المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌30 - كِتَاب الزَّكَاةِ - صحيح البخاري - ت البغا - جـ ٢

[البخاري]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

‌30 - كِتَاب الزَّكَاةِ

ص: 505

‌1 - بَاب: وُجُوبِ الزَّكَاةِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} /البقرة: 43/.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ رضي الله عنه: فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ.

[ر: 7]

ص: 505

1331 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إسحق، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: بَعَثَ مُعَاذًا رضي الله عنه إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ:(ادْعُهُمْ إِلَى: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أطاعوه لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أطاعوه لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ).

[1389، 1425، 2316، 4090، 6937]

(أطاعوه لذلك) انقادوا وبادروا إلى الفعل. (صدقة) هي الزكاة.

ص: 505

1332 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ محمد بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: مَا لَهُ مَا لَهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَرَبٌ مَا لَهُ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا

⦗ص: 506⦘

تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ).

وَقَالَ بَهْزٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُوهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُمَا سَمِعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ: بِهَذَا. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَحْفُوظٍ، إِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو.

[5637]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة .. ، رقم:13.

(رجلا) قيل: هو أبو أيوب راوي الحديث، وقيل: هو لقيط بن صبرة، وافد بني المنتفق. (قال: ماله ماله) القائل من حضر من القوم، وما للاستفهام، والتكرار للتأكيد، والمعنى: أي شيء جرى له. (أرب ماله) أية حاجة يطلبها ويسأل عنها جاءت به. (تصل الرحم) تحسن لقرابتك. (غير محفوظ) أي محمد بن عثمان غير محفوظ، والمحفوظ عمرو بن عثمان، والحديث محفوظ عنه، ووهم شعبة.

ص: 505

1333 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ، إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. قَالَ:(تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ). قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا. فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا).

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي حَيَّانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو زُرْعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: بِهَذَا.

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الذي يدخل به الجنة .. ، رقم:14.

(أعرابي) قيل هو سعد بن الأخرم. (المكتوبة) المفروضة، وهي الصلوات الخمس. (نفسي بيده) أي أقسم بالله الذي حياتي بأمره. (سره) أحب.

ص: 506

1334 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ، قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، كُفَّارُ مُضَرَ، وَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَيْءٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ:(آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ - وَعَقَدَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ. وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ).

وَقَالَ سُلَيْمَانُ وَأَبُو النُّعْمَانِ، عَنْ حَمَّادٍ:(الْإِيمَانِ بِاللَّهِ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ).

[ر: 53]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: النهي عن الانتباذ في المزفت .. ، رقم:17.

(عقد بيده هكذا) أي كما يعقد الذي يعد واحدة.

ص: 506

1335 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ). فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.

[1388، 2786، 6526، 6855]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الأمر بقتال النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .. ، رقم:20.

(عناقا) الأنثى من ولد المعز التي لم تبلغ سنة. (شرح الله صدر أبي بكر) لقتالهم. (فعرفت أنه الحق) بما ظهر من الدليل الذي أقامه أبو بكر رضي الله عنه.

ص: 507

ص: 507

1336 -

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:

بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.

[ر: 57]

(فإن تابوا .. ) فإن تركوا الكفر والتزموا شرائع الإسلام وفرائضه ثبتت لهم أخوة الدين.

ص: 507

(يكنزون) من الكنز وهو كل شيء مجموع بعضه إلى بعض، وشرعا: كل مال لم تؤد حقوقه من زكاة وغيرها. (فتكوى) من الكي، وهو إلصاق الحار، من الحديد أو النار، بالعضو حتى يحترق الجلد. (كنزتم لأنفسكم) ثمرة ما ادخرتموه لأنفسكم.

ص: 507

1337 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الْأَعْرَجَ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (تَأْتِي الْإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا، عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، إِذَا هُوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَأْتِي الْغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا، تَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، وَقَالَ: وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ). قَالَ: (وَلَا يَأْتِي أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشَاةٍ يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ لَهَا يُعَارٌ، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُ، وَلَا يَأْتِي بِبَعِيرٍ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَهُ رُغَاءٌ، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُ).

[2908، 6557، وانظر: 1391]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إثم مانع الزكاة، رقم:987.

(تأتي الإبل) التي كان يملكها في الدنيا، يخلقها الله تعالى يوم القيامة. (على خير ما كانت) في الدنيا من القوة والسمن. (تطؤه) تدوسه وتعلوه. (بأخفافها) جمع خف، وهو للإبل كالقدم من الإنسان. (بأظلافها) جمع ظلف، وهو من الغنم كالخف من البعير. (أن تحلب على الماء) عند ورودها لتشرب، ويعطى من لبنها من حضر من المساكين ومن ليس لديهم لبن. (بشاة) واحدة الغنم ذكرا أم أنثى. (يعار) هو صوت الغنم. (ورغاء) صوت الإبل.

ص: 508

1338 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بلهزميه، يَعْنِي شِدْقَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلَا: {لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ}. الآية).

[4289، 4382، 6557]

(مثل له) صير له. (شجاعا) الحية الذكر أو الثعبان. (أقرع) لا شعر على رأسه لكثرة سمه وطول عمره. (زبيبتان) نابان يخرجان من فمه، أو نقطتان سوداوان فوق عينيه، وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه. (يطوقه) يجعل في عنقه كالطوق. (شدقيه) جانبي الفم. (الآية) آل عمران:180. وتتمتها: {بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير}.

ص: 508

‌4 - بَاب: مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ.

لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خمس أَوَاقٍ صَدَقَةٌ).

ص: 509

1339 -

وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: أَخْبِرْنِي قَوْل اللَّهِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} . قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: مَنْ كَنَزَهَا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا فَوَيْلٌ لَهُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللَّهُ طُهْرًا لِلْأَمْوَالِ. [4384]

(أخبرني قول) عن معنى قول. (فويل) هلاك وحزن ومشقة من العذاب. (كان هذا) تحريم كنز المال مطلقا. (تنزل الزكاة) تفرض بمقادير معينة. (جعلها) أي الزكاة. (طهرا للأموال) مطهرة لها وحصنا يحفظها، وأصبح ما فضل عن الزكاة حلالا طيبا لمالكه، يتصرف به لشؤونه بالوجه المشروع الذي يريد.

ص: 509

1340 -

حَدَّثَنَا إسحق بْنُ يَزِيدَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إسحق: قال الْأَوْزَاعِيُّ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ). [1378، 1379، 1390، 1413]

أخرجه مسلم في أول كتاب الزكاة، رقم:979.

(أواق) جمع أوقية، وهي أربعون درهما. (صدقة) زكاة. (ذود) ثلاثة إلى عشرة من الإبل. (أوسق) جمع وسق، وهو ستون صاعا من ثمر أو حب.

ص: 509

1341 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ: سَمِعَ هُشَيْمًا: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ:

مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا؟ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي:{الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} . قَالَ مُعَاوِيَةُ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقُلْتُ: نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ،

⦗ص: 510⦘

وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه يَشْكُونِي، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَنِ اقْدَمِ الْمَدِينَةَ، فَقَدِمْتُهَا، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ، فَقَالَ لِي: إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ، فَكُنْتَ قَرِيبًا. فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا الْمَنْزِلَ، وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.

[4383]

(الربذة) موضع على ثلاث مراحل من المدينة، فيه قبر أبي ذر رضي الله عنه. (فكان بيني وبينه في ذاك) نزاع، فيمن نزلت هذة الآية. (كثر علي الناس) يسألونه عن سبب خروجه من دمشق، وعما جرى بينه وبين معاوية. (تنحيت) اعتزلت وتباعدت. وانظر في شرح الآية الحديث (1339) وشرحه.

ص: 509

1342 -

حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: جَلَسْتُ. وحَدَّثَنِي إسحق بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ بْنُ الشِّخِّيرِ: أَنَّ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ:

جَلَسْتُ إِلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ، خَشِنُ الشَّعَرِ وَالثِّيَابِ وَالْهَيْئَةِ، حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ، يَتَزَلْزَلُ. ثُمَّ وَلَّى فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، وَأَنَا لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ، فَقُلْتُ لَهُ: لَا أُرَى الْقَوْمَ إِلَّا قَدْ كَرِهُوا الَّذِي قُلْتَ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا. قَالَ لِي خَلِيلِي، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ خَلِيلُكَ؟ قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَا أَبَا ذَرٍّ، أَتُبْصِرُ أُحُدًا). قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ، وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: (مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، أُنْفِقُهُ كُلَّهُ، إِلَّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ). وَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ، إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا، لَا وَاللَّهِ، لَا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا، وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ، حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ.

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: في الكانزين للأموال والتغليظ عليهم، رقم:992.

(ملأ) جماعة. (رجل) هو أبو ذر رضي الله عنه. (قام عليهم) وقف عليهم. (الهيئة) الحالة الظاهرة. (برضف) حجارة محماة. (حلمة) رأس الثدي. (نغض) العظم الرقيق على طرف الكتف، ويسمى الغضروف. (يتزلزل) يتحرك ويضطرب. (سارية) أسطوانة ودعامة. (خليلي) صديقي الذي تخللت محبته في قلبي. (ما بقي من النهار) أتعرف القدر الذي بقي من النهار. (أرى) أظن. (إلا ثلاثة دنانير) لقضاء حوائجه وأداء دينه ونفقة عياله. (دنيا) أي شيء من متاعها.

ص: 510

‌5 - بَاب: إِنْفَاقِ الْمَالِ فِي حَقِّهِ.

ص: 510

1343 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنْ

⦗ص: 511⦘

ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا).

[ر: 73]

ص: 510

‌6 - بَاب: الرِّيَاءِ فِي الصَّدَقَةِ.

لِقَوْلِهِ: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى - إِلَى قَوْلِهِ - الْكَافِرِينَ} /البقرة: 264/. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: {صَلْدًا} لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {وَابِلٌ} مَطَرٌ شَدِيدٌ، وَالطَّلُّ: النَّدَى.

(تبطلوا) تذهبوا ثوابها. (بالمن والأذى) بأن تمنوا على من تصدقتم عليه، أو تلحقوا به أذى، أي شيئا يكرهه. وتتمه الآية:{كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين} . (صفوان) حجر من صخر أملس. (الندى) ما يسقط آخر الليل من البلل، وأصل الندى المطر، ولفظ الطل من قوله تعالى:{فإن لم يصبها وابل فطل} /البقرة: 265/.

ص: 511

(يربي) يزيد وينمي ويضاعف الثواب. (كفار) كثير الكفر لنعم الله تعالى، مصر على المعصية وتحليل الحرام كأكل الربا. (أثيم) فاجر كثير الإثم، يستحق العقوبة الشديدة على ما ارتكب.

ص: 511

1344 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ: سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لصاحبها، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ).

تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ ابْنِ دِينَارٍ. وَقَالَ وَرْقَاءُ: عَنِ ابْنِ دِينَار، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي

⦗ص: 512⦘

هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَسُهَيْلٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[6993]

(بعدل) بوزن أو بقيمة. (طيب) حلال. (يتقبلها بيمينه) هو كناية عن حسن القبول وسرعته، ولله تعالى يمين هو أعلم بها. (يربيها) ينميها ويضاعف أجرها. (لصاحبها) الذي أنفقها. (فلوه) مهره. وهو الصغير من الخيل. (مثل الجبل) يصبح ثوابها كثواب من تصدق بمقدار الجبل من المال.

ص: 511

‌8 - بَاب: الصَّدَقَةِ قَبْلَ الرَّدِّ.

ص: 512

1345 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (تَصَدَّقُوا، فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ، يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا، يَقُولُ الرَّجُلُ: لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالْأَمْسِ لَقَبِلْتُهَا، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا).

[1358، 6703]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها، رقم:1011.

(تصدقوا) بادروا إلى الإكثار من الصدقات حتى تحصلوا على ثوابها.

ص: 512

1346 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ، فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ، فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ لِي).

[ر: 989]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها، رقم:157.

(فيفيض) يزيد عن الحاجة، من الفيض وهو زيادة الماء عن امتلاء الإناء. (الرجل) الذي يراد التصدق عليه. (يهم) يحزنه ويقلقه ويشغل قلبه. (رب المال) صاحب المال. (أرب) حاجة.

ص: 512

1347 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ: حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَهُ رَجُلَانِ، أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَةَ، وَالْآخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَمَّا قَطْعُ السَّبِيلِ: فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكَ إِلَّا قَلِيلٌ، حَتَّى

⦗ص: 513⦘

تَخْرُجَ الْعِيرُ إِلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ خَفِيرٍ، وَأَمَّا الْعَيْلَةُ: فَإِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ، حَتَّى يَطُوفَ أَحَدُكُمْ بِصَدَقَتِهِ، لَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا مِنْهُ، ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ، وَلَا تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ: أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى. ثُمَّ لَيَقُولَنَّ: أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى. فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ، فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ).

[1351، 3399، 3400، 6174، 6195، 7005، 7074]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة، رقم:1016.

(العيلة) الفقر. (قطع السبيل) منع الطريق من عصابة يترصدون المارين، لأخذ مالهم أو قتلهم أو إرعابهم. (قليل) من الزمن. (العير) الإبل المحملة بالتجارة. (خفير) المجير الذي يكون الناس في ضمانه وذمته. (يطوف) يدور. (حجاب) حاجز يحجب عنا نوره، بل تقوى أبصارنا على مشاهدته سبحانه. (ترجمان) هو من ينقل الكلام من لغة إلى أخرى، والمعنى أنه سبحانه يخاطبنا بالمباشرة. (فليتقين) فليحفظن نفسه. (بشق) بنصف. (فبكلمة طيبة) جميلة، يرد بها السائل ويطيب قلبه.

ص: 512

1348 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ (لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ، ثُمَّ لَا يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ، مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ).

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها، رقم:1012. (يلذن به) يلتجئن إليه ويتبعنه، من زوجات وخدم وقريبات.

ص: 513

(الآية وإلى قوله) وتتمتها: {كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير. أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات} . (ابتغاء مرضاة الله) مخلصين، يقصدون رضوان الله عز وجل. (تثبيتا من أنفسهم) تصديقا لإيمانهم، متحققين أن الله تعالى سيجزيهم على ذلك أوفر الجزاء. (ربوة) أرض مرتفعة. (وابل) مطر غزير. (أكلها) ما يؤكل منها وهي الثمار. (ضعفين) أكثر مما يكون لمثلها عادة. (فطل) مطر صغير القطر دائم.

ص: 513

1349 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ الْحَكَمُ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ

⦗ص: 514⦘

حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ، كُنَّا نُحَامِلُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ، فَقَالُوا: مُرَائِي، وَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ، فَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا، فَنَزَلَتِ:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ} . الآية.

[4391]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: الحمل أجرة يتصدق بها .. ، رقم:1018.

(آية الصدقة) هي قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} /التوبة: 103/. (نحامل) نتكلف الحمل على ظهورنا بالأجرة لنكتسب ما نتصدق به. (يلمزون) يعيبون. (المطوعين) المتطوعين المتبرعين. (جهدهم) طاقتهم ووسعهم. (الآية) التوبة: 79. وتتمتها: {فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم}. سخر الله منهم: جازاهم على هزئهم وسخريتهم.

ص: 513

1350 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

كَان رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ، فَتَحَامَلَ، فَيُصِيبُ الْمُدَّ، وَإِنَّ لِبَعْضِهِمُ الْيَوْمَ لَمِائَةَ أَلْفٍ. [2153، 4392]

(فتحامل) تكلف الحمل. (فيصيب المد) يحصل مدا، وهو ما يملأ الكفين من قمح ونحوه، أجرة مقابل عمله. (لبعضهم) بعض الناس. (لمائة ألف) أي وهو لا يتصدق.

ص: 514

1351 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إسحق قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ).

[ر: 1347]

ص: 514

1352 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:(مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ).

[5649]

أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: فضل الإحسان إلى البنات، رقم:2629.

(ابتلي) اختبر وامتحن بأن رزقه الله بنات، وسمي ابتلاء لكره الناس عادة لهن، ولأنه يغلب أن لا يكن مورد كسب وعيش. (سترا) حاجز يحجزه ويحجبه من النار، بفضل تربيتهن والإحسان إليهن.

ص: 514

(الآية) الأولى تتمتها: {فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين} . والثانية تتمتها: {ولا خلو ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون} . (خلة) مودة وصداقة، ومعنى الآية: أنفقوا من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون فيه على تدارك ما فاتكم، إذ لا بيع ولا شراء حتى يحصل ربح، ولا أصدقاء لكم حتى يتسامحوا معكم، ولا يشفع بعضكم لبعض.

ص: 515

1353 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ:(أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى، وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ).

[2597]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح، رقم:1032.

(صحيح) ليس فيك مرض أو علة تقطع أملك في الحياة. (شحيح) من شأنك الشح، وهو البخل مع الحرص. (تخشى الفقر) تخافه وتحسب له حسابا. (تأمل) تطمع وترجو. (تمهل) تؤخر. (بلغت الحلقوم) قاربت الروح الحلق، والمراد شعرت بقرب الموت. (لفلان كذا) أخذت توصي وتتصدق. (وقد كان لفلان) وقد أصبح مالك ملكا لغيرك وهم ورثتك.

ص: 515

1354 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْنَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّنَا أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا؟ قَالَ: (أَطْوَلُكُنَّ يَدًا). فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا، فَعَلِمْنَا بَعْدُ: أَنَّمَا كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ، وَكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا بِهِ، وَكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ.

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل زينب أم المؤمنين رضي الله عنها، رقم:2452.

(يذرعونها) يقدرنها بذراع كل واحدة منهن، كي يعلمن أيهن أطول يدا من غيرها، ظنا منهن أن المراد طول اليد حقيقة. (طول يدها الصدقة) أي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ بطول يدها كثرة إنفاقها وصدقاتها.

ص: 515

(سرا) يخفون صدقاتهم ويعطونها للفقير دون أن يراهم أحد. (علانية) على مرأى من الناس ليقتدوا بهم. وتتمة الأية: {فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} .

ص: 516

‌12 - بَاب: صَدَقَةِ السِّرِّ.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا، حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ).

[ر: 629].

وقال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} /البقرة: 271/.

(تبدوا الصدقات) تظهروا إعطاءها للمستحقين. (فنعما هي) فنعمت الصفة والخصلة هي، أو: فنعم شيئا إبداؤها. (تخفوها) أي الصدقات. (وتؤتوها الفقراء) تعطوها لهم سرا.

ص: 516

‌13 - بَاب: إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ.

ص: 516

1355 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى زَانِيَةٍ؟ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ. فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، عَلَى سَارِقٍ، وَعَلَى زَانِيَةٍ، وَعَلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ: فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ: فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ: فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِيُّ: فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ، فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ).

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: ثبوت أجر المتصدق وإن وقعت الصدقة في يد غير أهلها، رقم:1022.

(رجل) قيل: إنه من بني إسرائيل. (في يد سارق) أي وهو يظنه فقيرا، ولا يعلم أنه سارق، وكذلك الزانية والغني. (فأصبحوا) القوم الذين فيهم هذا الرجل المتصدق. (فأتي) رأى في المنام.

ص: 516

‌14 - بَاب: إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ.

ص: 517

1356 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ: حَدَّثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ: أَنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ رضي الله عنه حَدَّثَهُ قَالَ:

بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي، وَخَطَبَ عَلَيَّ فَأَنْكَحَنِي، وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ: كان أَبِي يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا، فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ، فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ).

(خطب علي) طلب من ولي المرأة أن يزوجني إياها. (فأنكحني) فزوجني. (خاصمت إليه) احتكمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم. (لك ما نويت) أجر ما قصدت من الصدقة.

ص: 517

‌15 - بَاب: الصَّدَقَةِ بِالْيَمِينِ.

ص: 517

1357 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ).

[ر: 629]

ص: 517

1358 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ: قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (تَصَدَّقُوا، فَسَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ، يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالْأَمْسِ لقَبِلْتُهَا مِنْكَ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا).

[ر: 1345]

ص: 517

‌16 - بَاب: مَنْ أَمَرَ خَادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ وَلَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ.

وَقَالَ أَبُو مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(هُوَ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقِينَ).

[ر: 1371]

ص: 517

1359 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ

⦗ص: 518⦘

مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا).

[1370، 1372، 1373، 1959]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: أجر الخازن الأمين والمرأة إذا تصدقت .. ، رقم:1024.

(غير مفسدة) بأن تصدقت بما لا يؤثر نقصانه على العيال، ولم تتجاوز القدر المعتاد، ولم تقصد تبديد ماله. (بما كسب) بسبب كسبه المال المنفق. (للخازن) الذي يحفظ الطعام وغيره. (مثل ذلك) من الأجر.

ص: 517

‌17 - بَاب: لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى.

وَمَنْ تَصَدَّقَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ، أَوْ أَهْلُهُ مُحْتَاجٌ، أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَالدَّيْنُ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَيْهِ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يُتْلِفَ أَمْوَالَ النَّاسِ. قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ).

[ر: 2257]. إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالصَّبْرِ، فَيُؤْثِرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ، كَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه حِينَ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ، وَكَذَلِكَ آثَرَ الْأَنْصَارُ الْمُهَاجِرِينَ، وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ.

[ر: 6108]. فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَيِّعَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِعِلَّةِ الصَّدَقَةِ.

وَقَالَ كَعْبُ رضي الله عنه: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ.

[ر: 2606]

(خصاصة) حاجة. (سهمي) نصيبي وقسمي.

ص: 518

1360 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ).

[5040، 5041، وانظر: 1361]

(عن ظهر غني) فاضلا عن نفقة العيال. (تعول) تجب عليك نفقتهم.

ص: 518

1361 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ

⦗ص: 519⦘

تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ).

وَعَنْ وُهَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: بهذا.

[1403، 2599، 2974، 6076، وانظر: 1360]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى .. ، رقم:1034.

(اليد العليا) التي تعطي وتنفق. (واليد السفلى) التي تأخذ. (يستعفف) يطلب العفة، وهي الكف عن الحرام وعن سؤال الناس. (يستغن) يطلب الغنى من الله تعالى لا من الناس.

ص: 518

1362 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (ح). وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ وَالْمَسْأَلَةَ:(الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، فَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ).

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى .. ، رقم:1033.

(المسألة) سؤال الناس وطلب العطاء منهم.

ص: 519

‌18 - بَاب: الْمَنَّانِ بِمَا أَعْطَى.

لِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا} . الآية /البقرة: 262/.

(الآية) وتتمتها: {منا ولا أذى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يحزنون} . منا: يمن على المتصدق عليه بتذكيره بالصدقة أو غير ذلك ليرى له فضلا عليه. أذى: بإشاعة تصدقه عليه بين الناس أو بتطاوله عليه بسبب صدقته.

ص: 519

‌19 - بَاب: مَنْ أَحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا.

ص: 519

1363 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَن عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ رضي الله عنه حَدَّثَهُ قَالَ:

صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ، فَأَسْرَعَ ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ، فَقُلْتُ، أَوْ قِيلَ لَهُ، فَقَالَ:(كُنْتُ خَلَّفْتُ فِي الْبَيْتِ تِبْرًا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُبَيِّتَهُ، فَقَسَمْتُهُ).

[ر: 813]

(خلفت) تركت. (تبرا) ذهبا. (الصدقة) الزكاة. (فقسمته) فوزعته على مستحقيه.

ص: 519

‌20 - بَاب: التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِيهَا.

ص: 519

1364 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَدِيٌّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

⦗ص: 520⦘

رضي الله عنهما قَالَ:

خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عِيدٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، ثُمَّ مَالَ عَلَى النِّسَاءِ، وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْقُلْبَ وَالْخُرْصَ.

[ر: 98]

(القلب) السوار. (الخرص) الحلقة في الأذن.

ص: 519

1365 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ، أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ، قَالَ:(اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ).

[ر: 467]

(اشفعوا) توسلوا في قضاء حاجة من طلب أو سأل. (تؤجروا) يكن لكم مثل أجر قضاء حاجته.

ص: 520

1366 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تُوكِي فَيُوكَى عَلَيْكِ).

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدَةَ، وَقَالَ:(لَا تُحْصِي فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ).

[1367، 2450، 2451]

(لا توكي) لا تدخري وتمنعي ما في يدك، من الوكاء: وهو الخيط الذي يشد به رأس القربة. (لا تحصي) من الإحصاء، وهو معرفة قدر الشيء أو وزنه أو عده، والمعنى: لا تحصي ما تنفقين، حتى لا تستكثريه، فربما امتنعت من الإنفاق.

ص: 520

‌21 - بَاب: الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ.

ص: 520

1367 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما:

أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (لَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ، ارْضَخِي مَا اسْتَطَعْتِ).

[ر: 1366]

(لا توعي) من وعيت الشيء إذا حفظته، أو جعلته في وعاء، والمعنى: لا تدخري المال وتمسكي عن إنفاقه. (ارضخي) من الرضخ، وهو العطاء غير الكثير.

ص: 520

‌22 - بَاب: الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ.

ص: 520

1368 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ

⦗ص: 521⦘

اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْفِتْنَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا أَحْفَظُهُ كَمَا قَالَ. قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ لَجَرِيءٌ، فَكَيْفَ؟ قَالَ: قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْمَعْرُوفُ - قَالَ سُلَيْمَانُ: قَدْ كَانَ يَقُولُ: الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ - قَالَ: لَيْسَ هَذِهِ أُرِيدُ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ، قَالَ: قُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بِهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ، بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابٌ مُغْلَقٌ، قَالَ، فَيُكْسَرُ الْبَابُ أَوْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: فَإِنَّهُ إِذَا كُسِرَ لَمْ يُغْلَقْ أَبَدًا. قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ مَنِ الْبَابُ؟ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ، قَالَ: فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: عُمَرُ رضي الله عنه. قَالَ: قُلْنَا: فَعَلِمَ عُمَرُ مَنْ تَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً، وَذَلِكَ أَنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ.

[ر: 502]

ص: 520

‌23 - بَاب: مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ.

ص: 521

1369 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ،

عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ، كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مِنْ صَدَقَةٍ، أَوْ عَتَاقَةٍ، وَصِلَةِ رَحِمٍ، فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ).

[2107، 2401، 5646]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده، رقم:123.

(أرأيت) أخبرني عن حكم. (أتحنث) أتعبد وأتقرب. (على ما سلف) ما سبق منك من فعال حميدة مسجل في صحيفة أعمالك وثابت لك أجره.

ص: 521

‌24 - بَاب: أَجْرِ الْخَادِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ.

ص: 521

1370 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِك).

[ر: 1359]

ص: 521

1371 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي

⦗ص: 522⦘

بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الْأَمِينُ، الَّذِي يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ، كَامِلًا مُوَفَّرًا، طَيِّبٌ بِهِ نَفْسُهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ، أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ).

[2141، 2194]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: أجر الخازن الأمين والمرأة إذا تصدقت .. ، رقم:1023.

(كاملا موفرا) تاما لا ينقص منه شيئا، وأن يعطيه لمن أمر بدفعه إليه. (طيب به نفسه) راض بذلك غير حاسد لمن أعطاه إياه. (أحد المتصدقين) له مثل أجر المتصدق.

ص: 521

‌25 - بَاب: أَجْرِ الْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ، أَوْ أَطْعَمَتْ، مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ.

ص: 522

1372 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تَعْنِي:(إِذَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا).

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَطْعَمَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، لَهَا أَجْرُهَا، وَلَهُ مِثْلُهُ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَهُ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ).

[ر: 1359]

(تعني إذا تصدقت) أي تعني عائشة رضي الله عنها هذا الحديث الذي حول إسناده.

ص: 522

1373 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، فَلَهَا أَجْرُهَا، وَلِلزَّوْجِ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ).

[ر: 1359]

ص: 522

(أعطى) ماله لوجه الله. (اتقى) محارمه. (صدق بالحسنى) أيقن أن الله تعالى سيجازيه ويخلفه ما أنفق. (لليسرى) للطريقة التي توصله إلى اليسر، وهي الأعمال الصالحة المسببة لدخول الجنة. (بخل) بما أمر به من الإنفاق. (استغنى) بالدنيا عن الآخرة. (للعسرى) للأعمال المؤدية إلى الشدة، وهي الأعمال السيئة المسببة لدخول النار.

ص: 522

1374 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ

⦗ص: 523⦘

أَبِي الْحُبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا).

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: في المنفق والممسك، رقم:1010.

(خلفا) عوضا عما أنفقه. (ممسكا) عن الإنفاق. (تلفا) أتلف ما لديه.

ص: 522

‌27 - بَاب: مَثَلِ الْمُتَصَدِّقِ وَالْبَخِيلِ.

ص: 523

1375 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ).

وحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ: فَلَا يُنْفِقُ إِلَّا سَبَغَتْ، أَوْ وَفَرَتْ عَلَى جِلْدِهِ، حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ، وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ. وَأَمَّا الْبَخِيلُ: فَلَا يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلَّا لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَّسِعُ).

تَابَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ: فِي الْجُبَّتَيْنِ. وَقَالَ حَنْظَلَةُ، عَنْ طَاوُسٍ: جُنَّتَانِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ، عَنْ ابْنِ هُرْمُزَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: جُنَّتَانِ.

[2760، 4993، 5461]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: مثل المنفق والبخيل، رقم:1021.

(ثديهما) جمع ثدي. (تراقيهما) جمع ترقوة، وهي العظم البارز أعلى الصدر، من رأس الكتف إلى ثغرة العنق. (سبغت) امتدت وغطت. (وفرت) كملت ونمت. (بنانه) أصابعه. (تعفو أثره) تمحو أثر مشيه. (لزقت كل حلقة مكانها) التصقت وضاقت عليه. والمعنى: أن الجود الكريم، إذا هم بالنفقة انشرح لذلك صدره، وطاوعته يداه فامتدتا بالعطاء، وأما البخيل: فإذا حدث نفسه بالصدقة ضاق صدره وانقبضت يده. (جنتان) درعان.

ص: 523

‌28 - بَاب: صَدَقَةِ الْكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ - إِلَى قَوْلِهِ - أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} /البقرة: 267/.

(طيبات ما كسبتم) أجود ما حصلتم من الرزق الحلال. وتتمة الآية: {ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد} . تيمموا: تقصدوا. الخبيث: الردي من المال. تغمضوا: تتسامحوا في أخذه وتتساهلوا فيه.

ص: 524

‌29 - بَاب: عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ.

ص: 524

1376 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ). فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ:(يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ). قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: (يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ). قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: (فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ).

[5676]

(الملهوف) المظلوم والعاجز المضطر الذي يستغيث بك.

ص: 524

‌30 - بَاب: قَدْرُ كَمْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ، وَمَنْ أَعْطَى شَاةً.

ص: 524

1377 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

بُعِثَ إِلَى نُسَيْبَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ بِشَاةٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها مِنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(عِنْدَكُمْ شَيْءٌ). فَقُلْتُ: لَا، إِلَّا مَا أَرْسَلَتْ بِهِ نُسَيْبَةُ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ، فَقَالَ:(هَاتِ، فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا).

[1423، 2440]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم .. ، رقم:1076.

(نسيبة) هي أم عطية نفسها. (تلك الشاة) التي أعطيت لها من الصدقة. (بلغت محلها) وصلت موضعها الذي تحل فيه، لأنها أصبحت ملكا للمتصدق عليه، ثم أهدانا إياها هدية لا صدقة، والهدية جائزة لنا.

ص: 524

‌31 - بَاب: زَكَاةِ الْوَرِقِ.

ص: 524

1378 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ

⦗ص: 525⦘

ذَوْدٍ صَدَقَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ).

ص: 524

1379 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو: سَمِعَ أَبَاهُ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: بِهَذَا.

[ر: 1340]

ص: 525

‌32 - بَاب: الْعَرْضِ فِي الزَّكَاةِ.

وَقَالَ طَاوُسٌ: قَالَ مُعَاذٌ رضي الله عنه لِأَهْلِ الْيَمَنِ: ائْتُونِي بِعَرْضٍ، ثِيَابٍ خَمِيصٍ أَوْ لَبِيسٍ، فِي الصَّدَقَةِ، مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ، أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(وَأَمَّا خَالِدٌ: احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

[ر: 1399]. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ). - فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِهَا - فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا.

[ر: 98]. وَلَمْ يَخُصَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنَ الْعُرُوضِ.

(بعرض) هو كل ما عدا النقود. (خميص) ثوب صغير مربع ذو خطوط. (لبيس) ملبوس، أو كل ما يلبس. (احتبس) وقف. (أدراعه) جمع درع وهو ما يلبس للحرب. (أعتده) جمع عتد وهو ما يعده الرجل من الدواب والسلاح وغير ذلك للحرب. (حليكن) جمع حلي، وهو ما تتخذه المرأة للزينة من سوار وخاتم وغيره. (خرصها) الحلقة التي تعلق في الأذن. (سخابها) قلادتها.

ص: 525

1380 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ: أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه حَدَّثَهُ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه: كَتَبَ لَهُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ).

[1382، 1383، 1385 - 1387، 2355، 6555]

(كتب له التي أمر الله رسوله) بين له - كتابة - فريضة زكاة الحيوان التي أمر الله تعالى بها رسوله صلى الله عليه وسلم. (صدقته) زكاته. (بنت مخاض) الأنثى من الإبل التي تم لها سنة. (بنت لبون) التي تم لها سنتان. (المصدق) العامل الذي يجمع الزكاة. (على وجهها) الوجه الذي فرضه الله تعالى في الزكاة بلا تعد.

ص: 525

1381 -

حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ

⦗ص: 526⦘

يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَأَتَاهُنَّ، وَمَعَهُ بِلَالٌ نَاشِرَ ثَوْبِهِ، فَوَعَظَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي. وَأَشَارَ أَيُّوبُ إِلَى أُذُنِهِ وَإِلَى حَلْقِهِ.

[ر: 98]

ص: 525

‌33 - بَاب: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ.

وَيُذْكَرُ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مِثْلَهُ.

ص: 526

1382 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ: أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه حَدَّثَهُ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه: كَتَبَ لَهُ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ).

[ر: 1380]

(لا يجمع بين متفرق) من الحيوانات التي تجب فيها الصدقة، كأن يكون ثلاثة، لكل واحد منهم أربعون شاة، فيجب على كل واحد شاة، فإذا جمعوها وجب على الجميع شاة واحدة. (لا يفرق بين مجتمع) كأن يكون لشريكين أربعون شاة، فتجب فيها شاة واحدة، فإذا أخذ كل شريك حصته عشرين، لم يجب عليها شيء. (خشية الصدقة) أن تقل أو تكثر، لأن العامل أيضا ربما فعل ذلك أحيانا حتى تكثر الزكاة على المكلفين، فليس له ذلك.

ص: 526

‌34 - بَاب: مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ.

وَقَالَ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ: إِذَا عَلِمَ الْخَلِيطَانِ أَمْوَالَهُمَا، فَلَا يُجْمَعُ مَالُهُمَا. وَقَالَ سُفْيَانُ: لَا يَجِبُ حَتَّى يَتِمَّ لِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً، وَلِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً.

(إذا علم .. ) أي إذا كان مال كل من الشريكين مميزا ومعلوما له، فيحاسب كل منهما منفردا. (لا يجب .. ) أي لا زكاة على الشريكين ما لم يكن لكل منهما نصاب، وعندها يجب على كل منهما ما يجب عليه لو كان منفردا.

ص: 526

1383 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه: كَتَبَ لَهُ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ).

[ر: 1380]

(خليطين) شريكين اختلطت أموالهما. (يتراجعان بالسوية) إذا أخذ العامل ما وجب من الزكاة عنهما من مال أحدهما، فإنه يرجع على الآخر بقدر حصته.

ص: 526

‌35 - بَاب: زَكَاةِ الْإِبِلِ.

ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنهم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1385، 1391]

ص: 526

1384 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ:(وَيْحَكَ، إِنَّ شَأْنَهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ تُؤَدِّي صَدَقَتَهَا). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا).

[2490، 3708، 5813]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد والخير، رقم:1865.

(الهجرة) إلى المدينة والإقامة بها. (ويحك) كلمة ترحم وتوجع، تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها. (إن شأنها شديد) لا يستطيع القيام بحقها إلا القليل. (فاعمل من وراء البحار) أي إذا كنت تؤدي فرض الله تعالى عليك، في نفسك ومالك، فلا يضرك مكان إقامتك مهما كان بعيدا. (يترك) ينقصك.

ص: 527

‌36 - بَاب: مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ.

ص: 527

1385 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ: أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه حَدَّثَهُ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه: كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ، الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ، وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا. وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الْحِقَّةُ، وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ. وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا بِنْتُ لَبُونٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ، وَيُعْطِي شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ. وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَيُعْطِي مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ).

[ر: 1380]

(الجذعة) ما تم لها أربع سنين من الإبل. (حقة) ما تم لها ثلاث سنين من الإبل.

ص: 527

‌37 - بَاب: زَكَاةِ الْغَنَمِ.

ص: 527

1386 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ،

⦗ص: 528⦘

لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ:

بسم الله الرحمن الرحيم

هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ، الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ:

(فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا، مِنَ الْغَنَمِ، مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، فإذا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ - يَعْنِي - سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ مِنَ الْإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ.

وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ: فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً، فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا.

وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلَّا تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا).

[ر: 1380]

(وجهه إلى البحرين) أرسله أميرا عليها. (من الغنم) تدفع زكاتها من الغنم لا من الإبل. (طروقة الجمل) التي أصبحت بحيث يمكن أن يطرقها الجمل، والطرق من الجمل كالجماع من الإنسان. (يشاء ربها) يتبرع صاحبها. (سائمتها) هي التي ترعى دون أن تعلف. (الرقة) الفضة المضروبة نقودا. (ربع العشر) اثنان ونصف من كل مائة.

ص: 527

‌38 - بَاب: لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسٌ، إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ.

ص: 528

1387 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ: أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه حَدَّثَهُ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كَتَبَ لَهُ، الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم: (وَلَا يُخْرَجُ فِي

⦗ص: 529⦘

الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسٌ، إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ).

[ر: 1380]

(هرمة) الكبيرة التي سقطت أسنانها. (ذات عوار) عيب ترد فيه في البيع عادة. (تيس) هو فحل الغنم، وقيل: فحل المعز خاصة.

ص: 528

‌39 - بَاب: أَخْذِ الْعَنَاقِ فِي الصَّدَقَةِ.

ص: 529

1388 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (ح). وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا، كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِالْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.

[ر: 1335]

ص: 529

‌40 - بَاب: لَا تُؤْخَذُ كَرَائِمُ أَمْوَالِ النَّاسِ فِي الصَّدَقَةِ.

ص: 529

1389 -

حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا رضي الله عنه عَلَى الْيَمَنِ، قَالَ:(إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ، فَأَخْبِرْهُمْ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ).

[ر: 1331]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، رقم:19.

(توق كرائم أموال الناس) احذر ما كان عزيزا عند صاحبه من الأموال، فلا تأخذه زكاة، كشاة يعلفها للحم، أو بقرة يستفيد من لبنها، أو بعير يعده للركوب، وهكذا.

ص: 529

‌41 - بَاب: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ.

ص: 529

1390 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ،

⦗ص: 530⦘

وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ).

[ر: 1340]

ص: 529

‌42 - بَاب: زَكَاةِ الْبَقَرِ.

وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَأَعْرِفَنَّ، مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ).

[ر: 6578].

وَيُقَالُ: جُؤَارٌ. {تَجْأَرُونَ} /النحل: 53/: تَرْفَعُونَ أَصْوَاتَكُمْ كَمَا تَجْأَرُ الْبَقَرَةُ.

(لأعرفن) أي لأعرفنكم غدا على هذه الحالة، عندما يأتي أحدكم يوم القيامة ليقف بين يدي الله تعالى، وهو يحمل على رقبته بقرة لم يؤد زكاتها، وهي تصيح بأعلى صوتها ليفتضح أمام الخلائق. وفي نسخة (لا أعرفن) أي لا ينبغي أن تكونوا على هذه الحالة. الخ .. (خوار) صوت البقر، والجؤار الصياح. (تجأرون) ترفعون أصواتكم بالدعاء، والآية بتمامها:{وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون} . مسكم: أصابكم. الضر: مصيبة من فقر أو مرض أو فقد.

ص: 530

1391 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:

انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، أَوْ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ - أَوْ كَمَا حَلَفَ - مَا مِنْ رَجُلٍ تَكُونُ لَهُ إِبِلٌ، أَوْ بَقَرٌ، أَوْ غَنَمٌ، لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا، إِلَّا أُتِيَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَعْظَمَ مَا تَكُونُ وَأَسْمَنَهُ، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، كُلَّمَا جَازَتْ أُخْرَاهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ).

رَوَاهُ بُكَيْرٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[6262، وانظر: 1337]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة، رقم:990.

(انتهيت) جئت إليه. (جازت أخراها) مر آخرها.

ص: 530

‌43 - بَاب: الزَّكَاةِ عَلَى الْأَقَارِبِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (لَهُ أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَالصَّدَقَةِ).

[ر: 1397]

ص: 530

1392 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إسحق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:

{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى

⦗ص: 531⦘

تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}. قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} . وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ). فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.

تَابَعَهُ رَوْحٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ، عَنْ مَالِكٍ:(رَايِحٌ).

[2193، 2601، 2607، 2617، 4279، 5288]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد .. ، رقم:998.

(بيرحاء) اسم بستان. (طيب) عذب. (الآية) آل عمران: 92. (البر) اسم جامع لكل خير. (مما تحبون) من أموالكم التي ترغبون بها، طيبة بذلك نفوسكم. (أرجو برها وذخرها) أطمع وآمل من الله تعالى: أن يدخر لي أجرها وثوابها، لأجده يوم القيامة. (بخ) كلمة تقال عند الرضا والإعجاب بالشيء. (مال رابح) ذو ربح كثير، يجنيه صاحبه في الآخرة. (رايح) من الرواح وهو الرجوع، أي يرجع نفعه إلى صاحبه.

ص: 530

1393 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَقَالَ:(أَيُّهَا النَّاسُ، تَصَدَّقُوا). فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ). فَقُلْنَ: وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ (تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ، أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ، مِنْ إِحْدَاكُنَّ، يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ). ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ، جَاءَتْ زَيْنَبُ، امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ زَيْنَبُ، فَقَالَ:(أَيُّ الزَّيَانِبِ). فَقِيلَ: امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:(نَعَمْ، ائْذَنُوا لَهَا). فَأُذِنَ لَهَا، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ).

[ر: 298]

ص: 531

‌44 - بَاب: لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ.

ص: 532

1394 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَغُلَامِهِ صَدَقَةٌ). [1395]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه، رقم:982.

(فرسه) واحد الخيل، يقع على الذكر والأنثى، والمراد هنا جنس الخيل المعدة للركوب لا للتجارة. (غلامه) عبده الذي يملكه ليخدمه. (صدقة) زكاة.

ص: 532

‌45 - بَاب: لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ صَدَقَةٌ.

ص: 532

1395 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ خُثَيْمِ بْنِ عِرَاكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ).

[ر: 1394]

ص: 532

‌46 - بَاب: الصَّدَقَةِ عَلَى الْيَتَامَى.

ص: 532

1396 -

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه يُحَدِّثُ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، فَقَالَ:(إِنِّي مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا). فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ، تُكَلِّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَا يُكَلِّمُكَ؟ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، قَالَ فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ، فَقَالَ:(أَيْنَ السَّائِلُ). وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ فَقَالَ: (إِنَّهُ لَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ، إِلَّا آكِلَةَ الْخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ، وَبَالَتْ، وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ

⦗ص: 533⦘

مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ - أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

[ر: 879]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا، رقم:1052.

(ينزل عليه) الوحي. (الرخصاء) العرق الكثير. (حمده) أثنى عليه. (الربيع) النهر الصغير. (يلم) يقرب من القتل. (آكلة الخضراء) التي تأكل الخضر وتقتصد في الأكل. (فثلطت) ألقت روثها رقيقا مائعا. (رتعت) توسعت في المرعى. (خضرة حلوة) مثل الفاكهة الخضرة الحلوة، من حيث جمال المظهر وطيب المذاق، المرغبان فيها، فكذلك المال مرغوب فيه.

ص: 532

‌47 - بَاب: الزَّكَاةِ عَلَى الزَّوْجِ وَالْأَيْتَامِ فِي الْحَجْرِ.

قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1393]

ص: 533

1397 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما. قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيمَ: فَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ، بِمِثْلِهِ سَوَاءً. قَالَتْ:

كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ). وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَيْتَامٍ فِي حَجْرِهَا، قَالَ: فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامي فِي حَجْرِي مِنَ الصَّدَقَةِ؟ فَقَالَ: سَلِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى الْبَابِ، حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي، فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلَالٌ، فَقُلْنَا: سَلِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي، وَقُلْنَا: لَا تُخْبِرْ بِنَا، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:(مَنْ هُمَا). قَالَ: زَيْنَبُ، قَالَ:(أَيُّ الزَّيَانِبِ). قَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:(نَعَمْ لَهَا أَجْرَانِ، أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ).

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد .. ، رقم:1000.

(عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه. (قال) الأعمش. (فذكرته) أي الحديث. (لإبراهيم) بن يزيد النخعي. (حجرها) رعايتها وحضانتها. (أيجزي) أيكفي ويقبل. (الصدقة) الزكاة. (امرأة) هي زوجة أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنهما.

ص: 533

1398 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِيَ أَجْرٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى بَنِي أَبِي سَلَمَةَ، إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ؟ فَقَالَ:(أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ، فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ).

[5054]

أخرجه مسلم في الزكاة، فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد .. ، رقم:1001.

(أبي سلمة) هو عبد الله بن عبد الأسد المخزومي رضي الله عنه، وكان زوجها، واستشهد في أحد فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 533

‌48 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَفِي الرِّقَابِ

وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} /التوبة: 60

/.

وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: يُعْتِقُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ، وَيُعْطِي فِي الْحَجِّ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ جَازَ، وَيُعْطِي فِي الْمُجَاهِدِينَ، وَالَّذِي لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ تَلَا:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} . الْآيَةَ، فِي أَيِّهَا أَعْطَيْتَ أَجْزَأَتْ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ خَالِدًا احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ). وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي لَاسٍ: حَمَلَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ لِلْحَجِّ.

(في الرقاب) أي يدفع من مال الزكاة معونة للعبيد ليخلصوا من الرق. (في سبيل الله) يعطي المجاهدون الذين لا مرتب لهم من الزكاة ليستعينوا على الجهاد. (في الحج) أي يعطي من لم يحج حج الفرض، وهو فقير، من الزكاة ليحج. (أيها) أي: أي صنف من الأصناف الثمانية المذكورة، إذا أعطيته الزكاة فقد أديت الحق الواجب عليك. والآية بتمامها:{إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} . العاملين عليها: الموكلين بجمع أموال الزكاة. المؤلفة قلوبهم: من يرجى إسلامهم وحسن حالهم إذا أعطوا من المال، أو من كان جديد الدخول بالإسلام، وفي إسلامه شيء ويرجى حسن حاله بإعطائه. الغارمين: المثقلين بالديون وليس لديهم وفاء لها. ابن السبيل: المسافر الذي فقد النفقة وما يبلغه بلده.

ص: 534

1399 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّدَقَةِ، فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ: فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: فَعَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا).

تَابَعَهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ ابْنُ إسحق، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ:(هِيَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهَا مَعَهَا). وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حُدِّثْتُ عَنِ الْأَعْرَجِ: بِمِثْلِهِ.

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: في تقديم الزكاة ومنعها، رقم:983.

(ما ينقم ابن جميل) ما يكره وينكر. (فهي عليه صدقة) ثابتة مستحقة، سيتصدق بها. (ومثلها معها) ويتصدق بمثلها معها كرما منه. وانظر الباب (32) من كتاب الزكاة.

ص: 534

‌49 - بَاب: الِاسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ.

ص: 534

1400 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ

⦗ص: 535⦘

يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

إِنَّ نَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ، سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ:(مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ).

[6105]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: فضل التعفف والصبر، رقم:1053.

(فلن أدخره عنكم) لن أحبسه وأمنعكم منه. (يستعفف) يظهر العفة ويكف عن السؤال.

ص: 534

1401 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا فَيَسْأَلَهُ، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ).

[1401، 1968، 2245]

ص: 535

1402 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ).

[1969، 2244]

(فيكف الله بها وجهه) يمنعه الله تعالى ويحميه بسببها من أن يريق ماء وجهه ويذل نفسه بالسؤال.

ص: 535

1403 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ:

سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ:(يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى). قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ

⦗ص: 536⦘

اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا، حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى الْعَطَاءِ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُوُفِّيَ.

[ر: 1361]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى .. ، رقم:1035.

(خضرة حلوة) كالفاكهة، الخضرة في المنظر الحلوة في المذاق، ولذلك ترغبه النفوس، وتميل إليه وتحرص عليه. (بسخاوة نفس) بغير إلحاح في السؤال، ولا طمع ولا حرص، ولا إكراه أو إحراج للمعطي. (بورك له فيه) كثر ونما وكان رزقا حلالا يشعر بلذته. (بإشراف نفس) بإلحاح في السؤال، وتطلع لما في أيدي غيره، وشدة حرصه على تحصيله، مع إكراه المعطي وإحراجه. (كالذي يأكل ولا يشبع) لا يقنع بما يأتيه، وأصبح كمن أصيب بمرض الجوع الكاذب، الذي كلما ازداد أكلا ازداد جوعا، فكلما جمع من المال شيئا ازداد رغبة في غيره، وازداد شحا وبخلا بما في يده وحرصا عليه. (لا أرزأ) لاأنقص ماله بالطلب، والمعنى: لا آخذ. (الفيء) ما أخذ من الكفار من غير قتال.

ص: 535

‌50 - بَاب: مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ.

ص: 536

1404 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي. فَقَالَ: (خُذْهُ، إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْءٌ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وَمَا لَا، فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ).

[6744]

(إشراف نفس) انظر شرح: 1403. أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إباحة الأخذ لمن أعطي من غير مسألة ولا إشراف، رقم: 1045.

(ومالا) والذي لم يأتك على هذه الصفة: (فلا تتبعه نفسك) فاتركه ولا تتعلق نفسك به.

ص: 536

‌51 - بَاب: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا.

ص: 536

1405 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ). وَقَالَ: (إِنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَبْلُغَ الْعَرَقُ نِصْفَ الْأُذُنِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

وَزَادَ عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ: (فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بَيْنَ الْخَلْقِ،

⦗ص: 537⦘

فَيَمْشِي حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ، فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا، يَحْمَدُهُ أَهْلُ الْجَمْعِ كُلُّهُمْ).

وَقَالَ مُعَلًّى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ: سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِي الْمَسْأَلَةِ.

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: كراهة المسألة للناس، رقم:1040.

(يسأل الناس) يطلب منهم المال من غير حاجة. (مزعة لحم) نتفة لحم، علامة على ذله بالسؤال. (الجمع) المحشر.

ص: 536

‌52 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} /البقرة: 273/. وَكَمْ الْغِنَى.

وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (وَلَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ).

[ر: 1409]. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ - إِلَى قَوْلِهِ - فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} . /البقرة: 273/.

(إلحافا) إلحاحا، وهو ملازمة المسؤول حتى يعطيه. (أحصروا) منعهم الجهاد من التجارة والكسب. وتتمة الآية:{لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم} . (ضربا في الأرض) سفرا للتسبب في طلب ما يستغنون به. (الجاهل) الذي لا يعرف حقيقة أمرهم. (من التعفف) بمظهرهم ومقالهم. (بسيماهم) صفتهم التي يعرفها في وجوههم من كان ذا نظر دقيق.

ص: 537

1406 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الْأُكْلَةَ وَالْأُكْلَتَانِ، وَلَكِنْ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى، وَيَسْتَحْيِي، أَوْ، لَا يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا).

[1409، 4265]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: المسكين الذي لا يجد غنى ولا يفطن له فيتصدق عليه، رقم:1039.

(ليس المسكين) الفقير المحتاج المتكامل في احتياجه. (ترده) تسد حاجته. (الأكلة) اللقمة، أي: أي شيء يعطاه قليلا كان أم كثيرا. (غنى) سعة ويسار يسد حاجته.

ص: 537

1407 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ ابْنِ أَشْوَعَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: حَدَّثَنِي كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ (إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ).

[2277، 5630، وانظر: 808]

(قيل وقال) الاشتغال بما لا يعني من أقاويل الناس. (إضاعة المال) بإنفاقه في المعاصي أو الإسراف فيه في المباحات. (السؤال) طلب أموال الناس، أو السؤال في العلم عما في دنيا أو آخرة.

ص: 537

1408 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ، قَالَ: فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ رَجُلًا لَمْ يُعْطِهِ، وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا؟ قَالَ:(أَوْ مُسْلِمًا). قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا؟ قَالَ:(أَوْ مُسْلِمًا). قَالَ: فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ:(أَوْ مُسْلِمًا). يَعْنِي: فَقَالَ: (إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ).

وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ هذا، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، فَجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِي وَكَتِفِي، ثُمَّ قَالَ:(أَقْبِلْ أَيْ سَعْدُ، إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ).

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: {فَكُبْكِبُوا} قُلِبُوا. {مُكِبًّا} : أَكَبَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أَحَدٍ، فَإِذَا وَقَعَ الْفِعْلُ، قُلْتَ: كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ، وَكَبَبْتُهُ أَنَا.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ قَدْ أَدْرَكَ ابْنَ عمر.

[ر: 27]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: تألف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه، رقم:150.

(فساررته) تكلمت معه سرا من الحضور. (فجمع) أي في ضربته. (أقبل أي سعد) تعالى يا سعد لأبين لك. (فكبكبوا) ألقوا في النار على وجوههم مرة بعد أخرى. واللفظ من الآية /94/ من سورة الإسراء. (مكبا) متساقطا على وجهه، متعثرا في مشيته، واللفظ من الآية /22/ من سورة الملك.

ص: 538

1409 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ، تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنْ الْمِسْكِينُ: الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ بِهِ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ).

[ر: 1406]

ص: 538

1410 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، ثُمَّ يَغْدُوَ - أَحْسِبُهُ

⦗ص: 539⦘

قَالَ - إِلَى الْجَبَلِ، فَيَحْتَطِبَ، فَيَبِيعَ، فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ).

[ر: 1401]

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ قَدْ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ.

ص: 538

‌53 - بَاب: خَرْصِ التمر.

ص: 539

1411 -

حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ:

غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ الْقُرَى، إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:(اخْرُصُوا). وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، فَقَالَ لَهَا:(أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا). فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ: (أَمَا، إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُومَنَّ أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ). فَعَقَلْنَاهَا، وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ. وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ، فَلَمَّا أَتَى وَادِيَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ:(كَمْ جاءت حَدِيقَتُكِ). قَالَتْ: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَتَعَجَّلْ). فَلَمَّا - قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا - أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: (هَذِهِ طَابَةُ). فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ: (هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ). قَالُوا: بَلَى، قَالَ:(دُورُ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ دُورُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ دُورُ بَنِي سَاعِدَةَ، أَوْ دُورُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ - يَعْنِي - خَيْرًا).

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو: (ثُمَّ دَارُ بَنِي الْحَارِثِ، ثُمَّ بَنِي سَاعِدَةَ). وَقَالَ

⦗ص: 540⦘

سُلَيْمَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ).

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: كُلُّ بُسْتَانٍ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَهُوَ حَدِيقَةٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِطٌ لَمْ يُقَلْ حَدِيقَةٌ.

[1773، 2990، 3580، 4160]

أخرجه مسلم في الحج، باب: أحد جبل يحبنا ونحبه. وفي الفضائل، باب: في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، رقم:1392.

(وادي القرى) مدينة قديمة بين المدينة والشام. (اخرصوا) قدروا. (أوسق) جمع وسق وهو مكيال معين كان لديهم. (أحصي) عدي واحفظي قدر ما يخرج منها. (فليعقله) يشده بالعقال وهو الحبل. (طيء) اسم قبيلة، والجبل منسوب إليها. (أيلة) بلدة على ساحل البحر بين مصر ومكة. (بردا) ثوبا مخططا. (كتب له ببحرهم) أقره النبي صلى الله عليه وسلم ملكا عليهم، مقابل ما التزمه من الجزية. (كم جاءت حديقتك) كم بلغ ثمرها. (طابة) من أسماء المدينة، ومعناه الطيبة. (خرص رسول) حسب تقديره. (جبيل) تصغير جبل. (جبيل يحبنا .. ) قيل: هو مجاز، والمراد أهل الجبل وهم الأنصار لأنه لهم، ولا مانع من حمله على الحقيقة: فيكون حب النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لما فيه من قبور الشهداء، ولأنهم التجؤوا إليه يوم أحد وامتنعوا به من أذى المشركين، وأما حبه لهم فالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم بذلك. (خيرا) في نسخة (خير).

ص: 539

‌54 - بَاب: الْعُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ، وَبِالْمَاءِ الْجَارِي.

وَلَمْ يَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْعَسَلِ شَيْئًا

(شيئا) أي من الزكاة.

ص: 540

1412 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا، الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ).

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: هَذَا تَفْسِيرُ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوَقِّتْ فِي الْأَوَّلِ، يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ:(وَفِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ). وَبَيَّنَ فِي هَذَا وَوَقَّتَ، وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَالْمُفَسَّرُ يَقْضِي عَلَى الْمُبْهَمِ إِذَا رَوَاهُ أَهْلُ الثَّبَتِ، كَمَا رَوَى الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ، وَقَالَ بِلَالٌ: قَدْ صَلَّى، فَأُخِذَ بِقَوْلِ بِلَالٍ، وَتُرِكَ قَوْلُ الْفَضْلِ.

[ر: 388، 389]

(عثريا) ما يشرب من غير سقي، إما بعروقه أو بواسطة المطر والسيول والأنهار، وهو ما يسمى بالبعل، سمي بذلك من العاثوراء وهي الحفرة، لتعثر الماء بها. (العشر) عشرة من المائة. (بالنضح) بنضح الماء والتكلف في استخراجه. (هذا) إشارة إلى حديث أبي سعيد رضي الله عنه الآتي:1413. (يوقت) يعين نصابا يؤخذ منه، وما هو أقل من نصاب فلا يؤخذ منه. (المفسر) المبين. (يقضي) يحكم. (الثبت) الدقة في الحفظ والتثبت مما يروى.

ص: 540

‌55 - بَاب: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ.

ص: 540

1413 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيْسَ فِيمَا أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الْإِبِلِ الذَّوْدِ صَدَقَةٌ، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ).

⦗ص: 541⦘

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: هَذَا تَفْسِيرُ الْأَوَّلِ إِذَا قَالَ: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ). وَيُؤْخَذُ أَبَدًا فِي الْعِلْمِ بِمَا زَادَ أَهْلُ الثَّبَتِ أَوْ بَيَّنُوا.

[ر: 1340]

(إذا قال) إذا تعليلية، أو بمعنى حين.

ص: 540

‌56 - بَاب: أَخْذِ صَدَقَةِ التَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ، وَهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِيُّ فَيَمَسُّ تَمْرَ الصَّدَقَةِ.

ص: 541

1414 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ، فَيَجِيءُ هَذَا بِتَمْرِهِ وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ، حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهما يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً فجعله فِي فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ، فَقَالَ:(أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ).

[1420، 2907]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله .. ، رقم:1069.

(صرام النخل) قطع التمر عنه. (كوما) ما اجتمع كالصبرة. (لا يأكلون الصدقة) لا يحل لهم أكلها.

ص: 541

‌57 - بَاب: مَنْ بَاعَ ثِمَارَهُ أَوْ نَخْلَهُ أَوْ أَرْضَهُ أَوْ زَرْعَهُ، وَقَدْ وَجَبَ فِيهِ الْعُشْرُ أَوِ الصَّدَقَةُ، فَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ بَاعَ ثِمَارَهُ وَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ.

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَةَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا).

فَلَمْ يَحْظُرِ الْبَيْعَ بَعْدَ الصَّلَاحِ عَلَى أَحَدٍ، وَلَمْ يَخُصَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ.

ص: 541

1415 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلَاحِهَا، قَالَ:(حَتَّى تَذْهَبَ عَاهَتُهُ).

[2072، 2082، 2087، وانظر: 2063، 2130]

(يبدو صلاحها) يظهر نضجها. (عاهته) ما يمكن أن يصيب الثمر من الآفات.

ص: 541

1416 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا.

[2077، 2084، 2252، وانظر: 2079]

ص: 541

1417 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ. قَالَ: حَتَّى تَحْمَارَّ.

[2083، 2085، 2086، 2094]

ص: 542

‌58 - بَاب: هَلْ يَشْتَرِي صَدَقَتَهُ.

وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ غَيْرُهُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا نَهَى الْمُتَصَدِّقَ خَاصَّةً عَنِ الشِّرَاءِ، وَلَمْ يَنْهَ غَيْرَهُ.

ص: 542

1418 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: كَانَ يُحَدِّثُ:

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْمَرَهُ، فَقَالَ:(لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ). فَبِذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لَا يَتْرُكُ أَنْ يَبْتَاعَ شَيْئًا تَصَدَّقَ بِهِ إِلَّا جَعَلَهُ صَدَقَةً.

[2623، 2809، 2840، وانظر: 1419]

(فاستأمره) استشاره واستأذنه. (لا تعد في صدقتك) لا ترجع بها ولا ترغب فيها. (لا يترك الخ .. ) أي إذا اتفق أن اشترى شيئا مما تصدق به، تصدق به ثانية بعد شرائه.

ص: 542

1419 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ:

حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ).

[2480، 2493، 2808، 2841، وانظر: 1418]

أخرجه مسلم في الهبات، باب: كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه، رقم:1620.

(حملت) تصدقت به عليه ليركبه في الجهاد. (فأضاعه) لم يقم بشؤونه وما يرعاه.

ص: 542

‌59 - بَاب: مَا يُذْكَرُ فِي الصَّدَقَةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 542

1420 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ،

⦗ص: 543⦘

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (كِخٍ كِخٍ). لِيَطْرَحَهَا، ثُمَّ قَالَ:(أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ).

[ر: 1414]

(كخ) كلمة تقال عند زجر الصبي عن تناول شيء ما. (ليطرحها) ليلقيها من فمه. (أما شعرت) أي كيف خفي عليك.

ص: 542

‌60 - بَاب: الصَّدَقَةِ عَلَى مَوَالِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 543

1421 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

وَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَاةً مَيِّتَةً، أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا). قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ؟ قَالَ: (إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا).

[2108، 5211، 5212]

أخرجه مسلم في الحيض، باب: طهارة جلود الميتة بالدباغ، رقم:363.

(مولاة) عتيقة. (مَيْمُونَةَ) بِنْتِ الْحَارِثِ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 543

1422 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ، وَأَرَادَ مَوَالِيهَا أَنْ يَشْتَرِطُوا وَلَاءَهَا، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). قَالَتْ: وَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَقُلْتُ: هَذَا مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ:(هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ).

[ر: 444]

ص: 543

‌61 - بَاب: إِذَا تَحَوَّلَتِ الصَّدَقَةُ.

ص: 543

1423 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ:

دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَة رضي الله عنها، فَقَالَ:(هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ). فَقَالَتْ: لَا، إِلَّا شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ إِلَيْنَا نُسَيْبَةُ، مِنَ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثَتْ بِهَا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ:(إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا).

[ر: 1377]

ص: 543

1424 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِلَحْمٍ، تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ:(هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ). وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعَ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2438]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: أباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم .. ، رقم: 1074

ص: 543

‌62 - بَاب: أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ، وَتُرَدَّ فِي الْفُقَرَاءِ حَيْثُ كَانُوا.

ص: 544

1425 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إسحق، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ:(إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى: أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ).

[ر: 1331]

(اتق دعوة المظلوم) تجنب الظلم لئلا يدعو عليك مظلوم. (حجاب) حاجز، يحول دون وصولها واستجابتها.

ص: 544

‌63 - بَاب: صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ.

وَقَوْلِهِ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} /التوبة: 103/.

(صدقة) زكاة. (تطهرهم) تنقيهم من الذنوب وتخلصهم من شح النفس. (تزكيهم) تنمي حسناتهم. (صل عليهم) ادع لهم واستغفر. (سكن) راحة لنفوسهم واطمئنان.

ص: 544

1426 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ). فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ:(اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى).

[3933، 5973، 5998]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: الدعاء لمن أتى بصدقته، رقم:1078.

ص: 544

‌64 - بَاب: مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: لَيْسَ الْعَنْبَرُ بِرِكَازٍ، هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: فِي الْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ الْخُمُسُ، فَإِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ، لَيْسَ فِي الَّذِي يُصَابُ فِي الْمَاءِ.

(العنبر) نوع من الطيب. (بركاز) اسم لما يستخرج من المعادن والكنوز، أو هو خاص بالكنوز. (دسره) دفعه ورمى به إلى الساحل.

ص: 544

1427 -

وَقَالَ اللَّيْث: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِأَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ).

[1957، 2169، 2274، 2298، 2583، 5906]

(يسلفه) يقرضه. (مركبا) سفينة يركب عليها. (نقرها) قورها وجوفها. (الحديث) أي بأطول مما هنا، كما تحصل عليه إذا نظرت في مواضعه.

ص: 545

‌65 - بَاب: فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ: الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ، فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ، وَلَيْسَ الْمَعْدِنُ بِرِكَازٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَعْدِنِ:(جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ).

وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمَعَادِنِ، مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً.

وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ وَجَدْتَ اللُّقَطَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرِّفْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْمَعْدِنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: أَرْكَزَ الْمَعْدِنُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ. قِيلَ لَهُ: قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ، أَوْ رَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا، أَوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ، أَرْكَزْتَ. ثُمَّ نَاقَضَ، وَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتُمَهُ فَلَا يُؤَدِّيَ الْخُمُسَ.

(بعض الناس) كأبي حنيفة والثوري والأوزاعي رحمهم الله تعالى. (ناقض) أي ناقض قوله حيث قال أولا: إنه ركاز، أي فيجب فيه الخمس. ثم قال: لا يؤدي عنه ولا يخبر به.

ص: 545

1428 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 546⦘

قَالَ: (الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ).

[2228، 6514، 6515]

أخرجه مسلم في الحدود، باب: جرح العجماء جبار والمعدن والبئر جبار، رقم:1710.

(العجماء) البهيمة، وسميت بذلك لأنها لا تتكلم. (جبار) أي جنايتها هدر ليس فيها ضمان. (المعدن جبار) لا زكاة فيما يستخرج منه. (الركاز) الكنوز المدفونة قبل الإسلام.

ص: 545

‌66 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} /التوبة: 60/. وَمُحَاسَبَةِ الْمُصَدِّقِينَ مَعَ الْإِمَامِ.

ص: 546

1429 -

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ الْأَسْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ.

[ر: 883]

(العاملين عليها) العمال الذين يكلفون بجمع أموال الزكاة من المزكين.

ص: 546

‌67 - بَاب: اسْتِعْمَالِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَأَلْبَانِهَا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ.

ص: 546

1430 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ، اجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ، فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ بِالْحَرَّةِ يَعَضُّونَ الْحِجَارَةَ.

تَابَعَهُ أَبُو قِلَابَةَ، وَحُمَيْدٌ، وَثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ.

[ر: 231]

(استاقوا الذود) أخذوا الإبل وساقوها أمامهم. (يعضون الحجارة) من شدة عطشهم وألمهم.

ص: 546

‌68 - بَاب: وَسْمِ الْإِمَامِ إِبِلَ الصَّدَقَةِ بِيَدِهِ.

ص: 546

1431 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي إسحق بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْتُهُ فِي يَدِهِ الْمِيسَمُ، يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ.

[5222، 5486]

(ليحنكه) من التحنيك، وهو أن يمضغ تمرة أو شيئا حلوا، ويجعله في فم المولود، ويحك به حنكه بأصبعه حتى يتحلل في حنكه، والحنك أعلى داخل الفم، ويفعل ذلك ليكون الحلو أول ما يدخل جوف المولود، ويستحسن أن يقوم بذلك مؤمن صالح تقي تبركا وتفاؤلا. (فوافيته) أتيته. (الميسم) الآلة التي يكوى بها. (يسم) يعلم. (الصدقة) الزكاة.

ص: 546

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 547

‌31 - أَبْوَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

ص: 547

‌1 - بَاب: فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ.

وَرَأَى أَبُو الْعَالِيَةِ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ سِيرِينَ: صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرِيضَةً.

ص: 547

1432 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ.

[1433، 1436، 1438، 1440، 1441]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، رقم:984.

(فرض) أوجب أو قدر. (الفطر) من صوم رمضان. (صاعا) هو مكيال معين. (على العبد) أي تلزم فطرته، ويخرجها عنه مالكه. (الصلاة) صلاة العيد.

ص: 547

‌2 - بَاب: صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

ص: 547

1433 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

[ر: 1432]

ص: 547

‌3 - بَاب: صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ.

ص: 547

1434 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا نُطْعِمُ الصَّدَقَةَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ.

[1435، 1437، 1439]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، رقم:985.

(كنا نطعم الصدقة) نعطي زكاة الفطر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 547

‌4 - بَاب: صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ.

ص: 548

1435 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ:

كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ.

[ر: 1434]

(طعام) من بر وهو القمح. (أقط) لبن مجفف يطبخ به.

ص: 548

‌5 - بَاب: صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ.

ص: 548

1436 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ:

أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ.

[ر: 1432]

(صاعا .. ) التقدير: إخراج صدقة الفطر صاع .. (الناس) معاوية رضي الله عنه ومن تبعه. (عدله) نظيره وبدله. (مدين) تثنية مد، وهو ربع صاع، أي مقدار ما يملأ الكفين.

ص: 548

‌6 - بَاب: صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ.

ص: 548

1437 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ: سَمِعَ يَزِيدَ الْعَدَنِيَّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ، وَجَاءَتْ السَّمْرَاءُ، قَالَ: أُرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ.

[ر: 1434]

(السمراء) الحنطة. (أرى مدا من هذا القمح يعدل مدين) من سائر الحبوب.

ص: 548

‌7 - بَاب: الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْعِيدِ.

ص: 548

1438 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ.

[ر: 1432]

ص: 548

1439 -

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

⦗ص: 549⦘

سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ، وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ.

[ر: 1434]

ص: 548

‌8 - بَاب: صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، فِي الْمَمْلُوكِينَ لِلتِّجَارَةِ: يُزَكَّى فِي التِّجَارَةِ، وَيُزَكَّى فِي الْفِطْرِ.

(في المملوكين .. ) أي إذا كان عنده عبيد للبيع والتجارة، يزكيهم زكاتين: إذا حال عليهم الحول وجبت زكاة قيمتهم، وإذا أتى عليهم عيد الفطر وجبت زكاة أبدانهم، وهي زكاة الفطر.

ص: 549

1440 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

فَرَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ، أَوْ قَالَ: رَمَضَانَ، عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ.

فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: يُعْطِي التَّمْرَ، فَأَعْوَزَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ التَّمْرِ، فَأَعْطَى شَعِيرًا. فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: يُعْطِي عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، حَتَّى إِنْ كَانَ يعطي عَنْ بَنِيَّ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ.

[ر: 1432]

(بر) قمح. (فأعوز .. ) احتاجوا ولم يقدروا عليه. (عن بني) عن أبناء نافع، وكانوا موالي له، أي عتقاء. (الذين يقبلونها) العمال الذين يجمعونها.

ص: 549

‌9 - بَاب: صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ.

ص: 549

1441 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:

فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ.

[ر: 1432]

ص: 549

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 551

‌32 - كِتَاب الْحَجِّ

ص: 551

(ولله على الناس) لله تعالى فرض ثابت على المسلمين. (حج البيت) الحج لغة القصد لمعظم. وشرعا: زيارة البيت وهو المسجد الحرام في مكة على الوجه المشروع من التعظيم والتقديس، وفي أوقات مخصوصة، مع القيام بأعمال معينة. والحج ركن من أركان الإسلام، ويجب في العمر مرة واحدة على من توفرت فيه شروطه، وهو من أفضل القربات إلى الله عز وجل. (سبيلا) طريقا ووصولا وقدرة}.

ص: 551

1442 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ. قَالَ:(نَعَمْ). وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

[1755، 1756، 4138، 5874]

أخرجه مسلم في الحج، باب: الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما أو للموت، رقم:1334.

(رديف) راكبا وراءه. (خثعم) اسم قبيلة من اليمن. (الشق) الجانب. (الراحلة) المركب من الإبل.

ص: 551

‌2 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} /الحج: 27، 28

/.

{فِجَاجًا} /نوح: 20/: الطُّرُقُ الْوَاسِعَةُ.

(رجالا) مشاة على أقدامهم، جمع راجل. (ضامر) بعير مهزول من شدة السفر وبعده. (فج عميق) طريق واسع وبعيد.

ص: 551

1443 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ يُهِلُّ حين تَسْتَوِيَ بِهِ قَائِمَةً.

[1477 - 1479، 2710، وانظر: 164، 470، 1498]

أخرجه مسلم في الحج، باب: الإهلال من حيث تنبعث به راحلته، رقم:1187.

(بذي الحليفة) هي موضع آبار علي الآن. (يهل) يحرم، والإهلال رفع الصوت بالتلبية ونحوها. (راحلته) ما يختار من الإبل ليركب في الأسفار ولديه القدرة على حمل الأثقال، ذكرا كان أم أنثى.

ص: 552

1444 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ: سَمِعَ عَطَاءً: يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنَّ إِهْلَالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ.

رَوَاهُ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم.

[ر: 1470، 1471]

ص: 552

‌3 - بَاب: الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ.

وَقَالَ أَبَانُ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، وَحَمَلَهَا عَلَى قَتَبٍ.

وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: شُدُّوا الرِّحَالَ فِي الْحَجِّ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ.

(التنعيم) موضع قريب من مكة من جهة المدينة، فيه مسجد الآن يسمى مسجد عائشة رضي الله عنها. (قتب) رحل صغير على قدر السنام، وقيل: هو خشب الرحل، والرحل ما يوضع على البعير ليركب عليه بدون هودج.

ص: 552

1445 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ:

حَجَّ أَنَسٌ عَلَى رَحْلٍ، وَلَمْ يَكُنْ شَحِيحًا، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّ عَلَى رَحْلٍ، وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ.

(ولم يكن شحيحا) أي لم يكن اكتفاؤه بالرحل بخلا. (زاملته) البعير الذي يحمل عليه طعامه ومتاعه، وعادة الكبراء أن تكون الزاملة غير الراحلة، ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم كانت راحلته هي زاملته، وعلى رحل متواضع.

ص: 552

1446 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ، فَقَالَ:

⦗ص: 553⦘

(يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، اذْهَبْ بِأُخْتِكَ، فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ). فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ، فَاعْتَمَرَتْ.

[ر: 290]

(فأحقبها) أردفها خلفه على حقيبة الرحل، وهي ما يجعل في مؤخرته.

ص: 552

‌4 - بَاب: فَضْلِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ.

ص: 553

1447 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ). قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ (جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ). قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: (حَجٌّ مَبْرُورٌ).

[ر: 26]

ص: 553

1448 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ: أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ:(لَا، لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ).

[1762، 2632، 2720، 2721]

(لكن) بضم الكاف خطاب للنسوة، وفي رواية بكسر الكاف وألف قبلها، والتقدير: لكن في حقكن .. (مبرور) مقبول، وهو الذي لاخلل فيه.

ص: 553

1449 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ حَجَّ لِلَّهِ، فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ).

[1723، 1724]

(يرفث) من الرفث، وهو الجماع والتعريض به، وذكر ما يفحش من القول. (يفسق) يرتكب محرما من المحرمات ويخرج عن طاعة الله عز وجل. (كيوم ولدته أمه) من حيث براءته من الذنوب.

ص: 553

‌5 - بَاب: فَرْضِ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

ص: 553

1450 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ:

أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي مَنْزِلِهِ، وَلَهُ فُسْطَاطٌ وَسُرَادِقٌ، فَسَأَلْتُهُ: مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِرَ؟ قَالَ: فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ.

[ر: 133]

(فسطاط) خيمة من شعر ونحوه، محوطة بأروقة توفر الظل حولها. (سرادق) كل ما أحاط بالشيء، وما يغطى به صحن الدار من الشمس. (فرضها) حددها وبينها.

ص: 553

‌6 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} البقرة: 197

/.

ص: 554

1451 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} .

رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ: مُرْسَلًا.

(المتوكلون) المعتمدون على الله عز وجل، ولا يكون المتوكل شرعيا إلا إذا أخذ بالأسباب المادية المألوفة، وإلا فهو تواكل. (تزودوا) خذوا معكم من الزاد ما يبلغكم سفركم وتستغنون به عن سؤال الناس. (التقوى) خشية الله تعالى والعمل للآخرة، ومنه عدم التواكل. هذا مع إشارة إلى أن التزود للآخرة أولى بالاهتمام من التزود لسفر الدنيا. (مرسلا) الحديث المرسل: هو الذي لم يذكر في سنده اسم الصحابي الذي رواه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 554

‌7 - بَاب: مُهَلِّ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

ص: 554

1452 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ.

[1454، 1456، 1457، 1748]

أخرجه مسلم في الحج، باب: مواقيت الحج والعمرة، رقم:1181.

(وقت) عين وحدد. (يلملم) اسم جبل على ميلين من مكة. (هن لهن) هذه الأماكن مواقيت لأهل هذه البلاد. (ولمن أتى عليهن) لمن مر على هذه المواقيت من غير أهل هذه البلاد. (دون ذلك) بين مكة والميقات. (فمن حيث أنشأ) فميقاته من الموضع الذي يقصد فيه الذهاب إلى مكة لأداء الحج. (أهل مكة من مكة) يحرمون بالحج من نفس مكة.

ص: 554

‌8 - بَاب: مِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَا يهلون قَبْلَ ذِي الْحُلَيْفَةِ.

ص: 554

1453 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وأهل الشَّأْمِ

⦗ص: 555⦘

مِنْ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ).

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ).

[ر: 133]

أخرجه مسلم في الحج، باب: مواقيت الحج والعمرة، رقم: 1182

ص: 554

‌9 - بَاب: مُهَلِّ أَهْلِ الشَّأْمِ.

ص: 555

1454 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا.

[ر: 1452]

ص: 555

‌10 - بَاب: مُهَلِّ أَهْلِ نَجْدٍ.

ص: 555

1455 -

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَفِظْنَاهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: وَقَّتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه،

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الشَّأْمِ مَهْيَعَةُ، وَهِيَ الْجُحْفَةُ، وَأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ). قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ - وَلَمْ أَسْمَعْهُ -: (وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ).

[ر: 133]

ص: 555

‌11 - بَاب: مُهَلِّ مَنْ كَانَ دُونَ الْمَوَاقِيتِ.

ص: 555

1456 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا.

[ر: 1452]

ص: 555

‌12 - بَاب: مُهَلِّ أَهْلِ الْيَمَنِ.

ص: 555

1457 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لِأَهْلِهِنَّ، وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ

⦗ص: 556⦘

مِنْ غَيْرِهِمْ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ.

[ر: 1452]

ص: 555

‌13 - بَاب: ذَاتُ عِرْقٍ لِأهْلِ الْعِرَاقِ.

ص: 556

1458 -

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ، أَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا. قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ.

(المصران) البصرة والكوفة. (جور) مائل وبعيد. (حذوها) ما يحاذيها ويقابلها. (فحد لهم) عين لهم ميقاتا باجتهاده. (ذات عرق) موضع بينه وبين مكة اثنان وأربعون ميلا.

ص: 556

1459 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَفْعَلُ ذَلِكَ.

[ر: 1460]

أخرجه مسلم في الحج، باب: التعريس بذي الحليفة والصلاة بها .. ، رقم:1257.

(أناخ بعيره) أبرك بعيره، أي نزل. (بالبطحاء) المسيل الواسع فيه صغار الحصى.

ص: 556

‌14 - بَاب: خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ.

ص: 556

1460 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ الشَّجَرَةِ، وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّي فِي مسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ، بِبَطْنِ الْوَادِي، وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ.

[1705، وانظر: 1459]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب دخول مكة من الثنية العليا .. ، رقم:1257.

(طريق الشجرة) أي التي كانت عند مسجد ذي الحليفة. (طريق المعرس) وهو أقرب إلى المدينة من طريق الشجرة، والمعرس من التعريس، وهو النزول والمبيت عند آخر الليل. (مسجد الشجرة) بذي الحليفة.

ص: 556

‌15 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ).

ص: 556

1461 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ

⦗ص: 557⦘

قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

إِنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ).

[2212، 6911]

(وادي العقيق) قرب البقيع، بينه وبين المدينة أربعة أميال. ومعنى العقيق: الذي شقه السيل قديما، من العق وهو الشق. (آت) اسم فاعل من أتى، وهو جبريل عليه السلام. (المبارك) من البركة، وهي الزيادة والنماء في الخير. (عمرة في حجة) أي اجعل عمرتك مقرونة بالحج.

ص: 556

1462 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ رُئِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، بِبَطْنِ الْوَادِي، قِيلَ لَهُ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ، يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ، يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي، بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ، وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ.

[2211، 6913]

أخرجه مسلم في الحج، باب: التعريس بذي الحليفة والصلاة بها .. ، رقم:1346.

(رؤي) في نسخة. (أري) من الرؤيا في النوم. (ببطحاء) مسيل واسع صغير الحصى. (معرس رسول الله) المكان الذي كان ينزل فيه آخر الليل. (يتوخى) يقصد. (يتحرى) يجتهد ويطلب.

ص: 557

‌16 - بَاب: غَسْلِ الْخَلُوقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنَ الثِّيَابِ.

ص: 557

1463 -

قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ: أَنَّ يَعْلَى قَالَ لِعُمَرَ رضي الله عنه:

أَرِنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْجِعْرَانَةِ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاعَةً، فَجَاءَهُ الْوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى يَعْلَى، فَجَاءَ يَعْلَى، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ، فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحْمَرُّ الْوَجْهِ، وَهُوَ يَغِطُّ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: (أَيْنَ الَّذِي سَأَلَ عَنِ

⦗ص: 558⦘

الْعُمْرَةِ). فَأُتِيَ بِرَجُلٍ، فَقَالَ:(اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَانْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ). قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَادَ الْإِنْقَاءَ، حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.

[1697، 1750، 4074، 4700]

أخرجه مسلم في الحج، باب: ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح .. ، رقم:1180.

(بالجعرانة) اسم موضع بين مكة والطائف على بعد ستة فراسخ من مكة. (رجل) قيل: اسمه عطاء بن منية. (متضمخ) متلطخ ومتلوث. (يغط) من الغطيط، وهو صوت معه بحوحة كشخير النائم، وكان يصيبه هذا من شدة الوحي وثقله. (الجبة) ثوب مخيط معروف. (الإنقاء) المبالغة في التنظيف.

ص: 557

‌17 - بَاب: الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَمَا يَلْبَسُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَتَرَجَّلَ وَيَدَّهِنَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: يَشَمُّ الْمُحْرِمُ الرَّيْحَانَ، وَيَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ، وَيَتَدَاوَى بِمَا يَأْكُلُ: الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يَتَخَتَّمُ وَيَلْبَسُ الْهِمْيَانَ. وَطَافَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَقَدْ حَزَمَ عَلَى بَطْنِهِ بِثَوْبٍ. وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ رضي الله عنها بِالتُّبَّانِ بَأْسًا، لِلَّذِينَ يَرْحَلُونَ هَوْدَجَهَا.

(الريحان) كا ما طاب ريحه من النبات. (الزيت .. ) أي بالزيت والسمن ونحوهما مما يأكله. (الهميان) المنطقة يوضع فيها النقود وتشد على الوسط، كما يفعل عامة الحجاج اليوم. (بالتبان) سراويل قصيرة جدا يستر العورة المغلظة فقط، يلبسه الملاحون وأمثالهم، والمعنى: أنها كانت لا ترى مانعا أن يلبسوه تحت إزارهم، ويشدون هودجها على ظهر البعير، حتى لا ترى عورتهم، لا أنها أباحت لبس ذلك بدون إزار. والهودج مركب النساء.

ص: 558

1464 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:

كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَدَّهِنُ بِالزَّيْتِ. فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيمَ، قَالَ: مَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ: حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُحْرِمٌ.

[ر: 268]

ص: 558

1465 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ:

كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.

[1667، 5578، 5584، 5586]

أخرجه مسلم في الحج، باب: الطيب للمحرم عند الإحرام، رقم:1189.

(أطيب) أضع عليه الطيب. (لإحرامه) لأجل إحرامه. (حين يحرم) يريد أن يحرم. (لحله) تحلله من محرمات الإحرام، بعد أن يرمي ويحلق.

ص: 558

‌18 - بَاب: مَنْ أَهَلَّ مُلَبِّدًا.

ص: 559

1466 -

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ مُلَبِّدًا.

[1474، 5570، 5571]

أخرجه مسلم في الحج، باب: التلبية وصفتها ووقتها، رقم:1184.

(يهل ملبدا) شعر رأسه بصمغ ونحوه، لينضم ويلتصق بعضه ببعض، احترازا عن سقوطه أو حصول الحشرات فيه. ويهل: من الإهلال، وهو رفع الصوت بالتلبية عند الإحرام.

ص: 559

‌19 - بَاب: الْإِهْلَالِ عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ.

ص: 559

1467 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما. وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ:

مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ، يَعْنِي: مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذي الحليفة، رقم: 1186

ص: 559

‌20 - بَاب: مَا لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ.

ص: 559

1468 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا قَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، أَوْ وَرْسٌ).

[ر: 134]

أخرجه مسلم في الحج، باب: ما يباح للمحرم بحج أو عمرة .. ، رقم:1177.

(القمص) جمع قميص. (الخفاف) جمع خف، وهو كالحذاء. (أسفل من الكعبين) دون الكعبين حتى يصبح كالنعل.

ص: 559

21 -

بَاب: الرُّكُوبِ وَالِارْتِدَافِ فِي الْحَجِّ.

ص: 559

1469 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ أُسَامَةَ

⦗ص: 560⦘

رضي الله عنه كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ، مِنْ الْمزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قَالَ: فَكِلَاهُمَا قَالَ: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.

[1601، 1602]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي .. ، رقم:1281.

(ردف) راكبا خلفه. (جمرة العقبة) وهي الجمرة الكبرى التي ترمى يوم النحر، وسميت الجمرة لأنها مجمع الجمار وهي الحصى.

ص: 559

‌22 - بَاب: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ وَالْأَرْدِيَةِ وَالْأُزُرِ.

وَلَبِسَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، وَقَالَتْ: لَا تَلَثَّمْ، وَلَا تَتَبَرْقَعْ، وَلَا تَلْبَسْ ثَوْبًا بِوَرْسٍ، وَلَا زَعْفَرَانٍ. وَقَالَ جَابِرٌ: لَا أَرَى الْمُعَصْفَرَ طِيبًا. وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ بَأْسًا بِالْحُلِيِّ، وَالثَّوْبِ الْأَسْوَدِ، وَالْمُوَرَّدِ، وَالْخُفِّ لِلْمَرْأَةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُبْدِلَ ثِيَابَهُ.

(المعصفرة) المصبوغة بالعصفر. (لا تلثم) من الالتثام، وهو وضع اللثام، وهو ما يغطي الشفة من الوجه. (لا تتبرقع) لا تلبس البرقع وهو ما يغطي الوجه. (بورس) أي مصبوغا به. (زعفران) أي مصبوغا به. (المورد) المصبوغ على لون الورد.

ص: 560

1470 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمَدِينَةِ، بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ، وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَرْدِيَةِ وَالْأُزُرِ تُلْبَسُ، إِلَّا الْمُزَعْفَرَةَ الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الْجِلْدِ، فَأَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَلَّدَ بَدَنَتَهُ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، فَقَدِمَ مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ أَجْلِ بُدْنِهِ، لِأَنَّهُ قَلَّدَهَا، ثُمَّ نَزَلَ بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الْحَجُونِ وَهُوَ مُهِلٌّ بِالْحَجِّ، وَلَمْ يَقْرَبْ الْكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ

⦗ص: 561⦘

وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا مِنْ رؤوسهم، ثُمَّ يَحِلُّوا، وَذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَدَنَةٌ قَلَّدَهَا، وَمَنْ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ فَهِيَ لَهُ حَلَالٌ، وَالطِّيبُ وَالثِّيَابُ.

[1545، 1644]

(الأردية) جمع رداء، وهو ما يلبس في أعالي الجسم. (الأزر) جمع إزار، وهو ما يستر وسط الجسم فما دون. (تردع) لكثرة ما فيها تلصق الأثر على الجلد. (البيداء) المفازة والصحراء. (قلد بدنته) في نسخة (بدنه) جمع بدنة، والمعنى: علق في عنقها القلادة من نعل وغيره، إشعارا بأنها هدي، أي مهداة للحرم، وسميت بدنة لأنهم كانوا يسمنونها. (خلون) مضين. (من أجل بدنه) التي جعلها هديا، وليس لصاحب الهدي أن يتحلل حتى يبلغ الهدي محله، وهو يوم النحر. (الحجون) موضع بمكة، وهو مقبرة أهل مكة، يبعد ميلا ونصفا عن البيت. (لم يقرب الكعبة) أي لم يطف بها، ولعل ذلك لشغل منعه، وإلا فالطواف مشروع. أقول: ولعل هذا لحكمة التخفيف من الزحام، لما اطلع عليه صلى الله عليه وسلم من إقبال الحجيج وازدحامهم في مستقبل الزمان، فلو أكثر الطواف مدة مقامه في مكة ىقتدى به المسلمون، ولكان الحرج على الأمة.

ص: 560

‌23 - بَاب: مَنْ بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ.

قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1460]

ص: 561

1471 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ.

(استوت به) قامت. (أهل) أحرم.

ص: 561

1472 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بالمدينة أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ.

[ر: 1039، 1444]

ص: 561

‌24 - بَاب: رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْإِهْلَالِ.

ص: 561

1473 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا.

[ر: 1039]

(يصرخون بهما جميعا) يرفعون أصواتهم ملبين بالحج والعمرة معا، والمراد النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه.

ص: 561

‌25 - بَاب: التَّلْبِيَةِ.

ص: 561

1474 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ).

[ر: 1466]

ص: 561

1475 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي

⦗ص: 562⦘

عَطِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

إِنِّي لَأَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ).

تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ: سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها.

(لبيك اللهم لبيك) أجبناك يا الله إلى ما دعوتنا، ونحن قائمون على إجابتك إجابة بعد إجابة.

ص: 561

‌26 - بَاب: التَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، قَبْلَ الْإِهْلَالِ، عِنْدَ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ.

ص: 562

1476 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ مَعَهُ، بالمدينة الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا، أَمَرَ النَّاسَ فَحَلُّوا، حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ. قَالَ: وَنَحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا، وَذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالمدينة كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ.

[ر: 1039]

(استوت على البيداء) قامت ناقته في الصحراء. (قدمنا) مكة. (فحلوا) من إحرامهم بأداء أعمال عمرة. (بالمدينة) يوم عيد الأضحى. (كبشين) مثنى كبش، وهو ذكر الغنم إذا دخل في السنة الثانية. (أملحين) مثنى أملح، وهو الأبيض الذي خالطه سواد.

ص: 562

‌27 - بَاب: مَنْ أَهَلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ.

ص: 562

1477 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

أَهَلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً.

[ر: 1443]

ص: 562

‌28 - بَاب: الْإِهْلَالِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.

ص: 562

1478 -

وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما:

إِذَا صَلَّى بِالْغَدَاةِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ رَكِبَ،

⦗ص: 563⦘

فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا، ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَبْلُغَ الْحَرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ اغْتَسَلَ، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ. تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ: فِي الْغَسْلِ.

