المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم.   ‌ ‌59 - كِتَاب الْوَصَايَا. - صحيح البخاري - ت البغا - جـ ٣

[البخاري]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم.

‌59 - كِتَاب الْوَصَايَا.

ص: 1005

‌1 - بَاب: الْوَصَايَا، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ).

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} . /البقرة: 180 - 182 /. جَنَفًا: مَيْلًا. {مُتَجَانِفٌ} /المائدة: 3/: مَائِلٌ.

(كتب) فرض. (الموت) أي أسبابه. (خيرا) مالا. (الوصية) فعليه الوصية، وهي في اللغة: طلب فعل من غيره، ليفعله حال حياته أو بعد وفاته. وفي الشرع: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع. (بالمعروف) بالرفق والإحسان، وذلك بأن لا يجحف بورثته، وبدون إسراف ولا تقتير. (حقا) واجبا. وكان ذلك قبل أن تفرض المواريث وتبين، وبعد نزول آيات المواريث نسخ حكم وجوب الوصية، وبقيت مندوبة في حق غير الوارثين من الأقرباء وغيرهم. (بدله) زاد أو نقص فيما علم من الوصية. (إثمه) إثم تبديل الإيصاء. (الذين يبدلونه) من الأوصياء، أو الشهود على الوصية، أو غيرهم. (جنفا) ميلا عن الحق خطأ. (إثما) تعمد الميل. (بينهم) بين الموصي والموصى له.

ص: 1005

2587 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ).

تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

أخرجه مسلم في أول كتاب الوصية، رقم:1627. (ما حق) لا ينبغي له وليس من حقه. (شيء يوصي فيه) مال يمكن أن يوصي بجزء منه.

ص: 1005

2588 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ،

خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا، وَلَا دِينَارًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً،

⦗ص: 1006⦘

وَلَا شَيْئًا، إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً.

[2718، 2755، 2931، 4192]

(ختن) كل من كان من قبل الزوجة كأبيها وأخيها، وقد يطلق على زوج البنت. (أمة) مملوكة. (جعلها صدقة) يصدق بها على سبيل الوقف.

ص: 1005

2589 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، هُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَ:

سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى؟ فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ، أَوْ أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ.

[4191، 4734]

أخرجه مسلم في الوصية، باب: ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، رقم:1634. (أوصى بكتاب الله) أي أوصى بالعمل بما فيه، والالتزام بمقتضاه.

ص: 1006

2590 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ:

ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنهما كَانَ وَصِيًّا، فَقَالَتْ: مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ، وَقَدْ كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِي، أَوْ قَالَتْ: حَجْرِي، فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَلَقَدِ انْخَنَثَ فِي حَجْرِي، فَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَمَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ؟.

[4190]

أخرجه مسلم في الوصية، باب: ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، رقم:1636. (وصيا) أي على الخلافة بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. (حجري) حضني. (انخنث) انكسر وانثنى لاسترخاء أعضائه عند الموت.

ص: 1006

‌2 - بَاب: أَنْ يَتْرُكَ وَرَثَتَهُ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَكَفَّفُوا النَّاسَ.

ص: 1006

2591 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، قَالَ:(يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ:(لَا). قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: (لَا). قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: (فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ، وَعَسَى

⦗ص: 1007⦘

اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ، فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ). وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ابْنَةٌ.

[ر: 56]

(وهو) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: سعد رضي الله عنه. (ابن عفراء) هو سعد بن خولة، ويحتمل أن ابن عفراء لقب له، وقيل غير ذلك. (تدع) تترك. (عالة) فقراء، جمع عائل وهو الفقير. (يتكففون) من التكفف وهو بسط الكف للسؤال، أو سؤال الناس كفافا من الطعام. (يرفعك) يطيل عمرك. (فينتفع بك ناس) من المسلمين، بالغنائم التي ستغنم مما يفتح الله على يديك من بلاد الشرك. (ويضر بك آخرون) وهم الذين سيهلكون على يديك من أهل الباطل والشرك. وهذا معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر عنه قبل وقوعه، ووقع كما أخبر به، فقد فتح الله تعالى على يديه بلاد العراق.

ص: 1006

‌3 - بَاب: الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ وَصِيَّةٌ إِلَّا الثُّلُثَ.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} /المائدة: 49/.

(الحسن) البصري رحمه الله تعالى. (لا يجوز .. ) أي إذا أوصى بما يزيد عن الثلث لا تنفذ وصيته إلا في حدود الثلث، ولو لم يكن له ورثة، أو كان له ورثة وأجازوا ذلك. (بينهم) أي بين الذميين من أهل الكتاب، إذا تحاكموا إلينا في الميراث وغيره.

ص: 1007

2592 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَوْ غَضَّ النَّاسُ إِلَى الرُّبْعِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ).

أخرجه مسلم في الوصية، باب: الوصية بالثلث، رقم:1629. (غض الناس .. ) نقضوا في وصاياهم عن الثلث، واكتفوا بالربع.

ص: 1007

2593 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

مَرِضْتُ، فَعَادَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا يَرُدَّنِي عَلَى عَقِبِي، قَالَ:(لَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ، وَيَنْفَعُ بِكَ نَاسًا). قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ، وَإِنَّمَا لِي ابْنَةٌ، قُلْتُ: أُوصِي بِالنِّصْفِ؟ قَالَ: (النِّصْفُ كَثِيرٌ). قُلْتُ: فَالثُّلُثِ؟ قَالَ: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ). قَالَ: فَأَوْصَى النَّاسُ بِالثُّلُثِ، فجاز ذَلِكَ لَهُمْ.

[ر: 56]

(لا يردني على عقبي) لا يميتني في البلد التي هاجرت منها وهي مكة. (قال فأوصى الناس) ظاهره أنه كلام سعد، ويحتمل أن يكون من كلام من

دونه من الرواة.

ص: 1007

‌4 - بَاب: قَوْلِ الْمُوصِي لِوَصِيِّهِ: تَعَاهَدْ وَلَدِي، وَمَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ مِنَ الدَّعْوَى.

ص: 1007

2594 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،

⦗ص: 1008⦘

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا قَالَتْ:

كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ أَمَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي، كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ). ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: (احْتَجِبِي مِنْهُ). لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ.

[ر: 1948]

ص: 1007

‌5 - بَاب: إِذَا أَوْمَأَ الْمَرِيضُ بِرَأْسِهِ إِشَارَةً بَيِّنَةً جَازَتْ.

ص: 1008

2595 -

حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ، أَفُلَانٌ، أَوْ فُلَانٌ، حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى اعْتَرَفَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ.

[ر: 2282]

ص: 1008

‌6 - بَاب: لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ.

ص: 1008

2596 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ.

[4302، 6358]

(كان المال للولد) أي كان الحكم في أول الأمر: إذا مات الشخص فماله لولده. (ما أحب) ما أراد. (حظ) نصيب. (الثمن) عند وجود ولد للمتوفى، والربع عند عدمه. (الشطر) النصف عند عدم الولد، والربع عند وجوده.

ص: 1008

‌7 - بَاب: الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ.

2597 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ، تَأْمُلُ الْغِنَى، وَتَخْشَى الْفَقْرَ،

⦗ص: 1009⦘

وَلَا تُمْهِلْ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ).

[ر: 1353]

ص: 1008

‌8 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} /النساء: 11

/.

وَيُذْكَرُ: أَنَّ شُرَيْحًا وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَطَاوُسًا وَعَطَاءً وَابْنَ أُذَيْنَةَ: أَجَازُوا إِقْرَارَ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ: إِذَا أَبْرَأَ الْوَارِثَ مِنَ الدَّيْنِ بَرِئَ.

وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: أَنْ لَا تُكْشَفَ امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا.

وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا قَالَ لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ، جَازَ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا: إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي وَقَبَضْتُ مِنْهُ، جَازَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ).

[ر: 5719]

وَلَا يَحِلُّ مَالُ الْمُسْلِمِينَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(آيَةُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ). وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} /النساء: 58/. فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ. فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(المريض) أي مريضا يخاف عليه من الموت فيه، وقيل في بيانه: هو المرض الذي يتصل به الموت ولا يستمر أكثر من سنة. (برئ) أي إذا أبرأ المريض مرض الموت وارثه من الدين الذي له عليه، برئ الوارث. قال العيني: الظاهر أن المراد منه: أن المرأة بعد موت زوجها لا يتعرض لها، فإن جميع ما في بيته لها، وهذا إذا لم يكن ما في بيتها من أمتعة الرجال، وإن لم يشهد لها زوجها بذلك. (جاز) أي نفذ العتق من جميع المال، لا من الثلث فقط. (قضاني) أداني حقي، وقوله (جاز) أي صح إقرارها. (بعض الناس) مراده ببعض الناس أبو حنيفة رحمه الله تعالى وأصحابه. (إقراره) أي المريض مرضا يخاف منه الموت. (البضاعة) الأموال المعدة للتجارة. (إياكم والظن) احذروا الظن السيء. (أكذب الحديث) أي يكون الكذب فيه أكثر من غيره، ويخطئ الإنسان فيه الحقيقة أكثر من أي قول يحدث به (الأمانات) كل ما يؤتمن عليه من الحقوق. (أهلها) أصحابها.

وأتى البخاري بالحديثين والآية ليرد على القائلين بعدم جواز إقرار المريض، فإن رده لسوء الظن ممنوع، للنهي عن سوء الظن. وكذلك ترك الخيانة يوجب أن يقر بما عليه، وإذا أقر لابد من اعتبار إقراره. وكذلك الأمر بأداء الأمانة مطلقا يوجب ذلك.

ورد العيني على ما أورد البخاري: بأن الظن المنهي عنه هو الظن الفاسد، وأن الإقرار يعتبر حيث لا تهمة، والمريض متهم في إقراره بالمحاباة لبعض الورثة أو غيرهم، وأداء الأمانة مطلوب حيث يثبت أن الذمة مشغولة، ولا دليل على شغل ذمة المريض مع احتمال التهمة أيضا.

ص: 1009

2598 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ).

[ر: 33]

ص: 1010

‌9 - بَاب: تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} /النساء: 11

/.

وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ.

وَقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} /النساء: 58/.

فَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى).

[ر: 1360، 1361]

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يُوصِي الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ).

ص: 1010

2599 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ لِي:(يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى). قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا، حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُوُفِّيَ رحمه الله.

[ر: 1361]

ص: 1010

2600 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّخْتِيَانِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ

⦗ص: 1011⦘

قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْإِمَامُ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ ومسؤولة عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ). قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: (وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ).

[ر: 853]

ص: 1010

‌10 - بَاب: إِذَا وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ، وَمَنِ الْأَقَارِبُ.

وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي طَلْحَةَ: (اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِكَ). فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.

وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: مِثْلَ حَدِيثِ ثَابِتٍ، قَالَ:(اجْعَلْهَا لِفُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ). قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي، وَكَانَ قَرَابَةُ حَسَّانٍ وَأُبَيٍّ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ، وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ. وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ المُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، فَيَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ، وَهُوَ الْأَبُ الثَّالِثُ، وَحَرَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو

بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَهُوَ يُجَامِعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا إِلَى سِتَّةِ آبَاءٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ. وَهُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ زَيدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ فَهُوَ إِلَى آبَائِهِ فِي الْإِسْلَامِ.

(الأنصاري) هو محمد بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أنس بن مالك رضي الله عنه. (بعضهم) أراد أبا يوسف صاحب أبي حنيفة رحمهما الله تعالى.

ص: 1011

2601 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي طَلْحَةَ: (أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ). قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} . جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي: (يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ). لِبُطُونِ قُرَيْشٍ.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} . قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ

⦗ص: 1012⦘

قُرَيْشٍ).

[ر: 1330، 1392، 2602]

ص: 1011

‌11 - بَاب: هَلْ يَدْخُلُ النِّسَاءُ وَالْوَلَدُ فِي الْأَقَارِبِ.

ص: 1012

2602 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} . قَالَ: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا).

تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ.

[3336، 4493]

أخرجه مسلم في الأيمان، باب: في قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، رقم:204. (عشيرتك) قومك وقبيلتك. (الأقربين) وهم بنو هاشم وبنو المطلب /الشعراء: 214/. (اشتروا أنفسكم) أنقذوها من النار بالإيمان والعمل الصالح. (لا أغني عنكم) لا أنفعكم شيئا، ولا أستطيع أن أدفع عنكم عذاب الله عز وجل إن لم تؤمنوا.

ص: 1012

‌12 - بَاب: هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ.

وَقَدِ اشْتَرَطَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا.

[ر: 2586]

وَقَدْ يَلِي الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَ بَدَنَةً أَوْ شَيْئًا لِلَّهِ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ.

ص: 1012

2603 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ لَهُ:(ارْكَبْهَا). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ:(ارْكَبْهَا وَيْلَكَ، أَوْ: وَيْحَكَ).

[ر: 1605]

ص: 1012

2604 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ:(ارْكَبْهَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ:(ارْكَبْهَا وَيْلَكَ). فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ.

[ر: 1604]

ص: 1012

‌13 - بَاب: إِذَا وَقَفَ شَيْئًا فلم يَدْفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ.

لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَوْقَفَ، وَقَالَ: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَمْ يَخُصَّ إِنْ

⦗ص: 1013⦘

وَلِيَهُ عُمَرُ أَوْ غَيْرُهُ.

[ر: 2586]

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي طَلْحَةَ: (أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ). فَقَالَ: أَفْعَلُ، فَقَسَمَهَا فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.

[ر: 1392]

ص: 1012

‌14 - بَاب: إِذَا قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ لِلَّهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَضَعُهَا فِي الْأَقْرَبِينَ أَوْ حَيْثُ أَرَادَ.

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي طَلْحَةَ حِينَ قَالَ: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ.

[ر: 1392]

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

(بعضهم) المراد الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، فنقل عنه قول: إن الوقف لا يصح حتى يعين جهة مصرفه، فإن لم يعين بقي الموقوف على ملك الواقف. والقول الآخر يصح وإن لم يعين. [عيني]].

ص: 1013

‌15 - باب: أرضي أو بستاني صدقة عَنْ أُمِّي فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لمن ذلك.

ص: 1013

2605 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى: أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ:(نَعَمْ). قَالَ: فَإِنِّي أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها.

[2611، 2618]

(أمه) عمرة بنت مسعود. (حائطي) هو البستان من النخل إذا كان له جدار. (المخراف) اسم لحائطه، والمخراف الشجرة وقيل ثمرها.

ص: 1013

‌16 - بَاب: إِذَا تَصَدَّقَ، أَوْ أَوْقَفَ بَعْضَ مَالِهِ، أَوْ بَعْضَ رَقِيقِهِ، أَوْ دَوَابِّهِ، فَهُوَ جَائِزٌ.

ص: 1013

2606 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بن مالك رضي الله عنه يقول:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ

⦗ص: 1014⦘

وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم؟ قال: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر.

[2787، 2790، 2922، 3363، 3676، 3735، 3768، 4156، 4396، 4399 - 4401، 5900، 6312، 6798]

(أنخلع .. ) أخرج منه جميعه وأتصق به وأعرى منه، كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه. (سهمي) نصيبي الذي أملكه.

ص: 1013

‌17 - بَاب: مَنْ تَصَدَّقَ إِلَى وَكِيلِهِ، ثُمَّ رَدَّ الْوَكِيلُ إِلَيْهِ.

ص: 1014

2607 -

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} . جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى فِي كِتَابِهِ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} . وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ - قَالَ: وَكَانَتْ حَدِيقَةً، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَسْتَظِلُّ بِهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا - فَهِيَ إِلَى اللَّهِ عز وجل وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، أَرْجُو بِرَّهُ وَذُخْرَهُ، فَضَعْهَا أَيْ رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(بَخْ يَا أَبَا طَلْحَةَ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَبِلْنَاهُ مِنْكَ، وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْكَ، فَاجْعَلْهُ فِي الْأَقْرَبِينَ). فَتَصَدَّقَ بِهِ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى ذَوِي رَحِمِهِ، قَالَ: وَكَانَ مِنْهُمْ أُبَيٌّ وَحَسَّانُ، قَالَ: وَبَاعَ حَسَّانُ حِصَّتَهُ مِنْهُ إلى مُعَاوِيَةَ، فَقِيلَ لَهُ: تَبِيعُ صَدَقَةَ أَبِي طَلْحَةَ؟ فَقَالَ: أَلَا أَبِيعُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ بِصَاعٍ مِنْ دَرَاهِمَ. قَالَ: وَكَانَتْ تِلْكَ الْحَدِيقَةُ فِي مَوْضِعِ قَصْرِ بَنِي حُدَيْلَةَ الَّذِي بَنَاهُ مُعَاوِيَةُ.

[ر: 1392]

(تبيع صدقة أبي طلحة) أي كيف تبيعها وقد تصدق بها عليكم على سبيل الوقف. (ألا أبيع .. ) أي لا فرق بين هذا وهذا. (بنو حديلة) بطن من الأنصار.

ص: 1014

(القسمة) الميراث. (أولوا القربى) الأقرباء غير الوارثين. (فارزقوهم منه) أعطوهم نصيبا من التركة.

ص: 1014

2608 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نُسِخَتْ،

⦗ص: 1015⦘

وَلَا وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ، هُمَا وَالِيَانِ: وَالٍ يَرِثُ، وَذَاكَ الَّذِي يَرْزُقُ، وَوَالٍ لَا يَرِثُ، فَذَاكَ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ، يَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ.

[4300]

(هذه الآية) قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة} . (نسخت) نسخ حكمها وقد كان واجبا في ابتداء التشريع على قول من يقول بالنسخ. (ولكنها مما تهاون الناس) ولكن مقتضى الآية مما تهاون الناس فيه ولم يعملوا به. (هما) المتصرفان في التركة والمتوليان أمرها. (يرزق) يعطي من حضر ممن ذكر في الآية. (يقول بالمعروف) يعتذر بلطف عن الإعطاء لمن حضر، كما أمره تعالى بقوله:{وقولوا لهم قولا معروفا} /النساء: 8/.

ص: 1014

19 -

بَاب: مَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ تُوُفِّيَ فجأة أَنْ يَتَصَدَّقُوا عنه، وقضاء النذور عَنِ الْمَيِّتِ.

ص: 1015

2609 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ:(نَعَمْ، تَصَدَّقْ عَنْهَا).

[ر: 1322]

ص: 1015

2610 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه، اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ، فَقَالَ:(اقْضِهِ عَنْهَا).

[6320، 6558]

أخرجه مسلم في النذر، باب: الأمر بقضاء النذر، رقم: 1638

ص: 1015

‌20 - بَاب: الْإِشْهَادِ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ.

ص: 1015

2611 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى: أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ:

أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضي الله عنه، أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ، تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، فَهَلْ يَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ:(نَعَمْ). قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا.

[ر: 2605]

ص: 1015

‌21 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ

⦗ص: 1016⦘

كَانَ حُوبًا كَبِيرًا. وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} /النساء: 2، 3/.

(آتوا) أعطوا. (اليتامى) الصغار الذين لا أب لهم. (أموالهم) التي كانت في أيديكم وتحت وصايتكم، وذلك إذا بلغوا الحلم راشدين. (تتبدلوا الخبيث بالطيب) لا تأخذوا الحرام بدل الحلال، وذلك بأخذكم الجيد من مال اليتيم، وإعطائكم بدله الردئ من أموالكم. (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) لا تخلطوها بها فتأكلوها جميعا. (حوبا) ذنبا. (تقسطوا) تعدلوا. (في اليتامى) في الزواج باليتيمات. (فانكحوا ما طاب لكم) فاتركوا الزواج باليتيمات، وتزوجوا من حلت لكم ومن رغبتم من غيرهن من النساء.

ص: 1015

2612 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ:

أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} . قَالَتْ: هِيَ الْيَتِيمَةُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ، إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} . قَالَتْ: فَبَيَّنَ اللَّهُ فِي هَذِهِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا، وَلَمْ يُلْحِقُوهَا بِسُنَّتِهَا بِإِكْمَالِ الصَّدَاقِ، فَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ تَرَكُوهَا وَالْتَمَسُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا الْأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ، وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا.

[ر: 2362]

ص: 1016

‌22 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى

بِاللَّهِ حَسِيبًا. لِلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} /النساء: 6، 7/. حَسِيبًا: يَعْنِي كَافِيًا.

(ابتلوا) اختبروا. (بلغوا النكاح) صاروا أهلا له، بالاحتلام أو بالسن. (آنستم) أبصرتم وشعرتم. (رشدا) صلاحا في دينهم وحفظا لأموالهم. (إسرافا) مسرفين بمالهم من غير حاجة ضرورية. (بدارا) مبادرين إلى إنفاقها. (أن يكبروا) حذرا من أن يبلغوا ويلزموكم تسليم أموالهم إليهم. (بالمعروف) بقدر أجرة عمله المتعارف عليها. (مفروضا) مقدرا أو محتما إعطاؤه لمن يستحقه.

ص: 1016

‌23 - باب: وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم، وما يأكل منه بقدر عمالته.

ص: 1017

2613 -

حَدَّثَنَا هَارُونُ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ: حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ثَمْغٌ، وَكَانَ نَخْلًا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي اسْتَفَدْتُ مَالًا، وَهُوَ عِنْدِي نَفِيسٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ). فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ، فَصَدَقَتُهُ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفِي الرِّقَابِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالضَّيْفِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَلِذِي الْقُرْبَى، وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُؤكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ بِهِ.

[ر: 2586]

(ثمغ) أرض تلقاء المدينة، كانت لعمر رضي الله عنه. (استفدت) حصلت وملكت. (نفيس) جيد، وسمي نفيسا لأنه يأخذ بالنفس.

ص: 1017

2614 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

{وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} . قَالَتْ: أُنْزِلَتْ فِي وَالِي الْيَتِيمِ: أن يصيب من ماله إذا كان محتاجا، بقدر ماله بالمعروف.

[ر: 2098]

ص: 1017

(ظلما) بغير حق. (نارا) ما يؤول بهم إلى النار. (سيصلون) يدخلون. (سعيرا) نارا شديدة يحترقون فيها.

ص: 1017

2615 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: (الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ

⦗ص: 1018⦘

الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ).

[5431، 6465]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها، رقم:89. (اجتنبوا) ابتعدوا. (الموبقات) المهلكات. (السحر) هو في اللغة: عبارة عما لطف وخفي سببه، وبمعنى صرف الشيء عن وجهه، ويستعمل بمعنى الخداع. والمراد هنا: ما يفعله المشعوذون من تخييلات وتمويه، تأخذ أبصار المشاهدين، وتوهمهم الإتيان بحقيقة أو تغييرها. (بالحق) كالقتل قصاصا. (التولي يوم الزحف) الفرار عن القتال يوم ملاقاة الكفار، والزحف في الأصل الجماعة الذين يزحفون إلى العدو، أي يمشون إليهم بمشقة، مأخوذ من زحف الصبي إذا مشى على مقعدته. (قذف) هو الاتهام والرمي بالزنا. (المحصنات) جمع محصنة، وهي العفيفة التي حفظت فرجها، وصانها الله من الزنا. (الغافلات) البريئات اللواتي لا يفطن إلى

ما رمين به من الفجور.

ص: 1017

‌25 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} /البقرة: 220/. لأَعْنَتَكُمْ: لَأَحْرَجَكُمْ وَضَيَّقَ. {وَعَنَتِ} /طه: 111/: خَضَعَتْ.

وَقَالَ لَنَا سُلَيْمَانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَا رَدَّ ابْنُ عُمَرَ

عَلَى أَحَدٍ وَصِيَّةً.

وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ: أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ أَنْ يَجْتَمِعَ إِلَيْهِ نُصَحَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ، فَيَنْظُرُوا الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُ.

وَكَانَ طَاوُسٌ: إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْيَتَامَى قَرَأَ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} . وَقَالَ عَطَاءٌ فِي يَتَامَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ: يُنْفِقُ الْوَلِيُّ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ بِقَدْرِهِ مِنْ حِصَّتِهِ.

(عن اليتامى) عن كفية معاملتهم والتصرف في مالهم. (إصلاح لهم) بتنمية أموالهم والقيام عليهم. (تخالطوهم) أي في الطعام والشراب والنفقة. (فإخوانكم) في الدين، ومن شأن الأخ أن يخالط أخاه، فلا حرج عليكم في ذلك. (الصغير والكبير) أي الوضيع والشريف. (بقدره) أي بالقدر اللائق به.

ص: 1018

‌26 - بَاب: اسْتِخْدَامِ الْيَتِيمِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، إِذَا كَانَ صَلَاحًا لَهُ، وَنَظَرِ الْأُمِّ وَزَوْجِهَا لِلْيَتِيمِ.

ص: 1018

2616 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ، قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا.

[6513]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، رقم:2309. (كيس) عاقل ومتزن، وهو ضد الأحمق.

ص: 1018

‌27 - بَاب: إِذَا وَقَفَ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْحُدُودَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ.

ص: 1019

2617 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} . قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} . وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ:(بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، أَوْ رَايِحٌ - شَكَّ ابْنُ مَسْلَمَةَ - وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ). قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَفِي بَنِي عَمِّهِ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ:(رَايِحٌ).

[ر: 1392]

ص: 1019

2618 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُمَّهُ تُوُفِّيَتْ، أَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ:(نَعَمْ). قَالَ: فَإِنَّ لِي مِخْرَافًا، وَأُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا.

[ر: 2605]

ص: 1019

‌28 - بَاب: إِذَا أَوْقَفَ جَمَاعَةٌ أَرْضًا مُشَاعًا فَهُوَ جَائِزٌ.

ص: 1019

2619 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:(يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا). قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ.

[ر: 418]

ص: 1019

‌29 - بَاب: الْوَقْفِ كَيْفَ يُكْتَبُ.

ص: 1019

2620 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ،

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: (إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا

⦗ص: 1020⦘

وَتَصَدَّقْتَ بِهَا). فَتَصَدَّقَ عُمَرُ: أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ، فِي الْفُقَرَاءِ، وَالْقُرْبَى، وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالضَّيْفِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ.

[ر: 2586]

ص: 1019

‌30 - بَاب: الْوَقْفِ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالضَّيْفِ.

ص: 1020

2621 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ:

أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه وَجَدَ مَالًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، قَالَ:(إِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْتَ بِهَا). فَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَذِي الْقُرْبَى، وَالضَّيْفِ.

[ر: 2586]

ص: 1020

‌31 - بَاب: وَقْفِ الْأَرْضِ لِلْمَسْجِدِ.

ص: 1020

2622 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه:

لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَمَرَ بالْمَسْجِدِ، وَقَالَ:(يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا). قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ.

[ر: 418]

ص: 1020

‌32 - بَاب: وَقْفِ الدَّوَابِّ وَالْكُرَاعِ وَالْعُرُوضِ وَالصَّامِتِ.

قال الزُّهْرِيُّ: فِيمَنْ جَعَلَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدَفَعَهَا إِلَى غُلَامٍ لَهُ تَاجِرٍ يَتْجِرُ بِهَا، وَجَعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ وَالْأَقْرَبِينَ، هَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ رِبْحِ ذَلِكَ الْأَلْفِ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً فِي الْمَسَاكِينِ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا.

(الكراع) الخيل المرصدة للجهاد. (العروض) الأمتعة. (الصامت) ضد الناطق، والمراد النقد في المال.

ص: 1020

2623 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَعْطَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا رَجُلًا، فَأُخْبِرَ عُمَرُ أَنَّهُ قَدْ وَقَفَهَا يَبِيعُهَا، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبْتَاعَهَا، فَقَالَ: (لَا تَبْتَعْهَا، وَلَا تَرْجِعَنَّ

فِي صَدَقَتِكَ).

[ر: 1418]

ص: 1020

‌33 - بَاب: نَفَقَةِ الْقَيِّمِ لِلْوَقْفِ.

ص: 1020

2624 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ،

⦗ص: 1021⦘

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي ومؤونة عَامِلِي، فَهُوَ صَدَقَةٌ).

[2929، 6348]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا صدقة"، رقم:1760. (مؤونة عاملي) نفقة عمالي، من قيم على وقف أو أجير أو وكيل.

ص: 1020

2625 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَطَ فِي وَقْفِهِ: أَنْ يَأْكُلَ مَنْ وَلِيَهُ وَيُؤْكِلَ صَدِيقَهُ، غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالًا.

[ر: 2586]

ص: 1021

‌34 - بَاب: إِذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا، وَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَوْقَفَ أَنَسٌ دَارًا، فَكَانَ إِذَا قَدِمَهَا نَزَلَهَا.

وَتَصَدَّقَ الزُّبَيْرُ بِدُورِهِ، وَقَالَ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنِ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ.

وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ سُكْنَى لِذَوِي الْحَاجَةِ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ.

(واشترط .. ) أي اشترط الواقف أن ينتفع بالموقوف كما ينتفع غيره من المسلمين به، والدلاء جمع دلو، وهو وعاء يستخرج به الماء من البئر، والمعنى: أنه يأخذ بدلو كدلوهم ولا يتميز عنهم. (للمردودة) المطلقة. (تسكن) في الدور التي تصدق بها، أي أوقفها على بنيه والمطلقات من بناته، لا تباع ولا توهب.

ص: 1021

2626 -

وَقَالَ عَبْدَانُ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ:

أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه حِينَ حُوصِرَ، أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، وَلَا أَنْشُدُ إِلَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ). فَحَفَرْتُهَا، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَالَ:(مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ). فجهزته، قَالَ: فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ.

وَقَالَ عُمَرُ فِي وَقْفِهِ: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ.

[ر: 2586] وَقَدْ يَلِيهِ الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ، فَهُوَ وَاسِعٌ لِكُلٍّ.

(من حفر رومة) اشترى بئر رومة ووسعها وبنى حول فمها، فنسب حفرها إليه، وهذه البئر كانت ليهودي يبيع ماءها للمسلمين كل قربة بدرهم، فاشتراها عثمان رضي الله عنه وأوقفها للمسلمين على أن له أن يشرب منها كما يشربون. (جيش العسرة) جيش غزوة تبوك، وسمي جيش العسرة لأنها كانت زمن عسر ومشقة. (واسع لكل) أي قول عمر رضي الله عنه: من وليه، يتناول الواقف وغيره.

ص: 1021

‌35 - بَاب: إِذَا قَالَ الْوَاقِفُ: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ فَهُوَ جَائِزٌ.

ص: 1022

2627 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ). قَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ.

[ر: 418]

ص: 1022

‌36 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ. فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ. ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} /المائدة: 106 - 108/. عثر: ظهر. {أعثرنا} /الكهف: 21/: أظهرنا.

(شهادة بينكم) ليشهد بينكم. (حضر أحدكم الموت) حضرته أسبابه. (ذوا عدل) عادلان. (منكم) من المسلمين. (من غيركم) من غير المسلمين. (ضربتم في الأرض) سافرتم. (أصابتكم مصيبة الموت) نزلت فيكم أسبابه. (تحبسونهما) توقفونهما. (ارتبتم) شككتم أنهما خانا. (لا نشتري به) لا نعتاض بالقسم. (ثمنا) عوضا نأخذه من أعراض الدنيا. (ولو كان ذا قربى) ولو كان المشهود عليه قريبا منا فإننا لا نحابيه. (عثر) اطلع بعد حلفهما. (إثما) فعل ما يوجب الإثم من خيانة أو كذب في الشهادة. (يقومان مقامهما) في توجيه اليمين عليهما. (من الذين استحق عليهم) من الذين جني عليهم وهم أهل الميت وعشيرته. (الأوليان) أي هما الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما الذين يستحقون الوصية. (ذلك) الذي تقدم من بيان الحكم. (أدنى) أقرب أن يأتي الشهداء أو الأوصياء. (على وجهها) حقيقتها التي تحملوها عليها، من غير تحريف ولا خيانة. (ترد أيمان) تكرر أيمان بشهود آخرين، فيفتضحوا بظهور كذبهم.

ص: 1022

2628 -

وقَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ، فَمَاتَ السَّهْمِيُّ

⦗ص: 1023⦘

بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامًا مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا مِنْ ذَهَبٍ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وُجِدَ الْجَامُ بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: ابْتَعْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ، فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، فَحَلَفَا: لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ. قَالَ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} .

(تميم .. عدي) كانا نصرانيين عندما حدثت القصة المذكورة في الحديث، وتميم أسلم بعد ذلك رضي الله عنه، وأما عدي فلم يسلم. (جاما) كأسا. (مخوصا) منقوشا فيه خطوط دقيقة طويلة كالخوص، وهو ورق النخل. (أوليائه) من أولياء السهمي، والرجلان هما: عمرو بن العاص والآخر قيل: هو المطلب بن أبي وداعة رضي الله عنهما.

ص: 1022

‌37 - بَاب: قَضَاءِ الْوَصِيِّ دُيُونَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الْوَرَثَةِ.

ص: 1023

2629 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، أَوْ الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْهُ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ فِرَاسٍ قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنهما:

أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، فَلَمَّا حَضَرَ جِدَادُ النَّخْلِ، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ، قَالَ:(اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَتِهِ). فَفَعَلْتُ، ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ أُغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(ادْعُ أَصْحَابَكَ). فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي، وَأَنَا وَاللَّهِ رَاضٍ أَنْ يُؤَدِّيَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي، وَلَا أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِي بِتَمْرَةٍ، فَسَلِمَ وَاللَّهِ الْبَيَادِرُ كُلُّهَا، حَتَّى أَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّه لَمْ يَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً.

قال أبو عبد الله: أغروا بي: يعني هيجوا بي. {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء} .

[ر: 2020]

(فبيدر) اجعل كل صنف في بيدر يخصه، والبيدر المكان الذي يجعل فيه التمر المقطوع، والذي يداس فيه الزرع. (أغروا بي) لجوا في مطالبتي وألحوا. (فأغرينا بينهم .. ) أثرنا وألقينا حتى أصبحت كأنها لازقة بهم، والمراد: النصارى المصرح بهم في أول الآية بقوله تعالى: {ومن الذين قالوا إنا نصارى} /المائدة: 14/.

ص: 1023

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 1025

‌60 - كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ

ص: 1025

‌1 - بَاب: فَضْلِ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ والقرآن وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ - إِلَى قَوْلِهِ - وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} /التوبة: 111، 112/.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحُدُودُ الطَّاعَةُ.

(إلى قوله) وتتمتها: {وذلك الفوز العظيم. التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله} . (وعدا عليه حقا) وعد به سبحانه، وهو وعد ثابت متحقق لا محالة. (في التوراة والإنجيل والقرآن) أثبته في التوراة والإنجيل كما أثبته في القرآن. (فاستبشروا) افرحوا. (التائبون) التاركون للذنوب والفواحش. (السائحون) الصائمون، وقيل: هم المهاجرون في طلب العلم أو الدعوة إلى الله عز وجل. (الحافظون لحدود الله) العاملون بالأحكام التي أمر الله تعالى بها.

ص: 1025

2630 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ الْعَيْزَارِ: ذَكَرَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه:

سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:(الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا). قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ). قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ). فَسَكَتُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي.

[ر: 504]

ص: 1025

2631 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا).

[ر: 1510]

(لا هجرة) من مكة، أو غيرها من البلدان التي يستطيع فيها إقامة شعائر الدين. (الفتح) فتح مكة.

ص: 1025

2632 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ:(لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ).

[ر: 1448]

ص: 1026

2633 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَصِينٍ: أَنَّ ذَكْوَانَ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه حَدَّثَهُ قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ، قَالَ:(لَا أَجِدُهُ). قَالَ: (هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ، فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ). قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ، فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ.

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الشهادة في سبيل الله تعالى، رقم:1878. (لا أجده) لا أجد عملا يعدل الجهاد. (تفتر) تنقطع. والمعنى: أن المجاهد في عبادة ما دام في خروجه، فلا يقابله إلا من استمر في العبادة من صيام أو قيام أو غير ذلك. (ليستن) يمرح بنشاط، من الاستنان وهو العدو. (طوله) حبله الذي يشد به من طرف ويمسك طرفه الآخر، ثم يرسل في المرعى. (فيكتب له حسنات) يكتب مرحه ورعيه حسنات لصاحبه.

ص: 1026

2 -

بَاب: أَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} /الصف: 10 - 12/.

(تجارة) هي في الأصل تبادل الأموال بقصد الربح، وسمي ما ذكر تجارة لما فيه من الربح العظيم في الدنيا والآخرة. (تنجيكم) تخلصكم. (طيبة) تستريح فيها النفوس وتطمئن بسكناها القلوب وتستلذ ببهجتها الحواس.

ص: 1026

2634 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه حَدَّثَهُ قَالَ:

قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ). قَالُوا: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:

⦗ص: 1027⦘

(مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ، يَتَّقِي اللَّهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ).

[6129]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الجهاد والرباط، رقم 1888. (شعب) هو انفراج بين جبلين، والمراد العزلة والانفراد عن الناس.

ص: 1026

2635 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ: أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ).

[ر: 36]

(أعلم بمن يجاهد في سبيله) الله أعلم بنيته إن كانت خالصة لإعلاء كلمته. (كمثل الصائم القائم) من حيث الأجر والمنزلة، لأنه مثله في حبس نفسه عن شهواتها. (توكل) ضمن وتكفل، على وجه التفضل منه سبحانه. (مع أجر) وحده إذا لم توجد غنيمة. (أو غنيمة) إن وجدت، مع تحقيق الأجر.

ص: 1027

‌3 - بَاب: الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.

وَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي بَلَدِ رَسُولِكَ.

[ر: 1791]

ص: 1027

2636 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَطْعَمَتْهُ، وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي، عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ، أَوْ: مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ). شَكَّ إِسْحَاقُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي، عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ). كَمَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ

⦗ص: 1028⦘

اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ:(أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ). فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ، فَهَلَكَتْ.

[2646، 2722، 2737، 2766، 5926، 6600]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الغزو في البحر، رقم:1912. (تحت عبادة) زوجته. (تفلي رأسه) تفتش عن القمل فيه وتلقيه منه، وكانت أم حرام رضي الله عنه محرما منه صلى الله عليه وسلم، فقد قيل: إن أختها أم سليم كانت أخت أمه من الرضاعة، وقيل غير ذلك، وعلى كل فقد كان ذلك قبل أن يفرض الحجاب، وهي خالة خادمه أنس رضي الله عنه، وكانت العادة تقتضي المخالطة بين المخدوم وأهل الخادم. (ثبج هذا البحر) وسطه وظهره. (الأسرة) جمع سرير، وهو يجلس عليه الملوك وأمثالهم، والمعنى. أنهم لا يبالون في ركوبهم البحر في سبيل الله تعالى بشيء، وفيه إشارة إلى منازلهم في الجنة، وأنهم على سرر متقابلين. (الأولين) الذين يركبون البحر في سبيل الله تعالى قبل غيرهم، ويستشهدون في هذا. (في

زمن معاوية) أي في ولايته وخلافة عثمان رضي الله عنهما. (فصرعت) فسقطت. (فهلكت) فماتت.

ص: 1027

‌4 - بَاب: دَرَجَاتِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. يُقَالُ: هَذِهِ سَبِيلِي وَهَذَا سَبِيلِي.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: {غزى} /آل عمران: 156/: وَاحِدُهَا غَازٍ. {هُمْ دَرَجَاتٌ} /آل عمران: 163/: لَهُمْ دَرَجَاتٌ.

ص: 1028

2637 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا). فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ - أُرَاهُ - فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ،

وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ).

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ:(وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ).

[6987]

(الفردوس) هو البستان الذي يجمع ما في البساتين كلها، من شجر وزهر ونبات. (أوسط الجنة) أفضلها وخيرها. (أراه) أظنه، وهذا من كلام يحيى بن صالح شيخ البخاري، أي أظنه قال:(فوقه .. )(تفجر) تنشق.

ص: 1028

2638 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ،

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ، فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، قَالَا: أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ).

[ر: 809]

ص: 1028

‌5 - بَاب: الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَابِ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ.

ص: 1028

2639 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

⦗ص: 1029⦘

رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا).

[2643]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الغدوة والروحة في سبيل الله تعالى، رقم:1880. (لغدوة) زمن ما بين طلوع الشمس إلى الزوال. (روحة) زمن ما بين الزوال إلى الليل، والمعنى: قضاء مثل هذا الوقت في سبيل الله أكثر ثوابا من التصدق بالدنيا وما فيها، أو خير لمن فعل ذلك مما لو ملك الدنيا وما فيها.

ص: 1028

2640 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَقَابُ قَوْسٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ. وَقَالَ: لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ).

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، رقم:1882. (لقاب قوس) قدر طولها، أو ما بين الوتر والقوس. والمعنى: فضل استعماله في سبيل الله تعالى، يجازى عليه منزلة في الجنة، وهي خير من الدنيا وما فيها.

ص: 1029

2641 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الرَّوْحَةُ وَالْغَدْوَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا).

[2735، 3078، 6052]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، رقم: 1881

ص: 1029

‌6 - بَاب: الْحُورِ الْعِينِ. وَصِفَتِهِنَّ يُحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ، شَدِيدَةُ سَوَادِ الْعَيْنِ، شَدِيدَةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ.

{وَزَوَّجْنَاهُمْ} /الدخان: 54/: أَنْكَحْنَاهُمْ.

ص: 1029

2642 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ، لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِلَّا الشَّهِيدَ، لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى).

[2662]

(له عند الله خير) ثواب مدخر على عمل صالح عمله في الدنيا.

ص: 1029

2643 -

قال: وَسَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ غَدْوَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ - يَعْنِي

⦗ص: 1030⦘

سَوْطَهُ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا).

[ر: 2639]

(موضع قيد) مقدار قيد، وهو السوط المتخذ من الجلد الذي لم يدبغ. (ما بينهما) ما بين السماء والأرض. (ريحا) عطرا. (لنصيفها) خمارها، وهو ما يغطى به الرأس.

ص: 1029

‌7 - بَاب: تَمَنِّي الشَّهَادَةِ.

ص: 1030

2644 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ).

[2810، 6799، 6800، وانظر: 36]

(لا تطيب نفوسهم) يسيئهم. (أن يتخلفوا عني) لا يخرجوا معي ويقعدوا خلافي في المدينة، لعدم توفر النفقة لديهم أو السلاح أو العتاد. (ما أحملهم عليه) من مركب وغيره. (سرية) قطعة من الجيش. (لوددت) أحببت ورغبت.

ص: 1030

2645 -

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الصَّفَّارُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا

خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ، وَقَالَ مَا يَسُرُّنَا أَنَّهُمْ عِنْدَنَا). قَالَ أَيُّوبُ: أَوْ قَالَ: (مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا). وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.

[ر: 1189]

ص: 1030

‌8 - بَاب: فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَهُوَ مِنْهُمْ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} /النساء: 100/. وَقَعَ: وَجَبَ.

(يدركه الموت) في الطريق. (وقع) ثبت ثوابه.

ص: 1030

2646 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ قَالَتْ:

نَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ، فَقُلْتُ: مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: (أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا

⦗ص: 1031⦘

عَلَيَّ، يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْرَ الْأَخْضَرَ، كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ). قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ، فَفَعَلَ مِثْلَهَا، فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا، فَقَالَتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ:(أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ). فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا، أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشَّأْمَ، فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ.

[ر: 2636]

(قافلين) راجعين من غزوهم.

ص: 1030

‌9 - بَاب: مَنْ يُنْكَبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

ص: 1031

2647 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرُ الْحَوْضِيُّ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَقْوَامًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى بَنِي عَامِرٍ فِي سَبْعِينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا: قَالَ لَهُمْ خَالِي: أَتَقَدَّمُكُمْ، فَإِنْ أَمَّنُونِي حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَإِلَّا كُنْتُمْ مِنِّي قَرِيبًا، فَتَقَدَّمَ فَأَمَّنُوهُ، فَبَيْنَمَا يُحَدِّثُهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أومؤوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا رَجُلًا أَعْرَجَ صَعِدَ الْجَبَلَ - قَالَ هَمَّامٌ: فَأُرَاهُ آخَرَ مَعَهُ - فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ عليه السلام النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُمْ قَدْ لَقُوا رَبَّهُمْ، فَرَضِيَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ، فَكُنَّا نَقْرَأُ: أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا، أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ،

وَبَنِي لَحْيَانَ، وَبَنِي عُصَيَّةَ، الَّذِينَ عَصَوْا اللَّهَ تعالى وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم.

[2659، 2899، 3860 - 3865، 3868 - 3870، وانظر: 957]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد، رقم:766. (بني سليم) الصحيح أنهم مبعوث إليهم والمبعوثون هم رجال من الأنصار، كانوا يتعلمون القرآن ويأخذون العلم، ويكونون قوة للمسلمين إذا نزلت فيهم نازلة أو دعا داعي الجهاد، بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجد يدعونهم إلى الإسلام، فلما نزلوا بئر معونة قصدهم عامر بن الطفيل ومعه أحياء من بني سليم، وهم رعل وذكوان وبنو لحيان وعصية، فقتلوهم. (أومؤوا) أشاروا. (فأنفذه) أصابه بجراحة نفذت من جوفه إلى الجانب الآخر من بدنه. (فزت) ربحت. (نقرأ) أي نزل المذكور قرآنا في حقهم ثم نسخت تلاوته. (أربعين صباحا) في قنوت صلاة الفجر.

ص: 1031

2648 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ

⦗ص: 1032⦘

جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَعْضِ الْمَشَاهِدِ، وَقَدْ دَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَالَ:(هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ).

[5794]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين، رقم:1796. (المشاهد) المغازي. (دميت) جرحت وظهر منها الدم.

ص: 1031

‌10 - بَاب: مَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل.

ص: 1032

2649 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ).

[ر: 235]

ص: 1032

‌11 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تعالى: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} /التوبة: 52/. وَالْحَرْبُ سِجَالٌ.

(تربصون بنا) تنتظرون أن يقع فينا. (الحسنيين) الظفر أو الشهادة.

ص: 1032

2650 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ: سَأَلْتُكَ كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ، فَزَعَمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ وَدُوَلٌ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى، ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ.

[ر: 7]

(دول) تتداولون الظفر، مرة يكون لكم ومرة يكون له. (تبتلى) تختبر. (العاقبة) آخر الأمر.

ص: 1032

(قضى نحبه) أجله، فمات على الوفاء أو قتل في سبيل الله. (ينتظر) أجله، وهو على العهد. (تبديلا) في عهدهم وحالهم.

ص: 1032

2651 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسًا. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ: حَدَّثَنَا زِيَادٌ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ، لَئِنْ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ. فَلَمَّا كَانَ

⦗ص: 1033⦘

يَوْمُ أُحُدٍ، وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ، يَعْنِي أَصْحَابَهُ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ، يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ. ثُمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ الْجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ، إِنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ، قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ، قَالَ أَنَسٌ: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ: ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلَّا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُرَى، أَوْ نَظُنُّ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَشْبَاهِهِ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

وَقَالَ: إِنَّ أُخْتَهُ، وَهِيَ تُسَمَّى الرُّبَيِّعَ، كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ امْرَأَةٍ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَرَضُوا بِالْأَرْشِ وَتَرَكُوا الْقِصَاصَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ).

[3822، 4505، وانظر: 2556]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد، رقم:1903. (انكشف المسلمون) انهزموا. (الجنة) أريد الجنة وهي مطلوبي. (أجد) أشم. (من دون أحد) عند أحد، ويحتمل أنه وجد ريحها حقيقة كرامة له، ويحتمل أنه أراد أن الجنة تكتسب في هذا الموضع فاشتاق لها. (بضعا) من الثلاث إلى تسع. (ببنانه) أصابعه، أو أطراف أصابعه. (بالقصاص) هو كسر سنها، مماثلة بين الجناية والعقوبة. (لأبره) لأبر قسمه، وحقق مراده.

ص: 1032

2652 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ - أُرَاهُ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ:

نَسَخْتُ الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، فَفَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ، كُنْتُ أَسْمَع رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} .

[3823، 4506، وانظر: 4402، 4702]

(الصحف) جمع صحيفة، وهي قطعة من ورق أو غيره، كتبت عليها بعض آيات القرآن أو سوره. (المصاحف) جمع مصحف، وهو الكراسة أو مجمع الصحف. (فقدت آية) أي لم أجدها مكتوبة في الصحف. (شهادة رجلين) أي قبلها بدل شهادة رجلين. قال العيني: وسبب كون شهادته بشهادتين أنه صلى الله عليه وسلم كلم رجلا في شيء فأنكره، فقال خزيمة: أنا أشهد، فقال صلى الله عليه وسلم:(أتشهد ولم تستشهد). فقال: نحن نصدقك على خبر السماء، فكيف بهذا؟ فأمضى شهادته وجعلها بشهادتين، وقال له:(لا تعد). وهذا من خصائصه رضي الله عنه.

ص: 1033

(إنما .. ) أي تقاتلون وأنتم متلبسون بأعمالكم، فإن كانت صالحة كافأكم الله تعالى عليها بالنصر. (كبر) عظم. (مقتا) بغضا شديدا. (صفا) صافين أنفسهم. (مرصوص) ثابت من غير فرجة بين لبناته.

ص: 1034

2653 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه يَقُولُ:

أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُ وَأُسْلِمُ؟ قَالَ:(أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ). فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا).

(رجل) هو الأصرم: عمرو بن ثابت الأشهلي رضي الله عنه. (مقنع) وجهه مغطى.

ص: 1034

‌14 - بَاب: مَنْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ.

ص: 1034

2654 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:

أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ، وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ - وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ - فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ؟ قَالَ:(يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى).

[3761، 6184، 6199]

(تحدثني) تخبرني. (غرب) لا يدري من رمى به. (اجتهدت) بذلت وسعي وطاقتي. (أصاب) كان نصيبه. (الفردوس الأعلى) أفضل مكان في الجنة، والفرودس هو البستان الذي يجمع ما في البساتين من شجر وزهر ونبات.

ص: 1034

‌15 - بَاب: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا.

ص: 1034

2655 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ

⦗ص: 1035⦘

يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ:(مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

[ر: 123]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا .. ، رقم:1904. (رجل) قيل: هو لاحق بن ضميرة الباهلي رضي الله عنه. (للمغنم) أي من أجل الغنيمة. (للذكر) الشهرة بين الناس. (ليرى مكانه) مرتبته في الشجاعة.

ص: 1034

وتتمة الآية: {ومن حولهم الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح} . (يتخلفوا) يتركوا الخروج معه إلى الجهاد. (يرغبوا بأنفسهم) يصونوها عن الشدائد التي رضيها لنفسه. (ظمأ) عطش. (نصب) تعب. (مخمصة) جوع. (يطؤون موطئا) ينزلون منزلا. (يغيظ الكفار) يرهب عدوهم. (نيلا) ظفرا ونصرا، أو قتلا له أو أسرا أو غنيمة.

ص: 1035

2656 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا عَبَايَةُ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْسٍ، هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبْرٍ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ).

[ر: 865]

ص: 1035

‌17 - بَاب: مَسْحِ الْغُبَارِ عَنِ الناس في السبيل.

ص: 1035

2657 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ وَلِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:

ائْتِيَا أَبَا سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ، فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ وَأَخُوهُ فِي حَائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِهِ، فَلَمَّا رَآنَا جَاءَ فَاحْتَبَى وَجَلَسَ، فَقَالَ: كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ الْمَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فمر بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الْغُبَارَ، وَقَالَ:(وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ).

[ر: 436]

ص: 1035

18 -

بَاب: الْغَسْلِ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْغُبَارِ.

ص: 1035

2658 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَوَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ

⦗ص: 1036⦘

جِبْرِيلُ وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ، فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلَاحَ، فَوَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(فَأَيْنَ). قَالَ: هَا هُنَا، وَأَوْمَأَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَتْ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[3891]

(عصب رأسه الغبار) ركبه وعلق به كالعصابة. (فأين) أي فأين أخرج. (أومأ) أشار.

ص: 1035

‌19 - بَاب: فَضْلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أن لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} /آل عمران: 169 - 171/.

(فضل .. ) أي فضل من نزلت فيهم هذه الآية. (أمواتا) أي ليس حالهم كحال من يموت موتا عاديا. (أحياء) أرواحهم في حواصل طيور خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت. (يرزقون) يأكلون من ثمار الجنة. (فرحين) مسرورين. (آتاهم) أعطاهم. (فضله) رزقه. (يستبشرون) يفرحون ويرجون لهم الشهادة.

ص: 1036

2659 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ ثَلَاثِينَ غَدَاةً، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

قَالَ أَنَسٌ: أُنْزِلَ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنٌ قَرَأْنَاهُ، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ: بَلِّغُوا قَوْمَنَا، أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ.

[ر: 2647]

(أصحاب بئر معونة) الذين قتلوا يوم بئر معونة سنة أربع للهجرة، ومعونة موضع من جهة نجد. (غداة) صباحا، والمراد في صلاة الفجر، والغداة الضحوة.

ص: 1036

2660 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ:

اصْطَبَحَ نَاسٌ الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ قُتِلُوا شُهَدَاءَ، فَقِيلَ لِسُفْيَانَ: مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ؟ قَالَ: لَيْسَ هَذَا فِيهِ.

[3818، 4342]

(اصطبح) شربوا الخمر صبوحا، والصبوح الشرب بالغداة، وهو خلاف الغبوق فإنه شرب المساء. (ليس هذا فيه) أي ليس هذا اللفظ مرويا في الحديث.

ص: 1036

‌20 - بَاب: ظِلِّ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الشَّهِيدِ.

ص: 1036

2661 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ:

جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ

⦗ص: 1037⦘

عَنْ وَجْهِهِ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقِيلَ: ابْنَةُ عَمْرٍو، أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو، فَقَالَ:(لِمَ تَبْكِي - أَوْ: لَا تَبْكِي - مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا). قُلْتُ لِصَدَقَةَ: أَفِيهِ: (حَتَّى رُفِعَ). قَالَ: رُبَّمَا قَالَهُ.

[ر: 1187]

ص: 1036

‌21 - بَاب: تَمَنِّي الْمُجَاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا.

ص: 1037

2662 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ).

[ر: 2642]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل الشهادة في سبيل الله تعالى، رقم:1877. (ما على الأرض من شيء) الدنيا وما فيها. (لما يرى من الكرامة) لأجل ما يراه من فضل الشهادة.

ص: 1037

‌22 - بَاب: الْجَنَّةُ تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم، عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا:(مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ).

[ر: 2989]

وَقَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: (بَلَى).

[ر: 3011]

(بارقة السيوف) أي لمعانها، والمراد أن الجهاد طريق الجنة.

ص: 1037

2663 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ كَاتِبَهُ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ).

تَابَعَهُ الْأُوَيْسِيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.

[2678، 2804، 2861، 2862، 6810، وانظر: 2775]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: كراهة تمني لقاء العدو، رقم:1742. (تحت ظلال السيوف) ظلال جمع ظل، وهو بمعنى بارقة السيوف، لأن السيوف لما كانت لها بارقة شعاع كان لها ظل تحتها، فإذا دنا الخصم من المقاتل فقتله، صار تحت ظل سيفه. والمعنى: أن الضرب بالسيوف في سبيل الله تعالى هو السبب الموصل إلى الجنة.

ص: 1037

‌23 - بَاب: مَنْ طَلَبَ الْوَلَدَ لِلْجِهَادِ.

ص: 1038

2664 -

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليهما السلام: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ، أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، كُلُّهُنَّ يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ).

[ر: 3242]

ص: 1038

‌24 - بَاب: الشَّجَاعَةِ فِي الْحَرْبِ وَالْجُبْنِ.

ص: 1038

2665 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَقَهُمْ عَلَى فَرَسٍ، وَقَالَ:(وَجَدْنَاهُ بَحْرًا).

[ر: 2484]

ص: 1038

2666 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ:

أَنَّهُ بَيْنَمَا يَسِيرُ هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ النَّاسُ، مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ، فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ، حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(أَعْطُونِي رِدَائِي، لَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا كَذُوبًا، وَلَا جَبَانًا).

[2979]

(مقفله) مرجعه من حنين، سنة ثمان للهجرة، وحنين واد بين مكة والطائف. (فعلقه الناس) تعلقوا به. (اضطروه) ألجؤوه. (سمرة) شجرة طويلة، قليلة الظل، صغيرة الورق، قصيرة الشوك. (فخطفت رداءه) الظاهر أن رداءه علق بشوك الشجرة فزال عن بدنه صلى الله عليه وسلم. (العضاه) كل شجر عظيم له شوك. (نعما) إبلا، وقيل: هي الإبل والبقر والغنم.

ص: 1038

‌25 - بَاب: مَا يُتَعَوَّذُ مِنَ الْجُبْنِ.

ص: 1038

2667 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيَّ قَالَ:

كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ، وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي

⦗ص: 1039⦘

أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ). فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا فَصَدَّقَهُ.

[6004، 6009، 6013، 6027]

(سعد) هو ابن أبي وقاص رضي الله عنه. (الكلمات) الجمل التي سيذكرها عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. (الغلمان) جمع غلام، وهو من كان عمره تسع سنوات فما دون. (منهن) أي من الأشياء المذكورة في هذه الكلمات. (دبر) عقب. (أرد) أعود. (أرذل العمر) حالة الهرم والضعف عن أداء الفرائض وخدمة النفس، وهو الخرف. (فتنة الدنيا) هي أن يستبدل ثواب الآخرة بما يتعجله في الدنيا من جاه أو مال. (فحدثت به مصعبا) قائل هذا عبد الملك بن عمير، ومصعب هو ابن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. (فصدقه) أخبر أنه صدق، ووافق عليه.

ص: 1038

2668 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ).

[4430، 6006، 6008، 6010]

أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب: التعوذ من العجز والكسل وغيره، رقم:2706. (الهرم) كبر السن الذي يؤدي إلى ضعف القوى والأعضاء. (فتنة المحيا والممات) الاشتغال بزخرف الدنيا عن الآخرة، وفتنة الممات سوء الخاتمة عند الموت.

ص: 1039

‌26 - بَاب: مَنْ حَدَّثَ بِمَشَاهِدِهِ فِي الْحَرْبِ.

قَالَهُ أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَعْدٍ.

[ر: 3517، 4071]

ص: 1039

2669 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:

صَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وسَعْدًا، والْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ، وعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رضي الله عنهم، فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ طَلْحَةَ يُحَدِّثُ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ.

[3835]

(أحدا منهم) أي من هؤلاء الصحابة المذكورين، والمراد أنهم يقللون التحديث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خشية الزيادة أوالنقصان. (يحدث عن يوم أحد) عن مشاهده يوم غزوة أحد، ليقتدي الناس بثباته وفدائه لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 1039

‌27 - بَاب: وُجُوبِ النَّفِيرِ، وَمَا يَجِبُ مِنَ الْجِهَادِ وَالنِّيَّةِ.

وَقَوْلِه: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ

⦗ص: 1040⦘

بِاللَّهِ}. الْآيَةَ /التوبة: 41/ 42/.

وَقَوْلِهِ: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ - إِلَى قَوْلِهِ - عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} /التوبة: 38، 39/.

يُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {انْفِرُوا ثُبَاتٍ} /النساء: 71/: سَرَايَا مُتَفَرِّقِينَ. يُقَالُ: أَحَدُ الثُّبَاتِ ثُبَةٌ.

(انفروا) اجرجوا للجهاد إذا دعيتم. (خفافا وثقالا) أغنياء وفقراء، وقيل غير ذلك، والمعنى: اخرجوا في جميع الأحوال، حسب طاقتكم وغاية جهدكم. (عرضاً) غنيمة ونحوها. (قاصدا سهلاً قريبا ومتوسطا. (الشقة) السفر وطول المسافة. (الآية) وتتمتها:{لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم أنهم لكاذبون} . (يهلكون أنفسهم) يوقعونها في الهلاك بحلفهم الكاذب. (أثاقلتم) تباطأتم وتكاسلتم، وملتم إلى المقام وترك الجهاد. (من الآخرة) بدل الآخرة. (إلى قوله) وتتمتها:{فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل. إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا} . (يستبدل قوما غيركم) ينصرون نبيه، ويقيمون دينه، ويصونون شريعته. (ثبات) جمع ثبة وهي الجماعة.

ص: 1039

2670 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: (لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا).

[ر: 1510]

ص: 1040

‌28 - بَاب: الْكَافِرِ يَقْتُلُ الْمُسْلِمَ، ثُمَّ يُسْلِمُ، فَيُسَدِّدُ بَعْدُ وَيُقْتَلُ.

ص: 1040

2671 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ، يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ: يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ، فَيُسْتَشْهَدُ).

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، رقم: 1890، (يضحك الله) كناية عن الرضا والقبول وإجزال العطاء، وهو مثل ضربه لهذا الصنيع، الذي هو مكان التعجب عند البشر، أو: هو ضحك يليق به سبحانه وتعالى، وليس كضحك البشر. (يتوب الله على القاتل) بدخوله في الإسلام.

ص: 1040

2672 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحُوهَا،

⦗ص: 1041⦘

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْهِمْ لِي، فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: لَا تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ، فَقَالَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: وَاعَجَبًا لِوَبْرٍ، تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ، يَنْعَى عَلَيَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيَّ، وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ. قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَسْهَمَ لَهُ أَمْ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ.

قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِيهِ السَّعِيدِيُّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: السَّعِيدِيُّ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.

[3996، 3997]

(أسهم لي) اجعل لي نصيبا في جملة المفتتحين. (بعض بني سعيد) هو أبان بن سعيد. (ابن قوقل) هو النعمان بن مالك بن ثعلبة، ولقب ثعلبة قوقل. (لوبر) دويبة غبراء على قدر السنور، من دواب الجبال، وقال ذلك له احتقارا وتصغيرا لشأنه. (تدلى علينا) انحدر ونزل من مكان عال. (قدوم الضأن) القادمين منها، وضأن اسم موضع. (ينعى علي) يعيب علي. (قتل رجل) أني قتلت رجلا. (أكرمه الله على يدي) صار شهيدا بواسطتي لأني لم أكن مسلما حينئذ. (قال سفيان) هو ابن عيينة أو غيره من الرواة.

ص: 1040

‌29 - بَاب: مَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ عَلَى الصَّوْمِ.

ص: 1041

2673 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ أَبُو طَلْحَةَ لَا يَصُومُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ الْغَزْوِ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ أَرَهُ مُفْطِرًا إِلَّا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى.

(لا يصوم) تطوعا، ليقوى على الجهاد، وقد كان فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه.

ص: 1041

‌30 - بَاب: الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ.

ص: 1041

2674 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

[ر: 624]

(المطعون) الذي مات بالطاعون أو غيره من الأوبئة. (المبطون الذي مات بسبب علة في بطنه. (الغرق) الذي غلبه الماء فمات. (صاحب الهدم) الذي انهدم عليه بناء فمات.

ص: 1041

2675 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ).

[5400]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: بيان الشهداء، رقم: 1916

ص: 1041

2676 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه يَقُولُ:

لَمَّا نَزَلَتْ: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} . دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدًا، فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا، وَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ، فَنَزَلَتْ:{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} .

[4317، 4318، 4704]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: سقوط فرض الجهاد عن المعذورين، رقم:1898. (زيدا) هو ابن ثابت الأنصاري. (بكتف) عظم عريض، كانوا يكتبون عليه لقلة الورق. (ضرارته) ذهاب بصره.

ص: 1042

2677 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ قَالَ:

رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِت أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْلَى عَلَيْهِ: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمجاهدون في سبيل الله} . قَالَ: فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ، وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} .

[4316]

(يملها) يمليها، أي يقرؤها عليه ليكتبها. (ترض) من الرض وهو الدق والجرش. (سري عنه) كشف وأزيل ما يجده من ثقل الوحي.

ص: 1042

‌32 - بَاب: الصَّبْرِ عِنْدَ الْقِتَالِ.

ص: 1042

2678 -

حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ

⦗ص: 1043⦘

مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى كَتَبَ، فَقَرَأْتُهُ:

إِنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا).

[ر: 2663]

ص: 1042

‌33 - بَاب: التَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} /الأنفال: 65/.

(حرض) من التحريض، وهو الحث على الشيء.

ص: 1043

2679 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخَنْدَقِ، فَإِذَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالْجُوعِ، قَالَ:(اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَهْ. فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ). فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا

عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا

[2680، 2801، 3584، 3585، 3873، 3874، 6050، 6775]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهي الخندق، رقم:1805. (غداة) وقت الضحوة. (النصب) التعب. (العيش) المعتبر والباقي.

ص: 1043

‌34 - بَاب: حَفْرِ الْخَنْدَقِ.

ص: 1043

2680 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ يحَفْرِوُنَ الْخَنْدَقِ حول المدينة، وينقلون التراب على متونهم، ويقولون:

نحن الذين بايعوا محمدا

على الإسلام ما بقينا أبدا

والنبي صلى الله عليه وسلم يجيبهم، ويقول:(اللهم إنه لا خير إلا خير الآخره. فبارك في الأنصار والمهاجره).

[ر: 2679]

(متونهم) ظهورهم.

ص: 1043

2681 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُ وَيَقُولُ: (لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا).

ص: 1043

2682 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ

⦗ص: 1044⦘

اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:(لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِل السَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا، إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا).

[2870، 3878، 3880، 6246، 6809]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهي الخندق، رقم:1803. (وارى) ستر وأخفى. (السكينة) الطمأنينة والأمن. (لاقينا) الكفار. (الألى) الذين. (بغوا) ظلموا وتعدوا. (فتنة) شركا. (أبينا) امتنعنا.

ص: 1043

‌35 - بَاب: مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْغَزْوِ.

ص: 1044

2683 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ:

رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1044

2684 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزَاةٍ، فَقَالَ:(إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلَا وَادِيًا إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ).

وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ.

[4161]

(شعبا) طريقا في الجبل. (معنا فيه) بقلوبهم ونيتهم، فهم معنا في الأجر والثواب. (حبسهم) منعهم من الخروج. (العذر) من مرض أو عدم نفقة أو غير ذلك. (الأول) السند الأول الذي فيه حميد عن أنس.

ص: 1044

‌36 - بَاب: فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

ص: 1044

2685 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ: أَنَّهُمَا سَمِعَا النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: فضل الصيام في سبيل الله لمن لا يطيقه .. ، رقم:1153. (في سبيل الله) أي وهو في الجهاد، أو مخلصا لله تعالى فيه. (سبعين خريفا) مسافة سير سبعين سنة.

ص: 1044

37 -

بَاب: فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

ص: 1045

2686 -

حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ، كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ: أَيْ فُلُ هَلُمَّ). قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَاكَ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ).

[3044]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: من جمع الصدقة وأعمال البر، رقم:1027. (زوجين) شيءين من أي نوع ينفق. (أي فل) يا فلان. (هلم) تعال. (لا توى عليه) لا ضياع عليه ولا هلاك.

ص: 1045

2687 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ: حَدَّثَنَا هِلَالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:(إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ). ثُمَّ ذَكَرَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا، فَبَدَأَ بِإِحْدَاهُمَا وَثَنَّى بِالْأُخْرَى، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قُلْنَا: يُوحَى إِلَيْهِ، وَسَكَتَ النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رؤوسهم الطَّيْرَ، ثُمَّ إِنَّهُ مَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ الرُّحَضَاءَ، فَقَالَ:

(أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا، أَوَخَيْرٌ هُوَ - ثَلَاثًا - إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَإِنَّهُ كُلَّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ، إلا آكلة الخضر كُلَّمَا أَكَلَتْ، حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ فَهُوَ كَالْآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

[ر: 879]

(بركات الأرض) خيراتها. (زهرة الدنيا) متاعها وما فيها من نعم. (فبدأ بإحداهما) أي بدأ بذكر بركات الأرض. (ثنى بالأخرى) ذكر زهرة الدنيا بعد البركات. (أو يأتي الخير بالشر) أو تصير النعمة عقوبة. (كأن على رؤوسهم الطير) صار كل واحد منهم كمن على رأسه طائر يريد أخذه، فلا يتحرك كيلا يطير. (الرخصاء) العرق الذي سال منه عند نزول الوحي عليه. (أو خير هو) أي المال. (إن الخير) الحقيقي. (حبطا) هو انتفاخ في البطن من داء يصيب الآكل من كثرة الأكل. (يلم) يقرب أن يقتل. (آكلة الخضر) الدابة التي تأكل الخضر فقط. (فثطلت) ألقت بعرها رقيقا، أي مائعا.

ص: 1045

‌38 - بَاب: فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ خَلَفَهُ بِخَيْرٍ.

ص: 1045

2688 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى

⦗ص: 1046⦘

قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ رضي الله عنه:

أَن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا).

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: فضل إعانة الغازي في سبيل الله .. ، رقم:1895. (جهز غازيا) هيأ له ما يحتاجه في سفره وغزوه، والغزو الجهاد. (فقد غزا) كتب له أجر الغزو وإن لم يغز، لأنه ساعد عليه. (خلف غازيا) قام مقامه في قضاء حاجات أهله حال غيبته. (بخير) بإحسان وأمانة وإخلاص.

ص: 1045

2689 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ:(إِنِّي أَرْحَمُهَا، قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي).

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أم سليم أم أنس ابن مالك .. ، رقم:2455. (لم يدخل بيتا) أي يكثر الدخول إليه، وكانت خالة أمه من الرضاع. (فقيل له) فسئل عن سبب كثرة دخوله. (أرحمها) أرق لها وأعطف عليها. (أخوها) حرام بن ملحان، قتل يوم بئر معونة. (معي) مع عسكري نصرة للدين.

ص: 1046

‌39 - بَاب: التَّحَنُّطِ عِنْدَ الْقِتَالِ.

ص: 1046

2690 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَالَ: وَذَكَرَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ قَالَ:

أَتَى أَنَسٌ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، وَقَدْ حَسَرَ عَنْ فَخِذَيْهِ وَهُوَ يَتَحَنَّطُ، فَقَالَ: يَا عَمِّ، مَا يَحْبِسُكَ أَنْ لَا تَجِيءَ؟ قَالَ: الْآنَ يَا ابْنَ أَخِي، وَجَعَلَ يَتَحَنَّطُ، يَعْنِي مِنَ الْحَنُوطِ، ثُمَّ جَاءَ فَجَلَسَ، فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ انْكِشَافًا مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ: هَكَذَا عَنْ وُجُوهِنَا حَتَّى نُضَارِبَ الْقَوْمَ، مَا هَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ. رَوَاهُ حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ.

(حسر) كشف. (يتحنط) يستعمل الحنوط، وهو عطر مركب من أنواع الطيب، يطيب به الميت غالبا. (يحبسك) يؤخرك. (انكشافا) أي فذكر أنس في حديثه نوعا من الانهزام. (هكذا عن وجوهنا) افسحوا لنا. (نضارب القوم) نقاتلهم. (ما هكذا كنا نفعل) ما كان الصف ينصرف عن موضعه خلال القتال. (بئسما عودتم أقرانكم) نظراءكم في القوة، والمراد توبيخ المنهزمين على ما عودوا عليه نظراءهم من العدو أن يفروا من أمامهم، فيطمعوا فيهم.

ص: 1046

‌40 - بَاب: فَضْلِ الطَّلِيعَةِ.

ص: 1046

2691 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ

⦗ص: 1047⦘

عَنْهُ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ). يَوْمَ الْأَحْزَابِ، قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ:(مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ). قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ).

[2692، 2835، 3514، 3887، 6833]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير، رضي الله عنهما، رقم:2415. (القوم) المراد بنو قريظة من اليهود. (حواريا) خاصة من أصحابه، وخالصا من أنصاره.

ص: 1046

‌41 - بَاب: هَلْ يُبْعَثُ الطَّلِيعَةُ وَحْدَهُ.

ص: 1047

2692 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

نَدَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ - قَالَ صَدَقَةُ: أَظُنُّهُ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَ النَّاسَ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَ النَّاسَ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ).

[ر: 2691]

ص: 1047

‌42 - بَاب: سَفَرِ الِاثْنَيْنِ.

ص: 1047

2693 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ:

انْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَنَا، أَنَا وَصَاحِبٍ لِي:(أَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا).

[ر: 602]

ص: 1047

‌43 - بَاب: الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

ص: 1047

2694 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

[3444]

[أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، رقم: 1871. (معقود) ملازم لها، كأنه مربوط فيها. (نواصيها) جمع ناصية وهي الشعر المسترسل على الجبهة. (الخير) العاجل وهو الربح والغنيمة، والآجل وهو الثواب عند الله عز وجل].

ص: 1047

2695 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ وَابْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

قَالَ سُلَيْمَانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ. تَابَعَهُ مُسَدَّدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ.

[2697، 2951]

ص: 1047

2696 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الْبَرَكَةُ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ).

[3445]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، رقم:1874. (البركة) الزيادة والنماء والخير.

ص: 1048

‌44 - بَاب: الْجِهَادُ مَاضٍ مَعَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ.

لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

ص: 1048

2697 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ: حَدَّثَنَا عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ).

