (استعمل ابن اللتبية) بضم اللام وإسكان الفوقانية أو فتحها وكسر الموحدة وياء النسبة، وفي بعضها بدل اللام الهمزة، واسمه عبد الله. قوله:"ما جاء الله" أي: مجيئه ربه، وكلمة "ما" مصدرية أو موصوفة أي: رجلًا جاء الله. وقوله: "رجل ببعير" فاعل لنحو يجيء أي: يجيء رجل ببعير، أو هو خبر مبتدأ أي: هو رجل، "ك"(24/ 235 - 236)، "ع"(16/ 449). وفيه مشروعية محاسبة العمال، ومنعهم من قبول الهدية ممن لهم عليه حكم. وسبق الحديث في "باب هدايا العمال" (ح: 7174) وغيره، "قس"(15/ 186).
وتفصيل المقام في هدايا الحكام ما ذكره الفاضل القمقام كمال الدين ابن الهمام (7/ 271 - 273): الحاصل: أن المهدي إما له خصومة أو لا، فإن كانت لا تقبل منه وإن كان له عادة بمهاداته أو ذا رحم محرم، وإن لم تكن خصومة فإن كان له عادة بذلك قبل القضاء بسبب قرابة، أو صداقة لا ينبغي أن يقبل، وإن كان جاز بشرط أن لا يزيد على المقدار المعتاد قبل القضاء، فإن زاد لا تقبل الزيادة. ثم إذا أخذ الهدية في موضع لا يباح أخذها قيل: يضعها في بيت المال؛ لأنها بسبب عمله لهم، وعامتهم على أنه يردها على أربابها إن عرفهم، وإليه أشار في "السير الكبير"، وإن لم يعرفهم أو كانوا بعيدًا حتى تعذر الرد ففي بيت المال ويكون حكمها حكم اللقطة، فإن جاء المالك يومًا يعطاها، وكل من عمل للمسلمين [عملًا] حكمه في الهدية حكم القاضي.
وفي "شرح الأقطع": الفرق بين الرشوة والهدية أن الرشوة يعطيه بشرط أن يعينه، والهدية لا شرط معها. والأصل فيه ما في "البخاري" عن أبي حميد الساعدي قال: "استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا من الأزد يقال له:
بَنِي سُلَيْمٍ
(1)
، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَحَاسَبَهُ
(2)
قَالَ: هَذَا الَّذِي لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَبَيْتِ أُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا؟ ". ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ رِجَالًا مِنْكُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلَّانِي الله، فَيَأْتِي أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: هَذَا الذي لَكُمْ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَبَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا،
"إِلَى رَسُولِ اللهِ" في ذ: "إِلَى النِّبيِّ". "وَهَذِهِ" في هـ: "وَهَذَا". "فَقَالَ رَسُولُ اللهِ" في ذ: "فَقَالَ النبي". "فَهَلَّا" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"أَلَّا"، وفي نـ:"أَفَلا" في الموضعين. "فَحَمِدَ اللهَ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَحَمِدَ اللهَ". "أَحَدُهُمْ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَحَدُكُمْ".
===
ابن اللتبية على الصدقة" وساق الحديث وقال: قال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة، ذكره البخاري. واستعمل عمر أبا هريرة فقدم بمال فقال له: من أين لك؟ قال: تلاحقت الهدايا، فقال له عمر: أي: عدو الله هلَّا قعدت في بيتك فتنظر أيهدى لك أم لا؟ فأخذ ذلك منه فجعل في بيت المال، وتعليل النبي صلى الله عليه وسلم دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية، ولهذا لو زاد المهدى على المعتاد أو كانت له خصومة كره عندنا. وعند الشافعي هو محرم كالرشوة. هذا ويجب أن يكون هدية المستقرض للمقرض كالهدية للقاضي إن كان المستقرض له عادة قبل استقراضه فأهدى إلى المقرض، فللمقرض أن يقبل منه قدر ما كان يهديه بلا زيادة، انتهى مختصرًا.
(1)
بالضم: قبيلة، "ك"(24/ 235).
(2)
أي: على ما قبض وصرف، "ف"(13/ 189).
فَوَاللهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا - قَالَ هِشَامٌ: بِغَيْرِ حَقِّهِ - إلَّا جَاءَ اللهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَلَا فَلا أَعْرِفَنَّ
(1)
مَا جَاءَ اللهَ رَجُلٌ بِبَعِيرٍ لَهُ رُغَاءٌ
(2)
، أَوْ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ
(3)
، أَوْ شَاهٍ تَيْعَرُ"
(4)
. ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بيَاضَ إِبْطيْهِ: "أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ ". [راجع: 925].
42 - بَابُ بِطَانَةِ الإِمَامِ
(5)
وَأَهْلِ مَشُورَتِهِ
(6)
(7)
الْبِطَانَةُ: الدُّخَلَاءُ.
"فَلا أَعْرِفَنَّ" كذا في سـ، ذ، وفي نـ:"فَلأَعْرِفَنَّ". "أو بِبَقَرَةٍ" في نـ: "أو بَقَرَةٍ".
===
(1)
بلفظ النهي، ويروى:"فلأعرفن" واللام جواب القسم، "ع"(16/ 449).
(2)
بضم الراء وبالغين المعجمة والمد: صوت البعير، [انظر "العيني" (16/ 427)].
(3)
بضم الخاء المعجمة وتخفيف الواو: صوت البقرة.
(4)
بكسر العين المهملة وفتحها، من اليعارة وهو صوت الغنم، "ك"(24/ 236).
(5)
قوله: (باب بطانة الإمام) البطانة بكسر الموحدة صاحب الوليجة الدخيل المطلع على السريرة، وفسره البخاري بالدُّخَلاء فجعله جمعًا، "ك"(24/ 236). "الدخلاء" جمع دخيل، وهو الذي يدخل على الرئيس في مكان خلوته ويفضي إليه بسره ويصدقه فيما يخبر به مما يخفى عليه من أمور رعيته ويعمل بمقتضاه، "قس"(15/ 186 - 187)، "ع"(16/ 449).
(6)
أشار إليه هكذا: أمره به، وهي الشورى، والمشورة مفعلة لا مفعولة، واستشاره: طلب منه المشورة، "قاموس" (ص: 392).
(7)
بضم المعجمة وسكون الواو أي: من يستشيره في أموره، "ف"(13/ 190).
7198 -
حَدَّثَنَا أَصْبَغُ
(1)
، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ
(2)
، أَخْبَرَنِي يُونُسُ
(3)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
(4)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ
(5)
عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ
(6)
بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصمَ اللهُ".
"أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ" في ذ: "حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ"، وزاد قبله في نـ:"قال". "أَخْبَرَنِي يُونُسُ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ". "مَنْ عَصَمَ اللهُ" في نـ: "مَنْ عَصَمَه اللهُ".
===
(1)
ابن الفرج البصري.
(2)
عبد الله.
(3)
ابن يزيد.
(4)
ابن عبد الرحمن بن عوف، "ع"(16/ 449).
(5)
بضم المهملة وشدة الضاد المعجمة أي: يرغبه فيه ويؤكده عليه، "ع"(16/ 450).
(6)
قوله: (وبطانة تأمره
…
) إلخ، فإن قلت: هذا التقسيم مشكل في حق النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلت: في بقية الحديث الإشارة إلى سلامة النبي صلى الله عليه وسلم من بطانة الشر بقوله: "والمعصوم من عصم الله" وهو معصوم لا شك فيه، ولا يلزم من وجود من يشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالشر أن يقبل منه، وقيل: المراد بالبطانتين في حق النبي صلى الله عليه وسلم الملك والشيطان، وشيطانه قد أسلم فلا يأمره إلا بخير، "ع"(16/ 450)، "ف" (13/ 190 - 191). أي: لكل نبي وخليفة جلساء صالحة وجلساء طالحة، والمعصوم من عصمه الله من الطالحة، أو لكل واحد منهما نفس أمّارة بالسوء ونفس لوّامة، والمعصوم من أعطاه الله نفسًا مطمئنةً، أو لكلِّ قوة ملكية وقوة حيوانية، والمعصوم من عصمه الله لا من عصمه نفسه، "ك"(24/ 237).
وَقَالَ سُلَيْمَانُ
(1)
عَنْ يَحْيَى
(2)
: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ بِهَذَا. وَعَنِ
(3)
ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ
(4)
وَمُوسَى
(5)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلُه، وَقَالَ شُعَيْبٌ
(6)
عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَوْلَهُ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ
(7)
(8)
: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ،
"أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ". "وَمُعَاوِيَةُ ابْنُ سَلَّامٍ" في نـ: "عَن مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَّامٍ". "حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ" في ذ: "حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ".
===
(1)
ابن بلال.
(2)
ابن سعيد الأنصاري.
(3)
وهو معطوف على "يحيى" لكن الفرق بينهما بأن المروي في الأول هو الحديث المذكور بعينه، وفي الطريق الثاني هو مثله، "ك"(24/ 237).
(4)
اسمه: محمد بن عبد الله بن أبي عتيق.
(5)
ابن عقبة.
(6)
ابن أبي حمزة.
(7)
بتشديد اللام، الدمشقي، "قس"(15/ 188).
(8)
قوله: (ومعاوية بن سلام
…
) إلخ، أشار بهذا إلى أن الأوزاعي ومعاوية خالفا من تقدم فجعلا الحديث "عن أبي هريرة" بدل أبي سعيد، وخالفا شعيبًا أيضًا في وقفه وهما رفعاه، فرواية الأوزاعي وصلها أحمد (3/ 39)، ورواية معاوية وصلها النسائي (رقم: 4201)، "ع"(16/ 451)، "ف" (13/ 191). فالحديث بحسب الصورة الواقعة مرفوع من رواية ثلاثة من الصحابة: أبي سعيد وأبي هريرة وأبي أيوب، لكنه على طريقة المحدثين حديث واحد اختلف على التابعي في صحابيه فجزم صفوان بأنه عن أبي أيوب، واختلف على الزهري فيه هل هو أبو سعيد أو أبو هريرة؟
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ
(1)
وَسَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ
(2)
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَوْلَهُ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ
(3)
بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ: حَدَّثَنِي صفْوَانُ
(4)
، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 6611].
43 - بَابٌ كَيْفَ يُبَايعُ الإِمَامُ النَّاسُ
(5)
"عُبَيْدُ اللهِ" في نـ: "عَبْدُ اللهِ".
===
وأما الاختلاف في وقفه ورفعه فلا يقدح؛ لأن مثله لا يقال من قِبَل الرأي، فسبيله الرفع، وتقديم البخاري لرواية أبي سعيد الخدري الموصولة المرفوعة يؤذن بترجيحها عنده، لا سيما مع موافقة ابن أبي حسين وسعيد بن زياد لمن قاله عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد، وإذا لم يبق إلا الزهري وصفوان، فالزهري أحفظ من صفوان بدرجات، قاله في "الفتح"(13/ 191)، "قس"(15/ 189).
(1)
هو: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين النوفلي المكي، "ف"(13/ 192).
(2)
هو: الأنصاري المدني، من صغار التابعين، "ف"(13/ 192).
(3)
المصري، واسم أبي جعفر يسار ضد اليمين، وعبيد الله تابعي صغير، [انظر "الفتح" (13/ 192)].
(4)
ابن سليم بالضم مولى آل ابن عوف، "ك"(24/ 237).
(5)
قوله: (كيف يبايع الإمام الناس) بالنصب على المفعولية، و"الإمام" فاعل، ولأبي ذر بنصب "الإمام" مفعول مقدم ورفع "الناس" على الفاعلية، والمراد بالكيفية هنا الصيغ القولية لا الفعلية كما ستراه إن شاء الله تعالى في الأحاديث المسوقة في الباب، "قس"(15/ 189).
7199 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(1)
، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
(2)
قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ
(3)
بْنُ الْوَلِيدِ بنِ عُبَادَةَ
(4)
قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ
(5)
صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ
(6)
. [راجع: 18، أخرجه: م 1709، س 4150، ق 2866، تحفة: 5118].
7200 -
وَأَنْ لَا نُنَازعَ الأَمْرَ أَهْلَه، وَأَنْ نَقُومَ - أَوْ نَقُولَ
(7)
-
"حَدَّثَنِي مَالِكٌ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ". "فِي الْمَنْشَطِ" في نـ: والْمَنْشَطِ".
===
(1)
ابن أبي أويس.
(2)
الأنصاري.
(3)
الأنصاري، لم يتقدم ذكره.
(4)
ابن الصامت.
(5)
قوله: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) قيل: كان هذا في بيعة العقبة الثانية، وقال ابن إسحاق: وكانوا في العقبة الثانية [ثلاثة و] سبعين رجلًا من الأوس والخزرج وامرأتين. قوله: "في المنشط" بفتح الميم مصدر ميمي من النشاط، وهو الأمر الذي ينشط [له] ويخف إليه [ويؤثر] فعله. "والمكره" أيضًا مصدر ميمي. يعني: بايعنا على المحبوب والمكروه. قوله: "وأن لا ننازع الأمر أهله" أي: وفي أن لا نقاتل الأمراء والأئمة، وعلى أهل الإسلام السمع والطاعة، فإن عدل فله الأجر، وعلى الرعية الشكر، وإن جار فعليه الوزر وعلى الرعية الصبر والفزع إلى الله في كل حال، "ع"(16/ 452).
(6)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 7056).
(7)
شك من الراوي، "ع"(16/ 452).
بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ
(1)
. [راجع: 7056، أخرجه: م 1709، س 4151، ق 2866، تحفة: 5118].
7201 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ
(2)
، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ
(3)
، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
(4)
، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في غَدَاةٍ بَارِدَةٍ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ
(5)
فَقَالَ:
"اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الآخِرَهْ
…
فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ"
"حَدَّثَنَا خَالِدُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ". "حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ". "لِلأَنْصَارِ" في نـ: "الأَنْصَارَ".
===
(1)
قوله: (لومة لائم) أي: من الناس، واللومة: المرة من اللوم. قال في "الكشاف": وفيها [و] في التنكير مبالغتان كأنه قال: لا نخاف شيئًا [قط] من لوم أحد من اللوام. ولومة: مصدر مضاف لفاعله في المعنى. وفيه: وجوب السمع والطاعة للحاكم، سواء حكم بما يوافق الطبع أو يخالف، وعدي "بَايَعْنا" بعلى لتضمنه بمعنى عاهد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل زمان ومكان للكبار والصغار، ولا نداهن فيه أحدًا ولا نخافه ولا نلتفت إلى الأئمة ونحوهم، قاله النووي. والحديث أخرجه مسلم في "المغازي"، "قس"(15/ 190).
(2)
الصيرفي.
(3)
الهجيمي - مصغرًا - بالجيم، "ك"(24/ 238).
(4)
الطويل.
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 2834، 4099).
فَأَجَابُوه
(1)
:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا
…
عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدا
[راجع: 2834 أخرجه: س في الكبرى 8859، تحفة: 634].
7202 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا: "فِيمَا اسْتَطعْتَ"
(2)
(3)
.
[تحفة: 7244].
7203 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ
(4)
، حَدَّثَنَا يَحْيَى
(5)
، عَنْ سُفْيَانَ
(6)
، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ عُمَرَ حَيْثُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى
"فَأَجَابُوه" كذا في ذ، وفي نـ:"فَأَجَابُوا". "أَخْبَرَنَا مَالِكٌ" في نـ: "قَالَ مَالِكٌ"، وفي نـ:"عَن مَالِكٍ". "فِيمَا اسْتَطَعْتَ" كذا في سـ، خسـ، وفي هـ:"فِيمَا اسْتَطَعْتُم". "حَدَّثَنَا يَحْيَى" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى". "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ".
===
(1)
أي: المهاجرون والأنصار، "ع"(16/ 452).
(2)
بالخطاب، "ك"(24/ 238)، قاله النبي صلى الله عليه وسلم إشفاقًا ورحمة لهم، "ع"(16/ 452).
(3)
بالإفراد في رواية المستملي والسرخسي، وفي رواية غيرهما بالجمع.
(4)
ابن مسرهد.
(5)
أي: القطان.
(6)
أي: الثوري.
عَبْدِ الْمَلِكِ
(1)
(2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
(1)
أي: ابن مروان الأموي، "ك"(24/ 238).
(2)
قوله: (حيث اجتمع الناس على عبد الملك) يريد ابن مروان بن الحكم. والمراد بالاجتماع اجتماع الكلمة، وكانت قبل ذلك متفرقة، وكان في الأرض قبل ذلك اثنان كل منهما يدعي له بالخلافة، وهما: عبد الملك بن مروان وعبد الله بن الزبير، فأما ابن الزبير رضي الله عنه فكان أقام بمكة وعاذ بالبيت بعد موت معاوية، وامتنع من المبايعة ليزيد بن معاوية، فجهز إليه يزيد الجيوش مرة بعد أخرى، فمات يزيد وجيوشه محاصرون ابن الزبير، ولم يكن ابن الزبير ادعى الخلافة حتى مات يزيد في ربيع الأول سنة أربع وستين، فبايعه الناس بالخلافة بالحجاز، وبايع أهل الآفاق لمعاوية بن يزيد بن معاوية فلم يعش إلا نحو أربعين يومًا ومات، فبايع معظم الآفاق لعبد الله بن الزبير وانتظم له الملك في الحجاز واليمن ومصر والعراق والمشرق كله وجميع بلاد الشام حتى دمشق، ولم يتخلف عن بيعته إلا جميع بني أمية ومن يهوي هواهم وكانوا بفلسطين، فاجتمعوا على مروان بن الحكم وبايعوه بالخلافة، وخرج بمن أطاعه إلى جهة دمشق، والضحاك بن قيس قد بايع فيها لابن الزبير فاقتتلوا بمرج راهط فقتل الضحاك، وذلك في ذي الحجة منها، وغلب مروان على الشام، ثم لما انتظم له ملك الشام كله توجه إلى مصر فحاصر بها عامل ابن الزبير عبد الرحمن بن جحدر حتى غلب عليها في ربيع الآخر سنة خمس وستين ثم مات في سنته، فكانت مدة ملكه ستة أشهر، وعهد إلى ابنه عبد الملك بن مروان فقام مقامه وكمل له ملك الشام ومصر والمغرب، ولابن الزبير ملك الحجاز والعراق والمشرق إلا [أن] المختار بن أبي عبيد غلب على الكوفة، وكان يدعو إلى المهدي من أهل البيت فأقام على ذلك نحو السنتين، ثم سار إليه مصعب بن الزبير رضي الله عنه أمير البصرة لأخيه فحاصره حتى قتل في شهر رمضان سنة سبع وستين، وانتظم أمر العراق كله
كَتَبَ
(1)
: أَنِّي أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّه مَا اسْتَطَعْتُ، وَأَنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا
(2)
بِمِثْلِ ذَلِكَ. [طرفاه: 7205، 7272، تحفة: 7164].
7204 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ
(3)
"كَتَبَ" في نـ: "قَالَ: كَتَبَ". "سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ" في نـ: "سُنَّةِ رَسُولِه" مصحح عليه. "حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ".
===
لابن الزبير فدام ذلك إلى سنة إحدى وسبعين، فسار عبد الملك إلى مصعب فقاتله حتى قتله في جمادى [الآخرة] منها، وملك العراق كله، ولم يبق مع ابن الزبير إلا الحجاز واليمن فقط، فجهز إليه عبد الملك الحجاجّ فحاصره في سنة اثنتين وسبعين إلى أن قتل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وكان عبد الله بن عمر في تلك المدة امتنع أن يبايع لابن الزبير أو لعبد الملك كما كان امتنع أن يبايع لعلي أو لمعاوية، ثم بايع لمعاوية لما اصطلح مع الحسن بن علي واجتمع عليه الناس، وبايع لابنه يزيد بعد موت معاوية لاجتماع الناس عليه، ثم امتنع من المبايعة لأحد حال الاختلاف إلى أن قتل ابن الزبير وانتظم الملك كله لعبد الملك فبايع له حينئذ، فهذا معنى قوله:"لما اجتمع الناس على عبد الملك"، "ف"(13/ 194 - 195).
(1)
أي: ابن عمر.
(2)
فإن قلت: كيف يقرّ الوالد من جهة الأولاد الكبار؟ قلت: هنا إخبار منه بإقرارهم السابق منهم، "ك"(24/ 239 - 240).
(3)
الواسطي.
حَدَّثَنَا سَيَّارٌ
(1)
عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبدِ اللَّهِ قَالَ: بَايَعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ
(2)
، فَلَقَّنَنِي:"فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [راجع: 57، أخرجه: م 56، س في الكبرى 8723، تحفة: 3216].
7205 -
حَدَّثَنَا عَمْرو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَىَ بنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَبْدَ الْمَلِكِ
"حَدَّثَنَا سَيَّار" في نـ: "قَالَ: أخْبَرَنَا سَيَّارٌ". "عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ" زاد في نـ: "أن عبد اللَّه". "بَايَعْتُ رسول اللَّه" في نـ: "بَايَعْتُ النَّبِيَّ". "حَدَّثَنَا يَحْيَى" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى". "ابنُ سَعِيدٍ" سقط في نـ.
===
(1)
بفتح المهملة وتشديد التحتانية: أبو الحكم بن وردان العنزي بالمهملة والنون المفتوحتين وبالزاي، "ك"(24/ 239).
(2)
قوله: (على السمع والطاعة) أي: على أن نسمع أوامره ونواهيه ونطيعه في ذلك امتثالًا وانتهاء، فزاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل التلقين أن أقول:"فيما استطعت" وهذا من كمال شفقته على الأمة، وزاد أيضًا:"والنصح لكل مسلم" وهو عطف على "السمع". يحكى عن جرير أنه أمر مولاه باشتراء فرس له فاشتراه بثلاثمائة فجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس: فرسك خير من ثلاثمائة أتبيعنيه بأربعمائة؟ قال: ذلك إليك، قال: فرسك خير من ذلك، ثم لم يزل يقول ذلك ويزيده إلى أن بلغ ثمانمائة فاشتراه بها، وكان إذا قوَّم السلعة بصر المشتري عيوبها فقيل له: إذا فعلت كذلك لم ينفذ لك البيع، فقال: إنا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم، "ك"(24/ 239).
كَتَبَ إِلَيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِلَى عَبْدِ اللَّهِ
(1)
عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسولِهِ، فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا
(2)
بِذَلِكَ.
[راجع: 7203].
7206 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ
(3)
، عَنْ يَزِيدَ
(4)
بنِ أَبِي عُبَيدٍ: قُلْتُ لِسَلَمَةَ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمُ
(5)
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ
(6)
. [راجع: 2960].
"حَدَّثَنَا حَاتِمٌ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ". "ابنُ أَبِي عُبَيدٍ" ثبت في ذ. "قُلْتُ لِسَلَمَةَ" في نـ: "قَالَ: قُلْتُ لِسَلَمَةَ".
===
(1)
فإن قلت: لم كرر "إلى" فقال أولًا: "إليه" وثانيًا: "إلى عبد الله" ثم الأولى العكس لأن المظهر هو الأصل؟ قلت: ليس تكرار؛ إذ الثاني هو المكتوب لا المكتوب إليه أي: كتب هذا وهو: إلى عبد الله إلى آخره، وتقديره: من ابن عمر إلى عبد الله عبد الملك، "ك"(24/ 239).
(2)
وهم: عبد الله وأبو بكر وأبو عبيدة وبلال وعمر وأمهم صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفي، وعبد الرحمن وأمه أم علقمة بنت نافس بن وهب، وسالم وعبيد الله وحمزة وأمهم أم ولد، وزيد وأمه أم ولد، "قس"(15/ 192).
(3)
ابن إسماعيل.
(4)
مولى سلمة بن الأكوع.
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 2960).
(6)
قوله: (على الموت) أي: على أن نقاتل بين يديه ونصبر ولا نفر حتى نموت. فإن قلت: قد تقدم أنهم بايعوا على السمع والطاعة وعلى
7207 -
حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ
(1)
عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيّ عن حُمَيْدِ
(2)
بْنِ عَبدِ الرْحْمَنِ
(3)
أَخْبَرَهُ: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ
(4)
عُمَرُ
(5)
اجْتَمَعُوا
"حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ" في نـ: "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ". "حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ". "عن حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ" في نـ: "أن حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ" مصحح عليه.
===
الهجرة وعلى الجهاد وعلى الصبر وعلى عدم الفرار، وسيجيء قريبًا أنهم بايعوا على بيعة النساء، وعلى الإسلام ونحوه؟ قلت: المقامات مختلفة، فإذا جاء الأعرابي ليسلم بايعه على الإسلام، ولما كانوا في الحديبية مستعدين للقتال وفي صدده بايعوا على الصبر وعلى الموت، ولما كانوا في العقبة وهو أوائل الإسلام مؤسسين للقاعدة الكلية بايعوا على السمع والطاعة في كل شيء، وعلى ما في آية بيعة النساء وهلم جرًّا، "ك"(24/ 240).
(1)
ابن أسماء الضبعي، عم عبد الله بن محمد الراوي عنه، وهما من الأعلام المشتركلة بين الذكور والإناث.
(2)
بالضم، وليس في "الجامع" حميد بالفتح، "ك"(24/ 240).
(3)
ابن عوف.
(4)
أي: عيّنهم للتشاور فجعل الخلافة شورى بينهم أي: ولَّاهم التشاور فيمن تعقد له الخلافة، "ف"(13/ 195).
(5)
قوله: (ولاهم عمر) هم الستة، وهم: عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن، وكلهم من العشرة. لما حضر عمر الموت -وذلك في آخر ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين- قيل له: استَخلِفْ فقال: ما أحد أحق بهذا الأمر من هؤلاء الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، "ك" (24/ 240). وقوله:"أنافسكم" بالنون والفاء والمهملة أي: أنازعكم فيه
فَتَشَاوَرُوا، قَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ عَلَى هَذَا الأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ. فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا عَبدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ
(1)
فَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَئدِ الرَّحْمَنِ، حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ وَلَا يَطَأُ
(2)
عَقِبَهُ
(3)
، وَمَالَ النَّاسُ
(4)
عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِيَ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الليلَةُ الَّتِي أَصْبَحْنَا مِنْهَا فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ. قَالَ الْمِسْوَرُ: طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ
(5)
مِنَ اللَّيْلِ فَضرَبَ الْبَابَ
"قَالَ لَهُمْ" في ذ: "فَقَالَ لَهُمِ". "عَلَى هَذَا الأَمْرِ"كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"عَن هَذَا الأمرِ". "كَانَتِ اللّيْلَةُ" في هـ: "كَانَتْ تِلكَ اللَّيْلَةُ".
===
إذ ليس لي في الاستقلال بالخلافة رغبة. قوله: "على هذا الأمر" هكذا في رواية الكشميهني، وفي رواية غيره:"عن هذا الأمر" أي: من جهته ولأجله، "ع"(16/ 454).
(1)
أى: أمر الاختيار منهم، "ف"(13/ 196)، "ع"(16/ 454).
(2)
أي: عقب أحد من أولئك الخمسة أي: لا يمشي أحد خلفه، "ك"(24/ 241).
(3)
ككتف، وعدم وطء العقب كناية عن الإعراض.
(4)
أعاد لبيان سبب الميل وهو قوله: "يشاورونه تلك الليالي"، "ف"(13/ 196)، "ع"(16/ 454).
(5)
قوله: (بعد هجع) بفتح الهاء وسكون الجيم بعدها عين مهملة أي: بعد طائفة من الليل، يقال: لقيته بعد هجع من الليل، كما يقال بعد هجعة، والهجع والهجعة والهجيع والهجوع بمعنى. قوله:"ما اكتحلت هذه الثلاث" كذا للأكثر، وللمستملي "الليلة"، ويؤيد الأول قوله في رواية سعيد بن عامر:"والله ما حملت فيها غمضًا منذ ثلاث". وقوله: "بكثير نوم" بالمثلثة
حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ فَقَالَ: أُرَاكَ نَائِمًا، فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ
(1)
هَذِهِ الثَّلَاثَ بِكَثِيرِ
(2)
نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا. فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ فَشَاوَرَهُمَا
(3)
، ثُمَّ دَعَانِي فَقَالَ: ادْعُ لِي عَلِيًّا. فَدَعَوْتُهُ فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ
(4)
،
"هَذِهِ الثَّلَاثَ" كذا في هـ، حـ، ذ، وفي سـ:"هَذِهِ اللَّيْلَةَ" وفي نـ: "هَذِهِ الثَّلَاثَةَ". "فَشَاوَرَهُمَا" في سـ، ذ:"فَسَارَّهُمَا".
===
والموحدة أيضًا، وهو مشعر بأنه لم يستوعب الليل سهرًا بل نام لكن يسيرًا منه. والاكتحال كناية عن دخول النوم جفن العين كما يدخلها الكحل، ووقع في رواية يونس:"ما ذاقت عيناي كثير نوم". قوله: "فشاورهما" في رواية المستملي: "فسارهما" بمهملة وتشديد الراء، ولم أر في هذه الرواية لطلحة ذكرًا فلعله كان شاوره قبلهما. قوله:"حتى ابهار الليل" بالموحدة ساكنةً وتشديد الراء ومعناه انتصف الليل، وبهرة كل شيء وسطه، وقيل: معظمه. قوله: "يخشى من علي شيئًا" قال ابن هبيرة: أظنه أشار إلى الدعاية التي كانت في علي رضي الله عنه أو نحوها، ولا يجوز أن يحمل على أن عبد الرحمن خاف من علي [على] نفسه. قلت: والذي يظهر لي أنه خاف إن بايع لغيره أن لا يطاوعه، وإلى ذلك الإشارة بقوله فيما بعد:"فلا تجعل على نفسك سبيلًا". وقوله: "ثم قال: ادع لي عثمان" ظاهر في أنه تكلم مع علي في تلك الليلة قبل عثمان، ووقع في رواية سعيد بن عامر عكس ذلك، فإما أن تكون إحدى الروايتين وهمًا، وإما أن يكون ذلك تكرر منه في تلك الليلة، فمرة بدأ بهذا ومرة بدأ بهذا، "ف"(13/ 196 - 197).
(1)
أي: ما نمت فيها.
(2)
بالموحدة والمثلثة.
(3)
من المشاورة.
(4)
أي: انتصف وتراكم الظلمة، "ك"(24/ 241).
ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ، وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ
(1)
، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا
(2)
، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي عُثْمَانَ. فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمُؤَذِّنُ بالصُّبْحِ، فَلَمَّا صلَّى النَّاسُ الصُّبْحَ وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، فَأَرْسَلِ إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الأجْنَادِ
(3)
....
"ادْعُ لِي عُثْمَانَ" زاد في نـ: "فَدَعَوتُهُ". "صَلَّى النَّاسُ" كذا في ذ، في نـ:"صَلَّى لِلنَّاسِ".
===
(1)
أي: طمع الخلافة، "ك"(24/ 241).
(2)
أي: من المخالفة الموجبة للفتنة، "ك"(24/ 241).
(3)
قوله: (إلى أمراء الأجناد) وهم: معاوية أمير الشام، وعمير بن سعد أمير حمص، والمغيرة بن شعبة أمير الكوفة، وأبو موسى الأشعري أمير البصرة، وعمرو بن العاص أمير مصر؛ ليجمع أهل الحل والعقد، "قس" (15/ 195) و "ع" (16/ 455). قوله:"وافوا تلك الحجة" من قولهم: وافيت العام أي: حججت، لا من وافيت القوم أتيتهم، "ك"(24/ 241).
قوله: "فلا تجعلن على نفسك سبيلًا" أي: من الملامة إذا لم توافق الجماعة، وهذا ظاهر في أن عبد الرحمن لم يتردد عند البيعة في عثمان، لكن تقدم في رواية عمرو بن ميمون التصريح بأنه بدأ بعليّ فأخذ بيده فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت، والله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن. ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه وبايع له علي.
وطريق الجمع بينهما: أن عمرو بن ميمون حفظه ما لم يحفظ الآخر، ويحتمل أن يكون الآخر حفظه لكن طوى بعض الرواة ذكره، ويحتمل أن يكون ذلك وقع في الليل لما تكلم معهما واحد بعد واحد فأخذ على كل
وَكَانُوا وَافَوْا
(1)
تِلْكَ الْحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ! يَا عَلِيُّ، إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ
(2)
بِعُثْمَانَ، فَلَا تَجْعَلَنَّ
(3)
عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا
(4)
. فَقَالَ
(5)
: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ
(6)
وَرَسُولِهِ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ. فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ وَالْمُسْلِمُونَ
(7)
. [راجع: 1392، تحفة: 9726، 10643].
44 - بَابُ مَنْ بَايَعَ مَرَّتَيْنِ
(8)
"وَرَسُولِهِ" في هـ، ذ:"وَسُنَّة رَسُولِهِ". "الْمُهَاجِرُونَ" في ذ: "وَالْمُهَاجِرُونَ".
===
منهما العهد، فلما أصبح عرض على عليّ رضي الله عنه فلم يوافقه على بعض الشروط، وعرض على عثمان رضي الله عنه فقبل، "ف"(13/ 197).
(1)
أي: قدموا إلى مكة فحجوا مع عمر ورافقوه إلى المدينة، "ف"(13/ 197).
(2)
أي: لا يجعلون له مساويًا بل يرجحونه، "ف"(13/ 197).
(3)
أي: من اختياري لعثمان، "ك"(24/ 242).
(4)
أي: من المخالفة أو الملامة ونحوهما، "ك"(24/ 242).
(5)
أي: مخاطبًا لعثمان، "ك"(24/ 242)، "ع"(16/ 455).
(6)
أي: كتاب الله.
(7)
عطف العام على الخاص.
(8)
في حالة واحدة للتأكيد، "ع"(16/ 455).
7208 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ
(1)
، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ
(2)
، عَنْ سَلَمَةَ
(3)
قَالَ: بَايَعْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ
(4)
فَقَالَ لِي: "يَا سَلَمَةُ أَلَا تُبَايعُ؟ ". قُلْتُ: يَا رَدسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَايَعْتُ فِي الأَوَّلِ
(5)
. قَالَ: "وَفِي الثَّانِي"
(6)
. [راجع: 2960].
45 - بَابُ بيْعَةِ الأَعْرَابِ
(7)
"فِي الأَوَّلِ" في هـ، ذ:"فِي الأُولَى". "وَفِي الثَّانِي" في هـ: "وَفِي الثَّانِيَة".
===
(1)
هو: الضحاك، المشهور بالنبيل بفتح النون وكسر الموحدة، والبخاري كثيرًا ما يروي عنه بالواسطة، "ك"(24/ 242)، "ع"(16/ 456).
(2)
هذا الحديث ثلاثي.
(3)
ابن الأكوع.
(4)
قوله: (تحت الشجرة) أي: التي في الحديبية وهي التي نزل فيها: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] وهذه بيعة تسمى بيعة الرضوان، وهذا هو الحادي والعشرون من ثلاثيات البخاري، "ك" (24/ 242). قوله:"وفي الثاني" يحتمل أن يكون سبب التكرار تقويته وتثبيته فيما لاح له من الأمور العظام بعد ذلك الوقت كما مرَّ ذكره، ولعل هذا مراد
المهلب ومن تبعه أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يؤكد بيعة سلمة لعلمه بشجاعته وعنايته في
الإسلام وشهرته في الثبات، "ع"(16/ 456).
(5)
أي: في الزمان الأول، وفي بعضها:"الأولى" أي: في جملة الطائفة الأولى أو في الساعة الأولى، "ك"(24/ 242).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 2960) في "الجهاد".
(7)
هم سُكَّان البادية، لا واحد له، يجمع على أعاريب، "ق" (ص:118).
7209 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ
(1)
، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا
(2)
بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلَامِ، فَأَصَابَهُ وَعْكٌ
(3)
فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، فَخَرَجَ
(4)
، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ
(5)
، تَنْفِي خَبَثَهَا
(6)
، وَيُنْصِّعُ
(7)
(8)
طِيِّبُهَا". [راجع: 1883، أخرجه: م 1383، ت 3920، س 4185، تحفة: 3071].
"وَيُنصَّعُ" في نـ: "وَتُنْصِّعُ".
===
(1)
القعنبي.
(2)
اسمه قيس، "مق" (ص: 342)، من شواذ النسب.
(3)
بفتح الواو وسكون العين: الحمى وشدة الحر ووجع البدن، "ك"(24/ 243).
(4)
أي: من المدينة.
(5)
هو ما ينفخ الحداد فيه، "ك"(24/ 243).
(6)
بفتحتين، وبالضم والسكون: هو الرديء والغش. أي: ينفي من لا خير فيه،"ع"(16/ 456).
(7)
من المجرد أي: النصوع، بمعنى الخلوص، لازم، فـ "طيبها" فاعله. أو من التفعيل، أو من الإفعال؛ بمعنى الإخلاص والتميز، مُتَعَدٍّ، فـ "طيبها" مفعوله. مرَّ ضبطه (برقم: 1883).
(8)
قوله: (وينصع) من النصوع بالنون والمهملتين: الخلوص، و"طيبها" بكسر الطاء وإسكان التحتانية وفتحها وكسر التحتانية الشديدة: فاعله، أي: يخلص طيبها، ومن التنصيع، و"طيبها" مفعوله، "ك"(24/ 243).
46 - بَابُ بيْعَةِ الصَّغِيرِ
7210 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ
(1)
"حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ".
===
(1)
قوله: (حدثنا عبد الله بن يزيد) أبو عبد الرحمن مولى آل عمر بن الخطاب المقرئ، من الإقراء. أصله من ناحية البصرة وسكن مكة، وكثيرًا روى البخاري عنه بدون الواسطة كما في "التهجد". "وسعيد بن أبي أيوب" الخزاعي المصري، واسم أبي أيوب: مقلاص بالقاف والمهملة. قوله: "وكان يضحي بالشاة الواحدة
…
" إلخ، وهذا الأثر الموقوف صحيح بالسند المذكور إلى عبد الله.
قال الكرماني (24/ 243 - 244): جاز شاة من أهل البيت لأنها سنة على الكفاية، هذا على مذهب الشافعي. وأما عند أبي حنيفة وصاحبيه وزفر: واجب؛ ودليلهم حديث رواه الترمذي وأبو داود والنسائي عن المحبق بن سليم قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات فسمعته يقول: "أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية" وهذا صفة الوجوب، وقال عليه السلام: "من وجد سعة ولم يضحِّ فلا يقربن مصلَّانا"، ومثل هذا الوعيد لا يلحق إلا بترك الواجب، كذا في "الهداية" (4/ 455) قاله في "اللمعات"، فعندهم لا يجزئ شاة واحدة عن فوق الواحد.
قال في "الهداية"(4/ 456): القياس أن لا يجوز شيء من البقر والبدنة إلا عن واحد؛ لأن الإراقة واحدة وهي القربة إلا أنا تركناه بالأثر فيهما، ولا نص في الشاة فبقي على القياس، انتهى مع تغير. ومثل هذا الحديث محمول على المشاركة في الثواب أو على أن أحدًا من أهل بيته لم يكن غنيًّا فضحى عن نفسه، فظنوا أنه ضحى الشاة عن جميع أهل بيته. وأما ما أخرجه مالك وابن ماجه والترمذي وصححه من طريق عطاء بن يسار: "سألت
قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ
(1)
ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ - قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ
(2)
زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ
(3)
، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامِ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هُوَ صَغِيرٌ"
(4)
فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَه، وَكَانَ يُضحِّي
(5)
بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ. [راجع: 2501].
===
أبا أيوب: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى يباهي الناس، فصارت كما ترى"، فليس فيه دلالة على كفاية شاة واحدة للمرأة الغنية إذا ضحى زوجها، بل لعل ذلك لمن لم يكن زوجته غنية، مع أنه يحتمل أن يكون معنى الحديث أنه كان يضحي بالشاة عنه وبالشاة عن أهل بيته، كذا في "الخير الجاري".
وأما حديث ذبح النبي صلى الله عليه وسلم كبشين وقال في آخره: "اللَّهم منك ولك عن محمد وأمته" فقال علي القاري: أمته أي: العاجزين عن متابعته في سُنَّة أضحيته، وهو يحتمل التخصيص بأهل زمانه والتعميم المناسب لشمول إحسانه، والأول يحتمل الأحياء والأموات أو الأخير منهما. ثم المشاركة إما محمولة على الثواب وإما على الحقيقة، فيكون من خصوصية ذلك الجناب، انتهى، [انظر "المرقاة" (3/ 568 - 569)].
(1)
إنما قال: "هو "إشعارًا بأنَّ ذِكْر نسبه منه لا من شيخه، "ك"(24/ 243).
(2)
بفتح المهملة وكسر القاف، "ك"(24/ 243).
(3)
القرشي المصري.
(4)
ومراد البخاري من الحديث: أن بيعة الصغير لا تصح، ولهذا لم يبايعه. ومرَّ الحديث (برقم: 2501) في "كتاب الشركة"، "ك"(24/ 244).
(5)
أي: عبد الله.
47 - بَابُ مَنْ بَايَعَ ثُمَّ اسْتَقَالَ الْبَيْعَةَ
(1)
7211 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبدِ اللَّهِ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلَامِ فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ
(2)
بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى الأَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى. ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي. فَأَبَى. فَخَرَجَ الأَعْرِابِيُّ
(3)
، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وُينْصَّعُ طَيِّبُهَا". [راجع: 1883، أخرجه: م 1383، ت 392، س 4185، تحفة: 3071].
48 - بَابُ مَنْ بَايَعَ رَجُلًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِلدُّنْيَا
7212 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ
(4)
، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ
(5)
، عَنِ الأَعْمَشِ،
"فَخَرَجَ" في نـ: "قَالَ: فَخَرَجَ"، وفي نـ:"وَخَرَجَ". "ويُنَصِّعُ" في نـ: "وَتُنْصَّعُ". "لِلدُّنْيَا" في نـ: "لِدنْيَا".
===
(1)
أي: طلب إقالة البيعة، "ع"(16/ 458).
(2)
بفتح الواو وسكون المهملة وقد يفتح: الحمى، وقيل: ألمها، وقيل: أرعادها، "ف"(13/ 200).
(3)
أي: من المدينة راجعًا إلى البدو، "ف"(13/ 200).
(4)
لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي، "ع"(16/ 458).
(5)
بالحاء المهملة والزاي، اسمه محمد بن ميمون اليشكري، "ك"(24/ 244)، "ع"(16/ 458).
عَنْ أَبي صَالِحٍ
(1)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ
(2)
لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ
(3)
يَوْمَ الْقِيَامَةِ
(4)
، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ. وَرَجُل بَايَعَ إِمَامًا
(5)
===
(1)
اسمه ذكوان السمان الزيات.
(2)
أي: ثلاثة أشخاص، "ع"(16/ 458).
(3)
قوله: (لا يكلمهم الله) عدم تكليم الله إياهم عبارة عن عدم الالتفات إليهم، وعدم تزكيته إياهم عبارة عن عدم قبول أعمالهم. قوله:"بعد العصر" وإنما قيد بقوله: "بعد العصر" تغليظًا؛ لأنه أشرف الأوقات في النهار؛ لرفعِ الملائكة الأعمالَ واجتماعِ ملائكة الليل والنهار فيه، ولهذا تغلظ الأيمان به. قوله:"لقد أعطي بها" وقع مضبوطًا بضم الهمزة وكسر الطاء على البناء للمجهول، وكذا قوله في آخر الحديث:"ولم يعط" بضم أوله وفتح الطاء، وفي بعضها: بفتح الهمزة والطاء على البناء للفاعل والضمير للحالف وهي أرجح. ووقع في رواية عبد الواحد بلفظ: "لقد أعطيت بها"، وفي رواية أبي معاوية:"فحلف له بالله لأخذها بكذا" أي: لقد أخذها. وقال الكرماني ما ملخصه: أن المذكور في "الشرب"(برقم: 2369) مكان المبايع للإمام: الحالفُ لاقتطاع مال رجل مسلم، فهم أربعة لا ثلاثة!! ثم أجاب: بأن التخصيص بعدد لا ينفي الزائد عليه، انتهى. ويحتمل أن يكون كل من رواته حفظ ما لم يحفظ الآخر لأن المجتمع من الحديثين أربع خصال، وكل واحد من الحديثين مصدَّر بثلاثة؛ فكأنه كان في الأصل أربعة فاقتصر كل من الراويين على واحد ضمه مع الاثنتين اللتين توافقا عليهما، فصار في رواية كل منهما ثلاثة، ملتقط من "ع"(16/ 458 - 459)، "ف"(13/ 202).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 2358).
(5)
قوله: (ورجل بايع الإمام
…
) إلخ، استحقاقه هذا الوعيد لكونه غشَّ إمام المسلمين، ومن لازم غش الإمام غش الرعية؛ لما فيه من التسبب
لَا يُبَايعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا
(1)
، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ. وَرَجُلٌ يُبَايِعُ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَحَلَفَ باللَّهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا
(2)
كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَه، فَأَخَذَهَا
(3)
، وَلَمْ يُعْطَ بِهَا"
(4)
. [راجع: 2358، تحفة: 12493].
"لِدُنْيَا" كذا في ذ، ولغيره:"لِدُنْيَاهُ". "وَفَى لَهُ" في نـ: "وَفَاه"، وفي نـ:"وَفَا لَهُ". "يُبَايِعُ" كذا في سـ، حـ، وفي هـ، ذ:"بَايَعَ".
===
إلى إثارة الفتنة، ولا سيما إن كان ممن يتبع على ذلك. والأصل في مبايعة الإمام أن يبايعه على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فمن جعل مبايعته لمال يعطاه دون ملاحظة المقصود في الأصل فقد خسر خسرانًا مبينًا ودخل في الوعيد المذكور، "ف" (13/ 203) ملخصًا. قال الكرماني: فإن قلت: المذكور في "الشرب" مكان "لا يكلمهم الله": "لا ينظر إليهم"؟ قلت: الغرض منهما واحد وهو الخذلان والتحقير. فإن قلت: ثمة: "منعه من ابن السبيل" وههنا: "يمنع منه ابن السبيل"، فهل يتفاوت المقصود في أن يكون ممنوعًا والرجل ممنوعًا منه وبالعكس. قلت: المفهومان متغايران لكنهما متلازمان مقصودًا، "ك"(24/ 245).
(1)
بدون التنوين، "ك"(24/ 244).
(2)
أي: في مقابلتها، والباء للمقابلة نحو: بعت هذا بذاك، "ك"(24/ 245).
(3)
أي: المشتري بالقيمة التي ذكر البائع أنه يعطى فيها [كذا] كاذبًا، اعتمادًا على كلامه، "ك"(24/ 245)، "ع"(16/ 458).
(4)
أي: والحال أنه لم يُعطَ ذلك المقدار مقابل سلعته، "ك"(24/ 245)، "ع"(16/ 459).
49 - بَابُ بَيْعَةِ النِّسَاءِ
رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ
(1)
.
7213 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيّ. ح وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُس، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ
(2)
الْخَوْلَانِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي مَجْلِسٍ: "تُبَايعُونِّي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا
(3)
بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا
(4)
، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ
"رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ" زاد في نـ: "عن النبي صلى الله عليه وسلم ". "أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ". "فِي مَجْلِسٍ" في ذ: "فِي الْمَجْلِسٍ".
===
(1)
أشار بذلك إلى ما ذكر من حديث ابن عباس في "العيدين"(ح: 978) من رواية طاوس عنه،"ع"(16/ 459).
(2)
هو عائذ الله بن عبد الله بن عمرو الدمشقي، قاضى دمشق، مات سنة ثمانين، "ع"(16/ 459).
(3)
قوله: (تبايعونّي على أن لا تشركوا
…
) إلخ، فإن قلت: الترجمة في بيعة النساء. قلت: لما ورد في القرآن في بيعتهن نسب إليهن، وإن بويع بها الرجال، "ك" (24/ 246). قال العيني (16/ 459): وجه ذكر هذ الحديث في ترجمة بيعة النساء؛ لأنها وردت في القرآن في حق النساء فعرفت بهن، ثم استعملت في الرجال؟ قلت: وقد وقع في بعض طرقه عن عبادة قال: "أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء: أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق ولا نزني
…
" الحديث.
(4)
مرَّ الحديث مع إسناده (برقم: 18).
تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوني فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ
(1)
، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ". فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ. [راجع: 18].
7214 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ
(2)
، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالْكَلَامِ
(3)
بِهَذِهِ الآيَةِ
(4)
: {وَلَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا} قَالَتْ: وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرَأَةٍ، إِلَّا امْرأَةً يَمْلِكُهَا
(5)
. [راجع: 2713، أخرجه: ت 3306، تحفة: 16640].
"وَلَا تَعْصُونِي" في نـ: "وَلَا تَعْصُوا"، وفي نـ:"وَلَا تَعْصُوهُ". "فَعُوقِبَ به" في نـ: "فَعُوقِبَ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ". "حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ" في نـ: "أَخبرَنَا مَعْمَرٌ". " {لَا تُشْرِكُوا} " في نـ: "لَا تُشْرِكْنَ"، وفي نـ:"أَلَّا تُشْرِكْنَ".
===
(1)
هذا صريح في الرد على من قال: إن الحدود زاجرات لا مكفِّرات، "ع"(16/ 460).
(2)
ابن غيلان.
(3)
قوله: (بالكلام) لأن المصافحة ليست شرطًا لصحة البيعة. وقال الكرماني: فيه إشارة إلى أن بيعة الرجال كانت باليد أيضًا، "ع"(16/ 460).
(4)
وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ
…
} الآية [الممتحنة: 12]، "ع"(16/ 460)، "ك"(24/ 246).
(5)
إما بالنكاح أو بملك اليمين، "ك"(24/ 246)، "ع"(16/ 460).
7215 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ
(1)
، عَنْ حَفْصَةَ
(2)
، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ
(3)
قَالَتْ: بَايَعْنَا
(4)
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ عَلَيَّ {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12] وَنَهَانَا عَن النِّيَاحَةِ، فَقَبَضتِ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا فَقَالَتْ: فُلَانَةُ
(5)
أَسْعَدَتْنِي
(6)
وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا
(7)
.
"فَقَرَأَ عَلَيَّ" في هـ، ذ:"فَقَرَأَ عَلَينا".
===
(1)
السختياني.
(2)
بنت سيرين، أخت محمد بن سيرين.
(3)
قوله: (عن أم عطية) بفتح المهملة الأولى، اسمها نسيبة - مصغر النسبة بالنون والمهملة والموحدة - الأنصارية، وقيل: بفتح النون أيضًا. ومرَّ في "كتاب الزكاة"(برقم: 1446) ما يوهم أنها غير أم عطية حيث قالت: "عن أم عطية قالت: بعث إلى نسيبة الأنصارية بشاة"، لكن الصحيح أنها هي إياها لا غيرها. وقوله: "فقبضت
…
" إلخ، فإن قلت: هذا مشعر بأن البيعة لهن كانت أيضًا باليد؟ قلت: لعلهن كن يشرن باليد عند المبايعة بلا مماسة. قوله: "فلم يقل شيئًا" فإن قلت: لم ما قال صلى الله عليه وسلم شيئًا لها وسكت عنها ولم يزجرها؟ قلت: لعله عرف أنه ليس من جنس النياحات المحرمة، أو ما التفت إلى كلامها حيث بين حكمها لهن، أو كان جوازها من خصائصها. والمفهوم من "صحيح مسلم "أن"فلانة" كناية عن أم عطية الراوية للحديث، "ك" (24/ 246 - 247)، "ع" (16/ 460).
(4)
بصيغة المتكلم، وإن صحت الرواية بصيغة الغائب فالمعنى صحيح، "ك"(24/ 246)،) "ع"(16/ 460).
(5)
غير منصرف، "ك"(24/ 246)، "ع"(16/ 460)
(6)
أي: في النياحة، "ك"(24/ 246)، "ع"(16/ 460).
(7)
أي: أن أكافئها بالنياحة، "ك"(24/ 246)، "ع"(16/ 460).
فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَذَهَبَتْ
(1)
ثُمَّ رَجَعَتْ
(2)
، فَمَا وَفَتِ امْرَأَةٌ
(3)
إِلَّا أُمُّ سُلَيْمٍ
(4)
وَأُمُّ الْعَلَاءِ
(5)
وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ أَوِ ابْنَةُ
(6)
أَبِي
(7)
سَبْرَةَ وَامْرَأةُ مُعَاذٍ. [راجع: 1306، تحفة: 18120].
"ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ" في نـ: "بِنْتُ أَبِي سَبْرَةَ".
===
(1)
أي: لأن تساعدها أو لغيره، "ك"(24/ 246)، "ع"(16/ 460).
(2)
وبايعها، "ك"(24/ 246)،"ع"(16/ 460).
(3)
قوله: (فما وفت امرأة إلا أم سليم
…
) إلخ، وقد مرَّ في "الجنائز" (برقم: 1306): "فما وفت لنا امرأة غير خمس نسوة: أم سليم وأم العلاء وابنة أبي سبرة امرأة معاذ وامرأتان، أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى". قال العيني (6/ 145) هناك: فعلى الأول تكون بنت أبي سبرة امرأة معاذ، وعلى الثاني تكون غيرها؛ لأنه عطف على "ابنة أبي سبرة" بقوله:"وامرأة معاذ"، وعلى هذا: الخمس هي: أم سليم وأم العلاء وابنة أبي سبرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى. ولقد خلط بعضهم في هذا المكان بالنقل من مواضع كثيرة غير الصحاح، وتكلم بالتخمين والحسبان، والصحيح ما في "الصحيح"، والله أعلم. وقال النووي: قولها: "فما وفت منا امرأة إلا خمس" معناه: لم يف ممن بايع مع أم عطية - في الوقت الذي بايعت فيه - من النسوة، لا أنه لم يترك النياحة من المسلمات غير خمس. وقال: فيه تحريم النوح وعظم قبحه والاهتمام بإنكاره والزجر عنه؛ لأنه مهيج للحزن ودافع للصبر، وفيه مخالفة للتسليم والقضاء والإذعان لأمر الله تعالى، انتهى.
(4)
بالضم، أم أنس، اسمها مليكة، "ع"(16/ 460).
(5)
بنت الحارث بن خارجة بن ثعلبة الأنصارية، "ع"(16/ 461).
(6)
شك من الراوي.
(7)
مرَّ الحديث وبيانه (برقم: 1306).
50 - بَابُ مَنْ نَكَثَ بَيْعَةً
(1)
وَقَوْلِهِ تَعَالَى
(2)
: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} الآية [الفتح: 10].
7216 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
(3)
، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(4)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: بَايِعْنِي عَلَى الإِسْلَامِ. فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلَامِ، ثمَّ جَاءَ الْغَدَ مَحْمُومًا فَقَالَ: أَقِلْنِي
(5)
، فَأَبَى. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: "الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ
(6)
،
"بَيْعَةً" في هـ، ذ:"بَيْعَتَهُ". "وَقَوْلِهِ تَعَالَى" في نـ: "وقَالَ اللَّهُ تَعالَى". "حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ".
===
(1)
أي: نقضها.
(2)
قوله: (وقوله تعالى) بالجر عطف على "من نكث" وهكذا في رواية أبي ذر، وفي رواية غيره:"وقال الله تعالى" وساق الآية كلها، وفي رواية كريمة وأبي زيد إلى قوله:{فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} ثم قال: "إلى قوله: {فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} ". قوله: " {يُبَايِعُونَكَ} " الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم، يعني بالحديبية، وكانوا ألفًا وأربع مائة. قوله:" {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} " يعني عند المبايعة. قوله: " {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} " أي: فمن نقض البيعة فإنما ينقضها على نفسه، "ع"(16/ 461).
(3)
أي: الفضل بن دكين.
(4)
ابن عيينة.
(5)
الإقالة: فسخ البيع، "ك"(24/ 247).
(6)
هو بالكسر: غير الحداد، وهو المبنيّ من الطين، وقيل: زقّ ينفخ به النار والمبني هو الكور، "مجمع"(4/ 462).
تَنْفِي
(1)
(2)
خَبَثَهَا، ويُنْصِّعُ طَيْبُهَا"
(3)
. [راجع: 1883].
51 - بَابُ الاسْتِخْلَافِ
7217 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى
(4)
، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
(5)
قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ
(6)
قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَارَأْسَاهْ
(7)
. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ذَاكِ
(8)
لَوْ كَانَ وَأَنَا
(9)
حَيٌّ
"ويُنَصَّعُ" في نـ: "وَتُنصِّعُ". "أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ".
===
(1)
قوله: (كالكبر تنفي خبثها) أراد المنفخ، فهو ينفي عن النار الدخان حتى يبقى خالص الجمر، وإن أراد الموضع المشتمل على النار فهو لشدة حرارته ينزع خبث الحديد، ويخرج خلاصة ذلك. فإن قيل: المشبه به الكير أو صاحب الكير؟ قلت: ظاهر اللفظ أنه الكير، والمناسب للتشبيه أنه صاحبه، "مجمع"(4/ 462 - 463).
(2)
أي: تخرج أو تزيل رديئها.
(3)
مرَّ الحديث وتحقيقه (برقم: 7209).
(4)
ابن بكر بن عبد الرحمن، أبو زكريا التميمي النيسابوري الحنظلي، وهو شيخ مسلم أيضًا، "تق" (رقم: 7668)، "ع"(16/ 462).
(5)
الأنصاري.
(6)
ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
(7)
هو قول المتفجع على الرأس من الصداع ونحوه، "ك"(24/ 247)، "ع"(16/ 462).
(8)
أي: موتك، والسياق يدل عليه، "ك"(24/ 248)، "ع"(16/ 462).
(9)
حال.
فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ". فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَاثُكْلِيَاهْ
(1)
، وَاللَّهِ إِنِّي لأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي! وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَظَلِلْتَ
(2)
آخِرَ يَوْمِكَ
"وَاثُكْلِيَاهْ" في نـ: "وَاثُكْلَتَاهْ"، وفي هـ، ذ:"وَاثُكْلَاهْ". "كَانَ ذَلِكَ" في نـ: "كَانَ ذَاكَ".
===
(1)
قوله: (واثكلاه) أي: وافقدان المرأة ولدها. وهذا كلام يجري على لسانهم عند إصابة مصيبة أو خوف مكروه ونحو ذلك. وفي بعضها: "واثكلتاه" بزيادة الفوقانية في آخره، وفي بعضها:"واثكلياه" بزيادة التحتانية وكسر اللام، وفي بعضها:"واثكلاه" بلفظ الصفة وفتح اللام، "ك"(24/ 248).
(2)
قوله: "لظللت" بكسر اللام. أي: دنوت وقربت في "آخر يومك معرسًا". ويقال: أظلك شهر كذا أي: دنا منك، وأظلك فلان: إذا دنا منك كأنه ألقى عليك ظله. قوله: "معرسًا" بكسر الراء، من أعرس بأهله إذا بنى بها، ويقال: أعرس الرجل فهو معرس: إذا دخل بامرأته عند بنائه بها. قوله: "بل أنا وارأساه" أي: أضرب أنا عن حكاية وجع رأسك وأشتغل بوجع رأسي؛ إذ لا بأس بك وأنت تعيشين بعدي، عرفه بالوحي. قوله:"أن أرسل إلى أبي بكر وابنه" قيل: ما فائدة ذكر الابن إذ لم يكن له دخل في الخلافة؟ وأجيب: بأن المقام مقام استمالة قلب عائشة، يعني: كما أن الأمر مفوض إلى والدك كذلك الائتمار في ذلك بحضور أخيك، فأقاربك هم أهل أمري وأهل مشورتي، أو لما أراد تفويض الأمر إليه بحضورها أراد إحضار بعض محارمه حتى لو احتاج إلى رسالة إلى أحد أو قضاء حاجة لتصدى لذلك. وفي بعضها:"أو آتيه" من الإتيان، قال في "المطالع": قيل: إنه هو الصواب. قوله: "أن يقول
…
" إلخ، أي: كراهة أن يقول قائل: الخلافة لي أو لفلان، أو مخافة أن يتمنى أحد ذلك، أي: أعينه قطعًا للنزاع والأطماع.
مُعْرِّسًا
(1)
بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ
(2)
، لَقَدْ هَمَمْتُ - أَوْ أَرَدْتُ
(3)
- أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ فَأَعْهَدَ
(4)
أَنْ يَقُولَ
(5)
الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ. ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ
(6)
اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ". [راجع: 5666].
7218 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ
(7)
، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ:
"وَابْنِهِ" في نـ: "أو آتِيهِ". "حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ".
===
"ثم قلت: يأبى الله" لغير أبي بكر "ويدفع المؤمنون" غيره أو بالعكس، شك من الراوي. وفيه علم من أعلام النبوة، "ك"(24/ 248 - 249)، "ع" (16/ 462). مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "لقد هممت - أو أردت - أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد
…
" إلى آخره. قال المهلب: فيه دليل قاطع على خلافة الصديق رضي الله عنه، وهذا مما وعد به لأبي بكر رضي الله عنه فكان كما وعد، وذلك من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم "ع".
(1)
بكسر الراء مشددة، "قس"(15/ 207)، من أعرس، "ك"(24/ 248).
(2)
مرَّ الحديث مع تحقيقه (برقم: 5666) في "كتاب المرضى".
(3)
شك من الراوي.
(4)
أي: أوصي بالخلافة، "ك"(24/ 248)، "ع"(16/ 462)، أي: أعيِّن القائم بالأمر بعدي، "ف"(13/ 206).
(5)
أي: كراهة أن يقول، "ك"(24/ 248).
(6)
شك من الراوي.
(7)
الثوري.
أَلَا تَسْتَخْلِفُ
(1)
؟ قَالَ: إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ
(2)
مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ
(3)
فَقَالَ: رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ
(4)
(5)
، وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْهَا
(6)
كَفَافًا
(7)
، لَا لِي وَلَا عَلَيَّ
(8)
،
…
===
(1)
أي: ألا تجعل خليفة بعدك؟ "ع"(16/ 463).
(2)
أي: التصريحَ بالشخص المعين وعَقد الأمرِ له، وإلا فقد نصب الأدلة على خلافة الصديق رضي الله عنه، "ك"(24/ 249).
(3)
أي: أثنى الصحابة الحاضرون على عمر، "ع"(16/ 463).
(4)
بإثبات الواو، وسقطت من اليونينية.
(5)
قوله: (راغب وراهب) يحتمل معنيين: أحدهما: أن الذين أثنوا عليه إما راغب في حسن رأيي فيه وتقريبي إياه، وإما راهب من إظهار ما يضمره من كراهيته، أو المعنى: راغب فيما عندي وراهب مني. وثانيهما: أن الناس في أمر الخلافة صنفان راغب في الخلافة وراهب منها، فإن ولّيت الراغب فيها خشيت أن لا يعان عليها، وإن ولّيتُ الراهبَ عنها خشيت أن لا يقوم بها. ولهذا توسط حاله بين الحالتين حيث جعلها لأحد من الطائفة الستة ولم يجعلها لواحد معين منهم. ويحتمل أن يراد أني راغب فيما عند الله راهب من عذابه، فلا أعول على ثنائكم، وذلك يشغلني عن العناية بالاستخلاف عليكم. وفيه دليل على أن الخلافة تحصل بنص الإمام السابق. قوله:"كفافًا" أي: تكف عني وأكف عنها أي: رأسًا برأس، لا لي ولا عليَّ، هذا ملتقط من "ف"(13/ 207)، "ع"(16/ 463)، "ك"(24/ 249)، "مجمع"(2/ 348).
(6)
أي: من الخلافة.
(7)
بفتح الكاف وتخفيف الفاء أي: مكفوفًا عني شرها وخيرها.
(8)
تفسير لقوله: "كفافًا".
لَا أَتَحَمَّلُهَا
(1)
حَيًّا وَلا مَيِّتًا. [أخرجه: م 1823، تحفة: 10543].
7219 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ
(2)
، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الآخِرَةَ
(3)
(4)
حِينَ جَلَسَ
(5)
عَلَى الْمِنْبَرِ،
"وَلا مَيِّتًا" كذا في ذ، وفي نـ:"وَمَيِّتًا". "حَدَّثَنَا هِشَامٌ" في ذ: "أَخْبرَنَا هِشَامٌ". "جَلَسَ" في نـ: "جَلَسَ عُمَرُ".
===
(1)
أي: لا أجمع في تحملها بينهما، فلا أعين شخصًا بعينه، "ك"(24/ 249).
(2)
ابن يوسف.
(3)
صفة الخطبة.
(4)
قوله: (خطبة عمر الآخرة) وأما الخطبة الأولى فهي التي خطب بها يوم الوفاة وقال فيها: "إن محمدًا لم يمت وإنه سيرجع" وهي كالاعتذار من الأولى، "ك" (24/ 249). قوله: "إن أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
" إلخ، قال ابن التين: قدم الصحبة لشرفها، ولما كان غيره قد يشاركه فيها عطف عليها ما انفرد به أبو بكر وهو كونه ثاني اثنين، وهي أعظم فضائله التي استحق بها أن يكون خليفة من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال: "وإنه أولى بأموركم"، "ف" (13/ 209)، "ع" (16/ 464). قوله: "فبايعوه. وكانت طائفة
…
" إلخ، فيه إشارة إلى بيان السبب في هذه المبايعة، وإنه لأجل من لم يحضر في سقيفة بني ساعدة، "ف" (13/ 209). السقيفة بفتح المهملة: الساباط والطاق، كانت مكان اجتماعهم للحكومات، "ك" (24/ 255). قال في "المجمع" (3/ 88): هي صُفَّة لها سَقفٌ، فعيلة بمعنى مفعولة. الساباط: سقيفة بين دارين تحتها طريق، جمعها سوابيط وساباطات، "قاموس" (ص: 616).
(5)
أي: عمر.
وَذَلِكَ الْغَدَ
(1)
مِنْ يَوْمٍ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَتَشَهَّدَ وَ
(2)
أَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ
(3)
لَا يَتَكَلَّم، قَالَ: كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَدْبُرَنَا
(4)
- يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ - فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ
(5)
صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ بَينَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا
(6)
تَهْتَدُونَ بِهِ، هَدَى اللَّهُ
(7)
مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم. وإنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَثَانِي اثْنَيْنِ، وَإِنَّهُ أَوْلَى الْمُسْلِمِينَ بِأمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوه، وَكَانَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ
(8)
.
قَالَ الزُّهْرِيُّ
(9)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لأَبِي بَكْرٍ
"قَدْ جَعَلَ" في نـ: "جَعَلَ". "تَهْتَدُونَ بِهِ هَدَى اللَّهُ" في نـ: "تَهْتَدُونَ بِهِ بِمَا هَدَى اللَّهُ"، وفي نـ:"تَهْتَدُونَ بِهُدَى اللهِ". "وَثَانِي" سقطت الواو في نـ. "وَإِنَّهُ" في نـ: "فَإِنَّهٌ".
===
(1)
منصوب على الظرفية أي: إتيانه بالخطبة في الغد "من يوم توفي".
(2)
حالية.
(3)
أي: ساكت.
(4)
بضم الموحدة أي: يموت بعدنا ويخلفنا، يقال: دبرني فلان خلفني، "ك"(24/ 249).
(5)
من كلام عمر رضي الله عنه.
(6)
يعني قرآنًا.
(7)
جملة فعلية، "ك"(24/ 250).
(8)
أي: في اليوم المذكور، وهو صبيحة اليوم الذي بويع فيه في سقيفة بني ساعدة، "ف"(13/ 209).
(9)
موصول بالإسناد المذكور، "ع"(16/ 464)، "ف"(13/ 209).
يَوْمَئِذٍ: اصْعَدِ الْمِنْبَرَ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ
(1)
، فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً
(2)
. [طرفه: 7269، تحفة: 10412].
7220 -
حَدَّثَنَا عَبدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ؟ كَأَنَّهَا تُرِيدُ الْمَوْتَ
(3)
. قَالَ: "إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ"
(4)
. [راجع: 3659].
7221 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى
(5)
، عَنْ سُفْيَانَ
(6)
قَالَ:
"صَعِدَ الْمِنْبَرَ" في نـ: "أُصْعِدَ الْمِنْبَرُ"، وفي هـ:"أَصْعَدَه الْمِنْبَرَ". "حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ". "فَقَالَتْ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَتْ". "فَأْتِي" في نـ: "فَأْتِ". "حَدَّثَنَا يَحْيَى" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَىَ".
===
(1)
قوله: (حتى صعد المنبر) وفي رواية الكشميهني: "حتى أصعده". قال ابن التين: سبب إلحاح عمر في ذلك ليشاهد أبا بكر مَنْ عرفه ومن لم يعرفه، انتهى. وكان توقف أبي بكر في ذلك من تواضعه وخشيته. قوله:"فبايعه الناس" أي: كانت البيعة الثانية أعم وأشهر وأكثر من المبايعة التي كانت في سقيفة بني ساعدة، "ف"(13/ 209)، "ع"(16/ 464).
(2)
أي: شائعة.
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 3659).
(4)
قال بعضهم: هذا من أبين الدلائل على خلافته، "ك"(24/ 250).
(5)
القطان.
(6)
الثوري.
حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ مُسْلِم، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ
(1)
لِوَفْدِ
(2)
بُزَاخَةَ
(3)
:
===
(1)
أي: أنه قال، ولفظ "أنه" يحذفونها كثيرًا من الخط، "ف"(13/ 209).
(2)
بفتح الواو وسكون الفاء، هم القوم يجتمعون ويردون البلاد، واحدهم وافد، ولذلك يقال للذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاد وانتجاع وغير ذلك، "ع"(16/ 465).
(3)
قوله: (لوفد بزاخة) بضم الموحدة وتخفيف الزاي وبالمعجمة، موضع بالبحرين، أو ماء لبني أسد وغطفان، كان فيها حرب المسلمين في أيام الصديق رضي الله عنه، وكانوا ارتدوا ثم تابوا فأوفدوا رسلهم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه يعتذرون إليه، فأحب أبو بكر أن لا يقضي فيهم إلا بعد المشاورة في أمرهم فقال لهم: ارجعوا واتبعوا أذناب الإبل في الصحارى حتى يري الله خليفة نبيه
…
إلخ. وذكر يعقوب بن محمد الزهري: ثنا إبراهيم بن سعد عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: "قدم أهل بزاخة وهم من طيّ يسألون الصلح، فقال أبو بكر: اختاروا إما الحرب المجلية هاما السلم المخزية، فقالوا قد عرفنا الحرب المجلية فما السلم المخزية؟ قال: ننزع منكم الحلقة والكراع، ونغنم ما أصبنا منكم وتردون علينا ما أصبتم منا وتدون لنا قتلانا ويكون قتلاكم في النار، وتتركون أقوامًا يتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة نبيه والمهاجرين أمرًا يعذرونكم به. فخطب أبو بكر فذكر ما قال وقالوا. فقال عمر: قد رأيت رأيًا وسنشير عليك، أما ما ذكرت من أن ينزع منهم الكراع والحلقة فنعم ما رأيت، وأما ما ذكرت من أن تدوا قتلانا ويكون قتلاكم في النار فإن قتلانا قاتلت على أمر الله، وأجورها على الله ليست لها ديات" فتتابع الناس على ما قال عمر.
تَتَّبِعُونَ أَذْنَابَ الإِبِلِ
(1)
حَتَّى يُرِيَ اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُهَاجِرِينَ أَمْرًا يَعْذِرُونَكُمْ بِهِ. [تحفة: 6598].
بابٌ
7222 و 7223 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا"
(2)
فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَما، فَقَالَ أَبِي: إِنَّهُ قَالَ: "كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ". [أخرجه: م 1821، تحفة: 2205، 4571].
"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ" كذا في ذ، ولغيره:"حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ". "حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ". "حَدَّثَنَا شُعْبَةُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ"، وفي مه:"حَدَّثَنِي شُعْبَةُ".
===
قلت: "المجلية" من الجلاء، الخروج عن جميع المال. و"المخزية" من الخزي، هو القرار على الذل والصغار. و"الحلقة" بسكون اللام: السلاح عامة، وقيل: هي الدرع خاصة، و"الكراع" جميع الخيل. وفائدة نزع ذلك منهم أن لا تبقى لهم شوكة ليأمن الناس من جهتهم. و"نغنم" أي: يكون ذلك غنيمة لنا. "تدون" من الدية أي: تحملون إلينا دياتهم. و"قتلاكم في النار" أي: لا ديات لهم لأنهم قتلوا بحق. و"تتركون" بضم أوله. "يتبعون أذناب الإبل" أي: في رعايتها، لأنهم إذا نزعت منهم آلة الحرب رجعوا أعرابًا في البوادي لا عيش لهم إلا ما يعود عليهم من منافع إبلهم، ملتقط من "ك"(24/ 250 - 251)، "ع"(16/ 265)، "ف"(13/ 210 - 211).
(1)
أي: في رعايتها.
(2)
قوله: (يكون اثنا عشر أميرًا) وفي رواية سفيان بن عيينة: "لا يزال أمر الناس ماضيًا ما وليهم اثنا عشر رجلًا"، وفي رواية أبي داود: "لا يزال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
هذا الدين عزيزًا إلى اثني عشر خليفة"، وقال المهلب: لم ألق أحدًا يقطع في هذا الحديث، فقوم قالوا: يكون اثنا عشر أميرًا بعد الخلافة المعلومة [مرضيين]، وقوم يقولون: يكونون متوالين إمارتهم، وقوم يقولون: يكونون في زمن واحد كلهم من قريش يدعي الإمارة. والذي يغلب على الظن أنه صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن يخبر بأعاجيب تكون من بعده الفتن حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميرًا، ولو أراد غير هذا لقال: يكون اثنا عشر أميرًا يفعلون كذا ويصنعون كذا، فلما أعراهم من الخبر عرفنا أنه أراد أنهم يكونون في زمن واحد، انتهى. وهو كلام من لم يقف على شيء من طرق الحديث غير الرواية التي في "البخاري" وقد عرفت رواية مسلم وقع فيها ذكر الصفة التي تختص بولايتهم وهو كون الإسلام عزيزًا منيعًا، ووقع في الرواية الأخرى عند أبي داود: "كلهم تجتمع عليه الأمة". ويعارض هذا العدد حديث سفينة: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا"؛ لأن الثلاثين لم يكن فيها إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن. وأيضًا يرد عليه أنه ولي الخلافة أكثر من هذا العدد!! والجواب عن الأول: أنه أراد في حديث سفينة خلافة النبوة ولم يقيده في هذا الحديث بذلك، وعن الثاني أنه لم يقل: لا يلي إلا اثنا عشر وإنما قال: يكون اثنا عشر، وقد ولي هذا العدد ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم ويحتمل أن يكون المراد من يستحق الخلافة من أئمة العدل وقد مضى منهم: الخلفاء الأربعة، ولا بد من تمام العدد قبل قيام الساعة.
وقال ابن الجوزي في "كشف المشكل"(1/ 450): فيه ثلاثة أوجه، الأول: أنه إشارة إلى ما بعده صلى الله عليه وسلم وبعد أصحابه فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم، فكأنه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني أمية وكأن قوله:"لا يزال الدين - أي الولاية - إلى أن يلي اثنا عشر خليفة" ثم ينتقل إلى صفة أخرى أشد من الأولى، وأول بني أمية يزيد بن معاوية وآخرهم مروان الحمار،
52 - بَابُ إِخْرَاجِ الْخُصُومِ وَأَهْلِ الرِّيَبِ
(1)
مِنَ الْبُيُوتِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ
(2)
وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ
(3)
أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ
(4)
.
7224 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَّالذِي نَفْسِي
"حَدَّثَنِي مَالِكٌ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ".
===
ولا يدخلهم ابن الزبير لأنه من الصحابة ولا مروان بن الحكم لكونه بويع له بعد بيعة ابن الزبير، وكان ابن الزبير أولى منه، فكان هو كالغاصب، فصحت العدة اثني عشر. والثاني: أن هذا بعد موت المهدي، وقد وجد في "كتاب دانيال": إذا مات المهدي ملك أبعده، خمسة رجال من ولد السبط الأكبر، ثم خمسة من ولد السبط الأصغر، ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر، ثم يملك بعده ولده، فيتم بذلك اثنا عشر ملكًا كل منهم إمام مهدي. الثالث: أن المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحق وإن لم تتوال أيامهم، ملتقط من "ف"(13/ 211 - 213)، "ع"(16/ 466).
(1)
جمع ريبة، وهي التهمة والمعصية، "ك"(24/ 251).
(2)
أي: بعد شهرتهم بذلك، يعني لا يتجسس عليه، وذلك الإخراج لأجل تأذي الجيران، أو لأجل مجاهرتهم بالمعاصي. [انظر "العيني" (16/ 467)].
(3)
وإنما أخرجها من البيت لأنه نهاها فلم تنته. وقيل: إنه أبعدها عن نفسه ثم بعد ذلك رجعت إلى بيتها، "ع"(16/ 467).
(4)
على أخيها لما مات، "قس"(15/ 213).
بِيَدِهِ
(1)
، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبِ يُتَحَطَّبُ
(2)
، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، تُمًّ أُخَالِفَ
(3)
إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا
(4)
سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ
(5)
حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ".
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ
(6)
(7)
: قَالَ يُونُسُ
(8)
: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سلَيمَانَ
(9)
:
…
"يُتَحَطَّبُ" في نـ: "فَيُتَحَطَّبُ"، وفي نـ:"فَيُحْطَبُ"، وفي نـ:"فَيُحَطَّبُ"، وفي نـ:"يُحْتَطَبُ"، وفي قتـ:"فَيُختَطَبُ". "أَحَدُهُمْ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَحَدُكُمْ". "قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ
…
" إلخ، ثبت هذا التفسير في سـ، ذ.
===
(1)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 644).
(2)
وفي بعضها: "يُحطَّب"، من التحطيب أي: يجمع الحطب، "ك"(24/ 251).
(3)
أي: آتيهم، أي: أخالف المشتغلين بالصلاة قاصدًا إلى بيوت الذين لم يخرجوا عنها إلى الصلاة، "ك"(24/ 252).
(4)
أي: عظمًا.
(5)
بكسر الميم: ما بين ظلفي الشاة من اللحم، وقيل: هي الظلف، "ك"(24/ 252).
(6)
هو الفربري راوي "الجامع" عن البخاري، "ف"(13/ 216).
(7)
هذا لم يثبت إلا لأبي ذر عن المستملي وحده.
(8)
ما وقفت عليه، "ع"(16/ 468).
(9)
قوله: (قال محمد بن سليمان) هو أبو أحمد الفارسي رواي "التاريخ الكبير" عن البخاري. وقد نزل الفربري في هذا التفسير درجتين،
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مِرْمَاةٌ: مَا بَيْنَ ظِلْفِ
(1)
الشَّاةِ مِنَ اللَّحْمِ، مِثْلُ مِنْسَاةٍ وَمِيضَاةٍ. الْمِيمُ مَخْفُوضَةٌ
(2)
. [راجع: 644].
53 - باب هَلْ لِلإمَامٍ أَنْ يَمْنَعَ الْمُجْرِمِينَ
(3)
وَأَهْلَ الْمَعْصِيَةِ مِنَ الْكَلامِ مَعَهُ وَالزِّيَارَةِ وَنَحْوِهِ؟
"الْمُجْرِمِينَ" في جا: "الْمَحْبُوسَ"، وفي نـ:"الْمَجُوسَ".
===
فإنه أدخل بينه وبين شيخه البخاري رجلين، أحدهما عن الآخر. قوله:"مِثل منساة وميضاة" أما "منساة" بالوزن الذي ذكره بغير همز فهي قراءة أبي عمرو ونافع في قوله تعالى: {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} [السبأ: 14]، وبعضهم يهمزها وهي قراءة الباقين بهمزة مفتوحة إلا ابن ذكوان فسكّن الهمزة، وفيها قراءات أخر في الشواذ. والمنساة: العصا، اسم آلة، من نسأ الشيء إذا أخره، "ف" (13/ 216). قوله: "ما بين ظلف الشاة
…
" إلخ، وقيل: هي الظلف، وقيل: هي سهم يتعلم عليه الرمي وهو أرذل السهام أي: لو علم أنه لو حضر صلاة العشاء لوجد نفعًا دنيويًّا وإن كان خسيسًا حقيرًا لحضرها لقصور همته ولا يحضرها لما لها من المثوبات. وإن قلت: فيه أن الجماعة فرض عين؟ قلت: كانوا هؤلاء منافقين؛ لأن المؤمنين لا يؤثرون مرماة على الجماعة معه صلى الله عليه وسلم، أو كان ذلك لاستهانتهم وعدم مبالاتهم بها، أو المراد بها الجمعة، "ك" (24/ 252).
(1)
للبقرة والشاة والظبي وشبهها، بمنزلة القدم لنا، "ق" (ص: 769).
(2)
أي: مكسورة.
(3)
قوله: (يمنع المجرمين) وفي رواية أبي أحمد الجرجاني: "المحبوس" بدل المجرمين، وكذا ذكر ابن التين
(1)
والإسماعيلي وهو أوجه؛
(1)
في الأصل: "ابن المنير".
7225 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيث، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنٍ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أنَّ عَبدَ اللهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْب مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ - قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا تَخَلَّفَ
(1)
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ - فَذَكَرَ حَدِيثَهُ -: وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَآذَنَ
(2)
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَوْبَةِ اللَّهِ
(3)
عَلَيْنَا. [راجع: 2757].
"حَدَّثَنَا يَحْيَى" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي يَحْيَى". "حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيثُ". "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ" في ذ: "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ".
===
لأن المحبوس قد لا يتحقق عصيانه، والأول يكون من عطف العام على الخاص، وهو المطابق لحديث الباب ظاهرًا، "ف"(13/ 216).
(1)
مرَّ الحديث مطوّلًا (برقم: 4418).
(2)
بالمد أي: أعلم، "ع"(16/ 468).
(3)
قال الله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} عن رسول الله إلى قوله: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118]، "ك"(24/ 252).
بسم الله الرحمن الرحيم
94 - كِتَابُ التَّمَنِّي
(1)
1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّمَنِّي وَمَنْ تَمنَّى الشَّهَادَةَ
(2)
7226 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْث،
"بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ" وقع بعده في سفـ: "مَا جَاءَ فِي التَّمَنِّي". "حَدَّثَنِي اللَّيْثُ" في نـ: "حَدَّثَنَا اللَّيْثُ"، وفي نـ:"قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ".
===
(1)
قوله: (كتاب التمني) قال علماء المعاني: الطلب فيه بالذات، وهو نوع من أنواع الطلب. وقال آخرون: الطلب فيه بالعرض، والطلب الذاتي إنما هو في الأمر والنهي فقط، ثم قالوا: الفرق بينه وبين الترجي أنه أعم منه؛ إذ هو لا يستدعي أن يمكن، وهو أيضًا أعم من أن يستدعي أن لا يمكن، والترجي يستدعي أن يمكن أي: هو مستعمل في الممكنات والممتنعات، والترجي لا يستعمل إلا في الممكنات، "ك"(25/ 2).
(2)
قوله: (باب ما جاء في التمني ومن تمنى الشهادة) كذا لأبي ذر عن المستملي، وكذا لابن بطال لكن بغير بسملة، وأثبتها ابن التين لكن حذف لفظ "باب"، وللنسفي بعد البسملة:"ما جاء في التمني"، وللقابسي بحذف الواو والبسملة وكتاب، ومثله لأبي نعيم عن الجرجاني لكن أثبت الواو وزاد بعد قوله:"كتاب التمني": "والأماني". واقتصر الإسماعيلي على "باب ما جاء في تمني الشهادة". والتمني: تفعل من الأمنية، والجمع: أماني، والتمني: إرادة تتعلق بالمستقبل، فإن كانت في خير من غير أن تتعلق بحسد فهي مطلوبة، وإلا فهي مذمومة، "ف"(13/ 217)، "ع"(16/ 469).
حَدَّثَنِي عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ
(1)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "وَالَّذِي نَفْسِي
(2)
بِيَدِهِ
(3)
لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ مَا تَخَلَّفْتُ
(4)
، وَلَوَدِدْتُ
(5)
أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَل، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَل، ثُمَّ أُحْيَا ثمَّ أُقْتَلُ". [راجع: 36، تحفة: 13186، 15198].
"حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ" في نـ: "قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ". "وَلَا أَجِدُ" في نـ: "فَلَا أَجِدُ". "وَلَوَدِدْتُ" في نـ: "لَوَدِدْتُ".
===
(1)
أي: ابن مسافر الفهمي، "ك"(25/ 2).
(2)
مر الحديث (برقم: 2797).
(3)
هو من المتشابهات، والأمة في أمثالها طائفتان: مفوِّضة ومُؤوِّلة، "ك"(25/ 3).
(4)
أي: عن سرية، "ك"(25/ 3)، "ع"(16/ 469).
(5)
قوله: (لوددت) من الودادة، وهي إرادة وقوع الشيء على وجه مخصوص يراد. وقال الراغب: الوُدّ محبة الشيء وتمني حصوله، "ع" (16/ 469). وقوله:"ثم أحيا ثم أقتل" فإن قلت: القرار إنما هو على الحياة فلم جعل النهاية هي القتل؟ قلت: المقصود منه الشهادة بختم الحال عليه، أو أن الإحياء للجزاء معلوم فلا حاجة إلى تمنيه؛ لأنه ضروري الوقوع. فإن قلت: من أين يستفاد التمني في الحديث؟ قلت: من لفظ "وددت"؛ إذ التمني أعم من أن يكون بحرف ليت، ويحتمل الاستفادة من "لولا"؛ إذ حاصله تمني عدم التخلف، "ك"(25/ 3).
7227 -
حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
(1)
، عَنِ الأَعْرَجِ
(2)
، عَنْ وأَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَد وَدِدْتُ أَنِّي لأقَاتِلُ
(3)
فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأقْتَل، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَل، تُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ". فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُهُنَّ ثَلَاثًا
(4)
(5)
، أَشْهَدُ لِلَّهِ. [راجع: 36، تحفة: 13844]
2 - بَابُ تَمَنِّي الْخَيْرِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كانَ لِي أُحُدٌ ذَهَبًا"
"أَخْبَرَنَا مَالِكٌ" في نـ: "حَدَّثَنَا مَالِكٌ"، وزاد قبله في نـ:"قَال". "لأقَاتِلُ" كذا في هـ، وفي هـ، ذ:"أُقَاتِلُ". "أَشهَدُ لِلَّهِ" في نـ: "أَشْهَدُ باللَّهِ".
===
(1)
عبد الله بن ذكوان.
(2)
عبد الرحمن بن هرمز، "ع"(16/ 470).
(3)
هكذا رواية الكشميهني، وفي رواية غيره بدون اللام، "ع"(16/ 470).
(4)
أي: كلمة "أقتل" أنه عليه السلام قال ذلك.
(5)
قوله: (يقولهن ثلاثًا) فإن قلت: في الرواية السابقة أربع مرات. قلت: لا منافاة؛ إذ مفهوم العدد لا اعتبار له، ويحتمل أن يكون "أشهد لله" بدلًا من الضمير، فمعناه: كان يقول ثلاث مرات: "أشهد لله" أنه صلى الله عليه وسلم قاله، وفائدته التأكيد، فظاهره أنه كلام الراوي عن أبي هريرة أي: أشهد لله أن أبا هريرة كان يقول كلمات: "أقتل" ثلاث مرات. وإن صحت الرواية بلفظ المجهول فهو من تتمة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: أقتل شهيدًا في سبيل الله، و"كان أبوهريرة يقولهن ثلاثًا" جملة معترضة، "ك"(25/ 3).
7228 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ كَانَ عِنْدِي أُحُدٌ ذَهَبًا لأَحْبَبْتُ أَنْ لَا يَأْتِيَ ثَلَاثٌ
(1)
وَعِنْدِي
(2)
مِنْهُ
(3)
دِينَارٌ، لَيْسَ شَيْءٌ
(4)
…
"حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ" في نـ: "حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ" في نـ: "قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ". "ثَلَاثٌ" في هـ، ذ:"عَلَيَّ ثَلَاثٌ".
===
(1)
أي: ثلاث ليالي.
(2)
حال.
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 6445).
(4)
قوله: (ليس شيء) قال الزركشي (3/ 1252): كذا للأصيلي شيئًا بالنصب ولغيره بالرفع.
وقد وقع في هذا المتن بالتقديم والتأخير اختل به الكلام، وأصله: وعندي منه دينار أجد من يقبله ليس شيئًا أرصده لدين. ففصل بين الموصوف وهو دينار وصفته وهو قوله: "أجد" بالمستثنى.
قلت: لا اختلال إن شاء الله ولا تقديم ولا تأخير، والكلام مستقيم بحمد الله، وذلك بأن يجعل قوله:"ليس شيئًا أرصده لدين علي" صفة لدينار، والعائد اسم "ليس" وهو الضمير المستكن فيها. وقوله:"أجد من يقبله" حال من دينار وإن كان نكرة لكونه تخصص بالصفة. وحاصل المعنى: أنه لا يجب على تقدير ملكه لأحد ذهبًا أن يبقى عنده بعد ثلاث ليال من ذلك دينار موصوف بكونه ليس مرصدًا لوفاء دين عليه في حال أن له قابلًا نجده، وهذا معنى كما تراه لا اختلال فيه، وليس في الكلام على التقدير الذي قلناه تقديم وتأخير فتأمله، "د".
فإن قلت: الحديث لا يوافق الترجمة، لأن "لو "تدل على امتناع الشيء
أُرْصُدُهُ
(1)
فِي دَيْنٍ عَلَيَّ أَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهُ
(2)
". [راجع: 2389، تحفة: 14737].
3 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ
(3)
"
7229 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَوِ اسْتَقْبَلْتُ
(4)
مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت، مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَحَلَلْتُ مَعَ النَّاسِ حِينَ حَلُّوا". [راجع: 294].
"قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ" في ذ: "عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ".
===
لامتناع غيره لا للتمني. قلت: "لو "بمعنى "إن" بمجرد الملازمة، ومحبة كون غير الواقع واقعًا هو نوع من التمني، فغايته أن هذا تمن على التقدير. قال السكاكي: الجملة الجزائية جملة خبرية مقيدة بالشرط؛ فعلى هذا هو تمن بالشرط، "ك"(25/ 4)، [انظر:"القسطلاني" 15/ 220].
(1)
من الرصد ومن الإرصاد، "ك"(25/ 4)، "ع"(16/ 470).
(2)
الضمير راجع إلى الدينار أو إلى الدين، والجملة حال، "ع"(16/ 470).
(3)
أي: الذي استدبرته.
(4)
قوله: (لو استقبلت) أي: لو علمت في أول الحال ما عيمت آخرًا من جواز العمرة في أشهر الحج "ما سقت الهدي" معي أي: ما قارنت أو ما أفردت. "ولحللت" أي: لتمتعت. وذلك لأن صاحب الهدي لا يمكن له الإحلال حتى يبلغ الهدي محله. فإن قلت: فيه إشعار بأن التمتع أفضل؟
7230 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ
(1)
قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ
(2)
، عَنْ حَبِيبٍ
(3)
، عَنْ عَطَاءٍ
(4)
، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَبَّيْنَا بِالْحَجِّ
(5)
وَقَدِمْنَا مَكَّةَ لأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ نَطُوفَ بِالْبَيْتِ
(6)
وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَنْ نَجْعَلَهَا
(7)
عُمْرَةً وَنَحِلَّ، إِلَّا مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ. قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِنَّا هَدْيٌ غَيْرَ النَّبِيِّ
(8)
صلى الله عليه وسلم وَطَلْحَةَ
(9)
، وَجَاءَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ مَعَهُ
"يَزِيدُ" في نـ: "يَزِيدُ بْنُ زُريْعٍ". "وَالصَّفَا" في نـ: "وَبالصَّفَا". "وَنَحِلَّ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَلْنَحِلَّ". "مَن مَعَهُ" في نـ: "مَنْ كان مَعَهُ".
===
قلت: لا، إذا كان الغرض إرادة مخالفة أهل الجاهلية حيث قالوا: العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور. ومرَّ في "الحج"(ح: 1651)، "ك"(25/ 4).
(1)
أي: البصري.
(2)
البصري.
(3)
ابن أبي قريبة، واسمه زيد، وقيل غير ذلك، وهو المعروف بالمعلم البصري المزني، [انظر:"العيني"(16/ 471)].
(4)
ابن أبي رباح.
(5)
أي: كنا مفردين، "ع"(16/ 471).
(6)
أي: أمرنا بالتمتع إلا صاحب الهدي، "ك"(25/ 5).
(7)
أي: الحجة، وهو معنى فسخ الحج إلى العمرة، "قس"(15/ 221).
ومرَّ تحقيقه (في ك: 25، باب: 34).
(8)
بنصب "غير" على الاستثناء لغير أبي ذر. وجرِّها صفةً لأحدٍ لأبي ذر، "قس"(15/ 222).
(9)
ابن عبيد الله أحد العشرة المبشرة، "ك"(25/ 5).
الْهَدْيُ فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالُوا
(1)
: نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ
(2)
؟! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ
(3)
مَا أَهْدَيْتُ! وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَحَلَلْتُ".
قَالَ: وَلَقِيَهُ سُرَاقَةُ بنُ مَالكٍ
(4)
وَهُوَ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَنَا هَذِهِ
(5)
خَاصَّةً؟ قَالَ: "لَا، بَلْ للأَبَدِ"
(6)
. قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدِمَتْ مَكَّةَ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَنْسُكَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَلَا تُصَلِّي حَتَّى تَطْهُرَ، فَلَمَّا نَزُلوا الْبَطْحَاءَ
(7)
قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْطَلِقُونَ
"نَنْطَلِقُ" في هـ، ذ:"أَنَنْطَلِقُ". "ابنُ مَالكٍ" سقط في نـ. "للأَبَدِ" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"لأبَدٍ". "قَدِمَتْ مَكَّةَ" في هـ، ذ:"قَدِمَتْ مَعَه مَكَّةَ".
===
(1)
أي: الصحابة المأمورون بالإحلال، "ك"(25/ 5).
(2)
أي: منيًّا، بسبب قرب عهدنا بالجماع، "ك"(25/ 5)، "ع"(16/ 472).
(3)
مرَّ الحديث مع تحقيقه (برقم: 1651).
(4)
الكناني بالنونين.
(5)
أي: العمرة في شهور الحج، أو المقارنة، أو الفعلة من فسخ الحج إلى العمرة، أو المتعة، "ك"(25/ 5).
(6)
قوله: (بل للأبد) معناه: أنه يجوز العمرة في أشهر الحج إلى يوم القيامة. والمقصود: إبطال ما زعمه أهل الجاهلية من أن العمرة لا يجوز في أشهر الحج، وقيل: معناه: جواز القران، وتقدير الكلام. دخلت أفعال العمرة في الحج إلى يوم القيامة، ويدل عليه تشبيك الأصابع، وقيل: جواز فسخ الحج إلى الحج، "سيد".
(7)
أي: المحصَّب، "ك"(25/ 5).
بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَنْطَلِقُ بِحَجَّةٍ؟ قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنْ يَنْطَلِقَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ عُمْرَةً فِي ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَجِّ. [تحفة: 2405].
4 - بَابُ قَوْلهِ: "لَيْتَ كَذَا وَكَذَا"
7231 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
(1)
قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبيعَةَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: أَرِقَ
(2)
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ
(3)
لَيْلَةٍ ثُمَّ قَالَ: "لَيْتَ رَجُلًا
(4)
صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ"
(5)
إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ السِّلَاحِ قَالَ:
"وَأَنْطَلِقُ بِحَجَّةٍ" في هـ، ذ:"وَأَنْطَلِقُ بِحَجِّ مُفْرَدٍ مِنْ غَيْرِ عُمْرَةٍ". "قَوْلِهِ" في نـ: "قَوْلِ النَّبِيِّ". "قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَىَ"، وفي نـ:"عن يَحْيَىَ".
===
(1)
الأنصاري.
(2)
أي: سَهِر.
(3)
لفظ "ذات" مقحمة.
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 2885).
(5)
قوله: (يحرسني الليلة
…
) إلخ، ذكرت في "باب الحراسة" من "كتاب الجهاد" ما أخرجه الترمذي من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} "[المائدة: 67] وهو يقتضي أنه لم يحرس بعد ذلك بناء على سبق نزول الآية، لكن ورد في عدة أخبار أنه حُرس بعد ذلك كما في بدر وفي أحد وفي الخندق وفي رجوعه من خيبر وفي وادي القرى وفي عمرة القضية وفي حنين. وطريق الجمع أن الآية نزلت متراخية عن وقعة حنين، ويؤيده ما أخرجه الطبراني في
"مَنْ هَذَا؟ ". قِيلَ: سَعْدٌ
(1)
يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ أَحْرُسُكَ. فَنَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ
(2)
. وَقَالَتْ عَائِشَةُ
(3)
: قَالَ بِلَالٌ:
"قِيلَ: سَعْدٌ" في قتـ، هـ، ذ:"ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ". "وَقَالَتْ عَائِشَةُ" زاد قبله في ذ: "قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ" - هو البخاري -.
===
"الصغير" من حديث أبي سعيد: "كان العباس فيمن يحرس النبي صلى الله عليه وسلم، فلما نزلت هذه الآية ترك"، والعباس إنما لازمه بعد فتح مكة، فيحمل على أنها نزلت بعد حنين، وحديث حراسته ليلة حنين [أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم]. وتتبع بعضهم أسماء من حرس النبي صلى الله عليه وسلم فجمع منهم: سعد بن معاذ، ومحمد بن مسلمة، والزبير، وأبو أيوب، وذكوان بن عبد القيس، والأدرع السلمي، وابن الأدرع واسمه محجن ويقال: سلمة، وعباد بن بشر، والعباس، وأبو ريحانة، "ف"(13/ 219).
فإن قلت: هو رئيس المتوكلين. قلت: التوكل ترتيب الأسباب بتفويض الأمر إلى مسبب الأسباب، يعني: يرتب السبب ولا يرى ترتب المسبب عليه منه، بل يرى ذلك منه تعالى كما قال: قَيِّدْها وتوكَّلْ، فهذا نفس التوكل، "ك"(25/ 6).
ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إن "ليت" حرف تمن يتعلق بالمستحيل غالبًا وبالممكن قليلًا. ومنه حديث الباب فإن كلًّا من الحراسة والمبيت بالمكان الذي تمناه قد وجد، "قس"(15/ 223).
(1)
أي: ابن أبي وقاص.
(2)
بفتح المعجمة: صوت النائم ونفخه، "ك"(25/ 6)، "ع"(16/ 472).
(3)
هذا تعليق منه تقدم موصولًا في مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في "كتاب الهجرة"(برقم: 3926)،"ع"(16/ 472).
أَلَا لَيتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
…
بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ
(1)
وَجَلِيلُ
(2)
فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ
(3)
صلى الله عليه وسلم. [راجع: 2885].
5 - بَابُ تَمَنِّي الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ
7232 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحَاسُدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ
(4)
(5)
: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ
"حَدَّثَنَا عُثْمَانُ" في نـ: "حَدَّثَني عُئْمَانُ". "فِي اثْنَتَيْنِ" في نـ: "فِي اثْنَيْنِ".
===
(1)
هو حشيش طيب الرائحة، "ك"(25/ 6).
(2)
بفتح الجيم: الثمام، واحده جليلة. والثمام بضم المثلثة: نبت ضعيف قصير لا يطول، "ع"(16/ 472).
(3)
هذا موضع الترجمة منه، "قس"(15/ 223).
(4)
أي: خصلتين، فالمضاف محذوف من "رجل" أي: خصلة رجل، "ك" (25/ 7). مرَّ الحديث نحوه (برقم: 73، 5026).
(5)
قوله: (لا تحاسد إلا في اثنين
…
) إلخ، فإن قلت: هذا غبطة لا حسد؟ قلت: معناه: لا حسد إلا فيهما، ولكن هذان لا حسد فيهما، فلا حسد، كقوله تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]، "ك"(25/ 7).
قال في "اللمعات": المراد به: الاغتباط، وهو تمني الرجل مثلًا ما لأخيه من غير أن يتمنى زواله. ومعنى الحصر - مع أن الاغتباط جائز في كل صفة محمودة - أن أحق ما يقع فيه الغبطة هذان الخصلتان. وقيل: إن حسن الحسد بالفرض والتقدير لا يحسن إلا فيهما، أو المراد المبالغة في
من آناءِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ يَقُولُ
(1)
(2)
: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا لَفَعَلْتُ
(3)
كَمَا يَفْعَل، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ فَيَقُولُ: لَوْ أُوتيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ لَفَعَلْتُ
(4)
كَمَا يَفْعَلُ". [راجع: 5026، أخرجه: س في الكبرى 5841، تحفة: 12339].
"مِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ" كذا في هـ، حـ، سـ، ذ، وفي نـ:"آناءَ اللَّيْلِ". "كَمَا يَفْعَلُ" زاد بعده في نـ: "حَدَّثنا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ بِهَذَا" - إشارة إلى أن له شيخين في هذا الحديث -.
===
تحصيل تينك الخصلتين يعني: ولو حصلتا بهذا الطريق المذموم. وقيل: الظاهر أن المراد بالحسد صدق الرغبة وشدة الحرص، ولما كانا هما الشيئين الداعيين إلى الحسد كني عنهما بالحسد، وقيل: إن فيه تخصيصًا لإباحة نوع من الحسد وإن كانت جملته محظورة، وإنما رخص فيهما لما يتضمن مصلحة في الدين، انتهى. وما ذكروه إنما يتم إذا أخذ في معنى الحسد حصول نعمة لنفسه مع تمني زوالها عن غيره، وأما إن كان معناه تمني الزوال فقط فلا يتجه. قال في "القاموس" (ص: 265): حَسَدَه الشيءَ وعليه: تمنى أن تتحول إليه نعمتُه وفضيلتُه أو يُسْلَبَهُمَا. فتدبر، انتهى.
(1)
أي: أحد من سامعيه.
(2)
قوله: (يقول: لو أوتيت
…
) إلخ، بحذف القائل. وظاهره: أنه الذي أوتي القرآن وليس كذلك بل هو السامع، وأفصح به في الرواية التي في "فضائل القرآن" (ح: 5026) ولفظه: "فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت
…
" إلخ، ولفظ هذه الرواية أدخل في التمني لكنه جرى على عادته في الإشارة، "ف" (13/ 220).
(3)
أي: لقرأت.
(4)
أي: أنفقت.
6 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّمَنِّي
(1)
وَقَوْلِ اللَّهِ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ
(2)
بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} الآية [النساء: 32].
7233 -
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ
(3)
قال: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ النَّضرِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "لَا تَتَمَنَّوُا
(4)
الْمَوْتَ
(5)
"لَتَمَنَّيْتُ. [راجع: 5671، أخرجه: م 2680، تحفة: 1622].
"الآية" في ذ: "إِلَى قَوْلِه: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} ". "ابن مالك" سقط في نـ. "لَا تتَمَنَّوا" كذا في هـ، وفي نـ:"لَا تَمَنَّوا".
===
(1)
أشار بهذا إلى أن التمني الذي فيه الإثم يكره، وهو الذي يكون فيه داعيًا إلى الحسد والتباغض، "ع"(16/ 473).
(2)
قوله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ
…
}) إلخ، وفي مناسبة الأحاديث المذكورة في الباب للآية غموض، إلا إن كان أراد أن المكروه من التمني هو جنس ما دلت عليه الآية وما دل عليه الحديث. وحاصل ما في الآية: الزجر عن الحسد، وحاصل ما في الحديث: الحث على الصبر؛ لأن تمني الموت غالبًا ينشأ عن وقوع أمر يختار [الذي يقع] به الموت على الحياة، فإذا نُهي عن تمني الموت كأنه أمر بالصبر على ما نزل به. ويجمع الحديث والآية الحث على الرضا بالقضا والتسليم لأمر الله تعالى، "ف"(13/ 220 - 221).
(3)
ابن سليمان.
(4)
وفي بعضها بحذف إحدى التائين، "ك"(25/ 7).
(5)
قوله: (لا تتمنوا الموت
…
) إلخ، ومعنى النهي عن [تمني].
7234 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّد
(1)
قال: أخبرنَا عَبْدَةُ
(2)
، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ
(3)
، عَنْ قَيْسٍ
(4)
قَالَ: أَتَيْنَا خَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوَى
(5)
سَبْعًا فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا
(6)
أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ. [راجع: 5672].
7235 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيدٍ
(7)
، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا
(8)
"أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ" في نـ: "حَدَّثَنَا عَبْدَةُ". "عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ" زاد في نـ: "مَوْلَى ابْنِ أزْهَرَ". "لَا يَتَمَنَّ" في نـ: "لَا يَتَمَنَّى"، وفي هـ، ذ:"لَا يَتَمَنَّيَنَّ".
===
الموت هو أن الله عز وجل قدّر الآجال، فمتمني الموت غير راض بقدر الله ولا يسلم لقضائه، "ع"(16/ 474).
(1)
ابن سلام، بتشديد اللام وتخفيفها.
(2)
ابن سليمان.
(3)
هو إسماعيل.
(4)
ابن أبي حازم.
(5)
قوله: (قد اكتوى) أي: في بطنه. فإن قلت: الكيّ منهيّ عنه؟ قلت: ذاك عند عدم الضرورة، أو عند اعتقاد أن الشفاء منه ونحوه، "ك"(7/ 25 - 8).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 5672، 6350، 6430).
(7)
اسمه: سعد، مولى عبد الرحمن بن أزهر، "ك"(25/ 8).
(8)
قوله: (إما محسنًا) تقديره: إما أن يكون محسنًا، وكذا تقديره في قوله:"وإما مسيئًا"، ووقع في رواية أحمد عن عبد الرزاق بالرفع فيهما،
فَلَعَلَّهُ يَزْدَاد، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ"
(1)
.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَبُو عُبَيْدٍ اسْمُه سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ. [راجع: 39، أخرجه: س 1818، تحفة: 12933].
7 - بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا
"بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ" في سـ، حـ، ذ:"بَابُ قَولِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ".
===
وهذا هو الأصل، ويحتمل أن يكون الحذف من بعض الرواة. وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما للمحسن والمسيء في أن لا يتمنى الموت، وذلك ازدياد المحسن من الخير ورجوع المسيء عن الشر، وذلك [نظر] من الله وإحسان [منه] إليه خير له من تمنيه الموت. قوله:"يستعتب" أي: يسترضي الله بالتوبة وهو مشتق من الاستعتاب الذي هو طلب الإعتاب، والهمزة للإزالة أي: يطلب إزالة العتاب، وهو على غير قياس؛ إذ الاستفعال إنما يبنى من الثلاثي لا من المزيد فيه، "ع"(16/ 475).
وظاهر الحديث انحصار حال المكلف في هاتين الحالتين، وبقي قسم ثالث وهو أن يكون مخلطًا فيستمرّ على ذلك أو يزيد إحسانًا وإساءة، ورابع وهو أن يكون محسنًا فينقلب مسيئًا، وخامس: أن يكون مسيئًا فيزداد إساءة، والجواب أن ذلك خرج مخرج الغالب؛ لأن غالب حال المؤمنين ذلك، ولا سيما والمخاطب بذلك شفاهًا الصحابة. وقد خطر لي في معنى الحديث أن فيه إشارة إلى تغبيط المحسن بإحسانه وتحذير المسيء من إساءته، فكأنه يقول: من كان محسنًا فليترك تمني الموت وليستمرّ على إحسانه والازدياد منه، ومن كان مسيئًا فليترك تمني الموت وليقلع عن الإساءة لئلا يموت على إساءته فيكون على خطر. وأما من عدا ذلك ممن تضمنه التقسيم فيؤخذ حكمه من هاتين الحالتين؛ إذ لا انفكاك عن إحداهما، "ف"(13/ 222).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 5673).
7236 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ
(1)
قال: أَخْبَرَنِي أَبِي
(2)
، عَنْ شُعْبَةَ قال: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ
(3)
، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الأَحْزَابِ
(4)
، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَارَى
(5)
التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ يَقُولُ: "لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، نَحْنُ وَلَا تَصدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ
(6)
سَكِينَةً عَلَيْنَا
(7)
،
…
"وَارَى التُّرَابُ بيَاضَ بَطْنِهِ" في هـ: "وَإِنَّ التُّرَابَ لَمُوَارٍ بيَاضَ إِبْطَيْهِ".
===
(1)
لقب عبد الله بن عثمان.
(2)
عثمان بن جبلة بن أبي داود البصري.
(3)
اسمه عمرو بن عبد الله السبيعي، بفتح المهملة وكسر الموحدة، "ك"(25/ 8).
(4)
قوله: (يوم الأحزاب) أي: يوم اجتماع قبائل العرب على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يوم الخندق؛ لأن في ذلك [الوقت] حفر الخندق، "ك" (25/ 8). وقوله:"لولا أنت ما اهتدينا" وتقدم في "غزوة الخندق" من وجه آخر عن شعبة بلفظ: "والله لولا الله ما اهتدينا" وهو موافق للترجمة. وموضع الترجمة من الحديث أن هذه الصيغة إذا علق بها القول الحق لا يمنع، بخلاف ما لو علق بها ما ليس بحق، كمن يفعل شيئًا فيقع في محذور فيقول: لولا فعلت كذا ما كان كذا، فلو حقق لعلم أن الذي يقدره الله لا بد من وقوعه سواء فعل أو ترك؛ فقولها واعتقاد معناها يفضي إلى التكذيب بالقدر، "ف"(13/ 223).
(5)
أي: ستر، جملة حالية بإضمار قد.
(6)
بالنون الخفيفة للتأكيد، "ك"(25/ 8)، "ع"(16/ 475).
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 4104، 2836).
إِنَّ الأُلَى
(1)
- وَرُبَّمَا قَالَ: الْمَلَا - قَدْ بَغَوْا
(2)
عَلَيْنَا، إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أبَيْنَا
(3)
أَبَيْنَا" يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ. [راجع: 2836].
8 - بَابُ كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي لِقَاءِ الْعَدُوِّ
رَوَاهُ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
7237 -
حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
(4)
قال: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو
(5)
"تَمَنِّي لِقَاءِ الْعَدُوِّ" كذا في ذ، وفي نـ:"التَّمَنِّي لِقَاءَ الْعَدُوِّ"
(6)
، وفي صـ، عسـ:"التَّمَنِّي للِقَاءِ الْعَدُوِّ". "رَوَاهُ الأَعْرَجُ" في نـ: "ورَوَاهُ الأَعْرَجُ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ" في نـ: "حَدَّثَنِي عَبدُ اللَّهِ".
===
(1)
أي: الذين، وفي "كتاب الجهاد" (برقم: 3034): "إن الأعداء قد بغوا".
(2)
أي: ظلموا.
(3)
من الإباء.
(4)
المعروف بالمسندي.
(5)
قوله: (معاوية بن عمرو) ابن المهلب الأزدي البغدادي، أصله كوفي، وهذا أيضًا أحد مشايخ البخاري يروي عنه في "الجمعة"، وروى عن عبد الله المسندي ومحمد بن عبد الرحيم وأحمد بن أبي رجاء عنه في مواضع. قوله: "كتب إليه
…
" إلخ، فيه دلالة على جواز الرواية بالكتابة دون السماع. قوله: "العافية" أي: السلامة من المكروهات والبليات في الدنيا والآخرة، "ع" (16/ 476)، "ك" (25/ 9).
(6)
قوله: (باب كراهية التمني لقاء العدو) بنصب "لقاء" على المفعولية. ولأبي ذر: "تمني" بإسقاط الألف واللام، و"لقاء" بالجر. وللأصيلي وابن عساكر:"التمني للقاء العدو "بزيادة لام قبل التي بعدها القاف، "قس"(15/ 229).
قال: حَدَّثَنَا أَبُو إِسحَاقَ
(1)
، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ - قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى
(2)
، فَقَرَأْتُه، فَإِذَا فِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تتمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسئلوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ"
(3)
. [راجع: 2818].
9 - بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوِّ
(4)
"مِنَ اللَّوِّ" في ذ: "مِنْ لَوْ".
===
فإن قلت: لا ريب أن تمني الشهادة محبوب فكيف ينهى عن تمني لقاء العدو وهو يفضي إلى المحبوب؟ أجيب بأن حصول الشهادة أخص من اللقاء لإمكان تحصيل الشهادة مع نصر الإسلام ودوام عزه، واللقاء قد يفضي إلى عكس ذلك، فنهى عن تمنيه، ولا ينافي ذلك تمني الشهادة، "قس" (15/ 230). وقال الكرماني (25/ 9): كراهيته من جهة الوثوق على قوته والإعجاب بنفسه ونحو ذلك.
(1)
هو إبراهيم بن محمد الفزاري.
(2)
اسمه علقمة، الصحابي.
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 3024).
(4)
قوله: (ما يجوز من اللو) بسكون الواو، ويروى: بتشديدها ليصير متمكنًا. وقال ابن الأثير: الأصل "لو" ساكنة الواو وهي حرف من حروف المعاني يمتنع بها الشيء لامتناع غيره غالبًا، فلما سمي بها زيد فيها، فلما أرادوا إعرابها أتوا فيها بالتعريف ليكون علامة لذلك، ومن ثم شددوا الواو، وقد سمع بالتشديد منونًا، قال الشاعر:
ألام على لوِّ ولوكنت عالمًا
…
بأدبار
(1)
لوٍّ لم تفتني أوائله
(1)
كذا في الأصل و"الفتح"، وفي "عمدة القاري":"بأذناب"، وكذا في "خزانة الأدب"(3/ 37).
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ أَنَّ لِي
(1)
بِكُمْ قُوَّةً} [هود: 80]
7238 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
قال: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ
(3)
، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ
(4)
قَالَ: ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ
===
وقال ابن التين وتبعه الكرماني: في بعض النسخ [في]"باب ما يجوز من لو" بغير ألف ولام ولا تشديد. وقال بعضهم: لعله من إصلاح بعض الرواة لكونه لم يعرف وجهه. قلت: هذا هو الصواب ولا يحتاج إلى تكلفات بعيدة، "ع"(16/ 476 - 477).
الحديث الذي رمز إليه البخاري بقوله: "ما يجوز من اللو" فإن فيه إشارة إلى أنها في الأصل لا يجوز إلا ما استثنى، [وهو] مخرج عند النسائي وابن ماجه والطحاوي من طريق محمد بن عجلان عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلِّ خيرٌ، احرص على ما ينفعك، ولا تعجز؛ فإن غلبك أمر فقل: قدر الله وما شاء الله، وإياك واللو فإن اللو تفتح عمل الشيطان". قال الطبري: طريق الجمع بين هذا النهي وبين الأحاديث الدالة على الجواز أن النهي مخصوص بالجزم بالفعل الذي لم يقع، فالمعنى: لا تقل لشيء لم يقع: لو أني فعلت كذا لوقع! قاضيًا بتحتم ذلك غير مضمر في نفسك شرط مشيئة الله تعالى، وما ورد من قول "لو" محمول على ما إذا كان قائله موقنًا بالشرط المذكور، وهو أنه لا يقع شيء إلا بمشيئة الله وإرادته، "ف"(13/ 227 - 228).
(1)
هذا حكاية عن قول لوط عليه السلام، وتمامه:{أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 85]، واحتج به البخاري على جواز استعمال "لو" في الكلام، "ع"(16/ 477).
(2)
ابن عيينة.
(3)
عبد الله بن ذكوان.
(4)
ابن أبي بكر رضي الله عنه.
الْمُتَلَاعِنَيْنِ
(1)
، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: أَهِيَ الَّتِي
(2)
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كُنْتُ
(3)
رَاجِمًا امْرَأَةً عنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ"؟ قَالَ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ
(4)
. [راجع: 5315، أخرجه: م 1479، س في الكبرى 7336، ق 2560، تحفة: 6327].
7239 -
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ
(5)
، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(6)
: قَالَ عَمْرٌو
(7)
: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ
(8)
قَالَ
(9)
: أَعْتَمَ
(10)
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْعِشَاءِ، فَخَرَجَ عُمَرُ فَقَالَ:
"أَهِيَ" في ذ: "هِيَ". "امْرَأَةً عَنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ" في نـ: "أَحَدًا بغَيْرِ بَيِّنَةٍ". "عَنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ" كذا في سـ، ذ، وفي نـ:"مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ"، وفي هـ، ذ:"بغَيْرِ بَيِّنَةٍ". "حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ".
===
(1)
أي: قصتهما. ومرَّ الحديث بطوله (برقم: 5310).
(2)
وهي التي جاءت بالولد مشابهًا بالرجل الْمُتَّهَم بالزنا بها، "ك"(10/ 25).
(3)
جواب "لو" محذوف أي: لرجمتُها.
(4)
أي: السوء في الإسلام، "ك"(25/ 10).
(5)
ابن عبد الله بن المديني، "ف"(13/ 229).
(6)
ابن عيينة.
(7)
ابن دينار.
(8)
ابن أبي رباح.
(9)
والحديث مرسل؛ لأن عطاء تابعي، وليس في روايته ذكر ابن عباس، "ك"(25/ 10).
(10)
أي: أبطأ، أو احتبس، أو دخل في ظلمة الليل، "ك"(25/ 10).
الصَّلَاةُ
(1)
يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَقَدَ النِّسَاءُ
(2)
وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ
(3)
يَقُولُ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ
(4)
عَلَى أُمَّتِي - أَوْ عَلَى النَّاسِ
(5)
، وَقَالَ سُفْيَانُ
(6)
أَيْضًا: عَلَى أُمَّتِي - لأَمَرْتُهُمْ بِالصَّلَاةِ هَذ السَّاعَةَ".
قَالَ
(7)
ابْنُ جُرَيْجٍ
(8)
: عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ: أَخَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الصَّلَاةَ فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ، رَقَدَ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ
(9)
. فَخَرَجَ وَهْوَ يَمْسَحُ الْمَاءَ عَنْ شِقِّهِ يَقُولُ: "إِنَّهُ لَلْوَقْتُ
(10)
، لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أمَّتِي".
"قَالَ ابْنُ جُرَيجٍ" في نـ: "وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ".
===
(1)
منصوب على الإغراء ومرفوع، "ك"(25/ 10).
(2)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 571).
(3)
قوله: (يقطر) لأنه كان اغتسل قبل أن يخرج. والجملة مبتدأ وخبر في موضع الحال من النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا الجملة الثانية في موضع الحال أيضًا أي: خرج حال كونه يقول، "قس"(15/ 233).
(4)
بضم الشين، أثقل عليهم وأدخلهم في المشقة، "ك"(25/ 10).
(5)
شك من الراوي، "قس"(15/ 233).
(6)
ابن عيينة الراوي، "ع"(16/ 479).
(7)
هذا قول سفيان، موصول بالسند المذكور وليس بمعلَّق، "ف"(13/ 229).
(8)
هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، "ع"(16/ 479).
(9)
جمع وليد، وهو الصبي.
(10)
بفتح اللام أي: لولا أن أشق عليهم لحكمت بأن هذه الساعة هي وقت صلاة العشاء، "ك"(25/ 10).
وَقَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ
(1)
لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَمَّا عَمْرٌو فَقَالَ: رَأْسُهُ يَقْطُرُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: يَمْسَحُ الْمَاءَ عَنْ شِقِّهِ. قَالَ عَمْرٌو: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي". وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: "إِنَّهُ لَلْوَقْت، لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي". [راجع: 571].
- وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ
(2)
: حَدَّثَنَا مَعْنٌ قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ
(3)
، عَنْ عَمْرٍو
(4)
، عَنْ عَطَاءٍ
(5)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
"قَالَ عَمْرٌو" في نـ: "فَقَالَ عَمْرٌو".
===
(1)
إشارة إلى اختلاف لفظ عمرو ولفظ ابن جريج فيما روياه، "ع"(16/ 479).
(2)
قوله: (إبراهيم بن المنذر) على وزن اسم الفاعل من الإنذار، ابن عبد الله بن المنذر، أبو إسحاق الحزامي المديني، وهو أحد مشايخ البخاري، وروى عنه في غير موضع، وروى عن محمد بن أبي غالب عنه حديثًا في "الديات". و"معن" بفتح الميم وسكون العين المهملة وبالنون، ابن عيسى، القزاز بالقاف وتشديد الزاي الأولى. وهذا موصول بذكر ابن عباس فيه، وهو مخالف لتصريح سفيان بن عيينة عن عمرو بأن حديثه ليس فيه ابن عباس، قيل: هذا يعد من أوهام الطائفي وهو موصوف بسوء الحفظ. قلت: إذا كان الأمر كما قاله هذا القائل فكيف رضي البخاري بإخراجه عنه موصولًا؟ "ع"(16/ 479).
(3)
وهو الطائفي.
(4)
ابن دينار.
(5)
ابن أبي رباح.
7240 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قال: حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ
(1)
، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(2)
قال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ
(3)
بِالسِّوَاكِ". [راجع: 887، تحفة: 13635].
7241 -
حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ
(4)
قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى
(5)
قال: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ
(6)
عَنْ ثَابِتٍ
(7)
، عَنْ أَنَسِ قَالَ: وَاصَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم آخِرَ الشَّهْرِ، وَوَاصلَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ
(8)
، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
===
(1)
الكندي.
(2)
ابن هرمز الأعرج، "ع"(16/ 479).
(3)
قوله: (لأمرتهم) أي: أمر إيجاب؛ إذ الأمر الندبي حاصل اتفاقًا. فإن قلت: عقد الباب على "لو"، وفي الحديث "لولا"، و"لو" لامتناع الشيء لامتناع غيره، و"لولا" لامتناع الشيء لوجود غيره، وبينهما بون بعيد؟! قلت: مآله إلى "لو"؛ إذ معناه: لو لم تكن المشقة لأمرتهم، ويحتمل أن يقال: أصله "لو" وزيد عليه "لا"، "ك"(25/ 11).
(4)
الرقام البصري، "ك"(25/ 11).
(5)
هو: ابن عبد الأعلى، "ع"(16/ 480).
(6)
بالضم، ابن أبي حميد الطويل، تارة يروي عن أنس بلا واسطة والأخرى بالواسطة، "ك"(25/ 11).
(7)
البناني.
(8)
قوله: (واصل أناس من الناس) الأناس هو الناس. فإن قلت: فما معناه؟ قلت: التنوين للتبعيض، كما قال الزمخشري في قوله تعالى:{أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1]، وللتقليل، كما في قوله تعالى:{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: 72]، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فهم صلوه على
"لَوْ مُدَّ
(1)
بِيَ الشَّهْرُ
(2)
لَوَاصَلْتُ وِصَالًا يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ
(3)
تَعَمُّقَهُمْ، إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ
(4)
يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي".
تَابَعَهُ
(5)
سُلَيْمَانُ بْنُ مُغِيرَةَ
(6)
(7)
، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 1961، أخرجه: م 1104، تحفة: 394].
"لَوْ مُدَّ بِيَ" في نـ: "لَوْ مَدَّني".
===
نهي التنزيه وأحبوا موافقته فواصلوا، فقال: لولا أن الشهر كمل لزدت على الوصال بحيث يعجزون عنه ويتركون تعمقهم في أمثاله. فإن قلت: في هذه الرواية "أظل" فكيف صح الصيام مع الإطعام بالنهار؟ وفي التي بعده "أبيت" فكيف صح الوصال؟ قلت: الغرض من الإطعام لازمه، وهو التقوية، "ك"(25/ 12).
(1)
بضم الميم وتشديد الدال وبعده الجار والمجرور، وروي بفتح الميم والدال وبعده نون، "تن"(3/ 1253).
(2)
هذا محل المطابقة.
(3)
أي: المتكلفون المتشددون.
(4)
أي: أصير.
(5)
أي: حميدًا، وصل هذه المتابعة مسلم من طريق أبي النضر عن سليمان، "ع"(16/ 480).
(6)
البصري، سيد أهلها، مات سنة 165 هـ، "ك"(25/ 12).
(7)
قوله: (تابعه سليمان) وقع هذا التعليق في رواية كريمة سابقًا على حديث حميد عن أنس رضي الله عنه، فصار كأنه طريق أخرى معلقة لحديث:"لولا أن أشق" وهذا غلط فاحش، والصواب ثبوته ههنا كما وقع في رواية الباقين، "ف"(13/ 229).
7242 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. ح وَقَالَ اللَّيْثُ
(1)
: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ
(2)
، عَنِ ابْن شِهَابٍ: أنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّب أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى
(3)
رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ
(4)
،
…
===
(1)
وهذا التعليق وصله الدارقطني من طريق أبي صالح عن الليث، "ع"(16/ 481).
(2)
ابن مسافر الفهمي أمير مصر.
(3)
أي: نهي تحريم أو تنزيه، "قس"(15/ 237).
(4)
قوله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال) وأدناه يقتضي الكراهة. ولكن اختلفوا: هل هي كراهة تنزيه أو تحريم؟ على وجهين حكاهما صاحب "المهذب" وغيره، أصحهما عندهم: أن الكراهة للتحريم. قال الرافعي: وهو ظاهر كلام الشافعي. وحكى صاحب"المفهم" عن قوم أنه يحرم، قال: وهو مذهب أهل الظاهر. قال: وذهب الجمهور ومالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري وجماعة من أهل الفقه إلى كراهته. وذهب آخرون إلى جواز الوصال لمن قوي عليه، وممن كان يواصل عبد الله بن الزبير، وابن عامر، وابن وضاع من المالكية، كان يواصل أربعة أيام، حكاه ابن حزم. وقد حكى القاضي عياض عن ابن وهب وإسحاق وابن حنبل أنهم أجازوا الوصال، والجمهور ذهبوا إلى أن الوصال من خواص النبي صلى الله عليه وسلم لقوله:"إني لست كأحد منكم"، و"أيكم مثلي؟ "، وهذا دال على التخصيص، وأما غيره من الأمة فحرام عليه. وفي "سنن أبي داود" من حديث عائشة:"كان يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال". وممن قال به من الصحابة علي بن أبي طالب وأبو هريرة وأبو سعيد وعائشة رضي الله تعالى عنهم.
واحتج من أباح الوصال بقول عائشة: "نهاهم عن الوصال رحمة لهم"، فقالوا: إنما نهاهم رفقًا لا إلزامًا لهم، واحتجوا أيضًا بكون النبي صلى الله عليه وسلم واصل
قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ
(1)
. قَالَ: "أَيُّكُمْ مِثْلِي؟ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي". فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا وَاصَلَ بهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ، فَقَالَ:"لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ". كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ
(2)
. [راجع: 1965، تحفة: 13167].
7243 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ
(3)
قال: حَدَّثَنَا الأَشْعَثُ
(4)
، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَدْرِ
(5)
…
"كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ" في نـ: "كَالْمُنَكِّلِ بِهم".
===
بأصحابه يومين حين أبوا أن ينتهوا. قال صاحب "المفهم": وهو يدل على أن الوصال ليس بحرام ولا مكروه من حيث هو وصال، لكن من حيث يذهب بالقوة. وأجاب المحرمون عن الحديثين بأن قالوا: لا يمنع قوله: "رحمة لهم" أن يكون منهيًا عنه للتحريم، وسبب تحريمه الشفقة عليهم لئلا يتكلفوا ما يشق عليهم، قالوا: وأما وصاله بهم فلتأكيد الزجر، وبيان الحكمة في نهيهم والمفسدة المترتبة على الوصال [وهي]: الملل من العبادة، وخوف التقصير في غيره من العبادات. وقال ابن العربي: وتمكينهم منه تنكيل لهم، وما كان على طريق العقوبة لا يكون من الشريعة، "عيني"(8/ 171).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 1965).
(2)
أي: كالمعذِّب لهم، "ك"(25/ 12).
(3)
اسمه سلام - بالتشديد - ابن سليم، "ع"(16/ 481).
(4)
ابن أبي الشعثاء الكوفي، "ع"(16/ 481).
(5)
قوله: (عن الجدر) بفتح الجيم يعني: الحجر بكسر الحاء، ويقال له: الحطيم أيضًا، أهو من الكعبة أم لا؟ وهو مطلق ليس مخصوصًا بستة أذرع ونحوها. قوله:"وما لهم" وفي بعضها: "وما با لهم". قوله: "قومك"
أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ
(1)
؟ قَاِلَ: "نَعَمْ". قُلْتُ: فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: "إِنَّ قَوْمَكِ قَصُّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ". قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ: "فَعَلَ ذَاكِ قَوْمُكِ، لِيُدْخِلُوا
(2)
مَنْ شَاءُوا، وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، لَوْلَا
(3)
أَنَّ قَوْمَكِ
(4)
حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَافُ أَنْ تنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ
(5)
…
"فَمَا لَهُمْ" في هـ، ذ:"فَمَا بالُهُمْ". "قَالَ: إِنَّ قَوْمَكِ" في نـ: "فَقَالَ: إِنَّ قَوْمَكِ"، وفي نـ:"قَوْمِي" بدل "قَوْمَكِ". "فَمَا شَأْنُ" في نـ: "مَا شَأْنُ". "ذَاكِ" في نـ: "ذَلِكِ". "لَوْلَا" في نـ: "ولَوْلَا". "حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ" في هـ، ذ:"حَدِيثُ عَهْدٍ" - أي: جديد عهد، بالإضافة. ويروى برفع "عهدهم"، فقوله:"حديث" بالتنوين، "ع"(16/ 481) -.
===
وفي بعضها: "قومي". قوله: "لم يدخلوه" بضم الياء من الإدخال، والضمير المنصوب يرجع إلى الجدر. قوله:"قصرت" بفتح القاف وضم الصاد والذي في اليونينية بفتح الصاد المشددة. قوله: "النفقة" أي: آلات العمارة من الحجر وغيره، ولم يريدوا أن يضيفوا إليها من خارج ما كان في زمان إبراهيم عليه السلام فيه. قوله:"فعل ذلك قومك" بكسر الكاف فيهما أي: ارتفاع الباب، "ك"(12/ 25 - 13)، "ع"(16/ 481)، "قس"(15/ 237 - 238).
(1)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 1584).
(2)
من الإدخال.
(3)
جواب "لولا" محذوف، أي: لفعلت، "ع"(16/ 481).
(4)
أي: قريشًا.
(5)
الروايات فيه بالفتح.
أُدْخِلَ
(1)
الْجَدْرُ فِي الْبَيْتِ، وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ فِي الأَرْضِ". [راجع: 126، أخرجه: م 1330، ف 2955، تحفة: 16005].
7244 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ
(2)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ
(3)
، عَنِ الأَعْرَجِ
(4)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا الْهِجْرَةُ
(5)
لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ
(6)
وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصارُ وَادِيًا - أَوْ شِعْبًا - لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ - أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ - ". [راجع: 3779، تحفة: 13777].
"الْجَدْرُ" في سـ، ذ:"الْجِدارُ". "فِي الأَرْضِ" في نـ: "بالأَرْضِ". "عَنِ الزُّهْرِيِّ" سقط في ذ.
===
(1)
بماضي المجهول ومعروف المستقبل المتكلم، "ك"(25/ 13).
(2)
ابن أبي حمزة.
(3)
عبد الله بن ذكوان.
(4)
أي: عبد الرحمن بن هرمز.
(5)
قوله: (لولا الهجرة) قال محيي السُّنَّة: ليس المراد منه الانتقال عن النسب الولادي لأنه حرام مع أنه أفضل الأنساب، وإنما أراد النسب البلادي أي: لولا أن الهجرة أمر ديني وعبادة مأمور بها لانتسبتُ إلى داركم. والغرض منه التعريض بأن لا فضيلة أعلى من النصرة بعد الهجرة، وبيان أنهم بلغوا من الكرامة مبلغًا، لولا أنه من المهاجرين لعد نفسه من الأنصار. قوله:"شعبًا" بكسر الشين: الطريق في الجبل وما انفرج بين الجبلين. و"الأنصار" هم الصحابة المدنيون الذين آووا ونصروا أي: أتابعهم في طرائقهم ومقاصدهم في الخيرات والفضائل، "ع"(16/ 481 - 482)، "ك"(25/ 13).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 3779) في "مناقب الأنصار".
7245 -
حَدَّثَنَا مُوسى
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ
(2)
، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى
(3)
، عَنْ عَبَّادِ
(4)
بْنِ تَمِيمٍ
(5)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ
(6)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ
(7)
، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهَا".
تَابَعَهُ
(8)
أَبُو التَّيَّاحِ
(9)
، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الشِّعْبِ
(10)
(11)
. [راجع: 4335].
"أَوْ شِعْبًا" في نـ: "وَشِعْبًا". "أَوْ شعْبَهَا" في نـ: "وَشِعْبَهَا".
===
(1)
ابن إسماعيل البصري ويقال: التبوذكي.
(2)
ابن خالد البصري.
(3)
المازني الأنصاري.
(4)
بالفتح وشدة الموحدة.
(5)
ابن زيد.
(6)
المدني الأنصاري المازني، عم عباد.
(7)
مرَّ الحديث مطولًا (برقم: 4330).
(8)
مرَّ ذكره موصولًا (برقم: 4332).
(9)
اسمه يزيد بن حميد الضبعي البصري.
(10)
أي: لم يذكر هو الوادي، "ك"(25/ 14).
(11)
قوله: (في الشعب) يعني في قوله: "لو سلك الناس واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم". وقد تقدم موصولًا في "غزوة حنين"(ح: 4332).
قال السبكي الكبير: مقصود البخاري بالترجمة وأحاديثها أن النطق بـ"لو" لا يكره على الإطلاق، وإنما يكره في شيء مخصوص، يؤخذ ذلك من قوله:"من اللو" فأشار إلى التبعيض، وورودِها في الأحاديث الصحيحة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال: قد تأملت اقتران قوله: "احرص على ما ينفعك" بقوله: "وإياك واللو" فوجدت الإشارة إلى محل "لو" المذمومة وهي نوعان، أحدهما: في الحال ما دام فعل الخير ممكنًا، فلا يترك لأجل فقد شيء آخر، فلا يقول: لو أن كذا كان موجودًا لفعلت كذا، مع قدرته على فعله ولو لم يوجد ذاك، بل يفعل الخير ويحرص على عدم فواته. والثاني: من فاته شيء من أمور الدنيا فلا يشغل نفسه بالتلهف عليه؛ لما فيه من الاعتراض على المقادير وتعجيل تحسر لا يغني شيئًا ويشتغل به عن استدراك ما لعله يجدي، فالذم راجع فيما يؤول في الحال إلى التفريط وفيما يؤول في الماضي إلى الاعتراض على القدر وهو أقبح من الأول، "ف"(13/ 230).
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
95 - كِتَابُ أَخْبَار الآحادِ
1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ
(1)
خَبَرِ الْوَاحِدِ
(2)
الصَّدُوقِ
"كِتَابُ أَخْبَارِ الآحَادِ" سقط في نـ.
===
(1)
الإجازة: الإنفاذ والعمل به والقول بحجيته، "ك"(25/ 14).
(2)
قوله: (باب ما جاء في إجازة خبر الواحد) هكذا عند الجميع بلفظ "باب" إلا في نسخة الصغاني فوقع فيها: "كتاب أخبار الآحاد" ثم قال: "باب ما جاء
…
" إلخ، فاقتضى ذلك أنه من جملة كتاب الأحكام وهو واضح، وبه يظهر أن الأولى في التمني أن يقال: "باب" لا "كتاب" أو يؤخذ عن هذا الباب. وقد سقطت البسملة لأبي ذر والقابسي والجرجاني، وثبتت هنا قبل الباب في رواية كريمة والأصيلي. ويحتمل أن يكون هذا من جملة أبواب الاعتصام فإنه من متعلقاته، فلعل بعض من بيض الكتاب قدمه عليه، ووقع في بعض النسخ قبل البسملة: "كتاب خبر الواحد" وليس بعمدة، "ف" (13/ 233).
والخبر على نوعين: متواتر، وهو ما بلغت روايته في الكثرة مبلغًا أحالت العادة تواطئهم على الكذب، وضابطه إفادة العلم. وواحد، وهو ما ليس، كذلك سواء كان المخبر به شخصًا واحدًا أو اشخاصًا كثيرةً، بحيث ربما أخبر بقضية مائة نفس ولا يفيد العلم، فلا يخرج عن كونه خبرًا واحدًا. وقيل: ثلاثة أنواع، متواتر، ومستفيض - وهو ما زاد نقلته على ثلاثة وهو الخبر -، وآحاد. فغير المتواتر عند هذا القائل ينقسم إلى قسمين. "الصدوق" هو بناء مبالغة، وغرضه أن يكون له ملكة الصدق، يعني: يكون عدلًا، وهو من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم. وقوله: "في الأذان
…
" إلخ، وإنما ذكرها ليعلم أن
فِي الأَذَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْفَرَائِضِ
(1)
وَالأَحْكَامِ
وَقَوْلِ اللَّهِ
(2)
: {فَلَوْلَا نَفَرَ
(3)
مِنْ ....
===
إنفاذه إنما هو في العمليات لا في الاعتقاديات. "والأحكام" جمع الحكم، وهو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير، "ك"(25/ 14). والمراد بقبول خبره في الأذان أنه إذا كان مؤتمنًا فأذن تضمن دخول الوقت فجازت صلاة ذلك الوقت، وفي الصلاة الإعلام بجهة القبلة، وفي الصوم الإعلام بطلوع الفجر أو غروب الشمس، "ف"(13/ 234).
(1)
عطف العام على الخاص. وقوله: "والأحكام" من عطف العام على عام أخص منه؛ لأن الفرائض فرد من الأحكام، "ف"(13/ 234).
(2)
بالجر، عطف على المضاف إليه للباب.
(3)
قوله: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ
…
}) إلخ، أول الآية قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ
…
} الآية، وسبب نزول هذه الآية أن الله لما أنزل في حق المنافقين ما أنزل بسبب تخلفهم عن النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال المؤمنون: والله لا نتخلف غزوة يغزوها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سرية أبدًا. فلما أرسل السرايا بعد تبوك نفر المؤمنون جميعًا وتركوه صلى الله عليه وسلم وحده، فنزلت هذه الآية، والكلام في الطائفة، ومراد البخاري: أن لفظ طائفة يتناول الواحد فما فوقه ولا يختص بعدد معين، وهو منقول عن ابن عباس والنخعي ومجاهد وعطاء وعكرمة، وعن ابن عباس أيضًا: من أربعة إلى أربعين، وعن الزهري: ثلاثة، وعن الحسن: عشرة، وعن مالك: أقل الطائفة أربعة، وعن عطاء: اثنان فصاعدًا، وقال الراغب: لفظ طائفة يراد بها الجمع، والواحد طائف، "ع"(16/ 483 - 484).
وجه الاستدلال به: أنه تعالى أوجب الحذر بإنذار طائفة من الفرقة، والفرقة ثلاثة، والطائفة واحد أو اثنان، وبقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ
كُلِّ فِرْقَةٍ
(1)
مِنْهُمْ طَائِفَةٌ
(2)
لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ
(3)
وَلِيُنْذِرُوا
(4)
قَوْمَهُمْ
(5)
إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]. ويُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً لِقَوْلِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ
(6)
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [لحجرات: 9]. فَلَوِ اقْتَتَلَ رَجُلَانِ دَخَلَ
(7)
فِي مَعْنَى الآيَةِ. وَقَوْلِه: {إِنْ جَاءَكُمْ
(8)
فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا
(9)
"{لِيَتَفَقَّهُوا
…
} " إلخ، سقط في نـ، وقال بعد قوله: {طَائِفَةٌ}: "الآية". "رَجُلَانِ" في هـ، ذ: "الرَجُلَانِ". "دَخَلَ" في نـ: "دَخَلا".
===
فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] أنه أوجب التثبت عند الفسق، فحيث لا فسق لا تثبت فيجب العمل به، أوأنه علل التثبيت بالفسق ولو لم يقبل لما علّل به لأن ما بالذات لا يكون بالغير، "ك"(25/ 14 - 15).
(1)
أي: من كل جماعة كثيرة، "ع"(16/ 484).
(2)
أي: جماعة قليلة يكفونهم النفير، "ع"(16/ 484).
(3)
أي: من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4)
بعلمهم.
(5)
أي: النافرين.
(6)
استدلال منه بهذه الآية على أن الواحد يسمى طائفة، "ع"(16/ 484).
(7)
لإطلاق الطائفة على الواحد.
(8)
والذي يظهر أنه إنما ذكر هذه الآية لقوله في الترجمة: "خبر الواحد الصدوق"، واحتج بها على أن خبر الواحد الفاسق لا يقبل، فافهم، "ع"(16/ 484).
(9)
أي: لئلا تصيبوا، أو كراهة وخوف أن تصيبوا.
قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6]. وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
(1)
أُمَرَاءَهُ
(2)
وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ
(3)
رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ.
7246 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ
(4)
قال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ
(5)
، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ
(6)
قال: حَدَّثَنَا مَالِك بْنُ الحُوَيْرِثِ
(7)
:
"حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ" في نـ: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ". "ابنُ الْحُوَيْرِثِ" سقط في نـ.
===
(1)
قوله: (وكيف بعث النبي صلى الله عليه وسلم
…
) إلخ، استدل بهذا أيضًا على إجازة خبر الواحد الصادق؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث أمراءه إلى الجهاد واحدًا بعد واحد؛ لأن خبر الواحد لو لم يكن مقبولًا لما كان في إرساله معنى. قال الكرماني: إذا كان خبر الواحد مقبولًا فما فائدة بعث الآخر بعد الأول؟ قلت: لردِّه إلى الحق عند سهوه، وهو معنى قوله:"فإن سها واحد منهم" أي: من الأمراء المبعوثين، "رُدَّ إلى السُّنَّة" وأراد بالسُّنَّة: الطريق الحق والنهج الصواب. وقال الكرماني: والسُّنَّة هي الطريقة المحمدية صلى الله عليه وسلم، يعني: شريعته واجبًا ومندوبًا وغيرهما، "ع"(484).
(2)
وفيه نوعان من الاستدلال؛ لأن المخبر واحد والمراد. أيضًا واحد، "ك"(25/ 15).
(3)
أي: من الأمراء.
(4)
ابن عبد المجيد الثقفي، "ف"(13/ 236)، "ع"(16/ 485).
(5)
السختياني، "ف"(13/ 236).
(6)
بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي، "ع"(16/ 485).
(7)
الليثي، "ك"(25/ 15).
أَتَينَا
(1)
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ شَبَبَةٌ
(2)
مُتَقَارِبُونَ
(3)
، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَقِيقًا
(4)
، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا
(5)
"أَتَيْنَا" في نـ: "قال: أتينا". "وَكَانَ" في نـ: "فَكَانَ". "رَقِيقًا" في نـ: "رَفِيقًا". "أَهْلَنَا" في هـ، ذ:"أَهْلِينَا".
===
(1)
أي: وافدين عليه سنة الوفود قبل غزوة تبوك وكانت غزوة تبوك في شهر رجب سنة تسع، "ف"(13/ 236).
(2)
جمع شابٍّ.
(3)
قوله: (متقاربون) أي: في السن بل في أعم منه، فقد وقع عند أبي داود من طريق سلمة بن محمد عن خالد الحذاء:"وكنا يومئذ متقاربين في العلم"، ولمسلم:"كنا متقاربين في القراءة"، ومن هذه الزيادة يؤخذ الجواب عن كونه قدَّم الأسنّ. فليس المراد تقديمه على الأقرأ بل في حال الاسعتواء في القراءة. قوله: "ارجعوا
…
" إلخ، إنما أذن لهم في الرجوع لأن الهجرة كانت قد انقطعت بفتح مكة فكانت الإقامة بالمدينة باختيار الوافد، وكان منهم من يسكنها، ومنهم من يرجع بعد أن يتعلم ما يحتاج إليه. قوله: "وذكر أشياء أحفظها ولا أحفظها" قائل هذا أبو قلابة راوي الخبر، ووقع في رواية أخرى: "أو لا أحفظها" وهو للتنويع. قوله: "وصلوا كما رأيتموني
…
" إلخ، أي: ومن جملة الأشياء التي يحفظها أبو قلابة عن مالك قولُ النبي صلى الله عليه وسلم هذا، "ف" (13/ 236)، "ع" (16/ 485).
قوله: "ومروهم" هذا موضع الترجمة؛ لأن تعليمهم لم يقيد بكونهم مجتمعين بل يعم كونهم مجتمعين أو متفرقين على أيِّ هيئة كان، فيفيد صحة خبر واحد واحد منهم، "خ".
(4)
بالقافين أي: رقيق القلب، وفي بعضها بالفاء والقاف، "ك"(25/ 15).
(5)
المراد بالأهل: الزوجات، أو أعم من ذلك، "ع"(16/ 485).
- أَوْ قَدِ اشتَقْنَا
(1)
- سَأَلَنَا
(2)
عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاه، قَالَ: "ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ
(3)
، وَعَلِّمُوهُمْ
(4)
، وَمُرُوهُمْ
(5)
- وَذَكَرَ
(6)
أشْيَاءَ أَحْفَظُهَا، أَوْ لَا أَحْفَظُهَا
(7)
-، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإذَا حَضَرَتِ الصلَاةُ
(8)
فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ
(9)
، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ"
(10)
.
[راجع: 628].
7247 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى
(11)
، عَنِ التَّيْمِيِّ
(12)
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
(13)
، ....
"أَوْ لَا أَحْفَظُهَا" في نـ: "وَلَا أَحْفَظُهَا".
===
(1)
تنويع في الكلام، أو شك من الراوي، "ك"(25/ 15).
(2)
أي: النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 630).
(4)
أي: الشرائع.
(5)
أي: بإتيان الواجبات والاجتناب عن المحرمات، "ك"(25/ 15)، "ع"(16/ 485).
(6)
أي: مالك.
(7)
ليس شكّا بل تنويعًا، "ك"(25/ 16).
(8)
أي: إذا دخل وقتها، "ع"(16/ 485).
(9)
هذا محل المطابقة؛ لأن أذان الواحد يؤذن بدخول الوقت والعمل به، "ع"(16/ 485).
(10)
أي: أفضلكم أو أسنكم عند التساوي في الفضيلة، "ك"(25/ 16)، "ع"(16/ 485).
(11)
هو ابن سعيد القطان، "ع"(16/ 486).
(12)
هو سليمان بن طرخان، "ف"(237/ 13)، "ع"(16/ 486).
(13)
هو عبد الرحمن النهدي، "ع"(16/ 486).
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
(1)
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سُحُورِهِ
(2)
، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ قَالَ: يُنَادِي - لِيُرْجَّعَ
(3)
قَائِمُكُمْ، ويُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا
(4)
- وَجَمَعَ يَحْيَى
(5)
كَفَّيْهِ -، حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا
(6)
- وَمَدَّ يَحْيَى إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ". [راجع: 621].
"سَحُورِهِ" في نـ: "سُجُودِهِ". "وَيُنبِّهَ" في نـ: "وَلِيُنبِّهَ".
===
(1)
عبد الله.
(2)
وفي بعض النسخ بجيم ودال وهو تحريف، "ف"(13/ 237)، السحور بالضم: التسحر، وبالفتح: ما يتسحر به أي: من أكله، "ك"(25/ 19).
(3)
قوله: (ليرجع) من الرجع وهو متعد، أو من الرجوع وهو لازم، وحكى فيه ثعلب: أرجعت، رباعيًّا فعلى هذا بضم أوله. وفي "المحكم": حكى سيبويه: رجّعته بالتشديد، كذا في "التنقيح" (3/ 1254). وقال القسطلاني (15/ 243): وفي الفرع كأصله عن أبي ذر: ليرجع بضم حرف المضارعة وفتح الراء وتشديد الجيم مكسورة ومفتوحة. ومطابقته للترجمة في قوله: "لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره"؛ فإنه يخبر أن الوقت الذي أذّن فيه من الليل حتى يجوز التسحر في ذلك الوقت وهو خبر واحد صدوق، وكذا في "ع"(16/ 485).
(4)
أي: مستطيلًا غير منتشر وهو الصبح الكاذب، "ك"(25/ 16)، "ع"(16/ 486).
(5)
أي: القطان الراوي، "ع"(16/ 486).
(6)
أي: حين يصير مستطيلًا منتشرًا في الأفق ممدودًا من الطرفين اليمين والشمال، وهو الصبح الصادق، "ك"(25/ 16)، "ع"(16/ 486).
7248 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا
(1)
حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ
(2)
أُمِّ مَكْتُومٍ". [راجع: 617، تحفة: 7218].
7249 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنِ الْحَكَمِ
(3)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(4)
، عَنْ عَلْقَمَةَ
(5)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: صلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَه
(6)
: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: "وَمَا ذَاكَ؟ "، قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا
(7)
(8)
! فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ. [راجع: 401، أخرجه: م 572، د 1019، ت 392، س 1255، ق 1205، تحفة: 9411].
"حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ" في نـ: "قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ". "فَقِيلَ لَه" في ذ: "فَقِيلَ".
===
(1)
مرَّ الحديث والذي قبله (برقم: 617، 621).
(2)
اسمه عبد الله، وقيل: عمرو بن قيس. واسم أم مكتوم: عاتكة بنت عبد الله، "ك"(25/ 16)، "ع"(16/ 486).
(3)
ابن عتيبة.
(4)
أي: النخعي.
(5)
ابن قيس.
(6)
لم أقف على تعيين قائله.
(7)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 1226).
(8)
قوله: (قالوا: صليت خمسًا) قال ابن التين ما حاصله: أن هذا الحديث ليس بمطابق للترجمة؛ لأن الخبر ليس بواحد وإنما كانو جماعة. وأجاب عنه الكرماني بما حاصله: أن هذا لم يخرج بإخبار الجماعة عن
7250 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(1)
قال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَيُّوبَ
(2)
، عَنْ مُحَمَّدِ بن سيرين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنِ اثْنَتَيْنِ
(3)
، فَقَالَ لَهُ
(4)
....
"حَدَّثَنِي مَالِكٌ" في نـ: "حَدَّثَنَا مَالِكٌ".
===
الآحاد، نعم صار من الأخبار المفيدة لليقين بسبب أنه صار محفوفًا بالقرائن، انتهى. قلت: هذا الجواب غير مشبع، بل الجواب الكافي هو أن حديث عبد الله بن مسعود هذا رواه البخاري عن شيخين، أحدهما هذا [رواه] حفص بن عمر، وفيه:"قالوا: صليت خمسًا"، والآخر أخرجه في "الصلاة" في "باب ما إذا صلى خمسًا" رواه عن أبي الوليد عن شعبة
…
إلخ، مثله سواء، غير أن فيه:"قال: وما ذاك؟ قال: صليت خمسًا" فالقائل واحد، فصدّقه النبي صلى الله عليه وسلم لكونه صدوقًا عنده، فهذا مطابق للترجمة، فلا يضر إيراد الحديث الذي فيه القائلون جماعة في هذه الترجمة؛ لأن الحديثين حديث واحد عن صحابي واحد في حادثة واحدة. وأما حكم الحديث فقد مضى بيانه هناك (برقم: 1226)، "عيني"(16/ 486).
(1)
ابن أبي أويس.
(2)
السختياني.
(3)
أي: ركعتين من الظهر أو العصر، "ك"(25/ 17).
(4)
فإن قلت: كيف تكلّم ذو اليدين والقوم وهم بَعْدُ في الصلاة؟ قلت: أجاب النووي بوجهين: أحدهما: أنهم لم يكونوا على اليقين من البقاء في الصلاة لأنهم كانوا مجوِّزين لنسخ الصلاة من أربع إلى ركعتين. والآخر: أن هذا كان خطابًا للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابًا، وذلك لا يبطل عندنا ولا عند غيرنا. وفي رواية لأبي داود بإسناد صحيح: أن الجماعة أومأوا - أي: أشاروا - نعم، فعلى هذا لم يتكلموا. قلت: الكلام والخروج من المسجد ونحو ذلك
ذو اليَدَيْنِ
(1)
:
===
كله قد نسخ، حتى لو فعل أحد مثل هذا في هذا اليوم بطلت صلاته، والدليل عليه ما رواه الطحاوي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين، ثم حدث به تلك الحادثة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فعمل فيها بخلاف ما عمل صلى الله عليه وسلم يومئذ ولم ينكر عليه أحد من حضر فعله من الصحابة، وذلك لا يصح أن يكون منه ومنهم إلا بعد وقوفهم على نسخ ما كان منه صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين، "عيني"(5/ 643) من "كتاب الصلاة".
(1)
قوله: (فقال له ذو اليدين) اسمه: الخرباق بكسر الخاء المعجمة وإسكان الراء وبالموحدة، ولقب به لطول في يده، "ك"(25/ 17).
وفي هذا الحديث والذي قبله حجة لأبي حنفية وأصحابه أن سجدتي السهو بعد السلام وإن كانت للزيادة. وتعقب بأنه لم يعلم بزيادة الركعة إلا بعد السلام حين سألوه: هل زيد [في الصلاة]؟ وقد اتفق العلماء في هذه الصور على أن سجود السهو بعد السلام لتعذره قبله لعدم علمه بالسهو. ورد بأنه وقع في حديث ابن مسعود هذا في لفظ مسلم في الزيادة أنه أمر بالإتمام والسلام ثم بسجدتي السهو وهو قوله: "إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين". والشك بالسهو غير العلم به، كذا في "العيني"(5/ 639).