[1680، وانظر: 1443]

(بالغداة) صلاة الصبح. (الحرم) أرض الحرم. (يمسك) عن التلبية. (ذا طوى) اسم لواد معروف قرب مكة. (زعم) قال، والزعم يطلق على القول الصحيح أحيانا.

ص: 562

1479 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما:

إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْكَبُ، وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ.

[ر: 1443]

ص: 563

‌29 - بَاب: التَّلْبِيَةِ إِذَا انْحَدَرَ فِي الْوَادِي.

ص: 563

1480 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:

كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ: أَنَّهُ قَالَ: (مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ). فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ أَسْمَعْهُ، وَلَكِنَّهُ قَالَ:(أَمَّا مُوسَى: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، إِذْ انْحَدَرَ فِي الْوَادِي يُلَبِّي).

[3177، 5569، وانظر: 6712]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات، رقم:166.

(أنه) أي الدجال. (قال) أي ابن عباس رضي الله عنهما. (ولكنه قال) أي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 563

‌30 - بَاب: كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ.

أَهَلَّ تَكَلَّمَ بِهِ، وَاسْتَهْلَلْنَا وَأَهْلَلْنَا الْهِلَالَ، كُلُّهُ مِنَ الظُّهُورِ، وَاسْتَهَلَّ الْمَطَرُ خَرَجَ مِنَ السَّحَابِ.

{وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} /المائدة: 3/. وَهُوَ مِنَ اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ.

(وما أهل .. ) المعنى: حرم عليكم ما ذكر عليه عند الذبح غير اسم الله تعالى. (استهلال الصبي) رفع صوته بالصياح عند الولادة.

ص: 563

1481 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ:

خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ،

⦗ص: 564⦘

ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا). فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(انْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ). فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ، أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ:(هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ). قَالَتْ: فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا واحدا بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.

[ر: 290]

ص: 563

‌31 - بَاب: مَنْ أَهَلَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 4096]

ص: 564

1482 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه:

أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا رضي الله عنه أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ. وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ.

[1493، 1495، 1568، 1693، 2371، 4095، 6803، 6933]

(سراقة) بن مالك الجعشمي رضي الله عنه، وانظر قوله في روايات الحديث.

ص: 564

1483 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ الْهُذَلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ: حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ مَرْوَانَ الْأَصْفَرَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَدِمَ عَلِيٌّ رضي الله عنه، عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْيَمَنِ، فَقَالَ:(بِمَا أَهْلَلْتَ). قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ).

وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ). قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(فَأَهْدِ، وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ).

[4096]

أخرجه مسلم في الحج، باب: إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، رقم:1250.

(فأهد) قدم الهدي. (وامكث حراما) البث وابق محرما.

ص: 564

1484 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْمٍ بِالْيَمَنِ، فَجِئْتُ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ:(بِمَا أَهْلَلْتَ). قُلْتُ: أَهْلَلْتُ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (هَلْ مَعَكَ مِنْ

⦗ص: 565⦘

هَدْيٍ). قُلْتُ: لَا، فَأَمَرَنِي فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَمَرَنِي فَأَحْلَلْتُ، فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي، فَمَشَطَتْنِي، أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِي.

فَقَدِمَ عُمَرُ رضي الله عنه، فَقَالَ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، قَالَ اللَّهُ:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} . وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ.

[1490، 1637، 1701، 4089، 4136]

(البطحاء) بطحاء مكة، ويسمى المحصب، وهو مكان ذو حصى صغيرة، وهو في الأصل مسيل وادي مكة. (فقدم عمر) بن الخطاب رضي الله عنه زمن خلافته. (أتموا الحج والعمرة) أتموا أفعالهما بعد الشروع بهما. /البقرة: 196/. (نحر الهدي) بمنى يوم النحر.

ص: 564

‌32 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} /البقرة: 197/. {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} . /البقرة: 89

/.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَكَرِهَ عُثْمَانُ رضي الله عنه: أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ.

(معلومات) معروفات عند الناس لا تشكل عليهم. (فرض) ألزم وأوجب على نفسه. (رفث) الجماع والتعريض به. (فسوق) عصيان. (جدال) خصام. (الأهلة) جمع هلال، والمعنى: يسألونك عن سر ظهورها دقيقة ثم تزيد حتى تصبح بدرا، ثم تتناقض حتى تغيب، أو عن حقيقتها ومم هي؟. (مواقيت) جمع ميقات من الوقت، أي فأرشدهم إلى فائدتها العملية التي يستفيد منها الناس. (من السنة) أي من طريقة الشريعة. (خراسان أو كرمان) بلدان من بلاد العجم، والمراد أنه كره أن يحرم بعيدا عن الميقات.

ص: 565

1485 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ: حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَيَالِي الْحَجِّ، وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ، قَالَتْ: فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: (مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلَا).

قَالَتْ: فَالْآخِذُ بِهَا وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ، وَكَانَ مَعَهُمُ الْهَدْيُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعُمْرَةِ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ

⦗ص: 566⦘

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ:(مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهُ). قُلْتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لِأَصْحَابِكَ، فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ، قَالَ:(وَمَا شَأْنُكِ). قُلْتُ: لَا أُصَلِّي، قَالَ:(فَلَا يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا). قَالَتْ: فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى، فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى، فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الْآخِرِ، حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ:(اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الْحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَا هُنَا، فَإِنِّي أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِي).

قَالَتْ: فَخَرَجْنَا، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ، وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ، فَقَالَ:(هَلْ فَرَغْتُمْ). فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ.

ضَيْرُ مِنْ ضَارَ يَضِيرُ ضَيْرًا، وَيُقَالُ: ضَارَ يَضُورُ ضَوْرًا، وَضَرَّ يَضُرُّ ضَرًّا.

[ر: 290]

(حرم الحج) أزمنته وأمكنته وحالاته. (فالآخذ بها) بجعل الإحرام عمرة. (فلم يقدروا) أن يتحللوا بعمرة. (هنتاه) يا هذه. (لا أصلي) أي تحرم علي الصلاة، وتعني أنها حائض. (يرزقكيها) أي العمرة. (النفر الآخر) من منى، في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. (أنظركما) في نسخة (أنتظركما). (فرغت) من العمرة. (من الطواف) للوداع. (بسحر) قبيل طلوع الفجر. (فآذن) أعلم الناس. (ضير .. ) إشارة إلى أن الضير والضرر والضر والضر والضرار معناها واحد.

ص: 565

‌33 - بَاب: التَّمَتُّعِ وَالْإِقْرَانِ وَالْإِفْرَادِ بِالْحَجِّ، وَفَسْخِ الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ.

ص: 566

1486 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا نُرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَحِضْتُ، فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ؟ قَالَ:(وَمَا طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا مَكَّةَ). قُلْتُ: لَا، قَالَ:(فَاذْهَبِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ مَوْعِدُكِ كَذَا وَكَذَا).

قَالَتْ صَفِيَّةُ: مَا أُرَانِي إِلَّا حَابِسَتَهُمْ، قَالَ: (عَقْرَى حَلْقَى، أَوَ مَا

⦗ص: 567⦘

طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ). قَالَتْ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ:(لَا بَأْسَ انْفِرِي). قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ مَكَّةَ وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا.

[ر: 290]

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان وجوه الإحرام .. ، رقم:1211.

(حابستهم) مانعتهم من السير إلى المدينة. (عقري حلقي) عقرها الله وأصابها بوجع في حلقها، وهو من الألفاظ التي لا يراد بها حقيقة معناها، وعقري من العقر وهو الجرح.

ص: 566

1487 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، لَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ.

[ر: 290]

ص: 567

1488 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ:

شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا رضي الله عنهما، وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنْ الْمُتْعَةِ، وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، قَالَ: مَا كُنْتُ لِأَدَعَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِ أَحَدٍ.

[1494]

انظر مسلم: الحج، باب: جواز التمتع، رقم:1223. (المتعة) فسخ الحج إلى العمرة، أو المراد القران، وهو الإحرام بالحج والعمرة معا. (رأى علي) النهي عن التمتع على المعنى المذكور. (أهل بهما) لبيان الجواز. (قال) علي رضي الله عنه. (سنة النبي) طريقة النبي صلى الله عليه وسلم، أي وقد فعل ذلك.

ص: 567

1489 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ، وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الْأَثَرْ، وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ. قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا

⦗ص: 568⦘

عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ:(حِلٌّ كُلُّهُ).

[3620]

أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز العمرة في أشهر الحج، رقم:1240.

(كانوا) أي أهل الجاهلية. (يرون) يعتقدون. (أفجر الفجور) أعظم الذنوب. (ويجعلون المحرم صفرا) يجعلون الشهر الحرام صفرا بدل المحرم. (برا الدبر) وفي نسخة (برأ) أي شفي ظهر الإبل من أثر إحتكاك الأحمال عليها بعد رجوعها من الحج. (عفا الأثر) ذهب أثر إصابتها. (انسلخ) انقضى. (صبيحة رابعة) صبيحة ليلة رابعة من ذي الحجة. (مهلين بالحج) ملبين به ومحرمين. (فتعاظم) استعظموا مخالفتهم عبادتهم المألوفة. (أي الحل) أي شيء يحل لنا. (حل كله) جميع ما يحرم على المحرم حتى الجماع.

ص: 567

1490 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فأمرني بِالْحِلِّ.

[ر: 1484]

ص: 568

1491 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ. وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنهم، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا قَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قَالَ:(إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ).

[1610، 1638، 4137، 5572]

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحاج المفرد، رقم:1229.

(لبدت) من التلبيد، وهو أن يجعل في رأسه صمغا ليجتمع الشعر ولا يصير فيه قمل ونحوه. (قلدت هديي) جعلت القلائد في أعناقه ليعلم أنه هدي، والهدي ما يهدى لله تعالى من النعم، فيذبح في الحرم ويوزع على فقرائه.

ص: 568

1492 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ، نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ، قَالَ:

تَمَتَّعْتُ، فَنَهَانِي نَاسٌ، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فَأَمَرَنِي، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: كَأَنَّ رَجُلًا يَقُولُ لِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَعُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: سُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي: أَقِمْ عِنْدِي فَأَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي، قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ: لِمَ؟ فَقَالَ لِلرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ.

[1603]

أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز العمرة في أشهر الحج، رقم:1242.

(فأمرني) أن استمر على التمتع. (مبرور) مقبول. (سهما) نصيبا. (فقال) أبو جمرة. (للرؤيا التي رأيت) من أجل الرؤيا التي رأيتها، أي إكراما له على ذلك، أو من أجل أن يقصها على الناس.

ص: 568

1493 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ: قَالَ:

قَدِمْتُ مُتَمَتِّعًا مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ، فَدَخَلْنَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ لِي أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: تَصِيرُ الْآنَ حَجَّتُكَ مَكِّيَّةً، فَدَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ أَسْتَفْتِيهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 569⦘

يَوْمَ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ، وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَالَ لَهُمْ:(أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ، بِطَوَافِ الْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا والمروة، وَقَصِّرُوا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَلَالًا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً). فَقَالُوا: كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً، وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ؟ فَقَالَ:(افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ، فَلَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ، وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ). فَفَعَلُوا.

[ر: 1482]

(يوم التروية) اليوم الثامن من ذي الحجة. (مكية) أي تفوتك فضيلة الإحرام من الميقات كحجة أهل مكة. (يوم ساق البدن) جمع بدنة، وذلك في حجة الوداع. (سمينا الحج) عينا في إحرامنا الحج. (محله) هو أن ينحر اليوم العاشر من ذي الحجة في منى.

ص: 568

1494 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ:

اخْتَلَفَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهما، وَهُمَا بِعُسْفَانَ، فِي الْمُتْعَةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا.

[ر: 1488]

(ما تريد إلا أن تنهى) أي قولك هذا كأنه نهي عما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 569

‌34 - بَاب: مَنْ لَبَّى بِالْحَجِّ وَسَمَّاهُ.

ص: 569

1495 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً.

[ر: 1482]

ص: 569

‌35 - بَاب: التَّمَتُّعِ.

ص: 569

1496 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ، عَنْ عِمْرَانَ رضي الله عنه قَالَ:

تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ، قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ.

[4246]

(فنزل القرآن) أي بجوازه، بقوله تعالى:{فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} /البقرة: 196/. (قال رجل برأيه ما شاء) أي فليقل أي إنسان ما شاء أن يقول في جوازها أو عدمه فقد جاء بها القرآن، وأول من نهى عن المتعة عمر رضي الله عنه، وتابعه عثمان رضي الله عنه في ذلك، وغرضهم منه الحث على تحصيل فضيلة الإفراد، على أنه هو الأفضل.

ص: 569

1497 -

وَقَالَ أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْبَصْرِيُّ: حدثنا أبو معشر: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ؟ فَقَالَ: أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(اجْعَلُوا إِهْلَالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً، إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ). طفنا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ:(مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ). ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ الْمَنَاسِكِ، جِئْنَا فَطُفْنَا بالبيت وَبِالصَّفَا والمروة، فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الْهَدْيُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} : إِلَى أَمْصَارِكُمُ، الشَّاةُ تَجْزِي، فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ فِي عَامٍ، بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ، وَسَنَّهُ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ اللَّهُ:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} .

وَأَشْهُرُ الْحَجِّ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى: شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ، فَمَنْ تَمَتَّعَ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ صَوْمٌ، وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ الْمِرَاءُ.

(أتينا النساء) جامعنا أزواجنا. (عشية التروية) بعد ظهر الثامن من ذي الحجة. (المناسك) جمع منسك، وهي أعمال الحج والمراد هنا: الوقوف في عرفة والمبيت بمزدلفة ومنى. (أمصاركم) بلادكم، أي تصومون السبة في بلدكم. (استيسر من الهدي) يذبح ما تيسر له من شاة أو غيرها بسبب التمتع. (ذلك) إشارة إلى التمتع المذكور أول الآية بقوله تعالى:{فمن تمتع بالعمرة إلى الحج} . وإشارة إلى الهدي والصوم الذي سبق ذكره. (حاضري المسجد الحرام) ساكني مكة والحرم ومن دون المواقيت. والآية: من /البقرة: 196/. (ذكر الله تعالى) أي في قوله: {الحج أشهر معلومات} /البقرة: 197/.

ص: 570

‌37 - بَاب: الِاغْتِسَالِ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ.

ص: 570

1498 -

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:

كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ، ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طِوًى،

⦗ص: 571⦘

ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

[1499، 1680، وانظر: 1443]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب المبيت بذي طوى عند إرادة دخول مكة .. ، رقم:1259.

(أدنى الحرم) أول موضع منه. (أمسك) ترك. (بذي طوى) واد بقرب مكة في طريق التنعيم الذي فيه مسجد عائشة رضي الله عنها.

ص: 570

‌38 - بَاب: دُخُولِ مَكَّةَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا.

بَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذِي طِوًى حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَفْعَلُهُ.

ص: 571

1499 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

بَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذِي طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَفْعَلُهُ.

[ر: 1498]

ص: 571

‌39 - بَاب: مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ مَكَّةَ.

ص: 571

1500 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى.

[1501]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب دخول مكة من الثنية العليا .. ، رقم:1257.

(الثنية) الطريق العالي في الجبل. (العليا) التي ينزل منها إلى مقابر مكة. (السفلى) التي بأسفل مكة.

ص: 571

‌40 - بَاب: مِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ.

ص: 571

1501 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ الْبَصْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ، ويخرج مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى.

قَال أَبُو عَبْد اللَّهِ: كَانَ يُقَالُ: هُوَ مُسَدَّدٌ كَاسْمِهِ، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ مُسَدَّدًا أَتَيْتُهُ فِي بَيْتِهِ فَحَدَّثْتُهُ لَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ، وَمَا أُبَالِي، كُتُبِي كَانَتْ عِنْدِي أَوْ عِنْدَ مُسَدَّدٍ.

[ر: 1500]

(كداء) اسم جبل بأعلى مكة. (بالبطحاء) المسيل الواسع فيه صغار الحصى. (مسدد) من التسديد وهو الإحكام، ومنه السداد وهو الاستقامة، ومراده المبالغة في توثيق مسدد بن مسرهد شيخه رحمهما الله تعالى.

ص: 571

1502 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ

⦗ص: 572⦘

هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ، دَخَلَ مِنْ أَعْلَاهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا.

ص: 571

1503 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ الْمَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ - وَخَرَجَ مِنْ كُدًا - مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ - أَعْلَى مَكَّةَ. قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ عُرْوَةُ يَدْخُلُ من كِلْتَيْهِمَا مِنْ كَدَاءٍ وَكُدًا، وَأَكْثَرُ مَا يَدْخُلُ مِنْ كدا، وَكَانَتْ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب دخول مكة من الثنية العليا .. ، رقم:1258.

(من أعلى مكة) بيان لكداء التي دخل منها، هذا هو الصحيح. (كدا) اسم جبل بأسفل مكة. (وكان عروة .. ) هذا قول هشام يعتذر فيه عن أبيه، إنه خالف بفعله ما رواه.

ص: 572

1504 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ:

دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ، مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ. وَكَانَ عُرْوَةُ أَكْثَرَ مَا يَدْخُلُ مِنْ كدا، وَكَانَ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ.

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ. وَكَانَ عُرْوَةُ يَدْخُلُ مِنْهُمَا كِلَيْهِمَا، وأكثر مَا يَدْخُلُ مِنْ كدا، أَقْرَبِهِمَا إِلَى مَنْزِلِهِ.

قَال أَبُو عَبْد اللَّهِ: كَدَاءٌ وَكُدًا مَوْضِعَانِ.

[4039، 4040]

ص: 572

‌41 - بَاب: فَضْلِ مَكَّةَ وَبُنْيَانِهَا.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ

⦗ص: 573⦘

اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}. /البقرة: 126 - 128/.

(مثابة) مرجعا يأتون إليه من كل جانب. (أمنا) مأمنا لهم من الظلم والإغارة الواقعة في غيره. (اتخذوا) اجعلوا. (مقام إبراهيم) وهو الحجر الذي وقف عليه عند قيامه ببناء البيت، ومكانه معروف الآن إلى جانب الكعبة. (مصلى) مكانا تصلون عنده وتدعون. (عهدنا) أمرنا. (طهرا) طهارة مادية من الأنجاس، ومعنوية من الشرك والأوثان. (العاكفين) المقيمين في الحرم. (الركع السجود) المصلين، جمع راكع وساجد. (هذا) البلد. (فأمتعه قليلا) أتركه يتلذذ بحظوظ الدنيا مدة حياته. (ثم اضطره) ألجئه في الآخرة. (القواعد) جمع قاعدة وهي الأساس، ورفعها البناء عليه. (أرنا مناسكنا) علمنا شرائع عبادتنا وحجنا.

ص: 572

1505 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ، ذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَبَّاسٌ يَنْقُلَانِ الْحِجَارَةَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ، فَخَرَّ إِلَى الْأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ:(أَرِنِي إِزَارِي). فَشَدَّهُ عَلَيْهِ.

[ر: 357]

(فخر) وقع. (طمحت) شخصت وارتفعت. (أرني) أعطني.

ص: 573

1506 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهم، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: (أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوْا الْكَعْبَةَ، اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:(لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ). فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ، إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: نقض الكعبة وبنائها، رقم:1333.

(لما بنوا الكعبة) قبل الإسلام. (اقتصروا) نقصوا. (الحجر) المبني حوله جدار قصير إشارة إليه. (لم يتمم) أي أخرج منه ما كان ركنا.

ص: 573

1507 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ،

⦗ص: 574⦘

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَدْرِ، أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ:(نَعَمْ). قُلْتُ: فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَ: (إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ). قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ: (فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُكِ، لِيُدْخِلُوا مَنْ شاؤوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شاؤوا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ، أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ، وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ).

أخرجه مسلم في الحج، باب: جدر الكعبة وبابها، رقم:1333.

(الجدر) في نسخة (الجدار) والمراد الحجر الذي حول الجدار.

ص: 573

1508 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قال لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ، لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ، ثُمَّ لَبَنَيْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ بِنَاءَهُ، وَجَعَلْتُ لَهُ خَلْفًا).

قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: خَلْفًا، يَعْنِي بَابًا.

(بابا) من خلفه، مقابل الباب الموجود الآن.

ص: 574

1509 -

حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا يَزِيدُ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: (يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، لَأَمَرْتُ بالبيت فَهُدِمَ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ، وَأَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ).

فَذَلِكَ الَّذِي حَمَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما عَلَى هَدْمِهِ. قَالَ يَزِيدُ: وَشَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ هَدَمَهُ وَبَنَاهُ، وَأَدْخَلَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ، حِجَارَةً كَأَسْنِمَةِ الْإِبِلِ. قَالَ جَرِيرٌ: فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ مَوْضِعُهُ؟ قَالَ: أُرِيكَهُ الْآنَ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ الْحِجْرَ، فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ، فَقَالَ: هَا هُنَا، قَالَ جَرِيرٌ: فَحَزَرْتُ مِنَ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا.

[ر: 126]

(حديث عهد) عهدهم قريب، أي لم يمض عليهم زمن طويل لتركهم الجاهلية. (ألزقته) جعلته ملتصقا غير مرتفع. (فذلك) أي حديث عائشة رضي الله عنها. (كأسنمة) صخور كبيرة أمثال ظهور الإبل. (أين موضعه) أي الأساس. (فحزرت) قدرت.

ص: 574

(هذه البلدة) مكة. (حرمها) جعل لها حرمة وتعظيما. (نمكن لهم) نسكنهم ونجعل مكانا لهم. (حرما آمنا) ذا أمن يأمن الناس فيه. (يجبى) يجلب ويحمل من كل ناحية وبلد. (لدنا) عندنا.

ص: 575

1510 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:

قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: (إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا).

[1737، 2631، 2670، 2912، 3017، وانظر: 1284]

(يعضد) يقطع. (ينفر) يزعج من مكانه أو يصاد. (يلتقط لقطته) يأخذ ما سقط فيه. (عرفها) شهرها، ثم حفظها لمالكها ولا يتملكها أبدا.

ص: 575

‌43 - بَاب: تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ وَبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا، وَأَنَّ النَّاسَ فِي مسجد الْحَرَامِ سَوَاءٌ خَاصَّةً.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} /الحج: 25/: الْبَادِي الطَّارِي. {مَعْكُوفًا} /الفتح: 25/: مَحْبُوسًا.

(سواء خاصة) أي إن الناس يستوون في المسجد خاصة، لا في سائر مواضع مكة. (يصدون) يمنعون ويصرفون. (سبيل الله) دين الإسلام. (العاكف فيه) المقيم. (الباد) المسافر الذي أتى من خارج مكة، وهو معنى الطاري الذي فسر به البخاري رحمه الله تعالى. (يرد فيه بإلحاد بظلم) يرتكب فيه فعلا، وهو مائل عن الحق وظالم. (محبوسا) تفسير للفظ من قوله تعالى:{والهدي معكوفا أن يبلغ محله} أي أن يصل إلى مكان ذبحه وهو الحرم، وذلك في صلح الحديبية، حين منع المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من دخول مكة وأداء العمرة.

ص: 575

1511 -

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قال: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ،

⦗ص: 576⦘

أَيْنَ تَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ فَقَالَ: (وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ، أَوْ دُورٍ). وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ، هُوَ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ رضي الله عنهما شَيْئًا، لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ، فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: لَا يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانُوا يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} . الآية.

[2893، 4032]

أخرجه مسلم في الحج، باب: النزول بمكة للحاج وتوريث دورها، رقم:1351.

(رباع) جمع ربع، وهو المحلة المشتملة على عدة بيوت. (يقول) وهذا المذكور موقوفا على عمر رضي الله عنه هنا، ثبت مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم في المغازي رقم:4032. والمراد: أنه كان يقول ذلك بناء على ما أقره صلى الله عليه وسلم من عدم وراثة علي وجعفر رضي الله عنهما من أبي طالب. (يتأولون) يفسرون الولاية في هذه الآية بولاية الميراث. (آووا) أنزلوا المهاجرين وأسكنوهم في ديارهم. (أولياء) في الميراث والنصرة. (الآية) الآنفال: 72. وتتمتها: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير}. (ولايتهم) من ميراثهم أو توريثهم. (استنصروكم) استغاثوا بكم وطلبوا نصرتكم على من يؤذونهم في دينهم من المشركين. (النصر) أن تنصروهم على من قاتلهم. (ميثاق) عهد.

ص: 575

‌44 - بَاب: نُزُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ.

ص: 576

1512 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:

قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حِينَ أَرَادَ قُدُومَ مَكَّةَ:(مَنْزِلُنَا غَدًا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ).

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب النزول بالمحصب يوم النفر والصلاة به، رقم:1314.

(بخيف بني كنانة) المراد المحصب، وهو في أعلى مكة على طيق منى، والخيف كل ما نحدر من الجبل وارتفع عن المسيل. (حيث تقاسوا على الكفر) المكان الذي تحالفوا فيه على إخراج النبي صلى الله عليه وسلم وكتبوا الصحيفة على مقاطعة بني هاشم والمطلب.

ص: 576

1513 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قال: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:

قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، مِنَ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ،

⦗ص: 577⦘

وَهُوَ بِمِنًى: (نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ). يَعْنِي ذَلِكَ الْمُحَصَّبَ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ، تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَوْ بَنِي الْمُطَّلِبِ: أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ سَلَامَةُ، عَنْ عُقَيْلٍ وَيَحْيَى بْنُ الضَّحَّاكِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ: وَقَالَا: بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: بَنِي الْمُطَّلِبِ أَشْبَهُ.

[3669، 4033، 4034، 7041]

(الغد) ما بين الفجر وطلوع الشمس. (يوم النحر) يوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم عيد الأضحى. (يناكحوهم) يزوجوهم أو يتزوجوا منهم. (أشبه) أي بالصواب من عبد المطلب، لأن عبد المطلب هو ابن هاشم، فلفظ هاشم يغني عنه، أما المطلب فهو أخو هاشم، والمطلب وهاشم ابنا عبد مناف.

ص: 576

‌46 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ

}

{

وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} /المائدة: 97/.

(قياما للناس) يقوم به أمر دينهم بالحج إليه، كما يقوم به أمر دنياهم بأمن داخله وعدم التعرض له، وجبي الثمرات إليه والمتاجرة فيه. (الشهر الحرام) أي الأشهر التي حرم فيها التعدي والظلم والقتال، وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، يستقيم فيها أمرهم بأمنهم من القتال فيها. (الهدي) ما يذبح في الحرم، وبه يستقيم أمر الغني المنفق بالأجر والثواب وعدم التطلع إلى ماله، وحال الفقير المحتاج بالانتفاع به وسد حاجته. (القلائد) جمع قلادة، وهي ما يعلم به الهدي، فتكون سببا لأمن صاحبها من التعرض له.

ص: 577

1514 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،

⦗ص: 578⦘

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ).

[1519]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل .. ، رقم:2909.

(ذو السويقتين) تثنية سويقة، وهي تصغير ساق، أي الذي له ساقان ضعيفتان، والتصغير هنا للتحقير، أي ضعيف هزيل لا شأن له.

ص: 577

1515 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها. وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ، فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ، قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ).

[1794، 1897، 1898، 3619، 4232، 4234]

(كانوا) أي المسلمون. (عاشوراء) اليوم العاشر من محرم. (تستر فيه) يوضع عليها الستار والكسوة في كل سنة في هذا اليوم.

ص: 578

1516 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ).

تَابَعَهُ أَبَانُ وَعِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ شُعْبَةَ قال:(لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُحَجَّ الْبَيْتُ). وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ، سَمِعَ قَتَادَةُ عَبْدَ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ أَبَا سَعِيدٍ.

(يأجوج ومأجوج) شعوب بشرية، كثير عددها غريبة أخلاقها واسع شرها، يكون ظهورها من علامات الساعة الكبرى. (والأول أكثر) أي رواته أكثر عددا واتفاقا على اللفظ المذكور.

ص: 578

‌47 - بَاب: كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ.

ص: 578

1517 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قال: جِئْتُ إِلَى شَيْبَةَ. وحَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قال:

جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الْكُرْسِيِّ فِي الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ هَذَا الْمَجْلِسَ

⦗ص: 579⦘

عُمَرُ رضي الله عنه، فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَّا قَسَمْتُهُ. قُلْتُ: إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلَا، قَالَ: هُمَا المرآن أَقْتَدِي بِهِمَا.

[6847]

(صفراء ولا بيضاء) ذهبا ولا فضة، ومراده ما كان مدخرا فيها، مما يهدى إليها ويزيد عن حاجتها. (قسمته) بين فقراء المسلمين. (صاحبيك) النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه. (المرآن) الرجلان الكاملان في المروءة، وهي: صفة في النفس تحمل مراعاتها على محاسن الأخلاق وجميل العادات.

ص: 578

‌48 - بَاب: هَدْمِ الكعبة.

قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ).

[ر: 2012]

(فيخسف بهم) تغور بهم الأرض.

ص: 579

1518 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَخْنَسِ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ، يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا).

(كأني به) كأني أنظر إليه. (أفحج) من الفحج، وهو تباعد ما بين الساقين، ونصبه على الحالية.

ص: 579

1519 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:

قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ).

[ر: 1514]

ص: 579

‌49 - بَاب: مَا ذُكِرَ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ.

ص: 579

1520 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه:

أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

[1528، 1532]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف، رقم:1270.

(لا تضر ولا تنفع) أي بذاتك، وإنما النفع بالثواب الذي يحصل بامتثال أمر الله تعالى في تقبيله.

ص: 579

‌50 - بَاب: إِغْلَاقِ الْبَيْتِ، وَيُصَلِّي فِي أَيِّ نَوَاحِي الْبَيْتِ شَاءَ.

ص: 579

1521 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ

⦗ص: 580⦘

أَنَّهُ قَالَ:

دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ، هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا فَتَحُوا، كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ، فَلَقِيتُ بِلَالًا، فَسَأَلْتُهُ: هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ.

[ر: 388]

(ولج) دخل.

ص: 579

‌51 - بَاب: الصَّلَاةِ فِي الكعبة.

ص: 580

1522 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ، مَشَى قِبَلَ الْوَجْهِ حِينَ يَدْخُلُ، وَيَجْعَلُ الْبَابَ قِبَلَ الظَّهْرِ، يَمْشِي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبًا مِنْ ثلاثة أَذْرُعٍ، فَيُصَلِّي، يَتَوَخَّى الْمَكَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِلَالٌ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِيهِ، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَأْسٌ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَيِّ نَوَاحِي الْبَيْتِ شَاءَ.

[ر: 388]

(قبل الوجه) المقابل. (يتوخى) يقصد.

ص: 580

‌52 - بَاب: مَنْ لَمْ يَدْخُلْ الْكَعْبَةَ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَحُجُّ كَثِيرًا وَلَا يَدْخُلُ.

ص: 580

1523 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قال:

اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَطَافَ بالبيت، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَهُ مَنْ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَعْبَةَ؟ قَالَ: لَا.

[1699، 3608، 3952، 4008]

(يستره من الناس) يحجز بينه وبين الناس حتى لا يقطعوا عليه صلاته، وحماية له من أي أذى.

ص: 580

‌53 - بَاب: مَنْ كَبَّرَ فِي نَوَاحِي الْكَعْبَةِ.

ص: 580

1524 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:

إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ، أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الْآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ، فَأَخْرَجُوا صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ

⦗ص: 581⦘

صلى الله عليه وسلم: (قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، أَمَا وَاللَّهِ قد عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ). فَدَخَلَ البيت، فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ.

[3173، 3174، 4037]

(لما قدم) مكة. (الآلهة) الأصنام التي كانوا يزعمون أنها آلهة. (الأزلام) جمع زلم، وهي أعواد نحتوها وكتبوا على أحدها (افعل) والآخر (لا تفعل) والثالث لا شيء عليه، فإذا أرادوا القيام بعمل ضربوا بها: أي جعلوها في كيس أو نحوه، وأدخل السادن أو غيره يده وأخرج واحدا منها، فأيها خرج عملوا بما كتب عليه. (لم يستقسما) لم يطلبا القسم، أي معرفة ما قسم لهما وما لم يقسم.

ص: 580

‌54 - بَاب: كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الرَّمَلِ.

ص: 581

1525 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:

قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَقَدْ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ.

[4009، وانظر: 1566]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف والعمرة .. ، رقم:1264.

(وهنهم) أضعفهم. (حمى) مرض. (يثرب) اسم المدينة في الجاهلية. (يرملوا) يهرولوا، والهرولة المشي السريع مع تقارب الخطى. (الأشواط) جمع شوط، والمراد الطوفة حول الكعبة. (الركنين) اليماني والأسود. (الإبقاء عليهم) الرفق بهم.

ص: 581

‌55 - بَاب: اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ، وَيَرْمُلُ ثَلَاثًا.

ص: 581

1526 -

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قال:

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ، أَوَّلَ مَا يَطُوفُ: يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ.

[1527، 1537، 1538، 1562]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف والعمرة .. ، رقم:1261.

(يخب) يرمل، من الخبب، وهو نوع من العدو مثل الرمل. (أطواف) جمع طوفة، وهي الدوران حول الكعبة.

ص: 581

‌56 - بَاب: الرَّمَلِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

ص: 581

1527 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:

سَعَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةً، فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ قال: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1526]

ص: 581

1528 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ قال: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال لِلرُّكْنِ: أَمَا وَاللَّهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ، فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ قَالَ: فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ، إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ.

[ر: 1520]

(للركن) أي الحجر الأسود. (استلمك) مسك بيده وقبلك. (راءينا) من المراءاة، وهي: إظهار الأمر على خلاف ما هو عليه، أي أظهرنا لهم به القوة ونحن في حال ضعف.

ص: 582

1529 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:

مَا تَرَكْتُ اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ، فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ، مُنْذُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُمَا.

قُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ؟ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَمْشِي لِيَكُونَ أَيْسَرَ لِاسْتِلَامِهِ.

[1531، 1533، وانظر: 164]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب استلام الركنين اليمانيين في الطواف، رقم:1268.

(هذين الركنين) اليماني والأسود. (شدة ولا رخاء) أي في أي حال من الأحوال.

ص: 582

‌57 - بَاب: اسْتِلَامِ الرُّكْنِ بِالْمِحْجَنِ.

ص: 582

1530 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:

طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ، يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ. تَابَعَهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمِّهِ.

[1534، 1535، 1551، 4987]

أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز الطواف على بعير وغيره واستلام الحجر بمحجن، رقم:1272.

(بمحجن) عصا منحنية الرأس.

ص: 582

‌58 - بَاب: مَنْ لَمْ يَسْتَلِمْ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ قَالَ:

وَمَنْ يَتَّقِي شَيْئًا مِنْ البيت؟ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ

⦗ص: 583⦘

عَنْهُمَا: إِنَّهُ لَا يُسْتَلَمُ هَذَانِ الرُّكْنَانِ، فَقَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ البيت مَهْجُورًا. وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ.

(يتقي شيئا) يترك شيئا. (هذان الركنان) اللذان يليان الحجر، ويسميان الشاميين، لأنهما باتجاه الشام. (مهجورا) متروكا.

ص: 582

1531 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما قال:

لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُ مِنْ البيت إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ.

[ر: 1529]

ص: 583

‌59 - بَاب: تَقْبِيلِ الْحَجَرِ.

ص: 583

1532 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قال:

رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَبَّلَ الْحَجَرَ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

[ر: 1520]

ص: 583

1533 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ قال:

سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ. قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ، أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ؟ قَالَ: اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِالْيَمَنِ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ.

[ر: 1529]

(رجل) هو الزبير راوي الحديث. (اجعل أرأيت باليمن) اترك هذا التعذر واتبع السنة.

ص: 583

‌60 - بَاب: مَنْ أَشَارَ إِلَى الرُّكْنِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ.

ص: 583

1534 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:

طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالبيت عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ.

[ر: 1530]

ص: 583

‌61 - بَاب: التَّكْبِيرِ عِنْدَ الرُّكْنِ.

ص: 583

1535 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:

طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالبيت عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ.

[ر: 1530]

(بشيء كان عنده) بمحجن كان معه بيده، والمحجن عصا منحنية الرأس.

ص: 583

‌62 - بَاب: مَنْ طَافَ بالبيت إِذَا قَدِمَ مكة، قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا.

ص: 584

1536 -

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ: عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ذَكَرْتُ لِعُرْوَةَ، قال: فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها:

أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ - حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً. ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما مِثْلَهُ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ رضي الله عنه، فَأَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ. ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي: أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ، وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا.

[1560]

(قدم) مكة. (لم تكن عمرة) أي لم تكن فعلته عمرة، أي لم يفسخ حجه إلى عمرة. (أمي) أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها. (مسحوا الركن) الأسود، أي وأتموا طوافهم وسعيهم وحلقوا.

ص: 584

1537 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا طَافَ، فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ سَعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةً، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

(سعى) مشى هرولة ورملا. (سجدتين) ركعتين سنة الطواف. (يطوف) أي يسعى.

ص: 584

1538 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا طَافَ بالبيت الطَّوَافَ الْأَوَّلَ، يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَيَمْشِي أَرْبَعَةً، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ، إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا والمروة.

[ر: 1526]

(يسعى) يهرول ويسرع في مشيه. (بطن المسيل) الوادي بين الصفا والمروة، ويوجد الآن مصباحان أخضران، علامة على هذا المكان الذي يهرول فيه. (طاف) سعى.

ص: 584

‌63 - بَاب: طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ.

ص: 585

1539 -

وقال عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قال: ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا قال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ:

إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ، قَالَ: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ، وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ الرِّجَالِ؟ قُلْتُ: أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟ قَالَ: إِي لَعَمْرِي، لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ. قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ، لَا تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: انْطَلِقِي عَنْكِ، وَأَبَتْ، وكن يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ، فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ البيت، قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ، وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ.

وَكُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ، قُلْتُ: وَمَا حِجَابُهَا؟ قَالَ: هِيَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، لَهَا غِشَاءٌ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا.

(مع الرجال) في وقت واحد. (طاف نساء النبي) غير مختلطات، وإنما من وراء الرجال. (إي) نعم. (الحجاب) أي أمرهن بالحجاب. (لعمري) بفتح العين، وهي لغة في العمر تختص بالقسم تخفيفا، والمعنى: أقسم ببقاء الله تعالى. (أدركته) أي رأيت طوافهن مع الرجال. (حجرة) في نسخة (حجزة) في ناحية محجوزة ومحجورة عن الرجال، أي معتزلة. (امرأة) قيل اسمها دقرة. (نستلم) نمس الحجر الأسود. (عنك) اتركي هذا عن نفسك. (متنكرات) مستترات. (قمن حتى دخلن) وقفن قائمات لا يدخلن إلا بعد خروج الرجال. (آتي عائشة) أجيئ إليها. (مجاورة) مقيمة. (جوف) باطن. (ثبير) جبل عظيم بالمزدلفة، على يسار الذاهب منها إلى منى. (وما حجابها) بأي شيء كانت تحتجب. (قبة تركية) خيمة صغيرة من لبود تضرب في الأرض. (غشاء) غطاء. (وما بيننا وبينها غير ذلك) أي كانت محجوبة عنا بهذه الخيمة، وليس بيننا وبينها سواها. (درعا موردا) قميصا أحمر، لونه لون الورد، ويحتمل أنه رأى ذلك عليها دون قصد، أو أنه رأى ذلك وهو صغير، كما ورد في رواية عبد الرزاق:(درعا معصفرا وأنا صبي). العيني.

ص: 585

1540 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ:

شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَالَ:(طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ). فَطُفْتُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ البيت، وَهُوَ يَقْرَأُ:{وَالطُّورِ. وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} .

[ر: 452]

(أشتكي) أتوجع، أي مريضة.

ص: 585

‌64 - بَاب: الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ.

ص: 586

1541 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قال: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ: أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ، رَبَطَ يَدَهُ إِلَى إِنْسَانٍ، بِسَيْرٍ أَوْ بِخَيْطٍ أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَطَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ:(قُدْهُ بِيَدِهِ).

[1542، 6324، 6325]

(بسير) قطعة من الجلد ضيقة وطويلة. (قده) جره، من القيادة.

ص: 586

‌65 - بَاب: إِذَا رَأَى سَيْرًا أَوْ شَيْئًا يُكْرَهُ فِي الطَّوَافِ قَطَعَهُ.

ص: 586

1542 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَقَطَعَهُ.

[ر: 1541]

ص: 586

‌66 - بَاب: لَا يَطُوفُ بالبيت عُرْيَانٌ، وَلَا يَحُجُّ مُشْرِكٌ.

ص: 586

1543 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: قال يُونُسُ: قال ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه، بَعَثَهُ - فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ - يَوْمَ النَّحْرِ، فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ: أَلَا، لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بالبيت عُرْيَانٌ.

[ر: 362]

أخرجه مسلم في الحج، باب: لا يحج بالبيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان .. ، رقم:1347.

(رهط) ما دون العشرة من الرجال. (يؤذن) يعلم. (بعد العام) بعد هذا العام. (عريان) مجرد من الثياب، كما كانت عادتهم في الجاهلية.

ص: 586

‌67 - بَاب: إِذَا وَقَفَ فِي الطَّوَافِ.

وَقَالَ عَطَاءٌ، فِيمَنْ يَطُوفُ فَتُقَامُ الصَّلَاةُ، أَوْ يُدْفَعُ عَنْ مَكَانِهِ: إِذَا سَلَّمَ يَرْجِعُ إِلَى حَيْثُ قُطِعَ عَلَيْهِ. وَيُذْكَرُ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهم.

ص: 586

‌68 - بَاب: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِسُبُوعِهِ رَكْعَتَيْنِ.

وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُصَلِّي لِكُلِّ سُبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ

⦗ص: 587⦘

أُمَيَّةَ: قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: إِنَّ عَطَاءً يَقُولُ: تُجْزِئُهُ الْمَكْتُوبَةُ مِنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ؟ فَقَالَ: السُّنَّةُ أَفْضَلُ، لَمْ يَطُفْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سُبُوعًا قَطُّ إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

(سبوع) طوافة سبعة أشواط. (تجزئه المكتوبة) أي إذا صلى فرضا بعد الطواف كفاه عن الركعتين سنة الطواف. (السنة أفضل) أي مراعاة عمل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان يصلي بعد الطواف ركعتين غير المكتوبة.

ص: 586

1544 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو:

وسألنا ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَيَقَعُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي الْعُمْرَةِ، قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، ثُمَّ صَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَالَ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .

قَالَ: وَسَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، فَقَالَ: لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

[ر: 387]

(أيقع الرجل) من الوقاع وهو الجماع.

ص: 587

‌69 - بَاب: مَنْ لَمْ يَقْرَبْ الْكَعْبَةَ، وَلَمْ يَطُفْ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى عَرَفَةَ، وَيَرْجِعَ بَعْدَ الطَّوَافِ الْأَوَّلِ.

ص: 587

1545 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، فَطَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا والمروة، وَلَمْ يَقْرَبْ الْكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ.

[ر: 1470]

ص: 587

‌70 - بَاب: مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ.

وَصَلَّى عُمَرُ رضي الله عنه خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ.

ص: 587

1546 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ، يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَهُوَ بمكة، وَأَرَادَ الْخُرُوجَ، وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ سَلَمَةَ طَافَتْ بالبيت، وَأَرَادَتِ الْخُرُوجَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

⦗ص: 588⦘

(إِذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ). فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ.

[ر: 452]

ص: 587

‌71 - بَاب: مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ خَلْفَ الْمَقَامِ.

ص: 588

1547 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَطَافَ بالبيت سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .

[ر: 387]

ص: 588

‌72 - بَاب: الطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ. وَطَافَ عُمَرُ بَعْدَ الصُّبْحِ، فَرَكِبَ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذِي طُوًى.

ص: 588

1548 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الْبَصْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ نَاسًا طَافُوا بالبيت بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ قَعَدُوا إِلَى الْمُذَكِّرِ، حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامُوا يُصَلُّونَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: قَعَدُوا، حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ، قَامُوا يُصَلُّونَ.

(طافوا) أي ولم يصلوا ركعتي الطواف. (المذكر) الواعظ الذي يذكر الناس. (قاموا يصلون) سنة الطواف. (الساعة التي تكره فيها الصلاة) أي عند طلوع الشمس وقبل أن ترتفع.

ص: 588

1549 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه قال:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عِنِ الصَّلَاةِ: عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَعِنْدَ غُرُوبِهَا.

[ر: 558]

ص: 588

1550 -

حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هُوَ الزَّعْفَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ قال:

رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يَطُوفُ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَرَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَيُخْبِرُ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدَّثَتْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهَا إِلَّا صَلَّاهُمَا.

[ر: 565]

ص: 588

‌73 - بَاب: الْمَرِيضِ يَطُوفُ رَاكِبًا.

ص: 588

1551 -

حَدَّثَنِي إسحق الْوَاسِطِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ،

⦗ص: 589⦘

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ بالبيت، وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ، وَكَبَّرَ.

[ر: 1530]

ص: 588

1552 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَالَ:(طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ). فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ البيت، وَهُوَ يَقْرَأُ بالطور. وكتاب مسطور.

[ر: 452]

ص: 589

‌74 - بَاب: سِقَايَةِ الْحَاجِّ.

ص: 589

1553 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:

اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ يَبِيتَ بمكة، لَيَالِيَ مِنًى، مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ.

[1656، 1658]

أخرجه مسلم في الحج، باب: وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق .. ، رقم:1315.

(من أجل سقايته) حتى يقوم بسقاية الحجيج، لأنهم كانوا يستسقون الماء من زمزم في الليل، ويجعلونه في الحياض مسبلا يشرب منه الحجاج.

ص: 589

1554 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا فَضْلُ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ، فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا. فَقَالَ:(اسْقِنِي). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ. قَالَ:(اسْقِنِي). فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ، وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا، فَقَالَ:(اعْمَلُوا، فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ). ثُمَّ قَالَ: (لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ، حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ). يَعْنِي: عَاتِقَهُ، وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ.

(السقاية) الموضع الذي يسقى فيه الماء. (ويعملون فيها) ينزحون منها الماء. (لولا أن تغلبوا) بأن يجتمع عليكم الناس إذا رأوني أعمل، اقتداء بي، فيغلبوكم عليها لكثرتهم.

ص: 589

‌75 - بَاب: مَا جَاءَ فِي زَمْزَمَ.

ص: 589

1555 -

وَقَالَ عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه يُحَدِّثُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (فُرِجَ سَقْفِي وَأَنَا بمكة،

⦗ص: 590⦘

فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ).

[ر: 342]

ص: 589

1556 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، هُوَ ابْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ قال:

سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ. قَالَ عَاصِمٌ: فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ: مَا كَانَ يَوْمَئِذٍ إِلَّا عَلَى بَعِيرٍ.

[5294]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب في الشرب من زمزم قائما، رقم:2027.

(إلا على بعير) أي لا يقال: إنه صلى الله عليه وسلم شرب قائما، لأنه كان راكبا على بعير.

ص: 590

‌76 - بَاب: طَوَافِ الْقَارِنِ.

ص: 590

1557 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ:(مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا). فَقَدِمْتُ مكة وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا، أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:(هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ). فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى. وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.

[ر: 290]

(طوافا آخر) أي للحج، وهو طواف الإفاضة. (طوافا واحدا) للحج والعمرة معا بعد الوقوف في عرفة، ويمكن أن يراد بالطواف فيهما السعي.

ص: 590

1558 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما،

دَخَلَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ، فَقَالَ: إِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَكُونَ الْعَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ، فَيَصُدُّوكَ عَنْ البيت، فَلَوْ أَقَمْتَ؟ فَقَالَ: قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنهُ وَبَيْنَ البيت، فَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} . ثُمَّ قَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ

⦗ص: 591⦘

مَعَ عُمْرَتِي حَجًّا، قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ، فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا.

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان جواز التحلل بالإحصار وجواز القران، رقم:1230.

(وظهره في الدار) وأحضر مركوبه ليركبه ويتوجه. (الناس) الحجاج وعبد الله بن الزبير. (فيصدوك) يمنعوك ويحصروك. (أقمت) هذه السنة وتركت الحج. (أسوة) قدوة /الأحزاب: 21/. (أوجبت) أحرمت وألزمت نفسي بها.

ص: 590

1559 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ:

أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَرَادَ الْحَجَّ، عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ، فَقَالَ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} . إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً، ثُمَّ خَرَجَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ، قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي، وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يَنْحَرْ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، فَنَحَرَ وَحَلَقَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[1607، 1622، 1712، 1713، 1717، 1718، 3947 - 3949]

(بظاهر البيداء) موضع بين مكة والمدينة قدام ذي الحليفة. (ما شأن الحج والعمرة إلا واحد) في حكم الحصر والتحلل منهما. (هديا) ما يذبح في منى يوم النحر. (بقديد) موضع قريب من الجحفة.

ص: 591

‌77 - بَاب: الطَّوَافِ عَلَى وُضُوءٍ.

ص: 591

1560 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيِّ: أَنَّهُ سَأَلَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ:

قَدْ حَجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً. ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ عُمَرُ رضي الله عنه مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ رضي الله عنه، فَرَأَيْتُهُ: أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي - الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ

⦗ص: 592⦘

فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا عُمْرَةً، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَلَا يَسْأَلُونَهُ، وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى، مَا كَانُوا يبدؤون بِشَيْءٍ، حَتَّى يَضَعُوا أَقْدَامَهُمْ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ، وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي، حِينَ تَقْدَمَانِ، لَا تَبْتَدِئَانِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ الْبَيْتِ، تَطُوفَانِ بِهِ، ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ. وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي: أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ، وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا.

[ر: 1536]

أخرجه مسلم في الحج، باب: ما يلزم من طاف بالبيت وسعى .. ، رقم:1235.

(ثم لم تكن عمرة) يجوز في عمرة حيث وردت النصب على أنها خبر تكن الناقصة، والرفع على أنها فاعل لتكن التامة. (ممن مضى) من السلف الماضي.

ص: 591

‌78 - بَاب: وُجُوبِ الصَّفَا والمروة، وَجُعِلَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ.

ص: 592

1561 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: قال عُرْوَةُ:

سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} . فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي، إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ، كَانَتْ: لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَطَوَّفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الْأَنْصَارِ، كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا، يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ، الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ الْمُشَلَّلِ، فَكَانَ مَنْ أَهَلَّ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا، سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} . الآية.

قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا.

ثُمَّ أَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَعِلْمٌ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ

⦗ص: 593⦘

رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْكُرُونَ: أَنَّ النَّاسَ، إِلَّا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ بِمَنَاةَ، كَانُوا يَطُوفُونَ كُلُّهُمْ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ فِي الْقُرْآنِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نَطُوفُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فَلَمْ يَذْكُرْ الصَّفَا، فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ أَنْ نَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} . الآية.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَسْمَعُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْجَاهِلِيَّةِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالَّذِينَ يَطُوفُونَ ثُمَّ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّفَا، حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ، بَعْدَ مَا ذَكَرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ.

[1698، 4225، 4580]

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصلح الحج إلا به، رقم:1277.

(أرأيت قول الله تعالى) أخبريني عن مفهوم هذه الآية /البقرة: 158/. (شعائر الله) أعلام مناسكه وطاعته، جمع شعيرة، وهي كل ما جعل علامة لطاعة الله تعالى. (جناح) إثم. (يطوف بهما) يسعى بينهما. (أولتها عليه) فسرتها عليه من الإباحة وأنه لا حرج في ترك السعي بينهما. (يهلون) يحجون. (لمناة) الصنم الذي كانوا يذبحون عنده الذبائح. (الطاغية) من الطغيان، وهو اسم لكل باطل. (المشلل) موضع قريب من الجحفة. (يتحرج أن يطوف .. ) لوجود الصنمين عندهما، وهما إساف ونائلة، وكان من أهل لمناة لا يسعى بين الصفا والمروة. (سن) شرع. (أَبُو بَكْرِ) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام.

ص: 592

‌79 - بَاب: مَا جَاءَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا والمروة.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: السَّعْيُ مِنْ دَارِ بَنِي عَبَّادٍ إِلَى زُقَاقِ بَنِي أَبِي حُسَيْنٍ.

ص: 593

1562 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ خَبَّ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، وَكَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا والمروة. فَقُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَمْشِي إِذَا بَلَغَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ يُزَاحَمَ عَلَى الرُّكْنِ، فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَدَعُهُ حَتَّى يَسْتَلِمَهُ.

[ر: 1526]

ص: 593

1563 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قال:

سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه، عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فِي عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .

وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، فَقَالَ: لَا يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

ص: 593

1564 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قال:

⦗ص: 594⦘

سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ تَلَا:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .

[ر: 387]

ص: 593

1565 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ قال:

قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أكنتم تَكْرَهُونَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا والمروة؟ قال: نَعَمْ، لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ:

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .

[4226]

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن .. ، رقم:1278.

(شعائر الجاهلية) من علائم عباداتهم.

ص: 594

1566 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

إِنَّمَا سَعَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالبيت، وَبَيْنَ الصَّفَا والمروة، لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ.

زَادَ الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، سَمِعْتُ عَطَاءً، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِثْلَهُ.

[4010، وانظر: 1525]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف والعمرة، رقم:1266.

(سعى) المراد بالسعي الإسراع بالمشي، رملا في الطواف وهرولة في المسعى.

ص: 594

‌80 - بَاب: تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ بالبيت، وَإِذَا سَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بَيْنَ الصَّفَا والمروة.

ص: 594

1567 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَتْ: فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي).

[ر: 290]

ص: 594

1568 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

أَهَلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ، وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَطَلْحَةَ،

⦗ص: 595⦘

وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ وَمَعَهُ هَدْيٌ، فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، وَيَطُوفُوا، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَقَالُوا: نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ). وَحَاضَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها، فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بالبيت، فَلَمَّا طَهُرَتْ طَافَتْ بالبيت، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ.

[ر: 1482]

(وذكر أحدنا يقطر منيا) أي من أثر الجماع، قالوا: ذلك مبالغة في تعجبهم، أي إن تحللنا بالعمرة يؤدي بنا إلى مجامعة النساء التي أصبحت حلالا لنا، وسنحرم بالحج عقب ذلك فنخرج إلى منى وكأن ذكر أحدنا يقطر منيا، لقرب عهده بالجماع. وكأنهم رأوا ذلك يتنافى مع حالة الحج التي من شأنها ترك الترفيه والتلذذ بمتع الدنيا. (لو استقبلت من أمري ما استدبرت) لو كنت الآن مستقبلا من الأمر ما سبق مني في زمن مضى، والمعنى: لو تبين لي هذا الرأي، وهو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، من أول الأمر. (ما أهديت) أي حتى أتمكن من التمتع.

ص: 594

1569 -

حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ:

كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ، فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فَحَدَّثَتْ: أَنَّ أُخْتَهَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَدْ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ، قَالَتْ: كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى، وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى، فَسَأَلَتْ أُخْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: هَلْ عَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ، أَنْ لَا تَخْرُجَ؟ قَالَ:(لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، وَلْتَشْهَدِ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ). فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها سَأَلْنَهَا، أَوْ قَالَتْ: سَأَلْنَاهَا، فَقَالَتْ: وَكَانَتْ لَا تَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا قَالَتْ: بِأَبِي، فَقُلْنَا: أَسَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، بِأَبِي، فَقَالَ:(لِتَخْرُجْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ، أَوِ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، وَالْحُيَّضُ، فَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى). فَقُلْتُ: أَلْحَائِضُ؟ فَقَالَتْ: أَوَ لَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ، وَتَشْهَدُ كَذَا، وَتَشْهَدُ كَذَا.

[ر: 318]

(أختها) قيل: هي أم عطية رضي الله عنها.

ص: 595

‌81 - بَاب: الْإِهْلَالِ مِنْ الْبَطْحَاءِ وَغَيْرِهَا، لِلْمَكِّيِّ والحاج إِذَا خَرَجَ إِلَى مِنًى.

وَسُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ الْمُجَاوِرِ يُلَبِّي بِالْحَجِّ؟ قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُلَبِّي يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ وَاسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: قَدِمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَحْلَلْنَا، حَتَّى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَجَعَلْنَا مكة بِظَهْرٍ، لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: أَهْلَلْنَا مِنْ الْبَطْحَاءِ.

وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: رَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بمكة أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ، وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَقَالَ: لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ.

[ر: 164]

(المجاور .. ) أي عن حكم إحرام المقيم في مكة بالحج. (مكة بظهر .. ) أي أحرمنا ونحن خارجون من مكة بحيث أصبحت وراءنا.

ص: 596

‌82 - بَاب: أَيْنَ يُصَلِّي الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ.

ص: 596

1570 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا إسحق الْأَزْرَقُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ:

سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنًى، قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَالَ: بِالْأَبْطَحِ، ثُمَّ قَالَ: افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب طواف الإفاضة يوم النحر، رقم:1309.

(يوم التروية) يوم الثامن من ذي الحجة، أي يوم ذهاب الحجيج من مكة إلى منى. (يوم النفر) يوم الرجوع من منى، وهو الثالث عشر من ذي الحجة. (بالأبطح) المحصب، موضع بمكة على طريق منى. (كما يفعل أمراؤك) صل حيث يصلون.

ص: 596

1571 -

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ: لَقِيتُ أَنَسًا. وحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ:

خَرَجْتُ إِلَى مِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَلَقِيتُ أَنَسًا رضي الله عنه ذَاهِبًا عَلَى حِمَارٍ، فَقُلْتُ: أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْيَوْمَ الظُّهْرَ؟ فَقَالَ: انْظُرْ، حَيْثُ يُصَلِّي أُمَرَاؤُكَ فَصَلِّ.

[1674]

ص: 596

‌83 - بَاب: الصَّلَاةِ بِمِنًى.

ص: 596

1572 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:

⦗ص: 597⦘

أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ وعُمَرُ، وعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ.

[ر: 1032]

ص: 596

1573 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إسحق الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ أَكْثَرُ مَا كُنَّا قَطُّ وَآمَنُهُ، بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ.

[ر: 1033]

ص: 597

1574 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رضي الله عنه رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ، فَيَا لَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ.

[ر: 1034]

(تفرقت بكم الطرق) اختلفتم في قصر الصلاة وإتمامها، فمنكم من يقصر ومنكم من يتم. (حظي) نصيبي الذي يحصل لي.

ص: 597

‌84 - بَاب: صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ.

ص: 597

1575 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنَا سَالِمٌ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا، مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ:

شَكَّ النَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ.

[1578، 1887، 5282، 5295، 5313]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: استحباب الفطر للحاج يوم عرفة، رقم:1123.

(شك الناس) اختلفوا هل هو صائم أم لا. (يوم عرفة) أي وهم واقفون على عرفة.

ص: 597

‌85 - بَاب: التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ، إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ.

ص: 597

1576 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ:

أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: كَانَ يُهِلُّ مِنَّا الْمُهِلُّ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ مِنَّا الْمُكَبِّرُ، فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ.

[ر: 927]

(يهل) يرفع صوته بالتلبية. (يكبر) يرفع صوته بتكبير العيد.

ص: 597

‌86 - بَاب: التَّهْجِيرِ بِالرَّوَاحِ يَوْمَ عَرَفَةَ.

ص: 597

1577 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ قَالَ:

⦗ص: 598⦘

كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ: أَنْ لَا يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِي الْحَجِّ، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه وَأَنَا مَعَهُ، يَوْمَ عَرَفَةَ، حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاجِ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ، قَالَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أَخْرُجُ، فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي، فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: صَدَقَ.

[1579، 1580]

(سرادق) ما يحيط بالخيمة وله باب بدخل منه إلى الخيمة. (ملحفة) إزار كبير. (معصفرة) مصبوغة بالعصفر. (فأنظرني) أخرني وانتظرني. (أفيض) أغتسل، من الإفاضة، وهي صب الماء بكثرة. (الرواح) عجل بالذهاب إلى الموقف. (السنة) طريقة النبي صلى الله عليه وسلم. (هذه الساعة) أي وقت الهاجرة. (فأقصر الخطبة) في نمرة بعد الزوال. (عجل الوقوف) في الموقف في عرفة.

ص: 597

‌87 - بَاب: الْوُقُوفِ عَلَى الدَّابَّةِ بِعَرَفَةَ.

ص: 598

1578 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ:

أَنَّ نَاسًا اخْتَلَفُوا عِنْدَهَا، يَوْمَ عَرَفَةَ، فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ.

[ر: 1575]

ص: 598

‌88 - بَاب: الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ، جَمَعَ بَيْنَهُمَا.

ص: 598

1579 -

وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ:

أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ، عَامَ نَزَلَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما، سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه: كَيْفَ تَصْنَعُ فِي الْمَوْقِفِ يَوْمَ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ سَالِمٌ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَهَجِّرْ بِالصَّلَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: صَدَقَ، إِنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السُّنَّةِ. فَقُلْتُ لِسَالِمٍ: أَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ سَالِمٌ: وَهَلْ تَتَّبِعُونَ فِي ذَلِكَ إِلَّا سُنَّتَهُ.

[ر: 1577]

(نزل بابن الزبير) أي نزل بمكة لمحاربته. (فهجر) صلها وقت الهجير، وهو شدة الحر.

ص: 598

‌89 - بَاب: قَصْرِ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ.

ص: 599

1580 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:

أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ: كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ: أَنْ يَأْتَمَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، جَاءَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، وَأَنَا مَعَهُ، حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، أَوْ زَالَتْ، فَصَاحَ عِنْدَ فُسْطَاطِهِ: أَيْنَ هَذَا؟ فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الرَّوَاحَ، فَقَالَ: الْآنَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَنْظِرْنِي أُفِيضُ عَلَيَّ مَاءً، فَنَزَلَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما حَتَّى خَرَجَ، فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي، فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ السُّنَّةَ الْيَوْمَ، فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: صَدَقَ.

[ر: 1577]

(يأتم) يقتدي. (زاغت) مالت عن وسط السماء. (فسطاطه) بيت من شعر يحيط به سرادق.

ص: 599

‌90 - بَاب: الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ.

ص: 599

1581 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:

كُنْتُ أَطْلُبُ بَعِيرًا لِي. وحدثنا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَاقِفًا بِعَرَفَةَ، فَقُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ مِنَ الْحُمْسِ، فَمَا شَأْنُهُ هَا هُنَا.

أخرجه مسلم في الحج، باب: في الوقوف وقوله تعالى: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، رقم:1220.

(الحمس) جمع أحمس وهو الشديد، سميت به قريش لتشددها فيما كانت عليه من تقاليد دينية في الجاهلية. (فما شأنه ها هنا) أي فما باله يقف في عرفة والحمس لا يقفون فيها، لأن قريشا كانت لا تخرج من الحرم يوم عرفة، وعرفة ليست من الحرم.

ص: 599

1582 -

حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: قَالَ عُرْوَةُ:

كَانَ النَّاسُ يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عُرَاةً إِلَّا الْحُمْسَ، وَالْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ، وَكَانَتِ الْحُمْسُ يَحْتَسِبُونَ عَلَى النَّاسِ، يُعْطِي الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثِّيَابَ يَطُوفُ فِيهَا، وَتُعْطِي الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ الثِّيَابَ تَطُوفُ فِيهَا، فَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ الْحُمْسُ طَافَ بالبيت عُرْيَانًا، وَكَانَ يُفِيضُ جَمَاعَةُ

⦗ص: 600⦘

النَّاسِ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَيُفِيضُ الْحُمْسُ مِنْ جَمْعٍ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْحُمْسِ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} . قَالَ: كَانُوا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ، فَدُفِعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ.

[4248]

أخرجه مسلم في الحج، باب: في الوقوف وقوله تعالى: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، رقم:1219.

(يحتسبون على الناس) يعطونهم حسبة بدون مقابل. (يفيض) يدفع من عرفة. (جماعة الناس) باقي الناس غير قريش. (جمع) مزدلفة. (الآية) البقرة: 199.

ص: 599

‌91 - بَاب: السَّيْرِ إِذَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ.

ص: 600

1583 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ:

سُئِلَ أُسَامَةُ وَأَنَا جَالِسٌ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، حِينَ دَفَعَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ.

قَالَ هِشَامٌ: وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ، فَجْوَةٌ: مُتَّسَعٌ، وَالْجَمِيعُ فَجَوَاتٌ وَفِجَاءٌ، وَكَذَلِكَ رَكْوَةٌ وَرِكَاءٌ. {مَنَاصٌ} لَيْسَ حِينَ فِرَارٍ.

[2837، 4151]

أخرجه مسلم في الحج، باب: الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة واستحباب صلاتي .. ، رقم:1286.

(دفع) انصرف من عرفات. (العنق) السير بين الإبطاء والإسراع. (ليس .. ) تفسير لقوله تعالى: {ولات من مناص} /ص: 30/. وذكره لدفع توهم أنهما من اشتقاق واحد، وليس كذلك، فإن (مناص) من النوص وليس من النص.

ص: 600

‌92 - بَاب: النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَجَمْعٍ.

ص: 600

1584 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ، مَالَ إِلَى الشِّعْبِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّي؟ فَقَالَ:(الصَّلَاةُ أَمَامَكَ).

[ر: 139]

ص: 600

1585 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:

كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، غَيْرَ أَنَّهُ يَمُرُّ بِالشِّعْبِ الَّذِي أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَدْخُلُ، فَيَنْتَفِضُ وَيَتَوَضَّأُ، وَلَا يُصَلِّي حَتَّى يُصَلِّيَ بِجَمْعٍ.

[1589]

ص: 600

1586 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ:

رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ

⦗ص: 601⦘

عَرَفَاتٍ، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشِّعْبَ الْأَيْسَرَ، الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ، أَنَاخَ فَبَالَ ثُمَّ جَاءَ، فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا، فَقُلْتُ: الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الصَّلَاةُ أَمَامَكَ). فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى، ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ جَمْعٍ.

قَالَ كُرَيْبٌ: فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ الْفَضْلِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الْجَمْرَةَ.

[ر: 139]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة، وباب: الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة .. ، رقم: 1280، 1281.

(دون المزدلفة) قربها. (خفيفا) لم يزد على مرة مرة، أو لم يكثر الدلك. (غداة جمع) صبيحة يوم النحر. (الجمرة) جمرة العقبة، وهي الجمرة الكبرى.

ص: 600

‌93 - بَاب: أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالسَّكِينَةِ عِنْدَ الْإِفَاضَةِ، وَإِشَارَتِهِ إِلَيْهِمْ بِالسَّوْطِ.

ص: 601

1587 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، مَوْلَى وَالِبَةَ الْكُوفِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا، وَضَرْبًا وَصَوْتًا لِلْإِبِلِ، فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ:(أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالْإِيضَاعِ). (أَوْضَعُوا): أَسْرَعُوا. (خِلَالَكُمْ): مِنَ التَّخَلُّلِ بَيْنَكُمْ. {وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا} : بَيْنَهُمَا.

(زجرا) صياحا لحث الإبل على السير. (بسوطه) قضيبه. (البر) الخير. (بالإيضاع) هو حمل الدابة على إسراعها في السير. واستشهد البخاري لهذا المعنى بقوله تعالى: {لأوضعوا خلالكم} /التوبة: 47/. واستشهد لتفسيره الخلال بقوله تعالى: {وفجرنا خلالهما نهرا} /الكهف: 33/.

ص: 601

‌94 - بَاب: الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ.

ص: 601

1588 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:

دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ، فَنَزَلَ الشِّعْبَ، فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغْ الْوُضُوءَ، فَقُلْتُ لَهُ: الصَّلَاةُ؟ فَقَالَ: (الصَّلَاةُ أَمَامَكَ). فَجَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ، فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا.

[ر: 139]

ص: 601

‌95 - بَاب: مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَتَطَوَّعْ.

ص: 602

1589 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: جَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، وَلَا عَلَى إِثْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.

[ر: 1585]

ص: 602

1590 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ.

[4152]

أخرجه مسلم في الحج، باب: الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة واستحباب صلاتي .. ، رقم:1287.

ص: 602

‌96 - بَاب: مَنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا

ص: 602

1591 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إسحق قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ:

حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه، فَأَتَيْنَا الْمُزْدَلِفَةَ حِينَ الْأَذَانِ بِالْعَتَمَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ رَجُلًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ، وَصَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا بِعَشَائِهِ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَمَرَ - أُرَى - فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، قَالَ عَمْرٌو: لَا أَعْلَمُ الشَّكَّ إِلَّا مِنْ زُهَيْرٍ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ، فِي هَذَا الْمَكَانِ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هُمَا صَلَاتَانِ تُحَوَّلَانِ عَنْ وَقْتِهِمَا: صَلَاةُ الْمَغْرِبِ بَعْدَ مَا يَأْتِي النَّاسُ الْمُزْدَلِفَةَ، وَالْفَجْرُ حِينَ يَبْزُغُ الْفَجْرُ. قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ.

[1598، 1599]

(بالعتمة) العشاء الأخيرة. (هذه الساعة) أول لحظة من دخول الوقت. (هذه الصلاة) صلاة الفجر. (تحولان عن وقتهما) المألوف المعتاد. (هذا اليوم) يوم النحر. (يبزغ الفجر) أول ما يطلع الفجر، والمعتاد في الصلوات أن تصلى بعد ما يظهر الوقت للجميع.

ص: 602

‌97 - بَاب: مَنْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ بِلَيْلٍ، فَيَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَدْعُونَ، وَيُقَدِّمُ إِذَا غَابَ الْقَمَرُ.

ص: 602

1592 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ سَالِمٌ:

وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ، فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

⦗ص: 603⦘

بِلَيْلٍ، فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ مَا بَدَا لَهُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ وَقَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوْا الْجَمْرَةَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من .. ، رقم:1295.

(المشعر الحرام) جبل صغير في آخر المزدلفة، سمي بالمشعر لأنه معلم للعبادة، وبالحرام لأنه من الحرم. (يرجعون) إلى منى. (أرخص) من الإرخاص وهو التسهيل والتخفيف.

ص: 602

1593 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء .. ، رقم: 1293، 1294.

(جمع) هي المزدلفة.

ص: 603

1594 -

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ.

[1757]

(ضعفة أهله) النساء والصبيان من آل بيته.

ص: 603

1595 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ، مَوْلَى أَسْمَاءَ، عَنْ أَسْمَاءَ:

أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: لَا، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَتْ: فَارْتَحِلُوا، فَارْتَحَلْنَا وَمَضَيْنَا، حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ، مَا أُرَانَا إِلَّا قَدْ غَلَّسْنَا، قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِلظُّعُنِ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن .. ، رقم:1291.

(يا هنتاه) يا هذه. (غلسنا) تقدمنا على الوقت المشروع، من النغليس وهو السير في ظلمة آخر الليل. (للظعن) جمع ظعينة وهي المرأة، وقيل: المرأة في الهودج.

ص: 603

1596 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ جَمْعٍ، وَكَانَتْ ثَقِيلَةً ثَبْطَةً، فَأَذِنَ لَهَا.

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن .. ، رقم:1290.

(استأذنت) أن تذهب إلى منى وترمي الجمرة قبل الناس. (ثبطة) بطيئة الحركة.

ص: 603

1597 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

نَزَلْنَا الْمُزْدَلِفَةَ، فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَوْدَةُ، أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ

⦗ص: 604⦘

النَّاسِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً بَطِيئَةً، فَأَذِنَ لَهَا، فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَأَقَمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا نَحْنُ، ثُمَّ دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ، فَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ.

(حطمة الناس) زحمتهم. (مفروح به) ما يفرح به من كل شيء.

ص: 603

‌98 - بَاب: مَتَى يُصَلِّي الْفَجْرَ بِجَمْعٍ [صلاة الفجر بالمزدلفة].

ص: 604

1598 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةً بِغَيْرِ مِيقَاتِهَا، إِلَّا صَلَاتَيْنِ: جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَصَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ مِيقَاتِهَا.

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر .. ، رقم:1289.

(قبل ميقاتها) المعتاد، وهو ظهور طلوع الفجر لعامة الناس.

ص: 604

1599 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إسحق، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه إِلَى مكة، ثُمَّ قَدِمْنَا جَمْعًا، فَصَلَّى الصَّلَاتَيْنِ، كُلَّ صَلَاةٍ وَحْدَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالْعَشَاءُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، قَائِلٌ يَقُولُ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا، فِي هَذَا الْمَكَانِ، الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، فَلَا يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا حَتَّى يُعْتِمُوا، وَصَلَاةَ الْفَجْرِ هَذِهِ السَّاعَةَ). ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى أَسْفَرَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَاضَ الْآنَ أَصَابَ السُّنَّةَ. فَمَا أَدْرِي: أَقَوْلُهُ كَانَ أَسْرَعَ أَمْ دَفْعُ عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ.

[ر: 1591]

(الصلاتين) المغرب والعشاء. (حين طلع) أول لحظة من طلوعه. (يعتموا) يدخوا في العتمة، وهي ظلمة الليل. (أسفر) من الإسفار وهو انتشار ضوء الصباح. (أفاض) دفع من مزدلفة. (الآن) وقت الإسفار.

ص: 604

‌99 - بَاب: مَتَى يُدْفَعُ مِنْ جَمْعٍ.

ص: 604

1600 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إسحق: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يَقُولُ:

شَهِدْتُ عُمَرَ رضي الله عنه صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ

⦗ص: 605⦘

كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ، ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ.

[3626]

(أشرق ثبير) من الإشراق وهو طلوع الشمس، وثبير جبل في المزدلفة، والمعنى: لتطلع عليك الشمس حتى ندفع من مزدلفة.

ص: 604

‌100 - بَاب: التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ غَدَاةَ النَّحْرِ، حِينَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ، وَالِارْتِدَافِ فِي السَّيْرِ.

ص: 605

1601 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْدَفَ الْفَضْلَ، فَأَخْبَرَ الْفَضْلُ: أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ.

ص: 605

1602 -

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنهما كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قَالَ: فَكِلَاهُمَا قَالَا: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.

[ر: 1469]

ص: 605

(تمتع) انتفع بالتقرب من الله تعالى بالعمرة قبل الانتفاع بالتقرب بالحج. (الهدي) ما يذبح جبرا للنقص، لعدم إحرامه بالحج من الميقات. (حاضري المسجد) المقيمين عنده.

ص: 605

1603 -

حَدَّثَنَا إسحق بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ:

سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ الْمُتْعَةِ فَأَمَرَنِي بِهَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْهَدْيِ، فَقَالَ: فِيهَا جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ، وَكَأَنَّ نَاسًا كَرِهُوهَا، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ إِنْسَانًا يُنَادِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ:

⦗ص: 606⦘

اللَّهُ أَكْبَرُ، سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَقَالَ آدَمُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَغُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ: عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ.

[ر: 1492]

(عن المتعة) عن مشروعيتها، وهي: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج من مكة. (فأمرني بها) فإذن لي فيها. (الهدي) الذبح الواجب فيها. (جزور) واحد الإبل بعدما يذبح، ويطلق على الذكر والأنثى. (شرك في دم) مشاركة مع غيره في جزء من بعير أو بقرة بمقدار السبع.

ص: 605

‌102 - بَاب: رُكُوبِ الْبُدْنِ.

لِقَوْلِهِ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} /الحج: 36، 37/.

قَالَ مُجَاهِدٌ: سُمِّيَتِ الْبُدْنَ لِبُدْنِهَا. وَالْقَانِعُ: السَّائِلُ، وَالْمُعْتَرُّ: الَّذِي يَعْتَرُّ بِالْبُدْنِ مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ، وَشَعَائِرُ: اسْتِعْظَامُ الْبُدْنِ وَاسْتِحْسَانُهَا، وَالْعَتِيقُ: عِتْقُهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَيُقَالُ: وَجَبَتْ سَقَطَتْ إِلَى الْأَرْضِ، وَمِنْهُ وَجَبَتِ الشَّمْسُ.

(البدن) جمع بدنة، وهي واحدة الإبل، وقيل: هي ما يهدى إلى الحرم من الإبل أوالبقر. (شعائر الله) أعلام شريعته ومعالم عبادته. (صواف) قائمات، قد صففن أيديهن وأرجلهن، وقيل: قائمات على ثلاث، واليد اليسرى معقولة، أي مربوطة مع الذراع. (لن ينال الله) يصل إليه، والمعنى: لن يقع منه موقع القبول ويصيب مرضاته. (لبدنها) في نسخة (لبدانتها) أي سمنها وضخامة جسمها. (يعتر) يطوف ويريك نفسه ولا يسأل. وقيل: القانع الذي يقنع بما يعطى ولا يسأل ولا يتعرض، والمعتر: السائل أو المتعرض. (عتقه من الجبابرة) حفظه من شرهم ومنعهم من الوصول إلى غرضهم حيث ساروا إليه ليهدموه، وهو يفسر قوله تعالى:{وليطوفوا بالبيت العتيق} /الحج: 29/.

ص: 606

1604 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ:(ارْكَبْهَا). فَقَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، فَقَالَ:(ارْكَبْهَا). قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ:(ارْكَبْهَا وَيْلَكَ). فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ.

[1619، 2604، 5808]

أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها، رقم:1322.

(اركبها) لتخالف ما كان عليه أهل الجاهلية من عدم ركوبهم ما أهدوا إلى الحرم. (إنها بدنة) أي كيف أركبها وهي هدي. (ويلك) الويل الهلاك، وقال له ذلك تأنيبا على مراجعته له وعدم امتثاله أول الأمر.

ص: 606

1605 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ قَالَا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ

⦗ص: 607⦘

اللَّهُ عَنْهُ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ:(ارْكَبْهَا). قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ:(ارْكَبْهَا). قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ:(ارْكَبْهَا). ثَلَاثًا.

[2603، 5807]

أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها، رقم:1323.

ص: 606

‌103 - بَاب: مَنْ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ.

ص: 607

1606 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، قَالَ لِلنَّاسِ:(مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِشَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ). فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَى أَرْبَعًا، فَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا، فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ.

وَعَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ: فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ، بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 290]

أخرجه مسلم في الحج، باب: وجوب الدم على المتمتع وأنه إذا عدمه .. ، رقم: 1227، 1228.

(خب) رمل. (فركع) صلى. (قضى حجه) بالوقوف في عرفات ورمي الجمرات والحلق.

ص: 607

‌104 - بَاب: مَنِ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنَ الطَّرِيقِ.

ص: 607

1607 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم لِأَبِيهِ: أَقِمْ، فَإِنِّي لَا آمَنُهَا أَنْ سَتُصَدّ عَنْ البيت، قَالَ:

⦗ص: 608⦘

إِذًا أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} . فَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عَلَى نَفْسِي الْعُمْرَةَ، فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَقَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ، ثُمَّ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنْ قُدَيْدٍ، ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، فَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا.

[ر: 1558]

ص: 607

‌105 - بَاب: مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ.

وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما إِذَا أَهْدَى مِنْ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، يَطْعُنُ فِي شِقِّ سَنَامِهِ الْأَيْمَنِ بِالشَّفْرَةِ، وَوَجْهُهَا قِبَلَ الْقِبْلَةِ بَارِكَةً.

ص: 608

1608 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ قَالَا:

خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمَدِينَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْهَدْيَ وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ.

[1716، 2581، 3926، 3944، 3945]

(من المدينة) في نسخة (زمن الحديبية). (قلد الهدي) وضع في عنقه قلادة كنعل وغيره. (أشعر) جرح سنامه.

ص: 608

1609 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَفْلَحُ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ.

[1611 - 1618، 2192، 5246]

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه، رقم:1321.

(فما حرم عليه شيء) من محظورات الإحرام، لأنه لم يحرم بعد.

ص: 608

‌106 - بَاب: فَتْلِ الْقَلَائِدِ لِلْبُدْنِ وَالْبَقَرِ.

ص: 608

1610 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنهم قَالَتْ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ؟ قَالَ:(إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْحَجِّ).

[ر: 1491]

ص: 608

1611 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وعن عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُهْدِي مِنْ الْمَدِينَةِ، فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ.

[ر: 1609]

ص: 608

‌107 - بَاب: إِشْعَارِ الْبُدْنِ.

وَقَالَ عُرْوَةُ، عَنْ الْمِسْوَرِ رضي الله عنه: قَلَّدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ.

[ر: 1608]

ص: 609

1612 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا، أَوْ قَلَّدْتُهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى البيت، وَأَقَامَ بالمدينة، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلٌّ.

[ر: 1609]

(كان له حل) حلال، أي قبل تقليد الهدي وإشعاره.

ص: 609

‌108 - بَاب: مَنْ قَلَّدَ الْقَلَائِدَ بِيَدِهِ.

ص: 609

1613 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ: كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها:

إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا، حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ، حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ؟ قَالَتْ عَمْرَةُ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ.

[ر: 1609]

ص: 609

‌109 - بَاب: تَقْلِيدِ الْغَنَمِ.

ص: 609

1614 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

أَهْدَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً غَنَمًا.

ص: 609

1615 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كُنْتُ أَفْتِلُ الْقَلَائِدَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيُقَلِّدُ الْغَنَمَ، وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ حَلَالًا.

ص: 609

1616 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ. وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ

⦗ص: 610⦘

عَنْهَا قَالَتْ:

كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ الْغَنَمِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَبْعَثُ بِهَا، يَمْكُثُ حَلَالًا.

ص: 609

1617 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

فَتَلْتُ لِهَدْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تَعْنِي الْقَلَائِدَ، قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ.

[ر: 1609]

ص: 610

‌110 - بَاب: الْقَلَائِدِ مِنَ الْعِهْنِ.

ص: 610

1618 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ:

فَتَلْتُ قَلَائِدَهَا مِنْ عِهْنٍ كَانَ عِنْدِي.

[ر: 1609]

(أم المؤمنين) عائشة رضي الله عنها. (عهن) صوف، أو المصبوغ منه.

ص: 610

‌111 - بَاب: تَقْلِيدِ النَّعْلِ.

ص: 610

1619 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، قَالَ:(ارْكَبْهَا). قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ:(ارْكَبْهَا). قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ رَاكِبَهَا، يُسَايِرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَالنَّعْلُ فِي عُنُقِهَا. تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ.

ص: 610

1620 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1604]

ص: 610

‌112 - بَاب: الْجِلَالِ لِلْبُدْنِ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لَا يَشُقُّ مِنَ الْجِلَالِ إِلَّا مَوْضِعَ السَّنَامِ، وَإِذَا نَحَرَهَا نَزَعَ جِلَالَهَا، مَخَافَةَ أَنْ يُفْسِدَهَا الدَّمُ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا.

ص: 610

1621 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:

أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلَالِ الْبُدْنِ الَّتِي نَحَرْتُ وَبِجُلُودِهَا.

[1629 - 1631، 2177]

أخرجه مسلم في الحج، باب: في الصدقة بلحوم الهدي وجلودها وجلالها، رقم:1317.

(بجلال البدن) جمع جل، وهو ما يوضع على ظهر الدابة من كساء ونحوه.

ص: 610

‌113 - بَاب: مَنِ اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنَ الطَّرِيقِ وقلده.

ص: 611

1622 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:

أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما الْحَجَّ، عَامَ حَجَّةِ الْحَرُورِيَّةِ، فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْر رضي الله عنهما، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَنَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ، فَقَالَ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} . إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَوْجَبْتُ عُمْرَةً، حَتَّى كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي جَمَعْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَةٍ، وَأَهْدَى هَدْيًا مُقَلَّدًا اشْتَرَاهُ، حَتَّى قَدِمَ، فَطَافَ بالبيت وَبِالصَّفَا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ، فَحَلَقَ وَنَحَرَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَهُ، الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: كَذَلِكَ صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1558]

(حجة الحرورية) نسبة إلى حروراء، وهي قرية من قرى الكوفة، اجتمع فيها الخوارج أول خروجهم، والمراد هنا: الحجة التي حج فيها الخوارج، أو التي حج فيها الحجاج ومن معه، والرواي أطلق عليهم ذلك بجامع ما بينهم وبين الخوارج من الظلم والخروج على أئمة الحق. (قضى طوافه) بعد الوقوف بعرفات. (الأول) الواحد للحج والعمرة.

ص: 611

‌114 - بَاب: ذَبْحِ الرَّجُلِ الْبَقَرَ عَنْ نِسَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِنَّ.

ص: 611

1623 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، لَا نُرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا والمروة أَنْ يَحِلَّ، قَالَتْ: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا، قَالَ: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَزْوَاجِهِ.

قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُهُ لِلْقَاسِمِ، فَقَالَ: أَتَتْكَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ.

[ر: 290]

ص: 611

‌115 - بَاب: النَّحْرِ فِي مَنْحَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى.

ص: 611

1624 -

حَدَّثَنَا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعَ خَالِدَ بْنَ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ:

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه كَانَ يَنْحَرُ فِي الْمَنْحَرِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: مَنْحَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 611

1625 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ:

أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ مِنْ جَمْعٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، حَتَّى يُدْخَلَ بِهِ مَنْحَرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَعَ حُجَّاجٍ، فِيهِمُ الْحُرُّ وَالْمَمْلُوكُ.

[ر: 939]

ص: 612

‌116 - بَاب: مَنْ نَحَرَ بِيَدِهِ.

ص: 612

1626 -

حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ:

وَنَحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بالمدينة كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ. مُخْتَصَرًا.

[ر: 1039]

(مختصرا) أي ذكره هنا مختصرا، وذكر في مواطن أخرى أطول.

ص: 612

‌117 - بَاب: نَحْرِ الْإِبِلِ مُقَيَّدَةً.

ص: 612

1627 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:

رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا، قَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ شُعْبَةُ: عَنْ يُونُسَ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: نحر البدن قياما مقيدة، رقم:1320.

(ابعثها) أثرها حتى تقوم. (قياما) قائمة. (مقيدة) معقولة اليد اليسرى، مربوطة بالعقال وهو الحبل.

ص: 612

‌118 - بَاب: نَحْرِ الْبُدْنِ قَائِمَةً.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1627]

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: {صَوَافَّ} /الحج: 36/: قِيَامًا.

ص: 612

1628 -

حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَبَاتَ بِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَجَعَلَ يُهَلِّلُ وَيُسَبِّحُ، فَلَمَّا عَلَا عَلَى الْبَيْدَاءِ لَبَّى بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَنَحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ.

⦗ص: 613⦘

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ.

وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ الْبَيْدَاءَ، أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ.

[ر: 1039]

(رجل) قيل: هو أبو قلابة رضي الله عنه.

ص: 612

‌119 - بَاب: لَا يُعْطَى الْجَزَّارُ مِنَ الْهَدْيِ شَيْئًا.

ص: 613

1629 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:

بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقُمْتُ عَلَى الْبُدْنِ، فَأَمَرَنِي فَقَسَمْتُ لُحُومَهَا، ثُمَّ أَمَرَنِي فَقَسَمْتُ جِلَالَهَا وَجُلُودَهَا.

قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: أَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ عَلَى الْبُدْنِ، وَلَا أُعْطِيَ عَلَيْهَا شَيْئًا فِي جِزَارَتِهَا.

[ر: 1621]

(ولا أعطي .. جزارتها) أن لا أعطي جزءا منها أجرة ذبحها.

ص: 613

‌120 - بَاب: يُتَصَدَّقُ بِجُلُودِ الْهَدْيِ.

ص: 613

1630 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ: أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُمَا: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه أَخْبَرَهُ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا، لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، وَلَا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا.

[ر: 1621]

ص: 613

‌121 - بَاب: يُتَصَدَّقُ بِجِلَالِ الْبُدْنِ.

ص: 613

1631 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه حَدَّثَهُ قَالَ:

أَهْدَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ بَدَنَةٍ، فَأَمَرَنِي بِلُحُومِهَا فَقَسَمْتُهَا، ثُمَّ أَمَرَنِي بِجِلَالِهَا فَقَسَمْتُهَا، ثُمَّ بِجُلُودِهَا فَقَسَمْتُهَا.

[ر: 1621]

ص: 613

‌122 - بَاب:

{وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ. ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ. ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} /الحج: 26 - 30/.

(بوأنا) هيأنا وأعددنا وبينا. (طهر بيتي) أزل عنه الأذى المادي كالنجاسات، والمعنوي كالوثنية والشرك. (القائمين) المعتكفين. (الركع السجود) جمع راكع وساجد، والمراد المصلون. (أذن) ناد وأعلم. (رجالا) مشاة، جمع راجل. (ضامر) بعير مهزول من بعد السفر. (فج عميق) طريق واسع وبعيد. (أيام معلومات) العشر الأول من ذي الحجة، أو: يوم النحر وأيام التشريق. (بهيمة الأنعام) الإبل والبقر والغنم التي تذبح يوم العيد وبعده في منى. (البائس) شديد الفقر. (لقضوا تفثهم) يزيلوا أوساخهم، بالحلق وقص الظفر، ونتف الإبط والعانة، ثم الاغتسال والتطيب. (العتيق) القديم. (يعظم حرمات الله) بترك ما نهى الله عنه وتعظيم بيته ومراعاة مناسك الحج.

ص: 614

‌123 - بَاب: مَا يَأْكُلُ مِنَ الْبُدْنِ وَمَا يَتَصَدَّقُ.

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: لَا يُؤْكَلُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالنَّذْرِ، وَيُؤْكَلُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ مِنَ الْمُتْعَةِ.

(لا يؤكل .. ) لا يأكل من جزاء الصيد من وجب عليه وأخرجه، وكذلك لا يأكل الناذر من نذره، بل يتصدق بهما على الفقراء. (سوى ذلك) كدم وجب عليه غيرهما والأضحية ونحو ذلك. (المتعة) أي الدم الواجب بالتمتع، وهو الإتيان بالعمرة قبل الحج في أشهره ثم الإتيان بالحج دون الخروج إلى الميقات.

ص: 614

1632 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ:

كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى، فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قال:(كُلُوا وَتَزَوَّدُوا). فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَقَالَ: حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: لَا.

[2818، 5108، 5247]

أخرجه مسلم في الأضاحي، باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي .. ، رقم:1972.

(فوق ثلاث منى) بعد أيام التشريق التي يقام فيها بمنى.

ص: 614

1633 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي

⦗ص: 615⦘

الْقَعْدَةِ، وَلَا نُرَى إِلَّا الْحَجَّ، حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، إِذَا طَافَ بالبيت، أن يَحِلُّ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: ذَبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَزْوَاجِهِ.

قَالَ: يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ، فَقَالَ: أَتَتْكَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ.

[ر: 290]

ص: 614

‌124 - بَاب: الذَّبْحِ قَبْلَ الْحَلْقِ.

ص: 615

1634 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَمَّنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ، وَنَحْوِهِ، فَقَالَ:(لَا حَرَجَ، لَا حَرَجَ).

ص: 615

1635 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ:(لَا حَرَجَ). قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَالَ:(لَا حَرَجَ). قَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ:(لَا حَرَجَ).

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحِيمِ الرَّازِيُّ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنِي ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ عَفَّانُ، أُرَاهُ، عَنْ وُهَيْبٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

أخرجه مسلم في الحج، باب: من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي، رقم:1307.

(زرت) طفت طواف الزيارة، وهو طواف الركن وطواف الإفاضة.

ص: 615

1636 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ،

⦗ص: 616⦘

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: رَمَيْتُ بَعْدَمَا أَمْسَيْتُ، فَقَالَ:(لَا حَرَجَ). قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، قَالَ:(لَا حَرَجَ).

