المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌[38 - كِتَابُ الْحَوَالةِ] ‌ ‌1 - بَابٌ (1) - صحيح البخاري - بحاشية السهارنفوري - ت الندوي - جـ ٥

[أحمد علي السهارنفوري - البخاري]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

[38 - كِتَابُ الْحَوَالةِ]

‌1 - بَابٌ

(1)

فِي الْحَوَالَةِ

(2)

، وَهَلْ يَرْجِعُ فِي الْحَوَالَةِ

(3)

؟

وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ

(4)

: إِذَا كَانَ يَوْمَ أَحَالَ عَلَيْهِ مَلِيًّا

(5)

جَازَ

(6)

(7)

.

"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} " في سفـ: " {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، كِتَابُ الْحَوالَةِ"، وفي نـ:" {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، الْحَوالات"، وذكر القسطلاني في سـ، ذ:"كِتَابُ الْحَوالاتِ، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ".

===

(1)

بالتنوين.

(2)

كذا للأكثر، وزاد النسفي والمستملي بعد البسملة:"كتاب الحوالة"، "ف"(4/ 464).

(3)

أم لا؟ وإنما لم يجزم بالحكم؛ لأن فيه خلافًا، "ع"(8/ 645).

(4)

"قال الحسن" البصري، "وقتادة"، مما وصله ابن أبي شيبة [رقم: 21116].

(5)

غنيًّا.

(6)

هذا التعليق وصله ابن أبي شيبة من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة والحسن: أنهما سئلا عن رجل احتال على رجل فأفلس، قالا: إذا كان مليًّا يوم احتال عليه فليس له أن يرجع، "ع"(8/ 645).

(7)

قوله: (إذا كان يومَ أحال عليه مَلِيًّا جاز) إذا كان المُحال عليه يوم أحال المحيل عليه مليًّا يعني غنيًّا جاز، يعني جاز هذا الفعل وهو الحوالة، أي جاز بلا رجوع، ومفهومه أنه إذا كان مفلسًا فله أن يرجع، وذهب الجمهور إلى عدم الرجوع مطلقًا، وقال أبو حنيفة: يرجع صاحب الدَّين على المحيل إذا مات المُحال عليه مفلسًا، أو حكم بإفلاسه، أو جحد الحوالة

ص: 5

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

(1)

: يَتَخَارَجُ الشَّرِيكَانِ

(2)

وَأَهْلُ الْمِيرَاثِ، فَيَأْخُذُ هَذَا عَيْنًا وَهَذَا دَيْنًا، فَإِنْ تَوِيَ

(3)

لأحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ.

2287 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ

(4)

، أَنَا مَالِكٌ

(5)

، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ

(6)

، عَنِ الأَعْرَجِ

(7)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:

===

ولم يكن له بيِّنة، وبه قال شريح وعثمان البتِّي والشعبي والنخعي وأبو يوسف ومُحمد وآخرون، وقال الحكم: لا يرجع ما دام حيًّا حتى يموت ولا يترك شيئًا، فإن الرجل يوسر مرّة ويعسر أخرى، وقال الشافعي وأحمد والليث وأبو ثور: لا يرجع عليه وإن توي، وسواء غرَّه بالفلس أو طول عليه أو أنكره، وقال مالك: لا يرجع على الذي أحاله إلا أن يغره بفلس، "ع"(8/ 645)، "ف"(4/ 464).

(1)

"قال ابن عباس" مما وصله ابن أبي شيبة [7/ 349، رقم: 3424] بمعناه.

(2)

قوله: (يتخارج الشريكان) أي يخرج هذا الشريك مما وقع في نصيب صاحبه، وذلك الآخر كذلك، أراد أن ذلك في القسمة بالتراضي بغير قرعة مع استواء الدين وإقرار من عليه وحضوره فأخذ أحدهما عينًا والآخر دينًا، ثم إذا توي الدين -أي إذا هلك- لم تنقض القسمة، لأنه رضي بالدين عوضًا فتوي في ضمانه، فالبخاري أدخل قسمة الديون والعين في الترجمة، وقاس الحوالة عليه، وكذلك الحكم بين الورثة أشار إليه بقوله:"وأهل الميراث"، "ع"(8/ 646).

(3)

أي: هلك، من علِم يعلَم.

(4)

"عبد الله بن يوسف" هو التنيسي.

(5)

"مالك" الإمام المدني.

(6)

"أبي الزناد" هو عبد الله بن ذكوان.

(7)

"الأعرج" عبد الرحمن بن هُرمز.

ص: 6

"مَطْلُ الْغَنِّي

(1)

ظُلْمٌ، فَإِذَا أُتْبعَ

(2)

أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتَّبَعْ". [طرفاه: 2288، 2400، أخرجه: م 1564، د 3345، س 4691، تحفة: 13803].

‌2 - بَابٌ

(3)

إِذَا أَحَالَ عَلَى مَلِيٍّ

(4)

فَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ

وَمَنْ أُتْبعَ عَلى مَلِيٍّ فَلْيَتَّبَعْ، مَعنَاهُ: إِذَا كَانَ لأحدٍ عَلَيكَ شَيءٌ فأَحَلْتهُ عَلَى رَجُلٍ مَلِيٍّ فَضمن ذلك منكَ، فإِنْ أَفلست بعد ذَلكَ فَلَهُ أَنْ يَتَّبعَ صَاحِبَ الحَوَالَةِ، فَيَأخُذُ عَنْهُ.

2288 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

(5)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(6)

،

"بَابٌ إذَا أَحَالَ" في نـ: "بَابٌ إنْ أَحَالَ". [هذا الباب وحديثه ثابت في نسخة الفربري لا غير. وقوله: "وَمَنْ أُتْبِعَ عَلى مَلِيٍّ

" إلخ، ثبت في الصغاني فقط.

===

(1)

قوله: (مطل الغني) المطل المدافعة والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر، "فتح"(4/ 465).

(2)

قوله: (فإذا أتبع) بضم الهمزة وسكون الفوقية مبنيًّا لما لم يُسَمَّ فاعله عند الجميع، قوله:"فَلْيَتْبع" بالتخفيف، من تَبِعْت الرجل بحقي: إذا طلبته، وقيل:"فليتَّبع" بالتشديد، والأول أجود عند الأكثر، ومعناه: إذا أحيل فليحتَلْ، "ع"(8/ 647).

(3)

بالتنوين، "قس"(5/ 285).

(4)

كغنيٍّ، وزنًا ومعنًا، "ك"(10/ 117)[في "الفتح" (4/ 465) فاقتضى أنه بغير همز، فقد قال الخطابي: إنه في الأصل بالهمز، ومن رواه بتركها فقد سهله].

(5)

أبو أحمد البخاري البيكندي، "ع"(8/ 648).

(6)

وهو: الثوري، "ف"(4/ 467).

ص: 7

عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ

(1)

، عَنِ الأَعْرَجِ

(2)

، عَنْ أَبِيِ هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُتْبعَ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ". [راجع: 2287، أخرجه: ت 1308، تحفة 13662].

‌3 - بَابٌ

(3)

إِذَا أَحَالَ دَيْنَ الْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ جَازَ

(4)

2289 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(5)

، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ

(6)

، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَع

(7)

قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ:"هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ " فَقَالُوا: لَا،

"بَابٌ إذَا أَحَالَ" في نـ: "بَابُ مَنْ أَحَالَ". "جَازَ" زاد في ذ: "وَإذَا أَحَالَ عَلَى مَلِيٍّ فَلَيسَ لَهُ رَدٌّ".

===

(1)

" ابن ذكوان" هو عبد الله القرشي.

(2)

"الأعرج" تقدم الآن.

(3)

بالتنوين، "قس"(5/ 286).

(4)

قوله: (إذا أحال دين الميت على رجل جاز) أي هذا الفعل، قال ابن بطال: إنما ترجم بالحوالة فقال: إن أحال دين الميت، ثم أدخل حديث سلمة وهو في الضمان، لأن الحوالة والضمان متقاربان، وإليه ذهب أبو ثور، "ف"(4/ 467)، "ع"(8/ 649).

(5)

"المكي بن إبراهيم" ابن بشير بن فرقد البلخي. [هذا الحديث هو السابع من ثلاثيات البخاري].

(6)

مولى سلمة بن الأكوع، "ع"(8/ 649).

(7)

لَقَبُ سنان، "قاموس" (ص: 702). واسم الأكوع سنان بن عبد الله، "ع"(8/ 649).

ص: 8

قَالَ: "فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ " قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ:"هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ " قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ:"هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ " قَالُوا: ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ:"هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ " قَالُوا: لَا، قَالَ:"فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ " قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ:"صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ". قَالَ أَبُو قَتَادَةَ

(1)

: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ الله، وَعَلَىَّ دَيْنُهُ، فَصلَّى عَلَيْهِ. [طرفه: 2295، أخرجه: م 1961، تحفة 4547].

"هَلْ تَرَكَ شَيئًا" في نـ: "فَهَلْ تَرَكَ شَيئًا".

===

(1)

" قال أبو قتادة" هو الحارث بن ربعي الأنصاري.

* * *

ص: 9

بسم الله الرحمن الرحيم

‌39 - كِتَابُ الْكَفَالَةِ

‌1 - بَابُ الْكَفَالَةِ

(1)

فِي الْقَرْضِ وَالدُّيُونِ

(2)

بِالأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا

2290 -

وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ

(3)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ

(4)

: أَنَّ عُمَرَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا

(5)

، فَوَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ

(6)

مِنَ الرَّجُلِ كُفَلاءَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، وَكَانَ

"كُفَلاءَ" كذا في ذ، وفي نـ:"كَفِيلًا".

===

(1)

وهي لغةً: الضمُّ، وشرعًا: ضمّ ذمّة الكفيل إلى ذمّة الأصيل مطلقًا بنفس أو بدَينٍ أو بعينٍ كمغصوب ونحوه، "الدر المختار"(7/ 552).

(2)

قوله: (في القرض والديون) أي ديون المعاملات، وهو من باب عطف العامِّ على الخاصِّ، وقوله:"بالأبدان" يتعلق بالكفالة، قوله:"وغيرِها" أي: وغير الأبدان، وهي الكفالة بالأموال، كذا قاله العيني في "عمدة القاري"(8/ 652).

(3)

"قال أبو الزناد" هو عبد الله بن ذكوان، هذا مختصر من قصة أخرجها الطحاوي ["شرح معاني الآثار" (3/ 147، رقم: 4876)].

(4)

حمزة.

(5)

بلفظ الفاعل من التصديق، أي: آخذًا للصدقة عاملًا عليها، "ك"(10/ 119).

(6)

"فأخذ حمزة" هو ابن عمرو، صحابي، وقد فعله ولم ينكر عليه مع كثرة الصحابة.

ص: 11

عُمَرُ قَدْ جَلَدَهُ مِائَةً، فَصَدَّقَهُمْ

(1)

، وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ. وَقَالَ جَرِيرٌ

(2)

"قَدْ جَلَدَهُ مِائَةً" في نـ: "قَدْ جَلَدَهُ مِائَةَ جَلدَةٍ".

===

(1)

قوله: (فصدّقهم) بالتشديد في الفرع وغيره من الأصول المعتمدة، أي: صدّق القائلين بما قالوا، وفي بعض الأصول "فصدقهم" بالتخفيف، أي: صدق الرجل القوم واعترف بما وقع منه، لكن اعتذر بأنه لم يكن عالمًا بحرمة وطء جارية امرأته، أو بأنها جاريتها لأنها التَبَسَتْ أو اشتبهت بجارية نفسه أو بزوجته، ولعل اجتهاد عمر رضي الله عنه اقتضى أن يجلد الجاهلَ بالحرمة، وإلا فالواجب الرجم، فإذا سقط بالعذر لم يجلد، واستنبط من هذه القضية مشروعية الكفالة بالأبدان، فإن حمزة صحابيٌّ وقد فعله، ولم ينكره عليه عمر رضي الله عنه مع كثرة الصحابة حينئذ، قاله القسطلاني (5/ 289).

قال العيني (8/ 653): وإنما جلد عمر للرجل مائة تعزيرًا، وكان ذلك بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن التين: فيه شاهد لمذهب مالك في مجاوزة الإمام في التعزير قدر الحدِّ، ورُدَّ عليه بأنه فعلُ صحابيٍّ عارضه مرفوع صحيح فلا حجة فيه.

قلت: هذا الباب فيه خلاف بين العلماء، فمذهب مالك وأبي ثور وأبي يوسف في قول، والطحاوي: أن التعزير ليس له مقدار محدود، ويجوز للإمام أن يبلغ به ما رآه، وأن يجاوز به الحدود، وأجابوا عن قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يُجْلَد فوق عشر جلدات إلا في حدٍّ من حدود الله" بأنه في حقِّ من يرتدع بالردع، ويؤثِّر فيه أدنى الزجر كأشراف الناس، وأما السَّفَلة وأسقاط الناس فلا يؤثِّر فيهم عشرُ جلدات ولا عشرون، فيعزِّرهم الإمام بحسب ما يراه، كذا في "العيني"، وفيه أقوال أُخَرُ ذكرها العيني أيضًا.

وفي "الهداية"(1/ 360): التعزير أكثره تسعة وثلاثون سوطًا، وأقلُّه ثلاث جلدات، وقال أبو يوسف: يبلغ التعزير خمسة وسبعين سوطًا، انتهى.

(2)

ابن عبد الله.

ص: 12

وَالأَشْعَثُ

(1)

لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُرْتَدِّينَ

(2)

: اسْتَتِبْهُمْ، وَكَفِّلْهُمْ

(3)

، فَتَابُوا

(4)

وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرُهُمْ، وَقَالَ حَمَّادٌ

(5)

: إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

(6)

. وَقَالَ الْحَكَمُ

(7)

: يَضْمَنُ

(8)

. [تحفة: 10435].

2291 -

وَقَالَ اللَّيْثُ

(9)

: ثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ

(10)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"فَتَابُوا" في صـ، قا:"فَآبَوا". "وَقَالَ اللَّيْثُ" في نـ: "قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّيْثُ".

===

(1)

ابن قيس الكندي.

(2)

كانوا مائة وسبعين رجلًا، "ع"(8/ 654).

(3)

قوله: (وَكَفِّلْهم) معنى التكفيل هنا الضبط والتعَهُّدُ حتى لا يرجعوا إلى الارتداد، لا أنه كفالة لازمة، كذا في "العيني"(8/ 654)، وفي الحديث قصّة. [أخرجها البيهقي بطولها في "السنن الكبرى" (6/ 77)].

(4)

قوله: (فتابوا) من التوبة، كذا في الأكثر، ووقع في رواية الأصيلي والقابسي "فأبوا" بغير مثناة قبل الألف، قال عياض [في "المشارق" (1/ 28)]: وهو وهم مفسد للمعنى، قلت: والذي يظهر لي أنه "فآبوا" بهمزة ممدودة وهي بمعنى فرجعوا، فلا يفسد المعنى، "فتح الباري"(4/ 470).

(5)

ابن أبي سليمان.

(6)

وبه قال الحنفية، كذا في "الدر"(7/ 567).

(7)

ابن عتيبة.

(8)

أي: يضمن الحق الذي على المطلوب، "ع"(8/ 654).

(9)

"وقال الليث" هو ابن سعد الإمام.

(10)

"جعفر بن ربيعة" ابن شرحبيل بن حسنة القرشي المصري.

ص: 13

"أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ

(1)

أَنْ يُسْلِفَهُ

(2)

أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فَقَالَ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، قَالَ: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، قَالَ: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْر، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ

(3)

مَرْكَبًا

(4)

يَرْكَبُهَا، يَقْدَمُ عَلَيهِ لِلأَجَلِ الًّذِي أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً، فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا

(5)

، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ

(6)

فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلًا، فَقُلْتُ:

"فَأَدْخَلَ فِيهَا" في هـ: "فَأَدْخَلَ فِيهِ". "صَحِيفَةً مِنْهُ" في قتـ: "صَحِيفَةً فِيهِ". "أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ" في نـ: "أَنِّي تَسَلَّفْتُ".

===

(1)

وفي حديث عبد الله بن عمرو بإسناد فيه مجهول: أن الذي أقرض هو النجاشي، فيكون نسبته إلى بني إسرائيل بطريق الاتباع لا أنه من نسلهم، "ف"(4/ 471).

(2)

أي: يقرضه.

(3)

طلب.

(4)

أي: سفينة.

(5)

قوله: (ثم زَجَّج موضِعَها) أي سَوّى موضع النقر، من زَجَّجَ حاجبه: حذف زوائد شعره، أو من الزُجّ وهو النّصل، وهو أن يكون النقر في طرف الخشبة، فشدّ عليه زُجًّا ليمسكه ويحفظ ما فيه، وقال عياض: معناه سمَّرها بمسامير كالزجِّ، أو حشا شقوق لصاقها بشيء ورقعه بالزُجّ، قال ابن التين: معناه أصلح موضع النقر، "فتح الباري"(4/ 471).

(6)

أي: اقترضت، "ع"(6/ 560).

ص: 14

كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا، فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَإِنِّي جَهَدْتُ

(1)

أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا، أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي اسْتَوْدَعْتُكَهَا. فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ

(2)

فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَهُوَ

(3)

فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ

(4)

مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا جَاءَ بِمَالِهِ، فَإذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا

(5)

وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ

(6)

، فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ

(7)

،

"فَرَضِيَ بِكَ" في هـ، ذ:"فَرَضِيَ بِذَلِكَ" في الموضعين. "اسْتَوْدَعْتُكَهَا" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"أَسْتَوْدِعُكَهَا". "جَاءَ بِمَالِه" في نـ: "قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ".

===

(1)

بفتح الجيم والهاء، "ع"(8/ 656)، أي: تحملتُ المشقة.

(2)

من الولوج: الدخول، "ع"(8/ 656).

(3)

الواو للحال، "ع"(8/ 656).

(4)

أي: يطلب.

(5)

قطعها.

(6)

قوله: (ثم قَدِم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار) وفي رواية أبي سلمة: "ثم قدم بعد ذلك فأتاه ربُّ المال، فقال: يا فلان! مالي قد طالت النظرة، فقال: أما مالُك فقد دفعته إلى وكيلي، وأما أنت فهذا مالُك"، وفي حديث عبد الله بن عمرو أنه قال له:"هذه ألفك، فقال النجاشي: لا أقبلها منك حتى تخبرني ما صنعت، فأخبره، فقال: لقد أدّى الله عنك"، "فتح الباري"(4/ 471).

(7)

هو جائز على رأي الكوفيين، "ك"(10/ 121)، "ع"(8/ 656).

ص: 15

وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ، قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ شَيئًا؟ قَالَ: أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ بِهِ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ دِينَارٍ رَاشِدًا

(1)

". [راجع: 1498].

2 -

بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: {وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ

(2)

فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33]

2292 -

حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ

(3)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(4)

، عَنْ إِدْرِيسَ

(5)

، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ

(6)

،

"وَقَالَ: وَاللَّهِ" كذا في قتـ، وفي نـ:"فَقَالَ: وَاللَّهِ". "إلَيَّ شَيئًا" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"إِلَيَّ بِشَيءٍ". "جِئْتُ بهِ" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"جِئْتُ فِيهِ". "عَنْكَ الَّذِي" في سـ، حـ:"عَنْكَ الَّتِي".

===

(1)

حال من فاعل "انصرف"، "ك"(10/ 121)،) "ع"(8/ 656).

(2)

قوله: ({وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}) المقصود منها الإشارة إلى أن الكفالة التزام مال بغير عوض تطوعًا، فيلزم كما لزم استحقاق الميراث بالحلف الذي [عقد] على وجه التطوع، قوله:"عاقدت" من المعاقدة مفاعلة، مِنْ عَقَدَ الحلفَ، وقُرئ: عقدت، وهو حلف الجاهلية كانوا يتوارثون به، ونسخ بآية المواريث، "ع"(8/ 657)، "ف"(4/ 472).

(3)

"الصلت بن محمد" ابن عبد الرحمن الخاركي -بخاء معجمة- البصري.

(4)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة القرشي مولاهم.

(5)

"إدريس" ابن يزيد بن عبد الرحمن الأودي.

(6)

"طلحة بن مصرف" اليامي الكوفي.

ص: 16

عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

(1)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قَالَ: وَرَثَةً

(2)

، {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَرِثُ الْمُهَاجِرُ الأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ

(3)

لِلأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ:{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نُسِخَتْ، ثُمَّ قَالَ:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] إِلَّا النَّصْرَ

(4)

وَالرِّفَادَةَ وَالنَّصيحَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ

(5)

وَيُوصَى لَهُ

(6)

. [طرفاه: 4580، 6747، أخرجه: د 2922، س في الكبرى 6417، تحفة: 5523].

"كَانَ الْمُهَاجِرُونَ" في نـ: "قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ". "عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" ثبت في ذ. "يَرِثُ الْمُهَاجِرُ" في هـ، ذ:"وَرَثَ الْمُهَاجِرُ".

===

(1)

" سعيد بن جبير" الأسدي مولاهم.

(2)

كذا فسّرها جماعة من التابعين.

(3)

قوله: (دون ذوي رحمه) أي ذوي أقربائه، "عمدة القاري"(8/ 658).

(4)

قوله: (إلا النصر) مستثنى من الأحكام المقررَّة في الآية المنسوخة، أي: تلك الآية نسخت حكم نصيب الإرث إلا النصر، "والرِّفادة" بكسر الراء: المعاونة، والرفادة أيضًا شيء كان يترافد به قريش في الجاهلية يخرج مالًا يُشترى به للحاجِّ طعام وزبيب للنبيذ، أو هو استثناء منقطع، أي: لكن النصر ونحوه باقٍ وثابت، قال شارح "التراجم": وجه الدلالة على الكفالة أنها عقد ملتزم فيجب الوفاء به، كما يجب الوفاء في عقد الأخوة، فشبه الالتزام بالالتزام في الوفاء به، "ك"(10/ 122).

(5)

من المتعاقدين، "ع"(8/ 659).

(6)

أي: للمتعاقد.

ص: 17

2293 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ

(1)

، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ

(2)

، عَنْ حُمَيْدٍ

(3)

، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. [راجع: 2049، أخرجه: س في الكبرى 8322، تحفة: 576].

2294 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ

(4)

، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ

(5)

، ثَنَا عَاصِمٌ

(6)

قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا حِلْفَ فِي الإِسْلَامِ

(7)

؟ " فَقَالَ: قَدْ حَالَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ قُرَيْشٍ

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ". "ابنِ مَالِكٍ" ثبت في ذ.

===

(1)

" قتيبة" هو ابن سعيد الثقفي.

(2)

"إسماعيل بن جعفر" الأنصاري الزُّرَقي.

(3)

"حُميد" هو ابن أبي حميد الطويل.

(4)

"محمد بن الصباح" الدولابي البغدادي.

(5)

"إسماعيل بن زكريا" الخلقاني الكوفي.

(6)

"عاصم" هو ابن سليمان الأحول.

(7)

قوله: (لا حلف في الإسلام) بكسر الحاء المهملة وسكون اللام، وهو العهد يكون بين القوم، أي لا تعاهد على فعل شيء كانوا في الجاهلية يتعاهدون، وأما المحالفة في حديث أنس فهي الإخاء، قاله ابن التين، ذكره العيني (8/ 659)، أي: الحلف على الفتن والقتال بين القبائل والغارات، فذلك منهي عنه بالحديث، وما كان فيها على نصرة المظلوم وصلة الأرحام ونحو ذلك فورد فيه:"وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"[أخرجه مسلم (ح: 2530) وأبو داود (ح: 2925)]، كذا في "المجمع"(1/ 539).

ص: 18

وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي. [طرفاه: 6083، 7340، أخرجه: م 2529، د 2926، تحفة: 930].

‌3 - بَابُ مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ

(1)

وَبِهِ

(2)

قَالَ الْحَسَنُ

(3)

.

2295 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ

(4)

، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبي عُبَيْدٍ

(5)

، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ

(6)

: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِجَنَازَةٍ، لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَالَ:"هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ " قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ:"هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:"فَصَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ". قَالَ أَبُو قَتَادَةَ

(7)

: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ. [راجع: 2289].

"فَصَلُّوا" كذا في ذ، وفي نـ:"صَلُّوا".

===

(1)

قوله: (فليس له أن يرجع) أي عن الكفالة بل هي لازمة، وقد استقرّ الحق في ذمته، ويحتمل أن يريد: فليس له أن يرجع في التركة بالقدر الذي تكفّل، ثم أورد فيه حديث سلمة بن الأكوع، ووجه الأخذ منه أنه لو كان لأبي قتادة أن يرجع، لَمَا صلى النبي صلى الله عليه وسلم على المديون حتى يوفي أبو قتادة لاحتمال أن يرجع، فيكون [قد] صلى على مديون دينه باقٍ عليه، "ف"(4/ 474).

(2)

أي: بعدم الرجوع.

(3)

البصري.

(4)

"أبو عاصم" الضحاك بن مخلد النبيل البصري. [هذا الحديث الثامن من ثلاثيات البخاري].

(5)

"يزيد بن أبي عبيد" مولى سلمة بن الأكوع.

(6)

"سلمة بن الأكوع" هو ابن عمرو بن الأكوع.

(7)

هو: الحارث بن ربعي الأنصاري، "قس"(5/ 296).

ص: 19

2296 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(1)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(2)

، ثَنَا عَمْرٌو

(3)

، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ

(4)

، عَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(5)

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ

(6)

، قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا

(7)

"، فَلَمْ يَجِئْ

===

(1)

" علي بن عبد الله" المديني.

(2)

ابن عيينة، "قس"(5/ 297).

(3)

"عمرو" هو ابن دينار المكي.

(4)

"محمد بن علي" ابن الحسين بن علي بن أبي طالب.

(5)

"جابر بن عبد الله" الأنصاري.

(6)

قوله: (مال البحرين) المراد به مال الجزية، والبحرين: موضع بين البصرة وعمان، وكان العامل عليها من جهته صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي، "ع"(8/ 661).

(7)

قوله: (قد أعطيتك هكذا وهكذا) في الطريق التي في "الشهادات"(ح: 2683): "هكذا وهكذا وهكذا، فبسط يديه، ثلاث مرات"، وبهذا تظهر مناسبة قوله في آخر حديث الباب:"فعددتها فإذا هي خمس مائة وقال: خذ مثليها"، ووجه دخوله في الترجمة أن أبا بكر لما قام مقام النبي صلى الله عليه وسلم تكفَّل بما كان عليه من واجب أو تطوع، فلما التزم ذلك لزمه أن يوفي جميع ما عليه من دين أو عِدَةٍ، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الوفاء بالوعد فنفَّذ أبو بكر ذلك، قاله في "الفتح"(4/ 475).

قال العيني (8/ 662): جمهور العلماء -منهم أبو حنيفة والشافعي وأحمد- على أنّ إنجاز العِدَة مستحبّ، وأوجبه الحسن وبعض المالكية، وقد استدلّ بعض الشافعية بهذا الحديث على وجوب الوفاء بالوعد في حق النبي صلى الله عليه وسلم، لأنهم زعموا أنه من خصائصه، ولا دلالة فيه أصلًا، لا على الوجوب ولا على الخصوصية، انتهى.

ص: 20

مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ

(1)

فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لِي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لِي حَثْيَةً

(2)

فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ: خُذْ مِثْلَيْهَا

(3)

. [أطرافه: 2598، 2683، 3137، 3164، 4383، أ خرجه: م 214، تحفة: 2640، 2541].

===

(1)

الصديق.

(2)

قوله: (فحثى لي حثية) بفتح الحاء المهملة، والحثية: ملءُ الكف، وقال ابن قتيبة: هي الحفنة

(1)

، وقال ابن فارس: هي ملء الكفين، والفاء في "فحثى" عطف على محذوف، تقديره: خذ هكذا، وأشار بيديه، وفي الواقع هو تفسير لقوله: خذ هكذا، قاله العيني (8/ 661).

قال صاحب "الفتح"(4/ 475): فيه قبول خبر الواحد العدل من الصحابة ولو جَرّ ذلك نفعًا لنفسه، لأن أبا بكر لم يلتمس من جابر شاهدًا على صحة دعواه، ويحتمل أن يكون أبو بكر علم بذلك فقضى له بعلمه، فَيُسْتَدَلّ به على جواز مثل ذلك للحاكم، انتهى.

قال الكرماني (10/ 125): أما تصديق أبي بكر رضي الله عنه جابرًا في دعواه فلقوله صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليّ متعمِّدًا فليتبوأ مقعده من النار" فهو وعيد، ولا يظنّ بأن مثله يَقْدَم عليه، انتهى.

قال العيني (8/ 662): فلو وقعت هذه المسألة اليوم فلا يُقْبَل إلا ببيِّنة.

(3)

قوله: (خذ مثليها) أي حثَى له أبو بكر حثية، فجاء خمس مائة، ثم قال: خذ مثليها ليصير ثلاث مرات، فصار الجملة ألفًا وخمس مائة، كذا في "عمدة القاري"(8/ 661).

(1)

في الأصل: "الخفة".

ص: 21

‌4 - بَابُ جُوَارِ

(1)

أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي عَهْدِ

(2)

النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَقْدِهِ

(3)

2297 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(4)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(5)

، عَنْ عُقَيْلٍ

(6)

، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ

(7)

: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

(8)

: أَنَّ عَائِشَةَ

(9)

زَوْجَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ. قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّه: وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ

(10)

(11)

:

"الصِّدِّيقِ" سقط في نـ. "زَوْجَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم" سقط في نـ. "قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ" سقط في نـ. "وقَالَ أبُو صَالِح -إلَى- يَدِينَانِ الدِّينَ" ثبت لغير أبي ذر. "وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: ثَنِي عَبْدُ اللَّهِ" في كن: "وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ سَلَمُويَه: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ الْمُبَارَكِ".

===

(1)

بكسر الجيم وتضم، والمراد به الذمام والأمان، "ف"(4/ 476).

(2)

أي: في زمنه، "ع"(8/ 662).

(3)

أي: عقد أبي بكر رضي الله عنه، "ع"(8/ 662).

(4)

"يحيى بن بكير" نسبه لجده لشهرته به، وأبوه عبد الله المخزومي.

(5)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(6)

"عُقيل" هو ابن خالد الأيلي.

(7)

"ابن شهاب" محمد بن مسلم.

(8)

"عروة بن الزبير" ابن العوّام.

(9)

"عائشة" بنت أبي بكر الصديق أم المؤمنين رضي الله عنهما، "أبويّ" أي: أبا بكر وأم رومان.

(10)

"وقال أبو صالح" هو سليمان بن صالح المروزي، قال الحافظ ابن حجر: وهذا التعليق قد سقط من رواية أبي ذر، وساق الحديث عن عقيل وحده، "قس"(5/ 299).

(11)

قوله: (أبو صالح) اتفق أبو نعيم والأصيلي والجياني وغيرهم أنه

ص: 22

ثَنِي عَبْدُ اللَّهِ

(1)

، عَنْ يُونُسَ

(2)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(3)

، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

(4)

أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ

(5)

قَطُّ، إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَي النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ

(6)

خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغُمَادِ

(7)

"أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ".

===

سليمان بن صالح المروزي، ولقبه سلمويه، وشيخه "عبد الله" هو ابن المبارك، وبذلك جزم الأصيلي، وجزم الإسماعيلي بأنه أبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، وشيخه عبد الله هو ابن الوهب، وزعم الدمياطي أنه أبو صالح محبوب بن موسى، والمعتمد هو الأول، "فتح"(4/ 477).

(1)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(2)

"يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

(3)

"الزهري" هو محمد بن مسلم بن شهاب.

(4)

"عروة بن الزبير" رضي الله عنه تقدم الآن.

(5)

قوله: (لم أَعْقِلْ أَبَوَيَّ

) إلخ، أي لم أعرف، يعني ما وجدتهما منذ عقلتُ إلا مُتَدَيِّنَيْنِ بدين الإسلام، "وهما يدينان الدين" أي: يطيعان الله، وذلك أن مولدها بعد البعث بسنتين، وقيل: بخمس، وقيل: بسبع، ولا وجه له لإجماعهم أنها كانت حين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم بنت ثمان، "عيني"(8/ 664).

(6)

أي: بإيذاء المشركين، "ك"(10/ 126).

(7)

قوله: (برك الغماد) بفتح الباء لأكثرهم وتُكْسَر وسكون الراء، والغماد بضم الغين وكسرها وخفّة الميم، قال صاحب "القاموس" (ص: 289): هي موضع باليمن أو وراء مكة بخمس ليال، أو أقصى معمور الأرض.

ص: 23

لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ

(1)

-وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ

(2)

- فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي

(3)

، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ

(4)

، وَأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، فَإِنَّكَ

"وَأَعْبُدَ رَبِّي" كذا في ذ، وفي نـ:"فَأَعْبُدَ رَبِّي".

===

(1)

قوله: (ابن الدَّغِنَة) قال الغساني: بفتح المهملة وكسر المعجمة وبخفّة النون، على مثال الكَلِمَة، ويقال: بضم الدال والغين وتشديد النون، وبالوجهين روينا في "الجامع الصحيح"، ويقال: بفتح الدال وسكون الغين، قال ابن إسحاق: اسمه ربيعة بن رُفيع، وأما الدغنة فهو اسم أمه، ومعناه لغةً: الغيم الممطِر، "ك"(10/ 126)، "ع"(8/ 665)، وقال القسطلاني (5/ 300): قال مغلطاي: اسمه مالك، وَوَهِمَ من زعم أنه ربيعة، قال في "القاموس" (ص: 1102): الدغنة كحُزُقَّةٍ: أم ربيعة بن رُفيع الذي أجار أبا بكر رضي الله عنه، أو هي كَكَلِمَةٍ، أو كحُزْمَةٍ، والصحيح الأول، والمحدِّثون يَلحنونَ.

(2)

بالقاف وخفة الراء: قبيلة موصوفة بجودة الرمي، "ك"(10/ 126)، "ع"(8/ 665).

(3)

أي: تسببوا في [إخراجي]، "قس"(5/ 300).

(4)

قوله: (أن أسيح في الأرض) بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وبعد التحتية حاء مهملة، أي: أسير في الأرض، فإن قلت: حقيقة السياحة أن لا يقصد موضعًا بعينه، ومعلوم أنه قصد التوجه إلى أرض الحبشة؟ أجيب بأنه عَمَّى عن ابن الدغنة جهة مقصده لكونه كافرًا، ومن المعلوم أنه لا يصل إليها من الطريق التي قصدها حتى يسير في الأرض وحده زمانًا، فيكون سائحًا، "قس"(5/ 300).

ص: 24

تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ

(1)

، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ

(2)

، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ ببِلَادِكَ، فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ فِي أَشْرَافِ

(3)

كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ، وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ؟ فَأَنْفَذَتْ

(4)

قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ وَآمَنُوا

(5)

أَبَا بَكْرٍ، وَقَالُوا لابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَيُصَلِّ وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ،

"فَيُصَلِّ" في نـ: "فَلْيُصَلِّ" مصحح عليه.

===

(1)

قوله: (تكسب المعدوم) أي: تكسب معاونة الفقير، وتحقيقه مَرّ في "كتاب الإيمان"، "وتحمِلُ الكَلَّ" بفتح الكاف وتشديد اللام وهو الثقل، أي: ثقل العجزة، "وتقري الضيف" بفتح التاء من باب ضرب يضرب، والقِرى بالكسر مقصورًا: ما يُهَيَّأُ للضيف من طعام ونُزُل، قوله:"على نوائب الحق" جمع نائبة وهو ما ينوب الإنسان، أي: ينزل به من المهمات والحوادث، وإنما قال:"على نوائب الحق"؛ لأنها تكون في الحق والباطل، قوله:"وأنا لك جار" أي: مجير، قوله:"فرجع مع أبي بكر" كان القياس أن يقال: رجع أبو بكر معه، عكس المذكور، ولكن هذا من إطلاق الرجوع وإرادة لازمه الذي هو المجيء، أو هو من قبيل المشاكلة، لأن أبا بكر كان راجعًا، أو أطلق الرجوع باعتبار ما كان قبله بمكة، "ع"(8/ 665).

(2)

أي: مجير.

(3)

أي: ساداتهم، "ع"(8/ 666).

(4)

أي: أمضوا جواره ورضوا به، "ع"(8/ 666).

(5)

أي: جعلوه في أمن -ضد الخوف-، "ع"(8/ 666).

ص: 25

وَلَا يُؤْذِنَا بِذَلِكَ

(1)

، وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ

(2)

، فَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ

(3)

أَبْنَاءَنَا

(4)

وَنِسَاءَنَا. قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِي بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا

(5)

لأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا

(6)

بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَبَرَزَ

(7)

فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرأُ الْقُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ

(8)

عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَيَعْجَبُونَ مِنهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرأُ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ

(9)

ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْركِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَإِنَّهُ جَاوَزَ

"فَيَتَقَصَّفُ" في هـ: "فَيَنْقَصِفُ". "أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ" في هـ: "أَجَزْنَا أَبَا بَكْرٍ".

===

(1)

إشارة إلى ما ذكر من الصلاة والقراءة، "ع"(8/ 666).

(2)

أي: المذكور من الصلاة والقراءة، "ع"(8/ 666).

(3)

قوله: (أن يَفتن) بفتح التحتية من الفتنة، والفتنة تستعمل على معان كثيرة، وأصلها الامتحان، والمراد هنا أن يخرج أبناءَهم ونساءَهم مما هم فيه من الضلال إلى الدين، "ع"(8/ 666).

(4)

مفعول لقوله: "يفتن"، "ع"(8/ 666).

(5)

أي: ظهر له رأي في أمره بخلاف ما كان يفعله، "ع"(8/ 666).

(6)

هو أول مسجد بني في الإسلام، "ع"(8/ 666).

(7)

أي: ظهر، "ع"(8/ 666).

(8)

قوله: (فَيَتَقَصَّف) أي: يزدحم حتى يكسر بعضهم بعضًا بالوقوع عليه، وأصل القصف الكسر، ومنه ريح قاصفة، "ع"(8/ 666).

(9)

من الفزع وهو الخوف.

ص: 26

ذَلِكَ

(1)

، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ

(2)

فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ

(3)

، فَإِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأَبِي بَكْرٍ الاسْتِعْلَانَ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ

(4)

فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ

(5)

، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أُرِيتُ

(6)

دَارَ هِجْرَتِكُمْ، رَأَيْتُ سَبْخَةً

(7)

(8)

ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ

"أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا" في ذ: "أَنْ يُفْتَنَ أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤنَا". "إنِّي أَرُدُّ" في ذ: "فإنِّي أَرُدُّ".

===

(1)

أي: ما شرطنا عليه، "ع"(8/ 666).

(2)

قوله: (وإن أبَى إلا أن يعلن ذلك) أي: وإن امتنع إلا أن يجهر بما ذُكِرَ من الصلاة وقراءة القرآن، قوله:"أن نخفرك" بضم النون من الإخفار وهو نقض العهد، "ع"(8/ 666).

(3)

أي: عهدك، "ع"(8/ 666).

(4)

على بناء المجهول.

(5)

أي: حماه، "ع"(8/ 666).

(6)

بضمّ الهمزة مبنيًّا للمفعول، "قس"(5/ 302).

(7)

وهي الأرض المالحة.

(8)

قوله: (سَبْخَةً) بفتح المهملة وسكون الموحدة، وهي الأرض

ص: 27

لَابَتَيْنِ

(1)

"، وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ

(2)

، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا

(3)

، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَلَى رِسْلِكَ

(4)

فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي"، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ

(5)

(6)

أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. [راجع: 476].

"فَهَاجَرَ" في قتـ: "وَهَاجَرَ".

===

تعلوها الملوحة، ولا تكاد تنبت شيئًا إلا بعض الشجرة، "ع"(8/ 666).

(1)

تثنية لابة بالتخفيف وهي أرض فيها حجارة سود كأنها احترقت [بالنار]، وكذلك الحرة، بفتح المهملة وتشديد الراء، "ع"(8/ 667).

(2)

بفتحات بلاد الحبشان.

(3)

أي: طالب الهجرة من مكة.

(4)

قوله: (على رسلك) بكسر الراء، أي: على هينتك من غير عجلة، قوله:"أن يُؤْذَنَ" على بناء المجهول من الإذن، قوله:"بأبي" أي مفدى بأبي، "أنت" مبتدأ وخبره بأبي، أو أنت تأكيد لفاعل "ترجو"، وبأبي قسم، "ع"(8/ 667).

(5)

بفتح السين وضمّ الميم شجر الطلح، "ك"(10/ 129).

(6)

قوله: (السَّمُر) بضمّ الميم: شجر الطلح، قال شارح "التراجم": إيراده في الباب أن المجير ملتزم للمُجار، أي: لا يؤذى من جهة من أجار منه، وكأنه ضمن له أن لا يؤذى وأن تكون العهدة في ذلك عليه، قال ابن بطال: هذا الجوار كان معروفًا بين العرب، "ك"(10/ 129).

ص: 28

[5 - بَابُ الدَّيْنِ]

2298 -

حَدَّثَنَا

(1)

يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(2)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(3)

، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبدِ الرَّحْمنِ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

"حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ" كذا في قتـ، ذ، وفي مه، ص:"بَابُ الدَّينِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ"، وفي سفـ، بو:"بَابٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ".

===

(1)

قوله: (حدثنا يحيى بن بكير) كذا وقع في رواية أبي ذر وأبي الوقت، لا باب ولا ترجمة، وسقط الحديث أيضًا من رواية المستملي، ووقع في رواية النسفي وابن شبويه:"باب" بغير ترجمة، وبه جزم الإسماعيلي، ووقع في رواية الأصيلي وكريمة:"باب الدين"، وذكر ابن بطال هذا الحديث في آخر "باب من تَكَفَّل عن ميِّتٍ بدين" وهذا هو اللائق، لأن الحديث لا تعلق له بترجمة جوار أبي بكر حتى يكون منها، أو ثبت "باب" بلا ترجمة فيكون كالفصل منها، وأما الترجمة بباب الدين فبعيد، إذ اللائق بذلك أن يكون في "كتاب القرض"، "ف"(4/ 477)، "ع"(8/ 667). [في "الأبواب والتراجم" (3/ 285)، قلت: والشراح قاطبة كما ترى ذهبوا إلى أن هذا الباب ههنا في غير محله، والصحيح عندهم عدمه، وليس عند هذا العبد الفقير كذلك، بل له وجه وجيه عندي، وهو أن يقال: إن المصنف أشار بهذه الترجمة إلى الكفالة العامة، بأن يقول أحد كما في حديث الباب: "كل من ترك دينًا فعليّ قضاؤه" فهل يصح ذلك أم لا؟ فليراجع له كتب الفقه هل تعرضوا لذلك كما تعرضوا لذلك في الوكالة، فإنهم قسموها إلى العامة والخاصة، والله أعلم.].

(2)

"يحيى" هو ابن عبد الله بن بكير المخزومي.

(3)

"الليث" هو ابن سعد المصري.

(4)

"ابن شهاب" الزهري.

(5)

ابن عوف.

ص: 29

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى

(1)

عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: "هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا

(2)

؟ "، فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلَّا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ"، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ

(3)

قَالَ: "أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ". [أطرافه: 2398، 2399، 4781، 5371، 6731، 6745، 6763، أخرجه: م 1619، ت 1070، تحفة: 15216].

"فَضْلًا" في هـ: "قَضاء". "صَلَّى" في نـ: "صَلَّى عَلَيهِ".

===

(1)

أي: الميت، "ع"(8/ 668).

(2)

قدرًا زائدًا على مؤونة تجهيزه، "ع"(8/ 668).

(3)

قوله: (الفتوح) أي: من الغنائم وغير ذلك، في الحديث تحريض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصُّلِ إلى البراءة منها، ولو لم يكن أمر الدَّين شديدًا لما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على المديون، واختُلِفَ في أن صلاته على المديون كانت حرامًا عليه أو جائزة؟ حكي فيه وجهان، وقال النووي: الصواب الجزم بجوازه مع وجود الضامن، "ف"(4/ 478)، "ع"(8/ 668).

* * *

ص: 30

بسم الله الرحمن الرحيم

‌40 - كِتَابُ الْوَكالَةِ

‌1 - وَوَكَالَةُ الشَّرِيكِ

(1)

الشَّرِيكَ فِي الْقِسْمَةِ وَغَيْرِهَا

وَقَدْ أَشْرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(2)

عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِقِسْمَتِهَا.

2299 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ

(3)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(4)

، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ

(5)

،

"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} كِتَابُ الوِكالَةِ" في ذ: "كِتَابُ الوَكالةِ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ". "وَوَكَالَةُ الشَّرِيكِ" كذا في سفـ، ذ، وفي نـ:"بَابٌ فِي وَكَالَةِ الشَّرِيكِ". "بِقِسْمَتِهَا" في نـ: "بِقَسْمِهَا".

===

(1)

قوله: (ووكالة الشريك) كذا وقع للنسفي بالواو، ولغيره "باب" بدل الواو، والوكالة بفتح الواو وقد تكسر: التفويض والحفظ، وفي الشرع: إقامة الشخص غيرَه مقام نفسه مطلقًا أو مقيَّدًا، كذا في "الفتح"(4/ 479).

(2)

قوله: (وقد أشرك النبي صلى الله عليه وسلم

) إلخ، هذا الكلام ملفَّق من حديثين: أحدهما حديث جابر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليًا أن يقيم على إحرامه، وأشركه في الهدي"، وسيأتي موصولًا في "الشركة" (ح: 2506)، وثانيهما حديث عليّ:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه وأن يقسم بدنه كلَّها"، وقد تقدم موصولًا في "الحج" (ح: 1717)، "فتح"(4/ 479).

(3)

"قبيصة" ابن عقبة العامري الكوفي.

(4)

الثوري، "ع"(8/ 670).

(5)

"ابن أبي نجيح" هو عبد الله المكي.

ص: 31

عَنْ مُجَاهِدٍ

(1)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى

(2)

، عَنْ عَلِيٍّ

(3)

قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلَالِ

(4)

الْبُدْنِ

(5)

الَّتِي نُحِرَتْ وَبِجُلُودِهَا. [راجع: 1707].

2300 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ

(6)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(7)

، عَنْ يَزيدَ

(8)

، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ

(9)

، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ

(10)

: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ، فَبَقِيَ عَتُودٌ

(11)

، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

===

(1)

" مجاهد" هو ابن جبر المفسر.

(2)

الأنصاري، "قس"(5/ 306).

(3)

ابن أبي طالب.

(4)

بكسر الجيم جمع جل، "ع"(8/ 670).

(5)

بضمّ فسكون جمع بدنة، "ع"(8/ 670).

(6)

"عمرو بن خالد" ابن فَرُّوخ الحراني.

(7)

"الليث" ابن سعد الإمام.

(8)

"يزيد" ابن أبي حبيب المصري.

(9)

"أبي الخير" مرثد بن عبد الله اليَزَني.

(10)

"عقبة" ابن عامر الجهني.

(11)

قوله: (عتود) بفتح المهملة وضم الفوقية، وهو من أولاد المعز صغير إذا قوي، وفي "الصحاح": العتود ما رعى وقوي وأتى عليه حول، وقيل إذا قدر على السفاد

(1)

، وشاهد الترجمة منه قوله:"ضَحِّ به أنت" فإنه علم به أنه كان من جملة من كان له حظّ في تلك القسمة، فكأنه كان شريكًا لهم، "ف"(4/ 479)، "ع"(8/ 670).

(1)

في الأصل: "الفساد".

ص: 32

"ضَحِّ بِهِ أَنْتَ

(1)

". [أطرافه: 2500، 5547، 5555، أخرجه: م 1965، ت 1500، س 4379، ق 3138، تحفة: 9955].

‌2 - بَابٌ إِذَا وَكَّلَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ فِي دَارِ الإِسْلَامِ، جَازَ

2301 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(2)

، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ

(3)

، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: كَاتَبْتُ

(4)

أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ

(5)

كِتَابًا بِأَنْ يَحْفَظَنِي

"ضَحِّ بِهِ أَنْتَ" كذا في ذ، وفي نـ:"ضَحِّ أَنْتَ".

===

(1)

قوله: (ضَحِّ أنت) أمر من التضحية، ويروى "ضَحِّ به" أي: بالعتود، وفيه الأضحية بما يعطى، وفيه الاختصاص بالأضحية بالجذع من المعز؛ لأن العتود من أولاد المعز، وفيه التوكيل بالقسمة، "ع"(8/ 670).

(2)

"عبد العزيز بن عبد الله" ابن يحيى الأويسي.

(3)

"يوسف بن الماجِشُون" معناه المورد، اسمه: يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة المدني. ["قس" (5/ 307)].

(4)

فيه الترجمة؛ لأن عبد الرحمن فوض أمره إلى أمية وهو كافر في دار الحرب، والظاهر: أن عبد الرحمن لم يفعل هذا إلَّا بإطلاع النبي صلى الله عليه وسلم فدل على صحته، "ف"(4/ 480)، "ع"(8/ 671).

(5)

قوله: (كاتبتُ أميةَ بن خلف) أي: كتبتُ بيني وبينه كتابًا، وفي رواية الإسماعيلي:"عاهدتُ أمية بن خلف -ابن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، "ع" (8/ 672) - وكاتبتُه"، "فتح"(4/ 480).

ص: 33

فِي صَاغِيَتِي

(1)

(2)

بِمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ

(3)

بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ قَالَ: لَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ

(4)

، كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَاتَبْتُهُ

(5)

: عَبْدُ عَمْرٍو

(6)

، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لأُحْرِزَهُ

(7)

حِينَ نَامَ النَّاسُ

(8)

، فَأَبْصَرَهُ بِلَالٌ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ، فَقَالَ:

"عَلَى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ" كذا في ذ، وفي نـ:"عَلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ".

===

(1)

بصاد مهملة وغين معجمة: خاصة الرجل، وقيل: المراد بها المال، "ك"(10/ 132).

(2)

مالي أو حاشيتي أو أهلي ومن يصغي إليه، أي: يميل، "قس"(5/ 307).

(3)

[قوله: (صاغيته) لم يكن لأمية مال ولا أهل بالمدينة، فالمراد بصاغية: ما يحتاج أمية إليه بالمدينة، انتهى. انظر "اللامع" (6/ 252)].

(4)

قوله: (لا أعرف الرحمن) أي: ما أعرف الرحمن الذي جعلتَ نفسَك عبدًا له، "ع"(8/ 472).

(5)

قوله: (فكاتبته عبد عمرو) قال المهلب: ترك عبد الرحمن أن يكتب لفظ الرحمن؛ لأن التسمية علامة، كما فعل [ذلك] النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، كذا في "الكرماني"(10/ 132)، أي لما كتب صلى الله عليه وسلم {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، قالوا: لا نعرف الرحمن، اكتب باسمك اللهُمَّ، "ع"(8/ 472).

(6)

هذا اسمه الذي كان في الجاهلية، "ع"(8/ 672).

(7)

من الإحراز، لأحفظه، "ع"(8/ 673).

(8)

أراد بذلك غفلتهم ليصون دمه، "ع"(8/ 673)، "ف"(4/ 480).

ص: 34

أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ

(1)

، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ، فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا خَلَّفْتُ لَهُمُ ابْنَهُ

(2)

، لِيَشْغَلَهُمْ

(3)

فَقَتَلُوهُ

"لِيَشْغَلَهُمْ" وفي نـ: "لأُشْغَلَهُمْ"، وفي ذ:"لِنَشْغَلَهُم".

===

(1)

قوله: (أمية بن خلف) بالنصب على الإغراء، أي: عليكم أمية، ولأبي ذر: بالرفع، أي هذا أمية، قوله:"لا نجوت إن نجا أمية" إنما قال ذلك بلال، لأن أمية كان يعذِّب بلالًا بمكة عذابًا كثيرًا لأجل إسلامه، "ع"(8/ 673)، "ك"(10/ 132).

(2)

قوله: (خَلَّفْتُ لهم ابنه) أي: ابن أمية واسمه علي، كذا في "العيني"(8/ 673)، "ك"(10/ 132).

(3)

قوله: (لنشغلهم) كذا وقع في رواية أبي ذر بنون الجمع، وفي بعضها بفتح الهمزة بدل النون، وقيل: بضمِّها من الإشغال، كذا في "القسطلاني"(5/ 308)، قال العيني (8/ 673): يعني يشتغلون بابنه عن أبيه أمية.

قوله: "فقتلوه" أي قتلوا ابنه، وقال عبد الرحمن: فكنت بين أمية وابنه آخذ بأيديهما، فلما رآه بلال صرخ بأعلى صوته: يا أنصار الله! رأس الكفر أمية بن خلف، فأحاطوا بنا، وأنا أذبّ عنه، فضرب رجلٌ ابنه بالسيف فوقع، وصاح أمية [صيحة] ما سمعت مثلها قطّ، فقلت: أَنْجِ نفسَك فوالله لا أغني عنك شيئًا. قوله: "فتجلَّلوه بالسيوف" بالجيم، أي: غشوه بها، كذا للأصيلي وأبي ذر، ولغيرهما:"فتخلَّلوه" بالخاء المعجمة، أي أدخلوا أسيافهم خلاله حتى وصلوا إليه وطعنوا بها من تحتي، ووقع للمستملي:"فَتَخَلّوه" بلام واحدة مشددة.

فيه أن قريشًا لم يكن لهم أمان يوم بدر، ولهذا لم يجز بلال ومن معه أمان عبد الرحمن، وقد نسخ هذا بحديث:"يجير على المسلمين أدناهم". وفيه: الوفاء بالعهد، لأن عبد الرحمن كان صديقًا لأمية بمكة، فوفى بالعهد الذي كان بينهما، انتهى كلام العيني.

ص: 35

ثُمَّ أَبَوْا

(1)

حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا

(2)

، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا قُلْتُ لَهُ: ابْرُكْ، فَبَرَكَ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي لأَمْنَعَهُ، فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي، حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ

(3)

رِجْلِي بِسَيْفِهِ

(4)

، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرينَا ذَلِكَ الأَثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ، قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ

(5)

: سَمِعَ يُوسُفُ

(6)

صَالِحًا وَإِبرَاهيمُ أَبَاهُ. [طرفه: 3971، تحفة: 9710].

‌3 - بَابُ الْوَكالَةِ فِي الصَّرْفِ وَالْمِيزَانِ

(7)

وَقَدْ وَكَّلَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ

(8)

فِي الصَّرْفِ.

2302 و 2303 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(9)

، أَنَا مَالِكٌ

(10)

، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ

"فَتَخَلَّلُوهُ" في صـ، هـ، ذ:"فَتَجَلَّلُوهُ"، وفي سـ:"فَتَخَلُّوه". "قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ

" إلخ، ثبت في سـ، ذ.

===

(1)

ويروى: ثم أتوا، "ع"(8/ 673).

(2)

أي: ضخمًا، "ع"(8/ 673).

(3)

أي: أحد الذين باشروا قتل أمية، "ع"(8/ 673).

(4)

فيه أن من أصيب حين يتقي عن مشرك أنه لا شيء فيه، "ع"(8/ 674).

(5)

لأبي ذر عن المستملي، "ف"(4/ 481).

(6)

ابن الماجشون.

(7)

أي: الوكالة في الموزون، "ع"(8/ 673).

(8)

وصله سعيد بن منصور عنهما، "قس"(5/ 309).

(9)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(10)

"مالك" الإمام المدني.

ص: 36

الْمُسَيَّبِ

(1)

، عَنْ أَبِي سعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ

(2)

، قَالَ:"أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ " فَقَالَ: إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ:"لَا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا"، وَقَالَ: فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ

(3)

. [حديث: 2302، راجع: 2201، حديث: 2303، راجع: 2202].

‌4 - بَابٌ

(4)

إِذَا أَبْصَرَ الرَّاعِي أَوِ الْوَكيلُ شَاةً تَمُوتُ

(5)

أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ ذَبَحَ وَأَصْلَحَ مَا يَخَافُ الْفَسَادَ

"قَالَ: أَكُلُّ" كذا في قتـ، وفي نـ:"فَقَالَ: أَكُلُّ". "الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ" في نـ: "الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ -وفي أخرى: "بِصَاعَينِ-". "أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ

" إلخ، كذا في صـ، وفي بو: "أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ ذَبَحَ فَأَصْلَحَ مَا يَخَافُ الْفَسَادَ"، وفي سفـ، ذ [قتـ]: "أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ ذَبَحَ أَوْ أَصْلَحَ مَا يَخَافُ الْفَسَادَ".

===

(1)

" سعيد بن المسيب" المخزومي.

(2)

قوله: (بتمرٍ جَنيبٍ) بفتح الجيم وكسر النون: الخيار من التمر، و"الجمع" المختلط من الجيد والرديء، فإن قلت: ما دلالته على الترجمة؟ قلت: لما منع الوكيل عن التفاضل عُلِم جواز بيعه صاعًا بصاع، فيكون بيع النقد بالنقد كذلك، إذ لا قائل بالفضل، "ع"(8/ 505)، "ك"(10/ 133).

(3)

قوله: (في الميزان مثل ذلك) يعني أن الموزونات حكمها في الربا حكم المكيلات، "ك"(10/ 133).

(4)

بالتنوين، "قس"(5/ 310).

(5)

أي: أشرفت على الموت، "ع"(8/ 675).

ص: 37

2304 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(1)

، سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ

(2)

قَالَ: أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ

(3)

، عَنْ نَافِعٍ

(4)

أنَّهُ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ

(5)

(6)

يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ

(7)

، فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَأكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -أَوْ أُرْسِلَ

(8)

إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم منْ يَسْأَلُهُ- وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عنْ ذَلِكَ

(9)

-أَوْ أَرْسَلَ- فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا.

"حَدَّثَنَا إسْحَاقُ" في ذ: "حَدَّثَنِي إسْحَاقُ". "لَهُ غَنَمٌ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي نـ:"لَهُمْ غَنَمٌ". "مِنْ غَنَمِنَا" في هـ: "مِنْ غَنَمِهَا". "أَسْأَلَ النَّبِيَّ" في ذ: "أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ".

===

(1)

" إسحاق بن إبراهيم" ابن راهويه.

(2)

"المعتمر" ابن سليمان الكوفي.

(3)

"عبيد الله بن عمر" ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري.

(4)

"نافع" مولى ابن عمر.

(5)

اسمه عبد الله، وبه جزم المزي، والظاهر أنه عبد الرحمن، "ف"(4/ 482)، "ك"(10/ 134)، "ع"(8/ 676).

(6)

"ابن كعب بن مالك" هو عبد الله كما جزم به المزي، أو هو أخوه عبد الرحمن، قال ابن حجر كالكرماني: إنه الظاهر.

(7)

بفتح المهملة وسكون اللام وبالمهملة: جبل بالمدينة، "ك"(10/ 134)، "ع"(8/ 676).

(8)

شك من الراوي.

(9)

قوله: (عن ذلك) أي: عن ذبح الشاة، قال العيني: مطابقته للترجمة في مسألة الراعي ظاهرة؛ لأن الجارية كانت راعية للغنم، وأما مسألة

ص: 38

قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ

(1)

: فَيُعْجِبُنِي أَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ. تَابَعَهُ

(2)

عَبْدَةُ

(3)

، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ

(4)

. [أطرافه: 5501. 5502، 5504، أخرجه: ق 3182، تحفة: 11134].

‌5 - بَابٌ وَكَالَةُ

(5)

الشَّاهِدِ

(6)

وَالْغَائِبِ جَائِزَةٌ

(7)

وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو

(8)

===

الوكيل فملحقة بها، لأن يَدَ كلٍّ من الراعي والوكيل يدُ أمانة، فلا يعمَلان إلا بما فيه مصلحة ظاهرة، فإن قلت: الجارية كانت ملكًا لصاحب الغنم؟ قلت: لا يضرّنا ذلك، لأن الكلام في جواز الذبح الذي تتضمنه الترجمة، وليس الكلام في الضمان، ولهذا ردّ على ابن التين في قوله: ليس غرض البخاري في حديث الباب الكلامَ في تحليل الذبيحة أو تحريمها، وإنما غرضه إسقاط الضمان عن الراعي والوكيل، انتهى. والغرض الذي نسبه إلى البخاري لا يدلّ عليه الحديث، "عيني" (8/ 676). [انظر:"اللامع"(6/ 256)].

(1)

هو: ابن عمر بن حفص العمري، وهو موصول بالإسناد المذكور، "ع"(8/ 677).

(2)

أي: معتمر بن سليمان، "ع"(8/ 677).

(3)

ابن سليمان الكوفي.

(4)

المذكور، هذه المتابعة مما وصلها المؤلف رحمه الله في "كتاب الذبائح" (ح: 5501)، "قسطلاني"(5/ 311).

(5)

مبتدأ.

(6)

أي: الحاضر، "ع"(8/ 677).

(7)

خبر.

(8)

قوله: (عبد الله بن عمرو) أي: ابن العاص، قاله في "الفتح"(4/ 483)، وقال الكرماني (10/ 137): هو ابن عمر بن الخطاب، قال العيني (8/ 678): ورأيت النسخ فيه مختلفة، ففي بعضها: عبد الله بن عمرو بالواو،

ص: 39

إِلَى قَهْرَمَانِهِ

(1)

وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ: أَنْ يُزَكِّيَ

(2)

عَنْ أَهْلِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ.

2305 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ

(3)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(4)

، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيلٍ

(5)

، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

(6)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِنٌّ

(7)

مِنَ الإِبِلِ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ:"أَعْطُوهُ"، فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلَّا سِنًّا فَوْقَهَا، فَقَالَ:"أَعْطُوهُ"، فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي

(8)

أَوْفَى اللَّهُ بِكَ

(9)

، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً". [أطرافه: 2306، 2390، 2392، 2393، 2401، 2606، 2609، أخرجه: م 1601، ت 1317، س 4618، ق 2423، تحفة: 14963].

===

وفي بعضها بلا واو، و"القَهْرَمان" بفتح القاف وسكون الهاء وفتح الراء وتخفيف الميم، وهو خادمُ الشخص القائمُ بقضاء حوائجه، وهو لغة فارسية، قوله:"وهو غائب عنه" أي: والحال أن قَهْرَمَانه غائب عن عبد الله، قوله:"أن يزكِّي" أراد به أن يزكِّي زكاة الفطر "عن أهله الصغير والكبير"، انتهى كلام العيني.

(1)

لم يعرف اسمه، "قس"(5/ 312).

(2)

أي: زكاة الفطر، "قس"(5/ 312).

(3)

الفضل بن دُكَين، "ع"(8/ 678).

(4)

الثوري، "ع"(8/ 678).

(5)

"سلمة بن كُهَيل" الحضرمي أبو يحيى الكوفي.

(6)

ابن عبد الرحمن، "ع"(8/ 678).

(7)

قوله: (سِنٌّ) بكسر السين المهملة وتشديد النون، أي ذات سن، وهو أحد أسنان الإبل، وأسنانها معروفة في كتب اللغة إلى عشر سنين، وحكاه أبو داود في "سننه" أي: في "كتاب الزكاة"، "ع"(8/ 679).

(8)

يقال: أوفاه حقه إذا أعطاه وافيًا، "ع"(8/ 679).

(9)

زاد الباء للتأكيد.

ص: 40

‌6 - بَابُ الْوَكالَةِ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ

2306 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ

(1)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(2)

، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ

(3)

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ، فَأَغْلَظَ

(5)

(6)

، فَهَمَّ بِهِ

===

(1)

" سليمان بن حرب" الواشحي البصري.

(2)

ابن الحجاج.

(3)

"سلمة بن كهيل" تقدم.

(4)

ابن عوف الزهري، "قس"(5/ 313).

(5)

لأنه كان يهوديًا، "قس"(5/ 313).

(6)

قوله: (فأغلظ) يحتمل أن يراد بالإغلاظ التشديد في المطالبة من غير كلام يقتضي الكفر ونحوه، أو كان المتقاضي كافرًا، قوله:"فَهَمَّ به أصحابه" أي: قصدوه ليؤذوه باللسان أو باليد وغير ذلك، فإن قلت: كيف تستفاد منه الترجمة؟ قلت: من لفظ "أعطوه" وهو وإن كان للحاضرين لكنه بحسب العرف وقرائن الحال شامل لكل واحد من وكلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم غُيَّبًا وَحُضورًا، قاله الكرماني (10/ 135).

قال العيني (8/ 681): فيه توكيل الحاضر الصحيح على قول عامة الفقهاء، وهو قول ابن أبي ليلى ومالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد، إلا أن مالكًا قال: يجوز ذلك وإن لم يَرْضَ خصمه إذا لم يكن الوكيل عدوًا للخصم.

وفي "التوضيح"(15/ 174): وهذا الحديث حجة على أبي حنيفة في قوله: إنه لا يجوز توكيل الحاضر بالبلد الصحيحِ البدنِ إلا برضى خصمه أو عذر مرض أو سفر ثلاثة أيام، وهذا الحديث خلاف قوله؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يقضوا [عنه] السِّنَّ التي كانت عليه، وذلك توكيل [لهم] منه صلى الله عليه وسلم، ولم يكن صلى الله عليه وسلم غائبًا ولا مريضًا ولا مسافرًا.

ص: 41

أَصْحَابُهُ

(1)

، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعُوهُ

(2)

فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا

(3)

"، ثُمَّ قَالَ: "أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا نَجِدُ إِلَّا أَمْثَلَ

(4)

مِنْ سِنِّهِ، فَقَالَ:"أَعْطُوهُ فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً". [راجع: 2305].

"فَقَالَ: أَعْطُوهُ" في قتـ: "قَالَ: أَعْطُوهُ". "فَإنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ" في هـ، ذ:"فَإنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ".

===

قلت: ليس الحديث بحجة عليه؛ لأنه لا ينفي الجواز، ولكن يقول: لا يلزم، يعني لا يسقط حق الخصم في طلب الحضور والدعوى والجواب بنفسه، وهو قول ابن أبي ليلى في الأصحِّ.

وفيه حجة لمن قال بجواز قرض الحيوان، وهو قول الأوزاعي والليث ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق، وأجاب المانعون بأنه منسوخ بآية الربا، وهو قول أبي حنيفة وفقهاء الكوفة، قالوا: إن استقراض الحيوان لا يجوز، ولا يجوز الاستقراض إلا مِمَّا له مثل كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض ما لا مثل له؛ لأنه لا سبيل إلى إيجاب ردِّ العين ولا إلى إيجاب القيمة لاختلاف تقويم المتقومِين، فتعين أن يكون الواجب رَدَّ المثل، فيختص جوازه بما له مثل، هذا كلُّه ملتقط من "العيني"(8/ 679 - 8/ 556)، "هـ".

(1)

وأرادوا إيذاءه.

(2)

أي: اتركوه.

(3)

قوله: (لصاحب الحق مقالًا) يعني صولة الطلب وقوة الحجة، لكن على من يمطل أو يسيء المعاملة، وأما من أنصف من نفسه فبذل ما عنده واعتذر عما ليس عنده فلا يجوز الاستطالة عليه بحال، "عمدة القاري"(8/ 681).

(4)

أي: أفضل.

ص: 42

‌7 - بَابٌ إِذَا وَهَبَ شَيْئًا لِوَكِيلٍ أَوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جَازَ

لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(1)

لِوَفْدِ هَوَازِنَ

(2)

حِينَ سَأَلُوهُ الْمَغَانِمَ، فَقَالَ:"نَصِيبِي لَكُمْ".

2307 و 2308 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ

(3)

، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ

(4)

، ثَنِي عُقَيْلٌ

(5)

، عَنِ ابْنِ شهَابٍ

(6)

قَالَ: وَزَعَمَ عُرْوَةُ

(7)

أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ

(8)

وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ

(9)

أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ حِينَ جَاءَهُ

===

(1)

قوله: (لقول النَّبي صلى الله عليه وسلم) هذا تعليل للترجمة، بيانه أن وفد هوازن كانوا رُسُلًا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا وكلاء وشفعاء في ردِّ سبيهم الذي سباه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المغانم، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم شفاعتهم، فَرَدَّ إليهم نصيبه من السبي، "ع"(8/ 681).

(2)

قبيلة من قيس، "ك"(10/ 136).

(3)

"سعيد بن عُفَير" بضمّ العين المهملة وفتح الفاء مصغرًا، اسم جده واسم أبيه كثير، ونسبه لجده لشهرته به.

(4)

ابن سعد.

(5)

ابن خالد.

(6)

"ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري.

(7)

ابن الزبير.

(8)

ابن أبي العاص الأموي، ابن عم عثمان بن عفان رضي الله عنه، "قس"(5/ 315).

(9)

"المِسوَر بن مَخْرَمة" بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الواو -كمنبر- ومخرمة بفتح الميم والرَاء بينهما خاء معجمة ساكنة، ابن نوفل [الزهري]، وكان مولده بعد الهجرة بسنتين فيما قاله يحيى بن بكير وقدم المدينة في ذي الحجة بعد الفتح سنة ثمان وهو ابن ست سنين، وقال

ص: 43

وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ

(1)

، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ

(2)

، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ

(3)

الْحَدِيثِ إِلَيَّ أصْدَقُهُ

(4)

، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ

(5)

بِهِمْ"، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حِينَ قَفَلَ

(6)

مِنَ الطَّائِفِ

(7)

، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْلِمِينَ،

"وَقَدْ كُنْتُ" في قتـ، ذ:"فَقَدْ كُنْتُ". "اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ" في ذ: "اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ"[كذا في الأصل، وفي "قس" (5/ 316) عكسه].

===

البغوي: حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وحديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة علي لابنةِ أبي جهل في "الصحيحين" (خ: 3110، م 2449) وغيرهما (د: 2071، ت: 3867). [انظر "إرشاد الساري" (5/ 315)].

(1)

وكان فيهم تسعة نفر من أشرافهم، "قس"(5/ 316).

(2)

وعند الواقدي: كان فيهم أبو برقان السعدي، فقال: يا رسول الله إن في هذه الحظائر إلا أمهاتك وخالاتك وحواضنك ومرضعاتك، فَامْنُنْ علينا مَنَّ الله عليك، "قسطلاني"(5/ 316).

(3)

مبتدأ.

(4)

خبر.

(5)

أي: انتظرتُ بهم وتربصتُ، "ع"(8/ 683).

(6)

رجع، "ك"(10/ 136).

(7)

قوله: (حين قفل من الطائف) أي: حين رجع، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة في رمضان لعشر بقين منه سنة ثمان، ثم خرج إلى هوازن في خامس شوال لغزوهم، وجرى ما جرى، وهزم الله تعالى أعداءه، ثم صار إلى الطائف حين فرغ من حُنين، وهي غزوة هوازن يوم حنين، ونزل قريبًا من

ص: 44

فَأَثْنَى عَلَى اللَّه بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ

(1)

فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مِنْكُمْ عَلَى حَظِّهِ

(2)

حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ

(3)

اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ". فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ

(4)

أَمْرَكُمْ". فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى

"أَنْ يَكُونَ مِنْكُمْ" في نـ: "مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ". "يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ" كذا في قتـ، وفي نـ:"لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" -أي: لأجله صلى الله عليه وسلم، "ع"(8/ 684) -. "حَتَّى يَرْفَعُ" كذا في هـ، وفي نـ:"حَتَّى يَرْفَعُوا".

===

الطائف، فضرب به عسكره. وقال ابن إسحاق: حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف ثلاثين ليلة، ثم انصرف عنهم لتأخُّرِ الفتح إلى العام القابل، ولما انصرف عن الطائف نزل على الجعرانة فيمن معه من الناس، ولما نزل على الجعرانة انتظر وفد هوازن بضع عشرة ليلة، وهو معنى قوله في الحديث: "انتظرهم

" إلخ، "عيني" (8/ 683 - 684).

(1)

قوله: (أن يطيب بذلك) من الثلاثي، ومن الإفعال، ومن التفعيل، يعني يردَّ السبيَ مجانًا برضاء نفسه وطيب قلبه، "ك"(10/ 137).

(2)

على نصيبه من السبي، "ع"(8/ 684).

(3)

قوله: (ما يفيء) من أفاء يفيء من باب أفعل يفعل، من الفيء، وهو ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد، وأصل الفيء الرجوع، "ع"(8/ 684).

(4)

قوله: (عرفاؤكم) جمع عريف، وهو الذي يعرف أمر القوم وأحوالهم، أي: القيِّم بأمر القبيلة والمحلة، وهو دون الرئيس، "ع"(8/ 684).

ص: 45

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. [حديث: 2307 أطرافه: 2539، 2584، 2607، 3131، 4318، 7176، تحفة: 11251، حديث: 2308 أطرافه: 2540، 2583، 2608، 3132، 4319، 7177، أخرجه: د 2693، س في الكبرى 8876، تحفة: 11271].

‌8 - بَابٌ

(1)

إِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يُعْطِي فَأَعْطَى عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ

(2)

2309 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(3)

، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ

(4)

، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرِهِ -يَزِيدُ بَعْضُهُمْ

(5)

عَلَى بَعْضٍ، لَمْ يُبَلِّغْهُ كُلُّهُمْ

(6)

رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ

"لَمْ يُبَلِّغْهُ كُلُّهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ" في ك: "لَمْ يُبَلِّغْهُ كُلُّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ".

===

(1)

بالتنوين، "قس"(5/ 317).

(2)

أي: على عرف الناس في هذه الصورة.

(3)

"المكي بن إبراهيم" ابن بشير التميمي البلخي، أبو السكن.

(4)

هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، "ع"(8/ 685).

(5)

قوله: (يزيد بعضهم) الضمير فيه راجع إلى الغير وهو في معنى الجمع، وفي "لم يُبَلِّغْه" إلى الحديث أو إلى الرسول و"رجل" بدل عن الكل، و"عن جابر" متعلق بعطاء، وفي أكثر الروايات لفظة الغير بالجر، وأما رفعه فعلى الابتداء و"يزيد" خبره، ويحتمل أن يكون "رجل" فاعل فعل مقدر نحو: بلغه، وعلى التقادير لا يخفى ما في هذا التركيب من التعَجْرُفِ -أي: جَفوة في الكلام، "قاموس"(770) -، ولو كان كلمة "كلّهم" ضمير المفرد لكان ظاهرًا، "كرماني"(10/ 138).

(6)

بل بَلَّغه، "قس"(5/ 318).

ص: 46

مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ

(1)

، إِنَّمَا هُوَ فِي آخِرِ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مَنْ هَذَا؟ " فَقُلْتُ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(2)

، فَقَالَ:"مَا لَكَ؟ "، فَقُلْتُ: إِنِّي عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ

(3)

، قَالَ:"أَمَعَكَ قَضِيبٌ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:"أَعْطِنِيهِ". فَأَعْطَيْتُهُ فَضَرَبَهُ وَزَجَرَهُ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ

(4)

مِنْ أَوَّلِ الْقَوْمِ، قَالَ:"بِعْنِيهِ"، قُلْتُ: بَلَى هُوَ لَكَ

(5)

يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "بَلْ بِعْنِيهِ، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ

(6)

،

"فَقَالَ: مَا لَكَ" في نـ: "قَالَ: مَا لَكَ". "فَقُلْتُ" في نـ: "قُلْتُ". "وَزَجَرَهُ" في نـ: "فَزَجَرَهُ". "قُلْتُ: بَلَى" في نـ: "فَقُلْتُ: بَلْ"، وفي ذ:"قَالَ: بَلْ". "قَالَ: بَلْ بِعْنِيهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ: بِعْنِيهِ". "قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ" كذا في هـ، وفي نـ:"قَدْ أَخَذْتُهُ".

===

(1)

بفتح المثلثة وخفة الفاء واللام: البطيء السير الثقيل الحركة، "ك"(10/ 138).

(2)

أي: الأنصاري.

(3)

بفتح المثلثة: البطيء السير.

(4)

قوله: (فكان من ذلك المكان

) إلخ، أي: فكان الجمل من مكان الضرب من أوائل القوم وفي مباديهم ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث تَبَدَّل ضعفه بالقوة، "ك"(10/ 138).

(5)

أي: بغير ثمن، "ع"(8/ 687).

(6)

قوله: (قال: قد أخذته بأربعة دنانير) أي: قال رضي الله عنه: قد أخذته بأربعة دنانير، فيه ابتداء المشتري بذكر الثمن، "ع"(8/ 687).

ص: 47

وَلَكَ ظَهْرُهُ

(1)

إِلَى الْمَدِينَةِ"، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ أَخَذْتُ أَرْتَحِلُ، قَالَ: "أَيْنَ تُرِيدُ؟ "، قُلْتُ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً قَدْ خَلَا مِنْهَا

(2)

، قَالَ: "فَهَلَّا جَارِيَةً

(3)

تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ؟ "، قُلْتُ: إِنَّ أَبِي قَدْ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ بَنَاتٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْكِحَ امْرَأَةً قَدْ جَرَّبَتْ

(4)

وَخَلَا مِنْهَا، قَالَ:"فَذَلِكَ"، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ: "يَا بِلَالُ اقْضِهِ

(5)

وَزِدْهُ"، فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَزَادَهُ قِيرَاطًا، قَالَ جَابِرٌ: لَا تُفَارِقُنِي زِيَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَكُنِ

"لَا تُفَارِقُنِي" في نـ: "لَا يُفَارِقُنِي".

===

(1)

قوله: (ولك ظهره) أي لك أن تركب إلى المدينة، وهذا إعارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإباحة للانتفاع، لا أنه كان شرطًا للبيع، قاله الكرماني (10/ 138)، وفي رواية للنسائي (4640):"وقد أعرتُكَ ظهره إلى المدينة".

(2)

أي: مات عنها زوجها، "ع"(8/ 687)، "ك"(10/ 139).

(3)

أي: هلَّا تزوجتَ جارية، "ك"(10/ 139).

(4)

قوله: (قد جَرَّبَتْ) أي: اختبرتْ حوادث الدهر، وصارت ذات تجربة تقدر على تَعَهُّدِ أخواتي وتَفَقُّدِ أحوالهن، قوله:"قال: فذلك" أي: قال رضي الله عنه: فذلك، وهو مبتدأ وخبره محذوف أي: فذلك مبارك، ونحوه، "ك"(10/ 139).

(5)

قوله: (اقضه) أي: اقض دينه، وهو ثمن الجمل، "وَزِدْه" أي: زِدْ على الثمن، "فأعطاه وزاده قيراطًا" فيه المطابقة للترجمة، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر عند أمره بإعطاء الزيادة مقدارها، فاعتمد بلال على العرف في ذلك فزاده قيراطًا، كذا في "الفتح"(4/ 485) و"العيني"(8/ 685، 687).

ص: 48

الْقِيرَاطُ يُفَارِقُ قِرَابَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(1)

. [راجع: 443، أخرجه: م 715، س 3220، تحفة: 2455، 2465].

‌9 - بَابُ وَكَالَةِ الْمَرْأَةِ الإِمَامَ فِي النِّكَاحِ

(2)

2310 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(3)

، أَنَا مَالِكٌ

(4)

، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

(5)

، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

(6)

قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ

(7)

إِلَى

"قِرَابَ" كذا في سفـ، ذ، وفي ك:"جِرَابَ". "وِكَالَةِ الْمَرْأَةِ" كذا في ذ، وفي نـ:"وِكَالَةِ الامْرَأَةِ".

===

(1)

قوله: (فلم يكن القيراط يفارق قراب جابر) كذا لأبي ذر والنسفي بقاف، قال الداودي: يعني خريطته، وتعقَّبه ابن التين بأن المراد قراب سيفه، وأن الخريطة لا يقال لها: قراب، وقد وقع في رواية الأكثر "جراب"، فهو الذي حمل الداودي على تأويله المذكور، [وقد] زاد مسلم من وجه آخر:"فأخذه أهل الشام يوم الحَرَّة"، "ف"(4/ 486).

(2)

أي: توكيل المرأة، والإمام بالنصب على المفعولية، "ف"(4/ 486)، "ع"(8/ 687).

(3)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(4)

"مالك" الإمام المدني.

(5)

"أبي حازم" سلمة بن دينار الأعرج.

(6)

"سهل بن سعد" ابن مالك الأنصاري الساعدي.

(7)

لم تسمّ، "قس"(5/ 320).

ص: 49

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسي

(1)

، فَقَالَ رَجُلٌ

(2)

: زَوِّجْنِيهَا، قَالَ: "قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ

(3)

". [أطرافه: 5029، 5030، 5087، 5121، 5126، 5132، 5135، 5141، 5149، 5150، 5871، 7417، أخرجه: د 2111، ت 1114، س 3359، تحفة: 4742].

"وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِي" في نـ: "وَهَبْتُ مِنْ نَفْسِي".

===

(1)

قوله: (إني قد وهبتُ من نفسي) فيه المطابقة للترجمة؛ لأن قولها: "قد وهبت من نفسي" كان ذلك كالوكالة على تزويجها من نفسه أو ممن رأى تزويجها منه، وقد جاء في "كتاب النكاح" أنها جعلت أمرها إليه صريحًا، قال النووي: قول الفقهاء: وهبت من فلان كذا، مما يُنْكَرُ عليهم، قلت: لا وجه للإنكار؛ لأن"مِنْ" تجيء زائدة في الموجب، وهي جائزة عند الأخفش والكوفيين.

فيه: جواز هبة المرأة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو من خصائصه لقوله تعالى:{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} الآية [الأحزاب: 50]، ويجوز له استباحة من شاء ممن وهبت نفسها له بغير صداق، وهذا أيضًا من الخصائص، قال أبو عمر: أجمع العلماء على أنه لا يجوز لأحد أن يطأ فرجًا وُهِبَ له وطؤه دون رقبته وبغير صداق، كذا في "العيني"(8/ 688 - 689) هـ.

(2)

لم يسمّ لكنه الأنصاري.

(3)

قوله: (بما معك من القرآن) قال الترمذي: قد ذهب الشافعي إلى هذا الحديث فقال: إن لم يكن شيء يصدقها فتزوجها على سورة من القرآن فالنكاح جائز، ويعلِّمها سورة من القرآن، وقال بعض أهل العلم: النكاح جائز ويجعل لها صداق مثلها، وهو قول أهل الكوفة وأحمد وإسحاق.

قال العيني (8/ 691): وهو قول الليث بن سعد وأبي حنيفة ومحمد وأبي يوسف ومالك وأحمد في أصح الروايتين، انتهى. لقوله تعالى:

ص: 50

‌10 - بَابٌ

(1)

إذا وَكَّلَ رَجُلًا، فَتَرَكَ الْوَكِيلُ شَيْئًا، فَأَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَقْرَضَهُ

(2)

إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى جَازَ

2311 -

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ

(3)

أَبُو عَمْرٍو: ثَنَا عَوْفٌ

(4)

،

"إذَا وَكَّلَ رَجُلًا" في نـ: "إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ". "فَأَجَازَهُ" في نـ: "فَأَجَابَهُ".

===

{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24]، والتعليم ليس بمال، كذا في "الهداية"(1/ 201)، وأجابوا عن قوله صلى الله عليه وسلم:"قد زَوَّجْنَاكَها بما معك من القرآن" أنه إن حُمل على ظاهره يكون تزويجها على السورة لا على تعليمها، فالسورة من القرآن لا يكون مهرًا بالإجماع، فحينئذ يكون المعنى: زَوَّجْتُكَها بسبب ما معك من القرآن وبحرمته وبركته، فتكون الباء للسببية كما في قوله:{إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} [البقرة: 54]، وقولِه تعالى:{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت: 40]، وهذا لا ينافي تسمية المال.

(1)

بالتنوين.

(2)

قوله: (وإن أقرضه) أي: وإن أقرض الوكيل شيئًا مما وُكِّلَ فيه جاز، يعني إذا أجازه الموكِّل، وقال المهلب: مفهوم الترجمة أن الموكل إذا لم يُجِزْ ما فعله الوكيل مما لم يأذن فيه فهو غير جائز، "ع"(8/ 693).

(3)

"قال عثمان بن الهيثم" بفتح الهاء والمثلثة بينهما ياء ساكنة آخره ميم، "أبو عمرو" المؤذن، وقد ساقه المؤلف من غير أن يصرح بالتحديث، وكذا ذكره في "صفة إبليس" (ح: 3275) و"فضائل القرآن"(ح: 5010) لكن مختصرًا، ووصله النسائي والإسماعيلي وأبو نُعيم من طرق إلى عثمان هذا، "قس"(5/ 323).

(4)

"عوف" ابن أبي جميلة الأعرابي العبدي البصري، رمي بالقدر والتشيع لكن احتج به الجماعة، وهو من صِغار التابعين.

ص: 51

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ

(1)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ

(2)

، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو

(3)

(4)

مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللهِ لأَرْفَعَنَّكَ

(5)

إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: دَعْنِي فَإنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ

(6)

، وَلي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأًصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ "، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ

(7)

،

"وَقُلْتُ: وَاللهِ لأَرْفَعَنَّكَ" في نـ: "وَقُلْتُ: لَأرْفَعَنَّكَ". "فَقَالَ: دَعْنِي فَإنِّي" في نـ: "قَالَ: إنِّي". "وَلي حَاجَةٌ" في هـ: "وَبِي حَاجَةٌ".

===

(1)

الأنصاري.

(2)

المراد صدقة الفطر.

(3)

أي: يغرف ويأخذ منه بكفيه، "لمعات".

(4)

قوله: (فجعل يحثو) قال الطيبي (4/ 229): أي ينثر الطعام في وعائه، قلت: يقال: حثا يحثو وحثى يحثي، وكلّه بمعنى الغرف، قوله:"فأخذته" وفي رواية أبي المتوكل زيادة وهي: "أن أبا هريرة شكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم أولًا، فقال له: إن أردت أن تأخذه فقل: سبحان من سَخَّرَك لمحمد، قال: فقلتها، فإذا أنا به قائم بين يدي فأخذته"، كذا في "الفتح"(4/ 488) و"العيني"(8/ 694 - 695).

(5)

أي: لأذهبن بك أشكوك، يقال: رفعه إلى الحاكم إذا أحضره للشكوى، "ف"(4/ 488).

(6)

أي: نفقة عيالٍ، "ف"(4/ 488).

(7)

فيه الترجمة؛ لأن أبا هريرة ترك الرجل الذي حثا لما شكى إليه الحاجة، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجازه، "قس"(5/ 326).

ص: 52

فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ:"أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ"، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامٍ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ

(1)

، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ:"أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ"، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ

(2)

، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أِنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ. قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهَا، قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّه حَافِظٌ، وَلَا يَقْرُبكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ

(3)

فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ

"فَجَعَلَ يَحْثُو" كذا في حـ، ذ، وفي هـ، سـ:"فَجَاءَ يَحْثُو" في الموضعين. "مَا هُوَ" كذا في هـ، وفي ك:"مَا هِيَ"، وفي سـ، حـ:"مَا هُنَّ". "لَنْ يَزَالَ" في هـ: "لَمْ يَزَلْ". "وَلَا يَقْرَبُكَ" في نـ: "وَلَا يَقْرَبَنَّكَ". "شَيْطَانٌ" في نـ: "الشَّيْطَانُ".

===

(1)

لقوله: "لا أعود" وقيل: ظن أنه تاب من كذبه، "مرقاة"(4/ 631).

(2)

أي: رقبته، "ع"(8/ 695).

(3)

وإنّما خلّى سبيله حرصًا على أن يعلّمه كلمات ينفعه الله بها، "ك"(10/ 140).

ص: 53

الْبَارِحَةَ؟ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ، يَنْفَعُنِي اللهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: "مَا هِيَ؟ "، قَالَ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآية {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ الله

(1)

حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَىْءٍ

(2)

عَلَى الْخَيرِ

(3)

، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُذْ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ: "ذَاكَ شَيْطَانٌ

(4)

". [طرفاه: 3275، 5010، أخرجه: سي 959، تحفة: 14482].

"فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ" كذا في قتـ، وفي نـ:"قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ". "قَالَ: قَالَ لِي" في نـ: "فَقُلْتُ: قَالَ لِي". "الآية" ثبت في ذ. "وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ" في هـ: "وَقَالَ لِي: لَمْ يَزَلْ"، وسقط قوله:"لي" من رواية أبي ذر كما في "قس"(5/ 324). "مُذْ" كذا في سـ، حـ، وفي هـ:"مُنْذُ".

===

(1)

أي: من جهة أمر الله وقدرته، أو من بأس الله ونقمته، "ع"(8/ 695).

(2)

فهو مسوق للاعتذار عن تخلية سبيله بعد المرة الثالثة حرصًا على تعلم ما ينفع، "ف"(4/ 489).

(3)

قوله: (وكانوا أحرص شيء على الخير) أي: وكان الصحابة أحرص الناس على تعلُّمِ الخير، قيل: هذا مدرج من كلام بعض رواته، قلت: هذا يحتمل، والظاهر أنه غير مدرج، ولكن فيه التفات، لأن مقتضى الكلام أن يقال: وكنا أحرص شيء على الخير، وفيه دليل على جواز تعلُّمِ العلم ممن لم يعمل بعلمه، "ع"(8/ 695 - 698).

(4)

قوله: (ذاك شيطان) أي: شيطان من الشياطين، ولا يلزم أن يكون

ص: 54

‌11 - بَابٌ إِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَاسِدًا

(1)

فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ

(2)

2312 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ

(3)

، أَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ

(4)

، ثَنَا مُعَاويَةُ -هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ

(5)

- عَنْ يَحْيَى

(6)

قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ

(7)

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: جَاءَ بِلَالٌ

(8)

إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ

===

إبليس نفسه، كذا في "اللمعات"، قال العيني (8/ 694): مطابقته للترجمة من حيث إن أبا هريرة كان وكيلًا بحفظ زكاة رمضان، وترك شيئًا منها حيث سكت حين أخذ منها ذلك الآتي، وهو الشيطان، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك سكت عنه، وهو إجازة منه.

فإن قلت: من أين يستفاد جواز الإقراض إلى أجل مسمى؟ قلت: قال الكرماني: من حيث أمهله إلى الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأوجه منه ما قاله المهلب: إن الطعام كان مجموعًا للصدقة، فلما أخذ السارق وقال له:"دعني فإني محتاج" وتركه، فكأنه أسلف ذلك الطعام إلى أجل، وهو وقت قسمته وتَفْرِقَته على المساكين، لأنهم كانوا يجمعونه قبل الفطر بثلاثة أيام للتفرقة، فكأنه أسلفه إلى ذلك الأجل، كذا في "الفتح" أيضًا (4/ 487).

(1)

أي: بيعًا فاسدًا، "ع"(8/ 698).

(2)

يعني يُردّ، "قس"(5/ 326).

(3)

"إسحاق" هو ابن راهويه كما جزم به أبو نعيم، أو ابن منصور كما جزم به أبو علي، لأن مسلمًا أخرج هذا الحديث بعينه عن إسحاق بن منصور، لكن قال في "الفتح" (4/ 490): وليس ذلك بلازم.

(4)

"يحيى بن صالح" هو الوُحَاظِي.

(5)

بشدّة اللام، الدمشقي، "تقريب" (رقم: 6761).

(6)

"يحيى" هو ابن أبي كثير الطائي.

(7)

"عقبة بن عبد الغافر" العوذي.

(8)

المؤذن، "قس"(5/ 327).

ص: 55

بَرْنِيٍّ

(1)

، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ " قَالَ بِلَالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

(2)

، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: "أَوَّهْ أَوَّهْ

(3)

عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ ذَلِكَ،

"عِنْدَنَا تَمْرٌ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ:"عِنْدِي تَمْرٌ". "لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ" في نـ: "لِيَطْعَمَ النَّبِيُّ"، وفي أخرى:"لِمَطْعَمِ النَّبِيِّ".

===

(1)

قوله: (برني) بفتح الموحدة وسكون الراء وكسر النون بعدها ياء مشددة، وهو ضرب من التمر أصفر مدوَّر، وهو أجود التمور، قاله في "المحكم"، "ك"(10/ 142)، "ع"(8/ 699).

(2)

قوله: (لِنُطعم النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم) بالنون المضمومة من الإطعام، ولفظ النبي منصوب به، هذا في رواية أبي ذر، وفي رواية غيره "ليطعم" بفتح الياء التحتية وفتح العين، ولفظ النبي مرفوع به، كذا في "الفتح"(4/ 490) و"العيني"(8/ 699)، وزاد في "الفتح": وفي رواية مسلم: "لمطعم النَّبي صلى الله عليه وسلم" بالميم، انتهى.

(3)

قوله: (أوّه أوّه) بفتح الهمزة وتشديد الواو وسكون الهاء، وهي كلمة تقال عند الشكاية والحزن، قال الجوهري: وقد يقال بالمدِّ لتطويل الصوت بالشكاية، قوله:"عين الربا" بالتكرار أيضًا، أي: هذا البيع نفس الربا حقيقة، "ك"(10/ 143)، "ع"(8/ 699)، وهو محل الترجمة، كذا في "العيني"(8/ 699)، وقال في "الفتح" (4/ 490): ليس فيه تصريح بالردِّ بل فيه إشعار به، ولعله أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرقه، فعند مسلم من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد في نحو هذه القصة فقال:"هذا الربا فردّوه"، انتهى.

قال العيني (8/ 699): الذي يعلم بالردِّ من الحديث فوق العلم بتصريح

ص: 56

وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعِ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ

(1)

". [أخرجه: م 1594، س 4557، تحفة: 4246].

‌12 - بَابُ الْوِكَالَةِ فِي الْوَقْفِ وَنَفَقَتِهِ

(2)

، وَأَنْ يُطْعِمَ صَدِيقًا لَهُ

(3)

وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ

(4)

2313 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(5)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(6)

، عَنْ عَمْرٍو

(7)

قَالَ فِي صَدَقَةِ عُمَرَ

(8)

: لَيْسَ عَلَى الْوَلِيِّ جُنَاحٌ أَنْ يَأْكُلَ وَيُؤْكِلَ صَدِيقًا لَهُ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ

(9)

مَالًا

(10)

،

"صَدِيقًا لَهُ" كذا في ذ، وفي ذ:"صَدِيقًا".

===

الردِّ، لأن فيه الردَّ بمرة واحدة، والمفهوم من متن الحديث بمرات، الأولى قوله:"أَوَّه أَوّه" بالتكرار، والثانية:"عين الربا"، والثالثة قوله:"لا تفعل"، والرابعة قوله:"ولكن" إلى آخره.

(1)

أي: بثمن الرديء، "ع"(8/ 699).

(2)

نفقة الوكيل، يدلّ عليه لفظ "الوكالة"، "عيني"(8/ 700).

(3)

أي: وإطعامه صديقَه، "ك"(10/ 143).

(4)

يعني بما يتعارفه الوكلاء فيه، "ع"(8/ 700).

(5)

"قتيبة بن سعيد" هو الثقفي.

(6)

ابن عيينة، "ع"(8/ 700).

(7)

ابن دينار المكي، "ع"(8/ 700).

(8)

هذا على سبيل الإرسال إذ هو لم يدرك عمر رضي الله عنه، "ك"(10/ 143).

(9)

المتأثّل من يجمع مالًا ويجعله أصلًا، "ك"(10/ 143).

(10)

قوله: (غير متأثل مالًا) بمثناة ومثلثة، أي غير جامع، وإنما كان ابن عمر يهدي منه أخذًا بالشرط المذكور، وهو أن يطعم

(1)

صديقًا، ويحتمل

(1)

في الأصل: "أن أطعم".

ص: 57

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ

(1)

هُوَ يَلِي صَدَقَةَ عُمَرَ، يُهْدِي لِلنَّاسِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ

(2)

. [أطرافه: 2737، 2764، 2772، 2773، 2777، تحفة: 7360].

‌13 - بَابُ الْوَكَالَةِ فِي الْحُدُودِ

2314 و 2315 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ

(3)

، أَنَا اللَّيْثُ

(4)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(5)

، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ

(6)

، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ

(7)

وَأَبِي هُرَيْرَةَ،

"لِلنَّاسِ" في ذ: "لِنَاسٍ". "أَنَا اللَّيْثُ" في قتـ: "ثَنَا اللَّيْثُ". "عَنْ عُبَيْدِ اللهِ" زاد في ذ: "ابنِ عَبدِ اللهِ".

===

أن يكون إنما يطعمهم من نصيبه الذي جعل له أن يأكل منه بالمعروف، "فتح"(4/ 491).

(1)

وهو موقوف أشار إليه المزي، "ع"(8/ 701).

(2)

قوله: (كان ينزل عليهم) أي: كان ابن عمر ينزل عليهم أي: على الناس ويهدي بهم من صدقة عمر رضي الله عنه، وهذه الجملة حال بتقدير قد، كما في قوله تعالى:{أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ} [النساء: 90]، أي: قد حصرت، كذا في "الكرماني"(10/ 143) و"العيني"(8/ 701).

(3)

"أبو الوليد" هشام بن عبد الملك الطيالسي.

(4)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(5)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(6)

"عبيد الله" ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود.

(7)

"زيد بن خالد" الجهني الصحابي.

ص: 58

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ

(1)

إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ

(2)

فَارْجُمْهَا". [حديث: 2314، أطرافه: 2649، 2696، 2725، 6634، 6828، 6831، 6836، 6843، 6860، 7194، 7259، 7279، تحفة: 3755، حديث: 2315 أطرافه: 2695، 2724، 6633، 6827، 6833، 6835، 6842، 6859، 7193، 7258، 7260، 7278، أخرجه: م 1697، د 4445، ت 1433، س 5411، ق 2549، تحفة: 14106].

"إلَى امْرأَةِ" كذا في هـ، وفي نـ:"عَلَى امرَأَةِ".

===

(1)

قوله: (وَاغْدُ يا أُنيس

) إلخ، هذا طرف من حديث طويل، وهذا القدر هو المحتاج إليه في هذه الترجمة، وسيأتي بتمامه والكلامُ عليه في "كتاب الحدود" إن شاء الله تعالى، وَحَرَّرْنا أيضًا بعض متعلقات الحديث في الترمذي المطبوع في مطبعنا المعروف بالمطبع الأحمدي في "كتاب الحدود" (برقم: 1433).

قال العيني (8/ 702): أُنيس تصغير أنس، وهو أُنيس بن الضحاك الأسلمي، ويقال: مكبَّرًا، وإنما خصّه من بين الصحابة قصدًا إلى أنه لا يُؤَمَّر في القبيلة إلا رجل منهم لنفورهم عن حكم غيرهم، وكانت المرأة أسلمية.

واختلف العلماء في الوكالة في الحدود والقصاص، فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنه لا يجوز قَبولها في ذلك، ولا يقام الحدود والقصاص حتى يحضر المدعي، وهو قول الشافعي، وقال ابن أبي ليلى وجماعة: تُقْبَل الوكالة، وقالوا: لا فرق بين الحدود والقصاص والديون إلا أن يدعي الخصم أن صاحبه قد عفا عنه، فتوقف عن النظر فيه حتى يحضر.

(2)

المراد: الاعتراف المعهود في الشرع، وهو أربعة مرّات، "لمعات".

ص: 59

2316 -

حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ

(1)

(2)

، أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ

(3)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

(4)

، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ

(5)

قَالَ: جِىِءَ بِالنُّعَيْمَانِ أَوِ ابْنِ النُّعَيْمَانِ

(6)

شَارِبًا

(7)

، فَأَمَرَ

(8)

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ

"بِالنُّعَيْمَانِ" في نـ: "بِالنُّعْمَانِ".

===

(1)

" ابن سلام" محمد البيكندي.

(2)

الصحيح تخفيف اللام، "ك"(10/ 144).

(3)

السختياني، "قس"(5/ 330).

(4)

"ابن أبي مُليكة" عبد الله بن عبيد الله التابعي.

(5)

"عقبة بن الحارث" ابن عامر القرشي النوفلي المكي له صحبة.

(6)

قوله: (بالنعيمان) بالتصغير "أو ابن النعيمان" شكٌّ من الراوي، ووقع عند الإسماعيلي في رواية:"جيء بنعمان أو نعيمان"، فَشَكّ هل هو بالتكبير أو التصغير، وفي رواية:"بنعيمان" بغير شك، ووقع عند الزبير بن بكّار في "النسب": كان بالمدينة رجل يقال له: النعيمان، يصيب الشراب، فذكر الحديث، وكذا روى ابن منده: أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرّ برجل سكران يقال له: نعيمان، فأمر به فَضُرِب، الحديث، وهو النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري، كان ممن شهد بدرًا وكان مُزَاحًا، قال ابن عبد البر: إنه كان رجلًا صالحًا، وأن الذي حدّه النبي صلى الله عليه وسلم[كان] ابنه، "ع"(8/ 703).

(7)

أي: متصفًا بالشرب؛ لأنه حينئذٍ كان سكران لا شاربًا، "ع"(8/ 703).

(8)

فيه الترجمة؛ لأن الإمام إذا لم يتولّ بإقامة الحد بنفسه وولّاه غيره كان ذلك بمنزلة التوكيل، "ف"(4/ 492)، "ع"(8/ 702).

ص: 60

كَانَ فِي الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوا، قَالَ: فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ، فَضَرَبْنَاهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ

(1)

. [طرفاه: 6774، 6775، أخرجه: س في الكبرى 5295، تحفة: 9907].

‌14 - بَابُ الْوِكَالَةِ فِي الْبُدْنِ وَتَعَاهُدِهَا

(2)

2317 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(3)

، ثَنِي مَالِكٌ

(4)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(5)

أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا

(6)

مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ

(7)

. [راجع: 1696، أخرجه: م 1312، س 2793، تحفة: 17899].

"أَنْ يَضْرِبُوا" في نـ: "أَنْ يَضْربُوهُ". "هَدْي رَسُولِ اللهِ" في نـ: "هَدْيِ النَّبِيِّ". "بِيَدِهِ" في نـ: "بِيَدَيْهِ". "مَعَ أَبِيَ بَكْرٍ" في نـ: "مَعَ أَبِي".

===

(1)

أي: أغصان النخل.

(2)

أي: في بيان تعاهد البدن، وهو افتقاد أمرها، "ع"(8/ 703).

(3)

"إسماعيل بن عبد الله" الأويسي المدني.

(4)

"مالك" الإمام المدني.

(5)

الأنصارية.

(6)

أي: الهدي، وأنّث الضمير باعتبار البدن، "قس"(5/ 331).

(7)

قوله: (حتى نحر الهدي) بضم النون مبنيًّا للمفعول، أي: حين نحره أبو بكر رضي الله عنه، والحديث ظاهر فيما ترجم [له] من الوكالة في البدن، وأما تعاهدها فيحتمل أن يكون من مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم إياها بنفسه

ص: 61

‌15 - بَابٌ

(1)

إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ: ضَعْهُ حَيْثُ أَرَاكَ الله

(2)

، وَقَالَ الْوَكيلُ: قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ

2318 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى

(3)

قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ

(4)

، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ

(5)

أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ

(6)

أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ

(7)

بِالْمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بِيْرُحَاءَ

(8)

،

"بِيْرُحَاءَ" في نـ: "بِيْرُحَى" في الموضعين.

===

حتى قلدها بيده، قاله القسطلاني (5/ 331)، وكذا في "الفتح"(4/ 493)، ومرّ الحديث (برقم: 1461).

(1)

بالتنوين.

(2)

يعني في أيِّ موضع شئتَ، "ع"(8/ 704).

(3)

"يحيى بن يحيى" ابن بكر بن زياد التميمي الحنظلي، "قس"(5/ 332)، "ع"(8/ 704)، مات في سنة 226 هـ.

(4)

"مالك" الإمام المدني الأصبحي.

(5)

"إسحاق بن عبد الله" ابن أبي طلحة الأنصاري.

(6)

زيد بن سهل، "قس"(5/ 332).

(7)

قوله: (أكثر أنصاري) قال الكرماني (10/ 146): فإن قلت: القياس يقتضي أن يقال: أكثر الأنصار. قلت: أراد التفضيل على التفصيل، أي: أكثر من كل واحد من الأنصار.

(8)

قوله: (بيرحاء) اختلف هل هو بكسر الموحدة أو فتحها، وبعدها همزة أو تحتية، والراء مفتوحة أو مضمومة، معرَب أو لا، ممدود أو مقصور، منصرف أو لا، وهل هو اسم قبيلة أو امرأة أو بئر أو بستان أو أرض، كذا في "المجمع"(1/ 242)، قال الكرماني (10/ 145): فيه اختلافات، والأصحّ

ص: 62

وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ

(1)

، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ

(2)

إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ، إِنَّ الله تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ

(3)

} [آل عمران: 92]. وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بِيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا

(4)

عِنْدَ الله، فَضَعْهَا يَا رَسولَ اللهِ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَالَ: "بَخٍ

(5)

، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ

(6)

، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ

(7)

، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ"، قَالَ: أَفْعَلُ

(8)

يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ رَوْحٌ

(9)

،

===

فتح الموحدة وسكون التحتية وفتح الراء وقصر الحاء، وهو بستان، انتهى. وتقدم الحديث مع متعلقاته (برقم: 1461) في "باب الزكاة على الأقارب".

(1)

أي: النبوي.

(2)

أي: زيد بن سهل.

(3)

أي: لم تبلغوا حقيقة البرِّ الذي هو كمال الخير، "قس"(3/ 662).

(4)

أي: أقدّمها فأدّخرها، "ع"(6/ 467).

(5)

قوله: (بخ) بفتح الموحدة وسكون المعجمة وكسرها [منوَّنة]، وبالتخفيف والتشديد فيهما، فهي أربعة كلمات تقال عند مدح الشيء والرضا به، "قس"(5/ 332).

(6)

بالهمزة والحاء المهملة في الفرع، "قس"(5/ 332).

(7)

بالتكرار مرّتين، أي: ذاهب، "قس"(5/ 332).

(8)

مضبوط في الطرق كلها بهمزة قطع على أنه فعل مستقبل، "ف"(4/ 493).

(9)

يعني روح بن عبادة وافق في الرواية عن مالك في الإسناد والمتن إلا في هذه اللفظة، "ف"(4/ 493).

ص: 63

عَنْ مَالِكٍ: رَابِحٌ

(1)

. [راجع: 1461].

‌16 - بَابُ وَكَالَةِ الَأمِينِ فِي الْخِزَانَةِ وَنَحْوِهَا

2319 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ

(2)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(3)

، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

(4)

(5)

، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ

(6)

، عَنْ أَبِي مُوسَى

(7)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْخَازِنُ الأَمِينُ الَّذِي يُنْفِقُ -وَرُبَّمَا قَالَ: الَّذِي يُعْطِي- مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا، طَيِّبًا نَفْسُهُ، إِلَى الَّذِي أُمِرَ بِهِ، أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ

(8)

". [راجع: 1438].

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ" في نـ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ". "طَيِّبًا نَفْسُهُ" كذا في صـ، ذ، وفي نـ:"طَيِّبٌ نَفْسُهُ".

===

(1)

قوله: (قال روح عن مالك: رابح) بالموحدة، فيما وصله الإمام أحمد عنه (3/ 141)، وفي غير الفرع من الأصول في رواية يحيى "رابح" بالموحدة، أي يربح فيه صاحبه، وقال العيني (8/ 704): رائج بالجيم من الرواج، فليتأمل، وموضع الترجمة قول أبي طلحة للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنها صدقة

" إلخ، فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه ذلك، هذا كلّه عن "القسطلاني" (5/ 333).

(2)

"محمد بن العلاء" أبو كريب الهمداني.

(3)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة الليثي.

(4)

"بُريد بن عبد الله" ابن أبي بردة.

(5)

مرّ الحديث (برقم: 1023، و 2260).

(6)

"أبي بردة" هو عامر أو الحارث بن أبي موسى الأشعري.

(7)

"أبي موسى" هو عبد الله بن قيس الأشعري.

(8)

بلفظ التثنية.

* * *

ص: 64

بسم الله الرحمن الرحيم

‌41 - أَبْوَابُ الْحَرْثِ

(1)

وَالْمُزَارَعَةِ

(2)

وَمَا جَاءَ فِيهِ

‌1 - بَابُ فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ

(3)

وَقَوْلِ اللهِ

(4)

: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ *

"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، أَبوابُ الْحَرثِ -إلَى- إِذَا أُكل منهُ"، في مه، صـ:" {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَرثِ وَالْمُزَارَعَةِ وَفَضْلِ الزَّرعِ إذَا أُكِلَ منه"، وفي نـ:" {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، كتابُ الْمُزَارَعَةِ، بَابُ فَضْلِ الزَّرعِ وَالغَرسِ إذَا أُكِلَ منهُ"، وفي سفـ، هـ:"كتابُ الْمُزَارَعَةِ، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، بَابُ مَا جَاءَ في الْحَرثِ والْمُزَارَعَةِ وَفَضْلِ الزَّرعِ وَالغَرسِ إذَا أُكِلَ منهُ"، وفي حـ:" {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، فِي الْحَرثِ" وفي سـ: "كتابُ الْحَرثِ، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ".

===

(1)

وهو الزرع، "قاموس" (ص: 166).

(2)

قوله: (أبواب الحرث والمزارعة) مفاعلة من الزرع، وفي الشريعة: هي عقد على الزرع ببعض الخارج، وهي فاسدة عند أبي حنيفة، وقالا: يجوز، وعليه الفتوى لحاجة الناس إليها ولظهور تعامل الأمة بها، والقياس يُتْرَكُ بالتعامل، "الهداية"(2/ 337).

(3)

أي: من كل واحد من الزرع والغرس، وهذا القيد لا بدّ منه لحصول الأجر، "ع"(9/ 3).

(4)

قوله: (وقول الله

) إلخ، بالجر عطف على قوله:"فضل الزرع"، وذكر هذه الآية لاشتمالها على الحرث والزرع، وأيضًا تدلّ على إباحة الزرع من جهة الامتنان به، "ع"(9/ 3).

ص: 65

لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا

(1)

} [الواقعة: 63 - 65].

2320 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(2)

، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ

(3)

. ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ

(4)

، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ

(5)

، عَنْ قَتَادَةَ

(6)

، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا

(7)

، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ

(8)

".

"ابْنِ مَالِكٍ" ثبت في ذ. "قَالَ النَّبِيُّ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ رَسُولُ اللهِ".

===

(1)

أي: هشيمًا لا يُنتفع به.

(2)

الثقفي، "قس".

(3)

الوضاح بن عبد الله اليشكري، "قس"(5/ 336).

(4)

"عبد الرحمن بن المبارك" ابن عبد الله العَيْشي بعين مهملة مفتوحة فتحتية ساكنة فشين معجمة منسوب إلى بني عايش.

(5)

المذكور.

(6)

ابن دعامة.

(7)

قوله: (ما من مسلم يغرس

) إلخ، فيه فضل الغرس والزرع، واستدلّ به بعضهم على أن الزراعة أفضل المكاسب، قيل: أفضلها الكسب باليد وهي الصنعة، وقيل: أفضلها التجارة، وأكثر الأحاديث تدل على أفضلية الكسب باليد، "ع"(9/ 5).

[قال الماوردي: أصول المكاسب الزراعة والتجارة والصنعة، وأطيبها التجارة عند الشافعي، والزراعة عندي، ورجّحه في "الروضة"، وقال أصحابنا: أفضل الكسب بعد الجهاد التجارة، ثم الحراثة، ثم الصناعة، انظر: "اللامع" (6/ 273)].

(8)

أي: الثواب في الآخرة، "ف"(5/ 3).

ص: 66

وَقَالَ مُسْلِمٌ

(1)

ثَنَا أَبَانُ

(2)

ثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ

(3)

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [طرفه: 6012، أخرجه: م 1553، ت 1382، تحفة: 1431، تحفة: 1131].

‌2 - بَابُ مَا يُحْذَّرُ مِنْ عَوَاقِبِ الاشْتِغَالِ بِآلَةِ الزَّرْعِ أَوْ جَاوَزَ الْحَدَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ

(4)

"وَقَالَ مُسْلِمٌ" في مه، صـ، ذ:"وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ". "أَوْ جَاوَزَ الْحَدَّ" كذا في سفـ، ذ، وفي مه، صـ:"أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ"، وفي بو:"أَوْ يُجَاوِزُ الْحَدَّ".

===

(1)

" قال مسلم" ابن إبراهيم الفراهيدي البصري، "ع"(9/ 6).

(2)

هو: ابن يزيد العطار، "ع"(9/ 6).

(3)

أتى به لتصريح قتادة فيه بسماعه من أنس ليسلم من تدليس قتادة، "ع"(9/ 6).

(4)

قوله: (ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع أو جاوز الحدَّ الذي أُمِرَ به) كذا للنسفي وأبي ذر، وللأصيلي وكريمة:"أو مجاوزةِ الحدِّ" أي في بيان مجاوزة الحدّ، وفي رواية ابن شبويه:"أو يجاوز الحدَّ"، والمراد بالحدّ الذي شُرِع سواء كان واجبًا أو سنة أو ندبًا.

قال العيني (9/ 7): لما ذكر المصنف فضل الزرع والغرس في الباب السابق، أراد الجمع بينه وبين حديث هذا الباب، لأن بينهما منافاة بحسب الظاهر، وأشار إلى كيفية الجمع بشيئين: أحدهما: وهو قوله: "ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع"، وذلك إذا اشتغل به فَضَيَّع بسببه ما أُمِرَ به، والآخر: هو قوله: "أو مجاوزة الحد" وذلك فيما إذا لم يضيِّعْ، ولكنه جاوز الحد فيه، قال الداودي: هذا لمن يقرب من العدوّ فإنه إذا اشتغل بالحرث لا يشتغل بالفروسية ويتأَسَّدُ عليه العدو، وأما غيرهم فالحرث محمود لهم، انتهى.

ص: 67

2321 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(1)

، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ

(2)

، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ

(3)

، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: -وَرَأَى سِكَّةً

(4)

وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ، فَقَالَ-: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ الذُّلَّ". قَالَ مُحَمَّدٌ

(5)

: وَاسْمُ أَبِي أُمَامَةَ صُدَيُّ بنُ عجلانَ. [راجع: 2141، تحفة: 4925].

‌3 - بَابُ اقْتِنَاءِ

(6)

الْكَلْبِ لِلْحَرْثِ

(7)

"النَّبِيَّ" في ذ: "رَسُولَ اللهِ". "إلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ الذُّلَّ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ، ذ:"إلَّا دَخَلَهُ الذُّلُّ" وفي نـ: "إلَّا أُدْخِلَهُ الذُّلُّ". "قَالَ مُحَمَّدٌ: وَاسْمُ أَبِي أُمَامَةَ

" إلخ، ثبت في سـ، هـ، وفي سـ أَيضًا: "قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ"، بدل قوله: "قال محمد".

===

(1)

" عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(2)

أبو يوسف، "قس"(5/ 338).

(3)

بفتح الهمزة وسكون اللام، نسبة إلى ألهان أخو همدان بن مالك بن زيد، "ع"(9/ 7).

(4)

قوله: (ورأى سكة) الواو فيه للحال، والسكة بكسر السين المهملة وتشديد الكاف، وهي الحديدة التي يُحْرَثُ بها، قوله:"إلا أدخله الله الذلّ"، وجه الذلّ ما يلزم الزُّرَّاعَ من حقوق الأرض فيطالبهم السلطان بذلك، وقيل: إن المسلمين إذا أقبلوا على الزراعة شُغلوا عن العدو، وفي ترك الجهاد نوع ذلٍّ، وفي الحديث علامة النبوة، "ع"(9/ 8).

(5)

هو: ابن زياد الراوي، كذا هو في بعض النسخ وعليه شرح العيني، "قس"(5/ 339).

(6)

أي: الاتّخاذ والإمساك، "ك"(10/ 149).

(7)

قوله: (اقتناء الكلب للحرث) بالقاف افتعال من القنية بالكسر،

ص: 68

2322 -

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ

(1)

، ثَنَا هِشَامٌ

(2)

، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

(3)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ

(4)

، إِلَّا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ

(5)

مَاشِيَةٍ

(6)

". وَقَالَ

===

وهي الاتخاذ، قال ابن المنير: أراد البخاري إباحة الحرث بدليل إباحة اقتناء الكلب المنهي عن اتخاذها [لأجل الحرث]، فإذا رخّص من أجل الحرث في الممنوع من اتخاذه كان أقلّ درجاته أن يكون مباحًا، "فتح الباري"(5/ 5 - 6).

(1)

"معاذ بن فَضَالة" أبو زيد البصري.

(2)

الدستوائي.

(3)

ابن عبد الرحمن، "قس"(5/ 340).

(4)

قوله: (قيراط) قال الكرماني (10/ 149): والقيراط ههنا مقدار معلوم عند الله، والمراد نقص جزء من أجزاء عمله، فإن قلت: ما التوفيق بين قوله: "قيراط"، وقوله:"قيراطان"؟ قلت: قيل: يجوز أن يكونا في نوعين من الكلاب، أحدهما أشد إيذاءً، وقيل: القيراطان في المدن والقرى، والقيراط في البوادي، وقيل: هما في زمانين، فذكر القيراط أولًا ثم زاد التغليظ، واختلفوا في سبب النقص، فقيل: امتناع الملائكة من دخول بيته، أو ما يلحق المارِّين من الأذى، أو ذلك عقوبة لهم لاتخاذهم ما نهي عن اتخاذه، أو لكثرة أكله النجاساتِ، أو لكراهة رائحتها، أو لأن بعضها شيطان، أو لولوغه في الأواني عند غفلة صاحبها، كذا ذكره العيني (9/ 9).

(5)

للتنويع.

(6)

الماشية اسم يقع على الإبل والبقر والغنم، وأكثر ما يستعمل في الغنم، "ع"(9/ 9).

ص: 69

ابْنُ سِيرِينَ

(1)

وَأَبُو صَالِحٍ

(2)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِلَّا كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ

(3)

". وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ". [طرفه: 3324، أخرجه: م 1557، تحفة: 15428، 13414].

2323 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(5)

، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ

(6)

، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ

(7)

أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ

(8)

حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ

===

(1)

" ابن سيرين" هو محمد، مما تتبعه الحافظ ابن حجر فلم يجده موصولًا.

(2)

"وأبو صالح" ذكوان الزيات، مما وصله أبو الشيخ الأصبهاني في "كتاب الترغيب".

(3)

قوله: (إلا كلب غنم أو حرث أو صيد) قال العيني (9/ 10): فإن قلت: هل يجوز اتخاذه لغير الوجوه الثلاثة؟ قلت: قال ابن عبد البر ما حاصله: إن هذه الوجوه الثلاثة ثبتت بالسنة، وما عداها فداخل في باب الحظر، وقيل: الأصحّ عند الشافعية إباحة اتخاذه لحراسة الدرب إلحاقًا للمنصوص بما في معناه، انتهى.

(4)

هو سلمان الأشجعي، مِما وصله أبو الشيخ، "قس"(5/ 341).

(5)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(6)

"مالك" الإمام المدني.

(7)

"يزيد بن خُصَيفة" مصغّر، نسبه لجده واسم أبيه عبد الله الكندي المدني.

(8)

"السائب بن يزيد" الكندي، صحابي صغير حجّ به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولَّاه عمر سوقَ المدينة، وهو آخر من مات من الصحابة.

ص: 70

أَبِي زُهَيْرٍ

(1)

-رَجُلًا

(2)

مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ

(3)

، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي

(4)

عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا، نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ"، قُلْتُ: أَأَنْتَ سَمِعْتَ

(5)

هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: إِي وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ. [طرفه: 3325، أخرجه: م 1576، س 4285، ق 3206، تحفة: 4476].

‌4 - بَابُ اسْتِعْمَالِ الْبَقَرِ

(6)

لِلْحِرَاثَةِ

2324 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(7)

،

"رَجُلًا" في ذ: "رَجُلٌ"، أي هو رجل من أزد شنوءة. "كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ" في نـ:"مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ".

===

(1)

" سفيان بن أبي زهير" الأزدي، صحابي يُعَدُّ في أهل المدينة.

(2)

منصوب بتقدير: أعني.

(3)

هي قبيلة مشهورة، "ف"(5/ 7).

(4)

قوله: (لا يغني) من الإغناء، وقوله:"عنه" أي: عن الكلب، ويروى "لا يغني به" أي: لا ينفع بسببه أو لا يقيم به، قوله:"ولا ضرعًا" الضرع اسم لكل ذات ظلف وخفٍّ، وهذا كناية عن الماشية، "ع"(9/ 11).

(5)

هذا للتثبيت في الحديث، "ع"(9/ 11).

(6)

اسم جنس، والبقرة الواحدة منه، يقع على الذكر والأنثى، "ع"(9/ 11).

[أشار البخاري بالترجمة يعني أن أصل وضعها للحراثة لا للركوب بخلاف الخيل، انظر: "اللامع" (6/ 276)].

(7)

"محمد بن بشار" العبدي البصري أبو بكر بندار.

ص: 71

ثَنَا غُنْدُرٌ

(1)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(2)

، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيمَ

(3)

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنَمَا

(5)

رَجُلٌ

(6)

رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا

(7)

، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ، قَالَ: آمَنْتُ بهِ

(8)

أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً فَتَبِعَهَا الرَّاعِي، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ

(9)

، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي، قَالَ: آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ".

===

(1)

" غندر" هو محمد بن جعفر البصري.

(2)

ابن الحجاج، "قس"(5/ 342).

(3)

ابن عبد الرحمن بن عوف.

(4)

ابن عبد الرحمن الزهري المدني، "قس"(5/ 342).

(5)

بالميم، "قس"(5/ 342).

(6)

لم يسمّ، "قس"(5/ 342).

(7)

أي: الركوب، "ع"(9/ 12).

(8)

أي: بتكلّم البقرة، "ع"(9/ 12).

(9)

قوله: (يوم السبع) قال ابن الجوزي: أكثر المحدثين يروونه بضم الباء، قال: والمعنى على هذا: أي: إذا أخذها السبع لم يقدر على خلاصها فلا يرعاها حينئذٍ غيري، أي: إنك تهرب وأكون أنا قريبًا منها، قال القرطبي: كأنه يشير إلى حديث أبي هريرة المرفوع: "يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي"["صحيح البخاري" (برقم: 1874)] يريد السباع والطير، قال ابن العربي (13/ 150): هو بسكون الباء، والضمُّ تصحيف، ومعناه بالسكون الإهمال، أي: من لها يوم يهملها أربابها لعظيم ما هم فيه من الكرب، إما بما يحدث من فتنة، أو يريد به يوم الصيحة لكن قال القاضي: إن الرواية بالضم، "ع"(9/ 12) مختصرًا.

ص: 72

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ

(1)

: وَمَا هُمَا يَوْمَئِذٍ

(2)

فِي الْقَوْمِ. [أطرافه: 3471، 3663، 3690، أخرجه: م 2388، ت 3677، تحفة: 14951].

‌5 - بَابٌ إِذَا قَالَ: اكْفِنِي مَؤونَةَ النَّخْلِ

(3)

أَوْ غَيْرِهِ، وَتُشْرِكُنِي

(4)

فِي الثَّمَرِ

2325 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ

(5)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(6)

، ثَنَا أَبُو الزِّنَادِ

(7)

،

"أَوْ غَيْرِهِ" في ذ: "وَغَيْرِهِ".

===

(1)

الراوي المذكور، "قس"(5/ 344).

(2)

قوله: (وما هما يومئذ) أي لم يكونا يومئذ حاضِرَينَ، وإنما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقة بهما لعلمه بصدق إيمانهما وقوة يقينهما وكمال معرفتهما بقدرة الله تعالى، "ع"(9/ 12).

(3)

أي: إذا قال صاحب النخيل لغيره: اكفني مؤونة النخل. والمؤونة هي العمل فيه من السقي والقيام عليه بما يتعلق به، "ع"(9/ 13).

(4)

قوله: (وتشركني) بالرفع والنصب، وجه الرفع تقدير المبتدأ، أي: أنت تشركني، والواو فيه للحال، ووجه النصب تقدير كلمة "أَنْ" بعد الواو، كذا في "العيني"(9/ 13).

قال في "الفتح"(5/ 8): يجوز في "تشركني" فتحُ أوله وثالثه، وضمُّ أوّله وكسرُ ثالثه، بخلاف قوله:"ونشرككم" فإنه بفتح أوله وثالثه حسب، انتهى.

(5)

"الحكم بن نافع" هو أبو اليمان الحمصي.

(6)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة الحمصي واسم أبيه دينار.

(7)

"أبو الزناد" عبد الله بن ذكوان.

ص: 73

عَنِ الأَعْرَجِ

(1)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَتِ الأَنْصارُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اقْسِمْ

(2)

(3)

بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ

(4)

، قَالَ:"لَا"، فَقَالُوا: فَتَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنُشْرِكُكُمْ فِي الثَّمَرَةِ. قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا

(5)

. [طرفاه: 2719، 3782، تحفة: 13738].

‌6 - بَابُ قَطْعِ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ

وَقَالَ أَنَسٌ

(6)

: أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ.

"النَّخِيلَ" في هـ: "النَّخْلَ". "فَقَالُوا" في نـ: "قَالَ".

===

(1)

" الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز.

(2)

الهمزة للوصل.

(3)

قوله: (اقسِمْ

) إلخ، أي قالت الأنصار حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، قالوا: يا رسول الله، اقسم بيننا

إلخ، وإنما قالوا ذلك لأن الأنصار لما بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة شرط عليهم النبي صلى الله عليه وسلم مؤاساة من هاجر إليهم، فلما قدم المهاجرون قالت الأنصار: اقسم يا رسول الله بيننا وبينهم، ويعمل كل واحد سهمه، فلم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو معنى قوله:"لا" لأنه كره أن يخرج شيء من عقار الأنصار عنهم، فقالت الأنصار حينئذ:"تكفونا المؤونة، ونشرككم في الثمرة"، "ع"(9/ 14).

(4)

جمع نخل كعبد وعبيد.

(5)

قوله: (قالوا: سمعنا وأطعنا) أي قالت الأنصار والمهاجرون كلّهم: سمعنا وأطعنا، يعني: امتثَلْنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيما أشار إليه، وهذه صورة المساقاة، "ع"(9/ 14).

(6)

"قال أنس" هذا مما وصله في "باب نبش قبور الجاهلية في المساجد" من "كتاب الصلاة"(ح: 428).

ص: 74

2326 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(1)

، ثَنَا جُوَيْرِيَةُ

(2)

، عَنْ نَافِعٍ

(3)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ

(4)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ

(5)

وَقَطَعَ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ

(6)

، وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ:

وَهَانَ

(7)

عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ

(8)

حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرٌ

(9)

[أطرافه: 3021، 4031، 4032، 4884، تحفة: 7637].

"وَهَانَ" في حـ، سـ، ذ:"لَهَانَ".

===

(1)

" موسى بن إسماعيل" التبوذكي.

(2)

"جويرية" ابن أسماء الضبعي البصري.

(3)

"نافع" مولى ابن عمر.

(4)

ابن عمر رضي الله عنهما.

(5)

هم قوم من اليهود.

(6)

بضمّ الموحدة وفتح الواو: موضع معروف من بلد بني النضير، "ع"(9/ 15).

(7)

أي: سهل.

(8)

قوله: (وهان على سراة بني لؤيّ) أي ساداتهم. -المراد منهم أكابر قريش، "ع"(9/ 16) - وهم النبي صلى الله عليه وسلم وأقاربه، أي: لا يستطيعون اليوم أن يعينوا بني النضير، وإنما قال هذا لأن بني لؤي وبني النضير كانوا معاهدين، ولما أنشده حسان أجابه سفيان بن الحارث بقوله:

أدام الله ذلك من صنيعِ

وحرّق في نواحيها السعير

أي: أدام الله تحريق تلك الأرض بحيث يتصل بنواحيها وهي المدينة وسائر أرض المسلمين، كذا في "المجمع"(3/ 68).

(9)

أي: منتشر، "ع"(9/ 16)، صفة لحريق.

ص: 75

‌7 - بَابٌ

2327 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ

(1)

، أَنَا عَبْدُ اللهِ

(2)

، أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ

(3)

، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الأَنْصَارِيِّ، سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ

(4)

قَالَ: كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُزْدَرَعًا

(5)

، كُنَّا نُكْرِي

(6)

الأرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى لِسَيِّدِ الأَرْضِ

(7)

، قَالَ: فَمِمَّا يُصَابُ ذَلِكَ

(8)

وَتَسْلَمُ الأَرْضُ،

"ابنُ مُقَاتِلٍ" ثبت في قتـ، ذ. "فَمِمَّا يُصَابُ" في هـ، ذ:"فَمَهْمَا يُصَابُ".

===

(1)

المروزي.

(2)

ابن المبارك، "ع"(9/ 16).

(3)

الأنصاري، "قس"(5/ 347).

(4)

الأنصاري، "قس"(5/ 347).

(5)

قوله: (مُزْدَرَعًا) نصب على التمييز، والمزدرع أصله المزترع من باب الافتعال، وهو مكان الزرع، ويجوز أن يكون مصدرًا، أي: كنا أكثر أهل المدينة زرعًا، "ع"(9/ 17).

(6)

بضمّ النون من الإكراء، "ع"(9/ 17).

(7)

أي: مالكها، "ع"(9/ 17).

(8)

قوله: (فمِمَّا يصاب ذلك) أي: فكان ذلك البعض مما يصاب، أي: تقع له مصيبة ويصير مؤوفًا فيتلف ذلك، ويسلم باقي الأرض تارةً فبالعكس أخرى، ويحتمل أن يكون مما بمعنى ربما، لأن حروف الجر يقام بعضها مقام بعض، سيّما و"من" التبعيضية تناسب "رُبَّ" التقليلة، كذا في "الكرماني"(10/ 153)، وفي رواية الكشميهني:"فمهما" في الموضعين، ورواية الأكثر هو الأظهر؛ لأن مهما لا يناسب هنا إلا بالتعسف، كذا في "العيني"(9/ 17).

ص: 76

وَمِمَّا تُصَابُ الأَرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ، فَنُهِينَا

(1)

، وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ

(2)

. [أطرافه: 2286، أخرجه: م 1547، د 3392، س 3899، ق 2458، تحفة: 3553].

‌8 - بَابُ الْمُزَارَعَةِ بِالشَّطْرِ

(3)

وَنَحْوِهِ

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ

(4)

: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ

(5)

قَالَ: مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ

(6)

إِلَّا يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَ

(7)

الرُّبُع. وَزَارَعَ

"وَمِمَّا تُصَابُ" في هـ، ذ:"وَمَهْمَا تُصَابُ". فَلَمْ يَكُنْ" في نـ: "فَلَمْ تَكُنْ".

===

(1)

قوله: (فَنُهِينَا) على صيغة المجهول، أي: نهينا عن هذا الإكراء على هذا الوجه؛ لأنه موجب لحرمان أحد الطرفين، فيؤدي إلى الأكل بالباطل.

قيل: لا وجه لإدخال هذا الحديث في هذا الباب، ولعل الناسخٍ غَلطَ فكتبه فى غير موضعه، وأجيب بأنّ له وجهًا من حيث إن من اكترى أرضًا لمدة فله أن يزرع ويغرس فيها ما شاء، فإذا تَمّت المدة فلصاحب الأرض طلبه بقلعهما، فهذا من باب إباحة قطع الشجر، "ع"(9/ 16 - 17)، "ف"(5/ 9).

(2)

أي: لم يكن الذهب والفضة يكرى بهما ولم يرد نفي وجودهما، "ف"(5/ 10)، أو لم يكن يكرى بهما لقلتهما عندهم.

(3)

أي: بالنصف، "ك"(10/ 153).

(4)

"وقال قيس بن مسلم" الجدلي الكوفي، فيما وصله عبد الرزاق (8/ 100، رقم: 14476).

(5)

"أبي جعفر" هو محمد بن علَي الباقر.

(6)

أراد به المهاجرين، "ك"(10/ 153).

(7)

بمعنى أو، "ع"(9/ 18).

ص: 77

عَلِيٌّ

(1)

وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ

(2)

وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

(3)

وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ

(4)

وَآلُ أَبِي بَكْرٍ

(5)

وَآلُ عُمَرَ وَآلُ عَلِيٍّ وَابْنُ سِيرِينَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأسْوَدِ

(6)

: كُنْتُ أُشَارِكُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ

(7)

فِي الزَّرْعِ. وَعَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى إِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَهُ الشَّطْرُ، وَإِنْ جَاءُوا بِالْبَذْرِ فَلَهُمْ كَذَا. وَقَالَ الْحَسَنُ

(8)

: لَا بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الأَرْضُ لأَحَدِهِمَا، فَيُنْفِقَانِ جَمِيعًا، فَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَرَأَى ذَلِكَ

(9)

الزُّهْرِيُّ. وَقَالَ الْحَسَنُ

(10)

: لَا بَأْسَ أَنْ يُجْتَنَى الْقُطْنُ

(11)

"وَالْقَاسِمُ" زاد في شحج: "ابنُ مُحَمَّدٍ".

===

(1)

ابن أبي طالب [وصله ابن أبي شيبة (6/ 339، رقم: 21645)].

(2)

هو سعد بن أبي وقاص، "قس"(5/ 349). [وأثر ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وصلهما ابن أبي شيبة (6/ 337، رقم: 21639)].

(3)

[أثر عمر بن عبد العزيز وصله ابن أبي شيبة (6/ 341، رقم: 21651)].

(4)

ابن الزبير.

(5)

آل الرجل أهل بيته؛ لأن الآل القبيلة ينسب إليها، فيدخل كل من ينسب إليه من قبل آبائه إلى أقصى أب له في الإسلام الأقرب والأبعد، "ع"(9/ 19).

(6)

ابن يزيد النخعي، "قس"(5/ 349).

(7)

النخعي.

(8)

البصري، "ع"(9/ 20).

(9)

أي: ما قاله الحسن، "ع"(9/ 20).

(10)

البصري.

(11)

قوله: (أن يجتنى القطن) من جنيت الثمرة إذا أخذتها من

ص: 78

عَلَى النِّصْفِ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ

(1)

وَابْنُ سِيرينَ

(2)

وَعَطَاءٌ

(3)

وَالْحَكَمُ

(4)

وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ: لَا بَأسَ أَنْ يُعْطَى الثَّوْبُ

(5)

بِالثُّلُثِ أَو الرُّبُعِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ

(6)

: لَا بَأْسَ أَنْ تُكْرَى الْمَاشِيَةُ

(7)

عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى.

"أَنْ تُكْرَى الْمَاشِيَةُ" كذا في عسـ، صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ".

===

الشجرة، قال ابن بطال: أما اجتناء القطن والعصفر ولقاطُ الزيتون والحصادُ كل ذلك غير معلوم، فأجازه جماعة من التابعين، وهو قول أحمد بن حنبل، قاسوه على القراض؛ لأنه يعمل بالمال على جزء منه معلوم لا يدري مبلغه، ومنع من ذلك مالك وأبو حنيفة والشافعي لأنها عندهم إجارة بثمن مجهول لا يُعْرَف، "ع"(9/ 20).

(1)

النخعي، "قس"(5/ 350).

(2)

محمد.

(3)

هو: ابن أبي رباح.

(4)

ابن عتيبة، "ع"(9/ 20).

(5)

قوله: (أن يعطى الثوب) أي: لا بأس أن يعطى للنساج الغزل لينسجه، ويكون ثُلُثُ المنسوج له والباقي لمالك الغزل، وأطلق الثوب على الغزل مجازًا، وقال أصحابنا: ومن دفع إلى حائك غزلًا لينسجه بالنصف فهذا فاسد، فللحائك أجر مثله، قاله العيني (9/ 20).

(6)

ابن راشد، "ع"(9/ 21).

(7)

قوله: (لا بأس أن تكرى الماشيةُ) وذلك أن يكري دابة تحمل له طعامًا مثلًا إلى مدة معيّنة، على أَنَّ ذلك بينهما أثلاثًا أو أرباعًا، فإنه لا بأس به، وعندنا لا يجوز ذلك، وعليه أجرة المثل لصاحب الدابة، قاله العيني (9/ 21).

ص: 79

2328 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ

(1)

، ثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ

(2)

، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ

(3)

، عَنْ نَافِعٍ

(4)

أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ

(5)

مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ أَوْ ثَمَرٍ، فَكَانَ يُعْطِي

"أَنَّ النَّبِيَّ" كذا في ذ، وفي نـ:"عَنِ النَّبِيِّ". "عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ" في نـ: "عَامَلَ خَيْبَرَ".

===

(1)

" إبراهيم بن المنذر" الحزامي.

(2)

"أنس بن عياض" الليثي.

(3)

"عبيد الله" ابن عمر العمري.

(4)

"نافع" مولى ابن عمر.

(5)

قوله: (بشطر ما يخرج) أي: بنصف ما يخرج منها من الزرع، إشارة إلى المزارعة، قوله:"أو ثمر" بالمثلثة، إشارة إلى المساقاة، وهي دفع الشجر إلى من يصلحه بجزء من ثمره، قوله:"ثمانون وسقًا" أي: منها ثمانون وسقًا إلخ، قوله:"وقسم عمر" أي خيبر، قالوا: معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر كانت برضا الغانمين، فلما أخذها عمر من اليهود حين أجلاهم قسمها بين المستحقين وسلم إليهم، "ك"(10/ 155)، "ع"(9/ 21 - 22)، قوله:"أن يقطع" من الإقطاع، أقطع السلطان فلانًا أرض كذا: إذا أعطاه وجعله قطيعة له، "ع"(9/ 22).

قال العيني: هذا الحديث عمدة من أجاز المزارعة، قال ابن بطال: اختلف العلماء في كراء الأرض بالشطر والثلث والربع، فأجاز ذلك علي وابن مسعود وسعد والزبير وأسامة وابن عمر ومعاذ وخبّاب، وهو قول ابن المسيب وطاوس وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري وأبي يوسف ومحمد وأحمد، وهؤلاء أجازوا المزارعة والمساقاة، وكرهت ذلك طائفة، روي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وعكرمة والنخعي، وهو قول مالك وأبي حنيفة

ص: 80

أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ

(1)

: ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ، وَعِشْرُونَ وَسْقَ شَعِيرٍ، وَقَسَمَ عُمَرُ، فَخَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ مِنَ الْمَاءِ وَالأَرْضِ،

"ثَمَانُونَ

وَعِشْرُونَ" في هـ: "ثَمَانِين

وَعِشْرِينَ". "وَقَسَمَ عُمَرُ" كذا في ذ، وفي نـ: "فَقَسَمَ عُمَرُ"، وزاد في نـ: "خَيْبَرَ".

===

والليث والشافعي وأبي ثور، ويجوز عندهم المساقاة، ومنعها أبو حنيفة وزفر فقالا: لا تجوز المزارعة ولا المساقاة بوجه من الوجوه، انتهى.

وفي "شرح المشكاة" للطيبي (6/ 149): ذهب الشافعي وموافقوه إلى جواز المزارعة إذا كانت تبعًا للمساقاة، ولا تجوز منفردة كما جرى في خيبر، وذهب أكثرهم إلى جواز المساقاة والمزارعة مجتمعتين ومنفردتين، قال الشيخ محيي الدين: هذا هو الظاهر المختار لحديث خيبر، ولا يُقْبَل دعوى كون المزارعة في خيبر جاءت تبعًا للمساقاة، بل جاءت مستقلّة. وأما أحاديث النهي عن المخابرة فأجيب عنها بأنها محمولة على ما إذا اشترطا لكل واحد قطعة معيّنة من الأرض، انتهى.

وأجاب أبو حنيفة أن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر لم يكن بطريق المزارعة والمساقاة، بل كانت بطريق الخراج على وجه المنِّ عليهم والصلح، لأنه صلى الله عليه وسلم ملكها غنيمة، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يبيِّنْ لهم المدة، ولو كانت مزارعة لَبَيَّنَهَا، لأن المزارعة لا تجوز عند من يجيزها إلا ببيان المدة، وقال أبو بكر الرازي: ومما يدلّ على أن ما شرط عليهم من نصف الثمر والزرع كان على وجه الجزية: أنه لم يُرْوَ في شيء من الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم أخذ منهم الجزية إلى أن مات، ولا أبو بكر إلى أن مات، ولا عمر إلى أن أجلاهم، ولو لم يكن ذلك جزية لأخذ منهم حين نزلت آية الجزية، كذا في "العيني"(9/ 25)، "وشرح الموطأ" للقاري (ص: 236).

(1)

وهو ستون صاعًا.

ص: 81

أَوْ يُمْضِيَ لَهُنَّ

(1)

، فَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الأَرْضَ، وَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الْوَسْقَ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتِ الأَرْضَ. [راجع: 2285، تحفة: 7808].

‌9 - بَابٌ

(2)

إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ السِّنِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ

(3)

2329 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(4)

، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ

(5)

، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ

(6)

، ثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عَامَلَ النَّبِيٌّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ. [راجع: 2285، 2328، 2331، 2338، 2499، 2720، 3152، 4248، أخرجه: م 1551، د 3408، ت 1383، ق 2467، تحفة: 8138].

‌10 - بَابٌ

(7)

2330 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(8)

،

===

(1)

أي: يجري لهن قسمتهن على ما كان فى حياته صلى الله عليه وسلم من التمر والشعير، "ع"(9/ 22).

(2)

بالتنوين.

(3)

قوله: (إذا لم يشترط السنين في المزارعة) قال ابن بطال [6/ 387]: اختلفوا في المزارعة من غير أجل، فكرهها مالك والثوري والشافعي وأبو ثور، وقال أبو ثور: إذا لم يسمّ سنين معلومة فهو على سنة واحدة، وحكي عن بعضهم أنه قال: أجيز استحسانًا، وادّعى القياس لقوله صلى الله عليه وسلم:"نُقِرّكم ما شئنا"، كذا في "العيني"(9/ 23)، وسيجيء تأويل الجمهور فيه (برقم: 2338).

(4)

"مسدد" هو ابن مسرهد الأسدي.

(5)

"يحيى بن سعيد" القطان.

(6)

"عبيد الله" ومن بعده مرّوا آنفًا.

(7)

بالتنوين، "قس"(5/ 353).

(8)

"علي بن عبد الله" المديني.

ص: 82

ثَنَا سُفْيَانُ

(1)

، قَالَ عَمْرٌو

(2)

: قُلْتُ لِطَاوُسٍ

(3)

: لَوْ تَرَكْتَ الْمُخَابَرَةَ

(4)

، فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ، قَالَ: أَيْ عَمْرُو، فَإِنِّي أُعْطِيهِمْ وَأُعِينُهُمْ، وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ

(5)

أَخْبَرَنِي -يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ-: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ: "أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا

(6)

مَعْلُومًا

(7)

". [طرفاه: 2342، 2634، أخرجه: م 1550، د 3389، ت 1385، س 3873، ق 2456، تحفة: 5735].

‌11 - بَابُ الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْيَهُودِ

2331 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ

(8)

، أَنَا عَبْدُ اللهِ

(9)

،

"وَأُعِينُهُمْ" في هـ: "وَأُغْنِيهِمْ". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ".

===

(1)

ابن عيينة، "ع"(9/ 24).

(2)

"عمرو" هو ابن دينار المكي.

(3)

"طاوس" هو ابن كيسان.

(4)

أي: المزارعة، "ع"(9/ 24).

(5)

أي: أعلم هؤلاء الذين يزعمون أنه صلى الله عليه وسلم نهى عنه، "ع"(9/ 25).

(6)

أي: أجرة، "ع"(9/ 25).

(7)

وجه دخول هذا الحديث في [الباب] الذي قبله أنه لما جازت المزارعة على أن للعامل جزءًا معلومًا فجواز أخذ الأجرة المعينة عليها من باب الأولى، "ف"(5/ 14).

(8)

"محمد بن مقاتل" المروزي.

(9)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

ص: 83

أَنَا عُبَيْدُ الله

(1)

، عَنْ نَافِعٍ

(2)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى خَيْبَرَ الْيَهُودَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا. [راجع: 2285، تحفة: 7932].

‌12 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ

(3)

2332 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ

(4)

، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ

(5)

، عَنْ يَحْيَى

(6)

، سَمِعَ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيَّ

(7)

، عَنْ رَافِعٍ

(8)

قَالَ: كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَقْلًا

(9)

، وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي أَرْضَهُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِي وَهَذِهِ لَكَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِهْ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهْ

(10)

، فَنَهَاهُمُ

"مَا خَرَجَ" في نـ: "مَا يَخْرُجُ".

===

(1)

" عبيد الله" هو العمري السابق.

(2)

"نافع" مولى ابن عمر.

(3)

أشار بهذه الترجمة إلى حمل النهي في حديث رافع على ما إذا تضمن العقد شرطًا فيه جهالة أو يؤدّي إلى غرر، "ف"(5/ 15).

(4)

"صدقة بن الفضل" المروزي.

(5)

"ابن عيينة" هو سفيان.

(6)

"يحيى" هو ابن سعيد الأنصاري.

(7)

ابن قيس، "قس"(5/ 355).

(8)

"رافع" هو ابن خديج الأنصاري.

(9)

أي: زرعًا.

(10)

بكسر المعجمة وسكون الهاء، إشارة إلى القطعة، فيه بيان علة النهي، "ع"(9/ 26).

ص: 84

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنهُ. [أطرافه: 2286، 2327، 2344، 2722، أخرجه: م 1547، د 3392، س 3899، ق 2458، تحفة: 3553].

‌13 - بَابٌ إِذَا زَرَعَ

(1)

بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ وَكَانَ

(2)

فِي ذَلِكَ صَلَاحٌ لَهُمْ

2333 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ

(3)

، ثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ

(4)

، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ

(5)

، عَنْ نَافِعٍ

(6)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرِ يَمْشُونَ

(7)

، أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَأوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَىَ فَم غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللهَ بِهَا لَعَلَّهُ يُفْرِّجُهَا

(8)

عَنْكُمْ.

"عَنهُ" سقط في نـ. "صَلَاحٌ لَهُمْ" في نـ: "صَلاحُ حَالهِمْ". "حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ" في قتـ: "حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ". "صَالِحَةً لِلَّهِ" في هـ، ذ:"خَالِصَةً لِلَّهِ".

===

(1)

كمَنَعَ.

(2)

الواو فيه للحال.

(3)

"إبراهيم بن المنذر" الحزامي.

(4)

"أبو ضَمْرة" أنس بن عياض.

(5)

"موسى بن عقبة" الإمام في المغازي.

(6)

"نافع" مولى ابن عمر.

(7)

حال، "ع"(9/ 28).

(8)

بضمّ الراء لأبي ذر، ولأبي الوقت بكسرها، ولغيرهما من التفريج، "قس"(5/ 357).

ص: 85

قَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِي صِبْيَةٌ

(1)

صِغَارٌ، كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ، وَإِنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ وَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَينِ، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُؤوسِهِمَا، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ

(2)

عِنْدَ قَدَمَيَّ، حَتَّى طَلَعٍ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً

(3)

نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ

(4)

اللهُ، فَرَأَوُا السَّمَاءَ.

وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّهَا كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ مِنْهَا فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَبَغَيْتُ

(5)

حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَينَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللهَ،

"وَلَمْ آتِ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"فَلَمْ آتِ". "نَائِمَينِ" كذا في هـ، وفي ك:"نَامَا"، وفي نـ:"نَائِمَانِ". "فَفَرَجَ اللهُ" في نـ: "فَفَرَّجَ اللهُ". "فَأَبَتْ" زاد في هـ، ذ:"عَلَيَّ". "حَتَّى آتِيَهَا" كذا في ذ، وفي نـ:"حَتَّى أَتَيْتُهَا". "فَبَغَيْتُ" في قتـ: "فَتَعِبْتُ".

===

(1)

جمع صبيّ.

(2)

قوله: (يتضاغون) بالمعجمتين، من ضغا يضغو ضغوًا وضغاءً: إذا صاح وضجّ، "ع"(9/ 28).

(3)

قال في "القاموس": الفرجة مثلّثة، "قس"(5/ 357).

(4)

بتخفيف الراء وتشدد، "قس"(5/ 357).

(5)

أي: طلبتُ، "ف"(5/ 17)، ولأبي الوقت بفوقية وعين مهملة فموحدة ساكنة من التعب، "قس"(5/ 358).

ص: 86

وَلَا تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً، فَفُرَجَ

(1)

.

وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ

(2)

، فَلَمَّا

===

(1)

أي: فرجة أخرى لا كلّها، "ع"(9/ 28).

(2)

قوله: (بِفَرَقِ أَرُزٍّ) الفَرَق بفتحتين: إناء يأخذ ستة عشر رطلًا، وذلك ثلاثة أصوع، كذا في "التهذيب"، قاله العيني (9/ 28)، قال القسطلاني (5/ 358): الأرز فيه ست لغات، والرواية هنا بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي، انتهى.

قال في "الفتح"(5/ 17): وتقدم في "البيوع" بلفظ "فرق من ذُرَةٍ" فيجمع بينهما أن الفرق كان من الصنفين، أو أنهما لما كانا حَبَّتَين متقاربتين أطلق أحدهما على الآخر، والأول أقرب.

قال الكرماني (10/ 158): أو كانا أجيرين. قال شارح "التراجم" -وكذا قاله العيني (9/ 27) -: فيه الدلالة على جوازه من حيث إن المستأجر عيَّن للأجير أجره، فبعد إعراضه عنه تصرَّفَ فيه، فلو لم يكن التصرف فيه جائزًا لكان معصية ولا يتوسل بها إلى الله تعالى، وقد يجاب بأن التوسّل إنما كان بردِّ الحقّ إلى مستحقه بزيادته النامية لا بتصرفه، كما أن الجلوس مع المرأة كان معصية، والتوسل لم يكن إلا بترك الزنا، والمسامحة بالجعل ونحوه.

قال العيني: قلت: لما ترك صاحب الحق القبض، ووضع المستأجر يده ثانيًا على الفَرَقِ كان وضعًا مستأنفًا على ملك الغير، ثم تصرفه فيه إصلاح لا تضييع، فاغتفر ذلك ولم يعدّ تعديًا، فلم يمنع عن التوسل بذلك، مع أَنّ جُلَّ قصده خلاصه من المعصية والعمل بالنية، ومع هذا لو هلك الفرق لكان ضامنًا له لعدم الإذن في زراعته، انتهى كلام العيني.

ص: 87

قَضَى عَمَلَهُ قَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرُعَاتَهَا، فَجَاءَنِي فَقَالَ: اتَّقِ اللهَ، فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرُعَاتِهَا فَخُذْ، فَقَالَ: اتَّقِ اللهَ وَلَا تَسْتَهْزِئْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ فَخُذْ، فَأَخَذَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ مَا بَقِيَ، فَفَرَجَ اللهُ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ

(1)

: وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ

(2)

(3)

، عَنْ نَافِعٍ: فَسَعَيْتُ. [راجع: 2215].

"قَالَ: أَعْطِنِي" في ذ: "فَقَالَ: أَعْطنِي". "وَرُعَاتَهَا" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ:"وَرَاعِيَهَا". "فَقُلْتُ: اذْهَبْ" في قتـ: "قُلْتُ: اذْهَبْ". "إلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ" في سـ: "إلَى تِلكَ الْبَقَرِ". "وَرُعَاتِهَا" في هـ: "وَرَاعِيَهَا". "فَقُلْتُ" في ذ: "فَقَالَ". "وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ" في ذ: "وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بنُ عُقْبَةَ".

===

(1)

البخاري.

(2)

"قال ابن عقبة" أي: إسماعيل بن عقبة، وهذا التعليق وصله المؤلف في "باب إجابة دعاء من برّ والديه" [(برقم: 5974)]، من "كتاب الأدب".

(3)

قوله: (قال ابن عقبة

) إلخ، يعني: قال إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن نافع كما رواه عمه موسى بن عقبة، إلا أنه خالفه في هذه اللفظة، وهي قوله:"فبغيت" بالباء والغين المعجمة، فقالها:"سعيت" من السعي، وقال الجياني: وقع في رواية لأبي ذر: "وقال إسماعيل عن عقبة"، وهو وهم، والصواب إسماعيل بن عقبة، "عيني"(9/ 28).

ص: 88

‌14 - بَابُ أَوْقَافِ

(1)

أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَرْضِ الْخَرَاجِ وَمُزَارَعَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(2)

لِعُمَرَ: "تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لَا يُبَاعُ

(3)

، وَلَكِنْ يُنْفَقُ

(4)

ثَمَرُهُ" فَتَصدَّقَ بِهِ.

2334 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ

(5)

، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ

(6)

، عَنْ مَالِكٍ

(7)

،

===

(1)

قوله: (باب أوقاف

) إلخ، أي: في بيان حكم أوقاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان أرض الخراج، وبيان مزارعتهم، وبيان معاملتهم، قال ابن بطال (6/ 473): معنى هذه الترجمة أن الصحابة كانوا يزارعون أوقاف النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته على ما كان عَامَلَ يهودَ خيبرَ، "عمدة القاري"(9/ 29).

(2)

في حديث وصله المؤلف في "الوصايا"(ح: 2764).

(3)

قوله: (تَصَدَّقْ بأصله لا يباع) هذه العبارة كناية عن الوقف، ولفظ "تصدق" أولًا أمر، وثانيًا ماضٍ، والأول كلام الرسول، والثاني كلام الراوي، قاله الكرماني (10/ 158).

(4)

قوله: (ولكن ينفق) على صيغة المجهول، قوله:"فتصدَّقَ به" أي فتصدق عمر به، والضمير يرجع إلى المال المذكور، ومطابقته للصدر الأول من الترجمة وهي تظهر من قوله صلى الله عليه وسلم لعمر:"تصدق بأصله" إلى آخره، وهذا حكم وقف الصحابي، وكذلك يكون حكم أوقاف بقية الصحابة، "عيني"(9/ 29).

(5)

"صدقة" ابن الفضل المروزي.

(6)

"عبد الرحمن" ابن مهدي البصري.

(7)

"مالك" الإمام المدني.

ص: 89

عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ

(1)

، عَنْ أَبِيهِ

(2)

قَالَ: قَالَ عُمَرُ

(3)

: لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فُتِحَتْ قرْيَةٌ

(4)

إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ. [أطرافه: 3125، 4235، 4236، أخرجه: د 3020، تحفة: 10389].

"مَا فُتِحَتْ قَرْيَةٌ" في نـ: "مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً".

===

(1)

" زيد بن أسلم" العدوي مولى عمر، المدني الثقة العالم وكان يرسل.

(2)

"عن أبيه" أسلم العدوي مولى عمر، مخضرم.

(3)

"عمر" هو ابن الخطاب.

(4)

قوله: (ما فتحت قرية) على صيغة المجهول، قوله:"قرية" مرفوع به، ويجوز على بناء الفاعل، وقرية بالنصب مفعوله، "إلا قَسَمْتُها بين أهلها" أي: الغانمين، أي: أشفق عمر أن يبقى آخر الناس لا شيء لهم، فرأى أن يحبس الأرض كما فعل بأرض السواد، ولا يقسمها نظرًا للمسلمين وشفقة على آخرهم بدوام نفعها لهم، قاله عمر حين افتتح الشام.

ومطابقته للجزء الثاني من الترجمة، وبيان ذلك أن عمر رضي الله عنه لما فتح السواد لم يقسمها بين أهلها، بل وضع على من به من أهل الذمة الخراج، فزارعهم وعاملهم، وبهذا يظهر أيضًا دخول هذا الباب في أبواب المزارعة، هذا ملتقط من "الكرماني"(10/ 159)، و"الفتح"(5/ 18)، و"العيني"(5/ 29).

وقال في "الفتح"(5/ 18): وقد اختلف نظر العلماء في القسمة للأرض المفتوحة عنوةً على قولين شهيرين، وفي المسألة أقوال، أشهرها ثلاثة: فعن مالك: تصير وقفًا بنفس الفتح، وعن أبي حنيفة والثوري: يُتَخَيَّر الإمام بين قسمتها ووقفيتها، وعن الشافعي: يلزمه قسمتها إلا أن يرضى بوقفيتها من غنمها.

ص: 90

‌15 - بَابُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا

(1)

وَرَأَى ذَلِكَ

(2)

عَلِيٌّ

(3)

فِي أَرْضِ الْخَرَابِ بِالْكُوفَةِ. وَقَالَ عُمَرُ

(4)

: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ. وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ

(5)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(6)

. وَقَالَ فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ: "وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ

(7)

فِيهِ

"بَابُ مَنْ أَحْيَا

" إلخ، في نـ: "كِتَابُ إحْيَاءِ الموَاتِ، بَابُ مَنْ أَحْيَا

" إلخ، "فِي أَرْضِ الْخَرَابِ بِالْكُوفَةِ" في سفـ: "فِي أَرْضٍ بِالْكُوفَةِ مَوَاتًا". "عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ" في نـ: "عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَوْفٍ".

===

(1)

قوله: (أرضا مواتًا) بفتح الميم وتخفيف الواو، وهي الأرض الخراب، وعن الطحاوي: هو ما ليس بملك لأحد ولا هو من مرافق البلد، سواء قَرُب منه أو بَعُد، في ظاهر الرواية، قاله العيني (9/ 30)، قال في "الدر" (10/ 4): وبه يفتى.

(2)

أي: الإحياء، "ع"(9/ 30).

(3)

ابن أبي طالب، "قس"(5/ 361).

(4)

"وقال عمر" ابن الخطاب، فيما وصله مالك في "الموطأ" [ح: 27].

(5)

ابن يزيد المزني الصحابي.

(6)

هذا وصله ابن أبي شيبة في "مسنده". [بحثنا هذا الحديث في "المصنف" ولم نجده، ولكن ذكر الحافظ في "الفتح" (5/ 19): وصله إسحاق بن راهويه].

(7)

قوله: (لعرق ظالم) رواية الأكثر بتنوين عرق، وظالم نعت له، أي: ليس لذي عرق ظالم، أو ليس لعرق ذي ظلم، ويروى بالإضافة ويكون الظالم صاحب العرق، ويكون المراد بالعرق الأرض، وبالأول جزم مالك والشافعي، "فتح"(5/ 19).

ص: 91

حَقٌّ

(1)

". وَيُرْوَى فِيهِ عَنْ جَابِرٍ

(2)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

2335 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(3)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(4)

، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ

(5)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(6)

، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَعْمَرَ

(7)

أَرْضًا لَيْسَتْ لأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ".

"مَنْ أَعْمَرَ" في ذ: "مَنْ أُعْمِرَ".

===

(1)

أي: من غرس في أرض غيره بدون إذنه فليس له في الإبقاء فيها حق، "ع"(9/ 32).

(2)

"ويروى فيه عن جابر" ابن عبد الله الأنصاري، مما أخرجه الترمذي [ح: 1379] من وجه آخر عن هشام وصحّحه، "قس"(5/ 363). [ووصله أحمد في "المسند" (3/ 304)].

(3)

"يحيى بن بكير" هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي.

(4)

ابن سعد الإمام.

(5)

"عبيد الله بن أبي جعفر" يسار الأموي القرشي.

(6)

"محمد بن عبد الرحمن" أبي الأسود يتيم عروة بن الزبير.

(7)

قوله: (من أعمر) بفتح الهمزة من الإفعال، المراد: من أعمر أرضًا بالإحياء فهو أحق به من غيره، ووقع في رواية أبي ذر:"من أُعْمِر" على بناء المجهول أي: من أعمره غيره، فالمراد من الغير الإمام، وهذا يدلّ على أن إذن الإمام لا بد منه، قوله:"فهو أحق" أي من غيره، واحتج به الشافعي وأبو يوسف ومحمد على أنه لا يحتاج فيه إلى إذن الإمام فيما قرُب وفيما بعد، وعن مالك فيما قرُب لا بد من إذن الإمام، وقال أبو حنيفة: لا بد من إذن الإمام فيما قرب وبعد، فإن أحياه بغير إذنه لم يملكه، وهو قول مكحول وابن المسيب والنخعي وابن سيرين، وبه قال مالك في رواية،

ص: 92

قَالَ عُرْوَةُ

(1)

: قَضَى بِهِ عُمَرُ فِي خِلَافَتِهِ. [أخرجه: س في الكبرى 5759، تحفة: 16393].

‌16 - بَابٌ

2336 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ

(2)

، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ

(3)

، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ

(4)

، عَنْ سَالِم بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُرِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ

(5)

بِذِي الْحُلَيْفَةِ فِي بَطْنِ الْوَادِي، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. فَقَالَ مُوسَى

(6)

: وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ

(7)

بِالْمُنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللهِ

(8)

يُنِيخُ بِهِ، يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ

(9)

"بِذِي الْحُلَيْفَةِ" في هـ: "مِنْ ذِي الْحُليْفَةِ".

===

واحتج أبو حنيفة بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا حمى إلا لله ولرسوله" في "الصحيحين"[خ: 2370، م: 1745]، فدلّ على أن حكم الأرضين إلى الأئمة لا إلى غيرهم، "عيني" (9/ 33). [انظر:"الأوجز"(14/ 108)].

(1)

ابن الزبير بن العوّام بالإسناد السابق، "قس"(5/ 364).

(2)

"قتيبة" ابن سعيد الثقفي أبو رجاء البغلاني.

(3)

"إسماعيل بن جعفر" الأنصاري المؤدب المديني.

(4)

الأسدي المديني، "قس"(5/ 364).

(5)

بلفظ المفعول من التعريس، وهو النزول في آخر الليل، "ع"(9/ 35).

(6)

ابن عقبة المذكور.

(7)

ابن عبد الله المذكور.

(8)

ابن عمر رضي الله عنه.

(9)

مرّ بيانه (برقم: 1535).

ص: 93

مِنْ ذَلِكَ

(1)

. [راجع: 483، أخرجه: م 1346، س 2660، تحفة: 7025].

2337 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(2)

، أَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ

(3)

، عَنِ الَأوْزَاعِيِّ

(4)

، ثَنِي يَحْيَى

(5)

، عَنْ عِكْرِمَةَ

(6)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ

(7)

، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اللَّيْلَةَ أَتَانِي

(8)

آتٍ

(9)

مِنْ رَبِّي وَهُوَ بِالْعَقِيقِ أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقَالَ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ". [راجع: 1534].

"وَقَالَ" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"وَقُلْ".

===

(1)

وجه دخول هذا الحديث في هذا الباب من حيث إنه أشار به إلى أن ذا الحليفة لا يملك بالإحياء؛ لِما فيه من منع الناس النزولَ فيه، أو أن الموات يجوز الانتفاع به، وأنه غير مملوك لأحد، "ع"(9/ 35).

[في "اللامع" (6/ 298): فالغرض من إيراد الحديث في هذا الباب أن المعرس لما تعلق حق العامة بالنزول فيه لا يتملك بإحياء أحد].

(2)

ابن راهويه، "قس"(5/ 365).

(3)

الدمشقي.

(4)

"الأوزاعي" عبد الرحمن بن عمرو.

(5)

"يحيى" هو ابن أبي كثير.

(6)

"عكرمة" مولى ابن عباس.

(7)

ابن الخطاب.

(8)

مرّ الحديث في الحجّ (برقم: 1534).

(9)

هو جبرئيل عليه السلام، "قس"(5/ 365).

ص: 94

‌17 - بَابٌ إِذَا قَالَ رَبُّ الأَرْضِ: أُقِرُّكَ مَا أَقَرَّكَ اللهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا مَعْلُومًا، فَهُمَا عَلَى تَرَاضِيهِمَا

2338 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ

(1)

، ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ

(2)

، ثَنَا مُوسَى

(3)

، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ

(4)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ح وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاق

(5)

: أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ

(6)

، ثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ

(7)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب أَجْلَى الْيَهُودَ

(8)

وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ

(9)

، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى

===

(1)

" أحمد بن المقدام" بكسر الميم، ابن سليمان، أبو الأشعث العجلي البصري.

(2)

"فضيل بن سليمان" النُّمَيْري.

(3)

"موسى" ابن عقبة الأسدي إمام في المغازي مولى آل الزبير.

(4)

"نافع" مولى ابن عمر أبو عبد الله المدني.

(5)

"قال عبد الرزاق" ابن همام الحميري، فيما وصله الإمام أحمد (2/ 149) ومسلم (ح: 1551).

(6)

"ابن جريج" عبد الملك الأموي.

(7)

"موسى بن عقبة" و"نافع" تقدما.

(8)

قوله: (أجلى اليهود) وقال الهروي: جلا القوم عن مواطنهم وأجلى بمعنى واحد، والاسم الإجلاء والجلاء، جلا عن الوطن يجلو، وأجلى يجلي إجلاء: إذا خرج مفارقًا، وكلاهما لازم ومتعدٍّ، كذا في "العيني"(9/ 37).

(9)

قوله: (من أرض الحجاز) هي ما يفصل بين نجد وتهامة، قال الواقدي: ما بين وجرة وغمس الطائف

(1)

نجد، وما كان من وراء وجرة إلى

(1)

في الأصل: "ما بين جدة وعمرة الطائف".

ص: 95

خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ

(1)

عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، فَسَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُقِرَّهُمْ

(2)

بِهَا عَلَى أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا

(3)

، وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، وَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نُقِرُّكُمْ بِهَا

(4)

عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا"، فَقَرُّوا

(5)

بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُم عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ

(6)

وَأَرِيحَاءَ. [راجع: 2285، أخرجه: م 1551، تحفة: 8465].

"حِينَ ظَهَرَ" في شحج: "لَمَّا ظَهَرَ". "عَلَى أَنْ يَكْفُوا" في نـ: "أَنْ يَكْفُوا". "نُقِرُّكُمْ" كذا في ذ، وفي هـ:"نَتْرُكُكُمْ".

===

الهجر تهامة، "ف"(5/ 21)، "تو"(4/ 1652).

(1)

غلب.

(2)

أي: ليسكنهم، "ع"(9/ 37).

(3)

قوله: (أن يكفوا عملها) أي: بأن يكفوا، وكلمة "أن" مصدرية تقديره: بكفاية عمل نخيلاتها ومزارعها والقيام بتعهدها وعمارتها، وفي رواية أحمد [2/ 149] عن عبد الرزاق:"أن يقرّهم بها على أن يكفوا" أي: على كفايتها، وهو أوضح، "ف"(5/ 22)، "ع"(9/ 37).

(4)

هو محل الترجمة، "ع"(9/ 36).

(5)

قوله: (فَقَرّوا بها) بفتح القاف أي: سكنوا بها، كذا في "الفتح"(5/ 22)، و"العيني"(9/ 37)، وقال العيني: وضبطه بعضهم بضم القاف، وله وجه.

(6)

قوله: (إلى تيماء) بفتح المثناة وسكون التحتية وبالمدّ، "وأريحاء" بفتح الهمزة وكسر الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة وبالمد أيضًا، هما موضعان مشهوران بقرب بلاد طيّئ على البحر من جهة الشام، "ف"(5/ 22)، "ك"(10/ 162).

ص: 96

‌18 - بَابُ مَا كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُوَاسِي

(1)

بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الزِّرَاعَةِ وَالثَّمَرِ

2339 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ

(2)

، أَنَا عَبْدُ اللهِ

(3)

، أَنَا الأَوْزَاعِيُّ

(4)

، عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ

(5)

مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ

(6)

قَالَ: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرٍ

(7)

بْنِ رَافِعٍ

(8)

،

"مَا كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ" في نـ: "مَا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ". "وَالثَّمَرِ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَالثَّمَرَةِ". "ابْنِ رَافِعٍ" سقط في نـ.

===

قال القرطبي: تمَسَّكَ بعض أهل الظاهر على جواز المساقاة إلى أجل مجهول بقوله: "نقرّكم بها على ذلك ما شئنا"، وجمهور الفقهاء على أنها لا تجوز إلا لأجل معلوم، قالوا: وهذا الكلام كان جوابًا لما طلبوا حين أراد إخراجهم منها، فقالوا: نعمل فيها ولكم النصف ونكفيكم مؤونة العمل، فلما فُهِمت المصلحةُ أجابهم إلى الإبقاء ووقفه على مشيئته، وبعد ذلك عاملهم على المساقاة، كذا في "العيني"(9/ 37) و"الكرماني"(10/ 162).

(1)

من المواساة، وهي المشاركة في شيءٍ بلا مقابلة مالٍ، "ع"(9/ 39).

(2)

"محمد بن مقاتل" المروزي أبو الحسن المجاور بمكة.

(3)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(4)

"الأوزاعي" عبد الرحمن بن عمرو.

(5)

"أبي النجاشي" بفتح النون وتخفيف الجيم، عطاء بن صهيب التابعي.

(6)

الأنصاري.

(7)

مصغّرًا.

(8)

الأنصاري.

ص: 97

قَالَ ظُهَيْرٌ: لَقَدْ نَهَانَا

(1)

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا

(2)

، قُلْتُ: مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ حَقٌّ، قَالَ دَعَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ

(3)

؟ "، قُلْتُ: نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرَّبِيعِ، وَعَلَى الأَوْسُقِ مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، قَالَ: "لَا تَفْعَلُوا، ازْرَعُوهَا

(4)

، أَوْ أَزْرِعُوهَا

(5)

، أَوْ أَمْسِكُوهَا"، قَالَ رَافِعٌ: قُلْتُ: سَمْعًا وَطَاعَةً

(6)

.

"عَلَى الرَّبِيعِ" في هـ: "عَلَى الرُّبُعِ"، وفي سـ، [حـ، ذ]: "عَلَى الرُّبَيعِ" بالتصغير.

===

(1)

بيّنه بقوله: "لا تفعلوا".

(2)

أي: ذا رفق.

(3)

قوله: (بمحاقلكم) أي: بمزارعكم، جمع محقل من الحقل، وهو الزرع، وقيل: ما دام أخضر، قوله:"على الربيع" بفتح الراء وكسر الموحدة، وهي موافقة للرواية الأخيرة، وهي قوله:"على الأربعاء"، فإن الأربعاء جمع ربيع، وهو النهر، وفي رواية المستملي:"الرُّبَيْع" على التصغير، ووقع للكشميهني "على الرُبُع" بضمتين، وهي موافقة لحديث جابر المذكور بعد، لكن المشهور في حديث رافع الأول، والمعنى أنهم كانوا يكرون الأرض ويشترطون لأنفسهم ما ينبت على الأنهار، "فتح"(5/ 23).

(4)

قوله: (ازرعوها) بكسر الهمزة من زرع يزرع، أي: ازرعوها بأنفسكم، قوله:"أو أَزْرِعوها" من الإزراع، كلمة أو للتخيير لا للشك، وهو تخيير من رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأمور الثلاثة: أن يزرعوا بأنفسهم، أو يجعلوها مزرعة للغير مجانًا، أو يمسكوها معطَّلة، "ع"(9/ 40).

(5)

فيه الترجمة.

(6)

أي: أسمع كلامك سمعًا، وأطيعك طاعة، وبالرفع أي: كلامك أو أمرك سمع وطاعة، أي: مسموع ومطاع، "ع"(9/ 40).

ص: 98

[طرفاه 2346، 4012، أخرجه: م 1548، س 3923، ق 2459، تحفة: 5029].

2340 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى

(1)

، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ

(2)

، عَنْ عَطَاءٍ

(3)

، عَنْ جَابِرٍ

(4)

قَالَ: كَانُوا يَزْرَعُونَهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا

(5)

، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ". [طرفه: 2632، أخرجه: م 1556، س 3876، ق 2451، تحفة: 2424].

2341 -

وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ

(6)

، عَنْ يَحْيَى

(7)

، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

(8)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ". [أخرجه: م 1544، ق 2452، تحفة: 15415].

"ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ" في نـ: "أَنَا الأَوْزَاعِيُّ".

===

(1)

" عبيد الله بن موسى" أبو محمد العبسي الكوفي.

(2)

"الأوزاعي" عبد الرحمن.

(3)

"عطاء" هو ابن أبي رباح.

(4)

"جابر" هو ابن عبد الله الأنصاري.

(5)

قوله: (لِيَمْنَحْهَا) بفتح النون من فتح يفتح، وكسرها من ضرب يضرب، والاسم المنحة بالكسر وهي العطية، أي: يجعلها منيحة أي عارية، "ك"(10/ 163)، "ع"(9/ 40).

(6)

"معاوية" هو ابن سلام.

(7)

"يحيى" هو ابن أبي كثير.