[ر: 2695]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، رقم:1873. (الأجر) الثواب في الآخرة. (المغنم) الغنيمة في الدنيا.

ص: 1048

‌45 - بَاب: مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} /الأنفال: 60/.

(رباط الخيل) اقتناؤها وحبسها للغزو عليها في سبيل الله تعالى.

ص: 1048

2698 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِيمَانًا بِاللَّهِ، وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

(احتبس) هيأ وأعد. (في سبيل الله) بنية الجهاد. (إيمانا بالله) امتثالا لأمره. (تصديقا بوعده) الذي وعد به من الثواب على ذلك. (ريه) ما يرويه من الماء. (روثه) فضلاته. (في ميزانه) أي يوضع ثواب هذه الأشياء في كفة حسناته.

ص: 1048

‌46 - بَاب: اسْمِ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ.

ص: 1048

2699 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَخَلَّفَ أَبُو قَتَادَةَ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَوْا حِمَارًا وَحْشِيًّا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ تَرَكُوهُ حَتَّى رَآهُ أَبُو قَتَادَةَ، فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ يُقَالُ لَهُ الْجَرَادَةُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا، فَتَنَاوَلَهُ فَحَمَلَ

⦗ص: 1049⦘

فَعَقَرَهُ، ثُمَّ أَكَلَ فَأَكَلُوا، فقدموا، فَلَمَّا أَدْرَكُوهُ قَالَ:(هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ). قَالَ: مَعَنَا رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَهَا.

[ر: 1725]

(أدركوه) أي أدركوا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1048

2700 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى: حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:

كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطِنَا فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ اللُّحَيْفُ.

قال أبو عبد الله: وقال بعضهم: اللخيف.

(حائطنا) هو البستان من النخل إذا كان له جدار. (اللحيف) ومعناه طويل الذنب.

ص: 1049

2701 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعَ يَحْيَى بْنَ آدَمَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، فَقَالَ:(يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ). قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:(فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ:(لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا).

[5622، 5912، 6135، 6938، وانظر: 128]

أخرج مسلم في الأيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، رقم:30. (ردف) راكبا خلفه. (عفير) من العفرة وهي حمرة يخالطها بياض. (من لا يشرك به شيئا) أي وقد عبده حق عبادته بالتزام أمره واجتناب نهيه. (فيتكلوا) فيعتمدوا على ذلك ولا يجتهدوا في الخير والطاعة.

ص: 1049

2702 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا لَنَا يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ، فَقَالَ:(مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا).

[ر: 2484]

ص: 1049

‌47 - بَاب: مَا يُذْكَرُ مِنْ شُؤْمِ الْفَرَسِ.

ص: 1049

2703 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْفَرَسِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ).

[ر: 1993]

(الشؤم) التشاؤم، والمعنى: إذا وجد التشاؤم فإنما يوجد في هذه الثلاثة. (الفرس) في جموحها ونفورها، أو عدم الغزو عليها. (المرأة) إذا كانت سليطة اللسان أو غير قانعة. (الدار) إذا كانت ضيقة، أو قريبة من جار سوء، أو بعيدة عن المسجد.

ص: 1049

2704 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ: فَفِي الْمَرْأَةِ، وَالْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ).

[4807]

أخرجه مسلم في السلام، باب: الطيرة والفال .. ، رقم:2226. (إن كان .. ) أي إن وجد الشؤم فإنما يوجد في هذه الأشياء.

ص: 1050

(لتركبوها .. ) أي خلقها للركوب وللزينة، أي تتزينون بالركوب عليها.

ص: 1050

2705 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ أَرْوَاثُهَا وَآثَارُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِئَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ وِزْرٌ عَلَى ذَلِكَ). وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ:(مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}).

[ر: 2242]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إثم مانع الزكاة، رقم:987.

ص: 1050

‌49 - بَاب: مَنْ ضَرَبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْغَزْوِ.

ص: 1050

2706 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ فَقُلْتُ لَهُ:

حَدِّثْنِي بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: سَافَرْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، قَالَ أَبُو عَقِيلٍ: لَا أَدْرِي غَزْوَةً أَوْ عُمْرَةً، فَلَمَّا أَنْ أَقْبَلْنَا، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَعَجَّلَ إِلَى أَهْلِهِ فَلْيُعَجِّلْ). قَالَ جَابِرٌ: فَأَقْبَلْنَا وَأَنَا عَلَى جَمَلٍ لِي أَرْمَكَ، لَيْسَ فِيهِ شِيَةٌ، وَالنَّاسُ خَلْفِي، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ، إِذْ قَامَ عَلَيَّ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَا جَابِرُ،

⦗ص: 1051⦘

اسْتَمْسِكْ). فَضَرَبَهُ بِسَوْطِهِ ضَرْبَةً فَوَثَبَ الْبَعِيرُ مَكَانَهُ، فَقَالَ:(أَتَبِيعُ الْجَمَلَ). قُلْتُ: نَعَمْ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ فِي طَوَائِفِ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ فِي نَاحِيَةِ الْبَلَاطِ، فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا جَمَلُكَ، فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ وَيَقُولُ:(الْجَمَلُ جَمَلُنَا). فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:(أَعْطُوهَا جَابِرًا). ثُمَّ قَالَ: (اسْتَوْفَيْتَ الثَّمَنَ). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ).

[ر: 432]

أرمك) يخالط حمرته سواد. (شية) لمعة من غير لونه. (قام علي) وقف من التعب. (استمسك) ثبت نفسك على ظهره. (أواق) جمع أوقية، وهي أربعون درهما.

ص: 1050

‌50 - بَاب: الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ الصَّعْبَةِ وَالْفُحُولَةِ مِنَ الْخَيْلِ.

وَقَالَ رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّونَ الْفُحُولَةَ، لِأَنَّهَا أَجْرَى وَأَجْسَرُ.

(الفحولة) جمع فحل وهو الذكر من الحيوان. (أجرى) أكثر جريا. (أجسر) أقدم على المسالك الوعرة.

ص: 1051

2707 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ، فَرَكِبَهُ، وَقَالَ:(مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا).

[ر: 2484]

ص: 1051

‌51 - بَاب: سِهَامِ الْفَرَسِ.

ص: 1051

2708 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا.

[3988]

وَقَالَ مَالِكٌ: يُسْهَمُ لِلْخَيْلِ، وَالْبَرَاذِينِ مِنْهَا، لِقَوْلِهِ:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} /النحل: 8/.

وَلَا يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ.

(جعل) من الغنيمة. (سهمين) نصيبن. (البراذين) جمع برذون وهي الخيل غير العربية. (لقوله) تعالى في الآية: {والخيل} وهي عامة في كل أنواعها /النحل: 8/. (ولا يسهم لأكثر .. ) أي إذا حضر الوقعة وكان معه أكثر من فرس، لا يعطى إلا عن فرس واحد.

ص: 1051

‌52 - بَاب: مَنْ قَادَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْحَرْبِ.

ص: 1051

2709 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:

قَالَ رَجُلٌ

⦗ص: 1052⦘

لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ فَانْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَفِرَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ).

[2719، 2772، 2877، 4061 - 4063]

(هوازن) قبيلة كبيرة من العرب. (رماة) ماهرين في رماية النبل. (آخذ بلجامها) يكفها عن الإسراع، واللجام ما يوضع في فم الفرس للتمكن منها.

ص: 1051

‌53 - بَاب: الرِّكَابِ وَالْغَرْزِ للدَّابَّةِ.

ص: 1052

2710 -

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ، وَاسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ قَائِمَةً، أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ.

[ر: 1443]

(الغرز) هو الركاب الذي لا يركب به الإبل إذا كان من جلد.

ص: 1052

‌54 - بَاب: رُكُوبِ الْفَرَسِ الْعُرْيِ.

ص: 1052

2711 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

اسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَرَسٍ عُرْيٍ، مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ.

[ر: 2484]

(عري) الفرس العري هو الذي لا سرج عليه، والسرج ما يوضع تحت الراكب.

ص: 1052

‌55 - بَاب: الْفَرَسِ الْقَطُوفِ.

ص: 1052

2712 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَزِعُوا مَرَّةً، فَرَكِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ كَانَ يَقْطِفُ، أَوْ كَانَ فِيهِ قِطَافٌ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ:(وَجَدْنَا فَرَسَكُمْ هَذَا بَحْرًا). فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُجَارَى.

[ر: 2484]

(يقطف) من القطاف وهو البطء في السير مع تقارب الخطو. (لا يجارى) لا يطيق فرس الجري معه.

ص: 1052

‌56 - بَاب: السَّبْقِ بَيْنَ الْخَيْلِ.

ص: 1052

2713 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

أَجْرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا ضُمِّرَ مِنَ الْخَيْلِ مِنْ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَجْرَى

⦗ص: 1053⦘

مَا لَمْ يُضَمَّرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرَى.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ سُفْيَانُ: بَيْنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ، وَبَيْنَ ثَنِيَّةَ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ مِيلٌ.

[ر: 410]

(عبد الله) هو ابن الوليد العدني.

ص: 1052

‌57 - بَاب: إِضْمَارِ الْخَيْلِ لِلسَّبْقِ.

ص: 1053

2714 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ، وَكَانَ أَمَدُهَا مِنْ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَر كَانَ سَابَقَ بِهَا.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: أَمَدًا: غَايَةً. {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} /الحديد: 16/.

[ر: 410]

ص: 1053

‌58 - بَاب: غَايَةِ السَّبْقِ لِلْخَيْلِ الْمُضَمَّرَةِ.

ص: 1053

2715 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

سَابَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ، فَأَرْسَلَهَا مِنْ الْحَفْيَاءِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ - فَقُلْتُ لِمُوسَى: فَكَمْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ: سِتَّةُ أَمْيَالٍ أَوْ سَبْعَةٌ - وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ، فَأَرْسَلَهَا مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَكَانَ أَمَدُهَا مَسْجِدَ بَنِي زُرَيْقٍ - قُلْتُ: فَكَمْ بَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ مِمَّنْ سَابَقَ فِيهَا.

[ر: 410]

(فقلت) القائل هو أبو إسحاق.

ص: 1053

‌59 - بَاب: نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَرْدَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ عَلَى الْقَصْوَاءِ.

وَقَالَ الْمِسْوَرُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ).

[ر: 2581]

(القصواء) المقطوعة ربع الأذن. (خلأت) وقفت وبركت. انظر: 2545.

ص: 1053

2716 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَتْ نَاقَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهَا الْعَضْبَاءُ.

(العضباء) لقب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي بمعنى القصواء، من العضب وهو القطع.

ص: 1053

2717 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ

⦗ص: 1054⦘

عَنْهُ قَالَ:

كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَاقَةٌ تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ، لَا تُسْبَقُ، قَالَ حُمَيْدٌ: أَوْ لَا تَكَادُ تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ فَسَبَقَهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى عَرَفَهُ، فَقَالَ:(حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ). طَوَّلَهُ مُوسَى، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[6136]

(قعود) ما صار يركب من الإبل. (فشق) صعب. (عرفه) عرف أثر ذلك في وجوههم. (وضعه) خفضه وأذله.

ص: 1053

‌60 - بَاب: بَغْلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْبَيْضَاءِ.

قَالَهُ أَنَسٌ

[ر: 4082]. وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةً بَيْضَاءَ.

[ر: 1411]

ص: 1054

2718 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ قَالَ:

مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً.

[ر: 2588]

ص: 1054

2719 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه،

قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عُمَارَةَ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا وَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنْ وَلَّى سَرَعَانُ النَّاسِ، فَلَقِيَهُمْ هَوَازِنُ بِالنَّبْلِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ).

[ر: 2709]

(سرعان الناس) جمع سريع، والمراد أوائل الناس الذين واجهوا العدو

ص: 1054

‌61 - بَاب: جِهَادِ النِّسَاءِ.

ص: 1054

2720 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ:

اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ:(جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ).

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ: بِهَذَا.

ص: 1054

2721 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: عَنْ مُعَاوِيَةَ بِهَذَا. وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ،

⦗ص: 1055⦘

عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: سَأَلَهُ نِسَاؤُهُ عَنِ الْجِهَادِ، فَقَالَ:(نِعْمَ الْجِهَادُ الْحَجُّ).

[ر: 1448]

ص: 1054

‌62 - بَاب: غَزْوِ الْمَرْأَةِ فِي الْبَحْرِ.

ص: 1055

2722 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنَةِ مِلْحَانَ فَاتَّكَأَ عِنْدَهَا، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقَالَتْ: لِمَ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:(نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ الْأَخْضَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَثَلُهُمْ مَثَلُ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ). فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ:(اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُمْ). ثُمَّ عَادَ فَضَحِكَ، فَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ، أَوْ مِمَّ ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: (أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَلَسْتِ مِنَ الْآخِرِينَ). قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ، فَلَمَّا قَفَلَتْ، رَكِبَتْ دَابَّتَهَا، فَوَقَصَتْ بِهَا، فَسَقَطَتْ عَنْهَا فَمَاتَتْ.

[ر: 2636]

(بنت قرظة) قيل اسمها فاختة، وقيل كنود، امرأة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم. (فوقصت بها) رمت بها ودقت عنقها.

ص: 1055

‌63 - بَاب: حَمْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي الْغَزْوِ دُونَ بَعْضِ نِسَائِهِ.

ص: 1055

2723 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، كُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ، قَالَتْ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ يَخْرُجُ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ.

[ر: 2453]

ص: 1055

‌64 - بَاب: غَزْوِ النِّسَاءِ وَقِتَالِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ.

ص: 1055

2724 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ

⦗ص: 1056⦘

أَبِي بَكْرٍ، وَأُمَّ سُلَيْمٍ، وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تَنْقُلَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ.

[2746، 3600، 3837]

(لمشمرتان) من التشمير وهو رفع الإزار. (خدم) جمع خدمة وهي موضع الخلخال من الساق وهو ما فوق الكعبين. (سوقهما) جمع ساق. (تنقزان) من النقز وهو الوثب والإسراع في المشي. (القرب) أي تثبان وهما تحملان القرب. (متونهما) ظهورهما. (أفواه القوم) من الجرحى ومن فيهم رمق.

ص: 1055

‌65 - بَاب: حَمْلِ النِّسَاءِ الْقِرَبَ إِلَى النَّاسِ فِي الْغَزْوِ.

ص: 1056

2725 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ:

إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَسَمَ مُرُوطًا بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ، فَبَقِيَ مِرْطٌ جَيِّدٌ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَعْطِ هَذَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي عِنْدَكَ، يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ، فَقَالَ عُمَرُ: أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ. وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ، مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ عُمَرُ: فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: تَزْفِرُ تَخِيطُ.

[3843]

(مروطا) جمع مرط وهو كساء من صوف أو حرير. (تزفر) تحمل، وقيل: تخرز وتخيط.

ص: 1056

66 -

بَاب: مُدَاوَاةِ النِّسَاءِ الْجَرْحَى فِي الْغَزْوِ.

ص: 1056

2726 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَسْقِي وَنُدَاوِي الْجَرْحَى، وَنَرُدُّ الْقَتْلَى

إِلَى الْمَدِينَةِ.

[2727، 5355]

ص: 1056

‌67 - بَاب: رَدِّ النِّسَاءِ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى.

ص: 1056

2727 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ:

كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَسْقِي الْقَوْمَ، وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ.

[ر: 2726]

ص: 1056

‌68 - بَاب: نَزْعِ السَّهْمِ مِنَ الْبَدَنِ.

ص: 1056

2728 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

رُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، قَالَ:

⦗ص: 1057⦘

انْزِعْ هَذَا السَّهْمَ، فَنَزَعْتُهُ، فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ، فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ).

[4068، 6020]

(فنزا منه الماء) خرج وجرى ولم ينقطع.

ص: 1056

‌69 - بَاب: الْحِرَاسَةِ فِي الْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

ص: 1057

2729 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَهِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، قَالَ:(لَيْتَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي صَالِحًا يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ). إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ سِلَاحٍ، فَقَالَ:(مَنْ هَذَا). فَقَالَ: أَنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ جِئْتُ لِأَحْرُسَكَ، وَنَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

[6804]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في فضل سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، رقم:2410. (سهر) أي كان يسهر الليل حذر أن يغتاله عدو.

ص: 1057

2730 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالْقَطِيفَةِ، وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ).

لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ.

وَزَادَنَا عَمْرٌو قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي

⦗ص: 1058⦘

الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ).

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ.

وَقَالَ: {تَعْسًا} كَأَنَّهُ يَقُولُ: فَأَتْعَسَهُمُ اللَّهُ. {طُوبَى} فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ طَيِّبٍ، وَهِيَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ، وَهِيَ مِنْ يَطِيبُ.

[6071]

(تعس) سقط على وجهه، أو شقي وهلك. (عبد الدينار) مجاز عن الحرص عليه وتحمل الذلة من أجله، فمن بالغ في طلب شيء وانصرف عمله كله إليه صار كالعابد له. (القطيفة) دثار مخمل، والدثار ما يلبس فوق الشعار، والشعار ما لامس الجسد من الثياب. (الخميصة) كساء أسود مربع له خطوط. (أعطي) من المال. (رضي) عن الله تعالى وعمل العمل الصالح. (انتكس) انقلب على رأسه، وهو دعاء عليه بالخيبة والخسران. (شيك) أصابته شوكة. (فلا انتقش) فلا قدر على إخراجها بالمنقاش ولا خرجت، والمراد: إذا أصيب بأقل أذى فلا وجد معينا على الخلاص منه. (طوبى) من الطيب، أي كانت له حياة طيبة وجزاء طيب. (بعنان) لجام. (أشعث) متفرق الشعر غير مسرح. (إن كان في الحراسة) جعل في مقدمة الجيش ليحرسه من العدو. (كان في الحراسة) قام بها راضيا. (الساقة) مؤخرة الجيش. (تعسا) اللفظ من /محمد: 8/. (طوبى) اللفظ من /الرعد: 29/. وقيل هو اسم للجنة.

ص: 1057

‌70 - بَاب: فَضْلِ الْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ.

ص: 1058

2731 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَكَانَ يَخْدُمُنِي وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنَسٍ، قَالَ جَرِيرٌ: إِنِّي رَأَيْتُ الْأَنْصَارَ يَصْنَعُونَ شَيْئًا، لَا أَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَكْرَمْتُهُ.

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في حسن صحبة الأنصار رضي الله عنهم، رقم:2513. (يصنعون شيئا) أي من خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ينبغي، وتعظيمهم له غاية ما يكون.

ص: 1058

2732 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ أَخْدُمُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَاجِعًا وَبَدَا لَهُ أُحُدٌ، قَالَ:(هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ). ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ:(اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا، كَتَحْرِيمِ إِبْرَاهِيمَ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا).

[3187، 3855، 3856، 5109، 6002، 6902، وانظر: 364، 2023]

(أحرم) أجعلها حراما. (لابتيها) مثنى لابة وهي الأرض ذات الحجارة السوداء. (صاعنا ومدنا) مكاييل كانت معروفة، والمعنى: بارك لنا في الطعام الذي يكال بها.

ص: 1058

2733 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّاءَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَكْثَرُنَا ظِلًّا الَّذِي

⦗ص: 1059⦘

يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ وَامْتَهَنُوا وَعَالَجُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ).

أخرجه مسلم في الصيام، باب: أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل، رقم:1119. (أكثرنا ظلا .. ) يريد أنه لم يكن لهم أخيبة يستظلون بها، لما كانوا عليه من القلة، فكان بعضهم يضع يده على رأسه يتقي بها الشمس ويستظل، وبعضهم يضع كساءه يستظل به، ولا يوجد ما هو فوق ذلك. (فلم يعملوا شيئا) لعجزهم. (الركاب) الإبل التي يسار عليها، أثاروها إلى الماء للسقي وغيره. (امتهنوا وعالجوا) خدموا الصائمين، فتناولوا السقي والطبخ، وهيؤوا العلف، وضربوا الأبنية والخيام. (بالأجر) أخذوا الأجر الكامل الأوفر، لتعدي نفعهم لغيرهم، بينما كان للصائمين أجر صيامهم وحده، لأن نفعهم كان قاصرا عليهم.

ص: 1058

‌71 - بَاب: فَضْلِ مَنْ حَمَلَ مَتَاعَ صَاحِبِهِ فِي السَّفَرِ.

ص: 1059

2734 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كُلُّ سُلَامَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ، يُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ، يُحَامِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ).

[ر: 2560]

(يحامله) يساعده في الركوب والحمل. (متاعه) هو كل ما ينتفع به. (دل الطريق) الدلالة عليه لمن يحتاج إليه ولا يعرفه.

ص: 1059

‌72 - بَاب: فَضْلِ رِبَاطِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا} إلى آخر الآية /آل عمران: 200/.

(آخر الآية) وتتمتها: {وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} . (اصبروا) على الطاعة والمصائب وعن المعاصي. (صابروا) كونوا أشد صبرا من أعدائكم. (رابطوا) من الرباط، وهو ملازمة المكان بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين، أي أقيموا على الجهاد. (تفلحون) تفوزون بالجنة وتنجون من النار.

ص: 1059

2735 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ: سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الْغَدْوَةُ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا).

[ر: 2641]

ص: 1059

‌73 - بَاب: مَنْ غَزَا بِصَبِيٍّ لِلْخِدْمَةِ.

ص: 1059

2736 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

⦗ص: 1060⦘

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: (الْتَمِسْ غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ). فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي، وَأَنَا غُلَامٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ:(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ). ثُمَّ قَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ). فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ. ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ نَظَرَ إِلَى أُحُدٍ، فَقَالَ:(هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ). ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا بِمِثْلِ مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ).

[ر: 364]

(مردفي) مركبي خلفه. (راهقت الحلم) قاربت البلوغ. (الهم والحزن) يتقاربان في المعنى، إلا أن الحزن إنما يكون على أمر قد وقع، والهم من أمر متوقع. (ضلع الدين) ثقله. (غلبة الرجال) أن يغلب على أمره ولا يجد له ناصرا من الرجال، بل يغلبون عليه.

ص: 1059

‌74 - بَاب: رُكُوبِ الْبَحْرِ.

ص: 1060

2737 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ، قَالَ:(عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ:(أَنْتِ معهم). ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَيَقُولُ:(أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ). فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الْغَزْوِ، فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَوَقَعَتْ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا.

[ر: 2636]

(قال يوما) من القيلولة وهي النوم وقت الظهيرة. (فاندقت عنقها) كسرت رقبتها.

ص: 1060

‌75 - بَاب: مَنِ اسْتَعَانَ بِالضُّعَفَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِي الْحَرْبِ.

ص: 1061

2738 -

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ:

قَالَ لِي قَيْصَرُ: سَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَزَعَمْتَ ضُعَفَاءَهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ.

[ر: 7]

ص: 1061

2739 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:

رَأَى سَعْدٌ رضي الله عنه أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ).

(رأى) ظن. (فضلا) زيادة منزلة، بسبب شجاعته وغناه ونحو ذلك. (بضعفائكم) ببركتهم ودعائهم، لصفاء ضمائرهم وقلة تعلقهم بزخرف الدنيا، فيغلب عليهم الإخلاص في العبادة، ويستجاب دعاؤهم.

ص: 1061

2740 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ جَابِرًا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنهم،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَأْتِي زَمَانٌ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ، فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ، ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ، فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ صَاحِبَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ).

[3399، 3449]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم .. ، رقم:2532. (فئام) جماعة، ولا واحد له من لفظه. (فيفتح) عليكم ببركته.

ص: 1061

‌76 - بَاب: لَا يَقُولُ فُلَانٌ شَهِيدٌ.

ص: 1061

2741 -

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ).

[ر: 2635، 2649]

(يكلم) يجرح.

ص: 1061

2742 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً، إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فقالوا: مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا

⦗ص: 1062⦘

أَجْزَأَ فُلَانٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ). فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ، قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ، قَالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ:(وَمَا ذَاكَ). قَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ:(إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ).

[3966، 3970، 6128، 6233]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه. وفي القدر، باب: كيفية خلق الآدمي، رقم:112. (التقى) في غزوة خيبر. (رجل) اسمه قزمان. (شاذة ولا فاذة) ما صغر وما كبر، أي لا يدع لهم شيئا إلا أتى عليه، والشاذة في الأصل هي التي كانت في القوم ثم شذت منهم، والفاذة من لم يختلط معهم أصلا. (أنا صاحبه) ألازمه لأرى ما يجري له. (ذبابه) طرفه الذي يضرب به. (آنفا) في أول وقت مضى يقرب منا. (فأعظم الناس ذلك) استعظموه واستنكروه. (يبدو) يظهر.

ص: 1061

(قوة) من رمي وتدريب وآلات حرب. (رباط الخيل) حبسها وإعدادها للجهاد.

ص: 1062

2743 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ:

مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ). قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ). قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟ فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ).

[3193، 3316]

(ينتضلون) يتسابقون في الرمي. (فلان) ابن الأدرع، وقيل اسمه سلمة ابن ذكوان.

ص: 1062

2744 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ: عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ، حِينَ صَفَفَنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا:(إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ).

[3763]

(أكثبوكم) دنوا منكم وقاربوكم. (فعليكم بالنبل) فارموهم بها، وهي السهام العربية.

ص: 1063

‌78 - بَاب: اللَّهْوِ بِالْحِرَابِ وَنَحْوِهَا.

ص: 1063

2745 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَا الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحِرَابِهِمْ دَخَلَ عُمَرُ، فَأَهْوَى إِلَى الْحَصَى فَحَصَبَهُمْ بِهَا، فَقَالَ:(دَعْهُمْ يَا عُمَرُ). وَزَادَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ: فِي الْمَسْجِدِ.

أخرجه مسلم في صلاة العيدين، باب: الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه، رقم:893. (بحرابهم) جمع حربة، وهي رمح ذو نصل عريض. (فحصبهم) رماهم.

ص: 1063

‌79 - بَاب: الْمِجَنِّ وَمَنْ يتترس بِتُرْسِ صَاحِبِهِ.

ص: 1063

2746 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَتَرَّسُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتُرْسٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْيِ، فَكَانَ إِذَا رَمَى تَشَرَّفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ نَبْلِهِ.

[ر: 2724]

(تشرف) تطلع من فوق. (موضع نبله) مكان سقوطه.

ص: 1063

2747 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ قَالَ:

لَمَّا كُسِرَتْ بَيْضَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِهِ، وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي الْمِجَنِّ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى الْمَاءِ كَثْرَةً، عَمَدَتْ إِلَى حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا، وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِهِ، فَرَقَأَ الدَّمُ.

[ر: 240]

(بيضة) خوذة. (رباعيته) السن التي بين الثنية والناب، والثنية إحدى السنين اللتين في مقدمة الفم. (يختلف) يأتي به مرة بعد أخرى. (المجن) الترس. (فرقأ) سكن عن الجري وانقطع.

ص: 1063

2748 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ

⦗ص: 1064⦘

بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، مِمَّا لَمْ يُوجِفْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

[2927، 3809، 4603، 5042، 5043، 6347، 6875]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: حكم الفيء، رقم:1757. (أفاء) من الفيء وهو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير قتال. (يوجف) من الإيجاف وهو الإسراع في السير. (ركاب) الإبل التي يسار عليها. (خاصة) اختص بها ولم يشاركه فيها أحد. (الكراع) الخيل. (عدة في سبيل الله) استعدادا للجهاد، والعدة كل ما يعد لحوادث الدهر من سلاح وغيره.

ص: 1063

2749 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِيٍّ.

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ:

مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُفَدِّي رَجُلًا بَعْدَ سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ:(ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي).

[3832، 3833، 5830]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في فضل سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، رقم:2411. (بعد سَعْدِ) بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، أي بمثل ما فداه به. (فداك أبي وأمي) هذا القول لإظهار كامل البر والحمية، وليس المراد تقديم المخاطب على الوالدين واحترامهما والبر بهما.

ص: 1064

‌80 - بَاب: الدَّرَقِ.

ص: 1064

2750 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

دَخَلَ عَلَيّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (دَعْهُمَا). فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا. قَالَتْ: وَكَانَ يَوْمُ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِمَّا قَالَ:(تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ). فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَيَقُولُ:(دُونَكُمْ بَنِي أَرْفِدَةَ). حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَالَ:(حَسْبُكِ). قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاذْهَبِي). قَالَ أَحْمَدُ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ: فَلَمَّا غَفَلَ.

[ر: 443]

ص: 1064

‌81 - بَاب: الْحَمَائِلِ وَتَعْلِيقِ السَّيْفِ بِالْعُنُقِ.

ص: 1065

2751 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً، فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ:(لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا). ثُمَّ قَالَ: (وَجَدْنَاهُ بَحْرًا). أَوْ قَالَ: (إِنَّهُ لَبَحْرٌ).

[ر: 2484]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه للحرب، رقم:2307. (استبرأ الخبر) حققه وتبينه.

ص: 1065

‌82 - بَاب: حِلْيَةِ السُّيُوفِ.

ص: 1065

2752 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ:

لَقَدْ فَتَحَ الْفُتُوحَ قَوْمٌ، مَا كَانَتْ حِلْيَةُ سُيُوفِهِمُ الذَّهَبَ وَلَا الْفِضَّةَ، إِنَّمَا كَانَتْ حِلْيَتُهُمُ الْعَلَابِيَّ وَالْآنُكَ وَالْحَدِيدَ.

(قوم) المراد الصحابة رضي الله عنهم ومن كان معهم في الفتوح. (حلية سيوفهم) ما تزين به. (العلابي) الجلود غير المدبوغة. (الآنك) الرصاص، ولم يكن الصحابة يزينون سلاحهم بالذهب وغيره، لاستغنائهم بهيبة الإيمان عن هيبة المظاهر.

ص: 1065

‌83 - بَاب: مَنْ عَلَّقَ سَيْفَهُ بِالشَّجَرِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ.

ص: 1065

2753 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَخْبَرَ:

أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ سَمُرَةٍ وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُونَا، وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ: مَنْ

⦗ص: 1066⦘

يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ ثَلَاثًا). وَلَمْ يُعَاقِبْهُ وَجَلَسَ.

[2756، 3898، 3905، 3906، 3908]

(قبل نجد) ناحيتها، وهي ما بين الحجاز إلى الشام، ومنها المدينة والطائف. (قفل) رجع. (القائلة) النوم وقت الظهيرة. (العضاه) شجر عظيم له شوك. (سمرة) شجرة. (أعرابي) هو غورث بن الحارث. (اخترط) سل. (صلتا) مصلتا، بارزا ومستويا.

ص: 1065

‌84 - بَاب: لُبْسِ الْبَيْضَةِ.

ص: 1066

2754 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه:

أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جُرْحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: جُرِحَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام تَغْسِلُ الدَّمَ وَعَلِيٌّ يُمْسِكُ، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّ الدَّمَ لَا يَزِيدُ إِلَّا كَثْرَةً، أَخَذَتْ حَصِيرًا فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى صَارَ رَمَادًا، ثُمَّ أَلْزَقَتْهُ، فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ.

[ر: 240]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة أحد، رقم:1790.

ص: 1066

‌85 - بَاب: مَنْ لَمْ يَرَ كَسْرَ السِّلَاحِ عِنْدَ الْمَوْتِ.

ص: 1066

2755 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَالَ:

مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا سِلَاحَهُ، وَبَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً.

[ر: 2588]

ص: 1066

‌86 - بَاب: تَفَرُّقِ النَّاسِ عَنِ الْإِمَامِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ، وَالِاسْتِظْلَالِ بِالشَّجَرِ.

ص: 1066

2756 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ وَأَبُو سَلَمَةَ: أن جابرا أخبره.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، ثُمَّ نَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَشَامَ السَّيْفَ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ). ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ.

[ر: 2753]

(فشام السيف) جعله في غمده، ويستعمل بمعنى سل.

ص: 1066

‌87 - بَاب: مَا قِيلَ فِي الرِّمَاحِ.

وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(جُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي).

أي جعل الله تعالى كسبي ومعاشي من الغنيمة، وهي لا تنال إلا بالجهاد، ومن خالف ما جئت به ناله الذل، بالأسر والرق، أو فرض الجزية عليه. وقيل (تحت ظل رمحي) لأن الخصم إذا قرب من المقاتل، فعلاه الآخر بالرمح، كان تحت ظله.

ص: 1067

2757 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه:

أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ، تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا، فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَى بَعْضٌ، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ:(إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ).

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: فِي الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ، مِثْلُ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ، قَالَ:(هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ).

[ر: 1725]

(شد على الحمار) حمل عليه وأسرع إليه. (طعمة .. ) رزق منحكم الله تعالى إياه.

ص: 1067

‌88 - بَاب: مَا قِيلَ فِي دِرْعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْقَمِيصِ فِي الْحَرْبِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَمَّا خَالِدٌ فَقَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

[ر: 1399]

ص: 1067

2758 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي قُبَّةٍ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ). فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ، وَهُوَ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ

⦗ص: 1068⦘

الدُّبُرَ. بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}. وَقَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ: يَوْمَ بَدْرٍ.

[3737، 4594، 4596]

(قبة) بيت صغير من الخيام، وكل بناء مدور. (أنشدك) أسألك. (إن شئت) هلاك المؤمنين. (لم تعبد بعد اليوم) لأنه لا يبقى من يدعو إلى الله عز وجل، وتقوى شوكة الباطل. (حسبك) يكفيك. (ألححت) بالغت في الدعاء وأطلت فيه وداومت عليه. (سيهزم الجمع) سيفرق جمعهم ويتلاشى. (يولون الدبر) يديرون ظهورهم، أي يفرون منهزمين. (أدهى) أشد وأفظع، من الداهية وهي الأمر الشديد الذي لا يهتدى له. (أمر) أعظم بلية وأشد مرارة عليهم. /القمر: 45، 46/.

ص: 1067

2759 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ.

وَقَالَ يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ. وَقَالَ مُعَلًّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ وَقَالَ: رَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.

[ر: 1962]

ص: 1068

2760 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ مَثَلُ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، قَدِ اضْطَرَّتْ أَيْدِيَهُمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَكُلَّمَا هَمَّ الْمُتَصَدِّقُ بِصَدَقَتِهِ اتَّسَعَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تُعَفِّيَ أَثَرَهُ، وَكُلَّمَا هَمَّ الْبَخِيلُ بِالصَّدَقَةِ انْقَبَضَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ إِلَى صَاحِبَتِهَا وَتَقَلَّصَتْ عَلَيْهِ، وَانْضَمَّتْ يَدَاهُ إِلَى تَرَاقِيهِ - فَسَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ - فَيَجْتَهِدُ أَنْ يُوَسِّعَهَا فَلَا تَتَّسِعُ).

[ر: 1375]

(اضطرت) ألجأت. (تراقيهما) جمع ترقوة، وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق. (تعفي) تمحو. (تقلصت) انزوت وانضمت. والمعنى: أن الكريم المتصدق تنبسط نفسه وترتاح إلى الصدقة، وأما البخيل فتضيق نفسه وتنقبض منها.

ص: 1068

‌89 - بَاب: الْجُبَّةِ فِي السَّفَرِ وَالْحَرْبِ.

ص: 1068

2761 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى مُسْلِمٍ، هُوَ ابْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ:

انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَقِيتُهُ بِمَاءٍ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ، فَكَانَا ضَيِّقَيْنِ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتُ فَغَسَلَهُمَا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَعَلَى خُفَّيْهِ.

[ر: 180]

ص: 1068

‌90 - بَاب: الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ.

ص: 1069

2762 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ فِي قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ، مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا.

أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة، رقم:2076. (رخص) من الرخصة وهي تشريع حكم تسهيلا واستثناء لعذر. (حكة) داء يكون بالجلد.

ص: 1069

2763 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ والزُّبَيْرَ: شَكَوَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي الْقَمْلَ - فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي الْحَرِيرِ، فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ.

ص: 1069

2764 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ:

رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ والزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي حَرِيرٍ.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: رَخَّصَ، أَوْ رُخِّصَ لِحِكَّةٍ بِهِمَا.

[5501]

ص: 1069

‌91 - بَاب: مَا يُذْكَرُ فِي السِّكِّينِ.

ص: 1069

2765 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مِنْ كَتِفٍ يَحْتَزُّ مِنْهَا، ثُمَّ دُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَزَادَ: فَأَلْقَى السِّكِّينَ.

[ر: 205]

ص: 1069

‌92 - بَاب: مَا قِيلَ فِي قِتَالِ الرُّومِ.

ص: 1069

2766 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ: أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيَّ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، وَهُوَ نَازِلٌ فِي ساحة حِمْصَ، وَهُوَ فِي بِنَاءٍ لَهُ، وَمَعَهُ أُمُّ حَرَامٍ، قَالَ عُمَيْرٌ: فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ:

⦗ص: 1070⦘

أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا). قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ؟ قَالَ: (أَنْتِ فِيهِمْ). ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ). فَقُلْتُ: أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (لَا).

[ر: 2636]

(أوجبوا) لأنفسهم دخول الجنة بجهادهم في سبيل الله تعالى.

ص: 1069

‌93 - بَاب: قِتَالِ الْيَهُودِ.

ص: 1070

2767 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تُقَاتِلُونَ الْيَهُودَ، حَتَّى يَخْتَبِيَ أَحَدُهُمْ وَرَاءَ الْحَجَرِ، فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ).

[3398]

ص: 1070

2768 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ، حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ وَرَاءَهُ الْيَهُودِيُّ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ).

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل، رقم: 2922 (لا تقوم الساعة) المراد تأكيد أن هذا الأمر واقع لا محالة، وربما كان قريبا، وليس المراد أنه من علامات

قيام الساعة، والساعة القيامة وزلازلها.

ص: 1070

‌94 - بَاب: قِتَالِ التُّرْكِ.

ص: 1070

2769 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ نِعَالَ الشَّعَرِ، وَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُقَاتِلُوا قَوْمًا عِرَاضَ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ).

[3397]

(أشراط الساعة) علامات قرب يوم القيامة. (ينتعلون نعال الشعر) يصنعون من الشعر نعالا، وقيل: معناه أن شعورهم طويلة إذا أسدلوها وصلت إلى أرجلهم كالنعال. (عراض الوجوه) وجوههم واسعة. (المجان) جمع مجن وهو الترس. (المطرقة) ألبست الأطرقة من الجلود، وهي الأغشية، جمع طراق، وهي جلدة تقدر على قدر الترس وتلصق عليها. شبه وجوههم بالترس لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها، ونتوء وجناتها.

ص: 1070

2770 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ

⦗ص: 1071⦘

الْأَعْرَجِ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ، صِغَارَ الْأَعْيُنِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، ذُلْفَ الْأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ).

[2771، 3394 - 3396]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل، رقم:2912. (ذلف الأنوف) في أنوفهم فطس وقصر، مع استواء الأرنبة وغلظها.

ص: 1070

‌95 - بَاب: قِتَالِ الَّذِينَ يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ.

ص: 1071

2771 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ).

قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ فِيهِ أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً:(صِغَارَ الْأَعْيُنِ، ذُلْفَ الْأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ).

[ر: 2770]

ص: 1071

‌96 - بَاب: مَنْ صَفَّ أَصْحَابَهُ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ، وَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَاسْتَنْصَرَ.

ص: 1071

2772 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ:

أَكُنْتُمْ فَرَرْتُمْ يَا أَبَا عُمَارَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، مَا وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ بِسِلَاحٍ، فَأَتَوْا قَوْمًا رُمَاةً، جَمْعَ هَوَازِنَ وَبَنِي نَصْرٍ، مَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ، فَأَقْبَلُوا هُنَالِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَابْنُ عَمِّهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ، فَنَزَلَ وَاسْتَنْصَرَ، ثُمَّ قَالَ:(أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ). ثُمَّ صَفَّ أَصْحَابَهُ.

[ر: 2709]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: في غزوة حنين، رقم:1776. (أخفاؤهم) جمع خف بمعنى الخفيف، وهم الذين ليس معهم ما يثقلهم من سلاح أو غيره. (حسرا) جمع حاسر وهو الذي لا درع له ولا مغفر، أو الذي لا سلاح معه. (يسقط لهم سهم) أي دون إصابة الهدف. (فرشقوهم) رمى الجميع سهامهم دفعة واحدة. (استنصر) طلب النصر من الله تعالى وتضرع له.

ص: 1071

‌97 - بَاب: الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْهَزِيمَةِ وَالزَّلْزَلَةِ.

ص: 1071

2773 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا عِيسَى: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ

⦗ص: 1072⦘

عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ).

[3885، 4259، 6033]

أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: التغليظ في تفويت صلاة العصر، وباب: الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، رقم:627. (يوم الأحزاب) يوم غزوة الخندق الذي تجمعت فيه القبائل العربية على قتال المسلمين. (الوسطى) صلاة العصر.

ص: 1071

2774 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو فِي الْقُنُوتِ: (اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ).

[ر: 961]

(اشدد وطأتك) عقوبتك. (مضر) علم على قريش. (سنين) جمع سنة وهي القحط والغلاء. (كسني يوسف) بن يعقوب عليه السلام، من حيث القحط وقلة الأمطار، والمراد السنون المذكورة بقوله تعالى:{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تحصنون} /يوسف: 48/. (شداد) مجدبات صعاب. (ما قدمتم لهن) ما ادخرتم في السنين المخصبات. (تحصنون) تحرزون وتخبئون للزراعة.

ص: 1072

2775 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما يَقُولُ:

دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَحْزَابِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ:(اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمْ الْأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ).

[3889، 6029، 7051، وانظر: 2663]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: كراهة تمني لقاء العدو، وباب: استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو، رقم:1742. (اهزم الأحزاب) اكسرهم وبدد شملهم، والأحزاب قريش وغطفان ومن ناصرهما. (زلزلهم) اجعلهم غير مستقرين، لا يثبتون عند اللقاء، بل تطيش عقولهم وترتعد أقدامهم.

ص: 1072

2776 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَنُحِرَتْ جَزُورٌ بِنَاحِيَةِ مَكَّةَ، فَأَرْسَلُوا فجاؤوا مِنْ سَلَاهَا وَطَرَحُوهُ عَلَيْهِ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَلْقَتْهُ عَنْهُ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ،

⦗ص: 1073⦘

اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ). لِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ فِي قَلِيبِ بَدْرٍ قَتْلَى. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَنَسِيتُ السَّابِعَ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أُمَيَّةُ أَوْ أُبَيٌّ. وَالصَّحِيحُ أُمَيَّةُ.

[ر: 237]

(نحرت) ذبحت. (جزور) مفرد الإبل ذكرا أم أنثى، وقيل: هي الناقة التي تنحر. (سلاها) هو الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي.

ص: 1072

2777 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ الْيَهُودَ دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَلَعَنْتُهُمْ، فَقَالَ:(مَا لَكِ). قُلْتُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: (فَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ).

[5678، 5683، 5901، 6032، 6038، 6528]

أخرجه مسلم في السلام، باب: النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم، رقم:2165. (السام) معناه الموت. (فلعنتهم) أي قالت عائشة: فلعنت هؤلاء اليهود بسبب قولهم. (ما لك) أي شيء حصل لك حتى لعنتهم.

ص: 1073

‌98 - بَاب: هَلْ يُرْشِدُ الْمُسْلِمُ أَهْلَ الْكِتَابِ أَوْ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ.

ص: 1073

2778 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ وَقَالَ: (فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ).

[ر: 7]

ص: 1073

‌99 - بَاب: الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأَلَّفَهُمْ.

ص: 1073

2779 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ، عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، قَالَ:(اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وأت بِهِمْ).

[4131، 6034]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل غفار وأسلم وجهينة .. ، رقم:2524. (دوس) قبيلة من قبائل اليمن. (فقيل) قال ذلك من حضر المجلس، لظنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدعو عليهم. (هلكت دوس) استحقت الهلاك إذا دعا عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1073

‌100 - بَاب: دَعْوَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَعَلَى مَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ، وَمَا كَتَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَالدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ.

ص: 1074

2780 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ، قِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يقرؤون كِتَابًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.

[ر: 65]

ص: 1074

2781 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ، يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى حَرَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ).

[ر: 46]

ص: 1074

‌101 - بَاب: دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْإِسْلَامِ وَالنُّبُوَّةِ، وَأَنْ لَا يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ /آل عمران: 79/.

(الآية) وتتمتها: {الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباد لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون} . (الحكم) الفهم للشريعة. (ربانيين) علماء عاملين، نسبة إلى الرب جل وعلا.

ص: 1074

2782 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ، مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ شُكْرًا لِمَا أَبْلَاهُ اللَّهُ، فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ حِينَ قَرَأَهُ: الْتَمِسُوا لِي هَا هُنَا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ، لِأَسْأَلَهُمْ عَنْ

⦗ص: 1075⦘

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ: أَنَّهُ كَانَ بِالشَّأْمِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدِمُوا تِجَارًا، فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّأْمِ، فَانْطُلِقَ بِي وَبِأَصْحَابِي، حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ، وَعَلَيْهِ التَّاجُ، وَإِذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ نَسَبًا، قَالَ: مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ؟ فَقُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي، وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِي، فَقَالَ قَيْصَرُ: أَدْنُوهُ، وَأَمَرَ بِأَصْحَابِي فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي عِنْدَ كَتِفِي، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا الرَّجُلَ عَنِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ، مِنْ أَنْ يَأْثُرَ أَصْحَابِي عَنِّي الْكَذِبَ، لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي عَنْهُ، وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثُرُوا الْكَذِبَ عَنِّي فَصَدَقْتُهُ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ: هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا، فَقَالَ: كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ عَلَى الْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ:

فَيَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ، قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ الْآنَ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ نَحْنُ نَخَافُ أَنْ يَغْدِرَ - قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَلَمْ يُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أَنْتَقِصُهُ بِهِ لَا أَخَافُ أَنْ تُؤْثَرَ عَنِّي غَيْرُهَا - قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ أَوْ قَاتَلَكُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَتْ حَرْبُهُ وَحَرْبُكُمْ؟ قُلْتُ: كَانَتْ دُوَلًا وَسِجَالًا، يُدَالُ عَلَيْنَا الْمَرَّةَ وَنُدَالُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى، قَالَ فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ: يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْعَفَافِ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ. فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ لَهُ: قُلْ لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ

⦗ص: 1076⦘

أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ، قُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَمُّ بِقَوْلٍ قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ، قُلْتُ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تَخْلِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ لَا يَسْخَطُهُ أَحَدٌ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا يَغْدِرُونَ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ تَكُونُ دُوَلًا، وَيُدَالُ عَلَيْكُمُ الْمَرَّةَ وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الْأُخْرَى، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى وَتَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ: بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ، وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، قَالَ: وَهَذِهِ صِفَةُ النَّبِيِّ، قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، وَإِنْ يَكُ مَا قُلْتَ حَقًّا، فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لقاءه، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ.

قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ، وَ: {يا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَن لا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}).

قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا أَنْ قَضَى مَقَالَتَهُ عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ، فَلَا أَدْرِي مَاذَا قَالُوا، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا، فَلَمَّا أَنْ خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِي وَخَلَوْتُ بِهِمْ، قُلْتُ لَهُمْ: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، هَذَا مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ يَخَافُهُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلًا مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ، حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ قَلْبِي الْإِسْلَامَ وَأَنَا كَارِهٌ.

[ر: 7]

(كشف الله عنه جنود فارس) هزمهم ودفعهم عنه. (أبلاه) أعطاه من نعمه. (التمسوا) طلبوا.

ص: 1074

2783 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه:

سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: (لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ). فَقَامُوا يَرْجُونَ لِذَلِكَ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا وَكُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَى، فَقَالَ:(أَيْنَ عَلِيٌّ). فَقِيلَ: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَأَمَرَ فَدُعِيَ لَهُ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، فَبَرَأَ مَكَانَهُ حَتَّى كَأَنَّه لَمْ يَكُنْ بِهِ شَيْءٌ، فَقَالَ: نُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: (عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ).

[2847، 3498، 3973]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم:2406. (الراية) العلم. (فقاموا يرجون) فقام كل من الصحابة راجيا أن تعطى الراية له. (لذلك) ليفتح على يديه. (على رسلك) اتئد في السير. (بساحتهم) الساحة المكان المتسع بين دور الحي ونحوه. (رجل) المراد: ما يعم الذكر والأنثى. (حمر النعم) الإبل الحمراء، وكانت أنفس الأموال عند العرب.

ص: 1077

2784 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَ مَا يُصْبِحُ، فَنَزَلْنَا خَيْبَرَ لَيْلًا.

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا.

ص: 1077

2785 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهَا لَيْلًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمًا بِلَيْلٍ لَا يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ).

[ر: 364]

(بمساحيهم) جمع مسحاة، آلة من آلات الزراعة. (مكاتلهم) جمع مكتل وهو وعاء مثل القفة.

ص: 1077

2786 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا

⦗ص: 1078⦘

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ).

رَوَاهُ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 25، 1335]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الأمر بقتال النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، رقم:21.

ص: 1077

‌102 - بَاب: مَنْ أَرَادَ غَزْوَةً فَوَرَّى بِغَيْرِهَا، وَمَنْ أَحَبَّ الْخُرُوجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ.

ص: 1078

2787 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ: حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا.

(ورى بغيرها) سترها وكنى عنها، وأوهم أنه يريد غيرها، من الوراء لأنه ألقى البيان وراء ظهره.

ص: 1078

2788 -

وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ.

(قلما) قل فعل ماض دخلت عليه ما، ومعناه: قليل. (مفازا) الموضع المهلك، سمي بذلك تفاؤلا بالفوز والسلامة. (فجلى) أظهره. (ليتأهبوا) ليستعدوا. (أهبة عدوهم) الاستعداد اللازم لملاقاة عدوهم. (بوجهه) بجهته التي يريد.

ص: 1078

2789 -

وعن يونس، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ:

لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ، إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ، إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ.

ص: 1078

2790 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ.

[ر: 2606]

ص: 1078

‌103 - بَاب: الْخُرُوجِ بَعْدَ الظُّهْرِ.

ص: 1078

2791 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ

⦗ص: 1079⦘

أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا.

[ر: 1039]

ص: 1078

‌104 - بَاب: الْخُرُوجِ آخِرَ الشَّهْرِ.

ص: 1079

2792 -

وَقَالَ كُرَيْبٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَقَدِمَ مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.

[ر: 1470]

(خلون) مضين.

ص: 1079

2793 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَلَا نُرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَنْ يَحِلَّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَزْوَاجِهِ.

قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ.

[ر: 290]

ص: 1079

‌105 - بَاب: الْخُرُوجِ فِي رَمَضَانَ.

ص: 1079

2794 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ.

قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَسَاقَ الْحَدِيثَ.

[ر: 1842]

ص: 1079

‌106 - بَاب: التَّوْدِيعِ.

ص: 1079

2795 -

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:

بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْثٍ، وَقَالَ لَنَا:(إِنْ لَقِيتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا - لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا - فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ). قَالَ: ثُمَّ أَتَيْنَاهُ نُوَدِّعُهُ حِينَ أَرَدْنَا

⦗ص: 1080⦘

الْخُرُوجَ، فَقَالَ:(إِنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحَرِّقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ، فَإِنْ أَخَذْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا).

[2853]

(بعث) جيش، وكان أميرهم حمزة بن عمرو الأسلمي. (فلانا وفلانا) هما هبار بن الأسود ورفيقه اللذان نخسا بعير زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عند هجرتها فخافت فأسقطت حملها ومرضت من ذلك.

ص: 1079

107 -

بَاب: السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلْإِمَامِ.

ص: 1080

2796 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ

ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ).

[6725]

(حق) واجب للإمام على الرعية، طالما أنه إمام عدل.

ص: 1080

‌108 - بَاب: يُقَاتَلُ مِنْ وَرَاءِ الْإِمَامِ وَيُتَّقَى بِهِ.

ص: 1080

2797 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ: أَنَّ الْأَعْرَجَ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ).

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ: (مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي، وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا، وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ).

[6718، وانظر: 236]

(الآخرون) في الدنيا. (السابقون) في الآخرة. (الأمير) أمير السرية، أو ولاة الأمور مطلقا. (الإمام) الحاكم الأعلى القائم بشؤون الأمة. (جنة) سترة ووقاية، لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس من أذى بعضهم بعضا. (يقاتل من ورائه) يقاتل معه الكفار والبغاة وسائر أهل الفساد. (يتقى به) يحتمى به ويتقوى، وقيل: يرجع إليه في الرأي والتدبير. (بغيره) أمر بغير تقوى الله تعالى وعدله. (فإن عليه منه) فإن الوبال الحاصل منه عليه لا على المأمور.

ص: 1080

‌109 - بَاب: الْبَيْعَةِ فِي الْحَرْبِ أَنْ لَا يَفِرُّوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْمَوْتِ.

لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} /الفتح: 18/.

(يبايعونك) يوم الحديبية، وتسمى بيعة الرضوان، لنزول القرآن بالرضى عمن بايعوا فيها.

ص: 1080

2798 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ

⦗ص: 1081⦘

رضي الله عنهما:

رَجَعْنَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي بَايَعْنَا تَحْتَهَا، كَانَتْ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ، فَسَأَلْتُ نَافِعًا: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعَهُمْ، عَلَى الْمَوْتِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ بَايَعَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ.

(المقبل) الذي بعد عام صلح الحديبية. (فما اجتمع منا اثنان) ما وافق منا رجلان أنها هي التي بايعنا تحتها، بل خفي مكانها علينا. قال النووي: سبب خفائها أن لا يفتتن الناس بها، لما جرى تحتها من الخير ونزول الرضوان والسكينة وغير ذلك، فلو بقيت ظاهرة معلومة لخيف تعظيم الأعراب والجهال إياها، وعبادتهم إياها، فكان خفاؤها رحمة من الله تعالى. [شرح مسلم: الإمارة: باب: استحباب مبايعة الإمام الجيش .. ] (كانت رحمة من الله) أي كانت موضع رحمة الله تعالى ومحل رضوانه لنزول القرآن بذلك].

ص: 1080

2799 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا كَانَ زَمَنُ الْحَرَّةِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ، فَقَالَ: لَا أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[3934]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، رقم:1861. (زمن الحرة) وهي الواقعة التي كانت في المدينة زمن يزيد بن معاوية، والحرة كل أرض ذات حجارة سود، والمراد حرة شرقي المدينة. (ابن حنظلة) عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الذي يعرف أبوه بغسيل الملائكة.

ص: 1081

2800 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ:

بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَالَ:(يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ أَلَا تُبَايِعُ). قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(وَأَيْضًا). فَبَايَعْتُهُ الثَّانِيَةَ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ، عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ عَلَى الْمَوْتِ.

[3936، 6780، 6782]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، رقم:1860. (خف الناس) قل الذين كانوا يبايعونه صلى الله عليه وسلم. (أيضا) مرة أخرى.

ص: 1081

2801 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ تَقُولُ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا

عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا

⦗ص: 1082⦘

فَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ. فَأَكْرِمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ).

[ر: 2679]

ص: 1081

2802 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُجَاشِعٍ رضي الله عنه قَالَ:

أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَخِي فَقُلْتُ: بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ:(مَضَتِ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا). فَقُلْتُ: عَلَامَ تُبَايِعُنَا؟ قَالَ: (عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ).

[2913، 4054، 4055]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد، رقم:1863. (مضت الهجرة) ثبت حكمها وانتهى. (لأهلها) الذين هاجروا قبل الفتح.

ص: 1082

‌110 - بَاب: عَزْمِ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ فِيمَا يُطِيقُونَ.

ص: 1082

2803 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه:

لَقَدْ أَتَانِي الْيَوْمَ رَجُلٌ، فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا مُؤْدِيًا نَشِيطًا، يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِي الْمَغَازِي، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِي أَشْيَاءَ لَا نُحْصِيهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ، إِلَّا أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَسَى أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلَّا مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ، وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ سَأَلَ رَجُلًا فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لَا تَجِدُوهُ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا كَالثَّغْبِ، شُرِبَ صَفْوُهُ وَبَقِيَ كَدَرُهُ.

(مؤديا) ذا أداة للحرب كاملة، وقيل: معناه قويا متمكنا. (نشيطا) يخف ويسرع للأمر الذي يريد فعله. (فيعزم علينا) يشدد علينا، من العزم وهو الأمر الجازم الذي لا تردد فيه. (لا نحصيها) لا نطيقها. (شك في نفسه شيء) شكت نفسه في شيء وتردد فيه أجائز أم لا. (فشفاه منه) أزال مرض تردده عنه بإجابته له بالحق. (أوشك أن لا تجدوه) كاد أن لا تجدوا من يفتي بحق ويشفي القلوب من الشبه والشكوك. (غبر) مضي أو بقي، من الغبور وهو من الأضداد، يستعمل في المضي والبقاء. (كالثغب) الماء المستنقع في الموضع المنخفض. (صفوه) الماء الصافي منه. (كدره) المختلط منه.

ص: 1082

‌111 - بَاب: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ.

ص: 1082

2804 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ، قَالَ:

⦗ص: 1083⦘

كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما فَقَرَأْتُهُ:

إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا، انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا قَالَ:(أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ).

[ر: 2663]

(بعض أيامه) بغض غزواته. (لقي فيها) العدو والحرب. (مالت) زالت. (الأحزاب) قبائل الشرك.

ص: 1082

2805 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الْمُغِيرَةِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَتَلَاحَقَ بِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَا عَلَى نَاضِحٍ لَنَا قَدْ أَعْيَا، فَلَا يَكَادُ يَسِيرُ، فَقَالَ لِي:(مَا لِبَعِيرِكَ). قَالَ: قُلْتُ: عَيِيَ، قَالَ: فَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَزَجَرَهُ وَدَعَا لَهُ، فَمَا زَالَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِبِلِ قُدَّامَهَا يَسِيرُ، فَقَالَ لِي:(كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ). قَالَ: قُلْتُ: بِخَيْرٍ، قَدْ أَصَابَتْهُ بَرَكَتُكَ، قَالَ:(أَفَتَبِيعُنِيهِ). قَالَ: فَاسْتَحْيَيْتُ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا نَاضِحٌ غَيْرُهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(فَبِعْنِيهِ). فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ عَلَى أَنَّ لِي فَقَارَ ظَهْرهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي عَرُوسٌ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لِي، فَتَقَدَّمْتُ النَّاسَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيَنِي خَالِي، فَسَأَلَنِي عَنِ الْبَعِيرِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ فِيهِ، فَلَامَنِي، قَالَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي حِينَ اسْتَأْذَنْتُهُ: (هَلْ تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا). فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا، فَقَالَ: (هَلَّا تَزَوَّجْتَ بِكْرًا

⦗ص: 1084⦘

تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُوُفِّيَ وَالِدِي، أَوِ اسْتُشْهِدَ، وَلِي أَخَوَاتٌ صِغَارٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ مِثْلَهُنَّ فَلَا تُؤَدِّبُهُنَّ وَلَا تَقُومُ عَلَيْهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا لِتَقُومَ عَلَيْهِنَّ وَتُؤَدِّبَهُنَّ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، غَدَوْتُ عَلَيْهِ بِالْبَعِيرِ، فَأَعْطَانِي ثَمَنَهُ وَرَدَّهُ عَلَيَّ.

قَالَ الْمُغِيرَةُ: هَذَا فِي قَضَائِنَا حَسَنٌ لَا نَرَى بِهِ بَأْسًا.

[ر: 432]

أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب تحية المسجد بركعتين، وباب: استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر، رقم:715. (فتلاحق بي) لحقني. (ناضح) بعير يستقى عليه الماء. (أعيا) تعب. (فقار ظهره) خرزات عظام الظهر، أي: لي الركوب عليه. (عروس) حديث عهد بعرس، ويستوي فيه الذكر الأنثى. (هذا) أي البيع بمثل هذا الشرط. (قضائنا) حكمنا.

ص: 1083

‌113 - بَاب: مَنْ غَزَا وَهُوَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسِهِ.

فِيهِ جَابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2805]

ص: 1084

‌114 - بَاب: مَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ بَعْدَ الْبِنَاءِ.

فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2956]

(البناء) أي الدخول بالزوجة، سمي بذلك لأنهم كانوا إذا أرادوا الدخول على الزوجة بنوا قبة لها، ودخلوا فيها.

ص: 1084

‌115 - بَاب: مُبَادَرَةِ الْإِمَامِ عِنْدَ الْفَزَعِ.

ص: 1084

2806 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ، فَقَالَ:(مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا).

[ر: 2484]

ص: 1084

‌116 - بَاب: السُّرْعَةِ وَالرَّكْضِ فِي الْفَزَعِ.

ص: 1084

2807 -

حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

فَزِعَ النَّاسُ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ بَطِيئًا، ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُ وَحْدَهُ، فَرَكِبَ النَّاسُ يَرْكُضُونَ خَلْفَهُ، فَقَالَ:((لَمْ تُرَاعُوا، إِنَّهُ لَبَحْرٌ). فَمَا سُبِقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

[ر: 2484]

ص: 1084

‌117 - بَاب: الْجَعَائِلِ وَالْحُمْلَانِ فِي السَّبِيلِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: الْغَزْوَ، قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُعِينَكَ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِي،

⦗ص: 1085⦘

قُلْتُ: أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيَّ، قَالَ: إِنَّ غِنَاكَ لَكَ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِي فِي هَذَا الْوَجْهِ.

[ر: 4056]

وَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ نَاسًا يَأْخُذُونَ مِنْ هَذَا الْمَالِ لِيُجَاهِدُوا، ثُمَّ لَا يُجَاهِدُونَ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِمَالِهِ حَتَّى نَأْخُذَ مِنْهُ مَا أَخَذَ.

وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ: إِذَا دُفِعَ إِلَيْكَ شَيْءٌ تَخْرُجُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ، وَضَعْهُ عِنْدَ أَهْلِكَ.

(الجعائل) جمع جعيلة أو جعالة، والجعل الأجرة على الشيء فعلا وقولا. (الحملان) الحمل. (السبيل) سبيل الله تعالى وهو الجهاد. (الغزو) أي أريد الغزو. (بطائفة) قطعة وجزء. (الوجه) أي الجهاد. (فاصنع به .. ) أي اصنع به ما تريد مما يتعلق بالجهاد، ومن متعلقاته الوضع عند الأهل.

ص: 1084

2808 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، فَقَالَ زَيْدٌ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه:

حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُهُ يُبَاعُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: آشتريه؟ فَقَالَ: (لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ).

[ر: 1419]

ص: 1085

2809 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَل رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(لَا تَبْتَعْهُ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ).

[ر: 1418]

أخرجه مسلم في الهبات، باب: كراهة شراء الإنسان ما تصدق به، رقم:1621.

ص: 1085

2810 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ حَمُولَةً، وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، وَيَشُقُّ عَلَيَّ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ ثُمَّ قُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ).

[ر: 2644]

(حمولة) هي التي يحمل عليها.

ص: 1085

‌118 - بَاب: مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1085

2811 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيُّ:

أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ

⦗ص: 1086⦘

اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَرَادَ الْحَجَّ فَرَجَّلَ.

(صاحب لواء رسول الله) أي الذي يحمله، واللواء هو علم الجيش، وقيل هو علامة جماعة الأمير يدور معه حيث دار. (فرجل) من الترجيل وهو تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه.

ص: 1085

2812 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا فِي صَبَاحِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ - أَوْ قَالَ: لَيَأْخُذَنَّ - غَدًا رجلا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ قَالَ: يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ). فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

[3499، 3972]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم:2407. (رمد) داء يكون في العين. (فتحها) فتح خيبر. (الراية) ثوب يجعل في طرف الرمح ويخلى تصفقه الريح، ويتولاها صاحب الحرب. (وما نرجوه) ما كنا نتوقع قدومه في ذلك الوقت للرمد الذي فيه.

ص: 1086

2813 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلْزُّبَيْرِ رضي الله عنهما:

هَا هُنَا أَمَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ.

[4030]

(هاهنا) وأشار به إلى الحجون، وهو جبل في مكة. (تركز) تثبت بالأرض.

ص: 1086

‌119 - بَاب: الْأَجِيرِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ وابْنُ سِيرِينَ: يُقْسَمُ لِلْأَجِيرِ مِنَ الْمَغْنَمِ. وَأَخَذَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ فَرَسًا عَلَى النِّصْفِ، فَبَلَغَ سَهْمُ الْفَرَسِ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَخَذَ مِائَتَيْنِ، وَأَعْطَى صَاحِبَهُ مِائَتَيْنِ.

(يقسم للأجير) أي يعطى سهما من الغنيمة كغيره من المقاتلين. (على النصف) أي استأجرها على أن تكون أجرتها نصف سهمها من الغنيمة.

ص: 1086

2814 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَحَمَلْتُ عَلَى بَكْرٍ، فَهُوَ أَوْثَقُ أَعْمَالِي فِي نَفْسِي، فَاسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا، فَقَاتَلَ رَجُلًا، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا

⦗ص: 1087⦘

الْآخَرَ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ وَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَهْدَرَهَا، فَقَالَ:(أَيَدْفَعُ يَدَهُ إِلَيْكَ فَتَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ).

[ر: 2146]

(فحملت على بكر) أعطيت رجلا بكرا ليركبه ويقاتل عليه، والبكر: الفتي من الإبل.

ص: 1086

‌120 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ).

وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} /آل عمران: 151/. قَالَهُ جَابِرٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 328]

(الرعب) الخوف. (بما أشركوا) بسبب إشراكهم.

ص: 1087

2815 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي).

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا.

[6597، 6611، 6845]

أخرجه مسلم في أوائل كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم:523. (بجوامع الكلم) بالكلمات الجوامع، والكلمة الجامعة هي الموجزة لفظا المتسعة معنى، وهذا يشمل القرآن والسنة، لأن كلا منهما يقع فيه المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة. (بالرعب) بالخوف. (أتيت) جاءني بها جاء. (تنتثلونها) تستخرجونها من مواضعها.

ص: 1087

2816 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، فَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ.

[ر: 7]

ص: 1087

‌121 - بَاب: حَمْلِ الزَّادِ فِي الْغَزْوِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} /البقرة: 197/.

(تزودوا) خذوا معكم من الزاد ما يبلغكم لسفركم. (التقوى) ما يتقى به سؤال الناس وحاجتهم، وقيل: لما حثهم على زاد الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة، وهو التقوى، وحثهم على استصحابها إليها.

ص: 1087

2817 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، وَحَدَّثَتْنِي أَيْضًا فَاطِمَةُ، عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ:

صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي

⦗ص: 1088⦘

بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَتْ: فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ، وَلَا لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: وَاللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إِلَّا نِطَاقِي، قَالَ: فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ فَارْبِطِيهِ: بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ وَبِالْآخَرِ السُّفْرَةَ، فَفَعَلْتُ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ: ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ.

[3695، 5073]

(سفرة) طعام يتخذه المسافر، وأكثر ما يحمل في جلد مستدير، فنقل اسم الطعام إلى الجلد وسمي به. (السقاء) وعاء من الجلد يوضع فيه الماء. (نطاقي) ما تشد به المرأة وسطها. (باثنين) بشقين.

ص: 1087

2818 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ.

[ر: 1632]

ص: 1088

2819 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنِي بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ: أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ:

أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ، وَهِيَ مِنْ خَيْبَرَ، وَهِيَ أَدْنَى خَيْبَرَ فَصَلَّوْا الْعَصْرَ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْأَطْعِمَةِ، فَلَمْ يُؤْتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَا فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا وَصَلَّيْنَا.

[ر: 206]

ص: 1088

2820 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ:

خَفَّتْ أَزْوَادُ النَّاسِ وَأَمْلَقُوا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(نَادِ فِي النَّاسِ يَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ). فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ، فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ).

[ر: 2352]

ص: 1088

‌122 - بَاب: حَمْلِ الزَّادِ عَلَى الرِّقَابِ.

ص: 1088

2821 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ رضي الله عنه قَالَ:

خَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا، فَفَنِيَ زَادُنَا، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْكُلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً، قَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْنَ كَانَتِ التَّمْرَةُ تَقَعُ مِنَ الرَّجُلِ؟ قَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا، حَتَّى أَتَيْنَا الْبَحْرَ، فَإِذَا حُوتٌ قَدْ

⦗ص: 1089⦘

قَذَفَهُ الْبَحْرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا أَحْبَبْنَا.

[ر: 2351]

ص: 1088

‌123 - بَاب: إِرْدَافِ الْمَرْأَةِ خَلْفَ أَخِيهَا.

ص: 1089

2822 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ أَصْحَابُكَ بِأَجْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى الْحَجِّ؟ فَقَالَ لَهَا:(اذْهَبِي، وَلْيُرْدِفْكِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ). فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْ يُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَانْتَظَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَعْلَى مَكَّةَ حَتَّى جَاءَتْ.

ص: 1089

2823 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما قَالَ:

أَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُرْدِفَ عَائِشَةَ، وَأُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ.

[ر: 1692]

ص: 1089

‌124 - بَاب: الِارْتِدَافِ فِي الْغَزْوِ وَالْحَجِّ.

ص: 1089

2824 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ رَدِيفَ أَبِي طَلْحَةَ، وَإِنَّهُمْ لَيَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

[ر: 1039]

ص: 1089

‌125 - بَاب: الرِّدْفِ عَلَى الْحِمَارِ.

ص: 1089

2825 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى إِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ.

[4290، 5339، 5619، 5854، 5899]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وصبره على أذى المنافقين، رقم:1798. (إكاف) ما يشد على الحمار كالسرج على الفرس. (قطيفة) دثار مخمل، والدثار ما يلبس فوق ما يلامس البدن من الثياب. (أردف) أركب وراءه.

ص: 1089

2826 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: قَالَ يُونُسُ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُرْدِفًا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَمَعَهُ بِلَالٌ، وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ مِنَ الْحَجَبَةِ، حَتَّى أَنَاخَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِفْتَاحِ الْبَيْتِ فَفَتَحَ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أُسَامَةُ وَبِلَالٌ وَعُثْمَانُ، فَمَكَثَ

⦗ص: 1090⦘

فِيهَا نَهَارًا طَوِيلًا، ثُمَّ خَرَجَ، فَاسْتَبَقَ النَّاسُ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ، فَوَجَدَ بِلَالًا وَرَاءَ الْبَابِ قَائِمًا، فَسَأَلَهُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَشَارَ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ.

[ر: 388]

(الحجبة) هم الذين يقومون بحجابة الكعبة، أي يتولون حفظها، وفي أيديهم مفتاحها. (نهارا طويلا) أي زمنا طويلا من النهار.

ص: 1089

‌126 - بَاب: مَنْ أَخَذَ بِالرِّكَابِ وَنَحْوِهِ.

ص: 1090

2827 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ).

[ر: 2560]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، رقم:1009. (يميط الأذى) يزيل ما يتأذى به الناس، من حجر أو قمامة وغير ذلك.

ص: 1090

‌127 - بَاب: كراهية السَّفَرِ بِالْمَصَاحِفِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ.

وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَتَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَقَدْ سَافَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْقُرْآنَ.

ص: 1090

2828 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ.

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار، رقم:1869. (بالقرآن) أي المكتوب في المصحف لا المحفوظ في الصدور. وهذا إذا خيف عليه أن يناله العدو لقلة الجيش المسلم ونحو ذلك، وإلا فلا مانع منه.

ص: 1090

‌128 - بَاب: التَّكْبِيرِ عِنْدَ الْحَرْبِ.

ص: 1090

2829 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

صَبَّحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَذَا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ فلجؤوا إِلَى الْحِصْنِ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 1091⦘

يَدَيْهِ وَقَالَ: (اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ). وَأَصَبْنَا حُمُرًا فَطَبَخْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ بِمَا فِيهَا.

تَابَعَهُ عَلِيٌّ، عَنْ سُفْيَانَ: رَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ.

[ر: 364]

(حمرا) جمع حمار. (فأكفئت) قلبت وطرح ما فيها. (القدور) جمع قدر وهو كل إناء يطبخ فيه.

ص: 1090

‌129 - بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي التَّكْبِيرِ.

ص: 1091

2830 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ، هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ).

[3968، 6021، 6046، 6236، 6952]

أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب: استحباب خفض الصوت بالذكر، رقم:2704. (اربعوا) ارفقوا. (أصم) من لا يسمع. (تبارك) تقدس وتنزه وكثر خيره. (تعالى جده) تعاظم غناه وعلت عظمته.

ص: 1091

‌130 - بَاب: التَّسْبِيحِ إِذَا هَبَطَ وَادِيًا.

ص: 1091

2831 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا.

[2832]

ص: 1091

‌131 - بَاب: التَّكْبِيرِ إِذَا عَلَا شَرَفًا.

ص: 1091

2832 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا تَصَوَّبْنَا سَبَّحْنَا.

[ر: 2831]

(تصوبنا) انحدرنا، والتصوب النزول.