[ر: 84]

ص: 615

1637 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ:(أَحَجَجْتَ). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(بِمَا أَهْلَلْتَ). قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(أَحْسَنْتَ، انْطَلِقْ، فَطُفْ بالبيت وَبِالصَّفَا والمروة). ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ، فَفَلَتْ رَأْسِي، ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ، فَكُنْتُ أُفْتِي بِهِ النَّاسَ، حَتَّى خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه فَذَكَرْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ.

[ر: 1484]

أخرجه مسلم في الحج، باب: في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام، رقم:1221.

(أحججت) أي أحرمت بالنسك، الحج أو العمرة. (أفتي به) أي بالتمتع.

ص: 616

‌125 - بَاب: مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَحَلَقَ.

ص: 616

1638 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،

عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنهم أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قَالَ:(إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ).

[ر: 1491]

ص: 616

‌126 - بَاب: الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ عِنْدَ الْإِحْلَالِ.

ص: 616

1639 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ: قَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:

حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّتِهِ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير، رقم:1304.

ص: 616

1640 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ). قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ). قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(وَالْمُقَصِّرِينَ).

⦗ص: 617⦘

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ: (رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ). مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ.

قَالَ: وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، وَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ:(وَالْمُقَصِّرِينَ).

[1642، 4148، 4149]

أخرجه مسلم في الحج، باب: تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير، رقم:1301.

(المحلقين) الذين يحلقون جميع شعرهم. (المقصرين) الذين يقصون أطراف شعرهم.

ص: 616

1641 -

حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ). قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَ:(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ). قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ، قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ:(وَلِلْمُقَصِّرِينَ).

أخرجه مسلم في الحج، باب: تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير، رقم:1302.

ص: 617

1642 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ:

حَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ.

[ر: 1639]

ص: 617

1643 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنهم قَالَ: قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: التقصير في العمرة، رقم:1246.

(عن رسول الله) أخذت من شعر رأسه. (بمشقص) سهم فيه نصل عريض.

ص: 617

‌127 - بَاب: تَقْصِيرِ الْمُتَمَتِّعِ بَعْدَ الْعُمْرَةِ.

ص: 617

1644 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطُوفُوا بالبيت وَبِالصَّفَا والمروة، ثُمَّ يَحِلُّوا، وَيَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا.

[ر: 1470]

ص: 617

‌128 - بَاب: الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ.

وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم:

أَخَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الزِّيَارَةَ إِلَى اللَّيْلِ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَزُورُ البيت أَيَّامَ مِنًى.

(الزيارة) أي طواف الزيارة وهو طواف الركن وطواف الإفاضة يوم النحر.

ص: 617

1645 -

وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ

⦗ص: 618⦘

اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، ثُمَّ يَقِيلُ، ثُمَّ يَأْتِي مِنًى، يَعْنِي يَوْمَ النَّحْرِ. وَرَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب طواف الإفاضة يوم النحر، رقم:1308.

(طوافا واحدا) للإفاضة. (يقيل) أي بمكة، من القيلولة، وهي النوم وقت الظهيرة.

ص: 617

1646 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا حَائِضٌ، قَالَ:(حَابِسَتُنَا هِيَ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ:(اخْرُجُوا).

وَيُذْكَرُ عَنْ الْقَاسِمِ، وَعُرْوَةَ، وَالْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَفَاضَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ النَّحْرِ.

[ر: 322]

أخرجه مسلم في الحج، باب: وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، رقم 1211.

(فأفضنا يوم النحر) طفنا طواف الإفاضة. (ما يريد الرجل من أهله) كناية عن أنه أراد منها الجماع.

ص: 618

‌129 - بَاب: إِذَا رَمَى بَعْدَمَا أَمْسَى، أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ، نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا.

ص: 618

1647 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ: فِي الذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالرَّمْيِ، وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، فَقَالَ:(لَا حَرَجَ).

ص: 618

1648 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، فَيَقُولُ:(لَا حَرَجَ). فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَالَ:(اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ). وَقَالَ: رَمَيْتُ بَعْدَمَا أَمْسَيْتُ، فَقَالَ:(لَا حَرَجَ).

[ر: 84]

ص: 618

‌130 - بَاب: الْفُتْيَا عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ.

ص: 618

1649 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عِيسَى

⦗ص: 619⦘

بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَالَ:(اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ). فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ:(ارْمِ وَلَا حَرَجَ). فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: (افْعَلْ وَلَا حَرَجَ).

(وقف) أي وهو قاعد على ناقته، ليراه الناس ويسألوه.

ص: 618

1650 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه حَدَّثَهُ:

أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(افْعَلْ وَلَا حَرَجَ). لَهُنَّ كُلِّهِنَّ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا قَالَ:(افْعَلْ وَلَا حَرَجَ).

ص: 619

1651 -

حَدَّثَنَا إسحق قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاقَتِهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

[ر: 83]

ص: 619

‌131 - بَاب: الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى.

ص: 619

1652 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا). قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ:(فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا). قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ:(فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا). قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ:(فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا). فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:(اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فَوَالَّذِي

⦗ص: 620⦘

نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ:(فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ).

[6668]

(يوم النحر) يوم العاشر من ذي الحجة في منى، وهي من الحرم المكي. (حرام) ذو حرمة، يحرم القتال فيه. وكذلك الدماء والأموال والأعراض ذات حرمة لا يجوز انتهاكها أو التعرض لها.

ص: 619

1653 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ. تَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو.

[1744، 1746، 5467، 5515]

ص: 620

1654 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَرَجُلٌ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ:(أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا). قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:(أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ). قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:(أَيُّ شَهْرٍ هَذَا). قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ:(أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ). قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:(أَيُّ بَلَدٍ هَذَا). قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ:(أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ). قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:(فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ). قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:(اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ).

[ر: 67]

(أليس ذو الحجة) ذو: مرفوع على أنه اسم ليس، وخبرها محذوف، والتقدير: أليس ذو الحجة هذا الشهر. (كفارا) تفعلون ما يفعل الكفار في ضرب رقاب المسلمين، أو يكفر بعضكم بعضا فيستبيح قتله.

ص: 620

1655 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى: (أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا). قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ:(فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا). قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:(بَلَدٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا). قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:(شَهْرٌ حَرَامٌ). قَالَ: (فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا،

⦗ص: 621⦘

فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا).

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْغَازِ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: وَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ، فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، بِهَذَا، وَقَالَ:(هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ). فَطَفِقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اللَّهُمَّ اشْهَدْ). وَوَدَّعَ النَّاسَ، فَقَالُوا: هَذِهِ حَجَّةُ الْوَدَاعِ.

[4141، 5696، 5814، 6403، 6474، 6666]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان معنى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا ترجعوا بعدي كفارا، رقم:66.

(بهذا) الحديث. (يوم الحج الأكبر) يوم النحر، لكثرة ما فيه من المناسك، وقيل غير ذلك.

ص: 620

‌132 - بَاب: هَلْ يَبِيتُ أَصْحَابُ السِّقَايَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ بمكة لَيَالِيَ مِنًى.

ص: 621

1656 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 621

1657 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ.

ص: 621

1658 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ الْعَبَّاسَ رضي الله عنه اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِيَبِيتَ بمكة لَيَالِيَ مِنًى، مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ.

تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو ضَمْرَةَ.

[ر: 1553]

ص: 621

‌133 - بَاب: رَمْيِ الْجِمَارِ.

وَقَالَ جَابِرٌ: رَمَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ.

(بعد ذلك) أي في أيام التشريق. انظر مسلم: الحج، باب: استحباب كون عصى الجمار بقدر حصى الخذف، وباب: بيان وقت استحباب الرمي، رقم:1299.

ص: 621

1659 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ وَبَرَةَ قَالَ:

سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: مَتَى أَرْمِي الْجِمَارَ؟ قَالَ: إِذَا رَمَى إِمَامُكَ فَارْمِهْ، فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ، قَالَ: كُنَّا نَتَحَيَّنُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا.

(نتحين) نراقب الوقت، من الحين وهو الزمن. (زالت الشمس) مالت إلى جهة الغرب.

ص: 621

‌134 - بَاب: رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي.

ص: 622

1660 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:

رَمَى عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ نَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا؟ فَقَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: بِهَذَا.

[1661 - 1663]

أخرجه مسلم في الحج، باب: رمي جمرة العقبة من بطن الوادي وتكون مكة عن يساره، رقم:1296.

(سورة البقرة) خصها بالذكر لأن معظم أحكام الحج مذكورة فيها.

ص: 622

‌135 - بَاب: رَمْيِ الْجِمَارِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ.

ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1664]

ص: 622

1661 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، جَعَلَ البيت عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى بِسَبْعٍ، وَقَالَ: هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1660]

ص: 622

‌136 - بَاب: مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَجَعَلَ البيت عَنْ يَسَارِهِ.

ص: 622

1662 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ:

أَنَّهُ حَجَّ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، فَرَآهُ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَجَعَلَ البيت عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.

[ر: 1660]

ص: 622

‌137 - بَاب: يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ.

قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1664]

ص: 622

1663 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ:

سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ، وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ، وَالسُّورَةُ الَّتِي

⦗ص: 623⦘

يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، حِينَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِيَ، حَتَّى إِذَا حَاذَى بِالشَّجَرَةِ اعْتَرَضَهَا، فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَالَ: مِنْ هَا هُنَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، قَامَ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1660]

(السورة التي يذكر) أي ولم يقل سورة البقرة، وهكذا. (اعترضها) أتاها من عرضها.

ص: 622

‌138 - بَاب: مَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَلَمْ يَقِفْ.

قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1664]

ص: 623

‌139 - بَاب: إِذَا رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ، يَقُومُ وَيُسْهِلُ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.

ص: 623

1664 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ، فَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَيَقُومُ طَوِيلًا، وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فيسهل، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَيَقُومُ طَوِيلًا، وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَيَقُومُ طَوِيلًا، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ.

[1665، 1666]

(الجمرة الدنيا) الصغرى، وهي أول الجمرات التي ترمى أيام التشريق، وسميت الدنيا لأنها أقرب الجمرات إلى منى وأبعدها من مكة. (يسهل) ينزل إلى السهل من بطن الوادي، حتى لا يصيبه ما يتطاير من الحصى.

ص: 623

‌140 - بَاب: رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ جَمْرَةِ الدُّنْيَا وَالْوُسْطَى.

ص: 623

1665 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما:

كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ.

[ر: 1664]

ص: 623

‌141 - بَاب: الدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ.

ص: 624

1666 -

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى، يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَمَامَهَا، فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، وَكَانَ يُطِيلُ الْوُقُوفَ، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْحَدِرُ ذَاتَ الْيَسَارِ، مِمَّا يَلِي الْوَادِيَ، فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْعَقَبَةِ، فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ مِثْلَ هَذَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ.

[ر: 1664]

ص: 624

‌142 - بَاب: الطِّيبِ عند رَمْيِ الْجِمَارِ، وَالْحَلْقِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ.

ص: 624

1667 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:

طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ، حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِينَ أَحَلَّ، قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ، وَبَسَطَتْ يَدَيْهَا.

[ر: 1465]

ص: 624

‌143 - بَاب: طَوَافِ الْوَدَاعِ.

ص: 624

1668 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبيت، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ.

[ر: 323]

أخرجه مسلم في الحج، باب: وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، رقم:1328.

(آخر عهدهم بالبيت) آخر ما يفعلونه - في آخر وقت من أوقات مجيئهم - أن يطوفوا بالبيت طواف الوداع، قبل مغادرتهم مكة إلى أوطانهم.

ص: 624

1669 -

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه حَدَّثَهُ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ،

⦗ص: 625⦘

ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى البيت فَطَافَ بِهِ.

تَابَعَهُ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي خَالِدٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه حَدَّثَهُ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[1675]

(رقد) نام. (بالمحصب) مكان متسع بين مكة ومنى، بين الجبلين إلى المقابر.

ص: 624

‌144 - بَاب: إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ.

ص: 625

1670 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(أَحَابِسَتُنَا هِيَ). قَالُوا: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ، قَالَ:(فَلَا إِذًا).

[ر: 322]

ص: 625

1671 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ:

أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ سَأَلُوا ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ، ثُمَّ حَاضَتْ، قَالَ لَهُمْ: تَنْفِرُ، قَالُوا: لَا نَأْخُذُ بِقَوْلِكَ وَنَدَعُ قَوْلَ زَيْدٍ، قَالَ: إِذَا قَدِمْتُمْ الْمَدِينَةَ فَسَلُوا، فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَسَأَلُوا، فَكَانَ فِيمَنْ سَأَلُوا أُمُّ سُلَيْمٍ، فَذَكَرَتْ حَدِيثَ صَفِيَّةَ.

رَوَاهُ خَالِدٌ وَقَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ.

(طافت) طواف الإفاضة. (تنفر) تذهب من مكة دون طواف وداع.

ص: 625

1672 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا أَفَاضَتْ.

قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّهَا لَا تَنْفِرُ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لَهُنَّ.

[ر: 323]

(قال) أي طاوس.

ص: 625

1673 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَمْ يَحِلَّ، وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَطَافَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَحَاضَتْ هِيَ، فَنَسَكْنَا مَنَاسِكَنَا مِنْ

⦗ص: 626⦘

حَجِّنَا، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ، لَيْلَةُ النَّفْرِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ أَصْحَابِكَ يَرْجِعُ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ غَيْرِي، قَالَ:(مَا كُنْتِ تَطُوفِينَ بِالْبَيْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا). قُلْتُ: لَا، قَالَ:(فَاخْرُجِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ، وَمَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا). فَخَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(عَقْرَى حَلْقَى، إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَمَا كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ). قَالَتْ: بَلَى، قَالَ:(فَلَا بَأْسَ، انْفِرِي). فَلَقِيتُهُ مُصْعِدًا عَلَى أَهْلِ مكة، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ، أَوْ مُصْعِدَةٌ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ.

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: قُلْتُ: لَا. تَابَعَهُ جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، فِي قَوْلِهِ: لَا.

[ر: 290، 322]

ص: 625

‌145 - بَاب: مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ بِالْأَبْطَحِ.

ص: 626

1674 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا إسحق بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ:

سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنًى، قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَالَ: بِالْأَبْطَحِ، افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ.

[ر: 1570]

ص: 626

1675 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُتَعَالِ بْنُ طَالِبٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ قَتَادَةَ حَدَّثَهُ، عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه حَدَّثَهُ:

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَرَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى البيت فَطَافَ بِهِ.

[ر: 1669]

ص: 626

‌146 - بَاب: الْمُحَصَّبِ.

ص: 626

1676 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

إِنَّمَا كَانَ منزلا يَنْزِلُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ، تعني بِالْأَبْطَحِ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب النزول بالمحصب يوم النفر، رقم:1311.

(إنما كان منزل ينزله) أي محصب موضع ينزل فيه، ليكون الخروج أسهل عند السفر إلى المدينة.

ص: 626

1677 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قَالَ عَمْرٌو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ

⦗ص: 627⦘

عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَيْسَ التَّحْصِيبُ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

أخرجه مسلم في الحج، باب: استحباب النزول بالمحصب يوم النفر، رقم:1312.

(ليس التحصيب بشيء) أي النزول في المحصب ليس من مناسك الحج المطلوب فعلها بشيء.

ص: 626

‌147 - بَاب: النُّزُولِ بِذِي طُوًى قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مكة، وَالنُّزُولِ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بذي الحليفة، إِذَا رَجَعَ مِنْ مكة.

ص: 627

1678 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ:

أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: كَانَ يَبِيتُ بِذِي طُوًى، بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ، حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، لَمْ يُنِخْ نَاقَتَهُ إِلَّا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ يَدْخُلُ، فَيَأْتِي الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ، فَيَبْدَأُ بِهِ، ثُمَّ يَطُوفُ سَبْعًا: ثَلَاثًا سَعْيًا وَأَرْبَعًا مَشْيًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيُصَلِّي سجدتين، ثُمَّ يَنْطَلِقُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَيَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَكَانَ إِذَا صَدَرَ عَنِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ، الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ، الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُنِيخُ بِهَا.

(بذي طوى) موضع بأسفل مكة. (الثنيتين) تثنية ثنية، وهي الطريق إلى الجبل. (سجدتين) ركعتين سنة الطواف. (صدر) رجع متوجها إلى المدينة.

ص: 627

1679 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: سُئِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ الْمُحَصَّبِ، فَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:

نَزَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ. وَعَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يُصَلِّي بِهَا، يَعْنِي الْمُحَصَّبَ، الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، أَحْسِبُهُ قَالَ: وَالْمَغْرِبَ، قَالَ خَالِدٌ: لَا أَشُكُّ فِي الْعِشَاءِ، وَيَهْجَعُ هَجْعَةً، وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(عن المحصب) أي عن النزول به. (يهجع هجعة) ينام نومة، من الهجوع وهو النوم. (لا أشك في العشاء) أي إنما حصل شكه في ذكر المغرب لا في العشاء.

ص: 627

‌148 - بَاب: مَنْ نَزَلَ بِذِي طُوًى إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ.

ص: 627

1680 -

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَقْبَلَ بَاتَ بِذِي طُوًى، حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ دَخَلَ، وَإِذَا نَفَرَ مَرَّ بِذِي طُوًى وَبَاتَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

[ر: 1498]

ص: 627

‌149 - بَاب: التِّجَارَةِ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ، وَالْبَيْعِ فِي أَسْوَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ.

ص: 628

1681 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

كَانَ ذُو الْمَجَازِ وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ، حَتَّى نَزَلَتْ:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} . فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ.

[1946، 1992، 4247]

(ذو المجاز) اسم سوق للعرب في الجاهلية، كان إلى جانب عرفة، وقيل في منى. (عكاظ) اسم سوق كان بناحية مكة. (متجر) مكان تجارتهم. (جناح) إثم. (تبتغوا) تطلبوا. (فضلا) رزقا منه وعطاء وربحا في التجارة. /البقرة: 198/. (في مواسم الحج) هذه الجملة ليست من القراءة المتواترة، بل هي قراءة ابن عباس رضي الله عنهما، وهي تفسير منه للآية على ما يبدو.

ص: 628

‌150 - بَاب: الِادِّلَاجِ مِنَ الْمُحَصَّبِ.

ص: 628

1682 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

حَاضَتْ صَفِيَّةُ لَيْلَةَ النَّفْرِ، فَقَالَتْ: مَا أُرَانِي إِلَّا حَابِسَتَكُمْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(عَقْرَى حَلْقَى، أَطَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ). قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَانْفِرِي).

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا، أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ النَّفْرِ حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(حَلْقَى عَقْرَى، مَا أُرَاهَا إِلَّا حَابِسَتَكُمْ). ثُمَّ قَالَ: (كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ). قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:(فَانْفِرِي). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمْ أَكُنْ حللت، قَالَ:(فَاعْتَمِرِي مِنَ التَّنْعِيمِ). فَخَرَجَ مَعَهَا أَخُوهَا، فَلَقِينَاهُ مُدَّلِجًا، فَقَالَ:(مَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا).

[ر: 322]

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان وجوه الإحرام .. ، رقم:1211.

(لم أكن أحللت) أي حين قدمت مكة لأني متمتعة بل كنت قارنة، أي ولم أعتمر عمرة مستقلة. (مدلجا) سائرا من آخر الليل، من الإدلاج: وهو السير في آخر الليل، والإدلاج: السير في أول الليل.

ص: 628

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ص: 629

‌33 - أَبْوَابُ الْعُمْرَةِ.

ص: 629

‌1 - بَاب: وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} . /البقرة: 196/.

(لقرينتها) أي إن العمرة ذكرت مقرونة بالحج في القرآن، في الآية المذكورة، مع الأمر بإتمامهما، والأمر للوجوب، فدل على أن العمرة واجبة كالحجة.

ص: 629

1683 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ).

أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، رقم:1349.

(العمرة) هي في اللغة: الزيارة، وفي الشرع: زيارة البيت الحرام بشروط مخصوصة. (كفارة) ماحية، مشتقة من الكفر وهو التغطية والستر. (لما بينهما) لما وقع بينهما من الذنوب الصغيرة. (المبرور) المقبول، وهو الذي لا يخالطه إثم، مشتق من البر وهو الإحسان.

ص: 629

‌2 - بَاب: مَنِ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ.

ص: 629

1684 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ:

أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ، سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ. قَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ إسحق: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ: مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ:

⦗ص: 630⦘

سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: مِثْلَهُ.

(لا بأس) ليس عليه شيء إذا اعتمر قبل أن يحج، ولكن لا على وجه التمتع كما مر.

ص: 629

‌3 - بَاب: كَمْ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 630

1685 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:

دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ صَلَاةَ الضُّحَى، قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلَاتِهِمْ، فَقَالَ: بِدْعَةٌ. ثُمّ قَالَ لَهُ: كَمْ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ أَرْبَعًا: إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ. فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ.

قَالَ: وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحُجْرَةِ، فَقَالَ عُرْوَةُ: يَا أُمَّاهُ، يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ: أَلَا تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَتْ: مَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَاتٍ، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ. قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً إِلَّا وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن، رقم:1255.

(حجرة) غرفة، وهي في الأصل ما يحجر عليه من الأرض بحائط ونحوه. (المسجد) أي مسجد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَةِ المنورة. (بدعة) البدعة هي إحداث ما لم يكن فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ومراد ابن عمر رضي الله عنه: أن اجتماع الناس في المسجد على صلاة الضحى بدعة، لا صلاة الضحى نفسها، فإنها سنة. (استنان عائشة) أي صوت سواكها وهي تتسوك به. (يا أماه) سماها أمه، وهي في الحقيقة خالته، لأن الخالة بمنزلة الأم، أو باعتبارها أم المؤمنين. (شاهده) حاضر معه، تعني في ذلك المبالغة في نسبة النسيان إلى ابن عمر رضي الله عنهما.

ص: 630

1686 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:

سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَجَبٍ.

[4007]

ص: 630

1687 -

حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ:

سَأَلْتُ أَنَسًا رضي الله عنه: كَمْ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أربعا: عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ حَيْثُ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ،

⦗ص: 631⦘

وَعُمْرَةٌ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ حَيْثُ صَالَحَهُمْ، وَعُمْرَةُ الْجِعِرَّانَةِ إِذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ - أُرَاهُ - حُنَيْنٍ. قُلْتُ: كَمْ حَجَّ؟ قَالَ: وَاحِدَةً.

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن، رقم:1253.

(الحديبية) هي قرية كبيرة على مرحلة من مكة مما يلي المدينة، سميت ببئر هناك. (صده المشركون) منعوه من دخول مكة في ذي القعدة عام ست من الهجرة، وجرى بينه وبينهم هدنة سميت صلح الحديبية، وسمي العام عام الحديبية. (الجعرانة) مكان بين مكة والطائف، وهي إلى مكة أقرب. (أراه) أظنه، وهو كلام معترض بين المضاف والمضاف إليه، وكأن الراوي طرأ عليه شك، فأدخل لفظ (أراه) بينهما. (حنين) غزوة حنين، وحنين واد بين مكة والطائف، وقعت فيه الغزوة في الخامس من شوال، سنة ثمان من الهجرة عام فتح مكة. (كم حج) أي بعد فرض الحج. (واحدة) هي حجة الوداع، واعتمر معها العمرة الرابعة التي لم تذكر في هذه الرواية وذكرت فيما بعدها.

ص: 630

1688 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا رضي الله عنه، فَقَالَ:

اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ رَدُّوهُ، وَمِنَ الْقَابِلِ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةً فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ.

حَدَّثَنَا هُدْبَةُ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ وَقَالَ: اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، إِلَّا الَّتِي اعْتَمَرَ مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَتَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ.

[2901، 3917]

ص: 631

1689 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إسحق قَالَ: سَأَلْتُ مَسْرُوقًا وَعَطَاءً وَمُجَاهِدًا، فقالوا:

اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ. وَقَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ مَرَّتَيْنِ.

[1747، 2551 - 2553، 3013، 4005]

ص: 631

‌4 - بَاب: عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ.

ص: 631

1690 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يُخْبِرُنَا يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَهَا:(مَا مَنَعَكِ أَنْ تحجي مَعَنَا). قَالَتْ: كَانَ لَنَا نَاضِحٌ فَرَكِبَهُ أَبُو فُلَانٍ وَابْنُهُ، لِزَوْجِهَا وَابْنِهَا، وَتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عَلَيْهِ، قَالَ:(فَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ اعْتَمِرِي فِيهِ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ حَجَّةٌ). أَوْ نَحْوًا مِمَّا قَالَ.

[1764]

أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل العمرة في رمضان، رقم:1256.

(لامرأة من الأنصار) قيل: هي أم سنان الأنصارية. (ناضح) البعير الذي يستقى عليه. (لزوجها وابنها) أي ذكرت زوجها وابنها. (حجة) من حيث الثواب، لا أنها تنوب مناب حج الفريضة.

ص: 631

‌5 - بَاب: الْعُمْرَةِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ وَغَيْرِهَا.

ص: 632

1691 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحَجَّةِ، فَقَالَ لَنَا:(مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ). قَالَتْ: فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَظَلَّنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(ارْفُضِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ). فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي.

[ر: 290]

(موافين لهلال ذي الحجة) مكملين لشهر ذي القعدة، مستقبلين هلال ذي الحجة. (يهل) يرفع صوته بالتلبية عند النية بحج أو عمرة. (أهديت) سقت الهدي، وهو ما يقدم من الأنعام هدية للبيت الحرام. (أظلني يوم عرفة) دنا منها، كأنه ألقى ظله عليها. (ارفضي عمرتك) اتركي عمرتك وتحللي منها. (انقضي رأسك) حلي شعرك. (ليلة الحصبة) هي الليلة التي تلي ليلة النفر الأخير من منى، بعد آخر أيام التشريق، والمراد بها ليلة المبيت بالمحصب. والمحصب: موضع الجمار بمنى. (التنعيم) موضع خارج مكة، وهو أقرب مواضع الحل إليها، وهو من مواقيت العمرة.

ص: 632

‌6 - بَاب: عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ.

ص: 632

1692 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ وَيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ. قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: سَمِعْتُ عَمْرًا، كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَمْرٍو.

[2822، 2824]

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان وجوه الإحرام .. ، رقم:1212.

(يردف عائشة) يركبها وراءه على ناقته. (سمعت عمرا) أي بدل: عن عمرو، والمراد به: عمرو بن دينار. (كم سمعته) أي ما أكثر ما سمعت هذا الحديث.

ص: 632

1693 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَطَاءٍ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَهَلَّ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ، وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَطَلْحَةَ، وَكَانَ عَلِيٌّ قَدِمَ مِنْ الْيَمَنِ وَمَعَهُ الْهَدْيُ، فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِأَصْحَابِهِ أَنْ يَجْعَلُوهَا

⦗ص: 633⦘

عُمْرَةً: يَطُوفُوا بالبيت، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا إِلَّا مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَقَالُوا: نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ). وَأَنَّ عَائِشَةَ حَاضَتْ، فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بالبيت، قَالَ: فَلَمَّا طَهُرَتْ وَطَافَتْ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنْطَلِقُونَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ وَأَنْطَلِقُ بِالْحَجِّ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ فِي ذِي الْحَجَّةِ. وَأَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ لَقِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْعَقَبَةِ وَهُوَ يَرْمِيهَا، فَقَالَ: أَلَكُمْ هَذِهِ خَاصَّةً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (لَا، بَلْ لِلْأَبَدِ).

[ر: 1482]

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان وجوه الإحرام .. ، رقم:1216.

(طلحة) بن عبيد الله، أحد العشرة المبشرين بالجنة. (أهللت بما أهل به رسول الله) أي قال: لبيك بما أهل به رسول الله، وكان علي رضي الله عنه لا يعلم: بم أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أبحج أم بعمرة؟ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد أهل بحج، فأمره أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَأَشْرَكَهُ فِي الْهَدْيِ. (أن يجعلوها عمرة) أن يقلبوا إحرامهم بالحج عمرة. (يطوفوا) بدل من يجعلوا، ولذلك حذفت نونه على النصب. (وذكر أحدنا يقطر) أي بالمني. (لو استقبلت من أمري ما استدبرت) أي لو علمت في الأول ما علمت في الآخر. (ما أهديت) ما سقت الهدي، ولأحللت وتمتعت. (فنسكت المناسك) أدت أعمال الحج كلها إلا الطواف بالبيت، لأنه تشترط له الطهارة. (وهو بالعقبة) عند جمرة العقبة، وهي الجمرة الكبرى التي ترمى يوم النحر، صبيحة العاشر من ذي الحجة. (ألكم هذه خاصة) أي جعل الحج عمرة، أو أداء العمرة في أشهر الحج، مخصوصة بكم في هذه السنة، أو لكم ولغيركم أبدا. (للأبد) هي مشروعة لكل الناس أبد الدهر.

ص: 632

‌7 - بَاب: الِاعْتِمَارِ بَعْدَ الْحَجِّ بِغَيْرِ هَدْيٍ.

ص: 633

1694 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحَجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةٍ فَلْيُهِلَّ، وَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ). فَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَحِضْتُ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(دَعِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ). فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ، أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَرْدَفَهَا فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِهَا، فَقَضَى اللَّهُ حَجَّهَا وَعُمْرَتَهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ، وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا صَوْمٌ.

[ر: 290]

(ولم يكن في شيء من ذلك) أي في تركها العمرة التي أحرمت بها أولا، وإدراجها لها في الحج، ولا في عمرتها التي اعتمرتها بدلها بعد الحج. (هدي ولا صدقة ولا صوم) أي لم يأمرها صلى الله عليه وسلم بفعل شيء من ذلك.

ص: 633

‌8 - بَاب: أَجْرِ الْعُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ.

ص: 634

1695 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَا:

قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ؟ فَقِيلَ لَهَا:(انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي، ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا، وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أَوْ نَصَبِكِ).

[ر: 390]

(أيصدر الناس بنسكين) أيرجعون بعبادتين: حج وعمرة. (بمكان كذا وكذا) والمكان الذي عينه لها المحصب بمنى. (ولكنها) أي ثواب عمرتك. (نصبك) تعبك.

ص: 634

‌9 - بَاب: الْمُعْتَمِرِ إِذَا طَافَ طَوَافَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ خَرَجَ، هَلْ يُجْزِئُهُ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ.

ص: 634

1696 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا بسرف، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:(مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَا). وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ذَوِي قُوَّةٍ الْهَدْيُ، فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ عُمْرَةً، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ:(مَا يُبْكِيكِ). قُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ لِأَصْحَابِكَ مَا قُلْتَ، فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ، قَالَ:(وَمَا شَأْنُكِ). قُلْتُ: لَا أُصَلِّي، قَالَ:(فَلَا يَضِرْكِ، أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كُتِبَ عَلَيْكِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ، عَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِهَا). قَالَتْ: فَكُنْتُ حَتَّى نَفَرْنَا مِنْ مِنًى، فَنَزَلْنَا الْمُحَصَّبَ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ:(اخْرُجْ بِأُخْتِكَ الْحَرَمَ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا مِنْ طَوَافِكُمَا، أَنْتَظِرْكُمَا هَا هُنَا). فَأَتَيْنَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ: (فَرَغْتُمَا). قُلْتُ: نَعَمْ، فَنَادَى بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ وَمَنْ طَافَ بالبيت قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ خَرَجَ مُوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ.

[ر: 290]

أخرجه مسلم في الحج، باب: بيان وجوه الإحرام .. ، رقم:1211.

(حرم الحج) الحالات والأماكن والأوقات التي للحج. (سرف) مكان بقرب مكة. (اخرج بأختك الحرم) أي من الحرم إلى الحل. (فلتهل بعمرة) فلتحرم بعمرة. (أنتظركما ها هنا) أي في المحصب.

ص: 634

‌10 - بَاب: يَفْعَلُ فِي الْعُمْرَةِ مَا يَفْعَلُ فِي الْحَجِّ.

ص: 634

1697 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ

⦗ص: 635⦘

أُمَيَّةَ - يَعْنِي - عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْخَلُوقِ، أَوْ قَالَ: صُفْرَةٌ، فَقَالَ: كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسُتِرَ بِثَوْبٍ، وَوَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَقَالَ عُمَرُ: تَعَالَ، أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ لَهُ غَطِيطٌ - وَأَحْسِبُهُ قَالَ - كَغَطِيطِ الْبَكْرِ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ:(أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ؟ اخْلَعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ أَثَرَ الْخَلُوقِ عَنْكَ، وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ).

[ر: 1463]

(الجعرانة) مكان بين مكة والطائف، وهي إلى مكة أقرب. (جبة) ثوب واسع يلبس فوق الثياب. (الخلوق) نوع من الطيب. (صفرة) من أثر الطيب. (فأنزل الله على النبي) أي جاءه الوحي بقوله تعالى:{وأتموا الحج والعمرة لله} /البقرة: 196/. (غطيط) صوت فيه بحوحة. (وأحسبه) أظنه. (البكر) الفتي من الإبل. (سري عنه) كشف عنه وذهب عنه الوحي. (أنق) من الإنقاء وهو التطهير.

ص: 634

1698 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ:

قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} . فَلَا أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا؟. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَلَّا، لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ، كَانَتْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَنْصَارِ: كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا والمروة، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .

زَادَ سُفْيَانُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ: مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امْرِئٍ، وَلَا عُمْرَتَهُ، ما لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا والمروة.

[ر: 1561]

(الصفا) موضع بمكة قرب البيت معروف، والصفا في اللغة صخرة ملساء. (المروة) واحدة المرو، وهي الحجارة البيض البراقة، والمروة مكان قرب البيت مقابل الصفا. (شعائر الله) علائم عبادته وتعظيمه، والمراد: مناسك الحج. (جناح) حرج وإثم. (يطوف بهما) يسعى بينهما. /البقرة: 158/. (كلا) كلمة ردع، أي ليس الأمر كما تقول. (مناة) اسم صنم. (كما تقول) من عدم وجوب السعي. (حذو) محاذي. (قديد) موضع بين مكة والمدينة. (يتحرجون) يحترزون من الإثم بالسعي بينهما حسب اعتقادهم. (زاد) أي في الرواية عن عائشة رضي الله عنها.

ص: 635

‌11 - بَاب: مَتَى يَحِلُّ الْمُعْتَمِرُ.

وَقَالَ عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، وَيَطُوفُوا، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا.

[ر: 1568، 1693]

ص: 636

1699 -

حَدَّثَنَا إسحق بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ:

اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ طَافَ وَطُفْنَا مَعَهُ، وَأَتَى الصَّفَا والمروة وأتيناهما مَعَهُ، وَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَرْمِيَهُ أَحَدٌ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبٌ لِي: أَكَانَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ؟. قَالَ: لَا.

قَالَ: فَحَدِّثْنَا مَا قَالَ لِخَدِيجَةَ؟. قَالَ: (بَشِّرُوا خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ).

[ر: 1523]

(قصب) أنابيب من جوهر. (صخب) صياح وأصوات مختلطة. (نصب) تعب.

ص: 636

1700 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ:

سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فِي عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟. فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.

قَالَ: وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، فَقَالَ: لَا يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

[ر: 387]

ص: 636

1701 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْبَطْحَاءِ، وَهُوَ مُنِيخٌ، فَقَالَ:(أَحَجَجْتَ). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(بِمَا أَهْلَلْتَ). قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَحِلَّ). فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِي، ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ، فَكُنْتُ أُفْتِي بِهِ حَتَّى كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنْ أَخَذْنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ،

⦗ص: 637⦘

وَإِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ.

[ر: 1484]

(وهو منيخ) راحلته، وهو كناية عن النزول بها. (أحججت) أي هل أحرمت بالحج. (ففلت رأسي) فتشته واستخرجت ما فيه من قمل أو غيره. (فقال .. ) أي عمر رضي الله عنه، منكرا المتعة، قال القسطلاني: والذي أنكره عمر المتعة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه، كما قال النووي، قال: ثم انعقد الإجماع على جوازه من غير كراهة.

ص: 636

1702 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَهُ:

أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ تَقُولُ كُلَّمَا مَرَّتْ بِالحَجُونِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَا هُنَا وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ، قَلِيلٌ ظَهْرُنَا قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا، فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَلَمَّا مَسَحْنَا البيت أَحْلَلْنَا، ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: ما يلزم من طاف بالبيت وسعى .. ، رقم:1237.

(بالحجون) موضع بمكة، يقال: هو مقبرة أهل مكة. (خفاف) متاعنا قليل. (ظهرنا) مراكبنا. (فلان وفلان) تعني بهم جماعة عرفتهم ممن لم يسق الهدي وتمتع. (مسحنا البيت) طفنا بالبيت.

ص: 637

‌12 - بَاب: مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوِ الْغَزْوِ.

ص: 637

1703 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ:(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ).

[2833، 2918، 3890، 6022]

(قفل) رجع. (شرف) مكان مرتفع. (آيبون) راجعون إلى الله تعالى، أو: راجعون إلى الأهل والوطن. (عبده) رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. (الأحزاب) القبائل العربية التي اجتمعت على قتاله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، فهزمهم الله تعالى بدون قتال. ويشمل أيضا: الفرق الضالة المعادية للإسلام والمسلمين، في جميع الأزمنة والأمكنة.

ص: 637

‌13 - بَاب: اسْتِقْبَالِ الْحَاجِّ الْقَادِمِينَ وَالثَّلَاثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ.

ص: 637

1704 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،

⦗ص: 638⦘

فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ.

[5620]

(أغيلمة) صبيانهم، تصغير غلمة على غير قياس، وهي جمع غلام. (بين يديه) أركبه أمامه على ناقته.

ص: 637

‌14 - بَاب: الْقُدُومِ بِالْغَدَاةِ.

ص: 638

1705 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الحَجَّاجِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بذي الحليفة بِبَطْنِ الْوَادِي، وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ.

[ر: 1460]

(مسجد الشجرة) موضع معروف على طريق الذاهب من المدينة إلى مكة. (بذي الحليفة) موضع يحرم منه أهل المدينة.

ص: 638

‌15 - بَاب: الدُّخُولِ بِالْعَشِيِّ.

ص: 638

1706 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إسحق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَطْرُقُ أَهْلَهُ، كَانَ لَا يَدْخُلُ إِلَّا غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً.

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: كراهة الطروق وهو الدخول ليلا .. ، رقم:1928.

(لا يطرق أهله) من الطروق، وهو الإتيان بالليل، يعني أنه لا يدخل على أهله ليلا إذا قدم من سفر. (غدوة) من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس. (عشية) من زوال الشمس إلى غروبها، ويطلق أيضا على ما بعد الغروب إلى العتمة، والمراد هنا الأول.

ص: 638

‌16 - بَاب: لَا يَطْرُقُ أَهْلَهُ إِذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ.

ص: 638

1707 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ لَيْلًا.

[4945، 4946]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: كراهة الطروق وهو الدخول ليلا .. ، رقم:715.

ص: 638

‌17 - بَاب: مَنْ أَسْرَعَ نَاقَتَهُ إِذَا بَلَغَ الْمَدِينَةَ.

ص: 638

1708 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ الْمَدِينَةِ، أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: زَادَ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ: حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا.

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جُدُرَاتِ.

⦗ص: 639⦘

تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ.

[1787]

(درجات المدينة) طرقها المرتفعة، جمع درجة. (أوضع) أسرع السير. (حركها من حبها) حثها على الإسراع لجهة المدينة والدخول إليها، لكثرة حبه لها. (جدرات) جمع جدر، وهو جمع جدار.

ص: 638

‌18 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} .

ص: 639

1709 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إسحق قَالَ:

سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه يَقُولُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا، كَانَتْ الْأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فجاؤوا، لَمْ يَدْخُلُوا مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، وَلَكِنْ مِنْ ظُهُورِهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ بَابِهِ، فَكَأَنَّهُ عُيِّرَ بِذَلِكَ، فَنَزَلَتْ:{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} .

[4242]

أخرجه مسلم في أوائل كتاب التفسير، رقم:3026.

(فجاؤوا) إلى منازلهم. (عير) من التعيير وهو التعييب. (البر) اسم جامع لوجوه الخير والطاعة. (ظهورها) سقوفها، ويكون ذلك بنقبها وإحداث فتحة فيها، أو غير ذلك. (اتقى) بفعل ما أمر به وترك ما نهي عنه في شرع الله عز وجل. /البقرة: 189/.

ص: 639

‌19 - بَاب: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ.

ص: 639

1710 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ).

[2839، 5113]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: السفر قطعة من العذاب .. ، رقم:1927.

(قطعة من العذاب) جزء ونوع من العذاب، لما فيه من الألم الناشئ عن المشقة بسبب. (يمنع .. الخ) يؤخره عن وقته المألوف، ولا يحصل له منه القدر الكافي، أو اللذة المعتادة. (قضى نهمته) أنهى حاجته التي سافر من أجلها.

ص: 639

‌20 - بَاب: الْمُسَافِرِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ يُعَجِّلُ إِلَى أَهْلِهِ.

ص: 639

1711 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ، جَمَعَ بَيْنَهُمَا، ثُمّ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا.

[ر: 1041]

(الشفق) بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل. (العتمة) العشاء. (جد به السير) اهتم به وأسرع.

ص: 639

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ص: 641

‌34 - أَبْوَابُ الإحصار وَجَزَاءِ الصَّيْدِ.

ص: 641

‌1 - باب: الْمُحْصَرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} . /البقرة: 196/.

وَقَالَ عَطَاءٌ: الْإِحْصَارُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَحْبِسُهُ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: {حَصُورًا} /آل عمران: 39/: لَا يَأْتِي النِّسَاءَ.

(أحصرتم) منعتم عن إتمام الحج أو العمرة، والإحصار: المنع والحبس عن الوجه الذي يقصده. (استيسر) تيسر. (الهدي) ما يهدى إلى البيت الحرام من الأنعام، مفرده هدية. (حتى يبلغ الهدي محله) مكان حل ذبحه، وهو مكان الإحصار - عند الشافعي رحمه الله تعالى - ولو في غير الحرم، وقال غيره: محله الحرم. (يحسبه) يمنعه من إتمام الحج أو العمرة، من عدو أو مرض أو غيرهما. (لا يأتي النساء) عفة وزهدا وحصرا لنفسه ومنعا لها عن الملذات، لا عجزا عن إتيانهن لعلة فيه.

ص: 641

‌2 - بَاب: إِذَا أُحْصِرَ الْمُعْتَمِرُ.

ص: 641

1712 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ:

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ، قَالَ: إِنْ صُدِدْتُ عَنْ الْبَيْتِ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.

(في الفتنة) أي فتنة الحجاج حين نزل مكة لقتال عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.

ص: 641

1713 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَاهُ:

أَنَّهُمَا كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، لَيَالِيَ نَزَلَ الْجَيْشُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَا: لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَحُجَّ الْعَامَ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ

⦗ص: 642⦘

الْبَيْتِ، فَقَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْعُمْرَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَنْطَلِقُ، فَإِنْ خُلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ، فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا شَأْنُهُمَا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِي، فَلَمْ يَحِلَّ مِنْهُمَا حَتَّى حَلَّ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَهْدَى، وَكَانَ يَقُولُ: لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافًا وَاحِدًا يَوْمَ يَدْخُلُ مَكَّةَ.

حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ بَعْضَ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ: لَوْ أَقَمْتَ، بِهَذَا.

[ر: 1558]

(شأنهما واحد) أي إن أمر العمرة والحج واحد في جواز التحلل منهما بالإحصار، ثم إنه أدخل الحج على العمرة فصار قارنا، وشرط ذلك عند الجمهور: أن يكون قبل الشروع في طواف العمرة، وعند الحنفية: قبل مضي أكثر طوافها، وعند المالكية: يصح بعد تمام الطواف. (يقول) أي ابن عمر رضي الله عنهما. (طوافا واحدا) للحج والعمرة، وهو طواف الإفاضة. (بهذا) أي المكان، أو بهذا العام.

ص: 641

1714 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَجَامَعَ نِسَاءَهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ، حَتَّى اعْتَمَرَ عَامًا قَابِلًا.

(أحصر) عام صلح الحديبية. (جامع نساءه) أي حل له جماعهن، أو باشر ذلك فعلا. (حتى اعتمر) في نسخة (ثم اعتمر).

ص: 642

‌3 - بَاب: الْإِحْصَارِ فِي الْحَجِّ.

ص: 642

1715 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:

أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلًا، فَيُهْدِي أَوْ يَصُومُ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: نَحْوَهُ.

(أليس حسبكم سنة رسول الله) أليس يكفيكم متابعة سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. (حبس أحدكم عن الحج) لم يتمكن من أداء ركنه الأساسي وهو الوقوف في عرفة. (فيهدي) يذبح شاة، وهو دم الإحصار. (يصوم) أياما مقابل قيمة الهدي.

ص: 642

‌4 - بَاب: النَّحْرِ قَبْلَ الْحَلْقِ فِي الْحَصْرِ.

ص: 643

1716 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ.

[ر: 1608]

ص: 643

1717 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَ نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَسَالِمًا كَلَّمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَقَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَمِرِينَ، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بُدْنَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ.

[ر: 1558]

(بدنه) جمع بدنة، وهي ما يهدى للحرم من الإبل، وقيل: من الإبل والبقر.

ص: 643

‌5 - بَاب: مَنْ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَدَلٌ.

وَقَالَ رَوْحٌ: عَنْ شِبْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّمَا الْبَدَلُ عَلَى مَنْ نَقَضَ حَجَّهُ بِالتَّلَذُّذِ، فَأَمَّا مَنْ حَبَسَهُ عُذْرٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَلَا يَرْجِعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ وَهُوَ مُحْصَرٌ نَحَرَهُ إِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ، وَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ نَحَرُوا وَحَلَقُوا وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ الطَّوَافِ، وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْهَدْيُ إِلَى الْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَحَدًا أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا، وَلَا يَعُودُوا لَهُ، وَالْحُدَيْبِيَةُ خَارِجٌ مِنْ الْحَرَمِ.

(البدل) القضاء. (بالتلذذ) بالجماع. (ولا يرجع) لا يجب عليه القضاء، قال العيني: وهذا في النفل، إذ الفريضة باقية في ذمته كما كانت، وعليه أن يرجع لأجلها في سنة أخرى. (أن يبعث) به إلى الحرم ليذبح هناك. (محله) مكان ذبحه وهو الحرم. (غيره) قيل: هو الشافعي رحمه الله تعالى.

ص: 643

1718 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ، حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ، إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ،

⦗ص: 644⦘

ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ نَظَرَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ، وَأَهْدَى.

[ر: 1558]

ص: 643

‌6 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} . /البقرة: 196

/.

وَهُوَ مُخَيَّرٌ، فَأَمَّا الصَّوْمُ فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ.

(أو به أذى من رأسه) بسبب قمل أو جراحة تحوجه إلى الحلق. (نسك) جمع نسيكة وهي الذبيحة، وأعلاها بدنة وأوسطها بقرة وأدناها شاة. (وهو مخير) أي بين أن يصوم، أو يتصدق على ستة مساكين، أو يذبح.

ص: 644

1719 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ). قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ).

[1720، 1722، 3927، 3954، 3955، 4245، 5341، 5376، 6330]

أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز حلق الرأس للمحرم إن كان به أذى .. ، رقم:1201.

(هوامك) جمع هامة، وهي ما يدب من الأحناش، والمراد هنا القمل وما شابهه، مما يلازم جسد الإنسان غالبا، إذا ترك التنظيف زمنا طويلا. (انسك بشاة) تقرب بشاة، أي اذبحها قربة لله تعالى.

ص: 644

‌7 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ صَدَقَةٍ} . وَهِيَ إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ.

ص: 644

1720 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سَيْفٌ قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى: أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ:

وَقَفَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِيَةِ وَرَأْسِي يَتَهَافَتُ قَمْلًا، فَقَالَ:(يُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(فَاحْلِقْ رَأْسَكَ، أَوْ قَالَ: احْلِقْ). قَالَ: فِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} إِلَى آخِرِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقْ بِفَرَقٍ بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوِ انْسُكْ بِمَا تَيَسَّرَ).

[ر: 1719]

(يتهافت قملا) يتساقط منه القمل شيئا فشيئا. (بفرق) مكيال كان معروفا في المدينة، ويساوي تسعة ألتار تقريبا. (انسك بما تيسر) اذبح ما تيسر لك من أنواع الهدي.

ص: 644

‌8 - بَاب: الْإِطْعَامُ فِي الْفِدْيَةِ نِصْفُ صَاعٍ.

ص: 645

1721 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ:

جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفِدْيَةِ، فَقَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً، حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ:(مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى، أَوْ: مَا كُنْتُ أُرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى، تَجِدُ شَاةً). فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ:(فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ).

[ر: 1719]

(الوجع) المتسبب عن كثرة القمل. (الجهد) المشقة.

ص: 645

‌9 - بَاب: النُّسْكُ شَاةٌ.

ص: 645

1722 -

حَدَّثَنَا إسحق: حَدَّثَنَا رَوْحٌ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَآهُ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ القمل، فَقَالَ:(أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ). قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ: مِثْلَهُ.

[ر: 1719]

ص: 645

‌10 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلا رَفَثَ} . /البقرة: 197

/.

ص: 645

1723 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ).

[ر: 1449]

أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، رقم:1350.

(يرفث) من الرفث، ويطلق على الجماع، وعلى ذكر الجماع وخاصة مع وجود النساء، وعلى الفحش في القول. (يفسق) من الفسوق وهو الخروج عن حدود الشريعة من قول أو فعل. (كما ولدته .. ) أي نقيا من الذنوب.

ص: 645

‌11 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} . /البقرة: 197

/.

ص: 646

1724 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ).

[ر: 1449]

ص: 646

‌12 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ. أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} . /المائدة: 95، 96/.

(لا تقتلوا) لا تصطادوا. (الصيد) الحيوان البري المتوحش الذي يحل أكل لحمه. (حرم) جمع حرام، وهو من أحرم بحج أو عمرة. (فجزاء) فعليه جزاء. (مثل ما قتل) شبيه بما قتله من حيث الكبر والصغر. (النعم) هي الإبل والبقر والغنم. (ذوا عدل) حكمان عادلان من المسلمين. (هديا) حال كون المحكوم به هديا يقدم ليذبح في الحرم. (بالغ الكعبة) يبلغ به الحرم ليذبح فيه. (طعام مساكين) بمقابل قيمة الهدي، يطعم مساكين من غالب قوت البلد، لكل مسكين مد. (عدل ذلك) مقابل الإطعام يصوم عن كل مد يوم. (وبال أمره) ثقل جزاء فعله. (سلف) من قتل الصيد قبل تحريمه. (صيد البحر) هو ما لا يعيش إلا في الماء كالسمك، والمراد ما أخذ منه طريا. (طعامه) ما يقذفه ميتا، أو ما يتزود منه يابسا. (متاعا) تمتيعا وتنعيما. (للسيارة) المسافرين.

ص: 646

‌13 - بَاب: إِذَا صَادَ الْحَلَالُ فَأَهْدَى لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدَ أَكَلَهُ.

وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ بِالذَّبْحِ بَأْسًا، وَهُوَ غَيْرُ الصَّيْدِ، نَحْوُ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالدَّجَاجِ وَالْخَيْلِ.

يُقَالُ: عَدْلُ ذَلِكَ مِثْلُ، فَإِذَا كُسِرَتْ عِدْلٌ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ.

{قِيَامًا} /المائدة: 97/: قِوَامًا. {يَعْدِلُونَ} /الأنعام: 1/: يَجْعَلُونَ عَدْلًا.

(يقال عدل .. ) تفسير لقوله تعالى: {عدل ذلك صياما} . (زنة) أي موازنة في القدر. (قياما) اللفظ من قوله تَعَالَى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا للناس} : أي سببا لاستقامة أمرهم وحالهم. (يعدلون) من قوله تعالى: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} : أي يجعلون غير الله تعالى نظيرا له.

ص: 646

1725 -

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ:

انْطَلَقَ أَبِي عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ، وَحُدِّثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَدُوًّا يَغْزُوهُ بغيقة، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ تَضَحَّكَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ، وَاسْتَعَنْتُ بِهِمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ، وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، فَطَلَبْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، قُلْتُ: أَيْنَ تَرَكْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟. قَالَ: تَرَكْتُهُ بِتَعْهَنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَهْلَكَ يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ فَانْتَظِرْهُمْ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ، وَعِنْدِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ؟ فَقَالَ لِلْقَوْمِ:(كُلُوا). وَهُمْ مُحْرِمُونَ.

[1726 - 1728، 2431، 2699، 2757، 3918، 5090، 5091، 5172، 5173]

أخرجه مسلم في الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم، رقم:1196.

(عام الحديبية) العام الذي حصل فيه صلح الحديبية. (بغيقة) موضع بين مكة والمدينة. (فبينما أنا) المتكلم هو أبو قتادة رضي الله عنه. (تضحك) ضحك تعجبا لما رأى. (فأثبته) جعلته ثابتا في مكانه لا يتحرك منه، أي قتلته. (نقتطع) يقطعنا العدو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ويحول بيننا وبينه. (فطلبت) خرجت أطلبه وأسعى وراءه. (أرفع فرسي) أجريه وأسرعه في السير. (شأوا) تارة، والشأو الغاية. (بتعهن) اسم لعين ماء في طريق مكة. (قايل السقيا) عازم أن يقيل في السقيا، من القيلولة وهي النوم وقت الظهيرة، والسقيا قرية بين مكة والمدينة. (أهلك) أصحابك. (فاضلة) قطعة قد فضلت منه وبقيت معي.

ص: 647

‌14 - بَاب: إِذَا رَأَى الْمُحْرِمُونَ صَيْدًا فَضَحِكُوا، فَفَطِنَ الْحَلَالُ.

ص: 647

1726 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ:

انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ أُحْرِمْ، فَأُنْبِئْنَا بِعَدُوٍّ بِغَيْقَةَ، فَتَوَجَّهْنَا نَحْوَهُمْ، فَبَصُرَ أَصْحَابِي بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُهُ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ الْفَرَسَ فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، ثُمَّ لَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ عَلَيْهِ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ

⦗ص: 648⦘

صلى الله عليه وسلم؟. فَقَالَ: تَرَكْتُهُ بِتَعْهَنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا، فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَصْحَابَكَ أَرْسَلُوا يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يَقْتَطِعَهُمُ الْعَدُوُّ دُونَكَ فَانْظُرْهُمْ، فَفَعَلَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا اصَّدْنَا حِمَارَ وَحْشٍ، وَإِنَّ عِنْدَنَا منه فَاضِلَةً؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:(كُلُوا). وَهُمْ مُحْرِمُونَ.

[ر: 1725]

(فانطرهم) انتظرهم حتى يلحقوا بك. (اصدنا) أصله: اصتدنا، فقلبت التاء صادا وأدغمت في الصاد، بمعنى اصطدنا.

ص: 647

‌15 - بَاب: لَا يُعِينُ الْمُحْرِمُ الْحَلَالَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ.

ص: 648

1727 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ: سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْقَاحَةِ، مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثٍ (ح).

وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْقَاحَةِ، وَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ، فَرَأَيْتُ أَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ - يَعْنِي فوقع سَوْطُهُ - فَقَالُوا: لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، إِنَّا مُحْرِمُونَ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ الْحِمَارَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَأْكُلُوا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ أَمَامَنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ:(كُلُوهُ، حَلَالٌ).

قَالَ لَنَا عَمْرٌو: اذْهَبُوا إِلَى صَالِحٍ فَسَلُوهُ عَنْ هَذَا وَغَيْرِهِ، وَقَدِمَ عَلَيْنَا هَا هُنَا.

[ر: 1725]

(بالقاحة) اسم موضع بين مكة والمدينة. (يتراءون شيئا) ينظرون شيئا يعرض لهم، من الرؤية. (أكمة) تل من حجر واحد. (فعقرته) جرحته ونحرته. (قدم علينا ها هنا) أي جاء إلى مكة، قال العيني: ومراده أن صالح بن كيسان مدني قدم مكة، فدل عمرو بن دينار أصحابه عليه، ليسمعوا منه هذا وغيره.

ص: 648

‌16 - بَاب: لَا يُشِيرُ الْمُحْرِمُ إِلَى الصَّيْدِ لِكَيْ يَصْطَادَهُ الْحَلَالُ.

ص: 648

1728 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حَاجًّا، فَخَرَجُوا مَعَهُ، فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ:(خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِيَ). فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا، أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَّا أبا قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا

⦗ص: 649⦘

حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، وَقَالُوا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الْأَتَانِ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا، وَقَدْ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، ثُمَّ قُلْنَا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا. قَالَ: (أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا). قَالُوا: لَا، قَالَ:(فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا).

[ر: 1725]

(أتانا) الأتان أنثى الحمار.

ص: 648

‌17 - بَاب: إِذَا أَهْدَى لِلْمُحْرِمِ حِمَارًا وَحْشِيًّا حَيًّا لَمْ يَقْبَلْ.

ص: 649

1729 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ:

أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ:(إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ).

[2434، 2456]

أخرجه مسلم في الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم، رقم:1193.

(الأبواء) اسم موضع بين مكة والمدينة، سميت بذلك لتبوء السيول بها. (بودان) موضع بين الأبواء والجحفة. (ما في وجهه) أي من الكراهية والحزن. (حرم) محرمون، ويمتنع علينا أخذ الصيد.

ص: 649

‌18 - بَاب: مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ.

ص: 649

1730 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ). وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ.

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ).

أخرجه مسلم في الحج، باب: ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب .. ، رقم: 1199، 1200.

(جناح) إثم وحرج، ولا جزاء في قتلها.

ص: 649

1731 -

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: قَالَتْ حَفْصَةُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

⦗ص: 650⦘

(خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ).

[3123، 3134، 3135، 3137، 3792]

(الغراب) وهو طائر أسود في ظهره وبطنه بياض. (الحدأة) وهي نوع من الطيور، وهي أخسها. (العقور) الجارح الذي يتعرض للناس ويعضهم، وأذن بقتل هذه الدواب لضررها وإيذائها للناس.

ص: 649

1732 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يقتلن فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ).

[3136]

أخرجه مسلم في الحج، باب: ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب .. ، رقم:1198.

(فاسق) من الفسق وهو الخروج، ووصفت بذلك لخروجها عن حكم غيرها بالإيذاء والإفساد وعدم الانتفاع.

ص: 650

1733 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَارٍ بِمِنًى، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ:{وَالْمُرْسَلاتِ} وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا، وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اقْتُلُوهَا). فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا).

[3139، 4646، 4647، 4650]

(والمرسلات) أي سورة والمرسلات. (لرطب بها) لم يجف ريقه من قراءتها. (فابتدرناها) أسرعنا إلى أخذها وقتلها.

ص: 650

1734 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْوَزَغِ: (فُوَيْسِقٌ). وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ.

[3130]

أخرجه مسلم في السلام، باب: استحباب قتل الوزغ، رقم:2239.

(الوزغ) دابة لها قوائم تعدو في أصول الحشيش، وقيل: هي سام أبرص، التي تكون في الجدران والسقوف. (فويسق) تصغير فاسق، وهو تصغير للتحقير.

ص: 650

‌19 - بَاب: لَا يُعْضَدُ شَجَرُ الْحَرَمِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ).

[ر: 1737]

ص: 650

1735 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ:

أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلًا، قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، فَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ).

فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلَا فَارًّا بِدَمٍ، وَلَا فَارًّا بِخُرْبَةٍ. خُرْبَةٌ: بَلِيَّةٌ.

[ر: 104]

ص: 651

‌20 - بَاب: لَا يُنَفَّرُ صَيْدُ الْحَرَمِ.

ص: 651

1736 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ). وَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا الْإِذْخِرَ، لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَالَ:(إِلَّا الْإِذْخِرَ).

وَعَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا: لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا؟ هُوَ أَنْ يُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ يَنْزِلُ مَكَانَهُ.

[ر: 1284]

ص: 651

‌21 - بَاب: لَا يَحِلُّ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ.

وَقَالَ أَبُو شُرَيْحٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(لَا يَسْفِكُ بِهَا دَمًا).

[ر: 1735]

ص: 651

1737 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ: (لَا هِجْرَةَ،

⦗ص: 652⦘

وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا، فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حرمه اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا).

قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ، قَالَ: قَالَ: (إِلَّا الْإِذْخِرَ).

[ر: 1510]

أخرجه مسلم في الحج، باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها. وفي الإمارة، باب: المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام .. ، رقم: 1353

ص: 651

‌22 - بَاب: الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ.

وَكَوَى ابْنُ عُمَرَ ابْنَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَيَتَدَاوَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ.

ص: 652

1738 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ. ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: حَدَّثَنِي طَاوُسٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: لَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمَا.

[1836، 1837، 5369، 5370، 5373، 5374]

(احتجم) من الحجامة، وهي شق العرق ومص الدم منه.

ص: 652

1739 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ ابْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنه قَالَ:

احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ، بِلَحْيِ جَمَلٍ، فِي وَسَطِ رَأْسِهِ.

[5373]

أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز الحجامة للمحرم، رقم:1203.

(بلحي جمل) اسم موضع بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب.

ص: 652

‌23 - بَاب: تَزْوِيجِ الْمُحْرِمِ.

ص: 652

1740 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.

[4011، 4824]

أخرجه مسلم في النكاح، باب: تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته، رقم: 1410

ص: 652

‌24 - بَاب: مَا يُنْهَى مِنَ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ.

وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَا تَلْبَسْ الْمُحْرِمَةُ ثَوْبًا بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ.

ص: 652

1741 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا الْبَرَانِسَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْوَرْسُ، وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ).

تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَابْنُ إِسْحَقَ: فِي النِّقَابِ وَالْقُفَّازَيْنِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَلَا وَرْسٌ. وَكَانَ يَقُولُ: لَا تَتَنَقَّبْ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: لَا تَتَنَقَّبْ الْمُحْرِمَةُ. وَتَابَعَهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ.

[ر: 134]

(لا تنتقب) لا تغطي وجهها. (القفازين) تثنية قفاز، وهو شيء يلبس في اليدين ويزر على الساعدين، اتقاء من البرد، أو سترا للكفين.

ص: 653

1742 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

وَقَصَتْ بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ نَاقَتُهُ فَقَتَلَتْهُ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(اغْسِلُوهُ وَكَفِّنُوهُ، وَلَا تُغَطُّوا رَأْسَهُ، وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُهِلُّ).

[ر: 1206]

(وقصت) كسرت رقبته. (يهل) يرفع صوته بالتلبية على الحالة التي مات عليها.

ص: 653

‌25 - بَاب: الِاغْتِسَالِ لِلْمُحْرِمِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: يَدْخُلُ الْمُحْرِمُ الْحَمَّامَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ بِالْحَكِّ بَأْسًا.

ص: 653

1743 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ،

⦗ص: 654⦘

فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟. فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ: اصْبُبْ، فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز غسل المحرم بدنه ورأسه، رقم:1205.

(الأبواء) اسم موضع بين مكة والمدينة. (القرنين) هما جانبا البناء الذي على رأس البئر، وتوضع خشبة البكرة عليهما. (فطأطأه) خفضه وأزال عن رأسه.

ص: 653

‌26 - بَاب: لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ.

ص: 654

1744 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ: (مَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ).

[ر: 1653]

أخرجه مسلم في الحج، باب: ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح، رقم:1178.

(الخفين) مقطوعين من الأسفل. (سراويل للمحرم) اشترط الجمهور فتق السراويل حتى يجوز لبسها للمحرم، وأجاز أحمد رحمه الله تعالى لبسها بدون فتق إذا لم يجد إزارا، وهو الأصح عند الشافعية، ومنعه الحنفية والمالكية مطلقا، فإن لبسه لزمته الفدية.

ص: 654

1745 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟. فَقَالَ: (لَا يَلْبَسْ الْقَمِيصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا وَرْسٌ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ).

[ر: 134]

ص: 654

‌27 - بَاب: إِذَا لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ فَلْيَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ.

ص: 654

1746 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَاتٍ، فَقَالَ:(مَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ فَلْيَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ).

[ر: 1653]

ص: 654

‌28 - بَاب: لُبْسِ السِّلَاحِ لِلْمُحْرِمِ.

وَقَالَ عكرمَةُ: إذا خَشِيَ الْعَدُوَّ لَبِسَ السِّلَاحَ وَافْتَدَى. وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ فِي الْفِدْيَةِ.

(افتدى) أعطى الفدية. (لم يتابع) أي: لم يقل أحد غيره بوجوب الفدية عليه.

ص: 654

1747 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إسحق، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه:

اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ: لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ سِلَاحًا إِلَّا فِي الْقِرَابِ.

[ر: 1689]

(قاضاهم) من القضاء، وهو الفصل والحكم، أي عاهدهم واتفق معهم على ذلك. (القراب) شيء يشبه الجراب، يضع فيه الراكب سيفه وسوطه، وقد يضع فيه زاده.

ص: 655

‌29 - بَاب: دُخُولِ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ.

وَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْإِهْلَالِ لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَلَمْ يذكره لِلْحَطَّابِينَ وَغَيْرِهِمْ.

(الإهلال) الإحرام ورفع الصوت بالتلبية عنده. (وغيرهم) ممن يكثر دخولهم إلى مكة وخروجهم منها. واستدل لقوله هذا بمفهوم ما جاء في رواية ابن عباس رضي الله عنهما: (ممن أراد الحج والعمرة).

ص: 655

1748 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ.

[ر: 1452]

ص: 655

1749 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ:(اقْتُلُوهُ).

[2879، 4035، 5471]

أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز دخول مكة بغير إحرام، رقم:1357.

(المغفر) زرد ينسج من الدرع على قدر الرأس، أو ما غطى الرأس من السلاح، وقيل: حلق يتقنع بها المتسلح ويستر بها وجهه غير عيينه. (رجل) هو أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه. (ابن خطل) واسمه عبد الله، أمر بقتله، لأنه أسلم فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجمع الزكاة، وبعث معه رجلا من الأنصار فقتله في الطريق وارتد مشركا، واتخذ قينتين، أي مغنيتين، تغنيان له بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 655

‌30 - بَاب: إِذَا أَحْرَمَ جَاهِلًا وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ.

وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.

ص: 655

1750 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى،

⦗ص: 656⦘

عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ فِيهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ أَوْ نَحْوُهُ، كَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِي: تُحِبُّ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ أَنْ تَرَاهُ؟. فَنَزَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ:(اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ). وَعَضَّ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ، يَعْنِي فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَبْطَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1463]

(ثنيته) وهي إحدى السنين اللذين في وسط الأسنان من فوق ومن أسفل.

ص: 655

‌31 - بَاب: الْمُحْرِمِ يَمُوتُ بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ بَقِيَّةُ الْحَجِّ.

ص: 656

1751 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ، أَوْ قَالَ فَأَقْعَصَتْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، أَوْ قَالَ: ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي).

ص: 656

1752 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ، أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تَمَسُّوهُ طِيبًا، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا تُحَنِّطُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا).

[ر: 1206]

ص: 656

‌32 - بَاب: سُنَّةِ الْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ.

ص: 656

1753 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَجُلًا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا).

[ر: 1206]

ص: 656

‌33 - بَاب: الْحَجِّ وَالنُّذُورِ عَنِ الْمَيِّتِ، وَالرَّجُلُ يَحُجُّ عَنِ الْمَرْأَةِ.

ص: 656

1754 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي

⦗ص: 657⦘

نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ:(نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟. اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ).

[6321، 6885]

(أكنت .. ) أي ةهذا الحج المنذور دين لله تعالى، فيقضي وهو أحق بالقضاء.

ص: 656

‌34 - بَاب: الْحَجِّ عَمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ.

ص: 657

1755 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم: أَنَّ امْرَأَةً (ح).

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ، أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟. قَالَ:(نَعَمْ).

[ر: 1442]

أخرجه مسلم في الحج، باب: الحج عن العاجز لزمانه وهرم ونحوهما، رقم: 1335

ص: 657

‌35 - بَاب: حَجِّ الْمَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ.

ص: 657

1756 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟. قَالَ:(نَعَمْ). وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

[ر: 1442]

ص: 657

‌36 - بَاب: حَجِّ الصِّبْيَانِ.

ص: 657

1757 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ:

سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: بَعَثَنِي، أَوْ قَدَّمَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّقَلِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.

[ر: 1593]

(الثقل) أتباع المسافر وحشمه، وآلات السفر وأمتعة المسافرين. (جمع) المزدلفة.

ص: 657

1758 -

حَدَّثَنَا إسحق: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْن شِهَابٍ، عَنْ

⦗ص: 658⦘

عَمِّهِ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

أَقْبَلْتُ وَقَدْ نَاهَزْتُ الْحُلُمَ، أَسِيرُ عَلَى أَتَانٍ لِي، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يُصَلِّي بِمِنًى، حَتَّى سِرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ نَزَلْتُ عَنْهَا فَرَتَعَتْ، فَصَفَفْتُ مَعَ النَّاسِ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

[ر: 76]

ص: 657

1759 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:

حُجَّ بِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ.

ص: 658

1760 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ لِلسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَكَانَ قَدْ حُجَّ بِهِ فِي ثَقَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(حج به في ثقل) أي قدم مع من قدم المزدلفة بسبب صغر سنه.

ص: 658

‌37 - بَاب: حَجِّ النِّسَاءِ.

ص: 658

1761 -

وقَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ:

أَذِنَ عُمَرُ رضي الله عنه لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ.

(فبعث .. ) كانا يقومان بشؤونهن دون مخالطة، بل ثبت أنهن نزلن في الشعب ونزل عبد الرحمن وعثمان في آخره. وجاز لهن السفر بدون محرم لوجود نسوة ثقات، وقيل: لأن جميع المسلمين محارم لهن، إذ لا يجوز لأحد أن يتزوج إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم.

ص: 658

1762 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ: حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِين رضي الله عنها قَالَتْ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ فَقَالَ:(لَكِنَّ أَحْسَنَ الْجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الْحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ). فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَا أَدَعُ الْحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1448]

(نغزو) نخرج للجهاد ونقاتل معكم الكفار.

ص: 658

1763 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ

⦗ص: 659⦘

ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ). فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ؟. فَقَالَ:(اخْرُجْ مَعَهَا).

[2844، 2896، 4935]

أخرجه مسلم في الحج، باب: سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، رقم:1341.

(ذي محرم) هو كل ما يحرم عليها التزوج منه حرمة مؤبدة، وكره مالك رحمه الله تعالى سفرها مع ابن زوجها وإن كان ذا محرم منها على التأبيد، لفساد الناس.

ص: 658

1764 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَجَّتِهِ، قَالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الْأَنْصَارِيَّةِ:(مَا مَنَعَكِ مِنَ الْحَجِّ). قَالَتْ: أَبُو فُلَانٍ، تَعْنِي زَوْجَهَا، كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالْآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا. قَالَ:(فإن عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً مَعِي).

رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1690]

(تقضي حجة معي) أي يعدل ثوابها ثواب حجة معي.

ص: 659

1765 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ، وَقَدْ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، قَالَ:

أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ: يُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي:(أَنْ لَا تُسَافِرَ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا صَوْمَ يَوْمَيْنِ: الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتَيْنِ: بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى).

[ر: 1139]

أخرجه مسلم في الحج، باب: سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، رقم: 1340

ص: 659

‌38 - بَاب: مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى الْكَعْبَةِ.

ص: 659

1766 -

حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، قَالَ:(مَا بَالُ هَذَا). قَالُوا:

⦗ص: 660⦘

نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ. قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ). وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ.

[6323]

أخرجه مسلم في النذر، باب: من نذر أن يمشي إلى الكعبة، رقم:1642.

(يهادى) يمشي بينهما معتمدا عليهما. (ما بال هذا) ما شأنه يمشي هكذا.

ص: 659

1767 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ: أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ:

نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَفْتَيْتُهُ، فَقَالَ عليه السلام:(لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ). قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لَا يُفَارِقُ عُقْبَةَ.

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

أخرجه مسلم في النذر، باب: من نذر أن يمشي إلى الكعبة، رقم:1644.

(أختي) هي أم حبان بنت عامر الأنصارية رضي الله عنها.

ص: 660

بسم الله الرحمن الرحيم.

ص: 661

‌35 - أبواب فَضَائِلِ الْمَدِينَةِ.

ص: 661

‌1 - بَاب: حَرَمِ الْمَدِينَةِ.

ص: 661

1768 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا. لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلَا يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).

[6876]

أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، رقم:1366.

(حرم) محرمة. (من كذا إلى كذا) من عير إلى أحد، وعير جبل بقرب المدينة. (حدث) عمل مخالف للكتاب والسنة.

ص: 661

1769 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَأَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:(يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي). فَقَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ، فَأَمَرَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ.

[ر: 418]

ص: 661

1770 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (حُرِّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ عَلَى لِسَانِي). قَالَ: وَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَنِي حَارِثَةَ، فَقَالَ:(أَرَاكُمْ يَا بَنِي حَارِثَةَ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ الْحَرَمِ). ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ: (بَلْ أَنْتُمْ فِيهِ).

[1774]

(لابتي) تثنية لابة وهي الحرة، وهي الأرض ذات الحجارة السوداء. (بني حارثة) بطن من الأوس، كانوا يسكنون غربية مشهد حمزة رضي الله عنه.

ص: 661

1771 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:

مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ وَهَذِهِ

⦗ص: 662⦘

الصَّحِيفَةُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ. وَقَالَ: ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ. وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ).

[3001، 3008، 6374، 6870]

(عائر) هو عير. (آوى محدثا) أجار جانيا وحماه من خصمه. (صرف ولا عدل) توبة ولا فدية، أو نافلة ولا فريضة. (ذمة) عهد وأمان. (تولى) اتخذهم أولياء ونصراء. (مواليه) حلفائه أو الذين أعتقوه من الرق.

ص: 661

‌2 - بَاب: فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَنَّهَا تَنْفِي النَّاسَ.

ص: 662

1772 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ، سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى، يَقُولُونَ يَثْرِبُ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ).

أخرجه مسلم في الحج، باب: المدينة تنفي شرارها، رقم:1382.

(أمرت بقرية) أمرت بالهجرة إليها والنزول فيها وسكناها. (تأكل القرى) يغلب أهلها أهل سائر البلاد، وتكون مركز جيوش الإسلام، تنطلق منها كتائب الفتوح، وتجلب إليها الغنائم والأرزاق. (يقولون يثرب) يسميها المنافقون يثرب، واللائق بها أن تسمى المدينة، ويثرب اسمها في الجاهلية، من التثريب وهو الملامة والتوبيخ، ولذلك كرهه صلى الله عليه وسلم. (تنفي الناس) تخرج الأشرار من بينهم. (الكير) ما ينفخ به الحداد في النار. (خبث الحديد) وسخه وشوائبه.

ص: 662

‌3 - بَاب: الْمَدِينَةُ طَابَةٌ.

ص: 662

1773 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ رضي الله عنه:

أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَبُوكَ، حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ:(هَذِهِ طَابَةٌ).

[ر: 1411]

ص: 662

‌4 - بَاب: لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ.

ص: 662

1774 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ

⦗ص: 663⦘

الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَامٌ).

[ر: 1770]

أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، رقم:1372.

(الظباء) جمع ظبي وهو الغزال. (ترتع) ترعى وتنبسط. (ذعرتها) أخفتها ونفرتها.

ص: 662

‌5 - بَاب: مَنْ رَغِبَ عَنِ الْمَدِينَةِ.

ص: 663

1775 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْعَوَافِ - يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ - وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ، يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ، يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا).

أخرجه مسلم في الحج، باب: في المدينة حين يتركها أهلها، رقم:1389.

(على خير ما كانت) من العمارة وكثرة الثمار وحسن المنظر. (يغشاها) يسكنها ويأتي إليها. (العواف) جمع عافية، وهي التي تطلب القوت والرزق من الدواب والطير. (ينعقان) يصيحان. (وحشا) خالية ليس فيها أحد. (ثنية الوداع) عقبة عند حرم المدينة من جهة الشام، سميت بذلك لأن الخارج من المدينة كان يمشي معه المودعون إليها. (خرا على وجوههما) سقطا ميتين.

ص: 663

1776 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (تُفْتَحُ الْيَمَنُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).

أخرجه مسلم في الحج، باب: الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار، رقم:1388.

(يبسون) يسوقون إبلهم ودوابهم راحلين من المدينة.

ص: 663

‌6 - بَاب: الْإِيمَانُ يَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ.

ص: 663

1777 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ

⦗ص: 664⦘

خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا).

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، رقم:147.

(ليأرز) لينضم أهله ويجتمعون. (حجرها) مسكنها الذي تأمن فيه وتستقر.

ص: 663

‌7 - بَاب: إِثْمِ مَنْ كَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ.

ص: 664

1778 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ، عَنْ جُعَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ سَعْدًا رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا يَكِيدُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ إِلَّا انْمَاعَ، كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ).

أخرجه مسلم في الحج، باب: من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله، رقم:1387.

(يكيد) يدبر لهم ما فيه ضرر بغير حق. (انماع) ذاب، أي أهلكه الله تعالى ولم يمهله.

ص: 664

‌8 - بَاب: آطَامِ الْمَدِينَةِ.

ص: 664

1779 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ رضي الله عنه قَالَ:

أَشْرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ:(هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى، إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ).

تَابَعَهُ مَعْمَرٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

[2335، 3402، 6651]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: نزول الفتن كمواقع القطر، رقم:2885.

(أطم) الحصون التي تبنى بالحجارة، وقيل: هو كل بيت مربع مسطح. (مواقع الفتن) مواضع حصولها وسقوطها. (خلال بيوتكم) بينها ونواحيها، جمع خلل وهو الفرجة بين الشيءين. (كمواقع القطر) مثل سقوط المطر الكثير الذي يعم الأنحاء والأماكن.

ص: 664

‌9 - بَاب: لَا يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ.

ص: 664

1780 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ).

[6707]

(رعب المسيح الدجال) الخوف والذعر الذي ينتشر في الآفاق بسبب فتنته.

ص: 664

1781 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، عَنْ أَبِي

⦗ص: 665⦘

هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ، لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ).

[5399، 6714]

أخرجه مسلم في الحج، باب: صيانة المدينة من دخول الطاعون والدجال إليها، رقم:1379.

(أنقاب) جمع نقب، مداخلها والطرق المؤدية إليها. (الطاعون) الوباء الذي يكثر بسببه الموت.

ص: 664

1782 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو: حَدَّثَنَا إسحق: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ).

[6706، 6715، 7035]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: قصة الجساسة، رقم:2943.

(سيطؤه) سيدخله. (ترجف) تزلزل.

ص: 665

1783 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ:

حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا طَوِيلًا عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ أَنْ قَالَ:(يَأْتِي الدَّجَّالُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ، ينزل بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ، أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ، الَّذِي حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الْأَمْرِ؟. فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَقْتُلُهُ فَلَا أُسَلَّطُ عَلَيْهِ).

[6713]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: في صفة الدجال وتحريم المدينة عليه، رقم:2938.

(السباخ) جمع سبخة، وهي الأرض التي لا تكاد تنبت لما يعلوها من الملوحة. (تشكون في الأمر) ترتابون في صدقي. (فيقولون) القائل أتباعه من اليهود وأهل الضلال، أو المراد جميع من حضر، يقولون ذلك خوفا منه لا تصديقا به. (أشد بصيرة) أقوى يقينا بأنك الدجال، لأنه من علامته أن يحيي المقتول. (فلا أسلط عليه) لا أستطيع قتله.

ص: 665

‌10 - بَاب: الْمَدِينَةُ تَنْفِي الْخَبَثَ.

ص: 665

1784 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه:

جَاءَ أَعْرَابِيّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَجَاءَ مِنَ

⦗ص: 666⦘

الْغَدِ مَحْمُومًا، فَقَالَ: أَقِلْنِي، فَأَبَى، ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَقَالَ:(الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا).

[6783، 6785، 6790، 6891]

(محموما) من الحمى وهي المرض مع السخونة. (أقلني) من الإقالة وهي فسخ ما أبرم من عقد أو عهد. (تنفي خبثها) تخرج أشرار الناس منها. (ينصع طيبها) من النصوع وهو الخلوص، والناصع الخالص، والمعنى: يطيب هواؤها وينظف لمن رغب بالسكنى فيها.

ص: 665

1785 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ، رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: نَقْتُلُهُمْ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لَا نَقْتُلُهُمْ، فَنَزَلَتْ:{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} . وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّهَا تَنْفِي الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ).

[3824، 4313]

أخرجه مسلم في أوائل صفات المنافقين وأحكامهم، رقم:2776.

(ناس) هم عبد الله بن أبي ابن سلول ومن معه من المنافقين وهو رأسهم. (نقتلهم) نقتل الذين رجعوا، لأن رجوعهم أثبت نفاقهم. (فئتين) تفرقتم إلى فرقتين. /النساء: 88/. (تنفي الرجال) تظهرهم وتميزهم وتخرج الأشرار من بينهم.

ص: 666

1786 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: سَمِعْتُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ).

تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ يُونُسَ.

أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، رقم:1369.

(البركة) كثرة الخير، والمراد البركة الدنيوية في سعة الرزق وهناءة العيش.

ص: 666

1787 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ، أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا، مِنْ حُبِّهَا.

[ر: 1708]

ص: 666

‌11 - بَاب: كَرَاهِيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ.

ص: 666

1788 -

حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ

⦗ص: 667⦘

عَنْهُ قَالَ:

أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ، وَقَالَ:(يَا بَنِي سَلِمَةَ، أَلَا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ). فَأَقَامُوا.

[ر: 625]

ص: 666

1789 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي).

[ر: 1138]

ص: 667

1790 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ

وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ

وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولُ:

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً

بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ

وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ

وقال: اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ). قَالَتْ: وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ، قَالَتْ: فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا، تَعْنِي مَاءً آجِنًا.

[3711، 5330، 5353، 6011]

أخرجه مسلم في الحج، باب: الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها، رقم:1376.

(وعك) أصابه الوعك وهو الحمى. (أخذته الحمى) اشتدت عليه. (أدنى) أقرب. (شراك نعله) سير النعل الذي يكون على وجهها. (أقلع) كف. (عقيرته) رفع الصوت مع البكاء أو الغناء. (ليت شعري) ليتني أشعر. (إذخر) نوع من الحشيش. (جليل) نوع من النبات. (مياه مجنة) ماء عند عكاظ قريبا من مكة. (يبدون) يظهرن. (شامة وطفيل) جبلان على نحو ثلاثين ميلا من مكة، وقيل: هما عينا ماء، (وقال) بلال رضي الله عنه. (الوباء) المرض العام. (الجحفة) ميقات أهل الشام ومصر والمغرب الآن، وتسمى رابغ. (بطحان) واد في صحراء المدينة. (نجلا) هو ما يجري على وجه الأرض، وقيل: هو الذي لا يزال فيه الماء. (آجنا) متغير الطعم واللون.

ص: 667

1791 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ،

عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ ابْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أمه، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَتْ: سَمِعْتُ عُمَرَ: نَحْوَهُ.

وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه.

ص: 668

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 669

‌36 - كتاب الْصَوْمِ

ص: 669

(كتب) فرض. (الصيام) هو لغة: الإمساك، وشرعا: الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وما هو ملحق بها من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس. (كما كتب على الذين من قبلكم) كما فرض على الأمم السابقة من حيث الكيفية لا القدر.

ص: 669

1792 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ:

أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ:(الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا). فَقَالَ: أَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ، فَقَالَ:(شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا). فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ، فَقَالَ: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، قَالَ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ: دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ).

[ر: 46]

(شرائع الإسلام) نصب الزكاة ومقاديرها وغير ذلك من الأحكام الشرعية.

ص: 669

1793 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

صَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَصُومُهُ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ صَوْمَهُ.

[1896، 4231]

(عاشوراء) اليوم العاشر من المحرم. (أن يوافق صومه) الذي كان يعتاده، والمعنى: أنه كان لا يعتقد صيام يوم عاشوراء من النفل المندوب.

ص: 669

1794 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصِيَامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمَضَانُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ).

[ر: 1515]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء، رقم: 1125

ص: 670

‌2 - بَاب: فَضْلِ الصَّوْمِ.

ص: 670

1795 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ - مَرَّتَيْنِ - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا).

[1805، 5583، 7054، 7100]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: حفظ اللسان للصائم، وباب: فضل الصيام، رقم:1151.

(جنة) وقاية وسترة من الوقوع في المعاصي التي تكون سببا في دخول النار، أو وقاية من دخول النار، لأنه إمساك عن الشهوات والنار قد خفت بها، وأيضا: الأعمال الصالحة تكفر الذنوب. (يرفث) من الرفث، وهو الكلام الفاحش، ويطلق أيضا على الجماع وعلى مقدماته وعلى ذكره مع النساء. (لا يجهل) لا يفعل شيئا من الجهالة كالعياط والسفه والسخرية. (مرتين) يكرر ذلك مرتين. (لخلوف) تغير طعم الفم وريحه. (يترك) أي يقول الله تعالى: يترك الخ. (شهوته) شهوة الجماع وغيرها. (الصيام لي) عمل خالص من أجلي ليس فيه رياء. (أجزي به) جزاء غير محدود، يتناسب مع كرم الله سبحانه وفضله.

ص: 670

‌3 - بَاب: الصَّوْمُ كَفَّارَةٌ.

ص: 670

1796 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا جَامِعٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ:

قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: مَنْ يَحْفَظُ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ؟. قَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ). قَالَ: لَيْسَ أَسْأَلُ عَنْ ذِهِ، إِنَّمَا أَسْأَلُ عَنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ. قَالَ: وَإِنَّ دُونَ ذَلِكَ بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: فَيُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لَا يُغْلَقَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟. فَسَأَلَهُ فَقَالَ: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ.

[ر: 502]

ص: 670

‌4 - بَاب: الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ.

ص: 671

1797 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ، فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ).

[3084]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: فضل الصيام، رقم:1152.

(الريان) صيغة مبالغة من الري وهو نقيض العطش.

ص: 671

1798 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ).

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟. قَالَ:(نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ).

[3466]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: من جمع صدقة وأعمال البر، رقم:1027.

(أنفق زوجين) عمل صنفين من أعمال البر. (من أهل الصلاة) المكثرين لصلاة التطوع، وكذلك من ذكر من أهل الأعمال الأخرى، فالمراد: الملازمون لها المكثرون منها زيادة عن الواجبات. (بأبي أنت وأمي) أنت مفدى بهما. (من ضرورة) من مضرة، أي قد سعد من دعي من الأبواب جميعا، ودعوته منها جميعا أن يخير في الدخول من أيها شاء، وهذا مزيد تكريم وفضل.

ص: 671

‌5 - بَاب: هَلْ يُقَالُ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعًا.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ).

[ر: 1802]

وَقَالَ: (لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ).

[ر: 1815]

ص: 671

1799 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ).

ص: 671

1800 -

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ، مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ).

[3103]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: فضل شهر رمضان، رقم:1079.

(فتحت) المراد حقيقة الفتح، وقيل هو كناية عن كثرة الطاعات. (أبواب السماء) المراد بالسماء الجنة، لأنها يصعد منها إلى الجنة، لأنها فوق السماء وسقفها عرش الرحمن. (سلست الشياطين) شدت بالسلاسل، ومنعت من الوصول إلى بغيتها من إفساد المسلمين بالقدر الذي كانت تفعله في غير رمضان.

ص: 672

1801 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ).

وَقَالَ غَيْرُهُ، عَنِ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ وَيُونُسُ: لِهِلَالِ رَمَضَانَ.

[1807 - 1809، 1814، 4996]

(رأيتموه) رأيتم هلال الشهر، رمضان أولا وشوال ثانيا. (غم عليكم) ستر وغطي بالغيم أو غيره. (فاقدروا له) قدروا له تمام العدة ثلاثين يوما.

ص: 672

‌6 - بَاب: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً.

وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ).

[ر: 2021]

ص: 672

1802 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).

[ر: 35]

ص: 672

‌7 - بَاب: أَجْوَدُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَكُونُ فِي رَمَضَانَ.

ص: 672

1803 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ: فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ

⦗ص: 673⦘

السَّلَام، كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.

[ر: 6]

(ينسلخ) يمضي وينتهي.

ص: 672

‌8 - بَاب: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ.

ص: 673

1804 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ).

[5710]

(الزور) الكذب والميل عن الحق والعمل بالباطل والتهمة. (العمل به) العمل بمقتضاه مما نهى الله عنه. (فليس لله حاجة) أي إن الله تعالى لا يلتفت إلى صيامه ولا يقبله.

ص: 673

‌9 - بَاب: هَلْ يَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ إِذَا شُتِمَ.

ص: 673

1805 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ).

[ر: 1795]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: فضل الصيام، رقم:1151.

(كل عمل ابن آدم له) أي يمكن أن يدخله حظ النفس. (يصخب) من الصخب وهو الخصام والصياح. (إذا أفطر فرح) بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر، وهذا أمر طبعي للإنسان الذي فطر على الحاجة للطعام والشراب، والسرور إذا حصلت له حاجته. وقيل: يفرح بإتمام صومه وعبادته. (فرح بصومه) بقبول صومه وترتب الجزاء الوافر عليه.

ص: 673

‌10 - بَاب: الصَّوْمِ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ العزوبة.

ص: 673

1806 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فَقَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ

⦗ص: 674⦘

فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ).

[4778، 4779]

(العزوبة) العزب من لا زوج له، والعزبة من لا زوج لها، أي خاف أن يقع في الزنا، لعدم الزواج وبعده عنه. (الباءة) هي في اللغة الجماع، والتقدير: من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤن النكاح، وقيل: المراد بالباءة هنا مؤن الزواج. (أغض للبصر) أدعى إلى غض البصر. (أحصن للفرج) أدعى إلى إحصان الفرج، أي حفظه من الزنا. (وجاء) قاطع للشهوة.

ص: 673

‌11 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا).

وَقَالَ صِلَةُ، عَنْ عَمَّارٍ: مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم.

(يوم الشك) هو اليوم الذي يتحدث الناس فيه برؤية الهلال ولم تثبت رؤيته.

ص: 674

1807 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ، فَقَالَ:(لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، رقم: 1080

ص: 674

1808 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ).

(تسع وعشرون) أي يكون هكذا أحيانا. (العدة) عدة أيام شعبان.

ص: 674

1809 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا). وَخَنَسَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ.

[ر: 1801]

(هكذا وهكذا) أي أشار بيديه الكريمتين ناشرا أصابعه مرتين، فهي عشرون. (وخنس الإبهام في الثالثة) أي أشار في المرة الثالثة كما أشار قبلها ولكنه قبض الإبهام، فهي تسع، فيكون المجموع تسعا وعشرين.

ص: 674

1810 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، رقم:1081.

(غبي) من الغباوة وهي عدم الفطنة، وهو استعارة لخفاء الهلال.

ص: 674

1811 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا غَدَا، أَوْ رَاحَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ شَهْرًا؟. فَقَالَ: (إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا).

[4906]

(آلى من نسائه) حلف لا يدخل عليهن. (غدا) من الغدو وهو الذهاب أول النهار. (راح) من الرواح وهو الذهاب آخر النهار، وقد يراد به مطلق الذهاب في أي وقت. (فقيل له) القائل هي عائشة رضي الله عنها.

ص: 675

1812 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

آلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلَيْتَ شَهْرًا؟. فَقَالَ:(إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ).

[ر: 371]

(انفكت رجله) من الانفكاك، وهو الخلع وانفتال بعضها عن بعض.

ص: 675

‌12 - بَاب: شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ إسحق: وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَهُوَ تَمَامٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجْتَمِعَانِ كِلَاهُمَا نَاقِصٌ.