وجه إيراد هذا الحديث والذي قبله في إجازة خبر الواحد: التنبيه على أنه صلى الله عليه وسلم إنما لم يقنع في الإخبار بسهوه بخبر الواحد لأنه عارض فعل نفسه، فلذلك استفهم في قصة ذي اليدين، فلما أخبره الجم الغفير بصدقه رجع إليهم، وفي القصة التي قبلها أخبروه كلهم ابتداءً. وقيل: إنما استثبت النبي صلى الله عليه وسلم في خبر ذي اليدين لأنه انفرد دون من صلى معه بما ذكر مع كثرتهم، فاستبعد حفظه دونهم، وجوّز عليه الخطأ، ولا يلزم من ذلك رد خبر الواحد مطلقًا، "ف"(13/ 237).
أَقُصُرَتِ
(1)
الصلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ: "أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ
(2)
؟ ". فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ، ثُمَّ رَفَعَ. [راجع: 482، أخرجه: د 1009، ت 399، س 1225، تحفة: 14449].
7251 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ
(3)
فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ
(4)
إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا
(5)
. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا
(6)
إِلَى الْكَعْبَةِ. [راجع: 403].
"صَلَاةِ الصُّبْحِ" في سـ، حـ، ذ:"صَلَاةِ الفجر".
===
(1)
بالمجهول أو المعروف، "ك"(25/ 17).
(2)
مرَّ الحديث مع تحقيقه (برقم: 1227). وتحقيق الكلام في "الصلاة"(برقم: 482).
(3)
ممدودًا أو غير ممدود، منصرفًا أو غير منصرف، "ك"(25/ 18).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 403). ووجه الجمع بين هذا الحديث والآتي في صلاة العصر مرَّ (برقم: 4494).
(5)
بلفظ الأمر، "ك"(25/ 18)، أو الماضي.
(6)
قوله: (فاستداروا) الحجة فيه بالعمل بخبر الواحد ظاهرة؛ لأن الصحابة الذين كانوا يصلون إلى جهة بيت المقدس وهي شامية، تحولوا عنه بخبر الواحد إلى جهة الكعبة وهي يمانية على العكس من التي قبلها، وصدقوا خبره وعملوا به. واعترض عليه بعضهم بأنه أفادهم العلم بصدقه لما عندهم
7252 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى
(1)
، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ
(2)
، عَنْ إِسْرَائِيلَ
(3)
، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ
(4)
سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا
(5)
،
"حَدَّثَنَا وَكِيعٌ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ".
===
من ارتقاب النبي صلى الله عليه وسلم وقوع ذلك لتكرر دعائه به، والبحث إنما هو في خبر الواحد إذا تجرد عن القرينة؟! والجواب: أنه إذا سلم أنهم اعتمدوا على خبر الواحد كلفى في صحة الاحتجاج به، والأصل عدم القرينة، وأيضًا فليس العمل بالخبر المحفوف بالقرينة متفقًا عليه فيصح الاحتجاج به على من اشترط العدد وأطلق، وكذا على من اشترط القطع، وقال: خبر الواحد لا يفيد إلا الظن ما لم يتواتر، "ف"(13/ 237 - 238).
(1)
هو: ابن موسى الختي بفتح المعجمة وشدة الفوقانية، وقيل: ابن جعفر البلخي، "ك"(25/ 18).
(2)
ابن الجراح.
(3)
ابن يونس، يروي عن جده أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، "ع"(16/ 487).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 399، 4486).
(5)
قوله: (ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا) بالشك، والحق أنه كان ستة عشر شهرًا وأيامًا؛ فإنه صلى الله عليه وسلم خرج من مكة يوم الاثنين خامس ربيع الأول، ودخل المدينة يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول، وكان التحويل خامس عشر من رجب من السنة الثانية قبل وقعة بدر بشهرين على الصحيح، وبه جزم الجمهور، ورواه الحاكم بسند صحيح عن ابن عباس، فمن اعتد الأيام شهرًا كاملًا عد سبعة عشر وإلا فستة عشر، وما روي ثلاثة عشر وغير ذلك فضعيف، والله أعلم، "التفسير المظهري"(1/ 143).
وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144]، فَوُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ
(1)
الْعَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصارِ
(2)
فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ قَدْ وُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ. فَانْحَرَفُوا وَهُمْ رُكُوعٌ
(3)
فِي صَلَاةِ الْعَصرِ. [راجع: 40، أخرجه: ت 340، تحفة:1804].
7253 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ
(4)
، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
"مَعَ رَسُولِ اللهِ" في نـ: "مَعَ النَّبِيِّ". "حَدَّثَنَا يَحْيَى" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي يَحْيَى". "حَدَّثَنِي مَالِكٌ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ".
===
قوله: "وهم ركوع في صلاة العصر" فإن قلت: في الحديث السابق أنه صلاة الفجر. قلت: التحويل كان عند صلاة العصر وبلوغ الخبر إلى قباء في اليوم الثاني وقت صلاة الصبح. فإن قلت: فصلاة أهل قباء في المغرب والعشاء قبل وصول الخبر إليهم صحيحة؟ قلت: نعم؛ لأن النسخ لا يؤثر في حقهم إلا بعد العلم به، "ك"(25/ 18).
قال العيني (3/ 374): والتوفيق بينهما: أن هذا الخبر وصل إلى قوم - كانوا يصلون في نفس المدينة صلاة العصر، ثم وصل إلى أهل قباء في صبح اليوم الثاني، لأنهم كانوا خارجين عن المدينة، لأن قباء من جملة سوادها وفي حكم رساتيقها.
(1)
لم يعرف اسمه. هذا محل المطابقة للترجمة.
(2)
أي: في غير مسجد قباء.
(3)
جمع راكع.
(4)
بالقاف والزاي والعين المفتوحات، "ك"(25/ 18).
عَبدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ
(1)
، عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِيَّ وَأَبَا عُبَيْدَةَ
(2)
بْنَ الجَرَّاحِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ شَرَابًا مِنْ فَضيخٍ
(3)
وَهُوَ تَمْرٌ
(4)
، فَجَاءَهُمْ آتٍ
(5)
فَقَالَ
(6)
: إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ
(7)
: يَا أَنَس، قُمْ إِلَى هَذِهِ الْجِرَارِ فَاكْسِرْهَا. قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسٍ
(8)
لَنَا فَضَرَبْتُهَا بِأَسْفَلِهِ حَتَّى انْكَسَرَتْ. [راجع: 2464، أخرجه: م 1980، تحفة: 207].
7254 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
(9)
، عَنْ صِلَةَ
(10)
، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
===
(1)
اسمه زيد.
(2)
اسمه عامر بن عبد الله.
(3)
بالضاد والخاء المعجمتين: شراب يتخذ من البسر، "ك"(25/ 18).
(4)
أي: تمر مفضوخ أي: مكسور، "ك"(25/ 19).
(5)
لم يعرف اسمه.
(6)
قوله: (فجاءهم آت فقال: إن الخمر
…
) إلخ، مطابقته للترجمة في قوله:"فجاءهم آت"، وورد في بعض طرق هذا الحديث:"فوالله ما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل" وهو حجة قوية في قبول خبر الواحد؛ لأنهم أثبتوا به نسخ شيء كان مباحًا حتى أقدموا من أجله على تحريمه والعمل بمقتضى ذلك، "ع"(16/ 488)، "ف"(13/ 238).
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 5582).
(8)
بكسر الميم: حجر منقور يتوضأ منه، "ق" (ص: 537).
(9)
هو عمرو بن عبد الله السبيعي، "ع"(16/ 4886).
(10)
بكسر المهملة وفتح اللام الخفيفة: ابن زفر، غير منصرفين، "ك"(25/ 19).
لأَهْلِ
(1)
نَجْرَانَ
(2)
: "لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلًا أَمِينًا
(3)
حَقَّ أَمِينٍ". فَاسْتَشْرَفَ لَهَا
(4)
أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ أبَا عُبَيْدَةَ. [راجع: 3745].
7255 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ
(5)
، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ
(6)
، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ أُمَّةٍ
(7)
أَمِينٌ
(8)
، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ". [راجع: 3744].
"حَدَّثَنَا شُعْبَةُ" في نـ: "قَالِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ". "قَالِ النَّبِيُّ" في نـ: "قَالِ: قَالَ النَّبِيُّ" مصحح عليه.
===
(1)
مرَّ الحديث والذي بعده (برقم: 3744، 3745).
(2)
بفتح النون وسكون الجيم، غير منصرف: بلد باليمن، "ك"(25/ 19).
(3)
هذا موضع المطابقة.
(4)
قوله: (فاستشرف لها
…
) إلخ، أي: تطلعوا لها ورغبوا فيها حرصًا على أن يكون هو الأمين الموعود لا حرصًا على الولاية، والأمانة وإن كانت مشتركة بين الكل لكن النبي صلى الله عليه وسلم خص بعضهم بصفات غلبت عليهم وكانوا بها أخص، كالحياء بعثمان رضي الله عنه، "ك"(25/ 19)، "ع"(16/ 489).
(5)
هو ابن مهران الحذاء البصري.
(6)
عبد الله بن زيد.
(7)
ذكر هذا الحديث لكونه مناسبًا للحديث السابق، فيكون مناسبًا للترجمة؛ لأن المناسب للمناسبِ للشيءِ مناسبٌ لذلك الشيء، "ع"(16/ 489).
(8)
أي: عظيم، غاية في الأمانة زائد فيها على أقرانه، "ك"(25/ 19).
7256 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
(1)
، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ
(2)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وشَهِدْتُهُ
(3)
أَتَيْتُهُ بِمَا يَكُونُ
(4)
مِنْ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِذَا غِبْتُ عَنْ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(5)
وَشَهِدَه
(6)
أَتَانِي بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 89، أخرجه: م 1479، تحفة: 10512].
"عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ". "وَشَهِدَه" كذا في سـ، هـ، ذ، وفي نـ:"وَشَهِدَ".
===
(1)
الأنصاري.
(2)
مولى زيد بن الخطاب.
(3)
أي: حضرته.
(4)
أي: من أقواله وأفعاله وأحواله، "ك"(25/ 20).
(5)
مطابقته للترجمة من حيث إن عمر رضي الله تعالى عنه كان يقبل خبر الشخص الواحد، "ع"(16/ 489).
(6)
قوله: (وإذا غبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد) وفي رواية الكشميهني والمستملي: "وشهده" أي: حضر ما يكون عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقل بعض العلماء لقبول خبر الواحد أن كل صاحب وتابع سئل عن نازلة في الدين فأخبر السائل بما عنده فيها من الحكم، أنه لم يشترط عليه أحد منهم أن لا يعمل بما أخبره به من ذلك حتى يسأل غيره، فضلًا عن أن يسأل الكواف، بل كان كل منهم يخبره بما عنده فيعمل بمقتضاه ولا ينكر عليه ذلك، فدل على اتفاقهم على وجوب العمل بخبر الواحد، "ف"(13/ 238).
7257 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ
(1)
قال: حَدَّثَنَا شعْبَة، عَنْ زُبَيْدٍ
(2)
، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ
(3)
، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا
(4)
، فَأَوْقَدَ نَارًا فَقَالَ: ادْخُلُوهَا. فَأَرَادُوا
(5)
أَنْ يَدْخُلُوهَا، فَقَالَ آخَرُونَ
(6)
: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا
(7)
، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: "لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا
(8)
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". وَقَالَ لِلآخَرِينَ:
"أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ" زاد بعده في نـ: "السُّلَمِيِّ". "فَأَوْقَدَ" في ذ: "فَأَوْقَدُوا". "فَقَالَ: ادْخُلُوهَا" كذا في قت، وفي نـ:"قَالَ: ادْخُلُوهَا". "فَقَالَ آخَرُونَ" في نـ: "وَقَالَ آخَرُونَ".
===
(1)
لقب محمد بن جعفر.
(2)
بالزاي والموحدة: ابن الحارث اليامي بالتحتانية، "ك"(25/ 20).
(3)
ختن أبي عبد الرحمن عبد الله السلمي شيخه.
(4)
هو عبد الله بن حذافة بضم المهملة وخفة المعجمة وبالفاء.
(5)
أي: بعضهم، "ك"(25/ 20).
(6)
قوله: (فقال آخرون: إنما فررنا مثها
…
) إلخ، قال ابن التين ما حاصله: أنه لا مطابقة بين هذا الحديث والترجمة؛ لأنهم لم يطيعوه في دخول النار، ورد عليه بأنهم كانوا مطيعين له في غير ذلك، وبه يتم المقصود، "ع"(16/ 490).
(7)
أي: أسلمنا فرارًا منها فخمدت النار وسكن غضب الأمير ولم يدخلها أحد، "ك"(25/ 20).
(8)
لأن الدخول فيها معصية فلما استحلّوها كفروا، "ك"(25/ 20).
"لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ"
(1)
.
[راجع: 4340].
7258 و 7259 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبرَاهِيمَ
(2)
قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ
(3)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزيدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 2314، 2315].
7260 -
ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ
(4)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبدِ اللَّهِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ لِي
(5)
بِكِتَابِ اللَّهِ
(6)
عز وجل. فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ:
"مَعْصِيَةِ اللهِ" في هـ: "فِي مَعْصِيَةٍ"، وفي سـ، حـ، ذ:"فِي الْمَعْصِيَةِ". "حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ". "حَدَّثَنِي أَبِي" في نـ: "حَدَّثَنَا أَبِي". "عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبدِ اللَّهِ" زاد في نـ: "ابْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ" مصحح عليه.
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 7145).
(2)
ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
(3)
ابن كيسان.
(4)
ابن أبي حمزة.
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 7193، 6827، 6633 وغيرها)، ومرَّ الكلام والبيان فيه.
(6)
قوله: (اقض لي بكتاب الله) مبنيّ على أنه كان في كتاب الله
صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ
(1)
لِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"قُلْ"، فَقَالَ
(2)
: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا
(3)
عَلَى هَذَا - وَالْعَسِيفُ الأَجِيرُ -، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي
(4)
أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ
"اقْضِ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ" وقع بعده في نـ: "فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: وَأَمَّا أنْتَ يَا أنَيْسُ فَاغْدُ".
===
آية الرجم ثم نسخت تلاوته فصح القول بأنه كتاب الله، وقيل: المراد بكتاب الله هنا حكمه، وإنما قال:"اقض بكتاب الله" مع أنه لا يحكم إلا به؛ لأنهما كانا سألا قبل ذلك من الناس وعلما أنه حكم لم يكن في كتاب الله فجاءا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم به. وقوله: "إن ابني كان عسيفًا على هذا" أي: أجيرًا، وإنما قال:"على هذا" لما يتوجه على المستأجر من الأجرة، ولو قال: عسيفًا لهذا لَصَحَّ أيضًا لما يتوجه للمستأجر عليه من الخدمة. قوله: "ثم سألت أهل العلم" يدل على جواز الاستفتاء والإفتاء في زمانه صلى الله عليه وسلم عن غيره لعدم القدرة على سؤاله عنه لمانع. وقوله: "وتغريب عام" التغريب داخل في الحد عند بعض العلماء، وعندنا هو سياسة وتعزير مفوّض إلى رأي الإمام ومصلحته. و"أنيس" اسم رجل هو سيد قوم المرأة، وهو بلفظ التصغير أنيس بن الضحاك الأسلمي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقيم الحد عليها إن اعترفت، وهذا لا يدل على كفاية اعتراف واحد في الزنا كما هو مذهب الشافعي رحمه الله، فلعل المراد الاعتراف المعهود في الشرع وهو أربع مرات، والله أعلم، "لمعات".
(1)
عطف على قول الأعراب أي: ائذن لي في التكلم وعرض الحال، "ك"(25/ 21).
(2)
أي: الأعرابي.
(3)
بفتح المهملة الأولى.
(4)
أي: بعض العلماء، "مر"(7/ 123).
بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ
(1)
، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ
(2)
فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمَ، وَأَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ
(3)
، فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرُدُّوهَا، وَأَمَّا ابْنُكَ فَعَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ
(4)
(5)
- لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ - فَاغْدُ
(6)
عَلَى امْرَأَةِ هَذَا
(7)
، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا". فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. [راجع: 2315].
"فَأَخْبَرْونِي" في نـ: "فَأُخْبِرْتُ".
===
(1)
أي: أعطيتهما فداء وبدلًا عن رجم ولدي، "مر"(7/ 123).
(2)
أي: كبراءهم.
(3)
أي: إخراجه عن البلد سنة، "مر" (7/ 123). مرَّ بيان هذا محققًا (برقم: 6633).
(4)
هو ابن الضحاك الأسلمي.
(5)
قوله: (وأما أنت يا أنيس
…
) إلخ، قال النووي: إن بعثه صلى الله عليه وسلم أنيسًا إليها محمول على إعلامها بأن أبا العسيف قذفها بابنه، فيعرفها بأن لها عنده حد القذف هل هي طالبة به أم تعفو عنه أو تعترف بالزنا؟! فإن اعترفت فلا يحد القاذف وعليها الرجم لأنها كانت محصنة، ولا بد من هذا التأويل؛ لأن ظاهره أنه بعث لطلب إقامة حد الزنا وتجسسه، وهذا غير مراد؛ لأن حد الزنا لا يتجسس ولا ينقر عنه، بل لو أقر به الزاني يستحب أن يلقن الرجوع، "مرقاة"(7/ 124). ومطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ من تصديق أحد المتخاصمين الآخر وقبول خبره، "ع"(16/ 490).
(6)
هو أمر بالذهاب في الغدوة كما أن رُحْ أمر بالذهاب في الرواح، ثم استعمل كل منهما في الآخر، أي: فاذهب.
(7)
والمرأة أيضًا كانت أسلمية، "ك"(25/ 21).
2 - بَابٌ بَعثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الزُّبَيْرَ طَلِيعَةً
(1)
وَحْدَهُ
7261 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبدِ اللَّهِ قال: حَدَّثَنَا سفْيَانُ
(2)
قال: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُوْلُ: نَدَبَ
(3)
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ
(4)
، فَانْتَدَبَ
(5)
الزُّبَيْر، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ
(6)
، ثُمَّ نَدَبَهُمْ
(7)
فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ - ثَلَاثًا -، فَقَالَ: "لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ
(8)
، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ".
"عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللَّهِ" زاد في نـ: "المَدِينِيُّ". "ابْنُ الْمُنْكَدِرِ" في نـ: "مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ". "يَقُوْلُ" في نـ: "قَالَ".
===
(1)
بفتح الطاء: من يُبْعَث ليطلع على أحوال العدو، ويجمع على طلائع، "ع"(16/ 491)، "ك"(25/ 21).
(2)
ابن عيينة.
(3)
أي: طلب ودعا، "ف"(13/ 239)، ندب إلى الأمر أي: دعا إليه وحثه عليه، "ع"(16/ 491)، "ك"(25/ 22).
(4)
قال موسى بن عقبة: كانت في شوال سنة أربع، "ع"(16/ 491).
(5)
أي: أجاب فأسرع إليه، "ك"(25/ 22).
(6)
هذا موضع الترجمة.
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 2846) في "الجهاد".
(8)
قوله: (حواري) بفتح المهملة وخفة الواو وكسر الراء وشدة التحتانية: الناصر، وهو لفظ [مفرد] منصرف، وإذا أضيف إلى ياء المتكلم جاز حذفها، والاكتفاء بالكسرة وتبديلها فتحة للتخفيف إذ فيه استثقال، مرَّ في "المناقب" (برقم: 3719). فإن قلت: كل الصحابة كانوا أنصارًا له صلى الله عليه وسلم؟ قلت: كان له اختصاص بالنصرة وزيادة فيها على أقرانه لا سيما في ذلك اليوم، "ك"(25/ 22)، "ع"(16/ 491).
وَقَالَ سُفْيَانُ
(1)
: حَفِظْتُهُ مِنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَقَالَ لَهُ أَيُّوبُ
(2)
: يَا أَبَا بَكْرٍ
(3)
حَدِّثْهُمْ عَنْ جَابِرٍ؛ فَإِنَّ الْقَوْمَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ تُحَدِّثَهُمْ عَنْ جَابِرٍ. فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ: سمِعْتُ جَابِرًا، فَتَتَابَعَ بَينَ أَحَادِيثَ: سَمِعْتُ جِابِرًا. قُلْتُ لِسُفْيَانَ
(4)
(5)
:
"فَتَتَابَعَ بَيْنَ أَحَادِيثَ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ، ذ:"فَتَابَعَ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ".
===
(1)
ابن عيينة.
(2)
السختياني.
(3)
هو: كنية محمد بن المنكدر.
(4)
القائل هو علي بن عبد الله بن المديني.
(5)
قوله: (قلت لسفيان
…
) إلخ، أي: قال ابن المديني: قلت لسفيان بن عيينة: إن سفيان الثوري يقول: هذا كان يوم قتال قريظة، مصغرًا لقرظة - بالقاف والراء والمعجمة: قبيلة من اليهود -. فقال ابن عيينة: كذا حفظته من ابن المنكدر - يعني: يوم الخندق - حفظًا ظاهرًا محققًا كظهور جلوسك ههنا، ثم قال سفيان بن عيينة: يوم الخندق ويوم قريظة [يوم] واحد. وأقول: ويوم الأحزاب أيضًا؛ إذ الثلاث كان في زمن واحد، "ك"(25/ 22 - 23).
قال الشيخ ابن حجر (13/ 239 - 240): لم أره عند أحد ممن أخرجه من رواية سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر بلفظ "يوم قريظة"، وقال: ووقع في رواية هشام بن عروة عن ابن المنكدر عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: "من يأتني بخبر بني قريظة" فلعل هذا سبب الوهم، ثم وجدت الإسماعيلي نبه على ذلك فقال: إنما طلب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق خبر بني قريظة، فتحمل رواية من قال: يوم قريظة أي: اليوم الذي أراد أن يعلم فيه خبرهم لا اليوم الذي غزاهم فيه.
فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ
(1)
يَقُولُ: يَوْمَ قُرَيْظَةَ
(2)
، فَقَالَ: كَذَا حَفِظْتُهُ مِنْهُ
(3)
كَمَا أَنَّكَ جَالِسٌ: يَوْمَ الْخَنْدَقِ. قَالَ سُفْيَانُ: هُوَ يَوْمٌ وَاحِدٌ. وَتَبَسَّمَ سُفْيَانُ. [راجع: 2846، أخرجه: م 2415، س في الكبرى 8860، تحفة: 3031].
3 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53]. فَإِذَا أَذِنَ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ
(4)
7262 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قال: حَدَّثنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ
(5)
، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
(6)
، عَنْ أَبِيَ مُوسَى: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
"حَفِظْتُهُ مِنْهُ" كذا في قتـ، وفي نـ:"حَفِظْتُهُ". "حَمَّادٌ" في ذ: "حَمَّادُ بْنُ زَيْدِ".
===
(1)
أي: سفيان الثوري.
(2)
أي: مكان يوم الخندق.
(3)
أي: من محمد بن المنكدر.
(4)
قوله: (فإذا أذن له واحد جاز) وجه الاستدلال به: أنه لم يقيده بعدد فصار الواحد من جملة ما يصدق [عليه] وجود الإذن، وهو متفق على العمل به عند الجمهور حتى اكتفوا فيه بخبر من لم تثبت عدالته لقيام القرينة فيه بالصدق، وأراد البخاري أن صيغة " {يُؤْذَنَ لَكُمْ} " على البناء للمجهول تصح للواحدة فما فوقه، وأن الحديث الصحيح بين الاكتفاء بالواحد على مقتضى ما تناوله لفظ الآية فيكون فيه حجة لقبول خبر الواحد، "ف"(13/ 240).
(5)
السختياني.
(6)
اسمه عبد الرحمن النهدي.
دَخَلَ حَائِطًا
(1)
فَأَمَرَنِي
(2)
بحِفْظِ الْبَابِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ:"ائْذَنْ لَه، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"
(3)
. فَإِذَا أَبُو بَكرٍ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ:"ائْذَنْ لَه، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ". ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَقَالَ: "ائْذَنْ لَه، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ". [راجع: 3674، أخرجه: م 2403، ت 3710، س في الكبرى 8133، تحفة: 9018].
7263 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى
(4)
، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَينٍ
(5)
: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَشْرُبَةٍ
(6)
لَه، وَغُلَامٌ
(7)
لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ
(8)
، فَقُلْتُ: قُلْ: هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؛ فَأَذِنَ لِي. [راجع: 89، أخرجه: م 1479، تحفة: 10512].
"فَأَمَرَنِي" في نـ: "وَأَمَرَني".
===
(1)
هو بستان أويس.
(2)
فإن قلت: مرَّ في "باب الفتنة التي تموج كموج البحر" أنه لم يأمرني؟ قلت: لم يامره أولًا وأمره آخرًا، "ك"(25/ 23).
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 3674، 3693) مطوَّلًا.
(4)
ابن سعيد الأنصاري.
(5)
كلاهما بالتصغير.
(6)
بفتح الميم وسكون المعجمة وفتح الراء وضمها: الغرفة، "ك"(25/ 23).
(7)
اسمه رباح بفتح الراء وتخفيف الموحدة وبالمهملة، "ك"(25/ 23).
(8)
مرَّ الحديث بطوله (برقم: 4913).
4 - بَابُ مَا كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ مِنَ الأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ
(1)
وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ
"النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ" في نـ: "يَبْعَثُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ".
===
(1)
قوله: (يبعث من الأمراء والرسل) أما الأمراء فإنه صلى الله عليه وسلم كان أمَّر على مكة عتاب بن أسيد، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص، وعلى البحرين العلاء بن الحضرمي، وعلى عمان عمرو بن العاص، وعلى نجران أبا سفيان بن حرب، وعلى صنعاء وسائر بلاد اليمن باذان ثم ابنه شَهْر وفيروز والمهاجر بن أبي أمية وأبان بن سعيد ابن العاص، وعلى السواحل أبا موسى الأشعري، وعلى الجند وما معها معاذ بن جبل، وكان كل منهما يقضي في عمله ويسير فيه وكانا ربما التقيا، وأمَّرَ أيضًا عمرو بن سعيد بن العاص على وادي القرى، ويزيد بن أبي سفيان على تيماء، وثمامة بن أثال على اليمامة. وأما الرسل فإنه صلى الله عليه وسلم بعث ستة نفر في سنة ست من الهجرة، ومنهم: حاطب بن أبي بلتعة، [أرسله] إلى المقوقس صاحب الإسكندرية فأكرمه وكتب جوابه: قد علمت أن نبيًا قد بقي وقد أكرمت رسولك، وأهدى له صلى الله عليه وسلم مع حاطب: كسوة، وبغلة - دلدل -، وحمارًا - يعفور -، ومارية أم إبراهيم ابن رسول الله، وأختها سيرين، فقال صلى الله عليه وسلم:"ضن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه" واصطفى مارية لنفسه، ووهب سيرين لحسان بن وهب، ونفق الحمار منصرفه من حجة الوداع، وبقيت البغلة إلى زمن معاوية.
ومنهم: شجاع بن وهب، أرسله إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء من أرض الشام، وقال أبو إسحاق: ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغساني صاحب دمشق، قال شجاع: فانتهينا إليه وهو بغوطة دمشق، فقرأ كتابه صلى الله عليه وسلم ورمى به، وقال: ها أنا أسير إليه وعزم على ذلك فمنعه قيصر، ولما بلغه صلى الله عليه وسلم ذلك قال:"باد ملكه".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ودحية بن خليفة، أرسله إلى قيصر ملك الروم فأكرمه قيصر وقصته مذكورة في أول "الجامع".
وسليط بن عمرو العامري، أرسله إلى هوذة بن علي ملك اليمامة فأكرمه وأنزله، وردَّ الجواب بقوله: لو جعلت لي بعض الأمر لسرت إليك وأسلمت، وإلا قصدت حربك، فقال صلى الله عليه وسلم:"لا ولا كرامة، اللَّهم اكفنيه"، فمات عام الفتح.
وعمرو بن أمية الضمري، أرسله إلى النجاشي ملك الحبشة فأخذ كتابه صلى الله عليه وسلم ووضعه على العينين ونزل عن سريره وجلس على الأرض وأسلم على يد جعفر بن أبي طالب، ولما مات صلى عليه صلى الله عليه وسلم.
وعبد الله بن حذافة، أرسله إلى كسرى إبزويز بن هرمز، فمزق كتابه وقال: يكاتبني وهو عبدي؟ ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: "مزق الّه ملكه" ثم كتب كسرى إلى باذان وهو نائبه على اليمن: أن ابعث إلى هذا الذي يتنبأ في الحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به، فبعث باذان قهرمانه وكان كاتبًا عالمًا بكتاب فارس، وبعث معه رجلًا من الفرس يقال له: خرخرة، وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف [معهما] إلى كسرى، فخرجا حتى قدما [على] رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلا عليه فقال: ارجعا حتى تأتياني غدًا، وأتى الخبر من السماء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى قد سلَّط على كسرى ابنه شيرويه فقتله في شهر كذا وكذا، فدعاهما النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهما، وأعطى [خرخرة] منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك، فخرجا من عنده حتى قدما على باذان وأخبراه الخبر، فقال: والله ما هذا بكلام ملك، وإني لأرى الرجل نبيًّا. فلم يلبث أن قدم عليه كتاب شيرويه، فلما وقف عليه قال: إن هذا الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وأسلمت الأبناء من فارس، وقرره النبي صلى الله عليه وسلم في موضعه وهو أول نائب من نُوّابه صلى الله عليه وسلم، هذا ملتقط من "العيني"(16/ 493 - 494) و"المجمع"(5/ 265 - 266).
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دحْيَةَ الْكَلْبِيَّ بِكِتَابِهِ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ.
7264 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قال: حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ يُونُسَ
(1)
،
"وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
…
" إلخ، هذا التعليق ثابت في هـ. "حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" في نـ: "حَدَّثَنِي اللَّيْثُ".
===
ويقال: إنه صلى الله عليه وسلم أرسل العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين من قبل الفرس، وكتب إليه يدعوه إلى الإسلام، فأسلم وأسلم جميع العرب بالبحرين. وأرسل الحارث بن عمير الأزدي أحد بني لهب إلى ملك بصرى، فلما نزل أرض مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فقتله، ولم يُقْتَل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسولٌ غيره. وأرسل جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع وذي عمرو، كذا في "العيني"(16/ 494) و"مقاصد السير"، وفي "الاستيعاب" (1/ 71): إلى ذي كلاع وذي رعين باليمن في رواية، وفي أخرى: ذي كلاع وذي ظليم باليمن، فأسلما، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرير عندهما، وأرسل عمرو بن العاص إلى ملكي عمان جيفر وعبد الله ابني الجلندي وهما من الأزد فأسلما وصدقا وخليا بين عمرو وبين الصدقات، والحكم فيما بينهم، فلم يزل عندهم حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم. وأرسل السائب بن العوام أخا الزبير إلى فروة بن عمرو الجذامي وكان عاملًا لقيصر على فلسطين وما حولها، فأسلم وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبعث إليه هدية مع مسعود بن سعد وهي بغلة شهباء يقال لها: فضة، وفرس يقال لها: الظرب، وقباء سندس مُخَوَّص بالذهب، فقبل هديته وأجاز مسعودًا اثني عشر أوقية. وأرسل المهاجر بن أبي أمية إلى الحارث وفروخ ونعيم بني عبد كلال من حمير ملك اليمن.
(1)
ابن يزيد الأيلي، "ع"(16/ 495).
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى
(1)
، فَأَمَرَهُ
(2)
أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ
(3)
، يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَه، فَحَسِبْتُ
(4)
أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ
(5)
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ
(6)
(7)
. [راجع: 64].
7265 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى
(8)
، عَنْ يَزِيدَ بْنِ
"أَنَّهُ قَالَ" لفظ "أنه" سقط في نـ. "أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ" في نـ: "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ".
===
(1)
بفتح الكاف وكسرها: ملك الفرس، "ك"(25/ 24).
(2)
أي: أمر حامله، وهو عبد الله بن حذافة السهمي.
(3)
بلفظ تثنية البحر، ضد البر: بلد بقرب بلاد الفرس، وقيل: باليمن، "ك"(25/ 24).
(4)
قائل هذا هو ابن شهاب الزهري.
(5)
أي: على كسرى وأهله، "ك"(25/ 24).
(6)
أي: كل تمزيق، وكذا جرى، "ع"(16/ 495).
(7)
قوله: (كل ممزق) هذا مرسل. نقل في كتب التواريخ أن الممزِّق للكتاب كان برويز - بفتح الموحدة وسكون الراء وكسر الواو وإسكان التحتانية وبالزاي -، ومزّق ابنه شيرويه - بكسر المعجمة وسكون التحتانية وضم الراء وإسكان الواو والتحتانية - بطنه فأهلكه، ثم لم يلبث بعد قتله إلا ستة أشهر، ولم يقم لهم بعد ذلك أمر نافذ، وأقبلت عليهم النحوسة حتى انقرضوا عن آخرهم في خلافة عمر حين توجيهه سعد بن أبي وقاص إلى العراق، "ك"(25/ 24).
(8)
ابن سعيد القطان.
أَبِي عُبَيْدٍ
(1)
قالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ
(2)
مِنْ أَسْلَمَ
(3)
: "أَذِّنْ فِي قَوْمِكَ - أَوْ فِي النَّاسِ - يَوْمَ عَاشُورَاءَ: أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ
(4)
بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ"
(5)
. [راجع: 1924].
5 - بَابُ وِصَاةِ
(6)
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وُفُودَ
(7)
الْعَرَبِ أَنْ يُبَلِّغُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ
قَالَهُ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ
(8)
(9)
.
7266 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ.
"حَدَّثَنَا شُعْبَةُ" في نـ: "أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ".
===
(1)
مولى سلمة بن الأكوع.
(2)
اسم الرجل: هند بن أسماء بن حارثة، "ع"(16/ 495).
(3)
قبيلة.
(4)
أي: ليصم تمام يومه، "ك" (25/ 24). مرَّ الحديث (برقم: 1924، 2007).
(5)
يدل على جواز النية بالنهار.
(6)
بفتح الواو وكسرها، بالقصر. ووصاية: بالتحتانية بعد الألف هو: الوصية.
(7)
جمع وفد.
(8)
الليثي.
(9)
أشار به إلى حديثه الذي مضى في أول هذه الأبواب (برقم: 7246).
ح وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ
(1)
قالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ
(2)
قَالَ: كَانَ
(3)
ابْنُ عَبَّاسٍ يُقْعِدُنِي عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ لِي:
"وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ" في نـ: "وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ"، وزاد بعده في ذ:"هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْه". "لِي" ثبت في صـ، ذ.
===
(1)
هو ابن راهويه، كذا ثبت في رواية أبي ذر، "ف"(13/ 243).
(2)
اسمه نصر - بالنون - بن عمران الضبعي، "ع"(16/ 496).
(3)
قوله: (كان
…
) إلخ، "يقعدني" من الإقعاد، وكان ترجمانًا بينه وبين الناس فيما يستفتونه، فلذلك يقعده على سريره. قوله:"وفد عبد القيس" الوفد جمع وافد، هو الذي أتى إلى الأمير برسالة من قوم، وقيل: رهط كرام. وعبد القيس: أبو قبيلة عظيمة ينتهي إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. وربيعة: قبيلة عظيمة في مقابلة مضر. وكانت وفادتهم سنة ثمان، وسببها أن منقذ بن حيان منهم كان يتجر إلى المدينة فمرَّ به النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه، فسأله عن أشراف قومه، فسمى له بأسمائهم، فأسلم وتعلم الفاتحة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، ثم رحل إلى هجر، ومعه كتابه صلى الله عليه وسلم، فكتمه أيامًا، لكن أنكرت زوجته صلاته فذكرت ذلك لأبيها المنذر رئيسهم، فتحاذيا فوقع الإسلام في قلبه، ثم ذهب بالكتاب إلى قومه وقرأه عليهم فأسلموا وأجمعوا على المسير إليه صلى الله عليه وسلم، "مرقاة"(1/ 168) مختصرًا.
قوله: "غير خزايا" جمع خزيان، وهو المفتضح والمستحيي والذليل. و"الندامى" جمع ندمان بمعنى النادم أي: لم يكن منكم تأخر عن الإسلام ولا أصابكم قتال ولا سبي ولا أسر مما تفتضحون به أو تستحيون منه أو تندمون عليه، ويحتمل أن يكون دعاء لهم. قوله:"كفار مضر" بالضم وفتح المعجمة: قبيلة، ويقال: ربيعة ومضر أخوان يقال له: ربيعة الخيل، ولهذا مضر الحمراء؛ لأنهم لما اقتسما الميراث أخذ مضر الذهب وربيعة
إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ
(1)
لَمَّا أَتَوْا رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنِ الْوَفْدُ؟ "، قَالُوا: رَبِيعَةُ
(2)
. قَالَ: "مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ وَالْقَوْمِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارَ مُضَرَ، فَأْمُرْنا بأَمْرٍ نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَنُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا
(3)
، فَسَأَلُوا عَنِ الأَشْرِبَةِ، فَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، وَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ: أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ، قَالَ:"هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ باللَّهِ؟ "، قَالُوَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ - وَأَظُنُّ فِيهِ
(4)
: صِيَامُ رَمَضَانَ -، وَتُؤْتُوا مِنَ الْمَغَانِمِ
(5)
الْخُمُسَ".
"مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ" في نـ: "مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَهُ"، وفي نـ:"مَا الإِيمَانُ بِه" مصحح عليه.
===
الفرس، ولم يكن لهم الوصول إلى المدينة إلا عليهم، وكانوا يخافون منهم إلا في الشهر الحرام، "ك"(25/ 25).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 53).
(2)
بفتح الراء، وعبد القيس من أولاده فهو فخذ منهم، "ك"(25/ 25).
(3)
إما بحسب المكان من البلاد البعيدة أو بحسب الزمان من الأولاد ونحوهم، وفي بعضها بكسر الميم، "ع"(16/ 496)، "ك"(25/ 25).
(4)
أي: في الحديث.
(5)
قوله: (وتؤتوا من المغانم) فإن قلت: لم عدل عن أسلوب أخواته؟ قلت: للإشعار بمعنى التجدد؛ لأن سائر الأركان كانت ثابتة قبل ذلك بخلاف إعطاء الخمس؛ فإن فرضيته كانت متجددة. وفيه دليل على أن الإيمان والإسلام واحد، ولم يذكر الحج لأنه لم يفرض حينئذ، أو لأنهم ما كانوا يستطيعون الحج بسبب لقاء مضر. فإن قلت: المذكور خمس
وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ
(1)
، وَالْحَنْتَمِ
(2)
، وَالْمُزَفَّتِ
(3)
، وَالنَّقِيرِ
(4)
- وَرُبَّمَا قَال
(5)
: الْمُقَيَّرِ -. قَالَ: "احْفَظُوهُنَّ، وَأَبْلِغُوهُنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ". [راجع: 53].
6 - بَابُ خَبَرِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ
(6)
7267 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ
(7)
قَالَ: قَالَ لِي
===
لا أربع؟ قلت: لم يجعل الشهادة من الأربع لعلمهم بذلك، وإنما أمرهم بأربع لم يكن في علمهم أنها من دعائم الإيمان.
قوله: "ونهاهم عن الدباء
…
" إلخ، والنهي وإن كان عن الظروف لكن المراد منه النهي عن شرب الأنبذة التي فيها، وقيل: النهي عن هذه نهي عن الانتباذ فيها؛ لأن الشراب فيها؛ قد يصير مسكرًا ولا يشعر به، "ك" (25/ 26)،"ع" (16/ 496).
(1)
بتشديد الموحدة وبالمد: اليقطين، "ك"(25/ 26).
(2)
هو الجرة التي ينتبذ فيها، وفيه أقوال، "ك"(25/ 26).
(3)
المطلي بالزفت أي: القار، "ك"(25/ 26).
(4)
أي: الجذع المنقور الوسط.
(5)
أي: ابن عباس، بدل المزفت: المقير، "ك"(25/ 26).
(6)
هل يعمل به أم لا؟ "قس"(15/ 260).
(7)
قوله: (عن توبة العنبري) بفتح الفوقانية وتسكين الواو وبالموحدة، ابن كيسان أبو المورع - بفاعل التوريع بالراء والمهملة - العنبري بفتح المهملة والموحدة بينهما نون ساكنة، نسبة إلى بني العنبر، بطن مشهور من بني تميم، التابعي. قوله: "أرأيت [حديث] الحسن
…
" إلخ، الرؤية بصرية، والاستفهام للإنكار، كان الشعبي ينكر على من يرسل الأحاديث عن
الشَّعْبِيُّ:
(1)
أَرَأَيْتَ حَدِيثَ الْحَسَنِ
(2)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم! وَقَاعَدْتُ ابْنَ عُمَرَ قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ، فَلَمْ أَسْمَعْهُ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ هَذَا
(3)
، قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ سَعْدٌ
(4)
فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمٍ، فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ
(5)
مِنْ بَعْض أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ، فَأَمْسَكُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُوا وَأطْعِمُوا
(6)
فَإِنَّهُ حَلَالٌ
"فَلَمْ أَسْمَعْهُ" في نـ: "وَلَمْ أَسْمَعْهُ". "رَوَى عَنِ النَّبِيِّ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ". "وَأَطْعِمُوا" في نـ: "أَوْ أَطْعِمُوا".
===
رسول الله صلى الله عليه وسلم، إشارة إلى أن الحامل لفاعل ذلك طلب الإكثار من التحديث عنه، وإلا لكان يكتفي بما سمعه موصولًا. وقال الكرماني: مراد الشعبي: أن الحسن مع أنه تابعي يكثر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني [أنه] جريء على الإقدام عليه، وابن عمر رضي الله عنه مع أنه صحابي مقلِّل فيه محتاط يتحرز مهما أمكن له. قلت: وكان ابن عمر اتبع رأي أبيه في ذلك فإنه كان يحض على قلة التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لوجهين، أحدهما: خشية الاشتغال عن تعلم القرآن وتفهم معانيه، والثاني: خشية أن يحدّث عنه بما لم يقله؛ لأنهم لم يكونوا يكتبون، فإذا طال العهد لم يؤمن النسيان، "ف"(13/ 243 - 244).
(1)
هو عامر بن شراحيل، من كبار التابعين، أدرك خمسمائة صحابي، "ع"(16/ 497).
(2)
أي: البصري.
(3)
أي: الحديث الذي بعده، "ك"(25/ 27).
(4)
أي: ابن أبي وقاص، "ك"(25/ 27).
(5)
هي ميمونة.
(6)
من الإطعام.
- أَوْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ
(1)
(2)
.
…
===
(1)
مَرَّ الكلام فيه وتحقيق الحق (برقم: 5537، 5391).
(2)
قوله: (قال: لا بأس به) وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة وأصحابه بحرمته، وقد نقله ابن المنذر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لحديث أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن شبل:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب"، وفي إسناده إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح عن عبيد عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل. قال الحافظ: وحديث ابن عياش عن الشاميين قوي، وهؤلاء شاميون ثقات، ولا يلتف إلى قول الخطابي: ليس إسناده بذاك، وقولِ ابن حزم: فيه ضعفاء ومجهولون، وقولِ البيهقي: تَفَرَّدَ به ابن عياش وليس بحجة، وقولِ ابن الجوزي: لا يصح، قال: وكل ذلك تساهل لا يخفى؛ فإن رواية إسماعيل عن الشاميين قوية ورجاله كلهم ثقات أثبات، والحديث أخرجه أبو حنيفة في "مسنده" عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة:"أنه أهدي لها ضب فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فنهاها عن أكله، فجاء سائل فأمرت له به، فقال رسول الله: أتطعمين ما لا تأكلين؟ ". وقد أخرج أحمد وأبو يعلى حديث عائشة بإسناد ورجاله رجال الصحيح مثله، والهمزة فيه للإنكار يعني: لا تطعمي مما لا تأكلين، فنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التصدق به إنما هو نظرًا إلى عدم إباحته؛ لأنه لو كان مباحًا لما منعها عن التصدق به. ولا يقال: إن النهي عن التصدق إنما هو من قبيل {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]، و {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]؛ لأنا نقول: هذا إنما يتم فيمن وجد عنده شيء جيد فيختار الرديء للتصدق، وأما من لا يجد إلا رديئًا وقد سأله مضطر إلى استعماله فإنه لا يمنعه عن تصدق ما يجده، بل نقول: إنه يثاب على ذلك. ثم الأصل أنه متى تعارض الدليلان أحدهما يوجب الحظر والآخر الإباحة يغلب الحظر.
شَكَّ فِيهِ
(1)
- وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي"
(2)
. [أخرجه: م 1944، ق 26، تحفة: 7111].
===
وفي "شرح العيني": الأصح عند أصحابنا أن الكراهة تنزيهية لا تحريمية لظاهر الأحاديث الصحيحة منه ليس بحرام، هذا خلاصة ما قاله الشيخ عابد السندي في "شرح مسند أبي حنيفة".
(1)
هذا قول شعبة، والشاك تَوْبَةُ العنبريُّ.
(2)
أي: المألوف به فأعافه منه، "ك"(25/ 27).
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
96 - كِتَابُ الاعْتِصَام
1 - باب الاعْتِصَام بالكِتَاب والسُّنَّة
(1)
7268 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
، عَنْ مِسْعَرٍ
(3)
وَغَيْرِهِ
(4)
، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ،
"حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيّ" في قت، ذ:"حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ الزُّبَيرِ الْحُمَيدِيُّ".
===
(1)
قوله: (الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة)"الكتاب" هو: الكلام المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بسورة منه، وقيل: ما نقل بين دفتي المصحف تواترًا. و"السُّنَّة" هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره. وهذه الترجمة مقتبسة من قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} [آل عمران: 103]، إذ المراد بالحبل الكتاب والسُّنَّة على سبيل الاستعارة المصرحة، والجامع كونهما سببًا للمقصود الذي هو الثواب كما أن الحبل سبب للمقصود من السقي ونحوه، "ك"(25/ 28)، "ع"(16/ 498).
(2)
ابن عيينة.
(3)
ابن كدام الهلالي العامري، "ك"(25/ 28).
(4)
قوله: (عن مسعر وغيره) الغير لم أر من صرح به، إلا أنه يحتمل أن يكون سفيان الثوري؛ فإن أحمد أخرجه من رواية "عن قيس بن مسلم" وهو الجدلي بفتح الجيم والمهملة، كوفي يكنى أبا عمرو، وكان عابدًا ثقةً ثبتًا وقد نسب إلى الإرجاء، "قس" (15/ 263). قوله:"يوم عرفة" غير منصرف و"جمعة" منصرف. فإن قلت: لم فرق بينهما؟ قلت: لأن الأول علم الزمان المعين، والثاني اسم جنس له. فإن قلت: ما وجه الموافقة بين
عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ
(1)
قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَنَّ عَلَيْنَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا
(2)
} [المائدة: 3] لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لأَعْلَمُ أَيَّ
(3)
يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة، نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ.
سمِعَ سُفْيَانُ
(4)
مِسْعَرًا، وَمِسْعَرٌ قَيْسًا، وَقَيْسٌ طَارِقًا. [راجع: 45].
7269 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قال: حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ عُقَيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ الْغَدَ
(5)
حِينَ بَايَعَ الْمُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ، وَاسْتَوَى عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَشَهَّدَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: أَمَّا بَعْد، فَاخْتَارَ اللهُ
===
الكلامين؟ قلت: مقصوده أن ذلك اليوم أيضًا عندنا عيد، "ك" (25/ 29). قال ابن عباس: كان ذلك اليوم خمسة أعياد: جمعة، وعرفة، وعيد اليهود، والنصارى، والمجوس. ووجه ذكر هذا الحديث عقيب هذه الترجمة من حيث إن الآية تدل على أن هذه الأمة معتصمة بالكتاب والسُّنَّة؛ لأن الله تعالى منَّ عليهم بهذه الآية بإكمال الدين وإتمام النعمة وبرضاه لهم بدين الإسلام، "ع"(16/ 498).
(1)
الأحمسي.
(2)
مرَّ الحديث (برقم 45).
(3)
منصوب.
(4)
هذا كلام البخاري، غرضه أن العنعنة محمولة على السماع عنده.
(5)
أي: في اليوم الثاني من يوم المبايعة الأولى الخاصة ببعض الصحابة، "ك"(25/ 29).
لِرَسُولِهِ الَّذِي
(1)
عِنْدَهُ
(2)
عَلَى الَّذِي
(3)
عِنْدَكُمْ
(4)
، وَهَذَا الْكِتَابُ الَّذِي
(5)
هَدَى اللهُ بِهِ رَسُولَكُمْ، فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا لِمَا هَدَى اللهُ بِهِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم. [راجع: 7219].
7270 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ
(6)
، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ"
(7)
(8)
. [راجع: 75].
7271 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَبَّاحٍ
(9)
قال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ
(10)
قَالَ:
"لِرَسُولِهِ" في نـ: "لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ". "لِمَا هَدَى" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ، ذ:"بِمَا هَدَى"، وفي نـ:"وإنَّمَا هَدَى". "رَسُولَ الله" في نـ: "رَسُولَه".
===
(1)
أي: من الثواب والكرامة، "ف"(13/ 246).
(2)
أي: في الآخرة، "ك"(25/ 29)، "ع"(16/ 499).
(3)
أي: من النصب، "ف"(13/ 246).
(4)
أي: في الدنيا، "ك"(25/ 29)، "ع"(16/ 499).
(5)
هذا موضع مطابقته للترجمة. ومرَّ الحديث (برقم: 7219)، وسياقه هناك أتم.
(6)
أي: الحذاء.
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 75) في "كتاب العلم".
(8)
مطابقته للترجمة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم دعا له بأن يعلمه الله الكتاب ليعتصم به، "ع"(16/ 499).
(9)
العطار البصري.
(10)
ابن سليمان.
سَمِعْتُ عَوْفًا
(1)
: أَنَّ أَبَا الْمِنْهَالِ
(2)
حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ
(3)
قَالَ: إِنَّ اللهَ تَعَالى يُغْنِيكُمْ
(4)
- أَوْ: نَعَشَكُمْ
(5)
- بِالإِسْلَامِ وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 7112].
"وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم " زاد بعده في سـ، ذ:"قال أبو عبد الله: وقع ها هنا: يغنيكم، وإنما هو: نعشكم. ينظر في أصل كتاب الاعتصام".
===
(1)
المشهور بالأعرابي.
(2)
بكسر الميم: سيار بن سلامة.
(3)
اسمه: نضلة - بفتح النون وإسكان المعجمة - ابن عبيد الأسلمي، سكن البصرة، "ع"(16/ 499).
(4)
قوله: (إن الله [تعالى] يغنيكم بالإسلام) كذا وقع بضم الياء ثم غين معجمة ساكنة ثم نون، ونبه أبو عبد الله - وهو المصنف - على أن الصواب بنون ثم عين مهملة مفتوحتين ثم شين معجمة. وقوله:"ينظر في أصل كتاب الاعتصام" فيه إشارة إلى أنه صنف "كتاب الاعتصام" مفردًا وكتب منه هنا ما يليق بشرطه في هذا الكتاب، كما صنع في كتاب "الأدب المفرد"، فلما رأى هذه اللفظة مغايرة لما عنده أنه الصواب أحال على مراجعة ذلك الأصل، وكأنه كان في هذه الحالة غائبًا عنه فأمر بمراجعته وأن يصلح منه، وقد وقع له نحو هذا في تفسير {أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} ونبهت عليه في تفسير سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ} ، "ف"(13/ 246 - 247).
وقوله: "قال أبو عبد الله
…
" إلى آخره ثابت في رواية أبي ذر عن المستملي ساقط لغيره، وسقط لابن عساكر في نسخة. قوله: "ينظر
…
" إلخ، والحديث سبق في "الفتن" في "باب إذا قال عند قوم شيئًا"، "قس" (15/ 265). ومطابقته للترجمة من حيث إن إغناء الله عباده بالإسلام وبنبيه عليه السلام عبارة عن الاعتصام بالدين وبرسوله، "ع" (16/ 499).
(5)
أي: رفعكم أو جبركم عن الكسر، أو أقامكم عن العثر، "ك"(25/ 30).
7272 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قال: حَدَّثنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُبَايِعُهُ
(1)
: وَأُقِرُّ
(2)
لَكَ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى سُنَّةِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فِيمَا اسْتَطَعْتُ. [راجع: 7203، تحفة: 7245].
1/ م - بَابُ قَؤلِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ"
7273 -
حَدَّثَنَا عَبدُ الْعَريزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ
(3)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّب، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ
(4)
،
"لَكَ" كذا في ذ، وفي نـ:"بذَلِكَ". "رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم" سقطت التصلية في نـ.
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 7205) بأتم من هذا.
(2)
معطوف على متقدم عليه كان في مكتوب ابن عمر رضي الله عنه، "ك"(25/ 30).
(3)
ابن إبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، "ع"(16/ 500).
(4)
قوله: (بعث بجوامع الكلم) أي: مع الكلمات القليلة الجامعة للمعاني الكثيرة. وحاصله: أنه صلى الله عليه وسلم كان يتكلم بالقول الوجيز اللفظ الكثير المعاني، وقيل: المراد بجوامع الكلم: القرآن؛ بدليل قوله: "بعثت" والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ واتساع المعاني. قوله: "ونصرت بالرعب" أي: الخوف أي: بمجرد الخبر الواصل إلى العدو يفزعون مني ويؤمنون. قوله: "أتيت بمفاتيح خزائن الأرض" أراد بمفاتيح خزائن الأرض ما فتح الله على أمته، والخزائن جمع خزانة وهي الموضع [الذي] يخزن فيها،
وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ
(1)
، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أُتِيتُ بمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدِيَّ". قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ
(2)
: فَقَدْ ذَهَبَ
(3)
رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَلْغَثُونَهَا
(4)
"فَقَدْ ذَهَبَ" في نـ: "فَذَهَبَ".
===
"ع"(16/ 500). قال في "المجمع"(4/ 93) أراد ما سهل الله له ولأمته [من] افتتاح بلاد متعذرات واستخراج كنوز ممتنعات، أو هي معادن الأرض.
(1)
الحديث قد مرَّ (برقم: 7013).
(2)
هو موصول بالسند المذكور، "ف"(13/ 247)، "ع"(16/ 500).
(3)
أي: مات، "ف"(13/ 247).
(4)
قوله: (تلغثونها أو ترغثونها) فالأولى: بلام ساكنة ثم غين معجمة مفتوحة ثم مثلثة، والثانية: مثلها لكن بدل اللام راء، وهي: من الرغث كناية عن سعة العيش، وأصله من: رغث الجدي أمه، إذا ارتضع منها، وأرغثته هي: أي: أرضعته، ومن ثم قيل: ناقة رغوث أي: غزيرة اللبن. وأما التي باللام فقيل: إنها لغة فيها، وقيل: تصحيف، وقيل: مأخوذة من اللغيث بوزن عظيم وهو الطعام المخلوط بالشعير، ذكره صاحب "المحكم" عن ثعلب. والمراد: تأكلونها كيف ما اتفق، وفيه بعد.
وقال ابن بطال (10/ 330): وأما اللغث باللام فلم أجده فيما تصحفت من اللغة، انتهى. ووجدت في حاشية من كتابه: هما لغتان فصيحتان صحيحتان، ومعناهما: الأكل بالنهمة. وفي كتاب "المنتهى" لأبي المعالي اللغوي: لغث طعامه ولعثه - بالغين المعجمة والعين المهملة - إذا فرقه، واللغيث: ما يبقى في الكيل من الحب. فعلى هذا فالمعنى وأنتم تأخذون المال فتفرقونه بعد أن تحوزوه، واستعار للمال بالطعام لأن الطعام أهم ما يقتنى لأجله المال، وزعم أن في بعض النسخ الصحيحة: "وأنتم
أَوْ تَرْغَثُونَهَا
(1)
، أَوْ كَلِمَةٌ تُشْبِهُهَا
(2)
. [راجع: 2977، تحفة: 13106].
7274 -
حَدَّثَنَا عَبدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ قال: حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ سَعِيدٍ
(3)
، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ
(4)
أُومِنَ
(5)
- أَوْ: آمَنَ -
"أَوْ آمَنَ" في قا: "أَوْ أَمِنَ" من الأمن.
===
تلعقونها"، بمهملة ثم قاف. قلت: هو تصحيف، ولو كان له بعض اتجاه.
والثالثة جاءت من رواية عقيل في "كتاب الجهاد" بلفظ: "تنتثلونها" بمثناه ثم نون ساكنة ثم مثناة، ولبعضهم بحذف المثناة الثانية من النثل بفتح النون وسكون المثلثة، وهو الاستخراج، نثل كنانته: استخرج ما فيها من السهام، وجرابه: نفض ما فيه، والبئر: أخرج ترابها، فمعنى تنتثلونها: تستخرجون ما فيها وتتمتعون به. قال ابن التين: هذا هو المحفوظ في هذا الحديث. قال النووي: يعني: ما فتح على المسلمين من الدنيا، وهو يشمل الغنائم والكنوز، وعلى الأول اقتصر الأكثر، ووقع عند بعض رواة مسلم بالميم بدل النون الأولى وهو تحريف، "ف"(13/ 247 - 248)، "ع"(16/ 500 - 501)
(1)
أي: تستخرجون منها وترتضعونها وتلغثونها أي: تجمعونها. وقيل: هما بمعنى واحد مثل: سمر وسمل، وبين الحرفين مقاربة، "ك"(25/ 30).
(2)
أي: إحدى الكلمتين.
(3)
ابن أبي سعيد المقبري، واسم أبي سعيد كيسان، "ف"(13/ 248).
(4)
مرفوع المحل لإسناد "أعطي" إليه.
(5)
شك من الراوي، فالأولى - بضم الهمزة وسكون الواو وكسر الميم -: من الأمن، والثانية - بالمد وفتح الميم -: من الإيمان. وحكى ابن قرقول أن في رواية القابسي - بفتح الهمزة وكسر الميم بغير مد -: من الأمان، وصوبها ابن التين فلم يصب، "ف"(13/ 248).
عَليْهِ
(1)
الْبَشَرُ، وَإِنَمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ
(2)
(3)
وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ
(4)
إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنِّي أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا
(5)
يَوْمَ الْقِيَامَةِ". [راجع: 4981].
"أُوتيتُ" كذا في سـ، وفي هـ، حـ، ذ:"أُوتِيتُه".
===
(1)
أي: مغلوبًا عليه، يعني: فيه تضمين معناها، وإلا فاستعماله بالباء أو باللام، "ك"(25/ 30)، "ع"(16/ 501).
(2)
أي: أُعْطِيتُ.
(3)
فوله: (وإنما كان الذي أوتيت
…
) إلخ، ومعنى الحصر فيه أن القرآن أعظم المعجزات وأفيدها وأدومها لاشتماله على الدعوة والحجة، وينتفع به الحاضر والغائب إلى آخر الدهر، فلما كان لا شيء يقاربه فضلًا عن أن يساويه كان ما عداه بالنسبة إليه كأن لم يقع، ويقال: معناه: أن كل نبي أعطي من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء، فآمن به البشر، وأما معجزتي العظمى فهي القرآن الذي لم يعط أحد مثله، فلهذا قال:"أنا أكثرهم تبعًا". ويقال: إن الذي أوتيتُ لا يتطرق إليه تخيل بسحر وشبهه بخلاف معجزة غيري، فإنه قد يخيل الساحر بشيء مما يقارب بصورتها كما خيلت السحرة في صورة عصا، والخيال قد يروج على بعض العوام الناقصة العقول، والفرق بين المعجزة والسحر يحتاج إلى فكر، فقد يخطئ الناظر فيعتقدهما سواء، "ع"(16/ 501)، "ك"(25/ 30 - 31).
ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "إنما أوتيته
…
" إلخ؛ فإنه عليه السلام أراد بقوله: "وحيًا أوحاه الله إلي" القرآن، ولا شك أن فيه جوامع الكلم، وهي فيه كثير، منها قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} الآية [البقرة: 179]، ومنها قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52] إلى غير ذلك، "ع" (16/ 501).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 4981).
(5)
تمييز.
2 - بَابُ الاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
-
وَقَوْلِ اللهِ
(1)
: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]، قَالَ
(2)
: أَئِمَّةً نَقْتَدِي بِمَنْ قَبْلَنَا
(3)
، وَيَقْتَدِي بِنَا مَنْ بَعْدَنَا. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ
(4)
: ثَلَاثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلإِخْوَانِي: هَذِهِ السُّنَّةُ
(5)
أَنْ يَتَعَلَّمُوهَا
(6)
"وَيَقْتَدِي" سقطت الواو في نـ.
===
(1)
بالجر عطف على الاقتداء، "ع"(16/ 502).
(2)
لم يعلم القائل من هو، ولكن ذكر في التفسير: قال مجاهد: أي: اجعلنا ممن نقتدي بمن قبلنا
…
إلخ، "ع"(16/ 502).
(3)
قوله: (قال: أئمة نقتدي بمن قبلنا
…
) إلخ، يعني: استعمل الإمام ههنا بمعنى الجمع بدليل "اجعلنا". فإن قلت: الإمام هو المقتدى به فمن أين استفاد المأمومية حتى ذكر المقدمة الأولى أيضًا؟ قلت: هي لازمة إذ لا يكون متبوعًا لهم إلا إذا كان تابعًا لهم، أي: ما لم يتبع الأنبياء لا تتبعه الأولياء، ولهذا لم يذكر الواو بين المقدمتين، "ك"(25/ 31).
(4)
هو عبد الله البصري من صغار التابعين، "ف"(13/ 251).
(5)
إشارة إلى طريقة النبي صلى الله عليه وسلم إشارة نوعية لا شخصية، "ف"(13/ 252)، "ع"(16/ 503).
(6)
قوله: (أن يتعلموها
…
) إلخ، قال في القرآن "تفهموه" وفي السُّنَّة "يتعلموها" لأن الغالب على حال المسلم أن يتعلم القرآن في أول أمره فلا يحتاج إلى الوصية بتعلمه فلهذا أوصى بفهم معناه وإدراك منطوقة وفحواه.
وَيَسْأَلُوا عَنْهَا، وَالْقُرْآنُ أَنْ يَتَفَهَّمُوهُ وَيَسْأَلُوا عَنْه، وَيَدَعُوا
(1)
النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ.
7275 -
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ
(2)
قال: حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّحْمَنِ بن مهدي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(3)
، عَنْ وَاصِلٍ
(4)
، عَنْ أَبِي وَائِلٍ
(5)
قَالَ:
"وَيَدَعُوا النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ" كَذا في هـ، ذ، وفي نـ:"وَيَدْعُوا النَّاسَ إِلى خَيْرٍ". "حَدَّثَنِي عَمْرُو" في نـ: "حَدَّثَنَا عَمْرُو". "ابن مهدي" سقط في نـ. "حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" في نـ: "قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ".
===
قوله: "يدعوا الناس" أي: يتركوا الناس أي: لا يتعرض لهم، رحم الله امرءًا شغله خويصة نفسه عن الغير، نعم إن قدر على إيصال خير فبها ونعمت، وإلا ترك الشر أيضًا خير كثير، "ك"(24/ 31 - 32)، "ع"(16/ 502).
(1)
كذا للأكثر بفتح الدال أي: يتركوا الناس. ووقع في رواية الكشميهني بسكون الدال من الدعاء. وفي رواية: "ويدعوا الناس إلى خير"، "ع"(16/ 502).
(2)
الأحوازي - بالزاي -، البصري، "ع"(16/ 503)، "ك"(25/ 32).
(3)
الثوري.
(4)
ابن حيان، بتشديد التحتانية والنون، "ك"(25/ 32).
(5)
اسمه شقيق.
جَلَسْتُ إِلَى شَيْبَةَ
(1)
فِي هَذَا الْمَسْجِدِ
(2)
قَالَ
(3)
: جَلَسَ إِلَيَّ عُمَرُ فِي مَجْلِسِكَ هَذَا فَقَالَ: هَمَمْتُ
(4)
أَنْ لَا أَدَعَ
(5)
فِيهَا
(6)
صَفْرَاءَ
(7)
وَلَا بَيْضَاءَ
(8)
إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
"هَمَمْتُ" في هـ، ذ:"لقد هَمَمْتُ".
===
(1)
قوله: (جلست إلى شيبة) بفتح الشين المعجمة وسكون التحتانية وبالموحدة: ابن عثمان الحجبي العبدري، أسلم بعد فتح مكة وبقي إلى زمان يزيد بن معاوية، وليس له في الصحيحين إلا هذا الحديث عند البخاري وحده. قوله:"أن لا أدع فيها" الضمير للكعبة وإن لم يجر لها ذكر؛ لأن المراد بالمسجد في قول أبي وائل: "جلست إلى شيبة في هذا المسجد" نفس الكعبة فكأنه أشار إليها قوله: "يقتدى بهما". قال ابن بطال: أراد عمر قسمة المال في مصالح المسلمين، فلما ذكره شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر بعده لم يتعرضا له؛ لم يسعه خلافهما، ورأى أن الاقتداء بهما واجب، فربما يهدم البيت ويحتاج إلى ترميمه فيصرف ذلك [المال فيه]، ولو صرف إلى منافع المسلمين لكان فيه حرج. ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله:"يقتدى بهما" أي: بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأبي بكر رضي الله عنه، والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم اقتداء بسُنَّته، ملتقط من "ك"(25/ 32)، "ع"(16/ 502 - 503)، "ف"(13/ 252).
(2)
أي: المسجد الحرام، "ك"(25/ 32).
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 1594) مع تحقيقه.
(4)
أي: قصدت.
(5)
أي: لا أترك.
(6)
أي: الكعبة، "ك"(25/ 32).
(7)
أي: ذهبا.
(8)
أي: فضة.
قُلْتُ
(1)
: مَا أَنْتَ بفَاعِلٍ! قَالَ: لِمَ؟ قُلْتُ: لَمْ يَفْعَلْهُ صَاحِبَاكَ. قَالَ: هُمَا الْمَرْآنِ يُقْتَدَى
(2)
بِهِمَا. [راجع: 1594].
7276 -
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ بْنُ عَبْدِ اللهِ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(3)
قَالَ: سَأَلْتُ الأَعْمَشَ فَقَالَ: عَنْ زيدِ بْنِ وَهْبٍ
(4)
: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ الأَمَانَةَ
(5)
نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ فِي جَذْرِ
(6)
قُلُوبِ الرِّجَالِ
(7)
، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ
(8)
فَقَرَءُوا الْقُرْآنَ
(9)
وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ".
[راجع: 6497].
"يُقْتَدَى" في نـ: "نَقْتَدِي". "قَالَ: سَأَلْتُ" في نـ: "سَأَلْتُ". "سَمِعْتُ حُذيْفَةَ" في نـ: "قال: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ".
===
(1)
القائل شيبة، "ك"، "ع"(16/ 503).
(2)
بلفظ الغائب المجهول، ولأبي ذر بنون مفتوحة بدل التحتية وكسر الدال، "قس"(15/ 270).
(3)
ابن عيينة.
(4)
الهمداني الجهني الكوفي.
(5)
المراد بها الإيمان وشرائعه، "ك"(25/ 32).
(6)
بفتح الجيم وإسكان الذال المعجمة الأصل، "ك"(25/ 32)، "ع"(16/ 503).
(7)
أي: المؤمنين، "ك"(25/ 32)، "ع"(16/ 503).
(8)
قوله: (ونزل القرآن
…
) إلخ، يعني كان في طبائعهم الأمانة بحسب الفطرة التي فطر الناس عليها، ووردت الشريعة بذلك فاجتمع الطبع بالشرع في حفظها، "ك"(25/ 32).
(9)
مضى الحديث مطولًا (برقم: 6497، 7086).
7277 -
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قال: حَدَّثَنَا شعْبَةُ قال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ
(1)
قال: سَمِعْتُ مُرَّةَ
(2)
الْهَمْدَانِيَّ يَقُولُ: قَالَ عَبدُ اللهِ
(3)
: إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ
(4)
كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ
(5)
هَدْيُ
(6)
مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا
(7)
،
"أَخْبَرَنِي عَمْرُو" في نـ: "أَخْبَرَنَا عَمْرُو"، وفي نـ:"حَدَّثَنَا عَمْرُو". "الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ" في هـ، ذ:"الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ".
===
(1)
الجملي، بفتح الجيم وتخفيف الميم، "ف"(13/ 252)، "ع"(16/ 504).
(2)
ابن شراحيل، ويقال له: مرة الطيب، بالتشديد، وهو الهمداني بسكون الميم، وليس هو والد عمرو الرواي عنه، "ف"(13/ 252)، الكوفي كان يصلي كل يوم ألف ركعة، "ك"(25/ 33).
(3)
ابن مسعود.
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 6098).
(5)
قوله: (وأحسن الهدي) بفتح الهاء وسكون الدال للأكثر. وللكشميهني بضم الهاء مقصورًا. ومعنى الأول: الهيئة والطريقة، والثاني: ضد الضلال، "ف"(13/ 252).
(6)
بفتح الهاء وإسكان المهملة: السمت والطريقة، "ك"(25/ 33).
(7)
قوله: (وشر الأمور محدثاتها) المحدثات بفتح الدال جمع محدثة، والمراد بها ما أحدث، وليس له أصل قبل في الشرع، ويسمى في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، والبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة؛ فإن كل شيء أحدث على غير مثال يسمى بدعة، سواء كان محمودًا أو مذمومًا. قال الشافعي رحمه الله: البدعة بدعتان: محمودة ومذمومة، فما وافق السُّنَّة فهو محمود، وما خالفها
و {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ
(1)
} [الأنعام: 134]. [راجع: 6098، تحفة: 9551].
7278 و 7279 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
قال: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزيدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَا: كُنَّا عِنْدَ
"عَنْ عُبَيْدِ اللهِ" في نـ: "عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بن عبد الله" - أي: ابن عتبة بن مسعود -.
===
فهو مذموم، فمما حدث: تدوين الحديث، ثم تفسير القرآن، ثم تدوين المسائل الفقهية، ثم تدوين ما يتعلق بأعمال القلوب، فأنكر الأول عمر وأبو موسى وطائفة، ورخص فيه الأكثر، وأنكر الثاني جماعة من التابعين كالشعبي، وأنكر الثالث أحمد وطائفة يسيرة، واشتد إنكار أحمد للذي بعده. ومما حدث أيضًا: تدوين القول في الديانات فتصدى لها المثبتة فبالغ حتى شَبَّهَ، وبالغ النفاة حتى عطل، واشتد إنكار السلف لذلك كابي حنيفة وأبي يوسف والشافعي وكلامهم [في] ذم أهل الكلام مشهور، وسببه أنهم تكلموا في ما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وثبت عن مالك أنه لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه شيء من الأهواء، يعني: بدع الخوارج والروافض والقدرية، وقد توسع من تأخر عن القرون الثلاثة في غالب الأمور التي أنكرها أئمة التابعين وأتباعهم حتى مزجوا مسائل الديانة بكلام اليونان، وجعلوا كلامهم أصلًا يردون إليه ما خالفه من الآثار بالتأويل، ثم لم يكتفوا بذلك حتى زعموا أنه أشرف العلوم، وأن من لم يستعمله فهو عامي جاهل، فالسعيد من تمسَّك بما كان عليه السلف واجتنب ما أحدثه الخلف، وإن لم يكن له منه بد فليكتف منه بقدر الحاجة، ويجعل الأول المقصود بالأصالة، والله الموفق، "فتح"(13/ 253) مختصرًا.
(1)
أراد ختم موعظته بشيء من القرآن يناسب الحال، "ف"(13/ 254).
(2)
ابن عيينة.
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: "لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا
(1)
(2)
بِكِتَابِ اللهِ عز وجل". [راجع: 2314، أطرافه: 2315].
7280 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قال: حَدَّثنَا فُلَيْحٌ
(3)
قال: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ
(4)
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إلَّا مَنْ أَبَى
(5)
". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: "مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى
(6)
".
[تحفة: 14237].
===
(1)
الخطاب لوالد العسيف والذي استأجره، وليس خطابًا لأبي هريرة وزيد بن خالد كما يتوهم من ظاهره، "ع"(16/ 504)، قد مرَّ ذكره بطوله غير مرَّة، (منها برقم: 7194).
(2)
قوله: (بينكما) الخطاب للأعرابي وخصمه فيما زنى ابنه العسيف بامرأته وأعطى وليدة ومائة من الغنم، "ك" (25/ 33). ومطابقته للترجمة من حيث إن قوله عليه السلام:"بكتاب الله" أي: السُّنَّة، ويطلق عليها كتاب الله لأنها بوحيه وتقديره، لقوله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4]، فإذا كان المراد هو السُّنَّة يدخل في الترجمة، "ع"(16/ 504)، "ف"(13/ 254).
(3)
ابن سليمان.
(4)
هو الذي يقال له هلال بن أبي ميمونة، وهلال بن أبي هلال، وهلال بن أسامة المدني، "ك"(25/ 33)، "ع"(16/ 504).
(5)
أي: امتنع.
(6)
قوله: (فقد أبى) يعني: امتنع عن قبول الدعوة، أو عن امتثال الأوامر. فإن قلت: العاصي يدخل الجنة أيضًا إذ لا يبقى مخلدًا في النار؟ قلت: يعني لا يدخل في أول الحال، أو المراد بالإباء الامتناع عن الإسلام، "ك"(25/ 33)، "ع"(16/ 504).
7281 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ
(1)
قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ
(2)
قال: حَدَّثَنَا سَلِيمُ
(3)
بْنُ حَيَّانَ - وَأَثْنَى
(4)
عَليْهِ
(5)
- قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
"قال: حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ" في نـ: "عن سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ".
===
(1)
قوله: (محمد بن عَبادة) بفتح العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة ومن عداه في الصحيحين بضمها، واسم جده البختري - بفتح الموحدة وسكون المعجمة وفتح المثناة من فوق - هو واسطي يكنى أبا جعفر، ما له في "البخاري" إلا هذا الحديث، وآخر تقدم في "كتاب الأدب" (برقم: 6106)، "ك"(25/ 33)، "ف"(13/ 255).
قوله: "إن العين نائمة
…
" إلخ، هذا تمثيل يراد به حياة القلب وصحة خواطره، يقال: رجل يقظ إذا كان ذكي القلب، وفي حديث ابن مسعود: "فقالوا بينهم: ما رأينا عبدًا قطّ أوتي مثل ما أوتي هذا النبي، إن عينيه تنامان وقلبه يقظان، اضربوا له مثلًا"، "ف" (13/ 255).
قوله: "كمثل رجل بنى دارًا
…
" إلخ، فإن قلت: التشبيه يقتضي أن يكون مثل الباني هو مثل النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "مثله كمثل رجل بنى دارًا"، لا مثل الداعي؟ قلت: هذا ليس من باب تشبيه المفرد بالمفرد بل تشبيه المركب بالمركب من غير ملاحظة مطابقة المفردات بين الطرفين، كقوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ} [يونس: 24]. قوله: "فرق" بلفظ الماضي من التفريق، وفي بعضها بسكون الراء والتنوين أي: فارق بين المطيع والعاصي، "ك" (25/ 34 - 35).
(2)
ابن هارون.
(3)
بفتح السين المهملة على وزن كريم: ابن حيان بفتح المهملة وتشديد التحتية، "ع"(16/ 505).
(4)
أي: يزيد، القائل بهذا محمد شيخ البخاري، "ع"(16/ 505).
(5)
أي: على سليم بن حيان.
مِينَاءٍ
(1)
قال: حَدَّثَنَا - أَوْ: سَمِعْتُ
(2)
- جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَائِمٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبُ يَقْظَانُ. فَقَالُوا: إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ
(3)
هَذَا مَثَلًا فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبُ يَقْظَانُ. فَقَالُوا: مَثَلُهُ
(4)
كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وَجَعَلَ فِيهَا مَأدُبَةً
(5)
وَبَعَثَ دَاعِيًا، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ الْمَأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الْمَأْدُبَةِ. فَقَالُوا: أَوِّلُوهَا
(6)
لَهُ يَفْقَهْهَا. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ. وَقَالَ: بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبُ يَقْظَانُ. فَقَالُوا: الدَّارُ الْجَنَّةُ، وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ. [تحفة 2264].
"مِينَاءَ" في نـ: "مِينَى". "فَاضْرِبُوا" في نـ: "قال: فَاضْربُوا". "الدَّارُ الْجَنَّةُ" في نـ: "فَالدَّارُ الْجَنَّةُ". "فَرْقٌ" في ذ: "فَرَّقَ" - كذا لأَبي ذر بتشديد الراء فعلًا ماضيًا، ولغيره بسكون الراء والتنوين، "ف"(13/ 256) -.
===
(1)
بكسر الميم وتسكين التحتانية وبالنون ممدودًا ومقصورًا، المكي، "ك"(25/ 33).
(2)
شك من سليم بن حيان.
(3)
المراد به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
(4)
بفتح الميم والمثلثة أي: صفته، ويمكن أن يراد به ما عليه أهل البيان، وهو ما نشأ من الاستعارات التمثيلية، "ك"(25/ 34).
(5)
بفتح الدال وضمها: طعام يدعى إليه الناس كالوليمة، "ك"(25/ 34).
(6)
أي: فسروها واكشفوها كما هو تعبير الرؤيا حتى يفهم المقصود، "ك"(25/ 34).
- تَابَعَهُ
(1)
قُتَيْبَةُ عَنْ لَيْثٍ
(2)
، عَنْ خَالِدٍ
(3)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ
(4)
(5)
، عَنْ جَابِرٍ: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
7282 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(6)
، عَنِ الأَعْمَش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(7)
، عَنْ هَمَّامٍ
(8)
، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ
(9)
"خَرَجَ" في نـ: "قال: خَرَجَ".
===
(1)
أي: محمد بن عَبَادة، "ع"(16/ 506).
(2)
ابن سعد.
(3)
ابن يزيد الفقيه.
(4)
الليثي المدني.
(5)
قوله: (عن سعيد بن أبي هلال، عن جابر) ابن عبد الله الأنصاري، قال:"خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلًا. فقال: اسْمَعْ سَمِعَتْ أذنك، واعْقِلْ عَقَلَ قلبك، إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارًا ثم بنى فيها بيتًا ثم جعل فيها مائدة" نحو الحديث المذكور، وهذا حديث منقطع، سعيد بن أبي هلال لم يدرك جابر بن عبد الله. قيل: فائدة إيراد البخاري هذه المتابعة لدفع توهم من يظن أن طريق سعيد بن ميناء موقوف عليه؛ لأنه لم يصرح برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر هذه المتابعة لتصريحها بالرفع، "ع"(16/ 506).
(6)
الثوري.
(7)
النخعي.
(8)
ابن الحارث.
(9)
جمع قارئ، والمراد بهم العلماء بالقرآن والسُّنَّة، وكان في الصدر الأول إذا أطلقوا بالقراء أرادوا بهم العلماء.
اسْتَقِيمُوا
(1)
(2)
؛ فَقَدْ سُبِقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا، وَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا
(3)
، لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا. [تحفة: 3387].
7283 -
حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسامَةَ
(4)
، عَنْ بُرَيْدٍ
(5)
، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا مَثَلِي
"حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ" في نـ: "حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ"، وزاد في حـ:"محمد بن العلاء".
===
(1)
أي: اسلكوا طريق الاستقامة، وهو كناية عن التمسك بأمر الله تعالى فعلًا وتركًا، "ف"(13/ 257).
(2)
قوله: (استقيموا) أي: اثبتوا على الصراط المستقيم أي: الكتاب والسُّنَّة ولازموه فإنكم مسبوقون، فربما تلحقون بهم بعض اللحوق، "ك"(25/ 35).
قال في "الفتح"(13/ 257): قوله: "سبقتم" بفتح أوله وحكي ضمه والأول المعتمد. وقوله: "سبقًا بعيدًا" أي: ظاهرًا. ووصفه بالبعد لأنه غاية شأو المتنافسين، والمراد أنه خاطب بذلك من أدرك أوائل الإسلام فإذا تمسك بالكتاب والسُّنَّة سبق إلى كل خير؛ لأن من جاء بعده إن عمل بعمله لم يصل إلى ما وصل إليه من سبقه إلى الإسلام، وإلا فهو أبعد منه حسًّا وحكمًا، "ف"(13/ 257).
قال الطيبي (1/ 420): "يا معشر القراء استقيموا" أي: استقيموا على الصراط المستقيم بالإخلاص عن الرياء فقد سبقكم من أخلص الله في القراءة. "وإن أخذتم يمينًا وشمالًا" أي: يمين الصراط بالميل إلى الرياء، "لقد ضللتم" بأن أدّاكم الشرك الأصغر إلى الأكبر، انتهى.
(3)
أي: خالفتم الأمر المذكور.
(4)
اسمه حماد بن أسامة
(5)
ابن عبد الله.
وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ يَا قَوْمِ: إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ
(1)
بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ
(2)
، فَالنَّجَاءَ
(3)
. فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا
(4)
، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ
(5)
فَنَجَوْا، وَكَذَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ
(6)
، فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ
(7)
، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي، فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ". [أخرجه: 2283، تحفة: 9065].
"فَاتَّبَعَ" في سـ، حـ، ذ:"وَاتَّبَعَ".
===
(1)
وقد تقدَّم الحديث (برقم: 6482) في "كتاب الرقاق".
(2)
قوله: (أنا النذير العريان) أي: المجرد عن الثياب. كان عادتهم أن الرجل إذا رأى العدو وأراد إنذار قومه يخلع ثيابه ويديرها حول رأسه إعلامًا لقومه من البعيد بالغارة ونحوها، قاله الكرماني (25/ 35).
وقال في "المجمع"(3/ 585): خص العريان لأنه أبين للعين وأغرب وأشنع عند المبصر، وذلك أن ربيئة القوم وعينهم يكون على مكان عال، فإذا رأى العدو ينزع ثوبه، وألاح به لينذر قومه ويبقى عريانًا، وروي بموحدة بدل مثناة بمعنى الفصيح أي: النذير المفصح بالإنذار لا يوري ولا يكني هو مثلٌ لشدة الأمر ودنوّ المحذور، انتهى.
(3)
ممدودًا ومقصورًا بالنصب على أنه مفعول مطلق أي: الإسراع، "ك"(25/ 35)، أي: انجوا بأنفسكم، والنجاء: السرعة، نجا ينجو إذا أسرع. نجا من الأمر إذا خلص، وأنجاه غيره، "مجمع"(4/ 685).
(4)
الإدلاج بلفظ الإفعال: السير أول الليل، وبالافتعال: السير آخر الليل.
(5)
أي: على سكينتهم، "ع"(16/ 507).
(6)
أي: أتاهم صباحًا وأغار عليهم، "ع"(16/ 507).
(7)
بالجيم ثم الحاء أي: استأصلهم، "ك"(25/ 36).
7284 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَه، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَب
(1)
(2)
. قَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.
"قَالَ عُمَرُ" في نـ: "فَقَالَ عُمَرُ".
===
(1)
قد مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 1399) في "كتاب الزكاة".
(2)
قوله: (كفر من كفر من العرب) لأنهم أنكروا وجوب الزكاة ولحقوا بمسيلمة؛ فيكون كفرًا حقيقة؛ لأن وجوبها مما علم كونه من الدين بالضرورة، أو امتنعوا منها فيكون تسميته كفرًا تغليظًا. وفي "شرح الشيخ": لعل بعضهم أنكروا وبعضهم منعوا فصح إطلاق الكفر عليهم تارة ونفيه أخرى، وقد أخذ عمر رضي الله عنه بالظاهر، فلما تبين له حقيقة الحال وافق أبا بكر، كما قال: عرفت أنه الحق، "لمعات".
قال الكرماني (25/ 36): هم طائفة منعوا الزكاة بشبهة أن صلاة أبي بكر رضي الله عنه ليست سكنًا لهم، بخلاف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها كانت سكنًا لهم قال تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103].
قوله: "فإن الزكاة حق المال" هذا الرد يدل على أن عمر رضي الله عنه حمل الحق في قوله: "إلا بحقه" على غير الزكاة وإلا لم يستقم استشهاد عمر بالحديث على منع المقاتلة، ولا رد أبي بكر رضي الله عنه بقوله:"فإن الزكاة حق المال"، أو يقال: إن عمر ظن أن المقاتلة مع القوم إنما كانت لكفرهم لا للمنع فاستشهد بالحديث، وأجابه أبو بكر "بأني ما أقاتلهم لكفرهم بل لمنعهم الزكاة"، ويعضد هذا الوجه قوله:"كفر من كفر"، "طيبي"(4/ 24).
فَمَنْ قَالَ: لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ
(1)
، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ"؟. [راجع: 1399].
7285 -
قَالَ: وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ
(2)
، وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي كَذَا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. فَقَالَ عُمَرُ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.
قَالَ لي ابْنُ بُكَيْرٍ
(3)
(4)
وَعَبْدُ اللهِ
(5)
، عَنِ اللَّيْثِ، عن عُقَيْلٍ:
"وَحِسَابُهُمْ" في نـ: "وَحِسَابُهُ". "قَالَ: وَاللهِ" في نـ: "فَقَالَ: وَاللهِ". "كَذَا" كذا في ذ، وفي هـ، ذ:"كذا وكذا"، وفي نـ:"عقالًا".
===
(1)
أي: بحق الإسلام.
(2)
أي: هذا داخل تحت الاستثناء الرافع للعصمة المبيح للقتال، "ك"(25/ 36)، كما أن الصلاة حق البدن.
(3)
هو يحيى بن عبد الله بن بكير.
(4)
قوله: (وقال لي ابن بكير
…
) إلخ، ومراده: أن قتيبة حدثه عن الليث بالسند المذكور فيه بلفظ: "لو منعوني كذا"، ووقع في رواية الكشميهني:"كذا وكذا"، وحدثه به يحيى وعبد الله عن الليث بالسند المذكور بلفظ:"عناقًا". وقوله: "وهو أصح" أي: من رواية من روى "عقالًا" كما تقدمت الإشارة إليه في "كتاب الزكاة"، أو أبهمه كالذي وقع هنا، "ف" (13/ 258). ومطابقة الحديث للترجمة تؤخذ من قوله:"لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن من فرق بينهما خرج عن الاقتداء بالسُّنَّة الشريفة، "قس" (15/ 280)، "ع" (16/ 507).
(5)
ابن صالح كاتب الليث.
عَنَاقًا
(1)
، وَهْوَ أَصَحُّ. ورواه الناس عناقًا، وعقالًا ها هنا لا يجوز، وعقالًا في حديث الشعبي مرسل، وكذا قال قتيبة: عقالًا. [راجع: 1400].
7286 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(2)
، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ
(3)
، عَنْ يُونُسَ
(4)
، عَنِ ابْن شِهَابٍ قال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ
(5)
بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَنَزَلَ
"حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ".
===
(1)
وهو أنثى من ولد المعز، "ك"(25/ 36).
(2)
ابن أبي أوسى.
(3)
عبد الله.
(4)
ابن يزيد الأيلي.
(5)
قوله: (عيينة) بتحتانية ونون مصغرًا "ابن حصن" بكسر الحاء المهملة وسكون الصاد المهملة ثم نون "ابن حذيفة بن بدر" يعني: الفزاري، معدود في الصحابة، وكان في الجاهلية موصوفًا بالشجاعة والجهل والجفاء، وله ذكر في المغازي، ثم أسلم في الفتح وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينًا فأعطاه مع المؤلفة، وإياه عنى العباس بن مرداس السلمي بقوله:
"أتجعل نهبي ونهب العبـ
…
يد بين عيينة والأقرع
وله ذكر مع الأقرع بن حابس سيأتي قريبًا، وله قصة مع أبي بكر وعمر حين سأل أبا بكر أن يعطيه أرضًا يقطعه إياها فمنعه عمر، وقد ذكره البخاري في "التاريخ الصغير"، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم "الأحمق المطاع"، وكان عيينة ممن وافق طليحة الأسدي لما ادعى النبوة، فلما غلبهم المسلمون في قتال أهل الردة فَرَّ طليحة وأسر عيينة فأتي به أبو بكر فاستتابه فتاب، وكان قدومه إلى المدينة على عمر بعد أن استقام أمره وشهد الفتوح. وفيه من جفاء الأعراب شيء، "ف"(13/ 258)، "ع"(16/ 508).
عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ
(1)
بْنِ قَيْسِ
(2)
بْنِ حِصْنٍ، - وَكَانَ مِنَ النَّفَر الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ
(3)
عُمَر، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ
(4)
كُهُولًا كَانُوا أَوْ شَبَابًا
(5)
- فَقَالَ عُيَينَةُ لابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ
(6)
عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ
(7)
فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَليْهِ؟ قَالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَليْهِ.
"وَمُشَاوَرَتِهِ" في نـ: "وَمُشَاوَرِيهِ" - بفتح الواو ويجوز كسرها، "ف"(13/ 258) -.
===
(1)
بضم الحاء المهملة وتشديد الراء.
(2)
قوله: (الحر بن قيس) أي: الفزاري، قال أبوعمر: الحر كان من الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من فزارة مرجعه من تبوك. قوله: "وكان" أي: الحر من الطائفة الذين يقربهم عمر، ثم بين ابن عباس سبب إدنائه الحر بقوله:"وكان القراء أصحاب مجلس عمر" وأراد بالقراء العلماء والعباد، فدل ذلك على أن الحر المذكور كان متصفًا بذلك فلذلك كان عمر يدنيه. قوله:"كهولًا كانوا أو شبابًا" الكهول جمع كهل، والشباب جمع شاب، أراد أن هؤلاء المذكورين أصحاب مجلسه وأصحاب مشورته، سواء فيهم الكهول والشبان؛ لأن كلهم كانوا على خير، "ع"(16/ 508 - 509)، "ف"(13/ 258).
(3)
أي: يقربهم.
(4)
بلفظ المصدر وبلفظ المفعول، "ك"(25/ 37).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 4642).
(6)
أي: وجاهة، "ع"(16/ 509).
(7)
قوله: (عند هذا الأمير) هذا من جملة جفاء عيينة؛ إذ كان من حقه أن ينعته بأمير المؤمنين، ولكنه لا يعرف منازل الأكابر. قوله:"فتستأذن لي عليه" أي: في خلوة؛ لأن عمر كان لا يحتجب إلا عند خلوته وراحته، ومن
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
(1)
: فَاسْتَأْذَنَ
(2)
لِعُيَيْنَةَ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَاللهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ
(3)
، وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ
(4)
فَقَالَ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199].
"وَمَا تَحْكُمُ" في هـ، ذ:"وَلا تَحْكُمُ".
===
ثم قال له: "سأستأذن لك عليه" أي: حتى تجتمع به وحدك، "ف"(13/ 258)، "ع"(16/ 509).
قوله: "يا ابن الخطاب" هذا أيضًا من جفائه حيث خاطبه بهذه المخاطبة. قوله: "فوالله ما جاوزها" وفي هذا تقوية لما ذهب إليه الأكثرون أن هذه الآية محكمة. قال الطبري - بعد أن أورد أقوال السلف في ذلك وأن منهم من ذهب إلى أنها منسوخة بآية القتال -: والأولى بالصواب أنها غير منسوخة؛ لأن الله تعالى أتبع ذلك تعليمه نبيه صلى الله عليه وسلم محاجة المشركين، ولا دلالة على النسخ، فكأنها نزلت لتعريف النبي صلى الله عليه وسلم عشرة من لم يؤمر بقتاله من المشركين، أو أريد به تعليم المسلمين، وأمرهم بأخذ العفو من أخلاقهم فيكون تعليمًا لخلقه صفة عشرة بعضهم بعضًا فيما ليس بواجب، فأما الواجب فلا بد من عمله فعلًا أو تركًا، انتهى ملخصًا، "ف"(13/ 258 - 259).
(1)
موصول بالسند المذكور، "ع"(16/ 509)، "ف"(13/ 258).
(2)
أي: الحر.
(3)
بفتح الجيم وسكون الزاي، أي: العطاء الكثير، وأصله ما عظم من الخطب، "ع"(16/ 509).
(4)
أي: حتى قصد أن يبالغ في ضربه، "ع"(16/ 509).
وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ
(1)
. فَوَاللهِ
(2)
مَا جَاوَزَهَا
(3)
عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيهِ، وَكَانَ وَقَّافًا
(4)
عِنْدَ كِتَابِ اللهِ عز وجل. [راجع: 4642].
7287 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ
(5)
، عَنْ أَسْمَاءَ بْنَتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ حِينَ خَسَفَتِ
(6)
الشَّمْس، وَالنَّاسُ قِيَامٌ، وَهِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي
"أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ". "خَسَفَتِ" في سـ، ذ:"كَسَفَتِ".
===
(1)
أي: فأعرض عنه، "ف"(13/ 259).
(2)
قيل: إنه من كلام ابن عباس، وقيل: من كلام الحر بن قيس، "ع"(16/ 509).
(3)
أي: ما عمل بغير ما دلت عليه الآية، بل عمل بمقتضاها، "ع"(16/ 509).
(4)
أي: يعمل بما فيه ولا يتجاوزه، "ع"(16/ 509)، هذا محل المطابقة للترجمة.
(5)
الحنفية، زوجة هشام بن عروة، وأسماء جدتها، "ك"(25/ 37).
(6)
قوله: (خسفت) ولأبي ذر عن المستملي بالكاف لغتان، أو يغلب في القمر لفظ الخسوف بالخاء، وفي الشمس الكسوف بالكاف، قاله القسطلاني (15/ 282). وقال العيني (16/ 509): هذا يدل على أن الكسوف والخسوف كلاهما يستعملان في الشمس. وفيه رد على من قال: إن الكسوف يختص بالشمس والخسوف بالقمر. قوله: "حتى الجنة والنار" بالنصب عطف على الضمير المنصوب في قوله: "رأيته"، ويجوز الرفع على أن "حتى" ابتدائية و"الجنة" مبتدأ محذوف الخبر أي: حتى الجنة مرئية، والنار عطف عليه. ومطابقته للترجمة في قوله:"جاءنا بالبينات فأجبناه"؛ لأن الذي أجاب وآمن هو الذي اقتدى بسنته عليه السلام، "قس"(15/ 282 - 283).
فَقُلْتُ: مَا لِلنَّاسِ؟
(1)
فَأَشَارَتْ بيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللهِ. فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ قَالَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ. فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَليْهِ ثُمَّ قَالَ: "مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَرَهُ إِلَّا وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي، حَتَّى الْجَنَّةُ وَالنَّار، وَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ
(2)
فِي الْقُبُورِ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوِ الْمُسْلِم، لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ فَأَجَبْنَا
(3)
وَآمَنَّا. فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا عَلِمْنَا أَنَّكَ مُوقِنٌ. وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوِ الْمُرْتَابُ
(4)
، لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ". [راجع: 86، أخرجه: م 905، تحفة: 15750].
7288 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(5)
قال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
(6)
، عَنِ الأَعْرَجِ
(7)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"مَا لِلنَّاسِ" في سـ، ذ:"مَا بَال لنَّاسِ". "قَالَتْ بِرَأْسِهَا" في نـ: "فَقَالَتْ بِرَأْسِهَا". "أيْ نَعَمْ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي نـ:"أَنْ نَعَمْ". "وَأُوحِيَ" في نـ: "فَأُوحِيَ". "لَا أَدْرِي" في نـ: "لَا نَدْرِي". "فَأَجَبْنَا" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"فَاجَبْنَاه". "لَا أَدْرِي" في نـ: "قال: لَا أَدْرِي".
===
(1)
قد مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 1053)، و (برقم: 86) في "العلم".
(2)
أي: تمتحنون ذلك بسؤال منكر ونكير، "ك"(25/ 38).
(3)
أي: أجبنا دعوته وقبلنا، "ك"(25/ 38).
(4)
أي: الشاك في نبوته، "ك"(25/ 38).
(5)
ابن أبي أويس. هو ابن أخت مالك، "ع"(16/ 510).
(6)
اسمه عبد الله بن ذكوان.
(7)
اسمه عبد الرحمن بن هرمز، "ع"(16/ 510).
"دَعُونِي
(1)
مَا تَرَكْتُكُمْ
(2)
، إِنَّمَا أُهْلِكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُؤَالُهُمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ
(3)
عَنْ شَيْءٍ
(4)
فَاجْتَنِبُوه،
"أُهْلِكَ" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"هَلَكَ". "سُؤَالُهُمْ" في نـ: "بِسُؤَالِهِمْ".
===
(1)
أي: اتركوني، أي: دعوني ما لم امركم بشيء ولا نهيتكم بشيء، "خ".
(2)
قوله: (دعوني ما تركتكم
…
) إلخ، المراد بهذا الأمر ترك السؤال عن شيء لم يقع، خشية أن ينزل وجوبه أو تحريمه، وعن كثرة السؤال لما فيه غالبًا من التعنت، وخشية أن تقع الإجابة بأمر يستثقل، فقد يؤدي لترك الامتثال فتقع المخالفة، وقد يفضي إلى مثل ما وقع لبني إسرائيل إذ أمروا أن يذبحوا البقرة، فلو ذبحوا أيّ بقرة شاؤوا لامتثلوا، ولكنهم شددوا فشدد عليهم. وبهذا يظهر مناسبة قوله: "فإنما هلك من كان قبلكم
…
" إلخ. قوله: "فإنما أهلك" بفتحات، وقال بعد ذلك: "سؤالهم" بالرفع على أنه فاعل "أهلك"، وفي رواية غير الكشميهني: "أهلك" بضم أوله وكسر اللام، وقال بعد ذلك: "بسؤالهم" أي: بسبب سؤالهم. وقوله: "واختلافهم" بالرفع والجر على الوجهين، "ف" (13/ 260 - 261) حصرًا. وقال الكرماني (25/ 38): في بعضها: "هلك" من المجرد، و"من كان قبلكم" فاعله.
(3)
من هذا تؤخذ المطابقة للترجمة؛ لأن من اجتنب عما نهاه صلى الله عليه وسلم وامتثل بما أمره فهو من اقتدى بسُنَّته، [انظر:"القسطلاني"15/ 283].
(4)
قوله: (فإذا نهيتكم عن شيء
…
) إلخ، هذا النهي عام في جميع المناهي ويستثنى من ذلك ما يُكْرَهُ المكلَّف على فعله كشرب الخمر، وهذا على رأي الجمهور. وخالف قوم فتمسكوا بالعموم فقالوا: الإكراه على
وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"
(1)
. [تحفة 13850].
===
ارتكاب المعصية لا يبيحها. قوله: "فأتوا منه ما استطعتم" قال النووي ["المنهاج" (9/ 101)]: هذا من جوامع الكلم وقواعد الإسلام، ويدخل فيه كثير من المسائل كالصلاة لمن عجز عن ركن منها، أو شرط فيأتي بالمقدور، وكذا الوضوء، وستر العورة، وحفظ بعض الفاتحة، وإخراج بعض زكاة الفطر لمن لم يقدر على الكل، والإمساك في رمضان لمن أفطر بالعذر ثم قدر في أثناء النهار، إلى غير ذلك. وقال غيره: إن من عجز عن بعض الأمور لا يسقط عنه المقدور، وعَبَّرَ عنه بعض الفقهاء بأن "الميسور لا يسقط بالمعسور"، واستدل بهذا الحديث على أن اعتناء الشرع بالمنهيات فوق اعتنائه بالمأمورات؛ لأنه أطلق الاجتناب في المنهيات ولو مع المشقة في الترك، وقيد في المأمورات بقدر الطاقة، وهذا منقول عن الإمام أحمد. والذي يظهر: أن التقييد في الأمر بالاستطاعة لا يدل على المدعى من الاعتناء، بل من جهة الكف؛ إذ كل أحد قادر على الكف لولا داعية الشهوة مثلًا فلا يتصور عدم الاستطاعة عن الكف، بل كل مكلف قادر على الترك، بخلاف الفعل فإن العجز عن تعاطيه محسوس، فمن ثم قيد في الأمر بالاستطاعة دون النهي. واستدل به على النهي عن كثرة المسائل والتعمق في ذلك. قال البغوي في "شرح السُّنَّة": المسائل على وجهين، أحدهما: ما كان على وجه التعلم لما يحتاج إليه من أمر الدين فهو جائز بل مأمور به لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43]، وعلى ذلك يتنزل أسئلة الصحابة عن الأنفال والكلالة وغيرهما. وثانيهما: ما كان على وجه التعنت والتكلف وهو المراد في هذا الحديث، والله أعلم، "ف"(13/ 261 - 263) مختصرًا.
(1)
أي: افعلوا قدر استطاعتكم فيه، "ع"(16/ 510).
3 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ كثْرَةِ
(1)
السُّوَالِ
(2)
وَتَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِيهِ
وَقَوْلُهُ
(3)
: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [الماندة: 101].
7289 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ
(4)
قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ
(5)
قال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا
(6)
(7)
: مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ". [أخرجه: م 2358، د 4610، تحفة: 3892].
===
(1)
أي: عن أمور ورد الشرع بالإيمان بها وترك كيفيتها، والسؤال عما لا يكون له شاهد في الحس كالسؤال عن الساعة وعن الروح وعن مدة هذه الأمة وغير ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل الصرف، "ع"(16/ 510).
(2)
رجح ابن المنير أنه في كثرة المسائل عما كان وعما يكون، وصنيع البخاري يقتضيه، والأحاديث التي ساقها في الباب تؤيده، "ف"(13/ 266).
(3)
بالجر عطف على "ما يكره"، وكأنه استدل بهذه الآية على المدعى من الكراهة، "ع" (16/ 510). وقد مرَّ بيان الآية (برقم: 4621، 4622).
(4)
من الإقراء.
(5)
هو ابن أبي أيوب الخزاعي المصري، "ع"(16/ 511).
(6)
أي: من حيث الذنب.
(7)
قوله: (إن أعظم المسلمين جرمًا) قال الطيبي (1/ 314 - 315): فيه من المبالغة أنه جعله عظيمًا، ثم فسره بقوله:"جرمًا" ليدل على أنه نفسه جرم. وقال الكرماني (25/ 29): فإن قلت: السؤال ليس بجريمة، ولئن كانت فليس بكبيرة، ولئن كانت فليس بأكبر الكبائر. قلت: السؤال عن الشيء بحيث يصير سببًا لتحريم شيء من المباح هو أعظم الجرائم؛ لأنه صار سببًا
7290 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
(1)
قال: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ
(2)
قال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ
(3)
قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قال: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ
(4)
يُحَدِّثُ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زيدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ حُجْرَةً
(5)
فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا لَيَالِيَ
(6)
، حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: "مَا زَالَ بِكُمُ
(7)
الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صُنْعِكُمْ
(8)
، حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ
(9)
عَلَيْكُمْ، فَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ؛ فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي
"أَخْبَرَنَا عَفَّانُ" في نـ: "حَدَّثَنَا عَفَّانُ". "حُجْرَةً" في سـ: "حُجْزَةً". "صُنْعِكُمْ" كذا في حـ، هـ، ذ، وفي نـ:"صَنِيْعِكُمْ". "فَلَوْ كُتِبَ" في نـ: "وَلَوْ كُتِبَ".
===
لتضييق الأمر على جميع المسلمين، فالقتل مثلًا مضرته راجعة إلى المقتول وحده، بخلافه فإنه عامة للكل، "ف"(13/ 268 - 269).
(1)
لعله ابن منصور أو ابن راهويه، "ك"(25/ 39).
(2)
هو ابن مسلم الصفار، "ع"(16/ 512)، "ك"(25/ 39).
(3)
ابن خالد.
(4)
اسمه سالم بن أبي أمية.
(5)
بالراء للأكثر، وللمستملي بالزاي، وهما بمعنى، "ف"(13/ 269).
(6)
أي: من رمضان، وذلك كان في التراويح، "ك"(25/ 40).
(7)
أي: متلبسًا بكم، "ك"(25/ 40).
(8)
وفي بعضها: "صنيعكم"، أي: حرصكم على الجماعة فيها، "ك"(25/ 40).
(9)
أي: يفرض.
بَيْتِهِ، إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ"
(1)
. [راجع: 731].
7291 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى
(2)
قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ،
"إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي نـ:"إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ".
===
(1)
قوله: (إلا المكتوبة) أي: المفروضة. فإن قلت: صلاة العيد ونحوها شرع فيها الجماعة في المسجد؟ قلت: لها حكم الفريضة؛ لأنها من شعار الشرع. فإن قلت: تحية المسجد وركعتا الطواف ليس البيت فيها أفضل؟ قلت: العام قد يخص بالأدلة الخارجية، مثل أن تحية المسجد وركعتا الطواف لتعظيم المسجد فلا تصح إلا فيه، وما من عام إلا وقد خص إلا [قوله تعالى:] {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282]. مرَّ في "باب صلاة الليل"(برقم: 731). وفيه أنه إذا تعارضت مصلحتان اعتبر أهمهما، "ك"(25/ 40). ومطابقته للجزء الثاني للترجمة، وهي إنكاره عليه السلام ما صنعوا من تكلف ما لم يأذن لهم فيه من الجمعية في المسجد في صلاة الليل، "ع"(16/ 512).
(2)
قوله: (حدثنا يوسف بن موسى) ابن راشد القطان الكوفي، سكن بغداد ومات بها سنة اثنين ومائتين. قوله:"سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء" هي المسائل المرادة بقوله تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ
…
} الآية [المائدة: 101]، ومنها سؤال من سأل:"أين ناقتي؟ "، وسؤال من سأل عن البحيرة والسائبة، وسؤال من سأل عن وقت الساعة، وسؤال من سأل عن الحج:"أيجب كل عام؟ "، وسؤال من سأل أن يحول الصفا ذهبًا. قوله:"قال: إنا نتوب إلى الله" زاد في رواية الزهري: "فبرك عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولًا"، وفي رواية قتادة من الزيادة:"نعوذ بالله من شر الفتن" وفي "مرسل السدي" عند الطبري في نحو هذه القصة: "فقام إليه عمر فقبل رجليه وقال: رضينا بالله ربًا" فذكر مثله، وزاد:
عَنْ بُرَيْدِ
(1)
بْنِ أَبِي بُرْدَةَ
(2)
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَريِّ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَليْهِ الْمَسْأَلَةَ غَضِبَ
(3)
وَقَالَ: "سَلُونِي". فَقَامَ رَجُلٌ
(4)
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَبِي؟ قَالَ:"أَبُوكَ حُذَافَةُ". ثُمَّ قَامَ آخَرُ
(5)
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ:"أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ". فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَضَبِ قَالَ: إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللهِ. [راجع: 92].
7292 -
حَدَّثَنَا مُوسى
(6)
قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
(7)
قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ وَرَّادٍ
(8)
كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ: اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فقال: فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ
(9)
كُلِّ صَلَاةٍ: "لَا إلهَ إِلَّا الله، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْد، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ،
===
"وبالقرآن إمامًا فاعف عفا الله عنك. فلم يزل به حتى رضي". وفي هذا الحديث مراقبة الصحابة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وشدة إشفاقهم إذا غضب، خشية أن يكون لأمر يعم فيعمهم، "ع"(16/ 512 - 513)، "ف"(13/ 270).
(1)
هو ابن عبد الله بن أبي بردة، "ك"(25/ 40).
(2)
اسمه عامر أو الحارث.
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 92) في "كتاب العلم".
(4)
اسمه عبد الله بن حذافة، "قس"(15/ 286).
(5)
اسمه سعد بن سالم، "قس"(15/ 286).
(6)
ابن إسماعيل.
(7)
اسمه الوضاح اليشكري.
(8)
بتشديد الراء مولاه، "ك"(25/ 41).
(9)
أي: عقيب.
اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ"
(1)
. وَكَتَبَ
(2)
إِلَيهِ: إِنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلٍ وَقَالٍ
(3)
، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ الْبَنَاتِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: كَانُوا يَقْتُلُونَ بَنَاتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَحَرَّمَ اللهُ ذَلِكَ. [راجع: 844].
7293 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ
===
(1)
قوله: (الجد) أي: البخت والحظ أو أب الأب، وبالكسر الاجتهاد أي: لا ينفع ذا الغنى أو النسب أو الكد والسعي منك غناه، وإنما ينفعه الإيمان والطاعة. وقال الخطابي:"من" ههنا بمعنى البدل، وقال الجوهري: معنى "منك" ههنا عندك، تقديره: ولا ينفع ذا الغنى عندك غنى وإنما ينفعهم العمل بطاعتك، "ع"(16/ 513).
(2)
عطف على قوله: فكتب إليه، وهو موصول بالسند المذكور، "ع"(16/ 513).
(3)
قوله: (عن قيل وقال) بلفظ الاسمين وبلفظ الفعلين الماضيين أي: نهى عن الجدال والخلاف أو عن أقوال الناس. و"كثرة السؤال" أي: عن المسائل التي لا حاجة إليها أو عن أخبار الناس، أو عن أحوال تفاصيل معاش صاحبك، أو هو سؤال للأموال والانتجاع من الدنياوية - انتجع فلانًا: أتاه طالبًا معروفه، "ق" (ص: 707) -. وأما "إضاعة المال" فهو صرفه في غير ما ينبغي، وإنما اقتصر على الأمهات لأن حرمتهن آكد من الآباء؛ ولأن أكثر العقوق يقع للأمهات. و"وأد البنات" دفنهن أحياء تحت التراب، وهذا كان من عادتهم في الجاهلية. "ومنع" أي: منع الرجل ما توجه عليه من الحقوق. و"هات" أي: طلب ما ليس له منها. ومرَّ في "كتاب الأدب"(برقم: 6473، وأيضًا: برقم: 5975، 6330)، "ك"(25/ 41).
عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ
(1)
(2)
.
[تحفة 10413].
7294 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ عَنِ الزُّهْرِيِّ. ح وَحَدَّثَنَا مَحْمُودٌ
(3)
قال: حَدَّثَنَا عَبدُ الرَّزَّاقِ قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا أُمُورًا عِظَامًا، ثُمَّ قَالَ:"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْه، فَوَاللهِ لَا تَسْأَلُونِّي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ، مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا". قَالَ أَنَسٌ: فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْبُكَاءَ
(4)
، وَأَكْثَرَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
"وَحَدَّثَنَا مَحْمُودٌ" في نـ: "وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ". "فَأَكْثَرَ النَّاسُ" في هـ، ذ:"فَأكْثَرَ الأنصار".
===
(1)
أي: في المعاشرة مع الناس وفي الأطعمة واللباس وغيره، (25/ 41 - 42).
(2)
قوله: (نهينا عن التكلف) هكذا أورده البخاري مختصرًا، وأخرجه أبو نعيم في "المستخرج" عن أنس:"كنا عند عمر رضي الله عنه وعليه قميص في ظهره [أربع] رقاع، فقرأ {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31] قال: هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب؟ ثم قال: [مه!] قد نهينا عن التكلف. قيل: إخراج البخاري هذا الحديث في هذا الباب مصير منه إلى أن قول الصحابي: "أمرنا ونهينا" في حكم المرفوع، ولو لم يضفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم اقتصر على قوله: "نهينا عن التكلف" وحذف القصة، "ع" (16/ 514)، "ف" (13/ 271 - 272).
(3)
ابن غيلان.
(4)
لما سمعوا من الأمور العظام الهائلة التي بين أيديهم، "ك"(25/ 42).
أَنْ
(1)
يَقُولَ: "سَلُونِي"
(2)
. قَالَ أَنَسٌ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ
(3)
فَقَالَ: أَيْنَ مَدْخَلِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "النَّارُ"
(4)
. فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ". قَالَ: ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: "سَلُونِي سَلُونِي" قَالَ: فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا. قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَوْلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
"أَوْلَى" في نـ: "أوْ لَا".
===
(1)
مصدرية أي: أكثر قوله: سلوني، "ع"(16/ 515).
(2)
وذلك على سبيل الغضب.
(3)
قال في "الفتح": لم أقف على اسم هذا الرجل، "قس"(15/ 290)، وكأنهم أبهموا عمدًا للستر عليه، "ف"(13/ 269).
(4)
قوله: (قال: النار) بالرفع. فإن قلت: ما وجه ذلك؟ قلت: إما أنه كان منافقًا أو عرف رداءة خاتمة حاله كما عرف حسن خاتمة العشرة المبشرة رضي الله عنهم. قوله: "فبرك" من البروك، وهو للبعير فاستعمل للإنسان كما استعمل المشفر للشفة مجازًا. قوله:"أو لا" يعني: أو لا ترضون يعني رضيتم أو لا، والذي نفسي بيده لقد كان كذا، وقد يقال: لا فقد تكتب بالياء نحو أولى لك، وفي أكثر النسخ:"كذلك"، وقال إبراهيم بن قرقول في "مطالع الأنوار": أولى له أولى [له، أولى] مكررًا، وبالجار والمجرور، فقال: قيل: هو من الويل فقلب، وقيل: من الولي وهو القرب، أي: قارب الهلاك، وقيل: هي كلمة قستعملها العرب لمن رام أمرًا ففاته بعد أن كاد يصيبه، وقيل: كلمة يقال عند المعاتبة بمعنى كيف لا، وقيل: معناه التهديد، وقال المبرد: يقال للرجل إذا أفلت من معضلة: أولى لك أي: كدت تهلك ثم أفلت، "ك" (25/ 42 - 43). أفلت وتفلت وانفلت: تخلص.
لَقَدْ عُرضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ
(1)
آنِفًا
(2)
فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ وَأَنَا أُصَلَي، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ". [راجع: 93].
7295 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ
(3)
قال: أَخْبَرَنَا
"فَلَمْ أَرَ" في نـ: "فَمَا رَأَيْتُ". "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ" في نـ: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 93) في "مواقيت الصلاة".
(2)
قوله: (آنفًا) يقال: فعلت الشيء آنفًا أي: في أول وقت يقرب مني وهنا معناه الآن. وقوله: "في عرض هذا الحائط" بضم العين أي: في جانبه أو ناحيته. قوله: "كاليوم" صفة لمحذوف أي: فلم أر يومًا مثل هذا اليوم، "ع"(16/ 515).
قال في "المجمع"(3/ 563): عرضهما بأن رفعتا إليه، أو زوي له ما بينهما، أو مُثِّلا له، فلم أر كالخير والمعصية في سبب دخول الجنة والنار. النووي:"فلم أر كاليوم في الخير والشر" أي: لم أر خيرًا ولا شرًا أكثر مما رأيته فيهما، فلو رأيتم مما رأيت اليوم وقبله لأشفقتم إشفاقًا بليغًا، ولقلَّ ضحككم وكثر بكاؤكم.
قوله: "إلّا أخبرتكم" أي: إلّا أخبركم، فاستعمل الماضي موضع المستقبل إشارة إلى تحققه وأنه كالواقع. وقال المهلب: إنما خطب النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة وقال: "سلوني" لأنه بلغه أن قومًا من المنافقين يسألون منه ويعجزونه عن بعض ما يسألونه فتغيظ وقال: "لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به". قوله: "فأكثر الناس في البكاء" إنما كان بكاؤهم خوفًا من نزول عذاب، لغضبه صلى الله عليه وسلم كما كان ينزل على الأمم عند ردهم على أنبيائهم عليهم السلام، والبكاء يمد ويقصر، إذا مددت أردت الصوت الذي مع البكاء، وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها، "ع".
(3)
أبو يحيى، كان يقال له: صاعقة، "ع"(16/ 515).
رَوْحُ
(1)
بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قال: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: قَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَنْ أَبِي؟ قَالَ:"أَبُوكَ فُلَانٌ". وَنَزَلَتْ
(2)
هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]. [أراجع: 93، أخرجه: م 2359، ت 3056، تحفة:1608].
7296 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ قال: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ
(3)
قال: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ
(4)
، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبدِ الرَّحْمَنِ
(5)
قال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يَبْرَحَ
(6)
النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ
"حَدَّثَنَا شُعْبَةُ" في نـ: "قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ". "أَخْبَرَنِي مُوسَى" في نـ: "أخْبَرَنَا مُوسَى". "سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ" زاد في نـ: "قال". "يَتَسَاءَلُونَ" في سـ، ذ:"يَسَّاءَلُونَ"، وزاد بعده في نـ:"حتى يقولوا".
===
(1)
بفتح الراء.
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 4612).
(3)
بفتح المعجمة وخفة الموحدة الأولى، ابن سوار بالمهملة وشدة الواو، "ك"(25/ 43).
(4)
مؤنث الأورق، ابن عمرو، "ك"(25/ 43).
(5)
هو: أبو طوالة، بضم المهملة وتخفيف الواو، الأنصاري، قاضي المدينة، "ك"(25/ 43).
(6)
أي: لن يزال.
هَذَا اللهُ خَلَقَ
(1)
كُلَّ شَيْءٍ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ ". [تحفة 973].
7297 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ
"خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ" في نـ: "خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ".
===
(1)
قوله: (هذا الله خلق .. ) إلخ، وفي رواية مسلم:"هذا خلق الله الخلق" ثم إنه يحتمل أن يكون "هذا" مفعولًا، والمعنى: حتى يقال هذا القول، وأن يكون مبتدأ حذف خبره أي: هذا الأمر قد علم، وأن يكون مبتدأً وخبرًا، و"خلق كل شيء" خبر مبتدأ محذوف أي: هو خلق كل شيء، ويحتمل أن يكون "هذا" مبتدأ و"الله" عطف بيان و"خلق كل شيء" خبره، قال الطيبي: والأول أولى، ولكن تقديره هذا مقرر معلوم وهو: أن الله خلق الخلق وهو شيء، وكل شيء مخلوق فمن خلقه؟ ليظهر ترتب ما بعد الفاء على ما قبلها.
قال ابن بطال (10/ 342): فإن قال الموسوس: ما المانع أن يخلق الخالق نفسه؟ قيل له: هذا ينقض بعضه بعضًا لأنك أثبت خالقًا وأوجبت وجوده، ثم قلت: يخلق نفسه فأوجبت عدمه، والجمع بين كونه موجودًا ومعدومًا فاسد لتناقضه؛ لأن الفاعل يتقدم وجوده على وجود فعله فيستحيل كون نفسه فعلًا له، وهذا صريح واضح في حل هذه الشبهة وهو يفضي إلى صريح الإيمان، انتهى ملخصًا.
وقال الكرماني (25/ 43): ثبت أن معرفة الله بالدليل فرض عين أو كفاية، والطريق إليها بالسؤال عنها متعين لأنه مقدمتها، لكن لما عرف بالضرورة أن الخالق غير مخلوق، أو بالكسب الذي يقارب الصدق كان السؤال عن ذلك تعنتًا، فيكون الذم يتعلق بالسؤال الذي يكون على سبيل التعنت، وإلا فالتوصل إلى معرفة ذلك وإزالة الشبهة عنه صريح الإيمان؛ إذ لا بد من الانقطاع إلى من لا يكون له خالق دفعًا للتسلسل، انتهى، "ف"(13/ 272 - 274) مختصرًا.
يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ
(1)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(2)
، عَنْ عَلْقَمَةَ
(3)
، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
(4)
قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَرْثٍ
(5)
بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ
(6)
، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا تَسْأَلُوه، لَا يُسْمِعكُمْ
(7)
مَا تَكْرَهُونَ. فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَخْبِرْنَا عَنِ الرُّوحِ. فَقَامَ سَاعَةً يَنْظُرُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعِدَ الْوَحْيُ
(8)
، ثُمَّ قَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ
(9)
قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
(10)
}.
[راجع: 125].
"حَرْثٍ" في نـ: "خِرَبٍ" - لأبي ذر عن الكشميهني بخاء معجمة مكسورة وراء مفتوحة وبعدها موحدة، "قس" (15/ 292) -. "أَخْبِرْنَا" في نـ:"حَدِّثْنَا". "يَنْظُرُ" في نـ: "فنَظَرَ".
===
(1)
سليمان.
(2)
النخعي.
(3)
ابن قيس.
(4)
عبد الله.
(5)
بالمثلثة: زرع، وفي بعضها:"خرب" بالمعجمة والموحدة، "ك"(25/ 44).
(6)
بفتح المهملة الأولى: جريد النخل، "ك"(25/ 44).
(7)
بالرفع والجزم، "ك"(25/ 44).
(8)
أي: حامله، "ك"(25/ 44).
(9)
مرَّ الحديث (برقم: 125، 4721) مع تحقيقه.
(10)
أي: مما استأثره الله بعلمه.
4 - بَابُ الاقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
(1)
7298 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
(2)
قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(3)
، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
===
(1)
قوله: (باب الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم) الأصل فيه قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. وقد ذهب قوم إلى وجوبه لدخوله في عموم الأمر بقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]، وبقوله تعالى:{فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]، فيجب اتباعه في فعله كما يجب في قوله حتى يقوم دليل على الندب أو على الخصوصية، وقال آخرون: يحتمل الوجوب والندب والإباحة، فيحتاج إلى القرينة. والجمهور للندب إذا ظهر وجه القربة، وقيل: ولو لم يظهر، ومنهم من فصل بين التكرار وعدمه. وقال آخرون: ما يفعله [صلى الله عليه وسلم]، إن كان بيانًا لمجمل فحكمه حكم ذلك المجمل وجوبًا أو ندبًا أو إباحة، وإلا فإن ظهر وجه القربة فللندب، وما لم يظهر فيه وجه التقرب فللإباحة، وأما تقريره على ما يفعل بحضرته فيدل على الجواز، وإذا تعارض قوله وفعله صلى الله عليه وسلم فاختلف فيه على ثلاثة أقوال، أحدها: يقدم القول لأن له صيغة تتضمن المعاني بخلاف الفعل، وثانيها: الفعل لأنه لا يطرقه من الاحتمال ما يطرق القول، وثالثها: يفزغ إلى الترجيح. وكل ذلك محله ما لم تقم قرينة تدل على الخصوصية. وذهب الجمهور إلى الأول، والحجة له: أن القول يعبر به عن المحسوس والمعقول بخلاف الفعل فيختص بالمحسوس، فكان القول أتم، وبأن القول متفق على أنه دليل بخلاف الفعل؛ ولأن القول يدل بنفسه بخلاف الفعل فيحتاج إلى واسطة، وبأن تقديم الفعل يفضي إلى ترك العمل بالقول، والعمل بالقول يمكن معه العمل بما دل عليه الفعل، فكأن القول أرجح بهذه الاعتبارات، "ف"(13/ 274 - 275) مختصرًا.
(2)
الفضل بن دكين.
(3)
الثوري.
دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
(1)
قَالَ: اتَّخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(2)
خَاتَمًا مِنْ ذَهَبِ فَاتَّخَذَ النَّاسُ
(3)
خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي اتَّخَذْتُ خَاتِمًا مِنْ ذَهَبٍ - فَنَبَذَهُ وَقَالَ: - إِنِّي لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا". فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ
(4)
.
[راجع: 5865، تحفة: 7161].
5 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ
(5)
وَالتَّنَازُعِ
(6)
"اتَّخَذْتُ" في نـ: "أَخَذْتُ". "وَالتَّنَازُعِ" زاد في نـ: "فِي الْعِلْمِ".
===
(1)
أي: عبد الله.
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 5865).
(3)
أي: اتخذ كل واحد خاتمًا؛ لأن مقابلة الجمع بالجمع ونحوه تفيد التوزيع، "ك"(25/ 44).
(4)
هذا موضع مطابقة الترجمة.
(5)
هو التشدد في الأمر حتى يتجاوز الحد فيه، "ع"(16/ 517).
(6)
قوله: (والتنازع في العلم) أي: المجادلة فيه، يعني عند الاختلاف في الحكم إذا لم يتضح الدليل فيه، والمذموم منه اللجاج بعد قيام الدليل. "والغلو "بضم الغين المعجمة واللام وتشديد الواو وهو التجاوز في الحد، قاله الكرماني. قلت: الغلو فوق التعمق، وهو من غلا في الشيء يغلو غلوًا، وغلا السعر يغلو غلاءً: إذا جاوز العادة. وورد النهي عنه صريحًا فيما أخرجه النسائي وابن ماجه والحاكم من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر حديثًا، وفيه:"وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين"، وهو مثل البحث في الربوبية حتى يحصل نزغة من نزغات الشيطان فيؤدي إلى الخروج عن الحق والدين، كقول اليهود لعيسى عليه السلام: ابن الزنا -، وقول النصارى: ابن الله، وجعلهم الآلهة ثلاثة. و"البدع" جمع بدعة وهي: ما لم يكن له أصل في الكتاب والسُّنَّة،
وَالْغُلُوِّ
(1)
فِي الدِّينِ وَالْبِدَعِ
(2)
لِقَوْلِهِ: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ
(3)
وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171].
7299 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
(4)
قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ
(5)
قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
(6)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ
(7)
، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُوَاصِلُوا"
(8)
. قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ
(9)
! قَالَ:
"لِقَوْلِهِ" في ذ: "لِقَوْلِ الله عز وجل". "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ" في نـ: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ".
===
وقيل: إظهار شيء لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الصحابة رضي الله عنهم، "ع"(16/ 517)، قوله:" {لَا تَغْلُوا} " الآية، صدر الآية يتعلق بفروع الدين وما بعده يتعلق بأصوله، "ف"(13/ 278).
(1)
هو التجاوز عن الحد، "ك"(25/ 44 - 45).
(2)
جمع بدعة وهي: ما لم يكن له أصل في الكتاب والسُّنَّة، "ك"(25/ 45).
(3)
احتج بهذه الآية على تحريم الغلو في الدين. وأهل الكتاب: اليهود والنصارى، "ع"(16/ 517).
(4)
المعروف بالمسندي.
(5)
ابن يوسف اليماني.
(6)
أي: ابن راشد.
(7)
محمد بن مسلم.
(8)
أي: في الصوم.
(9)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 1965).
"إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي
(1)
وَيَسْقِينِي". فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ، قَالَ: فَوَاصَلَ بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَيْنِ أَوْ لَيلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ"
(2)
. كَالْمُنْكِرِ
(3)
لَهُمْ. [راجع: 1965، تحفة: 15281].
"وَيَسْقِينِي" في ذ: "وَيَسْقِينِ". "كَالْمُنْكِرِ" كذا في سـ، ذ، وفي هـ، ذ: "كَالْمُنَكّل
(4)
"، وفي حـ، ذ: "كَالْمُنْكِي
(5)
".
===
(1)
قوله: (إني أبيت يطعمني ربي
…
) إلخ، فإن قلت: إذا كان يطعمه الله فلا يكون مواصلًا بل مفطرًا؟ قلت: المراد بالإطعام لازمه، وهو التقوية، أو طعام الجنة مثلًا لا يكون مفطرًا. فإن قلت: الصحابة رضي الله عنهم لم خالفوا النهي؟ قلت: ظنوا أنه ليس للتحريم، "ك"(25/ 45).
قيل: لا مطابقة بين الحديث والترجمة هنا أصلًا، ورُدَّ بأن عادته جرت بإيراد ما لا يطابق الترجمة ظاهرًا، لكن يناسبها بطريق من طرق الحديث الذي يورده، وهنا كذلك، فإنه مضى في حديث أنس في "كتاب التمني" (برقم: 7241): قال: "واصل النبي صلى الله عليه وسلم آخر الشهر وواصل الناس، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو مد [بي] الشهر لواصلت وصالًا يدع المتعمقون تعمقهم، إني لست مثلكم، [إني] أظل يطعمني ربي ويسقيني"؛ فإن هذا يطابق الترجمة، وحديث الوصال واحد وإن كانت رواية الصحابة متعددة، "ع"(16/ 517 - 518).
(2)
أي: في المواصلة حتى تعجزوا عنه وعن سائر الطاعات، "ك"(25/ 45)، "ع"(16/ 518).
(3)
كذا للمستملي، براء، من الإنكار، وعلى هذا فاللام في "لهم" بمعنى على، "ف"(13/ 278).
(4)
أي: كالمعاقب لهم، هذا عن الكشميهني، من التنكيل وهو التعذيب، ومنه النكال.
(5)
من النكاية، كذا لأبي ذر عن السرخسي، "ف"(13/ 278).
7300 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قال: حَدَّثَنَا أَبِي قال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ
(1)
قال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ
(2)
التَّيْمِيُّ قال: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ
(3)
، وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ فَقَالَ: وَاللهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ يُقْرأُ إِلَّا كِتَابُ اللهِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. فَنَشَرَهَا
(4)
فَإِذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ
(5)
، وَإِذَا فِيهَا
(6)
: "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ
(7)
إِلَى كَذَا
(8)
، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا
(9)
فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ
(10)
"يُقْرَأُ إِلَّا كِتَابُ اللهِ" في نـ: "نَقْرأُ إِلَّا كِتَابَ اللهِ".
===
(1)
الأحول.
(2)
ابن يزيد بن شريك التيمي.
(3)
بالمد وضم الجيم وتشديد الراء معرب، هو الذي يبنى به، ويقال له: آجور على [وزن] فاعول، "ع"(16/ 519)، هو الطوب المشوي يعني خشت بخته [بالفارسية].
(4)
أي: فتحها، "ف"(13/ 278).
(5)
أي: إبل الديات؛ لاختلافها في العمد وشبهه والخطإ، "ك"(25/ 45 - 46).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 1870).
(7)
بفتح المهملة وإسكان التحتانية وبالراء: جبل، "ك"(25/ 46).
(8)
كناية عن موضع أو جبل، "ك"(25/ 46)، "ع"(16/ 519).
(9)
أي: بدعة وظلمًا.
(10)
قوله: (فعليه لعنة الله) واللعنة ههنا البعد عن الجنة أول الأمر، بخلاف لعنة الكفار فإنها للبعد عنها كل الإبعاد أولًا وآخرًا. قوله:"ذمة المسلمين" الذمة العهد والأمان يعني: أمان المسلم للكافر صحيح، والمسلمون كنفس واحدة، فيعتبر أمان أدناهم من العبد والمرأة ونحوهما له،
وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا"
(1)
. وَإِذَا فِيهِ
(2)
: "ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ
(3)
مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا". وَإِذَا فِيهَا: "مَنْ وَالَى قَوْمًا
(4)
بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا".
[راجع: 111، أخرجه: م 1370، د 2034، ت 2127، س في الكبرى 4278، تحفة:10317].
"وَإذَا فِيهِ" في نـ: "وَإذَا فِيهَا". "وَإذَا فِيهَا" لفظ "إِذَا" سقط في نـ، وفي نـ:"فيه" بدل "فيها".
===
"ك"(25/ 46). قوله: "صرفًا ولا عدلًا" أي: فريضة ولا نافلة، وقد يراد بالصرف الشفاعة؛ لأنها تصرف العذاب عمن يستحقه، أو التوبة لأنها تصرف العبد عن المعصية، وبالعدل: الفدية لأنها تعادل المفدى، "لمعات".
(1)
الصرف: الفريضة، والعدل: النافلة، وقيل: بالعكس، "ك"(25/ 46)، "ع"(16/ 519).
(2)
أي: في الكتابِ، وفي بعضها:"فيها" أي: في الصحيفة، "ك"(25/ 46)، "ع"(16/ 519).
(3)
أي: نقض عهده، "ك"(25/ 46)، "ع"(16/ 519).
(4)
قوله: (من والى قومًا) أي: نسب نفسه إليهم كانتمائه إلى غير أبيه أو انتمائه إلى غير معتقه، وذلك لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء والعقل وقطع الرحم ونحوه. ولفظ "بغير إذن مواليه" ليس لتقييد الحكم به وإنما هو إيراد الكلام على ما هو الغالب، "ك"(25/ 46).
ومطابقة الحديث للترجمة ما قاله الكرماني: لعله استفاد من قول علي رضي الله عنه تبكيت من تنطع في الكلام وجاء بغير ما جاء في الكتاب
7301 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قال: حَدَّثَنَا أَبِي قال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ
(1)
عَنْ مَسْرُوقٍ
(2)
قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا تَرَخَّصَ فيهِ
(3)
وَتَنَزَّهَ عَنْهُ
(4)
قَوْمٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
"تَرَخَّصَ فيهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"تَرَخَّصَ".
===
والسُّنَّة، وقال بعضهم: الغرض من إيراد الحديث هنا لعن من أحدث حدثًا فإنه - وإن قيد في الخبر بالمدينة - فالحكم عام فيها [وفي غيرها] إذا كان من متعلقات الدين، انتهى. قلت: الذي قاله الكرماني هو المناسب لألفاظ الترجمة، والذي قاله هذا القائل بعيد من ذلك يعرف بالتأمل، "ع"(16/ 518).
(1)
قوله: (ثنا مسلم) هو ابن صبيح بمهملة وموحدة مصغرًا وفي آخره مهملة، وهو أبو الضحى المشهور بكنيته أكثر من اسمه، وقد وقع عند مسلم مصرحًا به في رواية جرير عن الأعمش فقال: عن أبي الضحى به، وهذا يغني عن قول الكرماني: يحتمل أن يكون ابن صبيح، ويحتمل أن يكون ابن أبي عمران البطين؛ فإنهما يرويان عن مسروق ويروي عنهما الأعمش، "ف"(13/ 279).
قوله: "أعلمهم" إشارة إلى القوة العلمية، "وأشدهم [له] خشية" أي: أتقاهم إلى القوة العملية أي: هم يتوهمون أن رغبتهم عما فعلت أفضل لهم عند الله، وليس كما توهموا؛ إذ أنا أعلمهم بالأفضل وأولاهم بالعمل به، "ك" (25/ 47). ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله:"ترخص فيه وتنزه [عنه] قوم"؛ لأن تنزههم عما رخص الله والنبي صلى الله عليه وسلم فيه تعمق، "ع"(16/ 519).
(2)
ابن الأجدع.
(3)
أي: أسهل فيه، مثل الإفطار في بعض الأيام والصوم في بعضها في غير رمضان، ومثل التزوج، "ك"(25/ 46).
(4)
أي: احترز قوم عنه بأن سردوا الصوم واختار العزوبة، "ك"(25/ 47)، "ع"(16/ 519).
فَحَمِدَ اللهَ
(1)
وَأثنى عليه ثُمَّ قَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّيْءِ أَصْنَعُه، فَوَاللهِ إِنِّي لأَعْلَمُهُمْ بِاللهِ، وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً". [راجع: 6101، تحفة 17640].
7302 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ
(2)
، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
(3)
قَالَ: كَادَ الْخَيِّرَانِ
(4)
أَنْ يَهْلِكَا - أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ، أَشَارَ
(5)
أَحَدُهُمَا
(6)
بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ
(7)
، وَأَشَارَ الآخَرُ
(8)
"وَأثنى عليه" ثبت في ذ. "قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيع" في ذ: "قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ"، وفي نـ:"عَنْ وَكِيعٍ". "عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ" في ذ: "أخبرنا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ". "أَنْ يَهْلِكَا" في ذ: "أَنْ يَهْلِكَانِ". "الْحَنْظَلِيِّ" في نـ: "التميمي الْحَنْظَلِيِّ". "أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ" في هـ، ذ:"أَخُو بَنِي مُجَاشِعٍ".
===
(1)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 6101) في "كتاب الأدب".
(2)
الجمحي بضم الجيم وفتح الميم وبالمهملة، "ك"(25/ 47).
(3)
عبد الله.
(4)
بتشديد التحتية: تثنية الخيِّر، وهو الرجل الكثير الخير، [انظر "القسطلاني" (15/ 298)].
(5)
بأن يكون أميرًا، ["ك" (25/ 47)].
(6)
وهو عمر.
(7)
أي: واحد منهم.
(8)
أي: أبو بكر رضي الله عنه.
بِغَيْرِهِ
(1)
، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: إِنَّمَا أَرَدْتَ خِلَافِي! فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ. فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {عَظِيمٌ} [الحجرات: 2]. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ
(2)
: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْر: فَكَانَ عُمَرُ بَعْدُ
(3)
- وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ
(4)
عَنْ أَبِيهِ
(5)
، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ
(6)
- إِذَا حَدَّثَ
(7)
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ كَأَخِي السِّرَارِ
(8)
،
"وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ
…
" إلخ، ثبتت الواو في ذ، ووقعت هذه الزيادة في سـ. "فَكَانَ عُمَرُ" في نـ: "وَكَانَ عُمَرُ".
===
(1)
الغير هو القعقاع - بفتح القافين وسكون المهملة الأولى - ابن معبد، وهما يطلبان الإمارة، "ك"(25/ 47).
(2)
وقعت هذه الزيادة في رواية المستملي، وهو موصول بالسند المذكور قبله، "ف"(13/ 279).
(3)
أي: بعد نزول هذه الآية، "ع"(16/ 521).
(4)
هذه معترضة بين قوله: "بَعْدُ" وبين قوله: "إذا حدث
…
" إلخ.
(5)
أي: جده للأم، "ع"(16/ 521).
(6)
قوله: (يعني أبا بكر) ولم يكن أبو بكر أبًا لعبد الله بن الزبير حقيقة، وإنما كان جده لأمّه أسماء بنت أبي بكر، وأطلق عليه الأب. وفهم منه أن الجد للأم يسمَّى أبًا كما في قوله تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22]، فالجد للأم داخل في ذلك، "ع"(16/ 521).
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 4845).
(8)
قوله: (كأخي السرار) أي: كصاحب المسارّة، قال أبو العباس النحوي: أي: كالسرار، وأخي صلة، والسرار بكسر السين، وقال ابن الأثير: معنى "كأخي السرار": كصاحب السرار، أو كمثل المسارة لخفض صوته، "ع"(16/ 521).
لَمْ يُسْمِعْهُ
(1)
حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ. [راجع: 4367].
7303 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(2)
قال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال فِي
"لَمْ يُسْمِعْهُ" في نـ: "لا يُسْمِعُه".
===
قال الزمخشري: ولو أريد بأخي السرار المسارّ كان وجهًا، والكاف على هذا في محل نصب على الحال، يعني لأن التقدير: حَدَّثه مثل الشخص المسارّ، قال: وعلى الأول صفة لمصدر محذوف، يعني لأن التقدير حدثه حديثًا مثل المسارة. وقوله: "لا يسمعه
…
" إلخ، تأكيد لمعنى "كأخي السرار" أي: يخفض صوته يبالغ حتى يحتاج إلى استفهامه عن بعض كلامه، "ف" (13/ 280).
قال الزمخشري: والضمير في "يسمعه" راجع للكاف إذا جعلت صفة للمصدر، و"لا يسمعه" منصوب المحل بمنزلة الكاف على الوصفية، وإذا جعلت حالًا كان الضمير لها أيضًا إلا أن قدر مضافًا كقولك: يسمع صوته، فحذف الصوت وأقيم الضمير مقامه، ولا يجوز أن يجعل "لا يسمعه" حالًا عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن المعنى يصير خلفًا ركيكًا، انتهى، "د".
وقال في "الفتح"(13/ 280): والمقصود من الحديث قوله تعالى في أول السورة: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]، ومنه تظهر مطابقته للجزء الثاني لهذه الترجمة. وقال العيني (16/ 520): مطابقته للجزء الثاني وهو التنازع في العلم يؤخذ من قوله: "فارتفعت أصواتهما" وكان تنازعهما في تولية اثنين في الإمارة، كل منهما كان يريد تولية خلاف ما يريده الآخر، والتنازع في العلم الاختلاف، "قس"(15/ 299).
(1)
أي: لم يُسمع عمر النبيَّ صلى الله عليه وسلم صوته حتى يستفهم النبي صلى الله عليه وسلم منه، "ع"(16/ 521).
(2)
ابن أبي أويس.
مَرَضِهِ: "مُرُوا
(1)
أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ". قَالَتْ عَائِشَةُ
(2)
: قُلْتُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ
(3)
لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ. فَقَالَ:"مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ". فَقَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ، فَفَعَلَتْ
(4)
حَفْصَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ
(5)
صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ". فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كُنْتُ
(6)
لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا.
[راجع: 198، أخرجه: ت 3672، س في الكبرى 11252، تحفة: 17153].
"فَلْيُصَلِّ" في نـ: "يُصَلِّي"
(7)
، وفي نـ:"يُصَلِّ". "فَلْيُصَلِّ" في نـ: "فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ". "فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ"، وكذا في الموضع الآتي. "قُلْتُ لِحَفْصَةَ" في نـ:"فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ".
===
(1)
أي: قولوا، أطلق الخاص وأراد العام، "ك"(25/ 48).
(2)
قوله: (قالت عائشة
…
) إلخ، مطابقته للترجمة من حيث إن فيه المراددة والمراجعة في الأمر وهو مذموم داخل في معنى التعمق؛ لأن التعمق المبالغة في الأمر والتشديد فيه، "ع"(16/ 521).
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 713) في "الصلاة".
(4)
أي: قالت؛ لأن الفعل أعم الأفعال، "ك"(25/ 48).
(5)
أي: أنتنّ تشوِّشن الأمر عليّ كما أنهن كن يشوشن على يوسف، "ك"(25/ 48)، "ك"(16/ 521).
(6)
بلفظ الخطاب أو التكلم، "ك"(25/ 48).
(7)
بالياء بعد اللام مرفوع على الاستئناف، أو أجري المعتل مجرى الصحيح، "قس"(15/ 300).
7304 -
حَدَّثَنَا آدَمُ
(1)
قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ قال: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا فَيَقْتُلُه، أَتَقْتُلُونَهُ بِهِ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلَهُ فَكَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَها، فَرَجَعَ عَاصِمٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَرهَ الْمَسَائِلَ، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ لآتِيَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَجَاءَ وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ الْقُرْآنَ
(2)
خَلْفَ عَاصِمٍ
(3)
فَقَالَ لَهُ: "قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيكُمْ قُرْآنًا"، فَدَعَاهُمَا
(4)
فَتَقَدَّمَا فَتَلَاعَنَا، ثُمَّ قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَليْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَفَارَقَهَا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ
(5)
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِفِرَاقِهَا،
"مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ" ثبت في ذ. "عُوَيْمِرٌ" في نـ: "عُوَيْمِر الْعَجْلَانِيُّ". "قَالَ: أَرَأَيْتَ" في نـ: "فَقَالَ: أَرَأَيْتَ". "مَعَ أَهْلِهِ" في نـ: "مَعَ امْرَأَتِهِ". "وَعَابَها" كذا في هـ، ذ، وفي هـ:"وَعَابَ". "فَدَعَاهُمَا" كذا في ذ، وفي نـ:"فَدَعَا بِهِمَا".
===
(1)
ابن أبي إياس.
(2)
أي: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} الآية [النور: 6]، "ك"(25/ 49)، "ع"(16/ 522).
(3)
أي: بعد رجوعه.
(4)
أي: عويمرًا وزوجته، "ك"(25/ 49).
(5)
لأن نفس اللعان توجب المفارقة، وفيه خلاف، "ع"(16/ 522)، ومرَّ بيان الخلاف (برقم: 4745، 4748، 5308) فلينظر فيه.
فَجَرَتِ السُّنَّةُ
(1)
فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "انْظُرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا مِثْلَ وَحَرَةٍ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ كَذَبَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ
(2)
أَعْيَنَ
(3)
ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلَا أَحْسبُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَليْهَا". فَحَاءَتْ بِهِ عَلَى الأَمْرِ الْمَكْرُوهِ. [راجَع: 423].
7305 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ قال: حَدَّثَنِي اللَّيْث،
"حَدَّثَنِي اللَّيْثُ" في نـ: "حَدَّثَنَا اللَّيْثُ".
===
(1)
قوله: (فجرت السُّنَّة) أي: صار الحكم بالفراق بينهما شريعة. قوله: "وحرة" بفتح الواو والحاء المهملة والراء، وهي: دويبة حمراء تلزق بالأرض كالوزغة تقع في الطعام فتفسده، وفي "القاموس" (ص: 457، و 1206): الوحرة محركة: وزغة كسام أبرص، أو ضرب من العظاء لا تطأ شيئًا إلا سمَّته، ووحر، كفرح: أكل ما دَبَّتْ عليه الوحرة، فأثَّر فيه سمها، والطعام: وقعت فيه الوحرة. والعظاية: دويبة كسام أبرص جمعه عظاء، انتهى. قوله:"أسحم" أي: أسود، و"أعين": واسع العين العظيم. قوله: "ذا أليتين" هو على الأصل، وإلا فالاستعمال على حذف التاء منه. فإن قلت: كل الناس ذو أليتين أي: عجزتين؟ قلت: معناه أليتين كبيرتين. قوله: "على الأمر المكروه" أي: الأسحم الأعين؛ لأنه متضمن لثبوت زناها عادة، كذا في "الكرماني"(25/ 49) و"العيني"(16/ 522). ومطابقته للجزء الأول للترجمة؛ لأن عويمرًا أفحش في السؤال، فلهذا كره النبي صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها، "ع"(16/ 522).
(2)
أسود.
(3)
عظيم العينين.
حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ النَّصرِيُّ
(1)
- وَكَانَ
(2)
مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ ذَلِكَ - فَدَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا
(3)
فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا. قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ فَأذِنَ لَهُمَا. قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
"حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ" في نـ: "قال: حَدَّثَنِي عُقَيلٌ"، وفي نـ:"عَنْ عُقَيْلٍ". "أَخْبَرَنِي مَالِكُ" في نـ: "أَخْبَرَنَا مَالِكُ". "النَّصْرِيُّ" في نـ: "النَّضْرِيُّ". "فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ" في نـ: "فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانَ". "قَالَ: هَلْ لَكَ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَقَالَ: هَلْ لَكَ".
===
(1)
قوله: (مالك بن أوس النصري) بالنون المفتوحة والصاد المهملة الساكنة كما في "الكواكب"، وعليها علامة الإهمال في الفرع، وضبطها العيني بالضاد المعجمة، وقال: نسبة إلى النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وفي همدان أيضًا النضر بن ربيعة، انتهى. وهذا الذي قاله لا أعرفه، والمعروف أنه بالمهملة: نسبة إلى جده الأعلى نصر بن معاوية كما مر، يقال: إن لأبيه أوس صحبة، وكذا قيل لولده مالك، "قس"(15/ 303).
(2)
هذا قول ابن شهاب.
(3)
على وزن يمنع، بفتح التحتانية وإسكان الراء وبالفاء مهموزًا وغير مهموز، اسم حاجب عمر، "ك"(25/ 50)، "ع"(16/ 524).
اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ الظَّالِمِ
(1)
، اسْتَبَّا. فَقَالَ الرَّهْطُ - عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ -: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ
(2)
أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. فَقَالَ؟
"اسْتَبَّا" في نـ: "فتَسَابّا".
===
(1)
قوله: (اقض بيني وبين الظالم) وإنما جاز للعباس مثل هذا القول لأن عليًا كان كالولد له وللوالد ما ليس لغيره، أو هي كلمة لا يراد بها حقيقتها؛ إذ الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه وهو متناول للصغيرة، وللخصلة المباحة التي لا تليق به عرفًا. وفي الجملة حاشا لعلي أن يكون ظالمًا وللعباس أن يصير ظالمًا بنسبة الظلم إليه، فلا بد من التأويل، وقال بعضهم: ههنا مقدر أي: هذا الظالم إن لم ينصف، أو كالظالم. قال المازري [المعلم (3/ 16)]: هذا اللفظ لا يليق بالعباس وحاشا علي من ذلك، فهو سهو من الرواة، وإن كان لا بد من صحته فيؤول بأن العباس تكلم بما لا يعتقد ظاهره مبالغة في الزجر وردعًا لما يعتقد أنه مخطئ فيه، ولهذا لم ينكره أحد من الصحابة لا الخليفة ولا غيره مع تشددهم في إنكار المنكر، وما ذاك إلا أنهم فهموا بقرينة الحال أنه لا يريد به الحقيقة. قوله:"استبا" أي: تخاشنا في الكلام وتكلما بغليظ القول كالمستبين، كذا في "الكرماني"(25/ 50).
قال القاضي عياض: قال المازري: هذا اللفظ الذي وقع لا يليق ظاهره بالعباس، وحاشا لعلي أن يكون فيه بعض هذه الصفات، فضلًا عن كلها، ولسنا نقطع بالعصمة إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن شهد له بها، لكنا مأمورون بحسن الظن بالصحابة رضي الله عنهم أجمعين ونفي كل رذيلة عنهم، وإذا انسدت طرق تأويلها نسبنا الكذب إلى رواتها، قال: وقد حمل هذا المعنى بعض الناس على أن أزال هذه اللفظة من نسخته تورعًا عن إثبات مثل هذا، ولعله حمل الوهم على رواته، "نووي"(7/ 317).
(2)
من الإراحة.
اتَّئِدُوا
(1)
أَنْشُدُكُمْ
(2)
بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْض، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا نُورَثُ
(3)
مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ
(4)
"يُرِيدُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ
(5)
؟ قَالَ الرَّهْطُ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ. قَالَ عُمَرُ: فَإنِّي مُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْر
(6)
، إِنَّ اللهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم
(7)
"أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ" في هـ، ذ:"أَنْشُدُكُم اللهَ". "قَالَا: نَعَمْ" زاد في نـ: "قَال ذلك".
===
(1)
من الافتعال، أي: اصبروا وأمهلوا، "ك"(25/ 50)، "ع"(16/ 524).
(2)
أي: أسألكم بالله، "ك"(25/ 50)، "ع"(16/ 524).
(3)
بفتح الراء، "ك"(25/ 50).
(4)
بالرفع.
(5)
أي: لا يريد به الأمة، وقيل: إنما جمع لأن ذلك حكم عام لكل الأنبياء، "ك"(25/ 51)، "ع"(16/ 524).
(6)
قوله: (فإني محدثكم عن هذا الأمر) أي: قصة ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيفية تصرفه فيه في حياته، وتصرف أبي بكر فيه، ودعوى فاطمة والعباس الإرث ونحوه، "ك"(25/ 51).
(7)
قوله: (إن الله كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم) ذكر القاضي في هذا احتمالين، أحدهما: تحليل الغنيمة له ولأمته، والثاني: تخصيصه بالفيء، إما كله وإما بعضه، كما سبق من اختلاف العلماء، قال: وهذا الثاني أظهر لاستشهاد عمر رضي الله عنه بالآية، "نووي" (6/ 323). قوله:" {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} " أي: جعله الله فيئًا له خالصةً وأنعم به عليه خاصةً. " {مِنْهُمْ} "
فِي هَذَا الْمَالِ
(1)
بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ
(2)
، قال اللهُ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ
…
} الآيَةَ [الحشر: 6]،
"قال اللهُ" كذا في ص، عسه، في، وفي نـ:"فإن الله يقول".
===
أي: من أموال بني النضير ومن أموال الكفار. {"فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ" مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} أي: ما أسرعتم، و"ما" نافية، والمعنى: فلم يكن ذلك بإيجاف خيل ولا ركاب منكم على ذلك. والركاب: الإبل. وحاصله: فما أجريتم على تحصيله وتغنيمه خيلًا ولا ركابًا، ولا تعبتم في القتال عليه، وإنما مشيتم إليه على أرجلكم؛ لأنه على ميلين من المدينة، وكان عليه السلام على حمار فحسب. {وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} أي: بقذف الرعب في قلوبهم، والمعنى: أن ما خول الله رسوله من أموال بني النضير شيء لم تحصلوه بالقتل والغلبة، ولكن [الله] سلطه عليهم وعلى ما في أيديهم، فالأمر مفوض إليه يضعه حيث يشاء، ولا يقسم قسمة الغنائم التي قوتل عليها وأخذت عنوة وقهرًا، أفقسمها، كما كان يقسمها بين المهاجرين ولم يعط الأنصار شيئًا [إلَّا ثلاثة] منهم لفقرهم، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فيفعل ما يريد تارة بالوسائط الظاهرة، وتارة بمجرد القدرة الباهرة، ومرة يحكم عامًا، وأخرى خاصًا على ما اقتضته الحكمة وتعلقت به المشيئة. قال الطيبي: والآية على هذا مجملة بينتها آية ثانية وهي: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: 7]، انتهى. والصحيح أن الآية نزلت في أموال بني النضير، وقد جعلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وهذه الآية في غنائم كل قرية تؤخذ بقوة الغزاة، كذا في "المرقاة"(7/ 655).
(1)
أي: الفيء، "ك"(25/ 51).
(2)
لأنه أباح الكلَّ له، أو الحل له لا لغيره، "ك"(25/ 51).
فَكَانَتْ هَذ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللهِ
(1)
صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَاللهِ مَا احْتَازَهَا
(2)
دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَهَا
(3)
عَلَيْكُمْ، وَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا
(4)
فِيكُمْ، حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ
(5)
نَفَقَةَ سنَتِهِمْ مِنْ هَذَا
"مَا احْتَازَهَا" في هـ، ذ:"مَا اخْتَارَهَا". "اسْتَأْثَرَهَا" في نـ: "اسْتَأْثَرَ بِهَا". "وَكَانَ النَّبِيّ" في هـ: "فَكَانَ النَّبِيُّ".