(8)

"أبي سلمة" هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

ص: 99

2342 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ

(1)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(2)

، عَنْ عَمْرٍو

(3)

قَالَ: ذَكَرْتُهُ

(4)

لِطَاوُسٍ

(5)

(6)

، فَقَالَ: يُزْرِعُ

(7)

، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ:"أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأخُذَ شَيْئًا مَعْلُومًا". [راجع: 2330].

2343 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ

(8)

، ثَنَا حَمَّادٌ

(9)

، عَنْ أَيُّوبَ

(10)

،

"أَنْ يَمْنَحَ" في ذ: "إنْ يَمْنَحْ".

===

(1)

" قبيصة" ابن عقبة الكوفي.

(2)

الثوري.

(3)

"عمرو" ابن دينار المكي.

(4)

أي: حديث رافع.

(5)

ابن كيسان اليماني.

(6)

قوله: (ذكرته لطاوس) أي ذكرت الحديث المذكور آنفًا، "فقال: يُزْرِعُ" أي يجوز أن يزرع غيره بالكراء. قوله: "قال ابن عباس

" إلخ، في معرض التعليل من جهة طاوس، يعني لأن ابن عباس قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنه، يعني لم يحرِّمه، وصرّح بذلك الترمذي عن طاوس عن ابن عباس (ح: 1385): "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرّم المزراعة، ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض"، ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال: حديث رافع فيه اضطراب، كذا في "العيني" (9/ 41)، ومَرَّ بيان مذاهبه فيه (برقم: 2330).

(7)

بضمّ الياء من الإزراع، أي: يزرع غيره، "ع"(9/ 41).

(8)

"سليمان بن حرب" الواشحي.

(9)

"حماد" هو ابن زيد بن درهم.

(10)

"أيوب" هو السختياني.

ص: 100

عَن نَافِعٍ

(1)

: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُكْرِي

(2)

مَزَارِعَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ. [تقدم تخريجه: خ: 2286، طرفه: 2345].

2344 -

ثُمَّ حُدِّثَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى رَافِعٍ وَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عنْ كِرَاءِ الْمَزَارعِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ عَلِمْتَ

(3)

أَنَّا كُنَّا نُكْرِي مَزَارِعَنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا عَلَى الأَرْبِعَاءِ وَشَيْءٍ مِنَ التِّبْنِ. [راجع: 2286].

"ثُمَّ حُدِّثَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ" في هـ: "ثُمَّ حَدَّثَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ". "وَشَيْءٍ" في نـ: "وَبِشَيْءٍ".

===

(1)

مولى ابن عمر.

(2)

قوله: (كان يكري) بضم الياء من الإكراء، قوله:"صدرًا" أي أوائل زمان إمارته، فإن قلت: لِمَ لَمْ يذكر عليًّا كرَّم الله وجهه؟ قلت: لعله ما أكراها في زمانه شيئًا، ولفظ "حُدِّث" على صيغة المجهول، "ك"(10/ 164).

(3)

قوله: (قد علمت) بفتح التاء خطاب للرافع، فالأربعاء جمع ربيع، وهو النهر الصغير، حاصل حديث ابن عمر هذا أنه ينكر على رافع إطلاقَه في النهي عن كراء الأرض، ويقول: الذي نهاه عنه صلى الله عليه وسلم هو الذي كانوا يدخلون فيه الشرط الفاسد، وهو أنهم يشترطون ما على الأربعاء وطائفة من التبن، وهو مجهول، وقد يسلم هذا ويصيب غيره آفة أو بالعكس، فتقع المنازعة

(1)

ويبقى المزارع أو رَبُّ الأرض بلا شيء، وأما النهي عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها إذا كان ثلثًا أو ربعًا أو ما أشبه ذلك فلم يثبت.

(1)

في الأصل: "فيقع المزارعة".

ص: 101

2345 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(1)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(2)

، عَنْ عُقَيْلٍ

(3)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ

(5)

أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَعْلَمُ

(6)

فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الأَرْضَ تُكْرَى. ثُمَّ خَشِيَ عَبْدُ اللهِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ، فَتَرَكَ كِرَاءَ الأَرْضِ. [راجع: 2343، أخرجه: م 1547، د 3794، س 3904، تحفة: 6879].

‌19 - بَابُ كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَمْثَلَ

(7)

(8)

مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ

"كُنْتُ أَعْلَمْ" في شحج: "قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ". "عَلِمَهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"يَعْلَمُهُ".

===

والمطابقة تؤخذ من حيث إن رافع بن خديج لما روى النهي عن كراء المزارع، يلزم منه عادة أن أصحاب الأرض إما يزرعون بأنفسهم أو يمنحون بها لمن يزرع من غير بدل فتحصل فيه المواساة، "ع"(9/ 43).

(1)

"يحيى" هو ابن عبد الله "ابن بكير" المخزومي.

(2)

"الليث" الإمام المصري، ابن سعد.

(3)

"عقيل" ابن خالد الأيلي.

(4)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(5)

"سالم" هو ابن عبد الله بن عمر.

(6)

ذكر البخاري هذا الحديث استظهارًا لحديث رافع مع علمه بأن الأرض كانت تكرى على عهده صلى الله عليه وسلم، "ع"(9/ 43).

(7)

أفضل.

(8)

قوله: (إن أمثل

) إلخ، وصله وكيع عن سفيان عن عبد الكريم

ص: 102

أَنْ تَسْتَأْجِرُوا الأَرْضَ الْبَيْضَاءَ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ.

2346 و 2347 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ

(1)

، ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(2)

، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ

(3)

، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، حَدَّثَنِي عَمَّايَ

(4)

: أَنَّهُمِ كَانُوا يُكْرُونَ الأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا يَنْبُتُ عَلَى الأَرْبِعَاءِ أَوْ بِشَئءٍ يَسْتَثْنِيهِ

(5)

صَاحِبُ الأَرْضِ، فَنَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لِرَافِعٍ: فَكَيْفَ هِيَ بالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ؟ فَقَالَ رَافِعٌ: لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ. وَكَأَنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذَوُو الْفَهْمِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَمْ يُجِيزُوهُ،

===

لنسخ: "أَوْ بِشَيْءٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَوْ شَيْءٍ". "وَكَأَنَّ الَّذِي" في نـ: "وَقَالَ اللَّيثُ: وَكَأَنَّ الَّذِي". "عَنْ ذَلكَ" في قتـ، ذ:"مِنْ ذَلكَ". "ذَوُو الْفَهْمِ" في سفـ، بو:"ذُو الْفَهْمِ". "لَمْ يُجِيزُوهُ" في سفـ، بو:"لَمْ يُجِزْهُ".

عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "إن أمثل ما أنتم صانعون أن تستأجروا الأرض البيضاء بالذهب والفضة"، "ع"(9/ 44).

(1)

"عمرو بن خالد" ابن فروخ.

(2)

"ربيعة بن أبي عبد الرحمن" واسمه فروخ مولى المنكدر.

(3)

"حنظلة بن قيس" الزرقي الأنصاري.

(4)

"عمَّاي" أحدهما ظهير بن رافع المذكور قريبًا، والثاني: مُظَهِّر، وقيل: مُهَيْر.

(5)

كاستثناء الثلث أو الربع من المزروع لِصاحب الأرض، "ع"(9/ 45)، "ك"(10/ 165).

ص: 103

لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ

(1)

. قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ: مِنْ ههنا قولُ اللَّيثِ: وَكَأَنَّ الذي نُهِيَ عَنْ ذَلكَ. [حديث 2346 طرفاه 2339، 4012، تحفة: 15570 حديث 2347 طرفه 4013، أخرجه: م 1548، د 3395، س 3895].

‌20 - بَابٌ

2348 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ

(2)

، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ

(3)

، ثَنَا هِلَالٌ

(4)

. ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(5)

، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ

(6)

، ثَنَا فُلَيْحٌ

(7)

، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ

"قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ

" إلخ، كذا في سـ، وفي ذ: "قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ: مِنْ ههُنا قَالَ اللَّيثُ: أراهُ". أي أظن شيخي ربيعة، ["قس" (5/ 372)]. "وَحَدَّثَنِي" كذا في ذ، وفي نـ: "وَحَدَّثَنَا".

===

(1)

قوله: (من المخاطرة) وهي الإشراف على الهلاك، قال التوربشتي: لم يتبيَّنْ لي أن هذه الزيادة من قول بعض الرواة أو من قول البخاري، قال البيضاوي: والظاهر من السياق أنه من كلام رافع، "ك"(10/ 166).

(2)

"محمد بن سنان" الباهلي.

(3)

"فليح" هو ابن سليمان أبو يحيى المدني.

(4)

"هلال" هو ابن علي المعروف بابن أسامة المدني.

(5)

"عبد الله بن محمد" المسندي.

(6)

عبد الملك بن عمرو.

(7)

مصغّرًا ابن سليمان، "ع"(9/ 46).

ص: 104

الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ

(1)

، فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِن أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ، قَالَ: فَبَذَرَ، فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ

"وَلَكِن أُحِبُّ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَلَكِنِّي أُحِبُّ".

===

(1)

قوله: (استأذن ربَّه في الزرع) أي: في مباشرة الزرع، يعني: سأل الله تعالى أن يزرع، قوله:"فَبَذَر" يعني ألقى البذر، وفيه حذف تقديره: فأذن له بالزرع، فعند ذلك قام ورمى البذر على أرض الجنة فنبت في الحال واستوى وأدرك حصاده فكان كل حبة مثل الجبل، قوله:"فبادر" وفي رواية محمد بن سنان: "فأسرع فتبادر"، قوله:"الطرف" منصوب بقوله: فبادر، و"نباته" بالرفع فاعله، والطرف بفتح الطاء وسكون الراء: هو امتداد لحظ الإنسان حيث أدرك، وقيل: طرف العين: حركتها، أي: تحرك أجفانها، قوله:"واستحصاده" من الحصد، وهو قلع الزرع، والمعنى: أنه لما بذر لم يكن بين ذلك وبين استواء الزرع وإنجاز أمره كلِّه من القلع والحصد والتذرية والجمع إلا قدر لمحة البصر، قوله:"دونك" بالنصب على الإغراء أي خذه، قوله:"فإنه" أي فإن الشأن "لا يشبعك شيء" من الإشباع، وفي رواية محمد بن سنان:"لا يسعك" بفتح الياء والسين المهملة وضم العين، وله معنى صحيح.

ووجه إدخال هذا الحديث في هذا الباب يمكن أن يكون في قوله: "فإنهم أصحاب زرع" مع التنبيه على أن أحاديث النهي عن كراء الأرض إنما هو نهي تنزيه لا نهي تحريم، لأن الزرع لو لم يكن من الأمور التي يحرص فيها بالاستمرار عليه لما تمنَّى الرجل المذكور [فيه] الزرعَ في الجنة مع عدم الاحتياج إليه فيها، "عيني"(9/ 46، 47). [في "اللامع" (6/ 306) أن البخاري رحمه الله نبه بهذا على فضل الغرس لكونه في الجنة ولا تعلق للحديث بكراء الأرض].

ص: 105

وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبعُكَ شَيْءٌ". فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: وَاللهِ لَا تَجِدُهُ إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. [طرفه: 7519، تحفة: 14235].

‌21 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغَرْسِ

(1)

2349 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(2)

، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبدِ الرَّحْمنِ

(3)

، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

(4)

، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

(5)

أَنَّهُ قَالَ: إِن كُنَّا لَنَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، كَانتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ سِلْقٍ

(6)

لَنَا، كُنَّا نَغْرِسُهُ فِي أَرْبِعَائِنَا

(7)

، فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ لَهَا، فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ،

"ابنُ عَبدِ الرَّحْمنِ" ثبت في ذ. "إن كُنَّا لَنَفْرَحُ" كذا في هـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"إنَّا كُنَّا لَنَفْرَحُ".

===

(1)

أي: ما يغرس من أصول النباتات، "ع"(9/ 47).

(2)

"قتيبة بن سعيد" الثقفي أبو رجاء البغلاني.

(3)

"يعقوب بن عبد الرحمن" القاريّ منسوب إلى قارة: حي من العرب، وأصله مدني، سكن الإسكندرية.

(4)

"أبي حازم" هو سلمة بن دينار الأعرج المدني.

(5)

"سهل بن سعد" الأنصاري الساعدي.

(6)

بكسر السين المهملة، "ع"(9/ 48)، "ف"(5/ 28)، بالكسر: جقندر، "صراح".

(7)

قوله: (كنا نغرسه في أربعائنا) جمع ربيع، وهو النهر الصغير، أي: كُنّا نغرسه على الأنهار، ووجه إدخال هذا في "كتاب المزارعة" من حيث إن الغرس والزرع من باب واحد، قاله العيني (9/ 47 - 48)، ومرّ الحديث (برقم: 938).

ص: 106

لَا أَعْلَمُ

(1)

إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِيهِ شَحْمٌ وَلَا وَدَكٌ

(2)

، فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ زُرْنَاهَا، فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْنَا، فَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا كُنَّا نتَغَدَّى

(3)

وَلَا نَقِيلُ

(4)

إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ

(5)

. [راجع: 938، تحفة: 4784].

2350 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(6)

، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ

(7)

، عَن ابْنِ شِهَابٍ

(8)

، عَنِ الأَعْرَجِ

(9)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثًرُ الْحَدِيثَ، وَاللهُ الْمَوْعِدُ

(10)

، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ

===

(1)

من قول يعقوب الراوي، "ف"(5/ 28)، "ع"(9/ 48).

(2)

بفتحتين: دسم اللحم، "ك"(10/ 167)، "ع"(9/ 48).

(3)

من الغداء، وهو الطعام الذي يؤكل أول النهار، "ع"(5/ 131).

(4)

من القيلولة.

(5)

لأنهم كانوا يتشاغلون بالتهيّئ للجمعة، "ع"(5/ 131).

(6)

"موسى بن إسماعيل" المنقري البصري.

(7)

"إبراهيم بن سعد" ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي.

(8)

"ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري.

(9)

"الأعرج" هو عبد الرحمن بن هرمز.

(10)

قوله: (والله الموعِدُ) قال العيني: الموعد إما مصدر ميمي، وإما اسم زمان أو اسم مكان، وعلى كل تقدير لا يصحّ أن يخبر به عن الله تعالى، ولكن لا بد من إضمار تقديره في كونه مصدرًا: والله هو الواعد، وإطلاق المصدر على الفاعل للمبالغة، يعني: الواعد في فعله بالخير والشر، وتقديره في كونه اسم زمان: وعند الله الموعد يوم القيامة، وتقديره في كونه اسم مكان: وعند الله الموعد في الحشر، وحاصل المعنى على كل تقدير: فالله تعالى يحاسبني إن تعمدتُ كذبًا، ويحاسب من ظنَّ بي ظَنَّ السَّوء.

ومطابقته للترجمة في قوله: "وإن إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم"، فإن المراد منه عملهم في الأراضي للزراعة والغرس، "ع"(9/ 48 - 49).

ص: 107

وَالأَنْصارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ

(1)

بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الأَنْصارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ

(2)

، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي

(3)

، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي

(4)

حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا:"لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَهُ إِلَى صَدْرِهِ، فَيَنْسَى مِنْ مَقَالَتِي شَيْئًا أَبَدًا"، فَبَسَطْتُ نَمِرَةً

(5)

لَيْسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا، حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ

(6)

إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَاللهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إِلَى: {الرَّحِيمُ} [البقرة: 159 - 160]. [راجع: 118].

"إلَى: {الرَّحِيمُ} " كذا في ذ، وفي نـ:"إلَى قَولهِ: {الرَّحِيمُ} ".

===

(1)

التبايع، "ع"(9/ 256).

(2)

أي: الزرع والغرس، "ع"(9/ 49).

(3)

بكسر الميم، أي: مقتنعًا بالقوت، "ع"(8/ 296).

(4)

أي: أحفظ، "ع"(9/ 49).

(5)

قوله: (نمرة) بفتح النون وكسر الميم، وهي بردة من صوف يلبسها الأعراب، والمراد بسط بعضها لئلا يلزم كشف العورة، قاله العيني (9/ 49)، ومرّ الحديث مع بيانه (برقم: 2047).

(6)

إشارة إلى جنس المقالات، "طيبي"(11/ 129).

* * *

ص: 108

بسم الله الرحمن الرحيم

‌42 - كِتَابُ

(1)

الْمُسَاقَاةِ

(2)

‌1 - بَابٌ فِي الشِّرْبِ

(3)

"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

" إلخ، كذا في سفـ، وفي ذ: "{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، فِي الشِّرْبِ وَقَولِ اللهِ عز وجل:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30]، وَقَوْلِهِ:{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} إلَى قَوْلِهِ: {فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} " [الواقعة: 68 - 70].

===

(1)

ولم يقع لفظ "كتاب المساقاة" في كثير من النسخ، ووقع في بعض النسخ "كتاب الشرب"، ووقع لأبي ذر التسمية، ثم قوله:"في الشرب"، ثم قوله تعالى:" {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ} إلى قوله: {فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} "، ووقع في بعض النسخ "باب في الشرب، وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ} إلى {تَشْكُرُونَ} "، ووقع في شرح ابن بطال (6/ 491)"كتاب المياه" خاصة، وأثبت النسفي لفظ "باب" خاصة، "عيني"(9/ 50).

(2)

قوله: (كتاب المساقاة) أي: هذا كتاب في بيان أحكام المساقاة، هي المعاملة بلفظ أهل المدينة، ومفهومها اللغوي هو الشرعي، وهي معاقدة دفع الأشجار والكروم إلى من يقوم بإصلاحهما على أن يكون له سهم معلوم من ثمرها، ولأهل المدينة لغات يختصون بها، كما قالوا للمساقاة: معاملة، وللمزارعة: مخابرة، وللإجارة: بيع، وللمضاربة: مقارضة، وللصلاة: سجدة، "ع"(9/ 50).

[وفي "الأوجز" (13/ 402) فيه أبحاث، فارجع إليه لو شئت].

(3)

قوله: (في الشرب) بكسر الشين المعجمة، هو حظٌّ من الماء، قال

ص: 109

وَقَوْلِ اللهِ

(1)

عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30]. وَقَوْلِهِ

(2)

: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} [الواقعة: 68 - 70].

===

أبو عبيد: الشرب بالفتح مصدر، وبالخفض والرفع اسمان، كذا في "الكرماني"(10/ 169).

وفي "الفتح"(5/ 29): الشرب بكسر المعجمة، والمراد به الحكم في قسمة الماء، قاله عياض، قال: وضبطه الأصيلي بالضم، والأول أولى، قال ابن المنيِّر: من ضبطه بالضم أراد المصدر، وقال غيره: المصدر مثلث، والشرب في الأصل بالكسر: النصيب والحظّ من الماء.

(1)

قوله: (وقول الله) بالجرّ عطفًا على سابقه، وفي بعض النسخ:"قال الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ} الآية، وقال قتادة: كل حي مخلوق من الماء، وقيل: معناه أن كل حيوان أرضي لا يعيش إلا بالماء، وقال الربيع بن أنس: من الماء، أي: من النطفة، وقال ابن بطال: يدخل فيه الحيوان والجماد، لأن الزرع والشجر لها موت إذا جفَّتْ وَيَبِسَتْ، وحياتها خضرتها ونضرتها، "ع" (9/ 50 - 51).

(2)

قوله: (وقوله) بالجرّ عطف على قوله الأول، قوله:{أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} بضم الميم وسكون الزاي جمع مزنة، وهي السحاب الأبيض، وكل هذه الخطابات للمشركين الطبيعيين لما قالوا: نحن موجودون من نطفة حدثت بحرارة كامنة، فردّ الله عليهم بهذه الخطابات، ومن جملتها قوله:{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} أي: العذب الصالح للشرب، {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} أي: السحاب، قوله:{جَعَلْنَاهُ} أي: الماء {أُجَاجًا} أي: ملحًا شديد الملوحة مُرًّا لا يقدرون على شربه، قوله:{فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} أي: فهلا تشكرون، "عيني"(9/ 51).

ص: 110

وَمَنْ رَأَى

(1)

صَدَقَةَ الْمَاءِ وَهِبَتَهُ وَوَصِيَّتَهُ جَائِزَةً، مَقْسُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ. {ثَجَّاجًا}: مُنْصَبًّا. {الْمُزْنِ} : السَّحَاب

(2)

. وَالأَجاجُ: المُرّ

(3)

. {فُرَاتًا} : عَذبًا.

وَقَالَ عُثْمَانُ

(4)

: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ

(5)

فَيَكُونُ

"وَمَنْ رَأَى صَدَقَةَ الْمَاءِ

" إلخ، كذا في سفـ، وفي ك: "بَابٌ فِي الشِّربِ وَمَنْ رَأَى صَدَقَةَ الْمَاءِ

" إلخ، وفي ذ: "بَابُ مَنْ رَأَى صَدَقَةَ الْمَاءِ

" إلخ، "{ثَجَّاجًا} مُنْصَبًّا" هو رواية المستملي وحده، وهو تفسير ابن عباس ومجاهد، "ف" (5/ 29). [قُلْتُ: وفي "الفتح": "{أُجَاجًا} مُنْصبًّا" هو في رواية المستملي وحده

إلخ، وانظر:"قس"(5/ 379)]. " {فُرَاتًا} عَذْبًا" هو رواية المستملي وحده. "وَقَالَ عُثْمَانُ

" إلخ، سقط هذا التعليق من رواية النسفي.

===

(1)

أراد المصنف بها الردّ على من قال: إن الماء لا يُملَك [انظر: "فتح الباري" (5/ 30)].

(2)

هو تفسير مجاهد، "ف"(5/ 29).

(3)

هو تفسير أبي عبيدة، "ف"(5/ 29).

(4)

"قال عثمان" ابن عفان رضي الله عنه، فيما وصله الترمذي (ح: 3699) والنسائي (6/ 234 - 237) وابن خزيمة. ["تغليق التعليق" (3/ 313)].

(5)

قوله: (بئر رومة) بضمّ الراء عَلَم على صاحب البئر، وهو رومة الغفاري، قال ابن بطال: بئر رومة كانت ليهودي، وكان يقفل عليها بقفل ويغيب، فيأتي المسلمون ليشربوا منها فلا يجدونه حاضرًا فيرجعون بغير ماء، فشكا المسلمون ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم:"من يشتريها ويمنحها للمسلمين ويكون نصيبه فيها كنصيب أحدهم فله الجنة؟ " فاشتراها عثمان بخمسة وثلاثين ألف

ص: 111

دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ

(1)

". فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ.

2351 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ

(2)

، ثَنَا أَبُو غَسَّانَ

(3)

، ثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

(4)

قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ

(5)

، وَالأَشْيَاخُ

(6)

عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ:"يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ؟ " قَالَ: مَا كُنْتُ لُأوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ

(7)

. [أطرافه: 2366، 2451، 2602، 2605، 5620، تحفة: 4759].

2352 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(8)

،

"فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ" في نـ: "فَاشْتَرَاهُ عُثْمَانُ".

===

درهم فوقفها، وزعم الكلبي أنه كان قبل أن يشتريها عثمان يُشترى منها كل قربة بدرهم "ع"(9/ 52 - 53)"هـ".

(1)

أي: يكون حظّه كحظّ غيره، "ع"(9/ 53).

(2)

"سعيد بن أبي مريم" هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري.

(3)

"أبو غسان" هو محمد بن مطرف الليثي المدني.

(4)

"أبو حازم" تقدم الآن، و"سهل بن سعد" أيضًا.

(5)

"غلام أصغر القوم" هو ابن عباس رضي الله عنه كما في "مسند ابن أبي شيبة".

(6)

وفيهم خالد بن الوليد.

(7)

مناسبته لِما ترجم [له] من جهة مشروعية قسمة الماء؛ لأن اختصاص الذي على اليمين بالبداءة به دالّ على ذلك، "ف"(5/ 30).

(8)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع الحمصي.

ص: 112

أَنَا شُعَيْبٌ

(1)

، عَنِ الزُّهْريِّ

(2)

، ثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهَا حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ دَاجِنٌ

(3)

، وَهُوَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَشِيبَ

(4)

لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ، فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ، حَتَّى إِذَا نَزَعَ الْقَدَحَ مِنْ فِيهِ

(5)

، وَعَلَى يَسَارِهِ

(6)

أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ عُمَرُ -وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ

(7)

الأَعْرَابِيَّ- أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ عِنْدَكَ، فَأَعْطَاهُ الأَعْرَابِيَّ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ،

"وَهُوَ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَهِيَ". "مِنْ فِيهِ" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"عَنْ فِيهِ". "عَنْ يَمِينِهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"عَلَى يَمِينِهِ".

===

(1)

" شعيب" ابن أبي حمزة الحمصي.

(2)

"الزهري" هو ابن شهاب.

(3)

قوله: (داجن) الداجن شاة أَلِفَتِ البيوتَ وأقامت بها، والشاة تُذَكَّر وَتُؤَنَّث، فلذلك قال: داجن، ولم يقل: داجنة، قال ابن الأثير: الداجن الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم، والمطابقة في قوله:"وشِيبَ لبنُها بماء"، والماء يجري فيه القسمة وأنه يملك، "عمدة القاري"(9/ 54).

(4)

على لفظ المجهول، أي: خُلِط، "ع"(9/ 54).

(5)

أي: من فمه.

(6)

قوله: (وعلى يساره) إنما قال هنا بِعَلَى وفي "يمينه" بِعَنْ، لأنه لعل يساره كان موضعًا مرتفعًا فاعتبر استعلاؤه، أو كان الأعرابي بعيدًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، "ك"(10/ 171)، "ع"(9/ 54).

(7)

قوله: (وخاف أن يعطيه) جملة حالية، والضمير في "خاف" يرجع إلى عمر رضي الله عنه، وإنما قال:"أَعْطِ أبا بكر" تذكيرًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإعلامًا للأعرابي بجلالة أبي بكر رضي الله عنه، "ع"(9/ 54)، "ك"(10/ 171).

ص: 113

ثُمَّ قَالَ: "الأَيْمَنُ فَالأَيْمَنُ

(1)

". [أطرافه: 2571، 5612، 5619، تحفة: 1498].

‌2 - بَابُ مَنْ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يَرْوَى

(2)

لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُمْنَعُ

(3)

فَضْلُ الْمَاءِ

(4)

".

2353 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(5)

، أَنَا مَالِكٌ

(6)

، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ

(7)

،

"لِقَولِ رَسُولِ اللهِ" في حـ: "لَقَولِ النَّبِيِّ".

===

(1)

قوله: (الأيمن فالأيمن) ضبط بالنصب على تقدير: أَعْطِ الأيْمنَ، وبالرفع على تقدير: الأيمن أَحق، "ك"(10/ 171).

(2)

قوله: (حتى يَرْوى) بفتح الواو من الريّ، وقال ابن بطال: لا خلاف بين العلماء أن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروى "ع"(9/ 56).

(3)

بلفظ المجهول، وبالرفع لأنه نفي بمعنى النهي، ولأبي ذر بالجزم بلفظ النهي، "ع"(9/ 56).

(4)

قوله: (لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يُمْنَعُ فضلُ الماء) هذا تعليل للترجمة، ووجهه أن منع فضل الماء إنما يتوجَّه إذا فضل عن حاجة صاحبه، فهذا يدل على أنه أحق بمائه عند عدم الفضل، والمراد من حاجة صاحبه حاجة نفسه وعياله وزرعه وماشيته، وهذا في غير الماء المُحْرَزِ في الإناء؛ فإن المُحْرَزَ فيه لا يجب بذل فضله إلا للمضطرِّ، وهو الصحيح، "ع"(9/ 56).

(5)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(6)

"مالك" الإمام المدني.

(7)

"أبي الزناد" عبد الله بن ذكوان.

ص: 114

عَنِ الأَعْرَجِ

(1)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلأُ

(2)

". [طرفاه: 2354، 6962، أخرجه: م 1566، س في الكبرى 5774، تحفة: 13811].

2354 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(3)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(4)

، عَنْ عُقَيْلٍ

(5)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(6)

، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ

(7)

وَأَبِي سَلَمَةَ

(8)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ

"الْكَلأُ" في نـ: "فَضْل الْكَلأِ".

===

(1)

" الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز.

(2)

قوله: (ليمنع به الكَلأُ) بفتحتين فهمزة مقصورة كجبل، هو النبات رطبه ويابسه، كذا في "المجمع"(4/ 435)، و"الفتح"(5/ 32)، و"القاموس" (ص: 60)، قال العيني (9/ 57): توضيح ذلك الذي عليه الجمهور: ان يكون حول بئر رجل كلأ ليس عنده ماءٌ غيره، ولا يمكن أصحاب المواشي رعيه إلا إذا مكنوا من سقي بهائمهم من تلك البئر لئلا يتضرروا بالعطش بعد الرعي، فيستلزم منعُهم من الماء منعَهم من الرعي، قال ابن بزيزة: منع الماء بعد الريِّ من الكبائر، انتهى كلام العيني.

(3)

"يحيى بن بكير" المخزومي.

(4)

"الليث" هو ابن سعد.

(5)

"عقيل" هو ابن خالد.

(6)

"ابن شهاب" الزهري.

(7)

"ابن المسيب" هو سعيد.

(8)

"أبي سلمة" هو ابن عبد الرحمن.

ص: 115

الْكَلإِ

(1)

(2)

". [راجع: 2353، تحفة: 13215، 15222].

===

(1)

كفَرَسٍ.

(2)

قوله: (لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به فضل الكلأ) واختلفوا في أن هذا النهي للتحريم أو التنزيه؟ قال في "التوضيح"(15/ 320): النهي فيه على التحريم عند مالك والأوزاعي، ونقله الخطابي وابن التين عن الشافعي، واستحبّه بعضهم وحمله على الندب، والأصحّ عندنا أنه يجب بذله للماشية لا للزرع، ذكره العيني (9/ 57)، وقال: كذلك مذهب الحنفية الاختصاص بالماشية، انتهى.

وقال في "الهداية"(2/ 45): لا يجوز بيع المراعي ولا إجارتها، والمراد الكلأ، لقوله عليه السلام:"الناس شركاء في الثلاث: النار، والكلأ، والماء"[أخرجه أبو داود (ح: 3477)]، قال الطحاوي وغيره: يعني إذا أوقد نارًا فلكل أحد أن يصطلي بها وأن يُجَفِّفَ ثيابه، وليس له أن يأخذ الجمر إلا بإذن، هذا معنى الشركة في النار، ومعناها في الماء: الشرب وسقي الدوابِّ والاستسقاء من الآبار والحياض والأنهار المملوكة، ومعناها في الكلأ: أن له احتشاشه وإن كان في أرض مملوكة، ومحل ما ذكر إن لم يُحْرِز الماءَ بالاستسقاء في آنية، ولم يحرز الكلأ بقطعه، أما إذا أَحْرَزَها جاز بيعهما لأنه بالإحراز ملكهما، ومحلّه أيضًا فيما إذا نبتت بنفسه، فأما إذا كان سقى الأرض وأعدّها للإنبات فنبت فإنه يجوز بيعه، لأنه ملكه، كما في "الذخيرة" و"المحيط" و"النوازل"، وهو مختار الصدر الشهيد، وعليه الأكثرون، ومنع القدوري بيعه، انتهى. كذا في "فتح القدير"(6/ 418).

وقال فيه: قال القدوري: لا يجوز بيع الكلأ في أرضه وإن ساق الماء إلى أرضه ولحقته مؤونة؛ لأن الشركة فيه ثابتة، وإنما تنقطع بالحيازة، وسوق الماء إلى أرضه ليس بحيازة، والأكثر على الأول، ثم الكلأ

ص: 116

‌3 - بَابُ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ

(1)

2355 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ

(2)

، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ

(3)

، عَنْ إِسْرَائِيلَ

(4)

، عَنْ أَبِي حَصِينٍ

(5)

، عَنْ أَبِي صَالِحٍ

(6)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ

(7)

، وَالْعَجْمَاءُ جُبَارٌ

(8)

، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ

(9)

". [راجع: 1499، تحفة: 12832].

"حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ" في ذ: "حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ". "أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ".

===

ذكر الحلواني عن محمد: أنه ما ليس له ساق، وما له ساق ليس كلأ، وكان الفضلي يقول: هو أيضًا كلأ، وفي "المغرب": هو كل ما رَعَتْه الدوابُّ.

(1)

فإن له التصرّفَ في ملكه، "ع"(9/ 58).

(2)

"محمود" هو ابن غيلان العدوي المروزي.

(3)

"عبيد الله" هو ابن موسى شيخ المؤلف.

(4)

"إسرائيل" هو ابن يونس السَّبِيعِي.

(5)

بفتح فكسر: عثمان بن عاصم، "ك"(10/ 172)، "ع"(9/ 59).

(6)

ذكوان الزيات، "قس"(5/ 385).

(7)

أي: هدر لا شيء عليه.

(8)

أي: البهيمة إذا تلفت شيئًا نهارًا ولم يكن معها سائق ولا قائد لا يضمن، وكذا إذا استأجر لحفر البئر أو استخراج المعدن فانهار عليه، أو وقع فيها إنسان إذا حفر في ملكه لا يضمن، ومرّ (برقم: 1499).

(9)

مرّ بيانه (برقم: 1499) في "كتاب الزكاة".

ص: 117

‌4 - بَابُ الْخُصُومَةِ فِي الْبِئْرِ وَالْقَضَاءِ فِيهَا

(1)

2356 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ

(2)

، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ

(3)

، عَنِ الأَعْمَشِ

(4)

، عَنْ شَقِيقٍ

(5)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ

(6)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ

(7)

بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ

(8)

، لَقِيَ اللهَ

(9)

وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآيَةَ [آل عمران: 77]. [أطرافه: 2416، 2515، 2666، 2669، 2673، 2676، 4549، 6659، 6676، 7183، 7445، أخرجه: م 138، د 3243، ت 1269، س في الكبرى 5991، ق 2322، تحفة: 9244].

2357 -

فَجَاءَ الأَشْعَثُ

(10)

فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ

"مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"مَالَ امْرِئٍ". "مَا يُحَدِّثُكُمْ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"مَا حَدَّثَكُمْ".

===

(1)

أي: الحكم فيها، أي: في البئر، "ع"(9/ 59).

(2)

"عبدان" هو عبد الله بن عثمان.

(3)

"أبي حمزة" هو محمد بن ميمون.

(4)

"الأعمش" هو سليمان بن مهران.

(5)

"شقيق" هو ابن سلمة الكوفي.

(6)

ابن مسعود.

(7)

أي: يأخذ قطعة بسبب اليمين من مال امرئ، "ع"(9/ 60).

(8)

أي: كاذب، "ع"(9/ 60).

(9)

أي: يوم القيامة، "ع"(9/ 60).

(10)

قوله: (فجاء الأشعث) هو ابن قيس الكندي، أي: جاء من المكان الذي كان فيه إلى المجلس الذي كان عبد الله يحدّثهم فيه، "قس"

ص: 118

أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(1)

فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذه الآيَةُ، كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي

(2)

، فَقَالَ لِي: "شُهُودُكَ

(3)

"، قُلْتُ: مَا لِي شُهُودٌ، قَالَ: "فَيَمِينُهُ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِذَنْ يَحْلِفُ، فَذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْحَدِيثَ، فَأَنْزَلَ اللهُ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لَهُ. [أطرافه: 2417، 2516، 2667، 2670، 2677، 4550، 6660، 6677، 7184 تحفة: 158 تقدم تخريجه في ح: 2356].

‌5 - بَابُ إِثْمِ مَنْ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ مِنَ الْمَاءِ

(4)

2358 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(5)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ

(6)

، عَنِ الَأعْمَشِ

(7)

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ

(8)

يَقُولُ: سَمِعْتُ

===

(5/ 387) -" ابن عمٍّ لي"- معدان، ولقبه الجَفْشِيش، قوله:"فقال لي: شهودك" بالنصب أي: أقم أو أحضر شهودك، وكذا "فيمينه" أي: فاطلب يمينه، وفي بعضها بالرفع فيهما، أي فالمثبت لدعواك الشهود، [وإلا] فالحجة القاطعة بينكما يمينه، و"يحلف" بالنصب لا غير، "ك"(10/ 173)، "ع"(9/ 63).

(1)

أي: أيّ شيء حدّثكم أبو عبد الرحمن، وهو كنية عبد الله بن مسعود، "ع"(9/ 62).

(2)

اسمه معدان بن الأسود بن معد يكرب الكندي، "قس"(5/ 387).

(3)

أي: أحضر شهودَك، أو الحجة المثبتة شهودك.

(4)

أي: المسافر من الماء الفاضل عن حاجته، "ع"(9/ 64).

(5)

"موسى بن إسماعيل" التبوذكي.

(6)

"عبد الواحد بن زياد" البصري.

(7)

"الأعمش" سليمان المذكور.

(8)

"أبا صالح" ذكوان السمّان.

ص: 119

أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ

(1)

إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ

(2)

، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ

(3)

فِي الطَّرِيقِ، فَمَنَعَهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا

(4)

لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا، فَإنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أقَامَ سِلْعَتَهُ

(5)

بَعْدَ الْعَصْرِ

(6)

، فَقَالَ: وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أُعْطَيتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ"

(7)

، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]. [أطرافه: 2369، 2672، 7212، 7446، تحفة: 12436].

"فِي الطَّرِيقِ" في نـ: "بِالطَّرِيقِ". "بَايَعَ إمَامًا" كذا في هـ، وفي سـ، نـ:"بَايَعَ إمَامَهُ".

===

(1)

أي: بعين رحمة، "ع"(9/ 63).

(2)

أي: من الذنوب، "ع"(9/ 65).

(3)

فيه دلالة على أن صاحب الماء أولى من ابن السبيل عند الحاجة، "ع"(9/ 65).

(4)

أي: خليفة عصره، "ك"(10/ 174).

(5)

أي: متاعه، "ع"(9/ 65).

(6)

ليس بقيد بل باعتبار العادة. [قوله: "أعطيت بها" بفتح الهمزة، أي دفعت لبائعها بسببها، وبضم الهمزة مبنيًّا للمفعول، أي أعطاني من يريد شراءها، "قس" (5/ 388)].

(7)

قوله: (فصدّقه رجل) أي: المشتري، واشتراه بثمنه الذي حلف عليه أنه أعطيه بكذا اعتمادًا على حلفه، كذا في "الكرماني"(10/ 174) و"العيني"(9/ 65).

ص: 120

‌6 - بَابُ سَكْرِ

(1)

الأَنْهَارِ

2359 و 2360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(2)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(3)

، ثَنِي ابْنُ شِهَابِ

(4)

، عَنْ عُرْوَةَ

(5)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ

(6)

عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في شِرَاجِ الْحَرَّةِ

(7)

الَّتِي يَسْقُونَ

(8)

بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ

(9)

الْمَاءَ يَمُرُّ، فَأَبَى

(10)

عَلَيْهِ، فَاخْتَصمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،

===

(1)

بفتح السين المهملة وسكون الكاف: سدّ الماء وحبسه، "ع"(9/ 65)، "ف"(5/ 35)، "قس"(5/ 389).

(2)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(3)

"الليث" هو ابن سعد.

(4)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(5)

"عروة" ابن الزبير يروي عن أخيه "عبد الله بن الزبير" ابن العوّام.

(6)

ابن العوّام أحد العشرة المبشَّرة، "ع"(9/ 66).

(7)

قوله: (في شراج الحرّة) بكسر المعجمة وبالجيم، جمع شَرْجٍ بفتح أوله وسكون الراء مثل بحر وبحار، والمراد بها مسيل الماء، وإنما أضيفت إلى الحرّة لكونها فيها، والحرّة موضع معروف بالمدينة، قوله:"سَرِّح الماء" أمر من التسريح، أي: أَطْلِقه، "فتح"(5/ 36).

(8)

وفي رواية شعيب: كانا يسقيان به كلاهما، "ع"(9/ 67).

(9)

بفتح السين وكسر الراء المشددة وبالحاء المهملة، أي: أطلِقِ الماءَ، "قس"(5/ 390).

(10)

أي: امتنع ولم يسرِّح الماء بل سكره، وهو محل الترجمة، "ع"(9/ 66).

ص: 121

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ

(1)

، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ"، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ

(2)

، فَتَلَوَّنَ

(3)

وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ

(4)

"، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللهِ إِنِّي لأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ

"قَالَ رَسُولُ اللهِ" كذا في ذ [وذكر في "قس" لأبي الوقت] وفي نـ: "فَقَالَ رَسُولُ اللهِ".

===

(1)

لأن أرض الزبير كانت في الأعلى كما سيجيء.

(2)

قوله: (أن كان ابنَ عمتك) بفتح الهمزة، أي: حكمتَ به لأجل أنه كان ابن عمتك، وروي بكسرها، كذا في "المجمع"(1/ 120).

قال الشيخ في "اللمعات": وهذا القول من الرجل إما لكونه منافقًا وجعلُه من الأنصار لكونه من قبيلتهم، وإما لزلَّته عند الغضب، وأما القول بكونه يهوديًا فبعيد غاية البعد، انتهى. وكيف وقد يجيء للبخاري [ح: 2708] في "كتاب [الصلح":] أنه من الأنصار قد شهد بدرًا.

(3)

أي: تغيَّر، وهذا كناية عن الغضب، "ع"(9/ 68).

(4)

قوله: (إلى الجدر) بفتح الجيم وكسرها وبالدال المهملة: الجدار، والمراد أصل الحائط، وقدره العلماء بأن تبلغ كعب الإنسان، أمر صلى الله عليه وسلم للزبير أوّلًا بالمعروف وأخذًا بالمسامحة وحسن الجوار، فلما قال ما قال أَمَرَه أن يأخذ جميع حقه.

وفيه دليل على أنه يجوز العفو من التعزير حيث لم يُعَزِّرِ الأنصاريَّ الذي تكلم بما أغضب صلى الله عليه وسلم، كذا في "الطيبي"(6/ 165)، قال ابن حجر (5/ 40): لكن محلّ ذلك ما لم يُؤَدِّ [إلى] هتك حرمة الشارع، وإنما لم يعاقب النبيُّ صلى الله عليه وسلم صاحبَ القصة للتأليف، انتهى.

ص: 122

فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ

(1)

لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ

(2)

بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الْعَبَّاسِ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ: لَيسَ أَحدٌ يَذْكُرُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ إلَّا اللَّيثُ فقط

(3)

. [حديث: 2359، أطرافه: 2360، 2361، 2362، 2708، 4585، تحفة: 5275، حديث: 2360، راجع: 2359، أخرجه: م 2357، س 3637، ت 1363، س 5416، ق 15، تحفة: 3624].

‌7 - بَابُ شِرْبِ الأَعْلَى قَبْلَ الأَسْفَلِ

2361 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ

(4)

، أَنَا عَبْدُ اللهِ

(5)

، أَنَا مَعْمَرٌ

(6)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(7)

، عَنْ عُرْوَةَ

(8)

قَالَ:

"قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الْعَبَّاسِ

" إلخ، ثبت في حـ، ذ. "قَبْلَ الأَسْفَلِ" في هـ، سـ، حـ، ذ: "قَبْلَ السُّفْلَى".

===

(1)

أي: ليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا وهم يخالفون حكمك، ثم استأنف للقسم فقال:{لَا يُؤْمِنُونَ} ، "ع"(9/ 70).

(2)

أي: اختلف، "ع"(9/ 70).

(3)

في رواية أبي ذر عن الحموي وحده عن الفربري، "ع"(9/ 72)، والباقون يذكرون عن عروة عن أبيه الزبير، كذا في بعض الحواشي، [انظر:"قس"(5/ 392).

(4)

"عبدان" هو عبد الله المروزي.

(5)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(6)

"معمر" هو ابن راشد.

(7)

"الزهري" هو محمد بن مسلم بن شهاب.

(8)

"عروة" ابن الزبير بن العوام.

ص: 123

خَاصَمَ الزُّبَيْرُ

(1)

رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا زُبَيْرُ اسْقِ

(2)

ثُمَّ أَرْسِلْ

(3)

"، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: إِنَّهُ

(4)

ابْنُ عَمَّتِكَ، فَقَالَ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، حَتى يَبْلُغَ

(5)

الْجَدْرَ، ثُمَّ أَمْسِكْ

(6)

"، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: فَأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى

"خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا" كذا في ذ، وفي نـ:"خَاصَمَ الزُّبَيْرَ رَجُلٌ". "ثُمَّ أَرْسِلْ" زاد في هـ: "الماءَ". "حَتى يَبْلُغَ الْجَدْرَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"حَتى يَبْلُغَ الْمَاءُ الْجَدْرَ"، وفي مه، صـ:"ثُمَّ يَبْلُغَ الْمَاءُ الْجدار". "فَقَالَ الزُّبَيْرُ" في قتـ، ذ:"قَالَ الزُّبَيْرُ".

===

(1)

ابن العوام.

(2)

الهمزة للوصل.

(3)

قوله: (ثم أَرْسِل) كذا في رواية الأكثرين بغير ذكر مفعوله، وفي رواية الكشميهني:"ثم أرسل الماء"، "ع"(9/ 72).

(4)

فإذا كسَرْتَ قدّرتَ ما قبلها الفاء، وإذا فتحتَ قدّرتَ ما قبلها اللام، "قس"(5/ 393).

(5)

قوله: (حتى يبلغ) وفي رواية كريمة والأصيلي: "اسق يا زبير ثم يبلغ الماء الجدر"، وسقط من رواية أبي ذر ذكر الماء، كذا في "الفتح"(5/ 38)، قال العيني (9/ 72): والمطابقة من قوله: "اسق ثم أرسل" فإنه يُعْلَم منه أن الزبير هو الأعلى؛ لأن إرسال الماء لا يكون إلا من الأعلى إلى الأسفل، انتهى.

(6)

قوله: (ثم أَمْسِك) قال الكرماني (10/ 177): فإن قلت: المناسب للسياق أن يقول: ثم أرسل بدل ثم أمسك، قلت: ليس المراد أَمْسِك الماء

(1)

بل أمسك نفسَك عن السقي، انتهى.

(1)

في الأصل: "امساك الماء".

ص: 124

يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]. [راجع: 2360، تحفة: 3634].

‌8 - بَابُ شِرْبِ الَأعْلَى إِلَى الْكَعْبَينِ

2362 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ

(1)

، أَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الحرَّانِيُّ، أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ

(2)

، ثَنِي ابْنُ شِهَابٍ

(3)

، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجٍ مِنَ الْحَرَّةِ يَسْقِي بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اسْق يَا زُبَيْرُ -فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ

(4)

- ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ"، قَالَ الأَنْصَارِيُّ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: "اسْقِ

(5)

ثُمَّ احْبِسْ

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ" زاد في قتـ: "هُوَ ابْنُ سلامٍ". "يَسْقِي بِهَا" في ذ: "يَسْقِي بِهِ"، [وفي "قس" (5/ 395)، "لِيَسْقِيَ بِهِ"]. "فَأَمَرَهُ" في نـ: "فَأمِرَّهُ". "ثُمَّ أَرْسِلْ" في هـ، حـ، ذ:"ثُمَّ أَرْسِلهُ".

===

(1)

" محمد" هو ابن سلام البيكندي.

(2)

"ابن جريج" هو عبد الملك بن عبد العزيز.

(3)

"ابن شهاب" هو الزهري المذكور.

(4)

قوله: (فأمره بالمعروف) كذا ضبطناه في جميع الروايات على أنه فعل ماض من الأمر، وهي جملة معترضة من كلام الراوي، وحكى "الكرماني"(10/ 176) أنه بلفظ الأمر من الإمرار، قال الخطابي: معناه: أَمَرَه بالعادة المعروفة التي جرت بينهم في مقدار الشرب، انتهى. ويحتمل أن يكون المراد: أَمَرَه بالقصد والأمر الوسط مراعاة للجوار "فتح"(5/ 39).

(5)

الهمزة للوصل.

ص: 125

حَتَّى يَرْجِعَ الْمَاءُ إِلَى الْجَدْرِ"، وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ

(1)

، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللهِ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]. فَقَالَ لِي

(2)

ابْنُ شِهَابٍ

(3)

: فَقَدَّرَتِ الأَنْصَارُ وَالنَّاسُ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اسْقِ

(4)

ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ الْمَاء إِلَى الْجَدْرِ"، فَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ

(5)

. [راجع: 2360، تحفة: 3634].

"فَقَالَ لِي" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ لِي". "إلَى الْكَعْبَيْنِ" زاد في سـ، ذ:"الجَدرُ هُوَ الأَصلُ"، [قلت: وذكر في "قس" أَنَّ هذه الزيادة بعد قوله: "إلَى الجدرِ"].

===

(1)

قوله: (واستوعى له حقَّه) أي استوفى للزبير حقَّه واستوعب، وهو من الوعاء كأنه جمعه له في وعائه، وأبعَدَ من قال: أمره ثانيًا أن يستوفي أكثر من حقه عقوبة للأنصاري، وقال الخطابي: هذه الزيادة تشبه أن يكون من كلام الزهري، وكانت عادته أن يصل بالحديث من كلامه ما يظهر له من معنى الشرح والبيان، "عمدة القاري"(9/ 73).

(2)

القائل هو ابن جريج راوي الحديث، "ف"(5/ 39).

(3)

أي: الزهري.

(4)

الهمزة للوصل.

(5)

قوله: (فكان ذلك إلى الكعبين) يعني رجوع الماء إلى الجدر وصوله إلى الكعبين، وهو موضع الترجمة، "ع"(9/ 73)، قال في "الفتح" (5/ 39): يعني أنهم لما رأوا أن الجدر يختلف بالطول والقصر قاسوا ما وقعت فيه القصة فوجدوه يبلغ الكعبين، فجعلوا ذلك معيارًا لاستحقاق الأول فالأول، والمراد بالأول هنا من يكون مبدأ الماء من ناحيته.

ص: 126

‌9 - بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ

(1)

2363 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(2)

، أَنَا مَالِكٌ

(3)

، عَنْ سُمَيٍّ

(4)

، عَنْ أَبِي صَالِحٍ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "بَينَمَا رَجُلٌ

(6)

يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ

(7)

الْعَطَشُ

(8)

، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا

(9)

هُوَ بِكَلْبٍ

"بَيْنَمَا" في نـ: "بَيْنَا". "الْعَطَشُ" في سـ، حـ:"الْعُطَاشُ".

===

(1)

لكل من احتاج إلى ذلك، "ع"(9/ 74).

(2)

"عبد الله بن يوسف" هو التِّنِّيسي.

(3)

"مالك" الإمام المدني.

(4)

"سُمَيّ" مولى أبي بكر، أي: ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

(5)

"أبي صالح" ذكوان السمان.

(6)

لم أقف على اسمه، "ف"(5/ 41).

(7)

قوله: (فاشتدّ عليه) وقعت الفاء هنا موضع "إذا" تقديره: بينا رجل يمشي إذا اشتد عليه العطش، "ف"(5/ 41)، "ع"(9/ 74).

(8)

قوله: (العطش) كذا في رواية الأكثرين، وكذا هو في "الموطأ"، ووقع في رواية المستملي:"العُطاش"، وهو داء يصيب الإنسان فيشرب فلا يَرْوَى، قال ابن التين: والصواب العطش، وقيل: يصحّ على تقدير أن العطش يحدث منه داء فيكون العطاش اسمًا للداء كالزُّكام، قاله العيني (9/ 74)، قال ابن حجر (5/ 41): وسياق الحديث يأباه، وظاهره أن الرجل سقى الكلبَ حتى روي، ولذلك جوزي بالمغفرة، انتهى.

(9)

للمفاجأة، "ع"(9/ 75).

ص: 127

يَلْهَثُ

(1)

، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ

(2)

الَّذِي بَلَغَ بِي فَنَزَلَ بِئْرًا، فَمَلَأ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ

(3)

، ثُمَّ رَقِيَ

(4)

، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ

(5)

، فَغَفَرَ لَهُ"، قَالُوا

(6)

: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ

(7)

أَجْرًا؟ قَالَ: "فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ

(8)

أَجْرٌ". [راجع: 173].

"فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ" زاد في نـ: "تَابَعَهُ حَمَّادُ بنُ سَلمةَ وَالرَّبيعُ بنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ".

===

(1)

قوله: (يلهث) جملة وقعت حالًا من "الكلب"، قال ابن قرقول: لهث الكلب بفتح الهاء وكسرها: إذا أخرج لسانه من العطش، "عيني"(9/ 75).

(2)

بالرفع فاعل، وبالنصب صفة مصدر محذوف، أي: بلغ مبلغًا مثلَ الذي بلغ بي، "توشيح"(4/ 1666)، "قس"(5/ 397).

(3)

أي: بفمه.

(4)

كصَعِد وزنًا ومعنًى، "توشيح"(4/ 1666).

(5)

قوله: (فشكر الله له) أي: أثنى عليه أو قَبِل عمله، "فغفر له"، فالفاء فيه للسببية، أي: بسبب قبول عمله غَفَر له، ويجوز أن تكون الفاء تفسيرية، تفسِّرُ قولَه:"فشكر الله له"؛ لأن غفرانه له هو نفس الشكر، "عيني"(9/ 75).

(6)

أي: الصحابة.

(7)

أي: في سقيها والإحسان إليها.

(8)

قوله: (في كلِّ كَبدٍ رطبةٍ) أي حيّة، كنى عن الحياة بالرطوبة، لأنها لازمة لها، والمعنى: الَأجر ثابت في إرواء كلِّ كَبِدٍ حَيَّةٍ، "توشيح"(4/ 1666).

ص: 128

2364 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ

(1)

، ثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ

(2)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

(3)

، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْر

(4)

: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ، فَقَالَ: "دَنَتْ

(5)

مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ: أَيْ رَبِّ، وَأَنَا مَعَهُمْ

(6)

، فَإِذَا

(7)

امْرَأَةٌ -حَسِبْتُ

(8)

أَنَّهُ

(9)

قَالَ:- تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ

(10)

، قَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قَالُوا: حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا". [راجع: 745].

===

(1)

" ابن أبي مريم" هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم.

(2)

"نافع بن عمر" ابن عبد الله الجمحي المكي.

(3)

"ابن أبي مليكة" هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة واسمه زهير بن عبد الله الأحول المكي.

(4)

"أسماء بنت أبي بكر" الصدِّيق رضي الله عنهما.

(5)

أي: قربت، "ع"(9/ 78).

(6)

قوله: (وأنا معهم) فيه تعجُّب وتعجيب واستبعاد من قربه من أهل جهنم، فكأنه قال: كيف قربوا مني وبيني وبينهم غاية المنافاة المقتضية لبعد المشرِقَين، "ع"(9/ 78).

(7)

للمفاجأة.

(8)

من كلام أسماء، "ع"(9/ 78).

(9)

صلى الله عليه وسلم، "ع"(9/ 78).

(10)

قوله: (تخدشها هِرّة) أي تكدحها، من خدش يخدش خدشًا من ضرب يضرب، وأصل الخدش قشر الجلد بعود أو نحوه، ومطابقة هذا الحديث وكذا الحديث الآتي من حيث إن هذه المرأة لما حَبَسَتْ هذه الهرَّةَ إلى أن ماتت بالجوع والعطش، فاستحقّت هذا العذاب، فلو كانت سَقَتْها لم تعذَّبْ، ومن هنا يُعْلَم فضل سقي الماء، وهو المطابق للترجمة، كذا في "العيني"(9/ 77 - 78).

ص: 129

2365 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(1)

، ثَنِي مَالِكٌ

(2)

، عَنْ نَافِعٍ

(3)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا

(4)

النَّارَ، قَالَ: فَقَالَ: -وَاللهُ أَعْلَمُ- لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِيهَا وَلَا سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِيهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خُشَاشِ

(5)

الأَرْضِ". [طرفاه: 3318، 3482، أخرجه: م 2242، تحفة: 8378].

‌10 - بَابُ مَنْ رَأَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ وَالْقِرْبَةِ أَحَقُّ بِمَائِهِ

2366 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ

(6)

، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

(7)

، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

(8)

قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَمِينِهِ

"أَطْعَمْتِيهَا" كذا في سـ، هـ، وفي حـ:"أَطْعَمْتِهَا". "أَرْسَلْتِيهَا" في ذ: "أَرْسَلْتِهَا". "فَأَكَلَتْ" في هـ: "فَتَأْكُلُ".

===

(1)

" إسماعيل" هو ابن أبي أويس.

(2)

الإمام.

(3)

"نافع" مولى ابن عمر.

(4)

أي: بسببها، "مجمع".

(5)

بفتح الخاء أشهر الثلاثة، وإعجامه أصوب، وهي الهوامّ، وقيل: ضعاف الطير، "مجمع البحار"(2/ 45).

(6)

"قتيبة" ابن سعيد الثقفي.

(7)

"عبد العزيز" يروي عن أبيه "أبي حازم" سلمة بن دينار المدني.

(8)

"سهل بن سعد" الساعدي الأنصاري الخزرجي المتوفى سنة ثمان وثمانين أو بعدها وقد جاوز المائة.

ص: 130

غُلَامٌ وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ

(1)

، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ:"يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ الأَشْيَاخَ؟ "، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. [راجع: 2351، أخرجه: م 2030، تحفة: 4719].

2367 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(2)

، ثَنَا غُنْدَرٌ

(3)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(4)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ

(5)

، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَذُودَنَّ

(6)

رِجَالًا

"وَهُوَ" كذا في ذ، وفي نـ:"هُوَ". "فَقَالَ: يَا غُلَامُ" كذا في قتـ، وفي نـ:"قَالَ: يَا غُلَامُ".

===

(1)

قوله: (هو أحدث القوم) أي: أصغرهم، "ك"(10/ 180). ومناسبة الحديث للترجمة ظاهرة إلحاقًا للحوض والقربة بالقدح، فكان صاحب القدح أحقّ بالتصرف فيه شربًا وسقيًا، وقد خفي هذا على المهلب فقال: ليس في الحديث إلا أن الأيمن أحقّ من غيره بالقدح، وأجاب ابن المنير [ص: 27] بأن مراد البخاري أنه إذا استحقّ الأيمنُ ما في القدح بمجرد جلوسه واختصّ به، فيكف لا يختصّ به صاحب اليد والمتسبب في تحصيله، كذا في "الفتح"(5/ 43)، ومرّ الحديث (برقم: 2351).

(2)

"محمد بن بشار" هو أبو بكر بندار.

(3)

"غندر" هو محمد بن جعفر البصري ربيب شعبة.

(4)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

(5)

"محمد بن زياد" القرشي الجمحي المدني.

(6)

قوله: (لأَذُودَنّ) لأطردنّ، "كما تُذَادُ الغريبة من الإبل عن الحوض" إذا أرادت الشرب مع إبله، وعادة الراعي إذا ساق الإبل إلى الحوض

ص: 131

عَنْ حَوْضِي

(1)

كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنَ الإِبِلِ عَنِ الْحَوْضِ" تَذُودَانِ: تَمْنَعَانِ. [أخرجه: م 2302، تحفة: 14385].

2368 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(2)

، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

(3)

، أَنَا مَعْمَرٌ

(4)

، عَنْ أَيُّوبَ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ

(5)

-يَزيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

(6)

قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ

(7)

،

"تَذُودَانِ: تَمْنَعَانِ" ثبت في الصغاني فقط. "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ" في ذ: "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ".

===

لتشرَبَ: أن يطرد الناقة الغريبة إذا رآها بينهم، كذا في "العيني"(9/ 80)، قال الكرماني (10/ 180): واختلف فيهم فقيل: هم المنافقون، وقيل: المرتدّون، وقيل: أصحاب الكبائر، وقيل: كل من أحدث في الدين حدثًا كالمبتدعة والظلمة، قال شارح التراجم: إذا استحقّ الماء بجلوسه في اليمين، فَلأَنْ يستحقّ الماء بحيازته في حوضه وقربته أولى، انتهى.

(1)

فيه الترجمة فإنه يدل على أنه أحق بحوضه وبما فيه، "ع"(9/ 80).

(2)

"عبد الله بن محمد" المسندي.

(3)

"عبد الرزاق" هو ابن همام.

(4)

"معمر" تقدم و"أيوب" السختياني.

(5)

"كثير بن كثير" بالمثلثة فيهما: ابن المطلب بن أبي ودَاعة السهمي الكوفي.

(6)

الأسدي مولاهم.

(7)

قوله: (يرحم الله أم إسماعيل) عليها السلام هي هاجر، وَهَبَها

ص: 132

لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ

(1)

-أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ- لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا، وَأَقْبَلَ جُرْهُمُ

(2)

(3)

فَقَالُوا: أَتَأذَنِينَ أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ،

===

ملك من ملوك مصر لسارة زوجة إبراهيم عليه السلام، ثم وهبتها سارة لإبراهيم، فواقَعَها فولدت إسماعيل، ثم حمل إبراهيم إسماعيلَ وأمَّه هاجرَ إلى مكة، ومكة إذ ذاك عِضَاةٌ وسَلَمٌ [وسَمُرٌ] فأنزلهما في موضع الحجر، وكان مع هاجر شنّة ماء وقد نفد، فعطشت وعطش الصبي، فنزل جبرئيل وجاء بهما إلى موضع زمزم، فضرب بعقبه ففارت عين

(1)

، فلذلك يقال لزمزم: ركضة جبرئيل عليه السلام، فلما نبع الماء أخذت هاجر شنَّتَها وجعلت تستقي فيها تدَّخِره، وهي تفور، قال صلى الله عليه وسلم:"يرحم الله أم إسماعيل لو تركَتْ زمزم لكان عينًا مَعِينًا""ع"(9/ 81).

(1)

قوله: (لو تركَتْ زمزم) بأن لا تَغْرِفَ منها إلى القربة ولا تشحَّ بها لكانت "عينًا معينًا" بفتح الميم أَي جاريًا، "ك"(10/ 181)، "ع"(9/ 81).

(2)

أبو قبيلة.

(3)

قوله: (وأقبل جرهم) بضمّ الجيم والهاء وسكون الراء: حي من اليمن، "ك"(10/ 181)، أي: مرَّت رفقة من جُرْهُمٍ تريد الشام مقبلين من طريق كذا، فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرًا على الجبل، فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على الماء، وعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأشرفوا فإذا هم بالماء، فقالوا لهاجر: إن شئتِ كنّا معكِ وآنسناكِ والماء ماؤك، فأذنَتْ لهم فنزلوا هناك، فهم أول سكان مكة، فكانوا هناك حتى شبَّ إسماعيل وماتت هاجر، فتزوَّج إسماعيل امرأة منهم يقال لها: الجداء ابنة سعد العملاقي،

(1)

في الأصل: "فصارت عينًا".

ص: 133

وَلَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ

(1)

، قَالُوا: نَعَمْ". [أطرافه: 3362، 3363، 3364، 3365، أخرجه: س في الكبرى 8379، تحفة: 5600، 5439].

2369 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(2)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(3)

، عَنْ عَمْرٍو

(4)

، عَنْ أَبِي صَالِحٍ

(5)

السَّمَّانِ

(6)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ

(7)

: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَتِهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا أَكْثَرَ

"حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ" في ذ: "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ". "عَلَى سِلْعَتِهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"عَلَى سِلْعَةٍ".

===

وأخذ لسانهم فتعرّب بهم

(1)

، وحكايته طويلة ليس هذا الموضع موضع بسطها، "ع"(9/ 81 - 82).

(1)

قوله: (ولا حقَّ لكم في الماء) لأنها أحقّ من غيرها، وفيه الترجمة، قال الخطابي: فيه أن من أنبط ماء في فلاة من الأرض، مَلَكَه ولا يشاركه غيره فيه إلا برضاه، إلا أنه لا يمنع فضله إذا استغنى عنه، وإنما شرطَتْ هاجر عليهم أن لا يتملكوه، "ف"(5/ 43)، "ع"(9/ 81).

(2)

"عبد الله بن محمد" المسندي البخاري.

(3)

هو: ابن عيينة، "ع"(9/ 82).

(4)

"عمرو" هو ابن دينار المكي.

(5)

اسمه ذكوان، "قس"(5/ 403).

(6)

لأنه يجلب الزيت والسمن إلى الكوفة.

(7)

عبارة عن عدم الإحسان إليهم، "ع"(9/ 65).

(1)

في الأصل: "فتقرَّب بهم".

ص: 134

مِمَّا أَعْطَى

(1)

وَهُوَ كَاذِبٌ

(2)

، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعِ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمِ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ

(3)

، فَيَقُول اللهُ: الْيَوْمَ أمْنَعُكَ فَضْلِي

(4)

، كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَاءٍ لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ"، قَالَ عَلِيٌّ

(5)

: ثَنَا سُفْيَانُ

(6)

غَيْرَ مَرَّةٍ، عَنْ عَمْرٍو

(7)

سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 2358، أخرجه: م 108، تحفة: 12855].

"فَضْلَ مَائِهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَضلَ مَاءً". "فَضْلَ مَاءٍ لَمْ تَعْمَلْ" في نـ: "فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ".

===

(1)

قوله: (لقد أعطي بها أكثر مما أعطى) على صيغة المجهول، ويروى على صيغة المعلوم، أي: أكثر مما أعطى فلان الذي يستامه، قوله:"بعد العصر" هذا ليس بقيد، وإنما خرج هذا مخرج الغالب إذ كانت عادتهم الحلف بمثله، وقيل: لأن وقت العصر وقت تعظم فيه المعاصي، لأنه وقت صعود ملائكة النهار. قوله:"ليقتطع"، أي ليأخذ قطعة، "عيني"(9/ 65)، "ك"(10/ 181).

(2)

جملة حالية، "ع"(9/ 82).

(3)

دلّ هذا على [أنه] أحق بالأصل الذي في حوضه أو في قربته، وبه المطابقة، "ع"(9/ 82).

(4)

قوله: (اليوم أمنعك فضلي) أي: إنك إذا كنت تمنع فضلَ الماء الذي ليس بعملك، وإنما هو رزق ساقه الله إليك، أمنعك اليوم فضلي مجازاة لما فعلتَ، "ع"(9/ 82).

(5)

ابن المديني.

(6)

ابن عيينة.

(7)

ابن دينار.

ص: 135

‌11 - بَابُ لَا حِمَى

(1)

إِلَّا لِلَّهِ وَلرَسُولِهِ

2370 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(2)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(3)

، عَنْ يُونُسَ

(4)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(5)

، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ

(6)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ

(7)

قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلرَسُولِهِ

(8)

"، وَقَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَمَى النَّقِيعَ

(9)

، وَأَنَّ عُمَرَ حَمَى السَّرَفَ وَالرَّبَذَةَ. [طرفه 3013، أخرجه: د 3083، س في الكبرى 5775، تحفة: 4941].

"وَقَالَ: بَلَغَنَا" في ذ: "وَقَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ: بَلَغَنَا".

===

(1)

بكسر الحاء وفتح الميم بلا تنوين مقصورًا: موضع الكَلَأ يُحمَى من الناس، "ع"(9/ 83)، وسيجيء بيانه.

(2)

"يحيى" هو ابن عبد الله "ابن بكير" المخزومي.

(3)

"الليث" هو ابن سعد المصري الإمام.

(4)

"يونس" ابن يزيد الأيلي.

(5)

"ابن شهاب" الزهري.

(6)

ابن مسعود.

(7)

الليثي، "قس"(5/ 405).

(8)

قوله: (لا حمى إلَّا لله ولرسوله) أي: لا حمى لأحد يخصّ نفسَه يرعى فيه ماشيته دون سائر الناس، وإنما هو لله ولرسوله ولمن ورد ذلك عنه من الخلفاء بعده إذا احتاج إلى ذلك لمصلحة المسلمين، كما فعل الصديق والفاروق وعثمان لما احتاجوا إلى ذلك، كذا في "العيني"(9/ 84)، ومرّ بيان منع الكلأ وما يتعلّق به (برقم: 2353).

(9)

قوله: (النقيع) موضع ببلاد مزينة على ليلتين من المدينة الذي حماه عمر، قاله في "القاموس" (ص: 709). وفي "التوشيح"(4/ 1668):

ص: 136

‌12 - بَابُ شُرْبِ النَّاسِ

(1)

وَالدَّوَابِّ مِنَ الأَنْهَارِ

2371 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(2)

، أَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ

(3)

، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ

(4)

، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ

(5)

، وَلرَجُلٍ سِتْرٌ

(6)

، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ

(7)

، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ

===

هو بالنون، وصحّف من قاله بالموحدة، انتهى. قوله:"الشرف" بالمعجمة والراء المفتوحتين، وقيل بالمهملة وكسر الراء، والأول أشهر وأصوب، لأنه بالمعجمة من عمل المدينة، "والربذة" بفتحات قرية على ثلاث مراحل من المدينة، "ك"(10/ 184)، "ع"(9/ 85).

(1)

قوله: (باب شرب الناس

) إلخ، مقصوده الإشارة إلى أن ماء الأنهار غير مختصٍّ لأحد، وقام الإجماع على جواز الشرب منها دون استئذان أحد، لأن الله خلقها للناس وللبهائم ولا مالك لها غير الله، فإذا أخذ أحد منها شيئًا في وعائه صار ملكًا له، فيتصرّف فيه بالبيع والهبة والصدقة ونحوها، فقال أبو حنيفة ومالك: لا بأس ببيع الماء بالماء متفاضلًا وإلى أجل، وقال محمد: هو مما يكال أو يوزَن، وقد صحّ أنه صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمدّ ويغتسل بالصاع، فعلى هذا لا يجوز عنده فيه التفاضل ولا النسيئة لوجود علة الربا، وهي الكيل والوزن، وبه قال الشافعي، لأن العلة الطعم، "ع"(9/ 89).

(2)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي ومن بعده تكرر ذكرهم قريبًا وبعيدًا.

(3)

الإمام.

(4)

مولى عمر رضي الله عنه، "قس"(5/ 406).

(5)

ثواب.

(6)

أي: ساتر لفقره ولحاله، "ع"(9/ 86).

(7)

أي: إثم.

ص: 137

رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ

(1)

، فَأَطَالَ لَهَا

(2)

فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ

(3)

فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهُ انْقَطَعَ طِيَلُهَا

(4)

فَاسْتَنَّتْ

(5)

شَرَفًا

(6)

أَوْ شَرَفَينِ كَانَتْ آثَارُهَا

(7)

وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ

(8)

فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ

(9)

كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِيَ لِذَلِكَ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا

"فَأَطَالَ لَهَا" كذا في ذ، وفي نـ:"فَأَطَالَ بِهَا". "كَانَتْ لَهُ" وفي ذ: "كَانَ لَهَا".

===

(1)

أي: أعدّها للجهاد، "ع"(9/ 86).

(2)

قوله: (فأطال لها) أي: شدّها في طِوَله بكسر الطاء وفتح الواو، وكذلك الطِّيَل بالياء، وهو حبل طويل يشدّ أحد طرفيه في وتد، والطرف الآخر في يد الفرس ليدور فيه ويرعى، ولا يذهب لوجهه، و"المرج" الأرض الواسعة ذات نبات كثيرة، "ع"(9/ 87)، "مجمع"(3/ 475، 4/ 575).

(3)

ولمسلم: "فما أكلتْ من ذلك الْمَرْج

" إلخ.

(4)

أي: حبلها.

(5)

أي: عدت ونجت في عدوها.

(6)

بالتحريك: ما ارتفع من الأرض.

(7)

جمع أثر وهو بقي كل شيء، أي: أثر خطواتها، "ع"(9/ 87).

(8)

قوله: (مرّت بنهر) بسكون الهاء وفتحها لغتان فصيحتان، وفيه الترجمة، وتوضيحه أن ماء النهر لو كان مختصًّا لأحد لاحتيج إلى إذنه، وحيث أطلقه الشارع يدلّ على أنه غير مختصٍّ بأحد ولا في ملك أحد، قاله العيني (9/ 86 - 87).

(9)

فكيف إذا أراد السقي، "لمعات".

ص: 138

وَتَعَفُّفًا

(1)

، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي رِقَابِهَا

(2)

وَلَا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا

(3)

وَرِيَاءً وَنِوَاءً

(4)

لأَهْلِ الإِسْلَامِ، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ". وَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحُمُر

(5)

فَقَالَ: "مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ

(6)

: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8]. [أطرافه: 2860، 3646، 4962، 4963، 7356، أخرجه: م 987، س 3563، تحفة: 12316].

"مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ" في نـ: "مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيَّ فِيهَا شَيئًا". "فَمَنْ يَعْمَلْ" في نـ: "مَنْ يَعْمَلْ".

===

(1)

عن السؤال، "ع"(9/ 87).

(2)

قوله: (حقَّ الله في رقابها) فيه حجة لأبي حنيفة على وجوب الزكوة في الخيل السائمة، ويردّ تأويلَه بالعارية عطفُ قوله:"ولا ظهورها"، وأيضًا لا يجوز حمله على زكاة التجارة، لأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الحمر بعد الخيل فقال:"لم ينزل عليّ فيها شيء" فلو كان المراد في الخيل زكاة التجارة لم يصحَّ نفيُها في الحمير، كذا في "فتح القدير"(2/ 184).

(3)

أي: لأجل التفاخر، "ع"(9/ 87).

(4)

أي: معاداة لهم، "مجمع"(4/ 816).

(5)

بضمتين جمع حمار، "ع"(9/ 88).

(6)

قوله: (الفاذّة) أي: المنفردة، "الجامعة" أي: لكل خير وشر غير مخصوصة بشيء فيدخل فيه حكم الحمر وغيره، فمن أدّى في الحمر شيئًا وتحرَّى فيها الخير فله ثوابه، وليس فيه واجب مخصوص، "لمعات".

ص: 139

2372 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(1)

، ثَنِي مَالِكٌ

(2)

، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَن

(3)

، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ

(4)

، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ

(5)

، فَقَالَ: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا

(6)

وَوِكَاءَهَا

(7)

، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا

(8)

وَإِلَّا فَشَأْنُكَ

(9)

بِهَا"، قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "هِيَ لَكَ

(10)

أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"، قَالَ: فَضالَّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: "مَا لَكَ

(11)

وَلَهَا، مَعَهَا

"ثَنِي مَالِكٌ" كذا في قتـ، وفي نـ:"حَدَّثَنَا مَالِكٌ". "عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ" زاد في ذ: "الْجُهَنِي".

===

(1)

" إسماعيل" هو ابن أويس الأصبحي.

(2)

"مالك" هو ابن أنس الإمام الأصبحي.

(3)

"ربيعة بن أبي عبد الرحمن" والمشهور بربيعة الرأي.

(4)

"يزيد مولى المنبعث" المدني.

(5)

بضمّ اللام وفتح القاف: الشيء الملقوط.

(6)

الوعاء الذي فيه القُفّة.

(7)

سربند. [بالفارسية].

(8)

أي: فأدِّها إليه.

(9)

قوله: (فشأنُك) أي: استمتع بها إن كنتَ محتاحًا وإلا فتصدَّقْ، قوله:"هي لك"، أي: إن أخذتَها، "أو لأخيك" إن لم تأخذها ويأخذها غيرك، وإلا هي "للذئب"، كذا "للعيني"(2/ 153)، ومز الحديث (برقم: 91).

(10)

أي: إن أخذتَها.

(11)

أي: لم تأخذها و [الحال] أنها مستقلة بأسباب تعيُّشها، "ع"(9/ 166).

ص: 140

سِقَاؤُهَا

(1)

وَحِذَاؤُهَا

(2)

، تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا". [راجع: 91].

‌13 - بَابُ بَيْعِ الْحَطَبِ وَالْكَلإِ

(3)

(4)

2373 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ

(5)

، ثَنَا وُهَيْبٌ

(6)

، عَنْ هِشَامٍ

(7)

، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ

(8)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَأنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلًا

(9)

،

"أَحْبُلًا" في هـ، ذ:"حَبْلًا".

===

(1)

أي: جوفها؛ لأنها تشرب وتكتفي أيامًا، "ع"(9/ 163).

(2)

بالهاء المهملة والمدّ: ما وطئ عليه البعير من خُفّه، "ع"(9/ 89).

(3)

كجَبَل، "قاموس" (ص: 60).

(4)

قوله: (باب بيع الحطب والكلأ) بفتح الكاف واللام، وهو العشب سواء كان رطبًا أو يابسًا، ووجه إدخال هذا الباب في "كتاب الشرب" من حيث اشتراك الماء والحطب والكلأ في جواز الانتفاع بها، لأنها من المباحات، فلا يختصّ بها أحد دون أحد، فمن سبقت يده إلى شيء من ذلك فقد مَلَكَه، كذا في "العيني"(9/ 89)، ومرّ حديث الباب (برقم: 1471) في "كتاب الزكوة".

(5)

"مُعَلَّى بن أسد" العَمِّي أبو الهيثم البصري.

(6)

"وهيب" هو ابن خالد البصري.

(7)

"هشام" يروي "عن أبيه" عروة بن الزبير.

(8)

"الزبير بن العوام" هو أحد العشرة المبشّرة.

(9)

جمع حبل، "قاموس" (ص: 903).

ص: 141

فَيَأْخُذَ حُزْمَةً

(1)

مِنْ حَطَبٍ فَيَبِيعَ، فَيَكُفَّ اللهُ بِهِ عَنْ وَجْهِهِ

(2)

، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْألَ النَّاسَ أُعْطِيَ أَوْ مُنِعَ". [راجع: 1471].

2374 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(3)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(4)

، عَنْ عُقَيْلٍ

(5)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(6)

، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ". [راجع: 1470، أخرجه: م 1042، 2584، تحفة: 12930].

2375 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى

(7)

، أَنَا هِشَامٌ

(8)

أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ

(9)

أَخْبَرَهُمْ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ،

" حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ" في قتـ: "حُزْمَةَ حَطَبٍ". "فَيَكُفَّ اللهُ بِهِ" في ذ: "فَيَكُفَّ اللهُ بِهَا". "خَيْرٌ" في نـ: "خَيْرٌ لَهُ". "حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى" في ذ: "حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى". "أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ".

===

(1)

بضمّ المهملة وسكون الزاي، من حزمت إذا شددت، "ك"(10/ 185)"مجمع"(1/ 489).

(2)

أي: عن عِرضه، "ع"(9/ 89).

(3)

"يحيى بن بكير" المخزومي.

(4)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(5)

"عقيل" هو ابن خالد.

(6)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(7)

"إبراهيم بن موسى" ابن يزيد الفراء الرازي.

(8)

"هشام" هو ابن يوسف الصنعاني.

(9)

"ابن جريج" عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي الأموي.

ص: 142

عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ

(1)

، عَنْ أَبِيهِ حُسَينِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: أَصَبْتُ شَارِفًا

(2)

مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ

(3)

، قَالَ: وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَارِفًا أُخْرَى، فَأَنَخْتُهُمَا يَوْمًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا

(4)

إِذْخِرًا لأَبِيعَهُ، وَمَعِي صَائِغٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ

(5)

، فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَشْرَبُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ مَعَهُ قَيْنَةٌ

(6)

، فَقَالَتْ: أَلَا يَا حَمْزُ

(7)

لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ.

"وَمَعِي صَائِغٌ" في سـ، ذ:"وَمَعِي طابِعٌ"، وفي حـ، ذ:"وَمَعِي طالِعٌ" -لأبي ذر عن الحموي "طالع" باللام أي: من يدلّ عليه ويساعده، وقد يقال: إنه اسم الرجل، ولأبي ذر أيضًا عن المستملي "طابع" بالموحدة، "خ". قال العيني (9/ 90): والمعروف "صائغ"-.

===

(1)

" علي بن حسين" هو زين العابدين.

(2)

بالشين المعجمة والفاء، وهي المسنة من النوق، "قس"(5/ 411)، "ع"(9/ 90).

(3)

وفي نسخة بإضافته إلى "يوم"، "قس"(5/ 411).

(4)

قوله: (أن أحمل عليهما) فيه المطابقة، فإنه دالّ على ما ترجم به من جواز الاحتطاب والاحتشاش، كذا في "الفتح"(5/ 47)، وقلع الإذخر وبيعه من نوع الاحتطاب وبيع الحطب، كذا في "العيني"(9/ 90).

(5)

بتثليث النون وفتح القافين.

(6)

بفتح القاف: الأمة، والمراد ههنا: المغنّية، "ك"(10/ 186)، "ع"(9/ 90).

(7)

قوله: (ألا يا حمز

) إلخ، وهذه إشارة إلى ما في قصيدة مطلعها:

ألا يا حمز للشُّرُف النِّواء

وهن معقَّلات بالفناء

ضَعِ السكينَ في اللَبَّات منها

وضرِّجْهن حمزة بالدماء

ص: 143

فَثَارَ

(1)

إِلَيْهِمَا حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ، فَجَبَّ

(2)

أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ

===

وعجِّل من أطايبها لِشَرْبٍ

قديرًا من طبيخ أو شواء

قوله: (ألا) كلمة التنبيه، و"يا حمز" مرخَّم، و"للشرف" بضمتين جمع شارف، وهي المسنّة من النوق، و"النِّواء" بكسر النون أي: السمان، جمع الناوية، وهي السمينة، "وهن" أي الشرف المذكورة "معقَّلات" أي مشدَّدات بالعقال، قوله:"بالفناء" بكسر الفاء، وهو المكان المتسع أمام الدار، قوله:"في اللبات" جمع لَبَّة، وهي المنحر، و"ضرِّجْهن" أمر من التضريج بالضاد المعجمة وبالجيم: التدمية، قوله:"حمزة" أي: يا حمزة، قوله:"من أطايبها" جمع أطيب، العرب تقول: أطايب الجزور السنام

(1)

والكبد، قوله:"لِشَرْبٍ" بفتح المعجمة وسكون الراء وهو الجماعة يشربون الخمر، قوله:"قديرًا" نصب على أنه مفعول لقوله: وعجِّل، والقدير المطبوخ في القدر، "عيني"(9/ 91).

(1)

أي: نهض.

(2)

قوله: (فَجَبَّ) بالجيم والموحدة المشددة، أي: قطع، قوله:"أسنمتهما" جمع سنام، والمراد اثنان، وهذا من قبيل قوله تعالى:{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، قوله:"وبَقَرَ" بالموحدة والقاف، أي: شقّ "خواصرهما"، و"الأكباد" جمع كبد، قوله:"قلت لابن شهاب" القائل ابن جريج الراوي، وهو من قوله هذا إلى قوله:"قال علي" ليس من الحديث، وهو مدرج، وقوله:"قال علي" هو ابن أبي طالب، ذكره ابن شهاب تعليقًا، قوله:"أفظعني" أي: خوَّفني، أفظع

(2)

الأمر وفظع: اشتدّ، "ع"(9/ 91).

(1)

في الأصل: "أطابت الجزور المنام".

(2)

في الأصل: "أقطعني أي: خولني، أقظع الأمر".

ص: 144

خَوَاصِرَهُمَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا -قُلْتُ لابْنِ شِهَابٍ: وَمِنَ السَّنَامِ؟ قَالَ: قَدْ جَبَّ أسْنِمَتَهُمَا فَذَهَبَ بِهَا- قَالَ ابْنُ شِهَاَبٍ: قَالَ عَلِيٌّ: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِي، فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدٌ

(1)

، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَى حَمْزَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ

(2)

، فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ وَقَالَ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لآبَائِي

(3)

، فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَهْقِرُ

(4)

حَتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ

(5)

. [راجع: 2089].

‌14 - بَابُ الْقَطَائِعِ

(6)

===

(1)

ابن حارثة، "ع"(9/ 92).

(2)

أي: أظهر الغيظ عليه، "ع"(9/ 92).

(3)

قوله: (هل أنتم إلا عبيد لآبائي) أراد به التفاخر عليهم بأنه أقرب إلى عبد المطلب ومن فوقه، قال الداودي: يعني لأن عبدَ الله أبا النبي صلى الله عليه وسلم وأبا طالب عمَّه كانا كالعبدين لعبد المطلب في الخضوع لحرمته وجواز تصرفه في مالهما، وعبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، والجدّ كالسيِّد، "ع"(9/ 92)، "هـ".

(4)

معناه: رجع إلى ورائه.

(5)

فلذلك عذره النبي صلى الله عليه وسلم فيما قال وفعل ولم يؤاخذه، "ع"(9/ 92)، "ك"(10/ 187).

(6)

قوله: (باب القطائع) أي في بيان حكم القطائع، وهو جمع قطيعة، مِنْ أقطعه الإمام أرضًا، والإقطاع يكون تمليكًا وغير تمليك، وإقطاع الإمام تسويغه من مال الله عز وجل لمن يراه أهلًا لذلك، وأكثر ما يستعمل في إقطاع الأرض، وهو أن يخرج منها شيئًا يحوزه، إما أن يملِّكَه إياه فَيُعْمِره، أو يجعل له غلته مدة، "عيني"(9/ 93).

ص: 145

2376 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ

(1)

، ثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيدٍ

(2)

، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

(3)

قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ: أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْطِعَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ

(4)

، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: حَتَّى تُقْطِعَ

(5)

لإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا، قَالَ: "سَتَرَوْنَ

"ابنُ زَيدٍ" ثبت في ذ.

===

(1)

" سليمان بن حرب" الواشحي الأزدي البصري قاضي مكة.

(2)

"حماد بن زيد" واسم جده درهم الجهضمي.

(3)

الأنصاري، "قس"(5/ 414).

(4)

قوله: (أن يُقْطِعَ من البحرين) تثنية بحر، وهي من ناحية نجد على شطِّ بحر فارس، وهي ديار القرامطة، ولها قرى كثيرة، وهي كثيرة التمور، "ع"(9/ 94).

(5)

قوله: (حتى تُقْطِعَ) غاية لفعل مقدر، أي لا تُقْطِعْ لنا حتى تقطع "لإخواننا المهاجرين"، قوله:"مِثْلَ الذي تقطع لنا"، وزاد في رواية البيهقي:"فلم يكن ذلك عنده"، يعني بسبب قلة الفتوح يومئذٍ، وقال ابن بطال: معناه أنه لم يرد فعل ذلك، لأنه كان أقطع للمهاجرين أرض بني النضير، قوله:"أثرة" بفتح الهمزة [والثاء] المثلثة

(1)

، ويروى بضم الهمزة وإسكان الثاء، ويقال أيضًا بكسر الهمزة وسكون الثاء، وهو الاستئثار، أي: يستأثر عليكم بأمور الدنيا ويفضل عليكم غيركم، قالوا: هذا يدلّ على أن الخلافة لا تكون فيهم، ألا ترى أنه جعلهم تحت الصبر إلى يوم القيامة، والصبر لا يكون إلا من مغلوب محكوم، "ع"(9/ 94).

(1)

في الأصل: "الهمزة المثلثة".

ص: 146

بَعْدِي أَثَرَةً

(1)

فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي". [أطرافه: 2377، 3163، 3794، تحفة: 1659].

‌15 - بَابُ كِتَابَةِ الْقَطَائِعِ

2377 -

وَقَالَ اللَّيْثُ

(2)

، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

(3)

، عَنْ أَنَسٍ: دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الأَنْصَارَ لِيُقْطِعَ

(4)

لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اَللهِ إِنْ فَعَلْتَ فَاكْتُبْ لإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشِ بمِثْلِهَا، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِيَ أَثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي". [راجع: 2376].

‌16 - بَابُ حَلْبِ

(5)

الإِبِلِ عَلَى الْمَاءِ

(6)

2378 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ

(7)

، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

"حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ" في ذ: "حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ"، [وذكر في "قس" لأبي الوقت].

===

(1)

بفتحات، أشار إلى ما وقع من استئثار الملوك من قريش على الأنصار بالأموال والتفضيل في العطاء وغير ذلك، "توشيح"(4/ 1671).

(2)

"الليث" ابن سعد الإمام، وهذا تعليق، "ع"(9/ 95).

(3)

الأنصاري، "قس"(5/ 414).

(4)

بضمّ أوله وكسر ثالثه، وهو عطاء يعطيه الإمام أهل السابقة والفضل، "زركشي"(2/ 530).

(5)

بالتحريك: اللبن المحلوب، والحلب أيضًا مصدر، أي: بفتح اللام، "ع"(9/ 95)، وحكي سكونها، "مجمع"(1/ 536).

(6)

أي: عند الماء، "ف"(5/ 49).

(7)

الحزامي المديني، "قس"(5/ 415).

ص: 147

فُلَيْحٍ

(1)

، ثَنِي أَبِي، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ

(2)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ

(3)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مِنْ حَقِّ الإِبِلِ

(4)

أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ". [راجع: 1402، تحفة: 13609].

‌17 - بَابٌ الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ مَمَرٌّ

(5)

أَوْ شِرْبٌ فِي حَائِطٍ أَوْ فِي نَخْلٍ

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(6)

: "مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا

"وَقَالَ النَّبِيُّ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ النَّبِيُّ".

===

(1)

" محمد بن فليح" ابن سليمان الأسلمي أو الخزاعي، "قس"(5/ 415).

(2)

"هلال بن علي" القرشي العامري مولاهم المدني.

(3)

"عبد الرحمن بن أبي عمرة" الأنصاري النجاري.

(4)

قوله: (من حقِّ الإبل

) إلخ، أراد به الحقّ المعهود بين العرب من التصدق باللبن على المياه، إذ كانت طوائف الضعفاء والمساكين تصدر

(1)

يوم ورود الإبل على المياه لتنال من رسلها وتشرب من لبنها، وهذا حقّ حلبها على الماء لا أنه فرض لازم، "عيني"(9/ 96).

(5)

قوله: (يكون له مَمَرٌّ) أي: حقّ المرور "أو شِرْبٌ" بكسر الشين وهو النصيب من الماء، قوله:"في حائط" يتعلق بقوله: مَمَرّ، والحائط البستان، قوله:"أو في نخل" متعلق بقوله: "شرب"، وحكم هذا يعلم من أحاديث الباب، "ع"(9/ 96).

(6)

"قال النَّبي صلى الله عليه وسلم" فيما سبق موصولًا في "باب من باع نخلًا قد أبِّرت".

(1)

في الأصل: "ترتصد".

ص: 148

لِلْبَائِعِ

(1)

"، وَللْبَائِعِ

(2)

الْمَمَرُّ وَالسَّقْيُ حَتَّى يَرْفَعَ، وَكَذَلِكَ رَبُّ الْعَرِيَّةِ

(3)

.

2379 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(4)

، أَنَا اللَّيْثُ

(5)

،

"وَللْبَائِعِ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَلِلْبَائِعِ". "حَتَّى يَرْفَعَ" فيِ نـ: "حَتَّى تُرْفَعَ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ"، وفي أخرى:"أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ". "أَنَا اللَّيْثُ" في نـ: "قَالَ: أَنَا اللَّيْثُ".

===

(1)

قوله: (من باع نخلًا بعد أن تُؤَبَّرَ فثمرتها للبائع) هذا الحديث مضى موصولًا في "باب من باع نخلًا قد أُبِّرَتْ"(برقم: 2203)، ومطابقته للترجمة في قوله:"فثمرتها للبائع" لأن الثمرة التي بيعت بعد التأبير لما كانت للبائع لم يكن له وصول إليها إلا بالدخول في الحائط، فإذا كان كذلك يكون له حق الممَرِّ، ومعنى التأبير: الإصلاح والإلقاح، وقد مضى هناك مستوفى، "ع"(9/ 96).

(2)

من كلام البخاري، ولا يظن أن قولَه:"وللبائع" إلى آخره من الحديث، ومن ظن هذا فقد أخطأ، "ع"(9/ 97).

(3)

قوله: (وكذلك ربُّ العَرِيَّة) لأن صاحب العريّة لا يُمْنَعُ أن يدخل في حائط المعرى لتعهُّد عريَّته بالإصلاح والسقي، ولا خلاف في هذا بين الفقهاء، وأما من له طريق مملوكة في أرض غيره، فقال مالك: ليس له أن يدخل في طريقه بماشيته وغنمه، لأنه يفسد زرع صاحبه، وقال الكوفيون والشافعي: ليس لصاحب الأرض أن يزرع في موضع الطريق، قاله العيني (9/ 97)، وتفسير العريّة مضى في "كتاب البيوع" (برقم: 2192) في "باب تفسير العرايا".

(4)

"عبد الله بن يوسف" هو التِّنِّيسي.

(5)

"الليث" تقدم.

ص: 149

ثَنِي ابْنُ شِهَابٍ

(1)

، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

(2)

، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنِ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ

(3)

، وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ

(4)

فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إَّلا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ

(5)

"، وَعَنْ مَالِكٍ

(6)

، عَنْ نَافِعٍ

(7)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ فِي الْعَبْدِ

(8)

. [راجع: 2203، أخرجه: م 1543، د 3434، ت 1244، ق 2211، 2210، تحفة: 6907، 10558، 8330].

2380 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

(9)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(10)

،

"ثَنِي ابْنُ شِهَابٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ".

===

(1)

" ابن شهاب" هو الزهري.

(2)

"سالم بن عبد الله" يروي "عن أبيه" عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

(3)

لكن بشرط أن لا يكون المال ربويًّا، قاله الشافعي وأبو حنيفة؛ لِما فيه من الربا، "قس"(5/ 417).

(4)

قوله: (وله مال) إضافة المال إلى العبد كإضافة الثمرة إلى النخلة "ف"(5/ 51)، "ك"(10/ 190).

(5)

قال مالك: يجوز لإطلاق الحديث، "قس"(5/ 417).

(6)

"مالك" الإمام، معطوف على قوله:"حدثنا الليث" فهو موصولٌ، "ف"(5/ 51).

(7)

"نافع" مولى بن عمر.

(8)

أي: في شأن العبد، "ك"(11/ 190).

(9)

البيكندي، "قس"(5/ 419).

(10)

هو ابن عيينة، "ع"(9/ 98).

ص: 150

عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

(1)

، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

(2)

قَالَ: رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ تُبَاعَ الْعَرَايَا

(3)

بِخَرْصِهَا تَمْرًا. [راجع: 2173].

2381 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(4)

، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ

(5)

، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ

(6)

، عَنْ عَطَاءٍ

(7)

، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

(8)

: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُخَابَرَةِ

(9)

، وَالْمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ

(10)

، وَأَنْ لَا يُبَاعَ إِلَّا بِالدِّينَارِ

"صَلَاحُهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"صَلَاحُهَا".

===

(1)

الأنصاري، "قس"(5/ 419).

(2)

أي: الأنصاري، "قس"(5/ 152).

(3)

فيه الترجمة، كما مرّ بيانه، وتفسير العرايا مضى (برقم: 2197).

(4)

المسندي، "قس"(5/ 419).

(5)

سفيان.

(6)

"ابن جريج" هو عبد الملك بن عبد العزيز.

(7)

"عطاء" هو ابن أبي رباح.

(8)

الأنصاري، "قس"(5/ 419).

(9)

قوله: (عن المخابرة) وهي عقد المزارعة، "والمحاقلة" بالمهملة والقاف: بيع الزرع بالبُرِّ، "والمزابنة" بالزاي والموحدة والنون: بيع الكرم بالزبيب ونحوه في الرطب والتمر، ومرّ بيانها كلّها في البيع في "باب المزابنة" ونحوها، كذا في "الكرماني"(10/ 190).

(10)

مرّ بيانه (برقم: 2197).

ص: 151

وَالدِّرْهَمِ، إِلَّا الْعَرَايَا

(1)

. [راجع: 1487، أخرجه: م 1536، د 3373، س 4523، ق 2216، تحفة: 2452].

2382 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ

(2)

، ثَنَا مَالِكٌ

(3)

، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنٍ

(4)

، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ

(5)

مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ

(6)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ

(7)

أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، شكَّ دَاوُدُ فِي ذَلِكَ. [راجع: 2190].

2383 و 2384 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى

(8)

، ثَنَا أَبُو أُسامَةَ

(9)

، أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ

(10)

،

"ثَنَا مَالِكٌ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"أَخْبَرَنَا مَالِكٌ". "مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ" في صـ، قتـ، ذ:"مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ"، [وفي "قس" عكسه. "ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ: "أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ"].

===

(1)

هو محلّ الترجمة، وقد ذُكِر وجهه فيما سبق.

(2)

"يحيى بن قزعة" القرشي المكي المؤذن.

(3)

"مالك" الإمام.

(4)

"داود بن الحصين" الأموي مولاهم.

(5)

"أبي سفيان" قيل: اسمه وهب، وقيل: قزمان.

(6)

"مولى ابن أبي أحمد" ابن جحش.

(7)

جمع وسق، وهو ستون صاعًا.

(8)

"زكرياء بن يحيى" الطائي الكوفي.

(9)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة.

(10)

"الوليد بن كثير" المخزومي المدني ثم الكوفي.

ص: 152

أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ

(1)

بْنُ يَسَارٍ

(2)

مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ: أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ

(3)

وَسَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ

(4)

حَدَّثَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ

(5)

، بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، إِلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا

(6)

، فَإِنَّهُ أَذِنَ لَهُمْ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ

(7)

: ثَنِي بُشَيْرٌ

(8)

مِثْلَهُ. [راجع 2191].

"قَالَ: وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ" كذا في قتـ، ذ، وفي مه، صـ:"قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ: وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ".

===

(1)

مصغّرًا.

(2)

الحارثي، "قس"(5/ 420).

(3)

"رافع بن خديج" الأنصاري الأوسي.

(4)

"سهل بن أبي حثمة" ابن ساعدة بن عامر الأنصاري الخزرجي المدني.

(5)

مرّ بيانها مرارًا.

(6)

فيه الترجمة، وتفسير العريّة مرّ (برقم: 2192) في "باب تفسير العرايا".

(7)

"ابن إسحاق" هو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي.

(8)

ابن يسار.

* * *

ص: 153

بسم الله الرحمن الرحيم

‌43 - كِتَابٌ فِي الاسْتِقْرَاضِ

(1)

وَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَالْحَجْرِ والتَّفْلِيسِ

‌1 - بَابُ مَنِ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ

(2)

وَلَيْسَ عِنْدَهُ ثَمَنُهُ، أَوْ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ

"كِتَابٌ فِي الاسْتِقْرَاضِ" في سفـ: "بَابٌ فِي الاستقراضِ".

===

(1)

قوله: (في الاستقراض) أي: في بيان حكم الاستقراض، وهو طلب القرض. قوله:"والحجر" وهو المنع لغةً، وشرعًا: منعٌ عن التصرف، وأسبابه كثيرة محلّها الفروع. قوله:"والتفليس" مِنْ فَلّسه الحاكم تفليسًا يعني: يحكم بأنه يصير إلى أن يقال: ليس معه فلس، ويقال: المفلس من تزيد ديونه على موجوده، سُمي مفلسًا لأنه صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، وهذه الترجمة هكذا في رواية أبي ذر، ولكن بلا بسملة في أوّلها، وعند غيره البسملة في أولها، وفي رواية النسفي "باب" بدل: كتاب، ولكن عطف الترجمة التي يليه عليه بغير باب، "عيني"(9/ 100).

(2)

قوله: (باب من اشترى بالدَّين) أي في بيان حكم من اشترى بالدَّين، والحال أنه ليس عنده ثمن الذي اشتراه. قوله:"أو ليس" أي الثمن "بحضرته" وقت الشراء، وهذا أخصّ من الأول، وجواب "مَنْ" محذوف تقديره: فهو جائز، وقد أجمعوا أن الشراء بالدَّين جائز لقوله عز وجل:{إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282].

فإن قلت: روى أبو داود والحاكم من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "لا أشتري ما ليس عندي ثمنه". قلت: هذا الحديث

ص: 155

2385 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ

(1)

، أَنَا جَرِيرٌ

(2)

، عَنِ الْمُغِيرَةِ

(3)

، عَنِ الشَّعْبِيِّ

(4)

، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(5)

قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ أَتَبِيعُنِيهِ

(6)

؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْبَعِيرِ، فَأَعْطَانِي ثَمَنَهُ. [راجع: 443، أخرجه: م 715، د 3505، ت 1253، س 4637، تحفة 2341].

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ" في كن، بو، فـ:"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سلامٍ"، وفي ذ:"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ هُوَ البيكَندِي". "مَعَ النَّبِيِّ" في نـ: "مَعَ رَسُولِ اللَّهِ". "فَقَالَ: كَيْفَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ: كَيْفَ". "أَتَبِيعُنِيهِ" في سـ، حـ، ذ:"أَتَبِيعِيهِ".

===

ضعّفوه، واختلف في وصله وإرساله، ويحتمل أن البخاري أشار بهذه الترجمة إلى ضعف هذا الحديث المذكور.

قوله: "أَتَبِيعُنِيه" بنون الوقاية، ويروى "أَتبيعه". ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، لأنه صلى الله عليه وسلم اشترى جمل جابر ولم يكن الثمن حاضرًا ولم يُعْطِه إلا بالمدينة، "عمدة القاري"(9/ 100).

(1)

"محمد" هو غير منسوب، وجزم أبو علي الجياني بأنه ابن سلام، ولأبي ذر "محمد بن يوسف هو البيكندي".

(2)

"جرير" هو ابن عبد الحميد.

(3)

"المغيرة" ابن مقسم الضبي الكوفي الأعمى.

(4)

"الشعبي" هو عامر بن شراحيل.

(5)

الأنصاري.

(6)

بنون الوقاية، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بإسقاطها، "قس"(5/ 423)، هذا كلّه في المنقول عنه، أما في غيره فنسخة أبي ذر مكتوب بلا ياء بعد العين.

ص: 156

2386 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ

(1)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ

(2)

، ثَنَا الأَعْمَشُ

(3)

قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ

(4)

الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ

(5)

، فَقَالَ: ثَنِي الأَسْوَدُ

(6)

، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ

(7)

. [راجع: 2068].

‌2 - بَابُ مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ

(8)

يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَوْ إِتْلَافَهَا

"عَنِ النَّبِيِّ" في نـ: "أَنَّ النَّبِيَّ".

===

(1)

" معلى بن أسد" العمِّي.

(2)

"عبد الواحد" ابن زياد البصري.

(3)

"الأعمش" سليمان بن مهران.

(4)

النخعي، "قس"(5/ 423).

(5)

المراد من السلم السلف لا السلم المصطلح، "ع"(9/ 101).

(6)

ابن يزيد، "قس"(5/ 423).

(7)

مرّ بيانه (برقم: 2068).

(8)

قوله: (من أخذ أموال الناس) بطريق القرض أو بوجه من المعاملات حال كونه "يريد أداءَها أو إتلافَها"، يعني قصده مجرد الأخذ، ولا ينظر إلى الأداء، وجواب "مَنْ" محذوف، حذفه اكتفاء بما في نفس الحديث.

قوله: (أَدّى الله عنه) أي: يَسَّرَ له ما يؤديه من فضله، لحسن نيته، وفي رواية الكشميهني:"أداها الله عنه" وروى ابن ماجه [ح: 2399] وابن حبان [5132] والحاكم من حديث ميمونة: "ما من مسلم يُدَان دَينًا يعلم الله أنه يريد أداءه، إلا أداه الله في الدنيا"، قوله:"أتلفه الله" يعني يُذْهِبُه من يده فلا ينتفع به لسوء نيته، ويبقى عليه الدَّين، ويعاقَبُ به يوم القيامة، كذا في "العيني"(9/ 101 - 102).

ص: 157

2387 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ

(1)

، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ

(2)

، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ

(3)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ". [أخرجه: ق 2411، تحفة 12920].

‌3 - بَابُ أَدَاءِ الدُّيُونِ

(4)

وَقَولِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا

"أَدَّى اللَّهُ" في هـ: "أَدَّاهَا اللَّهُ". "أَدَاءِ الدُّيُونِ" في ذ: "أَدَاءِ الدَّينِ". "وَقَولِ اللَّهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَقَالَ اللَّهُ".

===

(1)

" سليمان بن بلال" القرشي التيمي.

(2)

"ثور بن زيد" هو أخو عمرو الدِّيلي وهو غير ثور بن يزيد.

(3)

"أبي الغيث" هو سالم المدني مولى عبد الله بن المطيع.

(4)

قوله: (باب أداء الديون) أي: في بيان وجوب أداء الديون قوله " {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} إلخ" ساق الأصيلي وغيره الآية كلَّها، وأبو ذر اقتصر على قوله:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} .

واختلف المفسِّرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة، وأكثرهم على أنها نزلت في شأن عثمان بن طلحة الحجبي العبدري سادِن الكعبة، حين أخذ علي بن أبي طالب منه مفتاح الكعبة يوم الفتح، ذكره ابن سعد وغيره، وقال محمد بن كعب وغيره: إنها نزلت في الأمراء يعني الحكام بين الناس، وقيل: نزلت في السلطان يعظ النساء يعني يوم العيد، وقالوا: هذا يعمّ جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلاة والزكاة والكفارات ونحوها، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغيرها، فلذا أدخل البخاري الدَّين في الأمانة لثبوت الأمر بأدائه، لأن الأمانة فُسِّرَتْ في الآية بجميع ما يتعلّق بالذمة.

ص: 158

وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58].

2388 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ

(1)

، ثَنَا أَبُو شِهَابٍ

(2)

، عَنِ الأَعْمَشِ

(3)

، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ

(4)

، عَنْ أَبِي ذَرٍّ

(5)

قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَبْصَرَ -يَعْنِي أُحُدًا- قَالَ: "مَا أُحِبُّ أَنَّهُ

(6)

يُحَوَّلُ لِي ذَهَبًا يَمْكُثُ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا دِينَارٌ أُرْصِدُهُ

(7)

لِدَيْنٍ"،

"{وَإِذَا حَكَمْتُمْ}

" إلخ، في ذ بدله: "الآية". "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ" في ذ: "حَدَّثَنِي أَحْمَدُ". "يُحَوَّلُ" في ذ: "تَحَوَّلَ". "دينار" ثبت في ذ. "إلَّا دِينَارٌ" كذا في ذ، وفي نـ: "إلَّا دِينَارًا".

===

(1)

" أحمد بن يونس" ابن عبد الله التميمي اليربوعي.

(2)

"أبو شهاب" هو عبد ربه الحنّاط المعروف بالأصفر.

(3)

"الأعمش" تقدم.

(4)

"زيد بن وهب" الهمداني الجهني.

(5)

"أبي ذر" جندب بن جنادة رضي الله عنه.

(6)

قوله: (أنه) أي أُحُدًا "يحوَّلُ" بلفظ المجهول من التحويل، وفي رواية أبي ذر "تَحَوَّل" بفتح الفوقية على وزن تَفَعَّلَ، ومعنى "تَحَوَّلَ" صار، فيستدعي اسمًا مرفوعًا وخبرًا منصوبًا، فا لاسم هو الضمير في "تَحَوَّل" الذي يرجع إلى "أُحدًا"، والخبر هو قوله:"ذهبًا"، قوله:"إنّ الأكثرين" أي: إن الأكثرين مالًا "هم الأقلون" ثوابًا، قوله:"إلا من قال بالمال هكذا وهكذا" معناه: إلا من صرف المال على الناس يمينًا وشمالًا، وأما كلمة "قال" هنا ليس من القول بمعنى الكلام، لأن معناه صرف أو فَرَّق أو أعطى ونحو ذلك؛ لأن العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال، كذا في "العيني"(9/ 103 - 105).

(7)

من الإرصاد، يقال: أرصدته أي: هيّأته وأعددته، "ع"(9/ 104).

ص: 159

ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ، إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا" -وَأَشَارَ أَبُو شِهَابٍ

(1)

بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ- "وَقَلِيلٌ مَا هُمْ"، وَقَالَ: "مَكَانَكَ

(2)

". وَتَقَدَّمَ غَيْرَ بَعِيدٍ، وَسَمِعْتُ صَوْتًا، فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ: "مَكَانَكَ حَتَّى آتِيَكَ"، فَلَمَّا جَاءَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِي سَمِعْتُ

(3)

-أَوْ قَالَ

(4)

: الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُ؟ - قَالَ: "وَهَلْ سَمِعْتَ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:"أَتَانِي جِبْرَئِيلُ فَقَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ"، قُلْتُ: وَمَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا

(5)

؟ قَالَ: "نَعَمْ". [راجع: 1237، أخرجه: م 94، ت 2644، سي 1121، تحفة: 11915].

2389 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ

(6)

، حَدَّثَنَا أَبِي

(7)

، عَنْ يُونُسَ

(8)

،

"وَمَنْ فَعَلَ" كذا في سـ، ذ، وفي سـ أَيضًا:"وَإنْ فَعَلَ". "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ" في ذ: "حَدَّثَنِي أَحْمَدُ".

===

(1)

اسمه: عبد ربه الحنّاط "ع"(9/ 104).

(2)

أي: الزم مكانك.

(3)

خبر مبتدأ محذوف، تقديره: ما هو الذي سمعتُ، "ع"(9/ 105).

(4)

قوله: (أو قال) شك من الراوي، أي: ما هو الصوت الذي سمعتُ، "ع"(9/ 105).

(5)

أي: وإن زنى وإن سرق، "ع"(9/ 105)، "ف"(5/ 56).

(6)

"أحمد بن شبيب" بن سعيد الحَبَطي البصري.

(7)

سعيد.

(8)

"يونس" ابن يزيد الأيلي.

ص: 160

قَالَ ابْنُ شِهَابِ

(1)

: ثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا يَسُرُّنِي أَنْ لَا يَمُرَّ

(2)

عَلَيَّ ثَلَاثٌ وَعِنْدِي مِنْهُ شيْءٌ، إِلَّا شيْءٌ

(3)

أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ". رَوَاهُ صَالِحٌ وَعُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ

(4)

. [طرفاه: 6445، 7228، تحفة: 14116].

"ذَهَبًا مَا يَسُرُّنِي" في صـ، مه:"ذَهَبًا يَسُرُّنِي".

===

(1)

" ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري.

(2)

قوله: (ما يسرُّني أن لا يمرَّ) وقال ابن مالك: فيه وقوع جواب "لو" مضارعًا منفيًا بما، والأصل أن يكون ماضيًا مثبتًا، فكأنه أوقع المضارع موقع الماضي، أو يكون الأصل: ما كان يسرُّني، فَحُذِف "كان" وهو جواب لو، وفيه ضمير "هو" الاسم، ويسرّني الخبر، وحذفُ "كان" مع اسمها وبقاءُ خبرها كثير، وهذا أولى، انتهى.

ووقع في حديث أبي ذر: "ما يسرّني أن يمكث عندي"، وفي حديث أبي هريرة:"يسرّني أن لا يمكث"، ومفهوم كل منهما مطابق لمنطوق الآخر، ووقع للأصيلي وكريمة في رواية أبي هريرة:"ما يسرّني أن لا يمكث" وعلى هذا فـ "لا" زائدة، قاله في "الفتح"(5/ 56)، قال العيني (9/ 106): إذا كانت كلمة "ما" في "ما يسرّني" نافية فنعم، وأما إذا كانت موصولة فلا، انتهى.

(3)

ارتفاع "شيء" على أنه بدل من "شيء" الأول، "ع"(9/ 106).

(4)

مما هو في "الزهريات" للذهلي، "قس" (5/ 427). [وانظر:"تغليق التعليق"(3/ 318)].

ص: 161

‌4 - بَابُ اسْتِقْرَاضِ الإِبِلِ

2390 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ

(1)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(2)

، أَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ

(3)

بِمِنًى يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا تَقَاضَى

(4)

رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أصْحَابُهُ

(5)

، فَقَالَ:"دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا، وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ"،

"بِمِنَى" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي ذ:"بيْنَا"-ظرف بمعنى المفاجأة-، وفي أخرى:"بِبَيْتِنَا" كما في "العيني"(9/ 107). "فَهَمْ بِهِ أَصْحَابُهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَهَمَّ أَصْحَابُهُ".

===

(1)

" أبو الوليد" هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

(2)

"شعبة" ابن الحجاج.

(3)

"أبا سلمة" ابن عبد الرحمن بن عوف.

(4)

قوله: (تقاضى) أي: طلب قضاء الدين من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: "فأغلظ" يحتمل أن إغلاظه له في طلب حقه وتشدده فيه، لا في كلام مُؤْذٍ يسمعه إياه، فإنه كفر، وقد يكون القائل بهذا غير مسلم من اليهود، كما جاء مفسَّرًا منهم في غير هذا الحديث، لكن جاء في رواية عبد الرزاق: أنه كان أعرابيًّا، فكأنه جرى على عادته من جفائه وغلظه في الطلب. قوله:"فَهَمَّ به أصحابه" أي عزموا أن يوقعوا به فعلًا. قوله: "اشتروه فأعطوه"، وفي "مسلم" أنه أعطاه من إبل الصدقة، فالجمع بأَنْ أَمَرَ بالشراء أولًا، ثم قَدِمَتْ إبل الصدقة فأعطاه منها، أو أمر بالشراء من إبل الصدقة ممن استحقّ منها شيئًا، "ع"(9/ 107)، وباقي متعلّقات الحديث مَضَتْ (برقم: 2305) في "كتاب الوكالة".

(5)

أن يؤذوه.

ص: 162

قَالُوا: لَا نَجِدُ إِلَّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ:"اشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً". [راجع: 2305].

‌5 - بَابُ حُسْنِ التَّقَاضِي

(1)

2391 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ

(2)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(3)

، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بنِ عُمَيرٍ

(4)

، عَنْ رِبْعِيٍّ

(5)

، عَنْ حُذَيْفَةَ

(6)

قَالَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَاتَ رَجُلٌ، فَقِيلَ لَهُ

(7)

: مَا كُنْتَ تَقَولُ؟ قَالَ: كُنْتُ أبَايعُ النَّاسَ، فَأَتَجَوَّزُ عَنِ الْمُوسِر، وَأُخَفّفُ عَنِ الْمُعْسِرِ، فَغُفِرَ لَهُ". قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ

(8)

: سَمِعْتُهُ

(9)

مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 2077].

"مَا كُنْتَ تَقَولُ" ثبت في سـ، ذ. "مِنَ النَّبِيِّ" في هـ، ذ:"عَنِ النَّبِيِّ".

===

(1)

أي: في بيان استحباب حسن التقاضي، أي: حسن المطالبة، "ع"(9/ 108).

(2)

ابن إبراهيم الأزدي البصري، "ع"(9/ 108).

(3)

"شعبة" ابن الحجاج.

(4)

"عبد الملك بن عمير" القرشي الكوفي.

(5)

"ربعي" ابن حراش بكسر المهملة الكوفي.

(6)

"حذيفة" ابن اليمان رضي الله عنه.

(7)

قوله: (فقيل له) فيه حذف تقديره: فقيل له: ما كنت تصنع؟ قال: كنت، ووقع هنا في رواية المستملي:"فقيل له: ما كنت تقول؟ "، قاله العيني (9/ 108). قوله:"فأتجوَّزُ" أي فأسامحه وأُمْهِلُه وأُيَسِّرُ عليه، قاله الكرماني (10/ 195)، ومرّ الحديث (برقم: 2077) في "البيوع".

(8)

البدري، اسمه عقبة بن عمرو، "ع"(9/ 108).

(9)

أي: هذا الحديث، "ع"(9/ 108).

ص: 163

‌6 - بَابٌ هَلْ يُعْطَى

(1)

أَكْبَرَ مِنْ سِنِّهِ؟

2392 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(2)

، ثَنَا يَحْيَى

(3)

، عَنْ سُفْيَانَ

(4)

، ثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ

(5)

، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

(6)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَعْطُوهُ"، فَقَالُوا: مَا نَجِدُ إِلَّا سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ الرَّجُلُ: أَوْفَيْتَنِي

(7)

أَوْفَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَعْطُوهُ فَإنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً". [راجع: 2305].

‌7 - بَابُ حُسْنِ الْقَضَاءِ

2393 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ

(8)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(9)

، عَنْ سَلَمَةَ

(10)

،

"ثَنَا يَحْيَى" في نـ: "عَنْ يَحْيَى". "مَا نَجِدُ" في هـ، ذ:"لا نَجِدُ".

===

(1)

جواب "هل" محذوف تقديره: نعم يعطى، "ع"(9/ 108).

(2)

"مسدد" هو ابن مسرهد الأسدي.

(3)

القطان، "ع"(9/ 108).

(4)

الثوري، "ع"(9/ 108).

(5)

"سلمة بن كهيل" الحضرمي أبو يحيى الكوفي.

(6)

"أبي سلمة" ابن عبد الرحمن بن عوف.

(7)

قوله: (أَوْفَيْتَني) أي: أعطيتَ حقِّي وافيًا كاملًا، قاله العيني (9/ 109)، ومرّ الحديث [برقم: 2390].

(8)

"أبو نعيم" الفضل بن دُكَين.

(9)

هو: ابن عيينة، "ع"(9/ 109).

(10)

"سلمة" هو ابن كهيل.

ص: 164

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

(1)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِنٌّ

(2)

مِنَ الإِبِل، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ

(3)

، فَقَالَ:"أَعْطُوهُ"، فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلّا سِنًّا فَوْقَهَا

(4)

، فَقَالَ:"أَعْطُوهُ"، فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي، أَوْفَى اللَّهُ لَكَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً". [راجع: 2305].

"فَقَالَ" في قتـ: "قَالَ". "أَوْفَى اللَّهُ" في ذ: "وَفَّى اللَّهُ". "لَكَ" كذا في قتـ، وفي شحج:"بِكَ".

===

(1)

" أبي سلمة" هو ابن عبد الرحمن.

(2)

قوله: (سِنٌّ) بكسر السين المهملة وتشديد النون، أي: ذات سِنٍّ، وهو أحد أسنان الإبل، وأسنانها معروفة في كتب اللغة إلى عشر سنين، ففي الفصل الأول حُوارٌ، ثم الفصيل إذا فصل، فإذا دخل في السنة الثانية فهو ابن مخاض أو ابنة مخاض، فإذا دخل في الثالثة فهو ابن لبون أو بنت لبون، فإذا دخل في الرابعة فهو حِقٌّ أو حِقَّة، فإذا دخل في الخامسة فهو جذع أو جذعة، فإذا دخل في السادسة فهو ثَنِيٌّ أو ثَنِيَّة، فإذا دخل في السابعة فهو رباعي أو رباعية، فإذا دخل في الثامنة فهو سديس وسدس، فإذا دخل في التاسعة فهو بازل، فإذا دخل في العاشرة فهو مخلف، ثم ليس له اسم بعد ذلك، ولكن يقال: بازلُ عامٍ، وبازل عامين، ومخلفُ عامٍ، ومخلف عامين، ومخلف ثلاثة أعوام إلى خمس سنين، حكاه أبو داود في "سننه"، "ع"(8/ 679).

(3)

يعني طلب أن يقضيه، "ع"(8/ 679).

(4)

أي: أعلى منها ثمنًا من حيث الحُسن والسِّنِّ، "ع"(9/ 109).

ص: 165

2394 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بنُ يَحيَى

(1)

، ثَنَا مِسْعَرٌ

(2)

، ثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ

(3)

، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(4)

قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ -قَالَ مِسْعَرٌ: أُرَاهُ قَالَ: ضُحًى- فَقَالَ: "صَلِّ رَكْعَتَيْنِ"، وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَنِي

(5)

. [راجع: 443، تحفة: 2578].

‌8 - بَابٌ

(6)

إِذَا قَضَى دُونَ حَقِّهِ أَوْ حَلَّلَهُ فَهُوَ جَائِزٌ

2395 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ

(7)

، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ

(8)

، أَنَا يُونُسُ

(9)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(10)

، ثَنِي ابْنُ كَعْبِ

(11)

بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

(12)

"ابنُ يَحْيىَ" ثبت في ذ. "أَوْ حَلَّلَهُ" في سفـ، بو، و:"وَحَلَّلَهُ".

===

(1)

" خلاد بن يحيى" أبو محمد الكوفي.

(2)

"مسعر" ابن كدام الهلالي.

(3)

"محارب بن دثار" السدوسي.

(4)

"جابر بن عبد الله" الأنصاري.

(5)

قوله: (فقضاني وزادني) فيه المطابقة للترجمة، لأن القضاء مع زيادة هو حسن القضاء، "عمدة القاري"(9/ 109).

(6)

بالتنوين، "قس"(5/ 432).

(7)

وهو: عبد الله بن عثمان، وعبدان لقبه، "ع"(9/ 110).

(8)

ابن المبارك.

(9)

"يونس" بن يزيد الأيلي.

(10)

"الزهري" هو ابن شهاب.

(11)

"ابن كعب" هو عبد الله كما عند المزي، أو هو عبد الرحمن كما عند أبي مسعود، [قال الكرماني (10/ 197)]: الظاهر أنه عبد الرحمن.

(12)

أي: الأنصاري، "قس"(5/ 433).

ص: 166

أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ

(1)

، فَأتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَائِطِي، وَقَالَ:"سَنَغْدُو عَلَيْكَ"، فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ بِالنَّخْلِ، وَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ، وَبَقِيَ لَنَا مِنْ ثَمَرِهَا

(2)

. [راجع: 2127، تحفة 2364، 2383].

‌9 - بَابٌ

(3)

إِذَا قَاصَّ

(4)

أَوْ جَازَفَهُ فِي الدَّيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ تَمْرًا بِتَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ

"فَهُوَ جَائِزٌ" ثبت في صـ، قتـ، ذ.

===

(1)

قوله: (فاشتدّ الغرماء في حقوقهم) يعني في الطلب، قوله:"وَيُحَلِّلُوا أبي" يعني يجعلونه في حلٍّ ويبرؤونه عن الدَّين، وفيه المطابقة للترجمة، وبيان ذلك أن تَمْرَ حائط جابر كان أقلَّ من دين أبيه، فسألهم أن يقضي دون حقهم ويحلِّلُوا أباه، فلما أبوا أتى النبي صلى الله عليه وسلم في صبيحة غد ذلك اليوم، وشاهد النخل ودعا في ثمرها بالبركة، فَجَدَّه جابر وقضى دينهم، وبقي من ذلك الثمر شيء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم، قوله:"فأبوا" أي امتنعوا عن أخذ ثمر الحائط، لأنه كان أقلّ من الدين، قوله:"فَجَدَدْتُها" من الجداد بالمهملتين، وهو صرام النخل، وهو قطع ثمرتها، قوله:"من ثمرها"، أي: من ثمر النخل، "عمدة القاري"(9/ 110).

(2)

بالمثناة وبالمثلثة، "قس"(5/ 433).

(3)

بالتنوين، "قس"(5/ 433).

(4)

قوله: (إذا قاصَّ) بتشديد الصاد من المقاصّة، وهي أن يقاصّ كلُّ واحد من الاثنين أو أكثر صاحِبَه فيما هم فيه من الأمر الذي بينهم، وههنا المقاصّة في الدين، قوله:"أو جازفه" من المجازفة، وهي الحدس بلا كيل

ص: 167

. . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولا وزن، قوله:"في الدَّين" يرجع إلى كل واحد من قوله: قاصَّ أو جازفه، والضمير في "قاصَّ" يرجع إلى المديون بدلالة القرينة عليه، وكذلك الضمير المرفوع في "جازفه" يرجع إليه، وأما الضمير المنصوب فيرجع إلى صاحب الدين، قوله:"تمرًا بتمر أو غيره" أي سواء كانت المقاصّة أو المجازفة تمرًا بتمر أو غير التمر، نحو قمح بقمح أو شعير بشعير ونحو ذلك.

قال المهلب: لا يجوز عند أحد من العلماء أن يأخذ من له دين تمر من غريمه تمرًا مجازفة بدينه، لما فيه من الجهل والغرر، وإنما يجوز أن يأخذ مجازفة في حقه أقلّ من دينه إذا علم الآخذ ذلك ورضي، انتهى.

قلت: غرضه من ذلك إظهار عدم صحة هذه الترجمة، وأجيب عن هذا بأن مقصود البخاري أن الوفاء يجوز فيه ما لا يجوز في المعاوضات، فإن معاوضة الرطب بالتمر لا يجوز إلا في العرايا، وقد جَوَّزه صلى الله عليه وسلم في الوفاء المحض.

قوله: (وسقًا) وهو بفتح الواو ستون صاعًا، قوله:"فأبى أن يُنْظِرَه" أي امتنع عن إنظاره، وكلمة أن مصدرية، قوله:"ثَمَرَ نخلِه" يروى بالمثلثة وبالمثناة، قاله الكرماني (10/ 198)، قوله:"جُدَّ له" بضم الجيم أي: مِنْ جَدَّ يجدّ، وقد مَرّ عن قريب، قوله:"سبعة عشر" ويروى "تسعة عشر"، قوله:"بالذي كان" أي من البركة والفضل على الدين، قوله:"ابنَ الخطاب" أي عمر رضي الله عنه، وفائدة الإخبار له زيادة الإيمان، لأنه كان معجزة، إذا لم يكن يفي أولًا وزاد آخرًا، وتخصيصه عمرَ بذلك لأنه كان معتنيًا بقضية

(1)

جابر مهتمًّا بها، أو كان حاضرًا في أول القضية داخلًا فيها، قوله:"لَيبارَكَنَّ" بصيغة المجهول مؤكّدًا بالنون الثقيلة، قوله:"فيها" أي في الثمر وهو جمع ثمرة، هذا كله من "العيني"(9/ 111 - 112).

(1)

في الأصل: "معينا بقصة".

ص: 168

2396 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ

(1)

، ثَنَا أَنَسٌ

(2)

، عَنْ هِشَامٍ

(3)

، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ

(4)

، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرٌ، فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ، فَكَلَّمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَشْفَعَ لَهُ إِلَيْهِ، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ لِيَأْخُذَ ثَمَرَ نَخْلِهِ بِالَّتِي لَهُ فَأبَى، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّخْلَ، فَمَشَى فِيهَا، ثُمَّ قَالَ لِجَابِرٍ:"جُدَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ الَّذِي لَهُ"، فَجَدَّهُ بَعْدَ مَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَوْفَاهُ ثَلَاثِينَ وَسْقًا، وَفَضَلَتْ لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِي كَانَ، فَوَجَدَهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ، فَقَالَ:"أَخْبِرْ ذَاكَ ابْنَ الْخَطَّابِ"، فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا. [راجع: 2127].

‌10 - بَابُ مَنِ اسْتَعَاذَ مِنَ الدَّيْنِ

(5)

"فَكَلَّمَ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَكَلَّمَ". "بِالَّتِي لَهُ" كذا في هـ، حـ، ذ، وفي نـ:"بِالَّذِي لَهُ". "أَخْبِرْ ذَاكَ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَخْبِرْ ذَلِكَ".

===

(1)

" إبراهيم بن المنذر" ابن عبد الله المنذر الحزامي.

(2)

"أنس" هو ابن عياض أبو ضمرة.

(3)

"هشام" هو ابن عروة بن الزبير.

(4)

"وهب بن كيسان" أبي نعيم المدني.

(5)

قوله: (باب من استعاذ من الدَّين) أي هذا باب في بيان من استعاذ بالله من ارتكاب الدَّين، وفي بعض النسخ:"باب الاستعاذة من الدين" وحديث الباب مضى بأتمَّ منه في "كتاب الصلاة"(برقم: 832) في "باب

ص: 169

2397 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(1)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(2)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(3)

. حِ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(4)

، حَدَّثَنِي أَخِي

(5)

، عَنْ سُلَيْمَانَ

(6)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي عَتِيقٍ

(7)

،

===

الدعاء قبل السلام". قوله: "من المأثم" مصدر ميمي بمعنى الإثم، وكذلك "المغرم" بمعنى الغرامة، وهي لزوم الأداء، وأما الغريم فهو الذي عليه الدين، قوله: "وَوَعَد" يعني بالوفاء، والوعدُ وإن كان نوعًا من التحديث، ولكن التحديث يختصّ بالماضي، والوعد بالمستقبل، قال ابن بطال [6/ 520]: فيه وجوب قطع الذرائع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما استعاذ من الدَّين، لأنه ذريعة إلى الكذب والخلف في الوعد مع ما فيه من الذلّة، وما لصاحب الدَّين عليه من المقال، هذا كلّه في "العيني" (9/ 112).

قال في "الفتح"(5/ 61): ويحتمل أن مراده بالاستعاذة من الدَّين الاستعاذةُ من الاحتياج إليه حتى لا يقع في هذه الغوائل، أو من عدم القدرة على وفائه حتى لا تبقى تبعته، ولعل ذلك هو السرّ في إطلاق الترجمة، ثم رأيت في حاشية ابن المنير: لا تناقض بين الاستعاذة من الدَّين وجواز الاستدانة، لأن الذي استعيذ منه غوائل الدَّين، فمن أدان وسَلِمَ منها فقد أعاذه الله، وفعله جائز، انتهى كلام "الفتح".

(1)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع الحمصي.

(2)

"شعيب" ابن أبي حمزة الحمصي.

(3)

"الزهري" ابن شهاب.

(4)

ابن أبي أويس، "ع"(9/ 112).

(5)

اسمه عبد الحميد، "ع"(9/ 112).

(6)

"سليمان" ابن بلال.

(7)

"محمد بن أبي عتيق" هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق التيمي المدني.

ص: 170

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(1)

، عَنْ عُرْوَةَ

(2)

أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ"، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ؟ قَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ". [راجع: 832].

‌11 - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ تَرَكَ دَيْنًا

(3)

"يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ" زاد في نـ: "وَيَقُولُ""فَكَذَبَ" في هـ: "كَذَبَ".

===

(1)

" ابن شهاب" هو الزهري.

(2)

"عروة" هو ابن الزبير بن العوام.

(3)

قوله: (باب الصلاة على من ترك دَيْنًا) أشار بهذه الترجمة إلى أن الدَّين لا يُخِلُّ بالدِّين، وأن الاستعاذة منه ليست لذاته، بل لما يخشى من غوائله.

قوله: "ومن ترك كَلًّا" بفتح الكاف وتشديد اللام، قال ابن الأثير: الكَلُّ الثقل من كلِّ ما يتكلف، والكلَّ العيال، قلت: الدَّين من كلِّ ما يتكلف، ومطابقته للترجمة من حيث إن هذا الحديث روي عن أبي هريرة من وجوه، منها ما مرّ في آخر "كتاب الكفالة" في "باب الدين" (ح: 2298)، وفيه من جملة الألفاظ:"من ترك دَيْنًا فعليّ قضاؤه"، ويجيء في "الفرائض" (ح: 6731) وفي "سورة الأحزاب"(ح: 4781)، قال ابن بطال: هذا ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دين، قلت: ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي عليه قبل فتح الفتوحات، فلما فتح الله تعالى منها ما فتح صار-صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فصار فعلُه هذا ناسخًا لفعله الأول، كما قاله ابن بطال، وأشار البخاري بهذه الترجمة إلى ذلك، فحصلت المطابقة بين الترجمة والحديث من هذه الحيثية، هذا مأخوذ من "العيني"(9/ 113) وبهذه الحيثية يناسب الحديث الآتي أيضًا.

ص: 171

2398 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ

(1)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(2)

، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ

(3)

، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا

(5)

". [راجع: 2298، أخرجه: م 1619، د 2955، تحفة: 13410].

2399 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(6)

، ثَنَا أَبُو عَامِرٍ

(7)

، ثَنَا فُلَيْحٌ

(8)

، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ

(9)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ

(10)

، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ

(11)

، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:

"حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ" في ذ: "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ".

===

(1)

" أبو الوليد" هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.

(2)

أي: ابن الحجاج.

(3)

"عدي بن ثابت" الأنصاري الكوفي التابعي.

(4)

اسمه سلمان الأشجعي، "قس"(5/ 436).

(5)

أي: يرجع أمر الكَلّ إلينا، "عيني"(9/ 113).

(6)

هو المعروف بالمسندي، "ع"(9/ 114).

(7)

"أبو عامر" عبد الملك بن عمرو العقدي.

(8)

"فُليح" هو ابن سليمان الخزاعي.

(9)

"هلال بن علي" العامري المدني.

(10)

الأنصاري النجاري، "قس"(5/ 437).

(11)

قوله: (وأنا أولى به في الدنيا والآخرة) يعني أحقّ وأولى بالمؤمنين في كل شيء من أمور الدنيا والآخرة من أنفسهم، ولهذا أطلق ولم يعيِّنْ، فيجب عليهم امتثالُ أوامره واجتنابُ نواهيه، قوله:"أو ضياعًا" بفتح المهملة مصدر ضاع يضيع، قال ابن الجوزي: من ترك شيئًا ضائعًا

ص: 172

{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}

(1)

[الأحزاب: 6]. فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ". [راجع: 2298، تحفة: 13604].

‌12 - بَابٌ

(2)

مَطْلُ

(3)

الْغَنِيِّ ظُلْمٌ

2400 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(4)

، ثَنَا عَبدُ الأَعْلَى

(5)

، عَنْ مَعْمَرٍ

(6)

، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنَبِّهٍ أَخِي وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ

(7)

". [راجع: 2287، تحفة 14693].

‌13 - بَابٌ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالٌ

(8)

===

كالأطفال ونحوهم، "فليأتني" ذلك الضائع، "فأنا مولاه" أي وليُّه، وروى بعضهم:"ضِياعًا" بكسر الضاد جمع ضائع، كما يقال: جائِعٌ وجِيَاعٌ، قال: والأول أصحُّ، قاله العيني (9/ 114).

(1)

أي: طاعة النبي صلى الله عليه وسلم أولى مش طاعة أنفسهم، ومن طاعة بعضكم لبعضٍ.

(2)

بالتنوين، "قس"(5/ 439).

(3)

التسويف بالعدة والدَّين، "ع"(8/ 646).

(4)

"مسدد" هو ابن مسرهد.

(5)

"عبد الأعلى" هو ابن عبد الأعلى البصري.

(6)

"معمر" هو ابن راشد.

(7)

هو جزء من حديث مضى في "الحوالة"(برقم: 2288).

(8)

قوله: (لصاحب الحق مقال) يعني إذا طلب وكَرَّرَ قولَه فيه لا يلام، قوله:"ليُّ الواجد" اللَّيُّ بفتح اللام وتشديد الياء: المطل، قوله:"يحلّ" بضم الياء من الإحلال، والمطابقة للترجمة تؤخذ من قوله:"عِرْضَه" لأن سفيان فَسَّرَ العرض بقوله: "مَطَلْتَني" حقِّي، وهو مقال على ما لا يخفى، "عمدة

ص: 173

ويُذْكَرُ

(1)

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: "لَيُّ

(2)

الْوَاجِدِ

(3)

يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ". قَالَ سُفْيَانُ

(4)

: "عِرْضَهُ" يَقُولُ: مَطَلْتَنِي. وَ"عُقُوبَتَهُ" الْحَبْسُ.

2401 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(5)

، ثَنَا يَحْيَى

(6)

، عَنْ شُعْبَةَ

(7)

، عَنْ سَلَمَةَ

(8)

، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

(9)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يَتَقَاضَاهُ

(10)

، فَأغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَاُبهُ، فَقَالَ:"دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا". [راجع: 2305].

‌14 - بَابٌ إِذَا وَجَدَ مَالَهُ

(11)

عِنْدَ مُفْلِسٍ

"مَطَلْتَنِي" في قتـ، ذ:"مَطَلَنِي".

===

القاري" (9/ 115).

(1)

مما وصله أحمد [4/ 388] وإسحاق في مسنديهما، "قس"(5/ 439).

(2)

المطل.

(3)

وهو القادر على قضاء دَينه، "ع"(9/ 115).

(4)

الثوري، مما وصله البيهقي، "قس"(5/ 439).

(5)

"مسدد" تقدم.

(6)

"يحيى" ابن سعيد القطان.

(7)

"شعبة" ابن الحجاج.

(8)

"سلمة" ابن كهيل.

(9)

"أبي سلمة" ابن عبد الرحمن بن عوف.

(10)

مرّ بيانه (برقم: 2305).

(11)

قوله: (إذا وجد ماله) أي: إذا وجد شخصٌ مالَه عند المفلس، وهو الذي حكم الحاكم بإفلاسه، قوله:"في البيع" يتعلق بقوله: "وجد"،

ص: 174

فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالْوَدِيعَةِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ

وَقَالَ الْحَسَنُ

(1)

(2)

: إِذَا أَفْلَسَ وَتَبَيَّنَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ، وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ

(3)

: قَضَى عُثْمَانُ

(4)

: مَنِ اقْتَضَى مِنْ

"وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ" في شحج: "وَلَا شِرَاؤُهُ وَلَا بَيْعُهُ".

===

وصورته: أن يبيع رجل متاعًا لرجل، ثم أفلس الرجل الذي اشتراه، ووجد البائع متاعه الذي باعه عنده، "فهو أحقّ به" من غيره من الغرماء، وفيه خلاف نذكره عن قريب. قوله:"والقرض" صورته: أن يُقْرِضَ لرجل مما يصحّ فيه القرض، ثم أفلس المستقرض، فوجد المقرض ما أقرضه عنده، فهو أحق به من غيره، وفيه الخلاف أيضًا. قوله:"والوديعة" صورته: أن يُوْدِعَ رجل عند رجل وديعة، ثم أفلس المودَع، فالمودِع -بكسر الدال- أحق به من غيره بلا خلاف، وقيل: إدخال البخاري القرض والوديعة مع الدَّين إما لأن الحديث مطلق، وإما لأنه وارد في البيع، والحكم في القرض والوديعة أولى.

(1)

هو البصري.

(2)

قوله: (قال الحسن) هو البصري: "إذا أفلس" أي: رجل أو شخص "وتبَيَّنَ" أي ظهر إفلاسه عند الحاكم، فلا يجوز عتقه

إلخ، وقَيَّدَ به لأنه لما لم يتَبَيَّنْ إفلاسه عند الحاكم يجوز تصرُّفه في الأشياء كلِّها، وأما عند التبيُّنِ فعند إبراهيم النخعي: بيع المحجور وابتياعه جائز، وعند أكثر العلماء: لا يجوز إلا إذا وقع منه البيع لوفاء الدين، وعند البعض: يوقف، وبه قال الشافعي في قول، واختلفوا في إقراره، فالجمهور على قَبوله، "ع"(9/ 116 - 117).

(3)

"قال سعيد بن المسيب" هذا مما وصله أبو عبيد في "كتاب الأموال".

(4)

ابن عفان.

ص: 175

حَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفْلِسَ فَهُوَ لَهُ

(1)

، وَمَنْ عَرَفَ مَتَاعَهُ

(2)

بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.

2402 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ

(3)

، ثَنَا زُهَيْرٌ

(4)

، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ

(5)

، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْر بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزيزِ

(6)

أَخْبَرَهُ: أَنًّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ

(7)

أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -أَوْ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ-: "مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَينِهِ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ"

(8)

، قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ:

"قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ

" إلخ، سقط في نـ.

===

(1)

معناه: أن من كان له حق عند أحد فأخذه قبل أن يفلسه الحاكم فهو له لا يتعرض إليه أحد من غرمائه، "عيني"(9/ 117).

(2)

سيجيء بيانه في بيان الحديث.

(3)

"أحمد بن يونس" التميمي اليربوعي نسبه لجده واسم أبيه عبد الله.

(4)

"زهير" ابن معاوية الجعفي.

(5)

الأنصاري.

(6)

"عمر بن عبد العزيز" ابن مروان القرشي الأموي.

(7)

المعروف براهب لكثرة صلاته.

(8)

قوله: (فهو أحق به من غيره) احتجّ به مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، فإنهم ذهبوا إلى ظاهر هذا الحديث وقالوا: إذا أفلس الرجل وعنده متاع قد اشتراه وهو قائم بعينه، فإن صاحَبه أحقُّ به من غيره من الغرماء، وذهب إبراهيم النخعي والحسن البصري وابن شبرمة قاضي الكوفة ووكيع بن الجراح وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر إلى أنّ بائع السلعة أسوة للغرماء، وأجاب الطحاوي عن حديث الباب أن المذكور "من أدرك ماله بعينه"، والمبيع

ص: 176

هذا الإِسْنَادُ كُلُّهُمْ كَانُوا عَلَى الْقَضَاءِ، يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ

(1)

، وَأَبُو بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الْعَزِيز، وَأَبُو بَكرِ بنِ عَبْدِ الرَّحمنِ، وَأَبُو هُرَيرَةَ، كَانُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْمَدِينَةِ

(2)

. [أخرجه: م 1559، د 3519، ت 1262، س 4676، ق 2358، تحفة: 14861].

‌15 - بَابُ مَنْ أَخَّرَ الْغَرِيمَ إِلَى الْغَدِ أَوْ نَحْوِهِ

(3)

، وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَطْلًا

(4)

وَقَالَ جَابِرٌ

(5)

: اشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ فِي دَيْنِ أَبِي، فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْحَائِطَ

===

ليس هو عين ماله، وإنما هو عين مال قد كان له، وإنما ماله بعينه يقع على المغصوب والعواري والودائع وما أشبه

(1)

ذلك، فذلك مالُه بعينه، فهو أحقّ به من سائر الغرماء، وفي ذلك جاء هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يدلّ عليه ما روي عنه صلى الله عليه وسلم في حديث سمرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سُرِقَ له متاع -أو ضاع له متاع- فوجده عند رجل بعينه فهو أحقّ بعينه، ويرجع المشتري على البائع بالثمن"، هذا ملتقط من "العيني"(9/ 118 - 120"، وقد بسطه جدًا. [وانظر: "التعليق الممجد" (3/ 244)].

(1)

"يحيى بن سعيد" ومن بعده هم المذكورون.

(2)

أي: قضاة.

(3)

مثلًا إلى يومين أو ثلاثة، "ع"(9/ 123).

(4)

أي: تسويفًا بالحق، "ع"(9/ 123).

(5)

"قال جابر" ابن عبد الله الأنصاري، فيما سبق قريبًا موصولًا من طريق كعب بن مالك عن جابر (ح: 2395)، "قس"(5/ 443).

(1)

في الأصل: "وما أشهر ذلك".

ص: 177

وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ

(1)

، وَقَالَ:"سَأَغْدُو عَلَيْكَ غَدًا"، فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ فَقَضَيْتُهُمْ.

‌16 - بَابُ مَنْ بَاعَ مَالَ الْمُفْلِسِ أَوِ الْمُعْدِم

(2)

فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، أوْ أَعْطَاهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَىَ نَفْسِهِ

2403 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(3)

، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ

(4)

، ثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، ثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(5)

قَالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ

(6)

، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ "، فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(7)

، فَأَخَذَ ثَمَنَهُ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. [راجع: 2141].

"وَقَالَ: سَأَغْدُو" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ: سَأَغْدُو". "عَلَيْكَ غَدًا" في ذ: "عَلَيْكُمْ غَدًا". "رَجُلٌ مِنَّا غُلَامًا لَهُ" كذا في هـ، وفي نـ:"رَجُلٌ غُلَامًا لَهُ".

===

(1)

أي: لم يكسر الثمر من النخل لهم، أي: لم يعين ولم يقسم عليهم، "ع"(9/ 426).

(2)

قوله: (أو المعدم) بكسر الدال وهو الفقير، قوله:"فقسمه بين الغرماء أو أعطاه" يحتمل اللفَّ والنشر، فإن قلت: فكيف دلّ الحديث على الترجمة؟ قلت: الإنفاق على نفسه والقسمة بين الغرماء كلاهما حقّان واجبان على الشخص، فحكم أحدهما حكم الآخر، وإذا جاز الدفع إليه فإلى الغرماء بالطريق الأولى، "كرماني"(10/ 204).

(3)

"مسدد" هو ابن مسرهد.

(4)

"يزيد بن زُرَيع" البصري.

(5)

الأنصاري.

(6)

مرّ بيانه (برقم: 2227).

(7)

النحّام القرشي، "قس"(5/ 444).

ص: 178

‌17 - بَابٌ إِذَا أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى

(1)

أَوْ أَجَّلَهُ فِي الْبَيْعِ

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ

(2)

فِي الْقَرْضِ إِلَى أَجَلٍ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أُعْطِيَ أَفْضَلَ مِنْ دَرَاهِمِهِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

(3)

: هُوَ إِلَى أَجَلِهِ فِي الْقَرْضِ.

2404 -

وَقَالَ اللَّيْثُ

(4)

: ثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ

(5)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ

(6)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

===

(1)

قوله: (إذا أقرضه إلى أجل مسمى) أي: إذا أقرض الرجلُ الرجلَ دراهم أو شيئًا مما يصح فيه القرض إلى مدة معينة، قوله:"أو أجّله في البيع" أي: أجّل الثمن في عقد البيع، فهاتان المسألتان جوابهما محذوف أي: جائز، أو نحوه، أما المسألة الأولى ففيها خلاف، فقال بعضهم: له أن يأخذه متى أحبّ، وعليه الحنفية، وكذلك العارية وغيرها لأنه عندهم من باب العدة، وهو قول الحارث العكلي وأصحابه وإبراهيم النخعي، وقال مالك وأصحابه: لم يكن له الأخذ قبل الأجل، وأما المسألة الثانية، فلا خلاف فيها لجواز الآجال في البيع، فلا يأخذه قبل محله، كذا في "ع" (9/ 125 - 126). [في "التوضيح" (15/ 449): وقال الشافعي: إذا أخّره بدين حال له أن يرجع فيه متى شاء سواء كان من قرض أو غيره، وكذا العارية وغيرها].

(2)

"قال ابن عمر" وصله ابن أبي شيبة.

(3)

مما وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنهما، "قس"(5/ 446).

(4)

"قال الليث" ابن سعد الإمام، مما يوصله المؤلف في "باب الكفالة" (ح: 2291).

(5)

الكندي، "قس"(5/ 446).

(6)

الأعرج، "قس"(5/ 446).

ص: 179

أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ

(1)

، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. [راجع: 1498].

‌18 - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي وَضْعِ الدَّيْنِ

(2)

2405 -

حَدَّثَنَا مُوسَى

(3)

، ثَنِي أَبُو عَوَانَةَ

(4)

، عَنْ مُغِيرَةَ

(5)

، عَنْ عَامِرٍ

(6)

، عَنْ جَابِرٍ

(7)

قَالَ: أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ

(8)

وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا،

"فَذَكَرَ الْحَدِيثَ" كذا في ذ، وفي نـ:"الْحَدِيثَ". "ثَنِي أَبُو عَوَانَةَ" في نـ: "ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ".

===

(1)

قوله: (أن يُسْلِفَه) أي: أن يُقْرِضَه، قال العيني: وهو قطعة من حديث مطوَّل، وقد مرّ في "الكفالة" أي:(برقم: 2291)، وذكره في هذا الباب في معرض الاحتجاج على جواز التأجيل في القرض، وهذا مبني على أنّ شريعة من قبلنا تلزمنا أم لا؟، "ع"(9/ 126).

(2)

قوله: (باب الشفاعة في وضع الدَّين) أي: حَطِّ شيء من أصل الدَّين، وليس المراد من الوضع إسقاطه بالكلية، "عمدة القاري"(9/ 126).

(3)

"موسى" ابن إسماعيل التبوذكي البصري.

(4)

"أبو عوانة" الوضّاح بن عبد الله.

(5)

"مغيرة" ابن مقسم بكسر الميم الضبي.

(6)

"عامر" هو ابن شراحيل الشعبي.

(7)

"جابر" هو ابن عبد الله الأنصاري.

(8)

قوله: (أصيب عبد الله) هو أبو جابر، استُشْهِد يوم أُحُد، وهو معنى قوله:"أصيب"، وقال الذهبي: هو عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة الخزرجي السلمي أبو جابر، نقيب بدري، قُتِل يوم أُحد، قوله:"صنِّف تمرك" أمر من التصنيف، وهو أن يجعل الشيء أصنافًا ويميّز بعضها من

ص: 180

فَطَلَبْتُ إِلَى أَصْحَابِ الدَّيْنِ أَنْ يَضَعُوا بَعْضًا فَأَبَوْا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَشْفعْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ فَأبَوْا، فَقَالَ: "صَنِّفْ تَمْرَكَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ

"بَعْضًا" في سـ، حـ:"بَعْضَهَا"، وزاد في نـ:"مِنَ الدَّينِ".

===

بعض، قوله:"عذْقَ ابنِ زيد" هو نوع من التمر جيِّدٌ، والعذق بفتح العين [وكسرها] وسكون الذال المعجمة [وقيل: بالفتح]: النخلة. وفي "التوضيح"(15/ 451) بخط الدمياطي: عذق زيد، قوله:"واللينَ" بكسر اللام وسكون التحتية: نوع من التمر، وقيل: التمر الرديء، وهو جمع لينة، وهي النخلة، قاله ابن عباس، "والعَجْوَةَ" أجود تمور المدينة، قوله:"وكال لكل رجل" وفي "شرح العيني": "وقال لكل رجل" بالقاف، أي: أعطى لكل رجل من أصحاب الديون "حتى استوفى حقَّه"، ثم قال: وقد مَرَّ أنّ "قال" تستعمل لمعان كثيرة، فكل معنى بحسب ما يليق به، قوله:"لم يُمَسَّ" على صيغة المجهول.

قوله: "على ناضح" بالضاد المعجمة والحاء المهملة، وهو الجمل الذي يسقى عليه النخل، قوله:"فأَزْحَفَ الجملُ" أي: كَلّ وأعيى، مادّته زاي وحاء مهملة وفاء، يقال: أَزْحَفَه المسيرُ إذا أعياه، قال ابن التين: صوابه "فَزَحَفَ" ثلاثي، إلا أنه ضُبِطَ بضم الهمزة وكسر الحاء في أكثر النسخ، وفي بعضها بفتحها، والأول أبين، قوله:"فوكزه" بالزاي، أي: ضربه بالعصا، كذا هو في رواية الأكثرين، وفي رواية عن المستملي والحموي:"ركزه" بالراء موضع الواو، أي: ركز فيه العصا، والمراد به المبالغة في ضربه بها، قوله:"ولك ظهره إلى المدينة" أراد به ركوبه عليه إلى المدينة، قوله:"وسهمي" بالنصب، أي: وأعطاني أيضًا سهمي من الغنيمة، ويروى:"فَسَهَمَني" بلفظ الفعل الماضي، ملتقط من "العيني"(9/ 127 - 128).

ص: 181

عَلَى حِدَةٍ: عَذْقَ ابْنِ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، وَاللِّينَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَحْضِرْهُمْ حَتَّى آتِيَكَ"، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جَاءَ صلى الله عليه وسلم فقَعَدَ عَلَيْهِ، وَكَالَ لِكُلِّ رَجُلٍ حَتَّى اسْتَوْفَى، وَبَقِيَ التَّمْرُ كَمَا هُوَ كَأَنَّهُ لَمْ يُمَسَّ. [راجع: 2127، تحفة: 2344].

2406 -

وَغَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاضِحٍ لَنَا، فَأَزْحَفَ الْجَمَلُ فَتَخَلَّفَ عَلَيَّ، فَوَكَزَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَلْفِهِ، قَالَ:"بِعْنِيهِ وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ"، فَلَمَّا دَنَوْنَا اسْتَأذَنْتُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"فَمَا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا؟ "، قُلْتُ: ثَيِّبًا، أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ جَوَارِيَ صِغَارًا، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا تُعَلِّمُهُنَّ وَتُؤَدِّبُهُنَّ، ثُمَّ قَالَ:"ائْتِ أَهْلَكَ"، فَقَدِمْتُ فَأَخْبَرْتُ خَالِي بِبَيْعِ الْجَمَلِ فَلَامَنِي، فَأخْبَرْتُهُ بِإِعْيَاءِ الْجَمَلِ، وَبِالَّذِي كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَكْزِهِ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم-غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْجَمَلِ، فَأَعْطَانِي ثَمَنَ الْجَمَلِ وَالْجَمَلَ وَسَهْمِي مَعَ الْقَوْمِ. [أطرافه: 443، أخرجه: م 715، د 3505، ت 1253، س 4637، تحفة: 2341].

‌19 - بَابُ مَا يُنْهَى

(1)

عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ

"عَلَى حِدَةٍ" في ذ: "عَلَى حِدَتِهِ" في الموضع الأول والثاني. "فَوَكَزَهُ" في ذ، شحجِ:"وَوَكَزَهُ"، وفي سـ، حـ، ذ:"وَرَكَزَهُ". "أَوْ ثَيِّبًا" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"أمْ ثَيِّبًا". "وَوَكْزِهِ" في سـ، حـ، ذ:"وَرَكْزِهِ".

===

(1)

قوله: (باب ما يُنهى

) إلخ، أي هذا باب في بيان النهي عن إضاعة المال، وكلمة "ما" مصدرية، وإضاعة المال صرفه في غير وجهه، وقيل: إنفاقه في غير طاعة الله والإسراف والتبذير، قوله:"وقول الله" بالجرِّ عطف على ما قبله، قوله:{وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 20] كذا للأكثر،

ص: 182

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وللنسفي: "إن اللهَ لا يحب الفساد"، والأول وقع في التلاوة، والثاني سهو من الناسخ، والفساد خلاف الصلاح، قوله:"ولا يصلح" كذا للأكثر، ولابن شبويه والنسفي:"لا يحب" بدل "لا يصلح"، وقيل: هو سهو، قوله:" {أَصَلَاتُكَ} " إلى قوله: " {مَا نَشَاءُ} [هود: 87]، قال المفسرون: كان ينهاهم عن إفسادها فقالوا: إن شِئْنا حفظناها، وإن شِئْنا طرحناها.

قوله: "وقال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} " الآية [النساء: 5]، قال الطبري بعد أن حكى أقوال المفسِّرين في المراد بالسفهاء: الصواب عندنا أنها عامّة في حقِّ كل سفيه، صغيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا كان أو أنثى، والسفيه هو الذي يضيع المال ويُفسِده بسوء تدبيره.

قوله: "والحَجْرِ في ذلك" أي في السفه، وهو معطوف على قوله:"إضاعة المال"، والحَجْر في اللغة: المنع، وفي الشرع: المنع من التصرف في المال، والجمهور على جواز الحجر على الكبير، وخالفه أبو حنيفة وبعض الظاهرية ووافق أبو يوسف ومحمد، قال الطحاوي: لم أَرَ عن أحد من الصحابة منعَ الحجر عن الكبير، ولا عن التابعين، إلا عن إبراهيم وابن سيرين، ومن حجة الجمهور حديث ابن عباس: أنه كتب إلى نَجدَةَ: وَكَتَبْتَ تسألني: متى ينقضي يتمُ اليتيم؟ فَلَعَمْري إنّ الرجل لَتَنْبُتُ لحيته وإنه لضعيفُ الأخذ لنفسه، ضعيفُ العطاء [منها]، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما أخذ الناسُ فقد ذهب عنه اليتمُ، قاله ابن حجر في "الفتح"(5/ 68).

قال العيني (9/ 130): واحتج أبو حنيفة بحديث يأتي الآن: "إذا بايعتَ فقل: لا خلابة"، فإنه كان يُغبَن في البيوع، ومع ذلك لم يمنعه من التصرف ولا حجر عليه، وحجة الآخرين الآية المذكورة، وهي قوله تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} الآية [النساء: 5]، انتهى مختصرًا. [انظر:"بذل المجهود"(11/ 219)].

ص: 183

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 205] وَ {لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 81]. وَقَالَ: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: 87]، وَقَالَ:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء:5]، وَالْحَجْرِ فِي ذَلِكَ، وَمَا يُنْهَى

(1)

عَنِ الْخِدَاعِ

(2)

.

2407 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمِ

(3)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(4)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ

(5)

سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ. قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أُخدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ: "إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ

(6)

"، فَكَانَ الرَّجُلُ يَقولُهُ. [راجع: 2117، أخرجه: م 1533، تحفة 7153].

"وَاللهُ" في سفـ: "إنَّ اللَّهَ". "و {لَا يُصْلِحُ} " في سفـ، بو:"وَلَا يُحِبُّ".

===

(1)

عطف على ما قبله، "ع"(9/ 130).

(2)

أي: في البيوع، "ع"(9/ 130).

(3)

"أبو نعيم" الفضل بن دكين الكوفي.

(4)

ابن عيينة، "ع"(9/ 130).

(5)

"عبد الله بن دينار" مولى ابن عمر.

(6)

قوله: (لا خلابة) بكسر الخاء، أي: لا خداع، قيل: أمره بشرط الخيار، والتصدير بهذه الكلمة لبيان الباعث على الاشتراط، وقد روي:"قل: لا خلابة واشتَرِطِ الخيار ثلاثة أيام"، وقيل: المقصود الردُّ عند ظهور الغبن، كذا في "اللمعات"، ومرّ الحديث في "البيوع" (برقم: 2117)، والمطابقة من حيث إن الرجل كان يُغبَنُ في البيوع، وهو من إضاعة المال، قاله العيني (9/ 130).

ص: 184

2408 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ

(1)

، ثَنَا جَرِيرٌ

(2)

، عَنْ مَنْصُورٍ

(3)

، عَنِ الشَّعْبِيِّ

(4)

، عَنْ وَرَّادٍ

(5)

مَوْلَى الْمُغِيرَةِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ

(6)

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ

(7)

، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنَعًا وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ

(8)

، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ

(9)

، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ

(10)

". [راجع: 844، أخرجه: م 593، تحفة 11536].

"حَدَّثَنَا عُثْمَانُ" في ذ: "حَدَّثَنِي عُثْمَانُ". "وَمَنَعًا" كذا في ذ، وفي نـ:"وَمَنَعَ".

===

(1)

" عثمان" هو ابن أبي شيبة.

(2)

هو ابن عبد الحميد، "قس"(5/ 451).

(3)

"منصور" ابن المعتمر الكوفي.

(4)

"الشعبي" عامر بن شراحيل.

(5)

"ورّاد" الكوفي مولى المغيرة وكاتبه.

(6)

"المغيرة بن شعبة" ابن مسعود الثقفي، أسلم قبل الحديبية.

(7)

قوله: (عقوقَ الأمهات) أصل العقوق القطع، كأنّ العاقّ لأُمِّه يقطع ما بينهما، وإنما خصّ الأمهات بالذكر وإن كان عقوق الآباء أيضًا حرامًا؛ لأن العقوق إليهن أسرع لضعفهن، قوله:"ووَأْدَ البناتِ" أي دفنهن أحياءً، وكانوا يفعلونه غيرةً وأنفةً، وبعضهم فَعَله تخفيفًا للمؤونة، قوله:"ومنعًا" أي: وحرّم عليكم منعَ ما عليكم إعطاؤه، قوله:"وَهَاتِ" أي: وحرّم عليكم طلبَ ما ليس لكم أخذه، "ع"(9/ 130 - 131)، "ك"(10/ 207).

(8)

هو إما فعلان وإما مصدران، ومرّ بيانهما (برقم: 1477).

(9)

مرّ بيانه أيضًا (برقم: 1477).

(10)

هو محلّ الترجمة.

ص: 185

‌20 - بَابٌ

(1)

الْعَبْدُ رَاعٍ

(2)

فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَلَا يَعْمَلُ إِلَّا بِإِذْنِهِ

2409 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(3)

، أَنَا شعَيْبٌ

(4)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(5)

، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(6)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ

(7)

وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ

(8)

، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ

(9)

وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".

===

(1)

بالتنوين، "قس"(5/ 452).

(2)

أي: حافظ مؤتمن، "ع"(5/ 43).

(3)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع.

(4)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة.

(5)

"الزهري" ابن شهاب.

(6)

ابن عمر، "قس"(2/ 637).

(7)

أي: مؤتمن على من يليه.

(8)

الرعيّة كلّ من شمله حفظُ الراعي ونظرُه، قال الكرماني: ولا أقلّ من كونه راعيًا على أعضائه وجوارحه، "مجمع البحار"(2/ 347).

(9)

فيه المطابقة للترجمة؛ لأن المراد من الخادم هنا هو العبد وإن كان أعمّ منه، مرّ الحديث مع بيانه (برقم: 893). [قال الحافظ في "فتح الباري" (5/ 69): لفظ الترجمة يأتي في "كتاب النكاح" (ح: 5188)، وفيه: "والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسؤول"، وكأن المصنف استنبط قوله: "ولا يعمل إلا بإذنه" من قوله: "وهو مسؤول"؛ لأن الظاهر أنه يسأل هل جاوز ما أمره به أو وقف عنده].

ص: 186

قَالَ: وَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ

(1)

". [راجع: 893، أخرجه: س في الكبرى 9173، تحفة: 6846].

"وَسَمِعْتُ" في نـ: "فَسَمِعْتُ".

===

(1)

أي: عمّا يجب رعايته، فعيلة بمعنى مفعولة، "مجمع"(2/ 347).

* * *

ص: 187

بسم الله الرحمن الرحيم

‌44 - فِي الْخُصُوْمَاتِ

(1)

‌1 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الإشْخَاصِ

(2)

وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِي

2410 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ

(3)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(4)

قَالَ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ

(5)

أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ النَّزَّالَ بنَ سَبْرَةَ

(6)

، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ

(7)

"فِي الإشْخَاصِ وَالْخُصُومَةِ" في ذ: "فِي الإشْخَاصِ وَالْمُلَازَمَةِ وَالْخُصُومَةِ". "وَالْيَهُودِي" كذا في صـ، ذ، وفي نـ:"وَالْيَهُودِ" كذا للأكثر، ولبعضهم:"واليهودي" بالإفراد، "ف"(5/ 71). "ابنَ سَبْرَةَ" ثبت في هـ، ذ.

===

(1)

وهو جمع خصومة وهي اسم، قال الجوهري: خاصمه مخاصمة وخصامًا، والاسم الخصومة، "ع"(9/ 133).

(2)

"الإشخاص" الإذهاب، يقال: شخص من بلد إلى بلد: ذهب، وأشخصه غيره، "ك"(10/ 209). [وفي "ف" (5/ 71) إحضار الغريم من موضع إلى موضع].

(3)

"أبو الوليد" هشام بن عبد الملك الطيالسي.

(4)

ابن الحجاج.

(5)

"عبد الملك بن ميسرة" الهلالي الكوفي.

(6)

"النزال بن سَبْرة" بفتح النون والزاي المشدّدة، الهلالي التابعي الكبير، ["ع" (9/ 133)، "قس" (5/ 454)].

(7)

ابن مسعود، "ع"(9/ 133).

ص: 189

يَقُولُ: سَمِعْتُ رَجُلًا

(1)

قَرَأَ آيَةً

(2)

سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خِلَافَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ

(3)

". قَالَ شُعْبَةُ

(4)

: أَظُنُّهُ قَالَ: "لَا تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا". [طرفاه: 3476، 5062، أخرجه: س في الكبرى 8094، تحفة: 9591].

2411 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ

(5)

، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ

(6)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(7)

،

===

(1)

قال الحافظ ابن حجر في "المقدمة": لم أعرف اسمه، "قس"(5/ 454).

(2)

في "صحيح ابن حبان" أنها من سورة الرحمن، "قس"(5/ 455).

(3)

قوله: (كِلاكما محسن) أي: في القراءة، وأفرد باعتبار لفظ "كلا"، كذا في الكرماني (10/ 210). قوله:"قال شعبة" هو بالإسناد المذكور. قوله: "أَظنّه [قال] " أي قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تختلفوا" أي: لا تختلفوا في القرآن، قاله العيني (9/ 134).

قال القسطلاني (5/ 455): والمطابقة للترجمة -قال العيني (9/ 133) -: في قوله: "لا تختلفوا"؛ لأن الاختلاف الذي يورث الهلاك هو أشدّ الخصومة. وقال الحافظ ابن حجر (5/ 71): في قوله: "فأخذتُ بيده فأتيتُ به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم" قال: فإنه المناسب للترجمة، انتهى. فهو شامل للخصومة والإشخاص، انتهى.

(4)

ابن الحجاج.

(5)

"يحيى بن قزعة" القرشي المكي.

(6)

ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، "قس"(5/ 456).

(7)

هو الزهري، "قس"(5/ 456).

ص: 190

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحمنِ

(1)

وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ

(2)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اسْتَبَّ

(3)

رَجُلَانِ

(4)

: رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ،

===

(1)

ابن عوف.

(2)

ابن هرمز.

(3)

فيه الترجمة.

(4)

قوله: (استبّ رجلان) من السبِّ وهو الشتم، قوله:"رجل من المسلمين" قيل: هو أبو بكر الصديق، ووقع في "جامع سفيان" عن عمرو بن دينار: أن الرجل الذي لطم اليهودي هو أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه، قوله:"والذي اصطفى محمدًا" أي والله الذي اختار محمدًا على العالمين.

قوله: "لا تُخَيِّروني" أي: لا تُفَضِّلُوني "على موسى"، ذكره العيني (9/ 135)، ثم قال: فإن قلت: نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والمرسلين، وقال:"أنا سيد ولد آدم، ولا فخر" فما وجه قوله: "لا تخيروني" أي: لا تفضِّلوني؟ قلت: الجواب عنه من أوجه: الأول: أنه نهى قبل أن يعلم أنه أفضلهم، فلما علم قال:"أنا سيد ولد آدم، ولا فخر"، الثاني: أنه نهى عن تفضيلٍ يؤدِّي إلى تنقيص بعضهم، فإنه كفر، الثالث: أنه نهى عن تفضيل يؤدّي إلى الخصومة، كما في الحديث مِنْ لَطِم المسلم اليهوديَّ، الرابع: أنه قاله تواضعًا ونفيًا للكبر والعُجب، الخامس: أنه نهى عن التفضيل في نفس النبوة لا في ذوات الأنبياء عليهم السلام وعمومِ رسالتهم وزيادة خصائصهم، وقد قال تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253]، قوله:"يَصعَقُون" يعني: يخرّون صراعًا بصوت يسمعونه، من صَعِقَ يصعَقُ من باب علم يعلم، ذكره العيني (9/ 135 - 136)، والمراد بهذه الصعقة صعقةُ فزعٍ بعد البعث.

ص: 191

فَقَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ، وَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَطَمِ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ

(1)

جَانِبَ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي كَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ". [أطرافه: 3408، 3414، 4813، 6517، 6518، 7428، 7472، أخرجه: م 2373، د 4671، س في الكبرى 7758، تحفة: 15127، 13956].

"فَقَالَ الْمُسْلِمُ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ الْمُسْلِمُ". "وَقَالَ الْيَهُودِيُّ" في نـ: "فَقَالَ الْيَهُودِيُّ". "كَانَ فِيمَنْ" كذا في قتـ، وفي نـ:"أَكَانَ فِيمَنْ".

===

(1)

قوله: (فإذا موسى باطش) كلمة "إذا" للمفاجأة، ومعنى باطشٌ: متعلِّقٌ به بالقوة، قوله:"جانبَ العرش" أي: ناحيةً من نواحيه، قوله: "فلا أدري

" إلى آخره، فإن قلت: يأتي في حديث أبي سعيد عقيب هذا: "فلا أدري أكان فيمن صعق أم حوسب بصعقته الأولى" فما الجمع بين هذه الثلاثة؟ قلت: المعنى لا أدري أيَّ هذه الثلاثة [كانت] من الإفاقة أو الاستثناء أو المحاسبة، والمستثنى قد يكون نفس من له الصعقة في الدنيا، قوله: "ممن استثنى الله" يعني في قوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68] أن لا يصعَقَ، وهم: جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، وزاد كعب: حَمَلَة العرش، وروى أنس مرفوعًا: "ثم تموت الثلاثة الأوَلُ، ثم ملكُ الموت بعدهم"، "ع" (9/ 137).

ص: 192

2412 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(1)

، ثَنَا وُهَيْبٌ

(2)

، ثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى

(3)

، عَنْ أَبِيهِ

(4)

، عَنْ أَبِي سعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

(5)

قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جالِسٌ جَاءَ يَهُودِيٌّ

(6)

فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، ضَرَبَ وَجْهِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ:"مَنْ؟ " قَالَ: رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ

(7)

، قَالَ: "ادْعُوهُ

(8)

"، فَقَالَ: "أَضَرَبْتَهُ؟ " قَالَ: سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، قُلْتُ: أَيْ خَبِيثُ، عَلَى مُحَمَّدٍ

(9)

؟ فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَضَرَبْتُ وَجْهَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ

"بَيْنَمَا" في قتـ، ذ:"بَيْنَا". "عَلَى الْبَشَرِ" في هـ، ذ:"عَلَى النَّبِيِّينَ". "عَلَى مُحَمَّدٍ" زاد في نـ: "صلى الله عليه وسلم". "فَضَرَبْتُ" في نـ: "ضَرَبْتُ". "فَقَالَ النَّبِيُّ" في نـ: "قَالَ النَّبِيُّ".

===

(1)

" موسى بن إسماعيل" المنقري التبوذكي.

(2)

"وهيب" هو ابن خالد الباهلي مولاهم.

(3)

ابن عمارة الأنصاري، "قس"(5/ 457).

(4)

يحيى.

(5)

هو سعد بن مالك، "قس"(5/ 457).

(6)

قيل: اسمه فِنْحاص، كما مرّ، "قس"(5/ 457).

(7)

سبق أنه أبو بكر الصديق، [وهو معارض بقوله: من الأنصار، فيحمل على التعدد] "قس"(5/ 457).

(8)

فيه الترجمة، فإن المراد به إشخاصه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، "ع"(9/ 137).

(9)

أي: اصطفى موسى على محمد؟، "ع"(9/ 138).

ص: 193

الأَرْضُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي كَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، أَوْ حُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ الأُولَى". [أطرافه: 3398، 4638، 6916، 6917، 7427، أخرجه: م 2374، د 4668، تحفة: 4405].

2413 -

حَدَّثَنَا مُوسَى

(1)

، ثَنَا هَمَّامٌ

(2)

، عَنْ قَتَادَةَ

(3)

، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ

(4)

بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ، أَفُلَانٌ أَفُلَانٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَأتْ بِرَأْسِهَا،

"فَقِيلَ" في نـ: "قِيلَ". "فَأَوْمَأَتْ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَأَوْمَتْ".

===

(1)

" موسى" هو ابن إسماعيل التبوذكي.

(2)

"همام" هو ابن يحيى بن دينار البصري.

(3)

"قتادة" ابن دعامة السدوسي.

(4)

قوله: (رَضَّ رأس جارية) أي دَقّ وكسر، والجارية كانت من الأنصار كما صرّح به في رواية أبي داود، قوله:"أَفُلانٌ أَفُلانٌ" الهمزة فيه للاستخبار، قوله:"فأومت" كذا ذكره ابن التين، ثم قال: صوابه: "فأومأت"، قوله:"فرُضَّ رأسه بين حجرين" احتجّ به عمر بن عبد العزيز وقتادة والحسن وابن سيرين ومالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وإسحاق وابن المنذر وجماعة من الظاهرية على أن القاتل يُقْتَلُ بما قتل به، وقال عامر الشعبي وإبراهيم النخعي والحسن البصري والثوري وأبو حنيفة وصاحباه رحمهم الله: لا يُقْتَلُ القاتل إلا بالسيف، واحتجوا بما روي عنه صلى الله عليه وسلم:"لا قود إلا بالسيف"، قاله العيني (9/ 139 - 141)، وأورد فيه عدّة أحاديث بإسنادها في هذا المعنى.

ثم قال بعض الشافعية: في هذا الحديث حجة على أبي حنيفة حيث لم يوجب القصاص فيمن قتل بمثقَّل عمدًا، وإنما يجب عنده دية مغلّظة،

ص: 194

فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. [أطرافه: 2746، 5295، 6876، 6877، 6879، 6884، 6885، أخرجه: م 1672، د 4527، 4535، ت 1394، س 4742، ق 2665، تحفة: 1391].

‌2 - بَابُ مَنْ رَدَّ أَمْرَ السَّفِيهِ

(1)

وَالضَّعِيفِ الْعَقْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الإِمَامُ

وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ

(2)

:

===

والحديث حجة عليه، وخالفه غيره من الأئمة: مالك والشافعي وأحمد وجماهير العلماء، والجواب عن هذا: أنّ عادة ذلك اليهودي كانت قتل الصغار بذلك الطريق، فكان ساعيًا في الأرض بالفساد، فَقُتِلَ سياسة، واعترضوا بأنه لو قُتِل لسعيه في الأرض بالفساد لما قُتِل مماثلة برضِّ رأسه بين الحجرين، وردّ بأن قتله مماثلة كان قبل تحريم المثلة، فلما حرمت نُسِخَت، فكان القتل بعد ذلك بالسيف، انتهى.