(لا يجتمعان .. ) أي لا يكون كل منهما ناقصا في سنة واحدة.

ص: 675

1813 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ إسحق، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَحَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (شَهْرَانِ لَا يَنْقُصَانِ، شَهْرَا عِيدٍ: رَمَضَانُ وَذُو الْحَجَّةِ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: شهرا عيد لا ينقصان، رقم:1089.

(لا ينقصان) قيل في معناه أقوال، ولعل أحسنها ما ذكره البخاري عن إسحق: أنهما تامان في الأجر والثواب وإن نقصا في العدد. (شهرا عيد) فرمضان يعقبه عيد الفطر، وذو الحجة يكون عيد الأضحى خلال أيامه.

ص: 675

‌13 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ).

ص: 675

1814 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو:

⦗ص: 676⦘

أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا). يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ.

[ر: 1801]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، رقم:1080.

(أمة) جماعة العرب. (أمية) لا تقرأ ولا تكتب، نسبة إلى الأم، أي الحالة التي ولدتنا عليها الأمهات. (لا نكتب) قليل فينا من يكتب. (ولا نحسب) لا نعرف حساب النجوم وتسييرها، فلم نكلف في مواقيت عباداتنا ما يحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة.

ص: 675

‌14 - بَاب: لَا يتقدمن رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ.

ص: 676

1815 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، رقم:1082.

(يصوم صومه) كان له صوم نفل معتاد فوافق ذلك اليوم، أو كان عليه قضاء أو نذر فصامه.

ص: 676

(أحل) أبيح ورخص به. (الرفث إلى نسائكم) الإفضاء إليهن بالجماع. (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) كناية عن كون كل من الزوجين سكنا للآخر وسترا له، وأنه شديد الاحتياج إليه، يماسه ويباشره كما يباشر اللباس. (تختانون أنفسكم) تجامعون النساء وتأكلون وتشربون في الوقت الذي كان يحرم عليكم ذلك. (فالآن باشروهن) بعد الحل لكم أن تجامعوهن. (ابتغوا) اطلبوا بمباشرتهن وجماعهن. (ما كتب الله لكم) ما أحله الله ورخص لكم به من التمتع بهن، أو ما قدره الله تعالى من الولد.

ص: 676

1816 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إسحق، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا، فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ، لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الْإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟. قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ

⦗ص: 677⦘

الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}. فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} .

[4238]

(كان أصحاب محمد) أي وهو معهم، أول ما افترض الله تعالى الصيام. (فغلبته عيناه) كناية عن النوم. (خيبة لك) حرمانا لك، يقال خاب الرجل إذا لم ينل ما طلبه. (غشي عليه) من الغشيان، وهو تعطيل القوى المحركة والأوردة الحساسة، لضعف القلب بسبب وجع شديد، أو برد، أو جوع مفرط، وهو نوع من الإغماء. (ونزلت) أي تتمة الآية. (الخيط الأبيض) بياض الصبح الصادق، أول ما يبدو معترضا في الأفق كالخيط المدود، و (الخيط الأسود) ما يمتد معه من غبش الليل وسواده.

ص: 676

‌16 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} /البقرة: 187

/.

فِيهِ الْبَرَاءُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1816]

ص: 677

1817 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} . عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:(إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ).

[4239، 4240]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، رقم:1090.

(عقال) الحبل الذي يعقل به البعير. (يستبين) يظهر. (فغدوت) ذهبت أول النهار. (ذلك) المذكور في الآية.

ص: 677

1818 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ (ح). حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:

أُنْزِلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} وَلَمْ يَنْزِلْ {مِنَ الْفَجْرِ} فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ:{مِنَ الْفَجْرِ} فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.

[4241]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، رقم: 1091

ص: 677

‌17 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ).

[ر: 596]

ص: 677

1819 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ

⦗ص: 678⦘

ابْنِ عُمَرَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ).

قَالَ الْقَاسِمُ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانِهِمَا إِلَّا أَنْ يَرْقَى ذَا وَيَنْزِلَ ذَا.

[ر: 597]

ص: 677

‌18 - بَاب: تَأْخِيرِ السَّحُورِ.

ص: 678

1820 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَتِي أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 552]

(أن أدرك السجود) أي صلاة الفجر، وعبر بالسجود عنها لأنه ركن أساسي منها.

ص: 678

‌19 - بَاب: قَدْرِ كَمْ بَيْنَ السَّحُورِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ.

ص: 678

1821 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ:

تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟. قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً.

[ر: 550]

ص: 678

‌20 - بَاب: بَرَكَةِ السَّحُورِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ.

لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ وَاصَلُوا وَلَمْ يُذْكَرِ السَّحُورُ.

(السحور) بضم السين، هو تناول الطعام أو الشراب وقت السحر، وهو ما قبيل طلوع الفجر. والسحور: بفتح السين، اسم لما يتناول في ذلك الوقت.

ص: 678

1822 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَاصَلَ فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَنَهَاهُمْ، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ:(لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى).

[1861]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصوم، رقم:1102.

(واصل) تابع الصيام بين اليومين من غير إفطار بالليل. (لست كهيئتكم) ليس حالي مثل حالكم. (أظل) أبيت وأبقى.

ص: 678

1823 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ:

⦗ص: 679⦘

سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه، رقم:1095.

(تسحروا) من السحور، والأمر للندب. (بركة) دنيوية في التقوى على صيام النهار، وأخروية بمزيد الأجر والثواب.

ص: 678

‌21 - بَاب: إِذَا نَوَى بِالنَّهَارِ صَوْمًا.

وَقَالَتْ أُمَّ الدَّرْدَاءِ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: عِنْدَكُمْ طَعَامٌ؟ فَإِنْ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ يَوْمِي هَذَا. وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ رضي الله عنهم.

ص: 679

1824 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ: (إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ، أَوْ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا يَأْكُلْ).

[1903، 6837]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: من أكل في عاشوراء فليكف بقية يومه، رقم: 1135

ص: 679

‌22 - بَاب: الصَّائِمِ يُصْبِحُ جُنُبًا.

ص: 679

1825 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ المُغِيرَةِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأَبِي حِينَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ (ح). حدثنا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَ مَرْوَانَ: أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتَاهُ:

أَن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ، وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ.

وَقَالَ مَرْوَانُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُقَرِّعَنَّ بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قُدِّرَ لَنَا أَنْ نَجْتَمِعَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَتْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ هُنَالِكَ أَرْضٌ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكَ أَمْرًا، وَلَوْلَا مَرْوَانُ

⦗ص: 680⦘

أَقْسَمَ عَلَيَّ فِيهِ لَمْ أَذْكُرْهُ لَكَ، فَذَكَرَ قَوْلَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: كَذَلِكَ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وهو أَعْلَمُ.

وَقَالَ هَمَّامٌ وَابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالْفِطْرِ، وَالْأَوَّلُ أَسْنَدُ.

[1829، 1830]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، رقم:1109.

(وهو جنب من أهله) أي وقد أصابته جنابة من جماع إحدى زوجاته. (لتقرعن بها) لتعلمنه بهذه القصة التي تخالف فتواه إعلاما صريحا. (على المدينة) حاكما عليها وأميرا من قبل مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه. (فقال) أبو هريرة رضي الله عنه. (وهو أعلم) أي الفضل أعلم مني بما روى، والعهدة عليه في ذلك. (يأمر بالفطر) من أصبح جنبا. (والأول أسند) أي حديث أمهات المؤمنين أثبت، لأنه ناسخ لما رواه أبو هريرة عن الفضل رضي الله عنهم.

ص: 679

‌23 - بَاب: الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ.

وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: يَحْرُمُ عَلَيْهِ فَرْجُهَا.

ص: 680

1826 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ.

وَقَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَآرِبُ} حاجات. قَالَ طَاوُسٌ: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} الْأَحْمَقُ لَا حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ.

[1827]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة .. ، رقم:1106.

(يباشر) من المباشرة، وهي الملامسة، وأصله من لمس بشرة الرجل بشرة المرأة، وقد ترد بمعنى الوطء في الفرج وخارجا منه، والمراد هنا غير الجماع. (أملككم لإربه) أقوى منكم في ضبط نفسه، والأمن من الوقوع فيما يتولد عن المباشرة من الإنزال، أو ما تجر إليه من الجماع. والإرب الحاجة، ويطلق على العضو. (مآرب) جمع مآرب وهو الحاجة. /طه: 18/. (أولي الإربة) أصحاب الحاجة. /النور: 31/.

ص: 680

‌24 - بَاب: الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ.

وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: إِنْ نَظَرَ فَأَمْنَى يُتِمُّ صَوْمَهُ.

ص: 680

1827 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (ح). وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ ضَحِكَتْ.

[ر: 1826]

(ضحكت) تنبيها إلى أنها صاحبة القضية، ليكون أبلغ في الثقة بحديثها.

ص: 680

1828 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا رضي الله عنهما قَالَتْ:

بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمِيلَةِ، إِذْ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي، فَقَالَ:(مَا لَكِ أَنَفِسْتِ). قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ، وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ.

[ر: 294]

ص: 681

‌25 - بَاب: اغْتِسَالِ الصَّائِمِ.

وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ. وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الْحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ الْقِدْرَ أَوِ الشَّيْءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا كَانَ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا. وَقَالَ أَنَسٌ: إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ، وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ اسْتَاكَ وَهُوَ صَائِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَسْتَاكُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، وَلَا يَبْلَعُ رِيقَهُ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنِ ازْدَرَدَ رِيقَهُ لَا أَقُولُ يُفْطِرُ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ، قِيلَ: لَهُ طَعْمٌ، قَالَ: وَالْمَاءُ لَهُ طَعْمٌ، وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ. وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ بِالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا.

(يتطعم) أي يدخل الطعام في فمه ليتذوقه من غير بلع. (مترجلا) أي متمسحا بالدهن، مسرحا شعره نظيفا، حسن المظهر، لأنه في ضيافة الله تعالى. (أبزن) حوضا من فخار أو غيره. (أتقحم فيه) أدخل فيه لتحصيل البرودة. (ازدرد) ابتلع ريقه بعد التسوك.

ص: 681

1829 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ وأبي بكر: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ، فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ.

[ر: 1825]

(من غير حلم) أي جنابته ليست عن احتلام في المنام، بل من مجامعة أهله.

ص: 681

1830 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ المُغِيرَةِ: أَنَّهُ سَمِعَ أبا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:

كُنْتُ أَنَا وَأَبِي، فَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ

⦗ص: 682⦘

جُنُبًا، مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَصُومُهُ. ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ.

[ر: 1825]

ص: 681

‌26 - بَاب: الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا.

وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنِ اسْتَنْثَرَ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ لَا بَأْسَ إِنْ لَمْ يَمْلِكْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ الذُّبَابُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: إِنْ جَامَعَ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(إن لم يملك) أي إن أدخل الماء في أنفه ليستنشق ويستنثر، فسبق شيء منه إلى حلقه ولم يستطع دفعه فبلعه لم يفطر، وإن استطاع دفعه قبل أن يصل إلى حلقه ولم يدفعه أفطر.

ص: 682

1831 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ).

[6292]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر، رقم:1155.

(فليتم صومه) فليبق ممسكا لأنه لم يفطر أصلا. (أطعمه الله وسقاه) أي بغير قصد منه ولا حيلة.

ص: 682

‌27 - بَاب: السواك الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ لِلصَّائِمِ.

وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ، مَا لَا أُحْصِي أَوْ أَعُدُّ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ). وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ جَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ). وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: يَبْتَلِعُ رِيقَهُ.

(أشق) أدخل عليهم المشقة والحرج. (لأمرتهم) أمر إيجاب وإلزام، وهذا دليل الاستحباب المؤكد. (مطهرة .. ) أي إن السواك ينظف الفم وينقيه، فيقبل العبد على مناجاة ربه برائحة زكية، فيرضى عنه ويقبل منه عبادته، ويكثر له الأجر والمثوبة.

ص: 682

1832 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُمْرَانَ:

رَأَيْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمَرْفِقِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى إِلَى الْمَرْفِقِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى ثَلَاثًا،

⦗ص: 683⦘

ثُمّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ نَحْوَ وَضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ:(مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).

[ر: 158]

ص: 682

‌28 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ الْمَاءَ). وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الصَّائِمِ وَغَيْرِهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا بَأْسَ بِالسَّعُوطِ لِلصَّائِمِ إِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى حَلْقِهِ، وَيَكْتَحِلُ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنْ تَمَضْمَضَ ثُمَّ أَفْرَغَ مَا فِي فِيهِ مِنَ الْمَاءِ لَا يَضِيرُهُ إِنْ لَمْ يَزْدَرِدْ رِيقَهُ وَمَاذَا بَقِيَ فِي فِيهِ، وَلَا يَمْضَغُ الْعِلْكَ، فَإِنِ ازْدَرَدَ رِيقَ الْعِلْكِ لَا أَقُولُ إِنَّهُ يُفْطِرُ، وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ، فَإِنِ اسْتَنْثَرَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ لَا بَأْسَ، لَمْ يَمْلِكْ.

(بالسعوط) الدواء الذي يصب في الأنف. (يزدرد ريقه) يبتلعه. (لم يملك) انظر الباب: 26

ص: 683

‌29 - بَاب: إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ.

وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: (مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ). وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ وَحَمَّادٌ: يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ.

(رفعه) أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس هو من كلام أبي هريرة رضي الله عنه. (لم يقضه صيام الدهر) لم يعوض عليه ما فاته من الأجر والفضيلة.

ص: 683

1833 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ: سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ أَخْبَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:

إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّهُ احْتَرَقَ. قَالَ: (مَا لَكَ). قَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ. فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِكْتَلٍ يُدْعَى الْعَرَقَ، فَقَالَ:(أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ). قَالَ: أَنَا، قَالَ:(تَصَدَّقْ بِهَذَا).

[6436]

(رجلا) هو سلمة بن صخر البياضي. (احترق) ارتكب ما يعاقب عليه بالاحتراق في النار. (أصبت أهلي) كناية عن جماعه لزوجته. (بمكتل) وعاء يحمل فيه، مثل القفة. (العرق) قيل: هو أكبر من المكتل.

ص: 683

‌30 - بَاب: إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَلْيُكَفِّرْ.

ص: 684

1834 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ. قَالَ:(مَا لَكَ). قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا). قَالَ: لَا. قَالَ: (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ). قَالَ: لَا. فَقَالَ: (فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا). قَالَ: لَا. قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ، قَالَ:(أَيْنَ السَّائِلُ). فَقَالَ: أَنَا. قَالَ: (خُذْ هَذا فَتَصَدَّقْ بِهِ). فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟. فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا، يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ، أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي. فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ:(أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ).

[1835، 2460، 5053، 5737، 5812، 6331، 6333، 6435]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان .. ، رقم:1111.

(هلكت) فعلت ما يستوجب الهلاك والعقوبة. (وقعت على امرأتي) جامعتها. (رقبة) عبد مملوكا أو أمة. (تعتقها) تحررها من الرق. (فمكث) جلس ينتظر. (الحرتين) مثنى حرة، وهي أرض ذات حجارة سوداء، والمدينة بين حرتين. (أنيابه) هي الأسنان الملاصقة للرباعيات، وهو علامة شدة ضحكه صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك منه تعجبا من حال الرجل، وسرورا من حسن توسله وتلطفه للوصول إلى مقصوده.

ص: 684

‌31 - بَاب: الْمُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ، هَلْ يُطْعِمُ أَهْلَهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ إِذَا كَانُوا مَحَاوِيجَ.

ص: 684

1835 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ الْأَخِرَ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ: (أَتَجِدُ مَا تُحَرِّرُ رَقَبَةً). قَالَ: لَا. قَالَ: (فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ). قَالَ: لَا. قَالَ: (أَفَتَجِدُ مَا تُطْعِمُ بِهِ سِتِّينَ مِسْكِينًا). قَالَ: لَا. قَالَ: فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، وَهُوَ الزَّبِيلُ، قَالَ:(أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ). قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا، مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا. قَالَ:(فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ).

[ر: 1834]

(الآخر) هو من يكون آخر القوم، وقيل معناه: الأبعد، على الذم. (الزبيل) وعاء يحمل فيه كالقفة.

ص: 684

32 -

بَاب: الْحِجَامَةِ وَالْقَيْءِ لِلصَّائِمِ.

وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: إِذَا قَاءَ فَلَا يُفْطِرُ، إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلَا يُولِجُ. وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُفْطِرُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ: الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَكَانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ. وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا. وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ: احْتَجَمُوا صِيَامًا. وَقَالَ بُكَيْرٌ عَنْ أُمِّ عَلْقَمَةَ: كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَا تَنْهَى.

وَيُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا: فَقَالَ: (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ). وَقَالَ لِي عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ الْحَسَنِ: مِثْلَهُ. قِيلَ لَهُ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟. قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ.

(إنما .. ) أي القيئ يخرج من جوفه ولا يدخل إليه، والصوم ينتقض ويفسد بما يدخل.

ص: 685

1836 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ.

ص: 685

1837 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَائِمٌ.

[ر: 1738]

ص: 685

1838 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ:

سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يسأل أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟. قَالَ: لَا، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ. وَزَادَ شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(مِنْ أَجْلِ الضعف) أي إن الحجامة تسبب ضعفا في الجسم فيؤدي ذلك إلى الفطر.

ص: 685

‌33 - بَاب: الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَالْإِفْطَارِ.

ص: 685

1839 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إسحق الشَّيْبَانِيِّ: سَمِعَ ابْنَ

⦗ص: 686⦘

أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ:(انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الشَّمْسُ؟. قَالَ:(انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ؟. قَالَ: (انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي). فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُ فَشَرِبَ، ثُمَّ رَمَى بِيَدِهِ هَا هُنَا، ثُمَّ قَالَ:(إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ).

تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ.

[1854، 1855، 1857، 4991]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار، رقم:1101.

(لرجل) هو بلال رضي الله عنه. (فاجدع) اخلط السويق بالماء، أو اللبن بالماء، وحركه حتى أفطر عليه. (الشمس) انظر الشمس، أو: هذه الشمس، فإن ضوءها ما زال ساطعا. (رمى بيده ها هنا) أشار بيده إلى جهة المشرق. (أفطر الصائم) دخل وقت إفطاره.

ص: 685

1840 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: التخيير في الصوم والفطر في السفر، رقم:1121.

(أسرد الصوم) أتابع بين الأيام في الصوم.

ص: 686

1841 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ، قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟. وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ، فَقَالَ:(إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ).

ص: 686

34 -

بَاب: إِذَا صَامَ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ.

ص: 686

1842 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ، حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَالْكَدِيدُ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ.

[1846، 2794، 4026، 4029]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر .. ، رقم:1113.

(عسفان) قرية بين مكة والمدينة. (قديد) موضع قريب من مكة.

ص: 686

1843 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ:

⦗ص: 687⦘

خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَابْنِ رَوَاحَةَ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: التخيير في الصوم والفطر في السفر، رقم:1122.

(إِلَّا مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وابن رواحة) أي ما وجد منهما، فإنهما كانا صائمين.

ص: 686

‌35 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ: (لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ).

ص: 687

1844 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:(مَا هَذَا). فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ:(لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر .. ، رقم:1115.

(زحاما) قوما مزحومين، أي يضايق بعضهم بعضا في موضع. (رجلا) قيل: هو أبو إسرائيل العامري. (البر) الطاعة والعبادة والإحسان والخير. (الصوم في السفر) إذا بلغ بالصائم هذا المبلغ من المشقة.

ص: 687

‌36 - بَاب: لَمْ يَعِبْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ.

ص: 687

1845 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:

كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَعِبْ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر .. ، رقم: 1118

ص: 687

‌37 - بَاب: مَنْ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ لِيَرَاهُ النَّاسُ.

ص: 687

1846 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَرَفَعَهُ إِلَى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ، فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَدْ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.

[ر: 1842]

(فرفعه إلى يديه) أي رفعه أقصى ما يمكن أن تمتد يداه حتى يعلو ويظهر للناس.

ص: 687

‌38 - بَاب: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} /البقرة: 184

/.

قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ: نَسَخَتْهَا: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى

⦗ص: 688⦘

لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. /البقرة: 185/.

(وعلى الذين يطيقونه فدية) المعنى: الذين يستطيعون الصوم ويفطرون بدون عذر، عليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكينا قدر ما يأكله من يومه، فدية عن الفطر، وكان هذا أول ما فرض الصوم، إذ كان المسلمون مخيرين بين الصوم والفدية، فلما نزل قوله تعالى:{شهر رمضان} . نسخ هذا الحكم وأصبح الصوم هو المحتم على المستطيع، وقال فريق من العلماء: إن الآية لم ينسخ حكمها، على أن المراد بـ {الذين يطيقونه} العجوز الكبير الذي لا يستطيع الصوم، والمريض مرضا مزمنا لا يبرأ منه ولا يستطيع معه الصوم، فإنهما تجب عليهما الفدية ولا يكلفان بالصوم، وعليه: فمعنى {يطيقونه} يتكلفونه بمشقة وجهد، أصلها (يتطوقونه) من الطوق، إما بمعنى الطاقة وهي غاية الوسع، وإما بمعنى القلادة وهي ما يوضع في العنق، وكل منهما فيه معنى المشقة والعسر، والإسلام جاء برفعهما، فأباح لهؤلاء الفطر مع وجوب الفدية. (نسختها) أي نسخ حكم الآية السابقة الآية التالية. (هدى للناس) يخرجهم من الضلال في العقيدة والأخلاق والسلوك، إلى الحق والهداية والتوحيد والاستقامة. (بينات) آيات واضحات. (من الهدى) مما يرشد إلى الحق من الأحكام التشريعية. (الفرقان) ما يفرق به بين الحق والباطل من كل شيء. (فمن شهد منكم الشهر) فمن رأى منكم هلال رمضان أو أخبر برؤيته، وكان صحيحا مقيما. (العدة) عدد أيام صوم رمضان. (لتكبروا) لتعظموا الله سبحانه بالتكبير والتحميد.

ص: 687

1847 -

وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم:

نَزَلَ رَمَضَانُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَنَسَخَتْهَا:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} . فَأُمِرُوا بِالصَّوْمِ.

(أصحاب محمد) أشار به إلى أنه روى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، ولا يقال لهذا رواية مجهول، لأن الصحابة كلهم عدول، لا تضر جهالة أسمائهم. (نزل رمضان) أي فرض صيامه. (فنسختها) أي نسخت الفدية بدل الصوم. (خير لكم) المراد بالخيرية على هذا القول الوجوب.

ص: 688

1848 -

حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

قَرَأَ: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} . قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ.

[4236]

ص: 688

‌39 - بَاب: مَتَى يُقْضَى قَضَاءُ رَمَضَانَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فِي صَوْمِ الْعَشْرِ: لَا يَصْلُحُ حَتَّى يَبْدَأَ بِرَمَضَانَ.

⦗ص: 689⦘

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهُمَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَعَامًا.

وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ يُطْعِمُ. وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ الْإِطْعَامَ، إِنَّمَا قَالَ:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .

(يفرق) أي في قضاء رمضان. (فعدة .. ) أي المطلوب صوم أيام بعدد ما أفطر، وهذ يتحقق بصومها مفرقة. (العشر) أي سئل عن صيام العشر من ذي الحجة لمن عليه قضاء رمضان، والمراد بقوله:(لا يصلح) أن الأولى أن يبدأ بالقضاء، لا أنه لا يصح صومه. (فرط) أي قصر في القضاء لما أفطره في رمضان. (طعاما) أي فدية بسبب تأخيره.

ص: 688

1849 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:

كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ.

قَالَ يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنَ النَّبِيِّ، أَوْ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: قضاء رمضان في شعبان، رقم:1146.

(الشغل من النبي) أي الشغل هو المانع لها من القضاء، والمراد من الشغل: أنها كانت مهيئة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم واستمتاعه بها في جميع الأوقات، شأن جميع أزواجه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن، اللواتي كن حريصات على سروره وإرضائه، فكن لا يستأذنه بالصوم مخافة أن تكون له حاجة بإحداهن، ويأذن لها تلبية لرغبتها، فتفوت عليه رغبته صلى الله عليه وسلم وحاجته، وأما في شعبان: فإنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم أكثر أيامه فتتفرغ إحداهن لصومها، أو تضطر لاستئذانه في الصوم لضيق الوقت عليها.

ص: 689

‌40 - بَاب: الْحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ.

وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: إِنَّ السُّنَنَ وَوُجُوهَ الْحَقِّ لَتَأْتِي كَثِيرًا عَلَى خِلَافِ الرَّأْيِ، فَمَا يَجِدُ الْمُسْلِمُونَ بُدًّا مِنَ اتِّبَاعِهَا، مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي الصِّيَامَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ.

(السنن ووجوه الحق) أي ما ثبت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الكتاب أوالسنة، من الأمور والأحكام الشرعية. (على خلاف الرأي) لا تنطبق على قواعد القياس وما يبدو للعقل. (بدا) امتناعا، أي يجب اتباعها والعمل بها، ولو لم يظهر على وجه الحكمة فيها. (من ذلك) أي من جملة ما ثبت مخالفا للقياس عدم وجوب قضاء الصلاة على الحائض، مع أن القياس وجوبه كالصوم، لأن كلا منهما عبادة تركت لعذر، ولكن ثبت الحكم على خلاف هذا القياس لحكمة يعلمها الله عز وجل، والمسلمة تلتزم ذلك تعبدا له سبحانه، وقد قيل في حكمة الفرق بينهما أقوال، لعل أقربها: أن الصوم لا يكون إلا في السنة مرة واحدة، فليس في قضائه كبير مشقة، وأما الصلاة فهي متكررة كل يوم فلو كلفت قضاءها لكان في ذلك حرج عظيم عليها، والله أعلم.

ص: 689

1850 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدٌ، عَنْ عِيَاضٍ،

⦗ص: 690⦘

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ، فَذَلِكَ نُقْصَانُ دِينِهَا).

[ر: 298]

ص: 689

‌41 - بَاب: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ.

ص: 690

1851 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ).

تَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو. وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: قضاء الصيام عن الميت، رقم:1147.

(عليه صيام) واجب، من قضاء أو نذر أو كفارة. (وليه) كل قريب له ولو كان غير وارث.

ص: 690

1852 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟. قَالَ:(نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى).

قَالَ سُلَيْمَانُ: فَقَالَ الْحَكَمُ وَسَلَمَةُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا جُلُوسٌ حِينَ حَدَّثَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَا: سَمِعْنَا مُجَاهِدًا يَذْكُرُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي خَالِدٍ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْحَكَمِ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ وَسَلَمَةِ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُخْتِي مَاتَتْ.

وَقَالَ يَحْيَى وَأَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ.

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ.

⦗ص: 691⦘

وَقَالَ أَبُو جرير: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَاتَتْ أُمِّي وَعَلَيْهَا صَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: قضاء الصيام عن الميت، رقم:1148.

(فدين الله) حق الله تعالى. (أحق أن يقضى) أولى بالقضاء والوفاء.

ص: 690

‌42 - بَاب: مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ.

وَأَفْطَرَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ حِينَ غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ.

ص: 691

1853 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار، رقم:1100.

(ها هنا) جهة المشرق. (أدبر) ذهب. (ها هنا) جهة المغرب. (أفطر الصائم) دخل وقت فطره.

ص: 691

1854 -

حَدَّثَنَا إسحق الْوَاسِطِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ:(يَا فُلَانُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟. قَالَ: (انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَوْ أَمْسَيْتَ؟. قَالَ: (انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا). قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ:(انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا). فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:(إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ).

[ر: 1839]

ص: 691

‌43 - بَاب: يُفْطِرُ بِمَا تَيَسَّرَ عليه، بالْمَاءِ وغَيْرِهِ.

ص: 691

1855 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ:

سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ:(انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ؟. قَالَ:(انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ:(انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا). فَنَزَلَ فَجَدَحَ، ثُمَّ قَالَ:(إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ). وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ.

[ر: 1839]

(إن عليك نهارا) أي ما زلت في النهار، لأن ضوءه لم يذهب بعد.

ص: 691

‌44 - بَاب: تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ.

ص: 692

1856 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه .. ، رقم:1098.

(لا يزال .. ) أي يبقون في سعة وراحة إذا هم أفطروا عقب تحقق الغروب، لأنه أرفق بهم وأقوى لهم على العبادة، وكذلك يحصل لهم مزيد من الأجر والمثوبة لتمسكهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 692

1857 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَصَامَ حَتَّى أَمْسَى، قَالَ لِرَجُلٍ:(انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي). قَالَ: لَوِ انْتَظَرْتَ حَتَّى تُمْسِيَ، قَالَ:(انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، إِذَا رَأَيْتَ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ).

[ر: 1839]

ص: 692

‌45 - بَاب: إِذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ.

ص: 692

1858 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ:

أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. قِيلَ لِهِشَامٍ: فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ؟. قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ هِشَامًا: لَا أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لَا.

(لابد من قضاء) أي لا يترك القضاء. (سمعت هشاما) أي قال.

ص: 692

‌46 - بَاب: صَوْمِ الصِّبْيَانِ.

وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِنَشْوَانٍ فِي رَمَضَانَ: وَيْلَكَ، وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ، فَضَرَبَهُ.

(لنشوان) لرجل سكران، أتي به عمر رضي الله عنه، فوبخه بأن الصبيان صائمون، وهو يفطر في رمضان ويشرب الخمر، وأقام عليه الحد ثمانين جلدة ونفاه إلى الشام. - عيني -.

ص: 692

1859 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ:

أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ: (مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ). قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ

⦗ص: 693⦘

لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: من أكل في عاشوراء فليكف بقية يومه، رقم:1136.

(غداة عاشوراء) صبيحة اليوم العاشر من محرم. (فليتم بقية يومه) فليمسك عن الفطر بقية يومه. (العهن) الصوف، وقيل: الصوف المصبوغ.

ص: 692

‌47 - بَاب: الْوِصَالِ، وَمَنْ قَالَ: لَيْسَ فِي اللَّيْلِ صِيَامٌ.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} . /البقرة: 187/.

وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ رَحْمَةً لَهُمْ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ.

(إلى الليل) أي إن حد الصوم إلى الليل، وهو غروب الشمس، فلا يدخل في حكم ما قبله. (التعمق) هو تكلف ما لم يكلف به.

ص: 693

1860 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تُوَاصِلُوا). قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ:(لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى، أَوْ: إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى).

[6814]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصوم، رقم:1104.

(لا تواصلوا) أي لا تتابعوا الصوم ليلا ونهارا دون أن تفطروا في الليل. (كأحد منكم) ليس حالي كحال أي أحد منكم.

ص: 693

1861 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ:(إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى).

[ر: 1822]

ص: 693

1862 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّاب، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه:

أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ). قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ).

[1866]

(حتى السحر) قبيل الصبح، أي وليفطر قبل طلوع الفجر. (كهيئتكم) حالكم وصفتكم من حيث القرب من الله تعالى وما يحصل لي من الفيض الإلهي والغذاء الرباني.

ص: 693

1863 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدٌ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ،

⦗ص: 694⦘

فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ:(إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ).

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: لَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانُ: رَحْمَةً لَهُمْ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصوم، رقم: 1105

ص: 693

‌48 - بَاب: التَّنْكِيلِ لِمَنْ أَكْثَرَ الْوِصَالَ.

رَوَاهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 6814]

ص: 694

1864 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(وَأَيُّكُمْ مِثْلِي، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ). فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ، فَقَالَ:(لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ). كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصوم، رقم:1103.

(أبوا) لأنهم فهموا من النهي التنزيه لا التحريم. (رأوا الهلال) الظاهر أنه هلال شوال. (لزدتكم) أي في الوصال إلى أن تعجزوا عنه فتطلبوا التخفيف بتركه. (كالتنكيل لهم) أي خاطبهم بهذا على وجه الزجر لهم والتحذير من التشديد على أنفسهم في دين الله تعالى.

ص: 694

1865 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ). مَرَّتَيْنِ، قِيلَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ:(إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ، فَاكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ).

[6459، 6815، 6869]

(إياكم) أحذركم. (فاكفوا) تكلفوا. (ما تطيقون) ما تقدرون عليه دون مشقة.

ص: 694

‌49 - بَاب: الْوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ.

ص: 694

1866 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ). قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ).

[ر: 1862]

ص: 694

‌50 - بَاب: مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ.

ص: 694

1867 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ

⦗ص: 695⦘

أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟. قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَالَ: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قَالَ سَلْمَانُ: قُمْ الْآنَ، فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(صَدَقَ سَلْمَانُ).

[5788]

(متبذلة) لابسة ثياب البذلة وهي المهنة، أي تاركة لباس الزينة. (حاجة في الدنيا) أي ومنها زينة المرأة لزوجها، وهو لا يأبه لذلك. (ذي حق) صاحب حق. وكانت هذه الزيارة وهذا الحوار قبل أن يفرض الحجاب على المسلمات.

ص: 694

‌51 - بَاب: صَوْمِ شَعْبَانَ.

ص: 695

1868 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، رقم:1156.

(نقول لا يفطر) تكثر متابعة صومه الأيام بحيث نصبح نظن أنه لا يفطر، وكذلك متابعته الفطر. (استكمل صيام شهر) صامه كاملا أو أكثره.

ص: 695

1869 -

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدَّثَتْهُ قَالَتْ:

لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ:(خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا). وَأَحَبُّ

⦗ص: 696⦘

الصَّلَاةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا.

[ر: 43]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، رقم:782.

(يصوم شعبان كله) أي كان يصوم أكثره، والعرب تطلق الكل على الأكثر. (تطيقون) تستطيعون المداومة عليه بدون ضرر. (لا يمل حتى تملوا) لا يقطع عنكم الثواب والفضل حتى تنقطعوا عن العمل الصالح.

ص: 695

‌52 - بَاب: مَا يُذْكَرُ مِنْ صَوْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِفْطَارِهِ.

ص: 696

1870 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

مَا صَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا وَاللَّهِ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا وَاللَّهِ لَا يَصُومُ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، رقم: 1157

ص: 696

1871 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لَا تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ: أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسًا فِي الصَّوْمِ.

[ر: 1090]

ص: 696

1872 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ:

سَأَلْتُ أَنَسًا رضي الله عنه، عَنْ صِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ مِنَ الشَّهْرِ صَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلَا مُفْطِرًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلَا مِنَ اللَّيْلِ قَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلَا مَسِسْتُ خَزَّةً وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلَا عَبِيرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1090]

(خزة) واحدة الخز وهو في الأصل اسم دابة، ثم سمي الثوب المتخذ من وبرها بذلك، وهو المقصود هنا. (عبيرة) نوع جيد من أخلاط الطيب.

ص: 696

‌53 - بَاب: حَقِّ الضَّيْفِ فِي الصَّوْمِ.

ص: 696

1873 -

حَدَّثَنَا إسحق: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ:

دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - يَعْنِي:(إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا). - فَقُلْتُ: وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ؟ قَالَ: (نِصْفُ الدَّهْرِ).

[ر: 1079]

(لزورك) لضيفك ولمن يضيفك. (نصف الدهر) أي صوم يوم وفطر يوم.

ص: 696

‌54 - بَاب: حَقِّ الْجِسْمِ فِي الصَّوْمِ.

ص: 697

1874 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما:

قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ). فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ). فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً؟. قَالَ:(فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلام وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ). قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلام؟. قَالَ: (نِصْفَ الدَّهْرِ). فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ بَعْدَمَا كَبِرَ: يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1079]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به .. ، رقم:1159.

(بحسبك) كافيك. (قبلت رخصة النبي) أي وأخذت بالأخف من أول الأمر.

ص: 697

‌55 - بَاب: صَوْمِ الدَّهْرِ.

ص: 697

1875 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ:

أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ. فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قَالَ:(فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ). قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ:(فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عليه السلام، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ). فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ).

[ر: 1079]

ص: 697

‌56 - بَاب: حَقِّ الْأَهْلِ فِي الصَّوْمِ.

رَوَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1867]

ص: 697

1876 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عَطَاءً: أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما:

بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَأُصَلِّي اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَالَ:(أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي وَلَا تَنَامُ؟ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّا). قَالَ: إِنِّي لَأَقْوَى لِذَلِكَ، قَالَ:(فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ عليه السلام. قَالَ: وَكَيْفَ؟. قَالَ: (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى). قَالَ: مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ عَطَاءٌ: لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الْأَبَدِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ). مَرَّتَيْنِ.

[ر: 1079]

(حظا) نصيبا وحقا. (لاقى) العدو. (لا صام) لم يكتب له ثواب الصيام. (الأبد) الدهر، والمراد هنا: تابع الصيام مدة عمره، ولم يفطر إلا الأيام التي يحرم صومها، كالعيدين وأيام التشريق.

ص: 698

‌57 - بَاب: صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ.

ص: 698

1877 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ). قَالَ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ:(صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا). فَقَالَ: (اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ). قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ:(فِي ثَلَاثٍ).

[ر: 1079]

(في ثلاث) ليال، أي مع أيامها.

ص: 698

‌58 - بَاب: صَوْمِ دَاوُدَ عليه السلام.

ص: 698

1878 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْمَكِّيَّ، وَكَانَ شَاعِرًا، وَكَانَ لَا يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ). فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ). قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ:(فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عليه السلام، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى).

(هجمت) غارت ودخلت. (نفهت) تعبت وكلت.

ص: 698

1879 -

حَدَّثَنَا إسحق الْوَاسِطِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِيكَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَحَدَّثَنَا:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ، وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَقَالَ:(أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ). قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(خَمْسًا). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(سَبْعًا). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(تِسْعًا). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(إِحْدَى عَشْرَةَ). ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ عليه السلام، شَطْرَ الدَّهَرِ، صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا).

[ر: 1079]

(أدم) جلد. (يا رسول الله) أي زدني على ذلك. (شطر الدهر) نصفه.

ص: 699

‌59 - بَاب: صِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ.

ص: 699

1880 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: (صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ).

[ر: 1124]

ص: 699

‌60 - بَاب: مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ.

ص: 699

1881 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدٌ هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَالَ:(أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ). ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ فَصَلَّى غَيْرَ الْمَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً، قَالَ:(مَا هِيَ). قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلَا دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي بِهِ، قَالَ:(اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا، وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ). فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الْأَنْصَارِ مَالًا. وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ: أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ الْبَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ.

⦗ص: 700⦘

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ: سَمِعَ أَنَسًا رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[5975، 5984، 6017، 6018]

(سقائه) وعاء من جلد يوضع فيه الماء، وربما وضع فيه غيره. (ناحية) جانب. (خويصة) تصغير خاصة، ومعناه: الذي يختص بخدمتك، وصغرته لصغر سنه. (لصلبي) أي من ولدي غير أحفادي وأسباطي، والحفيد ولد الابن، والسبط ولد البنت. (مقدم الحجاج) بن يوسف الثقفي إلى البصرة سنة خمس وسبعين من الهجرة، وكان عمر أنس رضي الله عنه عندها أكثر من ثمانين سنة، وقد عاش بعدها إلى سنة ثلاث وتسعين، وقد قارب المائة سنة، رضي الله عنه وأرضاه. (بضع) ما بين ثلاث إلى تسع.

ص: 699

‌61 - بَاب: الصَّوْمِ آخِرِ الشَّهْرِ.

ص: 700

1882 -

حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ غَيْلَانَ. وحَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ - سَأَلَهُ، أَوْ - سَأَلَ رَجُلًا، وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ، فَقَالَ:(يَا أَبَا فُلَانٍ، أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ). قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: يَعْنِي رَمَضَانَ، قَالَ الرَّجُلُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ). لَمْ يَقُلِ الصَّلْتُ: أَظُنُّهُ يَعْنِي رَمَضَانَ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر .. ، رقم:1161.

(سرر) آخر الشهر، سمي بذلك لاستسرار القمر فيه، أي استتاره. وقيل: هو وسط الشهر، وسرر كل شيء وسطه، والمراد الأيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.

ص: 700

‌62 - بَاب: صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.

فَإِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ، يَعْنِي: إِذَا لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ بَعْدَهُ.

ص: 700

1883 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا رضي الله عنه:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟. قَالَ: نَعَمْ. زَادَ غَيْرُ أَبِي عَاصِمٍ: أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمٍ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: كراهة صيام يوم الجمعة منفردا، رقم:1143.

ص: 700

1884 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ

⦗ص: 701⦘

يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: كراهة صيام يوم الجمعة منفردا، رقم:1144.

(إلا يوما قبله أو بعده) أي إلا أن يصوم معه يوما قبله أو يوما بعده.

ص: 700

1885 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ (ح). وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ:(أَصُمْتِ أَمْسِ). قَالَتْ: لَا، قَالَ:(تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا). قَالَتْ: لَا، قَالَ:(فَأَفْطِرِي).

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ الْجَعْدِ: سَمِعَ قَتَادَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ: أَنَّ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَتْهُ: فَأَمَرَهَا فَأَفْطَرَتْ.

ص: 701

‌63 - بَاب: هَلْ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ.

ص: 701

1886 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ:

قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْتَصُّ مِنَ الْأَيَّامِ شَيْئًا؟. قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطِيقُ.

[6101، وانظر: 1869]

(ديمة) دائما لا ينقطع. (يطيق) يستطيع ويقدر عليه.

ص: 701

‌64 - بَاب: صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ.

ص: 701

1887 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ، مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ: أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ حَدَّثَتْهُ (ح). وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ:

أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ.

[ر: 1575]

(تماروا) اختلفوا وتجادلوا. (قدح) إناء يشرب فيه.

ص: 701

1888 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي

⦗ص: 702⦘

عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلَابٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ فِي الْمَوْقِفِ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: استحباب الفطر للحاج يوم عرفة، رقم:1124.

(بحلاب) الإناء الذي يحلب فيه اللبن، وقيل هو اللبن المحلوب. (الموقف) في عرفة.

ص: 701

‌65 - بَاب: صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ.

ص: 702

1889 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْيَوْمُ الْآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ.

[5251]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى، رقم:1137.

(نسككم) أضحيتكم.

ص: 702

1890 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَعَنِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَعَنْ صَلَاةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ.

[ر: 360]

(صلاة) نافلة. (بعد الصبح والعصر) بعد أداء صلاة الصبح وصلاة العصر.

ص: 702

66 -

بَاب: صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ.

ص: 702

1891 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَا قَالَ: سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

يُنْهَى عَنْ صِيَامَيْنِ، وَبَيْعَتَيْنِ: الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.

[ر: 361]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: إبطال بيع الملامسة والمنابذة، رقم:1511.

ص: 702

1892 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فَقَالَ: رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا، قَالَ: أَظُنُّهُ قَال: الِاثْنَيْنِ، فَوَافَقَ يَوْمَ عِيدٍ؟. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ

⦗ص: 703⦘

صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ.

[6327، 6328]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى، رقم:1139.

(أمر الله بوفاء النذر) أي بقوله تعالى: {وليوفوا نذورهم} . /الحج: 29/. فيجب الوفاء به، ويمكن أن يقضى بعد يوم العيد المنهي عن صومه، عملا بقاعدة:(إذا اجتمع المانع والمقتضي قدم المانع) فيقدم المانع من الصوم وهو كون اليوم عيدا، على المقتضي وهو نذر صوم هذا اليوم.

ص: 702

1893 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ قَزَعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه، وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اثنتي عَشْرَةَ غَزْوَةً، قَالَ:

سَمِعْتُ أَرْبَعًا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْجَبْنَنِي، قَالَ:(لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ: الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا).

[ر: 1139]

ص: 703

‌67 - بَاب: صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

قال أبو عبد الله: وقال لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي:

كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها تَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَكَانَ أَبُوهَا يَصُومُهَا.

(أبوها) أبو بكر رضي الله عنه. وفي رواية (أبوه) أي أبو هشام وهو عروة بن الزبير. (يصومها) أي أيام التشريق.

ص: 703

1894 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَا:

لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ.

(لم يجد الهدي) لم يجد ما يذبحه عن دم الإحصار أو التمتع.

ص: 703

1895 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى.

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.

(تمتع) دخل الحرم محرما بعمرة ثم تحلل بأعمالها، وأحرم بالحج يوم التروية من مكة.

ص: 703

‌68 - بَاب: صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ.

ص: 703

1896 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ: (إِنْ شَاءَ صَامَ).

[ر: 1793]

ص: 703

1897 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ، كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.

ص: 704

1898 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ.

[ر: 1515]

ص: 704

1899 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:

أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبْ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء، رقم:1129.

(أين علماؤكم) سؤاله هذا يحتمل أنه سمع من يقول عن صوم يوم عاشوراء خلاف ما علمه. (يكتب) يفرض. (وأنا صائم) تطوعا.

ص: 704

1900 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ:(مَا هَذَا). قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ:(فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ). فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.

[3216، 3727، 4403، 4460]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء، رقم:1130.

(يوم صالح) وقع فيه خير وصلاح. (أحق بموسى) أولى بالفرح والابتهاج بنجاته.

ص: 704

1901 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ

⦗ص: 705⦘

الْيَهُودُ عِيدًا، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(فَصُومُوهُ أَنْتُمْ).

[3726]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء، رقم:1131.

(فصوموه أنتم) معلنين أنكم تخالفونهم في اعتباره عيدا، لأنكم لا تصومون يوم العيد.

ص: 704

1902 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ، يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ.

أخرجه مسلم في الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء، رقم:1132.

ص: 705

1903 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ:

أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ: (أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ: أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ).

[ر: 1824]

ص: 705

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ص: 707

‌37 - كِتَاب صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ.

ص: 707

‌1 - بَاب: فَضْلِ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ.

ص: 707

1904 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِرَمَضَانَ: (مَنْ قَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).

ص: 707

1905 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنهما.

[ر: 37]

(الأمر على ذلك) استمر الحال على ترك الجماعة في قيام رمضان.

ص: 707

1906 -

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ:

خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ.

(أوزاع) جماعات. (الرهط) من ثلاثة إلى عشرة. (أرى) واجتهاده هذا من إقراره صلى الله عليه وسلم للذين صلوا خلفه، ولكنه لم يستمر بهم خشية أن تفرض عليهم، (أمثل) أفضل. (فجمعهم على أبي) جعله إماما لهم. (البدعة) سماها بدعة لأنها لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: نعم البدعة هذه، ليدل على فضلها، وأن من البدع ما هو مستحسن ومقبول، إن كان يندرج تحت مستحسن في الشرع. (ينامون عنها) أي إذا ناموا ولم يصلوا التراويح، ثم قاموا آخر الليل فصلوا، فهو أفضل.

ص: 707

1907 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.

ص: 708

1908 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ، حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ:(أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تفرض عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا). فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ.

[ر: 696]

ص: 708

1909 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:

أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ؟. فَقَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟. قَالَ:(يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي).

[ر: 1096]

(ولا ينام قلبي) أي هو حاضر مع الله تعالى، يقظ للقيام للعبادة، ينتبه للقيام دون منبه.

ص: 708

‌2 - بَاب: فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} .

⦗ص: 709⦘

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ (مَا أَدْرَاكَ) فَقَدْ أَعْلَمَهُ، وَمَا قَالَ:(وَمَا يُدْرِيكَ). فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ.

(أنزلناه) القرآن، جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا. (القدر) الشرف العظيم، أو التقدير. (وما أدراك ما ليلة القدر) لم تبلغ درايتك غاية فضلها ومنتهى علو قدرها. (الروح) جبريل عليه السلام. (أمر) قضاه الله تعالى في تلك الليلة. (سلام) كلها خير وسلامة للمؤمنين الصادقين، لا يقدر عليهم فيها بلاء ولا مصيبة. (ما أدراك) أي ما ذكر في القرآن بلفظ (ما أدراك). فقد أخبره الله تعالى به، كهذه الآية. وكل ما ورد فيه بلفظ (وما يدريك). فإنه تعالى لم يخبره به صلى الله عليه وسلم.

ص: 708

1910 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَفِظْنَاهُ، وَإِنَّمَا حَفِظَ مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ). تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

[ر: 35]

ص: 709

‌3 - بَاب: الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ.

ص: 709

1911 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ).

[6590]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: فضل ليلة القدر والحث على طلبها، رقم:1165.

(السبع الأواخر) أي من رمضان. (تواطأت) توافقت. (متحريها) قاصدها وطالبها.

ص: 709

1912 -

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ، وَكَانَ لِي صَدِيقًا، فَقَالَ:

اعْتَكَفْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَخَطَبَنَا، وَقَالَ:(إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، أَوْ: نُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي الْوَتْرِ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيَرْجِعْ). فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ.

[ر: 638]

(أريت) أعلمت بوقتها المحدد. (نسيتها) أنساني الله تعالى علم تحديدها. (فالتمسوها) اطلبوها وتحروها. (الوتر) أوتار الليالي، وهي المفردة منها. (قزعة) قطعة رقيقة من السحاب.

ص: 709

‌4 - بَاب: تَحَرِّي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ.

فِيهِ عَنْ عُبَادَةَ.

[ر: 1919]

ص: 710

1913 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ، مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ).

[1915، 1916]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: استحباب صوم ستة أيام من شوال، رقم: 1169

ص: 710

1914 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ فِي رَمَضَانَ الْعَشْرَ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، فَإِذَا كَانَ حِينَ يُمْسِي مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِي وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، رَجَعَ إِلَى مَسْكَنِهِ، وَرَجَعَ مَنْ كَانَ يُجَاوِرُ مَعَهُ، وَأَنَّهُ أَقَامَ فِي شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَمَرَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ:(كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذِهِ الْعَشْرَ، ثُمَّ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، فَابْتَغُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَابْتَغُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ). فَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَمْطَرَتْ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فِي مُصَلَّى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَبَصُرَتْ عَيْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ وَوَجْهُهُ مُمْتَلِئٌ طِينًا وَمَاءً.

[ر: 638]

أخرجه مسلم في الصيام، باب: استحباب صوم ستة أيام من شوال، رقم:1167.

(يجاور) يعتكف. (هذه الليلة) ليلة القدر. (فابتغوها) اطلبوها. (فاستهلت) أمطرت بشدة وصوت، من الاستهلال وهو رفع الصوت. (فوكف) تقاطر من سقفه الماء.

ص: 710

1915 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْتَمِسُوا).

ص: 710

1916 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَيَقُولُ:(تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ).

[ر: 1913]

ص: 710

1917 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى).

(تاسعة تبقى) وهي ليلة الحادي والعشرين، لأن المحقق المقطوع بوجوده بعد العشرين من رمضان تسعة أيام، لاحتمال أن يكون الشهر تسعة وعشرين يوما.

ص: 711

1918 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ وَعِكْرِمَةَ: قالا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (هِيَ فِي الْعَشْرِ، هِيَ فِي تِسْعٍ يَمْضِينَ، أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ). يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ.

قال عبد الوهاب: عن أيوب، وَعَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:(الْتَمِسُوا فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ).

(تسع يمضين) أي ليلة التاسع والعشرين. (سبع يبقين) وتكون في ليلة الثالث والعشرين، وفي نسخة:(يمضين) فتكون ليلة السابع والعشرين.

ص: 711

‌5 - بَاب: رَفْعِ مَعْرِفَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِتَلَاحِي النَّاسِ.

ص: 711

1919 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ:

خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ:(خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ).

[ر: 49]

ص: 711

‌6 - بَاب: الْعَمَلِ فِي الْعَشْرِ الَأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ.

ص: 711

1920 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ.

أخرجه مسلم في الاعتكاف، باب: الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان، رقم:1174.

(شد مئزره) هو كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد لها زيادة عن المعتاد، وقيل: هو من ألطف الكنايات عن اعتزال النساء وترك الجماع. والمئزر الإزار، وهو ما يلبس من الثياب أسفل البدن. (أيقظ أهله) نبههن للعبادة وحثهن عليها.

ص: 711

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ص: 713

‌38 - كِتَاب الِاعْتِكَافِ.

ص: 713

‌1 - بَاب: الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَالِاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} . /البقرة: 187/.

(تباشروهن) لا تقربوهن بالجماع. (وأنتم عاكفون في المساجد) ما دمتم معتكفين يحرم عليكم مباشرة النساء ولو في غير المسجد. (حدود الله) أوامره ونواهيه وأحكامه التي حدها لعباده وبينها. (فلا تقربوها) تجاوزوها أو تعتدوها.

ص: 713

1921 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ: أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ.

أخرجه مسلم في الاعتكاف، باب: اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، رقم:1171.

(العشر الأواخر) ما بعد العشرين من أيامه.

ص: 713

1922 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ.

أخرجه مسلم في الاعتكاف، باب: اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، رقم:1172.

(أزواجه من بعده) أي بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وهو دليل استمرار محك الاعتكاف حتى للنساء، شريطة أن لا يختلطن بالرجال، ولا يضيقن بأخبيتهن على المصلين، وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: يصح اعتكافها في مسجد بيتها، وهو الموضع الذي تتخذه في بيتها خاصة لصلاتها.

ص: 713

1923 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ

⦗ص: 714⦘

عَامًا، حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ، قَالَ:(مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ). فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، فَبَصُرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ، مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ.

[ر: 638]

(عريش) هو ما يستظل به، أي مبني سقفه من جريد النخل.

ص: 713

‌2 - بَاب: الْحَائِضِ تُرَجِّلُ الْمُعْتَكِفِ.

ص: 714

1924 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ.

[ر: 291، 292]

أخرجه مسلم في الحيض، باب: جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله .. ، رقم:297.

(يصغي) يدني ويميل رأسه. (مجاور) معتكف. (فأرجله) فأسرحه.

ص: 714

‌3 - بَاب: لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ.

ص: 714

1925 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:

وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا.

[ر: 292، 292]

ص: 714

‌4 - بَاب: غَسْلِ الْمُعْتَكِفِ.

ص: 714

1926 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ.

[ر: 291، 292]

ص: 714

‌5 - بَاب: الِاعْتِكَافِ لَيْلًا.

ص: 714

1927 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ

⦗ص: 715⦘

لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟. قَالَ: (فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ).

[1937، 1938، 2975، 4065، 6319]

ص: 714

‌6 - بَاب: اعْتِكَافِ النِّسَاءِ.

ص: 715

1928 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً، فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأَذِنَتْ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ بنت جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَأَى الْأَخْبِيَةَ، فَقَالَ:(مَا هَذَا). فَأُخْبِرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(آلْبِرَّ تُرَوْنَ بِهِنَّ). فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ.

[1929، 1936، 1940]

أخرجه مسلم في الاعتكاف، باب: متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه، رقم:1173.

(أضرب له خباء) أنصبه له، والخباء خيمة من وبر أو صوف، تنصب على عمودين أو ثلاثة. (فاستأذنت حفصة عائشة) طلبت منها أن تستأذن لها. (آلبر ترون بهن) أتظنون أنه أريد بهذه الأخبية الطاعة والخير، وكذلك قوله في الحديث الأتي:(آلبر تقولون) أي تظنون. وفي بعض النسخ: (ألبر ترون) وستأتي.

ص: 715

‌7 - بَاب: الْأَخْبِيَةِ فِي الْمَسْجِدِ.

ص: 715

1929 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، إِذَا أَخْبِيَةٌ: خِبَاءُ عَائِشَةَ، وَخِبَاءُ حَفْصَةَ، وَخِبَاءُ زَيْنَبَ، فَقَالَ:(آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ). ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ، حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ.

[ر: 1928]

ص: 715

‌8 - بَاب: هَلْ يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِحَوَائِجِهِ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ.

ص: 715

1930 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رضي الله عنهما: أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ:

أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزُورُهُ فِي

⦗ص: 716⦘

اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ، فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ، مَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ). فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا).

[1933، 1934، 2934، 3107، 5865، 6750]

أخرجه مسلم في السلام، باب: بيان أنه يستحب لمن رؤي خاليا بامرأة .. ، رقم:2175.

(ساعة) فترة من الزمن. (تنقلب) ترجع وترد إلى منزلها. (على رسلكما) اتئدا ولا تعجلا. (كبر عليهما) وشق عليهما ما قاله صلى الله عليه وسلم. (مبلغ الدم) كما يبلغ الدم، ووجه الشبه بين الشيطان والدم شدة الاتصال وعدم المفارقة. (يقذف) يلقي ويرمي. (شيئا) من سوء الظن، وعند مسلم بلفظ:(شرا).

ص: 715

‌9 - بَاب: الِاعْتِكَافِ، وخروج النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَبِيحَةَ عِشْرِينَ.

ص: 716

1931 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ: سَمِعَ هَارُونَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه، قُلْتُ:

هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؟ قَالَ: نَعَمِ، اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، قَالَ: فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ، قَالَ: فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَقَالَ: (إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَإِنِّي نُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي وِتْرٍ، فَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، وَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيَرْجِعْ). فَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، قَالَ: فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطِّينِ وَالْمَاءِ، حَتَّى رَأَيْتُ الطِّينَ فِي أَرْنَبَتِهِ وَجَبْهَتِهِ.

[ر: 638]

(أرنبته) طرف أنفه.

ص: 716

‌10 - بَاب: اعْتِكَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ.

ص: 716

1932 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي.

[ر: 303]

ص: 716

‌11 - بَاب: زِيَارَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي اعْتِكَافِهِ.

ص: 717

1933 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنهما: أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ. (ح) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ، فَرُحْنَ، فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ:(لَا تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ). وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا، فَلَقِيَهُ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَنَظَرَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَجَازَا، وَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(تَعَالَيَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ). قَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا).

[ر: 1930]

(فرحن) أي أزواجه، من الرواح وهو الرجوع آخر النهار. (أجازا) مضيا.

ص: 717

‌12 - بَاب: هَلْ يَدْرَأُ الْمُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ.

ص: 717

1934 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنهما: أَنَّ صَفِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ. وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُخْبِرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ:

أَنَّ صَفِيَّةَ رضي الله عنها أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَلَمَّا رَجَعَتْ مَشَى مَعَهَا، فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ، فَقَالَ:(تَعَالَ، هِيَ صَفِيَّةُ). وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: (هَذِهِ صَفِيَّةُ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ). قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَتَتْهُ لَيْلًا؟. قَالَ: وَهَلْ هُوَ إِلَّا لَيْلٌ.

[ر: 1930]

(يدرأ) يدفع عن نفسه ما يوجه إليه من سوء، بالقول أو الفعل. (وهل هو إلا ليل) فهل الإتيان منها في وقت إلا في الليل، لأنهن ما كن يخرجن في النهار.

ص: 717

‌13 - بَاب: مَنْ خَرَجَ مِنَ اعْتِكَافِهِ عِنْدَ الصُّبْحِ.

ص: 717

1935 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّ

⦗ص: 718⦘

ابْنَ أَبِي لَبِيدٍ حَدَّثَنَا، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ، فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ، نَقَلْنَا مَتَاعَنَا، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ). فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكَفِهِ وَهَاجَتِ السَّمَاءُ فَمُطِرْنَا، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، لَقَدْ هَاجَتِ السَّمَاءُ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا، فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ.

[ر: 638]

ص: 717

‌14 - بَاب: الِاعْتِكَافِ فِي شَوَّالٍ.

ص: 718

1936 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ، وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ. قَالَ: فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ فَأَذِنَ لَهَا، فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ فَضَرَبَتْ قُبَّةً، وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الغد أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ، فَقَالَ:(مَا هَذَا). فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقَالَ:(مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا؟ آلْبِرُّ؟ انْزِعُوهَا فَلَا أَرَاهَا). فَنُزِعَتْ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ الْعَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ.

[ر: 1928]

ص: 718

‌15 - بَاب: مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ صَوْمًا إِذَا اعْتَكَفَ.

ص: 718

1937 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَوْفِ نَذْرَكَ). فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً.

[ر: 1927]

ص: 718

‌16 - بَاب: إِذَا نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ أَسْلَمَ.

ص: 718

1938 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ: أُرَاهُ قَالَ: لَيْلَةً، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَوْفِ بِنَذْرِكَ).

[ر: 1927]

ص: 718

‌17 - بَاب: الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ.

ص: 719

1939 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا.

[4712]

ص: 719

‌18 - بَاب: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ.

ص: 719

1940 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ فَأَذِنَ لَهَا، وَسَأَلَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ لَهَا فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ بنت جَحْشٍ أَمَرَتْ بِبِنَاءٍ فَبُنِيَ لَهَا، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى انْصَرَفَ إِلَى بِنَائِهِ، فَبَصُرَ بِالْأَبْنِيَةِ، فَقَالَ:(مَا هَذَا). قَالُوا: بِنَاءُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(آلْبِرَّ أَرَدْنَ بِهَذَا؟ مَا أَنَا بِمُعْتَكِفٍ). فَرَجَعَ، فَلَمَّا أَفْطَرَ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ.

[ر: 1928]

ص: 719

‌19 - بَاب: الْمُعْتَكِفِ يُدْخِلُ رَأْسَهُ الْبَيْتَ لِلْغُسْلِ.

ص: 719

1941 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حَائِضٌ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا، يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ.

[ر: 291، 292].

ص: 719

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ص: 721

‌39 - كِتَاب الْبُيُوعِ.

وَقَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} . /البقرة 275/.

وَقَوْلُهُ: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} . /البقرة 282/.

(البيع) هو في اللغة: المبادلة، وشرعا: مبادلة مال بمال على سبيل التراضي. (الربا) في اللغة: الزيادة، وشرعا: هو زيادة على صفة مخصوصة في مال مخصوص، وقال في النهاية: هو الزيادة على أصل المال من غير عقد تبايع. والحاصل: أن مؤدي الربا أخذ مال غيره بلا عوض.

(حاضرة) المبيع والثمن حاضران. (تديرونها بينكم) تقبضون المبيع والثمن.

ص: 721

‌1 - باب: مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} . /الجمعة: 10، 11/.

وَقَوْلِهِ: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} . /النساء: 29/.

(قضيت الصلاة) أديت صلاة الجمعة وانتهت. (فانتشروا في الأرض) للتجارة والتصرف في حوائجكم. (ابتغوا من فضل الله) اطلبوا الرزق والربح فهو مباح لكم فضلا من الله تعالى. (تجارة) بضاعة أتي بها لتباع في المدينة. (لهوا) كانوا في الجاهلية إذا أتت تجارة استقبلوها بالطبل والتصفيق، فينتبه الناس إليها، وهذا من اللهو، فأطلق على كل ما ينبه إلى وجود التجارة من ضجيج وصوت إبل ونحو ذلك، والله أعلم. (انفضوا) تفرقوا. (قائما) على المنبر تخطب.

(بالباطل) بالمحرم في الشرع كالربا والغصب. (تجارة) أموال تجارة. (عن تراض منكم) كل واحد منكم راض بما في يده من المال الذي أخذه، مما يبيح الشرع التعامل به.

ص: 721

1942 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُونَ: مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقٌ

⦗ص: 722⦘

بِالْأَسْوَاقِ، وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا، وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا، وَكَانَ يَشْغَلُ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ، أَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثٍ يُحَدِّثُهُ:(إِنَّهُ لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ، إِلَّا وَعَى مَا أَقُولُ). فَبَسَطْتُ نَمِرَةً عَلَيَّ، حَتَّى إِذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَمَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ مِنْ شَيْءٍ.

[ر: 118]

(عمل أموالهم) ما يتعلق بإصلاح أموالهم من مزارع ونحوها. (مسكينا) لا شيء لي أتاجر به أو يشغلني إصلاحه. (الصفة) موضع مظلل في المسجد، كان يأوي إليه الغرباء وفقراء الصحابة رضي الله عنهم ومن ليس له منزل منهم، وكان أبو هريرة رضي الله عنه رئيسهم. (أعي) أحفظ. (أقضي مقالتي) أنتهي من حديثي. (نمرة) كساء مخطط أو ملون.

ص: 721

1943 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه:

لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ مَالًا، فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي، وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا، فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ، هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟. قَالَ: سُوقُ قَيْنُقَاعٍ، قَالَ: فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ، قَالَ: ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(تَزَوَّجْتَ). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(وَمَنْ). قَالَ: امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ:(كَمْ سُقْتَ). قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ).

[3569، وانظر: 1944]

(آخى) من المؤاخاة، وهي أن يتعاقد الرجلان على التناصر والمواساة حتى يصيرا كالأخوين نسبا. (هويت) أردت وأحببت. (قينقاع) قبيلة من قبائل اليهود الذين كانوا في المدينة. (الغدو) الذهاب أول النهار إلى السوق. (أثر صفرة) أثر الطيب الذي استعمله عند الزفاف. (كم سقت) كم أعطيتها مهرا. (زنة نواة) وزنها. (أولم) اصنع وليمة، وهي الطعام الذي يصنع أيام العرس.

ص: 722

1944 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ، فَآخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ ربيع الْأَنْصَارِيِّ،

⦗ص: 723⦘

وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى، فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ، قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا، فَأَتَى بِهِ أَهْلَ مَنْزِلِهِ فَمَكَثْنَا يَسِيرًا، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَجَاءَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَهْيَمْ). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، قَالَ:(مَا سُقْتَ إِلَيْهَا). قَالَ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ:(أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ).

[2171، 3570، 3722، 4785، 4853، 4858، 4860، 4872، 5732، 6023]

(استفضل) ربح. (وضر) تلطخ من أثر الطيب الذي له لون. (مهيم) ما هذا وما أمرك، وهي كلمة يستعملها أهل اليمن.

ص: 722

1945 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا فِيهِ، فَنَزَلَتْ:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ في مواسم الحج} . قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ.

[ر: 1681]

(أسواقا) يتاجرون فيها في موسم الحج. (تأثموا فيه) اجتنبوا التجارة في موسم الحج احترازا عن الإثم، وخشية أن يذهب الأجر. (مواسم) جمع موسم، وهو وقت الاجتماع للتجارة ونحوها، سمي بذلك لأنه معلم يجتمع الناس إليه. (قرأها .. ) أي قرأ هذه اللفظة "في مواسم الحج" في جملة القرآن، وهو خلاف المشهور، فهي قراءة شاذة ولها حكم حديث الآحاد، فتكون تفسيرا للآية، وليست بقرآن.

ص: 723

‌2 - بَاب: الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ.

ص: 723

1946 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنه: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (ح). وحدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن أبي فروة، عن الشعبي قال: سمعت النُّعْمَانِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (ح). وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (ح). وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْحَلَالُ

⦗ص: 724⦘

بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الْإِثْمِ أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ، وَالْمَعَاصِي حِمَى اللَّهِ، مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُوَاقِعَهُ).

[ر: 52]

(كان لما استبان أترك) أكثر تركا لما وضح وظهر إثمه. (يرتع) من رتعت الماشية إذا رعت كيف شاءت.

ص: 723

‌3 - بَاب: تَفْسِيرِ الْمُشَبَّهَاتِ.

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَهْوَنَ مِنَ الْوَرَعِ، دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ.

(أهون) أسهل وأكثر راحة لنفسي وقلبي. (الورع) الأخذ بالأحوط في شأن الدين والحلال والحرام. (دع .. ) اترك ما شككت فيه، وخذ ما وضح لك واستبان، وليس في نفسك شك من أمره.

ص: 724

1947 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه:

أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ جَاءَتْ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا، فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ). وَقَدْ كَانَتْ تَحْتَهُ ابْنَةُ أَبِي إِهَابٍ التَّمِيمِيِّ.

[ر: 88]

ص: 724

1948 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَالَ: ابْنُ أَخِي، قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي، كَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ). ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ). ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ

⦗ص: 725⦘

زَمْعَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(احْتَجِبِي مِنْهُ). لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ.

[2105، 2289، 2396، 2594، 4052، 6368، 6384، 6431، 6760]

أخرجه مسلم في الرضاع، باب: الولد للفراش وتوقي الشبهات، رقم:1457. (ابن وليدة زمعة) الوليدة الجارية والأمة وإن كانت كبيرة، والولد المتنازع فيه هو عبد الرحمن بن زمعة، وزمعة بن قيس والد سودة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم. (ولد على فراشه) أي من امرأة كانت موطوءة له. (فتساوقا) ذهبا إليه يسوق كل منهما الآخر ليترافعا عنده. (الولد للفراش) الولد تابع لصاحب الفراش، وهو من كانت المرأة موطوءة له حين الولادة. (العاهر للحجر) للزاني الخيبة والحرمان ولا حق له في الولد، والعرب تكني عن حرمان الشخص بقولها: له الحجر وله التراب.

ص: 724

1949 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ:

سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمِعْرَاضِ، فَقَالَ:(إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ وَقِيذٌ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرْسِلُ كَلْبِي وَأُسَمِّي، فَأَجِدُ مَعَهُ عَلَى الصَّيْدِ كَلْبًا آخَرَ لَمْ أُسَمِّ عَلَيْهِ، وَلَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَ؟. قَالَ:(لَا تَأْكُلْ، إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى الْآخَرِ).

[ر: 173]

أخرجه مسلم في الصيد والذبائح، باب: الصيد بالكلاب المعلمة، رقم:1929.

(المعراض) سهم لا ريش عليه، وفيه خشبة ثقيلة أو عصا، وقيل: هو عود دقيق الطرفين غليظ الوسط، إذا رمي به ذهب مستويا. (وقيذ) موقوذ، وهو المقتول بالخشب ونحوه. (أخذ) أي الصيد.

ص: 725

‌4 - بَاب: مَا يُتَنَزَّهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ.

ص: 725

1950 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ، فَقَالَ:(لَوْلَا أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لَأَكَلْتُهَا).

وَقَالَ هَمَّامٌ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

(أَجِدُ تَمْرَةً سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي).

[2299، 2300]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ، رقم:1071.

(مسقوطة) ساقطة. (لولا .. ) لولا أني أخاف أن تكون ساقطة من الصدقات، وهي محرمة علي، لأكلتها ولما تركتها.

ص: 725

‌5 - بَاب: مَنْ لَمْ يَرَ الْوَسَاوِسَ وَنَحْوَهَا مِنَ المشبهات.

ص: 725

1951 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ:

شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ يَجِدُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا، أَيَقْطَعُ الصَّلَاةَ؟. قَالَ:(لَا، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا).

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: لَا وُضُوءَ إِلَّا فِيمَا وَجَدْتَ الرِّيحَ أَوْ سَمِعْتَ الصَّوْتَ.

[ر: 137]

ص: 725

1952 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ، لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ).

[5188، 6963]

ص: 726

‌6 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} . /الجمعة: 11

/.

ص: 726

1953 -

حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَقْبَلَتْ مِنْ الشَّأْمِ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا، حَتَّى مَا بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} .

[ر: 894]

ص: 726

‌7 - بَاب: مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ حَيْثُ كَسَبَ الْمَالَ.

ص: 726

1954 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لَا يُبَالِي الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الْحَلَالِ أَمْ مِنَ الْحَرَامِ).

[1977]

ص: 726

‌8 - بَاب: التِّجَارَةِ فِي البر.

وَقَوْلِهِ عز وجل: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} /النور: 37/.

وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْقَوْمُ يَتَبَايَعُونَ وَيَتَّجِرُونَ، وَلَكِنَّهُمْ إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ.

(تجارة) شراء، أو البيع والشراء في السفر. (القوم) المراد الصحابة رضي الله عنهم. (نابهم) حضرهم حق من حقوق الله تعالى، كإقامة الصلاة، بادروا لأدائه.

ص: 726

1955 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ: كُنْتُ أَتَّجِرُ فِي الصَّرْفِ، فَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنه فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

وحَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعَامِرُ بْنُ مُصْعَبٍ: أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا الْمِنْهَالِ يَقُولُ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ

⦗ص: 727⦘

أَرْقَمَ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَا:

كُنَّا تَاجِرَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ:(إِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ نَسَاءً فَلَا يَصْلُحُ).

[2070، 2365، 3724]

(الصرف) بيع النقد بعضه ببعض، كالذهب بالذهب أو بالفضة، ومثله بيع العملات الورقية كذلك. (يدا بيد) يقبض كل من المتعاقدين البدل من الآخر في المجلس. (نساء) متأخرا.

ص: 726

‌9 - بَاب: الْخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} /الجمعة: 10/.

(فانتشروا .. ) اذهبوا في كل مكان، واطلبوا الرزق من الله عز وجل.

ص: 727

1956 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عُمَيْرٍ:

أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ: اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا، فَرَجَعَ أَبُو مُوسَى، فَفَرَغَ عُمَرُ فَقَالَ: أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، ائْذَنُوا لَهُ. قِيلَ: قَدْ رَجَعَ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ: كُنَّا نُؤْمَرُ بِذَلِكَ. فَقَالَ: تَأْتِينِي عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسِ الْأَنْصَارِ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: لَا يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلَّا أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، فَذَهَبَ بِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَقَالَ عُمَرُ: أَخَفِيَ هَذَا عَلَيَّ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ. يَعْنِي الْخُرُوجَ إِلَى تِجَارَةٍ.

[5891، 6920]

(بذلك) بالرجوع حين لم يؤذن للمستأذن. (بالبينة) بمن يشهد معك على ذلك.

ص: 727

‌10 - بَاب: التِّجَارَةِ فِي الْبَحْرِ.

وَقَالَ مَطَرٌ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا بِحَقٍّ، ثُمَّ تَلَا:{وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} /النحل: 14/. وَالْفُلْكُ: السُّفُنُ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ سَوَاءٌ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تَمْخَرُ السُّفُنُ الرِّيحَ، وَلَا تَمْخَرُ الرِّيحَ مِنَ السُّفُنِ إِلَّا الْفُلْكُ الْعِظَامُ.

(وما ذكره) أي ما ذكر الله ركوب البحر في القرآن إلا بحق، كابتغاء فضله تعالى، وبيان ما فيه من عظيم قدرته، وغير ذلك. (مواخر) تمخر الماء، تشقه بجرية مقبلة ومدبرة بريح واحدة. (تمخر السفن الريح) أي تشقها وتخرج صوتا من شقها، ويكون الصوت من السفن إن كانت صغيرة، ومن الريح إن كانت كبيرة.

ص: 727

1957 -

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، خَرَجَ في الْبَحْرِ

⦗ص: 728⦘

فَقَضَى حَاجَتَهُ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ.

[ر: 1427]

ص: 727

‌11 - بَاب: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} .

وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} /النور: 37/.

وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْقَوْمُ يَتَّجِرُونَ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ، لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ.

انظر الباب: 1 و 8 من البيوع.

ص: 728

1958 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

أَقْبَلَتْ عِيرٌ وَنَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ، فَانْفَضَّ النَّاسُ إِلَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} .

[ر: 894]

ص: 728

‌12 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} /البقرة: 267

/.

(أنفقوا .. ) والمعنى: أنفقوا من حلال كسبكم وجيده.

ص: 728

1959 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا).

[ر: 1359]

ص: 728

1960 -

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

(إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا، عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فلها نِصْفُ أَجْرِهِ).

[5045]

(عن غير أمره) أي من غير أن يأمرها بذلك. (نصف أجره) مثل أجره، بمعنى أن يجتمع أجره وأجرها ويكون بينهما نصفين.

ص: 728

‌13 - بَاب: مَنْ أَحَبَّ الْبَسْطَ فِي الرِّزْقِ.

ص: 728

1961 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْكِرْمَانِيُّ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ: حدثنا

⦗ص: 729⦘

مُحَمَّدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

(مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).

[5640]

أخرجه مسلم في البر والصلة، باب: صلة الرحم وتحريم قطيعتها، رقم:2557.

(يبسط) يوسع. (ينسأ) يؤخر. (أثره) بقية عمره. (فليصل رحمه) فليبر بأقاربه.

ص: 728

‌14 - بَاب: شِرَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّسِيئَةِ.

(بالنسيئة) بتأخير الثمن إلى الأجل.

ص: 729

1962 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: ذَكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.

[1990، 2088، 2133، 2134، 2256، 2374، 2378، 2759، 4197]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: الرهن وجوازه في الحضر والسفر، رقم:1603.

(الرهن في السلم) المراد بالسلم هنا تأجيل الثمن، والرهن فيه: أن يرتهن البائع عينا مقابل الثمن توثقا لديه.

ص: 729

1963 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ (ح). وحدثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ أَبُو الْيَسَعِ الْبَصْرِيُّ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:(مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم صَاعُ بُرٍّ، وَلَا صَاعُ حَبٍّ، وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ).

[2373]

(إهالة) ما أذنب من الدهن أو الشحم. (سنخة) متغيرة الرائحة من طول الزمن. (لأهله) لأزواجه. (يقول) قيل: القائل هو أنس رضي الله عنه، وقيل: هو النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 729

‌15 - بَاب: كَسْبِ الرَّجُلِ وَعَمَلِهِ بِيَدِهِ.

ص: 729

1964 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:

أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَالَ: لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنَّ حِرْفَتِي لَمْ تَكُنْ تَعْجِزُ عَنْ مؤونة أَهْلِي، وَشُغِلْتُ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَيَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ.

(حرفتي) عملي الذي كنت أكتسب منه. (من هذا المال) من بيت مال المسلمين. (يحترف للمسلمين فيه) يتاجر لهم به حتى يعود عليهم من ربحه بقدر ما أكل وأكثر.

ص: 729

1965 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها:

كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ يَكُونُ لَهُمْ أَرْوَاحٌ، فَقِيلَ لَهُمْ:(لَوِ اغْتَسَلْتُمْ).

رَوَاهُ هَمَّامٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ.

[ر: 861]

(عمال أنفسهم) يعملون بأيديهم ويكسبون لأنفسهم. (أرواح) جمع ريح، بسبب تعرقهم. (لو اغتسلتم) لحضور الجمعة.

ص: 730

1966 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ الْمِقْدَامِ رضي الله عنه،

عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ).

(قط) في أي زمن مضى. (أن يأكل من عمل يده) من كسبه ونتيجة صنع يده.

ص: 730

1967 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ،

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَنَّ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ).

[3235، 4436]

ص: 730

1968 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ).

[ر: 1401]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: كراهة سؤال الناس، رقم:1042.

ص: 730

1969 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ خير له من أن يسأل الناس).

[ر: 1402]

ص: 730

‌16 - بَاب: السُّهُولَةِ وَالسَّمَاحَةِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَمَنْ طَلَبَ حَقًّا فَلْيَطْلُبْهُ فِي عَفَافٍ.

ص: 730

1970 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رَحِمَ

⦗ص: 731⦘

اللَّهُ رَجُلًا، سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى).

(سمحا) جوادا متساهلا، يوافق على ما طلب منه. (اقتضى) طلب الذي له على غيره.

ص: 730

‌17 - بَاب: مَنْ أَنْظَرَ مُوسِرًا.

ص: 731

1971 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ: أَنَّ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه حَدَّثَهُ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (تَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، قَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟. قَالَ: كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا المعسر وَيَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُوسِرِ، قَالَ: قَالَ: فَتَجَاوَزُوا عَنْهُ).

وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ:(كُنْتُ أُيَسِّرُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ).

وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ:(أُنْظِرُ الْمُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ). وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ:(فَأَقْبَلُ مِنَ الْمُوسِرِ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ).

[2261]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: فضل إنظار المعسر، رقم:1560.

(تلقت) استقبلت عند الموت لتقبضها. (فتياني) جمع فتى وهو الأجير والخادم. (ينظروا) من الإنظار وهو الإمهال. (يتجاوزوا) يتسامحوا في الاقتضاء والاستيفاء.

ص: 731

‌18 - بَاب: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا

ص: 731

1972 -

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ).

[3293]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: فضل إنظار المعسر، رقم:1562.

(يداين الناس) يبيعهم مع تأخير الثمن إلى أجل.

ص: 731

‌19 - بَاب: إِذَا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ وَلَمْ يَكْتُمَا وَنَصَحَا.

وَيُذْكَرُ عَنْ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: كَتَبَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِم، لَا دَاءَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غَائِلَةَ).

⦗ص: 732⦘

وَقَالَ قَتَادَةُ: الْغَائِلَةُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالْإِبَاقُ.

وَقِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ: إِنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ يُسَمِّي آرِيَّ خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ، فَيَقُولُ: جَاءَ أَمْسِ مِنْ خُرَاسَانَ، جَاءَ الْيَوْمَ مِنْ سِجِسْتَانَ، فَكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً.

وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يَبِيعُ سِلْعَةً، يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا دَاءً، إِلَّا أَخْبَرَهُ.

(بيع المسلم المسلم) أي لا غش فيه ولا خديعة. (لا داء) لا عيب. (لا خبثة) لا خبث، والخبث الحرام. (ولا غائلة) لا فجور ولا خيانة. (الإباق) هروب العبد من سيده. (النخاسين) جمع نخاس وهو دلال الدواب. (آري) هو الإصطبل، أو معلف الدابة أو مربطها وسبب الكراهة: أن فيه تدليسا، لأنه يوهم أنه حديث الجلب من تلك الأقطار، وهو يعني أنه أتى به من الإصطبل الذي يسمى بذلك. (داء) عيبا. (أخبره) أخبر به المشتري.

ص: 731

1973 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ: رَفَعَهُ إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا).

[1976، 2002، 2004، 2008]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: الصدق في البيع والبيان، رقم:1532.

(البيعان) المتبايعان وهما البائع والمشتري. (بالخيار) لهما حق الخيار في أن يمضيا البيع أو ينقضاه. (لم يتفرقا) من مجلس العقد. (بينا) بين كل منهما للآخر ما يحتاج إلى بيانه من عيب ونحوه في المبيع أو الثمن. (كذبا) في الأوصاف. (محقت) من المحق، وهو النقصان وذهاب البركة.

ص: 732

‌20 - بَاب: بَيْعِ الْخِلْطِ مِنَ التَّمْرِ.

ص: 732

1974 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الْجَمْعِ، وَهُوَ الْخِلْطُ مِنَ التَّمْرِ، وَكُنَّا نَبِيعُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَا صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، وَلَا دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ).

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: بيع الطعام مثلا بمثل، رقم:1595.

(نرزق تمر) نعطي من تمر الصدقة. (الخلط) المخلوط من أنواع متفرقة. (لا صاعين) لا تبيعوا صاعين بصاع.

ص: 732

‌21 - بَاب: مَا قِيلَ فِي اللَّحَّامِ وَالْجَزَّارِ.

ص: 732

1975 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ،

⦗ص: 733⦘

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ، فَقَالَ لِغُلَامٍ لَهُ قَصَّابٍ: اجْعَلْ لِي طَعَامًا يَكْفِي خَمْسَةً، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَإِنِّي قَدْ عَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْجُوعَ، فَدَعَاهُمْ، فَجَاءَ مَعَهُمْ رَجُلٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ هَذَا قَدْ تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فَأْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ يَرْجِعَ رَجَعَ). فَقَالَ: لَا، بَلْ قَدْ أَذِنْتُ لَهُ.

[2324، 5118، 5145]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه .. ، رقم:2036.

(لغلام) أجير أو خادم. (قصاب) اسم فاعل من قصبت الشاة قصبا قطعتها عضوا عضوا، واسم الصنعة من ذلك القصابة. (خامس خمسة) أحد خمسة، أي معه أربعة غيره. (عرفت في وجهه الجوع) رأيت أثره في وجهه.

ص: 732

‌22 - بَاب: مَا يَمْحَقُ الْكَذِبُ وَالْكِتْمَانُ فِي الْبَيْعِ.

ص: 733

1976 -

حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْخَلِيلِ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا).

[ر: 1973]

ص: 733

(الربا) الزيادة. (أضعافا مضاعفة) كانوا في الجاهلية إذا حل أجل الدين قال الدائن للمستدين: إما أن تقضي وإما أن تربي، أي أزيدك في الأجل وتزيدني في الدين، وهكذا ربما تكرر هذا فيتضاعف مقدار الدين.

ص: 733

1977 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ، أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ).

[ر: 1954]

ص: 733

‌24 - بَاب: آكِلِ الرِّبَا وَشَاهِدِهِ وَكَاتِبِهِ.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ

⦗ص: 734⦘

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}. /البقرة: 275/.

(لا يقومون) من قبورهم يوم القيامة، أو لا يتحركون على الأرض في الدنيا إلا ونفوسهم كذلك، لشعورهم بمقت الناس لهم. (يتخبطه) يصرعه. (المس) الجنون. (مثل الربا) نظيره. (فله ما سلف) أي ليس عليه رد ما أخذ من ربا قبل التحريم، أما الآن: وبعد ثبوت التحريم، فيجب عليه رد ما أخذه من زيادة لمن أخذه منه أو لورثته، وإن كان لا يعلمه، كمن يتعامل مع المصارف، فعليه أن يتصدق به في وجوه الخير ومصالح المسلمين، ولا يأكله لأنه كسب خبيث. (خالدون) لا يخرجون منها إن استحلوا التعامل بالربا، ويمكثون فيها طويلا إن اعتقدوا حرمته وتعاملوا به.

ص: 733

1978 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

لَمَّا نَزَلَتْ آخِرُ الْبَقَرَةِ، قَرَأَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ.

[ر: 447]

ص: 734

1979 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ، فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ، وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ، بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟. فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا).

[ر: 809]

ص: 734

‌25 - بَاب: مُوكِلِ الرِّبَا.

لقوله تَعَالَى: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رؤوس أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ. وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} . /البقرة: 278 - 281/.

⦗ص: 735⦘

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 4270]

(ذروا) اتركوا. (فأذنوا) استيقنوا. (بحرب) عن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى قال: يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: فمن كان مقيما على الربا لا ينزع منه فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزع وإلا ضرب عنقه. وعن الحسن البصري وابن سيرين قالا: والله إن هؤلاء الصيارفة لآكلة الربا، وإنهم قد آذنوا بحرب من الله ورسوله، ولو كان على الناس إمام عادل لاستتابهم، فإن تابوا وإلا وضع فيهم السلاح. - عيني - (رؤوس أموالكم) أصل دينكم من غير زيادة. (ذو عسرة) صاحب فقر وحاجة. (فنظرة) تأجيل وانتظار. (ميسرة) وقت يسر وسعة.

ص: 734

1980 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ:

رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا فأمر بمحاجمه فكسرت، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَثَمَنِ الدَّمِ، وَنَهَى عَنِ الْوَاشِمَةِ وَالْمَوْشُومَةِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ.

[2123، 5032، 5601، 5617]

(بمحاجمه) جمع محجم وهو الآلة التي يحجم بها. (فسألته) عن سبب كسرها. (ثمن الكلب) بيعه وأخذ ثمنه، لأنه نجس. (ثمن الدم) أجرة الحجامة، ويدخل فيه بيع الدم في هذه الأيام. (الواشمة) فاعلة الوشم، وهو أن يغرز الجلد بإبرة، ثم يحشى بكحل أو نيلة، فيزرق أثره أو يخضر. (الموشومة) التي يفعل بها الوشم. (آكل الربا) آخذه. (موكله) معطيه. (المصور) لما له روح من حيوان أو إنسان، والنص عام في الرسم والنحت وما يسمى الآن تثبيت ظل، وهو حرام بالإجماع إلا لضرورة.

ص: 735

(يمحق الله الربا) يستأصله ويذهب ببركته، ويهلك المال الذي دخل فيه. (يربي) يزيد وينمي. (كفار) يكفر بآيات الله تعالى فيحل ما حرم. (أثيم) فاجر كثير الإثم بأكله أموال الناس بالباطل.

ص: 735

1981 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ).

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: النهي عن الحلف في البيع، رقم:1606.

(الحلف) اليمين، والمراد بها هنا الكاذبة. (منفقة) مروجة. (ممحقة) مذهبة. (للبركة) الزيادة والنماء من الله تعالى.

ص: 735

‌27 - بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ.

ص: 735

1982 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً، وَهُوَ فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} .

[2530، 4276]

(أقام سلعة) روج متاعا بحلفه. (أعطى بها) بدل سلعته. (ليوقع) ليغري من يريد الشراء. (بعهد الله) بما عاهدوه عليه من الإيمان والإقرار بوحدانيته. (أيمانهم) الكاذبة. (ثمنا قليلا) عرضا يسيرا من متاع الدنيا. /آل عمران: 77/. وتتمتها: {أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} . (خلاق) نصيب. (ولا يكلمهم) كلام رضا. (ولا ينظر إليهم) نظر رحمة. (يزكيهم) يطهرهم.

ص: 735

‌28 - بَاب: مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ.

وَقَالَ طَاوُسٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا).

وَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ:(إِلَّا الْإِذْخِرَ).

[ر: 1284]

ص: 736

1983 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنَّ عَلِيًّا عليه السلام قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمْسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ عليها السلام، بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرُسِي.

[2246، 2925، 3781، 5457]

(شارف) الناقة المسنة. (الخمس) خمس الغنيمة الذي جعل أَمْرَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. (أبتني) أدخل بها. (صواغا) هو الذي يصوغ الحلي. (قينقاع) قبيلة يهودية. (وليمة عرس) الوليمة ما يصنع من الطعام للعرس، والعرس هو الزفاف ودخول الرجل بزوجته، والوليمة لذلك.

ص: 736

1984 -

حَدَّثَنَا إسحق: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُلْتَقَطُ لُقْطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ). وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِلَّا الْإِذْخِرَ، لِصَاغَتِنَا وَلِسُقُفِ بُيُوتِنَا. فَقَالَ:(إِلَّا الْإِذْخِرَ). فَقَالَ عِكْرِمَةُ: هَلْ تَدْرِي مَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا؟. هُوَ أَنْ تُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ وَتَنْزِلَ مَكَانَهُ.

قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ: لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا.

[ر: 1284]

ص: 736

‌29 - بَاب: ذِكْرِ الْقَيْنِ وَالْحَدَّادِ.

ص: 736

1985 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ

⦗ص: 737⦘

أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ:

كُنْتُ قَيْنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، قَالَ: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: لَا أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَمُوتَ وَأُبْعَثَ، فَسَأُوتَى مَالًا وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَ. فَنَزَلَتْ:{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا. أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} .

[2155، 2293، 4455، 4458]

أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: سؤال اليهود النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّوحِ، رقم:2795.

(قينا) حدادا. (أتقاضاه) أطلب منه ديني. (أفرأيت) أبلغك علم هذا وأخبرت به. (عهدا) هل أعطاه الله ميثاقا بذلك، أم قدم هو عملا صالحا يرجو ثوابه.

ص: 736

‌30 - بَاب: ذِكْرِ الْخَيَّاطِ.

ص: 737

1986 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا وَمَرَقًا، فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ، قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ.

[5064، 5104، 5117، 5119، 5121، 5123]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: جواز أكل المرق واستحباب أكل اليقطين، رقم:2041.

(مرقا) كل طعام طبخ بماء. (دباء) القرع واليقطين. (قديد) لحم مجفف. (حوالي) جوانب.

ص: 737

‌31 - بَاب: ذِكْرِ النَّسَّاجِ.

ص: 737

1987 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ، قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟. فَقِيلَ لَهُ: نَعَمْ، هِيَ الشَّمْلَةُ، مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا. قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْسُنِيهَا. فَقَالَ:(نَعَمْ). فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلًا. فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ. قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ.

[ر: 1218]

ص: 737

‌32 - بَاب: النَّجَّارِ.

ص: 738

1988 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ:

أَتَى رِجَالٌ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى فُلَانَةَ، امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ:(أَنْ مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلُ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ). فَأَمَرَتْهُ يَعْمَلُهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ.

[ر: 370]

ص: 738

1989 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلَامًا نَجَّارًا. قَالَ:(إِنْ شِئْتِ). قَالَ: فَعَمِلَتْ لَهُ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، قَعَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ الَّذِي صُنِعَ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا، حَتَّى كَادَتْ تَنْشَقَّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ، حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قَالَ:(بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ).

[ر: 438]

(تئن) تصوت. (على ما كانت) على فراق ما كانت تسمع.

ص: 738

‌33 - بَاب: شِرَاءِ الْحَوَائِجَ بِنَفْسِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: اشْتَرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَمَلًا مِنْ عُمَرَ.