===
(1)
قوله: (هذه خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: ليس للأئمة بعده أن يتصرفوا فيها تصرفًا، بل عليهم أن يضعوها في فقراء المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وفيما يجري مجرى ذلك من مصالح المسلمين، كذا ذكره بعض علمائنا من الشراح، "مرقاة"(7/ 655).
(2)
بالمهملة والزاي أي: جمعها، وفي بعضها بالمعجمة والراء، "ك"(25/ 51)، "ع"(16/ 524).
(3)
أي: استقلّ واستبدّ، "ك"(25/ 51).
(4)
أي: فرقها، "ك"(25/ 51).
(5)
قوله: (ينفق على أهله نفقة سنتهم) أي: يعزل لهم نفقة سنة، ولكنه كان ينفقه قبل انقضاء السنة في وجوه الخير ولا تتم عليه، ولهذا توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة على شعير استدانه لأهله، ولم يشبع ثلاثة أيام تباعًا، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بكثرة جوعه صلى الله عليه وسلم وجوع عياله. وفي هذا الحديث جواز ادخار قوت سنة، وجواز الادخار للعيال فيما يستغله الإنسان من قريته، كما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم، والحكمة في أن الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه لا يورثون أنه لا يؤمن أن يكون في الورثة من يتمنى موته فيهلك، ولئلا يظن بهم الرغبة في الدنيا لوراثتهم فيهلك الظان ويتنفر الناس عنهم. ثم إن جمهور العلماء على أن جميع الأنبياء عليهم السلام لا يورثون. وحكى القاضي عن الحسن البصري أنه قال: عدم الإرث منهم مختص بنبينا صلى الله عليه وسلم -
الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللهِ
(1)
، فَعَمِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ حَيَاتَه، أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ
(2)
هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ. ثُمَّ تَوَفَّى اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَليُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنْتُمَا
(3)
حِينَئِذٍ
"قَالُوا: نَعَمْ" في نـ: "فَقَالُوا: نَعَمْ". "أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَنْشُدُكُمَا اللهَ". "فَعَمِلَ فِيهَا" في نـ: "فَعَمِلَ بِهَا".
===
لقوله تعالى عن زكريا: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم: 6]، وزعم أن المراد وراثة المال. قال: ولو كان وراثة النبوة لم يقل: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} [مريم: 5]؛ إذ لا يخاف الموالي على النبوة؛ ولقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16]. والصواب ما حكيناه عن الجمهور أن جميع الأنبياء عليهم السلام لا يورثون، والمراد بقصة زكريا وداود وراثة النبوة، وليس المراد حقيقة الإرث، بل قيامه مقامه وحلوله مكانه، والله أعلم، هذا ملتقط من "النووي"(7/ 316، 323، 325).
والمقصود من هذا الحديث ههنا بيان كراهية التنازع، ويدل عليه قول عثمان رضي الله عنه ومن معه:"يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر"؛ فإن الظن بهما أنهما لم يتنازعا إلا ولكل منهما مستند في أن الحق بيده دون الآخر، فأفضى ذلك بهما إلى المخاصمة ثم المحاكمة التي لولا التنازع لكان اللائق بهما خلاف ذلك، "ف"(13/ 280).
(1)
أي: ما هو لمصالح المسلمين، "ك"(25/ 51)، "ع"(16/ 524).
(2)
أي: أسالكم بالله، مأخوذ من النشيد وهو رفع الصوت، يقال: نشدتك الله ونشدتك بالله، "نووي"(6/ 319).
(3)
مبتدأ، و"تزعمان" خبره، "ك"(25/ 51)، "ع"(16/ 524).
- فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ - تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا كَذَا
(1)
، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِع لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللهُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: أَنَا وَليُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ. فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ
(2)
وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ
(3)
، جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ
"فَأَقْبَلَ" في نـ: "وَأَقْبَلَ"، وفي هـ:"ثُم أَقْبَلَ". "وَأَبِي بَكْرٍ" في نـ: "وَأَبُو بَكْرٍ". "بِمَا عَمِلَ" في نـ: "بِمَا عَمِلَ به".
===
(1)
قوله: (أن أبا بكر فيها كذا) أي: ليس محقًا ولا فاعلًا بالحق. فإن قلت: كيف جاز لهما مثل هذا الاعتقاد في حقه؟ قلت: قالا باجتهادهما قبل وصول حديث "لا نورث" إليهما، وبعد ذلك رجعا عنه، واعتقدا أنه محق؛ بدليل أن عليًا لم يغير الأمر عما كان [عليه] حين انتهت نوبة الخلافة إليه، "ك"(25/ 52)، "ع"(16/ 524).
(2)
يعني: لم يكن بينكما مخالفة، "ك"(25/ 52).
(3)
قوله: (وأمركما جميع) أي: مجتمع لا تفرق فيه ولا تنازع عليه. فإن قلت: إذا كانا يعلمان الحديث في زمان عمر فما يسألان؟ وما نصيبهما؟ قلت: كانا يتصرفان فيها بالشركة، فطلبا أن يقسم بينهما ويخصص كل واحد منهما بنصيبه، فكره عمر القسمة، ولا سيما بتطاول الزمان لئلا يظن أنها ملك، "ك"(25/ 52 - 53). وظاهر هذا الجواب لا يطابق السؤال، والظاهر في الجواب عن هذا: أن كلًّا من علي والعباس اعتقدا أن عموم قوله: "لا نورث" مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض، ولهذا طلبا من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولذلك نسب عمر إلى علي وعباس أنهما كائا يعتقدان ظلم من خالفهما في ذلك، كما تأول قوم طلب فاطمة رضي الله عنها ميراثها من أبيها على أنها تأولت الحديث - إن كان
مِنِ ابْنِ أَخِيكَ
(1)
، وَأَتَانِي هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، حَتى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ تَعْمَلَانِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبِمَا عَمِلَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُنْذُ وُلِّيتُهَا
(2)
، وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي فِيهَا. فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ، أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ. قَالَ: أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ؟! فَوَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَة، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا
(3)
فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا
(4)
. [راجع: 2904، أخرجه: م 1757، د 2963، ت 1610، س في الكبرى 6310، تحفة: 10632، 10633].
"حَتى أَنَّ عَلَيْكُمَا" في نـ: "عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا". "تَعْمَلَانِ" في ذ: "لَتَعْمَلَانِ". "فِيهِ "في نـ: "فيها". "بِمَا عَمِلِ به" في نـ: "بِمَا عَمِلَ فِيهِ". "وَبِمَا عَمِلَ فِيهِ" في نـ: "وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا". "فَأقْبَلَ" في هـ، ذ:"ثم أَقْبَلَ". "بِذَلِكَ" ثبت في هـ، ذ.
===
بلغها قوله: "لا نورث" - على الأموال التي لها بال فهي التي لا تورث، لا ما يتركون من طعام وأثاث وسلاح، خلاف ما ذهب إليه أبو بكر وعمر وسائر الصحابة.
(1)
مرَّ الحديث مع ما يتعلق به من دفع الشبهات التي تقع فيه (برقم: 3094).
(2)
بفتح الواو وكسر اللام مخففة، "قس"(15/ 306).
(3)
أي: عن التصرف فيها مشتركًا، "ك"(25/ 53)، "ع"(16/ 524).
(4)
وأتصرف فيها لكما، "ك"(25/ 53)، "ع"(16/ 524).
6 - بَابُ إثْم مَنْ آوَى
(1)
مُحْدِثًا
(2)
رَوَا عَلِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ
(3)
صلى الله عليه وسلم.
7306 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قال: حَدَّثَنَا عَبدُ الْوَاحِدِ
(4)
قال: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ
(5)
: قُلْتُ لأَنَسٍ: أَحَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا، لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا
(6)
حَدَثًا
(7)
فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. قَالَ عَاصِمٌ
(8)
: فَأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ
(9)
أَنَّهُ قَالَ: أَوْ آوَى مُحْدِثًا. [راجع: 1867].
"قُلْتُ لأَنَسٍ" في نـ: "قال: قُلْتُ لأَنَسٍ".
===
(1)
بالمد.
(2)
بكسر الدال أي: مبتدعًا، أو ظالمًا، أو اوى محدث المعصية، "ع"(16/ 524).
(3)
تقدم موصولًا في "كتاب الجزية"(ح: 3172).
(4)
ابن زباد.
(5)
ابن سليمان المعروف بالأحول.
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 1867).
(7)
أي: بدعة أو ظلمًا ونحوهما، "ك"(25/ 53).
(8)
موصول بالسند المذكور.
(9)
قوله: (فأخبرني موسى بن أنس) قال الدارقطني في "كتاب العلل": موسى بن أنس وهم من البخاري أو من موسى بن إسماعيل شيخه، والصواب: النضر - بسكون المعجمة - ابن أنس، كما رواه مسلم في "صحيحه"، "ك"(25/ 53)، "ع" (16/ 525). قال ابن بطال (10/ 350): دل الحديث على أن من أحدث حدثًا أو آوى محدثًا في غير المدينة: أنه غير متوعد بمثل ما توعد به من فعل ذلك في المدينة، وإن كان قد علم أن من
7 - بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْيِ
(1)
وَتَكَلُّفِ الْقِيَاسِ
وَقَوْلِ اللهِ: {وَلَا تَقْفُ
(2)
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36].
"يُذْكَرُ" في نـ: "يُكْرَهُ".
===
آوى أهل المعاصي أنه يشاركهم في الإثم، فإن من رضي فعل قوم وعملهم التحق بهم، ولكن خصت المدينة بالذكر لشرفها لكونها مهبط الوحي وموطن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها انتشر الدين في أقطار الأرض فكان لها مزيد فضل على غيرها. وقال غيره: السر في تخصيص المدينة بالذكر أنها كانت إذ ذاك موطن النبي صلى الله عليه وسلم ثم موطن الخلفاء الراشدين، "ف"(13/ 281 - 282).
(1)
قوله: (باب ما يذكر من ذم الرأي) أي: الذي يكون على غير أصل من الكتاب والسُّنَّة والإجماع، وأما الرأي الذي يكون على أصل من هذه الثلاثة فهو محمود، وهو الاجتهاد. وقوله:"وتكلف القياس" أي: الذي لا يكون على هذه الأصول لأنه ظن والظن رد، وأما القياس الذي يكون على هذه الأصول فغير مذموم، وهو الأصل الرابع المستنبط من هذه، والقياس هو: الاعتبار، والاعتبار مأمور به، فالقياس مأمور به، وذلك لقوله تعالى:{فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]، فكان حجة. وقوله:" {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} " احتج به لما ذكره من ذم التكلف، ثم فسر "القفو" بالقول، وهو من كلام ابن عباس، أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه، وقال أبو عبيدة: معناه: لا تتبع ما لا تعلم وما لا يعنيك. وقال الراغب (ص: 68): الاقتفاء اتباع القفا، كما أن الارتداف اتباع الردف، ويكنى بذلك عن الاغتياب وتتبع المعايب، ومعنى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}: لا تحكم بالقيافة والظن، والقيافة مقلوب عن الاقتفاء نحو جذب وجبذ. وهو حجة على من يحكم بالقيافة، "ع"(16/ 525)، "ف"(13/ 282 - 283).
(2)
أي: لا تتبع.
7307 -
حَدَّثنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ
(1)
قال: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ
(2)
قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ
(3)
بْنُ شُرَيْحٍ وَغَيْرُهُ
(4)
، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ
(5)
، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: حَجَّ عَلَيْنَا
(6)
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو
(7)
فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ عَنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ
(8)
، فَيَبْقَى نَاسٌ
"حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ" في ذ: "حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ". "أَعْطَاكُمُوهُ" كذا في حـ، ذ، وفي سـ، هـ، ذ:"أَعْطَاهُمُوهُ". "يَنْتَزِعُهُ" في نـ: "يَنْزِعُهُ". "عَنْهُمْ "في نـ: "مِنْهُمْ".
===
(1)
بمثناة ثم لام بوزن عظيم، وهو سعيد بن عيسى بن تليد، نسب إلى جده، يكنى أبا عيسى بن عني - بمهملة ثم نون مصغرًا - وهو من المصريين الثقات الفقهاء، وكان يكتب للحكام، "ف"(13/ 283).
(2)
أي: عبد الله.
(3)
هو أبو شريح الإسكندراني، "ف"(13/ 283).
(4)
هو ابن لهيعة، أبهمه البخاري لضعفه، وجعل الاعتماد على رواية عبد الرحمن، "ف"(13/ 283).
(5)
محمد بن عبد الرحمن، "ف"(13/ 284).
(6)
أي: مرَّ علينا حاجًّا، "ف"(13/ 284)، أي: مارًّا علينا، "ك"(25/ 54).
(7)
ابن العاص.
(8)
قوله: (مع قبض العلماء بعلمهم) أي: بقبض العلماء مع علمهم، ففيه نوع قلب في الحرفين، أو يراد من لفظ "بعلمهم": بكتبهم، بأن يمحى الحلم من الدفاتر، ويبقى "مع" على المصاحبة، أو "مع" بمعنى عند. مرَّ الحديث في "كتاب العلم" (برقم: 100). قوله: "فعَجِبَتْ" أي: من جهة
جُهَّالٌ
(1)
يُسْتَفْتَوْنَ
(2)
فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيَضِلُّونَ
(3)
وَيُضِلُّونَ"
(4)
.
===
أنه ما غير حرفًا منه، روي أنها قالت له:"القه ففاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك، فلقيته؛ [فسألته] فذكره لي نحو المرة الأولى، فلما أخبرتها قالت: ما أحسبه إلا قد صدق لم يزد فيه شيئًا ولم ينقص منه"، "ك" (25/ 54). ووقع في رواية سفيان بن عيينة الموصولة:"قال عروة: ثم لبثت سنة ثم لقيت عبد اللّه بن عمرو في الطواف فسألته فأخبرني به"، فأفاد أن لقاءه إياه في المرة الثانية كان بمكة، وكأن عروة كان حج في تلك السُّنَّة من المدينة وعبد الله من مصر، فبلغ عائشة، ويكون قولها:"قد قدم" أي: من مصر طالبًا لمكة لا أنه قد قدم المدينة؛ إذ لو دخلها لَلَقيهُ عروة بها، ويحتمل أن تكون عائشة حجت تلك السنة وحج معها عروة فقدم عبد الله بعد، فلقيه عروة بأمر عائشة. قلت: ورواية الأصل تحتمل أن عائشة كان عندها علم من الحديث، فظنت أنه زاد فيه أو نقص، فلما حدث به ثانيًا كما حدث به أوّلًا تذكرت أنه على وفق ما كانت سمعت، ولكن رواية حرملة التي ذكر فيها أنها أنكرت ذلك وأعظمته ظاهرة في أنه لم يكن عندها من الحديث علم، ويؤيد ذلك أنها لم تستدل على أنه حفظه إلا لكونه حدّث به بعد سنة كما حدّث به أوّلًا لم يزد ولم ينقص، قال عياض: لم تتهم عائشة عبد الله، ولكن لعلها نسبت إليه أنه مما قرأه من الكتب القديمة؛ لأنه كان قد طالع كثيرًا منها، ومن ثم قالت:"أحَدَّثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ " انتهى، "ف"(13/ 285).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 100).
(2)
بصيغة المجهول.
(3)
من الضلالة.
(4)
من الإضلال.
فَحَدَّثْتُ
(1)
عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو حَجَّ بَعْدُ
(2)
فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي
(3)
انْطَلِقْ إِلَى عَبْدِ اللهِ فَاسْتَثْبِتْ لِي مِنْهُ الَّذِي حَدَّثْتَنِي عَنْهُ. فَجِئْتُهُ فَسَأَلْتُه، فَحَدَّثَنِي بِهِ كَنَحْوِ مَا حَدَّثَنِي، فَأتَيْتُ عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا، فَعَجِبَتْ فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ حَفِظَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو.
[راجع: 100].
7308 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قال: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَة
(4)
قال: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ قَالَ: سأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ: هَلْ شَهِدْتَ صِفِّينَ
(5)
؟ قَالَ: نَعَمْ. فَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ. ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ
(6)
عَلَى دِينِكُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ
"فَحَدَّثْتُ" في قتـ، ذ:"فَحَدَّثْتُ به". "أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ" في نـ: "حَدَّثَنَا أبُو حَمْزَةَ".
===
(1)
هذا قول عروة.
(2)
أي: بعد تلك السنة أو الحجة، "ك"(25/ 54)، "ع"(16/ 526).
(3)
هو عروة ابن أسماء أخت عائشة، "ك"(25/ 54).
(4)
اسمه محمد بن ميمون.
(5)
المشهور كسر الصاد، وقيل: جاء فتحها أيضًا، "ع"(16/ 528)، بكسر المهملة وشدة الفاء المكسورة وسكون التحتانية وبالنون: موضع بين الشام والعراق بشاطئ الفرات، فيه وقعت المقابلة بين علي ومعاوية، وهو غير منصرف، "ك"(25/ 55).
(6)
قوله: (اتهموا رأيكم
…
) إلخ، أي: لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين، وهو كنحو قول علي
أَبِي جَنْدَلٍ
(1)
وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَرَدَدْتُه، وَمَا وَضَعْنَا
"أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " زاد في نـ: "عليه".
===
رضي الله عنه: "لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه"، والسبب في قول سهل ذلك: أن أهل الشام لما استشعروا أن أهل العراق شارفوا أن يغلبوهم، وكان أكثر أهل العراق من القراء الذين يبالغون في التدين، ومن ثم صار منهم الخوارج الذين مضى ذكرهم فأنكروا على علي رضي الله عنه ومن أطاعه الإجابة إلى التحكيم، فاستند علي إلى قصة الحديبية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب قريشًا إلى المصالحة مع ظهور غلبته لهم، وتوقف بعض الصحابة أولًا حتى ظهر لهم أن الصواب ما أمرهم به. وأول الكرماني كلام سهل بن حنيف بحسب ما احتمله اللفظ فقال: كانهم اتهموا سهلًا بالتقصير في القتال حينئذ، فقال لهم: بل اتهموا أنتم رأيكم؛ فإني لا أقصر كما لم أكن مقصرًا يوم الحديبية وقت الحاجة، فكما توقفت يوم الحديبية من أجل أني لا أخالف حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أتوقف اليوم لأجل مصلحة المسلمين، "ف" (13/ 288 - 289). فإن قلت: لم نسب اليوم إلى أبي جندل لا إلى الحديبية؟ قلت: لأن رده إلى المشركين كان شاقًا على المسلمين، وكان ذلك أعظم ما جرى عليهم من سائر الأمور، وأرادوا القتال بسببه، وأن لا يردوا أبا جندل ولا يرضون بالصلح، "ك"(25/ 55).
(1)
هو ابن سهيل بن عمرو القرشي العامري، واسمه العاصي، أسلم أبو جندل بمكة فحبسه أبوه في حديده، وقيده فهرب يوم الحديبية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قيوده وردّ إليهم بسبب العهد الذي جرى، ثم هرب وألحق بأبي بصير الثقفي ورفقته، وكانوا سبعين رجلًا من المسلمين يقطعون على من مر بهم من عير قريش وتجارهم، وكان مقرهم سيف البحر - بكسر السين -، كذا في "التهذيب"[للنووي](2/ 205) و"الاستيعاب"(4/ 1621 - 1622).
سُيُوفَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا إِلَى أَمْرٍ يُفْظِعُنَا
(1)
إِلَّا أَسْهَلْنَ
(2)
بِنَا
(3)
إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ غَيْرَ هَذَا الأَمْرِ
(4)
. قَالَ
(5)
: وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: شَهِدْتُ صِفِّينَ وَبِئْسَتْ
(6)
صَفُّونَ
(7)
.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ، يَقُولُ: مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفْتِيَ. [راجع: 3181].
"أَسْهَلْنَ بِنَا" في هـ، ذ:"أَسْهَلْنَ بِهَا". "صِفُّونَ" في ذ: "صِفِّينَ"، وفي سفـ:"الصِّفُّونَ". "ولا ينبغي" سقطت الواو في نـ.
===
(1)
بإعجام الظاء المكسورة أي: يخوفنا ويهولنا، "ك"(25/ 55).
(2)
أي: السيوف، أي: أفضين بنا إلى أمر سهل، "ك"(25/ 55).
(3)
قوله: (إلا أسهلن بنا) أي: أنزلتنا في السهل من الأرض أي: أفضين بنا، وهو كناية عن التحول من الشدة إلى الفرج، ومراد سهل أنهم كانوا إذا وقعوا في شدة يحتاجون فيها إلى القتال في المغازي والثبوت والفتوح العمرية، عمدوا إلى سيوفهم فوضعوها على عواتقهم، وهو كناية عن الجد في الحرب، فإذا فعلوا ذلك انتصروا، وهو المراد بالنزول في السهل. ثم استثنى الحرب التي وقعت بصفين لما وقع فيها من إبطاء النصر وشدة المعارضة من حجج الفريقين؛ إذ حجة علي ومن معه ما شرع لهم من قتال أهل البغي حتى يرجعوا إلى الحق، وحجة معاودة ومن معه ما وقع من قتل عثمان مظلومًا ووجود قتلته بأعيانهم في العسكر العراقي، فعظمت الشبهة حتى اشتد القتال وكثر القتل في الجانبين إلى أن وقع التحكيم فكان ما كان، "ف"(13/ 288).
(4)
أي: الذي نحن فيه من هذه المقاتلة في صفين، فإنها لا يسهل بنا مرَّ بلطائف في "كتاب الجهاد" (برقم: 3181، وفي "المغازي" برقم 4189)، "ك"(25/ 55).
(5)
أي: الأعمش.
(6)
أي: بئست المقاتلة التي وقعت فيها، "ك"(25/ 55).
(7)
قوله: (بئست صفون) كذا لغير أبي ذر، وللنسفي مثله، لكن
8 - بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ
(1)
مِمَّا لَمْ يُنْزَلْ عَليْهِ الْوَحْيُ فَيَقُولُ: "لَا أَدْرِي"، أَوْ لَمْ يُجِبْ حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي، وَلَمْ يَقُلْ بِرَأْيٍ وَلَا بِقِيَاسٍ
(2)
"حَتَّى يُنْزَلَ عَليْهِ الْوَحْيُ" فَي سـ، ذ:"حَتَّى يُنْزِلَ اللهُ عَلَيهِ الْوَحْيَ". "وَلَا بِقِيَاسٍ" في نـ: "وَلَا قِيَاسٍ".
===
بالألف واللام، ولأبي ذر:"صفين" والأشهر فيها الياء قبل النون كفلسطين وقنسرين، ومنهم من أبدل الياء بالواو في الأحوال، وعلى هاتين اللغتين إعرابها على النون بالحركات غير منصرف، ومنهم من أعربها إعراب جمع المذكر السالم مثل {لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} [المطففين: 18 - 19]، ومنهم من فتح النون مع الواو لزومًا، نقل ذلك ابن مالك، كذا في "ك"(25/ 55)، "ف"(13/ 288)، "ع"(16/ 528).
(1)
قوله: (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل
…
) إلخ، أي: كان له إذا سئل عن الشيء الذي لم يوح إليه فيه حالان: إما أن يقول: لا أدري، وإما أن يسكت حتى يأتيه بيانه بالوحي. وقال الكرماني: في قوله في الترجمة: "لا أدري" حزازة؛ إذ ليس في الحديث ما يدل عليه، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم ذلك، وهو تساهل شديد منه؛ لأن البخاري أشار بذلك إلى ما ورد فيه ولكنه لم يثبت على شرطه كعادته في أمثاله، منه حديث ابن عمر:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أيُّ البقاع خير؟ قال: "لا أدري"، فأتاه جبريل فسأله فقال: لا أدري، فقال: سل ربك، فانتقض جبريل انتقاضة
…
" الحديث أخرجه ابن حبان، وللحاكم نحوه، هذا ملتقط من "الفتح" (13/ 290).
(2)
قوله: (برأي ولا بقياس) قال الكرماني: هما مترادفان، وقيل: الرأي هو التفكر، والقياس الإلحاق، وقيل: الرأي أعم ليدخل فيه الاستحسان ونحوه، انتهى. قوله:"لقوله: "{بِمَا أَرَاكَ} " أي: في قوله: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ
لِقَوْلِهِ: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105].
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ
(1)
: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّوحِ، فَسَكَتَ حَتَّى نَزَلَتِ.
7309 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ
(3)
يَقُولُ: سمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: مَرِضْت، فَجَاءَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَأَتَانِي وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَيَّ فَأَفَقْتُ
(4)
،
"لِقَوْلِهِ" في سـ: "لِقَوْلِ الله تعالى"، وفي نـ:"لِقَوْلِ الله عز وجل". "حَتَّى نَزَلَتِ" في هـ، ذ:"حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ". "أُغْمِيَ" في نـ: "غُمِيَ".
===
بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}، قال المهلب ما معناه: إنما سكت النبي صلى الله عليه وسلم في أشياء معضلة ليست لها أصول في الشريعة، فلا بد فيها من اطلاع الوحي وإلا فقد شرع صلى الله عليه وسلم لأمته القياس، وعلمهم كيفية الاستنباط فيما لا نص فيه، فذكر حديث التي سألته الحج عن أمها وغيره. وقال الداودي: إن الذي احتج به البخاري للنفي حجة في الإثبات فحينئذ ينقلب حجة عليه؛ لأن المراد بقوله: " {بِمَا أَرَاكَ} " ليس محصورًا في المنصوص، بل فيه إذن في القول بالرأي، ثم ذكر آثارًا تدل على الإذن، وتعقبها ابن التين بأن البخاري لم يرد النفي المطلق، وإنما أراد أته صلى الله عليه وسلم ترك الكلام في أشياء، وأجاب بالرأي في أشياء، وقد بوب لكل ذلك بما ورد فيه، هذا مختصر من "ف"(13/ 291).
(1)
هذا التعليق مضى موصولًا (برقم: 7297)، لكنه بلفظ: "فقام ساعة
…
" إلخ.
(2)
أي: ابن عيينة.
(3)
محمد.
(4)
أي: عن الإغماء.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ
(1)
: فَقُلْتُ: أَيْ رَسُولَ اللهِ - كَيفَ أَقْضِي فِي مَالِي؟ كَيفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي؟ قَالَ: فَمَا أَجَابَنِي
(2)
بِشَيْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ
(3)
. [راجع: 194، أخرجه: م 1616، د 2886، ت 2097، س 138، ق 1436، تحفة: 3028].
9 - بَابُ تَعْلِيمِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ
(4)
مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِمَّا عَلَّمَهُ الله، لَيْسَ بِرَأْيٍ وَلَا تَمْثِيلٍ
(5)
7310 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
(6)
،
===
(1)
ابن عيينة.
(2)
هذا ظاهر المطابقة بالترجمة.
(3)
المراد به قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} الآية [النساء: 11]، مرَّ (برقم: 4577).
(4)
قوله: (تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أمته
…
) إلخ، قال المهلب: مراده أن العالم إذا كان يمكنه أن يحدث بالنصوص لا يحدث بنظره ولا قياسه، انتهى. قوله:"ليس برأي ولا تمثيل" هذا يدل على أنه من نفاة القياس، وقد قلنا فيما مضى: إن القياس اعتبار، والاعتبار مأمور به لقوله تعالى:{فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: 2]، فالقياس مأمور به. قال الكرماني ما حاصله: إن موضع الترجمة هو قوله: "كان لها حجابًا من النار"؛ لأن هذا أمر توقيفي لا يعلم إلا من قبل اللّه تعالى ليس قولًا برأي ولا تمثيل لا دخل لهما فيه، انتهى. قلت: هذا الحديث لا يدل على مطابقة الترجمة أصلًا؛ لأن عدم دلالته على الرأي والتمثيل لا يستلزم نفيهما، "ع"(16/ 530 - 531).
(5)
أي: قياس، وهو إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم، "ك"(25/ 56)، "ع"(16/ 531).
(6)
الوضاح اليشكري.
عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ
(1)
، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ
(2)
إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ
(3)
يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ. فَقَالَ: "اجْتَمِعْنَ
(4)
فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا". فَاجْتَمَعْنَ
(5)
فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ ثُمَّ قَالَ: "مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ
(6)
بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلَاثَةً، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ"
(7)
. فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللهِ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَينِ ثُمَّ قَالَ: "وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ". [راجع: 101].
"اثْنَيْنِ" في هـ، ذ:"أَوِ اثْنَيْنِ".
===
(1)
اسمه الأصبهاني عبد الله الكوفي، أصله من أصبهان، فيه أربع لغات: فتح الهمزة وكسرها وبالفاء والموحدة، "ع"(16/ 531).
(2)
قيل: يحتمل أن تكون هي أسماء بنت يزيد بن السكن، "ع"(16/ 531).
(3)
أي: من أوقات نفسك، "ك"(25/ 57)، "ع"(16/ 531).
(4)
بلفظ الأمر.
(5)
بلفظ الماضي.
(6)
من التقديم أي: إلى يوم القيامة.
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 101) في "العلم".
10 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ
(1)
مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ
(2)
عَلَى الْحَقِّ"
وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ
(3)
.
7311 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى
(4)
،
"عَلَى الْحَقِّ" زاد في نـ: "يُقَاتِلُونَ".
===
(1)
قوله: (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال
…
) إلخ، هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه مسلم عن ثوبان، وبعده:"لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"، وله من حديث جابر مثله، لكن قال:"يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة". قوله: "وهم أهل العلم" هو من كلام المصنف، وأخرج الترمذي حديث الباب ثم قال: سمعت محمد بن إسماعيل هو البخاري يقول: سمعت علي بن المديني يقول: هم أهل الحديث، "ف"(13/ 293).
(2)
أي: معاونين على الحق أي: ثابتين له، ويحتمل أن يكون على الحق خبرا ثانيا لقوله:"لا تزال"، وقيل: غالبين أو عالين، "ك"(25/ 58).
(3)
هذا من كلام البخاري.
(4)
قوله: (حدثنا عبيد الله بن موسى) العبسي الكوفي من كبار شيوخ البخاري من أتباع التابعين وشيخه في هذا الحديث "إسماعيل" تابعي مشهور، وشيخ إسماعيل "قيس" من كبار التابعين، وهو مخضرم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره. ولهذا السند حكم الثلاثيات وإن كان رباعيًا، "ف" (13/ 294). قوله:"وهم ظاهرون" فإن قلت: يعارض هذا الحديث حديث عبد الله بن عمرو: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، هم شر أمن، أهل الجاهلية، لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم" رواه مسلم. قلت: يعني الشرار هم الأغلب، قاله الكرماني (25/ 58). وقال العيني (16/ 532): المراد من شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة قوم يكونون بموضع مخصوص،
عَنْ إِسْمَاعِيلَ
(1)
، عَنْ قَيْسٍ
(2)
، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ
(3)
وَهُمْ ظَاهِرُونَ"
(4)
. [راجع: 3640].
7312 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(5)
، عن ابْنِ وَهْبٍ
(6)
، عَنْ يُونُسَ
(7)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ
(8)
قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَخْطُبُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
"أَمْرُ اللهِ" في نـ: "أَمْرُ اللهِ عز وجل".
===
وأن موضعًا آخر تكون به طائفة يقاتلون على الحق قاهرين لعدوهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك، قيل: يا رسول الله! أين هم؟ قال: "هم ببيت المقدس"، انتهى. وقال في "الفتح" (13/ 294): ذكرت أن المراد بأمر الله هبوب تلك الريح، وأن المراد بقيام الساعة ساعتهم، وأن المراد بالذين يكونون ببيت المقدس الذين يحضرهم الدجال، ويظهر الدين في زمن عيسى عليه السلام، ثم بعد موت عيسى غليه السلام تهب الريح المذكورة، فهذا هو المعتمد في الجمع، والعلم عند الله، انتهى.
(1)
ابن أبي خالد.
(2)
ابن أبي حازم، بالحاء المهملة والزاي، "ع"(16/ 529).
(3)
أي: القيامة.
(4)
أي: غالبون على من خالفهم، "ع"(16/ 532).
(5)
ابن أبي أويس.
(6)
عبد الله.
(7)
ابن يزيد.
(8)
ابن عبد الرحمن بن عوف.
"مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا
(1)
(2)
يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي الله، وَلَنْ يَزَالَ أَمْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ مُسْتَقِيمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَة، أَوْ
(3)
حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ عز وجل". [راجع: 71].
11 - بَابُ قَوِلِ اللهِ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ
(4)
شِيَعًا} [الأنعام: 65]
7313 -
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ بْنُ عَبْدِ اللهِ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(5)
: قَالَ عَمْرُو بْن دينار: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ
(6)
}،
"أَوْ حَتَّى" في نـ: "وَحَتَّى". "بَابُ قَوْلِ اللهِ" في ذ: "بَابٌ في قَوْلِ اللهِ". "لَمَّا نَزَلَ" في نـ: "لَمَّا أُنْزِلَ"، وفي نـ:"لَمَّا نَزَلَتْ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 71، و 3116).
(2)
قوله: (من يرد الله به خيرًا) عام؛ لأن النكرة في سياق النفي، والشرط يفيد العموم، أي: جميع الخيرات، ويحتمل أن يكون التنوين للتعظيم. وقوله:"أنا قاسم" أي: أقسم بينكم فألقي إلى كل واحد ما يليق به من أحكام الدين، والله يوفق من يشاء منهم للفقه والتفهم منه والتفكر في معانيه. وفيه أن أمته آخر الأمم. فإن قلت: ليس في هذا الباب ما يدل على أنهم أهل العلم على ما ترجم عليه؟ قلت: نعم فيه إذ من جملة الاستقامة أن يكون فيهم الفقيه [والمتفقه]، ولا بد منه لترتبط الأخبار المذكورة بعضها بالبعض، وتحصل جهة جامعة بينهما معنى، "ك"(25/ 58).
(3)
شك من الراوي.
(4)
يقال: لبست الشيء: خلطته، وألبست عليه إذا لم تبينه، "ع"(16/ 533).
(5)
ابن عيينة.
(6)
كإمطار الحجارة عليهم، كما كان على قوم لوط عليه السلام، "ك"(25/ 58)، "ع"(16/ 533).
قَالَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ"
(1)
، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ
(2)
}، قَالَ:"أَعُوذُ بِوَجْهِكَ". فَلَمَّا نَزَلَتْ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ
(3)
شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ
(4)
بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ: "هَاتَانِ
(5)
أَهْوَنُ أَوْ
(6)
أَيْسَرُ". [راجع: 4628، أخرجه: ت 3065، تحفة: 2536].
12 - باب مَنْ شَبَّهَ
(7)
أَصْلًا مَعْلُومًا بِأَصْلٍ مُبَيَّنٍ قَدْ بَيَّنَ اللهُ حُكْمَهَا، لِيُفْهِمَ السَّائِلُ
"قَدْ بَيَّنَ اللهُ" كذا في سفـ، وفي هـ، ذ:"قَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللهِ"، وفي نـ:"وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ". "حُكْمَهَا" كذا في قتـ، وفي نـ:"حُكْمَهُمَا".
===
(1)
من المتشابهات، "ك"(25/ 59).
(2)
كالخسف كما فعل بقارون، "ك"(25/ 59)، "ع"(16/ 533).
(3)
أي: يخلطكم فرقًا أصحاب الأهواء مختلفة.
(4)
أي: يقتل بعضكم بعضًا، "ك"(25/ 59)، "ع"(16/ 533).
(5)
قوله: (هاتان) أي: المحنتان أو البليتان أو الخصلتان وهما: اللبس والإذاقة، "أهون" من الاستئصال والانتقام من عذاب الله إن كانتا أيضًا من عذاب الله، ولكن هما أخف، ومرَّ في سورة "الأنعام" بلفظ:"وهذا" أي: الأخير من أقسام الترديد، وهو الجمع بينهما، كذا في "ع"(16/ 533)، "ك"(25/ 59).
(6)
شك من الراوي.
(7)
قوله: (باب من شبه
…
) إلخ، وضع هذا الباب للدلالة على أن القياس على نوعين: صحيح مشتمل على شرائطه المذكورة في أصول الفقه، وفاسد بخلاف ذلك. فالمذموم هو الفاسد، وأما الصحيح فلا مذمة فيه بل هو مأمور به، كما ذكرناه عن قريب (في ك. 96، ب: 8). قال الكرماني:
7314 -
حَدَّثَنَا أَصْبَغُ
(1)
بْنُ الْفَرَجٍ قالَ: أخبرنِي ابْنُ وَهْبٍ
(2)
، عَنْ يُونُسَ
(3)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبي سلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَىَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ
(4)
. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟
(5)
"، قَالَ: نعَمْ. قَالَ: "فَمَا أَلْوَانُهَا؟ "، قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: "فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ " قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا
(6)
. قَالَ: "فَأَنَّى تُرَى
(7)
ذَلِكَ
"فَمَا أَلْوَانُهَا" في نـ: "فَمَا لَوْنُهَا"، وفي نـ:"فَأَلْوَانُهَا". "فَهَلْ فِيهَا" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"هَلْ فِيهَا".
===
لو قال: من شبه أمرًا معلومًا لوافق اصطلاح أهل القياس، وهذا المذكور في الترجمة هو رواية الكشميهني والإسماعيلي والجرجاني، ورواية غيرهم:"من شبه أصلًا معلومًا بأصل مبين وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حكمهما"، وفي رواية النسفي:"من شبه أصلًا معلومًا بأصل مبهم قد بين الله حكمهما ليفهم السائل"، "ع"(16/ 533 - 534).
(1)
بفتح الهمزة والموحدة وسكون المهملة بينهما، "ابن الفرج" بفتح الراء والجيم، أبو عبد الله المصري.
(2)
هو عبد الله المصري.
(3)
ابن يزيد الأيلي.
(4)
لأني أبيض وهو أسود، "ع"(16/ 534)، "ك"(25/ 59).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 5305).
(6)
جمع الأورق، وهو ما في لونه بياض إلى سواد، "ع"(16/ 534)، "ك"(25/ 59).
(7)
أي: فمن أين تظن أن ذلك البياض جاء إلى تلك الحمرة، "ك"(25/ 59).
جَاءَهَا؟ "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ عِرْقٌ
(1)
نَزَعَهَا
(2)
. قَالَ: "وَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ
(3)
نَزَعَهُ". وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الانْتِفَاءِ مِنْهُ
(4)
. [راجع: 5305، أخرجه: م 1500، د 2262، تحفة: 15311].
7315 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
(5)
، عَنْ أَبِي بِشْرٍ
(6)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَمَاتَتْ
(7)
قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ:"نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ "
"نَزَعَهَا" في هـ: "نَزَعَهُ". "قَاضِيَةً" في نـ: "قَاضِيَتَهُ".
===
(1)
العرق الأصل، أراد به الأصل من النسب تشبيهًا بعرق التمر، "مجمع"(3/ 579).
(2)
أي: اجتذبه إليه حتى ظهر لونه عليه، "ك"(25/ 59)، "ع"(16/ 534).
(3)
قوله: (ولعل هذا عرق
…
) إلخ، مطابقة الحديث للترجمة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم شبه للأعرابي ما أنكر من لون الغلام بما عرف من نتاج الإبل، فقال له:"هل لك من إبل؟ " إلى قوله: "لعل هذا عرق نزعه"؛ فأبان له بما يعرف أن الإبل الحمر تنتج الأورق - أي: الأغبر -، وهو الذي فيه سواد وبياض، فكذلك المرأة البيضاء تلد الأسود، "ع"(16/ 534)، "قس"(15/ 319).
(4)
أي: اللعان، ونفي الولد من نفسه، "ك"(25/ 60)، "ع"(16/ 534).
(5)
الوضاح اليشكري.
(6)
جعفر بن أبي وحشية، "ع"(16/ 534).
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 1852).
قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: "اقْضُوا
(1)
الَّذِي لَه، فَإِنَّ اللهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ".
[راجع: 1852].
13 - بَابُ مَا جَاءَ فِي اجْتِهَادِ الْقَضَاءِ
(2)
بِمَا أَنْزَلَ اللهُ
"اقْضُوا" في نـ: "اقْضِي"، وفي هـ، ذ:"اقْضُوا اللهَ". "الْقَضَاءِ" كذا في سفـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"الْقُضَاةِ".
===
(1)
قوله: (قال: اقضوا) كذا في أكثر النسخ أي: اقضوا أيها المسلمون الحق الذي لله تعالى، ودخلت المرأة في هذا الخطاب دخولًا بالقصد الأول، وقد علم في الأصول أن النساء يدخلن في خطاب الرجال لا سيما عند القرينة المدخلة فيه. وقيل: قال الفقهاء: حق الآدمي مقدم على حق الله تعالى. وأجيب بأن التقديم بسبب احتياجه لا ينافي الأحقية بالوفاء واللزوم، "ع"(535)، "ك" (25/ 60). واحتج المزني بهذين الحديثين على من أنكر القياس وقال: وأول من أنكر القياس إبراهيم النظام وتبعه بعض المعتزلة وداود بن علي. وما اتفق عليه الجماعة هو الحجة، فقد قاس الصحابة ومن بعدهم من التابعين وفقهاء الأمصار، "ع"(16/ 535)، "ف"(13/ 297). ومطابقته للترجمة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم شبه لتلك المرأة التي سألته الحج عن أمها بدين الله بما تعرف من دين العباد، غير أنه قال:"فدين الله أحق"، "ع"(16/ 534)، "قس"(15/ 320).
(2)
قوله: (باب ما جاء في اجتهاد القضاء) كذا لأبي ذر والنسفي وابن بطال وطائفة، بفتح أوله والمد، وإضافة الاجتهاد إليه بمعنى الاجتهاد فيه، والمعنى: الاجتهاد في الحكم بما أنزل الله تعالى، أو فيه حذف تقديره: اجتهاد متولي القضاء. ووقع في رواية غيرهم: "القضاة، بصيغة الجمع وهو واضح، "ف" (13/ 299). والاجتهاد لغة: المبالغة في الجهد، واصطلاحًا: استفراغ الوسع في درك الأحكام الشرعية. فإن قلت:
لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
(1)
} [المائدة: 45].
وَمَدَحَ
(2)
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَاحِبَ الْحِكْمَةِ حِينَ يَقْضِي بِهَا
(3)
وَيُعَلِّمُهَا، لَا يَتَكَلَّفُ مِنْ قِبَلِهِ، وَمُشَاوَرَةِ الْخُلَفَاءِ
(4)
وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ الْعِلْمِ.
"{فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} " في سفـ: "الآية". "لَا يَتَكَلَّفُ" في هـ، ذ:"ولَا يَتَكَلَّفُ". "مِنْ قِبَلِهِ" في هـ، ذ:"مِنْ قِيلِهِ"، وفي سفـ:"مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ".
===
في القرآن: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]، {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]، فهل في تخصيص آية الظلم فائدة؟ قلت: الظلم عام شامل للكفر والفسق؛ لأنه وضع الشيء في غير موضعه وهو يشملهما، "ك" (25/ 60). قوله:"ولا يتكلف من قبله" بكسر القاف وفتح الموحدة أي: من جهته، وفي رواية الكشميهني:"من قيله" بتحتانية ساكنة أي: من كلامه، وفي رواية الثسفي:"من قبل نفسه"، "ع"(16/ 535)، "ف"(13/ 299). "الحكمة" العلم الوافي المتقن، و"يقضي بها" إشارة إلى الكمال، و"يعلمها" إشارة إلى التكميل، يعني: الكامل المكمل، "ك"(25/ 60).
(1)
كذا للأكثر، وللنسفي:" {بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} الآية"، "ف"(13/ 299).
(2)
ويجوز فيه فتح الدال على أنه فعل ماض، ويجوز تسكينها على أنه اسم مجرور عطف على "اجتهاد".
(3)
أي: بالحكمة.
(4)
وذكر الخلفاء ليس بقيد لأن سائر الحكام في ذلك سواء، "ع"(16/ 535).
7316 -
حَدَّثَنِي شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ
(1)
قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
(2)
، عَنْ قَيْسٍ
(3)
، عَنْ عَبْدِ اللهِ
(4)
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ
(5)
: رَجُلٌ
(6)
آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَه عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَآخَرُ آتَاهُ اللهُ
(7)
حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا". [راجع: 73].
7317 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ
(8)
(9)
قالَ: أَخْبَرَنَا
"حَدَّثَنِي شِهَابُ" في نـ: "حَدَّثَنَا شِهَابُ". "اثْنَتَيْنِ" في نـ: "اثْنَيْنِ" - وفي بعضها: "اثْنَتَيْنِ" أي: خصلتين، "ك"(25/ 61) -. "فَسَلَّطَه" كذا في هـ، وفي نـ:"فَسُلِّطَ". "وَآخَرُ" في ذ: "أَوْ آخَرُ". "مُحَمَّدٌ" في كن: "مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ".
===
(1)
الكوفي.
(2)
ابن أبي خالد البجلي.
(3)
ابن أبي حازم.
(4)
ابن مسعود.
(5)
قوله: (لا حسد إلَّا في اثنتين) أطلق الحسد وأراد به الغبطة، أو معناه: لا حسد إلا فيهما، ولا حسد فيهما إذ هو غبطة، فلا حسد كقوله تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]، "ك"(25/ 61).
(6)
أي: خصلة رجل، "ك"(25/ 61).
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 7141).
(8)
قال الكلاباذي: ابن سلام وابن المثنى يرويان عن أبي معاوية، "ك"(25/ 61).
(9)
قوله: (حدثنا محمد) هو ابن سلام كما جزم به ابن السكن، وقد أخرج البخاري في "النكاح" (ح: 5131) عن محمد بن سلام منسوبًا لأبيه
أَبُو مُعَاوِيَةَ
(1)
قالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
(2)
عَنْ إِمْلَاصِ
(3)
الْمَرْأَةِ - وَهِيَ الَّتِي
(4)
يُضْرَبُ بَطْنُهَا فَتُلْقِي جَنِينًا -، فَقَالَ: أَيُّكُمْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ: أَنَا. فَقَالَ: مَا هُوَ؟ قُلْتُ: سمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "فِيهِ غُرَّةٌ
(5)
عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ". فَقَالَ: لَا تَبْرَحْ
(6)
حَتَّى تَجِيئَنِي بِالْمَخْرَجِ
(7)
فِيمَا قُلْتَ. [راجع: 6905].
"الْمُغِيرَةِ" في نـ: "الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ". "فِيمَا قُلْتَ" في صـ، هـ، ذ:"مِمَّا قُلْتَ".
===
عند الجميع عن أبي معاوية، وهذه قرينة تؤيد قول ابن السكن، واحتمال كونه محمد بن المثنى بعيد، وإن كان أخرج في "الطهارة" (برقم: 218) عن محمد بن خازم بمعجمتين حديثًا وهو أبو معاوية، لكن المهمل إنما يحمل على من يكون لمن أهمله به اختصاص، واختصاص البخاري بمحمد بن سلام مشهور، "ف" (13/ 299). قوله:"حتى تجيئني بالمخرج" فإن قلت: خبر الواحد حجة يجب العمل به، فلم ألزمه بالشاهد؟ قلت: للتأكيد، وليطمئن قلبه بذلك مع أنه لم يخرج بانضمام آخر إليه عن كونه خبرًا لواحد. مرَّ الحديث بقصته في "كتاب الديات" (برقم: 6905)، "ك"(25/ 61).
(1)
اسمه: محمد بن خازم بالمعجمة.
(2)
أي: الصحابةَ.
(3)
الإملاص: إلقاء الجنين ميتًا، "ك"(25/ 61).
(4)
جملة معترضة، "ك"(25/ 61)
(5)
بالضم والتنوين، و"عبد" بالرفع عطف بيان، أي: دية الجنين غرة، وهي: عبد أو أمة، وقال الشافعي: تساوي خمس إبل، "ك"(25/ 61)، مر بحثه وتحقيقه (برقم: 6905).
(6)
أي: لا تفارق مكانك، "ك"(25/ 61).
(7)
أي: بشاهد على قولك.
7318 -
فَخَرَجْتُ فَوَجَدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ
(1)
فَجِئْتُ بِهِ، فَشَهِدَ مَعِي أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"فِيهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ".
تَابَعَهُ
(2)
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ
(3)
، عَنْ أَبِيهِ
(4)
، عَنْ عُرْوَةَ
(5)
، عَنِ الْمُغِيرَةِ.
[راجع: 6906].
14 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "لَتَتبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ"
(6)
(7)
7319 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ
(8)
قالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ
(9)
،
"فَخَرَجْتُ" في نـ: "قَالَ: فَخَرَجْتُ".
===
(1)
بفتح الميم واللام: الخزرجي البدري، "ك"(25/ 61).
(2)
سقط هذا للنسفي، "ف"(13/ 299).
(3)
هو: عبد الرحمن.
(4)
هو: عبد الله بن ذكوان.
(5)
ابن الزبير.
(6)
يعني: في كل شيء مما نهى الشرع عنه وذَمَّه، "ع"(16/ 537).
(7)
قوله: (سنن من كان قبلكم) قال السفاقسي: السنن بفتح السين والنون: الطريقة، يقال: استقام فلان على سنن واحد. قال: وقرأناه بضم السين وهو جمع سنة، وهي العادة. قلت: في "الصحاح": سنن الطريق - يريد بفتح السين والنون -، وسننه - يريد بضمهما -، وسننه - يريد بضم السين وفتح النون - ثلاث لغات بمعنى واحد. وقال المهلب: الفتح أولى؛ لأنه هو الذي يستعمل فيه الذراع والشبر على ما يأتي الآن، "ع"(16/ 537).
(8)
أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي، وهو شيخ مسلم أيضًا، "ع"(16/ 537).
(9)
محمد.
عَنِ الْمَقْبُرِيِّ
(1)
، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا
(2)
، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ قَالَ: "وَمَنِ النَّاسُ
(3)
إِلَّا أُولَئِكَ؟! ". [تحفة: 13025].
7320 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
(4)
قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ
"بِأَخْذِ الْقُرُونِ" في صـ: "بِمَا أخَذَ القُرونُ"، وفي سفـ:"مَأخَذَ الْقُرُونِ". "شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ" في هـ: "شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا ذِرَاعًا". "قَالَ" في نـ: "فَقَالَ".
===
(1)
اسمه سعيد بن أبي سعيد، "ع"(16/ 537).
(2)
قوله: (حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها) أي: حتى تسير أمتي بسير القرون قبلها، "الأخذ" بفتح الهمزة وكسرها: السيرة، فقيل: أخذ فلان بأخْذ فلان أي: سار بسيرته. وحكى ابن بطال عن الأصيلي: "بما أخذ القرون" بالباء الموحدة، و "ما" الموصولة و"أخذ" بصورة الفعل الماضي وهو رواية الإسماعيلي أيضًا، وفي رواية النسفي:"بمأخذ القرون" على وزن مفعل بفتح الميم، و"القرون" جمع قرن بفتح القاف وسكون الراء وهو الأمة من الناس. قوله:"كفارس والروم" خبر مبتدأ محذوف أي: هؤلاء الذين يتبعونهم كفارس والروم، الفارس اسم الجيل المشهور أي: الفرس، ويطلق أيضًا على بلادهم. قوله:"إلا أولئك" فإن قلت: الناس ليسوا منحصرين فيهما؟ قلت: المراد حصر الناس المعهودين المتبوعين المتقدمين، "ع"(16/ 537)، "ك"(25/ 62).
(3)
استفهام إنكار، "ك"(25/ 62).
(4)
الرملي.
الصَّنْعَانِيُّ
(1)
- مِنَ الْيَمَنِ -، عَنْ زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا ذِرَاعًا، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ
(2)
ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ
(3)
وَالنَّصَارَى
(4)
؟ قَالَ: "فَمَنْ؟! ". [راجع: 3456].
15 - بَابُ إِثْمِ مَنْ دَعَا
(5)
إِلَى ضَلَالَةٍ أَوْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً
لِقَوْلِ اللهِ: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25].
"مَنْ قَبْلَكُمْ" في نـ: "مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ". "شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا ذِرَاعًا" في هـ: "شِبْرًا بشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ". " {بِغَيْرِ عِلْمٍ} " كذا في ذ، وفي نـ:"الآية" مكان " {بِغَيْرِ عِلْمٍ} ".
===
(1)
اسمه حفص بن ميسرة، هو من صنعاء اليمن احترز به عن صنعاء الشام، "ع"(16/ 538).
(2)
بضم الجيم وسكون الحاء المهملة. ومرَّ الحديث (برقم: 3456).
(3)
هو بالرفع: الذين قبلنا هم اليهود، وبالجر: بدل عمن قبلكم، "ع"(16/ 538).
(4)
قوله: (اليهود والنصارى) فإن قلت: هذا مغاير لما تقدم آنفًا أنهم كفارس؟ قلت: الروم نصارى وفي الفرس كان يهود، مع أن ذلك ذكر على سبيل المثال، إذ قال: كفارس. وقال ابن بطال (10/ 366): أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور والبدع والأهواء، كما وقع للأمم قبلهم، انتهى. قلت: قد وقع معظم ما ذكره، خصوصًا في الديار المصرية، وخصوصًا في ملوكها وعلمائها وقضاتها، "ع"(16/ 538).
(5)
قوله: (باب إثم من دعا
…
) إلخ، ورد فيما ترجم به حديثان بلفظه، وليسا على شرطه، واكتفى بما يؤدي معناهما، وهو ما ذكره من الآية والحديث، وأما الآية فقال مجاهد في قوله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ
7321 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيّ
(1)
، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
قال: حَدَّثَنَا الأَعْمَش، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ
(3)
، عَنْ عَبْدِ اللهِ
(4)
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنْ نَفْسِ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ
(5)
كِفْلٌ
(6)
مِنْهَا - وَرُبَّمَا قًالَ سُفْيَانُ: مِنْ دَمِهَا -؛ لأَنَّهُ سَنَّ الْقَتْلَ
(7)
أَوَّلًا". [راجع: 3335].
"حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" في نـ: "قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ". "لأَنَّهُ سَنَّ" في نـ: "لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ".
===
أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} [النحل: 25] قال: حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف عمن أطاعهم شيئًا. قال المهلب: هذا الباب والذي قبله في معنى التحذير من الضلال، واجتناب البدع ومحدثات الأمور في الدين، والنهي عن مخالفة سبيل المؤمنين، انتهى. ووجه التحذير أن الذي يحدث البدع قد يتهاون بها لخفة أمرها في أول الأمر، ولا يشعر بما يترتب عليها من المفسدة، وهو أن يلحقه إثم من عمل بها من بعده، ولو لم يكن هو عمل بها، بل لكونه كان الأصل في إحداثها، "ف"(13/ 302).
(1)
هو عبد الله بن الزبير بن عيسى منسوب إلى حميد أحد أجداده، "ع"(16/ 538).
(2)
أي: ابن عيينة.
(3)
ابن الأجدع.
(4)
ابن مسعود.
(5)
هو قابيل.
(6)
أي: نصيب، "ع"(16/ 539).
(7)
لأنه قتل أخاه هابيل، وهو أول قتيل وقع في العالم، "ع" (16/ 539). ومرَّ الحديث (برقم: 3335).
16 - بَابُ مَا ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَحَضَّ
(1)
عَلَى اتِّفَاقِ
(2)
أَهْلِ الْعِلْمِ
(3)
"عَلَى اتِّفَاقِ" في نـ: "عَليْهِ مِنْ اتِّفَاقِ".
===
(1)
أي: حَرَّض.
(2)
وفي بعضها: "عليه من اتفاق" وهو من باب تنازع الفعلين وهما: "ذكر" و"حضَّ"، "ك"(25/ 63).
(3)
قوله: (على اتفاق أهل العلم) وإذا اتفق أهل عصر من أهل العلم على قول حتى ينقرضوا ولم يتقدم فيه خلاف فهو إجماع، واختلف في الواحد إذا خالف الجماعة هل يؤثر في إجماعهم؟ وكذلك في اثنين وثلاثة من العدد الكثير. قوله: "وما أجمع عليه الحرمان
…
" إلخ، أراد ما أجمع عليه أهل الحرمين أمن الصحابة ولم يخالف صاحب من، غيرهما فهو إجماع، كذا قيده ابن التين. ثم نقل عن سحنون: أنه إذا خالف ابن عباس أهل المدينة لم ينعقد لهم إجماع، "ع" (16/ 539). وقال الكرماني (25/ 63): واتفاق مجتهدي الحرمين دون غيرهم ليس بإجماع عند الجمهور، وقال مالك: إجماع أهل المدينة حجة، وعبارة البخاري مشعرة بأن اتفاق الحرمين كليهما إجماع. وقال المهلب: غرض البخاري في الباب تفضيل المدينة بما خصها الله به من معالم الدين وأنها دار الوحي ومهبط الملائكة بالهدى والرحمة، وأيضًا [بقعة] شرفها الله بسكنى رسوله وجعل فيها قبره ومنبره وبينهما روضة من رياض الجنة. قوله: "وما كان
…
" إلخ، إشارة أيضًا إلى تفضيل المدينة بفضائل، وهي ما كان من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم
…
إلخ، وإنما جمع المشاهد باعتبار مشهده صلى الله عليه وسلم ومشهد المهاجرين ومشهد الأنصار، وأصله: من شهد المكان إذا حضره، كذا في "العيني" (16/ 539). [وفي "الفيض" (4/ 510): شرع في هذا الباب بيان حجية الإجماع لا سيما
وَمَا أَجْمَعَ عَليْهِ الْحَرَمَانِ مَكَّةُ وَالْمَدِينَة، وَمَا كَانَ بِهَا
(1)
مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمُصَلَّى
(2)
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمِنْبَرِ وَالْقَبْرِ
(3)
.
7322 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(4)
قال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ السَّلَمِيِّ
(5)
: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلَام، فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ
(6)
بِالْمَدِينَةِ، فَجَاءَ الأَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي،
"أَجْمَعَ" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"اجتمَعَ"
(1)
. "وَمَا كَانَ بِهَا" كذا في هـ، وفي سـ، خـ، ذ:"وَمَا كَانَ بِهِمَا". "إِلَى رَسُولِ اللهِ" في نـ: "رَسُولَ اللهِ".
===
إجماع أهل الحرمين، وعند شيخنا الغرض من هذا الباب الإشارة إلى اختلافهم في وجوه ترجيح الروايات بعضها على بعض، انظر "الأبواب والتراجم" لشيخنا (6/ 322)].
(1)
قال القسطلاني (15/ 327): "بها" بالإفراد أولى، أي: بالمدينة؛ لأن ما ذكره في الباب كله فيه متعلق بالمدينة وحدها، "ك"(25/ 64).
(2)
وهو موضع يصلى فيه، "ع"(16/ 539).
(3)
هذه الثلاثة مجرورة عطفًا على "مشاهد"، "ف"(13/ 306).
(4)
ابن أبي أويس.
(5)
بفتحتين وقيل: بكسر اللام، من بني سلمة أنصاري، "ك"(25/ 64).
(6)
شدة حرارة الحمى، "ك"(25/ 64).
(1)
وفي "قس"(15/ 326) عكس ذلك.
فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى
(1)
. ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأبَى. فَخَرَجَ الأَعْرَابِيّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ
(2)
(3)
، تَنْفِي خَبَثَهَا
(4)
، وَيُنْصَّعُ
(5)
طَيِّبُها" [راجع: 1883، أخرجه م: 1883، ت: 3920، س: 4185، تحفة: 3071].
"وَيُنصِّعُ" في نـ: "وَتُنْصَّعُ".
===
(1)
أي: امتنع صلى الله عليه وسلم عن فسخ بيعته بأنه يتضمن الارتداد، "ك" (25/ 64). ومرَّ الحديث (برقم: 7209) مع بيانه.
(2)
هو ما ينفخ فيه الحداد، "ك"(25/ 64).
(3)
قوله: (إنما المدينة كالكير
…
) إلخ، قال ابن بطال عن المهلب (10/ 370): فيه تفضيل المدينة على غيرها بما خصها الله به من أنها تنفي الخبث، ورتب على ذلك القول بحجيّة إجماع أهل المدينة، وتعقب بقول ابن عبد البر أن الحديث دال على فضل المدينة، ولكن ليس الوصف المذكور عامًّا لها في جميع الأزمنة، بل هو خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يكن يخرج منها رغبة عن الإقامة معه إلا من لا خير فيه، وقد خرج من المدينة بعد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من خيار الصحابة، وقطنوا غيرها وماتوا خارجًا عنها كابن مسعود وأبي موسى وعلي وأبي ذر وعمار وحذيفة وعبادة بن الصامت وأبي عبيدة ومعاذ وأبي الدرداء وغيرهم، فدل ذلك على أن هذا خاص بزمنه صلى الله عليه وسلم بالقيد المذكور، ثم يقع تمام إخراج الخبث الرديء منها في زمن محاصرة الدجال، "ف" مختصرًا (13/ 306).
(4)
بفتحتين: الرديء.
(5)
بفتح المهملة الأولى: لازم، وفي بعضها من التنصيع أي: التخليص، "ك"(25/ 64).
7323 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ
(1)
قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ
(2)
قال: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ
(3)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أُقْرِئُ
(5)
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَلَمَّا
(6)
كَانَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ، فَقَالَ عَبدُ الرَّحْمَنِ بِمِنًى
(7)
: لَوْ شَهِدْتَ
(8)
(9)
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ:
"قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ" في نـ: "عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ". "فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ" زاد في نـ: "ابنُ عوف". "فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ: إِنَّ فُلَانًا".
===
(1)
البصري التبوذكي، "ع"(16/ 540).
(2)
ابن قلاد.
(3)
ابن راشد.
(4)
ابن عتبة بن مسعود.
(5)
بضم الهمزة، من الإقراء، "ع"(16/ 540).
(6)
جواب "لما" محذوف، نحو:"رجع عبد الرحمن من عند عمر" وقد صرح به في "كتاب المحاربين"(برقم: 6830)، "ك"(25/ 64)، "ع"(16/ 540).
(7)
يحتمل أن يتعلق أيضًا بقوله: "كنت أقرئ".
(8)
خطابًا لابن عباس.
(9)
قوله: (لو شهدت) كلمة "لو" إما للتمني، وإما جزاؤه محذوف. قوله:"يريدون أن يغصبوهم" أي: الذين يقصدون أمورًا ليس ذلك وظيفتهم ولا لهم مرتبة ذلك، فيريدون أن يباشرونها بالظلم والغصب. قوله:"رعاع الناس" بفتح الراء وتخفيف العين المهملة الأولى، وهم أحداث الناس وأرذالهم. قوله:"ألَّا ينزلوها" بضم الياء أي: لا ينزلون خطبتك أو وصيتك
لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَبَايَعْنَا فُلَانًا. قَالَ عُمَرُ: لأَقُومَنَّ الْعَشِيَّةَ
(1)
فَأُحَذِّرُ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ. قُلْتُ: لَا تَفْعَلْ فَإنَّ الْمَوْسمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ يَغْلِبُونَ
(2)
عَلَى مَجْلِسِكَ، فَأَخَافُ أَنْ لَا يُنْزِلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا فَيُطَيَّرُ بِهَا كُلُّ مُطِيرٍ، فَأَمْهِلْ
(3)
حَتَّى تَقْدَمَ
"فَأُحَذِّرُ" في هـ: "فَلأُحَذِّرَ". "يَغْلِبُونَ" في هـ، ذ:"ويَغْلِبُونَ". "عَلَى وَجْهِهَا" في هـ: "عَلَى وُجُوهِهَا". "فَيُطَيَّرُ بِهَا" في نـ: "فَيُطَيَّرُهَا". "فَأَمْهِلْ" في نـ: "وَأَمْهِلْ".
===
أو كلماتك أو مقالتك. قوله: "فيطير بها كل مطير" قال صاحب "التوضيح"[33/ 111]: أي: يتأول على غير وجهها. قلت: معناه: ينقلها عنك كل ناقل بالسرعة والانتشار لا بالتأني والضبط. "ويطير" بفتح الياء مضارع من طار. وقوله: "كل مُطِير" فاعله، والمطير بضم الميم اسم فاعل من أطار، وقال الكرماني (25/ 65): ويروى: "فيطير" بلفظ مجهول التطيير مفردًا وجمعًا، و"كل مطير" بفتح الميم وكسر الطاء، ويروى:"مطار". وقوله: "فقال: إن الله بعث
…
" إلخ، حذف منه قطعة كبيرة بين قوله: "فقدمنا المدينة" وبين قوله: "فقال
…
" إلخ، ومضى بيانها في الباب المذكور في "الحدود" (برقم: 6830). وقوله: "آية الرجم" وهي: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما" وهو منسوخ التلاوة باقي الحكم، "ع" مختصرًا (16/ 540 - 541). ومطابقته للترجمة في قوله: "دار الهجرة ودار السُّنَّة فتخلص بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار"، وذكر في الترجمة ما يتعلق بوصف المدينة بهذه الأشياء، "ع" (16/ 540).
(1)
أي: خطيبا.
(2)
أي: يكسرون في مجلسك، "ع"(16/ 540).
(3)
أي: اصبر ولا تستعجل، "ع"(16/ 541).
الْمَدِينَةَ دَارَ الْهِجْرَةِ
(1)
وَدَارَ السُّنَّةِ، فَتَخْلُصُ
(2)
بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصارِ وَيَحْفَظُوا
(3)
مَقَالَتَكَ، وَيُنَزِّلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا. فَقَالَ: وَاللهِ لأَقُومَنَّ بِهِ في أَوَّلِ مَقَامِ أَقُوُمهُ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَقَالَ
(4)
: إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَليْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ آيَةُ الرَّجْمِ
(5)
.
[راجع: 2462].
7324 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ
(6)
، عَنْ أَيُّوبَ
(7)
، عَنْ مُحَمَّدٍ
(8)
قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَلَيْهِ
(9)
ثَوْبَانِ
"وَيَحْفَظُوا" كذا في ذ
(1)
، وفي نـ:"فَيَحْفَظُوا". "فِيمَا" في نـ: "مِمَّا".
===
(1)
بالنصب على البدلية من المدينة، "قس"(15/ 329)، "ع"(16/ 541).
(2)
بضم اللام، والنصب لأبي ذر، ولغيره بالرفع، "قس"(15/ 329).
(3)
عطف على "فتخلص"، "ع"(16/ 541).
(4)
أي: عمر في خطبته.
(5)
مرت خطبة عمر مطولًا. والحديث بطوله مع بيانه (برقم: 6830).
(6)
هو ابن زيد.
(7)
السختياني.
(8)
ابن سيرين.
(9)
الواو للحال.
(1)
عزاه القسطلاني (15/ 329) إلى أبي الوقت.
مُمَشَّقَانِ
(1)
مِنْ كَتَّانٍ فَتَمَخَّطَ
(2)
فَقَالَ: بَخٍّ بَخٍّ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ في الْكَتَّانِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لأَخِرُّ
(3)
فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَيه
(4)
، فَيَجِيءُ الْجَائِي فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي،
"مِن كَتَّانٍ" في نـ: "مِن الْكَتَّانِ". "مَغْشِيًّا عَلَيه" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"مَغْشِيًّا عَلَيَّ". "عُنُقِي" في سـ، حـ:"عُنُقِه".
===
(1)
قوله: (ممشقان) بضم الميم الأولى وفتح الميم الثانية والشين المعجمة المشددة وبالقاف أي: مصبوغان بالمشق، بكسر الميم وسكون الشين، وهو الطين الأحمر. قوله:"بخ بخ" بفتح الباء الموحدة فيهما وتشديد الخاء المعجمة وتخفيفها، وهي كلمة تقال عند الرضا والإعجاب، وقال الجوهري: هي كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء، وقد تكرر للمبالغة، "ع"(16/ 541).
وقال الكرماني (25/ 65): "بخ بخ" بإسكان المعجمتين وبالتنوين مخففتين ومشددتين، والغرض منه قوله:"وإني لأَخِرُّ ما بين المنبر والحجرة"، والحجرة هي مكان القبر الشريف.
وقال ابن بطال (10/ 370) عن المهلب: وجه دخوله في الترجمة: الإشارة إلى أنه لما صبر على الشدة التي أشار إليها من أجل ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم في طلب العلم جوزي بما انفرد به من كثرة محفوظه ومنقوله من الأحكام وغيرها، وذلك ببركة صبره على المدينة، "ف"(13/ 307).
(2)
أي: استنثر، "ع"(16/ 541).
(3)
أي: أسقط.
(4)
حال أي: مغمى عليه من الجوع، "ك"(25/ 66).
وَيُرَى
(1)
أَنِّي مَجْنُونٌ، وَمَا بِي مِنْ جُنُونٍ، مَا بِي إِلَّا الْجُوعُ. [أخرجه: ت 2367، تحفة: 14414].
7325 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ
(2)
قال: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ
(3)
، عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ
(4)
قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْلَا مَنْزِلَتِي
(5)
مِنْهُ
"أَنِّي مَجْنُونٌ" في نـ: "أَنا مَجْنُونٌ"، وفي أخرى:"أَنَّه مَجْنُونٌ".
===
(1)
أي: يظن.
(2)
بالمثلثة.
(3)
الثوري.
(4)
بالمهملتين وبالباء الموحدة المكسورة، "ك"(25/ 66).
(5)
قوله: (لولا منزلتي) أي: لولا أني كنت عزيزًا عنده لما حضرته؛ لأني كنت صغيرًا جدًّا، "ك" (25/ 66). ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله:"فأتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت"؛ لأن العلم بفتحتين هو المصلى. وفي الترجمة من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم مصلاه الذي يصلي فيه صلاة العيد والجنازة، ودار كثير بن الصلت بُنيت بعد العهد النبوي، وإنما عرف بها المصلى لشهرتها، وقال أبو عمر: كثير بن الصلت بن معديكرب الكندي ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسماه "كثيرًا" وكان اسمه "قليلًا"، يروي عن أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وقال الذهبي: الأصح أن الذي سماه كثيرًا عمر رضي الله عنه، "ع"(16/ 542).
وقال ابن بطال (10/ 370) عن المهلب: شاهد الترجمة: قول ابن عباس: "ولولا مكاني من الصغر ما شهدته"؛ لأن معناه: أن صغير أهل المدينة وكبيرهم ونساءهم وخدمهم ضبطوا العلم معاينة منهم في مواطن العمل من شارعها المبين عن الله تعالى، وليس لغيرهم هذه المنزلة.
مَا
(1)
شَهِدْتُهُ مِنَ الصِّغَرِ، فَأَتَى الْعَلَمَ
(2)
الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلَا إِقَامَةً، ثُمَّ أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلَ النِّسَاءُ يُشِرْنَ
(3)
إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَتَاهُنَّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 98، أخرجه: د 1146، س 1586، تحفة: 5816].
7326 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
(4)
قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(5)
، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَأْتِي
(6)
قُبَاءً
(7)
مَاشِيًا وَرَاكِبًا.
[راجع: 1191، أخرجه: م 1399، تحفة: 7152].
"وَلَمْ يَذْكُرْ" في ذ: "فَلَمْ يَذْكُرْ". "فَجعَلَ" في هـ، ذ:"فَجَعَلْنَ".
===
وتعقب بأن قول ابن عباس: "ما شهدته من الصغر" إشارة منه إلى أن الصغر مظنة عدم الوصول إلى المقام الذي شاهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع كلامه وسائر ما قصه في هذه القصة، لكن لما كان ابن عمه وخالته أم المؤمنين وصل بذلك إلى المنزلة المذكورة، ولولا ذلك لم يصل. ويؤخذ منه نفي التعميم الذي ادعاه المهلب، وعلى تقدير تسليمه فهو خاص بمن شاهد ذلك وهم الصحابة، فلا يشاركهم فيه من بعدهم بمجرد كونه من أهل المدينة، "ف"(13/ 307).
(1)
نافية.
(2)
بفتحتين، وهو العلامة التي علمت عند داره. ومرَّ الحديث (برقم: 977).
(3)
من الإشارة.
(4)
الفضل بن دكين.
(5)
ابن عيينة.
(6)
ومضى الحديث في آخر الصلاة في ثلاثة أبواب متوالية (برقم: 1191، 1193، 1194).
(7)
مطابقته للترجمة من حيث إن قباء من مشاهده صلى الله عليه وسلم، "ع"(16/ 542).
7327 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ
(1)
، عَنْ هِشَامٍ
(2)
، عَنْ أَبيهِ
(3)
، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
(4)
: ادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي
(5)
وَلَا تَدْفِنِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَيْتِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُزَكَّى
(6)
. [راجع: 1391، تحفة: 16833].
"حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ" في نـ: "قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ".
===
(1)
حماد بن أسامة.
(2)
ابن عروة.
(3)
عروة بن الزبير.
(4)
هو ابن أسماء أخت عائشة، "ك"(25/ 66).
(5)
أي: مع أمهات المؤمنين، تعني: ادفنّي في مقبرة البقيع معهن، "ك"(25/ 66)، "ع"(16/ 542).
(6)
قوله: (أن أزكى) على صيغة المجهول، من التزكية، والمعنى: أنها كرهت أن يظن بها أنها أفضل الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه حيث جعلت نفسها ثالثة الضجيعين. قوله: "مع صاحبيَّ" يعني بهما: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه. قوله: "لا أوثرهم" بالثاء المثلثة، يقال: آثر كذا بكذا أي: أتبعه إياه، أي: لا أتبعهم بدفن آخر عندهم. وقال صاحب "المطالع": هو من باب القلب أيْ لا أوثر بهم أحدًا، ويحتمل أن يكون لا أثيرهم بأحدٍ، أي: لا أنبشهم لدفن أحد، والباء بمعنى اللام. واستشكله ابن التين بقول عائشة رضي الله عنها في قصة عمر رضي الله عنه:"لأوثرنه على نفسي"، ثم أجاب باحتمال أن يكون الذي آثرت عمر به: المكان الذي دفن فيه من وراء قبر أبيها بقرب النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لا ينفي وجود مكان آخر في الحجرة، "عيني"(16/ 542 - 543)، وكذا في "الفتح"(13/ 308)، ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله:"أن أدفن مع صاحبيَّ" يعني في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، "ع"(16/ 542).
7328 -
وَعَنْ هِشَامٍ
(1)
، عَنْ أَبِيهِ. أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ: ائْذَنِي لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ
(2)
فَقَالَتْ: إِي
(3)
وَاللهِ، قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ
(4)
قَالَتْ: لَا وَاللهِ، لَا أُوثِرُهُمْ بِأَحَدٍ أَبَدًا. [تحفة: 16833].
7329 -
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ
(5)
بْنُ سُلَيْمَانَ
(6)
قال: حَدَّثَني أَبُو بَكْرِ
(7)
بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ
(8)
، عَنْ سلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْعَصرَ فَنَأْتِي
(9)
الْعَوَالِيَ
(10)
وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.
"حَدَّثَني أَبُو بَكْرِ" في نـ: "حَدَّثَنا أَبُو بَكْرِ". "فَنَأْتِي" في نـ: "فَيَأْتِي".
===
(1)
هو موصول بالسند المذكور، "ف"(13/ 308).
(2)
بلفظ التثنية، أراد بهما: النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه، "ع"(16/ 543).
(3)
بكسر الهمزة وسكون الياء حرف إيجاب بمعنى نعم، ولا يقع إلا بعد القسم، "ع"(16/ 543).
(4)
يسألها أن يدفن معهم.
(5)
لم يسمع أيوب من أبيه بل حدث عنه بواسطة، "ف"(13/ 308).
(6)
ابن بلال.
(7)
اسمه عبد الحميد.
(8)
اسمه عبد الله.
(9)
بلفظ المتكلم، "قس"، ["ك" (25/ 67)].
(10)
من هذا تمكن أن تؤخذ المطابقة للترجمة لأنه يدل على أن العوالي من جملة مشاهده صلى الله عليه وسلم في المدينة، كذا في "العيني"(16/ 543).
زَادَ اللَّيْثُ
(1)
عَنْ يُونُسَ: وَبُعْدُ الْعَوَالِي أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ
(2)
.
[راجع: 551، تحفة: 1509، 1566].
7330 -
حَدَّثَني عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قال: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ
(3)
، عَنِ الْجُعَيْدِ
(4)
قال: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ
(5)
يَقُولُ: كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ
(6)
صلى الله عليه وسلم
"حَدَّثَني عَمْرُو "في نـ: "حَدَّثَنَا عَمْرُو".
===
(1)
قوله: (زاد الليث) أي: عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أنس، ووصل هذه الزيادة البيهقي من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث: حدثني الليث عن يونس أخبرني ابن شهاب عن أنس
…
، فذكر الحديث بتمامه، وزاد في آخره:"وبعد العوالي من المدينة على أربعة أميال"، والعوالي: جمع عالية وهي مواضع مرتفعة على غيرها قرب المدينة. والأميال جمع ميل، وهو ثلث الفرسخ، وقيل: هو مد البصر، "ع" (16/ 543). وقال الكرماني (25/ 67): هي مواضع مرتفعة من قرى المدينة من قبل نجد وبعدها من المدينة أربعة أميالٍ أو ثلاثة، وأبعدها ثمانية.
(2)
شك من الراوي.
(3)
أبو جعفر المزني الكوفي.
(4)
مصغر [الجعد] بالجيم وبالمهملتين ويستعمل مكبرًا، "ك"(25/ 67).
(5)
هو: ابن عبد الرحمن بن أويس الكندي، "ع"(16/ 544).
(6)
قوله: (كان الصاع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مدًّا وثلثًا) قال الكرماني (25/ 67 - 68): كان الصاع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد، والمد رطل وثلث رطل عراقي، فزاد عمر بن عبد العزيز في المد بحيث صار الصاع مدًّا وثلث مد من الأمداد العمرية. "وقد زيد فيه" جملة حالية. قوله:"مدًّا وثلثًا"
مُدُّا وَثُلُثًا
(1)
، بِمُدِّكُمُ الْيَوْمَ، وَقَدْ زِيدَ فِيهِ. سَمِعَ
(2)
الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْجُعَيدَ. [راجع: 1859، - تحفة: 3795].
7331 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ
(3)
: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ في مِكْيَالِهِمْ
(4)
، وَبَارِكْ لَهُمْ في صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ": يَعْنِي: أَهْلَ الْمَدِينَةِ. [راجع: 2130].
"مُدًّا وَثُلُثًا" في صـ، عسـ:"مُدٌّ وَثُلُثٌ". "سَمِعَ
…
" إلخ، ثبت في قتـ، ذ.
===
قد وقع في بعضها: "مد وثلث"، فذلك إما كناية عن اللغة الربعية يكتبون المنصوب بدون الألف، وإما أن يكون في كان ضمير الشأن.
ومناسبة هذا الحديث للترجمة: أن أقدر، الصاع مما اجتمع عليه أهل الحرمين بعد العهد النبوي واستمر، فلما زاد بنو أمية في الصاع لم يتركوا اعتبار الصاع النبوي فيما ورد فيه التقدير بالصاع من زكاة الفطر وغيرها، بل استمروا على اعتباره في ذلك وإن استعملوا الصاع الزائد في شيء غير ما وقع فيه التقدير بالصاع، كما نبه عليه مالك، ورجع إليه أبو يوسف في القصة المشهورة، "ف"(13/ 309).
(1)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 6712) مع تحقيق المد والصاع.
(2)
قوله: (سمع
…
) إلخ، ثبت لأبوي ذر والوقت فقط، "قس"(15/ 335).
(3)
هذا الحديث متعلق بالحديث الأول؛ لأن فيه الدعاء بالبركة في صاعهم، "ع" (16/ 544). ومرَّ الحديث (برقم: 6714).
(4)
البركة في المكيال تستلزم البركة في المكيل، "ك"(25/ 68).
7332 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قال: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ
(1)
قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى
(2)
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ تُوضَعُ
(3)
الْجَنَائزُ
(4)
عنْدَ الْمَسْجِدِ. [راجع: 1329].
7333 -
حَدَّثنَا إِسْمَاعِيلُ
(5)
قال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ
(6)
، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا
(7)
وَنُحِبُّه، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ
(8)
، وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا".
"إِلَى النَّبِيِّ" في نـ: "النَّبِيَّ". "تُوضَعُ الْجَنَائِزُ" في سـ، ذ:"مَوْضِعُ الْجَنَائِزِ".
===
(1)
اسمه: أنس بن عياض، "ك"(25/ 68)، "ع"(16/ 545).
(2)
سقط لأبي ذر، فالتالي منصوب، "قس" (15/ 336). ومرَّ الحديث (برقم: 6841).
(3)
للأكثر بلفظ المضارع، "ف"(13/ 309).
(4)
من هنا تؤخذ المطابقة، وهو المصلى، "ع"(16/ 544).
(5)
ابن أبي أويس.
(6)
ابن عبد الله المخزومي.
(7)
قوله: (هذا جبل يحبنا) أي: يحبنا أهله، ويحتمل أن يكون حقيقة بأن الله يخلق فيه الحياة والإدراك والمحبة كحنين الجذع. قوله:"ما بين لابتيها" تثنية لابة بفتح الباء الموحدة المخففة وهي الحرة، وهي الحجارة السود أي: ما بين طرفيها من الحجارة السود. ومطابقته للترجمة من حيث إن أُحدًا أيضًا من مشاهده صلى الله عليه وسلم، "ع"(16/ 545).
(8)
مرَّ الحديث (برقم: 4084).
تَابَعَهُ
(1)
سَهْلٌ
(2)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في أُحُدٍ
(3)
. [راجع: 371، أخرجه: م 1365، ت 3922 تحفة: 1116].
7334 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ
(4)
قال: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ
(5)
قال: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ
(6)
، عَنْ سَهْلٍ
(7)
: أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ جِدَارِ الْمَسْجِدِ
(8)
مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَبَيْنَ المِنْبَرِ مَمَرُّ الشَّاةِ
(9)
. [راجع: 496، تحفة: 4761].
7335 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ
(10)
،
"حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ" في نـ: "حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ".
===
(1)
أي: أنسًا.
(2)
إشارة إلى ما ذكره معلقًا في "كتاب الزكاة"(برقم: 1481)، "ع"(16/ 545).
(3)
أي: لم يتابعه في التحريم، "ك"(25/ 69).
(4)
هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم المصري الجمحي.
(5)
اسمه محمد بن مطرف، بكسر الراء المشددة، "ك"(25/ 69).
(6)
بالحاء المهملة والزاي أي: سلمة بن دينار.
(7)
ابن سعد.
(8)
مرَّ الحديث (برقم: 496).
(9)
أي: قدر ما تمر فيه الشاة، "ف"(13/ 309).
(10)
قوله: (روضة من رياض الجنة) يجوز أن يكون حقيقة وأنها تنقل إلى الجنة أو العمل فيها موصل إلى الجنة، واحتج به على تفضيل المدينة؛ لأنه قد علم أنه إنما خص ذلك الموضع منها بفضيلة على بقيتها، فكان بأن
وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي"
(1)
. [راجع: 1196].
7336 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قال: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ
(2)
، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَابَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْخَيْلِ، فَأُرْسِلَتِ الَّتِي أُضْمِرَتْ مِنْهَا
(3)
"فَأُرْسِلَتْ" في هـ، ذ:"فَأَرْسَلَ" - أي النبي صلى الله عليه وسلم. "أُضْمِرَتْ" في نـ: "ضُمِّرَتْ".
===
يدل على فضلها على ما سواها أولى. وقال الكرماني (25/ 69): روضة أي: كروضة، أو هو حقيقة، وكذا حكم المنبر قالوا: معناه من لزم العبادة فيما بينهما فله روضة [منها]، ومن لزمها عند المنبر يشرب من الحوض، "ع"(16/ 546).
قال في "المجمع"(2/ 397) نقلا عن "الطيبي": أي: العبادة فيه تؤدي إلى روضة الجنة والسقي من الحوض، أو جعل روضة كما جعل حلق الذكر رياض الجنة؛ فإنه لا يزال مجمعًا للملائكة والجن والإنس مكبين للذكر، وقال نقلًا عن الكرماني: أي: كروضة في نزول الرحمة، أو هي منقولة من الجنة كالحجر الأسود، والبيت فسر بالقبر، وقيل: بيت سكناه، ولا تنافي؛ لأن قبره في حجرته، انتهى.
وقوله: "منبري على حوضي" قال أكثر العلماء: المراد أن منبره بعينه الذي كان يوضع على حوضي، وقيل: إن له هناك منبرًا على حوضه، وقيل: إن ملازمة منبره للأعمال الصالحات تورد صاحبها الحوض وهو الكوثر، فيشرب منه، كذا في "القسطلاني"(4/ 492).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 1196، 1888، 6588).
(2)
ابن أسماء البصري.
(3)
أي: من الخيول.
وَأَمَدُهَا
(1)
الْحَفْيَاءُ
(2)
إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَالَّتِي لَمْ تُضْمَّرْ أَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ
(3)
، وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ
(4)
كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ. [راجع: 420، أخرجه: م 1870، تحفة: 7636، 8280].
7337 -
حَدَّثَنا إِسْحَاقُ
(5)
قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى
(6)
"حَدَّثَنا إِسْحَاقُ" في مه: "حَدَّثَنَا قُتَيْبَة، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ح وحدثني إسحاق"، وفي نـ:"وحدثنا إسحاق"، وفي نـ:"حدثنا ليث" بدل "عَنْ لَيْثٍ".
===
(1)
الأمد: الغاية.
(2)
قوله: (وأمدها الحفياء) بالمهملة وسكون الفاء بالتحتانية وبالمد، موضع بينه وبين ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة، والثنية أضيفت إلى الوداع لأن الخارج من المدينة يمشي معه المودعون إليها، قال الخطابي: تضمير الخيل أن يظاهر عليها بالعلف مدة ثم تغشى بالجلال ولا تعلف إلا قوتًا حتى تعرق فيذهب كثرة لحمها ويصلب. وزيد في المسافة للخيل المضمرة لقوتها، ونقص فيها لما لم تضمر منها لقصورها عن سائر ذوات التضمير ليكون عدلًا بين النوعين، وكله إعداد للقوة في إعزاز كلمة الله امتثالًا لقوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]. مرَّ الحديث في "الصلاة " في "باب هل يقال مسجد بني فلان"(برقم: 420)، "ك"(25/ 69 - 70). ومطابقته للترجمة من حيث إن المواضع المذكورة فيه تدخل في لفظ المشاهد المذكورة في الترجمة، "ع"(16/ 546).
(3)
بضم الزاي وفتح الراء: قبيلة من الأنصار.
(4)
أي: ابن عمر.
(5)
هو ابن إبراهيم المعروف بابن راهويه.
(6)
ابن يونس بن أبي إسحاق.
وَابْنُ إِدْرِيسَ
(1)
وَابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ
(2)
عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ
(3)
، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ
(4)
عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 4619].
7338 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
(5)
قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ
(6)
، عَنِ الزُّهْريِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّائِبُ
(7)
بْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ خَطيبًا
(8)
"سَمِعْتُ" في نـ: "سَمِعَ".
===
(1)
اسمه عبد الله الكوفي.
(2)
قوله: (وابن أبي غنية) بفتح الغين المعجمة وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف، واسمه يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبى غنية الخزاعي الكوفي، وأصله من أصبهان فتحول عنها حين فتحها أبو موسى الأشعري إلى الكوفة، وهو يروي عن أبي حيان بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالنون، واسمه يحيى بن سعيد بن حيان التيمي الكوفي. ومطابقته للترجمة في قوله:"على منبر النبي صلى الله عليه وسلم، واقتصر من الحديث على هذا [المقدار] لكون الذي يحتاج إليه ها هنا هو ذكر المنبر، وتمامه مضى في "كتاب الأشربة" في "باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل" (برقم: 5588)، "ع" (16/ 546 - 547).
(3)
عامر بن شراحيل.
(4)
وخطبته في حق الخمر مرت في "الأشربة"(برقم: 5588).
(5)
الحكم بن نافع.
(6)
ابن أبي حمزة.
(7)
صحابي.
(8)
قيل: خطبة عثمان كانت في الزكاة حيث قال: هذا شهر زكاتكم، كذا في "ك"(25/ 70).
عَلَى مِنْبَرِ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
. [تحفة: 9802].
7339 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ
(3)
: أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَه، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدْ كَانَ يُوضَعُ لِي وَلِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هذَا الْمِرْكَنُ
(4)
، فنَشْرَعُ فِيهِ
(5)
جَمِيعًا. [راجع: 250، تحفة: 17257].
"مِنْبَرِ رسول اللهِ" في نـ: "مِنْبَرِ النَّبِيِّ". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ" في نـ: "حَدَّثَني مُحَمَّدُ". "قَدْ كَانَ" كذا في ذ، وفي نـ:"كَانَ".
===
(1)
اقتصر على هذا القدر لأجل لفظ المنبر، "ع"(16/ 547).
(2)
هو ابن عبد الأعلى السامي - بالسين المهملة - البصري، "ع"(16/ 547).
(3)
منصرفًا وغير منصرف، القردوسي بضم القاف، "ك"(25/ 70).
(4)
قوله: (هذا المركن) بكسر الميم وسكون الراء وفتح الكاف بعدها نون، قال الخليل: شبه تور من أدم، وقال غيره: شبه حوض من نحاس، وأبعد من فسره بالإجانة - بكسر الهمزة وتشديد الجيم ثم نون - لأنه فسر الغريب بمثله، والإجانة: هي التي يقال لها: القصرية، وهي بكسر القاف. وقولها:"فنشرع فيه جميعًا" أي: نتناول منه بغير إناء، وأصله الورود للشرب، ثم استعمل في كل حالة يتناول فيها الماء. وقال ابن بطال (10/ 373): فيه سُنَّة متبعة لبيان مقدار ما يكفي الزوج والمرأة إذا اغتسلا، "ف"(13/ 311).
وقال الكرماني (25/ 70): "نشرع " أي: نرد الماء وندخل اليد فيه أو نأخذ منها أو نخوض، وحاصله: أنا نغتسل من ماء واحد.
(5)
أي: نتناول منه الماء بلا إناء وندخل اليد فيه.
7340 -
حَدَّثَنَا مُسدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَل، عَنْ أَنَسٍ: حَالَفَ
(1)
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ
(2)
في دَارِي
(3)
الَّتِي بِالْمَدِينَةِ. [راجع: 2294].
7341 -
وَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ. [راجع: 1001، أخرجه: م 677، تحفة: 930].
7342 -
حَدَّثَنا أَبُو كُرَيْبٍ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ
(6)
، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
(7)
قَالَ:
"حَدَّثَنا أَبُو كُرَيْبٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنا أَبُو كُرَيْبٍ". "قَالَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ" في نـ: "عن بُرَيْدٍ".
===
(1)
قوله: (حالف) بالحاء المهملة، من المحالفة، وهي المعاهدة والمعاقدة على التعاضد والتساعد والاتفاق. فإن قلت: ورد: "لا حلف في الإسلام"؟ قلت: هذا على الحلف الذي كان في الجاهلية على الفتن والقتال والغارات ونحوها، فهذه التي نهى عنها. وقوله: "وقنت
…
" إلخ، حديث مستقل مضى في "كتاب الوتر" (برقم: 1002)، وإنما دعا على أحياء من بني سليم؛ لأنهم غدروا وقتلوا القراء، "ع" (16/ 548).
(2)
مرَّ هذه الجملة من الحديث (برقم: 2294) في "الكفالة".
(3)
هذا محل المطابقة.
(4)
محمد بن العلاء.
(5)
اسمه حماد.
(6)
ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، "ف"(13/ 311).
(7)
اسمه عامر أو الحارث، "ع"(548).
قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ
(1)
(2)
فَلَقِيَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ لِي: انْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ
(3)
فَأَسْقِيَكَ في قَدَحٍ شَرِبَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَتُصَلِّيَ في مَسْجِدٍ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَانْطَلَقْتُ مَعَه، فَأسْقَانِي سَوِيقًا، وَأَطْعَمَنِي تَمْرًا، وَصَلَّيتُ في مَسْجِدِهِ
(4)
. [راجع: 3814، تحفة: 5339].
7343 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ قَالَ: حدثني ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ عُمَرَ حَدَّثَهُ قَالَ؟ حَدَّثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ
(6)
مِنْ رَبِّي
"فَأسْقَانِي" كذا في ذ، وفي نـ:"فَسَقَانِي". " قَالَ: حَدَّثّنِي ابْنُ عَبَّاسٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ". " قَالَ: أَتَانِي " لفظ " قَالَ " سقط في نـ.
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 3814) في "المناقب".
(2)
قوله: (قال: قدمت المدينة) وبين في رواية عبد الرزاق سبب قدوم أبي بردة المدينة، وأخرجه من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة قال: أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام لأتعلّم منه فسألني من أنت؟ فأخبرته فرحّب بي، "ع"(16/ 548)، وكذا في "الفتح"(13/ 311).
(3)
أي: إلى منزلي، والألف واللام بدل الإضافة، "ف"(13/ 311)، "ع"(16/ 548).
(4)
هذا موضع المطابقة.
(5)
هو أبو زيد الهروي. كان يبيع [الثياب] الهروية فنسب إليها، وهو من أهل البصرة، "ع"(16/ 549).
(6)
أي: ملك، والظاهر أنه يعني جبرئيل عليه السلام، "ك"(25/ 71).
- وَهُوَ بالْعَقِيقِ
(1)
- أَنْ صَلِّ
(2)
فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ: عُمْرَةٌ
(3)
وَحَجَّةٌ"
(4)
. وَقَالَ هَارُونُ
(5)
بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ
(6)
: "عُمْرَةٌ فِي حَجَةٍ". [راجع: 1534].
7344 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ
(7)
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(8)
، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَقَّتَ
(9)
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَرْنًا لأَهْلِ
"قَرْنًا" في نـ: "قَرْنَ".
===
(1)
واد بظاهر المدينة، "ك"(25/ 71)، "ع"(16/ 549).
(2)
لعل المراد بالصلاة سُنَّة الإحرام، "ك"(25/ 71).
(3)
فيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنًا، "ك"(25/ 71)، "ع" (16/ 549). ومرَّ تحقيقه (برقم: 1534).
(4)
قوله: (وقل: عمرة وحجة) منصوبان بفعل مقدر أي: نويت أو أردت، ويجوز الرفع، كذا في "الفتح" (13/ 312). وقوله:"عمرة في حجة" إما أن يكون "في" بمعنى مع، وإما أن يراد عمرة مدرجة في حجة، يعني القِرَان. ومرَّ الحديث مع بعض بيانه (برقم: 1534) في أوائل "الحج". ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: "وهو بالعقيق"، لأنه داخل في مشاهده صلى الله عليه وسلم.
(5)
الخزاز بالمعجمات، "ف"(13/ 312).
(6)
ابن المبارك.
(7)
أبو أحمد البيكندي.
(8)
ابن عيينة، كذا في "العيني"، (16/ 549).
(9)
أي: عين الميقات، "ع" (16/ 549). مرَّ الحديث (برقم: 1526).
نَجْدٍ
(1)
، وَالْجُحْفَةَ لأَهْلِ الشَّأمِ، وَذَا الْحُلَيْفَةِ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ. قَالَ: سَمِعْتُ هَذَاِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَبَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إنَّ لأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ". وَذُكَرَ
(2)
الْعِرَاقُ فَقَالَ: لَمْ تَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ
(3)
. [راجع: 133، تحفة: 7159].
"إنَّ لأَهْلِ الْيَمَنِ" في نـ: "ولأَهْلِ الْيَمَنِ". " وَذُكَرَ الْعِرَاقُ " في نـ: "وَذُكِرَ لَهٌ الْعِرَاقُ".
===
(1)
قوله: (قرن لأهل نجد) بسكون الراء، وقال الجوهري: هو بفتحها، وهو على مرحلتين من مكة، وكتبت بدون الألف إما باعتبار أنه غير منصرف، وإما باعتبار اللغة الربعية. و "نجد" هو ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق. " والجحفة " بضم الجيم وسكون المهملة وبالفاء. " وذو الحليفة " مصغر الحلفة بالمهملة واللام والفاء. و "يلملم " بفتح التحتانية واللامين وسكون الميم الأولى، "ك" (25/ 72). قوله: "وبلغني
…
" إلخ، فإن قلت: هذه رواية عن مجهول؟ قلت: لا قدح بذلك لأنه يروي عن صحابي آخر، والصحابة كلهم عدول، "ع" (16/ 549).
(2)
بلفظ المجهول والمعروف، "ك"(25/ 72)، "ع"(16/ 549)، "ف"(13/ 312).
(3)
قوله: (لم تكن عراق يومئذ) أي: بأيدي المسلمين؛ فإن بلاد العراق كلها في ذلك كانت بأيدي كسرى وعماله من الفرس والعرب، فكأنه قال: لم يكن أهل العراق مسلمين حينئذ حتى يوقت لهم. ويعكر على هذا الجواب ذكر أهل الشام، فلعل مراد ابن عمر نفي العراقين وهما المصران المشهوران الكوفة والبصرة، وكل منهما إنما صار مصرًا جامعًا بعد فتح المسلمين بلاد الفرس، "ف"(13/ 312).
7345 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ أُرِيَ
(2)
وَهُوَ في مُعَرَّسِهِ
(3)
بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. [راجع: 483، أخرجه: م 1346، س 2660، تحفة: 7025].
17 - بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ
(4)
} [آل عمران: 128]
"أُرِيَ " في نـ: رُؤِيَ"، وفي نـ: "أُتِيَ". " فَقِيلَ لَهُ " في هـ، ذ: " وَقِيلَ لَهُ".
===
(1)
ابن سليمان النميري البصري.
(2)
بضم الهمزة على بناء المجهول، "ع" (16/ 550). ومرَّ الحديث (برقم: 1535).
(3)
قوله: (في مُعرَّسه) وهو اسم مكان من التعريس، وهو المنزل الذي كان في آخر الليل. ومطابقته للترجمة في قوله:"وهو في معرّسه بذي الحليفة"؛ لأنها من أعظم مشاهده صلى الله عليه وسلم، ولهذا قيل له:"إنك في بطحاء مباركة " والبطحاء: الوادي، وذو الحليفة: على ستة أميال من المدينة، وقيل: سبعة، وهي: ماء من مياه بني جُشم، وهي ميقات أهل المدينة، وهي التي سماها العوام: آبار علي رضي الله عنه، "ع"(16/ 550) مع تغير.
(4)
قوله: (باب قول الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}) أي: ليس لك من أمر خلقي شيء، وإنما أمرهم والقضاء فيهم بيدي دون غيري، وأقضي الذي أشاء من التوبة على من كفر بي وعصاني، أو العذاب إما في عاجل الدنيا بالقتل، وإما في الآجل بما أعددت لأهل الكفر. ومضى ذكر سبب نزولها في تفسير سورة "آل عمران"، ويجيء الآن أيضًا.
7346 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ في صَلَاةِ الْفَجْرِ
(1)
"أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ " في نـ: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ". " أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ " في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ". " عَنِ ابْنِ عُمَرَ " في نـ: "عَنْ أَبِيهِ".
===
وقال ابن بطال: (10/ 373) دخول هذه الترجمة في "كتاب الاعتصام" من جهة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المذكورين؛ لكونهم لم يذعنوا للإيمان ليعتصموا به من اللعنة، وإن معنى قوله:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} هو معنى قوله: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 272]، "ع" (16/ 550). وقال في "الفتح" (13/ 313): ويحتمل أن يكون مراده الإشارة إلى الخلافية المشهورة في أصول الفقه، وهي: هل كان له صلى الله عليه وسلم أن يجتهد في الأحكام أو لا؟ انتهى.
(1)
قوله: (يقول في صلاة الفجر) قَالَ الكرماني (25/ 72 - 73): جعل ذلك القول كاللازم، أي: يفعل القول المذكور، أو: هناك شيء محذوف، قلت: ولم يذكر تقديره، ويحتمل أن يكون بمعنى " قائلًا"، أو لفظ قَالَ المذكور زائدًا. ويؤيده أنه وقع في رواية حبان بن موسى بلفظ: "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من صلاة الفجر يقول: اللهم
…
" الحديث. وقوله: "في الآخرة " أي: الركعة الآخرة وهي الثانية من صلاة الصبح، كما صرح بذلك في رواية حبان بن موسى، وظن الكرماني أن قوله: "في الآخرة" متعلق بالحمد، وأنه بقية الذكر الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتدال. فقال: أفإن، قلت: ما وجه التخصيص بالآخرة مع أن له [الحمد] في الدنيا أيضًا؟ ثم أجاب: بأن نعيم الآخرة أشرف، فالحمد عليه هو الحمد حقيقةً، أو المراد بالآخرة: العاقبة أي: مآل كل
رَفَعَ
(1)
رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ " فِي الآخِرَةِ
(2)
. ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا". فَأَنْزَلَ اللهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} . [راجع: 4069].
18 - بَابُ قَوْلِهِ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]، وَقَوْلِهِ: {وَلَا تُجَادِلُوا
(3)
أَهْلَ الْكِتَابِ} الآية [العنكبوت: 46]
"رفع " في ذ: "وَرَفَعَ". " وَلَكَ الْحَمْدُ " في نـ: "لَكَ الْحَمْدُ". " في الآخرة " كذا في ذ، وفي نـ:"في الأخيرة". " الآية " في نـ: " {إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ".
===
الحمود إليه، انتهى. وليس لفظ:"في الآخرة " من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من كلام ابن عمر، ثم ينظر في جمعه الحمد على حمود، "ف"(13/ 313).
(1)
جملة حالية، "ك"(25/ 73).
(2)
أي: الركعة الأخيرة، "ف" (13/ 313). ومرَّ الحديث (برقم: 4559).
(3)
قوله: (ولا تجادلوا
…
) إلخ، قَالَ ابن زيد: معناه: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ} يعني: إذا أسلموا وأخبروكم بما في كتبهم {إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} في المخاطبة {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} بإقامتهم على الكفر، فخاطبوهم بالسيف، وقال قتادة: هي منسوخة بآية القتال، "ع"(16/ 551).
وقال الكرماني (25/ 74): الجدال هو المخاصمة والمدافعة، ومنه قبيح وحسن وأحسن، فما كان لتبيين الحق من الفرائض مثلًا فهو أحسن، وما كان له من غير الفرائض فهو حسن، وما كان لغيره فهو قبيح، أو [هو] تابع للطريق فباعتباره يتنوع أنواعًا، وهذا هو الظاهر.
7347 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ
(2)
، عَنِ الزُّهْريِّ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَام قَالَ: أَخْبَرَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ
(3)
، عَنْ إِسْحَاقَ
(4)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حسَيْنٍ: أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم طرَقَهُ
(5)
وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمْ: " أَلَا تُصلُّونَ؟
(6)
". قَالَ عَلِيٌّ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَنْفُسَنَا بِيَدِ اللهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا
(7)
. فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(8)
حِينَ قَالَ لَهُ
"ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ " كذا في ذ، وفي نـ:"ح حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ". " أخْبَرَنَا عَتَّابُ " في نـ: "حَدَّثنَا عَتَّابُ". " قَالَ عَلِيٌّ " في نـ: " فقَالَ عَلِيٌّ". " إِنَّ أَنْفُسَنَا " في نـ: "إِنَّما أَنْفُسُنَا".
===
(1)
الحكم بن نافع.
(2)
ابن أبي حمزة.
(3)
الجزري.
(4)
ابن راشد الجزري. وسياق المتن هنا على لفظ إسحاق، ومضى في "التهجد" (برقم: 1127) على لفظ شعيب، "ف"(13/ 315).
(5)
أي: أتاه ليلًا.
(6)
والجمع محمول على ضم من يتبعهما إليهما، أو للتعظيم، أو لأن أقل الجمع اثنان، "ف"(13/ 315)، "ع"(16/ 552)، "ك"(25/ 73).
(7)
أي: من النوم للصلاة، "ع"(16/ 552)، "ك"(25/ 74).
(8)
قوله: (فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
) إلخ، ويؤخذ منه أن عليًّا ترك فعل الأولى، وإن كان ما احتج به متجهًا، ومن ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم الآية ولم يلزمه مع ذلك بالقيام إلى الصلاة، ولو كان امتثل وقام لكان أولى. ويؤخذ منه الإشارة إلى مراتب الجدال، فإذا كان فيما لا بد منه تعين نصر
ذَلِكَ
(1)
وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْئًا. ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ
(2)
يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ
(3)
: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54].
"ثُمَّ سمِعْتُهُ " في نـ: "ثُمَّ سَمِعَهُ". " وَهُوَ مُدْبِرٌ " في هـ، ذ:" وَهُوَ مُنْصَرِفٌ".
===
الحق بالحق، فإن جاوز الذي ينكر عليه المأمور نسب إلى التقصير، وإن كان في مباح اكتفى فيه بمجرد الأمر والإشارة إلى ترك الأولى.
وفيه: أن الإنسان طبع على الدفاع عن نفسه بالقول والفعل، وأنه ينبغي له أن يجاهد نفسه أن يقبل النصيحة ولو كان في غير واجب، وأن لا يدفع إلا بطريق معتدلة من غير إفراط ولا تفريط، "ف"(13/ 314).
(1)
فيه التفات، "ع"(16/ 552)، "ف"(13/ 315).
(2)
أي: مولم ظهره، "ع"(16/ 552).
(3)
قوله: (وهو يقول
…
) إلخ، وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّضهم على الصلاة باعتبار الكسب والقدرة الكاسبة، وأجابه علي رضي الله عنه باعتبار القضاء والقدر. قالوا: وكان يضرب فخذه صلى الله عليه وسلم تعجبًا من سرعة جوابه والاعتذار بذلك أو تسليمًا لقوله. وقال المهلب: لم يكن لعلي أن يدفع ما دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إليه من الصلاة بقوله، بل كان عليه الاعتصام بقبوله، فلا حجة لأحد في ترك المأمور به بمثل ما احتج به علي رضي الله عنه، "ك"(25/ 74)، "ع"(16/ 552).
قال في "الفتح"(13/ 314): ومن أين له أن عليًّا رضي الله عنه لم يمتثل ما دعاه إليه، فليس في القصة تصريح بذلك، وإنما أجاب عليٌّ بما ذكر اعتذارًا عن تركه القيام بغلبة النوم، ولا يمتنع أنه صلى عقب هذه المراجعة؛ إذ ليس في الخبر ما ينفيه، انتهى.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ
(1)
: مَا أَتَاكَ لَيْلًا
(2)
فَهُوَ طَارِق. وَيُقَالُ: الطَّارِقُ: النَّجْم، وَالثَّاقِبُ: الْمُضِيء، يُقَالُ: أَثْقِبْ
(3)
نَارَكَ لِلْمُوقِدِ. [راجع: 1127].
7348 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ سَعِيدٍ
(4)
، عَنْ أَبِيهِ
(5)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ في الْمَسْجِدِ خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ". فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى
"قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ - إلى - طارق " ثبت في ذ. " مَا أَتَاكَ " في ذ: "يقال: مَا أَتَاكَ". " بَيْنَا " في نـ: "بَيْنَمَا". " خَرَجَ النَّبِيُّ " كذا في ذ، وفي نـ:"خَرَجَ رَسُولُ اللهِ".
===
(1)
أي: البخاري.
(2)
قوله: (يقال: ما أتاك ليلًا
…
) إلخ، كذا لأبي ذر، وسقط من رواية النسفي، وثبت للباقين، لكن بدون لفظ: يقال. وقيل: معنى طرقه: جاءه ليلًا. وقال ابن فارس: حكى بعضهم أن ذلك قد يقال في النهار أيضًا. وقيل: أصل الطروق من الطرق وهو الدق، سمي الآتي بالليل طارقًا لحاجته إلى دق الباب. وقوله:"الطارق: النجم، والثاقب: المضيء " أي: في قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق: 2، 3] كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه، وصف بالطارق لأنه يظهر بالليل، "ع"(16/ 552).
(3)
كذا في الأصل المنقول عنه. وقال العيني (16/ 552): أمر من الثقب، وهو متعد من باب نصر، والأمر منه بضم الهمزة، انتهى. وفي " المجمع" (1/ 295): ثقبت النار وأثقبتها. وفي "القاموس"(ص: 72): ثَقَبَتِ النارُ ثُقوبًا اتّقدتْ، وثقبها هو تثقيبًا، وأثقبها وتثقبها، والثَّقوب كصَبور وكتاب: مما أثقبها به، والكوكبُ: أضاء.
(4)
أي: المقبري.
(5)
أبي سعيد كيسان.
جِئْنَا
(1)
بَيْتَ الْمِدْرَاسِ
(2)
فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَادَاهُمْ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ أَسْلِمُوا
(3)
تَسْلَمُوا"
(4)
، فَقَالُوا: قد بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ: " أُرِيدُ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا". فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ذَلِكَ أُرِيدُ"
(5)
. ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ، فَقَالَ:
"الْمِدْرَاسِ " في نـ: "الُمُدَارِسِ". " قد بَلَّغْتَ " كذا في ذ، وفي نـ:"بَلَّغْتَ". " أُرِيدُ أَسْلِمُوا " في نـ: "ذلك أُرِيدُ أَسْلِمُوا"، وفي قا، مر:" أزيد أَسْلِمُوا".
===
(1)
قوله: (جئنا بيت المدراس) بكسر الميم، وهو الذي يقرأ [فيه] التوراة. وقيل: هو الموضع الذي كانوا يقرأون فيه، وإضافة البيت إليه إضافة العام إلى الخاص. ويُروى: المُدارس بضم الميم، "ع"(16/ 553)، "ك"(25/ 74 - 75).
(2)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 3167، 6944).
(3)
من الإسلام.
(4)
من السلامة.
(5)
قوله: (ذلك أريد) بضم أوله بصيغة المضارع من الإرادة أي: أريد أن تقروا بأني بلغت؛ لأن التبليغ هو الذي أمر به، ووقع في رواية أبي زيد المروزي فيما ذكره القابسي بفتح أوله وبزاي معجمة، وأطبقوا على أنه تصحيف، لكن وجهه بعضهم بأن معناه: أكرر مقالتي مبالغة في التبليغ، "ف"(13/ 315).
ومطابقته للجزء الثاني للترجمة من حيث إنه بلغ اليهود ودعاهم إلى الإسلام فقالوا: بلغت، ولم يذعنوا لطاعته، فبالغ في تبليغهم وكرره، وهذه مجادلة بالتي هي أحسن، "ع"(16/ 553)، وكذا في "ف"(13/ 315)، "ك"(25/ 75).
"اعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ للهِ وَلرَسُولِهِ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ
(1)
مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ
(2)
شَيْئًا فَلْيَبِعْه، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ للهِ وَلرَسُولِهِ". [راجع: 3167].
19 - بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ
(3)
أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143]
"أَنَّمَا الأَرْضُ " في نـ: "أَنَّ الأَرْضَ " في الموضعين. " وَلرَسُولِهِ " كذا في ذ، وفي نـ:"وَرَسُولِهِ". " وَلرَسُولِهِ " في نـ: " وَرَسُولِهِ".
===
(1)
قوله: (أن أجليكم) أي: أطردكم من تلك الأرض، وكان خروجهم إلى الشام. وقال الجوهري: جلوا عن أوطانهم وجلوتهم أنا، يتعدى ولا يتعدى، وأجلوا عن البلد وأجليتهم أنا، كلاهما بالألف، وجلّى عن وطنه بالتشديد، "ع"(16/ 553).
(2)
الباء للمقابلة نحو بعته بذاك، "ك"(25/ 75)، "ع"(16/ 553).
(3)
قوله: (وكذلك جعلناكم) ولم يقع التصريح بما وقع التشبيه به، والراجح أنه الهدى المدلول عليه بقوله:{يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: مثل الجعل القريب الذي اختصصناكم فيه بالهداية كما يقتضيه سياق الآية، والوسط: العدل. وحاصل ما في الآية: الامتنان بالهداية والعدالة، "ف" (13/ 316). قوله:"بلزوم الجماعة" أي: قول الجماعة، وهم أهل العلم، يعني: يلزم على المكلف متابعة حكم الإجماع والاعتصام به، وهو اتفاق المجتهدين من الأئمة في عصر على أمر ديني. وهذه الآية مما استدل بها الأصوليون على حجية الإجماع، قالوا: عدلهم الله بقوله: {وَسَطًا} إذ معناه عدولًا فيجب عصمتهم عن الخطإ قولًا وفعلًا كبيرة وصغيرة، "ك"(25/ 75).
وَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بلُزُومِ الْجَمَاعَةِ
(1)
، وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ.
7349 -
حَدَّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ
(2)
قَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو صَالِحٍ
(3)
، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ. فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيُقَالُ: مَنْ شُهُودُكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَيُجَاءُ
(4)
بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ"، ثُمَّ قَرَأَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} قَالَ: عَدْلًا، {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. [راجع: 3339].
- وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ
(5)
قَالَ:
"حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ " في نـ: "حَدَّثَنا إِسْحَاقُ". " قَالَ الأَعْمَشُ " في نـ: "حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ". " فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ " في نـ: "فَيَسْأَلُ أُمَّتَهُ". " فَيُقَالُ " كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"فَيَقُولَ اللهُ". " فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " ثبت في قتـ، ذ.
===
(1)
أي: قول الجماعة، والمراد بالجماعة أهل الحل والعقد من كل عصر، "ف"(13/ 316)، "ع"(16/ 553).
(2)
اسمه حماد بن أسامة.
(3)
اسمه ذكوان الزيات.
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 4487) في تفسير سورة "البقرة".
(5)
قوله: (وعن جعفر بن عون) هو معطوف على قوله: "حدثنا أبو أسامة" والقائل هو إسحاق بن منصور، فروى هذا عن أبي أسامة بصيغة التحديث، وعن جعفر بن عون بالعنعنة، وهذا مقتضى صنيع صاحب الأطراف. وأما أبو نعيم فجزم بأن رواية جعفر بن عون معلقة،
أخبرنَا الأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا.
20 - بَابٌ إِذَا اجْتَهَدَ الْعَامِلُ
(1)
أَوِ الْحَاكِمُ
(2)
فَأَخْطَأَ
(3)
خِلَافَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم
(4)
مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ
(5)
، فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ
(6)
"أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ " في ذ: "حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ"[وفي "قس " (15/ 350) عكسه]. " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ " زاد في نـ: "الْخُدْرِيِّ". [الْعَامِلُ " في هـ، ذ: "الْعَالِمُ".
===
فقال بعد أن أخرجه من طريق أبي مسعود الراوي عن أبي أسامة وحده، ومن طريق بندار عن جعفر بن عون وحده، أخرجه البخاري عن إسحاق بن منصور عن أبي أسامة وذكره عن جعفر بن عون بلا رواية، انتهى، "ف"(13/ 317).
(1)
أي: عامل الزكاة مثلًا، "ك"(25/ 76).
(2)
أي: القاضي، "ك"(25/ 76).
(3)
أي: في أخذ واجب الزكاة أو في قضائه، "ك"(25/ 76).
(4)
أي: مخالفًا للسُّنَّة، "ك"(25/ 76).
(5)
أي: جاهلًا، "ك"(25/ 76).
(6)
قوله: (فحكمه مردود) وحاصله: أن من حكم بغير السُّنَّة ثم تبيَّن له أن السُّنَّة خلاف حكمه وجب عليه الرجوع منه إليها، وهو الاعتصام بالسُّنَّة، وفي الترجمة نوع من العجرفة، "ك"(25/ 76)، قال في "القاموس" (ص: 770): العجرفة: جفوة في الكلام وخُرْق في العمل، والإقدام في هوج، وفيه تَعَجْرُفٌ وعَجْرَفِيَّةٌ وعجرفة: قلة مبالاة لسرعة، انتهى. الهوج محركة: طولٌ في حُمْقٍ وطَيْشٍ وتَسَرُّعٍ، انتهى، "ق" (ص: 250). قَالَ في "الفتح"(13/ 318): قلت: ليس فيها قلق إلا في اللفظ الذي بعد قوله: "فأخطأ" فصار ظاهر التركيب ينافي المقصود؛ لأن من أخطأ خلاف
لِقَوْلِ النَّبِيِّ
(1)
صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ".
7350 و 7531 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(2)
، عَنْ أَخِيهِ،
===
الرسول لا يذم، بخلاف من أخطأ وفاقه، وليس ذلك المراد، وإنما تم الكلام عند قوله:"فأخطأ"، وهو متعلق بقوله:"اجتهد". وقوله: "خلاف الرسول " أي: فقال خلاف الرسول، وحذف " قال " يقع في الكلام كثيرًا، فأي عجرفة في هذا؟ "ف". وقد تقدم في "كتاب الأحكام" ترجمة:"إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو مردود"، وهي معقودة لمخالفة الإجماع، وهذه معقودة لمخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، " فتح "(13/ 317)، وكذا في "ع"(16/ 554).
(1)
قد تقدم في "كتاب الصلح"(برقم: 2697) موصولًا بلفظ آخر عن عائشة، ورواه مسلم بهذا اللفظ، "ع"(16/ 555).
(2)
قوله: (حدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس مصغر الأوس، وأخوه عبد الحميد، وهو تارة يروي عن سليمان بدون توسط أخيه وأخرى بواسطته. قال الغساني: سقط من كتاب الفربري من هذا الإسناد سليمان بن بلال، وذكر أبو زيد المروزي أنه لم يكن في أصل الفربري، والصواب رواية النسفي فإنه ذكره ولا يتصل الإسناد إلا به، "ك"(25/ 76).
قوله: "من الجمع" هو كل لون من النخيل لا يعرف اسمه، وقيل: تمر مختلط من أنواع متفرقة، وليس مرغوبًا فيه وما يخلط إلا لرداءته، واحتج بالحديث على جواز الحيلة بأن يبيع ثوبًا بمائتين ثم يشتريه بمائة، وهو ليس بحرام عند الشافعي وآخرين، وحرّمه مالك وأحمد لما روي أنه اشترى زيد جارية بثمان مائة إلى العطاء، ثم باعها بست مائة من البائع، فأنكرته عائشة وقالت قولًا شديدًا، ولم ينكره الصحابة، وأجاب الشافعي:
عَنْ سُلَيْمَانَ
(1)
، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَخَا
(2)
بَنِي عَدِيٍّ
(3)
الأَنْصارِيَّ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ، فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ
(4)
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ " قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَينِ مِنَ الْجَمْعِ
(5)
. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ، أَوْ بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا، وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ"
(6)
. [راجع: 2201، 2202].
"فَقَالَ النَّبِيُّ" في نـ: "فَقَالَ لَهُ رَسُول اللهِ". " قَالَ: لَا " في قتـ: "فَقَالَ: لَا".
===
لعلها أنكرته لجهالة أجل العطاء، وأيضًا زيد صحابي مذهبه قياس، "مجمع"(1/ 379 - 380). ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أن الصحابي اجتهد فيما فعل فرده النبي صلى الله عليه وسلم ونهاه عما فعل وعذره لاجتهاده، "ف"(13/ 318)، "ع"(16/ 555).
(1)
ابن بلال.
(2)
أي: واحدًا منه، اسمه سواد - بفتح المهملة وتخفيف الواو - ابن غزية بفتح المعجمة وكسر الزاي مشددًا، "ف"(13/ 318).
(3)
بطن من الأوس.
(4)
نوع من التمر هو أجود تمورهم، "ع"(16/ 555)، "ك"(25/ 76).
(5)
نوع رديء من التمر. ومرَّ الحديث (برقم: 2201).
(6)
أي: كل ما يوزن يباع وزنًا بوزن، "ع"(16/ 555).
21 - بَابُ أَجْرِ الْحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ
7352 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ
(1)
الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
(2)
بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُشرِ
(3)
بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ
(4)
"ابنُ شُرَيْحٍ" ثبت في ذ.
===
(1)
من الإقراء.
(2)
التيمي المدني التابعي، ولأبيه صحبة، "ع"(16/ 556).
(3)
بضم الموحدة وسكون المهملة.
(4)
قوله: (عن أبي قيس) هو من الفقهاء. قال في "الطبقات": اسمه سعد. وقال البخاري: لا يعرف له اسم. وتبعه الحاكم أبو أحمد، وجزم ابن يونس في "تاريخ مصر" بأنه عبد الرحمن بن ثابت، وهذا أعرف بالمصريين من غيره. وليس لأبي قيس هذا في "البخاري" إلا هذا الحديث، وفي هذا السند أربعة من التابعين أولهم: يزيد بن عبد الله، "ع"(16/ 556).
قوله: "إذا حكم الحاكم فاجتهد" فإن قلت: القياس أن يقال: إذا اجتهد فحكم لأن الحكم متأخر عن الاجتهاد؟ قلت: إذا حكم بمعنى: إذا أراد أن يحكم. فإن قلت: هما متساويان في العمل، فلم يتفاوت الأجر؟ قلت: كما أنه فاز بالصواب فاز بتضاعف الأجر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ولعل للمصيب زيادة في العمل إما كمية وإما كيفية، فإن قلت: المخطئ لم كان له أجر؟ قلت: الأجر إنما هو على اجتهاده في طلب الصواب لا على خطئِه، وفي الحديث دليل على أن الحق عند الله واحد، وفي كل واقعة لله تعالى فيها حكم، فمن وجده أصاب، ومن فقده أخطأ. وفيه: أن المجتهد يخطئ ويصيب، "ك" (25/ 77 - 78). وقال ابن المنذر: إنما يؤجر الحاكم إذا أخطأ إذا كان عالِمًا بالاجتهاد فاجتهد، وأما إذا لم يكن عالِمًا فلا، "ع"(16/ 556)، "ف"(13/ 319).
مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ
(1)
فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ
(2)
فَلَهُ أَجْرٌ".
قَالَ
(3)
: فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْن عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَالَ: هَكَذَا
(4)
حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ.
[أخرجه م: 1716، د 3574، س في الكبرى 5918، ق 2314، تحفة: 10748].
- وَقَالَ
(5)
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ
(6)
: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مثْلَهُ.
"فَأَصَابَ " في نـ: "ثُمَّ أَصَابَ". " هَذَا الْحَدِيثَ " في نـ: "بِهَذَا الْحَدِيثِ". " ابْنَ مُحَمَّدِ " سقط في نـ.
===
(1)
أي: صادف ما في نفس الأمر من حكم الله تعالى، "ع"(16/ 556).
(2)
أي: ظن أن الحق في جهته فصادف أن الذي في نفس الأمر بخلاف ذلك، "ع"(16/ 556 - 557).
(3)
أي: عبد الله بن يزيد
(1)
، أحد رواة الحديث، "ع"(16/ 557).
(4)
أي: مثل حديث عمرو بن العاص.
(5)
تعليق من البخاري.
(6)
قوله: (عبد العزيز بن المطلب) أي: ابن عبد الله بن حنطب المخزومي قاضي المدينة، وكنيته أبو طالب وهو من أقران مالك، ومات قبله وليس له في "البخاري" سوى هذا الموضع الواحد المعلق المرسل؛ لأن
(1)
كذا في "عمدة القاري". وفي "فتح الباري"(13/ 320)، و "إرشاد الساري" (15/ 354): يزيد بن عبد الله، وهو الصواب، وانظر "تهذيب الكمال" (الترجمة: 7606).
22 - بَابُ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ
(1)
: إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ ظَاهِرَةً
===
أبا سلمة تابعي. قوله: "عن عبد الله بن أبي بكر" هو ولد الراوي المذكور في السند الذي قبله: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وكان قاضي المدينة أيضًا، وهو يروي عن شيخ أبيه. قوله:"عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم " يريد أن عبد الله بن أبي بكر خالف أباه في روايته عن أبي سلمة، وأرسل الحديث الذي وصله، كذا في "ع"(16/ 557)، "ف"(13/ 320).
(1)
قوله: (باب الحجة على من قال
…
) إلخ، عقد هذا الباب لبيان أن كثيرًا من أكابر الصحابة كان يغيب عن مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم ويفوت عنهم بعض ما يقوله صلى الله عليه وسلم أو يفعله من الأفعال التكليفية، فيستمرون على ما كانوا اطلعوا عليه، إما على المنسوخ لعدم اطلاعهم على الناسخ، وإما على البراءة الأصلية، ثم أخذ بعضهم من بعض مما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا الصديق رضي الله عنه على جلالة قدره لم يعلم النص في الجدة حتى أخبره محمد بن مسلمة والمغيرة بالنص فيها، وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجع إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في الاستئذان، وهو حديث الباب. وأمثال هذا كثيرة.
ويُرَدُّ بهذا الباب أيضًا على الرافضة وقوم من الخوارج زعموا أن أحكامه صلى الله عليه وسلم وسنته منقولة عنه نقل تواتر، وأنه لا يجوز العمل بما لم ينقل متواترًا، وهو مردود بما صح أن الصحابة كان يأخذ بعضهم من بعض، ويرجع بعضهم إلى رواية غيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانعقد الإجماع على القول بالعمل بأخبار الآحاد، "ع"(16/ 557). [انظر "شرح ابن بطال"(10/ 384، 385). وفي "اللامع"(10/ 351): قال صاحب "الفيض": قوله: "كانت ظاهرة
…
" إلخ، فيه ردّ على الباطنية حيث زعموا أن المراد من الجنة والنار ليس ما يظهر من اسميها، بل هما عبارتان عن نعيم، أو عذاب معنويين
…
، إلخ.
وَمَا
(1)
كَانَ يَغِيبُ بَعْضُهُمْ عَنْ مَشَاهِدِ
(2)
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأُمُورِ الإِسْلَامِ.
7353 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى
(3)
، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ
(5)
، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ
(6)
قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو مُوسَى
(7)
عَلَى عُمَرَ، فَكَأَنَّهُ وَجَدَهُ مَشْغُولًا فَرَجَعَ، فَقَالَ عُمَرُ: أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ
(8)
، ائْذَنُوا لَهُ
(9)
، فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ
(10)
؟ فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا
(11)
. قَالَ: فَأْتِنِي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ
"مَشَاهِدِ النَّبِيِّ" في سفـ: "مُشَاهَدَةِ النَّبِيِّ " وفي نـ: "مَشْهَدِ النَّبِيِّ". " فَقَالَ: إِنّا كُنَّا " في نـ: "قَالَ: إنَّا كُنَّا".
===
(1)
عطف على مقول القول، و "ما " نافية، أو على " الحجة " فـ " ما " موصولة، "ك"(25/ 78).
(2)
كذا للأكثر بلفظ الجمع. وفي رواية النسفي: مشاهدة
(1)
، ويروى: مشهد بالإفراد. ووقع في "مستخرج أبي نعيم": "وكان يفيد بعضهم بعضًا"، من الإفادة، "ف"(13/ 321)، "ع"(16/ 557).
(3)
ابن سعيد القطان.
(4)
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.
(5)
ابن أبي رباح.
(6)
الليثي المكي.
(7)
الأشعري.
(8)
هو اسم أبي موسى.
(9)
فيه حذف، يعني: فقيل: إنه قد رجع.
(10)
أي: من الرجوع وعدم التوقف، "ع"(16/ 558).
(11)
قوله: (إنا كنا نؤمر بهذا) قال الأصوليون: مثل هذا يحمل على
(1)
كذا في الأصل و "عمدة القاري"، وفي "الفتح":"مَشَاهِدِهِ".
أَوْ لأَفْعَلَنَّ بكَ. فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصارِ فَقَالُوا
(1)
: لَا يَشْهَدُ إِلَّا أَصْغَرُنَا
(2)
. فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ الْخدْرِيُّ فَقَالَ: قَدْ كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا. فَقَالَ عُمَرُ: خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَلْهَانِي
(3)
الصَّفْقُ
(4)
بِالأَسْوَاقِ. [راجع: 2062].
"أَصْغَرُنَا" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"أَصَاغِرُنَا".
===
أن الآمر به هو النبي صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم:"إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع"، "ك" (25/ 79). مطابقته للترجمة من حيث إن عمر رضي الله عنه لما خفي عليه أمر الاستئذان رجع إلى قول أبي موسى الأشعري في قوله:"قد كنا نؤمر بهذا" أي: بالاستئذان، فدل هذا على أن خبر الواحد يعمل به، وأن بعض السُنن كان يخفى على بعض الصحابة، وأن الشاهد منهم يبلغ الغائب ما شهد، وأن الغائب كان يقبله ممن حدثه ويعتمده ويعمل به. فإن قلت: طلب عمر رضي الله عنه البينة يدل على أنه لا يحتج بخبر الواحد؟ قلت: فيه دليل على أنه حجة؛ لأنه بانضمام خبر أبي سعيد إليه لا يصير متواترًا، وقال البخاري في كتاب بدء السلام: أراد عمر التثبيت لا أنه لا يجيز خبر الواحد، "ع"(16/ 558).
(1)
القائل أولًا هو أبي بن كعب، ثم تبعه الأنصار في ذلك، "ك"(25/ 79)، "ع"(16/ 558).
(2)
يعني: أنه حديث مشهور بيننا، حتى إن أصغرنا يحفظ. ومرَّ الحديث (برقم: 2062، 6245).
(3)
أي: شغلني.
(4)
الصفق: ضرب اليد على اليد للبيع، "ك"(25/ 79)، "ع"(16/ 558).
7354 -
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(1)
قَالَ: حَدَّثنَا الزُّهْرِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الأَعْرَجِ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَلَى
(2)
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم واللهُ الْمَوْعِدُ
(3)
، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم علَى مِلْءِ
(4)
بَطْنِي،
"حَدَّثَنَا عَلِيٌّ " زاد في نـ: "ابنُ عَبْدِ الله". " حَدَّثَنَا سُفْيَانُ " في نـ: "حَدَّثَنِي سفيان". " سَمِعَهُ " في نـ: "سَمِعَ". " أَلْزَمُ " في نـ: "أَصْحَبُ".
===
(1)
ابن عيينة.
(2)
يتعلق بقوله: "يكثر"، ولو تعلق بقوله:"الحديث " لقال " عن"، "ف"(13/ 322).
(3)
قوله: (والله الموعد) جملة معترضة. فإن قلت: هو إما للمكان وإما للزمان وإما مصدر، والثلاث لا يصح الإطلاق عليه؟ قلت: لا بد من إضمار أو تجوّز يدل المقام عليه، "ك"(25/ 79). ومراده من هذا يوم القيامة، يعني: يظهر أنكم على الحق في الإنكار، أو أني عليه في الإكثار، "ع"(16/ 558 - 559).
قوله: "على ملء بطني" بكسر الميم وبهمزة آخره، أي: بسبب شبعي، أي: أن السبب الأصلي الذي اقتضى له كثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرة ملازمته له ليجد ما يأكله؛ لأنه لم يكن له شيء يتجر فيه، ولا أرض يزرعها ولا يعمل فيها، فكان لا ينقطع عنه خشية أن يفوته القوت، فيحصل في هذه الملازمة من سماع الأقوال ورواية الأفعال ما لا يحصل لغيره ممن لم يلازم ملازمته، وأعانه على استمرار حفظه لذلك ما أشار إليه من الدعوة له بذلك، "ف"(13/ 323).
(4)
بكسر الميم وبالهمزة، أراد به سد جوعه، "ع" (16/ 559). ومرَّ الحديث (برقم: 119، 2047).
وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسوَاقِ، وَكَانَتِ الأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ
(1)
، فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: "مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضيَ مَقَالَتِي ثُمَّ يَقْبِضهُ فَلَمْ يَنْسَ
(2)
شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي". فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيَّ، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ. [راجع: 118].
23 - بَابُ مَن رَأَى تَرْكَ النَّكِيرِ
(3)
مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُجَّةً لَا مِنْ غَيْرِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم
-
"فقال " في نـ: "وَقَالَ". " يَبْسُطْ " في هـ، ذ:"بسط". " فَلَمْ يَنْسَ " كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ:"فَلَنْ يَنْسَى"، وفي نـ:" فَلَنْ يَنْسَ". " سمعه " في نـ: "يسمعه".
===
(1)
أي: على مزارعهم، والمال وإن كان عامًا لكنه قد يخص بنوع منه ولم يكن للأنصار إلا المزارع، "ع"(16/ 559)، "ك"(25/ 79).
(2)
قوله: (فلم ينس) كذا لأبي ذر عن الحموي والمستملي. وفي رواية الكشميهني: فلن ينسى، ونقل ابن التين أنه وقع في الرواية:"فلن ينس" بالنون وبالجزم، وذكر أن القزاز نقل عن بعض البصريين: أن من العرب من يجزم بلن، كذا في "قس"(15/ 357)، "ف"(13/ 323)، "ك"(25/ 80)، "ع"(16/ 559).
ومطابقته للترجمة من حيث إن أبا هريرة أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله ما غاب عنه كثير من الصحابة، ولما بلغهم ما سمعه قبلوه وعملوا به، فدل على أن خبر الواحد يقبل ويعمل به. وفيه حجة على الذين شرطوا التواتر في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، "ع"(16/ 558)، "قس"(15/ 357).
(3)
قوله: (من رأى ترك النكير
…
) إلخ، أي: الإنكار، وهو بفتح
7355 -
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ
(2)
قال: حَدَّثَنَا أَبِي
(3)
قال: حَدَّثَنَا شعْبَة، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
(4)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَحْلِفُ بِاللهِ:
"حَدَّثنَا أَبِي" في نـ: "حَدَّثَنِي أَبِي".
===
النون وكسر الكاف مبالغة في الإنكار. غرضه أن تقرير الرسول صلى الله عليه وسلم حجة؛ إذ هو نوع من فعله، ولأنه لو كان منكرًا للزمه التغيير، ولا خلاف بين العلماء في ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يجوز له أن يرى أحدًا من أمته يقول قولًا أو يفعل فعلًا محظورًا فيقرره عليه؛ لأن الله تعالى فرض عليه النهي عن المنكر. قوله:"لا من غير الرسول صلى الله عليه وسلم " يعني: ليس بحجة ترك الإنكار من غير الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لجواز أنه لم يتبين له حينئذ وجه الصواب. قَالَ ابن التين: الترجمة تتعلق بالإجماع السكوتي، وأن الناس اختلفوا فيه، وقد علم ذلك في موضعه، "ع"(16/ 559).
(1)
قوله: (حدثنا حماد بن حميد) بالضم الخراساني، وذكر المزي في " التهذيب"(7/ 232، 233) أن في بعض النسخ القديمة من "البخاري": حدثنا حماد بن حميد صاحب لنا حدثنا بهذا الحديث، وعبيد الله [بن معاذ] في الأحياء، وقد أخرج مسلم هذا الحديث عن عبيد الله بن معاذ بلا واسطة، قيل: هو أحد الأحاديث التي نزل فيها البخاري عن مسلم، "ع"(16/ 559)، [انظر:"فتح الباري"(13/ 324)].
(2)
العنبري.
(3)
معاذ بن نصر بن حسان العنبري البصري.
(4)
ابن عبد الرحمن بن عوف.
أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ
(1)
: الدَّجَّالُ. قُلْتُ: تَحْلِفُ بِاللهِ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ
(2)
عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
[أخرجه: م 2929، د 4331، تحفة: 3019].
"ابْنَ الصائِدِ" في ذ: "ابْنَ الصَّيَّادِ".
===
(1)
وفي بعضها: ابن الصياد، واسمه صاف، "ك"(25/ 80).
(2)
قوله: (سمعت عمر يحلف
…
) إلخ، وإنما حلف عمر بالظن، ولعله سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو فهمه بالعلامات والقرائن. فإن قيل: تقدم في "الجنائز" أن عمر قَالَ للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة ابن صياد: "دعني أضرب عنقه، فقال صلى الله عليه وسلم: إن يكن هو فلن تسلط عليه"، فهذا صريح في أنه تردد في أمره! وأجيب عنه: بأن التردد في أمره كان قبل أن يعلمه الله تعالى أنه هو الدجال، فلما أعلمه لم ينكر على عمر حلفه، وبأن العرب قد تخرج الكلام مخرج الشك وإن لم يكن في الخبر شك، كقوله تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} ، وقد علم أن ذلك لا يقع منه صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك من تلطف النبي صلى الله عليه وسلم بعمر في صرفه عن قتله. ومما يدل على أن ابن صياد هو الدجال، كالحديث الذي أخرجه عبد الرزاق [ح: 20832] بسند صحيح عن ابن عمر قَالَ: "لقيت ابن صياد يومًا ومعه رجل من اليهود، فإذا عينه قد طفئت وهي خارجة مثل عين الجمل، فلما رأيتها قلت: أنشدك الله يا ابن صياد متى طفئت عينك؟ قال: لا أدري، قلت: كذبت، لا تدري وهي في رأسك! قال: فمسحها ونخر ثلاثًا، فزعم اليهودي أني ضربت بيدي صدره، وقلت له: اخسأ فلن تعدو قدرك. فذكرت ذلك لحفصة فقالت حفصة: اجتنب هذا الرجل فإنا نتحدث أن الدجال يخرج عند غضبة يغضبها". وأخرج مسلم هذا بمعناه من وجه آخر.
وقال ابن بطال (10/ 387): فإن قيل: هذا أيضًا يدل على التردد في أمره؟ فالجواب: أنه إن وقع الشك في أنه الدجال المعهود فلم يقع الشك في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أنه أحد الدجالين الكذابين، أنذر بهم النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى. ومحصله تسليم عدم الجزم بأنه الدجال المعهود، ولكن في قصة حفصة وابن عمر دلالة على أنهما أرادا الدجال الأكبر، واللام للعهد لا للجنس. وقد أخرج أبو داود بسند صحيح (ح: 4330) قَالَ: "كان ابن عمر يقول: ما أشك أن المسيح الدجال هو ابن صياد". ووقع لابن صياد مع أبي سعيد الخدري قصة أخرى تتعلق بأمر الدجال، أخرج مسلم (ح: 2927) عن أبي سعيد قال: "صحبني ابن صياد إلى مكة فقال لي: ماذا لقيت من الناس! يزعمون أني الدجال! ألستَ سمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه لا يولد له"؟ قلت: بلى. قال: فإنه ولد لي. قال: أولستَ سمعته يقول: "لا يدخل المدينة ولا مكة "؟ قلت: بلى، قال: فقد ولدت بالمدينة وأنا أريد مكة". وفي طريق آخر قال: ألم يقل: "إنه يهودي "؟ وقد أسلمت. وقال في الآخر قال: "إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الآن، قال أبو سعيد: تبًّا لك سائر اليوم". وأخرج أبو داود من حديث أبي بكرة قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمكث أبو الدجال ثلاثين عامًا لا يولد لهما ثم يولد لهما غلام أعور أضر شيء وأقله نفعًا"، ونعت أباه وأمه قال: فسمعنا بمولود ولد في اليهود، فذهبت أنا والزبير بن العوام فدخلنا على أبويه، فإذا النعت، فقلنا: هل لكما من ولد قالا: مكثنا ثلاثين عامًا لا يولد لنا ثم ولد لنا غلام أضر شيء وأقله نفعًا. قلت: ويوهي حديثه أن أبا بكرة إنما أسلم لما نزل من الطائف حين حوصرت سنة ثمان من الهجرة، وفي الصحيحين [خ: 3055، م: 95، 2930] أن النبي صلى الله عليه وسلم لما توجه إلى النخل التي فيها ابن صياد كان ابن صياد يومئذ كالمحتلم، فكيف يدرك أبو بكرة زمان مولده بالمدينة وهو لم يسكنها إلا قبل الوفاة النبوية بسنتين! والذي في الصحيحين هو المعتمد، ويحتمل أن يحمل قوله:"بلغنا" على تأخر البلاغ، وإن كان مولده سابقًا على ذلك بمدة بحيث يأتلف مع حديث الصحيحين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال البيهقي: ليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي صلى الله عليه وسلم على حلف عمر، فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم كان متوقفًا في أمره ثم جاءه الثبت من الله تعالى بأنه غيره على ما تقتضيه قصة تميم الداري، وبه تمسك من جزم بأن الدجال غير ابن صياد، وطريقه أصح، وتكون الصفة التي في ابن صياد وافقت ما في الدجال، وكان الذين جزموا بأنه هو الدجال لم يسمعوا قصة تميم، فأما عمر فيحتمل أن يكون منه ذلك قبل أن يسمع قصة تميم، ثم لما سمعها لم يعد إلى الحلف المذكور، وأما جابر فشهد حلفه عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستصحب ما كان اطلع عليه، لكن أخرج أبو داود عن أبي سلمة عن جابر، فذكر قصة الجساسة والدجال بنحو قصة تميم، فقال: شهد جابر أنه ابن صياد، قلت: فإنه قد مات، قال: وإن مات، قلت: فإنه أسلم، قال: وإن أسلم، قلت: فإنه دخل المدينة قال: وإن دخل، ويتعقب به على من زعم أن جابرًا لم يطلع على قصة تميم، قال النووي (18/ 45): قال العلماء: قصة ابن صياد مشكلة، وأمره مشتبه، ولكن لا يشك أنه دجال من الدجاجلة، والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوح إليه بشيء في أمره، وإنما أوحي إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة فلذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يقطع في أمره بشيء بل قال لعمر: "لا خير لك في قتله
…
" الحديث، وأما احتجاجاته بأنه مسلّم إلى سائر ما ذكر فلا دلالة فيه على دعواه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن صفاته وقت خروجه آخر الزمان.
وقال الخطابي ["الأعلام" (1/ 711)]: اختلف السلف في أمر ابن صياد بعد كبره، فروي عنه أنه تاب ومات بالمدينة، وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا وجهه حتى يراه الناس، وقيل لهم: اشهدوا. وأخرج أبو نعيم الأصبهاني في " [تاريخ] أصبهان" ما يؤيد كون ابن صياد هو الدجال، فساق عن حسان بن عبد الرحمن عن أبيه قال: لما افتتحنا أصبهان كان بين عسكرنا
24 - بَابُ الأَحْكَامِ الَّتِي تُعْرَفُ بِالدَّلَائِلِ
(1)
،
"بِالدَّلَائِلِ" في هـ، ذ:"بِالدَّليلِ"
(2)
.
===
وبين اليهودية - اسم قرية - فرسخ، فكنا نأتيها فنمتار منها، فأتيتها يومًا فإذا اليهود يزفنون ويضربون، فسألت صديقًا [لي] منهم فقال: ملكنا الذي نستفتح به على العرب فدخلت فبت عنده على سطح فصليت الغداة، فلما طلعت الشمس إذا لرهج من قبل العسكر فنظرت إذا رجل عليه قبة من ريحان واليهود يزفنون ويضربون، فنظرت إذا هو ابن صياد، فدخل المدينة فلم يعد حتى الساعة. وقد أخرج أبو داود بسند صحيح عن جابر قال:"فقدنا ابن صياد يوم الحرة". قلت: هذا يضعف ما تقدم أنه مات بالمدينة، وأنهم صلوا عليه
…
إلخ، ولا يلتئم خبر جابر هذا مع خبر حسان بن عبد الرحمن؛ لأن فتح أصبهان كان في خلافة عمر، وبين قتل عمر ووقعة الحرة أربعين سنة، يمكن الحمل على أن القصة إنما شاهدها والد حسان بعد فتح أصبهان بهذه المدة، ويكون جواب " لما " في قوله:"لما افتتحنا " محذوفًا تقديره: صرت أتعاهدها، وأتردد إليها، فجرت قصة ابن صياد، فلا يتحد زمان فتحها وزمان دخولها ابن صياد، وهذا تلخيص ما في "فتح الباري"(13/ 325 - 328).
(1)
أي: بالملازمات الشرعية أو العقلية، قال ابن حاجب وغيره: الأدلة المتفق عليها خمسة: الكتاب والسُّنَّة والإجماع والقياس والاستدلال، وذلك كما إذا علم ثبوت الملزوم شرعًا أو عقلًا علم ثبوت لازمه عقلًا أو شرعًا، "ك"(25/ 80)، "ع"(16/ 560).
(2)
الدليل ما يرشد إلى المطلوب ويلزم من العلم به العلم بوجود المدلول، "ف"(13/ 330).
وَكَيْفَ مَعْنَى الدَّلَالَةِ
(1)
(2)
وَتَفْسِيرُهَا
(3)
وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أمْرَ الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ سُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ فَدَلَّهُمْ عَلَى قَوْلِهِ:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]. وَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّبِّ فَقَالَ: "لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ". وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الضَّبُّ
(4)
، فَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ.
7356 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،
"{فَمَنْ يَعْمَلْ} " في ذ: " {مَنْ يَعْمَلْ} ".
===
(1)
قوله: (كيف معنى الدلالة
…
) إلخ، ومعنى الدلالة هو كإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم أن حكم الخاص وهو الحمير حكمه داخل تحت حكم العام، وهو {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} ، فإن من ربطها في سبيل الله فهو عامل للخير يرى جزاءه خيرًا، ومن ربطها فخرًا ورياء فهو عامل للشر يرى جزاءه شرًا، ومعنى تفسيرها كتعليم عائشة رضي الله عنها للمرأة السائلة التوضي بالفرصة، "ك"(25/ 80 - 81)، [وفي "الفتح" (13/ 331): أما " تفسيرها " فالمراد به تبيينها وتعليم المأمور كيفية ما أمر به. ويستفاد من الترجمة بيان الرأي المحمود، وهو ما يؤخذ مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله بطريق التنصيص وبطريق الإشارة، فيندرج في ذلك الاستنباط ويخرج الجمود على الظاهر المحض].
(2)
بفتح الدال وكسرها وحكي ضمها أيضًا والفتح أعلى، "ع"(16/ 560)، "ف"(13/ 331).
(3)
يجوز بالرفع والجر، "ع"(16/ 560).
(4)
مرَّ بيانه وتحقيق المذهب فيه (برقم: 5391، و 5536).
(5)
ابن أبي أويس.
عَنْ أَبِي صَالِحٍ
(1)
السَّمَّانِ
(2)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ
(3)
، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَأَطَالَ
(4)
فِي مَرْجِ
(5)
أَوْ رَوْضَةٍ
(6)
، فَمَا أَصَابَتْ في طِيَلِهَا
(7)
ذَلِكَ فِي الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ
(8)
شَرَفًا
(9)
أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَه، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَشقِيَ بِهِ
(10)
"فَأَطَالَ " في صـ، هـ، ذ:"فَأَطَالَ لَهَا". " في الْمَرْجِ " في صـ، ذ:" مِنَ الْمَرْجِ". " وَالرَّوْضَةِ " في ذ: "أوِ الرَّوْضَةِ". " يَسْقِيَ بِهِ " في نـ: "تُسْقَى بِهِ".
===
(1)
اسمه ذكوان.
(2)
بيّاع السمن، "ك"(25/ 81).
(3)
الوزر: الإثم والثقل، "ك"(25/ 81).
(4)
مفعوله محذوف، أي: أطال لها حبله الذي شد به، "ع"(16/ 561)، "ك"(25/ 81).
(5)
وهو الموضع الذي ترعى فيه الدواب، "ك"(25/ 81)، "ع"(16/ 561).
(6)
شك من الراوي، "ع"(16/ 561).
(7)
بكسر الطاء وفتح الياء هو حبل طويل تشد به عند الرعي، "ك"(25/ 81)، "ع" (16/ 561). ومرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 2371، 2860، 3646، 4962).
(8)
من الاستنان، وهو العدو، "ع"(16/ 561).
(9)
الشرف بفتحتين: الشوط.
(10)
أي: يسقيه، والباء زائدة أو بمعنى في، ويروى:"تسقى" بلفظ مؤنث المجهول، "ك"(25/ 82)، "ع"(16/ 561).
كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَه، وَهِيَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا
(1)
وَتَعَفُّفًا
(2)
وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ في رِقَابِهَا
(3)
وَلَا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ". وَسُئِلَ
(4)
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ: "مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةَ
(5)
الْجَامِعَةَ
(6)
: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]. [راجع: 2371].
7357 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى
(7)
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ
(8)
، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ
"فَقَالَ " في نـ: "قَالَ". " {فَمَنْ يَعْمَلْ} " في ذ: " {مَنْ يَعْمَلْ} ".
===
(1)
يستغني بها عما في أيدي الناس، "ع"(16/ 161).
(2)
أي: عن الافتقار إليهم بما يعمل عليها، "ع"(16/ 561).
(3)
فيه دليل على أن فيها الزكاة، واعتمد عليه الحنفية في إيجاب الزكاة في الخيل، والخصم فسره بقوله: لا ينسى التصدق ببعض كسبه عليها لله تعالى، "ع"(16/ 561)، [انظر "بذل المجهود" (6/ 366)].
(4)
اسم السائل عن ذلك يمكن أن يفسر بصعصعة بن معاوية عم الأحنف التميمي.
(5)
أي: المفردة بمعناها.
(6)
أي: التي تجمع أعمال البر دقيقها وجليلها، وكذلك أعمال الشر، "ع"(16/ 562).
(7)
قال الكلاباذي: هو ابن جعفر البيكندي وصنيع ابن السكن يقتضي أنه ابن موسى البلخي، كذا في "ف"(13/ 331).
(8)
سفيان.
صَفِيَّةَ
(1)
، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. ح وحَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ
(3)
شَيْبَةَ
(4)
قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ امْرَأَةً
(5)
سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَيْضِ كَيْفَ تَغْتَسِلُ مِنْهُ؟ قَالَ: "تَأْخُذِينَ فِرْصَةً
(6)
مُمَسَّكَةً
(7)
"ح وحَدَّثَني " في ذ: "ح وَحَدَّثَنَا". " مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ " في نـ: " مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ". " قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ " في نـ: "عن مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَيْبَةَ". " سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ " في نـ: " سَأَلَتِ النَّبِيَّ". " تَغْتَسِلُ " في نـ: "نَغْتَسِلُ"
(8)
، وفي أخرى:"يُغْتَسَلُ". " تَأْخُذِينَ " في سـ، حـ، ذ:"تَأخُذِي".
===
(1)
بنت شيبة الحجبية، وهي أمه، وأبوه هو عبد الرحمن بن طلحة، "ك"(25/ 82).
(2)
الشيباني الكوفي.
(3)
صفة منصور.
(4)
و "شيبة" إنما هو جد منصور لأمه، "ف"(13/ 331).
(5)
هي أسماء بنت شكل بفتح المعجمة والكاف وباللام، "ع"(16/ 562).
(6)
هي خرقة أو قطنة تتمسح بها المرأة من الحيض، "ك"(25/ 82).
(7)
أي: مطيبة بالمسك. وقال الخطابي: قد تأول الممسكة على معنى الإمساك دون الطيب، يريد أنها تمسكها بيدها فتستعملها، "ك"(25/ 83)، "ع"(16/ 562).
(8)
بنون مفتوحة وكسر السين، ولأبي ذر بتحتية مضمومة بدل النون وفتح السين، وفي نسخة بالمثناة الفوقية المفتوحة، "قس"(15/ 364).
فَتَوَضَّئِينَ
(1)
بِهَا". قَالَتْ: كَيْفَ أَتَوَضَّأُ بِهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ فقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَوَضَّئِين"، قَالَتْ: كَيْفَ أَتَوَضَّأ بِهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَوَضَّئِينَ بِهَا"، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَرَفْتُ الَّذِي يُرِيدُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَذَبْتُهَا إِلَيَّ فَعَلَّمْتُهَا. [راجع: 314].
7358 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
(2)
، عَنْ أَبِي بِشْرٍ
(3)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أمِّ حُفَيْدٍ
(4)
بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا
(5)
،
"فَتَوَضَّئِينَ " في سـ، حـ، ذ:"فَتَوَضَّئِي". " فَقَالَ النَّبِيُّ " كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ النَّبِيُّ". " أَتَوَضَّأُ بِهَا " في هـ، ذ:"أَتَوَضَّأُ بِهِ". " تَوَضَّئِينَ " في نـ: "تَوَضَّئِي". " الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ " في نـ: "الْحَارِثِ بْنِ حَزْمٍ". " وَأَضُبًّا " في هـ: "وَضَبًّا".
===
(1)
أي: تنظفين وتطهرين أي: أراد معناه اللغوي، "ك"(25/ 83)، "ع" (16/ 562). ومرَّ الحديث (برقم: 314).
(2)
الوضاح اليشكري.
(3)
اسمه جعفر بن أبي وحشية.
(4)
قوله: (أن أم حفيد) بضم الحاء المهملة وفتح الفاء وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة، واسمها هزيلة - مصغر هزلة - بالزاي، بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة أم المؤمنين، وهي خالة ابن عباس وخالة خالد بن الوليد، واسم أم كل منهما لبابة، بضم اللام وتخفيف الباء الموحدة الأولى، "ع"(16/ 563)، "ف"(13/ 332). ومطابقته للترجمة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم لما تركهن كالمتقذر لهن ربما امتنعوا عن أكلها، ثم إنه لما دعا بهن فأكلن على مائدته صار ذلك دليلًا على إباحتهن، "ع"(16/ 563).