(1)

قوله: (رَدّ أمر السفيه) وهو ضدّ الرشيد، وهو الذي يصلح دينه ودنياه، والسفيه هو الذي يعمل بخلاف موجب الشرع، ويتّبع هواه ويتصرف لا لغرض، أو لغرض لا يعدّه العقلاء من أهل الديانة غرضًا، قوله:"والضعيفِ العقلِ" وهو أعمّ من السفيه، قوله:"وإن لم يكن" واصل بما قبله، يعني: حَجَرَ الإمام أو لم يحجر، فإن بعضهم يردّ تصرُّف السفيه مطلقًا، وهو قول ابن القاسم أيضًا، وعند أصبغ: لا يُرَدّ عليه إلا إذا ظهر سفهه، وقال غيرهما من المالكية: لا يُرَدّ مطلقًا إلا ما تصرَّف فيه بعد الحجر، وبه قالت الشافعية، وعند أبي حنيفة: لا يحجر بسبب سفه ولا يُرَدّ تصرُّفه مطلقًا، وعند أبي يوسف ومحمد: يحجر عليه في تصرفات لا تصحّ مع الهزل كالبيع ونحوه، ولا يحجر عليه في غيرها كالطلاق ونحوه. [انظر:"بذل المجهود"(11/ 219)].

(2)

"ويذكر عن جابر" ابن عبد الله الأنصاري، ومراده ما رواه عبد بن حميد موصولًا في "مسنده".

ص: 195

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ

(1)

قَبْلَ النَّهْي ثُمَّ نَهَاهُ

(2)

. وَقَالَ مَالِكٌ

(3)

: إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ، وَلَهُ عَبْدٌ، لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، فَأَعْتَقَهُ، لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ.

‌3 - وَمَنْ بَاعَ

(4)

عَلَى الضَّعِيفِ

(5)

وَنَحْوِهِ

"أَنَّ النَّبِيَّ" كذا في ذ، وفي نـ:"عَنِ النَّبِيِّ". "وَمَنْ بَاعَ " في [قتـ]، ذ:"بَابُ مَنْ بَاعَ".

===

(1)

أي: المذكور في حديث جابر كما مرّ (برقم: 2141).

(2)

عن مثل هذه الصدقة بعد ذلك، "ع"(9/ 142).

(3)

"وقال مالك" الإمام، مما أخرجه ابن وهب في "الموطأ" عنه.

(4)

قوله: (ومن باع

) إلى آخره، بالعطف على ما قبله في رواية الأكثرين، ووقع في رواية أبي ذر:"باب من باع .. " إلخ، وذكرُ لفظِ "باب" ليس له فائدة أصلًا، قوله:"على الضعيف" أي: ضعيف العقل، قوله:"ونحوِه" وهو السفيه، قوله:"فدفع" ويروى "ودفع" بالواو، وهذا حاصل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بيع المدبَّرِ المذكور، لأنه لما باعه دَفَعَ ثمنَه إليه ونَبَّهَه على طريق الرشد، وَأَمَرَه بالإصلاح والقيام بشأنه، ولو كان منعه لأجل سفهه حقيقة لم يكن يسلم إليه الثمن. قوله:"فإن أفسد بعدُ" أي: وإن أفسد الضعيفُ بعد ذلك "مَنَعَه" أي حَجَرَ عليه من التصرف، قوله: "لأن النبي صلى الله عليه وسلم

" إلخ، تعليل لِمَا ذكره من منعه بعد ذلك والنهي عن إضاعة المال، قوله: "وقال للذي" أي: قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي كان يُخْدَعُ في البيع إلى آخره"، وقد مرّ في "باب ما يكره من الخداع في البيع"، قوله:"ولم يأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ماله" أي مال الرجل الذي باع النبي صلى الله عليه وسلم غلامه، إنما لم يأخذ لأنه لم يظهر عنده سفهه حقيقة؛ إذ لو ظهر لمنعه من أخذ الثمن، وقد مرّ، هذا كله من "العيني"(9/ 142، 143)، قد مَرّ عن قريبٍ في "باب إضاعة المال".

(5)

ضعيف العقل.

ص: 196

وَدَفَعَ ثَمَنَهُ إِلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِالإِصْلَاحِ وَالْقِيَام بِشَأْنِهِ، فَإِنْ أَفْسَدَ بَعْدُ مَنَعَهُ، لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، وَقَالَ لِلَّذِي يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ:"إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ". وَلَمْ يَأْخُذِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَالَهُ.

2414 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(1)

، ثَنَا عَبدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ

(2)

، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ

(3)

قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ

(4)

يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ"، فَكَانَ يَقُولُهُ. [راجع: 2117، تحفة: 7215].

2415 -

حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ

(5)

، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ

(6)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ

(7)

، عَنْ جَابِرٍ

(8)

: أَنَّ رَجُلًا

(9)

أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ،

"حَدَّثَنَا مُوسَى" في ذ: "حَدَّثَنِي مُوسَى".

===

(1)

" موسى بن إسماعيل" المنقري التبوذكي.

(2)

القسملي المروزي، "قس"(5/ 460).

(3)

"عبد الله بن دينار" العدوي مولاهم، "تقريب" (رقم: 3300).

(4)

اسمه حِبَّان بن مُنقِذ الأنصاري، "قس"(5/ 460).

(5)

"عاصم بن علي" الواسطي.

(6)

"ابن أبي ذئب" هو محمد بن عبد الرحمن.

(7)

"محمد بن المنكدر" ابن عبد الله بن الهدير التيمي المدني.

(8)

"جابر" ابن عبد الله الأنصاري.

(9)

من الصحابة يسمّى بأبي مذكور، "قس"(5/ 461).

ص: 197

لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ. [أطرافه: 2141، 2230، 2321، 2403، 2534، 6716، 6947، 7186، تحفة: 3077].

‌4 - بَابُ كَلَامِ الْخُصُومِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ

(1)

2416 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ

(2)

، أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ

(3)

، عَنِ الأَعْمَشِ

(4)

، عَنْ شَقِيقٍ

(5)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ

(6)

، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ". [راجع: 2356].

===

(1)

قوله: (باب كلام الخصوم بعضهم في بعض) أراد بهذا أن كلام بعض الخصوم مع بعض من غير إفحاش لا يوجب شيئًا، لأن الكلام لا بد منه، ولكن لا يتكلم بعضهم لبعض بكلام يجب فيه الحدُّ أو التعزير، "عمدة القاري"(9/ 144).

(2)

"محمد" ابن سلام البيكندي.

(3)

"أبو معاوية" محمد بن خازم الضرير.

(4)

"الأعمش" سليمان بن مهران الكوفي.

(5)

"شقيق" هو ابن سلمة أبو وائل الكوفي.

(6)

قوله: (وهو فيها فاجر) جملة اسمية وقعت حالًا، وفاجر أي: كذب، وإطلاق الغضب على الله على المعنى الغائي منه، وهي إرادة إيصال الشر، لأن معناه: غليان دم القلب لإرادة الانتقام، وهو على الله محال.

والمطابقة تؤخذ من قوله: "إذًا يحلف ويذهب بمالي" فإنه نسب اليهودي إلى الحلف الكاذب ولم يجب عليه شيء، لأنه

(1)

أخبر بما كان

(1)

في الأصل: "عليه لأنه".

ص: 198

2417 -

قَالَ: فَقَالَ الأَشْعَثُ

(1)

: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ

(2)

وَبَيْنِي أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ " قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: "احْلِفْ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا يَحْلِفَ، وَيَذْهَبَ بِمَالِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ [آل عمران: 77]. [راجع: 2357].

2418 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(3)

، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ

(4)

، ثَنَا يُونُسُ

(5)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(6)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

(7)

بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَليْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا

(8)

حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

"قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ" في نـ: "فَأَنْزَلَ اللَّهُ". "ثَنَا يُونُسُ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"أَنَا يُونُسُ".

===

يعلمه منه، ومثل هذا الكلام مباح فيمن عُرِفَ فسقه لا فيمن لا يعرف فسقه، قاله العيني (9/ 144 - 145)، ومرّ الحديث (برقم: 2356).

(1)

ابن قيس الكندي، "قس"(5/ 463).

(2)

من اليهود، واسمه الجَفْشِيش، "قس"(5/ 463).

(3)

"عبد الله بن محمد" المسندي.

(4)

"عثمان بن عمر" ابن فارس البصري.

(5)

"يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

(6)

"الزهري" هو محمد بن مسلم بن شهاب.

(7)

يروي عن أبيه كعب، "قس"(5/ 464).

(8)

هو محلّ الترجمة، "ع"(9/ 145).

ص: 199

وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا، حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ

(1)

، فَنَادَى:"يَا كَعْبُ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا"، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ، أَيِ الشَّطْرَ، قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"قُمْ فَاقْضِهِ". [راجع: 457].

2419 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(2)

، أَنَا مَالِكٌ

(3)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

(5)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ

(6)

أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ

(7)

يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أقْرَأَنِيهَا، وَكِدْتُ أَنْ أُعْجِّلَ عَلَيْهِ

(8)

،

"وَأَوْمَأَ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَأَوْمَأَ".

===

(1)

قوله: (سجْف حجرته) بكسر سين مهملة وفتحها وسكون جيم، أي: سترها أو الباب، كذا في "المجمع"(3/ 42)، ومرّ الحديث (برقم: 457) وسيجيء قريبًا.

(2)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(3)

"مالك" الإمام المدني.

(4)

"ابن شهاب" الزهري.

(5)

ابن العوّام.

(6)

نسبة إلى بني قارة، "ع"(9/ 145).

(7)

له ولأبيه صحبة، أسلما يوم الفتح، "قس"(5/ 465).

(8)

قوله: (وكِدْتُ أن أعجل عليه) يعني في الإنكار والتعرض له، قوله:"حتى انصرف" أي من القراءة، قوله:"ولببتُه" من التلبيب. يقال: لبَّبْتُ الرجل، بالتشديد تلبيبًا، إذا جمعتَ ثيابه عند صدره في الخصومة، ثم جررته،

ص: 200

ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَجِئْتُ بهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرأُ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأتَنِيهَا، فَقَالَ لِي:"أَرْسِلْهُ"، ثُمَّ قَالَ لَهُ:"اقْرَأْ"، فَقَرَأَ، قَالَ:"هَكَذَا أُنْزلَتْ"، ثُمَّ قَالَ لِي:"اقْرَأْ"، فَقَرَأْتُ، فَقَالَ: "هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ

(1)

، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ". [أطرافه: 4992، 5041، 6936، 7550، أخرجه: م 818، د 1475، ت 2943، س 938، تحفة: 10591].

===

وهذا أقوى من مجرد القول، وفيه الترجمة، قاله العيني (9/ 146)، قال الكرماني (10/ 115 - 116): فإن قلت: أكان هذا الفعل جائزًا؟ قلت: نعم إذ اجتهاده أدّى إلى ذلك، انتهى.

(1)

قوله: (على سبعة أحرف) اختلفوا في معنى هذا على عشرة أقوال: الأول: قال الخليل: هي القراءة السبعة، وهي الأسماء والأفعال المؤلفة من الحروف التي تنتظم منها الكلمة، فَيُقْرأ على سبعة أوجه، كقوله:{يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [يوسف: 12]، قرئ على سبعة أوجه، فإن قلت: كيف يجوز إطلاق العدد على نزول الآية، وهي إذا نزلت مرة حصلت كما هي، إلا أن ترفع ثم تنزل بحرف آخر؟ قلت: أجابوا عنه بأن جبرئيل عليه السلام كان يدارس رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن في كل رمضان ويعارضه إياه، فنزل في كل عرضٍ بحرف، ولهذا قال:"أقرأني جبرئيل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف".

واختلف الأصوليون هل يُقْرأ اليوم على سبعة أحرف؟ فمنعه الطبري وغيره، وقال: إنما يجوز بحرف واحدٍ اليوم، وهو حرف زيد، ونحى إليه القاضي أبو بكر، وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري: أجمع المسلمون على أنه لا يجوز حظرُ ما وسَّعه الله من القراءات بالأحرف التي أنزلها الله تعالى، ولا يسوغ للأمة أن تمنع ما يطلقه الله تعالى، بل هي موجودة في قراءتنا، وهي مفرَّقة في القرآن غير معلومة بأعيانها، فيجوز على هذا -وبه قال

ص: 201

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

القاضي-: أن يُقْرَأ بكل ما نقله أهل التواتر من غير تمييز حرف من حرف، فيحفظ حرف نافع بحرف الكسائي وحمزة، ولا حرج في ذلك، لأن الله تعالى أنزلها تيسيرًا على عبده ورفقًا.

وقال الخطابي: الأشبه فيه ما قيل: إن القرآن أُنْزِل مرخِّصًا للقارئ بأن يقرأ بسبعة أحرف على ما تيسَّرَ، وذلك إنما هو فيما اتفق فيه المعاني أو تقارَبَ، وهذا قبل إجماع الصحابة رضي الله عنهم، فأمّا الآن فلا يَسَعُهم أن يقرأوه على خلاف ما أجمعوا عليه.

القول الثاني: قال أبو العباس أحمد بن يحيى: سبعة أحرف هي سبع لغات فصيحة من لغات العرب: قريش ونزار وغير ذلك.

الثالث: السبعة كلّها لمضر لا لغيرها، وهي مفرَّقة في القرآن غير مجتمعة في الكلمة الواحدة.

الرابع: أنه يصحّ في الكلمة الواحدة.

الخامس: السبعة في صورة التلاوة كالإدغام وغيره.

السادس: السبعة هي سبعة أنحاءٍ: زجر، وأمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال.

السابع: سبعة أحرف هي الإعراب، لأنه يقع في آخر الكلمة، وَذُكِر عن مالك أن المراد به إبدال خواتيم الآي

(1)

، فيجعل مكان غفور رحيم: سميع بصير، ما لم يبدِّلْ آية رحمة بعذاب أو عكسه.

الثامن: المراد من سبعة أحرف: الحروف والأسماء والأفعال المؤلفة من الحروف التي ينتظم منها كلمة، فيقرأ على سبعة أحرف نحو: عَبَدَ الطاغوتَ ونرتع ونلعب، قرئ على سبعة أوجه.

(1)

في الأصل: "خواتم الأسمى".

ص: 202

‌5 - بَابُ إِخْرَاجِ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَالْخُصُومِ مِنَ الْبُيُوتِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ

(1)

وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ

(2)

أَبِي بَكْرٍ

(3)

حِينَ نَاحَتْ

(4)

.

2420 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(5)

، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ

(6)

، عَنْ شُعْبَةَ

(7)

،

===

التاسع: هي سبعة أوجه من المعاني المتففة المتقاربة نحو: أَقْبِل وتَعَال وهَلُمّ.

العاشر: أن المراد بالسبعة: الإمالة والفتح

(1)

والترقيق والتفخيم والهمزة والتسهيل والإدغام والإظهار، هذا كله من "العيني"(9/ 146 - 147).

(1)

قوله: (بعد المعرفة) أي: بعد العرفان بأحوالهم، وهذا على سبيل التأديب لهم والزجر عن ارتكاب ما لم يجزه الشرع [انظر:"عمدة القاري"(9/ 148)].

(2)

هي: أم فروة، "ع"(9/ 148).

(3)

الصدِّيق رضي الله عنه.

(4)

"قد أخرج عمر" ابن الخطاب "أخت أبي بكر" الصديق من بيتها وهي أم فروة بنت أبي قحافة "حين ناحت" بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه، وصله ابن سعد في "الطبقات"(3/ 208).

(5)

"محمد بن بشار" العبدي البصري لقبه بندار.

(6)

"محمد بن أبي عدي" إبراهيم البصري.

(7)

"شعبة" هو ابن الحجاج العتكي.

(1)

في الأصل: "الإمالة بفتح".

ص: 203

عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ

(1)

، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ

(2)

فَتُقَامَ، ثُمَّ أُخَالِفَ

(3)

إِلَى مَنَازِلِ قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأحَرِّقَ عَلَيْهِمْ". [راجع: 644، تحفة: 12273].

‌6 - بَابُ دَعْوَى الْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ

(4)

2421 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(5)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(6)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(7)

، عَنْ عُرْوَةَ

(8)

، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ

(9)

وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ

(10)

اخْتَصَمَا

(11)

إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ،

===

(1)

" سعد بن إبراهيم" ابن عبد الرحمن يروي عن عمه "حُميد بن عبد الرحمن" ابن عوف الزهري.

(2)

مرّ الحديث (برقم: 644) في "باب وجوب صلاة الجماعة".

(3)

قوله: (ثُمّ أخالف) يقال: خالف إليه إذا أتى إليه، والمطابقة من حيث إن هؤلاء الذين لا يشهدون الصلاة لو أُحْرقت منازلهم عليهم لأسرعوا في الخروج، فثبتت مشروعية الاقتصار على إخراج أهل المعصية من باب الأولى، "ف"(5/ 74)، "ع"(9/ 148).

(4)

أي: لأجله، "ع"(9/ 149).

(5)

"عبد الله بن محمد" المسندي.

(6)

ابن عيينة.

(7)

"الزهري" هو ابن شهاب.

(8)

"عروة" هو ابن الزبير.

(9)

"عبد بن زمعة" ابن قيس العامري الصحابي.

(10)

"سعد بن أبي وقاص" أحد العشرة.

(11)

كانت خصومتهما عام الفتح، "ع"(9/ 149).

ص: 204

فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصَانِي أَخِي

(1)

إِذَا قَدِمْتُ

(2)

أَنْ أَنْظُرَ ابْنَ

(3)

أَمَةِ زَمْعَةَ فَأَقْبِضْهُ، فَإِنَّهُ ابْنِي. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي، فَرَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ

(4)

، فَقَالَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ

(5)

، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ". [راجع: 2053، أخرجه: م 1457، د 2273، س 3487، ق 2004، تحفة: 16435].

‌7 - بَابُ التَّوَثُّقِ

(6)

مِمَّنْ تُخْشَى مَعَرَّتُهُ

(7)

"بِعُتْبَةَ" ثبت في صـ، ذ.

===

(1)

أخوه عتبة بن أبي وقاص، وقد اختلفوا في إسلامه، وهو الذي شجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسر رَباعيته يوم أحد، "ع"(9/ 149).

(2)

أي: مكة، "ع"(9/ 149).

(3)

هذا الابن اسمه عبد الرحمن، صحابي، "ع"(9/ 149).

(4)

ابن أبي وقاص، "ع"(9/ 149).

(5)

قوله: (الولد للفراش) أي: لصاحب الفراش، قال العيني (9/ 149): وقد حكم صلى الله عليه وسلم بهذا، ولم يحكم فيه بالشبه، وهو حجة قوية للحنفية في منع الحكم بالقائف، وإنما قال لسودة بنت زمعة زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم:"احتَجِبي منه" تورعًا للمشابهة الظاهرة، انتهى. ومرّ الحديث مع بعض بيانه (برقم: 2053) في "كتاب البيوع".

(6)

وهو: الإحكام. [وفي "التوضيح" (15/ 502): وأهل العلم يوجبون التوثق بالسجن والضامن وما أشَبهه].

(7)

بفتح الميم والعين المهملة وتشديد الراء: الفساد والعبث، "ع"(9/ 149).

ص: 205

وَقَيَّدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةَ

(1)

عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ

2422 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ

(2)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(3)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ

(4)

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(5)

خَيْلًا

(6)

قِبَلَ نَجْدٍ

(7)

، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ

(8)

،

"عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ" في نـ: "عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ".

===

(1)

قوله: (وقيّد ابنُ عباس عكرمةَ) هو مولى ابن عباس، أصله من البربر، وهذا التعليق وصله ابن سعد [5/ 287] عن عكرمة قال: "كان ابن عباس رضي الله عنهما يجعل في رجلي الكَبْلَ

(1)

يعلِّمني القرآن والسنة"، والكَبْلُ: القيد، "ع" (9/ 150).

(2)

"قتيبة" هو ابن سعيد الثقفي.

(3)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(4)

"سعيد بن أبي سعيد" المقبري.

(5)

قال سيف في "الفتوح": وكان الأمير العباس بن عبد المطلب وهو الذي أسر ثمامة، "قس" (5/ 468). [انظر:"فتح الباري"(8/ 87)].

(6)

أي: ركبانًا، "ع"(9/ 150).

(7)

أي: جهة نجد ومقابلها، "ع"(9/ 150).

(8)

قوله: (سيِّد أهل اليمامة) بفتح التحتية وتخفيف الميمين: مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف، قوله:"فذكر الحديثَ" أي: بتمامه، وسيأتي في "كتاب المغازي" (ح: 4372) إن شاء الله تعالى، قوله:"أطلقوا"

(1)

في الأصل: "الكيل".

ص: 206

فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ

(1)

مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ " قَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ -فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

(2)

- فَقَالَ: "أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ". [راجع: 462].

‌8 - بَابُ الرَّبْطِ وَالْحَبْسِ فِي الْحَرَمِ

(3)

وَاشْتَرَى نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ

(4)

دَارًا لِلسِّجْنِ بِمَكَّةَ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ

"فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ: مَا عِنْدَكَ". "فَقَالَ: أَطْلِقُوا" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ: أَطْلِقُوا".

===

أمر من الإطلاق، ومطابقته للترجمة في قوله:"في سارية"، وذلك كان للتوثق خوفًا من مَعَرَّته، "عيني"(9/ 150). "هـ".

(1)

أُسْطُوانة، "ق" (ص: 1190).

(2)

أي: بتمامه.

(3)

قوله: (باب الربط والحبس في الحرم) كأنه أشار بذلك إلى رَدِّ ما نُقِل عن طاوس، فعند ابن أبي شيبة من طريق قيس بن سعد عنه: أنه كان يكره السجن بمكة، ويقول: لا ينبغي لبيت عذاب أن يكون في بيت رحمة، فأراد البخاري معارضَةَ قول طاوس بأثر عمر وابن الزبير وصفوان ونافع، وهم من الصحابة، وقَوّى ذلك بقصة ثمامة وقد رُبط في مسجد المدينة، وهي أيضًا حرم، فلم يمنع ذلك من الربط، "فتح الباري"(5/ 75).

(4)

قوله: (واشترى نافعُ بنُ عبدِ الحارث) الخزاعي، من فضلاء الصحابة، استعمله عمر على مكة، وأمره بشراء دار بمكة للسجن، و"صفوان بن أمية" الجمحي الصحابي، وكلمة "على" دخلت على "إن" الشرطية نظرًا إلى المعنى [كأنه] قال: على هذا الشرط، فإن قلت: البيع بهذه الشروط فاسد، قلت: الشرط لم يكن داخلًا في نفس العقد بل هو وعد،

ص: 207

أُمَيَّةَ، عَلَى إِنْ عُمَرَ رَضِيَ بِالْبَيْعِ فَالْبَيْعُ بَيْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ عُمَرُ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ. وَسَجَنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ

(1)

بِمَكَّةَ

(2)

.

2423 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(3)

، ثَنَا اللَّيْثُ بنُ سَعدٍ

(4)

، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ

(5)

سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْلًا

(6)

قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ

"عَلَى إنْ عُمَرَ رَضِيَ" كذا في ذ، وفي نـ:"عَلَى أَنَّ عُمَرَ إنْ رَضِيَ". "بِالْبَيْعِ" سقط في نـ. "دِينَارٍ" ثبت في ذ. "ابنُ سَعدٍ" سقط في نـ. "حَدَّثَنِى سَعِيدُ" في نـ: "أَخْبَرَنِي سَعِيدُ".

===

أو هو بما يقتضيه العقد، أو كان بيعًا بشرط الخيار لعمر، أو أنه كان وكيلًا لعمر، وللوكيل أن يأخذه لنفسه إذا ردّه الموكِّل بالعيب ونحوه، وقال المهلب: اشتراها نافع من صفوان للسجن، وشَرَطَ عليه: إن رضي عمر بالابتياع فهي لعمر، وإن لم يرض فلك بالثمن المذكور، فالدار لنافع بأربع مِائة، وهذا بيع جائز، "كرماني"(10/ 218 - 219).

(1)

"سجن ابن الزبير" هذا وصله ابن سعد (5/ 100) من طريق ضعيف.

(2)

قوله: (وسَجَنَ ابنُ الزبير بمكة) أي سجن عبد الله بن الزبير بمكة أيام ولايته [عليها]، ومفعول سَجَنَ محذوف تقديره: سَجَنَ المديونَ ونحوه، وحُذِف للعلم به، "ع"(9/ 152).

(3)

التِّنِّيسي، "قس"(5/ 470).

(4)

الإمام.

(5)

"سعيد بن أبي سعيد" كيسان المقبري.

(6)

أي: ركبانًا، "ع"(9/ 150).

ص: 208

أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ

(1)

مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ. [راجع: 462].

بسم الله الرحمن الرحيم

‌9 - بَابٌ

(2)

فِي الْمُلَازَمَةِ

(3)

2424 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرِ

(4)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(5)

، عَنْ جَعْفَرٍ -وَقَالَ غَيْرُهُ

(6)

: ثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدًّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ

(7)

-، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ

(8)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ،

"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} " ثبت في مه، صـ. "بَابٌ فِي الْمُلَازَمَةِ" كذا في ذ، وفي نـ:"بابُ الْمُلَازَمَةِ". "عَنْ جَعْفَرٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ رَبِيعَةَ". "وَقَالَ غَيْرُهُ" في نـ: "ح وَقَالَ غَيْرُهُ".

===

(1)

هي الأُسْطُوانة، "قاموس" (ص: 1190).

(2)

بالتنوين لأبي ذر.

(3)

أي: في بيان مشروعية ملازمة الدائن مديونه، "ع"(9/ 152)، ووقع في رواية الأصيلي وكريمة قبل هذه الترجمة بسملة، وسقطت للباقين، "فتح الباري"(5/ 77).

(4)

"يحيى بن بكير" هو ابن عبد الله بن بكير المخزومي.

(5)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(6)

مما وصله الإسماعيلي، "قس"(5/ 471)، أي: غير يحيى، والفرق بين الطريقين أن الأول رُوِي بعن، والثاني بلفظ حدثني، "ك"(10/ 219).

(7)

الكندي.

(8)

الأعرج.

ص: 209

عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ

(1)

أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ دَيْنٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ

(2)

، فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بهِمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ:"يَا كَعْبُ" وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: النِّصْفَ، فَأخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا. [راجع: 457].

‌10 - بَابُ التَّقَاضِي

2425 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ

(3)

، ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ

(4)

، أَنَا شُعْبَةُ

(5)

، عَنِ الأَعْمَشِ

(6)

، عَنْ أَبِي الضُّحَى

(7)

، عَنْ مَسْرُوقٍ

(8)

، عَنْ خَبَّابٍ

(9)

"وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ" في نـ: "وأَشَارَ بِيَدِهِ". "وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ" في نـ: "وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ". "أَنَا شُعْبَةُ" في نـ: "ثَنَا شُعْبَةُ".

===

(1)

أي: أبيه.

(2)

قوله: (فلَزِمَه) فيه الترجمة، لأن كعب بن مالك لزم عبد الله بن أبي حدردٍ، ولم ينكر عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين وقف عليهما، وأمر كعبًا بحطِّ النصف، كذا في "العيني"(9/ 154)، وقد مرّ الحديث (برقم: 457) في "باب التقاضي والملازمة في المسجد".

(3)

"إسحاق" هو ابن راهويه.

(4)

"وهب بن جرير" هو ابن حازم الأزدي البصري.

(5)

"شعبة" ابن الحجاج.

(6)

"الأعمش" سليمان بن مهران.

(7)

"أبي الضحى" هو مسلم بن صبيح الكوفي.

(8)

"مسروق" ابن الأجدع.

(9)

"خباب" هو ابن الأرت.

ص: 210

قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا

(1)

فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَرَاهِمُ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ: لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: لَا وَاللهِ لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى يُمِيتَكَ اللهُ ثُمَّ يَبْعَثَكَ. قَالَ: فَدَعْنِي حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ أُبْعَثَ فَأُوتَى مَالًا وَوَلَدًا، ثُمَّ أَقْضِيَكَ. فَنَزَلَتْ:{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77]. [راجع: 2091].

"مَالًا وَوَلَدًا" في نـ: "مَالًا وَوَلَدًا، الآية".

===

(1)

قوله: (قَيْنًا) القين: الحدّاد، قوله:"أقضيك" من القضاء، ويروى:"أقبضك" من الإقباض، كذا في "العيني"(9/ 153)، ومرّ الحديث مع بيانه (برقم: 2091) في "كتاب البيوع".

* * *

ص: 211

بسم الله الرحمن الرحيم

‌45 - كِتَابُ اللُّقْطَةِ

(1)

‌1 - بَابٌ إِذَا أَخْبَرَهُ

(2)

رَبُّ اللُّقَطَةِ بِالْعَلَامَةِ دَفَعَ إِلَيْهِ

(3)

"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، كتابُ اللقطةِ، بَابٌ إذَا أَخْبَرَهُ

" إلخ، كذا في سـ، سفـ، وفي نـ: "{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، بَابٌ إذَا أَخْبَرَهُ

" إلخ.

===

(1)

قوله: (كتاب اللقطة) كذا للمستملي والنسفي، واقتصر الباقون على البسملة وما بعدها، واللقطة الشيء الذي يُلْتقط، وهو بضم اللام وفتح القاف على المشهور عند أهل اللغة والمحدِّثين، وقال عياض: لا يجوز غيره، وقال الزمخشري في "الفائق": اللقطة بفتح القاف، والعامّة تسكنها، كذا قال، وقد جزم الخليل بأنها بالسكون، قال: وأما بالفتح فهو اللاقط، وقال الأزهري: هذا هو القياس، ولكن الذي سُمِعَ من العرب وأجمع عليه أهل اللغة والحديث: الفتحُ، "ف"(5/ 78).

(2)

أي: الملتقط، "ع"(9/ 157).

(3)

قوله: (باب إذا أخبره ربُّ اللقطة بالعلامة دَفَعَ إليه) أورد فيه حديث أُبي بن كعب: "أصبتُ صُرَّة فيها مائة دينار"، كذا للمستملي، وللكشميهني:"وجدتُ"، وللباقين:"أخذت"، ولم يقع في سياقه ما ترجم به صريحًا، وكأنه أشار إلى ما وقع في بعض طرقه، كذا في "الفتح"(5/ 78).

قال العيني (9/ 155): وهو في رواية مسلم فإنه روى هذا الحديث بطرق متعددة، وفي بعضها:"قال: فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأَعْطِها إياه"، فإن قلت: قال أبو داود: وهذه زيادة زادها حماد بن

ص: 213

2426 -

حَدَّثَنَا آدَمُ

(1)

حَدَّثَنَا شُعْبَةُ

(2)

. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(3)

، ثَنَا غُنْدُرٌ

(4)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(5)

، عَنْ سَلَمَةَ

(6)

قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ

(7)

قَالَ: لَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ: أَخَذْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "عَرِّفْهَا

(8)

حَوْلًا" فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: "عَرِّفْهَا حَوْلًا" فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلَاثًا

"ح وَحَدَّثَنِي" في نـ: "وَحَدَّثَنِي". "أَخَذْتُ" في هـ: "وَجَدْتُ"، وفي سـ: أَصَبْتُ". "أَخَذْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ" في نـ: "وَجَدْتُ صُرَّةً مِائَةَ دِينَارٍ". "فَعَرَّفْتُهَا" زاد في نـ: "حولهَا".

===

سلمة، وهي غير محفوظة، قلت: ليس كذلك، بل هي محفوظة صحيحة، فإنّ سفيان وزيد بن أبي أنيسة وافقا حمادَ بنَ سلمة في هذه الزيادة في رواية مسلم، وكذلك سفيان في رواية الترمذي، انتهى. قال في "الفتح" (5/ 79): قد صحّت هذه الزيادة فتعيَّنَ المصيرُ إليها.

(1)

"آدم" هو ابن أبي إياس.

(2)

"شعبة" تقدم.

(3)

"محمد بن بشار" العبدي البصري.

(4)

"غندر" هو محمد بن جعفر.

(5)

"شعبة" المذكور.

(6)

"سلمة" ابن كهيل الحضرمي.

(7)

"سويد بن غفلة" الجعفي الكوفي التابعي المخضرم.

(8)

قوله: (عَرِّفْها) من التعريف، وهو أن ينادي في الموضع الذي لقطها

(1)

فيه، وفي الأسواق والشوارع والمساجد، ويقول: من ضاع له شيء فليطلبه عندي، "ع"(9/ 157).

(1)

في الأصل: "لقاها فيه".

ص: 214

فَقَالَ: "احْفَظْ وِعَاءَهَا

(1)

وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا

(2)

، وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا

(3)

". فَاسْتَمْتَعْتُ فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ

(4)

قَالَ: لَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ أوْ حَوْلًا وَاحِدًا. [طرفه: 2437، أخرجه: م 1723، د 1701، ت 1374، س في الكبرى 5821، ق 2506، تحفة: 28].

"فَقَالَ: احْفَظْ" في قتـ: "قَالَ: احْفَظْ".

===

(1)

قوله: (وعاءَها) الوعاء بالمدِّ وبكسر الواو وقد تُضَمُّ، هو ما يُجْعَلُ فيه الشيء، سواء كان من جلد أو خرق أو خشب أو غير ذلك، والوكاء بكسر الواو والمدِّ: الخيط الذي يُشَدُّ به الصُرَّة وغيرها، [انظر:"عمدة القاري" 9/ 158].

(2)

جزاؤه محذوف، نحو: فارددها إليه، "ع"(9/ 158).

(3)

سيجيء بيانه في الصفحة الآتية في بيان قوله: "فهي لمن وجدها".

(4)

قوله: (فلقيته بعد بمكة .. ) إلخ، أي: قال شعبة: لقيتُ سلمة بعد ذلك بمكة، وقد أوضح ذلك مسلم في رواية حيث قال: قال شعبة: فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرّفها عامًا واحدًا، وكذلك صرّح به أبو داود الطيالسي في "مسنده"، وأغرب ابن بطال فقال: الذي شكّ فيه هو أبي بن كعب، والقائل هو سويد بن غفلة، ولم يصب في ذلك وإن تَبِعَه جماعة منهم المنذري والكرماني، هذا ملخص ما في "الفتح"(5/ 79)، و"العيني"(9/ 158).

وقال العيني (9/ 157): واختلفت الروايات فيه، ففي رواية:"عرّفها ثلاثًا" وفي أخرى: "أو حولًا واحدًا"، وفي أخرى:"في سنة أو في ثلاث سنين"، وفي أخرى:"عامين أو ثلاثة"، قال المنذري: لم يقل أحد من أئمة الفتوى: إن اللقطة تعرَّف ثلاثة أعوام إلا رواية جاءت عن عمر رضي الله عنه، وقد روي عن عمر أنها تعرَّف سنة، وفي "التوضيح" (15/ 517): وممن روى تعريف سنة: علي وابن عباس، وإليه ذهب مالك والكوفيون والشافعي وأحمد، ونقل الخطابي إجماع العلماء فيه، انتهى كلام العيني مختصرًا.

ص: 215

‌2 - بَابُ ضَالَّةِ الإِبِلِ

(1)

2427 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسِ

(2)

، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ

(3)

، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ

(4)

، عَنْ رَبِيعَةَ

(5)

، ثَنِى يَزِيدُ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ

(6)

، عَنْ زيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَمَّا

"حَدَّثَنَا عَمْرُو" في ذ: "حَدَّثَنِي عمرُ". "ثَنِي يَزِيدُ" في نـ: "أَخْبَرَنِي يَزِيدُ".

===

قال في "الهداية"(1/ 417): فإن كانت أقلَّ من عشرة دراهم عرَّفها أيامًا، وإن كانت عشرة فصاعدًا عرّفها حولًا، وهذه رواية عن أبي حنيفة، وقوله: أيامًا، معناه على حسب ما يرى، وقدره محمد "في الأصل": بالحول من غير تفصيل بين الكثير والقليل، وهو قول مالك والشافعي، لقوله صلى الله عليه وسلم:"من التقط شيئًا فليعرِّفْه سنة" من غير فصل، وجه الأول أن التقدير بالحول [ورد] في لقطة كانت مائة دينار تساوي ألف درهم، وقيل: الصحيح أن شيئًا من هذه المقادير ليس بلازم، ويفوَّض إلى رأي الملتقط، يعرِّفها إلى أن يغلب على ظنِّه أن صاحبها لا يطلبها بعد ذلك، ثم يتصَدَّق بها، انتهى.

(1)

اختلفوا فيه، قال مالك والشافعي: لا تؤخذ ضالة الإبل، قال الكوفيون: أخذها وتعريفها أفضل؛ لأن تركها سبب لضياعها، "ع"(9/ 163).

(2)

الباهلي البصري، "قس"(5/ 476).

(3)

العنبري مولاهم، "قس"(5/ 476).

(4)

الثوري، "ع"(9/ 160).

(5)

"ربيعة" ابن أبي عبد الرحمن التيمي مولاهم، أبو عثمان المدني، المعروف بربيعة [الرأي].

(6)

"يزيد مولى المنبعث" المدني.

ص: 216

يَلْتَقِطُهُ

(1)

، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ

(2)

عِفَاصَهَا

(3)

وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِهَا

(4)

، وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْهَا"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"، فَقَالَ: ضَالَّةُ الإِبِلِ؟ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(5)

، فَقَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا

"فَقَالَ: عَرِّفْهَا" في قتـ: "قَالَ: عَرِّفْهَا". "ثُمَّ اعْرِفْ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"ثُمَّ احْفَظْ". "ضَالَّةُ الْغَنَمِ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"فَضَالَّةُ الْغَنَمِ". "قَالَ: لَكَ" في قتـ: "فَقَالَ: لَكَ". "فَقَالَ: ضَالَّةُ الإبِلِ" كذا في قتـ، وفي نـ:"قَالَ: ضَالَّةُ الإبِلِ".

===

(1)

سواء كان ذهبًا أو فضةً أو لؤلؤًا أو غير ذلك مما عدا الحيوان، "قس"(5/ 477).

(2)

من المعرفة.

(3)

قوله: (عِفاصَها) بكسر المهملة وتخفيف الفاء وبالصاد المهملة، وهو الوعاء الذي يكون فيه النفقة، سواء كان من جلد أو خرقة أو غيرهما، "ع"(9/ 161).

(4)

قوله: (فإن جاء أحد يخبرك بها) جواب الشرط محذوف تقديره: فأدِّها إليه، وقد أخذ بظاهره مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة والشافعي: إن وقع في نفسه صِدْقُه جاز أن يدفع إليه، ولا يجبر على ذلك إلا ببينة، كذا في "الفتح"(5/ 79)، و"العيني"(9/ 159)، وزاد العيني (2/ 154): وتأولوا الحديث على جواز الدفع بالوصف إذا صدقه على ذلك ولم يُقِم البينة، انتهى. لكن صاحب "الهداية"(1/ 419) بيّن مذهب الشافعي كمذهب مالك، والله أعلم، وكذا قال العيني في "كتاب العلم" أي كقول صاحب "الهداية" خلاف ما قال هنا، ولعل للشافعي فيه قولين، والله أعلم بالصواب.

(5)

أي: تغير من الغضب، قال الخطابي: إنما كان غضبه لسوء فهمه،

ص: 217

حِذَاؤُهَا

(1)

وَسِقَاؤُهَا

(2)

، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ". [راجع: 91].

‌3 - بَابُ ضَالَّةِ الْغَنَم

2428 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(3)

، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ

(4)

، عَنْ يَحْيَى

(5)

، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ

(6)

أَنَّهُ سَمِعَ زيْدَ بْنَ خَالِدٍ

(7)

يَقُولُ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ، فَزَعَمَ

(8)

أنَّهُ قَالَ: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً"، يَقُولُ يَزِيدُ

(9)

(10)

:

"ابنُ بِلَالٍ" ثبت في قتـ، ذ.

===

فإن اللقطة إنما هي اسم للشيء الذي يسقط من صاحبه ولا يدري أين موضعه وليس كذلك الإبل، "عيني"(2/ 154).

(1)

بكسر المهملة وبالمدّ: ما وطئ عليه البعير من خُفّه، "ع"(9/ 89).

(2)

بالكسر: ظرف الماء، والمراد هنا جوفها، وذلك لأنها إذا شربت يومًا تصبر أيامًا على العطش، "ع"(9/ 163).

(3)

"إسماعيل بن عبد الله" ابن أبي أويس.

(4)

"سليمان بن بلال" التيمي مولاهم.

(5)

"يحيى" ابن سعيد الأنصاري.

(6)

المدني، "قس"(5/ 479).

(7)

الجهني.

(8)

قوله: (فزعم) أي قال، والزعم يستعمل مقام القول المحقَّق كثيرًا، والزاعم هو زيد بن خالد، "أنه قال: اعْرِف" من المعرفة، "عفاصها" بكسر العين أي: وعاءَها، كما مرّ، قوله: "ووِكاءَها" بكسر الواو: الخيط الذي يُشَدّ به رأس الكيس ونحوه، "ع" (9/ 158، 164).

(9)

مولى المنبعث الراوي المذكور.

(10)

قوله: (يقول يزيد) يعني: قال يحيى بن سعيد الأنصاري: يقول

ص: 218

إِنْ لَمْ تُعْرَفْ اسْتَنْفَقَ بِهَا صَاحِبُهَا

(1)

وَكَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ. قَالَ يَحْيَى

(2)

: فَهَذَا الَّذِي لَا أَدْرِي أَفِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ أَمْ شَيْءٌ مِنْ عِنْدِهِ؟، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الْغَنَم؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ". قَالَ يَزِيدُ

(3)

: وَهِيَ تُعَرَّفُ

(4)

أَيْضًا.

"لَمْ تُعْرَفْ" كذا في هـ، ذ، وفي نـ:"لَمْ تُعْتَرَفْ" -بضم الفوقية وسكون المهملة وفتح الفوقية والراء، ولأبي ذر بإسقاط الفوقية الثانية، "قس"(5/ 479) -.

===

يزيد، أي هذه الجملة مقول قول يحيى، فافهم، وهو موصول بالإسناد المذكور، قوله:"إن لم تعرَّف" بلفظ المجهول من التعريف، ويروى من المعرفة على صيغة المجهول أيضًا، و"صاحبها" ملتقطُها، "ع"(9/ 164).

(1)

أي: ملتقطها، "ف"(5/ 83).

(2)

قوله: (قال يحيى) أي: ابن سعيد الراوي، وهو موصول بالإسناد المذكور، والغرض أن يحيى بن سعيد شَكَّ: هل قوله: "وكانت وديعة عنده" مرفوع أم لا؟ وهو القدر المشار إليه بقوله: "فهذا" دون ما قبله لثبوت ما قبله في أكثر الروايات وخلوِّها عن ذكر الوديعة، وقد جزم يحيى بن سعيد برفعه مرة أخرى، وذلك فيما أخرجه مسلم (1722) عن القعنبي والإسماعيلي من طريق يحيى بن حسان، كلاهما عن سليمان بن بلال عن يحيى، فقال فيه:"فإن لم تعرّف فاستَنْفِقْها ولتكن وديعة عندك"، وقد أشار البخاري إلى رجحان رفعها، فترجم بعد أبواب:"إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردَّها لأنها وديعة عنده"، "فتح الباري"(5/ 83).

(3)

الراوي المذكور، بالإسناد المذكور، "ع"(9/ 164).

(4)

من التعريف على صيغة المجهول.

ص: 219

ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الإِبِلِ؟ قَالَ: فَقَالَ: "دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا

(1)

". [راجع: 91].

‌4 - بَابٌ

(2)

إِذَا لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ

(3)

فهِيَ لِمَنْ وَجَدَهَا

(4)

"قَالَ: فَقَالَ: دَعْهَا" في نـ: "فَقَالَ: دَعْهَا".

===

(1)

قوله: (حتى يجدَها ربُّها) فيه دليل على جواز أن يقال لمالك السلعة: ربّ السلعة، والأحاديث متظاهرة بذلك، إلا أنه قد نهى عن ذلك في العبد والأمة في الحديث الصحيح، فقال:"لا يقل أحدكم ربي"، "عمدة القاري"(9/ 165).

(2)

بالتنوين.

(3)

أي: بعد التعريف بسنة، "ع"(9/ 165).

(4)

قوله: (فهي لمن وجدها) وهو بعمومه يتناول الواجدَ الغني والفقير، وهذا خلاف مذهب الجمهور، فإن عندهم: إذا كانت العين موجودة يجب الردّ، وإن كانت استهلكت يجب البدل، ولم يخالفهم في ذلك إلا الكرابيسي من أصحاب الشافعي وداود الظاهري، ووافقهما البخاري في ذلك

(1)

، واحتجّوا في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب:"فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها" وهذا تفويض إلى اختياره، ومن حجة الجمهور قوله في حديث الباب السابق:"وكانت وديعة".

(1)

كذا في "العيني"، وفي الأصل و"فتح الباري" (5/ 84): الكرابيسي صاحب الشافعي، ووافقه صاحباه البخاري وداود بن علي الظاهري.

ص: 220

2429 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(1)

، ثَنَا مَالِكٌ

(2)

، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(3)

، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زيْدِ بْنِ خَالِدٍ

(4)

قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ

(5)

إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَشَأْنُكَ

(6)

بِهَا"، قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"، قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا

(7)

، مَعَهَا سِقَاؤُهَا

"ثَنَا مَالِكٌ" في نـ: "أَخْبَرَنَا مالِكٌ".

===

وقال ابن بطال [6/ 454]: إذا جاء صاحب اللقطة بعد الحول لَزِمَ على مُلْتَقِطِها أن يردّها، وعلى هذا إجماع أئمة الفتوى، وزعم بعض من نَسَبَ نفسَه إلى العلم أنها لا تؤدَّى إليه بعد الحول، استدلالًا بقوله صلى الله عليه وسلم:"فشأنك بها"، قال: فهذا يدلّ على ملكها، قال: وهذا القول يؤدِّي إلى تناقض السنن، إذ قال:"فأدِّها إليه"، "عمدة القاري"(9/ 165).

(1)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(2)

"مالك" هو ابن أنس الإمام المدني.

(3)

"ربيعة بن أبي عبد الرحمن" المشهور بالرأي -بسكون الهمزة- المدني.

(4)

"يزيد" و"زيد" تقدَّما آنفًا.

(5)

"جاء رجل" أي: أعرابي كما في السابقة أو هو بلال أو سويد والد عقبة.

(6)

بالنصب، أي: الزم شأنك، وبالرفع بالابتداء وخبره محذوف، تقديره: فشأنك مباح أو جائز، أو نحو ذلك، والشأن الخطب والأمر، "عيني"(9/ 166).

(7)

قوله: (ما لك ولها) أي: ما لك وأخذها والحال أنها مستقلّة بأسبابٍ تعيشها، فيكون قوله:"معها سقاؤها" على تقدير الحال، "ع"(9/ 166).

ص: 221

وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا". [راجع: 91].

‌5 - بَابٌ

(1)

إِذَا وَجَدَ خَشَبَةً فِي الْبَحْرِ أَوْ سَوْطًا أَوْ نَحْوَهُ

(2)

2430 -

وَقَالَ اللَّيْثُ

(3)

(4)

:

===

(1)

بالتنوين، "قس"(5/ 482).

(2)

قوله: (إذا وجد خشبة في البحر أو سوطًا أو نحوه) أي: ماذا يصنع به هل يأخذه أو يتركه؟ وإذا أخذه هل يتملَّكه أو يكون سبيله سبيل اللقطة؟ وقد اختلف العلماء في ذلك، "فتح"(5/ 85).

(3)

"وقال الليث" ابن سعد الإمام، مما هو موصول عند المؤلف في "باب التجارة في البحر".

(4)

قوله: (وقال الليث

) إلخ، مَرَّ بيانه في "الكفالة"، وأورده هنا مختصرًا وهناك مطَّولًا، وهو (برقم: 2291)، قال في "الفتح" (5/ 85 - 86): وسبق توجيه استنباط الترجمة منه، [و] أنها من جهة أن شَرْعَ من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يأت في شرعنا ما يخالفه، ولا سيما إذا ساقه الشارع مساق الثناء على فاعله، فبهذا التقدير يتمّ المراد من جواز أخذ الخشبة من البحر، وأما السوط وغيره فلم يقع له ذكرٌ في الباب، فاعترضه ابن المنير بسبب ذلك، وأجيب بأنه استنبطه بطريق الإلحاق، ولعله أشار بالسوط إلى أثر يأتي بعد أبواب في حديث أبي بن كعب، أو أشار إلى ما أخرجه أبو داود من حديث جابر قال:"رخَّص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط وأشباهه يلتقط الرجل ينتفع به" وفي إسناده ضعف، واختُلف في رفعه ووقفه، واختلف العلماء في ذلك، فالأصحّ عند الشافعية أنه لا فرق في اللقطة بين القليل والكثير في التعريف وغيره، وفي وجه: لا يجب التعريف أصلًا، وقيل: تُعَرَّفُ مرّة، وقيل: ثلاثة أيام، وقيل: زمنًا يظنّ أن فاقِدَه أَعْرَضَ عنه، وهذا كله في قليل له قيمة، وأما ما لا قيمة

ص: 222

ثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ

(1)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ

(2)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا

(3)

مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ -وَسَاقَ الْحَدِيثَ- فَخَرَجَ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا هُوَ بِالْخَشَبَةِ، فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ". [راجع: 1498].

‌6 - بَابٌ

(4)

إِذَا وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ

2431 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

(5)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(6)

، عَنْ مَنْصُورٍ

(7)

،

"فَإذَا هُوَ بِالْخَشَبَةِ" في نـ: "فَإذَا بِالْخَشَبَةِ".

===

له كالحبّة الواحدة فله الاستبداد به على الأصحّ، وفي الباب الذي يليه في حديث التمرة حجة لذلك، وعند الحنفية أن كل شيء يُعْلم أن صاحبه لا يطلبه كالنواة، جاز أخذُه والانتفاعُ به من غير تعريف، إلا أنه يبقى على ملك صاحبه، وعند المالكية كذلك إلا أنه يزول ملك صاحبه عنه، فإن كان له قدر ومنفعة وجب تعريفه، واختلفوا في مدة التعريف، فإن كان مما يتسارع إليه الفساد جاز أكلُه ولا يضمن على الأصحِّ، انتهى كلام "الفتح" (5/ 85 - 86). [انظر:"التوضيح"(15/ 533)].

(1)

"جعفر بن ربيعة" ابن شرحبيل بن حسنة القرشي.

(2)

"عبد الرحمن" هو الأعرج.

(3)

لم يسمّ، "قس"(5/ 482).

(4)

بالتنوين.

(5)

"محمد بن يوسف" ابن واقد الفريابي.

(6)

"سفيان" هو الثوري.

(7)

"منصور" هو ابن المعتمر الكوفي.

ص: 223

عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ

(1)

، عَنْ أَنَسٍ

(2)

قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ:"لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا". وَقَالَ يَحْيَى

(3)

: ثَنَا سُفْيَانُ

(4)

، ثَنِي مَنْصُورٌ

(5)

. ح وَقَالَ زَائِدَةُ

(6)

: عَنْ مَنْصُورٍ

(7)

، عَنْ طَلْحَةَ بنِ مُصرِّفٍ الْيَامِيِّ، ثَنَا أَنَسٌ. [راجع: 2055].

2432 -

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ

(8)

، أَنَا عَبْدُ اللهِ

(9)

، أَنَا مَعْمَرٌ

(10)

، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ

(11)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنِّي لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي،

" فَقَالَ: لَولا" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ: لَولَا". "وَحَدَّثَنَا" في نـ: "ح وَحَدَّثَنَا".

===

(1)

" طلحة بن مُصَرِّف" اليامي الكوفي.

(2)

ابن مالك.

(3)

"وقال يحيى" هو القطان، وصله مسدد.

(4)

"سفيان" هو الثوري.

(5)

هو: ابن المعتمر.

(6)

"زائدة" هو ابن قدامة.

(7)

"منصور" ومن بعده مضوا آنفًا.

(8)

"محمد بن مقاتل" المروزي.

(9)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(10)

"معمر" هو ابن راشد الأزدي مولاهم.

(11)

"همام بن منبه" الصنعاني أخي وهب.

ص: 224

فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيهَا

(1)

". [تحفة: 14687].

‌7 - بَابٌ كَيْفَ تُعَرَّفُ لُقَطَةُ أَهْلِ مَكَّةَ

وَقَالَ طَاوُسٌ

(2)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا

(3)

إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا". وَقَالَ خَالِدٌ

(4)

، عَنْ عِكْرمَةَ

(5)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ

(6)

". [تحفة: 6061، 5748].

2433 -

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ

(7)

: ثَنَا رَوْحٌ

(8)

، ثَنَا زَكَرِيَّاءُ

(9)

،

"لَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُعَرِّفٍ" في قتـ، ذ:"لَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إلَّا مُعَرِّفٌ". "وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ".

===

(1)

بالرفع لا غير، "ك"(11/ 7)، يعني لا يجوز نصب الياء فيه، من الإلقاء وهو الرمي، "ع"(9/ 168).

(2)

"وقال طاوس" هو ابن كيسان اليماني، وصله المؤلف في "الحج" (ح: 1834).

(3)

أي: لقطة أهل مكة، "ع"(9/ 169).

(4)

"خالد" هو ابن مهران الحذاء.

(5)

"عكرمة" مولى ابن عباس.

(6)

مرّ بيانه (برقم: 1833) في "باب لا يُنفَّر صيد الحرم".

(7)

"أحمد بن سعيد" وهو فيما حكاه ابن طاهر: الرباطي، وفيما ذكر أبو نعيم: الدارمي.

(8)

"روح" ابن عبادة أبو محمد البصري.

(9)

"زكرياء" ابن إسحاق المكي.

ص: 225

ثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

(1)

، عَنْ عِكْرِمَةَ

(2)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يُعْضَدُ عِضَاهُهَا

(3)

، وَلَا يُنَفَّرُ

(4)

صَيْدُهَا، وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ

(5)

، وَلَا يُخْتَلَى

(6)

خَلَاهَا

(7)

"، فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا الإِذْخِرَ، قَالَ: "إِلَّا الإِذْخِرَ". [راجع: 1349، أخرجه: س 2892، تحفة: 6169].

2434 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى

(8)

، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ

(9)

، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ

(10)

، ثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ

(11)

، ثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(12)

، ثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم

"ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ" في نـ: "ثَنِي الأَوْزَاعِيُّ".

===

(1)

" عمرو بن دينار" المكي.

(2)

"عكرمة" تقدم.

(3)

[شجر] أم غيلان ونحوه.

(4)

التنفير هو الإزعاج.

(5)

أي: لمعرِّف.

(6)

أي: لا يقطع.

(7)

بالقصر: النبات الرطب.

(8)

"يحيى بن موسى" ابن عبد ربه السختياني.

(9)

"الوليد بن مسلم" القرشي، أبو العباس.

(10)

"الأوزاعي" عبد الرحمن بن عمرو.

(11)

"يحيى بن أبي كثير" الطائي مولاهم.

(12)

ابن عوف.

ص: 226

مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللهَ قَدْ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْقَتْلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا لَنْ تَحِلَّ لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا

(1)

، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ

(2)

، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ

(3)

، إِمَّا أَنْ يُفْدَى،

"قَدْ حَبَسَ" في نـ: "حَبَسَ". "الْقَتْلَ" في هـ: "الْفِيلَ" -أي: الذي أخبر الله به في سورة {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} -. "وَإنَّهَا أُحِلَّتْ لِي" في نـ: "وَإنَّمَا أُحِلَّتْ لِي". "وَإنَّهَا لَنْ تَحِلَّ" في نـ: "وَإنَّمَا لَنْ تَحِلَّ".

===

(1)

فضلًا عن شجرها.

(2)

أي: لمعرِّف، أنشدته عرَّفْتُه، "ك"(11/ 7).

(3)

قوله: (فهو بخير النظرين) أي: بخير الأمرين، أي: القصاص والدية، وقد اختلفوا فيه، وهو أن من قُتِل له قتيل عمدًا فولِيُّه بالخيار بين أن يعفو ويأخذ الدِّية أو يقتصّ، رضي بذلك القاتلُ أو لم يَرْضَ، وهو مذهب سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين ومجاهد والشعبي والأوزاعي، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور، واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور، وقال النخعي والثوري وابن شبرمة والحسن بن حيٍّ وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس لولي المقتول أن يأخذ الدية إلا برضى القاتل، وليس له إلا القود أو العفو.

واحتجّ هؤلاء بما رواه البخاري: "أن الربيِّع بنت النضر لطمت جاريةً فكسرتْ سِنَّها، فعرضوا عليهم الأرش فأبوا، فطلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالقصاص، فجاء أخوها أنس بن النضر، فقال: يا رسول الله أتكسر سِنُّ الربيِّع؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر سنُّها، فقال:

ص: 227

وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ"، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِلَّا الإِذْخِرَ

(1)

، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِلَّا الإِذْخِرَ"، فَقَامَ أَبُو شَاهٍ

(2)

-رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ- فَقَالَ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اكْتُبُوا لأَبي شَاهٍ

(3)

"، قُلْتُ لِلأِوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ: "اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ"؟ قَالَ: هَذ الْخُطْبَةُ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

===

يا أنس كتاب الله القصاص

" الحديث، فثبت بهذا أن الذي يجب بكتاب الله وسنة رسوله في العمد هو القصاص، لأنه لو كان للمجنيِّ عليه الخيار بين القصاص وبين أخْذِ الدية إذاً لَخَيَّرَه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَمَا حكم لها بالقصاص بعينه، فإذا كان كذلك وجب حمل قوله: "فهو بخير النظرين

" إلخ، على أخذ الدية برضى القاتل حتى تتفق معاني الآثار، "ع" (9/ 171 - 172).

(1)

قوله: (إلا الإذخر) يجوز فيه الرفع على أنه بدل مما قبله، ويجوز النصب لكونه استثناء وقع بعد النهي، وقال ابن مالك: والمختار النصب لكون الاستثناء وقع متراخيًا عن المستثنى منه، فَبَعُدَتِ المشاكلة بالبدليّة، وهو الاستثناء التلقيني، والاستثناء التلقيني هو أن العباس لم يُرِدْ به أن يستثني هو بنفسه، وإنما أراد به أن يلقِّن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالاستثناء، واستدلّ به بعضهم على جواز الفصل بين المستثنى والمستثنى منه، ومذهب الجمهور اشتراط الاتصال إما لفظًا وإما حكمًا، كجواز الفصل بالتنفس مثلًا، وترخيص النبي صلى الله عليه وسلم كان تبليغًا عن الله تعالى إما بطريق الإلهام أو بطريق الوحي، ومن ادّعى أن نزول الوحي يحتاج إلى أمد متَّسع فقد وَهِمَ، ملتقط من "العيني"(7/ 517)، وقد مرّ الحديث مع بعض بيانه (برقم: 112) في "كتاب العلم".

(2)

بالهاء، "ع"(9/ 171).

(3)

بالهاء لا غير، "ك"(11/ 9).

ص: 228

[راجع: 112، أخرجه: م 1355، د 2017، ت 1405، س في الكبرى 5855، ق 2624، تحفة: 15383].

‌8 - بَابٌ

(1)

لَا تُحْلَبُ مَاشِيَةُ أَحَدٍ

(2)

بغَيْرِ إِذْنٍ

2435 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(3)

، أَنَا مَالِكٌ

(4)

، عَنْ نَافِعٍ

(5)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ

(6)

، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ،

"لَا تُحْلَبُ" في شحج: "لَا تُحْتَلَبُ". "بِغَيْرِ إذْنٍ" في هـ، ذ، شحج:"بِغَيْرِ إذْنِهِ".

===

(1)

بالتنوين، "قس"(5/ 489).

(2)

الماشية تقع على الإبل والبقر والغنم ولكنه في الغنم أكثر، "ع"(9/ 172).

(3)

التِّنِّيسي.

(4)

"مالك" الإمام المدني.

(5)

"نافع" مولى ابن عمر.

(6)

قوله: (مشربته) بضمّ الراء وفتحها، هي الموضع المصون لما يخزن كالغرفة، وقال الكرماني (11/ 9): هي الغرفة المرتفعة عن الأرض وفيها خزانة المتاع، انتهى.

والمشرَبة بفتح الراء خاصّةً: مكان الشرب، والمشرِبة بكسر الراء: إناء الشرب، والخزانة بكسر الخاء المعجمة: الموضع أو الوعاء الذي يُخْزَن فيه الشيء مما يراد حفظه، وفي رواية أيوب عند أحمد:"فَيُكْسَر بابُها". قوله: "فَيُنْتَقَل" بالنون والقاف من الانتقال، وهو التحويل من مكان إلى مكان. قوله:"تخزُن" بضم الزاي على بناء الفاعل. و"الضروع" جمع ضرع وهو لكل ذات خُفٍّ وظلف كالثدي للمرأة. وفي رواية الكشميهني: "تحرز"

ص: 229

فَيُنْتَقَلَ طَعَاُمهُ، فَإنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ". [أخرجه: م 1726، د 2623، تحفة: 8356].

"فَإنَّمَا تَخْزُنُ" في هـ: "فَإنَّمَا تُحْرِزُ".

===

بضم الفوقية وسكون الحاء المهملة وكسر الراء وفي آخره زاي: "وأطعماتهم" جمع طعام، والمراد به هنا اللبن.

والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم شبَّه اللبن في الضرع بالطعام المخزون المحفوظ [في الخزانة] في أنه لا يحلّ أخذُه بغير إذن، ولا فرق بين اللبن وغيره، وإليه ذهب الجمهور، وذهب بعضهم إلى أن ذلك يحلّ وإن لم يعلم حال صاحبه، لأن ذلك حقٌّ جعله الشارع له، يؤيد

(1)

ما رواه أبو داود [ح: 2619] من حديث الحسن عن سمرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتى أحدكم على ماشية، فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذِن له وإلا فليحلب ويشرب، وإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثًا، فإن أجاب فليستأذنه، فإن أذن له وإلا فليحلب ويشرب ولا يحمل"، ورواه الترمذي أيضًا، وقال: حديث سمرة حديث حسن غريب صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق.

واستدلوا أيضًا بحديث أبي سعيد رواه ابن ماجه [ح: 2300] بإسناد صحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيت على راعٍ، فَنَادِه ثلاث مرات، فإن أجابك وإلا فاشرب من غير أن تفسد، وإذا أتيت على حائط بستانٍ فَنَادِه ثلاث مرات، فإن أجابك وإلا فَكُلْ من غير أن تفسد"، وبما رواه الترمذي [1289]: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلَّق، فقال:"من أصاب منه من ذي حاجة غير مُتَّخِذٍ خُبْنَةً، فلا شيء عليه"، -والخبنة بضم الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة بعدها نون، قال الجوهري: هو ما تحمله في حضنك،

(1)

في الأصل: "يريد".

ص: 230

‌9 - بَابٌ

(1)

إِذَا جَاءَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ رَدَّهَا عَلَيْهِ، لانَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ

2436 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(2)

، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ

(3)

، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(4)

، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ

(5)

،

===

وقال ابن الأثير: الخبنة معطف الإزار وطرف الثوب، أي: لا يأخذ منه في طرف ثوبه، "ع"(9/ 174) -. واستدلوا أيضًا بقضية الهجرة وَشُرْبِ أبي بكر والنبيِّ صلى الله عليه وسلم من غنم الراعي، -سيجيء بيانه في باب يليه إن شاء الله تعالى-.

وقال جمهور العلماء وفقهاء الأمصار -ومنهم الأئمة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأصحابهم-: لا يجوز أن يأكل من بستان أحدٍ ولا يشرب من لبن غنمه، إلا بإذن صاحبه، اللهُمَّ إلا إذا كان مضطرًّا فحينئذ يجوز له ذلك قدر دفع الحاجة، والجواب عن الأحاديث المذكورة من وجوه: الأول: أن التمسك بالقاعدة المعلومة أولى، قاله القرطبي، والثاني: أن حديث النهي أصحّ، والثالث: أن ذلك محمول على ما إذا علم طيب نفوس أرباب الأموال بالعادة أو بغيرها، والرابع: أن ذلك محمول على أوقات الضرورات كما كان في أول الإسلام، وأجاب الطحاوي بأنّ هذه الأحاديث كانت في حال وجوب الضيافة حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وأوجبها للمسافرين على من حلّوا به، فلما نُسخ وجوب ذلك وارتفع حكمه ارتفع أيضًا حكم الأحاديث المذكورة، هذه كله من "العيني"(9/ 173 - 174) مع اختصار.

(1)

بالتنوين.

(2)

الثقفي، "قس"(5/ 490).

(3)

الأنصاري المدني، "قس"(5/ 491).

(4)

التيمي مولاهم، "قس"(5/ 491).

(5)

"يزيد مولى المنبعث" المدني.

ص: 231

عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ، قَالَ: "عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ عِفَاصَهَا

(1)

وَوِكَاءَهَا

(2)

، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا

(3)

فَأَدّهَا إِلَيْهِ"، فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ

(4)

-أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ

(5)

- ثُمَّ قَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا". [راجع: 91].

‌10 - بَابٌ

(6)

هَلْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ

"فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ".

===

(1)

بكسر العين المهملة: الذي يكون فيه النفقة، "ك"(11/ 3).

(2)

بالكسر، سربند. [بالفارسية].

(3)

أي: مالكها.

(4)

قوله: (حتى احمرّتْ وجنتاه) الوجنة ما ارتفع من الخدّين، وفيها أربع لغات: بالواو، والهمزة، والفتح فيها، وبالكسر أيضًا، ومطابقته للترجمة في قوله:"فإن جاء ربُّها فأدِّها إليه"، قاله العيني (9/ 175 - 176)، قال في "الفتح" (5/ 91): وليس فيه ذكر الوديعة، فكأنه أشار إلى رجحان رفع رواية سليمان بن بلال الماضية قبل خمسة أبواب [برقم: 2428]، وقد تقدّم بيانها، انتهى.

(5)

شك من الراوي.

(6)

بالتنوين.

ص: 232

وَلَا يَدَعُهَا تَضِيعُ حَتَّى لَا يَأْخُذَهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ

(1)

؟

2437 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ

(2)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(3)

، عَنْ سلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ

(4)

قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلًةَ

(5)

قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ

(6)

،

"حَتَّى لَا يَأْخُذَهَا" في بو: "حَتَّى يَأْخُذَهَا".

===

(1)

قوله: (ولا يدعها تضيع حتى لا يأخذها من لا يستحقّ) كذا للأكثر، وسقطت "لا" بعدَ "حتى" عند ابن شبويه، أي: لا يتركها ضائعة ينتهي إلى أخذها من لا يستحقّ، وكلمة "هل" هنا ليست على معنى الاستفهامية، بل هي بمعنى "قد" للتحقيق، والمعنى: باب يذكر فيه قد يأخذ اللقطة، ولهذا لا يحتاج إلى جواب، كذا في "العيني"(9/ 176).

قال ابن حجر (5/ 92): أشار بهذه الترجمة إلى الردِّ على من كره اللقطة، ومن حجتهم حديث الجارود مرفوعًا:"ضالة المسلم حرق النار"، أخرجه النسائي بإسناد صحيح، وحمله الجمهور على من لا يعرِّفُها، انتهى. قال في "الدر المختار" (6/ 433): ندب رفعُها لمالكها لا لنفسه إن أَمِنَ على نفسه تعريفها، وإلا فالترك أولى. وفي "البدائع" (5/ 296): وإن أخذها لنفسه حَرُم، لأنها كالغصب، ووجب -أي الأخذ- أي فرض، "فتح"(5/ 92)، وغيره، عند خوف ضياعها، كما مرّ.

(2)

"سليمان بن حرب" الواشحي.

(3)

"شعبة" ابن الحجاج.

(4)

"سلمة بن كهيل" الحضرمي.

(5)

"سويد بن غفلة" الجعفي الكوفي.

(6)

"سلمان بن ربيعة" ابن يزيد بن عمرو الباهلي.

ص: 233

وَزيْدِ بْنِ صُوحَانَ

(1)

فِي غَزَاةٍ، فَوَجَدْتُ سَوْطًا، فَقَالا لِي: أَلْقِهِ، قُلْتُ: لَا

(2)

، وَلَكِنْ إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ، وَإلَّا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعْنَا حَجَجْنَا، فَمَرَرْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُ أبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"عَرِّفْهَا حَوْلًا"، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ:"عَرِّفْهَا حَوْلًا"، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ:"عَرِّفْهَا حَوْلًا"، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ

(3)

، فَقَالَ: "اعْرِفْ عِدَّتَهَا

(4)

وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ بِهَا". [راجع: 2426].

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ

(5)

، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ

(6)

،

"فَقَالا لِي" كذا في ذ، وفي نـ:"فَقَالَ لِي". "وَلَكِنْ" في ذ: "وَلَكِنِّي". "اسْتَمْتَعْتُ بِهِ" في نـ: "اسْتَمْتَعْتُ بِهَا". "ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ" في نـ: "فَعَرَّفْتُهَا حَولًا ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ".

===

(1)

" زيد بن صوحان" العبدي التابعي.

(2)

أي: لا ألقيه، "ع"(9/ 178).

(3)

هي رابعة باعتبار مجيئه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وثالثة باعتبار التعريف، "ف"(5/ 92)، "ع"(9/ 178).

(4)

قوله: (عِدَّتَها) أي: عددها، فإن قلت: هذا يدلّ على تأخر المعرفة عن التعريف، والروايات السابقة بالعكس؟ قلت: هو مأمور بمعرفتين: يعرف أولًا ليعلم صدق وصفها، ويعرف ثانيًا معرفة زائدة على الأولى من قدرها وجودتها على سبيل التحقيق ليردّها على صاحبها بلا تفاوت، "ك"(11/ 11).

(5)

"عبدان" اسمه عبد الله وعبدان لقبه، يروى عن أبيه عثمان بن جبلة الأزدي البصري، "ع"(9/ 178).

(6)

"شعبة" ابن الحجاج.

ص: 234

عَنْ سَلَمَةَ

(1)

بِهَذَا، قَالَ: فَلَقِيتُهُ

(2)

بَعْدُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا

(3)

.

‌11 - بَابُ مَنْ عَرَّفَ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يَدْفَعْهَا إِلَى السُّلْطَانِ

(4)

2438 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

(5)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(6)

، عَنْ رَبِيعَةَ

(7)

، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ

(8)

، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ

(9)

: أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَة، فَقَالَ:"عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعِفَاصِهَا وَوِكَائِهَا، وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْ بِهَا". وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ، فَتَمَعَّرَ

"وَلَمْ يَدْفَعْهَا" في هـ، ذ:"وَلَمْ يَرْفَعْهَا" -بالراء وللأكثر بالدال-.

===

(1)

" سلمة" بن كهيل هو المتقدم.

(2)

أي: قال سويد بن غفلة: فلقيتُ أبي بن كعب، "ع"(9/ 178).

(3)

لكن الصواب ما مرّ (برقم: 2426).

(4)

قوله: (لم يدفعها إلى السلطان) كأنه أشار بالترجمة إلى ردِّ قول الأوزاعي في التفرقة بين القليل والكثير، فقال: إن كان قليلًا يعرِّفه، وإن كان كثيرًا يرفعه إلى بيت المال، والجمهور على خلافه، "ف"(5/ 93)، "ع"(9/ 179).

(5)

"محمد بن يوسف" الفريابي.

(6)

الثوري.

(7)

"ربيعة" ابن أبي عبد الرحمن التيمي مولاهم.

(8)

المدني.

(9)

الجهني، "قس"(5/ 494).

ص: 235

وَجْهُهُ

(1)

، وَقَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا

(2)

، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، دَعْهَا حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا". وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: "هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ". [راجع: 91].

‌12 - بَابٌ

(3)

2439 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(4)

، أَنَا النَّضْرُ

(5)

، أَنَا إِسْرَائِيلُ

(6)

، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْبَرَاءُ

(7)

، عَنْ أَبِي بَكْرٍ

(8)

. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ

(9)

، ثَنَا إِسْرَائِيلُ

(10)

، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

(11)

، عَنِ الْبَرَاءِ

(12)

،

===

(1)

أي: تغيّر من الغضب، كما مرّ.

(2)

أي: خفها، "ع"(9/ 163).

(3)

بالتنوين، كذا بغير ترجمة، وسقط من رواية أبي ذر، وهو كالفصل لما قبله، "ع"(9/ 179)، "ف"(5/ 94).

(4)

"إسحاق بن إبراهيم" هو ابن راهويه.

(5)

ابن شُميل.

(6)

ابن يونس بن أبي إسحاق عن جده أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، "ع"(9/ 180).

(7)

ابن عازب، "ع"(9/ 180).

(8)

"أبي بكر" الصدِّيق رضي الله عنه.

(9)

"عبد الله بن رجاء" ابن المثنَّى الغُدَاني البصري.

(10)

"إسرائيل" ابن يونس السبيعي عن جده أبي إسحاق عمرو بن عبد الله.

(11)

عمرو بن عبد الله السبيعي.

(12)

"البراء" ابن عازب.

ص: 236

عَنْ أَبِي بَكْرٍ

(1)

قَالَ: انْطَلَقْتُ

(2)

، فَإِذَا

(3)

أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ، فَقُلْتُ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: فَهَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ

(4)

فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ: هَكَذَا -ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ

"فَقُلْتُ: مِمَّنْ" في ذ: "قُلْتُ: مِمَّنْ"، وفي نـ:"لِمَنْ". "فَهَلْ أَنْتَ" في نـ: "هَلْ أَنْتَ". "فَقَالَ: هَكَذَا" في قتـ: "قَالَ: هَكَذَا".

===

(1)

الصديق، "قس"(5/ 495).

(2)

قوله: (انطلقتُ) أي: حين كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصدَيْن الهجرة إلى المدينة، قوله:"يسوق غنمه" جملة حالية، قوله:"هل في غنمك من لبنٍ" بفتح الموحدة في رواية الأكثرين، وحكى عياض رواية ضم اللام وسكون الباء، أي: شاة ذات لبن، كذا قاله بعضهم، وليس كذلك، وإنما اللبن بضم اللام وسكون الباء جمع لبنةٍ، وكذلك لبن بكسر اللام، قاله العيني (9/ 180)، وكذا في "القاموس" (ص: 1133) أيضًا.

(3)

للمفاجأة.

(4)

قوله: (فأمرته) أي بالاعتقال، وهو الإمساك، يقال: اعتقلت الشاة إذا وضعتَ رجليها بين فخذيك أو ساقيك لتحلبها، قوله:"كثبة" بضم الكاف وسكون المثلثة وفتح الموحدة: وهو قَدْرُ حلبة، وقيل: القليل منه، وقيل: القدح من اللبن، قوله:"إداوةً" وهي الركوة، قاله العيني (9/ 180).

قال الكرماني (11/ 13): فإن قلت: ما التلفيق بينه وبين ما تقدّم آنفًا من حديث: "لا يحلبنّ أحدٌ ماشية أحد"؟ قلت: كان هنا إذن عادي أو كان صاحبه صَدِيقَ الصِّدِّيق، أو كان كافرًا حربيًا، أو كان حالهما حال اضطرار، أو من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين، انتهى.

ص: 237

بِالأُخْرَى- فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِدَاوَةً، عَلَى فِيهَا

(1)

خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ، حَتَّى بَرُدَ أَسْفَلُهُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ. [أطرافه: 3615، 3652، 3908، 3917، 5607، أخرجه: م 2009، تحفة: 6587].

"عَلَى فِيهَا" كذا في سـ، حـ، صـ، ذ، وفي نـ:"عَلَى فَمِهَا".

===

قال ابن حجر في "الفتح"(5/ 94): قال ابن المنيِّر: مناسبة هذا الحديث لأبواب اللقطة الإشارةُ إلى أنّ المبيح للَّبن ههنا أنه في حكم الضائع، إذ ليس مع الغنم في الصحراء سوى راعٍ واحدٍ، فالفاضل عن شربه مستهلك فهو كالسوط أو الحبل أو نحوهما الذي يباح التقاطه، وأعظم أحواله أن يكون كالشاة الملتَقَطة في المضيعة، وقد قال فيها:"هي لك أو لأخيك أو للذئب"، انتهى.

ولا يخفى ما فيه من التكلف، ومع ذلك فلم يظهر مناسبته للترجمة بخصوصها، انتهى كلام صاحب "الفتح"، وفي "العيني"(9/ 180) أيضًا نحوه.

(1)

أي: على فمها.

* * *

ص: 238

بسم الله الرحمن الرحيم

‌46 - أَبْوَابُ الْمَظَالِمِ وَالْقِصَاصِ

‌بَابٌ فِي الْمَظَالِمِ

(1)

وَالغصبِ

وَقَولِ اللهِ

(2)

عز وجل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ

(3)

* مُهْطِعِينَ

(4)

مُقْنِعِي

"أَبْوَابُ الْمَظَالِمِ وَالقِصَاصِ" في سفـ: "كِتَابُ الغَصبِ، بَابٌ فِي المظَالِمِ"، وفي سـ:" {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، كتابُ [المظالم]، في المظالم والغصب". " {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ

} " إلخ، في ذ: "إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} ".

===

(1)

قوله: (في المظالم) جمع مظلمة بكسر اللام، مصدر ظلم يظلم، وهو اسم لما أخذ بغير حق، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه الشرعي، "والغصب": أخذُ حقِّ الغير بغير حق، كذا في "الفتح"(5/ 95)، وقيل: الغصب: الاستيلاء على مال الغير ظلمًا، "ع"(9/ 182). [أي في بيان تحريم المظالم وتحريم الغصب، ثم المصنف لم يذكر في هذا الباب حديثًا، ولم يتعرض له الشرّاحُ إذ ليس في نسخهم هنا باب، وأما على النسخة الهندية يمكن أن يوجه بأن الحديث الآتي في الترجمة الآتية مثبت لكليهما].

(2)

قوله: (وقول الله) بالجر، ووقع في رواية [أبي ذر] من قوله:" {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ} " إلى قوله: " {عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} "، وهي ست آيات في أواخر سورة إبراهيم، وفي رواية غيره:{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا} ، وساق الآية فقط، ذكره "العيني"(9/ 182).

(3)

أي: أبصارهم، لا تقرّ في أماكنها من هول ما ترى، "ع"(9/ 182).

(4)

أي: مسرعين.

ص: 239

رُءُوسِهِمْ}: رافِعِي رُؤوسِهِمْ، المُقْنِعُ والْمُقْمِحُ

(1)

واحدٌ، {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} جُوفًا

(2)

لَا عُقُولَ لَهُمْ، {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ - إِلَى قَوْلِهِ:- {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [إبراهيم: 42 - 43]. وَقَالَ مُجَاهِدٌ

(3)

: {مُهْطِعِينَ} مُدْمِنِي النَّظَرِ. وَيُقَالُ: مُسْرِعِينَ.

‌1 - بَابُ قِصَاصِ الْمَظَالِمِ

(4)

"رافِعِي رُؤوسِهِمْ" ثبت في ك. " {وَأَنْذِرِ النَّاسَ}

" إلخ، في ذ: "{وَأَنْذِرِ النَّاسَ} الآية" وسقط ما بعدها. "مُدْمِنِي النَظَرِ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ: "مُدِيمِي النَّظَرِ".

===

(1)

قوله: (المقنع والمقمح) أي: هذه الكلمة بالنون والعين وبالميم والحاء معناهما "واحد"، وهو رفع الرأس، و"جوفًا" جمع الأجوف، وفلان يدمن كذا أي يديمه، قال في "الكشاف" (2/ 306):{مُهْطِعِينَ} : مسرعين إلى الداعي، وقيل: الإهطاع أن تُقْبِل ببصرك على المرئي تديم النظر إليه، " {مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} " أي: رافعيها، و" {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ} " أي: لا يطرفون ولكن عيونهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك الأجفان، والهواء: الخلاء الذي لم تشغله الأجرام، أي لا قوة في قلوبهم ولا جرأة، ويقال للأحمق أيضًا: قلبه هواء، وعن ابن جريج: هواء أي: صفر من الخير خالية عنه، قاله الكرماني (11/ 14 - 15).

(2)

أي: خالية، "قس"(5/ 498).

(3)

ابن جبر المفسِّر.

(4)

أي: يوم القيامة، والقصاص اسم بمعنى المقاصّة، وهو مقاصّة ولي المقتول القاتلَ والمجروحِ الجارحَ، "ع"(9/ 184). [لعل الإمام

ص: 240

2440 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(1)

، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ

(2)

، أَخْبَرَنِي أبِي، عَنْ قَتَادَةَ

(3)

، عَنْ أبِي الْمُتَوَكِّلِ

(4)

النَّاجِيِّ

(5)

، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

(6)

، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ

(7)

بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ،

"ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ" في نـ: "أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ".

===

البخاري أشار بهذه الترجمة إلى أن المظالم لا تعفى بالتوبة فقط بل لا بد من القصاص يوم القيامة، إما بإعطاء حسنات الظالم للمظلوم أو بإعطاء الله تعالى من عنده كما ورد، انظر:"الأبواب والتراجم"(4/ 18)].

(1)

"إسحاق بن إبراهيم" ابن راهويه.

(2)

ابن أبي عبد الله الدستوائي، "ع"(9/ 184).

(3)

"قتادة" هو ابن دعامة البصري.

(4)

هو: علي بن دُؤَاد، بضمّ الدال الأولى.

(5)

بالنون والجيم، "ع"(9/ 184).

(6)

سعد بن مالك.

(7)

قوله: (بقنطرة) قال ابن التين: القنطرة كل شيء يُنْصَب على عين أو وادٍ، وقال الكرماني (11/ 15 - 16): فإن قلت: هذا يشعر بأن في القيامة جسرين، أحدهما هذا، والآخر الذي على متن جهنم المشهور بالصراط، قلت: لا محذور فيه، ولئن ثبت بالدليل أنه واحد، فلا بد من تأويله أن هذه القنطرة من تتمة الصراط وذنابته، ونحو ذلك، انتهى.

قال العيني (9/ 184): سمَّاها القرطبي الصراط الثاني والأول لأهل المحشر كلِّهم إلا من دخل الجنة بغير حساب أو يلتقطه عنق من النار، فإذا خَلَصَ مَنْ خَلَصَ من الأكبر -ولا يخلُصُ منه إلا المؤمنون- حُبِسوا على

ص: 241

فَيَتَقَاصُّونَ

(1)

مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا،

"فَيَتَقَاصُّونَ" في هـ: "فَيَتَقَاضَونَ".

===

صراط خاصٍّ بهم، ولا يرجع إلى النار من هذا أحدٌ، وهو معنى قوله:"إذا خلص المؤمنون من النار" أي: من الصراط المضروب على النار، وقال مقاتل: إذا قطعوا جسر جهنم حُبِسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فإذا هُذِّبُوا قال لهم رضوان:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]، قوله:"بين الجنة والنار" أي: بقنطرة كائنة بين الجنة والصراط الذي على متن النار، ولهذا سمي بالصراط الثاني، انتهى.

(1)

قوله: (فيتقاصّون) بتشديد الصاد المهملة من القصاص، يعني: يتبع بعضهم [بعضًا] فيما وقع بينهم من المظالم التي كانت بينهم في الدنيا من كل نوع من المظالم المتعلّقة بالأبدان والأموال، قال ابن بطال: المقاصّة في هذا الحديث هي لقوم دون قوم، هم قوم لا تستغرق مظالمهم جميع حسناتهم، لأنها لو استغرقت جميعَ حسناتهم لكانوا ممن وجب لهم العذاب، ولما جاز أن يقال فيهم: خلصوا من النار، فمعنى الحديث -والله أعلم- على الخصوص لمن لم يكن لهم تبعات

(1)

يسيرة، إذ المقاصّة لا يكون إلا بين اثنين، كالمشاتمة والمقاتلة، فكان لكل أحد منهم على أخيه مظلمة، وعليه له مظلمة، ولم يكن في شيء منها ما يستحقّ عليه النار، فيتقاصّون بالحسنات والسيئات، فمن كانت مظلمته أكثرَ من مظلمة أخيه أُخِذَ من حسناته، فيدخلون الجنة ويقتطعون فيها المنازل على قدر ما بقي لكل واحد منهم من الحسنات، فلهذا يتقاصّون بعد خلاصهم من النار، "ك"(11/ 16)، "ع"(9/ 185).

(1)

في الأصل: "لمن له تبعات".

ص: 242

حَتَّى إِذَا مَا نُقُّوا

(1)

وَهُذِّبُوا

(2)

أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ

(3)

بِمَسْكَنِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَسْكَنِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا"، وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ

(4)

: ثَنَا شَيْبَانُ

(5)

، عَنْ قَتَادَةَ

(6)

، ثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ

(7)

. [طرفه: 6535، تحفة: 4257].

‌2 - بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ

(8)

} [هود: 18]

"حَتَّى إذَا مَا نُقُّوا" في نـ: "حَتَّى إذَا نُقُّوا"، وفي سـ، ذ:"حَتَّى إذَا تَقَصَّوا" -أي: أكملوا التقاص، "ع"(9/ 185) -، وفي نـ:"حَتَّى إذَا تَقَصَّوا وهَدَأُوا". "بِمَسْكَنِهِ" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"بِمَنْزِلِهِ".

===

(1)

من التنقية، وهو إفراد الجيّد من الرديء، "ع"(9/ 185).

(2)

أي: خلصوا من الآثام بمقاصّة بعضها ببعضِ، "ف"(5/ 96).

(3)

قوله: (لَأَحَدُهم) اللام للتأكيد، قوله:"أدلّ" قال المهلب: إنما كان أدلَّ لأنهم عرفوا مساكنهم بتعريضها عليهم بالغداة والعشي، "ع"(9/ 186).

(4)

"وقال يونس بن محمد" المؤدب البغدادي، فيما وصله ابن منده.

(5)

"شيبان" ابن عبد الرحمن النحوي منسوب إلى النحوة بطن من الأزد لا إلى علم النحو.

(6)

"قتادة" هو ابن دعامة.

(7)

"أبو المتوكل" هو الناجي.

(8)

أي: الكافرين، "ع"(9/ 186).

ص: 243

2441 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(1)

، ثَنَا هَمَّامٌ

(2)

، ثَنِي قَتَادَةُ

(3)

، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ

(4)

رَجُلٌ قَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّجْوَى

(5)

؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ يُدْنِي

(6)

الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ

(7)

، وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى قَرَّرَهُ بذُنُوبِه، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ،

"ثَنِي قَتَادَةُ" في نـ: "أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ". "فِي النَّجْوَى" في هـ: "يَقُولُ فِي النَّجْوَى".

===

(1)

" موسى بن إسماعيل" التبوذكي.

(2)

"همام" ابن يحيى بن دينار العوذي.

(3)

"قتادة" هو ابن دعامة.

(4)

جواب "بينما".

(5)

قوله: (في النجوى) أي: الذي يقع بين الله تعالى وبين عبده المؤمن يوم القيامة، وهو فضل من الله تعالى حيث يذكر المعاصي للعبد سرًّا، قوله:"يضع كنفه" بفتح النون والفاء، قال الطيبي: كنفُه حفظُه وسترُه عن أهل الموقف وصونه عن الخزي والتفضيح، مستعارٌ مِنْ: كنفِ الطائر وهو جناحه يصون به نفسه ويستر به بيضه فيحفظه، قال الكرماني: وفي بعضها: "كتفه" بالفوقانية، قال عياض: وهو تصحيف قبيح، "ع"(9/ 187).

(6)

من الإدناء وهو التقريب الرتبي لا المكاني، "ع"(9/ 187).

(7)

بالنون المفتوحة: الجانب والساتر والعون، "ك"(11/ 17).

ص: 244

وَأَمَّا الْكَافِرُونَ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الأَشْهَادُ

(1)

: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ". [أطرافه: 4685، 6070، 7514، أخرجه: م 2768، س في الكبرى 11242، ق 183، تحفة: 7096].

‌3 - بَابٌ

(2)

لَا يَظْلِمُ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُسْلِمُهُ

(3)

2442 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(4)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(5)

، عَنْ عُقَيْلٍ

(6)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(7)

: أَنَّ سَالِمًا

(8)

أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ

"وَأَمَّا الْكَافِرُونَ" في نـ: "وَأَمَّا الْكَافِرُ". "وَالْمُنَافِقُونَ" كذا في سـ، هـ، ذ، وفي هـ، ذ أَيضًا:"وَالْمُنَافِقُ".

===

(1)

أي: من الملائكة والنبيين، وهو جمع شاهد، "ع" (9/ 186). [قال الحافظ في "الفتح" (5/ 97): ووجه دخوله -أي هذا الحديث- في أبواب الغصب الإشارة إلى أن عموم قوله: "أغفرها لك" مخصوص بحديث أبي سعيد الماضي في الباب قبله].

(2)

بالتنوين، "قس"(5/ 502).

(3)

بضمّ الياء، أي: لا يخذله، "ك"(11/ 17)، يقال: أسلم فلانٌ فلانًا إذا ألقاه إلى الهلكة، ولم يَحْمِه من عدوه وممن يؤذيه، "ع"(9/ 188).

(4)

"يحيى" هو ابن عبد الله "ابن بكير" المخزومي.

(5)

"الليث" ابن سعد، الإمام المصري.

(6)

"عقيل" هو ابن خالد الأيلي.

(7)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(8)

"سالمًا" هو ابن عبد الله بن عمر.

ص: 245

كُرْبَةً

(1)

فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا

(2)

سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". [طرفه: 6951، أخرجه: م 2580، د 4893، ت 1426، س في الكبرى 2791، تحفة: 6877].

‌4 - بَابٌ

(3)

أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا

2443 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أبِي شَيْبَةَ

(4)

، ثَنَا هُشَيْمٌ

(5)

، أَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ

(6)

وَحُمَيْدٌ

(7)

، سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "انْصُرْ أخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا

(8)

". [طرفاه: 2444، 6952، تحفة: 784، 1083].

"حَدَّثَنَا عُثْمَانُ" في نـ: "حَدَّثَنِي عُثْمَانُ"، [وذكر في "قس" لأبي الوقت، وفي "السلطانية" لأبي ذر]. "وَحُمَيْدٌ" في نـ: "وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ". "سَمِعَا" كذا في ذ، وفي نـ: "سَمِعَ

(9)

". "قَالَ النَّبِيُّ" كذا في ذ، وفي نـ: "قَالَ رَسُولُ اللهِ".

===

(1)

أي: غمةً، "ف"(5/ 97).

(2)

أي: رآه على قبيحٍ فلم يظهره للناس، "ع"(9/ 189).

(3)

بالتنوين.

(4)

"عثمان بن أبي شيبة" أبو الحسن العبسي الكوفي.

(5)

"هشيم" ابن بشير بالتصغير فيهما الواسطي. [وفي "التقريب" (رقم: 7312): "ابن بشير" بوزن عظيم، وكذا في "المغني" (ص: 39)].

(6)

الأنصاري.

(7)

"حميد" ابن أبي حُميد الطويل.

(8)

سيجئ بيانه.

(9)

أي: كلّ منهما، "قس"(5/ 503)، قال العيني (9/ 190): الضمير يرجع إلى حُميد.

ص: 246

2444 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(1)

، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ

(2)

، عَنْ حُمَيْدٍ

(3)

، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: "تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ

(4)

". [راجع: 2443، 6952، تحفة: 775].

‌5 - بَابُ نَصْرِ الْمَظْلُومِ

2445 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ

(5)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(6)

، عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمِ

(7)

قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدٍ

(8)

، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، فَذَكَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ

(9)

،

"قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ" في قتـ: "قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ". "قَالَ: تَأْخُذُ" في نـ: "فَقَالَ: تَأْخُذُ".

===

(1)

" مسدد" هو: ابن مسرهد الأسدي.

(2)

"معتمر" هو: ابن سليمان بن طرخان التيمي.

(3)

الطويل.

(4)

أي: تمنعه عن الظلم، "ع"(9/ 190).

(5)

"سعيد بن الرَّبيع" العامري الحرشي.

(6)

"شعبة" ابن الحجّاج بن الورد العتكي.

(7)

"الأشعث بن سليم" أبي الشعثاء الكوفي.

(8)

"معاوية بن سويد" ابن مقرن المزني الكوفي.

(9)

قوله: (عيادة المريض) وهي سنة مرعيّة، "واتباع الجنائز" من فروض الكفاية، "وتشميت العاطس" سنّة، وقيل: فرض كفاية، حكاه ابن بطال، وبه قال ابن سراقة من الشافعية، وقيل: واجب كردِّ السلام،

ص: 247

وَاتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ، وَرَدَّ السَّلَامِ، وَنَصْرَ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةَ الدَّاعِي، وَإِبْرَارَ الْمُقْسِمِ. [راجع: 1239].

2446 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ

(1)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(2)

، عَنْ بُرَيْدٍ

(3)

، عَنْ أبِي بُرْدَةَ

(4)

، عَنْ أبِي مُوسَى

(5)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ

(6)

يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا". وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. [راجع: 481].

"وَإبْرَارَ الْمُقْسِمِ" في هـ، ذ:"وَإبْرَارَ الْقَسَمِ". "يَشُدُّ بَعْضُهُ" في هـ: "يَشُدُّ بَعْضُهُمْ".

===

"ونصر المظلوم" فرض واجب على المؤمنين، قيل: على الكفاية

(1)

، فمن قام به سقط عن الباقين، ويتعيَّن فرضُ ذلك على السلطان، ثم على من له قدرة على نصرته إذا لم يكن هناك من ينصره غيره من سلطان وشبهه، "وإجابة الداعي" سنة إلا أنه في الوليمة قيل: فرض عين، وقيل: فرض كفاية، وقال ابن بطال: هو في الوليمة آكد، "وإبرار المقسم" مندوب إليه إذا أقسم عليه في مباح يستطيع فعله، فإن أقسم على ما لا يجوز أو يشقّ على صاحبه، لم يندب إلى الوفاء به، كذا قاله العيني (9/ 191)، ومرّ الحديث مع بيانه الوافي مع اشتماله على المنهيّ عنها (برقم: 1239) في "باب الأمر باتّباع الجنائز".

(1)

"محمد بن العلاء" أبو كريب الهمداني.

(2)

اسمه حماد بن أسامة، "ع"(9/ 192).

(3)

ابن عبد الله بن أبي بردة، "ع"(9/ 192).

(4)

ابن أبي موسى.

(5)

الأشعري.

(6)

قوله: (كالبنيان) بضم الباء أي: كالحائط، و [هو] بمعنى المصدر

(1)

كذا في الأصل، وفي "العيني":"فرض واجب على المؤمنين على الكفاية".

ص: 248

‌6 - بَابُ الاِنْتِصَارِ

(1)

مِنَ الظَّالِمِ

لِقَوْلِهِ عز وجل

(2)

: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ

(3)

} [النساء: 148]، {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ

(4)

هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39]. قَالَ إِبْرَاهِيمُ

(5)

: كَانُوا يَكْرَهُونَ أنْ يُسْتَذلُّوا، فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا.

"{إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} " زاد في نـ: "الآية".

===

أيضًا مِنْ بنى يبني، قوله:"يشدّ بعضه" وفي رواية الكشميهني: "يشدّ بعضهم" بصيغة الجمع، وفيه الترجمة، فإن المؤمن إذا شَدّ المؤمن فقد نصره، "ع"(3/ 550، 9/ 192).

(1)

أي: الانتقام، "ع"(9/ 192).

(2)

تعليل لجواز الانتصار من الظالم، "ع"(9/ 192).

(3)

فيه إخبار عن إباحة شكوى المظلوم عن الظالم، والدعاء عليه.

(4)

الظلم.

(5)

قوله: (قال إبراهيم) هو النخعي، "كانوا" أي: السلف، "أن يستَذَلّوا" على صيغة المجهول، وهو من الذلِّ، وهذا التعليق ذكره عبد بن حميد في "تفسيره" عن قبيصة عنه، وفي رواية قال المنصور: سألت إبراهيم عن قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39] قال: كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلّوا أنفسهم فيجترئ الفسّاق عليهم، كذا في "العيني"(9/ 193)، قال الكرماني (11/ 19) نقلًا عن ابن بطال: وفي معنى كلام إبراهيم قد روي: أنه صلى الله عليه وسلم استعاذ بالله من غلبة الرجال، واستعاذ من شماتة الأعداء، وكان صلى الله عليه وسلم لا ينتقم لنفسه ولا يقتصّ ممن جنى عليه

(1)

، انتهى.

(1)

في الأصل: "مما جفا عليه".

ص: 249

‌7 - بَابُ عَفْوِ الْمَظْلُومِ

لِقَوْلِهِ: {إِنْ تُبْدُوا

(1)

خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: 149]، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا

(2)

وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ -إِلَى قَوْلِهِ- إِلَى مَرَدٍّ من سَبِيلِ

(3)

} [الشورى: 40 - 44].

‌8 - بَابٌ

(4)

الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

2447 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ

(5)

، ثَنَا عَبدُ الْعَزِيزِ بن

(6)

"إلَى مَرَدٍّ" كذا في ذ، وفي نـ:" {هَلْ إِلَى مَرَدٍّ} ".

===

[ذكر الشيخ في "بذل المجهود" [13/ 308]: أن الانتصار وإن كان الأولى تركه إلا أنه قد يستحب بل ويجب إذا خاف في الترك مفسدة].

(1)

قوله: ({إِنْ تُبْدُوا}) أي: تظهروا، " {خَيْرًا} " بدلًا من السوء، " {أَوْ تُخْفُوهُ} "، أي: أو عَفَوْتم عمن أساء إليكم؛ فإنّ ذلك مما يقرِّ بُكم إلى الله تعالى ويجزل ثوابكم لديه، فإن من صفاته أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم، ولهذا قال:" {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} "، "ع"(9/ 193).

(2)

تعليل لحسن عفو المظلوم، "ع"(9/ 193).

(3)

قوله: ({هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ}) أي: هل إلى رجعة إلى الدنيا من حيلة، فنؤمن بك؟ وذكر هذه الآيات الكريمة لأنها تتضمَّن عَفْوَ المظلوم وصفحَه واستحقاقَه الأجرَ الجميلَ والثوابَ الجزيلَ، "ع"(9/ 194).

(4)

بالتنوين.

(5)

"أحمد بن يونس" هو أحمد بن عبد الله بن يونس، أبو عبد الله التميمي اليربوعي الكوفي.

(6)

وفي بعضها: عبد العزيز الماجشون، وكلاهما صحيح، "ك"(11/ 20).

ص: 250

الْمَاجِشُونُ

(1)

، أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ

(2)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

(3)

". [أخرجه: م 2579، ت 2030، تحفة: 7209].

‌9 - بَابُ الاتِّقَاءِ وَالْحَذَرِ مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ

(4)

2448 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى

(5)

، ثَنَا وَكِيعٌ

(6)

، ثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ،

===

(1)

قوله: (الماجشون) بتثليث الجيم، وهذا لقب يعقوب بن أبي سلمة، وسمي بذلك ولده وأهل بيته، ولهذا يروى هنا: عبد العزيز بن الماجشون، وهو ليس بلقب خاصٍّ لعبد العزيز، وسُمي بذلك لأن وجنتيه كانتا حمراوين، "عيني"(9/ 194).

(2)

مولى ابن عمر بن الخطاب.

(3)

قوله: (الظلم ظلماتٌ يوم القيامة) قال ابن الجوزي: الظلم يشتمل على معصيتين: أخذ مال الغير بغير حقٍّ، ومبارزة الربِّ بالمخالفة، والمعصية فيه أشدّ من غيرها؛ لأنه لا يقع غالبًا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم [عن] ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر، فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئًا، "فتح الباري"(5/ 100).

(4)

أي: الاجتناب والخوف والحذر من دعوة المظلوم؛ لأنها لا تُرَدُّ، "ع"(9/ 195).

(5)

"يحيى بن موسى" ابن عبد ربه البلخي المعروف بخت.

(6)

"وكيع" ابن الجراح الرؤاسي.

ص: 251

فَقَالَ: "اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ

(1)

لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ

(2)

". [راجع: 1395].

‌10 - بَابُ مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ الرَّجُلِ فَحَلَّلَهَا لَهُ هَلْ يُبَيِّنُ مَظْلَمَتَهُ

(3)

؟

2449 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أبِي إِيَاسٍ

(4)

، ثَنَا ابْنُ أبي ذِئْبٍ

(5)

، ثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُريُّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لَأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ

(6)

أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ

"فَإنَّهُ" كذا في سـ، وفي نـ:"فَإنَّهَا". "لَيْسَ بَيْنَهُ" في نـ: "لَيْسَ بَيْنَهَا". "لأخِيهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"لأَحدٍ".

===

(1)

أي: الشأن، "ع"(9/ 195).

(2)

ومعنى عدم الحجاب أنها مُجابة، كما ورد:"دعوة المظلوم مُجابة وإن كان فاجرًا"، "ك"(11/ 21)، "ع"(9/ 195).

(3)

فيه خلاف، فلذا لم يذكر جواب "هل"، "ع"(9/ 196).

(4)

"آدم بن أبي إياس" عبد الرحمن العسقلاني.

(5)

"ابن أبي ذئب" محمد بن عبد الرحمن.

(6)

قوله: (من عرضه) بكسر العين، وعِرض الرجل موضع المدح والذمِّ منه، قوله:"أو شيء" وهو من عطف العامِّ على الخاصّ، فيدخل فيه المال بأصنافه والجراحات حتى اللطمة ونحوها، قوله:"فليتحلَّلْه" قال الخطابي: معناه: يستوهبه ويقطع دعواه عنه، ومطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، فإنه أعمّ من أن يبيّن قدر ما يتحلل به أو لا يبيّن، وهذا يقوِّي قولَ من قال بصحة الإبراء المجهول، ذكره العيني (9/ 196 - 197) ثم قال: قام الإجماع على أنه إذا بيّن مظلمته عليه فأبراه فهو نافذ،

ص: 252

لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبِي أُوَيْسٍ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَقْبُرِيَّ لأَنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ نَاحِيَةَ الْمَقَابِرِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ هُوَ مَوْلًى لِبَنِي لَيْثٍ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ أبِي سَعِيدٍ، وَاسْمُ أبِي سَعِيدٍ كَيْسَانُ. [طرفه: 6534، تحفة: 13028].

"وَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ" في نـ: "وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ". "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ:

" إلخ، ثبت في هـ. "كَانَ يَنْزِلُ" كذا في ذ، وفي نـ: "كَانَ نَزَلَ". "مَوْلًى لِبَنِي لَيْثٍ" في نـ: "مَولَى بَنِي لَيْثٍ".

===

واختلفوا فيمن بينهما ملابسة أو معاملة ثم حلَّل بعضهما بعضًا من كل ما جرى بينهما من ذلّ

(1)

، فقال قوم: إن ذلك براءة له في الدنيا والآخرة وإن لم يبيّن مقداره، وقال آخرون: إنما تصحّ البراءة إذا بيَّن له وعرف ما عنده أو قارب ذلك بما لا مشاحة في ذكره، وهذا الحديث حجة لهذا؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم:"أُخِذ منه بقدر مظلمته" يدلّ أنه يجب

(2)

أن يكون معلوم القدر ومشارًا إليه، انتهى. كذا قاله المهلب.

واعترض عليه ابن التين قال: إن هذا حيث يقبض المظلوم من الظالم فيأخذ بقدر حقّه، وهذا متفق عليه، إذ لا يتجاوز المظلوم قدر حقه أصلًا، وإنما الكلام إذا أسقط الحق، هل يشترط معرفة بقدره أو لا؟ والحديث يدل على عدم الاشتراط؛ لأنه أطلق التحلل من غير تعرض إلى معرفة القدر.

(1)

في الأصل: "من ذلك".

(2)

في الأصل: "فدل يجب".

ص: 253

‌11 - بَابٌ

(1)

إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ

2450 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ

(2)

، أَنَا عَبْدُ اللهِ

(3)

، أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ

(4)

، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ في هذه الآية: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا

(5)

أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] قَالَتْ: الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ، لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا

(6)

، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ

(7)

. [أطرافه: 2694، 4601، 5206، تحفة: 16971].

"فِي هذهِ الآية" ثبت في هـ. "تَكُونُ" في نـ: "يَكُونُ".

===

(1)

بالتنوين.

(2)

"محمد" هو ابن المقاتل المروزي، "ع"(9/ 198).

(3)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(4)

ابن الزبير بن العوام.

(5)

والنشوز منه أن يسيء عشرتها ويمنعها النفقة، "ع"(9/ 199).

(6)

قوله: (ليس بمستكثر منها) أي ليس يستكثر للصحبة معها لعدم الألفة، فيريد مفارقتها بالخلع، قوله:"فتقول" أي المرأة: أجعلك في حلٍّ من مهري ومن كل ما لي عليك من مواجب الزوجية وحقوقها مما منعها الزوج عنها مدافعةً أو ظلمًا، فنزلت:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} [النساء: 128]، كذا في "الكرماني"(11/ 22).

قال العيني (9/ 198): وجه الترجمة بأن يقال: إن البخاري تأنق في الاستدلال، فكأنه قال: إذا نفذ الإسقاط في الحق المتوقع فنفوذه في الحق المتحقق أولى وأجدر، كذا في "الفتح" (5/ 102) أيضًا. [وانظر:"اللامع"(6/ 388)].

(7)

أي: في أمر هذه المرأة، "ع"(9/ 199).

ص: 254

‌12 - بَابٌ

(1)

إِذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ حَلَّلَهُ لَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ

(2)

2451 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(3)

، أَنَا مَالِكٌ

(4)

، عَنْ أبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ

(5)

، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أُتِيَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلَامَ:"أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟ " فَقَالَ الْغُلَامُ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، قَالَ: فَتَلَّهُ

(6)

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَدِهِ. [راجع: 2351، أخرجه: م 2030، س في الكبرى 6868، تحفة: 4744].

‌13 - بَابُ إِثْمِ مَنْ ظَلَمَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ

2452 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(7)

، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ

"أَوْ حَلَّلَهُ لَهُ" في هـ، ذ:"أَوْ أَحَلَّ لَهُ"، وفي شحج:"أَوْ أَحَلَّهُ لَهُ". "عَنِ النَّبِيِّ" في نـ: "أَنَّ النَّبِيَّ".

===

(1)

بالتنوين.

(2)

تعلّق الحديث من جهة أن الغلام لو أذن في شرب الأشياخ قبله لجاز، لأن ذلك هو فائدة استئذانه، فلو أذن لكان قد تبرَّع بحقه وهو لا يعلم قدرَ ما يشربون ولا قدرَ ما كان هو يشربه، "فتح الباري"(5/ 103).

(3)

"عبد الله بن يوسف" التنيسي.

(4)

"مالك" الإمام المدني.

(5)

"أبي حازم بن دينار" هو بالحاء المهملة والزاي: سلمة الأعرج.

(6)

بالفوقية وتشديد اللام، أي: دفعه بقوّة وعنف، "ع"(9/ 201).

(7)

الحكم بن نافع، "ع"(9/ 202).

ص: 255

الزُّهْرِيِّ

(1)

، ثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(2)

: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ

(3)

أَخْبَرَهُ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ

(4)

قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ ظَلَمَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ

(5)

مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ". [طرفه: 3198، تحفة: 4460].

2453 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ

(6)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ

(7)

، ثَنَا حُسَيْنٌ

(8)

، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبِي كَثِيرٍ

(9)

، ثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(10)

أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ

(11)

===

(1)

" الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(2)

"طلحة بن عبد الله" ابن عوف، ابن أخي عبد الرحمن بن عوف.

(3)

"عبد الرحمن بن عمرو بن سهل" القرشي، وقيل: الأنصاري المدني، وليس له في "البخاري" إلا هذا الحديث، "قس"(5/ 512).

(4)

"سعيد بن زيد" القرشي أحد العشرة المبشرة بالجنة رضي الله عنهم.

(5)

قوله: (طُوِّقه) على بناء المجهول، قال الخطابي: له وجهان: أحدهما: أنه يكلَّف نقل ما ظلم منها في القيامة إلى المحشر، فيكون كالطوق في عنقه، والآخر: أن يعاقَبَ بالخسف إلى سبع أرضين، كما في الحديث الآخر الذي بعده، قال النووي: وأما التطويق فقالوا: يحتمل أن معناه أن يحمل منه من سبع أرضين ويكلَّف إطاقته ذلك، أو أن يُجْعَل له كالطوق في عنقه، ويطوِّل الله عنقه، كما جاء في غلظ جلد الكافر وعظم ضرسه، أو يطوَّق إثم ذلك، ويلزم كلزوم الطوق بعنقه، "ع"(9/ 202).

(6)

عبد الله بن عمرو بن الحجاج، "ع"(9/ 204).

(7)

ابن سعيد.

(8)

المعلِّم.

(9)

الطائي.

(10)

النخعي.

(11)

ابن عبد الرحمن، "ع"(9/ 204).

ص: 256

حَدَّثَهُ: أَنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ، فَذُكِرَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ

(1)

مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرْضِينَ

(2)

". [طرفه: 3195، أخرجه: م 1612، تحفة: 17740].

2454 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(3)

، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ

(4)

، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ

(5)

، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ

(6)

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا

(7)

بِغيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ

(8)

يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرْضِينَ".

"إلَى سَبْعِ أَرْضِينَ" زاد في نـ: "قَالَ الفرَبري: قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ" ثبتت هذه الفائدة في رواية أبي ذر عن مشايخه الثلاثة وسقطت لغيره، "قس"(5/ 515).

===

(1)

بكسر القاف وسكون التحتية، أي: قدر شبر، "ع"(9/ 204).

(2)

بفتح الراء ويجوز إسكانها، "ف"(5/ 104)، "ع"(9/ 204).

(3)

"مسلم بن إبراهيم" الفراهيدي.

(4)

"عبد الله بن المبارك" المروزي.

(5)

"موسى بن عقبة" الإمام في المغازي.

(6)

"سالم عن أبيه" عبد الله بن عمر بن الخطاب.

(7)

يتناول قليلًا وكثيرًا.

(8)

قوله: (خُسِفَ به) أي بذلك الشيء الذي أخذه من الأرض بغير حق، وقد ذكرنا أنه يُخْسَف به بعد موته أو في حشره، ولكن بعد أن ينقل جميع ما أخذه إلى سبع أرضين ويجعل كله في عنقه طوقًا ثم يخسف به، "ع"(9/ 204).

ص: 257

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ

(1)

: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِخُرَاسَانَ فِي كُتُبِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، إِنَّمَا أُمْلِي

(2)

عَلَيْهِمْ بِالْبَصْرَةِ. [طرفه: 3196، تحفة: 7029].

‌14 - بَابٌ

(3)

إِذَا أَذِنَ إِنْسَانٌ لآخَرَ شَيْئًا جَازَ

2455 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ

(4)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(5)

، عَنْ جَبَلَةَ

(6)

"قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ

" إلخ، ثبت في ذ. "فِي كُتُبِ ابْنِ الْمُبَارَكِ" كذا في ذ، وفي نـ: "فِي كتابِ ابْنِ الْمُبَارَكِ". "أُمْلِي" في هـ: "أَمْلاهُ". كذا هو في رواية الكشميهنيَ، وللمستملي والسرخسي: "أملى عليهم" بحذف المفعول، وهو الضمير المنصوب، "ع" (9/ 205).

===

(1)

قوله: (قال أبو عبد الله) هو البخاري نفسه، قوله:"هذا الحديث" أشار به إلى حديث الباب، قوله:"ليس بخراسان في كتب ابن المبارك" أراد أن عبد الله بن المبارك صنّف كتبه بخراسان، وحدَّث بها هناك، وحملها عنه أهلُها إلا هذا الحديث، فإنه "أملاه عليهم بالبصرة"، قيل: لا يلزم من كونه ليس في كتبه التي حدّث بها في خراسان، أن لا يكون حدّث به بخراسان، فإن نعيم بن حماد المروزي ممن حمل عنه بخراسان، وقد حدّث عنه بهذا الحديث، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه" من طريقه، ويحتمل أن يكون نعيم أيضًا إنما سمعه من ابن المبارك بالبصرة، وهو من غرائب الصحيح، "عيني"(9/ 205).

(2)

بضمّ الهمزة وحذف الضمير المنصوب، "قس"(5/ 515).

(3)

بالتنوين.

(4)

"حفص بن عمر" الحوضي.

(5)

"شعبة" هو ابن الحجاج العتكي.

(6)

"جبلة" بالتحريك: ابن سُحَيْم الشيباني.

ص: 258

قَالَ: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فِي بَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ

(1)

، فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ

(2)

، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ

(3)

، إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ. [أطرافه: 2489، 2490، 5446، أخرجه: م 2045، د 3834، ت 1814، س في الكبرى 6728، ق 3331، تحفة: 6667].

2456 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ

(4)

، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ

(5)

، عَنِ الأَعْمَشِ

(6)

،

===

(1)

وعند الترمذي: "في بعث أهل العراق"، "ع"(9/ 206).

(2)

أي: غلاء وجدب، "ع"(9/ 206).

(3)

قوله: (نهى عن الإقران) قال ابن التين: كذا وقع في "البخاري" رباعيًا، والمعروف خلافه، والذي في اللغة: ثلاثي، وهو أن يقرن بين الشيئين كالتمرتين عند الأكل، كذا في "العيني" و"الكرماني"، قال أبو موسى المديني في كتابه "المغيث": للنهي عن القران وجهان: الأول: ذهبت عائشة وجابر إلى أنه قبيح، وفيه شره وهلع وهو يزري بصاحبه، الثاني: كان التمر من جهة ابن الزبير [و] كان ملكهم فيه سواء، فيصير الذي يقرن أكثرَ أكلًا من غيره، فأما إذا كان التمر ملكًا له فله أن يأكل كما شاء، كما روي أن سالمًا كان يأكل التمر كفًّا كفًّا، وقيل: إذا كان الطعام بحيث يكون شبعًا للجميع كان مباحًا له لو أكله، وجاز له أن يأكل كما شاء، قال النووي: اختلفوا في أن هذا النهي على التحريم أو على الكراهة والأدب؟ والصواب التفصيل كما سبق، قاله العيني (9/ 206).

(4)

محمد بن الفضل.

(5)

"أبو عوانة" الوضاح اليشكري، "ع"(9/ 207).

(6)

"الأعمش" سليمان بن مهران.

ص: 259

عَنْ أبِي وَائِلٍ

(1)

، عَنْ أبِي مَسْعُودٍ

(2)

: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ

(3)

يُقَالُ لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ، كَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ

(4)

، فَقَالَ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ: اصْنَعْ لِي طَعَامَ خَمْسَةٍ، لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمْسَةٍ

(5)

-وَأَبْصَرَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجُوعَ- فَدَعَاهُ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ لَمْ يُدْعَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ هَذَا قَدِ اتَّبَعَنَا

(6)

، أَتَأْذَنُ لَهُ؟ ". فَقَالَ: نَعَمْ. [راجع: 2081].

‌15 - بَابُ قَوْلِ اللهِ: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ

(7)

} [البقرة: 204]

2457

- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصمٍ

(8)

، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ

(9)

، عَنِ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ

(10)

، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أبْغَضَ الرِّجَالِ

===

(1)

شقيق بن سلمة، "ع"(9/ 207).

(2)

"أبي مسعود" عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه.

(3)

مرّ الحديث (برقم: 2081) في "كتاب البيوع".

(4)

أي: بيّاع اللحم، "ك"(11/ 26)، أي: يبيع اللحم، ولم يسمّ، "قس"(5/ 517).

(5)

أي: أحد خمس، "ع"(8/ 344).

(6)

وفي رواية أبي ذر: تَبِعَنَا، "ع"(9/ 207).

(7)

قوله: ({وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}) الألدّ في اللغة هو الأعوج، وهكذا المنافق في حال خصومته يكذب ويزوَرُّ عن الحق ولا يستقيم معه، بل يفتري ويفجر، ويقال: الألدّ هو شديد الجدال، والإضافة فيه بمعنى: في، كقولهم: ثبت الغدر، أو جعل الخصام ألدّ على المبالغة، "عيني"(9/ 208). "هـ".

(8)

"أبو عاصم" الضحاك النبيل.

(9)

"ابن جريج" عبد الملك بن عبد العزيز المكي.

(10)

"ابن أبي مُليكة" عبد الله بن عبيد الله، واسم أبي مليكة زهير المكي الأحول.

ص: 260

إِلَى اللهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ

(1)

". [طرفاه: 4523، 7188، أخرجه: م 2668، ت 2976، س في الكبرى 11036، تحفة: 16248].

‌16 - بَابُ إِثْمِ مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ

(2)

2458 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(3)

، ثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ

(4)

، عَنْ صَالِحٍ

(5)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(6)

، ثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

(7)

: أَنَّ زيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ

(8)

وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ

===

(1)

قوله: (الخصم) بفتح الخاء وكسر الصاد: المولع بالخصومة الماهرُ فيها، قال تعالى:{بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58]، فإن قلت: الأبغض هو الكافر، قلت: اللام للعهد عن الأخنس -بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح النون وبالمهملة- ابن شريق -بفتح المعجمة وكسر الراء- الذي نزلت فيه الآية، وهو منافق، أو المراد الألدّ في الباطل المستحلّ له، "عيني"(9/ 208).

(2)

أي: يعلم أنه باطل، "ع"(9/ 209).

(3)

"عبد العزيز بن عبد الله" الأويسي.

(4)

"إبراهيم بن سعد" بن إبراهيم الزهري.

(5)

ابن كيسان، مؤدِّب ولد عمر بن عبد العزيز، "ع"(9/ 209).

(6)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(7)

ابن العوام.

(8)

قوله: (إنما أنا بشر) أي: لا أعلم الغيب وبواطن الأمور كما هو مقتضى الحالة البشرية، وأنه إنما يحكم بالظاهر والله يتولى السرائر، ولو شاء الله تعالى لأطلعه على باطن الأمور حتى يحكم باليقين، لكن

ص: 261

أَبْلَغَ

(1)

مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ، وَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا". [أطرافه: 2680، 6967، 7169، 7181، 7185، أخرجه: م 1713، د 3583، ت 1339، س 5401، ق 2317، تحفة: 18261].

‌17 - بَابٌ

(2)

إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ

(3)

2459 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ

(4)

، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ

(5)

،

"أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ" في نـ: "أَنَّهُ صَادِقٌ". "أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا" في ذ: "أَوْ لِيَتْرُكْهَا". "ابنُ جَعْفَرٍ" ثبت في ذ.

===

أمر الله أمته بالاقتداء به، فأجرى أحكامه على الظاهر لتطِيبَ نفوسُهم بالانقياد، "ك"(11/ 26)، "ع"(9/ 210).

(1)

قوله: (أبلغ) أي أفصح ببيان حجته، وأدخل "أَنْ" تشبيهًا للعلَّ بعسى، قوله:"قضيتُ" أي حكمت له بحق غيره مسلمًا أو ذميًا أو نحوه، وإنما ذكره مسلمًا تغليبًا أو اهتمامًا بحاله، أو نظرًا إلى لفظ "بعضكم"، فإنه خطاب للمؤمنين، قوله:"قطعة من النار" أي هو حوام مآله النار، قوله "فليأخذها" أمر تهديد لا تخيير كقوله تعالى:{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]، وفيه أن الحاكم يحكم بما يثبت عنده، "ك"(11/ 27)، "ع"(9/ 210).

(2)

بالتنوين، "قس"(5/ 520).

(3)

أي: شتم ورمى بالأشياء القبيحة، "مرقاة"(1/ 229).

(4)

"بشر بن خالد" العسكري.

(5)

"محمد بن جعفر" هو غندر.

ص: 262

عَنْ شُعْبَةَ

(1)

، عَنْ سُلَيْمَانَ

(2)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ

(3)

، عَنْ مَسْرُوقٍ

(4)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو

(5)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ

(6)

كَانَ مُنَافِقًا

(7)

، أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ، حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ

(8)

، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ

(9)

، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ

(10)

، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ

(11)

". [طرفاه: 34، 3178، تحفة: 8931].

"مِنْ أَرْبَعٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"مِنْ أَرْبَعَةٍ".

===

(1)

" شعبة" هو ابن الحجاج بن الورد العتكي.

(2)

أي: الأعمش، "ع"(9/ 211).

(3)

"عبد الله بن مُرّة" الهمداني.

(4)

"مسروق" هو ابن الأجدع أبو عائشة الهمداني.

(5)

ابن العاص.

(6)

ويمكن أن لا يجتمعن في مؤمن، خصوصًا على وجه الاعتياد، "مرقاة"(1/ 229).

(7)

قوله: (كان منافقًا) أي: من استمرّ على هذه الخصال، فبالحريِّ أن يسمَّى منافقًا، لا مَنْ افتتن بها مرة وتركها أخرى، ثم إن للنفاق علاماتٍ، فتارة ذكر ثلاثًا وتارةً أربعًا فصاعدًا، "مجمع البحار"(4/ 781)، ومر الحديث (برقم: 34) في "كتاب الإيمان".

(8)

عمدًا من غير عذر، "مرقاة"(1/ 229).

(9)

الإخلاف جعلُ الوعد خلافًا.

(10)

أي: نقض العهد ابتداءً.

(11)

أي: شتم، "مرقاة"(1/ 229)، من الفجور، وهو الفسق والكذب، "ع"(1/ 333).

ص: 263

‌18 - بَابُ قِصَاصِ الْمَظْلُومِ إِذَا وَجَدَ مَالَ ظَالِمِهِ

(1)

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ

(2)

: يُقَاصُّهُ

(3)

(4)

وَقَرَأَ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126].

2460 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(5)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(6)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(7)

،

===

(1)

قوله: (إذا وجد مال ظالمه) أي: هل يأخذ منه بقدر حقِّه ولو بغير حكم حاكم؟ وهي المسألة المعروفة بمسألة الظفر، وقد جنح المصنف إلى اختياره، ولهذا أورد أثر ابن سيرين على عادته في الترجيح بالآثار، كذا في "الفتح"(5/ 108).

وفي "العيني"(9/ 212): قال النووي: من له حق على رجل وهو عاجز عن استيفائه يجوز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه، وهذا مذهبنا، ومنع من ذلك أبو حنيفة ومالك، وقال ابن بطال: وروى ابن وهب عن مالك أنه إذا كان على الجاحد للمال دين فليس له أن يأخذ إلا مقدارَ ما يكون فيه أسوة الغرماء، وعن أبي حنيفة: يأخذ من الذهب الذهب، ومن الفضة الفضة، ومن المكيل المكيل، ومن الموزون الموزون، ولا يأخذ غير ذلك، وقال زفر: له أن يأخذ العرض بالقيمة، انتهى.

(2)

"وقال ابن سيرين" محمد، وصله عبد بن حميد.

(3)

أي: يأخذ مثل ماله، "قس"(5/ 522).

(4)

قوله: (يقاصّه) أصله: يقاصصه، أراد أن يأخذ مثل ماله، قوله:"قرأ" إشارة إلى أنه احتجّ فيما ذهب إليه بقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} ، يعني: لا يزيد ولا ينقص، "ع"(9/ 212).

(5)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع الحمصي.

(6)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة.

(7)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

ص: 264

ثَنِي عُرْوَةُ

(1)

أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدٌ

(2)

بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ

(3)

رَجُلٌ مِسِّيكٌ

(4)

، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ

(5)

أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا؟ فَقَالَ: "لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ

(6)

". [راجع: 2211، تحفة: 16475].

"مِسِّيكٌ" في نـ: "مَسِيكٌ".

===

(1)

" عروة" هو ابن الزبير بن العوام رضي الله عنه.

(2)

أم معاوية، "قس"(5/ 522).

(3)

أي: صخر بن حرب، والد معاوية، "قس"(5/ 522).

(4)

قوله: (رجل مِسِّيك) كسِكِّين، قال في "الفتح": هو بكسر الميم والتشديد للأكثر، قاله عياض، قال: وفي رواية كثير من أهل الإتقان بالفتح والتخفيف، وقيده بعضهم بالوجهين، وقال ابن الأثير: المشهور في كتب اللغة الفتح والتخفيف، والمشهور عند المحدثين الكسر والتشديد، والله أعلم، انتهى كلام "الفتح"(5/ 108).

(5)

قوله: (عليَّ حرج) أي: إثم "أن أطعم"، قوله:"لا حرج عليك أن تطعميهم" أن مصدرية، تقديره: لا حرج عليك بإطعامك إياهم "بالمعروف" أي بقدر يتعارف أن يأكل العيال، وهذا الحديث يشتمل على أحكام، وهي وجوب النفقة للأولاد وأنها مقدَّرة بالكفاية لا بالأمداد، وجوازُ سماع كلام الأجنبية، وذكر الإنسان بما يكره للحاجة، وأن للمرأة مدخلًا في كفالة أولادها، وجواز خروج المرأة من بيتها لحاجتها، وقد استدلّ [به] من يرى بجواز الحكم على الغائب، قلت: هذا استدلال فاسد من وجهين: أحدهما: أنه كان فتوى لا حكمًا، والآخر: أن أبا سفيان كان حاضرًا بالبلد، "ع"(9/ 213).

(6)

مطابقته للترجمة من حيث إذن النبي صلى الله عليه وسلم لهندٍ بالأخذ من مال زوجها، "ع"(9/ 212).

ص: 265

2461 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(1)

، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ

(2)

، ثَنِي يَزيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ

(3)

، عَنْ أبِى الْخَيْرِ

(4)

، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ

(5)

قَالَ: قُلْنَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونَنَا

(6)

، فَمَا تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ لَنَا: "إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ، فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ

(7)

حَقَّ الضَّيْفِ". [طرفه: 6137، أخرجه: م 1727، د 3752، ت 1589، ق 3676، تحفة: 9954].

"ابنُ أَبِي حَبِيبٍ" سقط في نـ. "لَا يَقْرُونَنَا" كذا في ذ، وفي صـ، مه:"لَا يَقْرُونَا"، وفي نـ:"لَا يَقْرُونَّا". "فَخُذُوا مِنْهُمْ" في هـ: "فَخُذُوا مِنْهُ".

===

(1)

" عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(2)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(3)

"يزيد بن أبي حبيب" المصري.

(4)

اسمه: مرثد بن عبد الله.

(5)

"عقبة بن عامر" الجهني.

(6)

قوله: (لا يقروننا) بإثبات النون؛ لأن نوع الجمع لا يسقط إلا في مواضع معروفة، وفي رواية الأصيلي وكريمة بإسقاط نون الجمع، وقال الكرماني (11/ 29): لا يقرونا بالتشديد والتخفيف، أي: لا يضيفونا، "ع"(9/ 213).

(7)

قوله: (فخذوا منهم) وفي رواية الكشميهني: "فخذوا منه" أي من مالهم، وظاهر هذا الحديث أنّ قِرَى الضيف واجب، وأن المنزول عليه لو امتنع من الضيافة أُخِذَت منه قهرًا، وإليه ذهب الليث مطلقًا، وخصه أحمد بأهل البوادي دون القرى، وقال الجمهور: الضيافة سنة مؤكدة، وليست بواجبة، وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة: أحدها: حمله على المضطرّين،

ص: 266

‌19 - بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّقَائِفِ

(1)

وَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأَصْحَابُهُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

(2)

.

2462 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ

(3)

،

===

وثانيها: أن ذلك كان في أول الإسلام وكانت المواساة واجبة، فلما فتحت الفتوح نسخ ذلك، ويدلّ على نسخه قوله في حديث أبي شريح عند مسلم [ح: 1726] في حق الضيف: "وجائزته يوم وليلة"، والجائزة تفضُّلٌ لا واجبة، وثالثها: أنه مخصوص بالعمال المبعوثين لقبض الصدقات من جهة الإمام، فكان على المبعوث إليهم إنزالهم في مقابلة عملهم الذي يتولّونه، لأنه لا قيام لهم إلا بذلك، "فتح"(5/ 108)، "ع"(9/ 214)، "ك"(11/ 29).

(1)

قوله: (في السقائف) وهي جمع سقيفة على وزن فعيلة بمعنى مفعولة، وهي المكان المظللُ كالساباط

(1)

والحوانيت بجانب الدار، وكأن مراده من وضع هذه الترجمة الإشارة إلى أن الجلوس في الأمكنة العامّة جائز، "ع"(9/ 215)، "فتح"(5/ 109).

(2)

قوله: (في سقيفة بني ساعدة) هذا قطعة من حديث طويل يأتي في "الأشربة" إن شاء الله تعالى، وسقيفة بني ساعدة كانوا يجتمعون فيها، وكانت مشتركة بينهم، وجلس النبي صلى الله عليه وسلم معهم فيها، وفيها وقعت المبايعة بخلافة أبي بكر رضي الله عنه، وبنو ساعدة في الأنصار في الخزرج، وساعدة هو ابن كعب بن الخزرج، "ع"(9/ 215)، قال الكرماني (11/ 29): ما وجه تعلّق هذا الباب بكتاب المظالم؟ قلت: الغرض بيان أن الجلوس في السقيفة التي للعامّة ليس ظلمًا، انتهى.

(3)

"يحيى بن سليمان" أبو سعيد الجعفي الكوفي.

(1)

في الأصل: "كالسابات".

ص: 267

أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ

(1)

، ثَنِي مَالِكٌ

(2)

. ح وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ

(3)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُمَرَ قَالَ حِينَ تَوَفَّى اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الأَنْصَارَ اجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ

(5)

، فَقُلْتُ لأبِي بَكْرٍ: انْطَلِقْ بِنَا، فَجِئْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ. [أطرافه: 3445، 3928، 4021، 6829، 6830، 7323، أخرجه: م 1691، د 4418، ت 1432، س في الكبرى 7156، ق 2553، تحفة: 10508].

‌20 - بَابٌ لَا يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خُشُبَهُ

(6)

(7)

فِي جِدَارِهِ

: " أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ" في صـ: "ثَنِي ابْنُ وَهْبٍ". "ثَنِي مَالِكٌ" في صـ: "أخْبَرَنِي مَالِكٌ". "عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ" زاد في نـ: "ابنِ مَسْعُودٍ". "أَنْ يَغْرِزَ خُشُبَهُ" في ذ: "أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً".

===

(1)

" ابن وهب" عبد الله المصري.

(2)

"مالك" الإمام المدني.

(3)

"يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

(4)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(5)

هذا مختصر من قصة بيعة أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه، وسيأتي في "الهجرة" (برقم: 3928) إن شاء الله تعالى، والغرض منه أن الصحابة استمروا على الجلوس في السقيفة المذكورة، "ف"(5/ 110).

(6)

لأبي ذر بالإفراد، ولغيره: بلفظ الجمع، وهو الذي في حديث الباب.

(7)

قوله: (أن يغرز خَشَبَةً) بالإفراد لأبي ذر، ولغيره:"خُشْبًا" بلفظ الجمع، ورأيت صاحب "التلويح" ضبطه بيده: [خُشْبًا، بضم الخاء وسكون

ص: 268

2463 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ

(1)

، عَنْ مَالِكٍ

(2)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(3)

، عَنِ الأَعْرَجِ

(4)

، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خُشُبَهُ فِي جِدَارِهِ". ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا

(5)

مُعْرِضِينَ؟! وَاللهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ

(6)

. [طرفاه: 5627، 5628، أخرجه: م 1609، د 3634، ت 1353، ق 2335، تحفة: 13954].

"لَا يَمْنَعْ" في ذ: "لَا يَمْنَعُ". "خُشُبَهُ" في ذ: "خَشَبَةً".

===

الشين، قلت: تُجمع الخشبة على خَشَبٍ بفتحتين، وخُشْبٍ بضم الخاء سكون الشين، وخُشُبٍ] بضمتين، "ع"(9/ 215 - 216).

(1)

"عبد الله بن مسلمة" القعنبي.

(2)

"مالك" الإمام المدني.

(3)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(4)

"الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز.

(5)

أي: عن هذه المقالة، أو عن هذه السُّنّة.

(6)

قوله: (لأرمينّ بها بين أكتافكم) أي: لأحملنّكم على هذه السنة ولألزمنّكم بها، قال الخطابي: معناه: إن لم تقبلوا هذا الحكم وتعملوا به راضين لَأَجعلنّها -أي الخشبة- على رقابكم كارهين، وأراد بذلك المبالغة، قاله الكرماني (11/ 29)، قال العيني: ووقع ذلك من أبي هريرة حين كان يلي إمرة المدينة لمروان.

وقد اختلف العلماء في معنى هذا الحديث، فقال قوم: معناه الندب إلى بِرِّ الجار وليس على الوجوب، وبه قال أبو حنيفة ومالك، وقال مالك: وأكثر علماء السلف أن ذلك على الندب، وحملوه على معنى قوله صلى الله عليه وسلم:

ص: 269

‌21 - بَابُ صَبِّ الْخَمْرِ فِي الطَّرِيقِ

(1)

2464 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى

(2)

، ثَنَا عَفَّانُ

(3)

، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ

(4)

، ثَنَا ثَابِتٌ

(5)

، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخُ

(6)

، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

"حَدَّثَنَا" في ذ: "حَدَّثَنِي".

===

"إذا استأذنَتْ أحدَكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها"، وقيّد بعضهم الوجوب بالاستئذان، وقال قوم: هو واجب إذا لم يكن في ذلك على صاحب الجدار ضرر، وبه قال الشافعي وأحمد وداود وأبو ثور، وهو مذهب عمر بن الخطاب، "ع"(9/ 217).

(1)

أي: هل ينبغي ذلك أم لا؟ فقيل: لا يُمنَع من ذلك للإعلان برفضها، وقيل: يُمنَع، "ع"(9/ 217).

(2)

"محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى" المعروف بصاعقة.

(3)

"عفان" ابن مسلم الصفار شيخ المؤلف.

(4)

"حماد بن زيد" الأزدي البصري.

(5)

"ثابت" ابن أسلم البُناني.

(6)

قوله: (الفضيخ) بفتح الفاء وخفة المعجمة وبإعجام الخاء: شراب يُتَّخَذ من البسر من غير أن تمسَّه نار، قوله:"فأهرقها" الهاء فيه زائدة، وأصله أراقها من الإراقة، وهي الإسالة والصبُّ، ويقال: أراق وهراق وأهراق، قوله:"في سِكَك المدينة" أي في طرقها جمع سِكّة بالكسر، قال ابن التين: هذا الذي في الحديث كان في أول الإسلام قبل أن ترتب الأشياء وتنظف، فأما الآن فلا ينبغي صبُّ النجاسات في الطرق خوفًا أن يؤذي المسلمين، "ع"(9/ 217 - 219).

ص: 270

مُنَادِيًا يُنَادِي: "أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ"، فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93]. [أطرافه: 4617، 4620، 5580، 5582، 5583، 5584، 5600، 5622، 7253، أخرجه: م 1908، د 3673، تحفة: 292].

‌22 - بَابُ أَفْنِيَةِ الدُّورِ

(1)

وَالْجُلُوسِ فِيهَا وَالْجُلُوسِ عَلَى الصُّعُدَاتِ

(2)

وَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَابْتَنَى أَبُو بَكْرٍ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ

(3)

عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ.

"قَدْ حُرِّمَتْ" زاد في ذ: "قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ". "فِيمَا طَعِمُوا" زاد في نـ: "الآية".

===

(1)

قوله: (أفنية الدُّور) جمع فِناء بالكسر، وهو ما امتدّ من جوانب الدار، والدور جمعٌ كالأُسْد، "والصُّعُدات": الطرقات، وقال ثعلب: هو وجه الأرض، قاله الكرماني (11/ 31)، وفي "الفتح" (5/ 113): الفناء بكسر الفاء والمدِّ وقد يقصر، وهو المكان المتَّسِع أمام الدار، والترجمة معقودة لجواز تحجيره بالبناء، وعليه جرى العمل في بناء المساطب في أبواب الدار، والجواز مقيَّد بعدم الضرر للجار والمارِّ، انتهى.

(2)

بضمتين: الطرقات، "ع"(9/ 219).

(3)

أي: يزدحم حتى يكسر بعضهم بعضًا بالوقوع عليه، ومرّ في "الكفالة" (برقم: 2297).

ص: 271

2465 -

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ

(1)

، ثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ

(2)

، عَنْ زيْدِ بْنِ أَسْلَمَ

(3)

، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ

(4)

، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ"، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هُوَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهِ، قَالَ:"فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا"، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: "غَضُّ الْبَصَرِ

(5)

، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَر". [طرفه: 6229، أخرجه: م 2121، د 4815، تحفة: 4164].

‌23 - بَابُ الآبَارِ

(6)

عَلَى الطَّرِيقِ إِذَا لَمْ يُتَأَذَّ بِهَا

(7)

"نَتَحَدَّثُ فِيهِ" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"نَتَحَدَّثُ فِيهَا". "فَإذَا أَبَيْتُمْ إلَّا الْمَجَالِسَ" كذا في هـ، وفي كـ، سـ، حـ:"فَإذَا أَتَيْتُمْ إلَى الْمَجَالِسِ". "عَلَى الطَّرِيقِ" كذا في ذ، وفي نـ:"عَلَى الطُّرُقِ".

===

(1)

" معاذ بن فضالة" الزهري أبو زيد البصري.

(2)

العُقيلي، "قس"(5/ 529).

(3)

"زيد بن أسلم" العدوي مولى عمر رضي الله عنه.

(4)

"عطاء بن يسار" الهلالي المدني.

(5)

أراد به السلامة من التعرض للفتنة بمن يمرُّ من النساء وغيرهن، "ع"(9/ 221).

(6)

جمع بئرٍ، كالأحمال جمع حمل، "ع"(9/ 222).

(7)

قوله: (إذا لم يُتَأَذَّ بها) بصيغة المجهول يعني: إذا لم يحصل منها أذًى لأحد من المارِّين، والحكم لم يُفْهَم من الترجمة ظاهرًا لكن يُفْهم من

ص: 272

2466 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ

(1)

، عَنْ مَالِكٍ

(2)

، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ

(3)

، عَنْ أبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ

(4)

، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ

(5)

بِطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ

(6)

يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ، فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ قَالَ: "فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". [راجع: 173، أخرجه: م 2244، د 2550، تحفة: 12574].

"أَنَّ رَسُولَ اللهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَنَّ النَّبِيَّ". ["بَيْنَمَا" كذا في ذ، وفي نـ: "بَيْنَا"]. "اشْتَدَّ عَلَيْهِ" في ذ: "فاشْتَدَّ عَلَيْهِ".

===

حديث الباب، وهو الجواز؛ لأن فيه منفعةَ الخلق والبهائم، "ع"(9/ 222)، ومرّ الحديث (برقم: 2363).

(1)

"عبد الله بن مسلمة" القعنبي.

(2)

"مالك" ابن أنس الأصبحي الإمام المدني.

(3)

"سُمَيّ" بضم السين المهملة وفتح الميم وشدة التحتية "مولى أبي بكر" ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

(4)

"أبي صالح" ذكوان السمّان.

(5)

لم يسمّ، "قس"(5/ 530).

(6)

لهث الكلب إذا أخرج لسانه من العطش، كذا في "العيني"(9/ 75)، ومرّ (برقم: 2363).

ص: 273

‌24 - بَابُ إِمَاطَةِ الأَذَى

(1)

وَقَالَ هَمَّامٌ

(2)

، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "يُمِيطُ الأَذَى

(3)

عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ". [تحفة: 14800].

‌25 - بَابُ الْغُرْفَةِ

(4)

وَالْعُلِّيَّةِ الْمُشْرِفَةِ وَغَيْرِ الْمُشْرِفَةِ فِي السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا

===

(1)

أي: إزالته، "ع"(9/ 222).

(2)

"وقال همام" هو ابن منبه أخو وهب، مما وصله المؤلف في "باب من أخذ بالركاب من الجهاد" [ح: 2989].

(3)

قوله: (يميط الأذى) تقديره: أن يميط، وأن مصدرية، فإن قلت: كيف تكون إماطة الأذى عن الطريق صدقة؟ قلت: معنى الصدقة إيصال النفع إلى المتصدَّق عليه، والذي أماط الأذى عن الطريق قد تصدّق عليه بالسلامة، فكان له أجر الصدقة، "ع"(9/ 222 - 223).

(4)

قوله: (باب الغرفة) هذا باب في بيان جواز استعمال الغرفة، وهي بضم الغين المعجمة وسكون الراء وفتح الفاء، قال الجوهري: الغرفة العِلِّيَّة، والجمع: غرفات وغرف، "والعلية" بكسر العين المهملة وضمِّها وكسر اللام المشددة وبالتحتية المشددة، وهي الغرفة على تفسير الجوهري، وإذا كان كذلك يكون عطف العلِّيَّة على الغرفة عطفًا تفسيريًا، قوله:"المشرفة" بضم الميم وسكون الشين المعجمة، من الإشراف على الشيء، وهو الاطلاع عليه، "في السطوح وغيرها" فيفهم من كلامه أنها على أربعة أقسام: الأول: علِّيَّة مشرفة على مكان على سطح، الثاني: مشرفة على مكان على غير سطح، الثالث: غير مشرفة على مكان على سطح، الرابع: غير مشرفة على مكان على غير سطح، قاله العيني (9/ 223).

قال في "الفتح"(5/ 11): وحكم المشرفة الجوازُ إذا أمن [من]

ص: 274

2467 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(1)

، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ

(2)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(3)

، عَنْ عُرْوَةَ

(4)

، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زيْدٍ قَالَ: أَشْرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

"حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ". "ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَة" في نـ: "ثَنِي ابن عيينة".

===

الإشراف على عورات المنازل، فإن لم يؤمن لم يُجبر على هدمه

(1)

بل يؤمر بعدم الإشراف، ولمن هو أسفل أن يتحفظ، انتهى.

قال في "الدر المختار"(8/ 152 - 153): ولا يُمْنَعُ الشخص من تصرُّفِه في ملكه إلا إذا كان الضرر بجاره ضررًا بيِّنًا، فيُمْنَع من ذلك، وعليه الفتوى، "بزازية"، واختاره في "العمادية"، وأفتى به قارئ الهداية حتى يمنع الجار من فتح الطاق، وهذا جواب المشايخ استحسانًا، وجواب ظاهر الرواية عدم المنع مطلقًا، وبه أفتى طائفة كالإمام ظهير الدين وابن الشحنة ووالده، ورجّحه في "الفتح" وفي قسمة "المجتبى"، وبه يفتى، واعتمده المصنف ثمة فقال: وقد اختلف الإفتاء، وينبغي أن يعول على ظاهر الرواية، انتهى.

قال الطحطاوي (3/ 316): قال الحموي نقلًا عن العلامة المقدسي: اعلم أني وجدت في "تهذيب القلانسي" قولًا ينبغي اختياره في فتح الكَوَّة في البناء المشرف على ساحة الشخص أو داره، وهو أنه إن كانت الكَوَّة للظِّل يُمْنَع، وإن كانت للضوء لا يُمْنَع، انتهى.

(1)

"عبد الله بن محمد" المسندي.

(2)

"ابن عيينة" هو سفيان.

(3)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(4)

"عروة" ابن الزبير بن العوام.

(1)

كذا في الأصل، وفي "الفتح": سَدِّه.

ص: 275

عَلَى أُطُمٍ

(1)

مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَالَ:"هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ؟ ". [راجع: 1878].

2468 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(2)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(3)

، عَنْ عُقَيْلٍ

(4)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(5)

، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِي ثَوْرٍ

(6)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ

(7)

عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَيْنِ قَالَ اللهُ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] فَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَعَدَلَ

(8)

وَعَدَلْتُ مَعَهُ

"مَا أَرَى" زاد في سـ، ذ:"إنِّي أَرَى".

===

(1)

قوله: (على أطم) بضمتين: بناء مرتفع، قاله ابن الأثير: وفيه الترجمة لأنه كالعلية المشرفة، قوله:"مواقعَ" منصوب بدلًا عن "ما أرى"، وهذا إخبار بكثرة الفتن في المدينة، وقد وقع كما أخبر رضي الله عنه، قاله العيني (9/ 224)، ومر الحديث (برقم: 1878) في الحج.

(2)

"يحيى بن بكير" اسم أبيه عبد الله المخزومي.

(3)

"الليث" ابن سعد الإمام.

(4)

"عقيل" ابن خالد الأيلي.

(5)

"ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري.

(6)

"عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور" المدني مولى بني نوفل، "قسطلاني"(5/ 534).

(7)

أي: ابن الخطاب.

(8)

أي: عن الطريق، "ع"(9/ 226).

ص: 276

بِالإِدَاوَةِ

(1)

، فَتَبَرَّزَ ثُمَّ جَاءَ، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الإِدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ،

"ثُمَّ جَاءَ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَتَّى جَاءَ".

===

(1)

قوله: (بالإداوة) بكسر الهمزة، وهي إناء صغير من جلد يُتَّخذ للماء، قوله:"فتبرَّزَ" أي خرج إلى الفضاء لقضاء الحاجة، قوله:"واعجبًا" بالتنوين نحو: يا رجلًا، كأنه يندب على التعجب، وهو إما تعجب من جهله بذلك، وهو كان مشهورًا بينهم بعلم التفسير، وإما من حرصه على سؤاله عما لا يتنبه له إلا الحريص على العلم من تفسير ما لا حكم فيه من القرآن، قوله:"وجارٌ" مرفوع لأنه عطف على الضمير الذي في "كنتُ" على مذهب الكوفيين.

قوله: (من الأمر) أي: الوحي، إذ اللام للمعهود عندهم، أو الأوامر الشرعية، "وغيره" أي: غير الأمر من أخبار الدنيا، قوله:"إذا هُمْ" كلمة "إذا" للمفاجأة، والمعنى: فلما قدمنا على الأنصار فاجأناهم "تغلبهم نساؤُهم، فطفق نساؤنا" بكسر الفاء وفتحها، ومعنى طفق في الفعل: أخذ فيه، وهو من أفعال المقاربة، قوله:"فراجعتني" أي ردتْ عليّ الجواب.

قوله: (حتى الليل) أي: إلى الليل، قوله:"بعظيم" أي: بأمر عظيم، قوله:"ثم جمعت عليَّ ثيابي" أي: لبستُها، قوله:"ما بدا لَكِ" أي: ما كان لَكِ من الضرورات، قوله:"إن كانت جارتك" أي: بأن كانت، فأن مصدرية، أي لا يغرنّك كون جارتك "أضوأ" أي: أظهر وأحسن، ويروى "أوضأ" من الوضاءة، أي: أجمل وأنظف، والمراد من الجارة الضرّةُ، والمراد بها عائشة، وفسر ذلك بقوله:"يريد عائشة".

قوله: (غَسّان) على وزن فعَّال بالتشديد، اسم ماء من جهة الشام ونزل عليه قومه من الأزد فَنُسِبوا إليه، منهم [بنو جفنة رهط الملوك] ويقال: هو اسم قبيلة، قوله:"تنعل" بضم الفوقية وسكون النون مِنْ: إنعال الدوابِّ، وأصله: تنعل الدوابَّ النعالَ، لأنه يتعدى إلى المفعولين، فحذف أحدهما ويروى:"تنعل البغالَ"، جمع بغل بالموحدة والغين المعجمة.

ص: 277

فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّتَانِ قَالَ اللهُ عز وجل لَهُمَا:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ؟ فَقَالَ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ

(1)

، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ

(2)

، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ

(3)

(4)

لِي مِنَ الأنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهِيَ

(5)

مِنْ عَوَالِى الْمَدِينَةِ

(6)

، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَنْزِلُ يَوْمًا

(7)

وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ

"{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} " ثبت في ذ. "وَاعَجَبًا لَكَ" كذا في صـ، حـ، ذ، وفي هـ:"وَاعَجَبِي لَكَ" -بكسر الموحدة وسكون التحتية، "خ"-. "وَجَارٌ لِي" في نـ:"وَجَارًا لِي".

===

قوله: (عشاء) نصب على الظرف، أي: في عشاء، قوله:"فضرب بابي" فيه حذف، وهو عطف عليه أي: فسمع اعتزال الرسول صلى الله عليه وسلم عن زوجاته، فرجع إلى العوالي، فجاء إلى بأبي فضرب، والفاء فيه تسمى بالفاء الفصيحة، لأنها تفصح عن المقدَّر، [انظر:"عمدة القاري"(9/ 226 - 227)].

(1)

أي: هما عائشة وحفصة، "ع"(9/ 226).

(2)

جملة حالية، "ع"(9/ 226).

(3)

بالنصب على الأصحّ، "ك"(11/ 34).

(4)

هو عتبان بن مالك بن عمرو العجلاني الخزرجي كما هو عند ابن بشكوال، والصحيح أنه أوس بن [خولي بن] عبد الله بن الحارث الأنصاري، كما سمَّاه ابن سعد، "قس"(5/ 535).

(5)

راجعة إلى أمكنة بني أمية، "ع"(9/ 226).

(6)

وهي القرى بقرب المدينة، "ع"(9/ 226).

(7)

تفسير للتناوب المذكور، "ع"(9/ 226).

ص: 278

الأَمْرِ

(1)

وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي، فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ، فَأَفْزَعَنِي، فَقُلْتُ: خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ. ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ: أَيْ حَفْصَةُ، أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: خَابَتْ وَخَسِرَتْ، أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ فَتَهْلِكِينَ؟ لَا تَسْتَكْثِرِي عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلَا تَهْجُرِيهِ، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأُ مِنْكِ وَأَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم -يُرِيدُ عَائِشَةَ- وَكُنَّا تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَالَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أَنَائِمٌ هُوَ؟

"إذَا هُمْ" في هـ، ذ:"إذْ هُمْ". "فَأَفْزَعَنِي" في هـ: "فَأَفْزَعَتْنِي"، وفي هـ أيضًا:"فَأَفْزَعْنَنِي". "خَابَتْ" في هـ: "جَاءَتْ"، [وفي "قس": في هـ: "خَابَ".] "بِعَظِيمٍ" في نـ: "لَعَظِيمٌ". "أَفَتَأمَنُ" في نـ: "أَفَتَأْمَنِينَ". "فَتَهْلِكِينَ" في نـ: "فَتَهْلِكَ". "وَسَلِينِي" كذا في ذ، وفي نـ:"وَاسْأَلِينِي". "أَنَائِمٌ هُوَ" في سـ، هـ، ذ:"أَثَمَّ هُوَ".

===

(1)

أي: الوحي، "ع"(9/ 226).

ص: 279

فَفَزِعْتُ

(1)

فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَقُلْتُ: مَا هُوَ أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ. قَالَ: قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصةَ، فَإذَا هِيَ تَبْكِي، قُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ؟ أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ؟ أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي، هُوَ ذَا فِي الْمَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ، فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ، فَقُلْتُ للغُلامِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أجِدُ، فَجِئْتُ الْغُلَامَ، فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ،

"فَفَزِعْتُ" في نـ: "فَفَرَغْتُ". "قَالَ: قَدْ خَابَتْ" في نـ: "قُلْتُ: قَدْ خَابَتْ". "فَقُلْتُ للغلامِ" سقط في نـ.

===

(1)

قوله: (ففزعت) أي: فخفتُ، القائل هو عمر، الفاء فيه للتعليل، أي: لأجل الضرب الشديد فَزِعْتُ، قوله:"يوشك أن يكون" أي: يقرب كونه، وهو من أفعال المقاربة، قوله:"مشربة له" قد ذكرنا أن المشربة هي الغرفة، قال ابن قتيبة: هي كالصُّفَّة بين يدي الغرفة، قوله:"لغلام له أسود"، قيل: اسمه رباح، بفتح الراء وتخفيف الباء الموحدة وبالحاء المهملة، هذا كله من "العيني"(9/ 227).

ص: 280

فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا

(1)

، فَإِذَا

(2)

الْغُلَامُ يَدْعُونِي قَالَ: أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رُمَالِ حَصِيرٍ

(3)

===

(1)

نصب على الحال، "ع"(9/ 227).

(2)

للمفاجأة، "ع"(9/ 227).

(3)

قوله: (على رمال حصير) بكسر الراء وضمِّها: ما رُمِل أي نُسِجَ من حصير وغيره، يقال: رمل الحصير نسجه، والمراد ضلوعه المتداخلة بمنزلة الخيوط في الثوب النسيج، وقيل: الرمال جمع رمل بمعنى مرمول، والمراد أنه لم يكن فوق الحصير فراش ولا غيره، ولم يكن بينهما حائل، قوله:"متَّكِئ" خبر مبتدأ محذوف أي: هو متّكئ، قوله:"على وسادة" بكسر الواو وهي المخدة، قوله:"من أدم" بفتحتين، وهو اسم لجمع أديم، وهو الجلد المدبوغ المصلَحُ بالدباغ، قوله:"طلّقتَ نساءك؟ همزة الاستفهام فيه مقدرة، أي: أطلقت؟، قوله: "أستأنس" أي: أتبصر هل يعود رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرضى، أو هل أقول قولًا أطيب به وقته وأزيل منه غضبه.

قوله: (غير أهبة) بالفتحات جمع إهاب على غير القياس، والإهاب الجلد الذي لم يُدْبَغ، والقياس أن يجمع الإهاب على أُهُبٍ بضمتين، قوله:"فليوسِّعْ" هذه الفاء عطف على محذوف، لأنه لا يصلح أن يكون جوابًا للأمر، لأن مقتضى الظاهر أن يقال: ادْعُ الله أن يوسِّعَ، فتقدير الكلام هكذا، وقوله:"فليوسِّع" عطف عليه للتأكيد، قوله:"أو في شكٍّ؟ " يعني: هل أنتَ في شكٍّ، والمشكوك هو المذكور بعده، وهو تعجيل الطيبات.

قوله: (فاعتزل النَّبي صلى الله عليه وسلم) ابتداء كلام من عمر رضي الله عنه بعد فراغه من كلامه الأول، فلذلك عطف بالفاء، قوله:"من أجل ذلك الحديث" أي: اعتزاله إنما كان من أجل إفشاء ذلك الحديث، وهو ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا بمارية في يوم عائشة، وعلمت بذلك حفصة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:

ص: 281

لَيْسَ لَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرُّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟

===

"اكتمي علىَّ وقد حرَّمت مارية على نفسي"، ففشَتْ حفصة إلى عائشة، فغضبت عائشة حتى حلف النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يقربهنّ شهرًا، وهو معنى قوله:"ما أنا بداخِلٍ عليهن شهرًا"، وعند ابن مردويه عن أبي هريرة قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية في بيت حفصة، فجاءت فوجدتها معه فقالت: يا رسول الله في بيتي تفعل هذا معي دون نسائك؟ فحلف لها لا يقربها، وقال:"هي حرام"، فيحتمل أن تكون الآية نزلت في الشيئين معًا.

قوله: (من شدة موجدتة) أي: من شدة غضبه، قوله:"حين عاتبه الله" ويروى: "حتىِ عاتبه الله"، وهذه هِي الأظهر، وعاتبه الله تعالى بقوله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1]، قوله:"لتسع وعشرين" باللام، هذا في رواية الكشميهني، ولغيره "بتسعِ" بالموحدة، قوله:"فَأُنْزِلت آية التخيير" وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} الآية.

قوله: (فبدأ بي) لأنها كانت أحبَّهن إليه فخيَّرها، وقرأ عليها القرآن، فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة، فرؤي الفرح في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتابعتها بقية النسوة واخترن اختيارها، وقال قتادة: فلما أخترنَ الله ورسوله شَكَرَ لهن الله على ذلك، وقصره عليهنّ، فقال:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: 52].

ثم اعلم أنهم اختلفوا فيمن خيَّرَ امرأته، قال النووي: مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وجماهير العلماء: أن من خَيَّر زوجته فاختارت زوجها لم يكن ذلك طلاقًا ولا يقع به فرقة، وروي عن علي وزيد بن ثابت والحسن والليث: أن نفس التخيير يقع به طلقة بائنة، سواء اختارت زوجها أم لا، ملتقط من "العيني" (9/ 227 - 230" و"قس" (5/ 538 - 540".

ص: 282

فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِليَّ، فَقَالَ:"لَا"، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَذَكَرَهُ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ

(1)

هِيَ أَوْضَأُ مِنْكِ وَأَحَبُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -يُرِيدُ عَائِشَةَ- فَتَبَسَّمَ أخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أُهُبَةٍ ثَلَاثَةٍ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللهَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ:"أَوَ فِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرْ لِي، فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ:"مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا"، مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا بِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ"، وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرينَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ، فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ، فَقَالَ: "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا،

"فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ" في نـ: "فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ". "حِينَ عَاتَبَهُ اللهُ" في هـ: "حَتَّى عَاتَبَهُ اللهُ". "بِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ" كذا في سـ، حـ، وفي هـ:"لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ". "تِسْعًا وَعِشْرِينَ" في نـ: "تِسْعٌ وَعِشْرُونَ". "فَقَالَ: إنِّي ذَاكِرٌ" في قتـ: "قَالَ: إنِّي ذَاكِرٌ".

===

(1)

أي: ضرّتكِ.

ص: 283

وَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي

(1)

حَتَّى تَسْتَأْمِرِي

(2)

أَبَوَيْكِ"، قَالَتْ: قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِّي بِفِرَاقِكَ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} إِلَى {عَظِيمًا} [الأحزاب: 28 - 29].

قُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. [راجع: 89].

2469 -

حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ

(3)

، أَنَا الْفَزَارِيُّ

(4)

، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ

(5)

، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: آلَى

(6)

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فَجَلَسَ فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: "لَا، وَلَكِنِّي آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا". فَمَكُثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَدَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ. [راجع: 378، تحفة: 767].

"بِفِرَاقِكَ" كذا في ذ، وفي نـ:"بِفِرَاقِهِ". "إلَى {عَظِيمًا} " في نـ: "إلَى قَولِهِ: {عَظِيمًا} ". "حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ" في ذ: "حَدَّثَنِي ابْنُ سَلَامٍ". "مِنْ نِسَائِهِ" في حـ، سـ:"مِنْ عَائِشَةَ". "عَلَى نِسَائِهِ" في حـ، سـ:"عَلَى عَائِشَةَ".

===

(1)

أي: لا بأس عليكِ في عدم التعجيل، "ك"(11/ 38).

(2)

الاستئمار: الاستشارة.

(3)

"ابن سلام" هو محمد البيكندي، "خ".

(4)

"الفزاري" هو مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء، الكوفي نزيل مكة ودمشق.

(5)

"حميد" ابن أبي حميد "الطويل" أبو عبيدة البصري.

(6)

قوله: (آلى) أي: حلف، ويريد به الإيلاء الفقهي، قوله:"انفكّت" أي: انفرجت، والفكّ انفراج المنكب أو القدم عن مفصله، قوله:"فجاء عمر" أي إلى عِلِّيَّته، "ع"(9/ 231).

ص: 284

‌26 - بَابُ مَنْ عَقَلَ بَعِيرَهُ عَلَى الْبَلَاطِ

(1)

أَوْ بَابِ الْمَسْجِدِ

===

[قوله: "انفكتْ قدمُه" في "الخميس" في سنة خمسٍ: إن في ربيع الأول أو في ذي الحجة منها سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه فجحشت ساقه وفخذه اليمنى، أما إيلاؤه صلى الله عليه وسلم فكان في سنة تسع انتهى، انظر: "اللامع" (6/ 413)].

(1)

قوله: (على البلاط) بفتح الموحدة، وهو حجارة مفروشة عند باب المسجد، قوله:"وعقلتُ الجمل في ناحية [البلاط] " منه تؤخذ الترجمة، قيل: هنا نظر من وجهين: أحدهما: أن المذكور في الترجمة "على البلاط" والمذكور في الحديث "في ناحية البلاط"، وناحية الشيء غيره، والآخر: أن في الترجمة "أو باب المسجد" وليس في الحديث ذلك، قلت: الجواب عن الأول بأن يكون المراد بناحية البلاط طرفها، وكان عقل الجمل بطرفها، ولا يتأتى إلا بالطرف، وعن الثاني: بأنه ألحق باب المسجد بما قبله.

قوله: (فقلت) أي: قال جابر: فقلت: يا رسول الله "هذا جملك" وهو الجمل الذي اشتراه صلى الله عليه وسلم منه في السفر، وقد مرّت قصته في "كتاب البيوع" في "باب شراء الدواب والحمر" (برقم: 2097)، قوله:"فخرج" أي النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد، قوله:"فجعل يطيف بالجمل" أي يلمّ به ويقاربه، قوله:"فقال: الثمن" أي: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ثمن الجمل "والجمل لك"، وهذا يدلّ على غاية كرم النبي صلى الله عليه وسلم، وأن جابرًا عنده بمنزلة.

قال ابن بطال: فيه أن رحاب المسجد مناخ للبعير، وفيه جواز إدخال الأمتعة في المسجد قياسًا على البعير، وفيه حجة لمالك والكوفيين في طهارة أبوال الإبل وأرواثها، وفيه ردٌّ على الشافعي فيما قال بنجاستها، وأجاب الكرماني (11/ 40) عن ذلك بقوله: أقول: لا دليل فيه على دخول البعير في المسجد، ولا على حدوث البول والروث فيه، وعلى تقدير الحدوث فقد يغسل المسجد وينظَّف منه، فلا حجة لهم ولا ردّ عليه، قلت: هذا ليس بشيء لأن جابرًا صرّح بأنه عَقَلَ جمله في ناحية بلاط المسجد، وهو رحاب المسجد، وللرحاب حكم المسجد، "ع"(9/ 232).

ص: 285

2470 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ

(1)

، ثَنَا أَبُو عَقِيلٍ

(2)

، ثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ

(3)

قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلَاطِ، فَقُلْتُ: هَذَا جَمَلُكَ، فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ، فَقَالَ:"الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ". [راجع: 443، أخرجه: م 715، تحفة: 2499].

‌27 - بَابُ الْوُقُوفِ وَالْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ

(4)

2471 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ

(5)

، عَنْ شُعْبَةَ

(6)

، عَنْ مَنْصُورٍ

(7)

، عَنْ أبِي وَائِلٍ

(8)

، عَنْ حُذَيْفَةَ

(9)

قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ

"فَقَالَ: الثَّمَنُ" في نـ: "قَالَ: الثَّمَنُ".

===

(1)

" مسلم" هو ابن إبراهيم الأزدي الفراهيدي أبو عمرو البصري.

(2)

"أبو عقيل" بفتح العين: بَشِير بن عُقبة الدورقي، "ع"(9/ 232).

(3)

"أبو المتوكل" علي بن داود ويقال: ابن داود الناجي البصري.

(4)

هي الكناسة، "ع"(9/ 233).

(5)

"سليمان بن حرب" الواشحي بالمعجمة والمهملة، البصري قاضي مكة.

(6)

"شعبة" ابن الحجّاج بن الورد الواسطي البصري العتكي مولاهم.

(7)

"منصور" هو ابن المعتمر السلمي الكوفي.

(8)

"أبي وائل" هو شقيق بن سلمة الكوفي.

(9)

"حذيفة" ابن اليمان، واسم اليمان حُسَيل مصغّرًا، ويقال: حسل -بكسر ثم سكون- العبسي -بالموحدة- حليف الأنصار، صاحب سِرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات سنة 36 هـ، في أول خلافة علي كرَّم الله وجهه.

ص: 286

رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ: لَقَدْ أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سُبَاطَةَ قَوْمٍ

(1)

فَبَالَ قَائِمًا. [راجع: 224].

‌28 - بَابُ مَنْ أَخَذَ

(2)

الْغُصْنَ وَمَا يُؤْذِي النَّاسَ فِي الطَّرِيقِ فَرَمَى بِهِ

2472 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوسُفَ

(3)

، أَنَا مَالِكٌ

(4)

، عَنْ سُمَيٍّ

(5)

، عَنْ أبِي صَالِحٍ

(6)

، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ

"مَنْ أَخَذَ" في هـ، ذ:"مَنْ أَخَّرَ" -من التأخير-. "فِي الطَّرِيقِ" في نـ: "فِي الطُّرُقِ".

===

(1)

قوله: (سباطة قوم) وهي بضم السين: الكناسة، وقيل: المزبلة، ومعناهما متقارب، فإن الكناسة الزبل الذي يُكْنس، قاله العيني (9/ 233)، ومرّ الحديث (برقم: 224) في "كتاب الوضوء" في "باب البول قائمًا" مع بيان وجه القيام.

(2)

قوله: (باب من أخذ

) إلخ، أي: في بيان ثواب من أخذ الغصن، أيّ غصن كان، من أيّ شجر كان، مما يشوش على المارِّين في الطريق، قوله:"وما يؤذي" هذا أعمّ من الأول لأنه يشمل الغصن والحجر ونحوهما مما يحصل منه الأذى للناس عند المرور عليه، قوله:"فرمى به" يعني: رَفَعَه من الطريق ورمى به في غير الطريق، "عيني"(9/ 233).

(3)

التِّنِّيسي.

(4)

الإمام.

(5)

"سُمَيٍّ" مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث.

(6)

ذكوان الزيات، "ع"(9/ 233).

ص: 287

عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ

(1)

، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ

(2)

، فَغَفَرَ لَهُ". [راجع: 652].

‌29 - بَابٌ

(3)

إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ

(4)

-وَهِيَ الرَّحْبَةُ تَكُونُ بَيْنَ الطَّرِيقِ- ثُمَّ يُرِيدُ أَهْلُهَا الْبُنْيَانَ، فَتُرِكَ مِنْهَا لِلطَّرِيقِ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ

2473 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(5)

، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ

(6)

،

"عَلَى الطَّرِيقِ" ثبت في ذ. "فَأَخَّرَهُ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"فَأَخَذَهُ".

===

(1)

من التأخير، أي: أزاحه.

(2)

معناه: تقبل الله منه وأثنى عليه، "ك"(5/ 42).

(3)

بالتنوين، "قس"(5/ 543).

(4)

قوله: (إذا اختلفوا في الطريق الميتاء) أي: إذا اختلف الناس في الطريق الميتاء، بكسر الميم وسكون التحتية وبالفوقية الممدودة، على وزن مفعال، أصله من الإتيان، والميم زائدة، ويروى مقصورة على وزن مفعل، وقد فسره البخاري بقوله: "وهي الرحبة

" إلى آخره، أي: الواسعة تكون بين الطريق، وقيل: الرحبة [الساحة]، وقال أبو عمرو الشيباني: الميتاء أعظم الطرق، وهي التي يكثر مرور الناس بها، وقيل: الطريق العامرة، وقيل: الفناء بكسر الفاء، قوله: "ثم يريد أهلُها" أشار بهذا إلى أن أصحاب الطريق الميتاء إذا أرادوا أن يبنوا يتركوا منها الطريق للمارِّين مقدار سبعة أذرع، "ع" (9/ 234 - 235).

(5)

"موسى بن إسماعيل" التبوذكي.

(6)

"جرير بن حازم" ابن زيد بن عبد الله الأزدي البصري.

ص: 288

عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ

(1)

، عَنْ عِكْرمَةَ

(2)

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا تَشَاجَرُوا

(3)

فِي الطَّرِيقِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ

(4)

. [تحفة: 14247].

‌30 - بَابُ النُّهْبَى

(5)

بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ

"إذَا تَشَاجَرُوا فِي الطَّرِيقِ" زاد في سـ، هـ:"الْمِيتَاء".

===

(1)

بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء المكسورة، كَسِكِّين، البصري.

(2)

"عكرمة" مولى ابن عباس.

(3)

قوله: (إذا تشاجروا) أي: تخاصموا، قوله:"بسبعة أذرع" متعلق بقوله: "قضى"، والمراد بالذراع ذراع البنيان المتعارف، وقيل: بما يتعارفه أهل كل بلد من الذرعان، "ع" (9/ 235). قال الطحاوي رحمه الله: لم نجد لهذا الحديث معنًى أولى أن يحمَلَ عليه من حمله على الطريق التي يراد ابتداؤها إذا اختلف من يبتدئها في قدرها كبلد يفتحها المسلمون وليس فيها طريق مسلوك، وكموات يعطيها الإمام لمن يحييها

(1)

إذا أراد أن يجعل فيها للمارة ونحو ذلك، وقال غيره: مراده أن أهل الطريق إذا تراضوا على شيء كان لهم ذلك وإن اختلفوا جعلوا سبعة أذرع، وكذلك الأرض التي تُزْرَع مثلًا إذا جعل أصحابها فيها طريقًا كان باختيارهم، وكذلك الطرق التي لا تُسْلَك إلا في النادر، ويرجع في أفنيتها إلى ما يتراضى عليه الجيران، كذا في "الفتح"(5/ 118 - 119).

(4)

متعلق بـ "قضى"، "ع"(9/ 235).

(5)

قوله: (باب النهبى) أي: في بيان حكم النهبى، بضم النون على وزن فُعْلى، من النهب، وهو أخذُ الشيء من أحدٍ عيانًا قهرًا، قوله: "بغير

(1)

في الأصل: "لمن يحبها".

ص: 289

وَقَالَ عُبَادَةُ

(1)

: بَايَعْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا نَنْتَهِبَ.

2474 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أبِي إِيَاسٍ، ثَنَا شُعْبَةُ

(2)

، ثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ

(3)

، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ

(4)

الأَنْصارِيَّ -وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ

(5)

- قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ. [طرفه: 5516، تحفة: 9674].

===

إذن صاحبه" أي: صاحب المنهوب، بقرينة النهبى، فلا يكون إضمارًا قبل الذكر، ومفهوم هذا أنه إذا أذن بالنهب جاز.

قوله: (والمثلة) بضم الميم وسكون المثلثة، ويجوز فتح الميم وضمُّ المثلثة، ويجمع على مثلات، وهي العقوبة في الأعضاء، كجدع الأنف والأذن وفقء العين ونحوها، قال ابن بطال: الانتهاب المحرَّم [هو] ما كانت عليه العرب من الغارات، وعليه وقعت البيعة في حديث عبادة، قال الخطابي: معلوم أن أموال المسلمين محرَّمة، فيؤول هذا في الجماعة يغزون، فإذا غنموا انتهبوا وأخذ كل واحد ما وقع بيده مستأثرًا به من غير قسمة، واختلف العلماء فيما ينثر على رؤوس الصبيان وفي الأعراس فتكون فيه النهبة، فكرهه مالك والشافعي، وأجازه الكوفيون، وإنما كره لأنه قد يأخذ منه من لا يحبّ صاحبُ الشيء أخذَه، ويحبّ أخذَ غيره، كذا في "العيني"(9/ 236 - 237).

(1)

"وقال عبادة" ابن الصامت الأنصاري، مما وصله المؤلف [ح: 3893] في "وفود الأنصار".

(2)

ابن الحجاج، "قس"(5/ 544).

(3)

الأنصاري الكوفي، "قس"(5/ 545).

(4)

الخطمي، "قس"(5/ 545).

(5)

فاطمة، "قس"(5/ 545).

ص: 290

2475 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، ثَنَا اللَّيْثُ

(1)

، ثَنَا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(2)

، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(3)

، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ

(4)

حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ". وَعَنْ سَعِيدٍ

(5)

وَأبِي سَلَمَةَ

(6)

، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ إِلَّا النُّهْبَةَ. قَالَ الفِرَبْرِيُّ

(7)

: وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي جَعْفَرٍ

(8)

: قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ

(9)

: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَفْسِيرُهُ

(10)

: أَنْ يُنْزَعَ مِنهُ

"ثَنَا اللَّيْثُ" في نـ: "حَدَّثَنِي اللَّيْثُ". "ثَنَا عُقَيْلٌ" في نـ: "عَنْ عُقَيْلٍ". "قَالَ الفِرَبْرِيُّ

" إلخ، سقط في نـ.

===

(1)

" الليث" هو ابن سعد الإمام.

(2)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(3)

"أبي بكر بن عبد الرحمن" ابن الحارث بن هشام المخزومي المدني.

(4)

يستفاد [منه] التقييد بالإذن في الترجمة؛ لأن رفع البصر إلى المنتهب في العادة لا يكون إلا عند عدم الإذن، "ف"(5/ 120).

(5)

أي: ابن المسيب.

(6)

ابن عبد الرحمن بن عوف، "قس"(5/ 546).

(7)

هو أبو عبد الله محمد بن يوسف، "ع"(9/ 240).

(8)

هو ابن أبي حاتم ورّاق البخاري، "ع"(9/ 240).

(9)

أي: البخاري.

(10)

أي: تفسير قوله: "لا يزني الزاني".

ص: 291

نُورُ الإِيمانِ

(1)

. [أطرافه: 5578، 6772، 6810، أخرجه: م 57، س في الكبرى 7132، ق 3936، تحفة: 14863، 13209، 15218].