[ر: 2009]

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما: جَاءَ مُشْرِكٌ بِغَنَمٍ، فَاشْتَرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ شَاةً.

[ر: 2103]

وَاشْتَرَى مِنْ جَابِرٍ بَعِيرًا.

[ر: 1991]

ص: 738

1990 -

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ.

[ر: 1962]

(بنسيئة) النسيئة التأخير، أي مع تأخير دفع الثمن إلى أجل.

ص: 738

‌34 - بَاب: شِرَاءِ الدَّوَابِّ والحمير، وَإِذَا اشْتَرَى دَابَّةً أَوْ جَمَلًا وَهُوَ عَلَيْهِ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: (بِعْنِيهِ). يَعْنِي جَمَلًا صَعْبًا.

[ر: 2009]

ص: 739

1991 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَأَبْطَأَ بِي جَمَلِي وَأَعْيَا، فَأَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(جَابِرٌ). فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(مَا شَأْنُكَ). قُلْتُ: أَبْطَأَ عَلَيَّ جَمَلِي وَأَعْيَا فَتَخَلَّفْتُ، فَنَزَلَ يَحْجُنُهُ بِمِحْجَنِهِ، ثُمَّ قَالَ:(ارْكَبْ). فَرَكِبْتُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَكُفُّهُ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(تَزَوَّجْتَ). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا). قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ:(أَفَلَا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ). قُلْتُ: إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ وَتَمْشُطُهُنَّ، وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ:(أَمَّا إِنَّكَ قَادِمٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ). ثُمَّ قَالَ: (أَتَبِيعُ جَمَلَكَ). قُلْتُ: نَعَمْ، فَاشْتَرَاهُ مِنِّي بِأُوقِيَّةٍ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلِي، وَقَدِمْتُ بِالْغَدَاةِ، فَجِئْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدْتُهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، قَالَ:(آلْآنَ قَدِمْتَ). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعْ جَمَلَكَ، فَادْخُلْ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ). فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَزِنَ لي أُوقِيَّةً، فَوَزَنَ لِي بِلَالٌ فَأَرْجَحَ فِي الْمِيزَانِ، فَانْطَلَقْتُ

⦗ص: 740⦘

حَتَّى وَلَّيْتُ، فَقَالَ:(ادْعُ لِي جَابِرًا). قُلْتُ: الْآنَ يَرُدُّ عَلَيَّ الْجَمَلَ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ، قَالَ:(خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ).

[ر: 432]

أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب تحية المسجد بركعتين، وباب: استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر. وفي الرضاع، باب: استحباب نكاح ذات الدين. وفي المساقاة، باب: بيع البعير واستثناء ركوبه. وفي الإمارة، باب: كراهة الطروق وهو الدخول ليلا لمن ورد من سفر، رقم:715.

(غزاة) غزوة، والراجح أنها غزوة الفتح. (أعيا) تعب وعجز عن المشي. (يحجنه) يجذبه. (بمحجنه) عصا في رأسها اعوجاج، يلتقط بها الراكب ما يسقط منه. (أكفه) أمنعه. (ثيبا) هي التي يسبق لها أن تزوجت، والبكر هي التي لم تتزوج بعد، ويطلق كل منهما على الذكر والأنثى. (جارية) أي بكرا. (تلاعبها) لصغرها على الغالب. (الكيس الكيس) الزم الكيس، وهو الفطنة وشدة المحافظة على الشيء، فقد أمره صلى الله عليه وسلم باستعمال الكيس، وأن يرفق بأهله عندما يقدم عليهن، فيحذر ويتقي عند مجامعة زوجته، فربما لطول غيبته وامتداد غربته أصابها وهي حائض، أو أثقل عليها في ذلك. وقيل: معنى الكيس الولد، وقيل: الجماع. (بالغداة) صبيحة اليوم. (فأرجح) زاد لي عن استحقاقي. (وليت) أدبرت. (أبغض إلي منه) أي من رد جملي علي بعد أن أخذت ثمنه مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 739

‌35 - بَاب الْأَسْوَاقِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَبَايَعَ بِهَا النَّاسُ فِي الْإِسْلَامِ.

ص: 740

1992 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ تَأَثَّمُوا مِنَ التِّجَارَةِ فِيهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ

} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ. قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَذَا.

[ر: 1681]

(قرأ .. ) لقد تقدم أن هذا معدود من الشاذ الذي صح سنده، وهو حجة، وليس بقرآن، وإنما هو تفسير.

ص: 740

‌36 - بَاب: شِرَاءِ الْإِبِلِ الْهِيمِ، أَوِ الْأَجْرَبِ.

الْهَائِمُ: الْمُخَالِفُ لِلْقَصْدِ فِي كُلِّ شَيْءٍ.

(الهائم .. ) أي الذي يذهب على وجهه ولا يدري أين يتجه، وليس هو مفرد الهيم.

ص: 740

1993 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ عَمْرٌو:

كَانَ هَا هُنَا رَجُلٌ اسْمُهُ نَوَّاسٌ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ إِبِلٌ هِيمٌ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما فَاشْتَرَى تِلْكَ الْإِبِلَ مِنْ شَرِيكٍ لَهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ شَرِيكُهُ، فَقَالَ: بِعْنَا تِلْكَ الْإِبِلَ. فَقَالَ: مِمَّنْ بِعْتَهَا؟. قَالَ: مِنْ شَيْخٍ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: وَيْحَكَ، ذَاكَ وَاللَّهِ ابْنُ عُمَرَ، فَجَاءَهُ فَقَالَ: إِنَّ شَرِيكِي بَاعَكَ إِبِلًا هِيمًا وَلَمْ يَعْرِفْكَ. قَالَ: فَاسْتَقْهَا، قَالَ: فَلَمَّا ذَهَبَ يَسْتَاقُهَا، فَقَالَ: دَعْهَا، رَضِينَا بِقَضَاءِ رَسُولِ

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا عَدْوَى).

سَمِعَ سُفْيَانُ عَمْرًا.

[2703، 4805، 4806، 5421، 5438]

(هيم) جمع أهيم وهو العطشان الذي لا يروى، والمؤنث هيماء. وقيل: الهيم من الهيام، وهو داء يصيب الإبل فيسخن جلدها وينحل جسمها ويصيبها شره للماء، وقيل: هو داء يكون معه الجرب. (لا عدوى) هي انتقال المرض من المصاب به إلى غيره، والمعنى: لا تأثير لها في حقيقة الأمر لأن الأمر بقضاء الله وقدره، وإن كنا مأمورين باتخاذ الأسباب، ولا يتعارض هذا مع فعل ابن عمر رضي الله عنه وقوله، لسمو حاله رضي الله عنه وعلو شأنه في التوكل على الله عز وجل.

ص: 740

‌37 - بَاب: بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ وَغَيْرِهَا.

وَكَرِهَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بَيْعَهُ فِي الْفِتْنَةِ.

(الفتنة) المراد ما يجري بين المسلمين من الحروب.

ص: 741

1994 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ، فَأَعْطَاهُ - يَعْنِي دِرْعًا - فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ.

[2973، 4066، 4067، 6749]

(مخرفا) بستانا من النخل. (تأثلته) جمعته واتخذته أصلا للمال.

ص: 741

‌38 - بَاب: فِي الْعَطَّارِ وَبَيْعِ الْمِسْكِ.

ص: 741

1995 -

حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ، لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ: إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ: يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ، أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً).

[5214]

(كير) جلد غليظ ينفخ فيه النار. (لا يعدمك) لا تفقد ولا يفوتك. (خبيثة) كريهة.

ص: 741

‌39 - بَاب: ذِكْرِ الْحَجَّامِ.

ص: 741

1996 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا مِنْ خَرَاجِهِ.

[2096، 2157، 2161، 5371]

(أهله) مالكيه وأسياده. (خراجه) ما فرضه عليه سيده ليؤديه كل يوم.

ص: 741

1997 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ.

[2158، 2159، 5367]

ص: 741

‌40 - بَاب: التِّجَارَةِ فِيمَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.

ص: 742

1998 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه بِحُلَّةِ حَرِيرٍ، أَوْ سِيَرَاءَ، فَرَآهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ:(إِنِّي لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ، إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا). يَعْنِي تَبِيعَهَا.

[ر: 846]

ص: 742

1999 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ:

أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ). قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ). وَقَالَ: (إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ).

[3052، 4886، 5612، 5616، 7118]

أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان .. ، رقم:2107.

(نمرقة) كساء مخطط، وقيل هي وسادة صغيرة. (ما بال) ما شأنها ولما وضعت. (توسدها) تجعلها وسادة لك. (هذه الصور) لذات الروح، وأصحابها المصورون لها. (خلقتم) صورتم على هيئة خلق الله تعالى.

ص: 742

‌41 - بَاب: صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِالسَّوْمِ.

ص: 742

2000 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ). وَفِيهِ خِرَبٌ وَنَخْلٌ.

[ر: 418]

ص: 742

‌42 - بَاب: كَمْ يَجُوزُ الْخِيَارُ.

ص: 742

2001 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ

⦗ص: 743⦘

يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا). قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ.

[2003، 2005 - 2007، 2010]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، رقم:1531.

(المتبايعين) البائع والمشتري المتلبسين بعقد البيع. (بالخيار) في إمضاء العقد ونقضه. (خيارا) بأن يخير أحد المتبايعين صاحبه بعد تمام البيع، فإن اختار الإمضاء لزم البيع وبطل البيع الخيار وإن لم يتفرقا.

ص: 742

2002 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا).

وَزَادَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ: قَالَ هَمَّامٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي التَّيَّاحِ فَقَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي الْخَلِيلِ لَمَّا حَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

[ر: 1973]

ص: 743

‌43 - بَاب: إِذَا لَمْ يُوَقِّتْ فِي الْخِيَارِ، هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ.

(لم يوقت) أي يحدد مدة للخيار بيوم أو أكثر.

ص: 743

2003 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ). وَرُبَّمَا قَالَ: (أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ).

[ر: 2001]

ص: 743

‌44 - بَاب: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا.

وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَشُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ.

ص: 743

2004 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: قَالَ قَتَادَةُ: أَخْبَرَنِي عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا).

[ر: 1973]

ص: 743

2005 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ).

[ر: 2001]

ص: 743

‌45 - بَاب: إِذَا خَيَّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ.

ص: 744

2006 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:(إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ يَتَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ).

[ر: 2001]

(فقد وجب البيع) لزم.

ص: 744

‌46 - بَاب: إِذَا كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ.

ص: 744

2007 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كُلُّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ).

[ر: 2001]

(بيعين) متبايعين. (لا بيع بينهما) لا يلزم البيع بينهما.

ص: 744

2008 -

حدثني إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا).

قَالَ هَمَّامٌ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي: (يَخْتَارُ - ثَلَاثَ مِرَارٍ - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا، فَعَسَى أَنْ يَرْبَحَا رِبْحًا، وَيُمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا).

قَالَ: وَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1973]

(وجدت في كتابي) أي الذي رويته هو المحفوظ، لكن الموجود في كتابي بلفظ (يختار) وهو مكتوب ثلاث مرات.

ص: 744

‌47 - بَاب: إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا، فَوَهَبَ مِنْ سَاعَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَلَمْ يُنْكِرِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ.

وَقَالَ طَاوُسٌ: فِيمَنْ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ عَلَى الرِّضَا، ثُمَّ بَاعَهَا: وَجَبَتْ لَهُ وَالرِّبْحُ لَهُ.

(على الرضا) أي على شرط أنه لو رضي بها أجاز العقد. (وجبت) لزمت المبايعة.

ص: 744

2009 -

وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، فَكَانَ يَغْلِبُنِي فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ:(بِعْنِيهِ). قَالَ: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(بِعْنِيهِ). فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ).

[2468، 2469]

(بكر) ولد الناقة أول ما يركب. (صعب) نفور لم يذلل.

ص: 745

2010 -

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

قَالَ بِعْتُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ مَالًا بِالْوَادِي بِمَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا تَبَايَعْنَا، رَجَعْتُ عَلَى عَقِبِي حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِهِ، خَشْيَةَ أَنْ يُرَادَّنِي الْبَيْعَ، وَكَانَتِ السُّنَّةُ: أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا وَجَبَ بَيْعِي وَبَيْعُهُ، رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ غَبَنْتُهُ، بِأَنِّي سُقْتُهُ إِلَى أَرْضِ ثَمُودَ بِثَلَاثِ لَيَالٍ، وَسَاقَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ لَيَالٍ.

[ر: 1002]

(مالا) أرضا وعقارا. (بالوادي) قيل: هو وادي القرى من أعمال المدينة، وقيل: واد معهود لديهم. (عقبي) القهقرى إلى الخلف. (يرادني) يطلب استرداده مني. (وجب) لزم. (غبنته) نقصته حقه. (أرض ثمود) أرض قريبة من تبوك. (بثلاث ليال) زدته على المسافة التي كانت بينه وبين أرضه بثلاث ليال، ونقصني المسافة التي كانت بيني وبين أرضي ثلاث ليال، وهذا هو وجه الغبن.

ص: 745

‌48 - بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخِدَاعِ فِي الْبَيْعِ.

ص: 745

2011 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ:(إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ).

[2276، 2283، 6563]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: من يخدع في البيع، رقم:1533.

(رجلا) هو حبان بن منقذ رضي الله عنه. (لا خلابة) لا خديعة.

ص: 745

‌49 - بَاب: مَا ذُكِرَ فِي الْأَسْوَاقِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، قُلْتُ: هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟. قَالَ: سُوقُ قَيْنُقَاعَ.

[ر: 1943]. وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ.

[ر: 1944].

⦗ص: 746⦘

وَقَالَ عُمَرُ: أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ.

[ر: 1956].

أخرجه مسلم في البيوع، باب: من يخدع في البيع، رقم:1533.

(رجلا) هو حبان بن منقذ رضي الله عنه. (لا خلابة) لا خديعة.

ص: 745

2012 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ). قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟. قَالَ:(يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ).

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: الخسف بالجيش الذي يؤم البيت، رقم:2884.

(بيداء) الصحراء التي لا شيء فيها. (يخسف) تغور بهم الأرض. (أسواقهم) أهل أسواقهم الذين يبيعون ويشترون ولم يقصدوا الغزو. (يبعثون) يوم القيامة. (على نياتهم) يحاسب كل منهم بحسب قصده.

ص: 746

2013 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (صَلَاةُ أَحَدِكُمْ فِي جَمَاعَةٍ، تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ وَبَيْتِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ بِأَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، وَالْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، وَقَالَ: أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ).

[ر: 465]

(بضعا) من ثلاث إلى تسع. (ينهزه) ينهضه.

ص: 746

2014 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي السُّوقِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّمَا دَعَوْتُ هَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي).

أخرجه مسلم في الآداب، باب: النهي عن التكني بأبي القاسم، رقم:2131.

(باسمي) أي سموا محمدا. (بكنيتي) أي لا تكنوا أبا القاسم، والجمهور على جواز ذلك، وأن النهي للتنزيه، أو هو منسوخ.

ص: 746

2015 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ

⦗ص: 747⦘

عَنْهُ:

دَعَا رَجُلٌ بِالبَقِيعِ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَمْ أَعْنِكَ، قَالَ:(سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تكنوا بِكُنْيَتِي).

[3344، وانظر: 5843]

ص: 746

2016 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي طَائِفَةِ النَّهَارِ، لَا يُكَلِّمُنِي وَلَا أُكَلِّمُهُ، حَتَّى أَتَى سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَجَلَسَ بِفِنَاءِ بَيْتِ فَاطِمَةَ، فَقَالَ:(أَثَمَّ لُكَعُ، أَثَمَّ لُكَعُ). فَحَبَسَتْهُ شَيْئًا، فَظَنَنْتُ أَنَّهَا تُلْبِسُهُ سِخَابًا أَوْ تُغَسِّلُهُ، فَجَاءَ يَشْتَدُّ حَتَّى عَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ، وَقَالَ:(اللَّهُمَّ أحبه وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ).

قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي: أَنَّهُ رَأَى نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ.

[5545]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما، رقم:2421.

(طائفة النهار) قطعة منه. (بفناء) الموضع المتسع أمام البيت. (آثم) اسم يشار به للمكان البعيد، أي أيوجد هناك في البيت. (لكع) معناه الصغير بلغة تميم، ومراده صلى الله عليه وسلم الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما. (سخابا) قلادة من خرز أو طيب أو قرنفل، وقيل غير ذلك. (يشتد) يسرع.

ص: 747

2017 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ: حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ:

أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَبْعَثُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَمْنَعُهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ حَيْثُ اشْتَرَوْهُ، حَتَّى يَنْقُلُوهُ حَيْثُ يُبَاعُ الطَّعَامُ.

قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاعَ الطَّعَامُ إِذَا اشْتَرَاهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ.

[2019، 2024، 2026، 2029، 2030، 2058، 2059، 6460]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: بطلان المبيع قبل القبض، رقم:1527.

(الركبان) الجماعة من الإبل في السفر، جمع راكب، ثم أطلق على كل راكب دابة. (حيث اشتراه) مكان شرائه. (حيث يباع الطعام) الأماكن التي يباع فيها الطعام عادة وهي الأسواق. (يستوفيه) يقبضه.

ص: 747

‌50 - بَاب: كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي السُّوقِ.

ص: 747

2018 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ: حَدَّثَنَا هِلَالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:

لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما: قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاةِ، قَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ

⦗ص: 748⦘

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}. وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا.

تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِلَالٍ. وَقَالَ سَعِيدٌ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ سَلَامٍ: غُلْفٌ: كُلُّ شَيْءٍ فِي غِلَافٍ، سَيْفٌ أَغْلَفُ، وَقَوْسٌ غَلْفَاءُ، وَرَجُلٌ أَغْلَفُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا.

[4558]

(أجل) حرف جواب مثل نعم. (شاهدا) لأمتك بتصديقهم وعلى الكافرين بتكذيبهم. (مبشرا) للمؤمنين. (نذيرا) للكافرين، /الأحزاب: 45/. (حرزا للأميين) حصنا للعرب. (المتوكل) المعتمد على الله تعالى. (بفظ) سيء الخلق. (غليظ) شديد في القول. (سخاب) يرفع صوته على الناس. (يقيم الملة العوجاء) ينفي الشرك ويثبت التوحيد. (عميا) لا تبصر الحق. (صما) لا تسمع دعوة الخير. (غلفا) غطتها ظلمة الشرك.

ص: 747

‌51 - بَاب: الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُعْطِي.

لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} /المطففين: 3/: يَعْنِي كَالُوا لَهُمْ وَوَزَنُوا لَهُمْ، كَقَوْلِهِ:{يَسْمَعُونَكُمْ} /الشعراء: 73/: يَسْمَعُونَ لَكُمْ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (اكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا). وَيُذْكَرُ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: (إِذَا بِعْتَ فَكِلْ، وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ).

(وإذا كالوهم .. ) المعنى: إذا كالوا للناس أو وزنوا لهم ينقصون الكيل أو الوزن. (يسمعونكم) من قوله تعالى: {قال هل يسمعونكم إذ تدعون} أي الأصنام. (اكتالوا .. ) أي تأخذوا حقكم كاملا. (فكل) فأوف ولا تنقص. (ابتعت) اشتريت. (فاكتل) فاستوف ولا تزد.

ص: 748

2019 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ).

[ر: 2017]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: بطلان بيع المبيع قبل القبض، رقم:1526.

(ابتاع) اشترى. (طعاما) حنطة أو شعيرا أو تمرا ونحو ذلك. (يستوفيه) يقبضه.

ص: 748

2020 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ

⦗ص: 749⦘

عَنْهُ قَالَ:

تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاسْتَعَنْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَضَعُوا مِنْ دَيْنِهِ، فَطَلَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اذْهَبْ فَصَنِّفْ تَمْرَكَ أَصْنَافًا، الْعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، وَعَذْقَ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَيَّ). فَفَعَلْتُ، ثُمَّ أَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسَ عَلَى أَعْلَاهُ أَوْ فِي وَسَطِهِ، ثُمَّ قَالَ:(كِلْ لِلْقَوْمِ). فَكِلْتُهُمْ حَتَّى أَوْفَيْتُهُمُ الَّذِي لَهُمْ وَبَقِيَ تَمْرِي كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ.

وَقَالَ فِرَاسٌ: عَنْ الشَّعْبِيِّ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّاهُ. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (جُذَّ لَهُ، فَأَوْفِ لَهُ).

[2265، 2266، 2275، 2461، 2562، 2629، 3387، 3827]

(غرمائه) جمع غريم، وهو من له دين على غيره. ويطلق على الغارم وهو من كان عليه دين لغيره. (أن يضعوا من دينه) أن يتركوا منه شيئا. (فصنف تمرك أصنافا) اعزل كل نوع منه على حدة. (العجوة) نوع من أجود التمر بالمدينة. (عذق زيد) نوع من التمر الردئ. (جذ) من الجذاد وهو قطع التمر.

ص: 748

‌52 - بَاب: مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْكَيْلِ.

ص: 749

2021 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ معد يكرب رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ).

(كيلوا طعامكم) عند شرائه أو بيعه. (يبارك لكم) لامتثال أمر الشارع بكياه حتى لا يحصل شك أو منازعة، وبفضل التسمية عند كيله، ولدعائه صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة في مد المدينة وصاعها.

ص: 749

‌53 - بَاب: بَرَكَةِ صَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ومدهم.

فِيهِ عَائِشَةُ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1790]

ص: 749

2022 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا، وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام لِمَكَّةَ).

[ر: 3187]

أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، رقم:1360.

(حرم مكة) جعل لها حرمة بأمر الله عز وجل، وحرمتها تحريم قطع شجرها وقتل صيدها ونحوه.

ص: 749

2023 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ،

⦗ص: 750⦘

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ). يَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ.

[6336، 6900، وانظر: 2732]

ص: 749

‌54 - بَاب: مَا يُذْكَرُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ وَالْحُكْرَةِ.

(الحكرة) حبس الطعام والسلع عن البيع حتى يرتفع سعرها فيبيعها، وهو الاحتكار.

ص: 750

2024 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

رَأَيْتُ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مُجَازَفَةً، يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ.

[ر: 2017]

(مجازفة) بلا كيل ولا وزن ولا تقدير. (يضربون) تأديبا وتعزيرا. (أن يبيعوه) كي لا يبيعوه. (يؤووه) يقبضوه وينقلوه. (رحالهم) منازلهم.

ص: 750

2025 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ طَعَامًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ. قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ ذَاكَ؟. قَالَ: ذَاكَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ، وَالطَّعَامُ مُرْجَأٌ.

[2028]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: بطلان بيع المبيع قبل القبض، رقم:1525.

(كيف ذاك) ما حال هذا البيع حتى نهي عنه. (دراهم بدراهم) تقديره: أن يشتري من إنسان طعاما بدرهم إلى أجل، فإذا باعه منه أو من غيره

بدرهمين مثلا قبل أن يقبضه فلا يجوز، لأنه في التقدير: بيع درهم بدرهم والطعام غائب، كأنه باعه درهمه الذي اشترى به الطعام بدرهمين، وهو ربا لا يجوز. (مرجأ) مؤخر.

ص: 750

2026 -

حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ).

[ر: 2017]

ص: 750

2027 -

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا، حَتَّى يَجِيءَ خَازِنُنَا مِنَ الْغَابَةِ. قَالَ سُفْيَانُ: هُوَ الَّذِي حَفِظْنَاهُ من الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ، فَقَال: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ:

⦗ص: 751⦘

سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: يُخْبِرُ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ).

[2062، 2065]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا، رقم:1586.

(صرف) أي من عنده دراهم حتى يعوضها بالدنانير، والصرف بيع أحد النقدين بالآخر. (الغابة) هي في الأصل: الشجر المتكاثف الملتف، سميت بذلك لأنها تغيب ما فيها، والمراد هنا غابة المدينة، وهي موضع قريب من عواليها. (هاء وهاء) يقول أحدهما: هاء يعني خذ، ويقول الآخر: هاء، يعني هات، والمراد أنهما يتقابضان في المجلس قبل التفرق.

ص: 750

‌55 - بَاب: بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ.

ص: 751

2028 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مِثْلَهُ.

[ر: 2025]

ص: 751

2029 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ). زَادَ إِسْمَاعِيلُ: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ).

[ر: 2017]

ص: 751

‌56 - بَاب: مَنْ رَأَى: إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا جِزَافًا، أَنْ لَا يَبِيعَهُ حَتَّى يُؤْوِيَهُ إِلَى رَحْلِهِ، وَالْأَدَبِ فِي ذَلِكَ.

(الأدب) التأديب على ترك إيوائه قبل بيعه.

ص: 751

2030 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْتَاعُونَ جِزَافًا، يَعْنِي الطَّعَامَ، يُضْرَبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ، حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ.

[ر: 2017]

ص: 751

‌57 - بَاب: إِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا أَوْ دَابَّةً فَوَضَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: مَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنَ الْمُبْتَاعِ.

(ما أدركت .. ) أي ما كان عند العقد غير ميت ولم يتغير عن حالته فهو للمشتري.

ص: 751

2031 -

حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ

⦗ص: 752⦘

عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

لَقَلَّ يَوْمٌ كَانَ يَأْتِي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا يَأْتِي فِيهِ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ أَحَدَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ، لَمْ يَرُعْنَا إِلَّا وَقَدْ أَتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا لِأَمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ:(أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ، يَعْنِي عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، قَالَ:(أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ). قَالَ: الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(الصُّحْبَةَ). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي نَاقَتَيْنِ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إِحْدَاهُمَا، قَالَ:(قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ).

[ر: 464]

(لقل يوم) اللام جواب قسم محذوف، وقل: فعل ماض فيه معنى النفي، أي ما يأتي يوم عليه إلا يأتي فيه بيت أبي بكر رضي الله عنه. (لم يرعنا .. ) من الروع وهو الفزع، والمعنى أتانا بغتة وقت الظهر. (الصحبة) أرغب وأطلب الصحبة معك على الخروج.

ص: 751

‌58 - بَاب: لَا يَبِيعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ أَوْ يَتْرُكَ.

(يسوم على .. ) وهو أن يتفق صاحب السلعة والراغب فيها على البيع ولم يعقداه بعد، فيقول آخر لصاحبها: أنا أشتريها بأكثر، أو يقول للراغب فيها: أنا أبيعك خيرا منها بأقل، ونحو ذلك.

ص: 752

2032 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ).

[2057، 4848]

أخرجه مسلم في النكاح، باب: تحريم الخطبة على خطبة أخيه .. ، رقم:1412.

(بيع أخيه) هو بمعنى السوم الذي ذكر، أو يكون ذلك بعد العقد وفي زمن خيار المجلس أو خيار الشرط. والجمهور على أنه لا فرق في هذا بين المسلم والكافر.

ص: 752

2033 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ

⦗ص: 753⦘

مَا فِي إِنَائِهَا).

[2041، 2043، 2044، 2052، 2054، 2574، 2577]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: تحريم بيع حبل الحبلة، رقم:1515.

(حاضر) المقيم في البلد. (لباد) قادم من البادية أو القرى. وصورة البيع له: أن يقدم بسلعة ليبيعها بسعر يومها، فيقول له الحاضر: اتركها عندي لأبيعها لك على التدريج بثمن أغلى، وقيل: معناه: لا يصير له سمسارا في بيع أو شراء. (تناجشوا) من النجش، وهو أن يزيد في ثمن السلعة وهو لا يرغب في شرائها، وإنما ليخدع غيره ويغره. (خطبة أخيه) وصورته: أن يخطب رجل امرأة وتظهر الرضا، وتفقا على مهر ولم يبق إلا العقد، فيأتي آخر ويخطب ويزيد في المهر، أو غير ذلك من وسائل الإغراء. (لتكفأ ما في إنائها) لتقلب ما في إناء أختها في إنائها، والمعنى: لتستأثر بخير زوجها وحدها وتحرم غيرها نصيبها منه.

ص: 752

‌59 - بَاب: بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ.

وَقَالَ عَطَاءٌ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِبَيْعِ الْمَغَانِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ.

ص: 753

2034 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَاحْتَاجَ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي). فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِكَذَا وَكَذَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ.

[2117، 2273، 2284، 2397، 6338، 6548، 6763]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: الابتداء في النفقة بالنفس ثم بأهله. وفي الأيمان، باب: جواز بيع المدبر، رقم:997.

(عن دبر) أي قال له: أنت حر بعد موتي. (فدفعه إليه) أعطى مدبره ثمنه.

ص: 753

‌60 - بَاب: النَّجْشِ، وَمَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ.

[ر: 2530]

وَهُوَ خِدَاعٌ بَاطِلٌ لَا يَحِلُّ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(الْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ). (وَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ).

[ر: 2550]

(الناجش) فاعل النجش، انظر شرح:2033. (آكل .. ) كآكل الربا في كونه عاصيا مع علمه بالنهي عن فعله، وخيانته غشه وخداعه. (وهو) أي النجش. (الخديعة .. ) أي صاحب الخديعة في النار. (أمرنا) شرعنا الذي نحن عليه. (رد) مردود لا يقبل منه. وقوله: هو خداع الخ .. من كلام البخاري.

ص: 753

2035 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّجْشِ).

[6562]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: تحريم بيع الرجل على بيع أخيه .. ، رقم:1516.

ص: 753

‌61 - بَاب: بَيْعِ الْغَرَرِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ.

ص: 753

2036 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

⦗ص: 754⦘

رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا.

[2137، 3630]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: تحريم بيع الحبلة، رقم:1514.

(حبل الحبلة) أي أن يبيع شيئا، ويجعل أجل دفع الثمن: أن تلد الناقة ويكبر ولدها ويلد، أو المراد: بيع ما يلده حمل الناقة، وهو: إما بيع معدوم ومجهول، وإما بيع إلى أجل مجهول، وكل منهما ممنوع شرعا، لما فيه من الغرر، وما يؤدي إليه من المنازعة.

ص: 753

‌62 - بَاب: بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ.

وَقَالَ أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2093]

ص: 754

2037 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُنَابَذَةِ - وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إِلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ أَوْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ - وَنَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ. وَالْمُلَامَسَةُ لَمْسُ الثَّوْبِ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ.

[ر: 360]

ص: 754

2038 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

نُهِيَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ: أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَرْفَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ.

[ر: 361]

ص: 754

‌63 - بَاب: بَيْعِ الْمُنَابَذَةِ.

وَقَالَ أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2093]

ص: 754

2039 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.

[ر: 361]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: إبطال بيع الملامسة والمنابذة، رقم:1511.

ص: 754

2040 -

حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.

[ر: 360]

ص: 754

‌64 - بَاب: النَّهْيِ لِلْبَائِعِ أَنْ لَا يُحَفِّلَ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَكُلَّ مُحَفَّلَةٍ.

وَالْمُصَرَّاةُ: الَّتِي صُرِّيَ لَبَنُهَا وَحُقِنَ فِيهِ وَجُمِعَ، فَلَمْ يُحْلَبْ أَيَّامًا، وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ الْمَاءِ، يُقَالُ مِنْهُ: صَرَّيْتُ الْمَاءَ إِذَا حَبَسْتَهُ.

ص: 755

2041 -

حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعَ تَمْرٍ).

وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(صَاعَ تَمْرٍ). وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: (صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا). وَقَالَ بَعْضُهُمْ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ:(صَاعًا مِنْ تَمْرٍ). وَلَمْ يَذْكُرْ ثَلَاثًا. وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ.

[ر: 2033]

(بخير النظرين) يختار أنفع الرأيين له. (أمسك) ورضي بالبيع. (ثلاثا) ثلاثة أيام. (والتمر أكثر) هذا من كلام البخاري، والمعنى: أن التمر أكثر من الطعام، أو المراد: أن الروايات التي تذكر التمر أكثر عددا من التي لم يذكر فيها، أو ذكر فيها الطعام بدله.

ص: 755

2042 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:

مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّهَا فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُلَقَّى الْبُيُوعُ.

[2056]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: تحريم تلقي الجلب، رقم:1518.

(محفلة) ترك حلبها حتى اجتمع اللبن في ضرعها. (تلقي البيوع) استقبال أصحاب المبيعات والشراء منهم قبل أن يصلوا إلى الأسواق.

ص: 755

2043 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ).

[ر: 2033]

(لا تلقوا الركبان) لا تستقبلوا الذين يحملون الأمتعة إلى البلد وتشتروا منهم، قبل قدومهم عليها ومعرفتهم أسعارها. (سخطها) لم يرض بها على عيبها.

ص: 755

‌65 - بَاب: إِنْ شَاءَ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ وَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ.

ص: 756

2044 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ: أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ).

[ر: 2033]

(حلبتها) بدل ما حلب منها.

ص: 756

‌66 - بَاب: بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّانِي.

وَقَالَ شُرَيْحٌ: إِنْ شَاءَ رَدَّ مِنَ الزِّنَا.

(رد .. ) أي رد العبد أو الأمة المشتراة وفسخ البيع بسبب اطلاعه على زناها.

ص: 756

2045 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ).

[2119، 6448، وانظر: 2046]

أخرجه مسلم في الحدود، باب: رجم اليهود أهل الذمة في الزنا، رقم:1703.

(الأمة) المملوكة. (فتبين) ثبت بالبينة أو الإقرار أو الحمل. (يثرب) لا يوبخها ولا يقرعها ويلومها على الزنا بعد الجلد.

ص: 756

2046 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ؟. قَالَ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ). قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا أَدْرِي، بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ

[2118، 2417، 6447، وانظر: 2045]

أخرجه مسلم في الحدود، باب: رجم اليهود أهل الذمة في الزنا، رقم:1704.

(تحصن) تتزوج. (بضفير) حبل من شعر أو غيره، منسوج أو مفتول.

ص: 756

‌67 - بَاب: الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ النِّسَاءِ.

ص: 756

2047 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَالَتْ

⦗ص: 757⦘

عَائِشَةُ رضي الله عنها:

دَخَلَ عَلَيّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(اشْتَرِي وَأَعْتِقِي، فإن الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَشِيِّ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:(مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ).

[ر: 444]

(شرط الله) ما أحله الله تعالى وبينه. (أحق) أولى بالالتزام. (أوثق) أحكم وأقوى.

ص: 756

2048 -

حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها سَاوَمَتْ بَرِيرَةَ، فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ: إِنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يَبِيعُوهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا الْوَلَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). قُلْتُ لِنَافِعٍ: حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا؟. فَقَالَ: مَا يُدْرِينِي.

[2061، 2423، 6371، 6376، 6378]

(ساومت) من السوم وهو البحث في البيع والشراء. (فخرج) أي النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة. (الولاء) المعونة والنصرة، والمراد به هنا: التوارث بين المعتق والمعتق إذا لم يكن ورثة من القرابة، وكذلك تحمل الدية والمطالبة بالدم ونحوه.

ص: 757

‌68 - بَاب: هَلْ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَهَلْ يُعِينُهُ أَوْ يَنْصَحُهُ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْ لَهُ). وَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءٌ.

(فيه) أي بيع الحاضر للبادي، وهو أن يأتي رجل من خارج البلد بشيء يريد بيعه، فيقول له من في البلد: اتركه عندي لأبيعه لك بسعر أنفع لك.

ص: 757

2049 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ: سَمِعْتُ جَرِيرًا رضي الله عنه:

بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.

[ر: 57]

(والسمع والطاعة) للحاكم المسلم العادل، إذا لم يأمر بمعصية.

ص: 757

2050 -

حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ). قَالَ: فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ: (لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ).

⦗ص: 758⦘

قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا.

[2055، 2154، وانظر: 2051]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: تحريم بيع الحاضر للبادي، رقم:1521.

(لا تلقوا الركبان) لا تستقبلوا حملة البضائع وتشتروها منهم قبل وصولهم للأسواق. (سمسارا) دلالا، وهو في الأصل: القيم بالأمر والحافظ له، ثم استعمل في متولي البيع والشراء لغيره ويأخذ على ذلك أجرة.

ص: 757

‌69 - بَاب: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِأَجْرٍ.

ص: 758

2051 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبَّاحٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ.

[ر: 2050]

ص: 758

‌70 - بَاب: لَا يبيع حَاضِرٌ لِبَادٍ بِالسَّمْسَرَةِ.

وَكَرِهَهُ ابْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: بِعْ لِي ثَوْبًا، وَهِيَ تَعْنِي الشِّرَاءَ.

ص: 758

2052 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَبْتَاعُ الْمَرْءُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يبيع حَاضِرٌ لِبَادٍ).

[ر: 2033].

ص: 758

2053 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه:

نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ.

أخرجه مسلم في البيوع، باب: تحريم بيع الحاضر للبادي، رقم:1523.

ص: 758

‌71 - بَاب: النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ.

ص: 758

2054 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ.

[ر: 2033]

ص: 758

2055 -

حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (لَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ). فَقَالَ: لَا يَكُنْ لَهُ سِمْسَارًا.

[ر: 2050]

ص: 758

2056 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

مَنِ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا، قَالَ: وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَلَقِّي الْبُيُوعِ.

[ر: 2042]

ص: 759

2057 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إِلَى السُّوقِ).

[ر: 2032]

(لا تلقوا السلع) لا تستقبلوا جالبي المبيعات. (يهبط بها إلى السوق) يصل بها جالبها إلى سوق البلد.

ص: 759

‌72 - بَاب: مُنْتَهَى التَّلَقِّي.

ص: 759

2058 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ، فَنَشْتَرِي مِنْهُمُ الطَّعَامَ، فَنَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى يُبْلَغَ بِهِ سُوقُ الطَّعَامِ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: هَذَا فِي أَعْلَى السُّوقِ، يُبَيِّنُهُ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ.

ص: 759

2059 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

كَانُوا يَبْتَاعُونَ الطَّعَامَ فِي أَعْلَى السُّوقِ، فَيَبِيعُونَهُ فِي مكانهم، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِ حَتَّى يَنْقُلُوهُ.

[ر: 2017].

ص: 759

‌73 - بَاب: إِذَا اشْتَرَطَ شُرُوطًا فِي الْبَيْعِ لَا تَحِلُّ.

ص: 759

2060 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أوقية، فَأَعِينِينِي، فَقُلْتُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ،

⦗ص: 760⦘

مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).

[ر: 444]

ص: 759

2061 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ: أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً فَتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا: نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).

[ر: 2048]

ص: 760

‌74 - بَاب: بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ.

ص: 760

2062 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ: سَمِعَ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ).

[ر: 2027]

ص: 760

‌75 - بَاب: بَيْعِ الزَّبِيبِ بِالزَّبِيبِ وَالطَّعَامِ بِالطَّعَامِ.

ص: 760

2063 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ.

وَالْمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْكَرْمِ كَيْلًا.

أخرجه مسلم في البيوع، باب: تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، رقم:1542.

(الثمر) الرطب على النخيل. (الكرم) شجر العنب، والمراد العنب نفسه.

ص: 760

2064 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ.

قَالَ: وَالْمُزَابَنَةُ: أَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَ بِكَيْلٍ: إِنْ زَادَ فَلِي وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيَّ.

قَالَ: وَحَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا.

[2072، 2073، 2076، 2080، 2091، 2251، وانظر: 1415]

(رخص) أذن وأباح، من الرخصة وهي التسهيل في الأمر والتيسير، وشرعا: ما شرع من الأحكام استثناء من منع عام، لعذر يشق معه الإتيان بالحكم المشروع أولا. (العرايا) جمع عرية، وهي: أن يبيع الرطب أو العنب على الشجر، بخرصه من التمر أو الزبيب، على أن يكون ذلك خمسة أوسق فما دون. (بخرصها) بما يحزر من مقدارها.

ص: 760

‌76 - بَاب: بَيْعِ الشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ.

ص: 761

2065 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ:

أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي، فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ: حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ، وَعُمَرُ يَسْمَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ).

[ر: 2027]

ص: 761

‌77 - بَاب: بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ.

ص: 761

2066 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرَةَ رضي الله عنه:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَالْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ، وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ، كَيْفَ شِئْتُمْ).

[2071]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: النهي عن بيع الوررق بالذهب دينا، رقم:1590.

(سواء بسواء) متساويتن في الوزن. (كيف شئتم) متساويا أو متفاضلا.

ص: 761

‌78 - بَاب: بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ.

ص: 761

2067 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا عَمِّي: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ مِثْلَ ذَلِكَ حَدِيثًا عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فِي الصَّرْفِ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مِثْلًا بِمِثْلٍ).

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: الربا، رقم:1584.

(حدثه مثل ذلك حديثا) أي مثل حديث أبي بكرة رضي الله عنه السابق في وجوب التساوي بين البدلين. (الصرف) بيع النقد بالنقد. (مثلا بمثل) متماثلين ومتساويين في الوزن. (الورق) الفضة.

ص: 761

2068 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

⦗ص: 762⦘

رضي الله عنه:

أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ).

[2069]

(تشفوا) من الإشفاف وهو التفضيل. (غائبا) مؤجلا. (بناجز) بحاضر.

ص: 761

‌79 - بَاب: بَيْعِ الدِّينَارِ بِالدِّينَارِ نَسَاءً.

ص: 762

2069 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَنَّ أَبَا صَالِحٍ الزَّيَّاتَ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ:

الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُهُ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَأَلْتُهُ، فَقُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟. قَالَ: كُلَّ ذَلِكَ لَا أَقُولُ، وَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنِّي، ولكنني أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ).

[ر: 2067]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: بيع الطعام مثلا بمثل، رقم:1596.

(الدينار بالدينار) يباع به متساويا. (لا يقوله) لا يشترط المساواة في ذلك. (كل ذلك لا أقول) أي لم يكن السماع ولا الوجدان. (النسيئة) التأخير، وهو أن يكون أحد البدلين حاضرا والآخر مؤجلا.

ص: 762

‌80 - بَاب: بَيْعِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسِيئَةً.

ص: 762

2070 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ قَالَ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنهم، عَنِ الصَّرْفِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: هَذَا خَيْرٌ مِنِّي، فَكِلَاهُمَا يَقُولُ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْنًا.

[ر: 1955]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: النهي عن بيع الورق بالذهب دينا، رقم:1589.

(بالورق) بالفضة. (دينا) أي أحدهما غير حاضر في المجلس.

ص: 762

‌81 - بَاب: بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ يَدًا بِيَدٍ.

ص: 762

2071 -

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ. وَأَمَرَنَا أَنْ نَبْتَاعَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْنَا،

⦗ص: 763⦘

وَالْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْنَا.

[ر: 2066]

ص: 762

‌82 - بَاب: بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ، وَهِيَ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْكَرْمِ، وَبَيْعُ الْعَرَايَا.

قَالَ أَنَسٌ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ.

[ر: 2093]

ص: 763

2072 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَلَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ).

قَالَ سَالِمٌ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ بِالرُّطَبِ أَوْ بِالتَّمْرِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ

فِي غَيْرِهِ.

أخرجه مسلم في البيوع، باب: تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، رقم:1539.

(يبدو صلاحه) يظهر نضجه، فيحمر أو يصفر - على حسبه - ويؤكل منه.

ص: 763

2073 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ.

وَالْمُزَابَنَةُ: اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا.

[ر: 1415، 2063]

ص: 763

2074 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ: اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رؤوس النَّخْلِ.

أخرجه مسلم في البيوع، باب: كراء الأرض، رقم:1546.

(المحاقلة) مفاعلة من الحقل وهو الزرع، والمراد: بيع الحنطة في سنبلها بحنطة صافية.

ص: 763

2075 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ.

ص: 763

2076 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهم:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا.

[ر: 2063]

ص: 763

‌83 - بَاب: بَيْعِ الثَّمَرِ عَلَى رؤوس النَّخْلِ بِالذَّهَبِ والْفِضَّةِ.

ص: 764

2077 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وأبي الزبير، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ، وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إِلَّا الْعَرَايَا.

[ر: 1416]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها .. ، وباب: النهي عن المحاقلة والمزابنة .. ، رقم:1536.

(يطيب) أكله ببدو صلاحه. (العرايا) انظر الحديث: 2064 والباب: 84

ص: 764

2078 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا، وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ: أَحَدَّثَكَ دَاوُدُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ؟. قَالَ: نَعَمْ.

[2253]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، رقم:1541.

(أوسق) جمع وسق وهو في الأصل الحمل، والمراد وعاء معين يسع ستين صاعا.

ص: 764

2079 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ بُشَيْرًا قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَرَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا، يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا.

وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً أُخْرَى: إِلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ يَبِيعُهَا أَهْلُهَا بِخَرْصِهَا يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا، قَالَ: هُوَ سَوَاءٌ، قَالَ سُفْيَانُ: فَقُلْتُ لِيَحْيَى وَأَنَا غُلَامٌ: إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا، فَقَالَ: وَمَا يُدْرِي أَهْلَ مَكَّةَ؟. قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَرْوُونَهُ عَنْ جَابِرٍ، فَسَكَتَ. قَالَ سُفْيَانُ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ جَابِرًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قِيلَ لِسُفْيَانَ: وَلَيْسَ فِيهِ: نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ؟. قَالَ: لَا.

[2254، وانظر: 1416]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، رقم:1540.

ص: 764

‌84 - بَاب: تَفْسِيرِ الْعَرَايَا.

وَقَالَ مَالِكٌ: الْعَرِيَّةُ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ، ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ، فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ.

وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: الْعَرِيَّةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْكَيْلِ مِنَ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ، لَا يَكُونُ بِالْجِزَافِ.

⦗ص: 765⦘

وَمِمَّا يُقَوِّيهِ قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: بِالْأَوْسُقِ الْمُوَسَّقَةِ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: كَانَتِ الْعَرَايَا أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ فِي مَالِهِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ.

وَقَالَ يَزِيدُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ: الْعَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا، رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شاؤوا مِنَ التَّمْرِ.

(يعري) من الإعراء وهو الإعطاء. (بالجزاف) بدون كيل أو وزن. (بالأوسق) جمع وسق وهو حمل بعير، والموسقة تأكيد لها، كقول الناس: الآلاف المؤلفة.

ص: 764

2080 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهم:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلًا.

قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَالْعَرَايَا نَخَلَاتٌ مَعْلُومَاتٌ تَأْتِيهَا فَتَشْتَرِيهَا.

[ر: 2063]

ص: 765

‌85 - بَاب: بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا.

ص: 765

2081 -

وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ، مِنْ بَنِي حَارِثَةَ: أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ، فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ تَقَاضِيهِمْ، قَالَ الْمُبْتَاعُ: إِنَّهُ أَصَابَ الثَّمَرَ الدُّمَانُ، أَصَابَهُ مُرَاضٌ، أَصَابَهُ قُشَامٌ، عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ:(فَإِمَّا لَا، فَلَا تَتَبَايَعُوا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُ الثَّمَرِ). كَالْمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ.

وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَمْ يَكُنْ يَبِيعُ ثِمَارَ

أَرْضِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا، فَيَتَبَيَّنَ الْأَصْفَرُ مِنَ الْأَحْمَرِ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ: حَدَّثَنَا عنبسة، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ

⦗ص: 766⦘

أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ زَيْدٍ.

(جد الناس) قطعوا تمر النخيل. (تقاضيهم) طلب ديونهم. (الدمان) فساد الطلع وتعفنه، فيخرج قبل الثمرة أسود. (مراض) اسم لجميع الأمراض. (قشام) مرض يصيب ثمر النخيل فلا يصير رطبا. (عاهات) جمع عاهة وهي الآفة والمرض. (فإما لا) فإن لا تتركوا هذه المبايعة. (كالمشورة) يشير عليهم بذلك. (تطلع الثريا) اسم علم لنجم مخصوص، والمعنى: حتى تطلع مع الفجر، ويكون ذلك في أول فصل الصيف، وعندها تكون الثمار قد نضجت.

ص: 765

2082 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ.

[ر: 1415]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها، رقم:1534.

ص: 766

2083 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَةُ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: يَعْنِي حَتَّى تَحْمَرَّ.

[ر: 1417]

ص: 766

2084 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشَقِّحَ. فَقِيلَ: ما تُشَقِّحُ؟. قَالَ تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا.

[ر: 1416]

ص: 766

‌86 - بَاب: بَيْعِ النَّخْلِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا.

ص: 766

2085 -

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْهَيْثَمِ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَعَنِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ. قِيلَ: وَمَا يَزْهُو؟. قَالَ: يَحْمَارُّ أَوْ يَصْفَارُّ.

[ر: 1417]

ص: 766

‌87 - بَاب: إِذَا بَاعَ الثِّمَارَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا ثُمَّ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ.

ص: 766

2086 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا تُزْهِي؟. قَالَ: حَتَّى تَحْمَرَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ).

[ر: 1417]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: وضع الحوائج، رقم:1555.

(منع الله الثمرة) بأن تلفت بآفة من الآفات. (بم يأخذ .. ) يستحل، أي إذا تلفت الثمرة لا يبقى للمشتري في مقابلة ما بذله شيء، فيأخذه البائع بدون بدل بذله.

ص: 766

2087 -

قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ ثَمَرًا قَبْلَ

⦗ص: 767⦘

أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، ثُمَّ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ، كَانَ مَا أَصَابَهُ عَلَى رَبِّهِ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَتَبَايَعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَلَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ).

[ر: 1415]

(على ربه) على صاحبه الذي باعه.

ص: 766

‌88 - بَاب: شِرَاءِ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ.

ص: 767

2088 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: ذَكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَفِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ. ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، فَرَهَنَهُ دِرْعَهُ.

[ر: 1962]

ص: 767

‌89 - بَاب: إِذَا أَرَادَ بَيْعَ تَمْرٍ بِتَمْرٍ خَيْرٍ مِنْهُ.

ص: 767

2089 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا). قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(لَا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا).

[2180، 4001، 6918]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: بيع الطعام مثلا بمثل، رقم:1593.

(رجلا) قيل: هو سواد بن غزية، وقيل: مالك بن صعصعة رضي الله عنهما. (جنيب) نوع جيد من أنواع التمر. (الجمع) الرديء، أو الخليط من التمر

ص: 767

‌90 - بَاب: مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ، أَوْ أَرْضًا مَزْرُوعَةً، أَوْ بِإِجَارَةٍ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وقال لِي إِبْرَاهِيمُ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُخْبِرُ عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا نَخْلٍ بِيعَتْ، قَدْ أُبِّرَتْ لَمْ يُذْكَرِ الثَّمَرُ، فَالثَّمَرُ لِلَّذِي أَبَّرَهَا، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْحَرْثُ، سَمَّى لَهُ نَافِعٌ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَ.

(أبرت) من التأبير، وهو التلقيح. (لم يذكر الثمر) في العقد، لمن يكون. (وكذلك العبد) أي إذا بيعت الأم المملوكة: فإن كان لها ولد رقيق منفصل عنها فهو للبائع، وإن كان جنينا فهو للمشتري. (الحرث) الزرع، فهو للبائع إذا باع الأرض المزروعة ولم يذكر الزرع في العقد.

ص: 767

2090 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ).

[2092، 2250، 2567]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: من باع نخلا عليها تمر، رقم:1543.

(يشترط المبتاع) أي يشترط المشتري في العقد أن الثمرة له.

ص: 768

‌91 - بَاب: بَيْعِ الزَّرْعِ بِالطَّعَامِ كَيْلًا.

ص: 768

2091 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُزَابَنَةِ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلًا بِتَمْرٍ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلًا، أو كَانَ زَرْعًا، أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.

[ر: 2063]

ص: 768

‌92 - بَاب: بَيْعِ النَّخْلِ بِأَصْلِهِ.

ص: 768

2092 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَيُّمَا امْرِئٍ أَبَّرَ نَخْلًا ثُمَّ بَاعَ أَصْلَهَا، فَلِلَّذِي أَبَّرَ ثَمَرُ النَّخْلِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ).

[ر: 2090]

ص: 768

‌93 - بَاب: بَيْعِ الْمُخَاضَرَةِ.

ص: 768

2093 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُخَاضَرَةِ، وَالْمُلَامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ.

(المحاقلة) بيع الحنطة في سنبلها بحنطة صافية. (المخاضرة) بيع الثمار والحبوب وهي خضر قبل أن يبدو نضجها. (الملامسة) من اللمس وهي: أن يبيعه شيئا على أنه متى لمسه فقد تم البيع. (المنابذة) من النبذ وهو الإلقاء، وهي: أن يجعل إلقاء السلعة إيجابا للبيع أو إبراما له. (المزابنة) بيع التمر اليابس بالرطب، وبيع الزبيب بالعنب كيلا.

ص: 768

2094 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ التَّمْرِ حَتَّى يَزْهُوَ. فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: مَا زَهْوُهَا؟. قَالَ: تَحْمَرُّ وَتَصْفَرُّ، أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ.

[ر: 1417]

ص: 768

‌94 - بَاب: بَيْعِ الْجُمَّارِ وَأَكْلِهِ.

ص: 768

2095 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ

⦗ص: 769⦘

مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا، فَقَالَ:(مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ كَالرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ). فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَحْدَثُهُمْ، قَالَ:(هِيَ النَّخْلَةُ).

[ر: 61]

ص: 768

‌95 - بَاب: مَنْ أَجْرَى أَمْرَ الْأَمْصَارِ عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ: فِي الْبُيُوعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمِكْيَالِ وَالْوَزْنِ، وسنتهم عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمُ الْمَشْهُورَةِ.

وَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْغَزَّالِينَ: سُنَّتُكُمْ بَيْنَكُمْ رِبْحًا، وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ: لَا بَأْسَ، الْعَشَرَةُ بِأَحَدَ عَشَرَ، وَيَأْخُذُ لِلنَّفَقَةِ رِبْحًا.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ: (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ)

[ر: 2097].

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} . /النساء: 6/.

وَاكْتَرَى الْحَسَنُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِرْدَاسٍ حِمَارًا، فَقَالَ: بِكَمْ؟. قَالَ: بِدَانَقَيْنِ، فَرَكِبَهُ ثُمَّ جَاءَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: الْحِمَارَ الْحِمَارَ، فَرَكِبَهُ وَلَمْ يُشَارِطْهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ.

(وسننتهم .. ) طريقتهم الثابتة على حسب مقاصدهم وعاداتهم المشهورة لديهم، والمراد: إثبات الاعتماد على العرف والعادة. (سنتكم) أي عادتكم وطريقتكم بينكم معتبرة. وكلمة (ربحا) هنا قيل: لا معنى لها وإنما محلها آخر الأثر الذي بعده، قال العيني: هكذا وقع في بعض النسخ، ولكنه غير صحيح، لأن هذه اللفظة هنا لا فائدة لها، ولا معنى يطابق الأثر. (لا بأس .. ) أي أن يبيع ما اشتراه بمائة دينار مثلا، بربح دينار لكل عشرة، فلا بأس بذلك إن جرى به عرف، ويحسب النفقة أيضا كأجرة الحمل وغيره، ويأخذ ربحا عليها واحدا عن كل عشرة. (ومن كان فقيرا .. ) المعنى: لا مانع من أن يأكل ولي اليتيم من ماله، بقدر أجرة عمله عرفا، إن كان فقيرا. (بدانقين) مثنى دانق، وهو سدس الدرهم، والمراد: أنه ركبه في المرة الثانية اعتمادا على الأجرة السابقة والشرط المتقدم للعرف بذلك، وزاد دانقا على سبيل الفضل والكرم.

ص: 769

2096 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

حَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو طَيْبَةَ، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ.

[ر: 1996]

ص: 769

2097 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

قَالَت هِنْدٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ

⦗ص: 770⦘

أَنْ آخُذَ مَالِهِ سِرًّا؟. قَالَ: (خُذِي أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ).

[2328، 3613، 5044، 5049، 5055، 6265، 6742، 6758]

(شحيح) بخيل مع الحرص. (جناح) إثم. (سرا) أي دون علمه وإذنه. (بالمعروف) حسب عادة الناس في نفقة أمثالك وأمثال أولادك.

ص: 769

2098 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ. وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ فَرْقَدٍ قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} . أُنْزِلَتْ فِي وَالِي الْيَتِيمِ الَّذِي يُقِيمُ عَلَيْهِ وَيُصْلِحُ فِي مَالِهِ، إِنْ كَانَ فَقِيرًا أَكَلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ.

[2614، 4299]

أخرجه مسلم في أوائل كتاب التفسير، رقم:3019.

(من كان غنيا .. ) أي إذا كان ولي اليتيم لديه ما يستغني به عن الأخذ من مال اليتيم، فلا يأخذ منه شيئا أجرة على قيامه بشؤونه. (بالمعروف) بقدر أجرة أمثاله.

ص: 770

‌96 - بَاب: بَيْعِ الشَّرِيكِ مِنْ شَرِيكِهِ.

ص: 770

2099 -

حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه:

جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ.

[2100، 2101، 2138، 2363، 2364، 6575]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: الشفعة، رقم:1608.

(الشفعة) من شفعت الشيء إذا ضممته إلى غيره، سميت بذلك لما فيها من ضم نصيب إلى نصيب، وهي أن يبيع أحد الشركاء في دار أو أرض نصيبه لغير الشركاء، فللشركاء أخذ هذا النصيب بمقدار ما باعه. (وقعت الحدود) صارت مقسومة وحددت الأقسام. (صرفت الطرق) ميزت وبينت.

ص: 770

‌97 - بَاب: بَيْعِ الْأَرْضِ وَالدُّورِ وَالْعُرُوضِ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ.

ص: 770

2100 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ.

ص: 770

2101 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: بِهَذَا، وَقَالَ: فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ.

تَابَعَهُ هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: فِي كُلِّ مَالٍ. رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

[ر: 2099]

ص: 770

‌98 - بَاب: إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضِيَ.

ص: 771

2102 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَرَجَ ثَلَاثَة يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ الْمَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ.

فَقَالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنِّي كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِيءُ فَأَحْلُبُ فَأَجِيءُ بِالْحِلَابِ، فَآتِي بِهِ أَبَوَيَّ فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِي الصِّبْيَةَ وَأَهْلِي وَامْرَأَتِي، فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً، فَجِئْتُ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ، قَالَ: فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمَا، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، قَالَ: فَفُرِجَ عَنْهُمْ.

وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ: لَا تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتِ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ: فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ.

وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَإِنَّهَا لَكَ، فَقَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي؟ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا، فَكُشِفَ عَنْهُمْ).

[2152، 2208، 3278، 5629]

أخرجه مسلم في الذكر والدعاء .. ، باب: قصة أصحاب الغار الثلاثة .. ، رقم:2743.

(ثلاثة) من الناس من الأمم السابقة. (الحلاب) الإناء الذي يحلب فيه، أو اللبن المحلوب. (أهلي) أقربائي كأختي وأخي وغيرهما. (فاحتبست) تأخرت بسبب أمر عرض لي. (يتضاغون) يصيحون، من الضغاء. (دأبي) عادتي وشأني. (إبتغاء وجهك) طلبا لمرضاتك. (فرجة) الفتحة بين الشيءين. (لا تنال ذلك منها) لا تحصل على مرادك. (لا تفض الخاتم إلا بحقه) لا تزل البكارة إلا بحلال وهو النكاح. (بفرق) مكيال يسع ثلاثة أصع.

ص: 771

‌99 - بَاب: الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ.

ص: 772

2103 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً؟ أَوْ قَالَ: أَمْ هِبَةً). قَالَ: لَا، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً.

[2475، 5067]

(مشعان) طويل جدا فوق الطول المألوف في الرجال.

ص: 772

‌100 - بَاب: شِرَاءِ الْمَمْلُوكِ مِنَ الْحَرْبِيِّ وَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِسَلْمَانَ: (كَاتِبْ). وَكَانَ حُرًّا، فَظَلَمُوهُ وَبَاعُوهُ، وَسُبِيَ عَمَّارٌ وَصُهَيْبٌ وَبِلَالٌ.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} . /النحل: 71/.

(كاتب) من المكاتبة، وهي: أن يتعاقد العبد مع سيده على قدر من المال، إذا أداه له أصبح حرا. (سبي) أخذ من أهله وعشيرته وبيع على أنه مملوك. (في الرزق) فمنكم غني وفقير وسيد ومملوك. (برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم) بجاعلي ما رزقناهم من الأموال وغيرها شركة بينهم وبين مماليكهم. (سواء) مشتركون. ومعنى الآية: أنهم لا يرضون من مماليكهم أن يشاركوهم في أموالهم، فكيف يجعلون بعض مماليك الله تعالى شركاء له. (يجحدون) يكفرون وينكرون.

ص: 772

2104 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِسَارَةَ، فَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ، أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بِامْرَأَةٍ هِيَ مِنْ أَحْسَنِ النِّسَاءِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ مَنْ هَذِهِ الَّتِي مَعَكَ؟. قَالَ: أُخْتِي، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ: لَا تُكَذِّبِي حَدِيثِي، فَإِنِّي أَخْبَرْتُهُمْ أَنَّكِ أُخْتِي، وَاللَّهِ إِنْ عَلَى الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَّا عَلَى زَوْجِي فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ).

⦗ص: 773⦘

قَالَ الْأَعْرَجُ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: (قَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَالُ هِيَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأُ تُصَلِّي وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَّا عَلَى زَوْجِي، فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ هَذَا الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ).

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ فَيُقَالُ هِيَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ إِلَّا شَيْطَانًا، ارْجِعُوهَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَأَعْطُوهَا آجَرَ، فَرَجَعَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، فَقَالَتْ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الْكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً).

[2492، 3179، 4796، 6550]

(هاجر) سافر بها. (جبار) ملك ظالم باغ. (لا تكذبي حديثي) لا تقولي خلاف ما قلت. (أختي) ولم يقل له زوجتي، لأنه ربما حمله ذلك على قتله لتخلص له. (إن على الأرض) ليس على الأرض. (فأرسل بها إليه) أي وهو مطمئن إلى أن الله سيحميها منه. (أحصنت فرجي) حفظته. (فغط) ضاق نفسه وكاد يختنق حتى سمع له غطيط، وهو تردد النفس صاعدا إلى الحلق حتى يسمعه من حوله. (ركض برجله) حركها وضربها على الأرض. (شيطانا) متمردا من الجن. (آجر) هي هاجر أم إسماعيل عليه السلام. (كبت الكافر) أذله وأخزاه ورده خاسئا. (أخدم وليدة) أعطى أمة للخدمة، والوليدة الجارية للخدمة كبيرة كانت أم صغيرة.

ص: 772

2105 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلَامٍ، فَقَالَ سَعْدٌ: هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: هَذَا أَخِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى شَبَهِهِ، فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَالَ:(هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ). فَلَمْ تَرَهُ سَوْدَةُ قَطُّ.

[ر: 1948]

ص: 773

2106 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ:

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه لِصُهَيْبٍ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَدَّعِ إِلَى غَيْرِ أَبِيكَ. فَقَالَ صُهَيْبٌ: مَا يَسُرُّنِي أَنّ لِي كَذَا وَكَذَا، وَأَنِّي قُلْتُ ذَلِكَ، وَلَكِنِّي سُرِقْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ.

(لا تدع إلى غير أبيك) قال له ذلك لأنه كان يقول: إنه ابن سنان بن مالك، وينتهي نسبه إلى النمر بن قاسط، وهو عجمي اللسان. (ما يسرني .. ) أي لا أرضى أن أدعي إلى غير أبي ولو أعطيت الكثير. (سرقت وأنا صبي) بعد أن عرفت مولدي وأهلي، وباعني الذين سرقوني إلى الروم فأخذت بسانهم.

ص: 773

2107 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:

⦗ص: 774⦘

أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ، أَوْ أَتَحَنَّثُ بِهَا، فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مِنْ صِلَةٍ وَعَتَاقَةٍ وَصَدَقَةٍ، هَلْ لِي فِيهَا أَجْرٌ؟. قَالَ: حَكِيمٌ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ).

[ر: 1369]

ص: 773

‌101 - بَاب: جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ.

ص: 774

2108 -

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ، فَقَالَ:(هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا). قَالُوا: إِنَّهَا مَيِّتَةٌ. قَالَ: (إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا).

[ر: 1421]

ص: 774

‌102 - بَاب: قَتْلِ الْخِنْزِيرِ.

وَقَالَ جَابِرٌ: حَرَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْعَ الْخِنْزِيرِ

[ر: 2121].

ص: 774

2109 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ).

[2344، 3264]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: نزول عيسى ابن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، رقم:155.

(ليوشكن) ليقربن وليسرعن. (مقسطا) عادلا. (يضع الجزية) يرفعها، ولا يقبل من الناس إلا الإسلام، وإلا قتلهم. (يفيض) يكثر ويستغني كل واحد من الناس بما في يده.

ص: 774

‌103 - بَاب: لَا يُذَابُ شَحْمُ الْمَيْتَةِ وَلَا يُبَاعُ وَدَكُهُ.

رَوَاهُ جَابِرٌ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

[ر: 2121].

ص: 774

2110 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ خَمْرًا، فَقَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ

⦗ص: 775⦘

فُلَانًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا).

[3273]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، رقم:1582.

(فلانا) هو سمرة رضي الله عنه. (باع خمرا) أي بعدما تخللت. (فجملوها) أذابوها.

ص: 774

2111 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا).

قال أبو عبد الله: {قاتلهم الله} /التوبة: 30/. لعنهم. {قتل} : لعن. {الخراصون} . /الذاريات: 10/: الكذابون.

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، رقم:1583.

ص: 775

‌104 - بَاب: بَيْعِ التَّصَاوِيرِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رُوحٌ، وَمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ.

ص: 775

2112 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ:

كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، إِنِّي إِنْسَانٌ، إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا). فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: سَمِعَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ مِنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ هَذَا الْوَاحِدَ.

[5618]

أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان .. ، رقم:2110.

(صنعة يدي) عمل يدي. (وليس بنافخ) لا يستطيع النفخ أبدا فيستمر عليه العذاب. (ربا) علا نفسه وضاق صدره، أو ذعر وامتلأ خوفا. (ويحك) كلمة ترحم. (هذا الواحد) أي لم يسمع إلا هذا هذا الحديث الواحد.

ص: 775

‌105 - بَاب: تَحْرِيمِ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ.

وَقَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: حَرَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْعَ الْخَمْرِ

[ر: 2121].

ص: 775

2113 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ،

⦗ص: 776⦘

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

لَمَّا نَزَلَتْ آيَاتُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَنْ آخِرِهَا، خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ فَقَالَ: (حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ فِي الْخَمْرِ).

[ر: 447]

ص: 775

‌106 - بَاب: إِثْمِ مَنْ بَاعَ حُرًّا.

ص: 776

2114 -

حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (قَالَ اللَّهُ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ).

[2150]

(أعطى بي) عاهد باسمي وحلف. (غدر) نقض العهد ولم يف به، أو لم يبر بقسمه. (باع حرا) وهو يعلم أنه حر. (فاستوفى منه) العمل الذي استأجره من أجله.

ص: 776

‌107 - بَاب: بَيْعِ الْعَبِيدِ وَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً.

وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ يَكُونُ الْبَعِيرُ خَيْرًا مِنَ الْبَعِيرَيْنِ.

وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا، وَقَالَ: آتِيكَ بِالْآخَرِ غَدًا رَهْوًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ: الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ وَالشَّاةُ بِالشَّاتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا بَأْسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً.

(راحلة) ما أمكن ركوبه من الإبل ذكرا أم أنثى. (أبعرة) جمع بعير، واحد الإبل ذكرا أم أنثى. (مضمونة عليه) في ضمان البائع إذا هلكت. (يوفيها) يسلمها. (الربذة) قرية معروفة قرب المدينة. (رهوا) هو في الأصل السير السهل، والمراد به هنا: آتيك به بلا شدة ولا مماطلة. (نسيئة) إلى أجل.

ص: 776

2115 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ، فَصَارَتْ إِلَى دَحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 364]

ص: 776

‌108 - بَاب: بَيْعِ الرَّقِيقِ.

ص: 776

2116 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ مُحَيْرِيزٍ:

⦗ص: 777⦘

أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ:

أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا، فَنُحِبُّ الْأَثْمَانَ، فَكَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ؟ فَقَالَ:(أَوَ إِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكُمْ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَّا هِيَ خَارِجَةٌ).

[2404، 3907، 4912، 6229، 6974]

(نصيب سبيا) نجامع الإماء المسبية، وهن النساء اللواتي أخذن أسرى من العدو، وضرب عليهم إمام المسلمين الرق، ووزعهم على الغانمين. (فنحب الأثمان) نرغب بيعهن وأخذ أثنانهن، فنعزل الذكر عن الفرج وقت الإنزال حتى لا ينزل فيه المني، دفعا لحصول الولد المانع من بيع الأمهات. (فكيف ترى في العزل) ماذا تحكم فيه. (لا عليكم أن لا تفعلوا) لا ضرر عليكم في تركه، والعزل جائز بشروطه، ولعل من أهمها: أن لا يكون الباعث عليه الفرار من المسؤولية وعناء التربية وخوف النفقة، لأن هذا يتعارض مع روح الدين الإسلامي القائل:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم} /الإسراء: 31/. (إملاق) فقر. ويؤكد هذا ما جاء في الحديث: من أن ما قدره الله تعالى كائن لا محالة. ويدخل في معنى العزل استعمال موانع الحمل، وهي بادرة ذات خطر كبير إذا اتسعت وانتشرت في العالم الإسلامي، لأن نتيجتها تقليل النسل، وضعف الأمة واضمحلالها أمام أعداء الأمة المتكاثرة في أعدادها. وأخطر من ذلك دعوة تحديد النسل التي لا تعدو أن تكون فكرة هدامة في شكلها ومضمونها، تهدف إلى القضاء على الأمة من أيسر السبل. (نسمة) كل ذات روح. (كتب) قدر. (خارجة) إلى الوجود والحياة.

ص: 776

‌109 - بَاب: بَيْعِ الْمُدَبَّرِ.

ص: 777

2117 -

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

بَاعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُدَبَّرَ.

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: بَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2034]

ص: 777

2118 -

حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَ ابْنُ شِهَابٍ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما أَخْبَرَاهُ:

أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ عَنِ الْأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ، قَالَ:(اجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا). بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ.

[ر: 2046]

ص: 777

2119 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا

⦗ص: 778⦘

فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ).

[ر: 2045]

ص: 777

‌110 - بَاب: هَلْ يُسَافِرُ بِالْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا.

وَلَمْ يَر الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُقَبِّلَهَا أَوْ يُبَاشِرَهَا.

وَقَال ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِذَا وُهِبَتِ الْوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ، أَوْ بِيعَتْ، أَوْ عَتَقَتْ فَلْيُسْتَبْرَأْ رَحِمُهَا بِحَيْضَةٍ، وَلَا تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ.

وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الْحَامِلِ مَا دُونَ الْفَرْجِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} . /: المؤمنون: 6/.

(بالجارية) المرأة المملوكة، وهي الأمة. (يباشرها) يمس بشرتها

ببشرته دون الوطء في الفرج. (الوليدة) الأمة. (التي توطأ) أي التي كان يطؤها من كانت في ملكه أو على عصمته. والاستبراء: طلب براءة الرحم من الحمل، فتترك الأمة بعد تملكها حتى تحيض وتطهر قبل أن توطأ. (ولا تستبرء العذراء) وهي البكر، لأنه لا شك في براءة رحمها إذ لم توطأ من قبل. (لا بأس .. ) أي إذا كانت الأمة حاملا من غير سيدها، فلسيدها أن يستمتع بها دون الوطء، لأن رحمها مشغول بما غيره، أما الحامل منه فله أن يطأها إذ لا مانع منه. (إلا على .. ) المعنى: أنهم يصونون فروجهم إلا من أزواجهم وإمائهم، وهذا دليل جواز الاستمتاع بالأمة بجميع الوجوه، لكن خرج الوطء للحامل من غيره بدليل، فيبقى غيره على الأصل، على رأي عطاء. والجمهور: على أن الأمة المزوجة ليس لسيدها منها إلا الخدمة، بل لا يجوز أن يرى منها ما بين سرتها وركبتها، فضلا عن الاستمتاع بها.

ص: 778

2120 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ، ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ). فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ

⦗ص: 779⦘

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ. ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ.

[ر: 364]

(عروسا) اسم للمرأة إذا دخل زوجها بها، وكذلك يقال للرجل عروس. (فاصطفاها) أخذها صفيا، والصفي سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المغنم، كان يأخذه من الأصل قبل قسمة الغنائم، جارية كان أم غيرها. (سد الروحاء) موضع قريب من المدينة. (حلت) طهرت من حيضتها. (فبنى بها) دخل بها، والبناء الدخول بالزوجة، والأصل فيه: أن الرجل كان إذا تزوج بإمرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها، فيقال: بنى الرجل على أهله. (حيسا) خليطا من التمر والأقط والسمن، ويقال: من التمر والسويق، أو التمر والسمن. (نطع) جلود مدبوغة، يجمع بعضها إلى بعض وتفرش. (آذن من حولك) أعلمهم ليحضروا وليمة العرس. (يحوي) يدير كساء فوق سنام البعير ثم يركبه. (بعباءة) نوع من الأكسية.

ص: 778

‌111 - بَاب: بَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالْأَصْنَامِ.

ص: 779

2121 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ:(إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ). فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ:(لَا، هُوَ حَرَامٌ). ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: (قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ).

قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ: كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ: سَمِعْتُ جَابِرًا رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[4045، 4357]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، رقم:1581.

(يطلى) يدهن. (يستصبح بها الناس) يجعلونها في مصابيحهم يستضيئون بها. (شحومها) شحوم الميتة، أو شحوم البقر والغنم، كما أخبر تعالى بقوله:{ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما} . /الأنعام: 146/. (جملوه) أذابوه واستخرجوا دهنه.

ص: 779

‌112 - بَاب: ثَمَنِ الْكَلْبِ.

ص: 779

2122 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه:

أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.

[2162، 5031، 5428]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن .. ، رقم:1567.

(ثمن الكلب) بيعه وأخذ ثمنه. (مهر البغي) ما تأخذه الزانية على زناها، وقد كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنا والاكتساب به، فأنكر الإسلام ذلك ونهى عنه، قال الله تعالى:{ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} . /النور: 33/. فتياتكم: إمائكم. تحصنا: تعففا. (حلوان الكاهن) ما يعكى الكاهن أجرته على كهانته، وأصل الحلوان في اللغة العطية، والكاهن هو الذي يدعي علم ما يحدث في المستقبل ويخبر عنه.

ص: 779

2123 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى حَجَّامًا فَأَمَرَ بِمَحَاجِمِهِ فَكُسِرَتْ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ وَثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الْأَمَةِ، وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ.

[ر: 1980]

(كسب الأمة) أي من زناها.

ص: 780

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ص: 781

‌40 - كِتَاب السَّلَمِ.

ص: 781

‌1 - بَاب: السَّلَمِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ.

ص: 781

2124 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ فِي الثَّمَرِ الْعَامَ وَالْعَامَيْنِ، أَوْ قَالَ: عَامَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، شَكَّ إِسْمَاعِيلُ، فَقَالَ:(مَنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ).

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ بِهَذَا:(فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ).

[2125، 2126، 2135]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: السلم، رقم:1604.

(يسلفون) من السلف وهو: بيع على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلا، وسمي سلفا لتقديم رأس المال، ويسمى أيضا سلما، لأنه يشترط فيه تسليم رأس المال في مجلس العقد.

ص: 781

‌2 - بَاب: السَّلَمِ فِي وَزْنٍ مَعْلُومٍ.

ص: 781

2125 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ:(مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ).

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَقَالَ:(فَليُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ).

ص: 781

2126 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:

⦗ص: 782⦘

(فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ).

[ر: 2124]

ص: 781

2127 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ. وحَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ. وحدثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْمُجَالِدِ، قَالَ:

اخْتَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَأَبُو بُرْدَةَ فِي السَّلَفِ، فَبَعَثُونِي إِلَى ابْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا نُسْلِفُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ. وَسَأَلْتُ ابْنَ أَبْزَى، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.

[2128، 2129، 2136]

(في السلف) السلم، أي: هل يجوز السلم إلى من ليس عنده أصل المسلم فيه، كما يدل عليه الحديث الآتي.

ص: 782

‌3 - بَاب: السَّلَم إِلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلٌ.

ص: 782

2128 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمُجَالِدِ قَالَ:

بَعَثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبُو بُرْدَةَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما، فَقَالَا: سَلْهُ، هَلْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُسْلِفُونَ فِي الْحِنْطَةِ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا نُسْلِفُ نَبِيطَ أَهْلِ الشَّأْمِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّيْتِ، فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. قُلْتُ: إِلَى مَنْ كَانَ أَصْلُهُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ

بَعَثَانِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُسْلِفُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ نَسْأَلْهُمْ:

أَلَهُمْ حَرْثٌ أَمْ لَا.

(نبيط) أهل الزراعة، سموا بذلك لاهتدائهم إلى استخراج الماء واستنباطه من الينابيع ونحوها. (أصله عنده) عنده أصل الثمر المسلم فيه، وهو الحرث. (حرث) زرع.

ص: 782

2129 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ: بِهَذَا، وَقَالَ فَنُسْلِفُهُمْ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ وَقَالَ: وَالزَّيْتِ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الشَّيْبَانِيِّ وَقَالَ: فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ.

[ر: 2127]

ص: 782

2130 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيَّ

⦗ص: 783⦘

قَالَ:

سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ؟ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ، وَحَتَّى يُوزَنَ. فَقَالَ الرَّجُلُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يُوزَنُ، قَالَ رَجُلٌ إِلَى جَانِبِهِ حَتَّى يُحْرَزَ.

وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو: قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ ..

[2131، 2132، وانظر: 1415]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع، رقم:1537.

(في النخل) أي في ثمر النخل. (يؤكل منه) كناية عن ظهور صلاحه ونضجه. (أي شيء يوزن) أي لا يمكن وزن الثمرة التي على النخل. (يحرز) يحفظ ويصان، وفي رواية (يحزر) أي يقدر كيله، وفائدة ذلك معرفة كمية حقوق الفقراء قبل أن يتصرف فيه المالك.

ص: 782

‌4 - بَاب: السَّلَمِ فِي النَّخْلِ.

ص: 783

2131 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ:

سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَالَ: نُهِيَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَعَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ.

وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ، أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَحَتَّى يُوزَنَ.

(بيع النخل) بيع ثمره. (يصلح) يظهر فيه النضج والصلاح للأكل. (الورق) الدراهم المضروبة من الفضة، إذا بيعت بجنسها، أو بالذهب. (نساء بناجز) أي حال كون أحد البلين مؤخرا والثاني حاضرا.

ص: 783

2132 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ:

سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ، فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَصْلُحَ، وَنَهَى عَنِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ. وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَأْكُلَ، أَوْ يُؤْكَلَ، وَحَتَّى يُوزَنَ. قُلْتُ: وَمَا يُوزَنُ؟ قَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: حَتَّى يُحْرَزَ.

[ر: 2130]

ص: 783

‌5 - بَاب: الْكَفِيلِ فِي السَّلَمِ.

ص: 783

2133 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ: حَدَّثَنَا يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتِ:

اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ

⦗ص: 784⦘

دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ.

[ر: 1962]

ص: 783

‌6 - بَاب: الرَّهْنِ فِي السَّلَمِ.

ص: 784

2134 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَفِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَارْتَهَنَ مِنْهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.

[ر: 1962]

ص: 784

‌7 - بَاب: السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.

وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَالْأَسْوَدُ وَالْحَسَنُ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا بَأْسَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ، بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، مَا لَمْ يَكُ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ.

ص: 784

2135 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ:(أَسْلِفُوا فِي الثِّمَارِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ). وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَقَالَ:(فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ).

[ر: 2124]

ص: 784

2136 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ قَالَ:

أَرْسَلَنِي أَبُو بُرْدَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، فَسَأَلْتُهُمَا عَنِ السَّلَفِ، فَقَالَا: كُنَّا نُصِيبُ الْمَغَانِمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّأْمِ، فَنُسْلِفُهُمْ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى، قَالَ: قُلْتُ: أَكَانَ لَهُمْ زَرْعٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ زَرْعٌ؟ قَالَا: مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ.

[ر: 2127]

ص: 784

‌8 - بَابُ: السَّلَمِ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ.

ص: 785

2137 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ:

كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الْجَزُورَ إِلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ، فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ. فَسَّرَهُ نَافِعٌ: أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا.

[ر: 2036]

(حبل الحبلة) قيل المراد: أن تلد الناقة ما في بطنها وتكبر وتحمل. وقيل: أن تلد ما في بطنها، وهو معنى قوله: تنتج الناقة .. ، والنهي عنه يدل على عدم جواز السلم إلى أجل غير معلوم.

ص: 785

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ص: 787

‌41 - كِتَاب الشُّفْعَةِ.

ص: 787

‌1 - بَاب: الشُّفْعَةُ فِي مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ.

ص: 787

2138 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ.

[ر: 2099]

ص: 787

‌2 - بَاب: عَرْضِ الشُّفْعَةِ عَلَى صَاحِبِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ.

وَقَالَ الْحَكَمُ: إِذَا أَذِنَ لَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَنْ بِيعَتْ شُفْعَتُهُ، وَهْوَ شَاهِدٌ لَا يُغَيِّرُهَا، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ.

(من بيعت .. ) أي إذا بيع شيء وكان لأحد فيه حق الشفعة وهو حاضر، فلم يطلب أخذه بالشفعة ولا أنكر البيع لغيره، فليس له أن يطالب بالشفعة بعد ذلك.

ص: 787

2139 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ:

وَقَفْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى إِحْدَى مَنْكِبَيَّ، إِذْ جَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا سَعْدُ ابْتَعْ مِنِّي بَيْتَيَّ فِي دَارِكَ، فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ مَا أَبْتَاعُهُمَا، فَقَالَ الْمِسْوَرُ: وَاللَّهِ لَتَبْتَاعَنَّهُمَا، فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُكَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ مُنَجَّمَةً، أَوْ مُقَطَّعَةً، قَالَ أَبُو رَافِعٍ: لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ). مَا أَعْطَيْتُكَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَأَنَا أُعْطَى بِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ.

[6576، 6577، 6579، 6580]

(ابتع مني) اشتر مني. (بيتي في دارك) بيتي الكائن في دارك، والمراد بالبيت الغرفة. (منجمة) مؤجلة، تعطى شيئا فشيئا. (بسقبه) ما قرب من داره، ويقال: الصقب أيضا.

ص: 787

‌3 - بَاب: أَيُّ الْجِوَارِ أَقْرَبُ.

ص: 788

2140 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ: حدثنا شعبة (ح). وحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ:

(إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا).

[2455، 5674]

ص: 788

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ص: 789

‌42 - كِتَاب الْإِجَارَةِ.

ص: 789

‌1 - بَاب: اسْتِئْجَارُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ.

وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} /القصص: 26/. وَالْخَازِنُ الْأَمِينُ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ مَنْ أَرَادَهُ.

(إن خير .. ) المعنى: اتخذه أجيرا يرعى غنمنا بدلنا، فإنه خير من يستأجر، لما لديه من قوة وأمانة، تؤهلانه للرعاية والقيام بالمسؤولية على خير وجه.

ص: 789

2141 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْخَازِنُ الْأَمِينُ، الَّذِي يُؤَدِّي مَا أُمِرَ بِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ، أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ).

[ر: 1371]

ص: 789

2142 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعِي رَجُلَانِ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ، فَقُلْتُ: مَا عَمِلْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ، فَقَالَ:(لَنْ - أَوْ: لَا - نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ).

[6525، 6730، 6737، 6738]

(ما عملت) جهدت أن أردهما عن هذا الطلب، وفي رواية (ما عملت) لم يكن عندي علم بهذا، أي ولو علمت به لما أتيت بهما. (العمل) الإمارة والولاية. (أراده) طلبه، لأن طلبه دليل حرصه عليها ليغنم من ورائها، فينبغي الاحتراز منه.

ص: 789

‌2 - بَاب: رَعْيِ الْغَنَمِ عَلَى قَرَارِيطَ.

ص: 789

2143 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يحيى، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ). فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ).

(قراريط) جمع قيراط وهو جزء من النقد، وقيل: قراريط اسم موضع قرب جياد بمكة.

ص: 789

‌3 - بَاب: اسْتِئْجَارِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، أَوْ: إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ.

وَعَامَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَهُودَ خَيْبَرَ.

[ر: 2165]

ص: 790

2144 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ، هَادِيًا خِرِّيتًا - الْخِرِّيتُ: الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، ووعداه غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ، فَارْتَحَلَا، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ، فَأَخَذَ

بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ، وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ.

[ر: 464]

(هاديا) مرشدا في الطريق. (غمس يمين حلف) دخل في جملتهم. والحلف العهد، وكانوا يغمسون أيديهم في الماء ونحوه عند التحالف. (ثور) جبل بأسفل مكة.

ص: 790

‌4 - بَاب: إِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَعْمَلَ لَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ، أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ جَازَ، وَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا الَّذِي اشْتَرَطَاهُ إِذَا جَاءَ الْأَجَلُ.

ص: 790

2145 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ:

وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، هَادِيًا خِرِّيتًا، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فأتاهما بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلَاثٍ.

[ر: 464]

ص: 790

‌5 - بَاب: الْأَجِيرِ فِي الْغَزْوِ.

ص: 790

2146 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنه قَالَ:

غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَيْشَ الْعُسْرَةِ، فَكَانَ مِنْ أَوْثَقِ أَعْمَالِي فِي نَفْسِي، فَكَانَ لِي أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا إِصْبَعَ صَاحِبِهِ، فَانْتَزَعَ إِصْبَعَهُ فَأَنْدَرَ ثَنِيَّتَهُ فَسَقَطَتْ، فَانْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ،

⦗ص: 791⦘

وَقَالَ: (أَفَيَدَعُ إِصْبَعَهُ فِي فِيكَ تَقْضَمُهَا - قَالَ: أَحْسِبُهُ قَالَ - كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ).

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ جَدِّهِ، بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ: أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَأَنْدَرَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَهْدَرَهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه.

[2814، 4155، 6498]

أخرجه مسلم في القسامة، باب: الصائل على نفس الإنسان أو عضوه، رقم:1674.

(غزوت .. جيش العسرة) أي في جملته، وهي غزوة تبوك، سميت بذلك لعسر حالها باشتداد الحر وغيره. (أوثق أعمالي) أقواها اعتمادا عليه. (فأندر ثنيته) أسقطها، والثنية مقدم الأسنان. (فأهدر .. ) أبطلها ولم يجعل فيها دية. (تقضمها) من القضم، وهو الأكل بأطراف الأسنان. (الفحل) ذكر الإبل.

ص: 790

‌6 - بَاب: مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَبَيَّنَ لَهُ الْأَجَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْعَمَلَ.

لِقَوْلِهِ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ - إِلَى قَوْلِهِ - عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} /القصص: 27 - 28/.

يَأْجُرُ فُلَانًا: يُعْطِيهِ أَجْرًا، وَمِنْهُ فِي التَّعْزِيَةِ، أَجَرَكَ اللَّهُ.

(إلى قوله) وتتمتها: {على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين. قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل} . (أنكحك) أزوجك. (تأجرني) تكون أجيرا لي في رعي غنمي. (حجج) سنين. (الصالحين) الوافين بالعهد. (قضيت) فرغت منه. (فلا عدوان علي) أي فلا أمنع من أخذ أهلي والذهاب بهم.

ص: 791

‌7 - بَاب: إِذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى أَنْ يُقِيمَ حَائِطًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ جَازَ.

ص: 791

2147 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَغَيْرُهُمَا قَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (فَانْطَلَقَا، فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ - قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ - فَاسْتَقَامَ). قَالَ يَعْلَى: حَسِبْتُ أَنْ سَعِيدًا قَالَ: (فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ، قال: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا). قَالَ سَعِيدٌ: (أَجْرًا نَأْكُلُهُ).

[ر: 74]

(يريد) نسبة الإرادة إلى الجدار مجاز، أي مائل يكاد يقع. (ينقض) ينقلع من أصله.

ص: 791

‌8 - بَاب: الْإِجَارَةِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ.

ص: 791

2148 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ

⦗ص: 792⦘

أُجَرَاءَ، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتْ النَّصَارَى، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنَ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ، فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا: مَا لَنَا، أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً؟ قَالَ: هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ).

[ر: 532]

(غدوة) أول النهار. (أكثر) و (أقل) منصوبان على الحالية.

ص: 791

‌9 - بَاب: الْإِجَارَةِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ.

ص: 792

2149 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتْ الْيَهُودُ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ عَمِلَتْ النَّصَارَى عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَعْمَلُونَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغَارِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَغَضِبَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً؟ قَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، فَقَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ).

[ر: 532]

ص: 792

‌10 - بَاب: إِثْمِ مَنْ مَنَعَ أَجْرَ الْأَجِيرِ.

ص: 792

2150 -

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ).

[ر: 2114]

ص: 792

‌11 - بَاب: الْإِجَارَةِ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ.

ص: 792

2151 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا، يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ، عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ، فَعَمِلُوا لَهُ إِلَى نِصْفِ

⦗ص: 793⦘

النَّهَارِ، فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ الَّذِي شَرَطْتَ لَنَا، وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَفْعَلُوا، أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلًا، فَأَبَوْا وَتَرَكُوا، وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرَيْنِ بَعْدَهُمْ، فَقَالَ لَهُمَا: أَكْمِلَا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمَا هَذَا، وَلَكُمَا الَّذِي شَرَطْتُ لَهُمْ مِنَ الْأَجْرِ، فَعَمِلُوا، حَتَّى إِذَا كَانَ حِينُ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَا: لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، وَلَكَ الْأَجْرُ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ لَهُمَا: أَكْمِلَا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمَا، مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ، فَأَبَيَا، وَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا مِنْ هَذَا النُّورِ).

[ر: 533]

(وما عملنا باطل) أبطلناه وكأنه لم يكن. (النور) نور الهداية إلى الحق.

ص: 792

‌12 - بَاب: مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَتَرَكَ أَجْرَهُ، فَعَمِلَ فِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَزَادَ، أَوْ مَنْ عَمِلَ فِي مَالِ غَيْرِهِ فَاسْتَفْضَلَ.

ص: 793

2152 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا وَلَا مَالًا، فناء بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ مِنِّي، حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي

⦗ص: 794⦘

وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ: لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ، مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْتَهْزِئُ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ).

[ر: 2102]

(رهط) ما دون العشرة من الرجال ولا يكون فيهم امرأة، ولا واحد له من لفظه. (أووا المبيت) التجؤوا إلى موضع ليبيتوا فيه. (أغبق) من الغبوق وهو شرب العشي. (فناء بي) بعد. (أرح) أرجع. (برق الفجر) ظهر الضياء. (فأردتها عن نفسها) كناية عن طلب الجماع. (ألمت بها سنة) نزلت بها سنة من سني القحط فأحوجتها. (الرقيق) المملوك، يطلق على الواحد والجمع، والذكر والأنثى.

ص: 793

‌13 - بَاب: مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ لِيَحْمِلَ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ، وَأُجْرَةِ الْحَمَّالِ.

ص: 794

2153 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أمر بِالصَّدَقَةِ، انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ فَيُحَامِلُ فَيُصِيبُ الْمُدَّ، وَإِنَّ لِبَعْضِهِمْ لَمِائَةَ أَلْفٍ. قَالَ: مَا تَرَاهُ يعني إِلَّا نَفْسَهُ.

[ر: 1350]

(لبعضهم) بعض أولئك الذين كان أحدهم يحامل ليصيب المد. (قال) شقيق الراوي.

ص: 794

‌14 - بَاب: أَجْرِ السَّمْسَرَةِ.

وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: بِعْ هَذَا الثَّوْبَ، فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا قَالَ: بِعْهُ بِكَذَا، فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ لَكَ، أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ).

(المسلمون .. ) يوفي بعضهم بعضا ما اتفق عليه من الشروط، إذا لم تكن متعارضة مع نص أو أصل شرعي.

ص: 794

2154 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، وَلَا يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ.

قُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا قَوْلُهُ:(لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ). قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا.

[ر: 2050]

ص: 795

‌15 - بَاب: هَلْ يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ مِنْ مُشْرِكٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ.

ص: 795

2155 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ: حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ:

كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، فَاجْتَمَعَ لِي عِنْدَهُ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ فَلَا. قَالَ: وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لِي ثَمَّ مَالٌ وَوَلَدٌ، فَأَقْضِيكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا} .

[ر: 1985]

(فاجتمع لي عنده) صار لي عنده. (فلا) أي فلا أكفر.

ص: 795

‌16 - بَاب: مَا يُعْطَى فِي الرُّقْيَةِ عَلَى أَحْيَاءِ الْعَرَبِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ).

[ر: 5405]

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَا يَشْتَرِطُ الْمُعَلِّمُ، إِلَّا أَنْ يُعْطَى شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ. وَقَالَ الْحَكَمُ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ الْمُعَلِّمِ. وَأَعْطَى الْحَسَنُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً. وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِأَجْرِ الْقَسَّامِ بَأْسًا. وَقَالَ: كَانَ يُقَالُ: السُّحْتُ: الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ، وَكَانُوا يُعْطَوْنَ عَلَى الْخَرْصِ.

(لا يشترط .. ) أي لا يشترط المعلم أجرة على تعليم القرآن، ولكن إذا أعطي شيئا على سبيل الإكرام أخذه. (القسام) الذي يوظفه القاضي أو غيره ليقسم بين الناس أراضيهم وغيرها. (الخرص) الحزر والتقدير.

ص: 795

2156 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ

⦗ص: 796⦘

شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ. قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ:(وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ). ثُمَّ قَالَ: (قَدْ أَصَبْتُمُ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا). فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ: سَمِعْتُ أَبَا الْمُتَوَكِّلِ: بِهَذَا.

[4721، 5404، 5417]

أخرجه مسلم في السلام، باب: جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار، رقم:2201.

(فاستضافوهم) طلبوا منهم الضيافة. (فلدغ) ضربته حية أو عقرب. (الرهط) ما دون العشرة من الرجال. (لأرقي) من الرقية، وهي كل كلام استشفي به من وجع أو غيره. (جعلا) أجرة. (فصالحوهم) اتفقوا معهم. (قطيع) طائفة من الغنم. (يتفل) من التفل وهو النفخ مع قليل من البصاق. (نشط من عقال) فك من حبل كان مشدودا به. (قلبة) علة. (وما يدريك أنها رقية) ما الذي أعلمك أنها يرقى بها. (اضربوا لي معكم سهما) اجعلوا لي منه نصيبا.

ص: 795

‌17 - بَاب: ضَرِيبَةِ الْعَبْدِ، وَتَعَاهُدِ ضَرَائِبِ الْإِمَاءِ.

ص: 796

2157 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ، أَوْ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ، فَخَفَّفَ عَنْ غَلَّتِهِ أَوْ ضَرِيبَتِهِ.

[ر: 1996]

(مواليه) ساداته ومالكيه. (غلته) ما فرضوه عليه من خراج، وهو بمعنى الضريبة.

ص: 796

‌18 - بَاب: خَرَاجِ الْحَجَّامِ.

ص: 796

2158 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَعْطَى الْحَجَّامَ.

أخرجه مسلم في السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التدواي، رقم:1202.

ص: 796

2159 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِهِ.

[ر: 1997]

ص: 796

2160 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَحْتَجِمُ، وَلَمْ يَكُنْ يَظْلِمُ أَحَدًا أَجْرَهُ.

أخرجه مسلم في السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، رقم:1577.

ص: 797

‌19 - بَاب: مَنْ كَلَّمَ مَوَالِيَ الْعَبْدِ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ.

ص: 797

2161 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غُلَامًا حَجَّامًا فَحَجَمَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ، أَوْ مُدٍّ أَوْ مُدَّيْنِ، وَكَلَّمَ فِيهِ، فَخُفِّفَ مِنْ ضَرِيبَتِهِ.

[ر: 1996]

ص: 797

‌20 - بَاب: كَسْبِ الْبَغِيِّ وَالْإِمَاءِ.

وَكَرِهَ إِبْرَاهِيمُ أَجْرَ النَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} /النور: 33/. فَتَيَاتِكُمْ: إِمَاءَكُمْ.

(إماءكم) جواركم. (البغاء) الزنا. (تحصنا) تعففا. (لتبتغوا) لتطلبوا وتحصلوا. (عرض) المال أوالمتاع. (غفور) لهن. (رحيم) لا يعاجل بالعقوبة لكم على ذلك.

ص: 797

2162 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه:

أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.

[ر: 2122]

ص: 797

2163 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْبِ الْإِمَاءِ.

[5033]

(كسب الإماء) ما تحصله الأمة بسبب زناها وفجورها.

ص: 797

‌21 - بَاب: عَسْبِ الْفَحْلِ.

ص: 797

2164 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ.

(عسب الفحل) بيع ماء الذكر من الإبل أو البقر، أو أخذ أجرة على ضرابه، أي تلقيحه.

ص: 797

‌22 - بَاب: إِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَيْسَ لِأَهْلِهِ أَنْ يُخْرِجُوهُ إِلَى تَمَامِ الْأَجَلِ.

وَقَالَ الْحَكَمُ وَالْحَسَنُ وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: تُمْضَى الْإِجَارَةُ إِلَى أَجَلِهَا.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ جَدَّدَا الْإِجَارَةَ بَعْدَمَا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 798

2165 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ الْيَهُودَ: أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. وَأَنَّ عُمَرَ حَدَّثَهُ: أَنَّ الْمَزَارِعَ كَانَتْ تُكْرَى عَلَى شَيْءٍ، سَمَّاهُ نَافِعٌ لَا أَحْفَظُهُ. وَأَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ حَدَّثَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ.

[2203، 2204، 2206، 2366، 2571، 4002]

(شطر) نصف. (سماه) ذكر مقداره. (كراء المزاع) أخذ نصيب من الثمر أجرة على الأرض.

ص: 798

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 799

‌43 - كِتَاب الْحَوَالَاتِ

ص: 799

‌1 - بَاب: في الْحَوَالَةِ، وَهَلْ يَرْجِعُ فِي الْحَوَالَةِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: إِذَا كَانَ يَوْمَ أَحَالَ عَلَيْهِ مَلِيًّا جَازَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَتَخَارَجُ الشَّرِيكَانِ وَأَهْلُ الْمِيرَاثِ، فَيَأْخُذُ هَذَا عَيْنًا وَهَذَا دَيْنًا، فَإِنْ تَوِيَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ.

(يتخارج) يخرج كل منهما من نصيبه ما وقع في نصيب صاحبه. (عينا) متاعا أو غيره. (دينا) أي في الذمة. (توي) هلك شيء مما وقع في نصيبه.

ص: 799

2166 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ).

[2167، 2270]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: تحريم مطل الغني وصحة الحوالة، رقم:1564.

(مطل) المطل التسويف وعدم القضاء. (الغني) المتمكن من قضاء ما عليه. (ظلم) محرم ومذموم. (أتبع) أحيل. (ملي) واجد لما يقضي به الدين.

ص: 799

‌2 - بَاب: إِذَا أَحَالَ عَلَى مَلِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ.

ص: 799

2167 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتَّبِعْ).

[ر: 2166]

ص: 799

‌3 - بَاب: إِنْ أَحَالَ دَيْنَ الْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ جَازَ

ص: 799

2168 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ:(هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ). قَالُوا: لَا، قَالَ:(فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا). قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ. ثُمَّ أُتِيَ

⦗ص: 800⦘

بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ:(هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ). قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا). قَالُوا: ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَلَيْهَا. ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ:(هَلْ تَرَكَ شَيْئًا). قَالُوا: لَا، قَالَ:(فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ). قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ:(صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ). قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.

[2173]

ص: 799

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 801

‌44 - كتاب الكفالة

ص: 801

‌1 - بَاب: الْكَفَالَةِ فِي الْقَرْضِ وَالدُّيُونِ بِالْأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا.

وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَوَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ مِنَ الرَّجُلِ كَفِيلًا حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ جَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَصَدَّقَهُمْ وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ.

وَقَالَ جَرِيرٌ وَالْأَشْعَثُ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُرْتَدِّينَ: اسْتَتِبْهُمْ وَكَفِّلْهُمْ، فَتَابُوا، وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرُهُمْ، وَقَالَ حَمَّادٌ: إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْحَكَمُ: يَضْمَنُ.

(مصدقا) عاملا يجمع الزكاة. (فوقع .. ) جامعها جاهلا تحريم ذلك. (جارية امرأته) مملوكتها. (كفيلا) يضمنه ويتعهد به. (قد جلده) من قبل بسبب فعله هذا. (فصدقهم) أي صدق الكفلاء فيما ادعوه: أنه قد جلده لذلك. (عذره بالجهالة) بجهالة الحرمة ولم يقم عليه حد الرجم. (كفلهم) خذ تعهدا من عشائرهم أنهم لا يرجعون إلى الارتداد.

ص: 801

2169 -

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فَقَالَ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، قَالَ فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، قَالَ: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ،

ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ

⦗ص: 802⦘

تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلَا فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي أَسْلَفَهُ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ، قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ دينار رَاشِدًا).

[ر: 1427]

(التمس) طلب. (للأجل) الزمن الذي حدده له للوفاء. (فنقرها) حفرها. (صحيفة) مكتوبا. (زجج) سوى موضع النقر وأصلحه، من تزجيج الحواجب وهو حلق زوائد الشعر. (تسلفت فلانا) طلبت منه سلفا. (جهدت) بذلت وسعي. (ولجت) دخلت في البحر.

ص: 801

2170 -

حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِدْرِيسَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} . قَالَ: وَرَثَةً: {وَالَّذِينَ عاقدت أَيْمَانُكُمْ} . قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، يَرِثُ الْمُهَاجِرُ الْأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ، لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ:{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نَسَخَتْ، ثُمَّ قَالَ:{وَالَّذِينَ عاقدت أَيْمَانُكُمْ} إِلَّا النَّصْرَ وَالرِّفَادَةَ وَالنَّصِيحَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ، وَيُوصِي لَهُ.

[4304، 6366]

(عادت) من المعاقدة وهو الحلف الذي كانوا يتوارثون به. وفي قراءة {عقدت} /النساء: 33/. (ذوي رحمه) أقربائه. (موالي) ورثة. (نسخت) آية المعاقدة. (الرفادة) المعاونة. (يوصي له) لمن كان يرثه بالأخوة الإسلامية.

ص: 802

2171 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ.

[ر: 1944]

ص: 802

2172 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ:

قُلْتُ لِأَنَسِ رضي الله عنه: أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ). فَقَالَ: قَدْ حَالَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِي.

[5733، 6909]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: مؤاخاة النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ، رقم:2529.

(لا حلف) لا تعاهد على مثل ما كانوا يتعاهدون عليه في الجاهلية مما يتعارض مع الإسلام. (حالف) آخى بينهم وعاهد على التعاون والنصرة في الحق.

ص: 803

‌3 - بَاب: مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ.

وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ.

(الحسن) البصري رحمه الله تعالى، والمعنى: لزمته الكفالة واستقر الحق في ذمته.

ص: 803

2173 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَالَ:(هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ). قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ:(هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ). قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:(صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ). قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.

[ر: 2168]

ص: 803

2174 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو: سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا). فَلَمْ يجيء مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ، أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لِي حَثْيَةً، فَعَدَدْتُهَا، فَإِذَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ: خُذْ مِثْلَيْهَا.

[2458، 2537، 2968، 2993، 4122]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: ما سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال لا، رقم:2314.

(مال البحرين) ما فرض على أهلها من جزية. (هكذا وهكذا وهكذا) أي ملء كفيه ثلاث مرات. (عدة) وعد بعطاء. (حثية) ملء الكفين.

ص: 803

‌4 - بَاب: جِوَارِ أَبِي بَكْرٍ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَقْدِهِ.

ص: 803

2175 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:

أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا

⦗ص: 804⦘

وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ.

وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأَنَا أُرِيدُ

أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ فَأَعْبُدَ رَبِّي. قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، فَإِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلَادِكَ، فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ فِي أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ، وَقَالُوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ، وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا. قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ، وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ،

⦗ص: 805⦘

وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ: أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ. وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ). وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي). قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: (نَعَمْ). فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

[ر: 464]

(ابتلي المسلمون) أصابهم أذى المشركين. (برك الغماد) موضع بأقاصي هجر، وقيل باليمامة، وهو موضع موضع أيضا باليمن. (القارة) قبيلة موصوفة بجودة الرمي. (أسيح) أسير وأذهب، أصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط على الأرض. (تكسب المعدوم) تفوز بمعاونة الفقير، وتتبرع بالمال لمن عدمه، وتعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك. (تحمل الكل) تكفل اليتيم وتحمل ثقل العجزة. (تقري الضيف) تحسن إليه وتكرمه. (نوائب الحق) ما ينزل بالإنسان من حوادث ومصائب، جمع نائبة. (جار) مجير ممن يظلمك أو يعتدي عليك. (فيتقصف) يزدحم. (ذمتك) عهدك. (نخفرك) ننقض عهدك. (أريت) أعلمت، أو من الرؤيا في المنام. (سبخة) هي الأرض التي لا تكاد تنبت لما يعلوها من الملوحة. (الحرتان) تثنية حرة، وهي أرض ذات حجارة سوداء كأنها احترقت بحر النار. (على رسلك) اتئد ولا تعجل. (السمر) نوع من الشجر، واحده سمرة.

ص: 803

‌5 - باب: الدين.

ص: 805

2176 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن أبي هريرة رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى، عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ:(هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا). فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلَّا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ:(صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ). فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ، قَالَ:(أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ ترك مالا فلورثته).

[2268، 2269، 4503، 5056، 6350، 6364، 6382]

أخرجه مسلم في الفرائض، باب: من ترك مالا فلورثته، رقم:1619.

(فضلا) قدرا زائدا على مؤونة تجهيزه. (فلما فتح .. ) فتحت البلدان وصار يأتيه منها الغنائم والصدقات ونحوها. (أولى .. ) أرأف بهم وأعطف عليهم، ولذلك أسعى في تخليص ذمتهم مما تعلق بها من حقوق وتبعات.

ص: 805

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 807

‌45 - كتاب الوكالة

ص: 807

‌1 - بَاب: وَكَالَةُ الشَّرِيكِ فِي الْقِسْمَةِ وَغَيْرِهَا.

وَقَدْ أَشْرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِقِسْمَتِهَا.

[ر: 2371، 1630]

ص: 807

2177 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:

أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَصَدَّقَ بحلال الْبُدْنِ الَّتِي نُحِرَتْ وَبِجُلُودِهَا.

[ر: 1621]

ص: 807

2178 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(ضَحِّ بِهِ أَنْتَ).

[2367، 5227، 5235]

أخرجه مسلم في الأضاحي، باب: سن الأضحية، رقم:1965.

(عتود) الصغير من ولد المعز إذا قوي، وقيل: هو ما أتى عليه الحول

ص: 807

‌2 - بَاب: إِذَا وَكَّلَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ جَازَ.

ص: 807

2179 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا، بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي صَاغِيَتِي بِمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ، قَالَ: لَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَاتَبْتُهُ: عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لِأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ

⦗ص: 808⦘

النَّاسُ، فَأَبْصَرَهُ بِلَالٌ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ، فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا، خَلَّفْتُ لَهُمُ ابْنَهُ لِأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا، قُلْتُ لَهُ: ابْرُكْ فَبَرَكَ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي لِأَمْنَعَهُ، فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بِسَيْفِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الْأَثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ.

[3753]

(صاغيتي) أهلي وحاشيتي. (ذكرت الرحمن) أي كتبت اسمي عبد الرحمن. (لا أعرف الرحمن) الذي جعلت نفسك عبدا له. (لأحرزه) لأحفظه، أو لأحوزه من الحيازة وهو الجمع. (ثقيلا) ضخم الجسم. (لأمنعه) لأحميه منهم. (فتخللوه) أدخلوا سيافهم خلاله حتى وصلوا إليه وطعنوه بها من تحتي.

ص: 807

‌3 - بَاب: الْوَكَالَةِ فِي الصَّرْفِ وَالْمِيزَانِ.

وَقَدْ وَكَّلَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ فِي الصَّرْفِ.

(الصرف) بيع النقد بالنقد بشروطه.

ص: 808

2180 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وأبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما:

أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ:(أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا). فَقَالَ: إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ. فَقَالَ:(لَا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا). وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ.

[ر: 2089]

(رجلا) هو سواد بن غزية رضي الله عنه. (الجنيب) تمر جيد. (الجمع) المختلط من التمر. (وقال في الميزان مثل ذلك) أي إن الموزونات حكمها في الربا حكم المكيلات.

ص: 808

‌4 - بَاب: إِذَا أَبْصَرَ الرَّاعِي أَوِ الْوَكِيلُ شَاةً تَمُوتُ، أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ، ذَبَحَ وَأَصْلَحَ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ.

ص: 808

2181 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ: أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ

⦗ص: 809⦘

لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ أُرْسِلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يَسْأَلُهُ، وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَاكَ، أَوْ أَرْسَلَ، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا.

قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَيُعْجِبُنِي أَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ. تَابَعَهُ عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.

[5182، 5183، 5185، 5186]

(بسلع) جبل في المدينة. (جارية) خادمة. (موتا) إشرافا على الموت. (فيعجبني .. ) ما جاء في الحديث أنها كذلك، أي فيؤخذ منه جواز الذبح الأمة.

ص: 808

‌5 - بَاب: وَكَالَةُ الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ جَائِزَةٌ.

وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قَهْرَمَانِهِ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ: أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ أَهَلَهُ، الْصَغِيرِ وَالْكَبِيرِ.

(قهرمانه) هو خادم الشخص والقائم بأعماله وقضاء حوائجه، وهو لغة فارسية.

ص: 809

2182 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِنٌّ مِنَ الْإِبِلِ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ:(أَعْطُوهُ). فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلَّا سِنًّا فَوْقَهَا، فَقَالَ:(أَعْطُوهُ). فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَى اللَّهُ بِكَ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً).

[2183، 2260، 2262، 2263، 2271، 2465، 2467]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: من استلف شيئا فقضى خيرا منه، رقم:1601.

(سن من الإبل) ذو سن معين منها. (أوفيتني) أعطيتني حقي وافيا. (قضاء) وفاء للحق الذي عليه.

ص: 809

‌6 - بَاب: الْوَكَالَةِ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ.

ص: 809

2183 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا). ثُمَّ قَالَ: (أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا نَجِدُ إِلَّا أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ، فَقَالَ:(أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً).

[ر: 2182]

(فأغلظ) شدد في المطالبة وأثقل بالقول. (فهم به) قصدوه ليؤذوه باللسان أو باليد. (مقالا) صولة الطلب وقوة الحجة. (أمثل) أفضل.

ص: 809

‌7 - بَاب: إِذَا وَهَبَ شَيْئًا لِوَكِيلٍ أَوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جَازَ.

لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِوَفْدِ هَوَازِنَ حِينَ سَأَلُوهُ الْمَغَانِمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(نَصِيبِي لَكُمْ).

ص: 810

2184 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَزَعَمَ عُرْوَةُ: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ). وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:(أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ جاؤونا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ). فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ). فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ: أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا.

[2402، 2444، 2466، 2963، 4064، 6755]

(وفد) الذين يقصدون الأمراء لزيارة وغير ذلك نيابة عن قومهم. (هوازن) قبيلة من خزاعة. (سبيهم) ما أخذ منهم من النساء والأولاد. (أصدقه) الذي يوافق الحقيقة والواقع. (الطائفتين) المال أو السبي. (استأنيت بهم) انتظرت وتربصت. (بضع) من ثلاث إلى تسع. (قفل) رجع. (يطيب بذلك) يرد السبي مجانا برضا نفسه وطيب قلبه. (حظه) نصيبه من السبي. (يفيء) من الفيء وهو ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد، وأصل الفيء الرجوع، فكأن المال في الأصل حق المؤمنين المسلمين، فرجع إليهم بعد ما حازه الكافرون بغير استحقاق. (يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم) جمع عريف وهو الذي يعرف أمر القوم وأحوالهم، والغرض من ذلك التقصي عن حالهم ومعرفة الغاية من استطابة نفوسهم.

ص: 810

‌8 - بَاب: إِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يُعْطِي، فَأَعْطَى عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ.

ص: 810

2185 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرِهِ،

⦗ص: 811⦘

يزيد بعضهم على بعض، ولم يبلغه كلهم، رجل واحد منهم، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ، إِنَّمَا هُوَ فِي آخِرِ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(مَنْ هَذَا). قُلْتُ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:(مَا لَكَ). قُلْتُ: إِنِّي عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ، قَالَ:(أَمَعَكَ قَضِيبٌ). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(أَعْطِنِيهِ). فَأَعْطَيْتُهُ فَضَرَبَهُ فَزَجَرَهُ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ أَوَّلِ الْقَوْمِ، قَالَ:(بِعْنِيهِ). فَقُلْتُ: بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(بِعْنِيهِ، قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ). فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ أَخَذْتُ أَرْتَحِلُ، قَالَ:(أَيْنَ تُرِيدُ). قُلْتُ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً قَدْ خَلَا مِنْهَا، قَالَ:(فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ). قُلْتُ: إِنَّ أَبِي تُوُفِّيَ وَتَرَكَ بَنَاتٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْكِحَ امْرَأَةً قَدْ جَرَّبَتْ، خَلَا مِنْهَا، قَالَ:(فَذَلِكَ). فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ: (يَا بِلَالُ، اقْضِهِ وَزِدْهُ). فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَزَادَهُ قِيرَاطًا، قَالَ جَابِرٌ: لَا تُفَارِقُنِي زِيَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمْ يَكُنِ الْقِيرَاطُ يُفَارِقُ جِرَابَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.

[ر: 432]

(يزيد بعضهم على بعض) أي ليس جميع الحديث عند واحد منهم بعينه، وإنما عند بعضهم منه ما ليس عند الآخر. (ولم يبلغه .. ) أي والحال أنهم لم يبلغوا الحديث، بل بلغه رجل واحد منهم. (ثفال) البعير البطيء السير الثقيل الحركة. (فزجره) أثاره. (ولك ظهره) أي لك أن تركبه. (أرتحل) أنفصل عن القوم وأتوجه إلى مقصدي. (خلا منها) مات عنها زوجها. (جربت) اختبرت حوادث الزمن وصارت ذات تجربة وخبرة، تقدر بها على تعهد إخوتي وتفقد أحوالهن. (فذلك) شيء حسن ومبارك. (قيراطا) نصف عشر الدينار، وقيل غير ذلك.

ص: 810

‌9 - بَاب: وَكَالَةِ الْمَرْأَةِ الْإِمَامَ فِي النِّكَاحِ.

ص: 811

2186 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:

جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا، قَالَ:(قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ).

[4741، 4742، 4799، 4829، 4833، 4839، 4842، 4847، 4854، 4855، 5533، 6981]

(امرأة) هي خولة بنت حكيم، وقيل: أم شريك الأزدية رضي الله عنهما. (وهبت لك من نفسي) جعلت أمري إليك إن شئت تزوجتني، وإن شئت زوجتني لمن رأيت. (بما معك من القرآن) على أن تعلمها ما تحفظ من القرآن.

ص: 811

‌10 - بَاب: إِذَا وَكَّلَ رَجُلًا، فَتَرَكَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَأَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى جَازَ.

ص: 812

2187 -

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ). قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ:(أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ). فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّهُ سَيَعُودُ). فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لَا أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ:(أَمَا إِنَّهُ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ). فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ، قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا، قُلْتُ مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ:(مَا هِيَ). قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} .

⦗ص: 813⦘

وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ - وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ - فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ). قَالَ: لَا، قَالَ:(ذَاكَ شَيْطَانٌ).

[3101، 4723]

(آت) اسم فاعل من أتى، وأصله آتي فحذفت الياء لالتقاء الساكنين. (يحثو) يأخذ بكفيه. (علي عيال) نفقة عيال وهم الزوجة والأولاد ومن في نفقة المرء. (أسيرك) سمي أسيرا لأنه ربطه بحبل، وكانت عادة العرب أن تربط الأسير إذا أخذته بحبل. (البارحة) أقرب ليلة مضت. (فرصدته) ترقبته. (آية الكرسي) الآية التي يذكر فيها كرسي الرحمن جل وعلا، وهي قوله تعالى:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . إلى آخر الآية /البقرة: 255/. (وكانوا) أي الصحابة يحرصون على تعلم الخير، فيأخذونه حيثما صدر، ويبذلون في سبيله كل شيء من متاع الدنيا. (قد صدقك) أخبرك بما يوافق الواقع والحق. (وهو كذوب) من شأنه وخلقه كثرة الكذب.

ص: 812

‌11 - بَاب: إِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَاسِدًا، فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ.

ص: 813

2188 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَ بِلَالٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مِنْ أَيْنَ هَذَا). قَالَ بِلَالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ:(أَوَّهْ أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِ بهِ).

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: بيع الطعام مثلا بمثل، رقم:1594.

(برني) نوع من التمر أصفر مدور، وهو من أجود التمر. (أوه) كلمة تقال عند الشكاية والحزن، وقالها صلى الله عليه وسلم تألما من هذا الفعل، أو لسوء الفهم لمعنى الربا. (عين الربا) أي هذا البيع نفس الربا حقيقة. (ببيع آخر) بعقد آخر، بأن يكون مقابلة دراهم مثلا، ولا يكون مقابل التمر الجيد. (اشتر به) اشتر بالثمن التمر الجيد.

ص: 813

‌12 - بَاب: الْوَكَالَةِ فِي الْوَقْفِ وَنَفَقَتِهِ، وَأَنْ يُطْعِمَ صَدِيقًا لَهُ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ.

ص: 813

2189 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: قَالَ فِي صَدَقَةِ عُمَرَ رضي الله عنه:

لَيْسَ عَلَى الْوَلِيِّ جُنَاحٌ أَنْ يَأْكُلَ وَيُؤْكِلَ صَدِيقًا، غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا. فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ هُوَ يَلِي صَدَقَةَ عُمَرَ، يُهْدِي لِنَاسٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ.

(صدقة عمر) التي أوقفها رضي الله عنه، انظر:2586. (الولي) الذي يتولى أمر الوقف. (جناح) إثم. (متأثل) جامع مالا يجعله أصلا للثروة.

ص: 813

‌13 - بَاب: الْوَكَالَةِ فِي الْحُدُودِ.

ص: 813

2190 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ

⦗ص: 814⦘

بْنِ خَالِدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا).

[2506، 2549، 2575، 6258، 6440، 6443، 6444، 6446، 6451، 6467، 6770، 6831، 6832، 6850]

(اغد) فعل أمر من الغدو وهو الذهاب. (اعترفت) بالزنا. (فارجمها) أقم عليها حد الرجم، وهو الرمي بالحجارة حتى الموت.

ص: 813

2191 -

حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَّامٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ:

جِيءَ بِالنُّعَيْمَانِ، أَوِ ابْنِ النُّعَيْمَانِ، شَارِبًا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَنْ يضربوه، قَالَ: فَكُنْتُ أَنَا فِيمَنْ ضَرَبَهُ، فَضَرَبْنَاهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ.

[6392، 6393]

ص: 814

‌14 - بَاب: الْوَكَالَةِ فِي الْبُدْنِ وَتَعَاهُدِهَا.

ص: 814

2192 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها:

أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ.

[ر: 1609]

ص: 814

‌15 - بَاب: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ: ضَعْهُ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، وَقَالَ الْوَكِيلُ: قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ.

ص: 814

2193 -

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} . قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} . وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَالَ: (بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ،

⦗ص: 815⦘

قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ). قَالَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.

تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ رَوْحٌ، عَنْ مَالِكٍ:(رَابِحٌ).

[ر: 1392]

ص: 814

‌16 - بَاب: وَكَالَةِ الْأَمِينِ فِي الْخِزَانَةِ وَنَحْوِهَا.

ص: 815

2194 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه:

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْخَازِنُ الْأَمِينُ، الَّذِي يُنْفِقُ - وَرُبَّمَا قَالَ: الَّذِي يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا، طيب نَفْسُهُ، إِلَى الَّذِي أُمِرَ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ).

[ر: 1371]

ص: 815

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 817

‌46 - كِتَاب الْمُزَارَعَةِ

ص: 817

‌1 - بَاب: فَضْلِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ إِذَا أُكِلَ مِنْهُ.

وقوله تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ. أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ. لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} /الواقعة: 63 - 65/.

(تحرثون) من الحراثة، وهي حفر الأرض وإثارة ترابها لإلقاء البذار فيها. (تزرعونه) تنبتونه. (حطاما) نباتا يابسا لا حب فيه، هشيما لا ينتفع به.

ص: 817

2195 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ (ح) وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ).

وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبَانُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[5666]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: فضل الغرس والزرع، رقم:1553.

(يغرس) الغرس للشجر والزرع لغيره. (بهيمة) كل ذات قوائم أربع من دواب البحر والبر، وكل حيوان لا يميز فهو بهيمة.

ص: 817

‌2 - بَاب: مَا يُحَذَّرُ مِنْ عَوَاقِبِ الِاشْتِغَالِ بِآلَةِ الزَّرْعِ، أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ.

ص: 817

2196 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ:

وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الذُّلَّ).

(سكة) الحديدة التي تحرث بها الأرض. (آلة الحرث) آلات الزراعة. (هذا) إشارة إلى السكة والآلة. (أدخله الذل) وذلك أن أقبلوا على الزراعة بحيث شغلتهم عن الجهاد والقيام بما لزمهم من واجبات دينية.

ص: 817

‌3 - بَاب: اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِلْحَرْثِ.

ص: 817

2197 -

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،

⦗ص: 818⦘

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ، إِلَّا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ).

قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(إِلَّا كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ).

وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ).

[3146]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه، رقم:1575.

(أمسك كلبا) اقتناه واحتفظ به. (من عمله) من أجر عمله الصالح. (حرث أو ماشية) لحفظ الزرع والماشية من الإبل والبقر والغنم وغيرها. (صيد) من أجل الصيد.

ص: 817

2198 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ: أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ، رَجُلًا مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ). قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: إِي وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ.

[3147]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه، رقم:1576.

(رجلا) هو الحارث بن كعب. (أزد شنوءة) قبيلة مشهورة من قبائل العرب. (اقتنى) اتخذه لنفسه قنية، والقنية كل ما اتخذه الإنسان من المال لغير التجارة. (لا يغني عنه) لا يستفيد منه في حفظ. (ضرعا) اسم لكل ذات ظلف أو خف، وهو كناية عن الماشية.

ص: 818

‌4 - بَاب: اسْتِعْمَالِ الْبَقَرِ لِلْحِرَاثَةِ.

ص: 818

2199 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ، قَالَ: آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً فَتَبِعَهَا الرَّاعِي، فَقَالَ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي،

⦗ص: 819⦘

قَالَ آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ). قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَمَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِي الْقَوْمِ.

[3284، 3463، 3487]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، رقم:2388.

(آمنت به) بتكلم البقرة وإن كان الناس يستغربونه ويتعجبون منه. (يوم السبع) يوم يأخذها حيوان أشد افتراسا مني، فيأكل منها حاجته ويترك الباقي، فلا يكون له راع غيري. وقيل معناه غير ذلك. (في القوم) أي لم يكونا حاضرين، وهذه شهادة منه صلى الله عليه وسلم بصدق إيمانهما.

ص: 818

‌5 - بَاب: إِذَا قَالَ: اكْفِنِي مؤونة النَّخْلِ أوَ غَيْرِهِ، وَتُشْرِكُنِي فِي الثَّمَرِ.

ص: 819

2200 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَتْ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ، قَالَ:(لَا). فَقَالُوا: تكفوننا المؤونة، وَنَشْرَكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

[2570، 3571]

(تكفوننا المؤونة) تقومون بما يحتاج إليه من عمل كالسقي وغيره، والقائل هم الأنصار. (قالوا) أي المهاجرون والأنصار. (سمعنا وأطعنا) امتثالا لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 819

‌6 - بَاب: قَطْعِ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ.

وَقَالَ أَنَسٌ: أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّخْلِ فَقُطِعَ.

[ر: 418]

ص: 819

2201 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ، وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ:

وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ حَرِيقٌ

بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ

[2858، 3807، 3808، 4602]

(البويرة) موضع معروف من بلد بني نضير. (لها) للبويرة وما حدث فيها. (هان) سهل. (سراة) جمع سري وهو السيد الشريف. (مستطير) منتشر.

ص: 819

2202 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ: سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ قَالَ:

كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُزْدَرَعًا، كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى لِسَيِّدِ الْأَرْضِ، قَالَ: فَمِمَّا يُصَابُ ذَلِكَ وَتَسْلَمُ الْأَرْضُ، وَمِمَّا يُصَابُ الْأَرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ، فَنُهِينَا، وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ.

[2207، 2214، 2218، 2220، 2573، 3789]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: كراء الأرض بالطعام، رقم:1548.

(مزدرعا) مكانا للزرع. (بالناحية منها) بما يخرج في جزء منها. (مسمى) معين. (لسيد الأرض) مالكها. (يصاب ذلك) أي الجزء المعين لمالك الأرض، قد يصاب بآفة تتلف غلته. (الورق) الفضة.

ص: 819

‌7 - بَاب: الْمُزَارَعَةِ بِالشَّطْرِ وَنَحْوِهِ.

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ، إِلَّا يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَزَارَعَ عَلِيٌّ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْقَاسِمُ، وَعُرْوَةُ، وَآلُ أَبِي بَكْرٍ، وَآلُ عُمَرَ، وَآلُ عَلِيٍّ، وَابْنُ سِيرِينَ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ: كُنْتُ أُشَارِكُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ فِي الزَّرْعِ، وَعَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى إِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَهُ الشَّطْرُ، وَإِنْ جاؤوا بِالْبَذْرِ فَلَهُمْ كَذَا.

وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا، فَيُنْفِقَانِ جَمِيعًا، فَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا. وَرَأَى ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُجْتَنَى الْقُطْنُ عَلَى النِّصْفِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَالْحَكَمُ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الثَّوْبَ بِالثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: لَا بَأْسَ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى.

(يجتنى) أي يقطف ويجمع. (يعطي الثوب) أي يعطي غزله للنساج لينسجه ويكون ثلثه أو غيره له، ولمالك الغزل الباقي. (لابأس أن تكون الماشية .. ) أي لابأس بأن يكري دابة لإنسان، ينقل عليها طعاما أو غيره لمدة معينة، على أن يكون المنقول بينهما حسب الاتفاق.

ص: 820

2203 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ، ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ وَعِشْرُونَ وَسْقَ شَعِيرٍ، فَقَسَمَ عُمَرُ خَيْبَرَ، فَخَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ مِنَ الْمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَوْ يُمْضِيَ لَهُنَّ، فَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الْأَرْضَ وَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الْوَسْقَ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتِ الْأَرْضَ.

[ر: 2165]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع، رقم:1551.

(يقطع لهن) يعطيهن نصيبا من الماء والأرض. (يمضي لهن) يجري لهن قسمتهن من التمر وغيره على ما كان فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 820

‌8 - بَاب: إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ السِّنِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ.

ص: 820

2204 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ

⦗ص: 821⦘

عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

عَامَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ.

[ر: 2165]

ص: 820

2205 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قَالَ عَمْرٌو: قُلْتُ لِطَاوُسٍ:

لَوْ تَرَكْتَ الْمُخَابَرَةَ، فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ؟ قَالَ: أَيْ عَمْرُو، إِنِّي أُعْطِيهِمْ وَأُغْنِيهِمْ، وَإِنَّ أَعْلَمَهُمْ أَخْبَرَنِي - يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ:(أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا مَعْلُومًا).

[2217، 2491]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: الأرض تمنح، رقم:1550.

(المخابرة) هي العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها، والبذر من العامل، مأخوذة من الخبرة وهي النصيب. (يمنح) يعطي بدون مقابل. (خرجا) أجرة.

ص: 821

‌9 - بَاب: الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْيَهُودِ.

ص: 821

2206 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى خَيْبَرَ الْيَهُودَ، عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا.

[ر: 2165]

ص: 821

‌10 - بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ.

ص: 821

2207 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى: سَمِعَ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيَّ، عَنْ رَافِعٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَقْلًا، وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي أَرْضَهُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِي وَهَذِهِ لَكَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2202]

(حقلا) زرعا، أو مكانا للزرع.

ص: 821

‌11 - بَاب: إِذَا زَرَعَ بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ صَلَاحٌ لَهُمْ.

ص: 821

2208 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ، قَالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ، كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ،

⦗ص: 822⦘

فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ، وَإِنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ فَرَأَوْا السَّمَاءَ. وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّهَا كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ، أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ مِنْهَا فَأَبَتْ حَتَّى أَتَيْتُهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَبَغَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفْتَحْ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فَرْجَةً، فَفَرَجَ. وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، فَجَاءَنِي فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرُعَاتِهَا فَخُذْ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَسْتَهْزِئْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ فَخُذْ، فَأَخَذَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ مَا بَقِيَ فَفَرَجَ اللَّهُ).

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ ابْنِ عُقْبَةَ: عَنْ نَافِعٍ: فَسَعَيْتُ.

[ر: 2102]

ص: 821

12 -

بَاب: أَوْقَافِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَرْضِ الْخَرَاجِ، وَمُزَارَعَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: (تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لَا يُبَاعُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ). فَتَصَدَّقَ بِهِ.

[ر: 2613]

(تصدق بأصله) كناية عن الوقف.

ص: 822

2209 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ، مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ.

[2957، 3994، 3995]

(آخر المسلمين) من يأتي بعدكم من المسلمين. (أهلها) الغانمين الذين فتحوها.

ص: 822

‌13 - بَاب: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا.

وَرَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ فِي أَرْضِ الْخَرَابِ بِالْكُوفَةِ مَوَاتٌ.

وَقَالَ عُمَرُ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَيُرْوَى عَنْ عمر وابْنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:(فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ).

وَيُرْوَى فِيهِ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(رأى ذلك .. ) أي رأى علي رضي الله عنه إحياء الموات وأنها لمن أحياها. (ابن عوف) أي عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه، وزاد على قول عمر رضي الله عنه:(من أحيا أرضا ميتة) زاد: (في غير حق .. ) أي: وليست هذه الأرض الميتة مملوكة لمسلم. (لعرق ظالم) أي ليس لمن غرس في أرض غيره بدون إذنه حق في إبقاء ما غرس، لأنه ظالم ومتعد في غرسه.

ص: 823

2210 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ).

قَالَ عُرْوَةُ: قَضَى بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه فِي خِلَافَتِهِ.

ص: 823

2211 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُرِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي بَطْنِ الْوَادِي، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ.

فَقَالَ مُوسَى: وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ بِالْمُنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ بِهِ، يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ.

[ر: 1462]

ص: 823

2212 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (اللَّيْلَةَ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي - وَهُوَ بِالْعَقِيقِ - أَنْ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ).

[ر: 1461]

ص: 823

‌14 - بَاب: إِذَا قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: أُقِرُّكَ مَا أَقَرَّكَ اللَّهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا مَعْلُومًا، فَهُمَا عَلَى تَرَاضِيهِمَا.

ص: 824

2213 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مُوسَى: أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ، أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الْأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، فَسَأَلَتْ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُقِرَّهُمْ بِهَا أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا، وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا). فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ.

[2983]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع، رقم:1551.

(ظهر) غلب وانتصر. (لله ولرسوله وللمسلمين) وذلك أن خيبر فتح بعضها صلحا وبعضها عنوة، فالذي فتح عنوة كان خمسه لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وأربعة أخماسه للمسلمين الغانمين، والذي فتح صلحا كان لليهود ثم صار للمسلمين بعقد الصلح. (تيماء) موضع على طريق المدينة من الشام. (أريحاء) قرية من بلاد الشام.

ص: 824

‌15 - بَاب: مَا كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُوَاسِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الزِّرَاعَةِ وَالثَّمَرَةِ.

ص: 824

2214 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ، مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ: قَالَ ظُهَيْرٌ:

لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا، قُلْتُ: مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ حَقٌّ، قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ). قُلْتُ: نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبُعِ، وَعَلَى الْأَوْسُقِ مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، قَالَ:(لَا تَفْعَلُوا، ازْرَعُوهَا، أَوْ أَزْرِعُوهَا، أَوْ أَمْسِكُوهَا). قَالَ رَافِعٌ: قُلْتُ: سَمْعًا وَطَاعَةً.

[ر: 2202]

(كان بنا رافقا) ذا رفق وتيسير. (بمحاقلكم) بمزارعكم. (ازرعوها) أي بأنفسكم.

ص: 824

2215 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ

⦗ص: 825⦘

اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

كَانُوا يَزْرَعُونَهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيَمْنَحْهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ).

[2489]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: كراء الأرض، رقم:1536. (ليمنحها) ليعطيها بدون أجرة.

ص: 824

2216 -

وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ).

أخرجه مسلم في البيوع، باب: كراء الأرض، رقم:1544.

ص: 825

2217 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: ذَكَرْتُهُ لِطَاوُسٍ: فَقَالَ: يُزْرِعُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ:(أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مَعْلُومًا).

[ر: 2205]

ص: 825

2218 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ:

أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يُكْرِي مَزَارِعَهُ، عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ. ثُمَّ حُدِّثَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى رَافِعٍ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّا كُنَّا نُكْرِي مَزَارِعَنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا عَلَى الْأَرْبِعَاءِ، وَبِشَيْءٍ مِنَ التِّبْنِ.

أخرجه مسلم في البيوع، باب: كراء الأرض، رقم:1547.

(الأربعاء) جمع ربيع وهو النهر الصغير، أي على ما يخرج على جوانبها ووسطها. (التبن) ساق الزرع بعد دياسه.

ص: 825

2219 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنْتُ أَعْلَمُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْأَرْضَ تُكْرَى، ثُمَّ خَشِيَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ، فَتَرَكَ كِرَاءَ الْأَرْضِ.

[ر: 2202]

(أحدث في ذلك) أي حكم بما هو ناسخ لما كان يعلمه من الجواز. (لم يكن يعلمه) أي ولم يطلع هو على ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم آخرا.

ص: 825

‌16 - بَاب: كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَمْثَلَ مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ: أَنْ تَسْتَأْجِرُوا الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ، مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ.

(أمثل) أفضل. (تستأجروا) بالذهب أو الفضة أو النقد عامة. (البيضاء) التي لا زرع فيها.

ص: 826

2220 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّايَ:

أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَ الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا يَنْبُتُ عَلَى الْأَرْبِعَاءِ، أَوْ شَيْءٍ يَسْتَثْنِيهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ، فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لِرَافِعٍ: فَكَيْفَ هِيَ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ؟ فَقَالَ رَافِعٌ: لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: وَكَانَ الَّذِي نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ، مَا لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذَوُو الْفَهْمِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَمْ يُجِيزُوهُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ.

[ر: 2202]

(يستثنيه) أثناء العقد، كالثلث أو الربع، أو غير ذلك. (فكيف هي) ما حكمها إذا كانت بالنقد. (المخاطرة) هي فعل ما يكون الضرر فيه غالبا، من الخطر وهو الإشراف على الهلاك.

ص: 826

2221 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ: حَدَّثَنَا هِلَالٌ. وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ:(أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ، قَالَ: فَبَذَرَ، فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ). فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَاللَّهِ لَا تَجِدُهُ إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

[7081]

(فيما شئت) من المشتهيات والنعيم. (فبادر الطرف نباته) أي أسرع نباته وسبق طرفه، والطرف امتداد لحظ الإنسان حيث أدرك، وقيل حركة العين. (استواؤه) قيامه على سوقه قويا شديدا. (استحصاده) أسرع يبسه وصار وقت قلعه. (لا تجده) أي لا يكون ذلك الرجل الذي اشتهى الزرع.

ص: 826

‌17 - بَاب: مَا جَاءَ فِي الْغَرْسِ.

ص: 827

2222 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:

إِنَّا كُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ، تَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ سِلْقٍ لَنَا، كُنَّا نَغْرِسُهُ فِي أَرْبِعَائِنَا، فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ لَهَا، فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ - لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ - لَيْسَ فِيهِ شَحْمٌ، وَلَا وَدَكٌ، فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْنَا، فَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى وَلَا نَقِيلُ إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ.

[ر: 896]

(أربعائنا) جمع ربيع وهو النهر الصغير. (ودك) دسم اللحم.

ص: 827

2223 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

يَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ، وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ؟ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا:(لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَهُ إِلَى صَدْرِهِ فَيَنْسَى مِنْ مَقَالَتِي شَيْئًا أَبَدًا). فَبَسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا، حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أبدا:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ - إِلَى قَوْلِهِ - الرَّحِيمُ} .

[ر: 118]

(والله الموعد) عند الله تعالى اللقاء يوم القيامة، وهو يحاسبني إن كذبت، ويحاسب من ظن بي السوء.

ص: 827

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 829

‌47 - كتاب المساقاة (الشرب)

ص: 829

(وجعلنا من الماء .. ) المعنى: أن الله تعالى جعل الماء عنصرا أساسيا في كل مخلوق ذي حياة أو نماء، وهذا آية قدرته تعالى ووحدانيته، التي تستلزم الإيمان بالبداهة. (المزن) السحاب، جمع مزنة. (أجاجا) شديد الملوحة مرا. (فلولا) فهلا.

ص: 829

‌2 - باب: في الشرب، وَمَنْ رَأَى صَدَقَةَ الْمَاءِ وَهِبَتَهُ وَوَصِيَّتَهُ جَائِزَةً، مَقْسُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ.

وَقَالَ عُثْمَانُ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلَاءِ المسلمين).

فاشتراها عثمان رضي الله عنه.

(بئر رومة) اسم لبئر معروفة في المدينة. (دلوه فيها كدلاء المسلمين) يوقفها ويكون نصيبه منها كنصيب غيره من المسلمين دون مزية.

ص: 829

2224 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ:

أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، وَالْأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ:(يَا غُلَامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الْأَشْيَاخَ). قَالَ: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

[2237، 2319، 2462، 2464، 5297]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدئ، رقم:2030.

(غلام) هو الفضل بن عباس رضي الله عنهما. (الأشياخ) منهم خالد بن الوليد رضي الله عنه، جمع شيخ وهو من طعن في السن. (لأوثر) لأقدم على نفسي. (بفضلي) بما فضل لي.

ص: 829

2225 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّهَا حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ دَاجِنٌ، وَهِيَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ، فَأَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ، حَتَّى إِذَا نَزَعَ الْقَدَحَ مِنْ فِيهِ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ عُمَرُ، وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْأَعْرَابِيَّ: أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَكَ، فَأَعْطَاهُ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ:(الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ).

[2432، 5289، 5296]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما عن يمين المبتدئ، رقم:2029.

(داجن) هي التي تألف البيوت وتعلف فيها. (شيب) خلط. (الأيمن فالأيمن) أعطوا الأيمن ثم من على يمينه.

ص: 830

‌3 - بَاب: مَنْ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالْمَاءِ حَتَّى يَرْوَى، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ).

ص: 830

2226 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ).

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: تحريم بيع فضل الماء الذي يكون بالفلاة .. ، رقم:1566.

معنى الحديث: أن يشق إنسان بئرا بفلاة، ويكون حول البئر عشب، وليس هناك ماء غيره، ولا يتوصل إلى رعي العشب إلا إذا كانت المواشي ترد ذلك الماء، فإذا منعهم من الماء أدى ذلك إلى منعهم من رعي العشب، وليس ذلك له.

ص: 830

2227 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وأبي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الْكَلَإِ).

[6561]

ص: 830

‌4 - بَاب: مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ.

ص: 830

2228 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ).

[ر: 1428]

ص: 830

‌5 - بَاب: الْخُصُومَةِ فِي الْبِئْرِ وَالْقَضَاءِ فِيهَا.

ص: 831

2229 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ، هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} . الْآيَةَ، فَجَاءَ الْأَشْعَثُ فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي، فَقَالَ لِي:(شُهُودَكَ). قُلْتُ: مَا لِي شُهُودٌ، قَالَ:(فَيَمِينُهُ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفَ، فَذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْحَدِيثَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لَهُ.

[2285، 2380، 2523، 2525، 2528، 2531، 4275، 6283، 6299، 6761، 7007]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، رقم:138.

(على يمين) على متعلق يمين، وهو المحلوف عليه. (يقتطع بها) يأخذ قطعة بسبب يمينه. (هو عليها فاجر) كاذب في الإقدام عليها. (يشترون) يستبدلون. (بعهد الله) بما عاهدهم الله عليه من الصدق والوفاء والأمانة وغير ذلك. (ثمنا قليلا) عرضا حقيرا من أعراض الدنيا. (الآية) وتتمتها:{أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . /آل عمران: 77/. (خلاق) نصيب. (يزكيهم) يطهرهم ويثني عليهم.

ص: 831

‌6 - بَاب: إِثْمِ مَنْ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ مِنَ الْمَاءِ.

ص: 831

2230 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنَ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ). ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا

⦗ص: 832⦘

قَلِيلا}.

[2240، 2527، 6786، 7008]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان غلظ تحريم إسبال الإزار .. ، رقم:107.

(ابن السبيل) المسافر. (بايع إماما) عاهد الخليفة أو الحاكم الأعظم. (لدنيا) ليحصل شيئا من متاع الدنيا. (أعطيت بها) دفعت قيمتها لبائعها. (فصدقه رجل) واشتراها بذلك الثمن الذي حلف عليه. (الآية) آل عمران: 77. وانظر: 2229.

ص: 831

‌7 - بَاب: سَكْرِ الْأَنْهَارِ.

ص: 832

2231 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما أَنَّهُ حَدَّثَهُ:

أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ، الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ:(أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ). فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:(اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ). فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} .

[2232، 2233، 2561، 4309]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، رقم:2357.

(شراج) جمع شرج وهو مسيل الماء من المرتفع إلى السهل. (الحرة) الأرض الصلبة الغليظة ذات الحجارة السوداء، وفي المدينة حرتان. (سرح) أرسله وسيبه. (أن كان ابن عمتك) لأنه كان ابن عمتك حكمت له بذل، قال ذلك عند الغضب، وكان زلة منه رضي الله عنه. (يرجع) يصل. (الجدر) الحواجز التي تحبس الماء، والمعنى حتى تبلغ تمام الشرب. (لا يؤمنون) لا يتم إيمانهم. (شجر) حصل بينهم من خلاف، واختلط عليهم أمره، والتبس عليهم حكمه. /النساء: 65/.

ص: 832

‌8 - بَاب: شُرْبِ الْأَعْلَى قَبْلَ الْأَسْفَلِ.

ص: 832

2232 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ:

خَاصَمَ الزُّبَيْرَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(يَا زُبَيْرُ، اسْقِ ثُمَّ أَرْسِلْ). فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: إِنَّهُ ابْنُ عَمَّتِكَ، فَقَالَ عليه السلام:(اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ يَبْلُغُ الْمَاءُ الْجَدْرَ، ثُمَّ أَمْسِكْ). فَقَالَ الزُّبَيْرُ: فَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} .

[ر: 2231]

ص: 832

‌9 - بَاب: شِرْبِ الْأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ.

ص: 832

2233 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي

ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ:

أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجٍ مِنَ

⦗ص: 833⦘

الْحَرَّةِ، يَسْقِي بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(اسْقِ يَا زُبَيْرُ - فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ - ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ). فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:(اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ، حَتَّى يَرْجِعَ الْمَاءُ إِلَى الْجَدْرِ). وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} . قَالَ لِي ابْنُ شِهَابٍ: فَقَدَّرَتْ الْأَنْصَارُ وَالنَّاسُ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ). وَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ.

[ر: 2231]

(بالمعروف) بالعادة المعروفة التي جرت بينهم في مقدار الشرب. (استوعى) استوفى، من الوعاء، كأنه جمعه له في وعائه.

ص: 832

‌10 - بَاب: فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ.

ص: 833

2234 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ:(فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ).

تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَالرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ.

[ر: 171]

أخرجه مسلم في السلام، باب: فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها، رقم:2244.

(يلهث) يرتفع نفسه بين أضلاعه، أو يخرج لسانه، من شدة العطش. (الثرى) التراب الندي، وقيل: يعض الأرض. (وإن لنا في البهائم لأجرا) أيكون لنا في سقي البهائم والإحسان لها أجر. (في كل كبد) في الإحسان إلى كل ذي كبد. (رطبة) حية.

ص: 833

2235 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ، فَقَالَ:(دَنَتْ مِنِّي النَّارُ، حَتَّى قُلْتُ: أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ، قَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قَالُوا: حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا).

[ر: 712]

ص: 833

2236 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ). قَالَ: فَقَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: (لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلَا سَقَيْتِهَا حِينَ حبستها، وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ).

[3140، 3295]

أخرجه مسلم في السلام، باب: تحريم قتل الهرة. وفي البر والصلة والآداب، باب: تحريم تعذيب الهرة ونحوها، رقم:2242.

(في هرة) بسببها. (خشاش) حشرات.

ص: 834

‌11 - بَاب: مَنْ رَأَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ وَالْقِرْبَةِ أَحَقُّ بِمَائِهِ.

ص: 834

2237 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ:

أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ هُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ، وَالْأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ:(يَا غُلَامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ الْأَشْيَاخَ). فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

[ر: 2224]

ص: 834

2238 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَذُودَنَّ رِجَالًا عَنْ حَوْضِي، كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنَ الْإِبِلِ عَنِ الْحَوْضِ).

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته، رقم:2302.

(لأذودن) لأطردن ولأدفعن. (رجالا) أناسا. (حوضي) في الجنة. (الغريبة) الناقة الغريبة من الإبل فإنها تطرد إذا أرادت الشرب مع إبل الراعي.

ص: 834

2239 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ - لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا). وَأَقْبَلَ جُرْهُمُ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَلَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ.

[3183 - 3185]

(معينا) جارية.

ص: 834

2240 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ،

⦗ص: 835⦘

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ، فَيَقُولُ اللَّهُ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ).

قَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2230]

ص: 834

‌12 - بَاب: لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 835

2241 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ قَالَ:

إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ). وَقَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَمَى النَّقِيعَ، وَأَنَّ عُمَرَ حَمَى الشرف وَالرَّبَذَةَ.

[2850]

(حمى) هو موضع فيه الكلأ والعشب، يحميه الإمام من الناس، فلا يرعى فيه أحد ولا يقربه أحد، والمعنى: لا يحمي شيء من الأرض إلا ما يرصد لرعي خيل الجهاد وإبلها وإبل الزكاة وما في معنى هذا. (النقيع) عين قريبة من المدينة. (الشرف) موضع من أعمال المدينة. (الربذة) قرية بينها وبين المدينة ثلاث مراحل.

ص: 835

‌13 - بَاب: شُرْبِ النَّاسِ وسقي الدَّوَابِّ مِنَ الْأَنْهَارِ.

ص: 835

2242 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ: فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ بِهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهُ انْقَطَعَ طِيَلُهَا، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِيَ لِذَلِكَ أَجْرٌ. وَرَجُلٌ

⦗ص: 836⦘

رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا، وَلَا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ). وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ:(مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}).

[2705، 3446، 4678، 4679، 6923]

(أجر) ثواب. (ستر) لحاله وفقره. (وزر) إثم وثقل. (سبيل الله) أعدها للجهاد. (فأطال بها في مرج) شدها بحبل طويل، يربط طرفه برجلها والطرف الآخر بوتد وتترك ترعى، وهو الطيل. والمرج الأرض الواسعة ذات الكلأ والماء. (روضة) أرض ذات خضرة. (فاستنت) أفلتت ومرحت. (شرفا) ما ارتفع من الأرض. (أرواثها) جمع روث وهو ما تلقيه الدواب من فضلات. (ولم يرد أن يسقي) أي لم يقصد سقيها، ومع ذلك يكون له هذا الأجر، فلو قصد هذا لكان أجره أعظم. (تغنيا) استغناء عن الناس بطلب نتاجها. (تعففا) عن سؤالهم بما يعمله ويكتسبه على ظهورها. (حق الله في رقابها) أي يؤدي زكاتها إن كان أعدها للتجارة. (ولا ظهورها) أي لا يحمل عليها فوق ما تطيق، ولا يمتنع عن الإعانة بركوبها، أو الحمل عليها في سبيل الله تعالى وهو الجهاد. (فخرا) لأجل التفاخر بها. (رياء) مراءاة للناس. (نواء) معاداة. (الجامعة) العامة الشاملة. (الفاذة) المنفردة في معناها. (مثقال) وزن. (ذرة) النملة الصغيرة. وقيل ما يرى في شعاع الشمس من الهباء، ويمكن تفسيرها بما يعرف الآن: أنها الجزء الذي لا يتجزأ. /الزلزلة: 7 - 8/.

ص: 835

2243 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ:(اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا). قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: (هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ). قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: (مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا).

[ر: 91]

أخرجه مسلم في أول كتاب اللقطة، رقم:1722.

(ترد الماء) تأتي منابع الماء وتشرب. (يلقاها ربها) يجدها صاحبها.

ص: 836

‌14 - بَاب: بَيْعِ الْحَطَبِ وَالْكَلَإِ.

ص: 836

2244 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلًا، فَيَأْخُذَ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ، فَيَبِيعَ، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهِ وَجْهَهُ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، أُعْطِيَ أَمْ مُنِعَ).

[ر: 1402]

ص: 836

2245 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

⦗ص: 837⦘

صلى الله عليه وسلم: (لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ).

[ر: 1401]

ص: 836

2246 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم أَنَّهُ قَالَ:

أَصَبْتُ شَارِفًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَارِفًا أُخْرَى، فَأَنَخْتُهُمَا يَوْمًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا لِأَبِيعَهُ، وَمَعِي صَائِغٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَشْرَبُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ مَعَهُ قَيْنَةٌ، فَقَالَتْ: أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ. فَثَارَ إِلَيْهِمَا حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ، فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا. قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ: وَمِنَ السَّنَامِ؟ قَالَ: قَدْ جَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا فَذَهَبَ بِهَا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِي، فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَى حَمْزَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ وَقَالَ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِآبَائِي. فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَهْقِرُ حَتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ.

[ر: 1983]

(قينة) مغنية. (ألا) أداة عرض وتنبيه. (حمز) حمزة، منادى مرخم، والترخيم حذف آخر الكلمة لسهولة النطق. (للشرف) جمع شارف، وهي الناقة المسنة. (النواء) جمع ناوية وهي السمينة. (فجب) فقطع. (أسنمتهما) جمع سنام وهو أعلى ظهر البعير. (بقر) شق. (أكبادهما) جمع كبد. (فتغيظ عليه) أظهر الغيظ عليه، والغيظ أشد الغضب. (يقهقر) رجع إلى ورائه.

ص: 837

‌15 - بَاب: الْقَطَائِعِ.

ص: 837

2247 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه قَالَ:

أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْطِعَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: حَتَّى تُقْطِعَ لِإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا، قَالَ:(سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي).

[2248، 2992، 3583]

(يقطع من البحرين) يخصص لهم جزءا من المال الذي يجنى منها، وقيل: الظاهر أنه أراد أن يقطع لهم قطعة من أرضها. (أثرة) استئثارا، والمعنى: يفضل غيركم نفسه عليكم في أمور الدنيا، ولا يجعل لكم منها نصيبا.

ص: 837

‌16 - بَاب: كِتَابَةِ الْقَطَائِعِ.

ص: 838

2248 -

وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَنْصَارَ لِيُقْطِعَ لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ فَعَلْتَ، فَاكْتُبْ لِإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي).

[ر: 2247]

(فلم يكن ذلك عند النبي) لم يكن عنده مثل ما يريد أن يقطعه الأنصار، وقيل: معناه: لم يرد فعل ذلك لأنه كان أقطع المهاجرين أرض بني النضير.

ص: 838

‌17 - بَاب: حَلَبِ الْإِبِلِ عَلَى الْمَاءِ.

ص: 838

2249 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مِنْ حَقِّ الْإِبِلِ أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ).

[ر: 1337]

(أن تحلب على الماء) أن يتصدق من لبنها على من حضر من المساكين عند سقيها.

ص: 838

‌18 - بَاب: الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ مَمَرٌّ أَوْ شِرْبٌ فِي حَائِطٍ أَوْ فِي نَخْلٍ.

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ). فَلِلْبَائِعِ الْمَمَرُّ وَالسَّقْيُ حَتَّى يَرْفَعَ، وَكَذَلِكَ رَبُّ الْعَرِيَّةِ.

(يرفع) يقطع الثمر الذي حكم له به ويأخذه. (رب العرية) صاحب العرية، وهي النخلة التي يعيرها صاحبها إلى رجل محتاج إلى ثمرها ذلك العام، أو هي التي يباع ما عليها من الرطب بخرصه تمرا، فلصاحبها أن يدخل الأرض ليصلح عريته حتى يقطع ثمرتها.

ص: 838

2250 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنِ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ).

وَعَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ: فِي الْعَبْدِ.

[ر: 2090]

(في العبد) أي روى عمر رضي الله عنه الحديث في شأن العبد، وقيل غير ذلك.

ص: 838

2251 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهم قَالَ:

رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُبَاعَ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا.

[ر: 2063]

أخرجه مسلم في البيوع، باب: النهي عن المحاقلة والمزابنة، رقم:1536.

ص: 839

2252 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَأَنْ لَا تُبَاعَ إِلَّا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إِلَّا الْعَرَايَا.

[ر: 1416]

ص: 839

2253 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ، فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ. شَكَّ دَاوُدُ فِي ذَلِكَ.

[ر: 2078]

ص: 839

2254 -

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ، مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ وَسَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ حَدَّثَاهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، إِلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا، فَإِنَّهُ أَذِنَ لَهُمْ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بُشَيْرٌ، مِثْلَهُ.

[ر: 2079]

ص: 839

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 841

‌48 - كِتَاب الِاسْتِقْرَاضِ وَأَدَاءِ الدُّيُونِ وَالْحَجْرِ وَالتَّفْلِيسِ.

ص: 841

‌1 - بَاب: مَنِ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ثَمَنُهُ، أَوْ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ.

ص: 841

2255 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ، أَتَبِيعُنِيهِ). قُلْتُ: نَعَمْ، فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْبَعِيرِ، فَأَعْطَانِي ثَمَنَهُ.

[ر: 432]

ص: 841

2256 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.

[ر: 1962]

ص: 841

‌2 - بَاب: مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَوْ إِتْلَافَهَا.

ص: 841

2257 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ).

(يريد أداءها) قاصدا أن يردها إلى المقرض. (أدى الله عنه) يسر له ما يؤدي منه من فضله، وأرضى غريمه في الآخرة إن لم يستطع الوفاء في الدنيا. (إتلافها) لا يقصد قضاءها. (أتلفه الله) أذهب ماله في الدنيا، وعاقبه على الدين في الآخرة.

ص: 841

(الأمانات) جمع أمانة، وهي كل ما اؤتمن عليه من حق مادي أو معنوي. (أهلها) أصحابها. (بالعدل) هو إعطاء كل ذي حق حقه دون محاباة. (نعما يعظكم به) نعم الشيء الذي يعظكم به، وهو أداء الأمانات والحكم بالعدل.

ص: 841

2258 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ

⦗ص: 842⦘

وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَبْصَرَ - يَعْنِي أُحُدًا - قَالَ:(مَا أُحِبُّ أَنَّهُ يُحَوَّلُ لِي ذَهَبًا، يَمْكُثُ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا دِينَارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ). ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ الْأَكْثَرِينَ هُمُ الْأَقَلُّونَ، إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا - وَأَشَارَ أَبُو شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ). وَقَالَ: (مَكَانَكَ). وَتَقَدَّمَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَسَمِعْتُ صَوْتًا، فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ:(مَكَانَكَ حَتَّى آتِيَكَ). فَلَمَّا جَاءَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِي سَمِعْتُ، أَوْ قَالَ: الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُ؟ قَالَ: (وَهَلْ سَمِعْتَ). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام، فَقَالَ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ).

قُلْتُ: وَإِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ:(نَعَمْ).

[3050، 5913، 6078، 6079]

(فوق ثلاث) ليال. (أرصده لدين) أعده لوفاء دين علي. (الأكثرين) مالا في الدنيا. (الأقلون) ثوابا في الآخرة، إذا لم يؤدوا حقوق المال الذي في أيديهم. (قال بالمال هكذا وهكذا) أنفقه في كل جهة من جهات الخير. (قليل ما هم) قليلون من الناس هم الذين يفعلون ذلك. (مكانك) الزم مكانك. (كذا وكذا) كناية عن أفعال سيئة صرح بها في رواية أخرى، كالزنا والسرقة.

ص: 841

2259 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا يَسُرُّنِي أَنْ لَا يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلَاثٌ وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَّا شَيْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ).

رَوَاهُ صَالِحٌ وَعُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

[6080، 6801]

ص: 842

‌4 - بَاب: اسْتِقْرَاضِ الْإِبِلِ.

ص: 842

2260 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ ببيتنا: يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ:(دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا، وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ). وَقَالُوا: لَا نَجِدُ إِلَّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ:(اشْتَرُوهُ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً).

[ر: 2182]

ص: 842

‌5 - بَاب: حُسْنِ التَّقَاضِي.

ص: 843

2261 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَاتَ رَجُلٌ، فَقِيلَ لَهُ، قَالَ: كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، فَأَتَجَوَّزُ عَنِ الْمُوسِرِ، وَأُخَفِّفُ عَنِ الْمُعْسِرِ، فَغُفِرَ لَهُ).

قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1971]

(فقيل له) ماذا كنت تعمل من الخير في حياتك. (أبايع) أبيعهم وأشتري منهم.

ص: 843

‌6 - بَاب: هَلْ يُعْطَى أَكْبَرَ مِنْ سِنِّهِ.

ص: 843

2262 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَعْطُوهُ). فَقَالُوا: مَا نَجِدُ إِلَّا سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً).

[ر: 2182]

ص: 843

‌7 - بَاب: حُسْنِ الْقَضَاءِ.

ص: 843

2263 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِنٌّ مِنَ الْإِبِلِ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:(أَعْطُوهُ). فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلَّا سِنًّا فَوْقَهَا، فَقَالَ:(أَعْطُوهُ). فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَى اللَّهُ بِكَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً).

[ر: 2182]

ص: 843

2264 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ: حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ مِسْعَرٌ: أُرَاهُ قَالَ: ضُحًى، فَقَالَ:(صَلِّ رَكْعَتَيْنِ). وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَضَانِي وَزَادَنِي.

[ر: 432]

ص: 843

‌8 - بَاب: إِذَا قَضَى دُونَ حَقِّهِ أَوْ حَلَّلَهُ فَهُوَ جَائِزٌ.

ص: 843

2265 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا تَمْرَ

⦗ص: 844⦘

حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَائِطِي، وَقَالَ:(سَنَغْدُو عَلَيْكَ). فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ فِي النَّخْلِ وَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ، وَبَقِيَ لَنَا مِنْ تَمْرِهَا.

[ر: 2020]

(حائطي) بستان نخلي. (يحللوا أبي) يجعلونه في حل ويبرئونه من دينهم. (سنغدو) من الغدو وهو الذهاب أول النهار. (فطاف) دار. (فجددتها) من الجداد وهو قطع ثمرها.

ص: 843

‌9 - بَاب: إِذَا قَاصَّ أَوْ جَازَفَهُ فِي الدَّيْنِ تَمْرًا بِتَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(قاص) من المقاصصة، وهي أن يكون له دين على آخر، وللآخر مثل ما له عليه، فيجعل دينه في مقابلة دينه. (جازفه) من المجازفة وهي الحدس والتقدير بلا كيل أو وزن.

ص: 844

2266 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ، فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرٌ فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ، فَكَلَّمَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَشْفَعَ لَهُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ لِيَأْخُذَ ثَمَرَ نَخْلِهِ بِالَّذِي لَهُ فَأَبَى، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّخْلَ فَمَشَى فِيهَا، ثُمَّ قَالَ لِجَابِرٍ:(جُدَّ لَهُ، فَأَوْفِ لَهُ الَّذِي لَهُ). فَجَدَّهُ بَعْدَمَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَوْفَاهُ ثَلَاثِينَ وَسْقًا، وَفَضَلَتْ لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِي كَانَ، فَوَجَدَهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ، فَقَالَ:(أَخْبِرْ ذَلِكَ ابْنَ الْخَطَّابِ). فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا.

[ر: 2020]

ص: 844

‌10 - بَاب: مَنِ اسْتَعَاذَ مِنَ الدَّيْنِ.

ص: 844

2267 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (ح). وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ:(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ). فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْمَغْرَمِ؟ قَالَ: (إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ).

[ر: 798]

ص: 844

‌11 - بَاب: الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ تَرَكَ دَيْنًا.

ص: 845

2268 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا).

(كلا) عيالا لا نفقة لهم، أو دينا لا وفاء له. (فإلينا) يرجع أمره والقيام به.

ص: 845

2269 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}. فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي، فَأَنَا مَوْلَاهُ).

[ر: 2176]

(إن شئتم) إن أردتم دليلا على ما أقول فاقرؤوا هذه الآية. /الأحزاب: 6/. (عصبته) قرابته الوارثون، والعصبة في اصطلاح علم الفرائض: اسم لمن يرث جميع المال إذا انفرد، أو الفاضل من المال بعد أخذ ذوي السهام نصيبهم. (ضياعا) عيالا محتاجين يضيعون إن تركوا. (فليأتني) ذلك الضياع أو صاحب الدين. (مولاه) ولي المتوفى، أتولى أموره، فأوفي دينه وأكفل عياله.

ص: 845

‌12 - بَاب: مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ.

ص: 845

2270 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَخِي وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ).

[ر: 2166]

ص: 845

‌13 - بَاب: لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالٌ.

وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ). قَالَ سُفْيَانُ: عِرْضُهُ يَقُولُ: مَطَلْتَنِي، وَعُقُوبَتُهُ الْحَبْسُ.

(لي الواجد) مطل القادر على قضاء دينه. (يحل) يبيح لصاحب الدين. (عرضه) بأن يذكر مطله وعدم وفائه، والعرض: هو موضع المدح أو الذم من الإنسان.

ص: 845

2271 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ:(دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا).

[ر: 2182]

ص: 845

‌14 - بَاب: إِذَا وَجَدَ مَالَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالْوَدِيعَةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا أَفْلَسَ وَتَبَيَّنَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: قَضَى عُثْمَانُ: مَنِ اقْتَضَى مِنْ حَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفْلِسَ فَهُوَ لَهُ، وَمَنْ عَرَفَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.

(تبين) أي ظهر إفلاسه. (من اقتضى .. ) أي من كان له حق عند أحد، فأخذه قبل أن يحكم عليه القاضي بالفلس، فهو له خاصة لا يشاركه به الغرماء.

ص: 846

2272 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ، أَوْ إِنْسَانٍ، قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ).

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: من أدرك ما باعه عند المشتري .. ، رقم:1559.

ص: 846

‌15 - بَاب: مَنْ أَخَّرَ الْغَرِيمَ إِلَى الْغَدِ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَطْلًا.

وَقَالَ جَابِرٌ: اشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ فِي دَيْنِ أَبِي فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمُ الْحَائِطَ، وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ، قال:(سَأَغْدُو عَلَيْكَ غَدًا). فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، فَقَضَيْتُهُمْ.

[ر: 2020]

ص: 846

‌16 - بَاب: مَنْ بَاعَ مَالَ الْمُفْلِسِ أَوِ الْمُعْدِمِ، فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، أَوْ أَعْطَاهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ.

ص: 846

2273 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

أَعْتَقَ رَجُلٌ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي). فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخَذَ ثَمَنَهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ.

[ر: 2034]

ص: 846

‌17 - بَاب: إِذَا أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، أَوْ أَجَّلَهُ فِي الْبَيْعِ.

قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي الْقَرْضِ إِلَى أَجَلٍ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أُعْطِيَ أَفْضَلَ مِنْ دَرَاهِمِهِ، مَا لَمْ يَشْتَرِطْ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: هُوَ إِلَى أَجَلِهِ فِي الْقَرْضِ.

ص: 846

2274 -

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى). الْحَدِيثَ.

[ر: 1427]

ص: 847

‌18 - بَاب: الشَّفَاعَةِ فِي وَضْعِ الدَّيْنِ.

ص: 847

2275 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، فَطَلَبْتُ إِلَى أَصْحَابِ الدَّيْنِ أَنْ يَضَعُوا بَعْضًا مِنْ دَيْنِهِ فَأَبَوْا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَشْفَعْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا، فَقَالَ:(صَنِّفْ تَمْرَكَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ، عِذْقَ ابْنِ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، وَاللِّينَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أَحْضِرْهُمْ حَتَّى آتِيَكَ). فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جَاءَ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ عَلَيْهِ، وَكَالَ لِكُلِّ رَجُلٍ حَتَّى اسْتَوْفَى، وَبَقِيَ التَّمْرُ كَمَا هُوَ، كَأَنَّهُ لَمْ يُمَسَّ. وَغَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاضِحٍ لَنَا فَأَزْحَفَ الْجَمَلُ، فَتَخَلَّفَ عَلَيَّ، فَوَكَزَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَلْفِهِ، قَالَ:(بِعْنِيهِ وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ). فَلَمَّا دَنَوْنَا اسْتَأْذَنْتُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:(فَمَا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا). قُلْتُ: ثَيِّبًا، أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ جَوَارِيَ صِغَارًا، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا تُعَلِّمُهُنَّ وَتُؤَدِّبُهُنَّ، ثُمَّ قَالَ:(ائْتِ أَهْلَكَ). فَقَدِمْتُ فَأَخْبَرْتُ خَالِي بِبَيْعِ الْجَمَلِ فَلَامَنِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِإِعْيَاءِ الْجَمَلِ، وَبِالَّذِي كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَكْزِهِ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْجَمَلِ، فَأَعْطَانِي ثَمَنَ الْجَمَلِ وَالْجَمَلَ، وَسَهْمِي مَعَ الْقَوْمِ.

[ر: 2020]

(اللين) نوع من التمر، وقيل: هو الرديء منه، جمع لينة وهي النخلة. (ناضح) الجمل الذي يسقى عليه. (فأزحف) تعب، وأصله، أن البعير جر رسنه وأزحفه، فعبر بذلك عن الإعياء والتعب. (فوكزه) ضربه بالعصا. (ولك ظهره) الركوب عليه. (جواري) جمع جارية وهي البنت الصغيرة. (سهمي) نصيبي من الغنيمة.

ص: 847

‌19 - بَاب: مَا يُنْهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} /البقرة: 205/. وَ: {لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} /يونس: 81/. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {أَصَلواتكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا

⦗ص: 848⦘

مَا نَشَاءُ} /هود: 87/. وَقَالَ: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} /النساء: 5/. وَالْحَجْرِ فِي ذَلِكَ، وَمَا يُنْهَى عَنِ الْخِدَاعِ.

(أصلواتك) بلفظ الجمع، وهي قراءة متواترة، وقراءة حفص {أصلاتك} بالإفراد. (السفهاء) جمع سفيه، وهو المبذر والذي لا يحسن التصرف بالمال، من الرجال والنساء والصبيان. (أموالكم) أي أموالهم التي في أيديكم وتحت ولايتكم.

ص: 847

2276 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ:(إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ). فَكَانَ الرَّجُلُ يَقُولُهُ.

[ر: 2011]

ص: 848

2277 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ وَرَّادٍ، مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ. وَكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ).

[ر: 1407]

أخرجه مسلم في الأقضية، باب: النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة .. ، رقم:593.

(عقوق الأمهات) أصل العقوق القطع، أطلق على الإساءة للأم وعدم الإحسان إليها لما في ذلك من قطع حقوقها، وخص الأمهات بالذكر، وإن كان يستوي في ذلك الآباء والأمهات، لأن الجرأة عليهن أكثر في الغالب. (وأد البنات) دفنهن وهن أحياء. (ومنع وهات) منع الواجبات من الحقوق، وأخذ ما لا يحل لكم من الأموال، أو طلب ما ليس لكم فيه حق.

ص: 848

‌20 - بَاب: الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَعْمَلُ إِلَّا بِإِذْنِهِ.

ص: 848

2278 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهِيَ مسؤولة عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ). قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ، وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ).

[ر: 853]

ص: 848

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 849

‌49 - كِتَاب الْخُصُومَاتِ

ص: 849

‌1 - بَاب: مَا يُذْكَرُ فِي الْإِشْخَاصِ والملازمة وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِي.

(الإشخاص) إحضار الغريم. (الملازمة) منع صاحب الحق غريمه من التصرف حتى يعطيه حقه.

ص: 849

2279 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ النَّزَّالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ:

سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً، سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ). قَالَ شُعْبَةُ: أَظُنُّهُ قَالَ: (لَا تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا).

[3289، 4775]

(آية) قيل: هي من سورة الرحمن. (محسن) مصيب في قراءته. (تختلفوا) أي في القرآن، ولا تجادلوا فيه. (اختلفوا) في كتبهم. (هلكوا) سببوا لأنفسهم الهلاك، لأن اختلافهم جرهم إلى التحريف والتبديل حسب أهوائهم، فكان ذلك سببا لخصوماتهم ونزاعهم، وحلول العذاب فيهم.

ص: 849

2280 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

اسْتَبَّ رَجُلَانِ: رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَرَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ، قَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي: أَكَانَ

⦗ص: 850⦘

فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ).

[3227، 3233، 4535، 6152، 6153، 6991، 7034]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: من فضائل موسى عليه السلام، رقم:2373.

(استب) من السب وهو الشتم والتنابذ بالكلام وغيره. (رجل من المسلمين) قيل: أبو بكر رضي الله عنه. (رجل من اليهود) قيل هو فنحاص، وقيل غيره. (اصطفى) من الصفوة، وهي الخالص من الشيء. (تخيروني) تفضلوني تفضيلا فيه انتقاص لغيري من الأنبياء. (يصعقون) يخرون صرعى، مغمى عليهم من الفزع أو ميتين. (يفيق) يحيا، أو يذهب عنه أثر الصعق ويصحو. (باطش) متعلق بناحية منه بقوة، والبطش الأخذ القوي الشديد. (استثنى الله) بقوله تعالى:{فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} /الزمر: 68/: أي فلم يصعق.

ص: 849

2281 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ جَاءَ يَهُودِيٌّ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، ضَرَبَ وَجْهِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ:(مَنْ). قَالَ: رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، قَالَ:(ادْعُوهُ). فَقَالَ: (أَضَرَبْتَهُ). قَالَ: سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، قُلْتُ: أَيْ خَبِيثُ، عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ ضَرَبْتُ وَجْهَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الْأُولَى).

[3217، 4362، 6153، 6518، 6519، 6991]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: من فضائل موسى عليه السلام، رقم:2374.

(حوسب بصعقة الأولى) أي عدت عليه الصعقة التي صعقها في الدنيا، عندما طلب من الله تعالى أن ينظر إليه وتجلى سبحانه للجبل، لأن كل مكلف يصعق مرتين فقط.

ص: 850

2282 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ، أَفُلَانٌ، أَفُلَانٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.

[2595، 4989، 6482، 6483، 6485، 6490، 6491]

(رض) دق. (جارية) من الأنصار. (سمي) ذكر اسم القاتل. (فأومت) أشارت.

ص: 850

‌2 - بَاب: مَنْ رَدَّ أَمْرَ السَّفِيهِ وَالضَّعِيفِ الْعَقْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ.

وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: رَدَّ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ قَبْلَ النَّهْيِ ثُمَّ نَهَاهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ، وَلَهُ عَبْدٌ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَعْتَقَهُ، لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ. وَمَنْ بَاعَ عَلَى الضَّعِيفِ وَنَحْوِهِ، فَدَفَعَ ثَمَنَهُ إِلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِالْإِصْلَاحِ وَالْقِيَامِ بِشَأْنِهِ، فَإِنْ

⦗ص: 851⦘

أَفْسَدَ بَعْدُ مَنَعَهُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ.

[ر: 2277]. وَقَالَ لِلَّذِي يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ: (إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ). وَلَمْ يَأْخُذْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَالَهُ.

(نهاه) أي عن مثل هذه الصدقة. (الضعيف ونحوه) ضعيف العقل كالأبله والصغير، ونحوه كالسفيه الذي لا يحسن التصرف بالمال.

ص: 850

2283 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ رَجُلٌ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ). فَكَانَ يَقُولُهُ.

[ر: 2011]

ص: 851

2284 -

حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ، لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ.

[ر: 2034]

ص: 851

‌3 - بَاب: كَلَامِ الْخُصُومِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ.

ص: 851

2285 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). قَالَ: فَقَالَ الْأَشْعَثُ: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَلَكَ بَيِّنَةٌ). قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: (احْلِفْ). قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

[ر: 2229]

ص: 851

2286 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ رضي الله عنه:

أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى:(يَا كَعْبُ). قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا). فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ: أَيِ الشَّطْرَ، قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(قُمْ فَاقْضِهِ).

[ر: 445]

ص: 851

2287 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ

⦗ص: 852⦘

الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ:

سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَنِيهَا، وَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ لِي:(أَرْسِلْهُ). ثُمَّ قَالَ لَهُ: (اقْرَأْ). فَقَرَأَ، قَالَ:(هَكَذَا أُنْزِلَتْ). ثُمَّ قَالَ لِي: (اقْرَأْ). فَقَرَأْتُ، فَقَالَ:(هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فاقرؤوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ).

[4706، 4754، 6537، 7111]

أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: بيان أن القرآن على سبعة أحرف، رقم:818.

(على غير ما أقرؤها) خلاف ما تعلمت قراءتها مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. (أعجل عليه) في الإنكار والتعرض له. (انصرف) انتهى من القراءة. (لببته بردائه) جمعت رداءه عند صدره وجررت به. (سبعة أحرف) حسب لهجات العرب ولغاتها، وقيل غير ذلك. (ما تيسر) لكم حفظه من القرآن.

ص: 851

‌4 - بَاب: إِخْرَاجِ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَالْخُصُومِ مِنَ الْبُيُوتِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ.

(بعد المعرفة) أي بعد العلم بأحوالهم، تأديبا لهم وزجرا عن ارتكاب ما لم يجزه الشرع. (أخت أبي بكر) وتكنى أم فروة. (ناحت) من النوح وهو البكاء على الميت بصوت عال مع تعداد شمائله وصفاته.

ص: 852

2288 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى مَنَازِلِ قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ).

[ر: 618]

ص: 852

‌5 - بَاب: دَعْوَى الْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ.

ص: 852

2289 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصَانِي أَخِي إِذَا قَدِمْتُ أَنْ أَنْظُرَ ابْنَ أَمَةِ زَمْعَةَ فَأَقْبِضَهُ، فَإِنَّهُ ابْنِي، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي. فَرَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَالَ:(هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ).

[ر: 1948]

ص: 852

‌6 - بَاب: التَّوَثُّقِ مِمَّنْ تُخْشَى مَعَرَّتُهُ.

وَقَيَّدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ.

(التوثق) الإحكام وأخذ الاحتياط بما يلزم من الحبس أو القيد ونحوهما. (معرته) فساده وأذاه. (وقيد .. ) أي كان يجعل في رجليه القيد حتى يثبت، ليعلمه القرآن والحديث وشرائع الإسلام.

ص: 853

2290 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما يَقُولُ:

بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ). قَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ:(أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ).

[ر: 450]

ص: 853

‌7 - بَاب: الرَّبْطِ وَالْحَبْسِ فِي الْحَرَمِ.

وَاشْتَرَى نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ دَارًا لِلسِّجْنِ بِمَكَّةَ، مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَلَى أَنَّ عُمَرَ إِنْ رَضِيَ فَالْبَيْعُ بَيْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ عُمَرُ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُمِائَةِ.

وَسَجَنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ.

(نافع) من فضلاء الصحابة، استعمله عمر رضي الله عنه أميرا على مكة. (أربعمائة) أجرة مقابل الانتفاع بها. (بمكة) أيام ولايته عليها.

ص: 853

2291 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ.

[ر: 450]

ص: 853

‌8 - بَاب: الْمُلَازَمَة.

ص: 853

2292 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ دَيْنٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ، فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(يَا كَعْبُ). وَأَشَارَ بِيَدِهِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: النِّصْفَ، فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا.

[ر: 445]

ص: 853

‌9 - بَاب: التَّقَاضِي.

ص: 854

2293 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ:

كُنْتُ قَيْنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَرَاهِمُ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثَكَ. قَالَ: فَدَعْنِي حَتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ أُبْعَثَ، فَأُوتَى مَالًا وَوَلَدًا ثُمَّ أَقْضِيَكَ. فَنَزَلَتْ:{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا} الْآيَةَ.

[ر: 1985]

ص: 854

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 855

50 -

كِتَاب فِي اللُّقَطَةِ

ص: 855

‌1 - بَاب: وإذا أَخْبَرَهُ رَبُّ اللُّقَطَةِ بِالْعَلَامَةِ دَفَعَ إِلَيْهِ.

ص: 855

2294 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ:

لَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه فَقَالَ: أَخَذْتُ صُرَّةً، مِائَةَ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(عَرِّفْهَا حَوْلًا). فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ:(عَرِّفْهَا حَوْلًا). فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلَاثًا، فَقَالَ:(احْفَظْ وِعَاءَهَا، وَعَدَدَهَا، وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا). فَاسْتَمْتَعْتُ، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ. فَقَالَ: لَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا.

[2305]

أخرجه مسلم في أوائل كتاب اللقطة، رقم:1723.

(عرفها) من التعريف، أي بينها للناس، كأن ينادي في المجتمعات: من ضاع له شيء فليطلبه عندي. (حولا) سنة حسب عادة الناس وعرفهم في مثل هذه الأمور. (وكاءها) الخيط الذي يربط به رأس الصرة أو الكيس. (فإن جاء صاحبها) فارددها إليه. (وإلا) وإن لم يجيء صاحبها. (فاستمتع بها) انتفع بها بعد أن تتملكها على أن ترد قيمتها لصاحبها إن جاء بعد. (فلقيته) أي لقي شعبة سلمة بن كهيل.

ص: 855

‌2 - بَاب: ضَالَّةِ الْإِبِلِ.

ص: 855

2295 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَبِيعَةَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَمَّا يَلْتَقِطُهُ، فَقَالَ:(عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِهَا وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْهَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ:(لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ). قَالَ: ضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ).

[ر: 91]

(فاستنفقها) انتفع بها واستهلكها بقصد التملك، وتضمن قيمتها لصاحبها إن جاء. (فتمعر) تغير من الغضب، والأصل: أن يقال في الشجر، إذا قل ماؤه، فصار قليل النضرة.

ص: 855

‌3 - بَاب: ضَالَّةِ الْغَنَمِ.

ص: 856

2296 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ: أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ، فَزَعَمَ أَنَّهُ قَالَ:(اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً). يَقُولُ يَزِيدُ: إِنْ لَمْ تُعْرَفْ اسْتَنْفَقَ بِهَا صَاحِبُهَا، وَكَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ. قَالَ يَحْيَى: فَهَذَا الَّذِي لَا أَدْرِي أَفِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ أَمْ شَيْءٌ مِنْ عِنْدِهِ. ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ). قَالَ يَزِيدُ: وَهِيَ تُعَرَّفُ أَيْضًا. ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: فَقَالَ: (دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا).

[ر: 91]

(استنفق بها صاحبها) انتفع بها ملتقطها. (وكانت وديعة عنده) هي أو قيمتها، إذا جاء صاحبها وهي باقية بعينها ردها عليه، وإن كانت مستهلكة رد عليه بدلها أو قيمتها.

ص: 856

4 -

بَاب: إِذَا لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ فَهِيَ لِمَنْ وَجَدَهَا.

ص: 856

2297 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ:(اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا). قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: (هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ). قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: (مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا).

[ر: 91]

ص: 856

‌5 - بَاب: إِذَا وَجَدَ خَشَبَةً فِي الْبَحْرِ أَوْ سَوْطًا أَوْ نَحْوَهُ.

ص: 856

2298 -

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ:(فَخَرَجَ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا هُوَ بِالْخَشَبَةِ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ).

[ر: 1427]

ص: 856

‌6 - بَاب: إِذَا وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ.

ص: 857

2299 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ، قَالَ:(لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا).

وَقَالَ يَحْيَى: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ.

ص: 857

2300 -

وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيهَا).

[ر: 1950]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ، رقم:1070.

(فألقيها) فأرميها ولا آكلها.

ص: 857

‌7 - بَاب: كَيْفَ تُعَرَّفُ لُقَطَةُ أَهْلِ مَكَّةَ.

ص: 857

2301 -

وَقَالَ طَاوُسٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا).

وَقَالَ خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ).

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سعد: حَدَّثَنَا رَوْحٌ: حَدَّثَنَا زكَرِيَّاءُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يُعْضَدُ عِضَاهُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا). فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَقَالَ:(إِلَّا الْإِذْخِرَ).

[ر: 1284]

(عضاها) كل شجر له شوك كبير، الواحدة عضة.

ص: 857

2302 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، قَامَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:

⦗ص: 858⦘

(إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ. وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ). فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِلَّا الْإِذْخِرَ). فَقَامَ أَبُو شَاهٍ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ).

قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 112]

ص: 857

‌8 - بَاب: لَا تُحْتَلَبُ مَاشِيَةُ أَحَدٍ بِغَيْرِ إذن.

ص: 858

2303 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ).

أخرجه مسلم في اللقطة، باب: تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها، رقم:1726.

(ماشية) هي الإبل والبقر والغنم، وأكثر ما تطلق على الغنم. (مشربته) الموضع المصون لما يخزن، أو الغرفة المرتفعة عن الأرض. (خزانته) الموضع أو الوعاء الذي يخزن فيه ما يراد حفظه. (ضروع) جمع ضرع، وهو في ذات الخف أو الظلف كالثدي للمرأة. (أطعماتهم) جمع أطعمة، وهي جمع طعام.

ص: 858

‌9 - بَاب: إِذَا جَاءَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ رَدَّهَا عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ.

ص: 858

2304 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ، قَالَ:(عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ:(خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى احْمَرَّتْ

⦗ص: 859⦘

وَجْنَتَاهُ أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ:(مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا).

[ر: 91]

ص: 858

‌10 - بَاب: هَلْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ وَلَا يَدَعُهَا تَضِيعُ، حَتَّى لَا يَأْخُذَهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ.

ص: 859

2305 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ:

كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ فِي غَزَاةٍ، فَوَجَدْتُ سَوْطًا، فقال لِي: أَلْقِهِ، قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ وَإِلَّا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ، فَلَمَّا حَجَجْنَا، فَمَرَرْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه فَقَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(عَرِّفْهَا حَوْلًا). فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُ، فَقَالَ:(عَرِّفْهَا حَوْلًا). فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ:(عَرِّفْهَا حَوْلًا). فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ:(اعْرِفْ عِدَّتَهَا، وَوِكَاءَهَا، وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ بِهَا).

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ: بِهَذَا، قَالَ: فَلَقِيتُهُ بَعْدُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي أَثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا.

[ر: 2294]

ص: 859

‌11 - بَاب: مَنْ عَرَّفَ اللُّقَطَةَ وَلَمْ يَدْفَعْهَا إِلَى السُّلْطَانِ.