(5)
جمع ضب: سوسمار [بالفارسية]. ومرَّ الحديث (برقم: 5389).
فَدَعَا بِهِنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، فَتَرَكَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُ
(1)
، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا
(2)
مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَلَا أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ.
[راجع: 2575].
7359 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ
(4)
قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ
(5)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبَي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ في بَيْتِهِ". وَإِنَّهُ أُتِيَ بِبَدْرٍ
(6)
- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ
(7)
: يَعْنِي - طَبَقًا فِيهِ خُضِرَاتٌ
(8)
مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا
"كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُ " في سـ، حـ، ذ:"كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُنَّ". " وَلَوْ كُنَّ " في هـ، حـ، ذ:"وَلَوْ كَانَ". " مَا أُكِلْنَ " في هـ: "مَا أُكِلَ". " وَلْيَقْعُدْ " في هـ، ذ:"أَوْ ليقْعُدْ".
===
(1)
أي: كالكاره له.
(2)
مرَّ بيانه والاختلاف فيه (برقم: 5389، 5536).
(3)
المصري، "ك"(25/ 83).
(4)
عبد الله.
(5)
ابن يزيد الأيلي.
(6)
بفتح الموحدة هو الطبق، سمي بدرًا لاستدارته، تشبيهًا بالقمر، "ع"(16/ 564).
(7)
هو موصول بالسند المذكور، "ع"(16/ 564).
(8)
قوله: (فيه خضرات) بضم الخاء وفتح الضاد جمع الخضرة، ويجوز في مثله ضم الخاء وفتحها وضم الضاد وسكونها، وفي بعضها: خضرات بفتح الخاء وكسر الضاد، "ك" (25/ 84). قوله: "قربوها إلى بعض
فَسَأَلَ عَنْهَا فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ، فَقَالَ:"قَرِّبُوهَا" إِلَى بَعْضِ أَصحَابِهِ كَانَ مَعَه، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا
(1)
. وَقَالَ: "كُلْ، فَإِنِّي أُنَاجِي
"وَقَالَ: كُلْ" في نـ: "قَالَ: كُلْ".
===
أصحابه كان معه" هو منقول بالمعنى؛ لأن لفظه صلى الله عليه وسلم: "قربوها لأبي أيوب"، فكأن الراوي لم يحفظه فكنى عنه بذلك، وعلى تقدير أن لا يكون النبي صلى الله عليه وسلم عينه ففيه التفات؛ لأن نسق العبارة أن يقول: "إلى بعض أصحابي"، ويؤيد أنه من كلام الراوي، قوله بعده: "كان معه" "ف" (13/ 332).
قال الكرماني (25/ 84): أو تقديره: قربوها مشيرًا إلى بعض أصحابه. قوله: "فلما رآه كره أكلها" فاعل كره هو أبو أيوب، وفيه حذف تقديره: فلما رآه امتنع من أكلها وأمر بتقريبها إليه كره أكلها، ويحتمل أن يكون التقدير: فلما رآه لم يأكل منها كره أكلها، وكان أبو أيوب استدل بعموم قوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] على مشروعية متابعته في جميع أفعاله، فلما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من أكل تلك البقول تأسى به فبين له النبي صلى الله عليه وسلم وجه تخصيصه فقال:"أناجي من لا تناجي"، "ف" (13/ 332). قوله:"أناجي من لا تناجي" أي: الملائكة. وفيه: أنهم يتأذون بما يتأذى به بنو آدم. وقيل: النهي خاص بمسجده صلى الله عليه وسلم. والجمهور على أنه عام، ويلحق به مجامع العبادات كمصلى العيد، ويلحق بالثوم كل ما له رائحة كريهة، "ك"(25/ 84).
قال ابن بطال: قوله: "قربوها" نص على جواز الأكل، وكذا قوله: "فإني أناجي
…
" إلخ، "ف" (13/ 332)، "ع" (16/ 564). مطابقته للترجمة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم لما امتنع من أكل الخضرات المذكورة لأجل ريحها امتنع الرجل الذي كان معه، فلما رآه قد امتنع قال له: كل، وفسّر كلامه بقوله: "فإني أناجي
…
" إلخ، "ع" (16/ 563).
(1)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 855) في "الصلاة".
مَنْ لَا تُنَاجِي". قَالَ ابْنُ عُفَيْرٍ
(1)
عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
(2)
: بِقِدْرٍ فِيهِ خُضَرَاتٌ. وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ
(3)
وَأَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ قِصَّةَ الْقِدْرِ، فَلَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوْ في الْحَدِيثِ. [راجع: 854].
7360 -
حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي وَعَمِّي
(5)
قَالَا: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ امْرَأَةً
(6)
أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَتْهُ
"حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ " في نـ: "حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ". " سَعْدِ " في نـ: " سعيد". " مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ " زاد في نـ: "ابْنِ مُطْعِمٍ".
===
(1)
هو سعيد بن كثير بن عفير.
(2)
عبد الله.
(3)
قوله: (ولم يذكر الليث
…
) إلخ، الظاهر أن لفظ:"لم يذكر" وكذا لفظ: "فلا أدري" لأحمد، ويحتمل أن يكون لابن وهب أو لابن عفير أو للبخاري تعليقًا. فإن قلت: ما معنى كونه قول الزهري أو كونه من الحديث؟ قلت: معناه أن الزهري نقله مرسلًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يروه يونس لليث وأبي صفوان، أو مسندًا كباقي الحديث، ولهذا نقله يونس لابن وهب، "ك"(25/ 84).
(4)
ابن سعد بن عبد الرحمن بن عوف.
(5)
اسمه يعقوب، مات سنة ثمان ومائتين، وكان أصغر من سعد، انفرد به البخاري. [انظر "الفتح" (13/ 332)].
(6)
أي: لم يدر اسمها، "ع" (16/ 565). ومرَّ الحديث (برقم: 7220 وغيره).
في شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ؟ قَالَ: "إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ
(1)
".
قَالَ أبو عبد الله
(2)
: زَادَ لنا
(3)
الْحُمَيْدِيُّ
(4)
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ
(5)
. [راجع: 3659].
"زَادَ " كذا في هـ، حـ، وفي سـ:"رواه". " لنا " ثبت في ذ.
===
(1)
قوله: (قال: إن لم تجديني فأتي أبا بكر) قال العيني (16/ 564): مطابقته للترجمة من حيث إنه عليه السلام قال للمرأة المذكورة فيه: إنها إن لم تجده تأتي أبا بكر، انتهى.
قال في "الفتح"(13/ 333): قال ابن بطال (10/ 390): استدل النبي صلى الله عليه وسلم بظاهر قولها: "فإن لم أجدك " أنها أرادت الموت فأمرها بإتيان أبي بكر، قال: وكأنه اقترن بسؤالها حالة أفهمت ذلك وإن لم تنطق بها.
وقال الكرماني (25/ 85): مناسبة هذا الحديث للترجمة أنه يستدل به على خلافة أبي بكر، ومناسبة الحديث الذي قبله، لأنه يستدل به على أن الملك يتأذى بالرائحة الكريهة. قلت: في هذا نظر؛ لأنه قال في بعض طرق الحديث: "فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم" فهذا حكم يعرف بالنص والترجمة، حكم يعرف بالاستدلال، والذي قاله في خلافة أبي بكر مستقيم بخلاف هذا، "ف"(13/ 333).
(2)
البخاري.
(3)
أي: بالسند المذكور.
(4)
بالضم عبد الله.
(5)
بعدم الوجدان له موته صلى الله عليه وسلم، "ك"(25/ 85).
25 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَسْأَلُوا
(1)
أَهْلَ الْكِتَابِ
(2)
عَنْ شَيْءٍ"
(3)
7361 -
وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ
(4)
: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ
(5)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ
"بَابُ" زاد قبله في نـ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ".
===
(1)
هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه أحمد (1/ 131) وابن أبي شيبة (برقم: 26952) والبزار، "ف"(13/ 334).
(2)
أي: اليهود والنصارى، "ك"(25/ 85)، "ع"(16/ 565).
(3)
قوله: (عن شيء) أي مما يتعلق بالشرائع لأن شرعنا مكتف بنفسه، ولا يدخل في النهي سؤالهم عن الأخبار المصدقة لشرعنا وعن الأخبار عن الأمم السالفة، وأما قوله تعالى:{فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94] فالمراد به من آمن منهم، والنهي إنما هو عن سؤال من لم يؤمن منهم، "ع"(16/ 564).
(4)
قوله: (وقال أبو اليمان) كذا عند الجميع، ولم أره بصيغة التحديث، وأبو اليمان من شيوخه، فإما أن يكون أخذه عنه مذاكرة وإما أن يكون ترك التصريح بقوله: حدثنا لكونه أثرًا موقوفًا، ويحتمل أن يكون مما فاته سماعه، ثم وجدت الإسماعيلي أخرجه عن عبد الله بن العباس الطيالسي عن البخاري فقال:"حدثنا أبو اليمان"، ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم فذكره، فظهر أنه مسموع له وترجح الاحتمال الثاني، ثم وجدته في "التاريخ الصغير" للبخاري (1/ 62) قال: حدثنا أبو اليمان، "ف"(13/ 334).
(5)
ابن أبي حمزة.
قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ
(1)
، وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ
(2)
فَقَالَ: إِنْ
(3)
كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنِ الْكِتَابِ
(4)
، وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو
(5)
عَلَيْهِ الْكَذِبَ
(6)
. [تحفة 11410].
"وَذَكَرَ " في نـ: "فَذَكَرَ". " عَنِ الْكِتَابِ " في نـ: "عَنِ أَهْلِ الْكِتَابِ".
===
(1)
يعني لما حج في خلافة عمر رضي الله عنه، "ع"(16/ 566).
(2)
قوله: (وذكر كعب الأحبار) هو ابن ماتع - بكسر المثناة من فوق بعدها عين مهملة - ابن عمرو بن قيس من آل ذي رعين، وقيل: ذي الكلاع الحميري، وقيل غير ذلك في اسم جده ونسبه، ويكنى أبا إسحاق، وكان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا، وكان يهوديًا عالمًا بكتبهم حتى كان يقال له: كعب الحبر، وكعب الأحبار، أسلم في عهد عمر، وقيل: في خلافة أبي بكر، وقيل: أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وتأخرت هجرته، والأول أشهر، وسكن المدينة، وغزا الروم في خلافة عمر، ثم تحول في خلافة عثمان إلى الشام إلى أن مات بحمص في خلافة عثمان سنة اثنتين أو ثلاث أو أربع وثلاثين، والأول أكثر، "ع"(16/ 566)، "ف"(13/ 335).
(3)
مخففة من الثقيلة وجاز حذف اللام، "ك"(25/ 85).
(4)
أي: التوراة والإنجيل والصحف، "ك"(25/ 85).
(5)
أي: لنمتحن.
(6)
قوله: (لنبلو عليه الكذب) أي: نختبر، أي: يقع بعض ما يخبرنا عنه بخلاف ما يخبرنا به، قال ابن التين: هذا نحو قول ابن عباس في حق كعب المذكور بدل من قبله فوقع في الكذب، وقال ابن حبان: أراد معاوية أنه يخطئ أحيانًا فيما يخبر به ولم يرد أنه كان كذابًا، وقال غيره: الضمير في قوله: "لنبلو عليه" للكتاب لا لكعب، وإنما يقع في كتابهم الكذب لكونهم
7362 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ
(2)
ويُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلَام، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُصَدِّقُوا
(3)
أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا:{آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} " الآيَةَ [البقرة: 136]. [راجع: 4485].
7363 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ
(4)
قَالَ:
"حَدَّثَنا مُحَمَّدُ " كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ". " عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ " في نـ: "عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو". " أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ " في نـ: " حَدَثنا إِبْرَاهِيمُ".
===
بدّلوه وحرفوه، وقال عياض [في "مشارق الأنوار" (2/ 450)]: يصح عوده إلى الكتاب، ويصح عوده إلى كعب وإلى حديثه، وإن لم يقصد [الكذب] ويتعمده إذ لا يشترط في مسمى الكذب التعمد بل هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، وليس فيه تجريح لكعب بالكذب، وقال ابن الجوزي: المعنى أن بعض الذي يخبر به كعب عن أهل الكتاب يكون كذبًا لا أنه يتعمد الكذب وإلا فقد كان كعب من أخيار الأحبار، "ف"(13/ 334 - 335)، "ع" مختصرًا (16/ 566).
(1)
أي: ابن فارس البصري.
(2)
أي: بلغة اليهود.
(3)
هذا محل المطابقة للترجمة، لأنه يقتضي ترك السؤال عنهم. ومرَّ الحديث مع بعض بيانه (برقم: 4485).
(4)
ابن سعد بن إبراهيم.
أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
(1)
: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ أَحْدَثُ
(2)
(3)
، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا
(4)
لَمْ يُشَبْ
(5)
، وَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا كِتَابَ اللهِ وَغَيَّرُوه، وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ، وَقَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ
(6)
مِنَ الْعِلْمِ
(7)
عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ؟ لَا
(8)
وَاللهِ
(9)
مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا يَسْأَلُكُمْ
"ابْنِ عَبْدِ اللهِ " سقط في نـ. " عَلَى رَسُولِهِ " في نـ: "عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ". " وَقَدْ حَدَّثَكُمْ " كذا في سـ، وفي سـ، هـ:"وَقَدْ حَدَّثْتُكُمْ"، وفي حـ:"وَقَدْ حُدِّثْتُمْ". " عن مَسْأَلَتِهِمْ " في هـ: "عن مُسَاءَلَتِهِمْ". " مِنْهُمْ " في نـ: "مِثْلَهُمْ".
===
(1)
ابن عتبة بن مسعود.
(2)
أي: أحدث الكتب.
(3)
قوله: (أحدث) فإن قلت: كتابنا قديم فما معنى أحدث؟ قلت: معناه أحدث نزولًا مع أن اللفظ حادث، وإنما القديم هو المعنى القائم بذات الله تعالى:"ك"(25/ 86)، "ع"(16/ 567).
(4)
أي: صرفا خالصا.
(5)
أي: لم يخلط - من شاب يشوب - لأنه لم يتطرق إليه تحريف ولا تبديل بخلاف التوراة، "ع" (16/ 567). مرَّ الحديث (برقم: 2685) في "الشهادات".
(6)
فاعل "ينهاكم".
(7)
أي: الكتاب والسُّنَّة، "ك"(25/ 86).
(8)
كلمة " لا " تأكيد للنفي، وفي بعضها:"ألا" بكلمة التنبيه، "ك"(25/ 86).
(9)
غرضه أنهم مع أن كتابهم محرف لا يسألونكم فأنتم بالطريق
عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. [راجع: 2685].
26 - بَابُ نَهْي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّحْرِيمِ
(1)
إِلَّا مَا يُعْرَفُ إِبَاحَتُهُ
وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ
(2)
نَحْوَ قَوْلِهِ حِينَ أَحَلُّوا
(3)
:
"عَلَيْكُمْ" في نـ: "إِلَيْكُمْ".
===
الأولى أن لا تسألوهم، بل لا يجوز لكم السؤال عنهم، "ك"(25/ 87)، "ع"(16/ 567).
(1)
متعلق بمحذوف، أي: نهيه صلى الله عليه وسلم ينبئ عن التحريم إلا ما يعرف إباحته لا يكون، وفي بعض النسخ على بدل عن أي: محمول على التحري وهو ظاهر، "خ". [وفي "اللامع" (10/ 356). قوله:"عن التحريم"، هكذا بلفظ " عن " في النسخ الهندية، وكذا في النسخة المصرية المحشاة بحاشية السندي وفي متن الكرماني أيضًا، وفي هامش الهندية عن " الخير الجاري"، متعلق بمحذوف أي: ينبئ عن التحريم، وفي الشروح الأربعة، بلفظ " على " بدل " عن " وعليها بنوا شروحهم إذ قالوا: أي محمول على التحريم، والمعنى أن نهيه صلى الله عليه وسلم محمول على التحريم إلا ما يعرف كراهته بقرائن، وكذا أمره إيجاب إلا ما يعرف إباحته بالقرائن].
(2)
قوله: (كذلك أمره) صلى الله عليه وسلم الذي هو بمنزلة ضد النهي للإيجاب الذي هو ضد التحريم إلا ما يعرف إباحته، "خ"، أي: نهي النبي صلى الله عليه وسلم محمول على تحريم المنهي عنه، وهو حقيقة فيه إلا إذا علم أنه للإباحة بالقرينة الصادقة عن حقيقته كما في حديث أم عطية، وكذلك الأمر فإنه محمول على إيجاب المأمور به إلا إذا عرف أنه لغيره بالقرينة المانعة عن إرادة الحقيقة كما في حديث جابر، قال أكثر الأصوليين: النهي ورد لثمانية أوجه، وهو حقيقة في التحريم مجاز في باقيها، والأمر لستة عشر وجهًا حقيقة في الإيجاب مجاز في البواقي، كذا في "ك"(25/ 88).
(3)
أي: من الإحرام في حجة الوداع.
"أَصِيبُوا
(1)
مِنَ النِّسَاءِ". قَالَ جَابِرٌ
(2)
: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ
(3)
، وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ.
وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ
(4)
: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا
(5)
.
7364 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ. ح وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ
(6)
: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ
" قَالَ جَابِرٌ " في نـ: "وقَالَ جَابِرٌ". " الْجَنَائز " في نـ: " الجنازة". " حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ " في نـ: "عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ".
===
(1)
أي: جامعوهن يعني هذا الأمر علم أنه للإباحة فلا يحمل على الإيجاب، "ك"(25/ 89).
(2)
ابن عبد الله.
(3)
قوله: (ولم يعزم عليهم) أي: لم يوجب عليهم الجماع أي: لم يأمرهم أمر إيجاب، بل أمرهم أمر إحلال وإباحة. قوله:"نهينا " بلفظ المجهول، ومثله يحمل على أن الناهي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعني: أن النهي لم يكن للتحريم، بل للتنزيه مثلًا، "ك"(25/ 89)، "ع"(16/ 569 - 570).
(4)
اسمها: نسيبه - مصغرة ومكبرة - الأنصارية، "ك"(25/ 89)، "ع"(16/ 569).
(5)
أي: لم يوجب.
(6)
قوله: (وقال محمد بن بكر) البرساني - بضم الباء الموحدة - نسبة إلى برسان بطن من الأزد، ولعل البخاري ذكره تعليقًا عنه لأنه مات سنة ثلاث ومائتين، كذا في "ك"(25/ 89)، "ع" (16/ 570). قوله:"في الحج خالصًا " ليس معه عمرة، هو محمول على ما كانوا ابتدأوا به، ثم وقع الإذن بإدخال العمرة في الحج وبفسخ الحج إلى العمرة فصاروا على ثلاثة أنحاء
قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ في أُنَاسٍ مَعَهُ قَالَ: أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ
(1)
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الْحَجِّ خَالِصًا لَيْسَ مَعَهُ عُمْرَةٌ. قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صُبحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُحِلَّ وَقَالَ: "أَحِلُّوا
(2)
وَأَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ". قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ
(3)
وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُم، فَبَلَغَهُ أَنَّا نَقُولُ - لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا خَمْسٌ -
(4)
: أمَرَنَا أَنْ
===
مثل ما قالت عائشة: "منا من أهل بالحج، ومنا من أهل بالعمرة، ومنا من جمع". قوله: "أن نحل" أي: بأن نجعله عمرة ونصير متمتعين. قوله: "أصيبوا من النساء" هو إذن لهم في جماع نسائهم. ومطابقته للترجمة من حيث إن أمره صلى الله عليه وسلم بإصابة النساء لم يكن على الوجوب، ولهذا قال:"لم يعزم عليهم ولكن أحلهن" أي: النساء لهم، "ع"(16/ 570)، مع اختصار وتقديم وتأخير.
(1)
منصوب على الاختصاص.
(2)
أي: من الإحرام.
(3)
قوله: (ولم يعزم عليهم) أي: في جماع نسائهم أي: لأن الأمر المذكور إنما كان للإباحة، ولذلك قال جابر:"ولكن أحلهن". قوله: " إلا خمس " أي: ليال أولها ليلة الأحد، وآخرها ليلة الخميس؛ لأن توجههم من مكة كان عشية الأربعاء فباتوا ليلة الخميس بمنى، ودخلوا عرفة يوم الخميس. قوله:"مذاكيرنا المذي" وفي رواية المستملي: "المني"، وكذا عند الإسماعيلي. قوله:"ويقول جابر بيده هكذا وحركها " أي: أمالها، وفي رواية حماد بن زيد:"فقال جابر بكفه " أي: أشار، قال الكرماني (25/ 89): هذه الإشارة للتقطر وكيفيته، ويحتمل أن تكون إلى محل التقطر، "ف"(13/ 338).
(4)
أي: خمس ليال، "ع"(16/ 570)، "ك"(25/ 89).
نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا فَنَأْتِيَ عَرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا
(1)
الْمَذْيَ
(2)
. قَالَ: وَيَقُولُ جَابِرٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَحَرَّكَهَا. فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: "قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقَاكُمْ للهِ وَأَصْدَقُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ وَلَوْلَا هَدْيِي لَحَلَلْتُ
(3)
كَمَا تَحِلُّونَ، فَحِلُّوا
(4)
، فَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ"، فَحَلَلْنَا وَسمِعْنَا وَأَطَعْنَا. [أخرجه: د 1787، س 2805، تحفة: 2462، 2459].
7365 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ
(6)
،
"الْمَذْيَ " كذا في حـ، هـ، وفي سـ، ذ:"الْمَنِيَّ". " وَسَمِعْنَا " في نـ: "فسَمِعْنَا".
===
(1)
جمع ذكر على غير قياس، "ع"(16/ 570)، "ك"(25/ 89).
(2)
أشهر لغاته فتح فسكون ثم كسر ذال معجمة وشدة ياء، " مجمع " (4/ 574). ومرَّ الحديث (برقم: 1651) في "الحج".
(3)
قوله: (لحللت) وفي رواية الإسماعيلي: "لأحللت" حل وأحل لغتان، والمعنى: لولا أن معي الهدي لتمتعت؛ لأن صاحب الهدي لا يجوز له التحلل حتى يبلغ الهدي محله، وذلك في يوم العيد. قوله:"فلو استقبلت من أمري ما استدبرت" أي: لو علمت في أول الأمر ما علمت آخرًا - وهو جواز العمرة في أشهر الحج - ما سقت الهدي، "ع"(16/ 571)، "ك"(25/ 89).
(4)
بلفظ الأمر.
(5)
عبد الله بن عمرو المقعد البصري، مات بالبصرة سنة 224 هـ، "ع"(16/ 571).
(6)
ابن سعيد.
عَنِ الْحُسَيْنِ
(1)
، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ
(3)
الْمُزَنِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "صَلُّوا
(4)
قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ - قَالَ في الثَّالِثَةِ: - لِمَنْ شَاءَ"
(5)
كَرَاهِيَةَ
(6)
أَنْ تتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً
(7)
. [راجع: 1183].
27 - بَابُ كرَاهِيَةِ الاخْتِلَافِ
(8)
(9)
"الاخْتِلَافِ" كذا في ذ، وفي ذ:"الخِلَافِ".
===
(1)
ابن ذكوان المعلم.
(2)
عبد الله الأسلمي قاضي مرو، "ك"(25/ 90)، "ع"(16/ 571).
(3)
ابن مغفل بصيغة المفعول بالمعجمة والفاء.
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 624).
(5)
قوله: (لمن شاء) مطابقته للترجمة في قوله: "لمن شاء"؛ فإن فيه إشارة إلى أن الأمر حقيقة في الوجوب إِلَّا إذا قامت قرينة تدل على التخيير بين الفعل والترك. وقوله: "لمن شاء" إشارة إليه فكان هذا صارفًا عن الحمل على الوجوب، "ع"(16/ 571)، "ف"(13/ 339).
(6)
أي: لأجل كراهيته.
(7)
أي: طريقة لازمة لا يجوز تركها، أو سُنَّة راتبة يكره تركها.
(8)
أي: في الأحكام الشرعية أو أعم من ذلك، "ف"(13/ 336).
(9)
قوله: (باب كراهية الاختلاف) وقع هذا الباب في نسخة العيني (16/ 567) قبل "باب نهي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن التحريم"، ووقع في نسخة "فتح الباري" قبل:"باب قول اللّه: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى} ". وقال في "الفتح"(13/ 336): وسقطت هذه الترجمة لابن بطال، فصار حديثها من جملة باب النهي للتحريم، ووجهه بأن الأمر بالقيام عند الاختلاف في القرآن للندب لا لتحريم القراءة عند الاختلاف، والأولى ما وقع عند الجمهور، وبه جزم الكرماني (25/ 90)، فقال في آخر حديث عبد اللّه بن مغفل: هذا آخر ما أريد إيراده في "الجامع" من مسائل أصول الفقه، انتهى.
7366 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سلَّامِ
(2)
بْنِ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ
(3)
الْجَوْنِيِّ
(4)
، عَنْ جُنْدُب بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ
(5)
قُلُوَبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ".
قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ
(6)
: سَمِعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
(7)
سَلَّامًا. [راجع: 5060].
7367 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
(8)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصمَدِ
(9)
قَالَ:
"جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ" زاد في نـ: "البجلي". "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
…
" إلخ، ثبت في سـ.
===
(1)
هو ابن راهويه، قاله الكلاباذي، "ع"(16/ 568).
(2)
بتشديد اللام الخزاعي.
(3)
عبد الملك بن حبيب.
(4)
نسبة إلى أحد أجداده: الجون بن عوف، وقال ابن الأثير: الجون: بطن من كندة، منهم أبو عمران، "ع"(16/ 568).
(5)
أي: توافقت عليه القراءة، "ع"(16/ 568).
(6)
قوله: (قال أبو عبد اللّه
…
) إلخ، أي: البخاري سمع عبد الرحمن بن مهدي سلَّام بن أبي مطيع، وأشار بهذا إلى ما أخرجه في "فضائل القرآن" [ح: 5061]: عن عمرو بن علي عن عبد الرحمن قال: حَدَّثَنَا سلام بن أبي مطيع، ووقع هذا الكلام للمستملي وحده، "ف"(13/ 336)، "ع"(16/ 568).
(7)
أي: ابن مهدي.
(8)
هو إما ابن المنصور وإما الحنظلي، "ك"(25/ 90).
(9)
ابن عبد الوارث.
حَدَّثَنَا هَمَّامٌ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيّ، عَنْ جُنْدُب: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ
(2)
مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ"
(3)
. [راجع: 5060].
- وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ
(4)
(5)
، عَنْ هَارُونَ
(6)
الأَعْوَرِ قال: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ
(7)
، عَنْ جُنْدُبٍ
(8)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
"عَنْ جُنْدُبٍ" زاد في نـ: "ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ". "مَا ائْتَلَفَتْ" في نـ: "مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْه". "وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ" زاد قبله في نـ: "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ".
===
(1)
ابن يحيى البصري.
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 5061).
(3)
قوله: (فقوموا عنه) أمرهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالائتلاف وحذرهم بالفرقة عند حدوث الشبهة التي توجب المنازعة، وأمرهم بالقيام عن الاختلاف ولم يأمرهم بترك قراءة القرآن إذا اختلفوا في تأويله؛ لإجماع الأمة على قراءة القرآن لمن فهمه ولمن لم يفهمه، فدل ألن قوله:"قوموا عنه" على وجه الندب لا على وجه التحريم للقراءة عند الاختلاف، "ع"(16/ 568).
(4)
الواسطي، هذا تعليق وصله الدارمي، "ع"(16/ 568).
(5)
قوله: (قال يزيد بن هارون) مات سنة ست ومائتين، والظاهر أنه تعليق، ويحتمل سماع البخاري عنه، "ك"(25/ 90)، وهذا لا يتوقف فيه من اطلع على ترجمة البخاري؛ فإنه لم يرحل من بخارى إِلَّا بعد موت يزيد بن هارون بمدة، "ف"(13/ 336).
(6)
ابن موسى النحوي، "ك"(25/ 90).
(7)
الجوني.
(8)
ابن عبد اللّه.
7368 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ
(2)
، عَنْ مَعْمَرٍ
(3)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حُضِرَ
(4)
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم - قَالَ: وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - قَالَ: "هَلُمَّ
(5)
أَكْتُبْ لَكُمْ
(6)
كِتَابًا لَنْ تَضلُّوا بَعْدَهُ"،
"حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ" في نـ: "حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ". "قَالَ: هَلُمَّ". في نـ: "فقَالَ: هَلُمَّ".
===
(1)
ابن يزيد الفراء أبو إسحاق الرازي يعرف بالصغير، "ع"(16/ 569).
(2)
ابن يوسف.
(3)
ابن راشد.
(4)
بلفظ المجهول أي: حضره الموت، "ك" (25/ 90). ومرَّ الحديث (برقم: 4432) في أواخر "المغازي".
(5)
أي: تعالوا، وعند الحجازيين يستوي فيه المفرد والجمع والمؤنث والمذكر، "ك"(25/ 90)، "ع"(16/ 569).
(6)
قوله: (هلم أكتب لكم) بالجزم جواب، وبالرفع استئناف، أي: آمر من يكتب لكم كتابًا فيه نص على الأئمة بعدي أو بيان مهمات الأحكام، قاله في "المجمع"(4/ 372).
وقال الكرماني (25/ 90): وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتب، والأمي من لا يحسن الكتابة لا من لا يقدر على الكتابة، اللَّهم إِلَّا أن يقال: ما كان تعلم لكنه يكتب على سبيل الإعجاز، أو المراد منه المجاز نحو: آمر بالكتابة، انتهى.
وقال في "المجمع"(4/ 372): والأمر للإرشاد لا للوجوب، وإلا لم يسغ الإنكار من عمر، ولم يسلِّم صلى الله عليه وسلم إنكاره، كيف وقد عاش صلى الله عليه وسلم -
قَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآن، فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابًا لَنْ تَضلُّوا بَجْدَه، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَر، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ
(1)
وَالاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قُومُوا عَنِّي"، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ
(2)
: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيئَةَ
(3)
كُلَّ الرَّزِيئَةَ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَينَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ
(4)
وَلَغَطِهِمْ. [راجع: 114].
"وَاخْتَصَمُوا" في نـ: "اخْتَصَمُوا".
===
بعده أيامًا، فلو كان فيه مصلحة لم يتركه؛ فظهر أنه تبين له صلى الله عليه وسلم أن تركه مصلحة. وقيل: أراد النص على خلافة الصديق، فلما تنازعوا واشتد مرضه عدل عنه معولًا على ما أصل فيه من استخلافه في الصلاة، كذا ورد في "مسلم". وفي "مسند البزار"، وبطل به قول من ظن أنه أراد زيادة أحكام وتعليم، وخشي عجز الناس عنها، انتهى.
قال ابن بطال: عمر أفقه من ابن عباس حيث اكتفى بالقرآن، ولم يكتف ابن عباس به. فإن قيل: كيف جاز لهم مخالفة أمره؟ قلنا: قد ظهر منه من القرائن ما دل على أنه لم يوجب ذلك عليهم، "ك"(25/ 90).
(1)
أي: الصوت بلا فهم المقصود.
(2)
ابن عبد الله بن عتبة، "ك"(25/ 90)، هو موصول بالسند المذكور، "ف"(13/ 336).
(3)
بالراء ثم الزاي بوزن الفعيلة مهموزًا، وقد تقلب وتدغم، وهي المصيبة، "ك"(25/ 90)، "ع"(16/ 569).
(4)
بيان لما حال، "ك"(25/ 90).
28 - بَابُ
(1)
قَوْلِ اللَّهِ: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ
(2)
} [الشورى: 38]
{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 158]، وَأَنَّ الْمُشَاوَرَةَ قَبْلَ الْعَزْمِ
(3)
وَالتَّبْيِينِ
(4)
لِقَوْلِهِ: {فَإِذَا عَزَمْتَ
(5)
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159].
===
(1)
وفي بعض النسخ هذا الباب مقدم على "باب نهي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم"، "ك"(25/ 90).
(2)
قوله: ({وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}) الشورى على وزن فعلى: المشورة، تقول منه: شاورته في الأمر واستشرته بمعنى. ومعنى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} أي: يتشاورون. وقوله: " {شَاوِرْهُمْ}، اختلفوا في أمر اللّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه، فقالت طائفة: في مكائد الحروب وعند لقاء العدو، تطييبًا لقلوبهم وتأليفًا لهم على دينهم، وليروا أنه يسمع منهم ويستعين بهم وإن كان اللّه أغناه عن رأيهم بوحيه، روي هذا عن قتادة والربيع وابن إسحاق. وقالت طائفة: فيما لم يأته فيه وحي؛ ليتبين له صواب الرأي. وروي عن الحسن البصري والضحاك قالا: ما أمر اللّه نبيه بالمشاورة لحاجته إلى رأيهم، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشورة من الفضل. وقال آخرون: إنما أمر بها مع غناه عنهم لتدبيره تعالى الله، وسياسته إياه ليستن به من بعده ويقتدوا به فيما ينزل بهم من النوازل. وقال الثوري: وقد سن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الاستشارة في غير موضع: استشار أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في أسارى بدر، وأصحابه يوم الحديبية، "ع" (16/ 571 - 572).
(3)
أي: على الشيء.
(4)
أي: قبل وضوح المقصود، "ك"(25/ 91)، "ع"(16/ 572).
(5)
قوله: (لقوله: {فَإِذَا عَزَمْتَ}
…
) إلخ، وجه الدلالة أنه أمر أولًا بالمشاورة، ثم رتب التوكل على العزم وعقبه عليه إذ قال:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} وقال قتادة: أمر اللّه نبيه إذا عزم على أمر أن يمضي عليه ويتوكل على اللّه، "ع"(16/ 572).
فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ
(1)
صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ لِبَشَر
(2)
التَّقَدُّمُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَشَاوَرَ النَّبِيُّ
(3)
صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ
(4)
"عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ" في نـ: "بَينَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ".
===
(1)
قولى: (فإذا عزم الرسول صلى الله عليه وسلم
…
) إلخ، يريد أنه صلى الله عليه وسلم بعد المشورة إذا عزم على فعل أمر مما وقعت عليه المشورة، وشرع فيه لم يكن لأحد بعد ذلك أن يشير عليه بخلافه لورود النهي عن التقديم بين يدي اللّه ورسوله في آية الحجرات، وظهر من الجمع بين آية المشورة وبينها تخصيص عمومها بالمشورة، فيجوز التقدم لكن بإذن منه حيث يستشير، وفي غير صورة المشورة لا يجوز التقدم فأباح لهم القول جواب الاستشارة وزجرهم عن الابتداء بالمشورة وغيرها، ويدخل في ذلك الاعتراض على ما يراه بطريق الأولى، "ف"(13/ 341).
(2)
أي: لأحد من الآدميين، "ك"(25/ 91).
(3)
هذا مثال لما ترجم به أنه يشاور فإذا عزم لم يرجع، "ع"(16/ 572).
(4)
قوله: (يوم أحد في المقام والخروج
…
) إلخ، مختصر من قصة طويلة لم تقع موصولة في موضع آخر من "الجامع [الصحيح"]، وقد وصلها الطَّبراني من رواية ابن عباس قال:"تنفل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر" وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، وذلك أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لما جاءه المشركون يوم أحد كان رأي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يقيم بالمدينة ويقاتلهم فيها، فقال له ناس لم يكونوا شهدوا بدرًا: اخرج بنا يا رسول اللّه إليهم نقاتلهم بأحد، ونرجو أن نصيب من الفضيلة ما أصاب أهل بدر، فما زالوا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى لبس لأمته فلما لبسها ندموا، وقالوا: يا رسول اللّه أقم فالرأي رأيك، فقال: ما ينبغي لنبي أن يضع أداته بعد لبسها حتى يحكم اللّه بينه وبين عدوه، وكان ذكر لهم قبل أن يلبس الأداة أني رأيت أني في درع
في الْمُقَامِ
(1)
وَالْخُرُوجِ
(2)
، فَرَأَوْا لَهُ الْخُرُوجَ، فَلَمَّا لَبِسَ لأْمَتَهُ
(3)
وَعَزَمَ قَالُوا: أَقِمْ، فَلَمْ يَمِل إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْعَزْمِ وَقَالَ:"لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ". وَشاوَرَ عَلِيًّا وَأُسامَةَ فِيمَا رَمَى بِهِ أَهْلُ الإِفْكِ عَائِشَةَ فَسَمِعَ مِنْهُمَا
(4)
،
"يَلْبَسُ لأْمَتَهُ" في نـ: "لَبِسَ لأْمَتَهُ". "رَمَى بِهِ" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"رَمَى"
(1)
.
===
حصينة فأولتها المدينة، وهذا سند حسن. قوله:"فلما لَبِسَ لأْمَتَهُ" بسكون الهمزة: الدرع، وقيل: الأداة بفتح الهمزة وتخفيف الدال وهي الآلة من درع وبيضة وغيرهما من السلاح، والجمع لأم بسكون الهمزة مثل تمر وتمرة، وقد تسهل وتجمع أيضًا على لؤم - بضم ثم فتح - على غير قياس، واستلامٌ للقتال إذا لبس سلاحه كاملًا، "ف"(13/ 341).
قوله: "أقم" أي: اسكن بالمدينة ولا تخرج منها. قوله: "فلم يمل" أي: فما مال إلى كلامهم بعد العزم وقال: ليس ينبغي له إذا عزم أن ينصرف منه، لأنه نقض للتوكل الذي أمر الله به عند العزيمة، ولبس اللأمة دليل العزيمة، "ع"(16/ 572)، "ك"(25/ 91).
(1)
أي: الإقامة بالمدينة.
(2)
إلى القتال، "ك"(25/ 91).
(3)
أي: درعه، بالهمزة: الدرع، وقيل: السلاح، ولأم الحرب: أداته، وقد تخفف الهمزة، "مجمع"(4/ 467).
(4)
أي: من علي وأسامة ولم يعمل به حتى نزل القرآن، "ع"(16/ 572).
(1)
كذا في الهندية والسلطانية، وفي "قس" (15/ 377):"فيما رمى به أهل الإفك" ولأبي ذر عن الكشميهني: "فيما رمى أهل الإفك به".
حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ فَجَلَدَ الرَّامِينَ
(1)
، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ
(2)
وَلَكِنْ حَكَمَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ. وَكَانَتِ الأَئِمَّةُ
(3)
بَعْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَشِيرُونَ الأُمَنَاءَ
(4)
مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ في الأُمُورِ الْمُبَاحَةِ
(5)
، لِيَأخُذُوا بِأَسْهَلِهَا
(6)
، فَإِذَا وَضَحِ الْكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ لَمْ تتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيرِهِ، اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ورَأى أَبُو بَكْرٍ قِتَالَ
(7)
مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ
"الأُمَنَاءَ" في نـ: "أهْلَ الأُمَنَاءِ" مصحح عليه، وفي ذ:"أَهْلَ الأَمَانَةِ". "اقْتِدَاءً" في"، ذ: "اقْتَدَوْا". "النَّاسَ " ثبت في ذ.
===
(1)
وسماهم أبو داود في روايته وهم: مسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش، "ع"(16/ 572)، "ف"(13/ 342).
(2)
قوله: (ولم يلتفت إلى تنازعهم) قال ابن بطال (10/ 400) عن القابسي: كأنه أراد تنازعهما فسقطت الألف؛ لأن المراد علي وأسامة، وقال الكرماني (25/ 91): القياس: "تنازعهما" إِلَّا أن يقال: أقل الجمع اثنان، أو المراد هما ومن معهما ومن وافقهما في ذلك، "ع"(16/ 572)، "ف"(13/ 342).
(3)
من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
(4)
قيد بالأمناء لأن غير المؤتمن لا يستشار ولا يلتفت إلى قوله، "ع"(16/ 572)، "ف"(13/ 342).
(5)
أي: التي كانت على أصل الإباحة.
(6)
أي: بأسهل الأمور إذا لم يكن فيها نص بحكم معين، "ع"(16/ 573)؛ لعموم الأمر بالأخذ بالتيسير والتسهيل والنهي عن التشديد الذي يدخل المشقة على المسلم، "ف"(13/ 342).
(7)
قوله: (ورأى أبو بكر قتال
…
) إلخ، هذا غير مناسب في هذا المكان؛ لأنه ليس من باب المشاورة، وإنما هو من باب الرأي، ولهذا صرح فيه بقوله:"فلم يلتفت إلى مشورة".
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلهَ إلَّا اللَّه، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ"؟ "، فَقَال أَبُو بَكْر: وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ
(1)
مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْدُ
(2)
عُمَرُ
(3)
، فَلَمْ يَلْتَفِتْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَشوَرَةٍ، إِذْ كَانَ عِنْدَهُ حُكْمُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(4)
فِي الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ. وَقَال النَّبِيُّ
(5)
صلى الله عليه وسلم:
"وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ" ثبت في ذ، وسقط لغيره. "مَشُورَةِ" في هـ: مَشوَرَته"، وفي ذ: "مَشوَرَةِ عُمَرَ".
===
والعجب من صاحب "التوضيح"(33/ 171) حيث يقول: فعل الصديق وشاور أصحابه في مقاتلة مانعي الزكاة، وأخذ بخلاف ما أشاروا به عليه من الترك، والذي هنا من قوله:"فلم يلتفت إلى مشورة" يرد ما قاله، "ع" (16/ 573). قوله: "إذ كان عنده حكم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
…
" إلخ، وحكم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في المفارقين المبدلين هو القتل؛ لحديث: "من بدل دينه فاقتلوه"، ولفظ: "إِلَّا بحقها" أيضًا دليل على جواز القتال؛ إذ هو من حقوق الكلمة، كانوا يقولون: الصلاة واجبة؛ والزكاة غير واجبة؛ لأن دعاء أبي بكر ليس سكنًا لنا، وقال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}، "ك" (25/ 92).
(1)
مرَّ الحديث موصولًا (برقم: 7284).
(2)
مبني على الضم.
(3)
مرفوع، فاعل تابع.
(4)
وهو القتل.
(5)
دليل على أنه كان عنده حكم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. وقد مضى موصولًا من حديث ابن عباس في "كتاب المحاربين"(برقم: 6922).
"مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ". وَكَانَ الْقُرَّاءُ
(1)
أَصْحَابَ مَشوَرَةِ عُمَرَ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شَبَابًا، وَكَانَ وَقَّافًا
(2)
عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ.
7369 -
حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ
(3)
عَبدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبدِ اللَّهِ
(4)
قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم، عَنْ صَالِحٍ
(5)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْن عبد الله
(6)
، عَنْ عَائِشَةَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، قَالَتْ: وَدَعَا
(7)
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ
(8)
الْوَحْيُ يَسْأَلُهُمَا
(9)
،
"عَبْدُ الْعَزيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" ثبت في ذ. "إِبْرَاهِيمُ" في ذ: "إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ". "مَا قَالوا" ثبت في ذ.
===
(1)
قوله: (وكان القراء) أي: العلماء، وكان اصطلاح الصدر الأول أنهم كانوا يطلقون القراء على العلماء. قوله:"كهولًا كانوا أو شبابًا" يعني كان يعتبر العلم لا السن، والشباب على وزن فعال بالموحدتين، ويروى شبانًا بضم الشين وتشديد الباء والنون، "ع"(16/ 573).
(2)
أي: كثير الوقوف. ومرَّ بيانه (برقم: 7286).
(3)
مصغر الأوس نسبة إلى أويس بن سعد.
(4)
ابن يحيى أبو القاسم القرشي الأويسي المديني.
(5)
أي: ابن كيسان.
(6)
ابن عتبة بن مسعود.
(7)
هو عطف على مقدر أي: قالت: عمل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كذا ودعا، "ك"(25/ 93)، "ع"(16/ 574).
(8)
استفعل من اللبث وهو التأخر والإبطاء.
(9)
عن المصلحة في القضية، "ك"(25/ 93).
وَهُوَ يَسْتَشِيرُهُمَا في فِرَاقِ أَهْلِهِ
(1)
، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ. وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ: لَنْ يُضَيِّقَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سوَاهَا كَثِيرٌ
(2)
، وَسَلِ الْجَارِيَةَ
(3)
تَصْدُقْكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ، فَقَالَ:"هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟ " قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَمْرًا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ فَتَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ
(4)
بَلَغَنِي أَذَاهُ في أَهْلِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيرًا".
"لَنْ يُضيِّقَ اللَّهُ" في نـ: "لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ". "فَدَعَا" في نـ: "قال: فَدَعَا"، وفي أخرى:"فقال: فَدَعَا". "فَتَنَامُ" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"تَنَامُ". "في أَهْلِي" كذا في هـ، ذ، وفي ذ:"على أَهْلِي". "فَوَاللَّهِ" في نـ: "وَاللَّهِ".
===
(1)
أي: عائشة.
(2)
قوله: (والنساء سواها كثير) فإن قلت: لِم لم يقل كثيرة أو كثيرات؟ قلت: لأن الفعل يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع. وقوله: "يريبك" من راب وأراب أي: يوقعك في التهمة ويوهمك. قوله: "فتأتي الداجن" أي: الشاة التي ألفت بالبيت، ولا يقال: شاة داجنة بل داجن. أي: لا عيب فيها إِلَّا نومها عن العجين حتى يتلف. وقوله: "من يعذرني" أي: من يقوم بعذري إن كافأته على قبيح أفعاله ولا يلومني، وقيل: معناه من ينصرني، والعذير: الناصر، "ك"(25/ 93). والحديث طرف من حديث الإفك وقد مرَّ غير مرة بطوله، واقتصر هنا منه على موضع حاجته، وهي مشاورة علي وأسامة.
(3)
أي: جارية عائشة وهي بريرة، "ك" (25/ 93). ومرَّ الحديث بطوله (برقم: 4750 وغيره).
(4)
هو عبد الله بن سلول، "ك"(25/ 93).
وَذَكَرَ بَرَاءَةَ عَائِشَةَ. [راجع: 2593، أخرجه: م. 277، س في الكبرى 8931، تحفة: 16494، 16126، 17409، 16798، 16311].
7370 -
وَقَالَ
(1)
أَبُو أُسَامَةَ
(2)
عَنْ هِشَامٍ
(3)
. ح وحَدَّثَنِي
(4)
مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ
(6)
الْغَسَّانِيّ،
"وَذَكَرَ" في نـ: "فَذَكَرَ". "ح وحَدَّثَنِي" كذا في ذ، وفي نـ:"ح حَدَّثَنِي".
===
(1)
هذا تعليق من البخاري.
(2)
حماد بن أسامة.
(3)
ابن عروة.
(4)
هذا طريق موصول.
(5)
النشائي بنون ومعجمة خفيفة: بيّاع النشاء، الواسطي، مات سنة 255 هـ، "ك"(25/ 93).
(6)
قوله: (يحيى بن أبي زكرياء) مقصورًا وممدودًا، الغساني بالغين المعجمة وتشديد السين المهملة، السامي، سكن واسطًا. ويروى: العشاني بضم العين المهملة وتخفيف الشين المعجمة، قال صاحب "المطالع": إنه وهم، "ع"(16/ 574)، "ك"(25/ 93 - 94).
قوله: "ما تشيرون" بلفظ الاستفهام، والحاصل: أنه استشارهم فيما يفعل بمن قذف عائشة، فأشار عليه سعد بن معاذ وأسيد بن حضير بأنهم واقفون عند أمره موافقون له فيما يقول ويفعل، ووقع النزاع في ذلك بين السعدين، فلما نزل عليه الوحي ببراءتها أقام حد القذف على من وقع منه.
قوله: "ما علمت عليهم من سوء" يعني أهله، وإنما جمع باعتبار معنى الأهل، والقصة إنما كانت لعائشة وحدها، لكن لما كان يلزم من سبها سب أبويها ومن هو بسبيل منها، وكلهم كانوا بسبب عائشة معدودين في أهله صح الجمع، كذا في "ف"(13/ 343).
عَنْ هِشَامِ بْن عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيهِ وَقَال: "مَا تُشِيرُونَ عَلَيَّ فِي قَوْمٍ يَسُبُّونَ أَهْلِي مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوءٍ قَطُّ؟ ". وَعَنْ عُرْوَةَ
(1)
قَالَ: لَمَّا أُخْبِرَتْ
(2)
عَائِشَةُ بِالأَمْرٍ
(3)
قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْطَلِقَ إِلَى أَهْلِي؟ فَأَذِنَ لَهَا، فَأرْسَلَ مَعَهَا الْغُلَامَ. وَقَال رَجُلٌ
(4)
مِنَ الأَنْصَارِ: سُبْحَانَكَ {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ
(5)
} [النور: 16]. [راجع: 2593، تحفة: 17302].
"عَنْ هِشَامِ بن عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عَنْ عَائِشَةَ" في نـ: "عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ". "فَأَرْسَلَ" في نـ: "وَأَرْسَلَ".
===
(1)
هو موصول بالسند المذكور، "ف"(13/ 343).
(2)
بلفظ المجهول.
(3)
أي: بكلام أهل الإفك وشأنهم، "ك"(25/ 94)، "ع"(16/ 574).
(4)
هو أبو أيوب الأنصاري.
(5)
تنبيه: وقع في بعض النسخ في هذه الأبواب الثلاثة الأخيرة تقديم وتأخير، والخطب فيها سهل، "ف"(13/ 344).
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
17 -
كِتَابُ الرَّدِّ علَى الْجَهْمِيَّة وَغَيْرِهِم التَّوْحِيدَ
"كِتَابُ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ التَّوْحِيدَ" في نـ: "كِتَابُ رَدِّ الْجَهْمِيَّةِ وَغَيرِهِمْ"، وفي سفـ: "كِتابُ التَّوْحِيدِ
(1)
"، وفي سـ: "كِتَابُ التَّوْحِيدِ والرَّدِّ عَلِى الْجَهْمِيَّةِ وَغَيرِهِم".
===
(1)
قوله: (كتاب التوحيد) كذا وقع للنسفي، وعليه اقتصر الأكثرون عن الفربري، وفي رواية المستملي:"كتاب التوحيد والرد على الجهمية وغيرهم"، ووقع لابن بطال وابن التين:"كتاب رد الجهمية وغيرهم التوحيد" وقال بعضهم: وضبطوا التوحيد بالنصب على المفعولية، وظاهره معترض، لأن الجهمية وغيرهم من المبتدعة لم يردوا التوحيد، وإنما اختلفوا في تفسيره، انتهى. قلت: لا اعتراض عليها؛ فإن في الجهمية طائفة يردون التوحيد، وهم طوائف ينتسبون إلى جهم بن صفوان من أهل الكوفة، وعن ابن المبارك أنا نحكي كلام اليهود والنصارى ونستعظم أن نحكي قول جهم، وقال الكرماني (25/ 95): وفي بعض النسخ: "كتاب التوحيد ورد الجهمية" بالإضافة إلى المفعول، ولم تثبت البسملة قبل لفظ:"الكتاب" إِلَّا لأبي ذر، "ع"(16/ 575).
قوله: "وغيرهم" المراد بهم: القدرية، وأما الخوارج فتقدم ما يتعلق بهم في "كتاب الفتن"، وكذا الرافضة تقدم ما يتعلق بهم في "كتاب الأحكام" وهؤلاء الفرق الأربعة هم رؤوس المبتدعة. وقد سمى المعتزلة أنفسهم: أهل العدل والتوحيد، وعنوا بالتوحيد [ما اعتقدوه من] نفي الصفات الإلهية؛ لاعتقادهم أن إثباتها يستلزم التشبيه، ومن شبه بخلقه أشرك، وهم في النفي موافقون للجهمية، "ف"(14/ 344).
قال في "الخير الجاري": نقل العيني عن طائفة منهم يردون التوحيد،
1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ
(1)
(2)
تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ
===
ولعلهم يقولون بالتثليث كما يقول به الوجودية؛ فإنهم لا يقدرون أن يقولوا في قولنا: "لا إله إِلَّا اللّه": إن المراد به مرتبة الذات؛ لأنهم قائلون بأنه تعالى في تلك المرتبة عارية عن جميع الصفات والأسماء لا يشار إليه بل مجهول مطلق، ولا يقدرون أن يقولوا: إن المراد به مرتبة الأسماء والصفات؛ لأنها عندهم بعد المرتبة الثانية التي يسمونه حقيقة محمدية؛ لأن المتقدم أحق بالألوهية من المتأخر فضاهوا بالتوحيد. وقتل جهم في أوائل المائة الثانية في ثلاثين ومائة أو قريبًا منه. وجهم بفتح الجيم، والجهمية: نسبة إلى جهم بن صفوان، وأتباعه اليوم أكثر من أن يحصى، ولكنهم تستروا لأنفسهم بأن سموهم صوفية.
وقال أيضًا: وعنوان الكتاب بالتوحيد بمنزلة عنوان المتكلمين بالإلهيات فكما يذكرون فيها مباحث الذات والصفات والنبوة وخلق الأعمال والحشر والميزان فكذا ذكره البخاري في هذا الكتاب المعنون بكتاب التوحيد الأمور المذكورة، وليكن هذا عندك أصلًا حتى لا تحتاج في كل مقام إلى تكلف مال إليه الشراح، انتهى. [وفي "اللامع" (10/ 362): هذا وجيه خالٍ عن الإشكالات الواردة على لفظ التوحيد بعد كتاب الرد على الجهمية].
(1)
وهو الشهادة بأن اللّه إله واحد، "ع"(16/ 575)، "ف"(13/ 348).
(2)
قوله: (إلى توحيد اللّه) فإن قلت: ما معناه؛ إذ هو واحد أزلًا وأبدًا قبل وجود الموحدين وبعدهم؟ قلت: يعني به: إثبات الوحدانية بالدليل، أو معناه: النسبة إلى الوحدانية نحو: فَسَّقْت زيدًا أي: نسبته إلى الفسق.
لما فرغ البخاري من مسائل أصول الفقه شرع في مسائل أصول الكلام وما يتعلق بها وبذلك ختم كتابه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فإن قلت: الأولى تقديم الكلاميات على سائر ما في "الجامع" لأنها الأصل وهو الأساس، والكل متفرع مبني عليه، فالوضع الطبعي أن تقدم مسائل أصول الكلام على مسائل أصول الفقه ثم هو على مسائل الفقه ونحوها من سائر العمليات. قلت: لعله من باب الترقي إرادة لختم الكتاب بالأشرف وختامه مسك.
ثم إنه قدم التوحيد على غيره لأنه أصل الأصول وهو معنى كلمة الشهادة التي هي شعار الإسلام. قالوا: صفات الله تعالى إما عدمية وإما وجودية أي: نفي للنقائص أو إثبات للكمالات، والأولى تسمى بصفات الجلال، والثانية بصفات الإكرام، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} ، وقدم العدمية على الوجودية لأن مقتضى العقل أن ينفى النقصان عن الشيء ثم يثبت له الكمال، يقال: التخلية مقدمة على التحلية وأشرف الجلاليات، ويقال لها: التنزيهات: نفي الشريك، يعني: التوحيد، ولهذا قدمه، وهو وإن كان أول الواجبات لكنه آخر ما تنحل إليه المقاصد. ثم الوجودية حصروها في صفات سبعة: الحياة، والإرادة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والكلام. والباقي - من صفات الرحمة والخلق ونحوها بتمامها - راجع إليها لا تخرج عنها.
وختم البخاري بصفة الكلام لأنه مدار الوحي وبه ثبتت الشرائع، ولهذا افتتح الكتاب ببدء الوحي فالانتهاء إلى ما منه الابتداء.
فإن قلت: ختْم الكتاب هو بيان الميزان؟ قلت: ذكره ثمة ليس مقصودًا بالذات بل هو لإرادة أن يكون آخر كلامه تسبيحًا وتحميدًا، كما أنه ذكر حديث النية في أول الكتاب إرادة لبيان إخلاصه فيه، ففيه الإشعار بما كان عليه مؤلفه في حالتيه أولًا وآخرًا وباطنًا وظاهرًا، جزاه اللّه خيرًا، "ك"(25/ 95 - 96).
7371 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ
(1)
عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ
(2)
، عَنْ يَحْيَى
(3)
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبدِاللهِ بْنِ صَيفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ
(4)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ. [راجع: 1395].
7372 -
حَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلَاءِ
(6)
قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ
"يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"يَحْيَى بْنِ عَبدِ اللَّهِ". "عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ" في نـ: "عَنْ أَبِي سَعِيدٍ" - وفي بعض النسخ: عن أبي سعيد، وهو تصحيف، "ف" (13/ 348) -. "يَقُولُ" في ذ:"قَالَ". "مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"مُعَاذًا".
===
قال العيني (16/ 575): التوحيد في الأصل مصدر من وحّد يوحّد، ومعنى وحدت اللّه: اعتقدته منفردًا بذاته وصفاته لا نظير له ولا شبيه، وقيل: التوحيد إثبات ذات اللّه غير مشبهة بالذوات ولا معطلة عن الصفات.
(1)
اسمه الضحاك، المشهور بالنبيل، وكثيرًا يروي البخاري عنه بالواسطة، "ك"(25/ 96)، "ع"(16/ 576).
(2)
المكي.
(3)
مولى عمرو بن عثمان المكي.
(4)
بفتح الميم والموحدة وسكون المهملة الأولى، اسمه نافذ، بالنون والفاء وبالذال المعجمة، "ك"(25/ 96)، "ع"(16/ 576).
(5)
البصري.
(6)
الكوفي.
نَحْوَ أَهْلِ الْيَمَنِ
(1)
(2)
قَالَ لَهُ: "إِنَّكَ تَقْدَمُ
(3)
عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلُ
(4)
مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا الَلَّهَ، فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ
(5)
فَأَخْبِرْهُمْ
(6)
أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيلَتِهِمْ، فَإِذَا صَلُّوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ
"نَحْوَ أَهْلِ الْيَمَنِ" في نـ: "إلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ". "إِنَّكَ تَقْدَمُ" في ذ: "أَمَا إِنَّكَ تَقْدَمُ". "فَرَضَ" في نـ: "قَدْ فَرَضَ". "صَلُّوا" في نـ: "صَلُّوهَا".
===
(1)
أي: جهتهم.
(2)
قوله: (نحو أهل اليمن) هذا من إطلاق الكل وإرادة البعض؛ لأنه بعثه إلى بعضهم لا إلى جميعهم لأن اليمن مخلافان، وبعث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى مخلاف وأبا موسى الأشعري إلى مخلاف، كما مرَّ في أواخر "المغازي"، ويحتمل أن يكون الخبر على عمومه في الدعوى إلى الأمور المذكورة وإن كانت إمرة معاذ إنما كانت على جهة من اليمن مخصوصة، "ع" (16/ 576). قوله: "فليكن أول ما تدعوهم
…
" إلخ، في الحديث دليل لمن قال: أول واجب المعرفة، كإمام الحرمين، واستدل بأنه لا يتأتّى الإتيان بشيء من المأمورات على قصد الامتثال ولا الانكفاف عن شيء من المنهيات على قصد الانزجار إِلَّا بعد معرفة الآمر والناهي، "قس" (15/ 383).
(3)
بفتح الدال.
(4)
لفظ "أول" مبني على الضم، و"ما" مصدرية أي: ليكن أول الأشياء دعوتهم إلى التوحيد. وفي بعضها: "أن يوحد اللّه" بغير لفظة "إلى"، فهو اسم كان و"أول" خبره، كذا يفهم من "الكرماني"(25/ 96).
(5)
أي: التوحيد.
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 1395، 4347).
زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَإِذَا أَقَرُّوا
(1)
بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ
(2)
كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ". [راجع: 1395].
7373 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ أَبِي حَصِينٍ
(4)
وَالأَشْعَثِ بْنِ سُلَيمِ سَمِعَا الأَسْوَدَ بْنَ هِلَالٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا مُعَاذ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ " قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيهِ؟
(5)
"
"زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي نـ:"زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ". "قَالَ النَّبِيُّ" في نـ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ". "وَلَا يُشْركُوا" في نـ: "وَلَا يُشْرِكُ".
===
(1)
أي: صدقوا وآمنوا به، "ك"(25/ 97).
(2)
أي: احذر من أخذ خيار أموالهم، "ك"(25/ 97).
(3)
محمد بن جعفر.
(4)
بفتح أوله وكسر ثانيه: عثمان بن عاصم الأسدي، "ع"(16/ 577).
(5)
قوله: (ما حقهم عليه) أي: ما حق العباد على اللّه؟ هذا من باب المشاكلة كما في قوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54]، وإما أن يراد به الثابت، أو الواجب الشرعي بإخباره عنه، أو كالواجب في تحقيق وجوبه، وليس ذلك بإيجاب العقل، وبظاهره احتجت المعتزلة في قولهم: يجب على اللّه المغفرة، "ع"(16/ 577).
ومطابقته للترجمة في قوله: "أن يعبدوه" لأن معناه: أن يوحدوه، ولهذا عطف عليه بالواو التفسيرية، كذا قال العيني. وقال في "الفتح" (13/ 355): ودخوله في هذا الباب من قوله: "لا تشركوا به" فإنه المراد بالتوحيد، انتهى.
قَال
(1)
: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: "أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ". [راجع: 2856، أخرجه: م 30، تحفة: 11306].
7374 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُهَا
(2)
، فَلَمَّا أَصبَحَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فذَكَرَ ذَلِكَ لَه، وَكَأَنَّ
(3)
الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا
(4)
، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِل ثُلُثَ الْقُرْآنِ"
(5)
. [راجع: 5013].
"فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ". "وَكَأَنَّ الرَّجُلَ" في هـ، ذ:"فَكَأَنَّ الرَّجُلَ". "إِنَّهَا" في ذ: "فإِنَّهَا".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 6267).
(2)
أي: يكررها ويعيدها.
(3)
بلفظ الحرف المشبه بالفعل، ويروى:"كان" بلفظ الماضي من الكون، "ك" (25/ 98). ومرَّ الحديث (برقم: 5013).
(4)
بتشديد اللام أي: يعدها قليلة، "ك"(25/ 98)، "ع"(16/ 577).
(5)
قوله: (إنها لتعدل ثلث القرآن) لأن مآل ما فيه إلى ثلاثة أنواع: أحكام وقصص وصفات، أو لأنه متعلق إما بالمبدأ، وإما بالمعاش، أو بالمعاد. وسورة الإخلاص ما فيها إِلَّا ما يتعلق بالمبدأ والصفات. فإن قلت: المشقة في قراءة الثلث أكثر منها! قلت: إن التشبيه في الأصل لا في الزائد، "ك"(25/ 98).
مطابقته للترجمة من حيث إنه صرح فيه من وصف اللّه بالأحدية، "ع"(16/ 577).
- زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ
(1)
، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدريِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ
(2)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
7375 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّد قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ
(4)
"عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ" زاد في نـ: "ابْنِ عَبدِ اللَّهِ".
===
(1)
الأنصاري المديني.
(2)
هو أخوه لأمه، "ك"(25/ 98)، "ع"(16/ 578).
(3)
قوله: (حَدَّثَنَا محمد قال: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح) قال الكلاباذي: روى البخاري عن ابن صالح البصري في مواضع بلا واسطة، وروى عن محمد غير منسوب، وهو فيما أحسب ابن يحيى الذهلي عنه في أول "التوحيد". وقال الغساني: ليس في بعض النسخ ذكر محمد، أقول: وهو يحتمل الصحة أيضًا لأنه شيخ البخاري روى عنه كثيرًا، ويحتمل أيضًا أن يكون ذلك كلام الفربري ويريد به البخاري نفسه، "ك"(25/ 98).
قوله: "فيختم بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} " هذا يدل على أنه كان يقرأ بغيرها ثم يقرأها في كل ركعة، هذا هو الظاهر، ويحتمل أن يكون المراد أنه يختم بها آخر قراءته فتختص بالركعة الأخيرة. وعلى الأول فيؤخذ منه جواز الجمع بين السورتين في ركعة. قوله:"لأنها صفة الرحمن "قال ابن التين: إنما قال: إنها صفة الرحمن لأن فيها أسماءه وصفاته، وأسماءه مشتقة من صفاته، وقال غيره: يحتمل أن يكون الصحابي المذكور قال ذلك مستندًا لشيء سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم إما بطريق النصوصية وإما بطريق الاستنباط، "ف"(13/ 356).
(4)
عبد اللّه.
قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو
(1)
، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ
(2)
: أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ
(3)
مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - وَكَانَتْ فِي حَجْرِ
(4)
عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ
(5)
، وَكَانَ يَقْرَأ لأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: "سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟
(6)
"فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ"
(7)
. [أخرجه: م 813، س 993، تحفة: 17914].
"فِي صَلَاتِهِمْ" كذا في ذ، وفي نـ:"فِي صَلَاتِهِ"، وفي أخرى:"فِي صَلوَاتِهِمْ".
===
(1)
ابن الحارث المصري، "قس"(15/ 376)، "ع"(16/ 578).
(2)
سعيد.
(3)
إنما كنى به لأنه كان له عشرة أولاد ذكور رجال، "ك"(25/ 98)، "ع"(16/ 578).
(4)
بفتح الحاء وكسرها، "ع"(16/ 578).
(5)
أي: أميرًا عليهم، "ك"(25/ 99).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 774).
(7)
قوله: (أن اللّه يحبه) قال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يكون سبب محبة الله له محبته لهذه السورة، ويحتمل أن يكون لما دل عليه كلامه؛ لأن محبته لذكر صفات الرب دالة على صحة اعتقاده. قال المازري ومن تبعه: محبة اللّه لعباده إرادة ثوابهم وتنعيمهم، ومحبتهم له لا يبعد فيها الميل منهم إليه، وهو مقدس عن الميل. وقيل: محبتهم له استقامتهم على طاعته. والتحقيق: أن الاستقامة ثمرة المحبة، وحقيقة المحبة من جميع وجوهها، انتهى، "ف"(13/ 357).
2 - بَابٌ {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ
(1)
أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا
(2)
تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]
"بَابٌ" في نـ: "بَابُ قَولِ اللَّهِ".
===
(1)
قوله: " {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ
…
} إلخ) قال ابن بطال (10/ 403): غرضه في هذا الباب إثبات الرحمة وهي من صفات الذات، فالرحمن وصف وصف اللّه تعالى به نفسه وهو متضمن لمعنى الرحمة، كما تضمن وصفه بأنه عالم معنى العلم، إلى غير ذلك. قال: والمراد برحمته: إرادته نفع من سبق في علمه أنه ينفعه. قال: وأسماؤه كلها ترجع إلى ذات واحدة، وإن دل كل واحد منها على صفة من صفاته يختص الاسم بالدلالة عليها، وأما الرحمة التي جعلها الله في قلوب عباده فهي من صفات الفعل، وصفها بأنه خلقها في قلوب عباده، وهي رقة على المرحوم، وهو سبحانه وتعالى منزه عن الوصف بذلك فيتأول بما يليق به، "ف"(13/ 358).
الذي يظهر من تصرف البخاري في "كتاب التوحيد" أنه يسوق الأحاديث التي وردت في الصفات المقدسة فيدخل كل حديث منها في باب، ويؤيده بآية من القرآن للإشارة إلى خروجها عن أخبار الآحاد على طريق التنزل في ترك الاحتجاج بها في الاعتقاديات، وإن من أنكرها خالف الكتاب والسُّنَّة جميعًا، "ف"(13/ 359).
[في كتاب "الرد على الجهمية" ثمانية وخمسون ترجمة كلها ردّ على أحد من أهل البدع أو إثبات لصفة من صفاته تعالى، انظر "اللامع" (10/ 364)].
(2)
كلمة "أيّ" للشرط، والتنوين عوض عن المضاف إليه، و"ما" صلة الإبهام، أي: أيّ هذين الاسمين ذكرتم أو سميتم فله الأسماء الحسنى.
7376 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ
(2)
، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زيدِ بْنِ وَهْبٍ وَأَبِي ظِبيَانَ
(3)
، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَرْحَمُ اللَّهُ
(4)
مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ". [راجع: 6013].
7377 -
حَدَّثَنَا أبُو النُّعْمَانِ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
(6)
النَّهْدِيِّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: كُنَّا عَنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ يَدْعُوهُ
(7)
"مُحَمَّدٌ" في ذ: "مُحَمَّدُ بنُ سلامٍ"[بتخفيف اللام وتشديدها، "قس" (15/ 388)]. "أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ" في ذ: "حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ". "يَدْعُوهُ" في نـ: "تَدْعُوهُ"، وفي أخرى:"فَدَعَوْهُ".
===
(1)
قوله: (حَدَّثَنَا محمد) كذا للأكثر، قال الكرماني (25/ 99) تبعًا لأبي علي الجياني ["تقييد المهمل" (3/ 1017)]: هو إما ابن سلام وإما ابن المثنى، انتهى. وقد وقع التصريح بأنه ابن سلام في رواية أبي ذر عن شيوخه، فتعين الجزم به كما صنع المزي في "الأطراف" [ح: 3211]؛ فإنه قال: ح عن محمد هو ابن سلام. قلت: ويؤيده أنه عبر بقوله: "أنبأنا أبو معاوية"، ولو كان ابن المثنى لقال:"حَدَّثَنَا"؛ لما عرف من عادة كل منهما، واللّه أعلم، "ف"(13/ 360).
(2)
محمد بن خازم.
(3)
بفتح المعجمة وكسرها وإسكان الموحدة وبالتحتانية، اسمه حصين مصغرًا بالمهملتين.
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 6013).
(5)
محمد بن الفضل.
(6)
عبد الرحمن.
(7)
أي: الرسول. ولأبي ذر: "تدعوه" بالفوقية، أي: تدعوه زينب على لسان رسولها، "قس"(15/ 388).
إِلَى ابْنِهَا فِي الْمَوْتِ فَقَالَ: "ارْجِعْ فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا
(1)
فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ"
(2)
. فَأَعَادَتِ الرَّسُولَ: أَنَّهَا أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ
(3)
وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَدُفِعَ الصَّبِيُّ إِلَيْهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ
(4)
كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ
(5)
؛ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ
(6)
؛ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "هَذِهِ رَحْمَة جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ"
(7)
. [راجع: 1284].
"فَقَالَ: ارْجِعْ" في نـ: "فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ارْجِعْ"، وزاد بعده في ذ:"إليها". "أَقْسَمَتْ" في سـ، حـ، ذ:"قَد أَقْسَمَتْ". "فَدُفِعَ" في هـ: "فَرُفِعَ"، وفي سـ، حـ:"وَرُفِعَ". "يَا رَسُولَ اللَّهِ" في ذ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذا؟ ".
===
(1)
مرَّ الحديث مع بعض بيانه (برقم: 5655).
(2)
قوله: (فلتصبر ولتحتسب) أمرها بالصبر والاحتساب، وهو جعل الولد في حساب الله راضيًا بقضائه طالبًا للأجر من عنده. قوله:"فقال له سعد: ما هذا؟ " لأنه استغرب ذلك منه لأنه يخالف ما عهده منه من مقاومة المصيبة بالصبر، فقال: إنه أثر رحمة جعلها الله في قلوب عباده الرحماء، وليس من باب الجزع وقلة الصبر. وفي بعض النسخ لفظ:"ما هذا" مفقود فهو مقدر، والرحمة من اللّه: إرادة إيصال الخير، ومن العبد رقة القلب المستلزمة لإرادته، "ك"(25/ 100).
(3)
سيد الخزرج.
(4)
أي: تضطرب وتتحرك كأن لها صوت، "ك"(25/ 100).
(5)
بفتح الشين المعجمة وتشديد النون: القربة الخلقة، "ع"(16/ 580).
(6)
أي: سألت عيناه دموعًا.
(7)
جمع رحيم.
3 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}
(1)
[الذاريات: 58]
7378
- حَدَّثَنَا عَبدَانُ
(2)
، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ
(3)
، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنْ أَبِي عَبدِ الرَّحْمَنِ
(4)
السُّلَمِيِّ
(5)
، عَنْ أَبِي مُوسَى
"إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ" في صـ، قتـ، ذ:" {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} "
(6)
. "عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ" في ذ: "عَنْ سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ جُبَيرٍ".
===
(1)
قوله: (باب قول الله: {هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ} الآية) واختلفوا في الرزق، فالجمهور على أنه ما ينتفع به العبد غذاءً أو غيره حلالًا أو حرامًا، وقيل: هو الغذاء، وقيل: هو الحلال، وغرضه: إثبات صفة الرازقية له تعالى، وهي عائدة إلى صفة القدرة؛ لأن معناه أنه خالق للرزق منعم على العبد به. فإن قلت: القدرة قديمة وإفاضة الرزق حادثة؟ قلت: التعلق حادث. فإن قلت: لم يكن في الأزل رازقًا وصار عند وجود العبد رازقًا، فيلزم التغير فيه وكونه محل الحوادث؟ قلت: التغير في التعلق، يعني: قدرته لم تكن بإعطاء الرزق ثم تعلقت بعد ذلك، ولا تغير في نفس الصفة أي القدرة. وهذا هو منشأ الاختلاف في أنه صفة ذاتية أو صفة فعلية؛ إذ من نظر إلى القدرة على الرزق قال: إنه ذاتية وهو قديمة، ومن نظر إلى تعلق القدرة قال: فعلية وهو حادثة، واستحالة الحدوث إنما هو في الصفات الذاتية لا في الفعليات والإضافيات، "ك"(25/ 101).
(2)
لقب عبد اللّه بن عثمان بن جبلة المروزي، "ع"(16/ 580).
(3)
محمد بن ميمون اليشكري.
(4)
عبد اللّه.
(5)
بضم المهملة.
(6)
هذه هي القراءة المشهورة، وبها رواية أبي ذر والأصيلي والنسفي، ووقع في رواية القابسي:" {هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} "، ع، (16/ 580).
الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَحَدٌ أَصْبَرُ
(1)
عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، يَدَّعُونَ
(2)
لَهُ الْوَلَدَ، ثُمَّ يُعَافِيهِمْ
(3)
وَيَرْزُقُهُمْ"
(4)
. [راجع: 6099].
4 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {عَالِمُ الْغَيْبِ
(5)
فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: 26]،
===
(1)
قوله: (ما أحد أصبر على أذى
…
) إلخ، أصبر: أفعل تفضيل من الصبر، ومن أسمائه الحسنى: الصبور، ومعناه الذي لا يعاجل العُصاة بالعقوبة، وهو قريب من معنى الحليم، والحليم أبلغ في السلامة من العقوبة، والمراد بالأذى أذى رسله وصالحي عباده؛ لاستحالة تعلق أذى المخلوقين به لكونه صفة نقص وهو منزه عن كل نقص، ولا يؤخر النقمة قهرًا بل تفضلًا، وتكذيب الرسل في نفي الصاحبة والولد عن اللّه أذى لهم، فأضيف الأذى إلى اللّه تعالى للمبالغة في الإنكار عليهم والاستعظام لمقالتهم.
وقال ابن المنير: وجه مطابقة الآية للحديث اشتماله على صفتي الرزق والقوة الدالة على القدرة، أما الرزق فواضح من قوله:"ويرزقهم"، وأما القوة فمن قوله:"ما أحد أصبر" بأن فيه إشارة إلى القدرة على الإحسان إليهم مع إساءتهم، بخلاف طبع البشر فإنه لا يقدر على الإحسان إلى المسيء إِلَّا من جهة تكلفه ذلك شرعًا، "ف"(13/ 361).
(2)
أي: ينسبون إليه ويثبتونه له، "ك"(25/ 101)، "ع"(16/ 580).
(3)
أي: يدفع عنهم المكروهات من العلل والبليات، "ك"(25/ 101).
ومرَّ الحديث (برقم: 6599).
(4)
أي: الأرزاق والأقوات مقابلة للسيآت بالحسنات، "ك"(25/ 101).
(5)
قوله: (باب قول اللّه {عَالِمُ الْغَيْبِ
…
} إلخ) والغرض من الباب إثبات صفة العلم، وفيه أيضًا رد على المعتزلة حيث قالوا: إنه عالم بلا علم، فأورد هنا خمس قطع من خمس آيات: قوله: " {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} " أي: اختاره، والرسول إما جميع الرسل
وَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34]، وَ {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166]، وَ {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} [فاطر: 11]، {إِلَيْهِ يُرَدُّ
(1)
عِلْمُ السَّاعَةِ} [فصلت: 47]
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ يَحْيَى
(2)
(3)
:
"وَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ} " سقطت الواو في نـ. " {إِلَيْهِ يُرَدُّ} " في نـ: "وَ {إِلَيْهِ يُرَدُّ} ".
===
أو جبريل؛ لأنه المبلغ لهم. واختلف في المراد بالغيب فقيل: هو على عمومه، وقيل: ما يتعلق بالوحي خاصة، وقيل: ما يتعلق بعلم الساعة وهو ضعيف؛ لأن علم الساعة مما استأثر اللّه بعلمه إِلَّا إن ذهب قائل ذلك بأن الاستثناء منقطع، وفي الآية رد على المنجمين وعلى كل من يدعي أنه يطلع على ما سيكون من حياة أو موت أو غير ذلك؛ لأنه مكذب للقرآن. والآية الثالثة: وهو قوله: " {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} " من الحجج القاطعة في إثبات العلم للّه تعالى، وحرفه المعتزلي نصرة لمذهبه، فقال: أنزله ملتبسًا بعلمه الخاص وهو تأليفه على نظم وأسلوب يعجز عنه كل بليغ، ورد عليه بأن نظم العبارات ليس هو نفس العلم القديم بل دال عليه، ملتقط من "ك"(25/ 102 - 103)، "ع"(16/ 581)، "ف"(13/ 364).
(1)
أي: لا يعلم وقت قيامها غيره، فالتقدير إليه يرد علم وقت الساعة، "ع"(16/ 581).
(2)
ابن زياد الفراء النحوي المشهور، وإنما قيل له: الفراء مع أنه لم يكن يعمل الفراء ولا يبيعها؛ لأنه كان يفري الكلام، "ع"(16/ 581).
(3)
أي: في تفسير قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3].
الظَّاهِرُ
(1)
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَالْبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا.
7379 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَفَاتِيحُ الْغَيبِ
(2)
خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّه، لَا يَعْلَمُ
"عَلَى كُلِّ شَيْءٍ" في نـ: "كُلِّ شَيْءٍ". "لَا يَعْلَمُهَا" في نـ: "لَا يَعْلَمُهُنَّ".
===
(1)
وقيل: معناه: العالم بظواهر الأشياء وبواطنها، وقيل: الظاهر بالأدلة والباطن بذاته، وقيل: الظاهر بالعقل والباطن بالحس، وقيل: معنى الظاهر: العالي على كل شيء؛ لأن من غلب [على] شيء ظهر عليه وعلاه، والباطن: الذي [في] كل شيء أي: علم باطنه، "ف"(13/ 362).
(2)
قوله: (مفاتيح الغيب) استعارة إما مكنية وإما مصرحة، ولما كان جميع ما في الوجود محصورًا في علمه شبهه الشارع بالمخازن واستعار لبابها المفتاح.
والحكمة في جعلها خمسًا: الإشارة إلى حصر العوالم فيها، ففي قوله:"مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ" إشارة إلى ما يزيد في النفس وينقص، وخص الرحم بالذكر لكون الأكثر يعرفونها بالعادة ومع ذلك ينفي أن يعرف أحد حقيقتها فغيرها بطريق الأولى.
وفي قوله: "لا يعلم متى يأتي المطر" إشارة إلى أمور العالم العلوي، وخص المطر مع أن له أسبابًا قد تدل بجري العادة على وقوعه لكنه من غير تحقيق.
وفي قوله: "وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ
…
" إلخ، إشارة إلى أمور العالم السفلي مع أن عادة أكثر الناس أن يموت ببلده ولكن ليس ذلك حقيقة، بل لو مات في بلده لا يعلم في أي بقعة يدفن.
مَا تَغِيضُ
(1)
الأَرْحَامُ إِلَّا اللَّه، وَمَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّه، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّه، وَلَا تَدْرِي
(2)
نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلَّا اللَّه، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ". [راجع: 1039، تحفة: 7183].
7380 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(3)
، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
(4)
، عَنِ الشَّعْبِيِّ
(5)
، عَنْ مَسْرُوقٍ
(6)
، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
"وَمَا يَعْلَمُ" في نـ: "وَلَا يَعْلَمُ". "عَنْ إِسْمَاعِيلَ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ".
===
وفي قوله: "ولا يعلم ما في غد" إشارة إلى أنواع الزمان وما فيها من الحوادث، وعبر بلفظ "غد" لكونه أقرب الأزمنة، وإذا كان مع قربه لا يعلم حقيقة ما يقع فيه [مع إمكان الأمارة والعلامة] فما بعد عنه أولى.
وفي قوله: "ولا يعلم متى تقوم الساعة" إشارة إلى علوم الآخرة فإن يوم القيامة أولها، وإذا نفى علم الأقرب انتفى علم ما بعده.
فجمعت الآية [لقمان: 34] أنواع الغيوب وأزالت جميع الدعاوي الفاسدة، "ع"(16/ 582)، "ف"(13/ 365).
(1)
من غاض الماء إذا نقص، وهو لازم ومتعد، والغيض: السقط الذي لم يهتم خلقه، "ك" (25/ 102). ومرَّ الحديث (برقم: 1039).
(2)
فإن قلت: الدراية علم يحصل بالتكلف، فكيف يصح استثناء اللّه تعالى منه؟ قلت: أراد بهذا العلم المطلق، "ك"(25/ 102).
(3)
الثوري.
(4)
ابن أبي خالد البجلي.
(5)
عامر بن شراحيل.
(6)
ابن الأجدع.
مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ
(1)
(2)
فَقَدْ كَذَبَ، وَهُوَ يَقُولُ:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]. وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَقَدْ كَذَبَ
(3)
، وَهُوَ يَقُولُ:"لَا يَعْلَمُ الْغَيبَ إِلَّا اللَّهُ". [راجع: 3234، أخرجه: م 177، ت 3068، س في الكبرى 11408، تحفة: 17613].
"رَبَّهُ" زاد في نـ: "عز وجل".
===
(1)
أي: في ليلة المعراج.
(2)
قوله: (رأى ربه
…
) إلخ، اختلفوا في رؤيته، فعائشة رضي الله عنها ممن أنكرها، لكنها لم تنقل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بل قالته اجتهادًا واستدلالًا. وقال الداودي: إنها أنكرت ما قيل عن ابن عباس أنه رآه بقلبه. ومعنى الآية: لا تحيط به الأبصار، وقيل: لا تدركه الأبصار وإنما يدركه المبصرون، وقيل: لا تدركه في الدنيا، "عيني"(16/ 582 - 583).
(3)
قوله: (أنه يعلم الغيب فقد كذب) كذا وقع في هذه الرواية، وقد تقدم في تفسير سورة "النجم" (برقم: 4855) من طريق وكيع عن إسماعيل بلفظ: "ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب"، ثم قرأت:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} وذكر هذه الآية أنسب في هذا الباب لموافقته حديث ابن عمر الذي قبله، لكنه جرى على عادته التي أكثر منها من اختيار الإشارة على صريح العبارة.
ونقل ابن التين عن الداودي قال: قوله في هذا الطريق: "من حدثك أن محمدًا يعلم الغيب" ما أظنه محفوظًا، وما أحد يدعي أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يعلم الغيب إِلَّا ما علم، انتهى. وليس في الطريق المذكورة هنا التصريح بذكر محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما وقع فيه بلفظ:"ومن حدثك أنه يعلم" وأظنه بني على أن الضمير في قول عائشة: "ومن حدّثك" أنه لمحمد صلى الله عليه وسلم لتقدم ذكره، ويعكر عليه أنه وقع في رواية إبراهيم النخعي عن مسروق عن عائشة قالت: "ثلاث من قال واحدة منهن فقد أعظم الفرية: من زعم أنه يعلم ما في غد
…
"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الحديث، أخرجه النسائي. وظاهر هذا السياق أن الضمير للزاعم، ولكن ورد التصريح بأنه لمحمد صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد ربه بن سعيد عن داود بن أبي هند عن الشعبي بلفظ:"أعظم الفرية على اللّه من قال: إن محمدًا رأى ربه وإن محمدًا كتم شيئًا من الوحي، وإن محمدًا يعلم ما في غدٍ" وهو عند مسلم من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن داود وسياقه أتم، ولكن قال فيه:"ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد". هكذا بالضمير، كما في رواية إسماعيل معطوفًا على "من زعم أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كتم شيئًا". وما ادعاه من النفي متعقب؛ فإن بعض من لم يرسخ في الإيمان كان يظن ذلك حتى كان يرى أن صحة النبوة يستلزم اطلاع النَّبِيّ على جميع المغيبات، كما وقع في المغازي لابن إسحاق أن ناقة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ضلت، فقال زيد بن اللصيت - بصاد مهملة وآخره مثناة وزن عظيم -: يزعم محمد أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته؟ فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "إن رجلًا يقول كذا وكذا، وإني واللّه لا أعلم إِلَّا ما علّمني اللّه، وقد دلني الله عليها وهي في شعب كذا، قد حبستها شجرة، فذهبوا فجاؤوه بها"، فأعلم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه لا يعلم من الغيب إِلَّا ما علمه الله، وهو مطابق لقوله تعالى: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ
…
} الآية، "فتح الباري"(13/ 363 - 364).
وقوله: "وهو يقول: لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ" فإن قلت: التلاوة هي {لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} لا ما ذكره في "الجامع"؟ قلت: يحتمل أن يكون ضمير هو راجعًا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، أو ذكر المقصود من الآية وجاز مثله إذ ليس قاصدًا للقراءة ولا ناقلًا لها، "كرماني"(25/ 102).
[فيه إثبات صفة العلم وفيه أيضًا ردّ على المعتزلة حيث قالوا: إنه عالم بلا علم، وأنكر الجهمية أيضًا كونه عالمًا، "اللامع" (10/ 365)].
5 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ
(1)
} [الحشر: 23]
7381
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ
(2)
، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ
(3)
قَالَ:
"بَابُ" سقط لغير أبي ذر، "قس"(15/ 396).
===
(1)
قوله: (باب قول اللّه: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ}) كذا في رواية الجميع. وزاد ابن بطال (10/ 408){الْمُهَيْمِنُ} ، وقال: غرضه بهذا الباب إثبات أسماء اللّه تعالى، وكأنه أراد بهذا القدر الإشارة إلى الآيات الثلاث المذكورة في آخر سورة الحشر.
قال الطيبي: مصدر نعت به، والمعنى: ذو السلامة من كل آفة ونقيصة، أي: الذي سلمت ذاته عن الحدوث والعيب، وصفاته عن النقص، وأفعاله عن الشر المحض، وهو من أسماء التنزيه، وقيل: معناه مالك تسليم العباد من المخاوف والمهالك، فيرجع إلى القدرة فيكون من صفات الذات، وقيل: المسلم على عباده لقوله: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58] فهي صفة كلامية.
و " {الْمُؤْمِنُ} " قال الطيبي: هو في الأصل الذي يجعل غيره آمنًا، وفي حق الله تعالى يحتمل أن يكون متضمّنًا لكلام اللّه تعالى الذي هو تصديقه لنفسه في أخباره، ولرسله في صحة دعواهم الرسالة، وأن يكون متضمِّنًا صفة فعل هي أمانة رسله وأوليائه المؤمنين به من عقابه.
و " {الْمُهَيْمِنُ} " راجع إلى معنى الحفظ والرعاية، وذلك صفة فعل له عز وجل، وروى البيهقيّ عن ابن عباس في قوله:{مُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} قال: مؤتمنا عليه، وفي رواية: المهيمن: الأمين، وفي أخرى: الشاهد، وقيل: الرقيب على الشيء والحافظ له. وقال الطيبي: " {الْمُهَيْمِنُ} ": الرقيب البالغ في المراقبة والحفظ، من قولهم: هيمن الطير إذا نشر جناحه على فرخه صيانة له، هذا تلخيص من "ع"(16/ 583)، "ف"(13/ 366).
(2)
هو أحمد بن عبد اللّه بن أبي يونس الكوفي.
(3)
ابن معاوية.
حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ
(2)
قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ
(3)
: كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَقُولُ: السَّلَامُ
(4)
عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَات، السَّلَامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ". [راجع: 831، أخرجه: س 1170، تحفة: 9293].
6 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {مَلِكِ النَّاسِ
(5)
} [الناس: 2]
فِيهِ
(6)
ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
7382 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ
(7)
قَالَ:
"بَابُ" سقط لغير أبي ذر، "قس"(15/ 397).
===
(1)
ابن مقسم بكسر الميم، "ك"(25/ 103).
(2)
أبو وائل.
(3)
أي: ابن مسعود.
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 6230) في "الاستئذان" و (برقم: 831) في "الصلاة".
(5)
قوله: ({مَلِكِ النَّاسِ}) فيه وجهان: أحدهما: أن يكون راجعًا إلى صفة ذاته وهو القدرة؛ لأن الملك بمعنى القدرة، والآخر أن يكون راجعًا إلى صفة فعل وذلك بمعنى القهر والصرف لهم عما يريدونه إلى ما يريده، "عيني" (16/ 584). [وفي "اللامع" (10/ 366): مال الحافظ إلى أن غرض الترجمة أن كلامه غير مخلوق، وأثبته بحديث الباب].
(6)
أي: في الباب. [وحديث ابن عمر سيأتي (برقم: 7412)].
(7)
عبد الله.
أَخْبَرَنِي يُونُسُ
(1)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
(2)
، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ
(3)
ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟ ". وَقَالَ شُعَيْبٌ
(4)
وَالزُّبَيْدِيُّ
(5)
وَابْنُ مُسَافِرٍ
(6)
"عَنْ سَعِيدٍ" زاد في ذ: "هوَ ابنُ الْمُسَيَّبِ".
===
(1)
ابن يزيد.
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 6519).
(3)
قوله: (بيمينه) هو من المتشابهات، فإما أن يُفوَّض وإما أن يؤوَّل بقدرته. وفيه إثبات اليمين لله تعالى صفة له من صفات ذاته وليس بجارحة خلافًا للجهمية، وعن أحمد بن أبي سلمة عن إسحاق بن راهويه قال: صح أن اللّه يقول بعد فناء خلقه: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} فلا يجيبه أحد، فيقول لنفسه:{لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16]. وفيه الرد على من زعم أن اللّه يخلق كلامًا يسمعه من يشاء! بأن الوقت الذي يقول فيه: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} لا يبقى فيه مخلوق حيًّا فيجيب نفسه، فلا يشك أحد أن هذا كلام اللّه وليس بوحي إلى أحد، فهو صفة ذاتية غير مخلوق، كذا في "ع"(16/ 584)، "ف"(13/ 368).
(4)
ابن أبي حمزة، وروايته وصلها الدارمي [(2/ 781، رقم: 2696)].
(5)
هو محمد بن الوليد صاحب الزُّهري، نسبه إلى زبيد - بضم الزاي وفتح الموحدة وسكون التحتية -: قبيلة، "ع"(16/ 584)، وروايته وصلها ابن خزيمة، [(1/ 168، 169، رقم: 94)].
(6)
هو عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي، "ع"(16/ 584).
وروايته قد تقدمت موصولة في سورة "الزمر"(برقم: 4812).
وَإِسْحَاقُ
(1)
بْنُ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
(2)
. [راجع: 4812].
7 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
(3)
} [إبراهيم: 4]، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: 180]، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ}
"عَنْ أَبِي سَلَمَةَ" زاد في ذ: "مِثْلَهُ". " {رَبِّ الْعِزَّةِ} " زاد في ص، ذ:" {عَمَّا يَصِفُونَ} ".
===
(1)
روايته وصلها الذهلي في "الزهريات"، ["تغليق التعليق" (5/ 337)].
(2)
قوله: (عن أبي سلمة) وليس المراد أن أبا سلمة أرسله، بل مراده أنه اختلف على الزُّهري في شيخه، فقال يونس: سعيد بن المسيب، وقال الباقون: أبو سلمة، وكل منهما يرويه عن أبي هريرة، "ع"(16/ 584 - 585)، "ف"(13/ 367).
(3)
قوله: (باب قول اللّه: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
…
) إلخ، ذكر فيه ثلاث قطع من ثلاث آيات: الأولى: {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} العزيز يتضمن العزة، وهي تجوز أن تكون صفة ذات بمعنى القدرة والعظمة، وأن تكون صفة فعل بمعنى القهر لمخلوقاته والغلبة لهم. والحَكِيمُ يتضمن معنى الحكمة، وهو إما صفة ذات تكون بمعنى العليم من صفات ذاته، وإما صفة فعل بمعنى الإحكام. الثانية:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} ففي إضافة العزة إلى الربوبية إشارة إلى أن المراد ها هنا: القهر والغلبة، ويحتمل أن تكون الإضافة للاختصاص كأنه قيل: ذو العزة، وأنها من صفات الذات، والتعريف في "العزة" للجنس، فإذا كانت العزة كلها للّه تعالى فلا يصح أن يكون أحد معتزًّا إِلَّا به، ولا عزة لأحد إِلَّا وهو مالكها. والثالثة: يعرف حكمها من الثانية، وهي بمعنى الغلبة لأنها جواب لمن ادّعى أنه الأعز، وأن ضده الأذل، فرد عليه بأن العزة للّه ولرسوله وللمؤمنين. قوله: "من حلف بعزة اللّه
…
" إلخ، وقال ابن بطال
[المنافقون: 8]، وَمَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ
(1)
وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَقُولُ
(2)
جَهَنَّمُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ".
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ
(3)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "يَبقَى رَجُلٌ
(4)
بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ
(5)
: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
"وَصفَاتِهِ" في سـ: "وَسُلْطَانِهِ". "يَا رَبِّ" كذا في ذ، وفي نـ:"رَبِّ".
===
(10/ 412): الحالف بعزة اللّه التي هي صفة فعله لا يحنث، بل هو منهي عن الحلف بها كما عن الحلف بحق السماء وحق زيد، انتهى. لكن إذا أطلق الحالف انصرف إلى صفة الذات وانعقد اليمين إِلَّا إن قصد خلاف ذلك، "ع"(16/ 585)، "ف"(13/ 369) مختصرًا.
(1)
كذا للأكثر، وللمستملي:"وسلطانه" بدل "وصفاته".
(2)
هذا طرف من حديث مطول مضى في سورة ق (برقم: 4848)، والمراد: أنه صلى الله عليه وسلم نقل عن جهنم أنها تحلف بعزة الله، وأقرها على ذلك، فيحصل المراد سواء كانت هي الناطقة حقيقة أم الناطق غيرها كالموكلين بها، "ع"(16/ 585)، "ف"(13/ 370).
(3)
هذا أيضًا طرف من حديث طويل تقدم في "كتاب الرقاق"(برقم: 6574).
(4)
يروى أن اسمه: جهينة، بالجيم والنون [انظر "فتح الباري" (11/ 459)].
(5)
هذا طرف من حديث مذكور في آخر حديث أبي هريرة الذي قبله، ويستفاد منه أن أبا سعيد وافق أبا هريرة إِلَّا ما ذكره من الزيادة، "ف"(13/ 370).
قَالَ: "قَالَ اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ". وَقَالَ أَيُّوبُ
(1)
: "وَعِزَّتِكَ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ".
7383 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ
(4)
الْمُعَلِّمُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ
(5)
، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ
(6)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: "أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الَّذِي لَا يَمُوتُ
(7)
، وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ"
(8)
.
[أخرجه: م 2717، س في الكبرى 7684، تحفة: 6550].
"لَا غِنَى" في سـ، حـ، ذ:"لَا غَنَاءَ". "لَا يَمُوتُ" في نـ: "لَا تَمُوتُ".
===
(1)
أي: النَّبِيّ عليه الصلاة والسلام، هذا طرف من حديث تقدم موصولًا في "كتاب الغسل" (برقم: 279).
(2)
عبد الله بن عمرو المقعد البصري.
(3)
ابن سعيد.
(4)
ابن ذكوان.
(5)
الأسلمي قاضي مرو.
(6)
بفتح الميم وضمها والفتح أشهر، وهو أيضًا قاضي مرو.
(7)
بلفظ الغائب، ويروى بالخطاب، "ع"(16/ 586).
(8)
قوله: (والإنس والجن يموتون) استدل به على أن الملائكة لا تموت، ولا حجة فيه؛ لأنه مفهوم لقب ولا اعتبار له، وعلى تقدير اعتباره فيعارضه ما هو أقوى منه، وهو عموم قوله تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]، مع أنه [لا] مانع من دخولهم في مسمى الجن لجامع ما بينهم من الاستتار عن عيون الإنس، "ف" (13/ 370). قلت: هذا كلام
7384 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ
(1)
قَال: حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
(3)
، عَنْ قَتَادَةَ
(4)
، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"يُلْقَى فِي النَّارِ". وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ
(5)
: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ
(6)
، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ. حَ وَعَنْ مُعْتَمِرٍ
(7)
(8)
قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي،
"يُلْقَى" في ذ: "لا يَزَالُ يُلْقَى". "وَقَالَ" في نـ: "حَ وَقَالَ".
===
واهٍ؛ لأن مسمى الجن غير مسمى الملائكة، فلا يلزم من استتارهم عن أعين الناس صحة دخول الملائكة الذين هم من النور في الجن الذين خلقوا من مارج من نار، "ع"(16/ 587).
(1)
هو عبد الله بن محمد البصري، واسم أبي الأسود حميد بن الأسود، "ع"(16/ 587).
(2)
ابن عمارة.
(3)
ابن الحجاج.
(4)
ابن دعامة.
(5)
ابن خياط بالمعجمة والتحتية.
(6)
ابن أبي عروبة.
(7)
أخو الحاج بن سليمان بن طرخان المشهور بالتيمي.
(8)
قوله: (وعن معتمر
…
) إلخ، روى البخاري هذا الحديث من ثلاث طرق، والفرق بينها أنه روى في الأولى بالتحديث عن شيخه، وفي الثانية بالقول، وفي الثالثة بالتعليق عن غير شيخه، "ك"(25/ 105)، وقال في "الفتح" (13/ 371): فيه نظر؛ لأن هذا الثالث ليس بتعليق بل هو موصول معطوف على قوله: "حَدَّثَنَا يزيد بن زريع"، فالتقدير: وقال لي خليفة عن معتمر، وبهذا جزم أصحاب الأطراف، [انظر "تحفة الأشراف" (ح: 1230)].
عَنْ قَتَادَةَ
(1)
، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَا يَزَالُ يُلْقَى فِيهَا وَهِي تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ
(2)
(3)
، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدَمَهُ فَيَنْزَوِي
(4)
بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ تَقُولُ: قَدْ قَدْ
(5)
بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلَا تَزَالُ الْجَنَّةُ تَفْضُلُ
(6)
"وَهِي تَقُولُ" كذا في نـ، وفي نـ:"وَتَقُولُ". "يَضَعَ فِيهَا" في نـ: "يَضَعَ عَلَيهَا". "فَيَنْزَوِي" في نـ: "فَيُزْوَى". "ثُمَّ تَقُولُ" في نـ: "وَتَقُولُ". "تَفْضُلُ" في سـ، ذ:"بِفَضْلٍ".
===
(1)
ابن دعامة.
(2)
من الزيادة مصدر ميمي.
(3)
قوله: (تقول: هل من مزيد) إسناد القول إليها إما مجاز عن حالها وإما حقيقة بأن يخلق اللّه القول فيها، وأما القدم فقيل: المراد بها المتقدم أي: يضع اللّه فيها من قدمه لها من أهل العذاب أو ثمة مخلوق اسمه القدم، أو أراد بوضع القدم: الزجر عليها والتسكين لها، كما تقول لشيء تريد محوه وإبطاله: جعلته تحت قدمي، أو هو مفوض إلى اللّه تعالى، "ك"(25/ 105 - 106).
(4)
بمضارع الانزواء، وفي بعضها:"يزوى" بالمجهول من زوى سره عنه إذا طواه، أو من زوى الشيء إذا جمعه وقبضه، "ك"(25/ 106)، "ع" (16/ 587). ومرَّ الحديث (برقم: 4848) مع بيانه.
(5)
هو اسم مرادف لقط أي: حسب، وروي بسكون الدال وكسرها، "كرماني"(25/ 106).
(6)
أي: عن الداخلين فيها، "ك"(25/ 106)، كذا لهم بصيغة الفعل المضارع، وللمستملي:"بفضل" بحرف الجر والفاء مفتوحة فالباء للمصاحبة، كذا في "ف"(13/ 371).
حَتَّى يُنْشِئَ
(1)
اللَّهُ لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ
(2)
فَضْلَ الْجَنَّةِ
(3)
".
[راجع: 4848].
8 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ
(4)
} [الأنعام: 73]
7385
- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(6)
، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
(7)
،
"فَيُسْكِنَهُمْ" زاد في نـ: "اللَّهُ عز وجل". "فَضْلَ الْجَنَّةِ" في نـ: "أفْضَلَ الْجَنَّةِ". "بَابُ" سقط لغير أبي ذر، "قس"(15/ 403).
===
(1)
من الإنشاء أي: يخلق.
(2)
وفيه أن دخول الجنة ليس بالعمل، "ك"(25/ 106)، "ع"(16/ 588).
(3)
أي: الموضع الذي فضل منها وبقي عنهم، ويروى: أفضل بصيغة أفعل التفضيل، هو مثل قوله: إن الناقص والأشج أعدلا بني مروان أي: عادلا بني مروان، "ك"(25/ 106).
(4)
قوله: ({خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}) أي: بكلمة الحق وهي قوله: {كُن} ، وقيل: ملتبسًا بالحق لا بالباطل، وذكر ابن التين عن الداودي قال: إن الباء ها هنا بمعنى اللام أي: لأجل الحق. وقال ابن بطال (10/ 415): المراد بالحق ضد الهزل، وقيل: يقال لكل موجود من فعله تعالى بمقتضى الحكمة حق، ويطلق على الاعتقاد في الشيء المطابق لما في الواقع، ويطلق على الواجب واللازم الثابت والجائز، وعن الحليمي: الحق ما لا يسمع إنكاره ويلزم إثباته والاعتراف به، ووجود الباري أول ما يجب الاعتراف به ولا يسع جحوده، "ع"(16/ 588).
(5)
ابن عقبة.
(6)
الثوري.
(7)
عبد الملك.
عَنْ سُلَيْمَانَ
(1)
، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو مِنَ اللَّيْلِ
(2)
: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ رَبَّ
(3)
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ
(4)
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ
(5)
وَالأَرْضِ، قَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ
(6)
الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ
(7)
حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْت، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْت، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ
(8)
، وَبِكَ خَاصَمْت، وَإِلَيْكَ حَاكَمْت، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ
(9)
، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْت،
"رَبَّ السَّمَوَاتِ" في نـ: "أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ". "قَيِّمُ السَّمَوَاتِ" في نـ: "قَيَّامُ السَّمَوَاتِ". "وَأَخَّرْتُ" في نـ: "وَمَا أَخَّرْتُ".
===
(1)
الأحول.
(2)
أي: في الليل أومن قيام الليل، "ك"(25/ 106)، "ع"(16/ 588).
ومرَّ الحديث مع بعض بيانه (برقم: 1120، 6317).
(3)
الرب: السيد والمصلح والمالك.
(4)
أي: مدبرها ومقومها، "ك"(25/ 106)، "ع"(16/ 588).
(5)
أي: منورها.
(6)
عطف الخاص على العام.
(7)
اللقاء: البعث.
(8)
قوله: (إليك أنبت) أي: رجعت إلى عبادتك أو فوضت إليك. "وبك" أي: ببراهينك التي أعطيتني "خاصمت" الأعداء، وكل من جحد الحق حاكمته إليك أي: جعلتك حاكمًا بيني وبينه لا غيرك مما كانت تتحاكم إليه أهل الجاهلية من الصنم وغيره، وأما سؤاله المغفرة فهو تواضع منه أو تعليم لأمته، "ك"(25/ 107)، "ع"(16/ 589).
(9)
سقط لفظ "ما" هنا من رواية أبي ذر، "قس"(15/ 405).
أَنْتَ إِلهِي لَا إِلَهَ لِي غَيْرُكَ". حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
بِهَذَا
(3)
، وَقَالَ: أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ. [راجع: 1120].
9 - بَابُ قَوْلِهِ
(4)
: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134]
"بَابُ قَوْلِهِ" في نـ: "بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى".
===
(1)
العابد البناني، بضم الموحدة وخفة النون الأولى، "ك"(25/ 107)، "ع"(16/ 589).
(2)
الثوري.
(3)
أي: بالسند المذكور والمتن، "ع"(16/ 589).
(4)
قوله: (باب قوله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}) غرضه من هذا الباب الرد على المعتزلة حيث قالوا: إنه سميع بلا سمع، وعلى من قال: معنى السميع: العالم بالمسموعات لا غير، وقولهم هذا يوجب مساواته تعالى للأعمى والأصم الذي يعلم أن السماء خضراء ولا يراها، وأن في العالم أصواتًا لا يسمعها! وفساده ظاهر، فوجب كونه سميعًا بصيرًا مفيدًا أمرًا زائدًا على ما يفيد كونه عالمًا.
وقال البيهقيّ: السميع: من له سمع يدرك به المسموعات، والبصير: من له بصر يدرك به المرئيات، قيل: كيف يتصور السمع له تعالى وهو عبارة عن وصول الهواء المتموج إلى العصب المفروش في مقعر الصماخ؟ وأجيب: بأنه ليس ذلك، بل هو حالة يخلقها اللّه في الحي، نعم جرت سُنَّة اللّه تعالى أنه لا يخلقه عادة إِلَّا عند وصول الهواء إليه، ولا ملازمة عقلًا بينهما، فالله تعالى يسمع المسموع بدون هذه الوسائط العادية، كما أنه يرى بدون المواجهة والمقابلة وخروج الشعاع ونحوه من الأمور التي لا يحصل الإبصار إِلَّا بها عادةً، "ع"(16/ 589).
[وفي "اللامع" (10/ 367): الغرض من الباب إثبات صفة السمع].
- وَقَالَ الأَعْمَشُ
(1)
عَنْ تَمِيمٍ
(2)
، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ
(3)
الأَصْوَاتَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
(4)
عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1].
7386 -
حَدَّثنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ أَيُّوبَ
(5)
، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
(6)
، عَنْ أَبِيَ مُوسَى قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا فَقَالَ: "ارْبَعُوا
(7)
عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ
===
(1)
وصل هذا التعليق أحمد (6/ 46)، والنسائي (برقم: 590) [في التفسير، وابن ماجة (برقم: 188)]، "ع"(16/ 589)، "ف"(13/ 374).
(2)
ابن سلمة بفتحتين، السلمي بالضم، الكوفي، مات سنة مائة، "ك"(107/ 25).
(3)
هذا تصريح بأن له تعالى سمعًا، أي: أدرك سمعه الأصوات؛ لأن السعة والضيق إنما يتصوران في الأجسام وهو منزه عنه، "ك"(25/ 107).
(4)
قوله: (فأنزل اللّه تعالى
…
) إلخ، في الحديث اختصار، وتمامه عند أحمد وغيره بعد قوله:"الأصوات": لقد جاءت المجادلة إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تكلمه في جانب البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل اللّه هذه الآية. واسم المجادلة: خولة بنت ثعلبة، واسم زوجها: أوس ابن الصامت، كذا يفهم من "فتح الباري"(13/ 374).
(5)
السختياني.
(6)
اسمه عبد الرحمن النهدي.
(7)
بفتح الموحدة أي: ارفقوا ولا تبالغوا في الجهر، "ك"(25/ 108)، "ع" (16/ 590). ومرَّ الحديث (برقم: 6384) مع بعض بيانه.
لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ
(1)
وَلَا غَائِبًا
(2)
، تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا". ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ - وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّهِ -، فَقَالَ لِي: "يَا عَبدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ؛ فَإِنَّهَا كَنْزٌ
(3)
مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ". أَوْ قَالَ
(4)
: "أَلَا أَدُلُّكَ
(5)
بِهِ
(6)
". [راجع: 2992].
7387 و 7388 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ
(7)
قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ
(8)
قَالَ:
"فَقَالَ لِي" في نـ: "فَقَالَ". "حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْب" في ذ: "حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ".
===
(1)
ويروى "صمًّا"، لعله لمناسبة "غائبًا".
(2)
قوله: (أصم ولا غائبًا) فإن قلت: المناسب: ولا أعمى" قلت: الأعمى غائب عن الإحساس بالبصر، والغائب كالأعمى في عدم رؤيته ذلك المبصر، فنفى لازمه ليكون أبلغ وأعم، وزاد القريب إذ رب سامع وباصر لا يسمع ولا يبصر لبعده عن المحسوس، فأثبت القرب ليتبين وجود المقتضى وعدم المانع، ولم يرد بالقرب قرب المسافة لأنه منزه عن الحلول في المكان، بل القرب بالعلم، أو هو مذكور على سبيل الاستعارة، "ك" (25/ 108). وقال في "الفتح" (13/ 375): ومناسبة الغائب ظاهرة من أجل النهي عن رفع الصوت، انتهى.
(3)
أي: كالكنز في نفاسته.
(4)
شك من الراوي.
(5)
أي: على كلمة هي كنز، "ك"(25/ 108).
(6)
أي: ببقية الخبر، "ف"(13/ 375).
(7)
أبو سعيد الجعفي الكوفي نزيل مصر، مات بها سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومائتين، "ع"(16/ 591).
(8)
عبد الله.
أَخْبَرَنِي عَمْرٌو
(1)
، عَنْ يَزِيدَ
(2)
، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ
(3)
، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو
(4)
: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي دُعَاءً
(5)
أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي
(6)
. قَالَ: "قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مِنْ عِنْدِكَ مَغْفِرَةً
(7)
، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". [راجع: 834].
7389 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ؛ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ جِبْرَئِيلَ نَادَانِي قَالَ:
"كَثِيرًا" في قا: "كَبِيرًا".
===
(1)
أي: ابن الحارث البصري.
(2)
ابن أبي حبيب، واسم أبي حبيب سويد، "ع"(16/ 591).
(3)
اسمه مرثد - بفتح الميم وبالثاء المثلثة - ابن عبد اللّه، "ع"(16/ 591).
(4)
ابن العاص.
(5)
قوله: (علمني دعاء
…
) إلخ، مطابقته للترجمة من حيث إن بعض الذنوب مما يسمع وبعضها مما يبصر فلم تقع مغفرته إِلَّا بعد الإسماع والإبصار. وقال ابن بطال (10/ 416): مناسبة الترجمة من حيث إن دعاء أبي بكر بما علّمه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقتضي أن الله تعالى سميع لدعائه ويجازيه عليه، وبما ذكرنا ردّ على من قال: حديث أبي بكر ليس مطابقًا للترجمة إذ ليس فيه ذكر صفتي السمع والبصر، "ع"(16/ 591).
(6)
مرَّ الحديث مع بعض بيانه (برقم: 6326).
(7)
أي: عظيمة، ولفظ "من عندك" أيضًا يدل على عظمته؛ لأن عظمة المعطي تستلزم عظمة العطاء، "ك"(25/ 108)، "ع"(16/ 591).
إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ
(1)
قَوْلَ قَوْمِكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ"
(2)
. [راجع: 3231].
10 - بَابٌ قَوْلُهُ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ}
(3)
[الأنعام: 65]
7390 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنِي عَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي
(4)
قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُحَدِّثُ عَبدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ
(5)
يَقُولُ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
"بَابٌ قَوْلُهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"بَابُ قَولِ اللَّهِ". "حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ". "حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ" في نـ: "حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ". "أَبِي الْمَوَالِي" في نـ: "أَبِي الْمَوَالِ".
===
(1)
وقد مضى الحديث بأتم منه (برقم: 3231).
(2)
قوله: (وما ردوا عليك) أي: جوابهم لك أو ردّهم الدين عليك وعدم قبولهم الإسلام، وإنّما ناداه بعد رجوعه من الطائف ويأسه من أهله. والمقصود من الباب إثبات صفتي السمع والبصر، وهما من الصفات الذاتية، وقد بينا في الكواشف أنهما غير صفة العلم، وهما من الصفات السبعة الحقيقية الوجودية، وعند حدوث المسموع والمبصر يحصل التعلق، "ك (25/ 109).
(3)
القدرة من صفات الذات، والقدرة القوة بمعنى واحد، "ع"(16/ 591).
(4)
جمع المولى.
(5)
ابن الحسن، بلفظ المكبر فيهما، ابن علي بن أبي طالب، "ك"(25/ 109).
السَّلَمِيُّ
(1)
قَالَ: كَانَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الاسْتِخَارَةَ
(2)
فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِر، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَم، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ - ثُمَّ تُسَمِّيهِ
(3)
بِعَيْنِهِ - خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - قَالَ: أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي
"يُعَلِّمُهُمْ" كذا في ذ، وفي نـ:"يُعَلِّمُ". "هَذَا الأَمْرَ" في نـ: "أَنَّ هَذَا الأمْرَ". "ثُمَّ تُسَمِّيهِ" في نـ: "ثُمَّ يُسَمِّيهِ". "وَإِنْ كُنْتَ" ثبتت الواو في هـ، ذ.
===
(1)
بفتح المهملة واللام.
(2)
قوله: (يعلم أصحابه الاستخارة) أي: صلاة الاستخارة ودعاءها، وهي طلب الخيرة بوزن العنبة اسم من قولك اختاره اللّه. "وأستقدرك" أي: أطلب منك أن تجعل لي قدرة عليه، والباء في "بعلمك وبقدرتك" يحتمل أن يكون للاستعانة، وأن يكون للاستعطاف كما في قوله تعالى:{رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} [القصص: 17] أي: بحق علمك، "ع"(16/ 592)، "ك" (25/ 110). قوله:"ورضني" بتشديد المعجمة أي: اجعلني راضيًا بذلك فلا أندم على طلبه ولا على وقوعه؛ لأني لا أعلم عاقبته وإن كنت حال طلبه راضيًا به، "ف"(13/ 376).
(3)
أي: يذكر حاجته معينة باسمها، "ك" (25/ 110). ومرَّ الحديث (برقم: 1162، 6382) مع بيانه.
وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْنِي عَنْه، وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ
(1)
حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ"
(2)
. [راجع: 1162].
11 - بَابُ مُقَلِّب الْقُلُوبِ وَقَوْلِ اللَّهِ: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ
(3)
وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: 110]
7391 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيمَانَ
(4)
، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ
(5)
، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(6)
قَالَ: أَكْثَرُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَحْلِفُ
(7)
:
"بَابُ" ثبت في ذ. "حَدَّثَنَا سَعِيدُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي سَعِيدُ". "أَكْثَرُ" في نـ: "كَانَ أَكْثَرُ".
===
(1)
يقال: قَدَرْتُ الشيءَ، أقدِرُه بالضم والكسر، ومعنى "اقدره" اجعله مقدورًا لي، "ك"(25/ 110).
(2)
أي: اجعلني راضيًا به، "ك"(25/ 110)، "ع"(16/ 592).
(3)
قوله: (نقلب أفئدتهم) قال الراغب: تقليب الشيء تغييره من حال إلى حال، والتقليب: التصريف، وتقليب اللّه القلوب والبصائر صرفها من رأي إلى رأي، ومعنى نقلب أفئدتهم: نصرفها بما شئنا، وقال البيضاوي: في نسبة تقليب القلوب إلى اللّه إشعار بأنه متولي قلوب عباده ولا يكلها إلى أحد من خلقه، "ف" مختصرًا (13/ 377).
(4)
الواسطي نزيل بغداد، يكنى أبا عثمان، "ف"(13/ 377).
(5)
عبد اللّه.
(6)
ابن عمر.
(7)
أي: يحلف به، "ك"(25/ 110).
"لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ"
(1)
. [راجع: 6617].
12 - بَابٌ إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ اسْمٍ إِلَّا وَاحِدًا
(2)
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذُو الْجَلَالِ: الْعَظَمَةِ، الْبَرُّ: اللَّطِيفُ.
7392 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شعَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ
(3)
، عَنِ الأَعْرَجِ
(4)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتسْعِينَ اسْمًا
"إِلَّا وَاحِدًا" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"إِلَّا وَاحِدةً"، وزاد بعده في نـ:"مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ". "الْعَظَمَةِ" في هـ، ذ:"الْعَظِيمُ". "حَدَّثَنَا أبُو الزِّنَادِ" في نـ: "أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ".
===
(1)
قوله: (لا ومقلب القلوب) الواو فيه للقسم وبعد "لا" يقدر نحو: لا أفعل أو لا أقول وحق مقلب القلوب، "ع"(16/ 593)، أي: مبدل الخواطر وناقض العزائم؛ فإن قلوب العباد تحت قدرته يقلبها كيف يشاء. فإن قلت: لم لا تحمله على حقيقته بأن يكون معناه: يا جاعل القلب قلبًا؟ قلت: لأن مظان استعماله ينبو عنه. وفيه: أن أعراض القلب كالإرادة ونحوها بخلق اللّه تعالى، وهذا من الصفات الفعلية ومرجعه إلى القدرة. وقيل: سمي القلب قلبًا لكثرة تقلبه من حال إلى حال:
وما سُمي الإنسان إِلَّا لأنسه
…
وما القلب إِلَّا أنه يتقلب
"ك"(25/ 111).
(2)
وفي بعضها واحدة، ولعلها باعتبار الكلمة، أو هي للمبالغة في الوحدة نحو علَّامة، "ك"(25/ 111).
(3)
عبد اللّه بن ذكوان.
(4)
عبد الرحمن بن هرمز.
مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا
(1)
، مَنْ أَحْصَاهَا
(2)
(3)
دَخَلَ الْجَنَّةَ".
"إِلَّا وَاحِدًا" في نـ: "إِلَّا وَاحِدةً".
===
(1)
قوله: (مائة إِلَّا واحدًا) وفائدة هذا التأكيدُ وقع التصحيف؛ لأن تسعة يصحف بسبعة وتسعين بسبعين، أو الوصف بالعدد الكامل في أول الأمر. والحكمة في الاستثناء: أن الوتر أفضل من الشفع: "إن اللّه وتر يحب الوتر"، ومنتهى الإفراد من غير التكرار تسعة وتسعون؛ لأن مائة وواحدًا يتكرر فيه الواحد. وقيل: الكمال من العدد في المائة؛ لأن الألوف ابتداء آحاد وآخر يدل عليه عشرات الألوف ومآتها، فأسماء اللّه مائة، وقد استأثر اللّه بواحد منها وهو الاسم الأعظم لم يطلع عليه عباده، وكأنه قال مائة لكن واحد منها عند اللّه، ويحتمل أن يقال: اللّه هو المستثنى، يعني: له مائة، فبعد الاسم الأعظم الذي هو اللّه له مائة إِلَّا واحدًا، كذا في "الكرماني"(25/ 111).
(2)
مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 2736، 6410).
(3)
قوله: (أحصاها) أي: حفظها وعرفها لأن العارف بها لا يكون إِلَّا مؤمنًا، والمؤمن يدخل الجنة لا محالة، أو عددها معتقدًا لها، أو أطاق
(1)
القيام بحقها والعمل بمقتضاها، و [الأول] أولى للرواية التي ذكرت في "الدعوات" (برقم: 6410) وهو حفظها. فإن قلت: من قال: "لا إله إِلَّا اللّه" دخلها، فما وجه تعليقه بالإحصاء؛ قلت: هذا غاية ما ينتهي إليه علم العلماء من معرفته تعالى أي: من أحصاها بلغ الغاية فلم يبق في علمه مطالب يحول بينه وبين الجنة. والغرض من الباب إثبات الأسماء للّه تعالى. واختلفوا فيها فقيل: الاسم نفس المسمى، وقيل: غيره، وقيل: لا هو ولا غيره، وهذا هو الأصح، "ك"(25/ 111 - 112).
(1)
كذا في الأصل و "فتح الباري" و"إرشاد الساري"(15/ 413) وهو الصواب، وما في "الكرماني" (25/ 111):"أو أطاف"، وفي "عمدة القاري" (16/ 593):"وأطلق" فهو تحريف.
{أَحْصَيْنَاهُ} [يس: 12]: حَفِظْنَاهُ. [راجع: 2736].
13 - بَابُ السُّؤَالِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ
(1)
، وَالاسْتِعَاذَةُ بِهَا
7393 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
(2)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
"بَابُ" ثبت في ذ. "حَدَّثَنِي مَالِكٌ" في نـ: "حَدَّثَنَا مَالِكٌ".
===
وذكر نعيم بن حماد أن الجهمية قالوا: إن أسماء الله مخلوقة؛ لأن الاسم غير المسمى، وادّعوا أن الله كان ولا وجود لهذه الأسماء، ثم خلقها فتسمى بها، قال: فقلنا لهم: إن الله قال: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1]، وقال:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} [يونس: 3]، فأخبر أنه المعبود، ودل كلامه على اسمه بما دل به على نفسه، فمن زعم أن اسم اللّه مخلوق فقد زعم أن الله أمر نبيه أن يسبح مخلوقًا، "فتح الباري"(13/ 378)، "عيني"(16/ 593).
قوله: " {أَحْصَيْنَاهُ}: حفظناه" هذا من كلام البخاري، أشار به إلى أن معنى الإحصاء هو الحفظ، والإحصاء في اللغة يطلق بمعنى الإحاطة بعلم عدد الشيء وقدره، ومنه:{وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: 28]، قاله الخليل، وبمعنى الإطاقة له، قال تعالى:{عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20]، أي: لن تطيقوه، "ع"(16/ 593 - 594).
(1)
قوله: (باب السؤال بأسماء اللّه
…
) إلخ، قال ابن بطال (10/ 423): مقصوده بهذه الترجمة: تصحيح القول بأن الاسم هو المسمى، فلذلك صحت الاستعاذة بالاسم كما تصح بالذات. قلت: كون الاسم هو المسمى لا يمشي إِلَّا في اللّه تعالى كما نبّه عليه صاحب "التوضيح" هنا حيث قال (33/ 239): غرض البخاري أن يثبت أن الاسم هو المسمَّى في الله تعالى على ما ذهب إليه أهل السّنَّة، "ع"(16/ 594).
(2)
نسبته إلى مقبرة المدينة، "عيني"(16/ 594).
قَالَ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ
(1)
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ
(2)
جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُه، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصالِحِينَ".
تَابَعَهُ
(3)
يَحْيَى
(4)
(5)
وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ
"بِاسْمِكَ رَبِّي" في نـ: "بِاسْمِكَ رَبِّ".
===
(1)
قوله: (بصنفة ثوبه) بفتح الصاد المهملة وكسر النون وبالفاء، وهو أعلى حاشية الثوب الذي عليه الهدب، وقيل: جانبه، وقيل: طرفه هو المراد هنا، قاله عياض. وقال ابن التين: رويناه بكسر الصاد وسكون النون. والحكمة فيه: أنه ربما دخلت فيه حية أو عقرب وهو لا يشعر ويده مستورة بحاشية الثوب؛ لئلا يحصل في يده مكروه إن كان هناك شيء. وذكر المغفرة عند الإمساك والحفظ عند الإرسال؛ لأن الإمساك كناية عق الموت فالمغفرة تناسبه، والإرسأل كناية عن الإبقاء في الحياة فالحفظ يناسبه، "ع"(16/ 594)، وكذا في "ك"(25/ 112).
(2)
قال ابن بطال: أضاف الوضع إلى الاسم والرفع إلى الذات، فدل على أن المراد بالاسم الذات، وبالذات يستعان في الوضع والرفع لا باللفظ، "ع"(16/ 594)، "ف"(13/ 380).
(3)
أي: عبد العزيز في روايته عن مالك عن سعيد.
(4)
أي: ابن سعيد القطان.
(5)
قوله: (تابعه يحيى
…
) إلخ، والمراد بإيراد هذه التعاليق بيان الاختلاف على سعيد المقبري، هل روى الحديث عق أبي هريرة بلا واسطة أو بواسطة أبيه؟ "ف" (13/ 380). وقوله [في نسخة]:"تابعه محمد بن عبد الرحمن والدراوردي هو عبد العزيز بن محمد، نسبة إلى دراورد قرية بخراسان، "وأسامة بن حفص" المدني، يعني: هؤلاء تابعوا محمد بن
عُبَيْدِ اللَّهِ
(1)
، عَنْ سَعِيدٍ
(2)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَزَادَ زُهَيْرٌ
(3)
وَأَبُو ضَمْرَةَ
(4)
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ
(5)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَرَوَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
[راجع: 6320].
7394 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ
(6)
، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: "اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ
(7)
أَمُوتُ وَأَحْيَا"
"عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " زاد بعده في نـ: "تَابَعَهُ
(8)
مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ الرحمنِ والدَّرَاوَردِي وَأُسَامَةُ بنُ حَفْصٍ". "أَمُوتُ وَأَحْيَا" في نـ: "أَحْيَا وَأَمُوتُ".
===
عجلان في روايتهم بإسقاط [ذكر] الأب بين سعيد وبين أبي هريرة رضي الله عنه، كذا في "العيني"(16/ 595).
(1)
ابن عبد اللّه العمري.
(2)
المقبري.
(3)
ابن معاوية.
(4)
اسمه: أنس بن عياض.
(5)
كيسان.
(6)
أي: ابن حراش بكسر الحاء المهملة الغطفاني، وكان من العباد، "ع"(16/ 595).
(7)
هذا موضع الترجمة.
(8)
أي: محمدَ بْنَ عجلان، وسقط هذا لأبي ذر، "قس"(15/ 416).
وَإِذَا أَصبَحَ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا
(1)
وَإِلَيْهِ النُّشُورُ". [راجع: 6312].
7395 -
حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ
(3)
، عَنْ مَنْصُورٍ
(4)
، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ خَرَشَةَ
(5)
بْنِ الْحُرِّ
(6)
، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيلِ قَالَ: "بِاسمِكَ نَمُوتُ وَنَحْيَا
(7)
". فَإِذَا اسْتَيقَظَ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
"وَإِذَا أَصْبَحَ" في نـ: "فَإِذَا أَصْبَحَ". "فَإِذَا استَيْقَظَ" في نـ: وَإِذَا اسْتَيْقَظَ".
===
(1)
قوله: (الحمد للّه الذي أحيانا بعد ما أماتنا) أي: أنامنا وهو تشبيه في زوال العقل والحركة لا تحقيق، وقيل: الموت في العرب يطلق على السكون كماتت الريح، ويقع على أنواع بحسب أنواع الحياة بإزاء القوة النامية في الحيوان والنبات:{يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} ، وزوال القوة الحسية كـ:{يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} ، وزوال القوة العاقلة وهي [الجهل]ـ:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} والحزن والخوف المكدر للحياة كـ: والمنام: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} والمنام كـ: {وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} وقد قيل: المنام: الموت الخفيف، ويستعار للأحوال الشاقة كالفقر والذل والسؤال والهرم والمعصية وغيرها، "مجمع"(4/ 642 - 643).
(2)
أبو محمد الطلحي الكوفي يقال له: الضخم، "ع"(16/ 596).
(3)
ابن عبد الرحمن أبو معاوية، "ع"(16/ 596).
(4)
ابن المعتمر.
(5)
بالمعجمتين والراء المفتوحات، الفزاري.
(6)
ضد العبد.
(7)
مرَّ هذا الحديث والذي قبله (برقم: 6325).
أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتنا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"
(1)
. [راجع: 6325].
7396 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ
(2)
، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سألِم
(3)
، عَنْ كُرَيْبٍ
(4)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّ أحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَقَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبنَا الشَّيطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا. فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ
(5)
فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُ شَيطَانٌ أَبَدًا". [راجع: 141].
7397 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا فُضيلٌ
(6)
،
"أَنَّ أَحَدَهُمْ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَنَّ أَحَدَكُمْ". "فَقَالَ: بِاسْم اللَّهِ" في نـ: "قَالَ: بِاسْم اللَّهِ". "شَيْطَانٌ" في نـ: "الشَّيطَانُ".
===
(1)
من نشر الميت نشورا: إذا عاش بعد الموت، وأنشره اللّه: أحياه، "مجمع"(4/ 723).
(2)
ابن عبد الحميد.
(3)
ابن أبي الجعد.
(4)
مولى ابن عباس.
(5)
قوله: (فإنه إن يقدر بينهما ولد
…
) إلخ، فإن قلت: التقدير أزلي فما وجه "إن يقدر"؛ قلت: المراد تعلقه. قوله: "لم يضره شيطان" ويروى: "الشيطان" أي: يكون من المخلصين، "عيني"(16/ 596)، "كرماني" (25/ 113 - 114). والحديث مضى في "كتاب النكاح" (برقم: 5165). ومرَّ أيضًا في "كتاب الوضوء"(برقم: 141). ومطابقته للترجمة في قوله: "بسم اللّه".
(6)
قوله: (فضيل
…
) إلخ، بالضاد المعجمة، ابن عياض بكسر العين المهملة وتخفيف الياء آخر الحروف وبالضاد المعجمة، ابن موسى أبو علي التميمي اليربوعي، ولد بسمرقند ونشأ بابي ورد، وكتب الحديث بالكوفة
عَنْ مَنْصُورٍ
(1)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(2)
، عَنْ هَمَّامٍ
(3)
، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِم
(4)
قَال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: أُرْسِلُ كِلابِي الْمُعَلَّمَةَ؛ قَال: "إِذَا أَرْسَلتَ كِلَابَكَ الْمُعَلَّمَةَ
(5)
وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَأَمْسَكْنَ فَكُلْ، وَإِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ
(6)
فَكُلْ". [راجع: 175، أخرجه: م 1929، د 2847، ت 1465، س 4267، ق 3215، تحفة: 9878].
7398 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى
(7)
قَال: حَدَّثَنَا
===
وتحول إلى مكة فأقام بها إلى أن مات سنة سبع وثمانين ومائة، وقبره بمكة مشهور يزار. وقوله:"رميت بالمعراض" بكسر الميم: سهم بلا ريش ونصل، وغالبًا يصيب بعرض عوده دون حده أي: منتهاه، وقيل: هو نصل عريض له ثقل، فإن قتل الصيد بحده فجرحه ذكاه، وهو معنى الخزق بالمعجمة والزاي، فيحل أكله، وإن قتل بعرضه فهو وقيذ؛ لأن عرضه لا يسلك إلى داخله فلا يحل. و"خزق" بالزاي أي: جرح ونفذ وطعن فيه، ولو صحت الرواية بالراء فمعناه: مزق، "عيني"(16/ 596 - 597)، "كرماني"(25/ 114).
(1)
ابن المعتمر.
(2)
النخعي.
(3)
ابن الحارث النخعي.
(4)
الطائي، الجواد ابن الجواد، "ك"(25/ 114).
(5)
وهي التي تنزجر بالزجر وتسترسل با لإرسأل، ولا تأكل منه مرارًا، "ع"(16/ 597)، "ك" (25/ 114). ومرَّ الحديث من وجوه (برقم: 5475) مع بيانه.
(6)
بالخاء المعجمة والزاي والقاف، أي: جرح الصيد، "قس"(15/ 421).
(7)
ابن راشد القطان الكوفي، سكن بغداد ومات بها سنة خمسين ومائتين، "ع"(16/ 597).
أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ
(1)
قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يُحَدِّث، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هُنَا أَقْوَامًا حَدِيثٌ
(2)
عَهْدُهُمْ بِشِرْكٍ، يَأْتُونَّا بِلُحْمَانٍ
(3)
(4)
لَا نَدْرِي يَذْكُرُونَ عَلَيهَا اسْمَ اللَّهِ أَمْ لَا؛ قَالَ: "اذْكُرُوا أَنْتُمُ اسْمَ اللَّهِ وَكُلُوا".
تَابَعَهُ
(5)
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(6)
(7)
وَالدَّرَاوَرْدِيُّ
(8)
وَأُسَامَةُ بْنُ حَفْص
(9)
[راجع: 2057].
"إِنَّ هُنَا" في هـ، ذ:"إِنَّ ها هُنَا". "حَدِيثٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدِيثًا". "يَأتُونَّا" في نـ: "يَأْتُوننَا". "عَلَيْهَا اسْمَ اللَّهِ" في نـ: "اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا".
===
(1)
اسمه سليمان بن حيان الكوفي، "ع"(16/ 597).
(2)
بالتنوين.
(3)
ومرَّ الحديث (برقم: 5507) في "الذبائح".
(4)
قوله: (يأتونا) كذا فيه بنون واحدة، وهي لغة من يحذف النون مع الرفع، وجوز الكرماني (25/ 115) أن يكون بتشديد النون مراعاة للّغة المشهورة، لكن التشديد في مثل هذا قليل، "ف" (13/ 380 - 381). قوله:"بلحمان" بضم اللام جمع لحم. قال الكرماني (25/ 115): فيه جواز أكل متروك التسمية عند الذبح. قلت: كأنه لم يقرأ قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]، "ع"(16/ 597).
(5)
أي: أبا خالد.
(6)
الطفاوي.
(7)
قوله: (تابعه محمد بن عبد الرحمن) وقع هنا عقيب حديث أبي هريرة رضي الله عنه[برقم: 7393] المبدأ بذكره في هذا الباب، عند كريمة والأصيلي وغيرهما، والصواب ما وقع عند أبي ذر وغيره أن محل ذلك عقيب حديث عائشة هنا، "ف"(13/ 380).
(8)
اسمه عبد العزيز بن محمد.
(9)
هو المدني.
7399 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ
(1)
، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ، يُسَمِّي
(2)
وَيُكَبِّرُ
(3)
. [راجع: 5553، أَخرجه: د 2794، تحفة: 1364].
7400 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْر صَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى
(4)
، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ". [راجع: 985].
7401 -
حَدَّثنَا أَبُو نُعَيْمٍ
(5)
قَالَ: حَدَّثنَا وَرْقَاءُ
(6)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ
(7)
(8)
، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ". [تحفة: 7258].
"شُعْبَةُ" في نـ: "شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ". "فَمَنْ كَانَ" في نـ: "وَمَنْ كَانَ".
===
(1)
ابن أبي عبد الله الدستوائي.
(2)
أي: يذكر اسم الله مثل البسملة، "ك" (25/ 115). ومرَّ الحديث (برقم: 5558).
(3)
أي: يقول: الله أكبر، "ع"(16/ 598)، "ك"(25/ 115).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 985).
(5)
الفضل بن دكين.
(6)
مؤنث الأورق ابن عمر الخوارزمي، "ع"(16/ 598)، "ك"(25/ 115).
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 6646).
(8)
قوله: (لا تحلفوا بآبائكم) فإن قلت: ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أفلح وأبيه"؟ قلت: إنها كلمة تجري على اللسان عمودًا للكلام لا يقصد به اليمين،
14 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الذَّاتِ
(1)
===
والحكمة في النهي أنه يقتضي تعظيم المحلوف به، وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى، وهكذا حكم غير الآباء من سائر المخلوقات، "ك"(25/ 115)، "ع"(16/ 598).
(1)
قوله: (باب ما يذكر في الذات
…
) إلخ، يريد ما يذكر في ذات اللّه تعالى ونعوته: هل هو كما يذكر في أسامي الله؛ يعني: هل يجوز إطلاقه كإطلاق الأسامي أو يمنع؛ والذي يفهم من كلامه أنه لا يمنع، ألا ترى كيف استشهد على ذلك بقول خبيب رضي الله عنه:
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
…
إلخ،
أنشد ذلك وقبله بيت آخر على ما يجيء الآن حين أُسِرَ وخرجوا به للقتل، وقد مضت قصته في "غزوة بدر". وقال الكرماني (25/ 116): ذكر حقيقة اللّه بلفظ الذات أو ذكر الذات ملتبسًا باسم اللّه، وقد سمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قول خبيب هذا ولم ينكره، فصار طريق العلم به التوقيف من الشارع، "ع"(16/ 598).
قوله: "في الذات" قال الراغب: هي تأنيث "ذو"، وهي كلمة يتوصل بها إلى الوصف باسماء الأجناس والأنواع، وتضاف إلى الظاهر دون المضمر ويثنى ويجمع، ولا يستعمل شيء منها إِلَّا مضافًا، وقد استعاروا لفظ الذات لعين الشيء واستعملوها مفردة ومضافة، وأدخلوا عليها الألف واللام وأجروها مجرى النفس والخاصة، وليس ذلك من كلام العرب، انتهى.
وقال عياض ["مشارق الأنوار" (1/ 341)]: ذات الشيء نفسه وحقيقته، وقد استعمل أهل الكلام الذات بالألف واللام، وغلطهم أكثر النحاة، وجوّزه بعضهم؛ لأنها ترد بمعنى النفس وحقيقة الشيء، وجاء في الشعر لكنه شاذ، واستعمال البخاري لها من أن المراد بها نفس الشيء، على طريق المتكلمين في حق الله تعالى، ففرق بين النعوت والذات.
وقال ابن بكرهان: إطلاق المتكلمين في حق الله تعالى الذات من جهلهم؛ لأن "ذات" تأنيث "ذو"، وهو جلت عظمته لا يصح له إلحاق تاء التأنيث، ولهذا
وَالنُّعُوتِ
(1)
وَأَسَامِي
(2)
اللَّهِ
===
امتنع أن يقال: علَّامة، وإن كان أعلم العالمين، قال: وقولهم: "الصفات الذاتية" جهل منهم أيضًا لأن النسب إلى ذات: ذوي، وقال التاج الكندي في الرد على الخطيب في قوله: كنه ذاته ذات، بمعنى صاحبة، تأنيث ذو، وليس لها في اللغة مدلول غير ذلك: وإطلاق المتكلمين وغيرهم الذات بمعنى النفس خطأ عند المحققين، وتعقب بأن الممتنع استعمالها بمعنى صاحبة، وأما إذا قطعت عن هذا المعنى واستعملت بمعنى الاسمية فلا محذور، كقوله تعالى:{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أي: بنفس الصدرو، وقد حكى المطرزي: كل ذات شيء و [ليس] كل شيء ذاتًا، ويحتمل أن يكون "ذات" هنا مقحمة كما في قولهم:"ذات ليلة".
وقال النووي في "تهذيبه": وأما قولهم - أي: الفقهاء - في باب الأيمان: فإن حلف بصفة من صفات الذات، وقول المهذب: اللون كالسواد والبياض أعراض تحل الذات، فمرادهم بالذات الحقيقة، وهو اصطلاح المتكلمين، وقد أنكره بعض الأدباء وقال: لا نعرف في لغة العرب "ذات" بمعنى حقيقة، قال: هذا الإنكار منكر، فقد قال الواحدي في قول الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} قال ثعلب: أي: الحالة التي بينكم، فالتأنيث عنده للحالة، وقال الزجاج: معنى ذات حقيقة، والمراد بالبين الوصل، فالتقدير: فأصلحوا حقيقة وصلكم، قال: فذات عنده بمعنى النفس، "ف"(13/ 381 - 382).
(1)
قوله: (والنعوت) أي: الأوصاف جمع نعت، وفرقوا بين الوصف والنعت بأن الوصف يستعمل في كل شيء حتى يقال: اللّه موصوف، بخلاف النعوت فلا يقال: اللّه منعوت، ولو قال في الترجمة: في الذات والأوصاف لكان أحسن، "ع"(16/ 599).
(2)
جمع أسماء وأسماء جمع اسم، فيكون الأسامي جمع الجمع، "ع"(16/ 599)، [وفي "اللامع"(10/ 375). هذه الترجمة جامعة لثلاثة
وَقَالَ خُبَيْبٌ: وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ. فَذَكَرَ الذَّاتَ بِاسْمِهِ.
7402 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ - حَلِيفٌ
(2)
لِبَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ -: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَةً، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ
(3)
الأَنْصَارِيُّ، فَأَخْبَرَنِي
(4)
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ
(5)
: أَنَّ ابْنَةَ الْحَارِثِ
(6)
أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى
(7)
يَسْتَحِدُّ
(8)
بِهَا، فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ قَالَ خُبَيْبٌ:
"اسْتَعَارَ" في سـ، حـ، ذ:"فَاسْتَعَارَ"
(9)
.
===
أجزاء، فبالأول: وهو الذات، أشار إلى إطلاق الذات ونحوه كنفس على اللّه تعالى. والثاني: النعوت، وهو يشمل كل نعت لله تعالى. والثالث: الأسامي وهي غير النعوت. ثم فسر البخاري هذه الترجمة في الأبواب الآتية].
(1)
الحكم بن نافع.
(2)
أي: معاهدهم.
(3)
ابن عدي الأنصاري.
(4)
أي: قال الزُّهري: فأخبرني.
(5)
ابن عمرو المكي.
(6)
ابن عامر بن نوفل بن عبد مناف، كان خبيبًا قتل أباها، "ع"(16/ 599).
(7)
هو ما يحلق به، وهو مفعل أو فعلى، منصرف وغير منصرف، "ك"(16/ 125)، "ع"(16/ 599).
(8)
الاستحداد: حلق الشعر بالحديد، "ك"(25/ 116).
(9)
الفاء زائدة، وجوز بعض النحاة زيادتها، أو تقديره: استعار فاستعار، والمذكور مفسر لمقدر، "ك"(25/ 116)، "ع"(16/ 599).
مَا أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا
…
عَلَى أَيِّ شِقٍّ
(1)
كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ
…
يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ
(2)
شِلْوٍ
(3)
مُمَزَّعِ
(4)
فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ
(5)
، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ يَوْمَ أُصِيبُوا. [راجع: 3045].
"مَا أُبَالِي" كذا في ص، قت، وفي نـ:"وَلَسْتُ أُبَالِي"
(6)
. "كَانَ لِلَّهِ" في نـ: "كَانَ فِي اللَّهِ".
===
(1)
وهو النصف.
(2)
جمع الوصل ويريد بها المفاصل والعظام، "ك"(25/ 117).
(3)
بكسر الشين المعجمة: العضو والجسد، "ك"(25/ 117).
(4)
بالزاي: المفرق والمقطع، "ك"(25/ 117)، "ع"(16/ 600).
(5)
هو عقبة - بضم المهملة وسكون القاف - ابن الحارث بن عامر، "ك"(25/ 117)، "ع"(16/ 600).
(6)
قوله: (ولست أبالي) وفي بعضها: "ما أبالي"، وليس موزونًا إِلَّا بإضافة شيء إليه نحو "أنا"، و"المصرع" من الصرع وهو الطرح بالأرض، "وذات الإله" أي: طاعة اللّه وسبيل اللّه، قيل: ليس فيه دلالة على الترجمة؛ لأنه لا يريد بالذات الحقيقة التي هي مراد البخاري بقرينة ضم الصفة إليه حيث قال: ما يذكر في الذات والنعوت، وقد يجاب: بأن غرضه جواز إطلاق الذات في الجملة. وقوله: "خبرهم" أي: خبر العشرة الذين منهم خبيب وقتلهم الهذليون بين عسفان ومكة، واستأسروا خبيبًا وجاؤوا به إلى مكة، واشتراه بنو الحارث فأخبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الصحابة بقصتهم في اليوم الذي قتلوا فيه، "ك" (25/ 116 - 117). ومرَّ تمام قصتهم (برقم: 3989) في "المغازي" و (برقم: 3045) في "الجهاد".
15 - بَابُ
(1)
قَوْلِ اللَّهِ
(2)
: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28] وَقَوْلهِ: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116]
7403 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَش، عَنْ شَقِيقٍ
(3)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"وَقَوْلِهِ" في نـ: "وَقَوْلِ اللَّهِ".
===
(1)
المقصود من هذا الباب جواز إطلاق النفس بمعنى الذات على اللّه تعالى، "خ".
(2)
قوله: (باب قول اللّه: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ
…
} إلخ)، ذكر هنا آيتين وثلاث أحاديث لبيان إثبات النفس لله تعالى، وفي القرآن جاء أيضًا قوله:{كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 12]، {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41]. وقال ابن بطال (10/ 441): النفس لفظ له معان، والمراد بنفسه: ذاته، فوجب أن يكون نفسه هي هو، وهو إجماع، وكذا قال الراغب ["المفردات" (ص: 818)]: نفسه: ذاته، هذا وإن كان يقتضي المغايرة من حيث إنه مضاف ومضاف إليه فلا شيء من حيث المعنى سوى واحد سبحانه وتعالى وتنزه عن الاثنينية من كل وجه، وقيل: إن إضافة النفس هنا إضافة ملك، والمراد بالنفس: نفوس عباده، وفي الأخير بُعد لا يخفى. وقيل: ذكر النفس هنا للمشاكلة والمقابلة. قلت: هذا يمشي في الآية الثانية دون الأولى.
وقال الزجاج في قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} أي: إياه. وقال ابن الأنباري في قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116]: أي: لا أعلم ذاتك، وقيل: لا أعلم ما في غيبك، وقيل: لا أعلم ما عندك، كذا في "العيني"(16/ 600) وكذا في "الفتح"(13/ 384).
(3)
ابن سلمة أبو وائل.
"مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ
(1)
، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ
(2)
(3)
إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ". [راجع: 4634، أخرجه: م 2760، س في الكبرى 11183، تحفة: 9256].
7404 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ
(4)
، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
(5)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ
===
(1)
قوله: (أغير من اللّه
…
) إلخ، وغيرة اللّه هو كراهية الإتيان بالفواحش، أي: عدم رضاه به لا عدم الإرادة، وقيل: الغضب لازم الغيرة أي: غضبه عليها، ثم لازم الغضب إرادة إيصال العقوبة عليها. فإن قلت: الحديث ليس فيه ذكر النفس؟ قلت: لعله أقام استعمال "أحد" مقام النفس وهما متلازمان في صحة الاستعمال لكل منهما مكان الآخر. والظاهر أنه كان قبل الباب، ونقله الناسخ إلى هذا الباب لأنه أنسب بذلك، "ك"(25/ 117).
قال في "الفتح"(13/ 384 - 385): كل هذا غفلة عن مراد البخاري؛ فإن ذكر النفس ثابت في هذا الحديث، وإن كان لم يقع في هذه الطريق لكنه أشار إلى ذلك كعادته، فقد أورده في تفسير سورة الأنعام:"لا شيء أحب إليه المدح من اللّه" ولذلك مدح نفسه، وهذا القدر هو المطابق للترجمة، "ف"(13/ 385).
(2)
هو بمعنى المحبوب لا بمعنى المحب، "ك"(25/ 117)، "ع" (16/ 601). ومرَّ الحديث (برقم: 4637، 5220).
(3)
بالنصب، و"المدح" بالرفع فاعله، وهو مثل مسألة الكحل، وفي بعضها بالرفع، "ك"(25/ 117).
(4)
محمد بن ميمون.
(5)
اسمه ذكوان الزيات السمان، "ع"(16/ 601).
الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ
(1)
- وَهُوَ يَكْتُبُ
(2)
عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ وَضع عِنْدَهُ
(3)
(4)
عَلَى الْعَرْشِ -:
"وَهُوَ يَكْتُبُ" ثبتت الواو في ذ.
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 3194).
(2)
كذا لأبي ذر، وسقطت الواو لغيره، وعلى الأول فالجملة حالية، وعلى الثاني بيان لقوله:"كتب". والمكتوب هو قوله: "إن رحمتي
…
" إلخ، "ف" (13/ 385).
(3)
و"عند" لا يصح حمله على الحقيقة لأنه من صفات الأجسام، فهو إشارة إلى ثبوته في علمه، "ك"(25/ 118).
(4)
قوله: (وضع عنده) بفتح الواو وسكون الضاد المعجمة أي: موضوع، وفي رواية أبي ذر على ما حكاه عياض: بفتح الضاد فعل ماضي مبني للفاعل. وفي نسخة معتمدة بكسر الضاد مع التنوين، "قس" (15/ 427). قال ابن بطال (10/ 421):"عند" في اللغة للمكان، واللّه تعالى منزه عن الحلول في المواضع؛ لأن الحلول عرض يفنى وهو حادث، والحادث لا يليق باللّه تعالى، فعلى هذا قيل: معناه: سبق علمه بماثابة من يعمل بطاعته وعقوبة من يعمل بمعصيته، ويؤيده قوله في الحديث الذي بعده:"أنا عند ظن عبدي بي" ولا مكان هناك قطعًا. وقال الراغب ["المفردات" (ص: 450)]: "عند" لفظ موضوع للقرب، ويستعمل في المكان وهو الأصل، ويستعمل في الاعتقاد، تقول: عندي في كذا كذا أي: أعتقده، ويستعمل في المرتبة ومنه:{أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [آل عمران: 169]، وأما قوله تعالى:{إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} [الأنفال: 32]. فمعناه: من حكمك. وقال ابن التين: معنى العندية في هذا الحديث: العلم بأنه موضوع على العرش، وأما معنى كتبه فليس للاستعانة لئلا ينساه؛ فإنه منزه عن ذلك لا يخفى عنه شيء، وإنما كتبه من أجل الملائكة الموكلين بالمكلفين، "ف"(13/ 385).
إِنَّ رَحْمَتِي
(1)
تَغْلِبُ غَضَبِي". [راجع: 3194، تحفة: 12494].
7405 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفصِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَقُولُ اللَّهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبدِيَ
(2)
بِي، وَأَنَا مَعَهُ
(3)
إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي
(4)
فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ
(5)
فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي
"قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" في مه: "قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام".
===
قوله: "إن رحمتي تغلب غضبي" فإن قلت: ما معنى الغلبة في صفات الله القديمة؟ قلت: الرحمة والغضب من صفات الفعل، فيجوز غلبة أحد الفعلين على الآخر وكونه أكثر منه، أي: تعلق إرادتي بإيصال الرحمة أكثر من تعلقها بإيصال العقوبة. وسبب ذلك أن فعل الرحمة من مقتضيات صفته بخلاف الغضب فإنه باعتبار معصية العبد تتعلق الإرادة به، "ك"(25/ 118).
(1)
الفعلان - يعني: "كتب" و"يكتب" - متنازعان فيه، "ك"(25/ 118).
(2)
قوله: (أنا عند ظن عبدي بي) يعني: إن ظن أني أغفر وأعفو عنه فله ذلك، وإن ظن أني أعاقبه وأؤاخذه فكذلك. وفيه إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف. وقيده بعض أهل التحقيق بالمحتضر. وأما قبل ذلك فأقول: ثالثها الاعتدال، فينبغي للمرء أن يجتهد بقيام العبادات موقنًا بأن اللّه يقبله ويغفر له لأنه وعده بذلك، فإن اعتقد أو ظن خلاف ذلك فهو آئس من رحمة اللّه، وهو من الكبائر، ومن مات على ذلك وكله إلى ظنه. وأما ظن المغفرة مع الإصرار على المعصية فهو محض الجهل والغرة، "قس"(15/ 428).
(3)
أي: بالعلم؛ إذ هو منزه عن المكان، "ك"(25/ 118).
(4)
أي: بالتعظيم، أي: بالتنزيه والتقديس سرًّا.
(5)
بالإنعام، وبالثواب والرحمة سرًّا.
مَلأٍ
(1)
ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ
(2)
، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِرَاعًا، وإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا
(3)
، وَمَنْ أَتَاني يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً"
(4)
. [طرفه: 7505، 7537، تحفة: 12373].
16 - بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ
(5)
} [القصص: 88]
"بِشِبْرِ" كذا في س، حـ، وفي هـ، ذ:"شِبْرًا". "تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ" في حـ، ذ:"تَقَرَّبْتُ مِنْهُ". "وَمَنْ أَتَانِي" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي ذ:"وَإِنْ أَتَانِي". "بَابُ" ثبت في ذ. "قَوْلِهِ تَعَالَى" في نـ: "قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى".
===
(1)
محركة بالهمزة: جماعة.
(2)
قوله: (في ملإ خير منهم) فإن قلت: فيه تفضيل الملائكة؟ قلت: يحتمل أن يراد بالملإ الخير: الأنبياء أو أهل الفراديس. قوله: "تقربت إليه ذراعًا
…
" إلخ، أمثال هذه الإطلاقات ليس إِلَّا على سبيل التجوز؛ إذ البراهين العقلية القاطعة قائمة على استحالتها على اللّه تعالى، فمعناه: من تقرب إليّ بطاعة قليلة أجازيه بثواب كثير، وكلما زاد في الطاعة أزيد في الثواب، وإن كان كيفية إتيانه بالطاعة على التأني يكون كيفية إتياني بالثواب على السرعة، فالغرض أن الثواب راجح على العمل مضاعف عليه كمًّا وكيفًا، ولفظ النفس والتقرب والهرولة إنما هو مجاز على المشاكلة أو على طريق الاستعارة أو على قصد إرادة لوازمها. وهو من الأحاديث القدسية الدالة على كرم أكرم الأكرمين، اللَّهم ارزقنا حظًّا وافرًا منه، "ك" (25/ 118 - 119).
(3)
مقدار مدّ اليدين.
(4)
الهرولة: الإسراع ونوع من العدو، "ك"(25/ 118).
(5)
المقصود منه صحة إسناد الوجه إلى اللّه سبحانه مع اعتقاد أنه تعالى منزه عن العضو، "خ".