‌31 - بَابُ كَسْرِ الصَّلِيبِ

(2)

وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ

2476 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(3)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(4)

، ثَنَا الزُّهْرِيُّ

(5)

، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ

(6)

، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

"نُورُ الإيمَانِ" في سـ: "يُرِيدُ الإيمانَ".

===

(1)

قوله: (نور الإيمان) الإيمان هو التصديق بالجَنان والإقرار باللسان، ونوره الأعمال الصالحة والاجتناب عن المعاصي، وإذا زنى أو شرب الخمر أو سرق يذهب نورُه، فإذا ذهب نوره يبقى صاحبه في الظلمة، والإشارة فيه إلى أن لا يخرج من الإيمان، قيل: يزول إيمانه إذا استمرّ على ذلك الفعل، وقيل: إذا فعله مستحلًّا يزول عنه الإيمان فيكفر، "ع"(9/ 240).

(2)

قوله: (كسر الصليب) هو المربع المشهور للنصارى، و "حَكَمًا" بفتحتين بمعنى الحاكم، و "مقسطًا" أي عادلًا، ويحكم بالشريعة المحمدية، وكسره الصليبَ للإشعار بأن النصارى كانوا على الباطل في تعظيمه، وكذا قتل الخنزير، قوله:"ويضع الجزية" أي يتركها فلا يقبلها، بل يأمرهم بالإسلام، وليس ذلك نسخًا لشرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بل الناسخ هو شرعنا، وأن عيسى عليه السلام يفعل ذلك بأمر نبينا صلى الله عليه وسلم، "ف"(5/ 121)، "ك"(11/ 44)، "ع"(9/ 240 - 241).

(3)

"علي بن عبد الله" ابن جعفر المديني البصري.

(4)

ابن عيينة، "ع"(9/ 240).

(5)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(6)

المخزومي القرشي.

ص: 292

قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ

(1)

حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ". [راجع: 2222، أخرجه: م 155، ق 4078، تحفة: 13135].

‌32 - بَابٌ هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ

(2)

الَّتِي فِيهَا الْخَمْرُ وَتُخْرَقُ الزِّقَاقُ؟

"فِيهَا الْخَمْرُ" في ذ: "فِيهَا خَمْرٌ". "وَتُخْرَقُ" في نـ: "أَوْ تُخْرَقُ". [وفي صغـ: "وتُخَرَّقُ"].

===

(1)

يكثر ويتّسع، "ع"(9/ 542).

(2)

قوله: (هل تكسر الدِّنان) بكسر الدال: جمع الدَّنِّ، بفتح الدال وشدة النون، وهو الحُبّ، هو في الفارسية: خُمّ، ولم يذكر جواب هل لأن فيه خلافًا وتفصيلًا، بيانه أن قوله:"هل تكسر الدِّنان" أعمّ من أن يكون لمسلم أو ذمي أو لحربي، فإن كان لمسلم ففيه الخلاف، فعند أبي يوسف وأحمد في رواية: لا يضمن، ويستدلّ لها في ذلك بما رواه الترمذي عن أبي طلحة أنه قال: يا نبي الله! إني اشتريت خمرًا لأيتامٍ في حجري، قال:"أهرق الخمر وكسِّر الدنان". وقال محمد بن الحسن: يضمن، وبه قال أحمد في رواية، لأن الإراقة بغير الكسر ممكنة، وأجيب عن الحديث بأنه ضعيف. وقال جمهور العلماء منهم الشافعي: إن الأمر بكسر الدنان محمول على الندب، وقيل: لأنها لا تعود تصلح لغيره لغلبة رائحة الخمر وطعمها، والظاهر أنه أراد بذلك الزجرَ.

وإن كان الدَنُّ لذمي فعندنا يضمن بلا خلاف، لأنه متقوم في حقهم، وعند الشافعي وأحمد لا يضمن، لأنه غير متقوّم في حق المسلم، فكذا في حق الذمي. وإن كان الدن لحربي فلا يضمن بلا خلاف إلا إذا كان مستأمنًا.

ص: 293

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: "أو تخرق" بالخاء المعجمة على صيغة المجهول، عطف على قوله: هل تكسر الدنان، و"الزِّقاق" بكسر الزاي جمع زِقٍّ جمع الكثرة، وفيه أيضًا الخلاف المذكور، فإن كان شق زق الخمر لمسلم يضمن عند محمد وأحمد في رواية، وعند أبي يوسف لا يضمن، لأنه من جملة الأمر بالمعروف، وقال مالك: زِقُّ الخمر لا يطهِّره الماء لأن الخمر غاص في داخله، وقال غيره: يطَهِّره، ويبنى على هذا الضمان وعدمه، والفتوى على قول أبي يوسف خصوصًا في هذا الزمان.

وقد روى أحمد من حديث ابن عمر قال: "أخذ النبي صلى الله عليه وسلم شفرة وخرج إلى السوق وبها زقاقُ خمرٍ جُلِبَت من الشام، فشقّ بها ما كان من تلك الزقاق".

قوله: "فإن كسر صنمًا" أي هل يجوز ذلك أم لا؟ أو هل يضمن أم لا؟ ولم يذكر الجواب لمكان الخلاف فيه أيضًا، قال أصحابنا: إذا أتلف على نصراني صليبًا فإنه يضمن حال كونه صليبًا لا حال كونه صالحًا لغيره، لأن النصراني مقرٌّ على ذلك، فصار كالخمر، وقال أحمد: لا يضمن، وقال الشافعي: إن كان بعد الكسر يصلح لنفع مباح لا يضمن، وإلا لزمه ما بين قيمته قبل الكسر وقيمته بعده، لأنه أتلف ما له قيمة.

قوله: "أو طنبورًا" بضم الطاء، وهو الأشهر وقد يُفْتَح، وهو آلة مشهورة من آلات الملاهي.

قوله: "أو ما لا ينتفع بخشبه" قال الكرماني: يعني أو كسر شيئًا لا يجوز الانتفاع بخشبه قبل الكسر، كآلات الملاهي، فهو تعميم بعد تخصيص، ويحتمل أن يكون:"أو"، بمعنى:"إلى أن"، يعني فإن كسر طنبورًا إلى حدٍّ لا يُنْتَفَع بخشبه، أو هو عطف على مقدر، وهو: كسرًا ينتفع بخشبه، أي كسر كسرًا ينتفع بخشبه ولا ينتفع بعد الكسر، انتهى.

ص: 294

فَإِنْ كَسَرَ صَنَمًا

(1)

أَوْ صَلِيبًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ. وَأُتِيَ شُرَيْحٌ

(2)

فِي طُنْبُورٍ كُسِرَ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ.

2477 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ

(3)

، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِي عُبَيْدٍ

(4)

، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نِيرَانًا تُوقَدُ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ:"عَلَى مَا تُوقَدُ هَذِهِ النِّيرَانُ؟ " قَالُوا: عَلَى الْحُمُرِ

(5)

الأَنَسِيَّةِ

(6)

، قَالَ:"اكْسِرُوهَا، وَأَهْرِيقُوهَا"، قَالُوا: أَلَا نُهْرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: "اغْسِلُوا".

"فَإنْ كَسَرَ" في نـ: "وَإنْ كَسَرَ". "قَالُوا: عَلَى الْحُمُرِ" في ذ: "قَالَ: عَلَى الْحُمُرِ". "وَأَهْرِيقُوهَا" في ذ: "وَهَرِيقُوهَا".

===

والكلام في هذا الفصل أيضًا على الخلاف والتفصيل، فقال أصحابنا: من كسر لمسلم طنبورًا أو بربطًا أو طبلًا أو مزمارًا أو دُفًّا فهو ضامن، وبيع هذه الأشياء جائز عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي ومالك وأحمد: لا يضمن ولا يجوز بيعها، هذا كله من "العيني" مختصرًا (9/ 241 - 243).

(1)

ما يُتَّخَذ إلهًا من دون الله، "ع"(9/ 242).

(2)

"شريح" هو ابن الحارث الكندي، القاضي. [أثره أخرجه ابن شيبة رقم: 23214].

(3)

البصري، "قس"(5/ 548). [هذا الحديث هو التاسع من ثلاثيات البخاري].

(4)

الأسلمي، "قس"(5/ 548).

(5)

بضمتين، جمع حمار، "ع"(9/ 244).

(6)

أي: الأهلية.

ص: 295

قَالَ أَبُو عَبدِ الله

(1)

: كَانَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ

(2)

يَقُولُ: الْحُمُرُ الأَنَسِيَّةُ بنَصبِ الأَلفِ وَالنُّونِ

(3)

. [أطرافه: 4196، 5497، 6148، 6331، 6891، أَخرجه: م 1802، ق 3195، تحفة: 4542].

2478 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(4)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(5)

، ثَنَا ابْنُ أبِي نَجِيحٍ

(6)

، عَنْ مُجَاهِدٍ

(7)

، عَنْ أبِي مَعْمَرٍ

(8)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، وَحَوْلَ الْكعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا

(9)

بِعُودٍ فِي يَدِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ

"قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ

" إلخ، ثبت في ذ. "وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ" في نـ: "وَحَولَ البَيْتِ".

===

(1)

" قال أبو عبد الله" البخاري.

(2)

"كان ابن أبي أُوَيْس" إسماعيل، وهو شيخ المؤلف وابن أخت الإمام مالك.

(3)

أي: نُسبت إلى الأَنَس -بالفتح-: ضد الوحشة، "ف"(5/ 122).

[والمشهور في الروايات بكسر الهمزة وسكون النون نسبة إلى الإنس أي بني آدم؛ لأنها تألفهم وهي ضد الوحشية، "ف"].

(4)

المديني.

(5)

ابن عيينة، "ع"(9/ 246).

(6)

"وابن أبي نجيح" هو عبد الله بن يسار.

(7)

"مجاهد" هو ابن جبر المفسر.

(8)

"أبي معمر" هو عبد الله بن سخبرة الأزدي الكوفي.

(9)

أي: يطعن النُّصْبَ وهي التي نُصِبَتْ للعبادة من دون الله، "ع"(9/ 246).

ص: 296

وَزَهَقَ

(1)

الْبَاطِلُ} الآية [الإسراء: 81]. [طرفاه: 4287، 4720، أخرحه: م 1781، ت 3138، س في الكبرى 11428، تحفة: 9334].

2479 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ

(2)

، ثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ

(3)

، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن عُمَر

(4)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ

(5)

، عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ

(6)

، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتِ اتَّخَذَتْ عَلَى سَهْوَةٍ

(7)

لَهَا سِتْرًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَهَتَكَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ، فَكَانَتَا فِي الْبَيْتِ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا. [أطرافه: 5954، 5955، 6109، تحفة: 17504].

"حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ" في ذ: "حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ". "ابنِ عُمَرَ" ثبت في ذ.

===

(1)

أي: هلك، "ع"(9/ 247).

(2)

"إبراهيم بن المنذر" الحزامي الأسدي.

(3)

"أنس بن عياض" الليثي أبو ضمرة المدني.

(4)

العمري.

(5)

ابن محمد بن أبي بكر الصديق، "قس"(5/ 550).

(6)

ابن محمد بن أبي بكر الصديق، "قس"(5/ 550).

(7)

قوله: (سهوة) بفتح السين المهملة وسكون الهاء: الصُفَّة التي تكون بين يدي البيوت، وقيل: هي بيت صغير منحدر في الأرض، وقيل: هي الرف أو الطاق الذي يوضع فيه الشيء، قوله:"تماثيل" جمع تمثال، وهو ما يُصْنَع ويُصَوَّر مشبَّهًا بخلق الله تعالى من ذوات الروح، قوله:"فهتكه" أي: شقَّه، وفيه الترجمة لأن هذا يدخل في قوله:"فإن كسر صنمًا" لأن التماثيل التي هي الصور [كانت] تُعْبَد كما كان الصنم يُعْبَد.

ووجه إدخال هذا الحديث في "المظالم" هو أن هتكَ السترِ الذي فيه التماثيل من إزالة الظلم، لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وكذلك اتخاذ التماثيل والصور وضع الشيء في غير موضعه، فافهم.

ص: 297

‌33 - بَابُ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ

(1)

(2)

2480 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزيدَ

(3)

، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أبِي أَيُّوبَ

(4)

، ثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ

(5)

، عَنْ عِكْرِمَةَ

(6)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ قُتِلَ

(7)

دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ". [أخرجه: س 4086، تحفة: 8891].

‌34 - بَابٌ

(8)

إِذَا كَسَرَ قَصْعَةً

(9)

أَوْ شَيْئًا لِغَيْرهِ

(10)

"مَنْ قُتِلَ" في نـ: "مَنْ قَاتَلَ". "سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"سَمِعْتُ النَّبِيَّ".

===

قوله: (نمرقتين) تثنية نمرقة، بضم النون والراء وكسرها، وضمِّ النون وفتح الراء، وهي وسادة صغيرة، وقد تطلق على الطنفسة، كذا فسره الكرماني (11/ 46)، وقوله:"فكانتا في البيت يجلس عليهما" ينافي ذلك تفسيره بالوسادة، هذا كله من "العيني"(9/ 247 - 248).

(1)

أي: عند ماله، "ك"(11/ 47).

(2)

قوله: (من قتل دون ماله) جواب "من" محذوف أي: ما حكمه؟ فبيَّنه حديث الباب أنه شهيد، قال الكرماني (11/ 47): وإنما أدخل هذا الحديث في هذه الأبواب ليدلّ أن للإنسان أن يدفع مَنْ قَصَدَ ماله ظلمًا، انتهى.

(3)

"عبد الله بن يزيد" أبو عبد الرحمن المقرئ مولى آل عمر بن الخطاب.

(4)

"سعيد بن أبي أيوب" الخزاعي.

(5)

"أبو الأسود" محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة.

(6)

"عكرمة" مولى ابن عباس.

(7)

أي: ظلمًا.

(8)

بالتنوين، "قس"(5/ 551).

(9)

بفتح القاف وسكون الصاد، وهي إناء من عود، "ع"(9/ 251).

(10)

أي: هل يضمن المثل أو القيمة؟، "ف"(5/ 124).

ص: 298

2481 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(1)

، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ

(2)

، عَنْ حُمَيْدٍ

(3)

، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ

(4)

مَعَ خَادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا، فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ

(5)

، فَضَمَّهَا، وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ وَقَالَ:"كُلُوا". وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالْقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ

(6)

وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ. [طرفه: 5225، أخرجه: د 3567، تحفة: 800].

وَقَالَ ابْنُ أبِي مَرْيَمَ

(7)

: أَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ

(8)

،

===

(1)

" مسدد" هو ابن مسرهد الأسدي.

(2)

"يحيى" هو القطان.

(3)

"حُميد" هو الطويل.

(4)

قوله: (فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين) وهي صفية، وقيل: أم سلمة، وأما الضاربة الكاسرة فهي عائشة، وقال الكرماني (11/ 4): قوله: "مع خادم" يطلق الخادم على الذكر والأنثى، وهنا المراد الأنثى بدليل تأنيث الضمير في قوله:"فضربَتْ بيدها"، كذا في "العيني"(9/ 253)، وفي "الفتح" (5/ 125): وفي رواية ابن علية: "فضربت التي في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت" والفلْق: الشقّ، انتهى.

(5)

فيه الترجمة، "ع"(9/ 252).

(6)

قوله: (فدفع القصعة الصحيحة) فإن قيل: القصعة متقوّمة، فكيف ضمنها بالمثل لا بالقيمة؟ أجاب البيهقي: بأن القصعتين كانتا للنبي صلى الله عليه وسلم في بيت زوجتيه، فعاقب الكاسرة بجعل المكسورة في بيتها، وجعل الصحيحة في بيت صاحبتها، ولم يكن هناك تضمين، قاله السيوطي في "التوشيح"(4/ 1727).

(7)

هو: سعيد شيخ المؤلف.

(8)

الغافقي.

ص: 299

ثَنَا حُمَيْدٌ

(1)

، ثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [تحفة: 794].

‌35 - بَابٌ

(2)

إِذَا هَدَمَ حَائِطًا

(3)

فَلْيَبْنِ مِثْلَهُ

2482 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(4)

، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ

(5)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ

(6)

، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَانَ رَجُلٌ

(7)

فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ

(8)

، يُصَلِّي، فَجَاءَتْهُ

"يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ" زاد في مه: "الراهبُ".

===

(1)

الطويل.

(2)

بالتنوين.

(3)

قوله: (باب إذا هدم حائطًا

) إلخ، أي: هذا باب يذكر فيه إذا هدم شخصٌ حائطَ شخصٍ فَلْيَبْنِ مثلَه، وهذا بعينه مذهب أبي حنيفة والشافعي وأبي ثور، فإنهم قالوا: إذا هدم رجل لآخر حائطًا فإنه يبني له مثله، فإن تعذَّرت المماثلة رجع إلى القيمة، "ع"(9/ 254).

(4)

"مسلم بن إبراهيم" الأزدي الفراهيدي.

(5)

"جرير بن حازم" ابن زيد الأزدي البصري.

(6)

الأنصاري.

(7)

الراهب.

(8)

قوله: (يقال له جريج) بضم الجيم الأولى: الراهب، وقال ابن بطال: يمكن أن يكون نبيًا، قوله:"فقال" أي في نفسه مناجيًا لله تعالى، و"المومسات" بالمهملة: الزانيات، و"الصومعة" بفتح المهملة والميم، قوله:"فَكَلَّمَتْه" أي في ترغيبه في مباشرتها، قوله:"ثم أتى الغلام" بالنصب أي الطفل الذي في المهد قبلَ زمانِ تكلُّمه، وفيه إثبات الكرامات، وأن دعاء الوالدين يجاب وإن كان في حال الضجر، وفيه الردُّ على من قال: الوضوء

ص: 300

أُمُّهُ

(1)

فَدَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي؟ ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ

(2)

حَتَّى تُرِيَهُ

(3)

وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ

(4)

: لأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا

(5)

، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ، وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى الغُلَامَ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: الرَّاعِي، قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبِ، قَالَ: لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ". [راجع: 1206، أخرجه: م 2550، تحفة: 14458].

"فَتَعَرَّضَتْ" في نـ: "فَعَرَضَتْ". "وَأَنْزَلُوهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَأَنْزَلُوهُ".

===

مخصوص بهذه الأمة، نعم المخصوص كونهم غُرًّا محجّلين، واحتجّ البخاري به على الترجمة بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا، قاله الكرماني (11/ 49)، ومرّ الحديث (برقم: 1206) "في الصلاة".

(1)

لم تسمَّ، "قس"(5/ 553).

(2)

من الإماتة، "ع"(9/ 255).

(3)

من الإراءة، "ع"(9/ 255).

(4)

بغيّ، لم تسمَّ.

(5)

قيل: اسمه صهيب، "قس"(5/ 554).

* * *

ص: 301

بسم الله الرحمن الرحيم

[47 - كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

‌1 - بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالنَّهْدِ

(1)

وَالْعُرُوضِ

"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ" كذا في رواية الأكثرين، وفي سفـ، بو:" {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، كتابُ الشَّرِكَةِ، بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ"، وفي ذ:"فِي الشَّرِكَةِ، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، الشَّرِكَةُ فِي الطَّعَامِ".

===

(1)

قوله: (والنهد) بفتح النون وكسرها وإهمال الدال: ما يخرجه الرفقة عند المناهدة، وهي إخراج الرفقاء النفقةَ في السفر وخلطها، ويسمَّى بالمخارجة، وذلك جائز في جنس واحد وفي الأجناس وإن تفاوتوا في الأكل، وليس هذا من الربا في شيء، وإنما هو من باب الإباحة، قوله:"والعُروض" بضم العين جمع عرض بسكون الراء، وهو المتاع، أراد به الشركة في العروض، وفيه خلاف، قوله:"وكيف قسمةُ ما يكال" أي وفي بيان قسمة ما يدخل تحت الكيل والوزن، هل يجوز "مجازفة" أو يجوز "قبضة قبضة" يعني متساوية؟ وقيل: المراد بها مجازفة الذهب بالفضة والعكس، لجواز التفاضل فيه، قال ابن بطال: قسمة الذهب بالذهب مجازفة، والفضة بالفضة مما لا يجوز بالإجماع، وأما قسمة الذهب مع الفضة مجازفة، فكرهه مالك وأجازه الكوفيون والشافعي وآخرون، وكذلك لا يجوز قسمة البُرِّ مجازفة، وكل ما حرم فيه التفاضل.

قوله: "لما لم ير المسلمون" بكسر اللام وخفة الميم، تعليل لعدم جواز قسمة الذهب بالذهب والفضة بالفضة مجازفة، أي لأجل عدم رؤية المسلمين بأسًا جوَّزوا مجازفة الذهب بالفضة لاختلاف الجنس، بخلاف

ص: 303

وَكَيْفَ قِسْمَةُ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ، مُجَازَفَةً أَوْ قَبْضَةً قَبْضَةً، لِمَّا لَمْ يَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي النَّهْدِ بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ

(1)

هَذَا بَعْضًا، وَهَذَا بَعْضًا، وَكَذَلِكَ مُجَازَفَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْقِرَانِ فِي التَّمْرِ.

2483 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(2)

، أَنَا مَالِكٌ

(3)

، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ

(4)

، عَنْ جَابر بْن عَبْدِ اللهِ

(5)

أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ

(6)

، فَأمَّرَ

(7)

عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ

===

مجازفة الذهب بالذهب والفضة بالفضة لجريان الربا فيه، فكما أن مبنى النهد على الإباحة وإن حصل التفاوت في الأكل، فكذلك مجازفة الذهب بالفضة وإن كان فيه التَّفاوت.

قوله: "والقران في التمر" بالجر، ويروى "والإقران"، عطف على قوله: أن يأكل هذا بعضًا، أي بأن يأكل هذا [تمرتين] تمرتين، وهذا تمرة تمرة، "ع"(9/ 257 - 258)، "ك"(11/ 50 - 51).

(1)

أي: بأن يأكل.

(2)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(3)

"مالك" الإمام المدني.

(4)

"وهب بن كيسان" أبو نعيم المدني.

(5)

الأنصاري، "قس"(5/ 557).

(6)

في رجب سنة ثمان للهجرة، والبعث من المبعوث، قوله:"قِبَل الساحل" أي: جهة الساحل، والساحل: شاطئ البحر، "ع"(9/ 259).

(7)

قوله: (فأمر) بتشديد الميم من التأمير، أي جعل أبا عبيدة أميرًا عليهم، قوله:"مِزْوَدَيْ" بكسر الميم: ما يُجْعَل فيه الزاد كالجراب، قوله:"لقد وجدنا فَقْدَها حين فنيت" أي وجدنا فَقْدَها مؤثرًا

(1)

شاقًّا علينا،

(1)

في الأصل: "معسرًا".

ص: 304

الْجَرَّاحِ

(1)

وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّريقِ فَنِيَ الزَّادُ

(2)

، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ، فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، وَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا، حَتَّى فَنِيَ فَلَمْ تَكُنْ تُصِيبُنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ، قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ

(3)

، فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْجَيْشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ

(4)

مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا. [أطرافه: 2983، 4360، 4361، 4362، 5493، 5494، أخرجه: م 1935، ت 2475، س 4351، ق 4159، تحفة: 3125].

2484 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ

(5)

، ثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(6)

،

"وَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا" كذا في هـ، ذ، وفي سـ، حـ:"فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلٌ قَلِيلٌ".

===

ولقد حزنّا لفقدها، "والظرب" بفتح المعجمة وكسر الراء: مفرد الظراب، وهي الجبال الصغار، "والضلع" بكسر المعجمة وفتح اللام: واحد الأضلاع، "ك"(11/ 51 - 52).

(1)

عامر بن عبد الله، "قس"(5/ 557).

(2)

أي: قلَّ وأشرف على الفناء، "ع"(9/ 259).

(3)

ككتف، مفرد الظراب، وهي الجبال الصغار، "ع"(9/ 260).

(4)

قال في "أدب الكاتب": ضِلْعٌ وضِلَعٌ، قال الهروي: هما لغتان، "عيني"(9/ 260).

(5)

"بشر بن مرحوم" هو بشر بن عبيس -بضم المهملة وفتح الموحدة- ابن مرحوم الطائي البصري نزيل الحجاز.

(6)

"حاتم بن إسماعيل" المدني الحارثي صدوق يهم.

ص: 305

عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ

(1)

، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ

(2)

قَالَ: خَفَّتْ

(3)

أَزْوَادُ الْقَوْمِ وَأَمْلَقُوا

(4)

، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في نَحْرِ إِبِلِهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ:

"ابْنِ الأَكْوَعِ" سقط في نـ. "أَزْوَادُ الْقَوْمِ" في سـ، حـ:"أَزْوِدَةُ الْقَوْمِ".

===

(1)

" يزيد بن أبي عبيد" الأسلمي مولى سلمة بن الأكوع.

(2)

"سلمة" هو ابن عمرو بن الأكوع الأسلمي رضي الله عنه، شهد بيعة الرضوان.

(3)

أي: قلَّتْ، "ع"(9/ 262).

(4)

قوله: (وأملقوا) أي: افتقروا، يقال: أملق إذا ا فتقر، قوله:"نطع" فيه أربع لغات، كذا في "العيني"(9/ 262)، قال صاحب "القاموس" (ص: 708): النطع بالكسر وبالفتح وبالتحريك، وكعنب: بساط من الأديم، والجمع أنطاع ونُطوع، انتهى. قوله:"وبَرَّك" بتشديد الراء أي: دعا بالبركة، قوله:"فاحتثى" بسكون المهملة بعدها مثناة مفتوحة ثم مثلثة، افتَعَلَ من الحثي، وهو الأخذ بالكفين، "ف"(5/ 130)، قوله:"ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره"، إنما قال ذلك لأنه كان معجزة له صلى الله عليه وسلم، وفي رواية البيهقي في "دلائله" من حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن أبيه، وفيه:"فما بقي في الجيش وعاء إلا ملؤوه وبقي مثله، فضحك حتى بدت نواجذه، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله عبد مؤمن بهما إلا حُجِب من النار".

ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "فيأتون بفضل أزوادهم"، ومن قوله:"فدعا وبرّك عليه" فإن فيه جمع أزوادهم وهو في معنى النهد، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة "عيني"(9/ 262)، والحديث أخرجه البخاري أيضًا في الجهاد عن بشر بن مرحوم، "ع"(9/ 261).

ص: 306

مَا بَقَاؤُكُمْ

(1)

بَعْدَ إِبِلِكُمْ؟ فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَادِ فِي النَّاسِ يَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ". فَبُسِطَ لِذَلِكَ نِطْعٌ، وَجَعَلُوهُ عَلَى النِّطْعِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ

(2)

، فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ". [طرفه: 2982، تحفة: 4549].

2485 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

(3)

، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ

(4)

، ثَنَا أَبُو النَّجَاشِيِّ

(5)

قَالَ: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ

(6)

قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ، فَنَنْحَرُ جَزُورًا، فَتُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ

(7)

، فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِجًا قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ. [أخرجه: م 625، تحفة: 3573].

===

(1)

أي: إذا نحرتم الإبل لم يبق لكم قوة على مقاومة العدو فيغلبونكم؛ لأن توالي المشي يوجب الضعف والهلاك.

(2)

جمع وعاء، "ع"(9/ 262).

(3)

"محمد بن يوسف" هو الفريابي.

(4)

"الأوزاعي" هو عبد الرحمن بن عمرو.

(5)

بفتح النون وخفة الجيم وبالشين المعجمة وتشديد الياء وتخفيفها، واسمه عطاء بن صهيب، "ك"(11/ 53)، "ع"(9/ 262).

(6)

"رافع بن خديج" الأنصاري رضي الله عنه.

(7)

قوله (عشرَ قِسَمٍ) بكسر القاف وفتح السين جمع قسمةٍ، قوله:"لحمًا نضجًا" بفتح النون وكسر الضاد المعجمة وفي آخره جيم، أي مشويًّا، وقال ابن الأثير: النضيج: المطبوخ، فعيل بمعنى مفعول، وفيه قسمة اللحم من غير ميزان لأنه من باب المعروف، وهو موضوع للأكل، ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله:"فتُقْسَم عشرَ قِسَمٍ"، "عيني"(9/ 262).

ص: 307

2486 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ

(1)

، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ

(2)

، عَنْ بُرَيْدٍ

(3)

، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى

(4)

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ

(5)

إِذَا أَرْمَلُوا

(6)

فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوا بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأنَا مِنْهُمْ". [أخرجه: م 2500، س في الكبرى 8797، تحفة: 9047].

‌2 - بَابٌ

(7)

مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ

(8)

فَإنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الصَّدَقَةِ

"ثُمَّ اقْتَسَمُوا" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ".

===

(1)

" محمد بن العلاء" أبو كريب الهمداني الكوفي.

(2)

"حماد بن أسامة" القرشي مولاهم الكوفي أبو أسامة.

(3)

"بريد" هو ابن عبد الله يروي عن جده "أبي بردة" الحارث أو عامر.

(4)

"أبي موسى" هو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه.

(5)

نسبة إلى الأشعر، قبيلة من اليمن، "ع"(9/ 263).

(6)

قوله: (إذا أرملوا) أي: إذا فني زادهم، من الإرمال بكسر الهمزة، وهو فناء الزاد وإعواز الطعام، وأصله من الرمل، كأنهم لصقوا بالرمل من القلة، كما في قوله:{ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16]. قوله: "فهم مني" أي متَّصلون بي، وكلمة "من" هذه تسمى اتصالية، قال النووي: معناه المبالغة في اتّحاد طريقهما واتفاقهما في طاعة الله تعالى، ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله:"جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم" ولا يخفى على المتأمِّلِ ذلك، "عمدة القاري"(9/ 263).

(7)

بالتنوين.

(8)

قوله: (ما كان من خليطين) أي مخالِطَيْن، وهما الشريكان إذا كان

ص: 308

2487 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُثَنَّى

(1)

، ثَنِي أَبِي

(2)

، ثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ

(3)

: أَنَّ أَنَسًا

(4)

حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ

(5)

كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ

(6)

". [راجع: 1448].

‌3 - بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَمِ

(7)

2488 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الأَنْصَارِيُّ

(8)

، أَنَا أَبُو عَوَانَةَ

(9)

،

"أَنَا أَبُو عَوانَةَ" في نـ: "ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ".

===

من أحدهما تصرُّفٌ من إنفاق مال الشركة أكثر مما أنفق صاحبه، "فإنهما يتراجعان" عند الربح بقدر ما أنفق كل واحد منهما، فمن أنفق قليلًا يرجع على من أنفق أكثر منه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لَمّا أمر الخليطين في الغنم بالتراجع بينهما بالسوية، وهما شريكان، دلّ على أن كلَّ شريك في معناهما، قوله:"في الصدقة" قيَّد بها لورود الحديث في الصدقة، والحديث بعين هذه الترجمة وعينِ هؤلاءِ الرواة مضى في "كتاب الزكوة" (برقم: 1448)، "ع"(9/ 263 - 264).

(1)

ابن عبد الله بن أنس بن مالك رضي الله عنه، "ع"(6/ 435).

(2)

هو عبد الله، "قس"(5/ 561).

(3)

"ثُمامة بن عبد الله بن أنس" ابن مالك هو عم عبد الله بن المثنى.

(4)

هو ابن مالك، "قس"(5/ 561).

(5)

الصدِّيق رضي الله عنه.

(6)

مرّ بيانه "في الزكاة"(برقم: 1448).

(7)

أي: بالعدد.

(8)

"علي بن الحكم" ابن ظَبْيان المروزي "الأنصاري" المؤدب.

(9)

"أبو عوانة" هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

ص: 309

عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ

(1)

، عَنْ عَبَايَةَ

(2)

بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ

(3)

، عَنْ جَدِّهِ

(4)

قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْحُلَيْفَةِ

(5)

، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَابُوا إِبِلًا وَغَنَمًا، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْم، فَعَجِلُوا

(6)

وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ

(7)

،

===

(1)

ابن عدي، والد سفيان الثوري، "قس"(5/ 562).

(2)

بفتح العين المهملة.

(3)

الأنصاري، "ع"(9/ 265).

(4)

أي: رافع جد عباية.

(5)

قوله: (بذي الحليفة) قال صاحب "التلويح": ذو الحليفة هذه ليست الميقات، إنما هي التي من تهامة عند ذات عرق، ذكره ياقوت وغيره، قلت: في رواية مسلم هكذا عن رافع بن خديج قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة"، وذكر القابسي أنها المهلُّ التي بقرب المدينة، وقاله أيضًا النووي، وفيه نظر من حيث إن في الحديث ردًّا لقولهما، وقال ابن التين: وكانت سنة ثمان من الهجرة في قضية حنين، قوله:"في أُخْرَيات القوم" أي: في أواخرهم وأعقابهم، وكان يفعل ذلك رفقًا لمن معه ولحمل المنقطع، "عيني"(9/ 265).

(6)

بكسر الجيم، "ع"(9/ 265).

(7)

قوله: (فأكفئت) أي: قُلبت وأُميلت وأُريق ما فيها، وهو من الإكفاء، قيل: إنما أمر بالإكفاء لأنهم ذبحوا الغنم قبل أن يُقْسَم فلم يَطِبْ له ذلك، قوله:"فعدل" هذا محمول على أنه كان يحسب قيمتها يومئذ، قوله:"فندّ" بفتح النون وشدة الدال، أي نفر وذهب على وجهه شاردًا، قوله:"فأعياهم" أي: أعجزهم، قوله:"أوابِدَ" جمع آبدة بالمد وكسر الموحدة المخففة، أي: النافرة، وتأبَّد أي: توحَّش وانقطع عن المكان الذي فيه، وسميت أوابد الوحش بذلك لانقطاعها عن الناس، وفيه أن الإنسيَّ إذا توحَّش

ص: 310

ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ

(1)

، فَأَهْوَى

(2)

رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللهُ،

===

كان ذكاته كذكاة الوحش، قوله:"فاصنعوا به هكذا" أي: ارموه بالسهم، قوله:"إنا نرجو" بمعنى "نخاف"، ولفظ "أو" شكٌّ من الراوي، قوله:"مُدى" بضم الميم جمع مدية، وهي السكين.

فإن قلت: ما معنى هذا السؤال عند لقاء العدو؟ قلت: لأنهم كانوا عازمين على قتال العدو وصانوا

(1)

سيوفهم وأسنَّتهم وغيرها عن استعمالها، لأن ذلك يفسد الآلة، ولم يكن لهم سكاكين صغار مُعَدَّة للذبح.

قوله: (ما أنهر الدم) أي ما أجرى وأسال الدم، قوله:"ليس السِّنَّ والظفرَ" كلمة "ليس" بمعنى إلا، وإعراب ما بعده النصب، قوله:"وسأحدِّثكم" أي سأبيِّن لكم العلة في ذلك، وليست السين للاستقبال بل للاستمرار، قوله:"أما السن فعظم" قال التيمي: العظم غالبًا لا يقطع إنما يجرح ويدمي فتزهق النفس من غير أن يتيقن وقوع الذكاة، فلهذا نهى عنه، قوله:"أما الظفر فمدى الحبشة" المعنى فيه: أن لا يتشبه بهم لأنهم كفار، وهو شعار لهم، كذا في "ع"(9/ 265 - 267)، "ك"(11/ 54 - 55).

وفي "الطيبي"(8/ 96): كل ما صَدَقَ عليه اسم العظم لا تجوز الذكاة [به]، لتعليل النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: أما السن فعظم، وبه قال الشافعي وأصحابه وجمهور العلماء، وقال أبو حنيفة: لا يجوز بالسِّن والعظم المتصلتين، ويجوز بالمنفصلتين، وعن مالك روايات أشهرها جوازه بالعظم دون السنِّ كيف كان، انتهى.

(1)

قليلة، "ع"(9/ 266).

(2)

أي: قصد، "ك"(11/ 54)، "ع"(9/ 266).

(1)

في الأصل: "وصالوا".

ص: 311

ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا

(1)

فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا"، فَقَالَ جَدِّي

(2)

: إِنَّا نَرْجُو -أَوْ نَخَافُ- الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى

(3)

، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ قَالَ:"مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوهُ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ". [أطرافه: 2507، 3075، 5498، 5503، 5506، 5509، 5543، 5544، أخرجه: م 1968، د 2821، ت 1491، 1492، س في الكبرى 4124، ق 3137، تحفة: 3561].

‌4 - بَابُ الْقِرَانِ فِي التَّمْرِ

(4)

بَيْنَ الشُّرَكَاءِ حَتَّى يَسْتَأذِنَ أَصْحَابَهُ

2489 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى

(5)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(6)

، ثَنَا جَبَلَةُ بْنُ

===

(1)

أي: من الأوابد، "ع"(9/ 266).

(2)

هو جد عَباية بن رِفاعة، "ع"(9/ 266).

(3)

سِكِّين.

(4)

قوله: (باب القران في التمر

) إلخ، أي في بيان حكم القران الكائن في التمر الكائن بين الشركاء، ولا ينبغي لأحد منهم أن يقرن حتى يستأذن أصحابه، وذلك من باب حسن الأدب في الأكل، لأن القوم الذين وُضِعَ بين أيديهم التمرُ، هم كالمتساوين

(1)

في أكله، فإن استأثر أحدهم بأكثر من صاحبه لم يَجُزْ له ذلك، "ع"(9/ 271).

(5)

"خلاد بن يحيى" ابن صفوان السلمي الكوفي.

(6)

الثوري.

(1)

في الأصل: "كالمتنادين".

ص: 312

سُحَيْمٍ

(1)

سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُقْرُنَ

(2)

الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ جَمِيعًا، حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ. [راجع: 2455].

2490 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ

(3)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(4)

، عَنْ جَبَلَةَ

(5)

قَالَ: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ، فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ

(6)

، فَكَانَ ابنُ الزُّبَيْرِ

(7)

يَرْزُقُنَا التَّمْرَ

(8)

، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ

(9)

يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ: لَا تُقْرُنُوا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ

(10)

، إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ. [راجع: 2455].

‌5 - بَابُ تَقْوِيمِ الأَشْيَاءِ

(11)

بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِقِيمَةِ عَدْلٍ

===

(1)

التيمي، "قس"(5/ 565).

(2)

بضمّ الراء وكسرها مع فتح أولهما، وبكسر الراء مع ضمّ الأول، قاله الصغاني، "قس"(5/ 566).

(3)

"أبو الوليد" هشام بن عبد الملك الطيالسي.

(4)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

(5)

"جَبَلة" هو ابن سُحَيم التيمي.

(6)

بالفتح، أي: جدب وغلاء، كذا في "العيني"(9/ 272).

(7)

"ابن الزبير" رضي الله عنه هو عبد الله.

(8)

أي: يُقَوّتُنا، كذا في "العيني"(9/ 272).

(9)

"ابن عمر" هو عبد الله بن عمر بن الخطاب.

(10)

ويروى عن "القران" والنهي فيه للتنزيه، وقالت الظاهرية: للتحريم، "ع"(9/ 272).

(11)

قوله: (باب تقويم الأشياء

) إلخ، أي: هذا باب في بيان حكم تقويم الأشياء، نحو الأمتعة والعروض، بين الشركاء، حال كون التقويم بقيمة عدل، وحكمه أنه يجوز بلا خلاف، وإنما الخلاف في قسمتها بغير تقويم، فأجازه الأكثرون إذا كان على سبيل التراضي، ومنعه الشافعي، "ف"(5/ 132)، "ع"(9/ 272).

ص: 313

2491 -

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ

(1)

، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ

(2)

، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ

(3)

، عَنْ نَافِعٍ

(4)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ

(5)

مِنْ عَبْدٍ -أَوْ شِرْكًا أَوْ قَالَ: نَصِيبًا- وَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ

(6)

بِقِيمَةِ الْعَدْلِ، فَهُوَ عَتِيقٌ

(7)

، وَإِلَّا فَقَدْ عُتَقَ مِنْهُ

"فَقَدْ عُتَقَ" في حـ، سـ:"فَأُعْتِقَ".

===

(1)

" عمران بن ميسرة" أبو الحسن البصري الأدمي.

(2)

"عبد الوارث" ابن سعيد العنبري التنوري.

(3)

"أيوب" ابن أبي تميمة السختياني.

(4)

"نافع" مولى ابن عمر.

(5)

قوله: (شقصًا له) بكسر المعجمة وسكون القاف وبالصاد المهملة، وهو النصيب قليلًا كان أو كثيرًا، ويقال له: الشقيص أيضًا بزيادة الياء مثل النصف والنصيف، ويقال له أيضًا: الشرك بكسر الشين، قوله:"بقيمة العدل" وهو أن يقوّم على أن كله عبد، ولا يقوم بعيب العتق، قاله أصبغ وغيره، وقيل: يُقَوَّم على أنه مسّه العتق، وفي لفظ:"قُوِّم عليه بأعلى القيمة"، وعند الإسماعيلي:"لا وكس ولا شطط"، "ع"(9/ 273).

(6)

أي: ثمن العبد بتمامه، "ع"(9/ 273).

(7)

قوله: (فهو عتيق) أي: العبد كله عتيق، أي: معتوق بعضه بالإعتاق وبعضه بالسراية، قوله:"وإلا" أي وإن لم يكن له ما يبلغ ثمنه "فقد عتق منه ما عتق"، أي: ما عتقه، أي: المقدار الذي عتقه، والعين مفتوحة في "عَتَقَ" الأول والثاني، وقال الداودي: يجوز الضم في الثاني، وتعقّبه ابن التين فقال: هذا لم يقله غيره، "ع"(9/ 273 - 274).

واحتجّ أبو حنيفة والشافعي بهذا الحديث وبالذي بعده أن قسمة الرقيق لا يجوز إلا بعد التقويم، وقالا: أجاز صلى الله عليه وسلم تقويمه في البيع للعتق، وكذلك

ص: 314

مَا عُتَقَ

(1)

". قَالَ

(2)

: لَا أَدْرِي قَوْلُهُ: "عَتَقَ مِنْهُ" قَوْلٌ مِنْ نَافِعٍ

(3)

أَوْ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(4)

. [أطرافه: 2503، 2521، 2522، 2523، 2524، 2525، أخرجه: م 1501، د 3942، ت 1346، س 4699، تحفة: 7511].

2492 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ

(5)

، أَنَا عَبْدُ اللهِ

(6)

، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ

(7)

، عَنْ قَتَادَةَ

(8)

، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ

"ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ" في نـ: "أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ".

===

تقويمه في القسمة، وقال مالك وأبو يوسف ومحمد: يجوز قسمته بغير تقويم إذا تراضوا على ذلك، وحجتهم أنه صلى الله عليه وسلم قسم غنائم حنين وكان أكثرها السبي والماشية، ولا فرق بين الرقيق وسائر الحيوانات، ولم يُذْكَر في شيء من السبي تقويم، انتهى.

(1)

بفتح العين فيهما، ولأبي ذر بضمّهما، "قس"(5/ 567).

(2)

أي: أيوب، " قس"(5/ 567).

(3)

فيكون منقطعًا، "قس"(5/ 567).

(4)

فيكون موصولًا، "قس"(5/ 567).

(5)

"بشر بن محمد" السختياني المروزي.

(6)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(7)

"سعيد بن أبي عروبة" مهران اليشكري.

(8)

"قتادة" ابن دعامة السدوسي.

ص: 315

خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ

(1)

". [أطرافه: 2504، 2526، 2527، أخرجه: م 1502، د 3937، ت 1348، س في الكبرى 4966، ق 2527، تحفة: 12211].

===

(1)

قوله: (غير مشقوق عليه) أي: غير مكلّف عليه في الاكتساب، حاصله: يكلّف العبد بالاستسعاء قدر نصيب الشريك الآخر بلا تشديد، فإذا دفعه إليه عتق، ومعنى هذا الحديث مثل حديث ابن عمر، غير أن فيه زيادة وهي الاستسعاء، وثبت هذا عند الشيخين والترمذي.

واحتجّ بهذا أبو حنيفة وقال: إن شريكه مُخيَّر إما أن يعتق نصيبه أو يستسعى العبد، والولاء في الوجهين لهما، أو يضمن المعتق قيمة نصيبه لو كان موسرًا، ويرجع بالذي ضمن على العبد، ويكون الولاء للمعتق، وعند أبي يوسف ومحمد: ليس له إلا الضمان مع اليسار، أو السعاية مع الإعسار، ولا يرجع المعتق على العبد بشيء، والولاء للمعتق في الوجهين، قال مالك والشافعي وأحمد: إذا كان عبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان له مال غرم نصيب صاحبه وعتق العبد من ماله، وإن لم يكن له مال عتق من العبد ما عتق ولا يستسعى، قال الترمذي: وهذا قول أهل المدينة، واحتجوا بحديث ابن عمر من حديثي الباب، قال ابن حزم: على ثبوت الاستسعاء ثلاثون صحابيًا، وقوله:"وإلا فقد عتق منه ما عتق"، لم تصحَّ هذه الزيادة عن الثقة أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قال أيوب ويحيى بن سعيد الأنصاري: أهو شيء في الحديث أو قاله نافع مِن قِبَله؟ وهما الراويان لهذا الحديث، وقال ابن حزم في "المحلى": هي مكذوبة، "عيني"(9/ 274، 279)، مختصرًا.

ص: 316

‌6 - بَابٌ

(1)

هَلْ يُقْرَعُ

(2)

فِي الْقِسْمَةِ؟ وَالاسْتِهَامِ فِيهِ

(3)

2493 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ

(4)

، ثَنَا زَكَرِيَّاءُ

(5)

قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا

(6)

يَقُولُ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ عز وجل وَالْوَاقِعِ

===

(1)

بالتنوين، "قس"(5/ 569).

(2)

قوله: (هل يُقْرَع) من القرعة بضم القاف، وهي معروفة، قوله:"والاستهام" أي: أخذ السهم، أي: النصيب، وليس المراد من الاستهام هنا الإقراع، وإن كان معناهما في الأصل واحدًا؛ لأنه لا معنى أن يقال: هل يُقْرَع في الإقراع؟

قوله: (استهموا) أي: اتخذ كل واحد منهم سهمًا أي نصيبًا من السفينة بالقرعة، قوله:"على من فوقهم" أي: على الذين فوقهم، قوله:"ولم نُؤْذِ" من الأذى، وهو الضرر، قوله:"من فوقنا" أي: الذين سكنوا فوقنا، قوله:"فإن يتركوهم وما أرادوا" أي: فإن يترك الذين سكنوا فوقهم مع إرادة الذين سكنوا تحتهم من الخرق، والواو بمعنى مع، وما مصدرية، "هلكوا جميعًا" أي كلهم من ساكني الفوق والتحت، "وإن أخذوا على أيديهم" أي منعوهم من الخرق "نجوا جميعًا" يعني جميع من في السفينة، وهكذا إذا أقيمت الحدود وأُمر بالمعروف ونهي عن المنكر تحصل النجاة للكل، وإلا هلك العاصي بالمعصية وغيرهم بترك الإقامة، "ع"(9/ 279 - 281).

(3)

الضمير يرجع إلى القسم أو المال الذي يدل عليه القسمة، "ك"(11/ 58).

(4)

"أبو نعيم" الفضل بن دكين الكوفي.

(5)

"زكريا" ابن أبي زائدة أبو يحيى الكوفي.

(6)

"عامرًا" هو ابن شراحيل الشعبي.

ص: 317

فِيهَا

(1)

، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا". [طرفه: 2686، أخرجه: ت 2173، تحفة: 11628].

‌7 - بَابُ شَرِكَةِ الْيَتِيمِ

(2)

وَأَهْلِ الْمِيرَاثِ

2494 -

حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ

(3)

، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ

(4)

، عَنْ صَالِحِ

(5)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(6)

، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ. ح وَقَالَ اللَّيْثُ

(7)

: ثَنِي يُونُسُ

(8)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ

"فَكَانَ الَّذِي" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"فَكَانَ الَّذِينَ". "حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ" في نـ: "حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبدِ اللهِ العامريّ الأُوَيْسِيُّ".

===

(1)

أي: في الحدود، أي: التارك للمعروف والمرتكِب للمنكَر، "ع"(9/ 281).

(2)

قال ابن بطال: اتفقوا على أنه لا تجوز المشاركة في مال اليتيم إلا إذا كان له في ذلك مصلحة راجحة، "ف"(5/ 133).

(3)

"الأويسي" عبد العزيز بن عبد الله.

(4)

"إبراهيم بن سعد" ابن إبراهيم الزهري.

(5)

"صالح" هو ابن كيسان.

(6)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(7)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(8)

"يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

ص: 318

الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللهِ عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا

(1)

فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]. قَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَليِّهَا تُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ

(2)

، فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ

(3)

فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا

(4)

أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ وَيُبَلِّغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ مِنَ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ

(5)

لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ. قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا

(6)

رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعْدَ هَذِهِ الآيَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:

"وَإِنْ خِفْتُمْ" في نـ: "فَإنْ خِفْتُمْ". "وَإنْ خِفْتُمْ

" إلخ في نـ: "{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} إلى {وَرُبَاعَ} "، وفي أخرى: "{وَإِنْ خِفْتُمْ} إلى {وَرُبَاعَ} ". "قَالَتْ" كذا في قتـ، وفي نـ: "فَقَالَتْ".

===

(1)

من الإقساط، وهو العدل، "ع"(9/ 284).

(2)

فيه الترجمة.

(3)

أي: يعدل.

(4)

بضمّ النون.

(5)

أي: حلّ، "ع"(9/ 283).

(6)

قوله: (استفتوا) أي: طلبوا منه الفتوى في أمر النساء، قوله:"بعد هذه الآية" وهي قوله: " {وَإِنْ خِفْتُمْ} إلى {وَرُبَاعَ} ". قوله: "فأنزل الله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} " أي: يطلبون منك الفتوى في أمر النساء، قوله:"قالت عائشة" أي: وبهذا الإسناد عن عائشة قالت: "وقول الله: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} " إلى آخر ما ساقه البخاري، والمقصود أن الرجل إذا كان في

ص: 319

{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] وَالَّذِي ذَكَرَ اللهُ أَنَّهُ يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب الآيَةُ الأُولَى الَّتِي قَالَ اللهُ فِيهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللهِ فِي الآيَةِ الأُخْرَى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ

(1)

} هِيَ رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ لِيَتِيمَتِهِ الَّتِي تَكُونُ فِي حَجْرِهِ، حِينَ تَكُونُ

"رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ" في نـ: "رَغْبَةُ أَحَدِهِمْ". "لِيَتِيمَتِهِ" في هـ، سـ، حـ:"عَنْ يَتِيمَتِهِ" وفي هـ، ذ:"يَتِيمَتَهُ".

===

حجره يتيمة يحلّ له تزويجها، فتارة يرغب في أن يتزوجها فأمره الله تعالى أن يمهرها أسوة أمثالها من النساء، فإن لم يفعل فليعدل إلى غيرها من النساء، فقد وسّع الله عز وجل، وهذا المعنى في الآية الأولى في أوّل السورة، وتارة لا يكون للرجل فيها رغبة لدمامتها عنده أو في نفس الأمر، فنهاه الله عز وجل أن يعضلها عن الأزواج خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها، "ع"(9/ 284).

قوله: "هي رغبة أحدكم ليتيمته" ولأبي ذر عن الكشميهني "يتيمته" بإسقاط اللام، وللكشميهني والحموي والمستملي:"عن يتيمته" قال ابن حجر: ولعل رواية "عن" أصوب، وقد تبين أن أولياء اليتامى كانوا يرغبون فيهن إن كن جميلات ويأكلون أموالهن، وإلَّا يعضلوهن طمعًا في ميراثهن، "فنهوا أن ينكحوا التي رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط" أي: بالعدل "من أجل رغبتهم عنهن" لقلة مالهن وجمالهن، فينبغي أن يكون نكاح اليتيمتين على السواء في العدل، كذا في "القسطلاني"(5/ 572).

(1)

أي: في أن تنكحوهن، أو عن أن تنكحوهن، "قس"(5/ 571).

ص: 320

قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا رَغِبُوا فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إِلَّا بِالْقِسْطِ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ. [أطرافه: 2763، 4573، 4574، 4600، 5064، 5092، 5098، 5128، 5131، 5140، 6965، أخرجه: م 3018، د 2068، س 3346، تحفة: 16493، 16693].

‌8 - بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الأَرَضِينَ وَغَيْرِهَا

(1)

2495 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(2)

، ثَنَا هِشَامٌ

(3)

، أَنَا مَعْمَرٌ

(4)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(5)

، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

(6)

، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

(7)

قَالَ: إِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ

(8)

، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ. [راجع: 2213].

===

(1)

كالدار والبساتين، وكأنه أشار بهذا إلى أن للشركاء في الأرض وغيرها القسمةَ مطلقًا، خلافًا لمن خصّها بالتي ينتفع بها إذا قُسمت، "ع"(9/ 284).

(2)

"عبد الله بن محمد" المسندي.

(3)

"هشام" هو ابن يوسف الصنعاني.

(4)

"معمر" هو ابن راشد الأزدي.

(5)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(6)

"أبي سلمة بن عبد الرحمن" ابن عوف.

(7)

"جابر بن عبد الله" الأنصاري.

(8)

أي: كل مشترك لم يقسم من الأراضي ونحوها، وفيه الترجمة، ومرَّ الحديث مع بيانه (برقم: 2257) في "كتاب الشفعة".

ص: 321

‌9 - بَابٌ

(1)

إِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الدُّورَ وَغَيْرَهَا

(2)

فَلَيْسَ لَهُمْ رُجُوعٌ وَلَا شُفْعَةٌ

(3)

2496 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبدِ الرَّحمنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ

(4)

. [راجع: 2213].

‌10 - بَابُ الاشْتِرَاكِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَا يَكُونُ فِيهِ الصَّرْفُ

2497 و 2498 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ

(5)

، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ

(6)

،

"إذَا اقْتَسَمَ

وَغَيْرَهَا" في ذ: "إذَا قسم

وَغَيْرَهُ". "حَدَّثَنَا عَمْرُو" في ذ: "حَدَّثَنِي عَمْرُو".

===

(1)

بالتنوين.

(2)

نحو البساتين وسائر العقارات، "ع"(9/ 285).

(3)

لأن الشفعة في الشركة لا في القسمة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا وقعت

" إلخ، "ع" (9/ 285).

(4)

قوله: (فلا شفعة) قيل: لا مطابقة بين الحديث والترجمة؛ لأن في الترجمة لزوم القسمة وليس في الحديث إلا نفي الشفعة، وأجيب بأنه يلزم من نفي الشفعة نفي الرجوع إذ لو كان للشريك الرجوع لعاد ما يشفع فيه مشاعًا، فحينئذ تعود الشفعة، قاله العيني (9/ 285)، ومرّ اختلاف المذاهب في "كتاب الشفعة" (برقم: 2257)، والله أعلم بالصواب.

(5)

ابن بحر الباهلي البصري الصيرفي، "قس"(5/ 574).

(6)

اسمه ضحاك بن مخلد، وهو شيخ البخاري أيضًا، "ع"(9/ 286).

ص: 322

عَنْ عُثْمَانَ يَعْنِي ابْنَ الأَسْوَدِ

(1)

، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ

(2)

قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ

(3)

عَنِ الصَّرْفِ يَدًا بِيَدٍ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِي شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً

(4)

، فَجَاءَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: فَعَلْتُ أَنَا وَشَرِيكِي زيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ

(5)

، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَرُدُّوهُ". [حديث: 2497، راجع: 2060، حديث: 2498، راجع: 2061].

"أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ" في نـ: "قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ"، وفي أخرى:"أَنَا سُلَيْمَانُ". "فَرُدُّوهُ" في سفـ: "رُدُّوهُ"، وفي مه:"فَذَرُوهُ".

===

(1)

ابن موسى بن باذان المكي، "قس"(5/ 574).

(2)

الأحول، "قس"(5/ 574).

(3)

"أبا المنهال" هو عبد الرحمن بن مطعم البناني البصري.

(4)

بوزن كَرِيمَة وغُنْيَة وجِلْسَة، كما مرّ (برقم: 2060).

(5)

قوله: (فخذوه) بالفاء، وكذلك "فذروه" بالفاء وبالذال المعجمة وتخفيف الراء، أي: اتركوه، ويروى:"ذروه" بدون الفاء، وذلك لأن الاسم الموصول بالفعل المتضمِّن للشرط يجوز فيه دخول الفاء في خبره ويجوز تركه، وفي رواية النسفي:"فردوه" بضم الراء وتشديد الدال من الردِّ، وفيه ردُّ ما لا يجوز وهو النسيئة وهو التأخير، فلا يجوز شيء من الصرف نسيئة، وإنما يجوز يدًا بيدٍ كما مرّ.

ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "اشتريت أنا وشريك لي شيئًا"، وذلك لأن أبا المنهال وشريكه كانا يشتريان شيئًا من الذهب والفضة يدًا بيدٍ ونسيئة، وكانا شريكين فيهما، فسألا عن حكم ذلك لأنه صرف، ثم عملا بما بلغهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن ما كان يدًا بيدٍ فهو جائز، وما كان نسيئةً فلا يجوز، والحديث مرّ (برقم: 2060) في أوائل "البيوع" في "باب التجارة في البَزّ"، "ع"(9/ 286).

ص: 323

‌11 - بَابُ مُشَارَكَةِ الذِّمِّيِّ وَالْمُشْرِكِينَ

(1)

فِي الْمُزَارَعَةِ

2499 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(2)

، ثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ

(3)

، عَنْ نَافِعٍ

(4)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ

(5)

قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. [راجع: 2285].

===

(1)

قوله: (والمشركين) من باب عطف العام على الخاص، على أن المراد من المشركين هم المستأمنون، فيكونون في معنى أهل الذمة، وأما المشرك الحربي فلا يُتَصَوَّر الشركة بينه وبين المسلم في دار الإسلام على ما لا يخفى، وحكمها أنها تجوز؛ لأن هذه المشاركة في معنى الإجارة، واستئجار أهل الذمة جائز، وأما مشاركة الذمي مع المسلم في غير المزارعة فعند مالك: لا يجوز إلا أن يتصرف الذمي بحضرة المسلم، أو يكون المسلم هو الذي يتولى البيع والشراء؛ لأن الذمي قد يتَّجر في الربا والخمر ونحو ذلك مما لا يحلّ للمسلم، وأما أخذ أموالهم في الجزية فللضرورة، إذ لا مال لهم غيره، وروي ما قاله مالك عن عطاء والحسن البصري، وبه قال الليث والثوري وأحمد وإسحاق، وعند أصحابنا: مشاركة المسلم مع أهل الذمة في شركة المفاوضة لا يجوز عند أبي حنيفة ومحمد خلافًا لأبي يوسف، وقد عُرِف في موضعه.

قوله: (أن يعملوها) أي: يزرعوا بياض أرضها، ولذلك سموا المساقاة، وفيه إثبات المساقاة والمزارعة، ومالك لا يجيزه، "عيني"(9/ 287).

(2)

"موسى بن إسماعيل" المنقري التبوذكي.

(3)

الضُّبَعي، "قس"(5/ 575).

(4)

"نافع" هو مولى ابن عمر.

(5)

"عبد الله" ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ص: 324

‌12 - بَابُ قِسْمَةِ الْغَنَمِ وَالْعَدْلِ فِيهَا

(1)

2500 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(2)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(3)

، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ

(4)

، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ

(5)

، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِيَ عَتُودٌ

(6)

، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"ضَحِّ بِهِ أَنْتَ". [راجع: 2300].

‌13 - بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ

(7)

===

(1)

أي: في قسمة الغنم، "ع"(9/ 288).

(2)

"قتيبة بن سعيد" أبو رجاء البغلاني الثقفي.

(3)

"الليث" هو ابن سعد الفهمي أبو الحارث المصري الإمام المشهور.

(4)

"يزيد بن أبي حبيب" أبي رجاء البصري واسم أبيه سويد.

(5)

"أبي الخير" هو مرثد بن عبد الله اليزني.

(6)

قوله: (فبقي عتود) بفتح العين وضم الفوقية وفي آخره دال مهملة، وهي من أولاد المعز صغيرًا إذا قوي، وفي "الصحاح": العتود ما رعى وقوي وأتى عليه حول، وقيل: إذا قدر على السفاد، ومرّ بيانه في "الوكالة" (برقم: 2300).

قال العيني (8/ 670): هذه القسمة يجوز فيها من المسامحة والمساهلة ما لا يجوز في القسمة التي هي تمييز الحقوق؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما وكَّل عُقبةَ على تفريق الضحايا على أصحابه، ولم يعيِّن لأحد منهم شيئًا بعينه، لأنها ما كانت واجبة عليه لأصحابه، فلم يكن على عقبة حرج في قسمتها ولا لزمه من أحد منهم ملامة إن أعطاه دون ما أعطى صاحبه، وليس كذلك القسمة بين حقوقهم الواجبة، فإنها متساوية في المقسوم، "ع"(9/ 288).

(7)

هو كل ما يجوز تملكه، "ع"(9/ 288).

ص: 325

وَيُذْكَرُ

(1)

أَنَّ رَجُلًا

(2)

سَاوَمَ شَيْئًا فَغَمَزَهُ آخَرُ، فَرَأَى

(3)

عُمَرُ أَنَّ لَهُ شَرِكَةً.

2501 -

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ

(4)

، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ

(5)

، أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ

(6)

، عَنْ زُهْرَةَ

(7)

بْنِ مَعْبَدٍ

(8)

، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِشَامٍ

(9)

، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ

(10)

إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ

"فَرَأَى عُمَرُ" في بو: "فَرَأَى ابْنُ عُمَرَ". "أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ" زاد في بو: "هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ".

===

(1)

فيما وصله سعيد بن منصور، "قس"(5/ 576).

(2)

لم يسم، "قس"(5/ 576).

(3)

قوله: (فرأى عمر) كذا للأكثر، وفي رواية ابن شبويه:"فرأى ابن عمر"، وعليها شرح ابن بطال، والأول أصحّ، فقد رواه سعيد بن منصور من طريق إياس بن معاوية: أن عمر أبصر رجلًا يساوم سلعة وعنده رجل فغمزه حتى اشتراها، فرأى عمر أنها شركة، وهذا يدلّ على أنه كان لا يشترط للشركة صيغة ويكتفي فيها بالإشارة إذا ظهرت القرينة، وهو قول مالك، "ف"(5/ 136)، "ع"(9/ 289).

(4)

"أصبغ بن الفرج" هو أبو عبد الله الأموي مولاهم.

(5)

"عبد الله بن وهب" القرشي مولاهم أبو محمد المصري الفقيه.

(6)

"سعيد" هو ابن أبي أيوب مقلاص الخزاعي.

(7)

بضمّ الزاي وسكون الهاء، "ع"(9/ 290).

(8)

"زهرة بن معبد" القرشي التيمي.

(9)

واسم جده زهرة بن عثمان، "قس"(5/ 577).

(10)

صحابية.

ص: 326

بَايِعْهُ

(1)

، فَقَالَ:"هُوَ صَغِيرٌ". فَمَسَحَ رَأْسهُ وَدَعَا لَهُ. [طرفه: 7210، أخرجه: د 2942، تحفة: 9668].

2502 -

وَعَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ

(2)

: أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ هِشَام إِلَى السُّوقِ، فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ فَيَقُولَانِ لَهُ: أشْرِكْنَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ فَيَشْرَكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ.

قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ: إذَا قَال الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: أَشْرِكْنِي، فَإذَا سَكَتَ فَيَكُونُ شَرِيكَهُ بِالنِّصْفِ

(3)

. [طرفه: 6353، تحفة: 9669].

‌14 - بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الرَّقِيقِ

(4)

2503 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(5)

،

"قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ

" إلخ، سقط في نـ. "فَيَكُونُ شَرِيكَهُ" في نـ: "فَسَيَكُونُ شَرِيكَهُ".

===

(1)

قوله: (بايعه) أمر من المبايعة، وهي المعاقدة على الإسلام، قوله:"فيقولان له"، أي: يقول ابن عمر وابن الزبير لعبد الله بن هشام: "أَشْرِكْنا" بفتح الهمزة، يعني: اجعلنا شريكين لك في الطعام الذي اشتريته، قوله:"فيشركهم" بضمّ الياء، أي: فيجعلهم شركاء معه فيما اشتراه، قوله:"فربما أصاب الراحلَة" أي: من الربح، قوله:"كما هي" أي: بتمامها، "عيني"(9/ 290 - 291).

(2)

ابن عبد الله، "ع"(9/ 290)، موصول بالإسناد المذكور.

(3)

لأن سكوته يدل على الرضا، "ع"(9/ 291).

(4)

الرقيق المملوك، "ع"(9/ 291).

(5)

"مسدد" هو ابن مسرهد.

ص: 327

ثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ

(1)

، عَنْ نَافِعٍ

(2)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ

(3)

قَدْرَ ثَمَنِهِ، يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ، ويُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ". [راجع: 2491، أخرجه: د 3945، تحفة: 7617].

2504 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ

(4)

، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ

(5)

، عَنْ قَتَادَةَ

(6)

، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ

(7)

، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ

(8)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا

(9)

فِي عَبْدٍ، أُعْتِقَ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا يُسْتَسْعَى غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ". [راجع: 2492].

===

(1)

الضبعي، "قس"(5/ 578).

(2)

"نافع" تقدم.

(3)

قوله: (وجب عليه أن يعتق كلَّه إن كان له مال) به تعلَّقَ الشافعي وأحمد وإسحاق: أن الضمان لا يجب على أحد الشريكين للآخر لقيمة نصيبه إلا إذا كان موسرًا، قوله:"سبيلُ المعتَقِ" بفتح التاء.

(4)

"أبو النعمان" محمد بن الفضل السدوسي البصري الملقب بعارم.

(5)

الأزدي البصري، "قس"(5/ 579).

(6)

ابن دعامة، "قس"(5/ 579).

(7)

الأنصاري.

(8)

السلولي، "قس"(5/ 579).

(9)

قوله: (شقصًا) أي: نصيبًا، قوله:"يستسعى" بإشباع العين بالألف، ويروى:"يُسْتَسْع" بغير الألف، وفي أخرى:"استسعي" على صيغة المجهول من الماضي، كذا قاله العيني (9/ 291 - 292)، وقد مرّ ما يتعلق بحديثي الباب (برقم: 2491) في "باب تقويم الأشياء".

ص: 328

‌15 - بَابُ الاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ

(1)

وَالْبُدْنِ، وَإِذَا أَشْرَكَ الرَّجُلُ رَجُلًا فِي هَدْيِهِ بَعْدَ مَا أَهْدَى

2505 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ

(2)

، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ

(3)

، أَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ

(4)

، عَنْ جَابِرٍ

(5)

. [راجع: 1085].

"الرَّجُلُ رَجُلًا" كذا في ذ، وفي نـ:"الرَّجُلُ الرَّجُلَ".

===

(1)

قوله: (في الهدي) بسكون الدال، وهو ما يهدى إلى الحرم من الغنم، قوله:"والبدن" من باب عطف الخاصِّ على العام، وهو بضمِّ موحدة وسكون الدال، جمع بدنة، قوله:"صبحَ رابعةٍ" أي: في صبيحة ليلة رابعة، قوله:"مهلِّين" أي: مُحْرِمين، قوله:"لا يخلطهم شيء" أي: من العمرة، قوله:"فلما قدمنا" أَي: مكة، قوله:"أمرنا" أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله:"فجعلناها عمرة" أي: فجعلنا تلك الفعلة من الحج عمرة، أي: صرنا مُتَمَتِّعين، قوله:"ففشت" من الفشو، أي: فشاعت وانتشرت، قوله:"في ذلك" أي: في فعلهم العمرةَ بعد الحج، قوله:"القالة" بالقاف واللام، ويروى:"المقالة" بالميم قبل القاف، وكلاهما بمعنى واحد، وأراد به مقالة الناس، وذلك لِمَا كان في اعتقادهم أن العمرة لا تصحّ في أشهر الحج، وكانوا يرون العمرة فيها فجورًا، قوله:"وذكره يقطر مَنِيًّا" هذا كناية عن قرب العهد بالوطء، قوله:"بكفِّه" أراد أنه أشار به إلى التقطير، "ع"(9/ 292 - 293).

(2)

"أبو النعمان" تقدم.

(3)

"حماد بن زيد" اسم جده درهم، الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري.

(4)

"عطاء" هو ابن أبي رباح القرشي مولاهم.

(5)

"جابر" هو ابن عبد الله الأنصاري.

ص: 329

2506 -

وَعَنْ طَاوُسٍ

(1)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالا: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ مُهِلُّونَ بِالْحَجِّ، لَا يَخْلِطُهُمْ شَيْءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً، وَأَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا، فَفَشَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ. قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ

(2)

: فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى مِنًى وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا -فَقَالَ جَابِرٌ بِكَفِّهِ-، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: "بَلَغَنِي أَنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، وَاللهِ لأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى للهِ عز وجل مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي

(3)

مَا اسْتَدْبَرْتُ

(4)

مَا أَهْدَيْتُ

(5)

، وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ". فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ

(6)

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هِيَ

(7)

لَنَا أَوْ لِلأَبَدِ؟ فَقَالَ: "لَا بَلْ

"عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالا" كذا في مه، ذ، وفي نـ:"عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ". "قَدِمَ النَّبِيُّ" في هـ: "لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ". "مُهِلُّونَ" كذا في حـ، وفي نـ:"مُهِلِّينَ". "الْقَالَةُ" في هـ: "الْمَقَالَةُ".

===

(1)

" طاوس" هو ابن كيسان.

(2)

المذكور.

(3)

أي: لو عرفتُ في أول الحال.

(4)

أي: ما عرفتُ آخرًا من جواز العمرة في أشهر الحجّ.

(5)

أي: لكنتُ متَمتِّعًا إرادة لمخالفة أهل الجاهلية، ومرّ بيانه في "الحجّ".

(6)

"سراقة بن مالك بن جُعْشم" المدلجي الصحابي الشهير.

(7)

قوله: (هي) أي: العمرة في أشهر الحج أو المتعة، قوله:"لا بل للأبد" أي: ليس الأمر كما تقول، بل هي إلى يوم القيامة ما دام الإسلام، قوله:"وجاء علي بن أبي طالب" أي: من اليمن، قوله:"فقال أحدهما"

ص: 330

لِلأَبَدِ". قَالَ: وَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَقُولُ: لَبَّيْكَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ الآخَرُ: لَبَّيْكَ بحَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم-، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَأَشْرَكَهُ فِي الْهَدْيِ

(1)

. [راجع: 1557، تحفة: 5730 أ].

‌16 - بَابُ مَنْ عَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِجَزُورٍ

(2)

فِي الْقَسْمِ

(3)

"فَأَمَرَ النَّبِيُّ" في ذ: "فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ". "عَدَلَ عَشْرةً" كذا في عسـ، صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"عَدَلَ عَشْرًا".

===

أي: أحد الراويين من عطاء وطاوس، وإنما قال بلفظ: أحدهما؛ لأن الراوي لم يكن عالمًا بالتعيين، لكن روى عطاء عن جابر في "باب تقضي الحائض المناسك" أنه قال:"أهللت بما أهلّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم"[ح: 1785]، قوله:"فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم" أي: أمر عليًا كرَّم الله وجهه أن يقيم أي: يثبُتَ على إحرامه، "عيني"(9/ 294).

(1)

قوله: (وأشركه في الهدي) هذا هو محل الترجمة، قال في "الفتح": وهذا الاشتراك

(1)

محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جعل عليًا شريكًا له في ثواب الهدي، لا أنه ملكه له بعد أن جعله هديًا، ويحتمل أن يكون علي لما أحضر الذي أحضره معه فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، ملّكه نصفه مثلًا فصار شريكًا له فيه، وساقا الجميع هديًا فصارا شريكين فيه لا في الذي ساقه النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى كلام "الفتح"(5/ 138).

(2)

أي: بعير.

(3)

قوله: (في القسم) بفتح القِاف، قيّد به احترازًا عن الأضحية فإن فيها يعدل سبعة بجزور نظرًا إلى الغالب، وأما يوم القسم فكان النظر فيه إلى

(1)

في الأصل: "وهذا الأمثال".

ص: 331

2507 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ

(1)

، أَنَا وَكِيعٌ

(2)

، عَنْ سُفْيَانَ

(3)

، عَنْ أَبِيهِ

(4)

، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ

(5)

، فَأَصَبْنَا غَنَمًا أَوْ إِبِلًا، فَعَجِلَ الْقَوْمُ، فَأَغْلَوْا بِهَا الْقُدُورَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ

(6)

، ثُمَّ عَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَم بِجَزُورٍ، ثُمَّ إِنَّ بَعِيرًا نَدَّ

(7)

، وَلَيْسَ فِي الْقَوْم إِلَّا خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ فَحَبَسَهُ بِسَهْمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِم أَوَابِدَ

(8)

كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا

(9)

".

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ" وزاد في بو: "ابنُ سلامٍ". "غَنَمًا أَوْ إبِلًا" كذا في قتـ، ذ، وفي ذ:"إبِلًا أَوْ غَنَمًا"، وفي أخرى:"غَنَمًا وَإبِلًا". "فَأُكْفِئَتْ" في هـ: "فَكُفِئَتْ". "ثُمَّ عَدَلَ عَشْرةً" كذا في ذ، وفي نـ:"ثُمَّ عَدَلَ عَشْرًا".

===

القيمة الحاضرة في ذلك الزمان وذلك المكان، ومضى حديث الباب عن قريب (برقم: 2488) في: "باب قسمة الغنم"، "عمدة القاري"(9/ 294).

(1)

"محمد" ابن سلام البيكندي.

(2)

"وكيع" هو ابن جراح الرؤاسي الكوفي.

(3)

الثوري، "ع"(9/ 295).

(4)

أبوه سعيد بن مسروق، "ع"(9/ 295).

(5)

عند ذات عرق، وليست المُهَلّ التي بقرب المدينة.

(6)

أي: قلبت، "ع"(9/ 265).

(7)

أي: نفر، "ع"(9/ 266).

(8)

جمع آبِدة بمعنى نافرة.

(9)

أي: ارموه بالسهم.

ص: 332

قَالَ: قَالَ جَدِّي

(1)

: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَرْجُو

(2)

-أَوْ نَخَافُ

(3)

- أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى

(4)

، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ قَالَ: "اعْجَلْ أَوْ أَرِنْ

(5)

، مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلوا، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ

(6)

، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ". [راجع: 2488].

"أَوْ نَخَافُ" في نـ: "وَنَخَافُ". "قَالَ: اعْجَلْ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَقَالَ: اعْجَلْ". "أَوْ أرِنْ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَوْ أَرِنِي".

===

(1)

هو رافع.

(2)

الرجاء هنا بمعنى الخوف، "ع"(9/ 266).

(3)

شكّ الراوي، "ك"(11/ 55).

(4)

جمع مُدْية وهي السكّين، "ع"(9/ 266).

(5)

قوله: (أو أَرِنْ) هو بفتح الهمزة وكسر الراء وإسكان النون، وروي بسكون الراء وكسر النون وزيادة الياء الحاصلة من إشباع كسرة النون، قال الخطابي: صوابه: اِئرَنْ على وزن اعجَلْ، وهو بمعناه، وهو من أَرِنَ يَأْرَن إذا نشط وخفّ، أي: اعجل ذبحها لئلا تموت خنقًا، فإن الذبح إذا كان بغير حديد احتاج صاحبه إلى خفّةِ يدٍ وسرعة، وكلمة "أو" شكٌّ من الراوي، "ع"(9/ 295)، "ك"(11/ 67).

(6)

أي: سأبيّن لكم العلّة في ذلك، والسين هنا ليست للاستقبال بل للاستمرار، كما في قوله تعالى:{سَتَجِدُونَ آخَرِينَ} [النساء: 91]، "ع"(9/ 267).

* * *

ص: 333

بسم الله الرحمن الرحيم

[48 - كِتَابُ الرَّهْنِ]

‌1 - بَابُ الرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ

(1)

وقوْلِ اللهِ تَعَالَى

(2)

: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283].

"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} " سقط في نـ. "بَابُ الرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ وَقَولِ اللهِ تَعَالَى

" إلخ، في بو: "بَابُ مَا جَاءَ في الرَّهْنِ، وقَوْل الله تَعَالى

" إلخ، وفي ذ: "كتابُ الرَّهْنِ في الحَضر وقَولِ اللهِ عز وجل: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} "، ولفظ: "تَعَالَى" سقط في نـ.

===

(1)

قوله: (باب الرَّهْن في الحضر وقول الله

) إلخ، ولأبي ذر "كتاب" بدل "باب"، ولابن شبويه "باب ما جاء"، وكلهم ذكر الآية من أولها، والرهن بفتح أوله وسكون الهاء، في اللغة: الاحتباس، وفي الشرع: جعل مال وثيقة على دين، ويطلق أيضًا على العين المرهونة تسميةً للمفعول باسم المصدر، وأما الرُّهُن بضمتين فالجمع، ويجمع أيضًا على رهان بكسر الراء، وقوله:"في الحضر" إشارة إلى أن التقييد في الآية لا مفهوم له لدلالة الحديث على مشروعيته في الحضر، وهو قول الجمهور، كذا في "الفتح"(5/ 140).

(2)

قوله: (وقول الله) بالجر عطف على ما قبله، أي: في بيان قوله تعالى: " {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} " أي: مسافرين، وتداينتم إلى أجل مسمَّى، " {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا} " يكتب لكم، قال ابن عباس: أو وجدوه ولم يجدوا قرطاسًا أو دواةً أو قلمًا، " {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} " أي فليكن بدل الكتابة رهان مقبوضة في يد صاحب الحق، وقد استدلّ بقوله:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} أن الرهن لا يلزم

ص: 335

2508 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(1)

، ثَنَا هِشَامٌ

(2)

، ثَنَا قَتَادَةُ

(3)

، عَنْ أَنَسٍ

(4)

قَالَ: وَلَقَدْ رَهَنَ

(5)

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ

(6)

سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:"مَا أَصْبَحَ لآلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا صاعٌ، وَلَا أَمْسَى". وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ. [طرفه: 2069].

"النَّبِيُّ" كذا في ذ، وفي نـ:"رَسُولُ اللهِ"

===

إلا بالقبض، كما هو مذهب الجمهور، ونقل الطبري عن مجاهد والضحاك أنهما قالا: لا يشرع الرهن إلا في السفر حيث لا يوجد الكاتب، وبه قال داود، وقال ابن بطال: جميع الفقهاء يجوِّزون الرهن في الحضر والسفر، ومنعه مجاهد وداود في الحضر، "عيني"(9/ 296).

(1)

"مسلم بن إبراهيم" الفراهيدي.

(2)

"هشام" الدستوائي.

(3)

"قتادة" ابن دعامة السدوسي.

(4)

ابن مالك.

(5)

قوله: (ولقد رهن) هو معطوف على محذوف بيَّنه ما رواه أحمد [3/ 211]: أن يهوديًا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابه، ولقد رهن

إلخ، وهذا اليهودي هو أبو الشحم واسمه كنيته، كذا في "العيني"(9/ 297)، و"الفتح"(5/ 140).

(6)

قوله: (إهالة) بكسر الهمزة: الودك أي الدسم، كذا في "الكرماني"(11/ 68)، قال العيني (9/ 297): ما أذيب من الشحم والألية، وقيل: هو كل دسم جامد، وقيل: ما يؤتدم به من الأدهان، قوله:"سَنِخَة" بكسر النون وبالخاء المعجمة: المتغيرة الريح الفاسدة.

ص: 336

‌2 - بَابُ مَنْ رَهَنَ دِرْعَهُ

2509 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(1)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ

(2)

، ثَنَا الأَعْمَشُ

(3)

قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ

(4)

الرَّهْنَ، وَالْقَبِيلَ

(5)

فِي السَّلَمِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: ثَنَا الأَسْوَدُ

(6)

، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ

(7)

طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. [أطرافه: 2068].

‌3 - بَابُ رَهْنِ السِّلَاحِ

(8)

2510 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله

(9)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(10)

"فِي السَّلَمِ" في نـ: "فِي السَّلَفِ".

===

(1)

" مسدد" هو ابن مسرهد الأسدي.

(2)

"عبد الواحد" ابن زياد العبدي مولاهم البصري.

(3)

"الأعمش" هو سليمان بن مهران.

(4)

"إبراهيم" هو ابن يزيد النخعي أبو عمران الكوفي.

(5)

قوله: (والقبيل) إما بالنفس وإما بالمال، وإنما أراد إبراهيم النخعي أن يستدلّ بالحديث بأن الرهن كما جاز في الثمن جاز في المثمن وهو مسلَم، "ك"(11/ 69)، ومرّ الحديث (برقم: 2069) في "البيع".

(6)

"الأسود" ابن يزيد بن قيس النخعي أبو عمرو.

(7)

اسمه أبو الشحم، كما في رواية الشافعي والبيهقي، "قس"(5/ 586).

(8)

قوله: (رَهْنِ السِّلاح) قال ابن المنير: إنما ترجم لرهن السلاح بعد رهن الدرع؛ لأن الدرع ليست بسلاح حقيقة، وإنما هي آلة يتقى بها السلاح، "ف"(5/ 143).

(9)

"علي بن عبد الله" المديني.

(10)

ابن عيينة.

ص: 337

قَالَ عَمْرٌو

(1)

: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله

(2)

يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ

(3)

؟ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم"، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ

(4)

: أَنَا، فَأَتَاهُ فَقَالَ: أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا

(5)

وِسْقًا أَوْ وِسْقَيْنِ، قَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا، وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْق أَوْ وَسْقَيْنِ؟ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا،

"قَدْ آذَى" لفظ "قد" ثبت في ذ. "ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ" في سـ، حـ:"أَتَرْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ". "كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا" كذا في ذ، وفي نـ:"كَيْفَ نَرْهَنُ أَبنَاءَنَا".

===

(1)

" عمرو" هو ابن دينار المكي.

(2)

الأنصاري، "قس"(5/ 587).

(3)

قوله: (من لكعب بن الأشرف) أي: من يتصدى لقتله، وهو اليهودي القرظي الشاعر، وقيل: إنه من طيّئ، وكانت أمه من بني النضير، وكان يعادي النبي صلى الله عليه وسلم ويهجوه، والوسق بفتح الواو وكسرها: ستون صاعًا، قال المازري: إنما قتله لأنه نقض العهد وجاء مع أهل الحرب معينًا عليه، ثم إن ابن مسلمة لم يؤمنه لكن كلّمه في البيع والشراء واستأنس به فتمكَّن منه من غير عهد ولا أمان، وقد قال رجل في مجلس علي رضي الله عنه: إن قتله كان غدرًا، فأمر بقتله فضربت عنقه، لأن الغدر إنما يتصور بعد أمان صحيح، وقد كان كعب مناقضًا للعهد، "كرماني"(11/ 69 - 70)، وسيأتي الحديث في "المغازي" إن شاء الله تعالى.

(4)

أبو عبد الله الأنصاري، شهد بدرًا.

(5)

أي: تُقرضنا.

ص: 338

وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَةَ

(1)

-قَالَ سُفْيَانُ

(2)

: يَعْنِي السِّلَاحَ- فَوَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فأَخْبَرُوهُ. [أطرافه: 3031، 3032، 4037، أخرجه: م 1801، د 2768، س في الكبرى 8641، تحفة: 2524].

‌4 - بَابٌ

(3)

الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ

(4)

، عَنْ إِبْرَاهِيمَ

(5)

: تُرْكَبُ الضَّالَّةُ

(6)

بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَتُحْلَبُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ.

2511 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ

(7)

، ثَنَا زَكَرِيَّاءُ

(8)

، عَنْ عَامِرٍ

(9)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ،

"بِقَدْرِ عَلَفِهَا" في هـ: "بِقَدْرِ عَمَلِهَا" في الموضعين -والأوجه ما في المتن، "ع"(9/ 302) -.

===

(1)

مهموزة، وقد تترك الهمزة، وهي الدرع، قال ابن الأثير: قيل: هي السلاح، "ع"(9/ 301).

(2)

الراوي.

(3)

بالتنوين. [قال الحافظ في "الفتح" (5/ 143): هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه الحاكم (2/ 58) وصححه].

(4)

"قال المغيرة" هو ابن مقسم فيما وصله سعيد بن منصور.

(5)

النخعي.

(6)

أي: ما ضلّ من البهيمة، "ع"(9/ 302).

(7)

"أبو نعيم" هو الفضل بن دكين.

(8)

"زكرياء" هو ابن أبي زائدة.

(9)

"عامر" هو الشعبي.

ص: 339

وَيُشْرَبُ لَبَنُ الدَّرِّ

(1)

إِذَا كَانَ مَرْهُونًا". [طرفه: 2512، أخرجه: د 3526، ت 1254، ق 2440، تحفة: 13540].

2512 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ

(2)

، أَنَا عَبْدُ الله

(3)

، أَنَا زَكَرِيَّاءُ

(4)

،

===

(1)

قوله: (لبن الدَّرِّ) أي: ذات الضرع، ذهب الأكثرون إلى أن منفعة الرهن للراهن ونفقته [عليه]؛ لأن الغنم بالغرم، بدليل أنه لو كان عبدًا فمات كان كفنه عليه، ولأنه روى ابن المسيب عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال:"لا يغلق الرهن صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه"، وقال أحمد وإسحاق: للمرتهن أن ينتفع من المرهون بحلب وركوب دون غيرهما، يقدر بقدر النفقة، واحتجّا بهذا الحديث.

وأجيب عن ذلك بأنه منسوخ بآية الربا، فإنه يؤدي إلى انتفاع المرتهن بمنافع المرهون بدينه، وكل قرضٍ جَرَّ نفعًا فهو ربًا، والأولى أن يجاب بأن الباء في "بنفقته" ليست للبدلية بل للمعيّة، والمعنى أن الظهر يُرْكَب ويُنْفَق عليه، فلا يمنع الرهن الراهن من الانتفاع بالمرهون، ولا يسقط عنه الإنفاق، كما صرّح به في الحديث الآخر، هذا ما قاله الطيبي (6/ 97)، وكذا قاله الكرماني (11/ 71)، ثم قال: والحق أن الحديث مجمل متناوِلٌ لكل من الراهن والمرتهن فلا يُحْمَل على أحدهما إلا بدليل، انتهى.

وقال الشيخ في "اللمعات": وهذا الحديث يدلّ على أن للمرتهن أن ينتفع بالرهن وينفق عليه، والجمهور على خلافه، وفي "الهداية" (2/ 415 - 416): وليس للمرتهن أن ينتفع بالرهن، ونفقة الرهن على الراهن، وقالوا: هذا الحديث منسوخ بالحديث الآتي، وهو حديث مرّ في عبارة الطيبي.

(2)

"محمد بن مقاتل" المروزي.

(3)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(4)

"زكرياء" هو ابن أبي زائدة.

ص: 340

عَنِ الشَّعْبِيِّ

(1)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الظَّهَرُ يُرْكَبُ بنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى اَلَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ". [راجع: 2511].

‌5 - بَابُ الرَّهْنِ عِنْدَ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ

(2)

2513 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ

(3)

، ثَنَا جَرِيرٌ

(4)

، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ

(5)

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَت: اشْتَرَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم منْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. [راجع: 2068].

‌6 - بَابٌ إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ

(6)

وَالْمُرْتَهِنُ وَنَحْوُهُ، فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

"الظَّهَرُ يُرْكَبُ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"الرَّهنُ يُرْكَبُ".

===

(1)

" الشعبي" هو عامر بن شراحيل.

(2)

غرضه جواز معاملة غير المسلمين، "ف"(5/ 145).

(3)

"قتيبة" ابن سعيد الثقفي.

(4)

"جرير" هو ابن عبد الحميد.

(5)

"الأعمش" و"إبراهيم" و "الأسود" تقدموا الآن.

(6)

قوله: (باب إذا اختلف الراهن

) إلخ، اعلم أن المدعي من إذا ترك ترك، والمدعى عليه بخلافه، وأورد المصنف فيه ثلاثة أحاديث، الأول حديث ابن عباس، قوله:"كتبتُ إلى ابن عباس" حذف المفعول وقد ذكره في تفسير آل عمران، قوله:"فكتب إليَّ أن النَّبي صلى الله عليه وسلم" يجوز فتحُ همزة أن، وكسرُها، وسيأتي الكلام على هذا الحديث في "كتاب الشهادات" إن شاء الله تعالى، وأراد المصنف منه الحملَ على عمومه خلافًا لمن قال: إن القول فيه

ص: 341

2514 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى

(1)

، ثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ

(2)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

(3)

قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَكَتَبَ إِليَّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. [طرفاه 2668، 4552، أخرجه: م 1711، د 3619، ت 1342، س 5425، ق 2321، تحفة: 5792].

2515 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(4)

، ثَنَا جَرِيرٌ

(5)

، عَنْ مَنْصُورٍ

(6)

، عَنْ أَبِي وَائِلٍ

(7)

قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله

(8)

: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ،

===

هو قول المرتهن ما لم يجاوز قدرَ الرَّهْن؛ لأن الرهن كالشاهد للمرتهن، قال ابن التين: جنح البخاري إلى أن الرهن لا يكون شاهدًا، كذا في "فتح الباري"(5/ 145).

قال العيني (9/ 306): إذا اختلف الراهن والمرتهن، مثل ما إذا اختلفا في مقدار الدَّين والرهن قائم، فقال الراهن: رهنتُكَ بعشرة دنانير، وقال المرتهن: بعشرين دينارًا، فقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وإسحاق وأبو ثور: القول قول الراهن مع يمينه؛ لأنه ينكر الزيادة، والبينة على المدعي وهو المرتهن، وعن الحسن وقتادة: القول قول المرتهن ما لم يجاوز دَيْنُه قيمة رهنه، انتهى.

(1)

"خلاد بن يحيى" ابن صفوان السلمي الكوفي.

(2)

"نافع بن عمر" ابن عبد الله الجمحي.

(3)

"ابن أبي مليكة" هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، اسمه زهير الأحول.

(4)

"قتيبة بن سعيد" الثقفي.

(5)

"جرير" ابن عبد الحميد.

(6)

"منصور" ابن المعتمر.

(7)

"أبي وائل" شقيق بن سلمة.

(8)

ابن مسعود.

ص: 342

يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ

(1)

، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، ثُمَّ أَنْزَلَ الله تَصْدِيقَ ذَلِكَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} فَقَرَأَ إِلَى {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. [راجع: 2356، أخرجه: م 138، د 3243، ت 1269، س في الكبرى 5991، ق 2322، تحفة: 9304].

2516 -

ثُمَّ إِنَّ أَشْعَثَ بْنَ قَيْسِ

(2)

خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(3)

؟ قَالَ: فَحَدَّثْنَاهُ، قَالَ: فَقَالَ: صَدَقَ، لَفِيَّ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"شَاهِدَاكَ أوْ يَمِينُهُ". قُلْتُ: إِذَنْ يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا

"ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"فَأَنْزَلَ اللهُ". "أَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ" في نـ: "الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ". "لَفِيَّ أُنْزِلَتْ" في نـ: "فِيَّ أُنْزلَتْ". "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"شَاهِدُكَ أَوْ يَمِينُهُ". "قُلْتُ: إذَنْ يَحْلِفُ" في نـ: "قُلْتُ: إنَّهُ إذَنْ يَحْلِفُ" مصحح عليه.

===

(1)

قوله: (وهو فيها فاجر) أي: كاذب، وهو من باب الكناية، إذ الفجور لازم الكذب، وإطلاق الغضب على الله من باب المجاز، إذ المراد لازمه وهو إرادة إيصال العذاب، و"الأشعث" بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح المهملة وبالمثلثة، و"أبو عبد الرحمن" كنية عبد الله بن مسعود، وقوله:"شاهداك" أي: لك ما يشهد به شاهداك، "أو يمينه"، وهو محل الترجمة، كذا في "الكرماني"(11/ 72)، ومرّ الحديث (برقم: 2356) في "كتاب الشرب".

(2)

الكندي، "قس"(5/ 593).

(3)

يعني ابن مسعود، "قس"(5/ 593).

ص: 343

مَالًا وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إِلَى قَولِهِ: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. [راجع: 2357].

" وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ". "فَأَنْزَلَ اللهُ" في ذ: "ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ".

* * *

ص: 344

بسم الله الرحمن الرحيم

[49 - كِتَابُ الْعِتْقِ]

‌1 - فِي الْعِتْقِ وَفَضْلِهِ

(1)

وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {فَكُّ رَقَبَةٍ

(2)

* أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ

(3)

* يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ

(4)

} [البلد: 13 - 15].

"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، فِي الْعِتْقِ وَفَضْلِهِ" كذا في كـ، وفي بو:" {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، بَابٌ فِي الْعِتْقِ وَفَضْلِهِ"، وفي سفـ:"كتابُ العتقِ، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، بَابٌ فِي الْعِتْق وَفَضْلِهِ"، وفي سـ، ذ:"كتابُ العتقِ، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، فِي العِتْقِ وَفَضْلِهِ". " {أَوْ إِطْعَامٌ} " في ذ: "أَوْ أَطْعَمَ".

===

(1)

قوله: ({بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، في العتق وفضله) كذا للأكثر، زاد ابن شبويه بعد البسملة "باب" وزاد المستملي قبل البسملة، "كتاب العتق" ولم يقل: باب، وأثبتهما النسفي. والعتق بكسر المهملة: إزالة الملك، يقال: عتق يعتق عتقًا بكسر أوله [ويفتح] وعتاقًا، قال الأزهري: وهو مشتق من قولهم: عتق الفرخ إذا طار؛ لأن الرقيق يخلص بالعتق ويذهب حيث شاء، "فتح الباري"(5/ 146).

(2)

قوله: ({فَكُّ رَقَبَةٍ}) المراد بفكِّ الرقبة تخليص الشيء من الرقِّ، من تسمية الشيء باسم بعضه، وإنما خُصَّت بالذكر إشارة إلى أن حكم السيد عليه كالغلِّ في رقبته، فإذا أعتق فَكَّ الغلّ من عنقه، وجاء في حديث صحيح:"أن فكَّ الرقبة مختصّ بمن أعان في عتقها حتى يعتقِ" وإذا ثبت الفضل في الإعانة على العتق ثبت الفضل في التفرد بالعتق من باب الأولى، "فتح الباري"(5/ 146).

(3)

أي: مجاعة، يقال: سغَب يسغُب سُغوبًا: إذا جاع، "ع"(9/ 310).

(4)

أي: ذا قرابة، "ع"(9/ 310).

ص: 345

2517 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ

(1)

، ثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ

(2)

، ثَنِي وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ

(3)

، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ

(4)

صَاحِبُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ

(5)

قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا رَجُلٌ

(6)

أَعْتَقَ امْرَءًا مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ

(7)

عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ

(8)

". قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ

(9)

: فَانْطَلَقْتُ بِهِ

(10)

إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ

(11)

، فَعَمَدَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِلَى عَبْدٍ

(12)

لَهُ قَدْ أَعْطَاهُ

(13)

بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ

"عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ" كذا في ذ، وفي نـ:"عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ" في المواضع الثلاثة. "قَالَ النَّبِيُّ" في نـ: "قَالَ رَسُولُ اللهِ". "فَانْطَلَقْتُ بِهِ" لفظ "بهِ" ثبت في ذ.

===

(1)

" أحمد بن يونس" اليربوعي التميمي.

(2)

"عاصم بن محمد" ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

(3)

"واقد بن محمد" ابن زيد أخو عاصم المذكور.

(4)

"سعيد بن مرجانة" هو سعيد بن عبد الله ومرجانة أمه، أخت اللؤلؤة أم سعيد، "ك"(11/ 75).

(5)

"علي بن الحسين" ابن علي بن أبي طالب، وهو زين العابدين.

(6)

بالجر وبالرفع على البدلية، "ك"(11/ 75).

(7)

أي: خلص بكل عضو منه، "ع"(9/ 312).

(8)

"حتى فرجه بفرجه"، كما سيأتي في "كفارات الأيمان".

(9)

هو موصول بالإسناد المذكور، "ف"(5/ 147).

(10)

أي: بالحديث، "ع"(9/ 312).

(11)

الملقّب بزين العابدين.

(12)

هو: عثمان.

(13)

أي: قد أعطى عليَّ بنَ الحسين، "به" أي: بمقابلة العبد

ص: 346

جَعْفَرٍ

(1)

عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ -أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ- فَأَعْتَقَهُ. [طرفه: 6715، أخرجه: م 1509، ت 1541، س في الكبرى 4874، تحفة: 13088].

‌2 - بَابٌ

(2)

أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ

(3)

؟

2518 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى

(4)

، عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ

(5)

، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ

(6)

، عَنْ أَبي ذَرٍّ

(7)

قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِيمَانٌ بِالله، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ"، قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَعْلَاهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا

(8)

عِنْدَ أَهْلِهَا"،

"أَعْلَاهَا ثَمَنًا" -بالعين المهملة-، كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ، سفـ:"أغْلَاهَا ثَمَنًا" -بالغين المعجمة-.

===

"عبد الله بن جعفر" وهو مرفوع؛ لأنه فاعل، والضمير المنصوب فيه مفعوله الأول، وقوله:"عشرة آلاف درهم" مفعوله الثاني، "ع"(9/ 312).

(1)

ابن أبي طالب، وهو ابن عمّ والد علي بن الحسين، "ف"(5/ 147).

(2)

بالتنوين، "قس"(5/ 596).

(3)

يعني للعتق.

(4)

"عبيد الله بن موسى" ابن باذام العبسي الكوفي.

(5)

ابن الزبير بن العوام، "قس"(5/ 596).

(6)

قوله: (أبي مراوح) بضمّ الميم وتخفيف الراء وكسر الواو وفي أخره حاء مهملة، وفي رواية مسلم:"الليثي" ويقال: الغفاري، قيل: اسمه سعد، والأصحّ أنه لا يُعْرَف له [اسم]، وهو مدني، من كبار التابعين، "ف"(5/ 148)، "ع"(9/ 313).

(7)

"أبي ذر" هو جندب بن جنادة الغفاري.

(8)

أي: أكثرها رغبة.

ص: 347

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: "تُعِينُ صَانِعًا

(1)

أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ

(2)

"، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: "تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ". [أخرجه: م 84، س في الكبرى 4894، ق 2523، تحفة: 12004].

‌3 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْعَتَاقَةِ

(3)

فِي الْكُسُوفِ وَالآيَاتِ

"قُلْتُ" في نـ: "قَالَ" في الموضعين. "صَانِعًا" في شحج: "ضَائِعًا" -بالضاد المعجمة والهمزة-. "وَالآيَاتِ" في بو، قتـ، ذ:"أَوِ الآيَاتِ".

===

(1)

قوله: (تعين صانعًا) بالصاد المهملة والنون، وروي بضاد معجمة وبهمزة بدل نون، والأول أصحّ لمقابلته بالأخرق، كذا في "المجمع"(3/ 362)، وقال السيوطي في "التوشيح" (4/ 1743): هو بالضاد المعجمة وبعد الألف تحتية بالاتفاق، وخَبَطَ من قال من شراح "البخاري" أنه روي بالصاد المهملة والنون للاتفاق على أن هشامًا إنما رواه بالمعجمة والياء، وقد نسبه الزهري إلى التصحيف

(1)

، ووافقه الدارقطني لمقابلته بالأخرق، وهو الذي ليس بصانع، ولا يحسن العمل، وقد رجّحت رواية هشام بأن المراد بالضائع: ذو الضياع من فقر أو عيال، وقال أهل اللغة: رجل أخرق لا ضيعة له، والجمع خرق بضم ثم سكون، انتهى.

(2)

هو الذي ليس في يده صنعة.

(3)

قوله: (من العتاقة) بفتح العين، ووَهِمَ مَن كَسَرَها، يقال: عتق يعتق عتاقًا وعتاقة، والمراد الإعتاق وهو ملزوم العتاقة، قوله:"أو الآيات" كذا لأبي ذر وابن شبويه وأبي الوقت، وللباقين:"والآيات" بغير ألف، و"أو" للتنويع لا للشكِّ، وقال الكرماني: أو بمعنى الواو، أو بمعنى بل؛

(1)

وفي "عمدة القاري"(9/ 315): والصواب قول الزهري.

ص: 348

2519 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ

(1)

، ثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

(2)

، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ

(3)

، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكرٍ قَالَتْ: أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ. تَابَعَهُ عَلِيٌّ

(4)

، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ

(5)

، عَنْ هِشَامٍ

(6)

. [راجع: 86، أخرجه: د 1192، تحفة: 15751].

2520 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ

(7)

،

"أَمَرَ النَّبِيُّ" في نـ: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ".

===

لأن عطف الآيات على الكسوف من عطف العام على الخاصّ، وليس في حديث الباب سوى الكسوف، فكأنه أشار به إلى قوله في بعض طرقه:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يخوِّف الله بهما عبادَه"، وأكثر ما يقع التخويف بالنار، فناسب وقوع العتق الذي يعتق من النار، كذا في "الفتح"(5/ 150).

قال الكرماني (11/ 76): كيف دلّ الحديث على استحباب العتاقة في الآيات؟ قلت: بالقياس على الكسوف؛ لأنه أيضًا آية، انتهى.

(1)

"موسى بن مسعود" أبو حذيفة النهدي البصري.

(2)

ابن الزبير بن العوام.

(3)

ابن الزبير بن العوام، زوجة هشام، "قس"(5/ 598).

(4)

أي: ابن حُجر، "ك"(11/ 77)، [قال بعضهم هو علي ابن المديني] شيخ المؤلف، "ع"(9/ 316)، يعني ابن المديني، وهو وهم من قال: ابن حُجر، "ف"(5/ 150).

(5)

هو عبد العزيز.

(6)

ابن عروة، "قس"(5/ 599).

(7)

"محمد بن أبي بكر" المقدمي.

ص: 349

ثَنَا عَثَّامٌ

(1)

، ثَنَا هِشَامٌ

(2)

، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: كُنَّا نُؤْمَرُ عِنْدَ الْكُسُوفِ بِالْعَتَاقَةِ. [أطرافه: 86، أخرجه: د 1192، تحفة: 15751].

‌4 - بَابٌ

(3)

إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ

(4)

أَوْ أَمَةً بَيْنَ الشُّرَكَاءِ

2521 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(5)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(6)

، عَنْ عَمْرٍو

(7)

، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ

(8)

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَعْتِقُ". [راجع: 2491، أخرجه: م 1501، د 3947، س في الكبرى 4941، تحفة: 6788].

"عِنْدَ الْكُسُوفِ" في نـ: "عِنْدَ الْخُسُوفِ".

===

(1)

" عثام" بفتح المهملة وشدة المثلثة هو ابن علي بن الوليد العامري الكوفي.

(2)

"هشام" ومن بعده هم المذكورون.

(3)

بالتنوين.

(4)

قوله: (إذا أعتق عبدًا بين اثنين) وكذا بين الثلاثة فصاعدًا كما في الأَمَة، وإنما خصّص العبد بالاثنين محافظة على لفظ الحديث، كذا في الكرماني (11/ 77)، قال في "الفتح" (5/ 151): قال ابن التين: أراد أن العبد كالأمة لاشتراكهما في الرقِّ، قال: وقد بيّن في حديث ابن عمر في آخر الباب أنه كان يفتي فيهما بذلك، انتهى، وكأنه أشار إلى رَدّ قول إسحاق بن راهويه: إن هذا الحكم مختص بالذكور، وهو خطأ.

(5)

"علي بن عبد الله" المديني.

(6)

ابن عيينة، "ع"(9/ 317).

(7)

"عمرو" هو ابن دينار.

(8)

"سالم عن أبيه" عبد الله بن عمر.

ص: 350

2522 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(1)

، أَنَا مَالِكٌ

(2)

، عَنْ نَافِعٍ

(3)

، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ

(4)

حِصَصَهُمْ

(5)

، وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ". [راجع: 2491، أخرجه: م 1501، د 3940، س فَي الكبرى 4957، ق 2528، تحفة: 8328].

2523 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(6)

، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ

(7)

، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ

(8)

، عَنْ نَافِعٍ

(9)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:

"مَالٌ يَبْلُغُ" كذا في هـ، وفي كـ، سـ، حـ:"مَا يَبْلُغُ". "عليه" ثبت في صـ، ذ. "العَبدُ" ثبت في ذ.

===

(1)

" عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(2)

"مالك" هو الإمام المدني.

(3)

"نافع" مولى ابن عمر.

(4)

قوله: (فأعطى شركاءه) كذا للأكثر على البناء للفاعل و"شركاءَه" بالنصب، ولبعضهم "فأُعطي" على البناء للمفعول و"شركاؤه" بالضمّ، "فتح"(5/ 153)، "ع"(9/ 319)، ومرّ بيان الحديثين في "باب تقويم الأشياء" (برقم: 2491)، وسيجيء أيضًا بعض بيانه.

(5)

أي: قيمة حِصَصهم، "ع"(9/ 319).

(6)

"عبيد بن إسماعيل" أبو محمد القرشي الهباري.

(7)

"أبي أسامة" حماد بن أسامة.

(8)

"عبيد الله" ابن عمر بن حفص العمري.

(9)

مولى ابن عمر.

ص: 351

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا

(1)

لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ

(2)

، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُقَوَّمُ عَلَيهِ قِيمَةَ عَدْلٍ عَلى الْمُعْتِقِ

(3)

، فَأُعْتِقَ مِنْهُ مَا أُعْتَقَ

(4)

". [راجع: 2491، تحفة: 7842].

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(5)

، ثَنَا بِشْرُ بنُ الْمُفَضَّلِ

(6)

، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ

(7)

اخْتَصَرَهُ. [أخرجه: س في الكبرى 4950، تحفة: 7813].

===

(1)

أي: نصيبًا.

(2)

أي: عتق العبد كله، "ف"(5/ 153).

(3)

قوله: (فإن لم يكن له مال يقوَّم عليه قيمة عدل على المعتق) هكذا في الرواية، وظاهرها أن التقويم يشرع في حق من لم يكن له مال، وليس كذلك، بل قوله:"يقوَّم" ليس جوابًا للشرط بل هي صفة من له المال، والمعنى أن من لا مال له بحيث يقع عليه اسم التقويم، فالعتق يقع في نصيبه خاصّة، وجواب الشرط هو قوله:"فأُعْتِق منه ما أُعْتِق"، والتقدير: فقد أُعْتِق منه ما أُعتق، "فتح الباري"(5/ 154).

(4)

قوله: (فأعتق منه ما أعتق) على صيغة المجهول كلاهما، وهذا جزاء الشرط؛ لأن قوله:"يقوَّم عليه" صفة "مال" وليس بجزاء، فافهم، هذا ما قاله العيني (9/ 319)، لكن في النسخة المنقول عنه "فأعتق" الأولى بلفظ المجهول، والثانية بلفظ المعروف، وكذا في نسخة أخرى مثل المنقول عنه، وفي حاشيتها صرّح الأولى بلفظ المجهول، والثانية بلفظ المعروف، والمحشي اسمه عثمان.

(5)

"مسدد" هو ابن مسرهد الأسدي.

(6)

"بشر بن المفضل" ابن لاحق الرقاشي.

(7)

"عبيد الله" ابن عمر العمري.

ص: 352

2524 -

ح وَثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ

(1)

، ثَنَا حَمَّادٌ

(2)

، عَنْ أَيُّوبَ

(3)

، عَنْ نَافِعٍ

(4)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

(5)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوَكٍ أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ، فَهُوَ عَتِيقٌ". قَالَ نَافِعٌ

(6)

: وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ

(7)

.

"ح وَثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ" في ذ: "وَثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ"."ثَنَا حَمَّادٌ" زاد في ذ: "ابنُ زَيدٍ". "فَكَانَ لَهُ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"وَكَانَ لَهُ". "عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ" في ذ: "أُعْتِقَ مِنهُ مَا أَعْتَقَ".

===

(1)

" أبو النعمان" هو محمد بن الفضل السدوسي.

(2)

"حماد" هو ابن زيد الجهضمي أبو إسماعيل البصري.

(3)

"أيوب" السختياني.

(4)

"نافع" مولى ابن عمر.

(5)

"ابن عمر" هو عبد الله.

(6)

مولى ابن عمر.

(7)

قوله: (وإلا فقد عتق منه ما عتق) مرّ بيانه (برقم: 2491)، قال ابن عبد البر: لا خلاف أن التقويم لا يكون إلا على الموسر، ثم اختلفوا في وقت العتق، فقال الجمهور والشافعي في الأصحّ وبعضُ المالكية: إنه يعتق في الحال، وحجتهم رواية أيوب المذكورة حيث قال:"فهو عتيق"، وروى الطحاوي من طريق ابن أبي ذئب عن نافع:"فكان للذي يعتق [نصيبه] ما يبلغ ثمنه، فهو عتيق كلّه"، والمشهور عند المالكية: أنه لا يعتق إلا بدفع القيمة، فلو أعتق الشريك قبل أخذ القيمة نفذ عتقه، وهو أحد أقوال الشافعي رحمه الله.

قوله: "حدثنا أحمد بن المقدام" إلى آخره، هذا طريق آخر فيما روي عن ابن عمر، أشار به إلى أنه روى الحديث المذكور وأفتى بما يقتضيه ظاهره في حق الموسر، ليردّ بذلك على من لم يقل به، هذا كله من "العيني"(9/ 320).

ص: 353

قَالَ أَيُّوبُ

(1)

لَا أَدْرِي أَشَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ، أَوْ شَيْءٌ فِي الْحَدِيثِ؟ [راجع: 2491، أخرجه: م 1501، د 3942، ت 1346، س 4699، تحفة: 7511].

2525 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ

(2)

، ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ

(3)

، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ

(4)

، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

(5)

: أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي فِي الْعَبْدِ أَوِ الأَمَةِ، يَكُونُ بَيْنَ شُرَكَاءَ، فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْهُ، يَقُولُ: قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ، إِذَا كَانَ لِلَّذِي أَعْتَقَ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ

(6)

، يُقَوِّمُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، وَيُدْفَعُ إِلَى الشُّرَكَاءِ أَنْصِبَاؤُهُمْ، وَيُخَلَّي سَبِيلُ الْمُعْتَقِ

(7)

. يُخْبِرُ بِذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَاهُ اللَّيْثُ

(8)

وَابْنُ أَبِيَ ذِئْبٍ

(9)

"يَكُونُ بيْنَ شُرَكَاءَ" في نـ: "تَكُونُ بَيْنَ شُرَكَاءَ".

===

(1)

السختياني.

(2)

"أحمد بن المقدام" هو الأشعث البجلي البصري.

(3)

"فضيل بن سليمان" الضمير.

(4)

"موسى بن عقبة" صاحب المغازي.

(5)

"نافع" و"ابن عمر" تقدما.

(6)

مفعوله محذوف، أي: ما يبلغ ثمنَه، "ع"(9/ 320).

(7)

بفتح التاء، أي: العتيق، "ع"(9/ 320).

(8)

"ورواه الليث" ابن سعد الإمام، فيما وصله مسلم [ح: 1501] والنسائي [ح: 4698].

(9)

"وابن أبي ذئب" هو محمد، فيما وصله أبو نعيم في "مستخرجه". ["تغليق التعليق" (3/ 339)].

ص: 354

وَابْنُ إِسْحَاقَ

(1)

وَجُوَيْرِيَةُ

(2)

وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ

(3)

وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ

(4)

، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُخْتَصَرًا

(5)

. [راجع: 2491، أخرجه: م 1501، د 3944، س في الكبرى 4952، 4958، تحفة: 8480، 8283، 8408، 7617، 8521، 7497، 8431].

‌5 - بَابٌ

(6)

إِذَا أَعْتَقَ

(7)

نَصِيبًا فِي عَبْدٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ،

===

(1)

" ابن إسحاق" محمد صاحب المغازي فيما وصله أبو عوانة. [3/ 225، برقم: 4750].

(2)

"جويرية" ابن أسماء الضبعي فيما وصله المؤلف في "الشركة"[ح: 2502].

(3)

"يحيى بن سعيد" الأنصاري فيما وصله مسلم [ح: 1501].

(4)

"إسماعيل بن أمية" فيما وصله عبد الرزاق [ح: 16714] كلهم "عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مختصرًا".

(5)

يعني لم يذكروا الجملة الأخيرة في حق المعسر، وهي قوله:"فقد عتق منه ما عتق"، "ع"(9/ 321).

(6)

بالتنوين.

(7)

قوله: (باب إذا أعتق

) إلخ، والاستسعاء أن يكلَّف العبد الاكتساب حتى تحصل قيمة نصيب الشريك، قال ابن حجر: أشار البخاري بهذه الترجمة إلى أن المراد بقوله في حديث ابن عمر: "وإلا فقد عتق منه ما عتق" أي: وإلا فإن كان المعتِق لا مال له يبلغ قيمة بقية العبد فقد تنجَّز عتق الجزء الذي كان يملكه، وبقي الجزء الذي كان لشريكه على ما كان عليه أولًا، إلى أن يستسعى العبد في تحصيل القدر الذي يخلص به باقيه من الرقّ إن قوي على ذلك، فإن عجز نفسه استمرّت حصة الشريك موقوفة، وهو مصير منه إلى القول بصحة الحديثين جميعًا والحكم برفع الزيادتين معًا، وهما قوله في حديث ابن عمر:"وإلا فقد عتق منه ما عتق" وقد تقدّم بيان من جزم بأنها

ص: 355

اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ

(1)

، عَلَى نَحْوِ الْكِتَابَةِ

2526 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ

(2)

، ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ

(3)

، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ

(4)

، ثَنِي النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ

(5)

، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ

(6)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ عَبْدٍ". [راجع: 2492].

2527 -

ح وَثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ

(7)

، ثَنَا سَعِيدٌ

(8)

، عَنْ قَتَادَةَ

(9)

عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ

(10)

، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ

(11)

،

"حَدَّثَنَا أَحْمَدُ" في ذ: "حَدَّثَنِي أَحْمَدُ".

===

من جملة الحديث، وبيان من توقّف فيها وجزم بأنها من قول نافع، "فتح"(5/ 156).

(1)

أي: لا يكلَّف ما يشقُّ عليه، "ع"(9/ 321).

(2)

"أحمد بن أبي رجاء" اسمه عبد الله بن أيوب أبو الوليد الحنفي الهروي.

(3)

"يحيى بن آدم" ابن سليمان القرشي.

(4)

ابن دعامة السدوسي.

(5)

ابن مالك.

(6)

البصري السدوسي، "قس"(5/ 605).

(7)

أبو معاوية البصري، "قس"(5/ 605).

(8)

"سعيد" هو ابن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم.

(9)

ابن دعامة.

(10)

المذكور.

(11)

البصري السدوسي، "قس"(5/ 605).

ص: 356

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ

(1)

: "مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا أَوْ شَقِيصًا

(2)

فِي مَمْلُوكٍ، فَخَلَاصُهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ، فَاسْتُسْعِيَ بِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ". تَابَعَهُ حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ

(3)

وَأَبَانُ

(4)

وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ

(5)

عَنْ قَتَادَةَ. اخْتَصَرَهُ

(6)

شُعْبَةُ

(7)

. [راجع: 2492].

‌6 - بَابُ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ فِي الْعَتَاقَةِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ

(8)

===

(1)

مرّ الحديث مع بيانه (برقم: 2492).

(2)

أي: نصيبًا، شك من الراوي.

(3)

الأسلمي الباهلي، "قس"(5/ 606).

(4)

"أبان" ابن يزيد العطار، فيما أخرجه أبو داود والنسائي، "قس"(5/ 606).

(5)

"موسى بن خلف" العَمّي، فيما وصله الخطيب، كلُّهم عن قتادة، "قس"(5/ 606).

(6)

قوله: (اختصره شعبة) وكأنه جواب سؤال مقدّر، وهو أن شعبة أحفظ الناس لحديث قتادة، فكيف لا يذكر الاستسعاء؟ فأجاب بأن هذا لا يؤَثّر فيه ضعفًا لأنه أورده مختصرًا، وغيره بتمامه، والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، ورواية شعبة أخرجها مسلم والنسائي من طريق غندر عنه عن قتادة بإسناده، "قسطلاني"(5/ 606).

(7)

ابن الحجاج، "قس"(5/ 606).

(8)

قوله: (ونحوه) أي: من التعليقات، أي: لا يقع شيء منها إلا بالقصد، كأنه أشار إلى ردِّ ما روي عن مالك أنه يقع الطلاق والعتاق عامدًا كان أو مخطئًا، ذاكرًا كان أو ناسيًا، وقد أنكره كثير من أهل مذهبه، قال الداودي: وقوع الخطأ في الطلاق والعتاق أن يريد أن يلفظ بشيء غيرهما فيسبق لسانه إليهما، وأما النسيان ففيما إذا حلف ونسي،

ص: 357

وَلَا عَتَاقَةَ إِلَّا لِوَجْهِ اللَّهِ

(1)

وَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

(2)

: "لِكُلِّ امْرئٍ مَا نَوَى

(3)

" وَلَا نِيَّةَ لِلنَّاسِي وَالْمُخْطِئِ

(4)

"وَالْمُخْطِئِ" في قا: "وَالخَاطِئ".

===

وقال الحنفية: طلاق الناسي والخاطئ والهازل واللاعب والذي تكلم به من قصدٍ واقعٌ

(1)

؛ لأنه كلام صحيح صادر من عاقل بالغ، كذا في "القسطلاني"(5/ 608) و"الفتح"(5/ 160).

(1)

أراد المصنّف بذلك إثبات اعتبار النية؛ لأنه لا يظهر كونه لوجه الله إلا مع القصد، وأشار إلى الردِّ على من قال: من أعتق عبده لوجه الله أو للشيطان أو للصنم عتق لوجود ركن الإعتاق، والزيادة على ذلك لا تخلّ بالعتق، قاله في "الفتح"(5/ 160).

(2)

فيما سبق موصولًا في حديث عمر بن الخطاب، "قس"(5/ 609).

(3)

أراد به التأكيد لِما سبق من عدم وقوع العتاق إذا كان لغير وجه الله؛ لأن الأعمال بالنيّات، "ع"(9/ 324).

(4)

قوله: (ولانية للناسي والمخطئ) وفي رواية القابسي: "الخاطئ"، المخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطئ من تعمّد لما لا ينبغي، وأشار المصنف بهذا الاستنباط إلى بيان أخذ الترجمة من حديث "الأعمال بالنيات"، ويحتمل أن يكون أشار بالترجمة إلى ما ورد في بعض الطرق كعادته، وهو الحديث الذي يذكره أهل الفقه والأصول كثيرًا بلفظ:"رفع الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكْرِهوا عليه"، أخرجه ابن ماجه (برقم: 2043)، كذا في "الفتح"(5/ 160).

(1)

في الأصل: "قطع"، والتصويب من "العيني".

ص: 358

2528 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ

(1)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(2)

، ثَنَا مِسْعَرٌ

(3)

، عَنْ قَتَادَةَ

(4)

، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ

(6)

لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ

(7)

أَوْ تَكَلَّمْ". [طرفاه 5269، 6664، أخرجه: م 127، د 2209، ت 1183، س 3434، ق 2040، تحفة: 12896].

"حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ" في ذ: "حَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ".

===

(1)

هو عبد الله بن الزبير، "قس"(5/ 609).

(2)

ابن عيينة.

(3)

ابن كِدام، "قس"(5/ 609).

(4)

ابن دعامة.

(5)

من ثقات التابعين، "قس"(5/ 609).

(6)

أي: عفا.

(7)

قوله: (ما وسوسَتْ به صدورها ما لم تعمل) أي: في العمليات، "أو تكلَّم" في القوليات، الوسوسة تردُّدُ الشيء في النفس من غير أن تطمئنّ إليه وتستقرّ عنده، قاله العيني (9/ 326).

اعلم أن لأعمال القلب أربع مراتب: الأول: الخاطر، كما لو خطر له صورة امرأة مثلًا خلف ظهره في الطريق لو التفت إليها لرآها، والثاني: هيجان الرغبة إلى الالتفات إليها، ويسمى ميل الطبع، والأول حديث النفس، والثالث: حكم القلب بأن ينظر إليها ويسمى اعتقادًا، والرابع: تصميم العزم على الالتفات وجزم النية، ويسمى عرفًا بالقلب، أما الأولان: فلا يؤاخَذُ بهما، وهما المراد بحديث الباب، وأما الثالث: فالاختياري منه يؤاخَذُ به، والاضطراري لا يؤاخذ به، وأما الرابع: فإنه يؤاخَذُ به، كذا في "الإحياء"(3/ 37).

ص: 359

2529 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ

(1)

، عَنْ سفْيَانَ

(2)

، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ

(3)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ

(4)

، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ

(5)

". [راجع: 1].

‌7 - بَابٌ

(6)

إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: هُوَ لِلَّهِ، وَنَوَى الْعِتْقَ، وَالإِشْهَادُ

(7)

فِي الْعِتْقِ

"لِدُنْيَا" كذا في هـ، وفي ك:"إلَى دُنْيَا". "إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ" في مه، صـ:"إذَا قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِهِ".

===

قال في "الفتح"(5/ 161): قيل: لا مطابقة بين الحديث والترجمة؛ لأن الترجمة في النسيان، والحديث في حديث النفس، وأجاب الكرماني (11/ 82) بأنه أشار إلى إلحاق النسيان بالوسوسة، فكما أنه لا اعتبار للوسوسة لأنها لا تستقرّ، فكذلك الخطأ والنسيان لا استقرار لكل منهما، كذا في "العيني"(9/ 325).

(1)

هو أبو عبد الله العبدي البصري، "قس"(5/ 611).

(2)

الثوري "ع"(9/ 328).

(3)

الأنصاري، "قس"(5/ 611).

(4)

القرشي المدني، "قس"(5/ 611).

(5)

قد مرّ هذا الحديث في أول الكتاب (برقم: 1).

(6)

بالتنوين، "قس"(5/ 612).

(7)

قوله: (والإشهاد) بالرفع، وفيه حذف تقديره: باب يذكر فيه

ص: 360

2530 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ

(1)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ

(2)

، عَنْ إِسْمَاعِيلَ

(3)

، عَنْ قَيْسٍ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ لَمَّا أَقْبَلَ يُرِيدُ الإِسْلَامَ وَمَعَهُ غُلَامُهُ، ضَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا غُلَامُكَ قَدْ أَتَاكَ"، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ حُرٌّ، قَالَ: فَهُوَ حِينَ يَقُولُ:

"بَعْدَ ذَلِكَ" في ذ: "بَعْدَ ذَاكَ".

===

الإشهاد "في العتق". قوله: "يريد الإسلام" جملة حالية، وكذا قوله:"ومعه غلامه" جملة حالية، قوله:"ضلّ" أي: تاه كلُّ واحد منهما، وذهب إلى ناحية، قوله:"وعنائها" بفتح المهملة وتخفيف النون، أي: تعبها ومشقتها، قوله:"دارةِ الكفر" هي دارة الحرب، والدارة أخصّ من الدار، ويروى:"دارةِ" بالإضافة إلى الضمير، وحينئذٍ يكون "الكفر" بدلًا منه بدل الكل من الكل.

فإن قلت: الشعر لمن؟ قلت: ظاهره أنه لأبي هريرة، ولكنه غير مشهور بالشعر، وحكى ابن التين أنه لغلامه، وحكى الفاكهي أن البيت المذكور لأبي مرثد الغنوي في قصة له، فإذا كان كذلك يكون أبو هريرة قد تمثّل به.

قال ابن بطال: فيه العتق عند بلوغ الأمل والنجاة مما يخاف، كما فعل أبو هريرة حين أنجاه الله من دار الكفر ومن ضلاله في الليل عن الطريق، وكان إسلام أبي هريرة في سنة ست من الهجرة، "عمدة القاري"(9/ 328 - 329).

(1)

الهمداني، "قس"(5/ 612).

(2)

"محمد بن بشر" العبدي الكوفي.

(3)

"إسماعيل" ابن أبي خالد الأحمسي البجلي.

(4)

هو ابن أبي حازم، واسمه عوف، "قس"(5/ 612).

ص: 361

يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا

عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ

[أطرافه: 2531، 2532، 4393، تحفة: 14294].

2531 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ

(1)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(2)

، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(3)

، عَنْ قَيْسٍ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ:

يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا

عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ

قَالَ: وَأَبَقَ مِنِّي غُلَامٌ فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلَامُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا غُلَامُكَ"، فَقُلْتُ: هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَأَعْتَقْتُهُ

(5)

. قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ: لَمْ يَقُلْ أَبُو كُرَيْبٍ

(6)

، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ: حُرٌّ. [راجع: 2530].

"غُلَامٌ فِي الطَّرِيقِ" في نـ: "غُلَامٌ لِي فِي الطَّرِيقِ". "فَلَمَّا قَدِمْتُ" في نـ: "قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ". "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ" في نـ: "يَا بَا هُرَيْرَةَ". "قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ" ثبت في ذ.

===

(1)

" عبيد الله بن سعيد" السرخسي اليشكري أبو قدامة.

(2)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة.

(3)

"إسماعيل" ابن أبي خالد الأحمسي.

(4)

"قيس" هو ابن أبي حازم البجلي.

(5)

ليس المراد أنه أعتقه بعد هذا بلفظ آخر، فعلى هذا تكون الفاء تفسيريّةً، "ع"(9/ 330).

(6)

أي: لم يقل محمد بن العلاء شيخ المؤلف في روايته عن أبي أسامة: "حرٌّ"، بل قال:"هو لوجه الله فأعتقه"، "ع"(9/ 330)، "قس"(5/ 614).

ص: 362

2532 -

حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ

(1)

، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ الرُّؤَاسِيُّ

(2)

، عَنْ إِسْمَاعِيلَ

(3)

، عَنْ قَيْسٍ

(4)

قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَمَعَهُ غُلَامُهُ، وَهُوَ يَطْلُبُ الإِسْلَامَ، فَضَلَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ

(5)

بِهَذَا، وَقَالَ: أَمَا إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ لِلَّهِ. [راجع: 2530].

‌8 - بَابُ أُمِّ الْوَلَدِ

(6)

"حَدَّثَنَا شِهَابُ" في ذ: "حَدَّثَنِي شِهَابُ".

===

(1)

أبو عُمر العبدي الكوفي، "قس"(5/ 614).

(2)

قوله: (الرؤاسي) بضم الراء وبعدها همزة: نسبة إلى رؤاس بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، "جامع"(12/ 402).

(3)

السابق.

(4)

ابن أبي حازم.

(5)

قوله: (فَضَلَّ أحدُهما صاحبَه) أصله التعدية بالحرف كما مرّ في الطريق الأول، ونصب "صاحبه" هنا بنزع الخافض، كما في قوله تعالى:{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ} [الأعراف: 155]، أي: من قومه، وقال الكرماني (11/ 84): قد جاء متعدِّيًا بنفسه في الأشياء الثابتة كما يقال: ضللت المسجد والدار، إذا لم يعرف موضعهما، كذا في "العيني"(9/ 330 - 331).

(6)

قوله: (باب أم الولد) ولم يذكر الحكم ما هو، فكأنه تركه للخلاف فيه، قال أبو عمر: اختلف السلف والخلف من العلماء في عتق أم الولد وجواز بيعها، فالثابت عن عمر رضي الله عنه عدم جواز بيعها، وروي مثل ذلك عن عثمان وعمر بن عبد العزيز، وهو قول أكثر التابعين، منهم الحسن وعطاء ومجاهد وسالم وابن شهاب وإبراهيم، وإلى ذلك ذهب مالك والثوري والأوزاعي والليث وأبو حنيفة والشافعي في أكثر كتبه، وقد أجاز بيعها في

ص: 363

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بعض كتبه، وقال المزني: قَطَعَ في أربعة عشر موضعًا من كتبه بأن لا تباع، وهو الصحيح من مذهبه، وعليه جمهور أصحابه، وهو قول أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور، وكان أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وابن عباس وابن الزبير وجابر وأبو سعيد الخدري يجيزون بيع أمِّ الولد، وبه قال داود، وقال جابر وأبو سعيد:"كنا نبيع أمهاتِ الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"، هذا ما قاله العيني (9/ 331).

وفي "المشكاة": عن جابر قال: "بِعْنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا عنه فانتهينا"، رواه أبو داود (برقم: 3954).

وقال الشيخ في "اللمعات": احتجّ به من أجاز بيع أمهات الأولاد، قال الشُّمُنِّي: يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم لم يشعر ببيعهم إياهن، فلا يكون حجة إلا إذا علم به وأقرّهم عليه، ويحتمل أن يكون ذلك في أول الأمر ثم نهى عنه صلى الله عليه وسلم ولم يعلم به أبو بكر رضي الله عنه لقصور مدة خلافته واشتغاله بأمور، ثم نهى عمر رضي الله عنه لما بلغه نهي النبي صلى الله عليه وسلم، كما قيل في حديث جابر في المتعة الذي رواه مسلم (برقم: 1405): "كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى نهانا عمر" انتهى.

قال الطيبي (7/ 14 - 15): هذا من أقوى الدلائل على بطلان بيع أمهات الأولاد، وذلك أن الصحابة لو لم يعلموا أن الحق مع عمر لم يتابعوه عليه، ولم يسكتوا عنه أيضًا، فإن قيل: أَوَليس علي رضي الله عنه قد خالف القائلين ببطلانه؟ قيل: لم يُنْقَل عن علي رضي الله عنه خلاف اجتماع آراء الصحابة على ما قال عمر رضي الله عنه، ولم يصحّ عنه أنه قضى بجواز بيعهن أو أمر بالقضاء به، بل الذي صحّ عنه أنه كان متردِّدًا في القول به، وهذا الذي نُقِل عنه محمول على أن النسخ لم يبلغه، أو لم يحضر المدينة يوم

ص: 364

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا

(1)

".

2533 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(2)

، نَا شُعَيْبٌ

(3)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(4)

،

"رَبَّتَهَا" في نـ: "رَبَّهَا".

===

فاوض عمر علماءَ الصحابة فيه، انتهى مختصرًا. [انظر:"بذل المجهود"(11/ 687) و"أوجز المسالك"(11/ 66)].

(1)

قوله: (أن تلد الأمةُ ربَّتَها) أي: مالكها وسيدها، ومرّ بيانه في "كتاب الإيمان" (برقم: 50). قال العيني (9/ 331 - 332): وجه إيراد هذا هنا هو أن منهم من استدلّ به على جواز بيع أمهات الأولاد، ومنهم من منع ذلك، فكأنّ البخاري أراد بذكره هذا الإشارةَ إلى ذلك، والذي عليه الجمهور أنه لا يدلّ على الجواز ولا على المنع. قلت: وجه استدلال المجيز أن ظاهر قوله: "ربَّها" أن المراد به سيدها؛ لأن ولدها من سيدها يتنزَّل بمنزلة سيدها لمصير مآل الإنسان إلى ولده غالبًا، ووجه استدلال المانع أن هذا إخبار عن غلبة الجهل في آخر الزمان حتى تباع أمهات الأولاد، فيكثر تردادُ الأَمَة في الأيدي حتى يشتريها ولدها وهو لا يدري، فيكون فيه إشارة إلى تحريم بيع الأمهات، ولا يخفى تعسف الوجهين، فإنه ليس كل ما أخبر صلى الله عليه وسلم بكونه من علامات الساعة يكون محرّمًا أو مذمومًا، كتطاول الرعاء في البنيان، وفشوِّ المال، وكونِه خمسين امرأة لهن قيِّم واحد، ليس بحرام بلا شك، وإنما هذه علامات، والعلامة لا يشترط [فيها] شيء من ذلك، بل تكون بالخير والشر والمباح والحرم والواجب وغيره، انتهى مع تقديم وتأخير.

(2)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع الحمصي.

(3)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة الحمصي.

(4)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

ص: 365

ثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

(1)

أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةَ

(2)

بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ

(3)

أَنْ يَقْبِضَ إِلَيْهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، قَالَ عُتْبَةُ: إِنَّهُ ابْنِي، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زمَنَ الْفَتْحِ أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ

(4)

وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَقْبَلَ مَعَهُ بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسولَ اللَّهِ هَذَا ابْنُ أَخِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: هَذا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخِي ابْنُ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ

(5)

، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ". مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى

"هَذا يَا رَسُولَ اللَّهِ" لفظ "هذا" سقط في نـ. "أَخِي ابْنُ زَمْعَةَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"أَخِي ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ".

===

(1)

ابن العوام، "قس"(5/ 615).

(2)

قوله: (كان عتبة

) إلخ، إلى آخر الحديث، مرّ بيانه في أول البيوع (برقم: 2053)، أما تعلُّق الحديث

(1)

بالترجمة، ففي قوله:"هذا أخي وُلِدَ على فراش أبي" وحكمه صلى الله عليه وسلم بأنه أخوه، فإن فيه ثبوت أميَّة [أم] الولد، فإن قلت: ليس فيه تعرض لحريتها ولا لرقيَّتها، قلت: الترجمة في باب أم الولد مطلقًا من غير تعرض للحكم كما ذكرنا، فتحصل المطابقة من هذه الحيثية، وقيل: فيه إشارة إلى حرية أم الولد لأنه جعلها فراشًا، فسوّى بينها وبين الزوجة في ذلك، كذا في "العيني"(9/ 332).

(3)

أحد العشرة، "قس"(5/ 615).

(4)

بالنصب على المفعولية، "قس"(5/ 616).

(5)

أي: بعتبة.

(1)

في الأصل: "لا تعلق الحديث".

ص: 366

فِرَاشِ أَبِيهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ". لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، وَكَانَتْ سَوْدَةُ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 2053، تحفة: 16478].

‌9 - بَابُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ

2534 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ

(1)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(2)

، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

(3)

، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

(4)

قَالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ فَبَاعَهُ. قَالَ جَابِرٌ: مَاتَ الْغُلَامُ عَامَ أَوَّلٍ

(5)

. [راجع: 2141، أخرجه: س في الكبرى 4997، تحفة: 2551].

‌10 - بَابُ بَيْعِ الْوَلَاءِ

(6)

وَهِبَتِهِ

2535 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ

(7)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(8)

، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

"لِمَا رَأَى" في نـ: "مِمَّا رَأَى".

===

(1)

" آدم بن أبي إياس" العسقلاني.

(2)

"شعبة" ابن الحجّاج العتكي.

(3)

"عمرو بن دينار" المكي.

(4)

الأنصاري، " قس"(5/ 618).

(5)

بالصرف وعدم الصرف؛ لأنه إما أفعل أو فوعل، ويجوز بناؤه على الضمّ، وهذه الإضافة من إضافة الموصوف إلى صفته، وأصله: عامًا أول، "ع"(9/ 334)، وقد مرّ بيان اختلاف العلماء فيه (برقم: 2230).

(6)

بفتح الواو وبالمدّ، هو حق إرث المعتِق من العتيق، "ع"(9/ 335).

(7)

"أبو الوليد" هشام بن عبد الملك الطيالسي.

(8)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

ص: 367

دِينَارٍ

(1)

، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ

(2)

. [طرفه: 6756، أخرجه: م 1506، د 2919، س في الكبرى 6414، ق 2747، تحفة: 7189].

2536 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ

(3)

، ثَنَا جَرِيرٌ

(4)

، عَنْ مَنْصُورٍ

(5)

، عَنْ إِبْرَاهِيمَ

(6)

، عَنِ الأسْوَدِ

(7)

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَت: اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ، فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلَاءَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ"، فَأَعْتَقْتُهَا، فَدَعَاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا

(8)

، فَقَالَتْ: لَوْ أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُّ عِنْدَهُ،

"نَهَى النَّبِيُّ" كذا في ذ، وفي نـ:"نَهَى رَسُولُ اللَّهِ".

===

(1)

" عبد الله بن دينار" العدوي مولاهم.

(2)

قوله: (عن بيع الولاء وعن هبته) يعني: ولاء العتق، وهو ما إذا مات المعتق ورثه معتقه أو ورثة معتقه، كانت العرب تبيعه وتهبه، فنهى عنه الشارع؛ لأن الولاء كالنسب، فلا يزول بالإزالة، وفقهاء الحجاز والعراق مجمعون على أنه لا يجوز بيعُ الولاء وهبتُه، "ع"(9/ 335).

(3)

"عثمان بن أبي شيبة" هو عثمان بن محمد الكوفي.

(4)

"جرير" هو ابن عبد الحميد بن قرط الكوفي.

(5)

"منصور" هو ابن المعتمر بن عبد الله السلمي.

(6)

"إبراهيم" ابن يزيد النخعي.

(7)

"الأسود" ابن يزيد النخعي.

(8)

لأن زوجها كان عبدًا

(1)

على الأصحّ، وإذا كان زوج الأمة حرًّا خُيِّرت عندنا أيضًا، وقال مالك والشافعي: لا تخيَّر.

(1)

كذا في "ع"(9/ 336)، وفي الأصل: "لأن زوجها كان حرًّا

" إلخ.

ص: 368

فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا. [راجع: 456، أخرجه: ت 1256، س 3449، تحفة: 15992].

‌11 - بَابٌ

(1)

إِذَا أُسِرَ أَخُو الرَّجُلِ أَوْ عَمُّهُ

(2)

هَلْ يُفَادَى

(3)

إِذَا كَانَ مُشْرِكًا؟

وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَادَيْتُ نَفْسِي

(4)

، وَفَادَيْتُ عَقِيلًا

(5)

. وَكَانَ عَلِيُّ بنُ أَبي طَالِبٍ لَهُ نَصِيبٌ

(6)

فِي تِلْكَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي أَصَابَ مِنْ أَخِيهِ عَقِيلٍ وَعَمِّهِ عَبَّاسٍ.

"ابْنُ أَبي طَالِبٍ" سقط في نـ. "وَعَمِّهِ عَبَّاسٍ" في شحج: "وَمِنْ عَمِّهِ الْعَبَّاس".

===

(1)

بالتنوين، "قس"(5/ 621).

(2)

مراده أن العمَّ وابنَ العمِّ ونَحوَهما من ذوي الرحم لا يعتقان على من ملكهما من ذوي رحمهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ملك عمَّه العباسَ وابنَ عمِّه عقيلًا بالغنيمة التي له فيها نصيب، وكذلك علي، ولم يعتقا عليهما، "زركشي"(2/ 562).

(3)

بضمّ الياء وفتح الدال، "قس"(5/ 621)، بأن يعطي مالًا ويستنقذ الأسير، "ع"(9/ 336).

(4)

هذا جزء من حديث مضى في "كتاب الصلاة"(برقم: 421).

(5)

ابن أبي طالب.

(6)

قوله: (وكان علي بن أبي طالب له نصيب

) إلخ، هذا من كلام البخاري ذكره في معرض الاستدلال على أنه لا يعتق الأخ ولا العمّ بمجرد الملك إذا لو عَتَقَا لَعَتق العباس وعقيل في حصة علي كرَّم الله وجهه من الغنيمة، وكذا في حصة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حجة على الحنفية في أن من ملك

ص: 369

2537 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الله

(1)

، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بِن عُقْبَةَ

(2)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(3)

، ثَنِي أنَسُ بنُ مَالِكٍ: أَنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: ائْذَنْ فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا

(4)

عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، فَقَالَ: "لَا تَدَعُونَ مِنْهُ

(5)

دِرْهَمًا

(6)

". [طرفاه: 3048، 4018، تحفة: 1551].

‌12 - بَابُ عِتْقِ الْمُشْرِكِ

(7)

"ثَنَا إسْمَاعِيلُ" في نـ: "ثَنِي إسْمَاعِيلُ". "ائْذَنْ" زاد في ذ: "لَنَا".

===

ذا رحم محرم منه عتق عليه، وأجيب بأن الكافر لا يملك بالغنيمة ابتداء بل يتخيّر فيه بين القتل والاسترقاق والفداء، فلا يلزم العتق بمجرد الغنيمة، "قس"(5/ 621)، "ع"(9/ 339).

(1)

"إسماعيل بن عبد الله" ابن أبي أويس ابن أخت الإمام مالك.

(2)

"موسى بن عقبة" الإمام في المغازي.

(3)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(4)

أرادوا بذلك أن أمّ عبد المطلب منهم؛ لأنها سلمة بن عمرو بن أُحَيحَة مصغّرًا، وهو من بني النجّار، "ع"(9/ 339).

(5)

قوله: (لا تدعون منه) أي: لا تتركون من الفداء درهمًا، واختُلِف في علة المنع، فقيل: إنه كان مشركًا، وقيل: منعهم خشية أن يقع في قلوب بعض المسلمين شيء، "ع"(9/ 340).

(6)

وإنّما امتنع صلى الله عليه وسلم من إجابتهم لئلا يكون في الدين نوع محاباة، "فتح"(5/ 168)، وسيأتي الكلام فيه في غزوة بدرٍ إن شاء الله تعالى.

(7)

المصدر مضاف إلى فاعله والمفعول متروك، "ع"(9/ 340).

ص: 370

2538 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(1)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(2)

، عَنْ هِشَامٍ

(3)

، أَخْبَرَنِي أَبِي

(4)

: أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ

(5)

أَعْتَقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ

(6)

، فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، وَأَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ، قَالَ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ

(7)

أَشْيَاءَ كُنْتُ أَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا؟

===

(1)

" عبيد بن إسماعيل" أبو محمد القرشي.

(2)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة.

(3)

"هشام" ابن عروة بن الزبير بن العوّام.

(4)

"أبي" عروة المذكور.

(5)

"حكيم بن حزام" ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي ابن أخي خديجة أم المؤمنين، أسلم يوم الفتح وصَحِبَ، "قس"(5/ 623).

(6)

قوله: (حمل على مئة بعير) أي: في الحجّ، لما روي أنه حجّ في الإسلام ومعه مائة بدنة قد جلّلها بالحبرة، ووقف بمائة عبد وفي أعناقهم أطواق الفضة، فنحر وأعتق الجميع، قوله:"أتحنّث" بالحاء المهملة، قوله:"يعني أَتَبَرَّر" تفسير "أتحنّث"، وهو التفعل، من البِرِّ، أي: أطلب بها البِرَّ والإحسان إلى الناس، والتقرب إلى الله تعالى، وهذا التفسير من هشام بن عروة، دلّ عليه رواية مسلم.

وفي الحديث: أن عتق المشرك على وجه التطوع جائز حيث جعل عتق مائة رقبة في الجاهلية من أفعال الخير المجازى بها عند الله المتقرِّب بها إليه بعد الإسلام، وهو قوله:"أسلمت على ما سلف لك من خير"، وليس المراد به صحّته في حال الكفر، بل إذا أسلم ينتفع بذلك الخير الذي فعله في الكفر، كذا في "العيني"(9/ 341).

(7)

معناه: أخبرني، "ع"(9/ 341).

ص: 371

يَعْنِي أَتَبَرَّرُ بِهَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ". [راجع: 1436].

‌13 - بَابُ مَنْ مَلَكَ مِنَ الْعَرَب رَقِيقًا

(1)

فَوَهَبَ وَبَاعَ وَجَامَعَ وَفَدَى وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ

===

(1)

قوله: (من ملك من العرب رقيقًا) والعرب الجيل المعروف من الناس ولا واحد له من لفظه، سواء أقاموا البادية أو المدن، والأعراب ساكنو البادية من العرب، والنسب إليهما أعرابي وعربي، واختلف في نسبتهم، والأصحّ أنهم نسبوا إلى عَرَبة بفتحتين، وهي من تهامة؛ لأن أباهم إسماعيل عليه السلام نشأ بها.

وأراد البخاري بعقد هذه الترجمة بيان الخلاف في استرقاق العرب، والجمهور على أن العربي إذا سبي جاز أن يسترقّ، وإذا تزوج أمة بشرطه كان ولدها رقيقًا تبعًا لها، وبه قال مالك والليث والشافعي، وحجتهم أحاديث الباب، وبه قال الكوفيون، وقال الثوري والأوزاعي وأبو ثور: يلزم سيد الأمة أن يقوّمه على أبيه ويلزم أبوه بأداء القيمة ولا يسترقّ، وهو قول سعيد بن المسيب، احتجّوا بما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال لابن عباس: لا يسترقّ ولد عربي من أبيه

(1)

، وقال الليث: أما ما روي عن عمر من فداء ولد العرب من الولائد إنما كان من أولاد الجاهلية، وفيما أقرّ به الرجل من نكاح الإماء، فأما اليوم فمن تزوّج أمة وهو يعلم أنها أمة، فولده عبد لسيدها عربيًا كان أو قرشيًّا أو غيره، كذا في "العيني"(9/ 342).

قال ابن حجر (5/ 170 - 171): وقد جنح المصنف إلى الجواز، وأورد الحديث الدال على ذلك، ففي حديث المسور ما ترجم به من الهبة،

(1)

في الأصل: "أمته".

ص: 372

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [النحل: 75].

2539 و 2540 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ

(1)

، نَا اللَّيْثُ

(2)

، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ

(3)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

، ذَكَرَ عُرْوَةُ

(5)

: أَنَّ مَرْوَانَ

(6)

وَالْمِسْوَرَ بْنَ

"وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى" في نـ: "وَقَوْلِهِ تَعَالَى". " {فَهُوَ يُنْفِقُ

} " إلخ، في نـ: "إلَى قَولِهِ: {لَا يَعْلَمُونَ} ". "نَا اللَّيْثُ" في ذ: "أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ"، وفي نـ: "أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ". "حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ" في نـ: "أَخْبَرَنِي عُقَيْلٌ" مصحح عليه، وفي أخرى: "عَنْ عُقَيلٍ".

===

وفي حديث أنس ما ترجم به من الفداء، وفي حديث ابن عمر ما ترجم به من سبي الذرّيّة، وفي حديث أبي سعيد ما ترجم به من الجماع ومن الفداء أيضًا، ويتضمن ما ترجم به من البيع، [و] في حديث أبي هريرة [ما ترجم به من البيع] لقوله في بعض طرقه:"ابتاعي" كما سأبيّنه، وقوله في الترجمة: "وقول الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا

} " إلخ، قال ابن المنير: مناسبة الآية للترجمة من جهة أن الله تعالى أطلق العبد المملوك ولم يقيِّده بكونه عجميًا، فدلّ على أن لا فرق في ذلك بين العربي والعجمي، انتهى.

(1)

"ابن أبي مريم" هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم الجمحي مولاهم المصري.

(2)

"الليث" ابن سعد الإمام.

(3)

"عقيل" هو ابن خالد.

(4)

"ابن شهاب" الزهري.

(5)

"عروة" ابن الزبير بن العوام.

(6)

"مروان" هو ابن الحكم.

ص: 373

مَخْرَمَةَ

(1)

أَخْبَرَاهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ

(2)

، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمُ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ: "إِنَّ مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا الْمَالَ، وَإِمَّا السَّبْيَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ

(3)

بِهِمْ"، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ

(4)

مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ

(5)

اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ". فَقَالَ النَّاسُ: طَيَّبْنَا لَكَ، قَالَ: "إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ،

"فَإنَّا نَخْتَارُ" في سـ، حـ:"إنَّا نَخْتَارُ". "طَيَّبْنَا لَكَ" كذا في ذ، وفي نـ:"طَيَّبْنَا ذَلِكَ".

===

(1)

" المسور بن مخرمة" ابن نوفل الزهري.

(2)

قبيلة، والحديث تقدم مع بيانه (برقم: 2308) في "كتاب الوكالة".

(3)

أي: انتظرت، "ع"(9/ 344).

(4)

أي: رحل، "ع"(9/ 344)، أي: رجع.

(5)

قوله: (يفيء) بفتح الياء، أي: حتى يرجع الله إلينا من مال الكفار من خراج أو غنيمة أو غير ذلك، ولم يرد الفيء الاصطلاحي، قاله ابن حجر (5/ 171)، وتبعه السيوطي (4/ 1754)، وكذا قاله العيني (9/ 344) هنا، لكن العيني قال في "الوكالة": إنه من الإفعال، وكذا الكرماني (11/ 90).

ص: 374

فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ

(1)

أَمْرَكُمْ"، فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ طَيَّبُوهُ وَأَذِنُوا، فَهَذَا الَّذِي

(2)

بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ. وَقَالَ أَنَسٌ

(3)

: قَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَادَيْتُ نَفْسِي

(4)

، وَفَادَيْتُ عَقِيلًا. [حديث: 2539، راجع: 2307، حديث: 2540 راجع: 2308].

2541 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ

(5)

، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ

(6)

، أَنَا ابْنُ عَوْنٍ

(7)

قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ

(8)

، فَكَتَبَ إِلَيَّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ

(9)

وَهُمْ غَارُّونَ، وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ،

"طَيَّبُوهُ" في نـ: "قَدْ طَيَّبُوه". "ابنِ شَقِيقٍ" ثبت في ذ. "كَتَبْتُ" في نـ: "كَتَبَ".

===

(1)

جمع عريف، وهو النقيب، "ع "(9/ 344).

(2)

هو قول الزهري، وكانت الواقعة في سنة ثمانٍ، "ع"(9/ 344).

(3)

"وقال أنس" مما سبق موصولًا ونبهت عليه قريبًا في "باب إذا أسر أخو الرجل".

(4)

أي: في غزوة بدر، وهو جزء من حديث.

(5)

"علي بن الحسن بن شقيق" أبو عبد الرحمن العبدي مولاهم المروزي.

(6)

ابن المبارك، "ع"(9/ 344).

(7)

"ابن عون" هو عبد الله بن أرطبان البصري.

(8)

مولى ابن عمر.

(9)

قوله: (أغار على بني المصطلق) بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح الطاء المهملة وكسر اللام وبالقاف، وهي بطن من خزاعة، قوله:"وهم غارّون" بالغين المعجمة وتشديد الراء، جمع غار، أي: غافل،

ص: 375

فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ

(1)

، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ

(2)

. ثَنِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ

(3)

، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ. [أخرجه: م 1730، د 2633، س في الكبرى 8585، تحفة: 7744].

2542 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(4)

، أَنَا مَالِكٌ

(5)

، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(6)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ

(7)

، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ

(8)

===

أي: أخذهم على غِرَّة وبغتة، قوله:"فقتل مقاتلتهم" أي: البالغين [الذين] هم على صدد القتال، قوله:"ذراريهم" بتشديد الياء وتخفيفها، وهو جمع ذرّيّة، قوله:"يومئذ" أي يوم إغارة بني المصطلق، قوله:"جويرية" مصغر الجارية بالجيم، سباها النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: وقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتَبَتْه على نفسها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها وتزوّجها، فأرسل الناس ما في أيديهم من السبايا المصطلقية ببركة مصاهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تُعْلَم امرأة أعظم بركة على قومها منها، كذا في "الكرماني"(11/ 91 - 92) و"العيني"(9/ 344 - 345).

(1)

بتشديد الياء وتخفيفها، جمع ذرّيّة.

(2)

بنت الحارث، زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم.

(3)

"عبد الله بن عمر" ابن الخطاب.

(4)

"عبد الله بن يوسف" هو التِّنِّيسي.

(5)

الإمام.

(6)

"ربيعة بن أبي عبد الرحمن" التيمي مولاهم المدني.

(7)

الأنصاري المدني، "قس"(1/ 419).

(8)

"ابن مُحَيْرِيز" هو عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي المكي.

ص: 376

قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ

(1)

فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْي الْعَرَبِ، فَاشتَهَيْنَا النِّسَاءَ، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ

(2)

، فَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ

(3)

، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةُ". [راجع: 2229].

"فَأَحْبَبْنَا" في ذ: "وَأَحْبَبْنَا".

===

(1)

الخدري، "قس"(5/ 628).

(2)

قوله: (العزبة) بضم المهملة وسكون الزاي: فقد الأزواج والنكاح، "لمعات". قال الطيبي (6/ 380): في الحديث دليل على أن العرب يجري عليهم الرقّ إذا كانوا مشركين؛ لأن بني المصطلق قبيلة من خزاعة، وهو مذهب مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة والشافعي في القديم: لا يجري عليهم الرقّ لشرفهم، انتهى.

(3)

قوله: (العزل) هو نزع الذَّكَر من الفرج عند الإنزال دفعًا لحصول الولد، قوله:"ما عليكم أن لا تفعلوا" قال النووي: ومعناه ما عليكم ضرر في ترك العزل؛ لأن كل نفس قدر الله تعالى خَلْقَها لا بدّ أن يخلقها، سواء عزلتم أم لا، والنسمة الإنسان، كذا في "الكرماني"(11/ 92)، ومرّ الحديث (برقم: 2229) في "باب بيع الرقيق".

قال العيني: واتفق أئمة الفتوى على جواز العزل عن الحرة إذا أذنت فيه لزوجها، واختلفوا في الأمة المزوَّجة، فقال مالك وأبو حنيفة: الإذن في ذلك لمولاها، وقال أبو يوسف: الإذن إليها، وقال الشافعي: يعزل عنها بدون إذنها وبدون إذن مولاها، واختلف السلف في حكم وطء الوثنيات والمجوسيات إذا سُبِين، فأجازه سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد، وهذا قولٌ شاذ لم يلتفت إليه [أحد من العلماء]، واتفق أئمة الفتوى على أنه

ص: 377

2543 -

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ

(1)

، ثَنَا جَرِيرٌ

(2)

، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ

(3)

، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ

(5)

. ح وَحَدَّثَنِي ابْنُ سَلَامٍ

(6)

، أَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ

(7)

، عَنِ الْمُغِيرَةِ

(8)

، عَنِ الْحَارِثِ

(9)

، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ

(10)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْ عُمَارَةَ بنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا زِلْتُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ مُنْذُ ثَلَاثٍ، سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ فِيهِمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ:"هُم أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ". قَالَ: وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ،

"مُنْذُ ثَلَاثٍ" في ذ: "مُذْ ثَلَاثٍ".

===

لا يجوز وطء الوثنيات بقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، وإنما أباح الله تعالى وطء نساء أهل الكتاب خاصة بقوله:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5]، وإنما أطبق الصحابة على وطء سبايا العرب بعد إسلامهن، وتمامه في "العيني"(9/ 346 - 347).

(1)

"زهير بن حرب" أبو خيثمة النسائي.

(2)

"جرير" هو ابن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي.

(3)

"عمارة بن القعقاع" ابن شبرمة الضبي الكوفي.

(4)

"أبي زرعة" هرم بن جرير بن عبد الله البجلي.

(5)

قبيلة كبيرة في مضر، "ع"(9/ 348).

(6)

"ابن سلام" هو محمد.

(7)

"جرير بن عبد الحميد" المذكور آنفًا.

(8)

"المغيرة" هو ابن مقسم الضبي.

(9)

"الحارث" ابن يزيد العكلي الكوفي.

(10)

"أبي زرعة" ومن بعده تقدموا الآن.

ص: 378

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا

(1)

". وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ

(2)

مِنْهُمْ

(3)

عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ: "أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ

(4)

". [طرفه: 4366، أخرجه: م 2525، تحفة: 14889، 14907].

‌14 - بَابُ فَضْلِ مَنْ أَدَّبَ جَارِيتَهُ وَعَلَّمَهَا

2544 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(5)

، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ

(6)

،

"بَابُ فَضْلِ مَنْ أَدَّبَ

" إلخ، في سفـ، ذ: "بَابُ مَنْ أَدَّبَ جَارِيَتَهُ وَعَلَّمَهَا"، وزاد في سفـ: "وَأَعْتَقَهَا".

===

(1)

قوله: (هذه صدقات قومنا) قال ابن بطال: هم كانوا يختارون ما يخرجون في الصدقات من أفضل ما عندهم فأعجبه صلى الله عليه وسلم، فلذلك قال هذا القول على معنى المبالغة في نصحهم لله ولرسوله في جودة الاختيار للصدقة، "ع"(9/ 349).

(2)

على وزن فعيلة، "ع"(9/ 348).

(3)

أي: من بني تميم، "ع"(9/ 348).

(4)

قوله: (فإنها من ولد إسماعيل) فيه دليل على جواز استرقاق العرب وتملُّكِهم كسائر فِرَق العجم إلا أنّ عِتقَهم أفضل، قاله العيني (9/ 349)، قال في "الفتح" (5/ 172): ومناسبته لما ترجم به من البيع لقوله في بعض طرقه: "ابتاعي"، وقد وقع عند الإسماعيلي من طريق معمر عن جرير:"وكانت على عائشة نسمة من بني إسماعيل، فقدّم سبي خولان فقالت عائشة: يا رسول الله، أبتاع منهم؟ قال: لا، فلما قدم سبي بني العنبر قال: ابتاعي منهم فإنهم ولد إسماعيل".

(5)

"إسحاق بن إبراهيم" هو ابن راهويه.

(6)

"محمد بن فضيل" ابن غزوان.

ص: 379

عَنْ مُطَرِّفٍ

(1)

، عَنِ الشَّعْبِيِّ

(2)

، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ

(3)

، عَنْ أَبِي مُوسَى

(4)

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَعَالَهَا

(5)

، وَأَحْسَنَ إِلَيْهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، كَانَ لَهُ أَجْرَانِ

(6)

". [راجع: 97، أخرجه: م 154، د 2053، س 3345، تحفة: 9108].

‌15 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "الْعَبِيدُ إِخْوَانُكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ"

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى

(7)

: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ

"فَعَالَهَا" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ، ذ:"فَعَلَّمَهَا".

===

(1)

" مطرف" هو ابن طريف الحارثي.

(2)

"الشعبي" عامر بن شراحيل.

(3)

"أبي بردة" ابن أبي موسى.

(4)

"أبي موسى" عبد الله بن قيس الأشعري.

(5)

أي: أنفق عليها، "ع"(9/ 350).

(6)

أي: أجر التعليم وأجر العتق، وفيه الترجمة، "ع"(9/ 350).

[قوله: "باب فضل من أدّب

" إلخ، إن الإمام البخاري ذكر من هنا إلى آخر العتق أبوابًا لا تعلق لها بالعتق على الظاهر، والظاهر: أن المؤلف ذكرها استطرادًا وتبعًا لكونها مما يتعلق بالعبيد والإماء، انظر: "الأبواب والتراجم" (4/ 38)].

(7)

قوله: (وقول الله تعالى) بالجرّ عطف على ما سبق، قوله:" {مُخْتَالًا فَخُورًا} " أي: في نفسه معجبًا متكبرًا فخورًا على الناس، يرى أنه خير منهم فهو في نفسه كبير، وعند الله حقير، وعند الناس بغيض، "ع"(9/ 352).

ص: 380

إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ -إلى قوله: مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36].

ذِي الْقُرْبَى: الْقَرِيبُ، وَالْجُنُبُ: الْغَرِيبُ، الْجَارُ الْجُنُبُ يَعْنِي الصَّاحِبَ فِي السَّفَرِ

(1)

.

2545 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ

(2)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(3)

، ثَنَا وَاصِلٌ الأَحْدَبُ

(4)

قَالَ: سَمِعْتُ الْمَعْرُورَ بْنَ سُوَيْدٍ

(5)

قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ

(6)

الْغِفَارِيَّ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ

(7)

وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ،

"إلى قولهِ: مُخْتَالًا فَخُورًا" كذا لأبي ذر، وساق في رواية كريمة الآية كلها. "ذِي الْقُرْبَى: الْقَرِيبُ

" إلخ، في شحج: "وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ذِي الْقُرْبَى: الْقَرِيبُ، وَالصَّاحِبُ بِالْجَنْبِ الغَرِيبُ".

===

(1)

هذا الذي فسّره هو تفسير أبي عبيدة في "كتاب المجاز".

(2)

"آدم بن أبي إياس" العسقلاني.

(3)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

(4)

"واصل الأحدب" هو ابن حبان الأسدي الكوفي.

(5)

"المعرور بن سويد" أبو أمية الكوفي.

(6)

"أبا ذر" جندب بن جنادة.

(7)

قوله: (وعليه حُلّة) وهي واحدة الحلل، وهي برود اليمن، ولا تسمى حُلّة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد. قوله:"ساببتُ رجلًا" وهو بلال رضي الله عنه. قوله: "أعَيَّرْتَه" من التعيير، والهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار. قوله:"إن إخوانكم" المراد أخوة الإسلام والنسب؛ لأن الناس كلهم بنو آدم عليه السلام. قوله: "خَوَلُكم" أي حشمكم وخدمكم، وواحد الخول: خائل، وقد يكون واحدًا، ويقع على العبد والأمة، وهو مأخوذ من التخويل،

ص: 381

فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَعَيَّرْتَهُ

(1)

بِأُمِّهِ؟ "، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ

(2)

، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ". [راجع: 30].

‌16 - بَابُ الْعَبْدِ

(3)

إِذَا أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ

(4)

عز وجل وَنَصَحَ سَيِّدَهُ

(5)

2546 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ

(6)

، عَنْ مَالِكٍ

(7)

، عَنْ نَافِعٍ

(8)

،

"تَحْتَ يَدِهِ" في ذ: "تَحْتَ يَدَيهِ". "مَا يَغْلِبُهُمْ" في هـ، ذ:"مِمَّا يَغْلِبُهُمْ".

===

وهو التمليك، قوله:"تحت يده" أي: ملكه، قوله:"فليطعمه" أمر ندب، وكذلك "وليُلْبِسْه"، قوله:"ولا تكلِّفوهم" أي: لا تكلِّفوهم على عمل يغلبهم عن إقامته، وهذا واجب، "ع"(9/ 352 - 353).

(1)

أي: نسبتَه إلى العار، "ف"(5/ 174).

(2)

هم الخدم، لأنهم يتخوّلون الأمورَ، أي: يصلحونها، "ف"(5/ 174).

(3)

أي: بيان فضله أو ثوابه، "ف"(5/ 175).

(4)

أي: أقامها بشروطها.

(5)

سيجيء بيانه (برقم: 2546).

(6)

"عبد الله بن مسلمة" القعنبي.

(7)

"مالك" الإمام المدني.

(8)

"نافع" مولى ابن عمر.

ص: 382

عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "الْعَبْدُ إِذَا نَصَحَ سَيِّدَهُ

(1)

وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ عز وجل، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ". [طرفه: 2550، أخرجه: م 1664، د 5169، تحفة: 8352].

2547 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ

(2)

، أَنَا سُفْيَانُ

(3)

، عَنْ صَالِحٍ

(4)

، عَنِ الشَّعْبِيِّ

(5)

، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى

(6)

الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، أَدَّبَهَا، فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا

(7)

، وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ

(8)

، وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ

"أَدَّبَهَا" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"فَأَدَّبَهَا". "تَعْلِيمَهَا" كذا في ذ، وفي نـ:"تَأْدِيبَهَا".

===

(1)

قوله: (إذا نصح سَيِّدَه) من النصيحة، وهي كلمة جامعة معناها حيازة الحظِّ للمنصوح له، وهو إرادة صلاح حاله وتخليصه من الخلل وتصفيته من الغشِّ، "عمدة القاري"(9/ 353).

(2)

"محمد بن كثير" أبو عبد الله العبدي.

(3)

"سفيان" الثوري هو ابن سعيد.

(4)

"صالح" هو ابن صالح بن حَيّ.

(5)

"الشعبي" عامر بن شراحيل.

(6)

"أبي بردة" و"أبي موسى" تقدما آنفًا.

(7)

قوله: (أدَّبها فأحسن تعليمها) أي: من غير عنف وضرب بل بالرفق واللطف، والأدب هو حسن الأحوال والأخلاق، وقيل: التخلق بالأخلاق الحميدة، "ع"(2/ 170).

(8)

قوله: (فله أجران) أجرٌ على عتقه، وأجرٌ على تزوُّجِه كذا قالوه، وقيل: أجرٌ على تأديبه وما بعده، وأجر على عتقه وما بعده، كذا في "المرقاة"(1/ 154)، ومرّ الحديث في "كتاب العلم" (برقم: 97).

ص: 383

مَوَالِيهِ، فَلَهُ أَجْرَانِ". [راجع: 97].

2548 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ

(1)

، أَنَا يُونُسُ

(2)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(3)

، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ

(4)

يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ

(5)

الصَّالِحِ أَجْرَانِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي، لأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ". [أخرجه: م 1665، تحفة: 13331].

===

(1)

" عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(2)

"يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

(3)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(4)

"سعيد بن المسيب" المخزومي.

(5)

قوله: (للعبد المملوك) إنّما وُصِف بالمملوك؛ لأن العبد أعمُّ من أن يكون مملوكًا أو غيرَ مملوكٍ، فإن الناس كلهم عَبِيد الله، قوله:"الصالح" أي في عبادة الربِّ ونصحِ السيِّدِ، قوله:"والذي نفسي بيده" قال ابن بطال: هو من قول أبي هريرة، وكذلك قاله الداودي وغيره: إنه مدرج في الحديث، وقد صرَّح بالإدراج الإسماعيليُّ من طريق آخر عن عبد الله بن المبارك بلفظ: "والذي نفس أبي هريرة بيده

" إلخ، وصرّح مسلم أيضًا بذلك، وجنح الكرماني إلى أنه من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.

فإن قيل: في قوله: "أجران" يلزم كون أجر المماليك ضِعْفَ أجر السادات؟ قلت: أجاب الكرماني (1/ 89) بأن لا محذور في ذلك، أو يكون أجر المماليك مضاعَفًا من هذه الجهة، وقد يكون للسادات جهات أخرى، أو يكون المراد ترجيح العبد المؤدِّي للحَقَّيْن على العبد المؤدِّي لأحدهما، قاله العيني (9/ 355).

ص: 384

2549 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ

(1)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(2)

، عَنِ الأَعْمَشِ

(3)

، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَ مَا لأَحَدِهِمْ

(5)

يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ". [تحفة: 12488].

‌17 - بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّطَاوُلِ

(6)

عَلَى الرَّقِيقِ، وَقَوْلِهِ: عَبْدِي وَأَمَتِي

===

(1)

" إسحاق بن نصر" السعدي المروزي.

(2)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة.

(3)

سليمان، "قس"(5/ 635).

(4)

ذكوان الزيّات، "قس"(5/ 635).

(5)

قوله: (نعم ما لأحدهم) قال الزجاج: "ما" بمعنى الشيء، والتقدير: نعم الشيء، والمخصوص بالمدح محذوف، وقوله:"يحسن" مُبَيِّنٌ له، تقديره: نَعِمّا مملوك لأحدهم "يحسن عبادة ربِّه وينصح لسيده"، "ع"(9/ 356).

(6)

قوله: (باب كراهية التطاول) أي: الترفع والتجاوز عن الحدِّ فيه، "وقوله" بالجرِّ عطف على ما قبله، أي كراهية قول شخص لمن يملكه: عبدي وأمتي، والكراهية للتنزيه لا للتحريم، وجه الكراهية أن هذا الاسم من باب المضاف ومقتضاه إثبات العبودِيَّة له، فلذلك استحبّ له أن يقول: فتاي وفتاتي.

قوله: "وقال الله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} " هو في سورة النور، قوله:"وقال {عَبْدًا مَمْلُوكًا} " هو في سورة النحل، قوله:" {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا} " هو في سورة يوسف، قوله:"وقال: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} " هو في سورة النساء.

قوله: "قوموا إلى سيدكم" هو قطعة من حديث أبي سعيد الخدري على ما يأتي في "المغازي"[ح: 4121] إن شاء الله تعالى، قوله:" {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} " هو في سورة يوسف. قوله: "وَمَنْ سيدكم" هذه اللفظة سقطت

ص: 385

وَقَولِ اللَّهِ: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]، وَقَالَ:{عَبْدًا مَمْلُوكًا} [النحل: 75]، {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: 25].

وَقَالَ عز وجل: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 52]، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ"

(1)

". وَ {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} يعنِي عِندَ سَيِّدِكَ.

2550 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(2)

، ثَنَا يَحْيَى

(3)

، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ

(4)

،

"وَقَولِ اللَّهِ" في نـ: "وَقَالَ اللَّهُ تَعالَى". "قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ" زاد في ك: "وَمَنْ سَيِّدُكُمْ"، [كذا في الأصل، وثبتت هذه الزيادة في شروح البخاري بعد قوله: يعنِي عِندَ سَيِّدِكَ. واللَّه أعلم].

===

من رواية النسفي وأبي ذر وأبي الوقت، وثبتت في رواية الباقين، وهي قطعة من حديث أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" [ح: 297]، وذكر هذا كلَّه دليلًا لجواز أن يقول: عبدي وأمتي، وأن النهي الذي ورد في الحديث عن قول الرجل: عبدي وأمتي، وعن قوله:"اسْقِ رَبَّكَ" ونحوه للتنزيه لا للتحريم.

قال ابن بطال: جاز أن يقول الرجل: عبدي وأمتي لقوله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} وإنما نهى عنه على سبيل الغلظة لا على سبيل التحريم، وكره ذلك لاشتراك اللفظ إذ يقال: عبد الله وأمة الله، هذا كله من "العيني"(9/ 356 - 358)، فعلى هذا لا ينبغي التسمية بنحو عبد الرسول وعبد النبي، ونحو ذلك مما يضاف العبد فيه إلى غير الله تعالى.

(1)

فيه استحباب القيام عند دخول الأفضل، وهو القيام الغير المنهيّ لأن ذلك بمعنى الوقوفِ، وهذا بمعنى النهوض، "مجمع"(4/ 349).

(2)

"مسدد" هو ابن مسرهد الأسدي.

(3)

"يحيى" هو ابن سعيد القطان.

(4)

"عبيد الله" ابن عمر العمري.

ص: 386

ثَنِي نَافِعٌ

(1)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

(2)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا نَصَحَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ

(3)

، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ". [طرفه: 2546، أخرجه: م 1664، تحفة: 8161].

2551 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ

(4)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(5)

، عَنْ بُرَيْدٍ

(6)

، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ

(7)

، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ "للْمَمْلُوكِ الَّذِي يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَيُؤَدِّي إِلَى سَيِّدِهِ

(8)

الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَالنَّصِيحَةِ وَالطَّاعَةِ، أَجْرَانِ". [راجع: 97، تحفة: 9071].

2552 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ

(9)

، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

(10)

، أَنَا مَعْمَرٌ

(11)

،

"لِلْمَمْلُوكِ" كذا في ذ، وفي نـ:"الْمَمْلُوكُ". "أَجْرَانِ" في نـ: "لهُ أَجْرَانِ". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ" زاد في كن، بو:"ابنُ سلامٍ".

===

(1)

" نافع" مولى ابن عمر.

(2)

ابن عمر، "قس"(5/ 637).

(3)

مطابقته للترجمة من حيث إن العبد إذا نصح سيّده يكره التطاول لمولاه عليه، "ع"(9/ 359).

(4)

"محمد بن العلاء" أبو كريب الهمداني الكوفي.

(5)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة.

(6)

ابن عبد الله.

(7)

ابن أبي موسى الأشعري.

(8)

فيه الترجمة؛ لأن العبد إذا قام بما ذكر فيه يكره التطاول عليه، "ع"(9/ 359).

(9)

"محمد" هو ابن سلام وحكى عن الحاكم أنه الذهلي.

(10)

"عبد الرزاق" هو ابن همام.

(11)

"معمر" هو ابن راشد الأزدي.

ص: 387

عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَقُلْ أحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ، وَلْيَقُلْ: سيِّدِي وَمَوْلَايَ. وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبدِي أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي

(1)

وَغُلَامِي

(2)

". [أخرجه: م 2249، تحفة: 14718].

2553 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ

(3)

، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ

(4)

، عَنْ نَافِعٍ

(5)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

(6)

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا

(7)

لهُ مِنَ الْعَبْدِ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ، قُوِّمَ عَلَيْهِ

"وَكَانَ لَهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَكَانَ لَهُ". "قُوِّمَ" كذا في ذ، وفي نـ:"يُقَوَّمُ".

===

(1)

الفتى: الشابُّ، والفتاة: الشابة، "ك"(11/ 97).

(2)

قوله: (وغلامي) أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يؤدي المعنى مع السلامة من التعاظم؛ لأن لفظ الفتى والغلام لا يدلّ على محض المِلْك كدلالة العبد، فقد كثر استعمال الفتى في الحُرِّ، وكذلك الغلام والجارية، "عيني"(9/ 360)، وقال ابن بطال: وأما لفظة الربِّ وإن كانت مشتركة وتقع على غير الخالق نحو: ربّ الدار، فإنها تختصّ بالله على الغالب، فوجب أن لا تستعمل في الخلق، "ك"(11/ 98).