ص: 859

2306 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه:

أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ، قَالَ:(عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعِفَاصِهَا وَوِكَائِهَا، وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْ بِهَا، وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ وَقَالَ: (مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، دَعْهَا حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا). وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ، فَقَالَ:(هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ).

[ر: 91]

ص: 859

2307 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْبَرَاءُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَ:

انْطَلَقْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ،

⦗ص: 860⦘

فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا، ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالْأُخْرَى، فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِدَاوَةً، عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ.

[3419، 3452، 3696، 3704، 5284]

(فاعتقل) من الاعتقال وهو الإمساك. (كثبة) قدر حلبة، وقيل: قليلا أو ما يملأ القدح. (إداوة) إناء صغير يوضع فيه الماء للوضوء وغيره. (رضيت) اطمأننت أنه قد ارتوى.

ص: 859

بسم الله الرحمن الرحيم.

ص: 861

‌51 - كِتَاب الْمَظَالِمِ.

ص: 861

‌1 - باب: في الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ. مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رؤوسهم} : رَافِعِي، الْمُقْنِعُ وَالْمُقْمِحُ وَاحِدٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:{مُهْطِعِينَ} مُدِيمِي النَّظَرِ، وَيُقَالُ: مُسْرِعِينَ. {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} . يَعْنِي جُوفًا لَا عُقُولَ لَهُمْ. {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ. وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ. وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ. فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} /إبراهيم: 42 - 47/.

(تشخص فيه الأبصار) تبقى عيونهم في ذلك اليوم مفتوحة ممدودة، من غير تحريك للأجفان. (لا يرتد إليهم طرفهم) لا يطرفون ولا ترجع إليهم أبصارهم. (أفئدتهم هواء) قلوبهم فارغة، ليس فيها قوة ولا جراءة، وقيل: صفر من الخير خالية عنه. (ما لكم من زوال) باقون في الدنيا، لا تزالون عنها بالموت والفناء. (ضربنا لكم الأمثال) ذكرنا لكم ما أصاب الأمم قبلكم واضحا مبينا لتعتبروا. (مكروا مكرهم) دبروا فيما بينهم أمر قتل النبي صلى الله عليه وسلم. (عند الله مكرهم) عالم به لا يخفى عليه، فيردهم خائبين، ويجازيهم على سوء تدبيرهم. (لتزول منه الجبال) ولو بلغ من تدبيرهم أنه تزال به الجبال الراسيات، فإنه لا يضر أولياء الله تعالى في نصرة دينه وتبليغ دعوته.

ص: 861

‌2 - باب: قصاص المظالم.

ص: 861

2308 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه،

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ

⦗ص: 862⦘

فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا، أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ بِمَسْكَنِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا).

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ.

[6170]

(حبسوا) أوقفوا. (بقنطرة) كل شيء ينصب على طرفي واد أو جانبي نهر ونحوه. (فيتقاصون) من القصاص، والمعنى: يتراضون فيما بينهم ويتسامحون، عما كان لبعضهم من تبعات على بعض. (نقوا وهذبوا) خلصوا من جميع الآثام، ولم يبق على أحدهم أية تبعة، من التنقية وهي تمييز الجيد من الرديء، والتهذيب وهو التخليص. (أدل) أكثر دلالة وأعرف.

ص: 861

‌3 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} .

ص: 862

2309 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ:

بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما آخِذٌ بِيَدِهِ، إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ والمنافق، فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ:{هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} .

[4408، 5722، 7076]

أخرجه مسلم في التوبة، قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، رقم:2768. (النجوى) هي التكالم سرا، والمراد: ما يقع بين الله تعالى وبين عبده المؤمن يوم القيامة، من إطلاعه على معاصيه سرا، فضلا منه سبحانه. (يدني) يقرب. (كنفه) ستره وحفظه. (هلك) باستحقاقه العذاب على ذنوبه. (الأشهاد) جمع شاهد وشهيد، وهم الرسل والملائكة والمؤمنون من الإنس والجن. (كذبوا على ربهم) بنسبة الشريك له والولد، وأن الله تعالى لا يبعثهم بعد موتهم، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا. (لعنة الله) الطرد من رحمته والعذاب الدائم في جهنم. (الظالمين) المشركين والكافرين ومن على شاكلتهم. /هود: 18/.

ص: 862

‌4 - بَاب: لَا يَظْلِمُ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُسْلِمُهُ.

ص: 862

2310 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْمُسْلِمُ أَخُو

⦗ص: 863⦘

الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

[6551]

أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: تحريم الظلم، رقم:2580. (يسلمه) يتركه إلى الظلم. (كان في حاجة أخيه) سعى في قضائها. (كان الله في حاجته) أعانه الله تعالى وسهل له قضاء حاجته. (كربة) مصيبة من مصائب الدنيا، توقعه في الغم وتأخذ بنفسه.

ص: 862

‌5 - بَاب: أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا.

ص: 863

2311 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا).

ص: 863

2312 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ:(تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ).

[6552]

(تأخذ فوق يديه) تمنعه من الظلم.

ص: 863

‌6 - بَاب: نَصْرِ الْمَظْلُومِ.

ص: 863

2313 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدٍ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:

أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، فَذَكَرَ:(عِيَادَةَ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ، وَرَدَّ السَّلَامِ، وَنَصْرَ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةَ الدَّاعِي، وَإِبْرَارَ الْمُقْسِمِ).

[ر: 1182]

ص: 863

2314 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا). وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.

[ر: 467]

ص: 863

‌7 - بَاب: الِانْتِصَارِ مِنَ الظَّالِمِ.

لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا

⦗ص: 864⦘

عَلِيمًا} /النساء: 148/. {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} /الشورى: 39/. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا، فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا.

(الجهر بالسوء من القول) الإعلان بالكلام الذي فيه ذكر مساوئ غيره. (من ظلم) اعتدي عليه، فلا يؤاخذ بالإخبار عن ظلم ظالمه، وذكره بما فيه، أو الدعاء عليه. (البغي) الظلم والاعتداء. (ينتصرون) ينتقمون ممن ظلمهم.

ص: 863

‌8 - بَاب: عَفْوِ الْمَظْلُومِ.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} /النساء: 149/. {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ. إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ. وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} /الشورى: 40 - 44/.

(تبدوا) تظهروا. (خيرا) عملا صالحا بدل السوء. (سوء) ظلم. (عفوا قديرا) يعفو عن عباده مع قدرته عليهم، فإذا تخلقتم بأخلاقه سبحانه أجزل لكم الثواب. (سيئة مثلها) عقوبة مماثلة للإساءة. (وما عليهم من سبيل) ليس عليهم مؤاخذة أو لوم. (يبغون) يعتدون ويفسدون. (عزم الأمور) الأمور التي طلبها الشارع وندب إليها، والعزم: الإقدام على الأمر بحزم بعد التفكير والروية. (مرد) رجعة إلى الدنيا. (سبيل) طريق.

ص: 864

‌9 - بَاب: الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

ص: 864

2315 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

أخرجه مسلم في البر والصلة الآداب، باب: تحريم الظلم، رقم:2579. (ظلمات) على فاعله في الدنيا، فيحجب عن رحمة الله تعالى ورؤيته يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

ص: 864

‌10 - بَاب: الِاتِّقَاءِ وَالْحَذَرِ مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ.

ص: 864

2316 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ:(اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ).

[ر: 1331]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، رقم:19.

ص: 864

‌11 - بَاب: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ الرَّجُلِ فَحَلَّلَهَا لَهُ، هَلْ يُبَيِّنُ مَظْلَمَتَهُ.

ص: 865

2317 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأحد مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ).

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَقْبُرِيَّ لِأَنَّهُ كَانَ نَزَلَ نَاحِيَةَ الْمَقَابِرِ. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ هُوَ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، وَاسْمُ أَبِي سَعِيدٍ كَيْسَانُ.

[6169]

(له مظلمة) أي قد ظلم أحدا بقول أو فعل. (عرضه) جانبه الذي يصونه ويحامي عنه، من نفسه وحسبه. (فليتحلله) يطلب منه العفو والمسامحة، أو يؤدي إليه مظلمته. (فحمل عليه) ألقي على الظالم عقوبات سيئات المظلوم.

ص: 865

‌12 - بَاب: إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ.

ص: 865

2318 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} . قَالَتْ: الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ، لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ:

[2548، 4325، 4910]

(بعلها) زوجها. (نشوزا) سوء عشرة ومنع نفقة. (إعراضا) كراهية لها ورغبة في مفارقتها. (ليس بمستكثر منها) لا يريد كثرة صحبتها والاستمرار معها. (من شأني في حل) أسقط عنك مالي من حقوق. (الآية) هي المذكورة في الحديث. /النساء: 128/.

ص: 865

13 -

بَاب: إِذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ أَحَلَّهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ.

ص: 865

2319 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ:(أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ). فَقَالَ الْغُلَامُ:

⦗ص: 866⦘

وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَدِهِ.

[ر: 2224]

(فتله) وضعه في يده ودفعه إليه.

ص: 865

‌14 - بَاب: إِثْمِ مَنْ ظَلَمَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ.

ص: 866

2320 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ ظَلَمَ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ).

[3026]

ص: 866

2321 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ:

أَنَّهُ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ، فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقَالَتْ: يَا أَبَا سَلَمَةَ، اجْتَنِبِ الْأَرْضَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ).

[3023]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، رقم:1612. (خصومة) نزاع حول شيء. (اجتنب الأرض) احذر أن تأخذ منها شيئا بغير حق، أو لا تتعاطاها خوفا من أن تقع في ذلك. (قيد) قدر.

ص: 866

2322 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ).

قال الفربري: قال أبو جعفر بن أبي حاتم: قَالَ أبو عَبْدِ اللهِ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِخُرَاسَانَ فِي كِتَابِ ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَمْلاهُ عَلَيْهِم بِالْبَصْرَةِ.

[3024]

(خسف به) غارت به الأرض وجعل ذلك في عنقه كالطوق. (ليس بخراسان .. ) قال العيني: أراد أن عبد الله بن المبارك صنف كتبه بخراسان وحدث بها هناك، وحملها عنه أهلها، إلا أن هذا الحديث فإنه أملاه عليهم بالبصرة. (الفربري) هو أحد الرواة عن البخاري. (أبو جعفر) هو كاتب البخاري. (أبو عبد الله) هو البخاري نفسه رحمه الله تعالى.

ص: 866

‌15 - بَاب: إِذَا أَذِنَ إِنْسَانٌ لِآخَرَ شَيْئًا جَازَ.

ص: 867

2323 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ:

كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فِي بَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَصَابَنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْإِقْرَانِ، إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ.

[2357، 2358، 5131]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: نهي الآكل مع جماعة عن قران تمرتين ونحوهما، رقم:2045. (سنة) غلاء وجدب. (يرزقنا) يعطينا ويطعمنا. (الإقران) أن يأكل تمرتين تمرتين.

ص: 867

2324 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ:

أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ، كَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ، فَقَالَ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ: اصْنَعْ لِي طَعَامَ خَمْسَةٍ، لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمْسَةٍ، وَأَبْصَرَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجُوعَ، فَدَعَاهُ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ لَمْ يُدْعَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ هَذَا قَدِ اتَّبَعَنَا، أَتَأْذَنُ لَهُ). قَالَ: نَعَمْ.

[ر: 1975]

ص: 867

‌16 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} /البقرة: 204

/.

(ألد الخصام) شديد العداوة في الخصومة، يكذب ويفتري ولا يستقيم مع الحق.

ص: 867

2325 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ).

[4251، 6765]

أخرجه مسلم في العلم، باب: في الألد الخصم، رقم:2668. (الألد الخصم) المعوج عن الحق، المولع بالخصومة والماهر بها، والألد في اللغة الأعوج.

ص: 867

‌17 - بَاب: إِثْمِ مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ.

ص: 867

2326 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهَا،

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً

⦗ص: 868⦘

بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ:(إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ، فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا).

[2534، 6566، 6748، 6759، 6762]

أخرجه مسلم في الأقضية، باب: الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، رقم:1713. (بشر) لا أعلم الغيب وبواطن الأمور إلا ما أطلعني الله تعالى عليه، ويطرأ علي ما يطرأ على البشر من أعراض لا تخل في كوني رسولا، كالغضب والتأثر بظاهر الكلام. (الخصم) المتخاصمون. (أبلغ) أفصح ببيان حجته. (بذلك) بما ظهر لي من الحجة. (قطعة من النار) أي فهي حرام مآل آخذه إلى النار.

ص: 867

‌18 - بَاب: إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ.

ص: 868

2327 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا، أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ).

[ر: 34]

ص: 868

‌19 - بَاب: قِصَاصِ الْمَظْلُومِ إِذَا وَجَدَ مَالَ ظَالِمِهِ.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: يُقَاصُّهُ، وَقَرَأَ:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} /النحل: 126/.

(يقاصه) يأخذ منه مثل ماله. (بمثل ما عوقبتم به) دون زيادة أو نقصان.

ص: 868

2328 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا؟ فَقَالَ:(لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ).

[ر: 2097]

ص: 868

2329 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ:

قُلْنَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ تَبْعَثُنَا، فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يقروننا، فَمَا تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ لَنَا:(إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ، فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ).

[5786]

أخرجه مسلم في اللقطة، باب: الضيافة ونحوها، رقم: 1727 (لا يقروننا) لا يقدمون لنا ضيافة. (بما ينبغي) بما يقدم عادة. (فخذوا منهم) ما كان ينبغي أن يقدم قهرا عنهم، وذلك في حق الضيف المضطر إلى ضيافة، كما لو كان في مكان لا تباع فيه الأشياء، أو كان منقطعا، وأما غير المضطر فضيافته سنة مؤكدة.

ص: 868

‌20 - بَاب: مَا جَاءَ فِي السَّقَائِفِ.

وَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ.

[ر: 5314]

ص: 869

2330 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ. وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنهم قَالَ:

حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، إِنَّ الْأَنْصَارَ اجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: انْطَلِقْ بِنَا، فَجِئْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ.

[3261، 3713، 3796، 6441، 6442، 6892]

(سقيفة) المكان المظلل كالساباط بجانب الدار. (بني ساعدة) بطن من الخزرج.

ص: 869

‌21 - بَاب: لَا يَمْنَعُ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ.

ص: 869

2331 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ). ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ.

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: غرز الخشب في جدار الجار، رقم:1609. (يغرز خشبه) يضع خشب سقف بيته أو غيرها. (عنها معرضين) تاركين لهذه السنة وهذا الفضل. (لأرمين بها) بهذه المقالة. (بين أكتافكم) أي ولأحملنكم على فعل هذا كارهين.

ص: 869

‌22 - بَاب: صَبِّ الْخَمْرِ فِي الطَّرِيقِ.

ص: 869

2332 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ بَعْضُ

⦗ص: 870⦘

الْقَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} . الْآيَةَ.

[4341، 4344، 5258، 5260 - 5262، 5278، 5299، 6826]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: تحريم الخمر وبيان أنها تكون من عصير العنب .. ، رقم:1980. (خمرهم) أصل الخمر من المخامرة وهي المخالطة، سميت بها لمخالطتها العقل. ومن التخمير، وهو التغطية، سميت بها لتغطيتها العقل. (الفضيخ) شراب يتخذ من البسر المفضوخ، من الفضخ وهو كسر الشيء الأجوف، والبسر نوع من التمر. (فأهرقها) من الإهراق وهو الإسالة والصب، وأصله الإراقة والهاء زائدة. (سكك) جمع سكة وهي الطريق. (وهي في بطونهم) أي ولم يمض على شربهم لها زمن طويل. (جناح) إثم. (طعموا) شربوا من الخمر قبل التحريم. (الآية) المائدة:93. وتتمتها: {إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين}.

ص: 869

‌23 - بَاب: أَفْنِيَةِ الدُّورِ وَالْجُلُوسِ فِيهَا وَالْجُلُوسِ عَلَى الصُّعُدَاتِ.

وَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَابْتَنَى أَبُو بَكْرٍ مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ.

[ر: 464]

(أفنية) جمع فناء، وهو ما امتد من جوانب الدار، أو ما يكون أمام الدار من سعة. (الصعدات) جمع صعيد وهو الطريق، وقيل: جمع صعدة وهي فناء باب الدار وممر الناس أمامه.

ص: 870

2333 -

حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ). فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ:(فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا). قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: (غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ).

[5875]

أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: النهي عن الجلوس في الطرقات .. ، رقم:2121. (إياكم) أحذركم. (بد) غنى عنه. (المجالس) الجلوس في تلك المجالس. (حقها) ما يليق بها من آداب. (غض البصر) خفض النظر عمن يمر في الطريق من النساء وغيرهن مما يثير الفتنة. (كف الأذى) عدم التعرض لأحد بقول أو فعل يتأذى به.

ص: 870

‌24 - بَاب: الْآبَارِ عَلَى الطُّرُقِ إِذَا لَمْ يُتَأَذَّ بِهَا.

ص: 870

2334 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَا رَجُلٌ بِطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه، وَإِنَّ لَنَا

⦗ص: 871⦘

فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقَالَ: (فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ).

[ر: 171]

ص: 870

‌25 - بَاب: إِمَاطَةِ الْأَذَى.

وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(يُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ).

[ر: 2827]

(يميط) يزيل.

ص: 871

‌26 - بَاب: الْغُرْفَةِ وَالْعُلِّيَّةِ الْمُشْرِفَةِ فِي السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا.

ص: 871

2335 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ:

أَشْرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَالَ:(هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي أَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ).

[ر: 1779]

ص: 871

2336 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ رضي الله عنه، عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} . فَحَجَجْتُ مَعَه، فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ، حَتَّى جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْإِدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ عز وجل لَهُمَا:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} . فَقَالَ: وَاعَجَبِي لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الْأَنْصَارِ إِذَا

⦗ص: 872⦘

هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ليُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ. فَأَفْزَعَنِي، فَقُلْتُ: خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ، ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: أَيْ حَفْصَةُ، أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: خَابَتْ وَخَسِرَتْ، أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَتَهْلِكِينَ، لَا تَسْتَكْثِرِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلَا تَهْجُرِيهِ، وَاسْأَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكَ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ عَائِشَةَ - وَكُنَّا تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَالَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ عِشَاءً، فَضَرَبَ بابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أَنَائِمٌ هُوَ، فَفَزِعْتُ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هُوَ أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ، قَالَ: قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، قُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ، أَوَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ، أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي، هُوَ ذَا فِي الْمَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، فَقُلْتُ لِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلَامَ، فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي، قَالَ: أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ،

⦗ص: 873⦘

لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ:(لَا). ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَذَكَرَهُ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ، غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلَاثَةٍ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ:(أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي، فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ: مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا، مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ). وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ، فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ، فَقَالَ:(إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ). قَالَتْ: قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِكَ، ثُمَّ قَالَ:(إِنَّ اللَّهَ قَالَ: {يا أيها النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ - إِلَى قَوْلِهِ - عَظِيمًا}). قُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.

[ر: 89]

(صغت قلوبكما) مالت إلى تحريم مارية القبطية رضي الله عنها. /التحريم: 4/. (فعدل) مال عن الطريق. (بالإداوة) إناء صغير من جلد يتخذ للماء. (فتبرز) خرج إلى الفضاء لقضاء الحاجة. (واعجبي) أتعجب لعدم معرفتك ذلك وأنت مشهور بعلم التفسير، أو أتعجب لحرصك على السؤال عما لا ينتبه له إلا الحريص على العلم. (استقبل عمر الحديث) بدأ

به من أوله. (الأمر) الوحي وما ينزل من الأوامر الشرعية، وما يحدث في المدينة. (نغلب النساء) يكون رأينا هو المقدم، ولا تراجعنا أزواجنا في شيء. (فطفق) فشرع. (أدب) أخلاق وسلوك. (راجعتني) ردت علي الجواب. (لتهجره) تترك مخاطبته والعشرة معه. (فأفزعني) فأخافني. (بعظيم) بأمر عظيم. (أفتامن) أفتأمن. (أن يغضب) أن لا يغضب. (لا تستكثري) لا تكثري عليه في الطلب. (أوضأ) أجمل. (تنعل النعال) تعد خيلها ودوابها. (مشربة) غرفة صغيرة مرتفعة عن الأرض. (رمال حصير) حصير منسوج، وقيل: رمال الحصير ضلوعه المتداخلة بمنزلة الخيوط في الثوب المنسوج. (أدم) جلد مدبوغ. (أستأنس) أتبصر: هل أقول قولا أونسه به وأطيب وقته وأزيل منه غضبه. (شيئا يرد البصر) ذا قيمة يرجع البصر راضيا. (أهبة) جمع إهاب وهو الجلد الذي لم يدبغ. (في شك) من أنه ادخر لنا النعيم في الآخرة. (من أجل ذلك الحديث) كان

اعتزاله بسبب إفشاء ذلك الحديث. (أفشته) أذاعته ونشرته. (موجدته) شدة غضبه. (آية التخيير) وهي قوله تعالى: {يا أيها النبي قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما} . /الأحزاب: 28 - 29/. (أمتعكن) أعطيكن شيئا من المال تتنتفعن به ويكون لكن بلغة بعد ذهاب نفقة الزوج. (أسرحكن) أطلقكن. (جميلا) لا إضرار فيه. (المحسنات) اللاتي آثرن الباقية على الفانية. (تستأمري) تستشيري.

ص: 871

2337 -

حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ: حَدَّثَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

آلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فَجَلَسَ فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: (لَا، وَلَكِنِّي آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا). فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ثُمَّ نَزَلَ، فَدَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ.

[ر: 371]

ص: 874

‌27 - بَاب: مَنْ عَقَلَ بَعِيرَهُ عَلَى الْبَلَاطِ أَوْ بَابِ الْمَسْجِدِ.

ص: 874

2338 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ:

دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلَاطِ، فَقُلْتُ: هَذَا جَمَلُكَ، فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ، قَالَ:(الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ).

[ر: 432]

(عقلت) شددته بالقعال، وهو الحبل الذي تربط به إحدى قوائم البعير حتى لا يذهب. (الجمل) ذكر الإبل. (ناحية) جانب. (البلاط) حجارة مفروشة عند باب المسجد. (يطيف) يقاربه ويحيط به.

ص: 874

‌28 - بَاب: الْوُقُوفِ وَالْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ.

ص: 874

2339 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:

لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ: لَقَدْ أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، سُبَاطَةَ قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِمًا.

[ر: 222]

ص: 874

‌29 - بَاب: مَنْ أَخَذَ الْغُصْنَ، وَمَا يُؤْذِي النَّاسَ فِي الطَّرِيقِ فَرَمَى بِهِ.

ص: 874

2340 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ فَأَخَذَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ).

[ر: 624]

ص: 874

‌30 - بَاب: إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ، وَهِيَ الرَّحْبَةُ تَكُونُ بَيْنَ الطَّرِيقِ، ثُمَّ يُرِيدُ أَهْلُهَا الْبُنْيَانَ، فَتُرِكَ مِنْهَا الطَّرِيقُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ.

(الرحبة) الواسعة.

ص: 874

2341 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ،

⦗ص: 875⦘

عَنْ عِكْرِمَةَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا تَشَاجَرُوا فِي الطَّرِيقِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ.

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: قدر الطريق إذا اختلفوا فيه، رقم:1613. (تشاجروا) تخاصم أصحاب الطريق. (بسبعة أذرع) يجعل اتساعها ما بين البناء والبناء سبعة أذرع، حتى لا تضر بالمارة، وتسمح بمرور الأحمال ووسائل الركوب.

ص: 874

‌31 - بَاب: النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ.

وَقَالَ عُبَادَةُ: بَايَعْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا نَنْتَهِبَ.

[ر: 3680]

ص: 875

2342 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ، وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ، قَالَ:

نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ.

[5197]

(النهبى) أخذ الشيء من أحد عيانا وقهرا. (المثلة) العقوبة في تقطيع الأعضاء، كجذع الأنف والأذن وفقء العين ونحوها، إلا إذا كان ذلك قصاصا.

ص: 875

2343 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ، حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ).

وَعَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مِثْلَهُ، إِلَّا النُّهْبَةَ.

قال الفربري: وجدت بخط أبي جعفر: قال أبو عبد الله: تفسيره: أن ينزع منه، يريد الإيمان.

[5256، 6390، 6425]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان نقص الإيمان بالمعاصي .. ، رقم:57. (حين يزني) يقدم على الزنا ويباشره. (وهو مؤمن) ونور الإيمان في قلبه، بل ينزع منه، فإذا استمر على الفعل أو استحله زال إيمانه وكفر. (يرفع الناس إليه فيها أبصارهم) أي ذات قيمة تستتبع أنظار الناس وتجعلهم يطلبونها. (الفربري .. ) أحد الرواة عن البخاري. (أبو جعفر) هو وراق البخاري، أي كاتبه. (أبو عبد الله) هو البخاري نفسه.

ص: 875

‌32 - بَاب: كَسْرِ الصَّلِيبِ وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ.

ص: 875

2344 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ

⦗ص: 876⦘

الْمُسَيِّبِ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا، مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ).

[ر: 2109]

ص: 875

‌33 - بَاب: هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ الَّتِي فِيهَا الْخَمْرُ، أَوْ تُخَرَّقُ الزِّقَاقُ. فَإِنْ كَسَرَ صَنَمًا، أَوْ صَلِيبًا، أَوْ طُنْبُورًا، أَوْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ.

وَأُتِيَ شُرَيْحٌ فِي طُنْبُورٍ كُسِرَ، فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ.

(الدنان) جمع دن وهو ما يسمى بالخابية، وهو فارسي معرب. (الزقاق) جمع زق وعاء من جلد دون أن يحلق شعره. (فإن .. ) أي هل

يضمن أم لا؟. (طنبورا) آلة من آلات اللهو ولعله ما يسمى الآن العود.

ص: 876

2345 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نِيرَانًا تُوقَدُ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ:(عَلَى مَا تُوقَدُ هَذِهِ النِّيرَانُ). قَالُوا: عَلَى الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ، قَالَ:(اكْسِرُوهَا وَأَهْرِقُوهَا). قَالُوا: أَلَا نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: (اغْسِلُوا).

[3960، 5178، 5796، 5972، 6496]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة خيبر، رقم:1802. (الإنسية) الأهلية، وهي التي يحمل عليها وتركب. (أهرقوها) صبوها على الأرض.

ص: 876

2346 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:

دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ:{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} الْآيَةَ.

[4036، 4443]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير باب: إزالة الأصنام من حول الكعبة، رقم:1781. (نصبا) صنما، وقيل: كل حجر نصب وعبد أو عظم، وقيل غير ذلك. (يطعنها) من الطعن وهو الضرب والوخز. (زهق) هلك واضمحل. (الآية) الإسراء: 81. وتتمتها: {إن الباطل كان زهوقا}.

ص: 876

2347 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّهَا كَانَتِ اتَّخَذَتْ عَلَى

⦗ص: 877⦘

سَهْوَةٍ لَهَا سِتْرًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَهَتَكَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ، فَكَانَتَا فِي الْبَيْتِ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا.

[5610، 5611، 5758]

(سهوة) هي الرف أو الطاق الذي يوضع فيه الشيء، وقيل غير ذلك. (تماثيل) جمع تمثال، وهو ما يصنع ويصور مشبها بخلق الله تعالى من ذوات الروح، سواء أكان له شخص أم لا. (فهتكه) شقه وخرقه. (نمرقتين) تثنية نمرقة، وهي الوسادة الصغيرة.

ص: 876

‌34 - بَاب: مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ.

ص: 877

2348 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ).

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره .. ، رقم:141. (دون ماله) مدافعا من يريد أخذ ماله ظلما. (شهيد) له أجر الشهيد عند الله تعالى، ولكنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، ولا يعامل معاملة الشهيد من هذه الناحية.

ص: 877

‌35 - بَاب: إِذَا كَسَرَ قَصْعَةً أَوْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ.

ص: 877

2349 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ، فَضَمَّهَا وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، وَقَالَ:(كُلُوا). وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالْقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[4927]

(بعض نسائه) هي عائشة رضي الله عنها. (إحدى أمهات المؤمنين) هي صفية، وقيل غيرها، رضي الله عنهن. (بقصعة) إناء من عود وقيل: صحفة يشبع ما فيها عشرة.

ص: 877

‌36 - بَاب: إِذَا هَدَمَ حَائِطًا فَلْيَبْنِ مِثْلَهُ.

ص: 877

2350 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي؟ ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ:

⦗ص: 878⦘

اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: الرَّاعِي، قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لَا، مِنْ طِينٍ).

[ر: 1148]

ص: 877

بسم الله الرحمن الرحيم.

ص: 879

‌52 - كِتَاب الشَّرِكَةِ.

ص: 879

‌1 - بَاب: الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالنَّهْدِ وَالْعُرُوضِ.

وَكَيْفَ قِسْمَةُ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ، مُجَازَفَةً أَوْ قَبْضَةً، لَمَّا لَمْ يَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي النَّهْدِ بَأْسًا، أَنْ يَأْكُلَ هَذَا بَعْضًا وَهَذَا بَعْضًا، وَكَذَلِكَ مُجَازَفَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْقِرَانُ فِي التَّمْرِ.

(مجازفة) أي بدون كيل أو وزن. (النهد) هو أن يخرج كل من الرفقاء نفقة سفره، وتوضع النفقات كلها ويخلط بعضها ببعض، وينفق الجميع منها وإن تفاوتوا في الأكل. (مجازفة الذهب والفضة) أي يجوز إذا اختلف الجنس كذهب وفضة، أما إذا اتحد، كذهب بذهب أو فضة بفضة، فلا يجوز، لأنه ربا. (القران) بأن يأكل هذا تمرتين تمرتين، وهذا تمرة تمرة، فلا بأس في ذلك.

ص: 879

2351 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ:

بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ، فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ، قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْجَيْشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا.

[2821، 4102 - 4104، 5174، 5175]

(مزودي تمر) مثنى مزود وهو جراب يجعل فيه الزاد. (يقوتنا) يطعمنا. (وجدنا فقدها) مؤثرا شاقا علينا، ولقد حزنا لفقدها. (حوت) سمكة عظيمة. (الظرب) الرابية أو الجبل الصغير. (الراحلة) المركب من الإبل. (فرحلت) وضع عليها الرحل، وهو كل شيء يعد للرحيل من مركب للبعير ووعاء للمتاع ورسن وغير ذلك.

ص: 879

2352 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ:

خَفَّتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ فَأَذِنَ

⦗ص: 880⦘

لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(نَادِ فِي النَّاسِ، فَيَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ). فَبُسِطَ لِذَلِكَ نِطَعٌ وَجَعَلُوهُ عَلَى النِّطَعِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ).

[2820]

(أملقوا) افتقروا. (نطع) جلود يضم بعضها إلى بعض وتبسط. (برك) دعا بالبركة. (فاحتثى) أخذ بكفيه.

ص: 879

2353 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ، فَنَنْحَرُ جَزُورًا، فَتُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ، فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ.

أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب التكبير بالعصر، رقم:625. (نضيجا) مطبوخا ومستويا.

ص: 880

2354 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ).

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل الأشعريين رضي الله عنهم، رقم:2500. (أرملوا) من الإرمال وهو فناء الزاد وقلة الطعام، أصله من الرمل كأنهم لصقوا بالرمل من القلة. (في إناء واحد) أي اقتسموه بمكيال واحد، حتى لا يتميز بعضهم عن بعض. (بالسوية) متساوين. (فهم مني وأنا منهم) طريقتي وطريقتهم واحدة في التعاون على البر والتقوى وطاعة الله عز وجل، ولذلك لا أتخلى عنهم.

ص: 880

‌2 - بَاب: مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الصَّدَقَةِ.

ص: 880

2355 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه: كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ، الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ).

[ر: 1380]

ص: 880

‌3 - بَاب: قِسْمَةِ الْغَنَمِ.

ص: 881

2356 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَابُوا إِبِلًا وَغَنَمًا، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ، فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ:(إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا). فَقَالَ جَدِّي: إِنَّا نَرْجُو أَوْ نَخَافُ الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ قَالَ:(مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ).

[2372، 2910، 5179، 5184، 5187، 5190، 5223، 5224]

أخرجه مسلم في الأضاحي، باب: جواز الذبح بكل ما أنهر الدم، رقم:1968. (بذي الحليفة) اسم مكان في تهامة، وهو غير ذي الحلفة الذي هو ميقات أهل المدينة. (فأصابوا) أي غنيمة من أعدائهم. (أخريات القوم) أواخرهم، وكان يفعل ذلك ليحمل المنقطع منهم. (فأكفئت) قلبت أو أميلت وأريق ما فيها. (فند) نفر وذهب شاردا على وجهه. (فأعياهم) فأعجزهم وأتعبهم ولم يصلوا إليه. (يسيرة) قليلة. (فأهوى) قصد. (فحبسه الله) أوقفه ومنعه من الشرود. (أوابد) جمع آبدة وهي التي نفرت من الإنس وتوحشت. (مدى) جمع مدية وهي السكين. (بالقصب) قطع القصب وقشوره. (أنهر) أسال وأجرى. (فعظم) أي لا يقطع وإن كان يجرح ويدمي، فلا يكون الذبح به شرعيا. (مدى الحبشة) من عاداتهم الذبح بها، فإنهم يدمون مذابح الشاة بأظفارهم حتى تزهق نفسها خنقا.

ص: 881

‌4 - بَاب: الْقِرَانِ فِي التَّمْرِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ.

ص: 881

2357 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ:

سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْرُنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ جَمِيعًا حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ.

ص: 881

2358 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ قَالَ:

كُنَّا بِالْمَدِينَةِ، فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ: لَا تَقْرُنُوا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْإِقْرَانِ، إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ.

[ر: 2323]

ص: 881

‌5 - بَاب: تَقْوِيمِ الْأَشْيَاءِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِقِيمَةِ عَدْلٍ.

ص: 882

2359 -

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ، أَوْ شِرْكًا، أَوْ قَالَ: نَصِيبًا، وَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ فَهُوَ عَتِيقٌ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ). قَالَ: لَا أَدْرِي قَوْلُهُ: عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، قَوْلٌ مِنْ نَافِعٍ، أَوْ فِي الْحَدِيثِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[2369، 2385 - 2389، 2415]

أخرجه مسلم في أول العتق، وفي الأيمان، باب: من أعتق شركا له في عبد، رقم:1501. (شقصا) نصيبا وسهما. (شركا) هو بمعنى الشقص. (بقيمة العدل) بتقويم الرجل العادل، لا زيادة فيها ولا نقص. (عتيق) أي كله معتوق. (ما عتق) المقدار الذي عتقه صاحب الشقص.

ص: 882

2360 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ).

[2370، 2390]

أخرجه مسلم في العتق، باب: ذكر سعاية العبد. وفي الأيمان، باب: من أعتق شركا .. ، رقم:1503. (خلاصه) أداء قيمة الباقي من ماله ليخلصه من الرق كليا. (استسعي) ألزم العبد بالعمل ليكتسب قيمة نصيب الشريك الآخر ليفك بقية رقبته من الرق. (غير مشقوق عليه) أي لا يشدد عليه في الاكتساب إذا عجز.

ص: 882

‌6 - بَاب: هَلْ يُقْرَعُ فِي الْقِسْمَةِ وَالِاسْتِهَامِ فِيهِ.

ص: 882

2361 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا).

[2540]

(القائم على حدود الله) المستقيم مع أوامر الله تعالى، ولا يتجاوز ما منع الله تعالى منه، والآمر بالمعروف الناهي عن المنكر. (الواقع فيها) التارك للمعروف المرتكب للمنكر. (استهموا) اقترعوا ليأخذ كل منهم سهما أي نصيبا. (أخذوا على أيديهم) منعوهم من خرق السفينة.

ص: 882

‌7 - بَاب: شَرِكَةِ الْيَتِيمِ وَأَهْلِ الْمِيرَاثِ.

ص: 883

2362 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيُّ الْأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها.

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:

أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَإِنْ خِفْتُمْ - إِلَى - وَرُبَاعَ} . فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، تُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ، فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا أَنْ يُنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ مِنَ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ.

قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ - إِلَى قَوْلِهِ - وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} . وَالَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ الْآيَةُ الْأُولَى، الَّتِي قَالَ فِيهَا:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَن لا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} . قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللَّهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} . يَعْنِي هِيَ رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عن يتيمته الَّتِي تَكُونُ فِي حَجْرِهِ، حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا رَغِبُوا فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إِلَّا بِالْقِسْطِ، مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ.

[2612، 4297، 4298، 4324، 4777، 4804، 4810، 4835، 4838، 4846، 6564]

أخرجه مسلم في أوائل كتاب التفسير، رقم:3018. (اليتيمة) الصغيرة التي مات أبوها. (حجر وليها) تحت رعاية القائم بأمرها، والحجر الحضن. (يقسط) يعدل. (صداقها) مهرها. (سنتهن) مهر أمثالهن من النساء. (طاب) حل. (الآية) {وإن خفتم}. /النساء: 3/. (ويستفتونك) يطلبون منك الفتوى. /النساء: 127/. (إلى قوله) وتتمتها: {قل الله يفتيكم فيهن وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} أي لا تعطونهن مهور أمثالهن. (رغبتهم عنهن) حين يكن قليلات المال أو الجمال.

ص: 883

‌8 - بَاب: الشَّرِكَةِ فِي الْأَرَضِينَ وَغَيْرِهَا.

ص: 883

2363 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،

⦗ص: 884⦘

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

إِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ.

[ر: 2099]

ص: 883

‌9 - بَاب: إِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الدُّورَ أو غَيْرَهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ رُجُوعٌ وَلَا شُفْعَةٌ.

ص: 884

2364 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ.

[ر: 2099]

ص: 884

‌10 - بَاب: الِاشْتِرَاكِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَا يَكُونُ فِيهِ الصَّرْفُ.

ص: 884

2365 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ، يَعْنِي ابْنَ الْأَسْوَدِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَ:

سَأَلْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ عَنِ الصَّرْفِ يَدًا بِيَدٍ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِي شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً، فَجَاءَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: فَعَلْتُ أَنَا وَشَرِيكِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَسَأَلْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:(مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَذَرُوهُ).

[ر: 1955]

ص: 884

‌11 - بَاب: مُشَارَكَةِ الذِّمِّيِّ وَالْمُشْرِكِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ.

ص: 884

2366 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ الْيَهُودَ، أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا.

[ر: 2165]

ص: 884

‌12 - بَاب: قِسْمَةِ الْغَنَمِ وَالْعَدْلِ فِيهَا.

ص: 884

2367 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(ضَحِّ بِهِ أَنْتَ).

[ر: 2178]

ص: 884

‌13 - بَاب الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.

وَيُذْكَرُ: أَنَّ رَجُلًا سَاوَمَ شَيْئًا فَغَمَزَهُ آخَرُ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ لَهُ شَرِكَةً.

(فغمزه) أي أشار له بعينه أن يشتريها، وهذا يدل على أنه لا يشترط للشركة صيغة، بل يكتفى بالإشارة إذا ظهرت القرينة التي تدل على رغبته بالشركة.

ص: 884

2368 -

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ،

وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ، فَقَالَ:(هُوَ صَغِيرٌ). فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ.

وَعَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ: أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ إِلَى السُّوقِ، فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم: فَيَقُولَانِ لَهُ: أَشْرِكْنَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ، فَيَشْرَكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ.

[5992، 6784]

(أصاب الراحلة كما هي) أي يربحها بتمامها.

ص: 885

‌14 - بَاب: الشَّرِكَةِ فِي الرَّقِيقِ.

ص: 885

2369 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْرَ ثَمَنِهِ، يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ، وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ).

[ر: 2359]

(يعطي شركاؤه حصتهم) يعطي كلا من شركائه قيمة حصته من العبد. (يخلى سبيل المعتق) يحرر العبد ويطلق.

ص: 885

2370 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ أُعْتِقَ كُلُّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا يستسعى غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ).

[ر: 2360]

ص: 885

‌15 - بَاب: الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ وَالْبُدْنِ، وَإِذَا أَشْرَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي هَدْيِهِ بَعْدَ مَا أَهْدَى.

ص: 885

2371 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ. وَعَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم قَالَ:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ لَا يَخْلِطُهُمْ شَيْءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا، أَمَرَنَا فَجَعَلْنَاهَا

⦗ص: 886⦘

عُمْرَةً، وَأَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا، فَفَشَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ. قَالَ عَطَاءٌ: فَقَالَ جَابِرٌ: فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى مِنًى وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا، فَقَالَ جَابِرٌ بِكَفِّهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ:(بَلَغَنِي أَنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، وَاللَّهِ لَأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ). فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هِيَ لَنَا أَوْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ:(لَا، بَلْ لِلْأَبَدِ). قَالَ: وَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَقُولُ لَبَّيْكَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: وَقَالَ الْآخَرُ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَأَشْرَكَهُ فِي الْهَدْيِ.

[ر: 1482]

(لا يخلطهم شيء) أي من العمرة، وإنما هم محرمون بالحج فقط. (ففشت) ذاعت وانتشرت. (القالة) كلام الناس في هذا الأمر. (فقال جابر بكفه) أشار به إلى التقطر. (أحدهما) أحد الراويين: عطاء وطاوس.

ص: 885

‌16 - بَاب: مَنْ عَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِجَزُورٍ فِي الْقَسْمِ.

ص: 886

2372 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ، رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلًا، فَعَجِلَ الْقَوْمُ فَأَغْلَوْا بِهَا الْقُدُورَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ عَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِجَزُورٍ، ثُمَّ إِنَّ بَعِيرًا نَدَّ، وَلَيْسَ فِي الْقَوْمِ إِلَّا خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ فَحَبَسَهُ بِسَهْمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا). قَالَ: قَالَ جَدِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَرْجُو أَوْ نَخَافُ أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، فَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ فَقَالَ:(اعْجَلْ، أَوْ: أَرْنِي، مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ).

[ر: 2356]

(تهامة) ما انخفض عن نجد من أراضي الحجاز. (بجزور) واحد الإبل ذكرا أم أنثى، وقيل: هو ما نحر من الإبل. (أرني) أعجل ذبحها.

ص: 886

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 887

‌53 - كِتَاب الرَّهْنِ.

ص: 887

‌1 - بَاب: في الرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} /البقرة: 283/.

(على سفر) مسافرين، وهذا القيد جري على الغالب وليس بشرط، وكذلك قوله تعالى:{ولم تجدوا كاتبا} . فيصح الرهن في الحضر ومع وجود الكاتب. (فرهان) جمع رهن، وهو في اللغة مطلق الحبس، وشرعا: حبس شيء وثيقة بدين يمكن استيفاؤه منه عند تعذر الوفاء. (مقبوضة) في يد صاحب الدين وهو المرتهن، ولا يلزم الرهن إلا بالقبض.

ص: 887

2373 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:(مَا أَصْبَحَ لِآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِلَّا صَاعٌ، وَلَا أَمْسَى، وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ).

[ر: 1963]

ص: 887

‌2 - بَاب: مَنْ رَهَنَ دِرْعَهُ.

ص: 887

2374 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ وَالْقَبِيلَ فِي السَّلَفِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ.

[ر: 1962]

(القيبل) الكفيل.

ص: 887

‌3 - بَاب: رَهْنِ السِّلَاحِ.

ص: 887

2375 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا، فَأَتَاهُ فَقَالَ: أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، فَقَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا، وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ؟ قَالَ:

⦗ص: 888⦘

فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُ أَبْنَاءَنَا، فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ، هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأمة - قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي السِّلَاحَ - فَوَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ.

[2867، 2868، 3811]

(من لكعب) من يذهب ويتصدى لقتله. (تسلفنا) تعطينا سلفا.

ص: 887

‌4 - بَاب: الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ.

وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: تُرْكَبُ الضَّالَّةُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَتُحْلَبُ بِقَدْرِ عَلَفِهَا، وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ.

(الضالة) ما ضل وضاع من البهائم ذكرا كان أو أنثى.

ص: 888

2376 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: (الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ، وَيُشْرَبُ لَبَنُ الدَّرِّ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا).

(الرهن) المرهون. (يركب بنفقته) يركبه المرتهن وينفق عليه، فيكون ركوبه بمقابلة نفقته. (يشرب لبن الدر) أي الدارة وهي ذات الضرع، ويؤخذ لبنها بمقابلة النفقة عليها.

ص: 888

2377 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الظهر يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ).

(الظهر) أي الدواب التي يركب ظهرها، وهذه الرواية تفسير لرواية:(الرهن).

ص: 888

‌5 - بَاب: الرَّهْنِ عِنْدَ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ.

ص: 888

2378 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ.

[ر: 1962]

ص: 888

‌6 - بَاب: إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَنَحْوُهُ، فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

ص: 888

2379 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَكَتَبَ إِلَيَّ:

إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى، أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

[2524، 4277]

ص: 888

2380 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ:

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا - فَقَرَأَ إِلَى - عَذَابٌ أَلِيمٌ} . ثُمَّ إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: فَحَدَّثْنَاهُ، قَالَ: فَقَالَ: صَدَقَ، لَفِيَّ وَاللَّهِ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:(شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ). قُلْتُ: إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا، هو فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا - إِلَى - وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .

[ر: 2229]

ص: 889

بسم الله الرحمن الرحيم.

ص: 891

‌54 - كِتَاب الْعِتْقِ.

ص: 891

‌1 - بَاب: ما جاء فِي الْعِتْقِ وَفَضْلِهِ.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} /البلد: 13 - 15/.

(فك رقبة) تحرير رقبة وتخليصها من الأسر أو الرق. (مسغبة) مجاعة. (مقربة) قرابة.

ص: 891

2381 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ، صَاحِبُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا، اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ).

قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ: فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، فَعَمَدَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ رضي الله عنهما إِلَى عَبْدٍ لَهُ، قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَعْتَقَهُ.

[6337]

أخرجه مسلم في العتق، باب: فضل العتق، رقم:1509. (استنفذ) نجى وخلص. (بكل عضو منه) من المعتق. (عضوا منه) من المعتق. (به) أي بهذا الحديث.

ص: 891

‌2 - بَاب: أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ.

ص: 891

2382 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ

أَبِي مُرَاوِحٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:

سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ). قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (أَغْلَاهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا). قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: (تُعِينُ صانعا، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ). قَالَ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ:

⦗ص: 892⦘

(تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ).

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، رقم:84. (الرقاب) جمع رقبة، وهي العبد المملوك، ذكرا أم أنثى. (أفضل) أكثر ثوابا في العتق. (أنفسها) التي يرغبها مالكوها أكثر من غيرها. (تصنع لأخرق) تساعد من لا يحسن الصناعة.

ص: 891

‌3 - بَاب: مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْعَتَاقَةِ فِي الْكُسُوفِ والْآيَاتِ.

(الآيات) جمع آية وهي العلامة، والمراد العلامات المخيفة التي تنذر بغضب الله عز وجل، كخسوف القمر وكسوف الشمس، والزلازل، والرياح الشديدة، والظلمة الشديدة، ونحو ذلك.

ص: 892

2383 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ:

أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ.

تَابَعَهُ عَلِيٌّ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ هِشَامٍ.

(بالعتاقة) تحرير الرقاب من الرق. (كسوف الشمس) ذهاب ضوئها كلا أو بعضا، وكذلك الخسوف بالنسبة للقمر.

ص: 892

2384 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا عَثَّامٌ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ:

كُنَّا نُؤْمَرُ عِنْدَ الْخُسُوفِ بِالْعَتَاقَةِ.

[ر: 86]

ص: 892

‌4 - بَاب: إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَوْ أَمَةً بَيْنَ الشُّرَكَاءِ.

ص: 892

2385 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُعْتَقُ).

ص: 892

2386 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ).

ص: 892

2387 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأُعْتِقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ).

⦗ص: 893⦘

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: اخْتَصَرَهُ.

(اختصره) أي اختصره مسدد بالإسناد المذكور واقتصر على ذكر المقصود منه.

ص: 892

2388 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ، فَهُوَ عَتِيقٌ). قَالَ نَافِعٌ: وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ. قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي أَشَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ، أَوْ شَيْءٌ فِي الْحَدِيثِ.

ص: 893

2389 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مِقْدَامٍ: حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي فِي الْعَبْدِ أَوِ الْأَمَةِ، يَكُونُ بَيْنَ شُرَكَاءَ، فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْهُ، يَقُولُ: قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ، إِذَا كَانَ لِلَّذِي أَعْتَقَ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ، يُقَوَّمُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، وَيُدْفَعُ إِلَى الشُّرَكَاءِ أَنْصِبَاؤُهُمْ، وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ. يُخْبِرُ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَرَوَاهُ اللَّيْثُ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُخْتَصَرًا.

[ر: 2359].

ص: 893

‌5 - بَاب: إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبًا فِي عَبْدٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ، اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ، عَلَى نَحْوِ الْكِتَابَةِ.

ص: 893

2390 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ عَبْدٍ).

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا، أَوْ شَقِيصًا، فِي مَمْلُوكٍ، فَخَلَاصُهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ، فَاسْتُسْعِيَ بِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ).

تَابَعَهُ حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ، وَأَبَانُ، وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ، عَنْ قَتَادَةَ، اخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ.

[ر: 2360]

ص: 893

‌6 - بَاب: الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ فِي الْعَتَاقَةِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، وَلَا عَتَاقَةَ إِلَّا لِوَجْهِ اللَّهِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى).

[ر: 54] وَلَا نِيَّةَ لِلنَّاسِي وَالْمُخْطِئِ.

ص: 894

2391 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ).

[4968، 6287]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر .. ، رقم:127. (تجاوز) عفا ولم يؤاخذ. (ما وسوست به صدورها) ما يخطر بالبال من شر.

ص: 894

2392 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).

[ر: 1]

ص: 894

‌7 - بَاب: إِذَا قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِهِ: هُوَ لِلَّهِ، وَنَوَى الْعِتْقَ، وَالْإِشْهَادِ فِي الْعِتْقِ.

ص: 894

2393 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّهُ لَمَّا أَقْبَلَ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ، وَمَعَهُ غُلَامُهُ، ضَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا غُلَامُكَ قَدْ أَتَاكَ). فَقَالَ: أَمَا إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ حُرٌّ، قَالَ: فَهُوَ حِينَ يَقُولُ:

يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا

عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ.

(ضل) تاه كل واحد منهما وذهب إلى ناحية. (عنائها) تعبها ومشقتها. (دارة) دار.

ص: 894

2394 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ:

يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا

عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ.

⦗ص: 895⦘

قَالَ: وَأَبَقَ مِنِّي غُلَامٌ لِي فِي الطَّرِيقِ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَايَعْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلَامُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا غُلَامُكَ) فَقُلْتُ: هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَأَعْتَقْتُهُ. لَمْ يَقُلْ أَبُو كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ: حُرٌّ.

(أبق) هرب.

ص: 894

2395 -

حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ:

لَمَّا أَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَمَعَهُ غُلَامُهُ، وَهُوَ يَطْلُبُ الْإِسْلَامَ، فَضَلَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ: بِهَذَا، وَقَالَ: أَمَا إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ لِلَّهِ.

[4132]

(بهذا) أي بهذا الحديث.

ص: 895

‌8 - بَاب: أُمِّ الْوَلَدِ.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّهَا).

[ر: 48]

ص: 895

2396 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنْ يَقْبِضَ إِلَيْهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، قَالَ: عُتْبَةُ إِنَّهُ ابْنِي، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الْفَتْحِ، أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَقْبَلَ مَعَهُ بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا ابْنُ أَخِي، عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَخِي، ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ). مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ). مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، وَكَانَتْ سَوْدَةُ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1948]

(أشبه الناس به) أي بعتبة بن أبي وقاص.

ص: 895

‌9 - بَاب: بَيْعِ الْمُدَبَّرِ.

ص: 895

2397 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ فَبَاعَهُ.

قَالَ جَابِرٌ: مَاتَ الْغُلَامُ عَامَ أَوَّلَ.

[ر: 2034]

ص: 895

‌10 - بَاب: بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ.

ص: 896

2398 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ.

[6375]

أخرجه مسلم في العتق، باب: النهي عن بيع الولاء وهبته، رقم:1506. (الولاء) حق إرث المعتق من العتيق، إذا لم يكن له وارث من عصبته، وحقوق أخرى تعرف في الفقه.

ص: 896

2399 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتِ:

اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ، فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلَاءَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ). فَأَعْتَقْتُهَا، فَدَعَاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا، فَقَالَتْ: لَوْ أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُّ عِنْدَهُ، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا.

[ر: 444]

(الورق) الفضة المضروبة نقدا. (فخيرها من زوجها) أي أن يبقى على عصمته أو تفارقه. (فاختارت نفسها) أي فاختارت مفارقته وأن تبقى طليقة بنفسها.

ص: 896

‌11 - بَاب: إِذَا أُسِرَ أَخُو الرَّجُلِ، أَوْ عَمُّهُ، هَلْ يُفَادَى إِذَا كَانَ مُشْرِكًا.

وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا.

[ر: 411] وَكَانَ عَلِيٌّ لَهُ نَصِيبٌ فِي تِلْكَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي أَصَابَ مِنْ أَخِيهِ عَقِيلٍ وَعَمِّهِ عَبَّاسٍ.

(الغنيمة) أي التي غنمها المسلمون في غزوة بدر.

ص: 896

2400 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ رضي الله عنه:

أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ، اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، فَقَالَ:(لَا تَدَعُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا).

[2883، 3793]

(لابن أختنا) لأنهم أخوال أبيه عبد المطلب، فإن أمه من بني النجار.

ص: 896

‌12 - بَاب: عِتْقِ الْمُشْرِكِ.

ص: 896

2401 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي:

أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رضي الله عنه أَعْتَقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ

⦗ص: 897⦘

حَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ، وَأَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ، قَالَ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا؟ يَعْنِي أَتَبَرَّرُ بِهَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ).

[ر: 1369]

(حمل على مائة بعير) أي في الحج أو في القتال أو الجهاد، أي أعطاها لمن يركبها. (أتبرر بها) أطلب البر والإحسان إلى الناس، والتقرب إلى الله تعالى.

ص: 896

معنى الآية: مثلكم في إشراككم بالله تعالى الأوثان مثل من سوى: بين عبد مملوك عاجز عن التصرف، لا يملك شيئا بيده، وبين حر مالك قادر، قد رزقه الله تعالى مالا كثيرا، يتصرف فيه وينفق كيف يشاء، لا يعارضه أحد، ولا شك أنه لا يستوي الحر والعبد، وفرق كبير بين القادر والعاجز، فالحمد لله وحده المتفضل بالنعم، الهادي عباده المؤمنين إلى سواء السبيل بالحجة الباهرة. وقيل: وجه مناسبة الآية للعنوان: أن الله تعالى أطلق العبد المملوك، ولم يقيده بكونه عجميا، فدل على أنه لا فرق في الاسترقاق بين العربي والعجمي.

ص: 897

2402 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أخبرني اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: ذَكَرَ عُرْوَةُ: أَنَّ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ:(إِنَّ مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا الْمَالَ وَإِمَّا السَّبْيَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ). وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:(أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جاؤونا تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ). فَقَالَ النَّاسُ: طَيَّبْنَا ذَلِكَ، قَالَ:(إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ). فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ: أَنَّهُمْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ.

[ر: 2184]

⦗ص: 898⦘

وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا.

[ر: 411]

ص: 897

2403 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ، فَكَتَبَ إِلَيَّ:

إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ، وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ. حَدَّثَنِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ.

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام، رقم:1730. (غارون) غافلون، أي أخذهم على غرة وبغتة. (أنعامهم) هي الإبل والبقر والغنم، وأكثر ما تطلق على الإبل. (مقاتلتهم) البالغين الذين هم على استعداد للقتال. (سبى ذراريهم) أخذهم سبيا، ووزعهم على الغانمين بعد أن ضرب عليهم الرق. والذراري جمع ذرية وهي ههنا النساء والأولاد غير البالغين. (أصاب يومئذ جويرية) أي كانت في السبي.

ص: 898

2404 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ رضي الله عنه فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ).

[ر: 2116]

ص: 898

2405 -

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ.

وحَدَّثَنِي ابْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

مَا زِلْتُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ مُنْذُ ثَلَاثٍ، سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِيهِمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ:(هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ). قَالَ: وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا). وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ: (أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ).

[4108]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل غفار وأسلم، رقم:2525. (منذ ثلاث) أي منذ سمعت عنهم هذه الخصال الثلاث. (سبية) أمة مملوكة.

ص: 898

‌14 - بَاب: فَضْلِ مَنْ أَدَّبَ جَارِيَتَهُ وَعَلَّمَهَا.

ص: 899

2406 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَعَالَهَا فَأَحْسَنَ إِلَيْهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا كَانَ لَهُ أَجْرَانِ).

[ر: 97]

(فعالها) أنفق عليها وقام بما تحتاج إليه من قوت وكسوة وغيرهما، وفي نسخة (فعلمها).

ص: 899

‌15 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (الْعَبِيدُ إِخْوَانُكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ).

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا} /النساء: 36/.

ذِي الْقُرْبَى: الْقَرِيبُ. وَالْجُنُبُ: الْغَرِيبُ. الْجَارُ الْجُنُبُ: يَعْنِي الصَّاحِبَ فِي السَّفَرِ.

(الجار الجنب) البعيد عنك في الجوار أو النسب، أو كما فسره البخاري. (الصاحب بالجنب) الرفيق الملازم في سفر أو غيره، وقيل الزوجة. (ابن السبيل) المنقطع في سفره. (ما ملكت أيمانكم) من الأرقاء، نساء أم رجالا.

ص: 899

2407 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ قَالَ: سَمِعْتُ الْمَعْرُورَ بْنَ سُويْدٍ قَالَ:

رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ رضي الله عنه، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا، فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ). ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ).

[ر: 30]

ص: 899

‌16 - بَاب: الْعَبْدِ إِذَا أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ سَيِّدَهُ.

ص: 899

2408 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْعَبْدُ إِذَا نَصَحَ سَيِّدَهُ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ).

[2412]

أخرجه مسلم في الأيمان، باب: ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده، رقم:1664. (مرتين) مرة لنصح سيده، ومرة لأحسان عبادة ربه سبحانه وتعالى.

ص: 899

2409 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَهُ أَجْرَانِ).

[ر: 97]

ص: 900

2410 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ). وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي، لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ.

أخرجه مسلم في الأيمان، باب: ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده .. ، رقم:1665. (لولا .. ) لولا أن هذه الأمور لها أجر كبير، وأنا مكلف بها، أي وكوني مملوكا ربما منعني من القيام بها. (وأنا مملوك) حتى أحصل أجرين. وهذا الكلام من أبي هريرة رضي الله عنه، فهو مدرج.

ص: 900

2411 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (نعم ما لِأَحَدِهِمْ، يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ).

أخرجه مسلم في الأيمان، باب: ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده .. ، رقم:1667. (نعم ما لأحدهم) نعم الشيء الذي يحصله المملوك.

ص: 900

17 -

بَاب: كَرَاهِيَةِ التَّطَاوُلِ عَلَى الرَّقِيقِ، وَقَوْلِهِ عَبْدِي أَوْ أَمَتِي.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} /النور: 32/. وَقَالَ: {عَبْدًا مَمْلُوكًا} /النحل: 75/. {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} /يوسف: 25/. وَقَالَ: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} /النساء: 25/. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ): [2878]. وَ: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} /يوسف: 42/: سَيِّدِكَ. وَ: (مَنْ سَيِّدُكُمْ).

(عبادكم) جمع العبد وهو المملوك. (إمائكم) جمع أمة وهي المملوكة. (عبدا مملوكا) انظر الباب: 13. (ألفيا) صادفا ولقيا. (سيدها) زوجها. (فتياتكم) جمع فتاة وهي الأمة. (من سيدكم) قطعة من حديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وقال:(من سيدكم يا بني سلمة) قلنا: الجد بن قيس، على أنا نبخله، قال:(وأي داء أدوى من البخل، بل سيدكم عمرو بن الجموح). [عيني].

ص: 900

2412 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ

⦗ص: 901⦘

اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِذَا نَصَحَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ).

[ر: 2408]

ص: 900

2413 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْمَمْلُوكُ الَّذِي يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَيُؤَدِّي إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَالنَّصِيحَةِ وَالطَّاعَةِ، لَهُ أَجْرَانِ).

[ر: 97]

ص: 901

2414 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يُحَدِّثُ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي مَوْلَايَ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي).

أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب وغيرها، باب: حكم إطلاق لفظ العبد والأمة .. ، رقم:2249.

ص: 901

2415 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنَ الْعَبْدِ، فَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ، يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، وَأُعْتِقَ مِنْ مَالِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ ما عتق).

[ر: 2359]

ص: 901

2416 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ فمسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مسؤول عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مسؤولة عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مسؤول عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ).

[ر: 853]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، رقم:1829. (بعلها) زوجها.

ص: 901

2417 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا - فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ - بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ).

[ر: 2046]

ص: 901

18 -

بَاب: إِذَا أَتَاهُ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ.

ص: 902

2418 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَليُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِيَ عِلَاجَهُ).

[5144]

(أكلة) لقمة. (ولي علاجه) تولى صنعه وتجهيزه.

ص: 902

‌19 - بَاب: الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ.

وَنَسَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَالَ إِلَى السَّيِّدِ.

ص: 902

2419 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مسؤولة عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ). قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ).

[ر: 853]

ص: 902

‌20 - بَاب: إِذَا ضَرَبَ الْعَبْدَ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ.

ص: 902

2420 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ فُلَانٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ).

أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: النهي عن ضرب الوجه، رقم:2612. (ابن فلان) هو عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المدني. (قاتل) ضرب أحدا.

ص: 902

‌21 - باب: إثم من قذف مملوكه. وباب: الْمُكَاتِبِ، وَنُجُومِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ نَجْمٌ.

وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا

⦗ص: 903⦘

وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} /النور: 33/.

وَقَالَ رَوْحٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالًا أَنْ أُكَاتِبَهُ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ إِلَّا وَاجِبًا. وَقَالَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: تَأْثُرُهُ عَنْ أَحَدٍ، قَالَ: لَا. ثُمَّ أَخْبَرَنِي: أَنَّ مُوسَى بْنَ أَنَسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ سِيرِينَ سَأَلَ أَنَسًا الْمُكَاتَبَةَ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: كَاتِبْهُ، فَأَبَى، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَيَتْلُو عُمَرُ:{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} . فَكَاتَبَهُ.

(يبتغون الكتاب) يطلبون المكاتبة، وهي أن يؤدي العبد سيده مقدارا من المال يتفقان عليه على أقساط، ويسمى كل قسط نجما، فإذا أداها أصبح حرا. (خيرا) أمانة على أداء ما التزموه، وقدرة على الكسب والاحتراف. (آتوهم) أعينوهم في أداء ما التزموه. (علمت له مالا) قدرة على كسب المال. (قاله) أي قال هذا القول وهو وجوب المكاتبة. (تأثره) ترويه عن أحد. (أخبرني) القائل هو ابن جريج، والمخبر عطاء. (بالدرة) بالسوط.

ص: 902

2421 -

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها:

إِنَّ بَرِيرَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهَا تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَعَلَيْهَا خَمْسَةُ أَوَاقٍ، نُجِّمَتْ عَلَيْهَا فِي خَمْسِ سِنِينَ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ وَنَفِسَتْ فِيهَا: أَرَأَيْتِ إن عددت لهم عدة واحدو، أَيَبِيعُكِ أَهْلُكِ فَأُعْتِقَكِ، فَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي؟ فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَنَا الْوَلَاءُ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: (مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وأثق).

[ر: 444]

(نفست فيها) رغبت. (أهلك) أسيادك ومالكوك.

ص: 903

‌22 - بَاب: مَا يَجُوزُ مِنْ شُرُوطِ الْمُكَاتَبِ، وَمَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ.

فِيهِ ابْنُ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 903

2422 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنٍ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ:

أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا: أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي

⦗ص: 904⦘

فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لِأَهْلِهَا فَأَبَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(ابْتَاعِي، فَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). قَالَ: ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ).

[ر: 444]

أخرجه مسلم في العتق، باب: إنما الولاء لمن أعتق، رقم:1504. (تحتسب عليك) تطلب الثواب عند الله تعالى ولا يكون لها الولاء.

ص: 903

2423 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

أَرَادَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِتُعْتِقَهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا: عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكِ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).

[ر: 2048]

أخرجه مسلم في العتق، باب: إنما الولاء لمن أعتق، رقم:1504.

ص: 904

‌23 - بَاب: اسْتِعَانَةِ الْمُكَاتَبِ وَسُؤَالِهِ النَّاسَ.

ص: 904

2424 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أوقية، فَأَعِينِينِي، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ، وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي. فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:(خُذِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَأَيُّمَا شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، فَقَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، مَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَعْتِقْ يَا فُلَانُ وَلِيَ الْوَلَاءُ، إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).

[ر: 444]

ص: 904

‌24 - بَاب: بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ.

وَقَالَتْ عَائِشَةُ: هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هُوَ عَبْدٌ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ وَإِنْ جَنَى، مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

ص: 905

2425 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:

أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً فَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ بَرِيرَةُ ذَلِكَ لِأَهْلِهَا، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُكِ لَنَا.

قَالَ مَالِكٌ: قَالَ يَحْيَى: فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).

[ر: 444]

ص: 905

25 -

بَاب: إِذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ: اشْتَرِنِي وَأَعْتِقْنِي، فَاشْتَرَاهُ لِذَلِكَ.

ص: 905

2426 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَيْمَنُ، قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقُلْتُ: كُنْتُ لِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، وَمَاتَ وَوَرِثَنِي بَنُوهُ، وَإِنَّهُمْ بَاعُونِي مِنْ ابْنِ أَبِي عَمْرِو، فَأَعْتَقَنِي ابْنُ أَبِي عَمْرٍو، وَاشْتَرَطَ بَنُو عُتْبَةَ الْوَلَاءَ، فَقَالَتْ: دَخَلَتْ بَرِيرَةُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ، فَقَالَتِ: اشْتَرِينِي وَأَعْتِقِينِي، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَتْ: لَا يَبِيعُونِي حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلَائِي، فَقَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي بِذَلِكَ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَلَغَهُ، فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ مَا قَالَتْ لَهَا، فَقَالَ:(اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُونَ مَا شاؤوا). فَاشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ فَأَعْتَقَتْهَا، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ).

[ر: 444]

ص: 905

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 907

‌55 - كِتَاب الْهِبَةِ وَفَضْلِهَا.

ص: 907

‌1 - باب: فضلها والتحريض عليها.

ص: 907

2427 -

حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ).

[5671]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: الحث على الصدقة ولو بقليل، رقم:1030. (لا تحقرن) لا تستصغرن شيئا تقدمه هبة فتمتنع منها، والهبة في اللغة: إيصال الشيء لغيره بما ينفعه، سواء كان مالا أم غيره، يقال: وهبة الله مالا حلالا وولدا صالحا وعقلا سليما. وشرعا: هي تمليك المال بلا عوض، وفي معناها الهدية، مع ملاحظة تكريم الموهوب له. (فرسن شاة) ما دون الرسغ من يدها، وقيل هو عظم قليل اللحم، والمقصود المبالغة في الحث على الإهداء ولو في الشيء اليسير؛ وخص النساء بالخطاب لأنهن يغلب عليهن استصغار الشيء اليسير والتباهي بالكثرة وأشباه ذلك.

ص: 907

2428 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ:

ابْنَ أُخْتِي، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ، ثُمَّ الْهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَارٌ. فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ، مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتْ: الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَلْبَانِهِمْ فَيَسْقِينَا.

[6093، 6094]

أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، رقم:2972. (وما أوقدت .. ) كناية عن طبخ شيء من اللحم أو سواه. (يعيشكم) يقيتكم من الطعام. (الأسودان) غلب التمر على الماء فقيل أسودان، وكان الغالب في تمر المدينة الأسود. (منائح) جمع منيحة، وهي الشاة أو الناقة، التي تعطي للغير ليحلبها وينتفع بلبنها ثم يردها على صاحبها، وقد تكون عطية مؤبدة بعينها ومنافعها كالهبة. (يمنحون) من المنح وهو العطاء.

ص: 907

‌2 - بَاب: الْقَلِيلِ مِنَ الْهِبَةِ.

ص: 908

2429 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ، أَوْ كُرَاعٍ، لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ).

[4883]

(ذراع) اليد من الحيوان. (كراع) ما استدق من ساق الحيوان.

ص: 908

‌3 - بَاب: مَنِ اسْتَوْهَبَ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا.

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا).

[ر: 2156]

ص: 908

2430 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ لَهَا غُلَامٌ نَجَّارٌ، قَالَ لَهَا:(مُرِي عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنَا أَعْوَادَ الْمِنْبَرِ). فَأَمَرَتْ عَبْدَهَا، فَذَهَبَ فَقَطَعَ مِنَ الطَّرْفَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا قَضَاهُ، أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّهُ قَدْ قَضَاهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:(أَرْسِلِي بِهِ إِلَيَّ). فجاؤوا بِهِ، فَاحْتَمَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ.

[ر: 370]

ص: 908

2431 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَازِلٌ أَمَامَنَا، وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي بِهِ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، وَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ الْعَضُدَ مَعِي، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:(مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ). فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ

⦗ص: 909⦘

الْعَضُدَ فَأَكَلَهَا حَتَّى نَفِدَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ.

فَحَدَّثَنِي بِهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ.

[ر: 1725]

(أخصف) أخرز وألزق. (يؤذنوني) يعلموني. (فأسرجته) شددت عليه سرجه، والسرج ما يوضع على الدابة تحت الراكب. (فعقرته) جرحته حتى مات. (فوقعوا فيه) أخذوا من لحمه. (فرحنا) من الرواح وهو الذهاب آخر النهار. (خبأت العضد) أبقيتها. (نفدها) أتى عليها كلها ولم يبق منها شيئا.

ص: 908

‌4 - بَاب: مَنِ اسْتَسْقَى.

وَقَالَ سَهْلٌ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (اسْقِنِي).

[ر: 5314]

ص: 909

2432 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو طُوَالَةَ، اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي دَارِنَا هَذِهِ، فَاسْتَسْقَى، فَحَلَبْنَا لَهُ شَاةً لَنَا، ثُمَّ شُبْتُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِنَا هَذِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَعُمَرُ تُجَاهَهُ، وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ عُمَرُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ، ثُمَّ قَالَ:(الْأَيْمَنُونَ الْأَيْمَنُونَ، أَلَا فَيَمِّنُوا). قَالَ أَنَسٌ: فَهِيَ سُنَّةٌ، فَهِيَ سُنَّةٌ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

[ر: 2225].

ص: 909

‌5 - بَاب: قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ.

وَقَبِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَبِي قَتَادَةَ عَضُدَ الصَّيْدِ.

[ر: 2431]

ص: 909

2433 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِوَرِكِهَا أَوْ فَخِذَيْهَا، قَالَ: فَخِذَيْهَا لَا شَكَّ فِيهِ، فَقَبِلَهُ. قُلْتُ: وَأَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: وَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: قَبِلَهُ.

[5171، 5215]

أخرجه مسلم في الصيد والذبائح، باب: إباحة الأرنب، رقم:1953. (أنفجنا) أثرناه من مكانه. (بمر الظهران) موضع قريب من مكة. (فلغبوا) تعبوا. (بوركها) ما فوق الفخذ.

ص: 909

2434 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنهم:

أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ

⦗ص: 910⦘

قَالَ: (أَمَا إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ).

[ر: 1729]

ص: 909

‌6 - بَاب: قَبُولِ الْهَدِيَّةِ.

ص: 910

2435 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، يَبْتَغُونَ بِهَا، أَوْ يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ، مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[2441، 2442، 3564]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في فضل عائشة رضي الله عنها، رقم: 2441، 2442. (يتحرون) من التحري وهو القصد والاجتهاد في الطلب، والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول. (يوم عائشة) يوم نوبتها ومبيت رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا. (يبتغون) يطلبون. (بذلك) بتحريهم بهداياهم يوم عائشة. (مرضاة) سروره ورضاه.

ص: 910

2436 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَالَ:

أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ، خَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا، فَأَكَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَقِطِ وَالسَّمْنِ، وَتَرَكَ الضَّبَّ تَقَذُّرًا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[5074، 5087، 6925]

أخرجه مسلم في الصيد والذبائح، باب إباحة الضب، رقم: 1946، 1947. (أضبا) جمع ضب وهو دويبة تشبه الحرذون، ومنها ما هو أكبر منه. (تقذرا) كراهية وتقززا منه.

ص: 910

2437 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ: (أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ). فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ. قَالَ لِأَصْحَابِهِ: (كُلُوا). وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ، ضَرَبَ بِيَدِهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَ مَعَهُمْ.

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: قبول النبي صلى الله عليه وسلم الهدية ورده الصدقة، رقم:1077.

ص: 910

2438 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، قَالَ:(هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ).

[ر: 1424]

ص: 910

2439 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

⦗ص: 911⦘

الْقَاسِمِ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، وَأَنَّهُمُ اشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَذَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ). وَخُيِّرَتْ.

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: زَوْجُهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ، قَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْ زَوْجِهَا، قَالَ: لَا أَدْرِي، أَحُرٌّ أَمْ عَبْدٌ.

[ر: 444]

ص: 910

2440 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ:

دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَالَ: (عِنْدَكُمْ شَيْءٌ). قَالَتْ: لَا، إِلَّا شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ، مِنَ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثْتَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّدَقَةِ، قَالَ:(إِنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا).

[ر: 1377]

ص: 911

7 -

بَاب: مَنْ أَهْدَى إِلَى صَاحِبِهِ وَتَحَرَّى بَعْضَ نِسَائِهِ دُونَ بَعْضٍ.

ص: 911

2441 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمِي. وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: إِنَّ صَوَاحِبِي اجْتَمَعْنَ، فَذَكَرَتْ لَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا.

(صواحبي) أرادت بقية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. (اجتمعن) وقلن لي: خبري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس بأن يهدوا له حيث كان. (فذكرت له) ما قلنه لها. (فأعرض عنها) لم يلتفت إلى ما قالته له.

ص: 911

2442 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُنَّ حِزْبَيْنِ: فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ، وَسَوْدَةُ، وَالْحِزْبُ الْآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ، يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةً، فليهدها إِلَيْهِ

⦗ص: 912⦘

حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: فَكَلِّمِيهِ، قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حين دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا:(لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ). قَالَتْ: فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَتِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ:(يَا بُنَيَّةُ أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ). قَالَتْ: بَلَى، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ فَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَكَلَّمُ، قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالَتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ:(إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ).

قَالَ الْبُخَارِيُّ: الْكَلَامُ الْأَخِيرُ قِصَّةُ فَاطِمَةَ يُذْكَرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ أَبُو مَرْوَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ. وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَجُلٍ مِنَ المَوَالِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَتْ فَاطِمَةُ.

[ر: 2435]

(حزبين) تثنية حزب وهو الطائفة والجماعة. (ينشدنك الله العدل) يسألنك بالله العدل، بأن تسوي بينهن في كل شيء من المحبة وغيرها، وهذا مما لا يملكه أحد ولا يكلف به، وإنما يؤمر بالعدل في الأفعال والأمور المادية. (تناولت عائشة) تعرضت لها بالقول. (فسبتها) نالتها بالكلام ضمن الحدود الشرعية. (إنها بنت أبي بكر) إنها شريفة عاقلة عارفة كأبيها.

ص: 911

‌8 - بَاب: مَا لَا يُرَدُّ مِنَ الْهَدِيَّةِ.

ص: 912

2443 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَنَاوَلَنِي طِيبًا، قَالَ: كَانَ أَنَسٌ رضي الله عنه لَا يَرُدُّ الطِّيبَ، قَالَ: وَزَعَمَ أَنَسٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَرُدُّ الطِّيبَ.

[5585]

(الطيب) ما يتطيب به من العطور والأدهان.

ص: 912

‌9 - بَاب: مَنْ رَأَى الْهِبَةَ الْغَائِبَةَ جَائِزَةً.

(الهبة الغائبة) أي هبة ما هو غائب أو سيملك.

ص: 913

2444 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: ذَكَرَ عُرْوَةُ: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما وَمَرْوَانَ أَخْبَرَاهُ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ، قَامَ فِي النَّاسِ،

فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:(أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جاؤونا تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا).

فَقَالَ النَّاسُ: طَيَّبْنَا لَكَ.

[ر: 2184]

ص: 913

‌10 - بَاب: الْمُكَافَأَةِ فِي الْهِبَةِ.

ص: 913

2445 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا.

لَمْ يَذْكُرْ وَكِيعٌ وَمُحَاضِرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ.

(يثيب عليها) يكافئ صاحبها، فيعطيه عوضا عنها ما هو خير منها أو مثلها. (لم يذكر وكيع) بن الجراح، و (محاضر) بن المورع، أي لم يسندا الحديث بل ذكراه مرسلا.

ص: 913

‌11 - بَاب: الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ، وَإِذَا أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ، حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ وَيُعْطِيَ الْآخَرِينَ مِثْلَهُ، وَلَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ).

[ر: 2447]

وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ، وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَتَعَدَّى.

وَاشْتَرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عُمَرَ بَعِيرًا، ثُمَّ أَعْطَاهُ ابْنَ عُمَرَ، وَقَالَ: اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ.

[ر: 2009]

ص: 913

2446 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: أنهما حدثاه عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ:

أَنَّ أَبَاهُ أَتَى

⦗ص: 914⦘

بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا، فَقَالَ:(أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ). قَالَ: لَا، قَالَ:(فَارْجِعْهُ).

[2447، 2507]

أخرجه مسلم في الهبات، باب: كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، رقم:1623. (نحلت) أعطيت، من النحلة وهي العطاء.

ص: 913

‌12 - بَاب: الْإِشْهَادِ فِي الْهِبَةِ.

ص: 914

2447 -

حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ:

أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا). قَالَ: لَا، قَالَ:(فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ). قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.

[ر: 2446]

ص: 914

‌13 - بَاب: هِبَةِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: جَائِزَةٌ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَا يَرْجِعَانِ. وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ).

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَبِي لِي بَعْضَ صَدَاقِكِ أَوْ كُلَّهُ، ثُمَّ لَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى طَلَّقَهَا فَرَجَعَتْ فِيهِ، قَالَ: يَرُدُّ إِلَيْهَا إِنْ كَانَ خَلَبَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ خَدِيعَةٌ جَازَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} . /النساء: 4/.

(صاقك) مهرك. (خلبها) خدعها. (فإن طبن) المعنى: إن طابت أنفسهن لكم عن شيء من المهر فوهبنه لكم بكل رضى. (فكلوه هنيئا مريئا) طيبا محمود العاقبة، لا ضرر فيه عليكم.

ص: 914

2448 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها:

لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ، وَكَانَ

بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَذَكَرْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ،

⦗ص: 915⦘

فَقَالَ لِي: وَهَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

[ر: 195]

ص: 914

2449 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ، يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ).

[2478، 2479، 6574]

(أخرجه مسلم في الهبات، باب: تحريم الرجوع في الصدقة والهبة

، رقم:1622. (العائد في هبته) الذي يرجع في عطيته. (يعود في قيئه) يلعقه بعد أن ألقاه، وهو مبالغة في قبح الرجوع بالهبة.

ص: 915

‌14 - بَاب: هِبَةِ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا وَعِتْقِهَا، إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَهُوَ جَائِزٌ، إِذَا لَمْ تَكُنْ سَفِيهَةً، فَإِذَا كَانَتْ سَفِيهَةً لَمْ يَجُزْ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} /النساء: 5/.

(السفهاء) جمع سفيه، وهو المبذر والذي لا يحسن التصرف في المال، من الرجال أو النساء أو الصبيان. (أموالكم) أموالهم التي في أيديكم.

ص: 915

2450 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِيَ مَالٌ، إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ، فَأَتَصَدَّقُ؟ قَالَ:(تَصَدَّقِي، وَلَا تُوعِي فَيُوعَى عَلَيْكِ).

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: الحث في الإنفاق وكراهة الإحصاء، رقم:1029.

ص: 915

2451 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَنْفِقِي، وَلَا تُحْصِي فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ، وَلَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ).

[ر: 1366]

ص: 915

2452 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا

أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً، وَلَمْ تَسْتَأْذِنْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ: أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنِّي أَعْتَقْتُ

⦗ص: 916⦘

وَلِيدَتِي؟ قَالَ: (أَوَ فَعَلْتِ). قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:(أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ).

وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ: إِنَّ مَيْمُونَةَ أَعْتَقَتْ.

[2454]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين .. ، رقم:999. (وليدة) أمة. (يدور عليها فيه) يبيت عندها. (أشعرت) أعلمت. (أعظم لأجرك) أكثر ثوابا لك.

ص: 915

2453 -

حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[2494، 2518، 2542، 2723، 3208، 3801، 3910 - 3912، 4413، 4414، 4472 - 4474، 4479، 6285، 6301، 6935، 6936، 7061، 7106]

(أقرع بين نسائه) من القرعة وهي أن يختار كل من المتقارعين شيئا معينا فيسمى سهمه، أي نصيبه، وتوضع في وعاء مغلق ثم يستخرج منها واحد فمن خرج سهمه كان هو صاحب القرعة. (تبتغي) تطلب. (بذلك) بهبتها يومها وليلتها. (رضا) سروره.

ص: 916

‌15 - بَاب: بِمَنْ يُبْدَأُ بِالْهَدِيَّةِ.

ص: 916

2454 -

وَقَالَ بَكْرٌ: عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا، فَقَالَ لَهَا:(وَلَوْ وَصَلْتِ بَعْضَ أَخْوَالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ).

[ر: 2452]

ص: 916

2455 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ:(إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا).

[ر: 2140]

ص: 916

‌16 - بَاب: مَنْ لَمْ يَقْبَلِ الْهَدِيَّةَ لِعِلَّةٍ.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَتِ الْهَدِيَّةُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةً، وَالْيَوْمَ رِشْوَةٌ.

(الهدية) أي لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهم. (واليوم رشوة) إذا أعطيت للحكام والموظفين.

ص: 916

2456 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنَّهُ سَمِعَ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يُخْبِرُ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارَ وَحْشٍ، وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَرَدَّهُ، قَالَ صَعْبٌ: فَلَمَّا عَرَفَ فِي وَجْهِي رَدَّهُ هَدِيَّتِي قَالَ: (لَيْسَ بِنَا رَدٌّ عَلَيْكَ، وَلَكِنَّا حُرُمٌ).

[ر: 1729]

(عرف في وجهي رده) أثره وهو كراهتي لذلك. (ليس بنا رد عليك) أي لم نرد عليك رغبة منا في ذلك وكرها لهديتك. (حرم) محرمون.

ص: 917

2457 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنْ الْأَزْدِ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللتبية، عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. قَالَ: (فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ).

ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ: (اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ). ثَلَاثًا.

[ر: 883]

(استعمل) وظف. (الصدقة) الزكاة. (هذا لكم) ما جمعته زكاة، تأخذونه لتعطوه الفقراء المستحقين. (منه) من المال الذي يهدى له بسبب عمله ووظيفته. (جاء به) حشر مصاحبا له. (رغاء) صوت ذوات الخف. (خوار) صوت البقر. (تيعر) من اليعار وهو صوت الشاة. (عفرة إبطيه) بياض ما تحت الإبط، وسمي عفرة لأنه بياض غير ناصع كأنه معفر بالتراب. (ثلاثا) أي كررها ثلاث مرات.

ص: 917

‌17 - بَاب: إِذَا وَهَبَ هِبَةً أَوْ وَعَدَ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْهِ.

وَقَالَ عَبِيدَةُ: إِنْ مَاتَ وَكَانَتْ فُصِلَتِ الْهَدِيَّةُ، وَالْمُهْدَى لَهُ حَيٌّ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ،

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فُصِلَتْ فَهِيَ لِوَرَثَةِ الَّذِي أَهْدَى. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَهِيَ لِوَرَثَةِ الْمُهْدَى لَهُ، إِذَا قَبَضَهَا الرَّسُولُ.

(فصلت) ميزت. (الرسول) الذي كلف بإيصال الهدية للمهدى له.

ص: 917

2458 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا - ثَلَاثًا). فَلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ

⦗ص: 918⦘

أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَدَنِي، فَحَثَى لِي، ثَلَاثًا.

[ر: 2174]

ص: 917

‌18 - بَاب: كَيْفَ يُقْبَضُ الْعَبْدُ وَالْمَتَاعُ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ، فَاشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:(هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ).

[ر: 2009]

ص: 918

2459 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبِيَةً، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَقَالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي، قَالَ: فَدَعَوْتُهُ لَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، فَقَالَ:(خَبَأْنَا هَذَا لَكَ). قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ:(رَضِيَ مَخْرَمَةُ).

[2514، 2959، 5464، 5524، 5781]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إعطاء من سأل بفحش وغلظة، رقم:1058. (أقبية) جمع قباء وهو ثوب يلبس. (رضي مخرمة) أي هل رضيت.

ص: 918

‌19 - بَاب: إِذَا وَهَبَ هِبَةً فَقَبَضَهَا الْآخَرُ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ.

ص: 918

2460 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ، فَقَالَ:(وَمَا ذَاكَ). قَالَ: وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ:(تَجِدُ رَقَبَةً). قَالَ: لَا، قَالَ:(فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ). قَالَ: لَا، قَالَ:(فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا). قَالَ: لَا، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِعَرَقٍ، وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ:(اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ). قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، قَالَ:(اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ).

[ر: 1834]

ص: 918

‌20 - بَاب: إِذَا وَهَبَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ.

قَالَ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ: هُوَ جَائِزٌ. وَوَهَبَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهما السلام لِرَجُلٍ دَيْنَهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلْيُعْطِهِ أَوْ لِيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ). فَقَالَ جَابِرٌ: قُتِلَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غُرَمَاءَهُ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي.

(من كان .. ) أي من كان عليه لأحد حق فليعطه لصاحبه، أو ليطلب منه أن يبرئ ذمته منه.

ص: 918

2461 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِي حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمْتُهُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطِي وَيُحَلِّلُوا أَبِي فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَائِطِي وَلَمْ يَكْسِرْهُ لَهُمْ، وَلَكِنْ قَالَ:(سَأَغْدُو عَلَيْكَ). فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ فِي النَّخْلِ وَدَعَا فِي ثَمَرِهِ بِالْبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَبَقِيَ لَنَا مِنْ ثَمَرِهَا بَقِيَّةٌ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ:(اسْمَعْ - وَهُوَ جَالِسٌ - يَا عُمَرُ). فَقَالَ: أَلَّا يَكُونُ؟ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ.

[ر: 2020]

(ألا يكون) أي ليس غريبا أن يكون هذا وأنت رسول الله المؤيد بالمعجزات، وقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله:(اسمع يا عمر). تأكيد علمه رضي الله عنه وتقويته وزيادة الحجج لديه.

ص: 919

‌21 - بَاب: هِبَةِ الْوَاحِدِ لِلْجَمَاعَةِ.

وَقَالَتْ أَسْمَاءُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ: وَرِثْتُ عَنْ أُخْتِي عَائِشَةَ بِالْغَابَةِ، وَقَدْ أَعْطَانِي بِهِ مُعَاوِيَةُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَهُوَ لَكُمَا.

(القاسم بن محمد) بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. (ابن أبي عتيق) هو أبو بكر عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما. (بالغابة) موضع قريب من المدينة، وهو من عواليها، والغابة في الأصل الأشجار المتكاثفة التي تغيب ما فيها.

ص: 919

2462 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ:(إِنْ أَذِنْتَ لِي أَعْطَيْتُ هَؤُلَاءِ). فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدًا، فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ).

[ر: 2224]

ص: 919

‌22 - بَاب: الْهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ وَغَيْرِ الْمَقْبُوضَةِ، وَالْمَقْسُومَةِ وَغَيْرِ الْمَقْسُومَةِ.

وَقَدْ وَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ لِهَوَازِنَ مَا غَنِمُوا مِنْهُمْ وَهُوَ غَيْرُ مَقْسُومٍ.

[ر: 2184]

وقال ثابت بن محمد: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في المسجد، فقضاني وزادني.

[ر: 432]

ص: 919

2463 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبٍ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ:

بِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ:(ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ). فَوَزَنَ، قَالَ شُعْبَةُ: أُرَاهُ: فَوَزَنَ لِي فَأَرْجَحَ، فَمَا زَالَ مَعِي مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى أَصَابَهَا أَهْلُ الشَّأْمِ يَوْمَ الْحَرَّةِ.

[ر: 432]

(منها) من الثمن الذي أعطاه إياه. (أصابها) أخذها. (يوم الحرة) يوم الوقعة التي حصلت حوالي المدينة عند حرتها، والحرة أرض ذات حجارة سوداء.

ص: 920

2464 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِشَرَابٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ:(أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ). فَقَالَ الْغُلَامُ: لَا وَاللَّهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ.

[ر: 2224]

ص: 920

2465 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ:(دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا). وَقَالَ: (اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ). فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَجِدُ سِنًّا إِلَّا سِنًّا هِيَ أَفْضَلُ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ:(فَاشْتَرُوهَا، فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً).

[ر: 2182]

ص: 920

‌23 - بَاب: إِذَا وَهَبَ جَمَاعَةٌ لِقَوْمٍ.

ص: 920

2466 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ، حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ:(مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ). وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ جاؤونا تَائِبِينَ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ

⦗ص: 921⦘

إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ). فَقَالَ النَّاسُ: طَيَّبْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ:(إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِيهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ). فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ: أَنَّهُمْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. وَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا مِنْ سَبْيِ هَوَازِنَ. هَذَا آخِرُ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ، يَعْنِي: فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا.

[ر: 2184]

ص: 920

‌24 - بَاب: مَنْ أُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ جُلَسَاؤُهُ، فَهُوَ أَحَقُّ.

وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جُلَسَاءَهُ شُرَكَاءُ، وَلَمْ يَصِحَّ.

ص: 921

2467 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَخَذَ سِنًّا، فَجَاءَ صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ:(إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا). ثُمَّ قَضَاهُ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، وَقَالَ:(أَفْضَلُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً).

[ر: 2182]

ص: 921

2468 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَكَانَ عَلَى بَكْرٍ لِعُمَرَ صَعْبٍ، فَكَانَ يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُ أَبُوهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَا يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(بِعْنِيهِ). فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ لَكَ، فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ قَالَ:(هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ).

[ر: 2009]

ص: 921

‌25 - بَاب: إِذَا وَهَبَ بَعِيرًا لِرَجُلٍ وَهُوَ رَاكِبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ.

ص: 921

2469 -

وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، وَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ:(بِعْنِيهِ). فَابْتَاعَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ).

[ر: 2009]

ص: 921

‌26 - بَاب: هَدِيَّةِ مَا يُكْرَهُ لبسه.

ص: 921

2470 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ، قَالَ:(إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ).

⦗ص: 922⦘

ثُمَّ جَاءَتْ حُلَلٌ، فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً، وَقَالَ: أَكَسَوْتَنِيهَا، وَقُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ فَقَالَ:(إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا). فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا.

[ر: 846]

ص: 921

2471 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا، وَجَاءَ عَلِيٌّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا). فَقَالَ: (مَا لِي وَلِلدُّنْيَا). فَأَتَاهَا عَلِيٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ، قَالَ:(تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلَانٍ، أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ).

(موشيا) منقوشا ومخططا بألوان شتى. (ما لي وللدنيا) ليس لي حاجة بزخرف الدنيا.