7406 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ"
(1)
. فَقَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ". قَالَ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا
(2)
} [الأنعام: 65] فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هَذَا أَيْسَرُ"، [راجع: 4628].
17 - بَابُ
(3)
قَوْلهِ
(4)
: {وَلِتُصْنَعَ
(5)
عَلَى عَيْنِي} [طه: 39]: تُغَذَّى
(6)
"حَمَّادٌ" في نـ: "حَمَّادُ بنُ زَيدٍ". "عَنْ عَمْرٍو "في نـ: "عَنْ عَمْرِو بنِ دِينارٍ". "فَقَالَ النَّبِيُّ" في نـ: "قَالَ النَّبِيُّ". "قَالَ" في ذ: "فَقَالَ". "هَذَا أَيْسَرُ" في كن: "هَذِهِ أَيْسَرُ". "بَابُ" ثبت في ذ. "قَولِهِ" في نـ: "قَولِ اللَّهِ تَعَالَى". "تُغَذَّى" ثبت في ص، سـ، ذ.
===
(1)
أي: بذاتك، أو بالوجه الذي له لا كالوجوه، أو بوجودك، وقيل: الوجه زائد، وفي الجملة البرهان قائم على امتناع العضو المعلوم، فلا بد من التأويل أو من التفويض، "ك"(25/ 119).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 4628، 7313).
(3)
وسقط لفظ "باب" لغير أبي ذر فاللاحق مرفوع، "قس"(15/ 431).
(4)
قوله: (باب قول اللّه تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}
…
إلخ) أشار بالآيتين إلى أن للّه تعالى صفة سماها عينًا ليست هو ولا غيره وليست كالجوارح المعقولة بيننا، لقيام الدليل على استحالة وصفه بأنه ذو جوارح وأعضاء، خلافًا لما يقوله المجسمة من أنه تعالى [جسم لا] كالأجسام، وقيل:{عَلَى عَيْنِي} أي: على حفظي، وتستعار العين لمعان كثيرة، "ع"(16/ 603).
(5)
قيل: معناه لتكون بمرأى مني.
(6)
بلفظ مجهول المخاطب من باب التفعيل، وهو بإعجام الغين
وَقَوْلِهِ: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}
(1)
[القمر: 14]
7407 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ
(2)
، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(3)
قَالَ: ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ
(4)
- وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَينِهِ
(5)
-، وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ
"وَقَوْلِهِ" زاد في نـ: "جَلَّ ذِكرُهُ". "إِلَى عَيْنِهِ" في نـ: "إِلَى عَيْنَيْهِ".
===
والذال، هذا تفسير "تصنع"، وأما العين فالمراد منها للمرأى أو الحفظ، "ك"(25/ 120). وفي نسخة الصغاني "تغدى" بالدال المهملة، وقال ابن التين: هذا التفسير لقتادة، ويقال: صنعت الفرس إذا أحسنت القيام عليه، "ف"(13/ 389).
(1)
أي: بمرأى منا، أو هو محمول على الحفظ، "ك"(25/ 120).
(2)
ابن أسماء.
(3)
ابن عمر.
(4)
هذا محل المطابقة للترجمة.
(5)
قوله: (وأشار بيده إلى عينه) قيل: في إشارته صلى الله عليه وسلم إلى العين نفي العور وإثبات العين، ولما كان منزهًا عن الجسمية والحدقة ونحوها لا بد من الصرف إلى ما يليق به، "ك"(25/ 120).
وقال ابن المنير ["المتواري" (ص: 427)]: وجه الاستدلال على إثبات العين للّه تعالى من حديث الدجال من قوله: "إن الله ليس بأعور" من جهة أن العور عرفًا عدم العين وضد العور ثبوت العين، فلما نزعت هذه النقيصة لزم ثبوت الكمال بضدها وهو وجود العين، وهو على سبيل التمثيل والتقريب للفهم لا على معنى إثبات الجارحة، قال: ولأهل الكلام في هذه الصفات كالعين
عَينِ الْيُمْنَى
(1)
، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ
(2)
". [راجع: 3057، تحفة: 7639].
7408 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ:
"عَيْنِ الْيُمْنَى" في نـ: "العَينِ الْيُمْنَى"، وفي نـ:"عَينِ الْيَمِينِ". "طَافِيَةٌ" في نـ: "طَافِئةٌ".
===
والوجه واليد ثلاثة أقوال: أحدها: إنها صفات ذات أثبتها السمع ولا يهتدي إليها العقل. والثاني: أن العين كناية عن صفة البصر، واليد كناية عن صفة القدرة، والوجه كناية عن صفة الوجود. والثالث: إمرارها على ما جاءت مفوضًا معناها إلى اللّه تعالى.
وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي في "كتاب العقيدة" له: أخبر اللّه في كتابه وثبت عن رسوله الاستواء والنزول والنفس واليد والعين، فلا يتصرف فيها بتشبيه ولا تعطيل؛ إذ لولا إخبار الله ورسوله ما تجاسر عقل أن يحوم حول ذلك الحمى، قال الطيبي: هذا هو المذهب المعتمد، وبه يقول السلف الصالح، وقال غيره: لم ينقل عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة - من طريق صحيح التصريح بوجوب تأويل شيء من ذلك ولا المنع من ذكره، ومن المحال أن يأمر اللّه نبيه بتبليغ ما أنزل إليه من ربه وينزل عليه:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ، ثم يترك هذا الباب فلا يميز ما يجوز نسبته إليه مما لا يجوز مع حضه على التبليغ عنه بقوله:"ليبلغ الشاهد الغائب"، حتى نقلوا أقواله وأفعاله وأحواله وصفاته وما فعل بحضرته، فدل على أنهم اتفقوا على الإيمان بها على الوجه الذي أراده اللّه منها، ووجب تنزيهه عن مشابهة المخلوقات بقوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، فمن أوجب خلاف ذلك بعدهم فقد خالف سبيلهم، "ف"(13/ 390).
(1)
من باب إضافة الموصوف إلى الصفة، "ك"(25/ 120).
ومرَّ الحديث (برقم: 7132).
(2)
أي: ناتئة شاخصة، ضد راسبة، "ك"(25/ 120).
أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَ قَوْمَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ
(1)
: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وإِنَّ رَبَّكُمْ لَيسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ". [راجع: 7131].
18 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ
(2)
: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ
(3)
} [الحشر: 24]
"سَمِعْتُ" في نـ: "قَالَ: سَمِعْتُ". "أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ" في نـ: "أَنَسًا". "وَإِنَّ رَبَّكُمْ" في نـ: "وَإِنَّ اللَّهَ".
===
(1)
يعني الدجال. فإن قلت: معلوم أنه ليس الرب؛ بدلائل متعددة؟ قلت: ذلك معلوم للعلماء، والمقصود أن يشير إلى أمر محسوس تدركه العوام، "ع" (16/ 604). ومرَّ (برقم: 70131).
(2)
كذا لأبى ذر، وسقط له لفظ {هُوَ} ، ولغيره سقط الباب، وقال:{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ} وقال في "الفتح": "باب قول اللّه تعالى: {هُوَ الْخَالِقُ} "، كذا للأكثر، والتلاوة {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ
…
} إلخ، وثبت كذلك في رواية كريمة، كذا في "قس"(15/ 432).
(3)
قوله: ({الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ
…
}) {الْخَالِقُ} من الخلق، وأصله التقدير المستقيم، ويطلق على الإبداع، وهو إيجاد الشيء على غير مثال كقوله:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ} [النحل: 3]، وعلى التكوين كقوله:{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} [النحل: 4]. و {الْبَارِئُ} من البرء، وأصله خلوص الشيء عن غيره إما على سبيل التفصي منه، كقولهم: برئ [فلان] من مرضه والمديون من دينه، وإما على سبيل الإنشاء، ومنه برأ اللّه النسمة، وقيل: البارئ الخالق: البريء من التفاوت والتنافر المخلِّين بالنظام. و {الْمُصَوِّرُ} مبدع صور المخترعات ومرتبها بحسب مقتضى الحكمة. والثلاثة من صفات الفعل إِلَّا إذا أريد بالخالق المقدر فيكون من صفات الذات؛ لأن مرجع التقدير إلى الإرادة،
7409 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَفانُ
(2)
، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَيَّانَ
(4)
، عَنِ ابْنِ مُحَيريز
(5)
، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ
(6)
-: أَّنهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا
(7)
، فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِهِنَّ وَلَا يَحْمِلْنَ، فَسَأَلُوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الْعَزْلِ
(8)
، فَقَالَ: "مَا عَلَيكُمْ
"حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ" في نـ: "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ". "حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ". "مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ" في نـ: "مُوسَى هُو ابْنُ عُقْبَةَ". "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ" في نـ: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ".
===
وعلى هذا فالتقدير يقع أولًا، ثم الإحداث على الوجه المقدر يقع ثابتًا، ثم التصوير بالتسوية يقع ثالثًا، كذا في "ع"(16/ 604)، "ف"(13/ 391).
(1)
قال الغساني: هو إما ابن منصور، وإما ابن راهويه. وقيل: يؤيد الأول أن ابن راهويه لا يقول إِلَّا: "أخبرنا"، وهنا ثبت في النسخ:"حَدَّثَنَا"، "ع"(16/ 605).
(2)
ابن مسلم الصفار.
(3)
ابن خالد البصري.
(4)
بفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية: الأنصاري، كذا في "ك"(25/ 120)، "ع"(16/ 605).
(5)
اسمه عبد اللّه الجمحي، "تقريب" (برقم: 3604).
(6)
بكسر اللام.
(7)
أي: إماء، "ك" (25/ 131). ومرَّ الحديث (برقم: 5210) مع تحقيق العزل.
(8)
هو نزع الذكر من الفرج وقت الإنزال، "ك"(25/ 121)، "ع"(16/ 605)
أَنْ لَا تَفْعَلُوا
(1)
، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ قَزَعَةَ
(2)
: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "لَيسَ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ
(3)
إِلَّا اللَّهُ خَالِقُهَا". [راجع: 2229].
19 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ
(4)
} [ص: 75]
7410 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضالَةَ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ
(6)
،
"سَأَلْتُ" كذا في ذ، وفي ذ:"سَمِعْتُ". "لَيسَ نَفْسٌ" في نـ: "لَيسَتْ نَفْسٌ". "بَابُ" ثبت في ذ. "حَدَّثَنَا مُعَاذُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي مُعَاذُ".
===
(1)
أي: ليس عليكم ضرر في ترك العزل، أو ليس عدم العزل واجبًا عليكم، وقال المبرد: لا زائدة، "ع"(16/ 605)، "ك"(25/ 121).
(2)
بالقاف والزاي والمهملة المفتوحات: ابن يحيى، "ك"(24/ 121).
(3)
أي: مقدرة الخلق أو معلومة الخلق عند اللّه، أي: لا بد لها من مجيئها من العدم إلى الوجود، والخلق من صفات الفعل، وهو راجع إلى صفة القدرة، "ك"(25/ 121)، "ع"(16/ 605).
(4)
قوله: (لما خلقت بيدي) قال ابن بطال (4/ 436): في هذه الآية إثبات اليدين للّه تعالى وهما من صفات ذاته، وليستا بجارحتين، خلافًا للمشبهة من المثبتة، والجهمية من المعطلة، ويكفي في الرد على من زعم أنهما بمعنى القدرة، أنهم أجمعوا على أن له قدرة واحدة، وهنا قال "بيدي" بالتثنية، وقيل في جوابه: أن هذا سيق مساق التمثيل لأنه عهد أن من اعتنى بشيء واهتم به باشره بيديه، فيستفاد من ذلك أن العناية بخلق آدم كانت أتم من العناية بخلق غيره، كذا في "الفتح"(13/ 393 - 394).
(5)
بفتح الفاء.
(6)
الدستوائي.
عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ
(1)
فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا
(2)
إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا
(3)
مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَمَا تَرَى النَّاسَ
(4)
"خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَه، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، اشْفَعْ لَنَا
(5)
إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكَ
(6)
(7)
- وَيَذْكُرُ لَهُمْ
"عَنْ قَتَادَةَ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ". "يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ" كذا في قتـ، ذ، وفي ذ:"يَجْمَعُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ". "اشفَعْ" كذا في هـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"تَشْفَعُ"، وفي ذ أيضًا:"شفِّعْ" أمر من التشفيع. "هُناكَ" في حـ، ذ:"هُنَاكُمْ".
===
(1)
أي: مثل الجمع الذي نحن عليه، "ك"(25/ 131)، "ع"(16/ 606).
(2)
الجزاء محذوف، أو كلمة "لو" للتمني فلا يحتاج إلى الجزاء، "ع"(16/ 606).
(3)
من الإراحة بالراء.
(4)
أي: فيما هم فيه، "ك"(25/ 122).
(5)
قوله: (اشفع لنا
…
) إلخ، كذا للأكثر، وهو المذكور في غير هذه الطريق، ووقع لأبي ذر عن غير الكشميهني:"شفع " بكسر الفاء الثقيلة. قال الكرماني (25/ 122): هو من التشفيع، ومعناه: قبول الشفاعة، وليس هو المراد ها هنا، فيحمل أن يكون التفعيل للتكثير والمبالغة، "ف" (13/ 394). قوله:"حتى يريحنا من مكاننا" أي: من الموقف، بأن يحاسبوا ويخلصوا من حر الشمس والغموم والكروب وسائر الأهوال ما لا يطيقون ولا يتحملون، "ك"(25/ 122)، "ع"(16/ 606).
(6)
كذا للأكثر في الموضعين، ولأبي ذر عن السرخسي:"هناكم"، "ف"(13/ 394)، "قس"(15/ 436).
(7)
أي: ليس لي هذه المرتبة والمنزلة، "ك"(25/ 122).
خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ
(1)
-، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا؛ فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُول اللَّهِ
(2)
بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ
(3)
الَّتِي أَصَابَ -، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطَايَاهُ الَّتِي أَصَابَهَا
(4)
-
"هُنَاكُمْ" كذا في حـ، ذ، وفي سـ، هـ، ذ:"هُنَاكَ". "هُنَاكُمْ" في سـ، هـ، ذ:"هناك".
===
(1)
هي أكل الشجرة، "ع"(16/ 607).
(2)
قوله: (أول رسول اللّه بعثه اللّه
…
) إلخ، قيل: هو أول نبي مبعوث أي: مرسل ومن قبله كانوا أنبياء غير مرسلين كآدم وإدريس فإنه جد نوح على ما ذكره المؤرخون. قال القاضي عياض: قيل: إن إدريس هو إلياس، وهو نبي في إسرائيل، فيكون متأخرًا عن نوح، فيصح أن نوحًا أول نبي مبعوث مع كون إدريس نبيًا مرسلًا. وأما آدم وشيث فهما وإن كانا رسولين إِلَّا أن آدم أرسل إلى بنيه ولم يكونوا كفارًا بل أمر بتعليمهم الإيمان وطاعة اللّه تعالى وشيئًا كان خلفه فيهم بعده، بخلاف نوح فإنه مرسل إلى كفار أهل الأرض، وهذا أقرب من القول بأن آدم وإدريس لم يكونا رسولين. وقيل: أول نبي بعثه اللّه - أي: من أولي العزم -، وعلى هذا فلا إشكال، من "حاشية السيد على المشكاة" وكذا في "المجمع"(1/ 130)، و"اللمعات". وقال في "اللمعات" أيضًا: ويمكن أن يكون الأولية المذكورة إضافية بالنسبة إلى المذكورين بعده من إبراهيم وموسى الذين كانوا أكثر أمة وأشهر أمرًا وأعظم شأنًا، والله أعلم.
(3)
هي سؤاله: أن ابني من أهلي؛ لإنجائه من الغرق، "لمعات". هي دعوته:{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26]، "ك"(25/ 122)، "ع"(16/ 607).
(4)
أي: كذباته الثلاثة: {إِنِّي سَقِيمٌ} ، و {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} ، و"إنها أختي"، "ك (25/ 122)، "ع" (16/ 607).
وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبدًا أَتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئتَهُ
(1)
الَّتِي أَصَابَهُ -، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَكَلِمَتَهُ
(2)
وَرُوحَهُ
(3)
. فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ
(4)
، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا عَبدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَأْتُونِّي، فَأَنْطَلِق، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، ويُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي
(5)
مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ
(6)
،
"أَصَابَهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَصَابَ". "مُحَمَّدًا" في نـ: "مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم ". "غَفَرَ اللَّهُ لَهُ" كذا في قت، صـ، ذ، وفي نـ:"غُفِرَ لَهُ". "ويُؤْذَنُ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَيُؤْذَنُ".
===
(1)
أي: قتله القبطي، "لم".
(2)
لوجوده بمجرد قول: {كن} ، "ك"(25/ 122)، "ع"(16/ 607).
(3)
لنفخ الروح في مريم، "ك"(25/ 122)، "ع"(16/ 607).
(4)
قوله: (لست هناكم ولكن ائتوا محمدًا
…
) إلخ، ولم يذكر خطيئة. قالوا: لعله لاستحيائه من افتراء النصارى في حقه وحق أمه، وقد ورد ذلك في بعض الروايات، ويحتمل أنه عمَّ مع قطع النظر من ذلك، لم يره مستحقًا للقيام في هذا المقام، أعني فتح باب الشفاعة ابتداء لعامة الخلائق والمبادرة إليها، فإنه صعب جدًّا لا يتيسر ولا يتصور حصوله إِلَّا لمن كان مخصوصًا بغاية القرب والعزة في حضرة اللّه، محبوبًا محمودًا عنده قولًا وفعلًا وما هو إِلَّا سيد المرسلين وإمام النبيين صلى الله عليه وسلم، ولهذا تأخر عن الإقدام عليه والدخول فيه النبيون المذكورون، "لمعات".
(5)
أي: يتركني.
(6)
أي: ارفع رأسك يا محمد، "ك"(25/ 122).
وَقُلْ يُسْمَعْ
(1)
، وَسَلْ تُعْطَهْ
(2)
، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ
(3)
. فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّي، ثُمَّ أَشْفَع، فَيَحُدُّ لِي
(4)
حَدًّا فَأدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ. ثُمَّ أَرْجِع، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّد، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّي، ثُمَّ أَشْفَع، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ. ثُمَّ أَرْجِعُ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي
(5)
مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّد، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ. فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّي،
"يُسْمَعْ " في نـ: "تُسْمَعْ" في المواضع الثلاثة. "تُعْطَه" في سـ، ذ:"تُعْطَ" في المواضع الثلاثة. "علَّمَنِيهَا رَبِّي" كذا في ذ، وفي نـ:"عَلَّمَنِيهَا" وكذا في الموضعِ الثالث. "فَأدْخِلُهُمْ" في نـ: "وَأُدْخِلُهُمْ" في المواضع الثلاثة. "وَقَعْتُ لهُ سَاجِدًا" في نـ: "وَقَعْتُ سَاجِدًا". "وَقُلْ" ثبتت الواو في ذ.
===
(1)
بالخطاب والغيبة، "ك"(25/ 123).
(2)
يحتمل أن يكون هاء السكتة، وأن يرجع إلى المفعول المحذوف، "لم". ومرَّ الحديث (برقم: 4476).
(3)
أي: تقبل شفاعتك، "ك"(25/ 123)، "ع"(16/ 607).
(4)
أي: يعين لي قومًا مخصوصين للتخليص، وذلك إما بتعيين ذواتهم وإما ببيان صفاتهم، "ك"(25/ 123)، "ع"(16/ 607).
(5)
أي: يتركني.
ثُمَّ أَشْفَع، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ
(1)
وَوَجَبَ عَلَيهِ الْخُلُودُ".
قَالَ النَّبِيُّ
(2)
صلى الله عليه وسلم: "يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلهَ إِلَّا اللَّه، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ
(3)
مَا يَزِنُ
(4)
شَعِيرَةً، ثُمَّ يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلهَ إِلَّا اللَّه، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه،
"وَوَجَبَ عَلَيهِ" في نـ: "وَوَجَبَ عَلَيهِمْ". "قَالَ النَّبِيُّ" في ذ: "فَقَالَ النَّبِيُّ".
===
(1)
قوله: (إِلَّا من حبسه القرآن) إسناد الحبس إليه مجاز، يعني: من حكم الله في القرآن بخلوده وهم الكفار، قال اللّه تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 116] ونحوه.
فإن قلت: أول الحديث يشعر بأن هذه الشفاعة في العرصات لخلاص جميع أهل الموقف عن أهواله، وآخره يدل على أنها للتخليص من النار؟ قلت: هذه شفاعات متعددة، فالأولى لأهالي الموقف عن أهواله، وهو المستفاد من "يؤذن لي عليه"، "ع"(16/ 607)، "ك"(25/ 123).
(2)
هو موصول بالسند المذكور، وليس بإرسال ولا تعليق، "ع"(16/ 607).
(3)
أي: من الإيمان، "ك"(25/ 123)، "ع"(16/ 607).
(4)
أي: يعدل، "ك"(25/ 123)، "ع"(16/ 607).
وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً
(1)
(2)
". [راجع: 44].
7411 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْب قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَدُ اللَّهِ مَلأَى
(3)
(4)
"مِنَ الْخَيرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً" في نـ: "مَا يَزِنُ مِنَ الْخَيرِ ذَرَّةً". "حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ" في نـ: "أَخْبَرَنَا أَبُو الزّنَادِ".
===
(1)
قوله: (من الخير ما يزن ذرة) وفيه أنه لا بد من التصديق بالقلب والإقرار باللسان للنجاة من النار. وفي الحديث بيان فضيلة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حيث أتى بما خاف عنه غيره. وقيل: شفاعته، وهو الحكمة في الترتيب وعدم الافتتاح بالاستشفاع عنده، وهي الشفاعة الكبرى العامة للخلائق كلهم، وهو المقام المحمود. وأما ما نسب إليهم - أي: الأنبياء من الخطايا - فإما إنها قبل النبوة أو هي صغائر صادرة بالسهو، أو قالوها تواضعًا، وإن حسنات الأبرار سيئات المقربين ونحو ذلك. وفيه رد على المعتزلة في الشفاعة لأصحاب الكبائر، "ك"(25/ 124).
(2)
بفتح الذال المعجمة، واحدة الذر، وهو النمل الصغار أو الهباء الذي يظهر في عين الشمس، "قس"(15/ 437).
(3)
على وزن مكرى، تأنيث ملآن، والمراد لازمه أي: هو في غاية الغناء، وتحت قدرته ما لا نهاية له من الأرزاق، كذا في "ع"(16/ 608)، "ك"(25/ 124).
(4)
قوله: (يد اللّه
…
) إلخ، حقيقة لكنها كالأيدي التي هي الجوارح، ولا يجوز تفسيرها بالقدرة كما قالت القدرية لأن قوله:"وبيده الأخرى" ينافي ذلك، لأنه يلزم إثبات القدرتين، وكذا لا يجوز أن يفسر بالنعمة لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق مثله؛ لأن النعم كلها مخلوقة، وأبعد أيضًا من فسرها
لَا يَغِيضُهَا
(1)
نَفَقَة سَخَاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارُ
(2)
". وَقَالَ: "أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ
(3)
مَا فِي يَدِهِ".
"لَا يَغِيضُهَا" في نـ: "لَا تَغِيضُهَا". "خَلَقَ" في نـ: "خَلَقَ اللَّهُ". "السَّمَاءَ" في نـ: "السَّمَوَاتِ".
===
بالخزائن. قوله: "سحاء" بفتح السين المهملة وتشديد الحاء المهملة وبالمد أي: دائمة السح أي: الصب والسيلان، يقول: سحَّ يسحُّ بضم السين في المضارع سحًّا فهو ساح، والمؤنث سحاء، وهي فعلاء لا أفعل لها كهطلاء. وقال ابن الأثير: وفي رواية: "يمين اللّه ملأى سحًّا"، بالتنوين على المصدر، واليمين ها هنا كناية عن محل عطائه، ووصفها بالامتلاء لكثرة منافعها فجعلها كالعين الثرة التي لا يغيضها الاستقاء ولا ينقصها الامتناح. وخص اليمين لأنها في الأكثر مظنة العطاء على طريق المجاز والاتساع، "ع"(16/ 608).
(1)
بالمعجمتين أي: لا تنقصها، من غاض الماء: نقص، "ع"(608/ 16)
(2)
بالنصب على الظرف أي: فيهما، ويجوز الرفع، "ف" (13/ 395). مرَّ الحديث مع بعض بيانه (برقم: 4684)، وسيأتي [برقم: 7419].
(3)
قوله: (فإنه لم يغض) أي: لم ينقص، ووقع في رواية همام:"لم ينقص ما في يمينه"، قال الطيبي: يجوز أن يكون"ملأى" و"لا يغيضها" و"سحاء" و"أرأيتم" أخبارًا مترادفة ليد اللّه، ويجوز أن يكون الثلاثة أوصافًا لـ "ملأى"، ويجوز أن يكون "أرأيتم" استئنافًا فيه معنى الترقي كأنه لما قيل:"ملأى"[وهم جواز النقصان فأزيل بقوله: "لا يغيضها شيء"، وقد يمتليء الشيء ولا يغيض، فقيل: "سحاء" إشارة إلى [عدم] الغيض، وقرنه بما يدل على الاستمرار من ذكر الليل والنهار، ثم أتبعه بما يدل على أن ذلك ظاهر
وَقَالَ: "عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ
(1)
، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ"
(2)
. [راجع: 4684].
7412 -
حَدَّثَنِي مُقَدَّمُ
(3)
بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ
"وَقَالَ" في نـ: "وَكَانَ". "حَدَّثَنِي مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدٍ" في نـ: "حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدٍ"، وزاد في ذ:"ابْنِ يَحْيَى".
===
غير خاف على ذي بصر وبصيرة بعد أن اشتمل من ذكر الليل والنهار بقوله: "أرأيتم" على تطاول المدة؛ لأنه خطاب عام عظيم، والهمزة فيه للتقرير، وقال: وهذا الكلام إذا أخذته بجملته من غير نظر إلى مفرداته أبان زيادة الغنى وكمال السعة والنهاية في الجود والبسط في العطاء، "ف"(13/ 395)، "ع"(16/ 608 - 609).
(1)
قوله: (وكان عرشه
…
) إلخ، أي: وقد أنفق في زمان خلق السماء والأرض حين كان عرشه على الماء إلى يومنا هذا منه ولم ينقص من ذلك شيء، وفي بعضها:"وقال: عرشه على الماء"، "ك"(25/ 124)، ومناسبة ذكر العرش هنا أن السامع يستطلع من قوله:{خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ما كان قبل ذلك، فذكر ما يدل على أن عرشه قبل خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كان على الماء، "ف" (13/ 395). وعن سعيد ابن جبير:"سألت ابن عباس: على أي شيء كان الماء ولم يخلق السماء والأرض؛ فقال: على متن الريح"، "ع" (16/ 609). قوله:"وبيده الأخرى الميزان" قال الخطابي: الميزان ها هنا مثل، وإنما هو قسمته بين الخلائق يبسط الرزق على من يشاء ويقتر كما يصنعه الوزان يرفع مرة ويخفض أخرى، "ك"(25/ 124)، "ع"(16/ 609).
(2)
أي: الميزان.
(3)
على صيغة اسم المفعول من التقديم.
قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَقْبِضُ الأرضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَطْوِي السَّمَوَاتِ
(1)
بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ".
وَقَالَ
(2)
عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ
(3)
: سمِعْتُ سَالِمًا
(4)
: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِهَذَا
(5)
.
وَرَواهُ
(6)
سَعيدٌ
(7)
(8)
"الأرضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" في نـ: "يَوْمَ الْقِيَامَةِ الأرضَ"، وفي هـ، ذ:"الأَرَضِينِ" بدل "الأرضَ". "وَيَطْوِي السَّمَوَاتِ" في نـ: "وَيكُونُ السَّمَوَاتُ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 4812).
(2)
وصله مسلم (ح: 2788) وأبو داود (ح: 4732) وغيرهما من رواية أبي أسامة عنه، "ف"(13/ 396).
(3)
ابن عبد اللّه بن عمر.
(4)
ابن عبد اللّه بن عمر.
(5)
الحديث.
(6)
أي: هذا الحديث.
(7)
ابن داود بن زنبر، بفتح الزاي وسكون النون بعدها موحدة مفتوحة ثم راء، وهو مدني سكن بغداد، "ع"(16/ 609)، "ف"(13/ 396).
(8)
قوله: (ورواه سعيد) هو ابن داود بن [أبي] زنبر، وهو مدني سكن بغداد وحدث بالريّ، وكنيته أبو عثمان، وما له في "البخاري" إِلَّا هذا الموضع، وقد حدث عنه في كتاب"الأدب المفرد" وتكلم فيه جماعة، وقال في روايته: إن نافعًا حدثه: أن عبد اللّه بن عمر أخبره، وقد روى عن مالك أيضًا ممن اسمه سعيد بن كثير بن عفير وهو من شيوخ البخاري، لكن لم نجد هذا الحديث من روايته، صرح به المزي وجماعة بأن الذي علق له البخاري هنا هو الزبيري، "ف"(13/ 396)، "ع"(16/ 609).
عَنْ مَالكٍ
(1)
. [راجع: 3194، تحفة: 8087، 8392].
7413 -
وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْب، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ". [راجع: 4812، تحفة: 15176].
7414 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ
(2)
، عَنْ سُفْيَانَ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصورٌ
(4)
وَسُلَيمَانُ
(5)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(6)
، عَنْ عَبِيدَةَ
(7)
(8)
،
"سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ" في نـ: "عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ".
===
(1)
عن نافع عن ابن عمر.
(2)
القطان.
(3)
الثوري.
(4)
ابن المعتمر.
(5)
هو الأعمش.
(6)
النخعي.
(7)
ابن عمرو السلماني، أسلم في حياته صلى الله عليه وسلم، "ع"(16/ 610).
(8)
قوله: (عن عبيدة) وقد تابع سفيان الثوري عن منصور - على قوله: عبيدة -: شيبان بن عبد الرحمن عن منصور كما مضى في سورة "الزمر"(برقم: 4811)، وفضيل بن عياض المذكور بعده، وجرير بن عبد الحميد عند مسلم، وخالفه عن الأعمش - في قوله: عبيدة -: حفص بن غياث المذكور في الباب، وجرير وأبو معاوية وعيسى بن يونس عند مسلم ومحمد بن فضيل عند الإسماعيلي، فقالوا كلهم: عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة - بدل عبيدة -، وتصرف الشيخين يقتضي أنه عند الأعمش على الوجهين، وأما ابن خزيمة فقال: هو في رواية الأعمش عن إبراهيم عن علقمة، وفي رواية منصور عن إبراهيم عن عبيدة، وهما صحيحان، "ف"(13/ 397).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(1)
: أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَع، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ. فَضحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَرَأَ: " {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] ".
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
(2)
: وَزَادَ فِيهِ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ
(3)
: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ
(4)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ. [راجع: 4811].
7415 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلَائِقَ عَلَىَ إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أنَا المَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ. فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ
(5)
"أَنَا الْمَلِكُ" في نـ: "أَنَا الْمَلِك، أَنَا الْمَلِكُ". "وَالشَّجَرَ" في نـ: "وَالشَّجَرَ عَلى إِصْبَعٍ".
===
(1)
ابن مسعود.
(2)
القطان.
(3)
الزاهد العابد التيمي.
(4)
بفتح المهملة وكسر الموحدة السلماني، أسلم في حياته صلى الله عليه وسلم، "ك"(25/ 125).
(5)
أي: ظهرت.
نَوَاجِذُهُ
(1)
، ثُمَّ قَرَأَ:" {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} "[الأنعام: 91][راجع: 4811، أخرجه: م 2786، س في الكبرى 11452، تحفة: 9422].
===
(1)
قوله: (حتى بدت نواجذه) جمع ناجذ، وهو ما يظهر عند الضحك من الأسنان، وقيل: الأنياب، وقيل: الأضراس، وقيل: الدواخل من الأضراس التي في أقصى الحلق.
ثم الكلام هنا في مواضع: الأول: في أمر الإصبع، قال ابن بطال (10/ 441): لا يحمل ذكر الإصبع على الجارحة بل يحمل على أنه صفة من صفات الذات لا تكيف ولا تحدد، وهذا ينسب إلى الأشعري. وعن ابن فورك: يجوز أن يكون الإصبع خلقًا يخلق اللّه فيحمله ما يحمل الإصبع، ويحتمل أن يراد به القدرة والسلطان. وقال الخطابي ["الأعلام" (3/ 899)]: لم يقع ذكر الإصبع في القرآن ولا في حديث مقطوع به، وقد تقرر أن اليد ليست جارحة يتوهم من ثبوتها ثبوت الأصابع، بل هو توقيف أطلقه الشارع فلا يكيف ولا يشبه، ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي؛ فإن اليهود مشبهة وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين. ورد عليه إنكاره ورود الأصابع بوروده في عدة أحاديث، منها حديث مسلم:"قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن "، قيل: هذا لا يرد عليه لأنه إنما نفى القطع، وفيه نظر لا يخفى، أقول: لا يمتنع ثبوت إصبع هو غير الجارحة، فكما ثبت على أنها غير جارحة فكذلك الإصبع.
الموضع الثاني: في تصديق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إياه، قال الخطابي: قول الراوي: "تصديقًا له" ظن منه وحسبان. وروى هذا الحديث غير واحد من أصحاب عبد اللّه فلم يذكروا فيه: "تصديقًا له". وقال القرطبي في "المفهم": وأما من زاد: "تصديقًا له"، فليس بشيء، فإن هذه هي الزيادة من قول الراوي وهي باطلة لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال، وهذه الأوصاف في حق اللّه تعالى محال، ولئن سلمنا أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صرح بتصديقه لم يكن ذلك
20 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا شَخْصَ
(1)
أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ"
7416 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ
(3)
، عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ
(4)
،
"بَابُ" ثبت في ذ. "مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ" زاد في ذ: "التَّبُوذْكِي".
===
تصديقًا في المعنى بل هي باللفظ الذي نقله من كتابه عن نبيه، ويقطع بأن ظاهره غير مراد.
الموضع الثالث: في ضحك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال القرطبي: وضحك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إنما هو للتعجب من جهل اليهودي، فظن الراوي أن ذلك التعجب تصديق، وليس كذلك. وقال ابن بطال: وحاصل الخبر: أنه ذكر المخلوقات وأخبر عن قدرة اللّه تعالى جميعًا، فضحك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تعجبًا من كونه يستعظم ذلك في قدرة اللّه تعالى، وأن ذلك ليس في جنب ما يقدر عليه بعظيم.
الموضع الرابع: في أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما كان يضحك إِلَّا تبسمًا، وهنا ضحك حتى بدت نواجذه، وهو قهقهة، وقال الكرماني (25/ 125): كان التبسم هو الغالب، وهذا كان نادرًا، أو المراد بالنواجذ: الأضراس مطلقًا.
الموضع الخامس: في الحكمة في قراءته صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} فقيل: أشار بهذا إلى أن ذلك الذي قاله اليهودي يسير في جنب ما يقدر اللّه عليه، وقال الخطابي: الآية محتملة للرضاء والإنكار. وقال القرطبي: كان ضحكه صلى الله عليه وسلم تعجبًا من جهل اليهودي فلذلك قرأ هذه الآية: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أي: ما عرفوه حق معرفته ولا عظموه حق عظمته، كذا في "العيني"(16/ 611 - 612) وكذا في "ف"(13/ 397 - 398).
(1)
وقع عند ابن بطال (10/ 442) بلفظ "أحد" بدل "شخص" وكأنه من تغييره.
(2)
الوضاح بن عبد اللّه اليشكري.
(3)
ابن عمير.
(4)
مولاه.
عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ
(1)
: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصفِّحٍ
(2)
. فَبَلَغَ
(3)
ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ
(4)
، واللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْه، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلٍ غَيرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
(5)
وَمَا بَطَنَ، وَلَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ
(6)
مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُنْذِرِينَ وَالْمُبَشِّرِينَ
"أَتَعْجَبُونَ" كذا في ذ، وفي نـ:"تَعْجَبُونَ". "وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ" سقطت الواو في نـ. "الْمُنْذِرِينَ وَالْمُبَشِّرِينَ" في نـ: "الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ".
===
(1)
سيد الخزرج.
(2)
من الإصفاح والتصفيح، غير ضارب بصفحة السيف بل بحده القطاع، "ك"(25/ 127).
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 5219).
(4)
قوله: (أتعجبون من غيرة سعد) الغيرة: الأنفة والحمية، وقال عياض: الغيرة: مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشد ذلك ما يكون بين الزوجين، هذا في حق الآدمي، ومعنى غيرة اللّه تعالى الزجر عن الفواحش والتحريم لها والمنع منها، قاله العيني (16/ 613). وقال الكرماني (25/ 127): الغيرة كراهية المشاركة في محبوبه والمنع، واللّه لا يرضى بالمشاركة في عبادته، فلهذا منع عن الشرك وعن الفواحش، وأراد إيصال العقاب إلى مرتكبها.
(5)
قال مجاهد: وهو نكاح الأمهات في الجاهلية، "وما بطن" الزنا، وقال قتادة: سرها وعلانيتها، "ع"(16/ 614).
(6)
والمراد بالعذر الحجة؛ لقوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، "ك" (25/ 127). وقيل: العذر: التوبة والإنابة، "ع"(16/ 614).
وَلَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ
(1)
وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ".
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو
(2)
عَنْ عَبدِ الْمَلِكِ
(3)
: "لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ"
(4)
. [راجع: 6846].
21 - بَابٌ
(5)
"بَابٌ
…
" إلخ، كذا في ذ، قا، وزاد بعد الباب في نـ: "قَولِ الله تَعَالىَ".
===
(1)
أي: ليحمد ويمدح على إنعامه لهم بها، "ك"(25/ 127).
(2)
الأسدي مولاهم، الرقي، "ع"(16/ 614).
(3)
ابن عمير.
(4)
قوله: (لا شخص أغير من الله) فإن قلت: ما وجه إطلاق الشخص على الله وهو من صفات الأجسام؛ قلت: قال الخطابي: الشخص لا يكون إِلَّا جسمًا، وسمي شخصًا ما كان له شخوص وارتفاع، ومثله ينفى عن اللّه تعالى، فخليق أن لا يكون هذه اللفظة صحيحة، وأن يكون تصحيفًا من الراوي، وهو والشيء الذي هو في سائر الروايات قرينان في اللفظ، فمن لم ينعم الاستماع لم يأمن الوهم، وأيضًا كثير منهم يحدِّث بالمعنى، وفي كلام آحاد الرواة منهم جفاء وتعجرف، وربما أرسل الكلام على بداهة الطبع من غير تأمل وتنزيل له على المعنى الأخص به، ثم أن عبيد اللّه منفرد به لم يتابع عليه. أقول: لا حاجة إلى تخطئة الرواة الثقات، بل حكمه حكم سائر المتشابهات، فإما أن يفوض وإما أن يأوّل بلازمه وهو العالي؛ لأن الشاخص عالٍ مرتفع أو هو من باب إطلاق الخاص وإرادة العام كالشيء الذي هو منصوص به في الروايات. وقيل: معناه: لا ينبغي لشخص أن يكون أغير من الله تعالى، "ك"(25/ 127 - 128).
(5)
قوله: (باب - إلى قوله -: شيئًا) كذا وقع في رواية أبي ذر
{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ
(1)
أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: 19]
فَسَمَّى اللَّهُ نَفْسَهُ شَيْئًا
(2)
(3)
، وَسَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ شَيْئًا، وَهُوَ
(4)
صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ. وَقَالَ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ
(5)
} [القصص: 88].
===
والقابسي. وسقط "باب" لغيرهما من رواية الفربري. وسقطت الترجمة من رواية النسفي. وذكر قوله: " {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} " وحديث سهل بعد أثري أبي العالية ومجاهد. ووقع عند الأصيلي وكريمة: " {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} سمى اللّه نفسه شيئًا"، "ع"(16/ 614). [غرض المصنف بالترجمة هو إطلاق الشيء عليه عز اسمه، خلافًا للجهمية؛ إذ منعوا إطلاق لفظ الشيء عليه تعالى، انظر "اللامع" (10/ 374)].
(1)
ولفظ "شيء" أعم العام لوقوعه على كل ما يصلح أن يخبر عنه، وقال الزمخشري:{أَيُّ شَيْءٍ} أي: شهيد أكبر شهادة، فوضع شيئًا مقام شهيد ليبالغ بالتعميم، "ع"(16/ 614).
(2)
يعني: إثباتًا للوجود ونفيًا للعدم وتكذيبًا للزنادقة والدهرية، "ع"(16/ 614).
(3)
قوله: (فسمى الله نفسه شيئًا) وتوجيهه: أن لفظ "أي" إذا جاءت استفهامية اقتضى الظاهر أن يكون مسمى باسم ما أضيف إليه، فعلى هذا يصح أن يسمى اللّه شيئًا وتكون الجلالة خبر مبتدأ محذوف، أي: ذلك الشيء هو اللّه، "ف"(13/ 402)، والمقصود منه صحة إطلاق الشيء عليه تعالى وعلى القرآن. والحديث يطابق الجزء الأخير، وأما الأول فكأنه اكتفى له بالكريمة، ولذا فرع عليه قوله:"فسمى اللّه نفسه شيئًا"، "خ".
(4)
أي: القرآن.
(5)
أما الاستدلال بقوله: " {إِلَّا وَجْهَهُ} " فهو أنه مستثنىً فيجب اندراجه في المستثنى منه، والشيء يساوي الموجود لغة وعرفًا، "ك"(25/ 128).
7417 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ
(1)
، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ: "أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ
(2)
شَيْءٌ؟ " قَالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا. وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ سَمَّاهَا. [راجع: 2310].
22 - بَابُ قَولِهِ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ
(3)
} [هود: 7]{وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129]
"قَالَ النَّبِيّ" في نـ: "قَالَ: قَالَ النَّبِيّ".
===
(1)
بالمهملة والزاي، اسمه سلمة بن دينار.
(2)
مرَّ الحديث مع تمام القصة (برقم: 5149) في "النكاح".
(3)
قوله: ({وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}) وذكر هاتين القطعتين من الآيتين الكريمتين تنبيهًا على فائدتين: الأولى: من قوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} هي لدفع توهّم من قال: إن العرش لم يزل مع اللّه تعالى، مستدلين من قوله:"كان اللّه ولم يكن شيء، وكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ"! وهذا مذهب باطل، ولا يدل الحديث المذكور عليه كما سيأتي، والإضافة للتشريف المحض كبيت الله، وسماه عرشه لأنه مالكه وخالقه، وليس لأوليته حد ولا منتهى، وقد كان في أوليته وحده ولا عرش معه.
والفائدة الثانية: من قوله: " {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} " لدفع توهم من قال من الفلاسفة: إن العرش هو الخالق الصانع" وقوله: "رب العرش" يبطل هذا القول الفاسد فإنه يدل على أنه مربوب مخلوق، والمخلوق كيف يكون خالقًا؟ وقد اتفقت أقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير، وأنه جسم ذو قوائم بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش"، وهذا صفة المخلوق لدلائل قيام الحدوث به من التأليف وغيره، كذا في "العيني" (16/ 615) و "الفتح" (13/ 405).
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ
(1)
: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29]: ارْتَفَعَ، {فَسَوَّاهُنَّ}: خَلَقَهُنَّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54]: عَلَا عَلَى الْعَرْشِ
(2)
{فَسَوَّاهُنَّ} : خَلَقَهُنّ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ: "فَسَوَّى: خَلَقَ".
===
(1)
قوله: (قال أبو العالية) بالمهملة والتحتانية، هو كنية لتابعيين بصريين راويين عن ابن عباس، اسم أحدهما رفيع مصغر ضد الخفض، واسم الآخر زياد بالتحتانية الخفيفة، "ك"(25/ 128)، والظاهر أنه رفيع بن مهران الرياحي لشهرته أكثر من زياد، ولكثرة روايته عن ابن عباس، "ع"(16/ 616).
(2)
قوله: (علا على العرش) قال ابن بطال: وهذا صحيح وهو المذهب الحق وقول أهل السُّنَّة؛ لأن الله سبحانه وصف نفسه بالتعلي، قال:{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ودفعوا اعتراض من قال: علا بمعنى: ارتفع من غير فرق، وقد أبطلتموه لما في ظاهره من الانتقال من سفل إلى علو وهو محال على الله. وجه الدفع أن الله تعالى وصف نفسه بالعلو ولم يصف نفسه بالارتفاع، وقال المعتزلة: معناه: الاستيلاء بالقهر والغلبة، وردّ بأنه تعالى لم يزل قاهرًا مستوليًا، وقوله تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى} يقتضي افتتاح هذا الوصف بعد أن لم يكن، ولازم تأويلهم أنه كان مغالبًا فيه فاستولى عليه بقهر من غالبه وهو منتف عن الله. وقالت المجسمة: معناه: الاستقرار. ودفع بأن الاستقرار من صفات الأجسام ويلزم منه الحلول وهو محال في حقه تعالى، وعند أبي القاسم في "كتاب السُّنَّة"من طريق الحسن البصري عن أمه عن أم سلمة أنها قالت: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر. ومن طريق
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْمَجِيدُ}
(1)
: الْكَرِيم، وَ {الْوَدُودُ}
(2)
(3)
: الْحَبِيبُ. يُقَالُ: حَمِيدٌ مَجِيدٌ: كَأَنَّهُ فَعِيلٌ
(4)
مِنْ مَاجِدٍ، وَمَحْمُودٌ مِنْ حَمِدَ.
"مِنْ حَمِدَ
(1)
"كذا في هـ، وفي نـ: "مِنْ حَميدٍ".
===
ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سئل كيف استوى على العرش؟ قال الاستواء غير معقول، والكيف مجهول، وعلى اللّه الرسالة، وعلى رسوله البلاغ، وعلينا التسليم، كذا في "القسطلاني"(15/ 446 - 447).
(1)
يعني فيما قال تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)} [البروج: 14، 15]، "ك"(25/ 128).
(2)
ذكر هذا استطرادًا لأن قبل قوله: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} "ع"(16/ 616).
(3)
قال الزمخشري: {الْوَدُودُ} : الفاعل بأهل طاعته ما يفعله الودود من إعطائهم ما أرادوا، "ع"(16/ 617).
(4)
قوله: (كأنه فعيل
…
) إلخ، غرضه منه أن مجيدًا فعيل بمعنى فاعل، و"حميدًا" فعيل بمعنى مفعول، ولهذا قال:"مجيد من ماجد وحميد من محمود"، وفي بعض النسخ:"محمود من حميد"، فهو من باب القلب، وفي بعضها:"محمود من حمد" بلفظ ماضي المجهول والمعروف، وإنما قال:"كأنه" لاحتمال أن يكون"حميد" بمعنى "حامد" و"المجيد" بمعنى "الممجد". وفي الجملة في عبارة البخاري تعقيد، "ك"(128/ 25 - 129)، قال في "الفتح" (13/ 408): وهو في قوله: "محمود من حمد"، وقال العيني (16/ 617): هذا كلام من لم يذق من علم التصريف شيئًا، بل لفظ:"محمود" مشتق من "حمد"، والتعقيد إنما هو في قوله:"ومحمود أخذ من حميد"،
(1)
قال في "الفتح"(13/ 408): كذا لهم بغير ياء فعلًا ماضيًا، ولغير أبي ذر عن الكشميهني: محمود من حميد.
7418 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ
(1)
، عَنْ أَبِي حَمْزَة
(2)
، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ قَالَ: إِنِّي عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: "اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ"، قَالُوا: بَشَّرْتَنَا
(3)
فَأَعْطِنَا
(4)
. فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ
(5)
فَقَالَ: "اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ؛ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ"، قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا، جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ
(6)
مَا كَانَ. قَالَ: "كَانَ
(7)
اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبلَه، وَكَانَ عَرْشُهُ
(8)
عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ".
"عَنْ أَبِي حَمْزَةَ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ". "قَدْ قَبِلْنَا" في نـ: "قَبِلْنَا". "عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ" كذا في سـ، حـ، ذ، ولغيرهم:"عَنْ هَذَا الأَمْرِ".
===
لأن محمودًا لم يؤخذ من حميد، وإنما كلاهما أخذا من "حمد" الماضي، فافهم.
(1)
هو لقب عبد اللّه بن عثمان.
(2)
محمد بن ميمون.
(3)
أي: بالجنة ونعيمها.
(4)
أي: شيئًا من الدنيا. ومرَّ الحديث (برقم: 3191، 4365).
(5)
وهم الأشعريون قوم أبي موسى، "قس"(15/ 448).
(6)
أي: ابتداء خلق العالم والمكلفين، "ك"(25/ 129).
(7)
ولفظ "كان" في الموضعين بحسب حال مدخولهما، فالمراد بالأول الأزلية والقدم، وبالثاني الحدوث بعد العدم، "ع"(16/ 618).
(8)
عطف على "كان اللّه"، ولا يلزم منه المعية؛ إذ اللازم من الواو هو الاجتماع في أصل الثبوت وإن كان بينهما تقديم وتأخير، "ك"(25/ 129).
ثُمَّ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ أَدْرِكْ نَاقَتَكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ. فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُهَا، فَإذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا
(1)
، وَايْمُ اللَّهِ لَوَدِدْتُ
(2)
أَنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ وَلَمْ أَقُمْ
(3)
. [راجع: 3190].
7419 -
حَدَّثَنَا عَلِيّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
(4)
، عَنْ هَمَّامٍ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ يَمِينَ اللَّهِ
(6)
مَلأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَة سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
(7)
، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْفَيضُ
(8)
- أَوِ الْقَبْضُ -، يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ". [راجع: 4684، أخرجه: م 993، تحفة: 14711].
"لَا يَغِيضهَا" في نـ: "لَا تَغِيضُهَا". "مَا أَنْفَقَ" في نـ: "مَا أَنْفَقَ اللَّهُ".
===
(1)
قوله: (ينقطع دونها) أي: كانت الناقة من وراء السراب، بحيث لا بد من [قطع] المسافة السرابية للوصول إليها، "ك"(25/ 129 - 130).
(2)
الود المذكور تسلط على مجموع ذهابها وعدم قيامه، لا على أحدهما فقط؛ لأن ذهابها كان قد تحقق بانفلاتها، أو المراد بالذهاب:[الفعل] الكلي، "ع"(16/ 618).
(3)
قبل تمام الحديث، تأسف على ما فاته منه، "قس"(15/ 449).
(4)
ابن راشد.
(5)
ابن منبه.
(6)
مرَّ الحديث [برقم: 7411].
(7)
منصوب على الظرف، "ك"(25/ 130).
(8)
قوله: (الفيض) بالفاء والضاد أي: فيض الإحسان بالعطاء أو القبض بالقاف والموحدة والمعجم أي: قبض الأرواح بالموت،
7420 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَس قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ
(3)
يَشْكُو
(4)
، فَجَعَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ:"اتَّقِ اللهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ الآيةَ
(5)
. قَالَ: وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تقُولُ:
"قَالَ رَسُولُ اللَّهِ" في نـ: "قَالَتْ عَائِشةُ"
(6)
، وفي ف:"قَالَ أَنَسٌ". "الآية" سقطت في نـ. "وَكَانَتْ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَكَانَتْ"، وزاد بعده في نـ:"زينب".
===
وقد يكون الفيض بالفاء بمعنى الموت يقال: أفاضت نفسه إذا مات، و"أو "للشك كما في "الفتح" (13/ 395). وٍ قال الكرماني (25/ 130): ليست للترديد بل للتنويع، ويحتمل أن يكون شكًّا من الراوي، والأول أولى، "قس"(15/ 450).
(1)
قال الكلاباذي: هو أحمد بن سيار بالتحتانية، المروزي. وقال أبو عبد اللّه الحاكم: هو ابن النضر النيسابوري، "ك"(25/ 130).
(2)
روى عنه البخاري بلا واسطة في "الصلاة"(برقم: 483) وها هنا بواسطة أحمد، "ك"(25/ 130).
(3)
مولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
(4)
من أخلاق زوجته زينب بنت جحش.
(5)
وهي قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37].
(6)
قوله: (قالت عائشة: لو كان رسول اللّه كاتمًا
…
) إلخ، كذا في الأصول وهو موصول بالسند المذكور. وقال الداودي: "وقال أنس: لو كان
…
" إلخ، موضع: "وقالت عائشة"، "ع" (16/ 619).
زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ
(1)
، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ.
===
(1)
قوله: (أهاليكن) الأهالي جمع أهل على غير القياس، والقياس "أهلون"، وأهل الرجل: امرأته وولده وكل من في عياله، وكذا كل أخ أو أخت أو عم أو ابن عم أو صبي أجنبي يعوله في منزله. وعن الأزهري: أهل الرجل: أخص الناس به، ويكنى به عن الزوجة. ومنه:{وَسَارَ بِأَهْلِهِ} [القصص: 29]. قوله: "من فوق سبع سماوات" لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضافت إلى فوق سبع سماوات، وقال الراغب: فوق تستعمل في الزمان والمكان والجسم والعدد والمنزلة والقهر، فالأول: باعتبار العلو ويقابله تحت نحو: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]. والثاني: باعتبار الصعود والانحدار نحو: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأحزاب: 10]. والثالث: في العدد نحو: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: 11]. والرابع: في الكبر والصغر كقوله: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]. والخامس: يقع تارة باعتبار الفضيلة الدنيوية نحو: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الزخرف: 32]، والأخروية نحو:{وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 212]. والسادس: نحو قوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18]، وَ {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50]، كذا في "قس"(15/ 451)، "ع"(16/ 619 - 620).
ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "مِن فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ" وهو العرش، ويؤيده ما رواه القاسم التيمي في "كتاب الحجة" من طريق داود بن أبي هند عن عامر - هو الشعبي - قال: كانت زينب تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: أنا أعظم نسائك عليك حقًّا؛ أنا خيرهن منكحًا، وأكرمهن سفيرًا، وأقواهن رحمًا، زوجنيك الرحمن من فوق عرشه، وكان جبريل هو السفير بذلك، وأنا ابنة عمتك وليس لك من نسائك قريبة غيري، "ع"(16/ 619)، وأم زينب بنت جحش: أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وَعَنْ ثَابِتٍ
(1)
: {وَتُخْفِي
(2)
فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ} [الأحزاب: 37]: نَزَلَتْ فِي شَأنِ زَيْنَبَ وَزيدِ بْنِ حَارِثَةَ. [راجع: 4787، تحفة:305].
7421 -
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ
(4)
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ
(5)
فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَأَطْعَمَ عَلَيْهَا
(6)
يَؤمَئِذٍ خُبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَتْ تَفْخَرُ
"زَينب" في نـ: "زينَبَ بْنَتِ جَحْشٍ". "فَأَطْعَمَ" في نـ: "وَأَطْعَمَ".
===
(1)
البناني، وهو موصول بالسند المذكور.
(2)
الواو فيه وفي {وَتَخْشَى النَّاسَ} للحال أي: تقول لزيد: أمسك عليك زوجك! والحال أنك تخفي في نفسك أن لا يمسكها، "ع"(16/ 620).
(3)
السلمي - بضم السين المهملة وفتح اللام - الكوفي ثم المكي، مات سنة 213 هـ، "ك"(25/ 131).
(4)
بفتح الطاء المهملة وسكون الهاء، البكري البصري، "ع"(16/ 620)، "ك"(25/ 131).
(5)
قوله: (نزلت آية الحجاب) هي {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ
…
} [الأحزاب: 53]. قوله: "فأطعم عليها" أي: أطعم على وليمتها خبزًا كثيرًا ولحمًا كثيرًا. قوله: "في السماء" وجه هذا: أن جهة العلو أشرف، فيضاف إليه إشارة إلى علو ذاته وصفاته، وليس ذلك باعتبار أنه محله أو جهته تعالى اللّه عنه علوًا كبيرًا. وهذا هو الثاني والعشرون من ثلاثيات البخاري وهو آخر ثلاثياته، كذا في "ك"(25/ 131)، "ع"(16/ 620 - 621).
(6)
أي: على وليمتها.
عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ
(1)
.
[راجع: 4791، أخرجه: س في الكبرى 8918، تحفة: 1124].
7422 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
(2)
قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَج
(3)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ
(4)
كَتَبَ عِنْدَهُ
(5)
(6)
فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضبِي" [تحفة: 13770].
"قَضَى الْخَلْقَ" في نـ: "خَلَقَ الْخَلْقَ".
===
(1)
حيث قال: {زَوَّجْنَاكَهَا} "ك"(25/ 131)، "ع"(16/ 620).
(2)
الحكم بن نافع.
(3)
عبد الرحمن بن هرمز.
(4)
أي: أتمه وأنفذه، "ك"(25/ 131).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 7404) مع بعض بيانه.
(6)
قوله: (كتب عنده) أي: أثبت في اللوح المحفوظ، وقال الخطابي: المراد بالكتاب أحد شيئين: إما القضاء الذي قضاه كقوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21] أي: قضى ذلك، ويكون معنى قوله:"فوق العرش" أي: عنده علم ذلك فهو لا ينساه ولا يبدله كقوله تعالى: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52]، وإما اللوح المحفوظ الذي فيه ذكر أصناف الخلق وبيان أمورهم وآجالهم وأرزاقهم وأحوالهم، ويكون معنى:"فهو عنده فوق العرش" أي: ذكره وعلمه، "ع"(16/ 621)، "ف" (13/ 413). قوله:"إن رحمتي سبقت غضبي" فإن قلت: صفات اللّه تعالى قديمة، والقدم هو عدم المسبوقية بالغير، فما وجه السبق؟ قلت: الرحمة والغضب من صفات الفعل، والسبق باعتبار التعلق، والسر فيه: أن الغضب بعد صدور المعصية من العبد بخلاف تعلق الرحمة فإنها فائضة على الكل دائمًا أبدًا، "ك"(25/ 131 - 132)
7423 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلَالٍ
(2)
، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ آمَنَ باللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصامَ رَمَضَانَ، فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ
(3)
أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،
"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ" في نـ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ". "عَنْ هِلَالٍ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنِي هِلالٌ". "فَإِنَّ حَقًّا" كذا في قت، ذ، وفي نـ:"كَانَ حَقًّا".
===
(1)
ابن سليمان، وكان اسم فليح: عبد الملك، ولقبه فليح، فغلب على اسمه واشتهر به، "ع"(16/ 621).
(2)
ابن علي، هو هلال بن أبي ميمونة، أو هلال بن أبي هلال المديني، "ع"(16/ 621).
(3)
قوله: (فإن حقًّا على اللّه) هذا مما احتجت المعتزلة والقدرية بأن الله واجب عليه الوفاء لعبده الطائع، وأجاب أهل السّنَّة: بأن معنى الحق الثابت أو هو واجب بحسب الوعد شرعًا لا بحسب العقل، وهو المتنازع فيه. فإن قلت: لم لم يذكر الزكاة والحج؛ قلت: لأنهما موقوفان على النصاب والاستطاعة وربما لا يحصلان له، قوله:"كما بين السماء والأرض" اختلف الخبر الوارد في قدر مسافة ما بين السماء والأرض، وذكر الترمذي مائة عام، وذكر الطَّبراني خمس مائة عام، وروى ابن أبي خزيمة في التوحيد في "صحيحه" وابن أبي عاصم في "كتاب السُّنَّة" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:"وبين السماء الدنيا والتي تليها خمس مائة عام، وبين كل سماء خمس مائة عام"، وفي رواية:"وغلظ كل سماء مسيرة خمس مائة عام، وبين السابعة وبين الكرسي خمس مائة عام، وبين الكرسي وبين الماء خمس مائة عام، والعرش فوق الماء، واللّه فوق العرش، ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم"، "ع"(16/ 622).
أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نُنَبِّئُ
(1)
النَّاسَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ
(2)
الْفِرْدَوْسَ
(3)
، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ
(4)
وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقُهُ
(5)
عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ
(6)
تَفَجَّرُ
(7)
أَنْهَارُ الْجَنَّةِ". [راجع: 2790].
"فِي سَبِيلِهِ" في نـ: "فِي سَبِيلِ اللَّهِ". "وَمِنْهُ تَفَجَّرُ" في هـ، ذ:"وَمِنْهَا تَفَجَّرُ".
===
(1)
بالخطاب وبالمتكلم، "ك"(25/ 132).
(2)
يعني: لا ترضوا بمجرد دخول الجنة، واسعوا في تحصيل الدرجات العلى منها بالجهاد ونحوه، "ك"(25/ 132).
(3)
هو البستان، قال الفراء: هو عربي، وقيل: هو البستان بلغة الروم، "ع" (16/ 622). مرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 2790).
(4)
قيل: الأوسط كيف يكون أعلى وهما متنافيان؟ قلت: الأوسط هو الأفضل فلا منافاة، "ع"(16/ 622)، "ك"(25/ 132).
(5)
قوله: (وفوقه) بضم القاف أي: أعلاه، كذا قيده الأصيلي، وعند غيرها بالنصب على الظرفية، قاله القاضي، وأنكره ابن قرقول وقال: إنما قيده الأصيلي بالنصب، كذا في "الزركشي". قلت: ولإنكار الضم وجه ظاهر، وهو أن "فوق" من الظروف العادمة للتصرف وذلك مما يأبى رفعه بالابتداء كما وقع في هذه الرواية، "د".
(6)
أي: من الفردوس، "قس"(15/ 453).
(7)
بضم الجيم من الثلاثي وبمضارع التفجر أيضًا، "ك"(25/ 132).
7424 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ
(2)
، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(3)
- هُوَ التَّيْمِيُّ -، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ؟
(4)
"قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "فَإِنَّهَا تَذْهَبُ
(5)
فَتَسْتَأْذِنُ فِي السُّجُودِ، فَيُؤْذَنُ لَهَا فِي السُّجُودِ
(6)
، وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ،
"حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ" في نـ: "حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ". "قُلتُ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ". "فَتَسْتَأْذِنُ" كذا في ذ، وفي نـ:"تَسْتَأْذِنُ". "فِي السُّجُودِ" كذا في ذ، وفي ز:"بِالسُّجُودِ".
===
(1)
البيكندي.
(2)
محمد بن خازم بالمعجمة والزاي، "ك"(25/ 132).
(3)
ابن يزيد بن شريك.
(4)
أي: الشمس.
(5)
قوله: (فإنها تذهب
…
) إلخ، والحديث مختصر مما تقدم في "بدء الخلق" (برقم: 3199): "أنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها
…
" الحديث، ومنه ظهر مناسبة الحديث للترجمة، وظهر أن الاستئذان إنما هو بالطلوع من المشرق، "ك" مختصرًا (25/ 133). قال في "الفتح" (13/ 414): والمراد منه ها هنا إثبات أن العرش مخلوق؛ لأنه ثبت أن له فوقًا وتحتًا وهما من صفات المخلوقات. وقال ابن بطال: استئذان الشمس معناه: أن اللّه تعالى يخلق فيها حياة، يوجد القول عندها؛ لأن اللّه قادر على إحياء الجماد والموات. وقال غيره: يحتمل أن يكون الاستئذان أسند إليها مجازًا، أو المراد: مَنْ هو موكّل بها من الملائكة.
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 4802).
فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا
(1)
"، ثُمَّ قَرَأَ:{ذَلِكَ مُسْتَقَرٌّ لَهَا} فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ
(2)
[راجع: 3199].
7425 -
حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ
(4)
بْنِ السَّبَّاقِ: أَنَّ زيدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ.
حَ وَقَالَ اللَّيْثُ
(5)
: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ
(6)
، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ
(7)
، فَتَتبّعْتُ الْقُرْآنَ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ
(8)
لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128]، حَتَّى خَاتِمَةِ {بَرَاءَةٌ}. [راجع: 2807، أخرجه: ت 3103، س في الكبرى 8002، تحفة: 6594].
===
(1)
أي: في الزمان المستقبل ذلك عند قيام الساعة، "ك"(25/ 133).
(2)
ابن مسعود، والقراءة المشهورة:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38]"ع"(16/ 623).
(3)
هو ابن سعد، سبط عبد الرحمن بن عوف، "ك"(25/ 133).
(4)
بضم العين المهملة من غير إضافة لشيء، "قس"(15/ 454)، الثقفي، "ع"(16/ 623).
(5)
هذا تعليق منه.
(6)
ابن مسافر والي مصر، "ع"(16/ 623).
(7)
يأمرني أن أتتبع القرآن وأجمعه في الكتاب، "ك"(25/ 133).
ومرَّ الحديث مطولًا (برقم: 4679، و 4986).
(8)
قوله: (مع أبي خزيمة الأنصاري) هو ابن أوس بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك النجار، واسمه: تيم اللات، شهد بدرًا وما بعدها، مات في
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثنَا اللَّيْثُ
(2)
، عَنْ يُونُسَ
(3)
بِهَذَا
(4)
، وَقَالَ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصارِيِّ
(5)
.
7426 -
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ
(6)
، عَنْ سَعِيدٍ
(7)
، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ
(8)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: "لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ
(9)
،
"الْعَلِيمُ" في نـ: "العَلِيُّ".
===
خلافة عثمان رضي الله عنه، وأبو خزيمة هو الذي جعل الشارع شهادته بشهادة رجلين. قال الكرماني (25/ 134): فإن قلت: شرط القرآن التواتر فكيف ألحقها به؟ قلت: معناه: لم أجدها مكتوبة عند غيره. ومطابقته للترجمة عند تمام الآية المذكورة: {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129]، "ع"(16/ 623)؛ لأنه أثبت أن للعرش ربًّا فهو مربوب، وكل مربوب مخلوق، "ف"(13/ 414).
(1)
هو ابن عبد الله ابن بكير المخزومي، "ع"(16/ 623).
(2)
ابن سعد.
(3)
ابن يزيد.
(4)
أي: بهذا الحديث.
(5)
بلا تردد كما وقع (برقم: 2807): "مع خزيمة أو أبي خزيمة" بالتردد.
(6)
ابن خالد.
(7)
ابن أبي عروبة.
(8)
هو الرياحي بكسر ثم تحتانية خفيفة واسمه رفيع، بفاء مصغرًا، "ف"(13/ 414).
(9)
قوله: (الحليم) والحلم هو الطمأنينة عند الغضب، وحيث أطلق على اللّه فالمراد لازمها، وهو تأخير العقوبة، ووصف العرش بالعظمة من
لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
(1)
، لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ". [أخرجه: م 2730، ت 3435، س في الكبرى 7674، ق 3883، تحفة: 5420].
7427 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى
(3)
، عَنْ أَبِيهِ
(4)
، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
(5)
، عَن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "النَّاسُ
(6)
يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإذَا أَنَا بمُوسَى آخِذ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ". [راجع: 2412].
"إِلَّا هُوَ" كذا في حـ، هـ، ذ، ولغيرهم:"إِلَّا اللَّهُ" في الموضعين. "وَرَبُّ الْعَرْشِ" سقطت الواو في نـ. "النَّاسُ" ثبت في ذ.
===
جهة الكم، وبالكرم أي: الحسن من جهة الكيف، فهو ممدوح ذاتًا وصفةً، وهذا الذكر من جوامع الكلم، "ك"(25/ 134)، "ع"(16/ 624).
(1)
هذا موضع المطابقة للترجمة. ومرَّ الحديث (برقم: 6346).
(2)
الثوري.
(3)
المازني، "ك"(25/ 134).
(4)
يحيى بن عمارة.
(5)
اسمه سعد بن مالك.
(6)
كذا لأبي ذر، بذكر "الناس" وهو الصحيح، وفي بعض بإسقاط "الناس". والظاهر أنه سقط من الكاتب، كذا في "العيني" (16/ 624). ومرَّ الحديث (برقم: 3398).
7428 -
وَقَالَ الْمَاجُشُونُ
(1)
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ
(2)
، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
(3)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذ بِالْعَرْشِ". [راجع: 2411، تحفة: 14966].
"وَقَالَ الْمَاجُشُونُ" في نـ: "ح وَقَالَ الْمَاجُشُونُ". "فَإِذَا مُوسَى" في سـ، حـ، ذ:"فَإِذَا بِمُوسَى".
===
(1)
قوله: (قال الماجشون) بفتح الجيم وضمها وكسرها وهو معرب: "ماهكون" يعني شبيه القمر، وقيل: شبيه الورد، وهو عبد العزيز بن عبد اللّه بن أبي سلمة ميمون المدني، وهذا اللقب قد يستعمل أيضًا لأكثر أقاربه، "ك"(25/ 134)، "ع" (16/ 624). قوله:"عن أبي سلمة" قال أبو مسعود الدمشقي في "الأطراف"
(1)
وتبعه جماعة من المحدثين: إنما روى الماجشون هذا عن عبد اللّه بن الفضل عن الأعرج لا عن أبي سلمة، وقالوا: إن البخاري وهم في هذا حيث قال: عن أبي سلمة، وأجيب عن هذا: بأن لعبد اللّه بن الفضل في هذا الحديث شيخين، والدليل عليه أن أبا داود الطيالسي أخرج في "مسنده" عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد اللّه بن الفضل عن أبي سلمة طرفًا من هذا الحديث، وبهذا يرد أيضًا على من قال: إن البخاري جزم بهذه الرواية، وهي وهم. قلت: إنما جزم بناء على الجواب المذكور، فلذلك قال:"قال الماجشون" وإلا فعادته إذا كان مثل هذا غير مجزوم عنده يذكره بصيغة التمريض، فافهم، "ع"(16/ 624)، "ف"(13/ 414).
(2)
ابن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، "ف"(13/ 414).
(3)
هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
(1)
انظر "تقييد المهمل"(2/ 756) و"تحفة الأشراف"(10/ 463).
23 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ
(1)
} [المعارج: 4] وَقَوْلِهِ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]
===
(1)
قوله: (باب قول اللّه: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ .... } إلخ) ذكر هاتين القطعتين من الآيتين الكريمتين، وأراد بالأولى الرد على الجهمية المجسمة في تعلقهم بظاهر قوله تعالى:{ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} ، وقد تقرر أن اللّه ليس بجسم، فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه، فقد كان ولا مكان، وإنما أضاف المعارج إليه إضافة تشريف، ومعنى الارتفاع إليه: اعتلاؤه مع تنزيهه عن المكان، و {الْمَعَارِجِ}: جمع معرج، كالْمصاعد جمع مصعد، والعروج: الارتقاء، يقال: عرج بفتح الراء يعرج بضمها عروجًا ومعرجًا، والمعرج: المصعد والطريق الذي تعرج فيه الملائكة إلى السماء، والمعراج: شبيه بسُلّم أو دُرَج تعرج فيه الأرواح إذا قبضت، وحيث تصعد أعمال بني آدم، وقال الفراء:{الْمَعَارِجِ} أي: الفواضل العالية. قوله: " {وَالرُّوحُ} " اختلف فيه فقيل: جبرئيل، وقيل: ملك عظيم، تقوم الملائكة صفًّا ويقوم هو وحده صفًّا؛ قال عز وجل:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38]، وقيل: هو خلق من خلق اللّه لا ينزل ملك إِلَّا ومعه اثنان منهم، وعن ابن عباس: أنه ملك له أحد عشر ألف جناح وألف وجه يسبح اللّه إلى يوم القيامة، وقيل: هم خلق كخلق بني آدم لهم أيد وأرجل. وأما الآية الثانية: فردّ شبهتهم أيضًا؛ لأن صعود الكلم إليه لا يقتضي كونه في جهة، إذ الباري سبحانه وتعالى لا تحويه جهة إذ كان موجودًا ولا جهة، ووصف الكلم بالصعود إليه مجاز؛ لأن الكلم عرض والعرض لا يصلح لأن ينقل. قوله:" {الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} " قيل: القرآن، {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} أداء فرائض اللّه تعالى، "ع"(6/ 625)، وكذا في "ف"(13/ 416 - 417).
وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ
(1)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لأَخِيهِ: اعْلَمْ
(2)
لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَالَ مُجَاهِد: الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ، يُقَالُ: ذِي الْمَعَارج
(3)
: الْمَلَائِكَةُ تَعْرُجُ إِلَى اللَّهِ.
7429 -
حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
(5)
، عَنِ الأَعْرَجِ
(6)
، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَتَعَاقَبُونَ
(7)
"إِلَى اللَّهِ" في حـ، هـ، ذ:"إِلَيهِ".
===
(1)
بالجيم والراء نصر بن عمران الضبعي البصري، وهذا التعليق مضى موصولًا في "باب إسلام أبي ذر" (برقم: 3861)، "ع"(16/ 625).
(2)
من العلم، "لي" أي: لأجلي، أو من الإعلام أي: أخبرني بخبر هذا الرجل الذي بمكة يدعي النبوة، "ع"(16/ 625).
(3)
أي: يقال: معنى قوله: "ذِي الْمَعَارج": الملائكة العارجات إليه، "ع"(16/ 625).
(4)
ابن أبي أويس.
(5)
عبد الله بن ذكوان.
(6)
عبد الرحمن بن هرمز.
(7)
قوله: (يتعاقبون) أي: يتناوبون، وهو نحو: أكلوني البراغيث. فإن قلت: السؤال عن الترك فلم قالوا: "وأتيناهم وهم يصلون"؟ قلت: زادوا على الجواب إظهارًا لبيان فضيلتهم واستدراكًا لما قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30]، وأما تعاقبهم في هذين الوقتين فلأنهما وقتا الفراغ من وظيفتي الليل والنهار ووقت رفع الأعمال، وأما اجتماعهم فهو من تمام لطف اللّه بالمؤمنين ليكون لهم الشهداء، وأما السؤال فلطلب اعتراف الملائكة بذلك.
فإن قلت: ما وجه التخصيص بالذين باتوا وترك ذكر الذين ظلوا؟
فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ
(1)
، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ". [راجع: 555].
7430 -
وَقَالَ
(2)
(3)
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ
(4)
: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
(6)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
"أَعْلَمُ بِكُمْ" في نـ: "أَعْلَمُ بِهِمْ". "فَيَقُولُونَ" في نـ: "فَيَقُولُ". "وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ" زاد قبله في ذ: "قَالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ". "حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ" في نـ: "حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ".
===
قلت: إما اكتفاء بذكر اجتماعهما عن الأخرى
(1)
، وإما لأن الليل مظنة المعصية ومظنة الاستراحة، فلما لم يعصوا واشتغلوا بالطاعة فالنهار أولى بذلك، وإما لأن حكم طرفي النهار يعلم من حكم طرفي الليل فذكره كالتكرار، "ك"(25/ 135 - 136)، "ع"(16/ 626).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 555).
(2)
كذا عند الجميع، ووقع عند الخطابي في شرحه ["الأعلام" (4/ 2346)]: قال أبو عبد اللّه البخاري: "حَدَّثَنَا خالد بن مخلد"، "ف"(13/ 417)، "ع"(16/ 626).
(3)
وهذا التعليق تقدم في أول الزكاة مسندًا لكن ليس فيه "يصعد"، قال ثمة:"لا يقبل اللّه إِلَّا الطيب"، نعم هو بعينه مسند في "صحيح مسلم"، "ك"(25/ 136).
(4)
بفتح الميم واللام.
(5)
ابن بلال.
(6)
اسمه ذكوان الزيات، "ع"(16/ 626).
(1)
كذا في "العيني"، وفي "الكرماني": يذكر أحدهما عن الآخر.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَصَدَّقَ بعِدْلِ تَمْرَةٍ
(1)
مِنْ كَسْبِ طَيِّبٍ، وَلَا يَصعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّب، فَإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيَهَا لِصَاحِبِهِ
(2)
كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ
(3)
، حَتَّى تَكُونَ
(4)
مِثْلَ الْجَبَلِ".
وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ
(5)
(6)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سعِيدِ بْنِ يَسَارٍ،
"يَتَقَبَّلُهَا" في هـ، ذ:"يقبلها" - أي: الصدقة -. "لِصاحِبِهِ" في سـ، ذ:"لِصَاحِبِهَا". "وَرَوَاهُ" في نـ: "وَقَالَ".
===
(1)
قوله: (بعدل تمرة) بكسر العين وفتحها بمعنى المثل، وقيل: بالفتح: ما عادله من جنسه، وبالكسر: ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس، والعدل بالكسر: نصف الحمل. وقال الخطابي: عدل التمرة ما يعادلها في قيمتها، يقال: عدل الشيء مثله في القيمة، وعدله مثله في المنظر. قوله:"بيمينه" معناه: حسن القبول؛ فإن العادة جارية بأن تصان اليمين عن مس الأشياء الدنية، وليس فيما يضاف إليه تعالى من صفة اليد شمال لأنها محل النقص والضعف، وقد روي:"كلتا يديه يمين"، وليس معنى اليد الجارحة، إنما هو صفة جاء بها التوقيف فنطلقها ولا نكيفها وننتهي حيث انتهى التوقيف، "ع"(16/ 626 - 627)، "ك"(25/ 136).
(2)
أي: لصاحب العدل.
(3)
بفتح الفاء وضمها وشدة الواو: الجَحْشُ والمُهْرُ إذا فُطِمَا، "ك"(25/ 136)، "ع"(16/ 627)، "ق" (ص 1214). الجَحْشُ - بتقديم الجيم على الحاء المهملة -: ولد الحمار، جمعه: جِحَاشٌ وجِحْشَانٌ، كذا في "القاموس" (ص: 527). المُهْرُ: ولد الفرس، "ق" (ص: 431).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 1410).
(5)
ابن عمر بن كليب أصله من خوارزم، ويقال من الكوفة، سكن المدائن، "ع"(16/ 627).
(6)
قوله: (ورواه ورقاء
…
) إلخ، يريد أن رواية ورقاء موافقة لرواية
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ".
[راجع: 1410].
7431 -
حَدَّثَنِي عَبدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُريعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ
(1)
، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ
(2)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ
(3)
"إِلَّا الطَّيِّبُ" في ذ: "إِلَّا طَيِّبٌ". "حَدَّثَنِي عَبْدُ الأَعْلَى" في نـ: "حَدَّثَنَا عَبدُ الأَعْلَى".
===
سليمان إِلَّا في شيخ شيخهما، فعند سليمان أنه عن أبي صالح، وعند ورقاء عن سعيد بن يسار، هذا في السند. وأما في المتن فظاهره أنهما سواء، إِلَّا في قوله:"الطيب" فإنها في رواية ورقاء: "طيب" بغير ألف ولام، وقد وصلها البيهقيّ من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم عن ورقاء، "ف"(13/ 417)، "ع"(16/ 627).
(1)
ابن أبي عروبة.
(2)
اسمه رفيع.
(3)
قوله: (كان يدعو بهن) فإن قلت: هذا ذكر وتهليل لا دعاء؟ قلت: هو مقدمة للدعاء، فأطلق الدعاء عليه باعتبار ذلك، أو الدعاء أيضًا ذكر لكنه خاص، فأطلقه وأراد العام. فإن قلت: هذا الحديث لا تعلق له بالترجمة؟ قلت: هذا والحديثان اللذان بعده مقامهما اللائق بهن الباب السابق، ولعل الناسخ نقلها إلى ها هنا على أن هذا الباب كأنه من تتمة الباب المتقدم؛ لأنهما متقاربان في المقصد بل هما متحدان، ويحتمل أن يقال: أراد بهذا وبالثالث بيان المعراج، وبالثاني لازم لا يجاوز حناجرهم، أي: لا يصعد إلى اللّه تعالى، "ك" (25/ 137). [وفي "الأبواب والتراجم" (6/ 341): دعاؤه عليه الصلاة والسلام لا سيما عند الكرب أمارة عروجه إلى السماء؛ فإن الدعاء إذا لم يقبل لم يعرج كان لغوًا، وبذلك تثبت مناسبة الترجمة].
عِنْدَ الْكَرْبِ
(1)
: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيم، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ".
[راجع: 6345].
7432 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(3)
، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ
(4)
- أَوْ أَبِي نُعْم، شَكَّ قَبِيصَةُ
(5)
-، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بذُهَيبَةٍ
(6)
فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ.
"أَوْ أَبِي نُعَمٍ" في نـ: "أَوْ أَبِي نُعيمٍ". "عَنْ أَبِي سَعِيدٍ" زاد في ذ: "الْخُدْرِيِّ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 6346).
(2)
ابن عقبة.
(3)
هو ابن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي.
(4)
عبد الرحمن بن أبي نعم بالضم وسكون المهملة، أو ابن أبي نعيم مصغرًا البجلي، "ك"(25/ 137).
(5)
قوله: (شك قبيصة) يعني في قوله: "ابن أبي نعم أو أبي نعيم" هكذا قال بعضهم، والذي يفهم من كلام الكرماني (25/ 137): أن شكه في ابن أبي نعيم أو ابن أبي نعم، وقد مضى في "أحاديث الأنبياء" بلا شك عن ابن أبي نعم، بضم النون وسكون العين المهملة، "ع" (16/ 628). قوله:"في تربتها" أي: مستقرة فيها، والتأنيث على نية القطعة من الذهب، وفي "الصحاح": الذهب: معروف، وربما أنث، والقطعة منه: ذهبة، وأراد بالتربة: تبر الذهب، ولا يصير ذهبًا خالصًا إِلَّا بعد السبك، "ع"(16/ 628).
(6)
تصغير الذهب، وهو قد يؤنث في بعض اللغات، "ع" (16/ 628). ومرَّ الحديث (برقم: 4351).
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ
(2)
، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ وَهُوَ بِالْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسِ الْحَنْظَلِيِّ
(3)
ثُمَّ أَحَدِ بَنِي مُجَاشِعٍ
(4)
، وَبَيْنَ عُيَينَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ بَدْرَ الْفَزَارِيِّ
(5)
، وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثةَ
(6)
الْعَامِرِيِّ
(7)
ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ، وَبَيْنَ زَيْدِ
(8)
الْخَيْلِ
(9)
الطَّائِيِّ،
"وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ" في ذ: "وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ". "بِالْيَمَنِ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"فِي الْيَمَنِ".
===
(1)
هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر البخاري السعدي، كان ينزل بالمدينة بباب سعد، فالبخاري يروي عنه تارة بنسبته إلى جده وتارة بنسبته إلى أبيه، "ع"(16/ 628).
(2)
الثوري.
(3)
نسبة إلى حنظلة بن مالك من أجداده.
(4)
ابن دارم بن مالك بن حنظلة، "ع"(16/ 629).
(5)
بفتح الفاء والزاي مخففًا وبالراء، نسبة إلى أحد أجداده.
(6)
بضم المهمل وخفة اللام وبالمثلثة.
(7)
نسبة إلى عامر بن عوف بن بكر، "ع"(16/ 629).
(8)
ابن مهلهل.
(9)
قوله: (وبين زيد الخيل
…
) إلخ، وهؤلاء الأربعة كانوا من المؤلفة، وكل منهم رئيس قومه.
فأما "الأقرع"، فهو ابن حابس بن عقال، قال المبرد: كان في صدر الإسلام رئيس خندف، وكان محله فيها محل عيينة بن حصن في قيس. وقال المرزباني: هو أول من حرم القمار، وقيل: كان سنوطًا أعرج مع قرعه وعوره،
ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ
(1)
، فَتَغَضَّبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ فَقَالُوا: يُعْطِيهِ
(2)
"فَتَغَضَّبَتْ" كذا في سفـ، حـ، ذ، وفي سـ، هـ، ذ:"فَتَغَيَّظَتْ"، وفي نـ:"فَغَضِبَتْ".
===
وكان يحكم في المواسم، وهو آخر الحكام من بني تميم، ويقال: إنه كان ممن دخل من العرب في المجوسية، ثم أسلم وشهد الفتوح واستشهد باليرموك، وقيل: بل عاش إلى خلافة عثمان رضي الله عنه فأصيب بالجوزجان.
وأما "عيينة بن بدر" فنسب إلى جد أبيه، وهو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، وكان رئيس قيس في أول الإسلام وكنيته أبو مالك، وقد مضى له ذكر في أوائل "الاعتصام" (ح: 7286)، وسمّاه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم "الأحمق المطاع"، وارتد مع طليحة ثم عاد إلى الإسلام.
وأما "علقمة" فهو ابن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكان رئيس بني كلاب مع عامر بن الطفيل، وكانا يتنازعان الشرف فيهم ويتفاخران، ولهما في ذلك أخبار شهيرة، وكان علقمة حليمًا عاقلًا، لكن كان عامر أكثر منه عطاء، وارتد علقمة مع من ارتد ثم عاد، ومات في خلافة عمر بحوران.
وأما "زيد الخيل"، فهو ابن مهلهل بن زيد، وقيل له: زيد الخيل لعنايته بها، ويقال: لم يكن في العرب أكثر خيلًا منه، وقيل: لشجاعته وفروسيته، وقيل: لأن كعب بن زهير اتهمه بأخذ فرسه، وكان شاعرًا خطيبًا شجاعًا جوادًا، وسماه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم "زيد الخير" بالراء بدل اللام لما كان فيه من الخير، وقد ظهر أثر ذلك، فإنه مات على إسلامه في حياته صلى الله عليه وسلم، وقيل: بل توفي في خلافة عمر، هذا ملتقط من "ف"(13/ 418)، "ع"(16/ 629)، "ك"(25/ 137 - 138).
(1)
بفتح النون وسكون الموحدة وبالنون بعد الألف، "ك"(25/ 138).
(2)
أي: النبيُّ صلى الله عليه وسلم المالَ.
صَنَادِيدَ
(1)
أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا
(2)
؟! قَالَ: "إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ"
(3)
. فَأَقْبَلَ رَجُلٌ
(4)
غَائِرُ الْعَيْنَينِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ
(5)
، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، اتَّقِ اللَّهَ. فَقَالَ: "فَمَنْ يُطِيعُ اللَّهَ إِذَا عَصَيتُهُ
"فَقَالَ" في نـ: "قَالَ"، وزاد في نـ:"النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ".
===
(1)
أي: رؤساءهم.
(2)
أي: يتركنا.
(3)
ليثبتوا على الإسلام.
(4)
قوله: (فأقبل رجل) اسمه عبد اللّه، ذو الخويصرة التميمي. قوله:"غائر العينين" من غارت عينه إذا دخلت وهو ضد الجاحظ، قال الكرماني (25/ 138):"غائر العينين" أي: داخلتين في الرأس لاصقتين بقعر الحدقة. قوله: "ناتئ الجبين" أي: مرتفع الجبين من النتؤ بالنون والتاء المثناة من فوق، ويروى:"ناشز الجبين"، والمعنى واحد. قوله:"كث اللحية" بتشديد المثلثة أي: كثير شعرها غير مرسلة. قوله: "مشرف الوجنتين" أي: غليظهما يعني: ليس بسهل الخد، يقال: أشرفت وجنتاه علتا، والوجنتان: العظمان المشرفان على الخدين، وفي "الصحاح": الوجنة: ما ارتفع من الخد، وفيها أربع لغات: بتثليث الواو، والرابع: أجنة. قوله: "محلوق الرأس" كانوا لا يحلقون رؤوسهم ويوفرون شعورهم، وقد فرق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم شعره، وحلق في حجة وعمرة. قوله:"أراه خالد بن الوليد" أي: أظن هذا الرجل خالد بن الوليد، ووقع في "كتاب استتابة المرتدين" أنه عمر رضي الله عنه، ولا تنافي بينهما لاحتمال وقوعه منهما، "ع"(16/ 630).
(5)
أي: مرتفعهما.
فَيَأْمَنُنِي
(1)
عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَلَا تَأْمَنُونِّي". فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْم قَتْلَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أُرَاهُ
(2)
خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ - فَمَنَعَه، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: "إِنَّ مِنْ ضئْضِئِ
(3)
هَذَا قَوْمًا
(4)
يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ
(5)
، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ
(6)
مِنَ الرَّمِيَّةِ
(7)
، يَقْتُلُونَ أهْلَ الإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ
(8)
أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ
(9)
قَتْلَ عَادٍ".
[راجع: 3344].
"فَيَأْمَنُنِي" في نـ: "فَيَأْمَنِّي". "وَلَا تَأْمَنُونِّي" في نـ: "وَلَا تَأمَنُونَنِي". "فَمَنَعَهُ" في نـ: "فَمَنَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ". "فَلَمَّا وَلَّى قَالَ" زاد في نـ: "النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ".
===
(1)
أي: يجعلني اللّه أمينًا عليهم.
(2)
أي: أظنه.
(3)
بكسر المعجمتين وسكون الهمزة الأولى: الأصل والنسل، "ك"(25/ 138)"ع"(16/ 630).
(4)
وفي بعضها: "قوم" فإما أنه كتب على اللغة الربيعية فإنهم يكتبون المنصوب بدون الألف، وإما أن يكون في:"إن" ضمير الشأن، "ك"(25/ 138)، "ع"(16/ 630).
(5)
جمع حنجرة، وهو الحلقوم.
(6)
أي: كمروق السهم، والمروق هو النفوذ حتى يخرج من الطرف الآخر، "ك"(25/ 139)، "ع"(16/ 630).
(7)
بتشديد التحتية: فعيلة، بمعنى مفعولة، "ك"(25/ 139)، "ع"(16/ 630).
(8)
أي: يتركون.
(9)
قوله: (لأقتلنهم) فإن قلت: فلم منع خالدًا من قتله وقد أدركه؟
7433 -
حَدَّثَنَا عَيَّاشُ
(1)
بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ - أُرَاهُ
(2)
- عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] قَالَ: "مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ". [راجع: 3199].
"أُرَاهُ" ثبت في ذ. "عَنْ قَوْلِهِ" في نـ: "عَنْ قَوْلِ اللَّهِ".
===
قلت: إنما أراد إدراك طائفتهم وزمان كثرتهم وخروجهم على الناس بالسيف، وإنما أنذر أن يكون ذلك وقد كان كما قال، وأول ما نجم هو في زمان علي رضي الله عنه. فإن قلت: تقدم في "المغازي" في "باب بحث علي رضي الله عنه إلى اليمن" أنه قال: "لأقتلنهم قتل ثمود"؟ قلت: الغرض منه الاستئصال بالكلية وهما سواء فيه، إذ عاد استؤصلت بالريح الصرصر، وثمود أهلكوا بالطاغية. فإن قلت: فما معنى "كقتل" حيث لا قتل؟ قلت: لازمه، وهو الهلاك، ويحتمل أن يكون الإضافة إلى الفاعل ويراد به: القتل الشديد القوي، لأنهم مشهورون بالشدة والقوة، "ك"(25/ 139). لا مطابقة بينه وبين الترجمة بحسب الظاهر، وقد تكلف بعضهم في توجيه المطابقة فقال ما حاصله: إن في الرواية التي في "المغازي": "وأنا أمين من في السماء" ما يدل عليها، وهو أن معنى قوله:"من في السماء": على العرش فوق السماء. وفيه تعسف، "ع" (16/ 628). [قال ابن المنير: جميع الأحاديث في هذه الترجمة مطابقة لها إِلَّا حديث ابن عباس، وليس فيه إِلَّا قوله:"ربّ العرش". ومطابقته - واللّه أعلم - من جهة أنه نبه على بطلان قول من أثبت الجهة أخذًا من قوله: " {ذِي الْمَعَارِجِ} "، انظر "فتح الباري"(13/ 419)].
(1)
الرقّام.
(2)
هو من كلام سليمان الأعمش، "ك"(25/ 139).
24 - بَابُ قوْلِ اللهِ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
(1)
} [القيامة: 22، 23]
===
(1)
قوله: (باب قول اللّه تعالى: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
…
}) إلخ، المقصود من الباب ذكر الظواهر التي تشعر بأن العبد يرى ربه يوم القيامة، واستدل البخاري بهذه الآية والأحاديث عليها، وهو مذهب أهل السُّنَّة وجمهور الأمة ومنعت من ذلك الخوارج والمعتزلة وبعض المرجئة، ولهم في ذلك دلائل فاسدة.
قال البيهقيّ: وجه الدليل من الآية أن لفظ: {نَاظِرَةٌ} بالضاد المعجمة من النضر بمعنى السرور. ولفظ {نَاظِرَةٌ} بالظاء المعجمة يحتمل أربعة أوجه: نظر التفكر والاعتبار: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} ، ونظر الانتظار:{مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} ، ونظر التعطف والرحمة:{وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 77]، ونظر الرؤية:{يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [محمد: 20]. والثلاثة الأول غير مرادة، أما الأول فلأن الآخرة ليست بدار استدلال، وأما الثاني فلأن في الانتظار تنغيصًا وتكديرًا، والآية خرجت مخرج الامتنان والبشارة، وأهل الجنة لا ينتظرون شيئًا، لأنه مهما خطر لهم أتوا به، وأما الثالث فلا يجوز؛ لأن المخلوق لا يتعطف على خالقه، فلم يبق إِلَّا نظر الرؤية، وانضم إلى ذلك أن النظر إذا ذكر مع الوجه انصرف إلى نظر العينين اللتين في الوجه، ولأنه هو الذي يتعدى بإلى، كقوله تعالى:{يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} والأصل عدم التقدير، فاندفع قول [من زعم] أن المعنى ناظرة إلى ثواب ربها، وأيد في حق المؤمنين؛ بمفهوم قوله تعالى فِي الكَافِرِينَ:{إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15]، وقيدها بالقيامة في الآيتين إشارة إلى أن الرؤية في الآخرة دون الدنيا.
فإن قلت: لا بد للرؤية من المواجهة والمقابلة وخروج الشعاع من الحدقة إليه أو انطباع صورة المرئي في حدقة الرائي ونحوهما هو محال على اللّه؟ قلت: هذه شروط عادية لا عقلية، يمكن حصولها بدون هذه
7434 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ
(2)
وَهُشَيمٌ
(3)
، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
(4)
، عَنْ قَيْس
(5)
، عَنْ جَرِيرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ
(6)
قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ نَظَرَ
(7)
إِلَى الْقَمَرِ لَيلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ
(8)
فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ
(9)
"وَهُشَيْمٌ" في سـ، حـ، ذ:"أَو هُشَيم". "فَقَالَ: إِنَّكُمْ" في نـ: "قَالَ: إِنَّكُمْ".
===
الشروط عقلًا، ولهذا جوّز الأشعري رؤية أعمى الصين بَقَّةَ الأندلس، إذ هي حالة يخلقها اللّه في الحي فلا استحالة فيها، هذا ملتقط من "ع"(16/ 631)، "ف"(13/ 425 - 426)، "ك"(25/ 139 - 140).
(1)
السلمي الواسطي.
(2)
ابن عبد اللّه بن عبد الرحمن الطحان الواسطي.
(3)
ابن بشير الواسطي.
(4)
ابن أبي خالد الأحمسي البجلي.
(5)
ابن أبي حازم، بالمهملة والزاي، البجلي.
(6)
البجلي.
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 554).
(8)
قوله: (لا تضامون) بتخفيف الميم من الضيم وهو الذل والتعب والظلم أي: لا يضيم بعضكم بعضًا في الرؤية بأن يدفعه عنه ونحوه، وبفتح التاء وضمها وشدة الميم: من الضم أي: لا تتزاحمون ولا تتنازعون فيها ولا تختلفون عندها، "ك"(25/ 140)، "ع"(16/ 633).
(9)
والتعقيب بكلمة الفاء يدل على أنه قد يرجى ليلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين: الصبح والعصر، وذلك لتعاقب الملائكة في وقتيهما، أو لأن وقت صلاة الصبح وقت لذيذ النوم وصلاة العصر وقت الفراغ من الصناعات
أَنْ لَا تُغْلَبُوا
(1)
عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَافْعَلُوا". [راجع: 554].
7435 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ
(3)
، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيسِ بْنِ أَبِي حَازِم، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا". [راجع: 554].
7436 -
حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَينٌ الْجُعْفِيُّ
(4)
، عَنْ زَائِدَةَ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ
(6)
، عَنْ قَيْس بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بنُ عَبدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم
"عَلَى صَلَاهٍ" في هـ، حـ، ذ:"عَنْ صَلاةٍ". "قَالَ: قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُمْ" في نـ: "قَالَ: خَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ البدرِ فَقَالَ: إِنَّكُمْ". "حَدَّثَنِي عَبْدَةُ" في نـ: "حَدَّثَنَا عَبْدَةُ". "قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ" في نـ: "عَنْ جَرِيرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ".
===
وإتمام الوظائف، فالقيام فيهما أشق على النفس، "ك"(25/ 140)، "ع"(16/ 632).
(1)
بناء المجهول.
(2)
القطان الكوفي، "ك"(25/ 140)، "ع"(16/ 632).
(3)
اسمه عبد ربه بن نافع الحناط، بالمهملة وتشديد النون، صاحب الطعام المدائني.
(4)
ابن علي.
(5)
ابن قدامة الثقفي.
(6)
الأحمسي.
لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ
(1)
هَذَا، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ". [راجع: 554].
7437 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ تُضَارُّونَ
(3)
فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ ". قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ ". قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ
(4)
،
===
(1)
قوله: (كما ترون) هذا معنى التشبيه بالقمر أنكم ترونه رؤية محققة لا شك فيها ولا تعب ولا خفاء كما ترون القمر كذلك، فهو تشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي ولا كيفية الرؤية بالكيفية، "ك"(25/ 141)، "ع"(16/ 633).
(2)
أبو القاسم القرشي العامري الأويسي المديني، "ع"(16/ 634).
(3)
قوله: (هل تضارون) بضم التاء وتشديد الراء: هل تضارون غيركم في حال الرؤية برحمة أو مخالفة. وبتخفيفها، أي: هل يلحقكم في رؤيته ضير وهو الضرر، "ك" (25/ 141). وقال العيني (16/ 634): بفتح التاء المثناة من فوق وضمها وتشديد الراء وتخفيفها، فالتشديد بمعنى: لا تتخالفون و [لا] تتجادلون في صحة النظر إليه لوضوحه وظهوره، يقال: ضاره يضاره مثل ضره يضره، وقال الجوهري: يقال: أضرني فلان إذا دنا مني دنوًا شديدّا فأراد بالمضارة الاجتماع والازدحام عند النظر إليه، وأما التخفيف فهو من الضير لغة في الضر والمعنى فيه كالأول، "ك"(25/ 141)، "ع"(16/ 634).
(4)
أي: واضحًا جليًّا بلا شك ولا مشقة ولا اختلاف، "ك"(25/ 141 - 142)، "ع"(16/ 634).
يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شيئًا فَلْيَتَّبِعْه، فَيَتَّبعُ
(1)
مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ
(2)
الشَّمْسَ
(3)
، ويتَّبعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، ويتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ
(4)
الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا شَافِعُوهَا
(5)
- أَوْ مُنَافِقُوهَا شَكَّ إِبْرَاهِيمُ
(6)
-، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ
(7)
عز وجل
===
(1)
بتشديد التاء من الاتباع، "ع"(16/ 634).
(2)
مفعول "يعبد"، "ع"(16/ 634).
(3)
مفعول "يتبع".
(4)
قوله: (يعبد الطواغيت) وهي جمع طاغوت، والطواغيت: الشياطين أو الأصنام. وفي "الصحاح" الطاغوت: الكاهن وكل رأس في الضلال، وقد يكون واحدًا، وقد يكون جمعًا، وهو على وزن لاهوت من لاه، وأصله طغووت مثل جبروت، نقلت الواو إلى ما قبل الغين ثم قلبت ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، "ع"(16/ 634). "أو منافقوها" إنما بقوا في زمرة المؤمنين لأنهم كانوا في الدنيا مستترين بهم فيستروا أيضًا بهم في الآخرة حتى ضرب بينهم بسور له باب، "ك"(25/ 142).
(5)
أي: شافع الأمة، من شفع يشفع شفاعة فهو شافع وشفيع، "ع"(16/ 634).
(6)
ابن سعد الراوي المذكور.
(7)
قوله: (فيأتيهم اللّه) إسناد الإتيان إليه تعالى مجاز عن التجلي لهم، وقيل: عن رؤيتهم إياه؛ لأن الإتيان إلى الشخص مستلزم لرؤيته، قال القاضي عياض: أي: يأتيهم بعض ملائكته أو يأتيهم اللّه في صورة الملك، وهذا آخر امتحان للمؤمنين، فإذا قال لهم هذا الملك أو هذه الصورة:"أنا ربكم" رأوا عليه من علامة الحدوث ما يعلمون به أنه ليس ربهم. فإن قلت: الملك معصوم فكيف يقول: أنا ربكم، وهو كذب؟ قلت: لا نسلم عصمته من مثل هذه الصغيرة، "ك"(25/ 142)، "ع"(16/ 634 - 735).
فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإذَا جَاءَنَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ. فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ
(1)
الَّتِي يَعْرِفُونَ
(2)
فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَتَّبِعُونَهُ
(3)
ويُضْرَبُ الصِّرَاطُ
(4)
"جَاءَنَا رَبُّنَا" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"جَاءَ رَبُّنَا"، وفي هـ، ذ:"نَجَّانَا رَبُّنَا". "يَعْرِفُونَ" في نـ: "يَعْرِفُونَهَا"، وفي نـ:"يَعْرِفُونَ بِهَا".
===
(1)
قوله: (في صورته) أي: صفته أي: يتجلى الله لهم على الصفة التي عرفوه بها، "ك"(25/ 142)، "ع" (16/ 635). ومرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 6573) في "كتاب الرقاق".
(2)
قوله: (في صورته التي يعرفون) يحتمل أن يشير بذلك إلى ما عرفوه حين أخرج ذرية آدم من صلبه ثم أنساهم ذلك في الدنيا ثم يذكرهم بها في الآخرة. قوله: "فإذا جاء ربنا عرفناه" قال ابن بطال (10/ 462) عن المهلب: إن اللّه يبعث لهم ملكًا ليختبرهم في اعتقاد صفات ربهم الذي ليس كمثله شيء فإذا قال لهم: "أنا ربكم" ردوا عليه لما رأوا عليه من صفة المخلوق بقولهم: "فإذا جاء ربنا عرفناه" أي: إذا ظهر لنا في مُلك لا ينبغي لغيره وعظمة لا تشبه شيئًا من مخلوقاته فحينئذ يقولون: أنت ربنا، "ف" (13/ 428). ويأتي الكلام على الصورة (برقم: 7439) إن شاء اللّه تعالى.
(3)
أي: يتبعون أمره إياهم بذهابهم إلى الجنة أو ملائكته التي تذهب بهم إليها، "ك"(42/ 125)، "ع"(16/ 635).
(4)
قوله: (ويضرب الصراط بين ظهري جهنم) أي: على وسطها، ويروى:"بين ظهراني جهنم"، وكل شيء متوسط بين شيئين فهو بين ظهريهما وظهرانيهما، وقال الداودي: يعني على أعلاها فيكون جسرًا، ولفظ "ظهري" مقحم، والصراط: جسر ممدود على متن جهنم أحدّ من السيف وأدقّ من
بَيْنَ ظَهْرَيْ
(1)
جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ
(2)
، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُل، وَدَعْوَى الرُّسلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ
(3)
، هَلْ رَأيْتُمُ السَّعْدَانَ؟ ". قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. "فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّه، تَخْطِفُ
(4)
النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ
(5)
،
"مَنْ يُجِيزُ" في نـ: "مَنْ يُجِيزُهَا"، وفي عسـ، صـ، ذ:"مَنْ يَجِيءُ". "مَا قَدْرُ عِظَمِهَا" كذا في هـ، وفي ذ:"قَدْرَ عِظَمِهَا".
===
الشعر، يمر الناس كلهم عليه. قوله:"لا يتكلم يومئذ" أي: في حال الإجازة صمالا ففي يوم القيامة مواطن يتكلم الناس فيها، وتجادل كل نفس عن نفسها، ولا يتكلمون لشدة الأهوال.
قوله: "كلاليب" جمع كلوب، بفتح الكاف، وهو: حديدة معطوفة الرأس يعلق عليها اللحم، وقيل: الكلوب: الذي يتناول الحداد به الحديد من النار، كذا في كتاب ابن بطال. وفي كتاب ابن التين: هو المعقف الذي يخطف به الشيء. قوله: "شوك السعدان" هو في أرض نجد، وهو نبت له شوكة عظيمة مثل الحسك من كل الجوانب، "ع"(16/ 635).
(1)
لفظ "ظهري" مقحم، "ك"(25/ 142).
(2)
أي: يجوز، يقال: أجزت الوادي وجزته لغتان. وقال الأصمعي: أجاز بمعنى قطع، "ك"(25/ 142)، "ع"(16/ 635).
(3)
نبت له شوكة عظيمة، "ك"(25/ 142).
(4)
بفتح الطاء وكسرها، "ك"(25/ 143)، "ع"(16/ 635).
(5)
أي: بسبب أعمالهم، أي: بقدر أعمالهم، "ك"(25/ 143)، "ع"(16/ 635).
فَمِنْهُمُ الْمُؤمِنُ
(1)
بَقِيَ بعَمَلِهِ، أَوِ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ
(2)
أَوِ الْمُجَازَى
(3)
أَوْ نَحْوُهُ
(4)
، ثُمَّ يَتَجَلَّى، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ
"الْمُؤمِنُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ، أَوِ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ" في نـ: "الْمُؤمِنُ يَقِي بِعَمَلِهِ، أَوِ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ"، وفي نـ:"الْمُوبَقُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ"، وفي نـ:"المُوبَقُ بِعَمَلِهِ". "ثُمَّ يَتَجَلَّى" في نـ: "ثُمَّ يَنْجَلِي".
===
(1)
قوله: (فمنهم المؤمن بقي بعمله أو الموبق بعمله) بفتح الموحدة: الهالك وهو الكافر. وللأصيلي وأبي ذر عن المستملي: "المؤمن "بالميم والنون، بقي بعمله: بالموحدة والقاف المكسورة، من البقاء. "أو الموبق بعمله" بالشك، وللحموي والكشميهني:"فمنهم الموبَق" بالموحدة المفتوحة "بقي" بالموحدة وكسر القاف من البقاء. ولأبي ذر عن المستملي: "أو الموثق" بالمثلثة المفتوحة: من الوثاق بعمله. والفاء في قوله: "فمنهم" تفصيل للناس الذين تخطفهم الكلاليب بحسب أعمالهم، كذا في "القسطلاني" (15/ 467). وقال الكرماني: قال عياض: روي على ثلاثة أوجه، الثالث:"الموبق" بالموحدة، و"يعني" من العناية، وهذا أصح، انتهى. قوله:"ومنهم المخردل" بالذال المهملة، المقطع كالمخردل، يقال: خردلت اللحم أي قطعته أو صرعته، ويقال: بالذال المعجمة أيضًا، والجردلة - بالجيم -: الإشراف على الهلاك، وهذا كله شك من الرواة، "ك"(25/ 143).
(2)
هو المرمي المصروع، "مجمع"(2/ 25).
(3)
بالجيم والزاي، من الجزاء.
(4)
شك من الرواة.
يَرْحَمَهُ مِمَّنْ شَهِدَ
(1)
أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّه، فَيَعْرفُونَهُمْ فِي النَّارِ بِآثَارِ السُّجُودِ، تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ
(2)
، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ
(3)
فِي حَمِيلِ
(4)
"شَهِدَ" في نـ: "يَشْهَدُ". "بِآثَارِ السُّجُودِ" في هـ: "بِأثَرِ السُّجُودِ".
===
(1)
قيل: هذا تكرار لقوله: "لا يشرك". وأجيب: بأن فائدته تأكيد الإعلام بأن تعلق إرادة اللّه تعالى بالرحمة ليس إِلَّا للموحدين، "ك"(43/ 125)، "ع"(16/ 636).
(2)
قوله: (إِلَّا أثر السجود) أي: موضع أثر السجود وهو الجبهة، وقيل: الأعظم السبعة. فإن قلت: قال اللّه تعالى: {فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ} [التوبة: 35]؟ قلت: قيل: إنه نزل في أهل الكتاب مع أن الكي غير الأكل، "ك"(25/ 143)، "ع"(16/ 636).
قوله: "قد امتحشوا" بالحاء المهملة والشين المعجمة، وهو بفتح التاء والحاء هكذا، هو في الروايات، وكذا نقله القاضي عن متقني شيوخهم، قال: وهو وجه الكلام، وكذا ضبطه الخطابي والهروي، وقالا في معناه: احترقوا. وروي على صيغة المجهول، وفي "الصحاح": المحش: إحراق النار الجلد، وفيه لغة: أمحشته النار، وامتحش الجلد: احترق. وقال الداودي: امتحشوا ضمروا ونقصوا كالمحترقين، "ع"(16/ 636).
(3)
قوله: (الحبة) بكسر الحاء: بذر البقول والعشب ينبت في جوانب السيل والبراري، وجمعها: حبب بكسر الحاء وفتح الموحدة، "ع"(16/ 636).
(4)
بفتح المهملة: ما جاء به السيل من طين ونحوه، والتشبيه إنما هو في سرعة النبات وطراوته، "ك"(25/ 143 - 144)، "ع"(16/ 636).
السَّيلِ
(1)
، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مِنْهُمْ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي
(2)
رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَيَدْعُو اللَّهَ بِمَا شاءَ أَنْ يَدْعُوَه، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: هَلْ عَسَيتَ
(3)
(4)
إِنْ أُعْطِيتَ
(5)
"مِنْهُمْ" ثبت في ذ. "ذَكَاؤُهَا" في نـ: "ذَكَاهَا". "ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ" في نـ: "فَيَقُولُ اللَّهُ". "إِنْ أُعْطِيتَ" في ذ: "إِنْ أَعْطَيتُكَ".
===
(1)
بمعنى محمول السيل، "ع"(16/ 636).
(2)
قوله: (قد قشبني) بالقاف والشين المعجمة والباء الموحدة المفتوحات أي: آذاني وأهلكني، هكذا معناه عند الجمهور من أهل اللغة. وقال الداودي: غَيّر جلدي وصورتي. قوله: "ذكاؤها" بفتح الذال المعجمة وبالمد في جميع الروايات، ومعناه: لهيبها واشتعالها وشدة لفحها، والأشهر في اللغة مقصور، وقيل: القصر والمد لغتان، يقال: ذكت النار تذكو ذكًا وذكاءً: إذا اشتعلت، وأذكيتها أنا، "ع"(16/ 636).
(3)
بفتح السين وكسرها لغتان، "ك"(25/ 144).
(4)
قوله: (هل عسيت
…
أن تسألني) فإن قلت: ما وجه حمل السؤال على المخاطب؟ إذ لا يصح أن يقال: أنت سؤال؛ إذ السؤال حدث وهو ذات؟ قلت: تقديره: أنت صاحب السؤال أو عسى أمرك سؤالك، أو هو من باب زيدٌ عدلٌ، أو هو بمعنى: قرب، أي: قرب زيد من السؤال، أو أن الفعل بدل اشتمال عن فاعله، "ك"(25/ 144)، "ع"(16/ 636).
(5)
ببناء المجهول على الخطاب.
ذَلِكَ
(1)
أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ اللَّه، فَيَصْرفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ قَدِّمْنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ أَبَدًا؟ " وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ
(2)
"فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، يَدْعُو اللَّهَ عز وجل، حَتَّى يَقُولَ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَه، ويُعْطِي مَا شَاءَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإذَا قَامَ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ انْفَهَقَتْ
(3)
لَهُ الْجَنَّةُ فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْحَبرَةِ
(4)
"رَبَّهُ" في هـ، ذ:"اللَّهَ". "ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ" في نـ: "ثُمَّ يَقولُ: يَا رَبِّ". "يَدْعُو "في نـ: "وَيَدْعُو". "وَيُعْطِي" في نـ: "فَيُعْطِي".
===
(1)
أي: صرف الوجه من النار.
(2)
فعل التعجب من الغدر، وهو الخيانة وترك الوفاء بالعهد، "ك"(25/ 144)، "ع"(16/ 636).
(3)
من الانفهاق، بالفاء ثم القاف، وهو الانفتاح والاتساع، وحاصل المعنى: انفتحت واتسعت، "ع"(16/ 636).
(4)
قوله: (من الحبرة) بفتح الحاء وسكون الباء الموحدة، قال الكرماني (25/ 145): النعمة. وقال ابن الأثير: الحبرة: سعة العيش، وكذلك الحبور. وفي "مسلم": فرأى ما فيها من الخير بالخاء المعجمة وبالياء آخر الحروف. وقال: هذا هو الصحيح المشهور في الروايات والأصول. وحكى عياض أن بعض رواة مسلم رواه: الحبر - بفتح الحاء
وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيرَ مَا أَعْطَيْتُكَ؟! وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ لَا أَكُونَنَّ
(1)
أَشْقَى
(2)
خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ مِنْه، فَإِذَا ضَحِكَ اللَّهُ مِنْهُ قَالَ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللَّهُ لَهُ: تَمَنَّهْ
(3)
، فَسَأَلَ رَبَّهُ وَتَمَنَّى لَه، حَتَّى إِنَّ اللَّهَ لَيُذَكِّرُهُ
(4)
وَيَقُولُ:
"فَيَسْكُتُ" في نـ: "فَسَكَتَ". "أَلَسْتَ" في نـ: "أَلَيسَ". "لَا أَكُونَنَّ" في حـ، هـ، ذ:"لَا أَكُونُ". "فَلَا يَزَالُ" في نـ: "وَلَا يَزَالُ". "وَتَمَنَّى لَهُ" في نـ: "وَتَمَنَّى". "وَيَقُولُ" ثبتت الواو في سـ، حـ، ذ.
===
المهملة وسكون الباء - ومعناه: السرور. وقال صاحب "المطالع" كلاهما صحيح، والثاني أظهر، "ع"(16/ 636 - 637).
(1)
هكذا في رواية المستملي، وفي رواية غيره:"لا أكون"، "ع"(16/ 637).
(2)
قوله: (لا أكونن أشقى) فإن قلت: هو ليس بأشقى؛ لأنه دخلت من العذاب وزحزح عن النار وإن لم يدخل الجنة؟ قلت: يعني أشقى أهل التوحيد الذين هم أبناء جنسه فيه. قوله: "حتى يضحك اللّه منه" فإن قلت: الضحك محال على اللّه تعالى؟ قلت: يراد به لازمه، وهو الرضا عنه ومحبته إياه، "ك"(25/ 145)، "ع"(16/ 637).
(3)
أمر من تمنى يتمنى، والهاء للسكتة.
(4)
أي: المتمني: الفلاني والفلاني، يسمي له أجناس ما يتمنى، "ع"(16/ 637).
وَكَذَا وَكَذَا، حَتَّى انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ
(1)
، قَالَ اللَّهُ: ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ". [را جع: 806].
7438 -
قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ اللَّهَ قَالَ: "ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: "وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ"
(2)
يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا حَفِظْتُ إِلَّا قَوْلَهُ: "ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ: "ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ". قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ. [راجع: 22، أخرجه: م 183، تحفة: 4172، 4156].
"حَتَّى انْقَطَعَتْ" في نـ: "حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ". "ذَلِكَ لَكَ" في نـ: "ذَلِكَ لَهُ".
===
(1)
جمع أمنية، ويجوز في الجمع التخفيف والتشديد، "ع"(16/ 637).
(2)
قوله: (وعشرة أمثاله معه) وجه الجمع بين الروايتين أن اللّه أعلم أولًا بما في حديث أبي هريرة، ثم تكرم اللّه فزاد بما في رواية أبي سعيد ولم يسمعه أبو هريرة. وفيه مباحث تقدمت في "الصلاة" في "باب فضل السجود" (برقم: 806). الخطابي: هذه الرؤية غير الرؤية التي تكون في الجنة ثوابًا للأولياء؛ لأن هذه امتحان للتمييز بين من عبد اللّه ومن عبد غيره، ولا بعد أن يكون الامتحان حينئذ باقيًا حتى يفرغ من الحساب. ويشبه أن يكون حجبهم عن تحقيق الرؤية في الكرة الأولى من أجل أن معهم المنافقين الذين لا يستحقون الرؤية، "ك"(25/ 145 - 146).
7439 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيث، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ
(2)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ
(3)
، عَنْ زَيْدٍ
(4)
، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
(5)
قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: "هَلْ تُضَارُّونَ
(6)
فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا
(7)
؟ ". قُلْنَا: لَا. قَالَ: "فَإِنَّكُمْ لَا تُضَارُّونَ
(8)
فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ،
"اللَّيْثُ" في ذ: "اللَّيثُ بنُ سَعْدٍ". "فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ" في نـ: "فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ". "إِذَا كَانَتْ" في نـ: "إِذْ كَانَتْ".
===
(1)
هو يحيى بن عبد اللّه بن بكير المخزومي المصري، "ع"(16/ 638).
(2)
الجمحي، بضم الجيم، "ك"(25/ 146).
(3)
الليثي المدني، "ع"(16/ 638).
(4)
ابن أسلم، مولى عمر بن الخطاب.
(5)
اسمه سعد بن مالك.
(6)
بتشديد الراء: من الضرر، وبتخفيفها: من الضير. وكلاهما بمعنى.
(7)
أي: ذات صحو، "قس"(15/ 472)، "ع"(16/ 638).
(8)
قوله: (لا تضارون) بالتخفيف أي: لا يلحقكم ضرر ولا يخالف بعضكم بعضًا ولا تتنازعون، ويروى بالتشديد أي: لا تضارون أحدًا فحذف مفعوله لبيان معناه. قوله: "إذا كانت صحوًا" أي: ذات صحو، وفي "الصحاح" أصحت السماء انقشع عنها غيم فهي مصحية، وقال الكسائي: فهي صحو، ولا تقل مصحية، "ع" (16/ 638). قَشَعَ القومَ كمنع: فرّقهم فتقشعوا، وأقشعوا نادر
(1)
، والريح: السحابَ: كَشَفَتْه، كأقْشَعَتْه، فاقشع وانقشع وتقشّع، "ق" (ص: 639).
(1)
وفي "القاموس": فرَّقهم فاقشعوا نادرٌ.
إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ
(1)
فِي رُؤْيَتِهَا. - ثُمَّ قَالَ: - يُنَادِي مُنَادٍ لِيَذْهَبْ
(2)
: كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ. فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ
(3)
مَعَ صَلِيبِهِمْ، وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ، وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، وَغُبَّرَاتٍ
(4)
(5)
"رُؤْتتِهَا" كذا في ذ، وفي نـ:"رُويَتِهِمَا". "أَصْحَابُ الصَّلِيبِ" في نـ: "أَهْلُ الصَّلِيبِ". "آلِهَتِهِمْ" في هـ، ذ:"إلَهِهِمْ".
===
"لا تضارون في رؤيته" هو بالتشديد بمعنى: لا تتخالفون و [لا] تتجادلون في صحة النظر إليه؛ لوضوحه وظهوره، ضاره كضره. الجوهري: أَضرَّ بِي إذا دنا مني دنوّا شديدًا، فأراد بالمضارة الاجتماع والازدحام عند النظر إليه، وبالتخفيف: من الضير، لغة في الضر، وهو - كتذابون وتباعون - من الضر والضير أي: يكون رؤيتكم جليًّا لا يقبل مراء ولا مرية. قوله: "إِلَّا كما تضارون" هو مثل:
ولا عيب فيهم غير أن .... سيوفهم بِهن فلول
كذا في "المجمع"(3/ 399). قوله: "في رؤيتهما" أي: الشمس والقمر، ولأبي ذر:"في رؤيتها"، أي: الشمس، والتشبيه المذكور هنا إنما هو في الوضوح وزوال الشك لا في المقابلة أو الجهة وسائر الأمور العادية عند رؤية المحدثات، كذا في "قس"(15/ 472).
(1)
بفتح الفوقانية وضمها وتشديد الراء وتخفيفها، أي: لا تضارون أصلًا، "ك"(25/ 146)، "ع"(16/ 638).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 4581) في تفسير سورة "النساء".
(3)
أي: النصارى، "ك"(25/ 146).
(4)
بالجر عطف على مجرور "من" وبالرفع عطف على مرفوع "يبقى".
(5)
قوله: (وغبرات) بضم الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة أي: بقايا. وقال الكرماني (25/ 146): جمع غابر، وليس كذلك، بل هو جمع غبر، وغبر الشيء بقيته. وقال ابن الأثير: الغبرات جمع غبر، والغبر جمع
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرًا
(1)
ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ
(2)
لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَة وَلَا وَلَدٌ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا. فَيُقَالُ. اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ
(3)
فِي جَهَنَّمَ. ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى:
"سَرَابٌ" في سـ، حـ، ذ:"السَّرَابُ". "فَيُقَالُ: اشْرَبُوا" في ذ: "فَقَالَ: اشْرُبوا".
===
غابر. قوله: "كأنها سراب" هو الذي يتراءى للناس في القاع المستوي وسط النهار في الحر الشديد لامعًا مثل الماء، حتى {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39]، "ع"(16/ 638).
(1)
ينصرف لخفته، "ك"(25/ 146).
(2)
قوله: (فيقال: كذبتم) قيل: إنهم كانوا صادقين في عبادة عزير؟ وأجيب: بأنهم كذبوا في كونه ابن اللّه. فإن قلت: المرجع هو الحكم الموقع لا الحكم المشار إليه، فالصدق والكذب راجعان إلى الحكم بالعبادة [لا إلى الحكم بكونه ابنًا؟ قلت: إن الكذب راجع إلى الحكم بالعبادة] المقيدة وهي منتفية في الواقع باعتبار انتفاء قيدها، إذ هو في حكم القضيتين كأنهم قالوا: عزير هو ابن اللّه ونحن كنا نعبده، فكذبهم في القضية الأولى، "ك"(25/ 146 - 147)، "ع"(16/ 639). صرح أهل البيان بأن مورد الصدق والكذب هو النسبة التي تضمنها الخبر، فإذا قلت: زيد بن عمرو قائم فالصدق والكذب راجعان إلى القيام لا إلى بنوة زيد، وهذا الحديث يرد عليهم، وحاول بحض المتأخرين الجواب بان قال: إما أن يراد: كذبتم في عبادتكم المسيح موصوفًا بهذه الصفة، أو فهم عنهم أن قولهم: ابن اللّه بدل، "د".
(3)
لشدة عطشهم وإفراط حرارتهم، "ع"(16/ 639)، "ك"(25/ 147).
مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ. فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَة وَلَا وَلَد، فَمَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا. فَيُقَالُ: اشْرُبوا فَيَتَسَاقَطُونَ. حَتَّى يَبقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يُجْلِسُكُمْ
(1)
وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ؟ فَيَقُولُونَ: فَارَقْنَاهُمْ
(2)
وَنَحْنُ أَحْوَجُ
(3)
مِنَّا إِلَيهِ الْيَوْمَ، وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي: لِيَلْحَقْ
(4)
كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ. وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا،
"فَيَقُولُونَ" في نـ: "فَتَقُولُ". "فَيَتَسَاقَطُونَ" زاد في ذ: "فِي جَهَنَّمَ". "يُجْلِسُكُمْ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ:"يَحْبِسُكُمْ".
===
(1)
قوله: (ما يجلسكم) بالجيم واللام من الجلوس أي: يقعدكم عن الذهاب، وفي رواية الكشميهني:"ما يحبسكم" بالحاء والموحدة من الحبس أي: يمنعكم، "ف"(13/ 427).
(2)
أي: الناس الذين زاغوا عن الطاعة في الدنيا، "قس"(15/ 474).
(3)
قوله: (فارقناهم ونحن أحوج
…
) إلخ، أي فارقنا الناس في الدنيا، وكنا في ذلك الوقت أحوج إليهم منا في هذا اليوم، فكل واحد هو المفضل والمفضل عليه لكن باعتبار زمانين أي: نحن فارقنا أقاربنا وأصحابنا ممن كانوا يحتاج إليهم في المعاش، لزومًا لطاعتك ومقاطعةً لأعدائك أعداء الدين. وغرضهم في ذلك: التضرع إلى اللّه تعالى في كشف هذه الشدة خوفًا من المصاحبة معهم في النار، يعني: كما لم نكن مصاحبين لهم في الدنيا لا نكون مصاحبين لهم في الآخرة، "قس"(15/ 474)، "ك"(25/ 147)، "ع"(16/ 639).
(4)
بالجزم على الأمر، "قس"(15/ 474).
قَالَ: فَيَأْتِيهِمُ الْجَبَّارُ في صورَةٍ
(1)
غيرِ صورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، وَلَا يُكَلِّمُهُ إِلَّا الأَنْبِيَاء، فَيَقُولُ: هَلْ بَينَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ تَعْرِفُونَهَا؟ فَيَقُولُونَ: السَّاقُ
(2)
. فَيُكْشَفُ
(3)
عَنْ سَاقِهِ
(4)
فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ رِيَاءً
"قَالَ: فَيَأْتِيهِمُ" في نـ: "فَقَالَ: فَيَأتِيهِمُ"، وفي نـ:"فَيُقَالُ: فَيَأتِيهِمُ". "فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُم" في نـ: "فَيُقَالُ: هَلْ بَيْنَكُمْ". "تَعْرِفُونَهَا" في نـ: "تَعْرِفُونَهُ". "مَنْ كَانَ" في نـ: "كُلُّ مَنْ كَانَ".
===
(1)
قوله: (فيأتيهم الجبار في صورة) استدل به ابن قتيبة بذكر الصورة على أن للّه صورة لا كالصور كما ثبت أنه شيء لا كالأشياء، وتعقبوه.
وقال ابن بطال (10/ 462): تمسك به المجسمة فأثبتوا للّه صورة! ولا حجة لهم فيه؛ لاحتمال أن يكون بمعنى العلامة وضعها الله لهم دليلًا على معرفته، كما يسمَّى الدليل والعلامة صورة، وكما تقول: صورة حديثك كذا وصورة الأمر كذا، والحديث والأمر لا صورة لهما حقيقة، وأجاز غيره أن المراد بالصورة الصفة، وإليه ميل البيهقيّ. ونقل ابن التين أن معناه: صورة الاعتقاد. وأجاز الخطابي ["الأعلام" (4/ 2352)] أن يكون الكلام خرج على وجه المشاكلة لما تقدم من ذكر الشمس والقمر والطواغيت، "ف"(13/ 427 - 428).
(2)
فهذا يحتمل أن اللّه عرّفهم على ألسنة الرسل من الملائكة أو الأنبياء أن اللّه جعل لهم علامة تجلية الساق، "ف"(13/ 428)، "ع"(16/ 639).
(3)
معروف ومجهول، "ك"(25/ 147).
(4)
قوله: (فيكشف عن ساقه) وفسر الساق بالشدة أي: يكشف عن شدة ذلك اليوم وأمر مهول، وهذا مثل تضربه العرب لشدة الأمر كما يقال: قامت الحرب على ساق إذا اشتدت، وقيل: أراد به: النور العظيم،
وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كَيْمَا
(1)
يَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا
(2)
وَاحِدًا. ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجِسْرِ
(3)
فَيُجْعَلُ بَينَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجِسْرُ؟
===
وقيل: هو جماعة من الملائكة، يقال: ساق من الناس كما يقال: رجل من جراد، وقيل: هو ساق يخلقها اللّه خارجة عن الساق المعتادة، وقيل: جاء الساق بمعنى النفس أي: يتجلى لهم ذاته، "ك"(25/ 147 - 148)"ع"(16/ 639).
(1)
لفظ "كي" هاهنا بمنزلة لام التعليل في المعنى والعمل، دخلت على كلمة ما المصدرية بعدها أن مضمرة تقديره: يذهب لأجل السجود، "ع"(16/ 639).
(2)
قوله: (فيعود ظهره طبقًا) الطبق فقار الظهر أي: صار فقارة [واحدة] كالصحيفة فلا يقدر على السجود، وقيل: الطبق عظم رقيق يفصل بين كل فقارين، واستدل بعضهم بهذا الحديث أن المنافقين يرون اللّه، ولكن ليسى فيه التصريح به؛ إذ معناه: أن الجمع الذين فيهم المنافقون يرون الصورة ثم بعد ذلك يرونه تعالى، ولا يلزم منه أن الجميع يرونها، أو بعد تمييزهم منه يراه المؤمنون فقط، "ك"(25/ 148).
وقال ابن بطال (10/ 464): تمسك به من أجاز تكليف ما لا يطاق من الأشاعرة، والمانعون تمسكوا بقوله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، ورد عليهم: بأن هذا ليس فيه من تكليف ما لا يطاق، وإنما هو خزي وتوبيخ إذ أدخلوا أنفسهم بزعمهم في جملة المؤمنين الساجدين في الدنيا، وعلم اللّه منهم الرياء في سجودهم، فدعوا في الآخرة إلى السجود، كما دعي المؤمنون المحقون فيتعذر السجود عليهم، وتعود ظهورهم طبقًا واحدًا، ويظهر اللّه تعالى عليهم نفاقهم، فأخزاهم وأوقع الحجة عليهم، "ع"(16/ 639 - 640).
(3)
بفتح الجيم وكسرها، "ع"(16/ 640).
قَالَ: "مَدْحَضَةٌ
(1)
مَزَلَّةٌ
(2)
، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ
(3)
وَكَلَالِيبُ وَحَسَكَةٌ
"مَدْحَضَة مَزَلَّةٌ" زاد في هـ: "الدحض: هو الزلق، ليدحضوا: ليزلقوا زلقًا لا يثبت فيه قدم"، وفي نـ:"لا تثبت" بدل "لا يثبت".
===
(1)
أي: محل ميل الشخص، "ك" (25/ 148). قوله:"مدحضة" من دحضت رجله دحضًا زلقت، ودحضت الشمس عن كبد السماء أي: زالت، ودحضت حجته أي: بطلت، "ع"(16/ 645).
(2)
بكسر الزاي وفتحها بمعنى المزلقة أي: موضع تزلق فيه الأقدام، "ك"(25/ 148).
(3)
قوله: (عليه خطاطيف) جمع خطاف، بالضم وتشديد الطاء، هو الحديدة المعوجة كالكلوب يختطف بها الشيء. "والكلاليب" جمع كلّوب بضم الكاف وتشديد اللام. قوله:"وحَسَكة" بفتحات وهي شوكة صلبة معروفة، قاله ابن الأثير، وقال صاحب "التهذيب" وغيره: الحسك نبات له ثمر خشن يتعلق بأصواف الغنم وربما اتخذ مثله من حديد، وهو من آلات الحرب، وقال الجوهري: الحسك حسك السعدان، والحسكة ما يعمل من حديد على مثاله، كذا في "العيني"(16/ 640).
قوله: "مُفَلْطَحة" بضم الميم وفتح الفاء وسكون اللام وفتح الطاء والحاء المهملتين فهاء تأنيث. ولأبي ذر عن الكشميهني: "مطحلفة" بتقديم الطاء والحاء على اللام وتأخير الفاء بعد اللام، "قس"(15/ 475)، وفي رواية الكشميهني: مطلحفة بتقديم الطاء وتأخير الفاء واللام قبلها. ولبعضهم كالأول لكن بتقديم الحاء على الطاء، والأول هو المعروف في اللغة، وهو الذي فيه اتساع وهو عريض، يقال: فلطح القرص بسّطه وعرّضه، "ف" (13/ 429). قوله:"عقيفاء" بضم العين المهملة وفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وبالفاء ممدودًا، ويروى: عقيفة على وزن كريمة، وهي المنعطفة المعوجة، "ك (25/ 148) "ع" (16/ 640).
مُفَلْطَحَةٌ، لَهَا شَوْكَةٌ عَقِيفَةٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا: السَّعْدَان، يَمُرُّ
(1)
الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ
(2)
وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيلِ
(3)
وَالرِّكَابِ
(4)
، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ
(5)
، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوشٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ
(6)
يُسْحَبُ
(7)
سَحْبًا، فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِي مُنَاشَدَةً
(8)
فِي
"مُفَلْطَحَةٌ" في هـ، ذ:"مُطَحْلَفَةٌ"، وفي ذ:"مُفَلْحَطَةٌ"، وفي نـ:"مُطَلْحَفَةٌ"، وفي ذ:"مُحَلْطَفَةٌ". "عَقِيفَةٌ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"عُقَيْفَاءُ".
===
(1)
ولفظة "يمر" ثبت في المنقول عنه ونسخة غيره وليس في النسخ وشرحي الكرماني والعيني.
(2)
بالكسر: الكريم من الخيل، وبالفتح: البصر، يعني كلمح البصر، وهذا هو الأولى لئلا يلزم التكرار، "ك"(25/ 148)، "ع"(16/ 640).
(3)
قوله: (كأجاويد الخيل) جمع الأجواد وهو جمع الجواد وهو: فرس بيِّن الجود بالضم رائع، "ك"(25/ 148)، "ع" (16/ 640). قوله:"مخدوش" أي: مخموش ممزوق من الخمش بالمعجمتين، وهو تمزيق الوجه بالأظافير. قوله:"ومكدوس" بالمهملتين أي: مصروع، ويروى بالشين المعجمة أي: مدفوع مطرود، ويروى: مكردس بالمهملات من كردست الدواب إذا ركب بعضها بعضًا، يعني: أنهم ثلاثة أقسام: قسم مسلم لا يناله شيء أصلًا، وقسم يخدش ثم يخلص، وقسم يسقط في جهنم، "ك"، "ع".
(4)
بكسر الراء: الإبل، واحدتها الراحلة من غير لفظها، "قس"(15/ 475).
(5)
بتشديد اللام المفتوحة، "ع"(16/ 640).
(6)
أي: آخر الناجين، "ك"(25/ 149).
(7)
ببناء المجهول أي: يجر جرًّا.
(8)
أي: مطالبة.
الْحَقِّ، قَدْ
(1)
تَبَيَّنَ لَكُمْ مَنِ الْمُؤْمِنِ
(2)
يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ
(3)
(4)
. وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِي إِخْوَانِهِمْ
(5)
(6)
يَقُولُونَ: رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا وَيَصُومُونَ مَعَنَا وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا. فَيَقُولُ اللَّهُ: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ
(7)
. ويُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إِلَى قَدَمَيهِ وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيهِ
"وَإِذَا رَأَوْا" في هـ، ذ:"فَإِذَا رأَوْا". "عَلَى النَّارِ" زاد في ذ: "بِذُنُوبِهِمْ فَيَأتونَهُمْ"
(8)
. "إِلَى قَدَمَيْهِ" في نـ: "إِلى قَدَمِهِ".
===
(1)
حالية.
(2)
صلة أشد، "ك"(25/ 149)، "ع"(16/ 640)، "قس"(15/ 475).
(3)
متعلق بمناشدة، "ك"(25/ 149)، "ع"(16/ 640).
(4)
قوله: (للجبار - و - في إخوانهم) كلاهما متعلق بمناشدة مقدرة أي: ليس طلبكم مني في الدنيا في شأن حق يكون ظاهرًا لكم أشد من طلب المؤمنين من اللّه في الآخرة في شأن نجاة إخوانهم من النار، والغرض شدة اعتناء المؤمنين بالشفاعة لإخوانهم، وظاهر السياق يقتضي أن يكون:"إذا رأوا" بدون الواو لكن قوله: "في إخوانهم" مقدم حكمًا، وهذا خبر مبتدأ محذوف أي: وذلك إذا رأوا نجاة أنفسهم. وقوله: "يقولون" هو استئناف كلام، قلت: الذي يظهر من حل التركيب أن قوله: "يقولون" جزاء "إذا"، "ع"(16/ 640 - 641).
(5)
ولأبي ذر عن الكشميهني: "وبقي إخوانهم"، "قس"(15/ 475).
(6)
جمع، والحال أن مرجعه وهو المؤمن مفرد باعتبار الجمع المراد من لفظ الجنس، "قس"(15/ 475)، "ع"(16/ 640).
(7)
أمر بقطع الهمزة.
(8)
في نسخة ابن الأديب: "على النار بذنوبهم"، وفي مقابله في الحاشية بدل "بذنوبهم":"فيأتونهم"، وعليه مكتوب: صوابه.
فَيُخْرِجُونَ
(1)
مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
(2)
مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا". وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ
(3)
: فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِّي فَاقْرَءُوا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40]، "فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتِي
(4)
.
"وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ" سقطت الواو في نـ. "فَإنْ لَمْ تُصَدِّقُونِّي" في سـ، حـ، ذ:"فَإِذَا لَمْ تُصَدِّقُوِّني"، وفي نـ:"فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُوا"، وفي نـ:"فَإِذْ لَمْ تُصَدِّقُونِّي".
===
(1)
بضم التحتية وكسر الراء من الإخراج.
(2)
سئل ثعلب عنها فقال: إن مائة نملة وزن حبة، وذرة واحدة منها، وقيل: الذرة ليس لها وزن، ويراد بها ما يرى في شعاع الشمس، "ع"(16/ 641).
(3)
الخدري راوي الحديث، "ع"(16/ 641).
(4)
قوله: (بقيت شفاعتي
…
) إلخ، قرأت في "تنقيح الزركشي" (1/ 155): وقع هاهنا في حديث أبي سعيد بعد شفاعة الأنبياء: "فيقول اللّه: بقيت شفاعتي. فيخرج من النار من لم يعمل خيرًا"، وتمسك به بعضهم في تجويز إخراج غير المؤمنين من النار! وردّ بوجهين: أحدهما: أن هذه الزيادة ضعيفة، لأنها غير متصلة كما قال عبد الحق في "الجمع"، والثاني: أن المراد بالخير المنفي ما زاد على أصل الإقرار بالشهادتين، كما يدل عليه بقية الأحاديث هكذا قال، والوجه الأول غلط منه فإن الرواية متصلة هنا، وأما نسبة ذلك لعبد الحق فغلط؛ لأنه لم يقله إِلَّا في طريق أخرى وقع فيها:"أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة خردل من خير" قال: هذه الرواية غير
فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدِ امْتُحِشُوا
(1)
، فَيُلْقَوْنَ
(2)
فِي نَهَرٍ
(3)
بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: الْحَيَاة، فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيهِ
(4)
كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ
(5)
فِي حَمِيلِ السَّيْلِ
(6)
، قَدْ رَأَيْتُمُوهَا إِلَى جَانِبِ الصخْرَةِ
"الْحَيَاةُ" في نـ: "مَاءُ الْحَيَاةِ"، وفي أخرى:"نَهْرُ الْحَيَاةِ".
===
متصلة، ولما ساق حديث أبي سعيد الذي في هذا الباب ساقه بلفظ البخاري، ولم يتعقبه بأنه غير متصل، ولو قال ذلك لتعقبناه عليه؛ فإنه لا انقطاع في السند، ثم إن لفظ حديث أبي سعيد هنا ليس كما ساقه الزركشي وإنما فيه:"فيقول الجبار: بقيت شفاعتي. فيخرج أقوامًا قد امتحشوا" ثم قال في آخره: "فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه"، فيجوز أن يكون الزركشي ذكره بالمعنى، "ف"(13/ 429).
قوله: "بأفواه الجنة" جمع فوهة، بضم الفاء وشدة الواو المفتوحة على غير قياس، وأفواه الأزقة والأنهار أوائلها، والمراد: مفتتح مسألك قصور الجنة، "ك"(25/ 150)، "ع"(16/ 641)، "قس"(15/ 476).
(1)
أي: احترقوا. والمحش: احتراق الجلد وظهور العظم، "مجمع"(4/ 561).
(2)
على بناء المجهول.
(3)
بسكون الهاء وفتحها، "ك"(25/ 149).
(4)
الحافة بتخفيف الفاء الجانب، "ك"(25/ 150).
(5)
بكسر الحاء.
(6)
قوله: (في حميل السيل) هو ما يجيء به السيل من طين أو غثاء أو غيره بمعنى محموله، فإذا اتفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل فإنها تنبت في ليلة ويوم، فشبه بها سرعة عود أبدانهم وأجسامهم إليهم بعد إحراق النار لها، وروي: في حمائل السيل جمع حميل، "مجمع"
وَإِلَى جَانِبِ الشَّجَرَةِ، فَمَا كَانَ إِلَى الشَّمْسِ مِنْهَا كَانَ أَخْضَرَ، وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ كَانَ أَبْيَضَ، فَيُخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤ، فَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِيمُ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَقُول أَهْلُ الْجَنَّةِ: هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ
(1)
وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ
(2)
. فَيُقَال لَهُمْ: لَكُمْ مَا رَأَيْتُمْ وَمِثْلُهُ مَعَهُ". [راجع: 22، أخرجه: م 183، تحفة: 4172].
7440 -
وَقَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَال
(3)
: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَال:
"وَإِلَى جَانِبِ الشَّجَرَةِ" ثبتت الواو في ذ. "فَيُجْعَلُ" في نـ: "فَتُجْعَلُ". "وَقَالَ الْحَجَّاجُ" في ف، مر:"حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ"، وفي نـ:"حَجَّاج" بدل "الحجاج".
===
(1/ 561). قوله: "الخواتيم" أراد به أشياء من الذهب تعلق في أعناقهم كالخواتيم علامة يعرفون بها وهم كاللآلي في صفائهم. قوله: "بغير عمل عملوه" أي: لمجرد الإيمان دون أمر زائد عليه من الأعمال والخيرات. وعلم منه أن شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين فيمن كان له طاعة غير الإيمان الذي لا يطلع عليه إِلَّا الله، "ع"(25/ 150)، "ع"(16/ 641).
(1)
أي: في الدنيا.
(2)
من الدنيا إلى الآخرة.
(3)
قوله: (وقال الحجاج بن منهال) هو أحد مشايخ البخاري، ولم يقل:"حَدَّثَنَا حجاج"؛ لأنه إما سمعه منه مذاكرةً لا تحميلًا، وإما أنه كان عرضًا ومناولةً، وهكذا وقع عند جميع الرواة، إِلَّا في رواية أبي زيد المروزي عن الفربري، فقال فيها:"حَدَّثَنَا حجاج"، وكلهم ساقوا الحديث كله إِلَّا النسفي فساق منه إلى قوله:"خلقك اللّه بيده" ثم قال: "فذكر الحديث". ووقع لأبي ذر عن الحموي نحوه ولكن قال: "وذكر الحديث بطوله" بعد قوله: "حتى يهمّوا بذلك" ونحوه للكشميهني، "ع"(16/ 642).
حَدَّثَنَا قَتَادَة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُحْبَسُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُهُمُّوا
(1)
(2)
بذَلِكَ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا
(3)
إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا
(4)
مِنْ مَكَانِنَا. فَيَأتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَه، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَه، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، اشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا،
"يُحْبَس" في نـ: "يُحْشَرُ". "حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ" قال بعده في حـ، هـ، ذ:"وَذَكَرَ الحديثَ بِطُولِهِ". "فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا
…
" إلخ، ثبت في هـ، سـ. "إِلَى رَبِّنَا" في نـ: "عَلَى رَبِّنَا". "خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ" قال بعده في سفـ: "فَذَكَرَ الحديثَ
…
". "اشْفَعْ" كذا في سـ، هـ، ذ، وفي نـ: "لِتَشْفَعْ".
===
(1)
بضم أوله وكسر الهاء، ولأبي ذر بفتح الياء وضم الهاء أي: يحزنوا، "قس"(15/ 478)، "ك".
(2)
قوله: (حتى يهموا) من الوهم، وفي بعضها:"يهمّوا" من الهمّ بمعنى القصد والحزن، معروفًا ومجهولًا. وفي "صحيح مسلم":"يهتموا" أي: يعتنوا بسؤال الشفاعة وإزالة الكرب عنهم، "ك"(25/ 150 - 151)، "ع"(16/ 642).
قوله: "بذلك" أي: الحبس، وقول الزركشي -: هذه الإشارة إلى المذكور بعده وهو حديث الشفاعة -، تعقبه في "المصابيح" فقال: هو تكلف لا داعي له، والظاهر أن الإشارة راجعة إلى الحبس المذكور بقوله: يحبس المؤمنون حتى يهموا، "قس"(15/ 478 - 479).
(3)
جواب "لو" محذوف، أو هو للتمني، "ك"(25/ 151)، "ع"(16/ 642).
(4)
من الإراحة، بالراء، "ك"(25/ 151)، بالرفع وبالنصب: جواب التمني المدلول عليه بلو، "ف"، ["قس" (15/ 479)].
فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ
(1)
- قَالَ: فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ
(2)
أَكْلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ
(3)
وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا -، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ
(4)
"فَيَقُولُ" في نـ: "قَالَ: فَيَقُولُ" مصحح عليه. "فَيَذْكُرُ" في نـ: "وَيَذْكُرُ".
===
(1)
أي: لست أهلًا بذلك وليس لي هذه المنزلة، "ك"(25/ 151)، "ع"(16/ 642).
(2)
أي: أصابها.
(3)
قوله: (أكله من الشجرة) منصوب بأنه بدل أو بيان للخطيئة أو بفعل مقدر نحو: يعني، ويجوز أن يكون بيانًا للضمير المبهم المحذوف، نحو قوله تعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت: 12]. وفي بعضها: "ويذكر أكله" بحذف لفظ: "الخطيئة التي أصاب" كذا في "ك"(25/ 151)، "قس"(15/ 479)، "ع"(16/ 642).
(4)
قوله: (أول نبي بعثه اللّه) فإن قلت: لزم منه أن آدم لم يكن نبيًا؟ قلت: اللازم ليس كذلك، بل كان نبيًا لكن لم يكن له أهل أرضٍ يُبعث إليهم، وله أجوبة أخرى تقدمت. قوله:"سؤاله" هو: دعاؤه بقوله: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26]. قوله: "يذكر ثلاث كلمات" وهي: قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]، و {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} [الأنبياء: 63]، و"هذه أختي"، وهذه رواية المستملي، وفي رواية غيره:"ثلاث كذبات"، قال القاضي: هكذا يقولونه تواضعًا وتعظيمًا لما يُسألونه، وإشارة إلى أن هذا المقام لغيرهم، ويحتمل أنهم علموا أن صاحبها محمد صلى الله عليه وسلم ويكون إحالة كل واحد منهم على الآخر ليصل بالتدريج إلى محمد صلى الله عليه وسلم إظهارًا لفضيلته، وكذلك إلهام اللّه الناس بسؤالهم عن آدم وغيره؛ فإنهم إذا سألوهم وامتنعوا ثم سألوه صلى الله عليه وسلم فأجاب وحصل غرضهم علموا ارتفاع منزلته وكمال
إلَى الأَرْضِ
(1)
. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أصَابَ سُؤَالَهُ
(2)
رَبَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ -، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ. قَالَ: فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ كَذَبَهُنَّ -، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَكَلَّمَهُ وَقَرَّبَهُ نَجِيًّا. قَالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ - وَيَذْكُرُ خَطِيئتَهُ الَّتِي أَصَابَ قَتْلَهُ النَّفْسَ -، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَرُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ. قَالَ: فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ: فَيَأْتُونِّي
(3)
فَأَسْتَأْذِنُ
"إِلَى الأَرْضِ" في نـ: "إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ". "كَلِمَاتٍ" في هـ، ذ:"كَذَبَاتٍ". "مُحَمَّدًا" في نـ: "مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم ". "فَيَأتُونِّي" في سـ، هـ، ذ:"فَيَأْتُونَنِي".
===
قربه، وإن هذا الأمر العظيم لا يقدر على الإقدام عليه غيره صلى الله عليه وسلم وهي الشفاعة العظمى، انتهى. واعلم أن الخطايا من الأنبياء إما صغائر سهوية، وإما قبل النبوة، وإما ترك الأَوْلى؛ لوجوب عصمتهم بعد النبوة عن الصغائر العمدية وعن الكبائر مطلقًا، كذا في "ع"(16/ 642)، "ك"(25/ 151 - 152).
(1)
الموجودين بعد الطوفان، "قس"(15/ 479).
(2)
يشير إلى قوله: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} [هود: 45]، "قس"(15/ 479).
(3)
قوله: (فيأتوني فأشفع لهم) في الإراحة فيشفع لي ويفصل بينهم، وفي الكلام اختصار. وهذا هو المقام المحمود والشفاعة العامة الكبرى؛ إذ ما بعد هذا هي شفاعات خاصة لأمته لا تعلق لها بما لجأ الناس إليه فيها، وهي الإراحة من الموقف والفصل بين العباد، والحاصل: أنه شفع أولًا
عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ
(1)
فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي فَيَقُولُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ
(2)
، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ
(3)
، وَسَلْ تُعْطَ. قَالَ: فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أشْفَع، فَيَحُدُّ
(4)
لِي حَدًّا، فَأَخْرُجُ
(5)
فَأُدْخِلُهُمُ
(6)
الْجَنَّةَ". قَالَ قَتَادَةُ
(7)
: وَسَمِعْتُهُ
(8)
أَيْضًا يَقُولُ: "فَأَخْرُجُ
(9)
"تُعْطَ" في نـ: "تُعْطَا". "أَيْضًا" ثبت في هـ.
===
للعامة ثم شفع ثانيًا وثالثًا ورابعًا لطوائف أمته، ولا بد من الحمل عليه ليتلائم صدر الحديث وعجزه، كذا في "الكرماني" (25/ 152). قوله:"وعده نبيكم" أي: حيث قال: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ} [الإسراء: 79]، وهذا هو إشارة إلى الشفاعة الأولى التي لم يصرح بها في الحديث، لكن السياق وسائر الروايات تدل عليه. وفي الحديث:"أن المؤمن لا يخلد في النار، وأن الشفاعة تنفع لأهل الكبائر"، كذا في "الكرماني"(25/ 153).
(1)
أي: جنته، والإضافة للتشريف كبيت الله، أو الضمير راجع إليه صلى الله عليه وسلم على سبيل الالتفات، "ك"(25/ 152).
(2)
أي: ارفع رأسك يا محمد، "ع"(16/ 643)، "ك"(25/ 152).
(3)
على بناء المجهول، من التشفيع أي: تقبل شفاعتك.
(4)
أي يعين لي طائفة معينة، "ع"(16/ 643).
(5)
بفتح الهمزة وضم الراء، "قس"(15/ 480).
(6)
من الإدخال.
(7)
هو الراوي عن أنس.
(8)
أي: أنسًا.
(9)
من الخروج، أي: من الدار.
فَأُخْرِجُهُمْ
(1)
مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ. فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يَقُول: ارْفَع مُحَمَّدُ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ
(2)
، وَسَلْ تُعْطَ. قَال: فَأَرْفعُ رَأْسِي فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ. قَال: ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ". قَالَ
(3)
قَتَادَةُ
(4)
: وَسَمِعْتُهُ
(5)
يَقُول: "فَأَخْرْجُ
(6)
فَأخْرِجُهُمْ
(7)
مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ثُمَّ يَقُول: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ. قَال: فَأرْفَعُ رَأْسِي، فَأُثنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، قَال: ثُمَّ أَشْفَع، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُم الْجَنَّةَ". قَال قَتَادَةُ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "وَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، حَتَّى مَا يَبْقَى فِي النَّارِ
"ثُمَّ أَعُودُ" زاد في سـ، هـ، ذ:"الثَّانِيَةَ". "فَأَسْتَأْذِنُ" في نـ: "وَأسْتَأذِنُ". "تُعْطَ" في نـ: "تُعْطَهُ". "وَسَمِعْتُهُ" زاد في هـ: "أَيْضًا". "تُعْطَهُ" في نـ: "تُعْطَا". "وَقَدْ سَمِعْتُهُ" زاد في هـ: "أَيضًا".
===
(1)
من الإخراج.
(2)
على بناء المجهول من التشفيع أي: تقبل شفاعتك.
(3)
موصول بالسند المذكور، "ع"(16/ 643)، "ف"(13/ 429).
(4)
هو الراوي عن أنس.
(5)
أي: أنسًا.
(6)
من الخروج، أي: من الدار.
(7)
من الإخراج.
إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ
(1)
. قَالَ: ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 89]. قَالَ: وَهَذَا الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وُعِدَهُ
(2)
نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم" [راجع: 44، تحفة: 1417].
7441 -
حَدَّثَنِي عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ سعْدِ: بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي
(3)
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ
(4)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ
(5)
وَقَالَ لَهُمُ: "اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ
(6)
(7)
وَرَسُولَه، فَإِنِّي عَلَى الْحَوْضِ".
[راجع: 3146، أخرجه: م 1059، س في الكبرى 8335، تحفة: 1506].
"حَبَسَهُ" في نـ: "قَدْ حَبَسَهُ". "هَذِهِ" ثبت في هـ، ذ. "حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ" في نـ:"حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ". "حَدَّثَنِي أَبِي" في نـ: "حَدَّثَنَا أَبِي".
===
(1)
أي: بنص القرآن كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]، وهم الكفار، "ك"(25/ 153)، "ع"(16/ 643).
(2)
بضم أوله وكسر ثانيه، "قس"(15/ 480).
(3)
هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، "ع"(16/ 643).
(4)
ابن كيسان.
(5)
هو بيت مستدير من الخيام، وهو من بيوت العرب، "ع"(16/ 643).
(6)
هذا محل المطابقة للترجمة.
(7)
قوله: (حتى تلقوا اللّه) اللقاء مقابلة الشيء ومصادفته، لقيه يلقاه، ويقال أيضًا في الإدراك بالحس وبالبصيرة، ومنه قوله تعالى:{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} [آل عمران: 143]، وملاقاة اللّه يعبر بها عن
7442 -
حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
(3)
، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
(4)
وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ
(5)
، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ،
"حَدَّثَنَا ثَابِتُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي ثَابِتُ".