ص: 1091

2833 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَفَلَ

⦗ص: 1092⦘

مِنَ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ - وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ الْغَزْوِ - يَقُولُ: كُلَّمَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: (لَا

إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ. صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ).

قَالَ صَالِحٌ: فَقُلْتُ لَهُ: أَلَمْ يَقُلْ عَبْدُ اللَّهِ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: لَا.

[ر: 1703]

(قفل) رجع. (أوفى) أشرف أو علا. (ثنية) هي الطريق التي في الجبل، وقيل أعلى الجبل، وقيل غير ذلك. (فدفد) الأرض الغليظة ذات الحصى، وقيل: هو المكان المرتفع فيه صلابة.

ص: 1091

‌132 - بَاب: يُكْتَبُ لِلْمُسَافِرِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الْإِقَامَةِ.

ص: 1092

2834 -

حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ، وَاصْطَحَبَ هُوَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ فِي سَفَرٍ، فَكَانَ يَزِيدُ يَصُومُ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى مِرَارًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا).

(يصوم) نفلا. (مثل ما كان يعمل) مثل ثواب عمله الذي كان يعمله.

ص: 1092

‌133 - بَاب: السَّيْرِ وَحْدَهُ.

ص: 1092

2835 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ:

نَدَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ). قَالَ سُفْيَانُ: الْحَوَارِيُّ النَّاصِرُ.

[ر: 2691]

ص: 1092

2836 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ).

(ما في الوحدة) الانفراد. (ما أعلم) من المخاطر.

ص: 1092

‌134 - بَاب: السُّرْعَةِ فِي السَّيْرِ.

قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فليتعجل).

[ر: 1411]

ص: 1093

2837 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ:

سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما وكان يَحْيَى يَقُولُ، وَأَنَا أَسْمَعُ، فَسَقَطَ عَنِّي - عَنْ مَسِيرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ: فَكَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ.

[ر: 1583]

ص: 1093

2838 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا.

[ر: 1041]

(الشفق) الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء. (العتمة) هي وقت ما بين غياب الشفق إلى آخر الثلث الأول من الليل، والمراد هنا صلاة العشاء.

ص: 1093

2839 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ).

[ر: 1710]

ص: 1093

‌135 - بَاب: إِذَا حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فَرَآهَا تُبَاعُ.

ص: 1093

2840 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَل رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(لَا تَبْتَعْهُ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ).

[ر: 1418]

ص: 1093

2841 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ:

حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَابْتَاعَهُ أَوْ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

⦗ص: 1094⦘

(لَا تَشْتَرِهِ وَإِنْ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ).

[ر: 1419]

ص: 1093

‌136 - بَاب: الْجِهَادِ بِإِذْنِ الْأَبَوَيْنِ.

ص: 1094

2842 -

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ، وَكَانَ لَا يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما يَقُولُ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ:(أَحَيٌّ وَالِدَاكَ). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ).

[5627]

أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: بر الوالدين وأنهما أحق به، رقم:2549. (رجل) هو جاهمة بن العباس بن مرداس. (ففيهما فجاهد) ابذل جهدك في إرضائهما وبرهما، فيكتب لك أجر الجهاد في سبيل الله تعالى.

ص: 1094

‌137 - بَاب: مَا قِيلَ فِي الْجَرَسِ وَنَحْوِهِ فِي أَعْنَاقِ الْإِبِلِ.

ص: 1094

2843 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ: أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ:

أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَسُولًا:(أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ - أَوْ قِلَادَةٌ - إِلَّا قُطِعَتْ).

أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: كراهة قلادة الوتر في رقبة البعير، رقم:2115. (قلادة) ما يعلق في العنق من جرس أو نعل أو غيره. (وتر) القوس، وكانوا يقلدونها ذلك من العين، فأمروا بقطعها، إيذانا بأنها لا ترد من قضاء الله تعالى شيئا. قال مالك: أرى ذلك من العين. أي أظن أن النهي مختص بمن فعل ذلك بسبب ضرر العين، وأما من فعله لغير ذلك من الزينة أو غيرها فلا بأس. [فتح]]

ص: 1094

‌138 - بَاب: مَنِ اكْتُتِبَ فِي جَيْشٍ فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ حَاجَّةً، وكَانَ لَهُ عُذْرٌ، هَلْ يُؤْذَنُ لَهُ.

ص: 1094

2844 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ). فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً، قَالَ:(اذْهَبْ، فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ).

[ر: 1763]

ص: 1094

‌139 - بَاب: الْجَاسُوسِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} /الممتحنة: 1/. التَّجَسُّسُ:

⦗ص: 1095⦘

التَّبَحُّثُ.

ص: 1094

2845 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ:

بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا والزُّبَيْرَ والْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ، قَالَ:(انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً، وَمَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا). فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ، فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(يَا حَاطِبُ مَا هَذَا). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ، يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا، وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(لَقَدْ صَدَقَكُمْ). قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، قَالَ:(إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ). قَالَ سُفْيَانُ: وَأَيُّ إِسْنَادٍ هَذَا.

[2915، 3762، 4025، 4608، 5904، 6540]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم، رقم:2494. (روضة خاخ) موضع بين مكة والمدينة. (ظعينة) المرأة في الهودج، وقيل المرأة عامة، واسمها سارة، وقيل كنود. (تعادى بنا) تباعد وتجاري. (عقاصها) هو الشعر المضفور. (ملصقا) مضافا إليهم ولست منهم، وقيل معناه: حليفا، ولم يكن من نفس قريش وأقربائهم. (يدا) نعمة ومنة عليهم. (اطلع) نظر إليهم وعلم حالهم وما سيكون منهم. (وأي إسناد هذا) أراد تعظيم هذا الإسناد وبيان صحته وقوته، لأن رجاله هم العدول الثقات الحفاظ.

ص: 1095

140 -

بَاب: الْكِسْوَةِ لِلْأُسَارَى.

ص: 1095

2846 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، أُتِيَ بِأُسَارَى، وَأُتِيَ بِالْعَبَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ

⦗ص: 1096⦘

عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُ قَمِيصًا، فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَدٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يُكَافِئَهُ.

[ر: 1211]

(يقدر عليه) يجيء على مقداره. (ألبسه) لعبد الله بعد موته. (يد) نعمة.

ص: 1095

‌141 - بَاب: فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ.

ص: 1096

2847 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلٌ رضي الله عنه، يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ: (لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ). فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ: أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يرجونه، فَقَالَ:(أَيْنَ عَلِيٌّ). فَقِيلَ: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ، فَقَالَ: أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: (انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ).

[ر: 2783]

ص: 1096

‌142 - بَاب: الْأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ.

ص: 1096

2848 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ).

(عجب الله) رضي عن ذلك وأثاب عليه. (في السلاسل) هو مجاز عن دخولهم في الإسلام مكرهين، ثم يحسن حالهم، فيكون ذلك سبب دخولهم الجنة.

ص: 1096

‌143 - بَاب: فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ.

ص: 1096

2849 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيٍّ أَبُو حَسَنٍ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْأَمَةُ، فَيُعَلِّمُهَا فَيُحْسِنُ تَعْلِيمَهَا، وَيُؤَدِّبُهَا فَيُحْسِنُ أَدَبَهَا، ثُمَّ يُعْتِقُهَا فَيَتَزَوَّجُهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمُؤْمِنُ أَهْلِ الْكِتَابِ، الَّذِي كَانَ مُؤْمِنًا، ثُمَّ آمَنَ

⦗ص: 1097⦘

بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَهُ أَجْرَانِ، وَالْعَبْدُ الَّذِي يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ).

ثُمَّ قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَأَعْطَيْتُكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِي أَهْوَنَ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ.

[ر: 97]

ص: 1096

‌144 - بَاب: أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَابُ الْوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ.

{بَيَاتًا} /الأعراف: 4/: لَيْلًا. {لَنُبَيِّتَنَّهُ} /النمل: 49/: لَيْلًا. {بَيَّتُ} /النساء: 81/: لَيْلًا.

(بياتا) الآية بتمامها: {وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون} . (بأسنا) عذابنا ونقمتنا. (قائلون) من القيلولة وهي النوم وسط النهار. (لنبيتنه) والآية بتمامها: {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون} . (تقاسموا) احلفوا. (لنبيتنه) لنباغتنه بالإهلاك ليلا. (لوليه) الذي له حق المطالبة بدمه. (شهدنا) حضرنا. (بيت) والآية بتمامها: {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا} . (يقولون) أي المنافقون. (طاعة) أمرنا وحالنا طاعة لك. (بيت) دبروا في الخفاء أو الليل. (طائفة) جماعة، وهم رؤساؤهم. (يكتب) يحصي عليهم، ليحاسبهم على سوء فعلهم وقصدهم. (وكيلا) مفوضا إليه.

ص: 1097

2850 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنهم قَالَ:

مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، قَالَ:(هُمْ مِنْهُمْ). وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ تعالى وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم).

وَعَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّه سمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا الصَّعْبُ فِي الذَّرَارِيِّ: كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثُنَا، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَسَمِعْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ الصَّعْبِ، قَالَ:(هُمْ مِنْهُمْ). وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ عَمْرٌو: (هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ).

[ر: 2241]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد، رقم:1745. (بالأبواء أو بودان) موضعان بين مكة والمدينة. (يبيتون) يغار عليهم في الليل، فلا يعرف رجل من امرأة. (فيصاب) بالقتل وغيره. (هم منهم) أي من المشركين، فلا حرج في

إصابتهم إذا كانوا مختلطين معهم، ولا يمكن الوصول إلى قتل الكبار إلا بقتلهم، وليس المراد قتلهم بطريق القصد إليهم.

ص: 1097

‌145 - بَاب: قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ.

ص: 1098

2851 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ:

أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.

[2852]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب، رقم:1744.

ص: 1098

‌146 - بَاب: قَتْلِ النِّسَاءِ فِي الْحَرْبِ.

ص: 1098

2852 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.

[ر: 2851]

ص: 1098

‌147 - بَاب: لَا يُعَذَّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ.

ص: 1098

2853 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:

بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْثٍ فَقَالَ: (إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ). ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ: (إِنِّي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا).

[ر: 2795]

ص: 1098

2854 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ:

أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه حَرَّقَ قَوْمًا، فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ). وَلَقَتَلْتُهُمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ).

[6524]

ص: 1098

‌148 - بَاب: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} /محمد: 4

/.

فِيهِ حَدِيثُ ثُمَامَةَ.

[ر: 450].

وَقَوْلُهُ عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حتى يثخن في الأرض - يعني: يغلب

⦗ص: 1099⦘

في الأرض - تريدون عرض الدنيا}. الآية /الأنفال: 67/.

(منا) تمنون على أسرى المشركين فتطلقونهم بدون عوض. (فداء) تطلقون سراحهم مقابل مال يدفعونه، أو أسرى من المسلمين يطلقونهم. (ما كان .. ) وتمامها:{والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم} . (يكون له أسرى) ويأخذ عنهم الفداء. (يثخن في الأرض) يكثر القتال في الكافرين. (عرض الدنيا) حطامها وهو المال وغيره.

ص: 1098

‌149 - بَاب: هَلْ لِلْأَسِيرِ أَنْ يَقْتُلَ وَيَخْدَعَ الَّذِينَ أَسَرُوهُ حَتَّى يَنْجُوَ مِنَ الْكَفَرَةِ.

فِيهِ الْمِسْوَرُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2581].

ص: 1099

‌150 - بَاب: إِذَا حَرَّقَ الْمُشْرِكُ الْمُسْلِمَ هَلْ يُحَرَّقُ.

ص: 1099

2855 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ، ثَمَانِيَةً، قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْغِنَا رِسْلًا، قَالَ:(مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلَّا أَنْ تَلْحَقُوا بِالذَّوْدِ). فَانْطَلَقُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ النَّبِيَّ

صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ الطَّلَبَ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا، وَطَرَحَهُمْ بِالْحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَمَا يُسْقَوْنَ، حَتَّى مَاتُوا.

قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: قَتَلُوا وَسَرَقُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَسَعَوْا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا.

[ر: 231]

(ابغنا) أعنا، من الإبغاء، وهو الإعانة على الطلب. (رسلا) درا من اللبن. (الصريخ) الصوت الصارخ المستغيث. (الطلب) جمع طالب، وهم الذين خرجوا يطلبون هؤلاء الباغين ليمسكوا بهم. (ترجل) ارتفعت شمسه واشتد حره.

ص: 1099

2856 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وأبي سَلَمَةَ: أن أبا هريرة رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ).

[3141]

أخرجه مسلم في السلام، باب: النهي عن قتل النمل، رقم:2241. (بقرية النمل) موضع اجتماعه. (أمة) الجيل من كل حي. (تسبح) تنزه وتقدس، قال الله تعالى:{وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا} /الإسراء: 44/. (تفقهون) تفهمون.

ص: 1099

‌151 - بَاب: حَرْقِ الدُّورِ وَالنَّخِيلِ.

ص: 1100

2857 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: قَالَ لِي جَرِيرٌ:

قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ). وَكَانَ بَيْتًا فِي خَثْعَمَ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةِ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، قَالَ: وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ:(اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا). فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُهُ، فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْوَفُ، أَوْ أَجْرَبُ. قَالَ: فَبَارَكَ فِي خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ.

[2871، 2911، 3611، 4097 - 4099، 5739، 5974]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، رقم:2476. (تريحني) تريح قلبي وذهني من الضلال بسببه. (ذي الخلصة) بيت أصنام كانت تعبدها دوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم. (أحمس) قبيلة من العرب. (أجوف) مجوف، أي خال عن كل ما يكون في البطن، والمراد أنه فني بالكلية. (أجرب) أي مطلي بالقطران من الجرب، أي إنها اسودت من الإحراق.

ص: 1100

2858 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

حَرَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ.

[ر: 2201]

ص: 1100

‌152 - بَاب: قَتْلِ النَّائِمِ الْمُشْرِكِ.

ص: 1100

2859 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:

بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا مِنْ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ لِيَقْتُلُوهُ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَدَخَلَ حِصْنَهُمْ، قَالَ: فَدَخَلْتُ فِي مَرْبِطِ دَوَابَّ لَهُمْ، قَالَ: وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ فَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ، فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَهُ، فَخَرَجْتُ فِيمَنْ خَرَجَ، أُرِيهِمْ أَنَّنِي أَطْلُبُهُ مَعَهُمْ، فَوَجَدُوا الْحِمَارَ فَدَخَلُوا وَدَخَلْتُ،

⦗ص: 1101⦘

وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ لَيْلًا، فَوَضَعُوا الْمَفَاتِيحَ فِي كَوَّةٍ حَيْثُ أَرَاهَا، فَلَمَّا نَامُوا أَخَذْتُ الْمَفَاتِيحَ، فَفَتَحْتُ بَابَ الْحِصْنِ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، فَأَجَابَنِي، فَتَعَمَّدْتُ الصَّوْتَ فَضَرَبْتُهُ فَصَاحَ، فَخَرَجْتُ ثُمَّ جِئْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ كَأَنِّي مُغِيثٌ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، فَقَالَ: مَا لَكَ لِأُمِّكَ الْوَيْلُ، قُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي مَنْ دَخَلَ عَلَيَّ فَضَرَبَنِي، قَالَ: فَوَضَعْتُ سَيْفِي فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ حَتَّى قَرَعَ الْعَظْمَ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَأَنَا دَهِشٌ، فَأَتَيْتُ سُلَّمًا لَهُمْ لِأَنْزِلَ مِنْهُ فَوَقَعْتُ، فَوُثِئَتْ رِجْلِي، فَخَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِبَارِحٍ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى سَمِعْتُ نَعَايَا أَبِي رَافِعٍ تَاجِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ، قَالَ: فَقُمْتُ وَمَا بِي قَلَبَةٌ، حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ.

(رهطا) جماعة من الرجال ما بين الثلاثة إلى التسعة. (من الأنصار) وهم عبد الله بن عتيك، وعبد الله بن عتبة، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة، والأسود الخزاعي، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن عقبة، وكان معهم أسعد بن حرام حليف بني سوادة، رضي الله عنهم. (رجل) هو عبد الله بن عتيك. (كوة) ثقب في جدار البيت. (الويل) الهلاك. (تحاملت عليه) تكلفته على مشقة. (قرع العظم) أصابه، وأصل القرع الضرب. (دهش) متحير مدهوش. (فوثئت) من الوثء، وهو أن يصيب العظم صدع من غير بينونة. (ببارح) بذاهب. (الناعية) من النعي وهو الإخبار بالموت. (قلبة) علة.

ص: 1100

2860 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:

بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا مِنْ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا، فَقَتَلَهُ وَهُوَ نَائِمٌ.

[3812 - 3814]

ص: 1101

‌153 - بَاب: لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ.

ص: 1101

2861 -

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنْتُ كَاتِبًا لَهُ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، حِينَ خَرَجَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ، فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ:

إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ، انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ:(أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ).

ص: 1101

2862 -

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ: كُنْت كَاتِبًا لِعُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَأَتَاهُ كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ).

[ر: 2663]

ص: 1102

2863 -

وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا).

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: كراهة تمني لقاء العدو، رقم:1741.

ص: 1102

‌154 - بَاب: الْحَرْبُ خَدْعَةٌ.

ص: 1102

2864 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (هَلَكَ كِسْرَى، ثُمَّ لَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ ثُمَّ لَا يَكُونُ قَيْصَرٌ بَعْدَهُ، وَلَتُقْسَمَنَّ كنوزهما فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

وَسَمَّى الْحَرْبَ خَدْعَةً.

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز الخداع في الحرب، رقم:1740. وفي الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل، رقم: 2918. (هلك) مات. (كسرى) لقب ملك الفرس. (قيصر) لقب ملك الروم. (كنوزهما) جمع كنز وهو المال المدفون، والمال الذي يجمع ويدخر. (خدعة) المرة الواحدة من الخداع، معناه: استعمل الحيلة في الحرب ما أمكنك، فإذا أعيتك الحيل فقاتل، وقيل: معناه: أن من خدع فيها مرة واحدة عطب وهلك ولا عودة له.

ص: 1102

2865 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَصْرَمَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْحَرْبَ خَدْعَةً.

[2952، 3422، 6255]

ص: 1102

2866 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْحَرْبُ خَدْعَةٌ).

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز الخداع في الحرب، رقم:1739.

ص: 1102

‌155 - بَاب: الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ.

ص: 1102

2867 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو، بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ

⦗ص: 1103⦘

عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ). قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (نَعَمْ). قَالَ: فَأَتَاهُ: فَقَالَ: إِنَّ هَذَا - يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ، قَالَ: وَأَيْضًا، وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ، قَالَ: فَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ، حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ.

[ر: 2375]

(عنانا) أتعبنا. (لتملنه) لتضجرن منه.

ص: 1102

‌156 - بَاب: الْفَتْكِ بِأَهْلِ الْحَرْبِ.

ص: 1103

2868 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ). فَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ). قَالَ: فَأْذَنْ لِي فَأَقُولَ، قَالَ:(قَدْ فَعَلْتُ).

[ر: 2375]

ص: 1103

‌157 - بَاب: مَا يَجُوزُ مِنَ الِاحْتِيَالِ وَالْحَذَرِ، مَعَ مَنْ تخشى مَعَرَّتَهُ.

(معرته) شدته وما يكره منه من فساد.

ص: 1103

2869 -

قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ:

انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، فَحُدِّثَ بِهِ فِي نَخْلٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّخْلَ، طَفِقَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَابْنُ صَيَّادٍ فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْرَمَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا صَافِ هَذَا مُحَمَّدٌ، فَوَثَبَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ).

[ر: 1289]

ص: 1103

‌158 - بَاب: الرَّجَزِ فِي الْحَرْبِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ.

فِيهِ سَهْلٌ وَأَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2679، 3586]

وَفِيهِ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ.

[ر: 3960]

ص: 1103

2870 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ:

رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ الشَّعَرِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللَّهِ بن رواحة:

⦗ص: 1104⦘

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا

وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

إِنَّ الاعدا قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ.

[ر: 2681]

ص: 1103

‌159 - بَاب: مَنْ لَا يَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ.

ص: 1104

2871 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه قَالَ:

مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي. وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ إِنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ:(اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا).

[ر: 2857]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، رقم:2475. (ما حجبني) ما منعني من دخول داره، أي كان يأذن كلما استأذن، وليس معناه أنه يدخل بدون استئذان، أو يرى أزواجه.

ص: 1104

‌160 - بَاب: دَوَاءِ الْجُرْحِ بِإِحْرَاقِ الْحَصِيرِ، وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ عَنْ أَبِيهَا الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَحَمْلِ الْمَاءِ فِي التُّرْسِ.

ص: 1104

2872 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ: سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رضي الله عنه:

بِأَيِّ شَيْءٍ دُووِيَ جُرْحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، كَانَ عَلِيٌّ يَجِيءُ بِالْمَاءِ فِي تُرْسِهِ، وَكَانَتْ - يَعْنِي فَاطِمَةَ - تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأُحْرِقَ، ثُمَّ حُشِيَ بِهِ جُرْحُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 240]

ص: 1104

‌161 - بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَازُعِ وَالِاخْتِلَافِ فِي الْحَرْبِ، وَعُقُوبَةِ مَنْ عَصَى إِمَامَهُ.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} /الأنفال: 46/.

قَالَ قَتَادَةُ: الرِّيحُ الْحَرْبُ.

(تفشلوا) من الفشل، وهو الفزع والجبن والضعف. (ريحكم) قوتكم.

ص: 1104

2873 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا وأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: (يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا

⦗ص: 1105⦘

وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا).

[4086 - 4088، 5773، 6751]

(يسرا) خذا بما فيه من التيسير. (ولا تعسرا) من التعسير وهو التشديد. (بشرا) من التبشير وهو إدخال السرور. (ولا تنفرا) من التنفير، أي لا تذكرا شيئا يهربون منه. (تطاوعا) تحابا وليطع كل منكما الآخر.

ص: 1104

2874 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما يُحَدِّثُ قَالَ:

جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ - وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ: (إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ، فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ). فَهَزَمُوهُمْ، قَالَ: فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ، قَدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ، رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ. فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْغَنِيمَةَ أَيْ قَوْمِ الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالُوا: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلًا. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يسؤوك. قَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً، لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَلَا تجيبونه). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَقُولُ؟ قَالَ:

⦗ص: 1106⦘

(قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ). قَالَ: إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَلَا تجيبونه). قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَقُولُ؟ قَالَ: (قُولُوا اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ).

[3764، 3817، 3840، 4285]

(الرجالة) جمع راجل، وهو الذي يقاتل على رجليه. (تخطفنا الطير) من الخطف وهو استلاب الشيء وأخذه بسرعة، معناه: إن قتلنا وأكلت لحومنا الطير فلا تتركوا أماكنكم، وقيل: هو مثل يراد به الهزيمة. (أوطأناهم) مشينا عليهم بعد أن وقعوا قتلى على الأرض. (النساء) نساء المشركين. (يشتددن) يعدون. (خلاخلهن) جمع خلخال وهو ما يوضع في الرجل من الحلي. (الغنيمة) الزموها وحوزوها. (أي قوم) يا قوم. (ظهر) غلب. (صرفت وجوههم) قلبت وحولت إلى الموضع الذي جاؤوا منه. (أخراهم) جماعتهم المتأخرة. (سجال) مرة لهؤلاء ومرة لهؤلاء. (مثلة) وهي قطع الأنوف وبقر البطون نحو ذلك .. (يرتجز) من الرجز وهو نوع من أوزان الشعر. (هبل) اسم صنم كان في الكعبة. (العزى) تأنيث الأعز، اسم صنم كان لقريش. (مولانا) ناصرنا.

ص: 1105

‌162 - بَاب: إِذَا فَزِعُوا بِاللَّيْلِ.

ص: 1106

2875 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، قَالَ: وَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً، سَمِعُوا صَوْتًا، قَالَ: فَتَلَقَّاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ، فَقَالَ:(لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا). ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (وَجَدْتُهُ بَحْرًا). يَعْنِي الْفَرَسَ.

[ر: 2484]

ص: 1106

‌163 - بَاب: مَنْ رَأَى الْعَدُوَّ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا صَبَاحَاهْ، حَتَّى يُسْمِعَ النَّاسَ.

ص: 1106

2876 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ:

خَرَجْتُ مِنْ الْمَدِينَةِ ذَاهِبًا نَحْوَ الْغَابَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الْغَابَةِ لَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قُلْتُ وَيْحَكَ مَا بِكَ؟ قَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ وَفَزَارَةُ، فَصَرَخْتُ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ أَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا: يَا صَبَاحَاهْ يَا صَبَاحَاهْ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ حَتَّى أَلْقَاهُمْ وَقَدْ أَخَذُوهَا، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَقُولُ:

أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ

وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ.

فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا، فَأَقْبَلْتُ بِهَا أَسُوقُهَا، فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ، وَإِنِّي أَعْجَلْتُهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُمْ، فَابْعَثْ فِي إِثْرِهِمْ، فَقَالَ:

⦗ص: 1107⦘

(يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ: مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ، إِنَّ الْقَوْمَ يُقْرَوْنَ فِي قَوْمِهِمْ).

[3958]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة ذي قرد وغيرها، رقم:1806. (الغابة) موضع من المدينة على طريق الشام، والغابة في الأصل الأشجار الكثيفة الملتفة. (بثنية) هي الطريق في الجبل أو بين الجبلين، وقيل المرتفع منه. (ويحك) كلمة ترحم، عكس ويل فهي كلمة عذاب. (لقاح) هي الإبل الحلوب، الواحدة لقوح. (غطفان وفزارة) قبيلتان من العرب، وكان على رأس المغيرين عيينة بن حصن الفزاري. (لابتيها) لابتي المدينة، واللابة الحرة، وهي أرض ذات حجارة سود. (يا صباحاه) كلمة يقولها المستغيث، وكأنه ينادي الناس مستغيثا بهم في وقت الصباح. (اندفعت) أسرعت في السير. (الرضع) جمع راضع، قيل: هو الذي رضع اللؤم من ثدي أمه وغذي به، والمعنى: اليوم يوم هلاك اللئام، وقيل غير ذلك. (ملكت) قدرت عليهم. (فأسجح) فارفق، من الإسجاح وهو حسن العفو. (يقرون) يضافون، والمعنى: أنهم وصلوا إلى قومهم وهم يضيفونهم ويساعدونهم، فلا فائدة في البعث في أثرهم.

ص: 1106

‌164 - بَاب: مَنْ قَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ فُلَانٍ.

وَقَالَ سَلَمَةُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ.

[ر: 2876]

ص: 1107

2877 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ الْبَرَاءَ رضي الله عنه فَقَالَ:

يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَوَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ الْبَرَاءُ، وَأَنَا أَسْمَعُ: أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوَلِّ يَوْمَئِذٍ، كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذًا بِعِنَانِ بَغْلَتِهِ، فَلَمَّا غَشِيَهُ الْمُشْرِكُونَ نَزَلَ، فَجَعَلَ يَقُولُ:(أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ). قَالَ: فَمَا رُئِيَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مِنْهُ.

[ر: 2709]

(بعنان) وهو سير لجام الفرس. (غشيه المشركون) أحاطوا به.

ص: 1107

‌165 - بَاب: إِذَا نَزَلَ الْعَدُوُّ عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ.

ص: 1107

2878 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، هُوَ ابْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ). فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ:(إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ). قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ، قَالَ:(لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ).

[3593، 3895، 5907]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز قتال من نقض العهد، رقم:1768. (نزلوا على حكمك) رضوا أن تحكم فيهم. (المقاتلة) البالغين الذين من شأنهم أن يقاتلوا. (تسبى الذرية) يؤخذ النساء والصبيان سبيا، فيجعلون أرقاء ويوزعون على الغانمين المسلمين. (بحكم الملك) بالحكم الذي يريده الله تعالى.

ص: 1107

‌166 - بَاب: قَتْلِ الْأَسِيرِ، وَقَتْلِ الصَّبْرِ

ص: 1107

2879 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ

⦗ص: 1108⦘

فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ:(اقْتُلُوهُ).

[ر: 1749]

ص: 1107

‌167 - بَاب: هَلْ يَسْتَأْسِرُ الرَّجُلُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَأْسِرْ، وَمَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ.

ص: 1108

2880 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ، وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ ومَكَّةَ، ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ، يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لَحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنْ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لجؤوا إِلَى فَدْفَدٍ وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، وَلَا نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا. قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لَا أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الْأَنْصَارِيُّ وابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ فِي هَؤُلَاءِ لَأُسْوَةً، يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ: أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ

⦗ص: 1109⦘

ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ، قَالَتْ: فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي، فَقَالَ: تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ. وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللَّهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا:

وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا

عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ

يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا. وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يقطعوا مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا.

[3767، 3858، 6967]

(رهط) جماعة من الرجال ما دون العشرة، وقيل ما دون الأربعين. (سرية) قطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو، وهذه السرية تسمى سرية الرجيع، وكانت في صفر سنة أربع من الهجرة، والرجيع اسم لماء بين مكة وعسفان. (عينا) جاسوسا يستطلع أخبار العدو. (بالهدأة) اسم موضع. (فاقتصوا آثارهم) اتبعوها. (فدفد) موضع مرتفع أو مكان مشرف. (أعطونا بأيديكم) استسلموا لنا. (لكم العهد والميثاق) لكم منا الذمة أن لا نغدر بكم. (في سبعة) في جملة سبعة. (رجل آخر) هو عبد الله ابن طارق البلوي. (قسيهم) جمع قوس، وهو ما يرمى عنه بالنبل. (فابتاع) اشترى. (موسى) سكينا صغيرة من حديد. (يستحد) من الاستحداد وهو حلق شعر العانة، وهي ما ينبت حول الفرج. (فزعة) خوفة. (عرفها) رأى أثرها. (قطف) عنقود. (لموثق) لمربوط في الحديد. (ذروني) اتركوني. (الحل) خارج الحرم. (ما بي) صلاتي واستمهالي. (جزع) خوف وضجر، وهو ضد الصبر. (أحصهم عددا) استأصلهم بالهلاك ولا تبق منهم أحدا. (مصرعي) موتي وهلاكي. (أوصال) جمع وصل، وهو المفصل أو مجتمع العظام. (شلو) عضو، أو قطعة من اللحم. (ممزع) مقطع. (مثل الظلة) السحابة المظلة. (الدبر) ذكور النحل أو الزنابير، واحدة دبرة.

ص: 1108

‌168 - بَاب: فَكَاكِ الْأَسِيرِ.

فِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1109

2881 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (فُكُّوا الْعَانِيَ، يَعْنِي: الْأَسِيرَ، وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ).

[4879، 5058، 5325، 6752]

(فكوا) خلصوا. (العاني) الأسير، وكل من وقع في ذل واستكانة وخضوع. (الجائع) من آدمي وغيره. (عودوا) من العيادة وهي زيارة المريض.

ص: 1109

2882 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ: أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قُلْتُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْوَحْيِ إِلَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ: الْعَقْلُ، وَفَكَاكُ الْأَسِيرِ، وأن لا يقتل مسلم بكافر.

[ر: 111]

(فلق الحبة) شقها في الأرض حتى تنبت ثم تثمر. (برأ) خلق. (النسمة) النفس.

ص: 1110

‌169 - باب: فداء المشركين.

ص: 1110

2883 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ. فَقَالَ:(لَا تَدَعُونَ مِنْهَا دِرْهَمًا).

[ر: 2400]

(لابن أختنا) فهم أخوال أبيه عبد المطلب. (فداءه) المال الذي يفتدي به نفسه من الأسر.

ص: 1110

2884 -

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:

أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ، فَجَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي، فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا، فَقَالَ:(خُذْ). فَأَعْطَاهُ فِي ثَوْبِهِ.

[ر: 411]

ص: 1110

2885 -

حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ جَاءَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ، قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ.

[ر: 731]

ص: 1110

‌170 - بَاب: الْحَرْبِيِّ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ.

ص: 1110

2886 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ). فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ.

انظر مسلم: الجهاد والسير، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل، رقم:1754. (عين) جاسوس. (انفتل) انصرف. (فقتله) أي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه. (فنفله) أعطاه، والنفل ما يشترطه الإمام لمن يقوم بعمل ذي خطر. (سلبه) هو كل ما يكون مع المقتول من مركب أو سلاح أو متاع.

ص: 1110

‌171 - بَاب: يُقَاتَلُ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا يُسْتَرَقُّونَ.

ص: 1111

2887 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:

وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلَا يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ.

[ر: 1328]

ص: 1111

‌172 - بَاب: جَوَائِزِ الْوَفْدِ.

هَلْ يُسْتَشْفَعُ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمُعَامَلَتِهِمْ.

يوجد في أكثر النسخ بعد ترجمة هذا الباب، وبدون أحاديث، باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم.

ص: 1111

2888 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ قَالَ: يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى خَضَبَ دَمْعُهُ الْحَصْبَاءَ، فَقَالَ:

اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَقَالَ:(ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا). فَتَنَازَعُوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا: هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: (دَعُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تدعونني إِلَيْهِ). وَأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: (أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ). وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ.

وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَأَلْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَقَالَ: مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: وَالْعَرْجُ أَوَّلُ تِهَامَةَ.

[ر: 114]

أخرجه مسلم في الوصية، باب: ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، رقم:1637. (خضب) بلل ورطب. (الحصباء) الحصى الصغيرة. (هجر) أي يتكلم بما لا يعرف لشدة وجعه، وفي نسخة (أهجر) بهمزة استفهام أي أنكر بعض الحاضرين على من قال لا تكتبوا، وقال: لا تجعلوا كلامه ككلام من خلط وهذى. (أجيزوا الوفد) أعطوه جائزته، وهي العطية المستحقة، والوفد قوم يجتمعون ويردون البلاد، أو يقصدون الأمراء، لزيارة أو شأن. (الثالثة) التي أوصى بها، وقيل: هي القرآن، وقيل: تجهيز جيش أسامة بنت زيد رضي الله عنهما. (العرج) قرية على طريق مكة من المدينة.

ص: 1111

‌173 - بَاب: التَّجَمُّلِ لِلْوُفُودِ.

ص: 1111

2889 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ

⦗ص: 1112⦘

سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

وَجَدَ عُمَرُ حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ، فَتَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَلِلْوُفُودِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ، أَوْ: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ). فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ حَتَّى أَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ، أَوْ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ، ثُمَّ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ؟ فَقَالَ:(تَبِيعُهَا، أَوْ تُصِيبُ بِهَا بَعْضَ حَاجَتِكَ).

[ر: 846]

(إستبرق) ما غلظ من الحرير. (ابتع) اشتر. (فتجمل) فتزين.

ص: 1111

174 -

بَاب كَيْفَ يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الصَّبِيِّ.

ص: 1112

2890 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ صَيَّادٍ يَحْتَلِمُ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ). فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَاذَا تَرَى). قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(خُلِطَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ). قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا). قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ). قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ).

(خبيئا) وفي رواية (خبأ) وفي ثالثة (خبأ) أي أخفيت لك شيئا فاحزره.

ص: 1112

2891 -

قَالَ ابْنُ عُمَرَ:

انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، يَأْتِيَانِ النَّخْلَ، الَّذِي فِيهِ ابْنُ صَيَّادٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ النَّخْلَ، طَفِقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يَخْتِلُ ابْنَ صَيَّادٍ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، وَابْنُ صَيَّادٍ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ فِي

⦗ص: 1113⦘

قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ، فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: أَيْ صَافِ، وَهُوَ اسْمُهُ، فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ).

[ر: 1289]

ص: 1112

2892 -

وَقَالَ سَالِمٌ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ:

ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ:(إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ).

[ر: 3159]

ص: 1113

‌175 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْيَهُودِ: (أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا).

قَالَهُ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

[ر: 2996]

(تسلموا) في الدنيا من القتل والجزية، وفي الآخرة من العقاب والخلود في النار.

ص: 1113

‌176 - بَاب إِذَا أَسْلَمَ قَوْمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَهُمْ مَالٌ وَأَرَضُونَ، فَهِيَ لَهُمْ

ص: 1113

2893 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا؟ فِي حَجَّتِهِ، قَالَ:(وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا). ثُمَّ قَالَ: (نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ الْمُحَصَّبِ، حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْكُفْرِ). وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ: أَنْ لَا يُبَايِعُوهُمْ وَلَا يُؤْوُوهُمْ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَالْخَيْفُ: الْوَادِي.

[ر: 1511]

ص: 1113

2894 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا عَلَى الْحِمَى، فَقَالَ: يَا هُنَيُّ اضْمُمْ جَنَاحَكَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ، وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ، وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ، فَإِنَّهُمَا إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَا إِلَى

⦗ص: 1114⦘

نَخْلٍ وَزَرْعٍ، وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ، وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ: إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا، يَأْتِنِي بِبَنِيهِ فَيَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ أفتاركهم أَنَا لَا أَبَا لَكَ، فَالْمَاءُ وَالْكَلَأُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ، إِنَّهَا لَبِلَادُهُمْ فَقَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلَادِهِمْ شِبْرًا.

(الحمى) موضعا يعينه الحاكم ويخصصه لرعي مواشي الزكاة وغيرها، مما يرجع ملكه إلى بيت مال المسلمين، ويمنع عامة الناس من الرعي فيه. (اضمم جناحك) هو كناية عن الرحمة والشفقة، والمعنى: كف يدك عن ظلم المسلمين. (أدخل) المرعى. (رب الصريمة) مصعر الصرمة، أي صاحب القطيعة القليلة من الإبل. (الغنيمة) مصغر الغنم، أي صاحب

الغنم القليلة. (وإياي ونعم) أحذرك تحذيرا بالغا أن تتركها تستوعب المرعى، فلا يبقى متسع لصاحب الصريمة والغنيمة. (لا أبا لك) هو في الأصل دعاء عليه، ولكن يراد باستعماله خلاف الحقيقة. (وايم الله) وعهد الله. (الكلأ) العشب. (الورق) الفضة. (المال الذي لا أحمل عليه) الإبل التي كان يحمل عليها ولا يجد ما يركبه من أجل الجهاد في سبيل الله تعالى.

ص: 1113

177 -

بَاب: كِتَابَةِ الْإِمَامِ النَّاسَ.

ص: 1114

2895 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ مِنَ النَّاسِ). فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ، فَقُلْنَا نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَهُ وَهُوَ خَائِفٌ.

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ: فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسَمِائَةٍ، قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: مَا بَيْنَ سِتِّمِائَةٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ.

أخرجه مسلم في الإيمان: باب: الاستسرار بالإيمان للخائف، رقم:149. (فقلنا) كان هذا القول عند حفر الخندق. (ابتلينا) من الابتلاء وهو الاختبار والامتحان، ومراده ما أصاب المسلمين بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من الفتن.

ص: 1114

2896 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي حَاجَّةٌ، قَالَ:(ارْجِعْ، فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ).

[ر: 1763]

ص: 1114

‌178 - بَاب: إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ.

ص: 1114

2897 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ (ح). وحَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ

⦗ص: 1115⦘

غَيْلَانَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خيبر، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ:(هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ). فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِي قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِلَى النَّارِ). قَالَ: فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَقَالَ:(اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ). ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ: (إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ).

[3967، 6232]

أخرجه مسلم في الإيمان: باب: غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه .. ، رقم:111. (شهدنا) حضرنا. (خيبر) أي فتحها. (يرتاب) يشك ويرتد عن دينه. (ليؤيد) ينصر ويحمي. (الفاجر) من الفجور وهو الانطلاق في المحرمات والمعاصي.

ص: 1114

‌179 - بَاب: مَنْ تَأَمَّرَ فِي الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ إِذَا خَافَ الْعَدُوَّ.

ص: 1115

2898 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ عَلَيْهِ، وَمَا يَسُرُّنِي، أَوْ قَالَ: مَا يَسُرُّهُمْ، أَنَّهُمْ عِنْدَنَا). وَقَالَ: وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَذْرِفَانِ.

[ر: 1189].

ص: 1115

‌180 - بَاب: الْعَوْنِ بِالْمَدَدِ.

ص: 1115

2899 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ رِعْلٌ وَذَكْوَانُ وَعُصَيَّةُ وَبَنُو لَحْيَانَ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا، وَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ، فَأَمَدَّهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ، قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُسَمِّيهِمْ الْقُرَّاءَ، يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، فَانْطَلَقُوا بِهِمْ، حَتَّى بَلَغُوا

⦗ص: 1116⦘

بِئْرَ مَعُونَةَ غَدَرُوا بِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ.

قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ: أَنَّهُمْ قرؤوا بِهِمْ قُرْآنًا: أَلَا بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا، بِأَنَّا قَدْ لَقِيَنَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا. ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ بَعْدُ.

[ر: 2647]

(استمدوه) طلبوا منه المدد. (فقنت) دعا في القيام. (رفع) نسخت تلاوته.

ص: 1115

‌181 - بَاب: مَنْ غَلَبَ الْعَدُوَّ فَأَقَامَ عَلَى عَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا.

ص: 1116

2900 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ.

تَابَعَهُ مُعَاذٌ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[3757]

(ظهر) غلب. (بالعرصة) التي تكون لدى من غلب، وهي البقعة الواسعة بغير بناء.

ص: 1116

‌182 - بَاب: مَنْ قَسَمَ الْغَنِيمَةَ فِي غَزْوِهِ وَسَفَرِهِ.

وَقَالَ رَافِعٌ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلًا، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ.

[ر: 2356]

ص: 1116

2901 -

حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسًا أَخْبَرَهُ قَالَ:

اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ.

[ر: 1687]

ص: 1116

‌183 - بَاب: إِذَا غَنِمَ الْمُشْرِكُونَ مَالَ الْمُسْلِمِ ثُمَّ وَجَدَهُ الْمُسْلِمُ.

ص: 1116

2902 -

قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(العدو) الكفار من أهل الحرب. (فظهر) غلب. (أبق) هرب.

ص: 1116

2903 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ:

أَنَّ عَبْدًا لِابْنِ عُمَرَ أَبَقَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ فَظَهَرَ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَرَدَّهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ فَرَسًا

⦗ص: 1117⦘

لِابْنِ عُمَرَ عَارَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ فَرَدُّوهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: عَارَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَيْرِ، وَهُوَ حِمَارُ وَحْشٍ، أَيْ هَرَبَ.

ص: 1116

2904 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ كَانَ عَلَى فَرَسٍ يَوْمَ لَقِيَ الْمُسْلِمُونَ، وَأَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ، فَلَمَّا هُزِمَ الْعَدُوُّ رَدَّ خَالِدٌ فَرَسَهُ.

ص: 1117

‌184 - بَاب: مَنْ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالرَّطَانَةِ.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} /الروم: 22/. {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} /إبراهيم: 4/.

(الرطانة) هي كل كلام غير عربي، وتطلق على كل كلام لا يفهم. (ألسنتكم) لغاتكم. (بلسان) بلغة.

ص: 1117

2905 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنْتُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ، فَصَاحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا، فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ).

[3875، 3876]

(بهيمة) مصغر بهمة وهي ولد الضأن ذكرا أم أنثى. (نفر) جماعة من الرجال من ثلاثة إلى عشرة، وقيل إلى سبعة. (سورا) هو الطعام الذي يدعى إليه الناس. (فحي هلا بكم) فأقبلوا أهلا بكم.

ص: 1117

2906 -

حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ:

أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَبِي وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(سَنَهْ سَنَهْ). قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَهِيَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَبَرَنِي أَبِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(دَعْهَا). ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي). قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ.

[3661، 5485، 5507، 5647]

(فزبرني) نهرني. (أبلي) من أبليت الثوب إذا جعلته عتيقا، وأخلقي بمعناه، والمعنى: عيشي وخرقي ثيابك وارقعيها، وهكذا. وفي نسخة (وأخلفي) من الخلف وهو العوض والبدل، أي: اكتسبي خلفه بعد بلائه. (فبقيت حتى ذكر) عاشت أم خالد حتى ذكر الراوي زمنا طويلا نسي طول مدته، ويروى (حتى ذكرت) أي صارت مذكورة عند الناس لخروجها عن العادة. وفي نسخة (دكن) من الدكنة وهي غبرة، أي اسود لونه من طول ما لبس.

ص: 1117

2907 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْفَارِسِيَّةِ:(كِخْ كِخْ، أَمَا تَعْرِفُ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ).

[ر: 1414]

(بالفارسية) أي هي كلمة فارسية في الأصل ولكنها عربت باستعمال العرب لها.

ص: 1118

‌185 - بَاب: الْغُلُولِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ} /آل عمران: 161/.

(يغلل) من الغلول، وهو الأخذ من الغنيمة خفية قبل قسمتها، وكان من خان في شيء خفية فقد غل.

ص: 1118

2908 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي حَيَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، قَالَ:(لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لها حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ).

وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ:(فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ).

[ر: 1337]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: غلظ تحريم الغلول، رقم:1831. (فذكر الغلول) تعرض لذكره وبيان حكمه. (عظم أمره) شدد في الانكار على فاعله. (لا ألفين) لا أجدن. (ثغاء) صوت الغنم. (حمحمة) صوت الفرس إذا طلب العلف. (لا أملك لك شيئا) من المغفرة، لأن الشفاعة أمرها إلى الله تعالى. (رغاء) صوت البعير. (صامت) الذهب والفضة ونحوهما. (رقاع) جمع رقعة وهي الخرقة. (تخفق) تتحرك.

ص: 1118

‌186 - بَاب: الْقَلِيلِ مِنَ الْغُلُولِ.

وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ حَرَّقَ مَتَاعَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ.

(ولم يذكر) أي ولم يذكر ابن عمرو رضي الله عنهما، في حديثه الآتي أن النبي صلى الله عليه وسلم حرق متاع كركرة الذي وجدت عنده عباءة قد غلها، أي أخذها من الغنيمة قبل قسمتها.

ص: 1118

2909 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:

كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(هُوَ فِي النَّارِ). فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ ابْنُ سَلَامٍ: كَرْكَرَةُ، يَعْنِي بِفَتْحِ الْكَافِ، وَهُوَ مَضْبُوطٌ كَذَا.

(ثقل) العيال وما يثقل حمله من الأمتعة. (هو في النار) يعذب فيها يوم القيامة على قدر ذنبه، ثم يخرج منها إن كان مات على الإسلام.

ص: 1119

187 -

بَاب: مَا يُكْرَهُ مِنْ ذَبْحِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ فِي الْمَغَانِمِ.

ص: 1119

2910 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعٍ قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، وَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَفِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِير، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَالَ:(هَذِهِ الْبَهَائِمُ لَهَا أَوَابِدُ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا). فَقَالَ جَدِّي: إِنَّا نَرْجُو، أَوْ نَخَافُ أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ فَقَالَ:(مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ).

[ر: 2356]

ص: 1119

‌188 - بَاب: الْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ.

ص: 1119

2911 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ قَالَ: قَالَ لِي جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ). وَكَانَ بَيْتًا فِيهِ خَثْعَمُ، يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةِ، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي فَقَالَ:(اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا). فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُهُ، فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ. فَبَارَكَ عَلَى خَيْلِ

⦗ص: 1120⦘

أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. قَالَ مُسَدَّدٌ: بَيْتٌ فِي خَثْعَمَ.

[ر: 2857]

ص: 1119

‌189 - بَاب: مَا يُعْطَى الْبَشِيرُ.

وَأَعْطَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ثَوْبَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بِالتَّوْبَةِ.

[ر: 4156]

(بالتوبة) أي بقبول توبته لأجل تخلفه عن غزوة تبوك.

ص: 1120

‌190 - بَاب: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ.

ص: 1120

2912 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: (لَا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا).

[ر: 1510]

ص: 1120

2913 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:

جَاءَ مُجَاشِعٌ بِأَخِيهِ مُجَالِدِ بْنِ مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَذَا مُجَالِدٌ يُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ:(لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ).

[ر: 2802]

ص: 1120

2914 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قَالَ عَمْرٌو وَابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ:

ذَهَبْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ بِثَبِيرٍ، فَقَالَتْ لَنَا: انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ.

[3687، 4058]

(مجاورة) نازلة. (بثبير) جبل في المزدلفة، على يسار الذاهب منها إلى منى. (انقطعت الهجرة) انتهى حكمها الذي كان قبل الفتح وهو الوجوب، والمراد الهجرة إلى المدينة.

ص: 1120

‌191 - بَاب: إِذَا اضْطَرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالْمُؤْمِنَاتِ إِذَا عَصَيْنَ اللَّهَ، وَتَجْرِيدِهِنَّ.

ص: 1120

2915 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِيُّ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ عُثْمَانِيًّا، فَقَالَ لِابْنِ عَطِيَّةَ، وَكَانَ عَلَوِيًّا:

إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا الَّذِي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ:(ائْتُوا رَوْضَةَ كَذَا، وَتَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً، أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا). فَأَتَيْنَا الرَّوْضَةَ فَقُلْنَا: الْكِتَابَ،

⦗ص: 1121⦘

قَالَتْ: لَمْ يُعْطِنِي، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ، فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِبٍ، فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ، وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ وَلَا ازْدَدْتُ لِلْإِسْلَامِ إِلَّا حُبًّا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي أَحَدٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا، فَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَإِنَّهُ قَدْ نَافَقَ، فَقَالَ:(مَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ). فَهَذَا الَّذِي جَرَّأَهُ.

[ر: 2845]

(حجزتها) الحجزة في الأصل معقد الإزار، وقد يراد بها المعقد مطلقا، ولعل هذا هو المراد هنا، لأنه مر في موطن آخر أنها أخرجته من عقاصها، وهي شعورها المضفورة. (فهذا الذي جرأه) أي قوله لأهل بدر:(اعملوا ما شئتم) هو الذي جرأ حاطبا على ما فعل.

ص: 1120

‌192 - بَاب: اسْتِقْبَالِ الْغُزَاةِ.

ص: 1121

2916 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَحُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:

قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِابْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهم: أتذكر إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ.

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهما، رقم:2427. (ابن الزبير) هو عبد الله رضي الله عنهما. (ابن جعفر) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما. (وتركك) لأنه ليس من بني عبد المطلب، وقد حمل واحدا أمامه وواحدا خلفه.

ص: 1121

2917 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ رضي الله عنه:

ذَهَبْنَا نَتَلَقَّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ.

[4164]

(نتلقى) نستقبله عند رجوعه من تبوك. (ثنية الوداع) التي من جهة تبوك في طريق الذاهب من المدينة إلى الشام، وكانوا إذا ودعوا مسافرا خرجوا معه إليها، والثنية الطريق في الجبل، وقيل: ما ارتفع من الأرض.

ص: 1121

‌193 - بَاب: مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْغَزْوِ.

2918 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَفَلَ كَبَّرَ ثَلَاثًا، قَالَ:(آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ حَامِدُونَ، لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ).

[ر: 1703]

ص: 1121

2919 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَقْفَلَهُ مِنْ عُسْفَانَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ أَرْدَفَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَعَثَرَتْ نَاقَتُهُ فَصُرِعَا جَمِيعًا، فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ:(عَلَيْكَ الْمَرْأَةَ). فَقَلَبَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهِ وَأَتَاهَا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهَا، وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا فَرَكِبَا، وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ:(آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ). فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ، حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ.

(مقفله) مرجعه. (عسفان) موضع على مرحلتين من مكة. (فصرعا) وقعا. (فاقتحم) من قحم في الأمر إذا رمى نفسه من غير روية. (عليك المرأة) الزمها فأصلح شأنها. (اكتنفنا) أحطنا به. (آيبون) راجعون.

ص: 1122

2920 -

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةُ مُرْدِفَهَا عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَثَرَتِ النَّاقَةُ، فَصُرِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْمَرْأَةُ، وَإِنَّ أَبَا طَلْحَةَ - قَالَ: أَحْسِبُ قَالَ - اقْتَحَمَ عَنْ بَعِيرِهِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، هَلْ أَصَابَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ:(لَا، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْمَرْأَةِ). فَأَلْقَى أَبُو طَلْحَةَ ثَوْبَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَصَدَ قَصْدَهَا، فَأَلْقَى ثَوْبَهُ عَلَيْهَا، فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ، فَشَدَّ لَهُمَا عَلَى رَاحِلَتِهِمَا فَرَكِبَا، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ، أَوْ قَالَ: أَشْرَفُوا عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ). فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا، حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ.

[5623، 5831]

(فقصد قصدها) اتجه نحوها. (بظهر المدينة) بظاهرها مشرفين عليها.

ص: 1122

‌194 - بَاب: الصَّلَاةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ.

ص: 1122

2921 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، قَالَ لِي:(ادْخُلِ الْمَسْجِدَ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ).

[ر: 432]

ص: 1122

2922 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ عُبَيْدِ الله بن كعب، عَنْ كَعْبٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ضُحًى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ.

[ر: 2606]

(ضحى) وقت ارتفاع النهار. (يجلس) للناس عند قدومه ليسلموا عليه.

ص: 1123

‌195 - بَاب: الطَّعَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْطِرُ لِمَنْ يَغْشَاهُ.

(لمن يغشاه) لأجل من يقدم عليه وينزل ضيفا لديه.

ص: 1123

2923 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً.

زَادَ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَارِبٍ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: اشْتَرَى مِنِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا بِوَقِيَّتَيْنِ، وَدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا، أَمَرَ بِبَقَرَةٍ فَذُبِحَتْ فَأَكَلُوا مِنْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْمَسْجِدَ فَأُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَوَزَنَ لِي ثَمَنَ الْبَعِيرِ.

ص: 1123

2924 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:

قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(صَلِّ رَكْعَتَيْنِ). صِرَارٌ مَوْضِعٌ نَاحِيَةٌ بِالْمَدِينَةِ.

[ر: 432]

ص: 1123

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 1125

61 -

أبواب الخمس

ص: 1125

‌1 - باب: فرض الخمس.

ص: 1125

2925 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما السلام أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيًّا قَال: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِيَ، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الْأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، رَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا شَارِفَايَ قَدِ اجْتُبَّ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ مِنْهُمَا، فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ فَقَالُوا: فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِي الَّذِي لَقِيتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَا لَكَ). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ، فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ، مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى

⦗ص: 1126⦘

عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى، وَخَرَجْنَا مَعَهُ.

[ر: 1983]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: تحريم الخمور .. ، رقم:1979. (اجتب) افتعل من الجب وهو القطع. (الذي لقيت) أثر ما أصابني من الحزن. (شرب) جمع شارب.

ص: 1125

2926 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ

الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ:

أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام، ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا، مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ). فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ، قَالَتْ: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ، وَصَدَقَتَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ. فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ، وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكٌ فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ وَقَالَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الْأَمْرَ، قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ.

[3508، 3810، 3998، 6346، 6349]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نورث .. ، رقم:1759. (أفاء الله) من الفيء وهو يأخذه المسلمون من عدوهم بدون قتال. (فهجرت) أي لازمت بيتها ولم تلتق به. (فدك) مكان بينه وبين المدينة مرحلتان. (صدقته) أملاكه التي صارت بعده صدقة موقوفة. (فدفعها) سلمها إليهما ليتصرفا فيها، وينتفعا منها بقدر حقهما، كما كان يتصرف النبي صلى الله عليه وسلم، لا على أنها ملك لهما. (تعروه) تنزل به وتنتابه. (نوائبه) جمع نائبة، وهي الحادثة التي تصيب الإنسان. (على ذلك) أي لم يغير حكمهما عما كان عليه زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

ص: 1126

2927 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، فَقَالَ مَالِكٌ:

بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي أَهْلِي حِينَ مَتَعَ النَّهَارُ، إِذَا رَسُولُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَأْتِينِي، فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَالَ: يَا مَالِ، إِنَّهُ

⦗ص: 1127⦘

قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ، فَاقْبِضْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي، قَالَ: اقْبِضْهُ أَيُّهَا الْمَرْءُ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ جَلَسَ يَرْفَا يَسِيرًا، ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا فَدَخَلَا فَسَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَقَالَ الرَّهْطُ، عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا، وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ، قَالَ عُمَرُ: تَيْدَكُمْ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ). يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ؟ قَالَ الرَّهْطُ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وعَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالَا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، ثُمَّ قَرَأَ:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ - إِلَى قَوْلِهِ - قَدِيرٌ} . فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، قَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ، حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ وعَبَّاسٍ: أنشدكم بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَ عُمَرُ: ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ

⦗ص: 1128⦘

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاللَّهُ يَعْلَمُ: إِنَّهُ فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَكُنْتُ أَنَا وَلِيَّ أَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ: إِنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي، وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، جِئْتَنِي يَا عَبَّاسُ تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا - يُرِيدُ عَلِيًّا - يُرِيدُ نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ). فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا، قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ: لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا، فَبِذَلِكَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وعَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، فَإِنِّي أَكْفِيكُمَاهَا.

[ر: 2748]

(ذكرا) شيئا منه. (متع النهار) ارتفع وطال ارتفاعه، وذلك قبل الزوال. (رمال سرير) ما ينسج من ورق النخيل ليضطجع عليه. (أدم) جلد. (يا مال) مرخم يا مالك، والترخيم: حذف آخر الاسم تخفيفا. (برضخ) عطية قليلة غير مقدرة. (هل لك في عثمان .. ) هل لك إذن فيهم ورغبة في دخولهم. (تيدكم) اسم فعل بمعنى اصبروا واتئدوا. (أنشدكم) أسألكم. (هذا الأمر) هذه المسألة، وهي العمل في تركة رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. (قَرَأَ) أي عمر رضي الله عنه، وتتمة الآية:{فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير} /الحشر: 6/. (أفاء) من الفيء وهو ما يغنمه المسلمون من أعدائهم بدون قتال. (أوجفتم) من الإيجاف وهو السير السريع. (ركاب) الإبل التي يركب عليها، أي فما حصلتموه بالقتال، ولكن الله تعالى سلط رسوله عليهم وهزمهم. (ما احتازها دونكم) ما جمعها واستأثر بها وحده، بل كان لكم منها نصيب. (استأثر) استبد وتخصص. (بثها فيكم) فرقها عليكم. (هذا المال) الذي هو نصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. (ولي) وصيه الذي يتولى أموره من بعده. (بار) محسن صادق وفي، من البر وهو الإحسان. (فتلتمسان) تطلبان.

ص: 1126

‌2 - بَاب: أَدَاءُ الْخُمُسِ مِنَ الدِّينِ.

ص: 1128

2928 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي حمزة الضُّبَعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأْخُذُ بِهِ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ:(آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، الْإِيمَانِ بِاللَّهِ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ - وَعَقَدَ بِيَدِهِ - وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُؤَدُّوا لِلَّهِ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ. وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ).

[ر: 53]

(عقد بيده) ثنى خنصره، أي كأنه يقول: هذه واحدة.

ص: 1128

‌3 - بَاب: نَفَقَةِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وَفَاتِهِ.

ص: 1128

2929 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ،

⦗ص: 1129⦘

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي ومؤونة عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ).

[ر: 2624]

ص: 1128

2930 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:

تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا فِي بَيْتِي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ.

[6086]

أخرجه مسلم في أوائل الزهد والرقائق، رقم:2973. (ذو كبد) حي من إنسان أو حيوان. (شطر شعير) شيء من شعير، وقيل نصف وسق منه، أو نصف صاع. (رف) شبه الطاقة، أو خشب يرفع عن الأرض إلى جنب الجدار، يوقى به ما يوضع عليه. (طال علي) زمن بقائه. (ففني) فرغ وانتهى ما فيه، قال العيني نقلا عن ابن بطال: كان الشعير الذي عند عائشة غير مكيل، فكانت البركة فيه من أجل جهلها بكيله، وكانت تظن في كل يوم أنه سيفنى لقلة كانت تتوهمها فيه، فلذلك طال عليها، فلما كالته علمت مدة بقائه، ففني عند تمام ذلك الأمد.

ص: 1129

2931 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ قَالَ:

مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا سِلَاحَهُ، وَبَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً.

[ر: 2588]

ص: 1129

‌4 - بَاب: مَا جَاءَ فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَا نُسِبَ مِنَ الْبُيُوتِ إِلَيْهِنَّ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} /الأحزاب: 33/. وَ: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} /الأحزاب: 53/.

(وقرن .. ) لا تخرجن من بيوتكن إلا لحاجة.

ص: 1129

2932 -

حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدٌ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:

لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ.

[ر: 195]

ص: 1129

2933 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها:

تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي، وَفِي نَوْبَتِي، وَبَيْن سَحْرِي وَنَحْرِي، وَجَمَعَ اللَّهُ

⦗ص: 1130⦘

بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ. قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِسِوَاكٍ، فَضَعُفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ، ثُمَّ سَنَنْتُهُ بِهِ.

[ر: 850]

(نوبتي) اليوم الذي يبيت فيه عندي حست قسمته قبل المرض. (سننته) سوكت النبي صلى الله عليه وسلم به، من الاستنان وهو أن يمر شيئا على الأسنان.

ص: 1129

2934 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ: أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ:

أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزُورُهُ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ مَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بِهِمَا رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ نَفَذَا، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(عَلَى رِسْلِكُمَا). قَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا).

[ر: 1930]

(نفذا) مضيا في طريقهما وتجاوزاه. (شيئا) وسيأتي الحديث رقم (3107) بلفظ "سوءا، أو قال: شيئا" وعند مسلم وأحمد: "شرا أو قال شيئا".

ص: 1130

2935 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

ارْتَقَيْتُ فَوْقَ بَيْتِ حَفْصَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْضِي حَاجَتَهُ، مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ.

[ر: 145]

ص: 1130

2936 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ حُجْرَتِهَا.

[ر: 519]

ص: 1130

2937 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا، فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ، فَقَالَ:(هُنَا الْفِتْنَةُ - ثَلَاثًا - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ).

[3105، 3320، 4990، 6679، 6680، وانظر: 990]

(هنا) أشار إلى جانب المشرق. (الفتنة) مثار الفتنة. (قرن الشيطان) جانب رأسه، والمعنى: يدني رأسه إلى الشمس وقت شروقها فيكون الساجدون للشمس ممن كان يعبدها كالساجدين له. وقيل: المراد بقرنه شيعته وأعوانه من الإنس.

ص: 1130

2938 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهَا:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ إِنْسَانٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أُرَاهُ فُلَانًا - لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ - الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ).

[ر: 2503]

ص: 1131

‌5 - بَاب: مَا ذُكِرَ مِنْ دِرْعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَصَاهُ وَسَيْفِهِ وَقَدَحِهِ وَخَاتَمِهِ، وَمَا اسْتَعْمَلَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ تذكر قِسْمَتُهُ، وَمِنْ شَعَرِهِ وَنَعْلِهِ وَآنِيَتِهِ مِمَّا يَتَبَرَّكُ به أَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ.

ص: 1131

2939 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ.

[5540]

(هذا الكتاب) أي الذي ذكرت فيه فريضة الزكاة وما يتعلق بها، انظر:1386.

ص: 1131

2940 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ:

أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ لَهُمَا قِبَالَانِ. فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[5519، 5520]

(جرداوين) تثنية جرداء مؤنث أجرد، أي البالي بحيث صار مجردا عن الشعر. (قبالان) تثنية قبال، وهو الزمام الذي بين الإصبع الوسطى والتي تليها، أو ما يشد به سير النعل.

ص: 1131

2941 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ:

أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ رضي الله عنها كِسَاءً مُلَبَّدًا، وَقَالَتْ: فِي هَذَا نُزِعَ رُوحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَزَادَ سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الَّتِي يَدْعُونَهَا الْمُلَبَّدَةَ.

[5480]

(كساء) هو الثوب الذي يلبس. (ملبدا) مرقعا، أو الملبد الكساء الغليظ الذي يركب بعضه على بعض. (إزارا) ما يلبس على أسافل البدن.

ص: 1131

2942 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ

⦗ص: 1132⦘

مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ. قَالَ عَاصِمٌ: رَأَيْتُ الْقَدَحَ وَشَرِبْتُ فِيهِ.

[5315]

(قدح) إناء يشرب به. (الشعب) الصدع والشق.

ص: 1131

2943 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي: أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ حَدَّثَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدُّؤَلِيِّ حَدَّثَهُ: أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ حَدَّثَهُ:

أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، مَقْتَلَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا، فَقَالَ لَهُ: فَهَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَا يُخْلَصُ إليه أَبَدًا حَتَّى تُبْلَغَ نَفْسِي، إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ عليها السلام، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ، فَقَالَ:(إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا). ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ. قَالَ:(حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي، وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا، وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا).

[ر: 884]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، رقم:2449. (أن يغلبك القوم عليه) يأخذوه منك بالقوة والاستيلاء. (وايم الله) يمين الله. (لا يخلص إليه) لا يصل إليه أحد أبدا. (تبلغ نفسي) تقبض روحي. (محتلم) بالغ. (تفتن في دينها) لا تصبر بسبب الغيرة فتفعل محرما في الدين. (صهرا له) هو أبو العاص بن الربيع زوج بنته زينب رضي الله عنهما، والصهر يطلق على الزوج وعلى أقاربه وعلى أقارب المرأة أيضا. (لست أحرم حلالا) أي لا أمنع عليا من الزواج، لأن هذا حلال له، كما أني لا أحرم عليه الجمع بين زوجتين، ولكني لا أحب أن يتزوج على فاطمة حتى لا يصيبها شيء يسيئها، فأنا لا أقول شيئا يخالف حكم الله تعالى، فلا أحرم ما أحله ولا أحل ما حرمه. (عدو الله) هو أبو جهل.

ص: 1132

2944 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ، عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ:

لَوْ كَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه ذَاكِرًا عُثْمَانَ رضي الله عنه ذَكَرَهُ يَوْمَ جَاءَهُ نَاسٌ، فَشَكَوْا سُعَاةَ عُثْمَانَ، فَقَالَ لِي عَلِيٌّ: اذْهَبْ إِلَى عُثْمَانَ فَأَخْبِرْهُ: أَنَّهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ

⦗ص: 1133⦘

صلى الله عليه وسلم، فَمُرْ سُعَاتَكَ يَعْمَلُونَ فِيهَا. فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: أَغْنِهَا عَنَّا، فَأَتَيْتُ بِهَا عَلِيًّا فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ضَعْهَا حَيْثُ أَخَذْتَهَا.

قَال الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُنْذِرًا الثَّوْرِيَّ، عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي: خُذْ هَذَا الْكِتَابَ فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَإِنَّ فِيهِ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَقَةِ.

(ذاكرا عثمان) أي بما لا يليق ولا يحسن. (سعاة) جمع ساع وهو العامل الذي يجمع أموال الزكاة. (اذهب إلى عثمان) أي بصحيفة فيها بيان أحكام الصدقات. (فيها) أي بما فيها. (أغنها عنا) اصرفها وكفها عنا. (ضعها) أي الصحيفة.

ص: 1132

6 -

بَاب: الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمَسَاكِينِ، وَإِيثَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الصُّفَّةِ وَالْأَرَامِلَ، حِينَ سَأَلَتْهُ فَاطِمَةُ وَشَكَتْ إِلَيْهِ الطَّحْنَ وَالرَّحَى: أَنْ يُخْدِمَهَا مِنَ السَّبْيِ، فَوَكَلَهَا إِلَى اللَّهِ.

ص: 1133

2945 -

حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ:

أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ، فَبَلَغَهَا أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِسَبْيٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تُوَافِقْهُ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ، فَقَالَ:(عَلَى مَكَانِكُمَا). حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَالَ:(أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ).

[3502، 5046، 5047، 5959]

أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب: التسبيح أول النهار وعند النوم، رقم:2727. (الرحى) الطاحون. (بسبي) ما يؤخذ من العدو في أرض المعركة من نساء ورجال وأولاد إذا جعلوا أرقاء، وقد تطلق عليهم وعلى الأموال. (فلم توافقه) فلم تصادفه ولم تجتمع به. (أخذنا مضاجعنا) اضطجعنا في فراشنا لننام.

ص: 1133

‌7 - بَاب: قَوْلِ اللَّه تَعَالَى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} /الأنفال: 41

/.

يَعْنِي: لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَخَازِنٌ، وَاللَّهُ يُعْطِي).

(خمسه) أي خمس الغنيمة. (إنما أنا .. ) أي توزيع العطاء وتعيين مقاديره من الله سبحانه وتعالى، وأنا أخزن الأموال ثم أقسمها بين مستحقيها كما أمر الله عز وجل.

ص: 1133

2946 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ وَقَتَادَةَ: سمعوا

⦗ص: 1134⦘

سالم بن أبي الجعد، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا مِنْ الْأَنْصَارِ غُلَامٌ، فَأَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا. قَالَ شُعْبَةُ: فِي حَدِيثِ مَنْصُورٍ: إِنَّ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ: حَمَلْتُهُ عَلَى عُنُقِي فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ: وُلِدَ لَهُ غُلَامٌ، فَأَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا، قَالَ:(سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، فَإِنِّي إِنَّمَا جُعِلْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ). وَقَالَ حُصَيْنٌ: (بُعِثْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ). قَالَ عَمْرٌو: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا، عَنْ جَابِرٍ: أَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ الْقَاسِمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي).

أخرجه مسلم في الآداب، باب: النهي عن التكني بأبي القاسم .. ، رقم:2133. (سموا باسمي) أي سموا أولادكم محمدا. (لا تكتنوا بكنيتي) لا يكتن أحدكم بأبي القاسم، والكنية كل مركب إضافي يصدر بأب وأم، وهي من أقسام العلم عند علماء العربية، والجمهور من الفقهاء على جواز التكنية بأبي القاسم، وأن الحديث إما منسوخ وإما خاص بذلك الرجل.

ص: 1133

2947 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ:

وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: لَا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وُلِدَ لِي غُلَامٌ، فَسَمَّيْتُهُ الْقَاسِمَ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: لَا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَحْسَنَتْ الْأَنْصَارُ، سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ).

[3345، 5832، 5833، 5835، 5843]

(ولا ننعمك عينا) لا نقر عينك بذلك ولا نكرمك ولا ندعك تسر وتفرح به.

ص: 1134

2948 -

حَدَّثَنَا حِبَّانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ، وَلَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ).

[ر: 71]

(ظاهرين) منتصرين وظافرين على عدوهم الذي يخالفهم في العقيدة والمنهج.

ص: 1134

2949 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ: حَدَّثَنَا هِلَالٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا أُعْطِيكُمْ وَلَا أَمْنَعُكُمْ، إنما أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ).

ص: 1134

2950 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ ابْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، وَاسْمُهُ نُعْمَانُ، عَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

(يتخوضون) من الخوض وهو المشي في الماء وتحريكه، والمراد هنا التخليط في المال وتحصيله من غير وجهه كيفما أمكن.

ص: 1135

‌8 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أُحِلَّتْ لَكُمُ الْغَنَائِمُ).

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} /الفتح: 20/. وَهِيَ لِلْعَامَّةِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم.

(هذه) غنائم خيبر. (وهي للعامة) أي إن الآية لم تخصص لمن تكون الغنائم، للغانمين أو غيرهم، حتى يأتي البيان، والله أعلم.

ص: 1135

2951 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ، الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

[ر: 2695]

ص: 1135

2952 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

[ر: 2864]

ص: 1135

2953 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: سَمِعَ جَرِيرًا، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

[3423، 6254]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل، رقم:2919.

ص: 1135

2954 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ).

[ر: 328]

ص: 1135

2955 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ

⦗ص: 1136⦘

أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ).

[ر: 36]

أخرجه مسلم في الأمارة، باب: فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، رقم:1876. (تصديق كلماته) أي مصدقا بما وعد الله تعالى في كتابه من أجر على الجهاد.

ص: 1135

2956 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلَا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ، وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا، فَغَزَا، فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ فَجَاءَتْ - يَعْنِي النَّارَ - لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا، فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ، فلتبايعني قَبِيلَتُكَ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ، فجاؤوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعُوهَا، فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا، ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ، رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا، فَأَحَلَّهَا لَنَا).

[4862]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة، رقم:1747. (ملك بضع امرأة) عقد عليها عقد زواجه وأصبح يملك أن يجامعها، ويطلق البضع على الجماع وعلى الفرج. (يبني بها) يدخل عليها وتزف إليه. (خلفات) جمع خلفة وهي الناقة الحامل. (مأمورة) بالغروب. (مأمور) بالقتال قبل الغروب، وكانت ليلة سبت، ومحرم عليهم القتال يوم السبت وليلته. (احبسها عنا) امنعها من الغروب. (تطعمها) أي تحرقها. (غلولا) خيانة في الغنيمة، أي إن أحدا أخذ منها بغير حق. (رأى ضعفنا وعجزنا) قلة مالنا عن سد حاجات الجهاد، فرحمنا بحلها لنا.

ص: 1136

‌9 - بَاب: الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ.

ص: 1136

2957 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:

لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ، مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ.