(3)

"أبو النعمان" محمد بن الفضل عارم السدوسي البصري.

(4)

"جرير بن حازم" الأزدي البصري.

(5)

"نافع" مولى ابن عمر.

(6)

"ابن عمر" هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(7)

قوله: (من أعتق نصيبًا

) إلخ، مرَّ بيانه (برقم: 2526) في "باب إذا أعتق عبدًا بين اثنين"، وأما مناسبته للترجمة فمن حيث إنه

ص: 388

قِيمَةَ عَدْلٍ، وَأُعْتِقَ مِنْ مَالِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ". [أخرجه: م 1501، تحفة: 7610].

2554 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(1)

، ثَنَا يَحْيَى

(2)

، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ

(3)

، حَدَّثَنِي نَافِعٌ

(4)

، عَنْ عَبْدِ الله

(5)

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ

(6)

وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ

(7)

، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ عَلَيهِمْ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ،

"فَقَدْ عَتَقَ" في نـ: "فَقَدْ أَعْتَقَ". "أَنَّ النَّبِيَّ" في نـ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ". "وَمَسْئُولٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَمَسْئُولٌ". "رَاعٍ" في ذ: "فَهُوَ رَاعٍ".

===

لو لم يحكم عليه بعتق كلّه عند اليسار لكان بذلك متطاولًا عليه، "ف"(5/ 180)، "ع"(9/ 361).

(1)

"مسدد" هو ابن مسرهد.

(2)

"يحيى" ابن سعيد القطان.

(3)

العمري.

(4)

"نافع" تقدم الآن.

(5)

"عبد الله" ابن عمر بن الخطاب.

(6)

قوله: (كلكم راع) أي حافظ مؤتمن على من يليه، قوله:"مسؤول عن رعيته" أي عما يجب رعايته، فعيلة بمعنى مفعولة، كذا في "المجمع"(2/ 346) و"الطيبي"(7/ 193)، ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله:"والعبد راعٍ على مال سيده"، فإنه إذا كان له ناصحًا في خدمته مؤدِّيًا له الأمانةَ ينبغي أن يُعِينه ولا يتطاول عليه، "ع"(9/ 361).

(7)

مرّ الحديث (برقم: 2409) في "الاستقراض".

ص: 389

وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا

(1)

وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". [راجع: 893، أخرجه: م 1829، تحفة: 8167].

2555 و 2556 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(2)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(3)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(4)

، ثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ

(5)

، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ

(6)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ

(7)

". [حديث 2555 راجع: 2152، حديث 2556 راجع: 2154].

"فَبِيعُوهَا" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"بِيعُوهَا".

===

(1)

أي: زوجها.

(2)

"مالك بن إسماعيل" النهدي أبو غسان الكوفي.

(3)

هو: ابن عيينة.

(4)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(5)

ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، "ع"(9/ 361).

(6)

"زيد بن خالد" الجهني المدني.

(7)

قوله: (ولو بضفير) بفتح الضاد المعجمة وكسر الفاء، وهو الحبل المفتول، مطابقته للترجمة من حيث إن الأمة إذا زنت لا يكره التطاول عليها، وإنّما يكره التطاول إذا نصحتْ سيِّدَها وأدَّت حقَّ الله، فإذا زنت أخلّت بالاثنين فتؤدَّب، فإن لم تنجع تباع، "ع"(9/ 361)، ومرّ الحديث (برقم: 2154) في "باب بيع العبد الزاني".

ص: 390

‌18 - بَابٌ إِذَا أَتَاهُ خَادِمُهُ

(1)

بِطَعَامِهِ

2557 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ

(2)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(3)

، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ

(4)

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ

(5)

، فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِي عِلَاجَهُ". [طرفه: 5460، تحفة: 14390].

"إذَا أَتَاهُ" في قتـ، ذ:"إذَا أَتَى". "إذَا أَتَى" في نـ: "قَالَ: إذَا أَتَى".

===

(1)

وهو الذي يخدمه، سواء كان حرًّا أو عبدًا، ذكرًا أو أنثى، وحذف جواب "إذا" اكتفاءً بما في الحديث، "ع"(9/ 362).

(2)

"حجاج بن منهال" الأنماطي أبو محمد السلمي مولاهم.

(3)

ابن الحجّاج.

(4)

"محمد بن زياد" أبو الحارث القرشي الجمحي التابعي.

(5)

قوله: (فإن لم يُجْلِسه معه) معطوف على مقدر تقديره: فليجلسه معه فإن لم يجلسه معه، قوله:"أو أكلة" شكٌّ من الراوي، والأكلة بضم الهمزة: اللقمة، قوله:"وَلِيَ علاجَه" مصدر عالج يعالج، والمعنى هنا: ولي عمله، وقوله:"وَلِيَ" إما من الولاية أي: تَوَلَّى ذلك، وإما من الولي بمعنى القرب، أي: قاسى كلفةَ اتخاذِه، وفيه الحثّ على مكارم الأخلاق والمواساة في الطعام لا سيما في [حقِّ] من صنعه وحمله؛ لأنه تحمَّل حرَّه ودخانه، قال المهلب: هذا الحديث يفسِّر حديث أبي ذر في التسوية بين العبد والسيد: أنه على سبيل الندب، لأنه لم يسوِّهِ في هذا الحديث في المؤاكلة، "ع"(9/ 362).

ص: 391

‌19 - بَابٌ

(1)

الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ

(2)

وَنَسَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَالَ إِلَى السَّيِّدِ

(3)

.

2558 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(4)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(5)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(6)

،

===

(1)

بالتنوين.

(2)

قوله: (العبد راع في مال سيده) فإذا كان راعيًا يلزمه حفظه ولا يعمل إلا بإذنه، ومضت هذه الترجمة في كتاب الاستقراض، [انظر:"عمدة القاري"(9/ 362) و"فتح الباري"(5/ 181)].

(3)

قوله: (ونسب النبي صلى الله عليه وسلم المالَ إلى السيد) كلام ابن بطال

(1)

يشير إلى أن ذلك مستفاد من قوله: العبد راع في مال سيده، وتعقَّبه ابن المنير بأنه لا يلزم [من] كونه راعيًا في مال سيده أن لا يكون هو له مال، كذا في "الفتح"(5/ 181).

قال العيني: كأنه أشار بذلك إلى حديث ابن عمر: "من باع عبدًا وله مال فمالُه للسيد إلا أن يشترطه المبتاع"، وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة، والعبد لا يملك شيئًا؛ لأن الرقَّ مُنافٍ للملك، وماله لسيده عند بيعه و [عند] عتقه، وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة، وبه قال سعيد بن المسيب والثوري وأحمد وإسحاق، وقالت طائفة: مالُه له دون سيده في العتق والبيع، روي ذلك عن عمر وابنه وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال النخعي والحسن، "ع"(9/ 362).

(4)

"أبو اليمان" هو الحكم بن نافع الحمصي.

(5)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة الحمصي.

(6)

"الزهري" تقدم.

(1)

في الأصل: "قال ابن بطال".

ص: 392

أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله

(1)

، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ

(2)

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ

(3)

وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ

(4)

رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". [راجع: 893، أخرجه: س في الكبرى 9173، تحفة: 6846].

‌20 - بَابٌ

(5)

إِذَا ضَرَبَ الْعَبْدَ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ

(6)

"وَمَسْئُولٌ" في نـ: "وَهُوَ مَسْئُولٌ". "فَكُلُّكُمْ رَاعٍ" في نـ: "وَكُلُّكُمْ رَاعٍ". "وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ" في قتـ: "فَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ".

===

(1)

يروي عن أبيه.

(2)

ابن الخطاب.

(3)

لا أقلّ من كونه راعيًا على أعضائه وجوارحه، "ك"(6/ 16)، ومرّ الحديث (برقم: 893) في "الجمعة".

(4)

قوله: (والخادم في مال سيده) فيه المطابقة، لأن المراد من الخادم هنا العبد، وإن كان يتناول غيرَه، "ع"(9/ 363).

(5)

بالتنوين، "قس"(5/ 644).

(6)

قوله: (إذا ضرب العبدَ فليجتنب الوجهَ) العبد بالنصب على المفعولية، والفاعل محذوف للعلم به، وذكر العبد ليس قيدًا بل هو من جملة الأفراد الداخلين في ذلك، وإنما خصّ بالذكر لأن المقصود هنا بيان حكم الرقيق، كذا قَرّره بعض الشراح، وأظنّ المصنِّفَ أشار إلى ما أخرجه في

ص: 393

2559 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ

(1)

، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ

(2)

قَالَ: ثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ

(3)

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ فُلَانٍ

(4)

، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أبِيهِ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(6)

، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

(7)

، أَنَا مَعْمَرٌ

(8)

، عَنْ هَمَّامٍ

(9)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ. "إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ".

===

"الأدب المفرد"[ح: 174] من طريق محمد بن عجلان بلفظ: "إذا ضرب أحدكم خادمه"، "فتح الباري"(5/ 182).

(1)

(1)"محمد بن عبيد الله" هو أبو ثابت المدني.

(2)

هو عبد الله، "قس"(5/ 644).

(3)

الإمام، "قس"(5/ 644).

(4)

قوله: (قال: وأخبرني ابن فلان) أي قال ابن وهب: حدثني مالك وابن فلان، كلاهما عن سعيد المقبري، قيل: لم يصرِّح باسمه ابنُ وهب لضعفه.

قال المزي: يقال: هو ابن سمعان، يعني عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المدني، وكذا قاله أبو نصر الكلاباذي، "ع"(9/ 363).

(5)

هو أبو سعيد كيسان، "قس"(5/ 644).

(6)

المسندي، "قس"(5/ 644).

(7)

"عبد الرزاق" ابن همام بن نافع الحميري مولاهم.

(8)

"معمر" هو ابن راشد.

(9)

ابن منبِّه، "قس"(5/ 644).

ص: 394

فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ

(1)

(2)

". قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: قَالَ ابْنُ حَربٍ: الذي قالَ ابْنُ فلانٍ هُوَ قولُ ابن وَهَبٍ وهُوَ ابْنُ سَمْعَانَ. [تحفة: 14318، 14726].

"قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ

" إلخ، ثبت في سـ، ذ.

===

(1)

قال النووي: قال العلماء: إنما نهى عن ضرب الوجه لأنه لطيف يجمع المحاسن، وأكثر ما يقع الإدراك بأعضائه، فيخشى من ضربه أن يبطل أو يتشوّه كلّها أو بعضها، والشَّين فيه فاحش لبروزه، ["ع" (9/ 364)].

(2)

قوله: (إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجهَ) فيه المطابقة للترجمة من حيث الذي إنه إذا وجب اجتناب الوجه عند القتال مع الكافر، فاجتناب وجه العبد المؤمن كان أوجب، "ك"(11/ 101)، "ع"(9/ 363).

* * *

ص: 395

بسم الله الرحمن الرحيم

‌50 - كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

(1)

(2)

‌1 - بَابُ الْمُكَاتَبِ وَنُجُومِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ نَجْمٌ

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33].

"كِتَابُ الْمُكاتَبِ" في ذ: "فِي الْمُكاتَبِ"، وزاد بعده في غير رواية أبي ذر والنسفي:"بَابُ إثْمِ مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ" -كذا وقع في بعض النسخ بدون حديث، وليس له وجه في دخوله أبواب المكاتب، "ف"(5/ 184)، "ع" (9/ 365) -. "فِي كُلِّ سَنَةٍ نَجْمٌ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ

} " إلخ، كذا في غير النسفي، وفي سفـ: "فِي كُلِّ سَنَةٍ نجم وقوله: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} ".

===

(1)

الكتابة والمكاتبة: هي بيع الرقيق من نفسه بدَين مؤجّل يؤدِّيه بنجمين أو أكثر، "ك"(11/ 102).

(2)

قوله: (كتاب المكاتب) ولأبي ذر: "في المكاتب" بغير ذكر كتاب ولا لفظ باب، وأثبتوا كلُّهم البسملة، والمكاتب بالفتح: من تقع له الكتابة، وبالكسر: من تقع منه، وكاف الكتابة تكسر وتفتح كعين العتاقة، كذا في "الفتح"(5/ 184).

قوله: "ونجومه" جمع نجم، وهو في الأصل: الطالع، ثم سمي به الوقت، ثم سمي به ما يؤدى به من الوظيفة، والعرب يبنون أمورهم على طلوع النجم لأنهم لا يعرفون الحساب، ولم يُرِد المصنف أن قوله:"في كل سنة نجم" أن ذلك شرط فيه، فإن العلماء اتفقوا على أنه لو وقع النجم بالأشهر جاز. قوله:" {فَكَاتِبُوهُمْ} " هذا الأمر عند الجمهور يُحْمَل على الندب وعند البعض على

ص: 397

وَقَالَ رَوْحٌ

(1)

، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ

(2)

: قُلْتُ لِعَطَاءٍ

(3)

: أَوَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالًا أَنْ أُكَاتِبَهُ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ إِلَّا وَاجِبًا. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: تَأْثُرُهُ

(4)

عَنْ أَحَدٍ؟ قَالَ:

"تَأْثُرُهُ" في ذ: "أَتَأْثُرُهُ".

===

الوجوب، قوله:" {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} " اختلفوا في المراد بالخير، قال الثوري

(1)

: هو القوّة على الاحتراف والكسب لأداء ما كوتِبُوا عليه، وعن الليث مثله، قال الحسن البصري: الصدق والأمانة والوفاء، وقال بعضهم: الصلاح وإقامة الصلاة، وقال مجاهد: المال. قوله: "ثم أخبرني" القائل بهذا هو ابن جريج، والمخبِرُ هو عطاء وظاهره الإرسال؛ لأن موسى لم يدرك وقت سؤال سيرين من أنس الكتابة، وسيرين هو أبو محمد بن سيرين، قوله:"فأبى" أي امتنع من فعل الكتابة؛ لأن اجتهاده أدّى إلى أن أمر " {فَكَاتِبُوهُمْ} " ليس للوجوب، كما أن اجتهاد عمر تَأَدَّى إلى أنه للوجوب، و"الدِّرَّة" بكسر الدال وتشديد الراء، هي التي تضرب بها، وهي معروفة، قوله:"في كتابتها" أي: في مال كتابتها، وسمي العقد كتابة لأن دَينه مؤجل فيحتاج إلى إثباته بالكتابة توثيقًا، ومطابقة الحديث للترجمة في قوله:"نُجِّمَتْ عليها في خمس سنين"، هذا كلُّه ملتقط أكثره من "العيني"(9/ 365 - 369)، وبعضه من "الكرماني"(11/ 102 - 103).

(1)

"وقال روح" هو ابن عبادة، مما وصله إسماعيل القاضي. ["تغليق التعليق" (3/ 348)].

(2)

"ابن جريج" هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي.

(3)

"لعطاء" هو ابن أبي رباح.

(4)

أي: ترويه، "ك"(11/ 102)، "ع"(9/ 369).

(1)

في الأصل: "قال النووي".

ص: 398

لَا

(1)

، ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنَّ مُوسَى بْنَ أَنَسٍ

(2)

أَخْبَرَهُ: أَنَّ سيرِينَ

(3)

سَأَلَ أَنَسًا الْمُكَاتَبَةَ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ، فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: كَاتِبْهُ، فَأَبَى، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، وَيَتْلُو عُمَرُ:{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} فَكَاتَبَهُ

(4)

. [تحفة: 10648].

2560 -

وَقَالَ اللَّيْثُ

(5)

: ثَنِي يُونُسُ

(6)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(7)

، قَالَ عُرْوَةُ

(8)

: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ بَرِيرَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهَا تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَعَلَيْهَا خَمْسُ أَوَاقِي

(9)

، نُجِّمَتْ عَلَيْهَا فِي خَمْسِ سِنِينَ، فَقَالَتْ لَهَا

"وَعَلَيْهَا خَمْسُ أَوَاقِي" كذا في ذ -بإسقاط تاء التأنيث من خمسٍ وإثبات التحتية في أواقي، "قس"(5/ 649) -، وفي نـ:"وَعَلَيْهَا خَمْسَةُ أَوَاقٍ".

===

(1)

أي: لا آثره عن أحدٍ، "ع"(9/ 369).

(2)

"موسى بن أنس" ابن مالك الأنصاري قاضي البصرة.

(3)

"سيرين" هو أبو عمرة والد محمد بن سيرين الفقيه، مولى أنس بن مالك، وهو من سبي "عين التمر" الذين أسرهم خالد بن الوليد رضي الله عنه، "ع"(9/ 367).

(4)

أي: على أربعين ألف درهم، "ع"(9/ 369)، وفي "الكرماني" (11/ 103): على عشرة آلاف درهم

(1)

.

(5)

"قال الليث" ابن سعد الإمام، مما وصله الذهلي في "الزهريات".

(6)

"يونس" ابن يزيد الأيلي.

(7)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(8)

"عروة" ابن الزبير بن العوام.

(9)

قوله: (خمس أواقي) جمع أوقية، وهي أربعون درهمًا، ويجوز

(2)

(1)

كذا في الأصل، وفي "ك" و"قس" (5/ 648):"على عشرين ألف درهم".

(2)

في الأصل: "ويجمع".

ص: 399

عَائِشَةُ وَنَفِسَتْ فِيهَا: أَرَأَيْتِ إِنْ عَدَدْتُ لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً، أَيَبِيعُكِ أَهْلُكِ

(1)

، فَأُعْتِقَكِ، فَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي؟ فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَنَا الْوَلَاءُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا

===

في الجمع تشديد الياء وتخفيفها، كذا في "العيني"(9/ 370)، قوله:"نُجِّمَتْ" على صيغة المجهول صفة للأواقي، أي: وُزِّعت وفُرّقت، يقال: نَجَّمْتُ المال إذا أدّيته نجمًا نجمًا، قوله:"ونفست" بكسر الفاء، أي رغبت، جملة حالية معترضة، "ك"(11/ 103)، "ع"(9/ 370)، وقال العيني: وقع فيه مخالفة للروايات المشهورة، وهو قوله:"وعليها خمسة أواق نُجِّمت عليها في خمس سنين"، والمشهور ما في رواية هشام بن عروة التي تأتي بعد بابين عن أبيه، "أنها كاتبت على تسع أواقٍ في كل عامٍ أوقية"، وقد جزم الإسماعيلي أن هذه الرواية المعلَّقة غلط، وأجيب عنه بأن التسع أصل، والخمس كانت بقيت عليها، وبهذا جزم القرطبي والمحب الطبري.

فإن قلت: في رواية قتيبة: "ولم تكن أدّت من كتابتها شيئًا"؟ قلت: أجيب بأنها كانت حصلت الأربع أواق قبل أن تستعين بعائشة، ثم جاءتها وقد بقي عليها خمس، وقال القرطبي: يجاب بأن الخمس هي التي كانت استحقّت عليها لحلول نجومها من جملة التسع الأواقي المذكورة في حديث هشام، ويؤيده قوله في رواية عمرة عن عائشة التي مضت في "كتاب الصلاة" (برقم: 456): "وقال أهلها: إن شئتِ أعطيتِها ما بقي"، انتهى، وكذا في "الفتح"(5/ 187).

(1)

قوله: (أيبيعكِ أهلكِ) قال النووي (5/ 401): احتجّ به طائفة من العلماء كأحمد في جواز بيع المكاتب، وقال بعضهم: يجوز بيعه للعتق لا للاستخدام، وأجاب من لم يجوِّزْه بأنها عجَّزت نفسها وفسخوا الكتابة، كذا في "الكرماني"(11/ 103).

ص: 400

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، شَرْطُ الله أَحَقُّ

(1)

وَأَوْثَقُ". [راجع: 456، أخرجه: م 1504، سي 223، تحفة: 16702].

‌2 - بابُ مَا يَجوزُ مِنْ شُرُوط المُكاتب، وَمَن اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ في كِتَابِ اللَّهِ عز وجل

فِيهَ عَن ابن عمر

(2)

.

"فِيهِ عَن ابْنِ عُمَرَ" كذا في ذ، وفي نـ:"فِيهِ ابْنُ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم". "حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" زاد في نـ: "عَنْ عُقيل" -هو ابن خالد، "قس"(5/ 651) -.

===

(1)

قوله: (شرط الله أحقّ) قال الداودي: شرط الله هنا أراه -والله أعلم- هو قولُه تعالى: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]، وقولُه تعالى:{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37]، وقال في موضع آخر: هو قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]، وقولُه:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الآية [الحشر: 7]، وقال القاضي عياض: وعندي أن الأظهر هو ما أعلم به صلى الله عليه وسلم من قوله: "إنَّما الولاء لِمن أعتق" و"مولى القوم منهم" و"الولاء لُحمة كلُحمة النسب"، وفي بعض الروايات:"كتاب الله أحقّ"، يحتمل أن يريد حكمه، ويحتمل أن يريد القرآن، "ع"(9/ 370).

(2)

كأنّه أشار به إلى حديث ابن عمر الذي يأتي في آخر الباب، "ع"(9/ 371).

ص: 401

2561 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ

(1)

، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ

(2)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(3)

، عَنْ عُرْوَةَ

(4)

أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتِكِ، وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لأَهْلِهَا، فَأَبَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ لَنَا وَلَاؤُكِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ابْتَاعِي فَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". قَالَ: ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ

(5)

فَلَيْس لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ، شَرْطُ اللَّه أَحَقُّ وَأَوْثَقُ". [راجع: 456، أخرجه: م 1504، د 3929، ت 2124، س 4655، تحفة: 16580].

"عَنْكِ كِتَابَتَكِ" في هـ: "عَنْ كِتَابَتِكِ". "وَإنْ شَرَطَ" في ذ: "وَإنْ اشْتَرَطَ". "مِائَةَ مَرَّةٍ" في سـ، ذ:"مِائَةَ شَرطٍ".

===

(1)

" قتيبة" ابن سعيد الثقفي أبو رجاء.

(2)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(3)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(4)

"عروة" هو ابن الزبير بن العوام.

(5)

قوله: (من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله) وهو الشرط الذي خالف كتابَ الله أو سنةَ رسوله أو إجماعَ الأمة، وقال ابن خزيمة: معنى "ليس في كتاب الله": ليس في حكم الله جوازه أو وجوبه، لا أنّ كلَّ مَنْ شرط شرطًا لم ينطق به الكتاب يبطل، "ع"(9/ 371).

ص: 402

2562 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(1)

، أَنَا مَالِكٌ

(2)

، عَنْ نَافِعٍ

(3)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَرَادَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا: عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا يَمْنَعْكِ ذَلِك، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [راجع: 2156، أخرجه: م 1504، د 2915، س 4644، تحفة: 8334].

‌3 - بَابُ اسْتِعَانَةِ الْمُكَاتَبِ

(4)

وَسُؤَالِهِ النَّاسَ

2563 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(5)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(6)

، عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

(7)

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوْقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ، فَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي، فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا، فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْوَلَاءُ،

"لَا يَمْنَعْكِ" في ذ: "لَا يَمْنَعَنَّكِ". "ابْنِ عُرْوَةَ" ثبت في ذ. "أُوْقِيَّةٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَقِيَّةٌ". "فَأَعِينِينِي" في هـ، ذ:"فأَعْيَتْنِي"-من الإعياء، أي: فأعجَزَتْني-.

===

(1)

" عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(2)

"مالك" الإمام المدني.

(3)

"نافع" مولى ابن عمر.

(4)

أي: طلبه العونَ من غيره، "ع"(9/ 372).

(5)

"عبيد بن إسماعيل" الهباري.

(6)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة.

(7)

"هشام بن عروة عن أبيه" عروة بن الزبير بن العوام.

ص: 403

فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "خُذِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ

(1)

، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَأَيُّمَا شَرْطٍ كَانَ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، فَقَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ

(2)

، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، مَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَعْتِقْ يَا فُلَانُ وَلِيَ الْوَلَاءُ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [راجع: 456، أخرجه: م 1504، تحفة: 16813].

"فَإنَّمَا الْوَلَاءُ" في نـ: "وَإنَّ الْوَلَاءَ"، وذكر في "قس": ولأبي ذر: "فَإنَّ الْوَلَاءَ". "كان" ثبت في ذ.

===

(1)

قوله: (واشترطي لهم الولاء) فإن قلت: هذا مشكل من حيث إن هذا الشرط يفسد العقد، ومن حيث إنها خدعت البائعين من حيث إنها شرطت لهم ما لا يحصل لهم، وكيف أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة في ذلك؟ قلت: أنكر بعضهم هذا الحديث بجملته لأجل هذا الإشكال، لكن قال الجمهور: هذه اللفظة صحيحة، واختلفوا في تأويلها، قيل:"لهم" بمعنى "عليهم"، أي: واشترطي عليهم، كما قال الله تعالى:{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]، أو بأن المراد: أظهري لهم حكم الولاء، أو بأن المراد التوبيخ لهم، لأن صلى الله عليه وسلم كان بيَّنَ لهم أن هذا الشرط باطل لا يصحّ، فلما ألَحّوا في اشتراطه ومخالفة أمره قال لعائشة هذا، يعني لا تبالِى سواء شرطوا أم لا، فإنه شرط باطل مردود، كذا في "الكرماني"(11/ 105 - 106) و"الطيبي"(6/ 90)، و"النووي"(5/ 402)، ومرّ الحديث مع بيانه (برقم: 2155، و 2168) في "كتاب البيوع".

(2)

أي: حكم الله أحقّ بالاتباع، "ع"(9/ 374).

ص: 404

‌4 - بَابُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ

(1)

وَقَالَتْ عَائِشَةُ

(2)

: هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ

(3)

: مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ

(4)

: هُوَ عَبْدٌ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ وَإِنْ جَنَى، مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ

(5)

.

"بَيْعِ الْمُكَاتَبِ" في سـ، حـ:"بَيْعِ الْمُكَاتَبَةِ".

===

(1)

قوله: (بيع المكاتب إذا رضي) وفي رواية السرخسي والمستملي: "باب بيع المكاتبة" والأول أصحّ لقوله: إذا رضي أي بالبيع ولو لم يعجز نفسه، وهو قول أحمد وربيعة والأوزاعي والليث وأبي ثور ومالك والشافعي في قول، واختاره ابن جرير وابن المنذر، وقال أبو حنيفة والشافعي في أصحِّ القولين وبعضُ المالكية: لا يجوز، وقال أبو عمر في "التمهيد": قال مالك: لا يجوز بيع المكاتب إلا أن يعجز عن الأداء، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز بيع المكاتب ما دام مكاتبًا حتى يعجز، ولا يجوز بيع كتابته، كذا في "العيني"(9/ 374).

(2)

"وقالت عائشة" مما وصله ابن أبي شيبة وابن سعد.

(3)

"وقال زيد بن ثابت" الأنصاري فيما وصله الشافعي وسعيد بن منصور.

(4)

"وقال ابن عمر" فيما وصله ابن أبي شيبة.

(5)

قوله: (هو عبد إن عاش وإن مات وإن جنى ما بقي عليه شيء) قال العيني: يعتق بأدائه جميعَ بدل الكتابة عندنا، وإن لم يقل المولى: إذا أدّيتها فأنت حرّ، وقال الشافعي: لا يعتق ما لم يقل هذا، أما موته فإنه إذا مات وله مال لم تنفسخ الكتابة، وقضى ما عليه من بدل الكتابة وحكم بعتقه في آخر جزء من حياته، وما بقي فهو لورثته، وهذا عندنا

(1)

، وهو قول علي

(1)

في الأصل: "عنده".

ص: 405

2564 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(1)

، أنَا مَالِكٌ

(2)

، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

(3)

، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(4)

: أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صبَّةً وَاحِدَةً فَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ بَرِيرَةُ ذَلِكَ لأَهْلِهَا، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُكِ لَنَا. قَالَ مَالِكٌ

(5)

: قَالَ يَحْيَى

(6)

: فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ

(7)

أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [راجع: 456].

‌5 - بَابٌ إِذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ: اشْتَرِنِي وَأَعْتِقْنِي، فَاشْتَرَاهُ لِذَلِكَ

(8)

===

وابن مسعود والحسن وابن سيرين والنخعي وغيرهم، وقال الشافعي: تبطل الكتابة بموت

(1)

المكاتب عبدًا، وما ترك لمولاه، وبه قال أحمد، وهو قول قتادة وأبي سليمان، وإذا مات المولى لا تبطل الكتابة، ويقال للمكاتب: أدِّ المال إلى ورثة المولى على نجومه، كذا في "العيني"(9/ 375).

(1)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(2)

"مالك" الإمام المدني.

(3)

"يحيى بن سعيد" الأنصاري.

(4)

"عمرة بنت عبد الرحمن" الأنصارية.

(5)

الإمام، وهو موصول بالإسناد الأول، "ع"(9/ 375).

(6)

ابن سعيد.

(7)

المذكورة.

(8)

أي: للعتق، وجواب "إذا" محذوف، تقديره: جاز.

(1)

في الأصل: "الكتابة ويموت".

ص: 406

2565 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ

(1)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ

(2)

، ثَنِي أَبِي أَيْمَنُ

(3)

قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: كُنْتُ غُلَامًا لِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ

(4)

، وَمَاتَ

(5)

وَوَرِثَنِي بَنُوهُ

(6)

، وَإِنَّهُمْ بَاعُونِي مِنَ ابْنِ أَبِي عَمْرٍو الْمَخْزُومِيِّ، فَأَعْتَقَنِي ابْنُ أَبِي عَمْرٍو، وَاشْتَرَطَ بَنُو عُتْبَةَ الْوَلَاءَ، فَقَالَتْ: دَخَلَتْ بَرِيرَةُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ، فَقَالَتْ: اشْتَرِينِي وَأَعْتِقِينِي، قَالَتْ: نَعَمْ،

"ثَنِي أَبِي أَيْمَنُ" في شحج: "عَنْ أَبِيه". "مِنَ ابْنِ أَبِي عَمْرٍو" في سفـ: "مِنَ عَبْدِ اللَّه بْنِ أَبِى عَمْرٍو"، وفي هـ:"مِنَ عَبْدِ اللَّه بْنِ أَبِي عَمْرو [بْن عُمَرَ] بْنِ عَبْدِ اللَّه". "وَأَعْتِقِينِي" في ذ: "فَأَعْتِقِينِي".

===

(1)

" أبو نعيم" هو الفضل بن دكين.

(2)

"عبد الواحد بن أيمن" المخزومي مولاهم المكي.

(3)

بالرفع بدل من "أبي"، الحبشي المكي، "قس"(5/ 657).

(4)

قوله: (كنت غلامًا لعتبة) ويروى: "كنت لعتبة

(1)

"، ولفظ الغلام مقدّر، قوله: "بنوه" أي: بنو عتبة، وهم العباس وأبو خراش وهشام ويزيد، قوله: "من ابن أبي عمرو" وفي رواية الكشميهني والنسفي: "من عبد الله بن أبي عمرو"، وزاد الكشميهني: "من عبد الله بن أبي عمرو بن عبد الله المخزومي"، قوله: "فذكر" أي: فذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك "لعائشة"، قوله: "وَدَعِيهم" أي اتركيهم ولا تتعرضي لهم فيما يشترطون ما شاؤوا من الولاء، قوله: "مائة شرط" هو بمعنى المصدر ليوافق الرواية الأخرى: "مائة مرة"، "ع" (9/ 376).

(5)

لعلّه في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، "قس"(5/ 657).

(6)

العباس وهاشم وغيرهما، "قس"(5/ 657).

(1)

في الأصل: "عتبة".

ص: 407

قَالَتْ: لَا يَبِيعُونِّي حَتَّى يَشْتَرطُوا وَلَائِي، فَقَالَتْ لَهَا: لَا حَاجَةَ لِي بِذَلِكَ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَلَغَهُ

(1)

، فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ مَا قَالَتْ لَهَا، فَقَالَ:"اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُوا مَا شَاءُوا". فَاشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ فَأَعْتَقَتْهَا، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ". [راجع: 456، تحفة: 16043].

"وَأَعْتِقِيهَا" في ذ: "فَأَعْتِقِيهَا". "وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُوا" كذا في ذ، وفي نـ:"وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُونَ". "فَأَعْتَقَتْهَا" في نـ: "وَأَعْتَقَتْهَا".

===

(1)

شكّ الراوي.

* * *

ص: 408

بسم الله الرحمن الرحيم

‌51 - كِتَابُ الْهِبَةِ

(1)

وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيْضِ عَلَيْهَا

2566 -

حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ

(2)

، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ

(3)

،

"كِتَابُ الْهِبَةِ

" إلخ، في نـ: "1 - بَابُ الْهِبَةِ". وفي هـ، ذ، بو: "فِيهَا" بدل "عليها".

===

(1)

قوله: (كتاب الهبة

) إلخ، أي: هذا كتاب في بيان أحكام الهبة "و" بيان "فضلها و" بيان "التحريض عليها"، وفي رواية الكشميهني وابن شبويه:"والتحريض فيها"، واستعماله بـ "على" أكثر، والتحريض على الشيء: الحثُّ والإغراء عليه

(1)

، والبسملة مقدَّمة على قوله: كتاب الهبة، عند الكل إلا في رواية النسفي، فإنها مذكورة بعده، والهبة مصدر من وهب يهب، وأصلها وهب؛ لأنه معتل الفاء كالعدة أصلها وعد، ومعناها لغةً إيصال الشيء للغير مما ينفعه، سواء كان مالًا أو غير مال، يقال: وهبت له مالًا، ووهب الله فلانًا ولدًا صالحًا.

والهبة في الشرع: تمليك المال بلا عوض، وقال الكرماني (11/ 109): الهبة تمليك بلا عوض، وتحتها أنواع؛ كالإبراء، وهي هبة الدَّين ممن عليه، والصدقة: وهي الهبة لثواب الآخرة.

والهدية: وهي ما ينقل إلى الموهوب منه إكرامًا، انتهى. قلت: تقسيم الهبة إلى الأنواع المذكورة ليس بالنظر إلى معناها الشرعي، وإنما هو بالنظر إلى معناها اللغوي، هذا كله من "العيني"(9/ 377).

(2)

"عاصم بن علي" هو أبو الحسن الواسطي.

(3)

هو محمد بن عبد الرحمن، "قس"(6/ 4).

(1)

في الأصل: "والإحمال عليه".

ص: 409

عَنِ الْمَقْبُرِيِّ

(1)

، عَنْ أَبِيهِ

(2)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا نِسَاءُ الْمُسْلِمَاتُ

(3)

لَا تَحْقِرَنَّ

(4)

جَارَةٌ لِجَارَتِهَا،

"عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ" كذا في ك، وفي صـ، مه، عسـ:"عَنِ الْمَقْبُرِيَّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ". "لِجَارَتِهَا " في ذ: "لِجَارَةٍ".

===

(1)

اسمه سعيد.

(2)

اسمه كيسان. سقط في رواية الأصيلي وكريمة وابن عساكر، والصواب إثباته، "قس"(6/ 4).

(3)

قوله: (يا نساء المسلمات) ذكر عياض في إعرابه ثلاثة أوجه، أصحّها وأشهرها نصب النساء، وجرّ المسلمات على الإضافة، قال الباجي: وبهذا رويناه عن جميع شيوخنا بالمشرق، وهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه، والموصوفِ إلى صفته، والأعمِّ إلى الأخصِّ، كمسجد الجامع، وجانب الغربي، وهو عند الكوفيين جائز على ظاهره، وعند البصريين يقدِّرون فيه

(1)

محذوفًا أي: مسجد المكان الجامع، ويقدَّر هنا: يا نساء الأنفس المسلمات، أو: الجماعات المؤمنات، وقيل: تقديره: يا فاضلات المسلمات، كما يقال: هؤلاء رجال القوم، أي: ساداتهم وأفاضلهم، والوجه الثاني: رفع النساء، ورفع المسلمات على النداء والصفة، أي: يا أيتها النساء المسلمات، قال الباجي: كذا يرويه أهل بلدنا، الوجه الثالث: رفع النساء وكسر التاء من المسلمات على أنه منصوب على الصفة على المحلّ نحو: يا زيد العاقل، برفع زيد ونصب العاقل، "ع"(9/ 378)، "ك"(11/ 109)، "ف"(5/ 197 - 198).

(4)

قوله: (لا تحقرنّ

) إلخ، قال الكرماني (11/ 110):"لجارتها" متعلق بحذوف، أي: لا تحقرنّ جارةٌ هديةً مهداة لجارتها، بالغ فيه حتى ذكر

(1)

في الأصل: "يقدر فيه".

ص: 410

وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ

(1)

". [طرفه: 6017، تحفة: 14325].

2567 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ

(2)

، ثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ

(3)

، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ

(4)

، عَنْ عُرْوَةَ

(5)

،

"ثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ".

===

أحقر الأشياء من أبغض البغيضين -إذا حُمِل لفظ الجارة على الضرّة-، وجارتها بالضمير في رواية الأكثرين، ولأبي ذر:"لجارة" بلا ضمير، قوله:"ولو فِرْسِن شاة" يعني ولو أنها تهدي فرسن شاة، والمراد منه المبالغة في إهداء الشيء اليسير لا حقيقة الفرسن

(1)

؛ لأنه لم تَجْرِ العادة في المهاداة به، والمقصود: أنها تهدي بحسب الموجود عندها ولا يستحقر لقلته، لأن الجود بحسب الموجود، والوجود خير من العدم، هذا ظاهر الكلام، ويحتمل أن يكون النهي واقعًا للمهدى إليها، وأنها لا تحتقر ما يهدى إليها، ولو كان حقيرًا، و"الفرسن" بكسر الفاء والسين وبينهما راء ساكن وفي آخره نون، قال ابن دريد: هو ظاهر الخفّ، والجمع فراسن، وفي "المحكم": هي طرف خفّ البعير، وفي "المغيث": هو عظم قليل اللحم، وهو للشاة والبعير بمنزلة الحافر للدابة، والمطابقة من حيث إن فيه تحريضًا على الخير ولو بشيء حقير، وهو داخل في معنى الهبة من حيث اللغة، "ع"(9/ 378 - 379).

(1)

بكسر فاء وسين، هو عَظْمٌ قليل اللحم، "ف"(5/ 198).

(2)

المدني، "قس"(6/ 5).

(3)

"ابن أبي حازم" هو عبد العزيز واسم أبي حازم سلمة بن دينار.

(4)

"يزيد بن رومان" هو مولى آل الزبير.

(5)

"عروة" ابن الزبير بن العوام.

(1)

في الأصل: "الفرمن".

ص: 411

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ

(1)

: ابْنَ أُخْتِي

(2)

، إِنْ كُنَّا

(3)

لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ

(4)

فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَارٌ، فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ،

"يُعِيشُكُمْ" في ذ: "يُغْنِيكُمْ"[كذا في الأصل، وقال في "قس": في ذ: "يُعَيِّشُكُمْ" بضم الياء الأولى وفتح العين وتشديد الياء الثانية، وفي نـ: "يُغْنِيكُمْ"].

===

(1)

ابن الزبير.

(2)

أي: يا ابن أختي، وحرف النداء محذوف، وفي رواية مسلم:"واللهِ يا ابن أختي" وأم عروة أسماء بنت أبي بكر، أخت عائشة، "ع"(9/ 380).

(3)

قوله: (إن كنا

) إلخ، هذه مخفّفة من المثقّلة، قوله:"ثلاثة أَهِلّة" بالنصب تقديره: نرى ثلاثة أهلة، ونكملها "في الشهرين" أي: باعتبار رؤية الهلال في أول الشهر [الأول، ثم برؤيته في الشهر الثاني، ثم برؤيته في أول الشهر] الثالث، قوله:"يعيشكم" بضم الياء مِنْ أعاشه الله تعالى، وقال النووي: من التعييش، وفي بعض النسخ:"يغنيكم" من الإغناء، قوله:"الأسودان: التمر والماء" وهو من باب التغليب إذ الماء ليس بأسود، وأطلقت [عائشة] على التمر أسود؛ لأنه غالب تمر المدينة، وقال ابن سيده: فسّر أهل اللغة "الأسودين" بالماء والتمر، قوله:"منائح" جمع منيحة، وهي ناقة أو شاة تعطيها غيرك ليحتلبها، ثم يردّها عليك، وقد تكون المنيحة عطية للرقبة بمنافعها مؤبّدةً مثلَ الهبة، "ع"(9/ 380).

(4)

من الإيقاد.

ص: 412

وَكَانُوا يُمْنِحُونَ

(1)

رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَلْبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَاهُ

(2)

. [طرفاه: 6458، 6459، أخرجه: م 2972، تحفة: 17352].

‌2 - بَابُ الْقَلِيلِ مِنَ الْهِبَةِ

2568 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(3)

، ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ

(4)

، عَنْ شُعْبَةَ

(5)

، عَنْ سُلَيْمَانَ

(6)

، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

(7)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ

(8)

(9)

لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ". [طرفه: 5178، أخرجه: س في الكبرى 6609، تحفة 13405].

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ".

===

(1)

من المنح وهو العطاء وهو من باب فتح وضرب، كذا في "العيني"(9/ 381) و"الكرماني"(11/ 110)، وفي "الفتح" (5/ 199): يمنحون بفتح أوّله وثالثه، ويجوز ضمُّ أوله وكسر ثالثه، أي: يجعلونها [له] منحة، كذا في "التنقيح"(2/ 566).

(2)

وعند الإسماعيلي: "فيسقينا منه"، "ف"(5/ 199).

(3)

"محمد بن بشار" العبدي لقبه بندار.

(4)

"ابن أبي عدي" هو محمد بن أبي عدي، واسمه إبراهيم البصري.

(5)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

(6)

"سليمان" ابن مهران الأعمش.

(7)

"أبي حازم" هو سلمان الأشجعي.

(8)

هو مستدق الساق، يذكّر ويؤنّث، "ع"(9/ 381).

(9)

قوله: (إلى ذِراع أو كُراع) والكراع من الدابة ما دون الكعب، وقيل: هو اسم مكان، ولا يثبت، ويردّه حديث أنس عند الترمذي

ص: 413

‌3 - بَابُ مَنِ اسْتَوْهَبَ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا

(1)

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ

(2)

: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا".

2569 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ

(3)

، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ

(4)

، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ

(5)

، عَنْ سَهْلٍ

(6)

: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ

(7)

، وَكَانَ لَهَا غُلَامٌ

"مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا" زاد في شحج: "جَازَ".

===

[ح: 1338] بلفظ: "لو أهدي إلَيّ كراعٌ لقبلتُ" ومناسبته للترِجمة بطريق الأولى؛ لأنه إذا ما كان يجيب مَنْ دعاه على ذلك القدر اليسير فَلأَن يقبله منه مِمّن أحضره إليه أولى، "فتح"(5/ 199).

(1)

قوله: (من استوهب من أصحابه شيئًا) سواء كان عينًا أو منفعة، والجواب محذوف، تقديره: جاز بغير كراهة إذا كان يعلم طيب خاطرهم، قوله:"اضربوا لي معكم سهمًا" هذا التعليق قطعة من حديث الرقية بفاتحة الكتاب، "ف"(5/ 200)، "ع" (9/ 382) وقد مرّ بتمامه (برقم: 2276) في "الإجارة".

(2)

الخدري في حديث الرقية بالفاتحة الموصول بتمامه في "كتاب الإجارة"، "قس"(6/ 7).

(3)

"ابن أبي مريم" هو سعيد بن الحكم المصري.

(4)

"أبو غسان" محمد بن مطرف الليثي.

(5)

"أبو حازم" هو سلمة بن دينار.

(6)

"سهل" هو ابن سعد الساعدي الأنصاري رضي الله عنه.

(7)

هذا وهم من أبي غسّان، والصواب: أنها من الأنصار، نعم يحتمل أن تكون أنصاريةً حالفت مهاجريًّا أو تزوّجتْ به أو بالعكس، "قس"(6/ 7).

ص: 414

نَجَّارٌ

(1)

، قَالَ لَهَا:"مُرِي عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنَا أَعْوَادَ الْمِنْبَرِ"، فَأَمَرَتْ عَبْدَهَا، فَذَهَبَ فَقَطَعَ مِنَ الطَّرْفَاءِ

(2)

، فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا قَضَاهُ

(3)

أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ قَضَاهُ، قَالَ:"أَرْسِلِي بِهِ إِلَيَّ"، فَجَاءُوا بِهِ، فَاحْتَمَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ. [راجع: 377، تحفة: 4760].

2570 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(4)

، ثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ

(5)

، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

(6)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ

(7)

، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَازِلٌ أَمَامَنَا، وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ، وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ

(8)

"قَالَ لَهَا: مُرِي" في ذ: "فَقَالَ: مُرِي". "قَالَ" في نـ: "قَالَ صلى الله عليه وسلم".

===

(1)

اسمه باقوم، وقيل: غيره، "قس"(6/ 7).

(2)

ضرب من الشجر، ومرّ الحديث مع بيانه (برقم: 917)، في "الجمعة".

(3)

أي: صنعه وأحكمه، "ع"(9/ 382).

(4)

الأويسي.

(5)

"محمد بن جعفر" هو ابن أبي كثير الأنصاري المدني.

(6)

"أبي حازم" تقدم.

(7)

بفتح السين واللام: الأنصاري، "ع"(9/ 383).

(8)

أي: أخرز، "ع"(9/ 383).

ص: 415

نَعْلِي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي بِهِ، وَأَحَبُّوا

(1)

لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقَالُوا: لَا، وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ، فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ

(2)

، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ، وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ

(3)

الْعَضُدَ مَعِي، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:"مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ فَأَكَلَهَا، حَتَّى نَفِّدَهَا

(4)

وَهُوَ مُحْرمٌ. فَحَدَّثَنِي بِهِ زيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ

(5)

، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ

(6)

. [راجع: 1821، أخرجه: م 1196، س 4345، تحفة: 12099، 12120].

"فَالْتَفَتُّ" في نـ: "وَالْتَفَتُّ". "فَأَخَذْتُهُمَا" في نـ: "فَأَخَذْتُهَا". "عَنْ أَبِي قَتَادَةَ" زاد في نـ: "عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم".

===

(1)

مرّ الحديث (برقم: 1821) في "كتاب الحجّ".

(2)

من العقر وهو الجرح.

(3)

أي: أخفيتُ.

(4)

قوله: (نفّدها) بتشديد فاء وإهمال دال، أي: أفناها، وروي بكسر الفاء المخفّفة، وردّه ابن التين، "مجمع"(4/ 770)، "ع"(9/ 383)، قوله:"فحدّثني به" قائل هذا هو محمد بن جعفر الراوي عن أبي حازم، أي حدثني بهذا الحديث "زيد بن أسلم" أبو أسامة أيضًا "عن عطاء"، "ع"(9/ 383).

(5)

مولى أمِّ المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، "قس"(6/ 9).

(6)

المذكور في السند السابق، "قس"(6/ 9).

ص: 416

‌4 - بَابُ مَنِ اسْتَسْقَى

(1)

وَقَالَ سَهْلٌ

(2)

: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اسْقِنِي".

2571 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ

(3)

ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، ثَنِي أَبُو طُوَالَةَ

(4)

قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي دَارِنَا هَذِهِ، فَاسْتَسْقَى

(5)

، فَحَلَبْنَا شَاةً لَنَا، ثُمَّ شُبْتُهُ

(6)

مِنْ مَاءِ بِئْرنَا هَذِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَعُمَرُ تُجَاهَهُ

(7)

، وَأَعْرَابِيٌّ

(8)

عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا فَرِغَ قَالَ عُمَرُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: "الأيْمَنُونَ

(9)

، الأَيْمَنُونَ، أَلَا فَيَمِّنُوا". قَالَ أَنَسٌ:

"ثَنِي أَبُو طَوَالَةَ" زاد في نـ: "عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحمنِ".

===

(1)

قوله: (من استسقى) أي في بيان حكم من استسقى ماءً أو لبنًا أو غيرهما، وجوابه محذوف تقديره: ما حكمه؟ وحكمه: يجوز له ذلك مما تطيب به نفس المطلوب منه، "عمدة القاري"(9/ 383).

(2)

"قال سهل" هو ابن سعد الأنصاري فيما وصله المؤلف في "كتاب النكاح"[(برقم: 5256)، وفي "كتاب الأشربة" (برقم: 5637)] وهذا التعليق طرف من حديث، "ع"(9/ 384).

(3)

"خالد بن مخلد" القطواني الكوفي.

(4)

"أبو طوالة" الأنصاري قاضي المدينة.

(5)

فيه الترجمة، "ع"(9/ 384).

(6)

بكسر المعجمة وضمّها أي: خلطت اللبن، "قس"(6/ 10).

(7)

أي: مقابله، "ع"(9/ 384).

(8)

لم يسمّ، "قس"(6/ 10).

(9)

قوله: (الأيْمنون) مبتدأ وخبره محذوف تقديره: الأيْمنون مقدَّمون،

ص: 417

فَهِيَ سُنَّةٌ فَهِيَ سُنَّةٌ فَهِيَ سُنَّةٌ. [راجع: 2352، أخرجه: م 2029، تحفة: 972].

‌5 - بَابُ قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ

وَقَبِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِن أَبِي قَتَادَةَ عَضُدَ الصَّيْدِ

(1)

.

2572 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ

(2)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(3)

، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَنْفَجْنَا

(4)

أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ،

"فَهِيَ سُنَّةٌ" زاد في نـ: "ثَلاثَ مَرَّاتٍ".

===

و"الأيْمنون" الثاني للتأكيد، قوله:"ألا" كلمة تنبيه وتحضيض، وبعض المعربين

(1)

يقولون: كلمة استفتاح، والأصل الأول، قوله:"فَيَمِّنوا" أمر من التيمين، وهذا تأكيد بعد تأكيد، "ع"(9/ 384).

(1)

سبق موصولًا قبل الباب السابق [ح: 2570]، "قس"(6/ 10).

(2)

"سليمان بن حرب" الأزدي الواشحي البصري.

(3)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

(4)

قوله: (أنفَجْنا) بالنون والفاء والجيم، أي أثرناه من مكانه، والأرنب حيوان معروف، قوله:"بمرِّ الظهران" بفتح الميم وتشديد الراء، وفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء، قال النووي: هو موضع قريب من مكة، قوله:"فلغبوا" بفتح الغين المعجمة [وكسرها]، وفتحها أشهر

(2)

ومعناه: تعبوا، وقال الكرماني (11/ 114): وفي بعضها: "فتعبوا" من التعب وهو الإعياء، قوله:"أبا طلحة" وهو زوج أم أنس رضي الله عنه، قوله:

(1)

في الأصل: "العربيين".

(2)

في الأصل: "بفتح الغين المعجمة فتحا أشهر".

ص: 418

فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بوَرِكِهَا -أَوْ فَخِذَيْهَا، قَالَ: فَخِذَيْهَا لَا شَكَّ فِيهِ- فَقَبِلَهُ

(1)

، قُلْتُ: وَأَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: وَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: قَبِلَهُ. [طرفاه: 5489، 5535، أخرجه: م 1953، د 3791، ت 1789، س 4313، ق 3243، تحفة: 1629].

2573 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(2)

، ثَنِي مَالِكٌ

(3)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ،

"فَلَغِبُوا" في هـ: "فَتَعِبُوا". "حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ" في ذ: "6 - بَابُ قبول الْهدية، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ".

===

"بوركها" بفتح الواو وكسر الراء وبكسر الواو وإسكان الراء: وهو ما فوق الفخذ، والفخذ بكسر الخاء وسكونها، قوله:"أو فَخِذيها" شكٌّ من الراوي، قوله:"قال: فَخِذيها لا شكَّ فيه" فاعل "قال" هو شعبة؛ لأن ابن بطال قال: قال شعبة: فَخِذيها لا شكَّ فيه.

ثم قال: فيه دليل على أن شعبة شكَّ في الفخذين أولًا ثم استيقن، وكذلك شكَّ أخيرًا في الأكل فأوقف حديثه على القبول، قلت: يشير بهذا إلى أنه لا يشكّ في فخذيها وإنما الشكّ بين الوركين والفخذين، قوله:"ثم قال بعد: قَبِلَه" أشار به إلى أنه شكّ في أكله ولم يشكّ في قبوله، هذا كلّه في "العيني"(9/ 385 - 386).

(1)

سيجيء الحديث (برقم: 5535) إن شاء الله تعالى.

(2)

"إسماعيل" هو ابن أبي أويس.

(3)

"مالك" الإمام المدني.

(4)

"ابن شهاب" هو الزهري.

ص: 419

عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ

(1)

: أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهُوَ بالأَبْوَاءِ

(2)

أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ:"أَمَا إِنًّا لَمْ نَرُدُّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ". [راجع: 1825].

‌7 - بَابُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ

(3)

"عَلَيْكَ" في حـ، سـ:"إلَيكَ". "بَابُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ" كذا في ذ، وفي سفـ:"بَابُ مَنْ قَبِلَ الْهَدِيَّةَ".

===

(1)

الليثي.

(2)

قوله: (وهو بالأبواء) بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمدِّ: اسم مكان بين مكة والمدينة، قوله:"أو بِوَدّان" شكٌّ من الراوي، وهو بفتح الواو وتشديد الدال وبالنون، وهو أيضًا اسم مكان بين مكة والمدينة، قوله:"إنّا لم نردَّه" بفتح الدال وضمِّها، قوله:"حُرُم" بضمتين جمع حرام بمعنى مُحرِم، وإنما قبل الصيد من أبي قتادة وردّه على الصَّعْب مع أنه صلى الله عليه وسلم كان في الحالين مُحرِمًا؛ لأن المحرم لا يملك الصيد ويملك مذبوح الحلال؛ لأنه كقطعة لحم لم يبق في حكم الصيد، "ع"(9/ 388).

(3)

قوله: (باب قبول الهدية) هكذا ثبت في رواية أبي ذر، قال بعضهم: هو تكرار بغير فائدة! قلت: لا نسلِّم ذلك؛ لأن الباب الذي ثبت في رواية أبي ذر على رأس حديث الصَّعْب بن جَثّامة، وهو هدية الصيد خاصة، وهذا أعمّ منه، ووقع في رواية النسفي:"باب من قبل الهدية"، قوله:"كانو يتحَرّون" من التحري وهو القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول، قوله:"يوم عائشة" أي يوم نوبتها، قوله:"يبتغون" أي: يطلبون، جملة حالية، ويروى: يتَّبعون من الاتّباع، قوله:"بذلك" أي: بتحريهم بهداياهم يوم نوبة عائشة، قوله:"مرضاة" مصدر ميمي بمعنى الرضى، وفيه الدلالة على فضل عائشة،

ص: 420

2574 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى

(1)

، ثَنَا عَبْدَةُ

(2)

، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ

(3)

، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، يَتَّبِعُونَ -أَوْ يَبْتَغُونَ- بِذَلِكَ مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [أطرافه: 2580، 2581، 3775، أخرجه: م 2441، س في الكبرى 8899، تحفة: 17044].

2575 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ

(4)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(5)

، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ إيَاسٍ

(6)

قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ

(7)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ

(8)

خَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَقِطًا

(9)

وَسَمْنًا وَأَضُبًّا،

"حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ" في نـ: "حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ". "ابْنُ أَبِي إيَاسٍ" سقط في نـ. "وَأَضُبًّا" في سـ، حـ:"وَضَبًّا".

===

والمطابقة تؤخذ من معنى الحديث، وهو واضح لمن له تأمُّلٌ وحسن نظر، "ع"(9/ 388).

(1)

"إبراهيم بن موسى" الفراء الرازي الصغير.

(2)

"عبدة" هو ابن سليمان.

(3)

"هشام عن أبيه" عروة بن الزبير.

(4)

"آدم بن أبي إياس" العسقلاني.

(5)

"شعبة" هو ابن الحجاج.

(6)

"جعفر بن إياس" هو ابن أبي وحشية.

(7)

"سعيد بن جبير" الأسدي.

(8)

بضمّ المهملة اسمها هُزَيلة، أخت ميمونة، "ع"(9/ 389)، "قس"(6/ 13).

(9)

قوله: (أقطًا) بفتح الهمزة وكسر القاف بعدها طاء مهملة، وهو لبن يابس مجفَّف مستحجر يطبخ به، قوله:"أَضُبًّا" جمع ضبٍّ، بفتح الضاد المعجمة وتشديد الموحدة، مثل: فلس وأفلس، وفي "المحكم": الضبّ دُوَيبة، والجمع ضباب وأضُبّ. قوله:"تقذُّرًا" نصب على التعليل،

ص: 421

فَأَكَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَقِطِ وَالسَّمْنِ، وَتَرَكَ الأَضُبَّ تَقَذُّرًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأُكِلَ

(1)

عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [أطرافه: 5389، 5402، 7358، أخرجه: م 1947، د 3793، س 4319، تحفة: 5448].

2576 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ

(2)

، ثَنَا مَعْنٌ

(3)

، ثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ

(4)

،

"الأَضُبَّ" كذا في ذ، وفي ك:"الضَّبَّ". "حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ" في ذ: "حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ" وفي نـ: "مُنْذِر".

===

أي لأجل التقذر، يقال: قذرت الشيء وتقذّرته واستقذرته: إذا كرهته. قوله: "قال ابن عباس: فأُكل

" إلخ، قالت الشافعية: وهو احتجاجٌ حسنٌ، وهو قول الفقهاء كافةً، ونصَّ عليه مالك في "المدوّنة"، وعنه رواية بالمنع.

قال صاحب "الهداية"(2/ 352): يكره أكل الضب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عائشة رضي الله عنها حين سألته عن أكله، كذا في "العيني"(9/ 389 - 390).

قال محمد في "الموطأ"(ح: 646 - 647): أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم النخعي عن عائشة أنه أهدي لها ضبّ فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته [عن أكله] فنهاها عنه، فجاءت سَائِلةٌ فأرادت أن تطعمها إياه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتطعمينها مما لا تأكلين؟ " انتهى، وكذا روى محمد عن عليٍّ رضي الله عنه أنه "نهى عن أكل الضب والضبُع" [انظر:"التعليق الممجد"(2/ 239)].

(1)

بلفظ المجهول.

(2)

"إبراهيم بن المنذر" الحزامي.

(3)

"معن" هو ابن عيسى بن يحيى القزاز المدني.

(4)

"إبراهيم بن طهمان" الخراساني.

ص: 422

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ

(1)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ: "أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟ " فَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ، قَالَ لأَصْحَابِهِ:"كُلُوًا"، وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ، ضَرَبَ بِيَدِهِ

(2)

فَأَكَلَ مَعَهُمْ. [تحفة 14359].

2577 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(3)

، ثَنَا غُنْدُرٌ

(4)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(5)

، عَنْ قَتَادَةَ

(6)

، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ

(7)

". [راجعِ: 1495].

2578 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا غُنْدُرٌ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ

(8)

قَالَ:

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ". "فَقَالَ" في نـ: "قَالَ". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ".

===

(1)

" محمد بن زياد" القرشي الجمحي.

(2)

قوله: (ضرب بيده) أي: شرع في الأكل مسرعًا، "ع"(9/ 391).

(3)

"محمد بن بشار" العبدي البصري لقبه بُندار.

(4)

"غندر" هو محمد بن جعفر البصري الهذلي.

(5)

"شعبة" هو ابن الحجاج تكرر ذكره.

(6)

"قتادة" ابن دعامة السدوسي.

(7)

قوله: (ولنا هَدِيَّة) فيه الترجمة؛ لأن الصدقة يجوز فيها تصرف الفقير بالبيع والهديةِ وغيرِ ذلك، كتصرفات سائر المُلّاك في أملاكهم، "ع"(9/ 391).

(8)

"عبد الرحمن بن القاسم" ابن محمد بن أبي بكر الصديق

ص: 423

سَمِعْتُهُ

(1)

مِنْهُ، عَنِ الْقَاسِم، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، وَأَنَّهُمُ اشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا

(2)

، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَذَا تُصُدِّقَ بهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ" وَخُيِّرَتْ

(3)

. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ

(4)

: زَوْجُهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ؟ قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ

(5)

عَنْ زَوْجِهَا، قَالَ: لَا أَدْرِي حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ. [راجع: 456، أخرجه: م 1504، س 4643، تحفة: 17491].

"فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَذَا تُصُدِّقَ بِهِ -إلَى- وَلَنَا هَدِيَّةٌ" كذا في ذ، وفي ك:"فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَذَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ هُو لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ"، وقوله:"بِهِ" سقط في نـ. "زَوْجُهَا" في نـ: "وَزَوْجُهَا". "قَالَ: لَا أَدْرِي" في نـ: "فَقَالَ: لَا أَدْرِي". "حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"حُرٌّ أَمْ عَبْدٌ".

===

رضي الله عنه، يروي عن أبيه القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها، والرواة الباقون هم السابقون.

(1)

أي: الحديث، "قس"(6/ 15).

(2)

مرّ الكلام فيه مرارًا.

(3)

قوله: (وخُيِّرت) أي: صارت مخيَّرة بين أن تفارق زوجها وأن تبقى تحت نكاحه، قوله:"حُرّ أو عبد" أي: لا أدري هل هو حُرّ أو عبد، والمشهور أنه عبد، وهو قول مالك والشافعي، وعليه أهل الحجاز، وخالف أهل العراق فقالوا: كان حُرًّا، والله أعلم، [انظر:"عمدة القاري"(9/ 392)].

(4)

ابن القاسم الراوي.

(5)

ابن القاسم الراوي، "قس"(6/ 16).

ص: 424

2579 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ

(1)

، أَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(2)

، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ

(3)

، عَنْ حَفْصَةَ

(4)

بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ

(5)

قَالَتْ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم علَى عَائِشَةَ فَقَالَ: "أَعِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ " قَالَتْ: لَا، إِلَّا شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنَ الشَّاةِ الَّتِي بُعَثْتْ إِلَيْهَا

(6)

مِنَ الصَّدَقَةِ، قَالَ:"إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا". [راجع: 1446].

‌8 - بَابُ مَنْ أَهْدَى إِلَى صَاحِبِهِ وَتَحَرَّى بَعْضَ نِسَائِهِ دُونَ بَعْضٍ

2580 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ

(7)

، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ

(8)

،

"أَنَا خَالِدُ" في نـ: "ثَنَا خَالِدُ". "أَعِنْدَكُمْ شَيْءٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"عِنْدَكُمْ شَيْءٌ". "بَعَثْتَ إلَيْهَا" في هـ: "بُعِثَتْ إلَيْهَا". "إنَّهَا" في سـ، حـ:"إنَّهُ".

===

(1)

" محمد بن مقاتل أبو الحسن" الكسائي المروزي، نزيل بغداد.

(2)

"خالد بن عبد الله" الطحان الواسطي.

(3)

"خالد" ابن مهران "الحذّاء" البصري.

(4)

الأنصارية.

(5)

اسم أمّ عطية نُسَيبة، كما مرّ في "الزكاة" [ح: 1494].

(6)

قوله: (بُعِثَتْ إليها) هو بلفظ المجهول للغائبة، وبلفظ المعروف للمخاطب، قوله:"قد بلغت مَحِلّها" أي زال عنها حكم الصدقة وصارت حلالًا لنا، قاله الكرماني (11/ 118)، قال العيني (9/ 392): قوله: "محلها" بفتح الحاء، وفي رواية الكشميهني بكسرها، وهو يقع على الزمان والمكان، انتهى. وقد مرّ بيانه أيضًا في "كتاب الزكاة" (برقم: 1494) في "باب إذا تحوَّلت الصدقة".

(7)

"سليمان بن حرب" الواشحي.

(8)

"حماد بن زيد" الأزدي.

ص: 425

عَنْ هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

(1)

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمُ يَوْمِي

(2)

. وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: إِنَّ صَوَاحِبِي اجْتَمَعْنَ، فَذَكَرَتْ لَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا. [راجع: 2574، أخرجه: ت 3879، تحفة 16861].

2581 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(3)

، ثَنِي أَخِي

(4)

، عَنْ سُلَيْمَانَ

(5)

، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُنَّ حِزْبَيْنِ

(6)

:

"ابْنِ عُرْوَةَ" ثبت في ذ. "فَأَعْرَضَ عَنْهَا" في نـ: "فَأَعْرَضَ عَنْهُنَّ".

===

(1)

أي: عروة بن الزبير، "قس"(6/ 17).

(2)

قوله: (يومي) أي: يوم نوبتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، و"أمّ سلمة" هي هند إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، قوله:"إنّ صواحبي" أرادت به بقية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان اجتماعهن عند أم سلمة، وقلن لها: خَبِّري رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس بأن يهدوا له حيث كان، "فذكرت" ذلك أم سلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، "فأعرض عنها"، يعني لم يلتفت إلى ما قالت له، ويروى:"فأعرض عنهن" أي: عن أزواجه البقية، "ع"(9/ 393).

(3)

"إسماعيل" ابن أبي أويس.

(4)

"أخي" أبو بكر عبد الحميد بن أبي أويس.

(5)

"سليمان" هو ابن بلال التيمي مولاهم المدني.

(6)

قوله: (حزبين) تثنية حزب، وهو الطائفة، ويُجْمَع على أحزاب، قوله:"عائشة" هي بنت أبي بكر الصديق "وحفصة" هي بنت عمر بن الخطاب، "وصفية" هي بنت حُيي الخيبرية، "وسودة" هي بنت زمعة العامرية، قوله:"والحزب الآخر أم سلمة" هي بنت أبي أمية، قوله:"وسائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي: وبقية نسائه صلى الله عليه وسلم، وهن الأربعة: زينب بنت جحش

ص: 426

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الأسدية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان الأموية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، قوله:"يكلِّم الناس" يجوز بالجزم وبالرفع، قوله:"فيقول" تفسير لقوله: يكلِّم، قوله:"فليُهْدِها إليه" وفي رواية الكشميهني: "فَلْيُهْدِ" بلا ضمير، قوله:"بما قُلْن" أي بالذي قلنه، قوله:"حين دَارَ إليها" أي إلى عائشة، أراد يوم كونه صلى الله عليه وسلم في نوبة عائشة في بيتها، قوله:"فكلَّمَتْه" أي: فكلّمت أم سلمة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، "فقال لها" رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تؤذيني في عائشة" كلمة "في" هنا للتعليل، كما في قوله تعالى:{فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} [يوسف: 32]، وفي الحديث: أن امرأة دخلت النار في هِرَّة حبستها.

قوله: "ثم إنهن" أي نساء النبي اللاتي هُنّ الحزب الآخر، قوله:"دعون" أي طلبن "فاطمة" رضي الله عنها، وفي رواية الكشميهني:"دعين"، قوله:"تقول" أي فاطمة تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله:"إن نساءَك ينشدنك الله العدل" أي يسألنك بالله العدل، ومعناه التسوية بينهن في كل شيء من المحبة وغيرها، هكذا قاله بعضهم، ولكن المعنى: التسوية بينهن في المحبة المتعلِّقة بالقلب؛ لأنه كان يسوّي بينهن في الأفعال المقدورة، وأجمعوا على أنّ محبتهن لا تكليف فيها ولا يلزمه التسوية فيها؛ لأنها لا قدرة عليها، وإنما يؤمر بالعدل في الأفعال، حتى اختلفوا في أنه هل يلزمه القسم بين الزوجات أم لا؟

قوله: "يا بُنَيَّة" تصغير إشفاق، قوله:"فأتته" أي فأتت زينب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله:"فأغلظت" أي في كلامها، قوله:"تناوَلَتْ" أي: تعرَّضت، "وهي قاعدة" جملة حالية أي عائشة قاعدة، وفي رواية النسائي ["الكبرى"، ح: 8914] وابن ماجه [ح: 1981] مختصرًا من طريق عبد الله البهي عن عروة عن عائشة قالت: "دخلتْ عليَّ زينب بنت جحش فسبَّتْني،

ص: 427

فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ

(1)

وَحَفْصَةُ

(2)

وَصفِيَّةُ

(3)

وَسَوْدَةُ

(4)

، وَالْحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ

(5)

وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(6)

، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أخَّرَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي

===

فردعها النبي صلى الله عليه وسلم فأبت فقال: سُبِّيها فَسَبَبْتُها حتى جفَّ ريقُها في فمها"، انتهى.

يحتمل أن تكون هذه قضية أخرى، "وقال: إنها بنت أبي بكر" الصديق، أي إنها شريفة عاقلة عارفة كأبيها، وقيل: معناه هي أجود فهمًا وأدقّ نظرًا منها، وفيه الاعتبار بالأصل في مثل هذه الأشياء، وفيه لطيفة أخرى وهي أنه صلى الله عليه وسلم نسبها إلى أبيها في معرض المدح، ونسبت فيما تقدَّم إلى أبي قحافة حيث لما أريد النيل منها، ليخرج أبو بكر من الوسط، ولئل يهيّج ذكره المحبة، قوله: "عن رجل" وهو مجهول قال الكرماني: فإن قلت: هذا رواية عن مجهول إذ الرجل غير معلوم فما حكمه؟ قلت: هو مذكور على طريق الشهادة والمتابعة، واحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول، هذا كله ملتقطٌ أكثَرُه من "العيني" (9/ 394 - 395)، وبعضه من "الكرماني" (11/ 120 - 121) وغيرِه.

(1)

"حزب فيه عائشة" بنت أبي بكر الصديق.

(2)

"وحفصة" بنت عمر.

(3)

"وصفية" بنت حُييّ.

(4)

"وسودة" بنت زمعة.

(5)

"والحزب الآخر أم سلمة" بنت أبي أمية.

(6)

"وسائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم" هن زينب بنت جحش، ميمونة بنت الحارث، أم حبيبة بنت أبي سفيان، جويرية بنت الحارث.

ص: 428

بَيْتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهَا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ، قَالَتْ

(1)

: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا. فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا:"لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي، وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ"، قَالَتْ: فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عز وجل مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلْنَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يُنَاشِدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ

(2)

فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ:"يَا بُنَيَّةُ، أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ "، فَقَالَتْ: بَلَى، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ،

"بِهَا" ثبت في ذ. "فَلْيُهْدِهَا" كذا في سـ، حـ، وفي هـ:"فَلْيُهْدِ"، وفي نـ:"فَلْيُهْدِهِ". "كَانَ مِنْ نِسَائِهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ". "كَلِّمِيهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَكَلِّمِيهِ". "قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ" في نـ: "قَالَ: فَكَلَّمَتْهُ". "حِينَ دَارَ إلَيْهَا" زاد في نـ: "أَيْضًا". "قَالَتْ: فَقَالَتْ" في نـ: "قَالَتْ: فَقُلْتُ". "دَعَوْنَ" في هـ: "دَعَيْنَ". "يُنَاشِدْنَكَ" كذا في صـ، وفي نـ:"يَنْشُدْنَكَ" أي: يطلبن منك العدل، "ف"(5/ 207).

===

(1)

أي: عائشة، "قس"(6/ 19).

(2)

أي: يسألنك بالله العدل، "ف"(5/ 207).

ص: 429

فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا، حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ، وَهِيَ قَاعِدَةٌ، فَسَبَّتْهَا حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَكَلَّمُ، قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالَتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ:"إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ".

وَقَالَ أَبُو مَرْوَانَ الْغَسَّانِيُّ

(1)

، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ. وَعَنْ هِشَامٍ

(2)

، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِي

(3)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

"وَقَالَتْ" في نـ: "فَقَالَتْ". "الْغَسَّانِيُّ" سقط في نـ.

===

(1)

" وقال أبو مروان الغساني" هو يحيى بن أبي زكريا الغَسَّاني سكن واسطًا، وقيل: إنه محمد بن عثمان العثماني وهو وهمٌ، "ك"(11/ 120)، "ع"(9/ 397).

(2)

هو ابن عروة، "قس"(6/ 20).

(3)

"عن رجل من قريش ورجل من الموالي" لم يسمَّيا، ويغتفر جهالة الراوي في الشواهد والمتابعات، قال الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق" من المقدمة (ص: 44): رواية هشام عن رجل ورواية أبي مروان عن رجل لم أجدهما، كذا في "القسطلاني"(6/ 20).

ص: 430

فَاسْتَأْذَنَتْ فَاطِمَةُ. [راجع: 2574، أخرجه: م 2442، س 3944، تحفة: 16949، 17304، 17590].

‌9 - بَابُ مَا لَا يُرَدُّ مِنَ الْهَدِيَّةِ

(1)

(2)

2582 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ

(3)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ

(4)

، ثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، ثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(5)

قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَنَاوَلَنِي

"فَاسْتَأْذَنَتْ فَاطِمَةُ" في نـ: "فَاسْتَأْذَنَتْهُ فَاطِمَةُ"، وزاد بعده في نـ:"قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الكلامُ الأخير قصة فاطمة، يذكر عن هشام بن عُروة، عَنْ رَجُل، عَنِ الزُّهرِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ".

===

(1)

أي: في بيان ما لا يردُّ من الهدية، "ع"(9/ 397).

(2)

قوله: (ما لا يُرَدّ من الهديّة) كأنه أشار إلى ما رواه الترمذي من حديث ابن عمر مرفوعًا: "ثلاث لا تُرَدّ: الوسائد والدهن واللبن"، قال الترمذي (ح: 2790): يعني بالدهن الطيب، وإسناده حسن إلا أنه ليس على شرط البخاري فأشار إليه واكتفى بحديث أنس رضي الله عنه "أنه صلى الله عليه وسلم[كان] لا يرد الطيب"، كذا في "الفتح"(5/ 209).

قال العيني (9/ 397): ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إنه أوضح ما في الترجمة من الإبهام؛ لأن قوله: "ما لا يُرَدّ من الهديّة" غير معلوم، فالحديث أوضح أن المراد منه الطيب، والطيب بكسر الطاء وسكون التحتية: ما يتطيب به.

(3)

"أبو معمر" عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري المقعد.

(4)

"عبد الوارث" ابن سعيد التنوري.

(5)

"ثمامة بن عبد الله" ابن أنس بن مالك، قاضي البصرة.

ص: 431

طِيبًا، قَالَ: كَانَ أَنَسٌ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ. قَالَ: وَزَعَمَ أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ. [طرفه: 5929، أخرجه: ت 2789، س 5258، تحفة: 499].

‌10 - بَابُ مَنْ رَأَى الْهِبَةَ

(1)

الْغَائِبَةَ جَائِزَةً

(2)

2583 و 2584 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ

(3)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(4)

، ثَنِي عُقَيْلٌ

(5)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(6)

قَالَ: ذَكَرَ عُرْوَةُ

(7)

أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ

(8)

"مَنْ رَأَى الْهِبَةَ" في سـ، حـ:"مَنْ يَرَى الْهِبَةَ"، وفي ذ:"مَنْ يَرَى أَنَ الْهِبَةَ".

===

(1)

قوله: (من رأى الهبة) أي التي تُوْهَب؛ لأن نفس الهبة مصدر، فلا توصف بالغيبة، قاله العيني (9/ 398)، قال في "الفتح" (5/ 209 - 210): ذكر فيه طرفًا من الحديث [رقم: 2539] الذي مرّ في قصة هوازن في "باب من ملك من العرب رقيقًا"، ومراده منه قوله صلى الله عليه وسلم:"وإني رأيت أن أردّ عليهم سبيهم، فمن أحبَّ منكم أن يطيِّبَ ذلك فليفعل" فإن في بقية الحديث: "طَيَّبْنا لك".

(2)

قوله: (جائزة) النصب؛ لأنه مفعول ثان، "ع"(9/ 398)، والرفع؛ لأنه خبر "أَنّ" الواقعة في بعض النسخ، [انظر "إرشاد الساري" (6/ 21)].

(3)

"سعيد بن أبي مريم" الجمحي.

(4)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(5)

"عقيل" هو ابن خالد الأيلي.

(6)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(7)

"عروة" هو ابن الزبير بن العوام.

(8)

ابن نوفل الزهري.

ص: 432

وَمَرْوَانَ

(1)

أَخْبَرَاهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ

(2)

قَامَ فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ

(3)

حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا"، فَقَالَ النَّاسُ: طَيَّبْنَا لَكَ. [حديث: 2583 راجع: 2308، حديث: 2584 راجع: 2307].

"طَيَّبْنَا لَكَ" في نـ: "طَيَّبْنَا ذَلِكَ".

===

(1)

ابن الحكم.

(2)

قبيلة.

(3)

قوله: (ومن أحبَّ أن يكون على حظِّه) أي: نصيبه، وجواب "من" محذوف، يدل عليه السياق في جواب الشرط الأول، وهو قوله:"فليفعل"، والمطابقة للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، فإن فيه أنهم تركوا ما غنموه من السبي قبل أن يقسم، وذلك في معنى الغائب، وتركهم إياه في معنى الهبة، وفيه تعسف شديد من وجوه: الأول: أنهم ما ملكوا شيئًا قبل القسمة، وإن كانوا استحقوه، والثاني: إطلاق الهبة على الترك بعيد جدًا، والثالث: أنه هبة شيء مجهول؛ لأن ما يستحقّ كل واحد منهم قبل القسمة غير معلوم، والرابع: توصيف الهبة بالعيبة، وفيه ما فيه، وهذه التعسفات كلّها من وضع هذه الترجمة على الوجه المذكور، "ع"(9/ 398 - 399)، ومضى الحديث (برقم: 2539) وسيجيء (برقم: 2607).

ص: 433

‌11 - بَابُ الْمُكَافَأَةِ فِي الْهِبَةِ

(1)

(2)

2585 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(3)

، ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ

(4)

، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ

(5)

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا

(6)

.

"فِي الْهِبَةِ" في هـ: "فِي الْهَدِيَّةِ".

===

(1)

ودلالة الحديث عليها لا تتأتى إلا إذا أريد بلفظ "الهبة" معناها الأعم، "ع"(9/ 399).

(2)

قوله: (باب المكافاة في الهبة) أي في بيان المكأفاة، وهي إعطاء العوض في الهبة، والمكأفاة مفاعلة من كافأ يكافئ، وأصلها بالهمزة وقد يلين، وكل شيء ساوى شيئًا حتى يكون مثله فهو مكافئ له، ومنه التكافؤ وهو الاستواء، "ع"(9/ 399).

(3)

"مسدد" هو ابن مسرهد.

(4)

ابن إسحاق السبيعي.

(5)

"هشام" يروي "عن أبيه" عروة بن الزبير بن العوام.

(6)

قوله: (ويثيب عليها) أي: يكافئ عليها بان يعطي صاحبها العوض، والمكافأة على الهدية مطلوبة اقتداءً بالشارع، قال المهلب: والهدية ضربان: أحدهما للمكافأة فهي بيع ويجبر على دفع العوض، والثاني: لله تعالى أو للصلة، فلا يلزمه عليه مكافأة، وإن فعل فقد أحسن.

واختلفوا فيمن وهب هبته ثم طلب ثوابها، وقال: إنما أردت الثواب، فقال مالك: يُنْظَر فيه، فإن كان مثله ممن يطلب الثواب من الموهوب له فله ذلك، مثل [هبة] الفقير للغني، واستدلّ عليه بقوله تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]، وقال الآخرون: الهبة للثواب لا تنعقد؛ لأنها بيع بثمن مجهول، وأيضًا موضوع الهبة التَبرُّعُ، فلو أوجبنا فيه

ص: 434

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ

(1)

: لَمْ يَذْكُرْ وَكِيعٌ

(2)

وَمُحَاضِرٌ

(3)

(4)

: "عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ". [أخرجه: د 3536، ت 1953، تحفة: 17133، 17180].

‌12 - بَابُ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ

وَإِذَا أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ، حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ

(5)

وَيُعْطِيَ الآخَرِينَ

(6)

مِثْلَهُ، وَلَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ

(7)

"وَيُعْطِيَ الآخَرِينَ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ:"وَيُعْطَى الآخَرُ".

===

العوض لبطل معنى التبرع، كذا في "الكرماني"(11/ 122)، قال أبو حنيفة: لا يكون له ذلك إذا لم يشترطه، وهو قول الشافعي الثاني، كذا في "العيني"(9/ 399).

(1)

"قال أبو عبد الله" أي البخاري.

(2)

"لم يذكر وكيع" هو ابن الجراح الرؤاسي فيما وصله ابن أبي شيبة.

(3)

ابن المورِّع الكوفي، "قس"(6/ 23).

(4)

قوله: (لم يذكر وكيع ومحاضر) أشار بهذا إلى أن عيسى بن يونس تفرد بوصله، ولم يسنده وكيع ومحاضر عن هشام عن أبيه عن عائشة، بل أرسلاه، وقال الترمذي [ح: 1953]: لا نعرف هذا الحديث مرفوعًا إلا من حديث عيسى بن يونس، وكذا قال البزار، "ع"(9/ 400).

(5)

أي: في العطاء، "ع"(9/ 400).

(6)

أي: الأولاد الآخرين، "ع"(9/ 400).

(7)

قوله: (ولا يشهد عليه) مبنيًّا للمفعول، والضمير في "عليه

(1)

"

(1)

في الأصل: "طلبه".

ص: 435

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(1)

: "اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ

(2)

فِي الْعَطِيَّةِ

(3)

". وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ؟ وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَتَعَدَّى

(4)

؟

===

للأب، أي: لا يسع للشهود أن يشهدوا على الأب إذا فضَّل بعض بنيه على بعض، "قسطلاني"(6/ 24).

(1)

فيما وصله في الباب اللاحق من حديث النعمان [ح: 2587]، "قس"(6/ 24).

(2)

سيجيء بيان الاختلاف فيه.

(3)

وسقط لفظُ "في العطية" في الباب اللاحق، "قس"(6/ 24).

(4)

قوله: (وهل للوالد -إلى قوله- ولا يتعدى) هذا الذي ذكره مسألتان: الأولى: أن الأب إذا وهب لابنه هل له أن يرجع؟ فيه خلاف، فعند طاوس وعكرمة والشافعي وأحمد وإسحاق: ليس للواهب أن يرجع فيما وهب إلا الذي ينحله الأب لابنه، وغير الأب من الأصول كالأب عند الشافعي في الأصحِّ، وفي "التوضيح" (16/ 324): لا رجوع في الهبة إلا للأصول أبًا كان أو أُمًّا أو جدًا، وليس لغير الأب الرجوع عند مالك وأكثر أهل المدينة، إلا أن عندهم أن الأم لها الرجوع أيضًا إذا كان أبوه حيًّا، هذا هو الأشهر عند مالك، وروي عنه المنع، وعند أصحابنا الحنفية: لا رجوع فيما يهبه لكل ذي رحم محرم بالنسب، كالابن والأخ والأخت والعمّ والعمّة، وكل من لو كان امرأة لا يحلّ له أن يتزوجها، وبه قال طاوس والحسن وأحمد وأبو ثور.

والمسألة الثانية: أكل الوالد من مال الولد بالمعروف يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز للأب الفقير أن يبيع عَرَضَ ابنه الغائب لأجل النفقة؛ لأن له تملُّك مال الابن عند الحاجة، وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز، وأجمعوا أن الأم لا تبيع مال ولدها الصغير والكبير، كذا في "الطحاوي"، "ع"(9/ 402).

ص: 436

وَاشْتَرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(1)

(2)

مِنْ عُمَرَ

(3)

بَعِيرًا ثُمَّ أَعْطَاهُ ابْنَ عُمَرَ، وَقَالَ:"اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ".

2586 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(4)

، أَنَا مَالِكٌ

(5)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(6)

، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(7)

وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْن بَشِيرٍ

(8)

أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ

(9)

: أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ

(10)

ابْنِي هَذَا غُلَامًا، فَقَالَ:

===

(1)

فيما وصله المؤلف في "كتاب البيوع"[ح: 2115]، "قس"(6/ 24).

(2)

قوله: (واشترى النبي صلى الله عليه وسلم

) إلخ، قال ابن بطال: مناسبته للترجمة أنه صلى الله عليه وسلم لو سأل عمر أن يهب البعير لابنه عبد الله لبادر إلى ذلك، ولكنه لو فعل ذلك لم يكن عدلًا بين بني عمر، فلذلك اشتراه صلى الله عليه وسلم من عمر ثم وهبه لعبد الله، انتهى، "عيني"(9/ 402).

(3)

ابن الخطاب.

(4)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(5)

"مالك" الإمام.

(6)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(7)

ابن عوف، "قس"(6/ 25).

(8)

التابعي.

(9)

ابن سعد

(1)

، "قس"(6/ 25).

(10)

أي: أعطيتُ.

(1)

كذا في "قس" و"ع"، وفي الأصل:"ابن سعيد".

ص: 437

"أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ: "فَارْجِعْهُ

(1)

". [طرفاه: 2587، 2650، أخرجه: م 1633، ق 1367، س 3672، ق 2376، تحفة: 11617، 11638].

‌13 - بَابُ الإِشْهَادِ فِي الْهِبَةِ

2587 -

حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ

(2)

، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ

(3)

، عَنْ حُصَيْنٍ

(4)

، عَنْ عَامِرٍ

(5)

قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَعْطَانِي أبِي

(6)

عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ

(7)

: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: "فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ

(8)

" قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ

===

(1)

قوله: (فارجعه) قال الطحاوي: احتج به قوم على أن الرجل إذا نحل بعض بنيه دون بعض أنه باطل، وخالفهم في ذلك آخرون، يعني أنهم جوّزوا ذلك، وسيجيء، "ع"(9/ 404).

(2)

"حامد بن عمر" ابن حفص بن عبيد الله الثقفي.

(3)

"أبو عوانة" هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

(4)

"حصين" ابن عبد الرحمن السلمي.

(5)

الشعبي، "قس"(6/ 26).

(6)

بشير بن سعد.

(7)

أي: أمّ النعمان، "قس"(6/ 26).

(8)

قوله: (واعدلوا بين أولادكم) قال النووي (6/ 77): فيه استحباب التسوية بين الأولاد في الهبة، فلو وهب لبعضهم دون بعض فمذهب الشافعي

ص: 438

عَطِيَّتَهُ

(1)

. [راجع: 2586، أخرجه: م 1632، د 3542، س 3680، ق 2375، تحفة 11625].

‌14 - بَابُ هِبَةِ الرَّجُلِ لاِمْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا

(2)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ

(3)

: جَائِزَةٌ

(4)

. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزيزِ

(5)

: لَا يَرْجِعَانِ

(6)

. وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ

(7)

فِي

"قَالَ إبْرَاهِيمُ" في نـ: "وَقَالَ إبْرَاهِيمُ".

===

ومالك وأبي حنيفة أنه مكروه وليس بحرام، والهبة صحيحة، قال أحمد والثوري وإسحاق وغيرهم: هو حرام، واحتجوا بقوله:"لا أشهد على جور" وبقوله: "اعدلوا بين أولادكم". واحتجّ الأوّلون بما جاء في رواية "فأشهد على هذا غيري" ولو كان حرامًا أو باطلًا لَمَا قال هذا، وبقوله:"فارجعه" ولو لم يكن نافذًا لما احتاج إلى الرجوع، وأما معنى الجور فليس فيه أنه حرام؛ لأنه ميل عن الاستواء والاعتدال، وكل ما خرج عن الاعتدال فهو جور، سواء كان حرامًا أو مكروهًا، "طيبي"(6/ 181).

(1)

التي أعطاها للنعمان، "قس"(6/ 27).

(2)

حكمها أنه يجوز، "ع"(9/ 409).

(3)

النخعي، فيما وصله عبد الرزاق [ح: 16555]، "ع"(9/ 409)، "قس"(6/ 27).

(4)

أي: هبة الرجل

إلخ.

(5)

هذا أيضًا فيما وصله عبد الرزاق، [ح: 16556].

(6)

أي: فيما إذا وهب أحدهما للآخر، "ع"(9/ 409).

(7)

مما هو موصول في هذا الباب [ح: 2589]، "قس"(6/ 27).

ص: 439

أَنْ يُمَرَّضَ

(1)

فِي بَيْتِ عَائِشَةَ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(2)

: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ

(3)

كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ". وَقَالَ الزُّهْرِيُّ

(4)

فِيمَنْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: هَبِي لِي بَعْضَ صَدَاقِكِ أَوْ كُلَّهُ، ثُمَّ لَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى طَلَّقَهَا فَرَجَعَتْ فِيهِ، قَالَ: يَرُدُّ إِلَيْهَا إِنْ كَانَ خَلَبَهَا

(5)

، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ عَنْ طِيبِ نَفْسِ، لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ خَدِيعَةٌ، جَازَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ

(6)

مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4].

"{فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} " ثبت في ذ.

===

(1)

قوله: (أن يمرَّض) من التمريض، وهو القيام على المريض في مرضه، ومطابقته للترجمة من حيث إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهبن ما استحققن من الأيام، ولم يكن لهن رجوع فيما مضى، وهذا على حمل الهبة على معناه اللغوي، "ع"(9/ 409).

(2)

فيما يأتي موصولًا في آخر الباب [ح: 2589]، "قس"(6/ 27).

(3)

مطابقته من حيث إن عموم العائد في الهبة المذموم يدخل فيه الزوج والزوجة، "ع"(9/ 357).

(4)

هذا التعليق وصله عبد الله بن وهب، "ع"(9/ 410). [انظر "تغليق التعليق" (3/ 357)].

(5)

أي: خدعها.

(6)

قوله: ({فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ}) الآية، واحتجّ بهذه الزهريُّ فيما ذهب إليه، وقبلها:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]، قال القسطلاني (6/ 28): وإلى التفصيل المذكور بين أن يكون خدعها، فلها أن ترجع وإلا فلا

(1)

، ذهب المالكية إن أقامت البينة على ذلك، وقيل:

(1)

في الأصل: "أن ترجع أولا".

ص: 440

2588 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى

(1)

، أَنَا هِشَامٌ

(2)

، عَنْ مَعْمَرٍ

(3)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(4)

أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(5)

، قَالَتْ عَائِشَةُ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ

(6)

، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، تَخُطُّ رِجْلَاهُ الأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ، وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ

(7)

: فَذَكَرْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِي: وَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. [راجع: 198].

2589 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(8)

، ثَنَا وُهَيْبٌ

(9)

، ثَنَا ابْنُ

" حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ" في ذ: "حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ".

===

يقبل قولها في ذلك مطلقًا، وإلى عدم الرجوع من الجانبين مطلقًا ذهب الجمهور، وقال الشافعي: لا يردّ الزوج شيئًا إذا خالعها ولو كان مضرًّا بهًا، بقوله تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]، انتهى.

(1)

"إبراهيم بن موسى" الفَرَّاء الرازي.

(2)

"هشام" هو ابن يوسف الصنعاني اليماني.

(3)

"معمر" هو ابن راشد.

(4)

"الزهري" هو محمد بن مسلم بن شهاب.

(5)

ابن عتبة بن مسعود.

(6)

أي: مرضه، مرّ الحديث [برقم: 198] في "كتاب الطهارة".

(7)

المذكور.

(8)

الفراهيدي، "قس"(6/ 29).

(9)

"وهيب" هو ابن خالد بن عجلان البصري.

ص: 441

طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ

(1)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ، ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ". [أطرافه: 2621، 2622، 6975، أخرجه: م 1622، س 3701، تحفة: 5712].

‌15 - بَابُ هِبَةِ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا وَعِتْقِهَا

(2)

إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَهُوَ جَائِزٌ إِذَا لَمْ تَكُنْ سَفِيهَةً، فَإِذَا كَانَتْ سَفِيهَةً

(3)

لَمْ يَجُزْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5].

"قَالَ اللَّهُ تَعَالَى" في ذ: "فَقَالَ اللَّه تَعَالَى"، [قلت: في "قس": ولأبي ذر: "وَقَالَ اللَّهُ تَعَالى"، وفي "السلطانية":"وَقَالَ: قَالَ اللَّهُ"].

===

(1)

" ابن طاوس" هو عبد الله، يروي "عن أبيه" طاوس بن كيسان اليماني.

(2)

قوله: (وعتقها) عطف على قوله: "هبة المرأة". قوله: "إذا كان لها زوج" ليست للشرط بل ظرف لما تقدم؛ لأن الكلام فيما إذا كان لها زوج وقت الهبة أو العتق، أما إذا لم يكن لها زوج فلا نزاع في جوازه. قوله:"فهو" أي: المذكور من الهبة والعتق "جائز إذا لم تكن المرأة سفيهة" وهي ضد الرشيدة، [والرشيدة]: من صلح دينها ودنياها، "عيني"(9/ 412).

(3)

قوله: (سفيهة) وهي ضد الرشيدة، والرشيدة من صلح دينها ودنياها. قوله:"قال الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} "[النساء: 5]، ذكر هذا في معرض الاستدلال، وقد اختلف العلماء في المرأة المالكة لنفسِها الرشيدةِ ذاتِ الزوج على قولين، أحدهما: أنه لا فرق بينها وبين البالغ الرشيد في التصرف، وهو قول الثوري والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، والقول الآخر: لا يجوز لها أن تعطي من مالها شيئًا بغير إذن زوجها، روي ذلك عن أنس وطاوس والحسن البصري، وقال الليث: لا يجوز عتق الزوجة وصدقَتُها إلا في الشيء اليسير الذي لا بد منه صلة الرحم، أو ما يُتَقَرَّب به

ص: 442

2590 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمِ

(1)

، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ

(2)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

(3)

، عَنْ عَبَّادِ بْن عَبْدِ الَلَّهِ

(4)

، عَنْ أَسْمَاءَ

(5)

قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي مَالٌ إلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ

(6)

، فَأَتَصَدَّقُ؟ قَالَ: "تَصَدَّقِي، وَلَا تُوعِي فَيُوعَى

(7)

عَلَيْكِ". [راجع: 1433، أخرجه: م 1029، س 2551، تحفة: 15714].

"فَأَتَصدَّقُ" في سـ: "أَفَأَتَصدَّقُ". "فَيُوعَى عَلَيْكِ" في شحج: "فَيُوعِي اللَّهُ عَلَيْكِ".

===

إلى الله، وقال مالك: لا يجوز عطاؤها بغير إذن زوجها إلا من ثلث مالها خاصّة قياسًا على الوصية، كذا في "العيني"(9/ 412 - 413).

(1)

"أبو عاصم" الضحاك بن مخلد.

(2)

"ابن جريج" عبد الملك الأموي.

(3)

"ابن أبي مليكة" هو عبد الله بن عبيد الله، واسم أبي مليكة زهير.

(4)

"عباد بن عبد الله" ابن الزبير بن العوام.

(5)

"أسماء" بنت أبي بكر الصديق زوجة الزبير بن العوام.

(6)

قوله: (إلا ما أدخل عَلَيَّ الزبير) رضي الله عنه معناه: ما صيَّرَ ملكًا لها، فأمرها صلى الله عليه وسلم أن تتصدَّقَ، ولم يأمرها باستئذان الزبير، قوله:"تَصَدَّقي" فيه المطابقة للترجمة، فإنه يدل على أن للمرأة التي لها زوج أن تتصدق بغير إذن زوجها، فإن قلت: الترجمة هبة المرأة، ولفظ الحديث بالصدقة، قلت: المراد من الهبة معناها اللغوي، وهو يتناول الصدقة، قوله:"ولا توعي" من الإيعاء، أي لا تجعليه في الوعاء -وهو الظرف- محفوظًا لا تخرجينه منه فيعمل الله بك مثل ذلك، وهو معنى قوله:"فيوعي الله عليكِ"، "ع"(9/ 413 - 414)، ومرّ الحديث [برقم: 1434] في "الزكاة".

(7)

بفتح العين، "قس"(6/ 30).

ص: 443

2591 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ

(1)

، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ

(2)

، ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ

(3)

، عَنْ فَاطِمَةَ

(4)

، عَنْ أَسْمَاءَ

(5)

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَنْفِقِي

(6)

وَلَا تُحْصِي فَيُحْصِيَ اللَّه عَلَيْكِ، وَلَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ". [راجع: 1433].

2592 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(7)

، عَنِ اللَّيْثِ

(8)

، عَنْ يَزِيدَ

(9)

، عَنْ بُكَيْرٍ

(10)

، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ

(11)

"عَنِ اللَّيْثِ" في نـ: "ثَنَا اللَّيْثُ".

===

(1)

" عبيد الله بن سعيد" اليشكري السرخسي.

(2)

"عبد الله بن نُمير" الهمداني الكوفي.

(3)

ابن الزبير بن العوام.

(4)

"فاطمة" بنت المنذر بن الزبير.

(5)

"أسماء" بنت أبي بكر الصديق.

(6)

قوله: (أنفقي) من الإنفاق، "ولا تحصي" من الإحصاء، نهى عنه لأنه إنما يحصى لأجل التبقية والذُّخر، فيحصي [الله] عليها بقطع البركة ومنع الزيادة، وقد يكون مرجع الإحصاء إلى الله من باب المشاكلة، وقوله:"فيحصي" بالنصب لأنه جواب النهي، ومطابقته مثل مطابقة الحديث الماضي، "ع"(9/ 414).

(7)

"يحيى" هو ابن عبد الله "ابن بكير" المخزومي.

(8)

"الليث" هو ابن سعد المصري.

(9)

"يزيد" هو ابن أبي حبيب.

(10)

"بكير" هو ابن عبد الله الأشجّ.

(11)

الهلالية، زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 444

أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً

(1)

وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قَالَتْ: أَشَعَرْتَ

(2)

يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنِّي أَعْتَقْتُ وَليدَتِي؟ قَالَ: "أَوَ فَعَلْتِ

(3)

؟ ". قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "أَمَا

(4)

أَنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِيهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ

(5)

". [طرفه: 2594، أخرجه: م 999، س في الكبرى 4931، تحفة: 18078].

"أَخْوَالَكِ" في صـ: "أَخَوَاتِكِ".

===

(1)

أي: أمةً.

(2)

أي: أَعَلِمتَ.

(3)

أي: فعلتِ العتق، "ع"(9/ 415).

(4)

قوله: (أَما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم، وهو هنا بمعنى: حقًا، أو أحقًا، على خلاف فيه، وتفتح كلمة "أَنَّ" بعدها، وهي قوله:"أنكِ"، وأما "أما" التي تكون حرف الاستفتاح التي بمعنى "أَلَا" فكلمة "إن" بعدها مكسورة كما تكسر بعد "أَلَا" الاستفتاحية

(1)

، قوله:"أخوالَكِ" أخوالها كانوا من بني هلال أيضًا، واسم أمها هند بنت عوف

(2)

، ووقع في رواية الأصيلي:"أخواتك" بالتاء قال عياض: ولعله أصحّ من رواية: أخوالك، بدليل رواية مالك في "الموطأ":"فلو أعطيتها أختيك"، وقال النووي (4/ 95): الجميع صحيح ولا تعارض، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك كلَّه، "ع"(9/ 415).

(5)

فيه أن هبة ذي الرحم أفضل من العتق، "ع"(9/ 415).

(1)

في الأصل: "الاستفهامية".

(2)

في الأصل: "هند بنت عون".

ص: 445

وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ

(1)

، عَنْ عَمْرٍو

(2)

، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ

(3)

: إِنَّ مَيْمُونَةَ أَعْتَقَتْ.

2593 -

حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى

(4)

قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ

(5)

، أَنَا يُونُسُ

(6)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(7)

، عَنْ عُرْوَةَ

(8)

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ

(9)

بَينَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،

"أَعْتَقَتْ" في سـ، حـ، ذ:"أَعْتَقَتْهُ".

===

(1)

" وقال بكر بن مضر" ابن حكيم المصري، فيما وصله المؤلف في "الأدب المفرد". ["قس" (6/ 33)].

(2)

"عمرو" هو ابن الحارث.

(3)

"بكير" و"كريب" تقدما.

(4)

"حبان بن موسى" بكسر المهملة وتشديد الموحدة المروزي، "ع"(9/ 416).

(5)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(6)

"يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

(7)

"الزهري" محمد بن مسلم.

(8)

"عروة" هو ابن الزبير.

(9)

قوله: (أقرع) مِنْ أقرعت بينهم، من القرعة، والمطابقة في قوله:"وهبت يومها وليلتها لعائشة" فإن الترجمة هبة المرأة لغير زوجها، فلو قلنا: إن الهبة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطابق، وللعلماء في هذا قولان: هل الهبة للزوج أو للضرّة؟ والمطابقة تأتي على قول من يقول: للضرّة، "ع"(9/ 416 - 417).

ص: 446

تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [أطرافه: 2637، 2661، 2688، 2879، 4025، 4141، 4690، 4749، 4750، 4757، 5212، 6662، 6679، 7369، 7370، 7500، 7545، أخرجه: د 2138، س في الكبرى 8923، تحفة: 16703].

‌16 - بَابٌ بِمَنْ يُبْدَأُ بِالْهَدِيَّةِ

(1)

2594 -

وَقَالَ بَكْرٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبِ

(2)

مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا، فَقَاَلَ لَهَا

(3)

: "لَوْ وَصَلْتِ بَعْضَ أَخْوَالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ". [راجع: 2592].

2595 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(4)

، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ

(5)

،

"لَوْ وَصَلْتِ" في نـ: "وَلَوْ وَصَلْتِ". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ".

===

(1)

أي: عند التعارض في الاستحقاق، "ع"(9/ 417).

(2)

رواة هذا التعليق مرّوا في الصفحة السابقة.

(3)

قوله: (فقال لها) أي: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لميمونة، والمطابقة تؤخذ من معنى الحديث؛ لأن فيه شيئين: عتق الوليدة، وصلة بعض أخوالها، فقال صلى الله عليه وسلم: ما معناه: إنّ صلتها لبعض أخوالها كانت أولى وأكثر للأجر، فإن قلت: الترجمة بلفظ الهدية، والحديث بلفظ الصلة، فكيف المطابقة؟ قلت: الهدية فيها معنى الصلة، وملاحظة هذا المقدار في وجه المطابقة تكفي، "عيني"(9/ 417).

(4)

العبدي البصري.

(5)

غندر البصري.

ص: 447

ثَنَا شُعْبَةُ

(1)

، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ

(2)

، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(3)

-رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَيْمٍ بْن مُرَّةَ- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَاريْنِ، فَإِلى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ:"إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا". [راجع: 2259].

‌17 - بَابُ مَنْ لَمْ يَقْبَلِ الْهَدِيَّةَ لِعِلَّةٍ

(4)

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

(5)

: كَانَتِ الْهَدِيَّةُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةً، وَالْيَوْمَ رُشْوَةٌ.

2596 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(6)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(7)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(8)

، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ

(9)

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ:

===

(1)

ابن الحجاج.

(2)

هو عبد الملك بن حبيب، "قس"(6/ 34).

(3)

ابن عثمان.

(4)

قوله: (لعلة) أي: بسبب ينشأ عنه الريبة كالقرض ونحوه، وقوله:"رشوة" بضم الراء وكسرها، ويجوز الفتح، وهي ما تؤخذ بغير عوض، ويعاب آخذه، قال ابن العربي: الرشوة كل مال دُفِع ليبتاع

(1)

به من ذي جاه عونًا على ما لا يحلّ، "فتح الباري"(5/ 221).

(5)

وصله ابن سعد [في "الطبقات" (5/ 377)]، "قس"(6/ 34).

(6)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع.

(7)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة.

(8)

"الزهري" هو ابن شهاب.

(9)

ابن مسعود، "قس"(6/ 34).

(1)

في الأصل: "يبتغى".

ص: 448

أَنَّهُ سَمِعَ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يُخْبِرُ أنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ -أَوْ بِوَدَّانَ

(1)

- وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّهُ

(2)

، فَقَالَ صَعْبٌ: فَلَمَّا عَرَفَ فِي وَجْهِي رَدَّهُ

(3)

هَدِيَّتِي قَالَ: "لَيْسَ بِنَا رَدٌّ عَلَيْكَ، وَلَكِنَّا حُرُمٌ". [راجع: 1825].

2597 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(4)

، ثَنَا سفْيَانُ

(5)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(6)

، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْر، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ

(7)

قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنَ الأَزْدِ

(8)

يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الأُتْبِيَّةِ عَلَى

"فَقَالَ صَعْبٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ صَعْبٌ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ" في ذ: "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ". "ابْنُ الأُتْبِيَّةِ" في نـ: "ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ".

===

(1)

مكانان بين الحرمين.

(2)

قوله: (فردَّه) أي: رَدَّ حمار وحش الذي أهداه صعب ولم يقبله لعلة وهي كونه محرمًا، قوله:"رَدَّه" مصدر مفعول "عرف"، أي: عرف أثر الرَدّ، وقوله:"حرم" بضمتين جمع حرام بمعنى محرم، "ع"(9/ 418)، وقد مرّ الحديث (برقم: 1825) في "كتاب الحج".

(3)

أي: أثره.

(4)

"عبد الله بن محمد" المسندي الجعفي.

(5)

هو ابن عيينة.

(6)

ابن شهاب.

(7)

اسمه عبد الرحمن، وقيل: المنذر، وقيل غير ذلك.

(8)

قوله: (من الأزد) بفتح الهمزة وسكون الزاي فدال مهملة، هو الأزد بن الغوث، قوله:"ابن الأتبية" بضم الهمزة وسكون الفوقية وكسر

ص: 449

الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، قَالَ: "فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ

(1)

شَيئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ

(2)

عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شاةً تَيْعَرُ -ثُمَّ رَفَعَ يَدَيهِ، حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ- اللهمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللهمَّ هَلْ بَلَّغْتُ" ثَلَاثًا. [راجع: 925].

"أَيُهْدَى لَهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"يُهْدَى لَهُ"، [و"لَهُ" في سـ، حـ: "إلَيهِ"، كما في "قس"]. "يَدَيهِ" في نـ: "بِيَدَيْهِ".

===

الموحدة وفتح التحتية المشددة، ويقال: اللتبية بضم اللام وسكون الفوقية وفتحها وكسر الموحدة، [وفي "صغـ": المحدثون يقولون: ابن الأتبية، والصواب: ابن اللتبية، باللام وسكون التاء، واسمه عبد الله] فيه أربعة أقوال، قال الكرماني (11/ 130): والأصح أنه باللام وسكون الفوقية، وأنها نسبة إلى بني لُتب: قبيلة معروفة، قوله:"رغاء" بضم الراء: صوت ذوات الخف، و"الخوار" بالضمِّ: صوت البقر، قوله:"تَيْعَر" من اليُعار هو صوت الشاة، والعفرة بضم العين وسكون الفاء: البياض الذي فيه شيء كلون الأرض.

وفي الحديث: أن هدايا العمال يجب أن تُجْعل في بيت المال، وأنه ليس لهم منها شيء إلا أن يستأذنوا الإمام في ذلك، والمطابقة تؤخذ من معنى الحديث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أنكر على عامله على أخذ الهدية؛ لأنها هدية تهدى لأجل علة، كذا في "العيني"(9/ 319 - 420).

(1)

أي: من مال الصدقة، "ع"(9/ 419).

(2)

جملة حاليّة.

ص: 450

‌18 - بَابٌ إِذَا وَهَبَ هِبَةً أَوْ وَعَدَ ثُمَّ مَاتَ

(1)

قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْهِ

"أَوْ وَعَدَ" زاد في هـ: "عِدَةً".

===

(1)

قوله: (ثم مات) أي الذي وهب، أو الذي وعد، أو الذي وُهِب له، أو الذي وُعِدَ له

(1)

، قوله:"قبل أن تصل إليه" إلى الموهوب له أو الموعود له. قوله: "إن مات" أي: المهدي، وفي نسخة:"إن ماتا" أي: المهدي، والمهدى له، قوله:"فصلت" بلفظ المجهول، وفي نسخة بلفظ المعلوم، وهما من الفصل، والمراد القبض، وفي نسخة:"وصلت" من الوصل، فالفصل بالنظر إلى المهدي

(2)

، والوصل بالنظر إلى المهدى إليه، إذ حقيقة الإقباض لا بد لها من فصل الموهوب عن الواهب ووصله إلى الْمُتَّهَبِ، كذا في "القسطلاني"(6/ 36).

قال الكرماني (11/ 131): قال مالك وأحمد: تتم الهبة بالكلام بدون القبض كالبيع، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا تتم إلا بالقبض، انتهى. قال في "الفتح" (5/ 222): قال الإسماعيلي: لا تدخل هذه الترجمة في الهبة بحال، قلت: قال ذلك بناء على مذهبه أن الهبة لا تصحّ إلا بالقبض، وإلا فليست هبة، وهذا مقتضى مذهبه، لكن من يقول: إنها تصح بدون القبض يسميها هبةً، وكأن البخاري جنح إلى ذلك، انتهى.

قوله: "قال الحسن" أي: البصري، قوله:"أَيُّهما" أي: أيُّ واحد من المهدي والمهدى إليه "مات" قبل الآخر. قوله: "فهي" أي الهدية "لورثة المهدى له إذا قبضها الرسول" قال ابن بطال: قال مالك كقول الحسن، وقال أحمد وإسحاق: وإن كان حاملها رسول المهدي رجعت إليه، وإن كان حاملها رسول المهدى إليه فهي لورثته، كذا في "الفتح"(5/ 222).

(1)

في الأصل: "أو وعد له".

(2)

في الأصل: "الهدي".

ص: 451

وَقَالَ عَبِيدَةُ

(1)

: إِنْ مَاتَ

(2)

وَكَانَتْ فُصِلَتِ الْهَدِيَّةُ

(3)

وَالْمُهْدَى لَهُ حَيٌّ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فُصِلَتْ فَهِيَ لِوَرَثَةِ الَّذِي أَهْدَى. وَقَالَ الْحَسَنُ

(4)

: أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَهِيَ لِوَرَثَةِ الْمُهْدَى لَهُ، إِذَا قَبَضَهَا الرَّسُولُ.

2598 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(5)

، ثَنَا سفْيَانُ

(6)

، ثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ

(7)

، سَمِعْتُ جَابِرًا

(8)

قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ

(9)

أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا" ثَلَاثًا. فَلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم،

"إنْ مَاتَ" في نـ: "إنْ مَاتَا". "فُصَلَتْ" في نـ: "وَصَلَتْ".

===

(1)

" وقال عبيدة" بفتح العين، ابن عمرو السلماني، مما لم أعرف من وصله، "قس"(6/ 37).

(2)

المهدي، "قس"(6/ 37).

(3)

والمراد القبض.

(4)

"وقال الحسن" هو البصري، فيما لم أعرفه أيضًا موصولًا، "قس"(6/ 37).

(5)

هو ابن المديني.

(6)

ابن عيينة.

(7)

"ابن المنكدر" هو محمد.

(8)

"جابرًا" هو ابن عبد الله الأنصاري.

(9)

قوله: (مال البحرين) والمراد بالمال مال الجزية، والبحرين على لفظ تثنية البحر: موضع بين البصرة وعُمان، وكان العامل عليها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي. قوله:"فحثى لي ثلاثًا" أي: ثلاث حثيات، مِنْ حثيت الشيءَ حثيًا، وحثوت حثوًا: إذا قبضته ورميته، والحثية: الغرفة

ص: 452

فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَدَنِي، فَحَثَى لِي ثَلَاثًا. [راجع: 2296، أخرجه: م 2314، تحفة: 3033].

‌19 - بَابٌ

(1)

كَيْفَ يُقْبَضُ

(2)

الْعَبْدُ وَالْمَتَاعُ؟

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ

(3)

:

"فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ" في نـ: "فَأَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ".

===

بكفٍّ. قال ابن فارس: هي ملءُ الكفين، كذا في "العيني"(9/ 421 - 422)، ومرّ الحديث (برقم: 2296) في "كتاب الكفالة".

قال العيني: ومطابقته للترجمة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم وعد جابرًا بشيء ومات قبل الوفاء به، والحكم فيه إن وقع مثل هذا من غير النبي صلى الله عليه وسلم فالهبة لورثة الواهب، وكذلك لم يكن في حق النبي صلى الله عليه وسلم لازمًا، ولكن أبا بكر فعل ذلك على سبيل التطوع اقتداءً بطريقته صلى الله عليه وسلم ولفعله، فإنه كان أوفى الناس بعهده وأصدقهم لوعده، قال المهلب: إنجاز الوعد مندوب إليه، وليس بواجب، والدليل عليه: اتفاق الجميع على أن من وعد بشيء لم يصر به

(1)

من الغرماء، ولا خلاف أنه مستحسن، ومن مكارم الأخلاق انتهى.

(1)

بالتنوين.

(2)

قوله: (كيف يُقْبَضُ

) إلخ، أي: كيف يقبض العبد الموهوب والمتاع

(2)

الموهوب، والترجمة في كيفية القبض لا في أصل القبض، "ع"(9/ 422).

(3)

مما وصله المؤلف في "كتاب البيوع"[ح: 2115]، "قس"(6/ 38).

(1)

وفي "العيني": "لم يضرب به" وكذا في "شرح ابن بطال".

(2)

في الأصل: "العبد الموهوب له المتاع".

ص: 453

كُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ

(1)

فَاشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ".

2599 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(2)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(3)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

(4)

، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ

(5)

أَنَّهُ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

===

(1)

قوله: (على بكر صعب) البكر بالفتح: الفَتِيّ من الإبل ["النهاية" (ص: 87)]، و"صعبٍ" صفته، أراد به النفور، ومرّ في "البيع" [ح: 2115] وسيجيء عن قريب في (ح: 2611). قال العيني (8/ 391، 9/ 422): وجه إيراده هنا لبيان كيفية قبض الموهوب، والموهوب هنا متاع، فاكتفى فيه بكونه في يد البائع، ولم يحتج إلى قبض آخر، قال ابن بطال: كيفية القبض عند العلماء بإسلام الواهب لها إلى الموهوب له، وحيازةِ الموهوب لذلك، كركوب ابن عمر الجملَ.

واختلفوا في الحيازة هل هي شرط لصحة الهبة أم لا؟ فقال بعضهم: شرط، وهو قول أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان وابن عباس ومعاذ وشريح ومسروق والشعبي والثوري والشافعي والكوفيين، وقالوا: ليس للموهوب له مطالبة الواهب بالتسليم إليه؛ لأنها ما لم يقبض عدة فيحسن الوفاء، ولا يقضى عليه، وقال آخرون: تصح بالكلام دون القبض كالبيع؛ روي عن علىٍّ وابن مسعود والحسن البصري والنخعي كذلك، وبه قال مالك وأحمد وأبو ثور، إلا أن أحمد وأبا ثور قالا: للموهوب له المطالبة بها في حياة الواهب، وإن مات بطلت الهبة، انتهى.

(2)

"قتيبة بن سعيد" الثقفي.

(3)

"الليث" ابن سعد الإمام.

(4)

"ابن أبي مليكة" هو عبد الله.

(5)

ابن نوفل الزهري، "قس"(6/ 39).

ص: 454

أَقْبِيَةً

(1)

، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالَ مَخْرَمَةُ

(2)

: يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَقَالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي، قَالَ: فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، فَقَالَ:"خَبَأْنَا هَذَا لَكَ"، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: رَضِيَ مَخْرَمَةُ. [أطرافه: 2657، 3127، 5800، 5862، 6132، أخرجه: م 1058، د 4028، ت 2818، س 5324، تحفة: 11268].

‌20 - بَابٌ

(3)

إِذَا وَهَبَ هِبَةً فَقَبَضَهَا الآخَرُ وَلَمْ يَقُلْ: قَبِلْتُ

(4)

===

(1)

قوله: (أقبية) جمع قباء ممدودًا. قوله: "وعليه قباء" جملة حالية. قوله: "منها" أي من الأقبية، وظاهر هذا استعمال الحرير، ولكن قالوا: يجوز أن يكون قبل النهي، وقيل: معناه أنه نشره على أكتافه ليراه مخرمةُ كلَّه، وهذا ليس بلبس، ولو كان بعد التحريم. قوله:"خبأنا هذا لك" إنما قال هذا للملاطفة؛ لأنه كان في خلقه شيء، قوله:"فقال: رضي مخرمة" قال الداودي: هو من قوله صلى الله عليه وسلم، معناه: هل رضيت؟ على وجه الاستفهام، وقال ابن التين: يحتمل أن يكون من قول مخرمة.

ومطابقته للترجمة من حيث إن نَقْل المتاع إلى الموهوب له قبضٌ، وبهذا يجاب عن قول من قال: كيف يدل الحديث على الترجمة التي هي قبض العبد؟ لأنه لما عُلِم أن قبض المتاع بالنقل إليه عُلِمَ منه حكم العبد وغيره من سائر المنقولات، "ع"(9/ 423).

(2)

للمِسْور.

(3)

بالتنوين.

(4)

قوله: (إذا وهب هبةً فقبضها الآخر ولم يقل: قبلتُ) أي: جازت، ونقل فيه ابن بطال اتفاق العلماء، وأن القبض في الهبة هو غاية القبول، وغفل رحمه الله عن مذهب الشافعي، فإن الشافعية يشترطون القبول في الهبة

ص: 455

2600 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ

(1)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ

(2)

، ثَنَا مَعْمَرٌ

(3)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(4)

، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: هَلَكْتُ، فَقَالَ:"وَمَا ذَاكَ؟ " قَالَ: وَقَعْتُ بِأهْلِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ:"تَجِدُ رَقَبَةً؟ " قَالَ: لَا، قَالَ:"فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ " قَالَ: لَا، قَالَ:"فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ -وَالْعَرَقُ: الْمِكْتَلُ- فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ:"اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ"، قَالَ: عَلَى أَحْوَجِ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، ثُمَّ قَالَ:"اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ". [راجع: 1936].

"تَجِدُ رَقَبَةً" في ذ: "أَتَجِدُ رَقَبَةً". "فَتَسْتَطِيعُ" في نـ: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ". "فَقَالَ" في نـ: "قال". "ثُمَّ قَالَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ".

===

دون الهدية، ثم أورد المصنف فيه حديث أبي هريرة، وقد تقدم شرحه في "الصيام" أي في (ح: 1936)، والغرض منه أنه صلى الله عليه وسلم أعطى الرجل التمر فقبضه ولم يقل: قبلت، ثم قال له:"اذهب فأطعمه أهلك"، ولمن اشترط القبول أن يجيب عن هذا بأنها واقعة عين فلا حجة فيها، ولم يصرّح فيها بذكر القبول ولا بنفيه، كذا في "الفتح"(5/ 223).

(1)

"محمد بن محبوب" هو أبو عبد الله البصري البناني.

(2)

"عبد الواحد" ابن زياد العبدي مولاهم.

(3)

"معمر" هو ابن راشد.

(4)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(5)

ابن عوف، "قس"(6/ 40).

ص: 456

‌21 - بَابٌ إِذَا وَهَبَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ

قَالَ شُعْبَةُ

(1)

عَنِ الْحَكَمِ

(2)

: هُوَ جَائِزٌ. وَوَهَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ

(3)

لِرَجُلٍ

(4)

دَيْنَهُ

(5)

. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلْيُعْطِهِ، أَوْ لِيَتَحَلَّلْهُ

(6)

مِنْهُ

(7)

". وَقَالَ جَابِرٌ: قُتِلَ أَبِي

(8)

وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غُرَمَاءَهُ أَنْ يَقْبَلُوا تَمْرَ

(9)

حَائِطِي، وَيُحَلِّلُوا أَبِي

(10)

.

"وَقَالَ جَابِرٌ" في نـ: "فَقَالَ جَابِرٌ". "تَمْرَ حَائِطِي" في نـ: "ثَمَرَ حَائِطِي".

===

(1)

" قال شعبة" ابن الحجاج، فيما وصله ابن أبي شيبة [ح: 22384، 2385].

(2)

ابن عتيبة، "قس"(6/ 41).

(3)

ابن أبي طالب.

(4)

قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على من وصله، ولم يسم الرجل، "قس"(6/ 41).

(5)

وهذا لا خلاف فيه؛ لأنه في نفس الأمر إبراء، "ع"(9/ 425).

(6)

التحلل الاستحلال من صاحبه، وتحلَّلَه؛ أي: جعله في حلِّ بإبرائه ذمَّتَه"ع"(9/ 425).

(7)

"وقال النبي صلى الله عليه وسلم من كان عليه حق فليعطه أو ليتحلله منه"، هذا فيما وصله مسدد في "مسنده" مرفوعًا.

(8)

وهو عبد الله الأنصاري، "قس"(6/ 42).

(9)

بالفوقية، ويروى بالمثلثة.

(10)

أي: يجعلوه في حلّ بإبرائهم ذمّته.

ص: 457

2601 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ

(1)

، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ

(2)

، أَنَا يُونُسُ

(3)

. ح وَقَالَ اللَّيْثُ

(4)

: حَدَّثَنِي يُونُسُ

(5)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(6)

، ثَنِي ابْنُ كَعْبِ

(7)

بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ

(8)

قُتِلَ يَوْمَ أحُدٍ شَهِيدًا، فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمْتُهُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي، وَيُحَلِّلُوا أَبِي، فَأَبَوْا

(9)

، فَلَمْ يُعْطِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَائِطِي، وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ

(10)

، وَلَكِنْ قَالَ:"سَأغْدُو عَلَيْكَ"،

"ثَمَرَ حَائِطِي" في نـ: "تَمْرَ حَائِطِي". "سَأَغْدُو عَلَيْكَ" زاد في ذ: "إنْ شَاءَ اللَّهُ".

===

(1)

" عبدان" هو عبد الله بن جبلة العتكي.

(2)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(3)

"يونس" ابن يزيد الأيلي.

(4)

"قال الليث" هو ابن سعد الإمام، مما وصله الذهلي في "الزهريات".

(5)

"يونس" ابن يزيد الأيلي.

(6)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(7)

هو عبد اللَّه أو عبد الرحمن، "ك "(11/ 133).

(8)

عبد الله، "قس"(6/ 42).

(9)

أي: امتنعوا.

(10)

قوله: (ولم يكسره لهم) أي لم يكسر الثمر من النخل لهم، أي لم يعين ولم يقسم عليهم، قوله:"فجددتها" أي قطعتُها. قوله: "ألا نكون" بفتح الهمزة وتخفيف اللام ويروى بتشديدها، ومقصود رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيد علم عمر رضي الله عنه وتقويته وضمّ حجة أخرى إلى الحجج السابقة، ووجه الدلالة على الترجمة لجواز هبة الدَّين إذ لو لم يجز لَمَا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غرماء أبي جابر به، فافهم، كذا في "العيني"(9/ 426)، ومرّ الحديث (برقم: 2405) في "القرض".

ص: 458

قَالَ: فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ فِي النَّخْلِ، فَدَعَا فِي ثَمَرِهِ بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا، فَقَضَيْتُهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَبَقِيَ لَنَا مِنْ ثَمَرِهَا بَقِيَّةٌ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهُوَ جَالِسٌ، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ:"اسْمَعْ -وَهُوَ جَالِسٌ- يَا عُمَرُ! "، فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا نَكُونُ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ. [راجع: 2127، تحفة: 2364].

‌22 - بَابُ هِبَةِ الْوَاحِدِ لِلْجَمَاعَةِ

(1)

"قَالَ: فَغَدَا عَلَيْنَا" في نـ: "فَغَدَا عَلَيْنا". "حِينَ أَصْبَحَ" في نـ: "حَتَّى أَصْبَحَ". "فَدَعَا" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"وَدَعَا". "حُقُوقَهُمْ" في نـ: "حَقَّهُمْ". "مِنْ ثَمَرِهَا" في قتـ: "مِنْ تَمْرِهَا".

===

(1)

قوله: (باب هبة الواحد للجماعة) أي: يجوز، قال ابن بطال (7/ 120): غرض المصنف إثبات هبة المشاع، وهو قول الجهمور، خلافًا لأبي حنيفة، كذا أطلق، وتُعُقِّب بأنه ليس على إطلاقه، وإنما يفرّق في هبة المشاع بين ما يقبل القسمة و [ما] لا يقبلها، والعبرة بذلك وقت القبض لا وقت العقد.

قوله: "وابن أبي عتيق" هو أبو بكر عبد الله بن أبي عتيق، محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو ابن أخي أسماء. قوله:"بالغابة" بالغين المعجمة، وهي في الأصل: الأجمة ذات الشجر المتكاثف، ولكن المراد بها هنا: موضع قريب من المدينة من عواليها، بها أموال أهلها. قوله:"لكما" خطاب للقاسم وعبد الله بن أبي عتيق، أورد البخاري هذا الأثر المعلَّقَ في معرض الاحتجاج على ردِّ ما ذهب إليه أبو حنيفة في عدم تجويزه لهبة المشاع، كما أشار إليه ابن بطال، ولكن لا يساعده هذا، فإن المال الذي كان بالغابة يحتمل أن يكون مما يُقسَم، ويحتمل أن يكون مما لا يُقسَم،

ص: 459

وَقَالَتْ أَسْمَاءُ

(1)

لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ

(2)

وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ

(3)

: وَرِثْتُ عَنْ أُخْتِي عَائِشَةَ بِالْغَابَةِ، وَقَدْ أَعْطَانِي مُعَاوِيَةُ

(4)

مِائَةَ أَلْفٍ، فَهُوَ لَكُمَا.

2602 -

حَدَّثَنَا يَحْيَىَ بْنُ قَزَعَةَ

(5)

، ثَنَا مَالِكٌ

(6)

، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

(7)

، عَنْ سَهْلِ بْنِ سعْدٍ

(8)

: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَربَ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ

(9)

، وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ

(10)

، فَقَالَ لِلْغُلَامِ:"إِنْ أَذِنْتَ لِي أَعْطَيْتُ هَؤُلَاءِ؟ " فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْك يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدًا.

"بِالْغَابَةِ" في هـ، ذ:"مَالًا بالْغَابَةِ". "مِائَةَ أَلْفٍ" في نـ: "بهِ مِائَةَ أَلْفٍ".

===

وعلى كلا التقديرين لا يرد عليه؛ لأنه إن كان مما لا يُقسَم فلا نزاع أنه يجوِّزه، وإن كان مما يُقسَم فالعبرة للشيوع المانع وقت القبض لا وقت العقد، "ع"(9/ 427).

(1)

"قالت أسماء" بنت أبي بكر الصديق.

(2)

"للقاسم بن محمد" هو ابن أخي أسماء.

(3)

"وابن أبي عتيق" هو أبو بكر عبد الله بن أبي عتيق، في "القسطلاني" (6/ 44): لم أر هذا التعليق موصولًا.

(4)

ابن أبي سفيان، "قس"(6/ 44).

(5)

"يحيى بن قزعة" القرشي المكي المؤذن.

(6)

"مالك" الإمام.

(7)

هو سلمة بن دينار الأعرج، "قس"(6/ 45).

(8)

الساعدي.

(9)

هو ابن عباس، "قس"(6/ 45).

(10)

منهم أبو بكر الصديق، "قس"(6/ 45).

ص: 460

فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ

(1)

. [راجع: 2351، أخرجه: م 2030، س في الكبرى 6868، تحفة: 4744].

‌23 - بَابُ الْهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ وَغَيْرِ الْمَقْبُوضَةِ

(2)

، وَالْمَقْسُومَةِ

(3)

وَغَيْرِ الْمَقْسُومَةِ

وَقَدْ وَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ

(4)

لِهَوَازِنَ مَا غَنِمُوا مِنْهُمْ وَهُوَ غَيْرُ مَقْسُومٍ.

"لِهَوَازِنَ" سقط في ذ من هنا، وثبت بعد قوله:"غَيْرُ مَقْسُومٍ"[انظر: نسخة السلطانية، و"إرشاد الساري" (6/ 46)].

===

(1)

قوله: (فَتَلَّه في يده) أي دفعه بعنف، قال في "الفتح": وقد اعترض الإسماعيلي بأنه ليس في حديث سهل ما ترجم به، والحق ما قال ابن بطال: أنه صلى الله عليه وسلم سأل الغلام أن يهب نصيبه للأشياخ وكان نصيبه منه مشاعًا غير متميّزٍ، فدلّ على صحة هبة المشاع، "فتح"(5/ 225).

(2)

أما المقبوضة فتقدم حكمها، وأما غير المقبوضة فالمراد القبض الحقيقي، "ف"(5/ 226).

(3)

قوله: (والمقسومةِ وغيرِ المقسومةِ) قال في "الفتح"(5/ 226): أما الهبة المقسومة فحكمها واضح، وأما غير المقسومة فهو المقصود بهذه الترجمة، وهي مسألة هبة المشاع، والجمهور على صحة هبة المشاع للشريك ولغيره، سواء انقسم أو لا، وعن أبي حنيفة: لا يصح هبة جزء مما ينقسم مشاعًا، انتهى.

(4)

قوله: (وأصحابه) بالرفع والنصب. قوله: "لهوازن" أي للقبيلة المعروفة، وفي بعضها:"إلى هوازن" أي: وهب منتهيًا إليهم، قوله:"غير مقسوم" يلزم منه أن يكون غير مقبوض أيضًا؛ لأن قبض الجزء الشائع بقبض الجميع، "كرماني"(11/ 135).

ص: 461

2603 -

حَدَّثَنَا ثَابِتٌ

(1)

قَالَ: ثَنَا مِسْعَرٌ

(2)

، عَنْ مُحَارِبٍ بنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرٍ

(3)

قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في الْمَسْجِدِ، فَقَضَانِي وَزَادَنِي. [راجع: 443].

2604 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(4)

، ثَنَا غُنْدُرٌ

(5)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(6)

، عَنْ مُحَارِبٍ

(7)

قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

(8)

قَالَ: بِعْتُ

"حَدَّثَنَا ثَابِتٌ" في شحج: "حَدَّثَنِي ثَابِتٌ" وزاد في كن: "هُوَ ابْنُ مُحمَّد العابِد"، وفي مر:"وَقَالَ ثَابِتٌ"، وفي جا:"قَالَ الْبُخَارِي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثَنَا ثَابِتٌ". "ابنِ دِثَارٍ" سقط في نـ. "فَقَضَانِي" في نـ: "وَقَضَانِي".

===

(1)

قوله: (حدثنا ثابت) ضد الزائل، ابن محمد، أبو إسماعيل العابد الشيباني الكوفي، مات سنة 220 هـ، قال الغساني: وفي نسخة الأصيلي: "ثنا محمد، ثنا ثابت" قال: وقد حدّث البخاري عن ثابت بدون الواسطة كثيرًا، هذا ما ذكره الكرماني (11/ 135)، قال الحافظ ابن حجر (5/ 226): والذي أظنّه: أن المراد بمحمد هو البخاري المصنف، ويقع ذلك كثيرًا، وفي رواية أبي زيد المروزي:"قال ثابت" بصورة التعليق، وسيأتي الكلام على حديث جابر في "الشروط"، انتهى.

(2)

"مسعر" هو ابن كدام.

(3)

"جابر" ابن عبد الله الأنصاري.

(4)

"محمد بن بشار" العبدي البصري.

(5)

"غندر" هو محمد بن جعفر.

(6)

"شعبة" ابن الحجاج.

(7)

ابن دثار، "قس"(6/ 47).

(8)

الأنصاري، "قس"(6/ 47).

ص: 462

مِنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ:"ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ"، فَوَزَنَ -قَالَ شُعْبَةُ: أُرَاهُ فَوَزَنَ لِي قَالَ: فَأَرْجَحَ- فَمَا زَالَ شَيْءٌ حَتَّى أَصَابَهَا أَهْلُ الشَّامِ يَوْمَ الْحَرَّةِ

(1)

. [راجع: 443].

2605 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ

(2)

، عَنْ مَالِكٍ

(3)

، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

(4)

، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

(5)

: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أتِيَ بِشَرَابٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ:"أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟ "، فَقَالَ الْغُلَامُ: لَا، وَاللَّهِ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا.

"مِنَ رَسُولِ اللَّهِ" في نـ: "مِنَ النَّبِيِّ". "فَوَزَنَ لِي قَالَ: فَأَرْجَحَ" في نـ: "قَالَ: فَوَزَنَ لِي فَأَرْجَحَ". "فَمَا زَالَ شَيْءٌ" في هـ: "فَمَا زَالَ مَعِيَ مِنْهَا شَيْءٌ".

===

(1)

قوله: (يوم الحرة) أي يوم الوقعة التي كانت حوالي المدينة عند حَرَّتها بين عسكر الشام من جهة يزيد بن معاوية وبين أهل المدينة سنة ثلاث وستين. قال ابن بطال: الهبةُ الغيرُ المقسومة هي هبة المشاع، وقال أبو حنيفة: إن كان المشاع مما ينقسم لم تَجُزْ هبته، وقال الجمهور بجوازها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم وهب حقّه من غنائم حنين لهوازن وحقُه كان مشاعًا، ووهب الفضلَ من السِّنِّ في القرض مشاعًا، ووهب الرجحان على ثمن البعير مشاعًا، واستوهب نصيب الشرب من الغلام كذلك، قاله الكرماني (11/ 136).

(2)

"قتيبة" هو ابن سعيد الثقفي.

(3)

"مالك" الإمام المدني.

(4)

"أبي حازم" سلمة بن دينار الأعرج.

(5)

الساعدي، "قس"(6/ 47).

ص: 463

فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ

(1)

. [راجع: 2351، أخرجه: م 2030، س في الكبرى 6868، تحفة 4744].

2606 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ

(2)

، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ

(3)

، عَنْ سَلَمَةَ

(4)

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ

(6)

عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ديْنٌ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ:"دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا، وَقَالَ: اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ"، فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَجِدُ سِنًّا إِلَّا سِنًّا هِيَ أَفْضَلُ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ: "فَاشْتَرُوهَا فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ -أَو خَيْرَكُمْ- أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً

(7)

". [راجع: 2305].

‌24 - بَابٌ

(8)

إِذا وَهَبَ جَمَاعَةٌ لِقوْمٍ أَوْ وَهَبَ رَجلٌ جَماعةً جَازَ

"فَاشْتَرُوهَا" في نـ: "اشْتَرُوهَا". "أَوْ وَهَبَ رَجلٌ جَماعةَ جَازَ" ثبت في هـ. "جَماعةً" زاد في نـ: "مَقْسُومًا أَوْ غَير مقسوم"، وفي أخرى:"لِجَمَاعَةٍ".

===

(1)

أي: دفعه بعنفٍ، وقد مرّ [ح: 2602].

(2)

"عبد الله بن عثمان" هو الملقب بعبدان.

(3)

"شعبة" هو ابن الحجاج.

(4)

"سلمة" هو ابن كهيل الحضرمي الكوفي.

(5)

"أبا سلمة" هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

(6)

أعرابي لم يسمّ، "قس"(6/ 48).

(7)

مرّ الحديث مرارًا مع بيانه [برقم: 2306، 2390، 2392].

(8)

بالتنوين.

ص: 464

2607 و 2608 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(1)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(2)

، عَنْ عُقَيْلٍ

(3)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

، عَنْ عُرْوَةَ

(5)

: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ

(6)

وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ

(7)

أَخْبَرَاهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ

(8)

مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: "مَعِي مَنْ تَرَوْنَ

(9)

، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى

"مَعِي مَنْ تَرَوْنَ" في نـ: "مَعِي مَا تَرَوْنَ".

===

(1)

" يحيى بن بكير" هو المخزومي مولاهم المصري.

(2)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(3)

"عقيل" هو ابن خالد الأيلي.

(4)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(5)

"عروة" هو ابن الزبير بن العوام.

(6)

"مروان بن الحكم" الأموي.

(7)

"المسور بن مخرمة" الزهري، وروايتهما هذه مرسلة؛ لأن الأول لا صحبة له والآخر إنما قدم مع أبيه صغيرًا بعد الفتح، وكانت هذه القصّة الآتية بعده، "قس"(6/ 49).

(8)

قبيلة معروفة، "قس"(6/ 49).

(9)

قوله: (من ترون) أي من العسكر، وهذا هو المرة الرابعة عن ذكر هذا الحديث، وأما وجه مطابقته للترجمة فهو أن الغانمين وهبوا لهم، وفي بعض التراجم:"أو وهب رجل جماعة" وحينئذٍ هو إما من جهة أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سهم فيهم فوهب لهم، أو من جهة أنهم وهبوا له وهو وَهَبَ لهم، أو أن الأمر بمنزلة الفاعل في صحة الإسناد إليه، "الخير الجاري" (2/ 237) [انظر:"كرماني"(1/ 137)].

ص: 465

الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ

(1)

"، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ

(2)

مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ جَاؤونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ"، فَقَالَ النَّاسُ: طَيَّبْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: "إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِيهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ

(3)

إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ"، فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا مِنْ سَبْي هَوَازِنَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا الأَخِيرُ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ: فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا. [حديث: 2607، راجع: 2307، حديث، 2608، راجع: 2308].

"فَهَذَا" كذا في ذ، وفي نـ:"وَهَذَا". "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا الأَخِيرُ

" إلخ، في نـ: "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَوْله: فَهَذَا الذِي بَلَغَنَا مِنْ قَولِ الزُّهْرِيِّ"، وزاد في أخرى بعد قوله: "قَوْلُ الزُّهْرِي" لفظ "يَعْنِي" وفي نـ: "أي".

===

(1)

أي: انتظرتُ، وقد مرّ الحديث (برقم: 2307) في "الوكالة".

(2)

رجع.

(3)

قوله: (حتى يرفع) قال الكرماني (11/ 138): أما لفظ: "حتى يرفع" فقالوا: هو بالرفع أجود، انتهى. قال القسطلاني (6/ 50): لم يبيِّنْ وجهه، وذكر أنه بالنصب مرويًا عن الفرع وأصله وغيرهما، "خ"(2/ 237).

ص: 466

‌25 - بَابُ مَنْ أُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّهٌ وَعِنْدَهُ جُلَسَاؤُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ

وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جُلَسَاءَهُ شُرَكَاؤُهُ. وَلَمْ يَصِحَّ

(1)

.

"فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ" في شحج: "فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا".

===

(1)

قوله: (ولم يصحَّ) أي عن ابن عباس، فإن قلت: هذا معلوم من لفظ "يُذْكر" إذ هو تعليق بصيغة التمريض، فَلِمَ لم يحمله على عدم صحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: لا دلالة لِلّفظ عليه، قاله الكرماني (11/ 138). قال في "الفتح" (5/ 227): هذا الحديث جاء عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصح إسنادًا من المرفوع، قال العقيلي: لا يصحّ في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، قال ابن بطال: لو صحّ حديث ابن عباس لَحُمِل على الندب فيما خَفّ من الهدايا، انتهى.

وفي "الخير الجاري"(2/ 237): روي عن أبي يوسف القاضي أن الرشيد أهدى إليه مالًا كثيرًا وهو جالس مع أصحابه، فقيل له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جلساؤكم شركاؤكم" فقال أبو يوسف: إنه لم يَرِدْ في مثله، وإنما ورد

(1)

فيما خفّ من الهدايا نحو المأكولات والمشروبات، كذا في "الكرماني"(11/ 138)، فإن قلت: ما وجه مناسبة الحديث للترجمة؟ قلت: الزيادة على حقه كانت هَدِيَّةً مختصة بالمتقاضي ولم يشاركه غيره من الحاضرين، انتهى. قال ابن حجر (5/ 228): وحديث ابن عمر قد تقدم شرحه في "البيوع"، ووجه الدلالة منه للترجمة ظاهر، كما تقدم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، انتهى.

(1)

في الأصل: "إنما أورد".

ص: 467

2609 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ

(1)

، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ

(2)

، أَنَا شُعْبَةُ

(3)

، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ

(4)

، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ أَخَذَ سِنًّا، فَجَاءَ صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالُوا لَهُ، فَقَالَ:"إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا"، ثُمَّ قَضَاهُ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، وَقَالَ:"أَفْضَلُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً". [راجع: 2305].

2610 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(6)

، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ

(7)

، عَنْ عَمْرٍو

(8)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

(9)

: أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ

(10)

، وَكَانَ عَلَى بَكْرٍ صعْبٍ لِعُمَرَ، وَكَانَ يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُ أَبُوهُ

(11)

:

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ" في نـ: "حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ". "فَيَقُولُ أَبُوهُ" في نـ: "فَيَقُولُ لَهُ أَبُوهُ".

===

(1)

" محمد بن مقاتل" المروزي.

(2)

"عبد الله" ابن المبارك.

(3)

"شعبة" ابن الحجاج.

(4)

الحضرمي، "قس"(6/ 51).

(5)

ابن عبد الرحمن بن عوف.

(6)

"عبد الله بن محمد" المسندي.

(7)

"ابن عيينة" هو سفيان، جده أبو عمران الهلالي.

(8)

"عمرو" هو ابن دينار المكي.

(9)

"ابن عمر" هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

(10)

قال ابن حجر: لم أقف على تعيينه، "قس"(6/ 52).

(11)

عمر بن الخطاب، "قس"(6/ 52).

ص: 468

يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"بِعْنِيهِ"، فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ لَكَ، فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ قَالَ:"هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ". [راجع: 2115].

‌26 - بَابٌ

(1)

إِذَا وَهَبَ بَعِيرًا لِرَجُلٍ وَهُوَ رَاكِبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ

(2)

2611 -

وَقَالَ لَنَا الْحُمَيدِيُّ

(3)

: ثَنَا سُفْيَانُ

(4)

، ثَنَا عَمْرٌو

(5)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، وَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ

(6)

===

(1)

بالتنوين.

(2)

أي: وتنزل التخلية بمنزلة النقل، فيكون ذلك قبضًا فتصحّ الهبة به.

(3)

"قال لنا الحميدي" هو عبد الله، أبو بكر، المكي فيما وصله الإسماعيلي.

(4)

ابن عيينة.

(5)

ابن دينار.

(6)

قوله: (بكر) بفتح الموحدة وسكون الكاف: ولد الناقة أوَّلُ ما يُركَب، وقال ابن الأثير: البكر بالفتح: الفتيّ من الإبل؛ بمنزلة الغلام من الناس، والأنثى بَكْرة، قوله:"صعب" صفة لـ "بكر"، أراد به النفور؛ لأنه لم يذلل بالركوب، قوله:"هو لك يا عبد الله" فيه الترجمة، والحديث تقدّم في "البيع" في (برقم: 2115)، قال العيني (8/ 391): فيه حجة لمن يقول: الافتراق بالكلام، ألا ترى أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهب الجمل من ساعته

(1)

لابن عمر قبل التفرق؟! ولو لم يكن الجمل له لما وهبه من ساعته، بل يهب له بعد افتراق الأبدان، وفيه جواز التصرف في المبيع قبل أداء الثمن.

(1)

في الأصل: "في ساعته".

ص: 469

صَعْبٍ

(1)

، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ:"بِعْنِيهِ"، فَبَاعَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ

(2)

". [راجع: 2115].

‌27 - بَابُ هَدِيَّةِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهَا

(3)

2612 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ

(4)

، عَنْ مَالِكٍ

(5)

، عَنْ نَافِعٍ

(6)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ

(7)

"لُبْسُهَا" في سفـ: "لُبْسُهُ".

===

(1)

لعمر رضي الله عنه.

(2)

مطابقته للترجمة ظاهرة، فإنه نزَّل التخلية منزلة النقل فتصح الهبة، كذا في "قس"(6/ 53).

(3)

قوله: (باب هدِيّة ما يكره لُبْسُها) كذا للأكثر، و"ما" يصلح للمذكر والمؤنث، فأنث هنا باعتبار الحُلَّة، ووقع في رواية النسفي:"ما يكره [لبسه] "، وبه ترجم الإسماعيلي وابن بطال، والمراد بالكراهة ما هو أعم من التحريم والتنزيه، وهديّة ما لا يجوز لبسه جائزة، فإن لصاحبه التصرفَ فيه بالبيع والهبة لمن يجوز لبسه كالنساء، "فتح"(5/ 229).

(4)

القعنبي، "قس"(6/ 53).

(5)

الإمام.

(6)

"نافع" مولى ابن عمر.

(7)

قوله: (حُلَّة سيراء) بكسر السين المهملة وفتح التحتية وبالراء وبالمدِّ، قال القاضي عياض: روي الحُلَّة على الإضافة وعلى الصفة، والأصحّ أنها كانت من الحرير المحض، قوله:"لا خلاق" الخلاق النصيب، قال ابن بطال: يريد أنها لباس الكُفّار في الدنيا، ومن لا حظَّ له في الآخرة. قوله:"عطارد" قيل: منصرف، وهو علم رجل تميمي كان يبيع الحُلَلَ. قوله:"أخًا" هو أخوه

ص: 470

عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ، قَالَ:"إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ"، ثُمَّ جَاءَتْ حُلَلٌ، فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً، فَقَالَ: أَكَسَوْتَنِيهَا وَقُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ فَقَالَ: "إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا"، فَكَسَا عُمَرُ أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا. [راجع: 886].

2613 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ

(1)

، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ

(2)

، عَنْ نَافِعٍ

(3)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

"عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً" في ذ: "مِنْهَا حُلَّةً لِعُمَرَ"، وفي نـ:"حُلَّةً مِنْهَا لِعُمَرَ". "فَقَالَ" في ذ: "وَقَالَ". "فَكَسَا عُمَرُ" في صـ، ذ:"فَكَسَاهَا عُمَرُ". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ" زاد في نـ: "أَبُو جُعْفَرٍ".

===

من أمه، وقيل: من الرضاعة، كذا في "الكرماني"(11/ 140)، و"الخير الجاري"(2/ 237)، ومرّ الحديث في "كتاب الجمعة" (برقم: 886).

قال العيني (5/ 29): فيه جواز إهداء الحرير للرجال؛ لأنها لا تتعين للبسهم، فإن قلت: يؤخذ منه عدم مخاطبة الكفار بالفروع حيث كساه عمر رضي الله عنه إياه؟ قلت: هذه حجة الحنفية، فإن الكفار غير مخاطبين بالشرائع عندهم، وقالت الشافعية: لا يؤخذ منه ذلك؛ لأنه ليس فيه الإذن، وإنما هو الهديّة إلى الكافر، وقد بعث الشارع ذلك إلى عمر وعليّ وأسامة، ولم يلزم منه إباحة لبسها لهم، بل صرّح صلى الله عليه وسلم بأنه إنما أعطاه لِينتفعَ بها بغير اللبس، حيث قال:"تبيعها وتصيب بها حاجتك".

(1)

"محمد بن جعفر" أي: ابن أبي الحسين، الحافظُ أبو جعفر.

(2)

فضيل بن غزوان، "قس"(6/ 54).

(3)

مولى ابن عمر، "قس"(6/ 53).

ص: 471

بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا، وَجَاءَ عَلِيُّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا

(1)

"، فَقَالَ: "مَا لِي وَللدُّنْيَا"، فَأتَاهَا عَلِيٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ، قَالَ: تُرْسِلُ

(2)

بِهِ إِلَى فُلَانٍ، أَهْلِ بَيْتٍ

(3)

بهِمْ حَاجَةٌ". [أخرجه: د 4150، تحفة: 8252].

2614 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ

(4)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(5)

، أَخْبَرَنِي

"بَيْتَ فَاطِمَةَ" زاد في نـ: "بِنْتَهُ". "فَذَكَرَهُ " كذا في صـ، وفي نـ:"فَذَكَرَ". "تُرْسِلُ" في ذ: "تُرْسِلِي". "أَهْلِ بَيْتٍ" في نـ: "آلِ بَيْتٍ".

===

(1)

قوله: (سِترًا موشيًا) أي مخططًا، قال المهلب: إنما كره صلى الله عليه وسلم الحرير لفاطمة؛ لأنها حظُّ من لا يميل إلى الآخرة ويميل إلى الدنيا بتعجيل طيباتِها في حياتها، أو أن النهي عنه إنما هو من جهة الإسراف، وأقول: أو لأن فيها صُوَرًا ونقوشًا، كذا في "الخير الجاري"(2/ 238) و"الكرماني"(11/ 140)، وكلمة "موشيًا" ضبط صاحب "الفتح"(5/ 229) بضم ميم وسكون واو بعدها معجمة ثم تحتانية -هذا في ثلاث نسخ من "الفتح"- وفي المنقول عنه بفتح ميم، وكذا في النسخ الأخرى المصحَّحة الموجودة، وفي حاشية نسخة: وقع في أصل سماعنا وأكثر النسخ الحاضرة المصحَّحة بفتح الميم، كذا بخطِّه، وضبط في "الخير الجاري" أيضًا بفتح الميم، وكذا قاله عثمان [كذا في نسخة الصغاني]، والله أعلم بالصواب.

(2)

قوله: (ترسل) ولأبي ذر "ترسلي" بحذف النون على لغة فصيحة، أو تقديره: بأن ترسلي، فحذف لدلالة السياق عليه، "ك"(11/ 141).

(3)

بجر أهل على البدل، ولم أعرفهم بعدُ، "ف"(5/ 229).

(4)

"حجاج بن منهال" السلمي الأنماطي البصري.

(5)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

ص: 472

عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ

(1)

قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ

(2)

، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَهْدَى إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُلَّةً سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي

(3)

. [طرفاه: 5366، 5840، أخرجه: م 2071، س في الكبرى 9567، تحفة: 10099].

‌28 - بَابُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ

(4)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ

(5)

، فَدَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ، فَقَالَ: أَعْطُوهَا آجَرَ". وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ فِيهَا سَمٌّ

(6)

.

"أَعْطُوهَا آجَرَ" في نـ: "أَعْطُوهَا هَاجَرَ".

===

(1)

الهلالي الكوفي، "قس"(6/ 55).

(2)

"زيد بن وهب" الجهني، هو أبو سليمان الكوفي.

(3)

لا يريد به زوجاته إذ لم يكن لعلي زوجة في حياته صلى الله عليه وسلم سوى فاطمة، بل أعمّ بحيث يتناول الأقارب، "ك"(11/ 141).

(4)

مما وصله في "أحاديث الأنبياء"[ح: 3358]، "قس"(6/ 56).

(5)

قوله: (بِسارَةَ) بتخفيف الراء: زوجة إبراهيم أُمُّ إسحاق عليهم السلام. قوله: "آجر" بوزن فاعل، وفي بعضها: هاجر بالهاء: أم إسماعيل عليه السلام، كذا في "الكرماني"(11/ 141)، ومرّ الحديث (برقم: 2217) في آخر "البيع".

(6)

قوله: (فيها سمٌّ) أي كانت مسمومة مشويّة أهدتها امرأة اسمها زينب بخيبر. قوله: "أيلة" بفتح الهمزة وسكون التحتية: بلدة على ساحل البحر آخر الحجاز وأوّل الشام. قوله: "فكساه" أي: كساه النبي صلى الله عليه وسلم، كذا في "الخير الجاري"(2/ 238). فيه مكافأة المشرك على هديته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم-

ص: 473

وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ

(1)

أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ.

2615 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ

(2)

، ثَنَا شَيْبَانُ

(3)

، عَنْ قَتَادَةَ

(4)

، ثَنَا أَنَسٌ قَالَ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا

(5)

، فَقَالَ:

"فَكَسَاهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَكَسَاهُ". "وَكَتَبَ لَهُ" في صـ، ذ:"وَكَتَبَ إلَيهِ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ" في ذ: "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ". "ثَنَا أَنَسٌ" في نـ: "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ".

===

أهدى له بردًا، "ك" (11/ 141). قوله:"ببحرهم" أي كتب له حكومة أرضهم وديارهم له، وهذا هو الظاهر من لفظ البحر هنا، لا البحر الذي ضد البَرِّ، "ك"(11/ 141)، "خ"(2/ 238).

(1)

"قال أبو حُميد" عبد الرحمن الساعدي، فيما وصله في "باب خرص التمر" من "الزكاة" [ح: 1481].

(2)

المؤدّب البغدادي، "قس"(6/ 57).

(3)

ابن عبد الرحمن النحوي، "قس"(6/ 57).

(4)

ابن دعامة.

(5)

قوله: (فعجب الناس منها) أي من حسن الحُلّة. قوله: "فقال: والذي

" إلخ، فيه زجرهم عن الميل إلى الحلاوة الدنيوية. قوله: "لَمناديلُ" جمع منديل، وهو الذي يُحْمَل في اليد، مشتقّ من النِّدْل، وهو النقل؛ لأنه يُنْقَل من يد إلى يد، وقيل: النَدَل هو الوسخ، وفيه إشارة إلى منزلة سعد في الجنة وأنّ أدنى ثيابه فيها خير من هذه الجُبّة.

فإن قلت: ما وجه تخصيص سعد؟ قلت: لعل منديله كان من جنس ذلك الثوب لونًا أو نحوه، أو كان اللامسون المتعجِّبون من الأنصار، فقال:

ص: 474

"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا". [طرفاه: 2616، 3248، أخرجه: م 2469، تحفة: 1298].

2616 -

وَقَالَ سعِيدٌ

(1)

، عَنْ قَتَادَةَ

(2)

، عَنْ أَنَسٍ: إَنَّ أُكَيْدِرَ

(3)

دُومَةَ

(4)

أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [طرفاه: 2615، 3248، تحفة: 1204].

2617 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ

(5)

، قَالَ: ثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ

(6)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(7)

، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ

(8)

، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

(9)

: أَنَّ يَهُودِيَّةً

(10)

أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا،

===

منديل سيدكم خير منها، أو كان سعد يحبّ ذلك الجنس من الثوب، قوله:"أكيدر" بضم الهمزة وفتح الكاف وكسر الدال: ابن عبد الملك الكندي النصراني ملك دومة، واختلفوا في إسلامه. قوله:"دومة" بضم الدال عند اللغوي، وبفتحها عند الحديثي، والواو ساكنة فيهما، وهي بقرب تبوك، "ك"(11/ 142)، "خ"(2/ 238).

(1)

"قال سعيد" هو ابن أبي عروبة فيما وصله أحمد (3/ 206).

(2)

ابن دعامة.

(3)

"أُكيدر" ابن عبد الملك بن عبد الجن، وكان نصرانيًا أسره خالد بن الوليد.

(4)

مدينة بقرب تبوك، "قس"(6/ 58).

(5)

"عبد الله بن عبد الوهاب" هو أبو محمد الحجبي البصري.

(6)

"خالد بن الحارث" الهجيمي البصري.

(7)

"شعبة" تقدم.

(8)

ابن أنس بن مالك الأنصاري، "تق" (رقم: 7293).

(9)

الأنصاري، "قس"(6/ 58).

(10)

اسمها زينب، واختلف في إسلامها، "قس"(6/ 58).

ص: 475

فَقِيلَ: أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: "لَا"، فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ

(1)

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [أخرجه: م 2190، د 4508، تحفة: 1633].

2618 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ

(2)

، ثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ

(3)

، عَنْ أَبِيهِ

(4)

، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ

(5)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ

(6)

قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟ " فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ

(7)

طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً

"مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ" زاد في سـ: "جِدًا فوق الطُّولِ".

===

(1)

قوله: (لهوات) جمع اللَّهاة، وهي سقف الفم -يعني: تالو [في الأردية]- ومراده أن أثر تلك اللقمة من الشاة كان باقيًا، يعتريه صلى الله عليه وسلم حتى الوفاة، أو كان يعرف ذلك بتغير لون اللهوات.

(2)

"أبو النعمان" محمد بن الفضل السدوسي.

(3)

ابن طرخان التيمي البصري، "قس"(6/ 59).

(4)

سليمان، "قس"(6/ 59).

(5)

"أبي عثمان" هو عبد الرحمن بن ملّ النهدي.

(6)

الصدِّيق رضي الله عنه، "قس"(6/ 59).

(7)

قوله: (مشعانٌّ) بضم الميم وسكون المعجمة وشدة النون، وفي بعضها بكسر الميم: هو ثائر الرأس أشعث

(1)

. قوله: "بسواد البطن" قال النووي (7/ 266): يريد به الكبد أو أعمّ منه، "ك"(11/ 143)، "خ"(2/ 239).

(1)

في الأصل: "هو سائر الرأس الشعث".

ص: 476

-أَوْ قَالَ: أَمْ هِبَةً-؟ "، قَالَ: لَا، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ

(1)

، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ مَا فِي الثَّلَاثِينَ وَالْمِائَةِ إِلَّا قَدْ حَزَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لهُ حُزَّةً

(2)

مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا

(3)

أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ، وَشَبِعْنَا، فَفَضَلَتِ الْقَصْعَتَانِ، فَحَمَلْنَاهُ

(4)

عَلَى الْبَعِيرِ. أَوْ كَمَا قَالَ

(5)

. [راجع: 2216].

"فَاشْتَرَىٍ مِنْهُ" في هـ: "فَاشْتَرَى مِنْهَا". "أَوْ كَمَا قَالَ" زاد في سـ: "مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ جِدًّا فَوْقَ الطُّولِ".

===

(1)

أي: ذُبِحتْ، "ك"(11/ 144).

(2)

قوله: (حُزّة) بضم المهملة: القطعة من اللحم وغيره، وفي بعضها بفتح الجيم، قالوا: فيه معجزتان: إحداهما تكثير سواد البطن حتى وسع هذا العدد، والأخرى: تكثير الصاع ولحم الشاة حتى أشبعهم أجمعين، قاله الكرماني (11/ 144).

(3)

حاضرًا.

(4)

قوله: (ففضلت القصعتان فحملناه) أي الطعام، ولو أراد القصعتين لقال: حملناهما، ووقع في "الأطعمة" (ح: 5382): "وفَضَلَ في القصعتين"، وكذا أخرجه مسلم [ح: 2056]، فالضمير على هذا للقدر الذي فضل، وفي هذا الحديث قبول هدية المشرك لأنه سأله هل يبيع أو يهدي؟ وفيه فساد قول من حمل ردَّ الهدية على الوثني دون الكتابي، لأن هذا الأعرابي كان وثنيًا، قاله في "الفتح"(5/ 232).

قال الكرماني (11/ 144): فإن قلت: قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم رَدَّ بعض هدايا المشركين، مثل هدية عياض بن حمار، فكيف الجمع بينهما؟ قلت: قَبِلَ ممن طمع في إسلامه وتأليفه لمصلحة يرجوها للمسلمين، ورَدَّ ممن لم يكن كذلك، انتهى.

(5)

شك من الراوي، "ف"(5/ 232).

ص: 477

‌29 - بَابُ الْهَدِيّةِ لِلْمُشْرِكِينَ

(1)

وَقَوْلِ اللَّهِ

(2)

عز وجل: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ

===

(1)

قوله: (باب الهدية للمشركين وقول الله

) إلى آخر الآية، وهي رواية أبي ذر وأبي الوقت، وساق الباقون إلى قوله:{وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} [الممتحنة: 8]، والمراد منها بيان من يجوز بِرّه منهم، وأن الهدية للمشرك إثباتًا ونفيًا ليست على الإطلاق، ثم البِرُّ والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتوادد المنهي عنه

(1)

في قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [المجادلة: 22]، فإنها عامّة في حقّ كل من يقاتل ومن لم يقاتل، والله أعلم.

وأورد فيه حديثين: أحدهما حديث ابن عمر في حلة عطارد، وقد سبق قريبًا [ح: 2612]، والغرض منه قوله:"فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم"، واسم [هذا] الأخ عثمان بن حكيم، وكان أخا عمر من أمه، أمهما حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، وهي ابنة عمِّ أبي جهل بن هشام بن المغيرة، "فتح الباري"(5/ 233)

(2)

.

(2)

بالجر عطفًا على "الهدية"، "قس"(6/ 60).

(1)

في الأصل: "والتودد المنهي عنه".

(2)

وفي "الفتح"(5/ 233): "خيثمة بنت هشام بن المغيرة" وهو خطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام، وليس كذلك، وإنما هي ابنة عمه هاشم بن المغيرة، فإن هاشم بن المغيرة وهشام بن المغيرة أخوان، فهاشم والد حنتمة أم عمر، وهشام والد أبي جهل، انظر "الاستيعاب"(1/ 354).

ص: 478

وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].

2619 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ

(1)

، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ

(2)

، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ

(3)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ

(4)

تُبَاعُ، فَقَالَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ابْتَعْ هَذه الْحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَة وَإذَا جَاءَكَ الْوَفْدُ، فَقَالَ:"إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ"، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ فَقَالَ: "إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا؛ تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا"، فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ

(5)

مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبلَ أَنْ يُسْلِمَ

(6)

. [راجع: 886، تحفة: 7180].

2620 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(7)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(8)

،

"{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} " ثبت في ذ، قتـ، بو، وسقط لغيرهم. "هَذِهِ" في نـ:"هَذَا". "فَقَالَ: إنِّي" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ: إنِّي"، وفي أخرى:"فَقَالَ: يَا عُمَرُ إنِّي".

===

(1)

" خالد بن مخلد" أبو الهيثم البجلي الكوفي.

(2)

"سليمان بن بلال" التيمي مولاهم.

(3)

"عبد الله بن دينار" العدوي مولى ابن عمر.

(4)

هو عطارد بن حاجب، "قس"(6/ 60).

(5)

من الرضاعة، اسمه عثمان بن حكيم، "قس"(6/ 61).

(6)

مرّ الحديث [برقم: 2612].

(7)

"عبيد بن إسماعيل" يقال: اسمه عبيد الله الهباري.

(8)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة الليثي.

ص: 479

عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ

(1)

، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ

(2)

قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي

(3)

وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: وَهِيَ رَاغِبَةٌ

(4)

، أَفَأَصِلُ أمِّي؟ قَالَ:"نَعَمْ، صلِي أُمَّكِ". [أطرافه: 3183، 5978، 5979، أخرجه: م 1003، د 1668، تحفة: 15724].

‌30 - بَابٌ

(5)

لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ

(6)

أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ

"قَالَتْ: قَدِمَتْ" في قتـ، ذ:"قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدِمَتْ".

===

(1)

" هشام عن أبيه" عروة بن الزبير بن العوام.

(2)

الصدِّيق رضي الله عنه، "قس"(6/ 61).

(3)

هي قبيلة، وقيل: قُتيلة.

(4)

قوله: (وهي راغبة) أي طالبة للبِرِّ معترضة له، قيل: ومعناه راغبة عن الإسلام، وروي:"راغمة" بالميم أي ساخطة للإسلام، وفيه أن الرحم الكافرة توصل بالبر كالرحم المسلمة، "كرماني"(11/ 145)، "الخير الجاري"(2/ 239).

(5)

بالتنوين.

(6)

قوله: (لا يحل لأحد

) إلخ، كذا ثبت الحكم في هذه المسألة لقوة الدليل عنده فيها، وقال الطحاوي: قوله: "لا يحل" لا يستلزم التحريم، وهو كقوله:"لا تحل الصدقة لغني"، وإنما معناه: لا تحل له من حيث تحل لغيره من ذوي الحاجات، وأراد بذلك التغليظ في الكراهة، قال: وقوله: "كالعائد في قيئه" وإن اقتضى التحريم لكون القيء حرامًا، لكن الزيادة في الرواية الأخرى -وهي قوله:"كالكلب"- يدلّ على عدم التحريم؛ لأن الكلب غير متعبد، فالقيء ليس حرامًا عليه، والمراد التنزيه عن فعل يشبه فعل الكلب، كذا في "الفتح"(5/ 235).

قال العيني (9/ 446): هذا يدلّ على تنزيه أمته من أمثال الكلب، لا أنه

ص: 480

2621 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(1)

، ثَنَا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ

(2)

قَالَا: ثَنَا قَتَادَةُ

(3)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

(4)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ". [راجع: 2589، أخرجه: م 1622، د 3538، س 3696، ق 2385، تحفة: 5662].

2622 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ

(5)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ

(6)

، ثَنَا أَيُّوبُ

(7)

، عَنْ عِكْرِمَةَ

(8)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ

(9)

، الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْب يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ". [راجع: 2589، أخرجه: ت 1298، س 3699، تحفة: 5992].

"حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ" في ذ: "وَحَدَّثَني عَبْدُ الرَّحْمَنِ".

===

أبطل أن يكون لهم الرجوع في هباتهم، انتهى. وفي "الخير الجاري" (2/ 240): روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الواهب أحق بهبته ما لم يُثَب منها" أي ما لم يعوَّض عنها، كذا في "القسطلاني"(6/ 63)، انتهى.

(1)

"مسلم بن إبراهيم" الأزدي الفراهيدي.

(2)

"هشام" الدستوائي و"شعبة" ابن الحجاج.

(3)

"قتادة" ابن دعامة السدوسي.

(4)

"سعيد بن المسيب" ابن حزن المخزومي.

(5)

"عبد الرحمن بن المبارك" العيشي البصري.

(6)

"عبد الوارث" ابن سعيد التنوري.

(7)

"أيوب" هو السختياني البصري.

(8)

"عكرمة" مولى ابن عباس.

(9)

قوله: (ليس لنا مثل السوء) أي لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أن نتصف بصفة ذميمة يشابهنا فيها أخسُّ الحيوانات في أخسِّ أحوالها، "فتح"(5/ 235).

ص: 481

2623 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ

(1)

، ثَنَا مَالِكٌ

(2)

، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ

(3)

قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: حَمَلْتُ

(4)

عَلَى فَرَسٍ لِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ

(5)

الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ عَن ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "لَا تَشْتَرِهِ

(6)

، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ

(7)

فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ". [راجع: 1490].

‌31 - بابٌ

(8)

(9)

===

(1)

" يحيى بن قزعة" المكي.

(2)

"مالك" الإمام المدني.

(3)

"زيد بن أسلم عن أبيه" أسلم مولى عمر بن الخطاب.

(4)

أي: تصدقتُ به ووهبتُه بأن يقاتل عليه في سبيل الله، "ك"(11/ 146).

(5)

أي: قصر في القيام بعلفه، "ك"(11/ 146).

(6)

النهي للتنزيه لا للتحريم، "ك"(11/ 146)، "ع "(9/ 448)، "خ".

(7)

سمّى الشراء عودًا في الصدقة؛ لأن العادة جرتْ بالمسامحة في ذلك، "ف"(5/ 236).

(8)

بالتنوين، "قس"(6/ 63).

(9)

قوله: (باب) كذا للجميع بغير ترجمة، وهو كالفصل من الباب الذي قبله، ومناسبته لها أن الصحابة بعد ثبوت عطية النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لصهيب لم يستفصلوا هل رجع أم لا؟ فدلّ على أن لا أثر للرجوع في الهبة، "ف"(5/ 237).

ص: 482

2624 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى

(1)

، ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ

(2)

أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ

(3)

أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّه بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

(4)

: أَنَّ بَنِي صُهَيْبٍ

(5)

مَوْلَى ابْنِ جُدْعَانَ ادَّعَوْا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى ذَلِكَ صُهَيْبًا، فَقَالَ مَرْوَانُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكُمَا عَلَى ذَلِكَ؟ قَالُوا: ابْنُ عُمَرَ

(6)

، فَدَعَاهُ

(7)

فَشَهِدَ لأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صُهَيْبًا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً. فَقَضَى مَرْوَانُ

(8)

بِشَهَادَتِهِ لَهُمْ. [تحفة 7277].

" حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى" في ذ: "حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى". "ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ" في نـ: "أَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُف". "مَوْلَى ابْنِ جُدْعَانَ" في هـ، حـ:"مَوْلَى بَنِي جُدْعَانَ".

===

(1)

" إبراهيم بن موسى" الفراء الرازي المعروف بالصغير.

(2)

"هشام بن يوسف" الصنعاني اليمني قاضيها.

(3)

"ابن جريج" عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.

(4)

المكي، "قس"(6/ 64).

(5)

"بني صهيب" ابن سنان الرومي؛ لأن الروم سبوه صغيرًا.

(6)

عبد الله.

(7)

ابن عمر.

(8)

قوله: (فقضى مروان

) إلخ، هو ابن الحكم بن أبي العاص الأموي، كان واليًا بالمدينة من جهة معاوية، قال ابن بطال: فإن قيل: كيف قضى بشهادته وحده؟ قلنا: إنما حكم بشهادته مع يمين الطالب، ولم يذكر ذلك في الحديث، انتهى. ويحتمل أن يكون معلومًا له، ولكنه أراد أن لا يحكم بعلم نفسه دفعًا للتهمة عن نفسه، "الخير الجاري" (2/ 240) [وانظر:"عمدة القاري"(9/ 450) و"الكرماني"(11/ 147)].

ص: 483

‌32 - بَابُ مَا قِيلَ فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى

(1)

أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهِيَ عُمْرَى: جَعَلْتُهَا لَهُ، {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61] جَعَلَكُمْ عُمَّارًا.

2625 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم

(2)

، ثَنَا شَيْبَانُ

(3)

، عَنْ يَحْيَى

(4)

، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ

(5)

، عَنْ جَابِرٍ

(6)

قَالَ: قَضى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَى

"بَابُ مَا قِيلَ

" إلخ، في صـ، مه: "{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، بَابُ مَا قِيلَ .. " إلخ.

===

(1)

قوله: (ما قيل في العمرى والرقبى) العمرى: هو أن يقول الرجل لصاحبه: أعمرتك داري، أي جعلتها لك مدة عمرك، فإذا قيل هذا واتصل به القبض كان تمليكًا لرقبتها، ولذلك سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم هبة، حيث قال:"إنها لمن وهبت له" وإذا صارت هبة فهي له في حياته ولورثته بعده، وقال مالك: إنما هي تمليك المنفعة في حياته دون الرقبة، فإذا مات رجعت رقبته إلى المُعْمِر، ولها أنواع مذكورة في الفقه.

والرقبى أن يقول: أرقبتك داري إذا أعطيتها إياه وقلتَ: إن متُّ قبلك فهي لك، وإن متَّ قبلي فهي لي، وهي مشتقّ من الرقوب، كأن كل واحد منهما يرتقب موت صاحبه، وحكمها حكم الهبة، وهذ الشرط -وهو: إن متَّ قبلي فهي لي- لغو، وأنكر مالك وأبو حنيفة الرقبى وقالا: لا اعتبار لها، كذا في "الكرماني"(11/ 147) و"الخير الجاري"(2/ 240).

(2)

"أبو نعيم" الفضل بن دكين الكوفي.

(3)

"شيبان" ابن عبد الرحمن النحوي.

(4)

"يحيى" هو ابن أبي كثير.

(5)

"أبي سلمة" ابن عبد الرحمن بن عوف.

(6)

"جابر" ابن عبد الله.

ص: 484

أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ. [أخرجه: م 1625، د 3550، ت 1350، س 3750، ق 2380، تحفة 3148].

2626 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ

(1)

، ثَنَا هَمَّامٌ

(2)

، ثَنَا قَتَادَةُ

(3)

، ثَنِي النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ

(4)

، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْعُمْرَى جَائِزَةٌ". [أخرجه: م 1626، د 3548، س 3754، تحفة: 12212].

وَقَالَ عَطَاءٌ

(6)

: ثَنِي جَابِرٌ

(7)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نحْوَهُ. [أخرجه: م 1625، س 2729، تحفة: 2470].

‌33 - بَابُ مَنِ اسْتَعَارَ مِنَ النَّاسِ الْفَرَسَ وَالدَّابَّةَ

(8)

وَغَيْرَهَا

"ثَنِي النَّضْرُ" في نـ: "قَالَ: ثَنِي النَّضْرُ". "نَحْوَهُ" في ذ: "مِثْلَهُ". "وَالدَّابَّةَ" ثبت في ذ. "وَغَيْرَهَا" كذا في هـ، ذ، وفي بو:"وَغَيْرَهُمَا".

===

(1)

" حفص بن عمر" الحوضي.

(2)

"همام" هو ابن يحيى الشيباني البصري.

(3)

"قتادة" ابن دعامة السدوسي.

(4)

"النضر بن أنس" الأنصاري.

(5)

السلولي، "قس"(6/ 65).

(6)

"وقال عطاء" هو ابن أبي رباح بالإسناد السابق الموصول إلى قتادة.

(7)

"جابر" هو ابن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما.

(8)

قوله: (والدابة) زادها أبو ذر عن مشايخه، وزاد عن الكشميهني "وغيرها" وثبت لابن شبويه مثله، لكن قال:"وغيرهما" بالتثنية، "فتح الباري"(5/ 240).

ص: 485

2627 -

حَدَّثَنَا آدَمُ

(1)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(2)

، عَنْ قَتَادَةَ

(3)

قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ فَزَعٌ

(4)

بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ: الْمَنْدُوبُ

(5)

، فَرَكِبَ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: "مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا

(6)

". [أطرافه: 2820، 2857، 2862، 2866، 2867، 2908، 2968، 2969، 3040، 6033، 6212، أخرجه: م 2307، د 4988، ت 1685، س في الكبرى 8821، تحفة: 1238].

"فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ" في نـ: "فَاسْتَعَارَ رَسُولُ اللَّهِ". "وَإنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا" في سـ: "وَإنْ وَجَدْنَا لَبَحْرًا".