===
الموت وعن يوم القيامة، وقيل ليوم القيامة: يوم التلاقي لالتقاء الأولين والآخرين فيه، "ف"(13/ 430)، "ع"(16/ 643).
قوله: "فإني على الحوض" أراد به الحوض الذي أعطاه اللّه تعالى، وهو في الجنة، ويؤتى به إلى المحشر يوم القيامة. وفيه رد على المعتزلة في إنكارهم الحوض، وفي بعض النسخ:"حتى تلقوا اللّه ورسوله على الحوض"، وعلى هذه الرواية سأل الكرماني حيث قال (25/ 153): اللّه منزه عن المكان فكيف يكون على الحوض؟ ثم أجاب بقوله: هو قيد للمعطوف كقوله: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} الأنبياء: 72]، أو لفظ:"على الحوض" ظرف للفاعل لا للمفعول، وفي أكثر النسخ بدل في كلمة:"فإني على الحوض"، فسقط السؤال عن درجة الاعتبار بالكلية، "ع"(16/ 643).
(1)
أبو إسماعيل العابد الشيباني الكوفي، "ع"(16/ 644).
(2)
الثوري.
(3)
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، "ع"(16/ 644).
(4)
أي: منورهما أو مدبر أمرهما، "مجمع"(4/ 819).
(5)
الحق ضد الباطل، "مجمع"(1/ 527).
وَلقَاؤُكَ الْحَقُّ
(1)
، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ
(2)
، وَبكَ آمَنْت، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْت، وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ
(3)
، وَبِكَ حَاكَمْتُ
(4)
، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْت، وَمَا أَسْرَرتُ وَمَا أَعْلَنْت، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ".
قَالَ قَيس بْنُ سَعْدٍ
(5)
وَأَبُو الزُّبَيْرِ
(6)
عَنْ طَاوُسٍ: قَيَّامٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ
(7)
: "القَيُّوُمُ": الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.
"وَلقَاؤُكَ الْحَقُّ" في نـ: "وَلقَاؤُكَ حَقٌّ". "وَمَا أَعْلَنْتُ" لفظ "ما" سقط في نـ. "قَالَ قَيسُ بْنُ سَعْدٍ" في ذ: "وَقَالَ قَيسُ بْنُ سَعْدٍ"
(8)
، وزاد قبله في نـ:"قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ".
===
(1)
مطابقة الحديث للترجمة في قوله: "ولقاؤك حق"؛ لأن معناه: رؤيتك ثابت، "ع"(16/ 644).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 1120).
(3)
أي: من خاصمني من الكفار، "مجمع"(2/ 54).
(4)
قوله: (وبك حاكمت) أي: كل من جحد بحق جعلتك الحاكم بيني وبينه لا غيرك مما تحاكم إليه أهل الجاهلية من صنم أو كاهن، "مجمع"(1/ 533).
(5)
المكي الحبشي مفتي مكة، "ك"(25/ 154)، ع" (16/ 644).
(6)
محمد بن مسلم بن تدرس، "ع"(16/ 644).
(7)
أراد أن مجاهدًا فسر "القيوم" بقوله: "القائم على كل شيء"، ع " (16/ 644).
(8)
قوله: (وقال قيس بن سعد وأبو الزبير عن طاوس: قيام) أراد أن قيسًا وأبا الزبير رويا هذا الحديث عن طاوس عن ابن عباس، فوقع عندهما:"أنت قيام السماوات" بدل: "أنت قيم السماوات"، ع" (16/ 644).
وَقَرَأَ عُمَرُ
(1)
: الْقَيَّامُ. وَكِلَاهُمَا مَدْحٌ
(2)
. [راجع: 1120].
7443 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسى
(3)
قَال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسامَةَ
(4)
، حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ
(5)
،
"وَكِلَاهُمَا مَدْحٌ " زاد بعده في ن: "وَقَالَ ابنُ عَباسٍ: نُورُهَا ذِي السمَوَات". "حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ " في ن: "قَالَ: حَدَّثَنِي الأعْمَشُ".
===
(1)
قوله: (وقرأ عمر) أي: ابن الخطاب رضي الله عنه: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] وهو على وزن فعال بالتشديد، وهي صيغة مبالغة، وكذلك لفظ:"القيوم". وقال أبو عبيدة بن المثنى: {الْقَيُّومُ} فيعول وهو القائم الذي لا يزول. وقال الخطابي: {الْقَيُّومُ} نعت للمبالغة في القيام على كل شيء بالرعاية له. وقال الحليمي: {الْقَيُّومُ} القائم على كل شيء من خلقه يدبره بما يريد، (ع" (16/ 644).
(2)
قوله: (وكلاهما مدح) أي: القيوم والقيام مدح؛ لأنهما من صيغ المبالغة، ولا يستعملان في غير المدح، بخلاف "القيم" فإنه يستعمل في الذم أيضًا، وقال محمد بن فرح - بالفاء وسكون الراء، والحاء المهملة - في "كتاب الأسنى في أسماء الحسنى": يجوز وصف العبد بالقيم ولا يجوز بالقيوم. وقال الغزالي في "المقصد الأسنى": القيوم هو القائم بذاته المقيم لغيره
(1)
، وليس ذلك إلا الله تعالى. وقال الكرماني (25/ 154): فعلى هذا التفسير هو صفة مركبة من صفة الذات وصفة الفعل، "ع"(16/ 644).
(3)
ابن راشد القطان، "ع"(16/ 645).
(4)
حماد بن أسامة، "ع"(16/ 645).
(5)
سليمان، "ع"(16/ 645).
(1)
كذا في "الكرماني"، وفي "العيني": والقيّم لغيره.
عَنْ خَيْثَمَةَ
(1)
، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْكُمْ
(2)
مِنْ أَحَدٍ
(3)
إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّه، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ
(4)
وَلَا حِجَاب يَحْجُبُهُ"
(5)
. [راجع: 1413، تحفة: 9852].
"حِجَابٌ " في هـ: "حَاجِبٌ".
===
(1)
ابن عبد الرحمن الجعفي، "ع"(16/ 645)، "ك"(25/ 155).
(2)
الخطاب للمؤمنين وقيل: بعمومه، "ك"(25/ 155)، "ع"(16/ 645).
(3)
المطابقة للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، "ع"(16/ 645).
(4)
قوله: (ترجمان) فيه لغات: ضم التاء والجيم، وفتحهما، وفتح الأولى وضم الثانية، "ك"(25/ 155)، "ع"(16/ 645)، هو من يترجم الكلام أي: ينقله من لغة إلى أخرى، "مجمع"(1/ 261).
(5)
قوله: (ولا حجاب يحجبه) وفي رواية الكشميهني: "ولا حاجب". قال ابن بطال (10/ 466): معنى رفع الحجاب: إزالة الآفة من أبصار المؤمنين، المانعة لهم من الرؤية، فيرونه لارتفاعها عنهم بخلق ضدها فيهم، ويشير إليه قوله تعالى في حق الكفار:{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15].
وقال الحافظ صلاح الدين العلائي في شرح قوله في قصة معاذ: "واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب": والمراد بالحاجب والحجاب: نفي المانع من الرؤية، فلما نفى عدم إجابة دعاء المظلوم استعار الحجاب للرد، فكان نفيه دليلًا على ثبوت الإجابة، والتعبير بنفي الحجاب أبلغ من التعبير بالقبول؛ لأن الحجاب من شأنه المنع من الوصول إلى المقصود فاستعير نفيه لعدم المنع، ويتخرج كثير من أحاديث الصفات على الاستعارة التخييلية، وهي أن يشترك شيئان في وصف ثم يعتمد لوازم أحدهما
7444 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ
(2)
الجَونِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "جَنَّتَانِ
(3)
===
حيث تكون جهة الاشتراك وصفًا فثبت كماله في المستعار منه بواسطة شيء آخر فثبت ذلك للمستعار له مبالغة في إثبات المشترك، قال: وبالحمل على هذه الاستعارة التخييلية يحصل التخلص من مهاوي التجسم.
قال: ويحتمل أن يراد بالحجاب: استعارة محسوس لمعقول؛ لأن الحجاب حسي والمنع عقلي. قال: وقد ورد ذكر الحجاب في عدة أحاديث صحيحة، والله سبحانه منزه عما يحجبه إذ الحجاب إنما يحيط بمقدر محسوس، ولكن المراد بحجابه منعه أبصار خلقه أو بصائرهم بما شاء كيف شاء، وإذا شاء كشف عنهم، ويؤيده قوله في الحديث الذي بعده:"وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه" فإن ظاهره ليس مرادًا قطعًا، فهي استعارة جزمًا، "ف"(13/ 430 - 431).
(1)
هو ابن المديني، "ع"(16/ 645).
(2)
عبد الملك بن حبيب، "ع"(16/ 645).
(3)
قوله: (جنتان
…
) إلخ، إشارة إلى ما في قوله تعالى:{وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} وتفسير له، وهو خبر مبتدأ أي: هما جنتان، و"آنِيَتهما" مبتدأ، و"مِن فضَّةٍ" خبره، ويحتمل أن يكون فاعل "فضة" كما قال ابن مالك:"مررت بواد أثل كله"، إن "كله" فاعل "الأثل" بالمثلثة أي: جنتان مفضض آنيتهما. والحديث من المتشابهات؛ إذ لا وجه حقيقة ولا رداء، فإما أن يفوض، أو يؤول الوجه بالذات، والرداء بشيء كالرداء من صفاته اللازمة لذاته المقدسة عما يشبه المخلوقات. [قال القرطبي في "المفهم" (1/ 412): الرداء استعارة كنى بها عن العظمة كما في الحديث الآخر: "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري"، وليس المراد الثياب المحسوسة، "ع"(16/ 645)].
مِنْ فِضَّةٍ
(1)
آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهمَا
(2)
، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنظُرُوا
(3)
إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ". [راجع: 4878].
"أَنْ يَنْظُرُوا" في ن: "أَنْ يَنْظُرَ". "الْكِبْرِ" في ن: "الْكِبرِيَاءِ".
===
"وفي جنة عدن" ظرف للقوم، فإن قلت: فهذا مشعر بخلاف الترجمة؛ إذ معناه: أن رؤية الله غير واقعة، قلت: لا: إذ غرضه بيان قرب النظر؛ إذ رداء الكبر لا يكون مانعًا من الرؤية. قيل: كان صلى الله عليه وسلم يخاطب العرب بما يفهمونه فيستعمل الاستعارات ليقرب تناولها، فعبر عن زوال المانع بإزالة الرداء، "ك"(25/ 155).
حاصله: أن رداء الكبرياء مانع عن الرؤية، فكأن في الكلام حذفًا تقديره بعد قوله:"إلا رداء الكبرياء": "فإنه يَمُنّ عليهم برفعه، فيحصل لهم الفوز بالنظر إليه"، فكأن المراد أن المؤمنين إذا تبوؤوا مقاعدهم من الجنة لولا ما عندهم من هيبة ذي الجلال لما حال بينهم وبين الرؤية حائل، فإذا أراد إكرامهم حفهم برأفته وتفضل عليهم بتقويتهم على النظر إليه سبحانه وتعالى، "ف"(13/ 432).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 4879).
(2)
قوله: (من فضة آنيتهما وما فيهما
…
) إلخ، فإن قلت: يعارضه حديث أبي هريرة: "قلنا: يا رسول الله! حدثنا عن الجنة قال: لبنة من ذهب ولبنة من فضة"، أخرجه أحمد والترمذي وصححه؟ قلت: المراد با لأول صفة ما في كل جنة من آنية وغيرها، ومن الثاني حوائط الجنان كلها، "ع"(16/ 645).
(3)
مطابقته ظاهرة، "ع"(16/ 645).
7445 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ الْمَلِكُ بْنُ أَعْيَنَ
(3)
وَجَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ
(4)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(5)
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اقْتَطَعَ
(6)
مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ
(7)
وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ".
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ
(8)
صلى الله عليه وسلم مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَاب اللَّهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ
(9)
لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 77]. [راجع: 2356، أخرجه: م 138، س في الكبرى 11063، تحفة: 9238، 9283].
"{بِعَهْدِ اللَّهِ
…
} إلخ"، في ذ: "إِلَى أَنْ قَالَ: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} الآية".
===
(1)
عبد الله بن الزبير، "ع"(16/ 646).
(2)
ابن عيينة.
(3)
قوله: (أعين) بفتح الهمزة وسكون العين المهملة وفتح الياء آخر الحروف وبالنون، "ع"(16/ 646).
(4)
شقيق بن سلمة، "ع"(16/ 646).
(5)
ابن مسعود، "ع"(16/ 646).
(6)
قوله: (من اقتطع) أي: أخذ قطعة لنفسه. قوله: "غضبان" قد مرّ غير مرة أن في نسبة مثل هذا الكلام إلى الله تعالى يراد به لازمه، ولازم الغضب عذابه. قوله:"مصداقه" بكسر الميم أي: مما يصدق هذا الحديث ويوافقه، "ع"(16/ 646).
(7)
فيه المطابقة، "ع"(16/ 646).
(8)
مرَّ الحديث (برقم: 6659، و 6676).
(9)
الخلاق: النصيب الوافر من الخير، "قاموس" (ص: 812).
7446 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سفْيَان، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي صَالِحِ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَتِهِ
(1)
- لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا أكْثَرَ مِمَّا أُعْطِيَ - وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ
(2)
كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصرِ
(3)
لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ
(4)
، فَيَقُولُ اللَّهُ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ
(5)
فَضْلِي، كمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ". [راجع: 2358، أخرجه: م 108، تحفة: 12855].
"عَلَى سِلْعَتِهِ " كذا في س، ح، ذ، وفي ن:"عَلَى سِلْعَةٍ". "فَيَقُولُ اللَّهُ " زاد في ن: "يومَ القِيَامَةِ".
===
(1)
السلعة بالكسر: المتاع، وما يُتجر به، "قاموس" (ص: 673).
(2)
أي: بيمين، أو المراد بها المحلوف عليه مجازًا، "مجمع"(5/ 221).
(3)
قوله: (بعد العصر) خص به لشرفه لاجتماع الملائكة وختام الأعمال، "بغوي". ويحتمل أن الغالب من التاجر إنفاقه من ربح ماله، وقد يتفق في اليوم أن لا يربح فيحرص حين الانصراف عند العصر على إمضاء صفقته إن اتفقت باليمين الكاذبة، "مجمع"(3/ 611).
(4)
قوله: (منع فضل ماء) أي: يمنع الناس من الماء الفاضل عن حاجته". و"لم تعمل يداك" أي: ليس حصوله وطلوعه من المنبع بقدرتك بل هو بإنعام الله وفضله على العباد، أو المراد به: مثل الماء الذي لا يكون ظهوره بسعي الشخص كالعيون والسيول لا كالآبار والقنوات، "ك" (25/ 156).
(5)
قوله: (أمنعك) مطابقته للترجمة من حيث إن الغضب إذا كان سببًا لعدم الرؤية كان الرضا سببًا لحصولها، "ع"(16/ 646).
7447 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّاب
(1)
قَال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ
(2)
، عَنْ مُحَمَّدٍ
(3)
، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ
(4)
، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الزَّمَانُ قَدِ استَدَارَ كَهَيْئَتِهِ
(5)
يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَات: ذُو الْقَعَدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ وَالْمُحَرَّم، وَرَجَبُ مُضَرَ
"ثَلَاثٌ " في ص، ذ:"ثَلَاثَةٌ".
===
(1)
ابن عبد المجيد الثقفي، "ع"(16/ 647).
(2)
السختياني، "ع"(16/ 647).
(3)
ابن سيرين، "ع"(16/ 647).
(4)
اسم ابن أبي بكرة هذا: عبد الرحمن؛ لأن لأبي بكرة أولادًا غيره، واسم أبي بكرة: نفيع بضم النون مصغرًا، "ع"(16/ 647).
(5)
قوله: (قد استدار كهيأته) أي: استدار استدارة مثل حالته يوم خلق الله السماوات والأرض، وأراد بالزمان السنة. و"حرم" أي: محرم فيه القتال. و"مضر" - بالضم وفتح المعجمة والراء -: القبيلة المشهورة غير منصرف، وإنما أضافه إليهم لأنهم كانوا يحافظون على تحريمه أشد من محافظة غيرهم ولم يغيروه عن مكانه، ووصفه بالذي بين جمادى وشعبان للتأكيد أو لإزالة الريب الحادث فيه من النسيء. قال في "الكشاف": النسيء تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر، كانوا يحلون الشهر الحرام ويحرمون مكانه شهرًا آخر حتى رفضوا تخصيص الأشهر الحرم، وكانوا يحرمون من شهور العام أربعة أشهر مطلقًا، وربما زادوا في الشهور فيجعلونها ثلاثة عشر أو أربعة عشر، قال: والمعنى: رجعت الأشهر إلى ما كانت عليه، وعاد الحج إلى ذي الحجة، وبطلت تغييراتهم، وقد وافقت حجة الوداع ذا الحجة، "ك"(25/ 157)، "ع"(16/ 647 - 648).
الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ ". قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ
(1)
بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:"أَلَيْسَ ذَا الْحَجَّةِ؟ ". قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: "أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ ". قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسمِهِ. قَالَ: "أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ
(2)
؟ ". قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: "فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ ". قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: "أَلَسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ ". قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ - عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ
(3)
رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلَا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا، يَضْرِبُ
(4)
بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ
(5)
الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ
(6)
بَعْضَ مَنْ يُبْلُّغُهُ
(7)
أَنْ يَكُونَ أوْعَى
(8)
مِنْ بَعْض مَنْ سَمِعَهُ".
"سَيُسَمِّيهِ " في ن: "يُسَمِّيهِ " وكذا الآتي. "قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟
…
أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى" ثبت في س، هـ. "يُسَمِّيهِ " في ن: "سَيُسَمِّيهِ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 5550، 7078).
(2)
أي: المعهودة، وهي مكة المشرفة، "ك"(25/ 157)، "ع"(16/ 648).
(3)
فيه المطابقة، كذا في "ع"(16/ 647).
(4)
بالرفع وبالجزم عند الكسائي، نحو: لا تدن من الأسد يأكلك، "ك"(25/ 158)، "ع"(16/ 648).
(5)
أي: حاضر المجلس الغائب عنه، "مجمع"(1/ 219، 220).
(6)
استعمل لعل استعمال عسى، "ع"(16/ 648).
(7)
بضم اللام وبفتحها مشددة، "ك"(25/ 158)، "ع"(16/ 648).
(8)
أحفظ وأضبط، "ك"(25/ 158)، "ع"(16/ 648).
فَكَانَ مُحَمَّدٌ
(1)
إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ: صَدَقَ
(2)
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:"أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ ". [راجع: 67].
25 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ
(3)
مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]
7448 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ الْوَاحِدِ
(4)
عَنْ عَاصِمٍ
(5)
، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
(6)
، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زيدٍ قَالَ:
"عَنْ عَاصِمٍ" في ن: "حَدَّثَنَا عَاصِمٌ".
===
(1)
ابن سيرين، "ك"(25/ 158)، "ع"(16/ 648).
(2)
قوله: (صدق) أي: عُلم بالتجربة والاستقراء أن كثيرًا من السامعين هم أفضل من شيوخهم، "ك"(25/ 158)، "ع"(16/ 648).
(3)
قوله: (إن رحمة الله قريب) إنما قال: قريب والقياس: قريبة؛ لأن الفعيل الذي بمعنى الفاعل قد يحمل على الذي بمعنى المفعول، أو الرحمة بمعنى الترحم، أو صفة لموصوف محذوف أي: شيء قريب، أو لما كان وزنه المصدر نحو: شهيق وزفير أعطى له حكمه في استواء المذكر والمؤنث، وقال ابن بطال: الرحمة تنقسم إلى صفة ذات فيكون معناها إرادة إثابة الطائعين، وإلى صفة فعل فيكون معناها أن فضل الله تعالى بسوق السحاب وإنزال المطر قريب من المحسنين، فكان ذلك رحمة لهم لكونه بقدرته وإرادته، وكون تسمية الجنة رحمة لكونه فعلًا من أفعاله حادثة بقدرته، "ع"(16/ 648).
(4)
ابن زياد، "ع"(16/ 648).
(5)
الأحول، "ع"(16/ 648).
(6)
عبد الرحمن النهدي، "ع"(16/ 648).
كَانَ ابْنٌ
(1)
لِبَعْض بَنَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يقْضِي
(2)
، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا، فَأَرْسَلَ:"إِنَّ لِلّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ". فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ، فَأَقْسَمَتْ عَلَيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقُمْتُ مَعَهُ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَلَمَّا دَخَلْنَا نَاوَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّبِيَّ وَنَفْسُهُ تُقَلْقَلُ
(3)
فِي صَدْرِهِ - حَسِبْتُهُ قَالَ: - كَأَنَّهَا
(4)
شَنَّةٌ
(5)
، فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَتَبْكِي؟ فَقَالَ: "إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ
(6)
مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ"
(7)
.
[راجع: 1284].
"يَقْضِي" في هـ: "يُفْضِي". "وَقُمْتُ مَعَهُ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ" في هـ، ذ:"وَقُمْتُ وَمَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ". "فَقَالَ: إِنَّمَا" في ن: "قَالَ: إِنَّمَا".
===
(1)
وفي "النذور": أنه بنت، "ع"(16/ 648)، "ك (25/ 158)، [بل في "كتاب المرضى" (ح: 5655)]. ومرَّ الحديث (برقم: 6655).
(2)
قوله: (يقضي) بفتح أوله وسكون القاف بعدها ضاد معجمة أي: يموت، والمراد أنه كان في النزع. وللكشميهني: بضم أوله بعده فاء، "قس"(15/ 490).
مرَّ الحديث (برقم: 1284، 5655، 6655).
(3)
بضم أوله وفتح القافين: تضطرب، "قس"(15/ 490)، تصوت مضطربًا، "ك"(25/ 159)، "ع"(16/ 648).
(4)
تشبه به البدن وحركة الروح فيها، "تو"(3/ 1072)، كذا (برقم: 1284).
(5)
الشنة: القربة الخَلَق الصغيرة، "قاموس" (ص: 1115).
(6)
فيه إثبات صفة الرحمة له، وهو مقصود الترجمة، "ف"(13/ 433).
(7)
جمع رحيم، "ع"(16/ 648).
7449 -
حَدَّثَنِي عُبَيدُ اللَّهِ
(1)
بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي
(3)
، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الأَعْرَجِ
(4)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اخْتَصَمَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ
(5)
إِلَى رَبِّهِمَا فَقَالَتِ الْجَنَّةُ: يَا رَبِّ، مَا لَهَا
(6)
لَا يَدْخُلُهَا
"حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ" في ن: "حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ".
===
(1)
سمع عمه يعقوب بن إبراهيم، "ع"(16/ 649).
(2)
ابن عبد الرحمن بن عوف، "ع"(16/ 649).
(3)
أي: إبراهيم، "ع"(16/ 649).
(4)
عبد الرحمن بن هرمز، "ع"(16/ 649).
(5)
قوله: (اختصمت الجنة والنار) قال ابن بطال (10/ 471) عن المهلب: يجوز أن يكون هذا الخصام حقيقة بأن يخلق الله فيهما حياة وفهمًا وكلامًا والله قادر على كل شيء، ويجوز أن يكون مجازًا كقولهم:"امتلأ الحوض وقال: قطني" والحوض لا يتكلم وإنما ذلك عبارة عن امتلائه، وأنه لو كان ممن ينطق لقال ذلك، وكذا في قول النار:{هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30]. قال: وحاصل اختصامهما: افتخار إحداهما على الآخرى بمن يسكنها، فتظن النار أنها بمن ألقي فيها من عظماء الدنيا آثر عند الله من الجنة، وتظن الجنة أنها بمن أسكنها من أوليائه آثر عند الله! فأجيبتا: بأنه لا فضل لإحداهما على الأخرى من طريق من يسكنهما، وفي كلاهما شائبة شكاية إلى ربهما؛ إذ لم تذكر كل واحدة منهما إلا ما اختصت به، وقد رد الله تعالى الأمر في ذلك إلى مشيئته، "ف"(13/ 436).
(6)
فيه التفات لأن نسخ الكلام أن تقول ما لي، "ف"(13/ 436).
إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ
(1)
وَسَقَطُهُمْ
(2)
. وَقَالَتِ النَّارُ
(3)
، فَقَالَ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي. وَقَالَ لِلنَّارِ
(4)
: أَنْتِ عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاء، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا
(5)
. قَالَ: فَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ
(6)
لَا يَظْلِمُ
"وَقَالَتِ النَّارُ" زاد في ذ: "يَعْنِي: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ".
===
(1)
قوله: (إلا ضعفاء الناس) فإن قلت: ما وجه الحصر وقد يدخل فيها غير الضعفاء من الأنبياء والملوك العادلة والعلماء العاملة؟ قلت: ذلك بالنظر إلى الأغلب فإن أكثرهم الفقراء والبله وأمثالهم، وأما غيرهم من أكابر الدين فهم قليلون، وقيل: معنى الضعيف: الساقط الخاضع لله المتواضع للخلق ضد المتكبر، كذا في "ك"(25/ 159).
(2)
قوله: (سقطهم) بفتحتين: جمع ساقط، وهو: النازل القدر الذي لا يعبأ به، وسقط المتاع: رديئه، "ف" (13/ 436). بالفتحتين: الضعفاء الساقطون عن أعين الناس، "ع"(16/ 649).
(3)
قوله: (وقالت النار: يعني أوثرت) بالمتكبرين على صيغة المجهول أي: اختصصت، وهذا مقول القول أبرزه في بعض النسخ بقوله:"يعني أوثرت بالمتكبرين"، ولم يقع هذا في كثير من النسخ حتى قال ابن بطال (10/ 472): سقط قول النار هاهنا من جميع النسخ. وقال الكرماني (25/ 159): أين مقول القول؟ ثم قال: قلت: مقدر معلوم من سائر الروايات وهو: أوثرت بالمتكبرين، "ع"(16/ 649).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 4848).
(5)
بالكسر: ما يأخذه الإناء إذا امتلأ، "مجمع"(4/ 622).
(6)
قوله: (فأما الجنة فإن الله
…
) إلخ، قال عياض ["الإكمال " (1/ 380)]: يحتمل أن يكون معنى قوله عند ذكر الجنة: "فإن الله
…
" إلخ: أنه يعذب من يشاء غير ظالم له كما قال: "أعذب بك من أشاء"، ويحتمل أن
مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ
(1)
مَنْ يَشَاءُ
===
يكون راجعًا إلى تخاصم الجنة والنار بأن الذي جعل لكل منهما عدل وحكمة وباستحقاق كل منهم من غير أن يظلم أحدًا، وقال غيره: يحتمل أن يكون على سبيل التلميح بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30] فعبر عن ترك تضييع الأجر بترك الظلم، فالمراد أنه يدخل من أحسن الجنة التي وعد المتقين برحمته، "ف"(13/ 437).
(1)
قوله: (ينشئ للنار) أي: يوجد ويخلق، وقال القابسي: المعروف في هذا الموضع أن الله ينشئ للجنة خلقًا، وأما النار فيضع فيها قدمه، قال: ولا أعلم في شيء من الأحاديث أنه ينشئ للنار خلقًا إلا هذا.
وقال الكرماني (25/ 160): واعلم أن الحديث مرَّ في سورة "ق"(برقم: 4849) بعكس هذه الرواية، قال ثمة:"وأما النار فتمتلئ ولا يظلم الله من خلقه أحدًا، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقًا لا، وكذا في "صحيح مسلم"، فقيل: هذا وهم من الراوي إذ تعذيب غير العاصي لا يليق بكرم الله تعالى بخلاف الإنعام على غير المطيع، أقول: لا محذور في تعذيب الله تعالى من لا ذنب له إذ القاعدة القائلة بالحسن والقبح العقليين باطلة، فلو عذبه به لكان عدلًا، والإنشاء للجنة لا ينافي الإنشاء للنار، والله يفعل ما يشاء، ولا حاجة إلى الحمل على الوهم، والله أعلم، "ع" (16/ 649 - 650).
وعن المهلب [انظر "شرح ابن بطال" (10/ 472)] قال: في هذه الرواية حجة لأهل السُّنَّة في قولهم: إن لله أن يعذب من لم يكلفه لعبادته في الدنيا؛ لأن كل شيء ملكه فلو عذبهم لكان غير ظالم لهم، انتهى.
وقد قال جماعة من الأئمة: إن هذا الموضع مقلوب، وجزم ابن القيم بأنه غلط، واحتج بأن الله تعالى أخبر بأن جهنم تمتلئ من إبليس وأتباعه، وكذا أنكر الرواية شيخنا [البلقيني] واحتج بقوله:{وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}
فَيُلْقَوْنَ
(1)
فِيهَا، فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزيدٍ؟ ويُلْقَونَ فِيهَا، فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ ثَلَاثًا
(2)
، حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ
(3)
فِيهَا فَتَمْتَلِئ، وَيُرَدُّ بَعْضُهَا
"حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ فِيهَا فَتَمْتَلِئُ " في ن: "حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَمْتَلِئُ وَيَنْزَوِي". "وَيُرَدُّ " في ن: "وَتُرَدُّ"، وفي ن:"وَيُزوى" - أي: يضمّ، "ك"(25/ 160)، "ع"(16/ 650) -.
===
[الكهف: 49]، ثم قال: وحمْلُه على أحجار تلقى في النار أقرب من حمله على ذي روح يعذب بغير ذنب، انتهى.
ويمكن التزام أن يكونوا من ذوي الأرواح، ولكن لا يعذبون، كما في "الخزنة". ويحتمل أن يراد بالإنشاء ابتداء إدخال الكفار النار، وعبر عن ابتداء الإدخال بالإنشاء فهو إنشاء الإدخال لا الإنشاء بمعنى ابتداء الخلق بدليل قوله:"فيلقون فيها وتقول: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ" وأعادها ثلاث مرات ثم قال: "حتى يضع فيها قدمه فحينئذ تمتلئ"، فالذي يملؤها - حتى تقول: حسبي - هو القدم كما هو صريح الخبر، "ف"(13/ 437).
(1)
على صيغة المجهول، "ع"(16/ 650).
(2)
قوله: (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ ثلاثًا) أي: قالها ثلاث مرات، قال الزمخشري: المزيد إما مصدر [كالمجيد] وإما اسم مفعول كالمبيع، وقيل: هذا استفهام إنكار وإنها لا تحتاج إلى زيادتها، "ع"(16/ 650).
(3)
قوله: (قدمه) هذا لفظ من المتشابهات، [والحكم فيه] إما التفويض وإما التأويل، فقيل: المراد به التقدم، "ع"(16/ 650)، وهو سائغ في اللغة "نووي" (9/ 206). أي: يضع الله فيها من قدَّمه لها من أهل العذاب أو ثمة مخلوق اسمه القدم، أو وضع القدم عبارة عن الزجر عليها والتسكين لها كما يقال: جعلته تحت رجلي ووضعته تحت قدمي، "ع" (16/ 650). أو المراد: قدم بعض المخلوقين، فيعود الضمير في قدمه إلى ذلك المخلوق
إِلَى بَعْضٍ وَتَقُول: قَطٍ قَطٍ قَطٍ"
(1)
. [راجع: 4849، تحفة: 13651].
7450 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَيُصيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ
(2)
مِنَ النَّارِ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهًا عُقُوبَةً
(3)
، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ
(4)
فَيُقَالُ لَهُمُ: الْجَهَنَّمِيُّونَ". قَالَ هَمَّامٌ
(5)
(6)
: حَدَّثَنَا قَتَادَة، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 6559].
"أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم" كذا في قت، ذ، ولغيرهما:"عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ". "أَصابُوهَا" في ن: "أَصابَهَا". "قَالَ هَمَّامٌ " في ن: "قَالَ: هِشَامٌ". "عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " في ن: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ".
===
المعلوم، "نووي". وقد أيد حمله على غير ظاهره ابن أبي جمرة بقوله تعالى:{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} ؛ إذ لو كان على ظاهره لكان أهل النار في نعيم المشاهدة كما يتنعم أهل الجنة برؤية ربهم، لأن مشاهدة الحق لا يكون معها عذاب، "ف"(13/ 437).
(1)
ثلاث مرات، كذا وقع في بعض النسخ، وفي بعضها مرتين وهو الأظهر، "ع" (16/ 650). فيه ثلاث لغات: سكون الطاء وكسرها منونة وغير منونة، "ك" (25/ 160). معنى قط: حسب، وتكرارها للتأكيد، ويروى: قطي قطي أي: حسبي، "ع"(16/ 650).
(2)
بفتح المهملة وسكون الفاء ثم مهملة، هو أثر تغير البشرة فيبقى فيها بعض سواد، "ف"(13/ 437).
(3)
نصب على التعليل أي: لأجل العقوبة، "ع"(16/ 650).
(4)
فيه المطابقة، "ع"(16/ 650).
(5)
هذا طريق آخر في حديث أنس عن همام، "ع"(16/ 650).
(6)
ابن يحيى، وقيل في بعض النسخ: هشام، قال الكرماني: قيل:
26 - بَابُ قَوْلِ اللهِ: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ
(1)
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا
(2)
} [فاطر: 41]
7451
- حَدَّثَنَا مُوسى
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
(4)
، عَنِ الأَعْمَش
(5)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(6)
، عَنْ عَلْقَمَةَ
(7)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(8)
قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ
(9)
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنَّ اللَّهَ يَضَعُ
(10)
"بَابُ قَوْلِ اللَّهِ" في ن: "بَاب فِي قَوْلِ اللَّهِ تعالَى"، وفي ن:"قَوْلُ اللَّهِ".
===
هو الصحيح، والفرق بين الطريقين أن الأولى بلفظ العنعنة، والثانية بلفظ التحديث، "ع"(16/ 650).
(1)
الإمساك: المنع، وقال الراغب: إمساك الشيء: التعلق به وحفظه، "ف"(13/ 438).
(2)
أي: كراهة أن تزول، قاله الزمخشري، "ع"(16/ 651).
(3)
ابن إسماعيل.
(4)
الوضاح اليشكري، "ع"(16/ 651).
(5)
سليمان، "ع"(16/ 651).
(6)
النخعي، "ع"(16/ 651).
(7)
ابن قيس، "ع"(16/ 651).
(8)
ابن مسعود، "ع"(16/ 651).
(9)
أي: عالم اليهود، "ك"(25/ 161)، "قس"(15/ 493)، بفتح الحاء المهملة، وجاء كسرها بعدها باء موحدة ساكنة ثم راء، "ع"(16/ 651).
(10)
فيه المطابقة؛ لأن معناه في الحقيقة: يمسك، "ع" (16/ 651). وفي "باب قوله:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} " بلفظ: "إن الله يمسك" وهو المطابق للترجمة لكن جرى على عادته في الإشارة، "ف" (13/ 438).
السَّمَاءَ عَلَى إِصْبَعٍ
(1)
(2)
، وَالأَرْضَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالأَنْهَارَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ: أَنَا الْمَلِكُ. فَضحِكَ
(3)
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:
"وَالأَرْضَ" في ن: "وَالْأرَضِينَ".
===
(1)
قوله: (على إصبع) من المتشابهات، مرَّ مرارًا، وقال المهلب (10/ 473): فإن قيل: الآية مقتضية أن السماء والأرض ممسكتان بغير آلة يعتمد عليها، والحديث أنهما ممسكتان بالإصبع؟ قلنا: لا يلزم منه الإمساك بالإصبع، وكيف ولو كان بالإصبع لتسلسل إذ لا بد للإصبع من ممسك أيضًا، وهلم جرًّا. وأجاب غير المهلب: بأن الإمساك في الآية يتعلق بالدنيا، وفي الحديث بيوم القيامة، "ف"(13/ 438). [انظر "الكرماني" (25/ 161)].
(2)
قوله: (إصبع) فيه مذهبان التأويل والإمساك عنه مع الإيمان بها، مع أن الاعتقاد أن الظاهر غير مراد، فعلى قول المتأولين يتأول الأصابع هاهنا على الاقتدار، أي: خلقها مع عظمها بلا تعب ولا ملل، والناس يذكرون الأصابع في مثل هذا للمبالغة والاحتقار فيقول أحدهما: بإصبعي أقتل زيدًا ينوي لا كلفة علي في قتله، وقيل: يحتمل أن المراد أصابع بعض مخلوقاته، وهذا غير ممتنع، والمقصود أن يد الجارحة مستحيلة، "نووي" (9/ 145). [وفي "اللامع" (10/ 374): الغرض في الباب إثبات الأصابع لله تعالى كما الوجه واليد وغيرهما].
(3)
قوله: (فضحك
…
) إلخ، ظاهر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صدق الخبر في قوله:"إن الله يمسك السماوات والأرضين والمخلوقات بالأصابع" ثم قرأ الآية التي فيها الإشارة إلى نحو ما قال، وقال القاضي: وقال بعض المتكلمين: ليس ضحكه صلى الله عليه وسلم وتعجبه وتلاوته الآية تصديقًا للحبر، بل هو رد
{
(1)
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ
(2)
حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]. [راجع: 4811، أخرجه: م 2786، س في الكبرى 11452، تحفة: 9422].
27 - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيقِ السَّمَوَاتِ
(3)
وَالأَرْضِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْخَلَائِقِ
وَهُوَ فِعْلُ الرَّبِّ
(4)
وَأَمْرُهُ
(5)
، فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ
(6)
وَفِعْلِهِ
(7)
(8)
وَأَمْرِهِ،
"تَخْلِيقِ " في هـ: "خَلقِ". "وَالأَرْضِ " في هـ: "وَالْأرَضِينَ".
===
لقوله وإنكار وتعجب من سوء اعتقاده، فإن مذهب اليهود التجسيم ففهم منه ذلك، " نووي"(9/ 145).
(1)
تمامها: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67].
(2)
أي: ما عرفوه حق معرفته، "مج" (4/ 228). مرَّ الحديث (برقم: 4811).
(3)
كذا في رواية الكشميهني، وهو المطابق للآية، "قس"(15/ 494). [الغرض من الباب ظاهر، وهو مسألة التكوين، انظر "اللامع" (10/ 374)].
(4)
أي: الخلق أو التخليق، "ع"(16/ 652).
(5)
بأن يقول: كن، "ع"(16/ 652).
(6)
كالقدرة، "ع"(16/ 652).
(7)
أي: خلقه، "ع"(16/ 652).
(8)
قوله: (وفعله) سقط قوله: "وفعله" في بعض النسخ. قال الكرماني: وهو أولى ليصح لفظ غير مخلوق، كذا قال، وسياق المصنف يقتضي التفرقة بين الفعل وما ينشأ عن الفعل، فالأول: من صفات الفاعل، والباري غير مخلوق، فصفاته غير مخلوقة. وأما مفعوله - وهو ما ينشأ عن فعله - فهو مخلوق، ومن ثم عقبه بقوله: "وما كان بفعله وأمره
…
" إلخ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ثم وجدت بيان مراده في كتابه الذي أفرده في "خلق أفعال العباد"[ص: 112] فقال: اختلف الناس في الفاعل والفعل والمفعول فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر، وقالت الجبرية: الأفاعيل كلها من الله، وقالت الجهمية: الفعل والمفعول واحد ولذلك قالوا: "كن" مخلوق، وقال السلف: التخليق فعل الله وأفاعيلنا مخلوقة، ففعل الله صفة الله والمفعول من سواه من المخلوقات، انتهى.
ومسألة التكوين مشهورة بين المتكلمين، وأصلها: أنهم اختلفوا هل صفة الفعل قديمة أو حادثة؟ فقال جمع من السلف منهم أبو حنيفة - رحمه الله تعالى -: هي قديمة، وقال آخرون منهم ابن كلاب والأشعري: هي حادثة لئلا يلزم أن يكون المخلوق قديمًا، وأجاب الأول بأنه يوجد في الأزل صفة الخلق ولا مخلوق، وأجاب الأشعري بأنه لا يكون خلق ولا مخلوق كما لا يكون ضارب ولا مضروب، فألزموه بحدوث صفات فيلزم حلول الحوادث بالله، فأجاب: بأن هذه الصفات لا تحدث في الذات شيئًا جديدًا. فتعقبوه: بأنه يلزم أن لا يسمى في الأزل خالقًا ولا رازقًا، وكلام الله قديم، وقد ثبت فيه أنه الخالق الرازق! فانفصل بعض الأشعرية بأن إطلاق ذلك إنما هو بطريق المجاز، وليس المراد بعدم التسمية عدمها بطريق الحقيقة. ولم يرتض هذا بعضهم بل قال - وهو المنقول عن الأشعري نفسه -: إن الأسامي جارية مجرى الأعلام، والعلم ليس بحقيقة ولا مجاز في اللغة، وأما في الشرع فلفظ الخالق الرازق صادق عليه تعالى بالحقيقة الشرعية، والبحث إنما هو فيها لا في الحقيقة اللغوية. فألزموه بتجويز إطلاق اسم الفاعل على من لم يقم به الفعل. فأجاب: بأن الإطلاق هاهنا شرعي لا لغوي. وتصرف البخاري في هذا الموضع يقتضي موافقة القول الأول، والصائر إليه يسلم من الوقوع في مسألة حوادث لا أول لها، وبالله التوفيق.
وَكَلامِهِ
(1)
هُوَ الْخَالِقُ الْمُكَوِّنُ
(2)
غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ فَهُوَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقُ
(3)
مُكَوَّنٌ
(4)
.
7452 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ
(5)
،
"وَكَلامِهِ " ثبت في ذ. "الْمُكَوِّنُ " في ن: "هُوَ الْمُكَوِّنُ". "أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ" في ن: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ".
===
وأما ابن بطال (10/ 475) فقال: غرضه: بيان أن جميع السماوات والأرض وما بينهما مخلوق؛ لقيام دلائل الحدوث بها ولقيام البرهان على أن لا خالق غير الله. وبطلان قول من يقول: إن الطبائع خالقة أو الأفلاك أو النور أو الظلمة أو العرش، فلما فسدت جميع هذه المقالات - لقيام الدليل على حدوث ذلك كله وافتقاره إلى محدث لاستحالة وجود محدث لا محدث له وكتاب الله شاهد بذلك كآية الباب - استدل بآيات السماوات والأرض على وحدانيته تعالى وقدرته وأنه الخلاق العظيم وأنه خلاق سائر المخلوقات لانتفاء الحوادث عنه الدالة على حدوث من يقوم به وأن ذاته وصفاته غير مخلوقة، والقرآن صفة له هو غير مخلوق، ولزم منه أن كل ما سواه كان عن أمره وتكوينه وكل ذلك مخلوق له، انتهى، "ف"(13/ 439 - 440).
(1)
من عطف العام على الخاص؛ لأن المراد بالأمر هاهنا هو قوله: كن، وهو من جملة كلامه، ع" (16/ 652).
(2)
بتشديد الواو المكسورة، "ف"(13/ 439).
(3)
فائدة تكرار هذه الألفاظ بيان اتحاد معانيها وجواز الإطلاق عليه، "ع"(16/ 652).
(4)
بتشديد الواو المفتوحة، "ف"(13/ 439).
(5)
ابن أبي مسلم مولى عبد الله بن العباس، "ك"(25/ 161).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
(1)
قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ مَيمُونَةَ
(2)
لَيْلَةً وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا لأَنْظُرَ كَيفَ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم باللَّيلِ
(3)
، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيلِ الآخِرُ أَوْ بَعْضُهُ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَرَأَ:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ
(4)
، ثُمَّ صَلَّى إِحْدَى عَشِرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ فَصلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ. [راجع: 117، أخرجه: م 763، تحفة: 6355].
28 - بَابٌ
(5)
قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ
(6)
كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 171]
"بِاللَّيْلِ " ثبت في هـ، ذ. "أَوْ بَعْضُهُ " في هـ، ذ:"أَوْ نِصْفُهُ". "ثُمَّ أَذَّنَ " في ن: "فَأَذَّنَ". "قَولُهِ " سقط في ن.
===
(1)
عبد الله.
(2)
هي خالة عبد الله بن عباس رضي الله عنهم، "ك"(25/ 162).
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 4569).
(4)
أي: استاك، "ع"(16/ 652)، "ك"(25/ 162).
(5)
بالتنوين، "قس"(15/ 496).
(6)
قوله: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ} الكلمة التي سبقت هي كلمة الله بالقضاء المتقدم منه قبل أن يخلق خلقه في أم الكتاب الذي جرى به القلم [للمرسلين]: أنهم لهم المنصورون في الدنيا والآخرة، "ع"(16/ 652). وأشار به إلى ترجيح القول بأن الرحمة من صفات الذات لكون الكلمة من صفات الذات فمهما استشكل في إطلاق السبق في صفة الرحمة جاء مثله في صفة الكلمة، ومهما أجيب عن قوله: " {وَلَقَدْ سَبَقَتْ} حصل به الجواب عن
7453 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(1)
، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ
(2)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ
(3)
كَتَبَ عِنْدَهُ
(4)
فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي
(5)
.
[راجع: 3194، أخرجه: س في الكبرى 7757، تحفة: 13828].
7454 -
حَدَّثَنَا آدَمُ
(6)
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ
(7)
زيدَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ:
"حَدَّثَنِي مَالِكٌ" في ن: "قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِك". "يَقُولُ " كذا في س، ح، ذ، وفي هـ، ذ:"قَالَ".
===
قوله: "سبقت رحمتي"، وقد غفل عن مراده من قال: دل وصف الرحمة بالسبق على أنها من صفات الفعل، وقد سبق في شرح الحديث قول من قال: المراد بالرحمة إرادة إيصال الثواب، وبالغضب إرادة إيصال العقوبة، فالسبق حينئذ بين متعلقي الإرادة فلا إشكال، "ف"(13/ 441).
(1)
ابن أبي أويس.
(2)
عبد الرحمن بن هرمز، "ع"(16/ 652).
(3)
أي: أتمه، "ع"(16/ 653)، "ك"(25/ 162)، أي: خلقهم، وكل صنعة متقنة فهي قضاء، "ف"(13/ 441).
(4)
أي: أثبت في اللوح المحفوظ، "ك"(25/ 162)، "ع"(16/ 653).
(5)
فإن قلت: صفاته تعالى قديمة فكيف يتصور السبق بينهما؟ قلت: هما من صفات الفعل لا من صفات الذات، فجاز سبق أحد الفعلين على الآخر، وذلك لأن إيصال الخير من مقتضيات صفته بخلاف غيره فإنه بسبب معصية العباد، "ك"(25/ 162).
(6)
ابن أبي إياس، "ع"(16/ 653).
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 6594).
حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ
(1)
الْمَصْدُوقُ
(2)
: "إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ
(3)
فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيلَةً، تُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً
(4)
مِثْلَه، ثُمَّ يَكُونُ مُضغَةً مِثْلَه، ثُمَّ يَبعَثُ اللَّهُ إِلَيهِ الْمَلَكَ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ
(5)
، فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَعَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ،
"أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" في ن: "وَأَرْبَعِينَ لَيلَةً". "ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ " كذا في س، ح، ذ، وفي ن:"ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ". "أَوْ سَعِيدٌ" في ن: "أَمْ سَعِيدٌ".
===
(1)
أي: في نفسه، "ع"(16/ 653).
(2)
أي: من عند الله، "ع"(16/ 653).
(3)
قوله: (يجمع) قالوا: إن النطفة إذا وقعت في الرحم وأراد الله أن يخلق منها بشرًا طارت في أطراف المرأة تحت كل شعرة وظفر فتمكث أربعين يومًا ثم تنزل دمًا في الرحم فذلك معنى جمعها، "ك"(25/ 163)، "ع"(16/ 653).
(4)
أي: دمًا جامدًا، "مجمع"(3/ 661).
(5)
قوله: (فيؤذن بأربع كلمات) نقل ابن التين عن الداودي أنه قال: في هذا الحديث رد على من قال: إن الله لم يزل متكلمًا بجميع كلامه لقوله: "فيؤمر بأربع كلمات"؛ لأن الأمر بالكلمات إنما يقع عند التخليق، وكذا قوله:"ثم ينفخ فيه الروح" وهو إنما يقع بقوله: "كن" وهو من كلامه سبحانه. قال: ويردّ قول من قال: إنه لو شاء لعذب أهل الطاعة. ووجه الردّ أنه ليس من صفة الحكيم أن يتبدل علمه، وقد علم في الأزل من يرحم ومن يعذب. وتعقبه ابن التين بأنهما كلام أهل السُّنَّة ولم يحتج لهم، ووجه الرد على ما ادعاه الداودي، أما الأول: فالآمر إنما هو الملك، ويحمل على أنه يتلقاه من اللوح المحفوظ، وأما الثاني: فالمراد أنه لو قدر ذلك في الأزل لوقع فلا يلزم ما قال، "ف"(13/ 441).
ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ. فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَينَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ
(1)
الْكِتَابُ
(2)
، فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ. وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَينَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ
(3)
فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الْكِتَاِب، فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا"
(4)
. [راجع: 3208].
7455 -
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ
(5)
قَالَ: سمِعْتُ أَبِي يُحَدِّث، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا جِبْرَئِيلُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا". فَنَزَلَتْ:
"فَإِنَّ أَحَدَكُمْ" في ن: "وَإِنَّ أَحَدَكُمْ". "لَا يَكُونُ " في ن: "حَتَّى لَا يَكُونَ " وفي س، ح، ذ:"حَتَّى مَا يَكُونُ". "عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ" في ن: "بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ". "حَتَّى مَا يَكُونُ " في ن: "حَتَّى لَا يَكُونَ". "بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا" في ن: "بَيْنَهَا وَبَينَهُ".
===
(1)
مطابقته للترجمة في قوله: "فيسبق عليه الكتاب"، "ع"(16/ 653).
(2)
أي: ما قدر عليه، "ك"(25/ 163)، "ع"(16/ 653).
(3)
المراد بالذراع: التمسك بقربه إلى الموت، "ك (25/ 163)، "ع" (16/ 653).
(4)
قوله: (فيدخلها) فيه: أن الأعمال من الحسنات والسيئات أمارات لا موجبات، وأن مصير الأمر في العاقبة إلى ما سبق به القضاء وجرى به التقدير، "ك"(25/ 163)، "ع"(16/ 653).
(5)
بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء، الهمداني الكوفي يروي عن أبيه ذر بن عبد الله، "ع"(16/ 654).
{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ
(1)
لَهُ
(2)
مَا بَيْنَ أَيْدِينَا
(3)
وَمَا خَلْفَنَا
(4)
وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ
(5)
وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا
(6)
} [مريم: 64]. قَالَ: هَذَا كَانَ الْجَوَابُ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 3218].
7456 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى
(7)
(8)
قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ،
"هَذَا كَانَ الْجَوَابُ " كذا في هـ، وفي ذ:"كَانَ هَذَا الْجَوَابُ"، وفي س، ح، ذ:"فَإِنَّ هَذَا كَانَ الْجَوَابُ"، وفي هـ أيضًا:"هَذَا الْجَوَابُ كَانَ".
===
(1)
قوله: ({وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ}) الأمر في قوله هاهنا: {بِأَمْرِ رَبِّكَ} بمعنى الإذن أي: ما نتنزل إلى الأرض إلا بإذنه. ويحتمل أن يكون المراد بالأمر الوحي، والباء للمصاحبة، ويجيء في قول جبرئيل عليه الصلاة والسلام {بِأَمْرِ رَبِّكَ} البحث الذي تقدم قبله عن الداودي وجوابه، "ف" (13/ 441). مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله:" {بِأَمْرِ رَبِّكَ} "؛ لأنه المراد بكلامه، وقيل: هي مستفادة من التنزل لأنه إنما يكون بكلمات الله أي: بوحيه، "ع"(16/ 653).
(2)
أي: له علم ذلك جميعه، "جلالين" (ص: 402).
(3)
أي: أمر الآخرة، "ع"(16/ 654).
(4)
أي: أمر الدنيا.
(5)
أي: البرزخ بين الدنيا والآخرة، "ع"(16/ 654).
(6)
بمعنى ناسيًا أي: تاركًا لك بتأخير الوحي عنك، "جلالين" (ص:402).
(7)
هو ابن جعفر، "ف"(13/ 442).
(8)
قوله: (يحيى) إما ابن موسى الختي بالمعجمة وشدة الفوقانية، وإما ابن جعفر البلخي، "ك"(25/ 163 - 164).
عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَرْثٍ
(1)
(2)
بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مُتَوَكِّئٌ عَلَى عَسِيبٍ
(3)
، فَمَرَّ بِقَوْمٍ
(4)
مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوح. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ. فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى الْعَسِيبِ وَأَنَا خَلْفَه، فَظَنَنْتُ
(5)
أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقَالَ:
"ابْنِ مَسْعُودٍ" سقط في ن. "حَرْثٍ " في هـ: "خَرِبٍ " - للكشميهني بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء بعدها موحدة أو بكسر ثم فتح، "قس" (15/ 500) -. "لَا تَسْأَلُوهُ " زاد في ن:"عَنِ الرُّوحِ". "عَلَى الْعَسِيبِ " في ن: "عَلَى عَسِيبٍ".
===
(1)
بالحاء المهملة المفتوحة وسكون الراء بعدها مثلثة، "قس"(15/ 500).
(2)
قوله: (في حرث
…
) إلخ، الحرث بالمهملة: الزرع "والعسيب" بفتح المهملة الأولى: السعف الذي لم ينبت عليه الخوص، و {الرُّوح} الأكثر على أنه الروح الذي في الحيوان، وسألوه عن حقيقته؛ فأخبر بأنه من أمر الله أي: حصل بقوله: {كُن} أو هو مما استأثر بعلمه، وقيل: هو خلق عظيم روحاني أفضل من الملائكة، وقيل: جبرئيل، وقيل: القران، و {مِن أَمرِ رَبِّى} من وحيه وكلامه، {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلمِ} الخطاب عام، وقيل: لليهود خاصة، قال ابن بطال: علم الروح مما لم يشأ تعالى أن يطلع عليه أحدًا من خلقه، "ك"(25/ 164).
(3)
أي: قضيب، وربما يكون من جريد، "ع"(16/ 654).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 125).
(5)
قوله: (فظننت) قال الداودي: معناه أيقنت، والظن يكون يقينًا وشكًّا، وهو من الأضداد. ويدل على صحة هذا التأويل أن في الحديث الذي
{وَيَسْأَلُونَكَ
(1)
عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، فَقَالَ بَعْضهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لَا تَسْأَلُوهُ. [راجع: 125].
7457 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "تَكَفَّلَ اللَّهُ
(3)
لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ
(4)
فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ
(5)
(6)
بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ،
===
بعد هذا [برقم: 7462]: "فعلمت أنه يوحى إليه"، ويجوز أن يكون هذا الظن على بابه، ويكون ظن أولًا ثم تحققه وهو الأظهر، "ع"(16/ 654).
(1)
قوله: ({وَيَسْأَلُونَكَ}) لم أر أحدًا من الشراح ذكر له وجه المطابقة، وخطر لي أن تؤخذ وجه المطابقة من قوله:{وَيَسْأَلُونَكَ} الآية، فإن فيها {مِنْ أَمْرِ رَبِّي} ، "ع"(16/ 654).
(2)
ابن أبي أويس، "ع"(16/ 655)، "ف"(13/ 442).
(3)
قوله: (تكفل الله) هذا من باب التشبيه أي: هو كالكفيل أي: كأنه التزم بملابسة الشهادة إدخال الجنة، وبملابسة السلامة الرجع بالأجر والغنيمة، أي: أوجب تفضلًا على ذاته، يعني: لا يخلو من الشهادة أو السلامة، فعلى الأول يدخل الجنة بعد الشهادة في الحال، وعلى الثاني لا ينفك عن أجر أو غنيمة، مع جواز الاجتماع بينهما إذ هي قضية مانعة الخلو لا مانعة الجمع. فإن قلت: المؤمنون كلهم يدخلهم الجنة؟ قلت: يعني: يدخله عند موته أو عند دخول السابقين بلا حساب ولا عذاب، "ك"(25/ 164 - 165).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 3123).
(5)
مطابقة الحديث للترجمة تؤخذ من قوله: "وتصديق كلماته"، "ع"(16/ 655).
(6)
أي: الواردة في القرآن بالحث على الجهاد وما وعد فيه من الثواب، "ف"(13/ 442).
أَوْ يَرْجِعَهُ
(1)
إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْه، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ".
[راجع: 36، أخرجه: س 3122، تحفة: 13833].
7458 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ
(2)
، عَنِ الأَعْمَشِ
(3)
، عَنْ أَبِي وَائِلٍ
(4)
، عَنْ أَبِي مُوسَى
(5)
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ
(6)
إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً
(7)
ويُقَاتِلُ شَجَاعَةً ويُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ
(8)
هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [راجع: 123].
"أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ" في ن: "حَدَّثَنَا سُفْيَانُ". "شَجَاعَةً" في ن: "شَجَاعًا".
===
(1)
بفتح الياء لأنه متعد، "ع"(16/ 655).
(2)
ابن عيينة.
(3)
سليمان.
(4)
شقيق بن سلمة، "ع"(16/ 655).
(5)
الأشعري عبد الله بن قيس، "ع" (16/ 655). مرَّ الحديث (برقم: 2810).
(6)
اسمه لاحق بن ضمرة، "قس"(15/ 501).
(7)
بفتح الحاء المهملة وكسر الميم وتشديد التحتية، "قس"(15/ 501)، أي: أنفة ومحافظة على ناموسه، "ك"(25/ 165).
(8)
أي: كلمة التوحيد، أو حكم الله بالجهاد. ومنه تؤخذ المطابقة، "ع"(16/ 655).
29 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وإِنَّمَا أَمْرُنَا لِشَئٍ
(1)
}
7459 -
حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
"بَابُ قَوْلِ اللَّهِ " في ن: "بَابُ قَولِهِ". "أَمْرُنَا" في ن: " {قَولنُا} ". " {لِشَئٍ} " زاد في ن: " {إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ".
===
(1)
قوله: ({إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ}) وزاد غير أبي ذر: {أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ونقص: " {إِذَا أَرَدْنَاهُ} " من رواية أبي زيد المروزي، قال عياض: كذا وقع لجميع الرواة عن الفربري من طريق أبي ذر والأصيلي والقابسي وغيرهم، وكذا وقع في رواية النسفي، وصواب التلاوة:{إِنَّمَا قَوْلُنَا} ، وكأنه أراد أن يترجم بالآية الأخرى:{وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: 50] فسبق القلم إلى هذه. قلت: وقع في نسخة معتمدة من رواية أبي ذر: {إِنَّمَا قَوْلُنَا} على وفق التلاوة، وعليها شرح ابن التين، فإن لم يكن من إصلاح من تأخر عنه وإلا فالقول ما قاله القاضي. قال ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية: حدثنا أبي قال: قال أحمد بن حنبل: دل على أن القرآن غير مخلوق حديث عبادة: "أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب
…
" الحديث، قال: وإنما نطق القلم بكلامه لقوله: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} قال: فكلام الله سابق على أول خلقه فهو غير مخلوق، "ف" (13/ 443).
غرض البخاري في هذا الباب الرد على المعتزلة في قولهم: إن أمر الله الذي هو كلامه مخلوق، وإن وصفه تعالى نفسه بالأمر وبالقول في الآية اتساع كما في:"امتلأ الحوض، ومال الحائط". وهذا الذي قالوه فاسد لأنه عدول عن ظاهر الآية، وحملها على حقيقتها إثبات كونه تعالى حيًّا، والحي لا يستحيل أن يكون متكلمًا، "ع"(16/ 656).
(2)
بفتح العين المهملة وتشديد الموحدة، "ع"(16/ 656).
حُمَيْدٍ
(1)
، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ ظَاهِرِينَ
(2)
عَلَى النَّاسِ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ
(3)
(4)
". [راجع: 3645].
7460 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيدِيُّ
(5)
قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ
(6)
قَالَ: حَدَّثَثِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ: أَنَّهُ سمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ
(7)
قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ
(8)
، مَا يَضُرُّهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ
(9)
، وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ
(10)
"خَالَفَهُمْ" في هـ، ذ:"خَذَلَهُمْ".
===
(1)
بالضم، "ك (25/ 165).
(2)
قوله: (ظاهرين) أي: غالبين على الناس بالبرهان أو به وبالسنان، "ع"(16/ 656)، قال البخاري في ما مضى:"وهم أهل العلم" أيضًا.
(3)
أي: يوم القيامة أو علاماتها، "ع"(16/ 656)، ومنه تؤخذ المطابقة، "ع"(16/ 656).
(4)
قوله: (أمر الله) قال ابن بطال: المراد بأمر الله في هذا الحديث: الساعة. والصواب: أمر الله تعالى بقيام الساعة، فيرجع إلى حكمه وقضائه، "ف"(13/ 443)، [وانظر "ع" (16/ 656)].
(5)
عبد الله بن الزبير، منسوب إلى أحد أجداده، "ع"(16/ 656).
(6)
هو: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، نسب لجده، "ف"(13/ 443).
(7)
أي: طائفة.
(8)
يعني: حكم الله، يعني: الحق، "ع"(16/ 655).
(9)
مرَّ الحديث (برقم: 7312).
(10)
قوله: (أمر الله) يعني: القيامة، ع" (16/ 656)، "ك
وَهُمْ
(1)
عَلَى ذَلِكَ". فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ
(2)
: سَمِعْتُ مُعَاذًا
(3)
يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّامِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ بنُ يُخَامِرَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّامِ. [راجع: 71، أخرجه: م 1037، تحفة: 11432، 11360].
7461 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
(4)
قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(5)
بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ
(6)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مُسَيْلِمَةَ
(7)
(8)
فِي أصْحَابِهِ
(9)
فَقَالَ:
===
(25/ 165). فإن قلت: المعرفة المعادة لا بد أن تكون عين الأول؟ قلت: إذا لم تكن قرينة موجبة للمغايرة، أو ذلك إنما هو في المعرف باللام فقط، "ك"(25/ 166).
(1)
الواو للحال، "ع"(16/ 655).
(2)
بضم التحتية وبالمعجمة وكسر الميم وبالراء، الشامي، "ك"(25/ 166).
(3)
ابن جبل الأنصاري.
(4)
الحكم بن نافع، "ع"(16/ 657).
(5)
هو: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين، "ك (25/ 166)، "ع" (16/ 657).
(6)
ابن مطعم، "ك (25/ 166).
(7)
المتنبى الكذاب، "ك"(25/ 166).
(8)
قوله: (مسيلمة) أول الحديث: قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: إن جعل محمد الأمر من بعده لي تبعته. [انظر "ع" (16/ 657)].
(9)
قوله: (في أصحابه) الظاهر أن الضمير عائد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان مسيلمة أقرب، لكن العبارة في الرواية المتقدمة في باب "علامات
"لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ
(1)
أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ". [راجع: 3620].
7462 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ
(2)
، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ
(3)
، عَنِ الأَعْمَشِ
(4)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(5)
، عَنْ عَلْقَمَةَ
(6)
، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَينَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ حَرْثٍ أَوْ
(7)
"لَنْ تَعْدُوَ" في ن: "لَنْ تَعْدُ" - الجزم بـ "لن" لغة، "مجمع" (3/ 541) -. "عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ" في ن:"حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ". "بَيْنَمَا أَنَا" في نـ: "بَيْنَا أَنَا". "حَرثِ " في نـ: "حَرْثِ الْمَدِينَةِ"، وفي ذ:"حَرْثٍ بِالمَدِينَةِ".
===
النبوة" (ح: 3620) مشعرة بأنه عائد إلى مسيلمة لعنه الله. و"هذه القطعة" إشارة إلى جريدة كانت في يده صلى الله عليه وسلم، "ك" (25/ 166).
(1)
قوله: (ولن تعدو) قدرك أي: ما قدره عليك من الشقاوة أو السعادة. "ولئن أدبرت" أي: أعرضت عن الإسلام "ليعقرنك" أي: ليهلكنك، وقيل: أصله من عقر النخل وهو أن يقطع رؤوسها فتيبس، ويروى: ليعذبنك الله، "ع"(16/ 657).
(2)
البصري الذي يقال له التبوذكي، "ع"(16/ 657).
(3)
ابن زياد، "ع"(16/ 657).
(4)
سليمان، ع" (16/ 657).
(5)
النخعي، "ع"(16/ 657).
(6)
ابن قيس، "ع"(16/ 657).
(7)
شك من الراوي، "ك"(25/ 167).
خَرَبِ
(1)
الْمَدِينَةِ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَه، فَمَرَرْنَا عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ
(2)
بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنَسْأَلَنَّهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا الرُّوحُ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقَالَ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ
(3)
قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
(4)
} [الإسراء: 85]. قَالَ الأَعْمَشُ: هَكَذَا فِي قِرَاءَتِنَا. [راجع: 125].
"يَتَوَكَّأُ" في ن: "يَتَّكئُ". "وَقَالَ بَعْضُهُمْ" في ن: "فَقَالَ بَعْضُهُمْ". "فَقَالَ بَعْضُهُمْ"، في ن:"وَقَالَ بَعْضُهُمْ". "وَمَا أُوتُوا" في هـ: " {وَمَآ أُوتِيتُم} ".
===
(1)
قوله: (أو خرب) بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء، قس" (15/ 504)، وبفتح الخاء المعجمة وكسر الراء، "ع" (16/ 657)، الأول: جمع الخراب ضد العمران، والثاني: جمع الخربة كفرعة موضع الخراب، كذا في "القاموس" (ص: 86).
(2)
مفعول أي: خوفًا منه، "ك"(25/ 167).
(3)
قوله: ({وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}) اختلف في الروح المسئول عنها فقيل: هي الروح التي تقوم به الحياة، وقيل: الروح المذكورة في قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38]، والأول هو الظاهر، "ع"(16/ 658). الجمهور على أنه الروح الذي في الحيوان سألوه عن حقيقته فأخبر أنه من أمر الله تعالى ومما استأثر بعلمه، وقيل: سألوه عن خلق الروح أهو مخلوق أم لا؟ وقوله: {مِن أَمرِ رَبِّي} دليل على خلق الروح، فكان هذا جوابًا، "قس"(15/ 504).
(4)
قوله: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني:{وَمَا أُوتِيتُمْ} على وفق القراءة المشهورة، ويؤيد الأول قول الأعمش: هكذا في قراءتنا. وقال ابن بطال (10/ 476): غرضه الرد على المعتزلة في زعمهم أن أمر الله مخلوق، فبين أن "الأمر" هو قوله تعالى
30 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ
(1)
مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} إلى آخر الآية [الكهف: 109]
وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ
(2)
سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ
(3)
كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان: 27]
"إِلىَ آَخِر الآيَةِ" كذا في مر، وفي مه: " {لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ
(4)
مَدَدًا} "، وفي نـ: "إلى قوله: {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} ".
===
للشيء: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117] بأمره له، وإن أمره وقوله بمعنى واحد، وأنه يقول:{كُنْ} حقيقة، وإن "الأمر" غير "الخلق" لعطفه عليه بالواو في قوله:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} ، "ع"(16/ 658)، "ف"(13/ 444).
قال الكرماني (25/ 167): أكثر أحاديث الباب لا تدل على أن الأمر أو القول الذي في الترجمة إذ هو غير ذلك الأمر، "ك".
(1)
قوله: ({قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ
…
} الآية) جاء في سبب نزولها ما أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عباس في قصة سؤال اليهود عن الروح ونزول قوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} قالوا: كيف وقد أوتينا التوراة فنزلت: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا
…
} الآية. وعن معمر عن قتادة: أن المشركين قالوا في هذا القرآن: يوشك أن ينفد، فنزلت.
قال ابن أبي حاتم: ثنا أبي سمعت بعض أهل العلم يقول: قول الله عز وجل: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، وقوله: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ
…
} الآية، يدل على أن القرآن غير مخلوق؛ لأنه لو كان مخلوقًا لكان له قدر وكانت له عناية، ولنفد كنفاد المخلوقين، وتلا قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا
…
} الآية، "ف"(13/ 445).
(2)
أي: من خلفه، (ع" (16/ 659).
(3)
من نفد: فني، "مجمع"(4/ 770).
(4)
أي: بمثل البحر مددًا أي: زيادة.
وَقَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكُمُ
(1)
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
(2)
فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
(3)
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ
(4)
} إلَى قَولِهِ: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]. سَخَّرَ: ذَلَّلَ.
"إلَى قَولِهِ: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وفي مه: " {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ
(5)
يَطْلُبُهُ حَثِيثًا
(6)
وَالشَّمْسَ
(7)
وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ
(8)
بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ
(9)
تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ".
===
(1)
بين الله عز وجل أن المنفرد بقدرة الإيجاد، فيجب أن لا يعبدوا غيره، "ع"(16/ 659).
(2)
المقصود من الآية قوله: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} ، "ف"(13/ 446).
(3)
أي: مقدار ذلك؛ لأن اليوم يعرف بطلوع الشمس وغروبها، ولم يكن يومئذ شمس ولا قمر، والحكمة في خلقها في ستة أيام مع قدرته على خلقها في لحظة واحدة ليعلم عباده التثبت في الأمور، فالتثبت أبلغ في الحكمة والتعجيل أبلغ في القدرة، "ع"(16/ 659).
(4)
خص العرش بذلك لأنه أعظم المخلوقات، والعرش في اللغة: السرير، "ع"(16/ 659).
(5)
قوله: (يغشي الليل النهار) قال الخليل: الإغشاء: إلباس الشيء بالشيء. وقال الزجاج: المعنى: أن الليل يأتي على النهار فيغطيه، وإنما لم يقل: يغشي النهار الليل؛ لأن في الكلام دليلًا عليه، كقوله:{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81]، "ع"(16/ 659).
(6)
أي: يطلب الليل النهار محثوثًا أي: بسرعة، "ع"(16/ 659).
(7)
عطف على " {السَّمَاوَاتِ} ".
(8)
أي: مذللات لما يراد منهن من طلوع وأفول وسير على حسب الإرادة، "ع"(16/ 659).
(9)
قوله: ({أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}) الغرض من إيراد الآية هاهنا هو:
7463 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ
(1)
(2)
أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ". [راجع: 36، أخرجه: س 3122، تحفة: 13833].
"كَلِمَاتِه " كذا في س، هـ، ذ، وفي ن:"كَلِمَتِهِ".
===
قوله: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} ليعلم أن "الأمر" غير "الخلق"؛ لأن بينهما حرف عطف. وعن ابن عيينة: فرق الله بين الخلق والأمر فمن جمع بينهما فقد كفر. وفيه خلاف المعتزلة. ومعنى هذا الباب: إثبات الكلام لله تعالى صفة لذاته، وأنه لم يزل متكلمًا ولا يزال، كمعنى الباب الذي قبله، وإن كان وصف كلامه بأنه كلمات فإنه شيء واحد لا يتجزأ ولا ينقسم، ولذلك يعبر عنه بعبارات مختلفة تارة عربية وتارة سريانية، وبجميع الألسنة التي أنزلها الله على أنبيائه وجعلها عبارة عن كلامه القديم الذي لا يشبه كلام المخلوقين، ولو كانت كلماته مخلوقة لنفدت كما تنفد البحار والأشجار وجميع المحدثات، فكما لا يحاط بوصفه تعالى كذلك لا يحاط بكلماته وجميع صفاته. فإن قلت: الكلمات لأقل العدد وأقلها عشرة فما دونها فكيف جاء هنا؟ قلت: العرب تستغني بالجمع القليل عن الكثير وبالعكس، قال تعالى:{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37] وغرف الجنة أكثر من أن تحصى، "ع"(16/ 659).
(1)
وهي مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111].
والمقصود من هذه الأبواب إثبات أن الله تعالى متكلم بالكلام، "ك"(25/ 168).
(2)
قوله: (وتصديق كلماته) قال ابن التين: يحتمل أن يراد بكلماته
31 - بَابٌ
(1)
فِي الْمَشِيئَةِ وَالإِرَادَةِ
(2)
===
الأوامر الواردة بالجهاد وما وعد عليه من الثواب، ويحتمل أن يراد بها ألفاظ الشهادتين وأن تصديقه يثبت في نفسه عداوة من كذبهما والحرص على قتله، "ف"(13/ 445).
(1)
بالتنوين، "قس"(15/ 506).
(2)
قوله: (في المشيئة والإرادة) قال الراغب: المشيئة عند الأكثر كالإرادة سواء، وعند بعضهم أن المشيئة في الأصل إيجاد الشيء وإصابته، فمن الله الإيجاد ومن الناس الإصابة، وفي العرف تستعمل موضع الإرادة، "ف" (13/ 448). للإرادة تعريفات مثل: اعتقاد النفع في الفعل أو تركه، والأصح: أنها صفة مخصصة لأحد طرفي المقدور بالوقوع، والمشيئة ترادفها، وقيل: هي الإرادة المتعلقة بأحد الطرفين، "ك"(25/ 168).
في "التوضيح"(33/ 392): معنى الباب: إثبات المشيئة والإرادة لله، وأن مشيئته وإرادته ورحمته وغضبه وسخطه وكراهته كل ذلك بمعنى واحد، أسماء مترادفة، وهي راجعة كلها إلى معنى الإرادة، كما يسمى الشيء الواحد بأسماء كثيرة، وإرادته تعالى صفة من صفات ذاته خلافًا لمن يقول من المعتزلة: إنها مخلوقة من أوصاف أفعاله، "ع"(16/ 660).
قال البيهقي - بعد أن ساق بسنده إلى الربيع بن سليمان -: قال الشافعي: المشيئة إرادة الله، وقد أعلم الله خلقه أن المشيئة له دونهم، فقال:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29]، فليست للخلق مشيئة إلا أن يشاء الله. وبه إلى الربيع قال: سئل الشافعي عن القدر فقال:
فما شئتَ كان وإن لم أشأ
…
وما شئتُ إن لم تشأ لم يكن
ثم ساق مما تكرر من ذكر المشيئة في الكتاب العزيز أكثر من أربعين موضعًا، منها غير ما ذكر في الترجمة: قوله تعالى في البقرة: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} [20]، وقوله:{يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ} [220]، وقوله:{وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} [251]، وقوله في آل عمران:{قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [73]، وقوله:{يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} [179]، وقوله في النساء:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [48،]، وقوله في الأنعام: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا
…
} الآية [148]، فقد تمسك بها المعتزلة وقالوا: إن فيها ردًّا على أهل السُّنَّة.
والجواب: أن أهل السُّنَّة تمسكوا بأصل قامت عليه البراهين وهو أن الله خالق كل مخلوق ويستحيل أن يخلق المخلوق شيئًا، والإرادة شرط في الخلق ويستحيل ثبوت المشروط بدون شرطه، فلما عاند المشركون المعقول وكذبوا المنقول الذي جاءتهم به الرسل وأُلزموا الحجة بذلك؛ تمسكوا بالمشيئة والقدر السابق، وهو حجة مردودة؛ لأن القدر لا تبطل به الشريعة، وجريان الأحكام على العباد باكتسابهم، فمن قدر عليه بالعصيان كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالعذاب إلا أن يشاء الله أن يغفر له من غير المشركين، ومن قدر عليه بالطاعة كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالثواب. وحرف المسألة أن المعتزلة قاسوا الخالق على المخلوق [وهو باطل]؛ لأن المخلوق لو عاقب من يطيعه من أتباعه عد ظالمًا لكونه ليس مالكًا له بالحقيقة، والخالق لو عذب من يطيعه لم يعد ظالِمًا؛ لأن الجميع ملكه فله الأمر كله يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل. وقال الراغب: يدل على أن الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله تعالى، وأن أفعال العباد متعلقة بها وموقوفة عليها ما اجتمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع الأفعال. وأخرج أبو نعيم في "الحلية" في ترجمة الزهري من طريق ابن أخي الزهري عن عمه قال: كان عمر بن الخطاب يأمر برواية قصيدة لبيد رضي الله عنه التي يقول فيها:
أحمد الله فلا ند له
…
بيده الخير ما شاء فعل
من هداه سبل الخير اهتدى
…
ناعم البال ومن شاء أضل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وحرف النزاع بين المعتزلة وأهل السُّنَّة أن الإرادة عند أهل السُّنَّة تابعة للعلم وعندهم تابعة للأمر، ويدل لأهل السُّنَّة قوله تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} [آل عمران: 176].
وقال ابن بطال (10/ 477): غرض البخاري إثبات المشيئة والإرادة وهما بمعنى واحد، وإرادته صفة من صفات ذاته. وزعم المعتزلة أنها من صفات فعله! وهو فاسد. لأن إرادته لو كانت محدثة لم يخل أن يحدثها في نفسه، أو في غيره، أو في كل منهما، أو لا في شيء منهما. والثاني والثالث محال؛ لأنه ليس محلًّا للحوادث. والثاني فاسد أيضًا؛ لأنه يلزم أن يكون الغير مريدًا لها، وبطل أن يكون الباري مريدًا؛ إذ المريد من صدرت منه الإرادة وهو الغير، كما بطل أن يكون عالِمًا إذا أحدث العلم في غيره، وحقيقة المريد أن تكون الإرادة منه دون غيره. والرابع باطل لأنه يستلزم قيامها بنفسها. وإذا فسدت هذه الأقسام: صح أنه مريد بإرادة قديمة، هي صفة قائمة بذاته، ويكون تعلقها بما يصح كونه مرادًا.
قال: وهذه المسألة مبنية على القول بأنه سبحانه خالق أفعال العباد وأنهم لا يفعلون إلا ما يشاء، وقد دل على ذلك قوله: " {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30] وغيرها من الآيات، وقال:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} ثم أكد ذلك بقوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: 253]، فدل على أنه فعل اقتتالهم الواقع بينهم لكونه مريدا له، هاذا كان هو الفاعل لاقتتالهم فهو المريد لمشيئتهم والفاعل، فثبت بهذه الآية أن كسب العباد إنما هو بمشيئة الله وإرادته، ولو لم يرد وقوعه ما وقع.
وقال بعضهم: الإرادة على قسمين: إرادة أمر وتشريع، وإرادة قضاء وتقدير، فالأولى تتعلق بالطاعة دون المعصية سواء وقعت أم لا، والثانية شاملة لجميع الكائنات محيطة بجميع الحادثات طاعة ومعصية، وإلى الأول
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الإشارة بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وإلى الثانية الإشارة بقوله تعالى:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: 125].
وفرق بعضهم بين الإرادة والرضا فقالوا: يريد وقوع المعصية ولا يرضاها لقوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا
…
} الآية [السجدة: 13]، وقوله:{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: 7]، وتمسكوا أيضًا بقوله:{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ} .
وأجاب أهل السُّنَّة بما أخرجه الطبري وغيره بسند رجاله ثقات عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: 7] يعني: لعباده [الكفار] الذين أراد الله أن يطهر قلوبهم بقولهم: لا إله إلا الله، فأراد عباده المخلصين الذين قال فيهم:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] فحبّب إليهم الإيمان وألزمهم كلمة التقوى شهادة أن لا إله إلا الله، إن عبادي ليس عليهم سلطان، وقالت المعتزلة في قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30] معناه وما تشاؤون الطاعة إلا أن يشاء اللّه قسركم عليها. وتعقب بأنَّ صرف المشيئة إلى المقسر تحريف لا إشعار للآية بشيء منه، وإنما المذكور في الآية مشيئة الاستقامة كسبًا وهو المطلوب من العباد، وقالوا في قوله تعالى:{تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] أي: تعطي من اقتضته الحكمة [الملك]، يريدون أن الحكمة تقتضي رعاية المصلحة ويدعون وجوب ذلك على الله، تعالى عن قولهم، وظاهر الآية أنه يعطي الملك من يشاء، سواء كان متصفًا بصفات من يصلح للملك أم لا من غير رعاية استحقاق ولا وجوب ولا أصلح، بل يؤتي الملك من يكفر به ويكفر نعمته حتى يهلكه، ككثير من الكفار مثل نمرود والفراعنة، ويؤتيه إذا شاء من يؤمن به ويدعو إلى دينه ويرحم به الخلق مثل يوسف وداود وسليمان - على نبينا وعليهم الصلاة والسلام -، "ف"(13/ 449 - 450).
وَقَوْلُ اللَّهِ: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26]. {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ
(1)
} [الإنسان: 30]. {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا *إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23]. {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56]، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّب
(2)
عَنْ أَبيهِ: نَزَلَتْ
(3)
فِي أَبِي طَالِبٍ.
{يُرِيدُ اللَّهُ
(4)
بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
===
(1)
مفعول {وَيَشَاءَ} هو المشيئة المفهومة من {تَشَاءُنَ} لا عين مفعول {تَشَاءُونَ} ، فلا يفهم أن ما شاء العبد يقع بالضرورة، كذا في "ك"(25/ 168).
(2)
ابن حزن بن [أبي] وهب، "تقريب" (رقم: 2396).
(3)
أي: الآية السابقة وهي:، {إِنَّكَ لَا تَهْدِي} لا اللاحقة، "ك"(25/ 169).
(4)
قوله: ("يُرِيدُ اللَّهُ
…
" الآية) هذه الآية مما تمسك بها المعتزلة لقولهم، فقالوا: هذا يدل على أنه لا يريد المعصية. وتعقب: بأن معنى إرادة اليسر التخيير بين الصوم في السفر ومع المرض والإفطار بشرطه، وإرادة العسر المنفية الإلزام بالصوم في جميع الحالات، فالإلزام هو الذي لا يقع لأنه لا يريده، وبهذا تظهر الحكمة في تأخيرها عن الحديث المذكور والفصل بين آيات المشيئة وآيات الإرادة، وقد تكرر ذكر الإرادة في القرآن في مواضع كثيرة أيضًا، وقد اتفق أهل السُّنَّة على أنه لا يقع إلا ما يريده الله تعالى، وأنه يريد بجميع الكائنات وإن لم يكن آمرًا بها، وقالت المعتزلة: لا يريد الشر لأنه لو أراده لطلبه، وزعموا أن الأمر نفس الإرادة، وشنعوا على أهل السُّنَّة أنه يلزمهم أن يقولوا: إن الفحشاء مرادة لله تعالى وينبغي أن ينزه عنها! وانفصل أهل السُّنَّة عن ذلك بأن الله قد يريد الشيء ليعاقب عليه، ولثبوت أنه خلق النار وخلق لها أهلًا، وخلق الجنة وخلق لها أهلًا، وألزموا المعتزلة بأنهم جعلوا أنه يقع في ملكه ما لا يريد. ويقال: إن بعض أئمة أهل السُّنَّة
7464 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ
(1)
، عَنْ عَبدِ الْعَزِيزِ
(2)
، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(3)
صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ فَاعْزمُوا
(4)
(5)
فِي الدُّعَاءِ، وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنْ شِئْتَ
(6)
فَأَعْطِنِي
(7)
، فَإِنَّ اللَّهَ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ"
(8)
. [راجع: 6338، تحفة:1055].
===
أحضر للمناظرة مع بعض أئمة المعتزلة، فلما جلس المعتزلي قال: سبحان من تنزه عن الفحشاء. فقال السني: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء. فقال المعتزلي: أيشاء ربنا أن يعصى؟ فقال السني: أفيعصى ربنا قهرًا؟ فقال المعتزلي: أرأيت إن منعني الهدى وقضى عليَّ بالردى، أحسن إليَّ أو أساء؟ فقال السني: إن كان منعك ما هو لك فقد أساء، وإن كان منعك ما هو له فإنه يختص برحمته من يشاء. فانقطع، "ف"(13/ 451).
(1)
ابن سعيد البصري، "ع"(16/ 661).
(2)
ابن صهيب البصري.
(3)
مطابقة الحديث للترجمة في قوله: "إن شئت"، "ع"(16/ 661).
(4)
أي: فاقطعوا بالمسألة ولا تعلقوها بالمشيئة، "ع"(16/ 661).
(5)
قوله: (فاعزموا) أي: اجزموا ولا ترددوا، من عزمت على الشيء إذا صممت على فعله. وقيل: عزم المسألة، وقيل: العزم بالمسألة الجزم بها من غير ضعف في الطلب. وقيل: هو حسن الظن باللّه في الإجابة، "ف"(13/ 451).
(6)
الحكمة في أن التعليق صورة الاستغناء عن المطلوب منه وعن المطلوب، "ف"(13/ 451)، "ع"(16/ 661).
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 6338).
(8)
أي: لأن التعليق يوهم إمكان إعطائه على غير المشيئة، وليس بعد المشيئة إلا الإكراه، والله لا مكره له، "ف"(13/ 451)، "ع"(16/ 661).
7465 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ
(2)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ
(3)
. حَ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَبْدُ الْحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ
(5)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ
(6)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
(7)
، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ: أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طرَقَهُ
(8)
وَفَاطِمَةَ
(9)
بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً
(10)
فَقَالَ لَهُمْ
(11)
: "أَلَا تُصَلُّونَ؟ ". قَالَ عَلِيٌّ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا
(12)
بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ
"فَإِذَا شَاءَ" في ن: "فَإِنْ شَاءَ".
===
(1)
الحكم بن نافع، "ع"(16/ 661).
(2)
ابن أبي حمزة، "ع"(16/ 661).
(3)
محمد بن مسلم، "ع"(16/ 661).
(4)
ابن أبي أويس، "ع"(16/ 661).
(5)
ابن بلال، "ع"(16/ 661).
(6)
التيمي الصديقي، "ك"(25/ 169).
(7)
محمد بن مسلم الزهري، "ع"(16/ 661).
(8)
من الطروق، وهو المجيء بالليل، "ع"(16/ 662).
(9)
بالنصب، "ع"(16/ 662).
(10)
مطابقة الحديث للترجمة في قوله: "إذا شاء"، "ع"(16/ 661).
(11)
إنما جمع الضمير باعتبار أن أقل الجمع اثنان، أو أرادهما ومن معهما، "ك"(25/ 169)، "ع"(16/ 662).
(12)
أي: من النوم إلى الصلاة، "ع"(16/ 662)، "ك"(25/ 169).
شيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ
(1)
يَضرِبُ
(2)
فَخِذَهُ وَيَقُولُ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا
(3)
} [الكهف: 54]. [راجع: 1127].
7466 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ
(5)
كَمَثَلِ خَامَةِ
(6)
الزَّرْعِ، يَفِيءُ
(7)
"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ " في ن: "عَنْ رَسُولِ اللَّهِ". "يَفِيءُ" في ن: "تَفِيءُ".
===
(1)
أي: مُوَلٍّ ظهره، "ع"(16/ 662)، "ك"(25/ 169).
(2)
قوله: (يضرب) في ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذه، وقراءته الآية إشارة إلى أن الشخص يجب عليه متابعة أحكام الشريعة لا ملاحظة الحقيقة، ولهذا جعل جوابه من باب الجدل، "ع"(16/ 662)"ك"(25/ 169 - 175).
(3)
قوله: (شيء جدلًا) فإن قلت: تقدم في مناظرة آدم وموسى - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - أن آدم حج موسى، [يعني]: غلب [عليه]، فما وجهه هاهنا؟ قلت: هذه المناظرة إنما هي في دار التكليف، والواجب اعتبار الشريعة بخلاف مناظرتهما، فالغلبة للنبي صلى الله عليه وسلم، "ك"(25/ 170).
(4)
ابن سليمان، "ع"(16/ 662).
(5)
قوله: (مثل المؤمن
…
) إلخ، قال ابن بطال: المؤمن إذا جاء أمر الله انطاع له، وإذا جاء مكروه رجا فيه الأجر، فإذا سكن عنه البلاء اعتدل قائمًا بالشكر. والكافر يسهِّل عليه أموره في عافية وسلامة بلا مكروهات ليعسر عليه معاده، فإذا أراد أن يهلكه قصمه مرة ويكون موته أشد عذابًا عليه، "كرماني"(25/ 170).
(6)
بتخفيف الميم: أول ما تنبت على ساقه، أو الطاقة الغضة الرطبة، "قس"(15/ 509).
(7)
بالتحتية المفتوحة والفاء المكسورة بعدها همزة ممدودة: يتحول وبرجع، "قس"(15/ 509)، "ع"(16/ 662)، "ك"(25/ 170).
وَرَقُهُ مِنْ حَيثُ
(1)
أَتَتْهَا
(2)
الرِّيحُ تُكَفِّئُهَا
(3)
(4)
، فَإِذَا سَكَنَتِ اعْتَدَلَتْ، وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يُكَفَّأُ
(5)
بِالْبَلَاءِ
(6)
. وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ
(7)
صَمَّاءَ
(8)
مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا
(9)
اللَّهُ إِذَا شَاءَ". [راجع: 5644].
7467 -
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ: "إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ
(10)
"أَتَتْهَا" في س، ح، ذ:"انتهى". "وَكَذَلِكَ " في ن: "وَكَذَا". "إِنَّمَا" في هـ، ذ:"يَقُولُ: إِنَّمَا". "فِيمَا سَلَفَ " في هـ، ذ:"فِيمَنْ سَلَفَ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 5643).
(2)
من الإتيان، ع" (16/ 662).
(3)
أي: تقلبها أو تحولها أو تكبها، "ك (25/ 170).
(4)
قوله: (تكفئها) بضم الفوقية وفتح الكاف وتشديد الفاء المكسورة بعدها همزة، كذا في "القسطلاني"(15/ 509)، وفي نسخة عتيقة ضبط مع هذا بفتح الأول والثالث مع سكون الكاف.
(5)
على صيغة المجهول، "ع"(16/ 662).
(6)
أي: بالمعصية.
(7)
بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الزاي: هو شجر الصنوبر، وقيل: بفتح الراء وهو الشجر الصلب، "ع"(16/ 662)، "ك"(25/ 170).
(8)
أي: الصلبة المكتنزة، ليست بجوفاء ولا رخوة، "ع"(16/ 662)، "ك"(25/ 170).
(9)
بالقاف والصاد المهملة المكسورة أي: يكسرها، "ع"(16/ 662)، "ك"(25/ 170).
(10)
أي: في جملة ما سلف أي: نسبة زمانكم إلى زمانهم كنسبة وقت العصر إلى تمام النهار، "ع"(16/ 663)، "ك"(25/ 171).
قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوب الشَّمْسِ، أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَار، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا
(1)
قِيرَاطًا
(2)
، ثُمَّ أُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى صَلَاةِ الْعَصرِ
(3)
، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا؛ ثُمَّ أُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، قَالَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ: رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَقَلّ عَمَلًا وَأَكْثَرُ أجْرًا
(4)
؟! قَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالُوا: لَا. فَقَالَ: فَذَلِكَ فَضلِي
(5)
أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ"
(6)
. [راجع: 557، تحفة: 6855].
"فَعَمِلُوا بِهَا" في ن: "فَعَمِلُوا بهِ". "أَقَلُّ عَمَلًا" في ذ: "أَقَلُّ أَعْمَالًا". "أجْرًا" في هـ، ذ:"جَزَاءً". "مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ" في هـ، ذ:"مِنْ أُجُورِكُمْ شَيئًا".
===
(1)
القيراط مختلف فيه عند الأقوام، ففي مكة: ربع سدس الدينار، وفي موضع آخر: نصف عشر الدينار، وهلم جوا، والمراد هاهنا النصف، "ع"(16/ 663)، "ك"(25/ 171).
(2)
كرر ليدل على تقسيم القراريط على جميعهم، "ع"(16/ 663)، "ك"(25/ 171).
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 557).
(4)
تمسكت الحنفية على أن وقت العصر من المثلين ليكون أقل من الوقتين المذكورين، "ع"(4/ 73).
(5)
فإن قلت: هل فيه دليل للمعتزلة، حيث قالوا: الذي يقدر العمل هو أجر يستحق عليه والزائد عليه فضل؟ قلت: ذلك إشارة إلى الكل أي: كله فضلي. وأطلق عليه الأجر لمشابهته الأجر؛ لأن كلًّا منهما يترتب على العمل، "ك"(25/ 171).
(6)
مطابقة الحديث للترجمة في قوله: "من أشاء"، ع" (16/ 662).
7468 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ
(1)
، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ
(2)
، عَنْ عُبَادَةَ
(3)
بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ
(4)
قَالَ: "أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا
(5)
أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ
(6)
بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ
(7)
"حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ" في ن: "حَدَّثَنَا الْمُسْنَدِيُّ"، وفي ن:"حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ الْمُسْنَدِيُّ " - بفتح النون، قيل له ذلك لأنه كان وقت الطلب يتتبع الأحاديث المسندة ولا يرغب في المقاطيع والمراسيل، "ع"(16/ 663)، "ك" (25/ 171) -. "أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ" في ن:"قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ". "قَالَ: أُبَايِعُكُمْ" في ن: "فَقَالَ: أُبَايِعُكُمْ". "وَلَا تَسْرِقُوا" زاد في ن: "وَلَا تَزْنُوا".
===
(1)
ابن يوسف الصنعاني، "ك"(25/ 171)، "ع"(16/ 663).
(2)
عائذ الله - بالهمز بعد الألف وبإعجام الذال - الخولاني بالمعجمة وتسكين الواو وبالنون، "ك"(25/ 171).
(3)
بالضم وخفة الموحدة، "ك"(25/ 171).
(4)
أي: النقباء، وهم الذين بايعوا ليلة العقبة بمنى قبل الهجرة، "ك"(25/ 171)، "ع"(16/ 663).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 18، 6873).
(6)
تفسير البهتان، "ع"(16/ 663).
(7)
تأكيد لما قبله، ومعناه: من قبل أنفسكم، واليد والرجل كنايتان عن الذات؛ لأن معظم الأفعال تقع بهما، "ع"(16/ 663).
وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ
(1)
، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذَ
(2)
بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ
(3)
، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شاءَ
(4)
عَذَّبَهُ
(5)
وَإِنْ شاءَ غَفَرَ لَهُ".
[راجع: 18].
7469 -
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ
(6)
، عَنْ أَيُّوبَ
(7)
، عَنْ مُحَمَّدٍ
(8)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ سُلَيمَانَ كَانَ لَهُ سِتُّونَ
(9)
امْرَأَةً
"وَلَا تَعْصُونِي" في هـ، ذ:"وَلَا تَعْصوا". "سُلَيْمَانَ " في ن: "سُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ".
===
(1)
قوله: (في معروف) هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والقرب إليه والإحسان إلى الناس وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات، وهو من الصفات الغالبة، أي: أمره معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه، والمعروف النصيحة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم، والمنكر ضد كل ذلك، "مجمع"(3/ 572 - 573).
(2)
على صيغة المجهول أي: عوقب، "ك"(25/ 172)، "ع"(16/ 663).
(3)
أي: مطهر لذنوبه، "ك"(25/ 172)، "ع"(16/ 663).
(4)
فيه المطابقة، كذا في "ع"(16/ 663).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 6873).
(6)
ابن خالد، "ع"(16/ 663).
(7)
السختياني، "ع"(16/ 663).
(8)
ابن سيرين، "ع"(16/ 663).
(9)
قوله: (ستون) لفظ "ستون" لا ينافي ما تقدم من "سبعين" و"تسعين" ونحوه؛ إذ مفهوم العدد لا اعتبار له. "والشق" النصف، قيل: هو ما قال الله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} [ص: 34]. و"استثنى" أي: قال:
فَقَالَ: لأَطُوفَنَّ اللَّيلَةَ عَلَى نِسَائِي، فَلتَحْمِلَنَّ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلتَلِدَنَّ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ
(1)
، فَمَا وَلَدَتْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَلَدَتْ شِقَّ غُلَامٍ. قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ كَانَ سُلَيمَانُ استَثْنَى لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ، فَوَلَدَتْ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". [راجع: 2819، تحفة: 14457].
7470 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ
(2)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بنُ عَبدِ المَجِيدِ الثَّقَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاء، عَنْ عِكْرمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ
(3)
(4)
"كُلُّ امْرَأَةٍ " في ن: "كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ". "وَلَدَتْ شِقَّ غُلَامٍ " في ن: "وَلَدَتْ بِشِقِّ غُلَامٍ"، وفي هـ، ذ:"جَاءَتْ بِشِقِّ غُلَامٍ". "حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ" في ن: "حَدَّثَنَا مُحَمَّد". "أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ " في ن: "حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ".
===
"إن شاء الله"، وهذا استثناء لغوي، أو هو في حكم الاستثناء العرفي؛ إذ معنى:"تلد إن شاء الله"، ومعنى "لا تلد إلا أن يشاء الله" متلازمان، "ك"(25/ 172).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 6639).
(2)
قوله: (محمد) قال ابن السكن بالمفتوحتين: ابن سلام. وقال الكلاباذي: يروي البخاري في "الجامع" عنه، وعن ابن بشار بإعجام الشين، وعن ابن المثنى، وعن ابن حوشب - بالمهملة والمعجمة والواو بينهما -: عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي أي: بالمثلثة والقاف والفاء، "ك"(25/ 172 - 173).
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 3616، 5656، 5662).
(4)
قوله: (يعوده) من عاد المريض: إذا زاره. قوله: "لا بأس طهور" أي: هذا المرض مطهر لك من الذنوب. قوله: "قال الأعرابي: طهورا" هذا
فَقَالَ: "لَا بَأْسَ عَلَيكَ طَهُورٌ
(1)
، إِنْ شَاءَ اللَّهُ". قَالَ: قَالَ الأَعْرَابِيُّ: طَهُورٌ؟! بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"فَنَعَمْ إِذن". [راجع: 3616].
7471 -
حَدَّثَنَا ابْنُ سَلامٍ
(2)
قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ
(3)
، عَنْ حُصيْنٍ
(4)
، عَنْ عَبدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ
(5)
، عَنْ أَبِيهِ حِينَ نَامُوا عَنِ الصلَاةِ
(6)
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ
(7)
"هِيَ" ثبت في هـ، ذ.
===
استبعاد للطهارة منه، فلذلك قال:"بل هي [حمى] تفور" من الفوران وهو الغليان. قوله: "تزيره القبور" من أزاره: إذا حمله على الزيارة، والضمير المرفوع فيه يرجع إلى الحمَّى، والمنصوب إلى الأعرابي، والقبور منصوب على المفعولية، وهذه اللفظة كناية عن الموت، "ع"(16/ 664 - 665).
(1)
استفهام إنكار بتقدير أداة للاستفهام.
(2)
محمد، "ع"(16/ 664).
(3)
مصغرًا: ابن بشير، "ع"(16/ 664).
(4)
بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين: ابن عبد الرحمن السلمي، "ع"(16/ 664).
(5)
الحارث بن ربعي الأنصاري السلمي، "ع"(16/ 664).
(6)
أي: الصبح، "ع"(16/ 665)، "ك"(25/ 173).
(7)
قوله: (إن الله قبض أرواحكم) إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا في سفرة من الأسفار. واختلفوا في هذه السفرة، ففي "مسلم" في حديث أبي هريرة: عند رجوعهم من خيبر، وفي حديث ابن مسعود عند أبي داود: في سفرة الحديبية: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية ليلًا فنزل فقال: "من يَكْلَؤُنا؟ " فقال بلال: أنا
…
، الحديث، وفي حديث زيد بن أسلم مرسلًا أخرجه مالك في
حِينَ شاءَ
(1)
، وَرَدَّهَا حِينَ شاءَ". فَقَضَوْا
(2)
حَوَائِجَهُم وَتَوَضَّئُوا
(3)
إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ
(4)
فَقَامَ فَصلَّى
(5)
. [راجع: 595].
7472 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ
(6)
،
===
"الموطأ": "عرّس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلًا بطريق مكة"، وكذا في حديث عطاء بن يسار مرسلًا رواه عبد الرزاق:"أن ذلك كان بطريق تبوك".
وفي "التوضيح"(33/ 404): في قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله قبض أرواحكم" دليل على أن الروح هو النفس، وهو قول أكثر الأئمة. وقال ابن حبيب وغيره: الروح بخلافها، فالروح هو النفس المتردد الذي لا تبقى بعده حياة. والنفس هي التي تلذ وتتألم، وهي التي تتوفى عند النوم، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم ما يقبضه في النوم روحًا، وسماه الله تعالى في كتابه نفسًا في قوله:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42]، "ع"(16/ 665).
(1)
فيه المطابقة، "ع"(16/ 664).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 595).
(3)
بلفظ الماضي، "ع"(16/ 665).
(4)
قوله: (إلى أن طلعت الشمس وابيضت) أي: ارتفعت. قيل: كذا قال هاهنا. وقال في خبر بلال حين كلأهم: "ولم يوقظهم إلا الشمس". وقال الداودي: إما أن يكون هذا نومًا آخر أو يكون في أحد الخبرين وهم، "ع"(16/ 665).
(5)
أي: الصلاة الفائتة قضاء، "ك"(25/ 171)، "ع"(16/ 665).
(6)
ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، "ع"(16/ 665).
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
(1)
، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَالأَعْرَجِ
(2)
. ح وَحَدَّثنَا إِسْمَاعِيلُ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنِيَ أَخِي
(4)
، عَنْ سُلَيْمَانَ
(5)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ
(6)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسعِيدِ بْن الْمُسَيَّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: اسْتَبَّ
(7)
رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ - فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ
"عَنْ أَبِي سلَمَةَ" في نـ: "عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبدِ الرَّحْمَنِ" - ابن عوف -.
===
(1)
محمد بن مسلم الزهري، "ع"(16/ 665).
(2)
عبد الرحمن بن هرمز، "ع"(16/ 665).
(3)
ابن أبي أويس، "ع"(16/ 665).
(4)
عبد الحميد، "ع"(16/ 665).
(5)
ابن بلال، "ع"(16/ 665).
(6)
اسم أبي عتيق: محمد بن عبد الرحمن، "ع"(16/ 665).
(7)
قوله: (استبّ) بمعنى تسابّ. قوله: "لا تخيروني" أي: لا تجعلوني خيرًا منه ولا تفضلوني عليه، قاله تواضعًا. أو قبل علمه بأنه سيد ولد آدم. أو لا تخيروني بحيث يؤدي إلى الخصومة أو إلى نقض الغير. قوله:"يصعقون" بفتح العين، من صعق بكسرها، إذا أغمي عليه أو هلك. قوله:"باطش" أي: متعلق به بالقوة قابض بيده، ولا يلزم من تقدم موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - بهذه الفضيلة تقدمه على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلقًا؛ إذ الاختصاص بفضيلة لا يستلزم الأفضلية على الإطلاق. قوله:"ممن استثنى الله" أي: في قوله: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68]، "عيني"(16/ 665 - 666)، [انظر "التوضيح" (33/ 405)].
بِهِ -، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ
(1)
، فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمِ الْيَهُودِيَّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُخَيِّرُوني عَلَى مُوسَى؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ
(2)
فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ
(3)
، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ! فَلَا أَدْرِي، أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ"
(4)
. [راجع: 2411].
7473 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ
(5)
فَيَجِدُ الْمَلَائِكَةَ يَحْرُسونَهَا فَلَا يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ
(6)
"فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ" في نـ: "فَقَالَ النَّبِيُّ" مصحح عليه. "يَصْعَقُونَ" زاد في نـ: "يَومَ القِيَامَةِ". "أَخْبَرَنَا يَزِيدُ" في نـ: "حَدَّثَنَا يَزِيدُ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 3408).
(2)
هذه الصعقة غشية بعد البعث عند النفخة الأكبر، "مجمع"(3/ 325).
(3)
من الإفاقة.
(4)
مطابقة الحديث للترجمة تؤخذ من قوله: "ممن استثنى الله"؛ لأنه أشار به إلى قوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} "عيني"(16/ 665).
(5)
أي: يقصد إتيانها، "ك"(25/ 174)، "ع"(16/ 666).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 1881، 7134).
وَلَا الطَّاعُونُ
(1)
إِنْ شَاءَ اللَّهُ"
(2)
. [راجع: 1881، أخرجه: ت 2242، تحفة: 1269].
7474 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ
(3)
دَعْوَةٌ
(4)
، فَأرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
(5)
أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ". [راجع: 6304، تحفة: 15171].
7475 -
حَدَّثَنَا يَسَرَةُ
(6)
بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ،
"فَأُرِيدُ" في نـ: "فَأَنا أُرِيدُ".
===
(1)
قوله: (ولا الطاعون) الطاعون: المرض العام والوباء الذي يفسد له الهواء فتفسد به الأمزجة، "مجمع"(3/ 451).
(2)
فيه المطابقة.
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 6304).
(4)
أي: متحققة الإجابة متيقنة القبول، "ك"(25/ 175)، "ع"(16/ 666).
(5)
فيه المطابقة.
(6)
قوله: (يسرة) بفتح الياء آخر الحروف والسين المهملة والراء: ابن صفوان بن جميل - بالجيم المفتوحة - اللخمي - بفتح اللام وسكون الخاء المعجمة وبالميم - نسبة إلى لخم، وهو ابن مالك بن عدي بن الحارث بن مرة، قال ابن السمعاني: لخم وجذام: قبيلتان من اليمن، "ع"(16/ 666).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي
(1)
عَلَى قَلِيبٍ فَنَزَعْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ
(2)
أَنْ أَنْزِعَ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَه، ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ
"قَال النَّبِيُّ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ رَسُولُ اللَّهِ".
===
(1)
قوله: (رأيتني) بالجمع بين ضميري المتكلم، و"القليب": البئر، و"ابن أبي قحافة" بضم القاف وخفة المهملة وبالفاء هو: أبو بكر عبد الله بن عثمان الصديق، و"الذنوب" بفتح المعجمة: الدلو المملوءة، و"الغرب" بالفتح وسكون الراء: الدلو العظيمة، "استحالت" تحولت من الصغر إلى الكبر، و"العبقري" بفتح المهملة وسكون الموحدة: السيد، و"يفري" بفتح التحتانية وسكون الفاء وكسر الراء، و"الفري" بسكون الراء وتخفيف الياء وبكسرها وبالتشديد لغتان أي: يعمل عمله ويقطع قطعه، أي: لم أر سيدًا يعمل مثل عمله في غاية الإجادة ونهاية الإصلاح. و"العطن" الموضع الذي يساق إليه الإبل بعد السقي للاستراحة. قالوا: هذا المنام مثال لما جرى للشيخين في خلافتهما وانتفاع الناس بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان هو صلى الله عليه وسلم صاحب الأمر، قام به أكمل قيام وقرر قواعد الإسلام ومهد الأساس وأوضح الأصول والفروع، فخلفه أبو بكر رضي الله عنه وقطع دابر أهل الردة، فخلفه عمر رضي الله عنه فاتسع الإسلام في زمانه، فشبه أمر المسلمين بالقليب لما فيها من الماء الذي به حياتهم، وأميرهم بالمستقي لهم. وليس في لفظ:"وفي نزعه ضعف" إلى آخره حطّ من فضيلة أبي بكر وترجيح لعمر عليه، إنما هو إخبار عن قصر مدة ولايته وطول مدة عمر رضي الله عنه، وكثرة انتفاع الناس به لاتساع بلاد الإسلام. وأما "والله يغفر له" فهي كلمة يدعم بها كلامهم، ونعمت الدعامة، وليس فيها تنقيص ولا إشارة إلى ذنب، "ك"(25/ 175 - 176).
(2)
فيه المطابقة، "ع"(16/ 666).
فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَلَم أَرَ عَبقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ
(1)
يَفْرِي فَرِيَّهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ حَوْلَهُ بِعَطَنٍ". [راجع: 3664، تحفة: 13107].
7476 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ
(2)
، عَنْ بُرَيْدٍ
(3)
، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
(4)
، عَنْ أَبِي مُوسى قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ
(5)
صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ السَّائِلُ - وَرُبَّمَا قَالَ: جَاءه السَّائِلُ - أَوْ صَاحِبُ الْحَاجَةِ قَالَ: "اشفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا
(6)
، وَيَقْضِي اللَّهُ
(7)
عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ بِمَا شَاءَ"
(8)
.
[راجع: 1432].
"بِمَا شَاءَ" في سـ، حـ، ذ:"مَا يَشَاءُ"، ولهم أيضًا:"مَا شَاءَ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 3634، 3682، 7019).
(2)
حماد بن أسامة، "ع"(16/ 667).
(3)
ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، "ع"(16/ 667).
(4)
عامر أو حارث، "ع"(16/ 667).
(5)
مرَّ الحديث بهذا السند والمتن (برقم: 6028).
(6)
فإن قلت: الظاهر يقتضي أن يقال: "تؤجروا" بدون الفاء واللام؟ قلت: تقديره: اشفعوا تؤجروا. "فلتؤجروا" أي: اشفعوا في قضاء حاجة الناس يحصل لكم الأجر، ثم أمر بعد ذلك بتحصيل الأجر، "ك"(25/ 176).
(7)
أي: يظهر الله على لسان رسوله بالوحي أو الإلهام، "ف"(13/ 452)، "ع"(16/ 667).
(8)
أي: ما قدَّره في علمه بأنه سيقع، "ف" (13/ 452). مطابقته للترجمة في قوله:"ما شاء"، "ع"(16/ 667).
7477 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّام
(2)
، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَا يَقُلْ أَحَدُكُمُ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ، وَلْيَعْزِمْ
(3)
مَسْأَلَتَه، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ
(4)
، لَا مُكْرِهَ لَهُ". [راجع: 6339، تحفة: 14731].
7478 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرٌو
(6)
قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ
(7)
: حَدَّثَنِي ابْنُ شهَابٍ: عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عَبدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ تَمَارَى
(8)
هُوَ
(9)
"حَدَّثَنِي" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنِي".
===
(1)
هو ابن موسى الختي بفتح المعجمة وشدة الفوقانية، وإما ابن جعفر البلخي، "ك"(25/ 176).
(2)
ابن منبه، "ع"(16/ 667).
(3)
أي: لينجز ولا يعلقه، "ك"(25/ 176).
(4)
مطابقته للترجمة ظاهرة.
(5)
المسندي، "ع"(16/ 668).
(6)
ابن أبي سلمة التنيسي، "ع"(16/ 668).
(7)
عبد الرحمن بن عمرو.
(8)
أي: تجادل وتناظر، "ع"(16/ 668)، "ك (25/ 177).
(9)
واعلم أنه وقع لابن عباس في القصة نزاعان: الأول في صاحب موسى، أهو الخضر أم لا؟ والثاني في نفس موسى، أهو ابن عمران كليم الله أو غيره؟ "ك"(25/ 177).
وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى: أَهُوَ خَضِرٌ
(1)
؟ فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الأنْصَارِيُّ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَاريتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ
(2)
إِلَى لُقِيِّهِ
(3)
، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ شَأْنَهُ
(4)
؟ قَالَ: نَعَم إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ شَأنَهُ: يَقُولُ: "بَيْنَا مُوسَى فِي مَلإٍ
(5)
مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قالَ مُوسَى: لَا، فَأُوحِيَ إِلَى مُوسَى: بَلَى عَبْدُنَا خَضرٌ. فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ؛ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ. فَكَانَ مُوسَى يَتَّبِعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ فَتَى مُوسَى
(6)
"بَيْنَا مُوسَى" في نـ: "بَيْنَمَا مُوسَى". "مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ" كذا في ذ، ولغيره:"بَنِي إِسْرَائِيلَ". "فَأُوحِيَ" في هـ، ذ:"فَأَوحَى اللَّهُ". "بَلَى" في نـ: "بَلْ".
===
(1)
بفتح الخاء وكسرها وسكون الضاد وبفتحها وكسر الضاد، سمي به لأنه جلس على الأرض اليابسة فصارت خضراء، كان اسمه بليا - بفتح الباء الموحدة وإسكان اللام وبالتحتية مقصورًا -، وكنيته: أبو العباس، "ك"(25/ 177)، "ع"(1/ 668).
(2)
أي: الطريق إلى اجتماعه، "ك"(25/ 177)، "ع"(16/ 668).
(3)
بضم اللام وكسر القاف وتشديد التحتانية أي: لقائه، "ع"(16/ 668)، "ك"(25/ 177).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 74، 122، 4725، 4726، 4727).
(5)
أي: جماعة، "ع"(16/ 668).
(6)
هو: يوشع بن نون بضم النون، "ع"(16/ 668).
لِمُوسَى: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} ، قَالَ مُوسَى:{ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا * فَوَجَدَا} خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ"
(1)
.
[راجع: 74].
7479 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
(2)
قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيبٌ
(3)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ
(4)
. ح وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ
(5)
: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُس، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
(6)
، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "نَنْزِلُ
(7)
غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ
(8)
"غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ" في نـ: "إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا".
===
(1)
مطابقة الحديث للترجمة تؤخذ من بقية الآية التي قص الله فيها قصتهما وهي: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: 69]، "ع"(16/ 668).
(2)
الحكم بن نافع، "ع"(16/ 668).
(3)
ابن أبي حمزة، "ع"(16/ 668).
(4)
محمد بن مسلم، "ع"(16/ 668).
(5)
أخرجه ثانيًا من طريق المذاكرة، كذا في "ع"(16/ 668).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 1589).
(7)
أي: حين أراد قدوم مكة.
(8)
الخيف في الأصل: ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء،"ع"(16/ 669).
بَنِي كِنَانَةَ
(1)
حَئثُ تَقَاسَمُوا
(2)
عَلَى الْكُفْرِ"
(3)
يُرِيدُ الْمُحَصَّبَ
(4)
.
[راجع: 1589].
7480 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ
(6)
، عَنْ عَمْرٍو
(7)
، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ
(8)
، عَنْ عَبدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
(9)
قَالَ: حَاصرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَم يَفْتَحْهَا فَقَالَ: "إِنَّا قَافِلُونَ
(10)
إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَقْفُلُ وَلَم تُفْتَحْ، قَالَ: "فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ".
"عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ" في نـ: "عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَرٍو". "قَافِلُونَ" في نـ: "قَافِلُونَ غَدًا".
===
(1)
بكسر الكاف وبالنونين، "ك"(25/ 178)، فسره بقوله: المحصب، "ع"(16/ 669).
(2)
أي: تحالفوا، "ك"(25/ 178).
(3)
أي: على أنهم لا يناكحوا بني هاشم وبني المطلب ولا يبايعوهم ولا يساكنوهم بمكة حتى يسلموا إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بها صحيفة وعلقوها على باب الكعبة، "ع"(16/ 669)، "ك"(25/ 178).
(4)
هو بين مكة ومنى، "ع"(16/ 669)، "ك"(25/ 178).
(5)
المسندي، "ع"(16/ 669).
(6)
سفيان، "ع"(16/ 669).
(7)
ابن دينار، "ع"(16/ 669).
(8)
اسمه السائب الشاعر المكي، "ك"(25/ 178).
(9)
ابن الخطاب، وقيل: عبد الله بن عمرو بن العاص، والأول هو الصواب، "ع"(16/ 669).
(10)
أي: راجعون، "ك"(25/ 179).
فَغَدَوْا فَأَصَابَتْهُم جِرَاحَاتٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَكَأنَّ
(1)
ذَلِكَ أَعْجَبَهُم، فَتَبَسَّمَ
(2)
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
[راجع: 4325].
32 - بابُ قَوْلهِ: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ
(3)
عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ
"بَابُ قَوْلِهِ" في نـ: "بَابُ قَولِ اللَّهِ عز وجل".
===
(1)
بتشديد النون، "ع"(16/ 669).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 4325).
(3)
قوله: (ولا تنفع الشفاعة
…
) إلخ، قال ابن بطال (10/ 491): استدل البخاري بهذا على أن قول الله قديم وقائم بذاته، لم يزل موجودًا به، ولا يزال كلامه لا يشبه كلام المخلوقين، خلافًا للمعتزلة التي نفت كلام الله، وللكلابية في قولهم: هو كناية عن الفعل والتكوين، وتمسكوا بقول العرب: قلت بيدي هكذا أي: حركتها، واحتجوا بأن الكلام لا يعقل إلا باللسان، والباري منزه عن ذلك، فرد عليهم البخاري بحديث الباب والآية. وفيه أنهم إذا ذهب عنهم الفزع قالوا لمن فوقهم:{مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} ، فدل ذلك على أنهم سمعوا قولًا لم يفهموا معناه من أجل فزعهم فقالوا:"ماذا قال؟ " ولم يقولوا: "ماذا خلق؟ " وكذا أجابهم من فوقهم من الملائكة بقولهم: {قَالُوا الْحَقَّ} ، والحق أحد صفتي الذات الذي لا يجوز عليها غيره؛ لأنه لا يجوز على كلامه الباطل، فلو كان خلقًا أو فعلًا لقالوا: خلق خلقًا - إنسانًا أو غيره -، فلما وصفوه بما يوصف به الكلام لم يجز أن يكون القول بمعنى التكوين، انتهى.
وهذا الذي نسبه للكلابية بعيد من كلامهم، وإنما هو كلام بعض المعتزلة، وتعقبه أبو عبيد بأنه أغلوطة؛ لأن القائل إذا قال:"قالت السماء" لم يكن كلامًا صحيحًا حتى يقول: "فأمطرت"، بخلاف من يقول:"قال الإنسان" فإنه يفهم منه أنه قال كلامًا، فلولا قوله:"فأمطرت" لكان الكلام باطلًا؛ لأن السماء لا قول لها، فإلى هذا أشار البخاري.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال البيهقي: القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفات ذاته، وليس شيء من صفات ذاته مخلوقًا ولا محدثًا ولا حادثًا، قال الله تعالى:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] فلو كان القرآن مخلوقًا لكان مخلوقًا بكن، ويستحيل أن يكون قول الله لشيء بقول؛ لأنه يوجب قولًا ثانيًا وثالثًا فيتسلسل وهو فاسد، وقال تعالى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]، ولا يجوز أن يكون كلام المتكلم قائمًا بغيره، وقال تعالى: " {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا
…
} " الآية [الشورى: 51]، فلو كان لا يوجد إلا مخلوقًا في شيء مخلوق لم يكن لاشتراط الوجوه المذكورة في الآية معنى؛ لاستواء جميع الخلق في سماعه من غير الله، فيبطل قول الجهمية: إنه مخلوق في غير الله، ويلزمهم في قولهم أن الله خلق كلامًا في شجرة كلم به موسى أن يكون من سمع من ملك أو نبي أفضل في سماع الكلام من موسى، ويلزمهم أن تكون الشجرة هي المتكلمة بقوله:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14]. وقد أنكر الله قول المشركين: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر: 25]، ولا يعترض بقوله تعالى:{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: 40]؛ لأن معناه قول تلقاه عن رسول كريم؛ لقوله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، ولا بقوله:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3]؛ لأن معناه سميناه قرآنًا، وهو كقوله:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} [النحل: 62]. وأما قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] فالمراد أن تنزيله إلينا هو المحدث لا الذكر نفسه، وبهذا احتج الإمام أحمد، ثم ساق البيهقي حديث نيار - بكسر النون وتخفيف التحتية - ابن مُكرم: أن أبا بكر قرأ عليهم سورة الروم فقالوا: هذا كلامك أو كلام صاحبك؟ قال: ليس كلامي ولا كلام صاحبي ولكنه كلام الله. وأصل هذا الحديث أخرجه الترمذي مصححًا. وعن علي بن أبي طالب: ما حكَّمت مخلوقًا، ما حكمت إلا القرآن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال ابن حزم: قالت المعتزلة: إن كلام الله صفة فعل مخلوقة. وقال أحمد ومن تبعه: كلام الله هو عمله لم يزل وليس بمخلوق. وقال الأشعرية: كلام الله صفة ذات لم يزل، وليس بمخلوق، وهو غير علم الله، وليس لله إلا كلام واحد. وقال: إن الدلائل القاطعة قامت على أن الله لا يشبهه شيء من خلقه بوجه من الوجوه، فلما كان كلامنا غيرنا وكان مخلوقًا وجب أن يكون كلامه سبحانه وتعالى ليس غيره وليس مخلوقًا.
وقال غيره: قالت الجهمية [والمعتزلة] وبعض الزيدية والإمامية وبعض الخوارج: كلام الله مخلوق، خلقه بمشيئته وقدرته في بعض الأجسام، كالشجرة حين كلم موسى عليه السلام، وحقيقته قولهم: إن الله لا يتكلم، وإن نسب إليه ذلك فبطريق المجاز. وقالت المعتزلة: يتكلم حقيقة لكن يخلق ذلك الكلام في غيره. وقالت الكلابية: الكلام صفة واحدة قديمة العين لازمة لذات الله كالحياة، وأنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته، وتكليمه لمن كلمه إنما هو خلق إدراك له يسمع به الكلام، ونداؤه لموسى لم يزل ولكنه أسمعه ذلك النداء حين ناجاه، ويحكى عن أبي منصور الماتريدي من الحنفية نحوه لكنه قال: خلق صوتًا حين ناداه فأسمعه كلامه. وزعم بعضهم أن هذا هو مراد السلف الذين قالوا: إن القرآن ليس بمخلوق، وأخذ بقول ابن كلاب القابسي والأشعري وأتباعهما وقالوا: إذا كان الكلام قديمًا لعينه لازمًا لذات الرب وثبت أنه ليس بمخلوق فالحروف ليست قديمة لأنها متعاقبة، وما كان مسبوقًا بغيره لم يكن قديمًا، والكلام القديم معنى قائم بالذات لا يتعدد ولا يتجزأ بل هو معنى واحد، إن عبر عنه بالعربية فهو قرآن أو بالعبرانية فهو توراة مثلًا. وقال بعض الحنابلة وغيرهم: إن هذه الحروف والأصوات قديمة العين لازمة للذات ليست متعاقبة قائمة بذاته، والتعاقب إنما يكون في حق المخلوق، وذهب أكثر هؤلاء إلى أن الأصوات والحروف هي المسموعة من
{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ
(1)
قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23].
وَلَم يَقُلْ: مَاذَا خَلَقَ رَبُّكُم.
وَقَالَ: {مَنْ ذَا الَّذِي
(2)
يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255].
===
القارئين، وأبى ذلك كثير منهم، وذهب بعضهم إلى أنه متكلم بالقرآن العربي بمشيئته وقدرته بالحروف والأصوات القائمة بذاته وهو غير مخلوق، لكنه في الأزل لم يتكلم لامتناع وجود الحادث في الأزل، فكلامه حادث في ذاته لا محدث، وذهبت الكرامية إلى أنه حادث في ذاته ومحدث، والمحفوظ عن جمهور السلف ترك الخوض في ذلك والتعمق فيه والاقتصار على القول بأن القرآن كلام الله وأنه غير مخلوق ثم السكوت عما وراء ذلك، كذا في "فتح الباري"(13/ 453 - 454 - 455).
(1)
دل ذلك على أنهم سمعوا قولًا لم يفهموا معناه من أجل فزعهم، "ع"(16/ 669).
(2)
قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي
…
} الآية، زعم ابن بطال (10/ 492) أنه أشار بذلك إلى سبب النزول؛ لأنه جاء أنهم لما قالوا:"شفعاؤنا عند الله الأصنام" نزلت، فأعلم الله أن الذين يشفعون عنده من الملائكة والأنبياء إنما يشفعون فيمن يشفعون بعد إذنه لهم في ذلك، انتهى.
وأظن البخاري أشار بهذا إلى ترجيح قول من قال: إن الضمير في قوله: {عَنْ قُلُوبِهِمْ} للملائكة، وأن فاعل الشفاعة في قوله:{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ} هم الملائكة بدليل قوله بعد وصف الملائكة: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء:28] بخلاف قول من زعم أن الضمير للكفار المذكورين في قوله: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ} ، [سبأ: 20] كما نقله بعض المفسرين، وزعم أن المراد بالتفزيع حالة مفارقة الحياة، ويكون اتباعهم إياه مستصحبًا إلى يوم القيامة على طريق
وَقَالَ مَسْرُوق
(1)
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
(2)
: إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بالْوَحْي سَمِعَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ شيئًا، فَإِذَا فُزِّعَ
(3)
"فُزِّع" في نـ: "فُرِّغ".
===
المجاز، والجملة من قوله: {قُلِ ادْعُوا
…
} إلخ، معترضة، وحمل هذا القائل على هذا الزعم أن قوله:{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ} غاية لا بد لها من مغيًّا، فادعى أنه ما ذكره، وقال بعض المفسرين من المعتزلة: المراد بالزعم: الكفر، في قوله:{زَعَمْتُمْ} [الأنعام: 94] أي: تماديتم في الكفر إلى غاية التفزيع، ثم تركتم زعمكم وقلتم: قال الحق. وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة، ويفهم من سياق الكلام أن هناك فزعًا ممن يرجو الشفاعة هل يؤذن له في الشفاعة أو لا؟ فكأنه قال: يتربصون زمانًا فزعين حتى إذا كشف الفزع عن الجميع بكلام يقوله الله في إطلاق الإذن تباشروا بذلك، وسأل بعضهم بعضًا ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق، أي: القول الحق وهو الإذن في الشفاعة لمن ارتضى.
قلت: وجميع ذلك مخالف لهذا الحديث، والصحيح في إعرابها ما قاله ابن عطية: المغيا محذوف كأنه قيل: ولا هم شفعاء بل هم عنده ممتثلون إلى أن يزول الفزع عن قلوبهم. والمراد بهم: الملائكة، وهو المطابق للأحاديث الواردة في ذلك فهو المعتمد. وأما اعتراض من تعقبه بأنهم لم يزالوا منقادين، فلا يلزم منه دفع ما تأوله، لكن حق العبارة أن يقول: بل هم خاضعون لأمره، كذا في "الفتح"(13/ 455 - 456).
(1)
ابن الأجدع الهمداني، "ع"(16/ 670).
(2)
عبد الله، "ع"(16/ 670).
(3)
أي: إذا أزيل الخوف، والتفعيل للإزالة والسلب، وحاصل المعنى: حتى إذا ذهب الفزع، "ع"(16/ 669).
عَنْ قُلُوبهِم
(1)
وَسَكَنَ الصَّوْتُ
(2)
عَرَفُوا أَنَّهُ الْحَقُّ وَنَادَوْا: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} .
ويُذْكَرُ
(3)
عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْس قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ فَيُنَادِيهِم
(4)
(5)
"وَسَكَنَ" في هـ، ذ:"وَثَبَتَ"، وفي نـ:"وَسَكَتَ". "عَنْ جَابِرٍ" في نـ: "عَنْ جَابِرِ بْنِ عِبْدِ اللَّهِ".
===
(1)
أي: قلوب الملائكة، "ع"(16/ 669).
(2)
أي: الصوت المخلوق لإسماع السماوات؛ إذ الدلائل القاطعة قائمة على تنزهه عن الصوت؛ لأنه مستلزم للحدوث؛ لأنه من الموجودات السيالة الغير القارّة، "ع"(16/ 670)، "ك"(25/ 179).
(3)
بصيغة التمريض، "ع"(16/ 675).
(4)
أي: يقول: ليدل على الترجمة، "ع"(16/ 670)، "ك"(25/ 180).
(5)
قوله: (فيناديهم بصوت
…
) إلخ، حمله بعض الأئمة على مجاز الحذف، أي: يأمر من ينادي، واستبعده بعض من أثبت الصوت بأن في قوله:"يسمعه من بَعُدَ" إشارة إلى أنه ليس من المخلوقات؛ لأنه لم يعهد مثل هذا فيهم، وبأن الملائكة إذا سمعوه صعقوا كما في الحديث الذي بعده، وإذا سمع بعضهم بعضًا لم يصعقوا. قال: فعلى هذا، فصوته صفة من صفات ذاته لا يشبه صوت غيره؛ إذ لا يوجد شيء من صفاته في ذوات المخلوقين، فقال غيره: معنى "يناديهم": يقول، وقوله:"بصوت" أي: مخلوق غير قائم بذاته. والحكمة في كونه خارقًا لعادة الأصوات المخلوقة المعتادة التي يظهر التفاوت في سماعها بين القريب والبعيد هي أن يعلم أن المسموع كلام الله كما أن موسى لما كلمه الله كان يسمعه من جميع الجهات. وقال البيهقي: الكلام ما ينطق به المتكلم وهو المستقر في نفسه كما جاء في حديث عمر
بِصَوْتٍ
(1)
يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِك، أَنَا الدَّيَّانُ
(2)
".
"كَمَا يَسْمَعُهُ" في نـ: "كَمَا سَمِعَهُ".
===
- رضي الله عنه: "وكنت زورت في نفسي مقالة"، قال: فسماه كلامًا قبل التكلم به، فإن كان المتكلم ذا مخارج سمع كلامه ذا حروف وأصوات، وإن كان غير ذي مخارج فهو بخلاف ذلك، والباري عز وجل ليس بذي مخارج، فلا يكون كلامه بحروف وأصوات، فإذا فهمه السامع تلاه بحروف وأصوات، ثم ذكر حديث جابر عن عبد الله بن أنيس وقال: اختلف الحفاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه، ولم يثبت لفظ الصوت في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان ثابتًا يرجع إلى غيره، كما في الحديث الذي قبله، وفي الحديث الذي بعده: أن الملائكة يسمعون عند حصول الوحي صوتًا، فيحتمل أن يكون الصوت للسماء أو للملك الآتي بالوحي أو لأجنحة الملائكة، وإذا احتمل ذلك لم يكن نصًّا في المسألة، وأشار في موضع آخر إلى أن الراوي أراد: فينادي نداء، فعبر عنه بقوله: بصوت، انتهى.
وهذا حاصل كلام من نفى الصوت من الأئمة، ويلزم منه: أن الله لم يسمع أحدًا من ملائكته ولا رسله كلامه بل ألهمهم إياه، وحاصل الاحتجاج للنفي: الرجوع إلى القياس على أصوات المخلوقين؛ لأنها التي عهد أنها ذات مخارج، ولا يخفى ما فيه؛ إذ الصوت قد يكون من غير مخارج كما أن الرؤية قد تكون من غير اتصال أشعة كما سبق سلمنا، لكن تمنع القياس المذكور، وصفة الخالق لا تقاس على المخلوق، "فتح الباري"(13/ 457 - 458).
(1)
أي: مخلوق غير قائم به، "ك"(25/ 180).
(2)
أي: لا ملك إلا أنا، ولا يجازي إلا أنا، إذ تعريف الخبر دليل الحصر. واختار هذا اللفظ لأن فيه الإشارة إلى الصفات السبعة: الحياة، والعلم، والإرادة، والقدرة، والسمع، والبصر، والكلام. وليمكن المجازاة على الكليات والجزئيات قولًا وفعلًا، "ع"(16/ 671)، "ك"(25/ 180).
7481 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
، عَنْ عَمْرٍو
(3)
، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبلُغُ بِهِ
(4)
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ
(5)
بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا
(6)
لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ
(7)
عَلَى صَفْوَانٍ - قَالَ عَلِيٌّ
(8)
: وَقَالَ غَيرُهُ
(9)
: صَفَوَانٌ
(10)
- يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ، فَـ {إِذَا فُزِّعَ عَنْ
===
(1)
المديني.
(2)
ابن عيينة، "ع"(16/ 671).
(3)
ابن دينار، "ع"(16/ 671).
(4)
أي: يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، "ع"(16/ 671)، "ك"(25/ 180).
(5)
أي: تحركوا خاضعين متواضعين لحكمه، "ك"(25/ 180)، "ف"(13/ 458).
(6)
مصدر كغفران، قاله الخطابي، وقال غيره: هو جمع خاضع، "ف"(13/ 458).
(7)
أي: كأن الصوت الحاصل من ضرب أجنحتهم صوت السلسلة على صفوان، وهو الحجر الأملس، "ع"(16/ 671).
(8)
المديني، "ع"(16/ 671).
(9)
أي: غير سفيان، "ع"(16/ 671).
(10)
قال الكرماني (25/ 180): بلفظ: "صفوان، ينفذ فيهم ذلك"، بزيادة لفظ الإنفاذ أي: ينفذ الله ذلك الأمر أو القول إلى الملائكة، أو من النفوذ، أي: ينفذ ذلك إليهم أو عليهم، ثم قال: ويحتمل أن يراد أن غير سفيان قال: إن صفوان بفتح الفاء، فالاختلاف في الفتح والسكون [لا غير]، وينفذهم غير مختص بالغير بل مشترك بين سفيان وغيره، انتهى. وسياق علي في هذه الرواية يخالف هذا الاحتمال، لكن وقع زيادة "ينفذهم" في رواية سفيان التي أخرجه ابن أبي حاتم فيقوى ما قال، "ف" (13/ 458 - 459). الصَّفاةُ:
قُلُوبِهِمْ
(1)
قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ
(2)
قَالُوا} لِلذِي قَالَ {الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} "
(3)
. [راجع: 4701].
قَالَ عَلِيٌّ
(4)
: وَحَدَّثَنَا سُفْيَان، حَدَّثَنَا عَمرٌو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا.
قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ سُفْيَانُ
(5)
: قَالَ عَمْرٌو
(6)
: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ.
"لِلذِي" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ:"الَّذِي". "حَدَّثَنَا عَمْرٌو" في ذ: "قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو". "قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ سفْيَانُ" في نـ: "وَقَالَ سُفْيَانُ". "حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ".
===
الحجرُ الصَّلْدُ الضَّخْمُ لا يُنبِت، جمعه: صفوان، ويحرك، كذا في "القاموس" (ص: 1172).
(1)
فيه المطابقة، "ع"(16/ 671).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 4800).
(3)
قوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} وقع في تفسير "سورة الحجر"(برقم: 4701) بالسند المذكور هاهنا بعد قوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} : "فيسمعها مسترقو السمع [ومسترقوا السمع] هكذا" إلى آخر ما ذكر من ذلك، وهذا مما يبين أن التفزيع المذكور يقع للملائكة في الدنيا وأن الضمير في قلوبهم للملائكة لا للكفار بخلاف ما جزم به من قدمت ذكره من المفسرين، "ف"(13/ 459).
(4)
قوله: (قال علي
…
) إلخ، هو ابن المديني أيضًا، أراد بهذا أن سفيان حدثه عن عمرو بلفظ التحديث لا بالعنعنة كما في الطريق الأولى، "عيني"(16/ 671).
(5)
ابن عيينة.
(6)
أي: ابن دينار.
قَالَ عَلِيٌّ: قُلْتُ
(1)
لِسُفْيَانَ: قَالَ
(2)
: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ
(3)
: نَعَم
(4)
. قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ أَنَّهُ قَرَأَ فُزِّعَ. قَالَ سُفْيَانُ: هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو
(5)
فَلَا أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لَا، قَالَ سُفْيَانُ: وَهِيَ قِرَاءَتُنَا
(6)
.
"قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ" في نـ: "قَالَ عَمْروٌ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ". "فُزِّعَ" في نـ: "فُرِّغَ
(7)
"
(8)
. "قَالَ سُفْيَانُ" في نـ: "وَقَالَ سُفْيَانُ".
===
(1)
القائل علي.
(2)
أي: عمرو.
(3)
أي: قال سفيان: نعم سمعته، وهذا يشعر بأن كلامه كان على طريق الاستفهام من سفيان، "ع"(16/ 672).
(4)
قوله: (قال: نعم) مراده أنْ ابن عيينة كان يسوق السند مرةً بالعنعنة ومرةً بالتحديث والسماع، فاستثبته علي عن ذلك فقال: نعم، "ف"(13/ 459).
(5)
يعني ابن دينار، "ف"(13/ 459).
(6)
يريد سفيان: أنها قراءة نفسه، وقراءة من تبعه فيه، "ع"(16/ 672).
(7)
من قولهم: فرغ الزاد: إذا لم يبق منه شيء، "ع"(16/ 672).
(8)
قوله: (فرغ) هو بالراء المهملة والغين [المعجمة] بوزن القراءة المشهورة، وقع للأكثر هاهنا كالقراءة المشهورة والسياق يزيد الأول، كذا في "ف" (13/ 459). قوله:"هكذا" أي: بالراء والغين المعجمة. قوله: "فلا أدري سمعه هكذا أم لا" أي: أسمعه عمرو عن عكرمة أو قرأها كذلك من قبل نفسه بناء على أنها قراءته؟ قيل: كيف جاز القراءة إذا لم يكن مسموعًا قطعًا؟ وأجيب بأنه لعل مذهبه جواز القراءة بدون السماع إذا كان المعنى صحيحًا، كذا في "ع"(16/ 672).
7482 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ عُقَيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(1)
صلى الله عليه وسلم: "مَا أَذِنَ
(2)
(3)
اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ تتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ".
وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ
(4)
: يُرِيدُ: يَجْهَرُ بِهِ. [راجع: 5023].
7483 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ:
"لِنَبِيٍّ" كذا في هـ، ذ، ولغيرهما:"لِلنَّبِيِّ". "يَجْهَرُ بِهِ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي نـ:"أَنْ يَجْهَرَ بِهِ"، وفي هـ، ذ:"أَنْ يَجْهَرَ بِالقرآنِ". "عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ" زاد في نـ: "ابْنِ غِيَاثٍ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 5023).
(2)
بكسر المعجمة أي: سمع، "ك"(25/ 181).
(3)
قوله: (ما أذن الله لشيء) أي: ما استمع لشيء ما استمع للنبي، وكلمة:"ما" الثانية مصدرية أي: استماعه أي: كاستماعه للنبي، واستماع الله مجاز عن تقريبه القارئ وإجزال ثوابه أو قبول قراءته. قال الكرماني (25/ 181 - 182): فهم البخاري من الإذن القول لا الاستماع به، بدليل أنه أدخل هذا الحديث في هذا الباب، قلت: فيه موضع التأمل، كذا في "ع" (16/ 672). [في "الأبواب والتراجم" (6/ 346): أن لله كلامًا هو القرآن، وأن لله أفعالًا منها الإذن، أي: الاستماع، وأن للعبد أفعالًا منها تغنّيه بالقرآن وجهره به، فليس هو مجبورًا محضًا لا يقدر على إتيان شيء من الأفعال ولو بكسبٍ لها].
(4)
قوله: (قال صاحب له) أي: لأبي هريرة، أراد أن المراد بالتغني الجهر به بتحسين الصوت. وقال سفيان بن عيينة: المراد الاستغناء عن الناس، وقيل: أراد بالنبي الجنس، وبالقرآن القراءة، "ع"(16/ 672).
حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ
(2)
، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَقُولُ اللَّهُ: يَا آدَمُ. فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيُنَادِي
(3)
بِصَوْتٍ
(4)
: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا
(5)
إِلَى النَّارِ". [راجع: 3348].
7484 -
حَدَّثَنَا عُبَيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
(6)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسامَةَ
(7)
، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ
(8)
، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
"قَالَ النَّبِيُّ" في نـ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ". "عَنْ هِشَامٍ" في نـ: "حَدَّثَنَا هِشَامٌ"، زاد في ذ:"ابنُ عُروَةَ".
===
(1)
سليمان، "ع"(16/ 672).
(2)
ذكوان، "ع"(16/ 672).
(3)
قوله: (فينادي) وقع مضبوطًا للأكثر بكسر الدال، وفي رواية أبي ذر بفتحها على البناء للمجهول، ولا محذور في رواية الجمهور؛ فإن قرينة قوله:"إن الله يأمرك" تدل ظاهرًا على أن المنادي ملك يأمره الله بأن ينادي، "ف" (13/ 460). مطابقته لحديث ابن مسعود الذي فيه:"ويسكن الصوت"، وهو مطابق للترجمة التي فيها: فَـ {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} ، والمطابق للمطابق للشيء مطابق لذلك الشيء، "ع"(16/ 672).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 6530).
(5)
بفتح الباء الموحدة وسكون العين المهملة وبالثاء المثلثة، "ع"(16/ 673)، أي: طائفة شأنهم أن يبعثوا إلى النار، "ك"(25/ 182).
(6)
اسمه في الأصل عبيد الله، "ع"(16/ 673).
(7)
حماد بن أسامة، "ع"(16/ 673).
(8)
عروة بن الزبير، "ع"(16/ 673).
مَا غِرْتُ
(1)
عَلَى امْرَأَةٍ مَا
(2)
غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ
(3)
أَنْ يبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنَ الْجَنَّةِ
(4)
. [راجع: 3816، أخرجه: م 2434، تحفة: 16815].
33 - بَابُ كَلَامِ الرَّبِّ
(5)
مَعَ جِبرَئِيلَ وَنِدَاءِ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ
"أَمَرَهُ رَبُّهُ" كذا في سـ، حـ، وفي هـ، ذ:"أَمَرَهُ اللَّهُ". "مِنَ الْجَنَةِ" كذا في سـ، حـ، وفي هـ:"فِي الْجَنَّةِ".
===
(1)
من الغيرة، "ع"(11/ 530).
(2)
مصدرية أي: كغيرتي.
(3)
أي: لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ربه، "ع"(16/ 673).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 3816).
(5)
قوله: (كلام الرب) في هذا الباب أيضًا إثبات كلام الله تعالى وإسماعه جبرئيل والملائكة، فيسمعون عند ذلك الكلام القديم القائم بذاته الذي لا يشبه كلام المخلوقين؛ إذ ليس بحروف ولا تقطيع، وليس من شرطه أن يكون بلسان وشفتين وآلات، وحقيقته أن يكون مسموعًا مفهومًا، ولا يليق بالباري أن يستعين في كلامه بالجوارح والأدوات، "ع"(16/ 673 - 674).
اختلف أهل الكلام في أن كلام الله تعالى هل هو بحرف وصوت أو لا؟ فقالت المعتزلة: لا يكون الكلام إلا بحرف وصوت، والكلام المنسوب إلى الله تعالى قائم بالشجرة، وقالت الأشاعرة: كلام الله ليس بحرف ولا صوت، وأثبتت الكلام النفسي، وحقيقته معنى قائم بالنفس وإن اختلفت عنه العبارة كالعربية والعجمية، واختلافها لا يدل على اختلاف المعبر عنه، والكلام النفسي هو ذلك المعبر عنه، وأثبتت الحنابلة أن الله متكلم بحرف وصوت، أما الحروف فللتصريح بها في ظاهر القرآن، وأما الصوت فمن منع قال: إن الصوت هو الهواء المنقطع المسموع من الحنجرة. وأجاب من أثبته: بأن الصوت الموصوف بذلك هو المعهود من الآدميين كالسمع
وَقَالَ مَعْمَرٌ
(1)
: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى
(2)
الْقُرْآنَ} [النمل: 6] أَيْ: يُلْقَى عَلَيكَ، وَتَلَقَّاهُ أَنْتَ، أَيْ: تَأْخُذُهُ عَنْهُم. وَمِثْلُهُ: {فَتَلَقَّى
(3)
آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37].
7485 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ -، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
(6)
،
"{إِنَّكَ} " في نـ: " {وَإِنَّكَ} ". "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي إِسحَاق".
===
والبصر، وصفات الرب بخلاف ذلك، فلا يلزم المحذور المذكور مع اعتقاد التنزيه وعدم التشبيه، وأنه يجوز أن يكون من غير الحنجرة فلا يلزم التشبيه، "ف"(13/ 460).
(1)
هو: أبو عبيدة معمر بن المثنى بلا خلاف. وربما يتبادر الذهن إلى أنه ابن راشد، وليس كذلك، فافهم، "ع"(16/ 674).
(2)
قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} فسره أبو عبيدة: "يلقى عليك
…
" إلخ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، و"يلقى" على صيغة المجهول، و"تلقاه" بتشديد القاف، قالوا: إن جبرئيل عليه الصلاة والسلام يتلقى أي: يأخذ من الله تلقيًا روحانيًّا ويلقي على محمد صلى الله عليه وسلم إلقاء جسمانيَّا، "ع" (16/ 674).
(3)
أي: أخذها عنه، وأصل اللقاء: استقبال الشيء ومصادفته، "ع"(16/ 674).
(4)
هو ابن منصور، "ع"(16/ 674).
(5)
ابن عبد الوارث، "ع"(16/ 674).
(6)
ذكوان الزيات، "ع"(16/ 674).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ
(1)
عَبدًا
(2)
نَادَى جِبْرَئِيلَ
(3)
: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا
(4)
فَأَحِبَّهُ
(5)
. فَيُحِبُّهُ جِبْرَئِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي
(6)
جِبْرَئِيلُ فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ويُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ"
(7)
. [راجع: 3209، تحفة: 12824].
7486 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
(8)
،
===
(1)
محبة الله للعبد إرادة إيصال الخير إليه بالتقريب إليه والإنابة، وكذا محبة الملائكة، وذلك بالاستغفار والدعاء لهم ونحو ذلك، "ك"(25/ 182 - 183)، "ع"(16/ 674).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 6040).
(3)
نصب على المفعولية، "قس"(15/ 529).
(4)
قوله: (إن الله قد أحب فلانًا) كذا هاهنا بصيغة الماضي، وفي رواية نافع عن أبي هريرة الماضية في "الأدب" (برقم: 6040): "إن الله يحب فلانًا" بصيغة المضارع، وفي الأول إشارة إلى سبق المحبة على النداء، وفي الثاني إشارة إلى استمرار ذلك، قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: في تقديم الأمر بذلك لجبرئيل قبل غيره من الملائكة، إظهار لرفع منزلته عند الله تعالى على غيره منهم، "ف"(13/ 462).
(5)
بفتح الهمزة وكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة مشددة، "قس"(15/ 529).
(6)
بكسر الدال، "قس"(15/ 529).
(7)
أي: في قلوبهم، ويعلم منه أن من كان مقبول القلوب فهو محبوب الله، اللَّهم اجعلنا منهم، "ك" (25/ 183). وقيل: يوضع له القبول في الأرض عند الصالحين ليس عند جميع الخلق.
(8)
عبد الله بن ذكوان، "ع"(16/ 675).
عَن الأَعْرَجِ
(1)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "يَتَعَاقَبُونَ
(2)
فِيكُم مَلَائِكةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْر
(3)
وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ
(4)
الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُم فَيَسْأَلُهُم
(5)
وَهُوَ أَعْلَمُ
(6)
: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُم وَهُمْ يُصلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُم وَهُمْ يُصَلُّونَ". [راجع: 555].
7487 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ
(7)
قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ
(8)
قَالَ:
"وَهُوَ أَعْلَمُ" في ذ: "وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِم". "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ" في نـ: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ".
===
(1)
عبد الرحمن بن هرمز "ع"(16/ 675).
(2)
قوله: (يتعاقبون) أي: يتناوبون في الصعود والنزول لرفع أعمال العباد الليلية والنهارية، وهو في الاستعمالط نحو: أكلوني البراغيث. قوله: "يعرج" أي: يصعد. قوله: "الذين باتوا فيكم" من البيتوتة، إنما خصهم بالذكر مع أن حكم الذين ظلوا كذلك، لأنهم كانوا في الليل الذي هو زمان الاستراحة مشتغلين بالطاعة، ففي النهار بالطريق الأولى، أو اكتفى بأحد الضدين عن الآخر. قوله:"فيسألهم" ربهم، فائدة السؤال - مع علمه تعالى - يحتمل أن يكون إلزامًا لهم وردًّا لقولهم:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30]، "ع"(16/ 675).
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 555).
(4)
أي: يصعد، "ع"(16/ 675).
(5)
فيه المطابقة، كذا في "ع"(16/ 675).
(6)
أي: من الملائكة، "ع"(16/ 675).
(7)
هو بندار، "ع"(16/ 675).
(8)
محمد بن جعفر، "ع"(16/ 675).
حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ وَاصِلٍ
(1)
، عَنِ الْمَعْرُورِ
(2)
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ
(3)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "أَتَانِي جِبرَئِيلُ
(4)
فَبَشَّرَنِي: أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ"
(5)
. قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ وَزَنَى؟ قَالَ
(6)
: "وَإِنْ سَرَقَ
(7)
وَزَنَى". [راجع: 1237].
34 - بَابُ قَوْلِهِ: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ
(8)
وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} [النساء: 166]
"وَزَنَى" كذا في هـ، وفي نـ:"وإِنْ زَنَى". "وَزَنَى" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"وإِنْ زَنَى".
===
(1)
ابن حيان، "ع"(16/ 675).
(2)
ابن سويد، "ع"(16/ 675).
(3)
جندب بن جنادة، "ع"(16/ 675).
(4)
قوله: (أتاني جبرئيل فبشرني) في مناسبته للترجمة غموض، وكأنه من جهة أن جبرئيل إنما يبشر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر يتلقاه عن ربه عز وجل، فكأن الله عز وجل قال له: بشر محمدًا بأن من مات من أمته لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة فبشره بذلك، "ف"(13/ 462).
(5)
فيه أن عصاة المؤمنين لا يخلدون في النار إن دخلوا فيها، "ك"(25/ 183).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 6443).
(7)
السرقة إشارة إلى ما تتعلق بالمال، والزنا إلى ما تتعلق بالنفس، "ك"(25/ 184).
(8)
قوله: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} نقل في "تفسير الطبري": "أنزله تعالى إليك بعلم منه أنك خيرته من خلقه". قال ابن بطال (10/ 494): المراد بالإنزال: إفهام العباد معاني الفروض التي في القرآن، وليس إنزاله كإنزال
قَالَ مُجَاهِدٌ: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطلاق: 12]: بَينَ
(1)
السَّمَاءِ السَّابِعَةِ
(2)
وَالأَرْضِ السَّابِعَةِ.
7488 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ
(4)
الْهَمْدَانيُّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا فُلَانُ
(5)
إِذَا أَويتَ
(6)
إِلَى فِرَاشِكَ
(7)
فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي
"بَيْنَ السَّمَاءِ" في سـ، هـ،، حـ، ذ:"مِنَ السَّمَاءِ".
===
الأجسام المخلوقة؛ لأن القرآن ليس بجسم ولا مخلوق، انتهى. والكلام الثاني متفق عليه بين أهل السُّنَّة سلفًا وخلفًا، وأما الأول فهو على طريقة أهل التأويل، والمنقول عن السلف اتفاقهم على أن القرآن كلام الله غير مخلوق تلقاه جبرئيل عن الله تعالى وبلغه جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وبلغه صلى الله عليه وسلم إلى أمته، "ف"(13/ 463)، ولا تعلق للقدرية في هذه الآية في قولهم: إن القرآن مخلوق؛ لأن القرآن قائم بذاته لا ينقسم ولا يتجزأ، وإنما معنى الإنزال هو الإفهام، "ع"(16/ 686).
(1)
الغرض إظهار مرجع ضمير {بَيْنَهُنَّ} .
(2)
في رواية أبي ذر عن السرخسي: من السماء السابعة، ووصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح بلفظ: من السماء السابعة إلى الأرض السابعة، "ع"(16/ 676).
(3)
سلام بن سُليم، "ع"(16/ 676).
(4)
عمرو السبيعي، "ع"(16/ 676).
(5)
كناية عن البراء، "ع"(16/ 676).
(6)
بالقصر، "ع"(16/ 676)، أويت إلى منزلي: نزلته بنفسي وسكنته، "قاموس" (ص: 1160).
(7)
أي: إلى مضجعك، "ع"(16/ 676).
إِلَيكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيكَ
(1)
، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ؛ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ
(2)
(3)
، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ
(4)
. فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ فِي لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ
(5)
، وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ أَجْرًا"
(6)
.
[راجع: 247، أخرجه: م 2710، تحفة: 1860].
"أَجْرًا" في هـ، ذ:"خَيرًا".
===
(1)
قوله: (ألجأت ظهري إليك) أي: اعتمدت عليك. قوله: "رغبة ورهبة إليك" أي: فوضت أمري إليك رغبة إليك، وألجأت ظهري إليك رهبة من المكاره؛ لأنه لا ملجأ منك إلى أحد إلا إليك ولا منجى إلا إليك، بالهمزة في الأول وقد يخفف للمزاوجة، وتركه في الثاني كعصا، ويجوز نصبه وتنوينه، وخمسة وجوه "لا حول ولا قوة". قوله:"لا ملجأ" أي: لا مخلص ولا مهرب ولا ملاذ لمن طلبه إلا إليك، "مجمع"(4/ 477).
(2)
فيه المطابقة، "ع"(16/ 676).
(3)
قوله: (أنزلت) فإن قلت: الإنزال عبارة عن تحريك الجسم من علو إلى أسفل، فما وجه إنزال الكتاب؟ [قلت:] إما إضمار، نحو:"أنزلت حامله"، أو استعارة مصرحة في الإنزال والكتاب قرينة، أو استعارة مكنية في الكتاب وإضافة الإنزال إليه من خواص الأجسام قرينة. وغرض البخاري من هذا الباب: بيان جواز إسناد الإنزال إلى الله تعالى وإطلاق المنزل عليه، "ك"(25/ 184 - 185).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 247، 6313).
(5)
أي: فطرة الإسلام والطريقة الحقة الصحيحة المستقيمة، "ك"(25/ 185)، "ع"(16/ 676).
(6)
أي: أجرًا عظيمًا بدليل التنكير، وفي بعضها مكانه:"خيرًا"، "ع"(16/ 676).
7489 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(1)
، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
(2)
صلى الله عليه وسلم يوْمَ الأَحْزَاب
(3)
: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ
(4)
، سَرِيعَ الْحِسَابِ
(5)
، اهْزِمِ الأَحْزَابَ وَزَلْزِلْهُم"
(6)
(7)
. [راجع: 2933].
"قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" في نـ: "عَنْ سُفْيَانَ". "وَزَلْزِلْهُمْ" كذا في سـ، هـ، ذ، وفي حـ:"وَزَلْزِلْ بِهِم".
===
(1)
ابن عيينة، "ع"(16/ 676).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 2933).
(3)
هو اليوم الذي اجتمع قبائل العرب على مقاتلة النبي صلى الله عليه وسلم، "ك"(25/ 185)،"ع"(16/ 176).
(4)
فيه المطابقة، كذا في "ع"(1/ 676).
(5)
أي: سريع زمان الحساب، أو سريع هو في الحساب، "ع"(16/ 676).
(6)
قوله: (زلزلهم) في رواية السرخسي: "زلزل بهم"، وفي رواية غيره:"زلزلهم"، "ع"(16/ 677)، الزلزلة لغة: الحركة العظيمة والإزعاج الشديد، ومنه: زلزلة الأرض، وهاهنا كناية عن التخويف والتحذير أي: اجعل أمرهم مضطربًا متقلقلًا غير ثابت. وتخصيص وصف "منزل الكتاب" إشارة إلى قوله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّين} [الصف: 9]{وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ} [الصف: 8]، "مجمع"(2/ 434 - 435).
(7)
فإن قلت: ذم النبي صلى الله عليه وسلم السجع؟ وأجيب: بأنه ذم سجعًا كسجع الكهان في تضمينه باطلًا أو في تحصيله بالتكلف، "ك"(25/ 185)، "ع"(16/ 676 - 677).
- زَادَ
(1)
الْحُمَيْدِيُّ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
7490 -
حَدَّثنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ
(3)
، عَنْ أَبِي بِشْرٍ
(4)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} . قَالَ: أُنْزِلَتْ
(5)
وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَارٍ
(6)
بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ فَسَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ. فَقَالَ اللَّهُ:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ}
(7)
حَتَّى يَسْمَعَ
(8)
الْمُشْرِكُونَ،
"{وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} " زاد في نـ: " {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} ". "فَقَالَ اللَّهُ" كذا في صـ، ذ، وفي نـ:"وَقالَ اللَّهُ". " {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} " زاد في نـ: " {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}: لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ".
===
(1)
فإن قلت: ما الذي زاده؟ قلت: التصريح بلفظ التحديث والسماع، "ك"(25/ 185).
(2)
هو عبد الله بن الزبير، نسبته إلى حميد أحد أجداده، "ع"(16/ 677).
(3)
ابن بشير، وكلاهما مصغران، "ع"(16/ 677)، [وفي "التقريب" (رقم: 7312): "ابن بشير" بوزن عظيم، وكذا في "المغني" (ص: 39)].
(4)
بكسر الباء الموحدة، جعفر بن أبي وحشية، "ع"(16/ 677).
(5)
من الإنزال، والفرق بينه وبين التنزيل: أن الإنزال دفعة واحدة، والتنزيل بالتدريج بحسب الوقائع والمصالح، "ع"(16/ 677).
(6)
أي: مختف،"ع"(16/ 677).
(7)
فإن قلت: القياس أن يقال: "حتى لا يسمع المشركون"؟ قلت: هو غاية للمنهي لا للنهي، "ك"(25/ 185).
(8)
سيأتي الحديث (برقم: 7525).
وَلَا تُخَافِتْ بِهَا
(1)
عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُم، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] أَسْمِعْهُم وَلَا تَجْهَرْ، حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ
(2)
.
[راجع: 4722].
35 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {يُرِيدُونَ
(3)
أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: 15]
"{كَلَامَ اللَّهِ} " زاد في ذ: "الآية".
===
(1)
المقصود منه التوسط بين الأمرين لا الإفراط ولا التفريط، "ك"(25/ 185)، "ع"(16/ 677).
(2)
قال الحافظ أبو ذر: فيه تقديم وتأخير، تقديره: أسمعهم حتى يأخذوا عنك القرآن ولا تجهر، "قس"(15/ 533).
(3)
قوله: ({يُرِيدُونَ
…
} إلخ، قال ابن بطال (10/ 494): أراد بهذه الترجمة وأحاديثها ما أراد في الأبواب كلها: أن كلام الله صفة قائمة به وأنه لم يزل متكلمًا ولا يزال. والذي يظهر: أن غرضه أن كلام الله لا يختص بالقرآن فإنه ليس نوعًا واحدًا كما تقدم نقله عمن قاله، وأنه وإن كان غير مخلوق وهو صفة قائمة به؛ فإنه يلقيه على من يشاء من عباده بحسب حاجتهم في الأحكام الشرعية وغيرها من مصالحهم. وأحاديث الباب كالمصرحة بهذا المراد، "ف" (13/ 467). معنى قوله تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} هو أن المنافقين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك واعتذروا بما علم الله إفكهم فيه، وأمر الله رسوله أن يقرأ عليهم:{فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} [التوبة: 83]، فأعلمهم بذلك وقطع أطماعهم بخروجهم معه، فلما رأوا الفتوحات قد تهيأت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرادوا الخروج معه رغبة منهم في المغانم، فأنزل الله تعالى:{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} الآية [الفتح: 15]، فهذا معنى الآية: أن يبدلوا أمره له عليه الصلاة والسلام بأن لا يخرجوا معه،
{لَقَوْلٌ فَصْلٌ} : حَقٌّ
(1)
، {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق: 13 - 14]: بِاللَّعِبِ
(2)
7491 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيدِيُّ قَالَ: حَدَّثنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللَّهُ
(3)
(4)
: يُؤْذِينِي
(5)
ابْنُ آدَمَ،
{لَقَوْلٌ فَصْلٌ} " في ذ: "{إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} ". "حَقٌّ" في ذ: "الحقُّ".
===
فقطع الله أطماعهم من ذلك مدة أيامه عليه الصلاة والسلام بقوله: {لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا} [التوبة:83]، "ع"(16/ 677 - 678).
(1)
في غير رواية أبي ذر بغير ألف ولام، وفسر قوله:"فصل" بقوله: "حق"،"ع"(16/ 678).
(2)
فسره قوله: {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} باللعب، "ع"(16/ 678).
(3)
هذا من الأحاديث القدسية، وكذا ما بعده إلى آخر الخامس، "ف"(13/ 467).
(4)
مطابقته للترجمة في إثبات إسناد القول إلى الله تعالى، "ع"(16/ 678)، "ف"(13/ 467)، "ك"(25/ 186).
(5)
قوله: (يؤذيني
…
) إلخ، هذا من المتشابهات، وكذلك اليد والدهر، فإما أن يفوض، وإما أن يؤول بأن المراد من الإيذاء النسبة إليه تعالى بما لا يليق وتؤول اليد بالقدرة والدهر بالمدهر أي: مقلب الدهور، والقرينة - بعد الدلائل العقلية على تنزيهه عن كونه نفس الزمان - لفظ:"أقلب الليل والنهار"؛ إذ هو كالمبين للمقصود منه. وفي بعض الروايات: "أنا الدهر" بالغضب أي: أنا ثابت في الدهر باق فيه. قال الخطابي كانوا يضيفون المصائب إلى الدهر، وهم فرقتان: الدهرية، والمعترفون بالله، لكنهم ينزهونه عن نسبة المكاره إليه، والفرقتان كانوا يسبون الدهر ويقولون: تبًّا له، وخبيبة للدهر. فقال الله لهم:
يَسُبُّ الدَّهْرَ
(1)
وَأَنَا الدَّهْر، بِيَدِي الأَمْر، أُقَلِّبُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ".
[راجع: 4826].
7492 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ: الصَّوْمُ لِي
(3)
"حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ" في كن: "حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَان، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ"، وفي قا، مر:"حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، - أُرَاهُ - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّورِيُّ، حَدَّثنا الأعْمَشُ".
===
لا تسبوه على أنه هو الفاعل؛ فإن الله هو الفاعل، فإذا سببتم الذي أنزل بكم المكاره رجع إلى الله فمعناه: أنا مصرفه، "ك"(25/ 186).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 4826، 6181).
(2)
قوله: (حدثنا أبو نعيم) يريد الفضل بن دكين الكوفي الحافظ المشهور القديم، وليس هو الحافظ المتأخر صاحب "الحلية" و"المستخرج". وقوله:"ثنا الأعمش" كذا للجميع إلا لأبي علي بن السكن فوقع عنده: "حدثنا أبو نعيم ثنا سفيان - هو الثوري - ثنا الأعمش" زاد فيه الثوري، قال أبو علي الجياني ["تقييد المهمل" (2/ 759): والصواب قول من خالفه من سائر الرواة، ورأيت في رواية القابسي عن أبي زيد المروزي:"حدثنا أبو نعيم، أراه حدثنا سفيان الثوري، حدثنا [محمد] "، فحذف لفظ "قال" بين قوله:"أراه" و"حدثنا"، فأراه بضم الهمزة أي: أظنه، وأبو نعيم سمع من الأعمش ومن سفيانين عن الأعمش، لكن سفيان المذكور هاهنا هو الثوري جزمًا، وعلى تقدير ثبوت ذلك فقائل:"أراه" يحتمل أن يكون البخاري، ويحتمل أن يكون من دونه وهو الراجح، "ف"(13/ 467 - 468).
(3)
قوله: (الصوم لي) وجه التخصيص مع أن سائر العبادات لله تعالى، هو أنه لم يعبد أحد غير الله تعالى به، إذ لم يعظم الكفار في عصر من
وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي
(1)
، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّه، وَلَخَلُوفُ
(2)
فَمِ الصائِمِ
(3)
(4)
أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ". [راجع: 1894، تحفة:12553].
7493 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
(5)
، عَنْ هَمَّامٍ
(6)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"شَهُوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ" في نـ: "أَكْلَهُ وَشُرْبَهُ وَشَهْوَتَهُ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ".
===
الأعصار معبودًا لهم بالصيام بخلاف السجود والصدقة ونحوهما. قوله: "والصوم جنة" أي: ترس، ومعناه: أنه يمنع دخول النار، أو المعاصي؛ لأنه يكسر الشهوة ويضعف القوة. قوله:"فرحة حين يفطر" وذلك هو على توفيق إتمامه، وقيل: ذلك هو على دفع ألم الجوع ولذة الأكل. قوله: "يلقى ربه" أي: في القيامة، كذا في "ك"(25/ 186 - 187).
(1)
أي: خالصًا لي، "ك"(25/ 187).
(2)
بضم الخاء على الأصح، وقيل بفتحها، وهو رائحة الفم المتغيرة، "ع"(16/ 678).
(3)
سيأتي الحديث (برقم: 7538).
(4)
لا يتصور الطيب عند الله إلا بطريق الفرض، أي: لو تصور الطيب عند الله لكان الخلوف أطيب من ريح المسك، "ع"(16/ 678).
(5)
ابن راشد، "ع"(16/ 679).
(6)
ابن منبه، "ع"(16/ 679).
"بَينَمَا أَيُّوبُ
(1)
يَغْتَسِلُ
(2)
عُرْيَانًا خَرَّ
(3)
عَلَيْهِ رِجْلُ
(4)
جَرَادٍ مِنْ ذَهبٍ
(5)
فَجَعَلَ يَحْثِي
(6)
فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَى
(7)
رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَم أَكُنْ أَغْنَيْتُك
(8)
عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ وَلَكِنْ لَا غِنَى
(9)
بِي عَنْ بَرَكَتِكَ".
[راجع: 279].
7494 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(10)
قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
(11)
، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ
(12)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
"فنَادَى" في نـ: "فَنَادَاهُ". "أَغْنَيْتُكَ" في هـ، ذ:"أُغْنِيكَ".
===
(1)
النبي عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 279).
(3)
أي: سقط.
(4)
بكسر الراء وسكون الجيم، وهو من الجراد كالجماعة الكثيرة من الناس، "ك"(25/ 187)، "ع"(16/ 679).
(5)
قوله: (من ذهب) هل كان جرادًا حقيقة ذا روح ذا جسم ذهب؟ أو على شكله بلا روح؟ الأظهر الثاني، "مجمع"(1/ 341).
(6)
أي: يأخذ بيده ويرميه، "مجمع"(1/ 438).
(7)
أي: قال، وبه تحصل المطابقة، "ك (25/ 187).
(8)
من الإغناء، "ع"(16/ 679).
(9)
بكسر الغين المعجمة مقصور من غير تنوين ولا نافية للجنس، "قس"(15/ 536).
(10)
ابن أبي أويس.
(11)
الزهري.
(12)
سلمان الجهني، "ك (25/ 188).
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ
(1)
، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَه، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ". [راجع: 1145].
"يَتَنَزَّلُ" في سـ، حـ، هـ، ذ:"يَنْزِلُ"
(2)
. "مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي" في صـ: "وَمَنْ يَسْتَغْفِرُني".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 1145).
(2)
قوله: (ينزل) من النزول، كذا في رواية أبي ذر عن المستملي والسرخسي، وفي رواية الأكثرين:"يتنزل" من باب التفعل، "ع" (16/ 679). فإن قلت: هو منزه عن الحركة والجهة والمكان؟ قلت: هو من المتشابهات، فإما التفويض وإما التأويل بنزول ملك الرحمة ونحوه، "ك"(25/ 188). ليس في هذا الباب وأمثاله إلا التسليم والتفويض إلى ما أراد الله من ذلك، فإن الأخذ بظاهره يؤدي إلى التجسيم، وتأويله يؤدي إلى التعطيل، والسلامة في السمكوت والتفويض، "ع"(16/ 680).
والغرض من الحديث هاهنا قوله: "فيقول
…
" إلخ، وهو ظاهر في المراد سواء كان المنادي به ملك بأمره أو لا؛ لأن المراد إثبات نسبة القول إليه، وهي حاصلة على كل من الحالتين، وقد نبهت على من أخرج الزيادة المصرحة بأن الله يأمر ملكًا فينادي في "كتاب التهجد" [ح: 1145]. وتأول ابن حزم النزول بأنه فعل يفعله الله في سماء الدنيا كالفتح لقبول الدعاء، وأن تلك الساعة من مظان الإجابة وهو معهود في اللغة، تقول: فلان نزل لي عن حقه يعني وهبه. قال: والدليل على أنها صفة فعل تعليقه بوقت محدود، ومن لم يزل لا يتعلق بالزمان فصح أنه حادث، "ف" (13/ 468).
7495 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
(1)
قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيبٌ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ
(3)
: أَنَّ الأَعْرَجَ
(4)
حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "نَحْنُ الآخِرُونَ
(5)
السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
(6)
.
[راجع: 238].
7496 -
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ
(7)
: "قَالَ اللَّهُ
(8)
: أَنْفِقْ
(9)
أُنْفِقْ
(10)
عَلَيكَ". [راجع: 4684].
"أَنَهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ" زاد في نـ: "يَقُولُ".
===
(1)
الحكم بن نافع، "ع"(16/ 680).
(2)
ابن أبي حمزة، "ع"(16/ 680).
(3)
عبد الله بن ذكوان، "ع"(16/ 680).
(4)
عبد الرحمن بن هرمز، "ع"(16/ 680).
(5)
في الدنيا، "ك"(25/ 188).
(6)
قوله: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة) حديث مستقل. وقوله: "قال الله
…
" إلخ، قطعة من حديث آخر مستقل، وقد سبق مرارًا مثله، وهو إما أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الذي بعده في سياق واحد فنقله كما سمعه، أو سمع الراوي من أبي هريرة كذلك فرواه كما سمعه. وقيل: كان هذا في أول صحيفة بعض الرواة عن أبي هريرة بالإسناد متقدمًا على الأحاديث، فلما أرادوا نقل حديث منها ذكروه مع الإسناد، والله أعلم، "ك" (25/ 188)، "ع" (16/ 680).
(7)
أي: الإسناد المذكور، "ع"(16/ 680).
(8)
فيه المطابقة، "ع"(16/ 680).
(9)
أي: على عباد الله ينفق الله عليك، أي: يعطيك خلفه بل أكثر منه أضعافًا مضاعفة، "ك"(25/ 188)، "ع"(16/ 680).
(10)
هذه قطعة من حديث طويل مضى (برقم: 4684).
7497 -
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيلٍ
(1)
، عَنْ عُمَارَةَ
(2)
، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ
(3)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
(4)
، فَقَالَ: "هَذِهِ خَدِيجَةُ أَتَتْكَ
(5)
بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ أَوْ إِنَاءِ أَوْ شَرَابِ
(6)
فَأَقْرِئْهَا
(7)
مِنْ رَبِّهَا
"أَتَتْكَ" في سـ، ذ:"تَأْتِيكَ". "أَوْ إِنَاءٍ أَوْ شَرَابٌ" في نـ: "أَوْ إِنَاءِ فِيهِ شَرَابٌ"، وفي نـ:"وَإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ".
===
(1)
اسمه محمد، "ع"(16/ 680).
(2)
ابن القعقاع، "ع"(16/ 680).
(3)
اسمه هرم البجلي، "ك"(25/ 189).
(4)
قوله: (عن أبي هريرة فقال
…
) إلخ، كذا أورده هاهنا مختصرًا، والقائل جبرئيل كما تقدم في "باب تزويج خديجة" في أواخر "المناقب" (برقم: 3820): عن قتيبة بن سعيد عن محمد بن فضيل بهذا السند عن أبي هريرة: قال: [أتى جبرئيل النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال:] يا رسول الله، هذه خديجة
…
، إلى آخره. وبهذا يظهر أن جزم الكرماني بأن هذا الحديث موقوف غير مرفوع مردود، "ف"(13/ 469) هذا تشنيع بلا وجه؛ لأن مقصود الكرماني بالنظر إلى ما ورد هنا مختصرًا، ولم يجزم بأنه موقوف، "ع"(16/ 681).
(5)
قوله: (أتتك) وفي رواية المستملي هاهنا: "تأتيك" بصيغة الفعل المضارع، "ف"(13/ 469).
(6)
قوله: (بإناء فيه طعام أو إناء أو شراب) كذا للأصيلي وأبي ذر، وفي رواية لأبي ذر:"و إناء فيه شراب" وكذا للباقين، وقد تقدم في أواخر "المناقب":"إدام أو طعام أو شراب". وقال الكرماني (25/ 189): قوله: "بإناء فيه طعام أو إناء" شك من الراوي، هل قال فيه: طعام، أو قال: إناء فقط؟، لم يذكر ما فيه، ويجوز في قوله:"أو شراب": الرفع والجر، "ف"(13/ 469).
(7)
فيه المطابقة أي: هو بمعنى التسليم عليها، "ع"(16/ 680).
السَّلَامَ وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصبٍ
(1)
لَا صَخَبَ فِيهِ
(2)
وَلَا نَصَبَ"
(3)
.
[راجع: 3820].
7498 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ
(4)
الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ
(5)
سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ". [راجع: 3244، تحفة: 14683].
7499 -
حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ
(6)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سلَيمَانُ الأَحْوَلُ: أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ:
"أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ" في صـ: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ". "أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ" في صـ: "حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ". "عَنْ هَمَّامٍ" في نـ: "عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ". "الصَّالِحِينَ" سقط في نـ. "حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ" في نـ: "حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ". "أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ" في نـ: "أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ".
===
(1)
قوله: (من قصب) هو لؤلؤ مجوّف واسع كالقصر المنيف، والقصب من الجوهر ما استطال منه في تجويف. وفيه إشارة إلى قصب سبقها في الإسلام، "مجمع"(4/ 281).
(2)
بالمهملة والمعجمة المفتوحتين: الصياح واللغط، "ك" (25/ 189). ومرَّ الحديث (برقم: 3820).
(3)
النصب: التعب، "ك"(25/ 189).
(4)
قوله: (لعبادي) الإضافة للتشريف أي: المخلصين. وفي بعضها: "لعبادي الصالحين"، "ك"(25/ 189).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 4779).
(6)
ابن غيلان، "ك"(25/ 189).
أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذِا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيلِ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ
(1)
وَالأرْضِ
(2)
(3)
، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ
(4)
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلقَاؤُكَ الْحَقُّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ
(5)
حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْت، وَبِكَ آمَنْت، وَعَلَيكَ تَوَكَّلْت، وَإِلَيْكَ أَنَبْت، وَبِكَ خَاصَمْت، وَإِلَيكَ حَاكَمْتُ
(6)
، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْت، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْت، أَنْتَ إِلَهِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ".
[راجع: 1120].
"وَلقَاؤُكَ الْحَقُّ" في صـ: "وَلقَاؤُكَ حَقٌّ".
===
(1)
أي: منورهما أو مدبر أمرهما، "مجمع"(4/ 819).
(2)
قوله: (أنت نور السماوات والأرض) أي: منورهما، يعني: كل شيء استنار منهما واستضاء فبقدرتك وجودك، والأجرام النيرة بدائع فطرتك، والحواس والعقل خلقك وعطيتك، "مجمع"(4/ 819).
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 1120).
(4)
القيم: القائم بذاته المقيم لغيره، "ك"(25/ 190).
(5)
أي: يوم القيامة، "مجمع"(3/ 148).
(6)
قوله: (وإليك حاكمت) أي: كل من جحد الحق جعلتك الحاكم بيني وبينه، لا غيرك مما تحاكم إليه أهل الجاهلية من صنم أو كاهن، "مجمع"(1/ 533).
7500 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيرِيُّ
(1)
قَالَ: حَدَّثنَا يُونسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ
(2)
قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْريَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ
(3)
بْنَ وَقَّاصٍ
(4)
وَعُبَيدَ اللَّهِ بْنَ عَبدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا، وَكلٌّ حَدَّثنِي طَائِفَةً
(5)
مِنَ الحَدِيثِ
(6)
الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِي بَرَاءَتِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِي
(7)
فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يتَكَلَّمَ اللَّهُ
(8)
فِيَّ بِأَمْر يُتْلَى، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبرِّئُنِي اللهُ بِهَا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ:{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} الْعَشْرَ الآيَاتِ [النور: 11 - 25]. [راجع: 2593، أخرجه: م 2770، س في الكبرى 8931، تحفة: 16708، 16126، 17409، 16311].
"عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ" زاد في نـ: "ابْنِ عُتْبَةَ". "وَلَكِنْ" في هـ، ذ:"وَلكِنِّي". "وَأَنْزَلَ اللَّهُ" في نـ: "فَأَنْزَلَ اللَّهُ".
===
(1)
مصغر النمر بالنون، "ك"(25/ 190).
(2)
بفتح الهمزة وإسكان التحتانية وباللام، "ك"(25/ 190).
(3)
بسكون اللام، "ك"(25/ 190).
(4)
بتشديد القاف، الليثي بالمثلثة، "ك"(25/ 190).
(5)
قوله: (وكل حدثني طائفة) أي: قال الزهري: كل من الأئمة المذكورين حدثني بعضًا من حديث الإفك عن عائشة رضي الله عنها. وقوله: "يتكلم الله" فيه الترجمة، وهو المقصود هاهنا، "ك"(25/ 190 - 191).
(6)
مرَّ الحديث مطولًا (برقم: 2661، 4141، 4750، 4757).
(7)
اللام للتأكيد.
(8)
فيه المطابقة.
7501 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ
(1)
، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ
(2)
: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سيِّئَةً فَلَا تَكْتبُوهَا
(3)
عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا
(4)
بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي
(5)
فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَم يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتبهوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبعِمِائَةٍ".
[تحفة: 13887].
"فَإِنْ عَمِلَهَا" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"فَإِذَا عَمِلَهَا". "إِلَى سَبْعِمِائَةٍ" في سـ، حـ، ذ:"إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ".
===
(1)
الحزامي - بكسر المهملة وخفة الزاي - المدني، "ك"(25/ 191).
(2)
فيه المطابقة.
(3)
قوله: (فلا تكتبوها) فإن قلت: قال العلماء: من عزم على معصية ولو بعد عشر سنين وأصر عليه، عصى في الحال وهو له سيئة وإن لم يعملها؟ قلت: قالوا: المراد من الحديث ما لم يصرّ عليه، مثل الخطرات والوساوس التي لا ثبات لها، فكأنهم جعلوا الإصرار عليه عملًا من أعمال القلب. وفي الجملة الحديث على ظاهره؛ لأنه لم يكتب له تلك السيئة التي أرادها بل المكتوب شيء آخر وهو المؤاخذة به لا تلك السيئة، "ك" (25/ 191). استدل بمفهوم الغاية - في قوله:"فلا تكتبوها حتى يعملها" ومفهوم الشرط في قوله: "فإذا عملها فاكتبوها له بمثلها" - من قال: إن العزم على فعل المعصية لا يكتب سيئة حتى يقع العمل ولو بالشروع، "ف"(13/ 470).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 6491).
(5)
قوله: (من أجلي) أي: امتثالًا لحكمي وخالصًا لي. وتكتب له حسنة لأن ترك المعصية طاعة وترك الشر خير. "فاكتبوها حسنة" لأن القصد
7502 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سلَيمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ
(1)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ
(2)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ
(3)
مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ
(4)
فَقَالَ: مَهٍ
(5)
(6)
، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، فَقَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ
(7)
"فَقَالَ: مَهٍ" في نـ: "قَالَ: مَه". "قَالَتْ: هَذَا" في صـ: "فَقَالَتْ: هَذَا". "فَقَال: أَلَا" في هـ، ذ:"قَالَ: أَلَا".
===
إلى الحسنة حسنة، وهي عمل من الأعمال القلبية. و"إلى سبع مائة ضعف" أي: منتهيًا أي: سبع مائة ضعف، والله يضاعف لمن يشاء، "ك"(25/ 191).
(1)
بكسر الراء المشددة، والذي في اليونينية فتحها، "قس"(15/ 541)، بفاعل التزريد بالراء ثم الزاي، "ك (25/ 192).
(2)
ضد اليمين، "ك"(25/ 192).
(3)
أي: أتم خلقه وهو لا يشغله شأن عن شأن، "ك"(25/ 192).
(4)
قوله: (قامت الرحم) قيل: هو المحارم، وقيل: كل ذي رحم من ذوي الأرحام في الإرث، "مجمع"(2/ 309).
(5)
بالسكون والتنوين، "خ".
(6)
قوله: (فقال: مه) أي: قال الله لها: مه. وهو إما كلمة الروع والزجر وإما للاستفهام، فقلب الألف هاء. فقالت الرحم:"هذا مقام العائذ" أي: المعتصم الملتجئ المستجير بك من قطع الأرحام، "ك" (25/ 192). قوله:"هذا" إشارة إلى المقام، أي: قيامي هذا قيام العائذ من القطيعة، "مجمع"(2/ 309).
(7)
قوله: (فقال: ألا ترضين) قال بعضهم: فإن قيل: الفاء في "فقال" يوجب كون قول الله عقيب قول الرحم فيكون حادثًا! قلنا: لما دل الدليل
أَنْ أَصِلَ
(1)
مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى
(2)
يَا رَبِّ، قَالَ
(3)
: فَذَلِكِ لَكِ"
(4)
. ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]. [راجع: 4830].
7503 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ
(5)
، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ
(6)
قَالَ: مُطِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(7)
فَقَالَ
(8)
:
"فَقَالَ" في نـ: "وَقَالَ".
===
على قدمه وجب حمله على معنى إفهامه إياها، أو على قول ملك مأمور بقوله لها:"قال" وقول الرحم: مه. ومعناه: الزجر محال توجهه إلى الله تعالى فوجب توجهه إلى من عاذت الرحم بالله تعالى من قطعه إياها. أقول: منشأ الكلام الأول قلة عقله، ومنشأ الكلام الثاني فساد نقله، "ك"(25/ 192).
(1)
وصْل الله: إيصال الرحمة، "مجمع"(5/ 68).
(2)
قوله: (قالت: بلى) قال النووي: الرحم التي توصل وتقطع إنما هي معنى من المعاني لا يتأتى منه الكلام؛ إذ هي قرابة يجمعها رحم واحد فيتصل بعضًا ببعض، فالمراد تعظيم شأنها وبيان فضيلة من وصلها وإثم من قطعها، فورد الكلام على عادة العرب في استعمال الاستعارات. وقال غيره: يجوز حمله على ظاهره وتجسد المعاني غير ممتنع في القدرة، "ف"(13/ 470).
(3)
مطابقته في لفظ "قال" في ثلاثة مواضع.
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 5987).
(5)
ابن عبد الله بن عتبة، "ك"(25/ 192).
(6)
الجهني.
(7)
قوله: (مطر النبي صلى الله عليه وسلم) مطر بضم الميم أي: وقع المطر بدعائه صلى الله عليه وسلم، أو نسب ذلك إليه؛ لأن من عداه كان تبعًا له، "ف"(13/ 470).
(8)
مرَّ الحديث (برقم: 1038).
"قَالَ اللَّهُ
(1)
: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي كَافِرٌ بِي
(2)
وَمُؤْمِنٌ بِي". [راجع: 846].
7504 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "قَالَ اللَّهُ
(3)
: إِذَا أَحَبَّ
(4)
(5)
عَبْدِي لِقَائِي أَحْبَبْتُ
(6)
لِقَاءَه، وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِي كَرِهْتُ لِقَاءَهُ". [أخرجه: س 1835، تحفة: 13831].
7505 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شعَيْبٌ قَالَ:
===
(1)
فيه المطابقة.
(2)
قوله: (كافر بي) وهو من قال: مطرنا بنوء كذا. و"مؤمن بي" وهو من قال: مطرنا بعون الله ورحمته، "ك"(25/ 192 - 193).
(3)
فيه المطابقة.
(4)
فيه أن محبة لقاء الله لا تدخل في النهي عن تمني الموت، لأنها ممكنة مع عدم تمنيه، لأن النهي محمول على حال الحياة المستمرة، أما عند المعاينة والاحتضار فلا تدخل تحت النهي بل هي مستحبة، "قس"(15/ 542).
(5)
قوله: (إذا أحب
…
) إلخ، قال ابن عبد البر بعد أن أورد الأحاديث الواردة في تخصيص ذلك بوقت الوفاة: دلت هذه الآثار أن ذلك عند حضور الموت ومعاينة ما هناك، وذلك حين لا تقبل توبة التائب إن لم يتب قبل ذلك، "ف" (13/ 470). تقدم الحديث في "كتاب الرقاق" (برقم: 6507)، وتمامه: فقالت عائشة أو بعض أزواجه: إنا لنكره الموت. فقال: ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بُشر برضوان الله وكرامته فأحب لقاء الله تعالى، والكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فكره لقاء الله، "ك"(25/ 193).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 6507).
حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَالَ اللَّهُ
(1)
: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ
(2)
عَبدِي بِي"
(3)
. [راجع: 7405، تحفة: 13771].
7506 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَالَ رجلٌ
(4)
"أَنَا" في سـ، ذ:"لأَنَا".
===
(1)
فيه المطابقة.
(2)
أي: بالغفران إذا استغفر، والقبول إذا تاب، والكفاية إذا طلبها، والأصح: أنه أراد الرجاء وتأميل العفو، فإن ظن العفو فله ذلك، وإن ظن العقوبة فكذلك. وهو إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء أي: أعامله على حسب ظنه بي وتوقعه مني. والمراد: الحث على تغليب الرجاء على الخوف. ويجوز أن يراد به العلم، أي: أنا عند يقينه بي وعلمه بأن مصيره إليّ وحسابه عليّ وأن ما قضيت له من خير وشر فلا مرد له، أي: إذا تمكن في مقام التوحيد قرب بي بحيث إذا دعاني أجيب له، "مجمع"(3/ 502 - 503).
(3)
أي: إن كان مستظهرًا برحمتي وفضلي فأرحمه بالفضل، "ك" (25/ 193). مرَّ الحديث (برقم: 7405).
(4)
قول: (رجل) وكان نباشًا في بني إسرائيل "إذا مات فأحرقوه" كنى بالغائب عن نفسه على نوع من الالتفات. فإن قلت: إن كان مؤمنًا فلم شك في قدرة الله تعالى، وإن كان كافرًا فكيف غفر له؟ قلت: كان مؤمنًا بدليل الخشية. ومعنى "قدر" مخففًا ومشددًا: حكم وقضى أو ضيق، كقوله:" {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} " وقيل أيضًا: إنه على ظاهره، ولكن قاله وهو غير ضابط لنفسه، بل قاله في حالة غلبة الدهش والخوف عليه فصار كالغافل لا يؤاخذ عليه أو أنه جهل صفة من صفات الله، وجاهل الصفة كفره مختلف
لَم يَعْمَلْ خَيرًا قَطُّ: إِذَا مَاتَ فَأَحْرِقُوهُ وَاذْرُوا
(1)
نِصْفَهُ
(2)
فِي الْبَرِّ وَنصْفَهُ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمِعِ مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: لِمَ فَعَلْتَ
(3)
؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ، وَأَنْتَ أَعْلَم، فَغُفِرَ لَهُ"
(4)
.
[راجع: 3481، أخرجه: م 2756، تحفة: 13810].
7507 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ
(5)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ
"إِذَا مَاتَ" كذا في ذ، ولغيره:"فَإِذَا مَاتَ". "فَأَحْرِقُوهُ" في نـ: "فَحَرِّقُوهُ". "وَاذْرُوا" في نـ: "وَادْرُوا". "فَجَمَعَ" كذا في سـ، هـ، وفي حـ، ذ:"ليَجْمَعْ". "وَأَنْتَ" في نـ: "فَأَنْتَ".
===
فيه، أو أنه كان في زمانه ينفعه مجرد التوحيد، أو كان في شرعهم جواز العفو عن الكافر، أو معناه، لئن قدر الله علي مجتمعًا صحيح الأعضاء ليعذبني وحسب أنه إذا قدر عليه محترقًا متفرقًا لا يعذبه. "وأنت أعلم" جملة حالية أو معترضة، "ك"(25/ 193).
(1)
من ذرته الريح وأذرته: أطارته، "مجمع"(2/ 237).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 3452، 3481، 6479) مكررًا ثلاثًا.
(3)
فيه المطابقة.
(4)
قوله: (فغفر له) اعلم أنه فهم من هذا الحديث أن الخشية من أسباب المغفرة، وفهم من الحديث السابق أن الاستظهار على الفضل والرحمة من أسباب المغفرة، ولا منافاة؛ فإن الخاشي إنما يخشى من جهة عصيانه وخذلانه عنده، وإن استظهر يرجو رحمته تعالى فلكل نظر إلى صفة من صفات الله تعالى مع أن الخاشي ينظر إلى معاصيه ويخاف منها، "خ".
(5)
السرماري، قال الغساني: هو بفتح المهملة وكسرها وإسكان الراء، "ك"(25/ 193 - 194).
عَاصِمٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ
(2)
، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْت عَبدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ
(3)
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ عَبدًا أَصَابَ ذَنْبًا - وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا - فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ - وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَبتُ - فَاغْفِرْهُ
(4)
. فَقَالَ رَبُّهُ
(5)
: أَعَلِمَ
(6)
عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بهِ
(7)
؟ غَفَرْتُ لِعَبدِي. ثُمَّ مَكُثَ مَا شَاءَ اللَّهُ
(8)
، ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا - أَوْ أذْنَبَ ذَنْبًا - قَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ - أَوْ أَصَبْتُ - آخَرَ فَاغْفِرْهُ. فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي. ثُمَّ مَكُثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا - وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَابَ ذَنْبًا - قَالَ: رَبِّ أَصَبْتُ - أَوْ قَالَ: أَذْنَبْتُ -
"سَمِعْتُ النَّبِيَّ" في نـ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ". "فَاغْفِرْهُ" كذا في ذ، وفي هـ:"فَاغْفِرْ لِي"، وفي نـ:"فَاغْفِرْ". "أَعَلِمَ" في صـ: "عَلِمَ". "يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ" في صـ: "يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَيَأْخُذُ بِهَا". "أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا، قَالَ" في نـ: "أَوْ أَذْنَبَ، فَقَالَ"، وفي نـ:"أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ". "فَاغْفِرْهُ" في صـ: "فَاغْفِرْ لِي". "أَعَلِمَ" في صـ: "عَلِمَ".
===
(1)
الكلابي بكسر الكاف، وروى عنه البخاري بلا واسطة في "الصلاة" وغيرها، "ك"(25/ 194).
(2)
ابن يحيى، "ك"(25/ 194).
(3)
بفتح المهملة وإسكان الميم، الأنصاري، "ك"(25/ 194).
(4)
أي: الذنب لي، واعف عنه، "ك"(25/ 194).
(5)
فيه المطابقة.
(6)
بهمزة الاستفهام والفعل الماضي، "ك"(25/ 194).
(7)
أي: يعاقب به، "ك"(25/ 194).
(8)
أي: من الزمان، "ف"(13/ 471).
آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي. فَقَالَ
(1)
: أَعَلِمَ عَبْدِي
(2)
أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبدِي - ثلاثًا - ". [أخرجه: م 2758، سي 419، تحفة: 13601].
7508 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ
(3)
قَالَ:
"ثَلاثًا" زاد في نـ: "فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ".
===
(1)
فيه قبول التوبة وإن تكررت الذنوب، "ك"(25/ 194).
(2)
قوله: (أعلم عبدي
…
) إلخ، قال ابن بطال (10/ 503): في هذا الحديث أن المُصِر على المعصية في مشيئة الله تعالى إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له تغليبًا لحسنته
(1)
التي جاء بها، وهي اعتقاده أن له ربًا خالقًا يعذبه ويغفر له، واستغفاره إياه على ذلك، يدل عليه قوله:" {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} " ولا حسنة أعظم من التوحيد. فإن قيل: إن استغفاره ربه توبة منه؟ قلنا: ليس الاستغفار أكثر من طلب المغفرة، وقد يطلبها المصر والتائب، ولا دليل في الحديث على أنه تاب مما سأل الغفران عنه؛ لأن حد التوبة الرجوع عن الذنب والعزم أن لا يعود إليه والإقلاع عنه، والاستغفار بمجرده لا يفهم منه ذلك، انتهى. وقال غيره: شروط التوبة ثلاثة: الإقلاع، والندم، والعزم على أن لا يعود، والتعبير بالرجوع عن الذنب لا يفيد معنى الندم، بل هو إلى معنى الإقلاع أقرب، وقال بعضهم: يكفي في التوبة تحقق الندم على وقوعه منه، فإنه يستلزم الإقلاع عنه والعزم على عدم العود، فهما ناشئان عن الندم لا أصلان معه. ومن ثم جاء الحديث:"الندم توبة" وهو حديث حسن من حديث ابن مسعود أخرجه ابن ماجه [ح 4252]، وصححه الحاكم، وأخرجه ابن حبان من حديث أنس وصححه، "ف"(13/ 471).
(3)
البصري، "ع"(16/ 686)، "ك"(25/ 194).
(1)
كذا في الأصل، وفي "الفتح": مغلبًا الحسنةَ، وفي "قس" (15/ 445): مغلبًا لحسنته، وفي "شرح ابن بطال": مغلبًا لخشيته، وفي "التوضيح" (33/ 453): مُعْلِنًا بخشيته.
حَدَّثَنِي مُعْتَمِرٌ
(1)
قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ
(2)
، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ
(3)
، عَنْ أَبِي سَعِيدِ الخُدرِيِّ
(4)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا فِيمَنْ
(5)
سَلَفَ - أَوْ فِيمَنْ
(6)
كَانَ قَبلَكُمْ - قَالَ كَلِمَةً، يَعْنِي: أَعْطَاهُ اللَّهُ
(7)
مَالًا وَوَلَدًا، فَلَمَّا حَضَرَهُ الموتُ قَالَ لِبَنِيهِ: أَيَّ أَبٍ
(8)
كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيرُ أَبٍ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ
(9)
"حَدَّثَنِي مُعْتَمِرٌ" في نـ: "حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ". "حَدَّثَنَا قَتَادَةُ" في نـ: "قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ". "قَبْلَكُمْ " في صـ: "قَبلَهُمْ". "حَضَرَهُ الموتُ " في ذ: "حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ". "لَمْ يَبْتَئِرْ" في نـ: "لَمْ يَبْئِرْ".
===
(1)
يروي عن أبيه سليمان بن طرخان التيمي"ع"(16/ 686).
(2)
ابن دعامة - بكسر المهملة الأولى - السدوسي، "ك"(25/ 194).
(3)
الأزدي، "ك"(25/ 194).
(4)
سعد بن مالك، "ع"(16/ 686).
(5)
أي: في جملتهم، "ك"(25/ 195).
(6)
شك من الراوي، "ع"(16/ 686).
(7)
تفسير لقوله: "كلمة" وهو صفة لقوله: "رجلًا"، "ك"(25/ 195)، "ع"(16/ 686).
(8)
قوله: (أي أب) قال أبو البقاء: هو بنصب "أي" أعلى، أنه خبر "كنت"، وجاز تقديمه لكونه استفهامًا، ويجوز الرفع، وجوابهم بقولهم:"خير أبٍ"، الأجود النصب على تقدير: كنت خير أب، فيوافق ما هو جواب عنه، ويجوز الرفع بتقدير: أنت خير أب، [انظر "الفتح" (13/ 472)].
(9)
قوله: (لم يبتئر) بفتح التحتية وسكون الموحدة وفتح الفوقية بعدها همزة مكسورة فراء مهملة، قال في "المصابيح": وهو المعروف في اللغة، "قس"(15/ 547)، أي: لم يقدم لنفسه ولم يدخره، من "بأرته" و"ابتأرته"، "مجمع"(1/ 144).
- أَوْ لَمْ يَبْتَئِزْ
(1)
- عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا، وَإِنْ يَقْدِرِ اللَّهُ يُعَذِّبْه، فَانْظُرُوا إِذَا مُتُّ فَأحْرِقُونِي حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا
(2)
فَاسْحَقُونِي
(3)
- أَوْ قَالَ: فَاسْحَكُونِي
(4)
-، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ رِيحٍ عَاصِفٍ فَأَذْرُونِي
(5)
فِيهَا، قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَبِّي
(6)
(7)
،
"لَمْ يَبْتَئِزْ" في نـ: "لَمْ يَأْتَبِرْ"، وفي نـ:"لَمْ يَبْتَئِنْ". "يَقْدِرِ اللَّهُ! زاد في نـ: "عليه". "قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ" في نـ: "فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ".
===
(1)
قوله: (أو لم يبتئز) بالزاي بدل الراء، فقال في "المطالع": وقع للبخاري في "كتاب التوحيد" على الشك في الراء والزاي، وفي بعضها:"لم ياتبر" أي: لم يقدّم، "قس"(15/ 547).
(2)
الفحم: الجمر الطافئ، "قاموس" (ص: 1055).
(3)
من سحق الدواء، ومنه مسك سحيق"ع"(16/ 686)، بمعنى الدق والطحن، "مجمع"(3/ 48).
(4)
شك من الراوي، وهو بمعناه، ويروى:"فاسهكوني" بالهاء بدل الحاء المهملة، وقال الخطابي: ويروى "فاسحلوني" يعني باللام، ثم قال: معناه: أبردوني بالمسحل وهو المبرد، ويقال للبرادة: سحالة، "ع"(16/ 686).
(5)
قوله: (فأذروني) بهمزة قطع وبمعجمة وبإسقاطها في اليونينية يقال: ذرى الريح الشيء وأذرته أطارته وأذهبته، "قس"(15/ 547).
(6)
قسم من المخبر بذاك عنهم تأكيد لصدقه"ع"(16/ 686).
(7)
قوله: (وربي) هو على القسم من المخبر بذلك عنهم ليصحح خبره، ويحتمل أن يكون حكاية الميثاق الذي أخذه أي: قال لمن أوصاه: قل: "وربي لأفعلن ذلك". وفي "صحيح مسلم": "فأخذ منهم ميثاقًا ففعلوا ذلك"، قال القاضي عياض: وفي بعض نسخه: "وذرى"، قال فإن صحّت
فَفَعَلُوا ثُمَّ أَذْرَوْهُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ
(1)
، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُنْ، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ قَائِمٌ، قَالَ اللَّهُ
(2)
: أَيْ عَبدِي مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ أَوْ فَرَقٌ
(3)
مِنْكَ
(4)
، قَالَ: فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ -،
"فَرَقٌ" في ذ: "فَرَقًا".
===
هذه الرواية فهو وجه الكلام ولعل الذال سقطت لبعض النساخ وتابعه الباقون، وقال الكرماني (25/ 195): ولفظ البخاري يحتمل أن يكون بصيغة الماضي من التربية، أي: ربي أخذ المواثيق والمبايعات، لكنه موقوف على الرواية، "عيني" من "كتاب الرقاق، (15/ 556).
(1)
عصفت الريح: اشتدت فهي عاصفة وعاصف، "قاموس" (ص: 773).
(2)
فيه المطابقة، كذا في "ع"(16/ 686).
(3)
قوله: (أو فرق) بفتح الفاء والراء والشك من الراوي، ومعناهما واحد، "مخافتك" ومعطوفه رفع، قال البدر الدماميني: خبر مبتدأ محذوف أي: الحامل لي مخافتك أو فرق منك. فإن قلت: هلا جعلته فاعلًا بفعل مقدر أي: حملني على ذلك مخافتك؟ قلت: بوجهين أحدهما: أنه إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلًا والباقي فاعلًا وكونه مبتدأ والباقي خبرًا فالثاني أولى، لأن المبتدأ عين الخبر فالمحذوف عين الثابت فيكون حذفًا كلا حذف، وأما الفعل فإنه غير الفاعل. الوجه الثاني: أن التشاكل بين جملتي السؤال والجواب مطلوب، ولا خفاء بأن قوله:"ما حملك على أن فعلت ما فعلت؟ " جملة اسمية، فليكن جوابها كذلك لمكان المناسبة، ولك على هذا أن تجعل "مخافتك" مبتدأ والخبر محذوف أي: حملتني، انتهى، "قس"(15/ 547).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 3452، و 6480، و 7506).
وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: فَمَا تَلَافَاهُ
(1)
غَيْرُهَا
(2)
- ". فَحَدَّثْتُ بِهِ
(3)
أَبَا عُثْمَانَ
(4)
فَقَالَ: سَمِعْتُ هَذَا مِنْ سَلْمَانَ
(5)
غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ: "أَذْرُونِي فِي الْبَحْرِ"، أَوْ كَمَا حَدَّثَ. [راجع: 3478].
===
(1)
قوله: (فما تلافاه) بالفاء: ما تداركه. فإن قلت: مفهومه عكس المقصود؟ قلت: "ما" موصولة أي: الذي تلافاه هو الرحمة، أو نافية، وكلمة الاستثناء محذوفة عند من جوز حذفها، أو المراد: ما تلافى عدم الابتئار لأجل أن رحمه أو بأن رحمه، "ك"(25/ 195)، "ع"(16/ 686).
ويشكل على هذا أمر من قوله: "إن يقدر الله يعذبه"؛ فإن ظاهره أنه كان شاكًّا في قدرة الله تعالى! وهو كفر، فكيف تلافاه الله بالرحمة؟ فقال صاحب "المجمع" (4/ 225):"قدر" بالتخفيف للجمهور بمعنى ضيق، وبالتشديد لبعض بمعنى قدر على العذاب. "ن":"قدر" بالتخفيف والتشديد أي: قضاه، وليس هو شكًّا في القدرة وإلا كفر فلا يغفر. وقيل: قاله وهو مغلوب على عقله بالخوف والدهش، أو هو بالشك جهل صفة الله بالقدرة، والجاهل لا يكفر بل الجاحد على الأصح. "ك": أو كان في شرعهم جواز غفران الكفر أو بمعنى ضيق وناقشه في الحساب، أو أن الجاهل بالصفات عذره البعض فإن العارف بها قليل، ولذا قال الحواريون خلص أصحاب عيسى:{هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ} [المائدة: 112] أو هو في زمان الفترة حين ينفع مجرد التوحيد، انتهى.
(2)
في نسخة عتيقة بالرفع والنصب، عائد إلى الترجمة، "خ".
(3)
القائل هو سليمان التيمي، وذهل الكرماني فجزم بأنه قتادة، "ف"(13/ 472).
(4)
عبد الرحمن النهدي، "ك"(25/ 195).
(5)
الفارسي الصحابي.
- حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ
(1)
، وَقَالَ: لَمْ يَبْتَئِزْ
(2)
. وَقَالَ خَلِيفَةُ
(3)
: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ وَقَالَ: لَمْ يَبْتَئِزْ
(4)
. فَسَّرَهُ قَتَادَةُ: لَمْ يَدَّخِرْ.
36 - بَابُ كَلَامِ الرَّبِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأَنْبيَاءِ وَغَيْرِهِمْ
(5)
7509 -
حَدَّثنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ
(6)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبدِ اللَّهِ
(7)
قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ
(8)
، عَنْ حُمَيْدٍ
(9)
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شُفِّعْتُ
(10)
، فَقُلْتُ:
===
(1)
ابن سليمان، "ع"(16/ 687).
(2)
بالراء بلا شك.
(3)
ابن خياط البصري، "ك"(25/ 196).
(4)
بالزاي جزمًا، "ك (25/ 196).
(5)
لمَّا بين كلام الرب جل جلاله مع الملائكة المشاهدة، له ذكر في هذا الباب كلامه مع البشر يوم القيامة، بخلاف ما حرمهم في الدنيا، لحجابه الأبصار عن رؤيته فيها، فيرفع في الآخرة ذلك الحجاب عن أبصارهم ويكلمهم على حال المشاهدة، كما قال عليه الصلاة والسلام:"ليس بينه وبينه ترجمان"، "ع"(16/ 687).
(6)
هو يوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي نزيل بغداد، نسبة لجده، وهو بالنسبة لأبيه أشهر، "ف"(13/ 475).
(7)
ابن يونس اليربوعي، "ك (25/ 196)، "ع" (16/ 687).
(8)
هو المقرئ، "ف"(13/ 475).
(9)
الطويل، "ع"(16/ 687).
(10)
قوله: (شفعت) بضم المعجمة وكسر الفاء المشددة من التشفيع، وهو تفويض الشفاعة إليه والقبول منه، قاله في "الكواكب"، ولأبي ذر عن الكشميهني بفتح المعجمة والفاء مع التخفيف، "قس"(15/ 549).
يَا رَبِّ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ
(1)
مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ، فَيُدْخَلُونَ، ثُمَّ أَقُولُ: أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى شَيْءٍ". فَقَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّي أنْظُرُ إِلَى أَصَابعِ رَسُولِ اللَّهِ
(2)
صلى الله عليه وسلم. [راجع: 44، تحفة: 817].
7510 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْبَدُ
(3)
بْنُ هِلَالٍ الْعَنَزَيُّ
(4)
قَالَ: اجْتَمَعْنَا نَاسٌ
(5)
===
ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة؛ لأن السياق يدل عليها من التشفيع وقوله: "يا رب" والإجابة مع أن الحديث مختصر، "ع"(16/ 687).
والذي أظن أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه كعادته، فقد أخرجه أبو نعيم في "المستخرج" من طريق أبي عاصم أحمد بن جواس - بفتح الجيم والتشديد - عن أبي بكر بن أبي عياش، ولفظه:"أشفع يوم القيامة فيقال لي: لك من في قلبه شعيرة، ولك من في قلبه خردلة، ولك من في قلبه شيء"، فهذا من كلام الرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، "ف"(13/ 475).
(1)
قوله: (يا رب أدخل الجنة) هكذا في هذه الرواية، وفي التي بعدها أن الله سبحانه هو الذي يقول له ذلك وهو المعروف في سائر الأخبار، ويمكن التوفيق بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم يسأل ذلك أولًا فيجاب إلى ذلك ثانيًا، فوقع في إحدى الروايات ذكر السؤال، وفي البقية ذكر الإجابة، "ف"(13/ 475).
(2)
يعني: عند قوله: "أدنى شيء" يضم أصابعه ويشير بها، "ع"(16/ 688)، حيث يقلله عند قوله:"أدنى شيء"، ويشير إلى رأس أصبعه بالقلة، "ك"(25/ 196).
(3)
بفتح الميم والموحدة وسكون المهملة الأولى، "ك"(25/ 196 - 197).
(4)
بالمهملة والنون المفتوحتين وبالزاي، "ك"(25/ 197).
(5)
بيان لقوله: "اجتمعنا" وهو مرفوع على أنه خبر مبتد! محذوف أي: نحن،"ع"(16/ 689).
مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ
(1)
، فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابتٍ
(2)
إلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ
(3)
، فَوَافَقْنَاهُ
(4)
يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقُلْنَا لِثَابِتٍ: لَا تَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ
(5)
مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ. فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ
(6)
، هَؤُلَاءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوا يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ. فَقَالَ
(7)
: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ
(8)
بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: اشفَعْ إِلَى رَبِّكَ، فَيَقُولُ:
"وَذَهَبْنَا" في نـ: "فَذَهَبنَا". "بِثَابِتٍ" في هـ، ذ:"بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ". "يَسْأَلُهُ " في هـ، ذ:"فَسَأَلَهُ". "جَاءُوا" كذا في ص، ذ، وفي نـ:"جَاءُوكَ". "اشْفَعْ" في نـ: "اشْفَعْ لَنَا".
===
(1)
يعني: ليس فيهم أحد من غير أهلها، "ع"(16/ 689).
(2)
ابن أسلم البصري أبو محمد البناني، "ع"(16/ 689).
(3)
كان قصر أنس رضي الله عنه بموضع يسمى الزاوية على [نحو] فرسخين من البصرة، "ع"(16/ 689). فيه اتخاذ القصر لمن كثرت ذريته، "ف"(13/ 476).
(4)
أي: صادفناه.
(5)
فيه إشعار بأنه أفعل لا فوعل، وفيه اختلاف بين علماء التصريف، "ك"(25/ 197).
(6)
كنية أنس، "ع"(16/ 689).
(7)
أي: أنس، "ع"(16/ 689).
(8)
أي: اضطربوا واختلطوا من هيبة ذلك اليوم، يقال: ماج البحر اضطربت أمواجه، "ع"(16/ 689).
لَسْتُ لَهَا
(1)
، وَلَكِنْ عَليْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ
(2)
فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلَّمَ اللَّهَ. فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَليْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ. فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَليْكُمْ بِمُحَمَّدٍ. فَيَأْتُونِّي، فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا
(3)
. فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي ويُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لَا تَحْضُرُنِي الآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ
(4)
لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ
(5)
: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ،
"فَإِنَّهُ كَلَّمَ اللَّهَ" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ". "فَيَأْتُونِّي" في ذ: "فَيَأْتُونَنِي". "فَأَقُولُ" في نـ: "فَيَقُولُ". "ويُلْهِمُنِي" في ذ: "فَيُلْهِمُنِي". "مَحَامِدَ" في قتـ، ذ:"بِمَحَامِدَ". "وَأَخِرُّ" في نـ: "فَأَخِرُّ". "فَيقَالُ" في هـ، ذ:"فَيَقُولُ"، وفي نـ:"فَقَالَ".
===
(1)
أي: ليس لي هذه المرتبة، "ع"(16/ 689)، "ك"(25/ 197)، "قس"(15/ 552).
(2)
قوله: (لكن عليكم بإبراهيم) لم يذكر فيه نوحًا فإنه سبق في الروايات الأخر: قال آدم: عليكم بنوح، ونوح قال: عليكم بإبراهيم. وقال الكرماني (25/ 198): لعل آدم قال: ائتوا غيري: نوحًا وإبراهيم ونحوهما. قلت: ليس فيه ما يغني عن الجواب، ويمكن أن يكون آدم ذكر نوحًا أيضًا وذهل عنه الراوي هاهنا، "ع"(16/ 689).
(3)
أي: للشفاعة، يعني: أنا أتصدى بهذا الأمر، "ع"(16/ 689).
(4)
أي: أسقط.
(5)
مطابقته للترجمة ظاهرة؛ فإن فيه أجوبة من الله عز وجل "ع"(16/ 689).
وَسَلْ تُعْطَهْ
(1)
، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ
(2)
، أُمَّتِي أُمَّتِي
(3)
.
"تُعْطَه" كذا في صـ، ذ، وفي نـ:"تُعْطَ".
===
(1)
لأبي ذر والأصيلي بهاء السكت، "قس"(15/ 552).
(2)
قوله: (فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقول: انطلق فأخرج منها) قيل: الطالبون للشفاعة منه عامة الخلائق، وذلك أيضًا للإراحة من هول الموقف لا للإخراج من النار. وأجاب القاضي عياض وقال: المراد فيؤذن لي في الشفاعة الموعود بها في إزالة الهول. وله شفاعات أخر خاصة بأمته، وفيه اختصار. وقال المهلب: قوله: "فأقول: يا رب أمتي أمتي" مما زاد سليمان بن حرب على سائر الرواة، وقال الداودي: لا أراه محفوظًا، لأن الخلائق اجتمعوا واستشفعوا، ولو كان المراد هذه الأمة خاصة لم تذهب إلى غير نبيها، وإذا كانت الشفاعة لهم في فصل القضاء فكيف يخصها بقوله:"أمتي أمتي"؟! ثم قال: وأول هذا الحديث ليس متصلًا بآخره، وإنما أقى فيه أول الأمر وآخره وفيما بينهما ليذهب كل أمة مع من كان يتبعه. وحديث: يؤتى بجهنم، وحديث ذكر الموازين والصراط وتناثر الصحف والخصام بين يدي الرب جل جلاله وأكثر أمور يوم القيامة هي ما بين أول هذا الحديث وآخره، "ع"(16/ 689 - 690).
قال الحافظ ابن حجر (13/ 476): دعوى المهلب أن قوله: "فأقول: يا رب أمتي أمتي" مما زاده سليمان بن حرب على سائر الرواة اجتراء على القول بالظن الذي لا يستند إلى دليل؛ فإن سليمان بن حرب لم ينفرد بهذه الزيادة بل رواها معه سعيد بن منصور عند مسلم، وكذا أبو الربيع الزهراني عند مسلم والإسماعيلي - ولم يسق مسلم لفظه -، ويحيى بن حبيب بن عربي عند النسائي في التفسير ومحمد بن عبيد ومحمد بن سليمان كلاهما عند الإسماعيلي كلهم عن حماد بن زيد شيخ سليمان بن حرب فيه بهذه الزيادة، وكذا وقعت هذه الزيادة في هذا الموضع من حديث الشفاعة في الرواية الماضية في "كتاب الرقاق"، انتهى ملخصًا.
(3)
أي: شفعني في أمتي، ويتعلق بمحذوف حذف لضيق المقام وشدَّة
فَيُقَالُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ
(1)
مِنْ إِيمَانٍ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ
(2)
فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي. فَيُقَالُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ
(3)
أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي. فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَاخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى
(4)
أَدْنَى أَدْنَى
"فَيُقَالُ: انْطَلِقْ، في هـ، ذ: "فَيَقُولُ: انْطَلِقْ". "فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ" في هـ، ذ: "فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ". "فَيُقَالُ: انْطَلِقْ" في هـ، ذ: "فَيَقُولُ: انْطَلِقْ". "فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ" في هـ، ذ: "فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ". "فَيَقُولُ: انْطَلِقْ" في صـ: "فَيُقَالُ: انْطَلِقْ". "فَأَخْرِجْ مِنْهَا" في ذ: "فَأَخْرِجْ". "أَدْنَى" ثبت في هـ.
===
الاهتمام، "قس"(15/ 552).
(1)
هو في الأصل مقدار من الوزن، أي: شيء كان من قليل أو كثير، "مجمع"(1/ 296).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 6565).
(3)
بالفتح والتشديد، وصحف شعبة فرواها بالضم والتخفيف، "ك"(25/ 198).
(4)
قوله: (أدنى) أي: أقل، فإن قلت: ما فائدة التكرار؟ قلت: التأكيد. ويحتمل أن يراد: التوزيع على الحبة والخردلة والإيمان أي: أقل حبة من أقل خردلة من أقل إيمان. وفيه دليل على تجزِّي الإيمان والزيادة
مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ مِنَ النَّارِ مِنَ النَّارِ. فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ". فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَوْ
(1)
مَرَرْنَا بِالْحَسَن
(2)
، وَهُوَ مُتَوَارٍ
(3)
في مَنْزل أَبى خَلِيفَةَ
(4)
، فَحَدَّثَنَاه بِمَا حَدَّثَنَا
(5)
أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، فَأَتَينَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيهَ فَأَذِنَ لَنَا، فَقُلْنَا لَهُ:
"مِنَ النَّارِ" ثبت في ذ. "مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ" زاد في نـ: "ابْنِ مَالِكٍ". "وَهُوَ مُتَوَارٍ" في نـ: "قُلْنَا: وَهُوَ مُتَوَارٍ". "فَحَدَّثَنَاه" كذا في هـ، صـ، وفي صـ، حـ، س، ذ:"فَحَدَّثَنَا". "بِمَا حَدَّثَنَا" في نـ: "لِمَا حَدَّثَنَا". "فَقُلْنَا لَهُ "في نـ: "قُلْنَا لَهُ".
===
والنقصان، "ك" (25/ 198) الإيمان: هو التصديق بالقلب، وهو لا يقبل الشدة والضعف فكيف يتجزى؟ ولفظ الخردلة والذرة والشعيرة تمثيل، "ع" (16/ 688). فإن قلت: فلم كرر النار؟ قلت: للمبالغة والتأكيد أيضًا، أو للنظر إلى الأمور الثلاثة من الحبة والخردلة والإيمان، أو جعل للنار أيضًا مراتب، "ك"(25/ 198).
(1)
للتمني.
(2)
أي: البصري، "ك"(25/ 199)، "ع"(16/ 690).
(3)
أي: مختف خوفًا من الحجاج، "قس"(15/ 553)، "ع"(16/ 690)، "ك"(25/ 199).
(4)
قوله: (أبي خليفة) هو حجاج بن عتاب العبدي البصري، والد عمر بن أبي خليفة، سماه البخاري في "تاريخه"، وتبعه الحاكم أبو أحمد في "الكنى"، "ف"(13/ 476).
(5)
قوله: (بما حدثنا) هو متعلق بقوله: "مررنا" أي: متلبسين به، وفي بعضها:"فحدثناه بما حدثنا"، "ك"(25/ 199).
يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ
(1)
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ! قَالَ هِيه
(2)
(3)
؟ فَحَدَّثْنَاهُ
(4)
بِالْحَدِيثِ، فَانْتَهَينَا إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ: هِيه؟ فَقُلْنَا: لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا. فَقَالَ: لَقَدْ حَدَّثَنِي وَهُوَ جَمِيعٌ
(5)
مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا
(6)
. فَقُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ
(7)
فَحَدِّثْنَا. فَضَحِكَ وَقَالَ: خُلِقَ الإنْسَانُ عَجُولًا، مَا ذَكَرْتُهُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ، حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ ثُمَّ قَالَ: "ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا
"فَانْتَهَيْنَا" في نـ: "فَانْتَهَى". "فَقُلْنَا" في صـ: "فَقُلْنَا لَهُ". " فَقُلْنَا" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"قُلْنَا". "كَمَا حَدَّثَكُمْ" في نـ: "كَمَا حَدَّثْتُكُمْ". "بِتِلْكَ المَحَامِدِ" ثبت في صـ، ذ.
===
(1)
أي: في الدين، والمؤمنون إخوة، "ك"(25/ 199)، "ع"(16/ 690).
(2)
بكسر الهائين، كلمة استزادة في الحديث، وقد ينون في الوصل، "ك"(25/ 199).
(3)
قوله: (هبه) بمعنى: إيه، وهو اسم فعل، وهو بغير تنوين: أمر باستزادة حديث معهود، وبه لغير معهود. و"إيهًا" بالنصب للتسكين والكف، "مجمع"(5/ 203).
(4)
بسكون المثلثة، "ف"(13/ 476).
(5)
قوله: (وهو جميع) أي: مجتمع العقل، وهو إشارة إلى أنه كان حينئذ لم يدخل في الكبر الذي هو مظنة تفرق الذهن وحدوث اختلال الحفظ، "ف"(13/ 476).
(6)
أي: تعتمدوا، فتتركون العمل، "ع"(16/ 690)، "ك"(25/ 199).
(7)
كنية الحسن.
فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ
(1)
، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي
(2)
لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ".
[راجع: 44، أخرجه: م 193، س في الكبرى 11131، تحفة: 1599، 523].
7511 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ
(3)
قال: حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ
"تُعْطَهْ" في نـ: "تُعْطَ". "حَدَّثَنِي" في نـ: "حَدَّثَنَا". "خَالِدٍ" في هـ: "مَخْلَدٍ".
===
(1)
بهاء السكت، "قس"(15/ 554).
(2)
قوله: (وجلالي وكبريائي وعظمتي) فإن قلت: ما الفرق بين هذه الثلاثة؟ قلت: قيل: هي مترادفة. وقيل: نقيض الكبير الصغير، ونقيض العظيم الحقير، ونقيض الجليل الدقيق، وبضدها تتبين الأشياء، وإذا أطلقت على الله فالمراد لوازمها بحسب ما يليق به. وقيل: الكبرياء يرجع إلى كمال الذات، والعظمة إلى كمال الصفات، والجلال إلى كمالهما. فإن قلت: لو لم يقل "محمد رسول الله" لكفاه؟ قلت: لا، وهذا شعار تمام الكلمة، كإطلاق {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وارادة السورة بتمامها. فإن قيل: قائلها إن كان في قلبه أدنى الإيمان فهو داخل تحت ما تقدم، وإن لم يكن فهو كالمنافق لا يخرج منها أبدًا؟ قلت: - والله أعلم - لعل المقصود أن الموحد يخلص من النار وإن لم يكن له خير غير ذلك، [انظر "ك"(25/ 199 - 200).
(3)
قوله: (محمد بن خالد) وفي رواية الكشميهني: "محمد بن مخلد" والأول هو الصواب، ولم يذكر أحد ممن صنف في رجال البخاري ولا في رجال الكتب الستة أحدًا اسمه محمد بن مخلد، والمعروف محمد بن خالد. وقد اختلف فيه فقيل: هو الذهلي، وهو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس نسب لجد أبيه، وبذلك جزم الحاكم والكلاباذي وأبو مسعود،
مُوسَى
(1)
، عَنْ إسْرَائِيلَ
(2)
، عَنْ مَنْصُورٍ
(3)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(4)
، عَنْ عَبيد
(5)
، عَنْ عَبدِ اللَّهِ
(6)
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ
(7)
دُخُولًا الْجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا
(8)
فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: رَبِّ الْجَنَّةُ مَلأَى، فَيَقُولُ: لَهُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ يُعِيدُ
(9)
عَليْهِ
(10)
: الْجَنَّةُ مَلأَى. فَيَقُولُ: إِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مِرَارٍ". [راجع: 6571].
"مَرَّاتٍ" في نـ: "مِرَارٍ". "كُلَّ ذَلِكَ " كذا في سـ، حـ، صـ، ذ، وفي نـ:"فَكُلُّ ذَلِكَ". "مِرَارٍ" في هـ: "مَرَّاتٍ".
===
وقيل: محمد بن خالد بن جبلة الرافعي، وبذلك جزم أبو أحمد بن عدي وخلف الواسطي في "الأطراف"، "ف"(13/ 476).
(1)
كثيرًا يروي عنه البخاري بلا واسطة،"ع"(16/ 691).
(2)
ابن يونس بن أبي إسحاق عمرو السبيعي، "ك"(25/ 200)، "ع"(16/ 691).
(3)
ابن المعتمر، "ع"(16/ 691)، "ك"(25/ 200)، "ف"(13/ 476).
(4)
النخعي"ع"(16/ 691)، "ك"(25/ 200)، "ف"(13/ 476).
(5)
بفتح العين، ابن عمرو السلماني، "ع"(16/ 691).
(6)
ابن مسعود، "ك"(25/ 200)، "ف"(13/ 476)، "ع"(16/ 691).
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 6571).
(8)
هو المشي على اليدين وعلى البطن أو على الاست، "ع"(16/ 691)، "ك"(25/ 200).
(9)
أي: الرجل.
(10)
أي: على الله تعالى.
7512 -
حَدَّثَنَا عَلِي بْنُ حُجْرٍ
(1)
قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ
(2)
، عَنِ الأَعْمَشِ
(3)
، عَنْ خَيْثَمَةَ
(4)
، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قِالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ
(5)
، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ
(6)
، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ
(7)
مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ
(8)
مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ"
(9)
. قَالَ الأَعْمَشُ
(10)
:
"أَخْبَرَنَا عِيسَى" في نـ: "حَدَّثَنَا عِيسَى". "أَحَدٌ" في صـ: "مِنْ أَحَدٍ". "وَيَنْظُرُ" في هـ، ذ:"ثم يَنْظُرُ".
===
(1)
بضم الحاء المهملة وسكون الجيم: السعدي المروزي، "ع"(16/ 691).
(2)
ابن أبي إسحاق السبيعي، "ع"(16/ 691).
(3)
سليمان، "ع"(16/ 691).
(4)
بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالثاء المثلثة: ابن عبد الرحمن الجعفي، "ع"(16/ 691).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 6540).
(6)
قوله: (ترجمان) بفتح التاء وضم الجيم وبفتحهما وضمهما، "ك"(25/ 201)، "ع"(16/ 691)، هو من يترجم الكلام أي: ينقله من لغة إلى أخرى، "مجمع"(1/ 261).
(7)
الأيمن: الميمنة، "ك"(25/ 201)، "ع"(16/ 691).
(8)
الأشأم: المشأمة، "ك"(25/ 201)، "ع"(16/ 691).
(9)
نصفها أو جانبها، "مجمع"(3/ 242)، أي: لا تستقلوا بالصدقة شيئًا.
(10)
موصول بالسند المذكور، "ع"(16/ 691).
وَحَدَّثَثِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ:"وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ".
[راجع: 1413، أخرجه: م 1016، ت 2415، ق 185، تحفة: 9852].
7513 -
حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قالَ: حَدَّثَنَا جَريرٌ
(1)
، عَنْ مَنْصُورٍ
(2)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(3)
، عَنْ عَبِيدَةَ
(4)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(5)
قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ
(6)
مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
"حَدَّثَنِي عُثْمَانُ" في نـ: "حَدَّثَنَا عُثْمَانُ". "إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " ثبت في صـ.
===
(1)
ابن عبد الحميد، "ع"(16/ 692).
(2)
ابن المعتمر، "ع"(16/ 692).
(3)
النخعي، "ع"(16/ 692).
(4)
السلماني،"ع"(16/ 692).
(5)
ابن مسعود، "ع"(16/ 692).
(6)
قوله: (حبرٌ
…
) إلخ، الحبر بالفتح والكسر: العالم. و "الإصبع" فيه عشر لغات: ضم الهمزة، وفتحها، وكسرها، وكذلك الباء، والعاشر الأصبوع. "والثرى": التراب النديُّ. فإن قلت: ذكر في سورة "الزمر" خامسًا وهو الشجر على إصبع؟ قلت: هاهنا اختصار، والمقصود: هو بيان استحقار العالم عند قدرته تعالى، إذ يستعمل الحمل بالإصبع عند القدرة بالسهولة وحقارة المحمول كما تقول لمن استثقل شيئًا: أنا أحمله بخنصري، يحصل خبر منه. والحديث من المتشابهات، فإما التفويض وإما التأويل بمثله.
قوله: "يهزهن" أي: يحركهن. وفيه إشارة أيضًا إلى حقارته أي: لا يثقل عليه لا إمساكها ولا تحريكها ولا قبضها ولا بسطها.
جَعَلَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ
(1)
ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَضحَكُ
(2)
حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ؛ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]. [راجع: 4811].
7514 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
(3)
، عَنْ قَتَادَةَ،
"وَالْمَاءَ" مصحح عليه. "يَهُزُّهُنَّ" في نـ: "يُهَزْهِزُ". "يَضحَكُ" في نـ: "ضَحِكَ". " {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا
…
} " إلخ، في نـ: "إلى قوله: {يُشْرِكُونَ} ".
===
"والنواجذ" جمع الناجذة - بالجيم والمعجمة -، وهي أخريات الأسنان. فإن قلت: إنه صلى الله عليه وسلم لا يزيد على التبسم؟ قلت: كان ذلك على سبيل الأغلب، وهذا على سبيل الندرة، أو المراد هاهنا مطلق الأسنان، "ك"(25/ 201 - 202).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 7414، 7451).
(2)
قوله: (يضحك
…
) إلخ، ظاهره تصديق الخبر، وقيل: هو رد له وإنكار من سوء اعتقاده؛ فإن مذهب اليهود التجسيم. وقوله: "تصديقًا له" إنما هو من كلام الراوي على فهمه، قال الخطابي: لم يذكر أكثر الرواة تصديقًا، وقد منعنا عن تصديق أهل الكتاب وتكذيبهم. و"الضحك" يحتمل الرضا والإنكار والتعجب، ولو صح يؤول بأنه مجاز عن القدرة، كذا في "المجمع"(3/ 389).
(3)
بفتح العين المهملة: الوضاح اليشكري، "ع"(16/ 692).
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ
(1)
: أَنَّ رَجُلًا
(2)
سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ: كَيفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي النَّجْوَى
(3)
؟ قَالَ: "يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ
(4)
عَليْهِ فَيَقُولُ: أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا
(5)
؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. وَيَقُولُ: أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَمقَرِّرُه، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ
(6)
فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ". [راجع: 2441].
- وَقَالَ آدَمُ
(7)
: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ
(8)
، حَدَّثَنَا قَتَادَة، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ،
"حَتَّى يَضَعَ" في نـ: "فَيَضَعُ". "أَعَمِلْتَ" في نـ: "أَعَلِمْتَ". "أَعَمِلْتَ" كذا في ص، وفي نـ:"عَمِلْتَ". "ثُمَّ يَقُولُ " في نـ: "فَيَقُولُ". "حَدَّثَنَا قَتَادَةُ" في نـ: "قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ". "حَدَّثَنَا صَفْوَانُ" في نـ: "قال: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ".
===
(1)
على صيغة اسم فاعل من الإحراز بالمهملة والزاي، "ع"(16/ 692).
(2)
لم يسم، "قس"(15/ 557).
(3)
قوله: (في النجوى
…
) إلخ، أي: التناجي الذي بين الله وبين عبده المؤمن يوم القيامة، والمراد من الدنو: القرب الرتبي لا المكاني. "والكنف" بفتحتين: الساتر أي: حتى يحيط به عنايته التامة، وهو أيضًا من المتشابهات. وفيه فضل عظيم من الله على عباده المؤمنين. وقوله:"يقرره" أي: يجعله مقرًّا بذلك أو مستقرًّا عليه ثابتًا، "ك"(25/ 202).
(4)
من رواه بالمثناة المكسورة فقد صحف على ما جزم به جمع من العلماء، "ف"(13/ 477).
(5)
ذكر هذه الرواية لتصريح قتادة فيها بقوله: "حدثنا صفوان"، "ف"(13/ 477)، "ع"(16/ 692).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 2441).
(7)
ابن أبي إياس،"ع"(16/ 692).
(8)
بفتح المعجمة وسكون التحتانية وبالموحدة ابن عبد الرحمن، "ك"
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. [تحفة: 7096].
37 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]
7515 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قال: حَدَّثَنَا اللَّيْث، حَدَّثَنِي عُقَيلٌ
(1)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قالَ: أخبرني حُمَيدُ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ،
"بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} " في مر: "بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} "
(2)
، وفي ذ:"باب ما جاء في {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ". "حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ". "عَنِ ابْنِ شِهَابِ" في نـ: "قال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ". "أخبرني حُمَيْدُ" كذا في ص، وفي نـ:"حدَّثَنا حُمَيدُ".
===
(25/ 202)، " ع"(16/ 692).
(1)
بالضم، هو ابن خالد، "ع"(16/ 693).
(2)
قوله: (باب ما جاء في قوله عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} كذا لأبي زيد المروزي ومثله لأبي ذر، لكن بحذف لفظ:"قوله عز وجل". ولغيرهما: "باب قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ". قال الأئمة: هذه الآية أقوى ما ورد في الرد على المعتزلة، قال النحاس: أجمع النحويون على أن الفعل إذا أكد بالمصدر لم يكن مجازًا، فإذا قال:" {تَكْلِيمًا} " وجب أن يكون كلامًا على الحقيقة التي تعقل، وأجاب بعضهم بأنه كلام على الحقيقة لكن محل الخلاف: هل سمعه موسى من الله عز وجل حقيقة أو من الشجرة؟ فالتأكيد رفع المجاز عن كونه غير كلام، أما المتكلم به فمسكوت عنه. ورد بأنه لا بد من مراعاة المحدث عنه فهو لرفع المجاز عن النسبة؛ لأنه قد نسب الكلام فيها إلى الله تعالى فهو المتكلم حقيقة، ويؤيده قوله
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
قَالَ: "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى
(2)
، فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجْتَ ذُرِّيَّتَكَ مِنَ الْجَنَّةِ! قَالَ آدَمُ:
"أَنَّ رَسُول اللَّهِ" كذا في صـ، ذ، وفي ذ:"أَنَّ النَّبِيَّ".
===
تعالى في سورة الأعراف: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144].
وأجمع السلف والخلف من أهل السُّنَّة وغيرهم على أن " {وَكَلَّمَ} " هاهنا بمعنى الكلام. ونقل في "الكشاف" عن بدع بعض التفاسير أنه من الكلم بمعنى الجرح وهو مردود بالإجماع المذكور.
قال ابن التين: اختلف المتكلمون في سماع كلام الله تعالى، فقال الأشعري: كلام الله القائم بذاته يسمع عند تلاوة كل تالي وقراءة كل قارئ، وقال الباقلاني: إنما يسمع التلاوة دون المتلو والقراءة دون المقروء، "ف"(13/ 479).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 6614).
(2)
قوله: (احتج آدم وموسى) أي: تحاجّا وتناظرا. و"أخرجت" أي: كنت سبب خروجهم بواسطة أكل الشجرة. و"بم تلومني" أي: بما تلزمني وفي بعضها: "ثم" بالمثلثة، و"فحج" أي غلب آدم على موسى بالحجة. فإن قلت: فما قولك في مناظرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه حيث قال صلى الله عليه وسلم: "ألا تصلون؟ " فقال علي: أنفسنا بيد الله تعالى إن شاء أن يبعثنا للصلاة بعثنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} "؟! قلت: هاهنا رضي الله عنه صار محجوجًا؛ لأن هذه الآية كانت في دار التكليف والاعتبار فيها إنما هو بالشريعة، بخلاف مناظرتهما فإنه في دار أخرى، وقد كشف الغطاء وظهرت الحقائق فلا فائدة لتلك المناظرة إلا تخجيل آدم فقط؛ وليس ذلك مكانه، "ك"(25/ 203).
أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ
(1)
، بِمَ
(2)
تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟! فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى". [راجع: 3409].
7516 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ
(3)
عَن قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يُجْمَعُ
(4)
الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَه وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا. فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئتَهُ الَّتِي أَصَابَ"
(5)
. [راجع: 44، أخرجه: م 193، س في الكبرى 10984، تحفة: 1357].
"بِرسَالَاتِهِ" في نـ: "بِرِسَالَتِهِ". "وَبِكَلَامِهِ" كذا في هـ، وفي نـ:"وَكَلَامِهِ". "بِمَ تَلُومُنِي" في نـ: "ثُمَّ تَلُومُنِي". "قُدِّرَ" في نـ: "قد قُدِّرَ". "عَن قَتَادَةَ" في نـ: "قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ". "قَالَ النَّبِيُّ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ رَسُولُ اللَّهِ". "مَلَائِكَتَه" في نـ: "الْمَلَائِكَةَ". "وَيَذْكُرُ" في نـ: "فَيَذْكُرُ".
===
(1)
فيه المطابقة، كذا في "ع"(16/ 693).
(2)
أصله: بما، "ع"(16/ 693).
(3)
الدستوائي، "ع"(16/ 693).
(4)
قوله: (يجمع) أي: في صعيد العرصات، و"لو استشفعنا" جزاؤه محذوف أو هو للتمني، و"يريحنا" من الإراحة بالراء يعني: يخلصنا من كرب الموقف وفزع المقام الهائل، "ك"(25/ 203).
(5)
فإن قلت: أين الترجمة؟ قلت: تمام الحديث وهو قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: "عليكم بموسى فإنه كليم الله"، "ك (25/ 203).
7517 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قال: حَدَّثَنِي سُلَيمَانُ
(1)
، عَنْ شَرِيكِ
(2)
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
(3)
: قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ
(4)
قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ
(5)
(6)
وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ
"حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ" في نـ: "حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ". "سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ" كذا في صـ، ذ، وفي ذ:"سَمِعْتُ ابْنَ مَالِكٍ". "أَنَّهُ جَاءَهُ " في نـ: "إِذْ جَاءَهُ".
===
(1)
ابن بلال، "ع"(16/ 695).
(2)
بفتح المعجمة، "ك"(25/ 204).
(3)
ابن أبي نمر - بالنون - القرشي المدني، "ك"(25/ 204).
(4)
لم أقف على تسميتهم صريحًا لكنهم من الملائكة، "ف"(13/ 480).
(5)
قال بعضهم: يحتمل أن يكون المعنى: قبل أن يوحى إليه في شأن الإسراء والمعراج مثلًا، "ف"(13/ 485).
(6)
قوله: (قبل أن يوحى إليه) قال النووي ["المنهاج" (2/ 209)]: جاء في رواية شريك أوهام أنكرها العلماء، من جملتها: أنه قال ذلك "قبل أن يوحى إليه" وهو غلط لم يوافق عليه أحد، وأيضًا العلماء أجمعوا على أن فرض الصلاة كانت ليلة الإسراء فكيف يكون قبل الوحي؟! أقول: وقول جبرئيل في جواب بوّاب السماء إذ قال: "أبعث؟ ": "نعم" صريح في أنه كان بعده، "ك"(25/ 204). وفي دعوى التفرد نظر، فقد وافقه كثير بن خنيس - بمعجمة ونون مصغرًا - كما أخرجه سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في "كتاب المغازي " من طريقه، "ف"(13/ 480).
[تنبيه: مجموع ما خالفت فيه رواية شريك غيره من المشهورين عشرة أشياء، بل تزيد على ذلك، وعند شيخنا أن مجموعها تبلغ إلى أكثر من عشرين، انظر "لامع الدراري" (10/ 424 و 436)].
أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ؟
(1)
فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ
(2)
. فَقَالَ آخِرُهُمْ
(3)
: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَتْ
(4)
تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَرَهُمْ
(5)
حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى
"فَقَالَ آخِرُهُمْ" في هـ، ذ:"فَقَالَ أَحَدُهُمْ".
===
(1)
فيه إشعار بأنه كان نائمًا بين جماعة أقلهم اثنان، وقد جاء أنه كان نائمًا معه حينئذ حمزة بن عبد المطلب [عمه] وجعفر بن أبي طالب ابن عمه، "ف"(13/ 480).
(2)
أي: مطلوبك هو خير هؤلاء.
(3)
أي: لأجل أن يعرج به السماء، "ك"(25/ 204).
(4)
الضمير المستتر في "فكانت" لمحذوف، وكذا خبر كان، والتقدير: فكانت القصة الواقعة تلك الليلة ما ذكر هاهنا، "ف"(13/ 480)، لم يقع شيء آخر فيها، "ك"(25/ 204).
(5)
قوله: (فلم يرهم) أي: بعد ذلك "حتى أتوه ليلة أخرى"، ولم يعين المدة التي بين المجيئين، فيحمل على أن المجيء الثاني كان بعد أن أوحي إليه، وحينئذ وقع الإسرار والمعراج، وإذا كان بين المجيئين مدة فلا فرق بين أن يكون تلك المدة ليلة واحدة أو ليالي كثيرة أو عدة سنين، وبهذا يرتفع الإشكال عن رواية شريك، ويحصل به الوفاق أن الإسراء كان في اليقظة بعد البعثة وقبل الهجرة. ويسقط تشنيع الخطابي وابن حزم وغيرهما بأن شريكًا خالف الإجماع في دعواه أن المعراج كان قبل البعثة، وباللّه التوفيق. وأما ما ذكره بعض الشراح أنه كان بين الليلتين اللتين أتاه فيهما الملائكة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: عشر، وقيل: ثلاث عشرة، فيحمل على إرادة السنين لا كما فهمه الشارح المذكور أنها ليالي، وبذلك جزم ابن القيم في هذا الحديث نفسه.
وأقوى ما يستدل به أن المعراج كان بعد البعثة قوله - في هذا الحديث نفسه -: "أن جبرئيل قال لبواب السماء - إذ قال له: أبعث؟ قال -: نعم"؛
فِيمَا يَرَى قَلْبُه، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُه، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْر زَمْرمَ، فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبرئيل، فَشَقَّ جِبرئيلُ
(1)
مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ
(2)
حَتَّى فَرَّغَ
(3)
مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ، حَتَّى أَنْقَى
(4)
جَوْفَه،
===
فإنه ظاهر في أن المعراج كان بعد البعثة، فيتعين ما ذكرته من التأويل.
وأما قوله في آخره: "فاستيقظ وهو عند المسجد الحرام"، فإن حمل على ظاهره جاز أن يكون نام بعد أن هبط من السماء فاستيقظ وهو عند المسجد الحرام. وجاز أن يؤوّل قوله:"استيقظ" أي: أفاق مما كان فيه؛ فإنه كان إذا أوحي إليه استغرق فيه، فإذا انتهى رجع إلى حالته الأولى، فكنى عنه بالاستيقاظ، "ف"(13/ 480 - 481).
وقال الكرماني (25/ 204): ثبت في الروايات الأخر أن الإسراء كان في اليقظة، وأجاب بقوله: إن قلنا بتعدده فظاهر، وإن قلنا باتحاده فيمكن أن يقال: كان في أول الأمر [في اليقظة] وآخره في النوم، وليس فيه ما يدل على كونه نائمًا في القصة كلها، "ع"(16/ 696).
(1)
قوله: (فشق جبرئيل) قال ابن التين: وهو الأشبه في الرد على من أنكر شق الصدر عند الإسراء، وزعم أن ذلك إنما وقع وهو صغير، وثبت ذلك في غير رواية شريك في الصحيحين من حديث أبي ذر، "ع"(16/ 696)، [انظر:"فتح الباري"(13/ 481)].
(2)
بفتح اللام وشدة الموحدة: موضع القلادة من الصدر، "ك"(25/ 204).
(3)
بالتشديد، "ك"(25/ 205)، فرّغت الإناء إذا قلبت ما فيه، "مجمع"(4/ 130).
(4)
الإنقاء: إخراج المخ، كذا يفهم من "المجمع"(4/ 800).
ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبِ فِيهِ تَوْرٌ
(1)
مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوًّا
(2)
إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَحَشَا بهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ
(3)
- يَعْنِي عُرُوقَ حَلْقِهِ -، ثُمَّ أَطْبَقَه، ثُمَّ عَرَجَ
(4)
بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: جِبْرئيلُ. قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مَعِي مُحَمَّدٌ. قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ؟
(5)
، قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا.
"فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ" كذا في هـ، وفي س، حـ، ذ:"فَحُشِيَ بِهِ صَدْرُهُ وَلَغَادِيدُهُ". "قَال: وَقَدْ بُعِثَ" في نـ: "قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ".
===
(1)
بفتح الفوقانية وبالواو والراء: إناء يشرب فيه، "ك"(25/ 205).
ليس في رواية أبي ذر (التي برقم: 349) ذكر تور.
(2)
قوله: (محشوًّا) قال العيني (16/ 595): "محشوًّا" حال من "التور" الموصوف بقوله: "من ذهب". وأما "إيمانًا" فمفعول قوله: "محشوًّا" لأن اسم المفعول يعمل عمل فعله، و"حكمة" عطف عليه. ويحتمل أن يكون أحد الإنائين - أعني: الطست والتور - فيه ماء زمزم، والآخر المحشو بالإيمان، وأن يكون التور ظرف الماء وغيره، والطست لما يصب فيه عند الغسل صيانة له عن التبدد في الأرض، والمراد أن الطست كان فيه شيء يحصل به كمال الإيمان، فالمراد سببهما مجازًا، "قس"(15/ 564).
(3)
بغين معجمة ودالين، جمع لغدود أو لغديد: اللحمات التي بين الحنك وصفحة العنق، قاله الجوهري، وقد فسرها في الحديث بقوله: "يعني
…
" إلخ، كذا في "ع" (25/ 696 - 697).
(4)
قوله: (ثم عرج
…
) إلخ، إن كانت القصة متعددة فلا إشكال، وإن كانت متحدة ففي هذا السياق حذف تقديره: ثم أركبه البراق إلى بيت المقدس ثم أتى بالمعراج، "ف"(13/ 481).
(5)
استفهام بتقدير الأداة.
يَسْتَبشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ
(1)
، لَا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ
(2)
، فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ جِبرئيلُ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَليْهِ. فَسَلَّمَ عَليْهِ وَرَدَّ عَليْهِ آدَمُ وَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِابْنِي، فَنِعْمَ الابْنُ أَنْتَ. فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ
(3)
فَقَالَ: "مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرئيلُ؟ " قَالَ: هَذَا النِّيَلُ
(4)
وَالْفُرَاتُ
(5)
عُنْصُرُهُمَا
(6)
(7)
. ثُمَّ مَضى بِهِ فِي السَّمَاءِ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَليْهِ قَصْرٌ
"يَسْتَبْشِرُ" كذا في صـ، وفي نـ:"فَيَسْتَبشِرُ"." أَهْلُ السَّمَاءِ" في صـ: "أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا". "بِمَا يُرِيدُ" في صـ، هـ، ذ:"مَا يُرِيدُ". "هَذَا أَبُوكَ" في ص: "هَذَا أَبُوكَ آدَمُ". "بِابْنِي" في نـ: "يَا بُنَي". "فَنِعْمَ" في نـ: "نِعْمَ".
===
(1)
كانهم أعلموا أنه سيعرج فكانوا مترقبين لذلك، "ف"(13/ 482).
(2)
على لسان من شاء كجبريل، "ف"(13/ 482).
(3)
بتشديد الطاء المهملة، "قس"(15/ 564)، أي: يجريان، "ك"(25/ 205).
(4)
نهر مصر، "ك"(25/ 202)، "ع"(16/ 697).
(5)
نهر عليه ريف العراق، "ك"(25/ 205).
(6)
مرفوع بالبدلية، "ك"(25/ 205)، [بضم العين وفتح الصاد: الأصل، وقد تضم الضاد، "النهاية" (ص: 645)].
(7)
بضم العين والصاد المهملتين بينهما نون ساكنة هو الأصل، "ك" (25/ 205). ظاهر هذا يخالف حديث مالك بن صعصعة؛ فإن فيه بعد ذكر سدرة المنتهى:"فإذا في أصلها أربعة أنهار"، ويجمع بأن أصل نبعهما من تحت سدرة المنتهى ومقرهما في السماء الدنيا ومنها ينزلان إلى الأرض، "ف"(13/ 482).
مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ، فَضَرَبَ يَدَهُ
(1)
فَإِذَا هُوَ
(2)
مِسْكٌ أَذفرُ
(3)
فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا جِبْرئيلُ؟ " قَالَ: هُوَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي
(4)
قَدْ خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ. ثُمَّ عَرَجَ بِه إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ الأُولَى: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرئيلُ. قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا. ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، وَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتِ الأُولَى وَالثَّانِيَة، ثمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَةِ
"فَضَرَبَ يَدَهُ" في صـ: "فَضَرَبَ بِيَدِه". "أَذفرُ" ثبت في صـ، ذ. "فَقَالَ: مَا هَذَا؟ " في نـ: "قَالَ: مَا هَذَا؟ ". "هُوَ هَذَا الْكَوْثَرُ" في نـ: "هَذَا هُوَ الْكَوْثَرُ". "قَدْ خَبَأَ لَكَ" في هـ، ذ: "حباك" - بفتح الحاء المهملة والموحدة وبعد الألف كاف، "قس" (15/ 564)، أي: أعطاك -. "ثُمَّ عَرَجَ بِهِ" كذا في ص، ذ، وفي نـ: "ثُمَّ عَرَجَ". "وَمَنْ مَعَكَ" في نـ: "وَمَنْ مَعَه". "قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ" في نـ: "قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ" مصحح عليه. "إِلَى الرَّابِعَةِ" في نـ: "إِلَى السماءِ الرَّابِعَةِ".
===
(1)
أي: في النهر، "ف"(13/ 482).
(2)
أي: طينه، "ف"(13/ 482).
(3)
بالمعجمة وبالفاء والراء، هو مسك جيد إلى الغاية شديد ذكاء الريح، "ك"(25/ 205)،"ع"(16/ 697).
(4)
قوله: (هو هذا الكوثر الذي
…
) إلخ، هذا مما يستشكل من رواية شريك؛ فإن الكوثر في الجنة، والجنة في [السماء] السابعة، ويحتمل أن يكون حذف تقديره:"ثم مضى به في السماء [الدنيا] إلى السماء السابعة فإذا هو بنهر"، "قس"(15/ 564)،، كذا الجواب في "ف"(13/ 482)، لكن قال العيني (16/ 697): وفيه تأمل.
فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ فَأَوْعَيتُ
(1)
مِنْهُمْ: إِدْرِيسُ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَارُونُ فِي الرَّابِعَةِ، وَآخَرُ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَه، وَإِبْرَاهِيمُ فِي السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ
(2)
"إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ" في نـ: "إِلَى الْخَامِسَةِ". "إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ" لفظ "السَّمَاءِ" ثبت في ذ. "قَدْ سَمَّاهُمْ، فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ" في ص سـ، حـ، ذ:"قَدْ سَمَّاهُمْ، مِنْهُمْ"، وفي هـ، ذ:"فَوَعَيْتُ" بدل "فَأَوْعَيْتُ".
===
(1)
بفتح الهمزة والعين، "قس"(15/ 565)، كذا روي، فإن صح يراد: أدخلته في وعاء قلبي. ولو روي "وعيت " بمعنى حفظت وفهمت لكان أظهر، "مجمع" (5/ 92). لكن في "القاموس" (ص: 1232): وعاه يعيه: حفظه وجمعه كأوعاه فيهما.
(2)
قوله: (في السابعة) المشهور في الروايات أن الذي في السابعة هو إبراهيم، وأكد ذلك في حديث مالك بن صعصعة بأنه كان مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، فمع التعدد لا إشكال، ومع الاتحاد فقد جمع بأن موسى كان في حالة العروج في السادسة، وإبراهيم في السابعة؛ على ظاهر حديث مالك بن صعصعة، وعند الهبوط كان موسى في السابعة؛ لأنه لم يذكر في القصة أن إبراهيم كلمه في شيء مما يتعلق بما فرض [الله] على أمته من الصلاة كما كلمه موسى، والسماء السابعة هي أول شيء انتهى إليه حالة الهبوط، فناسب أن يكون موسى بها، لأنه هو الذي خاطبه في ذلك كما ثبت في جميع الروايات، ويحتمل أن يكون لقي موسى في السادسة فأصعد معه إلى السابعة تفضيلًا له على غيره من أجل كلام الله تعالى، "ف"(13/ 482).
بِتَفْضِيلِ كَلَامِ اللَّهِ
(1)
، فَقَالَ مُوسَى: رَبِّ لَمْ أَظُنَّ
(2)
أَنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ. ثُمَّ عَلَا بهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّه، حَتَّى جَاءَ سدْرَةَ الْمُنْتَهَى
(3)
(4)
"بِتَفْضِيلِ كَلَامِ اللَّهِ" كذا في هـ، ذ، وفي سـ، حـ، ذ:"بِتَفْضِيلِ كَلَامِه للَّهِ". "أَنْ يُرْفعَ عَلَيَّ أَحَدٌ" في س، حـ، ذ:"أَنْ تَرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدًا".
===
(1)
أي: بسبب أن له فضل كلام الله إياه، "ك"(25/ 206)، ومنه تؤخذ المطابقة،" (16/ 695).
(2)
قوله: (لم أظن
…
) إلخ، قال ابن بطال (10/ 515): فهم موسى من اختصاصه بكلام الله تعالى له في الدنيا دون غيره من البشر لقوله تعالى: {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} أن المراد بالناس هاهنا البشر كلهم وأنه استحق بذلك أن لا يرفع أحد عليه، فلما فضل الله محمدًا عليه - عليهما الصلاة والسلام - بما أعطاه من المقام المحمود وغيره ارتفع على موسى وغيره بذلك، "ف"(13/ 483).
(3)
قوله: (ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى) كذا وقع في رواية شريك، وهو مما خالف فيه غيره؛ فإن الجمهور على أن سدرة المنتهى في السابعة، وعند بعضهم في السادسة، وقد قدمت وجه الجمع بينهما عند شرحه، ولعل في السياق تقديمًا وتأخيرًا، وكان ذكر سدرة المنتهى قبل:"ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله"، "ف"(13/ 483).
(4)
أي: منتهى علم الملائكة، أو صعودهم أوامر الله وأعمال العباد ونحوه.
وَدَنَا الْجَبَّارُ
(1)
===
(1)
قوله: (ودنا الجبار رب العزة فتدلى) قيل: مجاز عن قربه المعنوي وظهور عظيم منزلته عند الله تعالى. "فَتَدَلَّى" أي: طلب زيادة القرب. و"قَابَ قَوْسَينِ" هو منه صلى الله عليه وسلم عبارة عن لطف المحل واتضاح المعرفة، ومن الله إجابته ورفع درجته إليه، والقاب: ما بين مقبض القوس والسية - بكسر المهملة وخفة التحتانية - وهي ما عطف من طرفيها، ولكل قوس قابان فقيل: أصله قابي قوس.
قال الخطابي ["الأعلام" (4/ 2352)]: ليس في هذا الكتاب حديث أبشع مذاقًا منه، لقوله:"دَنَا فَتَدَلَّى"؛ فإن الدنو يوجب تحديد المسافة، والتدلي يوجب التشبيه والتمثيل بالمخلوق الذي تعلق من فوق إلى أسفل، ولقوله:"وهو مكانه" لكن إذا اعتبر الناظر لا يشكل عليه؛ فإنه إن كان في الرؤيا فبعضها مثلٌ ضرب ليتأول على الوجه الذي يجب أن يصرف إليه معنى التعبير في مثله. ثم إن القصة إنما هي حكاية يحكيها أنس بعبارته من تلقاء نفسه لم يعزها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن شريكًا كثير التفرد بمناكير لا يتابعه عليها سائر الرواة، ثم أنهم أولوا التدلي فقيل: تدلى جبريل بعد الارتفاع حتى رآه النبي صلى الله عليه وسلم متدليًا كما رآه مرتفعًا، وقيل: تدلى محمد صلى الله عليه وسلم ساجدًا لربه شكرًا على كرامته، ولم يثبت في شيء صريحًا أن التدلي مضاف إلى الله تعالى، ثم أوّلوا مكانه بمكان النبي صلى الله عليه وسلم، "ك"(25/ 207)، أي: في مقامه الأول الذي قام فيه قبل هبوطه، كذا في "ف"(13/ 484).
قال الحافظ ابن حجر (13/ 483 - 486): جزم الخطابي بأنه كان في المنام متعقب بما تقدم تقريره قبل وما نفاه من أن أنسًا لم يسند هذه القصة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تأثير له، فأدنى أمره فيها أن تكون مرسل صحابي فإما أن يكون تلقاها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي تلقاها عنه، ومثل ما اشتملت عليه
رَبُّ الْعِزَّةِ، فَتَدَلَّى
(1)
حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى
===
لا يقال بالرأي، فيكون لها حكم الرفع، ولو كان لما ذكره تأثير لم يحمل حديث [أحد] روى مثل ذلك على الرفع أصلًا، وهو خلاف عمل المحدثين قاطبة، فالتعليل بذلك مردود. وأما ما جزم به من مخالفة السلف والخلف لرواية شريك عن أنس في التدلي كما أشار إليه الكرماني أيضًا - بقوله: لم يثبت في شيء صريحًا - ففيه نظر، فقد نقل القرطبي عن ابن عباس أنه قال:"دنا الله" قال: والمعنى: دنا أمره وحكمه. وقد أخرج الأموي في مغازيه ومن طريقه البيهقي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] قال: دنا منه ربّه. وهذا سند حسن وهو شاهد قوي لرواية شريك، ومجموع ما خالفت رواية شريك غيره من المشهورين عشرة أشياء بل تزيد على ذلك، الأول: أمكنة الأنبياء في السماوات، الثاني: كون المعراج قبل البعثة، الثالث: كونه منامًا، الرابع: مخالفته في محل سدرة المنتهى، والخامس: مخالفته في أن عنصر النيل والفرات في السماء الدنيا، السادس: شق الصدر عند الإسراء وقد وافقته رواية غيره كما بيّن، السابع: ذكر نهر الكوثر في السماء الدنيا، الثامن: نسبة الدنو والتدلي إلى الله عز وجل، التاسع: تصريحه بأن امتناعه صلى الله عليه وسلم من الرجوع إلى سؤال ربه التخفيف كان عند الخامسة، العاشر: قوله: "فعلا به إلى الجبار فقال: وهو مكانه". الحادي عشر: رجوعه بعد الخمس، الثاني عشر: زيادة ذكر التور في الطست، انتهى ملخصًا. وقد بين جواب كل ما أمكن جوابه أو تسليمه من الشارحين. ومرَّ الحديث (برقم: 349) في أول "كتاب الصلاة"(وبرقم: 3342) من "كتاب بدء الخلق"(وبرقم: 3570).
(1)
أصل التدلي: النزول إلى الشيء حتى يقرب منه، "ف"(13/ 484).
فَأَوْحَى اللَّهُ إليه فِيمَا يُوحِي اللَّهُ خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِكَ، كُلَّ يَوْمِ وَلَيْلَةٍ. ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟
(1)
قَالَ: "عَهدَ إِلَيَّ خَمْسينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْم وَلَيْلَةٍ". قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعنْهُمْ. فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرئيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرئيلُ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَعَلَا بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ، فَقَالَ - وَهُوَ مَكَانَهُ
(2)
-: "يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا، فَإِنَّ أُمَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ هَذَا". فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَاحْتَبَسَه، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الْخَمْس فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَاوَدْتُ
(3)
بَنِي إِسْرَائِيلَ قَوْمِي عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا
(4)
فَضَعُفُوا وَتَرَكُوه،
"فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فِيمَا يُوحِي اللَّهُ خَمْسِينَ" كذا في قتـ، هـ، ذ، وفي نـ:"فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا يُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِ - في نـ: "يُوحَى إِلَيْهِ - خَمْسٍ"، وفي نـ: "فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فِيمَا أُوْحِيَ خَمْسِينَ". "أَنْ نَعَمْ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ: "أَيْ نَعَمْ". "مِنْ هَذَا" في هـ، ذ: "مِنْ هَذِهِ".
===
(1)
أي: أمرك، أو أوصى لك، "ك (25/ 207).
(2)
الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم أي: إنما هو في مقام الأول الذي قام فيه قبل هبوطه، كذا في "ف"(13/ 484).
(3)
من المراودة، وهي المراجعة، "ع" (16/ 698). أي: طلبت وأردت، "ك (25/ 207). من الرود من راد يرود إذا طلب المرعى وهو الرائد، ثم اشتهر فيما يريد الرجال من النساء، واستعمل في كل مطلوب، "ف" (25/ 486).
(4)
أي: الخمس، "ف"(25/ 496).
فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ
(1)
أَجْسَادًا
(2)
وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا
(3)
وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا، فَارْجِعْ
فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ. كُلَّ ذَلِكَ
(4)
يَلْتَفِتُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرئيلَ لِيُشِيرَ
عَلَيهِ وَلَا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرئيل، فَرَفَعَهُ
(5)
عِنْدَ الْخَامِسَةِ
(6)
(7)
فَقَالَ: "يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ
"فَأُمَّتُكَ" في هـ: "وَأُمَّتُكَ". "يَلْتَفِتُ" في صـ، س، حـ، هـ، ذ:"يَتَلَفَّتُ". "فَرَفَعَهُ" في س: "يَرْفَعُهُ". "وَأَسْمَاعُهُمْ" زاد في صـ، هـ، ذ:"وَأَبْصَارَهُم".
===
(1)
أي: من بني إسرائيل، "ف"(25/ 486).
(2)
الجسد: جميع الشخص، "ف"(25/ 486).
(3)
البدن من الجسد ما سوى الرأس والأطراف، وقيل: البدن أعالي الجسد دون أسافله، "ف"(13/ 486).
(4)
أي: في كل، "قس"(15/ 566).
(5)
في رواية المستملي: "يرفعه"، والأول أولى، "ف"(13/ 486).
(6)
أي: المرة الخامسة، "ع"(16/ 698).
(7)
قوله: (عند الخامسة) هذا التنصيص على الخامسة على أنها الأخيرة يخالف رواية ثابت عن أنس أنه وضع عنه في كل مرة خمسًا وأن المراجعة كانت تسمع مرات، وقد تقدم بيان الحكمة في ذلك ورجوع النبي صلى الله عليه وسلم بعد تقرير الخمس لطلب التخفيف مما وقع من تفردات شريك في هذه القصة، والمحفوظ ما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم قال لموسى في الأخيرة:"استحييت من ربي"، وهاهنا صرح بأنه راجع في الأخيرة:"وأن الجبار سبحانه قال له: يا محمد قال: لبيك وسعديك، قال: إنه لا يبدل القول لديّ" وقد أنكر ذلك الداودي فيما نقله ابن التين فقال: الرجوع الأخير ليس بثابت، والذي في الروايات أنه قال: "استحييت من ربي، فنودي: أمضيت فريضتي وخففت عن
فَخَفِّفْ عَنَّا". فَقَالَ الْجَبَّارُ: يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: "لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ". قَالَ: إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ
(1)
، كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْكَ
(2)
فِي أُمِّ الْكِتَابِ
(3)
، فَكُلُّ حَسَنَةٍ
(4)
بِعَشْر أَمْثَالِهَا، فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ
(5)
. فَرَجَعَ
(6)
إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَيْفَ فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: "خَفَّفَ عَنَّا أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا". قَالَ مُوسَى: قَدْ
(7)
وَاللَّهِ رَاوَدْتُ
(8)
"فَرَضْتُ" في ذ: "فَرَضْتُه". "فَهِيَ خَمْسُونَ" في نـ: "وَهِيَ خَمْسُونَ". "قَالَ مُوسَى" في نـ: "فَقَالَ مُوسَى".
===
عبادي" قال الداودي: وقع في هذه الرواية أن موسى قال له: "ارجع إلى ربك " بعد أن قال: "لا يبدل القول لديّ" ولا يثبت، لتواطؤ الروايات على خلافه، وما كان موسى ليأمره بالرجوع بعد أن يقول الله تعالى له ذلك، انتهى. وأغفل الكرماني رواية ثابت فقال: إذا خفف في كل مرة عشرًا كانت الأخيرة سادسة فيمكن أن يقال: ليس فيه حصر لجواز أن يخفف بمرة واحدة خمس عشرة أو أقل أو أكثر، "ف" (13/ 486).
(1)
تمسك به من أنكر النسخ، ورد بأن النسخ بيان انتهاء الحكم فلا يلزم منه تبديل القول، "ف"(13/ 486).
(2)
تأكيد لجملة: "لا يبدل
…
" إلخ، أي: هي كما فرضت.
(3)
وهو اللوح المحفوظ، "قس"(15/ 566).
(4)
بيان وتفسير لما قبله.
(5)
أي: وعلى أمتك، "قس"(15/ 566).
(6)
صلى الله عليه وسلم، "قس"(15/ 566).
(7)
داخل على راودت والقسم مقحم بينهما للتأكيد، "ك"(25/ 208).
(8)
جواب لقسم محذوف أي: والله لقد راودت، "ك"(25/ 208).
بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوه، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا مُوسَى، قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ
(1)
". قَالَ: فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ
(2)
. فَاسْتَيقَظَ
(3)
"ارْجِعْ" في نـ: "فَارْجِعْ". "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ" في نـ: "فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ". "أَخْتَلِفُ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي ذ:"اخْتَلَفْتُ". "فَاسْتَيْقَظَ" في نـ: "وَاسْتَيْقَظَ".
===
(1)
بلفظ المضارع وفي بعضها بلفظ الماضي أي: ترددت وذهبت ورجعت، "ك"(25/ 208).
(2)
قوله: (فاهبط باسم الله) ظاهر السياق أن موسى هو الذي قال له ذلك؛ لأنه ذكره عقيب قوله صلى الله عليه وسلم: "يا موسى قد والله استحييت
…
" إلخ.
وليس كذلك بل الذي قال له جبرئيل عليه الصلاة والسلام، وبذلك جزم الداودي، "ف"(13/ 486 - 487)،"ع"(16/ 698).
(3)
قوله: (فاستيقظ) وفي بعضها بالمتكلم، ففيه التفات، "ك"(25/ 208)، أي: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والحال أنه في المسجد الحرام، "ع" (16/ 698). قال القرطبي ["المفهم" (1/ 385)]: يحتمل أن يكون استيقاظًا من نومة نامها بعد الإسراء؛ لأن إسراءه لم يكن طول ليلته وإنما كان في بعضها، ويحتمل أن يكون المعنى: أفقت مما كنت فيه مما خامر باطنه من مشاهدة الملأ الأعلى لقوله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18]، فلم يرجع إلى حال بشريته إلا وهو بالمسجد الحرام، وأما قوله في أوله:"بينا أنا نائم" فمراده في أول القصة، وذلك أنه كان قد ابتدأ نومه فأتاه الملك فأيقظه. وفي قوله في الرواية الأخرى:"بينا أنا بين النائم واليقظان" إشارة إلى أنه لم يكن استحكم في نومه، انتهى. وهذا كله ينبني على توحد القصة، وإلا فمتى حملت
وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. [راجع: 3570].
38 - بَابُ كَلَامِ الرَّبِّ مَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ
7518 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُونَ: لَبَّيكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيرُ فِي
"الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ" في نـ: "مَسْجِدِ الْحَرَامِ" - بغير ألف ولام في الأول، "قس" (15/ 566) -. "حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ" في نـ:"حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ".
===
على التعدد بأن كان المعراج مرة في المنام وأخرى في اليقظة فلا يحتاج لذلك.
تنبيه: قيل: اختص موسى عليه السلام بهذا دون غيره ممن لقيه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء من الأنبياء؛ لأنه أول من يلقاه عند الهبوط؛ ولأن أمته أكثر من أمة غيره؛ ولأن كتابه أكبر الكتب المنزلة قبل القرآن تشريعًا وأحكامًا؛ أو لأن أمة موسى كانوا كلفوا من الصلوات ما ثقل عليهم فخاف موسى على أمة محمد صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، وإليه الإشارة بقوله:"فإني بلوت بني إسرائيل"، قاله القرطبي ["المفهم" (1/ 392)]. وأما قول من قال: إنه أول من لاقاه بعد الهبوط فليس بصحيح؛ لأن حديث مالك بن صعصعة أقوى من هذا. وفيه أنه لقيه في الصعود في السادسة، انتهى. وإذا جمعنا بينهما بأنه لقيه في الصعود في السادسة وصعد موسى إلى السابعة فلقيه فيها بعد الهبوط ارتفع الإشكال وبطل الرد المذكور، والله أعلم، "ف"(13/ 487).
(1)
عبد الله، "ع"(16/ 699).
يَدَيْكَ
(1)
. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ، وَقَدْ أَعْطَيتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ
(2)
أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟
(3)
، فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا"
(4)
(5)
. [راجع: 6549].
===
(1)
قيل: الشر أيضًا في يديه؛ لأنه لا مؤثر إلا الله، وأجيب بأنه خصصه رعاية للأدب والكل بالنسبة إليه تعالى خيرًا "ع"(16/ 699).
(2)
قوله: (ألا أعطيكم) قيل: ظاهر الحديث أن الرضا أفضل من اللقاء، وهو مشكل! وأجيب: بأنه ليس في الخبر أن الرضا أفضل من كل شيء، وإنما فيه أن الرضا أفضل من العطاء، وعلى تقدير التسليم فاللقاء مستلزم للرضا، فهو من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم، كذا نقل الكرماني (25/ 209)، ويحتمل أن يقال: المراد حصول أنواع الرضوان ومن جملتها اللقاء فلا إشكال، "ف"(13/ 488).
(3)
مرَّ الحديث (برقم: 6549).
(4)
قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة ["بهجة النفوس" (4/ 289)]: الحكمة في ذكر دوام رضاه بعد الاستقرار أنه لو أخبر به قبل الاستقرار لكان خبرًا من باب علم اليقين، فأخبر به بعد الاستقرار ليكون من باب عين اليقين، "ف"(13/ 488).
(5)
قوله: (فلا أسخط بعده أبدًا) قال ابن بطال (10/ 516): استشكل بعضهم هذا لأنه يوهم أن له أن يسخط على أهل الجنة وهو خلاف ظواهر القرآن، كقوله:{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [البينة: 8]، {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، وأجاب بأن إخراج العباد من العدم إلى الوجود من تفضله وإحسانه، وكذلك تنجيز ما وعدهم به من الجنة والنعيم من تفضله وإحسانه، وأما دوام ذلك فزيادة من فضله على المجازاة، فتفضل عليهم بالدوام فارتفع الإشكال جملة، انتهى ملخصًا، "ف"(13/ 488).
7519 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ
(1)
قالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ
(2)
قالَ: حَدَّثَنَا هِلَالٌ
(3)
، عَنْ عَطَاءِ بْن يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ
(4)
رَجُلٌ
(5)
مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ: "أَنَّ
(6)
رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأذَنَ
(7)
رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقَالَ له: أَوَلَسْتَ
(8)
فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ. فَأَسْرَعَ
(9)
وَبَذَرَ، فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ
(10)
نَبَاتُهُ
(11)
"أَنَّ النَّبِيَّ" في ذ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ". "اسْتَأْذَنَ" في حـ، ذ:"يَسْتَأْذِنُ". "فَقَالَ له" كذا في هـ، ولغيره:"فَقَالَ". "وَلَكِنِّي" في سـ، حـ، ذ:"وَلَكِنْ". "فتَبَادَرَ" في هـ، ذ:"فَبَادَرَ"، في نـ:"فَيُبَادِرُ".
===
(1)
بكسر السين المهملة وتخفيف النون الأولى، "ع"(16/ 700).
(2)
مصغرًا، ابن سليمان،"ع"(16/ 700).
(3)
ابن علي،"ع"(16/ 700).
(4)
والواو للحال، "ع"(16/ 700).
(5)
لم يسم، "قس"(15/ 569).
(6)
هو مفعول "يحدث"، "ع"(16/ 700).
(7)
بصيغة الماضي، "قس"(15/ 569).
(8)
الهمزة للاستفهام والواو للعطف، أي: أوما رضيت بما أنت فيه من النعم؟،"ع"(16/ 700)، "ك"(25/ 210).
(9)
فيه حذف تقديره: فاذن له، فزرع فأسرع، "ف"(13/ 488).
(10)
بالنصب،"ع"(16/ 700).
(11)
بالرفع فاعل "تبادر"، يعني: نبت قبل طرفة عين، "ك"(25/ 210)،"ع"(16/ 700).
وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ
(1)
أَمْثَالَ الْجِبَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: دُونَكَ
(2)
يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ
(3)
شَيْءٌ". فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَجِدُ هَذَا إِلَّا قُرَشِيًّا
(4)
أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ
(5)
. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 2348].
39 - بَابُ ذِكْرِ اللَّهِ بِالأَمْرِ وَذِكْرِ الْعِبَادِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالرِّسَالَةِ وَالإِبْلَاغِ
(6)
"لَا يُشْبِعُكَ" في سـ، حـ، ذ:"لَا يَسَعُكَ".
===
(1)
التكوير الزيادة والإدارة، أي: جمعه كما في البيدر، "ع"(16/ 700).
(2)
أي: خذه، "ع"(16/ 700).
(3)
قوله: (لا يشبعك) كذا للأكثر بالمعجمة والموحدة من الشبع. وللمستملي: "لا يسعك" بالمهملة بغير موحدة من الوسع، واستشكل قوله:"لا يشبعك شيء" بقوله تعالى في صفة الجنة: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} [طه: 118]؟ وأجيب: بأن نفي الشبع لا يوجب الجوع، لأن بينهما واسطة وهي الكفاية، وأكل أهل الجنة للتنعم والاستلذاذ لا عن الجوع، واختلف في الشبع فيها، والصواب: أن لا شبع فيها؛ إذ لو كان لمنع دوام الأكل المستلذ، "ف"(13/ 488).
(4)
قوله: (قرشيًا) قال الدوادي: قوله: "قرشيًا" وهم؛ لأنه لم يكن لأكثرهم زرع. قلت: وتعليله يرد على نفيه المطلق، فإذا ثبت أن لبعضهم زرعًا صدق قوله أن الزارع المذكور منهم، "ف"(13/ 488).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 2348).
(6)
أي: ذكر الله عباده بأن يأمرهم بالطاعات، وذكر العباد له بأن يدعوه ويتضرعوا إليه ويبلغوا رسالته إلى الخلائق، يعني المراد بذكرهم
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي
(1)
أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ
(2)
إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ
(3)
عَلَيْكُمْ مَقَامِي
(4)
وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} إلى قوله: {مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 71]
"اذْكُرُونِي" في نـ: " {فَاذْكُرُونِي} ".
===
الكمال لأنفسهم والتكميل لغيرهم، وقال بعضهم: الباء في لفظ الأمر بمعنى مع. والمقصود من هذا الباب كون الله تعالى ذاكرًا أو مذكورًا بمعنى الأمر والدعاء، "ك"(25/ 211).
(1)
قوله: (لقوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي
…
} إلخ، قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} إذا ذكر العبد ربه وهو على طاعته ذكره برحمته، وإذا ذكره وهو على معصيته ذكره بلعنته، قال: ومعنى قوله: {اذْكُرُونِي
…
} إلخ، اذكروني بالطاعة أذكركم بالمعونة. وعن سعيد بن جبير: اذكروني بالطاعة أذكركم بالمغفرة. وذكر الثعلبي في تفسير هذه الآية نحو الأربعين عبارة أكثرها عن أهل الزهد، "ف"(13/ 489).
(2)
قوله: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ
…
} إلخ) قال ابن بطال (10/ 519): أشار إلى أن الله تعالى ذكر نوحًا بما بلغ به من أمره وذكر بآيات ربه، وكذلك فرض على كل نبي تبليغ كتابه وشريعته. وقال الكرماني (25/ 211): المقصود من ذكر هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم مذكور بأنه أمر بالتلاوة على الأمة والتبليغ إليهم أن نوحًا كان يذكرهم بآيات الله وأحكامه، "ف"(13/ 489).
(3)
أي: عظم، "ع"(16/ 701).
(4)
أي: مكثي بين أظهركم، "ع"(16/ 701).
{غُمَّةً}
(1)
(2)
: غَمٌّ وَضِيقٌ. قَال مُجَاهِدٌ: {اقْضُوا إِلَيَّ} : مَا فِي أَنْفُسِكُمْ، يُقَال: افْرُقْ: اقْضِ، وَقَال مُجَاهِدٌ:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6]: إنْسَانٌ
(3)
يَأْتِيهِ
(4)
فَيَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ وَمَا أُنْزِلَ عَليْهِ، فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى يَأتِيَه فَيَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ، وَحَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ حَيْثُ
"غَمّ" في نـ: "هَمٌّ". "وَمَا أُنْزِلَ" في ذ: "وَمَا يُنزَّلُ". "حَتَّى يَأتِيَه" كذا في هـ، ذ، وفي هـ:"حِينَ يَأْيته".
===
(1)
هو تفسير قوله تعالى حكاية عن نوح: {ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} [يونس: 71]، "ف"(13/ 489).
(2)
قوله: {غُمَّةً
…
} إلخ)، أي: ما في بقية الآية وهي قوله تعالى: {فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ} ففسر الغمة بالهم والضيق. وفسر مجاهد: {اقْضُوا} باعملوا أي: ما في أنفسكم من إهلاكي ونحوه من سائر الشرور. وقال: معنى الآية: فافرق: فاقض، يعني: أظهر الأمر وأفصله وميزه بحيث لا تبقى غمة أي: لا تبقى شبهة وسترة وكتمان، ثم اقض بالقتل ظاهرًا مكشوفًا ولا تمهلوني بعد ذلك، وفي بعضها يقال: افرق فاقض فلا يكون مسندًا إلى مجاهد، "ك"(25/ 211).
(3)
أي: مشرك، "ك"(25/ 211).
(4)
قوله: (إنسان يأتيه
…
) إلخ، تفسير مجاهد. قوله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [أصله: وإن استجارك أحد، فحذف استجارك لدلالة استجارك الظاهر عليه]. قوله: "إنسان" أي: مشرك يعني: إن أراد مشرك سماع كلام الله تعالى فاعرض عليه القرآن وبلغه إليه وأمنه عند السماع، فإن أسلم فذاك، وإلا فرده إلى مأمنه من حيث أتاك، "ع" (16/ 702). قال ابن بطال (10/ 519): ذكر هذه الآية من أجل أمر الله تعالى نبيه بإجارة الذي يسمع الذكر حتى يسمعه، فإن أمن فذاك وإلا فيبلغ مأمنه حتى يقضي الله فيه ما شاء، "ف"(13/ 490)، "ع"(16/ 702).
جَاءَ
(1)
. {النَّبَإِ الْعَظِيمِ}
(2)
(3)
: الْقُرْآن، {صَوَابًا} حَقًّا فِي الدُّنْيَا وَعَمِلَ بِهِ.
40 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا
(4)
} [البقرة: 22]
"وَعَمِلَ بِهِ" في صـ: "وَعَمَلًا بِهِ"، [وفي نـ: "وَعَمَلٌ بِهِ].
===
(1)
تفسير للمأمن، "ك"(25/ 211).
(2)
قال ابن بطال (10/ 520): سمي نبأ لأنه ينبأ به، وقال الراغب:{النَّبَإِ} : الخبر ذو الفائدة الجليلة يحصل به علم أو ظن غالب، وحق الخبر الذي يسمى نبأ أن يتعرى عن الكذب، كذا في "ف"(13/ 490).
(3)
قوله: (النبأ العظيم) أي: ما قال تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيم} [النبأ: 38] أي: القرآن، أي: فاجب عن سؤالهم وبلغ القرآن إليهم، وقال تعالى:{لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38] أي: قال: "حقًا في الدنيا وعمل به"؛ فإنه يؤذن له في القيامة بالتكلم. فإن قلت: ما وجه ذكره ها هنا؟ قلت: عادة البخاري أنه إذا ذكر آية مناسبة للمقصود ذكر معها بعض ما يتعلق بتلك السورة التي فيها تلك الآية مما يثبت عنده من تفسير ونحوه على سبيل التبعية، "ك" (25/ 212). والذي يظهر في مناسبتها أن تفسير قوله: " {صَوَابًا} بقول الحق والعمل به في الدنيا يشمل ذكر الله تعالى باللسان والقلب مجتمعين ومنفردين، فناسب قوله ذكر العباد بالدعاء والتضرع.
تنبيه: لم يذكر في هذا الباب حديثًا مرفوعًا، ولعله بيض له فأدمجه النساخ كغيره، "ف"(13/ 490).
(4)
قوله {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} الند بكسر النون وتشديد الدال يقال له: النديد أيضًا، وهو نظير الشيء الذي يعارضه في أموره، وقيل: ند الشيء من يشاركه في جوهره، هو ضرب من المثل، لكن المثل يقال في أي مشاركة كانت، فكل ند مثل من غير عكس.
قال ابن بطال (10/ 521): غرض البخاري في هذا الباب إثبات نسبة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الأفعال كلها لله تعالى سواء كانت من المخلوقين خيرًا أو شرًا فهي لله خلق وللعباد كسب، ولا ينسب شيء من الخلق لغير الله تعالى فيكون شريكًا وندًّا ومساويًا له في نسبة الفعل إليه، وقد نبه الله تعالى عباده على ذلك بالآيات المذكورة وغيرها المصرحة بنفي الأنداد والالهة المدعوة معه، فتضمنت الرد على من يزعم أنه يخلق أفعاله، ومنها ما يحذر به المؤمنين أو أثنى عليهم، ومنها ما وبخ به الكافرين. وحديث الباب ظاهر في ذلك.
وقال الكرماني (25/ 212): الترجمة مشعرة بأن المقصود إثبات نفي الشريك عن الله، فكان المناسب ذكره في أوائل "كتاب التوحيد"، لكن ليس المقصود هاهنا ذلك بل المراد بيان كون أفعال العباد بخلق الله تعالى؛ إذ لو كانت أفعالهم بخلقهم لكانوا أندادًا لله وشركاء له، ولهذا عطف "ما ذكر في خلق
…
" إلخ، عليه، وتضمن الرد على الجهمية في قولهم: لا قدرة للعبد أصلًا، وعلى المعتزلة حيث قالوا: لا دخل لقدرة الله تعالى فيها. والمذهب الحق أن لا جبر ولا قدر ولكن أمر بين أمرين! فإن قيل: لا يخلو أن يكون فعل العبد بقدرة منه أو لا؛ إذ لا واسطة بين النفي والإثبات، فعلى الأول يثبت القدر الذي تدعيه المعتزلة، وعلى الثاني يثبت الجبر الذي هو قول الجهمية؟ فالجواب أن يقال: بل للعبد قدرة يفرق بها بين النازل من المنارة والساقط منها، ولكن لا تأثير لها بل فعله ذلك واقع بقدرة الله تعالى، فتأثير قدرته في بعد تأثير قدرة العبد، وهذا هو المسمّى بالكسب، وحاصل ما تعرف به قدرة العبد أنها صفة يترتب عليها الفعل والترك عادة، وتقع على وفق الإرادة.
وغرضه هاهنا الرد على من لم يفرق بين التلاوة والمتلو ولذلك أتبع هذا الباب بالتراجم المتعلقة بذلك مثل باب: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16] وباب: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ} [تبارك: 13]. واشتد إنكار الإمام أحمد ومن تبعه على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق.
وَقَوْلِهِ: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [فصلت: 9]، وَقَوْلِهِ:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68]، {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ
(1)
عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر: 65 - 66]: وَقَالَ عِكْرِمَةُ
(2)
: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ
(3)
} [يوسف: 106] قال
(4)
: يَسْأَلُهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ وَمَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ؟ فَيَقُولُونَ اللَّهُ. فَذَلِكَ إِيمَانُهُمْ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ
(5)
،
"{إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}، زاد في نـ: "{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} " [العنكبونـ: 61]، وفي ذ: "قال: لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ". "يَسْأَلُهُمْ" في صغـ: "تَسْأَلُهُمْ". "فَيَقُولُونَ" كذا في صـ، ذ، ولغيرهما: "لَيَقُولُنَّ".
===
والذي يتحصل من كلام المحققين منهم أنهم أرادوا حسم المادة صونًا للقرآن أن يوصف بكونه مخلوقًا، فإذا حقق الأمر عليهم لم يفصح أحد منهم بأن حركة لسانه إذا قرأ قديمة. وقال البيهقي:[أما] ما نقل عن أحمد بن حنبل أنه سوى بينهما فإنما أراد حسم المادة لئلا يتذرع أحد إلى القول بخلق القرآن، وظن بعضهم أن البخاري خالف أحمد، وليس كذلك، بل من تدبر كلامه لم يجد خلافًا معنويًا، كذا في "فتح الباري"(13/ 491 - 492).
(1)
أي: ليبطلن.
(2)
أي: في تفسير: {وَمَا يُؤْمِنُ
…
} إلخ.
(3)
فإن قلت: الإيمان والكفر يعني الشرك، كيف يجتمعان؟ قلت: الإيمان بجميع ما يجب الإيمان به لا يجتمع به إلا الإيمان بالله فيجتمع بأنواع من الكفر، "ك"(25/ 212).
(4)
تفسير.
(5)
أراد به تفسير: {وَهُمْ مُشْرِكُونَ} .
وَمَا ذُكِرَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَاكْتسَابِهِمْ
(1)
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ
(2)
فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2]. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ
(3)
إِلَّا بِالْحَقِّ} [الحجر: 8]: بِالرِّسَالَةِ وَالْعَذَابِ، {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ
(4)
} [الأحزاب: 8]: الْمُبَلِّغِينَ
(5)
الْمُؤَدِّينَ مِنَ الرُّسُلِ
(6)
، {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
"أَفْعَالِ الْعِبَادِ" في هـ، ذ:"أَعَمَالِ الْعِبَادِ". "وَاكْتسَابِهِمْ" في نـ: "وَأَكْسَابِهِمْ". " {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ} " في ذ: " {نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ} ". " {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ} " زاد في نـ: " {عَنْ صِدْقِهِمْ} ". " {لَحَافِظُونَ} " كذا في قتـ، ذ، وفي ذ:"حَافِظُونَ".
===
(1)
قوله: (وما ذكر في خلق أفعال العباد واكتسابهم) عطف على قول الله مضافًا إليه الباب، والخلق دله والكسب للعباد، "ك"(25/ 212)، واحتج أعلى ذلك، بقوله:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} "؛ لأن لفظة: "كل" إذا أضيفت إلى نكرة تقتضي عموم الأفراد"ع" (16/ 703).
(2)
والكسب شيء، فيكون مخلوق لله تعالى، "ف"(13/ 495).
(3)
قوله: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ} قال الكرماني (25/ 213): {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ} بالنون، ونصب الملائكة، هو استشهاد لكون نزول الملائكة بخلق الله تعالى، وبالتاء المفتوحة وبالرفع: فهو لكون نزولهم بكسبهم، "ع"(16/ 703 - 704).
(4)
هو لبيان الكسب؛ حيث أسند الصدق إليهم والميثاق ونحوه، "ك"(25/ 213).
(5)
تفسير للصادقين.
(6)
التفسير بهم بقرينة السابق عليه وهو قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7)} [الأحزاب: 7]"ك"(25/ 213).
[الحجر: 9] عِنْدَنَا، {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ
(1)
} [الزمر: 33]: بالْقُرْآن، {وَصَدَّقَ بِهِ
(2)
}: الْمُؤْمِنُ
(3)
، يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتَنِي عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ.
7520 -
حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ
(4)
، عَنْ مَنْصُورٍ
(5)
، عَنْ أَبِي وَائِلٍ
(6)
، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبيلَ
(7)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(8)
قَالَ: سأَلْتُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ
(9)
نِدًّا وَهُوَ
"بالْقُرْآن" في نـ: "الْقُرْآن". "لِلَّهِ" في حـ، ذ:"له".
===
(1)
قوله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} : بالقرآن، {وَصَدَّقَ بِهِ}: المؤمن، يقول يوم القيامة: هذا الذي أعطتيني عملت بما فيه) وصله الطبري من طريق منصور بن المعتمر عن مجاهد قال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} هم أهل القرآن يجيئون به يوم القيامة يقولون: هذا الذي أعطيتمونا عملنا بما فيه. [انظر "عمدة القاري" (16/ 704)].
(2)
هو أيضا للكسب؛ إذ أضيف التصديق إلى المؤمن لا سيما أضاف العمل أيضًا إلى نفسه حيث قال: عملت، "ك"(25/ 213).
(3)
تفسير.
(4)
ابن عبد الحميد، "ع"(16/ 704).
(5)
ابن المعتمر، "ع"(16/ 704).
(6)
شقيق بن سلمة، "ع"(16/ 704).
(7)
بضم المعجمة وفتح الراء وإسكان المهملة وكسر الموحدة وبالتحتانية منصرفًا، ومنهم من يمنع الصرف، "ك"(25/ 214).
(8)
ابن مسعود.
(9)
المراد هنا: الإشارة إلى أن من زعم أنه يخلق فعل نفسه يكون كمن جعل لله ندًّا، "ك"، [انظر "الفتح" (13/ 495)].
خَلَقَكَ". قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ
(1)
أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ"
(2)
. قُلْتُ: ثُمَّ أَيّ؟ قَالَ: "ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ
(3)
جَارِكَ". [راجع: 4477].
41 - بَابُ قَوْلِه: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ
(4)
أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22]
"تَخَافُ" في نـ: "مَخَافَةَ". {وَلَا أَبْصَارُكُمْ
…
} " إلخ، في نـ بدله: "الآية".
===
(1)
قوله: (تخاف أن يطعم) فإن قلت: هو بدون مخافة الطعم أيضًا؟ قلت: مفهومه لا اعتبار له؛ إذ شرط اعتباره أن لا يكون خارجًا مخرج الأغلب ولا بيانًا للواقع نحو: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} ، ثم لا شك أنه إذا انضم إليه قلة الوثوق بأن الله هو الرزاق كان أعظم، وكذا الزنا بزوجة الجار فإنه زنا وإبطال لما أوصى الله به من حفظ حقوق الجيران، "ك"(25/ 214).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 6811).
(3)
بفتح المهملة: الزوجة، "ك"(25/ 214).
(4)
قوله: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ
…
} إلخ)، قال صاحب "التوضيح": غرض البخاري في الباب إثبات السمع لله تعالى، كأنه لما ثبت كونه عالِمًا وجب كونه عالمًا لما يعلم؛ خلافًا لمن أنكر صفات الله تعالى من المعتزلة وقال: معنى وصفه بأنه سامع للمسموعات يعني وصفه بأنه عالم بالمعلومات، "ع"(16/ 705).
قال الحافظ ابن حجر: والذي أقول: إن غرضه في هذا الباب إثبات ما ذهب إليه أن الله يتكلم متى شاء، وهذا الحديث من أمثلة إنزال الآية بعد الآية على السبب الذي يقع في الأرض، وهذا ينفصل عنه من ذهب إلى أن
7521 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ
(1)
قالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(2)
قالَ: حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ
(3)
، عَنْ مُجَاهِدٍ
(4)
، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ
(5)
، عَنْ عَبدِ اللَّهِ
(6)
قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ
(7)
ثَقَفِيَّانِ
(8)
وَقُرَشِيٌّ، أَوْ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ، كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونُهُمْ
(9)
قَلِيل فِقْهُ قُلُوبُهِمْ. فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ وَقَالَ الآخَرُ:
"حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قالَ: حَدَّثَنَا جَريْرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ" في نـ: "حَدَّثَنَا سُفْيَان، حَدَّثَنَا مَنْصُورٍ". "كَثِيرٌ" في نـ: "كَثِيرَةٌ". "شَحْمُ" في صـ: "شُحُومُ". "قَلِيلٌ" في نـ: "قَلِيلَةٌ".
===
الكلام صفة قائمة بذاته وأن الإنزال بحسب الوقائع من اللوح المحفوظ أو من السماء الدنيا كما ورد في حديث ابن عباس رفعه: "نزل القرآن دفعة واحدة إلى السماء الدنيا فوضع في بيت العزة ثم أنزل إلى الأرض نجومًا"، رواه أحمد في "مسنده"، "ف"(13/ 496).
(1)
عبد الله بن الزبير، "ع"(16/ 705).
(2)
ابن عيينة، "ع"(16/ 705).
(3)
ابن المعتمر، "ع"(16/ 705).
(4)
ابن جبر - بفتح الجيم - المفسر المكي، "ع"(16/ 705).
(5)
بفتح الميمين: عبد الله بن سخبرة الأزدي، "ع"(16/ 705).
(6)
ابن مسعود، "ع"(16/ 705).
(7)
أي: الكعبة شرفها الله تعالى، إذ هو المتبادر إلى الذهن، ويحتمل الجنس، "ك"(25/ 214).
(8)
بالمثلثة والكاف المفتوحتين وبالفاء، "ك"(25/ 214).
(9)
قوله: (كثيرة شحم بطونهم) إشارة إلى وصفهم. وقوله: "بطونهم" مبتدأ، و"كثيرة شحم" خبره، والكثيرة مضافة إلى الشحم، هذا إذا كان بطونهم مرفوعًا، وإذا كان مجرورًا بالإضافة يكون الشحم الذي هو مضاف
يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا
(1)
وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَينَا. وَقَالَ الآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَينَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ} الآيَةَ [فصلت: 22]. [راجع: 4816].
42 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ
(2)
} [الرحمن: 29] وَ {مَا يَأْتِيهِمْ
(3)
مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]
"إِنْ أَخْفَيْنَا" في نـ: "إذا خَافَتْنَا". "إِذَا أَخْفَيْنَا" في نـ: "إِذَا خَافَتْنَا".
===
مرفوعًا بالابتداء، وكثيرة مقدمًا خبره، واكتسب الشحم التأنيث من المضاف إليه إن كانت الكثيرة غير مضافة، وكذلك الكلام "في قليلة فقه قلوبهم" - قال في "المصابيح": هذا غلط لأن المسألة مشروطة بصلاحية المضاف للاستغناء عنه مثل: قطعت بعض أصابعه فلا يجوز غلام هند ذهبت، كذا في "قس"(15/ 576)، وأنث بتأويل شحم بشحوم، "ف"(13/ 496) -.
قوله: "أترون" بالضم أي: أتظنون. ووجه الملازمة فيما قال إن كان يسمع هو أن نسبة جميع المسموعات إلى الله تعالى على السواء. فإن قلت: الذي أصاب في قياسه كيف وصف بقلة الفقه؟ قلت: لأنه لم يعتقد حقيقة ما قال ولم يقطع به، بل شك بقوله:"إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا" كذا في "ع"(16/ 705 - 706).
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 4816، 4817).
(2)
أي: يعز ويذل ويحيي ويميت ويخفض ويرفع ويغفر ذنبًا ويكشف كربًا ويجيب داعيًا "ع"(16/ 706).
(3)
قوله: (وما يأتيهم
…
) إلخ، قال ابن بطال (10/ 525): غرض البخاري الفرق بين وصف كلام الله تعالى بأنه مخلوق وبين وصفه بأنه محدث، فأحال وصفه بالخلق وأجاز وصفه بالحدث اعتمادًا على الآية،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا قول بعض المعتزلة وأهل الظاهر، وهو خطأ؛ لأن الذكر الموصوف في الآية بالأحداث ليس هو نفس كلامه تعالى؛ لقيام الدليل على أن محدثًا منشأ ومخترعًا ومخلوقًا ألفاظ مترادفة على معنى واحد، فإذا لم يجز وصف كلامه القائم بذاته تعالى بأنه مخلوق لم يجز وصفه بأنه محدث. وإذا كان كذلك فالذكر الموصوف في الآية بأنه محدث هو الرسول؛ لأنه تعالى قد سماه في قوله تعالى:{قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا} [الطلاق: 10 - 11]، فيكون المعنى: ما يأتيهم من رسول محدث. ويحتمل أن يكون المراد بالذكر هاهنا وعظ الرسول إياهم وتحذيره من المعاصي فسماه ذكرًا وأضافه إليه؛ إذ هو فاعله ومُقدر رسوله على اكتسابه. وقال بعضهم في هذه الآية: أن مرجع الأحداث إلى الإتيان لا إلى الذكر القديم؛ لأن نزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شيئًا بعد شيء، فكان نزوله يحدث حينًا بعد حين كما أن العالم يعلم ما لا يعلمه الجاهل، فإذا علمه الجاهل حدث عنده العلم ولم يكن إحداثه عند التعلم إحداث عين المعلم. قلت: والاحتمال الأخير أقرب إلى مراد البخاري لما قدمت قبلُ أن مبنى هذه التراجم عنده على إثبات أن أفعال العباد مخلوقة، ومراده هاهنا الحدث بالنسبة للإنزال، وبذلك جزم ابن المنير ومن تبعه.
وقال الكرماني (25/ 215): صفات الله سلبية ووجودية وإضافية، فا لأولى: هي التنزيهات، والثانية: هي القديمة، والثالثة: الخلق والرزق، وهي حادثة ولا يلزم من حدوثها تغير في ذات الله تعالى ولا في صفاته الوجودية، كما أن تعلق العلم وتعلق القدرة بالمعلومات والمقدورات حادث، وكذا جميع الصفات الفعلية، فإذا تقرر ذلك فالإنزال حادث والمنزل قديم وتعلق القدرة حادث ونفس القدرة قديمة، فالمذكور - وهو القرآن - قديم والذكر حادث. وأما ما نقله ابن بطال عن المهلب ففيه نظر؛ لأن البخاري
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
لا يقصد ذلك ولا يرضى بما نسب إليه، إذ لا فرق بين مخلوق وحادث لا عقلًا [ولا نقلًا] ولا عرفًا.
وقال ابن المنير: قيل: ويحتمل أن يكون مراده حمل لفظ محدث على الحديث، فمعنى ذكر محدث أي: متحدث به. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام: أن رجلًا من الجهمية احتج لزعمه أن القرآن مخلوق بهذه الآية، قال له هشام: محدث إلينا يحدث إلى العباد؟ قال: إنما المراد أنه محدث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الله سبحانه فلم يزل عالِمًا. قال ابن التين: احتج من قال بخلق القرآن بهذه الآية، قالوا: والمحدث هو المخلوق؟! والجواب: أن لفظ الذكر في القرآن يتصرف على وجوه: الذكر بمعنى العلم، ومنه:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43]، والذكر بمعنى العظة، ومنه:{ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1]، والذكر بمعنى الصلاة، ومنه:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]. والذكر بمعنى الشرف، ومنه:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44]، {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} ، قال: فإذا كان الذكر يتصرف إلى هذه الأوجه وهي كلها محدثة كان حمله على إحداها أولى؛ ولأنه لم يقل: "مَا يَأْتِيهِم مِن ذِكْرٍ مِن ربِّهِم إلا كان محدثًا"، ونحن لا ننكر أن يكون من الذكر ما هو محدث كما قلنا. وقيل: محدث عندهم و"من" زائدة للتأكيد.
قال أبو عبيد - يعني القاسم بن سلام -: احتج هؤلاء الجهمية بآيات، وليس فيما احتجوا به أشد البأس من ثلاث آيات: قوله: " {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرً} [الفرقان: 2]، و {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ} و {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]، قالوا: إن قلتم: إن القرآن لا شيء كفرتم، وإن قلتم: إن المسيح كلمة الله فقد أقررتم أنه خلق، وإن قلتم: ليس بمحدث رددتم القرآن! قال أبو عبيد: أما قوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} فقد قال في آية أخرى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ
وَقَوْلِ اللَّهِ: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ
(1)
بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1].
وَأَنَّ حَدَثَهُ
(2)
لَا يُشْبهُ حَدَثَ الْمَخْلُوقِينَ، لِقَوْلِهِ:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى].
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ
(3)
مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاء، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ: أنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ".
7522 -
حَدَّثَنَا عَلِي بْنُ عَبدِ اللَّهِ
(4)
قالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ
(5)
قالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ
(6)
، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
"مِنْ أَمْرِهِ" في ذ: "عَنْ أَمْرِهِ". "مَا يَشَاءُ" في ذ: "مَا شَاء".
===
فَيَكُونُ} [النحل: 40]، فاخبر أن خلقه بقوله، وأول خلقه هو من [أول] الشيء الذي قال:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} ، وقد أخبر أنه خلقه بقوله فدل على أن كلامه قبل خلقه. وأما المسيح فالمراد أن الله خلقه بكلمته لا أنه هو الكلمة، بقوله:{أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم} ولم يقل: ألقاه، ويدل عليه قوله تعالى:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59] وأما الآية الثالثة فإنما حدث القرآن عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما علمه ما لم يعلم، كذا في "فتح الباري"(13/ 497 - 498).
(1)
المعنى يحدث عندهم ما لم يكونوا يعلمونه، "ف"(13/ 497).
(2)
أي: إحداثه،"ك"(25/ 215).
(3)
أراد بإيراد هذا التعليق هاهنا جواز الإطلاق على الله بأنه محدث - بكسر الدال -؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله يحدث من أمره ما يشاء"، ولكن إحداثه لا يشبه إحداث المخلوقين"ع"(16/ 707).
(4)
المديني"ع"(16/ 757).
(5)
المصري، "ك"(25/ 216).
(6)
السختياني، "ع"(16/ 707).
كَيفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ كُتُبِهِمْ وَعِنْدَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ أَقْرَبُ الْكُتُبِ
(1)
عَهْدًا بِاللَّهِ
(2)
، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا
(3)
لَمْ يُشَبْ. [راجع: 2685، تحفة:6009].
7523 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ
(4)
قالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيبٌ
(5)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ
(6)
، أَخْبَرَنِي عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
(7)
: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ كَيفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَاب عَنْ شَيْءٍ وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّكُمْ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ
(8)
بِاللَّهِ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ،
"أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ"، وفي نـ:"عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ".
===
(1)
فيه المطابقة، "ع"(16/ 707).
(2)
قد جرى البخاري على عادته في الإشارة إلى اللفظ الذي يريده وإيراده لفظًا آخر غيره، فإنه أورد أثر ابن عباس بلفظ "أقرب"، وهو عنده في الموضع الآخر بلفظ "أحدث"، وهو أليق بمراده، "ف"(13/ 490).
(3)
أي: خالصًا، "مجمع"(4/ 562)، أي: لم يخلط بالغيب كما خلط اليهود حيث حرفوا التوراة، "ك (25/ 216).
(4)
الحكم بن نافع، "ع"(16/ 708).
(5)
ابن أبي حمزة، "ع"(16/ 708).
(6)
محمد بن مسلم، "ع"(16/ 708).
(7)
ابن عتبة بن مسعود"ع"(16/ 708).
(8)
أي: لفظًا؛ إذ القديم هو المعنى القائم به تعالى، أو نزولًا، أو إخبارًا من الله تعالى، "ك (25/ 216)، "ع" (16/ 708).
وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ
(1)
أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ بَدَّلُوا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَغَيَّرُوا فَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ الْكُتُبَ، قَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَروا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَوَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ
(2)
مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ؟! وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ يَسْأَلُكُمْ
(3)
عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيكُمْ. [راجع: 2685].
43 - بَابُ
(4)
قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لَا تُحَرِّكْ بِهِ
(5)
لِسَانَكَ
(6)
}
"فَكَتَبوا" في نـ: "وَكَتَبُوا". "الْكُتُبَ" ثبت في ذ." {لِيَشْتَرُوا بِهِ} " كذا في هـ، وفي نـ:"لِيَشْتَرُوا بِذلك". "وَلَا وَاللَّهِ" في نـ: "فَلَا وَاللَّهِ". "أُنْزِلَ عَليْكُمْ" في سـ: "أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ".
===
(1)
حيث قال {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
…
} الآية [البقرة: 79]، "ك"(25/ 216)"ع"(16/ 708).
(2)
إسناد المجيء إلى العلم مجاز كإسناد النهي إليه، "ك"(25/ 216)،"ع"(16/ 708).
(3)
مع أن كتابهم محرف فلم تسألون أنتم عنهم؟ "ك"(25/ 216)، "ع"(16/ 708).
(4)
المقصود من الباب: بيان كيفية تلقي النبي صلى الله عليه وسلم كلام [الله تعالى] من جبرئيل عليه السلام، "ك"(25/ 217).
(5)
أي: بالقرآن،"ع"(16/ 708).
(6)
قوله: (قول الله: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}
…
) إلخ، قال ابن بطال (10/ 526): غرضه في هذا الباب أن تحريك اللسان والشفتين بقراءة القرآن عمل يؤجر عليه. وقوله: " {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} " فيه إضافة الفعل إلى الله تعالى والفاعل له من يأمره بفعله، فإن القارئ لكلامه تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم هو جبرئيل، ففيه بيان لكل ما أشكل من كل فعل ينسب إلى الله تعالى مما لا يليق به فعله من المجيء والنزول ونحو ذلك، انتهى.
وَفِعْلِ النَّبِيِّ
(1)
صلى الله عليه وسلم حيثُ يُنْزَلُ عَليْهِ الْوَحْيُ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللَّهُ: أَنَا مَعَ عَبدِي مَا ذَكَرَنِي
(2)
وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ".
7524 -
حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
(3)
، عَنْ مُوسَى بْنِ
"حَيْثُ يُنْزَلُ" في ذ: "حِينَ يُنْزَلُ". "مَا ذَكَرَنِي " كذا في هـ، ذ، وفي ذ:"حَيثُمَا ذكَرَنِي"، وفي هـ، حـ، ذ:"إِذَا مَا ذَكَرَنِي"، وفي نـ:"مَا إذا ذَكَرَنِي"، وفي هـ أيضًا:"إذا ذَكَرَنِي". " حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ" في ذ: "قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ".
===
والذي يظهر لي أن مراد البخاري بهذين الحديثين - الموصول والمعلق - الرد على من زعم أن قراءة القارئ قديمة، فأبان أن حركة لسان القارئ بالقرآن من فعل القارئ بخلاف المقروء فإنه كلام الله القديم كما أن حركة لسان ذاكر الله حادثة من فعله، والمذكور وهو الله سبحانه وتعالى قديم. وإلى ذلك أشار بالتراجم التي بعد هذا، "ف"(13/ 500).
(1)
قد بينه في حديث الباب بأنه كان يعالج شدة من أجل تحفظه، فلما نزلت صار يستمع فإذا ذهب الملك قرأه كما سمعه، "ف"(13/ 500).
(2)
قوله: (أنا مع عبدي ما ذكرني) قال ابن بطال (10/ 527): معنى الحديث أنا مع عبدي زمان ذكره لي، أي: أنا معه بالحفظ والكلاءة لا أنه معه بذاته حيث حل العبد، ومعنى قوله:"تحركت بي شفتاه " أي: تحركت باسمي لا أن شفتيه ولسانه تتحرك بذاته تعالى لاستحالة ذلك، انتهى ملخصًا.
وقال الكرماني (25/ 217): المعية معية الرحمة، وأما في قوله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} فهي معية العلم، يعني: فهذه أخص من المعية التي في الآية، "ف"(13/ 550).
(3)
بفتح العين المهملة: الوضاح بن عبد الله اليشكري، "ع"(16/ 709).
أَبِي عَائِشَةَ
(1)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: 16] قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَالِجُ
(2)
مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً
(3)
، كَانَ يُحَرْكُ شفَتَيْهِ - فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَا أحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّكُهُمَا. فَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
(4)
* إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
(5)
}، قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ ثُمَّ تَقْرَؤُهُ. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَه} ، قَالَ: فَاسْتَمِع لَهُ وَأَنْصِتْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَينَا أَنْ تَقْرَأَهُ. قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أتَاهُ جِبْرئيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرئيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَقْرَأَهُ. [راجع: 5].
"كَانَ يُحَرِّكُ" في نـ: "وَكَانَ يُحَرِّكُ"، وفي نـ:"فَكَانَ يُحَرِّكُ". "أَنَا أُحَركُهُمَا" في نـ: "فَأَنَا أُحَركُهُمَا" في الموضعين. "كَمَا كَانَ" في نـ: "كَمَا رَأيْتُ". "كَمَا أَقْرَأَهُ" زاد في ذ: "جِبْرَئِيلُ.
===
(1)
أبو بكر الهمداني، "ع"(16/ 709).
(2)
أي: يحاول ويزاول، "ك"(25/ 217).
(3)
كان صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه القرآن يعجل به ليحفظه، فيحرك لسانه وشفتيه ويتوجه عليه وعلى ضبطه بمعالجة شديدة، فوعده الله تعالى بضمان حفظه وفهمه، "ك"(25/ 217).
(4)
أي: لتأخذه على عجلة مخافة أن ينفلت منك، "مجمع"(3/ 532)، هذا من أوضح الأدلة على أن القرآن يطلق ويراد به القراءة، فإن المراد بقوله:{وَقُرْآنَهُ} في الآيتين القراءة لا نفس القرآن، "ف"(13/ 500).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 5).
44 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ
(1)
أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 13 - 14]
===
(1)
قوله: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ
…
} الآية)، قال ابن بطال (10/ 528): مراده بهذا الباب إثبات العلم لله تعالى صفة ذاتية لاستواء علمه بالجهر من القول والسر، وقد بينه بقوله في آية أخرى:{سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِه} [الرعد: 10]، وأن اكتساب العبد من القول والفعل لله تعالى لقوله:{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الملك: 13]، ثم قال عقيب ذلك:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك: 14]، فدل على أنه عالم بما أسروه وما جهروا به وأق خالق لذلك فيهم. فإن قيل: قوله: {مَنْ خَلَقَ} راجع إلى القائلين؟ قيل له: إن هذا الكلام خرج مخرج التمدح منه بعلمه بما أسر العبد وجهر وأنه خلقه؛ فإنه جعل دليلًا على كونه عالمًا بقولهم، فتعين رجوع قوله:"خلق" إلى قولهم؛ ليتم تمدحه بالأمرين، وليكون أحدهما دليلًا على الآخر، ولم يفرق أحد بين القول والفعل. وقد دلت الآية على أن الأقوال خلق الله تعالى فوجب أن يكون الأفعال خلقًا له سبحانه وتعالى.