[ر: 2209]

ص: 1136

‌10 - بَاب: مَنْ قَاتَلَ لِلْمَغْنَمِ، هَلْ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ؟

ص: 1137

2958 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الرجل يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ:(مَنْ قَاتَلَ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

[ر: 123]

ص: 1137

‌11 - بَاب: قِسْمَةِ الْإِمَامِ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ، وَيَخْبَأُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ غَابَ عَنْهُ.

ص: 1137

2959 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ، مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ، فَقَسَمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَجَاءَ وَمَعَهُ ابْنُهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَقَامَ عَلَى الْبَاب فَقَالَ: ادْعُهُ لِي، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ، فَأَخَذَ قَبَاءً فَتَلَقَّاهُ بِهِ، وَاسْتَقْبَلَهُ بِأَزْرَارِهِ، فَقَالَ:(يَا أَبَا الْمِسْوَرِ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، يَا أَبَا الْمِسْوَرِ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ). وَكَانَ فِي خُلُقِهِ شِدَّةٌ.

وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ. قال حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَقْبِيَةٌ. تَابَعَهُ اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.

[ر: 2459]

(مزررة بالذهب) لها أزرار من ذهب. (في خلقه شدة) أي كان نزقا وسريع الغضب.

ص: 1137

‌12 - بَاب: كَيْفَ قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، وَمَا أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ فِي نَوَائِبِهِ.

ص: 1137

2960 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّخَلَاتِ، حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ.

[3806، 3894]

(النخلات) أي يخصصها له ليأخذ ثمارها. (يرد عليهم) نخيلهم وثمارهم.

ص: 1137

‌13 - بَاب: بَرَكَةِ الْغَازِي فِي مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوُلَاةِ الْأَمْرِ.

ص: 1137

2961 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:

لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يوم الجمل، دعاني فقمت إلى جنبه،

⦗ص: 1138⦘

فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بني بع مالنا فاقض ديني، وأوصى بالثلث، وثلثه لبنيه - يعني بني عبد الله بن الزبير - يَقُولُ: ثُلُثُ الثُّلُثِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ، قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ، خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ وَيَقُولُ: يَا بُنَيِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلَايَ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى قُلْتُ: يَا أَبَتِ مَنْ مَوْلَاكَ؟ قَالَ: اللَّهُ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلَّا قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيهِ، فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ رضي الله عنه وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِلَّا أَرَضِينَ، مِنْهَا الْغَابَةُ وَإِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ، وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ، وَدَارًا بِالْكُوفَةِ، وَدَارًا بِمِصْرَ، قَالَ: إنما كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لَا، وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ، وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ، وَلَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ، وَلَا شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ، قَالَ: فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، كَمْ عَلَى أَخِي مِنَ الدَّيْنِ؟ فَكَتَمَهُ، فَقَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ، فَقَالَ حَكِيمٌ: وَاللَّهِ مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ؟ قَالَ: مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا، فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي، قَالَ: وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ، فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ،

⦗ص: 1139⦘

فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا، قَالَ: فَإِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا، قَالَ: قَالَ: فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَكَ مِنْ هَا هُنَا إِلَى هَا هُنَا، قَالَ: فَبَاعَ مِنْهَا فَقَضَى دَيْنَهُ فَأَوْفَاهُ، وَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: كَمْ قُوِّمَتْ الْغَابَةُ؟ قَالَ: كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ أَلْفٍ، قَالَ: كَمْ بَقِيَ، قَالَ: أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ، قَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ، قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: كَمْ بَقِيَ؟ فَقَالَ: سَهْمٌ وَنِصْفٌ، قَالَ: أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، قَالَ: وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ: اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا، قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ: أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ، قَالَ: فَجَعَلَ كُلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالْمَوْسِمِ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ، قَالَ: فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَرَفَعَ الثُّلُثَ، فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ، فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَمِائَتَا أَلْفٍ.

(يوم الجمل) يوم وقعة الجمل سنة ست وثلاثين هجرية، التي وقعت بين طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم، وسميت يوم الجمل لأن عائشة رضي الله عنها كانت تركب على جمل في هودج وكانت هي التي خرجت بالناس، وكانت هي محور المعركة رضي الله عنها وعفا عنها وعمن شجعها وأغراها بهذا الموقف. (وثلثه لبنيه) أي أوصى بثلث الثلث لبني عبد الله خاصة. (وازى) حاذاهم وساواهم في السن. (الغابة) أرض شهيرة من عوالي المدينة كان الزبير قد اشتراها. (لا ولكنه سلف) أي لا أضعه عندي وديعة، ولكني آخذه دينا، وذلك حتى يكون مضمونا عليه إذا أصابه شيء من التلف. (فكتمه) كتم أصل الدين، حتى لا يستعظمه حكيم فينظر إليه بعين الاحتياج، ولكنه لما استعظم القليل أخبره بالحقيقة. (فليوافنا) فليأتنا. (بالموسم) موسم الحج، سمي بذلك لاجتماع الناس فيه، فهو معلم، مأخوذ من الوسم وهو العلامة.

ص: 1137

‌14 - بَاب: إِذَا بَعَثَ الْإِمَامُ رَسُولًا فِي حَاجَةٍ، أَوْ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ، هَلْ يُسْهَمُ لَهُ.

ص: 1139

2962 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَوْهَبٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

إِنَّمَا تَغَيَّبَ عُثْمَانُ عَنْ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ).

[3495، 3839]

(تحته) تحت عثمان، زوجة له. (بنت رسول الله) هي رقية رضي الله عنها.

ص: 1139

‌15 - بَاب: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ.

مَا سَأَلَ هَوَازِنُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِرَضَاعِهِ فِيهِمْ فَتَحَلَّلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعِدُ

⦗ص: 1140⦘

النَّاسَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنَ الْفَيْءِ وَالْأَنْفَالِ مِنَ الْخُمُسِ، وَمَا أَعْطَى الْأَنْصَارَ، وَمَا أَعْطَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ تَمْرَ خَيْبَرَ.

(برضاعه) بسبب رضاعه فيهم، لأن حليمة السعدية منهم. (فتحلل) طلب منهم أن ينزلوا عن حقوقهم أو يعوضهم عنها.

ص: 1139

2963 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَزَعَمَ عُرْوَةُ: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ). وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْتَظَرَ آخِرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:(أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ جاؤونا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَيِّبَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ، حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ). فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ). فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا فأذنوا. فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ.

[ر: 2184]

(يطيب) أن يطيب نفسه بدفع الشيء مجانا بغير عوض.

ص: 1140

2964 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْكُلَيْبِيُّ، وَأَنَا لِحَدِيثِ الْقَاسِمِ أَحْفَظُ، عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ:

كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فَأُتِيَ - وذكر دَجَاجَةً - وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي، فَدَعَاهُ لِلطَّعَامِ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَحَلَفْتُ لَا آكُلُ، فَقَالَ: هَلُمَّ فَلْأُحَدِّثْكُمْ

⦗ص: 1141⦘

عَنْ ذَاكَ، إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ:(وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ). وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَسَأَلَ عَنَّا فَقَالَ:(أَيْنَ النَّفَرُ الْأَشْعَرِيُّونَ). فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا؟ لَا يُبَارَكُ لَنَا، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا: إِنَّا سَأَلْنَاكَ أَنْ تَحْمِلَنَا، فَحَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا، أَفَنَسِيتَ؟ قَالَ:(لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا).

[4124، 4153، 5198، 5199، 6249، 6273، 6300، 6302، 6340، 6342، 7116]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها، رقم:1649. (فأتي وذكر .. ) أي فأتي أبو موسى رضي الله عنه بطعام فيه لحم دجاج، والظاهر أن الراوي نسي كامل اللفظ وتذكر دجاجة فذكرها، ودجاجة واحدة الدجاج، هو نوع من الطيور الأليفة معروف، ويقع على الذكر والأنثى. (تيم الله) بطن من بني بكر، ومعنى تيم الله عبد الله. (أحمر) مقابل أسود. (كأنه من الموالي) أي كأنه من سبي الروم، لاختلاف لونه عن لون عامة العرب. (نستحمله) نطلب منه أن يعطينا ما نركب عليه ونحمل متاعنا. (بنهب الإبل) بغنيمة فيها إبل. (ذود) ما بين ثلاث إلى عشر من الإبل. (غر الذرى) الغر جمع أغر وهو الأبيض، والذرى جمع ذروة وهي من كل شيء أعلاه، والمراد أنها ذوات أسنمة بيض من سمنهن وكثرة شحومهن. (ما صنعنا) استنكار منهم لما فعلوه من مجيئهم وطلبهم وحملهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحلف، وخافوا أن يؤاخذوا على ذلك. (تحللتها) من التحلل وهو التخلص من عهدة اليمين بالكفارة ونحوها كالاستثناء عند الحلف.

ص: 1140

2965 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلًا كثيرة، فَكَانَتْ سِهَامُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا.

[4083]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: الأنفال، رقم:1739. (سرية قطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة، وفي الاصطلاح: كل جيش لم يكن فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. (قبل نجد) ناحية نجد وجهتها. (سهامهم) جمع سهم وهو النصيب. (نفلوا) أي أعطاهم أمير السرية من الغنيمة قبل قسمتها، وأقره على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، من النفل وهو الزيادة.

ص: 1141

2966 -

أخبرنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً، سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ.

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: الأنفال، رقم:1750. (ينفل) يعطي زيادة. (لأنفسهم خاصة) أي يخص بعضهم بشيء دون غيرهم، أو المراد أمراء الجيش. (قسم) هو الحصة والنصيب. (عامة الجيش) أي عامة المقاتلين الغانمين.

ص: 1141

2967 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ، أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالْآخَرُ أَبُو رُهْمٍ، إِمَّا قَالَ: فِي بِضْعٍ، وَإِمَّا قَالَ: فِي ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، وَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنَا هَا هُنَا، وَأَمَرَنَا بِالْإِقَامَةِ، فَأَقِيمُوا مَعَنَا، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ: فَأَعْطَانَا مِنْهَا، وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلَّا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ.

[3663، 3990 - 3992]

(بضع) من ثلاث إلى تسع.

ص: 1142

2968 -

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعَ جَابِرًا رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ قَدْ جَاءَنِي مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا). فَلَمْ يجيء حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ، أَمَر أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَا لِي ثَلَاثًا. وَجَعَلَ سُفْيَانُ

يَحْثُو بِكَفَّيْهِ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ لَنَا: هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ.

وَقَالَ مَرَّةً: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَأَلْتُ فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي، فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي، وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي، قَالَ: قُلْتَ تَبْخَلُ عَنِّي؟ مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ.

قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرٍ: فَحَثَا لِي حَثْيَةً وَقَالَ: عُدَّهَا، فَوَجَدْتُهَا خَمْسَمِائَةٍ، قَالَ: فَخُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ: يَعْنِي ابْنَ الْمُنْكَدِرِ: وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ.

[ر: 2174]

(داء) مرض وعلة. (أدوأ) أكثر مرضا وأشد علة.

ص: 1142

2969 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ غَنِيمَةً بِالْجِعْرَانَةِ، إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: اعْدِلْ، فَقَالَ لَهُ:(لقد شَقِيتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ).

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم:1063. (بالجعرانة) اسم موضع خارج الحرم. (رجل) قيل: هو ذو الخويصرة حرقوص بن زهير، رأس الخوارج، قتل مع من قتل منهم يوم النهر.

ص: 1143

‌16 - بَاب: مَا مَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْأُسَارَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَ.

ص: 1143

2970 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: (لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى، لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ).

[3799]

(المطعم بن عدي) هو الذي سعى في نقض الصحيفة التي علقتها قريش على الكعبة، وفيها مقاطعة بني هاشم وبني المطلب، لأنهم نصروا النبي صلى الله عليه وسلم. (كلمني) طلب مني وتشفع أن أطلقهم. (النتنى) جمع نتن، وهو ذو الرائحة الكريهة، والمراد هنا النتن المعنوي، وهو كفرهم وضلالهم.

ص: 1143

‌17 - بَاب: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِلْإِمَامِ، وَأَنَّهُ يُعْطِي بَعْضَ قَرَابَتِهِ دُونَ بَعْضٍ: مَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي الْمُطَّلِبِ وَبَنِي هَاشِمٍ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ.

قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَمْ يَعُمَّهُمْ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَخُصَّ قَرِيبًا دُونَ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَعْطَى لِمَا يَشْكُو إِلَيْهِ مِنَ الْحَاجَةِ، وَلِمَا مسهم فِي جَنْبِهِ، مِنْ قَوْمِهِمْ وَحُلَفَائِهِمْ.

(لم يعمهم) لم يعم بني عبد مناف بما قسمه، أو قريشا. (مسهم) أصابهم بسبب الإسلام ونصرته، من أذى قومهم وأعوانهم.

ص: 1143

2971 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ:

مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا، وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ).

قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، وَزَادَ: قَالَ جُبَيْرٌ: وَلَمْ يَقْسِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ

⦗ص: 1144⦘

وَلَا لِبَنِي نَوْفَلٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَبْدُ شَمْسٍ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ إِخْوَةٌ لِأُمٍّ، وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ، وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لِأَبِيهِمْ.

[3311، 3989]

(بمنزلة واحدة) أي لأن الجميع من بني عبد مناف، ولكن عثمان رضي الله عنه من بني عبد شمس، وجبير رضي الله عنه من بني نوفل. (شيء واحد) في الاستحقاق لنصرتهم له صلى الله عليه وسلم قبل إسلامهم وبعده.

ص: 1143

‌18 - بَاب: مَنْ لَمْ يُخَمِّسْ الْأَسْلَابَ، وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَ، وَحُكْمِ الْإِمَامِ فِيهِ.

ص: 1144

2972 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:

بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بِغُلَامَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ، حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِي الْآخَرُ، فَقَالَ لِي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ، قُلْتُ: أَلَا، إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي، فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا، فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ:(أَيُّكُمَا قَتَلَهُ). قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ:(هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا). قَالَا: لَا، فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ:(كِلَاكُمَا قَتَلَهُ، سَلَبُهُ لمعاذ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ). وَكَانَا مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ ومُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ.

قال محمد: سمع يوسف صالحا، وإبراهيم أباه.

[3746، 3766]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل، رقم:1752. (حديثة أسنانهما) أي صغيرين. (أضلع) أشد وأقوى. (فغمزني) جسني بيده، والغمز أيضا الإشارة بالعين أو الحاجب أو نحوهما. (سوادي) شخصي. (الأعجل منا) الأقرب أجلا. (فابتدراه) أسرعا في ضربه وسبقاه. (فنظر في السيفين) ليرى مقدار عمق دخولهما في جسم المقتول، وأيهما أقوى تأثيرا في إزهاق روحه.

ص: 1144

2973 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا، كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَا رَجُلًا مِنَ

⦗ص: 1145⦘

الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ حَتَّى ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، وَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ). فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ:(مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ). فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ، فَقُمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ). فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُهُ عِنْدِي فَأَرْضِهِ عَنِّي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: لَاهَا اللَّهِ، إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، يُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(صَدَقَ). فَأَعْطَاهُ، فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ.

[ر: 1994]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل، رقم:1751. (جولة) دوران واضطراب. (حبل عاتقه) هو موضع الرداء من العنق، أو هو عرق أو عصب في العنق. (ريح الموت) أي كدت أموت منها. (ما بال الناس) ما حالهم منهزمين. (أمر الله) قدره وإرادته، لحكمة يعلمها. (سلبه) ما على المقتول من سلاح وغيره. (بينة) علامة أو شهود. (من يشهد لي) أني قتلت ذلك الرجل المذكور أول الحديث. (لاها الله) لا والله لا يكون ذلك. (أسد) رجل كالأسد في الشجاعة، يقاتل في سبيل الله تعالى ونصرة دينه. (مخرفا): بستانا، لأنه يخترف منه الثمر، أي يجتنى. (تأثلته) تكلفت جمعه.

ص: 1144

19 -

بَاب: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْخُمُسِ وَنَحْوِهِ.

رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 4075]

ص: 1145

2974 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قَالَ:

سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ لِي:(يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى). قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ

⦗ص: 1146⦘

الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ منه، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ شَيْئًا بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُوُفِّيَ.

[ر: 1361]

(بسخاوة نفس) منشرحا بدفعه، فالسخاوة راجعة إلى المعطي، أو ترجع إلى الآخذ، أي من أخذه بغير حرص وطمع. (بإشراف نفس) بأن تعرض له. (لا أزرأ) لا أنقص مال أحد بالأخذ منه.

ص: 1145

2975 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ كَانَ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَفِيَ بِهِ، قَالَ: وَأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ، فَوَضَعَهُمَا فِي بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ، قَالَ: فَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَبْيِ حُنَيْنٍ، فَجَعَلُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، انْظُرْ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: مَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّبْيِ، قَالَ: اذْهَبْ فَأَرْسِلِ الْجَارِيَتَيْنِ.

قَالَ نَافِعٌ: وَلَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْجِعْرَانَةِ، وَلَوِ اعْتَمَرَ لَمْ يَخْفَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ.

وَزَادَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مِنَ الْخُمُسِ. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي النَّذْرِ، وَلَمْ يَقُلْ: يَوْمٍ.

[ر: 1927]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: نذر الكافر وما يفعل إذا أسلم، رقم:1656. (أصاب) خرج في نصيبه. (جاريتين) مثنى جارية وهي المرأة المملوكة، وتطلق على البنت الصغيرة. (سبي حنين) ما أخذ من النساء والذرية من العدو في غزوة حنين. (فمن) أطلقهم دون مقابل. (يسعون) يمشون. (السكك) الطرق. (الجعرانة) اسم موضع خارج الحرم. (يوم) أي اعتكاف يوم.

ص: 1146

2976 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ رضي الله عنه قَالَ:

أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ، فَكَأَنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ:(إِنِّي أُعْطِي قَوْمًا أَخَافُ ظَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْخَيْرِ والغناء، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ). فَقَالَ عَمْرُو

بْنُ تَغْلِبَ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُمْرَ النَّعَمِ.

وَزَادَ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِمَالٍ أَوْ بِسَبْيٍ فَقَسَمَهُ، بِهَذَا.

[ر: 881]

(ظلعهم) أصل الظلع الاعوجاج والميل، والمراد هنا مرض القلب وضعف اليقين. (والغناء) وهو الكفاية، وفي رواية:(والغنى) ضد الفقر. (بهذا) الذي ذكر في الحديث.

ص: 1146

2977 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي أُعْطِي قُرَيْشًا أَتَأَلَّفُهُمْ، لِأَنَّهُمْ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ).

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، رقم:1059. (أتألفهم) أطلب إلفهم وأجلبهم إلى الإسلام الحق. (حديث عهد) قريب العهد بالكفر، ولم يمض على إسلامهم زمن يتمكن فيه الإيمان في قلوبهم.

ص: 1147

2978 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:

أَنَّ نَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ، فَطَفِقَ يُعْطِي رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الْإِبِلِ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. قَالَ أَنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَقَالَتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(مَا كَانَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ). قَالَ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ: أَمَّا ذَوُو آرَائِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يُعْطِي قُرَيْشًا، وَيَتْرُكُ الْأَنْصَارَ، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَاللَّهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ). قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا، فَقَالَ لَهُمْ:(إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً شَدِيدَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْا اللَّهَ تعالى وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْحَوْضِ). قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ نَصْبِرْ.

[3327، 3567، 3582، 4076 - 4079، 4082، 5522، 6381، 7003]

(هوازن) هم القبيلة التي قاتلت المسلمين في غزوة حنين. (أفاء) من الفيء والمراد هنا الغنيمة. (فطفق) أخذ وشرع. (تقطر من دمائهم) أي لم يمض زمن على مقاتلتنا لهم على الشرك. (أدم) جلد مدبوغ. (أثرة) استبداد بالأموال وحرمانكم منها. (فلم نصبر) على الأثرة كما أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1147

2979 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ:

أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ النَّاسُ، مُقْبِلًا مِنْ حُنَيْنٍ، عَلِقَتْ رَسُولَ

⦗ص: 1148⦘

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ، حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا كَذُوبًا، وَلَا جَبَانًا).

[ر: 2666]

(اضطروه) ألجؤوه. (سمرة) شجرة لها زهر أصفر. (العضاه) شجر عظيم الشوك.

ص: 1147

2980 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.

[5472، 5738]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إعطاء من سأل بفحش وغلظة، رقم:1057. (برد) نوع من الثياب. (نجراني) نسبة إلى نجران، بلد في اليمن. (الحاشية) الجانب، وحاشية الثوب جانبه، وكذلك الحاشية من كل شيء. (فجذبه) شده. (صفحة) صفحة كل شيء وجهه وجانبه وناحيته، ومثله الصفح. (عاتق) هو ما بين المنكب والعنق.

ص: 1148

2981 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، آثَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ، فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى أُنَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ، فَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ، قَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:(فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ).

[3224، 4080، 4081، 5712، 5749، 5933، 5977]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، رقم:1062. (آثر أناسا) اختارهم وخصهم بشيء عن غيرهم. (القسمة) أي قسمة الغنيمة. (رجل) قيل: هو معتب بن قشير، وهو من المنافقين.

ص: 1148

2982 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ:

كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ. وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ.

[4926]

(النوى) عجم التمر، الواحدة عجمة، مثل قصب وقصبة. (أقطعه) أعطاه قطعة من الأرض.

ص: 1149

2983 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ: حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْيَهُودَ مِنْهَا، وَكَانَتِ الْأَرْضُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلْيَهُودِ وَلِلرَّسُولِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتْرُكَهُمْ عَلَى أَنْ يَكْفُوا الْعَمَلَ وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا). فَأُقِرُّوا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ فِي إِمَارَتِهِ إِلَى تَيْمَاءَ وأَرِيحَا.

[ر: 2213]

(ظهر عليها) غلب أهلها. (لليهود وللرسول وللمسليمن) بعضها لليهود وبعضها للرسول صلى الله عليه وسلم وبعضها للمسلمين. (تيماء) قرية على طريق المدينة إلى الشام، بينها وبين المدينة 425 كم تقريبا. (أريحا) قرية في بلاد الشام، وهي تابعة الآن للأردن.

ص: 1149

‌20 - بَاب: مَا يُصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ.

ص: 1149

2984 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لِآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ.

[3977، 5189]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب، رقم:1772. (بجراب) وعاء من جلد. (فنزوت) وثبت مسرعا.

ص: 1149

2985 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ، فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ.

(لا نرفعه) لا نحمله للادخار، وقيل: لا نرفعه إلى متولي قسمة الغنائم.

ص: 1149

2986 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما يَقُولُ:

أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ لَيَالِيَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَقَعْنَا فِي الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَانْتَحَرْنَاهَا، فَلَمَّا غَلَتِ الْقُدُورُ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَكْفِئُوا الْقُدُورَ، فَلَا تَطْعَمُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْنَا: إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ، قَالَ: وَقَالَ آخَرُونَ: حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ، وَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ: حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ.

[3983 - 3986، 5205]

أخرجه مسلم في الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، رقم:1937. (مجاعة) جوع شديد. (وقعنا في الحمر) ذبحناها لنطبخها ونأكلها. (أكفئوا) اقلبوها وأفرغوا ما فيها. (لم تخمس) لم توزع كما توزع الغنائم، فيخرج خمسها لله تعالى ويوزع كما بين في آية الأنفال بقوله تعالى:{واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} /41/. وأربعة أخماسها تقسم على الغانمين. (ألبتة) قطعا، من البت وهو القطع.

ص: 1150

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 1151

‌62 - أبواب الجزية والموادعة

ص: 1151

‌1 - باب: الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب.

وَقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} /التوبة: 29/: أَذِلَّاءُ. وَ: {الْمَسْكَنَةُ} /البقرة: 61/. و/آل عمران: 112/: مَصْدَرُ الْمِسْكِينِ، يقال: فُلَانٌ أَسْكَنُ مِنْ فُلَانٍ: أَحْوَجُ مِنْهُ، وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى السُّكُونِ.

وَمَا جَاءَ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَالْعَجَمِ.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: مَا شَأْنُ أَهْلِ الشَّأْمِ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ عَلَيْهِمْ دِينَارٌ؟ قَالَ: جُعِلَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْيَسَارِ.

(أوتوا الكتاب) اليهود والنصارى. (الجزية) وهي جزء من المال يؤخذ على الرؤوس منهم كل سنة، مقابل حمايتهم وإقرارهم في بلاد المسلمين. (عن يد) عن قهر وغلبة. (صاغرون) ذليلون حقيرون مهانون، ولذا لا يجوز إعزازهم ولا رفعهم على المسلمين، ولا يسمح لهم بإظهار شعائرهم ولا إفشاء عقائدهم. (ولم يذهب .. ) أي إن الذي قال: معنى أسكن أحوج، لم يذهب إلى أن مسكين ونحوه مشتق من السكون، الذي هو قلة الحركة، وإنما من المسكنة، التي هي الفقر والحاجة. (من قبل) أي من أجل غناهم.

ص: 1151

2987 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرًا قَالَ:

كُنْتُ جَالِسًا مَعَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، فَحَدَّثَهُمَا بَجَالَةُ سَنَةَ سَبْعِينَ، عَامَ حَجَّ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ عِنْدَ دَرَجِ زَمْزَمَ، قَالَ: كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَمِّ الْأَحْنَفِ، فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنْ الْمَجُوسِ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمَجُوسِ، حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ.

(فرقوا .. ) أي بين من كانت بينهما زوجية من المحارم. (المجوس) وهم عبدة النار. (هجر) اسم بلد في البحرين، يذكر فيصرف، وهو الأكثر، ويؤنث فيمنع من الصرف. [المصباح]].

ص: 1151

2988 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الْأَنْصَارِيَّ، وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، أَخْبَرَهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَافَتْ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا صَلَّى بِهِمُ الْفَجْرَ انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ، وَقَالَ:(أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ). قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ).

[3791، 6061]

أخرجه مسلم في أوائل كتاب الزهد والرقائق، رقم:2961. (فوافت) من الموافاة، أي أتوا وحضروا. (أجل) نعم. (تبسط) يوسع لكم فيها. (فتنافسوها) من التنافس، وهو الرغبة في الشيء والانفراد به، مأخوذ من الشيء النفيس الجيد في نوعه والذي يرغب فيه. (تهلككم) تجركم إلى الهلاك، بسبب التنازع عليها والركون إليها والاشتغال بها عن الآخرة.

ص: 1152

2989 -

حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ:

بَعَثَ عُمَرُ النَّاسَ فِي أَفْنَاءِ الْأَمْصَارِ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَسْلَمَ الْهُرْمُزَانُ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِيَّ هَذِهِ، قَالَ: نَعَمْ، مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا مِنَ النَّاسِ مِنْ عَدُوِّ الْمُسْلِمِينَ مَثَلُ طَائِرٍ: لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ جَنَاحَانِ وَلَهُ رِجْلَانِ، فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الْجَنَاحَيْنِ نَهَضَتِ الرِّجْلَانِ بِجَنَاحٍ وَالرَّأْسُ، فَإِنْ كُسِرَ الْجَنَاحُ الْآخَرُ نَهَضَتِ الرِّجْلَانِ وَالرَّأْسُ، وَإِنْ شُدِخَ الرَّأْسُ ذَهَبَتِ الرِّجْلَانِ وَالْجَنَاحَانِ وَالرَّأْسُ، فَالرَّأْسُ كِسْرَى، وَالْجَنَاحُ قَيْصَرُ، وَالْجَنَاحُ الْآخَرُ فَارِسُ، فَمُرِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَنْفِرُوا إِلَى كِسْرَى.

وَقَالَ بَكْرٌ وَزِيَادٌ جميعا: عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ قَالَ: فَنَدَبَنَا عُمَرُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ

⦗ص: 1153⦘

بْنَ مُقَرِّنٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَقَامَ تَرْجُمَانٌ فَقَالَ: لِيُكَلِّمْنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: سَلْ عَمَّا شئِتَ، قَالَ: مَا أَنْتُمْ؟ قَالَ: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ، كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ، وَبَلَاءٍ شَدِيدٍ، نَمَصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ، وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ وَالشَّعَرَ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرَضِينَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ - إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا، رَسُولُ رَبِّنَا صلى الله عليه وسلم: أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا: أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي نَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ. فَقَالَ النُّعْمَانُ: رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللَّهُ مِثْلَهَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنَدِّمْكَ وَلَمْ يُخْزِكَ، وَلَكِنِّي شَهِدْتُ الْقِتَالَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الْأَرْوَاحُ وَتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ.

[7092]

(أفناء) نواحي. (الأمصار) جمع مصر وهي البلد الكبير. (الهرمزان) أحد ملوك العجم. (شدخ) كسر. (كسرى) لقب ملك الفرس. (قيصر) لقب ملك الروم. (فارس) اسم للعجم المعروفين بهذا الاسم في ذاك الوقت. (ترجمان) هو الذي ينقل الكلام من لغة إلى أخرى. (النوى) عجم التمر. (الوبر) هو شعر الإبل. (فقال النعمان) للمغيرة لما أنكر عليه تأخير القتال. (أشهدك) أحضرك. (مثلها) مثل هذه الوقعة. (يندمك) على التأني والصبر وفيما لقيت معه من الشدة. (ولم يخزك) من الإخزاء وهو الذل والهوان. (تهب الأرواح) جمع ريح. (تحضر الصلوات) يعني بعد زوال الشمس وذهاب شدة الحر، حتى يطيب القتال ويسهل على المقاتلين.

ص: 1152

‌2 - بَاب: إِذَا وَادَعَ الْإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ؟

(وادع) صالح على ترك الحرب والأذى. (ببحرهم) ببلدتهم.

ص: 1153

2990 -

حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ:

غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَبُوكَ، وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ.

[ر: 1141]

ص: 1153

‌3 - بَاب: الوصايا بِأَهْلِ ذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَالذِّمَّةُ: الْعَهْدُ، وَالْإِلُّ: الْقَرَابَةُ.

(الذمة .. الإل) يفسر البخاري رحمه الله تعالى هذين اللفظين الواردين في الآيتين (8، 10) من سورة التوبة وهما: قوله تعالى: {كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون} . وقوله تعالى: {لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون} .

ص: 1153

2991 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جُوَيْرِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ التَّمِيمِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه:

قُلْنَا: أَوْصِنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: أُوصِيكُمْ بِذِمَّةِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ، وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ.

[ر: 1328]

(رزق عيالكم) أي تأخذون منهم جزية وخراجا، فيكون ذلك كسبا ونفقة لكم ولعيالكم. والعيال من ينفق عليهم الرجل من الأهل والأولاد مأخوذة من العيلة وهي الفقر.

ص: 1154

‌4 - بَاب: مَا أَقْطَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْبَحْرَيْنِ، وَمَا وَعَدَ مِنْ مَالِ الْبَحْرَيْنِ وَالْجِزْيَةِ، وَلِمَنْ يُقْسَمُ الْفَيْءُ وَالْجِزْيَةُ.

ص: 1154

2992 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه قَالَ:

دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَنْصَارَ لِيَكْتُبَ لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَكْتُبَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا، فَقَالَ:(ذَاكَ لَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ). يَقُولُونَ لَهُ، قَالَ:(فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي).

[ر: 2247]

(ذاك لهم) أي ذلك المال للمهاجرين. (يقولون له) يقول الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنهم مصرين على ذلك، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فإنكم .. ).

ص: 1154

2993 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي: (لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا). فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ قَالَ لِي: (لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَأَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا). فَقَالَ لِي: احْثُهُ، فَحَثَوْتُ حَثْيَةً، فَقَالَ لِي: عُدَّهَا، فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ، فَأَعْطَانِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ.

[ر: 2174]

ص: 1154

2994 -

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ:

أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَ:(انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ). فَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي إِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا. قَالَ:

⦗ص: 1155⦘

(خُذْ). فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: مر بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ. قَالَ: (لَا). قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ:(لَا). فَنَثَرَ مِنْهُ ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَرْفَعْهُ، فَقَالَ: فَمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَيَّ، قَالَ:(لَا). قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ:(لَا). فَنَثَرَ مِنْهُ ثُمَّ احْتَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا، عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ.

[ر: 411]

ص: 1154

‌5 - بَاب: إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا بِغَيْرِ جُرْمٍ.

ص: 1155

2995 -

حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا).

[6516]

(معاهدا) ذميا من أهل العهد، أي الأمان والميثاق. (لم يرح) لم يجد ريحها ولم يشمها. (مسيرة) مسافة يستغرق سيرها هذه المدة.

ص: 1155

‌6 - بَاب: إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ.

وَقَالَ عُمَرُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ بِهِ).

[ر: 2213]

ص: 1155

2996 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ، خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ). فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ، فَقَالَ:(أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، فَمَنْ يَجِدْ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ).

[6545، 6916]

(بيت المدارس) البيت الذي يدرسون فيه. (أجليكم) أخرجكم. (بماله) أي بدله، والمعنى: من كان له شيء لا يمكن تحويله فله أن يبيعه. (فاعلموا أن الأرض لله ورسوله) أي وقد أراد الله تعالى أن يورث أرضكم هذه للمسلمين، على يد رسوله صلى الله عليه وسلم، فعليكم مفارقتها.

ص: 1155

2997 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ: سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

يوم الخميس وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى، قُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ: مَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ،

⦗ص: 1156⦘

فَقَالَ: (ائْتُونِي بِكَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا). فَتَنَازَعُوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا: مَا لَهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ؟ فَقَالَ: (ذَرُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تدعونني إِلَيْهِ). فَأَمَرَهُمْ بِثَلَاثٍ، قَالَ:(أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ). وَالثَّالِثَةُ خَيْرٌ، إِمَّا أَنْ سَكَتَ عَنْهَا، وَإِمَّا أَنْ قَالَهَا فَنَسِيتُهَا. قَالَ سُفْيَانُ: هَذَا مِنْ قَوْلِ سُلَيْمَانَ.

[ر: 114]

(بكتف) أي بعظم عكف، وهو عظم مسطح عريض يصلح لأن يكتب عليه.

ص: 1155

‌7 - بَاب: إِذَا غَدَرَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ، هَلْ يُعْفَى عَنْهُمْ.

ص: 1156

2998 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اجْمَعُوا إِلَيَّ مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ يَهُودَ). فَجُمِعُوا لَهُ، فَقَالَ:(إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ). فَقَالُوا: نَعَمْ، قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ أَبُوكُمْ). قَالُوا: فُلَانٌ، فَقَالَ:(كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلَانٌ). قَالُوا: صَدَقْتَ، قَالَ:(فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُ عَنْهُ). فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَا عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا، فَقَالَ لَهُمْ:(مَنْ أَهْلُ النَّارِ؟). قَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا، ثُمَّ تَخْلُفُونَا فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اخسؤوا فِيهَا، وَاللَّهِ لَا نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا). ثُمَّ قَالَ: (هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ). فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، قَالَ:(هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا). قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:(مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ). قَالُوا: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا نَسْتَرِيحُ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ.

[4003، 5441]

(أهديت) المهدي امرأة يهودية اسمها زينب بنت الحارث، أخت مرحب اليهودي الذي قتل يوم خيبر، وقيل: قتل أيضا أبوها الحارث، وعمها بشار، وأخوها زبير، وزوجها سلام بن مشكم. (اخسؤوا) ابعدوا وانطردوا.

ص: 1156

‌8 - بَاب: دُعَاءِ الْإِمَامِ عَلَى مَنْ نَكَثَ عَهْدًا.

ص: 1156

2999 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ:

سَأَلْتُ أَنَسًا رضي الله عنه عَنِ الْقُنُوتِ، قَالَ: قَبْلَ الرُّكُوعِ، فَقُلْتُ: إِنَّ فُلَانًا يَزْعُمُ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ

⦗ص: 1157⦘

الرُّكُوعِ؟ فَقَالَ: كَذَبَ، ثُمّ حَدَّثَنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ، يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، قَالَ: بَعَثَ أَرْبَعِينَ - أَوْ سَبْعِينَ، يَشُكُّ فِيهِ - مِنَ الْقُرَّاءِ، إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَعَرَضَ لَهُمْ هَؤُلَاءِ فَقَتَلُوهُمْ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ، فَمَا رَأَيْتُهُ وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ.

[ر: 957]

أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة، رقم:677. (ما وجد عليهم) أي مثل حزنه على القراء، أو مثل غضبه على الذين قتلوهم.

ص: 1156

‌9 - بَاب: أَمَانِ النِّسَاءِ وَجِوَارِهِنَّ.

ص: 1157

3000 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ:

ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:(مَنْ هَذِهِ). فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ:(مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ). فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثماني رَكَعَاتٍ، مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي، عَلِيٌّ، أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ، فُلَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ). قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَلِكَ ضُحًى.

[ر: 276]

ص: 1157

‌10 - بَاب: ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَجِوَارُهُمْ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ.

ص: 1157

3001 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

خَطَبَنَا عَلِيٌّ فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا كِتَابٌ نَقْرَؤُهُ إِلَّا كِتَابَ اللَّهِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، فَقَالَ: فِيهَا الْجِرَاحَاتُ وَأَسْنَانُ الْإِبِلِ: (وَالْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى فِيهَا مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ).

[ر: 1771]

(الجراحات) أي بيان أحكامها وما يجب فيها من قصاص أو دية وغير ذلك. (أسنان الإبل) التي تجب في الديات، أي بيان أعمارها.

ص: 1157

‌11 - بَاب: إِذَا قَالُوا صَبَأْنَا وَلَمْ يُحْسِنُوا أَسْلَمْنَا.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ إني أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ

⦗ص: 1158⦘

خَالِدٌ).

[ر: 4084]

وَقَالَ عُمَرُ: إِذَا قَالَ مَتْرَسْ فَقَدْ آمَنَهُ، إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الْأَلْسِنَةَ كُلَّهَا. وَقَالَ: تَكَلَّمْ لَا بَأْسَ.

[ر: 2989]

(مترس) كلمة فارسية معناها: لا تخف. (وقال) أي عمر بن الخطاب رضي الله عنه للهرمزان حين أتوا به إليه، قال له ذلك، فكان عهدا له وتأمينا.

ص: 1157

‌12 - بَاب: الْمُوَادَعَةِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بمال وَغَيْرِهِ، وَإِثْمِ مَنْ لَمْ يَفِ بِالْعَهْدِ.

وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} الْآيَةَ /الأنفال: 61/.

(الآية) وتتمتها: {وتوكل على الله إنه هو السميع العليم} . (جنحوا) مالوا أو طلبوا. (السلم) الصلح والمسالمة.

ص: 1158

3002 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ هُوَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ:

انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ ومُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دمه قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ:(كَبِّرْ كَبِّرْ). وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ، فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا، فَقَالَ:(تحلفون وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ، أَوْ صَاحِبَكُمْ). قَالُوا: وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ قَالَ: (فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ). فَقَالُوا: كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ.

[ر: 2555]

(يتشحط) يتخبط ويتمرغ ويضطرب. (تستحقون) يثبت حقكم عليه. (فتبرئكم) أي تبرأ إليكم من دعواكم. (بخمسين) يمينا يحلفونها. (فعقله) أدى ديته. (من عنده) من خالص ماله، أو من بيت مال المسلمين المعد لمصالحهم العامة.

ص: 1158

‌13 - بَاب: فَضْلِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ.

ص: 1158

3003 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبِ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، كَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ، فِي الْمُدَّةِ الَّتِي مَادَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا سُفْيَانَ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ.

[ر: 7]

(ماد) عاهد، يقال: ماد الفريقان إذا اتفقا على أجل للدين وضربا له زمانا.

ص: 1158

‌14 - بَاب: هَلْ يُعْفَى عَنِ الذِّمِّيِّ إِذَا سَحَرَ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: سُئِلَ: أَعَلَى مَنْ سَحَرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ قَتْلٌ؟ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ صُنِعَ لَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْتُلْ مَنْ صَنَعَهُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.

(أهل العهد) أي الذمة. (ذلك) أي السحر. (من أهل الكتاب) أي اليهود، وهو لبيد بن الأعصم.

ص: 1159

3004 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ صَنَعَ شَيْئًا وَلَمْ يَصْنَعْهُ.

[3095، 5430، 5432، 5433، 5716، 6028]

(سحر) السحر مرض من الأمراض وعارض من العلل، يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم، والذي ثبت أن هذا السحر لم يؤثر عليه في عقله ولم يغير عليه شيئا من الوحي، ولم يداخله شيء في أمر الشريعة بسببه، وإنما شيء اعتراه وأثر على ظاهره، فأصابه شيء من التخيل والوهم، ثم لم يتركه الله تعالى على ذلك بل تداركه بعصمته، وأعلمكه موضع السحر، وعلمه استخراجه وحله منه ودفع أثره وأذهبه، ولهذا لم يعاقب الذي فعله صلى الله عليه وسلم.

ص: 1159

‌15 - بَاب: مَا يُحْذَرُ مِنَ الْغَدْرِ.

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} الآية /الأنفال: 62/.

(الآية) وتتمتها: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين} . (حسبك) كافيك وحده.

ص: 1159

3005 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ:

أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ:(اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا).

(قبة) كل بناء مدور. (أدم) جلد مدبوغ. (اعدد ستا) من العلامات. (بين يدي الساعة) قدام قيامها ومن أشراطها القريبة منها. (موتان) موت كثير الوقوع، بسبب طاعون أو نحوه. (كقعاص الغنم) داء يصيب الغنم، فيسيل من أنوفها شيء فتموت فجأة. (استفاضة المال) كثرته وزيادته عن الحد المعتاد. (فتنة) تقاتل واضطراب في الأحوال. (هدنة) صلح. (بني الأصفر) هم الروم. (غاية) راية، سميت بذلك لأنها غاية المتبع، إذا وقفت وقف وإذا مشت مشى.

ص: 1159

‌16 - بَاب: كَيْفَ يُنْبَذُ إِلَى أَهْلِ الْعَهْدِ.

وَقَوْلِهُ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} . الْآيَةَ /الأنفال: 58/.

(الآية) وتتمتها: {إن الله لا يحب الخائنين} . (فانبذ) اطرح إليهم عهدهم وأخبرهم بنقضه. (على سواء) أي بحيث يصل الخبر إليهم ويستوون في معرفته.

ص: 1160

3006 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:

بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى: لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَيَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ. وَإِنَّمَا قِيلَ الْأَكْبَرُ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ النَّاسِ: الْحَجُّ الْأَصْغَرُ، فَنَبَذَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ، فَلَمْ يَحُجَّ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُشْرِكٌ.

[ر: 362]

(فنبذ أبو بكر إلى الناس) ألقى إليهم ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم: من منع حج المشركين وأن لا يطوف بالبيت عريان.

ص: 1160

(الذين عاهدت منهم) أي عاهدتهم، وهم زعماء بني قريظة. (ينقضون عهدهم) يخونون. (مرة) معاهدة. (لا يتقون) لا يبالغون بعاقبة غدرهم.

ص: 1160

3007 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَرْبَعُ خِلَالٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَنَّ مُنَافِقًا خَالِصًا: مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ. وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا).

[ر: 34]

(خلال) جمع خلة وهي الخصلة والصفة

ص: 1160

3008 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:

مَا كَتَبْنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا الْقُرْآنَ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ

⦗ص: 1161⦘

اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ. وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ).

[ر: 1771]

(عائر) جبل معروف. (حدثا) منكرا وسوءا. (آوى محدثا) نصر جانيا أو مبتدعا، أو أجاره من خصمه. (عدل ولا صرف) فريضة ولا نفل، أو شفاعة ولا فدية. (وذمة المسلمين) عهدهم. (يسعى بها أدناهم) يتولى ذمتهم أقلهم عددا، فإذا أعطى أحد المسلمين عهدا لم يكن لأحد نقضه. (والى قوما) اتخذهم أولياء.

ص: 1160

3009 -

قَالَ أَبُو مُوسَى: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَمْ تَجْتَبُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا؟ فَقِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ تَرَى ذَلِكَ كَائِنًا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ، عَنْ قَوْلِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، قَالُوا: عَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: تُنْتَهَكُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَشُدُّ اللَّهُ عز وجل قُلُوبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَيَمْنَعُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ.

انظر مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات، رقم:2896. (لم تجتبوا) من الجباية، أي لم تأخذوا من الجزية والخراج. (عن ذلك) عن أي شيء ينشأ ذلك. (تنتهك ذمة الله ورسوله) يرتكب ما لا يحل من الجور والظلم وإتيان المعاصي. (فيشد) يقويها وينتزع منها مهابتكم. (ما في أيديهم) مما وجب عليهم من الجزية وغيرها.

ص: 1161

3010 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ قَالَ:

سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ: شَهِدْتَ صِفِّينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ: اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ، رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ، وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَرَدَدْتُهُ، وَمَا وَضَعْنَا أَسْيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا لِأَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلَّا أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ غَيْرِ أَمْرِنَا هَذَا.

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: صلح الحديبية، رقم:1785. (صفين) اسم موضع على الفرات وقع فيه الحرب بين معاوية وعلي رضي الله عنهما، وهي موقعة مشهورة. (اتهموا رأيكم) يعظ الفريقين أن لا يقاتلوا، وأن يتهموا رأيهم في هذا القتال، لأن كلا منهما يقاتل عن رأي رآه واجتهاد اجتهده، فهو يحذرهم من هذا القتال لأنه قتال الإخوة في الإسلام، وكان سهل رضي الله عنه متهما بالتقصير في القتال، فأخبرهم أنه لا يقصر في نصرة الجماعة المسلمة، كما لم يقصر يوم الحديبية، إذ لو استطاع أن ينصر أبا جندل رضي الله عنه لنصره، حين جاء من مكة مسلما يجر قيوده، وكان قد عذب على الإسلام، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه جاء بعد عقد الصلح مع قريش. (ما وضعنا أسيافنا على عواتقنا) ما جردناها في الله تعالى، وعواتق جمع عاتق، وهو ما بين العنق والمنكب. (يفظعنا) شديد علينا. (أسهلن بنا) أوصلتنا إلى شيء واضح فيه خير. (غير أمرنا هذا) أي إلا هذه الفتنة التي وقعت بين المسلمين، فإنها مشكلة علينا، فلا ندري على أي شيء يقتل المسلمون، فنزع السيف وغمده في هذا الموطن أولى من سله.

ص: 1161

3011 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو وَائِلٍ قَالَ:

كُنَّا بِصِفِّينَ، فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، فَإِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ فَقَالَ:(بَلَى). فَقَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: (بَلَى). قَالَ: فعلام نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، أَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ:(يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا). فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ:(نَعَمْ).

[3953، 4563، 6878]

(الدنية) الخصلة المذمومة، وهي مظهر الضعف والاستكانة. (ولما يحكم الله) لم يفصل بيننا وبينهم بالقتال. (أو فتح هو) أي هذا الصلح، ولقد كان فتحا حقا، فلقد تهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الصلح أن يراسل الملوك يدعوهم إلى الإسلام، وأن يدعو القبائل التي كانت تخشى قريشا وتحسب لها حسابا، فأصبحت تقبل على الإسلام دون أن ترقب خطرا، ولا أدل على ذلك من أن المسلمين كانوا في صلح الحديبية أربعمائة وألفا، بينما زاد عددهم حين أتوا لفتح مكة عن عشرة آلاف، فصدق محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه: أنه رسول الله ولن يضيعه الله جل وعلا.

ص: 1162

3012 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ:

قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمُدَّتِهِمْ مَعَ أَبِيهَا، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ:(نَعَمْ صِلِيهَا).

[ر: 2477]

(أمي) هي قتيلة بنت الحارث. (مع أبيها) هو الحارث المذكور.

ص: 1162

‌18 - بَاب: الْمُصَالَحَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ وَقْتٍ مَعْلُومٍ.

ص: 1162

3013 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ رَضِيَ اللَّهُ

⦗ص: 1163⦘

عَنْهُ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ، أَرْسَلَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، يَسْتَأْذِنُهُمْ لِيَدْخُلَ مَكَّةَ، فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقِيمَ بِهَا إِلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، وَلَا يَدْعُوَ مِنْهُمْ أَحَدًا، قَالَ: فَأَخَذَ يَكْتُبُ الشَّرْطَ بَيْنهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ نَمْنَعْكَ وَلَبَايَعْنَاكَ، وَلكِنِ اكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ:(أَنَا وَاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَا وَاللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ). قَالَ: وَكَانَ لَا يَكْتُبُ، قَالَ: فَقَالَ لِعَلِيٍّ: (امْحَ رَسُولَ اللَّهِ). فَقَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ لَا أَمْحَاهُ أَبَدًا، قَالَ:(فَأَرِنِيهِ). قَالَ: فَأَرَاهُ إِيَّاهُ فَمَحَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ. فَلَمَّا دَخَلَ وَمَضَى الْأَيَّامُ، أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا: مُرْ صَاحِبَكَ فَلْيَرْتَحِلْ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(نَعَمْ). ثُمَّ ارْتَحَلَ.

[ر: 1689]

(بجلبان) الجلبان: شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغمودا، والأدم الجلد المدبوغ.

ص: 1162

‌19 - بَاب: الْمُوَادَعَةِ مِنْ غَيْرِ وَقْتٍ.

وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ بِهِ).

[ر: 2213]

ص: 1163

‌20 - بَاب: طَرْحِ جِيَفِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْبِئْرِ، وَلَا يُؤْخَذُ لَهمْ ثَمَنٌ.

ص: 1163

3014 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ، وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام، فَأَخَذَتْ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلَا مِنْ قُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، أَوْ: أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ). فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ، غَيْرَ أُمَيَّةَ أَوْ أُبَيٍّ، فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا ضَخْمًا، فَلَمَّا جَرُّوهُ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ قَبْلَ أَنْ يُلْقَى فِي الْبِئْرِ.

[ر: 237]

(عليك الملأ) خذ الجماعة وأهلكهم. (بسلى جزور) السلى: هي اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة، والجزور: والواحد من الإبل، ذكرا

كان أم أنثى، وقيل: ما ذبح منها، أو: ما يصلح للذبح خاصة.

ص: 1163

‌21 - بَاب: إِثْمِ الْغَادِرِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ.

ص: 1164

3015 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ أَحَدُهُمَا: يُنْصَبُ، وَقَالَ الْآخَرُ: يُرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُعْرَفُ بِهِ).

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: تحريم الغدر، رقم:1736. (غادر) هو الذي يواعد على أمر ولا يفي به. (لواء) علامة يشتهر بها. (أحدهما) أي أحد الراويين.

ص: 1164

3016 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ بغدرته).

[5823، 5824، 6565، 6694]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: تحريم الغدر، رقم:1735. (بغدرته) بسبب غدرته في الدنيا وبقدرها.

ص: 1164

3017 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: (لَا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا). وَقَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: (إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السماوات وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ). فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ، قَالَ:(إِلَّا الْإِذْخِرَ).

[ر: 1510]

ص: 1164

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 1165

‌63 - كِتَاب بَدْءِ الْخَلْقِ

ص: 1165

‌1 - بَاب: مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} /الروم: 27

/.

قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ وَالْحَسَنُ: كُلٌّ عَلَيْهِ هَيِّنٌ. وهَيْنٌ وَهَيِّنٌ مِثْلُ لَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ، وَضَيْقٍ وَضَيِّقٍ.

{أَفَعَيِينَا} /ق: 15/: أَفَأَعْيَا عَلَيْنَا حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلْقَكُمْ. {لُغُوبٌ} /فاطر: 35/ و/ق: 38/: النَّصَبُ. {أَطْوَارًا} /نوح: 14/: طَوْرًا كَذَا وَطَوْرًا كَذَا، عَدَا طَوْرَهُ أَيْ قَدْرَهُ.

(أهون) أسهل وأيسر، حسب تقدير الخلق، وإن كان الأمر مستويا في قدرة الخالق سبحانه وتعالى. (أفعيينا) من قوله تعالى:{أفعيينا بالخلق الأول} أي: هل تعبنا بخلق الناس أول مرة؟ (لغوب) أشد الإعياء وأقصى التعب، واللفظ في قوله تعالى:{ولا يمسنا فيها لغوب} . وقوله تعالى: {وما مسنا من لغوب} . (أطوارا) من قوله تعالى: {وقد خلقكم أطوارا} : أي حالا بعد حال في مراحل خلقكم وتكوينكم، أو: مختلفين في أحوالكم وطبائعكم.

ص: 1165

3018 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ:

جَاءَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (يَا بَنِي تَمِيمٍ أَبْشِرُوا). قَالُوا: بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَجَاءَهُ أَهْلُ الْيَمَنِ، فَقَالَ:(يَا أَهْلَ الْيَمَنِ، اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ). قَالُوا: قَبِلْنَا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ بَدْءَ الْخَلْقِ وَالْعَرْشِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ رَاحِلَتُكَ تَفَلَّتَتْ، لَيْتَنِي لَمْ أَقُمْ.

(أبشروا) من البشارة، وأراد بها: ما يجازى به المسلمون وما تصير إليه عاقبتهم من الفوز بالجنة، قال لهم ذلك بعد أن عرفوا أصول العقائد وما يجب عليهم فعله، وما يلزمهم تركه. (قالوا) من القائلين الأقرع بن حابس. (فأعطنا) أي من المال. (أهل اليمن) وهم الأشعريون قوم أبي موسى رضي الله عنهم. (تفلتت) تشردت. (لم أقم) من مجلس رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ فاتني سماع ما تحدث به عن بدء الخلق والعرش.

ص: 1165

3019 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ: أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ:(اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ). قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ:(اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ). قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، قَالَ:(كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السماوات وَالْأَرْضَ). فَنَادَى مُنَادٍ: ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابْنَ الْحُصَيْنِ، فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا.

[4107، 4125، 6982]

(عقلت) من العقل وهو أن تثني وظيفه مع ذراعه فتشدهما جميعا في وسط الذراع بحبل، والوظيف من الحيوان ما فوق الرسغ إلى الساق. (هذا الأمر) أي الحاضر الوجود، قال العيني: وكأنهم سألوا عن أحوال هذا العالم. (عرشه) مخلوق لله تعالى، هو أعلم به سبحانه. (على الماء) أي لم يكن تحته إلا الماء. (الذكر) اللوح المحفوظ. (يقطع دونها السراب) يحول بيني وبينها السراب، وهو ما يرى نصف النهار كأنه ماء وليس هناك شيء.

ص: 1166

3020 -

وَرَوَى عِيسَى، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَامًا، فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ.

(عيسى) هو عيسى بن موسى البخاري، ولقبه غنجار، وليس له في البخاري إلا هذا الموضع. (رقبة) هو رقبة بن مصقلة. (حتى دخل .. ) أي أخبر عما وقع وما سيقع إلى أن يدخل.

ص: 1166

3021 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُرَاهُ -: (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يشتمني ابْنُ آدَمَ، وَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتِمَنِي، وَيُكَذِّبُنِي، وَمَا يَنْبَغِي لَهُ. أَمَّا شَتْمُهُ فَقَوْلُهُ: إِنَّ لِي وَلَدًا، وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ فَقَوْلُهُ: لَيْسَ يُعِيدُنِي كَمَا بَدَأَنِي).

[4690، 4691]

(أراه) أظنه قال هذا اللفظ. (يشتمني) من الشتم وهو الوصف بما يقتضي النقص.

ص: 1166

3022 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ،

⦗ص: 1167⦘

عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي).

[6969، 6986، 7015، 7114، 7115]

أخرجه مسلم في التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم:2751. (قضى) خلقه، وأحكمه، وأمضاه، وفرغ منه. (كتب في كتابه) أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ. (فهو عنده) أي الكتاب. (إن رحمتي غلبت غضبي) أي تعلق رحمتي سابق وغالب تعلق غضبي، أو المراد: إن رحمتي أكثر من غضبي، لأنها وسعت كل شيء. والمراد بالرحمة إرادة الثواب وبالغضب إرادة العقاب، أو المراد بهما لازمهما، فالمراد بالرحمة الثواب والإحسان، وبالغضب الانتقام والعقاب.

ص: 1166

‌2 - بَاب: مَا جَاءَ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} /الطلاق: 12/. {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} /الطور: 5/: السَّمَاءُ. {سَمْكَهَا} /النازعات: 28/: بِنَاءَهَا، كان فيها حيوان. {الْحُبُكِ} /الذاريات: 7/: اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا. {وَأَذِنَتْ} /الانشقاق: 2/: سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ. {وَأَلْقَتْ} أَخْرَجَتْ {مَا فِيهَا} مِنَ الْمَوْتَى {وَتَخَلَّتْ} /الانشقاق: 4/: عَنْهُمْ. {طَحَاهَا} /الشمس: 6/: دَحَاهَا. {بِالسَّاهِرَةِ} /النازعات: 14/: وَجْهُ الْأَرْضِ، كَانَ فِيهَا الْحَيَوَانُ، نَوْمُهُمْ وَسَهَرُهُمْ.

(مثلهن) أي في العدد، والله تعالى أعلم في حقيقة هذا العدد، ولعل المراد: أن الأرض ذات طبقات كما أن السماء ذات طبقات، وإن اختلفت حيثيات هذه الطبقات. (يتنزل الأمر بينهن) يجري أمر الله تعالى وحكمه وتدبيره بين السماوات والأرض، وملكه نافذ فيهن، أو المراد بالأمر الوحي. (حيوان) حياة. (الحبك) جمع حبيكة، أي المتقنة والمحكمة الصنع. وقيل: جمع حبيكة وهي الطريقة، والمراد: الطرائق التي ترى في السماء من آثار الغيم. (دحاها) بسطها بحيث تكون صالحة للسكنى والعيش عليها. (الساهرة) قيل: المراد أرض الحشر. (كان .. ) أي سمي وجه الأرض ساهرة لأن عليها نوم الأحياء وسهرهم.

ص: 1167

3023 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،

وكانت بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا سَلَمَةَ،

⦗ص: 1168⦘

اجْتَنِبْ الْأَرْضَ، فَإِنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ).

[ر: 2321]

ص: 1167

3024 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ).

[ر: 2322]

ص: 1168

3025 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السماوات وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ).

[ر: 67]

(الزمان) اسم لقليل الوقت وكثيره، والمراد به هنا السنة. (استدار كهيئته) عاد إلى أصل الحساب والوضع الذي اختاره الله ووضعه يوم خلق السماوات والأرض، وذلك أن العرب كانوا يؤخرون المحرم ليقاتلوا فيه، وهكذا يؤخرونه كل سنة فينتقل من شهر إلى شهر حتى جعلوه في جميع شهور السنة، فلما كانت تلك السنة كان قد عاد إلى زمنه المخصوص به. (حرم) محرمة لا يقاتل فيها إلا من اعتدى. (رجب مضر) نسب إلى مضر لأنها كانت تحافظ على تحريمه أشد من غيرها.

ص: 1168

3026 -

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ:

أَنَّهُ خَاصَمَتْهُ أَرْوَى - فِي حَقٍّ زَعَمَتْ أَنَّهُ انْتَقَصَهُ لَهَا - إِلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أَنْتَقِصُ مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا، أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا، فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ).

قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي: سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 2320]

(أروى) بنت أنيس، قال ابن الأثير: لم أتحقق أنها صحابية أو تابعية [عيني]. (زعمت) ادعت. (مروان) ابن الحكم وكان يومها متولي المدينة].

ص: 1168

‌3 - بَاب: فِي النُّجُومِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} /الملك: 5/: خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ:

⦗ص: 1169⦘

جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَشِيمًا} /الكهف: 45/: مُتَغَيِّرًا. وَالْأَبُّ مَا يَأْكُلُ الْأَنْعَامُ. {الْأَنَامُ} /الرحمن: 10/: الْخَلْقُ. {بَرْزَخٌ} /المؤمنون: 100/ و/الرحمن: 20/: حَاجِبٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلْفَافًا} /النبأ: 16/: مُلْتَفَّةً. وَالْغُلْبُ: الْمُلْتَفَّةُ. {فِرَاشًا} /البقرة: 22/: مِهَادًا كَقَوْلِهِ: {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} /البقرة: 36/ و/الأعراف: 24/. {نَكِدًا} /الأعراف: 58/: قَلِيلًا.

(الأب) يفسر اللفظ الوارد في قوله تعالى: {وفاكهة وأبا} /عبس: 31/. وقيل: الأب هو كل ما ينبت على وجه الأرض. (الغلب) يفسر اللفظ الوارد في قوله تعالى: {وحدائق غلبا} /عبس: 30/. وهو جمع غلباء وهي الحديقة الملتفة الأشجار. (مهادا) ممهدة، مثل الفراش يمكن الاستقرار عليها. (مستقر) مكان تستقرون فيه، وتستطيعون مزاولة شؤونكم في هدوء واطمئنان.

ص: 1168

‌4 - بَاب: صِفَةِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: كَحُسْبَانِ الرَّحَى. وَقَالَ غَيْرُهُ: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ لَا يَعْدُوَانِهَا. حُسْبَانٌ: جَمَاعَةُ حِسَابٍ، مِثْلُ شِهَابٍ وَشُهْبَانٍ.

{ضُحَاهَا} /الشمس: 1/: ضوؤها. {أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} /يس: 40/: لَا يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الْآخَرِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا ذَلِكَ. {سَابِقُ النَّهَارِ} /يس: 40/: يَتَطَالَبَانِ، حثيثان. {نَسْلَخُ} /يس: 37/: نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ وَنُجْرِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. {وَاهِيَةٌ} /الحاقة: 16/: وَهْيُهَا تَشَقُّقُهَا. {أَرْجَائِهَا} /الحاقة: 17/: مَا لَمْ يَنْشَقَّ مِنْهَا، فَهُمْ عَلَى حَافَتَيْهَا، كَقَوْلِكَ: عَلَى أَرْجَاءِ الْبِئْرِ. {أَغْطَشَ} /النازعات: 29/. وَ {جَنَّ} /الأنعام: 76/: أَظْلَمَ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: {كُوِّرَتْ} /التكوير: 1/: تُكَوَّرُ حَتَّى يَذْهَبَ ضوؤها. {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} /الانشقاق: 17/: جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ. {اتَّسَقَ} /الانشقاق: 18/: اسْتَوَى. {بُرُوجًا} /الحجر:

⦗ص: 1170⦘

16/ و/الفرقان: 61/: مَنَازِلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. {الْحَرُورُ} /فاطر: 21/: بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْسِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَرُؤْبَةُ: الْحَرُورُ بِاللَّيْلِ، وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ، يُقَالُ:{يُولِجُ} /الحج: 61/: يُكَوِّرُ. {وَلِيجَةً} /التوبة: 16/: كُلُّ شَيْءٍ أَدْخَلْتَهُ فِي شَيْءٍ.

(كحسبان .. ) تفسير لقوله تعالى: {الشمس والقمر بحسبان} /الرحمن: 5/. والمعنى: يجريان بحساب معلوم، مثل حساب الحركة الرحوية الدورية. (حثيثان) سريعان. (أرجائهما) جمع رجا، وهو الحافة والناحية. (أغطش) أظلم. (كورت) لفت، والتكوير اللف والجمع. (وسق) ضم وجمع ما كان منتشرا بالنهار من الخلق. (اتسق) اجتمع نوره واستوى أمره فصار بدرا. (الحرور) الريجح الحارة، أو هو الحر بعينه، وكذلك السموم، سميت بذلك لأنها تنفذ في مسام الجسم وتؤثر فيه تأثير السم، واللفظ وارد في: /الحجر: 27/ و/الطور: 27/. (يولج) يدخل بعض زمن الليل في النهار فيزيد النهار وينقص الليل، ويضيف بعض وقت النهار إلى وقت الليل فيزيد الليل وينقص النهار، وهكذا يتعاقب الليل والنهار، ويلف الله أحدهما على الآخر. (وليجة) من تتخذه بطانة لك، تصطفيه وتخصه بسرك وودك، يستوي في هذا الواحد والجمع، والمؤنث والمذكر، مشتق من الولوج وهو الدخول في مضيق، كأنك أدخلته على سرك وباطن أمرك. والوليجة أيضا: ما تضمره في النفس من حب ونحوه.

ص: 1169

3027 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: (تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ). قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي

⦗ص: 1171⦘

لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}).

[4524، 4525، 6988، 6996]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، رقم:159. (تسجد تحت العرش) تشبيه بغروبها، وهي منقادة لأمر الله تعالى وتسخيره، بانقياد الساجد من المكلفين، وهو يخر إلى أسفل، معلنا تمام انقياده وغاية خضوعه لأمر ربه جل وعلا. وكون ذلك تحت العرش فلأن السموات والأرض وغيرهما من العوالم كلها تحت العرش، ففي أي موضع سقطت وغربت فهو تحت العرش. على أن هذا الكلام لا يفسر الظواهر الكونية، وإنما يشير إلى الأسرار الكامنة وراء الظواهر، والتي أودعها الله عز وجل هذه العوالم، فهي من الغيب الذي اختص الله تعالى بعلمه، وأطلع على شيء منه بعض من اصطفاهم من خلقه، وعلى رأسهم

خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، ليخبروا بذلك من أرسلوا إليهم، اختبارا لتصديقهم، وتمحيصا ليقينهم، وتثبيتا لإيمان من أسلم قلبه لله تعالى منهم، ولذا نجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يخبرهم بذلك، لا يستفسرون عنه ولا يستوضحون، وإنما يصدقون ويستسلمون ويفوضون علم ما خفي عنهم إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث فيما سكت عنه الكتاب والسنة، ولا يتطاولون إلى ما أدركت عقولهم أنه فوق قدرهم وطاقتهم، بعد أن آمنوا بالله تعالى ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا. ونحن معاشر المؤمنين الصادقين، يسعنا ما وسعهم، لا سيما وهم الرعيل الأول الأسوة الحسنة، والنموذج الإيماني المثالي الصادق، سدد الله خطانا وحفظنا من نزعات الشياطين. وما أشار إليه صلى الله عليه وسلم، من رجوع الشمس وطلوعها من مغربها، هو من العلامات الكبرى لقرب قيام الساعة، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة. (لمستقر لها) لحد لها من مسيرها كل يوم حسبما يتراءى لعيوننا وهو المغرب، أو لحد معين ينتهي إليه دورها، وقد ثبت أن الشمس تنتقل انتقالا بطيئا مع دورانها حول نفسها في فلكها. (العزيز) الغالب بقدرته على كل مقدور. (العليم) المحيط علمه بكل معلوم. /يس: 38/.

ص: 1170

3028 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

(مكوران) مطويان وقد ذهب ضوؤهما.

ص: 1171

3029 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا).

[ر: 995]

ص: 1171

3030 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ).

[ر: 29]

ص: 1171

3031 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، قَامَ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:(سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ). وَقَامَ كَمَا هُوَ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، وَهِيَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهِيَ أَدْنَى مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ:(إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ).

[ر: 997]

ص: 1171

3032 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ،

⦗ص: 1172⦘

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا).

[ر: 994]

ص: 1171

‌5 - بَاب: مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ نشرا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} /الفرقان: 48

/.

{قَاصِفًا} /الإسراء: 69/: تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ. {لَوَاقِحَ} /الحجر: 22/: مَلَاقِحَ مُلْقِحَةً. {إِعْصَارٌ} /البقرة: 266/: رِيحٌ عَاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ. {صِرٌّ} /آل عمران: 117/: بَرْدٌ. {نُشُرًا} : مُتَفَرِّقَةً.

(نشرا) في قراءة حفص (بشرا) أي تبشر بمجيء المطر الذي يحمل الغيث رحمة من الله تعالى بعباده. (قاصفا) والمعنى: يرسل رياحا شديدة ذات صوت قوي، فتكسر ما تمر به من شجر ونحوه وتحطمه. (لواقح) أي تحمل الرياح الماء فتمر بالسحاب فتلقحه فيمطر، ولا مانع من أن يكون المعنى: أن الرياح تحمل غبار الطلع من الأشجار إلى الأنثى منها، فيتم التلقيح بواسطتها. (صر) الصر البرد الشديد.

ص: 1172

3033 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ).

[ر: 988]

ص: 1172

3034 -

حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَا أَدْرِي لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} [الأحقاف: 24]. الْآيَةَ).

[4551]

أخرجه مسلم في صلاة الاستسقاء، باب: التعوذ عند رؤية الريح والغيم، رقم:899. (مخيلة) سحابة يخال فيها المطر. (سري عنه) كشف عنه ما خالطه من الخوف والوجل. (قوم) هم عاد قوم هود عليه السلام. (عارضا) سحابا عرض في أفق السماء. (الآية) الأحقاف: 24. وتتمتها: {قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم}.

ص: 1172

‌6 - بَاب: ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ.

وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

[ر: 3151]

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} /الصافات: 165/: الْمَلَائِكَةُ.

(الصافون) من صف الأقدام في الصلاة، يسبحون الله عز وجل.

ص: 1172

3035 -

حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ. وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ قَالَا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ - وَذَكَرَ: يعني رجلا بين الرجلين - فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ الْبَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ، دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ: الْبُرَاقُ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ، قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنَ ابْنٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا، قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ، قَالَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قِيلَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ، قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ

وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى وَيَحْيَى فَقَالَا: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا، قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ، قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ على يُوسُفَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا، قيل: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ، قِيلَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، قِيلَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِدْرِيسَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَرْحَبًا مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا، قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ، قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْنَا عَلَى هَارُونَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا عَلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، قِيلَ: مَنْ هَذَا، قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ، قِيلَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، فَقِيلَ: مَا

⦗ص: 1174⦘

أَبْكَاكَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ هَذَا الْغُلَامُ الَّذِي بُعِثَ بَعْدِي، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا، قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ، قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، مَرْحَبًا بِهِ ونعم الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنَ ابْنٍ وَنَبِيٍّ، فَرُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ، وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلَالُ هَجَرَ، وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الْفُيُولِ، فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ مُوسَى فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ، قُلْتُ: فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ، عَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ، فَرَجَعْتُ فَسَأَلْتُهُ، فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، ثُمَّ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، فَجَعَلَ عِشْرِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، فَجَعَلَ عَشْرًا، فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ: مِثْلَهُ، فَجَعَلَهَا خَمْسًا، فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ، قُلْتُ جَعَلَهَا خمسة، فَقَالَ مِثْلَهُ: قُلْتُ: سَلَّمْتُ بِخَيْرٍ، فَنُودِيَ: إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي، وَأَجْزِي الْحَسَنَةَ عَشْرًا).

وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ).

[3213، 3247، 3674، 5287، وانظر: 342]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم .. ، رقم:164. (وذكر) أي للنبي صلى الله عليه وسلم. (رجلا بين الرجلين) في رواية مسلم: (إذا سمعت قائلا يقول: أحد الثلاثة بين الرجلين) فالظاهر أنه كان صلى الله عليه وسلم مضطجعا بين رجلين. (مراق البطن) ما سفل من البطن وما رق من جلده. (فرفع) كشف لي وقرب مني. (البيت المعمور) بيت في السماء مسامت للكعبة في الأرض. (آخر ما عليهم) أي دخولهم الأول ذلك هو آخر دخولهم، لكثرتهم. (سدرة المنتهى) شجرة ينتهي إليها علم الملائكة، ولم يجاوزها أحد إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. (نبقها) حملها وثمرها. (قلال) جرار معروفة عند المخاطبين ومعلومة القدر عندهم، وتقدر القلة بمائة لتر تقريبا. (هجر) مدينة في اليمن. (نهران باطنان) قيل: هما السلسبيل والكوثر. (النيل والفرات) يقال هنا ما قيل في شرح الحديث (3027). (سلمت بخير) رضي بما فرض الله تعالى على من الخير، والله أعلم.

ص: 1173

3036 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:

حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ، قَالَ: (إِنَّ

⦗ص: 1175⦘

أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ. وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ).

[3154، 6221، 7016]

أخرجه مسلم في القدر، باب: كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، رقم:2643. (يجمع خلقه) يضم بعضه إلى بعض، أو المراد بالجمع: مكث البويضة بالرحم بعد تلقيحها بالنطفة. (علقة) دما غليظا جامدا. (مضغة) قطعة لحم قدر ما يمضغ. (شقي أو سعيد) حسب ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته، وما علمه سبحانه مما سيكون من هذا المكلف من أسباب السعادة أو الشقاوة. (فيسبق عليه) يغلب عليه. (كتابه) الذي كتبه الملك وهو في بطن أمه.

ص: 1174

3037 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَتَابَعَهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ).

[5693، 7047]

أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده، رقم:2637. (القبول في الأرض) المحبة في قلوب من يعرفه

من المؤمنين، ويبقى له ذكر صالح وثناء حسن.

ص: 1175

3038 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ، وَهُوَ السَّحَابُ، فَتَذْكُرُ الْأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ، فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ).

[3114، وانظر: 5429]

(فتسترق) تختلس وتستمع ستخفية كالسارق. (فتوحيه) فتلقيه. (الكهان) جمع كاهن، وهو الذي يتعاطى الإخبار عن الكائنات في المستقبل ويدعي معرفة الأسرار.