ص: 922

2472 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:

أَهْدَى إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُلَّةَ سِيَرَاءَ، فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي.

[5051، 5502]

أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب .. ، رقم:2071. (حلة) ثوبان من جنس واحد. (سيراء) ذات خطوط يخالطها شيء من الحرير. (نسائي) زوجته وأمه وبنت عمه حمزة وزوجة أخيه عقيل، رضي الله عنهم أجمعين.

ص: 922

‌27 - بَاب: قَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِسَارَةَ، فَدَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ، فَقَالَ: أَعْطُوهَا آجَرَ).

[ر: 2104]

وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ.

[ر: 2474]

وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ.

[ر: 1411]

(أيلة) بلدة كانت معروفة بساحل البحر، في طريق المصريين إلى مكة، ولعلها ما يسمى الآن: أيلات. (كتب له ببحرهم) أي جعله حاكما على بلدهم وأرضهم.

ص: 922

2473 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ:

⦗ص: 923⦘

حَدَّثَنَا أَنَسٌ رضي الله عنه قَالَ:

أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقَالَ:(وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا).

وَقَالَ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[3076]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه، رقم:2469. (سندس) الديباج الرقيق، والديباج ثياب من الحرير الخالص. (فعجب الناس منها) أعجبهم حسنها. (أكيدر دومة) ملكها، وهي مدينة بقرب تبوك.

ص: 922

2474 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا، فَقِيلَ: أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: (لَا). فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

أخرجه مسلم في السلام، باب: السم، رقم:2190. (يهودية) اسمها زينب، واختلف في إسلامها. (أعرفها) أعرف أثرها. (لهوات) جمع لهاة وهي ما يبدو من الفم عند التبسم، وقيل: هي اللحمة التي بأعلى الحنجرة من أقصى الفم.

ص: 923

2475 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ). فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ، مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً، أَوْ قَالَ: أَمْ هِبَةً). قَالَ: لَا، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ، مَا فِي الثَّلَاثِينَ وَالْمِائَةِ إِلَّا قَدْ حَزَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، فَفَضَلَتِ الْقَصْعَتَانِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْبَعِيرِ، أَوْ كَمَا قَالَ.

[ر: 2103]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: إكرام الضيف وفضل إيثاره، رقم:2056. (بسواد البطن) ما في البطن من كبد وغيره، وقيل: هو الكبد. (وايم الله) من ألفاظ القسم، وقيل: هي جمع يمين، ومعناها: أيمن الله قسمي.

ص: 923

(تبروهم) تحسنوا إليهم. (تقسطوا) تعاملوهم بالعدل.

ص: 924

2476 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِذَا جَاءَكَ الْوَفْدُ. فَقَالَ: (إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ). فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ قَالَ: (إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا). فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ.

[ر: 846]

ص: 924

2477 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ:

قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: إن أمي قدمت وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ:(نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ).

[3012، 5633، 5634]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين .. ، رقم:1003. (راغبة) أي في الإسلام، وقيل: عنه، أي كارهة له.

ص: 924

‌29 - بَاب: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ.

ص: 924

2478 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ قَالَا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ).

ص: 924

2479 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ).

[ر: 2449]

(ليس لنا مثل السوء) لا ينبغي لنا أن نتصف بصفة ذميمة، نشابه فيها أخس الحيوانات في أخس الأحوال.

ص: 924

2480 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ:

حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:(لَا تَشْتَرِهِ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ).

[ر: 1419]

ص: 925

2481 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:

أَنَّ بَنِي صُهَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ جُدْعَانَ، ادَّعَوْا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى ذَلِكَ صُهَيْبًا، فَقَالَ مَرْوَانُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكُمَا عَلَى ذَلِكَ، قَالُوا: ابْنُ عُمَرَ، فَدَعَاهُ، فَشَهِدَ لَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صُهَيْبًا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً، فَقَضَى مَرْوَانُ بِشَهَادَتِهِ لَهُمْ.

(بني صهيب) الرومي الصحابي المشهور. (مولى ابن جدعان) الذي اشتراه في الجاهلية وأعتقه. (حجرة) موضع منفرد في الدار.

ص: 925

‌30 - بَاب: مَا قِيلَ فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى.

أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهِيَ عُمْرَى، جَعَلْتُهَا لَهُ. {اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} /هود: 61/: جَعَلَكُمْ عُمَّارًا.

(استعمركم فيها) المعنى: أذن لكم في عمارتها واستخرج قوتكم منها، وقيل غير ذلك.

ص: 925

2482 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَى، أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ.

أخرجه مسلم في الهبات، باب: العمرى، رقم:1625. (قضى) حكم. (بالعمرى) بصحتها، والعمرى أن يقول رجل لآخر: أعمرتك داري، أي جعلتها لك مدة عمري. (لمن وهبت له) أي على التأبيد، لا ترجع إلى الواهب أو ورثته.

ص: 925

2483 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْعُمْرَى جَائِزَةٌ). وَقَالَ عَطَاءٌ:

حَدَّثَنِي جَابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ.

أخرجه مسلم في الهبات، باب: العمرى، رقم: 1625، 1626. (جائزة) صحيحة ومشروعة.

ص: 925

‌31 - بَاب: مَنِ اسْتَعَارَ مِنَ النَّاسِ الْفَرَسَ.

ص: 926

2484 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ:

كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ الْمَنْدُوبُ فَرَكِبَ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ:(مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا).

[2665، 2702، 2707، 2711، 2712، 2751، 2806، 2807، 2875، 5686، 5858]

(فزع) خوف من العدو. (من شيء) يوجب الفزع. (لبحرا) واسع الجري.

ص: 926

‌32 - بَاب: الِاسْتِعَارَةِ لِلْعَرُوسِ عِنْدَ الْبِنَاءِ.

(البناء) الزفاف، والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها، فيقال: بنى الرجل على أهله.

ص: 926

2485 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ، ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَتْ: ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِي انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهَا تُزْهَى أَنْ تَلْبَسَهُ فِي الْبَيْتِ، وَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُنَّ دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا أَرْسَلَتْ إِلَيَّ تَسْتَعِيرُهُ.

(أبي) هو أيمن الحبشي المخزومي المكي. (درع) قميص المرأة. (قطر) نوع من غليظ الثياب القطنية، فيه بعض الخشونة، وفي نسخة:(درع قطن). (تزهى) تأنف وتتكبر. (تقين) تتزين لزفافها.

ص: 926

‌33 - بَاب: فَضْلِ الْمَنِيحَةِ.

ص: 926

2486 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (نِعْمَ الْمَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ، تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ).

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَإِسْمَاعِيلُ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ:(نِعْمَ الصَّدَقَةُ).

[5285]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: فضل المنيحة، رقم: 1019، 1020. (المنيحة) وهي الناقة أو الشاة ذات الدر، تعطي لينتفع بلبنها ثم ترد إلى أصحابها. (اللقحة) الحلوب من الإبل أو الشياه. (الصفي) الكثيرة اللبن. (تغدو بإناء وتروح بإناء) تحلب إناء بالغدو وإناء بالعشي.

ص: 926

2487 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،

⦗ص: 927⦘

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ، وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ، يَعْنِي شَيْئًا، وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ أَهْلَ الْأَرْضِ وَالْعَقَارِ، فَقَاسَمَهُمْ الْأَنْصَارُ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ، وَيَكْفُوهُمُ الْعَمَلَ والمؤونة، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسٍ أُمُّ سُلَيْمٍ، كَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِذَاقًا، فَأَعْطَاهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلَاتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ خَيْبَرَ، فَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُمِّهِ عِذَاقَهَا، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ: بِهَذَا، وَقَالَ: مَكَانَهُنَّ مِنْ خَالِصِهِ.

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم .. ، رقم:1771. (ثمار أموالهم) يقاسمونهم عليها. (المؤونة) في الزراعة من السقي وغيره. (عذاقا) هو النحلة، والمراد ثمرها. (قتل أهل خيبر) قتالهم. (حائطه) بساتنه.

ص: 926

2488 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَرْبَعُونَ خَصْلَةً، أَعْلَاهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا، وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ).

قَالَ حَسَّانُ: فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ، مِنْ رَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً.

(خصلة) صفة. (منيحة العنز) أنثى العنز تعطى لينتفع بلبنها ثم ترد. (تصديق موعودها) مصدقا بما وعد الله تعالى عليها من الأجر. (تشميت العاطس) أن يقول له: يرحمك الله ونحوه، وأصل الشماتة أن يفرح بالمصيبة تنزل بغيره، فكانه يدعو له بدفع المصيبة. (نبلغ خمس عشرة) حسب اجتهاده ومبلغ علمه، ولم يذكرها صلى الله عليه وسلم مع القطع بعلمه بها لحكمة، الله ورسوله أعلم بها، ولعلها: الاجتهاد بأعمال البر عامة وحتى لا يقتصر الناس عليها.

ص: 927

2489 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَتْ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ، فَقَالُوا: نُؤَاجِرُهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ

⦗ص: 928⦘

وَالنِّصْفِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ).

[ر: 2215]

ص: 927

2490 -

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ قَالَ:

جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ:(وَيْحَكَ إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا شَيْئًا). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا).

[ر: 1384]

(تمنح منها) تعطي صدقة وهدية. (فتحلبها يوم وردها) يوم مجيئها إلى الماء لتشرب، فتعطي من لبنها من حضر من الفقراء والمساكين. (يترك) ينقصك.

ص: 928

2491 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَعْلَمُهُمْ بِذَاكَ - يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى أَرْضٍ تَهْتَزُّ زَرْعًا، فَقَالَ:(لِمَنْ هَذِهِ). فَقَالُوا: اكْتَرَاهَا فُلَانٌ، فَقَالَ: (أَمَا إِنَّهُ لَوْ مَنَحَهَا إِيَّاهُ، كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ

أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا مَعْلُومًا).

[ر: 2205]

(تهتز زرعا) تتحرك وترتاح لأجل الزرع الذي عليها، وكل من ارتاح لأمر اهتز له.

ص: 928

‌34 - بَاب: إِذَا قَالَ: أَخْدَمْتُكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ، عَلَى مَا يَتَعَارَفُ النَّاسُ، فَهُوَ جَائِزٌ.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَذِهِ عَارِيَّةٌ، وَإِنْ قَالَ: كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ، فَهُوَ هِبَةٌ.

(على ما يتعارف الناس) أي حسب عرفهم في اعتبار ذلك عارية أم هبة. (بعض الناس) قيل: أراد بهم الحنفية.

ص: 928

2492 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، فَأَعْطَوْهَا آجَرَ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللهَ كَبَتَ الْكَافِرَ، وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً).

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ).

[ر: 2104]

ص: 928

‌35 - بَاب: إِذَا حَمَلَ رجل عَلَى فَرَسٍ، فَهُوَ كَالْعُمْرَى وَالصَّدَقَةِ.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا.

(كالعمرى) انظر الحديث: 2482.

ص: 929

2493 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:

حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ).

[ر: 1419].

ص: 929

بسم الله الرحمن الرحيم.

ص: 931

‌56 - كِتَاب الشَّهَادَاتِ.

ص: 931

‌1 - بَاب: مَا جَاءَ فِي الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} /البقرة: 282/.

قوله تعالى: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} /النساء: 135/.

(مسمى) معلوم. (بالعدل) بالحق والإنصاف، لا يزيد ولا ينقص، ولا يقدم ولا يؤخر. (ليملل) الإملال والإملاء بمعنى واحد وهو أن يقرأ على الكاتب ما يكتبه، ليكون إقرارا منه على نفسه بما عليه. (يبخس) ينقص. (سفيها) مبذرا محجورا عليه لعدم حسن تصرفه في المال. (ضعيفا) عن الإملاء لصغر أو كبر. (وليه) القائم بأمره من والد أو وصي. (تضل) تنسى. (تسأموا) من السآمة وهي الملل. (أقسط) أعدل. (أقوم) أعون على إقامتها. (أدنى أن لا ترتابوا) أقرب إلى عدم الشك في قدر الحق أو أجله. (قوامين بالقسط) قائمين بالعدل. (شهداء لله) تشهدون بالحق إرضاء لله تعالى. (الهوى) الرغبة النفسية. (أن تعدلوا) كراهة أن تعدلوا فتميلوا عن الحق. (تلووا) تحرفوا وتتعمدوا الكذب. (تعرضوا) تمتنعوا عن أداء ما عندكم من الشهادة.

ص: 931

‌2 - باب: إذا عدل رجل أحدا فقال: لا نعلم إلا خيرا، أو قال: ما علمت إلا خيرا.

ص: 932

2494 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا ثوبان. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ:

فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا وَأُسَامَةَ، حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَقَالَ: أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَقَالَتْ بَرِيرَةُ: إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ يَعْذِرُنَا فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا).

[ر: 2453]

(قال لها) قال عنها. (أهل الإفك) أصحابه الين تكلموا فيه، والإفك الكذب، والمراد هنا ما اتهمت به عائشة رضي الله عنها زورا وافتراء. (استلبث) من اللبث وهو الإبطاء والتأخر. (يستأمرهما) يشاورهما. (أهله) المراد عائشة نفسها. (أهلك) أي فكيف يطعن بها. (أغمصه) أعيبها به. (تنام عن عجين أهلها) تغفل عنه لبراءتها وطيب نفسها. (الداجن) الشاة التي ألفت البيوت. (يعذرنا) يلومه على فعله ولا يلومني إذا جازيته على صنعه. (رجل) هو رأس النفاق عبد الله بن أبي سلول، الذي تولى حديث الإفك وأذاع به. (ذكروا رجلا) اتهموه بالفاحشة، والمراد به صفوان بن المعطل رضي الله عنه.

ص: 932

‌3 - بَاب: شَهَادَةِ الْمُخْتَبِي.

وَأَجَازَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْكَاذِبِ الْفَاجِرِ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: السَّمْعُ شَهَادَةٌ.

وقال الْحَسَنُ: يَقُولُ: لَمْ يُشْهِدُونِي عَلَى شَيْءٍ، وَإِنِّي سَمِعْتُ كَذَا وَكَذَا.

(المختبي) المختفي عند تحمل الشهادة، إذا كان من عليه الحق لا يعترف به ظاهرا، فيمكن أن يختلي به صاحب الحق ويقرره، وهو لا يعلم أن هناك شهودا، فإذا أقر به، سمع الشهود المختبئون إقراره وشهدوا به عليه.

ص: 932

2495 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ سَالِمٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ:

انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ، يَؤُمَّانِ

⦗ص: 933⦘

النَّخْلَ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، طَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ، أَوْ زَمْزَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: أَيْ صَافِ هَذَا مُحَمَّدٌ، فَتَنَاهَى ابْنُ صَيَّادٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ).

[ر: 1289]

(يؤمان) يقصدان. (طفق) جعل. (فتناهى) انتهى عن زمزمته. (بين) لكم باختلاف كلامه ما يهون عليكم شأنه.

ص: 932

2496 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفاعَةَ الْقُرَظِيِّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَأَبَتَّ طَلَاقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَقَالَ:(أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ). وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَهُ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[4960، 4961، 4964، 5011، 5456، 5487، 5734]

أخرجه مسلم في النكاح، باب: لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح .. ، رقم:1433. (امرأة رفاعة) واسمها تميمة بنت وهب. (فأبت) من البت وهو القطع، أي قطع طلاقي قطعا كليا، والمراد: أنه طلقها الطلقة الثالثة التي تحصل بها البينونة الكبرى. (مثل هدبة الثوب) طرفه الذي لم ينسج، كنت بهذا عن استرخاء ذكره، وأنه لا يقدر على الوطء. (عسيلته) تصغير عسلة، وهي كناية عن الجماع، فقد شبه لذته بلذة العسل وحلاوته.

ص: 933

‌4 - بَاب: إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ، أَوْ شُهُودٌ بِشَيْءٍ، فقال آخَرُونَ: مَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، يُحْكَمُ بِقَوْلِ مَنْ شَهِدَ.

قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: هَذَا كَمَا أَخْبَرَ بِلَالٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ. وَقَالَ الْفَضْلُ: لَمْ يُصَلِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِشَهَادَةِ بِلَالٍ.

[ر: 388، 389، 1412]

كَذَلِكَ إِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ: أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، يُقْضَى بِالزِّيَادَةِ.

ص: 933

2497 -

حَدَّثَنَا حِبَّانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ:

أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي، فَأَرْسَلَ إِلَى آلِ أَبِي إِهَابٍ يَسْأَلُهُمْ، فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَا أَرْضَعَتْ صَاحِبَتَنَا، فَرَكِبَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ). فَفَارَقَهَا وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ.

[ر: 88]

ص: 934

‌5 - بَاب: الشُّهَدَاءِ الْعُدُولِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} /الطلاق: 2/. و {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} /البقرة: 282/.

(ذوي عدل) صاحبي عدل، والعدل: عدم فعل الكبيرة أو الإصرار على الصغيرة. (ممن ترضون .. ) أي من ترضون دينه وعدالته.

ص: 934

2498 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ:

إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ.

(يؤخذون بالوحي) ينزل الوحي بما يكشف حالهم وما يعاملون به. (قربناه) أكرمناه بما يستحق. (وليس .. ) لا نعلم شيئا مما في نفسه، فلا نحاسبه عليه.

ص: 934

‌6 - بَاب: تَعْدِيلِ كَمْ يَجُوزُ؟

ص: 934

2499 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ:(وَجَبَتْ). ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، أَوْ قَالَ: غَيْرَ ذَلِكَ، فَقَالَ:(وَجَبَتْ). فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لِهَذَا وَجَبَتْ وَلِهَذَا وَجَبَتْ؟ قَالَ:(شَهَادَةُ الْقَوْمِ، الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ).

[ر: 1301]

(شهادة القوم) أي مقبولة، وقد شهدوا بذلك).

ص: 934

2500 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ:

أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَمَرَّتْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ خيرا فَقَالَ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ، فَقُلْتُ: ما وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ). قُلْنَا: وَثَلَاثَةٌ، قَالَ:(وَثَلَاثَةٌ). قُلْتُ: وَاثْنَانِ، قَالَ:(وَاثْنَانِ). ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ.

[ر: 1302]

(ذريعا) واسعا، أو سريعا. (خيرا) بخير.

ص: 935

‌7 - بَاب: الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَنْسَابِ، وَالرَّضَاعِ الْمُسْتَفِيضِ، وَالْمَوْتِ الْقَدِيمِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ).

[ر: 5057]

(المستفيض) الشائع الذائع.

والتثبيت فيه.

ص: 935

2501 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ فَلَمْ آذَنْ لَهُ، فَقَالَ: أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّكِ، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ، قَالَ: أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي بِلَبَنِ أَخِي. فَقَالَتْ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (صَدَقَ أَفْلَحُ، ائْذَنِي لَهُ).

[4518، 4815، 4941، 5804]

أخرجه مسلم في الرضاع، باب: تحريم الرضاعة من ماء الفحل، رقم:1445. (صدق) أي في قوله: أنا عمك.

ص: 935

2502 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بِنْتِ حَمْزَةَ: (لَا تَحِلُّ لِي، يَحْرُمُ مِنِ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنِ النَّسَبِ، هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ).

[4812]

أخرجه مسلم في الرضاع، باب: تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، رقم:1447. (يحرم من الرضاع .. ) أي يقوم الرضاع مقام النسب في التحريم في النكاح، إلا في بعض الصور تعرف في كتب الفقه.

ص: 935

2503 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهَا:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُرَاهُ فُلَانًا، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أُرَاهُ فُلَانًا). لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا - لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ - دَخَلَ عَلَيَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ).

[2938، 4811]

أخرجه مسلم في الرضاع، باب: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ، رقم:1444. (أراه) أظنه.

ص: 936

2504 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي رَجُلٌ، قَالَ:(يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا). قُلْتُ: أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَ:(يَا عَائِشَةُ، انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ).

تَابَعَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ.

[4814]

أخرجه مسلم في الرضاع، باب: إنما الرضاعة من المجاعة، رقم:1455. (انظرن) تأملن وتفكرن. (فإنما الرضاعة) التي تثبت بها الحرمة. (المجاعة) جوع الرضيع الذي يسده اللبن ولا يكون ذلك إلا في الصغر.

ص: 936

‌8 - بَاب: شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلا الَّذِينَ تَابُوا} /النور: 4، 5/.

وَجَلَدَ عُمَرُ أَبَا بَكْرَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعًا بِقَذْفِ الْمُغِيرَةِ، ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ، وَقَالَ: مَنْ تَابَ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ.

وَأَجَازَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعِكْرِمَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَشُرَيْحٌ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ.

⦗ص: 937⦘

وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ: إِذَا رَجَعَ الْقَاذِفُ عَنْ قَوْلِهِ، فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ: إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ، وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا جُلِدَ الْعَبْدُ ثُمَّ أُعْتِقَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اسْتُقْضِيَ الْمَحْدُودُ فَقَضَايَاهُ جَائِزَةٌ.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ وَإِنْ تَابَ، ثُمّ قَالَ: لَا يَجُوزُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ جَازَ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ لَمْ يَجُزْ، وَأَجَازَ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ وَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ لِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ.

وَكَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ.

وَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الزَّانِيَ سَنَةً، وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلَامِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ حَتَّى مَضَى خَمْسُونَ لَيْلَةً

[ر: 4156]

(لهم) للقاذفين، وهم الذين يتهمون المؤمنين والمؤمنات بالزنا وليس لديهم بينة على ذلك. (أجازه) أي الحكم بقبول شهادة المحدود إن تاب. (استقضي) جعل قاضيا، فإذا قضى في شيء فقضاؤه صحيح ونافذ. (بعض الناس) أراد به أبا حنيفة رحمه الله تعالى. (وكيف تعرف توبته) أي كيف تعرف توبة القاذف، وقد اختلف الفقهاء في ذلك، فمنهم من قال: توبته أن يكذب نفسه فيما رمى به، ومنهم من قال: أن يحسن حاله ويزداد خيرا.

وَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الزَّانِيَ سَنَةً. وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلَامِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ حتى مضى خمسون ليلة.

[ر: 4156].

ص: 936

2505 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:

أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[3288، 3526، 4053، 6405، 6406، 6415]

(امْرَأَةٌ) اسمها فاطمة بنت الأسود. (حسنت توبتها) استقام حالها ولم تسرق ثانية. (فأرفع حاجتها) أخبره بما جاءت تطلب.

ص: 937

2506 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه،

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ أَمَرَ فِيمَنْ

⦗ص: 938⦘

زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ بِجَلْدِ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبِ عَامٍ.

[ر: 2190]

(يحصن) يتزوج. (بجلد مائة) يضرب مائة جلدة. (تغريب عام) يبعد عن البلد التي زنا فيها سنة.

ص: 937

‌9 - بَاب: لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ جَوْرٍ إِذَا أُشْهِدَ.

ص: 938

2507 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ:

سَأَلَتْ أُمِّي أَبِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِي مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِي، فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ بِيَدِي، وَأَنَا غُلَامٌ، فَأَتَى بِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ، سَأَلَتْنِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِهَذَا، قَالَ:(أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأُرَاهُ قَالَ: (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ). وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:(لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ).

[ر: 2446]

(الموهبة) الهبة. (جور) هو الظلم والميل عن الحق.

ص: 938

2508 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ). قَالَ عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي، أَذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْد قرنه قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ).

[3450، 6064، 6317]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، رقم:2535. (قرني) أهل قرني وهم أصحابي، والقرن مائة سنة، أو أهل زمان واحد، سموا بذلك لاقترانهم في الوجود، وقيل غير ذلك. (يلونهم) يأتون بعدهم قربين منهم. (يظهر فيهم السمن) المعنى: أنهم يحبون التوسع في المآكل والمشارب التي هي أسباب السمن، وقيل غير ذلك.

ص: 938

2509 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ: تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ).

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ.

[3451، 6065، 6282]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، رقم:2533. (تسبق .. ) كناية عن التسرع في الشهادة والحلف، والحرص عليها ولو لم يطلب إليها، وهو عنوان قلة الورع والمبالاة في الدين. (يضربوننا .. ) يؤنبوننا بالضرب على التسرع بالشهادة والحلف حتى لا يصبح ذلك عادة لنا.

ص: 938

‌10 - بَاب: مَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ.

لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} /الفرقان: 72/.

وَكِتْمَانِ الشَّهَادَةِ.

{وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} /البقرة: 283/.

{تَلْوُوا} /النساء: 135/: أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ.

(الزور) الكذب والباطل. (آثم قلبه) فاجر مليء بالإثم والذنب. (تلووا) تحرفوا.

ص: 939

2510 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ: سَمِعَ وَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكَبَائِرِ قَالَ: (الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ).

تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَأَبُو عَامِرٍ وَبَهْزٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ شُعْبَةَ.

[5632، 6477]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها، رقم:88. (الكبائر) جمع كبيرة، وهي كل فعل قبيح نهى عنه الشرع وشدد النهي عنه وأعظم أمره. (عقوق) هو كل فعل يتأذى به الوالدان تأذيا شديدا، وهو ليس من الأفعال الواجبة شرعا، أصله من العق وهو القطع، لأن العاق يقطع ما بينه وبينهما من صلة. (الزور) الكذب والباطل.

ص: 939

2511 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ). ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ - وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ - أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ). قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

[5631، 5918، 6521]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها، رقم:87. (أنبئكم) أخبركم. (أكبر الكبائر) أشنعها أكثرها إثما. (ثلاثا) كرر الجملة ثلاث مرات.

ص: 939

‌11 - بَاب: شَهَادَةِ الْأَعْمَى وَأَمْرِهِ وَنِكَاحِهِ وَإِنْكَاحِهِ وَمُبَايَعَتِهِ وَقَبُولِهِ فِي التَّأْذِينِ وَغَيْرِهِ، وَمَا يُعْرَفُ بِالْأَصْوَاتِ.

وَأَجَازَ شَهَادَتَهُ قَاسِمٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ.

⦗ص: 940⦘

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إِذَا كَانَ عَاقِلًا.

وَقَالَ الْحَكَمُ: رُبَّ شَيْءٍ تَجُوزُ فِيهِ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَرَأَيْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةٍ أَكُنْتَ تَرُدُّهُ؟.

وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَبْعَثُ رَجُلًا إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ أَفْطَرَ، وَيَسْأَلُ عَنِ الْفَجْرِ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ طَلَعَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَعَرَفَتْ صَوْتِي، قَالَتْ: سُلَيْمَانُ، ادْخُلْ، فَإِنَّكَ مَمْلُوكٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ شَيْءٌ.

وَأَجَازَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ مُنْتَقِبَةٍ.

(عاقلا) فطنا، يدرك الأمور بالقرائن. (رب .. ) يتسامح بشهادة الأعمى في الأشياء التي يكون فيها التخفيف والمسامحة. (ابن عباس) أي بعد ما

عمي في آخر حياته. (ما بقي .. ) أي من مال الكتابة، وهي أن يتعاقد المملوك مع سيده على أن يؤدي له قدرا من المال، فإذا أداه أصبح حرا. (منتقبة) قد وضعت النقاب على وجهها، والنقاب، ما يغطى به الوجه.

ص: 939

2512 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: رحمه الله، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً، أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا).

وَزَادَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: تَهَجَّدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:(يَا عَائِشَةُ، أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا).

[4750، 4751، 4755، 5976]

(أسقطتهن) نسيتهن. (عباد) بن بشر. (تهجد) من الهجود، وهو الصلاة في الليل بعد النوم، ويطلق الهجود على النوم وتركه.

ص: 940

2513 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا - حَتَّى يُؤَذِّنَ، أَوْ قَالَ - حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ). وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى، لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ النَّاسُ: أَصْبَحْتَ.

[ر: 592]

ص: 940

2514 -

حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

⦗ص: 941⦘

بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَقْبِيَةٌ، فَقَالَ لِي أَبِي مَخْرَمَةُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ عَسَى أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا، فَقَامَ أَبِي عَلَى الْبَابِ، فَتَكَلَّمَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ قَبَاءٌ، وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ، وَهُوَ يَقُولُ:(خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ).

[ر: 2459]

ص: 940

‌12 - بَاب: شَهَادَةِ النِّسَاءِ.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} /البقرة: 282/.

ص: 941

2515 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ). قُلْنَ: بَلَى، قَالَ:(فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا).

[ر: 298]

ص: 941

‌13 - بَاب: شَهَادَةِ الْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ.

وَقَالَ أَنَسٌ: شَهَادَةُ الْعَبْدِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ عَدْلًا. وَأَجَازَهُ شُرَيْحٌ وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ إِلَّا الْعَبْدَ لِسَيِّدِهِ. وَأَجَازَهُ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ. وَقَالَ شُرَيْحٌ: كُلُّكُمْ بَنُو عَبِيدٍ وَإِمَاءٍ.

(جائزة) صحيحة. (عدلا) غير مرتكب لكبيرة أو مصر على صغيرة. (التافه) الذي لا يؤبه به والحقير من الأمور والأشياء. (بنو عبيد وإماء) لأن أباكم آدم عبد لله تعالى، وأمكم حواء أمه له تعالى.

ص: 941

2516 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ. وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، أَوْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ:

أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ: قَالَ: فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْرَضَ عَنِّي، قَالَ: فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ:(وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا). فَنَهَاهُ عَنْهَا.

[ر: 88]

ص: 941

‌14 - بَاب: شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ.

ص: 941

2517 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ

⦗ص: 942⦘

الْحَارِثِ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ، دَعْهَا عَنْكَ). أَوْ نَحْوَهُ.

[ر: 88]

ص: 941

‌15 - بَاب: تَعْدِيلِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا.

ص: 942

2518 -

حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَأَفْهَمَنِي بَعْضَهُ أَحْمَدُ بن يونس: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتُ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، زَعَمُوا: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَهُ، بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجٍ وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي، أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وَإِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ فَاحْتَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ

⦗ص: 943⦘

عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي، وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ، حِينَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ بِهَا شَهْرًا، يُفِيضُونَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الْإِفْكِ، وَيَرِيبُنِي فِي وَجَعِي: أَنِّي لَا أَرَى مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَمْرَضُ، إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ:(كَيْفَ تِيكُمْ). لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى نَقَهْتُ.

فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، مُتَبَرَّزُنَا، لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ، أَوْ فِي التَّنَزُّهِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا، فَقَالَتْ: يَا هَنْتَاهْ أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالُوا، فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا إلى مَرَضِي، فَلَمَّا

⦗ص: 944⦘

رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ، فَقَالَ:(كَيْفَ تِيكُمْ). فَقُلْتُ: ائْذَنْ لِي إِلَى أَبَوَيَّ، قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ، عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ، إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَتْ: فَبِتُّ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ، لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ، فَقَالَ:(يَا بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ). فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ الْعَجِينِ، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي). فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا وَاللَّهِ أَعْذُرُكَ مِنْهُ: إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَكَ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الحضير فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. فَثَارَ الْحَيَّانِ:

⦗ص: 945⦘

الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، وَبَكَيْتُ يَوْمِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، فَأَصْبَحَ عِنْدِي أَبَوَايَ، قَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، حَتَّى أَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، إِذْ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مِنْ يَوْمِ قِيلَ فِيَّ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ مَكَثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ:(يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بشيء فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ).

فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، وَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَالَ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، وَوَقَرَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَبَرِيئَةٌ، لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، وَلَئِنْ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ إِذْ قَالَ:{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} . ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيًا، وَلَأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِي، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنِ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ

⦗ص: 946⦘

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ لِي:(يَا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ، فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ). فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ جاؤوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} . الْآيَاتِ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ - إِلَى قَوْلِهِ ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِي كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ:(يَا زَيْنَبُ، مَا عَلِمْتِ، مَا رَأَيْتِ). فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ.

قَالَ: وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: مِثْلَهُ. قَالَ: وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: مِثْلَهُ.

[ر: 2453]

(طائفة) قطعة. (أوعى) أحفظ وأحسن إيرادا وسردا للحديث. (اقتصاصا) حفظا وتتبعا لأجزائه. (زعموا) قالوا، والزعم قد يراد به القول المحقق الصريح، وقد يراد به غير ذلك. (أنزل الحجاب) أنزلت الآيات التي تفرض الحجاب على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وعلى النساء المؤمنات. (قفل) رجع. (آذن) أعلم. (جاوزت الجيش) خرجت من معسكرهم وابتعدت. (شأني) حاجتي التي خرجت من أجلها. (عقد) ما يوضع في العنق من الحلي والزينة. (جزع أظفار) خرز في سواده بياض كالعروق، نسبة إلى بلدة باليمن يؤتى به منها. (فالتمست) طلبت. (فحبسني ابتغاؤه) أخرني طلبه والبحث عنه. (لم يغشهن اللحم) لم يغط جسمهن، أي لم يكن سمينات. (العلقة) القليل من الطعام الذي يسد الجوع. (فلم يستنكر القوم) لم يشعروا بخفة الوزن، ولم يختلف عليهم وجودها فيه وعدمه. (استمر) ذهب ومضى. (فأممت منزلي) قصدت مكاني الذي كنت فيه. (باسترجاعه) بقوله:{إنا لله وإنا إليه لراجعون} . (فوطئ يدها) وضع قدمه على يد الراحلة ليسهل الركوب عليها. (معرسين) من التعريس وهو النزول، ويغلب على النزول في آخر الليل. (نحر الظهيرة) النحر: أعلى الصدر أو أوله، ونحر كل شيء أوله أو أعلاه، والمراد بنحر الظهيرة وقت اشتداد الحر وبلوغ الشمس منتهاها في الارتفاع. (فهلك من هلك) تسبب بالهلاك لنفسه وبالحديث في شأني. (تولى الإفك) تصدى له وتصدر الحديث عنه، والإفك البهتان والكذب، والمراد افتراؤهم على أم المؤمنين رضي الله عنها الوقوع في الفاحشة. (فاشتكيت) مرضت. (يفيضون) يشيعون، من الإفاضة وهي التوسعة والتكثير. (يريبني) يشككني ويوهمني حصول أمر. (تيكم) إشارة للمؤنث. (بشيء من ذلك) الذي يقوله أهل الإفك. (نقهت) برئت من مرضي ولم يرجع لي كمال الصحة. (المناصع) مواضع خارج المدينة، كانوا يخرجون إليها لقضاء حاجتهم. (متبرزنا) الموضع الذي نتبرز فيه، من البراز وهو اسم لما يخرج من الإنسان من فضلات، وقد يطلق على الموضع الذي يتبرز فيه. (الكنف) جمع كنيف، وهو الساتر، سمي به المكان المتخذ لقضاء الحاجة، لأن قاضي الحاجة يستتر به. (البرية) الصحراء خارج المدينة. (التنزه) طلب النزاهة، أي البعد عن البيوت لإلقاء الفضلات. (مرطها) كساء من صوف أو غيره يلتحف به أو يؤتزر. (يا هنتاه) يا هذه، نداء للبعيد، خاطبتها بذلك لبعدها عما يخوض فيه الناس. (إلى أبوي) أن آتي أبوي. (أستيقن الخبر) أحصل على حقيقته. (وضيئة) جميلة حسنة، من الوضاءة وهي الحسن. (ضرائر) جمع ضرة، وهي من كانت تشاركها في زوجها أخرى أو زوجات، سميت بذلك لأنها تتضرر بغيرها بالغيرة والقسم ونحو ذلك. (أكثرن عليها) القول في عيبها ونقصها. (يرقأ) يتقطع. (لا أكتحل بنوم) استعارة لعدم النوم من كثرة الهم والحزن. (استلبث الوحي) أبطأ

نزوله وتأخر. (الود) الثقة بهم والمحبة لهم وحسن الصلة. (قبل ذلك) قبل أن يقول ما قاله الآن، ولا تعني نفي الصلاح عنه بعده، وإنما تعني أنه لم يسبق منه موقف يتعلق بالحمية لقومه. (احتملته الحمية) أغضبه التعصب لقومه وحمله على الجهالة. (هموا) تناهضوا للنزاع وقصدوا المحاربة. (فخفضهم) تلطف بهم حتى سكتوا. (فالق) من فلق إذا شق. (ألممت) فعلت ذنبا ليس من عادتك، من الإلمام وهو النزول النادر غير المتكرر. (قلص) انقبض وارتفع. (وقر) ثبت واستقر. (ما تصفون) ما تذكرون عني مما يعلم الله تعالى براءتي عنه. /يوسف: 18/. (ما رام مجلسه) ما فارقه ولا قام منه. (البرحاء) العرق الشديد، من البرح وهو شدة الحر، أو الكرب، أو غير ذلك من الشدائد. (ليتحدر) ينزل ويقطر. (الجمان) الؤلؤ، واحده جمانة. (سري) كشف وأزيل. (عصبة) جماعة من العشرة إلى الأربعين. (الآيات) النور: 11 - 20. (يأتل) يحلف. (أولو الفضل) أصحاب الإحسان والصدقة. (السعة) البحبوحة في العيش والمال. /النور: 22/. (تساميني) تضاهيني بجمالها ومكانتها عند النبي صلى الله عليه وسلم، من السمو وهو العلو والارتفاع. (فعصمها) حفظها ومنعها من الخوض في الباطل. (الورع) شدة المحافظة على الدين.

ص: 942

‌16 - بَاب: إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلًا كَفَاهُ.

وَقَالَ أَبُو جَمِيلَةَ: وَجَدْتُ مَنْبُوذًا، فَلَمَّا رَآنِي عُمَرُ قَالَ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا، كَأَنَّهُ يَتَّهِمُنِي، قَالَ عَرِيفِي: إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، قَالَ: كَذَاكَ، اذْهَبْ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ.

(منبوذا) لقيطا، وهو الولد الصغير الذي لا يعرف له أب. (عسى الغوير أبؤسا .. ) الغوير، تصغير غار، والأبؤس جمع بؤس، وهو الشدة، وهو مثل يضرب لكل من دخل في أمر لا يعرف عاقبته، وأصله: أنه كان أناس في غار فأتاهم عدو فقتلهم فيه. ومعنى تمثيل عمر رضي الله عنه به: أنه اتهمه أن يكون اللقيط ولده، فأتى به ووضعه ليأخذه على هيئة اللقيط، ليفرض له عطاء من بيت المال.

ص: 946

2519 -

حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

⦗ص: 947⦘

بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(وَيْلَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ). مِرَارًا، ثُمَّ قَالَ:(مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لَا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا، أَحْسِبُهُ كَذَا وَكَذَا، إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ).

[5714، 5810]

أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، رقم:3000. (أثنى) مدح. (ويلك) الويل الحزن والهلاك، ويستعمل بمعنى التفجع والتعجب. (قطعت عنق صاحبك) تسببت بهلاكه، لأنه ربما أخذه العجب بسبب مدحك له. (مرارا) أي كرر قوله مرات. (لا محالة) لا بد منه ألبتة. (أحسب) أظن. (حسيبه) كافيه. (لا أزكي على الله أحدا) لا أقطع له، ولا أجزم على عاقبة أحد بخير أو غيره.

ص: 946

‌17 - بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ الْإِطْنَابِ فِي الْمَدْحِ، وَلْيَقُلْ مَا يَعْلَمُ.

ص: 947

2520 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ، وَيُطْرِيهِ فِي مَدْحِهِ، فَقَالَ:(أَهْلَكْتُمْ - أَوْ: قَطَعْتُمْ ظَهَرَ الرَّجُلِ).

[5713]

أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، رقم:3001. (يطريه) من الإطراء وهو المبالغة في المدح. (قطعتم ظهر الرجل) أثقلتموه بالإثم، لأنه ربما حمله إطراؤهم له على العجب والكبر، وسلك سبيل المتكبرين، فيقع في الإثم الكبير الذي يقطع الظهر.

ص: 947

‌18 - باب: بُلُوغِ الصِّبْيَانِ وَشَهَادَتِهِمْ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} /النور: 59/.

وَقَالَ مُغِيرَةُ: احْتَلَمْتُ وَأَنَا ابْنُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. وَبُلُوغُ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ.

لِقَوْلِهِ عز وجل: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ - إِلَى قَوْلِهِ - أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ} /الطلاق: 4/.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: أَدْرَكْتُ جَارَةً لَنَا جَدَّةً، بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً.

(الحلم) البلوغ مبلغ الرجال، ويكون ذلك بخروج مادة المني من الذكر، وبالحيض من الأنثى، أو ببلوغهما خمسة عشر عاما عند الشافعي رحمه الله تعالى. (فليستأذنوا) في الدخول عليكم في جميع الأوقات. (يئسن) انقطع حيضهن وليس لهن أمل أن يحضن بعده. وتتمة الآية:{إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} . (ارتبتم) شككتم في عدتهن. (لم يحضن) لصغرهن. (أولات الأحمال) الحبالى صاحبات الحمل. (أجلهن) انقضاء عدتهن. (يضعن) يلدن.

ص: 947

2521 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يجزه. ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي. قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ. فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ: أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ.

[3871]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: بيان سن البلوغ، رقم:1868. (عرضه) استعرضه مع الجيش. (فلم يجزه) لم يأذن له بالخروج للمعركة لصغره، أو لم يقدر له عطاء كغيره لأنه لم يعتبره من المقاتلين. (يفرضوا) يقدروا لهم عطاء في ديوان الجند إذا حضروا المعارك.

ص: 948

2522 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ).

[ر: 820]

ص: 948

‌19 - بَاب: سُؤَالِ الْحَاكِمِ الْمُدَّعِيَ: هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَبْلَ الْيَمِينِ.

ص: 948

2523 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَهُوَ فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). قَالَ: فَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَلَكَ بَيِّنَةٌ). قَالَ: قُلْتُ لَا، قَالَ: فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: (احْلِفْ). قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذن يَحْلِفَ وَيَذْهَبَ بِمَالِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

[ر: 2229]

ص: 948

‌20 - بَاب: الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ).

[ر: 2525]

وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ: كَلَّمَنِي أَبُو الزِّنَادِ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، وَيَمِينِ الْمُدَّعِي، فَقُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ

⦗ص: 949⦘

وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} /البقرة: 282/. قُلْتُ إِذَا كَانَ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي، فَمَا يحتاج أَنْ تُذْكِرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، مَا كَانَ يَصْنَعُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْأُخْرَى.

(ممن ترضون) من حيث الدين والعدالة. (تضل) تنسى.

ص: 948

2524 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

[ر: 2379]

ص: 949

2525 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:

(مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ - إِلَى - عَذَابٌ أَلِيمٌ} . ثُمَّ إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ: صَدَقَ، لَفِيَّ أُنْزِلَتْ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي شَيْءٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ). فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ إذن يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.

[ر: 2229]

ص: 949

‌21 - بَاب: إِذَا ادَّعَى أَوْ قَذَفَ، فَلَهُ أَنْ يَلْتَمِسَ الْبَيِّنَةَ، وَيَنْطَلِقَ لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ.

ص: 949

2526 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ بن سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا، يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ يَقُولُ:(الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ). فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ.

[4470، 5001]

(قذف) رماها بالزنى واتهمها به. (البينة) أقم البينة، وهي أربعة شهود عدول من الرجال. (حد في ظهرك) جزاؤك حد القاذف، وهو ثمانون جلدة، على ظهرك وأعضائك إن لم تحضر البينة. (يلتمس) يطلب. (فذكر حديث اللعان) أي فذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما حديث اللعان، وهو الذي ذكره البخاري في تفسير سورة النور، رقم:4470.

ص: 949

‌22 - بَاب: الْيَمِينِ بَعْدَ الْعَصْرِ.

ص: 950

2527 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِطَرِيقٍ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِلدُّنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَأَخَذَهَا).

[ر: 2230]

ص: 950

‌23 - بَاب: يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَلَا يُصْرَفُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ.

قَضَى مَرْوَانُ بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي، فَجَعَلَ زَيْدٌ يَحْلِفُ، وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْهُ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ).

[ر: 2525]. فَلَمْ يَخُصَّ مَكَانًا دُونَ مَكَانٍ.

(يعجب منه) أي لم يأبى أن يحلف على المنبر، وكان امتناع زيد رضي الله عنه عن الحلف على المنبر حتى لا يتهاون الناس في الحلف عليه، وربما حلفوا كاذبين، فتذهب من نفوسهم هيبته ووقاره، وخاصة أنه مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 950

2528 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ).

[ر: 2229]

ص: 950

24 -

بَاب: إِذَا تَسَارَعَ قَوْمٌ فِي الْيَمِينِ.

ص: 950

2529 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ: عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ، فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِي الْيَمِينِ: أَيُّهُمْ يَحْلِفُ.

(فأسرعوا) إلى الحلف. (يسهم) يقرع. (أيهم يحلف) قبل الآخر.

ص: 950

2530 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ: سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما يَقُولُ:

أَقَامَ رَجُلٌ سِلْعَتَهُ،

⦗ص: 951⦘

فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهَا، فَنَزَلَتْ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} . وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ.

[ر: 1982]

(الناجش) هو الذي يزيد في ثمن السلعة لا بقصد الشراء، وإنما ليغري آخر بشرائها.

ص: 950

2531 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبًا، لِيَقْتَطِعَ مَالَ رَجُلٍ - أَوْ قَالَ أَخِيهِ - لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ). وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} . الآية، فَلَقِيَنِي الْأَشْعَثُ فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ الْيَوْمَ؟ قُلْتُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فِيَّ أُنْزِلَتْ.

[ر: 2229]

ص: 951

‌26 - بَاب: كَيْفَ يُسْتَحْلَفُ.

قَالَ تَعَالَى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ} /التوبة: 62/. وَقَوْلُهُ عز وجل: {ثُمَّ جاؤوك يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} /النساء: 62/. يُقَالُ: بِاللَّهِ وَتَاللَّهِ وَوَاللَّهِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (وَرَجُلٌ حَلَفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا بَعْدَ الْعَصْرِ)

[ر: 2527]. وَلَا يُحْلَفُ بِغَيْرِ اللَّهِ.

ص: 951

2532 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ). فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: (لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (وَصِيَامُ رَمَضَانَ). قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: (لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ). قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: (لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ). فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ).

[ر: 46]

ص: 951

2533 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ قَالَ: ذَكَرَ نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ).

[3624، 5757، 6270 - 6272، 6966]

(حالفا) يريد أن يحلف. (ليصمت) ليسكت ولا يحلف أصلا.

ص: 951

‌27 - بَاب: مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ)

[ر: 2534].

وَقَالَ طَاوُسٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَشُرَيْحٌ: الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَحَقُّ مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ.

(البينة .. ) أي إذا حلف المدعى عليه اليمين، ثم أقام المدعي البينة العادلة، قبلت بينته وردت يمين المدعى عليه، لأنه قد تبين كذبها بإقامة البينة العادلة.

ص: 952

2534 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ، فَلَا يَأْخُذْهَا).

[ر: 2326]

(ألحن بحجته) أفطن وأفصح ببيان حجته وإظهار أن الحق له.

ص: 952

‌28 - بَاب: مَنْ أَمَرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْدِ.

وَفَعَلَهُ الْحَسَنُ. وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلَ: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} /مريم: 54/. وَقَضَى ابْنُ الْأَشْوَعِ بِالْوَعْدِ، وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، قَالَ:(وَعَدَنِي فَوَفَى لِي).

[ر: 2943]

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَرَأَيْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابْنِ أَشْوَعَ.

(ذكر .. ) أي ذكر الله تعالى في كتابه إسماعيل عليه السلام، ووصفه بالوفاء بالوعد. والمعنى: أنه لم يعد شيئا إلا أوفى به. (قضى) حكم بإنجاز الوعد.

ص: 952

2535 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ: أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ: سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَزَعَمْتَ: أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، وَالصِّدْقِ، وَالْعَفَافِ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، قَالَ: وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ.

[ر: 7]

ص: 952

2536 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ).

[ر: 33]

ص: 952

2537 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم قَالَ:

لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَالٌ مِنْ قِبَلِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ، أَوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ عِدَةٌ، فَلْيَأْتِنَا. قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ وَعَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ جَابِرٌ: فَعَدَّ فِي يَدِي خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ.

[ر: 2174]

ص: 953

2538 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:

سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ: أَيَّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي، حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى حَبْرِ الْعَرَبِ فَأَسْأَلَهُ، فَقَدِمْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَالَ فَعَلَ.

(الأجلين) المشار إليهما بقوله تعالى: {ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك} . /القصص: 27/. (حبر العرب) المراد ابن عباس رضي الله عنهما، والحبر هو العالم في الدين. (رسول الله) المراد كل رسول، ويتناول هذا موسى عليه السلام بالأولى، لأن الكلام عنه.

ص: 953

‌29 - بَاب: لَا يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمِلَلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} /المائدة: 14/.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ}. الْآيَةَ)

[ر: 4215]

(فأغرينا) أوقعنا وألصقنا بهم، بسبب تفرقهم واختلاف أهوائهم، فكل فرقة منهم تكفر الأخرى.

ص: 953

2539 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ بِاللَّهِ، تقرؤونه لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ، فَقَالُوا:

⦗ص: 954⦘

هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَفَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ، وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ.

[6929، 7084، 7085]

(كتابكم) القرآن. (أحدث الأخبار بالله) أقرب الكتب إليكم نزولا من عند الله عز وجل. (لم يشب) لم يخلط بشيء غيره، ولم يبدل ولم يغير. (ينهاكم) يكفيكم ويغنيكم.

ص: 953

‌30 - بَاب: الْقُرْعَةِ فِي الْمُشْكِلَاتِ.

وَقَوْلِهِ: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} /آل عمران: 44/. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اقْتَرَعُوا فَجَرَتِ الْأَقْلَامُ مَعَ الْجِرْيَةِ، وَعَالَ قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الْجِرْيَةَ، فَكَفَلَهَا زكَرِيَّاءُ.

وَقَوْلِهِ: {فَسَاهَمَ} أَقْرَعَ {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} /الصافات: 141/: مِنَ الْمَسْهُومِينَ.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَرَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ: أَيُّهُمْ يَحْلِفُ.

[ر: 2529]

(أقلامهم) سهامهم، وسمي السهم قلما لأنه يقلم أي يبرى. (يكفل مريم) يضمها إلى نفسه ويربيها، رغبة في الأجر. (اقترعوا) ألقوا سهامهم في الماء ليروا من يكون أحق بكفالتها. (عال) غلب الجرية وارتفع ولم يجر مع الماء، وكان ذلك علامة الفوز وأنه صاحب الحق بكفالتها. (المسهومين) المغلوبين.

ص: 954

2540 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا، فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا، فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: مَا لَكَ، قَالَ: تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ).

[ر: 2361]

(المدهن) المرائي المضيع للحقوق، والذي لا يغير المنكر، من الإدهان وهو المحاباة في غير حق. (ينقر) من النقر وهو الحفر في الخشب أو غيره.

ص: 954

2541 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ:

أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ، امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ قَدْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُ سَهْمُهُ فِي السُّكْنَى، حِينَ أَقْرَعَتِ الْأَنْصَارُ سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ: فَسَكَنَ عِنْدَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَاشْتَكَى فَمَرَّضْنَاهُ، حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ وَجَعَلْنَاهُ فِي ثِيَابِهِ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ

⦗ص: 955⦘

اللَّهُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ). فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءَهُ وَاللَّهِ الْيَقِينُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِهِ). قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا. وَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ، قَالَتْ: فَنِمْتُ، فَأُرِيتُ لِعُثْمَانَ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:(ذلك عَمَلُهُ).

[ر: 1186]

(أحزني ذلك) أي قوله صلى الله عليه وسلم، إشفاقا أن يكون معذبا. (عينا) عين ماء. (ذلك عمله) أي فسر العين التي تجري بأنها عمله الصالح الذي كان يعمله، وهو الرباط في سبيل الله تعالى، وثوابه مستمر إلى يوم القيامة.

ص: 954

2542 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2453]

ص: 955

2543 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا).

[ر: 590]

ص: 955

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 957

‌57 - كِتَاب الصُّلْحِ.

ص: 957

(نجواهم) ما يتحدث به الناس فيما بينهم. (معروف) اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله عز وجل، وكل ما ندب الشرع إليه.

وَخُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى الْمَوَاضِعِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ بأصحابه.

ص: 957

وَخُرُوجِ الْإِمَامِ إِلَى الْمَوَاضِعِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ بِأَصْحَابِهِ

2544 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه:

أَنَّ أُنَاسًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ بِلَالٌ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ وَلَمْ يَأْتِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حُبِسَ، وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ حَتَّى أَكْثَرُوا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا هُوَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ما لكم إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ، إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا الْتَفَتَ، يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ لَمْ تُصَلِّ بِالنَّاسِ). فَقَالَ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 652]

ص: 957

2545 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي: أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه قَالَ:

قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَكِبَ حِمَارًا، فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ، وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قال: إِلَيْكَ عَنِّي، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ، فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَشَتَمَهُ، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} .

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وصبره على أذى المنافقين، رقم:1799. (لو أتيت عبد الله) أي فعرضت عليه الإسلام. (سبخة) أرض تعلوها ملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. (إليك عني) تنح وابتعد. (نتن) رائحته الكريهة. (رجل) قيل: هو عبد الله بن رواحة رضي الله عنه. (بالجريد) أغصان النخل المجردة من ورقه. (طائفتان) جماعتان. /الحجرات: 9/.

ص: 958

‌2 - بَاب: لَيْسَ الْكَاذِبُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ.

ص: 958

2546 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ أَخْبَرَتْهُ:

أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا).

أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه، رقم:2605. (فينمي خيرا) من نمى الحديث إذا رفعه وبلغه

على وجه الإصلاح وطلب الخير.

ص: 958

‌3 - بَاب: قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَصْحَابِهِ: اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ.

ص: 958

2547 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه:

أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَقَالَ:(اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ).

[ر: 652]

ص: 958

‌4 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنْ يصالحا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} /النساء: 128

/.

(يصالحا) أصله: يتصالحا، أي الزوج والزوجة، وفي قراءة:{يصلحا} وهما متواتران. (خير) من الفراق أو الإعراض.

ص: 958

2548 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ

⦗ص: 959⦘

رضي الله عنها:

{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128]. قَالَتْ: هُوَ الرَّجُلُ يَرَى مِنَ امْرَأَتِهِ مَا لَا يُعْجِبُهُ، كِبَرًا أَوْ غَيْرَهُ، فَيُرِيدُ فِرَاقَهَا، فَتَقُولُ: أَمْسِكْنِي وَاقْسِمْ لِي مَا شِئْتَ، قَالَتْ: فَلَا بَأْسَ إِذَا تَرَاضَيَا.

[ر: 2318]

ص: 958

‌5 - بَاب: إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ فَالصُّلْحُ مَرْدُودٌ.

(جور) ظلم، أي شيء مخالف للشرع.

ص: 959

2549 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنهما قَالَا:

جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ: صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِي: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ، فَفَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ - فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا). فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا.

[ر: 2190]

(الأعرابي) أرى أن هذه الكلمة زائدة، لأن هذا كلام الخصم. (عسيفا) أجيرا. (وليدة) جارية مملوكة. (أهل العلم) الصحابة الذين كانوا يفتون في عهده صلى الله عليه وسلم. (فرد عليك) ترد عليك.

ص: 959

2550 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ).

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.

أخرجه مسلم في الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم:1718. (أحدث) اخترع. (أمرنا هذا) ديننا هذا وهو الإسلام. (ما ليس فيه) مما لا يوجد في الكتاب أو السنة، ولا يندرج تحت حكم فيهما، أو يتعارض مع أحكامها، وفي بعض النسخ:(ما ليس منه). (رد) باطل ومردود لا يعتد به.

ص: 959

‌6 - بَاب: كَيْفَ يُكْتَبُ: هَذَا مَا صَالَحَ فُلَانُ بْن فُلَانٍ، وَفُلَانُ بْن فُلَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى قَبِيلَتِهِ أَوْ نَسَبِهِ.

ص: 959

2551 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

⦗ص: 960⦘

قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ، كَتَبَ عَلِيُّ بَيْنَهُمْ كِتَابًا، فَكَتَبَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَا تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، لَوْ كُنْتَ رَسُولًا لَمْ نُقَاتِلْكَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ:(امْحُهُ). فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَدْخُلُوهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، فَسَأَلُوهُ مَا جُلُبَّانُ السِّلَاحِ؟ فَقَالَ: الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ.

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: صلح الحديبية في الحديبية، رقم:1783. (لو كنت رسولا) أي لو كنا نعلم ونسلم أنك رسول. (القراب) شيء يخرز من الجلد، يضع فيه الراكب سلاحه أو نحوه، ويعلقه في الرحل، وقيل: هو غمد السيف.

ص: 959

2552 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ:

اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَا، فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ، لَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:(أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ). ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: (امْحُ: رَسُولُ اللَّهِ). قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكِتَابَ، فَكَتَبَ:(هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ سِلَاحٌ إِلَّا فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَّبِعَهُ، وَأَنْ لَا يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا). فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الْأَجَلُ، أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ: يَا عَمِّ يَا عَمِّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيُّ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عليها السلام: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ احمليها، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَالَتِهَا، وَقَالَ:(الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ). وَقَالَ لِعَلِيٍّ: (أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ). وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: (أَشْبَهْتَ

⦗ص: 961⦘

خَلْقِي وَخُلُقِي). وَقَالَ لِزَيْدٍ: (أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا).

[ر: 1689]

(فكتب) أي أمر عليا رضي الله عنه فكتب، كقولك: ضرب الأمير، أي أمر بالضرب. (ابنة حمزة) هي أمامة، وقيل: عمارة، وأمها سلمى بنت عميس. (يا عم) نادته بذلك لأنه أخو أبيها من الرضاع). (دونك) أي خذيها. (فاختصم) اختلفوا فيمن تكون عنده. (تحتي) زوجتي. (ابنة أخي) في الإسلام، لأنه صلى الله عليه وسلم آخى بين زيد وحمزة رضي الله عنهما. (أنت مني وأنا منك) أي في النسب والمحبة وغيرهما. (مولانا) عتيقنا الذي نتولى أمره ويتولى أمرنا.

ص: 960

‌7 - بَاب: الصُّلْحِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ.

فِيهِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ.

[ر: 7] وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(ثُمَّ تَكُونُ هُدْنَةٌ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ)

[ر: 3005].

وَفِيهِ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَأَسْمَاءُ، وَالْمِسْوَرُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

[ر: 3010، 2477، 2564].

(هدنة) صلح. (بني الأصفر) الروم.

ص: 961

2553 -

وَقَالَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:

صَالَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ، وَعَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ قَابِلٍ، وَيُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ: السَّيْفِ وَالْقَوْسِ وَنَحْوِهِ.

فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَحْجُلُ فِي قُيُودِهِ، فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ.

قَالَ: لَمْ يَذْكُرْ مُؤَمَّلٌ عَنْ سُفْيَانَ: أَبَا جَنْدَلٍ، وَقَالَ إِلَّا بِجُلُبِّ السِّلَاحِ.

[ر: 1689]

(يحجل) يمشي مشي الحجلة، وهي طائر معروف، والمراد أنه يقارب الخطى، وهي مشية المقيد.

ص: 961

2554 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى: أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلَا يَحْمِلَ سِلَاحًا عَلَيْهِمْ إِلَّا سُيُوفًا، وَلَا يُقِيمَ بِهَا إِلَّا مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا، أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ.

[4006]

ص: 961

2555 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ:

انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ.

[3002، 5791، 6502، 6769]

ص: 961

‌8 - بَاب: الصُّلْحِ فِي الدِّيَةِ.

ص: 961

2556 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ:

⦗ص: 962⦘

أَنَّ الرُّبَيِّعَ، وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ، كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الْأَرْشَ وَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَالَ:(يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ). فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ).

زَادَ الْفَزَارِيُّ: عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الْأَرْشَ.

[4229، 4230، 4335، 6499، وانظر: 2651]

أخرجه مسلم في القسامة، باب، إثبات القصاص في الأسنان وما في معناها، رقم:1675. (ثنية) مفرد ثنايا وهي مقدم الأسنان. (جارية) هي المرأة الشابة هنا، لا الأمة. (الأرش) دية الجراحة أو الأطراف. (العفو) النزول عن حقهم، وعدم أخذ الدية أو غيرها. (كتاب الله القصاص) حكم كتاب الله تعالى القصاص، وهو أن تكسر السن مقابل السن. (لأبره) لصدقه وحقق رغبته، لما يعلم من صدقه وإخلاصه.

ص: 961

‌9 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما:

(ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ).

وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} /الحجرات: 9/.

ص: 962

2557 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ:

اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لَا تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ - وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ - أَيْ عَمْرُو، إِنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ، مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ، من لي بِنِسَائِهِمْ، مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَقَالَ: اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولَا لَهُ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ. فَأَتَيَاهُ فَدَخَلَا عَلَيْهِ، فَتَكَلَّمَا وَقَالَا لَهُ، فَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: إِنَّا بَنُو

⦗ص: 963⦘

عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا. قَالَا: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ، قَالَ: فَمَنْ لِي بِهَذَا؟ قَالَا: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالَا: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَصَالَحَهُ. فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى، وَيَقُولُ:(إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).

قَالَ لِي عَلِيُّ بنُ عَبْد اللَّهِ: إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

[3430، 3536، 6692]

(بكتائب) جمع كتيبة وهي الجيش، ويقال: الكتيبة ما جمع بعضها إلى بعض. (أقرانها) جمع قرن وهو الكفء والنظير في الشجاعة والحرب. (خير الرجلين) من كلام الحسن البصري، وقع معترضا بين قوله: قال له معاوية، وبين قوله: أي عمرو، وأراد بالرجلين معاوية وعمرا، وأراد بخيرهما معاوية، وقال ذلك لأن عمرا كان أشد من معاوية في الخلاف مع الحسن بن علي، رضي الله عنهم أجمعين. (بضيعتهم) أي من يقوم بأطفالهم وضعفائهم، الذين لو تركوا بحالهم لضاعوا، لعدم قدرتهم على الاستقلال بالمعاش. (أصبنا من هذا المال) أي أيام الخلافة حصل لدينا مال كثير، وصارت عادتنا الإنفاق على الأهل والحاشية، فإن تركنا هذا الأمر قطعنا عادتنا. (عاثت) قتل بعضها بعضا، فلا يكفون إلا بالمال. (فمن لي بهذا) يتكفل لي بالذي تذكرانه. (ابني) المراد ابن ابنته، ويطلق على ولد الولد أنه ابن.

ص: 962

‌10 - بَاب: هَلْ يُشِيرُ الْإِمَامُ بِالصُّلْحِ.

ص: 963

2558 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:

سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ، عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الْآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ). فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ.

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: استحباب الوضع من الدين، رقم:1557. (يستوضع) يطلب منه أن يضع ويحط عنه شيئا من دينه. (يسترفقه) يطلب منه أن يرفق به في الاستيفاء والمطالبة. (المتألي) الحالف المبالغ في اليمين. (المعروف) الخير والإحسان. (وله أي ذلك أحب) لخصمي ما رغب وأحب من الحط أو الرفق.

ص: 963

2559 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:

أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ مَالٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ، حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:

⦗ص: 964⦘

(يَا كَعْبُ). فَأَشَارَ بِيَدِهِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ النِّصْفَ، فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا.

[ر: 445]

ص: 963

‌11 - بَاب: فَضْلِ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْعَدْلِ بَيْنَهُمْ.

ص: 964

2560 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاس عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ).

[2734، 2827]

(سلامى) مفصل. (يعدل بين اثنين) إذا احتكما إليه.

ص: 964

‌12 - بَاب: إِذَا أَشَارَ الْإِمَامُ بِالصُّلْحِ فَأَبَى، حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْبَيِّنِ.

ص: 964

2561 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يُحَدِّثُ:

أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجٍ مِنَ الْحَرَّةِ، كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلَاهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْزُّبَيْرِ:(اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ). فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:(اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ). فَاسْتَوْعَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ حَقَّهُ لِلْزُّبَيْرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ سَعَةٍ لَهُ وَلِلْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَوْعَى لِلْزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ، قَالَ عُرْوَةُ: قَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ مَا أَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} . الْآيَةَ.

[ر: 2231]

(أحفظ) أغضبه، والحفيظة الغضب.

ص: 964

‌13 - بَاب: الصُّلْحِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ الْمِيرَاثِ وَالْمُجَازَفَةِ فِي ذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَخَارَجَ الشَّرِيكَانِ، فَيَأْخُذَ هَذَا دَيْنًا، وَهَذَا عَيْنًا، فَإِنْ تَوِيَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ.

(المجازفة) المساهلة وعدم التدقيق في الكيل أو الوزن. (يتخارج .. ) أن يقتسما المدينين، فيأخذ كل منهما بعض في حصته، ويطالبه بما عليه. وفي القاموس: التخارج أن يأخذ بعض الشركاء الدار بعضهم الأرض. (توي) هلك واضمحل شيء من نصيبه.

ص: 964

2562 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ

⦗ص: 965⦘

كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

تُوُفِّيَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ بِمَا عَلَيْهِ فَأَبَوْا، وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:(إِذَا جَدَدْتَهُ فَوَضَعْتَهُ فِي الْمِرْبَدِ آذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: (ادْعُ غُرَمَاءَكَ فَأَوْفِهِمْ). فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنٌ إِلَّا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسْقًا، سَبْعَةٌ عَجْوَةٌ وَسِتَّةٌ لَوْنٌ، أَوْ سِتَّةٌ عَجْوَةٌ وَسَبْعَةٌ لَوْنٌ، فَوَافَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَضَحِكَ، فَقَالَ:(ائْتِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَخْبِرْهُمَا). فَقَالَا: لَقَدْ عَلِمْنَا إِذْ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا صَنَعَ أَنْ سَيَكُونُ ذَلِكَ.

وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ: صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا بَكْرٍ، وَلَا ضَحِكَ، وَقَالَ: وَتَرَكَ أَبِي عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا دَيْنًا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ: صَلَاةَ الظُّهْرِ.

[ر: 2020]

(المربد) الموضع الذي يجفف فيه التمر. (آذنت) أعلمت. (لون) نوع من التمر.

ص: 964

‌14 - بَاب: الصُّلْحِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ.

ص: 965

2563 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ: أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ:

أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمَا، حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ:(يَا كَعْبُ) فَقَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ: أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ، فَقَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(قُمْ فَاقْضِهِ).

[ر: 445].

ص: 965

بسم الله الرحمن الرحيم.

ص: 967

‌58 - كِتَاب الشُّرُوطِ.

ص: 967

‌1 - بَاب: مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الْإِسْلَامِ وَالْأَحْكَامِ وَالْمُبَايَعَةِ.

ص: 967

2564 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:

أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما: يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ، كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ. فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامْتَعَضُوا مِنْهُ، وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلَّا ذَلِكَ، فَكَاتَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ، فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ وَهِيَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ، لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ:{إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ - إِلَى قَوْلِهِ - وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} .

قَالَ عُرْوَةُ: فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ: "يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ - إِلَى - غَفُورٌ رَحِيمٌ".

قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(قَدْ بَايَعْتُكِ). كَلَامًا يُكَلِّمُهَا بِهِ، وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ.

[ر: 1608]

(امتعضوا) شق عليهم وغضبوا منه. (عاتق) الأنثى الشابة أو ما أدركت أي بلغت. (يمتحنهن) يختبرهن بالحلف أنهن خرجن مهاجرات إلى الله ورسوله، وبالعلامات الدالة على صدقهن. (بهذه الآية) الممتحنة: 10 - 12. (بهذا الشرط) المذكور في قوله تعالى: {يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف}. /الممتحنة: 12/. (ببهتان

) أي لا يأتين بولد ليس من أزواجهن فينسبنه إليهم.

ص: 967

2565 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرًا رضي الله عنه يَقُولُ:

بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاشْتَرَطَ عَلَيَّ:(وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ).

ص: 968

2566 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.

[ر: 57]

ص: 968

‌2 - بَاب: إِذَا بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ.

ص: 968

2567 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ).

[ر: 2090]

ص: 968

‌3 - بَاب: الشُّرُوطِ فِي البيع.

ص: 968

2568 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ:

أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ عَائِشَةَ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ لَنَا وَلَاؤُكِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهَا:(ابْتَاعِي فَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).

[ر: 444]

ص: 968

‌4 - بَاب: إِذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ ظَهْرَ الدَّابَّةِ إِلَى مَكَانٍ مُسَمًّى جَازَ.

ص: 968

2569 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ رضي الله عنه:

أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا، فَمَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَهُ، فَدَعَا لَهُ فَسَارَ بِسَيْرٍ لَيْسَ يَسِيرُ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ:(بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ). قُلْتُ: لَا، ثُمَّ قَالَ:(بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ). فَبِعْتُهُ، فَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ وَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأَرْسَلَ عَلَى إِثْرِي قَالَ:(مَا كُنْتُ لِآخُذَ جَمَلَكَ، فَخُذْ جَمَلَكَ، فَهُوَ مَالُكَ).

⦗ص: 969⦘

قَالَ شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرٍ: أَفْقَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ: فَبِعْتُهُ عَلَى أَنَّ لِي فَقَارَ ظَهْرِهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ.

وَقَالَ عَطَاءٌ وَغَيْرُهُ: (لَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ).

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ: شَرَطَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ جَابِرٍ: (وَلَكَ ظَهْرُهُ حَتَّى تَرْجِعَ).

وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ:(أَفْقَرْنَاكَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ).

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ:(تَبَلَّغْ عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِكَ).

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ: اشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِوَقِيَّةٍ.

وَتَابَعَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ جَابِرٍ:(أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ). وَهَذَا يَكُونُ وَقِيَّةً عَلَى حِسَابِ الدِّينَارِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ مُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ. وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَأَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ.

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ: وَقِيَّةُ ذَهَبٍ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ: بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ.

وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرٍ: اشْتَرَاهُ بِطَرِيقِ تَبُوكَ، أَحْسِبُهُ قَالَ: بِأَرْبَعِ أَوَاقٍ.

وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ: اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا.

وَقَوْلُ الشَّعْبِيِّ بِوَقِيَّةٍ أَكْثَرُ الِاشْتِرَاطُ، أَكْثَرُ وَأَصَحُّ عِنْدِي، قَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ.

[ر: 432]

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: بيع البعير واستثناء ركوبه، رقم:715. (فاستثنيت حملانه إلى أهلي) اشترطت أن يكون لي حق الركوب والحمل عليه إلى المدينة. (على أثري) ورائي. (أفقرني) حملني على فقاره، وهو عظام ظهره. (تبلغ) فعل أمر من بلغت المكان إذا وصلته.

ص: 968

‌5 - بَاب: الشُّرُوطِ فِي الْمُعَامَلَةِ.

ص: 969

2570 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَتْ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ، قَالَ:(لَا). فَقَالَ: (تكفوننا المؤونة وَنُشْرِكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ). قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

[ر: 2200]

ص: 969

2571 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ

⦗ص: 970⦘

اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ الْيَهُودَ، أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا.

[ر: 2165]

ص: 969

‌6 - بَاب: الشُّرُوطِ فِي الْمَهْرِ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ.

وَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ مَقَاطِعَ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ، وَلَكَ مَا شَرَطْتَ.

وَقَالَ الْمِسْوَرُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَنَ، قَالَ:(حَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي).

[ر: 2943]

(مقاطع الحقوق) مواقفها التي تنتهي إليها وتنقطع عندها.

ص: 970

2572 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ).

[ر: 4856]

أخرجه مسلم في النكاح، باب: الوفاء بالشروط في النكاح، رقم:1418. (أحق الشروط) أولاها بالوفاء به. (ما استحللتم به الفروج) ما كان سببا في حل التمتع بها، وهي الشروط المتفق عليها في عقد الزواج، إذا كانت لا تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة، ولا تتعارض مع أصل شرعي.

ص: 970

‌7 - بَاب: الشُّرُوطِ فِي الْمُزَارَعَةِ.

ص: 970

2573 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

كُنَّا أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ حَقْلًا، فَكُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ، فَنُهِينَا عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ نُنْهَ عَنِ الْوَرِقِ.

[ر: 2202]

(ولم ننه عن الورق) أي لم ينهنا النبي صلى الله عليه وسلم عن الاكتراء بالدراهم.

ص: 970

‌8 - بَاب: مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ

ص: 970

2574 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَزِيدَنَّ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبَنَّ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَلَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَكْفِئَ إِنَاءَهَا)

[ر: 2033]

ص: 970

‌9 - بَاب: الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَحِلُّ فِي الْحُدُودِ.

ص: 971

2575 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا قَالَا:

إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ الْخَصْمُ الْآخَرُ، وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ: نَعَمْ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وائذن لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(قُلْ). قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي: أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا). قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَتْ.

[ر: 2190]

ص: 971

‌10 - بَاب: مَا يَجُوزُ مِنْ شُرُوطِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ بِالْبَيْعِ عَلَى أَنْ يُعْتَقَ.

ص: 971

2576 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ الْمَكِّيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

دَخَلَتْ عَلَيَّ بَرِيرَةُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ، فَقَالَتْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ اشْتَرِينِي، فَإِنَّ أَهْلِي يبيعونني، فَأَعْتِقِينِي، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِنَّ أَهْلِي لَا يبيعونني حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلَائِي، قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَلَغَهُ، فَقَالَ:(مَا شَأْنُ بَرِيرَةَ). فَقَالَ: (اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، وَلْيَشْتَرِطُوا مَا شاؤوا). قَالَتْ: فَاشْتَرَيْتُهَا فَأَعْتَقْتُهَا، وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلَاءَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَإِنِ اشْتَرَطُوا مِائَةَ شَرْطٍ).

[ر: 444]

ص: 971

‌11 - بَاب: الشُّرُوطِ فِي الطَّلَاقِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ: إِنْ بَدَا بِالطَّلَاقِ أَوْ أَخَّرَ فَهُوَ أَحَقُّ بِشَرْطِهِ.

(إن بدا .. ) أي بدأ بلفظ الطلاق في التعليق فقال: أنت طالق إن دخلت الدار، أو أخر فقال: إن دخلت الدار فأنت طالق، فلا تفاوت بينهما في الحكم، فيقع الطلاق إذا حصل الدخول الذي شرطه وعلق عليه.

ص: 971

2577 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ،

⦗ص: 972⦘

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبْتَاعَ الْمُهَاجِرُ لِلْأَعْرَابِيِّ، وَأَنْ تَشْتَرِطَ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا، وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَنَهَى عَنِ النَّجْشِ، وَعَنِ التَّصْرِيَةِ.

تَابَعَهُ مُعَاذٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ غُنْدَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ: نهي. وَقَالَ آدَمُ: نُهِينَا. وَقَالَ النَّضْرُ وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: نَهَى.

[ر: 2033]

(المهاجر) المقيم في البلد. (للأعرابي) الذي يسكن في البادية. (يستام) من السوم وهو ذكر المبيع والثمن والتداول في أمر البيع. (التصرية) ترك الحيوان دون حلب أياما، ليجتمع اللبن في الضرع، ويخدع المشتري بكثرة اللبن.

ص: 971

‌12 - بَاب: الشُّرُوطِ مَعَ النَّاسِ بِالْقَوْلِ.

ص: 972

2578 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَغَيْرُهُمَا، قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ). فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ: (أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، كَانَتِ الْأُولَى نِسْيَانًا، وَالْوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا، قَالَ: لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا، لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ، فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ). قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَامَهُمْ مَلِكٌ.

[ر: 74]

(الأولى) اعتراضه على خرق السفينة. (نسيانا) للشرط عليه أن لا يسأله عن شيء حتى يخبره عنه. (الوسطى) اعتراضه على قتل الصبي. (شرطا) سببا للشرط الذي شرطه على نفسه وهو قوله: {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني} . /الكهف: 76/. وكان ذلك من موسى عليه السلام شرطا بالقول، لم يقع عليه إشهاد ولا كتابة، وهذه مناسبة إيراد الحديث في الباب. (الثالثة) اعتراضه على بناء الجدار دون أخذ أجرة عليه. (عمدا) قصدا. (ترهقني) تحملني ما فيه مشقة علي. (عسرا) صعوبة شديدة. (أمامهم ملك) قدامهم، وهي قراءة شاذة، لا تصح بها الصلاة، ولا تعتبر قرآنا، وتصلح حجة في التفسير واستنباط الأحكام، إذا وصلتنا بسند صحيح. والقراءة المتواترة:{وراءهم} .

ص: 972

‌13 - بَاب: الشُّرُوطِ فِي الْوَلَاءِ.

ص: 972

2579 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:

جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي،

⦗ص: 973⦘

فَقَالَتْ: إِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكِ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).

[ر: 444]

ص: 972

‌14 - بَاب: إِذَا اشْتَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ: إِذَا شِئْتُ أَخْرَجْتُكَ.

ص: 973

2580 -

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَبُو غَسَّانَ الْكِنَانِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا فَدَعَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ:(نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ). وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى مَالِهِ هُنَاكَ، فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ، هُمْ عَدُوُّنَا وَتُهْمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلَاءَهُمْ، فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَعَامَلَنَا عَلَى الْأَمْوَالِ، وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ). فَقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ، قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، فَأَجْلَاهُمْ عُمَرُ، وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ، مَالًا وَإِبِلًا وَعُرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ - أَحْسِبُهُ - عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اخْتَصَرَهُ.

(فدع) من الفدع وهو ميل المفاصل وزوالها عن بعضها. (ماله هناك) أرضه ونخيله في خيبر. (فعدي عليه) ظلموه وتعدوا عليه. (تهمتنا) الذين

نتهمهم بالتعدي. (إجلاءهم) إخراجهم من بلدهم. (بني أبي الحقيق) وهم من زعماء اليهود ورؤسائهم. (قلوصك) الناقة الصابرة على السير، وقيل: أنثى الإبل أول ما تركب. (هزيلة) تصغير هزلة، واحدة الهزل وهو ضد الجد. (عروضا) أمتعة. (أقتاب) جمع قتب، وهو ما يوضع حول سنام البعير تحت الراكب.

ص: 973

‌15 - بَاب: الشُّرُوطِ فِي الْجِهَادِ، وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَكِتَابَةِ الشُّرُوطِ.

ص: 974

2581 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ، قَالَا:

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ، فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ). فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ، فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ، خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ، وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ). ثُمَّ قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يسألونني خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا). ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قَالَ: فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ، يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ، وَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ

فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ،

⦗ص: 975⦘

وَمَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شاؤوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ: فَإِنْ شاؤوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ). فَقَالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا، قَالَ: إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ: هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ، أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَهَلْ تتهمونني؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظَ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِيهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَأَتَاهُ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: أَيْ مُحَمَّدُ، أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِكَ، هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى، فَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا، وَإِنِّي لَأَرَى أشوابا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ؟ فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالُوا: أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: أَمَا

⦗ص: 976⦘

وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ، قَالَ: وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ لَهُ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: أَيْ غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَمَّا الْإِسْلَامَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ). ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَيْنَيْهِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(هَذَا فُلَانٌ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ، فَابْعَثُوهَا لَهُ). فَبُعِثَتْ لَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ: رَأَيْتُ

⦗ص: 977⦘

الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ، فَقَالَ: دَعُونِي آتِيهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(هَذَا مِكْرَزٌ، وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ). فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو.

قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ). قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْكَاتِبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَلَكِنْ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَاللَّهِ لَا نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ). ثُمَّ قَالَ: (هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ). فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنْ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ). قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ: (لَا يسألونني خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا). فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ). فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً، وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَكَتَبَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا. قَالَ الْمُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ). قَالَ فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(فَأَجِزْهُ لِي). قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَالَ:(بَلَى فَافْعَلْ). قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ، قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ.

⦗ص: 978⦘

قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: (بَلَى). قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: (بَلَى). قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: (إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي). قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: (بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ). قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ:(فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ). قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا، قَالَ بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ؟ قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ، قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا، قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:(قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا). قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ - حَتَّى بَلَغَ - بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} . فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ، كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ

⦗ص: 979⦘

بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ، رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا: الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلَانُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ، فَقَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الْآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ:(لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا). فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ: فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(وَيْلُ أُمِّهِ، مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ). فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ، قَالَ: وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ: لَمَّا أَرْسَلَ: فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ - حَتَّى بَلَغَ - الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} . وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ

⦗ص: 980⦘

أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ.

قال أَبُو عَبْد اللَّهِ: "مَعَرَّةٌ" الْعُرُّ الْجَرَبُ. "تَزَيَّلُوا" تَمَيَّزُوا. حميت الْقَوْمَ مَنَعْتُهُمْ حِمَايَةً، وَأَحْمَيْتُ الْحِمَى جَعَلْتُهُ حِمًى لَا يُدْخَلُ.

(الغميم) واد بينه وبين مكة مرحلتان. (طليعة) مقدمة الجيش. (بقترة الجيش) الغبار الأسود الذي أثارته حوافر خيل الجيش. (يركض) من الركض وهو الضرب بالرجل على الدابة لاستعجالها في السير. (بالثنية) هي الطريق في الجبل، وقيل: هي موضع بين مكة والمدينة من طريق الحديبية. (حل حل) صوتو تزجر به الدابة لتحمل على السير. (فألحت) لزمت مكانها ولم تنبعث. (خلأت) حزنت وتصعبت. (القصواء) من القصو وهو قطع طرف الأذن، سميت به ناقة رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَأَنْ طرف أذنها كان مقطوعا. (بخلق) بعادة. (حبسها) منعها من السير ودخول مكة. (حابس الفيل) الله تعالى الذي حبس الفيل حين جيء به لهدم الكعبة. (خطة) حالة وقضية. (يعظمون فيها حرمات الله) يكفون فيها عن القتال تعظيما لحرم الله تعالى. (فعدل عنهم) ولى راجعا. (الحديبية) اسم مكان قريب من مكة. (ثمد) حفرة فيها ماء قليل. (يتبرضه .. ) يأخذونه قليلا قليلا. (فلم يلبثه .. ) لم يتركوه يثبت ويقيم. (نزحوه) لم يبقوا منه شيئا. (يجيش) يفور. (بالري) ما يرويهم من الماء. (صدروا عنه) رجعوا عنه. (عيبة نصح) محل نصحه وموضع سره وأمانته، والعيبة في الأصل ما يوضع فيه الثياب لحفظها، والنصح الخلوص من الشوائب. (أعداد) جمع عد وهو الماء الذي لا انقطاع له، والمراد الكثرة. (العوذ) النوق التي ولدت حدثيا فهي ذات لبن. (المطافيل) النوق التي معها أولادها، وأصله الأمهات التي معها أطفالها، والمراد من قوله:(معهم العوذ المطافيل) أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان، يتزودون من ألبانها، ولا يرجعون حتى يناجزوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمنعوه من الدخول إلى مكة. (صادوك) مانعوك. (نهكتهم) أضعفت قوتهم وأموالهم وأهزلتهم. (ماددتهم مدة) جعلت بيني وبينهم مدة صلح وهدنة. (أظهر) غلبت عليهم. (جمو) استراحوا من جهد الحرب. (تنفرد سالفتي) ينفصل مقدم عنقي، أي حتى أقتل. (بالوالد) مثل الوالد في الشفقة والمحبة. (بالولد) مثل الولد في النصح لوالده. (بلحوا) امتنعوا. (اجتاح) أهلك واستأصل. (أشوابا) أخلاطا. (خليقا) حقيقا. (امصص ببظر اللات) البظر قطعة لحم بين جانبي فرج المرأة، وقيل غير ذلك، وكان من عادة العرب: أن يقولوا لمن يسبونه أو يشتمونه: امصص بظر أمه، فاستعار أبو بكر رضي الله عنه ذلك في اللات لتعظيمهم إياها، فقصد المبالغة في سبه، واللات اسم لصنم من أصنام قريش أو أنصابهم. (يد كانت لك) نعمة لك علي. (لم أجزك بها) لم أكافئك عليها. (المغفر) ما يوضع على الرأس تحت الخوذة من زرد منسوج، ويسدل على الوجه ليحميه من ضربات السلاح. (غدر) يا غدر، وهو صيغة مبالغة من الغدر. (يرمق) يلحظ. (تنخم) أخرج نخامة، وهي ما يخرج من الصدر إلى الفم. (ابتدروا أمره) أسرعوا في تلبيته وتنفيذه. (يحدون) من الإحداد وهو شدة النظر، أي لا يتأملونه ولا يديمون النظر إليه. (إن رأيت) ما رأيت. (رجل) هو الحليس بن علقمة الحارثي. (يعظمون البدن) أي لا يستحلونها ولا يعتدون عليها، والبدن جمع بدنة وهي ما يهدى للحرم من الإبل أو البقر. (فابعثوها له) أثيروها أمامه. (ضغطة) مفاجأة وقهرا. (يرسف) يمشي مشيا بطيئا بسبب القيود. (الدنية) النقيصة والمذلة. (بغرزه) ما يكون للإبل بمنزلة الركاب للفرس، والمعنى: تمسك بأمره ولا تخالفه.

(قضية الكتاب) كتابة العهد والإشهاد عليه. (حالقه) هو خراش بن أمية الخزاعي. (يقتل بعضنا) من شدة الازدحام على النحر والحلق. (غما) حزنا على عدم المبادرة للامتثال. (فامتحنوهن) فاختبروهن. (بعصم الكوافر) بعصم: جمع عصمة وهي ما يعتصم به من عقد الزواج، والكوافر، الكوافر جمع كافرة، والمراد المشركة، والمعنى: لا تقيموا على نكاحهن، ولا تتمسكوا بالزوجية بينكم وبينهن. /الممتحنة: 10/. (رجلين) هما خنيس بن جابر ومولى يقال له كوثر، والذي أرسلهما في طلبه الأخنس بن شريق. (العهد الذي جعلت لنا) أي نطالبك بالوفاء بالعهد الذي أعطيته لنا، وهو أن ترد إلينا من جاءك منا ولو كان مسلما. (فلان) هو خنيس. (فاستله) أخرجه من غمده. (الآخر) صاحب السيف. (فأمكنه منه) أعطاه إياه بيده حتى تمكن منه. (برد) كناية عن أنه مات، لأن البرودة تلزم عن الموت. (ذعرا) فزعا وخوفا. (وإني لمقتول) سيقتلني إن لم تردوه عني. (قد والله أوفى الله ذمتك) ليس عليك عتاب منهم فيما صنعت أنا. (ويل أمه) الويل العذاب، وهي كلمة أصلها دعاء عليه، ولكنها استعملت هنا للتعجب من عمله. (مسعر حرب) محرك لها وموقد لنارها، والمسعر في الأصل العود الذي تحرك به النار. (لو كان له أحد) لو وجد معه أحد ينصره ويعاضده. (سيف البحر) ساحله. (عصابة) جماعة، أربعون فما فوق. (بعير) بخبر عير، وهي القافلة من الإبل المحملة بالبضائع والأموال. (تناشده) تسأله وتطلب منه بإلحاح. (الرحم) القرابة، أي يسألونه بحق الله تعالى وبحق القرابة بينهم وبينه. (ببطن مكة) داخل مكة وهي الحديبية، لأنها من الحرم. (أظفركم عليهم) خولكم النصر والغلبة عليهم. (الحمية) الأنفة، فمنعوكم من دخول المسجد الحرام. /الفتح: 24 - 26/. وتتمة الآيات: {وكان الله بما تعملون بصيرا. هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما. إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما} . (صدوكم) منعوكم. (الهدي) ما يهدى للحرم من الإبل وغيرها. (معكوفا) محبوسا وممنوعا. (محله) مكانه الذي يذبح في عادة وهو الحرم. (تطؤوهم) تقتلوهم مع الكفار. (معرة) إثم وحرج. (تزيلوا) تميزوا عن الكفار. (سكينته) وقارة وطمأنينته. (ألزمهم) جعلها ملازمة لهم وثبتهم. (كلمة التقوى) الإخلاص والتوحيد والوفاء بالعهد. (أحق بها) من غيرهم.

ص: 974

2582 -

وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ عُرْوَةُ: فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ، وَبَلَغْنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ، أَنَّ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ قَرِيبَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى أَبُو جَهْمٍ، فَلَمَّا أَبَى الْكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} . وَالْعَقْبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إِلَى مَنْ هَاجَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنَ الْكُفَّارِ، فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إِيمَانِهَا.

وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرِ بْنَ أَسِيدٍ الثَّقَفِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي الْمُدَّةِ، فَكَتَبَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ أَبَا بَصِيرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

[ر: 1608]

(فاتكم) سبقكم وذهب من عندكم. /الممتحنة: 11/. (المدة) مدة المصالحة بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقريش.

ص: 980

‌16 - بَاب: الشُّرُوطِ فِي الْقَرْضِ.

(انظر 48 - في الاستقراض، 17 - باب: إذا أقرضه إلى أجل مسمى).

ص: 980

2583 -

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ

⦗ص: 981⦘

أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى.

[ر: 1427]

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَعَطَاءٌ: إِذَا أَجَّلَهُ فِي الْقَرْضِ جَازَ.

ص: 980

‌17 - بَاب: الْمُكَاتَبِ، وَمَا لَا يَحِلُّ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي تُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ.

وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما فِي الْمُكَاتَبِ: شُرُوطُهُمْ بَيْنَهُمْ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ، أَوْ عُمَرُ: كُلُّ شَرْطٍ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ.

وقال أَبُو عَبْد اللَّهِ: يقال عَنْ كِلَيْهِمَا: عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ.

(في المكاتب .. ) المكاتب عبد مملوك يتعاقد مع سيده على قدر من المال، إذا أداه إليه أصبح حرا. والمعنى: شروط المكاتبين وساداتهم معتبرة بينهم.

ص: 981

2584 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِي، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَّرْتُهُ ذَلِكَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:(مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ).

[ر: 444]

ص: 981

‌18 - بَاب: مَا يَجُوزُ مِنَ الِاشْتِرَاطِ وَالثُّنْيَا فِي الْإِقْرَارِ، وَالشُّرُوطِ الَّتِي يَتَعَارَفُهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ، وَإِذَا قَالَ مِائَةٌ: إِلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: قَالَ رَجُلٌ لِكَرِيِّهِ، أدخل رِكَابَكَ، فَإِنْ لَمْ أَرْحَلْ مَعَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَخْرُجْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهُوَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَيُّوبُ: عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: إِنَّ رَجُلًا بَاعَ طَعَامًا، وَقَالَ: إِنْ لَمْ آتِكَ الْأَرْبِعَاءَ فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَيْعٌ، فَلَمْ يَجِئْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْمُشْتَرِي: أَنْتَ أَخْلَفْتَ، فَقَضَى عَلَيْهِ.

(الثنيا) الاستثناء. (لكريه) الذي أكراه. (ركابك) الإبل التي يسافر عليها.

ص: 981

2585 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا

⦗ص: 982⦘

وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ).

[6047، 6957]

أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب: في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، رقم:2677. (أحصاها) عدها جميعها ولم يقتصر على بعض منها، وقيل: حفظها، وقيل غير ذلك. ومناسبة الحديث للباب وجود الاستثناء فيه.

ص: 981

‌19 - بَاب: الشُّرُوطِ فِي الْوَقْفِ.

ص: 982

2586 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَنْبَأَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ:(إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا). قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ: أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ. قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ، فَقَالَ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا.

[2613، 2620، 2621، 2625]

أخرجه مسلم في الوصية، باب: الوقف. رقم: 1632. (يستأمره) يستشيره. (أنفس) أجود وأعجب. (وليها) قام بشأنها. (بالمعروف) بحسب ما يحتمل إنتاج الوقف، وحسب العرف الشائع. (متمول) مدخر للمال. (متأثل) جامع.

ص: 982