وقال ابن المنير: ظن الشارح أنه قصد بالترجمة إثبات العلم! وليس كما ظن، وإلا لتقاطعت المقاصد مما اشتملت عليه الترجمة؛ لأنه لا مناسبة بين العلم وبين حديث:"ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، وإنما قصد البخاري الإشارة إلى النكتة التي كانت سبب محنته بمسألة اللفظ، فأشار بالترجمة إلى أن تلاوة الخلق تتصف بالسر والجهر، ويستلزم أن تكون مخلوقة، وسياق الكلام يأبى ذلك، فقد قال البخاري في "كتاب خلق أفعال العباد" بعد أن ذكر أحاديث دالة على ذلك: فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن أصوات الخلق وقراءتهم ودراستهم وتعليمهم وألسنتهم مختلفة، بعضها أحسن وأزين وأحلى وأصوت وأرتل وألحن وأعلى وأخفض وأغض وأخشع وأجهر وأخفى وأقصر وأمد وألين من بعض، "ف"(13/ 501).
{يَتَخَافَتُونَ
(1)
} [القلم: 23]: يَتَسَارُّوْنَ
(2)
7525 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ
(3)
، عَنْ هُشَيْمٍ
(4)
قالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ
(5)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، قَالَ: نَزَلَتْ وَرَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُخْتَفٍ
(6)
بِمَكَّةَ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أَيْ بِقِرَاءَتِكَ
(7)
، فَيَسْمَعُ
(8)
الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا
"يَتَسَارُّونَ " في نـ: "يَتَشَاوَرُونَ". "حَدَّثَنَا عَمْرُو" في نـ: "حَدَّثَنِي عَمْرُو". "سَمِعَ " في ذ: "سَمِعَه".
===
(1)
قال تعالى: {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} [القلم: 23]، أي: فيما بينهم بكلام خفي، "ك"(25/ 218).
(2)
بتشديد الراء والسين المهملة، وفي بعضها بشين معجمة وزيادة واو بغير تثقيل أي: يتراجعون فيما بينهم سرًّا، "ف"(13/ 501).
(3)
بضم الزاي وتخفيف الراء الأولى، ابن واقد الكلابي النيسابوري، "ع"(16/ 710).
(4)
ابن بشير،"ع"(16/ 710).
(5)
بكسر الموحدة وسكون المعجمة، جعفر بن أبي وحشية، اسمه: إياس،"ع"(16/ 710).
(6)
قيل: كان النبي صلى الله عليه وسلم مختفيًا عن الكفار، فكيف يرفع الصوت، وهو ينافي الاختفاء!! وأجيب: بأنه لعله أراد الإتيان بما يشبه الجهر، أو ما كان له عند الصلاة ومناجاة الرب اختار لاستغراقه في ذلك.
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 4722).
(8)
بالنصب والرفع، "ع"(16/ 710).
الْقُرْآنَ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ
(1)
سَبِيلًا} [الإسراء: 110]. [راجع: 4722].
7526 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسمَاعِيلَ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ
(2)
، عَنْ هِشَامٍ
(3)
، عَنْ أَبِيهِ
(4)
، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} فِي الدُّعَاءِ
(5)
. [راجع: 4723، أخرجه: م 447، تحفة: 16806].
7527 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
(6)
قال: أخْبَرَنَا أَبُو عَاصِم
(7)
، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ
(8)
قال:
"أخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ " في نـ: "حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ". "أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ" في نـ: "قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ"، وفي نـ:"حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ"، وفي نـ:"عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ".
===
(1)
أي: الجهر والمخافتة.
(2)
حماد بن أسامة، "ع"(16/ 710).
(3)
ابن عروة، "ع"(16/ 710).
(4)
عروة بن الزبير، "ع"(16/ 710).
(5)
أشار بهذا إلى وجه آخر في سبب نزول هذه الآية، "ع" (16/ 710). وقال الكرماني (25/ 219): يعني أن المراد بالصلاة هاهنا معناها اللغوي أي: الدعاء، لا معناها الشرعي أي: العبادة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم.
(6)
قال الحاكم: هو ابن نصر، وقال الغساني: هو ابن منصور وهو أشبه، "ك (25/ 219).
(7)
الضحاك، "ع"(16/ 711).
(8)
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، "ع"(16/ 711).
أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ
(1)
، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
(2)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا
(3)
مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ". وَزَادَ غَيْرُهُ
(4)
: "يَجْهَرُ بِهِ"
(5)
. [تحفة: 15211].
===
(1)
محمد بن مسلم الزهري.
(2)
ابن عبد الرحمن بن عوف، "ع"(16/ 711).
(3)
قوله: (ليس منا) الحديث أي: ليس من أهل سنتنا، وليس المراد من أهل ديننا، و"لم يتغن" أي: لم يجهر بقراءة القرآن وغيره هو صاحب لأبي هريرة، وقيل: أي: من لم يستغن به. قال شارح التراجم: فيه أن الجهر مطلوب، وأشار البخاري بالترجمة إلى أن تلاوة الناس يتصف بالجهر والإسرار، وذلك يدل على أنها مخلوقة لله تعالى، وكذا في {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} دليل على أن قولهم مخلوق، وكذا قوله تعالى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أي: بقراءتك دل على أنها فعله، وكذلك "من لم يتغن" أضاف الفعل إليه، وكان محمد بن يحيى الذهلي أنكر على البخاري فيما قال: لفظي بالقرآن مخلوق حيث قال: من قال: إن القرآن مخلوق فقد كفر، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فقد ابتدع، وروي أن البخاري سئل عن ذلك فقال: أعمال العباد كلها مخلوقة، وكان لا يزيد على ذلك. أقول: الحق مع البخاري في أن القراءة حادثة؛ إذ القراءة غير المقروء والذكر غير المذكور والكتابة غير المكتوب. نعم، المقروء والمذكور والمكتوب قديم. ثم إن جمهور المتكلمين من أهل السُّنَّة على أن القديم هو المعنى القائم بذات الله، وأما اللفظ فحادث، "ك"(25/ 219 - 220).
(4)
أي: في آخر الحديث، "ع"(16/ 711)، أي: غير أبي هريرة، "قس"(15/ 583).
(5)
أي: بالقرآن، (16/ 711).
45 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ
(1)
صلى الله عليه وسلم: "رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آناءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَرَجُلٌ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا فَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ"
فَبَيَّنَ اللَّهُ
(2)
أَنَّ قِيَامَهُ
(3)
بِالْكِتَابِ هُوَ فِعْلُهُ
(4)
، وَقَالَ:
"رَجُلٌ" في نـ: "وَرَجُلٌ". "وَالنَّهَار" كذا في هـ، وفي هـ، ذ:"وَآناءَ النَّهَارِ". "مِثْلَ مَا أوتِيَ" في نـ: "بِمِثْل مَا أُوتِيَ". "كَمَا يَفْعَلُ " في نـ: "كَمَا فَعَلَ". "فَبَيْنَ اللَّهُ أَنَّ قِيَامَهُ بِالْكِتَابِ" في هـ، ذ:"فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ قِرَاءته الْكِتَابَ".
===
(1)
قوله: (قول النبي صلى الله عليه وسلم) فإن قلت: الترجمة مخرومة؛ إذ ذكر من صاحب القرآن حال المحسود فقط، ومن صاحب المال حال الحاسد فقط، وهو خرم غريب ملبس فما وجهه؟ قلت: هو مخروم لكن ليس غريبًا ولا متلبسًا؛ إذ المتروك هو نصف الحديث بالكلية حاسدًا ومحسودًا وهو حال ذي المال، والمذكور هو بيان صاحب القرآن حاسدًا ومحسودًا؛ إذ المراد من رجل ثانيًا هو الحاسد، ومن مثل ما أوتي هو القرآن لا المال. وغرضه من هذا الباب: أن قول العباد وفعلهم منسوبان إليهم، وهو كالتعميم بعد التخصيص بالنسبة إلى الباب المتقدم عليه، "ك! (25/ 220 - 221).
(2)
ليس في كثير من النسخ إلا قوله: "فبين"، فقط بدون ذكر فاعله، ولذا قال الكرماني: أي: النبي صلى الله عليه وسلم،"ع"(16/ 711).
(3)
أي: قيام الرجل، "ك"(25/ 220).
(4)
حيث أسند القيام إليه، "ك"(25/ 220).
{وَمِنْ آيَاتِهِ
(1)
خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ
(2)
وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: 22]. وَقَالَ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج:77].
7528 -
حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ قالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ
(3)
، عَنِ الأَعْمَشِ
(4)
، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
(5)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحَاسُدَ
(6)
إِلا فِي اثْنَتَينِ
(7)
: رَجُلٌ
(8)
آتاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ
===
(1)
قوله: (ومن آياته (الآيتان، أما الآية الأولى: فالمراد منها اختلاف ألسنتكم؛ لأنها تشمل الكلام كله فتدخل القراءة، وأما الآية الثانية: فعموم فعل الخير، يتناول قراءة القرآن والذكر والدعاء وغير ذلك، فدل على أن القراءة فعل القارئ، "ف" (13/ 502).
الظاهر أنه ذكر الآيتين لأجل أمرين، أحدهما: أن الخلق من الله في الأفعال والأقوال، إليه تشير الآية الأولى، والثاني: أن الكسب من العباد فيهما، وهما منسوبان إلى العباد باعتبار الكسب، خ".
(2)
أي: لغاتكم؛ إذ لا اختلاف في العضو المخصوص بحيث يصير من الآيات، "ك (25/ 230).
(3)
ابن عبد الحميد، "ع"(16/ 712).
(4)
سليمان،"ع"(16/ 712).
(5)
ذكوان الزيات، "ع"(16/ 712).
(6)
قوله: (لا تحاسد) المراد الغبطة، أو معناه: لا حسد إلا فيهما، وما فيهما ليس بحسد فلا حسد، أو هو مخصوص من الحسد المنهي كإباحة نوع من الكذب، ورد بأنه يلزم منه إباحة تمني زوال نعمة مسلم قائم بحق النعم، أي: لا غبطة محمودة إلا في هاتين، "مجمع"(1/ 495).
(7)
بالتأنيث، "قس"(15/ 585)، وفي بعضها: اثنين وهو ظاهر، "ك"(25/ 220).
(8)
أي: خصلة رجل ليصح بيانًا لاثنتين "ع"(16/ 712).
من آناءِ اللَّيلِ
(1)
وَآناءِ النَّهَارِ، فَهُوَ يَقُولُ
(2)
: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا، فَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ. وَرَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ فَيَقُولُ
(3)
: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ مَا عَمِلَ".
[راجع: 5026، أخرجه: س في الكبرى 5841، تحفة: 12339].
7529 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبدِ اللَّهِ
(4)
قالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(5)
: قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ
(6)
، عَنْ أَبِيهِ
(7)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْن: رَجُلٌ
(8)
آتاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ به آناءَ اللَّيْلِ وَآناءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آناءَ اللَّيْلِ وَآناءَ النَّهَارِ". قالَ
(9)
:
"من آنَاءِ اللَّيْل" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"آناءَ اللَّيْلِ". "مَا عَمِلَ" في نـ: "مَا يَعْمَل". "قَالَ الزُّهْرِيُّ " في نـ: "قَالَ: حدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ". "يَقُومُ به" كذا في صـ، ذ، وفي نـ:"يَتْلُوهُ".
===
(1)
أي: ساعات الليل، "ك"(25/ 220)، "ع"(16/ 711).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 73، 5026).
(3)
أي: الحاسد، "ع"(16/ 712).
(4)
هو ابن المديني، "ع"(16/ 712).
(5)
ابن عيينة، "ع"(16/ 712).
(6)
ابن عبد الله.
(7)
عبد الله بن عمر بن الخطاب، "ع"(16/ 712).
(8)
أي: خصلة رجل، والمناسبة بين الخصلتين أنهما يزيدان بالاتفاق، "مجمع"(1/ 495).
(9)
أي: علي بن عبد الله.
سَمِعْتُ
(1)
مِنْ سُفْيَانَ مِرَارًا، لَمْ أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ الْخَبَرَ، وَهُوَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ. [راجع: 5025، أخرجه: م 815، ت 1936، س في الكبرى 8082، ق 4209، تحفة: 6815].
46 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ
(2)
{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ
(3)
إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67]
"سَمِعْتُ مِنْ سُفْيَانَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"سَمِعْتُ سُفْيَانَ". "رِسالتَه" في نـ: "رِسالَاتِه".
===
(1)
قوله: (قال سمعت
…
) إلخ، أي: قال علي بن المديني: سمعت هذا الحديث من سفيان مرارًا ولم أسمعه يذكره بلفظ أخبرنا وحدثنا الزهري، بل قال بلفظ "قال"، ومع هذا هو من صحيح حديثه لا قدح فيه، قد علم من الطرق الأخر الصحيحات، "ك"(25/ 221).
(2)
لعل مناسبة هذا الباب بالكتاب بيان الجزء الأخير من الشهادتين اللتين هما ركنان للإيمان، كما أن فيما سبق من الأبواب بيان للإيمان باللّه وبصفاته مع ما فيه من الإرشاد إلى أن الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يكون بجميع ما جاء، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم مأمور بتبليغ جميع ما أنزل عليه عليه الصلاة والسلام ومنه الإيمان بالكتاب أي: القرآن المجيد، "خ".
(3)
قوله: {بَلِّغْ مَا أُنْزِل
…
} الآية)، ظاهره اتحاد الشرط والجزاء لأن معنى:{وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ} : إن لم تبلغ، لكن المراد من الجزاء لازمه، فهو كحديث:"من كانت هجرته إلى دنيا يصيبهما فهجرته إلى هاجر إليه"، واختلف في المراد بهذا الأمر، فقيل: المراد بلغ كل ما أنزل، وهو على ما فهمت عائشة وغيرها. وقيل: المراد بلغه ظاهرًا ولا تخش من أحد فإن الله يعصمك، والثاني أخص من الأول، وعلى هذا لا يتحد الشرط والجزاء، لكن الأول قول الأكثر لظهور العموم في قوله:"ما أنزل" والأمر للوجوب
قَالَ الزُّهْرِيُّ: مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ
(1)
، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَلَاغ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ. وَقَالَ:{لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِم} [الجن: 28]. وَقَالَ: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي} [الأعراف: 62]. وَقَالَ
"رَسُول اللَّهِ" في صـ: "رَسُولِه". "وَقَالَ" في ذ: "وَقَال الله تَعَالَى".
===
فيجب عليه تبليغ كل ما أنزل إليه والله أعلم، ورجح الآخر ابن التين ونسبه لأكثر أهل اللغة.
وقد احتج أحمد بن حنبل بهذه الآية على أن القرآن غير مخلوق؛ لأنه لم يرد في شيء من القرآن ولا من الأحاديث أنه مخلوق ولا ما يدل على أنه مخلوق، ثم ذكر عن الحسن البصري أنه قال: لو كان ما يقول الجعد حقًّا لبلغه النبي صلى الله عليه وسلم، قال البخاري في كتاب "خلق أفعال العباد" بعد أن ساق قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ
…
} الآية، قال: فذكر تبليغ ما أنزل ثم وصف فعل تبليغ الرسالة فقال: وإن لم تفعل فما بلغت، قال: فسمى تبليغ الرسالة وتركه فعلًا ولا يمكن أحدًا أن يقول إن الرسول لم يفعل ما أمر به من تبليغ الرسالة، يعني: فإذا بلغ فقد فعل ما أمر به وتلاوته ما أنزل الله هو التبليغ وقد فعله، وقال في الكتاب المذكور أيضًا: قوله تعالى: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ
…
} الآية، هو مما أمر به، وكذلك أقيموا الصلاة، والصلاة بجملتها طاعة الله وقراءة القرآن من جملة الصلاة، فالصلاة طاعة والأمر بها قران، وهو مكتوب في المصاحف، محفوظ في الصدور، مقروء على الألسنة، فالقراءة والحفظ والكتابة مخلوقة، والمقروء والمحفوظ والمكتوب ليس بمخلوق، ومن الدليل عليه: أنك تكتب "الله" وتحفظه وتدعوه، فدعاءك وحفظك وكتابتك وفعلك مخلوق والله هو الخالق، "ف"(13/ 504).
(1)
أي: الإرسال، لا بد في الرسالة ثلاثة أمور: المرسل والمرسل
كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ
(1)
حِينَ تَخَلَّفَ
(2)
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ
(3)
وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105] وَقَالَتْ عَائِشَةُ
(4)
: إِذَا أَعْجَبَكَ حُسْنُ عَمَلِ امْرئٍ فَقُلِ: {اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ
(5)
أَحَدٌ
"فَسَيَرَى" كذا في صـ، [وفي "قس" لأبوي ذر والوقت]، وفي نـ:" {وَسَيَرَى} ". " {وَالْمُؤْمِنُونَ} " ثبت في ص، ذ.
===
إليه والرسول، ولكل منهم أمر، للمرسل الإرسال، وللرسول التبليغ، وللمرسل إليه القبول والتسليم، "ك"(25/ 221)"ع"(16/ 712).
(1)
الأنصاري، "ك"(25/ 221).
(2)
أي: عن غزوة تبوك، "ك"(25/ 221 - 222).
(3)
قوله: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ
…
} الآية، قال الكرماني (25/ 222): مناسبته للترجمة من جهة التفويض والانقياد والتسليم، ولا ينبغي لأحد أن يزكي عمله بل يفوض إلى الله سبحانه، قلت: ومراد البخاري تسمية ذلك عملًا كما تقدم من كلامه في الذي قبله، "ف"(13/ 504).
(4)
أرادت بذلك أن أحدًا لا يستحسن عمل غيره، فإذا أعجبه فليقل: {اعْمَلُوا
…
} إلخ، وأرادت بالعمل ما كان من القراءة والصلاة ونحوهما، فسمت كل ذلك عملًا، "ع"(16/ 713).
(5)
قوله: {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ} بالخاء المعجمة المكسورة والفاء المفتوحة والنون الثقيلة للتأكيد، قال ابن التين عن الداودي: معناه: لا تغتر بمدح أحد وحاسب نفسك. والصواب: ما قاله غيره أن المعنى: ولا يغرنك أحد بعمله فتظن به الخير إلا إن رأيته واقفًا عند حدود الشريعة، "ف"(13/ 505).
وَقَالَ مَعْمَرٌ
(1)
: {ذَلِكَ الْكِتَابُ
(2)
} [البقرة: 2] هَذَا الْقُرْآن، {هُدًى
===
(1)
هذا هو ابن المثنى اللغوي أبو عبيدة، ووهم من قال: إنه معمر بن راشد شيخ عبد الرزاق، "ف"(13/ 505).
(2)
قوله: ({ذَلِكَ الْكِتَابُ} هذا القرآن) يعني ذلك بمعنى: هذا خلاف المشهور، وهو أن "ذلك" للبعيد و "هذا" للقريب، كقوله تعالى:{ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة: 15] أي: هذا حكم الله، وكقوله:{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} [البقرة: 252] أي: هذه أعلام القرآن، "ك"(25/ 222).
قال أبو عبيدة: وقد يخاطب العرب الشاهد بمخاطبة الغائب، وقد أنكر ثعلب هذه المقالة وقال: استعمال أحد اللفظين موضع الآخر يقلب المعنى، وإنما المراد هذا القرآن هو ذلك الذي كانوا يستفتحون به عليكم، وقال الكسائي: لما كان القول والرسالة من السماء والكتاب والرسول في الأرض قيل ذلك يا محمد، وقال الفراء: هو كقولك للرجل وهو يحدثك: وذلك والله الحق، فهو في اللفظ بمنزلة الغائب وليس بغائب وإنما المعنى ذلك الذي سمعت به، واستشهد أبو عبيدة بقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ} فلما جاز أن يخبر بضميرين مختلفين ضمير المخاطب للحاضر وضمير الغيبة عن الغائب في قصة واحدة، فكذلك يجوز أن يخبر عن ضمير القريب بضمير البعيد، وهو صنيع مشهور في كلام العرب يسميه أصحاب المعاني الالتفات.
وقيل: الحكمة في هذا هاهنا أن كل من خوطب يجوز أن يركب الفلك لكن لما كان في العادة أن لا يركبها إلا الأقل وقع الخطاب أولًا للجميع ثم عدل إلى الإخبار عن البعض الذين من شانهم الركوب. ومناسبة هذه الآية لما تقدم من أن الهداية نوع من التبليغ، "ف"(13/ 505 - 506).
لِلْمُتَّقِينَ}: بَيَانٌ وَدَلَالَةٌ، كَقَوْلِهِ:{ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة: 10] هَذَا حُكْمُ اللَّهِ، {لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2]: لَا شَكَّ. {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} : يَعْنِي: هَذِهِ أَعْلَامُ الْقُرْآنِ. وَمِثْلُهُ
(1)
: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]: يَعْنِي: بِكُمْ. وَقَالَ أَنَسٌ: بَعَثَ النَّبِيُّ
(2)
صلى الله عليه وسلم خالَهُ حَرَامًا
(3)
إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ: أَتُؤْمِنُونِّي
(4)
أبَلِّغُ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ
(5)
.
7530 -
حَدَّثَنَا الْفَضلُ بْنُ يَعْقُوبَ
(6)
قالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ
(7)
قالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قالَ:
"{لَا رَيْبَ فِيهِ} كذا في قتـ، ذ، وفي نـ: "{لَا رَيْبَ} . "خَالَهُ" في نـ: "خَالِي". "إِلَى قَوْمِهِ" في ذ: "إِلَى قَوْمٍ". "أَتُؤْمِنُونِّي" في نـ: "أَتُؤْمِنُونَنِي". "أُبَلِّغُ" في نـ: "حَتّى أُبَلِّغَ".
===
(1)
قوله: (مثله) أي: في استعمال البعيد وإرادة القريب {جَرَيْنَ بِهِم} في استعمال الغائب وإرادة الحاضر، "ك"(25/ 222).
فلما ساغ استعمال ما هو للبعيد للقريب كان استعمال ما هو للغائب للحاضر، ولفظ "مثله" بكسر الميم وسكون المثلثة، وضبطه بعضهم بضم الميم والمثلثة واللام وهو بعيد، "ف"(13/ 506).
(2)
هذا قطعة من حديث مطول ومضى في "الجهاد"(برقم: 2801).
(3)
ضد الحلال، ابن منهال، "ك"(25/ 222).
(4)
أي: تجعلوني آمنا فآمنوه، "ك"(25/ 222).
(5)
عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أومأوا إلى رجل منهم فطعنه، فقال: الله أكبر فزت ورب الكعبة، "ك"(25/ 222).
(6)
الرخامي البغدادي، "ك"(25/ 223)، "ع"(16/ 714).
(7)
بفتح الراء وشدة الكاف.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيدِ اللَّهِ
(1)
الثَّقَفِيُّ قال: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ وَزِيَادُ بْنُ جُبَيرٍ، عَنْ جُبَيرِ بْنِ حَيَّةَ، قَالَ الْمُغِيرَةُ
(2)
: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا: "أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ". [راجع: 3159، تحفة: 11491].
7531 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ
(3)
قالَ: أخبرَنَا سُفْيَانُ
(4)
، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
(5)
، عَنِ الشَّعْبِيِّ
(6)
، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَمَ شَيئًا. ح وَقَالَ مُحَمَّدٌ
(7)
: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ
(8)
"سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ" في قا، مر:"سَعِيدُ بْنُ عبدِ اللَّهِ". "أخبرَنَا سُفْيَانُ" في نـ: "حدَّثنا سُفْيَانُ". "أَنَّ النَّبِيَّ" في نـ: "أَنَّ مُحَمَّدًا".
===
(1)
قال الغساني: في بعضها سعيد بن عبد الله مكبرًا، وفي بعضها معمر بن سليمان من التعمير، وصوابه عبيد الله مصغرًا، ومعتمرًا من الاعتمار، "ك"(25/ 223).
(2)
ابن شعبة، "ك"(25/ 223)"ع"(16/ 714).
(3)
الفريابي، "ف"(13/ 506).
(4)
الثوري، "ف"(13/ 506).
(5)
ابن أبي خالد، "ف"(13/ 506).
(6)
بفتح الشين، عامر، "ك"(25/ 223).
(7)
يحتمل أن يكون هو محمد بن يوسف الفريابي المذكور في الرواية الأولى فيكون موصولًا، ويحتمل أن يكون غيره فيكون معلقًا، وهو مقتضى صنيع المزي، "ف"(13/ 506).
(8)
عبد الملك بن عمرو، "ف"(13/ 506).
الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْي، فَلَا تُصَدِّقْه، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ
(1)
مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الآية [المائدة: 67]. [راجع: 3234، أخرجه: م 177، ت 3068 س في الكبرى 11408، تحفة: 17613].
7532 -
حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ
(2)
، عَنِ الأَعْمَشِ
(3)
، عَنْ أَبِي وَائِلٍ
(4)
، عَنْ عَمْرو بْنِ شرَحْبيلٍ
(5)
قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ
(6)
(7)
: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا
(8)
، وَهُوَ خَلَقَكَ". قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ:
"حَدَّثَنَا شُعْبَةُ" في نـ: "قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ".
===
(1)
قوله: {بَلِّغْ
…
} إلخ، وجه الاستدلال بالآية أن ما أنزل عام والأمر للوجوب، فيجب عليه تبليغ كل ما أنزل عليه، وقال في "الفتح" (13/ 507): كل ما أنزل على الرسول فله بالنسبة إليه طرفان: طرف الأخذ من جبرئيل عليه السلام، وطرف الأداء للأمة وهو المسمى بالتبليغ، وهو المراد هاهنا، والله أعلم، "قس"(15/ 590).
(2)
ابن عبد الحميد.
(3)
سليمان.
(4)
شقيق بن سلمة.
(5)
منصرفًا وغير منصرف، "ك"(25/ 224).
(6)
ابن مسعود.
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 6001، 7520).
(8)
هو مثل الشيء يضاده وينادّه أي: يخالفه، "مجمع"(4/ 697).
"ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ". قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ أَنْ تزَانِيَ حَلِيلَةَ
(1)
جَارِكَ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا
(2)
: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68][راجع: 4477].
"خَشْيَةَ" في ذ: "مَخَافَةَ". "ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"أَنْ تُزَانِيَ". "تَصْدِيقَهَا" في نـ: "تَصْدِيقًا". "يَلْقَ أثَامًا" زاد بعده في نـ: "الآية".
===
(1)
أي: امرأته، والرجل حليلها، "مجمع"(1/ 546).
(2)
قوله: (فأنزل الله تصديقها
…
) إلى آخر الآية، مناسبته للترجمة: أن التبليغ على نوعين: أحدهما وهو الأصل: أن يبلغه بعينه، وهو خاص بما يُتَعبَّد بتلاوته وهو القرآن. وثانيهما: أن يبلغ ما يستنبط من أصول ما تقدم إنزاله فينزل عليه موافقته فيما استنبط، إما بنصه وإما بما يدل على موافقته بطريق الأولى، كهذه الآية، فإنها اشتملت على الوعيد الشديد في حق من أشرك وهي مطابقة بالنص، وفي حق من قتل النفس بغير حق وهي مطابقة للحديث بالطريق الأولى، لأن القتل بغير حق وإن كان عظيمًا لكن قتل الولد أشد قبحًا من قتل من ليس بولد، وكذا القول في الزناة، فإن الزنا بحليلة الجار أعظم قبحًا من مطلق الزنا، ويحتمل أن يكون إنزال هذه الآية سابقًا على إخباره صلى الله عليه وسلم بما أخبر به لكن لم يسمعها الصحابي إلا بعد ذلك، ويحتمل أن يكون كل من الأمور الثلاثة في سياق واحد مع الاقتصار عليها، فيكون المراد بالتصديق الموافقة في الاقتصار عليها. فعلى هذا فمطابقة الحديث للترجمة ظاهرة جدًّا، والله أعلم، "ف"(13/ 507).
وقال في "الكواكب"(25/ 224): فإن قلت: كيف وجه التصديق؟ قلت: من جهة إعظام هذه الثلاثة حيث ضاعف لها العذاب وأثبت لها الخلود، انتهى.
47 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ
(1)
فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ
(2)
التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا، وَأُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ، وَأُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ".
وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ
(3)
: {يَتْلُونَهُ} [البقرة: 121] يَتَّبِعُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ.
"{يَتْلُونَهُ} يَتَّبِعُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ" في نـ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} وَيَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ".
===
(1)
قوله: (قول الله: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
…
} إلخ)، مراده بهذه الترجمة أن يبين أن المراد بالتلاوة القراءة، وقد فسرت التلاوة بالعمل والعمل من فعل العامل، وقال في كتاب "خلق أفعال العباد": ذكر صلى الله عليه وسلم أن بعضهم يزيد على بعض في القراءة وبعضهم ينقص، فهم متفاضلون في التلاوة بالقلة والكثرة، وأما المتلو وهو القرآن؛ فإنه ليس فيه زيادة ولا نقصان، ويقال: فلان حسن القراءة ورديء القراءة، ولا يقال: حسن القرآن ورديء القرآن، ومما يسند إلى العباد القراءة لا القرآن؛ لأن القرآن كلام الرب سبحانه وتعالى، والقراءة فعل العبد، ولا يخفى هذا إلا على من لم يوفق، ثم قال: تقول: قرأت بقراءة عاصم وقراءتك على قراءة عاصم، ولو أن عاصمًا حلف أن لا يقرأ اليوم ثم قرأت أنت على قراءته لم يحنث هو. قال: وقال أحمد: لا يعجبني قراءة حمزة. قال البخاري: ولا يقال: لا يعجبني القرآن. فظهر افتراقهما، "ف"(13/ 508)، ويحتمل أن يقال: أن مقصود البخاري بيان أن كلام الله صفة واحدة والاختلاف بحسب العبارة لا يوجب الاختلاف فيها، "خ".
(2)
المقصود من ذكر هذا وما بعده ذكر أنواع التسليم الذي هو الغرض من الإرسال والإنزال وهو التلاوة والإيمان به والعمل به، "ع"(16/ 716).
(3)
براء ثم زاي بوزن عظيم، هو مسعود بن مالك الأسدي الكوفي من كبار التابعين، "ف"(13/ 508).
قالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ
(1)
: {يُتْلَى} [النساء: 127]: يُقْرَأ، حَسَنُ التِّلَاوَةِ: حَسَنُ الْقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ
(2)
. {لَا يَمَسُّهُ}
(3)
: لَا يَجِدُ طَعْمَهُ وَنَفْعَهُ إِلَّا مَنْ آمَنَ
(4)
بِالْقُرْآنِ، وَلَا يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إِلَّا الْمُوقِنُ
(5)
؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة: 5]. وَسَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الإِسْلَامَ
(6)
"قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ" في نـ: "يُقَالُ". "إِلَّا الْمُوقِنُ" في سـ، عس، ذ:"إلّا الْمُؤْمِنُ".
===
(1)
قوله: (قال أبو عبد الله
…
) إلخ، تأييد لما ذكر من أن التلاوة بمعنى القراءة، ومنها يوصف بالحسن وبعدمه، وأما القرآن بمعنى المتلو فكله حسن منزه عن النقصان، "خ".
(2)
قوله: (حسن التلاوة حسن القراءة للقرآن) وقال الراغب: التلاوة: الاتباع، وهي تقع بالجسم تارة وتارة بالاقتداء في الحكم وتارة بالقراءة، وتدبر المعنى والتلاوة في عرف الشرع يختص باتباع كتب الله المنزلة تارة بالقراءة وتارة بامتثال ما فيه من أمر ونهي، وهي أعم من القراءة، فكل قراءة تلاوة من غير عكس، "ف"(13/ 509).
(3)
أشار به إلى تفسير قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} [الواقعة: 79]: (16/ 716).
(4)
أي: المطهرون من الكفر، "ك"(25/ 224).
(5)
لكونه من عند الله، المطهر من الجهل والشك ونحوه لا الغافل كالحمار، "ك"(25/ 224).
(6)
استنبط تسميته عملًا من حديث سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام، كذا في "ف"(13/ 509).
وَالإِيمَانَ
(1)
وَالصَّلَاةَ
(2)
(3)
عَمَلًا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ: "أَخْبِرْنِي
(4)
بأَرْجَى
(5)
عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلَام؟ " قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي
(6)
لَمْ أَتَطَهَّرْ
(7)
إِلَّا صَلَّيْتُ
(8)
. وَسُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِيمَان بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ الْجِهَادُ
(9)
، ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ"
(10)
.
7533 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ
(11)
قالَ: أَخْبَرَنَا عَبدُ اللَّهِ
(12)
قالَ:
"أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ" في ذ: "أَنْ لَمْ أَتَطَهَّرْ".
===
(1)
استنبط كونه عملًا من الحديث المعلق في الباب، كذا في "ف"(13/ 509).
(2)
قال: فسمى الإسلام والإيمان والإحسان والصلاة بقراءتها وما فيها من حركات الركوع والسجود فعلًا، "ف"(13/ 509).
(3)
هما من أعمال القلب واللسان، كذا في "ف"(13/ 509).
(4)
تقدم موصولًا (برقم: 1149).
(5)
بمعنى المفعول كأشهر.
(6)
أي: من أني أو غير أني، "خ".
(7)
أي: لم أتوضأ، "ك"(25/ 225).
(8)
دخوله في الباب ظاهر من حيث إن الصلاة لا بد لها فيها من القراءة، (ف" (13/ 509).
(9)
تقدم موصولًا (برقم: 26، 1519).
(10)
الحج المبرور ما لم يخالطه إثم، وقيل: المتقبل، كذا في "المجمع"(1/ 171).
(11)
لقب عبد الله بن عثمان المروزي، "ع"(16/ 717).
(12)
ابن المبارك، "ع"(16/ 717).
أَخْبَرَنَا يُونُسُ
(1)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ
(2)
عَنِ ابْن عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ
(3)
(4)
فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الأمَمِ كَمَا بَينَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ
(5)
التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَار، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا. ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صُلِّيَتِ
(6)
الْعَصْر، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا. ثُمَّ أُوْتِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْس، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ
(7)
:
"حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ" في هـ، ذ:"حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ".
===
(1)
ابن يزيد، "ع"(16/ 717).
(2)
ابن عبد الله بن عمر، "ع"(16/ 717).
(3)
أي: زمان بقائكم في جملة زمان الأمم السابقة. وأحد طرفي التشبيه محذوف، وهو باقي النهار، "ك"(25/ 225).
(4)
قوله: (إنما بقاؤكم. .. ) الحديث، قال ابن بطال (10/ 534): معنى هذا الحديث كالذي قبله: أن كل ما يكسبه الإنسان مما يؤمر به من صلاة أو حج أو جهاد وسائر الشرائع عمل يجازى على فعله ويعاقب على تركه أن أُنْفِذَ الوعيد، انتهى، "ف"(13/ 515).
(5)
فيه المطابقة، كذا في "ع"(16/ 717).
(6)
بلفظ المجهول أي: صلاة العصر، "ك"(25/ 226).
(7)
قوله: (فقال أهل الكتاب) أي: أهل التوراة؛ لأن وقت عمل أهل الإنجيل ليس أكثر من وقت عمل الإسلاميين، وقد تقدم في أول "كتاب التوحيد" في "باب المشية والإرادة" (برقم: 7467): "قال أهل التوراة: ربنا هؤلاء أقل عملًا"، "ك (25/ 226).
هَؤُلَاءِ أَقَلُّ عَمَلًا مِنَّا وَأَكْثَرُ خَيْرًا، قَالَ اللهُ: هَلْ ظُلِمْتُمْ
(1)
مِنْ حَقِّكُمْ مِن شَيءٍ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَهُوَ فَضْلِي أُوتيهِ مَنْ أَشَاءُ". [راجع: 557، تحفة:7004].
48 - بَابٌ
(2)
وَسَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ عَمَلًا، وَقَالَ: "لَا صَلَاةَ
(3)
لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ
(4)
بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"
7534 -
حَدَّثَنِي سُلَيمَانُ
(5)
قالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنِ الْوَلِيدِ
(6)
.
"وَأَكْثَرُ خَيْرًا" في نـ: "وَأَكْثَرُ أجْرًا"، وفي نـ:"وَأَكْثَرُ جَزَاءً". "ظُلِمْتُمْ" في نـ: "ظَلَمْتُكُمْ". "مِن شَيءٍ" في هـ: "شَيْئًا". "حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ" في ذ: "حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ"،
===
(1)
مرّ الحديث (برقم: 7467).
(2)
بالتنوين بغير ترجمة وهو كالفصل من المسابق ولذا عطف عليه: "وسمى النبي صلى الله عليه وسلم"، "قس"(15/ 593).
(3)
قوله: (لا صلاة
…
) إلخ، قال الكرماني (25/ 226): لا صلاة أي: لا صحة للصلاة بأنها أقرب إلى نفي الحقيقة بخلاف الكمال ونحوه. قلت: لم لا تقول أيضًا في قوله عليه الصلاة والسلام: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"؟ والقول: بلا كمال للصلاة إلا بفاتحة الكتاب متعين لقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]، وأجمع أهل التفسير على أنها نزلت في الصلاة، "ع"(16/ 717 - 718).
(4)
تقدم موصولًا (برقم: 756) مع البحث عن المذهب.
(5)
ابن حرب، "ع"(16/ 718).
(6)
بالفتح: ابن العيزار، "ع"(16/ 718).
ح وَحَدَّثَنِي
(1)
عَبَّادُ
(2)
بْنُ يَعْقُوبَ الأَسَدِيُّ قالَ: أَخْبَرَنَا عَبَّادُ
(3)
بْنُ الْعَوَّامِ
(4)
، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ
(5)
، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو
(6)
الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَجُلًا
(7)
سَألَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الأَعْمَالِ
(8)
أَفْضَلُ؟
(9)
قَالَ: "الصلَاةُ لِوَقْتِهَا
(10)
، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سبِيلِ اللَّهِ". [راجع: 527].
===
(1)
قائل "حدثني" هو البخاري، "ف"(13/ 510).
(2)
بالفتح وشدة الموحدة، مذكور بالرفض، ولكنه موصوف بالصدق، وليس له عند البخاري إلا هذا الحديث الواحد، "ف"(13/ 510).
(3)
بالفتح وشدة الباء، "ك"(25/ 226).
(4)
بتشديد الواو وتخفيف الميم، "ك"(25/ 226).
(5)
سليمان بن فيروز أبو إسحاق، "ك"(25/ 226)، "ع"(16/ 718).
(6)
سعد بن إياس، "ع"(16/ 718).
(7)
هو ابن مسعود، "قس"(15/ 594).
(8)
مطابقته للأحاديث الذي مضت فيما قبله ظاهرة، "ع"(16/ 718).
(9)
مرَّ الحديث (برقم: 527).
(10)
قوله: (لوقتها) أي: في وقتها أو مستقبلًا لوقتها كما قال الزمخشري في: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ} . فإن قلت: مرّ آنفًا أن الأفضل الإيمان ثم الجهاد؟ قلت: المقامات مختلفة والسامعون متفاوتة، فبالنسبة إلى المتهاون بالصلاة العاق لوالديه الصلاة والبر أفضل، وبالنسبة إلى غيره الجهاد أفضل ونحو ذلك، "ك"(25/ 227).
49 - بَابُ قَوْلِه: {إِنَّ الْإِنْسَانَ
(1)
خُلِقَ هَلُوعًا
(2)
}: ضَجُورًا
(3)
، {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 19 - 20]
7535 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ
(4)
قال: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ
(5)
، عَنِ الْحَسَنِ
(6)
قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ:
"ضَجُورًا" ثبت في ذ، وزاد قبله في نـ:"خُلِقَ".
===
(1)
قوله: (إن الإنسان
…
) إلخ، غرضه من هذا الباب إثبات خلق الله تعالى للإنسان بأخلاقه التي خلقه الله عليها من الهلع والمنع والإعطاء والصبر على الشدة واحتسابه على ذلك على ربه تعالى. وفسر الهلوع بقوله: ضجورًا. وقال الجوهري: الهلع أفحش الجزع، وقال الداودي: إنه والجزع واحد، وقال بعض المفسرين: الهلوع فسره الله تعالى بقوله: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} [المعارج: 20]، "ع"(16/ 718).
(2)
الهلع مصدر، وهو أشد الجزع، "ع"(16/ 718)، "ف"(13/ 511).
(3)
كضجر: تبرّم وقلق، "قاموس" (ص: 399).
(4)
محمد بن الفضل"ع"(16/ 719).
(5)
بالحاء المهملة والزاي، "ع"(16/ 719).
(6)
قوله: (عن الحسن) البصري، و"عمرو بن تغلب" بفتح الفوقانية وسكون المعجمة وكسر اللام وبالموحدة: العبدي التميمي. قال الحاكم أبو عبد الله: شرط البخاري أن لا يذكر إلا حديثًا رواه صحابي مشهور وله راويان ثقتان فأكثر، ثم يرويه عنه أتابعي، مشهور، وله أيضًا راويان، وكذلك في كل درجة. قال النووي: ليس من شرطه ذلك؛ لإخراجه نحو حديث ابن تغلب: "إني لأعطي الرجل"، ولم يروه عنه غير الحسن، "ك (25/ 227)، "ع" (16/ 719).
أَتَى النَّبِيُّ
(1)
صلى الله عليه وسلم مَالٌ فَأَعْطَى قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَتَبُوا
(2)
فَقَالَ: "إِنِّي أُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعَ
(3)
الرَّجُلَ، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَع
(4)
وَالْهَلَعِ
(5)
، وَأَكِلُ
(6)
أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى
(7)
وَالْخَيْرِ، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ"
(8)
.
فَقَالَ عَمْرٌو: مَا أُحِبُّ
(9)
أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ
(10)
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُمْرَ النَّعَمِ
(11)
. [راجع: 923].
"مِنَ الْغِنَى" في سـ، حـ، ذ:"مِنَ الْغَنَاء".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 3145).
(2)
أي: غضبوا. العتب: الموجدة، "قا موس" (ص: 116).
(3)
أي: أترك، "ع"(16/ 719)، "ك"(25/ 227).
(4)
هو قلة الصبر، "ع"(16/ 719).
(5)
هو الضجر، "ع"(16/ 719)، "ك (25/ 227).
(6)
صيغة المتكلم المضارع المعروف، أصله: أوكل، أي: أستسلم.
(7)
بكسر الغين، والكسر من غير همزة ضد الفقر، "قس"(15/ 895).
(8)
النمري، "ف"(13/ 511).
(9)
لأن الصفة المذكورة تدل على قوة إيمانه المفضي به لدخول الجنة، "ف"(13/ 511).
(10)
الباء فيه للمقابلة والبدلية، أي: ما أحب أن لي بدل كلمته النعم؛ لآخرة خير وأبقى، "ع"(16/ 719)، "ك (25/ 227).
(11)
هذا النوع من الإبل أشرف أنواعها، "ع"(16/ 719).
50 - بَابُ ذِكْرِ النَّبِيِّ
(1)
صلى الله عليه وسلم وَرِوَايَتِهِ عَنْ رَبِّهِ
7536 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زيدٍ سعِيدُ بْنُ الرَبِّيعِ الْهَرَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ قَتَادَةَ
(2)
، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْوِيهِ
(3)
عَنْ رَبِّهِ قَالَ: "إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ
(4)
إِليَّ
"عَنْ رَبِّهِ" زاد بعده في نـ: "تبارك وتعالى". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ". "الْعَبْدُ إِلَيَّ" في نـ: "إِلَيَّ الْعَبْدُ".
===
(1)
قوله: (ذكر النبي صلى الله عليه وسلم
…
) إلخ، يحتمل أن يكون الجملة الأولى محذوفة المفعول، والتقدير: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ربه، ويحتمل أن يكون ضمن الذكر معنى التحديث، فعداه بعن، فيكون قوله:"عن ربه" متعلقًا بالذكر والرواية معًا، وقال ابن بطال (10/ 537): معنى هذا الباب: أن النبي صلى الله عليه وسلم روى عن ربه السُّنَّة كما روى عنه القرآن، انتهى. - وهذا مبين في كتاب الله:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3 - 4]، "ع"(16/ 719) -. والذي يظهر أن مراده تصحيح ما ذهب إليه كما تقدم التنبيه عليه في تفسير المراد بكلام الله سبحانه وتعالى. [انظر "فتح الباري" (13/ 512)].
(2)
هذه رواية قتادة، وخالفه سليمان التيمي كما في الحديث الثاني، فقال:"عن أنس عن أبي هريرة"، فعلى هذا فالأول مرسل صحابي، "ف"(13/ 512).
(3)
أي: بدون واسطة جبرئيل عليه السلام ويسمى بالحديث القدسي، "ك"(25/ 228).
(4)
قوله: (إذا تقرب العبد
…
) إلخ، أمثال هذه الإطلاقات ليس إلا على سبيل التجوز؛ إذ البراهين العقلية قائمة على استحالتها على الله تعالى، فمعناه: من تقرب إلي بطاعة قليلة أجازيه بثواب كثير، وكلما زاد في
شِبْرًا
(1)
تَقَرَّبْتُ
(2)
إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ
"تَقَرَّبَ إِلَيَّ
(3)
"كذا في قتـ، وفي نـ: "تَقَرَّبَ مِنِّي".
===
الطاعة أزيد في الثواب، وإن كان كيفية إتيانه بالطاعة على التأني كان كيفية إتياني بالثواب على السرعة، فالغرض أن الثواب راجح على العمل مضاعف عليه كمًّا وكيفًا، ولفظ التقرب والهرولة إنما هو مجاز على سبيل المشاكلة أو على سبيل الاستعارة أو على قصد إرادة لوازمها، "ك"(25/ 228)، "ع"(16/ 719).
قال ابن التين: التقرب هاهنا نظير ما تقدم في قوله: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9]: أن المراد به قرب الرتبة وتوقير الكرامة، "والهرولة" كناية عن سرعة الرحمة إليه ورضا الله عن العبد وتضعيف الأجر؛ فإن الهرولة ضرب من المشي المسرع وهو دون العدو. وقال صاحب "المشارق": المراد بما جاء في هذا الحديث: سرعة قبول توبة الله من العبد، أو تيسير طاعته وتقويته عليها وتمام هدايته وتوفيقه، والله أعلم بمراده. وقال الراغب: قرب العبد من الله التخصيص بكثير من الصفات التي يصح أن يوصف الله بها وإن لم يكن على الحد الذي يوصف به الله تعالى، نحو: الحكمة والعلم والحلم والرحمة وغيرها، وذلك يحصل بإزالة القاذورات المعنوية من الجهل والطيش والغضب وغيرها بقدر طاقة البشر، وهو قرب روحاني لا بدني، وهو المراد من:"إذا تقرب العبد مني شبرًا تقربت منه ذراعًا"، "ف"(13/ 513).
(1)
بالكسر: ما بين أعلى الإبهام وأعلى الخنصر، "قاموس" (ص: 385).
(2)
مثل تقرب ألطاف الله من العبد إذا تقرب إليه بالإخلاص، "مجمع"(4/ 243).
(3)
الأصل: "من"، واستعماله بـ "إلى" لقصد معنى الانتهاء، والصلاة تختلف بحسب المقصود، "ع"(16/ 720).
بَاعًا
(1)
، وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَزوَلَةً"
(2)
. [تحفة: 1280].
7537 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى
(3)
، عَنِ التَّيْمِيِّ
(4)
، عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: - رُبَّمَا ذَكَرَ
(5)
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا
(6)
وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا أَوْ بُوعًا"
(7)
. [راجع: 7405، أخرجه: م 2675، تحفة: 12201].
"مَشْيًا" في نـ: "يَمْشِي". "عَنْ يَحْيَى في نـ: "حَدَّثَنَا يَحْيَى.
===
(1)
البوع والباع: قدر مدِّ اليدين وما بينهما من البدن، "مجمع"(1/ 232).
(2)
الهرولة: الإسراع ونوع من العدْو، "ع"(16/ 719).
(3)
ابن سعيد القطان، "ع"(16/ 720)، "ف"(13/ 513).
(4)
سليمان بن طرخان، "ع"(16/ 720)، "ف"(13/ 513)، هذا هو الصواب، ووقع في اليونينية: التميمي، ولعله سبق قلم، "قس"(15/ 596).
(5)
أي: ربما ذكر أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم، "ع"(16/ 720).
(6)
بالكسر: من طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى، "قاموس" (ص: 660).
(7)
قوله: (باعًا أو بوعًا) قال الخطابي: الباع معروف وهو قدر مد اليدين، وأما البوع وهو بفتح الموحدة مصدر باع يبوع بوعًا. قال: ويحتمل أن يكون بضم الباء جمع باع كدار ودور. وأغرب النووي فقال: الباع والبَوع والبُوع بالضم والفتح كله بمعنى واحد، قال الباجي: الباع طول ذراعي الإنسان وعضديه وعرض صدره، وذلك قدر أربعة أذرع، وهو من الدواب قدر خطوة في المشي، "ف"(13/ 514).
- وَقَالَ مُعْتَمِرٌ
(1)
(2)
: سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ أَنَسًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ رَبِّهِ.
7538 -
حَدَّثَنَا آدَمُ قالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْوَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ قَالَ: "لِكُلِّ عَمَلٍ
(3)
كَفَّارَةٌ
(4)
، وَالصوْمُ لِي
(5)
وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخَلُوفُ
(6)
فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ
(7)
مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ". [راجع: 1894، تحفة: 14393].
"سمِعْتُ أَبِي" زاد في نـ: "يَقُولُ". "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَن رَبِّهِ" كذا في سـ، وفي حـ، هـ، ذ:"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَبِّهِ عز وجل". "عَنْ رَبِّهِ" في نـ: "يروي عن ربّه" وفي أخرى: "يرويه عن ربّه" وزاد في نـ: "تبارك وتعالى".
===
(1)
ابن سليمان بن طرخان، "ع"(16/ 720).
(2)
أراد بهذا التعليق بيان التصريح بالرواية فيه عن الله عز وجل، "ف"(13/ 514).
(3)
أي: معصية، "ك"(25/ 229).
(4)
أي: ما يوجب سترها وغفرانها، "ك" (25/ 229). ومرَّ الحديث (برقم: 1894).
(5)
قوله: (الصوم لي) فإن قلت: جميع الطاعات لله تعالى؟ قلت: لم يتقرب قط بالصوم إلى معبود غير الله بخلاف السجدة والصدقة ونحوهما. فإن قلت: جزاء الكل منه تعالى؟ قلت: ربما فوض جزاء غير الصيام إلى الملائكة، "ك"(25/ 229)،"ع"(16/ 720).
(6)
بالضم: الرائحة المتغيرة للفم، "ك"(25/ 229)، "ع"(16/ 720).
(7)
قوله: (أطيب عند الله) فإن قلت: هو منزه عن الأطيبية؟ قلت: هو على سبيل الفرض، يعني: لو فرض لكان أطيب منه. فإن قلت: دم الشهيد
7539 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ قَتَادَةَ. ح وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ
(1)
، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ
(2)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ قَالَ: "لَا يَنْبَغِي لِعَبدٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ
(3)
خَيْرٌ
(4)
مِنْ يُونُسَ
(5)
بْنِ مَتَّى"
(6)
.
"إِنَّهُ خَيْرٌ" في سـ، حـ، ذ:"أنَا خَيْرٌ".
===
كريح المسك والخلوف أطيب منه، فالصائم أفضل من الشهيد؟ قلت: منشأ الأطيبية ربما تكون الطهارة لأنه طاهر، والدم نجس. فإن قلت: ما الحكمة في تحريم إزالة الدم مع أن رائحته مساوية لرائحة المسك، وعدنم تحريم إزالة الخلوف مع أنه أطيب منه؟ قلت: إما لأن تحصيل مثل ذلك الدم محال بخلاف الخلوف، أو أن تحريمه مستلزم للحرج أو ربما يؤدي إلى ضرر كأدائه إلى التحريم أو أن الدم لكونه نجسًا واجب الإزالة شرعًا يستنفر عنه الطبائع لا بد من المبالغة في خلافه، "ك"(25/ 229).
(1)
ابن أبي عروبة، "ع"(16/ 721).
(2)
رفيع مصغرًا، "ع"(16/ 721).
(3)
ويروى: "أنا خير"، وهي الأشهر، "ع"(16/ 721).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 3413).
(5)
قوله: (من يونس) إنما خصصه من بين سائر الأنبياء لئلا يتوهم غضاضة في حقه بسبب نزول قوله تعالى: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} ، ولفظ "أنا" يحتمل أن يكون كناية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن كل متكلم. فإن قلت: هو صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم؟ قلت: لعله قال قبل علمه بأنه سيدهم وأفضلهم، أو قاله تواضعًا وهضمًا لنفسه. وله أجوبة أخرى مرّ مرارًا، "ك"(25/ 230).
(6)
بفتح الميم وشدة الفوقانية بالقصر، "ك"(25/ 230).
وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ
(1)
. [راجع: 3395].
7540 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ
(2)
قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّل الْمُزَنِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ، أَو مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ، قَالَ: فَرَجَّعَ
(4)
فِيهَا. قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ
(5)
يَحْكِي قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ وَقَالَ: لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَليْكُمْ
"حَدَّثَنَا شَبَابَةُ" في نـ: "أخبرَنَا شَبَابَةُ". "الْمُغَفَّل" في نـ: "مُغَفَّل". "يَحْكِي" في نـ: "وَيَحْكِي".
===
(1)
قوله: (ونسبه إلى أبيه) يعني: "متى"، وهو جملة حالية موضحة، وقيل:"متى" اسم أمه، ومعنى النسبة إلى أبيه أنه ذكر مع ذلك اسم أبيه، وهو الصحيح عند الجمهور، "ك"(25/ 230).
(2)
مصغر السرج، بالسين المهملة والراء والجيم، اسمه: الصباح، "ع"(16/ 722).
(3)
بفتح الشين المعجمة وتخفيف البائين الموحدتين: ابن سوّار الفزاري، "ع"(16/ 722).
(4)
من الترجيع، وهو ترديد الصوت في الحلق وتكرار الكلام جهرًا بعد خفائه، "ع"(16/ 722).
(5)
قوله: (ثم قرأ معاوية يحكي
…
) إلخ، هو كلام شعبة، وظاهره أن معاوية قرأ ورجع. ووقع في رواية مسلم بن إبراهيم في تفسير "سورة الفتح" (ح: 4835) عن شعبة، قال معاوية:"لو شئت أن أحكي لكم قراءته لفعلت". وفي "غزوة الفتح"(ح: 4281) عن أبي الوليد عن شعبة: "لولا أن يجتمع الناس حولي لرجعت كما رجع"، وهذا ظاهر أنه لم يرجع وهو المعتمد، ويحمل الأول على أنه حكى القراءة دون الترجيع بدليل قوله في آخره:"كيف كان ترجيعه؟ "، "ف"(13/ 515).
لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ
(1)
ابْنُ مُغَفَّلٍ"، يَحْكِي عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ
(2)
؟ قَالَ: آ آ آ
(3)
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
[راجع: 4281].
"يَحْكِي عَن النَّبِيِّ" في نـ: "يَحْكِي النَّبِيُّ".
===
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 4835).
(2)
قوله: (كيف كان ترجيعه
…
) إلخ، قال ابن بطال (10/ 537): في هذا الحديث إجازة القراءة بالترجيع والألحان الملذذة للقلوب بحسن الصوت. وقول معاوية: "لولا [أن] يجتمع الناس" يشير إلى أن القراءة بالترجيع تجمع نفوس الناس إلى الإصغاء وتستميلها بذلك حتى لا تكاد تصبر عن استماع الترجيع المشوب بلذة الحكمة المهيمنة. وفي قوله: "آ" بمد الهمزة والسكون دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يراعي في قراءته المد والوقف، انتهى.
وقال القرطبي: يحتمل أن يكون ذلك حكاية صوته عند هزّ الراحلة كما يعتري رافع صوته إذا كان راكبًا من انضغاط صوته وتقطيعه لأجل هز المركوب، وبالله التوفيق. قال ابن بطال (10/ 538): وجه دخول حديث عبد الله بن مغفل في هذا الباب أنه صلى الله عليه وسلم كان أيضًا يروي القرآن عن ربه، كذا قال. وقال الكرماني (25/ 231): الرواية عن الرب أعم من أن تكون قرآنا أو غيره بدون الواسطة أو بالواسطة، وإن كان المتبادر هو ما كان بغير واسطة، والله أعلم، "ف"(13/ 515).
(3)
بهمزة مفتوحة بعدها ألف، وهو محمول على الإشباع في محله، "قس"(15/ 599).
51 - باب مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْرَاةِ
(1)
وَكُتُب اللَّهِ بِالْعَرَبّيةِ
(2)
وَغَيرِهَا لِقَوْلِ اللَّهِ
(3)
: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]
7541 -
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ
(4)
بْنُ حَرْبٍ:
"وَكُتُب اللَّهِ بِالْعَرَبّيةِ وَغَيْرِهَا لِقَوْلِ اللَّهِ" في نـ: "وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالىَ". "بِالعَرَبِيْةِ" في نـ: "بِالْعِبرَانِيَّةِ".
===
(1)
قوله: (تفسير التوراة وكتب الله
…
) إلخ، كذا لأبي ذر، ولغيره:"تفسير التوراة وغيرها من كتب الله"، وكل منهما من عطف العام على الخاص؛ لأن التوراة من كتب الله، "ف"(13/ 516).
(2)
قوله: (بالعربية وغيرها) أي: من اللغات. وفي رواية الكشميهني: "بالعبرانية وغيرها" ولكل وجه، والحاصل: أن الذي بالعربية مثلًا يجوز التعبير عنه بالعبرانية وبالعكس، وهل يتقيد الجواز بمن لا يفقه ذلك اللسان أو لا؟ الأول قول الأكثر، "ف"(13/ 516).
(3)
قوله: (لقول الله تعالى
…
) إلخ، وجه الدلالة أن التوراة بالعبرانية، وقد أمر الله تعالى أن تتلى على العرب وهم لا يعرفون العبرانية، فقضية ذلك الإذن في التعبير عنها بالعربية، "ف" (13/ 516). إلا أنه لا يقطع على صحتها لقوله عليه السلام: لا تصدقوا أهل الكتاب فيما يفسرونه من التوراة بالعربية، لثبوت كتمانهم لبعض الكتاب وتحريفهم له، "ع"(16/ 722).
(4)
صخر بن حرب الأموي والد معاوية رضي الله عنهما، "ع"(16/ 723).
أَنَّ هِرَقْلَ
(1)
دَعَا تَرْجُمَانَهُ
(2)
(3)
، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهُ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ،
(4)
{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64].
[راجع: 7].
7542 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ
(5)
قالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبرَانِيَّةِ، ويُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبَّيةِ لأَهْلِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"تَرْجُمَانَهُ" في هـ: "بِتَرْجُمَانِهِ". "فَقَرأَهُ" في نـ: "فَقَرَأَ". {وَبَيْنَكُمْ} " زاد في نـ: "الآية".
===
(1)
اسم قيصر روم، "ع"(16/ 723).
(2)
الترجمان الذي يعبر بلغة عن لغة، "ع"(16/ 723).
(3)
قوله: (أن هرقل دعا ترجمانه
…
) إلخ، وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل باللسان العربي، ولسان هرقل رومي، ففيه إشعار بأنه اعتمد في إبلاغه ما في الكتاب على من يترجم عنه بلسان المبعوث إليه ليفهمه، "ف"(13/ 516). واحتج أبو حنيفة بحديث هرقل وأنه دعا بترجمانه وترجم له كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فهمه، فأجاز قراءة القرآن بالفارسية وقال: إن الصلاة تصح بذلك، "ع"(16/ 723).
(4)
عطف على ما قبله فإن هذا قطعة من حديث مطول حذف البخاري من أوله وآخره فهو قد مضى (برقم: 7).
(5)
ابن فارس البصري، "ع"(16/ 723).
"لَا تُصَدِّقُوا
(1)
(2)
أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ {قُولُوا آمَنَّا
(3)
بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ .... } الآيَةَ". [راجع: 4485].
7543 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(4)
، عَنْ أَيُّوبَ
(5)
،
===
(1)
مطابقته للترجمة لا يخفى على من يتأملها، "ع"(16/ 723).
(2)
قوله: (لا تصدقوا) قال ابن بطال (10/ 539): استدل بهذا الحديث من قال بجواز قراءة القرآن بالفارسية، وأيد ذلك بأن الله تعالى حكى قول الأنبياء كنوح وغيره ممن ليس عربيًا بلسان القرآن وهو عربي مبين، وبقوله تعالى:{لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، والإنذار إنما يكون بما يفهمونه من لسانهم، فقراءة أهل كل لغة بلسانهم حتى يقع لهم الإنذار به، وأجاب من منع: بأن الأنبياء ما نطقوا إلا بما حكى الله عنهم في القرآن، سلمنا ولكن يجوز أن يحكي الله قولهم بلسان العرب ثم يتعبدنا بتلاوته على ما أنزله، "ف" (13/ 517). الأصح أن أبا حنيفة رجع عن هذا القول أي: عدم لزوم النظم في حق جواز الصلاة، "توضيح متن تلويح". والمراد من الحديث كما قال البيهقي: فيه دليل على أن أهل الكتاب إن صدقوا فيما فسروا من كتابهم [بالعربية] كان [ذلك] مما أنزل [إليهم] على طريق التعبير عما أنزل، وكلام الله واحد لا يختلف باختلاف اللغات، فبأي لسان قرئ فهو كلام الله، "ف"(13/ 517).
(3)
مضى الحديث بهذا السند في تفسير "سورة البقرة"(برقم: 4485)، وفي "الاعتصام" (ح: 7362) في "باب لا تسالوا أهل الكتاب عن شيء"، وهذا من النوادر يقع مكررًا في ثلاثة مواضع بسند واحد، "ع"(16/ 723).
(4)
ابن علية وهو اسم أمه وأبوه إبراهيم، "ع"(16/ 723).
(5)
السختياني، "ع"(16/ 723).
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ زَنَيَا، فَقَالَ لِلْيَهُودِ:"مَا تَصْنَعُونَ بِهِمَا؟ ". قَالُوا: نُسَخِّمُ
(1)
وُجُوهَهُمَا وَنُخْزِيهِمَا
(2)
. قَالَ: " {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]. فَجَاءُوا فَقَالُوا لِرَجُلٍ
(3)
مِمَّنْ يَزضَوْنَ: يَا أَعْوَرُ
(4)
اقْرَأْ. فَقَرَأَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيهِ
(5)
. قَالَ
(6)
: "ارْفَعْ يَدَكَ"
(7)
"أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " في ذ: "أن النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ"."يَا أَعْوَرُ" في هـ، ذ:"أَعْوَرَ"
(8)
. "يَدَهُ عَليْهِ" كذا في هـ، وفي هـ، ذ:"يَدَهُ عَلَيها". "قَالَ: ارْفَعْ" في نـ: "فَقَالَ: ارْفَعْ".
===
(1)
من التسخيم - بالسين المهملة والخاء المعجمة - وهو تسويد الوجه، "ع"(16/ 723).
(2)
أي: نفضحهما بأن نركبهما على الحمار معكوسين، "ع"(16/ 724).
(3)
هو عبد الله بن صوريا، مقصورًا، الأعور اليهودي، كان حبرًا منهم، "ع"(16/ 724).
(4)
منادى مبني على الضم، وفي رواية الكشميهني:"أعور" بالجر على أنه صفة "رجل"، "ع"(16/ 724).
(5)
أي: على الموضع، "ع"(16/ 724).
(6)
اسم القائل لم يذكره وقد تقدم أنه عبد الله بن سلام رضي الله عنه، "ع"(16/ 724).
(7)
مرَّ الحديث (برقم: 6841).
(8)
الذي في اليونينية الرفع على أن أصل المنادى موضع حذف الأداة، "قس"(15/ 601).
فَرَفَعَ فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ تَلُوحُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنَّ بينهمَا الرَّجْمَ
(1)
، وَلَكِنَّا نتَكَاتَمُهُ
(2)
بَيْنَنَا. فَأمَرَ
(3)
بِهِمَا فَرُجِمَا، فَرَأَيْتُهُ
(4)
يُجَانِئُ
(5)
عَلَيْهَا الْحِجَارَةَ.
[راجع: 1329، أخرجه: م 1699، س في الكبرى 7213، تحفة: 7519].
52 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ"
(6)
"فَرَفَعَ" في نـ: "فَرَفَعَ يَدَهُ". "فَإِذَا" في نـ: "فَإِذَا فيه". "إِنَّ بينهمَا" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"إِنَّ عَلَيْهمَا"، وفي نـ:"إِنَّ فِيهِمِا". "نتكَاتَمُهُ" كذا في صـ، س، حـ، ذ، وفي نـ:"نُكَاتِمُهُ"، وفي هـ، ذ:"نَتَكَاتَمُها " - أي: آية الرجم، "قس" (15/ 601) -. "الْحِجَارَةَ" في نـ:"للْحِجَارَةِ". "مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ" كذا في صـ، هـ، ذ، وفي نـ:"مَعَ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ"، وفي سـ، حـ، ذ:"مَعَ سفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ".
===
(1)
مطابقة الحديث للترجمة تؤخذ من قوله: "إن عليهما الرجم"، "ع"(16/ 724).
(2)
أي: الرجم، "قس"(15/ 601).
(3)
صلى الله عليه وسلم، "قس"(15/ 601).
(4)
يعني: اليهودي المرجوم، "قس"(15/ 601).
(5)
قوله: (يجانئ) بالجيم وكسر النون بعد الألف وبالهمزة أي: يكب عليها، يقال: جَنَأَ الرجل على الشيء وجانَأَ عليه وتَجَانَأَ عليه إذا أكب. وروي بالمهملة أي: يحني عليها ظهره أي: يعطفه يقال: حنوت العود عطفته وحنيت لغة. قوله: "عليها الحجارة" في أكثر النسخ هكذا، وفي بعضها:"عليها للحجارة"، وعند عدم اللام تقديره: عن الحجارة، أو مضاف مقدر نحو: اتقاء الحجارة، أو فعل نحو: يقيها الحجارة، "ع"(16/ 724).
(6)
قوله: (الماهر بالقرآن مع سفرة الكرام) كذا لأبي ذر إلا عن
وَ"زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ"
(1)
7544 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ
(2)
، عَنْ يَزِيدَ
(3)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
(4)
، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
"حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ".
===
الكشميهني فقال: "مع السفرة الكرام" وهو كذا للأكثر، والأول من إضافة الموصوف إلى صفة. والمراد بالسفرة: الكتبة جمع سافر، مثل كاتب وزنه ومعناه، وهم هاهنا الذين ينقلون من اللوح المحفوظ. ووصفوا بالكرام أي: المكرمين عند الله، و"البررة": المطيعين المطهرين من الذنوب. قال القرطبي: الماهر الحاذق، وأصله الحذق بالسباحة، قال الهروي: والمراد بالمهارة بالقرآن جودة الحفظ وجودة التلاوة من غير تردد فيه لكونه يسره الله عليه كما يسره على الملائكة فكان مثلها في الحفظ والدرجة، كذا في "فتح الباري"(13/ 518 - 519).
(1)
قوله: (وزينوا القرآن بأصواتكم) هذا الحديث من الأحاديث التي علقها البخاري ولم يصلها في موضع آخر من كتابه. قال ابن بطال (10/ 542): المراد بقوله: "زينوا القرآن بأصواتكم" المد والترتيل، قال: ولعل البخاري أشار بأحاديث هذا الباب إلى أن الماهر بالقرآن هو الحافظ له مع حسن الصوت به والجهر به بصوت مطرب بحيث يلتذ سامعه، انتهى. والذي قصده البخاري إثبات كون التلاوة فعل العبد فإنه يدخلها التزيين والتحسين، وقد تقع بأضداد ذلك وكل ذلك دال على المراد، "ف"(13/ 519).
(2)
عبد العزيز، "ع"(16/ 724).
(3)
ابن الهاد، "ع"(16/ 724).
(4)
التيمي، "ف"(13/ 519).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ
(1)
: "مَا أَذِنَ
(2)
اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ
(3)
حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ". [راجع: 5023، أخرجه: م 792، د 1473، س 1017، تحفة: 14997].
7545 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قالَ: حَدَّثَنَا اللَّيثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَير وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا - وَكُلٌّ حَدَّثَنِي
(4)
طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ
(5)
-، قَالَتْ: فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِي
(6)
، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ
"سَمِعَ النَّبِيَّ" في نـ: "سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ". "وَلَكِنْ" في هـ، قتـ، ذ:"وَلَكِنِّي".
===
(1)
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، "ع"(16/ 724).
(2)
معنى أذن هاهنا: استمع، والمراد لازمه وهو الرضا به والإرادة له، "ك"(25/ 233)، "ع"(16/ 725).
(3)
أي: كإذنه لنبي.
(4)
أي: قال الزهري: وكل من هؤلاء الأئمة حدثني قطعة من حديث الإفك، "ك"(25/ 233)، "ع"(16/ 725).
(5)
هذا قطعة من حديث مطول مضى في تفسير "سورة النور"(برقم: 4750، و 4757).
(6)
أي: برؤيا يراها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحوها، "ك (25/ 233)، "ع" (16/ 725).
مُنْزِل فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى
(1)
، وَلَشَأْنِي
(2)
فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ تتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ
(3)
بِأَمْرٍ يُتْلَى
(4)
، وَأَنْزَلَ اللَّهُ:{الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا. [راجع: 2593، أخرجه: م 2770، س في الكبرى 8931، تحفة: 16126، 16311، 17409].
7546 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
(5)
قالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ
(6)
، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ
(7)
يَقُوْلُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقْرأُ فِي الْعِشَاءِ
(8)
:
"مُنْزِلٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"يُنْزِلُ". {جَاءُوا بِالْإِفْكِ} زاد في نـ: {عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} . "قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ" كذا في صـ، ذ، وفي نـ:"أرَاهُ عَنِ البَرَاءِ". "يَقُوْلُ" كذا في ص، قتـ، ذ، وفي نـ:"قال".
===
(1)
قوله: (منزل في شأني وحيًا يتلى) ذكر البخاري في "خلق أفعال العباد" من طرق أخرى عن ابن شهاب، ثم قال: فبينت رضي الله عنها أن الإنزال من الله وأن الناس يتلونه، "ف"(13/ 520).
(2)
اللام فيه مفتوحة للتأكيد، "ع"(16/ 725).
(3)
بتشديد الياء، "ع"(16/ 725).
(4)
مطابقته للترجمة في قوله: "بأمر يتلى"، أي: بالأصوات في المحاريب والمحافل، "ع"(16/ 725).
(5)
الفضل بن دكين، "ع"(16/ 725).
(6)
ابن كدام، "ع"(16/ 725).
(7)
ابن عازب، "ع"(16/ 725).
(8)
أي: صلاة العشاء، وكان ذلك في السفر، (ك، (25/ 234)، (ع، (16/ 725).
{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا
(1)
أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ.
[راجع: 767].
7547 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيمٌ
(2)
، عَنْ أَبِي بِشْرٍ
(3)
، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَوَارِيًا
(4)
بِمَكَّةَ، وَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَه، فَإذَا سَمِعَه الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ
(5)
لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَجْهَرْ
(6)
بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]. [راجع: 4722].
7548 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
(7)
قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ
"{وَالتِّينِ} " في هـ، ذ:"بِالتِّينِ". "مُتَوَارِيًا" في نـ: "مُتَوَارٍ". "فَإِذَا سَمِعَه" في نـ: "فَإِذَا سَمِعَ".
===
(1)
مراد البخاري من الحديث هاهنا بيان اختلاف الأصوات بالقراءة من جهة النغم، "ف"(13/ 525).
(2)
ابن بشير مصغر فيهما، كذا في "ع"(16/ 726)، [وفي "التقريب" (رقم: 7312): "ابن بشير" بوزن عظيم، وكذا في "المغني" (ص: 39)].
(3)
جعفر بن أبي وحشية إياس الواسطي، "ع"(16/ 726).
(4)
قوله: (متواريًا) أي: مختفيًا عن الكفار، وكان يرفع صوته إما إقامة للسُّنَّة، وإما ظنًّا بأنهم لا يسمعونه، وإما استغراقًا في مناجاة الله تعالى، "ك"(25/ 234).
(5)
مرَّ الحديث (برقم: 7525).
(6)
مطابقته للترجمة من حيث بيان اختلاف الصوت بالجهر والإسرار، "ع"(16/ 726).
(7)
ابن أبي أويس، "ع"(16/ 726).
ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ
(1)
، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ: "إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ
(2)
بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى
(3)
صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ
(4)
جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 609].
7549 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ
(5)
قالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(6)
، عَنْ مَنْصُورٍ
(7)
، عَنْ أُمِّهِ
(8)
، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقْرأُ الْقُرْآنَ
(9)
وَرَأْسُهُ
"بِالصَّلَاةِ" في نـ: "لِلصَّلَاةِ". "مَدَى" في سـ، حـ، ذ:"نِدَاءَ".
===
(1)
بفتح الصادين وسكون العين الأولى مهملات، "ك"(25/ 234).
(2)
مراده من الحديث هاهنا بيان اختلاف الأصوات بالرفع والخفض، وقال الكرماني: وجه مناسبته: أن رفع الأصوات بالقرآن أحق بالشهادة له، "ف"(13/ 520).
(3)
أي: غاية، "ك"(25/ 235).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 609).
(5)
ابن عقبة، "ع"(16/ 726).
(6)
الثوري، "ع"(16/ 726).
(7)
ابن عبد الرحمن التيمي، "ع"(16/ 726).
(8)
صفية بنت شيبة الحجبي المكي، "ع"(16/ 726).
(9)
قوله: (يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض) قال ابن المنير: غرض البخاري من ذلك كله الإشارة إلى ما تقدم من وصف التلاوة بالتحسين والترجيع والخفض والرفع ومقارنة الأحوال البشرية كقول عائشة: "يقرأ القرآن في حجري وأنا حائض"، فكل ذلك يحقق أن التلاوة فعل القارئ
فِي حِجْرِي
(1)
وَأَنَا حَائِضٌ
(2)
. [راجع: 297].
53 - بَابٌ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ
(3)
} [المزمل: 20]
7550
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيثُ، عَنْ عُقَيْلٍ
(4)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيرِ: أَنَّ الْمِسْوَرَ
(5)
بْنَ مَخْرَمَةَ
(6)
وَعَبْد الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ
(7)
الْقَارِيَّ
(8)
حَدَّثَاهُ: أَنَّهُمَا سَمِعَا
"بَابٌ" في نـ: "بَابُ قَولِ اللَّهِ تَعَالىَ"، وفي نـ:"بَابُ قَولِهِ". " {مِنَ الْقُرْآنِ} " في صـ، هـ، ذ:{مِنْهُ} .
===
وتتصف بما تتصف به الأفعال وتتعلق بالظروف الزمانية والمكانية، انتهى، كذا في "ف"(13/ 519).
(1)
قوله: (في حجري) بفتح الحاء وكسرها، "ع"(16/ 726)، الحجر: الحضن، "مجمع البحار" (1/ 443). الحضن بالكسر: ما دون الإبط إلى الكشح، أو الصدرُ والعضدان وما بينهما، "قاموس" (ص: 1097).
(2)
جملة حالية، "ع"(16/ 726).
(3)
قوله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} كذا للكشميهني. وللباقين: {مِنَ الْقُرْآنِ} ، وكل من اللفظين في السورة، والمراد بالقراءة: الصلاة؛ لأن القراءة بعض أركانها، "ف" (13/ 520). قال المهلب: يريد ما تيسر من حفظه على اللسان من لغة وإعراب، "ك"(25/ 235)، "ع"(16/ 726).
(4)
بالضم، ابن خالد، "ع"(16/ 727).
(5)
بكسر الميم، "ع"(16/ 727).
(6)
بفتح الميم، "ع"(16/ 727).
(7)
بالتنوين: ضد الحر، "ع"(16/ 727)، "ك"(25/ 235).
(8)
منسوبًا إلى القارة، بالقاف وخفة الراء، "ك"(25/ 236).
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ
(1)
يَقْرأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإذَا هُوَ يَقْرأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكِدْتُ أسَاوِرُهُ
(2)
فِي الصَّلَاةِ،
"فَتَصَبَّرْتُ" في نـ: "تَرَبَّصْتُ".
===
(1)
بفتح المهملة، ابن حزام بكسرها وتخفيف الزاي، "ك"(25/ 236).
(2)
قوله: (أساوره) بالمهملة: أواثبه. و"تصبرت" وفي بعضها: "تربصت". والتلبيب بالموحدتين: جمع الثياب عند النحر في الخصومة والجرُّ. و"أرسله" أي: أطلقه وخلِّ سبيله، وظن عمر رضي الله عنه جواز ذلك اجتهادًا. "أحرف" أي: لغات، وقيل: الحرف الإعراب، يقال: فلان يقرأ بحرف عاصم أي: بالوجه الذي اختاره من الإعراب، قال الأكثرون: هو حصر في السبعة، فقيل: هي في صورة التلاوة - من إدغام وإظهار ونحوهما - ليقرأ كل بما يوافق لغته فلا يكلف القرشي الهمز ولا الأسدي فتح حرف المضارعة. وقيل: بل السبعة كلها لمضر وحدها. القاضي عياض: هي توسعة وتسهيل لمن لا يقصد به الحصر. وقال الدراوردي: هذه القراءات السبع ليس كل حرف منها هو أحد تلك السبعة، بل قد تكون مفرقة فيها، وقيل: هذه السبع إنما شرعت من حرف واحد من السبعة المذكورة في الحديث، "ك"(25/ 236).
قال في "المجمع"(1/ 476): أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها كافٍ شافٍ، أراد بالحرف: اللغة، أي: سبع لغات متفرقة في القرآن، فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل وهوازن واليمن، ولا يريد كون السبعة في الحرف الواحد على أنه قد جاء فيه ما قرئ بسبعة وعشرة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، وعبد الطاغوت، وهذا أحسن ما قيل فيها. "ك": أي: على سبعة لغات هي
فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ
(1)
الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ فَقَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: كَذَبْتَ، أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ! فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا. فَقَالَ: "أَرْسِلْه، اقْرَأْ يَا هِشَامُ". فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْرَأْ يَا عُمَرُ". فَقَرَأْتُ الَّتِي أَقْرَأَنِي، فَقَالَ:"كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} "
(2)
. [راجع: 2419].
"تَقْرَأُ؟ " في نـ: "تَقْرَأُها". "فَقَالَ: أَقْرَأَنِيهَا" كذا في قتـ، وفي نـ:"قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا". "كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ" في صـ: "كَذَا أُنْزِلَتْ"، في الموضعين.
===
أفصح اللغات. وقيل: الحرف: الإعراب. وقيل: ليس بحصر بل توسعة، والسبعة المشهورة ليست سبعة الحديث، بل يحتمل كون هذه السبعة واحدًا من تلك. ط: وقيل: هي القراءات السبع. و"على" حالٌ لا صلة "أنزل" به، انتهى.
(1)
مرَّ الحديث (برقم: 4992).
(2)
قوله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} الضمير للقرآن، والمراد بالتيسير منه في الحديث غير المراد به في الآية؛ لأن المراد بالتيسير في الآية بالنسبة للقلة والكثرة، والمراد به في الحديث بالنسبة إلى ما يستحضره القارئ من القرآن، فالأول من الكمية، والثاني من لكيفية، ومناسبة هذه الترجمة وحديثها للأبواب التي قبلها من جهة التفاوت في الكيفية ومن جهة نسبة القراءة للقارئ، (ف)(13/ 520 - 521).
54 - بَابُ قَوْلِ اللهِ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ
(1)
فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ
(2)
} [القمر: 17]
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ"
(3)
. مُيَسَّرٌ: مُهَيَّأٌ
(4)
.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ} بِلِسَانِكَ: هَوَّنَّا
(5)
قراءتَه عليكَ.
"{فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} " ثبت في صـ، ذ. "هَوَّنَّا قراءتَه عليكَ" في ذ:"هَوَّنَّا عليكَ قراءتَه"، وزاد بعده في هـ، ذ، جا: "وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ
(6)
: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} قَالَ: هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانَ عَلَيْهِ".
===
(1)
أي: هوناه للحفظ، "ك"(25/ 237).
(2)
قوله: ({وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}) تيسير القرآن للذكر: تسهيله على اللسان ومسارعته إلى القراءة حتى إنه ربما يسبق اللسان إليه في القراءة فيجاوز الحرف إلى ما بعده، وتحذف الكلمة حرصًا على ما بعدها، قيل: المراد بالذكر الأذكار والاتعاظ، وقيل: الحفظ، "ع" (16/ 727). الثاني: هو مقتضى قول مجاهد، "ف" (13/ 521). قوله:" {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} " أصله مذتكر: مفتعل من الذكر، قلبت التاء دالًا وأدغمت الذال في الدال، "ع"(16/ 727).
(3)
قوله: (كل ميسر لما خلق) أي: أن الله تعالى قدر لكل أحد سعادته أو شقاوته فيسهل على السعيد أعمال السعداء يهونه لذلك ومثله في الشقي، "ك"(25/ 237)، ويأتي الآن موصولًا.
(4)
تفسير البخاري إذا تيسر أمر من الأمور يقال: تهيأ، "ع"(16/ 728).
(5)
بتشديد الواو والنون من التهوين، "ك".
(6)
قوله: (قال مطر الوراق - في النسخة -: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} قال: هل من طالب علم فيعان عليه) مطر هو ابن طهمان أبو رجاء الخراساني الوراق، سكن البصرة وكان يكتب المصاحف، مات سنة تسع عشرة
7551 -
حَدَّثنَا أَبُو مَعْمَرٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبدُ الْوَارِثِ
(2)
قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ
(3)
، فِيمَ
(4)
يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: "كُلٌّ مُيَسَّرٌ
(5)
لِمَا خُلِقَ لَهُ". [راجع: 6596].
7552 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قالَ: حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ
(6)
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنْ مَنْصُورٍ
(7)
وَالأَعْمَشِ
(8)
سَمِعَا سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ،
"قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ" في نـ: "قَالَ يَزِيدُ". "حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ" في نـ: "قالَ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ". "عَنْ عِمْرَانَ" زاد في نـ: "ابْنِ حُصَيْنٍ". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ".
===
ومائة، ووقع هذا التعليق عند أبي ذر عن الكشميهني وحده، وثبت أيضًا للجرجاني عن الفربري، ووصله الفريابي عن ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب عن مطر، "عيني"(16/ 728).
(1)
بفتح الميمين: عبد الله بن عمرو، "ع"(16/ 728).
(2)
ابن سعيد، "ع"(16/ 728).
(3)
قال ذلك حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "ما منكم إلا كتب مكانه في الجنة أو النار"، "ك"(25/ 237).
(4)
بحذف الألف، "ع"(16/ 728)، بحرف الجر وما الاستفهامية، "ك"(25/ 237).
(5)
مطابقته للترجمة في لفظ التيسير، "ع"(16/ 728).
(6)
محمد بن جعفر، "ع"(16/ 729).
(7)
ابن المعتمر، "ع"(16/ 729).
(8)
سليمان، "ع"(16/ 729).
عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(1)
، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ فِي جِنَازَةٍ فَأَخَذ عُودًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ
(2)
فِي الأَرْضِ، فَقَالَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا كُتِبَ
(3)
مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ". قَالُوا: أَلَا نَتَّكِلُ؟
(4)
. قَالَ: "اعْمَلُوا
(5)
، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ
(6)
(7)
{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} " الآية [الليل: 5].
[راجع: 1362].
55 - بَابُ قَوْلِ اللهِ: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ
(8)
} [البروج: 21 - 22]
{وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: 1 - 2]
"أَلَا نَتَّكِلُ" في نـ: "لَا نَتَّكِلُ".
===
(1)
عبد الله بن حبيب، "ع"(16/ 729).
(2)
أي: يضرب في الأرض فيؤثر فيها، "ع"(16/ 729).
(3)
أي: قدر في الأزل أن يكون من أهل الجنة أو من أهل النار، كذا في "ك"(25/ 238).
(4)
صاحب الجنازة لم يسم، والسائل عن ذلك جماعة، منهم: عمران بن حصين وأبو بكر وعمر وسراقة، "مقدمة" (ص: 345).
(5)
مطابقته للترجمة مثل مطابقة الحديث الأول، "ع"(16/ 729).
(6)
قالوا إذا كان الأمر مقدرًا فنترك مشقة العمل، فقال: لا مشقة؛ إذ كل يشر لما خلق له وهو يسير على من يسره الله عليه. قيل: إن معناه أن من خلق للجنة يسر عليه عملها البتة؛ فالتيسير علامة كونه من أهلها، فمن لم ييسر على عملها فليعلم أنه ليس من أهلها بل من أهل النار لكان أنسب بمكان التحضيض على العمل، "مجمع"(5/ 212).
(7)
أهل السعادة بعملهم وأهل الشقاوة بعملهم، "ك"(25/ 238).
(8)
غرضه: أن القرآن كان قبل النزول مسطورًا في اللوح، "خ".
قَالَ قَتَادَةُ
(1)
: مَكْتُوبٍ
(2)
. {يَسْطُرُونَ}
(3)
: يَخُطُّونَ. {فِي أُمِّ الْكِتَابِ
(4)
} [الزخرف: 4]: جُمْلَةِ الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ. {مَا يَلْفِظُ
(5)
} [ق: 18]: مَا يَتَكَلَّمُ
(6)
مِنْ شَيْءٍ
(7)
إِلَّا كُتِبَ عَليْهِ
(8)
. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
(9)
: يَكْتُبُ
(10)
الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. {يُحَرِّفُونَ
(11)
} [النساء: 46]: يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ
(12)
يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللهِ،
===
(1)
في تفسير " {مَسْطُورٍ} ".
(2)
أي: في تفسير " {مَسْطُورٍ} ".
(3)
قال تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1]، "ك"(25/ 238).
(4)
قال تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4].
(5)
قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].
(6)
هذه التفاسير الثلاثة من قتادة، كذا في "ف"(13/ 522).
(7)
خيرًا أو شرًا، "ك"(25/ 238).
(8)
أي: الرقيب.
(9)
في تفسير: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].
(10)
أي: الرقيب العتيد.
(11)
قال تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46]، "ك"(25/ 238).
(12)
قوله: (وليس أحد
…
) إلخ، قال شيخنا ابن الملقن في شرحه (33/ 572): هذا الذي قاله أحد القولين في تفسير هذه الآية وهو مختاره - أي البخاري -. وقد صرح كثير من أصحابنا بأن اليهود والنصارى بدلوا التوراة والإنجيل، وفرعوا على ذلك امتهان أورا قهما، وهو يخالف ما قاله البخاري هاهنا، انتهى. وهو كالتصريح في أن قوله: "وليس أحد
…
" إلخ، من كلام البخاري ذيل به تفسير ابن عباس، وهو محتمل أن يكون بقية كلام ابن عباس في تفسير الآية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال بعض الشراح المتأخرين: اختلف في هذه المسألة على أقوال: أحدها: أنها بدلت كلها، وهو مقتضى القول المحكي بجواز الامتهان وهو إفراط، وينبغي حمل إطلاق من أطلقه على الأكثر وإلا فهي مكابرة، فالآيات والأخبار كثيرة في أنه بقي منها أشياء كثيرة لم تتبدل، من ذلك قوله تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} الآية [الأعراف: 157]، ومن ذلك قصة رجم اليهوديين وفيه وجود آية الرجم، ويؤيده قوله تعالى:{فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93].
ثانيها: أن التبديل وقع لكن في معظمها وأدلته كثيرة، وينبغي حمل الأول عليه.
ثالثها: وقع في اليسير منها ومعظمها باق على حاله. رابعها: إنما وقع التبديل والتغيير في المعاني لا في الألفاظ وهو المذكور هاهنا.
وقد سئل ابن تيمية عن هذه المسألة مجرد فأجاب في فتاواه: أن للعلماء في هذا قولين: أحدهما: وقوع التبديل في الألفاظ أيضًا. ثانيهما: لا تبديل إلا في المعاني. واحتج للثاني من أوجه كثيرة منها قوله تعالى: {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} وهو معارض لقوله تعالى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} [البقرة: 181]، ولا يتعين الجمع بما ذكر من الحمل على اللفظ في النفي وعلى المعنى في الإثبات لجواز الحمل في النفي على الحكم، وفي الإثبات على ما هو أعم من اللفظ والمعنى، ومنها أن نسخ التوراة في الشرق والغرب والجنوب والشمال لا يختلف، ومن المحال أن يقع التبديل فيتوارد النسخ بذلك على منهاج واحد، وهذا استدلال عجيب؛ لأنه إذا جاز وقوع التبديل جاز إعدام المبدل. والنسخ الموجودة الآن هي التي استقر عليها الأمر عندهم عند التبديل. والأخبار بذلك طافحة.
أما فيما يتعلق بالتوراة فلأن بختنصّر لما غزا بيت المقدس وأهلك بني إسرائيل ومزَّقهم بين قتيل وأسير، وأعدم كتبهم حتى جاء عزير فأملاها
وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ
(1)
،
"وَلَكِنَّهُمْ" في نـ: "لَكِنَّهُمْ". "عَلَى غَيْرِ تَأْويلِهِ" كذا في هـ، وفي نـ:"مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلِهِ".
===
عليهم، وأما فيما يتعلق بالإنجيل فإن الروم لما دخلوا في النصرانية جمع ملكهم أكابرهم على ما في الإنجيل الذي بأيديهم وتحريفهم المعاني لا ينكر بل هو موجود عندهم بكثرة، وإنما النزاع هل حرفت الألفاظ أو لا؟ وقد وجد في الكتابين ما لا يجوز أن يكون بهذه الألفاظ من عند الله عز وجل أصلًا.
وقد سرد ابن حزم في "الفصل في الملل والنحل" أشياء كثيرة من هذا الجنس، منها: أن ابنتي لوط بعد هلاك قومه ضاجعت كل منهما أباها بعد أن سقته الخمر، فوطئ كلًّا منهما، فحملتا منه!! إلى غير ذلك من الأمور المنكرة. وقال في موضع آخر: وبلغنا عن قوم من المسلمين ينكرون أن التوراة والإنجيل اللتين بأيدي اليهود محرفان، وقد اشتمل القرآن والسُّنَّة على أنهم {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46]، {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78]، {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 78]، ويلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون، ويقال لهؤلاء المنكرين: قد قال الله تعالى في صفة الصحابة: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح: 29]، إلى آخر السورة، وليس بأيدي اليهود والنصارى من هذا شيء. ويقال لمن ادعى أن نقلهم نقل متواتر: قد اتفقوا على أن لا ذكر لمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتابين، فإن صدقتموهم في ما بأيديهم لكونه نقل نقل التواتر فصدقوهم بما زعموه أن لا ذكر لمحمد صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه رضي الله عنهم، وإلا فلا يجوز تصديق بعض وتكذيب بعض مع مجيئهما مجيئًا واحدًا، انتهى، كذا في "ف"(13/ 523 - 524 - 525).
(1)
قوله: (يتأولونه على غير تأويله) مراد البخاري: أنهم يحرفون المراد بضرب من التأويل، كما لو كانت الكلمة بالعبرانية تحتمل معنيين قريب وبعيد، [وكان المراد القريب] فإنهم يحملونها على البعيد ونحو ذلك، "ف"(13/ 526).
{دِرَاسَتِهِمْ}
(1)
: تِلَاوَتِهِمْ، {وَاعِيَةٌ
(2)
} [الحاقة: 12]: حَافِظَةٌ. {وَتَعِيَهَا} : وَتَحْفَظُهَا. {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} [الأنعام: 19]: يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ {وَمَنْ بَلَغَ}
(3)
(4)
هَذَا الْقُرْآن، فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ.
7553 -
وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ
(5)
قالَ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَمَّا قَضَى اللهُ الْخَلْقَ كَتَبَ
(6)
كِتَابًا عِنْدَهُ
(7)
غَلَبَتْ - أَوْ
(8)
قَالَ: سَبَقَتْ
(9)
-
"وَتَحْفَظُهَا" سقطت الواو في نـ، وفي نـ:"حَفِظَهَا". "لَمَّا قَضَى" في نـ: "لَمَّا خَلَقَ" - أي: أتم الله خلقه، "ك"(25/ 239) -.
===
(1)
قال تعالى: {وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ} [الأنعام: 156]، "ك"(25/ 238).
(2)
قال تعالى: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 12]، "ك"(25/ 238).
(3)
هذه التفاسير الخمسة عن ابن عباس رضي الله عنهما، كذا في "ف"(13/ 523).
(4)
قال ابن التين: أي: بلغه، فحذف الهاء، وقيل: المعنى: ومن بلغ الحلم، والأول هو المشهور، "ف"(13/ 526).
(5)
ابن سليمان، "ع"(16/ 730).
(6)
إما حقيقة [عن كتابة] اللوح المحفوظ، ومعنى الكتابة: خلق صورته فيه أو الأمر بالكتابة. وإما مجاز عن تعلق الحكم والإخبار به، "ك"(25/ 239)، "ع"(16/ 730).
(7)
مطابقته للترجمة من حيث إنه يشير إلى أن اللوح المحفوظ فوق العرش، "ع"(16/ 730).
(8)
كذا بالشك وفي التي بعدها بالجزم، "ف"(13/ 526).
(9)
فإن قلت: كيف يتصور السبق في القديمة؛ إذ معنى القديم هو عدم
رَحْمَتِي غَضَبِي. وَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ". [راجع: 3194، تحفة: 14671].
7554 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ
(1)
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسمَاعِيلَ
(2)
قالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَال: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ أَبَا رَافِعٍ
(3)
حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ
(4)
: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ
(5)
الْخَلْقَ: أَنَّ رَحْمَتِي
"وَهُوَ عِنْدَهُ" في نـ: "فَهُوَ عِنْدَهُ". "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ" في ذ: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ". "سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ" في نـ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ".
===
المسبوقية؟ قلت: هما من صفات الأفعال، أو المراد سبق تعلق الرحمة، وذلك لأن إيصال العقوبة بعد عصيان العبد بخلاف إيصال الخيل فإنه من مقتضيات صفاته، "ك"(25/ 239).
(1)
أبو عبد الله القومسي، "ك"(25/ 239).
(2)
ابن أبي سمينة، "ك"(25/ 239).
(3)
اسمه نفيع، "ع"(6/ 33).
(4)
المناسب من الآية لما تقدم قوله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] فيصح به قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] الذي استدل بظاهره بعض المبتدعة على خلق القرآن، ولذلك عقبه بقوله: "قال ابن عيينة
…
" إلخ. وقال نعيم بن حماد وغيره: إن القرآن كلام الله وهو صفته، فكما أن الله لم يدخل في عموم {كُلِّ شَيْءٍ} فكذا صفاته، كذا في "ف" (13/ 532).
(5)
في الحديث السابق: "لما قضى الله الخلق كتب" ففيه أن الكتابة بعد الخلق، وقال هاهنا:"قبل أن يخلق الخلق"، فالمراد من الأول تعلق الخلق وهو حادث فيجوز أن يكون بعده، وأما الثاني فالمراد منه نفس الحكم
سَبَقَتْ غَضَبِي. فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ
(1)
فَوْقَ الْعَرْشِ". [راجع: 3194، تحفة: 14671].
56 - بَابُ قَوْلِ اللهِ: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ
(2)
"فَهُوَ مَكْتُوبٌ" في نـ: "وَهُوَ مَكْتُوبٌ".
===
وهو أزلي فبالضرورة يكون قبله، "قس"(15/ 611)، أو من قضى، أراد القضاء، "ك"(25/ 240).
(1)
العندية المكانية مستحيلة في حقه تعالى، فهي محمولة على ما يليق به أو مفوضة إليه أو مذكورة على سبيل التمثيل والاستعارة، وهو من المتشابهات، "ك"(25/ 239).
(2)
قوله: ({وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ})[الصافات: 96] ذكر ابن بطال (10/ 553) عن المهلب: أن غرض البخاري بهذه الترجمة إثبات أن أفعال العباد وأقوالهم مخلوقة لله تعالى، وفرق بين الأمر بقوله:" {كُنْ} " وبين الخلق بقوله: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} [الأعراف: 54] فجعل الأمر غير الخلق، وتسخيرها الذي يدل على خلقها إنما هو عن أمره. ثم بين أن نطق الإنسان بالإيمان عمل من أعماله كما ذكر في قصة وفد عبد القيس، حيث سألوا عن عمل يدخلهم الجنة فأمرهم بالإيمان وفسره بالشهادة وما ذكر معها، وفي حديث أبي موسى المذكور:"ولكن الله حملكم" الرد على القدرية الذين يزعمون أنهم يخلقون أعمالهم. وقوله: " {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} "[القمر: 49] قال الكرماني: التقدير: خلقنا كل شيء بقدر، فيستفاد منه أن يكون الله خالق كل شيء كما صرح به في الآية الأخرى. وأما قوله:" {خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} " فهو ظاهر في إثبات نسبة العمل إلى العباد، فقد يشكل على الأول، والجواب أن العمل هاهنا غير الخلق وهو الكسب الذي يكون مسندًا إلى العبد حيث أثبت له فيه صنعًا، ويستند إلى الله تعالى من جهة أن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وجوده إنما هو بتأثير قدرته وله جهتان، جهة تنفي القدر، وجهة تنفي الجبر، فهو مسند إلى الله حقيقة وإلى العبد عادة، وهي صفة يترتب عليها الأمر والنهي والفعل والترك، فكلما أسند من أفعال العباد إلى الله تعالى فهو بالنظر إلى تأثير القدرة، ويقال له: الخلق، وما أسند إلى العبد إنما يحصل بتقدير الله تعالى، ويقال له: الكسب، وعليه يقع المدح والذم كما يذم المشوه الوجه ويمدح الجميل الصورة. وأما الثواب والعقاب فهو علامة، والعبد إنما هو ملك الله يفعل فيه ما يشاء، ولم يتعرض لإعراب "ما" هل هي مصدرية أو موصولة؟ وقال الطبري: فيها وجهان: فمن قال مصدرية قال: المعنى: خلقكم وخلق عملكم، ومن قال موصولة قال: خلقكم وخلق الذي تعملون، أي: تعملون منه الأصنام وهو الخشب والنحاس وغيرهما. وتمسك المعتزلة بهذا التأويل.
قال السهيلي في "نتائج الفكر" له: اتفق العقلاء على أن أفعال العباد لا تتعلق بالجواهر والأجسام، فلا تقول: عملت حبلا ولا صنعت جملًا ولا شجرًا، فإذا كان كذلك، فمن قال:"أعجبني ما عملت" فمعناه الحدث، فعلى هذا لا يصح في تأويل {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} إلا أنها مصدرية وهو قول أهل السُّنَّة، ولا يصح قول المعتزلة أنها موصولة؛ فإنهم زعموا أنها واقعة على الأصنام التي كانوا ينحتونها، فقالوا: التقدير: خلقكم و [خلق] الأصنام. وزعموا أن نظم الكلام يقتضي ما قالوه لتقدم قوله: {مَا تَنْحِتُونَ} ؛ لأنها واقعة على الحجارة المنحوتة، وكذلك "ما" الثانية، والتقدير: أتعبدون حجارة تنحتونها والله خلقكم وخلق تلك الحجارة المنحوتة التي تعملونها؟! وهذه شبهتهم. ولا يصح ذاك من جهة النحو؛ إذ "ما" لا تكون مع الفعل الخاص إلا مصدرية. فعلى هذا، فالاية ترد مذهبهم وتفسد قولهم، والنظم على قول أهل السُّنَّة أبدع؛ لأن الآية وردت في بيان استحقاق خالق العبادة لانفراده بالخلق وإقامة الحجة على من يعبد ما لا يخلق وهم يخلقون، فقال:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أتعبدون من لا يخلق وتدَعون عبادة من خلقكم وخلق أعمالكم التي تعملون، ولو كان كما زعموا لما قامت الحجة من نفس هذا الكلام؛ لأنه لو جعلهم خالقين لأعمالهم وهو خالق للأجناس لشركهم معهم في الخلق، تعالى الله عن إفكهم.
قال البيهقي في "كتاب الاعتقاد": قال الله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فدخل فيه الأعيان والأفعال من الخير والشر، وقال:{أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16]، فنفى أن يكون خالق غيره، ونفى أن يكون شيء سواه غير مخلوق، فلو كانت الأفعال غير مخلوقة له لكان خالق بعض شيء لا كل شيء، وهو بخلاف الآية. ومن المعلوم أن الأفعال أكثر من الأعيان، فلو كان اللّه خالق الأعيان والناس خالقي الأفعال لكان مخلوقات الناس أكثر من مخلوقات الله تعالى، تعالى الله عن ذلك.
قال مكي بن أبي طالب: زعم المعتزلة أنهم أرادوا بذهابهم إلى أن العبد خالق الأفعال تنزيه اللّه تعالى عن خلق الشر!! ورد عليهم أهل السُّنَّة بأن الله تعال خلق إبليس وهو الشر كله، وقال تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: 1، 2] فأثبت أنه خلق الشر وأطبق القراء حتى أهل الشذوذ على إضافة "شر" إلى "ما" إلا عمرو بن عبيد رأس الاعتزال فقرأها بتنوين ليصحح مذهبه، وهو محجوج بإجماع من قبله على قراءتها بالإضافة. قال:"وإذا تقرر أن الله خالق كل شيء من خير وشر وجب أن تكون "ما" مصدرية.
قال صاحب الكشاف ما حاصله: أن الاحتجاج على المشركين لا يستقيم إلا بإرادة الأصنام عن ما تعملون فتكون موصولة، وتعقبه ابن خليل السكوني أن معنى الآية عند أهل السُّنَّة أن الله خلقكم وأعمالكم، وإذا كان الله خالق أعمالكم التي بها التأثير في أشكال الأصنام فأولى أن يكون خالقًا للمتأثر الذي لم يدع فيه أحد الخلقية لا سُنّي ولا معتزلي وهي الأصنام،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ودلالة الموافقة أقوى في لسان العرب وأبلغ من غيرها حتى قال الزمخشري أيضًا: إن قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] أدل على نفي الضرب من: (لا تضربهما)، وقال: إنها من نكت علم البيان ثم غفل عنها وقلب النظم لما أبلغ سائغ بل أكمل بمراعاة البلاغة، ومدار هذه المسألة أي: كون ما مصدرية مع الفعل على أن الحقيقة مقدمة على المجاز، وذلك لأن الخشب التي منها الأصنام وصور الأصنام ليست بعمل لنا، وإنما عملنا ما أقدرنا الله عليه من المعاني المكتسبة، فإذا قلت: عمل النجار السرير فالمعنى عمل حركات [في محل] أظهر الله لنا عندها الشكل في السرير، فقوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} وجب حمله على الحقيقة وهي معمولكم.
وأجاب البيضاوي بأن كون "ما" مصدرية يترجح أيضًا بأن غيره لا يخلو من حذف أو مجاز، وهو سالم من ذلك فالأصل عدمه.
وقال ابن المنير: يتعين حمل "ما" على المصدرية؛ لأنهم لم يعبدوا الأصنام من حيث هي حجارة أو خشب عارية عن الصورة، بل عبدوها لأشكالها وهي أثر عملهم، فلو كان كما ادعوه لاحتاج إلى حذف أي: خلقكم وما تعملون شكله. وقال ابن تيمية: لا نسلم أنها موصولة ولكن لا حجة فيه للمعتزلة، لأن قوله:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ} يدخل فيه ذاتهم وصفاتهم.
وقال العلامة التفتازاني: يجوز أن يكون المعنى وخلق معمولكم على أنها موصولة ويشمل أعمال العباد؛ لأنا إذا قلنا: إنها مخلوقة لله تعالى أو للعبد لم يرد بالفعل المعنى المصدري الذي هو الإيجاد بل الحاصل بالمصدر الذي هو متعلق الإيجاد، وهو ما نشاهد من الحركات والسكنات، قال: وللذهول عن هذه النكتة توهم من توهم أن هذا الاستدلال موقوف على كون ما مصدرية، من "ف" مختصرًا (13/ 528 - 531).
وَمَا تَعْمَلُونَ
(1)
} [الصافات: 96]،
{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ
(2)
} [القمر: 49]
وَيُقَالُ
(3)
لِلْمُصَوِّرِينَ
(4)
: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ
(5)
، {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي
(6)
اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا
(7)
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ
"وَيُقَالُ" في هـ، ذ:"وَيَقُولُ". {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
…
} " إلخ، كذا في مه، وفي ذ بدله: "إلى {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ".
===
(1)
يجوز أن تكون كلمة "ما" نافية، أي:"وما تعملون" ولكن الله خالقه، ويجوز أن تكون مصدرية، ويجوز أن تكون استفهامًا بمعنى التوبيخ، "ع"(16/ 730).
(2)
لعله سقط منه قوله تعالى، "ف"(13/ 528)، "ك"(25/ 240)، "ع"(16/ 731).
(3)
أي: الله تعالى، أو الملك بأمره، "ف"(13/ 532)، وهذا لفظ الحديث، لكن البخاري أظهر مرجع الضمير إذ في الحديث لفظ لهم، "ك"(25/ 240).
(4)
قوله: (يقال للمصورين
…
) إلخ، قلت: والذي يظهر أن مناسبة ذكر هذا الحديث لترجمة هذا الباب أن من زعم أنه يخلق فعل نفسه لو صحت دعواه لما وقع الإنكار على هؤلاء المصورين، فلما كان أمرهم [بنفخ الروح فيما صوروه] أمر تعجيز، ونسبة الخلق إليهم على سبيل التهكم والاستهزاء دل على فساد قول من نسب خلق فعله إليه استقلالًا، "ف"(13/ 535).
(5)
أسند الخلق إليهم على سبيل الاستهزاء والتعجيز والتشبيه في الصورة فقط، "قس"(15/ 614).
(6)
أي: يغطي كلًّا منهما بالآخر، "جلالين" (ص: 201).
(7)
أي: طلبًا سريعًا، "جلالين" (ص: 201).
الْخَلْقُ
(1)
وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]. قالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ
(2)
(3)
: بيَنَ اللهُ
(4)
الْخَلْقَ مِنَ الأَمْرِ لِقَوْلِهِ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ
(5)
}.
وَسَمَّى النَّبِيُّ
(6)
صلى الله عليه وسلم الإِيمَانَ عَمَلًا. قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِيمَانٌ بِاللهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ. وَقَالَ: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
(7)
} " [السجدة: 17].
"قَالَ أَبُو ذَرٍّ" في نـ: "وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ".
===
(1)
بتقديم الخبر على المبتدإ أن لا خلق لغير الله، كذا في "ك"(25/ 241)، قال سفيان: الخلق هو المخلوقات، "ف"(13/ 533).
(2)
سفيان، "ع"(16/ 731).
(3)
سئل عن القرآن أمخلوق هو؟ فقال: يقول الله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] ألا ترى كيف فرق بين الخلق والأمر فالأمر كلامه، فلو كان كلامه مخلوقًا لم يفرق، "ف"(13/ 533).
(4)
أي: فرق بينهما حيث عطف أحدهما على الآخر، "ك"(25/ 241).
(5)
المعروف في معنى الأمر ما نقل عن ابن عيينة وعلي ما قال الراغب: وهو أن الأمر هاهنا بمعنى الإبداع يكون من عطف الخاص على العام، وقال بعض المفسرين: المراد بالأمر بعد الخلق تصريف الأمور، وقال بعضهم: المراد بالخلق في الآية: الدنيا وما فيها، وبالأمر: الآخرة وما فيها، "ف"(13/ 533).
(6)
لعله أراد بهذا كله أن الإيمان أيضًا مخلوق الله لكونه عملًا، فدخل تحت قوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} وقد سبق بيان كون الأعمال من الإيمان أولًا في "كتاب الإيمان".
(7)
أي: من الإيمان وسائر الطاعات، "ك"(25/ 241).
وَقَالَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مُرْنَا بِجُمَلٍ
(1)
مِنَ الأَمْرِ إِنْ عَمِلْنَا بِهَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ. فَأَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللهِ وَالشَّهَادَةِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ. فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَمَلًا.
7555 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ
(2)
بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ
(4)
، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ
(5)
وَالْقَاسِمِ
(6)
التَّمِيمِيِّ، عَنْ زَهْدَمٍ
(7)
قَالَ: كَانَ بَينَ هَذَا الْحَيِّ مِنْ جَرْمٍ وَبَيْنَ الأَشْعَرِيِّينَ
(8)
وُدٌّ وَإِخَاءٌ
(9)
، فَكُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ
(10)
اللهِ
"دَخَلْنَا" في نـ: "أُدْخِلْنَا". "طَعَامٌ" كذا في صـ، وفي غيره:"الطَّعَامُ".
===
(1)
أي: أمور كلية مجملة، "قس"(15/ 616).
(2)
الحجبي أبو محمد، "ع"(16/ 632)، "ك"(25/ 241).
(3)
ابن عبد المجيد الثقفي، "ع"(16/ 632)، "ك"(25/ 241)، "ف"(13/ 534).
(4)
السختياني، "ع"(16/ 732).
(5)
عبد الله بن زيد الجرمي، "ع"(16/ 732).
(6)
ابن عاصم، "ع"(16/ 732).
(7)
ابن مضرب الجرمي، "ع"(16/ 732)، "ك"(25/ 241).
(8)
الأشعر أبو قبيلة من اليمن، "ك"(25/ 241).
(9)
أي: مؤاخاة، "مجمع"(1/ 55).
(10)
قبيلة، "ك"(25/ 242).
كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي، فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا
(1)
فَقَذِرْتُهُ
(2)
، فَحَلَفْتُ لَا آكلُهُ. فَقَالَ: هَلُمَّ فَلْأُحَدِّثْكَ عَنْ ذَلكَ، إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ
(3)
فَقَالَ: "وَاللهِ لَا أحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ". فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِنَهْبِ
(4)
إِبِلٍ فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ: "أَيْنَ النَّفَرُ الأَشْعَرِيُّونَ؟ " فَأَمَرَ لَه بِخَمْسٍ ذَوْدٍ
(5)
غُرِّ الذُّرَى
(6)
، ثُمَّ انْطَلَقْنَا قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا
(7)
حَلَفَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَحْمِلُنَا، وَمَا عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا، ثُمَّ حَمَلَنَا، تَغَفَّلْنَا
(8)
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمِينَه، وَاللهِ لَا نُفْلِحُ أَبَدًا،
"كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي" في صـ: "كَانَ مِنَ الْمَوَالِي". "شَيْئًا" ثبت في هـ. "لَا آكُلُهُ" في هـ: "أَنْ لَا آكُلَهُ". "فَلأُحَدِّثْكَ" في سـ، حـ، ذ:"فَلأُحَدِّثَنَّكَ". "عَنْ ذَلكَ" في نـ: "عَنْ ذَاكَ". "فَأَمَرَ لَه" في نـ: "فَأَمَرَ لَنا". "قُلْنَا" في نـ: "فَقُلْنَا"."لَا يَحْمِلُنَا" في ذ: "أن لَا يَحْمِلَنَا". "تَغَفَّلْنَا" في نـ: "فَغَفَّلْنَا".
===
(1)
أي: من النجاسة، "ع"(16/ 732)، "ك"(25/ 242).
(2)
بكسر الذال أي: كرهته، "ع"(16/ 732).
(3)
أي: نسأل منه الحملان أي: أن يحملنا، "ع"(16/ 732).
(4)
النهب: الغنيمة، "ع"(16/ 732).
(5)
بفتح الذال المعجمة وهي من الإبل ما بين الثلاث إلى العشرة، "ع"(16/ 732).
(6)
جمع ذروة وهي أعلى كل شيء، أي: ذرى الأسنمة البيض أي: من سمنهن وكثرة شحمهن، "ع"(16/ 732)، "ك"(25/ 242).
(7)
استفهام إنكار.
(8)
أي: طلبنا غفلته وكنا سبب غفلته عن الحال التي وقعت، "ع"(16/ 732).
فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَه، فَقَالَ: "لَسْتُ أَنَا أَحْمِلُكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ حَمَلَكُمْ
(1)
(2)
، إنِّي وَاللهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ
(3)
فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْه، وَتَحَلَّلْتُهَا"
(4)
. [راجع: 3132].
7556 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ
(5)
قالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ
(6)
الضُّبَعِيُّ قَالَ:
"إِنِّي وَاللهِ" في نـ: "وإِنِّي وَاللهِ". "خَيْرٌ مِنْهُ" في نـ: "خَيْرٌ مِنْها".
===
(1)
يحتمل وجوهًا: أن يريد به إزالة المنة عنهم وإضافة النعمة إلى الله تعالى، أو أنه نسي وفعل الناسي مضاف إلى الله تعالى، وكما جاء في الصائم إذا أكل ناسيًا فإن الله أطعمه، وأن الله حين ساق هذه الغنيمة إليهم فهو أعطاهم، أو نظرًا إلى الحقيقة، "ع"(16/ 732)، "ك"(25/ 242).
(2)
فيه المطابقة حيث نسب الحمل إلى الله تعالى، "ع"(16/ 732).
(3)
أي: بيمين والمراد بها المحلوف عليه مجازًا، "مجمع"(5/ 221).
(4)
قوله: (وتحللتها) من التحلل وهو التفصي عن عهدة اليمين والخروج عن حرمتها إلى ما يحل له منها بالكفارة، ويحتمل أن يكون هذا جوابًا آخر. فالجواب الأول: إني لا أحملكم ولا أخالف يميني ولكن الله هو يحملكم. والثاني: إني أخالفها وأتحللها، والغرض أنه لا غفلة وله محملان صحيحان، "ك"(25/ 242 - 243).
(5)
الضحاك، "ك"(25/ 243).
(6)
بالجيم والراء: نصر بن عمران، "ع"(16/ 733).
قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ؛ فَقَالَ
(1)
: قَدِمَ وَفْدُ
(2)
عَبْدِ الْقَيْسِ
(3)
عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ
(4)
، وَإِنَّا لَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي أَشْهُرٍ حُرُمٍ
(5)
، فَمُرْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ، إِنْ عَمِلْنَا بِهِ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، وَنَدْعُو إِلَيْهَا مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ
"أَشْهُرٍ حُرُمٍ" في سـ، حـ:"أَشْهُرِ الْحُرُمِ". "عَمِلْنَا بِهِ" في هـ: "عَمِلْنَا بِهَا". "وَنَدْعُو إِلَيْهَا" في سـ، حـ، ذ:"وَنَدْعُو إِليْهِ".
===
(1)
قوله: (قلت لابن عباس فقال) كذا في هذه الرواية لم يذكر مقول "قلت"، وبينه الإسماعيلي من طريق أبي عامر العقدي بفتح المهملة والقاف عن قرة بن خالد فقال في روايته: حدثنا أبو جمرة قال: قلت لابن عباس: إن لي جرة أنتبذ فيها فأشربه حلوًا لو أكثرت منه فجالست القوم، لخشيت أن أفتضح؛ فقال: قدم وفد عبد القيس. وقد أخرج مسلم من طريق أبي عامر، لكنه لم يسق لفظه، ولم يقف الكرماني (25/ 243) على هذا فقال: التقدير: قلت لابن عباس: حدثنا إما مطلقًا وإما عن قصة وفد عبد القيس، فجعل مقول "قلت" طلب التحديث، "ف"(13/ 534).
(2)
الوفد: قوم يجتمعون أو يردون البلاد، الواحد وافد، وكذا من يقصد الأمراء للزيارة، "مجمع"(5/ 94).
(3)
قوله: (عبد القيس) بن أفصى: أبو قبيلة من أسد، "قاموس" (ص: 526) من باب السين، وأسد بن خزيمة محركة أبو قبيلة من مضر، "قاموس" من باب الدال.
(4)
بالضم وفتح المعجمة، غير منصرف، قبيلة كانوا بين ربيعة والمدينة، "ك"(25/ 243).
(5)
أي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وذلك لأنهم كانوا يمتنعون عن القتال فيها، "ك"(25/ 243).
عَنْ أَرْبَعٍ: آمُرُكُمْ بِالإِيمَانِ
(1)
بِاللهِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللهِ؟ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا الله، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَتُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ
(2)
الْخُمُسَ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: لَا تَشْرَبُوا
(3)
فِي الدُّبَّاءِ
(4)
، وَالنَّقِيرِ
(5)
، وَالظُّرُوفِ الْمُزَفَّتَةِ
(6)
، وَالْحَنْتَمَةِ"
(7)
. [راجع: 53].
7557 -
حَدَّثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قالَ: حَدَّثنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ
(8)
يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ:
"وَالظُّرُوفِ الْمُزَفَّتَةِ" في سـ، ذ:"وَالْمُزَفَّتَةِ".
===
(1)
يقدر مضاف أي: موجبات الإيمان، "ك"(25/ 245).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 53).
(3)
قوله: (لا تشربوا
…
) إلخ، قال الخطابي: معنى النهي عنها النهي عن الانتباذ فيها، "ك"(25/ 244). نهى عن هذه الأواني لأنها غليظة لا يترشش منها الماء، وانقلاب ما هو أشد حرارة إلى الإسكار أسرع فيسكر ولا يشعر، "مجمع"(2/ 146).
(4)
هو القرع، "ك"(1/ 210).
(5)
بفتح النون: جذع ينقر وسطه وينتبذ فيه، "ك"(25/ 244).
(6)
بتشديد الفاء المطلي بالزفت أي: القار، "ك"(25/ 244).
(7)
بفتح المهملة والفوقانية وسكون النون بينهما: جرار خضر يجلب فيه الخمر، "ك"(25/ 244).
(8)
مطابقته للترجمة من حيث إن من زعم أنه يخلق فعله لو صحت دعواه لما وقع الإنكار على هؤلاء المصورين. وقال الكرماني (25/ 244): أسند الخلق إليهم صريحًا، وهو خلاف الترجمة، ولكن المراد كسبهم فأطلق
أَحْيُوا
(1)
مَا خَلَقْتُمْ"
(2)
. [راجع: 2105، أخرجه: س 5362، ق 2151، تحفة:17557].
7558 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ".
[راجع: 5951، أخرجه: م 2108، س 5361، تحفة: 7520].
7559 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ
(3)
، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ
(4)
: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قَالَ اللهُ: وَمَنْ أَظْلَمُ
(5)
"وَيُقَالُ لَهُمْ" سقطت الواو في نـ. ابْنُ فُضَيْلٍ" في نـ: "مُحمدُ بْنُ فُضيْلٍ". "قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ" في نـ: "يَقُوْلُ: سمِعْتُ النَّبِيَّ".
===
لفظ الخلق عليهم استهزاء، أو أراد به ما قدرتم وصورتم، وشبه بالخلق أو أطلقه بناء على زعمهم فيه، "ع"(16/ 733).
(1)
أي: اجعلوه حيوانًا ذا روح. وهذا الأمر للتعجيز، "ع"(16/ 733).
(2)
قال ابن بطال (10/ 554): إنما نسب خلقها إليهم تقريعًا لهم بمضاهاتهم الله تعالى في خلقه فبكتهم بأن قال: إذا شابهتم بما صورتم مخلوقات الله تعالى فأحيوها كما أحيا هو؟! "ف"(13/ 535).
(3)
ابن القعقاع، "ك"(25/ 245)، "ع"(16/ 734).
(4)
اسمه هرم البجلي، "ك"(25/ 245).
(5)
قوله: (ومن أظلم) فإن قلت: الكافر أظلم منه؟ قلت: الذي يصور الصنم للعبادة كافر، فهو هو. والغرض تعذيبهم وتعجيزهم تارة بخلق الحيوان
مِمَّنْ ذَهَبَ
(1)
يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً
(2)
، أَوْ ليَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ شَعِيرَةً"
(3)
. [راجع: 5953].
57 - بَابٌ قِرَاءَةُ الْفَاجِرِ
(4)
وَالْمُنَافِقِ،
"أَوْ لِيَخْلُقُوا" في نـ: "وَلْيَخْلُقُوا". "وَالْمُنَافِقِ" في ذ: "أوِ الْمُنَافِقِ".
===
وأخرى بخلق الجماد. وفيه نوع من الترقي في الخساسة ونوع من التنزل في الإلزام، "ك"(25/ 245)،"ع"(16/ 734). والكلام في مطابقة هذا الحديث مثل ما مرّ فيما قبله، "ع"(16/ 734)، وإن كان الذرة بمعنى الهباء فالتعجيز بخلق ما ليس له جرم محسوس تارة وبما له جرم تارة، "ف"(13/ 534).
(1)
من الذهاب الذي بمعنى القصد والإقبال إليه، "ك"(25/ 245)، "ع"(16/ 734).
(2)
بفتح الذال المعجمة وهي النملة الصغيرة، وهو استهزاء أو قول على زعمهم، أو التشبيه في الصورة وحدها لا من سائر الوجوه، "ك"(25/ 245).
(3)
عطف الخاص على العام، أو شك من الراوي، "ع"(16/ 734)، "ك"(25/ 245).
(4)
قوله: (قراءة الفاجر) قال الكرماني (25/ 245): المراد بالفاجر: المنافق، بقرينة جعله قسيمًا للمؤمن في الحديث، يعني الأول ومقابلًا، فعطف المنافق عليه في الترجمة من باب العطف التفسيري. ووقع في رواية أبي ذر:"قراءة الفاجر أو المنافق" بالشك وهو يؤيد تأويل الكرماني، ويحتمل أن يكون للتنويع، والفاجر أعم من المنافق فيكون من عطف الخاص على العام، "ف"(13/ 536).
وَأَصْوَاتُهُمْ
(1)
وَتِلَاوَتُهُمْ
(2)
لَا تُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ
(3)
7560 -
حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ
(4)
قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ
(5)
الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ
(6)
كَالأُتْرُجَّةِ
(7)
،
"هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ" زاد في نـ: "الْقَيْسِيُّ". "كَالأُتْرْجَّةِ" في نـ: "كَالأُتْرُنجةِ".
===
(1)
وزيد في بعضها: "وأصواتهم"، "ك"(25/ 245)، قلت: هي ثابتة في جميع ما وقفنا عليه من نسخ "البخاري"، "ف"(13/ 536).
(2)
مبتدأ، "ك"(25/ 245).
(3)
الحنجرة: الحلقوم، وهي مجرى النفس، كما أن المري مجرى الطعام والشراب، "ك"(25/ 245).
(4)
ابن يحيى، "ع"(16/ 735).
(5)
قوله: (مثل المؤمن
…
) إلخ، حاصله: أن المؤمن إما مخلص أو منافق، وعلى التقديرين إما أن يقرأ أو لا. والطعم هو بالنسبة إلى نفسه، والريح بالنسبة إلى السامع. فإن قلت: قال في آخر "فضائل القرآن"(ح: 5059): "كالحنظلة طعمها مرٌّ وريحها مر" وها هنا قال: "لا ريح لها"؟! قلت: المقصود منهما واحد، وذلك هو بيان عدم النفع لا له ولا لغيره، وربما كان مضرًّا فلا ريح نافعة، "ك"(25/ 246).
(6)
مرَّ الحديث (برقم: 5059).
(7)
بضم الهمزة والراء، "مجمع"(1/ 34)، معروف، "قاموس" (ص: 179).
طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالتَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ
(1)
، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ
(2)
، طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا".
[راجع: 5020].
7561 -
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ
(3)
قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ
(4)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ
(5)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ
(6)
. ح وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ
(7)
قالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ
(8)
، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
(9)
قالَ:
"وَالَّذِي لَا يَقْرَأُ" في قتـ: "وَمَثَلُ الَّذِي لَا يَقْرَأُ". "أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ" في نـ: "حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ"."حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ" في صـ: "أخبرَنَا عَنْبَسَةُ".
===
(1)
نبت معروف طيب الرائحة، أو كل نبت كذلك، أو أطرافه، أو ورقه، "قاموس" (ص: 214).
(2)
هي شجرة مشهورة، وفي بعض البلاد تسمى: ببطيخ أبي جهل، "ع"(16/ 735).
(3)
ابن المديني، "ك"(25/ 246)، "ع"(16/ 735).
(4)
ابن يوسف، "ع"(16/ 735).
(5)
ابن راشد، "ك"(25/ 246)، "ع"(16/ 735).
(6)
محمد بن مسلم، "ع"(16/ 735).
(7)
ابن خالد بن يزيد، "ك"(25/ 246)، "ع"(16/ 735).
(8)
ابن يزيد، "ع"(16/ 735).
(9)
الزهري، "ع"(16/ 735).
أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ: سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عن الْكُهَّانِ
(1)
فَقَالَ: "إِنَّهُمْ لَيْسُوا
(2)
بِشَيْءٍ"
(3)
. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ النَّبِيُّ
(4)
صلى الله عليه وسلم: "تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطِفُهَا
(5)
الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا
(6)
فِي أُذُنِ وَليِّهِ
"فَقَالَ: إِنَّهُمْ" في نـ: "فَقَالَ لَهُمْ". "يَخْطَفُهَا" في قتـ، هـ، ذ:"يَحْفَظُهَا" - بحاء مهملة ففاء فظاء معجمة من الحفظ قال الحافظ ابن حجر: والأول هو المعروف، "قس"(15/ 625) -.
===
(1)
جمع كاهن وهو الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار، "ع"(16/ 735).
(2)
أي: ليس قولهم بشيء صحيح يعتمد عليه كما يعتمد على أخبار الأنبياء سلام الله عليهم، "ك"(25/ 247).
(3)
أي: حق، "ك"(25/ 246).
(4)
مرَّ الحديث (برقم: 5762).
(5)
بالفتح على اللغة الفصيحة وبكسرها، والجني مفرد الجن، أي: يختلسها الجني من أخبار، "ك"(25/ 246 - 247)، "ع"(16/ 736).
(6)
قوله: (فيقرقرها) من القرقرة وهو الوضع "في الأذن" بالصوت. والقر: الوضع فيها بدون الصوت. وإضافة القرقرة إلى الدجاجة إضافة إلى الفاعل. و"الدجاجة" بفتح الدال وكسرها.
كَقَرْقَرَةِ
(1)
الدُّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ"
(2)
. [راجع: 3210، أخرجه: م 2228، تحفة: 17349].
"الدُّجَاجَةِ" في سـ، ذ:"الزُّجَاجَةِ"
(3)
. "فِيهِ" في نـ: "مَعَها".
===
وقال الخطابي: غرضه عليه الصلاة والسلام نفي ما يتعاطونه من علم الغيب. قال: والصواب كقرقرة الزجاجة؛ ليلائم معنى القارورة الذي في الحديث الآخر، وتكون إضافة القرقرة إلى المفعول فيه نحو مكر الليل، "ع"(16/ 736).
ومناسبته للترجمة تعرض له ابن بطال (10/ 557) ولخصه الكرماني (25/ 247) فقال: لمشابهة الكاهن بالمنافق من جهة أنه لا ينتفع بالكلمة الصادقة لغلبة الكذب عليه ولفساد حاله، كما أن المنافق لا ينتفع بقراءته لفساد عقيدته. والذي يظهر لي من مراد البخاري: أن تلفظ المنافق بالقرآن كما يتلفظ به المؤمن وتختلف تلاوتهما والمتلو واحد، ولو كان المتلو عين التلاوة لم يقع فيه تخالف، وكذلك الكاهن في تلفظه بالكلمة من الوحي التي يخبره بها الجني مما يختطفه عن الملك بلفظه بها، وتلفظ الجني مغاير لتلفظ الملك فتفاوتا، "ف"(13/ 536).
(1)
ويروى: "كقر الزجاجة" بالزاي، أي: كصوتها إذا صب فيها الماء، "مجمع"(4/ 252).
(2)
بسكون المعجمة وفتح الكاف، وحكي الكسر، وأنكره بعضهم لأنه بمعنى الهيئة والحالة، وليس هذا موضعه، "قس"(15/ 626).
(3)
لأبي ذر عن الكشميهني بالزاي المضمومة، وأنكرها الدارقطني وعدها من التصحيف، "قس"(15/ 625)، وادعى غيره أن الدال تصحيف. وقال ابن حجر: الصواب خلاف قولهما، أو أن الروايتين صحيحتان، "توشيح".
7562 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ
(1)
قالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ
(2)
، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَخْرُجُ نَاسٌ
(3)
مِنْ قِبَلِ
(4)
الْمَشْرِقِ
(5)
وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ
(6)
، يَمْرُقُونَ
(7)
مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ". قِيلَ
(8)
: مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: "سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ".
"وَيَقْرَءُونَ" سقطت الواو في نـ.
===
(1)
محمد بن الفضل، "ع"(16/ 736).
(2)
مرَّ الحديث (برقم: 3610، 6930).
(3)
تقدم في "الفتن" أنهم الخوارج، "ع"(16/ 736)، [بل في "كتاب استتابة المرتدين" (ح: 6934)].
(4)
"قبل" بكسر القاف: الجهة، "ك"(25/ 247).
(5)
أي: مشرق المدينة الطيبة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، مثل نجد وما بعده، "ك"(25/ 247).
(6)
قوله: (لا يجاوز تراقيهم) التراقي جمع الترقوة وهي: العظم بين ثغرة النحر والعاتق" أي: لا يرفع إلى الله إذ أعمالهم منافية لذلك. و "الرمية" بكسر الميم الخفيفة وبتشديد التحتانية، فعيلة بمعنى: المرمية أي: المرمى إليها. "والفوق" بضم الفاء: موضع الوتر من السهم. والطريق الأول ما عاد على فوقه أي: مضى ولم يرجع. "والسيما" بكسر المهملة مقصورًا وممدودًا العلامة. "والتحليق" إزالة الشعر، "ك" (25/ 248).
(7)
أي: يخرجون، "ع"(16/ 736).
(8)
لم أقف على تعيين السائل، "ف"(13/ 537).
أَوْ قَالَ: "التَّسْبِيدُ"
(1)
(2)
. [راجع: 3344، تحفة: 4304].
===
(1)
ويروى التسبيت بالمثناة آخره بدل الدال، قال جعفر الطيالسي: قلت لأحمد: ما التسبيت؟ قال: الحلق الشديد ليشبه النعال السبتية، "تن"(3/ 1282).
(2)
قوله: (أو قال: التسبيد) شك من الراوي، وهو بالمهملة والموحدة بمعنى التحليق. وقيل: أبلغ منه، وهو بمعنى الاستئصال. وقيل: هو ترك دهن الشعر وغسله. قال الكرماني (25/ 248): فيه إشكال، وهو أنه يلزم من وجود العلامة وجود ذي العلامة، فيلزم أن كل محلوق الرأس فهو من الخوارج، والأمر بخلاف ذلك اتفاقًا. ثم أجاب: بأن السلف كانوا لا يحلقون رؤسهم إلا للنسك أو في الحاجة، والخوارج اتخذوه ديدنًا فصار شعارًا لهم وعرفوا به. قال: ويحتمل أن يراد به: حلق الرأس واللحية وجميع شعورهم، وأن يراد به الإفراط في القتل أو المبالغة في المخالفة في أمر الديانة. قلت: الأول أنه باطل لأنه لم يقع من الخوارج، والثاني محتمل، لكن طرق الحديث المتكاثرة كالصريحة في إرادة حلق الرأس، والثالث كالثاني، والله أعلم، "ف"(13/ 537).
فإن قلت: مرَّ في "باب علامات النبوة"(برقم: 3610) أن آيتهم - أي: علامتهم - رجلٌ أسودُ إحدى عضديه مثل ثَدي المرأة! قلت: لا منافاة في اجتماع العلامتين، أو هؤلاء طائفة أخرى. فإن قلت: تقدم في "كتاب استتابة المرتدين"(برقم: 6931) في حقهم: "ويتمارى - أي: يشك - في الفوقة هل علق بها شيء من الدم" فإيمانهم مشكوك، وها هنا قال:"يمرقون من الدين ثم لا يعودون إليه أبدًا" لأن السهم لا يعود إلى فوقه بنفسه قط!. قلت: يحتمل أن يراد به الخوارج على الإمام وبهؤلاء الخارجون عن الإيمان، وعلى الأول الدين هو طاعة الإمام وعلى الثاني الدين هو الإسلام. قال المهلب: يمكن أن يكون هذا الحديث في قوم قد عرفهم صلى الله عليه وسلم بالوحي أنهم
58 - بَابُ قَوْلِ اللهِ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ
(1)
الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] وَأَنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ
(2)
وَقَوْلَهُمْ يُوزَنُ
"{لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} " ثبت في ذ. "وَقَوْلَهُمْ" في قا: "وَأَقْوَالَهُمْ" - بصيغة الجمع وهو المناسب للأعمال، "ف" (13/ 538) -. "يُوزَنُ" في نـ:"تُوزَنُ".
===
يموتون قبل التوبة، وقد خرجوا ببدعتهم وسوء تأويلهم إلى الكفر، وأما الذين قتلهم علي رضي الله عنه يعني الخوارج فربما يؤدي تأويلهم إلى الكفر وربما لا يؤدي إليه، "ك"(25/ 248).
(1)
قوله: ({الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ}) اختلف في ذكره هاهنا بلفظ الجمع هل المراد أن لكل شخص ميزانًا أو لكل عمل ميزانًا فيكون الجمع حقيقة، أو ليس هناك إلا ميزان واحد والجمع باعتبار تعدد الأعمال أو الأشخاص. ويدل على تعدد الأعمال قوله تعالى:{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [المؤمنون: 103]، ويحتمل أن يكون الجمع للتفخيم، كما في قوله تعالى:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 105]، والذي يترجح أنه ميزان واحد ولا يشكل بكثرة من يوزن عمله؛ لأن أهوال القيامة لا تكيف بأحوال الدنيا. والقسط: العدل، وهو نعت الموازين وإن كان مفردًا وهي جمع لأنه مصدر. قال أبو إسحاق الزجاج: المعنى: ونضع الموازين ذوات القسط، وقيل: هو مفعول لأجله أي: لأجل القسط، واللام في قوله:" {لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} " للتعليل مع حذف مضاف أي: لحساب يوم القيامة. وقيل: هي بمعنى في، كذا جزم ابن قتيبة واختاره ابن مالك، وقيل: للتوقيت، "ف"(13/ 537 - 538).
(2)
قوله: (وأن أعمال بني آدم) ظاهره التعميم لكن خص منه طائفتان، فمن الكفار من لا ذنب له إلا الكفر ولم يعمل حسنة فإنه يقع في النار من غير
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْقِسْطَاسُ
(1)
: الْعَدْلُ
===
حساب ولا ميزان، ومن المؤمنين من لا سيئة له وله حسنات كثيرة زائدة على محض الإيمان فهذا يدخل الجنة بلا حساب كما في قصة السبعين ألفًا، ومن عدا هذين يحاسبون وتعرض أعمالهم على الموازين.
ويدل على محاسبة الكفار ووزن أعمالهم قوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} إلى قوله: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [المؤمنون: 103 - 105]. قال أبو إسحاق الزجاج: أجمع أهل السُّنَّة على الإيمان بالميزان وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأنكرت المعتزلة الميزان وقالوا: هو عبارة عن العدل.
قال ابن فورك: أنكرت المعتزلة الميزان بناء منهم على أن الأعراض تستحيل وزنها؛ إذ لا تقوم بأنفسها قال: وقد روى بعض المتكلمين عن ابن عباس أن الله تعالى يقلب الأعراض أجسامًا فيزنها، انتهى.
ورجح القرطبي أن الذي يوزن الصحائف التي تكتب فيها الأعمال، ونقل عن ابن عمر قال: توزن صحائف الأعمال، قال: فإذا ثبت هذا فالصحف أجسام فيرتفع الإشكال، ويقويه حديث البطاقة أخرجه الترمذي وحسنه (ح: 2639) والحاكم وصححه (1/ 6)، وفيه:"فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة"، انتهى.
والصحيح: أن الأعمال هي التي توزن، وقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما يوزن في الميزان أثقل من خلق حسن"، وفي حديث جابر رفعه:"توضع الموازين يوم القيامة فتوزن الحسنات والسيئات"، قال الطيبي: الحق عند أهل السُّنَّة أن الأعمال حينئذ تجسد أو تجعل في أجسام، كذا في "ف"(13/ 538 - 539).
(1)
بضم القاف وكسرها، في قوله تعالى:{وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الشعراء: 182]، "ك"(25/ 249).
بِالرُّومِيَّةِ
(1)
، وَيُقَالُ: الْقِسْط مَصْدَرُ
(2)
الْمُقْسِطِ
(3)
، وَهُوَ الْعَادِلُ، وَأَمَّا الْقَاسِطُ فَهُوَ الْجَائِرُ
(4)
(5)
.
7563 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ
(6)
قالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَن أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كَلِمَتَانِ
(7)
حَبِيبَتَانِ
===
(1)
فإن قلت: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] يمنع ذلك؟ قلت: هو من باب توافق الوضعين، "ك"(25/ 249).
(2)
أي: المحذوف الزوائد نظرًا إلى أصله، فهو مصدر مصدره؛ إذ لا خفاء أن المصدر الجاري على فعله هو الإقساط، "ك"(25/ 249).
(3)
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42]، "ك"(25/ 249).
(4)
قوله: (وأما القاسط فهو الجائر) فإن قلت: المزيد لا بد أن يكون من جنس المزيد فيه! قلت: إما أن يكون المقسط من القسط - بالكسر -، أو من القسط - بالفتح - الذي هو بمعنى الجور، والهمزة للسلب والإزالة، "ك"(25/ 249).
(5)
قال تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن: 15]، "ك"(25/ 249).
(6)
بكسر الهمزة وبفتحها وسكون المعجمة وبالكاف وبالموحدة غير منصرف، وقيل: هو منصرف، "ك"(25/ 249).
(7)
قوله: (كلمتان) أي: كلامان، تطلق الكلمة عليه كما يقال: كلمة الشهادة. و"الحبيبتان" المحبوبتان، يعني: بمعنى المفعول لا بمعنى الفاعل، والمراد محبوبية قائلها. ومحبة الله للعبد: إرادة إيصال الخير له والتكريم. فإن قلت: الفعيل بمعنى المفعول لا سيما إذا كان موصوفة مذكورًا معه
إِلى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ
(1)
عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ
(2)
: سُبْحَانَ
(3)
اللهِ
===
يستوي فيه المذكر والمؤنث فما وجه لحوق علامة التأنيث؟ قلت: التسوية بينهما جائزة لا واجبة، أو وجوبها في المفرد لا في المثنى، أو أنثها لمناسبة الخفيفة والثقيلة؛ لأنهما بمعنى الفاعلة لا المفعولة، أو هذه التاء هي لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية، وقد يقال: هي فيما لم يقع الفعل بعد تقول: خذ ذبيحتك للشاة التي لم تذبح، وإذا وقع عليها الفعل فهي ذبيح.
فإن قلت: لم خصص لفظ "الرحمن" من بين سائر الأسماء الحسنى؟ قلت: لأن المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله تعالى على عباده حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الكثير. وعليه فضيلة عظيمة للكلمتين تقدم في آخر "كتاب الدعوات"[ح: 6406] أن من قال: "سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر"، والمقصود من ذكر الخفة والثقل بيان قلة العمل وكثرة الثواب. فإن قلت: قد نهى صلى الله عليه وسلم عن السجع؟ قلت: ذلك فيما كان كسجع الكهان في كونه متكلفًا أو متضمنًا لباطل، "ك"(25/ 249 - 250).
(1)
قوله: (خفيفتان على اللسان) فيه إشارة إلى قلة كلامهما وأحرفهما ورشاقتهما. قال الطيبي: الخفة مستعارة للسهولة، وشبه سهولة جريانهما على اللسان بما خف على الحامل من بعض الأمتعة فلا يتعبه كالشيء الثقيل. وفيه إشارة إلى أن سائر التكاليف صعبة شاقة على النفس ثقيلة وهذه سهلة عليها مع أنها تثقل الميزان كثقل الشاق من التكاليف، "ف"(13/ 540 - 541).
(2)
قوله: (ثقيلتان في الميزان) هو موضع الترجمة؛ لأنه مطابق لقوله: "وإن أعمال بني آدم توزن"، "ف"(13/ 540).
(3)
قوله: (سبحان) مصدر لازم النصب بإضمار الفعل وهو علم للتسبيح. والعلم على نوعين: علم جنسي وعلم شخصي. ثم إنه تارة يكون
وَبِحَمْدِهِ
(1)
، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ". [راجع: 6406].
===
للعين والأخرى للمعنى، فهذا من العلم الجنسي الذي للمعنى. فإن قلت: لفظ سبحان واجب الإضافة فكيف الجمع بين الإضافة والعلمية؟ قلت: ينكر ثم يضاف. فإن قلت: ما معنى التسبيح؟ قلت: التنزيه يعني أنزه الله تنزيها مما لا يليق به تعالى، "ك"(25/ 250).
(1)
قوله: (وبحمده) قيل: الواو للحال، والتقدير: أسبح الله متلبسًا بحمدي له من أجل توفيقه. وقيل: عاطفة. والتقدير: أسبح الله وأتلبس بحمده. ويحتمل أن يكون الحمد مضافًا للفاعل، والمراد من الحمد لازمه، أو ما يوجب الحمد من التوفيق ونحوه. ويحتمل أن يكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم، والتقدير: وأثنى عليه بحمده، فيكون "سبحان الله" جملة مستقلة "وبحمده" جملة أخرى. وقال الخطابي: في حديث: "سبحانك اللَّهم ربنا وبحمدك" أي: بقوتك التي هي نعمة توجب علَيّ حمدك سبحتك لا بحولي وبقوتي، كأنه يريد أن ذلك مما أقيم فيه المسبب مقام السبب، "ف"(13/ 541).
فإن قلت: ما الحمد؟ قلت: له تعريفات، والمختار أنه هو الثناء على الجميل الاختياري على وجه التعظيم، "ك"(25/ 250).
قال الكرماني: صفات الله وجودية كالعلم والقدرة وهي صفات الإكرام، وعدمية كلا شريك له ولا مثل له، وهي صفات الجلال، "ف"(13/ 541)، اقتباسًا من قوله تعالى:" {ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} "، "ك"(25/ 250). فالتسبيح إشارة إلى صفات الجلال، والتحميد إشارة إلى صفات الإكرام، وترك التقييد يشعر بالتعميم، والمعنى أنزهه عن جميع النقائص وأحمده بجميع الكمالات. قال: والنظر الطبعي يقتضي تقديم التحلية على التخلية، فقدم التسبيح الدال على التخلي على التحميد الدال على التحلي، وقدّم لفظ الله لأنه اسم الذات المقدس الجامع لجميع الصفات والأسماء الحسنى، ووصفه بالعظيم لأنه الشامل لسلب ما لا يليق به؛ وإثبات ما يليق به إذ العظمة الكاملة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مستلزمة لعدم النظير والمثيل ونحو ذلك، وكذا العلم بجميع المعلومات والقدرة على جميع المقدورات ونحو ذلك.
وذكر التسبيح متلبسًا بالحمد ليعلم ثبوت الكمال له نفيًا وإثباتًا، وكرره تأكيدًا؛ ولأن الاعتناء بشأن التنزيه أكثر من جهة كثرة المخالفين، ولهذا جاء في القرآن بعبارات مختلفة نحو:"سبحان الله"، "وسبح" بلفظ الأمر "وسبح" بلفظ الماضي، "ويسبح" بلفظ المضارع؛ ولأن التنزيهات تدرك بالعقل بخلاف الكمالات فإنها تقصر عن إدراك حقائقها كما قال بعض المحققين: الحقائق الإلهية لا تعرف إلا بطريق السلب كما في العلم لا يدرك منه إلا أنه ليس بجاهل، وأما معرفة حقيقة علمه فلا سبيل إليه.
وقال شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني في كلامه على مناسبة أبواب "صحيح البخاري": لما كان أصل العصمة أولًا وآخرًا هو توحيد الله، فختم بكتاب التوحيد، وكان آخر الأمور التي يظهر بها المفلح من الخاسر ثقل الموازين وخفتها فجعله آخر تراجم الكتاب، فبدأ بحديث "الأعمال بالنيات" وذلك في الدنيا، وختم بأن الأعمال توزن يوم القيامة، وأشار إلى أنه إنما يثقل منها ما كان بالنية الخالصة لله تعالى، وفي الحديث الذي ذكره ترغيب وتخفيف وحثُّ على الذكر المذكور لمحبة الرحمن له والخفة بالنسبة إلى ما يتعلق بالعمل والثقل بالنسبة لإظهار الثواب، وجاء ترتيب هذا الحديث على أسلوب عظيم وهو أن حب الرب سابق وذكر العبد وخفة الذكر على لسانه تالٍ، ثم ساق ما فيها من الثواب العظيم النافع يوم القيامة، انتهى ملخصًا.
وقال الكرماني (25/ 251): فإن قلت: تقدم في أول "كتاب التوحيد" عند بيان ترتيب أبواب الكتاب أن الختم بمباحث كلام الله لأنه مدار الوحي، وبه تثبت الشرائع، ولهذا افتتح ببدء الوحي والانتهاء إلى ما منه الابتداء؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلت: نعم الختم بها، ولكن ذكر هذا الباب ليس مقصودًا بالذات بل هو لإرادة أن يكون آخر الكلام التسبيح والتحميد، كما أنه ذكر حديث الأعمال بالنيات في أول الكتاب لإرادة بيان إخلاصه فيه كذا قال، والذي يظهر أنه ختم كتابه بما دل على وزن الأعمال؛ لأنه آخر آثار التكليف؛ فإنه ليس بعد الوزن إلا الاستقرار في أحد الدارين إلا أن يريد الله إخراج من قضى بتعذيبه من الموحدين فيخرجون من النار بالشفاعة. قال: أشار أيضًا إلى أنه وضع كتابه قسطاسًا وميزانًا يرجع إليه، وأنه سهل على من يسره الله تعالى عليه.
وفيه إشعار بما كان عليه المؤلف في حالتيه أولًا وآخرًا.
تقبَّل الله تعالى منه وجزاه أفضل الجزاء، "ف"(13/ 541 - 542).
الحمد لله على ما وفق للإتمام، والصلاة على نبيه خير الأنام وأصحابه الكرام وآله العظام.
خاتمة الطبع
الحمد لله الذي مَنَّ علينا بجزيل النِعَم، والصلاة والسلام على نبيّه سيدِ العرب والعجم، المخصوص بكتاب نسخ شرائع من سبق وتقدّم، وبأُمّه هي أفضل الأُمم، وعلى آله وأصحابه مصابيح الظُّلم، أما بعد!
فيقول العبد الراجي رحمةَ ربه القوي الخادم للحديث النبوي أحمَد علي السهارنفوري: أنه قد استتبَّ بعون الملك الباري طبع "الصحيح الجامع" للحافظ الإمام شيخ الإسلام سيّد المحدّثين محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله بعد ما صرفْتُ بُرْهَةً من دهري، وظَمِئتُ نهاري، وسَهِرتُ لَيلِي في تصحيح مبانيه، وتوضيح معانيه، وتنقيح مطالبه، وتصريح مآربه، وتبيين أسماء الرجال بالحركات والأنساب، والكنى والألقاب، على حسب ما يقتضيه المقام، ويستدعيه المرام، ولم آل جُهْدًا في ترصيف ما لخَّصتُه من شروح هذا الكتاب، وتهذيب ما خلّصته مما يتعلق بارتباط السابق باللاحق وتطبيق الحديث على ترجمة الباب، فجاء بحمد الله سبحانه شرحًا وافيًا بحل دقائقه وتفصيل ما أُجمل من حقائقه، حاويًا لضبط ما استشكل من ألفاظه، كافيًا لتسهيل ما استصعب عند حُفّاظه، مُغنيًا عن المراجعة إلى الشروح المبسوطة لمن له أدنى مناسبةٍ بهذا الفن الشريف، وأقل ملائمة بهذا العلم المنيف.
ولست أقول: إنه لو أراد غيري شرحه بهذا النمط العجيب، لم يكن له إليه سبيل ولا له فيه نصيب، للاحتياج إلى كثرة التصفح والاطلاع ومراجعة الكتُب إلى حد لا يستطاع؛ لأن هذا ادعاء بلا نزاع وخلاف، وليس من دَيْدِنِ أهل الأنصاف، كيف وقد قال عزّ من قائل:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122].
ولمَّا لم يتيسر لي فرصة لبسط الكلام، حسب ما يتضح به المرام، لهجوم الأشغال المتعلقة بالمطبع وتعجيل الطلّاب الذين غاصوا في بحار درس الكتاب، وتأكيدها إلى الطبع وغيره من الأسباب، فأرجو من الناظرين فيه بناظرة الإنصاف أن يعذروني في العثرات، وَيمُنُّوا عليّ بتدارك الزلَّات بالحسنات، فإن الخطأ والنّسيان قلما يخلو منه الناس، أما سمعتَ قول القائل:
إن أول الناس أولُ ناسٍ
على أني معترف والصدق منجاة، بأن الباع قصير والبضاعة مُزجاة، فليقنَعِ الناظِرُ بقليلي، ولا يقوم عليّ بتجهيلي، وإنما أنا رجل مجهول، لم أزل أنزوي زاوية خمول، لا أريد الترفع على أقراني في المجالس، والتصدر من بين أمثالي في المدارس.
ثم لَمّا كان شَغَفِي بخدمة الحديث النبوي بما أوصاني بها مرشدي ومولائي ذو النفس القدسية، والصفات الملكية، والْمَحْتَدِ الطاهر، والمفخر الظاهر، المشهور بالفضل في الافاق، قدوة أهل الوفاق، مولانا الحاجّ محمّد إسحاق، تغمّده الله تعالى برحمته وأسكنه دارَ كرامته، فشرعتُ في طبع "صحيح مسلم" مع شرحه للنووي ودقني الله لإتمامه، وجعل حسن اختتامه كحسن اختتامه
(1)
، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وآخر دعْوانا
(1)
أي: صحيح البخاري مع الحاشية.
أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وأصحابه أجمعين.
صورة ما كتبه الفاضل الكامل المحقق المشهور الجامع بين المعقول والمنقول الحاوي للفروع والأصول، مولانا المولوي المفتي محمد صدر الدين
(1)
- شيَّد اللهُ تعالى به الدين ونفع به المسلمين - مرتجلًا:
الحمد لله ذي الطول والآلاء، وصلى الله على محمد خاتم الرسل والأنبياء وعلى آله وأصحابه الأتقياء، وبعدُ!
فيقول العبد المعتصم بحبل الله المتين، محمد صدر الدين شرح الله صدره بنور اليقين، إني رأيت هذا الكتابَ غبَّ ما طُبِعَ وعاد مطبوعا، وبعد ما صُنع وآض مصنوعا، فأَمْعَنْتُ فيه وكان إمعاني غايةً، وخضت فيه وكان خوضي نهايةً، فوجدتُه صريحا، وكاسمه صحيحًا، وألفيتُه جامعًا بلا ارتياب لما هو مذكورٌ في خاتمة الكتاب، وقد قرأه عليَّ كثير حيثما كان يُطبع، وعصْرَ ما كان يصنع، فلم أجِدْه إلا كزهرةٍ فوق ربوةٍ نديّة، أو كدَوحةٍ وسطَ روضةٍ طريّة، وللهِ دَرُّ من جدّ في تصحيحه، وأجَدّ في تنقيحه، وسعى غير مبال، وتجشم غير آل، عسى أن ينتفع به الصغير والكبير والقاصي والداني، وذلك مرجوٌّ ومأمول،
(1)
هو الشيخ العالم الكبير العلّامة المفتي صدر الدين بن لطف الله الكشميري ثم الدهلوي، أحد العلماء المشهورين في الهند، أخذ العلم عن الشيخ رفيع الدين بن الإمام ولي الله الدهلوي، واسثفاد من الشيخ الأجل عبد العزيز بن ولي الله أيضًا، وأسند الحديث عن الشيخ إسحاق بن أفضل العمري، وكان نادرة دهره في كل علم، لا سيما الفنون الأدبية، ولد سنة 1204 هـ، وتوفي سنة 1285 هـ، انظر:"الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام"(7/ 992) -.
والله يُعطي كلَّ مسئول، اللَّهم اجعل سعْيَ مُرَصِّفه مشكورًا وعمله مبرورًا وصنيعه مأجورًا
(1)
.
* * *
تمَّ بحمد الله وتوفيقه
المجلد الرابع عشر من "الجامع الصحيح" بحاشية السهارنفوري
وبذلك ينتهي الكتاب
ويتلوه إن شاء الله تعالى المجلد الخامس عشر
وهو يحتوي على الفهارس الفنية للكتاب
والحمد لله أولًا وآخرًا دائمًا وسرمدًا،
وصلَّى الله تعالى على خير خلقه سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وبارك وسلَّم تسليمًا كثيرًا كثيرًا
(1)
بحمد الله تعالى وتوفيقه قد فرغت من خدمة هذا الكتاب الجليل يوم الجمعة بعد العصر 9/ جمادى الأولى 1431 هـ، الموافق 23/ إبريل 2010 م.
اللهمّ تقبله منّا كما تقبّلت من عبادك المقرّبين الصَّالحين، واجعله خالصًا لوجهك الكريم، واغفر لنا ما وقع منّا من الخطإ والزلل، وما لا ترضى به من العمل فإنك غفور رحيم.
تقيّ الدّين النّدوي المُظاهِري
عفا الله عنه
مدينة "العين" إمارة أبو ظبي
دولة الإمارات العربية المتحدة