ص: 1175

3039 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ

⦗ص: 1176⦘

أَبِي سَلَمَةَ وَالْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلَائِكَةُ، يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوْا الصُّحُفَ، وجاؤوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ).

[ر: 841]

ص: 1175

3040 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ:

مَرَّ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ، وَحَسَّانُ يُنْشِدُ، فَقَالَ: كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ، وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(أَجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ). قَالَ: نَعَمْ.

[ر: 442]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، رقم:2485.

ص: 1176

3041 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ: (اهْجُهُمْ - أَوْ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ).

[3897، 5801]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، رقم:2486. (اهجهم) أمر من هجا يهجو هجوا وهو نقيض المدح. (هاجهم) من المهاجاة، أي جازهم بهجوهم. (معك) يؤيدك وينصرك.

ص: 1176

3042 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِي سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ، زَادَ مُوسَى: مَوْكِبَ جِبْرِيلَ.

[3892]

(ساطع) مرتفع. (سكة) زقاق. (بني غنم) بطن من الخزرج. (موكب) هو جماعة من ركاب يسيرون برفق، وكذلك القوم الركوب للزينة والتنزه، ويقال أيضا لجماعة الفرسان. وهو منصوب بفعل تقديره: انظر.

ص: 1176

3043 -

حَدَّثَنَا فَرْوَةُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ قَالَ: (كُلُّ ذَاكَ، يَأْتِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، وَيَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلًا، فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ).

[ر: 2]

ص: 1176

3044 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ

⦗ص: 1177⦘

أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دَعَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ: أَيْ فُلُ هَلُمَّ). فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذَاكَ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ).

[ر: 2686]

(لا توى عليه) لا هلاك ولا ضياع ولابأس.

ص: 1176

3045 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: (يَا عَائِشَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ). فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا أَرَى، تُرِيدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.

[3557، 5848، 5895، 5898]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في فضل عائشة رضي الله عنها، رقم:2447.

ص: 1177

3046 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ. (ح) قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِجِبْرِيلَ: (أَلَا تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا). قَالَ: فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} . الْآيَةَ.

[4454، 7017]

(نتنزل) التنزل النزول على مهل، وقد يطلق بمعنى النزول مطلقا. (ما بين أيدينا وما خلفنا) ما قدامنا وما وراءنا من الأماكن والأزمان، لا ننتقل من مكان إلى مكان إلا بأمره، ولا ننزل في زمان دون زمان إلا بمشيءته. (الآية) مريم:64. وتتمتها: {وما بين ذلك وما كان ربك نسيا}. أي: لا يفوته شيء، ولا تجوز عليه الغفلة والنسيان، فأتى لنا أن نتقلب في ملكوته إلا بإذنه. وهو سبحانه لا يتركك يا محمد صلى الله عليه وسلم ولا يقطع صلته عنك.

ص: 1177

3047 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ).

[4705]

أخرجه مسلم في صلاة المسافر وقصرها، باب: بيان أن القرآن على سبعة أحرف، رقم:819. (حرف) لغة أو لهجة، وقيل غير ذلك.

ص: 1177

3048 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 1178⦘

أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَفَاطِمَةُ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ.

[ر: 6، 3426، 4712]

(يعارضه) من المعارضة وهي المقابلة، أي يدارسه جميع ما نزل من القرآن.

ص: 1177

3049 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ:

أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ: اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ). يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ.

[ر: 499]

أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: أوقات الصلوات الخمس، رقم:610.

ص: 1178

3050 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (قَالَ لِي جِبْرِيلُ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوْ لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ). قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: (وَإِنْ).

[ر: 2258]

ص: 1178

3051 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ، مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ والْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي، فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ).

[ر: 530]

ص: 1178

‌7 - باب: إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ: آمِينَ، وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ، فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

ص: 1178

3052 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ:

⦗ص: 1179⦘

أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ: أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

حَشَوْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ، كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ، فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(مَا بَالُ هَذِهِ الْوِسَادَةِ). قَالَتْ: وِسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا، قَالَ:(أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ).

[ر: 1999]

(تماثيل) جمع تمثال، وهو في أصل اللغة الصورة مطلقا، والمراد هنا صورة الحيوان.

ص: 1178

3053 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ يَقُولُ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةُ تَمَاثِيلَ).

أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان .. ، رقم:2106.

ص: 1179

3054 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو: أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجّ حَدَّثَهُ: أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ رضي الله عنه حَدَّثَهُ، وَمَعَ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ الْخَوْلَانِيُّ، الَّذِي كَانَ فِي حَجْرِ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: حَدَّثَهُمَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ: أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ حَدَّثَهُ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ). قَالَ بُسْرٌ: فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا نَحْنُ فِي بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ: أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِي التَّصَاوِيرِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ قَالَ: (إِلَّا رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ). أَلَا سَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: بَلَى قَدْ ذَكَرَهُ.

[3144، 3780، 5605، 5613]

(في حجر ميمونة) في حضانتها وتحت وصايتها، لأنه كان ربيبها، أي ابن زوجها. (فعدناه) من العيادة، وهي زيارة المريض. (رقم في ثوب)

الرقم الكتابة والنقش.

ص: 1179

3055 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عمرو، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

وَعَدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلُ فَقَالَ: (إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ).

[5615]

ص: 1179

3056 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ،

⦗ص: 1180⦘

فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).

[ر: 763]

ص: 1179

3057 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ صَلَاتِهِ، أَوْ يُحْدِثْ).

[ر: 434]

(من صلاته) من موضع صلاته الذي صلى فيه.

ص: 1180

3058 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} . قَالَ سُفْيَانُ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: وَنَادَوْا يَا مَالِ.

[3093، 4542]

أخرجه مسلم في الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، رقم:871. (يا مال) بحذف الكاف منه ترخيما، وهي قراءة شاذة، تعتبر كحديث من حيث الاحتجاج في الفقه واللغة، ولكن لا يقرأ بها في الصلاة، ولا يتعبد بتلاوتها. والقراءة المتواترة: {يا مالك} ومالك اسم أحد الملائكة /الزخرف: 77/.

ص: 1180

3059 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَتْهُ:

أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: (لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ الله إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ،

⦗ص: 1181⦘

لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا).

[6954]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين، رقم:1795. (ما لقيت) أي لقيت الكثير من الأذى. (يوم العقبة) أي كان ما لاقاه عندها، وقيل: المراد بالعقبة جمرة العقبة التي بمنى، وقيل: مكان مخصوص في الطائف، ولعل هذا أولى. (على وجهي) باتجاه الجهة المواجهة لي. (بقرن الثعالب) اسم موضع بقرب مكة، وأصل القرن كل جبل صغير منقطع من جبل كبير، والثعالب جمع ثعلب وهو الحيوان المشهور، ولعله سمي الموضع بذلك لكثرة الثعالب فيه. (ذلك) أي ذلك كما قال جبريل وكما سمعت منه. (الأخشبين) جبلي مكة أبي قبيس ومقابله قعيقعان، سميا بذلك لصلابتهما وغلظ حجارتهما، يقال: رجل أخشب إذا كان صلب العظام قليل اللحم. (أصلابهم) جمع صلب، وهو كل ظهر له فقار.

ص: 1180

3060 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ:

سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} . قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ.

[4575، 4576]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: في ذكر سدرة المنتهى، رقم:174. (قاب قوسين) قدر قوسين، أو قدر ما بين الوتر والقوس، أو ما بين طرفي القوس. (عبده) محمد صلى الله عليه وسلم /النجم: 9 - 10/. (رأى) أي محمد صلى الله عليه وسلم.

ص: 1181

3061 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} . قَالَ: رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ.

[4577]

(آيات) دلائل وعلامات قدرته /النجم: 18/. (رفرفا) ثيابا خضرا مبسوطة. (أفق السماء) أطرافها. وانظر مسلم: الإيمان، باب: في ذكر سدرة المنتهى، رقم:174.

ص: 1181

3062 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ: أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ، وَخَلْقُهُ سَادٌّ مَا بَيْنَ الْأُفُقِ.

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: معنى قول الله عز جل: {ولقد رأه نزلة أخرى} ، رقم:177. (أعظم) دخل في أمر عظيم. (صورته) هيئته وحقيقته. (خلقه) خلقته التي خلق عليها.

ص: 1181

3063 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ ابْنِ الْأَشْوَعِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:

قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: فَأَيْنَ قَوْلُهُ: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} قَالَتْ: ذَاكَ جِبْرِيلُ، كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ، فَسَدَّ الْأُفُقَ.

[4336، 4574، 6945، 7093]

ص: 1181

3064 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، قَالَا: الَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَأَنَا جِبْرِيلُ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ).

[ر: 809]

ص: 1182

3065 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ).

تَابَعَهُ شُعْبَةُ، وَأَبُو حَمْزَةَ، وابْنُ دَاوُدَ، وأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ.

[4897، 4898]

أخرجه مسلم في النكاح، باب: تحريم امتناعها من فراش زوجها، رقم:1436. (إلى فراشه) أي ليجامعها. (فأبت) امتنعت عن إجابته. (اعنتها) دعت الله تعالى أن يطردها من رحمته ويبعدها من جنته، أو يعاقبها عقوبة شديدة.

ص: 1182

3066 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الْوَحْيُ فَتْرَةً، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ، قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجُئِثْتُ مِنْهُ، حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يا أيها الْمُدَّثِّرُ - إِلَى فَاهْجُرْ}).

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَالرِّجْزُ: الْأَوْثَانُ.

[ر: 4]

(فجئثت) رعبت، وفي نسخة (فجثثت) أي سقطت وهويت.

ص: 1182

3067 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ. وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ، يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى، رَجُلًا آدَمَ، طُوَالًا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الْخَلْقِ

⦗ص: 1183⦘

إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّالَ، فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ:{فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} ). قَالَ أَنَسٌ وَأَبُو بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(تَحْرُسُ الْمَلَائِكَةُ الْمَدِينَةَ مِنَ الدَّجَّالِ).

[3215، 3232، 4354، 7101]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم:165. (آدم) من الأدمة وهي في الناس السمرة الشديدة. (طوالا) طويلا. (جعدا) غير سبط الشعر، والشعر الجعد هو ما فيه التواء وتقبض. (وقال النووي: وأما الجعد في صفة موسى عليه السلام فالأولى أن يحمل على جعودة الجسم وهي اكتنازه واجتماعه، لا جعودة الشعر. (شنوءة) اسم قبيلة. (مربوعا) لا قصيرا ولا طويلا. (مربوع الخلق) معتدل الخلقة مائلا إلى الحمرة. (سبط الرأس) مسترسل الشعر. (والدجال) أي ورأيت الدجال. (آيات) علامات ودلائل. (إياه) أي النبي صلى الله عليه وسلم، ووضع إياه موضع إياي على سبيل الالتفات. (مرية) شك. (لقائه) أي لقاء موسى عليه السلام، وقيل غير ذلك /السجدة: 23/.

ص: 1182

‌8 - بَاب: مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ.

قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: {مُطَهَّرَةٌ} مِنَ الْحَيْضِ وَالْبَوْلِ وَالْبُزَاقِ {كُلَّمَا رُزِقُوا} أُتُوا بِشَيْءٍ ثُمَّ أُتُوا بِآخَرَ {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} أُتِينَا مِنْ قَبْلُ {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} /البقرة: 25/: يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَيَخْتَلِفُ فِي الطُّعُومِ.

{قُطُوفُهَا} يَقْطِفُونَ كَيْفَ شاؤوا {دَانِيَةٌ} /الحاقة: 23/: قَرِيبَةٌ. {الأَرَائِكِ} /الكهف: 31/ و/يس: 56/: السُّرُرُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: النَّضْرَةُ فِي الْوُجُوهِ وَالسُّرُورُ فِي الْقَلْبِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {سَلْسَبِيلا} الإنسان أو الدهر: 18/: حَدِيدَةُ الْجِرْيَةِ. {غَوْلٌ} وَجَعُ الْبَطْنِ {يُنْزَفُونَ} /الصافات: 47/: لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {دِهَاقًا} /النبأ: 34/: مُمْتَلِئًا. {كَوَاعِبَ} /النبأ: 33/: نَوَاهِدَ. الرَّحِيقُ: الْخَمْرُ. التَّسْنِيمُ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ. {خِتَامُهُ} طِينُهُ {مِسْكٌ} /المطففين: 26/. {نَضَّاخَتَانِ} /الرحمن: 66/: فَيَّاضَتَانِ.

⦗ص: 1184⦘

يُقَالُ: {مَوْضُونَةٌ} /الواقعة: 15/: مَنْسُوجَةٌ، مِنْهُ وَضِينُ النَّاقَةِ.

وَالْكُوبُ: مَا لَا أُذْنَ لَهُ وَلَا عُرْوَةَ، وَالْأَبَارِيقُ: ذَوَاتُ الْآذَانِ وَالْعُرَى. {عُرُبًا} /الواقعة: 37/: مُثَقَّلَةً، وَاحِدُهَا عَرُوبٌ، مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةِ الْعَرِبَةَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ الْغَنِجَةَ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ الشَّكِلَةَ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {رَوْحِ} /الواقعة: 89/: جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ، وَالرَّيْحَانُ الرِّزْقُ، وَالْمَنْضُودُ الْمَوْزُ. وَالْمَخْضُودُ الْمُوقَرُ حَمْلًا، وَيُقَالُ أَيْضًا: لَا شَوْكَ لَهُ، وَالْعُرُبُ: الْمُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ. وَيُقَالُ: {مَسْكُوبٌ} /الواقعة: 31/: جَارٍ. {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} /الواقعة: 34/: بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. {لَغْوًا} بَاطِلًا {تَأْثِيمًا} /الواقعة: 25/: كَذِبًا. {أَفْنَانٌ} /الرحمن: 48/: أَغْصَانٌ. {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} /الرحمن: 54/: مَا يُجْتَنَى قَرِيبٌ. {مُدْهَامَّتَانِ} /الرحمن: 64/: سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ.

(النصرة .. ) إشارة إلى قوله تعالى: {ولقاهم نضرة وسرورا} /الإنسان: 11/. (سلسبيلا) سميت بذلك سلسة في الإساغة والمذاق. (حديدة الجرية) شديدة الجريان. (غول) ما يغتال العقل ويذهب به، وقيل غير ذلك. (ينزفون) لا ينفذ شرابهم، أو لا يسكرون. (كواعب) جمع كاعب، وهي الفتاة التي نهد ثدياها، أي برزا وارتفعا. (الرحيق) أجود الخمر، واللفظ وارد في قوله تعالى:{يسقون من رحيق مختوم} /المطففين: 25/. أي ختم على ذلك الشراب، ومنع من أن تمسه الأيدي، إلى أن يفك ختمه الأبرار. (التنسيم) اللفظ وارد في قوله:{ومزاجه من تنسيم} /المطففين: 27/. أي: يخلط بشراب يعلوه يسمى التنسيم، وهو أرفع شراب في الجنة. والتنسيم: مصدر سنم إذا رفع، ومنه سنام البعير لأنه أعلاه. (وضين الناقة) بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل عليها. (والكوب .. ) يفسر الألفاظ

من قوله تعالى: {بأكواب وأباريق وكأس من معين} /الواقعة: 18/. وقوله (عربا مثقلة) أي مضمومة الراء لا مسكنة، والعروب: المتحببة لزوجها المبينة له عن ذلك، أو العاشقة له. /الواقعة: 37/. (المنضود) أي نضد بعضه على بعض من كثرة حمله، هو شرح لقوله تعالى:{وطلح منضود} /الواقعة: 29/: والطلح هو الموز. (المخضود) يفسر اللفظ الوارد في قوله تعالى: {في سدر مخضود} /الواقعة: 28/. (ما يجتنى) أي الثمر. (قريب) يتناوله القائم والقاعد والمضطجع، بدون كلفة.

ص: 1183

3068 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ، فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ).

[ر: 1313]

ص: 1184

3069 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ).

[4902، 6084، 6180]

(اطلعت) أشرفت عليها ليلة الإسراء أو في المنام، ورؤيا الأنبياء حق. (أكثر أهلها النساء) أي أكثر من يدخلها، ثم يخرج منها.

ص: 1184

3070 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا). فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

[3477، 4929، 6620، 6622]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم:2395. (تتوضأ) من الوضاءة وهي الحسن والنظافة، أو من الوضوء، وتفعل ذلك لتزداد وضاءة وحسنا. (غيرته) وهي الحمية الأنفة على أهله. (فوليت مدبرا) ذهبت معرضا عنها. (فبكى عمر) شكرا لله عز وجل على ما أولاه من نعمه، وتأدبا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1185

3071 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ

الْجَوْنِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ، طُولُهَا فِي السَّمَاءِ ثَلَاثُونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ لَا يَرَاهُمُ الْآخَرُونَ).

قَالَ أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ:(سِتُّونَ مِيلًا).

[4597، 4598، 7006]

أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها، باب: في صفة خيام الجنة .. ، رقم:2838. (الخيمة) بيت مربع من بيوت العرب. (درة) لؤلؤة. (مجوفة) مثقوبة ومفرغ داخلها. (زاوية) ناحية. (أهل) زوجة.

ص: 1185

3072 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (قَالَ اللَّهُ تعالى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ). فاقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} .

[4501، 4502، 7059]

أخرجه مسلم في أوائل كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، رقم:2824. (قرة أعين) قرة العين هدوؤها، وهو كناية عن السرور. /السجدة: 17/.

ص: 1185

3073 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ

⦗ص: 1186⦘

صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَا يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الْأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ رجل وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا).

(زمرة) جماعة. (تلج) تدخل. (على صورة القمر) أي في الإضاءة. (البدر) اسم للقمر حين تكتمل. (آنيتهم) أوعيتهم. (مجامرهم) جمع مجمرة

وهي المبخرة، سميت بذلك لأنها يوضع فيها الجمر ليفوح به ما يوضع فيها من البخور. (الألوة) العود الهندي الذي يتبخر به. (رشحهم) عرقهم كالمسك في طيب رائحته. (مخ سوقها) ما داخل العظم من الساق. (قلب واحد) أي كقلب رجل واحد. (بكرة وعشيا) أي في غالب أوقاتهم يتلذذون بما يلهمهم الله تعالى من ذكره.

ص: 1185

3074 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الْحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، لَا يَسْقَمُونَ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وقود مَجَامِرِهِمُ الْأَلُوَّةُ - قَالَ أَبُو الْيَمَانِ: يَعْنِي الْعُودَ - وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ).

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْإِبْكَارُ: أَوَّلُ الْفَجْرِ، وَالْعَشِيُّ: مَيْلُ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ - أراه - تَغْرُبَ.

[3081، 3149]

(على إثرهم) أي بعدهم وعقبهم. (لا يسقمون) لا يمرضون.

ص: 1186

3075 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيَدْخُلَنَّ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا، أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ).

[6177، 6187]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة، رقم:219. (لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم) أي يدخلون كلهم معا صفا واحدا.

ص: 1186

3076 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ رضي الله عنه قَالَ:

أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقَالَ:(وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا).

[ر: 2473]

ص: 1187

3077 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:

أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَجَعَلُوا يَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهِ وَلِينِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا).

[3591، 5498، 6264]

ص: 1187

3078 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا).

[ر: 2641]

ص: 1187

3079 -

حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا).

ص: 1187

3080 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ، واقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}. وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ).

[4599]

أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها، باب: إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها، رقم:2826. (ممدود) مبسوط في طول واتصال /الواقعة: 30/. (لقاب قوس) هو ما بين مقبضه وطرفه، فيكون المعنى: أن مقدار ذلك من الجنة خير مما ذكر.

ص: 1187

3081 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ

⦗ص: 1188⦘

إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَحَاسُدَ، لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ).

[ر: 3073]

(دري) هو الكوكب العظيم البراق الشديد الإضاءة، سمي بذلك لبياضه كالدر أو لضوئه. (الحور العين) هن نساء أهل الجنة، والحور: جمع حوراء، وهي الشديدة بياض العين الشديدة سوادها. والعين: جمع عيناء، وهي الواسعة العين.

ص: 1187

3082 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ: (إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ).

[ر: 1316]

ص: 1188

3083 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا تتراءون الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ، مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قَالَ:(بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ).

أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها، باب: ترائي أهل الجنة أهل الغرف، رقم:2831. (يتراءون) يرون وينظرون ويتكلفون لذلك. (أهل الغرف) أصحاب المنازل العالية، والغرف جمع غرفة وهي العلية. (الغابر) الذاهب، أو الباقي بعد انتشار ضوء الفجر. (الأفق) أطراف السماء. (لتفاضل ما بينهم) لبعد منازل أهل الغرف وعلو درجاتهم عن باقي أهل الجنة.

ص: 1188

‌9 - بَاب: صِفَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ).

[ر: 1798]

فِيهِ عُبَادَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3252]

ص: 1188

3084 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ).

[ر: 1797]

ص: 1188

‌10 - بَاب: صِفَةِ النَّارِ، وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ.

{غَسَّاقًا} /النبأ: 25/: يُقَالُ: غَسَقَتْ عَيْنُهُ وَيَغْسِقُ الْجُرْحُ، وَكَأَنَّ الْغَسَاقَ وَالْغَسْقَ

⦗ص: 1189⦘

وَاحِدٌ. {غِسْلِينٍ} /الحاقة: 36/: كُلُّ شَيْءٍ غَسَلْتَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ غِسْلِينُ، فِعْلِينُ مِنَ الْغَسْلِ مِنَ الْجُرْحِ وَالدَّبَرِ.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} /الأنبياء: 98/: حَطَبُ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَقَالَ غَيْرهُ: {حَاصِبًا} /الإسراء: 68/: الرِّيحُ الْعَاصِفُ، وَالْحَاصِبُ مَا تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ، وَمِنْهُ {حَصَبُ جَهَنَّمَ} يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ هُمْ حَصَبُهَا، وَيُقَالُ: حَصَبَ فِي الْأَرْضِ ذَهَبَ، وَالْحَصَبُ مُشْتَقٌّ مِنْ حَصْبَاءِ الْحِجَارَةِ. {صَدِيدٍ} /إبراهيم: 16/: قَيْحٌ وَدَمٌ. {خَبَتْ} /الإسراء: 97/: طَفِئَتْ. {تُورُونَ} /الواقعة: 71: تَسْتَخْرِجُونَ، أَوْرَيْتُ أَوْقَدْتُ. {لِلْمُقْوِينَ} /الواقعة: 73/: لِلْمُسَافِرِينَ، وَالْقِيُّ الْقَفْرُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {صِرَاطُ الْجَحِيمِ} /الصافات: 23/: سَوَاءُ الْجَحِيمِ وَوَسَطُ الْجَحِيمِ. {لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} /الصافات: 67/: يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ وَيُسَاطُ بِالْحَمِيمِ. {زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} /هود: 106/: صَوْتٌ شَدِيدٌ وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ. {وِرْدًا} /مريم: 86/: عِطَاشًا. {غَيًّا} /مريم: 59/: خُسْرَانًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُسْجَرُونَ} /غافر: 72/: تُوقَدُ بِهِمُ النَّارُ. {وَنُحَاسٌ} /الرحمن: 35/: الصُّفْرُ، يُصَبُّ عَلَى رؤوسهم. يُقَالُ:{ذُوقُوا} /الحج: 22/: بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَوْقِ الْفَمِ. {مَارِجٌ} /الرحمن: 15/: خَالِصٌ مِنَ النَّارِ، مَرَجَ الْأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ إِذَا خَلَّاهُمْ يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. {مَرِيجٍ} /ق: 5/: مُلْتَبِسٍ، مَرِجَ أَمْرُ النَّاسِ اخْتَلَطَ. {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} /الرحمن: 19/: مَرَجْتَ دَابَّتَكَ تَرَكْتَهَا.

(غساقا) يقال: غسق الجرح إذا سال منه ماء أصفر، والغساق: المنتن الذي يسيل من صديد وقيح ودموع أهل النار، والغسق الظلمة. (الدبر) ما يصيب الإبل من الجراحات. (حاصبا) اللفظ وارد أيضا في /العنكبوت: 40/ و/القمر: 34/ و/الملك: 17/. (خبت) سكنت وخمد لهبها. (سواء الجحيم) وسطها، وسواء الشيء وسطه، واللفظ في /الصافات: 55/. (لشوبا) الشوب الخلط أو المخلوط، والحميم الماء الحار. (يساط) يحرك ليختلط، ومنه المسوط، وهو الخشبة التي يحرك بها ما في الخليط. (زفير .. ) ويطلق الزفير على الصوت الناشئ من إخراج النفس، والشهيق رد النفس إلى الداخل في طول. (وردا) عطاشا قاصدين الارتواء، وإنما أمامهم النار، والورد المنهل. (غيا) والغي العذاب والضلال. (الصفر .. ) وهو النحاس الجيد الذي يعمل منه الآنية، يصب فوق رؤوسهم حال انصهاره.

ص: 1188

3085 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه يَقُولُ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَالَ:

⦗ص: 1190⦘

(أَبْرِدْ). ثُمَّ قَالَ: (أَبْرِدْ). حَتَّى فَاءَ الْفَيْءُ، يَعْنِي لِلتُّلُولِ، ثُمَّ قَالَ:(أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ).

[ر: 511]

ص: 1189

3086 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ).

[ر: 513]

(فيح) الفيح سطوع الحر، يقال: فاحت القدر تفيح وتفوح إذا غلت، وأصله السعة، ومنه: أرض فيحاء أي واسعة.

ص: 1190

3087 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ).

[ر: 512]

(الزمهرير) شدة البرد، وهو الذي أعده الله تعالى عذابا للكفار في جهنم.

ص: 1190

3088 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ قَالَ:

كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ، فَأَخَذَتْنِي الْحُمَّى، فَقَالَ: أَبْرِدْهَا عَنْكَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ، أَوْ قَالَ: بِمَاءِ زَمْزَمَ). شَكَّ هَمَّامٌ.

(فيح) في المصباح: فاحت النار فيحا انتشرت. وهذا الوارد في الحديث نوع من الطب ووصف للدواء الذي لا يشك في حصول الشفاء به لمن ناسبه ووافق مزاجه، والدواء يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، ولذلك يرجع فيه إلى أصحاب الاختصاص الصادقين الصالحين، ولا غضاضة في ذلك من حديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

ص: 1190

3089 -

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الْحُمَّى مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُمْ بِالْمَاءِ).

[5394]

(فور جهنم) من شدة حرها، وفار جاش وثار.

ص: 1190

3090 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ

⦗ص: 1191⦘

رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ).

[5393]

أخرجه مسلم في السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، رقم:2210.

ص: 1190

3091 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: عَنْ يَحْيَى: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ).

[5391]

أخرجه مسلم في السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، رقم:2209.

ص: 1191

3092 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً، قَالَ:(فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا).

أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: في شدة حر نار جهنم، رقم:2843. (لكافية) في تعذيب أهل النار. (فضلت عليهن) أي على نيران الدنيا، وفي رواية (عليها) ولعلها أرجح لأن المفضل عليه مفرد، والمعنى: أنها زادتها في العدد والكمية.

ص: 1191

3093 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ عَطَاءً يُخْبِرُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} .

[ر: 3058]

ص: 1191

3094 -

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ:

قِيلَ لِأُسَامَةَ: لَوْ أَتَيْتَ فُلَانًا فَكَلَّمْتَهُ، قَالَ: إِنَّكُمْ لَتُرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ، إِنِّي أُكَلِّمُهُ فِي السِّرِّ، دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ، وَلَا أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ كَانَ عَلَيَّ أَمِيرًا: إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ، بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ: قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ).

رَوَاهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ.

[6685]

أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله، رقم:2989. (لأسامة) بن زيد رضي الله عنهما. (فلانا) هو عثمان ابن عفان رضي الله عنه. (فكلمته) في إطفاء الفتنة التي تقع بين الناس، وقيل: في شأن أخيه لأمه الوليد بن عتبة. (لترون) لتظنون. (فتندلق) تخرج وتنصب بسرعة. (أقتابه) جمع قتب وهي الأمعاء والأحشاء. (برجاه) حجر الطاحون التي يديرها.

ص: 1191

‌11 - بَاب: صِفَةِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُقْذَفُونَ} /الصافات: 8/: يُرْمَوْنَ. {دُحُورًا} /الصافات: 9/: مَطْرُودِينَ. {وَاصِبٌ} /الصافات: 9/: دَائِمٌ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَدْحُورًا} /الأعراف: 18/: مَطْرُودًا. يُقَالُ: {مَرِيدًا} /النساء: 117/: مُتَمَرِّدًا. بَتَّكَهُ قَطَّعَهُ. {وَاسْتَفْزِزْ} اسْتَخِفَّ {بِخَيْلِكَ} /الإسراء: 64/: الْفُرْسَانُ، وَالرَّجْلُ الرَّجَّالَةُ، وَاحِدُهَا رَاجِلٌ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ، {لأَحْتَنِكَنَّ} /الإسراء: 62/: لَأَسْتَأْصِلَنَّ. {قَرِينٌ} /الزخرف: 36/: شَيْطَانٌ.

(مدحورا) واللفظ أيضا في /الإسراء: 18، 39/. (مريدا) عاتيا ومقبلا على الشر متماديا فيه. (بتكه) أشار بهذا إلى قوله تعالى:{فليبتكن آذان الأنعام} /النساء: 119/. وكانوا في الجاهلية يشقون أذن الناقة أو يقطعونها، إذا ولدت خمسة أبطن وجاء الخامس ذكرا، وحينئذ يحرمون على أنفسهم الانتفاع بها ويسيبونها لآلهتهم على زعمهم. (لأحتنكن) في اللغة: احتنك الفرس جعل في حنكه اللجام، واحتنك الجراد الأرض أتى على ما فيها من نبات، كأنه استولى على ذلك بحنكه، والمعنى في الآية: لأملكن مقادتهم وأستولين عليهم ولأستأصلنهم. (قرين) أي شيطان ملازم له.

ص: 1192

3095 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ اللَّيْثُ: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ: أَنَّهُ سَمِعَهُ وَوَعَاهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا، ثُمَّ قَالَ: (أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا

فِيهِ شِفَائِي، أَتَانِي رَجُلَانِ: فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، قَالَ: فِيمَا ذَا؟ قَالَ: فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ). فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ:(نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رؤوس الشَّيَاطِينِ). فَقُلْتُ: اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقَالَ: (لَا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ

⦗ص: 1193⦘

شَفَانِي اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا). ثُمَّ دُفِنَتِ الْبِئْرُ.

[ر: 3004]

(وعاه) حفظه. (أفتاني) أخبرني. (أتاني) أي في المنام. (رجلان) أي ملكان في صورة رجلين. (مطبوب) مسحور. (مشاقة) ما يخرج من الكتان حين يمشق، والمشق جذب الشيء ليمتد ويطول. وقيل: المشاقة ما يغزل من الكتان. (جف الطلعة) وعاء الطلع وغشاؤه إذا جف. (بئر ذروان) بئر في المدينة في بستان لأحد اليهود. (رؤوس الشياطين) أي شبيه لها لقبح منظره. (شرا) أي في إظهاره، كتذكر السحر وتعلمه. (دفنت البئر) طمت بالتراب حتى استوت مع الأرض.

ص: 1192

3096 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ

اللَّهُ عَنْهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ).

[ر: 1091]

(قافية رأس) مؤخرة رأس.

ص: 1193

3097 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ:(ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ، أَوْ قَالَ: فِي أُذُنِهِ).

[ر: 1093]

ص: 1193

3098 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ، وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَرُزِقَا وَلَدًا لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ).

[ر: 141]

ص: 1193

3099 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ، وَلَا تَحَيَّنُوا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، أَوِ الشَّيْطَانِ). لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَ هِشَامٌ.

[ر: 558]

أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، رقم:829. (تبرز) تظهر. (تحينوا) من التحين وهو طلب وقت معلوم. (قرني الشيطان) جانبي رأسه.

ص: 1193

3100 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ،

⦗ص: 1194⦘

عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ شَيْءٌ. وَهُوَ يُصَلِّي، فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَليُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ).

[ر: 487]

ص: 1193

3101 -

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - فَقَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ).

[ر: 2187]

ص: 1194

3102 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ).

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، رقم:134. (بلغه) بلغ قوله: من خلق ربك. (فليستعذ بالله) من وسوسته بأن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (ولينته) عن الاسترسال معه في هذه الوسوسة.

ص: 1194

3103 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ، مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ: أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ).

[ر: 1800]

ص: 1194

3104 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ مُوسَى قَالَ لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، وقال: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ. وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أمره اللَّهُ بِهِ).

[ر: 74]

(لم يجد موسى النصب) لم يشعر بالتعب. (المكان الذي أمره الله به) أي المكان الذي بين الله تعالى له أنه يجد الخضر فيه، بوجود العلامة في الحوت.

ص: 1194

3105 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ، فَقَالَ:(هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا، إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ).

[ر: 2937]

ص: 1195

3106 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا اسْتَجْنَحَ اللَّيْلُ، أَوْ: كان جُنْحُ اللَّيْلِ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ شَيْئًا).

[3128، 3138، 5300، 5301، 5937، 5938]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء، رقم:2012. (استنجح) أظلم. (جنح الليل) ظلامه، وقيل: أول ما يظلم. (فكفوا صبيانكم) ضموهم وامنعوهم من الانتشار. (أوك .. ) من الإيكاء وهو الشد، والوكاء اسم ما يشد به في فم القربة ونحوها. والسقاء: ما يوضع فيه الماء أو اللبن ونحو ذلك. (خمر) من التخمير وهو التغطية. (تعرض عليه شيئا) تجعل على عرض الإناء شيئا كعود ونحوه، امتثالا لأمر الشارع.

ص: 1195

3107 -

حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ، فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ). فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا، أَوْ قَالَ: شَيْئًا).

[ر: 1930]

ص: 1195

3108 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ:

كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ:

⦗ص: 1196⦘

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ). فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ. فَقَالَ: وَهَلْ بِي جُنُونٌ؟.

[5701، 5764]

أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: فضل من يملك نفسه عند الغضب .. ، رقم:2610. (يستبان) يشتم كل واحد منهما الآخر. (أوداجه) جمع ودج، وهو عرق يكون على جانب العنق، وانتفاخها كناية عن شدة الغضب ودليل عليه. (ما يجد) أي ما فيه من الغضب. (هل بي جنون) أي حتى أتعوذ؟ قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: وأما قول هذا الرجل الذي اشتد غضبه: هل ترى بي من جنون؟ فهو كلام من لم يفقه في دين الله تعالى، ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة، وتوهم أن الاستعاذة مختصة بالجنون، ولم يعلم أن الغضب من نزعات الشيطان، ولهذا يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله، ويتكلم بالباطل ويفعل المذموم، وينوي الحقد والبغض، وغير ذلك من القبائح المترتبة على الغضب. ثم قال: ويحتمل أن هذا القائل .. كان من المنافقين أو من جفاة الأعراب، والله أعلم.

ص: 1195

3109 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ: جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِي، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ، وَلَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ).

قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِثْلَهُ.

[ر: 141]

ص: 1196

3110 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةً، فَقَالَ:(إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي، فَشَدَّ عَلَيَّ، يَقْطَعُ الصَّلَاةَ عَلَيَّ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ). فَذَكَرَهُ.

[ر: 449]

(فشد علي) حاول وسعى جهده. (فذكره) أي فذكر الحديث بتمامه.

ص: 1196

3111 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ، فَإِذَا قُضِيَ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَقَلْبِهِ، فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى لَا يَدْرِيَ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا، سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ).

[ر: 583]

ص: 1196

3112 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ، غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ).

[3248، 4274]

(يطعن) يضرب. (الحجاب) الجلدة التي فيها الجنين وتسمى المشيمة. وقيل: الحجاب الثوب الذي يلف فيه المولود.

ص: 1196

3113 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:

قَدِمْتُ الشَّأْمَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَا هُنَا؟ قَالُوا: أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ: أَفِيكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم.

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، وَقَالَ: الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي عَمَّارًا.

[3532، 3533، 3550، 5922]

(قال) أي أبو الدرداء رضي الله عنه. (أفيكم) أي في العراق. (الذي أجاره الله) منعه وحماه، والظاهر أن أبا الدرداء رضي الله عنه سمع هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1197

3114 -

قَالَ: وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ: أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْمَلَائِكَةُ تَتَحَدَّثُ فِي الْعَنَانِ -

وَالْعَنَانُ الْغَمَامُ - بِالْأَمْرِ يَكُونُ فِي الْأَرْضِ، فَتَسْمَعُ الشَّيَاطِينُ الْكَلِمَةَ، فَتَقُرُّهَا فِي أُذُنِ الْكَاهِنِ كَمَا تُقَرُّ الْقَارُورَةُ، فَيَزِيدُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذِبَةٍ).

[ر: 3038]

(فتقرها) يقال: قررت الكلام في أذن الأصم، إذا وضعت فمك على صماخه فتلقيه فيه. (الكاهن) هو الذي ينظر في النجوم ويدعي معرفة أخبار

المستقبل. (كما تقر القارورة) أي كما يطبق رأس القارورة على رأس الوعاء الذي يفرغ منها فيه، والقارورة الزجاجة. وقيل: يلقيها فتستقر في أذنه كما يستقر الشيء في قراره.

ص: 1197

3115 -

حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ: هَا، ضَحِكَ الشَّيْطَانُ).

[5869، 5872]

أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: تشميت العاطس وكراهة التثاؤب، رقم:2994. (التثاؤب) فتح الفم، مع أخذ النفس، وإخراج صوت أحيانا. (من الشيطان) أضيف إلى الشيطان لأنه هو الذي يدعو إلى إعطاء النفس شهواتها، والتثاؤب يكون مع ميل الإنسان إلى الكسل والنوم والتثاقل عن الطاعات. (ها) صوت المتثائب، ويعني إذا بالغ في التثاؤب. (ضحك الشيطان) فرحا بالتغلب عليه.

ص: 1197

3116 -

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: قَالَ هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ،

⦗ص: 1198⦘

فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي، فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ.

[3612، 3838، 6291، 6489، 6495]

(أخراكم) احذروا الذين من ورائكم متأخرين عنكم، والخطاب للمسلمين، أراد اللعين تغليطهم ليقاتل المسلمون بعضهم بعضا، فرجعت الطائفة المستقدمة قاصدين لقتال من خلفهم، ظانين أنهم من المشركين. ويحتمل أن يكون للكافرين، أي فاقتلوا أخراهم. (فاجتلدت) تقاتلت الطائفتان المسلمتان، أو اقتتل أولى الكفار وأخرى المسلمين. (ما احتجزوا) ما امتنعوا منه. (منه) من الذي قتله ويقال هو عقبة بن مسعود رضي الله عنه. (بقية خير) بقية دعاء واستغفار لقاتل أبيه. وقيل: ما زال فيه شيء من حزن على قتل أبيه من المسلمين.

ص: 1197

3117 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها:

سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ:(هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ).

[ر: 718]

ص: 1198

3118 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ).

[5415، 6583، 6585، 6594، 6595، 6603، 6637]

(الرؤيا) اسم لما يتخيله النائم ويراه في منامه. (الصالحة) الحسنة السالمة من التخليط، وربما جاءت في اليقظة كما رآها في المنام. (الحلم) ما يراه النائم من أخلاط وتخيلات سيئة تحزنه وتدخل عليه الغم. (يخافه) يخاف ما رأى فيه من شر وسوء.

ص: 1198

3119 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ

⦗ص: 1199⦘

حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ).

[6040]

أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب: فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم:2691. (عدل) مثل. (رقاب) جمع رقبة، إي إنسان مملوك عبد أو أمة، والمراد: ثواب عتقهم.

ص: 1198

3120 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ:

اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ). قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ، ثُمَّ قَالَ: أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ).

[3480، 5735]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم:2396. (يستكثرنه) يطلبن منه الكثير من العطاء، أو من الحديث. (يبتدرن الحجاب) يتسارعن ويتسابقن للاختباء. (أضحك الله سنك) دعاء بمزيد السرور واستمراره. (يهبن) من الهيبة وهي الخوف مع الإجلال والوقار. (أفظ وأغلظ) من الفظاظة، وهي عبارة عن شدة الخلق وخشونة الجانب، وأغلظ بمعناها. (فجا) طريقا واسعا.

ص: 1199

3121 -

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا اسْتَيْقَظَ - أُرَاهُ - أَحَدُكُمْ مِنْ

مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ).

أخرجه مسلم في الطهارة، باب: الإيتار في الاستنثار والاستجمار، رقم:238. (فليستنثر) من الاستنثار، وهو إخراج ما في الأنف بنفس. (خيشومه) هو الأنف، وقيل: أقصى الأنف. والله تعالى - ورسوله - أعلم بحقيقة هذه البيتوتة، ونحن نؤمن بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم إيمانا جازما، ونمتثل ما أمرنا به، مع تسليمنا أنه صلى الله عليه وسلم قد خصه الله تعالى بعلوم وأسرار تقصر عن فهمها وإدراك كهنها عقول عامة البشر.

ص: 1199

‌12 - بَاب: ذِكْرِ الْجِنِّ وَثَوَابِهِمْ وَعِقَابِهِمْ.

لِقَوْلِهِ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي -

إِلَى قَوْلِهِ - عَمَّا يَعْمَلُونَ} /الأنعام: 130 - 132/. {بَخْسًا} /الجن: 13/: نَقْصًا.

قَالَ مُجَاهِدٌ: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} /الصافات: 158/: قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وأمهاتهم بَنَاتُ سَرَوَاتِ الْجِنِّ. قَالَ اللَّهُ:{وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} /الصافات: 158/ سَتُحْضَرُ لِلْحِسَابِ. {جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} /يس: 75/: عِنْدَ الْحِسَابِ.

ص: 1200

3122 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ لَهُ:

إِنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ وَبَادِيَتِكَ، فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ:(لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 584]

ص: 1200

‌13 - بَاب: قول الله جَلَّ وَعَزَّ: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ - إِلَى قَوْلِهِ - أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} /الأحقاف: 29 - 32

/.

{مَصْرِفًا} /الكهف: 53/: مَعْدِلًا. {صَرَفْنَا} : أَيْ وَجَّهْنَا.

(إلى قوله) وتتمتها: {يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين. قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه بهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم. يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم. ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء} . (نفرا) ما دون العشرة. (قضي) فرغ من تلاوته. (ولوا) رجعوا. (لما بين يديه) لما سبقه من كتب. (فليس بمعجز في الأرض) ليس له مهرب من قضاء الله تعالى ولا منجى من عذابه. (أولياء) أنصار يحمونه

من الله تعالى.

ص: 1200

‌14 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} /البقرة: 164

/.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الثُّعْبَانُ الْحَيَّةُ الذَّكَرُ مِنْهَا.

يُقَالُ: الْحَيَّاتُ أَجْنَاسٌ، الْجَانُّ وَالْأَفَاعِي وَالْأَسَاوِدُ. {آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} /هود: 56/: فِي مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ. يُقَالُ: {صَافَّاتٍ} : بُسُطٌ أَجْنِحَتَهُنَّ {يقبضن} /الملك: 19/: يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ.

(الثعبان) أشار بهذا إلى ما في قوله تعالى: {فإذا هي ثعبان مبين} /الأعراف: 107/ و/الشعراء: 32/. (يقال .. ) هذا من كلام البخاري. (آخذ بناصيتها) الناصية في الأصل ما يبرز من الشعر في مقدم الرأس ويكون حذاء الجبهة.

ص: 1201

3123 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ،

عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: (اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ).

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لِأَقْتُلَهَا، فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ: لَا تَقْتُلْهَا، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ. قَالَ: إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ، وَهِيَ الْعَوَامِرُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: عَنْ مَعْمَرٍ: فَرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ، أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ. وَتَابَعَهُ يُونُسُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ وَالزُّبَيْدِيُّ. وَقَالَ صَالِحٌ وَابْنُ أَبِي حَفْصَةَ وَابْنُ مُجَمِّعٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: رَآنِي أَبُو لُبَابَةَ وَزَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ.

[3134، 3135، 3792]

أخرجه مسلم في السلام، باب: قتل الحيات وغيرها، رقم:2233. (ذا الطفيتين) نوع من الحيات خبيث في ظهره خطان أبيضان، والطفية خوصة المقل، وهو نوع من الشجر. (الأبتر) نوع من الحيات القصيرة الذنب. (يطمسان البصر) يمحوان نوره. (يستسقطان الحبل) أي إذا نظرت إليهما الحامل أسقطت ولدها خوفا وذعرا. (ذوات البيوت) الحشرات التي تسكن في البيوت، والمراد الحيات الطوال البيض، يقال لها الجنان، وقلما تضر. (العوامر) أي التي تعمر طويلا.

ص: 1201

15 -

بَاب: خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ.

ص: 1201

3124 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

⦗ص: 1202⦘

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يُوشِكَ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الرَّجُلِ غَنَمٌ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ).

[ر: 19]

(شعف الجبال) أعلاها.

ص: 1201

3125 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ، وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ).

[3308، 4127 - 4129]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: تفاضل أهل الإيمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه، رقم:52. (نحو المشرق) أي يأتي من جهة المشرق. (الفخر) الإعجاب بالنفس. (الخيلاء) الكبر واحتقار غيره. (الفدادين) جمع الفداد وهو الشديد الصوت، من فدا إذا رفع صوته، وهو دأب أصحاب الإبل وعادتهم. (أهل الوبر) كناية عن سكان الصحاري، والوبر شعر الإبل. (السكينة) التواضع والطمأنينة والوقار.

ص: 1202

3126 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ:

أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ، فَقَالَ:(الْإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا، أَلَا إِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ، فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ).

[3307، 4126، 4997]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: تفاضل أهل الإيمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه، رقم:51. (عند أصول أذناب الإبل) أي إنهم يبعدون عن المدن لرعي إبلهم، فيجهلون معالم دينهم. (قرنا الشيطان) جانبا رأسه، والمراد ظهور ما لا يحمد من الأمور، والمزيد من تسلط الشيطان وانتشار الكفر. أو المراد: أن الشيطان ينتصب في محاذاة الشمس عند طلوعها، فتطلع بين جانبي رأسه، فإذا سجد عبدة الشمس لها عند الشروق كان السجود له. (ربيعة ومضر) بدل من الفدادين.

ص: 1202

3127 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا).

أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب: استحباب الدعاء عند صياح الديك، رقم:2729. (نهيق الحمار) صوته المنكر.

ص: 1202

3128 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فخلوهم، وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا).

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَ مَا أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ:(وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ).

[ر: 3106]

ص: 1203

3129 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَإِنِّي لَا أُرَاهَا إِلَّا الْفَارَ، إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الْإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ). فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ لِي مِرَارًا، فَقُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ؟

أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: الفأر وأنه مسخ، رقم:2997. (فقدت أمة) ذهبت طائفة منهم، لا يعلم ما وقع لهم. (لا أراها) لا أظنها مسخها الله تعالى إلا لجنس الفأر. (لم تشرب .. ) أي وقد كانت هذه الألبان محرمة على بني إسرائيل. (الشاء) الغنم، جمع شاة. (كعبا) هو كعب بن ماتع المشهور بكعب الأحبار. (قال لي مرار) أي كرر سؤاله مرات. (أفأقرأ التوراة) القائل أبو هريرة، يرد على كعب، أي: هل أنا أقرأ التوراة حتى أنقل منها؟ لا أقول إلا ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. والظاهر من الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك اجتهادا منه وظنا، قبل أن يخبر من الله تعالى أنه لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وعليه: فهذه الحيوانات كانت قبل أن يكون المسخ لبعض الأمم، ومن مسخ منهم قردة أو خنازير أو غيرها فقد انقرض ولم يبق له وجود. [انظر مسلم: القدر، باب: بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر، رقم: 2663]].

ص: 1203

3130 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، عَنْ ابْنِ وَهْب قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْوَزَغِ: (الْفُوَيْسِقُ). وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ. وَزَعَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِهِ.

[ر: 1734]

ص: 1203

3131 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ أَخْبَرَتْهُ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا بِقَتْلِ الْأَوْزَاغِ.

[3180]

أخرجه مسلم في السلام، باب: استحباب قتل الوزغ، رقم:2237. (الأوزاغ) جمع وزغ، وهو سام أبرص، ويسميه العامة في دمشق أبا بريص.

ص: 1204

3132 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يطمس الْبَصَرَ، وَيُصِيبُ الْحَبَلَ).

تابعه حماد بن سلمة: أبا أسامة.

انظر شرح: 3123. (يلتمس) يطلب ويصيب. (أبا أسامة) يريد أن حمادا تابع أبا أسامة في روايته إياه عن هشام، واسم أبي أسامة حماد بن أسامة.

ص: 1204

3133 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:

أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الْأَبْتَرِ، وَقَالَ:(إِنَّهُ يُصِيبُ الْبَصَرَ، وَيُذْهِبُ الْحَبَلَ).

انظر شرح: 3123.

ص: 1204

3134 -

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي يُونُسَ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:

أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ ثُمَّ نَهَى، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هَدَمَ حَائِطًا لَهُ، فَوَجَدَ فِيهِ سِلْخَ حَيَّةٍ، فَقَالَ:(انْظُرُوا أَيْنَ هُوَ). فَنَظَرُوا، فَقَالَ:(اقْتُلُوهُ). فَكُنْتُ أَقْتُلُهَا لِذَلِكَ، فَلَقِيتُ أَبَا لُبَابَةَ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَا تَقْتُلُوا الْجِنَّانَ، إِلَّا كُلَّ أَبْتَرَ ذِي طُفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْوَلَدَ، وَيُذْهِبُ الْبَصَرَ، فَاقْتُلُوهُ).

(سلخ حية) جلدها. (الجنان) جمع جان، وهي الحية البيضاء أو الصغيرة التي تسكن البيوت.

ص: 1204

3135 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ:

أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ، فَحَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ الْبُيُوتِ، فَأَمْسَكَ عَنْهَا.

[ر: 3123]

ص: 1204

‌16 - بَاب: خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ.

ص: 1204

3136 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ، الْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْحُدَيَّا، وَالْغُرَابُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ).

[ر: 1732]

ص: 1204

3137 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، مَنْ قَتَلَهُنَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ: الْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ).

[ر: 1730]

ص: 1205

3138 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ كَثِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما رَفَعَهُ قَالَ:

(خَمِّرُوا الْآنِيَةَ، وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ، وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْعِشَاءِ، فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ). قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَحَبِيبٌ

عَنْ عَطَاءٍ: (فَإِنَّ الشيطان).

[ر: 3106]

(أجيفوا) أغلقوا وردوا. (اكفتوا .. ) ضموهم وامنعوهم من الحركة. (خطفة) هي استلاب الشيء وأخذه بسرعة. (الرقاد) النوم. (الفويسقة) الفأرة.

ص: 1205

3139 -

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَارٍ، فَنَزَلَتْ:{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} . فَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ مِنْ جُحْرِهَا، فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا، فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا).

وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: مِثْلَهُ. قَالَ: وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ رَطْبَةً. وَتَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ. وَقَالَ حَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ.

[ر: 1733]

(جحرها) الجحر هو الثقب في الأرض، تتخذه الحية ونحوها مأوى لها.

ص: 1205

3140 -

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ).

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مِثْلَهُ.

[ر: 2236]

ص: 1205

3141 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (نَزَلَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً).

[ر: 2856]

(فلدغته) قرصته. (بجهازه) أمتعة سفره. (فهلا نملة واحدة) أي فهلا أحرقت النملة التي آذتك وحدها، إذ لم يصدر جناية من غيرها.

ص: 1206

‌17 - بَاب: إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْأُخْرَى شِفَاءً.

ص: 1206

3142 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالْأُخْرَى شِفَاءً).

[5445]

(فليغمسه) فليغطه وليدخله فيه. (داء) سبب المرض. (شفاء) سبب الشفاء من ذلك الداء الذي في إحدى الجناحين.

ص: 1206

3143 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ، مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ، يَلْهَثُ، قَالَ: كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ).

[3280]

(مومسة) زانية، أو هي المجاهرة بالفجور. (ركي) بئر. (يلهث) يخرج لسانه من شدة العطش. (فأوثقته) ربطته. (بخمارها) بغطاء رأسها.

ص: 1206

3144 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَفِظْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ كَمَا أَنَّكَ هَا هُنَا: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنهم،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ).

[ر: 3053]

ص: 1206

3145 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ.

أخرجه مسلم في المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه، رقم:1570.

ص: 1207

3146 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه حَدَّثَهُ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا يَنْقُصْ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ، إِلَّا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ).

[ر: 2197]

ص: 1207

3147 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ: سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ الشَّنَئِيَّ:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ).

فَقَالَ السَّائِبُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: إِي وَرَبِّ هَذِهِ الْقِبْلَةِ.

[ر: 2198].

ص: 1207

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 1209

‌64 - كِتَاب الْأَنْبِيَاءِ

ص: 1209

‌1 - بَاب: خَلْقِ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَذُرِّيَّتِهِ.

{صَلْصَالٍ} /الحجر: 26/: طِينٌ خُلِطَ بِرَمْلٍ، فَصَلْصَلَ كَمَا يُصَلْصِلُ الْفَخَّارُ، وَيُقَالُ: مُنْتِنٌ، يُرِيدُونَ بِهِ صَلَّ، كَمَا يُقَالُ: صَرَّ الْبَابُ وَصَرْصَرَ عِنْدَ الْإِغْلَاقِ، مِثْلُ كَبْكَبْتُهُ يَعْنِي كَبَبْتُهُ. {فَمَرَّتْ بِهِ} /الأعراف: 189/: اسْتَمَرَّ بِهَا الْحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ. {أَن لا تَسْجُدَ} /الأعراف: 12/: أَنْ تَسْجُدَ.

(صلصال) الصلصال الصوت، وصلصل أخرج صوتا.

ص: 1209

‌2 - بَاب: قول اللَّهِ تَعَالَى:

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} /البقرة: 30/.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} /الطارق: 4/: إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ. {فِي كَبَدٍ} /البلد: 6/: فِي شِدَّةِ خَلْقٍ. {وَرِيَاشًا} /الأعراف: 26/: الْمَالُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ. {مَا تُمْنُونَ} /الواقعة: 58/: النُّطْفَةُ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} /الطارق: 8/: النُّطْفَةُ فِي الْإِحْلِيلِ.

كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهُوَ شَفْعٌ، السَّمَاءُ شَفْعٌ، وَالْوَتْرُ اللَّهُ عز وجل.

{فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} /التين: 4/: فِي أَحْسَنِ خَلْقٍ. {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} /التين: 5/: إِلَّا مَنْ

⦗ص: 1210⦘

آمَنَ. {خُسْرٍ} /العصر: 2/: ضَلَالٍ، ثُمَّ اسْتَثْنَى إِلَّا مَنْ آمَنَ. {لازِبٍ} /الصافات: 11/: لَازِمٌ. {ننشئكم} /الواقعة: 61/: فِي أَيِّ خَلْقٍ نَشَاءُ. {نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} /البقرة: 30/: نُعَظِّمُكَ.

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} /البقرة: 37/: فَهُوَ قَوْلُهُ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} /الأعراف: 23/. {فَأَزَلَّهُمَا} /البقرة: 36/: فَاسْتَزَلَّهُمَا. {يَتَسَنَّهْ} /البقرة: 259/: يَتَغَيَّرْ. {آسِنٌ} /محمد: 15/: مُتَغَيِّرٌ. وَالْمَسْنُونُ الْمُتَغَيِّرُ. {حَمَإٍ} /الحجر: 26/: جَمْعُ حَمْأَةٍ وَهُوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ. {يَخْصِفَانِ} الأعراف: 22/: أَخْذُ الْخِصَافِ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، يُؤَلِّفَانِ الْوَرَقَ وَيَخْصِفَانِ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ. {سوآتهما} /الأعراف: 22/: كِنَايَةٌ عَنْ فرجهما. {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} /الأعراف: 24/: هَا هُنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الْحِينُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَا لَا يُحْصَى عَدَدُهُ. {قَبِيلُهُ} /الأعراف: 27/: جِيلُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ.

(خليفة) خلقا يخلف بعضهم بعضا. (رياشا) قرأ بهذا الحسن البصري وغيره، وهي قراءة غير متواترة، فلا تقرأ قرآنا ولا تصح بها الصلاة، ويحتج بها في اللغة والأحكام. والقراءة المتواترة:{ريشا} والريش والرياش: اللباس الفاخر، والأثاث، والمال، والخصب، والحالة الجميلة. والريش أيضا: كسوة الطائر. (النطفة) أي لقادر على أن يرجع النطفة إلى الإحليل، وهو الذكر. (كل شيء خلقه .. ) يشير بهذا إلى قوله تعالى:{ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} /الذاريات: 49/. والمعنى: جعلنا كل شيء نوعين وصنفين مختلفين، كالذكر والأنثى والليل والنهار ونحو ذلك لتعلموا أن خالق الأزواج فرد، لا نظير له ولا شريك معه. والشفع الزوج، والوتر الفرد. (لازب) شديد متماسك الأجزاء. (فأزلهما) دعاهما إلى الزلة، وهي الخطيئة.

ص: 1209

3148 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ).

[5873]

أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: يدخل الجنة أقوام .. ، رقم:2841. (تحيتك) أي ما يحيونك به هو تحيتك وتحية ذريتك من بعدك. (على صورة آدم) على هيئته في الطول والحسن والجمال، والسلامة من النقائص والعيوب. (ينقص) من حيث الطول، واستقر على القدر المألوف الآن.

ص: 1210

3149 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يَتْفِلُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ

⦗ص: 1211⦘

الْأَلُوَّةُ - الألنجوج، عُودُ الطِّيبِ - وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ).

[ر: 3073]

أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، وباب: في صفة الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيا، رقم: 2834 (الألنجوج) تفسير للألوة، وقوله عود الطيب تفسير له، والظاهر أنه تفسير من أحد الرواة. (في السماء) أي علوا وارتفاعا.

ص: 1210

3150 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغَسْلُ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ:(نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ). فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (فَبِمَ يُشْبِهُ الْوَلَدُ).

[ر: 130]

ص: 1211

3151 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ). قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الْوَلَدِ: فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ الْمَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كَانَ الشَّبَهُ لَهَا). قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُونِي عِنْدَكَ، فَجَاءَتْ الْيَهُودُ وَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَيْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ). قَالُوا: أَعْلَمُنَا، وَابْنُ أَعْلَمِنَا، وأخيرنا، وَابْنُ أَخْيَرِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ). قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ

⦗ص: 1212⦘

إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالُوا: شَرُّنَا، وَابْنُ شَرِّنَا، وَوَقَعُوا فِيهِ.

[3699، 3723، 4210]

(أشراط الساعة) علاماتها. (آنفا) الآن، وأول وقت يقرب مني مما مضى. (تحشر) تجمع. (فزيادة كبد الحوت) هي القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد، وهي أطيبها وألذها. (غشي المرأة) جامعها. (ماؤه) منيه. (بهت) جمع بهوت، وهو كثير البهتان، وهو أسوأ الكذب، أي: كذابون وممارون لا يرجعون إلى الحق. (ووقعوا فيه) أي ذموه وطعنوا فيه.

ص: 1211

3152 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ. يَعْنِي: (لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنَّ أُنْثَى زَوْجَهَا).

[3218]

أخرجه مسلم في الرضاع، باب: لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر، رقم:1470. (يخنز اللحم) ينتن، وقيل: سبب ذلك: أنهم نهوا عن ادخار السلوى، فادخروه فأنتن، والله أعلم. (لولا حواء) أي أنها بدأت بالخيانة، وكانت خيانتها في دعوتها آدم عليه السلام إلى الأكل من الشجرة التي نهي عن الأكل منها.

ص: 1212

3153 -

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَمُوسَى بْنُ حِزَامٍ قَالَا: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَيْسَرَةَ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ).

[4889، 4890، 5672، 5785، 5787، 6110]

(استوصوا بالنساء) تواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن. (ضلع) أحد عظام الصدر، والمعنى: أن في خلقهن عوجا من أصل الخلقة. (أعوج شيء في الضلع أعلاه) أي وكذلك المرأة، عوجها الشديد في خلقها وفكرها. (تقيمه) تجعله مستقيما. (كسرته) أي وكذلك المرأة، إن أردت منها الاستقامة التامة في الخلق أدى الأمر إلى طلاقها.

ص: 1212

3154 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ:

حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ، وَأَجَلُهُ، وَرِزْقُهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ. وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُ النَّارَ).

[ر: 3036]

ص: 1212

3155 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ فِي الرَّحِمِ مَلَكًا، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَهَا قَالَ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ، يَا رَبِّ أُنْثَى، يَا رَبِّ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، فَمَا الرِّزْقُ، فَمَا الْأَجَلُ، فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ).

[ر: 312]

ص: 1213

3156 -

حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ:

(إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي، فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ).

[6173، 6189]

أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا، رقم:2805. (تفتدي به) من الافتداء، وهو خلاص نفسه من الهلاك الذي وقع فيه. (صلب آدم) ظهر، والصلب كل ظهر له فقار، والمراد: أنه أخذ عليه العهد منذ خلق أباه آدم. (فأبيت إلا الشرك) رفضت الأمر وأتيت بالشرك.

ص: 1213

3157 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ).

[6473، 6890]

أخرجه مسلم في القسامة، باب: بيان إثم من سن القتل، رقم:1677. (كفل) جزء ونصيب من إثم قتلها. (سن القتل) ابتدع القتل على وجه الأرض.

ص: 1213

‌3 - بَاب: الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ.

ص: 1213

3158 -

قَالَ: قَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ). وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: بِهَذَا.

(الأرواح) جمع روح، وهو الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة. (جنود مجندة) جموع مجتمعة وأنواع مختلفة. (تعارف) توافقت صفاتها وتناسبت في أخلاقها. (ائتلف) من الألفة وهي المحبة والمودة. (تناكر) تنافرت في طبائعها. (اختلف) تباعد وتباغض. انظر مسلم: البر والصلة، الأرواح جنود مجندة [2638]].

ص: 1213

‌4 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} /هود: 25

/.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بَادِيَ الرَّأْيِ} /هود: 27/: مَا ظَهَرَ لَنَا. {أَقْلِعِي} /هود: 44/: أَمْسِكِي. {وَفَارَ التَّنُّورُ} /هود: 40/: نَبَعَ الْمَاءُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَجْهُ الْأَرْضِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الْجُودِيُّ} /هود: 44/: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ. {دَأْبٌ} /المؤمن: 31/: مِثْلُ حَالٌ.

(بادئ) هذه قراءة أبي عمرو البصري، وقراة حفص (بادي) وهما متواترتان، والمعنى: اتباعهم لك كان برأيهم الذي ظهر لهم دون تعمق وروية. (أقلعي) كفي عن المطر. (التنور) اسم فارسي معرب، وفسره عكرمة بوجه الأرض. (دأب) يفسر الدأب الوارد في قوله تعالى:{مثل دأب قوم نوح} بالحال، والدأب أيضا العادة.

ص: 1214

(إلى قوله) وتتمتها: {فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ. فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ من أجر إن أجري إلى عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} . (نبأ نوح) خبره وقصته. (كبر) عظم وثقل. (مقامي) مكثي بينكم وقيامي فيكم واعظا وموجها ومذكرا بالله تعالى. (فأجمعوا أمركم) اعزموا على تدبيركم وما أنتم عليه من كيد ومكر بي وبأصحابي. (وشركاءكم) واجمعوا أنصاركم واستعينوا بآلهتكم. (غمة) خفيا وملتبسا. (اقضوا إلي) امضوا إلي بما في أنفسكم من مكروه، وما تتوعدون به من قتل وطرد. (تنظرون) تؤخرون. (توليتم) أعرضتم. (فما سألتكم من أجر) ما طلبت منكم عوضا على نصحي وتبليغي فأخاف أن يفوتني بإعراضكم.

ص: 1214

3159 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: قَالَ سَالِمٌ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما:

قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ:(إِنِّي لَأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ).

[6708، 6972، وانظر: 2892، 3256]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، رقم:169. (ذكر الدجال) أي ذكر بعد الفراغ من خطبته ما يكون من أمر الدجال وفتنته، والدجال من الدجل، وهو التلبيس والتمويه. (لأنذركموه) من الإنذار، وهو التحذير والتخويف.

ص: 1214

3160 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا عَنِ الدَّجَّالِ، مَا حَدَّثَ بِهِ نَبِيٌّ قَوْمَهُ: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّهُ يَجِيءُ مَعَهُ بِمِثَالِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَالَّتِي يَقُولُ إِنَّهَا الْجَنَّةُ هِيَ النَّارُ، وَإِنِّي أُنْذِرُكُمْ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ).

[6712]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، رقم:2936.

ص: 1215

3161 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ، فَيَقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَهُوَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}). وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ.

[4217، 6917]

(أنه قد بلغ) أي قومه ما أرسل به إليهم. (وهو قوله) أي هذا هو مصداق قوله تعالى، أو هو المراد به. والآية من /البقرة: 143/.

ص: 1215

3162 -

حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي دَعْوَةٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، وَقَالَ: (أَنَا سَيِّدُ الْقَوْمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَلْ تَدْرُونَ بِمَ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، إِلَى مَا بَلَغَكُمْ؟ أَلَا تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ، أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ: رَبِّي غَضِبَ

⦗ص: 1216⦘

غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَنَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، أَمَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا، أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، نَفْسِي نَفْسِي، ائْتُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَأْتُونِي فَأَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ). قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ: لَا أَحْفَظُ سَائِرَهُ.

[3182، 4435]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، رقم:194. (فنهس) من النهس وهو الأخذ بأطراف الأسنان. (صعيد) أرض واسعة مستوية. (تدنو) تقرب. (من روحه) جعل فيك الروح بقدرته وخلقك من دون أب، معجزة وإكراما وتشريفا. (غضب) المراد بالغضب إرادة الانتقام وإيصال العذاب لمن عصاه. (نفسي نفسي) أي أطلب منجاتها، لأنها تستحق أن يشفع لها. (سائره) أي باقي الحديث، لأنه مطول، علم من سائر الروايات.

ص: 1215

3163 -

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} مِثْلَ قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ.

[3167، 3196، 4588 - 4593]

(مدكر) متعظ معتبر يخاف العقوبة /القمر: 15/. (قراءة العامة) أي القراءة المشهورة التي يقرأ بها عامة القراء الذين رووا القراءات المتواترة.

ص: 1216

‌6 - بَاب:

{وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ. أَتَدْعُونَ بَعْلا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ. الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ. فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ. إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ. وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ {سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ. إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} /الصافات: 123 - 132/.

يُذْكَرُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ إِلْيَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ.

(أتدعون بعلا) أتعبدون بعلا، وهو اسم لصنم كانوا يعبدونه، وقيل: البعل الرب بلغة أهل اليمن. (تذرون) تتركون عبادته. (لمحضرون) في العذاب بالنار. (آل ياسين) أي آل إلياس عليه السلام، وهي قراءة متواترة، وقراءة حفص (إل ياسين) قيل: هو لغة في إلياس مثل إسماعيل.

ص: 1216

‌7 - بَاب: ذِكْرِ إِدْرِيسَ عليه السلام

وَهُوَ جَدُّ أَبِي نُوحٍ، وَيُقَالُ: جَدُّ نُوحٍ عليهما السلام.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} /مريم: 57/.

ص: 1216

3164 -

قَالَ عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ (ح). حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ أَنَسُ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه يُحَدِّثُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، قَالَ: مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: مَعِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ فَافْتَحْ، فَلَمَّا عَلَوْنَا إلى السَّمَاءِ إِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الْأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالْأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُ فَفَتَحَ).

قَالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السماوات إِدْرِيسَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يُثْبِتْ لِي كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ: أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ. وَقَالَ أَنَسٌ:(فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِإِدْرِيسَ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى،، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ).

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَا يَقُولَانِ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (ثُمَّ عُرِجَ بِي، حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ).

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنهما: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ

⦗ص: 1218⦘

خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ، حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: مَا الَّذِي فَرَضَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: فَرَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ فَرَاجَعْتُ رَبِّي، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ، لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلْتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى السِّدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ).

[ر: 342]

(جنابذ) جمع جنبذة وهي القبة.

ص: 1217

‌8 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} /الأعراف: 65

/.

وَقَوْلِهِ: {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ - إِلَى قَوْلِهِ - كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} /الأحقاف: 21 - 25/.

فِيهِ: عَنْ عَطَاءٍ وَسُلَيْمَانَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3034، 4551]

(وإلى عاد) أي: وأرسلنا إلى عاد. (أخاهم) واحدا منهم. (إلى قوله) والآيات بتمامها: {واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلقه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم. قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين. قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون. فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم. تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين} . (بالأحقاف) جمع حقف، وهو رمل مستطيل مرتفع فيه اعوجاج. (خلت النذر) مضى المنذرون. (بين يديه) قبله. (خلفه) زمانه، أي وكلهم أنذر نحو إنذاره. (لتأفكنا) لتصرفنا. (العلم عند الله) بوقت مجيء العذاب لا عندي. (عارضا) يشبه سحابا عرض في أفق السماء. (ممطرنا) يحمل لنا المطر. (تدمر) تهلك. (لا يرى إلا مساكنهم) لأنها قائمة، وأما الناس فقد غطتها الرمال. (المجرمين) الذين يجرمون مثل جرمهم من كل أمة. (فيه) أي في هذا الباب الشامل على عذاب القوم بالريح، والتعوذ من ذلك.

ص: 1218

‌9 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:

{وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} شَدِيدَةٍ {عَاتِيَةٍ} قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَتَتْ عَلَى الْخُزَّانِ

⦗ص: 1219⦘

{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} مُتَتَابِعَةً {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} أُصُولُهَا {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} بَقِيَّةٍ /الحاقة: 6 - 8/.

(عاتية) من عتا يعتو إذا جاوز الحد في الشيء. (الخزان) جمع خازن وهم الملائكة الموكلون بالريح، أي فلم تطعهم وجاوزت المقدار المحدد لها، بأمر الله تعالى وتسخيره. (سخرها) أرسلها وسلطها. (حسوما) من الحسم وهو القطع والمنع، أي قطعت الخير عنهم بتتابعها. (صرعى) جمع صريع وهو القتيل الملقى. (أعجاز نخل) أصولها وجزوعها. (خاوية) ساقطة، وشبهوا بالنخل لعظم أجسامهم وطولها.

ص: 1218

3165 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ).

[ر: 988]

ص: 1219

3166 -

قَالَ: وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

بَعَثَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذُهَيْبَةٍ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ: الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ، قَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا، قَالَ:(إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ). فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ:(مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ؟ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تأمنونني). فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ:(إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قوم يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ).

[ر: 4094]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم:1064. (بذهبية) قطعة من ذهب. (صناديد) رؤساء، جمع صنديد. (غائر العنين) عيناه داخلتان في رأسه لاصقتان بقعر الحدقة، ضد الجاحظ. (مشرف الوجنتين) عاليهما، والوجنتان العظمان المشرفان على الخدين، وقيل لحم جلد الخدين. (كث اللحية) كثير شعرها. (ضئضئ) هو الأصل والعقب، وقيل: هو كثرة النسل. (لا يجاوز حناجرهم) لا يفقهون معناه ولا ينتفعون بتلاوته. (يمرقون) يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ من الصيد من جهة أخرى، ولم يتعلق بالسهم من دمه شيء. (الرمية) الصيد المرمي. (قتل عاد) أي أستأصلهم بالكلية بأي وجه، ولا أبقي أحدا منهم.

ص: 1219

3167 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ:

⦗ص: 1220⦘

سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} .

[ر: 3163]

ص: 1219

‌10 - بَاب: قِصَّةِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ،

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ} .

قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا. إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا. فَأَتْبَعَ سَبَبًا - إِلَى قَوْلِهِ - آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} وَاحِدُهَا زُبْرَةٌ وَهِيَ الْقِطَعُ {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} يُقَالُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْجَبَلَيْنِ، وَالسُّدَّيْنِ الْجَبَلَيْنِ {خَرْجًا} أَجْرًا {قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} أَصْبُبْ عَلَيْهِ رَصَاصًا، وَيُقَالُ: الْحَدِيدُ، وَيُقَالُ: الصُّفْرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: النُّحَاسُ. {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} يَعْلُوهُ، اسطاع اسْتَفْعَلَ، مِنْ طعت لَهُ، فَلِذَلِكَ فُتِحَ أَسْطَاعَ يَسْطِيعُ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: اسْتَطَاعَ يَسْتَطِيعُ. {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا. قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ} أَلْزَقَهُ بِالْأَرْضِ، وَنَاقَةٌ دَكَّاءُ لَا سَنَامَ لَهَا، وَالدَّكْدَاكُ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلُهُ، حَتَّى صَلُبَ

⦗ص: 1221⦘

من الأرض وَتَلَبَّدَ. {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا. وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} /الكهف: 83 - 99/. {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} /الأنبياء: 96/. قَالَ قَتَادَةُ: حَدَبٌ أَكَمَةٌ، قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: رَأَيْتُ السَّدَّ مِثْلَ الْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ، قَالَ:(رَأَيْتَهُ).