===

(1)

" آدم" هو ابن أبي إياس.

(2)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

(3)

"قتادة" ابن دعامة السدوسي.

(4)

أي: خوف من العدو، "ف"(5/ 241).

(5)

قوله: (يقال له: المندوب) قيل: سمي بذلك من الندب وهو الرهن عند السباق، وقيل: لندبٍ كان في جسمه وهو أثر الجرح، زاد في "الجهاد" [ح: 2820] من طريق سعيد عن قتادة: "كان يقطف أو كان فيه قطاف" والمراد أنه كان بطيء المشي، "فتح الباري"(5/ 241).

(6)

قوله: (وإن وجدناه لَبحرًا) في رواية المستملي: "وإن وجدنا" بحذف الضمير، قال الخطابي:"إن" هي النافية، واللام في "لبحرًا

(1)

" بمعنى إلا، أي ما وجدناه إلا بحرًا، قال ابن التين: هذا مذهب الكوفيين، وعند البصريين "إن" مخففة من المثقلة واللام زائدة، قال الأصمعي: يقال للفرس: بحر، إذا كان واسع الجري، أو لأن جريه لا ينفد كما لا ينفد البحر، "ك" (11/ 148)، "ف" (5/ 241).

(1)

في الأصل: "في البحر".

ص: 486

‌34 - بَابُ الاِسْتِعَارَةِ لِلْعَرُوسِ

(1)

عِنْدَ الْبِنَاءِ

2628 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ

(2)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ

(3)

، ثَنِي أَبِي

(4)

قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ

(5)

،

"دِرْعُ قِطْرٍ" في سـ، حـ، ذ:"دِرْعُ قُطْنٍ"، وفي كن، قا:"دِرْعُ فِطْرٍ".

===

(1)

قوله: (للعروس) وهو نعت

(1)

يستوي فيه الرجل والمرأة ما داما في أعراسهما. قوله: "عند البناء" أي الزفاف، يقال: بنى على أهله أي زفَّها، كذا في "الكرماني"(11/ 149)، وفي "الفتح" (5/ 241): قيل له: "بناءً" لأنهم كانوا يبنون لمن يتزوج قبة يخلو بها مع المرأة، ثم أطلق ذلك على التزوج.

(2)

"أبو نعيم" هو الفضل بن دكين.

(3)

"عبد الواحد بن أيْمَن" المخزومي المكي.

(4)

أيْمن الحبشي، "قس"(6/ 69).

(5)

قوله: (وعليها درع قطر) الدرع قميص المرأة، وهو مذكَّر، قال الجوهري: ودرع الحديد مؤنّثة، وحكى أبو عبيد أنه أيضًا يذكَّر ويؤنَّث، والقطر بكسر القاف وسكون المهملة بعدها راء، وفي رواية المستملي والسرخسي بضم القاف وآخره نون، والقطر ثياب من غليظ القطن وغيره، وقيل: من القطن خاصة، وحكى ابن قرقول أنه في رواية ابن السكن والقابسي بالفاء المكسورة آخره راء، وهي ضرب من ثياب اليمن، والصواب بالقاف، قال الأزهري: الثياب القطرية منسوبة إلى قطر قرية في البحرين، فكسروا القاف للنسبة وخفَّفوا، كذا في "الفتح"(5/ 242).

(1)

في الأصل: "وهو لغة".

ص: 487

ثَمَنُ خَمْسَةِ فىَ دَرَاهِمَ

(1)

، فَقَالَتِ: ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِي

(2)

، انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهَا تُزْهَى

(3)

أَنْ تَلْبَسَهُ

(4)

فِي الْبَيْتِ، وَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُنَّ

(5)

دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ

(6)

بالْمَدِينَةِ إِلَّا أَرْسَلَتْ إِلَيَّ تَسْتَعِيرُهُ. [تحفة: 16044].

"ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ" في نـ: "ثَمَنُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ" بالرفع فيهما، وفي أخرى:"ثُمِّنَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ". "تُزْهَى" في ذ: "تَزْهَى"[بفتح أوله].

===

(1)

قوله: (ثمن خمسة دراهم) قال القسطلاني (6/ 69): برفع "ثمن" وجرِّ "خمسة" في الفرع وأصله وغيرهما من الأصول المعتمدة التي وقفتُ [عليها]، وقال في "الفتح" (5/ 242): ثمن بالنصب بتقدير فعل، وخمسة بالخفض على الإضافة، أو برفع ثمن وخمسة على حذف الضمير، والتقدير: ثمنه خمسة، وروي بضم أوله وتشديد الميم على لفظ الماضي، ونصب خمسة على نزع الخافض، أي قُوِّم بخمسة دراهم، ووقع في رواية ابن شبويه وحده "خمسة الدراهم"، انتهى كلام "الفتح".

(2)

لم أعرف اسمها، "ف"(5/ 242).

(3)

قوله: (تزهى) بضم أوله أي تأنف أو تتكبر، وهو من الحروف التي جاءت بلفظ البناء للمفعول وإن كان بمعنى الفاعل مثل: عني بالأمر، ونُتجِت الناقة. قلت: وهو في رواية أبي ذر "تزهى" بفتح أوله، وقد حكاها ابن دريد، وقال الأصمعي: لا يقال بالفتح، قوله:"تُقَيَّن" بالقاف أي تُزَيَّن، كذا قاله ابن حجر (5/ 242).

(4)

أي: الجارية تتكبر عن لبسها، "ك"(11/ 149).

(5)

أي: من الدروع أو من بين النساء، "ك"(11/ 149).

(6)

أي: تزيّن، "ك"(11/ 149).

ص: 488

‌35 - بَابُ

(1)

فَضْلِ الْمَنِيحَةِ

(2)

2629 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(3)

، ثَنَا مَالِكٌ

(4)

، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ

(5)

، عَن الأَعْرَجِ

(6)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "نِعْمَ الْمَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً

(7)

، وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ تَغْدُو بِإِنَاءٍ

(8)

وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ".

===

(1)

سقط لفظ "باب" لأبي ذر، فـ "فضل" مرفوع، "قس"(6/ 69).

(2)

قوله: (باب فضل المنيحة) حذف "باب" من رواية أبي ذر، والمنيحة بالنون والمهملة وزن عظيمة، هي في الأصل العطية، وهي عند العرب على وجهين: أحدهما: أن يعطي الرجل صاحبه صلة فيكون له، والآخر: أن يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بحلبها ووبرها زمنًا ثم يردّها لصاحبها، والمراد بها في أول أحاديث الباب هنا عارية ذوات الألبان ليؤخذ

(1)

لبنها ثم تُرَدّ هي لصاحبها، و"اللقحة" الناقة ذات اللبن القريبةُ العهد بالولادة، وهي مكسورة اللام ويجوز فتحها، و"الصفيّ" بفتح الصاد وكسر الفاء أي الكريمة الغزيرة اللبن، ويقال لها الصفية أيضًا، "فتح"(5/ 243).

(3)

"يحيى بن بكير" هو ابن عبد الله بن بكير المخزومي.

(4)

"مالك" الإمام المدني.

(5)

"أبي الزناد" هو عبد الله بن ذكوان.

(6)

"الأعرج" هو عبد الرحمن بن هرمز.

(7)

منصوب على التمييز، "ك"(11/ 149).

(8)

أي: تحلب إناء بالغداة وإناء بالعشي، "ف"(5/ 244).

(1)

في الأصل: "ليأخذ".

ص: 489

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(1)

(2)

وَإِسْمَاعِيلُ

(3)

، عَنْ مَالِكٍ

(4)

قَالَ: "نِعْمَ الصَّدَقَةُ". [طرفه: 5608، تحفة: 13836].

2630 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(5)

، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ

(6)

، ثَنَا يُونُسُ

(7)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(8)

، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

(9)

قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ، وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأَرْضِ وَالْعَقَارِ، فَقَاسَمَهُمُ الأَنْصَارُ

(10)

عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ

"ثَنَا يُونُسُ" في نـ: "ثَنِي يُونُسُ". "وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ" في ك: "فَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ". "شَيْءٌ" في صـ، مه:"يَعْنِي شَيئًا".

===

(1)

أشار بهذا إلى أن عبد الله وإسماعيل رويا عن مالك قال: "نعم الصدقة اللقحة الصفِيّ منحةً" هذا هو المشهور عن مالك، "ع"(9/ 461).

(2)

"عبد الله بن يوسف" هو التنيسي.

(3)

"إسماعيل" هو ابن أبي أويس.

(4)

"مالك" الإمام المذكور.

(5)

"عبد الله بن يوسف" هو التِّنِّيسي.

(6)

"ابن وهب" هو عبد الله المصري.

(7)

"يونس" ابن يزيد الأيلي.

(8)

الزهري، "قس"(6/ 71).

(9)

الأنصاري.

(10)

قوله: (فقاسمهم الأنصار

) إلخ، ظاهره مغاير لقوله في حديث أبي هريرة الماضي في "المزارعة"

(1)

[ح: 2325]: "قالت الأنصار

(1)

في الأصل: "في المضارعة".

ص: 490

كُلَّ عَامٍ وَيَكْفُوهُمُ الْعَمَلَ وَالْمَئُونَةَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسٍ

(1)

أُمُّ سُلَيْمٍ

(2)

كَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِذَاقًا، فَأَعْطَاهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلَاتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَنَسٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ خَيْبَرَ وَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُمِّهِ عِذَاقَهَا، فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ أيْمَنَ مَكَانَهُنَّ

(3)

مِنْ حَائِطِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ بِهَذَا، وَقَالَ: مَكَانَهُنَّ مِنْ خَالِصِهِ.

"ابْنِ مَالِكٍ" سقط في نـ. "مِنْ قَتْلِ" في صـ: "مِنْ قتالِ". "وَانْصَرَفَ" في نـ: "فَانْصَرَفَ". "فَأَعْطَى" كذا في ذ، وفي نـ:"وَأَعْطَى".

===

للنبي صلى الله عليه وسلم: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل قال: لا"، والجمع بينهما أن المراد بالمقاسمة هنا القسمة المعنوية، وهي التي أجابهم إليها في حديث أبي هريرة حيث قالوا: "فتكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمر" فكان المراد هنا مقاسمة الثمار، والمنفي هناك مقاسمة الأصول، قوله: "وكانت أمُّه أم أنس

" إلخ، والضمير في "أمه" يعود على أنس، و"أم أنس" بدل منه، وكذا "أم سليم"، وقائل ذلك هو الزهري. قوله: "عذاقًا" بكسر المهملة وبذال معجمة خفيفة: جمع عذق بفتح فسكون، كحبلٍ وحبالٍ، والعذق النخلة. قوله: "من حائطه" أي بستانه. قوله: "من خالصه" أي خالص ماله. قال ابن التين: المعنى واحد، قلت: لكن لفظ: "خالصه" أصرح في الاختصاص من حائطه، "ف" (5/ 244).

(1)

بدل من "أمّه".

(2)

بدل من "أمّ أنس".

(3)

أي: بدلهنَّ، "ف"(5/ 244).

ص: 491

[أطرافه: 3128، 4030، 4120، أخرجه: م 1771، س في الكبرى 832، تحفة: 1557].

2631 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ

(1)

، ثَنِي الأَوْزَاعِيُّ

(2)

، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ

(3)

، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو

(4)

يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلَاهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ

(5)

، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ". قَالَ حَسَّانٌ

(6)

: فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ

(7)

: مِنْ رَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً. [أخرجه: م 1683، تحفة: 8967].

2632 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

(8)

، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ،

===

(1)

الهمداني، "قس"(6/ 72).

(2)

"الأوزاعي" هو عبد الرحمن.

(3)

الشامي، "قس"(6/ 72).

(4)

ابن العاص، "قس"(6/ 72).

(5)

هي الأنثى من المعز، قال ابن بطال: لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأربعين خصلة إلا لمعنى هو أنفع لنا من ذكرها ليكون رغبة إلى غيرها من أبواب الخير، انتهى. حاصله أن إبهامه كإبهام ليلة القدر، "خ"(2/ 242).

(6)

المذكور، "قس"(6/ 72)، وهو موصول بالإسناد المذكور، "ف"(5/ 245).

(7)

هي الأنثى من المعز، "ك"(11/ 151).

(8)

"محمد بن يوسف" البيكندي.

ص: 492

ثَنِي عَطَاءٌ

(1)

، عَنْ جَابِرٍ

(2)

قَالَ: كَانَتْ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ، فَقَالُوا: أَنُؤَاجِرُهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا

(3)

أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ". [راجع: 2340].

2633 -

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

(4)

، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ

(5)

، ثَنَا الزُّهْرِيُّ

(6)

، ثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ

(7)

، ثَنِي أَبُو سَعِيدٍ

(8)

قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: "وَيْحَكَ إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأنُهَا

(9)

"ثَنِي عَطَاءٌ" في ذ: "عَنْ عَطَاءٍ". "أَنُؤَاجِرُهَا" في نـ: "نُؤَاجِرُهَا". "ثَنَا الزُّهْرِيُّ " في نـ: "حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ". "إلَى النَّبِيِّ" في ذ: "إلَى رَسُولِ اللَّهِ".

===

(1)

" عطاء" هو ابن أبي رباح.

(2)

ابن عبد الله الأنصاري.

(3)

قوله: (ليمنحها) بفتح النون وكسرها، أي أن يجعلها منيحة، ومرّ متعلّقات الحديث (برقم: 2340) في "كتاب الحرث".

(4)

"وقال محمد بن يوسف" البيكندي فيما وصله الإسماعيلي وأبو نعيم.

(5)

هو عبد الرحمن، "قس"(6/ 74).

(6)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(7)

الليثي، "قس"(6/ 74).

(8)

الخدري، "قس"(6/ 74).

(9)

أي: القيام بحقها، "قس"(6/ 74).

ص: 493

شَدِيدٌ

(1)

، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:"فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:"فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا

(2)

؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ

(3)

، فَإِنَّ اللَّه لَنْ يَتْرُكَ

(4)

(5)

مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا". [راجع: 1452].

"مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ" في سـ، هـ، ذ:"مِنْ وَرَاءِ التِجَارِ". [قوله: "لن يتَّرِك من عملك شيئًا" زاد في صغـ: "قال أبو عبد اللَّه: هكذا قال: "لن يتَّرِك" بتشديد التاء، والصواب: "لن يَتِرَك" بخفض التاء وتخفيفها، وتفسيره: "لن ينقُصَك"].

===

(1)

قوله: (إن الهجرة شأنها شديد) أي لا يستطيع القيامَ بها إلا القليل، وقد مرّ الحديث مع بيانه (برقم: 1452) في "باب زكاة الإبل".

(2)

قوله: (يوم وِردها) بالكسر، أي يوم نوبة شربها، وذلك لأن الحلب يومئذ أوفق للناقة وأرفق للمحتاجين، قوله:"يَتِرك" نحو يَعِدُك، من الوتر، وهو النقص، وفي بعضها:"يتَّرك" بلفظ مضارع الافتعال، قال البخاري: الرواية بالتشديد، والصواب بالتخفيف، من الوتر، "ك"(11/ 153)، "خ"(2/ 242).

(3)

قوله: (من وراء البحار) بالموحدة والحاء المهملة، أي القرى والْمُدُن، والعرب يسميها البحار والبحر، أي إذا كان هذا صنيعك فالزم أرضك وإن كانت من وراء البحار، كذا في "التنقيح"(2/ 577)، قال القسطلاني (6/ 74): ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني: "من وراء التجار" بكسر الفوقية وبالجيم بدل الموحدة والحاء، انتهى.

(4)

أي: لن ينقصك، "قس"(6/ 74).

(5)

بإسكان التاء من الترك، وبكسرها من النقص؛ {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35].

ص: 494

2634 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(1)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ

(2)

، ثَنَا أَيُّوبُ

(3)

، عَنْ عَمْرٍو

(4)

، عَنْ طَاوُسٍ

(5)

، ثَنِي أَعْلَمُهُمْ بِذَلكَ -يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ-: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى أَرْضٍ تَهْتَزُّ

(6)

زَرْعًا، فَقَالَ:"لِمَنْ هَذِهِ؟ " فَقَالُوا: اكْتَرَاهَا فُلَانٌ، فَقَالَ: "أَمَا إِنَّهُ لَوْ مَنَحَهَا

(7)

إِيَّاهُ كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا مَعْلُومًا". [راجع: 2330].

‌36 - بَابٌ إِذَا قَالَ: أَخْدَمْتُكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَلَى مَا يَتَعَارَفُ النَّاسُ

(8)

، فَهُوَ جَائِزٌ

"بِذَلكَ" كذا في ذ، وفي نـ:"بِذَاكَ".

===

(1)

" محمد بن بشار" هو بندار العبدي البصري.

(2)

"عبد الوهاب" هو ابن عبد المجيد الثقفي.

(3)

"أيوب" السختياني.

(4)

"عمرو" هو ابن دينار المكي.

(5)

"طاوس" هو ابن كيسان اليماني.

(6)

أي: تتحرك، "قس"(6/ 7).

(7)

قوله: (لو منحها) أي لو أعطاها المالك فلانًا المكتري

(1)

على طريق المنحة لكان خيرًا للمكري؛ لأنها أكثر ثوابًا، أو لأنهم كانوا يتنازعون في كراء الأرض، أو لأنه كره لهم الافتنان بالزراعة لئلا يقعدوا بها عن الجهاد، ومرّ في "الحرث" [برقم: 2330]، "ك"(11/ 154).

(8)

أي: على عرفهم في صدور هذا القول منهم، أو على عرفهم في كون الإخدام هبة أو عارية، وهو جائز، ويحمل هذا القول على ما هو معروف عندهم، "ك"(11/ 154)، "قس"(6/ 75).

(1)

في الأصل: "للمكتري".

ص: 495

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ

(1)

: هَذِهِ عَارِيَّةٌ. وَإِنْ قَالَ: كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ، فَهَذِهِ هِبَةٌ.

2635 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(2)

، أَنَا شُعَيبٌ

(3)

، ثَنَا أَبُو الزِّنَادِ

(4)

،

"فهَذِهِ هِبَةٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"فهُوَ هِبَةٌ".

===

(1)

قوله: (بعض الناس) قيل: أراد به الحنفية، وغرضه أنهم يقولون: إنه إذا قال: أخدمتُك هذا العبدَ فهو عارية، وقصة هاجر تدلّ على أنه هبة، ولفظ:"وإن قال: كسوتك" يحتمل أن يكون من تتمة قولهم، فيكون مقصوده أنهم تحكَّموا حيث قالوا: ذلك عارية، وهذه هبة، ويحتمل أن يكون عطفًا على الترجمة.

قال ابن بطال: لا أعلم خلافًا بين العلماء في أنه إذا قال له: أخدمتُك هذه الجارية، أنه قد وهب له خدمتها لا رقبتها، وأن الإخدام

(1)

لا يقتضي تمليك الرقبة عند العرب، كما أن الإسكان لا يقتضي تمليك رقبة الدار، وليس ما استدلّ به البخاري من لفظ:"فأخدَمَها" يدلّ على الهبة، وإنما تصحّ الهبة في الحديث من لفظ:"فأعطوها آجر" فكانت عطية تامّة، ولم يختلف العلماء أنه إذا قال: كسوتُك هذا الثوب، أنها هبة، لقوله تعالى:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89]، وذلك تمليك اتفاقًا، قاله الكرماني (11/ 154). [انظر "اللامع" (7/ 52)].

(2)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع الحمصي.

(3)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة الحمصي.

(4)

"أبو الزناد" عبد الله بن ذكوان.

(1)

في الأصل: "الأخدم".

ص: 496

عَنِ الأَعْرَجِ

(1)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بسَارَةَ، فَأَعْطَوْهَا آجَرَ، فَرَجَعَتْ، فَقَالَتْ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الْكَافِرَ

(2)

وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً". وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ

(3)

: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"فَأخْدَمَهَا هَاجَرَ". [راجع: 2217].

‌37 - بَابٌ

(4)

إِذَا حَمَلَ رَجُلًا عَلَى فَرَسٍ فَهُوَ كالْعُمْرَى

(5)

وَالصَّدَقَةِ

"إذَا حَمَلَ رَجُلًا عَلَى فَرَسٍ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي شحج:"إذَا حَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ"، وفي نـ:"إذَا حَمَلَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ".

===

(1)

" الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز.

(2)

قوله: (كَبَتَ الكافر) أي صرعه وأَذَلّه، كذا في "الكرماني"(11/ 155) و"الخير الجاري"(2/ 243)، ومرّ الحديث مع بعض متعلقاته في (برقم: 2217) في "البيع".

(3)

"وقال ابن سيرين" محمد، فيما هو موصول في "أحاديث الأنبياء" [ح: 3358].

(4)

بالتنوين، "قس"(6/ 76).

(5)

قوله: (كالعمرى) قال ابن بطال: لا خلاف بينهم أن العمرى إذا قبضها المعمَرُ له لا رجوع فيها، وكذلك الصدقة، وكذلك الحمل على الخيل، فما كان من الحمل تمليكًا للمحمول عليه فهو كالصدقة عليه، وما كان منه تحبيسًا في سبيل الله فهو كالأوقاف، فلا رجوع فيه عند الجمهور، ومذهب أبي حنيفة رحمه الله في الوقف معروف. والظاهر من حديث الباب أنه أعطى الفرس الذي حمله عليه، فلذا أقدم على الشراء، فلا يلزم منه أن مجرد الحمل يكون تمليكًا أو وقفًا.

ص: 497

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ

(1)

: لَهُ أَنْ يَرْجعَ فِيهَا.

2636 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ

(2)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(3)

قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا

(4)

يَسْأَلُ زيْدَ بْنَ أَسْلَمَ

(5)

(6)

قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"لَا تَشْتَرِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ". [راجع: 1490].

"ثَنَا سُفْيَانُ" في نـ: "أَنَا سُفْيَانُ". "قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي" في ذ: "فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبِي". "لَا تَشْتَرِ" في نـ: "لَا تَشْتَرِهِ".

===

وفي "الهداية"(2/ 222): وتنعقد الهبة بقوله: حملتك على هذه الدابة إذا نوى بالحملان الهبة، "الخير الجاري"(2/ 243)[وانظر "الكرماني" (11/ 155) و"اللامع " (7/ 56)].

(1)

المراد به أبو حنيفة.

(2)

"الحميدي" عبد الله بن الزبير.

(3)

"سفيان" هو ابن عيينة.

(4)

الإمام.

(5)

"زيد بن أسلم" يروي عن أبيه أسلم مولى عمر بن الخطاب.

(6)

أي: عن حكم الحمل على الفرس، "خ".

* * *

ص: 498

بسم الله الرحمن الرحيم

‌52 - كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

(1)

‌1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي

(2)

لِقَولِهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} الآية [البقرة: 282]. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ -إِلَى قَوْلِهِ- بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135].

"{بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ}، كِتَابُ الشَّهَادَاتِ" كذا في سفـ، بو، وفي ك:"كِتَابُ الشَّهَادَاتِ، {بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ} ". "لِقَولِهِ" زاد في ذ: "تَعَالَى" وفي شحج: "لِقَولِ اللَّهِ تَعَالَى". " {فَاكْتُبُوهُ} الآية" كذا في بو، وفي ذ بعد قوله:{فَاكْتُبُوهُ} : "إلَى قَولِهِ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ". [وساق في رواية الأصيلي وكريمة الآية كلها، وكذا التي بعدها، قاله الحافظ (5/ 248)]. "وَقَوْلِهِ تَعَالَى" في قتـ، ذ:"وَقَوْلِ اللهِ عز وجل". " {شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ -إلى قَولِه-: بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} " في ذ، بو: إلَى قَولِهِ: {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} ".

===

(1)

جمع شهادة، وهي الإخبار عند الحاكم بما يعتقد، "خ".

(2)

قوله: (باب ما جاء في البينة على المدَّعي) كذا للأكثر، وسقط لبعضهم لفظ "باب"، وقدّم النسفي وابن شبويه البسملة على "كتاب"، ولم يسق في الباب حديثًا إما اكتفاءً بالآيتين، وإما إشارةً إلى الحديث الماضي قريبًا في ذلك في آخر "باب الرهن"، وستأتي ترجمة الشقِّ الآخر،

ص: 499

‌2 - بَابٌ

(1)

إِذَا عَدَّلَ

(2)

رَجُلٌ أَحَدًا فَقَالَ: لَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا. أَوْ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا

2637 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ

(3)

، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ

(4)

النُّمَيْرِيُّ،

"أَحَدًا" كذا في هـ، وفي سـ، [حـ] ذ:"رَجُلًا". "أَوْ مَا عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا" زاد في ذ بِعده: "وَسَاقَ حَدِيثَ الإفكِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأسَامَةَ حِينَ سَألَهُ، قَالَ: أَهْلُكَ، وَلا نَعْلَمُ إلَّا خَيرًا". "حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ" زاد في نـ: "ابْنُ مِنْهَالٍ". "ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ" في نـ: "أَنَا عَبْدُ اللَّهِ".

===

وهي: "اليمين على المدَّعى عليه" قريبًا، قال ابن المنير: وجه الاستدلال بالآية للترجمة أن المدعي لو كان القولُ قولَه لم يحتج إلى الإشهاد وإلى كتابة الحقوق وإملائها، فالأمر بذلك يدلّ على الحاجة إليه، ويتضمّن أن البيِّنة على المدَّعي، ولأن الله حين أمر الذي عليه الحقّ بالإملاء اقتضى تصديقه فيما أقرّ به، وإذا كان مصدِّقًا فالبينة على من ادعى تكذيبه، "فتح الباري"(5/ 248).

(1)

بالتنوين، "قس"(6/ 81).

(2)

قوله: (إذا عدل) من التعديل بمعنى التزكية، قوله:"استلبَثَ" هو استفعل من اللبث، وهو الاستبطاء والتأخير. قوله:"فيستأمرهما" أي يشاورهما. قوله: "أهلك" بالنصب، أي: الزم أهلك، وبالرفع أي: هي أهلك، أو أهلك غير مطعون عليه. قوله:"إن رأيتُ" أي: ما رأيت، قوله:"أغمصه" بكسر الميم وبإهمال الصاد، يقال: أغمصه فلان: إذا استصْغره، قوله:"الداجن" هي شاة أَلِفَتِ البيوتَ واستأنست، "الخير الجاري"(2/ 244)[وانظر "الكرماني" (11/ 159)].

(3)

"حجاج" ابن منهال الأنماطي.

(4)

ابن غانم، "قس"(6/ 81) [وكذا قاله العيني (9/ 473).

ص: 500

ثَنَا يُونُسُ

(1)

. ح وَقَالَ اللَّيْثُ

(2)

: حَدَّثَنِي يُونُسُ

(3)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ

(5)

وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ

(6)

وَعُبَيْدُ اللَّه

(7)

عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا

(8)

وَأُسَامَةَ

(9)

حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْي يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَقَالَ: أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا. وَقَالَتْ بَرِيرَةُ: إِنْ

(10)

رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ" زاد في نـ: "ابنُ الزُّبَيرِ". "عُبَيْدُ اللَّه" في نـ: "عُبَيْد اللَّه بْنُ عَبْد اللهِ". "أَنَّهَا حَدِيثَةُ السِّنِّ" في نـ: "أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ".

===

(1)

" يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

(2)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(3)

"يونس" المذكور.

(4)

الزهري.

(5)

"ابن المسيب" هو سعيد المخزومي.

(6)

"علقمة بن وقاص" الليثي.

(7)

"عبيد الله" ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود.

(8)

ابن أبي طالب، "قس"(6/ 82).

(9)

ابن زيد.

(10)

نافية.

ص: 501

"مَنْ يَعْذِرُنِي

(1)

مِنْ رَجُلٍ

(2)

بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا". [راجع: 2593، أخرجه: م 2770، س في الكبرى 8931، تحفة: 16708، 16126، 17409، 16311].

‌3 - بَابُ شَهَادَةِ الْمُخْتَبِئِ

(3)

وَأَجَازَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ

(4)

قَالَ: وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْكَاذِبِ الْفَاجِرِ.

"مَنْ يَعْذِرُنِي" في نـ: "مَنْ يَعْذِرُنَا". "مِنْ رَجُلٍ" كذا في هـ، وفي نـ:"فِي رَجُلٍ". "مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ" في هـ، ذ:"مَا عَلِمْتُ فِيهِ".

===

(1)

أي: من ينصرني، "قس"(6/ 83)، أي: من يقوم بعذري إن كافأتُه على سوء صنيعه فلا يلومني، "نهاية" (ص: 599).

(2)

هو عبد الله بن أُبيّ، "قس"(6/ 83).

(3)

قوله: (شهادة المختبئ) بالخاء المعجمة والموحدة، أي الذي يختفي عند تحمُّل الشهادة. قوله:"السمع شهادة" أي السمع مطلقًا تحمُّلٌ للشهادة، وأما قول ابن المنذر متعقِّبًا على الشعبي ومن معه: بأن المختبئ ليس بعدل فمدفوع؛ لأن اختباءه قد يكون لأجل إحقاق حقٍّ ودفع ظلم، فإن المديون قد يكون منكرًا لدين عند غير الدائن ويعترف عنده، ولا يكون له شهود عليه، فيريد الدائن بالاختباء الإشهادَ على اعترافه بالخلوة، والمختبئ يظنّ بالمدعي ظنًّا حسنًا، ويعرف المدعى عليه بالكذب، فيختبئ لأجل أن يشهد فيؤدي شهادته عند الاحتياج، كذا في "الخير الجاري"(2/ 244)، وهذا معنى قول ابن حريث:"وكذلك يُفْعَل بالكاذب الفاجر"، قال القسطلاني (6/ 83): وبه قال الشافعي في الجديد ومالك وأحمد، وقال الحنفية: لا، انتهى.

(4)

المخزومي، صحابي صغير، "قس"(6/ 83).

ص: 502

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ

(1)

وَابْنُ سِيرِينَ

(2)

وَعَطَاءٌ

(3)

وَقَتَادَةُ

(4)

: السَّمْعُ شَهَادَةٌ

(5)

. وَكَانَ الْحَسَنُ

(6)

يَقُولُ: لَمْ يُشْهِدُونِي عَلَى شَيْءٍ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ كَذَا وَكَذَا.

2638 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(7)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(8)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(9)

، قَالَ سَالِمٌ

(10)

: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِيُّ يَؤُمَّانِ

(11)

النَّخْلَ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ،

"وَكَانَ الْحَسَنُ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَقَالَ الْحَسَنُ". "وَلَكِنْ سَمِعْتُ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَإنِّي سَمِعْتُ". "يَؤُمَّانِ النَّخْلَ" في س، حـ، ذ:"يَؤُمَّانِ إلَى النَّخْلِ".

===

(1)

" وقال الشعبي" هو عامر بن شراحيل، فيما وصله ابن أبي شيبة [ح: 22194].

(2)

محمد، "قس"(6/ 83).

(3)

هو ابن أبي رباح.

(4)

ابن دعامة، "قس"(6/ 83).

(5)

وإن لم يشهده المقرّ، "قس"(6/ 83).

(6)

البصري، "قس" (6/ 83). [قوله: "وكان الحسن

" إلخ، وصله ابن أبي شيبة، رقم: 22195].

(7)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع.

(8)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة.

(9)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(10)

"سالم" هو ابن عبد الله بن عمر.

(11)

أي: يقصدان.

ص: 503

حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ

(1)

أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ، لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ -أَوْ زَمْزَمَةٌ- فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: أَيْ صَافُ، هَذَا مُحَمَّدٌ، فَتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ

(2)

". [راجع: 1355].

2639 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(3)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(4)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(5)

،

"فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ" في نـ: "قَالَ النَّبِيُّ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ" في ذ: "حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ".

===

(1)

قوله: (يَخْتِلُ) بكسر الفوقية، أي: يطلب ابن صياد مستغفلًا له ليسمع شيئًا من كلامه الذي يتكلم به في خلوته حتى يظهر للصحابة حاله في أنه كاهن ونحوه، قوله:"قطيفة" أي كساء مُخْمَلٌ، قوله:"رمرمة" بالرائين وكذا بالزايين: الصوت الخفي. قوله: "أي صاف" بالصاد المهملة والفاء المضمومة والمكسورة والساكنة: اسم ابن صياد، وأصله صافي فصار كقاضٍ، قوله:"فتناهى" أي سكن، قوله:"لو تَرَكَتْه" أي لو تركَتْه أمّه بحيث لا يعرف قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم "بَيَّنَ" لكم أمرَه وشأنَه، "ك"(11/ 161)، "خ"(2/ 244)، وقد مرّ بيانه (برقم: 1355) في "الجنائز".

(2)

لنا من حاله، "قس"(6/ 84).

(3)

"عبد الله بن محمد" المسندي.

(4)

"سفيان" هو ابن عيينة.

(5)

"الزهري" ابن شهاب المذكور.

ص: 504

عَنْ عُرْوَةَ

(1)

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ

(2)

الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَأَبَتَّ، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ

(3)

، فَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَقَالَ:"أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ". وَأَبُو بَكْرٍ

(4)

جَالِسٌ عِنْدَهُ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ

(5)

بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى هَذِهِ

(6)

"فَأَبَتَّ" زاد في نـ: "طَلَاقِي". "فَإنَّمَا" في نـ: "وَإنَّمَا".

===

(1)

" عروة" هو ابن الزبير بن العوام.

(2)

قوله: (رفاعة) بكسر الراء وخفة الفاء وبالمهملة، واسم المرأة، تميمة بنت وهب. قوله:"فأبتَّ" بفتح الهمزة والموحدة وشِدَّة المثناة على صيغة المعلوم من الماضي، أي قطع قطعًا كليًّا بتحصيل البينونة الكبرى بالطلاق الثلاث، قوله:"هدبة الثوب" بضم الهاء وسكون المهملة، هي ما على طرف الثوب من الخَمْل الذي [لم] يُنْسَجْ به

(1)

، وَكَنَتْ عن العُنَّة. قوله:"حتى تذوقي عُسيلته" كنى به عن لذة الجماع، قيل: أنَّث العُسيلة على إرادة النطفة، وهو ضعيف؛ لأن الإنزال ليس بشرط، "ك"(11/ 161)، "خ"(2/ 244 - 245).

(3)

بفتح الزاي وكسر الموحدة: ابن باطا القرظي، "قس"(6/ 85).

(4)

الصديق، "قس"(6/ 86).

(5)

الأموي، " قس"(6/ 86).

(6)

قوله: (ألا تسمع إلى هذه

) إلخ، قال الكرماني (11/ 162): فيه إنكار الهَجْر من القول إلا أن يكون في حقٍّ لا بدّ له من البيان عند

(1)

كذا في "قس" و"ع"، وفي الأصل:"الذي نُسِجَ".

ص: 505

مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(1)

. [أطرافه: 5260، 5261، 5265، 5317، 5792، 5825، 6084، أخرجه: م 1433، ت 1118، س 3283، ق 1932، تحفة: 16436].

‌4 - بابٌ

(2)

إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ أَوْ شُهُودٌ بِشَيْءٍ فَقَالَ آخَرُونَ: مَا عَلِمْنَا ذَلِكَ يُحْكَمُ بِقَوْلِ مَنْ شَهِدَ

قَالَ الْحُمَيدِيُّ

(3)

: هَذَا

(4)

كَمَا أَخْبَرَ بِلَالٌ

(5)

(6)

: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

"فَقَالَ آخَرُونَ" في نـ: "وَقَالَ آخَرُونَ"[وهو لأبي ذر، كما في السلطانية]، وفي أخرى:"قَالَ آخَرُونَ"[وهو لأبي ذر، كما في "قس"]. "ذَلِكَ" في سـ، حـ، ذ:"بِذَلِكَ".

===

الحاكم، قال العيني (9/ 476): والمطابقة تؤخذ من قوله: "وخالد بن سعيد" إلى آخر الحديث، وبيان ذلك أن خالدًا أنكر على امرأة رفاعة ما تلفَّظت به عند النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وكان إنكار خالد عليها لاعتماد سماعها أي سماع صوتها، وهذا هو حاصل ما يقع من شهادة السمع؛ لأن خالدًا مثل المختفي عنها، انتهى كلام العيني.

(1)

كأن خالدًا استعظم قولها: "إنما معه مثل الهدبة" عند حضرة النَّبي صلى الله عليه وسلم.

(2)

بالتنوين، "قس"(6/ 86).

(3)

"قال الحميدي" هو عبد الله بن الزبير المكي، فيما وصله في "الحج".

(4)

الحكم، "قس"(6/ 87).

(5)

المؤذّن، "قس"(6/ 87).

(6)

قوله: (إذا شهد شاهد أو شهود بشيء، وقال آخرون: ما علمنا بذلك، يُحْكَم بقول من شهد، قال الحميدي: هذا كما أخبر بلال

) إلخ،

ص: 506

صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ

(1)

، وَقَالَ الْفَضْلُ

(2)

: لَمْ يُصَلِّ. فَأَخَذَ النَّاسُ بِشَهَادَةِ بِلَالٍ

(3)

. كَذَلِكَ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ: أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ يُقْضَى بِالزِّيَادِةَ.

"يُقْضَى"في ذ: "يُعْطَى".

===

تقدّم هذا في "باب العشر" من "كتاب الزكاة"(برقم: 1483)، وأن المثبِتَ مقدَّم على النافي، وهو وفاق من أهل العلم إلا من شذّ، ولا سيما إذا لم يتعرض إلا لنفي علمه، وأشار إلى ذلك بقوله: "وكذلك إن شهد شاهدان

" إلخ، وقد اعتُرِض بأن الشهادتين اتفقتا على الألف وانفردَتْ إحداهما بالخمس مِائة، والجواب: أن سكوت الأخرى عن الخمس مائة في حكم نفيها، ثم أورد حديث عقبة بن الحارث في قصة المرضعة، وسيأتي الكلام عليها بعد أبواب، والغرض منه هنا أنها أثبتت الرضاع ونفاه عقبة، فاعتمد النبي صلى الله عليه وسلم[قولها] فأمره

(1)

بفراق امرأته إما وجوبًا عند من يقول به، وإما ندبًا على طريق الورع، "فتح الباري"(5/ 251).

(1)

عام الفتح، "قس"(6/ 87).

(2)

"قال الفضل" ابن عباس.

(3)

قوله: (فأخذ الناس بشهادة بلال) فرجَّحوها على رواية الفضل؛ لأن فيها زيادةَ علم، وإطلاق الشهادة على إخبار بلال تجوُّزٌ، قال الكرماني (11/ 162، 163): فإن قلت: ليس هذا من باب قولهم: ما علمنا، بل هما متنافيان؛ لأن أحدهما قال: صلَّى، والآخر قال: لم يُصَلِّ؟ قلت: معنى قوله: لم يصلِّ أنه ما علم أنه صلى، ولَعَلَّ الفضلَ كان مشتغلًا بالدعاء ونحوه [فلم يره صلَّى] فنفاه عملًا بظنه، "قس"(6/ 87)، "خ"(2/ 245).

(1)

في الأصل: "فأعمل النبي صلى الله عليه وسلم فأمره".

ص: 507

2640 -

حَدَّثَنَا حِبَّانُ

(1)

، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ

(2)

أَنَا عُمَرُ بْنُ سعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ

(3)

، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ

(4)

، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ

(5)

: أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتًا لأَبِي إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ

(6)

، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ

(7)

فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ

(8)

وَالَّتِي تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ

(9)

:

"حَدَّثَنَا حِبَّانُ" زاد في هـ: "ابنُ مُوسَى".

===

(1)

" حبان" ابن موسى السلمي المروزي.

(2)

ابن المبارك المروزي، "قس"(6/ 87).

(3)

النوفلي المكي، "قس"(6/ 87).

(4)

"عبد الله بن أبي مليكة" هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة، واسمه: زهير، التيمي المدني.

(5)

"عقبة بن الحارث" ابن عامر بن نوفل النوفلي المكي.

(6)

قوله: (لأبي إهاب بن عزيز) بالعين المهملة وزايين منقوطتين [على] وزن عظيم، ووقع عند أبي ذر عن المستملي والحَموِي "عُزير"[بزاي] وآخره راء مصغَّر، والأول هو الصواب، قاله في "الفتح"(5/ 251).

قال الكرماني (11/ 163): فإن قلت: كيف دلّ الحديث على الترجمة إذ لم تكن شهادة ولا حكم في القضية؟ قلت: أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمفارقة حيث قال: "كيف وقد قيل؟! " تورعًا وتنزهًا، فجعل ذلك كالحكم، وإخبارَها كالشهادة، وقال أحمد: يجوز الحكم في الرضاع بشهادة المرضعة وحدها، كذا في "الخير الجاري"(2/ 245) و"القسطلاني"(6/ 88) و"العيني"(9/ 480).

(7)

قال ابن حجر: لم أقف على اسمها، "قس"(6/ 87).

(8)

ابن الحارث، "قس"(6/ 87).

(9)

ابن الحارث، "قس"(6/ 87).

ص: 508

مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي، فَأَرْسَلَ إِلَى آلِ أَبِي إِهَابٍ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَا أَرْضَعَتْ صَاحِبَتَنَا، فَرَكِبَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟! " فَفَارَقَهَا، وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. [راجع: 88].

‌5 - بَابُ الشُّهَدَاءِ الْعُدُولِ

وَقَوْلِ اللَّهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ

(1)

} [الطلاق: 2]. وَ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282].

2641 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ

(2)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(3)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(4)

، ثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ

(5)

قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا

"مَا عَلِمْنَا" في ذ: "مَا عَلِمْنَاهُ". "أُنَاسًا" في نـ: "نَاسًا".

===

(1)

قوله: ({وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}) قال ابن حجر في "الفتح"(5/ 251 - 252): والعدل والرضا عند الجمهور: من يكون مسلمًا، مكلَّفًا، حرًّا، غير مرتكب كبيرة، ولا مُصِرًّا على صغيرة، زاد الشافعي: وأن يكون ذا مروءة، انتهى.

(2)

"الحكم بن نافع" هو أبو اليمان البهراني الحمصي.

(3)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة.

(4)

"الزهري" هو محمد بن مسلم بن شهاب.

(5)

ابن مسعود، "قس"(6/ 89).

ص: 509

يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ

(1)

فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ

(2)

وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، اللَّه مُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ. [تحفة: 10514].

‌6 - بَابٌ

(3)

تَعْدِيلُ كَمْ يَجُوزُ

(4)

؟

"مُحَاسِبُهُ" في حـ، ذ:"يُحَاسِبُ"، وفي نـ:"يُحَاسِبُهُ".

===

(1)

قوله: (يؤخذون بالوحي) أي: كان الوحي يكشف عن سرائر الناس

(1)

في بعض الأوقات، و"أَمِنّاه" أي جعلناه آمنًا من الشر، وهو مشتقّ من الأمان، قوله:"وقَرَّبناه" أي عظّمناه وكرّمناه، والسريرة هو السرّ الذي يكتم، أي: نحن نحكم بالظاهر، قاله الكرماني (11/ 164).

(2)

بهمزة بغير مدّ، وميم مكسورة، ونون مشدّدة، من الأمن أي: صيّرناه عندنا أمينًا، "توشيح"(5/ 1805).

(3)

بالتنوين.

(4)

قوله: (تعديل كم يجوز) أي هل يشترط في قبول التعديل عدد معيَّن؟ أورد فيه حديثي أنس وعمر في ثناء الناس بالخير والشر على الميِّتَيْنِ، وفيهما قوله عليه السلام:"وجبت"، وقد تقدّم شرحه في "كتاب الجنائز" في (ح: 1367)، وحكيت عن ابن المنير أنه قال في حاشيته: قال ابن بطال

(2)

: فيه إشارة إلى الاكتفاء بتعديل واحد، وذكرت أن فيه غموضًا، وكأن وجهه في قوله:"ثم لم نسأله عن الواحد" إشعارًا بعيدًا بأنهم كانوا

(1)

في الأصل: "سائر الناس".

(2)

في الأصل: "في حاشية ابن بطال".

ص: 510

2642 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ

(1)

، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ

(2)

، عَنْ ثَابِتٍ

(3)

، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مُرَّ عَلَىَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ:"وَجَبَتْ"، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا

(4)

-أَوْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ- فَقَالَ: "وَجَبَتْ"، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لِهَذَا: وَجَبَتْ، وَلِهَذَا: وَجَبَتْ؟ قَالَ: "شَهَادَةُ الْقَوْمِ، الْمُؤْمِنُونَ

"شَهَادَةُ الْقَوْمِ، الْمُؤْمِنُونَ" في سـ، حـ:"شَهَادَةُ الْقَوْمِ الْمُؤمِنِينَ"، ووقع في رواية الأصيلي:"شَهَادَةَ" بالنصب بتقدير فعل ناصب.

===

يعتمدون قول الواحد في ذلك، لكنهم لم يسألوا عن حكمه في ذلك المقام، وسيأتي للمصنف بعد أبوابٍ التصريحُ بالاكتفاء في التزكية بواحد، وكأنه لم يصرّح بذلك هنا لما فيه من الاحتمال، قاله في "الفتح"(5/ 252).

وفي "الكرماني"(11/ 164): قال ابن بطال: اختلفوا في عدد المعدِّلين، فقال مالك والشافعي: لا يقبل في الجرح والتعديل أقلُّ من رجلين، وقال أبو حنيفة: يُقْبَل تعديلُ الواحد وجرحُه، واتفق مالك والكوفيون والشافعي على أن الشهود اليوم على الجرح حتى تثبت العدالة، بخلاف عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة: إلّا شهود النكاح

(1)

فإنهم على العدالة، قال: وإنه تحكُّمٌ! انتهى مختصرًا.

(1)

"سليمان بن حرب" الواشحي.

(2)

"حماد بن زيد" ابن درهم الجهضمي البصري.

(3)

البناني، "قس"(6/ 90).

(4)

الثناء هو الذكر بالخير، واستعماله في الشرّ للمشاكلة، "ك"(11/ 165).

(1)

في الأصل: "لا شهود".

ص: 511

شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ

(1)

". [طرفه: 1367، أخرجه: م 949، ق 1491، تحفة: 294].

2643 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(2)

، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ

(3)

، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ

(4)

، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ

(5)

قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا

(6)

، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ فَمَرَّتْ جِنَازَةٌ فَأُثْنِيَ خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ خَيْرًا، فَقَالَ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ، فَقُلْتُ

(7)

: وَمَا وَجَبَتْ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِّينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ"، قُلْنَا: وَثَلَاثَةٌ؟ قَالَ: "وَثَلَاثَةٌ"، قُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: "وَاثْنَانِ"، ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ. [راجع: 1368].

"وَمَا وَجَبَتْ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي نـ:"مَا وَجَبَتْ". "قُلْنَا: وَاثْنَانِ" في نـ: "قُلْتُ: وَاثْنَانِ".

===

(1)

مرّ بيانه (برقم: 1367).

(2)

"موسى بن إسماعيل" التبوذكي.

(3)

"داود بن أبي الفرات" اسمه عمرو الكندي.

(4)

"عبد الله بن بريدة" ابن الحصيب الأسلمي، أبو سهل المروزي.

(5)

"أبي الأسود" ظالم بن عمرو بن سفيان الديلي.

(6)

أي: سريعًا أو واسعًا، "خ".

(7)

القائل هو أبو الأسود، "قس"(6/ 91).

ص: 512

‌7 - بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الأَنْسَابِ

(1)

وَالرَّضَاعِ الْمُسْتَفِيضِ وَالْمَوْتِ الْقَدِيمِ

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ

(2)

". وَالتَّثَبُّتِ فِيهِ.

2644 -

حَدَّثَنَا آدَمُ

(3)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(4)

، ثَنَا الْحَكَمُ

(5)

، عَنْ عِرَاكِ بْنِ

===

(1)

قوله: (باب الشهادة على الأنساب

) إلخ، قال في "الفتح" (5/ 254): هذه الترجمة معقودة لشهادة الاستفاضة، وذكر منها النسب والرضاعة والموت القديم، فأما النسب فيستفاد من أحاديث الرضاعة فإنه من لازِمِه، وقد نقل فيه الإجماع. وأما الرضاعة فيستفاد ثبوتها بالاستفاضة من أحاديث الباب، فإنها كانت في الجاهلية وكان ذلك مستفيضًا عند من وقع له. وأما الموت القديم فيستفاد حكمه بالإلحاق، قاله ابن المنير. قوله:"والتثبت فيه" هو بقية الترجمة، وكأنه أشار إلى قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة:"انظُرْن مَنْ إخوانُكن من الرضاعة"، ثم أورد المصنف فيه أربعة أحاديث، وسيأتي الكلام عليها جميعًا في "الرضاع" آخر "النكاح" [برقم: 5101]، "فتح الباري"(5/ 254)، قال ابن بطال: مقصود هذا الباب: أن ما صحّ من الأنساب والموت والرضاع بالاستفاضة وثبت في النفوس، لا يُحتاج فيه إلى معرفة الشهود، ولا إلى عددهم، "خ" (2/ 246) [انظر:"الكرماني"(11/ 168)].

(2)

مصغّرًا لثوبة بالمثلثة ثم الموحدة: مولاة أبي لهب، أرضعت أولًا حمزة، وثانيًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثالثًا أبا سلمة، واختلف في إسلامها، "ك"(11/ 166).

(3)

"آدم" هو ابن أبي إياس.

(4)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

(5)

"الحكم" ابن عتيبة مصغّرًا، أبو محمد الكندي الكوفي.

ص: 513

مَالِكٍ

(1)

، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ

(2)

فَلَمْ آذَنْ لَهُ، فَقَالَ: أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّكِ؟ فَقُلْتُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي

(3)

بِلَبَنِ أَخِى. فَقَالَتْ: سَأَلْتُ

(4)

ذَلِكَ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقَالَ: "صَدَقَ أَفْلَحُ، ائْذَنِي لَهُ". [أطرافه: 4796، 5103، 5111، 5239، 6156، أخرجه: م 1445، س 3301، تحفة: 16369].

2645 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

(5)

، ثَنَا هَمَّامٌ

(6)

، ثَنَا قَتَادَةُ

(7)

، عَنْ جَابِر بْنِ زَيْدٍ

(8)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(9)

فِي بنْتِ حَمْزَةَ

(10)

: "لَا تَحِلُّ لِي،

"بِنْتِ" في نـ: "ابْنَةِ" في الموضعين. [قلتُ: أما الموضع الثاني فهو لأبي ذر كما في "قس" (6/ 93)].

===

(1)

الغفاري.

(2)

"أفلح" هو أبو الجعد أخو أبي القعيس -كما قال الدارَقُطني- وائِلٍ الأشعري.

(3)

وائل، "قس"(6/ 92).

(4)

فيه الترجمة؛ لأن هذا هو التثبت في أمر الرضاعة، كذا في "العيني"(9/ 485).

(5)

الفراهيدي، "قس"(6/ 92).

(6)

"همام" ابن يحيى العَوْذي البصري.

(7)

"قتادة" ابن دعامة السدوسي.

(8)

"جابر بن زيد" الأزدي أبو الشعثاء البصري.

(9)

لما قاله عليُّ رضي الله عنه، "قس"(6/ 92).

(10)

"في بنت حمزة" ابن عبد المطلب عمه صلى الله عليه وسلم وأخيه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، "قس"(6/ 93).

ص: 514

يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

(1)

، هِيَ بِنْتُ أَخِي

(2)

مِنَ الرَّضَاعَةِ". [طرفه: 5100، أخرجه: م 1447، س 3306، ق 1938، تحفة: 5378].

2646 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(3)

، أَنَا مَالِكٌ

(4)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ

(5)

، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(6)

: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَتْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصةَ

(7)

، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أُرَاهُ

(8)

فُلَانًا"، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا

"مِنَ الرَّضَاعَةِ" كذا في ذ، وفي نـ:"مِنَ الرِّضَاعِ". "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ" في ذ: "أَنَّ النَّبِيَّ". "قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ" في نـ: "فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ"، وفي أخرى:"قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ".

===

(1)

تفصيله في كتب الفقه.

(2)

حمزة.

(3)

هو التنيسي.

(4)

الإمام، "قس"(6/ 93).

(5)

"عبد الله بن أبي بكر" اسم جده محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني.

(6)

"عمرة بنت عبد الرحمن" ابن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية.

(7)

"حفصة" بنت عمر بن الخطاب.

(8)

أي: أظنه.

ص: 515

-لِعَمِّهَا

(1)

مِنَ الرَّضَاعَةِ- دَخَلَ عَلَيَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ". [طرفاه: 3105، 5099، أخرجه: م 1444، س 3313، تحفة: 17900].

2647 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ

(2)

، أَنَا سُفْيَانُ

(3)

، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ

(4)

، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ

(5)

أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي رَجُلٌ، فَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا؟ " قُلْتُ: أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَ: "يَا عَائِشَةُ، انْظُرْنَ

(6)

مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ". تَابَعَهُ ابْنُ مَهْدِيِّ

(7)

عَنْ سُفْيَانَ. [طرفه: 5102، أخرجه: م 1455، د 2058، س 3312، ق 1945، تحفة: 17658].

"فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ: يَا عَائِشَةُ".

===

(1)

هو غير العم المذكور، أعني: أفلح، "الخير الجاري".

(2)

"محمد بن كثير" هو عبد الله العبدي البصري.

(3)

"سفيان" هو الثوري.

(4)

"أشعث بن أبي الشعثاء" يروي "عن أبيه" أبي الشعثاء سليم بن الأسود.

(5)

"مسروق" هو ابن الأجدع.

(6)

قوله: (انظُرْنَ) النظر هنا بمعنى التفكر والتأمل. قوله: "مَنْ إخوانكن؟ " كلمة "من" استفهامية. قوله: "فإنما الرضاعة" تعليل للبعث والحثِّ على إمعان النظر، أي ليس كل امرأة رضعت من لبن أم رجل يصير به ذلك الرجل أخًا لها، بل لا بد أن يكون في مدة الرضاع، "من المجاعة" بفتح الميم أي الجوع، فإن اللبن للصغير بمنزلة الطعام للكبير، "ك"(11/ 168)، "خ"(2/ 247).

(7)

قوله: (تابعه ابن مهدي) أي أن عبد الرحمن بن مهدي روى حديث

ص: 516

‌8 - بَابُ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 4 - 5]. وَجَلَدَ عُمَرُ

(1)

أَبَا بَكْرَةَ

(2)

وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ

"تَعَالَى" في ذ: "عز وجل".

===

عائشة "عن سفيان" بإسناده كما رواه محمد بن كثير، قاله في "الفتح" (5/ 254). قال الكرماني (11/ 168): فإن قلت: ليس في الأحاديث ذكر الموت فكيف دلّ على الترجمة؟ قلت: بالقياس على الرضاع، انتهى.

(1)

"وجلد عمر" ابن الخطاب، فيما وصله الشافعي [في "الأم" (7/ 41). انظر "عمدة القاري" (9/ 493)].

(2)

قوله: (وجلد عمر أبا بكرة) هو نفيع -مصغّر النفع- ابن الحارث بن كلدة بالكاف واللام والمهملة المفتوحات، "وشبل" بكسر المعجمة وسكون الموحدة، "ابن معبد" بفتح الميم والموحدة البجلي

(1)

أخو أبي بكرة لأمه. قوله: "نافعًا" هو ابن الحارث، أخو أبي بكرة لأبيه وأمه، والثلاثة الإخوة صحابيون شهدوا مع أخ آخر لأبي بكرة لأمه اسمه زياد، وقال زياد: رأيت منظرًا قبيحًا، وما أدري أخالطها أم لا؟ وفي رواية: رأيتهما في لحاف، على المغيرة بن شعبة الثقفي بالزنا لكن لم يجزم زياد بالشهادة

(2)

بحقيقة الزنا، فلم يحدّ المغيرة، وجلد الثلاثة، واسم أمهم سمية بضم المهملة وفتح الميم وشدة التحتية، وزياد ليس له صحبة ولا رواية وكان من دهاة العرب

(3)

وفصحائهم، مات سنة ثلاث وخمسين، كذا في "الكرماني"(11/ 168) و"الخير الجاري"(2/ 247).

(1)

في الأصل: "العجلي".

(2)

في الأصل: "الشهادة".

(3)

في الأصل: "زهاد العرب".

ص: 517

وَنَافِعًا بِقَذْفِ الْمُغِيرَةِ ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ، وَقَالَ: مَنْ تَابَ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ. وَأَجَازَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ

(1)

وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

(2)

وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ

(3)

وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ

(4)

وَالشَّعْبِيُّ

(5)

وَعِكْرِمَةُ

(6)

وَالزُّهْرِيُّ

(7)

وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ

(8)

وَشُرَيْحٌ

(9)

وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ

(10)

.

وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ

(11)

: الأَمْرُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ

(12)

إِذَا رَجَعَ الْقَاذِفُ

===

(1)

" وأجازه عبد الله بن عتبة" ابن مسعود، فيما وصله الطبري [(9/ 267، رقم: 25800)].

(2)

"وعمر بن عبد العزيز" الخليفة المشهور، فيما وصله الطبري أيضًا [(9/ 267، رقم: 25798)].

(3)

"وسعيد بن جبير" التابعي المشهور، فيما وصله الطبري أيضًا [(9/ 267، رقم: 25797)].

(4)

ابن جبر، فيما وصله عنهما سعيد بن منصور، "قس"(6/ 97).

(5)

"والشعبي" هو عامر بن شراحيل، فيما وصله الطبري من طريق ابن أبي خالد عنه [(9/ 266، رقم: 25788)].

(6)

"وعكرمة" مولى ابن عباس، فيما وصله البغوي في "الجعديات".

(7)

"والزهري" محمد بن مسلم بن شهاب، فيما وصله ابن جرير عنه [(9/ 266، رقم: 25781)].

(8)

"ومحارب بن دثار" الكوفي قاضيها.

(9)

"وشريح" القاضي.

(10)

"ومعاوية بن قُرّة" ابن إياس البصري.

(11)

بخفة النون، اسمه: عبد الله بن ذكوان، فيما وصله سعيد بن منصور، "قس"(6/ 97).

(12)

الطيبة، "قس"(6/ 97).

ص: 518

عَنْ قَوْلِهِ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ

(1)

: إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ

(2)

: إِذَا جُلِدَ الْعَبْدُ ثُمَّ أُعْتِقَ، جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِذَا اسْتُقْضِيَ الْمَحْدُودُ فَقَضَايَاهُ جَائِزَةٌ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ

(3)

: لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ وَإِنْ تَابَ، ثُمَّ قَالَ: لَا يَجُوزُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ جَازَ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ لَمْ يَجُزْ. وَأَجَازَ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ وَالْعَبْدِ

"شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ وَالْعَبْدِ" في نـ: "شَهَادَةَ الْعَبْدِ وَالْمَحْدُودِ".

===

(1)

" قال الشعبي" المذكور "وقتادة" ابن دعامة فيما وصله الطبري عنهما [(9/ 266، رقم: 25786، 25787، 25792)].

(2)

هو سفيان، فيما هو في "جامعه"، "قس"(6/ 98).

(3)

قوله: (وقال بعض الناس

) إلخ، أراد به الحنفية، وغرضه أنه تناقُضٌ في كلامهم بوجوه: حيث لا يجوِّزون شهادة القاذف وصحَّحوا النكاح بشهادته، وحيث جوّزوا شهادة المحدود ولم يجوِّزوا شهادة العبد، مع أنهما ناقصان عندهم، وحيث خصّص شهادة الهلال من بين سائر الشهادات، ولهم من ذلك مخلص واسع، أما المحدود في القذف فلا تقبل شهادته وإن تاب؛ بقوله تعالى:{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4]؛ ولأنه من تمام الحد لكونه مانعًا، فيبقى بعد التوبة كأصله، بخلاف المحدود في غير القذف؛ لأن الردَّ للفسق، وقد ارتفع بالتوبة، قال الشافعي رحمه الله: تقبل إذا تاب؛ لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} استثنى التائب، قلنا: الاستثناء ينصرف إلى ما يليه، وهو قوله تعالى:{وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} أو هو استثناء منقطع بمعنى لكن، قاله في "الهداية

(1)

" (2/ 121).

(1)

في الأصل: "قوله في الهداية".

ص: 519

وَالأَمَةِ لِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ. وَكَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ

(1)

، وَقَدْ نَفَى

===

أما جواز النكاح بشهادة المحدودين في القذف: فلأنهم من أهل الولاية، فيكونون من أهل الشهادة وإن لم يكونوا ممن تقبل شهادته عند الأداء بالنهي لجريمتهم، فإنّ انعقاد النكاح يتوقّف على حضور الشاهدين لا على كونهما مقبولي الشهادة عند الأداء.

وأما العبد: فلا تجوز شهادته؛ لأن الشهادة من باب الولاية، وهو لا يلي نفسه، فأولى أن لا تثبت له الولاية على غيره، بخلاف المحدود فإنه من أهل الولاية، كما مرّ، وقد عرفت أنه إذا استقضى المحدود قُبِلت قضاياه، وأما قبول شهادة العبد والأمة والمحدود في الهلال لرمضان: فلأنهم

(1)

من باب الإخبار، ولهذا لا تختص بلفظ الشهادة، كما قال في "الدرّ" (2/ 423) [وانظر أيضًا "رد المحتار" (7/ 355)]: وقُبِل بلا دعوى، وبلا لفظ أشهد، وبلا حكم ومجلس قضاء؛ لأنه خبر لا شهادة، انتهى.

(1)

قوله: (وكيف تُعْرَف توبته) عطف على أول الترجمة، وكثيرًا ما يفعل البخاري مثله؛ يُردِف ترجمة على ترجمة وإن بَعُدَ ما بينهما. قوله "نفى" أي عن البلد، أي غَرّبه، قوله:"عن كلام كعب بن مالك وصاحبيه" أي مرارة بن الربيع وهلال بن أمية؛ الثلاثةِ الذين خُلِّفوا.

فإن قلت: ما وجه تعلُّق قصتهم بالباب؟ قلت: تخلّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، والتخلف عنه بغير إذنه معصية كالسرقة، قال ابن بطال: استدلّ البخاري على أنه لا حاجة في التوبة إلى إكذاب نفسه بأنه لم يشترط ذلك على الزاني في مدة التغريب، ولا على كعب وصاحبيه في الخمسين، وبحديث عائشة على أن السارق إذا تاب وحسُنَ حاله قُبِلت شهادته، وبحديث زيد أنه صلى الله عليه وسلم لم يشترط على الزاني بعد الجلد والتغريب أن لا تقبل شهادته،

(1)

في الأصل: "فلأنهما".

ص: 520

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(1)

الزَّانِيَ سنَةً. وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلَامِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ حَتَّى مَضَى خَمْسُونَ لَيْلَةً

(2)

.

2648 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(3)

، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ

(4)

، عَنْ يُونُسَ

(5)

. ح وَقَالَ اللَّيْثُ

(6)

: ثَنِي يُونُسُ

(7)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(8)

، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

(9)

: أَنَّ امْرَأَةً

(10)

سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

"وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلَامِ" في ذ: "وَنَهَى عَنْ كَلَامِ".

===

ولو كان ذلك شرطًا لَذَكَره. قال شارح "التراجم": "وكيف تُعْرَف توبته" إشارة إلى أنها تُعْرَف بالقرائن، وفي قصة كعب دليل عليه فإنه لم يعرف توبته إلا بعد مدة، وأما مطابقة حديث السارقة للترجمة فبقولها:"حسنت توبتها"، وأما مطابقة حديث الزاني فلأنه صلى الله عليه وسلم قال في قصة ماعز:"التوبة حصلت بالحدّ" وهذا مثله، هذا كله في "الكرماني"(11/ 170 - 171).

(1)

فيما يأتي موصولًا عن قريب [برقم: 2649]، "قس"(6/ 98).

(2)

كما يأتي موصولًا في "غزوة تبوك"[برقم: 4418]، "قس"(6/ 98).

(3)

"إسماعيل" هو ابن أبي أويس.

(4)

"ابن وهب" هو عبد الله القرشي مولاهم، أبو محمد المصري.

(5)

"يونس" ابن يزيد الأيلي.

(6)

ابن سعد الإمام، فيما وصله أبو داود [ح: 4373]، "قس"(6/ 99).

(7)

الأيلي، "قس"(6/ 99).

(8)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(9)

ابن العوام.

(10)

"امرأة" هي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد المخزومية.

ص: 521

ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [أطرافه: 3475، 3732، 3733، 4304، 6787، 6788، 6800، أخرجه: م 1688، د 4396، س 4902، تحفة: 16694].

2649 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(1)

، ثَنِي اللَّيْثُ

(2)

، عَنْ عُقَيْلٍ

(3)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(5)

، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ

(6)

، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ أَمَرَ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ

(7)

بِجَلْدِ مِائَةٍ وَتَغْرِيبِ عَامٍ. [راجع: 2314].

‌9 - بَابٌ

(8)

لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ جَوْرٍ إِذَا أُشْهِدَ

(9)

"بها" ثبت في هـ، ذ.

===

(1)

" يحيى بن بكير" هو ابن عبد الله "بن بكير" المخزومي.

(2)

ابن سعد الإمام.

(3)

"عقيل" هو ابن خالد الأيلي.

(4)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(5)

ابن عتبة بن مسعود، "قس"(6/ 99).

(6)

"زيد بن خالد" الجهني المدني.

(7)

بفتح الصاد وكسرها، "ك"(11/ 171).

(8)

بالتنوين، "قس"(6/ 100).

(9)

قوله: (باب لا يشهد على شهادة جور إذا أُشْهد) ذكر فيه حديث النعمان، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تُشهدني على جور" ومضى الكلام عليه أي في "الهبة" في (ح: 2587)، "فتح"(5/ 259).

ص: 522

2650 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ

(1)

، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ

(2)

، أَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ

(3)

، عَنِ الشَّعْبِيِّ

(4)

، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ

(5)

قَالَ: سَأَلَتْ أُمِّي

(6)

أَبِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِي مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِي، فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَنَا غُلَامٌ، فَأَتَى بِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْنِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِهَذَا، فَقَالَ:"أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأُرَاهُ قَالَ: "لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ". وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ

(7)

عَنِ الشَّعْبِيِّ: "لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ". [راجع: 2586، أخرجه: م 1632، د 3542، س 3680، ق 2375، تحفة: 11625].

2651 -

حَدَّثَنَا آدَمُ

(8)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(9)

، ثَنَا أَبُو جَمْرَةَ

(10)

قَالَ:

"فَقَالَ: أَلَكَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ: أَلَكَ".

===

(1)

" عبدان" هو عبد الله بن عثمان المروزي.

(2)

"عبد الله" ابن المبارك المروزي.

(3)

"أبو حَيّان" هو يحيى بن سعيد التيمي الكوفي.

(4)

"الشعبي" تقدم.

(5)

رضي الله عنه، "قس"(6/ 100).

(6)

عمرة بنت رَوَاحة، "قس"(6/ 100).

(7)

"وقال أبو حَريز" هو عبد الله بن الحسين الأزدي قاضي سجستان، فيما وصله ابن حبان في "صحيحه" [حِ: 5107] والطبراني عن الشعبي.

(8)

"آدم" ابن أبي إياس العسقلاني.

(9)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

(10)

"أبو جمرة" بالجيم والراء: نصر بن عمران الضبعي.

ص: 523

سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ

(1)

قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ

(2)

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي

(3)

، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ". قَالَ عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَعْدَكُمْ

(4)

قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ،

"بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً" في سـ، حـ، ذ:"بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً". "إنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا"فى سفـ، بو:"إنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ".

===

(1)

" زَهْدَم بن مُضَرِّب" الجرمي البصري.

(2)

الخزاعي، "قس"(6/ 101).

(3)

قوله: (قرني) القرن: أهل زمان واحد متقارب أُشركوا في أمر من الأمور المقصودة، وقد يطلق على طائفة من الزمان، واختلفوا في تحديده، فقرنُه صلى الله عليه وسلم هم الصحابة، وكانت مدتهم من المبعث إلى آخر من مات منهم مئة وعشرين سنة، وقرن التابعين من سنة مئة إلى نحو سبعين، وقرن أتباع التابعين مِنْ ثَمَّ إلى حدود العشرين ومائتين، وفي هذا الوقت ظهرت البدع ظهورًا فاشيًا، وأطلقت المعتزلة ألسنتهم، ورفعت الفلاسفة رؤوسهم، [وامتحن أهل العلم ليقولوا بخلق القرآن] وتغيَّرت الأحوال تغيرًا شديدًا، ولم يزل الأمر في نقص إلى الآن، وظهر مصداق قوله صلى الله عليه وسلم:"ثم يفشو الكذب"، كذا ذكره السيوطي [انظر:"التوشيح"(3/ 490)]، قاله في "اللمعات".

(4)

قوله: (إنّ بعدكم) أي بعد هذه القرون الممدوحة "قومًا" بالنصب، وفي بعضها:"قوم"، فلعله منصوب لكنه كتب بدون الألف على اللغة الربيعية

(1)

، أو ضمير الشأن محذوف على ضعف، كذا في "الكرماني"(11/ 172)، أو هو فاعل لفعل مضمر؛ أي: يجيء قوم، كما في "العيني"(9/ 500، 11/ 383). قوله: "لا يؤتَمَنُون" أي لا يثق الناس بهم ولا يعتقدونهم أمناء، أي: يكون لهم خيانة ظاهرة.

(1)

في الأصل: "الربعية".

ص: 524

وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ

(1)

، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ

(2)

، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ

(3)

". [أطرافه: 3650، 6428، 6695، أخرجه: م 2535، س 3809، تحفة: 10827].

===

(1)

قوله: (ويشهدون ولا يُسْتَشْهَدون) يحتمل أن يراد: يتحمّلون

(1)

الشهادة بدون التحميل، أو يؤدون الشهادة بدون طلب الأداء، كذا في "الكرماني"(11/ 172) و"الفتح"(5/ 259)، وقد ورد "خير الشهود من يأتي بالشهادة قبل أن يُسأل" رواه "مسلم" (ح: 1719)، قال في "اللمعات": فقيل في الجمع بينهما: إن الذمَّ في حقِّ من يُعْلَم كونه شاهدًا فليشهد قبل أن يَسأَلَها صاحبُها، والمدح فيمن لا تُعْلم شهادته، فيخبر أنه شاهد، حتى يُسْتَشْهد عند القاضي، وقيل: هي الأمانة والوديعة وما لا يعلمه غيره، وقيل: هو مثل في سرعة إجابته إذا استُشْهد، ومبالغة في أدائها بعد طلبها، نحو: الجوّاد يعطي قبل سؤاله، والذمّ محمول على من ليس بأهل لها، أو على شهادة الزور، وقيل: المدح محمول على شهادة الحُشبة كالطلاق والعتاق، وقيل: أراد بالشهادة المذمومة التألِّي على الله، نحو: فلان في الجنة، وفلان في النار.

(2)

من الوفاء.

(3)

قوله: (ويظهر فيهم السِّمَن) بكسر السين وفتح الميم، معناه: ليس لهم إلّا كثرة الأكل والانهماك في اللذات، فلا رغبة لهم في الآخرة لغلبة شهوات الدنيا، كذا في "الكرماني"(11/ 173) وغيره، قال العيني (9/ 499): والمطابقة تؤخذ من قوله: "يشهدون ولا يُسْتَشْهدون"؛ لأن الشهادة قبل الاستشهاد فيها معنى الجور

(2)

، انتهى.

(1)

في الأصل: "يحتملون".

(2)

في الأصل: "قبل الإشهاد فيه معنى الجور".

ص: 525

2652 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ

(1)

، أَنَا سُفْيَانُ

(2)

، عَنْ مَنْصُورٍ

(3)

، عَنْ إِبْرَاهِيمَ

(4)

، عَنْ عَبِيدَةَ

(5)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

(6)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ

(7)

أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ". قَالَ إِبْرَاهِيمُ

(8)

: وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ. [أطرافه: 3651، 6429، 6658، أخرجه: م 2533، ت 3859، س في الكبرى 6031، ق 2362، تحفة: 9403].

===

(1)

" محمد بن كثير" العبدي البصري.

(2)

"سفيان" ابن سعيد الثوري.

(3)

"منصور" هو ابن المعتمر الكوفي.

(4)

"إبراهيم" ابن يزيد النخعي.

(5)

"عبيدة" بفتح العين السلماني.

(6)

ابن مسعود، "قس"(6/ 102).

(7)

قوله: (تسبق شهادة

) إلخ، كناية عن سرعة الإقدام على الشهادة واليمين وحرصِ الرجل عليهما حتى لا يدري بأيهما يبتدئ، فيبدأ باليمين مرة وبالشهادة أخرى، فيسبق أحدُهما الآخرَ من قِلّة مبالاته بالدِّين، واحتجّ به المالكية في ردِّ شهادة من يحلف معها بدون التحليف، "خ"(2/ 249)، [وانظر "شرح الكرماني" (11/ 173)].

(8)

قوله: (قال إبراهيم) أي النخعي بالإسناد المذكور: "كانوا يضربوننا" ونحن غلمان أن نحلف بالشهادة والعهد بأن نقول: نشهد بالله، وعلى عهد الله حتى لا يكون عادة لنا، "خ"(2/ 249)، [وانظر "شرح الكرماني" (11/ 173)].

ص: 526

‌10 - بَابُ مَا قِيلَ فِي شَهَادَة الزُّورِ

(1)

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72]. وَكِتْمَانِ الشَّهَادَةِ وَقَولِهِ: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283]. تَلْوُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ.

2653 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ

(2)

، سَمِعَ وَهْبَ بْنَ جَريرٍ

(3)

وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ

(4)

قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ

(5)

، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ

(6)

، عَنْ أَنَسٍ

(7)

قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عنِ الْكَبَائِرِ،

"لِقَوْلِهِ تَعَالَى" في شحج، ذ:"لِقَولِ اللَّهِ تَعَالَى"، وفي ذ أيضًا:"لِقَوْلِهِ عز وجل". "وَقَولِهِ" في نـ: "لِقَولِهِ".

===

(1)

قوله: (في شهادة الزور) وهو وصف الشيء بخلاف صفته

(1)

، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق، والمراد به ههنا: الكذب. قوله: "تَلْوُوا ألسنتكم" من اللَّي، وهو إشارة إلى قوله تعالى:{وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} [النساء: 135]، أي: وإن تلووا ألسنتكم بالشهادة أو تعرضوا عن أدائها فإن الله يجازيكم عليه، "ك"(11/ 173).

(2)

"عبد الله بن منير" المروزي الزاهد.

(3)

"وهب بن جرير" هو ابن حازم الأزدي.

(4)

"عبد الملك بن إبراهيم" مولى بني الدار القرشي.

(5)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

(6)

ابن مالك، "قس"(6/ 104).

(7)

ابن مالك، "قس"(6/ 104).

(1)

في الأصل: "بخلاف صفة".

ص: 527

فَقَالَ: "الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ

(1)

، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ". تَابَعَهُ غُنْدُرٌ

(2)

وَأَبُو عَامِرٍ

(3)

وَبَهْزٌ

(4)

وَعَبْدُ الصَّمَدِ

(5)

، عَنْ شُعْبَةَ

(6)

. [طرفاه: 5977، 6871، أخرجه: م 88، ت 1207، س 4010، تحفة: 1077].

2654 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(7)

، ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ

(8)

، ثَنَا الْجُرَيْرِيُّ

(9)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ

(10)

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ " ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ

(11)

". وَجَلَسَ

(12)

===

(1)

من العقّ، وهو القطع، وهو كل فعل غير واجب يتأذّى به الوالدان، "ك"(11/ 174).

(2)

محمد بن جعفر.

(3)

عبد الملك بن عمرو، "قس"(6/ 104).

(4)

ابن أسد العمي، وصله أحمد [3/ 134]، "قس"(6/ 105).

(5)

ابن عبد الوارث، "قس"(6/ 105).

(6)

ابن الحجّاج المذكور.

(7)

"مسدد" هو ابن مسرهد الأسدي.

(8)

"بشر بن المفضل" ابن لاحق الرقاشي البصري.

(9)

بضم الجيم، هو سعيد بن إياس، "ف"(5/ 262).

(10)

أبي بكرة نُفيع بن الحارث الثقفي، "قس" (6/ 105) و"تقريب" (رقم: 7180).

(11)

من عقّ والده إذا آذاه، "مجمع"(3/ 647).

(12)

أي للاهتمام بهذا الأمر، وهو يفيد تأكيد تحريمه وعظم قبحه، وقولهم:"ليتَهُ سكت" إنما قالوه وتمنّوه شفقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكراهةً لما يزعجه، "ك"(11/ 175).

ص: 528

وَكَانَ مُتَّكِئًا

(1)

فَقَالَ: "أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ". فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثَنَا الْجُرَيْرِيُّ

(2)

، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ

(3)

. [أطرافه: 5976، 6273، 6274، 6919، أخرجه: م 87، ت 1901، تحفة: 11679].

‌11 - بَابُ شَهَادَةِ الأَعْمَى

(4)

وَأَمْرِهِ وَنِكَاحِهِ وَإِنْكَاحِهِ وَمُبَايَعَتِهِ وَقَبُولِهِ فِي التَّأْذِينِ وَغَيْرِهِ، وَمَا يُعْرَفُ بِالأَصْوَاتِ

"فَمَا زَالَ" في نـ: "قَالَ: فَمَا زَالَ".

===

(1)

قوله: (وكان متكئًا) يشعر بأنه اهتمّ حتى جلس بعد أن كان متكئًا. قال الكرماني (11/ 175): فإن قلت: الحديث لا يتعلّق

(1)

بكتمان الشهادة، وهو مذكور في الترجمة؟ قلت: عُلِم منه حكمه قياسًا عليه؛ لأن تحريم شهادة الزور لإبطال الحق، والكتمان أيضًا فيه إبطال له، كذا في "العيني"(9/ 507) و"الفتح"(5/ 263).

(2)

سعيد بن إياس، أبو مسعود البصري.

(3)

فيه صراحة بسماعه من عبد الرحمن.

(4)

قوله: (باب شهادة الأعمى

) إلخ، مال المصنف إلى إجازة شهادة الأعمى، فأشار إلى الاستدلال لذلك بما ذكر من جواز نكاحه ومبايعته وقبول تأذينه، وهو قول مالك والليث، سواء علم ذلك قبل العمى أو بعده، وفصّل الجمهور؛ فأجازوا ما تحمَّله قبل العمى لا بعده، وكذا ما يتنزّل فيه منزلة المبصر، كأن يشهده شخص بشيء ويتعلق هو به إلى أن يشهد به عليه، وعن الحكم: يجوز في الشيء اليسير دون الكثير، وقال أبو حنيفة ومحمد:

(1)

في الأصل: "فإن قلت: هذا يتعلق".

ص: 529

وَأَجَازَ شَهَادَتَهُ الْقَاسِمُ

(1)

وَالْحَسَنُ

(2)

وَابْنُ سِيرينَ

(3)

وَالزُّهْرِيُّ

(4)

وَعَطَاءٌ

(5)

.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ

(6)

: يَجُوزُ شَهَادَتُهُ إِذَا كَانَ عَاقِلًا. وَقَالَ الْحَكَمُ

(7)

:

"يَجُوزُ شَهَادَتُهُ" في نـ: "وَيَجُوزُ شَهَادَتُهُ".

===

لا تجوز شهادته بحال إلا فيما طريقه الاستفاضة، وليس في جميع ما استدل به المصنف دفع للمذهب المفصل إذ لا مانع من حمل المطلق على المقيد. قوله:"قال الشعبي: ويجوز شهادته إذا كان عاقلًا" ليس المراد به الاحتراز من الجنون؛ لأن ذاك أمر لا بد من الاحتراز منه، سواء كان أعمى أو بصيرًا، وإنما مراده أن يكون فطنًا مدركًا للأمور الدقيقة بالقرائن، ولا شكَّ في تفاوت الأشخاص في ذلك. قوله:"وقال الحكم: رُبّ شيء تجوز فيه" وصله ابن أبي شيبة [رقم: 21352] عنه بهذا، وكأنه توسّط بين المذهبين: الجوازِ والمنعِ، "فتح الباري"(5/ 264).

(1)

"أجاز شهادته القاسم" ابن محمد أحد الفقهاء السبعة، وصله سعيد بن منصور. [تغليق التعليق" (3/ 386)].

(2)

"والحسن" البصري.

(3)

"وابن سيرين" هو محمد، وصله ابن أبي شيبة عنهما [ح: 21350].

(4)

"الزهري" محمد بن مسلم، وصله ابن أبي شيبة أيضًا [ح: 21353].

(5)

"عطاء" هو ابن أبي رباح، وصله الأثرم. [تغليق التعليق" (3/ 387)].

(6)

"وقال الشعبي" هو عامر، وصله ابن أبي شيبة [ح: 21354].

(7)

"وقال الحكم" هو ابن عيينة، وصله ابن أبي شيبة أيضًا [ح: 21352].

ص: 530

رُبَّ شَيْءٍ تَجُوزُ فِيهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ

(1)

: أَرَأَيْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةٍ أَكُنْتَ تَرُدُّهُ

(2)

؟. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ

(3)

يَبْعَثُ رَجُلًا إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ أَفْطَرَ، وَيَسْأَلُ عَنِ الْفَجْرِ، فَإِذَا قِيلَ: طَلَعَ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ

(4)

: اسْتَأْذَنْتُ

(5)

عَلَى عَائِشَةَ فَعَرَفَتْ صَوْتِي، قَالَتْ: سُلَيْمَانُ؟ ادْخُلْ فَإِنَّكَ مَمْلُوكٌ

(6)

مَا بَقِيَ عَلَيْكَ

"فَإذَا قِيلَ: طَلَعَ" في نـ: "فَإذَا قِيلَ لَهُ: طَلَعَ". "قَالَتْ: سُلَيْمَانُ" في ذ: "فَقَالَتْ: سُلَيْمَانُ".

===

(1)

" وقال الزهري" المذكور، فيما وصله الكرابيسي.

(2)

قوله: (أكنتَ تردّه؟) يعني: لا تردّه، مع أن ابن عباس كان أعمى، وكان ابن عباس يبعث رجلًا يتفحّص عن غيبوبة الشمس، فإذا أخبره بالغيبوبة أفطر.

فإن قلت: ما وجه تعلقه بالترجمة؟ قلت: بيان قبول الأعمى قولَ الغير في الغروب والطلوع، أو بيان أمر الأعمى غيره. قوله:"فعرفَتْ صوتي" فيه الترجمة. قوله: "ادخل فإنك مملوك" قال الكرماني (11/ 176): فإن قلت: هذا مشكل؛ لأنه كان مكاتَبًا لميمونة لا لعائشة؟ قلت: لا بدّ من تأويل "على" بمعنى "مِنْ" أي استأذنت من عائشة بالدخول على ميمونة فقالت: ادخل عليها، أو لعل مذهبها أن النظر حلال إلى العبد، سواء كان مملوكًا لها أو لغيرها، انتهى. ولا يخفى أن الدخول لا يستلزم النظر، كذا في "الخير الجاري"(2/ 250).

(3)

"وكان ابن عباس" فيما وصله عبد الرزاق [ح: 7597].

(4)

أبو أيوب، "قس"(6/ 107).

(5)

في الدخول، "قس"(6/ 107).

(6)

وكان مكاتبًا لأم المؤمنين ميمونة، فيه: أن عائشة كانت لا ترى الاحتجاب [من العبد]؛ كان في ملكها أو في ملك غيرها، "قس"(6/ 107).

ص: 531

شَيْءٌ. وَأَجَازَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ

(1)

مُنْتَقِبَةٍ.

2655 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ

(2)

، ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ

(3)

، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ

(4)

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا

(5)

يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: "رحمه الله، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهُنَّ

(6)

مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا".

"مُنْتَقِبَةٍ" في ذ: "مُتَنَقّبةٍ". "كَذَا آيَةً" في نـ: "كَذَا وَكَذَا آيَةً". سقط "كذا" الثانية لأبي ذر، "قس"(6/ 107).

===

(1)

لم أقف على اسمها، ["قس" (6/ 107)].

(2)

"محمد بن عبيد بن ميمون" القرشي التيمي مولاهم.

(3)

"عيسى بن يونس" ابن أبي إسحاق السبيعي.

(4)

"هشام عن أبيه" عروة بن الزبير بن العوام.

(5)

هو عبد الله بن يزيد الأنصاري، "قس"(6/ 108).

(6)

قوله: (لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتُهن) أي: نسيتُهن، فيه جواز النسيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قد بلَّغه إلى الأمة، كذا في "الكرماني" (11/ 177). قوله:"فسمع صوت عبّاد" هو ابن بشر الأنصاري الصحابي، هو غير عبّاد الراوي عن عائشة، فإنه تابعي، وظاهر الحال أن المبهم في الرواية التي قبل هذه هو المفسّر

(1)

في هذه الرواية؛ لأن مقتضى قوله: "زاد" أن يكون المزيد فيه والمزيد عليه حديثًا واحدًا، لكن جزم عبد الغني بن سعيد في "المبهمات" بأن المبهم في رواية هشام عن أبيه عن عائشة، هو: عبد الله بن يزيد الأنصاري، فروى من طريق عمرة عن عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوت قارئ يقرأ، فقال: صوت من هذا؟

(1)

في الأصل: "قبل هو هذا المفسر".

ص: 532

وَزَادَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(1)

، عَنْ عَائِشَةَ: تَهَجَّدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ

(2)

يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ، أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:"اللهمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا". [أطرافه: 5037، 5038، 5042، 6335، تحفة: 17136، 16183].

2656 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(3)

، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ

(4)

، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ

(5)

، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(6)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا

"أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ" في نـ: "أَنَا ابْنُ شِهَابٍ".

===

قالوا: عبد الله بن يزيد، قال: رحمه الله تعالى! لقد أذكرني آية كنت أنسيتها" [أخرجه أحمد، ح: 25113]، قال في "الفتح" (5/ 265): المطابقة للترجمة من كونه عليه الصلاة والسلام اعتمد على صوت القارئ من غير الرؤية، كذا في "القسطلاني" (6/ 109) و"العيني" (9/ 511).

(1)

ابن الزبير بن العوام، وهو تابعي، "ف"(5/ 265)، "ك"(11/ 177).

(2)

هو ابن بِشر، وفي بعض النسخ "فسمع صوت عباد بن تميم"، وهو سهو، "ك"(11/ 177)، "ع"(9/ 510).

(3)

"مالك بن إسماعيل" ابن زياد بن درهم النهدي.

(4)

"عبد العزيز بن أبي سلمة" الماجشون المدني.

(5)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(6)

ابن عمر بن الخطاب.

ص: 533

وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ

(1)

-أو قَالَ: حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ-". وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى، لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ النَّاسُ: أَصْبَحْتَ

(2)

. [راجع: 617، تحفة: 6872].

2657 -

حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى

(3)

، ثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ

(4)

، ثَنَا أَيُّوبُ

(5)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

(6)

، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ

(7)

قَالَ: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَقْبِيَةٌ

(8)

، فَقَالَ لِي أَبِي مَخْرَمَةُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ عَسَى أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا، فَقَامَ أَبِي عَلَى الْبَابِ فَتَكَلَّمَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ قَبَاءٌ، وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ

(9)

،

"حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ" في نـ: "حَتَّى يُؤَذِّنَ". "فَخَرَجَ" في سـ، عسـ، ذ:"خَرَجَ".

===

(1)

عمرو، أو عبد الله بن قيس القرشي، "قس"(6/ 109).

(2)

مرّ الحديث (برقم: 617) في "الأذان"، ومطابقته للترجمة من حيث إنهم كانوا يعتمدون على صوت الأعمى، "ع"(9/ 510).

(3)

"زياد بن يحيى" ابن زياد أبو الخطاب البصري.

(4)

"حاتم بن وردان" أبو صالح البصري.

(5)

"أيوب" هو السختياني.

(6)

"عبد الله بن أبي مليكة" هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة.

(7)

الزهري، "قس"(6/ 110).

(8)

جمع قَباء، "ع"(9/ 423).

(9)

قوله: (وهو يريه محاسنه) أي يبيِّنُ محاسن ذلك الثوب، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم اعتمد على صوته قبل الخروج من غير أن يرى شخصه، وبه المطابقة للترجمة، "فتح"(5/ 266)، "ع"(9/ 511)، "خ" (2/ 251). ومرّ الحديث في "الهبة" (برقم: 2599).

ص: 534

وَهُوَ يَقُولَ: "خَبَأْتُ

(1)

هَذَا لَكَ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ". [راجع: 2599].

‌12 - بَابُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ

وقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ

(2)

} [البقرة: 282]

===

(1)

أي: أخفيتُ.

(2)

قوله: (باب شهادة النساء، وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}) ذكر هذه القطعة من الآية؛ لأنها تدلّ على جواز شهادة النساء مع الرجال، وقال ابن بطال رحمه الله: أجمع أكثر العلماء على أن شهادتهن لا تجوز في الحدود والقصاص، وهو قول ابن المسيب والنخعي والشعبي والحسن والزهري وربيعة ومالك والليث والكوفيين والشافعي وأبي ثور، واختلفوا في الرضاع والطلاق والعتق والنسب والولاء، فذهب ربيعة ومالك والشافعي وأبو ثور إلى أنه لا يجوز في شيء من ذلك كلِّه مع الرجال، وأجاز شهادتهن في ذلك كلِّه مع الرجال الكوفيون، واتفقوا على أنه تجوز شهادتهن منفرداتٍ في الحيض والولادة والاستهلال وعيوب النساء [و] فيما لا يطلع عليه الرجال من عوراتهن للضرورة، واختلفوا في الرضاع

(1)

فمنهم من أجاز شهادتهن منفردات، ومنهم من أجازها مع الرجال، هذا ما قاله العيني (9/ 512).

وفي "الفتح"(5/ 266) نحوه، وفيه: وقد اختلفوا فيما يطلع عليه الرجال، هل يكفي فيه قول المرأة وحدها أم لا؟ فعند الجمهور لا بدّ من أربع، وعن مالك وابن أبي ليلى: يكفي شهادة اثنتين، وعن الشعبي والثوري: تجوز شهادتها وحدها في ذلك، وهو قول الحنفية، ثم ذكر المصنف حديث أبي سعيد مختصرًا، وقد مضى بتمامه في "الحيض" (برقم: 304)، والغرض منه قوله صلى الله عليه وسلم:"أليس شهادةُ المرأة نصفَ شهادة الرجل؟ "، انتهى.

(1)

في الأصل: "في النكاح".

ص: 535

2658 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ

(1)

، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ

(2)

، أَخْبَرَنِي زَيْدٌ

(3)

، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(4)

، عَن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ " قُلْنَ: بَلَى، قَالَ:"فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا". [راجع: 304].

‌13 - بَابُ شَهَادَةِ الإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ

(5)

وَقَالَ أَنَسٌ

(6)

: شَهَادَةُ الْعَبْدِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ عَدْلًا. وَأَجَازَهُ

"أَبِي سَعِيدٍ" زاد في نـ: "الْخُدْرِيِّ". "قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ: عَنِ النَّبِيِّ". "قُلْنَ: بَلَى" كذا في ذ، وفي نـ:"قُلْنَا: بَلَى".

===

(1)

" ابن أبي مريم" هو سعيد الجمحي.

(2)

"محمد بن جعفر" هو ابن أبى كثير.

(3)

"زيد" هو ابن أسلم العدوي.

(4)

"عياض بن عبد الله" ابن سعد بن أبي سرح القرشي العامري المكي.

(5)

قوله: (باب شهادة الإماء والعبيد) في حال الرِّقِّ، وللعلماء فيه ثلاثة أقوال، أحدها: جوازها مطلقًا كالحُرّ، وهو مروي عن علي رضي الله عنه كقول أنس رضي الله عنه وشريح، وبه يقول أحمد وإسحاق وأبو ثور. وثانيها: جوازها في الشيء التافه، روي عن الشعبي كقول الحسن والنخعي. وثالثها: لا يجوز في شيء أصلًا، روي هذا عن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، وهو قول عطاء ومكحول، وإليه ذهب الثوري والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة والشافعي، "ع"(9/ 513).

(6)

"وقال أنس" فيما وصله ابن أبي شيبة [برقم: 20275].

ص: 536

شُرَيْحٌ

(1)

وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى

(2)

. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ

(3)

: شَهَادَتُهُ

(4)

جَائِزَةٌ، إِلَّا الْعَبْدَ لِسَيِّدِهِ. وَأَجَازَهُ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ

(5)

فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ

(6)

. وَقَالَ شُرَيْحٌ

(7)

: كُلُّكُمْ بَنُو عَبِيدٍ وَإِمَاءٍ

(8)

.

"كُلُّكُمْ بَنُو عَبِيدٍ وَإمَاءٍ" في كن: "كُلُّكُمْ عَبِيدٍ وَإمَاءٍ".

===

(1)

" وأجازه شريح" القاضي فيما وصله ابن أبي شيبة [برقم: 20276، 20278] وسعيد بن منصور. ["تغليق التعليق" (3/ 389)].

(2)

قوله: (وزرارة) بضم الزاي وتخفيف الراء الأولى، العامري قاضي البصرة، تابعي، كذا ذكره ابن حبان في طبقة التابعين، وهو ابن أوفى، كذا وجدته في أكثر النسخ من البخاري والترمذي، وكذا هو في النسخ الموجودة عندي من بعض نسخ مسلم وأبي داود والنسائي و"المغني" وغيرها، وفي بعضها: ابن أبي أوفى، بزيادة لفظ "أبي"، والله أعلم بالصواب. [في "التوضيح" (16/ 551): وأثر زرارة جيد].

(3)

"وقال ابن سيرين" محمد، مما وصله عبد الله بن الإمام أحمد. ["تغليق التعليق" (3/ 389)].

(4)

العبد، "قس"(6/ 112).

(5)

"وأجازه الحسن" البصري "وإبراهيم" النخعي، فيما وصله ابن أبي شيبة عنهما ["تغليق التعليق" (3/ 389)].

(6)

أي: اليسير.

(7)

القاضي، فيما وصله ابن أبي شيبه أيضًا [ح: 20277].

(8)

قوله: (قال شريح: كلكم بنو عبيد وإماء) كذا للأكثر، ولابن السكن:"كلكم عبيد وإماء" وصله ابن أبي شيبة (ح: 20655) من طريق عمار الدهني

(1)

:

(1)

في الأصل: "عمار الذهبي".

ص: 537

2659 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ

(1)

، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ

(2)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

(3)

، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ

(4)

. ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(5)

، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ

(6)

، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ

(7)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، ثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ أَوْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ: أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ

(8)

، قَالَ: فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ

(9)

فَقَالَتْ: قَدْ

"عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ" في نـ: "سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ" في الموضعين.

===

"سمعت شريحًا شهد عنده عبد فأجاز شهادته، فقيل له: إنه عبد! فقال: كلّنا عبيد وأُمّنا حوّاء"، وأخرجه سعيد بن منصور من هذا الوجه نحوه بلفظ:"فقيل له: إنه عبد، فقال: كلكم بنو عبيد وإماء"، "فتح الباري"(5/ 267).

(1)

"أبو عاصم" هو الضحاك بن مخلد.

(2)

"ابن جريج" هو عبد الملك بن عبد العزيز.

(3)

"ابن أبي مليكة" هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، واسم أبي مليكة زهير التيمي المدني.

(4)

"عقبة بن الحارث" ابن عامر بن نوفل بن عبد مناف النوفلي المكي الصحابي.

(5)

المديني.

(6)

القطان، "قس"(6/ 113).

(7)

"ابن جريج" ومن بعده تقدموا الآن.

(8)

"أم يحيى بنت أبي إهاب" واسم أم يحيى غنية أو زينب.

(9)

لم تسمّ، "قس"(6/ 113).

ص: 538

أَرْضَعْتُكُمَا

(1)

، فَذَكَرْتُ

(2)

ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فأَعْرَضَ عَنِّي، قَالَ: فَتَنَحَّيْتُ

(3)

فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ:"وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا؟! " فَنَهَاهُ عَنْهَا. [راجع: 88].

‌14 - بَابُ شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ

2660 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ

(4)

، عَنْ عُمَرَ بْنِ سعِيدٍ

(5)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ

(6)

قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً

(7)

،

"أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا".

===

(1)

تعني عقبةَ والتي تزوَّجها، "قس"(6/ 113).

(2)

هذا مقولة عقبة، "قس"(6/ 113).

(3)

قوله: (فَتَنَحَّيت) أي: من ناحية إلى أخرى، قاله القسطلاني (6/ 113)، وفي بعضها:"فَتَحَيَّنْتُ" أي انتظرت وقت الكلام طالبًا للفرصة، كذا في "الكرماني"(11/ 179)، قال العيني (9/ 514): ومطابقته للترجمة من حيث إن الأَمَة المذكورة لو لم تكن شهادتها مقبولة ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بفراق امرأته بقول الأمة المذكورة، انتهى. وأجاب من منع شهادة الأمة أن النهي المذكور في الحديث يُحْمَل على الورع، وكذلك عند الجمهور شهادة المرضعة وحدها لا تُقْبل ولو كانت حُرّة، كما مرّ بيانه (برقم: 20520) في أوائل "كتاب البيوع".

(4)

"أبو عاصم" تقدم.

(5)

"عمر بن سعيد" ابن حسين النوفلي القرشي المكي.

(6)

"ابن أبي مليكة" و"عقبة بن الحارث" مرّا الآن.

(7)

هي أم يحيى كما سبق.

ص: 539

فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ دَعْهَا عَنْكَ" أَوْ نَحْوَهُ. [راجع: 88].

‌حَدِيتُ الإِفْكِ

(1)

‌15 - بَابُ تَعْدِيلِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا

2661 -

حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ

(2)

، وَأَفْهَمَنِي بَعْضَهُ

(3)

أَحْمَدُ

(4)

، ثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ

(5)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

(6)

وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

(7)

وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ

(8)

، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، قَالَ الزُّهْرِيُّ:

"فَأَتَيْتُ فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" في نـ: "فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم". "حَدِيثُ الإفْكِ" ثبت في ذ.

===

(1)

أي: الكذب، والزيادة لأبي ذر، "ع"(9/ 515).

(2)

"أبو الربيع سليمان بن داود" الزهراني العتكي.

(3)

فيه إشعار بأن أفهمه بعض المعاني ومقاصده لا لفظه، "ك"(11/ 180).

(4)

ابن عبد الله بن يونس، "ك"(11/ 180)، وقال بعضهم: إنه أحمد بن حنبل، كما في "القسطلاني"(6/ 117)، "خ".

(5)

"فليح بن سليمان" الخزاعي أو الأسلمي أبو يحيى.

(6)

ابن العوام، "قس"(6/ 117).

(7)

المخزومي.

(8)

ابن مسعود، "قس"(6/ 117).

ص: 540

وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً

(1)

مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتُ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، زَعَمُوا: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَمهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَأقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِ وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَتهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ

(2)

وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَّنَ

(3)

لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آَذَّنُوا

"فَأَيَّتُهُنَّ" في صـ: "فَأَيُّهُنَّ". "خَرَجَ بِهَا مَعَهُ" في سفـ، سـ، حـ، ذ:"أَخْرَجَ بِهَا مَعَهُ".

===

(1)

قوله: (طائفةً) أي بعضَها. قوله: "أوعى" أي أحفظ وأحسن إيرادًا أو سردًا للحديث. قوله: "وقد وعيت" بفتح العين المهملة، الحاصل أن جميع الحديث روي عن مجموعهم لا أن مجموعه عن كل واحد، كذا في "الخير الجاري" (2/ 252). قال الكرماني (11/ 180 - 181): فإن قلت: قال أولًا: "كلهم حدثني طائفةً"، وثانيًا:"وعيت عن كل واحد منهم" الحديث، وهما متنافيان؟ قلت: المراد بالحديث البعضُ الذي حدّثه منه، إذ الحديث يطلق على الكل [وعلى البعض]، وهذا الذي فعله الزهري مِنْ جَمْعِه الحديثَ عنهم جائز لا كراهة فيه؛ لأن الكُلّ أئمة حفاظ ثقات على شرط البخاري. قوله:"الهودج" بفتح الدال المهملة والجيم: مركب من مراكب العرب. قوله: "آذن" من الإيذان ومن التأذين. قوله: "شأني" أي ما يتعلق بقضاء الحاجة. و"الرحل" بالمهملتين: المتاع. و"العِقد" بكسر العين: القلادة.

(2)

أي: رجع، "ك"(11/ 181).

(3)

من الإيذان أو من التأذين، "ك"(11/ 181).

ص: 541

بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ

(1)

لِي مِنْ جَزْعِ

(2)

أَظْفَارٍ

(3)

قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ

(4)

، فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ

(5)

لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِى فَرَحَّلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ

(6)

، وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ

(7)

مِنَ الطَّعَامٍ، فَلَئم يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ، فَاحْتَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ،

"مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ" في هـ: "مِنْ جَزْعِ ظِفَارٍ". "لِي" في نـ: "بِي".

===

(1)

قلادة.

(2)

بفتح الجيم وسكون الزاي: الخرز اليماني وهو الذي فيه سواد وبياض، وظَفار كقَطام: مدينة باليمن، وفي بعضها "أظفار"، "ك"(11/ 181)، "خ".

(3)

قوله: (من جزع أظفار) كذا روي عند الأكثر، وفي رواية الكشميهني:"ظفار" وهو الأصوب، "فتح"(5/ 273)، وأريد به العطر الذي يكون قطعة منه شبيهة بالظفر، كأنه يثقب ويجعل في العقد والقلادة، والصحيح رواية ظفار، كقطام: اسم مدينة باليمن، كذا في "المجمع"(3/ 494).

(4)

أي: طلبُه.

(5)

قوله: (يرحَلون) بفتح الياء والحاء، مِنْ رَحَلْت البعيرَ إذا شددت الرحلَ عليه، وفي بعضها من الترحيل، [انظر:"شرح الكرماني"(11/ 182)].

(6)

أي: لم يكن سميناتٍ، "ك"(11/ 182).

(7)

بضم المهملة: القليل، "ك"(11/ 182).

ص: 542

فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ

(1)

الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَّمْتُ

(2)

مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ،

===

(1)

أي: مرّ وذهب.

(2)

قوله: (فَأَمَّمْتُ) بتشديد الميم أي: قصدتُ، وحكى السفاقسي تخفيفها. قوله:"فظننتُ" الظن هنا بمعنى العلم. قوله: "سيفقدوني" بنون واحدة، فيحتمل أن تكون حذفت إحدى النونين، وأن تكون النون مشدّدة، ويروى بنونين. قوله:"صفوان" كان رجلًا خيرًا فاضلًا عفيفًا، قُتِل في غزاة أرمينية شهيدًا سنة تسع عشرة، "ابن المعطّل" بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الطاء المهملة المفتوحة "السلمي" بضم السين المهملة وفتح اللام. قوله:"سواد إنسانٍ" أي شخص إنسان بدون معرفة أنه رجل أو امرأة، "فاستيقظتُ" أي انتبهتُ من نومي "باسترجاعه" أي بقراءته:" {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} " فيه دليل على الاسترجاع في كل مصيبة. قوله: "فوطئ يدها" أي وطئ صفوان يدَ الراحلة لئلا تقوم فيسهل الركوبُ عليها بلا احتياج إلى مساعدته. قوله: "معرِّسين" أي نازلين، التعريس نزول آخر الليل، وقال أبو زيد: هو النزول في أيِّ وقت كان، ويشهد له ما وقع هنا. قوله:"في نحر الظهيرة": حتى إذا بلغ الشمس منتهاها من الارتفاع كأنها وصلت إلى النحر وهو أعلى الصدر، وقيل: نحرُها أولُها، والظهيرة شدة الحَرّ. قوله:"فهلك من هلك"، أي: هلك الذين اشتغلوا بالإفك، وهو بكسر الهمزة وإسكان الفاء وبفتحهما جميعًا. قوله:"تَوَلّى"، أي: تقلَّد وتصدَّى

(1)

. قوله: "ابن أبي" بضم الهمزة وفتح الموحدة وشدة الياء. قوله: "ابن سلول" بالرفع صفة لـ "عبد الله"، ولهذا يكتب بالألف، و"سلول" بفتح المهملة وخفة اللام، غير منصرف، علم لأم عبد الله.

(1)

في الأصل: "تقدر وتصدى".

ص: 543

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: "يفيضون" من الإفاضة وهي التكثير والتوسعة، أي يشيعون الحديث. قوله:"ويريبني" بفتح الياء وضمِّها مِنْ رابه وأرابه: إذا أوهمه وشكّكه. قوله: "اللطف" بضم اللام وسكون الطاء، ويقال بفتحهما معًا، وهو البِرّ والرفق. قوله:"تيكم" هي الإشارة للمؤنث، مثل: ذاكم، في المذكّر. قوله:"حتى نقهتُ" بكسر القاف وفتحها لغتان، والناقِه: هو الذي برئ من المرض، وهو قريب عهد به لم يتراجع إليه كمال

(1)

صحته.

قوله: "أم مسطح" بكسر الميم وسكون المهملة الأولى وفتح الثانية وبإهمال الحاء، اسمها سلمى بنت أبي رهم، بضم الراء وسكون الهاء، زوجة أثاثة، بضم الهمزة وخفة المثلثة الأولى، وكانت من أشدّ الناس على ابنها مسطح في شأن الإفك. قوله:"قِبَل المناصع" بالنون والمهملتين على وزن الجمع: مواضع خارجة عن المدينة يتبرّزون فيها، و"المُتَبَرَّز" اسم المكان بدل أو بيان للمناصع، وبالرفع على أنه خبر، أي: وهو متبرَّزُنا. قوله: "الكنف" بضمتين جمع الكنيف، وأصله الساتر. قوله:"أمر العرب الأول" قال القاضي

(2)

: الأوّل بفتح الهمزة وضم اللام نعت الأمر، قيل: هو وجه الكلام، وروي الأول بضم الهمزة وخفة الواو وكسر اللام وصفًا للعرب لا للأمر؛ لأن العرب اسم جماعة، تريد رضي الله عنها أنهم بَعْدُ لم يتخلّقوا بأخلاق أهل الحواضر والعجم، قوله:"في البرية" أي البادية "أو في التنزه" أي طلب النزاهة بالخروج إلى الصحراء، وهو شكٌّ من الراوي.

قوله: "تعس" بالفتح أي العين، قال القاضي: بالكسر، فيه لغتان، ومعناه عثر، أو هلك، أو بَعُد، أو لَزِم الشر، أو سَقَطَ لوجهه خاصةً.

(1)

في الأصل: "إلى كمال".

(2)

انظر "مشارق الأنوار"(1/ 84).

ص: 544

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: "يا هنتاه" بإسكان النون وهو أشهر من فتحها، وبضمِّ الهاء الأخيرة وسكونها، وأصله يا هَنَة، فألحق الألف والهاء: معناه: يا هذه، أو: يا بلهاء، كأنها نسبتها إلى قلة المعرفة بمكائد الناس وشرورهم. قوله:"هوِّني" بفتح الهاء وشدة الواو المكسورة على صيغة الأمر من الهون. قوله: "وضيئة" بالرفع والنصب، فعيلة من الوضاءة وهي الحسن، أي حسنة جميلة. قوله:"ضرائر" جمع ضرّة، وزوجات الرجل ضرائر؛ لأن كل واحدة تتضرَّر بالأخرى بالغيرة والقسم

(1)

. قوله: "أكثرن عليها" أي القولَ عليها في عيبها

(2)

. قوله: "كثير" فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث، إنما قال علي ذلك مصلحةً ونصيحةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في اعتقاده؛ لأنه رأى انزعاج رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وقلقه

(3)

، فأراد إراحة خاطره عليه الصلاة والسلام لا عداوةً لعائشة، وأما عائشة فتكدّرت بتوقُّفه في التزكية، وأشار إلى السؤال عن بريرة، ولعله صلى الله عليه وسلم عرف بما عندها من البراءة، قوله:"فقالت بريرة" فيه إشكال من حيث إن بريرة اشترتها عائشة وأعتقتها بعد ذلك، والمخلص منه أن تفسير الجارية ببريرة مدرج في الحديث من بعض الرواة ظنًّا منهم أنها هي، ويحتمل أن تكون بريرة خادمًا لعائشة قبل اشترائها وعتقها. قوله:"أغمصه" أي أعيبه. قوله: "الداجن" الشاة التي أَلِفَت البيوت.

قوله: "فاستعذر" أي طلب من يعذره منه. قوله: "من يعذرني" قال النووي: معناه: من يقوم بعذري إن كافأته على قبح فعاله ولا يلومني على ذلك؟، وقيل: معناه: من ينصرني، والعذير الناصر، "الأوس" و"الخزرج" قبيلتان من الأنصار. قوله:"احتملته الحمية" أي أغضبته.

(1)

في الأصل: "بالغيرة وضرتها".

(2)

في الأصل: "في غيبتها".

(3)

في الأصل: "بهذا الأمر فظعة".

ص: 545

فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِّي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ

(1)

نَائِمٍ فَأَتَانِي، وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ

(2)

، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ

(3)

فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي

"سَيَفْقِدُونِّي" في قتـ، ذ:"سَيَفْقِدُوننِي". "حِينَ أَنَاخَ" في سفـ، هـ، ذ:"حَتَّى أَنَاخَ".

===

قال القاضي: فيه إشكال؛ لأن هذه القصة كانت في غزوة مريسيع، وهي غزوة بني المصطلق سنة ستٍّ، وسعد بن معاذ مات في إثر غزاة الخندق، وذلك في سنة أربع، ولهذا قيل: إنّ ذِكْرَه وهم، والأشبه أنه غيره، قال ابن إسحاق: إن المتكلم أولًا وآخرًا هو أُسيد لا سعد، وقال القاضي في الجواب: إن المريسيع كانت سنة أربع وهي سنة الخندق، وقال الواقدي: المريسيع كانت سنة خمس، والخندق كانت بعدها، والله أعلم بالصواب، هذا كله ملتقط من "الكرماني"(11/ 182 - 187) و"الخير الجاري"(2/ 253 - 256) و"التنقيح"(2/ 586 - 590)، [وانظر:"فتح الباري"(8/ 455 - 474) و"عمدة القاري"(9/ 519 - 530) و"إرشاد الساري"(6/ 117 - 129) و"لامع الدراري"(7/ 107 - 108) فيه بحث لطيف في الموضوع].

(1)

أي: شخصَ [إنسان].

(2)

أي: قبل حجاب البيوت.

(3)

أي: نازلين، "ك"(11/ 183).

ص: 546

تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ

(1)

، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ بِهَا شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، وَيُرِيبُنِي فِي وَجَعِي

(2)

أَنِّي لَا أَرَى مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَمْرَضُ، إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ:"كَيْفَ تِيكُمْ؟ " لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى نَقِهْتُ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ

(3)

الْمَنَاصِعِ مُتَبَرَّزُنَا

(4)

، لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الْكُنُفُ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَّلُ فِي الْبَرِّيَّةِ أَوْ فِي التَّنَزُّهِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ

(5)

فِي مِرْطِهَا

(6)

فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ

(7)

فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْت! أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقَالَتْ: يَا هَنْتَاهُ أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالُوا؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ،

"ثُمَّ يَقُولُ" في سـ، حـ:"فَيَقُولُ". "أَنْ تُتَّخَذَ الْكُنُفُ" في نـ: "أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ". "بِقَوْلِ أَهْلِ الإفْكِ" كذا في هـ، وفي نـ:"بِقَوْلِ الإفْكِ".

===

(1)

غير منصرف.

(2)

أي: مرضي.

(3)

بكسر القاف وفتح الموحدة: الجهة، "ك"(11/ 183).

(4)

بفتح الراء: موضع.

(5)

بفتح المثلثة.

(6)

بكسر الميم: كساء من صوف أو غيره.

(7)

كمنبر، هو ابن خالة أبي بكر، "زركشي"(2/ 587)، وهو ابن أثاثة ابن عبّاد بن عبد المطلب، "ك"(11/ 184).

ص: 547

فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ فَقَالَ:"كَيْفَ تِيكُمْ؟ " فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِي آتِ أَبَوَيَّ، قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ لأُمِّي: مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ؟ فَقَالَتْ. يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ

(1)

عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضرَائِرُ إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا، قَالَتْ

(2)

: فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ، لَا يَرْقَأُ

(3)

لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ

(4)

، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ

(5)

، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَاِمَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، قَالَ أُسَامَةُ: أَهْلُكَ

(6)

يَا رَسُولَ اللَّهِ،

"عَلَى مَرَضِي" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"إلَى مَرَضي". "فَلَمَّا رَجَعْتُ" في نـ: "فَقَالَتْ: فَلَمَّا رَجَعْتُ". "مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ" في ذ: "مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهِ". "تَحَدَّثَ النَّاسُ" كذا في ذ، وفي نـ:"يَتَحَدَّثُ النَّاسُ". "قَالَ أُسَامَةُ" في نـ: "فَقَالَ أُسَامَةَ".

===

(1)

أي: حسنة جميلة.

(2)

أي: عائشة.

(3)

أي: ل ايسكن.

(4)

استعارة عن: لا أنام، "ك"(11/ 185).

(5)

أي: لبث ولم ينزل.

(6)

بالرفع والنصب، "ك"(11/ 185).

ص: 548

وَلَا نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا رَسولَ اللَّهِ، لَنْ يُضَيِّقَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ

(1)

، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ، فَقَالَ:"يَا بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ؟ " فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ فِيهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ

(2)

عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ الْعَجِينَ، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا

(3)

مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي". فَقَامَ سَعْدُ

(4)

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَاللَّهِ أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ

(5)

ضَرَبْنَا عُنُقَهُ،

"ابْنَ أَبِي طَالِبٍ" سقط في نـ. "لَنْ يُضَيِّقَ اللَّهُ عَلَيْكَ" في سـ، حـ:"لَنْ يُضَيَّقَ عَلَيْكَ". "إنْ رَأَيْتُ فِيهَا" في نـ: "إنْ رَأَيْتُ مِنْهَا". "أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا" في سـ، ذ:"أَغْمِصُهُ قَطُّ". "فَقَامَ سَعْدٌ" في نـ: "فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ". "أَنَا وَاللَّهِ" في سـ، ذ:"وَاللَّهِ أَنَا".

===

(1)

بالجزم على جواب الأمر، "الخير"["قس" (6/ 123)].

(2)

بغين معجمة وكسر ميم وصاد مهملة أي: أعيبه، "ك"(11/ 185).

(3)

أي: صفوان.

(4)

ابن معاذ الأنصاري الأوسي، كان مقدمًا مطاعًا شريفًا في قومه، "ك"(11/ 186).

(5)

قبيلة من الأنصار.

ص: 549

وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ

(1)

أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا وَكَانَ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ

(2)

فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ،

"مِنْ إخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ" في ذ: "مِنْ إخْوَانِنَا الْخَزْرَجَ". "وَكَانَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"وَلَكِنْ". "كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ" في سـ، ذ:"كَذَبْتَ وَاللَّه". "أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ" في نـ: "أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ". "لَنَقْتُلَنَّهُ" في نـ: "وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ".

===

(1)

قبيلة من الأنصار.

(2)

قوله: (أسيد) مصغّر أسدٍ "ابن الحضير" بضم المهملة وفتح المعجمة وسكون التحتية وبالراء، الأوسي. قوله:"فإنك منافق" أي تفعل فعل المنافقين، ولم يُرِد النفاقَ الحقيقي، قوله:"هَمّوا" أي قصدوا المحاربة وتناهضوا للنزاع

(1)

، قوله:"فخفَّضهم" بالمعجمتين المفتوحتين بينهما فاء مشددة، أي سكّنهم. قوله:"لا يرقأ" بفتح القاف وبالهمزة، أي لا يسكن ولا ينقطع. قوله:"ولا أكتحل" استعارة عن: لا أنام. قوله: "أَلْمَمْتِ بذنب" أي نَزَلْتِ به، أي فعلتِ ذنبًا مع أنه ليس من عادتِكِ، قوله:"قلص" بالقاف واللام والمهملة المفتوحات: ارتفع لاستعظام ما يغشيني من الكلام وتخلّف البكاء بالكلية، وأما قول:"لا ندري ما نقول" فلعظم حفظ الأدب والهيبة عن الإقدام على بيان ما مرّ.

قوله: "ووقر" أي سكن وثبت، من الوقار: الحلم والرزانة. قوله: "إلا أبا يوسف" أي إلا مثل يعقوب عليه السلام وهو الصبر، وإنما لم تذكره

(1)

في الأصل: "النزاع".

ص: 550

. . . . . . . . .

===

باسمه يعقوب عليه السلام لأنها نسيَتْ اسمَه عليه السلام لغلبة الوحشة والهيبة عليها وضيق حالها رضي الله تعالى عنها، قوله:"فصبر جميل" أي فأمري صبر جميل، أو فصبر جميل أجمل، وفي الحديث: "الصبر الجميل الذي لا شكوى فيه إلى الخلق

(1)

"، قاله البيضاوي (1/ 479) في تفسيره.

قال فى "الخير الجاري": اعلم أن علماء العربية قدّروا لقوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} مبتدأً أو خبرًا، والذي أظنّ أن الجملة من قبيل:"تمرة خير من جرادة " فإنه المستفاد من موارد الاستعمال هذه، مع أن تقديرهم: فصبر جميل أجمل، أو أمري صبر جميل، لا يخلو عن تكلف، انتهى.

قوله: "ما رام" أي ما بَرِح وما فارق "مجلسه" من رام يريم ريمًا، فأما من طلب الشيء فرام يروم رومًا، ولعل هذا لبراءتِها وتحقيرِ نفسها من أن ينزل القرآن فيها، وانقطاعِ رجائها عن الخلق، وتفويضِ أمرها إلى الله سبحانه وتعالى المستفاد من قوله تعالى:{وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]. قوله: "من البرحاء" بضم الموحدة وفتح الراء وبالمهملة والمدّ، من البرح، وهو أشد ما يكون من الكرب والأذى، تريد أنه أصابه من الحرارة والكرب ما يصيب المحموم، كذا قاله الخطابي، قوله:"الجمان" بضم الجيم وخفة الميم جمع الجمانة، وهي حبة تُعْمَل من الفضة كالدُّرَّة، شبّهت قطرات عرقه صلى الله عليه وسلم بِحبَّات اللؤلؤ في الصفاء والحسن، قوله:"فلما سري" بضم السين المهملة وكسر الراء المخففة، أي كشف عنه وأزيل ما أصابه من الكرب، يقال: سروت الثوب عن بدني إذا نزعته، كذا قاله الخطابي، وفي بعضها بتشديد الراء للمبالغة، قوله: "لا أقوم

" إلخ، قالت رضي الله عنها هذا إدلالًا عليهم وعتابًا؛ لكونهم شكّوا في حالها مع علمهم بحسن طرائفها

(1)

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(9720).

ص: 551

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وجميل أحوالها وتنزُّهِها عن هذا الباطل الذي افتراه الظَلَمة الذين لا حجة لهم فيه. قوله: "لقرابته منه" وذلك لأن أمَّ مسطح: سلمى، هي بنت خالة أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه.

قوله: " {وَلَا يَأْتَلِ} " أي لا يحلف. قوله: " {أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} " أي: في الدِّين " {وَالسَّعَةِ} " أي: في المال، وفيه دليل على فضل أبي بكر رضي الله عنه وشرفه. قوله:" {أَنْ يُؤْتُوا} " أي: على أن لا يؤتوا، أو في أن يؤتوا. قوله:" {وَلْيَعْفُوا} " أي: عما فرط منهم " {وَلْيَصْفَحُوا} " أي: بالإغماض عنهم، قوله:" {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} " أي على عَفْوِكُم وصفحكم وإحسانكم إلى من أساء إليكم " {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} " مع كمال قدرته، فتخلَّقوا بأخلاقه، كذا في "البيضاوي"(4/ 120).

قوله: "أحمي سمعي" أي: أصون سمعي من أن أقول: سمعت ولم أسمع، "وبصري" من أن أقول: أبصرت ولم أبصر، أي: لا أكذب، لكن أصدق حماية لهما، قوله:"تساميني" أي: تضاهيني بجمالها ومكانها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مفاعلة من السموّ، وهو الارتفاع، هذا كله ملتقط من "الكرماني"(11/ 187 - 190) و"الخير الجاري"(2/ 256 - 257) و"التنقيح"(2/ 590 - 591)، إلا شيئًا قليلًا أخذته من الخطابي "شرح البخاري"(2/ 1310)، ومن التفسير للبيضاوي فهو ما أشرته إليه ثمه.

قال العيني (9/ 517) وابن حجر: ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إن فيه سؤالَ النبي صلى الله عليه وسلم بريرةَ وزينبَ بنت جحش عن عائشة، وجوابَهما ببراءتها، واعتمادَ النبي صلى الله عليه وسلم على قولهما، وفي مجموع ذلك مراد الترجمة؛ لأن فيه تعديلًا وتزكية عن بعض النساء لبعض، انتهى كلامهما ملتقطًا.

وفي "الفتح"(5/ 273): قال ابن بطال: فيه حجة لأبي حنيفة في جواز تعديل النساء، وبه قال أبو يوسف، ووافق محمد الجمهور، وقال الطحاوي:

ص: 552

فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَن الْمُنَافِقِينَ، فَثَارَ

(1)

الْحَيَّانِ: الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ: وَبَكَيْتُ يَوْمِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ عِنْدِي أَبَوَايَ، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتِي وَيَومِي، حَتَّى أَظُنَّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، إِذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبَيْنَا نحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَتْ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مِنْ يَوْمِ قِيلَ لِي مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ مَكَثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: "يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا،

"لَيْلَتِي وَيَومِي" كذا في سفـ، قتـ، هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"لَيْلَتِي وَيَومًا"، وفي هـ:"لَيْلَتَينِ وَيَومًا". "قِيْلَ لِي" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قِيْلَ فِيَّ". "فَإنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي" في نـ: "فَإنَّهُ بَلَغَنِي".

===

التزكية خبر وليست شهادة، فلا مانع من القبول، وفي الترجمة إشارة إلى قول ثالث، وهو أن تقبل تزكيتهن لبعضهن لا للرجال؛ لأن من منع ذلك اعتلّ بنقصان المرأة عن معرفة وجوه التزكية لا سيما في حق الرجال، وقال ابن بطال: لو قيل: إنه تقبل تزكيتهن بقول حسن وثناء جميل يكون إبراءً من سوء لكان حسنًا، كما في قصة الإفك، ولا يلزم منه قبول تزكيتهن في شهادة توجب أخذ مال، والجمهور على جواز قبولهن مع الرجال فيما تجوز شهادتهن فيه، انتهى.

[وفي "المغني" لا يقبل الجرح والتعديل من النساء، وقال أبو حنيفة: يقبل لأنه لا يعتبر فيه لفظ الشهادة فأشبه الرواية، "لامع الدراري" (7/ 111)].

(1)

فنهض.

ص: 553

فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ". فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي

(1)

حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، وَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لأمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَالَ، قَالَتْ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: إِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، وَوَقَرَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَبَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِّي

(2)

بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ إِذْ قَالَ:{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِي اللهُ، وَلَكِنْ وَاللهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزَلَ فِي شَأْنِي وَحْيٌ، وَلأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِي، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى

"بِذَنْبِ" ثبت في هـ، قتـ، ذ. "فَقُلْتُ: وَأَنَا جَارِيَةٌ" في نـ: "قُلْتُ: وَأَنَا جَارِيَةٌ"، وفي أخرى: "قَالَتْ: وَأَنَا جَارِيَةٌ". "مَا يَتَحَدَّثُ" في نـ: "مَا تَحَدَّثَ". "لَا تُصَدِّقُونِّي" في نـ: "لَا تُصَدِّقُونَنِي". "أَنْ يُنْزَلَ فِي شَأنِي وَحْيٌ" في نـ: "أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأنِي وَحْيًا".

===

(1)

استمسك.

(2)

بتشديد المهملة الثانية والنون، "خ".

ص: 554

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ رُؤْيَا تُبَرِّئُنِي، فَوَاللهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ

(1)

مِنَ الْعَرَقِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ

(2)

، فَلَمَّا سُرِّيَ

(3)

عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ لِي:" يَا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللهَ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللهُ ". فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: لَا وَاللهِ، لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا الله، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآيَاتِ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ: وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَداً بَعْدَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى، وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِي كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ.

"رُؤيَا تُبَرِّئُنِي" كذا في قتـ، ذ -بالتاء الفوقية وحذف الفاعل، "قس"(6/ 128) -، وفي نـ:"رُؤيَا يُبَرِّئُ اللهُ بِهَا"، [قلت: وفي "قس": "رُؤيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ"]. "الوحي" ثبت في هـ، ذ. " فَقَالَتْ لِي أُمِّي" في ذ:"قَالَتْ لِي أُمِّي". "شَيْئًا" في هـ، ذ:"بِشَيءٍ".

===

(1)

أي: كاللآلي.

(2)

أي: بارد من الشتاء.

(3)

أي: كشف.

ص: 555

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ:"يَا زيْنَبُ، مَا عَلِمْتِ؟ مَا رَأَيْتِ؟ " فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وَهِيَ الَّتِي تُسَامِينِي، فَعَصَمَهَا اللهُ بِالْوَرَعِ

(1)

. [راجع: 2593، أخرجه: م 2770، س في الكبرى 8931، تحفة: 17409، 16126، 16576، 16311].

حَدَّثنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ

(2)

، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ، عَنْ عَائِشَةَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ. قَالَ

(3)

: وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ

(4)

، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(5)

وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

(6)

، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ

(7)

مِثْلَهُ. [أخرجه: م 2770، س في الكبرى 8931، تحفة: 5278، 17143، 17562، 17450].

"سَأَلَ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"يَسْأَلُ". "تُسَامِينِي" في نـ: "كَانَتْ تُسَامِينِي". "حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ" في نـ: "قَالَ: وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ". "ابْن الزُّبَيرِ" سقط في نـ.

===

(1)

أي: الكفّ عن المحارم، "زركشي"(2/ 591).

(2)

ابن سليمان المذكور، "قس"(6/ 130).

(3)

أبو الربيع.

(4)

المذكور، "قس"(6/ 130).

(5)

شيخ الإمام مالك، "قس"(6/ 130).

(6)

الأنصاري.

(7)

الصديق، "قس"(6/ 130).

ص: 556

‌16 - بَابٌ إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلًا كَفَاهُ

(1)

وَقَالَ أَبُو جَمِيلَةَ

(2)

: وَجَدْتُ مَنْبُوذًا

(3)

، فَلَمَّا رَآنِي عُمَرُ

===

(1)

قوله: (إذا زكّى رجل رجلًا كفاه) ترجم في أوائل "الشهادات""تعديل كم يجوز؟ " فتوقَّف هناك، وجزم هنا بالاكتفاء بالواحد، وقد قدّمتُ توجيهه، واختلف السلف في اشتراط العدد في التزكية، فالراجح عند الشافعية والمالكية -وهو قول محمد بن الحسن- اشتراط اثنين كما في الشهادة، واختاره الطحاوي، وأجاز الأكثر قبول الجرح والتعديل من الواحد؛ لأنه منزلة الحاكم، والحاكم لا يُشْترط

(1)

فيه العدد، وقال أبو عبيد: لا يقبل في التزكية أقلّ من ثلاثة، واحتج بحديث قبيصة الذي أخرجه مسلم فيمن تحلّ له المسألة حتى يقوم له ثلاثة من ذوي الحجا

(2)

فيشهدون له، قال: وإذا كان هذا في حق الحاجة فغيرها أولى، وهذا كله في الشهادة، وأما الرواية فيقبل فيها قولُ الواحد على الصحيح؛ لأنه إن كان ناقلًا عن غيره فهو من جملة الأخبار، ولا يُشْترط العدد فيها، وإن كان من قِبَل نفسه فهو بمنزلة الحاكم ولا يتعدد أيضًا، "فتح الباري"(5/ 274).

(2)

قوله: (أبو جميلة) بفتح الجيم وكسر الميم، اسمه سنين بضمّ المهملة وبالنونين والتحتانية المثقّلة والمخفّفة بينهما، السلمي -ووهم من شدّد التحتانية، "ف" (5/ 274) - وقيل: اسمه ميسرة -ضدّ الميمنة- ابن يعقوب، كذا في "الكرماني"(11/ 192) و"الخير الجاري"(2/ 258).

(3)

قوله: (وجدت منبوذًا) أي لقيطًا، و"الغوير" تصغير الغار، و"الأبؤس" الداهية، أو جمع البؤس وهو الشدة، وهو مثل مشهور يقال فيما ظاهره السلامة ويخشى منه العطب، وأصل المثل: أن ناسًا دخلوا غارًا

(1)

كذا في الأصل، وفي "الفتح": لأنه ينزل منزلة الحكم والحكم لا يشترط.

(2)

في الأصل: "ذوا الحجى".

ص: 557

قَالَ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا

(1)

، كَأَنَّهُ يَتَّهِمُنِي، قَالَ عَرِيفِي: إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، قَالَ: كَذَلِكَ، اذْهَبْ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ. [تحفة: 10458].

2662 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ

(2)

، ثَنَا عَبدُ الْوَهَّابِ

(3)

،

"قَالَ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا" ثبت في صـ، هـ، ذ. "كَذَلِكَ" في نـ:"كَذَاكَ". "حَدَّثَنَا" في قتـ، ذ:"حَدَّثَنِي". "مُحَمَّدُ بْنُ سلامٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"ابنُ سَلامٍ". "ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ".

===

فانهار عليهم فقتلهم، وقيل: وجدوا فيه عدوًا لهم فقتلهم، فقيل ذلك لكل شيء يخاف أن يأتي منه

(1)

شرّ، و" العريف" العارف، والعريف النقيب، وهو دون الرئيس، وكان عمر قسم الناس أقسامًا، وجعل على كل ديوان عريفًا ينظر عليهم، وكان الرجل النابذ من ديوان الذي زكاه عند عمر، وقصته أنه وجد منبوذًا فجاء به إلى عمر فقال: ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال: وجدتُها ضائعة فأخذتُها، قال ابن بطال (15/ 47): اتهمه عمر أن يكون ولده أتاه به ليفرض له في بيت المال، لكن لما قال عريفه:"إنه رجل صالح" صدّقه، فقال:"اذهب" به فهو حر ولك ولاؤه "وعلينا نفقته"، هذا ملتقط من "الكرماني"(11/ 192) و"الفتح"(5/ 274 - 275)، إذ أراد عمر بالمثل: لعلك زنيتَ بأمه وادّعيت لقيطًا، "نهاية"(3/ 742).

(1)

كذا للأصيلي ولأبي ذر عن الكشميهني وحده، وسقط للباقين، "ف"(5/ 174).

(2)

"محمد بن سلام" هو البيكندي.

(3)

"عبد الوهاب" ابن عبد المجيد الثقفي.

(1)

في الأصل: "أن يؤتي منه".

ص: 558

ثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ

(1)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ

(2)

قَالَ: أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "وَيْلَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنَقَ صَاحِبِكَ

(3)

" مِرَارًا، ثُمَّ قَالَ: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لا مَحَالَةَ

(4)

فَلْيَقُلْ: أَحْسَبُ فُلَانًا

(5)

، وَاللهُ حَسِيبُهُ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللهِ أَحَدًا، أَحْسِبُهُ كَذَا وَكَذَا، إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ". [طرفاه: 6061، 6162، أخرجه: م 3000، د 4805، ق 3744، تحفة: 11678].

‌17 - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الإِطْنَابِ فِي الْمَدْحِ وَلْيَقُلْ مَا يَعْلَمُ

2663 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ

(6)

، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ

(7)

،

===

(1)

" خالد الحذاء" هو ابن مهران البصري.

(2)

أبوه أبو بكرة، اسمه نفيع بن الحارث الثقفي، "قس"(6/ 131).

(3)

استعارة عن الهلاك في الدِّين، قاله النووي، "ك"(11/ 193).

(4)

أي: ألبتة بحيث لا بد منه، "ك"(11/ 193).

(5)

قوله: (أحسب فلانًا) أي أظنّه، يعني: لا يقطع؛ لأنه لا يطَّلع على باطنه، والله يتولى السرائر، وأما نحن فلا نحكم

(1)

إلا بالظواهر، قال في "الفتح" (5/ 276): ووجه احتجاجه بحديث أبي بكرة بأنه صلى الله عليه وسلم اعتبر تزكية الرجل الواحد إذا اقتصد؛ لأنه لم يَعِبْ عليه إلا الإسراف والتغالي في المدح.

(6)

"محمد بن الصباح" البزاز، أبو جعفر البغدادي.

(7)

"إسماعيل بن زكرياء" ابن مرة الخلقاني.

(1)

في الأصل: "وإنما نحن فلا نحكم".

ص: 559

ثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ

(1)

، عَنْ أَبِي مُوسَى

(2)

، سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ، وَيُطْرِيهِ

(3)

(4)

فِي مَدْحِهِ، فَقَالَ:"أَهْلَكْتُمْ -أَوْ قَطَعْتُمْ- ظَهْرَ الرَّجُلِ". [طرفه: 6060، أخرجه: م 3001، تحفة: 9056].

‌18 - بَابُ بُلُوغِ الصِّبْيَانِ وَشَهَادَتِهِمْ

وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ

(5)

الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} الآية

"ثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ" في ذ: "حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ". "فِي مَدْحِهِ" في قتـ، ذ:"فِي الْمَدْحِ"، وفي نـ:"فِي الْمَدْحَةِ". "تَعَالَى" في ذ: "عز وجل".

===

(1)

" بُريد بن عبد الله" ابن أبي بردة يروي عن جده "أبي بردة" ابن أبي موسى.

(2)

"أبي موسى" عبد الله بن قيس الأشعري.

(3)

من الإطراء وهو مجاوزة الحد في المدح، "الخير الجاري".

(4)

قوله: (ويطريه) بضم أوله من الإطراء، وهو مدح الشخص بزيادة على ما فيه، قوله:"أهلكتم أو قطعتم" شكٌّ من الراوي، وليس في الحديث ما زاد في الترجمة من قوله:"وليقل ما يعلم" وكأنه ذهب إلى اتحاد حديثي أبي بكرة وأبي موسى، وقد قال في حديث أبي بكرة:"إن كان يعلم ذلك منه"، "فتح"(5/ 276).

(5)

قوله: (وقولِ الله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ

}) إلخ، في هذه الآية تعليق الحكم ببلوغ الحلم، وقد أجمع العلماء على أن الاحتلام في الرجال والنساء يلزم به العبادات والحدود وسائر الأحكام، وهو إنزال الماء الدافق، سواء كان بجماع أو غيره، وسواء كان في اليقظة أو المنام، وأجمعوا على أن لا أثر

ص: 560

[النور: 59]. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ

(1)

: احْتَلَمْتُ وَأَنَا ابْنُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. وَبُلُوغُ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ، لِقَوْلِ اللهِ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ

(2)

} [الطلاق: 4] إِلَى قَوْلِهِ: {أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} {إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}

"فِي الْحَيْضِ" في قتـ، ذ:"إلَى الْحَيْضِ". " {مِنْ نِسَائِكُمْ} " ثبت في قتـ، ذ. " {إِنِ ارْتَبْتُمْ} إلى آخر الآية، سقط في نـ.

===

للجماع في النوم إلا مع الإنزال. قوله: "وبلوغ النساء في الحيض لقول الله: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ .... } إلخ، هو بقية من الترجمة، ووجه انتزاع

(1)

الترجمة من الآية تعليق الحكم في العِدّة بالأقراء على حصول الحيض، أما قبله وبعده فبالأشهر، فدلّ على أن وجود الحيض ينقل الحكم، وقد أجمع العلماء على أن الحيض بلوغ في النساء، "فتح"(5/ 277). [والاحتلام في الرجال، واختلفوا فيمن تأخر احتلامه من الرجال أو حيضه من النساء؟ فقال أحمد وإسحاق ومالك: الإنبات أو يبلغ من السن ما يعلم أن مثله قد بلغ. وأما أبو حنيفة فلم يعتبر الإنبات وحدُّ البلوغ عنده في الجارية سبع عشرة أو ثماني عشرة، وفي الغلام تسع عشرة، وفي رواية: ثماني عشرة. ومذهب الشافعي أن الإنبات علامة بلوغ الكافر لا المسلم، واعتبر خمس عشرة سنة في الذكور والإناث، وبه قال أبو يوسف ومحمد. قال الشيخ الجنجوهي: إن الإنبات يعتبر عند الضرورة، انظر "اللامع" (7/ 117)].

(1)

ابن مقسم الفقيه الأعمى الكوفي، "قس"(6/ 133).

(2)

زاد أبو ذر وأبو الوقت، "قس"(6/ 133).

(1)

في الأصل: "ووجد انتزاع".

ص: 561

[الطلاق: 4]. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ

(1)

: أَدْرَكْتُ جَارَةً لَنَا جَدَّةً بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً

(2)

.

2664 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ

(3)

، ثَنَا أَبُو أُسامَةَ

(4)

، ثَنِي عُبَيْدُ الله

(5)

، ثَنِي نَافِعٌ

(6)

، ثَنِي ابْنُ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشِرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي

(7)

، ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشِرَةَ فَأَجَازَنِي. قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى

"سَنَةً" ثبت في هـ، ذ. "فَلَمْ يُجِزْنِي" في نـ:"وَلَمْ يُجِزْنِي". "وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشِرَةَ" زاد في حـ، قتـ، ذ:"سَنَةً".

===

(1)

" وقال الحسن بن صالح" الهمداني الكوفي العابد، فيما وصله الدينوري

(1)

.

(2)

وذلك بأن حاضت لتسع، وولدت لعشر، وعرض مثلها لبنتها، وأقلّ ما يمكن مثله في تسع عشرة سنة، "ك"(11/ 195)، "قس"(6/ 133)، "خ".

(3)

"عبيد الله بن سعيد" أبو قدامة السرخسي.

(4)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة الكوفي.

(5)

"عبيد الله" ابن عمر العمري.

(6)

"نافع" مولى ابن عمر المدني.

(7)

قوله: (فلم يجزني) من الإجازة، أي لم يثبتني في ديوان المقاتلين، ولم يقدر لي رزقًا مثل أرزاق الأجناد، فإن قلت: لم قال أولًا: "عرضه"، وثانيًا:"عرضني؟ " قلت: أما الأصل فهو "عرضه"، وأما التكلم فهو على سبيل الحكاية نقلًا من كلام ابن عمر بعينه، "ك"(11/ 195)، "خ"(2/ 259).

(1)

"المجالسة"(3/ 518، رقم: 1133).

ص: 562

عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ

(1)

بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا

(2)

لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشِرَةَ. [طرفه: 4097، أخرجه: ق 2543، تحفة: 7833].

2665 -

حَدَّثَنَا عَلِي بْنُ عَبْدِ اللهِ

(3)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(4)

، حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْم

(5)

، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ

(6)

، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ

(7)

عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ". [راجع: 858].

"لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ" زاد في نـ: "سَنَةً". "حَدَّثَنِي صَفْوَانُ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنَا صَفْوَانُ".

===

(1)

قوله: (إن هذا لَحَدٌّ

) إلخ، أي هذا السن -وهو خمسة عشرة سنة- نهاية الصغر وبداية البلوغ فيمن لم يبلغ بالاحتلام، وعليه الفتوى عند الحنفية، "الخير الجاري"(2/ 259)، [وانظر "شرح الكرماني" (11/ 195)].

(2)

أي: يقدروا أرزاقهم في ديوان الجند، "ك"(11/ 195).

(3)

"علي بن عبد الله" المديني.

(4)

"سفيان" هو ابن عيينة.

(5)

"صفوان بن سليم" مصغّرًا، المدني.

(6)

"عطاء بن يسار" مولى ميمونة رضي الله عنهما.

(7)

قوله: (واجب) أي كالواجب، ومرّ بيانه (برقم: 4097). قوله: "على كل محتلم" فيه إشارة إلى أن البلوغ يحصل بالإنزال؛ لأنه المراد هنا بالاحتلام، وقد اعترض بأنه ترجم بشهادتهم، وليس في حديثي الباب ما يصرّح بها، وأجيب بأنه مأخوذ من الاتفاق على [أن] من حُكِم ببلوغه قُبِلت شهادته إذا اتصف بشرط القبول، ويرشد إليه قول عمر بن عبد العزيز: إنه حدّ بين الصغير والكبير، قاله في "الفتح"(5/ 277 - 279).

ص: 563

‌19 - بَابُ سُؤَالِ الْحَاكِم الْمُدَّعِيَ هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَبْلَ الْيَمَينِ

(1)

2666 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ

(2)

ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ

(3)

، عَنِ الأَعْمَشِ

(4)

، عَنْ شَقِيقٍ

(5)

عَنْ عَبْدِ اللهِ

(6)

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ". [راجع: 2356].

2667 -

قَالَ: فَقَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ

(7)

: فِيَّ وَاللهِ كَانَ ذَلِكَ، بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي

"ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ" في نـ: "أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ". "كَانَ ذَلِكَ، بَيْنِي" كذا في قتـ، حـ، هـ، ذ، وفي نـ:"كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي". "وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ" في ذ: "وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ"[قلتُ: وذكر القسطلاني سقوط قوله: "مِنَ الْيَهُودِ" من رواية أبي ذر].

===

(1)

أي: قبل يمين المدّعى عليه، "ف"(5/ 280).

[في "التوضيح" (16/ 614): واختلف العلماء في المدعي يثبت البينة على ما يدعيه: هل للحاكم أن يحلفه مع بينة أم لا؟ ذهب الجمهور مالك والكوفيون والشافعي وأحمد: أن لا يمين عليه، والحجة لهم حديث الباب].

(2)

"محمد" هو ابن سلام.

(3)

"أبو معاوية" محمد بن خازم.

(4)

"الأعمش" سليمان بن مهران.

(5)

"شقيق" هو أبو وائل الكوفي.

(6)

"عبد الله" هو ابن مسعود.

(7)

الكندي، "قس"(6/ 137).

ص: 564

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ " قَاِلَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ:"احْلِفْ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِذَنْ يَحْلِفُ

(1)

وَيَذْهَبُ بِمَالِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ [آل عمران: 77]. [راجع: 2357].

‌20 - بَابٌ

(2)

الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ

(3)

".

وَقَالَ قُتَيْبَةُ

(4)

: ثَنَا سُفْيَانُ

(5)

، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ

(6)

: كَلَّمَنِي

"قَالَ: احْلِفْ" كذا في سـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ: فَقاَلَ لِلْيَهُودِيِّ: احْلِفْ". "عز وجل" كذا في ذ، وفي نـ:"تَعَالَى"[كما في "قس" (6/ 138)]. "وَقَالَ قُتَيْبَةُ" في نـ: "ثَنَا قُتَيْبَةُ".

===

(1)

قوله: (إذن يحلف) بالنصب وكذا "يذهب"، ويجوز الرفع أيضًا على لغة من يرفع، ومرّ الحديث (برقم: 2357) في "كتاب الشرب"، "خ"(2/ 260)، [انظر:"فتح الباري"(5/ 34)].

(2)

بالتنوين، "قس"(6/ 138).

[قوله: "في الأموال والحدود" وقال الكوفيون: تختص اليمين بالمدعى عليه في الأموال دون الحدود، "قس" (6/ 138) وانظر "اللامع" 7/ 118)].

(3)

أي: المثبت أو الحجة شاهداك، أو شاهداك هما المطلوبان، "ك"(11/ 197)["قس" (6/ 138)، انظر "الأوجز" (13/ 585)].

(4)

"وقال قتيبة" هو ابن سعيد شيخ المؤلف.

(5)

"سفيان" هو ابن عيينة.

(6)

وهو عبد الله قاضي الكوفة، "ف"(5/ 281).

ص: 565

أَبُو الزِّنَادِ

(1)

(2)

فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي

(3)

، فَقُلْتُ: قَالَ اللهُ عز وجل: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]. قُلْتُ: إِذَا كَانَ

(4)

يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ

===

(1)

" أبو الزناد" عبد الله بن ذكوان قاضي المدينة.

(2)

قوله: (كلّمني أبو الزناد) هو قاضي المدينة "في شهادة الشاهد ويمين المدعي" أي في القول بجوازها، وكان مذهب أبي الزناد القضاء بذلك كأهل بلده، ومذهب ابن شُبْرُمة خلافه كأهل بلده، فاحتجّ عليه أبو الزناد بالخبر الوارد، فاحتجّ عليه ابن شبرمة بما ذكره من الآية الكريمة، يعني: إذا جاز الكفاية على شاهد ويمين فلا احتياج إلى تذكير إحداهما الأخرى، إذ اليمين يقوم مقامهما فما فائدة ذكر التذكير في القرآن؟! كذا في "الخير الجاري" (2/ 260) [وانظر:"شرح الكرماني"(11/ 197) و"فتح الباري"(5/ 281) و"عمدة القاري"(9/ 542) و"إرشاد الساري"(6/ 139)].

(3)

بكسر العين.

(4)

قوله: (إذا كان) شرط و"فما يحتاج" جزاء، و"ما" نافية بخلاف "ما كان" فإنها استفهامية، والفعلان بلفظ المجهول، أي: إذا جاز الكفاية بشاهد

(1)

ويمين، فلا يحتاج إلى تذكير إحداهما الأخرى، إذ اليمين تقوم مقامهما، فما فائدة ذكر التذكير في القرآن؟ أقول: فائدته تتميم شاهد، إذ المرأة الواحدة لا اعتبار لها؛ لأن المرأتين

(2)

كرجل واحد، والمقصود منه أن لا يحتاج إلى اليمين، ثم لا يلزم من بيان هذا النوع من البينة عليه أن لا يكون ثمه نوع آخر منها، غاية ما في الباب عدم التعرض له لا التعرض لعدمه، كذا قاله الكرماني (11/ 197) والقسطلاني (6/ 139).

(1)

في الأصل: "على شاهد".

(2)

في الأصل: "إذ المرأتان".

ص: 566

الْمُدَّعِي، فَمَا يُحْتَاجُ أَنْ تُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، مَا كَانَ يُصْنَعُ بِذِكْرِ هَذِهِ الأُخْرَى؟!

2668 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ

(1)

، ثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ

(2)

، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ

(3)

قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَيَّ

(4)

: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

(5)

. [راجع: 2514].

"إلَيَّ" ثبت في ذ.

===

(1)

" أبو نعيم" هو الفضل بن دكين.

(2)

"نافع بن عمر" ابن عبد الله الجمحي القرشي.

(3)

"ابن أبي مليكة" هو عبد الله التيمي المدني.

(4)

قوله: (كتب ابن عباس إلَيّ) قال الكرماني (11/ 198): فإن قلت: فهل بثبت الحجة بالكتابة ويتصل الحديث بها؟ قلت: قد ذكر أصحاب علوم الحديث أن ذلك عند كثير من المتقدمين والمتأخرين معدود في المسند والموصول، وفي "صحيح مسلم" (ح: 1712) عن ابن عباس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد"، قال ابن عبد البر: لا مطعن لأحد في إسناده، ولا خلاف بين أهل المعرفة في صحته، انتهى كلام الكرماني.

(5)

قوله: (قضى باليمين على المدعى عليه) أي يمين المدعي، وذلك لا بد وأن يكون مع شاهد، إذ لم يقل أحد بجواز الحكم على المدعى عليه بمجرد يمين المدعي، "ك"(11/ 198)، "خ" (2/ 260). قال في "اللمعات": وبه قال الأئمة الثلاثة، أي بجواز الحكم بيمين وشاهد، وقال أبو حنيفة: لا يجوز الحكم بالشاهد واليمين، بل لا بد من شاهدين؛ بقوله تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282]، وقال:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، ولا يجوز نسخ الكتاب بخبر واحد محتمل، وأيضًا اللام في البينة واليمين للاستغراق ليكون جميع البينات في جانب

ص: 567

‌بَابٌ

(1)

2669 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ

(2)

، ثَنَا جَرِيرٌ

(3)

، عَنْ مَنْصُورٍ

(4)

"بَابٌ" سقط في نـ. "حَدَّثَنَا عُثْمَانُ" في ذ: "حَدَّثَنِي عُثْمَانُ".

===

المدعي، وجميع الأيمان في جانب المنكِر، انتهى.

وفي "المرقاة"(7/ 331): قال التوربشتي: وجه الحديث -عند من لا يرى القضاء باليمين والشاهد الواحد على المدعى عليه- أنه يحتمل أن يكون قضى بيمين المدعى عليه بعد أن أقام المدعي شاهدًا واحدًا وعجز أن يُتِمّ البينةَ، فلا يُتْرَك مع وجود ذلك الاحتمال ما ورد به التنزيل، واستدلوا أيضًا بحديث علقمة بن وائل

(1)

الذي يتلو حديث ابن عباس هذا، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"ألك بينة؟ قال: لا، قال: فلك يمينه"، فلما أعاد عليه القول قال:"ليس لك إلا ذلك" انتهى.

ويمكن أن يقال: إن معنى حديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بأن اليمين على المدعى عليه، خلافَ ما أوّله الكرماني، والدليل عليه ما مرّ في "كتاب الرهن" في (ح: 2514) عن ابن أبي مليكة قال: "كتبت إلى ابن عباس، فكتب إلَيَّ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى: أن اليمين على المدعى عليه"، وبه يتم المطابقة للترجمة، وسيجيء الحديث [برقم: 4552] في تفسير آل عمران عن ابن أبي مليكة، وفيه: فقال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اليمين على المدعى عليه".

(1)

بالتنوين، وهو ساقط عند أبي ذر وأبي الوقت، "قس"(6/ 140).

(2)

"عثمان بن أبي شيبة" هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم.

(3)

"جرير" هو ابن عبد الحميد.

(4)

"منصور" هو ابن المعتمر.

(1)

في الأصل: "علقمة بن حجر".

ص: 568

عَنْ أَبِي وَائِلٍ

(1)

قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ

(2)

: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضبَانُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ عز وجل تَصْدِيقَ ذَلِكَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إِلَى قَولِهِ: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. [راجع: 2356].

2670 -

ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(3)

؟ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ: صَدَقَ لَفِيَّ نَزَلَتْ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي شَيْءٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ

(4)

(5)

"، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ إِذَنْ يَحْلِفُ

(6)

وَلَا يُبَالِى، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ

(7)

لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"، فَأَنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ. [راجع: 2357].

"خَرَجَ إلَيْنَا" في نـ: "خَرَجَ عَلَينَا" مصحح عليه. "إلَى النَّبِيِّ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"إلَى رَسُولِ اللهِ". "لَقِيَ اللهَ" زاد في ذ: "عز وجل".

===

(1)

" أبي وائل" هو شقيق بن سلمة.

(2)

هو ابن مسعود، "خ"["قس" (6/ 141)].

(3)

كنية عبد الله بن مسعود، "ك"(11/ 198).

(4)

أي: الحجة شاهداك أو يمينه، "ك"(11/ 197).

(5)

قوله: (شاهداك أو يمينه) فيه الترجمة، واستدلّ بهذا الحصر على ردِّ القضاء باليمين والشاهد، كذا في "الفتح"(5/ 280).

(6)

بالرفع لا غير، "ك"(11/ 199)، على لغة من لا ينصب بـ "إذن"، "قس"(6/ 141).

(7)

أي: كاذبٌ.

ص: 569

‌21 - بَابٌ

(1)

إِذَا ادَّعَى أَوْ قَذَفَ فَلَهُ أَنْ يَلْتَمِسَ الْبَيِّنَةَ، وَيَنْطَلِقَ لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ

2671 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(2)

، ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ

(3)

، عَنْ هِشَامٍ

(4)

، ثَنَا عِكْرِمَةُ

(5)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّنَةُ

(6)

أَوْ حَدُّ فِي ظَهْرِكَ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: "الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ".

"لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ" في نـ: "يَطْلُبُ الْبَيِّنَةَ". "ثَنَا عِكْرِمَةُ" في صـ، حـ، ذ:"عَنْ عِكْرِمَةَ"، [قلتُ: وذكر في "قس" سـ، بدل صـ]. "أَوْ حَدٌّ" في نـ:"وَإلَّا حَدٌّ". "قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ". "وَإلَّا حَدٌّ" في قتـ، ذ:"أَوْ حَدٌّ".

===

(1)

بالتنوين، "قس"(6/ 142).

(2)

"محمد بن بشار" ابن عثمان العبدي البصري.

(3)

"ابن أبي عدي" هو محمد، واسم أبي عدي إبراهيم.

(4)

"هشام" هو ابن حسان الفردوسي البصري.

(5)

"عكرمة" هو مولى ابن عباس.

(6)

قوله: (البينة) بالنصب، أي أحضر البينة، أو أقمها، ويجوز الرفع، أي الواجب عليك إحضار البينة، "وإلا" أي وإن لم تحضر فجزاؤك "حدّ في ظهرك"، وإذا ثبت ذلك للقاذف ثبت لكل مُدَّعٍ بالطريق الأولى، لكن لما نزل آية اللعان خُصّ منه قذف الرجل لامرأته، "ف"(8/ 449، 5/ 284)، "خ"(2/ 261).

ص: 570

فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ

(1)

. [طرفاه: 4747، 5307، أخرجه: د 2254، ت 3176، ق 2067، تحفة: 6225].

‌22 - بَابُ الْيَمِينِ بَعْدَ الْعَصْرِ

2672 -

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(2)

، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ

(3)

، عَنِ الأَعْمَشِ

(4)

، عَنْ أَبي صَالِحٍ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ

(6)

، وَلَا يُزَكِّيهِمْ

(7)

، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِلدُّنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ

(8)

،

"بِسِلْعَةٍ" في قتـ، ذ:"سِلْعَةً".

===

(1)

ويجيء في مكانه مع بيانه إن شاء الله تعالى.

(2)

"علي بن عبد الله" المديني.

(3)

الضبّي الكوفي.

(4)

"الأعمش" هو سليمان بن مهران.

(5)

"أبي صالح" هو ذكوان السمان.

(6)

أي: بعين الرحمة.

(7)

أي: من الذنوب، "ع"(9/ 65).

(8)

قوله: (بعد العصر) في الترجمة خصّ هذا الوقت بتعظيم الإثم على من حلف كاذبًا لشهود ملائكة الليل والنهار في ذلك الوقت، ولكونه وقت ارتفاع الأعمال، كذا في "الفتح"(5/ 284).

قال العيني (9/ 65): قوله: "بعد العصر" ليس بقيد بل باعتبار العادة، ومرّ الحديث مع بيانه (برقم: 2358).

ص: 571

فَحَلَفَ بِاللهِ لَقَدْ أَعْطَى

(1)

بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَأَخَذَهَا". [راجع: 2358، أخرجه: م 108، د 3475، س 4462، تحفة: 12338].

‌23 - بَابٌ يُحْلَفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَلَا يُصْرَفُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ

(2)

قَضَى مَرْوَانُ

(3)

بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي، فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ، وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ

(4)

،

"أَعْطَى بِهِ" في ذ: "أُعْطِيَ" ولفظ "به" في هـ: "بِهَا" كما في "قس"(6/ 144). "قَضَى مَرْوَانُ" في نـ: "وَقَضَى مَرْوَانُ".

===

(1)

بفتح الهمزة، "قس"(6/ 144).

(2)

أي: وجوبًا، وهو قول الحنفية والحنابلة، "قس"(6/ 144). [انظر "فتح الباري" (5/ 285)].

(3)

"قضى مروان" هو ابن الحكم الأموي فيما وصله في "الموطأ". [برقم: 1437].

(4)

قوله: (أبى أن يحلف على المنبر) قال في "الفتح"(5/ 285): كأن البخاري احتج بأن امتناع زيد بن ثابت من اليمين على المنبر يدلّ على أنه لا يراه واجبًا، والاحتجاج بزيد أولى من الاحتجاج بمروان، وقد جاء عن ابن عمر نحو ذلك، انتهى. قال القسطلاني

(1)

: وهو قول الحنفية والحنابلة، وذهب الجمهور إلى وجوب التغليظ؛ ففي المدينة عند المنبر، وبمكة بين الركن والمقام، وبغيرهما في المسجد الجامع، انتهى.

(1)

كذا في الأصل، والظاهر:"قال العسقلاني" انظر: "فتح الباري"(5/ 284).

ص: 572

فَجَعَلَ مَرْوَانُ

(1)

يَتَعَجَّبُ مِنْهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(2)

: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ". وَلَمْ يَخُصَّ مَكَانًا دُونَ مَكَانٍ.

2673 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(3)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ

(4)

، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ

(5)

، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ

(6)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ

(7)

لِيَقْتَطِعَ بِهَا

(8)

مَالًا لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ

(9)

". [راجع: 2356].

‌24 - بَاب

(10)

إِذَا تَسَارَعَ قَوْمٌ فِي الْيَمِينِ

(11)

"وَلَمْ يَخُصَّ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ "فَلَمْ يَخُصَّ".

===

(1)

هو ابن الحكم الأموي، كان والي المدينة من جهة معاوية، "ك"(11/ 200).

(2)

"قال النَّبي صلى الله عليه وسلم" فيما تقدم موصولًا في حديث الأشعث [برقم: 2669].

(3)

"موسى بن إسماعيل" التبوذكي المنقري.

(4)

"عبد الواحد" ابن زياد العبدي مولاهم البصري.

(5)

"الأعمش" و"أبي وائل" تقدما.

(6)

هو عبد الله، "قس"(6/ 145).

(7)

ودلالته على الترجمة من حيث إطلاق اللفظ.

(8)

أي: باليمين، "قس"(6/ 145).

(9)

وهذا الحديث قد سبق قريبًا [برقم: 2669]، ولم يظهر لي المطابقة بينه وبين ما ترجم له، [نعم قال شيخ الإسلام زكريا: مطابقته من حيث إنه لم يقيد الحكم بمكان] "قسطلاني"(6/ 146). [وقد ذكر العيني المناسبة بين الحديث والترجمة، انظر: "عمدة القاري" (9/ 555)].

(10)

بالتنوين، "قس"(6/ 146).

(11)

قوله: (باب إذا تسارع قوم في اليمين) أي حيث تجب عليهم

ص: 573

2674 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ

(1)

، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

(2)

، ثَنَا مَعْمَرٌ

(3)

، عَنْ هَمَّامٍ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِي الْيَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ. [أخرجه: د 3617، س في الكبرى 6001، تحفة: 14698].

‌25 - بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]

2675

- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ

(5)

، أَنَا يَزِيدُ بْنُ

" حَدَّثَنَا إسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ" في قتـ، ذ:"حَدَّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ". "ثَنَا مَعْمَرٌ" في نـ: "أَنَا مَعْمَرٌ". "تَعَالَى" في ذ: "عز وجل". "حَدَّثَنَا إسْحَاقُ" في نـ: "حَدَّثَنِي إسْحَاقُ". "أَنَا يَزِيدُ" في نـ: "ثَنَا يَزِيدُ".

===

جميعًا بأيهم يُبْدأ؟، كذا في "الفتح"(5/ 285)، قال العيني (9/ 556): وجواب "إذا" محذوف يبيِّنُه الحديث، يعني: يقرع بينهم، انتهى. قوله:"فأمر أن يسهم بينهم" قال الخطابي (2/ 1312): وإنما يفعل كذلك إذا تساوت درجاتهم في أسباب الاستحقاق، مثل أن يكون الشيء في يد اثنين، كل واحد منهما يدعيه كله، فيريد أحدهما أن يحلف ويستحقَّ، ويريد الآخر مثل ذلك، فيقرع بينهما، فمن خرجت حلف واستحقه، قاله الكرماني (11/ 201). [وانظر "فتح الباري" (5/ 286)].

(1)

هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي البخاري، "قس"(6/ 146).

(2)

"عبد الرزاق" ابن همام الصنعاني.

(3)

"معمر" هو ابن راشد الأزدي مولاهم.

(4)

"همام" هو ابن منبه الصنعاني.

(5)

قوله: (إسحاق) قال الغساني: لم أجده منسوبًا لأحد من شيوخنا، لكن صرّح البخاري بنسبته في "باب شهود الملائكة بدرًا"، قال: حدثنا

ص: 574

هَارُونَ

(1)

، أَنَا الْعَوَّامُ

(2)

، ثَنِي إِبْرَاهِيمُ

(3)

أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ

(4)

، سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى

(5)

يَقُولُ: أَقَامَ رَجُلٌ بِسِلْعَةٍ، فَحَلَفَ بِاللهِ لَقَدْ أَعْطَى

(6)

بهَا مَا لَمْ يُعْطِ، فَنَزَلَتْ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى

(7)

: النَّاجِشُ

(8)

آكِلُ الرِّبَا خَائِنٌ. [راجع: 2088].

"بِسِلْعَةٍ" في نـ: "سِلْعَةً"، وفي أخرى:"سِلْعَتَهُ". "مَا لَمْ يُعْطِ" في نـ: "مَا لَمْ يُعْطَهَا". "وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى" في نـ: "قَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى".

===

إسحاق بن منصور، "ك"(11/ 202)، أو هو ابن راهويه، كما جزم به أبو نعيم الأصبهاني، "قس"(6/ 147).

(1)

"يزيد بن هارون" ابن زاذان أبو خالد الواسطي.

(2)

"العوّام" بتشديد الواو: ابن حوشب.

(3)

ابن عبد الرحمن، "قس"(6/ 147).

(4)

بفتح المهملتين وسكون الكاف الأولى، "ف". [انظر "المغني" (ص: 162)].

(5)

هو علقمة بن خالد الأسلمي، "تقريب" (رقم: 3219).

(6)

بفتح الهمزة والطاء.

(7)

عبد الله بالسند السابق، "قس"(6/ 147).

(8)

قوله: (الناجش) من النجش بالنون والجيم والشين المعجمة، وهو أن يزيد في الثمن لا لرغبة فيها، بل ليخدع غيره، "خ"(2/ 262)[وانظر "شرح الكرماني" (11/ 202)].

ص: 575

2676 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ

(1)

، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ

(2)

، عَنْ شُعْبَةَ

(3)

، عَنْ سُلَيْمَانَ

(4)

، عَنْ أَبِي وَائِلٍ

(5)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ

(6)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبًا لِيَقْتَطِعَ مَالَ رَجُلٍ -أَوْ قَالَ: أَخِيهِ- لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ". فَأَنْزلَ اللهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إِلَى قَولِهِ: {عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، {أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]. [راجع: 2356].

2677 -

فَلَقِيَنِي الأَشْعَثُ

(7)

فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُمْ

"أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ". "لِيَقْتَطِعَ" في نـ: "لِيَقْطَعَ"، وزاد في نـ:"بِهَا". "مَالَ رَجُلٍ" في قتـ، ذ:"مَالَ الرَّجُلِ". "فَأَنْزَلَ اللهُ" زاد في ذ: "عز وجل". "إلَى قَولِهِ: {عَذَابٌ أَلِيمٌ} " كذا في قتـ، ذ، وفي نـ بدله:"الآية"، وسقط ما بعده.

===

(1)

" بشر بن خالد" أبو محمد العسكري.

(2)

"محمد بن جعفر" البصري غندر.

(3)

"شعبة" هو ابن الحجاج.

(4)

"سليمان" هو ابن مهران الأعمش.

(5)

"أبي وائل" شقيق بن سلمة الكوفي.

(6)

ابن مسعود.

(7)

قوله: (فلقيني الأشعث

) إلخ، فإن قلت: هذا مشكل؛ لأن هذا الحديث يدلّ على أن الآية نزلت في قصة الأشعث، وهي وقعت في خصومة بئر بينه وبين غيره، وصرّح الأشعث بذلك كما مرّ [برقم: 2356] و"كتاب الرهن"[ح: 2515] وغيرهما، والحديث السابق يدلّ على أن الآية نزلت في صاحب

ص: 576

عَبْدُ اللهِ

(1)

الْيَوْمَ؟ قُلْتُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فِيَّ نَزَلَتْ. [راجع: 2357].

‌26 - بَابٌ

(2)

كَيْفَ يُسْتَحْلَفُ

(3)

وَقَولُ اللهِ: {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء: 62]. {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ} [التوبة: 56]. {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ} [التوبة: 62]. {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا}

"فِيَّ نَزَلَتْ" في نـ: "فِيَّ أُنْزِلَتْ". "كَيْفَ يُسْتَحْلَفُ" زاد في نـ: "قَالَ تعَالَى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ} ". "وَقَولُ اللهِ" كذا في ذ، وزاد بعده في نـ:"عز وجل"، وفي نـ:"وَقَولِهِ عز وجل". " {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ -إلى- أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} " ثبت في هـ، ذ.

===

السلعة، قلت: لعل الحكاية لم تبلغ إلى ابن أبي أوفى إلا عند إقامة السلعة، فظنّ أنها نزلت في ذلك، أو القصتان وقعتا في وقت واحد فنزلت الآية بعدهما، واللفظ عامّ لهما ولغيرهما، كذا في "الكرماني"(11/ 202)، قال في "الفتح" (5/ 287): ولا تعارض بينهما لاحتمال أن تكون نزلت في كل من القصتين.

(1)

ابن مسعود.

(2)

بالتنوين.

(3)

قوله: (باب كليف يُسْتَحْلف؟) بضم أوله وفتح اللام على البناء للمجهول. قوله: "وقول الله عز وجل: {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ

} إلخ" ذكر من الآيات المناسبة لها، وغرضه بذلك أنه لا يجب تغليظ الحلف بالقول، قال ابن المنذر: اختلفوا فقالت طائفة: يحلفه بالله من غير زيادة، وقال مالك: يحلف بالله الذي لا إله إلا هو، وكذا قال الكوفيون والشافعي، قالوا

(1)

:

(1)

وفي "الفتح"(5/ 287): "قال". والظاهر: "قالوا" كما يظهر من "شرح البخاري" لابن بطال (8/ 67).

ص: 577

[المائدة: 107]، يُقَالُ: بِاللهِ

(1)

وَتَاللهِ

(2)

وَوَاللهِ

(3)

. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَرَجُلٌ حَلَفَ بِاللهِ كَاذِبًا بَعْدَ الْعَصْرِ" وَلَا يُحْلِفُ بِغَيْرِ اللهِ

(4)

.

2678 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(5)

، ثَنِي مَالِكٌ

(6)

، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ،

"ابْنِ مَالِكٍ" ثبت في قتـ، ذ.

===

فإن اتهمه القاضي غلظ عليه، فَيَزيد: عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السرّ ما يعلم من العلانية، ونحو ذلك، وقال ابن المنذر: وبأيِّ ذلك استحلفه أجزأ، "فتح"(5/ 287).

(1)

بالموحدة.

(2)

بالفوقية.

(3)

بالواو، وكلها ورد بها القرآن، "ف"(5/ 288).

(4)

قوله: (ولا يحلف بغير الله) بفتح الياء وكسر اللام، ويجوز ضمُّها وفتحُ اللام، قال في "الفتح" (5/ 288): هو من كلام المصنف على سبيل التكميل

(1)

للترجمة، وذلك مستفاد من حديث ابن عمر ثاني حديثي الباب

(2)

. ثم ذكر في الباب حديثين، أحدهما حديث طلحة، وقد تقدم شرحه في "كتاب الإيمان" (برقم: 46)، والغرض منه هنا قوله:"فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص" فإنه يستفاد منه الاقتصار على الحلف بالله، ثانيهما حديث ابن عمر [برقم: 2679]: "من كان حالفًا فليحلف بالله"، انتهى.

(5)

"إسماعيل بن عبد الله" الأويسي.

(6)

"مالك" الإمام المدني.

(1)

في الأصل: "سبيل التكملة".

(2)

في الأصل: "حديث الباب".

ص: 578

عَنْ أَبِيهِ

(1)

أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ

(2)

يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ

(3)

إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ عَنِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ"، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ"، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: "لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ

(4)

"، قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ"، فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ

(5)

، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفْلَحَ إِنْ

(6)

صَدَقَ". [راجع: 46].

2679 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(7)

، ثَنَا جُوَيْرِيَةُ

(8)

قَالَ:

"هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا" في سـ، قتـ، ذ:"هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ". "وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَصِيَامُ رَمَضَانَ". "فَقاَلَ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ". "هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ" في هـ، حـ، ذ:"هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا". "هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا" في سـ، ذ:"هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ".

===

(1)

مالك بن أبي عامر الأصبحي، "قس"(6/ 149).

(2)

"طلحة بن عبيد الله" ابن عثمان التيمي أحد العشرة المبشرة.

(3)

هو ضمام بن ثعلبة أو غيره، "قس"(6/ 149).

(4)

والمعنى: إلا أن تشرع في التطوع فيجب عليك إتمامه، لقوله تعالى:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، "مرقاة"(1/ 165).

(5)

أي: في الإبلاغ أو في نفس الفريضة، "مرقاة"(1/ 167).

(6)

بكسر الهمزة على الصحيح، "مرقاة"(1/ 167).

(7)

"موسى بن إسماعيل" التبوذكي أبو سلمة البصري.

(8)

"جويرية" ابن أسماء بن عبيد الضبعي.

ص: 579

ذَكَرَ نَافِعٌ

(1)

عَنْ عَبْدِ اللهِ

(2)

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ". [أطرافه: 3836، 6108، 6646، 6648، تحفة: 7625].

‌27 - بَابُ مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ

(3)

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ

(4)

بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ

(5)

". وَقَالَ طَاوُسٌ

(6)

وَإِبْرَاهِيمُ

(7)

وَشُرَيْحٌ

(8)

:

===

(1)

" نافع" مولى ابن عمر.

(2)

"عبد الله" هو ابن عمر رضي الله عنهما.

(3)

قوله: (من أقام البينة بعد اليمين) أي بعد يمين المدعى عليه [سواء رضي المدعي بيمين المدعى عليه] أم لا؟ وقد ذهب الجمهور إلى قبول البينة، وقال مالك في "المدونة": إن استحلفه ولا علم له بالبينة ثم علمها قُبِلت وقضي له بها، وإن علم بها فتركها فلا حق له، وقال ابن أبي ليلى: لا تُسْمع البينة بعد الرضا باليمين، واحتج بأنه إذا حلف فقد برئ، وإذا برئ فلا سبيل عليه، وتُعُقِّب بأنه إنما يبرأ في الظاهر لا في نفس الأمر، "فتح"(5/ 288).

(4)

قوله: (لعل بعضكم ألحن) أي أفطن وأقدر على بيان المقصود وأفصح فيه، مرّ في "كتاب المظالم" (برقم: 2458)، فإن قلت: ما وجه دلالته على الترجمة؟ قلت: لا بد أن يكون لكل من الخصمَين حجةٌ حتى يكون بعضهم ألحن بها من بعض، وذلك إنما يكون إذا جاز إقامة البينة بعد اليمين، "ك"(11/ 205)، "ع"(9/ 560)، "خ"(2/ 263).

(5)

هو طرف من حديث أم سلمة الآتي في هذا الباب، "ف"(5/ 288).

(6)

ابن كيسان.

(7)

أي: النخعي، "ف"(5/ 288).

(8)

القاضي، "قس"(6/ 151).

ص: 580

الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ

(1)

أَحَقُّ مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ.

2680 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ

(2)

، عَنْ مَالِكٍ

(3)

، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

(4)

، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ

(5)

، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ

(6)

: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ، فَإِنَّمَا أقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا". [راجع: 2458].

‌28 - بَابُ مَنْ أَمَرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْدِ

(7)

===

(1)

قوله: (البينة العادلة

) إلخ، غرضه أنه لو حلف المدعى عليه فأقيم البينة بعدها على خلاف ما حلف عليه، كان الاعتبار بالبينة لا باليمين، وكان الحقّ لصاحب البينة، فإن قلت: البينة قد تكون عادلة وغير عادلة، فَلِمَ رجّح جانب البيِّنة؟ قلت: كذبُ شخصٍ واحدٍ أقرب إلى الوقوع من كذب اثنين، سِيّما في الشخص الذي يريد جَرَّ النفع إلى نفسه أو دفعَ الضرر عنه، "كرماني"(11/ 204).

(2)

"عبد الله بن مسلمة" القعنبي.

(3)

"مالك" الإمام المدني.

(4)

ابن الزبير بن العوام.

(5)

"زينب" هي بنت أبي سلمة.

(6)

أم المؤمنين.