(يأجوج ومأجوج) قيل في بيانهما أقوال كثيرة، والظاهر - والله أعلم - أنهما أمتان من البشر، كثير عددهم، كبير شرهم وفسادهم، حبسهم الله عز وجل في جزء من أرضهم، رحمة ببقية خلقه، وسيخرجون في يوم من الأيام، ويكون خروجهم علامة من العلامات القريبة لقيام الساعة، أعاذنا الله تعالى من شرها وحمانا من ويلاتها، وحفظنا من المفسدين في الأرض في كل زمان ومكان.

(إلى قوله) وتتمة الآيات: {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما. قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا. قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا. وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا. ثم أتبع سببا. حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا. كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا. ثم أتبع سببا.

حتى إذا بلغ بين السدين وجد دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا. قالوا

يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا. قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما}. (يسألونك) أي اليهود، وقيل زعماء المشركين. (ذكرا) شيئا من خبره. (مكنا له) جعلنا له السلطان. (وآتيناه) سهلنا عليه أمر السير في الأرض وأعطيناه أسباب كل شيء أراده من أغراضه ومقاصده في ملكه. (حمئة) حارة. (قلنا) أي ألهمه الله عز وجل ذلك. وقيل: كان نبيا، وكان ذلك القول وحيا له. (يسرا) قولا جميلا لينا. (سترا) أبنية يستترون فيها من الشمس، لأنهم كانوا في أرض لا يستقر عليها بناء. (بما لديه) من السلاح والعدة والعدد، أو بصلاحيته للحكم. (خبرا) علما. (يفقهون) يفهمون. (مكني) قواني به. (خير) أي مما ستعطونني. (ردما) سدا كبيرا وحاجزا منيعا. (الصدفين) طرفي الجبلين. (الصفر) الجيد من النحاس. (بعضهم) بعض الخلق، أو بعض يأجوج ومأجوج. (يومئذ) يوم القيامة، أو يوم فتح الردم. (يموج) يضطرب ويختلط وهم حيارى. (حدب) جانب وجهة. (ينسلون) يسرعون. (السد) سد يأجوج ومأجوج. (البرد) ثوب مخطط. (المحبر) له خطوط، خط أبيض وخط أسود أو أحمر.

ص: 1220

3168 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ زَيْنَبَ بنت جَحْشٍ رضي الله عنهن:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ). وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ:(نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ).

[3403، 6650، 6716]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج، رقم:2880. (ويل) كلمة تستعمل للحزن والهلاك والمشقة. (ردم) سد. (حلق بإصبعه الإبهام والتي تليها) يعني جعل الإصبع السبابه في أصل الإبهام وضمها حتى لم يبق بينهما إلا خلل يسير، والمعنى: أنه لم يبق لمجيء الشر إلا اليسير من الزمن. (الخبث) الفسوق والفجور والمعاصي.

ص: 1221

3169 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (فَتَحَ اللَّهُ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلَ هَذَا). وَعَقَدَ بِيَدِهِ تِسْعِينَ.

[6717]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج، رقم:2881. (تسعين) هو مثل قوله في الحديث قبله: حلق بإصبعه .. .

ص: 1221

3170 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ

⦗ص: 1222⦘

النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ قَالَ:(أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا. ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ). فَكَبَّرْنَا، فَقَالَ:(أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ). فَكَبَّرْنَا، فَقَالَ:(أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ). فَكَبَّرْنَا، فَقَالَ:(مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ).

[4464، 6165، 7045]

(لبيك) أنا ملازم طاعتك لزوما بعد لزوم. (سعديك) أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة، وإسعادا بعد إسعاد. (بعث النار) حزبها وأهلها. (فعنده) أي عند قول الله تعالى لآدم عليه السلام. (سكارى) جمع سكران، وهو الذي غطى أثر الشراب عقله، أي هم أشبه بالسكارى من شدة الأهوال، وليسوا سكارى حقيقة.

ص: 1221

‌11 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا} /النساء: 125

/.

وَقَوْلِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا} /النحل: 120/. وَقَوْلِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} /التوبة: 114/. وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ: الرَّحِيمُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ.

(خليلا) شديد المحبة له. (أمة) إماما يقتدى به في الخير، أو: لأنه قد اجتمع فيه خصال من خصال الخير والأخلاق الحميدة ما يجتمع في أمة كاملة. (قانتا) يخضع لله تعالى ويواظب على طاعته وحده. (لأواه) متضرع كثير الدعاء والبكاء، وفسره أبو ميسرة بما ذكر.

ص: 1222

3171 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}. وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ - إِلَى قَوْلِهِ - الْحَكِيمُ}).

[3263، 4349، 4350، 4463، 6159 - 6161]

(محشورون) مجموعون يوم القيامة. (غرلا) جمع أغرل وهو الذي لم يختن، والمعنى: أنهم يحشرون كما خلقوا، لم يفقد منهم شيء، وليس معهم شيء. (فاعلين) قادرين أن نفعل ما نشاء، أو فاعلين ما وعدنا به الأنبياء /الأنبياء: 104/. (ذات الشمال) أي إلى النار. (مرتدين على أعقابهم) تاركين لأحكام الإسلام وشرائعه مهملين لها أو منكرين، وليس لهم من الإسلام إلا الاسم والانتساب. (العبد الصالح) عيسى عليه السلام. (شهيدا) أشهد على أعمالهم التي عملوها حين كنت بين أظهرهم. (إلى قوله) وتتمتها:{فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد. إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} /المائدة: 117، 118/. (توفيتني) أخذتني إليك. (الرقيب) الراعي والحفيظ.

ص: 1222

3172 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي عَبْدُ الْحَمِيدِ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي، فَيَقُولُ أَبُوهُ: فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ).

[4490، 4491]

(قترة) سواد الدخان، و (غبرة) غبار، ولا يرى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد في الوجه، ولعل المراد هنا: ما يغشى الوجه من شدة الكرب، وما يعلوه من ظلمة الكفر. (الأبعد) أي من رحمة الله تعالى. (بذيخ) الذيخ ذكر الضبع الكثير الشعر، أري أباه على غير هيئته ومنظره، ليسرع إلى التبرء منه. (متلطخ) متلوث بالدم ونحوه.

ص: 1223

3173 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو: أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ، فَوَجَدَ فِيهِ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَصُورَةَ مَرْيَمَ، فَقَالَ:(أَمَا لَهُمْ، فَقَدْ سَمِعُوا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، هَذَا إِبْرَاهِيمُ مُصَوَّرٌ، فَمَا لَهُ يَسْتَقْسِمُ).

ص: 1223

3174 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عليهما السلام بِأَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ، فَقَالَ:(قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، وَاللَّهِ إِنِ اسْتَقْسَمَا بِالْأَزْلَامِ قَطُّ).

[ر: 1524]

(الأزلام) القداح، جمع زلم، وهي قطع خشبية مكتوب عليها افعل، لا تفعل، ونحو ذلك، كانوا يستقسمون بها في أمورهم، من الاستقسام وهو طلب معرفة ما قسم له مما لم يقسم. (إن استقسما) ما استقسما. (قط) في أي زمن مضى.

ص: 1223

3175 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ:(أَتْقَاهُمْ). فَقَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ:(فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ). قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ:(فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِ؟ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، إِذَا فَقُهُوا).

قَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَمُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[3194، 3203، 3301، 4412]

أخره مسلم في الفضائل، باب: من فضائل يوسف عليه السلام، رقم:2378. (معادن العرب) أصولهم التي ينتسبون إليها ويتفاخرون بها. (فقهوا) فهموا وعلموا عملوا.

ص: 1224

3176 -

حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا سَمُرَةُ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ طَوِيلٍ، لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا، وَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 809]

ص: 1224

3177 -

حَدَّثَنِي بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنَا النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

وَذَكَرُوا لَهُ الدَّجَّالَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ، أَوْ ك ف ر، قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ، وَأَمَّا مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ، عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ انْحَدَرَ فِي الْوَادِي).

[ر: 1480]

(فانظروا إلى صاحبكم) يريد نفسه صلى الله عليه وسلم، والمعنى: أنه شبيه بإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، فإذا نظر إليه فكأنما رئي إبراهيم عليه السلام. (فجعد آدم) مكتنز اللحم، أسمر البشرة. (مخطوم) مزموم. (بخلبة) هي الليفة.

ص: 1224

3178 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ

⦗ص: 1225⦘

عليه السلام، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً، بِالْقَدُّومِ).

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ: (بِالْقَدُومِ) مُخَفَّفَةً. تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. وتابعه عَجْلَانُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ.

[5940]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، رقم:2370. (اختتن) قطع قلفة الذكر، وهي الجلدة التي تغطي الحشفة قبل قطعها. (بالقدوم) آلة يستعملها النجارون.

ص: 1224

3179 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ الرُّعَيْنِيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثًا).

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ عز وجل. قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ}. وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}. وَقَالَ: بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ، إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَا هُنَا رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: أُخْتِي، فَأَتَى سَارَةَ فقال: يَا سَارَةُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، فَلَا تُكَذِّبِينِي، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فَأُخِذَ، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ وَلَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتِ اللَّهَ فَأُطْلِقَ. ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتْ فَأُطْلِقَ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُونِي بِإِنْسَانٍ، إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَانٍ، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ، فَأَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: مَهْيَا، قَالَتْ: رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الْكَافِرِ، أَوِ الْفَاجِرِ، فِي نَحْرِهِ، وَأَخْدَمَ هَاجَرَ). قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: تِلْكَ أُمُّكُمْ، يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ.

[ر: 2104]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: من فضائل إبراهيم الخليل عليه السلام، رقم:2371. (كذبات) أي فيما يظهر للناس وبالنسبة لفهم السامعين، وهي ليست كذبا في حقيقة الأمر لأنها من المعاريض. (ذات الله) أي لأجله. (سقيم) مريض، قال ذلك لقومه حتى لا يخرج معهم ويبقى ليكسر الأصنام /الصافات: 89/، و/الأنبياء: 63/. (فأخذ) اختنق حتى ضرب برجله الأرض كأنه مصروع. (مهيا) كلمة يستفهم بها، معناها: ما حالك وما شأنك. (تلك) أي هاجر عليها السلام. (بني ماء السماء) أراد بهم العرب، لأنهم يعيشون بالمطر، ويتبعون مواقع القطر في البوادي لأجل المواشي.

ص: 1225

3180 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَوْ ابْنُ سَلَامٍ عَنْهُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ رضي الله عنها:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ. وَقَالَ: (كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام.

[ر: 3131]

ص: 1226

3181 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} . قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ قَالَ:(لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ {لم يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} بِشِرْكٍ، أَوَ لَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}).

[ر: 32]

ص: 1226

‌12 - باب: {يزفون} /الصافات: 94/: النسلان في المشي.

(يزفون) يسرعون في المشي، وهو معنى النسلان. وأشار بما ذكر إلى ما في قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه حين كسر أصنامهم، فجاؤوا إليه مسرعين يسألونه عنها.

ص: 1226

3182 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِلَحْمٍ فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيُنْفِذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْهُمْ - فَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ - فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنَ الْأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، ويقول: فَذَكَرَ كَذَبَاتِهِ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى).

تَابَعَهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3162، 4206]

(ينفذهم البصر) يحيط بهم بصر الناظر، ويبلغ أولهم وآخرهم. (كذباته) انظر الحديث:3179.

ص: 1226

3183 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْلَا أَنَّهَا عَجِلَتْ، لَكَانَ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا).

قَالَ الْأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَمَّا كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ: فَحَدَّثَنِي قَالَ: إِنِّي وَعُثْمَانَ

⦗ص: 1227⦘

بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ جُلُوسٌ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: مَا هَكَذَا حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: أَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ عليهم السلام وَهِيَ تُرْضِعُهُ، مَعَهَا شَنَّةٌ - لَمْ يَرْفَعْهُ - ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ.

(معينا) سائلا جاريا على وجه الأرض. (شنة) قربة يابسة بالية. (لم يرفعه) أي لم يرفع ابن عباس رضي الله عنه الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 1226

3184 -

وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، السَّخْتِيَانِيِّ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاس:

أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وضعها عِنْدَ الْبَيْتِ، عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَقَالَتْ:

يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إذن لَا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ:{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ - حَتَّى بَلَغَ - يَشْكُرُونَ} . وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى، أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتْ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ

⦗ص: 1228⦘

أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنْ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا). فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ صَهٍ - تُرِيدُ نَفْسَهَا - ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَالَ: بِجَنَاحِهِ، حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ - لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا). قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ: لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ. وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ، فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ، أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ، مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا، قَالَ: وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ، فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ). فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلَامُ

⦗ص: 1229⦘

وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السلام، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ، قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتْ: اللَّحْمُ. قَالَ: فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتْ: الْمَاءُ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ). قَالَ: فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ. قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السلام، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ، قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ، قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ، ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ،

⦗ص: 1230⦘

ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، قَالَ: وَتُعِينُنِي؟ قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ، جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ، فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولَانِ:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} . قَالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .

(المنطق) ما يشد به الوسط. (لتعفي أثرها) أي لتجره على الأرض وتخفي أثرها على سارة. (دوحة) شجرة كبيرة. (جرابا) ما يتخذ من الجلد لتوضع فيه الزوادة. (قفى) من التقفية وهي الإعراض والتولي، يعني ولى راجعا. (الثنية) الطريق العالي في الجبل. (الكلمات) الدعوات، أو الجمل التي أنزلها الله تعالى في كتابه على محمد صلى الله عليه وسلم، وتتمتها:{عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} /إبراهيم: 37/. (بواد) هو مكة. (المحرم) الذي يحرم التعرض له والتهاون به. (أفئدة) جمع فؤاد وهو القلب، والمراد الناس أصحاب القلوب. (تهوي إليهم) تقصدهم وتسكن إليهم. (يتلوى) يتمرغ وينقلب ظهرا لبطن ويمينا وشمالا. (يتلبط) يتمرغ ويضرب بنفسه الأرض، وقيل: يحرك لسانه وشفتيه كأنه يموت. (درعها) قميصها. (سعت) هرولت وأسرعت في خطاها. (المجهود) الذي أصابه الجهد وهو الأمر الشاق. (فذلك سعي الناس بينهما) أي سبب مشروعية السعي بين الصفا والمروة، لإحياء تلك الذكرى في النفوس، لتنشط في الالتجاء إلى الله عز وجل في كل حال. (صه) أي قالت لنفسها: اسكتي. (غواث) من الغوث، أي إن كان غوث فأغثني. (بالملك) أي جبريل عليه السلام. (فبحث بعقبه) البحث طلب الشيء في التراب، وكأنه حفر بطرف رجله. (تحوضه) يجعله كالحوض لئلا يذهب الماء. (تقول بيدها) هو حكاية لفعلها. (عائفا) هو الذي يتردد على الماء ويحوم ولا يمضي عنه، والعائف أيضا: الرجل الذي يعرف مواضع الماء من الأرض. (لعهدنا) لمعرفتنا صلتنا. (جريا) رسولا، ويطلق على الوكيل والأجير، وسمي بذلك لأنه يجري مجرى مرسله، أو لأنه يجري مسرع في حوائجه. (فألفى ذلك) فوجد الجرهمي. (الأنس) المؤانسة بالناس. (شب الغلام) نشأ إسماعيل عليه السلام. (أنفسهم) رغبهم فيه وفي مصاهرته. (يطالع تركته) يتفقد حال ما تركه هناك، والتركة بمعنى المتروكة، والمراد بها أهله، والمطالعة النظر في الأمور. (يبتغي لنا) يطل لنا الرزق، وكان عيشه من الصيد. (هيئتهم) حالتهم. (عتبة بابه) هي أسكفة الباب، وهي هنا كناية عن المرأة. (لا يخلو عليهما أحد) لا يعتمد أحد في طعامه على اللحم والماء فقط. (لم يوافقاه) أي لا يوافقان مزاجه، ويشتكي من بطنه ونحو ذلك، وأما في مكة فإن المداومة على أكلها لا تحدث شيئا، وهذا من بركة إبراهيم عليه السلام. (ربنا تقبل .. ) /البقرة: 127/.

ص: 1227

3185 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا كَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مَا كَانَ، خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إِسْمَاعِيلَ، وَمَعَهُمْ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ، فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، حَتَّى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءً نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ: يَا إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا؟ قَالَ: إِلَى اللَّهِ، قَالَتْ: رَضِيتُ بِاللَّهِ، قَالَ: فَرَجَعَتْ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى لَمَّا فَنِيَ الْمَاءُ، قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا، قَالَ: فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتْ الصَّفَا فَنَظَرَتْ، وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أَحَدًا، فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، فَلَمَّا بَلَغَتِ الْوَادِيَ سَعَتْ وَأَتَتْ الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ أَشْوَاطًا، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ، تَعْنِي الصَّبِيَّ، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ كَأَنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ، فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا، فَقَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ، لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا، فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتْ الصَّفَا، فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، حَتَّى أَتَمَّتْ سَبْعًا، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ، فَإِذَا هِيَ بِصَوْتٍ، فَقَالَتْ: أَغِثْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ، فَإِذَا جِبْرِيلُ، قَالَ: فَقَالَ بِعَقِبِهِ هَكَذَا، وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الْأَرْضِ، قَالَ: فَانْبَثَقَ الْمَاءُ، فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ،

⦗ص: 1231⦘

فَجَعَلَتْ تحفر، قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ تَرَكَتْهُ كَانَ الْمَاءُ ظَاهِرًا). قَالَ: فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، قَالَ: فَمَرَّ نَاسٌ مِنْ جُرْهُمَ بِبَطْنِ الْوَادِي، فَإِذَا هُمْ بِطَيْرٍ، كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَاكَ، وَقَالُوا: مَا يَكُونُ الطَّيْرُ إِلَّا عَلَى مَاءٍ، فَبَعَثُوا رَسُولَهُمْ فَنَظَرَ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَأَتَاهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ، فَأَتَوْا إِلَيْهَا فَقَالُوا: يَا أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَكِ، أَوْ نَسْكُنَ مَعَكِ، فَبَلَغَ ابْنُهَا فَنَكَحَ فِيهِمُ امْرَأَةً، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي، قَالَ: فَجَاءَ فَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ؟ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: ذَهَبَ يَصِيدُ، قَالَ: قُولِي لَهُ إِذَا جَاءَ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَ: أَنْتِ ذَاكِ، فَاذْهَبِي إِلَى أَهْلِكِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي. قَالَ: فَجَاءَ فَقَالَ: أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ؟ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ: ذَهَبَ يَصِيدُ، فَقَالَتْ: أَلَا تَنْزِلُ فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ، فَقَالَ: وَمَا طَعَامُكُمْ وَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتْ: طَعَامُنَا اللَّحْمُ وَشَرَابُنَا الْمَاءُ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: (بَرَكَةٌ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ). قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي، فَجَاءَ فَوَافَقَ إِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ يُصْلِحُ نَبْلًا لَهُ. فَقَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا. قَالَ: أَطِعْ رَبَّكَ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ، قَالَ: إِذَنْ أَفْعَلَ، أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} . قَالَ: حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ، وَضَعُفَ الشَّيْخُ عن نَقْلِ الْحِجَارَةِ، فَقَامَ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ، فَجَعَلَ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .

[ر: 2239]

(أهله) سارة عليها السلام. (ما كان) من خصومة معتادة بين الضرائر، وذلك حين ولدت هاجر عليها السلام إسماعيل عليه السلام وغارت منها سارة فكان منها ما كان. (أحس) أجد. (ينشغ) من النشغ، وهو الشهيق من الصدر حتى يكاد يبلغ به الغشي، أي يعلو نفسه من شدة ما يرد عليه. (غمز) عصر وكبس. (تحفر) وفي نسخة (تحفر) أي تسرع وتحث سيرها، وفي أخرى (تحفن) أي تملأ كفيها. (ظاهرا) أي يجري على وجه الأرض. (أنكروا ذلك) أي تعجبوا من وجود الطير واستغربوه، لعلمهم أنه لا يوجد ماء في هذا المكان. (بركة) أي في طعام مكة وشرابها.

ص: 1230

3186 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ:(الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ). قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى). قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: (أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ

⦗ص: 1232⦘

بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ).

[3243]

(أول) أي للصلاة فيه. (الأقصى) سمي بذلك لبعد المسافة بينه وبين الكعبة أو لبعده عن الأقذار والخبائث فإنه مقدس مطهر، وقيل: لأنه لم يكن وراءه موضع عبادة. (بعد) أي بعد دخول وقت الصلاة. (فصله) أي فصل، والهاء هاء السكت. (فإن الفضل فيه) أي فعل الصلاة إذا حضر وقتها وفي أول الوقت.

ص: 1231

3187 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ، فَقَالَ:(هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا).

رواه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[انظر: 2022، 2732]

ص: 1232

3188 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ ابْنَ أَبِي بَكْرٍ: أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهم، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوْا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ فَقَالَ:(لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ).

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ، إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.

[ر: 126]

(قال إسماعيل) هو عبد الله بن أبي أويس، ابن أخت مالك بن أنس رحمه الله تعالى، وأشار البخاري بهذا إلى أن إسماعيل روى هذا الحديث، وبين أن ابن أبي بكر الذي فيه هو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصديق رضي الله عنه.

ص: 1232

3189 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ: أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رضي الله عنه أَنَّهُمْ قَالُوا:

يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى

⦗ص: 1233⦘

مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).

[5999]

أخرجه مسلم في الصلاة، بَاب: الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، رقم:407. (صل على محمد) الصلاة من الله تعالى الرحمة المقرونة بالتعظيم، وقيل: معناه: عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته. (ذريته) نسله. (بارك) من البركة وهي الزيادة والنماء، وأصله من برك البعير إذا أناخ في موضع ولزمه، وعليه يكون المعنى: أدم له ما أعطيته من التشريف والكرامة. (حميد) محمود على كل حال، صيغة مبالغة من الحمد. (مجيد) صيغة مبالغة من المجد، وهو الشرف والعظمة.

ص: 1232

3190 -

حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا أَبُو قرة مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى: سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ:

لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي، فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ:(قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).

[4519، 5996]

أخرجه مسلم في الصلاة، بَاب: الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، رقم:406.

ص: 1233

3191 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَيَقُولُ:(إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ).

(يعوذ) من التعويذ وهو الالتجاء والاستجارة. (التامة) الكاملة في فضلها وبركتها ونفعها. (هامة) كل حشرة ذات سم، وقيل: مخلوق يهم بسوء. (لامة) العين التي تصيب بسوء، وتجمع الشر على المعيون. وقيل: هي كل داء وآفة تلم بالإنسان.

ص: 1233

(نبئهم) أخبرهم. (ضيف إبراهيم) وهم الملائكة الذين أتوه على صورة البشر على أنهم ضيوف. وانظر الآيات: 51 - 60 من سورة الحجر.

ص: 1233

3192 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ

⦗ص: 1234⦘

شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}. وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ، لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ).

[3195، 3207، 4263، 4417، 6591]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة. وفي الفضائل، باب: من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، رقم:151. (أحق) أولى بالسؤال عن كيفية الإحياء أو الشك فيه لو كان سؤاله شكا، ولكنه طلب المزيد من اليقين والاطمئنان. (ليطمئن) ليسكن، ويصير علم اليقين عندي عين اليقين بالمشاهدة /البقرة: 260/. (يأوي) يستند ويعتمد. (ركن شديد) قوي وعزيز يمتنع به ويستنصر بذلك صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى: {لو كان أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} /هود: 80/. قال العيني رحمه الله تعالى: وكأنه صلى الله عليه وسلم استغرب ذلك القول وعده نادرا منه، إذ لا ركن أشد من الركن الذي كان يأوي إليه. وقال النووي رحمه الله تعالى: يجوز أنه نسي الالتجاء إلى الله في حمايته الأضياف، أو أنه التجأ إلى الله فيما بينه وبين الله، وأظهر للأضياف العذر وضيق الصدر. (الداعي) الذي دعاه إلى الخروج من السجن، ولأسرعت في الخروج، يشير بذلك صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى:{فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} /يوسف: 50/. وقوله صلى الله عليه وسلم ذلك تواضع منه، حيث إنه وصف يوسف عليه السلام بشدة الصبر، ولا يعني ذلك قلة صبره صلى الله عليه وسلم، أو أنه صلى الله عليه وسلم يشير إلى الأخذ بالأسهل فيما ليس فيه معصية.

ص: 1233

(صادق الوعد) وفيا به، وقد وعد نفسه أن يصبر على الذبح، ووفى بذلك حين باشر أبوه بالتنفيذ، وقيل في معناه غير ذلك.

ص: 1234

3193 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ:

مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ). قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ). فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ، قَالَ:(ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ).

[ر: 2743]

ص: 1234

‌15 - بَاب: قِصَّةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عليهما السلام.

فِيهِ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3175، 3202]

ص: 1234

(إلى قوله) وتتمتها: {إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا} .

(أم كنتم شهداء .. ) أي ما كنتم حاضرين، نزلت ردا على اليهود الذين ادعوا أن يعقوب عليه السلام وصى أبناءه باليهودية حين وفاته. (آبائك .. ) اعتبر إسماعيل عليه السلام أبا مع أنه عمهم، لأن العرب تسمي العم أبا.

ص: 1235

3194 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: (أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ). قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ:(فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ). قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ:(فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تسألونني). قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ، إِذَا فَقُهُوا).

[ر: 3175]

ص: 1235

‌17 - بَاب:

{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ. أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ. فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ. فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ. وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} /النمل: 54 - 58/.

(الفاحشة) الفعلة القبيحة الشنيعة وهي اللواطة. (وأنتم تبصرون) والحال أنكم تعلمون أنها فاحشة لم تسبقوا إليها، وقيل: يبصر بعضكم بعضا، لأنهم كانوا يفعلون ذلك في نواديهم مجاهرين بها لا يستترون، عتوا منهم وتمردا وخلاعة ومجانة. (شهوة) لأجل الشهوة. (تجهلون) عاقبة انحرافكم وجزاء عصيانكم. (يتطهرون) عن ارتكاب ما يفعل القوم، ويقولون ذلك استهزاء بهم وتهكما. (فأنجيناه وأهله) من العذاب الذي وقع في القوم. (قدرناها) جعلناها بتقديرنا وقضائنا. (الغابرين) الباقين في العذاب والهالكين.

ص: 1235

3195 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ، إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ).

[ر: 3192]

ص: 1235

‌18 - بَاب: {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ. قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} /الحجر: 62

/.

{بِرُكْنِهِ} /الذاريات: 39/: بِمَنْ مَعَهُ لِأَنَّهُمْ قُوَّتُهُ. {تَرْكَنُوا} /هود: 113/: تَمِيلُوا. فَأَنْكَرَهُمْ وَنَكِرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ. {يُهْرَعُونَ} /هود: 78/: يُسْرِعُونَ. {دَابِرٌ} /الحجر: 66/: آخِرٌ. {صَيْحَةٌ} /يس: 29/: هَلَكَةٌ. {لِلْمُتَوَسِّمِينَ} /الحجر: 75/: لِلنَّاظِرِينَ. {لَبِسَبِيلٍ} /الحجر: 76/: لَبِطَرِيقٍ.

(منكرون) غير معروفين لدي. (بركنه) بجانبه وجميع بدنه، كناية عن المبالغة في الإعراض. (فأنكرهم) يشير إلى ما في قوله تعالى:{فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم} /هود: 70/.

ص: 1236

3196 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).

[ر: 3163]

ص: 1236

‌19 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} /هود: 61

/.

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ} /الحجر: 80/: مَوْضِعُ ثَمُودَ. وَأَمَّا {حرث حِجْرٌ} /الأنعام: 138/: حَرَامٌ، وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهُوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ، وَالْحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ، وَمَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ فَهُوَ حِجْرٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ الْبَيْتِ حِجْرًا، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ، مِثْلُ قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ، وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ الْحِجْرُ، وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ حِجْرٌ وَحِجًى، وَأَمَّا حَجْرُ الْيَمَامَةِ فَهُوَ مَنْزِلٌ.

(حطيم البيت) هو الحائط المستدير إلى جانب الكعبة، ويسمى حجر إسماعيل عليه السلام. (حجر اليمامة) اليمامة: اسم البلد المشهور بين الحجاز واليمن، وحجر اليمامة مدينتها ووسطها.

ص: 1236

3197 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ، قَالَ:(انْتَدَبَ لَهَا رَجُلٌ ذُو عِزٍّ وَمَنَعَةٍ فِي قومه كَأَبِي زَمْعَةَ).

[4658، 4908، 5695]

(عقر الناقة) ذبح ناقة صالح عليه السلام. (انتدب لها) من ندبه لأمر فانتدب، أي دعاه له فأجاب. (منعة) هي ما يمنع به الخصم أن يصل إلى خصمه الملتجيء.

ص: 1236

3198 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ بْنِ حَيَّانَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَن

⦗ص: 1237⦘

رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمَّا نَزَلَ الْحِجْرَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا، وَلَا يَسْتَقُوا مِنْهَا، فَقَالُوا قَدْ عَجَنَّا مِنْهَا وَاسْتَقَيْنَا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ، وَيُهَرِيقُوا ذَلِكَ الْمَاءَ.

وَيُرْوَى عَنْ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ وَأَبِي الشُّمُوسِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِإِلْقَاءِ الطَّعَامِ. وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (مَنِ

اعْتَجَنَ بِمَائِهِ).

أخرجه مسلم في الزهد والرقاق، باب: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، رقم:2981. (يطرحوا) يلقوا. (يهريقوا) يريقوا. (سبرة بن معبد) ليس له في البخاري سوى هذا الموضع. (من اعتجن بمائه) أي أمر من اعتجن بمائه أن يلقي عجينه.

ص: 1236

3199 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ:

أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْضَ ثَمُودَ، الْحِجْرَ، فَاسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا وَاعْتَجَنُوا بِهِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا، وَأَنْ يَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ.

تَابَعَهُ أُسَامَةُ، عَنْ نَافِعٍ.

ص: 1237

3200 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهم:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا مَرَّ بِالْحِجْرِ قَالَ: (لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ). ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ وَهُوَ عَلَى الرَّحْلِ.

أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، رقم:2980. (أن يصيبكم ما أصابهم) حذر أن يصيبكم مثل ما أصابهم من العذاب. (تقنع) تستر. (الرحل) ما يوضع على البعير مثل السرج للفرس.

ص: 1237

3201 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ: حَدَّثَنَا أَبِي: سَمِعْتُ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ).

[ر: 423].

ص: 1237

(أم كنتم .. ) انظر الباب: 16 من كتاب التفسير.

ص: 1237

3202 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عبد الله، عن أبيه، عن عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم

⦗ص: 1238⦘

السلام).

[3210، 4411]

ص: 1237

‌21 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} /يوسف: 7

/.

(في يوسف وإخوته) في قصتهم وخبرهم. (آيات) عبر وعظات. (للسائلين) لمن سأل عن قصتهم.

ص: 1238

3203 -

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: (أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ). قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ:(فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ). قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ:(فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تسألونني؟ النَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، إِذَا فَقُهُوا).

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا.

[ر: 3175]

ص: 1238

3204 -

حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: (مُرِي أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ). قَالَتْ: إِنَّهُ رَجُلٌ أَسِيفٌ، مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ رَقَّ. فَعَادَ فَعَادَتْ. قَالَ شُعْبَةُ: فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: (إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ).

[ر: 195]

ص: 1238

3205 -

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

مَرِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ). فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ كَذَا، فَقَالَ مِثْلَهُ، فَقَالَتْ مِثْلَهُ، فَقَالَ:(مروه، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ). فَأَمَّ أَبُو بَكْرٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ حُسَيْنٌ: عَنْ زَائِدَةَ: رَجُلٌ رَقِيقٌ.

[ر: 646]

ص: 1238

3206 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ).

[ر: 961]

ص: 1238

3207 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، هُوَ ابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عن أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ، ثُمَّ أَتَانِي الدَّاعِي لَأَجَبْتُهُ).

[ر: 3192]

ص: 1239

3208 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عن سفيان، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ رُومَانَ، وَهِيَ أُمُّ عَائِشَةَ، عَمَّا قِيلَ فِيهَا مَا قِيلَ، قَالَتْ:

بَيْنَمَا أَنَا مَعَ عَائِشَةَ جَالِسَتَانِ، إِذْ وَلَجَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَهِيَ تَقُولُ: فَعَلَ اللَّهُ بِفُلَانٍ وَفَعَلَ، قَالَتْ فَقُلْتُ: لِمَ؟ قَالَتْ: إِنَّهُ نَمَا ذِكْرَ الْحَدِيثِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَيُّ حَدِيثٍ؟ فَأَخْبَرَتْهَا. قَالَتْ: فَسَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلَّا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(مَا لِهَذِهِ). قُلْتُ: حُمَّى أَخَذَتْهَا مِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ، فَقَعَدَتْ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لَا تصدقونني، وَلَئِنْ اعْتَذَرْتُ لَا تعذرونني، فَمَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ، فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ. فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا أَنْزَلَ، فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِ أَحَدٍ.

[ر: 2453]

(بفلان) أرادت مسطحا رضي الله عنه. (نما ذكر الحديث) رفع بخبره، وقيل: الأرجح هنا (نمى) لأن (نما) إذا بلغه على وجه الإصلاح، و (نمى) إذا بلغه على وجه الإفساد، وهو المتعين هنا. (حمى بنافض) أي حمى متلبسة بارتعاد، من النفض وهو التحريك.

ص: 1239

3209 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ:

أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتِ قَوْلَهُ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} . أَوْ كُذِبُوا؟ قَالَتْ: بَلْ كَذَّبَهُمْ قَوْمُهُمْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ وَمَا هُوَ بِالظَّنِّ. فَقَالَتْ: يَا عُرَيَّةُ لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ، قُلْتُ: فَلَعَلَّهَا أَوْ كُذِبُوا، قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ، لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا. وَأَمَّا هَذِهِ الْآيَةُ،

⦗ص: 1240⦘

قَالَتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ، وَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَتْ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ كَذَّبُوهُمْ، جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: {اسْتَيْأَسُوا} افْتَعَلُوا، مِنْ يَئِسْتُ {مِنْهُ} مِنْ يُوسُفَ. {لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} مَعْنَاهُ الرَّجَاءُ.

[4252، 4418، 4419]

(استيأس) من اليأس وهو القنوط، أي قنطوا من إيمان أقوامهم. (ظنوا) أي ظن أتباع الرسل، كما فسرته عائشة رضي الله عنها. (كذبوا) كذبهم أقوامهم في الوعد بالعذاب من الله تعالى /يوسف: 110/. (كذبوا) قيل معناه: كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم أنهم ينصرون، وقيل: ظنوا حين ضعفوا وغلبوا أنهم قد أخلفوا ما وعدهم الله من النصر. وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها قراءة: (كذبوا) بالتخفيف، ولعلها لم تبلغها عمن يرجع إليه في ذلك، وهما قراءتان متواترتان. (عرية) تصغير عروة، وهو تصغير المحبة والدلال، وليس تصغير التحقير. (معاذ الله) أعتصم بالله وأستجير به من هذا القول. (تظن ذلك بربها) تظن أن يخلفها الله تعالى وعده. (وأما هذه الآية) أي فالمراد من الظانين فيها أتباع الرسل، لا الرسل. (استيأسوا) /يوسف: 80/. (روح الله) رحمة الله تعالى /يوسف: 87/.

ص: 1239

3210 -

أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْكَرِيمُ، ابْنُ الْكَرِيمِ، ابْنِ الْكَرِيمِ، ابْنِ الْكَرِيمِ، يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عليهم السلام.

[ر: 3202]

ص: 1240

‌22 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} /الأنبياء: 83/.

{ارْكُضْ} /ص: 42/: اضْرِبْ. {يَرْكُضُونَ} /الأنبياء: 12/: يَعْدُونَ.

(نادى ربه) دعا ربه. (مسني) أصابني. (الضر) الضرر، من مرض أو نحوه.

ص: 1240

3211 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ).

[ر: 275]

(رجل جراد) جماعة من الجراد، وهو من أسماء الجماعات التي لا واحد لها من لفظها، مثل: سرب من الطير.

ص: 1240

‌23 - بَاب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا. وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} كَلَّمَهُ {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} /مريم: 51 - 53

/.

يُقَالُ لِلْوَاحِدِ وَللْاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ نَجِيٌّ، وَيُقَالُ:{خَلَصُوا نَجِيًّا} /يوسف: 80/: اعْتَزَلُوا

⦗ص: 1241⦘

نَجِيًّا، وَالْجَمِيعُ أَنْجِيَةٌ يَتَنَاجَوْنَ. {تلقف} /الأعراف: 117/: تلقم.

(مخلصا) بفتح اللام وبكسرها، قراءتان متواتران، ومعناه: جعل نفسه خالصة في طاعة الله تعالى وطهرها من دنس المعصية، ولم يشرك بالله تعالى أحدا في اعتقاد أو قول أو فعل. (الطور) جبل بين مصر ومدين. (نجيا) حال كونه مناجيا، من ناجاه إذا كلمه سرا وخصه بالحديث. (وهبنا) جعلنا. (من رحمتنا) رحمة منا له. (خلصوا نجيا) خلا بعضهم إلى بعض يتكالمون ويتشاورون وليس فيهم أحد غيرهم. (تلقف) بفتح اللام وتشديد القاف، و (تلقف) بسكون اللام وفتح القاف دون تشديد، وهما قراءتان متواتران، والمشدد للمبالغة، والمعنى: من لقف الشيء إذا تناوله بسرعة وحذق بالفم أو اليد، واللفظ في /طه: 69/ و/الشعراء: 45/. (تلقم) تبتلع.

ص: 1240

(إلى قوله) وتتمة الآية: {يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب} . (من آل فرعون) قيل كان ابن عمه. (يكتم) يخفي ولا يظهر. (إيمانه) بما جاء به موسى عليه السلام من توحيد الله تعالى وعبادته. (أن يقول) لأنه قال كلمة التوحيد والحق. (بالبينات) بالمعجزات وخوارق العادات، التي تثبت صدقه في أنه نبي مرسل من الله عز وجل، ومؤيد برعايته وحفظه وعونه. (فعليه كذبه) لا يضركم العمل بما دعاكم إليه لأنه حق ويكون عليه وحده وبال الكذب على الله تعالى. (يصبكم بعض الذي يعدكم) إي إن كذبتموه، وهو صادق في واقع الحال، أصابكم ما يعدكم به من العذاب العاجل والآجل على تكذيبه. (يهدي) يرشد وينصر. (مسرف) متجاوز للحد. (كذاب) في ادعائه، ولا سيما على الله سبحانه.

ص: 1241

3212 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ عُرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: " فَرَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَدِيجَةَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَانْطَلَقَتْ بِهِ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ وَكَانَ رَجُلًا تَنَصَّرَ يَقْرَأُ الْإِنْجِيلَ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَقَالَ: " وَرَقَةُ مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى وَإِنْ أَدْرَكَنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا

النَّامُوسُ: صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي يُطْلِعُهُ بِمَا يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ

[ر: 3]

ص: 1241

‌25 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَارًا - إِلَى قَوْلِهِ - بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} /طه: 9 - 12

/.

{آنَسْتُ} /طه: 10/: أَبْصَرْتُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُقَدَّسُ: الْمُبَارَكُ، طُوًى: اسْمُ الْوَادِي. {سِيرَتَهَا} /طه: 21/:

⦗ص: 1242⦘

حَالَتَهَا. وَالنهى التُّقَى. {بِمَلْكِنَا} /طه: 87/: بِأَمْرِنَا. {هَوَى} /طه: 81/: شَقِيَ. {فَارِغًا} /القصص: 10/: إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى. {ردأ} /القصص: 34/: كَيْ يُصَدِّقَنِي، وَيُقَالُ: مُغِيثًا أَوْ مُعِينًا. يَبْطُشُ وَيَبْطِشُ. {يَأْتَمِرُونَ} /القصص: 20/: يَتَشَاوَرُونَ. وَالْجِذْوَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الْخَشَبِ لَيْسَ فِيهَا لَهَبٌ. {سَنَشُدُّ} /القصص: 35/: سَنُعِينُكَ، كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيْئًا فَقَدْ جَعَلْتَ لَهُ عَضُدًا.

وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلَّمَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ فَهِيَ عُقْدَةٌ.

{أَزْرِي} /طه: 31/: ظَهْرِي. {فَيُسْحِتَكُمْ} /طه: 61/: فَيُهْلِكَكُمْ. {الْمُثْلَى} /طه: 63/: تَأْنِيثُ الْأَمْثَلِ، يَقُولُ: بِدِينِكُمْ، يُقَالُ: خُذْ الْمُثْلَى خُذْ الْأَمْثَلَ. {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} /طه: 64/: يُقَالُ: هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ الْيَوْمَ، يَعْنِي الْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ. {فَأَوْجَسَ} /طه: 67/: أَضْمَرَ خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الْوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} لِكَسْرَةِ الْخَاءِ. {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} /طه: 71/: عَلَى جُذُوعِ. {خَطْبُكَ} /طه: 95/: بَالُكَ. {مِسَاسَ} /طه: 97/: مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا. {لَنَنْسِفَنَّهُ} /طه: 97/: لَنُذْرِيَنَّهُ. الضَّحَاءُ الْحَرُّ. {قُصِّيهِ} /القصص: 11/: اتَّبِعِي أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ

⦗ص: 1243⦘

أَنْ تَقُصَّ الْكَلَامَ. {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} /يوسف: 3/. {عَنْ جُنُبٍ} /القصص: 11/: عَنْ بُعْدٍ، وَعَنْ جَنَابَةٍ وَعَنِ اجْتِنَابٍ وَاحِدٌ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: {عَلَى قَدَرٍ} /طه: 40/: مَوْعِدٌ. {لا تَنِيَا} /طه: 42/: لَا تَضْعُفَا. {مكانا سوى} /طه: 58/: منصف بينهم. {يَبَسًا} /طه: 77/: يَابِسَا. {مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} الْحُلِيِّ الَّذِي اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ. {فقذفناها} ألقيناها. {أَلْقَى} /طه: 87/: صَنَعَ. {فَنَسِيَ} /طه: 88/: مُوسَى، هُمْ يَقُولُونَهُ: أَخْطَأَ الرَّبَّ. {أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} /طه: 89/: فِي الْعِجْلِ.

(إلى قوله) وتتمتها: {فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى. فلما أتاها نودي يا موسى. إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى} . (هل أتاك) قد أتاك عن طريق الوحي. (إذ رأى) حين رأى. (لأهله) لزوجه. (امكثوا) اجلسوا هنا وانتظروا. (بقبس) بشعلة من نار في طرف عود. (أو أجد على النار هدى) أي أجد عند النار من يدلني على الطريق. (النهى) أشار إلى قوله تعالى: {إن في ذلك لآيات لأولي النهى} /طه: 54/. أي لدلائل وعظات لأصحاب العقول والتقوى والورع. (بملكنا) بفتح الميم وبكسرها وبضمها، قراءات متواترة، أي باختيار وملك أمرنا. (ردءا) عونا. (يبطش) أشار إلى قوله تعالى:{فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما} /القصص: 19/. أي لما هم موسى بضرب القبطي الذي كان يعتدي على الإسرائيلي، ويبطش من البطش وهو الأخذ بعنف وشدة، ويصح فيه ضم الطاء وكسرها وضم الطاء قراءة أبي جعفر، وهي من الثلاثة فوق السبعة. (لهما) أي لموسى عليه السلام والإسرائيلي. (الجذوة) بفتح الجيم وكسرها وضمها، أشار بها إلى قوله تعالى:{لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون} /القصص: 29/. (بخبر) عن الطريق. (جذوة) قطعة وشعلة من النار، أو الجمرة الملتهبة وقيل: هي العود الذي اشتعل بعضه. والظاهر أن تفسير البخاري رحمه الله تعالى له بما ذكره خاص بالجذوة، بكسر الجيم. (عززت) قويت. (عضدا) معينا وناصرا، والعضد ما بين المرفق والكتف، ويكنى بشده عن التقوية والإعانة والنصرة. (تمتمة) تردد في النطق بالتاء، و (فأفأة) تردد بالنطق بالفاء، وأشار بما ذكره إلى تفسير (عقدة) في قوله تعالى:{واحلل عقدة من لساني} /طه: 27/. (الأمثل) ذو الفضل الذي يستحق أن يضرب به المثل. (بدينكم) تفسير لقوله تعالى: {بطريقتكم المثلى} . (خطبك) حالك وشأنك الذي دعاك إلى ما صنعت وحملك عليه. (لنذرينه) من التذرية وهي جعل الشيء في مهب الريح لتفرقه. (الضحاء) في القاموس: الضحوة ارتفاع النهار، والضحى فويقه .. والضحاء بالمد إذا قرب انتصاف النهار، وبالضم والقصر الشمس، وأتيتك ضحوة ضحى. ولعل البخاري رحمه الله تعالى يشير إلى قوله تعالى:{وأن يحشر الناس ضحى} /طه: 59/. أي يجمع الناس ليشاهدوا مبارزة موسى عليه السلام مع السحرة في وقت الضحوة. (تنيا) من الوني، وهو الضعف والفتور والتقصير. (سوى) بضم السين وكسرها، قراءتان متواتران. (منصف بينهم) أي مسافته مستوية بين الفريقين، وقيل: معناه: مستويا لا ساتر فيه. (الذي استعاروا .. ) أي وبقيت معهم حين خرجوا من مصر. (فقذفناها) في الأصل: (فقذفتها ألقيتها) وما ذكرته رواية الكشميهيني، وهو الموافق للفظ القرآن. (فنسي موسى) أي قال لهم السامري: هذا إلهكم وإله موسى، ولكن موسى نسي أن يقول لكم ذلك قبل أن يذهب. (هم) أي السامري ومن وافقه، يقولون:(أخطأ الرب) أي موسى أخطأ الرب وأضاعه، حيث تركه هنا وذهب إلى الطور يطلبه. (أن) مخففة من الثقيلة، والأصل: أنه. (لا يرجع إليهم قولا) لا يجيبهم إذا دعوه ولا يكلمهم. (في العجل) أي هذا القول مقول في شأن عبادتهم العجل والله أعلم.

ص: 1241

3213 -

حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ: (حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ).

تَابَعَهُ ثَابِتٌ، وَعَبَّادُ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3035]

ص: 1243

‌26 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} /طه: 9

/.

{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} /النساء: 164/.

ص: 1243

3214 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ،

⦗ص: 1244⦘

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي: رَأَيْتُ مُوسَى، وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ ضَرْبٌ رَجِلٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ، كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ بِهِ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ: فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الْآخَرِ خَمْرٌ، فَقَالَ: اشْرَبْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ: أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ).

[3254، 4432، 5254، 5281]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات. وفي: الأشربة، باب: جواز شرب اللبن، رقم:168. (ضرب) نحيف خفيف اللحم. (رجل) شعره ليس شديد الجعودة ولا شديد السبوطة. (ربعة) لا طويل ولا قصير. (أحمر) أي لونه يميل إلى الحمرة. (ديماس) هو السرب، وقيل الكن، وقيل الحمام، أي كأنه لم ير شمسا، وهو في غاية الإشراق والنضارة. (الفطرة) الاستقامة، وهو دين الإسلام، وجعل اللبن علامة له لكونه سهلا طيبا نافعا سليم العاقبة. (غوت) انهمكت في الجهل والضلال.

ص: 1243

3215 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ، يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى). وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ، وَذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ فَقَالَ:(مُوسَى آدَمُ، طُوَالٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَقَالَ: عِيسَى جَعْدٌ مَرْبُوعٌ). وَذَكَرَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَذَكَرَ الدَّجَّالَ.

[ر: 3067]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في ذكر يونس عليه السلام، رقم:2377. (لا ينبغي) ليس له ذلك ولا يليق. (خير) أي من حيث النبوة والرسالة، جميع الرسل من هذه الناحية سواء، وإن كان لكل منهم فضيلة من حيث أهمية ما كلف به. (ونسبه إلى أبيه) إشارة إلى أن متى اسم أبيه، وليس أمه كما قيل.

ص: 1244

3216 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ ابْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقَالَ:(أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ). فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.

[ر: 1900]

ص: 1244

‌27 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ. وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي - إِلَى قَوْلِهِ - وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} /الأعراف: 143/.

يُقَالُ: دَكَّهُ زَلْزَلَهُ، {فَدُكَّتَا} /الحاقة: 14/: فَدُكِكْنَ، جَعَلَ الْجِبَالَ كَالْوَاحِدَةِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل:{أَنَّ السماوات وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} /الأنبياء: 30/. وَلَمْ يَقُلْ كُنَّ، رَتْقًا: مُلْتَصِقَتَيْنِ. {أشربوا} /البقرة: 93/: ثَوْبٌ مُشَرَّبٌ مَصْبُوغٌ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {انبجست} /الأعراف: 160/: انْفَجَرَتْ. {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} /الأعراف: 171/: رَفَعْنَا.

(إلى قوله) وتتمتها: {ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك} . (وواعدنا موسى) من أجل مناجاتنا وإعطائه التوراة. (ثلاثين ليلة) وهي شهر ذي القعدة، قيل: أمر بصيامها، وكذلك العشر الأخرى، وكانت من ذي الحجة، وقيل: أمر في الثلاثين أن يتقرب إلى الله

تعالى بأنواع الطاعات، ثم كلمه وأعطاه الألواح في العشر التي زادها. (ميقات ربه) الوقت الذي عينه له والأجل الذي حدده. (اخلفني) كن أنت خليفتي فيهم حال غيابي. (لميقاتنا) للوقت الذي وقتنا له أن يأتي فيه لمناجاتنا. (أرني) ذاتك. (أنظر إليك) حتى أتمكن من النظر إليك. (لن تراني) أي في الدنيا. (تجلى ربه) ظهر نور ربه. (دكا) مستويا مع الأرض. (صعقا) مغشيا عليه. (أفاق) صحا من صعقته. (سبحانك) أنزهك عن كل نقص وما لا يليق بك. (أول المؤمنين) بعظمتك وجلالك وأنك تختلف في صفاتك عن خلقك. (فدكتا) أي الأرض والجبال. (رتقا) قيل: كانت السماء لا تمطر والأرض لا تنبت، ففتق السماء أي شقها بالمطر، والأرض بالنبات. (ثوب .. ) أشار بهذا إلى أن أشربوا في قوله تعالى:{وأشربوا في قلوبهم العجل} ليس من شرب الماء، بل بمعنى خالط، أي خالط حب العجل قلوبهم، كما يخالط الصبغ الثوب.

ص: 1245

3217 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي، أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ).

[ر: 2281]

ص: 1245

3218 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ).

[ر: 3152]

ص: 1245

‌28 - بَاب: طُوفَانٍ مِنَ السَّيْلِ.

يُقَالُ لِلْمَوْتِ الْكَثِيرِ طُوفَانٌ، الْقُمَّلُ: الْحُمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ. {حَقِيقٌ} الأعراف: 105/: حَقٌّ {سُقِطَ} /الأعراف: 149/: كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ.

(من السيل) أي يكون الطوفان من السيل الناشئ عن المطر الغالب الكثير. (الحمنان) قراد، واحده حمنانة. (الحلم) القراد الكبير، واحده حلمة. وقيل: القمل جمع قملة، وهي دابة صغيرة سوداء تكون في شعر الرأس وثنايا الجسم، بسبب الأوساخ وعدم النظافة. والبخاري رحمه الله تعالى يشير بهذه الألفاظ وشرحها إلى ما في قوله تعالى:{فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين} /الأعراف: 133/. (الضفادع) كثرت عليهم حتى كانوا يجدونها

في طعامهم وشرابهم. (الدم) أي أصابهم الرعاف وقيل: انقلبت مياههم دما. (آيات) دلائل. (مفصلات) واضحات لا يشكل على عاقل أنها من آيات الله تعالى، وقيل: مفرقات يتبع بعضها بعضا، وبين كل عذاب وآخر شهر. (فاستكبروا) عن الإيمان بموسى عليه السلام.

ص: 1246

‌29 - بَاب: حَدِيثِ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى عليهما السلام.

ص: 1246

3219 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى، الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ،

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ: لَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجُعِلَ لَهُ الْحُوتُ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ يَتْبَعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، فَقَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ).

[ر: 74]

ص: 1246

3220 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِيَّ يَزْعُمُ: أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ

⦗ص: 1247⦘

لَيْسَ هُوَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ، فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: بَلَى، لِي عَبْدٌ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قَالَ: أَيْ رَبِّ وَمَنْ لِي بِهِ؟ وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ، أَيْ رَبِّ، وَكَيْفَ لِي بِهِ؟ قَالَ: تَأْخُذُ حُوتًا، فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ، حَيْثُمَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ، وَرُبَّمَا قَالَ: فَهُوَ ثَمَّهْ، وَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا، فَرَقَدَ مُوسَى وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فَخَرَجَ، فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جِرْيَةَ الْمَاءِ، فَصَارَ مِثْلَ الطَّاقِ، فَقَالَ: هَكَذَا مِثْلُ الطَّاقِ، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ، قَالَ لَهُ فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ، وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا، فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا وَلَهُمَا عَجَبًا، قَالَ لَهُ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا، حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، فَسَلَّمَ مُوسَى فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا، قَالَ: يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لَا تَعْلَمُهُ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُهُ، قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ؟ قَالَ: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا. وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا - إِلَى قَوْلِهِ - إِمْرًا} . فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ كَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوهُ بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَلَمَّا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ جَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ، قَالَ لَهُ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ، إِذْ أَخَذَ الْفَأْسَ فَنَزَعَ لَوْحًا، قَالَ: فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى إِلَّا وَقَدْ قَلَعَ لَوْحًا بِالْقَدُّومِ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: مَا صَنَعْتَ؟ قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا، قَالَ:

⦗ص: 1248⦘

أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، قَالَ: لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا، فَكَانَتِ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا، فَلَمَّا خَرَجَا مِنَ الْبَحْرِ مَرُّوا بِغُلَامٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَلَعَهُ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَوْمَأَ سُفْيَانُ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ يَقْطِفُ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا. قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، قَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا، فَانْطَلَقَا، حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، مَائِلًا، أَوْمَأَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ سُفْيَانُ كَأَنَّهُ يَمْسَحُ شَيْئًا إِلَى فَوْقُ، فَلَمْ أَسْمَعْ سُفْيَانَ يَذْكُرُ مَائِلًا إِلَّا مَرَّةً، قَالَ: قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا، عَمَدْتَ إِلَى حَائِطِهِمْ، لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ، سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ فَقَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا، قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوْ كَانَ صَبَرَ لَقُصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا).

وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا". "وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ".

ثُمَّ قَالَ لِي سُفْيَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ، وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: حَفِظْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعَهُ مِنْ عَمْرٍو، أَوْ تَحَفَّظْتَهُ مِنْ إِنْسَانٍ؟ فَقَالَ: مِمَّنْ أَتَحَفَّظُهُ؟ وَرَوَاهُ أَحَدٌ عَنْ عَمْرٍو غَيْرِي، سَمِعْتُهُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، وَحَفِظْتُهُ مِنْهُ.

[ر: 74]

ص: 1246

3221 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبِهَانِيِّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرَ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ، فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ).

(فروة) هي قشرة وجه الأرض. (بيضاء) يابسة ليس فيها نبت. (خضراء) لما نبت فيها من عشب أخضر.

ص: 1248

3222 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ

هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: {ادْخُلُوا

⦗ص: 1249⦘

الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ}. فَبَدَّلُوا، فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ).

[4209، 4365]

أخرجه مسلم في أول كتاب التفسير، رقم:3015. (سجدا) منحنين كهيئة من يريد السجود، خضوعا لله تعالى وشكرا. (حطة) حط عنا ذنوبنا واغفر لنا /البقرة: 58/. (فبدلوا) غيروا لفظة حطة فقالوا: حنطا سمقاتا، أي حنطة حمراء، استخفافا بأمر الله تعالى. (أستاههم) جمع است وهو مقعدة الإنسان. (حبة في شعرة) ليس لهم غرض من هذا الكلام، لأنه لا

معنى له، وإنما قالوه استهزاء ومخالفة.

ص: 1248

3223 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ وَخِلَاسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالُوا: مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ، إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ: إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ، وَإِمَّا آفَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى، فَخَلَا يَوْمًا وَحْدَهُ، فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الْحَجَرِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا، وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ، فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ، وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ، وَقَامَ الْحَجَرُ، فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ، وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ، ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}).

[ر: 274]

(حييا) كثير الحياء. (ستيرا) من شأنه ودأبه حب الستر وصون نفسه عن رؤية أحد لعورته. (برص) بقع بياض تكون على الجلد. (أدرة) انتفاخ في الخصية. (آفة) عيب. (عدا) مشى مسرعا. (قام الحجر) وقف عن السير. (وجيها) ذا جاه ومنزلة، لا يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ /الأحزاب: 69/.

ص: 1249

3224 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهَ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ).

[ر: 2981]

ص: 1249

‌30 - بَاب: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} /الأعراف: 138

/.

{مُتَبَّرٌ} /الأعراف: 13/: خُسْرَانٌ. {وَلِيُتَبِّرُوا} يُدَمِّرُوا {مَا عَلَوْا} /الإسراء: 7/: مَا غَلَبُوا.

(يعكفون .. ) أي يعبدونها. (متبر) من التتبير، وهو الإهلاك.

ص: 1250

3225 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَجْنِي الْكَبَاثَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ). قَالُوا: أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ؟ قَالَ: (وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَاهَا).

[5138]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: فضيلة الأسود من الكباث، رقم:2050. (نجني) من الجني وهو أخذ الثمر من الشجر. (الكباث) ثمر الأراك، يشبه التين يأكله الناس وغيرهم.

ص: 1250

‌31 - بَاب: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الْآيَةَ /البقرة: 67

/.

قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: الْعَوَانُ: النَّصَفُ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالْهَرِمَةِ. {فَاقِعٌ} /البقرة: 69/: صَافٍ. {لا ذَلُولٌ} لَمْ يذللها الْعَمَلُ {تُثِيرُ الأَرْضَ} /البقرة: 71/: لَيْسَتْ بِذَلُولٍ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَعْمَلُ فِي الْحَرْثِ. {مُسَلَّمَةٌ} مِنَ الْعُيُوبِ {لا شِيَةَ} /البقرة: 71/: بَيَاضٌ. {صَفْرَاءُ} /البقرة: 69/: إِنْ شِئْتَ سَوْدَاءُ، وَيُقَالُ: صَفْرَاءُ، كَقَوْلِهِ:{جمالات صُفْرٌ} /المرسلات: 33/. {فَادَّارَأْتُمْ} /البقرة: 72/: اخْتَلَفْتُمْ.

(الآية) وتتمتها: {قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} . (أتتخذنا هزوا) أتهزأ بنا. (الجاهلين) الذين يهزؤون بالمؤمنين. (النصف) الوسط. (البكر) الصغيرة التي لم تلد بعد. وهو يفسر قوله تعالى: {لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك} /البقرة: 68/. والفارض الهرمة المسنة التي لا تلد. (تثير الأرض) تقلبها للزراعة. (لا شية) لا علامة ولا لون فيها غير لونها. (جمالات) جمع جمالة، والجمالة جمع جمل. (صفر) جمع أصفر، ويقال للجمل الأسود أصفر، لأن الغالب أن يكون مشربا بصفرة.

ص: 1250

‌32 - بَاب: وَفَاةِ مُوسَى وَذِكْرِهِ بَعْدُ.

ص: 1250

3226 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

(أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عليهما السلام، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: أَيْ رَبِّ،

⦗ص: 1251⦘

ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ، قَالَ: فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ). قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ).

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ.

[ر: 1274]

ص: 1250

3227 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَلَى الْعَالَمِينَ، فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ يَدَهُ فَلَطَمَ الْيَهُودِيَّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَقَالَ:(لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ).

(في قسم يقسم به) أي في أمر يحلف عليه.

ص: 1251

3228 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى). مَرَّتَيْنِ.

[4459، 4461، 6240، 7077]

(احتج) أتى كل منهما بحجة على ما يقول. (اصطفاك) اختارك وجعلك خالصا صافيا عن كل شائبة لا تليق بك. (برسالاته) أسفار التوراة. (قدر علي) أي ظهر بعد الوقوع أن الله تعالى قدر علي أن أفعله لحكمة يعلمها، فليس لك أن تلومني على أمر ظهر أنه قدر الله تعالى، لا سيما وقد تبت وتاب الله علي، فلا يلام أحد شرعا بعد التوبة. (فحج) غلبه بالحجة وظهر عليه بها. (مرتين) أي كرر قوله صلى الله عليه وسلم مرتين.

ص: 1251

3229 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ

⦗ص: 1252⦘

سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، قَالَ:(عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الْأُفُقَ، فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى فِي قَوْمِهِ).

[5378، 5420، 6106، 6175]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب، رقم:220. (عرضت علي الأمم) الظاهر أن هذا العرض كان في الرؤيا. (سوادا) كناية عن الجماعة الكثيرة. (الأفق) ناحية السماء.

ص: 1251

(إلى قوله) وتتمتها: {إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين. (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه} . (وضرب الله مثلا) مثل حال المؤمنين كيف أنهم يخرجون أحيانا من باطن الكفر، ولا يضرهم أن من لهم صلة بهم من الأقارب كفار، ولا يغير ذلك من ثباتهم وصدقهم، كما لا ينقص من ثوابهم وقربهم من الله عز وجل، وكان ذلك المثل بامرأة فرعون رضي الله عنها. (ومريم .. ) أي وضرب مثلا أيضا لإعانة المؤمنين وما يؤتونه من الكرامات في الدنيا والآخرة بمريم عليها السلام. (أحصنت فرجها) حفظته من الرجال عامة ومن الفاحشة خاصة. (فنفخنا فيه من روحنا) جعلنا فيه مخلوقا حيا بأمرنا وقدرتنا. (بكلمات ربها وكتبه) بشرائعه المحكمة وكتبه المنزلة. (القانتين) المطيعين العابدين.

ص: 1252

3230 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ).

[3250، 3558، 5102]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، رقم:2431. (كمل) تناهى في جميع الفضائل التي تكون للجنس عامة. (الثريد) الخبز المكسر الذي وضع عليه اللحم والمرق. (سائر) باقي الأنواع من الطعام.

ص: 1252

‌34 - بَاب: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} . الْآيَةَ /القصص: 76

/.

{لَتَنُوءُ} لَتُثْقِلُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:{أُولِي الْقُوَّةِ} لَا يَرْفَعُهَا الْعُصْبَةُ مِنَ الرِّجَالِ. يُقَالُ: {الْفَرِحِينَ} الْمَرِحِينَ. {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} /القصص: 82/: مِثْلُ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ. {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} /الرعد: 26/: يُوَسِّعُ عَلَيْهِ وَيُضَيِّقُ.

(الآية) وتتمتها: {فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين} . (من قوم موسى) من عشيرته. (فبغى عليهم) ظلمهم وقد كان عاملا لفرعون. (الكنوز) الأموال المدخرة في الخزائن. (بالعصبة) بالجماعة الكثيرة. (لا تفرح) لا تبطر وتتكبر.

ص: 1252

‌35 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} /هود: 84

/.

إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، لِأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ، وَمِثْلُهُ:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} /يوسف: 82/. وَاسْأَلْ {الْعِيرُ} /يوسف: 82/: يَعْنِي أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَأَهْلَ الْعِيرِ. {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} /هود: 92/: لَمْ تلتفتوا إِلَيْهِ. يُقَالُ إِذَا لَمْ تقض حَاجَتَهُ، ظَهَرْتَ حَاجَتِي وَجَعَلْتَنِي ظِهْرِيًّا.

قَالَ: الظِّهْرِيُّ أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ. مَكَانَتُهُمْ وَمَكَانُهُمْ وَاحِدٌ. {يَغْنَوْا} /الأعراف: 92/: يَعِيشُوا. {تأس} /المائدة: 26، 68/: تحزن. {آسَى} /الأعراف: 93/: أَحْزَنُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرشيد} /هود: 87/: يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَيْكَةُ الْأَيْكَةُ. {يَوْمِ الظُّلَّةِ} /الشعراء: 189/: إِظْلَالُ الْغَمَامِ الْعَذَابَ عَلَيْهِمْ.

(قال) أي البخاري رحمه الله تعالى. (تستظهر به) تتقوى به. (مكانتهم) يشير إلى ما ورد في قصة شعيبب عليه السلام في قوله تعالى: {ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل} /هود: 93/. أي اعملوا بحسب ما تمليه عليكم حالكم في الكفر، أما أنا فسأعمل ما يقتضيه إيماني. أو إلى قوله تعالى:{ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} /يس: 67/. أي في مكانهم. (يستهزؤن به) أي بشعيب عبليه السلام، لأن غرضهم أن يقولوا: أنت السفيه الغوي. (ليكة .. ) أشار إلى قوله تعالى: {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} /الشعراء: 176/. والأيكة الشجرة الملتفة، وأصحاب الأيكة قوم شعيب عليه السلام، وكانت مساكنهم كثيفة الأشجار، وليكة بمعناها، وقرئ بهما، واللفظ متكرر في: /الحجر: 78/ و/ص: 13/ و/ق: 14/. (إظلال الغمام) قيل: حبس عنهم الهواء وسلط عليهم الحر فأخذ بأنفاسهم، فخرجوا إلى البرية، فأظلتهم سحابة وجدوا لها بردا ونسيما، فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا جميعا.

ص: 1253

‌36 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} .

إِلَى قَوْلِهِ: {وهو مليم} . قال مجاهد: مذنب. المشحون: الموقر. {فلولا أنه كان من

⦗ص: 1254⦘

المسبحين} الآية. {فنبذناه بالعراء} بوجه الأرض {وهو سقيم. وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} من غير ذات أصل: الدباء ونحوه {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون. فآمنوا فمتعناهم إلى حين} /الصافات: 139 - 148/. {ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم} /القلم: 48/: كظيم، وهو مغموم.

(إلى قوله) وتتمتها: {إذ أبق إلى الفلك المشحون. فساهم فكان من المدحضين. فالتقمهم الحوت} . (أبق) هرب إلى حيث لا يهتدى إليه. (الفلك) السفينة. (فساهم) اشترك معهم في القرعة فيمن يلقى من السفينة لتخف حمولتها. (المدحضين) المغلوبين بالقرعة، فألقي في البحر. (فالتقمه) فابتلعه. (مليم) يستحق أن يلام، واللفظ في /الذاريات: 40/. (الموقر) المملوء، والمشحون أيضا المجهز والمحمل. (المسبحين) الذاكرين الله تعالى كثيرا، وقوله:{لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} . أو أنه كان من المصلين من قبل. (الآية) أي بعدها، وهي:{للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} لصار بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة. (سقيم) عليل مريض من أثر التقام الحوت له. (كصاحب الحوت) هو يونس عليه السلام، أي لا تكن كالذي التقمه الحوت، في الضجر والغضب والعجلة. (إذ نادى) حين دعا ربه تعالى في بطن الحوت. (كظيم) ملأه الغم والهم، ومكظوم بمعناه.

ص: 1253

3231 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَعْمَشُ. حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ). زَادَ مُسَدَّدٌ: (يُونُسَ بْنِ مَتَّى).

[4327، 4526]

ص: 1254

3232 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي خَيْرٌ

مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى). وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ.

[ر: 3067]

ص: 1254

3233 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ اللَّيْثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ، أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ، فَقَالَ: لَا، وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَامَ فَلَطَمَ وَجْهَهُ، وَقَالَ: تَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟ فَذَهَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَبَا الْقَاسِمِ، إن لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا، فَمَا بَالُ فُلَانٍ لَطَمَ وَجْهِي، فَقَالَ:(لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ). فَذَكَرَهُ، فغضب النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: (لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السماوات وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ،

⦗ص: 1255⦘

فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ، أَمْ بُعِثَ قَبْلِي، وَلَا أَقُولُ: إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى).

[ر: 2280]

(أحوسب) اعتبرت له إحدى الصعقتين التي يصعقهما كل إنسان أو مخلوق. (بصعقته يوم الطور) وهي المذكورة في قوله تعالى: {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا} . انظر الباب: (27) من هذا الكتاب.

ص: 1254

3234 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى).

[4328، 3455، 4527]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في ذكر يونس عليه السلام، رقم:2376.

ص: 1255

(إلى قوله) وتتمتها: {ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون. وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون. فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون. فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} . (واسألهم) أي اسأل اليهود. (عن القرية) أي عن أهلها الذين خالفوا أمر الله تعالى ففاجأتهم نقمته. (حاضرة البحر) أي كانت على شاطئه، وهي أيلة، على ساحل البحر الأحمر، على طريق الحاج الذاهب من مصر إلى مكة. (يعدون) يعتدون ويخالفون أمر الله تعالى باصطيادهم يوم السبت وقد حرم عليهم ذلك. (سبتهم) قيامهم بما وجب عليهم من الراحة والسكون وقطع الأعمال وعدم الاصطياد ونحوه. (شرعا) ظاهرة على الماء. (كذلك نبلوهم) نختبرهم مثل هذا الاختبار الشديد. (بما كانوا يفسقون) بسبب خروجهم عن الطاعة. (أمة) جماعة من صلحاء القرية. (مهلكهم .. ) دل على ذلك ما ظهر من حالهم من العناد، وأنه لا ينفع فيهم الوعظ والنصح. (معذرة إلى ربكم) حتى نعذر عند الله تعالى، ولا ننسب إلى التقصير في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. (نسوا ما ذكروا به) تركوا ما وعظوا به. (ظلموا) ارتكبوا المعصية. (بئيس) شديد وجيع، من البأس وهو الشدة. (عتوا عما نهوا عنه) أبوا أن يرجعوا عن المعصية وتمردوا واستمروا في مخالفتهم. (قلنا .. ) مسخناهم وصيرناهم قردة، والجمهور: على أنهم بقوا ثلاثة أيام ينظر إليهم الناس ليعتبروا بهم، ثم ماتوا جميعا. (خاسئين) أذلاء صاغرين مبعدين من كل خير.

ص: 1255

38 -

بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} /النساء: 163/.

الزُّبُرُ الْكُتُبُ، وَاحِدُهَا زَبُورٌ، زَبَرْتُ كَتَبْتُ. {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}. قَالَ مُجَاهِدٌ: سَبِّحِي مَعَهُ {وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ. أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} الدُّرُوعَ {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} الْمَسَامِيرِ وَالْحَلَقِ، وَلَا تدق الْمِسْمَارَ فَيَتَسَلْسَلَ، وَلَا تعظم فَيَفْصِمَ {وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} /سبأ: 10 - 11/.

(زبورا) هو اسم الكتاب المنزل على داود عليه السلام. واللفظ وارد أيضا في /الإسراء: 55/. (الزبر) هذا اللفظ وارد بالمعنى الذي ذكره في القرآن الكريم في الآيات: /آل عمران: 184/ و/النحل: 44/ و/فاطر: 25/ و/القمر: 43/. وبمعنى كتاب الملائكة الحفظة في قوله تعالى: {وكل شيء فعلوه في الزبر} /القمر: 52/. أي مسجل فيه. (فضلا) نبوة وكتابا هو الزبور، وصوتا بديعا نديا، وقوة وقدرة، وتسخير الجبال والطير. (أوبي) رجعي معه في التسبيح. (والطير) منصوب على أنه مفعول معه، أي يا جبال سبحي معه ومعك الطير أيضا تسبح. (ألنا) جعلناه لينا يعمله بيده دون مطرقة ونحوها. (سابغات) جمع سابغ وهو الواسع الكامل. (قدر

في السرد) فسرت السرد بالمسامير والحلق، وتقديرها جعلها مناسبة، ليست دقيقة ولا غليظة. (تدق) تجعله دقيقا. (فيتسلسل) يصبح سهلا كثيرا. (فيفصم) فينكسر، من الفصم وهو القطع.

ص: 1256

3235 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ عليه السلام الْقُرْآنُ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَوَابُّهُ، وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ).

رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1967]

(خفف) سهل ويسر. (القرآن) قراءة الكتاب المنزل عليه والمكلف بالعمل به، ويطلق القرآن على القراءة. (فتسرج) يوضع عليها السرج، وهو ما يوضع على ظهر الفرس ونحوها تحت الراكب.

ص: 1256

3236 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَخْبَرَهُ، وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:

أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ). قُلْت: قَدْ قُلْتُهُ، قَالَ:(إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ). فَقُلْت: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ

⦗ص: 1257⦘

يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ). قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ:(فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ، وَهُوَ عدل الصِّيَامِ). قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ).

[ر: 1079]

(عدل الصيام) في نسخة (أعدل الصيام) أي خيره وأفضله، والمراد صيام التطوع.

ص: 1256

3237 -

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:

قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ). فَقُلْت: نَعَمْ، فَقَالَ:(فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتِ الْعَيْنُ، وَنَفِهَتِ النَّفْسُ، صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ، أَوْ كَصَوْمِ الدَّهْرِ). قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ بِي - قَالَ مِسْعَرٌ: يَعْنِي قُوَّةً - قَالَ: (فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عليه السلام، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى).

[ر: 1079]

(أنبأ) أخبر. (أجد بي) أجد في نفسي قدرة على ذلك. (هجمت العين) غارت وضعف بصرها. (نفهت) تعبت وكلت.

ص: 1257

39 -

بَاب: أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ: كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ. وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا.

قَالَ عَلِيٌّ: وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ: مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا.

[ر: 1082]

(وهو .. ) أي كونه ينام السدس الأخير من الليل موافق لقولها.

ص: 1257

3238 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ: سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ:

قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ: كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ: كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ).

[ر: 1079]

ص: 1257

‌40 - بَاب: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} .

إِلَى قَوْلِهِ: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} /ص: 17 - 20/. قَالَ مُجَاهِدٌ: الْفَهْمُ فِي الْقَضَاءِ.

⦗ص: 1258⦘

{وَلا تُشْطِطْ} لَا تُسْرِفْ {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ. إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ نَعْجَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا شَاةٌ {وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} مِثْلُ {وَكَفَّلَهَا زكرياء} /آل عمران: 37/: ضَمَّهَا {وَعَزَّنِي} غَلَبَنِي، صَارَ أَعَزَّ مِنِّي، أَعْزَزْتُهُ جَعَلْتُهُ عَزِيزًا {فِي الْخِطَابِ} يُقَالُ: الْمُحَاوَرَةُ {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ} الشُّرَكَاءِ {لَيَبْغِي - إِلَى قَوْلِهِ - أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اخْتَبَرْنَاهُ، وَقَرَأَ عُمَرُ: فَتَّنَّاهُ، بِتَشْدِيدِ التَّاءِ {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} /ص: 22 - 24/.

(إلى قوله) وتتمتها: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق. والطير محشورة كل له أواب. وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} . (ذا الأيد) صاحب القوة. (أواب) كثير الرجوع إلى الله تعالى بالطاعة والعبادة وشدة البعد عن كل ما يكرهه الله عز وجل. (بالعشي) بآخر النهار. (الإشراق) أول النهار. (محشورة) مجموعة. (كل له أواب) أي كل من الجبال والطير مطيع لداود عليه السلام. (شددنا ملكه) قويناه بالحرس والجند. (الحكمة) النبوة وعلم الشرائع الإلهية والإصابة في الأمور. (ولا تشطط) ولا تجر في حكمك، من الشطط وهو مجاوزة الحد وتخطي الحق. (واهدنا إلى سواء الصراط) أرشدنا إلى الحق والصواب. (أخي) على ديني وطريقتي، لا من جهة النسب. (نعجة) امرأة، والعرب

تكني بالنعجة عن المرأة. (أكفلنيها) أي طلقها لأتزوجها وأضمها إلي. (وكفلها زكرياء) أي ضم زكرياء مريم عليهما السلام إلى نفسه، وفي قراءة:{وكفلها زكرياء} . (ليبغي) ليظلم. (إلى قوله) وتتمتها: {بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود} . (قليل ما هم) أي المؤمنون الصالحون الذين لا يظلمون قليلون. (ظن) أيقن وعلم. (اختبرناه) في أصول القضاء، فكانت منه عجلة حين حكم على أحد الخصمين بكونه ظالما بمجرد الدعوى، وقبل أن يسمع من الآخر. (فاستغفر ربه) سأله الغفران عن هذه الزلة التي هي من باب: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وإلا فهي ليست زلة بحد ذاتها. (خر راكعا) سقط على وجهه ساجدا لله عز وجل، وعبر عن السجود بالركوع لما في كل منهما من الانحناء. (أناب) رجع إلى الله عز وجل متضرعا أن يقبل توبته عن هذه الهفوة، على ما سبق.

ص: 1257

3239 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَوَّامَ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ:

أَسْجُدُ فِي {ص} ؟ فَقَرَأَ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ - حَتَّى أَتَى - فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} . فَقَالَ: نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ.

[4356، 4528، 4529، وانظر: 1019]

ص: 1258

3240 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَيْسَ {ص} مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِيهَا.

[ر: 1019]

ص: 1258

41 -

بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} /ص: 30/. الرَّاجِعُ الْمُنِيبُ.

وَقَوْلِهِ: {هَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} /ص: 35/. وَقَوْلِهِ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} /البقرة: 102/.

{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} أَذَبْنَا لَهُ عَيْنَ الْحَدِيدِ {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير. يعملون له ما يشاء من محاريب} قَالَ مُجَاهِدٌ: بُنْيَانٌ مَا دُونَ الْقُصُورِ {وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} كَالْحِيَاضِ لِلْإِبِلِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَالْجَوْبَةِ مِنَ الْأَرْضِ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ. فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ} الْأَرَضَةُ {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} عَصَاهُ {فَلَمَّا خَرَّ - إِلَى قَوْلِهِ - فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} /سبأ: 12 - 14/.

{حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي

فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} /ص: 32، 33/: يَمْسَحُ أَعْرَافَ الْخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا. {الْأَصْفَادُ} /ص: 38/: الْوَثَاقُ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: {الصَّافِنَاتُ} صَفَنَ الْفَرَسُ رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ حَتَّى تَكُونَ عَلَى طَرَفِ الْحَافِرِ {الْجِيَادُ} /ص: 31/: السِّرَاعُ {جَسَدًا} /ص: 34/: شَيْطَانًا. {رُخَاءً} طَيِّبَةً {حَيْثُ أَصَابَ}

⦗ص: 1260⦘

/ص: 36/: حَيْثُ شَاءَ. {فَامْنُنْ} أَعْطِ .. {بِغَيْرِ حِسَابٍ} /ص: 39/: بِغَيْرِ حَرَجٍ.

(لا ينبغي .. ) لا يكون مثيله لأحد بعدي. (واتبعوا) اليهود والكهان. (تتلو) تروي وتحدث. (على ملك) في ملك. (ولسليمان الريح) أي سخرناها. (غدوها) ذهابها به عليه السلام في وقت الصباح مسيرة شهر. (رواحها) عودها به آخر النهار. (بين يديه) أمامه. (بإذن ربه) بأمر ربه. (يزغ) يعدل ويمل. (أمرنا) بطاعة سليمان عليه السلام. (محاريب) مساكن أو مساجد. (تماثيل) صورا، وقد كانت مباحة في شريعته، ومنعت في شرعنا بالأدلة الصريحة الصحيحة. (جفان) جمع جفنة وهي القصعة الكبيرة. (الجوبة) الحفرة المستديرة الواسعة. (راسيات) ثابتات لا يحولن ولا يحركن لضخامتهن. (اعملوا) بطاعة الله تعالى. (شكرا) له سبحانه على عظيم نعمه. (الشكور) القائم بالشكر على الوجه الكامل بلسانه وقلبه وجوارحه. (قضينا) حكمنا. (خر) سقط ميتا. (إلى قوله) وتتمة الآية:{تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب} . (تبينت) أيقنت وعلمت. (الغيب) ما خفي عنهم، وهو موت سليمان عليه السلام وهم يظنونه حيا. (لبثوا) استمروا وبقوا. (العذاب) التعب والعمل المرهق. (المهين) المذل للقائم به، لأنه تسخير له. (حب الخير) آثرت حب الخير على الذكر والعبادة. (فطفق) شرع. (أعراف) جمع عرف وهو الشعر النابت في محدب رقبتها، والمراد أنه نحرها. (الأصفاد) القيود. (جسدا) قيل هو الشق المذكور في الحديث الآتي (3242) ذكره النسفي في تفسير الآية، وقال: وأما ما يروي من حديث الخاتم والشيطان وعبادة الوثن في بيت سليمان عليه السلام فمن أباطيل اليهود.

ص: 1259

3241 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ: {رب اغفر لي وهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}. فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا).

{عِفْرِيتٌ} مُتَمَرِّدٌ مِنْ إِنْسٍ أَوْ جَانٍّ، مِثْلُ زِبْنِيَةٍ جَمَاعَتُهَا الزَّبَانِيَةُ.

[ر: 449]

(عفريت) يشير إلى قوله تعالى: {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} /النمل: 39/. (به) أي بعرش بلقيس. (مقامك) مجلس قضائك. (جماعتها) أي جمعها. قيل أشار بقوله (زبنية .. ) إلى أنه قال في عفريت عفرية، ويجمع على عفارية.

ص: 1260

3242 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إِلَّا وَاحِدًا، سَاقِطًا أحد شِقَّيْهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَوْ قَالَهَا لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ). قَالَ شُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: (تِسْعِينَ). وَهُوَ أَصَحُّ.

[4944، 6263، 6341، 7031، وانظر: 2664]

أخرجه مسلم في الأيمان، باب: الاستثناء، رقم:1654.

ص: 1260

3243 -

حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قَالَ:(الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ). قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى). قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: (أَرْبَعُونَ، ثُمَّ قَالَ: حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، وَالْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ).

[ر: 3186]

ص: 1260

3244 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ:

⦗ص: 1261⦘

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ. وَقَالَ: كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وَقَالَتْ: الْأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَتْ الصُّغْرَى: لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هُوَ ابْنُهَا، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى). قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلَّا يَوْمَئِذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا الْمُدْيَةُ.

[6118، 6388]

أخرجه مسلم في الأقضية، باب: بيان اختلاف المجتهدين، رقم:1720. (مثلي ومثل الناس) حالي وشأني في دعوتهم إلى الإسلام المنقذ لهم من النار، مع حالهم وشأنهم في إقبالهم على ما تزين لهم أنفسهم من التمادي في الباطل. (تقع في النار) أي وهو يحاول دفعهم عنها. (هو ابنها) قالت ذلك حتى لا يشقه، خوفا عليه لأنه ابنها في الحقيقة. (إن سمعت) ما سمعت.

ص: 1260

‌42 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ} .

إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} /لقمان: 12 - 18/.

{وَلا تُصَعِّرْ} : الْإِعْرَاضُ بِالْوَجْهِ.

(إلى قوله) وتتمتها: {ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله

غني حميد. وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لظلم عظيم. ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير. وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون. يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير. يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور. ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا}. (الحكمة) العقل والعلم والإصابة في القول والعمل، والجمهور على أن لقمان عليه السلام ليس بنبي. (لنفسه) لأن منفعة الشكر تعود عليه. (كفر) النعمة ولم يؤد شكرها تسوية بين المنعم المستحق للعبادة، وبين من لا نعمة له أصلا، فلا يستحق عبادة ولا تعظيما. (وهنا على وهن) شدة بعد شدة، تزيدها ضعفا بعد ضعف. (فصاله) فطامه ومدة رضاعه. (لي) بالعبادة والتوحيد. (ولوالديك) بالطاعة والبر والاحترام. (المصير) المرجع، وعلي الحساب. (جاهداك) بلغا وسعهما في حملك على الشرك ودعوتك له. (ما ليس لك به علم) ما تعلم أنه ليس بشيء، ولا تعلم له نعمة عليك ولا صفة يستحق بها أن يعبد، وهذا حال جميع المخلوقات. (معروفا) صحبة حسنة بالبر والصلة والاحتمال. (سبيل) دين. (أناب إلي) أقبل على طاعتي وعبادتي وهم المؤمنون أتباع الرسل. (إنها) أي المعصية والمخالفة. (مثقال) وزن أو حجم. (خردل) نبت صغير الحب، يضرب به المثل للتناهي في الصغر. (لطيف) يتوصل علمه إلى كل خفي. (المعروف) كل ما عرف من الشرع حسنه. (المنكر) كل ما عرف من الشرع قبحه. (ما أصابك) من الأذى في سبيل الأمر والنهي. (ذلك) أي ما وصيتك به. (عزم الأمور) الأمور التي أمر الله تعالى بها أمر حتم وإلزام، وقطع بها قطع إيجاب وفرض. (لا تصعر خدك للناس) لا تتكبر عليهم فتعرض عنهم بوجهك وتحتقرهم، إذا هم كلموك أو عاملوك. وتصعر من الصعر، وهو ميل في العنق وانقلاب في الوجه إلى أحد الشدقين، وربما كان الإنسان أصعر خلقة، أو صعره غيره بشيء يصيبه. وقيل: هو داء يصيب البعير فيلوي منه عنقه. (مرحا) خيلاء. (مختال) متكبر في مشيه. (فخور) يفاخر الناس ويعدد مناقبه ليتطاول عليهم.

ص: 1261

3245 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} . قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَنَزَلَتْ: {لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .

ص: 1262

3246 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} . شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ قَالَ: (لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ

بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}).

[ر: 32]

ص: 1262

‌43 - بَاب: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} الْآيَةَ /يس: 13

/.

{فَعَزَّزْنَا} /يس: 14/: قَالَ مُجَاهِدٌ: شَدَّدْنَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {طَائِرُكُمْ} /يس: 19/: مَصَائِبُكُمْ.

(القرية) هي أنطاكية. (الآية) وتتمتها: {إذ جاءها المرسلون} أي الذين أرسلهم عيسى عليه السلام. (فعززنا) فقوينا. (طائركم) شؤمكم، وهو هنا كفرهم بالله تعالى وتكذيبهم لرسله.

ص: 1262

‌44 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زكرياء. إِذْ نَادَى

رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا. قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شيبا}.

إِلَى قَوْلِهِ: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِثْلًا، يُقَالُ: رَضِيًّا مَرْضِيًّا.

⦗ص: 1263⦘

{عُتِيًّا} عَصِيًّا، عَتَا يَعْتُو. {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا - إِلَى قَوْلِهِ - ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} وَيُقَالُ: صَحِيحًا. {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} فَأَوْحَى: فَأَشَارَ: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ - إِلَى قَوْلِهِ - وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} /مريم: 2 - 15/.

{حَفِيًّا} /مريم: 47/: لَطِيفًا. {عَاقِرًا} الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ.

(زكرياء) وفي قراءة {زكريا} بالقصر. (خفيا) دعاه سرا في نفسه خفية من قومه. (وهن العظم) ضعف، وهو كناية عن ضعف البدن عامة وذهاب قوته، لأن العظم أقوى ما فيه، فإذا ضعف كان غيره أضعف. (اشتعل الرأس شيبا) كثر الشيب في شعر رأسي وفشا وانتشر، والشيب بياض الشعر، وغالبا ما يكون عند الطعن في السن. (إلى قوله) وتتمة الآيات:{ولم أكن بدعائك رب شقيا. وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا. يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا. يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} . (الموالي) هم بنو عمه، وخاف أن يغيروا الدين من بعده ويبدلوه، لما رأى من بني إسرائيل تبديلهم وتحريفهم للدين وقتلهم للأنبياء. (عاقرا) لا تلد. (من لدنك) من عندك منحة وعطية فوق الأسباب العادية. (وليا) ولدا يلي الأمر من بعدي. (يرثني) أي يرث النبوة والعلم والهدى والرشاد. (رضيا) ترضى عنه ويرضى بحكمك، ويرضى عنه العباد. (بغلام) ولد ذكر. (سميا) أي لم يسم أحد باسمه قبله. (عتيا) أي تجاوزت في السن حتى نحل عظمي ويبست مفاصلي، وعتا يعتو أسن وكبر. (عصيا) قال العيني: وذكره بالصاد المهملة والصواب بالسين المهملة. وفي القاموس المحيط: عسا الشيخ يعسو عسيا كبر. (أنى) من أين؟ وهو استكشاف عن الطريقة التي سيوهب بها الولد، لا استبعاد لذلك. (إلى قوله) وتتمة الآيات:{قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا. قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس} . (آية) علامة على حمل امرأتي. (ألا تكلم) لا تستطيع الكلام. (سويا) حال كونك صحيحا سليم الأعضاء واللسان والحواس. (المحراب) الموضع الذي كان يصلي فيه. (سبحوا) صلوا لله تعالى. (بكرة وعشيا) صباحا ومساء، وقد كان يأمرهم بالصلاة في هذه الأوقات، فلما منع الكلام أمرهم بذلك إشارة. (بقوة) بجد واجتهاد مؤيدا بالتوفيق. (إلى قوله) وتتمتها:{وآتيناه الحكم صبيا. وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا. وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا. وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت} . (الحكم) الفهم والفقه في الدين، وقيل: النبوة. (صبيا) دون البلوغ. (حنانا) جعلنا لديه رحمة وشفقة لأبويه وغيرهما. (زكاة) طهارة وصلاحا. (تقيا) مخلصا في طاعته لله عز وجل، ولم يهم بخطيئة قط. (برا) لطيفا محسنا. (جبارا) متكبرا لا يرى لأحد حقا عليه. (عصيا) صيغة مبالغة من العصيان. (سلام عليه) أمان له من الله عز وجل. (يوم ولد) من مس الشيطان. (ويوم يموت) من فتنة القبر. (ويوم يبعث حيا) من عذاب يوم القيامة. (حفيا) من الحفاوة، وهي المبالغة في الإكرام والعناية بالأمر. (سواء) أي يقال للرجل الذي لا يلد عاقر، كما يقال للمرأة التي لا تلد عاقر.

ص: 1262

3247 -

حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ

⦗ص: 1264⦘

مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ:

أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ: (ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى، فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالَا: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ).

[ر: 3035]

ص: 1263

‌45 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا} /مريم: 16

/.

{إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ} /آل عمران: 45/. {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ - إِلَى قَوْلِهِ - يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} /آل عمران: 33 - 37/.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَآلُ عِمْرَانَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ عِمْرَانَ وَآلِ يَاسِينَ وَآلِ مُحَمَّدٍ

⦗ص: 1265⦘

صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} /آل عمران: 68/: وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ. وَيُقَالُ: آلُ يَعْقُوبَ أَهْلُ يَعْقُوبَ، فَإِذَا صَغَّرُوا آلَ ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَى الْأَصْلِ قَالُوا: أُهَيْلٌ.

(انتبذت) اعتزلت وانفردت للعبادة. (شرقيا) مما يلي شرقي بيت المقدس. (بكلمة منه) ببشرى من عنده، وهي أن يولد لك ولد من غير زوج. (اصطفى) اختار، من الصفوة وهي الخالص من كل شيء. (إلى قوله) وتتمتها:{ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم. فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم. فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله .. } . (ذرية) اسم لنسل الإنس والجن، وتطلق على الآباء والأبناء ومن تناسل منهم. (نذرت) جعلته نذرا، والنذر ما يوجبه الإنسان على نفسه. (محررا) مفرغا خالصا لعبادة الله تعالى وخدمة بيته. (فتقبل) من التقبل وهو أخذ الشيء مع الرضا به. (وليس الذكر كالأنثى) أي في القيام على خدمة بيت الله تعالى ومن يأتونه للعبادة، فالذكر أقدر على ذلك، وهي تقول هذا اعتذارا إلى الله عز وجل، ظنا منها أنها تعرف أنها لم توف بنذرها على الوجه الأكمل، لأنه كان في نفسها أن يكون حملها ذكرا. (أعيذها) أجيرها وأحصنها. (الرجيم) الطريد من رحمة الله تعالى. (بقبول حسن) أي بجعلها فوق غيرها من أوليائه الصالحين، وسلك بها طريق السعداء. (أنبتها .. ) أنشأها تنشئة طيبة وجعل منها ذرية مباركة إذ جعل منها عيسى عليه السلام. (كفلها) ضمها إليه ليقوم بأمرها. (المحراب) مكان عبادتها. (رزقا) فاكهة ونحوها في غير وقتها. (أنى) من أين. (آل عمران المؤمنون .. ) أي المراد بآل عمران المصطفين المؤمنون منهم، وكذلك المؤمنون من آل إبراهيم، والمؤمنون من آل ياسين، والمؤمنون من آل محمد، صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين، فهو من العام الذي أريد به الخاص. (يقول) أي ابن عباس رضي الله عنهما. محتجا على تخصيصه الآل بالمؤمنين منهم، لأن غير المؤمنين منهم لم يتبعوه، فليسوا بأولى به، ولا يعدون من الآل.

ص: 1264

3248 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إِلَّا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ، غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنِهَا). ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} .

[ر: 3112]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: فضائل عيسى عليه السلام، رقم:2366. (يمسه الشيطان) يناله بيده من غير حاجز. (فيستهل) يصوت عند ولادته. (أعيذها) أجيرها وأحصنها. (الرجيم) الطريد من رحمة الله تعالى /آل عمران: 36/.

ص: 1265

‌46 - بَاب:

{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ. يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ. ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} /آل عمران: 42 - 44/. يُقَالُ: يَكْفُلُ يَضُمُّ، كَفَلَهَا ضَمَّهَا، مُخَفَّفَةً، لَيْسَ مِنْ كَفَالَةِ الدُّيُونِ وَشِبْهِهَا.

(اصطفاك) اختارك وخصك بفضل لم يكن لغيرك. (طهرك) من الأدناس المادية والمعنوية. (اصطفاك) فضلك على غيرك من النساء. (اقنتي) من القنوت وهو الطاعة. (اركعي مع الراكعين) كوني من المصلين المديمين للصلاة. (يلقون أقلامهم) يطرحونها مقترعين بها. (يكفل مريم) يقوم بحضانتها ورعايتها. (يختصمون) يتنافسون في شأنها رغبة في الأجر.

ص: 1265

3249 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ).

[3604]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، رقم:2430. (خير نسائها) أي نساء الدنيا في زمانها.

ص: 1265

‌47 - بَاب: قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} .

إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} /آل عمران: 45 - 47/: يُبَشِّرُكِ وَيَبْشُرُكِ وَاحِدٌ، {وَجِيهًا} شَرِيفًا.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: {المَسِيحُ} الصِّدِّيقُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْكَهْلُ الْحَلِيمُ، وَالْأَكْمَهُ مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ يُولَدُ أَعْمَى.

(إلى قوله) وتتمتها: {وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين. ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين. قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا} . (يبشرك) من التبشير وهو الإخبار بما يسر من خير، ولا يستعمل في الشر إلا تهكما. (المسيح) قيل في معناه الكثير، منها: جميل الوجه، ومنها: لأنه ما كان يمسح ذا عاهة إلا برأ. (كهلا) هو في اللغة من قارب الأربعين، وقيل: من

جاوز الثلاثين. (أنى) كيف. (لم يمسسني بشر) لم يصبني ذكر. (قضى أمرا) أراد تكوينه ووجوده. (إبراهيم) النخعي.

ص: 1266

3250 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ يُحَدِّثُ: عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ، كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا مَرْيَمُ ابنة عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ).

[ر: 3230]

ص: 1266

3251 -

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ، أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ). يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ: وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ.

تَابَعَهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ.

[4794، 5050]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل نساء قريش، رقم:2527. (ركبن الإبل) هو كناية عن نساء العرب. (أحناه) أشفقه وأعطفه. (أرعاه) أكثر رعاية وصيانة. (في ذات يده) ماله المضاف إليه.

ص: 1266

‌48 - بَاب: قَوْلُهُ: {يا أهل الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ

}

{

وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا} /النساء: 171/.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: {كلمته} كُنْ فَكَانَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {وَرُوحٌ مِنْهُ} أَحْيَاهُ فَجَعَلَهُ رُوحًا. {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ} .

(لا تغلوا) من الغلو وهو الإفراط ومجاوزة الحد. (روح منه) كسائر الأرواح التي خلقها سبحانه، وأضافه إليه تشرفيا وتكريما. (ولا تقولوا ثلاثة) أي في حق الله تعالى وعيسى وأمه عليهما السلام. (وكيلا) قائما بتدبير الخلق، غنيا عنهم.

ص: 1267

3252 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبَادَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ).

قَالَ الْوَلِيدُ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ، عَنْ عُمَيْرٍ، عَنْ جُنَادَةَ، وَزَادَ:(مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيَّهَا شَاءَ).

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، رقم:28. (حق) أمر ثابت وحاصل. (على ما كان من العمل) أي يكون دخوله الجنة على حسب ما قدم من أعمال في الدنيا، فإن لم تكن له ذنوب يعاقب عليها بالنار كان من السابقين، وإن كانت له ذنوب فأمره إلى الله تعالى، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، ثم كانت نهايته إلى الجنة.

ص: 1267

‌49 - بَاب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} /مريم: 16

/.

نَبَذْنَاهُ: أَلْقَيْنَاهُ: اعْتَزَلَتْ. {شَرْقِيًّا} /مريم: 16/: مِمَّا يَلِي الشَّرْقَ. {فَأَجَاءَهَا} /مريم: 23/: أَفْعَلْتُ مِنْ جِئْتُ، وَيُقَالُ: أَلْجَأَهَا اضْطَرَّهَا. {تُسَاقِطْ} /مريم: 25/:

⦗ص: 1268⦘

تَسْقُطْ. {قَصِيًّا} /مريم: 22/: قَاصِيًا. {فَرِيًّا} /مريم: 27/: عَظِيمًا.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {نَسْيًا} /مريم: 23/: لَمْ أَكُنْ شَيْئًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: النِّسْيُ الْحَقِيرُ.

وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ حِينَ قَالَتْ: {إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} /مريم: 18/.

قَالَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ:{سَرِيًّا} /مريم: 24/: نَهَرٌ صَغِيرٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ.

(واذكر .. ) انظر الباب (45). (نبذناه) يشير إلى قوله تعالى: {فنبذناه بالعراء وهو سقيم} /الصافات: 145/. (بالعراء) بالأرض الخالية عن الشجر والنبات، وكل ما تجرد مما يستره فهو عراء. (سقيم) مريض. (اعتزلت) تفسير لقوله تعالى:{انتبذت} . (أفعلت .. ) أي لفظ أجاء مزيد جاء، فوزن جاء فعل وهو لازم، فإذا عدي صار وزن أفعل وقلت: أجاء. (تساقط) وقرئ {تساقط} و {تساقط} . (قاصيا} بعيدا. (فريا) منكرا هائلا، ومصنوعا مختلقا. (نسيا) وقرئ بفتح النون، قال النسفي: ومعناهما واحد،

وهو الشيء الذي حقه أن يطرح وينسى لحقارته. (ذو نهية) ذو عقل ينهاه عن فعل القبيح.

ص: 1267

3253 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيسَى، وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ، كَانَ يُصَلِّي، جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: الرَّاعِي، قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا

مِنْ طِينٍ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ - قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَمَصُّ إِصْبَعَهُ - ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، فَقَالَتْ: لِمَ ذَاكَ؟ فَقَالَ: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَهَذِهِ الْأَمَةُ يَقُولُونَ: سَرَقْتِ، زَنَيْتِ، وَلَمْ تَفْعَلْ).

[ر: 1148]

أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة، رقم:2550. (المهد) الفراش الذي يهيأ للصبي ليضجع فيه وينام، والمراد هنا: حال الصغر قبل أوان الكلام. (ذو شارة) ذو حسن وجمال، وقيل: صاحب هيئة وملبس حسن، يتعجب منه ويشار إليه. (أمة) امرأة مملوكة. (لم ذلك) أي سألته عن سبب دعائه أن يكون مثل الأمة ولا يكون مثل الرجل. (ولم تفعل) والحال أنها بريئة لم تسرق ولم تزن، وتلتجئ إلى الله تعالى أن يجيرها وأن يثيبها.

ص: 1268

3254 -

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ. حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي: (لَقِيتُ مُوسَى قَالَ: فَنَعَتَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ - حَسِبْتُهُ قَالَ - مُضْطَرِبٌ رَجِلُ الرَّأْسِ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، قَالَ: وَلَقِيتُ عِيسَى - فَنَعَتَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ - رَبْعَةٌ أَحْمَرُ، كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ - يَعْنِي الْحَمَّامَ - وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ، قَالَ: وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ، أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ، فَقِيلَ لِي: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَقِيلَ لِي: هُدِيتَ الْفِطْرَةَ، أَوْ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ).

[ر: 3214]

ص: 1269

3255 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ عِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ، فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ، وَأَمَّا مُوسَى فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ).

(فأحمر) أبيض مشرب بحمرة. (جعد) في شعره انثناء. (آدم) فيه سمرة. (جسيم) كثير اللحم، وقيل: الجسامة هنا باعتبار الطول. (سبط) هو خلاف الجعد. (الزط) جنس طوال من السودان.

ص: 1269

3256 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ: حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:

ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَيِ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، وَأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فِي الْمَنَامِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعَرِ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا الْمَسِيحُ بن مَرْيَمَ، ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلًا وَرَاءَهُ جَعْدًا قَطِطًا، أَعْوَرَ

⦗ص: 1270⦘

الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ).

تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ.

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال. وفي الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، رقم:171. (بين ظهراني الناس) جالسا في وسط الناس، ظاهرا لهم لا مستخفيا عنهم. (عنبة طافية) ناتئة عن حد أختها، من الطفو، وهو أن يعلو الماء ما وقع فيه، والعنبة الطافية هي الحبة الكبيرة التي خرجت عن أخواتها. (لمته) هي الشعر إذا جاوز شحم الأذنين، سميت بذلك لأنها ألمت بالمنكبين. (قططا) شديد جعودة الشعر. (بابن قطن) هو عبد العزى بن قطن بن عمرو الجاهلي الخزاعي، وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنها.

ص: 1269

3257 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

لَا وَاللَّهِ، مَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعِيسَى أَحْمَرُ، وَلَكِنْ قَالَ:(بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، سَبْطُ الشَّعَرِ، يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً، أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابْنُ مَرْيَمَ، فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ، وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ).

قَالَ الزُّهْرِيُّ: رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، هَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

[5562، 6598، 6623، 6709، وانظر: 3159]

(ينطف) يقطر. (يهراق) يسيل منه الماء.

ص: 1270

3258 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، وَالْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ).

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: فضائل عيسى عليه السلام، رقم:2365. (أولى الناس) أخص الناس به وأقربهم إليه، لأنه بشر به، أو لأنه لا نبي بينهما، فكأنهما في زمن واحد. (أولاد علات) هم الأخوة لأب واحد من أمهات مختلفة، والمعنى: أن شرائعهم متفقة من حيث الأصول وإن اختلفت من حيث الفروع، حسب الزمن، وحسب العموم والخصوص.

ص: 1270

3259 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى بن مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ).

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ

⦗ص: 1271⦘

يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(شتى) مختلفة ومتعددة. (دينهم واحد) هو دين التوحيد، وهذا يفيد أن النسب الحقيقي هو نسب العقيدة والإيمان، وبه يكون التفاضل لا بالآباء.

ص: 1270

3260 -

وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رَأَى عِيسَى بن مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ، فَقَالَ لَهُ: أَسَرَقْتَ؟ قَالَ: كَلَّا، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَالَ عِيسَى: آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَكَذَّبْتُ عَيْنِي).

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: فضائل عيسى عليه السلام، رقم:2368. (آمنت بالله) صدقت من حلف به. (كذبت عيني) أي ما ظهر لي من كون المأخوذ سرقة، فإنه يحتمل أن يكون الرجل أخذ ما له فيه حق، أو ما أذن له صاحبه في أخذه، ونحو ذلك. وقيل: قاله عليه السلام مبالغة في تصديق الحالف بالله تعالى.

ص: 1271

3261 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَمِعَ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ).

[ر: 2330]

(لا تطروني) من الإطراء وهو الإفراط في المديح ومجاوزة الحد فيه، وقيل: هو المديح بالباطل والكذب فيه. (كما أطرت النصارى ابن مريم) أي بدعواهم فيه الألوهية وغير ذلك.

ص: 1271

3262 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ حَيٍّ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَالَ لِلشَّعْبِيِّ، فَقَالَ الشَّعْبِيّ: أَخْبَرَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَدَّبَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا كَانَ لَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا آمَنَ بِعِيسَى، ثُمَّ آمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ، وَالْعَبْدُ إِذَا اتَّقَى رَبَّهُ وَأَطَاعَ مَوَالِيَهُ فَلَهُ أَجْرَانِ).

[ر: 97]

ص: 1271

3263 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} . فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ يُؤْخَذُ بِرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِي ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ:

⦗ص: 1272⦘

{وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ).

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: ذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَبِيصَةَ قَالَ: هُمُ الْمُرْتَدُّونَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه.

[ر: 3171]

ص: 1271

‌50 - بَاب: نُزُولِ عِيسَى بن مَرْيَمَ عليهما السلام.

ص: 1272

3264 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا). ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: واقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} .

[ر: 2109]

(إن شئتم) أن تتأكدوا من معنى وصدق ما أروي. (وإن من أهل الكتاب) وما من أحد من اليهود والنصارى. (به) بعيسى عليه السلام. (قبل موته) الموت العادي المألوف بعد نزوله عليه السلام /النساء: 159/.

ص: 1272

3265 -

حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ، وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ). تَابَعَهُ عُقَيْلٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ.

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، رقم:155. (وإمامكم منكم) يصلي معكم بالجماعة والإمام من هذه الأمة، تكرمة لها. أو المراد: أنه يحكم بينكم بشرعكم المستمد من كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

ص: 1272

‌51 - بَاب: مَا ذُكِرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

ص: 1272

3266 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو لِحُذَيْفَةَ:

أَلَا تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا، فَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ فَنَارٌ تُحْرِقُ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي

⦗ص: 1273⦘

يَرَى أَنَّهَا نَارٌ، فَإِنَّهُ عَذْبٌ بَارِدٌ).

قَالَ حُذَيْفَةُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَتَاهُ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُ، قِيلَ لَهُ: انْظُرْ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ، فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ، فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ).

قال وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَلَمَّا يَئِسَ مِنَ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا، وَأَوْقِدُوا فِيهِ نَارًا، حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي فَامْتُحِشَتْ، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا، ثُمَّ انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا فَاذْرُوهُ فِي الْيَمِّ، فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ).

قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو: وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَاكَ: (وَكَانَ نَبَّاشًا).

[6711، وانظر: 3292]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، رقم: 2934، 2935. (فمن أدرك منكم) أي خروج الدجال. (أجازيهم) أتقاضاهم الحق الذي لي عليهم. (فأنظر) أؤخر المطالبة بحقي. (فامتحشت) احترقت، من الامتحاش وأصله المحش وهو احتراق الجلد وظهور العظم. (راحا) شديد الريح. (نباشا) هو الذي يسرق ما في القبور.

ص: 1272

3267 -

حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَائِشَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم قَالَا:

لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ:(لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا.

[ر: 425]

ص: 1273

3268 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ:

قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ). قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: (فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ،

⦗ص: 1274⦘

أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ).

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، رقم:1842. (تسوسهم) تتولى أمورهم، والسياسة القيام على الشيء بما يصلحه. (فيكثرون) أي يكون أكثر من حاكم واحد للمسلمين في زمن واحد. (فوا) من الوفاء. (ببيعة الأول فالأول) أي إن الذي تولى الأمر وبويع قبل غيره هو صاحب البيعة الصحيحة التي يجب الوفاء بها، وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها مطلقا. (أعطوهم حقهم) أطيعوهم في غير معصية. (سائلهم) محاسبهم بالخير والشر عن حال رعيتهم.

ص: 1273

3269 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ). قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ:(فَمَنْ).

[6889]

(سنن) سبل ومناهج وعادات. (شبرا بشبر) كناية عن شدة الموافقة لهم في عاداتهم، رغم ما فيها من سوء وشر، ومعصية لله تعالى ومخالفة لشرعه. (جحر ضب) ثقبه وحفرته التي يعيش فيها، والضب دويبة تشبه الحرذون تأكله العرب، والتشبيه بجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته، ونتن ريحه وخبثه، وما أروع هذا التشبيه الذي صدق معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن نشاهد تقليد أجيال الأمة لأمم الكفر في الأرض، فيما هي عليه من أخلاق ذميمة وعادات فاسدة، تفوح منها رائحة النتن، وتمرغ أنف الإنسانية في مستنقع من وحل الرذيلة والإثم، وتنذر بشر مستطير. (فمن) أي يكون غيرهم إذا لم يكونوا هم، وهذا واضح أيضا، فإنهم المخططون لكل شر، والقدوة في كل رذيلة.

ص: 1274

3270 -

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَأُمِرَ بِلَالٌ: أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ.

[ر: 578]

ص: 1274

3271 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

كَانَتْ تَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ فِي خَاصِرَتِهِ، وَتَقُولُ: إِنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ. تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ.

(أن يجعل) أي المصلي. (خاصرته) وسطه، تحت الأضلاع وفوق الورك.

ص: 1274

3272 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلَا مِنَ الْأُمَمِ، مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتْ الْيَهُودُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ،

⦗ص: 1275⦘

فَعَمِلَتْ النَّصَارَى مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، أَلَا، فَأَنْتُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، أَلَا لَكُمُ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ، فَغَضِبَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ اللَّهُ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّهُ فَضْلِي أُعْطِيهِ مَنْ شِئْتُ).

[ر: 532]

(خلا) مضى.

ص: 1274

3273 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوهَا فَبَاعُوهَا).

تَابَعَهُ جَابِرٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[2110، 2111، 2121]

ص: 1275

3274 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ: أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).

(حدثوا عن بني إسرائيل) أي عما وقع لهم من الأمور الغربية. (حرج) إثم أو ضيق. (كذب علي) نسب إلي شيئا لم أقله، مما يحدث عن بني إسرائيل أو غيرهم. (فليتبوأ) من التبوؤ وهو اتخاذ المباءة وهي المنزل.

ص: 1275

3275 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ).

[5559]

أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: في مخالفة اليهود في الصبغ، رقم:2103. (لا يصبغون) لا يغيرون لون الشيب. (فخالفوهم) بصبغ شعر الرأس واللحية، ولكن بغير السواد، وأما الصبغ بالسواد فقال بعض الفقهاء بتحريمه لما ثبت في ذلك من أحاديث صحيحة وحملها بعضهم على الكراهة، واستثنى بعضهم صبغ المرأة من أجل زوجها خاصة، فقال بإباحة السواد لها.

ص: 1275

3276 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ الْحَسَنِ: حَدَّثَنَا جُنْدَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَمَا نَسِينَا مُنْذُ حَدَّثَنَا، وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ،

⦗ص: 1276⦘

فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ).

[ر: 1298]

(في هذا المسجد) مسجد البصرة الجامع. (فجزع) لم يصبر على الألم. (فحز) قطع. (فما رقأ) لم ينقطع الدم ولم يسكن. (بادرني عبدي بنفسه) استعجل الموت.

ص: 1275

‌حَدِيثُ أَبْرَصَ وَأَعْمَى وَأَقْرَعَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ.

ص: 1275

3277 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه حَدَّثَهُ:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى، بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الْأَبْرَصَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ، فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا، وَجِلْدًا حَسَنًا، فَقَالَ: أَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْإِبِلُ - أَوْ قَالَ الْبَقَرُ، هُوَ شَكَّ فِي ذَلِكَ: إِنَّ الْأَبْرَصَ وَالْأَقْرَعَ: قَالَ أَحَدُهُمَا الْإِبِلُ، وَقَالَ الْآخَرُ الْبَقَرُ - فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقَالَ: يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا. وَأَتَى الْأَقْرَعَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْبَقَرُ، قَالَ: فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلًا، وَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا. وَأَتَى الْأَعْمَى فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْغَنَمُ، فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا، فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا، فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ غَنَمٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى

⦗ص: 1277⦘

الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ، تَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ، بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي. فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ، فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ، وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ).

[6277]

أخرجه مسلم في أوائل كتاب الزهد والرقائق، رقم:2964. (بدا لله) أراد أن يظهر ما سبق في علمه. (يبتليهم) يختبرهم. (ملكا) أي بصورة إنسان. (هو شك) أي إسحاق بن عبد الله راوي الحديث. (عشراء) الحامل التي أتى على حملها عشرة أشهر من يوم طرق الفحل لها، ويقال لها ذلك إلى أن تلد وبعدما تضع، وهي من أنفس الأموال عند العرب. (والدا) ذات ولد، أو حاملا. (فأنتج هذان) أي صاحب الإبل والبقر، وأنتج من النتاج وهو ما تضعه البهائم. (صورته وهيئته) أي التي كان عليها. (الحبال) الأسباب التي يتعاطاها في طلب الرزق. (أتبلغ به) من البلغة وهي الكفاية. (لكابر عن كابر) وفي رواية شيبان:(وإنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر) أي ورثته عن آبائي وأجدادي حال كون كل واحد منهم كبيرا ورث عن كبير. (ابن سبيل) منقطع في سفره. (لا أجهدك) لا أشق عليك في منع شيء تطلبه مني أو تأخذه.

ص: 1276

‌52 - بَاب: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} /الكهف: 9

/.

الْكَهْفُ الْفَتْحُ فِي الْجَبَلِ، وَالرَّقِيمُ الْكِتَابُ. {مَرْقُومٌ} /المطففين: 9/: مَكْتُوبٌ، مِنَ الرَّقْمِ. {رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} /الكهف: 14/: أَلْهَمْنَاهُمْ صَبْرًا. {شَطَطًا} /الكهف: 14/: إِفْرَاطًا. الْوَصِيدُ: الْفِنَاءُ، وَجَمْعُهُ وَصَائِدُ وَوُصُدٌ، وَيُقَالُ: الْوَصِيدُ الْبَابُ. {مُؤْصَدَةٌ} /البلد: 20/ و/الهمزة: 8/: مُطْبَقَةٌ، آصَدَ الْبَابَ وَأَوْصَدَ. {بَعَثْنَاهُمْ} /الكهف: 19/: أَحْيَيْنَاهُمْ. {أَزْكَى} /الكهف: 19/: أَكْثَرُ رَيْعًا. فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ فَنَامُوا. {رَجْمًا

⦗ص: 1278⦘

بِالْغَيْبِ} /الكهف: 22/: لَمْ يَسْتَبِنْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَقْرِضُهُمْ} /الكهف: 17/: تَتْرُكُهُمْ.

(الرقيم) لوح كتبت فيه قصة أهل الكهف أو أسمائهم على باب الكهف، وقيل غير ذلك. (من الرقم) مشتق من الرقم وهو الكتابة. (إفراطا) أي في الظلم والبعد عن الحق. (الفناء) الساحة الممتدة أمام الباب، وقيل: الوصيد العتبة، وهو يشير إلى قوله تعالى:{وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} /الكهف: 18/. (أوصد) أغلق وأطبق. (أزكى) أحل وأطيب. (ريعا) زيادة، والريع فضل كل شيء على أصله. (فضرب الله .. ) يشير إلى قوله تعالى:{فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا} /الكهف: 11/. والمعنى: أنمناهم نومة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات. فناموا سنين كثيرة في كهفهم. (رجما بالغيب) قذفا بالظن، وحدسا من غير يقين.

حديث الغار.؟؟

ص: 1277

حَدِيثُ الْغَارِ

3278 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ، إِذْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلَاءِ، لَا يُنْجِيكُمْ إِلَّا الصِّدْقُ، فَليَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ.

فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَجِيرٌ عَمِلَ لِي عَلَى فَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ، فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ، وَأَنِّي عَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا، وَأَنَّهُ أَتَانِي يَطْلُبُ أَجْرَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَسُقْهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّمَا لِي عِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ، فَقُلْتُ لَهُ: اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ، فَإِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرَقِ، فَسَاقَهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ.

فَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ: كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِي، فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِمَا لَيْلَةً، فَجِئْتُ وَقَدْ رَقَدَا، وَأَهْلِي وَعِيَالِي يَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ، فَكُنْتُ لَا أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَايَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا وَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَهُمَا فَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا، فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ حَتَّى نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ.

فَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا فَأَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالَتِ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَفَرَّجَ

⦗ص: 1279⦘

اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا).

[ر: 2102]

(فأووا) التجؤوا ودخلوا. (فيستكنا) فيضعفا ويهرما لأنه عشاؤهما، وترك العشاء يهرم. (لشربتهما) بسبب عدم شربهما. (راودتها عن نفسها) طلبت منها الجماع وفعل الفاحشة.

ص: 1278

3279 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (بينا امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنَهَا إِذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتِ ابْنِي حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ هَذَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فِي الثَّدْيِ، وَمُرَّ بِامْرَأَةٍ تُجَرَّرُ وَيُلْعَبُ بِهَا، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، فَقَالَ: أَمَّا الرَّاكِبُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهَا: تَزْنِي، وَتَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ، وَيَقُولُونَ: تَسْرِقُ، وَتَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ).

[ر: 1148]

(تجرر ويلعب بها) تسحب وتهان. (حسبي الله) كافيني ومتولي أمري.

ص: 1279

3280 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ، كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا، فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ).

[3143]

أخرجه مسلم في السلام، باب: فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها، رقم:2245. (بغي) زانية. (موقها) ما يلبس فوق الخف. (فغفر لها) ما سبق منها من الزنا. (به) بسبب سقيها له.

ص: 1279

3281 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:

أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ، وَكَانَتْ فِي يَدَيْ حَرَسِيٍّ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ، وَيَقُولُ:(إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ).

[3299، 5588، 5594]

أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة، رقم:2127. (قصة من شعر) قطعة شعر من جهة الناصية، وهي مقدمة الرأس. (حرسي) أحد الحرس، وهم الذين يحرسون الحاكم، وقد يراد به الجندي. (هلكت) كان ذلك سبب هلاكهم، إذ كان محرما فخالف النساء وفعلنه، وسكت الرجال فلم يمنعوهن. والمراد بالمنهي عنه وصل الشعر.

ص: 1279

3282 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ

⦗ص: 1280⦘

مِنَ الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ).

[3486]

(محدثون) جمع محدث، وهو الذي يجري الصواب على لسانه، أو يخطر بباله الشيء فيكون، بفضل من الله تعالى وتوفيق.

ص: 1279

3283 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا، ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ، فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ: هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: لَا. فَقَتَلَهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا، فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي، وَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا، فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ، فَغُفِرَ لَهُ).

أخرجه مسلم في التوبة، باب: قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، رقم:2766. (يسأل) عن طريق التوبة والاستغفار. (راهبا) هو المنقطع للعبادة. (فناء) مال إلى تلك القرية التي توجه إليها للتوبة والعبادة فيها. (فأوحى) أمر أمر تكوين، أي جعلها تبتعد وتقترب. (هذه) القرية المتوجه إليها. (هذه) القرية الخارج منها.

ص: 1280

3284 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ:(بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ). فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ، فَقَالَ:(فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - وَمَا هُمَا ثَمَّ - وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ هَذَا: اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي، فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي). فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ، قَالَ:(فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ). وَمَا هُمَا ثَمَّ.

وحَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.

[ر: 2199]

(الذئب هذا) أي هذا الذئب. (وما هما ثم) أي وليس أبو بكر وعمر رضي الله عنهما حاضرين هناك.

ص: 1280

3285 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الْأَرْضَ، وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ. وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلَامٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ، قَالَ: أَنْكِحُوا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا).

أخرجه مسلم في الأقضية، باب: استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين، رقم:1721. (عقارا) هو الأرض وما يتصل بها من مال، وقيل المنزل والضياع. (أبتع) أشتر. (غلام) ولد ذكر. (جارية) ولد أنثى.

ص: 1281

3286 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ: مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّاعُونِ؟ فَقَالَ أُسَامَةُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (الطَّاعُونُ رِجْسٌ، أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَوْ: عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ). قَالَ أَبُو النَّضْرِ: (لَا يُخْرِجْكُمْ إِلَّا فِرَارًا مِنْهُ).

[5396، 6573]

أخرجه مسلم في السلام، باب: الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، رقم:2218. (في الطاعون) في أمره وشأنه، وهو مرض عام يصيب الكثير من الناس في زمن واحد أو متقارب. (رجس) عذاب. (طائفة) جماعة. (فلا تقدموا عليه) لا تدخلوا الأرض التي انتشر فيها الطاعون. (فرارا منه) أي لأجل الفرار من الطاعون، أما لو خرج لحاجة عرضت له فلا بأس فيه، ولعل الحكمة في هذا الحديث عدم نقل المرض أو التعرض له عن طريق العدوى.

ص: 1281

3287 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ:

سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ: (عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ

⦗ص: 1282⦘

لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ).

[5402، 6245]

(رحمة للمؤمنين) لأن من مات به كان شهيدا كما ثبت في الصحيح. (محتسبا) يطلب من الله دفع البلاء أو الأجر إن أصيب.

ص: 1281

3288 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فقالوا: وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ). ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).

[ر: 2505]

أخرجه مسلم في الحدود، باب: قطع السارق الشريف وغيره، رقم:1688. (أهمهم) أحزنهم وأثار اهتمامهم. (شأن .. ) حالها وأمرها. (المخزومية) نسبة إلى بني مخزوم، واسمها فاطمة بنت الأسود، وكانت سرقت حليا يوم فتح مكة. (حب) محبوب. (أتشفع في حد) تتوسل أن لا يقام حد فرضه الله تعالى، والحد عقوبة مقدرة من المشرع. (الشريف) الذي له شأن في قومه بسبب مال أو نسب أو عشيرة. (الضعيف) من ليس له عشيرة أو وجاهة في قومه. (وايم الله) لفظ من ألفاظ القسم، أصلها: وأيمن الله، فحذفت النون تخفيفا، وقد تقطع الهمزة وقد توصل.

ص: 1282

3289 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ الْهِلَالِيَّ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً، وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ خِلَافَهَا، فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، وَقَالَ:(كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا).

[ر: 2279]

ص: 1282

3290 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:

كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ:(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).

[6530]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة أحد، رقم:1792. (يحكي نبيا) يشبهه ويصفه بحاله، وقيل: المراد نبي من بني إسرائيل، وقيل: نوح عليه السلام، وقيل: النبي نفسه صلى الله عليه وسلم. (فأدموه) أسالوا منه الدم.

ص: 1282

3291 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ،

⦗ص: 1283⦘

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَبْلَكُمْ، رَغَسَهُ اللَّهُ مَالًا، فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ: أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ، قَالَ: فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اسْحَقُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ اللَّهُ عز وجل فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ، فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ).

وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[6116، 7069، 7070]

أخرجه مسلم في التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم:2757. (رغسه) أعطاه وبارك له فيه، من الرغس وهو البركة والنماء والخير. (حضر) حضره الموت. (اسحقوني) من السحق وهو أشد الدق. (عاصف) شديد الريح.

ص: 1282

3292 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ لِحُذَيْفَةَ: أَلَا تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، لَمَّا أَيِسَ مِنَ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ: إِذَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا، ثُمَّ أَوْرُوا نَارًا، حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي، وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا فَذَرُّونِي فِي الْيَمِّ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، أَوْ رَاحٍ، فَجَمَعَهُ اللَّهُ فَقَالَ: لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: من خَشْيَتَكَ، فَغَفَرَ لَهُ).

قَالَ عُقْبَةُ: وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ.

حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ: (فِي يَوْمٍ رَاحٍ).

[6115، وانظر: 3266]

(أوروا) أوقدوا. (خلصت) وصلت. (اليم) البحر. (راح) ذي ريح شديدة.

ص: 1283

3293 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كَانَ رجل يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، قَالَ: فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ).

[ر: 1972]

ص: 1283

3294 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كَانَ رَجُلٌ

⦗ص: 1284⦘

يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اطْحَنُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ فَقَالَ: اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ، فَفَعَلَتْ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ). وَقَالَ غَيْرُهُ:(مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ).

[7067]

أخرجه مسلم في التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم:2756. (يسرف على نفسه) يبالغ في المعاصي. (قدر علي ربي) حكم وقضى. (ذروني) انثروني وفرقوني.

ص: 1283

3295 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ).

[ر: 2236]

ص: 1284

3296 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ).

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ).

[5769]

(أدرك الناس) بلغهم وعلموه. (كلام النبوة) من حكم الأنبياء وشرائعهم التي لم تنسخ، لاتفاق العقول عليه، ولذلك كان مما اتفق عليه الأنبياء جميعهم ودعوا إليه. (إذا لم تستحي) إذا لم يكن عندك حياء يمنعك من فعل القبيح، وقيل: إذا كان ما تفعله ليس مما يستحيا منه. (فافعل ما شئت) على المعنى الأول الأمر للتهديد، أي افعل ما بدا لك فإنك ستعاقب عليه، وعلى المعنى الثاني الأمر للإباحة، أي لك أن تفعل ما لا يعاب عليه أو يذم.

ص: 1284

3297 -

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ.

[5453، 5454]

(الخيلاء) هي الكبر والتبختر مع الإعجاب بالنفس. (يتجلجل) يتحرك في أعماق الأرض، والجلجلة الحركة مع الصوت.

ص: 1285

3298 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ كُلِّ أُمَّةٍ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَا مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَغَدًا لِلْيَهُودِ وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى، على كل مسلم في كل سبعة أيام يوم يغسل رأسه وجسده).

[ر: 836]

(بيد) معناه غير أو لكن وقيل: على أنه. (فهذا اليوم) أي يوم الجمعة. (على كل مسلم) يطلب من كل مسلم، طلب ندب واستحباب، أن يغتسل، والمراد يوم الجمعة، وقيل بوجوب ذلك.

ص: 1285

3299 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَدِمَ معاوية بن أبي سفيان الْمَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا، فَخَطَبَنَا فَأَخْرَجَ كُبَّةً من شعر، فقال: ما كنت أرى أن أحدا يفعل هذا غير اليهود، وإن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ الزُّورَ. يعني الوصال في الشعر.

تابعه غندر، عن شعبة.

[ر: 3281]

(سماه الزور) أي سمى وصل الشعر زورا، والزور الكذب والتزيين بالباطل، والوصل داخل فيه.

ص: 1285

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 1287

‌65 - كِتَاب الْمَنَاقِبِ

(المناقب) جمع منقبة، وهي الفعل الكريم الذي يفتخر به ويثنى على فاعله بالجميل.

ص: 1287

‌1 - بَاب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يا أيها النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} /الحجرات: 13

/.

وَقَوْلِهِ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} /النساء: 1/.

وَمَا يُنْهَى عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ.

الشُّعُوبُ النَّسَبُ الْبَعِيدُ، وَالْقَبَائِلُ دُونَ ذَلِكَ.

(شعوبا) جمع شعب، وهو يجمع عديدا من القبائل. (تساءلون به) أي يسأل بعضكم بعضا بالله تعالى فيقول: أسألك بالله أن تفعل كذا، ليحثه على الفعل ونحوه، والأرحام جمع رحم، وهم القرابة من النسب. (رقيبا) مراقبا لأعمالكم وأحوالكم ومجازيا عليها. (دعوى الجاهلية) التناصر بالعصبية، والتفاخر بالآباء. (النسب البعيد) مثل مضر وربيعة. (دون ذلك) مثل قريش وتميم ونحوها.

ص: 1287

3300 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

{وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} . قَالَ: الشُّعُوبُ الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ، وَالْقَبَائِلُ الْبُطُونُ.

ص: 1287

3301 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: (أَتْقَاهُمْ). قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ:(فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ).

[ر: 3175]

ص: 1287

3302 -

حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبُ بنت أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ:

قُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكَانَ مِنْ مُضَرَ؟ قَالَتْ: فَمِمَّنْ كَانَ إِلَّا مِنْ مُضَرَ، مِنْ بَنِي النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ.

ص: 1287

3303 -

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا كُلَيْبٌ: حَدَّثَتْنِي رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَظُنُّهَا زَيْنَبَ - قَالَتْ:

نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالمُقيَّرِ وَالْمُزَفَّتِ، وَقُلْتُ لَهَا: أَخْبِرِينِي: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ كَانَ مِنْ مُضَرَ كَانَ؟ قَالَتْ: فَمِمَّنْ كَانَ إِلَّا مِنْ مُضَرَ، كَانَ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ.

(ربيبة) بنت زوجته. (زينب) بنت أبي سلمة. (الدباء) القرع واليقطين كان يتخذ منه وعاء. (الحنتم) جرار مدهونة خضر. (المقير) المطلي بالقار، قال في الفتح: كذا وقع هنا .. والصواب: النقير، لئلا يلزم منه التكرار، أي لأن المزفت هو المقير. والمقير: أصل الشجرة ينقر ويجوف فيصير وعاء. (المزفت) المطلي بالزفت. والمراد بالنهي عن هذه الآنية النهي عن الانتباذ فيها، أي نقع التمر أو الزبيب بالماء، لأنها يسرع فيها التخمر، فربما شرب النقيع على ظن أنه غير مسكر وكان مسكرا، وانظر الحديث:53.

ص: 1288

3304 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ،

عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً، وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ، وَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ).

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: خيار الناس، رقم:2526. (معادن) جمع معدن وهو ما يستخرج من الجواهر، ووجه التشبيه أن المعادن تشتمل على جواهر مختلفة من نفيس وخسيس، وكذلك الناس مختلفون في الشرف وكرم النفس والسلوك. (خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام) من كان منهم ذا شرف في الجاهلية ازداد شرفا ورفعة بالإسلام. (فقهوا) فهموا أصول الدين وأحكامه. (هذا الشأن) أي الإمارة والخلافة. (أشدهم له كراهية) أي الذي يكرهه ولا يطمع فيه، فإذا اختير له وأسند إليه، أعانه الله تعالى عليه وسدد خطاه ووفقه. (ذا الوجهين) هو المنافق الذي يسعى بين الطائفتين، ويأتي كلا بوجه يختلف عما يأتي به الآخر.

ص: 1288

3305 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ. وَالنَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا، تَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّ النَّاسِ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ).

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الناس تبع لقريش والخلافة في قريش، رقم:1818. (تبع لقريش) أي هم المقدمون في الإمارة، وعلى الناس أن يطيعوهم في ذلك. (حتى يقع فيه) أي يتولاه عن رغبة وحرص، فتزول عنه الخيرية. أو المراد: أنه إذا ولي الأمر وهو لا يطمع فيه، وجب عليه أن يقوم بحقه قيام الراغب فيه، دون إهمال أو تقصير.

ص: 1288

3306 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

{إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} . قَالَ: فَقَالَ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا وَلَهُ فِيهِ قَرَابَةٌ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ: إِلَّا أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ.

[4541]

(المودة في القربى) تودون أهل قرابتي ولا تؤذونهم /الشورى: 23/. والمراد بقرابته صلى الله عليه وسلم بنو هاشم وبنو المطلب الذين نصروه وكانوا معه قبل أن يسلموا وبعد أن أسلموا. (فنزلت) أي فنزل هذا المعنى.

ص: 1289

3307 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ،

يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مِنْ هَا هُنَا جَاءَتِ الْفِتَنُ، نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ).

[ر: 3126]

(الفتن) حركات الشر والفساد والفرقة في الأمة. (الجفاء) سوء الخلق والطبع، والإعراض والمقاطعة.

ص: 1289

3308 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ، وَالْإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ).

قال أبو عبد الله: سُمِّيَتْ الْيَمَنَ لِأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ، وَالشَّأْمَ لِأَنَّهَا عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ، وَالْمَشْأَمَةُ الْمَيْسَرَةُ، وَالْيَدُ الْيُسْرَى الشُّؤْمَى، وَالْجَانِبُ الْأَيْسَرُ الْأَشْأَمُ.

[ر: 3125]

(يمان) نسبة إلى اليمن، أي يكون الإيمان في أهله قويا، وقيل: المراد الأنصار لأن أصلهم من اليمن. (الحكمة) حسن التصرف بوضع الشيء في محله. (يمانية) أي تكون متأصلة في أهل اليمن.

ص: 1289

‌2 - بَاب: مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ.

ص: 1289

3309 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ:

أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ، فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ، فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ

⦗ص: 1290⦘

اللَّهِ تعالى، وَلَا تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ، لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ، مَا أَقَامُوا الدِّينَ).

[6720]

(الأماني) جمع أمنية وهي ما يؤمله الإنسان ويرغب أن يحصل له في مستقبل الأيام. (الأمر) الخلافة والإمارة. (كبه الله) أذله وخذله وألقاه منكوسا في جهنم. (ما أقاموا الدين) أي تجب طاعتهم وعدم منازعتهم، طالما أنهم يقيمون شرع الله عز وجل ويلتزمون حدوده، فإن قصروا في ذلك أو تجاوزوه جازت منازعتهم وسقطت طاعتهم.

ص: 1289

3310 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ).

[6721]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الناس تبع لقريش والخلافة في قريش، رقم:1820. (لا يزال) يبقى ويستمر. (الأمر) الخلافة.

ص: 1290

3311 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ:

مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ).

[ر: 2971]

ص: 1290

3312 -

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ مُحَمَّدٌ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:

ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ أُنَاسٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَتْ أَرَقَّ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ، لِقَرَابَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3314]

(أرق شيء) رفيقة بهم ومكرمة لهم. (لقرابتهم) أي من جهة أمه صلى الله عليه وسلم.

ص: 1290

3313 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدٍ (ح). قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (قُرَيْشٌ، وَالْأَنْصَارُ، وَجُهَيْنَةُ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَأَشْجَعُ، وَغِفَارُ، مَوَالِيَّ، لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ).

[3321]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل غفار وأسلم وجهينة .. ، رقم:2520. (موالي) أنصاري والمختصون بي، فقد بادروا إلى الإسلام والإيمان.

ص: 1290

3314 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَال: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:

كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبَّ الْبَشَرِ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِهَا، وَكَانَتْ لَا تُمْسِكُ شَيْئًا مِمَّا جَاءَهَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ إِلَّا تَصَدَّقَتْ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: أَيُؤْخَذُ عَلَى يَدَيَّ، عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ، فَاسْتَشْفَعَ إِلَيْهَا بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَبِأَخْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً فَامْتَنَعَتْ، فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّونَ، أَخْوَالُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: إِذَا اسْتَأْذَنَّا فَاقْتَحِمْ الْحِجَابَ، فَفَعَلَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِعَشْرِ رِقَابٍ فَأَعْتَقَتْهُمْ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تُعْتِقُهُمْ، حَتَّى بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ، فَقَالَتْ: وَدِدْتُ أَنِّي جَعَلْتُ حِينَ حَلَفْتُ عَمَلًا أَعْمَلُهُ فَأَفْرُغُ مِنْهُ.

[5725، وانظر: 3312]

(يؤخذ على يديها) يحجر عليها وتمنع من الإعطاء. (استأذنا) في الدخول على عائشة رضي الله عنها. (فاقتحم الحجاب) ارم نفسك داخل الستارة التي تكون بيننا وبينها. (رقاب) عبيد وجوار، لتعتق منهم ما أرادت كفارة ليمينها. (تعتقهم) أي تعتق الرقاب. (بلغت أربعين) أي رقبة، احتياطا في كفارة نذرها. (عملا) أي رغبت أن أكون عنيت شيئا ما، أتبرر من نذري بفعله، ولكني نذرت مبهما، فيحتمل أن يطلق على أكثر مما فعلت، وهذا يدل على زيادة ورعها رضي الله عنها. (منه) أي من ذاك العمل، فأتبرر من نذري، والتبرر من النذر تصديقه والوفاء به.

ص: 1291

‌3 - بَاب: نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ.

ص: 1291

3315 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ:

أَنَّ عُثْمَانَ دَعَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ.

[4699، 4702]

(فنسخوها) نقلوها وكتبوها. (المصاحف) جمع مصحف، وهو مجمع الصحف. (للرهط) يقال لما دون العشرة من الرجال. (في شيء) من الهجاء أو الإعراب. (بلسان قريش) بلغتهم ولهجتهم.

ص: 1291

‌4 - بَاب: نِسْبَةِ الْيَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ.

مِنْهُمْ أَسْلَمُ بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، مِنْ خُزَاعَةَ.

ص: 1291

3316 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ رضي الله عنه قَالَ:

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ، فَقَالَ:(ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ). لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ:(مَا لَهُمْ). قَالُوا: وَكَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلَانٍ؟ قَالَ: (ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ).

[ر: 2743]

ص: 1292

3317 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ: أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدِّيلِيّ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ - وَهُوَ يَعْلَمُهُ - إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نسب، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).

[انظر: 5698]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، رقم:61. (ادعى) انتسب. (كفر) أي كفر بالنعمة التي كانت لأبيه عليه، وفعل ما يشبه أفعال أهل الكفر، وإن استحل ذلك خرج عن الإسلام. (ادعى قوما) انتسب إليهم. (نسب) قرابة. (فليتبوأ مقعده .. ) فليتخذ منزله فيها.

ص: 1292

3318 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا حَرِيزٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَه، أو يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَقُلْ).

(الفرى) جمع فرية وهي الكذب والبهت والاختلاق. (يدعي) ينتسب. (يري عينه) يدعي أنه رأى شيئا في المنام وهو لم يره، وعظم ذنبه لأنه كذب على الله تعالى، لأنه ادعى الرؤيا الصادقة، وهي من الله تعالى وجزء من النبوة، بينما هو في الحقيقة لم ينل شيئا من ذلك.

ص: 1292

3319 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا مِنْ هَذَا الْحَيِّ مِنْ رَبِيعَةَ، قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي كُلِّ شَهْرٍ حَرَامٍ، فَلَوْ أَمَرْتَنَا بِأَمْرٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ وَنُبَلِّغُهُ مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ:(آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الْإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَى اللَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ. وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ).

[ر: 53]

ص: 1292

3320 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عن سَالِمُِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: (أَلَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا - يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ).

[ر: 2937]

ص: 1293

‌5 - بَاب: ذِكْرِ أَسْلَمَ، وَغِفَارَ، وَمُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ، وَأَشْجَعَ.

ص: 1293

3321 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (قُرَيْشٌ، وَالْأَنْصَارُ، وَجُهَيْنَةُ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَأَشْجَعُ، مَوَالِيَّ، لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ).

[ر: 3313]

ص: 1293

3322 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: (غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ).

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، بَاب: دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لغفار وأسلم، رقم:2518. (غفار) اسم قبيلة وكذلك أسلم وعصية. (غفر الله لها) دعاء لهم بالمغفرة، أو هو إخبار عن وقوع المغفرة لهم بالفعل. (سالمها الله) من المسالمة وهي ترك الحرب، أي صنع بهم ما يوافقهم وسلمهم مما يكرهون، حيث دخلوا في الإسلام من غير حرب. (عصت .. ) أي فاستحقت اللعنة والعذاب، وذلك لقتلهم القراء يوم بئر معونة، انظر: 2880 ومواضعه.

ص: 1293

3323 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا).

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، بَاب: دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لغفار وأسلم، رقم:2514.

ص: 1293

3324 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي أَسَدٍ، وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ، وَمِنْ

بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ). فَقَالَ رَجُلٌ: خَابُوا وَخَسِرُوا، فَقَالَ:(هُمْ خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَمِنْ بَنِي أَسَدٍ، وَمِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ، وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ).

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل غفار وأسلم وجهينة، رقم:2522. (رجل) هو الأقرع بن حابس. (خابوا وخسروا) أي هم أقل من هذا.

ص: 1293

3325 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ، مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ - وَأَحْسِبُهُ - وَجُهَيْنَةَ - ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ شَكَّ - قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ - وَأَحْسِبُهُ - وَجُهَيْنَةُ خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي عَامِرٍ، وَأَسَدٍ، وَغَطَفَانَ، خَابُوا وَخَسِرُوا). قَالَ نَعَمْ، قَالَ:(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَخَيْرٌ مِنْهُمْ).

[6259]

(سراق الحجيج) كانوا يتهمون بفعل ذلك في الجاهلية، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالثناء عليهم أن يمحو تلك السبة عنهم، وأن يعلم الناس أن ما أسلف منهم مغفور لهم بدخولهم في الإسلام.

ص: 1294

3326 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ: (أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ، أَوْ قَالَ: شَيْءٌ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ مُزَيْنَةَ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ - أَوْ قَالَ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ - مِنْ أَسَدٍ، وَتَمِيمٍ وَهَوَازِنَ، وَغَطَفَانَ).

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل غفار وأسلم وجهينة .. ، رقم:2521. (قال قال) فاعل قال الأولى أبو هريرة رضي الله عنه، وفاعل قال الثانية هو النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 1294

‌6 - بَاب: ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ.

ص: 1294

3327 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَنْصَارَ فَقَالَ: (هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ). قَالُوا: لَا، إِلَّا ابْنُ أُخْتٍ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ).

[ر: 2977]

ص: 1294

‌7 - باب: قصة إسلام أبي ذر رضي الله عنه.

ص: 1294

3328 -

حدثنا زيد، هو ابن أخزم: قال أبو قتيبة سلم بن قتيبة: حدثني مثنى بن سعيد القصير قال: حدثني أبو جمرة قال:

قال لنا ابن عباس: ألا أخبركم بإسلام أبي ذر؟ قال: قلنا: بلى، قال: قال أبو ذر: كنت رجلا من غفار، فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبي، فقلت لأخي: انطلق إلى هذا الرجل كلمه وأتني بخبره، فانطلق فلقيه

⦗ص: 1295⦘

ثم رجع، فقلت: ما عندك؟ فقال: والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر، فقلت له: لم تشفني من الخبر، فأخذت جرابا وعصا، ثم أقبلت إلى مكة، فجعلت لا أعرفه، وأكره أن أسأل عنه، واشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد، قال: فمر بي علي فقال: كأن الرجل غريب؟ قال: قلت: نعم، قال: فانطلق إلى المنزل، قال: فانطلقت معه، لا يسألني عن شيء ولا أخبره، فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه، وليس أحد يخبرني عنه بشيء، قال: فمر بي علي، فقال: أما نال للرجل يعرف منزله بعد؟ قال: قلت: لا، قال: انطلق معي، قال: فقال: ما أمرك، وما أقدمك هذه البلدة؟ قال: قلت له: إن كتمت علي أخبرتك، قال: فإني أفعل، قال: قلت له: بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي، فأرسلت أخي ليكلمه، فرجع ولم يشفني من الخبر، فأردت أن ألقاه، فقال له: أما إنك قد رشدت، هذا وجهي إليه فاتبعني، ادخل حيث ادخل، فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك، قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت، فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ له: اعرض علي الإسلام، فعرضه فأسلمت مكاني، فقال لي:(يا أبا ذر، اكتم هذا الأمر، وارجع إلى بلدك، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل). فقلت: والذي بعثك بالحق، لأصرخن بها بين أظهرهم، فجاء إلى المسجد وقريش فيه، فقال: يا معشر قريش، إني أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدا عبده ورسوله. فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ، فقاموا فضربت لأموت، فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم، فقال: ويلكم، تقتلون رجلا من غفار، ومتجركم وممركم على غفار، فأقلعوا عني، فلما أن أصبحت الغد رجعت، فقلت مثل ما قلت بالأمس، فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ، فصنع بي مثل ما صنع بالأمس، وأدركني العباس فأكب علي، وقال مثل

⦗ص: 1296⦘

مقالته بالأمس. قال: فكان هذا أول إسلام أبي ذر رحمه الله.

[3648]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي ذر رضي الله عنه، رقم:2474. (لأخي) هو أنيس. (جرابا) وعاء من جلد يوضع

فيه زاد المسافر. (فجعلت لا أعرفه) أي تظاهر أنه لا يعرفه حتى لا تدري به قريش فيؤذوه، أو: لم يعرفه من بين القوم. (غدوت) من الغدو وهو الذهاب أول النهار. (نال) آن، أي ما جاء الوقت. (وجهي إليه) توجهي إليه. (ظهورنا) غلبتنا وانتصارنا على المشركين. (لأصرخن) لأرفعن صوتي بإسلامي وكلمة الشهادة. (بين أظهرهم) بينهم. (الصابئ) المفارق لدين قومه، من صبأ يصبؤ إذا انتقل من شي إلى شيء. (لأموت) أي ضربوه ضربا كاد يموت منه. (فأقلعوا عني) كفوا عن ضربي.

ص: 1294

‌8 - بَاب: ذِكْرِ قَحْطَانَ.

ص: 1296

3329 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ، حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ

مِنْ قَحْطَانَ، يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ).

[6700]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل .. ، رقم:2910. (رجل) قيل اسمه جهجاه. (قحطان) قبيلة من قبائل العرب المشهورة. (يسوق الناس بعصاه) كناية عن تسلطه على الناس وتسخيره لهم، كما يسوق الراعي الغنم.

ص: 1296

‌9 - بَاب: مَا يُنْهَى مِنْ دعوى الْجَاهِلِيَّةِ.

ص: 1296

3330 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا رضي الله عنه يَقُولُ:

غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ، فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا، وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ؟ ثُمَّ قَالَ: مَا شَأْنُهُمْ). فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيَّ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ). وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا، لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْخَبِيثَ؟ لِعَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ).

[4622، 4624]

أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: نصر الأخ ظالما أو مظلوما، رقم:2584. (غزونا) قيل غزوة المريسيع، وقيل غزوة بني المصطلق، سنة ست من الهجرة. (ثاب) اجتمع. (لعاب) يلعب بالحراب كما تصنع الحبشة، وقيل: مزاح، واسمه جهجاه بن قيس الغفاري، وكان أجير عمر بن الخطاب رضي الله عنه. (فكسع) من الكسع، وهو ضرب دبر غيره بيده أو رجله، وقيل هو ضرب العجز بالقدم. (أنصاريا) هو سنان بن وبرة. (تداعوا) استغاثوا ونادى بعضهم بعضا. (ما بال دعوى الجاهلية) ما حالها بينكم، وهي التناصر والتداعي بالآباء، أي: لا تداعوا بها بل تداعوا بالإسلام الذي يؤلف بينكم. (ما شأنهم) ما جرى لهم. (دعوها) اتركوا هذه المقالة. (خبيثة) قبيحة منكرة وكريهة مؤذية، تثير الغضب والتقاتل على الباطل.