(7)

قوله: (باب من أمر بإنجاز الوعد) وجه تعلق هذا الباب بأبواب الشهادات أن وعد المرء كالشهادة

(1)

على نفسه، قاله الكرماني، قال المهلب: إنجاز الوعد مأمور به، مندوب إليه عند الجميع، وليس بفرض،

(1)

في الأصل: "وعد البر فالشهادة".

ص: 581

وَفَعْلِهُ الْحَسَنُ

(1)

(2)

، وَذَكَرَ

(3)

إِسْمَاعِيلَ {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: 54]. وَقَضَى ابْنُ أَشْوَعَ

(4)

بِالْوَعْدِ. وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم،

"وَذَكَرَ إسْمَاعِيلَ" كذا في سفـ، وفي ك:" {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ} ". "ابْنُ أَشْوَعَ" كذا في قتـ، ذ، وفي ذ أَيضًا:"ابنُ الأَشْوَعِ".

===

لاتفاقهم على أن الموعود لا يضارب بما وعد به مع الغرماء، انتهى. ونقلُ الإجماع في ذلك مردود، فإن الخلاف مشهور، لكن القائل به قليل، "فتح"(5/ 290).

(1)

"وفعله" أي انجاز الوعد "الحسن" البصري، "قس"(6/ 153).

(2)

قوله: (وفعله الحسن) أي الأمرَ بإنجاز الوعد، كذا في "الفتح"(5/ 290)، قال الكرماني (11/ 205): الفعل

(1)

بلفظ المصدر، والحسن صفة مشبهة صفة للفعل، وفي بعضها "فَعَلَهُ" بلفظ الماضي، و"الحسنُ" أي البصري.

(3)

أي: الله سبحانه، "الخير الجاري"، وقال الكرماني (11/ 205): ولفظ "ذِكْر" مصدر.

(4)

قوله: (وقضى ابن أشوع) بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح الواو وبالمهملة، الهمداني، قاضي الكوفة، اسمه سعيد بن عمرو بن أشوع، قوله:"بالوعد" أي بإنجاز الوعد، قوله:"وذكر ذلك عن سمرة بن جندب" وقد وقع بيان روايته كذلك عن سمرة في تفسير إسحاق بن راهويه، "ك"(11/ 205)، "ف"(5/ 290).

(1)

في الأصل: "المفعول".

ص: 582

وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ

(1)

، قَالَ:"وَعَدَنِي فَوَفَّانِي". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ

(2)

: وَرَأَيْتُ إِسحَاقَ ابْنَ إِبْرَاهِيمَ

(3)

يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابْنِ أَشْوَعَ

(4)

.

2681 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ

(5)

، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ

(6)

، عَنْ صَالِحٍ

(7)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(8)

، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

(9)

أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ

(10)

أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ:

"قَالَ وَعَدَنِي" في ذ: "فَقَالَ: وَعَدَنِي". "فَوَفَّانِي" كذا في قتـ، ذ، وفي قتـ أيضًا:"فَأَوْفَى لِي"، وفي نـ:"فَوَفَى لِي".

===

(1)

قوله: (وذكر) أي وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم "صهرًا له" يعنى أبا العاص بن الربيع زوجَ زينبَ بنتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: يعني أبا بكر، "فوفى لي" وفي بعضها:"فوفّاني" من التوفية، وفي بعضها:"فأوفاني"، "كرماني"(11/ 205).

(2)

هو المصنف، "ف"(5/ 290).

(3)

ابن راهويه.

(4)

قوله: (بحديث ابن أشوع) أي هذا الذي ذكره عن سمرة بن جندب، والمراد أنه كان يحتج به في القول بوجوب إنجاز الوعد، "فتح"(5/ 290).

(5)

"إبراهيم بن حمزة" أبو إسحاق الزبيري.

(6)

"إبراهيم بن سعد" ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي.

(7)

"صالح" هو ابن كيسان المدني.

(8)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(9)

"عبيد الله بن عبد الله" ابن عتبة بن مسعود.

(10)

صخر بن حرب، والد معاوية.

ص: 583

سَأَلْتُكَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنَهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ

(1)

وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ. قَالَ: وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ. [راجع: 7].

2682 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(2)

، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ

(3)

، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ

(4)

نَافِع بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ

(5)

: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخَلَفَ". [راجع: 33].

"مَاذَا يَأْمُرُكُمْ" في ذ: "مَاذَا يَأْمُرُهُمْ". "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ" في نـ: "بَابٌ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ".

===

(1)

قوله: (والعفاف) بفتح العين، وهو الكَفّ عن المحارم، والمطابقة للترجمة في قوله:"والوفاء بالعهد" كذا قاله العيني (9/ 562)، ومرّ الحديث بتمامه مع بيانه (برقم: 7) في أول الكتاب.

(2)

"قتيبة بن سعيد" الثقفي.

(3)

"إسماعيل بن جعفر" الزرقي الأنصاري.

(4)

"أبي سهيل" الأصبحي التيمي المدني.

(5)

قوله: (آية المنافق ثلاث) ووقع في بعض الروايات "أربع" ولا منافاة، لأن مفهوم العدد ليس بحجة عند الأكثرين، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم علم بثلاث ثم بأربع، كذا في "المرقاة"(1/ 126)، ومرّ الحديث في "كتاب الإيمان" (برقم: 33). قوله: "وإذا وعد أخلف" أي جعل الوعد خلافًا بأن لم يَفِ بوعده، وفيه المطابقة للترجمة، قال علي القاري في "المرقاة" (1/ 126): وليس فيه ما يدلّ على وجوب الوفاء بالوعد؛ لأن ذمَّ الإخلاف إنما هو من حيث تضمُّنُه الكذبَ المذمومَ إن عزم على الإخلاف حال الوعد، لا إن طرأ له كما هو واضح.

ص: 584

2683 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى

(1)

، ثنَا هِشَامٌ

(2)

، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ

(3)

، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

(4)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ

(5)

، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

(6)

قَالَ: لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَالٌ

(7)

مِنْ قِبَلِ

(8)

الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ

(9)

، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَ لهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ،

"ثنَا هِشَامٌ" في نـ: "أَنَا هِشَامٌ". "حَدَّثَنِي عَمْرُو" في نـ: "أَخْبَرَنِي عَمْرُو".

===

(1)

" إبراهيم بن موسى" ابن يزيد الفراء الصغير.

(2)

"هشام" هو ابن يوسف أبو عبد الرحمن اليماني.

(3)

"ابن جريج" عبد الملك الأموي.

(4)

"عمرو بن دينار" المكي.

(5)

"محمد بن علي" ابن الحسين الباقر.

(6)

الأنصاري.

(7)

قوله: (مال) أي من مال البحرين، وسيأتي في "كتاب فرض الخمس" [برقم: 3137]، ومضى شيء من ذلك في "الكفالة" (برقم: 2296) وأشار غير واحد إلى أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن بطال: لما كان النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس بمكارم الأخلاق أدّى أبو بكر مواعيده عنه، ولم يسأل جابرًا البينة على ما ادّعاه؛ لأنه لم يدع شيئًا في ذمة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ادعى شيئًا في بيت المال، وذلك موكول إلى اجتهاد الإمام، "فتح الباري"(5/ 290).

(8)

بكسر القاف، "ك"(11/ 206).

(9)

كان عاملًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقرّه الشيخان عليها إلى أن مات العلاء سنة أربع عشرة، "ك"(11/ 206)، "خ".

ص: 585

أَوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ

(1)

عِدَةٌ، فَلْيَأْتِنَا. قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ: وَعَدَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ جَابِرٌ: فَعَدَّ فِي يَدَيَّ خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ. [راجع: 2296].

2684 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ

(2)

، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ

(3)

، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ

(4)

، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسٍ

(5)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

(6)

قَالَ: سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْحِيَرَةِ

(7)

: أَيَّ الأَجَلَيْنِ قَضَى

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ" في قتـ، ذ:"حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ". "ثَنَا سَعِيدُ" في نـ: "أَنَا سَعِيدُ".

===

(1)

بكسر القاف، "ك" (11/ 206) أي: عنده أو جهته، "خ".

(2)

"محمد بن عبد الرحيم" أبو يحيى صاعقة.

(3)

"سعيد بن سليمان" البغدادي.

(4)

"مروان بن شجاع" مولى مروان بن محمد بن الحكم الأموي.

(5)

"سالم الأفطس" ابن عجلان الأموي.

(6)

"سعيد بن جبير" الأسدي مولاهم.

(7)

قوله: (من أهل الحيرة) بكسر المهملة وسكون التحتية وبالراء: مدينة معروفة عند الكوفة، كانت للنعمان بن المنذر. قوله:"أقدم" بفتح الهمزة والدال. قوله: "على حَبْر العرب" بفتح الحاء وكسرها: العالم. قوله: "أكثرهما" أي عشر سنين، قال تعالى:{فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} [القصص: 27]، والأقلّ ثماني حجج. قوله:"وأطيبهما" أي على نفس شعيب عليه السلام. قوله: "رسول الله" أي موسى، أو أراد جنس الرسول. فإن قلت: ما وجه تعلق هذا الباب بالكتاب؟ قلت: الوعد كالشهادة على

ص: 586

مُوسَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى حِبْرِ الْعَرَبِ فَأَسْأَلَهُ. فَقَدِمْتُ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللهِ إِذَا قَالَ فَعَلَ. [تحفة: 5510].

‌29 - بَابٌ

(1)

لَا يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا

(2)

===

نفسه ونحوه، كذا في "الكرماني"(11/ 207) و"الخير الجاري"(2/ 264)، قال في "الفتح" (5/ 291): والغرض من ذكر هذا الحديث في هذا الباب بيان توكيد الوفاء

(1)

بالوعد؛ لأن موسى عليه السلام لم يجزم بوفاء العشر ومع ذلك فوفاها، انتهى.

(1)

بالتنوين، "قس"(6/ 157).

(2)

قوله: (لا يُسْئل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها) هذه الترجمة معقودة لبيان حكم شهادة الكفار، وقد اختلف في ذلك السلفُ على ثلاثة أقوال، فذهب الجمهور إلى ردِّها مطلقًا، وذهب بعض التابعين إلى قبولها مطلقًا إلا على المسلمين، وهو مذهب الكوفيين، فقالوا: تقبل شهادة بعضهم على بعض، وهي إحدى الروايتين عن أحمد، وأنكرها بعض أصحابه، واستثنى أحمد حالة السفر فأجاز فيها شهادة أهل الكتاب، وقال الحسن وابن أبي ليلى

(2)

والليث وإسحاق: لا تُقْبل مِلّة على مِلّة، وتقبل بعض الْمِلّة على بعضها لقوله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ

} إلخ [المائدة: 14]، وهذا أعدل الأقوال لبعده عن التهمة، واحتج الجمهور بقوله تعالى:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]، وبغير ذلك من الآيات والأحاديث، "فتح الباري"(5/ 292).

(1)

في الأصل: "تأكيد الوفاء".

(2)

في الأصل: "الحسن بن أبي ليلى".

ص: 587

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ

(1)

: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمِلَلِ

(2)

بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَغْرَيْنَا

(3)

بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 14]. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ"، وَقُولُوا:{آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ} [البقرة: 136] الآيَةَ.

2685 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(4)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(5)

، عَنْ يُونُسَ

(6)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(7)

، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ

(8)

، عَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ

(9)

،

"تَعَالَى" في نـ: "عز وجل". "الآية" سقط في نـ.

===

(1)

عامر.

(2)

قوله: (وقال الشعبي: لا تجوز شهادة أهل الملل

) إلخ، وصله سعيد بن منصور "ثنا هشيم ثنا داود عن الشعبي: لا تجوز شهادة ملة على أخرى، إلا المسلمين فإن شهادتهم جائزة على جميع الملل". قوله:"لا تصدِّقوا أهل الكتاب" وصله في تفسير "البقرة"[برقم: 4485]، والغرض منه هنا: النهي عن تصديق أهل الكتاب فيما لا يُعْرَف صدقه من قِبَل غيرهم، فيدلّ على ردِّ شهادتهم وعدم قبولها كما يقول الجمهور، "ف"(5/ 292).

(3)

أي: أوقعنا.

(4)

"يحيى بن بكير" المخزومي مولاهم المصري.

(5)

"الليث" ابن سعد المصري.

(6)

"يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

(7)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(8)

"عبيد الله بن عبد الله بن عتبة" ابن مسعود الهذلي.

(9)

أي: من اليهود والنصارى، "ف"(5/ 292).

ص: 588

وَكِتَابُكُمُ

(1)

الَّذِي أُنْزَلَ عَلَى نَبيِّهِ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللهِ، تَقْرَؤُونَهُ لَمْ يُشَبْ

(2)

، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَاب بَدَّلُوا مَا كَتَبَ الله وَغَيَّرُوا بِأيْدِيهِمُ الْكِتَابَ؟ فَقَالوا:{هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [البقرة: 79]، أَفَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْم عَنْ مَسْألَتِهِمْ، وَلَا وَاللهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. [أطرافه: 7363، 7522، 7523، تحفة: 5851].

‌30 - بَابُ الْقُرْعَةِ

(3)

فِي الْمُشْكِلَاتِ

"هُوَ" في هـ، ذ:"هَذَا". "مَا جَاءَكُمْ" في سـ، قتـ، ذ:"بِمَا جَاءَكُمْ". "عَنْ مَسْألَتِهِمْ" في ذ: "عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ"، وفي نـ:"عَنْ مُسَايَلَتِهِمْ". "فِي الْمُشْكِلَاتِ" في سـ، حـ، ذ:"مِنَ الْمُشْكِلَاتِ".

===

(1)

قوله: (وكتابكم) أي القرآن. قوله: "أحدث الأخبار بالله" أي أقربها نزولًا إليكم، فالحديث بالنسبة إلى المنزل إليهم وهو في نفسه قديم.

وقوله: "لم يُشَب" بضم أوله وفتح المعجمة بعدها موحدة، أي لم يخلط، والغرض منه هنا الردُّ على من يقبل شهادة أهل الكتاب، وإذا كانت أخبارهم لا تُقْبل فشهادتهم مردودة بالأولى؛ لأن باب الشهادة أضيق من باب الرواية، والله أعلم، "فتح"(5/ 292).

(2)

أي: لم يخلط، "ف"(5/ 292)، من الشوب بمعنى الخلط، "خ".

(3)

قوله: (باب القرعة

) إلخ، أي مشروعيتها، ووجه إدخالها في "كتاب الشهادات": أنها من جملة البينات التي تثبت بها الحقوق، فكما تقطع الخصومات والنزاع بالبينة كذلك تقطع بالقرعة، "فتح"(5/ 293).

ص: 589

وَقَوْلِهِ: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44]. وقًالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اقْتَرَعُوا

(1)

فَجَرَتِ الأَقْلَامُ مَعَ الْجِرْيَةِ، وَعَالَ قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الْجِرْيَةَ، فَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّاءُ. وَقَوْلِهِ:{فَسَاهَمَ} أَقْرَعَ {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141] يَعْنِي مِنَ الْمَسْهُومِينَ

(2)

. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَرَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ، فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ

(3)

.

2686 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ

(4)

، ثَنَا أَبِي، ثَنَا الأَعْمَشُ

(5)

، ثَنِي الشَّعْبِيُّ

(6)

أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ:

"وَقَولِهِ" زاد في ذ: "عز وجل". "وَعَالَ" في هـ: "وَعَلا"، [قلت في صـ:"وَعَالَى"، وفي هـ، ذ:"وَعَدَا" بالدال، كما في "قس"(6/ 159)].

===

(1)

قوله: (اقترعوا) يعني عند التنافس في كفالة مريم، وكانوا إذا أرادوا الاقتراع يلقون الأقلام في النهر، فمن علا قلمُه كان الحظّ له، قوله:"وعال" أي ارتفع، و"الجرية" بكسر الجيم للنوع. قوله:" {فَسَاهَمَ} أقرع" هو تفسير ابن عباس، والمُدْحَض المغلوب المقروع وحقيقته: المزلق

(1)

عن مقام الظفر والغلبة، والاحتجاج بها من حيث إنّ شرع من قبلنا شرع لنا، أي ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه، كذا في "الكرماني"(11/ 208 - 209) و"الفتح"(5/ 294)، ووقع في بعض النسخ هذا الحديث في آخر الباب.

(2)

تفسير من ابن عباس.

(3)

مر بيانه عن قريب (برقم: 2674).

(4)

"عمر بن حفص" يروي عن أبيه حفص "ابن غياث" ابن طلق الكوفي.

(5)

"الأعمش" سليمان بن مهران الكوفي.

(6)

"الشعبي" عامر بن شراحيل.

(1)

في الأصل: "حقيقته المزبق".

ص: 590

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُدْهِنِ

(1)

فِي حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا، فَجَعَلَ يَنْقُرُ

(2)

أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: تَأَذَّيْتُمْ بِي، وَلَا بُدَّ لِي مِنَ الْمَاءِ، فَإنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَ أَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ

(3)

". [راجع: 2493].

2687 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(4)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(5)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(6)

، حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ

(7)

امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ قَدْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَتْهُ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ

(8)

طَارَ لَهُمْ سَهْمُهُ فِي السُّكْنَى، حِينَ أَقْرَعَتِ الأَنْصَارُ سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ أمُّ الْعَلَاءِ:

"عَلَى يَدَيْهِ" في ذ: "عَلَى يَدِهِ". "حَدَّثَنِي خَارِجَةُ" في نـ: "أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ"، [قلت: وفي ذ: "حَدَّثَنَا خَارِجَةُ" كما في "قس"(6/ 161)]. "طَارَ لَهُمْ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"طَارَ لَهُ".

===

(1)

بضم الميم وسكون الدال وكسر الهاء، من الإدهان وهو المحاباة في غير حقّ، وهو الذي يُرائي ويُضيع الحقوق ولا يغيّر المنكر، "ع"(9/ 569).

(2)

أي: يحفر، أي: يخرق.

(3)

مرّ الحديث (برقم: 2493) في "الشركة".

(4)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع.

(5)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة.

(6)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(7)

"أم العلاء" الأنصارية بنت الحارث.

(8)

"عثمان بن مظعون" الجمحي القرشي رضي الله عنه.

ص: 591

فَسَكَنَ عِنْدَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَاشْتَكَى

(1)

، فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ وَجَعَلْنَاهُ فِي ثِيَابهِ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ الله عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ

(2)

، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللهُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللهَ أَكْرَمَهُ؟ "، فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي بِأَبِي أَنْتَ وَأمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءَهُ -وَاللهِ- الْيَقِينُ، وَإِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللهِ مَا يُفْعَلُ بِهِ

(3)

"، قَالَتْ: فَوَاللهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا، فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ، قَالَتْ: فَنِمْتُ فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ

(4)

عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "ذَلِكِ

(5)

عَمَلُهُ

(6)

". [راجع: 1243].

"فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَأَحْزَنَنِي". "فَأُرِيتُ" في هـ، ذ:"فَرَأَيتُ". "ذَلِكِ عَمَلُهُ" في ذ: "ذَاكِ عَمَلُهُ".

===

(1)

أي: مرض.

(2)

كنية عثمان.

(3)

قوله: (ما يُفْعل به) أي بعثمان؛ لأنه لا يعلم من ذلك إلا ما يوحى إليه، كذا في "العيني"(6/ 22)، وقد مرّ الحديث في "كتاب الجنائز" (برقم: 1243). قال في "الفتح"(5/ 294): والغرض منه هنا: قولها فيه: "أن عثمان بن مظعون طار له سهمه في السكنى"، ومعنى ذلك أن المهاجرين لما دخلوا المدينة لم يكن لهم مساكن، فاقترع الأنصار في إنزالهم، فصار عثمان بن مظعون لآل أم العلاء فنزل فيهم.

(4)

ابن مظعون.

(5)

بكسر الكاف، "قس"(6/ 162).

(6)

قوله: (ذلك عمله) قيل: وإنما عبّر الماء بالعمل وجريانه بجريانه؛

ص: 592

2688 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ

(1)

، أَنَا عَبْدُ اللهِ

(2)

، أَنَا يُونُسُ

(3)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(4)

، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ

(5)

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ

(6)

، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ

(7)

وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(8)

. [راجع: 2593].

"أَنَا عَبْدُ اللهِ" في نـ: "ثَنَا عَبْدُ اللهِ".

===

لأن كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطًا فإن عمله ينمو إلى يوم القيامة، كذا في "الكرماني"(11/ 211) وفي الحديث دليل على أنه لا يُجْزَم لأحد بالجنة إلا ما نصّ عليه الشارع كالعشرة المبشَّرة وأمثالهم، سيما والإخلاص أمر قلبي لا اطلاع لنا عليه، وفيه مواساة الفقراء الذين ليس لهم مال ولا منزل ببذل المال وإباحة المنزل، وفيه جواز القرعة، وفيه الدعاء للميت، "ع"(6/ 23).

(1)

"محمد بن مقاتل" بكسر التاء المروزي المجاور بمكة.

(2)

"عبد الله" هو ابن المبارك.

(3)

"يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

(4)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(5)

"عروة" هو ابن الزبير بن العوام.

(6)

تطييبًا لقلوبهنّ، "قس"(6/ 162).

(7)

"سودة بنت زمعة" أم المؤمنين رضي الله عنها.

(8)

هذا الحديث مرّ (برقم: 2593) في "كتاب الهبة".

ص: 593

2689 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(1)

، ثَنِي مَالِكٌ

(2)

، عَنْ سُمَيِّ

(3)

مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ

(4)

، عَنْ أَبِي صَالِحٍ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا

(6)

عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا

(7)

، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا". [راجع: 615].

"حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ" في ذ: "حَدَّثَنِي إسْمَاعِيلُ".

===

(1)

" إسماعيل" هو ابن أبي أويس عبد الله الأصبحي.

(2)

"مالك" الإمام المدني.

(3)

بضم المهملة وفتح الميم

(1)

وشدّة التحتية، "ك"(11/ 211).

(4)

"سمي مولى أبي بكر" ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

(5)

"أبي صالح" هو ذكوان الزيات.

(6)

أي: يقترعوا، "قس"(6/ 163).

(7)

قوله: (لَاسْتَهَموا) أي لاقترعوا، قوله:"التهجير" التبكير إلى الصلوات. قوله: "ما في العتمة" أي صلاة العشاء، قوله:"ولو حبوًا" وهو المشي على يديه وركبتيه، "ع"(4/ 175).

[تنبيه: في "التوضيح"(6/ 673): والقُرْعةُ في المشكلات سنة عند جمهور الفقهاء في المُسْتَوِين في الحُجة؛ ليعدل بينهم وتطمئن قلوبهم، وترتفع الظنة عمن تولى قسمتهم، ولا يفضل أحد منه على صاحبه، إذا كان المقسوم من جنس واحد، اتباعًا للكتاب والسنة، وقد أسلفنا قريبًا أنه عمل بها ثلاثة من الأنبياء: يونس وزكريا ونبينا.

واستعمالها كالإجماع من أهل العلم، فيما يقسم بين الشركاء].

* * *

(1)

في الأصل: "وفتح الهمزة" وهو خطأ.

ص: 594

بسم الله الرحمن الرحيم

‌53 - كِتَابُ الصُّلْحِ

(1)

‌1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ

وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} الآية [النساء: 114]، وَخُرُوجِ الإِمَامِ إِلَى الْمَوَاضِعِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ بِأَصْحَابِهِ.

"كِتَابُ الصلحِ" كذا في صـ، قتـ، سفـ، وفي صغـ:"أَبْوَابُ الصُّلحِ"، وفي كـ:"بَابُ الصلحِ"، وحذف هذا كله في رواية أبي ذر، واقتصر على قوله:"مَاجَاءَ في الإصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ"، وزاد بعده في صـ، هـ، ذ:"إذَا تَفَاسَدُوا". "تَعَالَى" في ذ: "عز وجل". " {أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} " سقط في نـ.

===

(1)

قوله: (كتاب الصلح) كذا للنسفي والأصيلي وأبي الوقت، ولغيرهم "باب"، وفي نسخة الصغاني "أبواب الصلح - باب ما جاء"، وحُذِف هذا كلُّه في رواية أبي ذر، واقتصر على قوله:"في الإصلاح بين الناس" وزاد عن الكشميهني: "إذا تفاسدوا".

والصلح أقسام: صلح المسلم مع الكافر، والصلح بين الزوجين، والصلح بين الفئة الباغية والعادلة، والصلح في الجراح

(1)

كالعفو على مال، والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت المزاحمة إما في الأملاك أو في المشتركات كالشوارع، وهذا الأخير هو الذي يتكلم فيه أصحاب الفروع،

(1)

في الأصل: "في الخراج".

ص: 595

2690 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ

(1)

، ثَنَا أَبُو غَسَّانَ

(2)

، ثَنِي أَبُو حَازِمٍ

(3)

، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

(4)

: أَنَّ أُنَاسًا

(5)

مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ

(6)

كانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ مِنْ

"ثَنَا أَبُو غَسَّانَ" في صـ: "أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ". "كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ" في هـ، ذ:"كَانَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ".

===

وأما المصنف فترجم هنا لأكثرها. قوله: "وقول الله عز وجل: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} الآية" التقدير: إلا نجوى من أمر بصدقة فإنّ في نجواه الخيرَ، وهو ظاهر في فضل الإصلاح. قوله:"وخروج الإمام" إلى آخر بقية الترجمة، ثم أورد المصنف حديثين: أحدهما حديث سهل بن سعد في ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى الإصلاح بين بني عمرو بن عوف، وقد تقدّم (برقم: 684) في "كتاب الإمامة"، وهو ظاهر فيما ترجم له، "فتح"(5/ 298).

(1)

"سعيد بن أبي مريم" هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم، أبو محمد الجمحي مولاهم المصري.

(2)

"أبو غسان" هو محمد بن مطرف الليثي المدني.

(3)

"أبو حازم" بالحاء المهملة والزاي، هو سلمة بن دينار.

(4)

"سهل بن سعد" الساعدي.

(5)

لم يُسَمَّوا، "قس"(6/ 165).

(6)

قوله: (من بني عمرو بن عوف) بطن كبير من الأوس وكانوا نقباء، قوله:"في التصفيح" ولأبي ذر عن الكشميهني: "بالتصفيق"، والتصفيق: الضرب الذي يُسْمع له صوت، والتصفيق باليد: التصويت بها، والتصفيق هو التصفيح بالحاء سواء صفق بيده أو صفّح، وقيل: هو بالحاء الضربُ بظاهر اليد إحداهما على صفحة الأخرى، وهو الإنذار والتنبيه،

ص: 596

أَصْحَابِهِ

(1)

يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حُبِسَ، وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَأخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيحِ حَتَّى أَكْثَرُوا، وَكَانَ أبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ،

"فِي التَّصْفِيحِ" كذا في ذ، وفي هـ، ذ:"بِالتَّصْفِيقِ"، وفي نـ:"بِالتَّصْفِيحِ".

===

وبالقاف ضرب إحدى الصفحتين على الأخرى، وهو اللهو واللعب، قوله:"لا يكاد يلتفت في الصلاة" وذلك لعلمه بالنهي عن ذلك. قوله: "فرفع أبو بكر يديه" ظاهره أنه حمد الله بلفظه صريحًا، لكن في رواية الحميدي عن سفيان:"فرفع أبو بكر رأسه إلى السماء شكرًا لله ورجع القهقرى"، وادّعى ابن الجوزي أنه أشار بالشكر والحمد بيده ولم يتكلم، وليس في رواية الحميدي ما يمنع أن يكون بلفظه، ويقوِّي ذلك ما رواه أحمد (5/ 338) من رواية عبد العزيز الماجشون عن أبي حازم:"يا أبا بكر لِمَ رفعتَ يديك، وما منعك أن تثبت حين أشرت إليك؟ قال: رفعتُ يدي لأني حمدت الله على ما رأيتُ منك"، قوله:"ثم رجع القهقرى" قال العيني: تأخُّرُ أبي بكر وتقدُّمُه صلى الله عليه وسلم من خواصّه صلى الله عليه وسلم، وادّعى ابن عبد البر الإجماعَ على عدم جواز ذلك لغيره، هذا كله ملتقط من "العيني"(4/ 292 - 293)، قال الكرماني (12/ 4): فإن قلت: لِمَ خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: علم بالقرائن أنه ليس للوجوب، انتهى.

(1)

سُمِّيَ منهم: أبي بن كعب وسهل بن بيضاء في "الطبراني"، "قس"(6/ 165).

ص: 597

فَالْتَفَتَ

(1)

فَإِذَا هُوَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ورَاءَهُ فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا هُوَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرِ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى

(2)

وَرَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ، إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللهِ سُبحَانَ اللهِ، فَإِنَّهُ لا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا الْتَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ لَمْ تُصَلِّ؟! "، فَقَالَ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [راجع: 684، تحفة: 4755].

2691 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(3)

، ثَنَا مُعْتَمِرٌ

(4)

قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي أَنَّ

"فَأَمَرَهُ أَنْ يُصلِّيَ" كذا في صـ، هـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"فَأَمَرَهُ يُصَلِّي". "يَدَيهِ" في نـ: "يَدَهُ" مصحح عليه. "فَحَمِدَ اللهَ" زاد في صـ: "وَأَثْنَى عَلَيهِ". "فَتَقَدَّمَ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"وَتَقَدَّمَ". "أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ" في هـ، ذ:"أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيقِ". قوله: "يَا أَبَا بَكْرٍ" وقوله: "لَمْ تُصلِّ" صحح عليهما في النسخة الهندية. "حِينَ أَشَرْتُ إلَيْكَ" في صـ، قتـ، ذ:"حِينَ أُشيرُ إلَيْكَ". "بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ" في صـ: "بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ".

===

(1)

لما أكثروا التصفيق، "قس"(6/ 166).

(2)

كي لا يستدبر القبلة ولا ينحرف عنها، "قس"(6/ 166).

(3)

"مسدد" بضم الميم وفتح المهملة وتشديد المهملة الأولى، هو ابن مسرهد الأسدي.

(4)

"معتمر" بضم الميم الأولى وكسر الميم الثانية، يروي عن أبيه سليمان بن طرخان.

ص: 598

أَنَسًا

(1)

قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ

(2)

أَتَيْتَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ

(3)

، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَكِبَ

(4)

حِمَارًا

(5)

، فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ

(6)

مَعَهُ

(7)

، وَهِيَ

(8)

أَرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِلَيْكَ

(9)

عَنِّي، وَاللهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ

(10)

مِنْهُمْ: وَاللهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ. فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللهِ

(11)

"قَالَ: إلَيْكَ عَنِّي" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"فَقَالَ: إلَيْكَ عَنِّي".

===

(1)

" أنسًا" هو ابن مالك.

(2)

قوله: (لو) للتمني، فلا تحتاج إلى جواب، أو على أصلها، والجواب محذوف، أي: لكان خيرًا، ونحو ذلك، "قسطلاني"(6/ 167).

(3)

"عبد الله بن أبي" أي ابن سلول الخزرجي.

(4)

جملة حالية، "قس"(6/ 167).

(5)

قوله: (وركب حمارًا) فيه بيان للواقع وتمهيد للذكر لما هو بعده، قوله:"سبخة" بفتح الباء الموحدة واحدة السباخ، وأرض سبخة بكسرها ذات سباخ، تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت، ومعنى "إليك عني" تَنَحَّ عني، و"الجريد" الغصن الذي تجرّد عنه الخوص، "ك"(12/ 4)، "خ"(2/ 266).

(6)

حال كونهم، "قس"(6/ 167).

(7)

عليه السلام.

(8)

أي: الأرض التي مرّ فيها رضي الله عنه، "قس"(6/ 167).

(9)

أي: تَنَحّ، "قس"(6/ 167).

(10)

هو عبد الله بن رواحة، "قس"(6/ 167).

(11)

ابن أُبيّ، "ف"(5/ 298).

ص: 599

رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ

(1)

فَشَتَمَا، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأَيْدِي وَالنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا

(2)

أَنَّهَا نَزَلَتْ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ

(3)

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]. [أخرجه: م 1799، تحفة: 876]. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ هذا مِمَّا انتَخَبْتُ مِنْ مُسَدَّدٍ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ وَيُحَدِّثَ.

"فَشَتَمَا" في هـ، ذ:"فَشَتَمَهُ". "ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ" فى هـ، ذ:"ضَرْبٌ بِالْحَدِيدِ". "نَزَلَتْ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"أُنْزِلَتْ". "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ

" إلخ، ثبت في صغـ.

===

(1)

قوله: (رجل من قومه) لم أقف على اسمه، قاله ابن حجر. قوله:"فشتما" كذا للأكثر، وفي رواية الكشميهني:"فشتمه". قوله: "ضربٌ بالجريد" كذا للأكثر بالجيم والراء، وفي رواية الكشميهني:"بالحديد" بالمهملة والدال، والأول أصوب، ووقع في حديث أسامة:"فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا"، "فتح"(5/ 298).

(2)

القائل لذلك هو أنس، "ف"(5/ 298).

(3)

قوله: (فبلَغَنا أنها نزلت: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ}) قال ابن بطال: يستحيل نزولها في قصة عبد الله بن أُبَيٍّ وأصحابه؛ لأن أصحاب عبد الله ليسوا بمؤمنين، وقد تعصَّبوا له بعد الإسلام في قصة الإفك، وقد رواه البخاي في كتاب الاستئذان عن أسامة بن زيد:"أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ في مجلس فيه أخلاط من المشركين والمسلمين وعبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبد الله بن أبي"، فذكر الحديث [برقم: 6254]، فدلّ على أن الآية لم تنزل فيه، وإنما نزلت في قوم من الأوس والخزرج اختلفوا في حقٍّ فاقتتلوا بالعصي والنعال، "تنقيح" (2/ 596) [وانظر:"عمدة القاري"(9/ 575)].

ص: 600

‌2 - بَابٌ

(1)

لَيْسَ الْكَاذِبُ

(2)

الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ

2692 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(3)

، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ

(4)

، عَنْ صَالِحٍ

(5)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(6)

: أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(7)

أَخْبَرَهُ: أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بنْتَ عُقْبَةَ

(8)

أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيْسَ الْكَذَّابُ

(9)

الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا

(10)

،

"الَّذِي يُصْلِحُ" في صـ، قتـ:"بِالَّذِي يُصْلِحُ".

===

(1)

بالتنوين، "قس"(6/ 168).

(2)

قوله: (ليس الكاذب

) إلخ، ترجم بلفظ "الكاذب" وساق الحديث بلفظ "الكذّاب"، واللفظ الذي ترجم به لفظ معمر عن ابن شهاب وهو عند مسلم، وكان حقّ السياق أن يقول: ليس من يصلح بين الناس كاذبًا، لكنه ورد على طريق القلب وهو سائغ، "فتح"(5/ 299).

(3)

"عبد العزيز بن عبد الله" الأويسي.

(4)

"إبراهيم بن سعد" ابن إبراهيم الزهري.

(5)

هو ابن كيسان المدني، "تقريب" (برقم: 2884).

(6)

"ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري.

(7)

ابن عوف.

(8)

ابن أبي معيط أخت عثمان بن عفان لأمه، "قس"(6/ 168).

(9)

قوله: (ليس الكذّاب) أي ليس الكاذب، كما في رواية معمر، أي ليس عليه إثم الكذب، "خ"(2/ 267).

(10)

قوله: (فينمي خيرًا) قال الخطابي: يقال: نمى الخير إذا رفعه وبلغه على وجه الإصلاح، وأنماه إذا بلغه على وجه الإفساد

(1)

، وفيه الرخصة

(1)

في الأصل: "الفساد".

ص: 601

أَوْ يَقُولُ خَيْرًا

(1)

". [أخرجه: م 2605، د 4920، ت 1938، س في الكبرى 8642، تحفة: 18353].

‌3 - بَابُ قَوْلِ الإِمَامِ لأَصْحَابِهِ

(2)

: اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحْ

(3)

2693 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(4)

، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ

(5)

بْنُ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيُّ وَإِسْحَاقُ

(6)

بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ -إلى- الْفَرْوِيُّ" كذا في ك، وفي سفـ، جا:"حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيُّ وإسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ الفَرْوِيُّ".

===

في أن يقول الرجل في الإصلاح ما لم يسمع من القول، قال القاضي البيضاوي: أي يبلغ خير ما سمعه ويدع شرّه، "ك"(12/ 5).

(1)

شك من الراوي، "ف"(5/ 199).

(2)

قوله: (باب قول الإمام لأصحابه

) إلخ، ذكر فيه طرفًا من حديث سهل بن سعد الماضي في أول "كتاب الصلح"، وهو ظاهر فيما ترجم له، وقوله في أول الإسناد:"حدثنا محمد بن عبد الله" كذا للأكثر، ووقع في رواية النسفي وأبي أحمد الجرجاني بإسقاطه، فصار الحديث عندهما عن البخاري عن عبد العزيز وإسحاق، وعبد العزيز الأويسي من مشايخ البخاري، وهو الذي أخرج عنه الحديث الذي في الباب قبله، وروى عنه هنا بواسطة، وكذلك إسحاق بن محمد الفروي حدّث عنه بواسطة وبغير واسطة، ومحمد بن جعفر شيخهما، "ف"(5/ 300).

(3)

بالرفع على أن الجملة حال، وبالجزم على أنه جواب الأمر.

(4)

"محمد بن عبد الله" هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي.

(5)

شيخ المؤلف، "قس"(6/ 169).

(6)

هذا أيضًا من مشايخ المؤلف، "قس"(6/ 169).

ص: 602

جَعْفَرٍ

(1)

، عَنْ أَبِي حَازِمٍ

(2)

، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

(3)

: أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَقَالَ:"اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ". [راجع: 684، تحفة: 4749].

‌4 - بَابُ قَوْلِ اللهِ: {أَنْ يَصَّالَحَا

(4)

بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]

2694 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(5)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(6)

، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

(7)

، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا

(8)

أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] قَالَتْ: هُوَ الرَّجُلُ يَرَى مِنِ امْرَأَتِهِ مَا لَا يُعْجِبُهُ، كِبَرًا

(9)

أَوْ غَيْرَهُ، فَيُرِيدُ فِرَاقَهَا، فَتَقُولُ: أَمْسِكْنِي، وَاقْسِمْ لِي مَا شِئْتَ.

"فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ" في صـ: "فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ". " {أَنْ يَصَّالَحَا} " كذا في شحج، وفي نـ:" {أَنْ يَصَّالَحَا} ". "كِبَرًا أَوْ غَيْرَهُ" في سـ، حـ، ذ:"كِبَرًا وَغَيْرَهُ"، وفي هـ، ذ:"كِبَرًا وَغَيْرَةً".

===

(1)

" محمد بن جعفر" هو ابن أبي كثير.

(2)

"أبي حازم" سلمة بن دينار.

(3)

"سهل بن سعد" الساعدي الأنصاري.

(4)

بفتح التحتية والمهملة المشدّدة، أصله: يتصالحا، "خ".

(5)

"قتيبة بن سعيد" أبو رجاء الثقفي.

(6)

"سفيان" هو ابن عيينة.

(7)

ابن الزبير، "قس"(6/ 170).

(8)

كراهة كَلّ صاحبه وسوء عشرته له، "مجمع"(4/ 724).

(9)

قوله: (كبرًا) بالنصب بيان لـ "ما"

(1)

أي كبر السن أو غيره من سوء

(1)

في الأصل: "بيانا لما".

ص: 603

قَالَتْ: فَلَا بَأْسَ إِذَا تَرَاضَيَا. [راجع: 2450، تحفة: 16931].

‌5 - بَابٌ إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحٍ جَوْرٍ فَهُوَ مَرْدُودٌ

(1)

2695 و 2696 - حَدَّثَنَا آدَمُ

(2)

، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ

(3)

، ثَنَا الزُّهْرِيُّ

(4)

، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَا: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ الله،

"فَلَا بَأْسَ" في ذ: "وَلَا بَأْسَ". "فَهُوَ مَرْدُودٌ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"فَالصُّلحُ مَرْدُودٌ".

===

خُلق أو خَلْق، وفي بعضها "وغيره" بالواو، "ك"(12/ 6)، "خ"(2/ 267).

(1)

قوله: (إذا اصطلحوا على صلح جور فهو مردود) يجوز في "صلح [جور] " الإضافة، وأن يُنَوَّنَ صلح، ويكون جور صفة له، فيه حديث أبي هريرة وزيد بن خالد في قصة العسيف، وسيأتي شرحها

(1)

في "كتاب الحدود"[ح: 6827] إن شاء الله تعالى، والغرض منه هنا قوله:"الوليدة والغنم ردٌّ عليك"؛ لأنه في معنى الصلح عما وجب على العسيف من الحدِّ، ولما كان ذلك لا يجوز في الشرع كان جورًا، "فتح الباري"(5/ 301).

(2)

"آدم" هو ابن أبي إياس العسقلاني.

(3)

"ابن أبي ذئب" هو محمد بن عبد الرحمن.

(4)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(5)

ابن عتبة بن مسعود، "قس"(6/ 171).

(1)

في الأصل: "شرحه في".

ص: 604

فَقَامَ خَصْمُهُ

(1)

قَالَ: صَدَقَ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: إِنَّ ابْنِي

(2)

كَانَ عَسِيفًا

(3)

(4)

عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ

(5)

، فَقَالُوا لِي: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ، فَفَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَاب اللهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ

(6)

،

"فَاقْضِ بَيْنَنَا" كذا في صـ، سـ، هـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"اقْضِ بَيْنَنَا". "جَلْدُ مِائَةٍ" في صـ: "جَلْدُهُ مِائَةٌ"، وفي نـ:"جَلْدٌ مِائَةٌ". "فَرَدٌّ عَلَيْكَ" في سـ، حـ، قتـ، ذ:"فَتَردّ علَيكَ"، وفي نـ:"فيردّ عَليك".

===

(1)

لم يسمّ، "قس"(6/ 171).

(2)

لم يسمّ، "قس"(6/ 172).

(3)

أي: أجيرًا.

(4)

قوله: (فقال الأعرابي: إن ابني كان عسيفًا) و"في الشروط"[ح: 2724]: "فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه: نعم فاقض بيننا بكتاب الله وائذَنْ لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل، قال: إن ابني كان عسيفًا" وظاهر هذه الرواية أن القائل: "إن ابني كان عسيفًا" هو الثاني لا الأول، وجزم الكرماني بأنه الأول لا الثاني، ولعله تمسّك بقوله هنا:"فقال الأعرابي: إن ابني" لكن قال الحافظ ابن حجر (12/ 139): إن قوله: "فقال الأعرابي: إن ابني" زيادة شاذّة وأن المحفوظ في سائر الطرق غير ما هنا، انتهى، وسيأتي (برقم: 2724).

(5)

لم تسمّ، "قس"(6/ 172).

(6)

هذا داخل في الحدّ عند بعض العلماء، وعندنا هو سياسة وتعزير، "لمعات" [انظر:"بذل المجهود"(12/ 525)].

ص: 605

وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ

(1)

-لِرَجُلٍ- فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا". فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا. [حديث: 2695 راجع: 2315، حديث: 2696، راجع: 2314].

2697 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ

(2)

، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ

(3)

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

"يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ" كذا في ك، وفي نـ:"يَعْقُوبُ". "قَالَ النَّبِيُّ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"قَالَ رَسُولُ اللهِ".

===

(1)

قوله: (يا أُنيس) وهو تصغير أنس بن الضحاك الأسلمي، وإنما خص أُنيسًا بهذا الحكم لأنه من قبيلة المرأة، وقد كانوا ينفرون من حكم غيرهم، كذا في "الكرماني"(12/ 7)، قال النووي (6/ 223): هذا محمول على إعلام المرأة

(1)

بأن أبا العسيف قذفها بابنه، فيعرفها بأن لها عنده حد القذف

(2)

هل هي طالبة به أم تعفو عنه أو تعترف بالزنا؟ فإن اعترفت فلا يحدّ القاذف وعليها الرجم؛ لأنها كانت محصنة، ولا بد من هذا التأويل؛ لأن ظاهره إنما بعث لطلب إقامة حد الزنا وتجسسه وهذا غير مراد؛ لأن حد الزنا لا يتجسس ولا ينقر

(3)

بل لو أقر به الزاني استحب أن يلقّن الرجوع، كذا في "الطيبي"(7/ 119).

(2)

"إبراهيم بن سعد" المذكور "عن أبيه" سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.

(3)

ابن الصديق.

(1)

في الأصل: "مجهول على إعلامه".

(2)

في الأصل: "بأن لها حد القذف عنده".

(3)

في الأصل: "لا يتجسس ولا ينفو".

ص: 606

"مَنْ أَحْدَثَ

(1)

فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنهُ فَهُوَ رَدٌّ

(2)

". رَوَاهُ

(3)

عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ

(4)

، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. [أخرجه: م 1718، د 4606، ق 14، تحفة: 17455].

‌6 - بَابٌ كَيْفَ يُكْتَبُ: هَذَا مَا صَالَحَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ

(5)

إِلَى قَبِيلَتِهِ، أَوْ نَسَبِهِ

"لَيْسَ مِنهُ" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"لَيسَ فِيهِ". "هَذَا مَا صَالَحَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ" في شحج: "هَذَا مَا صَالَحَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ". "إلَى قَبِيلَتِهِ" في صـ، ذ:"إلَى قَبِيلَةٍ".

===

(1)

قوله: (من أحدث) أي جدّد وابتدع "في أمرنا هذا" أي في دين الإسلام "فهو" أي الذي أحدثه "رَدٌّ" أي مردود عليه، قال القاضي: المعنى: من أحدث في الإسلام رأيًا لم يكن له من الكتاب والسنة سند ظاهر أو خفي، ملفوظ أو مستنبط، فهو مردود عليه؛ لأن أمر الإسلام كمل وظهر، فمن حاول الزيادة فقد حاول أمرًا غير مرضي، كذا في "المرقاة"(1/ 365 - 366).

قال ابن حجر في "الفتح"(5/ 302): هذا الحديث معدود من أصول الإسلام فإنّ معناه: من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يُلْتفت إليه، انتهى.

(2)

مطابقته للترجمة ظاهرة فإنّ ما ليس من الدِّين ظلمٌ، "الخير الجاري".

(3)

أي: الحديث، وصله مسلم [برقم: 1718]، "قس"(6/ 174).

(4)

المدني، وصله الدارقطني [برقم: 80]، "قس"(6/ 174).

(5)

قوله: (وإن لم ينسبه

) إلخ، أي يكتفي في أول الوثائق بالاسم المذكور، ولا يلزم ذكر الجدة أو البلدة أو نحوها، قاله الكرماني (12/ 8)، قال في "الفتح" (5/ 304): هذا إذا كان مشهورًا بدون ذلك بحيث يؤمن

ص: 607

2698 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(1)

، ثَنَا غُنْدُرٌ

(2)

، ثَنَا شُعْبَةُ

(3)

، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

(4)

قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ

(5)

قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ كَتَابًا، فَكَتَبَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَا تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولًا لَمْ نُقَاتِلْكَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ:"امْحُهُ"، قَالَ عَلِيٌّ: مَا أَنَا بِالَّذِي

"كَتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ" في نـ: "كَتَبَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَهُمْ". "رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم" سقطت التصلية في نـ. "قَالَ عَلِيٌّ: مَا أَنَا" كذا في قتـ، ذ، وفي نـ:"فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَنَا".

===

اللبس فيه. قوله: "الحديبية" بتخفيف الياء وتُشدَّد. قوله: "بينهم" أي بين المسلمين والمشركين. قوله: "كتابًا" بالصلح على أن توضع الحرب بينهم عشر سنين. قوله: "فكتب: محمد رسول الله" فيه حذف، أي هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله.

قوله: "امحه" بفتح الحاء المهملة وضمها، فإن قلت: كيف جاز لعلي رضي الله عنه مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم؟ قلت: علم بالقرينة أنه ليس للإيجاب، كذا في "الكرماني" (12/ 8) و"الخير الجاري" (2/ 267). قوله:"بجلبان" بضم جيم وسكون لام: شبه الجراب من الأدم، يوضع فيه السيف مغمودًا ويطرح فيه السوط، وروي بضم جيم ولامٍ وشدة باء، كذا في "مجمع البحار"(1/ 367).

(1)

"محمد بن بشار" العبدي البصري.

(2)

"غندر" لقب محمد بن جعفر البصري.

(3)

"شعبة" ابن الحجاج العتكي.

(4)

"أبي إسحاق" عمرو بن عبد الله السبيعي.

(5)

الأنصاري.

ص: 608

أَمْحَاهُ، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَدْخُلُوهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، فَسَألُوهُ: مَا جُلُبَّانُ السِّلَاحِ؟ قالَ: الْقِرَابُ

(1)

بِمَا فِيهِ

(2)

. [راجع: 1781، أخرجه: م 1783، د 1832، تحفة: 1871].

2699 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسى

(3)

، عَنْ إِسْرَائِيلَ

(4)

، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

(5)

، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ

(6)

يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامِ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَقَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَا، فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا مَنَعْنَاكَ،

"بَيَدِهِ" ثبت في سـ، هـ، ذ. "عَنِ الْبَرَاءِ" في صـ:"عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ". "مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ" زاد في نـ: "صلى الله عليه وسلم". "فَقَالُوا: لَا نُقِرُّ" في نـ: "قَالُوا: لَا نُقِرُّ". "فَلَوْ نَعْلَمُ" في ذ: "وَلَوْ نَعْلَمُ".

===

(1)

وعاء من جلد، "مجمع"(4/ 246).

(2)

ليكون ذلك أمارة للسلم، "ك"(12/ 9).

(3)

"عبيد الله بن موسى" أبو محمد العبسي.

(4)

"إسرائيل" ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.

(5)

"أبي إسحاق" هو عمرو السبيعي المذكور.

(6)

قوله: (أن يَدَعوه) أي يتركوه. قوله: "قاضاهم" أي صالحهم. قوله: "لا نُقِرّ بها" أي بالرسالة، فإن قلت:"لو" للماضي فما فائدة العدول إلى المضارع؟ قلت: ليدل على الاستمرار، أي استمرّ عدم علمنا برسالتك كقوله تعالى:{لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: 7]، "ك"(12/ 9)، "خ"(2/ 267).

ص: 609

لَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:"أَنَا رَسُولُ اللهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ"، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ:"امْحُ رَسُولُ اللهِ"، قَالَ: لَا، وَاللهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْكِتَابَ، فَكَتَبَ

(1)

: هَذَا مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ بِسِلَاحٍ إِلَّا فِي الْقِرَابِ،

"مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ" في هـ، ذ:"مَا قَاضَى عَلَيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ". "لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ بِسِلَاحٍ" كذا في صـ، قتـ، وفي قتـ، ذ:"لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ سِلَاحًا"، وفي نـ:"لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلَاحٌ".

===

(1)

قوله: (فكتب

) إلخ، قال الكرماني (12/ 9 - 10): فإن قلت: وصفه الله في القرآن بأنه أميٌّ فكيف أسند إليه الكتابة؟ قلت: الأمي من لا يحسن الكتابة لا من لا يكتب، أو إسناده مجازي؛ لأنه هو الآمر بها، أو كتبه خارقًا للعادة على سبيل المعجزة. قوله:"هذا" إشارة إلى ما في الذهن، و"ما قاضى" خبره مفسِّر له، وقوله:"لا يدخل" تفسير للتفسير. قوله: "دخلها" أي في العام المقبل، و"مضى الأجل" أي قرب انقضاء الأجل كقوله تعالى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234 والطلاق: 2] ولا بد من هذا التأويل لئلا يلزم عدم الوفاء بالشرط. قوله: "يا عمّ" فيه إضمار أو تجوُّزٌ إذ عليٌّ هو ابن عمِّها لا عمُّها، قوله:"دونكِ ابْنَةَ عمِّكِ" بكسر الكاف في الموضعين، وهو من أسماء الأفعال، وفيه أيضًا مجاز أو إضمار؛ لأنها ابنة عم أبيها، كذا في "الكرماني" (12/ 9 - 10) وفي "الخير الجاري" (2/ 268): ويحتمل أن يكون هذا باعتبار أن بين حمزة وبين النبي صلى الله عليه وسلم أُخوة الرضاع، انتهى.

قوله: "حملتها" بلفظ الماضي، ولعل الفاء سقطت، وقد ثبتت في رواية النسائي من الوجه الذي أخرجه البخاري، ولأبي ذر عن الكشميهني:"احمليها"، كذا في "القسطلاني"(6/ 177)، قال في "الخير الجاري"

ص: 610

وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ، إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّبَعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا، فَلَمَّا دَخَلَهَا، وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

"قُلْ لِصَاحِبِكَ" في سـ، حـ، ذ:"قُلْ لأصْحابِكَ".

===

(2/ 268): وكان حملها لأجل أنها من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: "قال زيد" أي ابن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بينه وبين حمزة مؤاخاة؛ آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما. قوله:"وخالتها تحتي" هي أسماء بنت عميس زوجة جعفر، كذا في "الخير الجاري"(2/ 268)، وابنة حمزة اسمها: أمامة، وقيل: عمارة، وقيل: فاطمة، وأمها سلمى بنت عميس، وهذا الحديث أصل في باب الحضانة، وصريح في أن الخالة فيها كالأم عند عدم الأُمّ. قوله:"أنت مني" أي متصل بي و"من" هذه تسمى اتصالية. قوله: "أخونا" أي أخوة الإسلام، كذا في "الكرماني"(12/ 10).

قال الشيخ في "اللمعات"، وكذا "الطيبي" (6/ 391): وفي "الفائق": لما قال صلى الله عليه وسلم لزيدٍ هذا؛ حَجَلَ، أي: رقص، والحجل: أن يرفع رجلًا ويضع ويقفز أخرى -القفز: الوثوب-. قال الكرماني: فطيَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم قلوبَ الكل بنوع من التشريف

(1)

على ما يليق بالحال، انتهى. ومطابقته للترجمة ظاهرة، ولفظ المقاضاة يدل عليها، قاله العيني (9/ 588 - 589).

وفي "الفتح"(5/ 304): والغرض منه هنا اقتصار الكاتب على قوله: "محمد رسول الله" ولم ينسبه إلى أب ولا جَدٍّ، وأقرّه صلى الله عليه وسلم، واقتصر على محمد بن عبد الله بغير زيادة، وذلك كله لأمن الالتباس، انتهى.

(1)

في الأصل: "بنوع التشريف".

ص: 611

فَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ

(1)

يَا عَمِّ يَا عَمِّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ: دُونَكِ

(2)

ابْنَةَ عَمِّكِ، حَمَلْتُهَا، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ

(3)

وَجَعْفَرٌ

(4)

، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا وَهِيَ بِنْت عَمِّي. وَقَالَ جَعْفَرٌ: بنتُ عَمِّي، وَخَالَتُهَا تَحْتِي. وَقَالَ زَيْدٌ: بنتُ أَخِي. فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: "الْخَالَةُ بمَنْزِلَةِ الأُمِّ

(5)

"، وَقَالَ لِعَلِّيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ"، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: "أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي"، وَقَالَ لِزَيْدٍ: "أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا". [راجع: 1781، أخرجه: ت 938، تحفة: 1803].

‌7 - بَابُ الصُّلْحِ مَعَ الْمُشْرِكينَ

(6)

"ابْنَةُ حَمْزَةَ" في صـ: "بنتُ حَمْزَةَ". "فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ" زاد في صـ: "ابنُ أبِي طَالِبٍ". "حَمَلْتُهَا" في نـ: "حَمَلَتْهَا"، وفي أخرى:"احْملِيهَا" وهو لأبي ذر عن الكشميهني كما في "قس". "بنت" في نـ: "ابنة" في المواضع الثلاثة.

===

(1)

اسمها عمارة على الأشهر، "لمعات"، أو أمامة، تقول له عليه السلام: يا عمّ؛ لأنه عمها من الرضاعة.

(2)

أي: خذي، "قس"(6/ 177).

(3)

ابن حارثة، "قس"(6/ 177).

(4)

أخو عليّ، "قس"(6/ 177).

(5)

أي: في الحضانة، "قس"(6/ 177).

(6)

قوله: (باب الصلح مع المشركين) أي حكمه أو كيفيته أو جوازه. قوله: "فيه" أي يدخل في هذا الباب "عن أبي سفيان" يشير به إلى حديث أبي سفيان صخر بن حرب في شأن هرقل، وقد تقدّم بطوله في أول الكتاب، وقوله:"قال عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: تكون هدنة بينكم" بضم الهاء

ص: 612

فِيهِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ

(1)

. وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ

(2)

، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ تَكُونُ هُدْنَةٌ

(3)

بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ

(4)

". وَفِيهِ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَأَسْمَاءُ وَالْمِسْوَرُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

"تَكُونُ" في نـ: "يَكُونُ". "وَفِيهِ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ" في صـ: "وَفِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ"، وزاد بعده في صـ، ذ:"لَقَدْ رَأَيْتَنَا يَومَ أَبِي جندَلٍ".

===

الصلح، وبنو الأصفر: الروم، هو طرف من حديث وصله المؤلف بتمامه في "الجزية" [برقم: 3176]. قوله: "وفيه سهل بن حنيف: لقد رأيتنا يوم أبي جندل" هو أيضًا طرف من حديث وصله في أواخر "الجزية"[برقم: 3181]، ولم يقع في رواية غير أبي ذر والأصيلي:"لقد رأيتنا يوم أبي جندل"، قوله:"وأسماء والمسور" أما حديث أسماء وهي بنت أبي بكر، فكأنه يشير إلى حديثها الماضي في الهبة [برقم: 2620]، قالت:"قدمت عليَّ أمي راغبة في عهد قريش"، وأما حديث المسور فسيأتي مطوَّلًا في "كتاب الشروط" [برقم: 2711].

قوله: (وقال ابن مسعود) وهو أبو حذيفة النهدي، وطريقه هذه وصلها أبو عوانة في "صحيحه"، ويأتي شرحه في "عمرة القضاء" [برقم: 4251] مستوفى إن شاء الله تعالى، هذا أكثره من "فتح الباري"(5/ 305).

(1)

"أبي سفيان" صخر بن حرب في شأن هرقل المسوق في أول الكتاب [برقم: 8].

(2)

"قال عوف بن مالك" الأشجعي الغطفاني، فيما وصله المؤلف بتمامه في "الجزية" [برقم: 3176].

(3)

بضم الهاء فسكون المهملة، وهي الصلح.

(4)

هم الروم، "قس"(6/ 178).

ص: 613

2700 -

وَقَالَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ

(1)

، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

(2)

، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: صَالَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ، وَعَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا

(3)

مِنْ قَابِلٍ

(4)

وَيُقِيمَ بِهَا

(5)

ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ

(6)

: السَّيْفِ وَالْقَوْسِ وَنَحْوِهِ. فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ

(7)

يَحْجُلُ

(8)

(9)

فِي قُيُودِهِ فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: لَمْ يَذْكُرْ مُؤَمَّلٌ

(10)

===

(1)

" سفيان بن سعيد" هو الثوري.

(2)

هو السبيعي، "قس"(6/ 179).

(3)

أي: مكة، "قس"(6/ 179).

(4)

أي: عام قابل.

(5)

أي: بمكة، "قس"(6/ 179).

(6)

مرّ بيانه [برقم: 2698].

(7)

"أبو جندل" عبد الله أو العاص بن سهيل. [انظر "الاستيعاب" (4/ 188)].

(8)

بضم الجيم، أي: يمشي على وثبة، "ك"(12/ 12)، "خ".

(9)

قوله: (يحجل) بفتح أوله وسكون المهملة وضم الجيم، أي يمشي مثل الحجلة، الطير المعروف، يرفع رجلًا ويضع أخرى، قيل: هو كناية عن تقارب الخُطى، "فتح"(5/ 305).

(10)

قوله: (لم يذكر مُؤَمّل

) إلخ، يعني أن مؤمَّلًا -وهو ابن إسماعيل- تابع أبا حذيفة في رواية هذا الحديث عن سفيان الثوري، لكن لم يذكر قصة أبي جندل، وقال:"بِجُلُبّ" بدل قوله: "بِجُلبّان"، "فتح"(5/ 305).

ص: 614

عَنْ سُفْيَانَ

(1)

: أَبَا جَنْدَلٍ، وَقَالَ: إِلَّا بِجُلُبِّ

(2)

السِّلَاحِ. [راجع: 1781، تحفة: 1853].

2701 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ

(3)

، ثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ

(4)

، ثَنَا فُلَيْحٌ

(5)

، عَنْ نَافِعٍ

(6)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ

(7)

مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ

(8)

بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ

(9)

، فَنَحَرَ هَدْيَهُ

(10)

، وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ

(11)

، وَقَاضَاهُمْ

(12)

عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ،

===

(1)

هو الثوري، "ف"(5/ 305).

(2)

بضم الجيم واللام والموحدة مشدودة ومخفّفة بحذف الألف والنون، "الخير".

(3)

"محمد بن رافع" ابن أبي يزيد، أبو عبد الله القشيري النيسابوري.

(4)

"سريج بن النعمان" بضمّ سين مهملة وآخره جيم، البغدادي الجوهري، وهو من شيوخ المؤلف.

(5)

"فليح" هو ابن سليمان بن المغيرة واسمه عبد الملك، مشهور بلقبه فليح.

(6)

مولى ابن عمر، "قس"(6/ 180).

(7)

من المدينة، "قس"(6/ 180).

(8)

أي: منعوا، "قس"(6/ 180).

(9)

الحرام، "قس"(6/ 180).

(10)

ناويًا التحللَ من عمرته، "قس"(6/ 180).

(11)

بتخفيف الياء الثانية وتشديدها.

(12)

أي: صالحهم، "قس"(6/ 180).

ص: 615

وَلَا يَحْمِلَ سِلَاحًا عَلَيْهِمْ إِلَّا سُيُوفًا، وَلَا يُقِيمَ بِهَا

(1)

إِلَّا مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا أَمَرُوا أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ. [طرفه: 4252، تحفة: 8257].

2702 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(2)

، ثَنَا بِشْرٌ

(3)

، ثَنَا يَحْيَى

(4)

، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ

(5)

، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ

(6)

قَالَ: انْطَلَقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ

(7)

وَمُحَيِّصَةُ

(8)

بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ

(9)

إِلَى خَيْبَرَ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ.

"وَلَا يَحْمِلَ سِلَاحًا" في سـ، حـ، قتـ، ذ:"وَلَا يَحْتَمِلَ سِلَاحًا". "أَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا" في قتـ: "أَقَامَ بِهَا ثَلَاثةً". "أَمَرُوا" في نـ: "أَمَرُوهُ". "وَهِيَ يَوْمَئِذٍ" في هـ، ذ:"وَهُمْ يَوْمَئِذٍ"، وفي صـ:"وَهُوَ يَوْمَئِذٍ".

===

(1)

بمكة، "قس"(6/ 180).

(2)

هو ابن مسرهد، "قس"(6/ 181).

(3)

"بشر" هو ابن المفضل.

(4)

"يحيى" هو ابن سعيد الأنصاري.

(5)

المدني، "قس"(6/ 181).

(6)

"سهل بن أبي حثمة" هو عامر بن ساعدة الأنصاري المدني.

(7)

الأنصاري الحارثي، "قس"(6/ 181).

(8)

قوله: (ومحيصة) بضم الميم وفتح الحاء وتشديد التحتية المكسورة وتخفيفها، كذا في "الخير الجاري" (2/ 270) [وانظر:"شرح الكرماني"(12/ 13) و"عمدة القاري"(9/ 592)]. قوله: "وهي يومئذ صلح" والمراد، مصالحة أهلها اليهود مع المسلمين، وسيأتي في "كتاب الحدود" [ح: 6894] إن شاء الله، "فتح"(5/ 306).

(9)

الحارثي، "قس"(6/ 181).

ص: 616

[أطرافه: 3173، 6143، 6898، 7192، أخرجه: م 1669، د 4520، ت 1422، س 4712، ق 2677، تحفة: 4644].

‌8 - بَابُ الصُّلْحِ فِي الدِّيَةِ

2703 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(1)

الأَنْصارِيُّ

(2)

، ثَنِي حُمَيْدٌ

(3)

أَنَّ أَنَسًا

(4)

حَدَّثَهُمْ: أَنَّ الرُّبَيِّعَ

(5)

-وَهِيَ بنتُ النَّضْرِ- كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ

(6)

، فَطَلَبُوا

(7)

الأَرْشَ وَطَلَبُوا الْعَفْوَ، فَأَبَوْا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

"بنتُ النَّضْرِ" في نـ: "ابنةُ النَّضْرِ".

===

(1)

ابن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك، "قس"(6/ 181).

(2)

البصري قاضيها، "قس"(6/ 181).

(3)

"حُميد" الطويل.

(4)

"أنسًا" هو ابن مالك رضي الله عنه.

(5)

قوله: (الرُّبيِّع) وهي بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد التحتيّة المكسورة، وهي عمة أنس بن مالك. قوله:"ثنية" أي سِنّها. قوله: "جارية" وهي المرأة الشابة، قوله:"فطلبوا" أي طلب قومُ الرُبَيِّع من قوم الجارية أخذَ الأرش وقبولَه والعفوَ عنه. قوله: "ابن النضر" وهو عم أنس بن مالك، قُتِل يوم أحد شهيدًا، قوله:"لا تُكْسر" ليس هو ردُّ للحكم بل إخبار عن عدم الوقوع، وذلك بما كان له عند الله من الثقة والقرب بفضل الله، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله

" إلخ. قوله: "كتاب الله" أي حكم كتاب [الله] "القصاصُ" على حذف مضاف، وهو إشاره إلى قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]، وإلى قوله تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45]، "الخير الجاري" (2/ 270) [وانظر: "شرح الكرماني" (12/ 13 - 14)].

(6)

أي: شابة لا رقيقة، ولم تسمّ.

(7)

أي: قوم الجارية، "قس"(6/ 181).

ص: 617

فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ

(1)

: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، قَالَ:"يَا أَنَسُ كِتَابُ اللهِ الْقِصَاصُ"، فَرَضيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ". زَادَ الْفَزَارِيُّ

(2)

(3)

، عَنْ حُمَيْدٍ

(4)

، عَنْ أَنَسٍ: فَرَضيَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ. [أطرافه: 2806، 4499، 4500، 4611، 6894، تحفة: 749، 766].

‌9 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(5)

لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: "ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ الله أنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ

(6)

"

"فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ" كذا في ذ، وفي نـ:"فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ". "قَالَ: يَا أَنَسُ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ: فَقَالَ: يَا أَنَسُ".

===

(1)

" فقال أنس بن النضر" هو عم أنس بن مالك رضي الله عنه.

(2)

"زاد الفزاري" هو مروان بن معاوية الكوفي سكن مكة، فيما وصله المؤلف في سورة المائدة [برقم: 4611].

(3)

قوله: (زاد الفزاري) وهو مروان بن معاوية، أي زاد على رواية الأنصاري:"فرضي القوم وعفوا"، قوله:"وقبلوا الأرش" فأشار المصنف به إلى الجمع بينهما بأن قوله: "عفوا" محمول على أنهم عفوا عن القصاص على قبول الأرش جمعًا بين الروايتين، كذا في "الفتح"(5/ 306).

(4)

الطويل.

(5)

قوله: (باب قول النَّبي صلى الله عليه وسلم) بالإضافة. قوله: "لَعَلّ الله أن يصلح""لَعلّ" استعمل بمعنى عسى لاشتراكهما في الرجاء. قوله: "كتائب" جمع كتيبة، وهي الجيش، "الخير الجاري" (2/ 172) [وانظر:"شرح الكرماني"(12/ 15) و"عمدة القاري"(9/ 595)].

(6)

سيجيء بيانه.

ص: 618

وَقَوْلُهِ: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9].

2704 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(1)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(2)

، عَنْ أَبِي مُوسَى

(3)

قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ

(4)

يَقُولُ: اسْتَقْبَلَ وَاللهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ

(5)

بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي

(6)

: إِنِّي لأَرَى كَتَائِبَ

(7)

لَا تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ -وَكَانَ وَاللهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْن

(8)

-: أَيْ عَمْرُو: إِنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ

(9)

وَهَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ، مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ،

"وَقَوْلُهُ" زاد في نـ: "جَلَّ ذِكرُهُ". "مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ" في ذ: "مَنْ لَنَا بِنِسَائِهِمْ".

===

(1)

المسندي، "قس"(6/ 183).

(2)

ابن عيينة، "خ".

(3)

"أبي موسى" هو إسرائيل بن موسى البصري.

(4)

البصري، "قس"(6/ 183).

(5)

"معاوية" هو ابن أبي سفيان رضي الله عنهما.

(6)

بإثبات الياء، "قس"(6/ 183).

(7)

قوله: (إني لأرى كتائب) جمع كتيبة، وهي الجيش. قوله:"لا تُوَلِّي" على صيغة المضارع، من التولية، وهي الإدبار، وفي "القاموس" (ص: 1233): وَلّى تولية: أدبر، كَتَوَلَّى، "الخير الجاري"(2/ 271)، [وانظر:"عمدة القاري"(9/ 597) و"شرح الكرماني"(12/ 15)].

(8)

قوله: (وكان والله خير الرجلين) جملة معترضة من قول الحسن البصري، يريد: وكان معاوية خيرًا من عمرو بن العاص؛ لأنه كان يحرّض معاوية على القتال ومعاوية يتوقع الصلح، "قس"(6/ 183 - 184).

(9)

قوله: (إن قتل هؤلاء هؤلاء

) إلخ، الأول مرفوع على الفاعلية

ص: 619

مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ

(1)

، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ: عَبدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ

(2)

(3)

وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرٍ، فَقَالَ:

"وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرٍ" زاد في نـ: "ابن كريز" -هو مصغّر وسقط من رواية الأصيلي، "قس"(6/ 184) -.

===

والثاني منصوب على المفعولية في الموضعين، أي إن قتل جيشُنا جيشَه أو جيشُه جيشَنا. قوله:"من لي" أي من يتكفل، هو جواب الشرط في قوله:"إن قتل" يعني أنه المطالَبُ عند الله على كلا التقديرين، "قس"(6/ 184).

(1)

قوله: (بضيعتهم) بالضاد المعجمة والعين المهملة، والمراد بها: الأطفال والضعفاء؛ لأنهم لو تُرِكوا بحالهم لَضَاعوا لعدم استقلالهم بالمعاش، وقال العيني (9/ 598): ويروى بالصاد المهملة والموحدة، وعلى هذه الرواية فسّرها الكرماني (12/ 15) بقوله:"والصبية" المراد بها الأطفال، "الخير الجاري"(2/ 271).

(2)

بدل من "الرجلين".

(3)

قوله: (عبد الرحمن بن سمرة) بفتح المهملة وبضم الميم وسكونها، ابن حبيب -ضدّ العدو- ابن عبد شمس القرشي، أسلم يوم الفتح، وهو الذي فتح سجستان، ومات بالبصرة أو بمرو سنة إحدى وخمسين، "وعبد الله بن عامر بن كريز" بضمّ الكاف وفتح الراء وسكون التحتية وبالزاي، ابن حبيب بن عبد شمس القرشي، مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقد افتتح خراسان وأصبهان وكرمان، وقتل كسرى في ولايته، وقيل: أحرم من نيسابور شكرًا لله، ومات سنة تسع وخمسين. قوله:"فَاعْرِضا عليه" أي الصلح. قوله: "وَاطْلُبا إليه" أي يكون مطلوبكما وطلبكما منتهيًا إليه أي التزما مطالبه، قوله:"قد أصبنا" أي بالخلافة أي بذلنا من هذا المال وصرفنا على عادتنا في الإنفاق والإفضال على الأهل، فإن تخليت من أمر الخلافة ظهرت المفسدة ولا يندفع إلا بالمال،

ص: 620

اذْهَبَا

(1)

إِلَى هَذَا الرَّجُلِ

(2)

فَاعْرِضَا عَلَيْهِ

(3)

، وَقُولَا لَهُ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ، فَأَتَيَاهُ، فَدَخَلَا عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا، وَقَالَا لَهُ، وَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا

(4)

"فَتَكَلَّمَا" في قتـ، ذ:"وَتَكَلَّمَا". "وَقَالا لَهُ" لفظ "له" ثبت في ذ، [وفي "قس":"وَقال لَهُ" في ذ: "فَقَالا لَهُ"]. "وَطَلَبَا" في نـ: "فَطَلَبَا". "فَقَالَ لَهُمَا" في سـ، حـ، قتـ، ذ:"فَقَالَ لَهُمْ" -أي: للرسولين ومن معهما-.

===

وفيه دليل على أنه رضي الله عنه إنما اختار الخلافة لأجل إيصال الحقوق إلى أهلها ودفع المفسدة.

قوله: (عاثت) بالمهملة والمثلثة أي أفسدت. قوله: "نحن" وكان معهما صحيفة بيضاء مختوم على أسفلها وكتب إليه أن اكتب إلَيّ في هذه الصحيفة التي ختمت في أسفلها بما شئت فهو لك، كذا في "القسطلاني"(6/ 184).

قوله: (بين فئتين عظيمتين) وصفهما بالعظيمتين لأن المسلمين كانوا يومئذ فرقتين: فرقةٌ معه وفرقةٌ مع معاوية، وكان الحسن يومئذ أحقَّ الناس بهذا الأمر، فدعاه ورعه إلى ترك الملك والدنيا رغبةً فيما عند الله، ولم يكن ذلك لقلة ولا لذلٍّ ولا لعلّة، فقد بايعه على الموت أربعون ألفًا، فصالحه رعاية لمصلحة دينية ومصلحة للأمة وعملًا بما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم من أنه يصلح بين الفئتين، وكفى به شرفًا وفضلًا، فلا أسود ممن سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدًا، كذا في "الخير الجاري"(2/ 272) و"الكرماني"(12/ 16).

(1)

يدلّ على أن معاوية كان الراغب في الصلح، "زركشي"(2/ 600).

(2)

أي: الحسن.

(3)

أي: الصلح، "قس"(6/ 184).

(4)

أي: للرسولين، "قس"(6/ 184).

ص: 621

الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا، قَالَا: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ. قَالَ: فَمَنْ لِي بِهَذَا؟ قَالَا: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالَا: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَصَالَحَهُ

(1)

، قَالَ الْحَسَنُ

(2)

: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ

(3)

يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهْوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى، وَيَقُولُ:"إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ

(4)

: إِنَّمَا صَحَّ عِنْدَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ

(5)

مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. [أطرافه: 3629، 3746، 7109، أخرجه: د 4662، ت 3773، س في الكبرى 8166، تحفة: 11658].

‌10 - بَابٌ

(6)

هَلْ يُشِيرُ الإِمَامُ بِالصُّلْحِ؟

"قَالَ الْحَسَنُ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"فَقَالَ الْحَسَنُ". "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ" ثبت في صـ، قتـ، ذ. "صَحَّ عِنْدَنَا" في نـ:"ثَبَتَ لنَا". "بِهَذَا الْحَدِيثِ" في ذ: "لِهذَا الْحَدِيثِ".

===

(1)

أي: الحسن على ما وقع من الشروط.

(2)

البصري، "خ"، ["قس" (6/ 185)].

(3)

نفيع بن الحارث الثقفي، "قس"(6/ 185).

(4)

أي: المديني.

(5)

البصري، "ف"(5/ 307).

(6)

بالتنوين.

ص: 622

2705 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ

(1)

، حَدَّثَنِي أَخِي

(2)

، عَنْ سُلَيْمَانَ

(3)

، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

(4)

، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(5)

(6)

أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(7)

قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا،

"أَصْوَاتُهُمَا" في نـ: "أَصْوَاتُهُمْ".

===

(1)

" إسماعيل بن أبي أويس" هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو عبد الله بن أبي أويس المدني.

(2)

"أخي" عبد الحميد بن أبي أويس الأصبحي أبو بكر.

(3)

"سليمان" ابن بلال التيمي مولاهم، أبو أيوب.

(4)

"يحيى بن سعيد" الأنصاري.

(5)

"أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن" ابن حارثة الأنصاري، وكان له أولاد عشرة، رجالًا كاملين، فكني بأبي الرجال، "قس"(6/ 186)، وكنيته في الأصل أبو عبد الرحمن، "تقريب" (رقم: 6070).

(6)

قوله: (أبي الرجال) محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، وكني بأبي الرجال لما كان له أولاد عشرة كلهم صاروا رجالًا كاملين. قوله:"أصواتهما" لما كرهوا اجتماع تثينتين حين إضافة إحداهما إلى الأخرى، جعلوا المضاف جمعًا، وهو الغالب في الاستعمال، كما في قوله تعالى:{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، قوله:"يستوضع" بالمعجمة قبل المهملة، أي يطلب أن يضع من دَينه شيئًا. قوله:"المتألِّي" أي الحالف. قوله: "فله أيّ ذلك أَحَبّ" أي: فلخصمي ما أَحَبّ من مالي، "الخير الجاري"(2/ 273).

(7)

"عمرة بنت عبد الرحمن" ابن سعد بن زرارة الأنصارية.

ص: 623

وإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ، وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لَا أَفْعَلُ، خَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَيْنَ الْمُتَأَلِّي

(1)

عَلَى اللهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ"، فَقَالَ

(2)

: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَهُ أَيَّ ذَلِكَ أَحَبَّ. [أخرجه: م 1557، تحفة: 17915].

2706 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(3)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(4)

، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ

(5)

، عَنِ الأَعْرَجِ

(6)

، ثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ

(7)

، عَنْ كَعْبِ بْن مَالِكٍ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى حَدْرَدٍ

(8)

الأَسْلَمِيِّ مَالٌ، قَالَ: فَلَقِيَهُ، فَلَزِمَهُ، حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"يَا كَعْبُ"، فَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: النِّصْفَ،

"خَرَجَ" كذا في صـ، قتـ، ذ، وفي نـ:"فَخَرَجَ". "فَلهُ" كذا في قتـ، ذ، وفي صـ:"لَهُ"، وفي نـ:"وَلَهُ". "قَالَ: فَلَقِيَهُ" لفظ "قال" ثبت في هـ، ذ.

===

(1)

أي: الحالف المبالغ في اليمين، "قس"(6/ 186).

(2)

أي: المتألِّي.

(3)

"يحيى" ابن عبد الله "ابن بكير" المخزومي مولاهم.

(4)

"الليث" هو الإمام ابن سعد المصري، "قس"(6/ 187).

(5)

ابن شرحبيل الكندي.

(6)

"الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز.

(7)

الأنصاري.

(8)

بفتح المهملة الأولى وسكون الثانية وفتح الراء وبالمهملة، ومرّ مع الحديث في "باب التقاضي والملازمة في المسجد" (برقم: 457) كذا في "الكرماني"(12/ 18).

ص: 624

فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا. [راجع: 457].

‌11 - بَابُ فَضْلِ الإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْعَدْلِ بَيْنَهُمْ

2707 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ

(1)

، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

(2)

، أَنَا مَعْمَرٌ

(3)

، عَنْ هَمَّامٍ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ سُلَامَى

(5)

مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ". [طرفاه: 2891، 2989، أخرجه: م 1009، تحفة: 14700].

" نِصْفَ مَا عَلَيْهِ" في نـ: "نِصْفَ مَا لَهُ عَلَيْهِ". "حَدَّثَنَا إسْحَاقُ" زاد في ذ. "ابنُ مَنْصُورٍ".

===

(1)

" إسحاق" ابن منصور، أبو يعقوب الكوسج المروزي.

(2)

"عبد الرزاق" ابن همام بن نافع الحميري مولاهم.

(3)

"معمر" هو ابن راشد الأزدي.

(4)

"همام" هو ابن منبه بن كامل الصنعاني.

(5)

قوله: (سُلامى) بضم المهملة وخفة اللام وفتح الميم مقصورًا: الْمَفْصِل، وقيل: هي الأنملة، وقيل: هي كل عظم مجوف من صغار العظام، أي على كل أحد بعدد كل مَفْصِل من أعضائه صدقة. قوله:"يعدل" فاعله الشخص أو المكلّف، وهو مبتدأ على تقدير العدل نحو: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه.

قال شارح التراجم: وجه الدلالة: أن المقصود بالحكم: العدل وفصل الخصومة، أو: أن الناس ليس كلهم حكامًا، فالعدل من الحكام الحكْمُ، ومن غيرهم الإصلاحُ بين الناس، "كرماني"(12/ 18 - 19) و"الخير الجاري"(2/ 273).

ص: 625

‌12 - بَابٌ إِذَا أَشَارَ الإِمَامُ بِالصُّلْحِ فَأَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْبَيِّنِ

2708 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(1)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(2)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(3)

، أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ الزُّبَيْرَ

(4)

كَانَ يُحَدِّثُ

(5)

أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا

(6)

مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجِ

(7)

مِنَ الْحَرَّةِ، كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلَاهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ:"اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ"، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟!، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:"اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ"، فَاسْتَوْعَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

===

(1)

" أبو اليمان" الحكم بن نافع الحمصي.

(2)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة الحمصي.

(3)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(4)

ابن العوام.

(5)

عروةَ الراوي عنه، "قس"(6/ 189).

(6)

هو حُميد، "قس"(6/ 189).

(7)

قوله: (شراج) بالكسر آخره جيم، أي مَسِيل الماء، "والحَرَّة" أرض ذات حجارة سود، قوله:"كلاهما" تأكيد للمثنى. قوله: "أن كان" بفتح الهمزة وكسرها، أي: لأنْ كان "ابنَ عمتك" حكمتَ، وكان الزبيرُ ابنَ صفية بنت عبد المطلب. قوله:"الجدر" بفتح الجيم وسكون الدال أي الجدار، "فاستوعى" أي استوفى. قوله:"سعةً" منصوب، أي: مسامحةً بهما وتوسعًا عليهما على سبيل الصلح. قوله: "أحفظ" أي أغضب، كذا في "الكرماني"(12/ 19) و"الخير الجاري"(2/ 273 - 274)، ومرّ الحديث مع بيانه مرارًا، منها (برقم: 2359) في "كتاب الشرب"، والله أعلم بالصواب.

ص: 626

حِينَئِذٍ حَقَّهُ لِلزُّبَيْرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ سَعَةٍ لَهُ وَللأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ

(1)

الأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَوْعَى لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ. قَالَ عُرْوَةُ

(2)

: قَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللهِ مَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآيَةَ [النساء: 65]. [راجع: 2360].

‌13 - بَابُ الصُّلْحِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ الْمِيرَاثِ وَالْمُجَازَفَةِ فِي ذَلِكَ

(3)

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

(4)

: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَخَارَجَ الشَّرِيكَانِ، فَيَأْخُذَ هَذَا دَيْنًا، وَهَذَا عَيْنًا، فَإِنْ تَوِىَ

(5)

لأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ.

===

(1)

أي: أغضب.

(2)

أي: ابن الزبير.

(3)

قوله: (باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث والمجازفة في ذلك) أي عند المعاوضة، ومراده أن المجازفة في الاعتياض عن الدين جائزة وإن كانت من جنس حقه وأقلّ، وأنه لا يتناوله النهي إذ لا مقابلة من الطرفين، كذا في "فتح الباري"(5/ 310).

(4)

قوله: (وقال ابن عباس) إلى آخره، ووصله ابن أبي شيبة [برقم: 3424]، وقد تقدم شرحه في أول "الحوالة" (قبل رقم: 2287)، [انظر:"فتح الباري"(5/ 310) و"عمدة القاري"(9/ 603)].

(5)

من توِي المالُ يتوى، من باب علِم يعلَم، إذا هلك، "ع"(9/ 604).

ص: 627

2709 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ

(1)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ

(2)

، ثَنَا عُبَيْدُ الله

(3)

، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ

(4)

، عَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اللهِ

(5)

قَالَ: تُوُفِّيَ أَبِي

(6)

وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ بِمَا عَلَيْهِ، فَأَبَوْا وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "إِذَا جَدَدْتَهُ

(7)

فَوَضَعْتَهُ فِي الْمِرْبَدِ

(8)

آذَنْتَ رَسُولَ اللهِ"،

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ". "إذَا جَدَدْتَهُ" في نـ: "إذَا جَذَذْتَهُ". "آذَنْتَ رَسُولَ اللهِ" زاد في نـ: "صلى الله عليه وسلم".

===

(1)

" محمد بن بشار" العبدي البصري.

(2)

"عبد الوهاب" ابن عبد المجيد الثقفي.

(3)

"عبيد الله" ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

(4)

القرشي مولاهم، "تقريب" (رقم: 7483).

(5)

الأنصاري، "قس"(6/ 191).

(6)

هو عبد الله، "قس"(6/ 191).

(7)

أي: قطعتَه.

(8)

قوله: (في المربد) بكسر الميم وبسكون الراء وفتح الموحدة وبالمهملة: الموضع الذي يجفَّف فيه التمر، وهو الجرين في لغة أهل نجد. قوله:"آذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي أعلمت، وضع المظهر موضع المضمر لتقوية الداعي أو للإشعار بطلب البركة منه

(1)

ونحوه. قوله: "وفضل" نحو دخل يدخل، ولغة أخرى نحو حذر يحذر، ولغة ثالثة مركبة منهما فضل بالكسر يفضل بالضم وهو شاذّ، و"العجوة" ضرب من أجود تمور المدينة، و"اللون" الدقل، وهو ضرب من النخل، قال الأخفش: هو جمعٌ واحدها لينة.

(1)

في الأصل: "أو لإشعار البركة منه".

ص: 628

فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ

(1)

، فَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ:"ادْعُ غُرَمَاءَكَ، فَأَوْفِهِمْ"، فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنٌ إِلَّا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسْقًا

(2)

: سَبْعَةٌ عَجْوَةٌ وَسِتَّةٌ لَوْنٌ

(3)

، أَوْ سِتَّةٌ عَجْوَةٌ وَسَبْعَةٌ لَوْنٌ، فَوَافَيْتُ مَعِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَضَحِكَ، فَقَالَ:"ائْتِ أبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَخْبِرْهُمَا"، فَقَالَا: لَقَدْ عَلِمْنَا إِذْ صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما صَنَعَ أَنْ سَيَكُونُ ذَلِكَ. وَقَالَ هِشَامٌ

(4)

(5)

،

===

فإن قلت: قد تقدّم في "كتاب الاستقراض"[برقم: 2396] أنه فضلت له سبعة عشر وسقًا، وها هنا قال: ثلاثة عشر، وفي "وضع الدَّين" "أنه بقي التمر كما هو كأنه لم يُمَسّ" فما التلفيق بينهما؟ قلت: مفهوم العدد لا اعتبار له فلا منافاة، ويحتمل أن يريد به أنه بقي

(1)

بعد الديون وقبل سائر إخراجات الأرض سبعة عشر، وبقي بعدها لخاصة نفسه ثلاثة عشر، وأما بقاؤه كما هو فهو بحسب البركة، أو بحسب الحس، أو لعل الأصل لم يكن إلا سبعة عشر فخلق الله القَدْر الذي وفى لغرمائه زائدًا، "ك"(12/ 20 - 21).

(1)

أي: على التمر، "قس"(6/ 191).

(2)

الوسق: ستون صاعًا.

(3)

أي الدقل وهو الرديء، وقيل: اللون: الأخلاط من التمر، "فتح"(5/ 311).

(4)

"قال هشام" هو ابن عروة، فيما وصله المؤلف في "الاستقراض" [ح: 2396]، "قس"(6/ 191).

(5)

قوله: (هشام) أي ابن عروة روى "صلاة العصر"، وعبيد الله العمري "صلاة المغرب"، "و" محمد "ابن إسحاق صلاة الظهر"، والثلاثة رووه عن وهب بن كيسان عن جابر، قال في "الفتح" (5/ 311): وكان هذا

(1)

في الأصل: "أن بقي".

ص: 629

عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ: صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا بَكْرٍ

(1)

وَلَا ضَحِكَ، وَقَالَ: وَتَرَكَ أَبِي عَلَيْهِ ثَلَاثينَ وَسْقًا دَيْنًا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ: صَلَاةَ الظُّهْرِ. [راجع: 2127].

‌14 - بَابُ الصُّلْحِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ

2710 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(2)

، ثَنَا عُثْمَانُ

(3)

، أَنَا يُونُسُ

(4)

. ح وَقَالَ اللَّيْثُ

(5)

: حَدَّثَنِي يُونُسُ

(6)

، عَنِ ابْن شِهَابٍ

(7)

، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبٍ

(8)

أَنَّ كَعْبَ ابْنَ مَالِكٍ أخْبَرَهُ. أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ،

"ثَنَا عُثْمَانُ" في نـ: "أَنَا عُثْمَانُ"، وزاد في نـ:"ابنُ عمرَ".

===

القدر من الاختلاف لا يقدح في صحة أصل الحديث؛ لأن المقصود منه ما وقع من بركته صلى الله عليه وسلم في التمر، وقد حصل توافقهم عليه، ولا يترتب على تعيين تلك الصلاة بعينها كبير معنى، والله أعلم، انتهى. وفي بعض الحواشي: ويحتمل أن جابرًا جاءه مكرّرًا في هذه الأوقات، ولم يجد مجالًا ليخبره حتى أخبره بذلك في آخر الأوقات، انتهى.

(1)

بل اقتصر على عمر، "قس"(6/ 191).

(2)

المسندي، "قس"(6/ 192).

(3)

"عثمان" ابن عمر بن فارس العبدي البصري.

(4)

"يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

(5)

"وقال الليث" ابن سعد، فيما وصله الذهلي في "الزهريات".

(6)

"يونس" تقدّم الآن.

(7)

"ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري.

(8)

ابن مالك الأنصاري، "تقريب" (رقم: 3552).

ص: 630

فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ

(1)

حُجْرَتِهِ

(2)

، فَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ:"يَا كَعْبُ"، فَقَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ، فَقَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قُمْ فَاقْضِهِ

(3)

". [راجع: 457].

"فَارْتَفَعَتْ" في سـ، حـ، ذ:"حَتَّى ارْتَفَعَتْ". "وَهُوَ فِي بَيْتِهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَهُوَ فِي بَيْتٍ". "فَقَالَ: يَا كَعْبُ" في ذ: "قَالَ: يَا كَعْبُ".

===

(1)

قوله: (سجف) بكسر السين وفتحها، الستر، و"الشطر": النصف، ومرّ الحديث في "باب التقاضي والملازمة في المسجد" (برقم: 457)، فإن قلت: ليس في الحديث ذكر العين، فكيف دلّ على الترجمة؟ قلت: بالقياس على الدين، "ك"(12/ 22)، "ع"(3/ 504).

(2)

أي: ستر بيته، "قس"(6/ 192).

(3)

بكسر الهاء ضمير الغريم المذكور، أو ضمير الشطر الباقي [من الدَّين بعد الوضع] وفيه إشارة إلى أنه لا تجتمع الوضيعة والتأجيل، "قس"(6/ 192).

* * *

ص: 631

‌54 - كِتَابُ الشُّرُوطِ

(1)

بسم الله الرحمن الرحيم

‌1 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الإِسْلَامِ

(2)

وَالأَحْكَامِ

(3)

وَالْمُبَايَعَةِ

2711 و 2712 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(4)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(5)

، عَنْ عُقَيْلٍ

(6)

،

"كتابُ الشُّرُوطِ" ثبت في ذ، وسقط لغيره.

===

(1)

لأبي ذر، ولغيره سقط "كتاب الشروط"، وفي بعض النسخ البسملة مقدمة على "كتاب الشروط".

قوله: "كتاب الشروط" كذا لأبي ذر، وسقط "كتاب الشروط" لغيره، والشروط جمع شرط بفتح أوله وسكون الراء، وهو ما يستلزم نفيه نفي أمر آخر لا على جهة السببية، والمراد به هنا بيان ما يصح منهما مما لا يصح، وقوله:"في الإسلام" أي عند الدخول فيه، فيجوز مثلًا أن يشترط الكافر أنه إذا أسلم لا يكلف بالسفر من بلد إلى بلد مثلًا، ولا يجوز أن يشترط أنه لا يصلي مثلًا، قوله:"والأحكام" أي: العقود والمعاملات، قوله:"والمبايعة" من عطف الخاص على العام، "فتح الباري"(5/ 312).

(2)

أي: عند الدخول، "قس"(6/ 193).

(3)

أي: العقود والفسوخ وغيرهما، "قس"(6/ 193).

(4)

"يحيى بن بكير" المخزومي مولاهم المصري، ونسبه إلى جده لشهرته به، واسم أبيه عبد الله.

(5)

"الليث" ابن سعد الإمام.

(6)

"عقيل" بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأموي مولاهم.

ص: 633

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(1)

، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

(2)

أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ

(3)

وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يُخْبِرَانِ

(4)

عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ

(5)

بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ

(6)

كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ، وَامْتَعَضُوا

(7)

مِنْهُ،

"لَا يَأْتِيكَ" في نـ: "لَا يَجِيئُكَ".

===

(1)

" ابن شهاب" تقدم.

(2)

"عروة بن الزبير" ابن العوام.

(3)

"مروان" هو ابن الحكم.

(4)

قوله: (يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال الكرماني: فإن قلت: هذا رواية عن المجهول، قلت: الصحابة كلهم عدول، فلا قدح فيه بسبب عدم معرفة أسمائهم، "كرماني"(12/ 23).

(5)

مصغر السهل، ابن عمرو بن عبد شمس القرشي أحد أشرافهم، "ك"(12/ 23).

(6)

أي: صلح الحديبية، "ك"(12/ 24).

(7)

قوله: (وامتعضوا) أي: غضبوا، بإهمال العين وإعجام الضاد، يقال: امتعضت منه إذا غضبت وشق عليك، قوله:"يومئذ" أي يوم صلح الحديبية، وهو المصالحة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الكفار فيها، قوله:"أبا جندل" بفتح الجيم وسكون النون وفتح المهملة وباللام، ابن سهيل، أسلم بمكة، ومات في خلافة عمر رضي الله عنه، قال ابن بكّار: اسم أبي جندل العاصي، قوله:"أم كلثوم" بضم الكاف وسكون اللام وضم المثلثة، بنت عقبة -بضم المهملة وسكون القاف وبالموحدة- ابن أبي معيط -بضم الميم وفتح المهملة وسكون التحتانية وبالمهملة-، أم حميد بن

ص: 634

وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلَّا ذَلِكَ، فَكَاتَبَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ، فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ إلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا رَدَّهُ

(1)

فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا

(2)

، وَجَاءَتِ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ

(3)

بِنْتُ عُقْبَةَ بْن أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ وَهِيَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلهَا

(4)

يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ،

"وَجَاءَتِ الْمُؤْمِنَاتُ" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي نـ:"وَجَاء الْمُؤْمِنَاتُ".

===

عبد الرحمن بن عوف، قوله:"وهي عاتق" العاتق الجارية الشابة أول ما أدركت. قوله: "فامتحنوهن" أي اختبروهن بالحلف أو النظر في الأمارات ليغلب على الظن صدقهن في إيمانهن، ونزلت هذه الآية بيانًا لأن الشرط إنما كان في الرجال دون النساء، قاله الكرماني (12/ 44 - 45).

قال الطيبي (8/ 69): اختلفوا في أن الصلح هل وقع على رد النساء أم لا؟ قيل: إنه وقع على رد الرجال والنساء جميعًا لما روينا "أنه لا يأتيك منا أحد إلا رددته" ثم صار الحكم في رد النساء منسوخًا بقوله تعالى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] وقيل: إن الصلح لم يقع على رد النساء لقوله في هذا الحديث: "لا يأتيك منا رجل" وذلك لأن الرجل لا يخشى عليه من الفتنة، انتهى. وسيجيء الحديث بعد أبواب بتمامه.

(1)

أي: إلى قريش.

(2)

وفاءً للشرط، "قس"(6/ 194).

(3)

لما قدمت المدينة تزوّجها زيد بن حارثة، فقتل عنها يوم مؤتة، فتزوّجها الزبير بن العوام فولدت له زينب، ثم طلّقها فتزوجها عبد الرحمن بن عوف، "استيعاب"(4/ 1954).

(4)

قوله: (فجاء أهلها) في "الاستيعاب"(4/ 1954): لما هاجرت

ص: 635

فَلَمْ يَرْجِعْهَا إلَيْهِمْ، لِمَا

(1)

أَنْزَلَ اللهُ فِيهنَّ: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الآية [الممتحنة: 10]. [حديث 2711 راجع: 1695، تحفة: 11252، حديث: 2712 راجع: 1694، أخرجه: س في الكبرى 8840، تحفة: 11273].

"{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ} إلخ" في نـ بدله: "إلى {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} .

===

أم كلثوم لحقها أخوها الوليد وعمارة ابنا عقبة بن أبي معيط حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه أن يردّها عليهما بالعهد الذي كان بينه وبين قريش في الحديبية، فلم يفعل، وقال: أبى الله ذلك

(1)

، انتهى.

وفي "سير الحلبي"(2/ 717): لم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بعد أن قالت له: يا رسول الله! إنما أنا امرأة، وحال النساء على الضعف، فتردُّني إلى الكفار ليفتنوني عن ديني ولا صبر لي، فنزل القرآن بنقض ذلك العهد بالنسبة لمن جاء منهن مؤمنًا، لكن بشرط امتحانهن، وكان الامتحان أن تستحلف المرأة المهاجرة بالله أنها ما هاجرت رغبة بأرض عن أرض، وبالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت لالتماس دنيا ولا لرجل من المسلمين، وبالله ما خرجت إلا حبًا لله ولرسوله، فإذا حلفت لم تُرَدّ ورُدَّ صداقها إلى بعلها، أي ولما قدم الوليد وعمارة مكة أخبرا قريشًا بذلك فرضوا أن تحبس النساء، ولم يكن لأم كلثوم زوج بمكة فلما قدمت المدينة تزوّجها زيد بن حارثة، انتهى.

(1)

بكسر اللام.

(1)

في الأصل: "إلى الله ذلك".

ص: 636

2713 -

قَالَ عُرْوَةُ

(1)

: فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ

(2)

بِهَذِهِ الآيَةِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} إِلَى {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 10 - 12]. قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ بَايَعْتُكِ" كَلَامًا يُكَلِّمُهَا بِهِ

(3)

، وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، مَا بَايَعَهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ. [أطرافه: 2733، 4182، 4891، 5288، 7214 - تحفة: 16558].

2714 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ

(4)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(5)

، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ

(6)

قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرًا

(7)

يَقُولُ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فاشتَرَطَ عَلَيَّ: "وَالنُّصْحِ

(8)

لِكُلِّ مُسْلِمٍ". [راجع: 57، أخرجه: م 56، س 4156، تحفة: 3210].

"{مُهَاجِرَاتٍ} " زاد في نـ: {فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} . "مَا بَايَعَهُنَّ" في نـ: "وَمَا بَايَعَهُنَّ". "بَايَعْتُ النَّبِيَّ" كذا في ذ، وفي نـ:"بَايَعْتُ رَسُوْلَ اللهِ".

===

(1)

ابن الزبير. هو متصل بالإسناد المذكور، "ع"(9/ 609)، "ف"(5/ 313).

(2)

أي: يختبرهن.

(3)

هو مقول قول عائشة وقع حالًا، "خ"، "ك"(12/ 25).

(4)

"أبو نعيم" الفضل بن دكين.

(5)

هو الثوري، "ع"(9/ 610).

(6)

"زياد بن علاقة" الكوفي.

(7)

"جرير" هو ابن عبد الله.

(8)

قوله: (والنصح) بالنصب في الفرع وغيره، وبالجر عطفًا على مقدر يعلم من الحديث الذي بعده، كذا في "القسطلاني"(6/ 195)، والنصيحة

ص: 637

2715 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(1)

، ثَنَا يَحْيَى

(2)

، عَنْ إِسْمَاعِيلَ

(3)

، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمِ

(4)

، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحُ

(5)

لِكُلِّ مُسْلِمٍ. [راجع: 57].

‌2 - بابٌ

(6)

إِذَا بَاعَ نَخْلًا

(7)

قَدْ أُبِّرَتْ

(8)

2716 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(9)

، أَنَا مَالِكٌ

(10)

، عَنْ نَافِعٍ

(11)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ بَاعَ

"إذَا بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ" زاد في هـ: "وَلم يَشترط الثَّمَرَة".

===

كلمة يعبر بها عن جملة، هي إرادة الخير للمنصوح له، كذا في "المجمع" (4/ 731). وفي "القاموس" (ص: 236): نصحه وله، كمنعه، نصحًا بالضم ونصاحة، والاسم النصيحة، ومضى الحديث (برقم: 57) في "الإيمان".

(1)

"مسدد" هو ابن مسرهد الأزدي.

(2)

"يحيى" هو القطان.

(3)

"إسماعيل" ابن أبي خالد البجلي.

(4)

"قيس بن أبي حازم" البجلي.

(5)

بالجر عطفا على السابق، ولأبي ذر بالرفع، "قس"(6/ 196).

(6)

بالتنوين.

(7)

قوله: (إذا باع نخلا قد أبرت) وزاد الكشميهني: ولم يشترط الثمرة أي المشتري، وذكر فيه حديث ابن عمر، وقد تقدم شرحه في "كتاب البيوع"، ولم يذكر جواب الشرط اكتفاءً بما في الخبر، "فتح"(5/ 313).

(8)

من التأبير وهو تلقيح النخل.

(9)

"عبد الله بن يوسف" التِّنِّيسي.

(10)

"مالك" الإمام المدني.

(11)

"نافع" مولى ابن عمر.

ص: 638

نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ ". [راجع: 2203، أخرجه: م 1543، د 3434، ق 2210، تحفة: 8330].

‌3 - باب

(1)

الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ

2717 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ

(2)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(3)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

، عَنْ عُرْوَةَ

(5)

أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ عَائِشَةَ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِى إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ، وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ

(6)

عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ لَنَا وَلَاؤُكِ،

"فِي الْبَيْعِ" في شحج، ذ:"فِي الْبُيُوعِ". "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ" في ذ: "أخبرنَا عَبْدُ اللهِ". "قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ" في نـ: "فقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ". "إلَى أَهْلِهَا" في ذ: "لِأَهْلِهَا".

===

(1)

قوله: (باب الشروط في البيوع) ذكر فيه حديث عائشة في قصة بريرة، وإنما أطلق الترجمة للتفصيل في اعتباره بين الفقهاء، كذا في "الفتح"(5/ 314)، ومرّ الحديث مرارًا في "البيع" و"العتق" وغير ذلك.

(2)

"عبد الله بن مسلمة" القعنبي.

(3)

"الليث" هو ابن سعد الإمام.

(4)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(5)

"عروة" هو ابن الزبير بن العوام.

(6)

قوله: (أن تحتسب) أي: تطلب الثواب وتفعله حسبةً، ومطابقته للترجمة من حيث إن هذا الحديث روي بوجوه مختلفة: منها ما رواه ابن أبي ليلى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

ص: 639

فَذَكَرَتْ

(1)

ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا:"ابْتَاعِي فَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". [راجع: 456، أخرجه: م 1504، 3929، ت 2124، س 4655، تحفة: 16580].

‌4 - بابٌ

(2)

إِذَا اشْتَرَطَ

(3)

الْبَائِعُ ظَهْرَ الدَّابَّةِ إِلَى مَكَانٍ مُسَمًّى جَازَ

===

"اشتري بريرة واشترطي لهم الولاء" فهذا فيه عقد البيع وفيه شرط، وفيه وجه المطابقة، كذا في "العيني"(9/ 611).

(1)

أي: عائشة.

(2)

بالتنوين، "قس"(6/ 198).

(3)

قوله: (باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مُسَمّى جاز) هكذا جزم بهذا الحكم لصحة دليله عنده، وهو مما اختُلِفَ فيه وفيما يشبهه كاشتراط سكنى الدار أو خدمة العبد، فذهب الجمهور إلى بطلان البيع، لأن الشرط المذكور ينافي مقتضى العقد، وقال الأوزاعي وابن شبرمة وأحمد وإسحاق وأبو ثور وطائفة: يصح البيع ويتنزَّل الشرط منزلة الاستثناء، لأن المشروط إذا كان قدره معلومًا صار كما لو باعه بألف إلا خمسين درهمًا مثلًا، ووافقهم مالك في الزمن اليسير دون الكثير، وقيل: حدّه عنده ثلاثة أيام، وحجتهم حديث الباب، وقد رجّح البخاري فيه الاشتراط كما سيأتي آخر كلامه، وأجاب عنه الجمهور بأن ألفاظه اختلفت، فمنهم من ذكر فيه الشرط، ومنهم من ذكر فيه ما يدلّ [عليه، ومنهم من ذكر ما يدلّ] على أنه كان بطريق الهبة، وهي واقعة عين يطرقها الاحتمال، وقد عارضه حديث عائشة في قصة بريرة، ففيه بطلان الشرط المخالف لمقتضى العقد، وصحّ من حديث جابر أيضًا النهيُ عن بيع وشرط، كذا قاله ابن حجر في "فتح الباري"(5/ 314). [انظر "بذل المجهود" (11/ 224)].

ص: 640

2718 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمِ

(1)

، ثَنَا زَكَرِيَّاءُ

(2)

قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا

(3)

يَقُولُ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ

(4)

: أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا

(5)

، فَمَرَّ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَهُ، فَدَعَا لَهُ، فَسَارَ بِسَيْرٍ لَيْسَ يَسِيرُ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: "بِعْنِيهِ

(6)

بِوَقِيَّةٍ"، قُلْتُ: لَا، ثُمَّ قَالَ: "بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ"، فَبِعْتُهُ فَاسْتَثْنَيْتُ

"فَمَرَّ عَلَيَّ النَّبِيُّ" في نـ: "فَمَرَّ النَّبِيُّ". "بِسَيْرٍ" في ذ: "سَيْرًا". "بِوَقِيَّةٍ" في ذ: "بِأوقِيَةٍ" وكذا الآتي.

===

(1)

" أبو نعيم" الفضل بن دكين الكوفي.

(2)

"زكرياء" هو ابن أبي زائدة الكوفي.

(3)

"عامر" هو ابن شراحيل الشعبي.

(4)

ابن عبد الله الأنصاري.

(5)

أي: تعب، "ف"(5/ 315).

(6)

قوله: (بِعْنِيه بِوَقِيّة) بفتح الواو وحذف الألف لغة في الأُوقِيَّة. قال الجوهري: وهي أرَبعون درهمًا، وكذلك كان فيما مضى، وأما اليوم فيما يتعارفه الناس فهي عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم، قوله:"قلت: لا" أي لا أبيع بل أهب. قوله: "فَخُذْ جملك" أي وهبه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: "أفقرني" يقال: أفقرتُ دابتي فلانًا أي: أَعَرْته فقارَها ليركبها، والفقار بفتح الفاء خرزات الظهر أي مفاصل عظامه. قوله:"أواق" أصله أواقيّ بتشديد الياء فخُفِّف بحذف إحداهما ثم أُعِلّ إعلالَ قاض.

فإن قلت: لا خلاف أن القضية واحدة فلا يخلو الثمن في نفس الأمر عن حكم أحد هذه المذكورات، فما حكم الباقي والرواة كلهم عدول؟ قلت: وَقِيّة الذهب قد تساوي مائتي درهم المساوية لعشرين دينارًا على حساب الدينار بعشرة، وأما وَقِيّة الفضة فهي أربعون درهمًا المساوية لأربعة دنانير، أما أربعة أواق فلعله اعتبر اصطلاح أن كل وقية عشرة دراهم فهو أيضًا وقية

ص: 641

حُمْلَانَهُ

(1)

إِلَى أَهْلِي، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ، وَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأَرْسَلَ عَلَى إِثْرِي، ثُمَّ قَالَ:"مَا كُنْتُ لآخُذَ جَمَلَكَ، فَخُذْ جَمَلَكَ ذَلِكَ فَهُوَ مَالُكَ".

وَقَالَ شُعْبَةُ

(2)

، عَنِ الْمُغِيرَةِ

(3)

، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ: أَفْقَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظهْرَهُ إِلَىَ الْمَدِينَةِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ

(4)

، عَنْ جَرِيرٍ،

"وَقَالَ شُعْبَةُ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ شُعْبَةُ".

===

بالاصطلاح الأول، فالكل راجع إلى وقية، ووقع الاختلاف في اعتبارها كمًّا وكيفًا، والله أعلم.

قال القاضي عياض: قال أبو جعفر الداودي: ليس لأوقية الذهب وزن معلوم، وأوقية الفضة أربعون درهمًا، قال: وسبب اختلاف هذه الروايات أنهم رووا بالمعنى وهو جائز، والمراد أوقية الذهب، وأما من روى: عن خمس أواق من الفضة، فهو يقدّر في أوقية الذهب في ذلك الوقت، فيكون الإخبار بأوقية الذهب عما وقع به العقد، وعن أواقي الفضة عما حصل به الإيتاء، ويحتمل هذا كله زيادة على الأوقية كما ثبت في الروايات أنه قال:"وزادني"، وأما رواية أربعة دنانير فموافقة أيضًا، لأنه يحتمل أن تكون أوقية الذهب من وزن "أربعة دنانير"، ورواية "عشرين دينارًا" محمولة على دنانير صغار كانت لهم، وأما رواية "أربعة أواق" شكَّ فيها الراوي فلا اعتبار بها، هذا كله من "الكرماني"(12/ 27 - 29) و"الخير الجاري"(2/ 277).

(1)

بضم المهملة أي الحمل عليه، "ف"(5/ 316)، "مجمع"(1/ 582).

(2)

ابن الحجاج، وصله البيهقي (5/ 337).

(3)

ابن مقسم الكوفي، "ك"(12/ 27).

(4)

ابن راهويه، "قس" (6/ 200). وصله في "الجهاد" [برقم: 2967]، "قس"(6/ 200).

ص: 642

عَنِ الْمُغِيرَةِ

(1)

: فَبِعْتُهُ عَلَى أَنَّ لِي فَقَارَ ظَهْرِهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ. وَقَالَ عَطَاءٌ

(2)

وَغَيْرُهُ

(3)

: "وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ"، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ

(4)

، عَنْ جَابِرٍ: شَرَطَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ

(5)

، عَنْ جَابِرٍ: وَلَكَ ظَهْرُهُ حَتَّى تَرْجِعَ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ

(6)

: "أَفْقَرْنَاكَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ". وَقَالَ الأَعْمَشُ

(7)

، عَنْ سَالِمٍ

(8)

، عَنْ جَابِرٍ: "تَبَلَّغْ

(9)

عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِكَ".

وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ

(10)

"وَلَكَ ظَهْرُهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"لَكَ ظَهْرُهُ". "تَبَلَّغْ عَلَيْهِ إلَى أَهْلِكَ" في شحج: "تَبَلَّغْ به إلَى أَهْلِكَ"، وزاد أيضًا في شحج:"قالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: الاشْتِرَاطُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ عِنْدِي".

===

(1)

ابن مقسم.

(2)

هو ابن أبي رباح.

(3)

مما سبق في "الوكالة"، [برقم: 2309] "قس"(6/ 200).

(4)

محمد، وصله البيهقي (5/ 337)، "قس"(6/ 200).

(5)

مولى عمر، "قس"(6/ 200). وصله الطبراني. ["تغليق التعليق" (3/ 405)].

(6)

رواه مسلم [ح: 113].

(7)

سليمان. وصله أحمد ومسلم [ح: 715]"قس"(6/ 200).

(8)

هو ابن أبي الجعد، "قس"(6/ 200).

(9)

بلفظ الأمر، وفي بعضها بلفظ المضارع، "ك"(12/ 28).

(10)

العمري. وصله المؤلف في "البيوع"[برقم: 2097]"قس"(6/ 201).

ص: 643

وَابْنُ إِسْحَاقَ

(1)

، عَنْ وَهْبٍ

(2)

، عَنْ جَابِرٍ: اشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بوَقِيَّةٍ. وَتَابَعَهُ

(3)

زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ

(4)

، عَنْ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ جَابِرٍ

(5)

: أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ. وَهَذَا يَكُونُ أُوقِيَّةً عَلَى حِسَابِ الدِّينَارِ بِعَشَرَةٍ. وَلَمْ يُبَيِّنِ الثَّمَنَ مُغِيرَةُ

(6)

عَنِ الشَّعْبِيِّ

(7)

عَنْ جَابِرٍ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ

(8)

وَأَبُو الزُّبَيْر

(9)

عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ الأَعْمَشُ

(10)

، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ: أوقِيَّةُ ذَهَبِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ

(11)

، عَنْ سَالِمٍ

(12)

، عَنْ جَابِرٍ: بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ

"بِوَقِيَّةٍ" في ذ: "بأوقية". "وَتَابَعَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ" في نـ: "تَابَعَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ". "بِعَشَرَةٍ" في نـ: "بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ". "أُوقِيَّةُ ذَهَبٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَقِيَّةُ ذَهَبٍ".

===

(1)

أي: محمد بن إسحاق صاحب المغازي. وصله أحمد، "قس"(6/ 201).

(2)

ابن كيسان، "قس"(6/ 201).

(3)

أي: وهب بن كيسان، وصله البيهقي، "قس"(6/ 201).

(4)

أي: عبد الملك.

(5)

وصله المؤلف في "الوكالة"[برقم: 2309]"قس"(6/ 201).

(6)

ابن مقسم، "قس"(6/ 202). فاعل لم يبين، "ك"(12/ 29).

(7)

عامر.

(8)

أي: وكذا لم يبين الثمن، "قس"(6/ 202).

(9)

محمد بن مسلم، "قس"(6/ 202).

(10)

وصله أحمد ومسلم [ح: 715]"قس"(6/ 202).

(11)

السبيعي.

(12)

هو ابن أبي الجعد كما مَرَّ.

ص: 644

قَيْسٍ

(1)

، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرٍ: اشْتَرَاهُ بِطَرِيقِ تَبُوكَ

(2)

، أَحْسِبُهُ قَالَ: بِأَرْبَعِ أَوَاقٍ. وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ

(3)

، عَنْ جَابِرٍ: اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا. وَقَوْلُ الشَّعْبِيِّ بِوَقِيَّةٍ أَكْثَرُ. قالَ أَبُو عبدِ اللهِ: وَالاشْتِرَاطُ

(4)

أَكْثَرُ وَأَصَحُّ عِنْدِي. [راجع: 443، أخرجه: م 715، د 3505، ت 1253، س 4637، ق 2205، تحفة: 2455، 2387، 2238، 2243، 2341، 2669، 3002، 3096، 3101، 3169 أ، 3127].

"بِأَرْبَعِ أَوَاقٍ" في صـ، قتـ، ذ:"بِأَرْبَعِ أَوَاقي". "بِوَقِيَّةٍ" في ذ: "بِأُوقِيَّةٍ". "قالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ

" إلخ، سقط في نـ.

===

(1)

الفَرَّاء الدبَّاغ، "قس"(6/ 202).

(2)

قيل: كان ذلك في غزوة ذات الرقاع، ورجحه ابن حجر، كذا في "قس"(6/ 202).

(3)

المنذر بن مالك العبدي، "قس" (6/ 202). [أثره وصله ابن ماجه (برقم: 2205)].

(4)

قوله: (قال أبو عبد الله: والاشتراط أكثر) أي: قال البخاري: الروايات فيه مختلفة، وعندي الرواية التي تدل على الاشتراط أصحّ وأكثر من الرواية التي لا تدل عليه. اختلف العلماء في جواز بيع الدابة بشرط ركوب البائع، فجوّزه البخاري وعليه أحمد، وجوّزه مالك إذا كانت المسافة قريبة، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يجوز، قلّت المسافة أو كثرت، مستدلين بالحديث الدالِّ على النهي في بيع الثنايا، وبالحديث الناهي عن بيع وشرط، مجيبين عن هذا بأنه صلى الله عليه وسلم لم يُرِدْ حقيقة البيع بل أراد أن يعطيه الثمن بهذه الصورة، أو أن الشرط لم يكن في نفس العقد، فلعل الشرط كان سابقًا أو لاحقًا، وتبرع عليه السلام بإركابه، "ك"(12/ 28)، "خ"(2/ 277).

ص: 645

‌5 - بابُ الشُّرُوطِ فِي الْمُعَامَلَةِ

(1)

2719 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(2)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(3)

، ثَنَا أَبُو الزِّنَادِ

(4)

، عَنِ الأَعْرَجِ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَتِ الأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اقْسِمْ

(6)

بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ. فَقَالَ: "لَا"، فَقَالُوا: تَكْفُونَا

"تَكْفُونَا" في ذ: "تَكْفُونَنَا".

===

(1)

أي: من مزارعة وغيرها، "ف"(5/ 322).

(2)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع الحمصي.

(3)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة الحمصي.

(4)

"أبو الزناد" عبد الله بن ذكوان الزيات القرشي أبو عبد الرحمن المدني.

(5)

"الأعرج" هو عبد الرحمن بن هرمز أبو داود المدني.

(6)

قوله: (اقسم بيننا وبين إخواننا) أي المهاجرين، "فقال" النبي صلى الله عليه وسلم:"لا" وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كره أن يخرج شيء من عقار الأنصار عنهم، قوله:"فقالوا" أي فقالت الأنصار حينئذ: "تكفونا المؤونة ونشرككم في الثمرة" بفتح الراء، وهذا يسمى بعقد المساقاة، والمؤونة هي التعب والشدة، والمراد بها ها هنا التربية والسقي والجداد ونحوها، قوله:"قالوا: سمعنا وأطعنا" أي قالت الأنصار والمهاجرين كلهم: سمعنا وأطعنا، يعني امتثَلْنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيما أشار إليه، كذا في "الكرماني" (12/ 30) و"العيني" (9/ 618). ومرّ الحديث مع بيانه (برقم: 2325) في "كتاب الحرث"، قال الكرماني: فإن قلت: أين الشرط؟ وإن كان فأيّ شرط هو من الأقسام الثلاثة؟ قلت: تقديره: إن تكفونا المؤونة نقسم أو نشرككم، فهذا شرط لغوي اعتبره الشارع

(1)

، انتهى.

(1)

في الأصل: "اعتبره المؤلف".

ص: 646

الْمَئُونَةَ وَنُشْرِكُكُمْ فِي الثَّمَرَةِ، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. [راجع: 2325]. 2720 - حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ إِسْمَاعِيلَ

(1)

، ثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ

(2)

، عَنْ نَافِعٍ

(3)

، عَنْ عَبْدِ اللهِ

(4)

قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا

(5)

وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. [راجع: 2285].

‌6 - بابُ الشُّرُوطِ فِي الْمَهْرِ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ

(6)

"أَنْ يَعْمَلُوهَا" في نـ: "على أَنْ يَعْمَلُوهَا".

===

(1)

" موسى بن إسماعيل" التبوذكي.

(2)

"جويرية بن أسماء" الضبعي.

(3)

"نافع" هو مولى ابن عمر.

(4)

"عبد الله" ابن عمر.

(5)

قوله: (أن يعملوها ويزرعوها) فيه المطابقة للترجمة، لأنه عليه السلام ما أعطى خيبرَ اليهودَ إلا بشرط أن يعملوها ويزرعوها، وهذا هو عقد المزارعة، كذا قاله العيني (9/ 618).

(6)

قوله: (عند عُقْدة النكاح) عقدة بضم العين وبالإضافة، والمراد وقت العقد. قوله:"مقاطع الحقوق" أي ينتهي الحقوق حيث وجدت الشروط، قوله:"ذكر صهرًا" الأصهار أهل بيت المرأة، ومن العرب من يجعل الصهرَ من الأحماء والأختان جميعًا، والمراد به أبو العاص بن الربيع زوجُ زينبَ بنتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسر يوم بدر فمنّ عليه بلا فداءٍ كرامةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد أبى أن يطلِّق ابنته إذ مشى إليه المشركون في ذلك فشكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم مصاهرته وأثنى عليه، وردَّ زينب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بدر بقريب حين طالبها منه، وأسلم قبل الفتح، "كرماني"(12/ 31)، "الخير الجاري"(2/ 278).

ص: 647

وَقَالَ عُمَرُ

(1)

: إِنَّ مَقَاطِعَ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ، وَلَكَ مَا اشترَطْتَ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ

(2)

: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ صِهْرًا

(3)

لَهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ

(4)

فَأَحْسَنَ

(5)

، قَالَ: "حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي

(6)

".

2721 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ

(7)

، ثَني اللَّيْثُ

(8)

، حَدَّثَنِي يَزيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ

(9)

، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ

(10)

، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ

(11)

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحَقُّ

(12)

الشُّرُوطِ أَنْ

"وَلَكَ مَا اشترَطْتَ" في نـ: "وَلَكَ مَا شرَطْتَ". "فَصدَقَنِي" في نـ: "وَصَدَقَنِي". "ثَني اللَّيْثُ" في نـ: "ثَنَا اللَّيْثُ".

===

(1)

" وقال عمر" ابن الخطاب، فيما وصله ابن أبي شيبة [ح: 2073].

(2)

"وقال المسور" ابن مخرمة، فيما وصله في "الخمس".

(3)

هو أبو العاص بن الربيع، "قس"(6/ 204).

(4)

وكان قد تزوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، "قس"(6/ 204).

(5)

أي: الثناء عليه، "قس"(6/ 204).

(6)

وهذا الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في "كتاب النكا "[ك: 67، ب: 52]، "قس"(6/ 204).

(7)

"عبد الله بن يوسف" هو التِّنِّيسي.

(8)

"الليث" ابن سعد الإمام.

(9)

"يزيد بن أبي حبيب" البصري واسم أبيه سويد.

(10)

"أبي الخي " مرثد بن عبد الله اليزني.

(11)

"عقبة بن عامر" الجهني.

(12)

مبتدأ.

ص: 648

تُوفُوا بِهِ

(1)

مَا اسْتَحْلَلْتُمْ

(2)

بِهِ الْفُرُوجَ". [طرفه: 5151، أخرجه: م 1418، د 2139، ت 1127، س 3281، ق 1954، تحفة: 9953].

‌7 - بابُ الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ

(3)

2722 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

(4)

، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ

(5)

، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ

(6)

، سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيَّ

(7)

قَالَ: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ

(8)

يَقُولُ: كُنَّا أَكْثَرَ الأَنْصَارِ حَقْلًا

(9)

، فَكُنَّا نُكْرِي الأَرْضَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهْ، فَنُهِينَا

(10)

عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ نُنْهَ عَنِ الْوَرِقِ. [راجع: 2286، أخرجه: م 1547، د 3392، س 3899، ق 2458، تحفة 3553].

===

(1)

متعلق بأحق.

(2)

خبر.

(3)

قوله: (باب الشروط في المزارعة) هذه الترجمة أخصّ من الماضية قبل بباب، ثم ذكر فيه حديث رافع بن خديج مختصرًا، وقد مرّ في "المزارعة" (برقم: 2332)، "فتح"(5/ 323).

(4)

"مالك بن إسماعيل" النهدي الكوفي.

(5)

"ابن عيينة" هو سفيان.

(6)

"يحيى بن سعيد" الأنصاري.

(7)

"حنظلة الزرقي" ابن قيس.

(8)

"رافع بن خديج" الأنصاري رضي الله عنه.

(9)

أي: زرعًا.

(10)

قوله: (فنهينا عن ذلك) أي إكراء الأرض ببعض منها، ولم نُنْه عن الإكراء بالورق أي بالدراهم، "ك"(12/ 32).

ص: 649

‌8 - بابُ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ

2723 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(1)

، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ

(2)

، ثَنَا مَعْمَرٌ

(3)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(4)

، عَنْ سَعِيدٍ

(5)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَبِيعُ

(6)

حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَزِيدَنَّ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبَنَّ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَلَا تَسْأَلِ

(7)

الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَكْفِئَ إِنَاءَهَا". [راجع: 2140، أخرجه: م 1413، س 4507، تحفة: 13271].

===

(1)

" مسدد" هو ابن مسرهد.

(2)

"يزيد بن زريع" أبو معاوية البصري.

(3)

"معمر" هو ابن راشد الأزدي مولاهم.

(4)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(5)

"سعيد" هو ابن المسيب المخزومي.

(6)

قوله: (لا يبيع حاضر لباد) وهذا إذا كان أهل البلد في قحط وعوز، وهو أن يبيع من أهل البدو طمعًا في الثمن الغالي، لما فيه من الإضرار بهم، أما إذا لم يكن كذلك فلا بأس لانعدام الضرر، كذا في "الهداية"(2/ 54)، قوله:"لا تناجشوا" من النجش، وهو أن يزيد في الثمن لا لرغبة بل ليخدع غيره، كذا في "المجمع"(4/ 672) وغيره.

(7)

قوله: (ولا تسأل المرأة طلاق أختها) أي ضرّتِها لأنها أختها في الدِّين. قوله: "لتستكفئ" يقال: كفأت الإناء أي كببته وقلبته، معناه: نهى المرأة أن تسأل الرجلَ طلاق زوجته لينكحها ويصير لها من نفقته ومعاشرته ما كان للمطلقة، فعبّر عن ذلك بإكفاء ما في الإناء مجازًا، "كرماني"(12/ 32)، "خ"(2/ 279).

ص: 650

‌9 - بابُ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَحِلُّ فِي الْحُدُودِ

(1)

2724 و 2725 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(2)

، ثَنَا اللَيْثُ

(3)

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(4)

، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: إِنَّ رَجُلًا

(5)

مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ

(6)

اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي

"ثَنَا اللَيْثُ" في نـ: "ثَنَا لَيْثٌ" بلام واحدة.

===

(1)

قوله: (باب الشروط التي لا تحل في الحدود) ذكر فيه حديث أبي هريرة وزيد بن خالد في قصة العسيف، وقد ترجم له في "الصلح":"إذا اصطلحوا على جور فهو مردود". ويستفاد من الحديث أن كل شرط وقع في رفع حَدٍّ من حدود الله فهو باطل، وكل صلح وقع فيه فهو مردود، كذا في "الفتح"(5/ 324).

(2)

الثقفي، أبو رجاء البغلاني، "قس"(6/ 207).

(3)

"الليث" ابن سعد الإمام.

(4)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(5)

لم يسم كغيره من المبهمات في هذا الحديث، "قس"(6/ 207).

(6)

قوله: (أنشدك الله إلا قضيت) أي: ما أطلب منك إلا قضاءك "بكتاب الله". قوله: "أفقه منه" أي: بحسن مخاطبته وأدبه، كذا في "القسطلاني"(6/ 207)، وفيه أيضًا أن القائل: "إن ابني

" إلخ، هو الخصم الثاني كما هو ظاهر السياق، وجزم الكرماني (12/ 32) بأنه الأول، وعبارته: قوله: "وائذن لي" ليس عطفًا على "اقض"؛ إذ المستأذن هو الرجل الأعرابي لا خصمه، انتهى. وقد مرّ أن القائل به هو الرجل الأفقه، "الخير الجاري" (2/ 279)، ومرّ الحديث (برقم: 2695) [في] "كتاب الصلح".

ص: 651

بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ الْخَصْمُ الآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ: نَعَمْ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَائْذَنْ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قُلْ"، قَالَ

(1)

: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا

(2)

عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ

(3)

وَوَلِيدَةٍ

(4)

، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي مِائةُ جَلْدَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، اغْدُ يَا أُنَيسُ إِلَى امْرَأةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمهَا". قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا وَاعْتَرَفَتْ، فَأمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فرَجَمَهَا. [حديث: 2724، راجع: 2315، تحفة: 14106، حديث: 2725، راجع: 2314].

‌10 - بَابُ مَا يَجُوزُ

(5)

مِنْ شُرُوطِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ بِالْبَيْعِ عَلَى أَنْ يُعْتَقَ

2726 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى

(6)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ

"مِائةُ جَلْدَةٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"جَلْدُ مِائةٍ". "فَرَجَمَهَا" في نـ: "فَرُجِمَتْ".

===

(1)

القائل هو الخصم الآخر، "قس"(6/ 208).

(2)

أي: أجيرًا.

(3)

من الغنم، "قس"(6/ 208).

(4)

أي: جارية، "قس"(6/ 208).

(5)

قوله: (باب ما يجوز من شروط المكاتب

) إلخ، ذكر فيه حديث عائشة في قصة بريرة، ومرّ بيانه في (ح: 2561) في "كتاب المكاتب".

(6)

"خلاد بن يحيى" ابن صفوان السلمي أبو محمد الكوفي.

ص: 652

الْمَكِّيُّ

(1)

، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ بَريرَةُ وَ

(2)

هِيَ مُكَاتَبَةٌ، فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ اشْتَرِينِي، فَإنَّ أَهْلِي يَبِيعُونِّيَ، فَأَعْتِقِينِي، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِنَّ أَهْلِي لَا يَبِيعُونِّي حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلَائِي، قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَلَغَهُ، فَقَالَ "مَا شَأْنُ بَرِيرَةَ؟ " فَقَالَ:"اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، وَلْيَشْتَرِطُوا مَا شَاءُوا". قَالَتْ: فَاشْتَرَيْتُهَا فَأَعْتَقْتُهَا، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلَاءَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ". [أطرافه: 456، تحفة: 16043].

‌11 - بابُ الشُّرُوطِ فِي الطَّلَاقِ

(3)

"دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ" في نـ: "دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ". "يَبِيعُونِّي" في ذ: "يَبِيعُونَنِي". "لَا يَبِيعُونِّي" في ذ: "لَا يَبِيعُونَنِي". "فَقَالَ: اشْتَرِيهَا" في ذ: "قَالَ: اشْتَرِيهَا". "وَلْيَشْتَرِطُوا" في ذ: "وَيَشْتَرِطُوا". "قَالَتْ: فَاشْتَرَيْتُهَا فَأَعْتَقْتُهَا" في ذ: "قَالَ: فَاشْتَرَتْهَا فَأَعْتَقَتْهَا".

===

(1)

" عبد الواحد بن أيمن المكي" مولى ابن أبي عمر المخزومي القرشي، يروي عن أبيه أيمن.

(2)

الواو للحال.

(3)

قوله: (باب الشروط في الطلاق) أي تعليق الطلاق. قوله: "إن بدأ" بهمزة، أي قال: أنت طالق إن دخلتِ الدار، قوله:"أو أَخّر" بأن قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، يعني لا تفاوت بين تقديم الشرط على الطلاق وتأخيره منه، قوله:"عن التلقي" أي تلقي الركبان بشراء متاعهم قبل معرفتهم سعر البلد، قوله:"المهاجر" هو المقيم. قوله: "للأعرابي" أي الذي يسكن البادية، والابتياع إما بمعناه وهو الاشتراء، أو بمعنى البيع كلفظ البيع،

ص: 653

وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ

(1)

وَالْحَسَنُ

(2)

وَعَطَاءٌ

(3)

: إِنْ بَدَأَ بِالطَّلَاقِ أَوْ أَخَّرَ فَهُوَ أَحَقُّ بِشَرْطِهِ.

2727 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ

(4)

، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ

(5)

، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ

(6)

، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبتَاعَ الْمُهَاجِرُ لِلأَعْرَابِيِّ، وَأَنْ تَشْتَرِطَ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا، وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ، وَعَنِ

"لِلأَعْرَابِيِّ" في نـ: "لِأَعْرَابِيٍّ".

===

فيوافق مذهب العلماء، فإن المشهور عند فقهاء المذاهب المنهيُّ هو بيع المقيم له لا الابتياع له. قوله:"والتصرية" أي: تصرية ضرع الحيوان ليخدع المشتري بكثرة اللبن، كذا في "الخير الجاري"(2/ 279) و"الكرماني"(12/ 34 - 35).

والمطابقة في قوله: "لا تشترط المرأة طلاق أختها" لأن مفهومه أنها إذا اشترطت ذلك فطلّق أختها وقع الطلاق؛ لأنه لو لم يقع لم يكن للنهي عنه معنًى، كذا في "الفتح"(5/ 325)[وانظر "عمدة القاري" (9/ 624)].

قوله: (نهي) أولًا بلفظ المجهول، و"نهينا" ثانيًا بلفظ المجهول أيضًا، و"نهى" ثالثًا بلفظ المعروف، والقرينة في الثلاثة تدل على أن الناهي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، "ك"(12/ 34 - 35)، "خ"(2/ 279).

(1)

"قال ابن المسيب" هو سعيد المذكور.

(2)

"والحسن" البصري.

(3)

"وعطاء" هو ابن أبي رباح فيما وصله عبد الرزاق. [ح: 11273].

(4)

"محمد بن عرعرة" الناجي السامي -بالمهملة- البصري.

(5)

"شعبة" ابن الحجّاج العتكي.

(6)

"عدي بن ثابت" الأنصاري الكوفي.

ص: 654

التَّصْرِيَةِ. تَابَعَهُ مُعَاذٌ

(1)

وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ شُعْبَةَ

(2)

. وَقَالَ غُنْدُرٌ

(3)

وعَبْدُ الرَّحْمَنِ: نُهِيَ. وَقَالَ آدَمُ

(4)

: نُهِينَا. وَقَالَ النَّضْرُ

(5)

وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: نَهَى. [راجع: 2140، أخرجه: م 1515، س 4491، تحفة: 13411].

‌12 - بابُ الشُّرُوطِ مَعَ النَّاسِ بِالْقَوْلِ

(6)

2728 -

حَدَّثَثَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى

(7)

أَنَا هِشَامٌ

(8)

أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ

(9)

"أَنَا هِشَامٌ" في نـ "أَخْبَرَنِي هِشَامٌ".

===

(1)

تابعه معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان العنبري البصري، فيما وصله مسلم، وعبد الصمد بن عبد الوارث، فيما وصله مسلم [ح: 12] أيضًا.

(2)

ابن الحجاج.

(3)

"وقال غندر" هو محمد بن جعفر فيما وصله مسلم [ح: 12] أيضًا.

(4)

"وقال آدم" ابن أبي إياس.

(5)

ابن شميل، "قس"(6/ 211).

(6)

قوله: (باب الشروط مع الناس بالقول) ذكر فيه طرفًا من حديث ابن عباس عن أبي بن كعب في قصة موسى والخضر، والمراد منه قوله:"كانت الأولى نسيانًا، والوسطى شرطًا، والثالثة عمدًا"، وأشار بالشرط إلى قولِه:{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي} [الكهف: 76]، والتزامِ موسى بذلك، ولم يكتبا ذلك ولم يشهدا أحدًا، وفيه دلالة على العمل بمقتضى ما دَلّ عليه الشرط، فإن الخضر قال لموسى لَمّا أخلف الشرطَ:{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78]، ولم ينكر عليه موسى عليهما السلام ذلك، "فتح الباري"(5/ 326).

(7)

"إبراهيم بن موسى" أبو إسحاق الرازي.

(8)

"هشام" ابن يوسف أبو عبد الرحمن.

(9)

"ابن جريج" عبد الملك بن عبد العزيز.

ص: 655

أَخْبَرَهُم قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى

(1)

بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

(2)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

(3)

-يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَغَيْرُهُمَا

(4)

، قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ- قَالَ: إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قَالَ مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ" فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: 72]: كَانَتِ الأُولَى نِسْيَانًا، وَالْوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا

(5)

، {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي

(6)

مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: 73]، {لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ} [الكهف: 74]. {فَانْطَلَقَا

فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ

(7)

فَأَقَامَهُ} [الكهف: 77]. قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ

(8)

: أَمَامَهُمْ

(9)

مَلِكٌ. [راجع: 74].

"أَخْبَرَهُم" كذا في ذ، وفي نـ:"أَخْبَرَهُ". "ابْنِ جُبَيْرٍ" سقط في نـ. "قَالَ مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ" لفظ "قَالَ" سقط في نـ. "فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا" لفظ "فيها" سقط في نـ.

===

(1)

" يعلى" على وزن يرضى، ابن هرمز.

(2)

"عمرو بن دينار" بفتح العين، المكي.

(3)

"سعيد بن جبير" الكوفي.

(4)

بالرفع عطف على فاعل "أخبرني".

(5)

أي: قصدًا.

(6)

أي: لا تغشني عسرًا من أمري بالمضايقة والمؤاخذة على المنسيِّ، "مجمع"(2/ 405).

(7)

أي: يقرب أن يسقط لميلانه، "جلالين" (ص: 392).

(8)

أي: قرأ ابن عباس بدل لفظ {وَرَاءَهُمْ [مَلِكٌ]} .

(9)

أي: قدامهم.

ص: 656

‌13 - بابُ الشُّرُوطِ فِي الْوَلَاءِ

(1)

2729 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(2)

، ثَنَا مَالِكٌ

(3)

، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ

(4)

، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي. فَقَالَتْ: إِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ

(5)

أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ

(6)

". [راجع: 456، تحفة: 17165].

"ثَنَا مَالِكٌ" في نـ: "ثَنِي مَالِكٌ". "ابْنِ عُرْوَةَ" ثبت في ذ. "أُوقِيَّةٌ" في نـ: "وَقِيَّةٌ".

===

(1)

قوله: (باب الشروط في الولاء) ذكر فيه طرفًا من حديث عائشة في

قصة بريرة، وقد تقدم الكلام عليه مرارًا في "كتاب العتق" وغيره.

(2)

"إسماعيل" ابن أبي أويس الأصبحي.

(3)

"مالك" هو خاله الإمام الأعظم.

(4)

جمع أوقية وهي أربعون درهمًا.

(5)

أي: حكم الله أحق بالاتباع.

(6)

مر الحديث مع بيانه (برقم: 2536) في "العتق"، وفي "البيوع" (برقم: 2155) وأيضًا (برقم: 2168) مع البيان الوافي.

ص: 657

‌14 - بابٌ إِذَا اشْتَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ: إِذَا شِئْتُ أَخْرَجْتُكَ

(1)

2730 -

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ

(2)

، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى

(3)

أَبُو غَسَّانَ

(4)

"حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ" زاد في كن، ذ:"مَرَّار بن حَمُّوَهْ".

===

(1)

قوله: (باب إذا اشترط في المزارعة: إذا شئتُ أخرَجْتُك) كذا ذكر هذه الترجمة مختصرة، وترجم لحديث الباب في "المزارعة" بأوضح من هذا فقال:"إذا قال رب الأرض: أقِرُّك ما أَقَرَّك الله ولم يذكر أجلًا معلومًا فهما على تراضيهما"، وأخرج هناك حديث [ابن عمر] في قصة يهود خيبر بلفظ:"نقرّكم على ذلك ما شئنا"، وأورده هنا بلفظ:"نقرّكم ما أقرّكم الله" فأحال في كل ترجمة على لفظ المتن الذي في الأخرى، وبَيَّنَتْ إحدى الروايتين مراد الأخرى، وأن المراد بقوله:"ما أقرّكم الله" ما قدّر الله أنا نترككم فيها، فإذا شئنا فأخرجناكم تَبَيَّنَ أن الله قدّر إخراجكم، والله أعلم.

وقد تقدم في "المزارعة"(ح: 2328) توجيه الاستدلال به على جواز المخابرة، وفيه جواز الخيار في المساقاة للمالك لا إلى أمد، وأجاب من لم يجزه باحتمال أن المدة كانت مذكورة ولم تنقل، أو لم تذكر لكن عينت كل سنة بكذا، أو أن أهل خيبر صاروا عبيدًا للمسلمين، ومعاملة السيد لعبده لا يشترط فيها ما يشترط في الأجنبي، "فتح الباري"(5/ 327).

(2)

"أبو أحمد" غير مسمى لا منسوب، ولأبي ذر وابن السكن عن الفربري: أبو أحمد مرّار بن حَمُّويَه بفتح الميم وتشديد الراء الأولى، وأبوه بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم، الهمداني -بفتح الميم والمعجمة- النهاوندي، وليس له -كشيخه- في "البخاري" سوى هذا الحديث، ويقال: إنه محمد بن يوسف البيكندي، ويقال: إنه محمد بن عبد الوهاب الفراء.

(3)

"محمد بن يحيى" ابن علي.

(4)

"أبو غسان" بفتح الغين وتشديد المهملة.

ص: 658

الْكِنَانِيُّ، أَنَا مَالِكٌ

(1)

، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا فَدَعَ

(2)

أَهْلُ خَيْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ:"نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ"، وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى مَالِهِ هُنَاكَ فَعُدِيَ

(3)

عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ، هُمْ عَدُوُّنَا وَتُهْمَتُنَا

(4)

، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلَاءَهُمْ، فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ أتَاهُ أَحَدُ

===

(1)

" مالك" الإمام.

(2)

قوله: (فدع) بالفاء والمهملتين، وضبط الكرماني (12/ 37) بالغين المعجمة، والأول موافق للقاموس، فقال: الفَدَع، محركةً: اعوجاجُ الرُّسْغ من اليد أو الرِّجْل حتى ينقلب الكفُّ، قال: ومنه حديث ابن عمر: إن يهودَ خيبرَ دَفَعُوه من بيتٍ، فَفَدِعَتْ قَدَمُه، كذا في "الخير الجاري". وفي "الفتح" (5/ 328): الفدع بفتحتين: زوال المفصل، ووقع في رواية ابن السكن بالغين المعجمة أي:"فدغ"، و جزم به الكرماني، وهو وهم لأن الفدغ بالمعجمة: كسر الشيء المجوَّف، قاله الجوهري، ولم يقع ذلك لابن عمر في هذه القصة.

(3)

قوله: (فعُدِي عليه) أي: ظُلِمَ عليه، قال الخطابي: إنما اتهم أهل خيبر بأنهم سحروا عبد الله، وفي "القسطلاني" (6/ 216): وإنما ترك عمر مطالبتهم بالقصاص لأنه كان ليلًا وهو نائم فَبِمَ يعرف عبد الله مَنْ فَدِعَه فأشكل الأمر، كذا في "الخير الجاري"(2/ 280).

(4)

قوله: (تُهَمَتُنَا) بضم المثناة وفتح الهاء ويجوز إسكانها، أي الذين نتَّهمهم بذلك. قوله:"قد رأيت إجلاءهم" والإجلاء: الإخراج عن المال والوطن على وجه الإزعاج والكراهة، قوله:"فلما أجمع" أي عزم. قوله: "أحد بني أبي الْحُقَيق" بمهملة وقافين، مصغّر، وهو رأس يهود خيبر، ولم أقف على اسمه، وابن أبي الحقيق الآخر هو الذي

ص: 659

بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ

(1)

، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ وَعَامَلَنَا عَلَى الأَمْوَالِ، وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ

(2)

مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ

(3)

، لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ؟ " فَقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ، فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، فَأَجْلَاهُمْ عُمَرُ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ مَالًا

(4)

وَإِبِلًا وَعُرُوضًا، مِنْ أَقْتَاب وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. [تحفة: 10554، أخرجه: د 3007].

"كَانَتْ هَذِهِ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ:"كَانَ ذلك". "فَقَالَ: كَذَبْتَ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ: كَذَبْتَ".

===

كان زوجَ صفية بنت حُيَيٍّ أمِّ المؤمنين، فَقُتل بخيبر، "فتح الباري"(5/ 328).

(1)

"بني أبي الحقيق" بضم الحاء المهملة وفتح القاف الأولى وسكون التحتية.

(2)

بلفظ المجهول، "ك"(12/ 38).

(3)

قوله: (تعدو بك قلوصك) بفتح القاف وبالصاد المهملة: الناقة الصابرة على السير، وقيل: الشابة، وقيل: أول ما تركب من إناث الإبل، وقيل: الطويلة القوائم، وأشار صلى الله عليه وسلم إلى إخراجهم من خيبر، وكان ذلك من إخباره بالمغيبات قبل وقوعها، قوله:"هزيلة" تصغير الهزل وهو ضد الجد، "فتح الباري"(5/ 328).

(4)

قوله: (مالًا) تمييز للقيمة، وعطف الإبل عليه وكذلك العروض من عطف الخاصّ على العامّ، أو المراد بالمالِ النقد خاصة والعروضِ ما عدا النقد، وقيل: ما لا يدخله الكيل، ولا يكون حيوانًا ولا عقارًا، كذا في "الفتح" (5/ 328). قوله:"من أقتاب" القتب بالتحريك:

ص: 660

رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ

(1)

عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَحْسِبُهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، اخْتَصَرَهُ.

‌15 - بابُ الشُّرُوطِ فِي الْجِهَادِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْب وَكِتَابَةِ الشُّرُوطِ

(2)

مَعَ النَّاسِ بِالقَوْلِ

2731 و 2732 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(3)

، ثَنَا عَبْدُ

"مَعَ النَّاسِ بِالقَوْلِ" ثبت في سـ، ذ. "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ" كذا في ذ، وفي نـ:"حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ".

===

الرحل الصغير على قدر السنام، وبالكسر جميع أدوات السانية من حبالها وأعلامها، كذا في "الكرماني"(12/ 38).

(1)

قوله: (حماد بن سلمة) بفتح اللام، ابن دينار الربعي، قوله:"أحسبه عن نافع" أي أن حمادًا شكّ في وصله. وصرّح بذلك أبو يعلى في الرواية الآتية. وزعم الكرماني أن في قوله "عن النبي صلى الله عليه وسلم" قرينة تدل على أن حمادًا اقتصر في روايته على قوله صلى الله عليه وسلم وفعله دون ما نسبه إلى عمر، قلت: وليس كما قال، وإنما المراد أنه اختصر من المرفوع دون الموقوف، وهو الواقع في نفس الأمر، "فتح الباري"(5/ 328).

(2)

قوله: (وكتابة الشروط) كذا للأكثر، وزاد المستملي "مع الناس بالقول" وهي زيادة مستغنى عنها لأنها تقدّمت في ترجمة مستقلّة إلا أن تحمل الأُولى على الاشتراط بالقول خاصة، وهذه على الاشتراط بالقول والفعل معًا، "فتح الباري"(5/ 333). اللَّهم اغفر لكاتبه ولمن سعى فيه ولوالديهم أجمعين، آمين.

(3)

"عبد الله بن محمد" المسندي.

ص: 661

الرَّزَّاقِ

(1)

، أَنَا مَعْمَرٌ

(2)

، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ

(3)

، أَخبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ

(4)

، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

(5)

حَدِيثَ صَاحِبِهِ، قَالَا

(6)

: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(7)

زَمَنَ الْحُدَيْبِيَّةِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا

"أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ" في نـ: "حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ".

===

(1)

" عبد الرزاق" ابن الهمام.

(2)

"معمر" ابن راشد.

(3)

"الزهري" محمد بن مسلم.

(4)

ابن الحكم، "ف"(5/ 333).

(5)

"كل واحد منهما" أي: من المسور ومروان، "قس"(6/ 221).

(6)

قوله: (قالا) أي المسور ومروان، قال في "الفتح" (5/ 333): هذه الرواية بالنسبة إلى مروان مرسلة لأنه ليس له صحبة، وأما المسور فهي بالنسبة إليه أيضًا مرسلة لأنه لم يحضر القصة، وقد تقدم في أول "الشروط" (برقم: 2711، 2712) من طريق أخرى عن الزهري عن عروة "أنه سمع المسور ومروان يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" فذكر بعض الحديث، وقد سمع المسور ومروان من جماعة من الصحابة شهدوا هذه القصة كعمر وعثمان وعلي والمغيرة وأم سلمة وسهل بن حنيف وغيرهم، ووقع في نفس هذا الحديث شيء يدل على أنه عن عمر، انتهى.

(7)

قوله: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: يوم الاثنين هلال ذي القعدة سنةَ ستٍّ من الهجرة، وهو المعنِيُّ بقوله:"زمن الحديبية" بتخفيف الياء، وقد تُشَدَّدُ: موضع قريب من مكة، ذكره في "المغرب" (ص: 66)، وفي "النهاية" (1/ 349): قرية قريبة من مكة سُمِّيَت ببئر هناك، أقول: هي ما بين مكة وجدة -بالجيم- قريب قرية تسمى حدة بالحاء المهملة، وهي من الحل وبعضها من الحرم على ما ذكره الواقدي، هذا ما ذكره في "المرقاة"

ص: 662

بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ

(1)

بِالْغُمَيمِ

(2)

===

(7/ 616)، وفي "الفتح": وهي بئر سمي المكان بها، وقيل: شجرة حدباء صُغِّرت، وسمي المكان بها، قال المحب الطبري: الحديبية قرية قريبة من مكة أكثرها في الحرم، انتهى كلام "الفتح"(5/ 334).

(1)

المخزومي، أسلم بعد الحديبية، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيف الله، "خ".

(2)

قوله: (بالغميم) بفتح الغين المعجمة وكسر الميم، وبضم الغين وفتح الميم، قاله القاضي عياض، ولم يذكر البكري إلا الفتح، كذا في "التنقيح"(2/ 605)، وقال في "القاموس" (ص: 1054): وضَمُّ غينه وهمٌ، وإنما الغُمَيْم، كَزُبَيْرٍ: واد بديار حنظلة، انتهى. قوله:"طليعة" أي مقدمة الجيش. قوله: "فخذوا ذات اليمين" أي الطريق التي فيها خالد وأصحابه. قوله: "بقترة الجيش" بفتح القاف والفوقية، وروي بسكونها أيضًا: الغبار الأسود، قوله:"يركض نذيرًا لقريش" أي: يضرب برجله دابته استعجالًا حال كونه نذيرًا أي: منذرًا لقريش بمجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: "حَلْ حَلْ" بفتح المهملة وسكون اللام: كلمة زجر للناقة. قوله: "فأَلَحَّت" من الإلحاح أي لزمت المكان، "وخَلَأَتْ" بفتح المعجمة واللام، والخلاء في الإبل كَالْحِران في الخيل.

و"القصواء" بفتح القاف وسكون المهملة ممدودًا: اسم ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله:"وما ذاك لها بِخُلُق" أي: بعادة، قوله:"ولكن حبسها حابس الفيل" وهو الله تعالى. وقصته أن أبرهة الحبشي جاء على الفيل بعسكره يقصد هدم الكعبة، فلما وصل إلى ذي المجاز امتنع فيله من التوجه نحو مكة ولم يمتنع من غيرها، والتمثيل بحبس الفيل هو أن أصحابه لو دخلوا مكة كان بينهم وبين قريش قتال في الحرم وأريق فيه الدماء، كما لو دخل الفيل.

ص: 663

فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ". فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ

===

قوله: "خطة" بضم المعجمة وتشديد المهملة، أي: خصلة أو أمر عظيم، "يعظِّمون فيها حرمات الله" أي: من ترك القتال في الحرم، قوله:"إلا أعطيتهم إياها" أي أجبتهم إليها. قوله: "فعدل عنهم" أي مال عن طريق أهل مكة، وفي رواية ابن سعد:"فولّى راجعًا". قوله: "حتى نزل بأقصى الحديبية" أي بآخرها من جانب الحرم. قوله: "على ثمد" بفتح المثلثة والميم: حفرة فيها ماء قليل. وقوله: "قليل الماء" تأكيد له. قوله: "فلم يلبثه" من الإلباث أو التلبيث، أي: لم يتركوه يلبث ذلك الماء طويلًا في تلك البئر.

قوله: "وشُكي" على بناء المجهول. قوله: "وكانوا عيبة نصح" العيبة بفتح المهملة وسكون التحتية: ما يوضع فيه الثياب لحفظها، أي: أنهم موضع النصح له والأمانة على سرِّه. و"نصح" بضم النون، وحكى ابن التين فتحَها، كأنه شبَّه الصدر الذي هو مستودع السرِّ بالعيبة التي هو مستودع الثياب.

قوله: "أعداد" بفتح الهمزة جمع عِدٍّ بالكسر والتشديد، وهو الماء الذي لا انقطاع له، قوله:"ومعهم العوذ المطافيل" العوذ بضم المهملة وسكون الواو بعدها معجمة جمع عائذ، وهي الناقة ذات اللبن، والمطافيل الأمهات اللاتي معها أطفالها، يريد أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الإبل ليتزوَّدوا بألبانها، ولا يرجعوا حتى يمنعوه، أو كنى بذلك عن النساء معهن الأطفال، والمراد أنهم خرجوا معهم بنسائهم وأولادهم لإرادة طول المقام، وليكون أدعى إلى عدم الفرار، ويحتمل إرادة المعنى الأعمِّ، قال ابن فارس: كل أنثى إذا وضعت فهي إلى سبعة أيام عائذ والجمع عُوذ، كذا في "الفتح"(5/ 333 - 341).

قوله: "نَهِكَتْهم" بفتح أوله وكسر الهاء، أي: أضعَفَتْهم، قوله:"ماددتُهم" أي جعلت بيني وبينهم مدةً يترك الحرب فيها، قوله:"يُخَلّوا بيني وبين الناس" أي: من كفار العرب وغيرهم، "فإن أظهر [فإن شاءوا] " هو شرط

ص: 664

حَتَّى إِذَا هُمْ

(1)

بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا

(2)

لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ

(3)

الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ

(4)

مِنْهَا، بَرَكَتْ بِهِ

===

بعد الشرط، والتقدير: فإن ظهر غيرهم عليَّ كفاهم المؤونة، وإن أظهر أنا على غيرهم، فإن شاءوا أطاعوني وإلا فلا تنقضي مدة الصلح، "وإلا فقد جَمُّوا" أي: استراحوا من جهة القتال، ولابن عائذ عن الزهري:"فإن ظهر الناس عليَّ فذلك الذي يبتغون"، فالظاهر أن الحذف وقع من بعض الرواة تأدبًا، كذا في "الفتح".

قوله: "فحدّثهم بما قال" زاد ابن إسحاق: فقال لهم بديل: إنكم تعجلون على محمد، إنه لم يأت لقتال، إنما جاء معتمِرًا فاتهموه -أي: اتهموا بديلًا لأنهم كانوا يعرفون ميله إلى النبي صلى الله عليه وسلم- فقالوا: إن كان كما يقول فلا يدخلها علينا عنوة، "فقام عروة بن مسعود" بن معتب الثقفي، قوله:"ألست بالوالد؟ قالوا: بلى، قالط: أَوَلستم بالولد؟ " أي: أنتم عندي في الشفقة والنصح بمنزلة الولد، ولعله كان يخاطب بذلك قومًا هو أسن منهم، هذا على ما وقع في رواية أبي ذر، ولغيره بالعكس:"ألستم بالوالد؟ وألست بالولد؟ " وهو الصواب، وهو الذي في رواية أحمد وابن إسحاق وغيرهما، قوله:"امصص بظر اللات" هي كلمة تقولها العرب عند الذم والمشاتمة، والبظر بفتح الموحدة وسكون المعجمة: قطعة تبقى بعد الختان في فرج المرأة، واللات اسم صنم، قوله:"المغفر" كمنبر، هو الزَّرَدُ ونحوه مما يلبسه الدارع على رأسه، ملقتط من "الفتح"(5/ 333 - 341) و"الكرماني"(12/ 39 - 44) و"الخير الجاري"(2/ 280 - 289) وغيرها.

(1)

أي: فاجأهم غبار الجيش، وكلمة إذا بالكسر للظرفية، "خ".

(2)

أي: منذرًا.

(3)

أي: الجبل الذي عليه الطريق، "مرقاة"(7/ 617).

(4)

أي: على أهل مكة، "مرقاة"(7/ 617).

ص: 665

رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ

(1)

، فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا: خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ

(2)

، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ"

(3)

ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِّي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا". ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ

(4)

، قَالَ: فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَّةِ، عَلَى ثَمَدٍ

(5)

قَلِيلِ الْمَاءِ، يَتَبَرَّضُهُ

(6)

النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلْبِثْهُ

(7)

النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ

(8)

، وَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَطَشُ، فَانْتَزَعَ

(9)

سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ

(10)

، فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَجِيشُ

(11)

لَهُمْ

"فَقَالُوا: خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ" في ذ: "فَقَالُوا: خَلأَتِ الْقُصْوَى". "لَا يَسْأَلُونِّي" في ذ: "لَا يَسْأَلُونَنِي". "فَلَمْ يُلْبِثْهُ" في نـ: "فَلَمْ يُلَبِّثْهُ".

===

(1)

كلمة زجر.

(2)

أي: عادة، "ف"(5/ 335).

(3)

علم منه أنه صلى الله عليه وسلم كان مأمورًا بالصلح، "خ".

(4)

علم منه سبب لزومها ولصوقها بالأرض، "خ".

(5)

حفرة.

(6)

بالضاد المعجمة، أي: يأخذونه قليلًا قليلًا.

(7)

لم يتركوه.

(8)

أي: لم يبقوا منه شيئًا، "تو".

(9)

أي: أخرج سهمًا من جعبته، "ف"(5/ 337).

(10)

أي: في مكان الماء، "مرقاة"(7/ 618).

(11)

أي: يفور ماؤه.

ص: 666

بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ

(1)

، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ

(2)

فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانُوا

(3)

عَيبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ

(4)

، فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ

(5)

مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَّةِ، وَمَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا

(6)

مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ

(7)

، فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ

"فَبَيْنَمَا هُمْ" في هـ، ذ:"فَبَيْنَا هُمْ". "وَمَعَهُمُ الْعُوذُ" في نـ: "مَعَهُمُ الْعُوذُ". "بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ" زاد في سـ، هـ، ذ:"إنْ شَاءُوا".

===

(1)

أي: رجعوا عن ذلك الماء، "مرقاة"(7/ 618).

(2)

"بديل بن ورقاء الخزاعي" بضم الموحدة وفتح الدال المهملة، وأبوه بفتح الواو وسكون الراء، الخزاعي الصحابي المشهور، "في نفر من قومه من خزاعة" منهم عمرو بن سالم وخراش بن أمية فيما قاله الواقدي، وخارجة بن كرز ويزيد بن أمية كما في رواية أبي الأسود عن عروة، "قس"(6/ 223).

(3)

أي: بُدَيل والذين معه، "قس"(6/ 223).

(4)

هي اسم لكل ما نزله عن نجد أي مكة وما حولها.

(5)

جمع عدّ وهو الماء الكثير.

(6)

أي: قريش.

(7)

أي: كفار العرب وغيرهم.

ص: 667

جَمُّوا

(1)

، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْري هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي

(2)

، وَلَيُنفِّذَنَّ

(3)

اللَّهُ أَمْرَهُ". فَقَالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا، قَالَ: إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، قَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ: هَاتِ

(4)

مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ

(5)

فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ أَلَسْتُ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أوَ لَسْتُمْ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَهَلْ تَتَّهِمُونِّي؟

"وَلَيُنْفِّذَنَّ" في نـ: "أَوْ لَيُنْفِّذَنَّ". "مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ" في نـ: "مِنْ هَذَا الرَّجُلِ". "قَالَ سُفَهَاؤُهُمْ" في نـ: "فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ". "أَلَسْتُ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَوَ لَسْتُمْ بِالْوَلَدِ" في ذ: "أَلَسْتُم بِالْوَلِدِ؟ وَأَلَسْتُ بِالْوَالَدِ؟ "، وفي غير أبي ذر:"أَلَسْتُم بِالْوَالِدِ؟ وَأَلَسْتُ بِالْوَلَدِ؟ ". "تَتَّهِمُونِّي" في ذ: "تَتَّهِمُونَنِي".

===

(1)

استراحوا به تلك القضاء مدة الصلح، هذا على ما عليه صاحب "الفتح"(5/ 338)، وأما الكرماني (12/ 41) فذكر أن قوله:"وإلا فقد جَمُّوا" معناه: وإن لم أظهره فقد استراحوا.

(2)

بكسر اللام: مقدمة العنق، أي: حتى أقتل، "ك"(12/ 42)، "خ"، "ف"(5/ 338).

(3)

أي: لَيُمْضِيَنَّ.

(4)

بيار. [بالفارسية].

(5)

"عروة بن مسعود" هو ابن معتب -بضم الميم وفتح العين وكسر الفوقية المشددة- الثقفي، أسلم ورجع إلى قومه ودعاهم إلى الإسلام فقتلوه.

ص: 668

قَالُوا: لَا، قَال: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَزتُ

(1)

أَهْلَ عُكَاظٍ، فَلَمَّا بَلَّحُوا

(2)

عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ

(3)

، اقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَأَتَاهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: أَيْ مُحَمَّدُ، أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ

(4)

أَمْرَ قَوْمِكَ، هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ

(5)

أَصْلَهُ قَبْلَكَ؟ وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى

(6)

، فَإِنِّي وَاللَّهِ لأَرَى وُجُوهًا، وَإِنِّي لأَرَى أَشْوَابًا

(7)

مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا

(8)

أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ

(9)

، فَقَال لَهُ أَبُو بَكْرِ

(10)

:

"عَرَضَ لَكُمْ" كذا في هـ، وفي سـ، ذ:"عَرَضَ عَلَيْكُمْ". "آتِهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"آتِيهِ". "أَشْوَابًا مِنَ النَّاسِ" في هـ: "أَوباشًا مِنَ النَّاسِ" الأخلاط من السفلة، [قلت: قال القسطلاني: ولأبي ذر عن الكشميهني: "أَوْشَابًا" بتقديم الواو على المعجمة، ويروى "أَوباشًا" بتقديم الواو والموحدة، وكذا في "الفتح" و"العيني"].

===

(1)

أي: دعوتهم إلى نصركم.

(2)

أي: امتنعوا عن الإجابة، "ف"(5/ 338).

(3)

أي: خصلة خير وصلاح، "ف"(5/ 338).

(4)

أي: أهلكتَ بالكلية.

(5)

الاجتياح: الاستئصال.

(6)

أي: الغلبة لقريش.

(7)

الأخلاط من أنواع شتى.

(8)

حقيقًا.

(9)

أي: يتركوك.

(10)

الصديق.

ص: 669

امْصُصْ

(1)

بَظْرَ اللَّاتِ، أَنَحْنُ نَفِزُ عَنْهُ وَنَدَعُهُ

(2)

؟ فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالُوا: أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَدٌ

(3)

كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِك

(4)

بِهَا لأَجَبتُكَ، قَالَ: وَجَعَلَ

(5)

يُكَلِّمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ

(6)

قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى

(7)

عُرْوَةُ بيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ

(8)

السَّيْفِ، وَقَالَ: أَخِّرْ

(9)

يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ

"بَظْرَ اللَّاتِ" كذا في ذ، وفي نـ:"ببَظْر اللَّاتِ". "فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ "في هـ، حـ، ذ:"فكلَّما تكلَّم كلمةً".

===

(1)

من باب سمع يسمع. وفي رواية القابسي بضم الصاد الأولى، "ع"(9/ 640).

(2)

نتركه.

(3)

أي: نعمة.

(4)

أي: لم أكافئك بها، واليد المذكورة أن عروة كان تحمَّل بِدِيَةٍ، فأعانه أبو بكر بعون حسن، "ف"(5/ 340).

(5)

أي: عروة.

(6)

"المغيرة بن شعبة" ابن مسعود بن مُعَتّب الثقفي، صحابي مشهور، أسلم قبل الحديبية، وولي إمرة البصرة ثم الكوفة، مات سنة 50 هـ على الصحيح.

(7)

أي: مال.

(8)

هو ما يكون أسفل القراب من فضة أو غيرها، "ف"(5/ 341).

(9)

قوله: (أخّر يدك) أمر من التأخير، وزاد عروة بن الزبير:"فإنه لا ينبغي لمشرك أن يمسَّه"، وفي رواية ابن إسحاق:"فيقول عروة: ويحك ما أفَظَّك وأغلظك"، وكانت عادة العرب أن يتناول الرجل لحية من يكلمه

ص: 670

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: أَيْ غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ؟ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا الإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ

(1)

، وَأَمَّا الْمَالُ

"قَالُوا: الْمُغِيرَةُ" في ذ: "قَالَ: الْمُغِيرَةُ".

===

ولا سيما عند الملاطفة، وفي الغالب إنما يصنع ذلك النظيرُ بالنظير، لكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُغْضي لعروة عن ذلك استمالة له وتأليفًا، والمغيرة يمنعه إجلالًا للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا.

قوله: "أي غدر" بالمعجمة بوزن عمر معدول عن غادر مبالغة في وصفه بالغدر، قوله: "ألستُ

" إلخ، أي ألستُ أسعى في دفع شر غدرتك، وفي مغازي عروة: "والله ما غسلت يدي من غدرتك ولقد أورثتنا العداوة في ثقيف" قال ابن هشام في "السيرة": أشار عروة بهذا إلى ما وقع للمغيرة قبل إسلامه، وذلك أنه خرج مع ثلاثة عشر نفرًا من ثقيف من بني مالك فغدر بهم وقتلهم وأخذ أموالهم، فتهايج الفريقان بنو مالك والأحلاف رهط المغيرة، فسعى عروة بن مسعود عمُّ المغيرة حتى أخذوا منه دية ثلاثة عشر نفسًا واصطلحوا، وفي القصة طول. "وأما المال فلست منه في شيء" أي: لا أتعرَّض له لكونه أخذه غدرًا؛ لأن أموال المشركين وإن كانت مغنومة عند القهر فلا يحل أخذها عند الأمن، فإذا كان الإنسان مصاحبًا لهم فقد أمّن كل واحد منهما صاحبه، فسفكُ الدماء وأخذُ الأموال عند ذلك غدر، والغدر بالكفار وغيرهم محظور، وإنما تحل أموالهم بالمحاربة والمغالبة، ولعله صلى الله عليه وسلم ترك المال في يده لإمكان أن يسلم قومه فيردّ إليهم أموالهم، "قس" (6/ 227) [وانظر "فتح" (5/ 341)].

(1)

بلفظ المتكلم أي أقبله، "ف"(5/ 341).

ص: 671

فَلَسْتُ مِنْهُ

(1)

فِي شَيْءٍ

(2)

". ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ

(3)

(4)

أَصْحَابَ

===

(1)

لكونه أخذه غدرًا، "ف"(5/ 341).

(2)

فيه دليل على أن أموال أهل الشرك إذا أخذوها عند الأمان مردودة إلى أربابها، "ك"(12/ 44)، "خ".

(3)

أي: يلحظ بمؤخر العين، "خ".

(4)

قوله: (يرمق) بضم الميم أي: يلحظ، قوله:"فَدَلَك بها وجهَه وجلدَه" زاد ابن إسحاق "ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه"، قوله:"وما يُحِدُّونَ" بضم أوله وكسر المهملة أي يديمون، وفيه طهارةُ النخامة والشعر المنفصل والتبركُ بفضلات الصالحين الطاهرة، ولعل الصحابة فعلوا ذلك بحضرة عروة وبالغوا في ذلك إشارة منهم إلى الردِّ على ما خشيه من فرارهم، فكأنهم قالوا بلسان الحال: من يحبّ إمامه هذه المحبة ويعظِّمه هذا التعظيم، كيف يظن به أنه يفرّ عنه ويسلِّمه لعدوه؟ بل هم أشد اغتباطًا به وبدينه ونصره من القبائل التي يراعي بعضها بعضًا بمجرد الرحم، قوله:"وَوَفَدْتُ على قيصر" هو من الخاص بعد العام، وذكر الثلاثة لأنهم كانوا أعظم ملوك ذلك الزمان. كذا في "الفتح"(5/ 342).

وفي "الكرماني"(12/ 45 - 46): قيصر غير منصرف للعجمة، وهو لقب لكل من ملك الروم، "وكسرى" بكسر الكاف وفتحها: اسم لكل من ملك الفرس، "والنجاشي" بخفة الجيم وأما الياء فقد جاء تخفيفها وتشديدها، وهو لقب من ملك الحبشة، قوله:"وإن تَنَخَّم" أي: ما تَنَخَّم، وكذا "إن رأيت"، قوله:"من بني كنانة" بكسر الكاف وخفة النون: قبيلة من تغلب وهم [بنو كعب، وكنانة] قبيلة من مضر أيضًا، قوله:"قُلِّدتْ وأُشعِرتْ" والتقليد: أن يعلَّق في عنق البدنة شيء ليعلم أنها هدي، والإشعار الطعن في سنامه بحيث يسيل الدم منه ليكون علامة أنه هدي. قوله:"مكرز" بكسر الميم وسكون الكاف وفتح الراء وبالزاي، "ابن حفص" بالمهملتين، ابن الأخيف،

ص: 672

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَيْنَيْهِ، قَالَ

(1)

: فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُخَامَةً

(2)

إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ

(3)

عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ

(4)

إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَيْ قَوْم، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ، وَوَفَدْتُ

(5)

عَلَى قَيْصَرَ

(6)

وَكَسْرَى

(7)

وَالنَّجَاشِيِّ

(8)

، وَاللَّهِ إِنْ

(9)

رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ، يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ

(10)

تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا

"وَإِذَا تَكَلَّمَ" في ذ: "وَإِذَا تَكَلَّموا" في الموضعين. "إِنْ تَنَخَّمَ" في ذ: "إِنْ يَتَنَخَّمُ".

===

بالمعجمة والتحتانية، العامري، انتهى كلام الكرماني.

(1)

الراوي.

(2)

البصاق الغليظ، "تن"(2/ 608).

(3)

أي: يختصمون، "ك"(12/ 45).

(4)

"عروة" ابن مسعود المذكور.

(5)

بفتح الفاء أي: قَدِمْتُ، "تن"(2/ 608).

(6)

"قيصر" غير منصرف للعجمة، وهو لقب لكل من ملك الروم.

(7)

"كسرى" بكسر الكاف وتفتح، اسم لكل من ملك الفرس.

(8)

"والنجاشي" بفتح النون وتخفيف الجيم وبعد الألف شين معجمة وشدة التحتية وتُخَفَّفُ، لقب من ملك الحبشة، وهذا من باب عطف الخاص على العام، وخصوا بالذكر لأنهم كانوا أعظم ملوك ذلك الزمان.

(9)

نافية، "ك"(12/ 45)، "خ".

(10)

نافية، "ك"(12/ 45)، "خ".

ص: 673

وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، فَاقْبَلُوهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصحَابِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَذَا فُلَانٌ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا

(1)

لَهُ"، فَبُعِثَتْ لَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ

(2)

، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَن الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْبُدْنَ

(3)

قَدْ قُلِّدَتْ وَأشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ

(4)

فَقَالَ: دَعُونِي آتِهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هَذَا مِكْرَزٌ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ"، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو

(5)

.

"دَعُونِي آتِهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"دَعُونِي آتِيهِ" وكذا الآتي. "هَذَا مِكْرَزٌ" زاد في نـ: "ابْنُ حَفْصٍ".

===

(1)

أي: أثيروها دفعة واحدة، "ف"(5/ 342).

(2)

من التلبية.

(3)

جمع بدنة -بفتحات-.

(4)

"مكرز بن حفص" بكسر الميم وسكون الكاف وبعد الراء زاي، ابن الأخيف، وهو من بني عامر بن لويّ.

(5)

قوله: (إذ جاء سهيل بن عمرو) في رواية ابن إسحاق "فدعت قريش سهيل بن عمرو فقالوا: اذهب إلى هذا الرجل فصالحه، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أرادت قريش الصلح حين بعثت هذا"، "فتح"(5/ 342).

ص: 674

قَالَ مَعْمَرٌ

(1)

: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ

(2)

عَنْ عِكْرِمَةَ

(3)

(4)

، أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قَدْ سُهِّلَ

(5)

(6)

لَكُمْ مِنْ أَمْركُمْ، قَالَ معمر

(7)

:

"لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ" زاد في نـ: "ابْنُ عَمْرٍو". "قَدْ سُهِّلَ" كذا في ذ، وفي نـ:"لَقَدْ سُهِّلَ".

===

(1)

" معمر" هو ابن راشد الأزدي، بالإسناد السابق.

(2)

"أيوب" هو السختياني.

(3)

"عكرمة" مولى ابن عباس.

(4)

هذا موصول إلى معمر بالإسناد المذكور أولًا، وهو مرسل، ولم أقف على من وصله بذكر ابن عباس فيه، "ف"(5/ 342).

(5)

قوله: (قد سهل لكم من أمركم) هو فاعل سهل، و"من" زائدة أو تبعيضية، أي: سهل بعض أمره، وهذا القدر من مرسل التابعي، كذا في "الكرماني"(12/ 46).

(6)

فأخذ صلى الله عليه وسلم الفأل من اسمه، "خ".

(7)

قوله: (قال معمر) هو موصول بالإسناد الأول إلى معمر وهو بقية الحديث، وإنما اعترض حديث عكرمة في أثنائه، قوله:"فقال: هاتِ اكتب بيننا وبينكم كتابًا" وفي رواية ابن إسحاق "فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم جرى بينهما القول حتى وقع بينهما الصلح على أن توضع الحربُ بينهم عشر سنين، وأن يأمن الناس بعضهم بعضًا، وأن يرجع عنهم عامَهم هذا" هذا القدر الذي ذكره ابن إسحاق أنه مدة الصلح هو المعتمد، وبه جزم ابن سعد، وأخرجه الحاكم من حديث عليٍّ نفسه، ووقع في "مغازي ابن عائذ" في حديث ابن عباس وغيره أنه كان سنتين، وكذا وقع عند موسى بن عقبة، وَيُجْمَع بأن الذي قاله ابن إسحاق هي المدة التي وقع الصلح عليها، والذي ذكره ابن عائذ وغيره هي المدة التي انتهى أمر الصلح فيها حتى وقع نقضه على يد قريش،

ص: 675

قَالَ الزّهْرِي

(1)

فِي حَدِيثه: فَجَاءَ سُهَيْل بْنُ عَمْرو فَقَالَ: هَاتِ، اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَينَكُم كِتَابًا، فَدَعَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم الكَاتِب

(2)

، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ". فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ وَلَكِنِ اكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ

(3)

، كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَاللَّهِ لَا نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اكْتُبْ: باسْمِكَ اللَّهُمَّ"، ثُمَّ قَالَ: "هَذَا مَا قَاضَى

(4)

عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ"، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ

"فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم" زاد في نـ: "اكتب". "فَقَال سُهَيْلٌ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَال سُهَيْلٌ". "مَا هُوَ؟ " في سـ، حـ، ذ:"مَا هِي؟ ".

===

كما سيأتي بيانه في "غزوة الفتح" من "المغازي"(ح: 4274). وأما ما وقع في "كامل ابن عديّ" و"مستدرك الحاكم" و"الأوسط" للطبراني من حديث ابن عمر: أن مدة الصلح كانت أربع سنين، فهو مع ضعف إسناده منكر مخالف للصحيح. وقد اختلف العلماء في المدة التي تجوز المهادنة فيها مع المشركين، فقيل لا يجاوز عشر سنين على ما في هذا الحديث وهو قول الشافعي والجمهور، وقيل: تجوز الزيادة، وقيل: لا يجاوز أربع سنين، وقيل: ثلاثًا، وقيل: سنتين، والأول هو الراجح، والله أعلم، "فتح الباري"(5/ 343).

(1)

"الزهري" محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

(2)

هو علي رضي الله عنه، بَيَّنَه إسحاق [بن راهويه]، "ف"(5/ 343).

(3)

قوله: (باسمك اللهم) كلمة جامعة بين النداء والدعاء كأنه قال: يا الله آمنا بخير، "ك"(12/ 46)"خ"(2/ 285).

(4)

أي: فاصل وأمضى أمرهما عليه، "ك"(12/ 47)، "خ".

ص: 676

مَا صَدَدْنَاكَ

(1)

عَنِ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ: مُحَمَّدُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ". قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَذَلِكَ

(2)

لِقَوْلِهِ: "لَا يَسْأَلُونِّي خُطَّةً

(3)

يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا". فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطَّوَّفُ

(4)

بِهِ". فَقَالَ سُهَيْلٌ

(5)

: وَاللَّهِ لَا، تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ

(6)

أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً

(7)

(8)

وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ الْعَامِ

"لَا يَسْأَلُونِّي" في ذ: "لَا يَسْأَلُونَنِي".

===

(1)

ما منعناك.

(2)

أي: العدول عن الكتابة على الوجه الأول كان لأجل قوله: "لا يسألوني

" إلخ.

(3)

خصلة.

(4)

قوله: (فنطوف) بالتخفيف والنصب عطفًا على المنصوب السابق، وفي نسخة بالرفع على الاستئناف، وفي أخرى بتشديد الطاء والواو، وأصله:"نتَطَوَّف" بالنصب وبالرفع، "قسطلاني"(6/ 230)، "خ"(2/ 285).

(5)

قوله: (فقال سهيل: والله لا) أي: لا نخلِّي بينك وبين البيت.

(6)

قوله: (لا، تتحدَّث العرب) جملة استئنافية وليست مدخولة "لا"، ومدخولة "لا" محذوفة وهي التي قدّرناها، وقال بعضهم: إنّ "لا" دخلت على قوله: "تتحدث"، "ع"(9/ 643)، "ك"(12/ 47).

(7)

أي: قهرًا، "تو"(5/ 1866)، منصوب على التمييز أو المصدر، "خ".

(8)

قوله: (ضغطة) بضم الضاد وسكون الغين المعجمتين ثم طاء مهملة، أي: قهرًا، كذا في "الفتح"(5/ 343)، مِنْ أخذتُه ضُغطةً بالضم إذا ضَيّقْتَ عليه لِتُكْرِهه على شيء، كذا في "المجمع"(3/ 410).

ص: 677

الْمُقْبِلِ فَكَتَبَ. فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، قَالَ الْمُسْلِمُونَ

(1)

: سُبْحَانَ اللَّهِ كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ

(2)

بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ

(3)

فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ"، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِذن لَا أُصَالِحُكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

"فَبَيْنَا هُمْ" في نـ: "فَبَيْنَمَا هُمْ". "أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ" في سـ، ذ:"أَوَّلُ مَن أُقَاضِيكَ"، [قلت: وفي "قس": هـ بدل سـ]. "إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ" في سـ، حـ، ذ:"إِنَّا لَمْ نَفُضّ الْكِتَابَ". "إِذن لَا أُصَالِحُكَ" كذا في ذ، وفي نـ:"إِذن لَم أُصَالِحْكَ".

===

(1)

قوله: (قال المسلمون: سبحان الله! كيف يُرَدّ إلى المشركين وقد جاء مسلمًا؟) ولمسلم من حديث أنس بن مالك "أن قريشًا صالحت النبي صلى الله عليه وسلم على أنه من جاء منكم لم نردّه عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه إلينا، فقالوا: يا رسول الله أنكتب هذا؟ قال: نعم، إنه مَن ذهب مِنّا إليهم فأبعده الله، ومن جاء منهم إلينا سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا"، "فتح الباري"(5/ 344).

(2)

على وزن جعفر اسمه العاصي، "ك"(12/ 47)، "ف"(5/ 344)، كان حُبِس حين أسلم وعُذّب فخرج من السجن وتنكّب الطريق، وركب الجبال حتى هبط على المسلمين حال كونه يرسف في قيوده، "قس"(6/ 230).

(3)

قوله: (يرسف) بفتح أوله وضم المهملة وبالفاء، أي: يمشي مشيًا بطيئًا بسبب القيد، قوله:"إنا لم نَقْضِ الكتاب" أي: لم نفرغ من كتابته، قوله:"فأجزه لي" بلفظ الأمر من الإجازة، أي: أمض لي فعلي فيه فلا أردّه إليك، أو أستثنيه من القضية، "ف"(5/ 345).

ص: 678

"فَأَجِزْهُ لِي"، فَقَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِ ذَلكَ، قَالَ:"بَلَى، فَافْعَلْ"، قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ

(1)

: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ، قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ

(2)

، وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ. قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: "بَلَى"، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِل؟ قَالَ: "بَلَى"، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي

(3)

الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: "إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ،

"فَقَالَ: مَا أَنَا" في نـ: "قَالَ: مَا أَنَا". "بِمُجِيزِ ذَلكَ" كذا في ذ، وفي نـ:"بِمُجِيزِه لكَ". "قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ" لفظ "بل" سقط في نـ، وفي هـ بدله:"بلى". "قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ" في نـ: "فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ".

===

(1)

قوله: (قال مكرز: بل) كذا للأكثر بلفظ الإضراب، وللكشميهني "بلى"، ولم يذكر هنا ما أجاب به سهيل مكرزًا، قيل: في الذي وقع من مكرز في هذه القصة إشكال، لأنه خلاف ما وصفه به النبي صلى الله عليه وسلم من الفجور، وكان من الظاهر أن يساعد سهيلًا على أبي جندل فكيف وقع منه عكس ذلك؟ وأجيب بأن الفجور حقيقة، ولا يلزم أن لا يقع منه شيء من البِرِّ نادرًا، أو قال ذلك نفاقًا وفي باطنه خلافه، أو كان سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنه رجل فاجر"، فأراد أن يظهر خلاف ذلك وهو من جملة فجوره، "فتح الباري"(5/ 345).

(2)

زاد ابن إسحاق: فقال صلى الله عليه وسلم: "اصبر واحتسب يا أبا جندل، فإنّا لا نغدر وإن الله جاعل لك فرجًا ومخرجًا"، "ف"(5/ 345).

(3)

قوله: (فَلِمَ نعطي الدنِيّة؟) بفتح الدال وكسر النون: النقيصة والحالة الناقصة والخصلة الخسيسة، قوله:"فاستَمْسِكْ بغرزه" بفتح الغين

ص: 679

وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهْوَ نَاصِرِي"، قُلْتُ: أَوَ لَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطَّوَّفُ بِهِ؟ قَالَ: "بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأتِيهِ الْعَامَ؟ "، قُلْتُ: لَا، قَالَ: "فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ"، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأتِيهِ الْعَامَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ. قَالَ الزُّهْرِيّ: قَالَ عُمَرُ

(1)

: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا،

"إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ". "وَنَطُوفُ" في ذ: "فَنَطَّوَّفُ".

===

المعجمة وسكون الراء وبالزاي، هو للإبل بمنزلة الرِّكابِ للسَّرْج، أي: صاحِبْه ولا تخالِفْه، "ك"(12/ 48 - 49)، "خ"(2/ 286).

(1)

قوله: (قال عمر: فعمِلْتُ لِذَلِكَ أعمالًا) وهو موصول إلى الزهري بالسند المذكور، وهو منقطع بين الزهري وعمر، قال بعض الشراح: قوله: "أعمالًا" أي من الذهاب والمجيء والسؤال والجواب، ولم يكن ذلك شكًّا من عمر، بل طلبًا لكشف ما خفي عليه و [حثًّا] على إذلال الكفار، لِمَا عُرِف من قوته في نصرة الدين، انتهى. وتفسير الأعمال بما ذكر مردود، بل المراد به الأعمال الصالحة ليكفِّرَ عنه ما مضى من التوقف في الامتثال ابتداءً، وقد ورد عن عمر التصريحُ بمراده بقوله:"أعمالًا"، ففي رواية ابن إسحاق "فكان عمر يقول: ما زِلْتُ أتصدَّقُ وأصوم وأصلّي وأعتق من الذي صنعتُ يومئذ، مخافة كلامي الذي تكلَّمْتُ به"، "فتح الباري" (5/ 346).

ص: 680

قَالَ: فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ: "قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا"، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ

(1)

حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ

(2)

: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أتُحِبُّ ذَاكَ؟! اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ، قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا

(3)

، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ

(4)

،

"نَحَرَ بُدْنَهُ" في هـ، ذ:"نَحَرَ هدْيَهُ".

===

(1)

قوله: (ما قام منهم رجل) فإن قلت: كيف جاز لهم مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: كانوا ينتظرون إحداث الله تعالى لرسوله أمرًا خلافَ ذلك فيتم لهم قضاء نسكهم، فلما رأوه جازمًا قد فعل النحر والحلق علموا أنه ليس وراء ذلك غاية تنتظر، فبادروا إلى الامتثال والائتساء بفعله. وفيه جواز مشاورة النساء وقبول قولهن إذا كُنّ مصيباتٍ، "ك"(12/ 49)، "خ"(2/ 287). وفيه فضيلة أم سلمة ووفور عقلها، وقد قال إمام الحرمين: قيل: ما أشارت امرأة بصواب إلا أم سلمة في هذه القضية، "قسطلاني"(6/ 233).

(2)

"أم سلمة" أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

(3)

أي: ازدحامًا.

(4)

قوله: (ثم جاءه نسوة مؤمنات

) إلخ، ظاهره أنهن جئن إليه وهو بالحديبية، وليس كذلك، وإنما جئن إليه بعدُ في أثناء المدة، وقد تقدم في أول "الشروط" من رواية عقيل عن الزهري ما يشهد لذلك حيث قال: "ولم يأت أحد من الرجال إلا ردّه في تلك المدة ولو كان مسلمًا،

ص: 681

فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} حَتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ

(1)

} [الممتحنة: 10]، فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ

(2)

كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ

(3)

، وَالأُخْرَى

"فَأَنْزَلَ اللَّهُ" زاد في نـ: "عز وجل". "مُهَاجِرَاتٍ" زاد في نـ: "فَاَمْتَحِنُوهُنَّ".

===

وجاء المؤمنات مهاجرات، وكانت أم كلثوم بنت عقبة ممن خرج"، كذا في "الفتح" (5/ 348).

قال الكرماني (12/ 50): فإن قلت: الآية تدل على أن المهاجرات لا تُرَدّ إليهم فما وجه الجمع بينها وبين الحديث؟ قلت: على رواية "لا يأتيك منا رجل" لا إشكال فيه، وأما إذا كان بدل "رجل" أحد فهو من باب النسخ من قبيل نسخ السنة بالكتاب، انتهى. ومرّ فيه زيادة بيان (برقم: 2711، 2712) في أول "كتاب الشروط".

(1)

قوله: ({بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}) جمع العصمة وهي ما يُعْتَصَم به من عقد وسبب، يعني لا يكن بينكم وبينهن عصمة ولا علقة زوجية، قاله الكرماني (12/ 50). قال في "الفتح" (5/ 345): واختلف العلماء هل يجوز الصلح مع المشركين على أن يُرَدّ إليهم من جاء مسلمًا من عندهم إلى بلاد المسلمين أم لا؟ فقيل: نعم، على ما دلت عليه قصة أبي جندل وأبي بصير، وقيل: لا، وأن الذي في القصة منسوخ، وأن ناسخه حديث "وأنا بريء من مسلم بين مشركين"، وهو قول الحنفية، وعند الشافعية تفصيل بين العاقل والمجنون والصبي فلا يُرَدّان.

(2)

"امرأتين" إحداهما قريبة بنت أبي أمية، والثانية بنت جرول الخزاعي كما سيأتي في الرواية التالية.

(3)

"معاوية بن أبي سفيان" صخر بن حرب الأموي.

ص: 682

صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ

(1)

، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ

(2)

-رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشِ- وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ

(3)

، فَقَالُوا: الْعَهْدَ الَّذِى جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ

(4)

، فَنَزُلوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لأَحَدِ الرَّجُلَينِ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلَانُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ

(5)

الآخَرُ فَقَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ

(6)

، وَفَرَّ الآخَرُ، حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ: "لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا

(7)

". فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ

(8)

،

"فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"فَأَمْكَنَهُ به".

===

(1)

" صفوان بن أمية" وسيأتي في التالية: تزوّجها أبو جهم، مع بيان توقيفه.

(2)

"أبو بصير رجل من قريش" أي: حليفهم وإلا فهو ثقفي، واسمه عتبة بن أسيد -بفتح الهمزة- ابن جارية -بالجيم- الثقفي حليف بني زهرة، وبنو زهرة من قريش.

(3)

"رجلين" هما خبيس بن جابر وأزهر بن عبد عوف الزهري.

(4)

أي: ميقات أهل المدينة.

(5)

أي: صاحب السيف أخرجه من غمده، "ف"(5/ 349).

(6)

أي: مات، "ك"(12/ 51).

(7)

أي: خوفًا.

(8)

قوله: (وإني لمقتول) أي إن لم تردوه عني، "فتح"(5/ 349).

ص: 683

فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ

(1)

فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ

(2)

أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَيْلُ أُمِّهِ

(3)

مِسْعَرُ

(4)

حَرْبٍ

(5)

، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ". فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ

===

(1)

اسمه عبيد بن أسيد القرشي، "ك"(12/ 50)، ومرّ قريبًا في هذا الحديث أنه رجل من قريش، وسيجيء أنه ثقفي، قال في "الفتح" (5/ 348): إنه ثقفي، وما مرّ أنه رجل من قريش، فالمراد به أنه حليف لهم، واسمه عتبة بضم المهملة وسكون الفوقية، وقيل: عبيد، وهو وهم، انتهى.

(2)

قوله: (قد والله أوفى) هذا من اعتراض المفرد في أجزاء الجملة، وكان الظاهر أن يقال: والله قد أوفى الله، كذا في "الخير الجاري"(2/ 287)، قال الكرماني (12/ 51): فإن قلت: كان القياس أن يقال: والله قد أوفى الله، قلت: القسم محذوف والمذكور مؤكِّد له، انتهى.

قال في "الفتح"(5/ 350): قوله: "قد أوفى الله" أي: فليس عليك منهم عتاب فيما صنعتُ، زاد الأوزاعي عن الزهري "فقال أبو بصير: يا رسول الله عرفتَ أني إن قدمت عليهم فتنوني عن ديني، ففعلتُ ما فعلتُ وليس بيني وبينهم عهد ولا عقد" انتهى.

(3)

قوله: (ويل أمه) أصله دعاء عليه، واستعمل ههنا للتعجب من إقدامه في الحرب وإيقاد نارها وسرعة النهوض لها، وفي بعضها "ويلمه" بحذف الهمزة تخفيفًا، وهو منصوب على أنه مفعول مطلق، أو مرفوع بأنه خبر مبتدأ محذوف أي: هو ويل لأمه، قال الجوهري: إذا أضفته فليس فيه إلا النصب.

(4)

هو منصوب على التمييز، وبالرفع أي: هو مسعر، والمسعر والمسعار آلة يحرك به النار.

(5)

قوله: (مسعر حرب) بلفظ الآلة وبصيغة الفاعل من الإسعار أي: هو مُسْعِر، وجواب "لو كان" محذوف يدل عليه السابق، أي: لو فرض له

ص: 684

إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ

(1)

(2)

، قَالَ: وَيَنْفَلِتُ

(3)

مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ

(4)

، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ

(5)

خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ إِلَّا اعْتَرَضُوا

(6)

لَهَا،

===

أحد ينصره لإسعار الحرب لأثار الفتنة وأفسد الصلح، فعَلِمَ منه أنه سيردّه إليهم إذ لا ناصر له، قاله الكرماني (12/ 51).

وفي "الفتح"(5/ 350): فيه إشارة إليه بالفرار لئلا يرده إلى المشركين، ورمز إلى من بلغه من المسلمين أن يلحقوا به، قال جمهور العلماء من الشافعية وغيرهم: يجوز التعريض بذلك لا التصريح به كما في هذه القصة، والله أعلم. وفي "المرقاة" (7/ 627): قيل: معناه لو كان له أحد يعرفه أنه لا يرجع إليّ حتى لا أردّه إليهم.

(1)

بكسر السين أي: ساحله، "تن"(2/ 610)، "مجمع"(3/ 167)، "ك"(12/ 52).

(2)

قوله: (سِيفُ البحر) بالكسر: ساحله، وكان نزوله بمكان يسمَّى العِيصَ قريب من بلاد بني سليم، كذا في "التوشيح"(5/ 1867).

(3)

قوله: (وينفلت منهم) أي: من أبيه وأهله، وفي تعبيره بالصيغة المستقبلة إشارة إلى إرادة مشاهدة الحال، وفي رواية أبي الأسود عن عروة "انفلت أبو جندل في سبعين راكبًا مسلمين فلحقوا بأبي بصير، فنزلوا قريبًا من ذي المروة على طريق عير قريش فقطعوا مادتهم"، أي: أصلهم، "فتح"(5/ 350).

(4)

ابن عمرو.

(5)

العير، بكسر المهملة: القافلة، "ف"(5/ 350).

(6)

أي: وقفوا في طريقها بالعرض، وهي كناية عن منعهم لها من السير، "ف"(5/ 350)، "تو"(5/ 1868).

ص: 685

فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُنَاشِدُهُ

(1)

اللَّهَ وَالرَّحِمَ لَمَّا

(2)

أرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ

(3)

{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} حَتَّى بَلَغَ {حَمِيَّةَ

(4)

الْجَاهِلِيَّةِ

(5)

} [الفتح: 24 - 26] وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ

"وتناشِدُهُ اللَّهَ" كذا في ذ، وفي نـ:"تناشِدُهُ باللَّهِ". "فَأَنْزَلَ اللَّهُ" زاد في نـ: "عز وجل".

===

(1)

قوله: (تناشده الله والرحم) يقال: ناشدتك والرحم أي: سألتك بالله وبحق القرابة. قوله: "لَمّا أرسل" أي: إلا أرسل، أي: لم تسأل قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إرساله إلى أبي بصير وأصحابه بالامتناع عن إيذاء قريش. قوله: "فمن آتاه" شرط جزاؤه مقدَّر أي: إذا فعلت ذلك فمن أتاه صلى الله عليه وسلم من مكة مسلمًا بعد "فهو آمنٌ" من الردِّ إلى قريش، فقدم الكتاب وأبو بصير في النزع فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده يقرؤه، "ك"(12/ 52)، "طيبي"(8/ 71).

(2)

بمعنى إلا.

(3)

قوله: (فأنزل الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}) كذا ها هنا، وظاهره أنها نزلت في شأن أبي بصير، وفيه نظر، والمشهور في سبب نزولها ما أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع ومن حديث أنس بن مالك أيضًا، وأخرجه أحمد والنسائي من حديث عبد الله بن مغفل بإسناد صحيح: أنها نزلت بسبب القوم الذين أرادوا من قريش أن يأخذوا من المسلمين غِرَّةً فظفروا بهم، فعفا عنهم النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية، وقيل في نزولها غير ذلك، "فتح"(5/ 351).

(4)

الحميّة: الأنفة، "بيضاوي"(2/ 412).

(5)

التي تمنع إذعان الحق، "بيضاوي"(2/ 412).

ص: 686

لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. [حديث: 2731 راجع: 1694، حديث: 2732 راجع: 1695].

2733 -

وَقَالَ عُقَيْلٌ

(1)

(2)

عَنِ الزُّهْرِيِّ

(3)

: قَالَ عُرْوَةُ

(4)

: فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ

(5)

: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ

(6)

، وَبَلَغَنَا

(7)

أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ

"بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ" زاد في سـ بعده: "قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّه: {مَعَرَّةٌ} العَرُّ: الْجَرَبُ، {تَزَيَّلُوا}: انْمازُوا، {الْحَمِيَّةَ}: حَمَيْتُ أَنْفِي حَمِيَّةً ومَحْمِيَّةً، وحَمَيْتُ المريضَ حِمْيَةً، وحَمَيْتُ القوم: منعتُهم حِمايَةً، وأَحْمَئتُ الحِمَى: جعلتُه حِمًى لا يُدْخَل، وأحميتُ الحديدَ، وأحميتُ الرجل: إذا أَغْضبْتَه إِحْمَاءً". وهو في رواية المستملي وحده. قوله: "العرّ: الجرب" يعني أن المعرّة مشتقة من العرِّ بفتح المهملة وتشديد الراء. قوله: " {تَزَيَّلُوا} : تميزوا

" إلخ، هذا القدر من تفسير "سورة الفتح" في "المجاز" لأبي عبيدة (2/ 217)، "ف" (5/ 351).

===

(1)

" وقال عقيل" هو ابن خالد الأيلي، تقدم موصولًا في "الشروط".

(2)

تقدم موصولًا بتمامه في أول "الشروط"، (برقم: 2711، 2712)، وأراد المصنف بإيراده بيان ما وقع في رواية معمر من الإدراج، "ف"(5/ 351).

(3)

"الزهري" هو محمد بن مسلم بن شهاب.

(4)

"عروة" هو ابن الزبير بن العوام.

(5)

"عائشة" بنت الصديق أم المؤمنين رضي الله عنها.

(6)

أي: بالحلف والنظر في الأمارات، "ك"(12/ 53).

(7)

هو قول الزهري، "ف"(5/ 351).

ص: 687

أَزْوَاجِهِمْ، وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ

(1)

، أَنَّ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأتَيْنِ: قُرَيبَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، وَبِنْتَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ، فَتَزَوَّجَ قُرَيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الأُخْرَى

(2)

أَبُو جَهْمٍ، فَلَمَّا أَبَى الْكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، أنْزَلَ اللَّهُ {وَإِنْ فَاتَكُمْ

(3)

شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} [الممتحنة: 11] وَالْعَقِبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إِلَى مَنْ هَاجَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنَ الْكُفَّارِ، فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى

(4)

===

(1)

قوله: ({بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}) أي: بما يعتصم به الكافرات من عقد وسبب، جمع عصمة، والمراد نهي المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات، "بيضاوي"(2/ 1063).

(2)

قوله: (وتزوج الأخرى أبو جهم) هو عامر بن حذيفة الأموي، كذا وقع هنا من رواية عقيل عن الزهري، وتقدم قريبًا من رواية معمر عن الزهري أنها تزوجت بصفوان بن أمية. أجيب بأنه يحتمل بأنها تزوّجت أحدهما بعد الآخر، كذا في "الخير الجاري".

(3)

قوله: ({وَإِنْ فَاتَكُمْ}) أي: سبقكم، " {فَعَاقَبْتُمْ} والعقب" بفتح عين وسكون قاف وكسرها: النوبة، شَبّه ما حكم على المسلمين والمشركين من أداء المهر بأمر يتعاقبون فيه، معناه: فجاءت عقبكم أي: نوبتكم من أداء المهور، كذا في "الكرماني"(12/ 53)، و"مجمع البحار"(3/ 638)، قال البيضاوي (2/ 1064): شبّه الحكم بأداء هؤلاء مهور نساء أولئك تارة وأداء أولئك مهور نساء هؤلاء أخرى بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب في الركوب وغيره، انتهى.

(4)

قوله: (أن يعطى) بلفظ المجهول ونائب فاعله الموصول أعني "مَنْ ذَهَبَ"، و"زوج" بالرفع فاعل "ذهب"، و"ما أنفق" مفعول ثان ليعطى، و "من صداق" متعلق بيعطى أي: اللاتي أسلمن وهاجرن إلى المسلمين إذا تزوجن لا يعطى الزوج الكافر شيئًا، "الخير الجاري"(2/ 288).

ص: 688

مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّاتِي هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ

(1)

أَنّ أَحَدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إِيمَانِهَا. وَبَلَغَنَا

(2)

أَنَّ أَبَا بَصِيرِ بْنَ أَسِيدٍ الثَّقَفِيَّ

(3)

قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي الْمُدَّةِ، فَكَتَبَ الأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ أَبَا بَصِيرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. [راجع: 2713].

"وَمَا نَعْلَمُ أَنّ أَحَدًا" كذا في ذ، وفي نـ:"وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا". "مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا" كذا في ك، وفي سـ، حـ، ذ:"مِنْ مِنَى مُهَاجِرًا".

===

(1)

قوله: (وما نعلم أنَّ أحدًا

) إلخ، هو كلام الزهري، وقد ذكر ابن أبي حاتم من طريق الحسن أن أم الحكم بنت أبي سفيان ارتدّت وفرّت من زوجها عياض بن شدّاد، فتزوجها رجل من ثقيف ولم يرتدّ من قريش غيرها، ولكنها أسلمت بعد ذلك مع ثقيف حين أسلموا، فإن ثبت ذلك فيُجْمَع بينه وبين قول الزهري بأنها لم تكن هاجرت فيما قبل ذلك، "فتح"(5/ 352).

(2)

قوله: (وبلغنا أن أبا بصير

) إلخ، هو من [قول] الزهري أيضًا، والمراد به أن قصة أبي بصير في رواية عقيل من مرسل الزهري، وفي رواية معمر موصولة إلى المسور، لكن قد تابع معمرًا على وصلها ابن إسحاق، وتابع عقيلًا الأوزاعي على إرسالها، فلعل الزهري كان يرسلها تارة ويوصلها أخرى، والله أعلم.

ووقع في هذه الرواية الأخيرة من الزيادة "وما نعلم أن أحدًا من المهاجرات ارتدت بعد إيمانها" وفيها قوله "أن أبا بصير بن أسيد -بفتح الهمزة- قدم مؤمنًا"، كذا للأكثر، وفي رواية السرخسي والمستملي "قدم من منى" وهو تصحيف، "فتح الباري"(5/ 351)، والله أعلم بالصواب.

(3)

حليف بني زهرة، ونسبه ابن إسحاق، وعرف بهذا أن قوله في الحديث:"رجل من قريش" أي: بالحلف لأن بني زهرة من قريش، "فتح"(5/ 349).

ص: 689

‌16 - بابُ الشُّرُوطِ فِي الْقَرْضِ

(1)

2734 -

وَقَالَ اللَّيْثُ

(2)

: ثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ

(3)

، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارِ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. وَقَالَ ابْنُ

(5)

عُمَرَ

(6)

وَعَطَاءٌ: إِذَا أَجَّلَهُ فِي الْقَرْضِ جَازَ. [راجع: 1498].

‌17 - بابُ الْمُكَاتَبِ وَمَا لَا يَحِلُّ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي تُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ

وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمُكَاتَبِ: شُرُوطُهُمْ بَيْنَهُمْ.

"بابُ الشُّرْوطِ فِي الْقَرْضِ" ثبت في سـ، حـ، ذ. "عَنِ النَّبِيِّ" في نـ:"عَنْ رَسُولِ اللَّهِ". "وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ

" إلخ، سقط في نـ.

===

(1)

قوله: (باب الشروط في القرض) ذكر فيه طرفًا من حديث أبي هريرة في قصة الذي أقرض ألف دينار، وأثر ابن عمر وعطاء في تأجيل القرض، وقد مضى جميع ذلك في "كتاب القرض" (برقم: 2404)، وسقط جميع ذلك هنا للنسفي، لكن زاد في الترجمة التي تليه فقال: "باب الشروط في القرض والمكاتب

" إلى آخره، "فتح الباري" (5/ 353).

(2)

"وقال الليث" هو ابن سعد، وصله في "باب التجارة فى البحر".

(3)

"جعفر بن ربيعة" هو ابن شرحبيل بن حسنة القرشي.

(4)

"عبد الرحمن بن هرمز" الأعرج.

(5)

عبد الله.

(6)

ابن الخطاب، "قس"(6/ 237).

ص: 690

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَوْ عُمَرُ

(1)

: كُلُّ شَرْطٍ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ.

2735 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(2)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(3)

، عَنْ يَحْيَى

(4)

، عَنْ عَمْرَةَ

(5)

، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَتَتْهَا بَرِيرَةُ

(6)

تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِي، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَّرْتُهُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ:"مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ". [راجع: 456].

"وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَوْ عُمَرُ: كُلُّ شَرْطٍ". كذا في ك، وفي مه:"قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ: عَنْ عُمَر وعن ابن عُمَر: كُلُّ شَرْطٍ"، وفي سفـ:"وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُلُّ شَرْطٍ".

===

(1)

كذا وقع بالشك ولم يقل في رواية النسفي: أو عمر، "قس"(6/ 238).

(2)

"علي بن عبد الله" المديني.

(3)

"سفيان" هو ابن عيينة.

(4)

"يحيى" ابن سعيد الأنصاري.

(5)

"عمرة" بنت عبد الرحمن الأنصارية.

(6)

مر بيانه غير مرة.

ص: 691

‌18 - بابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الاشْتِرَاطِ

(1)

وَالثُّنْيَا

(2)

(3)

فِي الإِقْرَارِ وَالشُّرُوطِ

(4)

الَّذِي يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ، وَإِذَا قَالَ: مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ

(5)

(6)

"الَّذِي يَتَعَارَفُهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"التي يَتَعَارَفُها".

===

(1)

" باب ما يجوز" أي: باب بيان ما يجوز.

(2)

استثناء القليل من الكثير صحيح بلا خلاف، وعكسه صحيح في ظاهر الرواية، كذا في "العالمكَيرية"(4/ 192).

(3)

قوله: (والثنيا في الإقرار) بضم المثلثة وسكون النون بعدها تحتانية، مقصور، أي: الاستثناء في الإقرار، أي سواء كان استثناءَ قليلٍ من كثير أو كثيرٍ من قليل، واستثناء القليل من الكثير لا خلاف في جوازه، وعكسه مختلف فيه، فذهب الجمهور إلى جوازه أيضًا، وأقوى حججهم قوله تعالى:{إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42] مع قوله: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 40] لأن أحدهما أكثر من الآخر لا محالة، وقد استثنى كلًّا منهما من الآخر، وذهب بعض المالكية كابن الماجشون إلى فساده، وإليه ذهب ابن قتيبة وزعم أنه مذهب البصريين من أهل اللغة، وأن الجواز مذهب الكوفيين، وممن حكاه عنهم الفراء، كذا في "الفتح"(5/ 354).

(4)

"والشروط" أي: وبيان الشروط.

(5)

"ابن عون" عبد الله بن أرطبان البصري.

(6)

قوله: (وقال ابن عون

) إلخ، وصله سعيد بن منصور، قوله: "وقال أيوب عن ابن سيرين

" إلخ، وصله سعيد بن منصور أيضًا، وحاصله أن شريحًا في المسألتين قضى على المشترط بما اشترطه على نفسه بغير إكراه،

ص: 692

عَنِ ابْنِ سِيرِينَ

(1)

: قَالَ رَجُلٌ لِكَرِيِّهِ

(2)

: ارحَلْ رِكَابَكَ، فَإِنْ لَمْ أَرْحَلْ مَعَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَخْرُجْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ

(3)

: مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهُوَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: إِنَّ رَجُلًا بَاعَ طَعَامًا وَقَالَ: إِنْ لَمْ آتِكَ الأَرْبِعَاءَ فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَيْعٌ، فَلَمْ يَجِئْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْمُشْتَرِي: أَنْتَ أَخْلَفْتَ، فَقَضَى عَلَيْهِ.

2736 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(4)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(5)

، ثَنَا أَبُو الزِّنَادِ

(6)

،

"قَالَ رَجُلٌ" في هـ، ذ:"قَالَ الرَّجُلُ".

===

ووافقه على المسألة الثانية أبو حنيفة وأحمد وإسحاق، وقال مالك والأكثر: يصح البيع ويبطل الشرط، وخالفه الناس في المسألة الأولى، ووجّه بعضهم بأن العادة أن صاحب الجمال يرسلها إلى المرعى، فإن اتفق مع التاجر على يوم بعينه فأحضر له الإبل فلم يتهيأ للتاجر السفرُ أضرّ ذلك بحال الجمال لما يحتاج إليه من العلف، فوقع بينهم التعارف على مال معين يشترطه التاجر على نفسه إذا أخلف ليستعين به الجمال على العلف. وقال الجمهور: هي عِدَة فلا يلزم الوفاء بها، والله تعالى أعلم، "فتح الباري"(5/ 354).

(1)

"ابن سيرين" محمد.

(2)

"لكريّه" بفتح الكاف وكسر الراء وتشديد التحتية بوزن فعيل: المكاري، وقال الجوهري: يطلق على المكري وعلى المكتري أيضًا.

(3)

"فقال شريح" القاضي.

(4)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع.

(5)

"شعيب" ابن أبي حمزة الحمصي.

(6)

"أبو الزناد" عبد الله بن ذكوان.

ص: 693

عَنِ الأَعْرَجِ

(1)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ لِلَّهِ

(2)

تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا

(3)

(4)

، مَنْ أَحْصَاهَا

(5)

دَخَلَ الْجَنَّةَ". [طرفاه: 6410، 7392، أخرجه: ت 3507، س في الكبرى 7659، تحفة: 13727].

"إِلَّا وَاحِدًا" في ذ: "إِلَّا وَاحِدةً".

===

(1)

" الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز.

(2)

قوله: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا

) إلخ، قال الكرماني (12/ 56): فإن قلت: ما فائدة مائة إلا واحدة؟ قلت: التوكيد، انتهى. فإن قلت: ما وجه حصر الأسماء في هذا العدد وله تعالى أسماء كثيرة سواها؟ فالجواب عن حصر الأسماء في هذا العدد باعتبار هذه الخاصية المذكورة وهي "من أحصاها دخل الجنة"، كذا في "اللمعات".

(3)

هو موضع الترجمة.

(4)

"مائة إلا واحدة" استدل به البخاري على أن الكلام لا يتم إلا بآخره، فإن كان فيه استثناء عمل به، وذاك الاستدلال من هذا الحديث ليس بسديد؛ لأن قوله:"مائة إلا واحدة" ذكره للتأكيد فلم يستفد به فائدة، هكذا في "قس"(6/ 241).

(5)

قوله: (من أحصاها) قال الخطابي: فيه أربع احتمالات: أحدها: العدد والحفظ، يعني من قرأها وحفظها جميعًا. الثاني: معناه الطاقة، يعني من أطاق أن يعمل ويعتقد بموجب كل لفظ منها. الثالث: المعرفة والعقل، يعني من عرف وعقل معانيها. الرابع: معنى الإحصاء القراءة، يعني من قرأها في القرآن يعني من ختم القرآن من أوله إلى آخره، فإن جميع هذه الأسماء موجودة في القرآن، والمختار هو الأول والثاني، كذا في "المفاتيح" (5/ 73). [انظر:"فتح الباري"(11/ 220) فيه كلام لطيف وطويل].

ص: 694

‌19 - بابُ الشُّرُوطِ فِي الْوَقْفِ

2737 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(1)

، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، ثَنَا ابْنُ عَوْنٍ

(2)

، أَنْبَأَنِي

(3)

نَافِعٌ

(4)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا

(5)

، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا"، قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ: أَنَّهُ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ،

===

(1)

" قتيبة بن سعيد" أبو رجاء الثقفي البغلاني.

(2)

"ابن عون" عبد الله البصري.

(3)

أي: أخبرني، وقال بعضهم: الإنباء يطلق على الإجازة أيضًا، "ك"(12/ 57)، "خ".

(4)

"نافع" مولى ابن عمر.

(5)

قوله: (حَبَّسْتَ أصلها) بالتشديد والتخفيف أي: وقفت. قوله: "والضيف" عطف العام على الخاص، "ويطعم" من الإطعام، واسم تلك الأرض "ثمغ" بفتح المثلثة وسكون الميم وبالمعجمة. "قال: فحدّثت

إلخ"، أي: قال عبد الله بن عون: فحدّثت بهذا الحديث محمدَ بنَ سيرين فقال: معنى "غير متموِّل: غير متأثِّل مالًا"، وأثْلَةُ الشيء أصلُه، كذا في "الكرماني" (12/ 57) وغيره.

ص: 695

وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ. قَالَ

(1)

: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ

(2)

مَالًا. [راجع: 2313، أخرجه: م 1632، د 2878، ت 1375، س 3601، ق 2396، تحفة: 10561، 7742، 7434].

===

(1)

ابن عون، "ك"(12/ 57).

(2)

أي: غير متمول.

* * *

ص: 696

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(1)

‌55 - كِتَابُ الوَصَايَا

(2)

وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ

(3)

لِلْوَالِدَيْنِ} [البقرة: 180] إلى {جَنَفًا}

(4)

-. جَنَفًا مَيْلًا

(5)

، مُتَجَانِفٌ: مَائِلٌ

(6)

.

2738 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(7)

، أَنَا مَالِكٌ

(8)

، عَنْ نَافِعِ،

"{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، كتابُ الوَصَايَا" كذا في سفـ، وفي ك:"كتابُ الوَصَايَا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، 1 - بابُ الوَصَايَا"، وفي نـ:"بَابُ الوَصَايَا وَقَولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَصِيّة الرَّجُل مَكتُوبَةٌ عِندَه". "وَقَالَ اللهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَقَولِ اللَّهِ". "إلى {جَنَفًا} " كذا في ذ، وفي سفـ:"الآية". "مَائل" كذا في ذ، وفي ك:"مُتَمَائِلٌ".

===

(1)

كذا للنسفي وأخّر الباقون البسملة، "فتح"(5/ 355).

(2)

جمع وصية.

(3)

اسم في معنى المصدر، وقال الأزهري: الوصية من وصيت الشيء -بالتخفيف- إذا أوصلته، وسميت وصية لأنه وصل ما كان في حياته بما بعده، "ك"(12/ 58).

(4)

كذا لأبي ذر، وللنسفي الآية، وساق الباقون الآيات الثلاث إلى {غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، "فتح"(5/ 356).

(5)

هو تفسير عطاء.

(6)

كذا لأبي ذر.

(7)

"عبد الله بن يوسف" التنِّيسي.

(8)

"مالك" الإمام.

ص: 697

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَا حَقُّ امرئٍ

(1)

مُسْلِم له شَيْءٌ يُوصِي فيه يَبِيت فِيهِ لَيْلَتَيْن، إلَّا وَوَصِيَّتهُ مَكْتُوبةٌ عِنْدَهُ، تَابَعَهُ

(2)

مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ

(3)

، عَنْ عَمْرٍو

(4)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [أخرجه: س 3616، تحفة 8382، 7361].

2739 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ

(5)

، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ

(6)

،

===

(1)

قوله: (ما حق امرئ مسلم

) إلخ، ما نافية، و"له شيء" صفته، و"يوصي فيه" صفة للشيء و"يبيت ليلتين" أيضًا صفة لامرئ، والمستثنى خبره، وقَيدُ "ليلتين" تأكيدٌ لا تحديد، يعني: لا ينبغي له أن يمضي عليه زمان وإن كان قليلًا "إلا ووصيته مكتوبة عنده"، قال الطيبي (6/ 209): في تخصيص "ليلتين" تسامح في إرادة المبالغة، أي: لا ينبغي أن يبيت ليلة وقد تسامحنا في هذا المقدار، فلا ينبغي أن يتجاوز عنه، وفيه حَثٌّ على الوصية، والجمهور أنها مندوبة، والظاهرية أنها واجبة، قاله الكرماني (12/ 59).

وفي "الفتح"(5/ 356): لفظ "امرئ" وكذا وصفه بالمسلم خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، فإنه لا فرق في الوصية الصحيحة بين الرجل والمرأة، ولا يُشْتَرط فيها إسلام ولا رشد ولا ثيوبة ولا إذن زوج، وإنما يُشْتَرَط في صحتها العقل والحرية، أما وصية الصبي المميز ففيها خلاف: منعها الحنفية والشافعي في الأظهر، وصححها مالك وأحمد والشافعي في قول، انتهى.

(2)

"تابعه" أي: تابع مالكًا في أصل الحديث.

(3)

"محمد بن مسلم" الطائفي.

(4)

"عن عمرو" هو ابن دينار المكي.

(5)

"إبراهيم بن الحارث" البغدادي.

(6)

"يحيى بن أبي بكير" -مصغرًا- العبدي الكوفي، لا ابن بكير البصري.

ص: 698

ثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ

(1)

، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ

(2)

خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(3)

أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا، وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً، وَلَا شَيْئًا، إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا

(4)

صَدَقَةً. [أطرافه: 2873، 2912، 3098، 4461، أخرجه: تم 399، س 3594، تحفة: 10713].

2740 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى

(5)

، ثَنَا مَالِكٌ، -هُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ- ثَنَا طَلْحَةُ ابْنُ مُصَرِّفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى

(6)

: هَلْ كَانِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى؟ فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ

(7)

عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ

"وَلَا شَيْئًا" في هـ، ذ:"وَلَا شَاةً". "هو ابنُ مِغْوَلٍ" ثبت في سـ، هـ، ذ. "كَيْفَ" في نـ:"فَكَيْفَ".

===

(1)

" أبو إسحاق" عمرو بن عبد الله السبيعي.

(2)

"عمرو بن الحارث" ابن أبي ضرار الخزاعي.

(3)

قوله: (ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم) هو كل من كان من قِبَل المرأة مثل الأخ والأب وهم الأَختان، هكذا عند العرب، وأما العامة فختن الرجل عندهم زوج ابنته، "وجويرية" بضم الجيم زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله:"جعلها" الضمير فيه راجع إلى الثلاث لا إلى الأرض فقط، فإن قلت: ما وجه تعلقه بباب الوصية؟ قلت: حيث لا مال لا وصية به، "ك"(12/ 59)، "خ"(2/ 290).

(4)

الضمير راجع فيه إلى الثلاث، "ك"(12/ 60).

(5)

"خلاد بن يحيى" ابن صفوان، أبو محمد السلمي الكوفي.

(6)

"عبد الله بن أبي أوفى" اسمه علقمة.

(7)

قوله: (كيف كتب) أي: في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 180] أي {الْوَصِيَّةُ} ، وهو منسوخ، أو هو كتابة ندب، وكذلك الأمر،

ص: 699

أَوْ

(1)

أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. [طرفاه: 4460، 5022، أخرجه: م 1634، ت 2119، س 3620، ق 2696، تحفة: 5170].

2741 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ

(2)

، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(3)

، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ

(4)

، عَنْ إِبْرَاهِيمَ

(5)

، عَنِ الأَسْوَدِ

(6)

قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ عَلِيًّا

(7)

كَانَ وَصِيًّا، فَقَالَتْ: مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ وَقَدْ كُنْتُ

"حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ" في كن: "حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ إسماعِيلَ بْنِ زُرَارَةَ". "ثَنَا إِسْمَاعِيلُ " في نـ: "أَنَا إِسْمَاعِيلُ".

===

فإن قلت: قال أولًا: ما أوصى، وثانيًا:"أوصى بكتاب الله" وبينهما تناف، وقد ثبت أيضًا أنه أوصى بإخراج المشركين من الجزيرة ونحوه. قلت: المراد من الأول أنه لم يوص مما يتعلق بالمال، "ك"(12/ 60).

(1)

شك من الراوي، "ف"(5/ 360).

(2)

"عمرو بن زرارة" ابن واقد الكلابي النيسابوري.

(3)

"إسماعيل" هو ابن علية.

(4)

"ابن عون" عبد الله.

(5)

"إبراهيم" النخعي.

(6)

"الأسود" ابن يزيد خال إبراهيم.

(7)

قوله: (أن عليًا كان وصيًا) قال القرطبي: الشيعة قد وضعوا أحاديثَ في أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لعلي، فردّ عليهم جماعة من الصحابة ذلك، وكذا من بعدهم، فمن ذلك ما استدلت به عائشة كما سيأتي، ومن ذلك أن عليًا لم يَدَّعِ ذلك لنفسه، ولا بعد الخلافة، ولا ذكره أحد من الصحابة يوم السقيفة، كذا في "الفتح" (5/ 361). وفي "سير الحلبي" (3/ 490): قال علي رضي الله عنه: لو كان عندي من النبي صلى الله عليه وسلم عَهد في ذلك ما تركت القتال على ذلك، ولو لم أجد إلا بُردتي هذه، وما تركت

ص: 700

مُسْنِدَتَهُ

(1)

إِلَى صَدْرِي -أَوْ قَالَتْ: حَجْرِي

(2)

- فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَلَقَدِ انْخَنَثَ

(3)

فِي حَجْرِي، فَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَمَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ؟. [طرفه: 4459، أخرجه: م 1636، تم 386، س 3624، ق 1626، تحفة: 15970].

‌2 - بَابٌ أَنْ يَتْرُكَ وَرَثَتَهُ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تتَكَفَّفُوا

(4)

(5)

النَّاسَ

2742 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ

(6)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(7)

، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ

(8)

، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا

(9)

===

أخا بني تيم وعمر بن الخطاب ينوبان على منبره صلى الله عليه وسلم ولقاتلتهما بيدي، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يمت فجأة بل مكث [في مرضه] أيامًا وليالي يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة، فيأمر أبا بكر يصلي بالناس وهو يرى مكاني به، ولما مات صلى الله عليه وسلم اخترنا لدنيانا مَنْ رضيه صلى الله عليه وسلم لديننا فبايعناه، انتهى.

(1)

بلفظ الفاعل من الإسناد، "ك"(12/ 60).

(2)

بفتح الحاء وكسرها، "ك"(12/ 60).

(3)

أي: انثنى ومال إلى السقوط، "ك"(12/ 61)، "خ".

(4)

أي: يسألون الناس بأكفهم، "ف"(5/ 365).

(5)

اقتصر على لفظ الحديث فترجم به، ولعله إشارة إلى أن من لم يكن له المال إلا القليل لم يندب له الوصية كما مضى، "ف"(5/ 363).

(6)

"أبو نعيم" الفضل بن دكين.

(7)

"سفيان" ابن عيينة.

(8)

ابن أبي وقاص، يروي عن أبيه.

(9)

لئلا يفوت بعض أجر هجرته.

ص: 701

فَقَالَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ"

(1)

، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ:"لَا"، قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟

(2)

قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: فَالثُّلُثُ؟ قَالَ: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ

(3)

،

"فَقَالَ: يَرْحَمُ" في نـ: "قَالَ: يَرْحَمُ". "ابْنَ عَفْرَاءَ" في نـ: "ابنَ خَولَةَ". "قَالَ: الثُّلُثُ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ: فَالثُّلُثُ".

===

(1)

قوله: (يرحم الله ابن عفراء) كذا وقع في هذه الرواية، وفي رواية أحمد (1/ 173) والنسائي:"يرحم الله سعد بن عفراء"، قال الداودي: قوله: "ابن عفراء" غير محفوظ، وقال الدمياطي: وهو وهم، والمعروف "ابن خولة"، كذا في "الفتح"(5/ 364).

قال الكرماني (12/ 61): فإن قلت: المشهور أنه سعد بن خولة بفتح المعجمة وسكون الواو وباللام، مرّ في "كتاب الجنائز" في:"باب رثاء النبي صلى الله عليه وسلم سعدَ بنَ خولة"، مع شرح الحديث -أي: في (ح: 1295) -، قال: قال التيمي: ويحتمل أن يكون لأم سعد اسمان، خولة وعفراء، أقول: ويحتمل أن تكون خولة" اسمًا وعفراء صفة، أو خولة اسم أبيه وعفراء اسم أمه.

(2)

قوله: (فالشطر) أي: النصف، وهو بالجر أو الرفع، وكذا "فالثلث"، وأما "الثلث" الآخر فبالنصب على الإغراء، أو على تقدير: أعْطِ الثلث، وبالرفع على الفاعل أي: يكفيك الثلث، أو على العكس.

(3)

قوله: (والثلث كثير) بالمثلثة أو بالموحدة، قوله:"أن" بفتح "أن" وكسرها، فإن قلت: فما جزاء الشرط؟ قلت: "خير" على تقدير: فهو خير، كقوله: مَن يفعلِ الحسناتِ اللهُ يشكرُها، أي: فالله يشكرها، "ف" (5/ 366) قال ابن مالك: ومن خصَّ هذا الحكم بالشِّعر ضَيَّق حيث لا تضييق وبَعُدَ عن التحقيق، قوله:"عالة" جمع عائل وهو الفقير، وتكفَّفَ الناسَ إذا بسط كفَّه للسؤال، أو سأل الناس كفًّا كفًّا من الطعام، أو ما يكفّ الجوعة،

ص: 702

إِنَّكَ أَنْ

(1)

تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا

(2)

أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ

(3)

، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ

(4)

، فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ، ويُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ". وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ابْنَةٌ. [راجع: 56، أخرجه: م 1628، س 3627، تحفة: 3880].

"حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا" في نـ: "حَتَّى اللُّقْمَةُ تَرْفَعُهَا".

===

و"في أيديهم" بمعنى بأيديهم، أو بمعنى يسألون بالأكف الإلقاءَ في أيديهم، كذا في "الكرماني"(12/ 61) و"الخير الجاري"(2/ 292).

(1)

بفتح "أن" على التعليل، وبكسرها على الشرطية، "ف"(5/ 365).

(2)

قوله: (وإنك مهما أنفقت) هو معطوف على قوله: "إنك أن تدع" وهو علة للنهي عن الوصية بأكثر من الثلُث، كأنه قيل: لا تفعل! لأنك إن متَّ تركتَ ورثتك أغنياء، وإن عِشْتَ تصدَّقْتَ وأنفقت، فالأجر حاصل لك في الحالين، "فتح"(5/ 366).

(3)

أي: فم امرأتك.

(4)

قوله: (عسى الله أن يرفعك) أي يطيل عمرك، وكذلك اتفق فإنه عاش بعد ذلك أزيد من أربعين سنة، قوله:"فينتفع بك ناس" أي المسلمون بالغنائم مما سيفتح الله على يديك من بلاد الشرك، "ويضر بك آخرون" أي: المشركون الذين يهلكون على يديك، قوله:"ولم يكن له يومئذ إلا ابنة" قال النووي وغيره: معناه لا يرثه من الولد أو من خواص الورثة أو من النساء إلا ابنة، وإلا فقد كان لسعد عصبات، "فتح"(5/ 367).

ص: 703

‌3 - بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ

(1)

وَقَالَ الْحَسَنُ

(2)

: لَا يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ

(3)

وَصِيَّةٌ إِلَّا الثُّلُثَ. قَالَ ابنُ عَبَّاسِ: أُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49].

"قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ" في نـ: "قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ". "وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى" في ذ: "وَقَالَ اللَّهُ عز وجل".

===

(1)

قوله: (باب الوصية بالثلث) أي: جوازها أو مشروعيتها. قال الطيبي (6/ 211): أجمعوا على أن من له وارث لا تنفذ وصيته بزيادة على الثلث إلا بإجازته، وعلى نفوذها بإجازته في جميع المال، وأما من لا وارث له فمذهب الجمهور لا يصح وصيته فيما زاد على الثلث، وجوّزه أبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين عنه، انتهى.

قال في "الفتح": وهو قول علي وابن مسعود، واحتجوا بأن الوصية مطلقة في الآية فقيدتها السنة بمن له وارث فبقي من لا وارث له على الإطلاق، واختلفوا أيضًا: هل يُعْتَبر ثلث المال حال الوصية أو حال الموت؟ على قولين، وهما وجهان للشافعية، أَصَحُّهما الثاني، فقال بالأول: مالك وأكثر العراقيين، وهو قول النخعي وعمر بن عبد العزيز، وقال بالثاني: أبو حنيفة وأحمد والباقون، وهو قول علي بن أبي طالب وجماعة من التابعين، "فتح"(5/ 369).

(2)

"الحسن" البصري.

(3)

قوله: (وقال الحسن: لا يجوز للذمي

) إلخ، قال ابن بطال (8/ 149): أراد البخاري بهذا الردّ على من قال -كالحنفية- بِجواز الوصية بالزيادة على الثلث لمن لا وارث له، وكذلك احتج بقوله تعالى:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]، والذي حكم به النبي صلى الله عليه وسلم من الثلث

ص: 704

2743 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(1)

، ثَنَا سُفْيَانُ

(2)

، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ

(3)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَوْ غَضَّ النَّاسُ

(4)

إِلَى الرُّبْعِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ". [أخرجه: م 1629، س 3634، ق 2711، تحفة: 5876].

2744 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ

(5)

، ثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ

(6)

،

"كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ" في نـ: "كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ". "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ".

===

هو الحكم بما أنزل الله، فمن تجاوز ما حَدَّه فقد أتى ما نهى عنه، وقال ابن المنير: لم يُرِد البخاري هذا، وإنما أراد الاستشهاد بالآية على أن الذمي إذا تحاكم إلينا ورثَتُه لا ينفذ من وصيته إلا الثلث، لأنا لا نحكم فيهم إلا بحكم الإسلام لقوله تعالى:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} الآية، "فتح الباري"(5/ 370).

(1)

"قتيبة بن سعيد" البغلاني.

(2)

"سفيان" هو ابن عيينة، فإن قتيبة لم يلحق الثوري، "فتح"(5/ 370).

(3)

"عن أبيه" عروة بن الزبير.

(4)

قوله: (لو غضّ الناس) بمعجمتين، أي: لو نقص الناس من الثلث شيئًا لكان خيرًا لهم، أو هو للتمني فلا حاجة إلى تقدير الجزاء، قاله الكرماني (12/ 62)، قوله:"لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم" هو كالتعليل لِمَا اختاره من النقصان عن الثلث، وكأن ابن عباس أخذ ذلك من وصفه صلى الله عليه وسلم الثلثَ بالكثرة، "فتح"(5/ 370).

(5)

"محمد بن عبد الرحيم" الحافظ المعروف بصاعقة.

(6)

"زكرياء بن عدي" أبو يحيى الكوفي.

ص: 705

ثَنَا مَرْوَانُ

(1)

، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمِ

(2)

، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبيهِ

(3)

قَالَ: مَرِضْتُ فَعَادَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا يَرُدَّنِي عَلَى عَقِبِيَّ

(4)

(5)

، قَالَ:"لَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ وَيَنْفَعُ بِكَ نَاسًا"، قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ، وَإِنَّمَا لِي ابْنَةٌ

(6)

، فَقُلْتُ: أُوصِي بِالنِّصْفِ؟ قَالَ: "النِّصْفُ كَثِيرٌ

(7)

"، قُلْتُ: فَالثُّلُثُ؟

(8)

قَالَ: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ

(9)

أَوْ كَبِيرٌ

(10)

". قَالَ: فَأَوْصَى النَّاسُ بِالثُّلُثِ، فَجَازَ ذَلِكَ لَهُمْ. [راجع: 56، تحفة: 3896].

‌4 - بَابُ قَوْلِ الْمُوصِي لِوَصِيِّهِ: تَعَاهَدْ

(11)

وَلَدِي، وَمَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ مِنَ الدَّعْوَى

"فَقُلْتُ: أُوصِي بِالنِّصْفِ" في نـ: "قُلْتُ: أُوصِي بِالنِّصْفِ".

===

(1)

" مروان" ابن معاوية الفزاري.

(2)

"هاشم بن هاشم" ابن عتبة بن أبي وقاص الزهري.

(3)

"عن أبيه" سعد بن أبي وقاص.

(4)

بالإفراد والتثنية.

(5)

أي: لا يميتني في داري التي هاجرت منها، "ك"(12/ 63).

(6)

"ابنة" وهي أم الحكم الكبرى.

(7)

بالمثلثة.

(8)

بالجر ولأبي ذر بالرفع، "قس"(6/ 253).

(9)

بالمثلثة.

(10)

بالموحدة، "قس"(6/ 253).

(11)

على صيغة الأمر الحاضر، "خ".

ص: 706

2745 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ

(1)

، عَنْ مَالِكٍ

(2)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(3)

، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

(4)

، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ، كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ

(5)

وَلِيدَةِ زَمْعَةَ

(6)

مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: ابْنُ أَخِي

(7)

، قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي

(8)

، وَابْنُ أَمَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا

(9)

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي، كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ

(10)

،

"كَانَ عَهِدَ" في نـ: "قَدْ كَانَ عَهِدَ". "فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ".

===

(1)

" عبد الله بن مسلمة" القعنبي.

(2)

"مالك" الإمام الأعظم.

(3)

"ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري.

(4)

"عروة بن الزبير" ابن العوام.

(5)

اسمه عبد الرحمن.

(6)

بفتح الميم وسكونها، "خ".

(7)

أي: هذا ابن أخي.

(8)

أي: هذا أخي، "قس"(6/ 254).

(9)

قوله: (فتساوقا) أي: تماشَيَا، ومرّ الحديث في "كتاب العتق" (برقم: 2533) وغيره (برقم: 2053)، ومطابقته للترجمة ظاهرة من الأمر بأخذ الولد للتعهد، واسم الولد عبد الرحمن، "الخير الجاري"(2/ 292).

(10)

أي: لصاحب الفراش.

ص: 707

وَللْعَاهِرِ

(1)

الْحَجَرُ

(2)

"، ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ

(3)

: "احْتَجِبِي مِنْهُ"

(4)

، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ

(5)

، فَمَا رَآهَا

(6)

حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. [راجع: 2053].

‌5 - بَابٌ

(7)

إِذَا أَوْمَأَ الْمَرِيضُ بِرَأْسِهِ إِشَارَةً بَيِّنَةً جَازَتْ

2746 -

حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ

(8)

، ثَنَا هَمَّامٌ

(9)

، عَنْ قَتَادَةَ

(10)

، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ يَهُوِدِيًّا

(11)

رَضَّ

(12)

رَأْسَ جَارِيَةٍ

(13)

بَيْنَ

"حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ" زاد في نـ: "عز وجل".

===

(1)

أي: الزاني.

(2)

الخيبة والحرمان.

(3)

"سودة بنت زمعة" أم المؤمنين.

(4)

"احتجبي منه" من عبد الرحمن ابن وليدة زمعة، ولم تُسَمَّ الوليدةُ.

(5)

ابن أبي وقاص.

(6)

عبد الرحمن، "قس"(6/ 254).

(7)

بالتنوين، "قس"(6/ 254).

(8)

البصري نزيل مكة.

(9)

"همام" هو ابن يحيى العوذي.

(10)

"قتادة" ابن دعامة.

(11)

"يهوديًّا" لم يسمَّ.

(12)

قوله: (رَضَّ رأس جارية) أي: دَقّ وكسر، والجارية كانت من الأنصار، قوله:"أفلان أفلان؟ " الهمزة فيه للاستخبار، مرّ الحديث مع بيانه (برقم: 2413) في "الخصومات".

(13)

"رأس جارية" ولم تسمَّ.

ص: 708

حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ أَفُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِهِ، فَلَثم يَزَلْ حَتَّى اعْتَرَفَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ. [راجع: 2413].

‌6 - بَابٌ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ

(1)

2747 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

(2)

، عَنْ وَرْقَاءَ

(3)

، عَنِ

"أَفُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ" في نـ: "أَفُلَانٌ أَفُلَانٌ".

===

(1)

قوله: (لا وصية لوارث) هذه الترجمة لفظ حديث مرفوع [ت ح: 2120] كأنه لم يثبت على شرط البخاري فترجم به كعادته واستغنى بما يعطي حكمه، والمراد بعدم صحة وصية الوارث: عدم اللزوم؛ لأن الأكثر على أنها موقوفة على إجازة الورثة، وروى الدارقطني عن ابن عباس مرفوعًا:"لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة"، ورجاله ثقات، لكنه معلول، فقد قيل: إن عطاء هو الخراساني. وكأن البخاري أشار إلى ذلك فترجم بالحديث، ثُمّ حديث الباب وجه دلالته للترجمة من جهة أنَّ نسخَ الوصية وإثباتَ الميراث لهما بدلًا منه يُشْعِر بأنه لا يجمع لهما بين الوراثة والوصية، وإذا كان كذلك كان مَنْ دونهما أولى بأن لا يجمع ذلك له، قال جمهور العلماء: كانت هذه الوصية في أول الإسلام واجبًا لوالدي الميت وأقربائه على ما يراه من المساواة والتفضيل، ثم نسخ ذلك بآية الفرائض، وقيل: كانت للوالدين والأقربين دون الأولاد، فإنهم كانوا يرثون ما يبقى بعد الوصية، "فتح الباري"(5/ 372) مختصرًا، والله أعلم بالصواب.

(2)

"محمد بن يوسف" الفريابي.

(3)

"ورقاء" هو ابن عمر بن كليب، أبي بشر اليشكري.

ص: 709

ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ

(1)

، عَنْ عَطَاءٍ

(2)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدْسَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبْعَ

(3)

، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبْعَ. [طرفاه: 4578، 6739، تحفة: 5901].

‌7 - بَابُ الصَّدَقَةِ

(4)

عِنْدَ الْمَوْتِ

2748 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ

(5)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(6)

، عَنْ سُفْيَانَ

(7)

، عَنْ عُمَارَةَ

(8)

، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ

(9)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ تَصِدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ، تَأْمُلُ الْغِنَى، وَتَخْشَى الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلْ

(10)

"وَلَا تُمْهِلْ" في ذ: "وَلا تَمَهَّلْ".

===

(1)

" ابن أبي نجيح" عبد الله.

(2)

"عطاء" ابن أبي رباح.

(3)

أي: في حالين، وكذلك للزوج، "ف"(5/ 373).

(4)

أي: في جوازها، "ف"(5/ 374).

(5)

"محمد بن العلاء" أبو كريب الهمداني الكوفي.

(6)

"أبو أسامة" حماد بن أسامة.

(7)

"سفيان" الثوري.

(8)

"عمارة" بضم العين وتخفيف الميم: ابن القعقاع بن شبرمة الضبي.

(9)

"أبي زرعة" اسمه هرم، وقيل غير ذلك، ابن عمرو البجلي، "قس"(6/ 255 - 256).

(10)

بالإسكان على أنه نهي، وبالرفع على أنه نفي، ويجوز النصب، "ف"(5/ 374).

ص: 710

حَتَّى

(1)

إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ". [راجع: 1419].

‌8 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا

(2)

أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]

وَيُذْكَرُ أَنَّ شُرَيْحًا

(3)

(4)

وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَاوُسًا

(5)

===

(1)

قوله: (حتى إذا بَلَغَتِ الحلقوم) الضمير في بلغت يرجع إلى الروح بدلالة سياق الكلام عليه، والمراد منه: قارَبَتِ البلوغَ، إذ لو بلغته حقيقة لم تصح منه وصية ولا شيء من تصرفاته، والحلقوم هو الحلق. قوله:"لفلان" كناية عن الموصى له، وقوله:"كذا" كناية عن الموصى به، وحاصل المعنى: أفضل الصدقة أن تَصَدَّقَ حال حياتك وصحتك مع احتياجك إليه واختصاصك به، لا في حال سقمك وسياق موتك؛ لأن المال حينئذ خرج عنك وتَعَلَّق بغيرك، كذا قاله العيني (6/ 385)، ومرّ الحديث (برقم: 1419) في "الزكاة".

(2)

قوله: ({يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}) أراد المصنف -والله أعلم- بهذه [الترجمة] الاحتجاجَ بما اختاره من جواز إقرار المريض بالدين مطلقًا، سواء كان المقرّ له وارثًا أو أَجنبيًا، ووجه الدلالة أنه تعالى سَوّى بين الوصية والدين في تقديمهما على الميراث ولم يفصل، فخرجت الوصية للوارث بالدليل الذي تقدم، وبقي الإقرار بالدين على حاله، "فتح الباري"(5/ 375).

(3)

قوله: (أن شريحًا) القاضي، فيما وصله ابن أبي شيبة [رقم: 21138] بإسناد فيه جابر الجعفي وهو ضعيف.

(4)

قوله: (ويذكر أن شريحًا

) إلخ، كأنه لم يجزم بالنقل عنهم لضعف الإسناد إلى بعضهم، "ف"(5/ 375).

(5)

"وطاوسًا" فيما وصله ابن أبي شيبة [رقم: 21136] بإسناد فيه ليث بن أبي سليم، وهو أيضًا ضعيف.

ص: 711

وَعَطَاءً

(1)

وَابْنَ أُذَيْنَةَ

(2)

أَجَازُوا إِقْرَارَ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَحَقُّ مَا يُصَدَّقُ بِهِ الرَّجُلُ آخِرُ يَوْم

(3)

مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ

(4)

: إِذَا أَبْرَأً الْوَارِثَ

(5)

مِنَ الدَّيْنِ بَرِئَ. وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنْ لَا تُكْشَفَ

(6)

امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّهُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا

(7)

.

"مَا يُصدَّقُ بِهِ" في نـ: "مَا تَصدَّقَ بِهِ". "عَمَّا أُغْلِقَ" في سـ، حـ:"عَنْ مَالٍ أغْلِقَ".

===

(1)

" وعطاءً" هو ابن أبي رباح، فيما وصله ابن أبي شيبة [رقم: 21140] أيضًا.

(2)

"وابن أذينة" بضم الهمزة وفتح الذال المعجمة وبعد التحتية الساكنة نون، عبد الرحمن الليثي المدني، قاضي البصرة، التابعي الثقة، كان مالك يروي عنه الفقه، "ك"(12/ 65)، "خ". فيما وصله ابن أبي شيبة [رقم: 21139] أيضًا بإسناد رجاله ثقات.

(3)

قوله: (آخر يوم) بالنصب والرفع، أي: أحق زمان يصدق فيه الرجل في أحواله آخر عمره، والمقصود أن إقرار المريض في مرض موته حقيق بأن يُصَدَّق به، ويحكم بإنفاذه، وفي بعضها "تَصَدَّق" بلفظ الماضي من التصدق، والأول هو المناسب للمقام، "ك"(12/ 65).

(4)

"وقال إبراهيم" النخعي، "والحكم" ابن عتيبة، فيما وصله ابن أبي شيبة عنهما [رقم: 23527].

(5)

بالنصب.

(6)

بلفظ المجهول، و"امرأته" نائب فاعله، "خ".

(7)

قوله: (عما أغلق عليه بابها) بالرفع نائب عن الفاعل، وفي بعضها "عن مال أغلق عليها"، قال العيني (10/ 24): والظاهر أن المراد منه أن المرأة بعد موت زوجها لا يُتَعَرَّضُ لها، فإن جميع ما في بيته لها، وإن لم يشهد لها زوجها بذلك.

ص: 712

وَقَالَ الْحَسَنُ

(1)

: إِذَا قَالَ لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ، جَازَ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ

(2)

: إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا: إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي

(3)

وَقَبَضْتُ مِنْهُ، جَازَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ

(4)

(5)

: لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ

"عِنْدَ الْمَوْتِ" في نـ: "عِنْدَ مَوتِهِ".

===

(1)

" وقال الحسن" البصري، مما لم يقف عليه الحافظ ابن حجر موصولًا.

(2)

"وقال الشعبي" عامر بن شراحيل.

(3)

قوله: (قضاني) أي: أدّاني حقي، وفي "الفتح" (5/ 376): قال ابن التين: وجهه أنه لا تُتَّهَمُ بالميل إلى زوجها في تلك الحال، ولا سيما إن كان لها ولد من غيره، انتهى.

(4)

"وقال بعض الناس" قيل: المراد السادة الحنفية.

(5)

قوله: (قال بعض الناس) أي: الحنفية يقولون: لا يجوز إقرار المريض لبعض الورثة لأنه مظنّة أنه يريد به الإساءةَ في أمر الآخر، ثم ناقضوا حيث جوّزوا إقراره للورثة بالوديعة ونحوه بمجرد الاستحسان من غير دليل يدل على امتناع ذلك وجوازِ هذه، ثم ردّ عليهم بأنه سوء ظنٍّ به وبأنه لا يحل مال المسلمين أي: المُقَرّ له لحديث "إذا اؤتُمِنَ خان"، كذا في "مجمع البحار"(1/ 193).

قال العيني (10/ 24): لم يعلِّلِ الحنفية عدم جواز إقرار المريض بهذه العبارة، بل لأنه ضرر لبقية الورثة، ومذهب المالكية كأبي حنيفة إذا اتّهم، وهو اختيار الروياني من الشافعية، والأظهر عندهم أنه يقبل مطلقًا كالأجنبي لعموم أدلة الإقرار، ولأنه انتهى إلى حالة يصدَّق فيها الكذوب، فالظاهر أنه لا يقرّ إلا بتحقيق، كذا قاله القسطلاني (6/ 259).

قال صاحب "البرهان": ولنا قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة عام حجة الوداع: "إن الله أعطى كل ذي حقٍّ حقَّه، فلا وصية لوارث ولا إقرار بالدَّين"،

ص: 713

لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ". وَلَا يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "آيَةُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ

(1)

" وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] فَلَمْ يَخُصَّ

(2)

وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ. فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

2749 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ

(3)

، ثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ،

"لِسُوءِ الظَّنِّ" في سـ، حـ، ذ:"بِسُوءِ الظَّنِّ". "مَالُ الْمُسْلِمِينَ" زاد في نـ: "بِالظَّنِّ". "آيَةُ الْمُنَافِقِ" زاد في نـ: "ثلاثٌ".

===

لكن قال شمس الأئمة في "المبسوط": إلا أن هذه زيادة شاذّة غير مشهورة، وإنما المشهور قول ابن عمر:"إذا أقرّ الرجل بدين في مرضه لرجل غيرِ وارث فإنه جائز، وإن أحاط ذلك ماله، وإن أقرّ لوارث فهو باطل إلا أن يصدِّقه الورثة" وبه أخذ علماؤنا؛ فإنّ قول الواحد من فقهاء الصحابة مقدّم على القياس، انتهى. [انظر "اللامع" (7/ 194)].

(1)

قوله: (إذا اؤتُمِنَ خان) فإن قلت: ما وجه دلالته عليه؟ قلت: إذا وجب ترك الخيانة وجب الإقرار بما عليه، وإذا أقرّ لا بد من اعتبار إقراره، وإلا لم يكن لإيجاب الإقرار فائدة، "ك"(12/ 66)، "خ"(2/ 294).

(2)

قوله: (فلم يَخُصَّ) أي: لم يفرِّق بين الوارث وغيره في ترك الخيانة ووجوب أداء الأمانة إليه، فيصح الإقرار سواء كان للوارث أو لغيره، ومرّ حديث "آية المنافق" بتمامه في "كتاب الإيمان"، "ك"(12/ 67).

(3)

"إسماعيل بن جعفر" الزرقي.

ص: 714

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "آيَةُ الْمُنَافِقِ

(1)

ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ". [راجع: 33].

‌9 - بَابُ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ

(2)

(3)

: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]

"قَوْلِهِ" في نـ: "قَولِ اللهِ". " {يُوصَى بِهَا} " كذا في ذ، وفي نـ:"تُوصُونَ بِهَا".

===

(1)

" آية المنافق ثلاث" فإن قلت: القياس جمع آيات ليطابق "ثلاث"، أجيب بأن الثلاث اسم جمع ولفظه مفرد على أن التقدير: آية المنافق معدودة بالثلاث، وسقط "ثلاث" لأبي ذر.

(2)

قوله: (باب تأويل قوله:

) إلخ، أي: بيان المراد بتقديم الوصية في الذِّكر على الدَّين مع أن الدَّين هو المقدَّم في الأداء، وبه يظهر السرُّ في تكرار هذه الترجمة، قال السهيلي: تقديم الوصية في الذِّكر على الدَّين لأن الوصية إنما تقع على سبيل البر والصلة بخلاف الدَّين فإنه يقع قهرًا. وقال غيره: قُدِّمت الوصية لأنها شيء يؤخذ بغير عوض، والدَّين يؤخذ بعوض فكان إخراج الوصية أشَقَّ على الوارث من إخراج الدَّين، وكان أداؤها مظنة التفريط فقُدِّمت الوصية لذلك، وأيضًا فهي حظُّ فقير ومسكين غالبًا، والدَّين حظُّ غريم يطلبه بقوة وله حق مقال، كذا في "الفتح"(5/ 378).

(3)

"باب تأويل قول الله" ولأبي ذر: "قوله تعالى": {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ} ، "قضي بالدين [قبل الوصية] "، رواه الإمام أحمد (1/ 79) والترمذي [ح: 2122] وابن ماجه [ح: 2715] عن علي بن أبي طالب بلفظ: قال: "إنكم تقرؤون {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية"، الحديث، فيه الحارث الأعور، تُكُلِّم فيه، لكن قال الترمذي: إن العمل عليه عند أهل العلم، وقد قال السهيلي: قُدِّمت

ص: 715

وَيُذْكَرُ

(1)

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدَّيْنِ قَبلَ الْوَصِيَّةِ.

وَقِوْلِهِ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، فَأدَاءُ الأمَانَةِ أحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى

(2)

". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

(3)

: لَا يُوصِي الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ

"أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى" في نـ: "عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَضى". "عز وجل" ثبت في ذ.

===

الوصية في الذكر؛ لأنها تقع على سبيل البر والصلة بخلاف الدين؛ لأنه يقع قهرًا فكانت الوصية أفضل فاستحقت البداءة. وقيل: الوصية تؤخذ بغير عوض فهي أشق على الورثة من الدَّين، وفيها مظنة التفريط فكانت أهم فقدمت، وقد نازع بعضهم في إطلاق كون الوصية مقدمة على الدين في الآية؛ لأنه ليس فيها صيغة ترتيب، بل المراد: أن المواريث إنما تقع بعد قضاء الدين وإنفاذ الوصية، وأتى بـ {أَوْ} التي للإباحة، وهي كقولك: جالس الحسن أو ابن سيرين أي: لك مجالسة كلٍّ منهما؛ اجتمعا أو افترقا، [انظر "قس" (6/ 260)].

(1)

قوله: (ويُذْكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدَّين قبل الوصية) هذا طرف من حديث أخرجه الترمذي وغيره من طريق الحارث الأعور وهو ضعيف، لكن قال الترمذي: إن العمل عليه عند أهل العلم. وكأن البخاري اعتمد عليه لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه، وإلا فلم تَجْرِ عادته أن يورد الضعيف في مقام الاحتجاج به، وفي الباب ما يعضده أيضًا، "فتح الباري"(5/ 377).

(2)

قوله: (ظهر غنى) لفظ ظهر مقحم، والمديون ليس بغني، فالوصية التي لها حكم الصدقة يُعْتَبَرُ بعد الدَّين، وأراد بتأويل الآية مثله، "ك"(12/ 67)، "خ"(2/ 295).

(3)

"وقال ابن عباس" فيما وصله ابن أبي شيبة [رقم: 31517].

ص: 716

أَهْلِهِ

(1)

. وَقَالَ النَّبِيُّ

(2)

صلى الله عليه وسلم: "الْعَبْدُ رَاعٍ

(3)

فِي مَالِ سَيِّدِهِ".

2750 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

(4)

، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ

(5)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(6)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

(7)

وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ

"ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ" في ذ: "أَنَا الأَوْزَاعِيُّ".

===

(1)

قوله: (إلا بإذن أهله) وأداء الدَّين الذي هو على رقبته لا يتوقف على إذنهم، فالدَّين مقدَّم عليها في الأداء، كذا في "الخير الجاري"(2/ 295)، قال العيني (10/ 27): قلت: ينبغي أن تكون المسألة على التفصيل، وهو أن العبد لا يخلو إما أن يكون مأذونًا له في التصرفات أو لا؟ فإن لم يكن فلا تصح وصيته بلا خلاف؛ لأنه لا يملك شيئًا، وإن كان مأذونًا له تصح وصيته بإذن الولي إذا لم يكن مستغرقًا بالدين، انتهى.

(2)

قوله: (قال النبي صلى الله عليه وسلم: العبد راع في مال سيّده) هو طرف من حديث تقدّم ذكرُه موصولًا في "كتاب العتق"(رقم: 2554)، وأراد البخاري بذلك توجيه كلام ابن عباس المذكور، قال ابن المنير: لَمّا تعارض في مال العبد حقه وحق سيده قدّم الأقوى وهو حق سيده، وجعل العبد مسؤولًا عنه، إذ هو أحد الْحَفَظَة فيه، فكذلك حق الدَّين لَمّا عارضه حق الوصية -والدين واجب- تقدم الدين، فهذا وجه مناسبة هذا الأثر والحديث للترجمة، "فتح"(5/ 378).

(3)

فلا يجوز التبرع فيه بخلاف أداء الدين الواجب عليه، "ك"(12/ 68)، "خ".

(4)

"محمد بن يوسف" البيكندي.

(5)

"الأوزاعي" عبد الرحمن بن عمرو.

(6)

"الزهري" محمد بن مسلم.

(7)

المخزومي.

ص: 717

حِزَامٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قالَ لِي:"يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْو، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى". قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ

(1)

(2)

أَحَدًا بَعْدَكَ شَيئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأبى أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُوُفِّيَ. [راجع: 1472].

"دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ" كذا في سـ، ذ، وفي نـ:"دَعَا لِيُعْطِيَهُ". "فَيَأْبَى" في ذ: "فَأبَى".

===

(1)

أي: لا أنقص مال أحد بالطلب بعدك أو بعد سؤالك، ومر الحديث مع بيانه (برقم: 1472) في "كتاب الزكاة".

(2)

قوله: (لا أرزَأُ) بتقديم الراء على الزاي، أي: لا آخذ من أحد شيئًا بعدك، ووجه دخوله في الباب أن الوصية كالصدقة فيه، آخِذُها يد سفلى، ويد آخِذِ الدَّين ليست سفلى لاستحقاق أخذه جبرًا، فالدين أقوى فيجب تقديمه، ووجه آخر وهو أن عمر اجتهد في توفية حقه من بيت المال وخلاصه منه، وشبّه بالدين لكونه حقًا بالجملة، فكيف إذا كان دَينًا متعينًا؟ فإنه يجب تقديمه على التبرعات، "ك"(12/ 68)، "خ"(2/ 295).

ص: 718

2751 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ

(1)

بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ

(2)

، أَنَا يُونُسُ

(3)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ

(4)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ

(5)

فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَة وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: "وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ". [راجع: 893].

‌10 - بَابٌ

(6)

إِذَا وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لأَقَارِبِهِ وَمَنِ الأَقَارِبُ؟

(7)

"بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ" زاد في نـ: "السَّخْتِيَانِيُّ". "أَنَا عَبْدُ اللَّهِ" في نـ: "ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ". "وَحَسِبْتُ" في ذ: "وَأَحْسَبُ". "إِذَا وَقَفَ" في نـ: "إِذَا أَوْقَفَ".

===

(1)

" بشر" هو السختياني.

(2)

"عبد الله" هو ابن المبارك المروزي.

(3)

هو ابن يزيد الأيلي.

(4)

هو ابن عبد الله، يروي عن أبيه.

(5)

فيه الترجمة كما مر.

(6)

بالتنوين. [شرع المصنف في مسائل الوقف ووافق في أكثر مسائله صاحبي أبي حنيفة، ثم إن الترجمة تشتمل على مسئلتين: الأولى الوصية والوقف للأقارب، والثانية مصداق الأقارب، "الأبواب والتراجم" (4/ 76)].

(7)

قوله: (ومن الأقارب؟)"من" استفهامية مبتدأ، والأقارب خبره، كذا في "الخير الجاري" (2/ 295). قال الحافظ ابن حجر: وقد اختلف

ص: 719

وَقَالَ ثَابِتٌ

(1)

عَنْ أَنَسِ

(2)

: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي طَلْحَةَ

(3)

: "اجْعَلْهُ لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِكَ". فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ

(4)

وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. [تحفة: 479].

"اجْعَلْهُ" كذا في ذ، وفي نـ:"اجْعَلْهَا".

===

العلماء في الأقارب، فقال أبو حنيفة: الأقارب كل ذي رحم محرم من قِبَل الأب أو الأم، ولكن يبدأ بقرابة الأب قَبْل الأم، وقال أبو يوسف ومحمد: من جمعهم أب منذ الهجرة من قبل أب أو أم من غير تفصيل، زاد زفر: ويقدّم من قَرُب منهم، وهو رواية عن أبي حنيفة، وأقل من يدفع له ثلاثة، وعند محمد اثنان، وعند أبي يوسف واحد، ولا يصرف للأغنياء إلا أن يشترط ذلك. وقالت الشافعية: القريب من اجتمع في النسب سواء قَرُب أم بَعُد، مسلمًا كان أو كافرًا، غنيًا أو فقيرًا، ذكرًا أو أنثى، وارثًا أو غير وارث، مَحرمًا أو غير محرم.

واختلفوا في الأصول والفروع على وجهين، وقالوا: إن وجد جمع محصورون أكثر من ثلاثة استوعبوا، وقيل: يقصر على ثلاثة، وإن كانوا غير محصورين فنقل الطحاوي الاتفاق على البطلان، وفيه نظر؛ لأن عند الشافعية وجهًا بالجواز، ويصرف منهم لثلاثة ولا يجب التسوية، وقال أحمد في القرابة كالشافعي، إلا أنه أخرج الكافر، وفي رواية عنه: القرابة كل من جمعه والموصي الأب الرابع إلى ما هو أسفل منه، وقال مالك: يختص بالعصبة سواء كان يرثه أو لا، ويبدأ بفقرائهم حتى يغنوا ثم يعطى الأغنياء، "فتح الباري"(5/ 380).

(1)

"ثابت" البناني، مما أخرجه مسلم (ح: 43) [وأحمد (3/ 285)].

(2)

"أنس" هو ابن مالك ربيب أبي طلحة الآتي.

(3)

"أبي طلحة" هو زيد بن سهل الأنصاري.

(4)

"حسان" هو ابن ثابت الشاعر، "أبي بن كعب" الأنصاري، وكانا من بني أعمام أبي طلحة كما سيأتي.

ص: 720

وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ

(1)

: ثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ

(2)

، عَنْ أَنَسٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ ثَابتٍ، قَالَ:"اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ"، قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّيِ، وَكَانَ قَرَابَةُ حَسَّانَ وَأُبَيٍّ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ، وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ

(3)

بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، فَيَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ، وَهُوَ الأَبُ الثَّالِثُ، وَحَرَامُ بْنُ عَمْرِو

(4)

بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَهُوَ يُجَامِعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا إِلَى سِتَّةِ آبَاءٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ،

"بِمِثْلِ حَدِيثِ" كذا في ذ، وفي نـ:"مِثْلَ حَدِيثِ". "أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي" في سـ، حـ، ذ:"إِلَيْهِ أَقْرَبَ مِنِّي". "وَحَرَامُ بْنِ عَمْرِو -إلى- عَمْرِو بْنِ مَالِكِ" ثبت في ذ.

===

(1)

" الأنصاري" محمد بن عبد الله أي: [ابن] المثنى، وصله في تفسير سورة آل عمران.

(2)

"ثمامة" هو ابن عبد الله بن أنس رضي الله عنه.

(3)

بفتح الميم وتخفيف النون وإضافة زيد إلى مناة، وليس بين زيد ومناة لفظ ابن؛ لأنه اسم مركب منهما، قال الكرماني: و"حرام" بحاء وراء مهملتين، وعمرو بفتح العين، "قس"(6/ 264).

(4)

قوله: (وحرام بن عمرو -إلى قوله-: النجار) قال في "الفتح"(5/ 381): وقع هنا في رواية أبي ذر: "وحرام بن عمرو" وساق النسب ثانيًا إلى النجار، وهو زيادة لا معنى لها، كذا في "الفتح"، وأما بيان قرابة أنس فهو كما قال في "الاستيعاب" (1/ 108) وغيره: أنه أنس بن مالك بن النضر بن ضَمْضَم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري، انتهى. [انظر "اللامع" (7/ 211)].

ص: 721

وَهُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ

(1)

: إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهُوَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإِسْلَامِ. [تحفة: 510].

2752 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(2)

، أَنَا مَالِكٌ

(3)

، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

(4)

أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا

(5)

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي طَلْحَةَ

(6)

: "أَرَى أَنْ تَجْعَلَها في الأَقْرَبينَ"، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يا رسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ، وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ

(7)

: وَلَمَّا نَزَلَت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

"وَهُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبِ -إلى- وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا" ثبت في سـ، هـ، ذ. "فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ أَبُو طَلْحَةَ".

===

(1)

قوله: (وقال بعضهم: إذا أوصى لقرابته

) إلخ، هو قول أبي يوسف ومن وافقه كما تقدّم، ثم ذكر المصنف قصة أبي طلحة من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس، أوردها مختصرة، كذا في "الفتح"(5/ 382)، وستأتي بتمامها في "باب إذا وقف أرضًا ولم يبيِّنِ الحدود" (برقم: 2769).

(2)

"عبد الله بن يوسف" هو التنيسي.

(3)

"مالك" هو الإمام المدني.

(4)

"إسحاق بن عبد الله" ابن أبي طلحة الأنصاري.

(5)

"أنسًا" هو ابن مالك المذكور.

(6)

"أبي طلحة" هو زيد بن سهل المذكور.

(7)

"ابن عباس" وصله المؤلف في "مناقب قريش"(برقم: 3526) وفي تفسير "سورة الشعراء"(برقم: 4770).

ص: 722

يُنادي: "يَا بَنِي فهْرٍ

(1)

، يَا بَنِي عَدِيٍّ"، لِبُطُونِ قُرَيْشٍ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةُ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ". [راجع: 1461].

‌11 - بَابٌ

(2)

هَلْ يَدْخُلُ النِّسَاءُ وَالْوَلَدُ فِي الأَقَارِبِ؟

(3)

2753 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(4)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(5)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(6)

، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ

(7)

وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(8)

أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}

"أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ" في نـ: "ثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ".

===

(1)

بكسر الفاء وسكون الهاء: أبو قبيلة من قريش.

(2)

بالتنوين.

(3)

قوله: (باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟) هكذا أورد الترجمة بالاستفهام لما في المسألة من الاختلاف كما تقدم، ثم أورد في الباب حديث أبي هريرة، وموضع الشاهد منه قوله فيه:"يا صفية ويا فاطمة"، فإنه سوّى صلى الله عليه وسلم في ذلك بين عشيرته، فعمَّهم أولًا ثم خص بعض البطون، ثم ذكر عمَّه العباسَ وعمَّته صفيةَ وابنتَه فاطمةَ، فدلّ على دخول النساء في الأقارب وعلى دخول الفروع أيضًا، وعلى عدم التخصيص بمن يرث ولا بمن كان مسلمًا، "فتح الباري"(5/ 382).

(4)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع الحمصي.

(5)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة.

(6)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(7)

"سعيد بن المسيب" التابعي المخزومي.

(8)

"أبو سلمة بن عبد الرحمن" ابن عوف.

ص: 723

[الشعراء: 214] قَالَ: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ -أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي

(1)

عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صفِيَّةُ

(2)

عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا". تَابَعَهُ

(3)

أَصْبَغُ

(4)

، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ

(5)

، عَنْ يُونُسَ

(6)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(7)

. [طرفاه: 3527، 4771، أخرجه: س 3647، تحفة: 13156، 15164، 13348، 15328].

‌12 - بَابٌ

(8)

هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ؟

(9)

===

(1)

أي: لا أدفع عنكم، قال الجوهري: لا يغني أي: لا يجدي عنكم ولا ينفعكم، "ك"(12/ 71).

(2)

هي بنت عبد المطلب [ويجوز في "يا عباس" وفي "يا صفية" وفي "يا فاطمة" الضم والنصب، "ف" (5/ 383)].

(3)

"تابعه" أي: تابع أبا اليمان.

(4)

"أصبغ" هو ابن الفرج أبو عبد الله المصري.

(5)

"ابن وهب" عبد الله المصري.

(6)

"يونس" هو ابن يزيد الأيلي.

(7)

"ابن شهاب" هو الزهري.

(8)

بالتنوين "قس"(6/ 268).

(9)

قوله: (باب هل ينتفع الواقف بوقفه؟) أي: بأن يقف على نفسه ثم على غيره، أو بأن يشترط لنفسه من المنفعة جزءًا معينًا، أو يجعل للناظر على وقفه شيئًا ويكون هو الناظر، وفي هذا كلِّه خلاف.

ص: 724

وَقَدِ اشْتَرَطَ عُمَرُ

(1)

(2)

: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا. وَقَدْ يَلِي الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ جَعَلَ بَدَنَةً أَوْ شَيْئًا لِلَّهِ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ.

"مِنْهَا" ثبت في هـ، ذ. "وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ" كذا في ذ، وفي نـ:"وَكَذَلِكَ مَنْ". "كَمَا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ" في نـ: "كَمَا يَنْتَفِعُ غَيْرُهُ".

===

(1)

" وقد اشترط عمر" ابن الخطاب، مر موصولًا في آخر "الشروط".

(2)

قوله: (وقد اشترط

) إلخ، هو طرف من قصة وَقفِ عمر، وقد تقدّمت موصولةً في آخر "الشروط" [ح: 2737]، وقوله: "وقد يلي الواقف وغيره

" إلخ، هو من تفقه المصنف، وهو يقتضي أن ولاية النظر للواقف لا نزاع فيها، وليس كذلك فكأنه فَرّعه على المختار عنده، وإلا فعند المالكية أنه لا يجوز، والذي احتج به المصنف من قصة عمر ظاهر في الجواز، ثم قَوّاه بقوله: "وكذلك كل من جعل بدنة أو شيئًا لله فله أن ينتفع به كما ينتفع غيره وإن لم يشترط"، ثم أورد حديثي أنس وأبي هريرة في قصة الذي ساق البدنة وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بركوبها، وقد تقدم الكلام عليه في "الحج" مستوفى (برقم: 1690).

وقد تَمَسّك به من أجاز الوقف على النفس من جهة أنه إذا جاز له الانتفاع بما أهداه بعد خروجه عن ملكه بغير شرط فجوازه بالشرط أولى، قال ابن بطال [8/ 171]: لا يجوز للواقف أن ينتفع بوقفه؛ لأنه أخرجه لله وقطعه عن ملكه، فانتفاعه بشيء منه رجوع في صدقته، ثم قال: وإنما يجوز له ذلك إن شرطه في الوقف أو افتقر هو أو ورثته، انتهى.

والذي عليه الجمهور جواز ذلك إذا وقفه على الجهة العامة دون الخاصة، كذا في "الفتح"(5/ 383).

ص: 725

2754 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ

(1)

، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ

(2)

، عَنْ قَتَادَةَ

(3)

، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ لَهُ:"ارْكَبْهَا"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ، فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ:"ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ، أَوْ وَيْحَكَ". [راجع: 1690، أخرجه: ت 911، تحفة: 1437].

2755 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(4)

، ثَنِي مَالِكٌ

(5)

، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ

(6)

، عَنِ الأَعْرَجِ

(7)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ:"ارْكَبْهَا"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ:"ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ"، فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ. [راجع: 1689].

‌13 - بَابٌ

(8)

إِذَا وَقَفَ شَيْئًا فَلَمْ يَدْفَعْهُ

(9)

إِلى غَيْرِهِ،

"حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ" زاد في ذ: "ابنُ سَعِيدٍ". "أَوِ الرَّابِعَةِ" في ذ: "أَوْ فِي الرَّابِعَةِ". "فَلَمْ يَدْفَعْهُ" في شحج، ذ:"قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ".

===

(1)

" قتيبة" هو ابن سعيد الثقفي.

(2)

"أبو عوانة" الوضاح اليشكري.

(3)

"قتادة" هو ابن دعامة السدوسي.

(4)

"إسماعيل" هو ابن أبي أويس الأصبحي.

(5)

"مالك" ابن أنس الإمام الأصبحي.

(6)

"أبي الزناد" عبد الله بن ذكوان.

(7)

"الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز.

(8)

بالتنوين.

(9)

قوله: (فلم يدفعه إلى غيره) إشارة إلى ردِّ ما قال بعض الحنفية: إنه لا يزول الملك حتى يجعل للوقف وليًّا يسلمه إليه، قاله الكرماني (12/ 73).

ص: 726

فَهُوَ جَائِزٌ

(1)

لأَنَّ عُمَرَ وَقَفَ وَقَالَ: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَمْ يَخُصَّ أَنْ وَلِيَهُ عُمَرُ أَوْ غَيْرُهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي طَلْحَةَ: "أَرَى

(2)

أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ"، فَقَالَ: أَفْعَلُ، فَقَسَمَهَا فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.

"وَقَفَ" في نـ: "أَوْقَفَ" كذا ثبت للأكثر وهي لغة نادرة، والفصيح المهشور وقف بغير ألف، ووهم من زعم أن أوقف لحن، "ف"(5/ 384). "وَقَالَ النَّبِيُّ" كذا في ذ، وفي نـ:"قَالَ النَّبِيُّ".

===

(1)

قوله: (فهو جائز) أي: صحيح وهو قول الجمهور، وعن مالك: لا يتم الوقف إلا بالقبض، وبه قال محمد بن الحسن والشافعي في قول، واحتج الطحاوي للصحة بأن الوقف شبيه بالعتق لاشتراكهما في أنهما تمليك لله تعالى، فينفذ بالقول المجرد عن القبض، ويفارق الهبة فإنها تمليك لآدمي فلا تتم إلا بقبضه.

واستدل البخاري في ذلك بقصة عمر فقال: "لأنّ عمر أوقف وقال: لا جناح على من وَلِيَه أن يأكل، ولم يخصَّ إن وَلِيَه عمرُ أو غيره"، وفي وجه الدلالة منه غموض، وقد تعقب بأن غاية ما ذكر عن عمر هو أن كل من ولي الوقف أبيح له التناول، وقد تقدم ذلك في الترجمة التي قبلها، ولا يلزم من ذلك أن كل أحد يسوغ له أن يتولى الوقف المذكور، بل الوقف لا بد له من مُتَوَلٍّ، فيحتمل أن يكون صاحِبَه، ويحتمل أن يكون غيرَه، فليس في قصة عمر ما يُعَيِّنُ أحدَ الاحتمالين، كذا في "الفتح"(5/ 384).

(2)

قوله: (أرى أن تجعلها في الأقربين

) إلخ، قال الداودي: ما استدل به البخاري على صحة الوقف قبل القبض من قصة عمر وأبي طلحة حملُ الشيء على ضده وتمثيلُه بغير جنسه ودفعٌ للظاهر عن وجهه؛ لأنه هو روى أن عمر دفع الوقف لابنته وأنّ أبا طلحة دفع صدقته إلى أبي بن

ص: 727

‌14 - بَابٌ

(1)

إِذَا قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ

(2)

لِلَّهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَضَعُهَا فِي الأَقْرَبِينَ أوْ حَيْثُ أَرَادَ

(3)

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي طَلْحَةَ حِينَ قَالَ: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَى

(4)

، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ

(5)

لِمَنْ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.

"وَيَضَعُهَا" في سـ، حـ، ذ:"وَيُعْطِيهَا". "حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ" زاد في نـ: "ذَلِكَ".

===

كعب وحسان، وأجاب ابن التين بأن البخاري إنما أراد أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج عن أبي طلحة مِلكَه بمجرد قوله:"هي لله صدقةٌ"، ولهذا يقول مالك: إن الصدقة تلزم بالقول وإن كان يقول: إنها لا تتم إلا بالقبض. نعم استدلاله بقصة [عمر] معترض وانتقاد الداودي صحيح، انتهى، "فتح"(5/ 384).

(1)

بالتنوين.

(2)

ليس في هذا الباب حديث مسند.

(3)

قوله: (أو حيث أراد) أي: تتم الصدقة قبل تعيين جهة مصرفها ثم يعيِّن بعد ذلك فيما شاء، "فتح الباري"(5/ 385).

(4)

سيجيء بيانها.

(5)

قوله: (حتى يبيِّنَ لِمن) أي: حتى يعيِّنَ، قال ابن بطال [8/ 173]: ذهب مالك إلى صحة الوقف وإن لم يعيّن مصرفه، ووافقه أبو يوسف ومحمد والشافعي في قول، قال ابن القصار: وجهه أنه إذا قال: وقف أو صدقة، فإنه أراد به البِرَّ والقربة، وأولى الناس بِبِرِّه أقاربُه ولا سيما إذا كانوا فقراء، كمن أوصى بثلث ماله ولم يعيِّنْ مصرفه فإنه يصح ويصرف في الفقراء، والقول

ص: 728

‌15 - بَابٌ

(1)

إِذَا قَالَ: أَرْضِي

(2)

أَوْ بُسْتَانِي صَدَقَةٌ للهِ عَنْ أُمِّي، فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِمَنْ ذَلِكَ

2756 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ

(3)

، ثَنَا مَخْلَدُ

(4)

بْنُ يَزِيدَ،

"للهِ" ثبت في ذ. "حَدَّثَنَا مُحَمَّد" زاد في نـ: "ابنُ سَلَامٍ". "ثَنَا مَخْلَدُ" في نـ: "أَنَا مَخْلَدُ".

===

الآخر للشافعي أن الوقف لا يصح حتى يعيِّنَ جهة مصرفه وإلا فهو باقٍ على ملكه، وقال بعض الشافعية: إن قال: وقفتُه، وأطلق فهو محل اختلاف، وإن قال: وقفتُه [لله]، خرج عن ملكه جزمًا، ودليله قصة أبي طلحة، هذا ما قاله ابن حجر في "الفتح"(5/ 385).

وفي "الهداية"(3/ 15): قال أبو حنيفة: لا يزول ملك الواقف عن الوقف إلا أن يحكم به الحاكم أو يُعَلِّقَه بموته، فيقول: إذا متُّ فقد وقفتُ داري على كذا، وقال أبو يوسف: يزول الملك بمجرد القول، وقال محمد: لا يزول حتى يجعل للوقف وليًا ويسلِّمه إليه، وهو عند أبي حنيفة حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة بمنزلة العارية، ثم قيل: المنفعة معدومة، فالتصدق بالمعدوم لا يصح فلا يجوز الوقف عنده أصلًا، والأصح أنه جائز عنده إلا أنه غير لازم بمنزلة العارية، وعندهما حبس العين على حكم ملك الله تعالى فيزول ملك الواقف عنه إلى الله تعالى على وجه تعود منفعته إلى عباده فيلزم، ولا يباع ولا يورث، انتهى.

(1)

بالتنوين.

(2)

قوله: (إذا قال: أرضي

) إلخ، هذه الترجمة أخصّ من التي قبلها؛ لأن الأُولى فيما إذا لم يعيّن المتصدق عنه ولا المتصدق عليه، وهذه فيما إذا عيّن المتصدق عنه فقط، "فتح الباري"(5/ 385).

(3)

"محمد" ابن سلام هو البيكندي.

(4)

"مخلد" بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح اللام.

ص: 729

أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ

(1)

، أَخْبَرَنِي يَعْلَى

(2)

أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ

(3)

يَقُولُ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ:"نَعَمْ"، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِي

(4)

الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. [طرفاه: 2762، 2770، تحفة: 6279].

‌16 - بَابٌ

(5)

إِذَا تَصَدَّقَ

(6)

أَوْ أَوْقَفَ

(7)

بَعْضَ مَالِهِ، أَوْ بَعْضَ رَقِيقِهِ أَوْ دَوَابِّهِ، فَهُوَ جَائِزٌ

"أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ" في نـ: "أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ". "تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا" في نـ: "تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيهَا". "صَدَقَةٌ عَلَيْهَا" في هـ، ذ:"صَدَقَةٌ عَنْهَا". "أَوْ أَوْقَفَ" في ذ، شحج:"أَوْ وَقَفَ".

===

(1)

" ابن جريج" عبد الملك بن عبد العزيز.

(2)

"يعلى" هو ابن مسلم المكي البصري.

(3)

"عكرمة" مولى ابن عباس.

(4)

قوله: (أن حائطي المِخْرَافَ) بكسر الميم وسكون المعجمة آخره فاء: اسمٌ لبستان، قال الخطابي: المخراف: المثمرة، سمّاها مخرافًا لِما يجتنى من ثمارها، وفيه أن ثواب الصدقة عن الميت يصل إلى الميت وينفعه، "خ"(2/ 298)، "ك"(12/ 74).

(5)

بالتنوين.

(6)

قوله: (إذا تصدق

) إلخ، هذه الترجمة معقودة لجواز وقف المنقول، والمخالف فيه أبو حنيفة، ويؤخذ منها جواز وقف المشاع، والمخالف فيه محمد بن الحسن لكن خصّ المنعَ بما يمكن قسمته، "فتح الباري"(5/ 386).

(7)

هي لغة قليلة في وَقَفَ.

ص: 730

2757 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ

(1)

، ثَنَا اللَّيْثُ

(2)

، عَنْ عُقَيْلٍ

(3)

، عَنِ ابْنِ شِهَابِ

(4)

، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ

(5)

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ

(6)

قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي

(7)

أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ:"أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الَّذِي بِخَيْبَرَ. [أطرافه: 2947، 2948، 2949، 2950، 3088، 3556، 3889، 3951، 4418، 4673، 4676، 4677، 4678، 6255، 6690، 7225، أخرجه: م 2769، د 2202، س 3423، تحفة: 11131].

"قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ" في نـ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ".

===

(1)

" يحيى بن بكير" بضم الموحدة، مصغر، المخزومي.

(2)

"الليث" ابن سعد الإمام المصري.

(3)

هو ابن خالد الأيلي، "قس".

(4)

"ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري.

(5)

الأنصاري.

(6)

الأنصاري.

(7)

قوله: (إن من توبتي

) إلخ، هذا طرف من حديث كعب بن مالك في قصة تخلُّفِه عن غزوة تبوك، وشاهِدُ الترجمة منه قوله:"أمسك عليك بعض مالك" فإنه ظاهر في أمره بإخراج بعض ماله وإمساكِ بعض ماله، من غير تفصيل بين أن يكون مقسومًا أو مشاعًا، كذا في "الفتح"(5/ 386)، ومضى الحديث في "الزكاة" [ب: 18].

ص: 731

‌17 - بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ إِلَى وَكِيلِهِ ثُمَّ رَدَّ الْوَكيلُ إِلَيْهِ

2758 -

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ

(1)

: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيز بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ

(2)

، لَا أَعْلَمُهُ

(3)

إِلَّا عَنْ أَنَسٍ

(4)

قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ

(5)

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بِيرُحَى

(6)

-قَالَ: وَكَانَتْ حَدِيقَةً كَانَ

"إِلَى وَكِيلِهِ" في هـ: "عَلَى وَكِيلِهِ". "عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ" زاد في ذ: "يَعْنِي الْمَاجِشُونَ". "أَيْ رَسُولَ اللَّهِ" في نـ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ". "يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ" في نـ: "يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي كِتَابِهِ". "بِيرُحَى" في نـ: "بِيرُحَاءُ".

===

(1)

" إسماعيل" هو ابن جعفر، وبه جزم أبو نعيم في "المستخرج"، وجزم المزّي بأنه ابن أبي أويس، "ف"(5/ 387).

(2)

زيد بن سهل الأنصاري، "قس"(6/ 274).

(3)

قوله: (لا أعلمه إلا عن أنس) هو من كلام البخاري، قال الكرماني (12/ 74): هذا أعم من أن يقول: حدثنا أو أخبرنا، وعلى جميع التقادير لا قدح فيه، والحديث يتصل به، انتهى.

(4)

ابن مالك.

(5)

زيد بن سهل.

(6)

قال في "الخير الجاري"(2/ 296): بفتح الباء والراء وبينهما تحتية ساكنة وبالمهملة وبالقصر، وفيه وجوه أُخَرُ، انتهى. ومرّ بيانها مُشَرَّحًا في "كتاب الزكاة" (برقم: 21461).

ص: 732

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَسْتَظِلُّ فيهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا -قَالَ: فَهِيَ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، أَرْجُو بِرَّهُ وَذُخْرَهُ، فَضَعْهَا أَيْ رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بَخْ

(1)

يَا أَبَا طَلْحَةَ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ

(2)

(3)

، قَدْ قَبِلْنَاهُ مِنْكَ

(4)

وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْكَ، فَاجْعَلْهُ فِي الأقْرَبِينَ"، فَتَصَدَّقَ بِهِ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى ذَوي رَحِمِهِ

(5)

، قَالَ: وَكَانَ مِنْهُمْ أُبَيٌّ وَحَسَّانُ، قَالَ: فَبَاعَ حَسَّانُ

(6)

حِصَّتَهُ مِنْهُ

"فَهِيَ إِلَى اللَّهِ" زاد في نـ: "عز وجل". "رَابِحٌ" في نـ: "رَايح".

===

(1)

قوله: (بخ) بفتح الموحدة وسكون المعجمة، هي كلمة تقال عند الرِّضا والإعجاب بشيء، فمن نَوَّنَه شبّه بأسماء الأصوات، كذا في "القسطلاني"(6/ 275).

(2)

بالموحدة، "قس"(6/ 275).

(3)

قوله: (رايح) وفي بعضها "رابح" بالموحدة، كذا في "الكرماني"(12/ 75) و"الخير الجاري"(2/ 297)، ومرّ الحديث مع بيانه (برقم: 1461) في "كتاب الزكاة".

(4)

هو محل الترجمة، "الخير الجاري".

(5)

هذا لا ينافي ما تقدم أنه تصدق على بني عمه؛ لأن المراد بذوي الرحم ذوو القرابة، "ك"(12/ 75).

(6)

قوله: (فباع حسان حصته

) إلخ، قال الكرماني (12/ 75): فإن قلت: كيف جاز بيع الوقف؟ قلت: التصدق على المعين تمليك له، انتهى. قال العيني (10/ 41): وفيه نظر لا يخفى، وأجاب بأن أبا طلحة حين وقفها شرط جواز بيعهم حين الاحتياج، فإن الوقف بهذا الشرط قال بعضهم جائز، كذا في "القسطلاني"(6/ 275)، "الخير الجاري"(2/ 297).

ص: 733

مِنْ مُعَاوِيَةَ

(1)

، فَقِيلَ لَهُ: تَبِيعُ صَدَقَةَ أَبِي طَلْحَةَ؟ فَقَالَ: أَلَا أَبِيعُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعٍ مِنْ دَرَاهِمَ؟ قَالَ: وَكَانَتْ تِلْكَ الْحَدِيقَةُ فِي مَوْضِعِ قَصْرِ بَنِي حُدَيْلَةَ الَّتِي بَنَاهُ مُعَاوِيَةُ

(2)

. [راجع: 1461].

‌18 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8]

2759 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ

(3)

، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ

(4)

، عَنْ أَبِي بِشْرٍ

(5)

(6)

، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ نَاسًا

"فَقَالَ: أَلَا أَبِيعُ" في نـ: "قَالَ: أَلَا أَبِيعُ". "مِنْ دَرَاهِمَ" في نـ: "مِنْ دِرْهِمٍ". "الَّتِي بَنَاهُ" في نـ: "الَّذِي بَنَاهُ". "عز وجل"[كذا في ذ] وفي نـ: "تَعَالى". " {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} " زاد في نـ: " {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} ". "أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ" في نـ: "مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ".

===

(1)

ابن أبي سفيان، "ك"(12/ 75)، "ف"(5/ 388).

(2)

قوله: (بناه معاوية) أي: ابن عمرو بن مالك بن النجار، أبو حُدَيلة، وفي أكثر الروايات بفتح الجيم وكسر المهملة، لكن قال الحفاظ -القاضي عياض، وابن الأثير، والغساني، والكلاباذي-: هو بضم المهملة الأولى وفتح الثانية وإسكان التحتية، وهم بطن من الأنصار، وهم بنو معاوية بن عمرو المذكور آنفًا، وحُدَيلة أمهم، فعندهم جَدِيلة بالجيم تصحيف، "ك"(12/ 75).

(3)

السدوسي.

(4)

"أبو عوانة" الوضاح اليشكري البصري.

(5)

اسمه جعفر، "ك"(12/ 76).

(6)

"أبي بشر" هو جعفر بن أبي وحشية، واسم أبي وحشية إياس اليشكري البصري.

ص: 734

يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نُسِخَتْ، وَلَا وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ

(1)

، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ، هُمَا وَالِيَانِ: وَالٍ يَرِثُ، وَذَاكَ الَّذِي يُرْزُقُ، وَوَالٍ لَا يَرِثُ، وَقَالَ: فَذَاكَ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ، يَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ. [طرفه: 4576، تحفة: 5462].

‌19 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ تُوُفِّيَ فُجَاءَة

(2)

أن يَتَصَدَّقُوا عَنْهُ، وَقَضَاءِ النُّذُورِ عَنِ المَيِّتِ

"وَذَاكَ الَّذِي" في ذ: "وَذَلِكَ الَّذِي". "فَذَاكَ الَّذِي" في ذ: "وَذَلِكَ الَّذِي". "لِمَنْ تُوُفِّيَ فُجَآءَةً" كذا في ذ، وفي نـ:"لِمَنْ يُتَوَفَّى فُجْأَةً".

===

(1)

قوله: (ما نُسِخت) أي: يجب إعطاء شيء من التركة للحاضرين. قوله: "هما واليان" فإن قلت: أين مرجع كلمة "هما؟ " قلت: المخاطبون المستفادون من الأمر، وهم المتصرِّفون في التركة المتولّون أمرَها، أي: المتصرِّفون فيها قسمان: متصرِّف يرث المال كالعصبة مثلًا، ومتصرِّف لا يرث كولي اليتيم، فالأول يرزق الحاضرين وهو المخاطب بقوله:{فَارْزُقُوهُمْ} ، والثاني: لا يرزق إذ لا شيء له منها حتى يعطي غيره بل يقول قولًا معروفًا، وهو الذي خوطب بقوله:{وَقُولُوا لَهُمْ} ، وغرضه أن هذين الخطابين على سبيل التوزيع على المتصرِّفين في المتروكات. قال الزمخشري: الخطاب للورثة وحدهم بأن يجمعوا بين الأمرين: الإعطاءِ والاعتذارِ عنهم عن القلة ونحوها، "كرماني"(12/ 76)، "الخير الجاري"(2/ 298)، وسيجيء تتمته في "التفسير" إن شاء الله تعالى.

(2)

بضم الفاء وخفة الجيم والمد، ويجوز فتح الفاء وسكون الجيم بغير مدٍّ، "ف"(5/ 389).

ص: 735

2760 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ

(1)

، ثَنِي مَالِكٌ

(2)

، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

(3)

، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَجُلًا

(4)

قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُمِّي

(5)

افْتُلِتَتْ

(6)

نَفْسُهَا

(7)

، وَأُرَاهَا

(8)

لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ:"نَعَمْ، تَصَدَّقْ عَنْهَا". [راجع: 1388، أخرجه: س 3649، تحفة: 17161].

2761 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(9)

، أَنَا مَالِكٌ

(10)

، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

(11)

، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ

(12)

بْنِ عَبدِ اللَّهِ،

"ابْنِ عُرْوَةَ" ثبت في ذ.

===

(1)

" إسماعيل" ابن أبي أويس الأصبحي.

(2)

"مالك" الإمام المدني الأصبحي.

(3)

"هشام بن عروة" ابن الزبير بن العوام.

(4)

هو سعد بن عبادة، "قس"(6/ 277).

(5)

"أمي" هي عمرة بنت مسعود.

(6)

بلفظ المجهول من الافتلات بالفاء أي: ماتت بغتة، "ك"(12/ 76).

(7)

بالرفع على أنه مفعول ما لم يسم فاعله، وبالنصب على أنه مفعول ثانٍ، "ك"(12/ 76)، "ع"(10/ 43).

(8)

أي: أظنها.

(9)

"عبد الله بن يوسف" هو التنيسي.

(10)

"مالك" الإمام المدني المذكور مرارًا.

(11)

"ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري.

(12)

"عبيد الله" هو العمري.

ص: 736

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ، فَقَالَ:"اقْضِهِ عَنْهَا"

(1)

. [طرفاه: 6698، 6959، أخرجه: م 1638، د 3307، ت 1546، س 3818، ق 2132، تحفة: 5835].

===

(1)

قوله: (فقال: اقضه عنها) فيه المطابقة للجزء الثاني من الترجمة، كما يطابق الحديثُ الأولُ الجزءَ الأولَ من الترجمة، فمجموعهما يطابق مجموعَهما. قال القاضي عياض: اختلفوا في نذر أم سعد هذا، فقيل: كان نذرًا مطلقًا، وقيل: كان صومًا، وقيل: عتقًا، وقيل: صدقة، واستدل كل قائل بأحاديثَ جاءت في قصة أم سعد، والأظهر أنه كان نذرًا في المال أو نذرًا مبهمًا، ويعضده ما رواه الدارقطني من حديث مالك، فقال له يعني النبي صلى الله عليه وسلم:"اسق عنها الماء".

ومذهب الجمهور أن الوارث لا يلزمه قضاء النذر الواجب على الميت إذا كان غير مالي، وإذا كان ماليًا ككفارة أو نذر أو زكاة ولم يخلف تركة لا يلزمه، لكن يستحب له ذلك. وقال أهل الظاهر: يلزمه لهذا الحديث، ودليلنا أن الوارث لم يلزمه

(1)

، وحديث سعد يحتمل أنه قضى من تركتها أو تبرّع به، وليس في الحديث تصريح بالتزامه ذلك، وأما غير المالي فقد سبق بيانه، هذا ما قاله الطيبي (7/ 33) في "شرح المشكاة"، ومرّ بعض بيانه (برقم: 1953) في "كتاب الصوم".

قال محمد بن الحسن الشيباني في "الموطأ"[انظر "التعليق الممجد" (3/ 169)]: ما كان من نذر أو صدقة أو حجٍّ -يعني ما يجوز النيابة فيه بخلاف صلاة وصوم- قضاها عنها، أي: من غير وصية، أجزأ ذلك إن

(1)

في الأصل: لم يلتزمه.

ص: 737

‌20 - بَابُ الإِشْهَادِ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ وَالوَصِيَّةِ

2762 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى

(1)

، أَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ

(2)

أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ

(3)

أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى

(4)

أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ

(5)

وَهُوَ غَائِبٌ عَنهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، فَهَلْ يَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ:"نَعَمْ"، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِي الْمِخْرَافَ

(6)

صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. [راجع: 2756].

" وَالوَصيَّةِ" سقط في نـ. "أَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ" في نـ: "ثنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ". "عنها" ثبت في ذ.

===

شاء الله تعالى، وأما إذا كان عن وصية فيُحْكم أنه أجزأه من غير استثناء، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا، انتهى كلام "الموطأ" مع شرحه لعلي القاري.

(1)

"إبراهيم بن موسى" الفراء الرازي الصغير.

(2)

"هشام بن يوسف" هو الصنعاني.

(3)

"ابن جريج" عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي.

(4)

"يعلى" هو ابن مسلم المكي البصري.

(5)

"أمُّه" هي عمرة بنت مسعود السابقة.

(6)

بكسر الميم: المثمر، "خ"، ومرّ عن قريب.

ص: 738

‌21 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ

(1)

وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 2 - 3]

2763

- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ

(2)

، أَنَا شُعَيْبٌ

(3)

، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(4)

قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا

(5)

فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء: 3] قَالَتْ عَائِشَةُ: هِيَ الْيَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا

"عز وجل" في نـ: "تَعَالَى". " {إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا

} " إلخ، في ذ بدله: "إِلَى قَولِهِ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} ". "{وَإِنْ خِفْتُمْ} " في ذ: "{فَإِنْ خِفْتُمْ} ". "قَالَتْ عَائِشَةُ: هي اليتيمة" كذا في سـ، ذ، وفي ذ أيضًا: "قَالَتْ: هِيَ اليَتِيمَةُ"، وفي أخرى: "قَالَ: هِيَ اليَتِيمَةُ".

===

(1)

قوله: ({وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ}) أي: لا تستبدلوا الحرام من أموالهم بالحلال من أموالكم، أو الأمرَ الخبيثَ وهو اختزال -اقتطاع- أموالهم بالأمر الطيب الذي هو حفظها. وقيل: ولا تأخذوا الرفيع من أموالهم وتعطوا الخسيس مكانها، قاله البيضاوي (1/ 204). ومرّ الحديث مع بعض بيانه (برقم: 2494) في "الشركة".

(2)

"أبو اليمان" الحكم بن نافع.

(3)

"شعيب" هو ابن أبي حمزة.

(4)

"الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب.

(5)

أي: أن لا تعدلوا.

ص: 739

بِأَدْنَى

(1)

مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ، إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بعْدُ

(2)

، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127] قَالَتْ: فَبَيَّنَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ أَوْمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا، وَلَمْ يُلْحِقُوهَا بِسُنَّتِهَا بِإِكْمَالِ الصَّدَاقِ، فَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبًا عَنْهَا فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تَرَكُوهَا وَالْتَمَسُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا

(3)

الأَوْفَى

(4)

مِنَ الصَّدَاقِ، وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا

(5)

. [راجع: 2494، تحفة: 16474].

"{يَسْتَفْتُونَكَ} " في نـ: " {وَيَسْتَفْتُونَكَ} ". "فِي هَذِهِ الآية" كذا في ذ، وفي نـ:"فِي هَذَا الآيةِ". "مَرْغُوبًا" في نـ: "مَرْغُوبَةً". "قَالَتْ" في نـ: "قَالَ" مصحح عليه.

===

(1)

أي: بأقل من مهر مثلها من قراباتها، "ع"(10/ 46)، "ك"(12/ 78).

(2)

أي: بعد هذه الآية وهي قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ} إلى {وَرُبَاعَ} .

(3)

أي: لذات الجمال والمال المرغوب فيها، "قس"(6/ 280).

(4)

أي: الأكمل.

(5)

كاملًا، "قس"(6/ 280).

ص: 740

‌22 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى

(1)

حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} إِلَى قَوْلِهِ {نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 6 - 7]

حَسِيبًا: كَافِيًا

(2)

. وَمَا لِلْوَصِيِّ

(3)

أَنْ يَعْمَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَمَا يَأْكُلُ مِنْهُ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ

(4)

.

"عز وجل" كذا في ذ، وفي نـ:"تَعَالَى". "حَسِيبًا كَافِيًا" في نـ: "حَسِيبًا يَعْنِي كَافِيًا". "وَمَا لِلْوَصِيِّ" في نـ: "وَللوَصِيِّ".

===

(1)

قوله: ({وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}) أي: اختَبِرُوهم قبل البلوغ بتتبع أحوالهم في صلاح الدِّين، والتهدي إلى ضبط المال وحسن التصرف، بأن يَّكِلَ إليه مقدماتِ العقد، وعند أبي حنيفة بأن يدفع إليه ما يتصرف فيه. قوله:" {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} " أي: حتى إذا بلغوا حد البلوغ بأن يحتلم أو يستكمل خمسة عشر سنة. قوله: " {فَإِنْ آنَسْتُمْ} " أي: إن أبصرتم منهم رشدًا، قوله:" {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} " أي: مسرفين ومبادرين كبرهم، أو لإسرافكم ومبادرتكم كبرهم. قوله:" {بِالْمَعْرُوفِ} " أي: بقدر حاجته وأجرة سعيه، قاله البيضاوي (1/ 206).

(2)

كذا للأكثر، وسقط لفظ "يعني" لأبي ذر، "ف"(5/ 392).

(3)

قوله: (وما للوصي

) إلخ، كذا للأكثر، وسقطت كلمة "ما" لأبي ذر، وهذه من مسائل الخلاف، فقيل: يجوز للوصي أن يأخذ من مال اليتيم بقدر عُمَالته، وهو قول عائشة -كما في ثاني حديثي الباب- وعكرمة [والحسن] وغيرهم، وقيل: لا يأكل منه إلا عند الحاجة، كذا في "الفتح"(5/ 392).

(4)

بضم المهملة وخفة الميم أي: بقدر حق سعيه، "خ".

ص: 741

2764 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ

(1)

، ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ

(2)

مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ

(3)

، عَنْ نَافِعِ

(4)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ثَمْغٌ

(5)

، وَكَانَ نَخْلًا،

"حَدَّثَنَا هَارُونُ" في ذ: "حَدَّثَنِي هَارُونُ". وزاد في نـ: "ابنُ الأَشْعَثِ".

===

(1)

" هارون" ابن الأشعث الهمداني الكوفي ثم البخاري.

(2)

"أبو سعيد" هو عبد الرحمن بن عبد الله الحافظ.

(3)

"صخر بن جويرية" البصري.

(4)

"نافع" هو مولى ابن عمر.

(5)

قوله: (يقال له ثمغ) بفتح المثلثة وسكون الميم وبالمعجمة، وحكى المنذري بفتح الميم: أرض كانت تلقاء المدينة كانت لعمر، كذا في "القسطلاني"(6/ 286).

وفي "القاموس"(ص 720): ثمغ بالفتح: مال في المدينة لعمر رضي الله عنه وقَفَه.

وأما وجه مطابقة الحديث للترجمة فمن جهة أن المقصود جواز أخذ الأجر من مال اليتيم لقول عمر: "لا جناح على من وليه أن يأكل بالمعروف"، أو من حيث قياس والي مال اليتيم على متولي الوقف، كذا في "الكرماني (12/ 80) و"الخير الجاري" (2/ 298).

وفي "الفتح"(5/ 393): قال المهلب: شبّه البخاري الوصيَّ بناظر الوقف، ووجه الشبه أن النظر للموقوف عليهم من الفقراء وغيرهم كالنظر لليتامى، وتعقبه ابن المنير بأن الواقف هو المالك لمنافع ما وَقَفَه، فإذا شرط لمن يلي نظره شيئًا ساغ له ذلك، والموصي ليس كذلك؛ لأن ولده يملكون المال بعده بقسمة الله لهم، فلم يكن في ذلك كالواقف، انتهى.

ص: 742

فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي اسْتَفَدْتُ مَالًا وَهُوَ عِنْدِي نَفِيسٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقْ

(1)

بِأَصْلِهِ، لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ"، فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ، فَصدَقَتُهُ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الرِّقَابِ وَالْمَسَاكِينِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَلِذِي الْقُرْبَى، وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُوكِلَ

(2)

صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ

(3)

بِهِ. [راجع: 2313، تحفة: 10561، 7691].

2765 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ

(4)

بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

(5)

، عَنْ هِشَامٍ

(6)

، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ

"فَصَدَقَتُهُ ذَلِكَ" في هـ، ذ:"فَصَدَقَتُهُ تِلْكَ".

===

ومقتضاه أن الموصي إذا جعل للوصي أن يأكل من مال الموصى عليهم لا يصح ذلك، وليس كذلك بل هو سائغ إذا عَيَّنه، وإنما اختلف السلف فيما إذا أوصى ولم يعيِّنْ للوصي شيئًا هل له أن يأخذ بقدر عمله أم لا؟ انتهى.

(1)

بلفظ الأمر، "خ".

(2)

بضم التحتية وكسر الكاف، "خ".

(3)

أي: غير متخذ منها مالًا أي: لا يجمع، "مجمع البحار"(4/ 648)، يقال: تَمَوَّلَ، إذا صار ذا مالٍ.

(4)

"عبيد" هو ابن إسماعيل، وكان اسمه عبد الله بالتكبير مع الإضافة، الهبّاري القرشي الكوفي.

(5)

"أبو أسامة" هو حماد بن أسامة.

(6)

"هشام" ابن عروة بن الزبير بن العوام.

ص: 743

فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6]. قَالَتْ: أُنْزِلَتْ فِي وَالِي الْيَتِيمِ أَنْ يُصِيبَ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا

(1)

بِقَدْرِ مَالِهِ

(2)

بِالْمَعْرُوفِ. [راجع: 2212، أخرجه: م 3019، تحفة: 16814].

‌23 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ

(3)

أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10]

"فِي وَالِي الْيَتِيم" في سـ، ذ:"فِي وَالِي مَالِ الْيَتِيمِ". "أَنْ يُصِيبَ" في هـ، سـ، ذ:"أَنْ يُصِيبُوا"، [قلت: وذكر في "قس"(6/ 283) حـ، بدل سـ]. "تَعَالَى" في ذ:"عز وجل".

===

(1)

أي: من أكلها.

(2)

قوله: (بقدر ماله) أي إذا كان وليًا لليتامى يأخذ من كل واحد منهم بالقسط، وفي بعضها بفتح اللام أي: بقدر الذي له من العُمَالة، و"بالمعروف" بيان له، قاله الكرماني (12/ 80).

(3)

قوله: ({إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا}) أي: ظالمين، يعني أنه حال بمعنى اسم الفاعل. أو على وجه الظلم، " {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ} " أي: ملء بطونهم " {نَارًا} " أي: ما يجرّ إلى النار ويؤول إليها. وعن أبي بردة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يبعث الله قومًا تتأَجَّجُ أفواههم نارًا" -تَتَأجَّج: أي: تتلَهَّب، من التأجّج، وهو التلهُّبُ كذا في "القاموس"(ص 177) -، فقيل: من هم؟ فقال: ألم تَرَ أن الله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} ؟ أي: سيدخلون نارًا، والسعير فعيل بمعنى مفعول، من سَعَرْتُ النار إذا ألهبتها، قاله البيضاوي في "تفسيره"(1/ 207).

ص: 744

2766 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيز

(1)

بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنِي سلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ

(2)

، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ

(3)

، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ

(4)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "اجْتَنِبُوا

(5)

السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ"

(6)

، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟

(7)

قَالَ: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ

(8)

، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ

"عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ" زاد في نـ: "المدني".

===

(1)

" عبد العزيز" القرشي الأويسي، "قس" (6/ 284) و"تقريب" (رقم: 4106).

(2)

"سليمان بن بلال" أبو أيوب القرشي المدني.

(3)

"ثور بن زيد" الديلي المدني.

(4)

"أبي الغيث" هو سالم مولى ابن مطيع القرشي.

(5)

أي: احذروا فعلها، "مرقاة"(1/ 221).

(6)

المهلكات.

(7)

أي: تلك السبع، "مرقاة"(1/ 221).

(8)

قوله: (والسحر) قال في "المدارك": إن كان في قول الساحر أو فعله رَدّ ما لزم في شرط الإيمان فهو كفر وإلا فلا، انتهى.

قال علي القاري (1/ 222): اعلم أن للسحر حقيقةً عند عامة العلماء خلافًا للمعتزلة، وقد كَثُرَ اختلاف العلماء في ذلك، وحاصل مذهبنا أنّ فعله فسق، وفي الحديث:"ليس منا من سَحر أو سُحِر له"، ويحرم تعلمه، وأطلق مالك وجماعة أن الساحر كافر وأن السحر كفر، وأنّ تعلُّمه [وتعليمه] كفر، وأن الساحر يُقْتل ولا يُستتاب، سواء سحر مسلمًا أو ذميًا، انتهى مختصرًا.

وفي "اللمعات": السحر أصله الخدع، {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} أنى تخدعون، ويكون بكلام مُلَفَّفٍ أو تركيب أجسام أو مزاج

(1)

بين قوى لا يعرفه إلا الساحر،

(1)

في الأصل: أو مزج.

ص: 745

إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ

(1)

، وَالتَّوَلِي

(2)

يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ

(3)

الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ". [طرفاه: 5764، 6857، أخرجه: م 89، د 2874، س 3671، تحفة: 12915].

‌24 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} إِلَى آخرِ الآيَةِ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ

(4)

إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 220]

"عز وجل" في نـ: "تَعَالَى". "إِلَى آخِرِ الآيَةِ" كذا لأبي ذر، وساق غيره الآية، "ف"(5/ 394).

===

ويظهر على أيدي الكفار والفساق، والمراد فعله وتعلمه، وقيل: فعله فقط، وتعلمه جائز ليُعْرَفَ ويُرَدَّ، انتهى، كذا في "المجمع"(3/ 47) أيضًا.

(1)

هو محل الترجمة.

(2)

قوله: (والتولي) بكسر اللام أي: الإدبار للفرار "يوم الزحف". وفي "الصراح": زحف لشكر رونده سوئى دشمن ورفتن. وهم الجماعة الذين يزحفون إلى العدو أي يمشون إليهم، كذا في "المرقاة"(1/ 223)، وفي "المجمع" (2/ 422): هو الجيش الكثير الذي يرى لكثرته كأنه يزحف، مِنْ زَحَفَ الصبي إذا دَبّ على اسْتِهِ.

(3)

قوله: (وقذف المحصنات) أي: العفائف، يعني رميهن بالزنا، وهو بفتح الصاد وبكسرها، أي: أحصنها الله وحفظها، أو التي حفظت فرجها من الزنا. قوله:"المؤمنات" احتراز عن قذف الكافرات، فإنّ قذفهن ليس من الكبائر. قوله:"الغافلات" كناية عن البريئات فإنّ البريء غافل عما اتُّهِمَتْ به، كذا في "المرقاة شرح مشكاة"(1/ 223).

(4)

فعل ماض من العنت والهمزة للتعدية أي: أوقعكم في العنت، "ف"(5/ 394).

ص: 746

{لَأَعْنَتَكُمْ} لأَحْرَجَكُمْ

(1)

وَضَيَّقَ، {وَعَنَتِ}

(2)

: خَضَعَتْ.

2767 -

وَقَالَ لَنَا

(3)

سُلَيْمَانُ

(4)

: ثَنَا حَمَّادٌ

(5)

، عَنْ أَيُّوبَ

(6)

، عَنْ نَافِعٍ

(7)

قَالَ: مَا رَدَّ

(8)

ابْنُ عُمَرَ

(9)

عَلَى أَحَدٍ وَصِيَّةً. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ أَحَبُّ الأَشْيَاءِ إِلَيْهِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ

===

(1)

هذا تفسير ابن عباس أخرجه ابن المنذر، وزاد بعد قوله: ضيق عليكم: "ولكنه وسّع ويسّر"، "ف"(5/ 394).

(2)

قوله: ({وَعَنَتِ}: خضعت) كذا وقع هنا، واستُغْرِب لأنه لا تعلُّقَ له بقوله:"أعنَتَكم"، بل هو فعل ماض من العنو بضم المهملة والنون وتشديد الواو، وليس هو من العنت في شيء، فلعل المصنف ذكره ذلك هنا استطرادًا، وتفسير {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} بـ "خضعت" أخرجه ابن المنذر، "فتح"(5/ 394).

(3)

قوله: (وقال لنا سليمان بن حرب

) إلخ، هو موصول، وسليمان من شيوخ البخاري، وجرت عادة البخاري الإتيان بهذه الصيغة في الموقوفات غالبًا وفي المتابعات نادرًا، ولم يصب من قال: إنه لا يأتي بها إلا في المذاكرة، وأبعدُ مِنْ ذلك مَنْ قال: إنها للإجازة، "ف"(5/ 394).

(4)

"سليمان" ابن حرب الواشحي.

(5)

"حماد" أبو أسامة بن أسامة.

(6)

"أيوب" هو السختياني.

(7)

"نافع" مولى ابن عمر، أبو عبد الله.

(8)

قوله: (ما ردّ ابن عمر على أحد وصيةً) يعني أنه كان يقبل وصية من يوصي إليه، قال ابن التين: إنه كان يبتغي الأجر بذلك لحديث "أنا وكافِلُ اليتيم كهاتين" الحديث، انتهى، "فتح الباري"(5/ 394).

(9)

"ابن عمر" هو ابن الخطاب.

ص: 747

أَنْ يَجْتَمِعَ إِلَيْهِ نُصَحَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ فَيَنْظُرُوا

(1)

الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُ. وَكَانَ طَاوُسٌ إذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْيَتَامَى قَرَأَ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]. وَقَالَ عَطَاءٌ فِي يَتَامَى الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ

(2)

: يُنْفِقُ الْوَلِيُّ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ بِقَدْرِهِ

(3)

مِنْ حِصَّتِهِ. [تحفة: 7562].

‌25 - بَابُ اسْتِخْدَامِ الْيَتِيمِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ إِذَا كَانَ لَهُ صَلَاحًا، وَنَظَرِ الأُمِّ

(4)

وَزَوْجِهَا لِلْيَتِيمِ

2768 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ

(5)

، ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ

(6)

، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ

(7)

، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ

"أَنْ يَجْتَمِعَ" في هـ، ذ:"أَنْ يَخْرُجَ". "يُنْفِقُ الْوَلِيُّ" في ذ: "يُنْفِقُ الوالِي".

===

(1)

قوله: (فينظروا) وفي بعضها "فينظرون" بالنون أي: فهم ينظرون.

(2)

قوله: (في يتامى الصغير والكبير) أي: الوضيع والشريف.

(3)

قوله: (بقدره) أي: بقدر الإنسان أي: اللائق بحاله، وفي بعضها "بقدر حصته"، "ك"(12/ 81)، "خ"(2/ 299).

(4)

قوله: (ونظر الأم وزوجها لليتيم) أورد فيه حديث أنس، وأبو طلحة هو زوج أمِّ سليم والدةِ أنس، فالحديث مطابق لركن من الترجمة، وأما الركن الذي قبله وهو نظر الأم فكأنه استفيد من كون أبي طلحة لم يفعل ذلك إلا بعد رضا أم سليم ومشاورتها، كذا في "الفتح"(5/ 395) و"العيني"(10/ 57) مختصرًا.

(5)

"يعقوب بن إبراهيم بن كثير" هو الدورقي.

(6)

"ابن علية" هو إسماعيل بن إبراهيم.

(7)

"عبد العزيز" هو ابن صهيب البناني.

ص: 748

لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ

(1)

بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ

(2)

، فَلْيَخْدُمْكَ، فَخَدَمْتُهُ

(3)

فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ

(4)

هَذَا هَكَذَا، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ: لِمَ لَمْ تَصنَعْ هَذَا هَكَذَا؟ [طرفاه: 6038، 6911، أخرجه: م 2309، تحفة: 1000].

‌26 - بَابٌ

(5)

إِذَا وَقَفَ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحُدُودَ فَهُوَ جَائِزٌ

(6)

(7)

، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ

===

(1)

" أبو طلحة" زيد بن سهل الأنصاري.

(2)

كجيد أي: ذكيٌّ، كذا في "الخير الجاري".

(3)

هو محل الترجمة.

(4)

فيه بيان خلق النبي صلى الله عليه وسلم، "خ"

(5)

بالتنوين، "قس"(6/ 287).

(6)

أي: إذا أمن الالتباس.

(7)

قوله: (فهو جائز) كذا أطلق الجواز، وهو محمول على ما إذا كان الموقوف أو المتصدق به مشهورًا متميزًا بحيث يؤمن أن يلتبس بغيره، وإلا فلا بد من التحديد اتفاقًا. قوله:"أكثر الأنصار" وفي رواية الكشميهني "أكثر أنصاري" أي: أكثر كل واحد من الأنصار رضي الله عنهم، والإضافة إلى المفرد النكرة عند إرادة التفضيل سائغ، كذا في "الفتح" (5/ 396). ومضى الحديث مع بيانه (برقم: 1461) في "باب الزكاة على الأقارب" من: "كتاب الزكاة".

قال العيني (10/ 59): ومطابقته للترجمة في قوله: "وكذلك الصدقة" ظاهرة، وأما مطابقته للجزء الأول من الترجمة فمن حيث إن لفظ الوقف ولفظ الصدقة في المعنى متقاربان، وحكمهما واحد، انتهى.

ص: 749

2769 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ

(1)

، عَنْ مَالِكٍ

(2)

، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ

(3)

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيرُحَى، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو برَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ: "بَخّ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ -أَوْ رَايِحٌ، شَكَّ ابْنُ مَسْلَمَةَ

(4)

- وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ"، قَالَ أَبُو طَلْحَةَ

(5)

: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَفِي بَنِي عَمِّهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ

(6)

"أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ" كذا في هـ، وفي سـ، حـ، ذ:"أَكْثَرَ الأَنْصَارِ". "بَيْرُحَاء" في نـ: "بَيرُحَى". "وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ" في نـ: "وَكَانَ النَّبِيُّ". "بِيرُحَى" في نـ: "بِيرُحَاءٍ". ["أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ" كذا في ذ، وفي ك: "أَفْعَلُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ"، "قس" (6/ 288)].

===

(1)

القعنبي.

(2)

"مالك" هو الإمام المدني.

(3)

أي: زيد بن سهل الأنصاري.

(4)

أي: عبد الله القعنبي.

(5)

الأنصاري.

(6)

"إسماعيل" هو ابن أبي أويس، وصله في "التفسير" (برقم: 4554).

ص: 750

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(1)

وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى

(2)

عَنْ مَالِكٍ

(3)

: "رَايِحٌ". [راجع: 1461].

2770 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ

(4)

أَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ

(5)

، ثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ

(6)

، ثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

(7)

، عَنْ عِكْرِمَةَ

(8)

، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا

(9)

قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُمَّهُ تُوُفِّيَتْ، أَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ:"نَعَمْ"، قَالَ: فَإِنَّ لِي مِخْرَافًا

(10)

فَأَنَا أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا. [طرفاه: 2756، 2762، أخرجه: د 2882، ت 669، س 3655، تحفة: 6164].

"حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ" في ذ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ". "إِنَّ أُمَّهُ" في نـ: "إِنَّ أُمِّي". "فَأَنَا أُشْهِدُكَ" في نـ: "فَإِنِّي أُشْهِدُكَ".

===

(1)

" عبد الله بن يوسف" هو التنيسي، وصله في "الزكاة" (ح: 1461).

(2)

"يحيى بن يحيى" أبو زكريا التميمي، وصله في "الوكالة" (ح: 2318).

(3)

"مالك" هو الإمام المدني.

(4)

"محمد بن عبد الرحيم" أبو يحيى المعروف بصاعقة.

(5)

"روح بن عبادة" ابن العلاء البصري.

(6)

"زكرياء بن إسحاق" المكي.

(7)

"عمرو بن دينار" المكي.

(8)

"عكرمة" مولى ابن عباس.

(9)

هو سعد بن عبادة، "خ".

(10)

قوله: (فإن لي مخرافًا) بكسر الميم أي بستانًا، ومرّ الحديث عن قريب، قال الكرماني (12/ 83): فإن قلت: "بيرحاء" كان علمًا مشهورًا

ص: 751

‌27 - بَابٌ

(1)

إِذَا وَقَفَ جَمَاعَةٌ أَرْضًا مُشَاعًا فَهُوَ جَائِزٌ

(2)

2771 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(3)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ

(4)

، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ

(5)

، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي

(6)

(7)

بِحَائِطِكُمْ هَذَا"، قَالُوا: لَا، وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ

(8)

إِلَّا إِلَى اللَّهِ. [راجع: 234، أخرجه: م 524، د 453، س 702، ق 742، تحفة: 1691].

"قَالُوا: لَا، وَاللَّهِ" في نـ: "قَالُوا: وَاللَّهِ".

===

فلا يحتاج إلى الحدود، ولكن المخراف اسم جنس فلا بد من التحديد، قلت: تعيَّنَ بإضافته إلى المتصدق إذ لم يكن له ثَم سواه.

(1)

بالتنوين.

(2)

قوله: (إذا وقف جماعة أرضًا مشاعًا فهو جائز) قال ابن المنير: احترز عما إذا وقف الواحد المشاع، فإن مالكًا لا يجيزه لئلا يدخل الضرر على الشريك، وفي هذا نظر؛ لأن الذي يظهر أن البخاري أراد الردَّ على من ينكر وقف المشاع مطلقًا، وقد تقدم قبل أبواب أنه ترجم "إذا تصدَّق أو وقف بعض ماله فهو جائز" وهو وقف الواحد المشاع، "فتح"(5/ 399).

(3)

"مسدد" هو ابن مسرهد الأسدي البصري.

(4)

"عبد الوارث" هو ابن سعيد التنوري.

(5)

"أبي التياح " يزيد بن حميد الضبعي.

(6)

أي: ساوموني.

(7)

أي: قرِّروا معي ثمنه، وبيعونيه بالثمن، "مجمع بحار الأنوار"(1/ 305).

(8)

قوله: (لا نطلب ثمنه إلا إلى الله) أي لا نطلب ثمنه من أحد لكن هو مصروف إلى الله، فالاستثناء منقطع، أو التقدير: لا نطلب ثمنه

ص: 752

‌28 - بَابُ الْوَقْفِ وَكَيْفَ يُكْتَبُ؟

2772 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(1)

، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ

(2)

، ثَنَا ابْنُ عَوْنٍ

(3)

، عَنْ نَافِعٍ

(4)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا

(5)

لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ،

"وَكَيْفَ" كذا في قتـ، وفي نـ:"كَيْفَ".

===

إلا مصروفًا إلى الله، فهو متصل، قاله في "الفتح"(5/ 399) وسيجيء أيضًا عن الكرماني إن شاء الله تعالى.

قال العيني (10/ 60): مطابقته للترجمة من حيث إن ظاهره أنهم تصدقوا بحائطهم

(1)

لله عز وجل، فقبلها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا وقف المشاع من جماعة. فإن قلت: ذكر الواقدي أن أبا بكر دفع ثمن الأرض لِمالكها، وقدره عشرة دنانير، فصار ملكًا لأبي بكر وتصدق به أبو بكر، فلا يكون وقف مشاع.

قلت: قال بعضهم -المراد به ابن حجر صاحب "الفتح"-: فإن ثبت ذلك كانت الحجة للترجمة من جهة تقرير النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم ينكر قولهم، فلو كان وقف المشاع لا يجوز لأنكر عليهم.

(1)

"مسدد" هو ابن مسرهد السابق.

(2)

"يزيد بن زريع" أبو معاوية البصري.

(3)

"ابن عون" عبد الله، أبو عون البصري.

(4)

"نافع" مولى ابن عمر.

(5)

قوله: (أرضًا) اسمها ثمغ -بفتح المثلثة وسكون الميم وبالمعجمة-. قوله: "أنفس منه" أي أجود، والنفيس الجيد المغتبط به،

(1)

في الأصل: بحائطكم.

ص: 753

فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بهِ؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ

(1)

أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا"، فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. [راجع: 2313، أخرجه: م 1632، د 2878، ت 1375، س 3601، ق 2396، تحفة: 7742].

"غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ". في نـ: "غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ بِهِ".

===

وقال الداودي: سمي نفيسًا لأنه يأخذ بالنفس، قوله:"حَبَّسْتَ" أي: وقفت. قوله: "تصدقت بها" أي بمنفعتها، قوله:"في الفقراء" متعلق بقوله: "فتصدق"، قوله:"أن يأكل منها بالمعروف" أي القدر الذي جرت به العادة، قوله:"أو يطعم" بضم الياء من الإطعام أي: يؤكل، قوله:"غير مُتَمَوِّلٍ فيه" في رواية الأنصاري الماضية في آخر "الشروط"(برقم: 2737): "غير متمول به" والمعنى غير مُتَّخِذٍ منها مالًا أي: ملكًا، والمراد أنه لا يتملك شيئًا من رقابها، هذا ملتقط من "الفتح"(5/ 401) وغيره.

قال العيني (10/ 61): ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "إن شئت حَبَّسْت أصلها" إلى آخر الحديث، ويؤخذ من هذه الألفاظ شروط، وهي تُكْتب كلها في كتاب الوقف، وقد كتب عمر رضي الله عنه كتابَ وقفِه كَتَبَه معيقيب، وكان كاتبه، وكان هذا في زمن خلافته، لأن معيقيبًا كان يكتب له في خلافته، وقد وصفه بأمير المؤمنين، وكان وقفه في أيام النبي صلى الله عليه وسلم على ما يشهد له حديث الباب.

(1)

بتشديد الموحدة للمبالغة، كما في "القسطلاني"(6/ 291)، "خ"

ص: 754

‌29 - بَابُ الْوَقْفِ لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ وَالضَّيْفِ

2773 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ

(1)

، ثَنَا ابْنُ عَوْنٍ

(2)

، عَنْ نَافِعٍ

(3)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

(4)

: أَنَّ عُمَرَ

(5)

وَجَدَ مَالًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ:"إِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْتَ بِهَا"، فَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَذِي الْقُرْبَى

(6)

وَالضَّيْفِ. [راجع: 2313، تقدم تخريجه: 2772، تحفة: 7742].

‌30 - بَابُ وَقْفِ الأَرْضِ لِلْمَسْجِدِ

(7)

2774 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ

(8)

، ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ

(9)

قَالَ: سَمِعْتُ

"لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ" في نـ: "لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ". "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ" في ذ: "حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ"، وفي نـ:"أَنَا إِسْحَاقُ" وزاد في صـ: "ابنُ مَنْصُورٍ"، وفي بو:"هُوَ ابنُ مَنْصُورٍ".

===

(1)

" أبو عاصم" الضحاك بن مخلد.

(2)

"ابن عون" عبد الله بن عون بن أرطبان، أبو عون البصري.

(3)

"نافع" مولى ابن عمر، أبو عبد الله المدني.

(4)

عبد الله.

(5)

ابن الخطاب.

(6)

قوله: (وذي القربى) فيه الترجمة لأنه أعم من أن يكونوا أغنياء أو فقراء، أو بعضهم غنيًا وبعضهم فقيرًا، "ع"(10/ 62).

(7)

قوله: (وقف الأرض للمسجد) قال ابن حجر (5/ 404): لم يختلف العلماء في مشروعية ذلك، انتهى.

(8)

"إسحاق" أي: ابن منصور هو الكوسج.

(9)

"عبد الصمد" يروي عن عبد الوارث بن سعيد التنوري البصري.

ص: 755

أَبِي قَالَ: ثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ

(1)

، ثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَمَرَ بِالْمَسْجِدِ، فَقَالَ: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي

(2)

حَائِطَكُمْ هَذَا"، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ

(3)

إِلَّا إِلَى اللَّهِ عز وجل. [راجع: 234، تقدم تخريجه: 2771، تحفة: 1691].

‌31 - بَابُ وَقْفِ الدَّوَابِّ وَالْكُرَاعِ وَالْعُرُوضِ وَالصَّامِتِ

(4)

"أَمَرَ بِالْمَسْجِدِ" في هـ، ذ:"أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ". "فَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ" في نـ: "وَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ". "حَائِطَكُمْ" كذا في ذ، وفي نـ:"بِحَائِطِكُمْ". "فَقَالُوا" في نـ: "قَالُوا".

===

(1)

" أبو التياح" يزيد بن حميد الضبعي.

(2)

قوله: (ثامِنُوني حائطكم) أي: قَرِّروا معي ثمنه وبيعونيه بالثمن، كذا في "المجمع"(1/ 305).

(3)

قوله: (لا نطلب ثمنه إلا إلى الله) قال الكرماني (12/ 84): فإن قلت: الطلب مستعمل بـ "من" فالقياس أن يقال: إلا من الله، قلت: معناه لا نطلب ثمنه من أحد ولكنه مصروف إلى الله، والاستثناء منقطع، أو لا نطلب [ثمنه] مصروفًا إلا إلى الله

(1)

.

(4)

قوله: (باب وقف الدواب والكُراع والعُروض والصامت) هذه الترجمة معقودة لبيان وقف المنقولات، والكراع بضم الكاف وتخفيف الراء: اسم لجميع الخيل، فهو بعد الدواب من عطف الخاص على العام، والعروض بضم المهملة جمع عرض بالسكون، وهو جميع ما عدا النقد من المال، والصامت بالمهملة بلفظ ضد الناطق، والمراد به من النقد الذهب والفضة.

(1)

كذا في الأصل و"العيني"(10/ 61)، وفي "ك" و"ف" (5/ 399): لا نطلب ثمنه إلا مصروفًا إلى الله.

ص: 756

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ

(1)

فِيمَنْ جَعَلَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدَفَعَهَا إِلَى غُلَامٍ لَهُ تَاجِرٍ يَتْجُرُ بِهَا، وَجَعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ وَالأَقْرَبِينَ، هَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأكُلَ مِنْ رِبْحِ تِلكَ الأَلْفِ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ، قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا.

2775 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(2)

، ثَنَا يَحْيَى

(3)

، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ

(4)

،

"يَتْجُرُ" في نـ: "يَتَّجِرُ"، وفي أخرى:"فَيَتَّجِرُ"، وفي أخرى:"فَاتَّجَرَ"، وفي أخرى:"فَتَجَرَ". "تِلكَ الأَلْفِ" كذا في سـ، حـ، وفي نـ:"ذَلكَ الأَلْفِ". "لِلْمَسَاكِينِ" في نـ: "فِي الْمَسَاكِينِ".

===

قوله: "وقال الزهري

" إلخ، هو ذهاب من الزهري إلى جواز مثل ذلك، ثم ذكر المصنف حديث ابن عمر في قصة عمر في حمله على الفرس في سبيل الله ثم وجده يباع، وقد تقدم شرحه مستوفى في "كتاب الهبة" (ح: 2636)، واعترضه الإسماعيلي فقال: لم يذكر في الباب إلا الأثر عن الزهري، والحديث في قصة الفرس، وأثر الزهري خلاف ما تقدم من الوقف الذي أذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بأن يُحَبِّسَ أصله وينتفع بثمره، والصامت إنما ينتفع به بأن يخرج بعينه إلى شيء غيره، وليس هذا بتحبيس الأصل والانتفاع بثمره.

وجواب هذا الاعتراض أن الذي حصره في الانتفاع بالصامت ليس بمسلَّم، بل يمكن الانتفاع بالصامت بطريق الارتفاق بأن يحبِّسَ منه مثلًا ما يجوز لبسه للمرأة فيصح بأن يحبِّسَ أصله وينتفع به النساء باللبس عند الحاجة إليه، "فتح الباري"(5/ 405).

(1)

"وقال الزهري" هو محمد بن مسلم، مما أخرجه عنه ابن وهب.

(2)

"مسدد" هو ابن مسرهد الأسدي.

(3)

"يحيى" هو ابن سعيد القطان.

(4)

"عبيد الله" ابن عمر العمري.

ص: 757

ثَنِي نَافِعٌ

(1)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَعْطَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَ عَلَيهَا رَجُلًا، فَأُخْبِرَ عُمَرُ أَنَّهُ قَدْ وَقَفَهَا يَبِيعُهَا، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبتَاعَهَا، فَقَالَ:"لَا تَبْتَعْهَا، وَلَا تَرْجِعَنَّ فِي صَدَقَتِكَ". [راجع: 1489، أخرجه: م 1621، تحفة: 8159].

‌32 - بَابُ نَفَقَةِ الْقَيِّمِ

(2)

لِلْوَقْفِ

2776 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ

(3)

، أَنَا مَالِكٌ

(4)

، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ

(5)

، عَنِ الأَعْرَجِ

(6)

، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَقْتَسِمْ

(7)

وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ

"فَحَمَلَ عَلَيهَا" ثبت في ذ. "لَا تَبْتَعْهَا"في سـ، حـ، ذ:"لَا تَبْتَاعُهَا".

===

(1)

" نافع" مولى ابن عمر. "ابن عمر" عبد الله.

(2)

قوله: (نفقة القيِّم) أي العامل للوقف، ويدخل فيه الأجير والناظر والوكيل، "ع"(10/ 64).

(3)

"عبد الله بن يوسف" هو التنيسي.

(4)

"مالك" الإمام المدني.

(5)

"أبي الزناد" عبد الله بن ذكوان.

(6)

"الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز.

(7)

قوله: (لا تقتسم ورثتي) بإسكان الميم على النهي، وبضمِّها على النفي وهو الأشهر، وبه يستقيم المعنى حتى لا يعارض ما تقدم عن عائشة وغيرها أنه لم يترك صلى الله عليه وسلم مالًا يورث عنه، وتوجيه

ص: 758

نِسَائِي

(1)

وَمَئُونَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ". [طرفاه: 3096، 6729، أخرجه: م 1760، د 2974، تحفة: 13805].

2777 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ

(2)

، ثَنَا حَمَّادٌ

(3)

، عَنْ أَيُّوبَ

(4)

، عَنْ نَافِعٍ

(5)

، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

(6)

: أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنْ يَأْكُلَ مَنْ وَلِيَهُ وَيُوكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالًا. [راجع: 2313، تحفة: 10561، 7561].

===

رواية النهي أنه لم يقطع بأنه لا يخلف شيئًا بل كان ذلك محتملًا، فنهاهم عن قسمة ما يخلف إن اتفق أنه خلف، قوله:"ورثتي" سماهم ورثة باعتبار أنهم كذلك بالقوة، لكن منعهم من الميراث الدليلُ الشرعي وهو قوله:"لا نورث ما تركناه صدقة"، كذا في "الفتح"(5/ 406).

(1)

قوله: (بعد نفقة نسائي) قال الخطابي: قال ابن عيينة: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في معنى المعتدات ما دُمْنَ في الحياة، لا يجوز لهن أن ينكحن أبدًا، فأُجْرِيَتْ لهن النفقة، وتُرِكَتْ حُجَرُهن لهن للسكنى، كذا ذكره الكرماني (12/ 86). قوله:"مئونة عاملي" فيه الترجمة، كذا في "العيني"(10/ 64)، والمراد "بمئونة عاملي" عُمّاله الذين كانوا على أرض بني النضير وفدك وسهمه بخيبر والصفايا.

(2)

"قتيبة بن سعيد" الثقفي.

(3)

"حماد" هو ابن زيد بن درهم.

(4)

"أيوب" هو السختياني.

(5)

"نافع" مولى ابن عمر.

(6)

"ابن عمر" عبد الله.

ص: 759

‌33 - بَابٌ

(1)

إِذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا

(2)

أَوِ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ

وَأَوْقَفَ أَنَسٌ دَارًا فَكَانَ إِذَا قَدِمَهَا نَزَلَهَا. وَتَصَدَّقَ الزُّبَيْرُ بِدُورِهِ، وَقَالَ لِلْمَرْدُودَةِ

(3)

مِنْ بَنَاتِهِ: أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنِ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ. وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ سُكْنَى لِذَوِي الْحَاجَةِ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ.

"أَرْضًا أَوْ بِئْرًا" في نـ: "بِئْرًا أَوْ أَرْضًا". "أَوِ اشْتَرَطَ" في نـ: "وَاشْتَرَطَ". "وَأَوْقَفَ أَنَسٌ" في نـ: "وَوَقَفَ أَنَسٌ". "لِذَوِي الْحَاجَةِ" في سـ، حـ، ذ:"لِذَوِي الْحَاجَاتِ".

===

(1)

بالتنوين، "قس"(6/ 296).

(2)

قوله: (إذا وقف أرضًا أو بئرًا

) إلخ، مقصوده من هذه الترجمة الإشارة إلى جواز شرط الواقف لنفسه منفعةً من وقفه، وقال ابن بطال: لا خلاف بين العلماء في أَنّ مَنْ شرط لنفسه ولورثته نصيبًا في وقفه أن ذلك جائز، فقد مضى هذا المعنى في "باب هل ينتفع الواقف بوقفه؟ "، "ع"(10/ 65).

(3)

قوله: (للمردودة) أي: المطلَّقة، قوله:"أن تسكن" بفتح الهمزة، قوله:"غيرَ مُضِرَّةٍ" بكسر الضاد اسم فاعل، قوله:"ولا مُضَرّ بها" بفتح الضاد اسم مفعول، مطابقة هذا لما ترجم به من جهة أن البنت قد تكون بكرًا فتطَلَّق قبل الدخول، فتكون مُؤْنَتُها على أبيها فيلزمه إسكانها، فإذا أسكنها في وقفه فكأنه اشترط على نفسه رفع كلفة، "قس" (6/ 297). [قوله: "وجعل ابن عمر

" إلخ، وصله ابن سعد (4/ 162)].

ص: 760

2778 -

وَقَالَ عَبْدَانُ

(1)

: أَخْبَرَنِي أَبي، عَنْ شُعْبَةَ

(2)

، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

(3)

، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ

(4)

: أَنَّ عُثْمَانَ حَيْثُ حُوصِرَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ

(5)

-وَلَا أَنْشُدُ إِلَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ حَفَرَ

(6)

بِئْرَ رُومَةَ

(7)

فَلَهُ الْجَنَّةُ"؟ فَحَفَرْتُهَا، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ

(8)

فَلَهُ الْجَنَّةُ"؟ فَجَهَّزْتُهُمْ. قَالَ: فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ. وَقَالَ عُمَرُ فِي وَقْفِهِ: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ. وَقَدْ يَلِيهِ الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ فَهُوَ وَاسِعٌ لِكُلٍّ. [أخرجه: ت 3699، س 3610، تحفة: 9814].

"حَيْثُ حُوصِرَ" في هـ، ذ:"حِينَ حُوصِرَ". "فَقَالَ: أَنْشُدُكُمُ" في نـ: "وَقَالَ: أَنْشُدُكُمُ". "فَجَهَّزْتُهُمْ" في هـ، ذ:"فَجَهَّزْتُهُ".

===

(1)

عبدان" لقب عبد الله بن عثمان. [قوله: "وقال عبدان

" إلخ، وصله الدارقطني (ح: 4447)، وانظر "سنن الترمذي" (ح: 3699)].

(2)

"شعبة" ابن الحجاج أبو بسطام العتكي.

(3)

"أبي إسحاق" عمرو بن عبد الله السبيعي.

(4)

"أبي عبد الرحمن" عبد الله بن حبيب السلمي الكوفي القارئ.

(5)

أي: سألتكم بالله.

(6)

قوله: (من حفر بئر رومة) قال ابن بطال (8/ 203): هذا وهم من بعض رواته، والمعروف أن عثمان اشتراها لا أنه حفرها. قلت: هو المشهور في الروايات، "ف" (5/ 407). قال الكرماني (12/ 87): وأما مطابقته للترجمة فمن جهة تمام القصة وهو أنه قال: دَلْوِي فيها كدلاء المسلمين، انتهى.

(7)

كانت ركية ليهودي.

(8)

أي: غزوة تبوك.

ص: 761

‌34 - بَابٌ إِذَا قَالَ الْوَاقِفُ: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ، فَهُوَ جَائِزٌ

2779 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ

(1)

، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ

(2)

، عَنْ أَبِي التَّيَّاح

(3)

، عَنْ أَنَسٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ"، قَالوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ. [راجع: 234، تقدم تخريجه: 2771، تحفة: 1691].

‌35 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ

(4)

اثْنَانِ

(5)

ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ

(6)

أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} إِلَى قَولِه

(7)

: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 106 - 108]

"تَعَالَى" في ذ: "عز وجل". " {الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} " زاد في هـ، ذ:" {الْأَوَّلِينَ}: وَاحِدُهما أَولى، ومنه: أولى به -أي: أحق به-، عَثِرَ: ظَهَرَ، أَعثَرنَا: أَظهَرنَا". وقع هذا في رواية الكشميهني لأبي ذر وحده، "ف"(5/ 410).

===

(1)

" مسدد" هو ابن مسرهد.

(2)

"عبد الوارث" ابن سعيد التنوري.

(3)

"أبي التياح" يزيد بن حميد.

(4)

بدل من قوله: {إِذَا حَضَر} أو هو ظرف {حَضَرَ} ، "بيض"(1/ 286).

(5)

فاعل {شَهَادَةُ} .

(6)

أي: من أقاربكم أو من المسلمين، وهما صفتان لاثنان، "بيضاوي"(1/ 286).

(7)

قوله: (إلى قوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}) كذا لأبي ذر، وساق في رواية الأصيلي وكريمة الآياتِ الثلاثَ، قال الزجاج في "المعاني":

ص: 762

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

هذه الآيات الثلاث من أشكل ما في القرآن إعرابًا وحكمًا [ومعنًى]. والمعنى {أَوْ آخَرَانِ} أي: شاهدان آخران يقومان مقام الشاهدين الأَوَّلَين، من الذين استحق عليهم، أي: من الذين حق عليهم وهم أهل الميت وعشيرته، و {الْأَوْلَيَانِ} أي الأَحَقّان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما، وارتفع الأوليان بتقدير: هما، كأنه قيل: مَن الشاهدان؟ فأجيب: الأوليان، أو هما بدل من الضمير في {يَقُومَانِ} أو من {فَآخَرَانِ} ، ويجوز أن يرتفعا بـ {اسْتَحَقَّ} أي من الذين [استحق] عليهم انتداب الأَوْلَيَيْن منهم للشهادة لاطلاعهم على حقيقة الحال، ولهذا قال أبو إسحاق الزجاج: هذا الموضع من أصعب ما في القرآن إعرابًا، قاله في "الفتح"(5/ 410).

قال البيضاوي في "تفسيره": ومعنى الآيتين أن المحتضر إذا أراد الوصية ينبغي أن يُشْهِد عدلين من ذوي نسبه أو دينه على وصيته، أو يوصي إليهما احتياطًا، فإن لم يجدهما بأن كان في سفر فآخرين من غيرهم، ثم إن وقع نزاع وارتياب أقسما على صدق ما يقولان بالتغليظ في الوقت، فإن اطلع على أنهما كذبا بأمارة أو مظِنَّة حلف آخران من أولياء الميت، والحكم منسوخ إن كان الاثنان شاهدين فإنه لا يحلف الشاهد ولا يُعارض يمينه بيمين الوارث، وثابت إن كانا وصيين ورد اليمين إلى الورثة، إما لظهور خيانة الوصيين، فإنه تصديق الوصي باليمين لأمانته أو لتغير الدعوى، إذ روي أن تميمًا الداري وعدي بن بَدَّاءٍ خرجا إلى الشام للتجارة وكانا حينئذ نصرانيين، ومعهما بديل -قيل: الصواب بُزَيل بالزاي المفتوحة بعد الباء المضمومة، "سع"- مولى عمرو بن العاص وكان مسلمًا، فلما قدموا الشام مرض بُزَيْل فدوّن ما معه في صحيفة، وطرحها في متاعه، ولم يخبرهما به، وأوصى إليهما أن يدفعا متاعه إلى أهله ومات، ففتَّشاه وأخذا منه إناء من فضة فيه ثلاث مائة مثقال منقوشًا بالذهب فَغَيَّباه، فأصاب أهله الصحيفة، وطالبوهما

ص: 763

2780 -

وَقَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

(1)

: ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ

(2)

، ثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ

(3)

، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ

(4)

، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ

(5)

بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ

(6)

"وَقَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" في سفـ: "وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ".

===

بالإناء فجحدا، فترافعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} الآية، فحَلَّفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العصر عند المنبر وخلَّى سبيلهما، ثم وُجِد الإناء في أيديهما فأتاهما بنو سهم في ذلك فقالا: قد اشتريناه منه ولكن لم يكن لنا عليه بينة فكرهنا أن نقرّ به، فرفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت:{فَإِنْ عُثِرَ .... } إلخ، فقام عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان وحلفا. انتهى كلام البيضاوي (1/ 289).

(1)

"قال علي بن عبد الله" المديني، وصله المؤلف في "التاريخ" (1/ 215 خ: 276).

(2)

"يحيى بن آدم" ابن سليمان المخزومي.

(3)

"ابن أبي زائدة" يحيى بن زكريا الهمدانى.

(4)

"محمد بن أبي القاسم" الطويل.

(5)

"عبد الملك" يروي عن أبيه "سعيد بن جبير" الأسدي مولاهم الكوفي.

(6)

قوله: (رجل من بني سهم) هو بزيل -بموحدة وزاي مصغرًا- وقيل: بديل، بالدال بدل الزاي، قوله:"مع تميم" وهو الصحابي المشهور "وعدي بن بداء" بفتح الموحدة وتشديد الدال المهملة مع المدِّ، كذا في "الفتح" (5/ 410). قوله:"مُخَوَّصًا من ذهب" أي: عليه صفائح الذهب مثل خوص النخل، كذا في "المجمع"(2/ 124).

ص: 764

مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ

(1)

(2)

وَعَدِىِّ بْنِ بَدَّاءٍ، فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامًا

(3)

مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا مِنْ ذَهَبٍ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَجَدُوا الْجَامَ بمَكَّةَ، فَقَالُوا: ابْتَعْنَاهُ

(4)

مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ. فَقَامَ رَجُلَانِ

(5)

مِنْ أَوْلِيَائِهِ

(6)

، فَحَلَفَا: لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَأَنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ. قَالَ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ

(7)

إِذَا حَضَرَ

(8)

أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106]. [أخرجه: د 3606، ت 3060، تحفة: 5551].

"وَجَدُوا الْجَامَ" في نـ: "وُجِدَ الْجَامُ". " {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} " ثبت في ذ، وزاد بعده في سفـ:"قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لا أَعرِفُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي القَاسِم هذا كَمَا يَنْبَغِي، وَقَدْ رَوَى عَنه أَيضًا أَبُو أُسَامَة، وَكَانَ عليُّ بنُ عَبدِ اللَّهِ يَعْنِي ابنَ الْمَدِينِيِّ يَسْتَحْسِنُهُ".

===

(1)

منسوب إلى الدار وهو بطن من لخم بالمعجمة، "ك"(12/ 89).

(2)

صحابي، وذلك قبل أن يسلم، "ف"(5/ 411).

(3)

وزن الجام المنقوش بالذهب ثلاث مائة مثقال، "قس"(6/ 301).

(4)

أي: اشتريناه.

(5)

قوله: (فقام رجلان) هما عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة، كذا في "التوشيح"(5/ 1896)، قال في "المدارك" (1/ 483): وقد احتج به من يرى ردَّ اليمين على المدعي، فالجواب أن الورثة قد ادّعوا على النصرانيين أنهما قد اختانا فحلفا، فلما ظهر كذبهما ادّعيا الشراءَ فيما كتما، فأنكرت الورثة، ولم يكن لهما بينة فكانت اليمين على الورثة لإنكارهم الشراءَ، انتهى، والله أعلم بالصواب.

(6)

أي: السهمي.

(7)

المراد بها الإشهاد، "بيض"(1/ 286).

(8)

وهو ظرف للشهادة، "بيض"(1/ 286).

ص: 765

‌36 - بَابُ قَضَاءِ الْوَصِيِّ دُيُونَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الْوَرَثَةِ

(1)

2781 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ

(2)

أَو الْفَضلُ بْنُ يَعْقُوبَ

(3)

عَنْهُ

(4)

، ثَنَا شَيْبَانُ

(5)

أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ فِرَاسٍ

(6)

قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ

(7)

: ثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ: أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، فَلَمَّا حَضَرَ جَدَادُ

(8)

النَّخْلِ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ، قَالَ:

"جَدَادُ النَّخْلِ" في نـ: "جِذَاذُ النَّخْلِ". "أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ" في نـ: "قَالَ: أتَيءتُ رَسُولَ اللَّهِ".

===

(1)

قال الداودي: لا خلاف بين العلماء في حكم هذه الترجمة أنه جائز، "ف"(5/ 413).

(2)

"محمد بن سابق" أبو جعفر التميمي مولاهم.

(3)

"الفضل بن يعقوب" الرُّخَامِي البغدادي.

(4)

أي: عن محمد، والشك من المؤلف، "قس"(6/ 302).

(5)

"شيبان" هو ابن عبد الرحمن النحوي، "أبو معاوية" النحوي البصري ثم الكوفي.

(6)

"فراس" هو ابن يحيى الهمداني.

(7)

"الشعبي" هو عامر بن شراحيل.

(8)

أي: بفتح الجيم وبدالين مهملتين، أي أوان قطع ثمرتها، ولأبي ذر بذالين معجمتين وكسر الجيم يقال: جذذت الشيء قطعته وكسرته، "قس"(6/ 303).

ص: 766

"اذْهَبْ فَبَيْدِرْ

(1)

(2)

كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَتِهِ"، فَفَعَلْتُ ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَزوا إِلَيْهِ أُغْرُوا بِي

(3)

تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ طَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا

(4)

ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"ادْعُ أَصْحَابَكَ"، فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي، وَأَنَا وَاللَّهِ

"فَبَيْدِرْ" في حـ، ذ:"فَبَادِرْ". "ثُمَّ دَعَوْتُهُ" في سـ، حـ، ذ:"فَدَعَوتُهُ"[كذا في الأصل، وفي "قس": في سـ، حـ، ذ: "دَعَوتُهُ"، وفي هـ، ذ: "فَدَعَوتُهُ"]. "طَافَ" كذا في ذ، وفي نـ:"أَطَافَ".

===

(1)

أمر أي: اجعل كل صنف في بيدر وهو الجرين، "توشيح"(5/ 1897).

(2)

قوله: (فَبَيْدِرْ) بفتح الموحدة وسكون التحتية وكسر المهملة وجزم الراء على صيغة الأمر، أي: اجمع في موضع واحدٍ، والبيدر المكان الذي يداس فيه الطعام. قوله:"أُغْرُوا بي" مشتق من الإغراء، وهو فعل ما لم يسم فاعله، أي: هِيْجُوا، يقال: أُغري بكذا إذا هِيجَ به وأولع به، قوله:"ثم جلس عليه" فإن قلت: قال في "الاستقراض": "فَجَذَّه بعد ما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوفاه ثلاثين وسقًا، وفَضَلَتْ له سبعة عشر وسقًا"، فما وجه الجمع بينهما؟ قلت: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس حتى أدّى الديون، ثم ذهب إلى المنزل فجذّ الفاضل على الدين بعد رجوعه، وأما سائر الاختلافات فقد مرّ جوابه في آخر "كتاب الصلح" (برقم: 2709)، كذا في "الكرماني"(12/ 90) و"الخير الجاري"(2/ 303).

(3)

أي: لجوا في مطالبتي وألحوا، "مجمع"(4/ 36).

(4)

وهو الجرين، "زركشي"(2/ 619).

ص: 767

رَاضٍ أَنْ يُؤَدِّيَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي، وَلَا أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِي تَمْرَةً، فَسَلِمَ وَاللَّهِ الْبَيَادِرُ كُلُّهَا، حَتَّى أَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ

(1)

لَمْ يَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً. قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ: أُغْرُوا بِي: هِيجُوا بِي، {فَأَغْرَيْنَا

(2)

بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 14]. [راجع: 2127].

"أَخَوَاتِي تَمْرَةً" كذا في سـ، حـ، ذ، وفي هـ:"أَخَوَاتِى بِتَمْرَةٍ". "قَالَ أَبُو عَبدِ اللَّهِ

" إلخ، ثبت في سـ. "هِيجُوا بِي" في نـ: "يَعْنِي هِيجُوا بِي".

===

(1)

أي: البيدر، "تنقيح"(2/ 619).

(2)

أي: ألصقناها، "مجمع"(4/ 36).

* * *

تمَّ بحمد الله وتوفيقه المجلد الخامس

ويتلوه إن شاء الله تعالى المجلد السادس،

وأوله: كتاب الجهاد،

وصلَّى الله تعالى على خير خلقه

سيِّدنا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

ص: 768