ص: 1296

3331 -

حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَعَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ).

[ر: 1232]

ص: 1297

‌10 - بَاب: قِصَّةِ خُزَاعَةَ.

ص: 1297

3332 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَبُو خُزَاعَةَ).

ص: 1297

3333 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ:

الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ وَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَالسَّائِبَةُ الَّتِي كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ.

قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ).

[4347، وانظر: 1154]

أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون .. ، رقم:2856. (البحيرة) هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن آخرها ذكر، شقوا أذنها وحرموا ركوبها ولبنها، وتركوها فلا تطرد عن ماء ولا عن مرعى. (درها) لبنها. (للطواغيت) لأجلها، جمع طاغوت وهو كل رأس في الضلال. (يسيبونها) وكانوا ربما نذروا ذلك. (قصبه) أمعاءه، وقيل: ما كان أسفل البطن من الأمعاء.

ص: 1297

‌11 - بَاب: قِصَّةِ زَمْزَمَ وجهل العرب.

ص: 1297

3334 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ، فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ:{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} إِلَى قَوْلِهِ {قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا

⦗ص: 1298⦘

مُهْتَدِينَ}.

(إذا سرك) أفرحك، أي أحببت ورغبت. (ما فوق الثلاثين ومائة) أي الآيات التي تبين جهلهم وفعلهم وترد عليهم وهي من: 136 - 150. (خسر) وخسارتهم في الدنيا بضياع أولادهم، وفي الآخرة بالعذاب الأليم. (قتلوا أولادهم) دفنوا بناتهم أحياء خشية العار والفقر، وربما قتلوا الذكور أيضا خوف الفقر. (سفها) خفة في عقولهم وجهالة. (بغير علم) من غير علم أتاهم في ذلك، وجهلا منهم أن الله تعالى هو رازق أولادهم، وليسوا هم الذين يرزقونهم /الأنعام: 140/. (إلى قوله) وتتمتها: {وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله} . (رزقهم الله) من الحرث والأنعام. (افتراء على الله) كذبا واختلاقا عليه، حيث ادعوا أنه تعالى أمرهم بذلك.

ص: 1297

‌12 - بَاب: مَنِ انْتَسَبَ إِلَى آبَائِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَالْجَاهِلِيَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْكَرِيمَ، ابْنَ الْكَرِيمِ، ابْنِ الْكَرِيمِ، ابْنِ الْكَرِيمِ، يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ

إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ).

[ر: 3202، 3175]

وَقَالَ الْبَرَاءُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ).

[ر: 2772]

ص: 1298

3335 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي: (يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ). لِبُطُونِ قُرَيْشٍ.

وَقَالَ لَنَا قَبِيصَةُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} . جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوهُمْ قَبَائِلَ قَبَائِلَ.

[ر: 1330]

(أنذر) بلغهم الرسالة وحذرهم سوء العاقبة إن أعرضوا. (عشيرتك) قومك، قريشا ومن تفرع منها. (الأقربين) الأقرب فالأقرب /الشعراء: 214/.

ص: 1298

3336 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا أُمَّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، اشْتَرِيَا أَنْفُسَكُمَا مِنَ اللَّهِ، لَا أَمْلِكُ لَكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلَانِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمَا).

[ر: 2602]

ص: 1298

‌13 - بَاب: قِصَّةِ الْحَبَشِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(يَا بَنِي أَرْفِدَةَ).

ص: 1298

3337 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه دَخَلَ عَلَيْهَا، وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ

⦗ص: 1299⦘

وَجْهِهِ، فَقَالَ:(يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ). وَتِلْكَ الْأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى.

وَقَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(دَعْهُمْ، أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ). يَعْنِي مِنَ الْأَمْنِ.

[ر: 443]

ص: 1298

‌14 - بَاب: مَنْ أَحَبَّ أَنْ لَا يُسَبَّ نَسَبُهُ.

ص: 1299

3338 -

حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ:(كَيْفَ بِنَسَبِي). فَقَالَ حَسَّانُ: لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ، وَعَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: لَا تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[3914، 5798]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، رقم: 2487، 2489. (كيف بنسبي) كيف تهجو قريشا مع اجتماعي معهم في النسب. (لأسلنك منهم) لأخلصن نسبك من نسبهم بحيث يختص الهجاء بهم دونك. (كما تسل الشعرة) أي فلا تنقطع ولا يتعلق بها شيء لنعومتها. (أبيه) أي أبي هشام وهو عروة بن الزبير رضي الله عنه. (ينافح) يدافع.

ص: 1299

‌15 - بَاب: مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} /الفتح: 29/. وَقَوْلِهِ: {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} /الصف: 6/.

(من بعدي) هذا مقول عن لسان عيسى عليه السلام. (أحمد) اسم علم منقول من أفعل التفضيل بمعنى الأكثر حمدا، وهو بمعنى محمد الذي هو علم منقول من معنى: من كثرت خصاله الحميدة.

ص: 1299

3339 -

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ).

[4614]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في أسمائه صلى الله عليه وسلم. رقم: 2354. (على قدمي) على أثري، وقيل معناه: يسألون عن شريعتي

لأنه لا نبي بعدي. (العاقب) الذي ليس بعده أحد من الأنبياء.

ص: 1299

3340 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ،

⦗ص: 1300⦘

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَلَا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ).

(يصرف الله عني) أي لعنهم وشتمهم فلا يصيبني، لأنهم يلعنون ويشتمون غيري الذي يسمى مذمما، بينما اسمي محمد، صلى الله عليه وسلم. وكان كفار قريش لشدة كراهتهم له صلى الله عليه وسلم لا يسمونه باسمه الدال على المدح، فيعدلون إلى ضده فيقولون: مذمم، وهو ليس اسمه ولا معروفا به، فكان الذي يقع منهم مصروفا إلى غيره بالبداهة، فيحصل ضد قصدهم، ويرد الله تعالى كيدهم في نحرهم، ليموتوا في غيظهم.

ص: 1299

‌16 - بَاب: خَاتِمِ النَّبِيِّينَ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1300

3341 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا سَلِيمُ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ، كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا، فَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنَهَا إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ وَيَقُولُونَ: لَوْلَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ).

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، رقم:2287. (لولا موضع اللبنة) أي يوهم بالنقص لكان بناء الدار كاملا، وهكذا ببعثته صلى الله عليه وسلم وشريعته كمل البناء الإيماني والهدي الرباني، واكتمل للإنسانية النور الذي يضيء لها أسباب السعادة، واكتملت مكارم الأخلاق، ودعائم الحق والعدل.

ص: 1300

3342 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا، فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ).

ص: 1300

‌17 - بَاب: وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1300

3343 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.

وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِثْلَهُ.

[4196]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: كم سن النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض، رقم:2349.

ص: 1300

‌18 - بَاب: كُنْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1301

3344 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي السُّوقِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي).

[ر: 2014]

ص: 1301

3345 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي).

[ر: 2946]

ص: 1301

3346 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:

قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: (سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي).

[5834]

أخرجه مسلم في الآداب، باب: النهي عن التكني بأبي القاسم .. ، رقم:2134. (تكتنوا) من الكنية وهي كل علم يبدأ بأب أو أم.

ص: 1301

3347 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:

رَأَيْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، ابْنَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ، جَلْدًا مُعْتَدِلًا، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ: مَا مُتِّعْتُ بِهِ سَمْعِي وَبَصَرِي إِلَّا بِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِنَّ خَالَتِي ذَهَبَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي شَاكٍ، فَادْعُ اللَّهَ لَهُ، قَالَ: فَدَعَا لِي.

[ر: 187]

(جلدا) قويا صلبا. (معتدلا) معتدل القامة مع كونه معمرا. (شاك) مريض.

ص: 1301

‌19 - بَاب: خَاتِمِ النُّبُوَّةِ.

ص: 1301

3348 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَقَعَ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، وَتَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتِمٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ.

قَالَ ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: الْحُجْلَةُ مِنْ حُجَلِ الْفَرَسِ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ.

[ر: 187]

(وقع) في نسخة. (وقع) ومعناه: وجع، وقيل: يشتكي رجله. (حجل الفرس) البياض الذي يكون في قوائمها.

ص: 1301

‌20 - بَاب: صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1302

3349 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ:

صَلَّى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه الْعَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ يَمْشِي، فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَقَالَ: بِأَبِي، شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ لَا شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ، وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ.

[3540]

(شبيه بالنبي لا شبيه بعلي) أي هو أكثر شبها بالنبي صلى الله عليه وسلم جده، من علي رضي الله عنه أبيه. (يضحك) أي موافقا له في قوله، معبرا عن رضاه بذلك وسروره.

ص: 1302

3350 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:

رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ الْحَسَنُ يُشْبِهُهُ.

ص: 1302

3351 -

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:

رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهما السلام يُشْبِهُهُ، قُلْتُ لِأَبِي جُحَيْفَةَ: صِفْهُ لِي، قَالَ: كَانَ أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ، وَأَمَرَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثَ عَشْرَةَ قَلُوصًا، قَالَ: فَقُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ نَقْبِضَهَا.

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: شيبه صلى الله عليه وسلم، رقم:2343. (شمط) صار شعر رأسه: السواد مختلطا بالبياض. (قلوصا) هي الإنثى من الإبل، وقيل: هي طويلة القوائم، وقيل غير ذلك.

ص: 1302

3352 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبٍ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ قَالَ:

رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَرَأَيْتُ بَيَاضًا مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى، الْعَنْفَقَةَ.

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: شيبه صلى الله عليه وسلم، رقم:2342. (العنفقة) هي الشعر الذي ينبت تحت الشفة السفلى وفوق الذقن، ويكون قليلا غالبا.

ص: 1302

3353 -

حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ:

أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ، صَاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَرَأَيْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ شَيْخًا؟ قَالَ: كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ.

(شيخا) هو في الأصلمن أدرك الشيخوخة، وهي غالبا عند الخمسين، ويكثر عندها الشيب في الشعر غالبا، وهذا المراد بالسؤال هنا، أي هو يسأل: هل كان صلى الله عليه وسلم كثير الشيب.

ص: 1302

3354 -

حَدَّثَنِي ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي

⦗ص: 1303⦘

هِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ:

سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَصِفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ، لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلَا سَبْطٍ رَجِلٍ، أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ.

قَالَ رَبِيعَةُ: فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ، فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ، فَسَأَلْتُ، فَقِيلَ: احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ.

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وسنه، رقم:2347. (أزهر اللون) أبيض مشرب بحمرة. (أمهق) خالص البياض. (آدم) شديد السمرة. (بجعد) متكسر الشعر. (قطط) شديد الجعودة. (سبط) مسترسل الشعر، ضد الجعد. (رجل) منسرح الشعر. (فلبث بمكة عشر سنين) أي بعد الأمر بالجهر بالدعوة، وبعد أن حمي الوحي وتتابع.

ص: 1302

3355 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ، وَلَا بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ، وَلَيْسَ بِالْآدَمِ، وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ، وَلَا بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، فَتَوَفَّاهُ اللَّهُ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ.

[5560، 5563 - 5568]

(البائن) المفرط الطول، الظاهر على غيره، المفارق لمن سواه.

ص: 1303

3356 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ.

[3358، 3359، 5510، 5561]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان أحسن الناس وجها، رقم:2337.

ص: 1303

3357 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:

سَأَلْتُ أَنَسًا: هَلْ خَضَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا، إِنَّمَا كَانَ شَيْءٌ فِي صُدْغَيْهِ.

[5555، 5556]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: شيبه صلى الله عليه وسلم، رقم:2341. (خضب) صبغ شعره بالحناء ونحوه. (شيء) أي من الشيب قليل. (صدغيه) مثنى الصدغ وهو ما بين الأذن والعين، ويسمى الشعر المتدلي عليه صدغا.

ص: 1303

3358 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ

⦗ص: 1304⦘

عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرْبُوعًا، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أذنيه، رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ. قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ: إِلَى مَنْكِبَيْهِ.

(مربوعا) معتدل الطول. (بعيد ما بين المنكبين) عريض أعلى الظهر، والمنكبان مثنى منكب، وهو ملتقى العضد بالكتف. (شحمة أذنه) ما لان من أسفل أذنه. (حلة) ثوبين من نوع واحد، وتطلق على الثوب الجيد الجديد.

ص: 1303

3359 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ:

سُئِلَ الْبَرَاءُ: أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ السَّيْفِ، قَالَ: لَا، بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ.

[ر: 3356]

(مثل السيف) أي في البريق واللمعان والصقالة. (مثل القمر) الذي هو فوق السيف في الإشراق، إلى جانب الاستدارة في جمال.

ص: 1304

3360 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ بِالْمَصِّيصَةِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ:

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ. وَزَادَ فِيهِ عَوْنٌ، عن أبيه، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: كَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْمَرْأَةُ، وَقَامَ النَّاسُ، فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بهما وُجُوهَهُمْ، قَالَ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ.

[ر: 185]

(بالمصيصة) مدينة مشهورة بناها أبو جعفر المنصور، وقد خربت.

ص: 1304

3361 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.

[ر: 6]

ص: 1304

3362 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا مَسْرُورًا، تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ. فَقَالَ: (أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ الْمُدْلِجِيُّ لِزَيْدٍ وَأُسَامَةَ، وَرَأَى أَقْدَامَهُمَا:

⦗ص: 1305⦘

إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْدَامِ مِنْ بَعْضٍ).

[3525، 6388، 6389]

(تبرق) تضيء وتستنير من الفرح. (أسارير وجهه) هي الخطوط التي تكون في الجبين وبريقها يكون عند الفرح. (المدلجي) نسبة إلى مدلج، بطن من كنانة مشهور بالقيافة، وهي تتبع الآثار ومعرفتها، ومعرفة شبه الرجل بأخيه وأبيه.

ص: 1304

3363 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ قَالَ:

سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ، قَالَ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ.

[ر: 2606]

(استنار) أضاء. (نعرف ذلك منه) أي نعرف السرور منه بما يظهر على وجهه من علائمه.

ص: 1305

3364 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ، قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ).

(قرون) جمع قرن، وهو الطبقة من الناس المجتمعين في عصر واحد. وقيل: هو مائة سنة، وقيل غير ذلك. (قرنا فقرنا) أي نقيت من القرون وأفضلها، حال كونها قرنا بعد قرن.

ص: 1305

3365 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رؤوسهم، وكان أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رؤوسهم، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ

صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ.

[3728، 5573]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: في سدل النبي صلى الله عليه وسلم شعر رأسه إلى جانبيه، رقم:2336. (يحب موافقة أهل الكتاب) لأنهم أقرب إلى الحق من المشركين عبدة الأوثان، وهذا فيما لابد فيه من موافقة أحد الفريقين،

أما ما أمكن فيه مخالفة الجميع فالمطلوب مخالفتهم فيه، كما ثبت في أحاديث كثيرة الأمر بمخالفة أهل الكتاب، والنهي عن اتباع طريقتهم.

ص: 1305

3366 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:

لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ

⦗ص: 1306⦘

يَقُولُ: (إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا).

[3549، 5682، 5688]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم، رقم:2321. (فاحشا) ناطقا بالفحش. (متفحشا) متكلفا في الفحش، يعني: أنه لم يكن الفحش فيه خلقا أصليا ولا كسبيا، والفحش في الأصل الزيادة بالخروج عن الحد المألوف، والمراد به هنا: سوء الخلق وبذاءة اللسان ونحو ذلك.

ص: 1305

3367 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا.

[5775، 6404، 6461]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام .. ، رقم:2327. (أمرين) من أمور الدنيا، ويمكن حمله على أمور الدنيا والدين. (إثما) أي ما يؤد الأيسر إلى معصية الله تعالى. (تنتهك حرمة الله) تتجاوز حدوده ويخالف أمره أو نهيه. (فينتقم لله بها) ينتصر لله تعالى بؤاخذة من ارتكبها بعقوبتها.

ص: 1306

3368 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم ولين مسه .. ، رقم:2330. (ديباجا) نوع من الثياب المصنوعة من الحرير الخالص. (عرفا) ريحا.

ص: 1306

3369 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ مِثْلَهُ: وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ.

[5751، 5768]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم، رقم:2320. (العذراء) البكر، سميت بذلك لأن عذرتها وهي جلدة البكارة باقية. (خدرها) سترها، وقيل: الخدر ستر يجعل للبكر في جانب البيت. والتشبيه بالعذراء لكونها أكثر حياء من غيرها، والتقييد بقوله (في خدرها) مبالغة، لأن العذراء يشتد حياؤها في الخلوة أكثر من خارجها، لأنها مظنة وقوع المعاشرة والفعل بها. (عرف في وجهه) تغير وجهه، ولم يواجه أحدا بما يكرهه، فيعرف أصحابه كراهته لما حدث.

ص: 1306

3370 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ

⦗ص: 1307⦘

أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

مَا عَابَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ.

[5093]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: لا يعيب الطعام، رقم:2064. (قط) هي ظرف زمان لاستغراق الماضي، أي في أي زمن مضى وانقطع.

ص: 1306

3371 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ الْأَسْدِيِّ قَالَ:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى نَرَى إِبْطَيْهِ.

قَالَ: وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا بَكْرٌ: بَيَاضَ إِبْطَيْهِ.

[ر: 383]

(فرج بين يديه) فتحهما ولم يضم مرفقيه إليه، وهذه سنة السجود. (بياض إبطيه) المراد بالبياض أنهما لم يكن تحتهما شعر، فكانا كلون جسده صلى الله عليه وسلم، إما خلقة، وإما لدوام نتفه له وتعاهده لهما لا يبقى فيهما شعر.

ص: 1307

3372 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه حَدَّثَهُمْ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.

[ر: 984]

ص: 1307

3373 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ أَبِي جُحَيْفَةَ، ذَكَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

دُفِعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْأَبْطَحِ فِي قُبَّةٍ، وكان بِالْهَاجِرَةِ، خَرَجَ بِلَالٌ فَنَادَى بِالصَّلَاةِ ثُمَّ دَخَلَ، فَأَخْرَجَ فَضْلَ وَضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَقَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَأْخُذُونَ مِنْهُ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ الْعَنَزَةَ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ سَاقَيْهِ، فَرَكَزَ الْعَنَزَةَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ.

[ر: 185]

ص: 1307

3374 -

حدثنا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ الْبَّزَّارُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لَأَحْصَاهُ.

لو عده العاد) أي لو عد كلمات حديثه. (لأحصاه) لقدر على الإحاطة بعدده لقلة كلماته.

ص: 1307

3375 -

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ

⦗ص: 1308⦘

الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:

أَلَا يُعْجِبُكَ أَبُو فُلَانٍ، جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسْمِعُنِي ذَلِكَ، وَكُنْتُ أُسَبِّحُ، فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ.

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: من فضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه، رقم:2493. (أبو فلان) قيل: هو أبو هريرة رضي الله عنه، كما في رواية مسلم. (يسمعني ذلك) يرفع صوته لأسمع ما يقول. (أسبح) أصلي تطوعا. (أقضي سبحتي) أنتهي من صلاتي. (يسرد) يستعجل بمتابعة الحديث.

ص: 1307

21 -

بَاب: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ.

رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 6852]

ص: 1308

3376 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:

أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ؟ قَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: (تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي).

[ر: 1096]

ص: 1308

3377 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ:

جاء ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، وَقَالَ آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ. فَكَانَتْ تِلْكَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جاؤوا لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَتَوَلَّاهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ.

[7079]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات .. ، رقم:162. (ثلاثة نفر) هم من الملائكة. (أيهم هو)

أيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل كان نائما بين عمه الحمزة وابن عمه جعفر رضي الله عنهما. (فكانت تلك) أي كانت تلك القصة، ولم يقع شيء آخر مثلها حتى ليلة الإسراء. (فتولاه جبريل) تولى أمره وتهيئته للعروج به. (عرج) صعد.

ص: 1308

‌22 - بَاب: عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ.

ص: 1308

3378 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ

⦗ص: 1309⦘

بْنُ حُصَيْنٍ:

أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ، فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ عَرَّسُوا، فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ لَا يُوقَظُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَنَامِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ، فَقَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلَ وَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:(يَا فُلَانُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا). قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، ثُمَّ صَلَّى، وَجَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ، إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ، فَقُلْنَا لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ؟ فَقَالَتْ: إِنَّهُ لَا مَاءَ، فَقُلْنَا: كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ؟ قَالَتْ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَقُلْنَا: انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: وَمَا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الَّذِي حَدَّثَتْنَا، غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ، فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا، فَمَسَحَ فِي الْعَزْلَاوَيْنِ، فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حَتَّى رَوِينَا، فَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا، وَهِيَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنَ الْمِلْءِ، ثُمَّ قَالَ:(هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ). فَجُمِعَ لَهَا مِنَ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ، حَتَّى أَتَتْ أَهْلَهَا. قَالَتْ: لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ، أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَمَا زَعَمُوا، فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ، فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا.

[ر: 337]

(فأدلجوا) من الإدلاج وهو السير أول الليل. (عرسوا) من التعريس، وهو نزول المسافرين آخر الليل للاستراحة. (الغداة) صلاة الفجر. (ركوب) جمع راكب. (بين يديه) أمامه. (سادلة) مرسلة، من سدل ثوبه إذا أرخاه. (فلم نملكها من أمرها) لم نخلها وشأنها حتى تملك أمرها، ولم نمهلها. (مؤتمة) من أيتمت المرأة إذا صار أولادها أيتاما. (العزلاوين) تثنية عزلاء، وهي فم القربة الأسفل. (عطاشا) أي حالة كوننا عطاشا. (إداوة) إناء صغير من جلد ونحوه يوضع فيه الماء. (تنض) من نض الماء إذا سال قليلا قليلا، وفي رواية (تبض) أي ثنشق ويسيل منها الماء. (الملء) الامتلاء.

ص: 1308

3379 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِنَاءٍ، وَهُوَ بِالزَّوْرَاءِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ. قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: ثَلَاثَمِائَةٍ، أَوْ زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةٍ.

(الزوراء) اسم موضع في سوق المدينة تلك الأيام. (زهاء) مقدار.

ص: 1309

3380 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَالْتُمِسَ الْوَضُوءُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ، فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يتوضؤوا مِنْهُ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ، حَتَّى توضؤوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.

ص: 1310

3381 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُبَارَكٍ: حَدَّثَنَا حَزْمٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ مَخَارِجِهِ، وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَانْطَلَقُوا يَسِيرُونَ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً يتوضؤون، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَجَاءَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَدَّ أَصَابِعَهُ الْأَرْبَعَ عَلَى الْقَدَحِ، ثُمَّ قَالَ:(قُومُوا فتوضؤوا). فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ حَتَّى بَلَغُوا فِيمَا يُرِيدُونَ مِنَ الْوَضُوءِ، وَكَانُوا سَبْعِينَ أَوْ نَحْوَهُ.

(بعض مخارجه) بعض أسفاره. (بلغوا فيما يريدون .. ) أي توضؤوا الوضوء الكامل الذي يريدونه.

ص: 1310

3382 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ: سَمِعَ يَزِيدَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ مِنَ الْمَسْجِدِ يَتَوَضَّأُ، وَبَقِيَ قَوْمٌ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَوَضَعَ كَفَّهُ، فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَضَمَّ أَصَابِعَهُ فَوَضَعَهَا فِي الْمِخْضَبِ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ جَمِيعًا. قُلْتُ: كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: ثَمَانُونَ رَجُلًا.

[ر: 167]

ص: 1310

3383 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ، فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ:(مَا لَكُمْ). قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً.

[3921 - 3923، 4560، 5316]

(ركوة) إناء صغير من الجلد يشرب منها الماء. (فجهش .. ) أسرعوا إلى أخذ الماء. (يثور) وفي رواية يفور، وهما بمعنى واحد، أي يخرج متدفقا.

ص: 1310

3384 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، فَنَزَحْنَاهَا حَتَّى لَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ فَدَعَا بِمَاءٍ، فَمَضْمَضَ وَمَجَّ فِي الْبِئْرِ، فَمَكَثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ اسْتَقَيْنَا حَتَّى رَوِينَا، وَرَوَتْ أَوْ صَدَرَتْ رَكَائِبُنَا.

[3919، 3920]

(شفير البئر) حده وطرفه. (مج) لفظ ما في فمه من الماء. (صدرت) رجعت. (ركائبنا) وفي نسخة (ركابنا) وهي الإبل التي تحمل القوم المسافرين.

ص: 1311

3385 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ:

لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلَاثَتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ). فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(بِطَعَامٍ). فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ مَعَهُ:(قُومُوا). فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ؟ فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا عِنْدَكِ). فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ:(ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ). فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ:(ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ). فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ:(ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ). فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى

شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ:(ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ). فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ

⦗ص: 1312⦘

ثمانون رجلا.

[ر: 412]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك، رقم:2040. (خمارا) ثوبا تغطي به المرأة رأسها. (دسته) أدخلته بقوة. (لاثتني) لفت بعضه على رأسه وبعضه على إبطه، من الالتياث وهو الالتفاف. (عكة) إناء مسشتدير من جلد، يجعل فيه السمن والعسل غالبا. (فأدمته) جعلته إداما للمفتوت.

ص: 1311

3386 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

كُنَّا نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً، وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَلَّ الْمَاءُ، فَقَالَ:(اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ). فجاؤوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ قَالَ:(حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ). فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ.

(الآيات) المعجزات وهي الأمور الخارقة للعادة. (بركة) فضلا وتكرما من الله تعالى، والبركة النماء والزيادة. (سفر) قيل في الحديبية، وقيل في خيبر. (تخويفا) لأجل التخويف. (اطلبوا .. ) ابحثوا عن شيء من ماء بقي لدى واحد منكم. (حي على الطهور) تعالوا وتطهروا بالماء. (المبارك) الذي نما وزاد بفضل الله تعالى، ففيه خير ونور. (كنا) عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1312

3387 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرٌ قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ رضي الله عنه:

أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ أَبِي تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَلَيْسَ عِنْدِي إِلَّا مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ، وَلَا يَبْلُغُ مَا يُخْرِجُ سِنِينَ مَا عَلَيْهِ، فَانْطَلِقْ مَعِي لِكَيْ لَا يُفْحِشَ عَلَيَّ الْغُرَمَاءُ، فَمَشَى حَوْلَ بَيْدَرٍ مِنْ بَيَادِرِ التَّمْرِ فَدَعَا، ثَمَّ آخَرَ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:(انْزِعُوهُ). فَأَوْفَاهُمُ الَّذِي لَهُمْ، وَبَقِيَ مِثْلُ مَا أَعْطَاهُمْ.

[ر: 2020]

(يفحش) من الإفحاش وهو تجاوز الحد في الشيء من الكلام أو غيره. (انزعوه) أخرجوه من البيدر وخذوا منه حقكم.

ص: 1312

3388 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ: أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَرَّةً:(مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ). أَوْ كَمَا قَالَ: وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ، وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ وثَلَاثَةً، قَالَ: فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي، وَلَا أَدْرِي هَلْ قَالَ: امْرَأَتِي وَخَادِمِي، بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ،

⦗ص: 1313⦘

ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ ضَيْفِكَ؟ قَالَ: أَوَ ما عَشَّيْتِهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ، فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَالَ: كُلُوا، وَقَالَ: لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا، قَالَ: وَايْمُ اللَّهِ، مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنَ اللُّقْمَةِ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ، فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ، قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ، قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ، يَعْنِي يَمِينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الْأَجَلُ فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ، قَالَ: أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ. أَوْ كَمَا قَالَ.

[ر: 577]

(أصحاب الصفة) الذين كانوا يقيمون فيها، وهي مكان مظلل في مؤخرة المسجد النبوي، أعد لنزول الغرباء فيه ومن لا مأوى له ولا أهل. وكان عمل هؤلاء تعلم العلم والجهاد، وكانوا يقلون ويكثرون. (فغلبوهم) أي غلب الأضياف آل أبي بكر رضي الله عنهم بالامتناع عن الأكل. (فتفرقنا اثنا عشر) عند مسلم: اثني عشر، والرواية الأولى على لغة من يجعل المثنى بالألف في جميع أحواله.

ص: 1312

3389 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْ يُونُسَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْكُرَاعُ، هَلَكَتِ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا. فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا، قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ، فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا، ثُمَّ اجْتَمَعَ، ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ. فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ:(حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا). فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ.

[ر: 890]

(لمثل الزجاجة) أي في شدة الصفاء من الكدورات، أي ليس فيها شيء من السحاب. (عزاليها) جمع عزلاء وهي فم القربة من أسفلها. (يحبسه) يمنع المطر. (تصدع) تشقق.

ص: 1313

3390 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو غَسَّانَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ، وَاسْمُهُ عُمَرُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخُو أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ

⦗ص: 1314⦘

اللَّهُ عَنْهُمَا:

كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَحَنَّ الْجِذْعُ، فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا. وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(إلى جذع) أي مستندا إليه. (فحن) صوت وكأنه يبكي. (فمسح .. ) أي فسكن.

ص: 1313

3391 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، أَوْ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ:(إِنْ شِئْتُمْ). فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فضمها إِلَيْهِ، تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ. قَالَ:(كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا).

ص: 1314

3392 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ:

كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ وَكَانَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ.

[ر: 438]

ص: 1314

3393 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ. حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ:

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ، قَالَ: هَاتِ، إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ). قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ، وَلَكِنْ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: يُفْتَحُ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَقَ، قُلْنَا: عَلِمَ الْبَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ

⦗ص: 1315⦘

حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ، وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ: عُمَرُ.

[ر: 502]

ص: 1314

3394 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَحَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ، صِغَارَ الْأَعْيُنِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، ذُلْفَ الْأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ، وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّهُمْ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الْأَمْرِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ، وَالنَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ زَمَانٌ، لَأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَهْلِهِ وَمَالِهِ).

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: فضل النظر إليه صلى الله عليه وسلم وتمنيه، رقم:2364. (لهذا الأمر) أي تولي الإمارة والحكم. (يقع فيه) يحمل عليه رغما عنه برغبة الأمة. (والناس معادن) يشبهون المعادن من حيث اختلاف جواهرها نفاسة وخساسة، والمعادن ما يستخرج من جواهر الأرض.

ص: 1315

3395 -

حَدَّثَنِي يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ

أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكَرْمَانَ مِنْ الْأَعَاجِمِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، فُطْسَ الْأُنُوفِ، صِغَارَ الْأَعْيُنِ، وُجُوهُهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ، نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ).

تَابَعَهُ غَيْرُهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

(خوزا وكرمان) أي أهلهما، وخوز بلاد الأهواز وتستر، وكرمان بين خراسان وبحر الهند. (فطس الأنوف) جمع أفطس من الفطاسة، وهي انفراش الأنف. (غيره) غير يحيى، شيخ البخاري المذكور.

ص: 1315

3396 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ إِسْمَاعِيلُ: أَخْبَرَنِي قَيْسٌ قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ:

صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ سِنِينَ، لَمْ أَكُنْ فِي سِنِيَّ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِيَ الْحَدِيثَ مِنِّي فِيهِنَّ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ، وَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ:(بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ). وَهُوَ هَذَا الْبَارِزُ. وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: وَهُمْ أَهْلُ الْبَازِرِ.

[ر: 2770]

(سني) أي مدة عمري، وفي رواية (شيء). (أعي) أفهم وأحفظ. (قال هكذا بيده) أي أشار بيده. (بين يدي الساعة) قبل قيامها. (البارز) الظاهرون في براز من الأرض لقتال أهل الإسلام، وفي تحديدهم أقوال. (البارز) اسم للسوق بلغة العجم.

ص: 1315

3397 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، تُقَاتِلُونَ قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ، وَتُقَاتِلُونَ قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ).

[ر: 2769]

ص: 1316

3398 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ: عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ، فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ).

[ر: 2767]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل .. ، رقم:2921.

ص: 1316

3399 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُونَ، فَيُقَالُ: فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَغْزُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ).

[ر: 2740]

ص: 1316

3400 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ: أَخْبَرَنَا سَعْدٌ الطَّائِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ:

بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ:(يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ). قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ:(فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ - قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي: فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلَادَ - وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى). قُلْتُ: كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؟ قَالَ: (كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ، وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، فيقولن: أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَيُبَلِّغَكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ: أَلَمْ أُعْطِكَ مَالًا وولدا وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا

⦗ص: 1317⦘

يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ). قَالَ عَدِيٌّ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شق تَمْرَةٍ، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ). قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ، لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ).

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ: أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ: حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ: سَمِعْتُ عَدِيًّا: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 1347]

(الفاقة) الفقر. (الحيرة) بلد معروف قديما مجاور للكوفة. (الظعينة) هو في الأصل اسم الهوج، ثم قيل للمرأة في الهودج، وقد تقال للمرأة مطلقا. (دعار) جمع داعر وهو الخبيث المفسد الفاسق، والمراد بهم قطاع الطرق. (سعروا البلاد) أشعلوا فيها نار الفتنة وأفسدوها.

ص: 1316

3401 -

حدثنا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلٍ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ:(إِنِّي فَرَطُكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، إِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ، وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ مَفَاتِيحِ الْأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِي أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا).

[ر: 1279]

ص: 1317

3402 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ رضي الله عنه قَالَ:

أَشْرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُطُمٍ مِنَ الْآطَامِ، فَقَالَ:(هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي أَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ مَوَاقِعَ الْقَطْرِ).

[ر: 1779]

ص: 1317

3403 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ حَدَّثَتْهَا، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا). وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ وَبِالَّتِي تَلِيهَا، فَقَالَتْ زَيْنَبُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ:(نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ).

[ر: 3168]

ص: 1317

3404 -

وَعَنْ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ:

اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْخَزَائِنِ، وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ).

[ر: 115]

ص: 1317

3405 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ الْمَاجِشُونِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

⦗ص: 1318⦘

بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ لِي: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ، وَتَتَّخِذُهَا، فَأَصْلِحْهَا وَأَصْلِحْ رُعَامَهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، تَكُونُ الْغَنَمُ فِيهِ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ، يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، أَوْ سَعَفَ الْجِبَالِ، فِي مَوَاقِعِ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ).

[ر: 19]

(أبيه) هو عبد الله بن أبي صعصعة، وعبد الرحمن ابنه، ومنسوب هنا إلى جده. (قال قال لي) أي قال عبد الله: قال لي أبو ذر رضي الله عنه. (تتخذها) تقتنيها. (رعامها) هو ما يجري من أنفها، أي المخاط، ويروى (رعاتها) وفي العسقلاني: وفي نسخة (رغامها) بالغين المعجمة: وهو الشراب فكأنه قال في الأول: داو مرضها، وفي الثاني: أصلح مريضها. (سعف الجبال) جمع سعفة وهي في الأصل غصن النخل إذا يبس، والمراد رؤوس الجبال.

ص: 1317

3406 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ).

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: نزول الفتن كمواقع القطر، رقم:2886. (خير) أي أكثر سلامة وأقل شرا. (الساعي) اسم فاعل من السعي وهو العدو والإسراع في السير، وهو تشبيه لمن يشارك في الفتن ويجتهد في إثارتها. (يشرف لها) من الإشراف، وهو الانتصاب للشيء والتعرض له والتطلع إليه. (تستشرفه) تغلبه وتصرعه وتهلكه. (ملجأ) موضعا يلتجيء إليه ويحمي نفسه فيه من الفتن. (معاذا) بمعنى الملجأ.

ص: 1318

3407 -

وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ:

مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا، إِلَّا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ يَزِيدُ:(مِنَ الصَّلَاةِ صَلَاةٌ، مَنْ فَاتَتْهُ، فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ).

[6670، 6671]

(هذا) إشارة إلى الحديث السابق. (صلاة) هي صلاة العصر. (وتر) من وتره حقه إذا نقصه، والمراد أنه خسر الخير الكثير.

ص: 1318

3408 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ

⦗ص: 1319⦘

فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: (تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ).

[6644]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء فالأول، رقم:1843. (أثرة) استبدادا واختصاصا بالأموال التي من حقها أن تكون مشتركة للجميع. (تسألون الله الذي لكم) تطلبون من الله تعالى أن يدفع

عنكم شر ولاة الجور، وأن يصلحهم، ويعوضكم خيرا مما فاتكم باستئثارهم عليكم.

ص: 1318

3409 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يُهْلِكُ النَّاسَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ). قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: (لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ).

قَالَ مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ.

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل .. ، رقم:2917. (يهلك الناس) أي بسبب طلبهم للملك من أهله تقع الفتن والحروب بينهم، ويتخبط الناس وتضطرب أحوالهم. (هذا الحي) أي الغلمان المذكورون في الحديث بعده، وهم بعض قريش لا كلهم. (اعتزلوهم) فلا تداخلوهم ولا تقاتلوا معهم.

ص: 1319

3410 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:

سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقُ يَقُولُ: (هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ). فَقَالَ مَرْوَانُ: غِلْمَةٌ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ.

[6649]

(الصادق) بنفسه. (المصدوق) من عند الله تعالى، والمصدق من عند الناس. (غلمة) جمع قلة غلام، وهو هنا من طر شاربه، والمراد: أنهم لم يخبروا الأمور بعد، فيكون منهم سفاهة وطيش وإضرار بالأمة. (أسميهم) أذكرهم بأسمائهم.

ص: 1319

3411 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ:

كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ:(نَعَمْ). قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ،

⦗ص: 1320⦘

وَفِيهِ دَخَنٌ). قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: (قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ). قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقَالَ:(هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا). قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ).

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، رقم:1847. (أسأله عن الشر) أستوضحه عنه. (مخافة أن يدركني) خوفا من أن أقع فيه أو أدرك زمنه. (دخن) من الدخان، أي ليس خيرا خالصا، بل فيه ما يشوبه ويكدره، وقيل الدخن الأمور المكروهة. (تعرف منهم وتنكر) أي ترى منهم أشياء موافقة للشرع، وأشياء مخالفة له. (جلدتنا) من أنفسننا وقومنا، وقيل: هم في الظاهر مثلنا ومعنا، وفي الباطن مخالفون لنا في أمورهم وشؤونهم، وجلدة الشيء ظاهره. (جماعة المسلمين) عامتهم التي تلتزم بالكتاب والسنة. (إمامهم) أميرهم العادل الذي اختاروه ونصبوه عليهم. (تعض بأصل شجرة) أي حتى ولو كان الاعتزال بالعض على أصل شجرة، والعض هو الأخذ بالأسنان والشد عليها، والمراد المبالغة في الاعتزال.

ص: 1319

3412 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:

تَعَلَّمَ أَصْحَابِي الْخَيْرَ، وَتَعَلَّمْتُ الشَّرَّ.

[6673]

ص: 1320

3413 -

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ).

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ، فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ. وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ).

[6536، 6704، وانظر: 989، 5690]

أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: إذا توجه المسلمان بسيفيهما، وباب: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرجل .. ، رقم:157. (فئتان) تثنية فئة وهي الجماعة. (دعواهما واحدة) والمعنى: أن دينهما واحد، فكل منهما يتسمى بالإسلام، أو المراد: أن كلا منهما تدعي أنها صاحبة الحق، وأن خصمها مبطل. (دجالون) جمع دجال، من الدجل وهو التخليط والتمويه، ويطلق على الكذب. (يزعم) يدعي، بقوله أو بفعله.

ص: 1320

3414 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، فَقَالَ:(وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ). فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ:(دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ - وَهُوَ قِدْحُهُ - فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ).

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي نَعَتَهُ.

[4771، 5811، 6532، 6534]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم، رقم:1064. (خبت وخسرت) أي أنت الخائب والخاسر إذا ظننت أني لا أعدل، لأنك تعتقد نفسك تابعا لمن هذه صفته. (يحقر أحدكم صلاته) يجدها قليلة ويظنها أقل ثوابا وقبولا. (مع صلاتهم) إذا قارنها بصلاتهم. (لا يجاوز تراقيهم) لا يتعداها، والتراقي جمع ترقوة وهي عظم يصل ما بين ثغرة النحر والعاتق، والمراد: لا يفقهون معناه، ولا تخشع له قلوبهم، ولا يؤثر في نفوسهم، فلا يعملون بمقتضاه. (يمرقون) يخرجون منه سريعا دون أن يستفيدوا منه. (الرمية) هو الصيد المرمي، شبه مروقهم من الدين بمروق السهم الذي يصيب الصيد، فيدخل فيه ويخرج منه دون أن يعلق به شيء منه، لشدة سرعة خروجه. (نصله) حديدة السهم. (رصافه) هو العصب الذي يلوى فوق مدخل النصل. (قدحه) هو عود السهم قبل أن يوضع له الريش. (قذذه) جمع قذة وهي واحدة الريش الذي يعلق على السهم. (قد سبق الفرث والدم) أي لم يتعلق به شيء منهما لشدة سرعته، والفرث ما يجتمع في الكرش مما تأكله ذوات الكروش. (آيتهم) علامتهم. (البضعة) قطعة اللحم. (تدردر) تضطرب وتذهب وتجيء. (حين فرقة) أي زمن افتراق بينهم، وفي رواية (على خير فرقة) أي أفضل طائفة. (نعت النبي) أي على وصفه الذي وصفه وحدده.

ص: 1321

3415 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ

⦗ص: 1322⦘

سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه:

إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ، حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

[4770، 6531]

أخرجه مسلم في الزكاة، باب: التحريض على قتل الخوارج، رقم:1066. (أخر) من الخرور وهو الوقوع والسقوط. (خدعة) بفتح الخاء وكسرها وضمها، أي تمويه وإخفاء وتلون، وتكون بالتورية والتعريض وخلف الوعد والكذب، والاقتصار على التورية أو التعريض أفضل، والمراد: أنه يلتزم ما سمعه في الرواية عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وإن حدث من عنده فإنه يجتهد برأيه ويلون في الكلام ما شاء ليقنع سامعه، وليس المراد أنه يخادع في حديثه، حاشاه رضي الله عنه. (حدثاء الأسنان) جمع حديث السن وهو الصغير. (سفهاء الأحلام) ضعفاء العقول، والسفهاء جمع سفيه وهو الطائش خفيف العقل. (من قول خير البرية) أي من خير ما تقوله البرية، أو هو القرآن والسنة، والبرية الخلق. (يمرقون) يخرجون. (الرمية) الصيد المرمي. (لا يجاوز إيمانهم حناجرهم) أي لا يصل إلى قلوبهم، والحناجر جمع حنجرة، وهي رأس الحلقوم الذي يرى من خارج الحلق.

ص: 1321

3416 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ:

شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ:(كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ. وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ).

[3639، 6544]

(متوسد بردة) جعلها وسادة له. (تستنصر) تطلب النصرة من الله تعالى. (ليتمن) من الإتمام والكمال. (هذا الأمر) وهو الإسلام. (تستعجلون) النتائج والثمرات.

ص: 1322

3417 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: أَنْبَأَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ،

⦗ص: 1323⦘

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ، مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: شَرٌّ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النار. فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ مُوسَى بْنُ أَنَسٍ: فَرَجَعَ الْمَرَّةَ الْآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ:(اذْهَبْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ).

[4565]

(افتقد) أي لم يجده في القوم. (رجل) هو سعد بن عبادة، وقيل غيره. (منكسا رأسه) مطرقا إلى الأرض على هيئة الحزين. (كان يرفع صوته)

لأنه كان خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطيب الأنصار. (حبط) ذهب أجره وبطل.

ص: 1322

3418 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما:

قَرَأَ رَجُلٌ الْكَهْفَ، وَفِي الدَّارِ الدَّابَّةُ، فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَسَلَّمَ، فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ، غَشِيَتْهُ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(اقْرَأْ فُلَانُ، فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ).

[4559، 4724]

ص: 1323

3419 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ:

جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِلَى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ، فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلًا، فَقَالَ لِعَازِبٍ: ابْعَثْ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِي، قَالَ: فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ، وَخَرَجَ أَبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا أَبَا بَكْرٍ، حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: نَعَمْ، أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَمِنَ الْغَدِ، حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلَا الطَّرِيقُ لَا يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ، فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا ظِلٌّ، لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ، وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَكَانًا بِيَدِي يَنَامُ عَلَيْهِ، وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً، وَقُلْتُ: نَمْ

⦗ص: 1324⦘

يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ، فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ، فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ، قُلْتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَتَحْلُبُ، قَالَ: نَعَمْ، فَأَخَذَ شَاةً، فَقُلْتُ: انْفُضْ الضَّرْعَ مِنَ التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى يَنْفُضُ، فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْتَوِي مِنْهَا، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ، فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قَالَ:(أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ). قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا مَالَتِ الشَّمْسُ، وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ، فَقُلْتُ: أُتِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا). فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا - أُرَى - فِي جَلَدٍ مِنَ الْأَرْضِ - شَكَّ زُهَيْرٌ - فَقَالَ: إِنِّي أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ، فَادْعُوَا لِي، فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَجَا، فَجَعَلَ لَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قَالَ: كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا، فَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ، قَالَ: وَوَفَى لَنَا.

[ر: 2307]

أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب: في حديث الهجرة (حديث الرحل)، رقم:2009. (رحلا) ما يوضع على الناقة كالسرج للفرس. (ينتقد) يستوفي ويأخذ. (سريت) سرت في الليل. (قائم الظهيرة) نصف النهار حال استواء الشمس، وسمي قائما لأن الظل لا يظهر حينئذ، فكأنه قائم واقف. (فرفعت لنا) ظهرت لأبصارنا. (فروة) هي الجلد الذي يلبس، وقيل: المراد بها قطعة حشيش مجتمعة. (أنفض لك ما حولك) أي من الغبار حتى لا يثيره الريح عليك، وقيل: أحرسك وأنظر جميع ما في المكان. (قعب) قدح من خشب. (كثبة) قطعة من لبن قدر ملء القدح، وقيل: قدر حلبة خفيفة. (يرتوي) يستقي. (فوافقته حين استيقظ) وافق مجيئي وقت استيقاظه. (فارتطمت) غاصت قوائمها في تلك الأرض الصلبة. (جلد) هو الصلب المستوي من الأرض. (الطلب) جمع طالب، وهو من يخرج يريدكما.

ص: 1323

3420 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ: (لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ). فَقَالَ لَهُ: (لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ). قَالَ: قُلْتُ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ

⦗ص: 1325⦘

كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(فَنَعَمْ إِذًا).

[5332، 5338، 7032]

(أعرابي) قيل هو قيس بن أبي حازم. (لابأس) لا شدة عليك ولا عذاب، أي رفع الله عنك ذلك. (طهور) تكفير للذنوب. (كلا) أي ليس كما قلت. (حمى) أي مرض مصحوب بالحر. (تفور) يظهر حرها. (تزيره) من أزاره إذا حمله على الزيارة وأجبره. (فنعم إذا) أي لك ما أحببت ورغبت به من الموت.

ص: 1324

3421 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ

صلى الله عليه وسلم، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَعَلِمُوا: أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ.

أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، رقم:2781. (فعاد) ارتد ورجع. (لفظته الأرض) رمته من القبر. (ليس من الناس) أي من فعلهم.

ص: 1325

3422 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

[ر: 2864]

ص: 1325

3423 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، رَفَعَهُ، قَالَ:(إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هلك قيصر فلا قيصر بعده). وَذَكَرَ وَقَالَ: (لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

[ر: 2953]

ص: 1325

3424 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ، وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِطْعَةُ جَرِيدٍ،

⦗ص: 1326⦘

حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ: (لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ ليَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ مَا رَأَيْتُ).

فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ: أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي). فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيَّ، وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ، صَاحِبَ الْيَمَامَةِ.

[4115، 4118، 6628، 7023، وانظر: 4116]

أخرجه مسلم في الرؤيا، باب: رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 2273، 2274. (الأمر) الخلافة والحكم والنبوة. (جريد) هو غصن النخل المجرد من ورقه. (أمر الله فيك) وهو خيبتك فيما أملته. (ليعقرنك) ليقتلنك ويهلكنك، وأصله من عقر الإبل وهو ضرب قوائمها بالسيف وجرحها. (يخرجان بعدي) يظهران شوكتهما ويحاربان أتباعي ويدعيان النبوة.

ص: 1325

3425 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى - أُرَاهُ -

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ: أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ بِأُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا، وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ).

[3765، 3853، 6629، 6634]

أخرجه مسلم في الرؤيا، باب: رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم، رقم:2272. (وهلي) وهمي وظني. (اليمامة) بلد من بلاد الحجاز. (هجر) مدينة من اليمن. (بقرا) في رواية (بقرا تنحر) وقيل نحر البقرة هو قتل الصحابة يوم أحد. (والله خير) أي سمع هذه الجملة في الرؤيا، وفسرها بقوله: وإذا الخير .. وقيل: هي من قوله صلى الله عليه وسلم، والمعنى: ما صنع الله تعالى بشهداء أحد هو خير لهم من بقائهم في الدنيا. (ثواب الصدق) أي ما أثاب الله تعالى به المؤمنين ومن عليهم بتثبيت قلوبهم بعد أحد، عندما خوفهم الناس بجمع المشركين لهم، فزادهم ذلك إيمانا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل. وهو المراد بقوله: بعد يوم بدر.

ص: 1326

3426 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ" حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ

⦗ص: 1327⦘

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَرْحَبًا بِابْنَتِي). ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ، فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهَا، فَقَالَتْ: أَسَرَّ إِلَيَّ: (إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي). فَبَكَيْتُ، فَقَالَ:(أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ). فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ.

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، رقم:2450. (يعارضني القرآن) من المعارضة وهي المقابلة في القراءة عن ظهر قلب. (فرحا أقرب إلى حزن) أي كان الفرح قريب الحزن. (لأفشي) من الإفشاء وهو الإظهار. (حضر أجلي). قرب موتي.

ص: 1326

3427 -

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي شَكْوَاهُ التي قُبِضَ فيها، فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، قَالَتْ: فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: سَارَّنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ، فَضَحِكْتُ.

[3511، 4170، 5928 وانظر: 3048]

(شكواه) مرضه.

ص: 1327

3428 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يُدْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ، فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} . فَقَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ.

[4043، 4167، 4685، 4686]

(يدني) يقرب. (مثله) أي في العمر، والمراد: هو شاب ونحن شيوخ فلم تقدمه علينا. (من حيث تعلم) من أجل ما تعلمه من أنه عالم. (الآية) أي السورة التي أولها هذه الآية. (أجل رسول الله) أي مجيء النصر والفتح ودخول الناس في الدين، كل ذلك علامة قرب وفاته صلى الله عليه وسلم. (أعلمه إياه) أخبره به.

ص: 1327

3429 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي

⦗ص: 1328⦘

مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ، قَدْ عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الْأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ شَيْئًا يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ). فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ فيه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 885]

(ابن الغسيل) في رواية بدون لفظ ابن، والمراد بالغسيل حنظلة الصحابي، رضي الله عنه، الذي استشهد في أحد، وكان قد سمع الدعوة إلى الجهاد فخرج وهو جنب كما أخبرت زوجته، ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن الملائكة قد غسلته.

ص: 1327

3430 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه:

أَخْرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ الْحَسَنَ، فَصَعِدَ بِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:(ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).

[ر: 2557]

ص: 1328

3431 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ، بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَعَى جَعْفَرًا وَزَيْدًا قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ خَبَرُهُمْ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.

[ر: 1189]

ص: 1328

3432 -

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (هَلْ لَكُمْ مِنْ أَنْمَاطٍ). قُلْتُ: وَأَنَّى يَكُونُ لَنَا الْأَنْمَاطُ؟ قَالَ: (أَمَا إِنَّهُ سَيَكُونُ لَكُمُ الْأَنْمَاطُ). فَأَنَا أَقُولُ لَهَا - يَعْنِي امْرَأَتَهُ - أَخِّرِي عَنِّي أَنْمَاطَكِ، فَتَقُولُ: أَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمُ الْأَنْمَاطُ). فَأَدَعُهَا.

[4866]

أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب: جواز اتخاذ الأنماط، رقم:2083. (أنماط) جمع نمط وهو بساط له خمل رقيق. (هل لكم من أنماط) قال ذلك صلى الله عليه وسلم لجابر، رضي الله عنه، حين تزوج. (أنى) من أين. (فأدعها) أتركها على حالها مفروشة.

ص: 1328

3433 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:

انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا، قَالَ: فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَبِي صَفْوَانَ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّأْمِ فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ: انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَغَفَلَ النَّاسُ

⦗ص: 1329⦘

انْطَلَقْتُ فَطُفْتُ، فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذَا أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: أَنَا سَعْدٌ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ آمِنًا، وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَتَلَاحَيَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ أُمَيَّةُ لسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي، ثُمّ قَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لَأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ. قَالَ فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ، وَجَعَلَ يُمْسِكُهُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ فَقَالَ: دَعْنَا عَنْكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ، قَالَ: إِيَّايَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ، فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمِينَ مَا قَالَ لِي أَخِي الْيَثْرِبِيُّ، قَالَتْ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّه سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الصَّرِيخُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَمَا ذَكَرْتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِيُّ، قَالَ: فَأَرَادَ أَنْ لَا يَخْرُجَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ الْوَادِي فَسِرْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَسَارَ مَعَهُمْ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ.

[3734]

(فتلاحيا) تخاصما وتنازعا وتسابا. (أهل الوادي) أهل مكة. (أنه) أي النبي صلى الله عليه وسلم يقتلك بواسطة أصحابه. (الصريخ) صوت المستصرخ وهو المستغيث.

ص: 1328

3434 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ فِي صَعِيدٍ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي بَعْضِ نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ، فَاسْتَحَالَتْ بِيَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا فِي النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ).

وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(فَنَزَعَ أَبُو بَكْرٍ ذَنُوبَيْنِ).

[3473، 3479، 6616، 6617، وانظر: 3464]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم:2393. (رأيت) في المنام. (صعيد) هو في اللغة وجه الأرض. (ذنوبا) الدلو الممتلئ ماء. (غربا) هو الدلو الكبير يسقى به البعير، وهو أكبر من الذنوب، وتفسير هذا ما حصل من طول خلافته، وما كان فيها من فتح وخير. (عبقريا) هو الحاذق في عمله، وعبقري قومه سيدهم. (يفري فري) يعمل عملا مصلحا وجيدا مثله، ويقوى قوته.

ص: 1329

3435 -

حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ قَالَ:

أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُ ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ سَلَمَةَ:(مَنْ هَذَا). أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ايْمُ اللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بخبر جِبْرِيلَ، أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.

[4695]

(أتى النبي) أي وهو على غير صورته الأصلية. (ايم الله) من ألفاظ القسم، وربما قطعت همزته. (كما قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم. (بخبر جبريل) وفي رواية:(يخبر عن جبريل).

ص: 1330

(يعرفونه) أي إن أهل الكتاب يعرفون صحة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يعرف أحدهم ولده، والعرب كانت تضرب المثل في صحة الشيء بهذا.

ص: 1330

3436 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنَّ الْيَهُودَ جاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ). فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ، إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ.

[ر: 1264]

أخرجه مسلم في الحدود، باب: رجم اليهود أهل الذمة في الزنا، رقم:1699. (في شأن الرجم) في أمره وحكمه. (نفضحهم) نكشف مساويهم. (يجنأ) يكب عليها ليقيها، وفي نسخة (يحنأ) يغطيها، وفي نسخة (يحني) وكلها راجعة إلى الوقاية.

ص: 1330

‌24 - بَاب: سُؤَالِ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُرِيَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ.

ص: 1330

3437 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:

انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 1331⦘

شِقَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اشْهَدُوا).

[3656، 3658، 4583، 4584]

أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: انشقاق القمر، رقم:2800.

ص: 1330

3438 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ:

أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ.

[3655، 4586، 4587]

أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: انشقاق القمر، رقم:2802. (آية) معجزة وعلامة خارقة للعادة.

ص: 1331

3439 -

حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[3657، 4585]

أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: انشقاق القمر، رقم:2803.

ص: 1331

3440 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ يضيآن بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ.

[ر: 453]

ص: 1331

3441 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ).

[6881، 7021]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: قوله صلى الله عليه وسلم لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ .. ، رقم:1921. (ظاهرين) قائمين بشرع الله عز وجل لا يغلبهم أحد على ذلك. (أمر الله) قيل: هي الروح التي تأتي فتأخذ روح كل مؤمن ومؤمنة، وقيل: قيام الساعة.

ص: 1331

3442 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ: أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ).

قَالَ عُمَيْرٌ: فَقَالَ مَالِكُ بن يخامر: قَالَ مُعَاذٌ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ

⦗ص: 1332⦘

يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ.

[ر: 71]

ص: 1331

3443 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَيَّ يُحَدِّثُونَ، عَنْ عُرْوَةَ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ.

قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعَهُ شَبِيبٌ مِنْ عُرْوَةَ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ شَبِيبٌ: إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ الْحَيَّ يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ). قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ فِي دَارِهِ سَبْعِينَ فَرَسًا، قَالَ سُفْيَانُ: يَشْتَرِي لَهُ شَاةً، كَأَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ.

(الحي) أي قبيلته. (عروة) البارقي رضي الله عنه. (معقود) مقرون ومربوط. (بنواصي الخيل) جمع ناصية، وهي مقدم الرأس، والمراد أن الخير ملازم للخيل، سواء كانت للتجارة أم للحرب أم للركوب ونحو ذلك.

ص: 1332

3444 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

[ر: 2694]

ص: 1332

3445 -

حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ).

[ر: 2696]

ص: 1332

3446 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ أَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ وَلَمْ

⦗ص: 1333⦘

يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَهَا، كَانَ ذَلِكَ لَهُ حَسَنَاتٍ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَسِتْرًا وَتَعَفُّفًا، لم يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَظُهُورِهَا فَهِيَ لَهُ كَذَلِكَ سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ وِزْرٌ). وَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ:(مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}).

[ر: 2242]

ص: 1332

3447 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ بُكْرَةً وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، وَأَحَالُوا إِلَى الْحِصْنِ يَسْعَوْنَ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَقَالَ:(اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ).

[ر: 364]

(أحالوا) أقبلوا، وقيل: تحولوا. (خربت خيبر) أي ستخرب في توجهنا إليها.

ص: 1333

3448 -

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْفُدَيْكِ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا فَأَنْسَاهُ، قَالَ:(ابْسُطْ رِدَاءَكَ). فبسطته، فَغَرَفَ بيديه فِيهِ، ثُمَّ قَالَ:(ضُمَّهُ). فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ حَدِيثًا بَعْدُ.

[ر: 119].

ص: 1333

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 1335

‌66 - كتاب فضائل الصحابة

ص: 1335

‌1 - بَاب: فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم.

وَمَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ رَآهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ.

ص: 1335

3449 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيَقُولُونَ: فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ).

[ر: 2740]

(فئام) جماعة من الناس، لا واحد له من لفظه.

ص: 1335

3450 -

حدثنا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ: سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قَالَ عِمْرَانُ: فَلَا أَدْرِي أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ وَلَا يوفون، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ).

[ر: 2508]

ص: 1335

3451 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ).

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ وَنَحْنُ صِغَارٌ.

[ر: 2509]

ص: 1335

‌2 - بَاب: مَنَاقِبِ الْمُهَاجِرِينَ وَفَضْلِهِمْ.

مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ التَّيْمِيُّ رضي الله عنه.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} /الحشر: 8/. وَقَالَ: {إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ - إِلَى قَوْلِهِ - إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} /التوبة: 40/. قَالَتْ عَائِشَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَارِ.

[ر: 3692]

(أخرجوا) أخرجهم كفار قريش من مكة. (يبتغون فضلا) يطلبون بهجرتهم فضل الله وغفرانه. (وينصرون الله) وينصرون دين الله تعالى وشرع نبيه صلى الله عليه وسلم. (إلا تنصروه) أي إلا تنصروا محمدا صلى الله عليه وسلم بقتالكم معه ودفاعكم عنه وعن شريعته. (نصره الله) تولى نصره وحفظه. (إلى قوله) وتتمتها: {إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن} . (أخرجه الذين كفروا) يوم الهجرة. (ثاني اثنين) أحد الاثنين، وهما الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه. (الغار) نقب في أعلى جبل ثور القريب من مكة. (لا تحزن) لا تخف. (معنا) بنصرته وعونه وحفظه.

ص: 1336

3452 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ:

اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرْ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْ إِلَيَّ رَحْلِي، فَقَالَ عَازِبٌ: لَا، حَتَّى تُحَدِّثَنَا: كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجْتُمَا

مِنْ مَكَّةَ، وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ؟ قَالَ: ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ، فَأَحْيَيْنَا، أَوْ: سَرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ فَآوِيَ إِلَيْهِ، فَإِذَا صَخْرَةٌ، أَتَيْتُهَا فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: اضْطَجِعْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَاضْطَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أَنْظُرُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا، فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أَرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ، قَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لبنا لَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ: هَكَذَا، ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالْأُخْرَى، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِدَاوَةً

⦗ص: 1337⦘

عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (بَلَى). فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا).

[ر: 2307]

ص: 1336

3453 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ:

قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ:(مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا).

[3707، 4386]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، رقم:2381. (أحدهم) أحد المشركين. (ما ظنك) ما تقديرك لحالهما. (ثالثهما) بالمعونة والنصرة.

ص: 1337

‌3 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (سُدُّوا الْأَبْوَابَ، إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ).

قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 455]

ص: 1337

3454 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ وَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ). قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ: أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ).

[ر: 454]

ص: 1337

‌4 - بَاب: فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1337

3455 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنهم.

[3494]

(نخير بين الناس) نقول فلان خير من فلان.

ص: 1337

‌5 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا).

قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ.

[ر: 454]

ص: 1338

3456 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي).

ص: 1338

3457 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ وَمُوسَى قَالَا: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ،

وَقَالَ: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ).

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ مِثْلَهُ.

[ر: 455]

ص: 1338

3458 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ:

كَتَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْجَدِّ، فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ). أَنْزَلَهُ أَبًا، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ.

(في الجد) في مسألة الجد وميراثه. (أما الذي .. ) أي قال في حقه رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا القول. (أنزله أبا) أي جعل الجد كالأب في استحقاق الميراث وحده دون الأخوة.

ص: 1338

3459 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عبد اللَّهِ قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ؟ كَأَنَّهَا تَقُولُ: الْمَوْتَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:(إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ).

[6794، 6927]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، رقم:2386. (تقول الموت) تعرض بالموت وتعنيه، أي كأنها تقول: لعلك مت قبل أن أرجع؟ ولم تصرح بذلك أدبا.

ص: 1338

3460 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ: حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ:

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا مَعَهُ إِلَّا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ، وَأَبُو بَكْرٍ.

[3644]

(وما معه) من يؤمن به ويعتنق الإسلام.

ص: 1338

3461 -

حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ). فَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ، فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ:(يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ). ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ، فَسَأَلَ: أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالُوا: لَا، فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ، فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ. وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي). مَرَّتَيْنِ، فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا.

[4364]

(أبدى) أظهر. (صاحبكم) يعني أبا بكر رضي الله عنه. (غامر) رمى بنفسه في الأمور الخطرة. (فأسرعت إليه) بالكلام الغليظ. (يتمعر) يتغير لونه من الضجر. (واساني) من المواساة، وهي التسلية والسعي في إزالة الهم وتفريج الكرب.

ص: 1339

3462 -

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ: خَالِدٌ؟؟ الْحَذَّاءُ حَدَّثَنَا، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: (عَائِشَةُ). فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: (أَبُوهَا). قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ). فَعَدَّ رِجَالًا.

[4100]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، رقم:2384. (ذات السلاسل) أي الغزوة المسماة بذلك، وهو اسم مكان، وكانت الغزوة سنة سبع للهجرة، وقيل: سميت كذلك لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض، وقيل: لأن الأرض التي كانوا فيها ذات رمل ينعقد بعضه على بعض كالسلسلة. (فعد رجالا) أي ذكر عددا من الرجال الذين يحبهم، منهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.

ص: 1339

3463 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

⦗ص: 1340⦘

(بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ، عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي؟ وبينا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّي خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ). قَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ). رضي الله عنهما.

[ر: 2199]

ص: 1339

3464 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ عَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفَهُ، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ).

[6618، 6619، 7037، وانظر: 3434]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم:2392. (قليب) هي البئر المحفورة قبل أن تبنى جدرانها. (ابن أبي قحافة) هو أبو بكر رضي الله عنه.

ص: 1340

3465 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي، إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ). قَالَ مُوسَى: فَقُلْتُ لِسَالِمٍ: أَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ ذَكَرَ إِلَّا ثَوْبَهُ.

[5446، 5447، 5455، 5715]

(جر ثوبه خيلاء) أطال ثوبه حتى جره على الأرض كبرا. (يسترخي) يميل على الأرض، وقيل: سبب استرخائه نحالة جسمه. (أتعاهد .. ) أنتبه إليه وأرفعه.

ص: 1340

3466 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ - يَعْنِي: الْجَنَّةَ - يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ،

⦗ص: 1341⦘

فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصِّيَامِ، وَبَابِ الرَّيَّانِ). فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا عَلَى هَذَا الَّذِي يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ: هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ).

[ر: 1798]

ص: 1340

3467 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ - قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ. وَقَالَ:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} . وَقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} . فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، قَالَ: وَاجْتَمَعَتْ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قَدْ أَعْجَبَنِي، خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ

⦗ص: 1342⦘

فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا، وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ، وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا، وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا، فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا، وَخَيْرُنَا، وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدا، فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ اللَّهُ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ الزُّبَيْدِيِّ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: شَخَصَ بَصَرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: (فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى). ثَلَاثًا، وَقَصَّ الْحَدِيثَ. قَالَتْ: فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلَّا نَفَعَ اللَّهُ بِهَا، لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ، وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا، فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ. ثُمَّ لَقَدْ بَصَّرَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ الْهُدَى وَعَرَّفَهُمُ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَخَرَجُوا بِهِ يَتْلُونَ:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ - إِلَى - الشَّاكِرِينَ} .

[ر: 1184]

(الحالف) أراد عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه. (عَلَى رسلك) اتئد ولا تعجل. (وقال) أي قرأ. (إنك) أي يا محمد صلى الله عليه وسلم. (ميت) ستموت كما أنهم سيموتون. /الزمر: 30/. (خلت) مضت وماتت. (انقلبتم على أعقابكم) رجعتم عن عقيدتم وإسلامكم. /آل عمران: 144/. (فنشج) بكى، والنشيج بكاء معه صوت، ونشج الباكي إذا غص البكاء في حلقه. (منا) أي من الأنصار. (منكم) أي من المهاجرين، وقالوا ذلك بناء على عادة العرب، إذ لا يسود القبيلة إلا رجل منها، فلما علموا أن حكم الإسلام ليس كذلك أذعنوا له وبايعوا. (الوزراء) المستشارون في الأمور والمعينون عليها. (هم) أي قريش. (أوسط العرب دارا) أشرفهم مسكنا، وهو مكة. (أعربهم أحسابا) أكثر العرب أصالة، وأشبههم بشمائل العرب وأفعالهم. (قائل) من الأنصار. (قتلتم سعدا) أي ابن عبادة رضي الله عنه، أي: خذلتموه وأعرضتم عنه. (خطبتهما) أي خطبة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

ص: 1341

3468 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَالَ: مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

(وخشيت أن يقول عثمان) أي لو قلت: ثم من. ولعله كان يظن أن عليا رضي الله عنه خير منه.

ص: 1342

3469 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا

⦗ص: 1343⦘

صَنَعَتْ عَائِشَةُ، أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِالنَّاسِ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ؟ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، قَالَتْ: فَعَاتَبَنِي، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَخِذِي، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: عَائِشَةُ: فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَوَجَدْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ.

[ر: 327]

ص: 1342

3470 -

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ).

تَابَعَهُ جَرِيرٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَمُحَاضِرٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ.

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم، رقم:2540. (ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) المراد: أن القليل الذي أنفقه أحدهم أكثر ثوابا من الكثير الذي ينفقه غيرهم، وسبب ذلك: أن إنفاقهم كان مع الحاجة إليه، لضيق حالهم، ولأنه كان في نصرته صلى الله عليه وسلم وحمايته غالبا، ومثل إنفاقهم في مزيد الفضل وكثير الأجر باقي أعمالهم من جهاد وغيره، لأنهم الرعيل الأول الذي شق طريق الحق والهداية والخير، فكان لهم فضل السبق الذي لا يداينه فضل، إلى جانب شرف صحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلهم نفوسهم وأرواحهم رخيصة دفاعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصره لدينه. والنصيف: هو النصف.

ص: 1343

3471 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقُلْتُ: لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا، قَالَ: فَجَاءَ الْمَسْجِدَ، فَسَأَلَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا، فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ، أَسْأَلُ عَنْهُ، حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ، حَتَّى قَضَى رَسُولُ

⦗ص: 1344⦘

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، فَقُلْتُ: لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ؟ فَقَالَ:(ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ). فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: ادْخُلْ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ فِي الْقُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا - يُرِيدُ أَخَاهُ - يَأْتِ بِهِ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ؟ فَقَالَ: (ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ). فَجِئْتُ فَقُلْتُ: ادْخُلْ، وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنَّةِ، فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ،

عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ). فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: ادْخُلْ، وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ، فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ، فَجَلَسَ وِجَاهَهُ

مِنَ الشَّقِّ الْآخَرِ. قَالَ شَرِيكُ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ.

[3490، 3492، 5862، 6684، 6834]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عثمان رضي الله عنه، رقم:2403. (إثره) عقبه. (أريس) هو بستان في المدينة قريب من قباء. (قفها) حافتها. (قفها) أي حافتها. (على رسلك) تمهل ولا تعجل. (أخي) كان لأبي موسى رضي الله عنه أخوان هما: أبو رهم، وأبو بردة، رضي الله عنهما. (بلوى) بلية، وهي التي صار بها شهيد الدار، عندما داهمه الثوار الآثمون. (فأولتها قبورهم) أي فسرت جلستهم على تلك الهيئة بما كان من تجاوز قبورهم بعد موتهم، وكون قبر عثمان رضي الله عنه بعيدا عنهم في البقيع.

ص: 1343

3472 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه حَدَّثَهُمْ:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَعِدَ أُحُدًا، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ

⦗ص: 1345⦘

بِهِمْ، فَقَالَ:(اثْبُتْ أُحُدُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ).

[3483، 3496]

(فرجف) اضطرب، وذلك معجزة. (صديق) صيغة مبالغة من الصدق، والمراد به أبو بكر رضي الله عنه. (شهيدان) هما عمر وعثمان رضي الله عنهما، وقد ماتا شهيدين.

ص: 1344

3473 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا صَخْرٌ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (بَيْنَمَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا، جَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ، فَنَزَعَ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ).

قَالَ وَهْبٌ: الْعَطَنُ مَبْرَكُ الْإِبِلِ، يَقُولُ: حَتَّى رَوِيَتِ الْإِبِلُ فَأَنَاخَتْ.

[ر: 3434]

(يقول حتى رويت الإبل) أي هذا معنى قوله: حتى ضرب الناس بعطن.

ص: 1345

3474 -

حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمَكِّيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ، فَدَعَوْا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِي يَقُولُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، لِأَنِّي كَثِيرًا مما كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ). فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

[3482]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر رضي الله عنه، رقم:2389. (وضع على سريره) وضع على ما يوضع عليه الميت قبل أن يدفن ليغسل، ويسمى النعش. (لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك) كنت أتوقع أن تدفن مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه.

ص: 1345

3475 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:

سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ

⦗ص: 1346⦘

عَنْهُ، فَقَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ.

[3643، 4537]

(أن يقول ربي الله) لأنه يقول ذلك ويدعوكم إليه. (الدلائل الواضحة والبراهين القاطعة على صدقه. (ربكم) خالقكم ورازقكم، وهو الله سبحانه وتعالى.

ص: 1345

‌6 - بَاب: مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَبِي حَفْصٍ، الْقُرَشِيِّ، الْعَدَوِيِّ، رضي الله عنه.

ص: 1346

3476 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ، امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ، وَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا بِلَالٌ، وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فقالوا: لِعُمَرَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ). فَقَالَ عُمَرُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعَلَيْكَ أَغَارُ.

[4928، 6621]

(رأيتني) رأيت نفسي في المنام. (الرميصاء) هي أم سليم بنت ملحان، أم أنس بن مالك، رضي الله عنهم، لقبت بذلك لرمص كان بعينها. والرمص: وسخ أبيض جامد يجتمع في موق العين. (خشفة) حسا حركة. (بفنائه) ما امتد خارجه من جوانبه، وقد يقال للقصر نفسه فناء. (جارية) هي الشابة والفتية من النساء. (غيرتك) مصدر غار الرجل على المرأة: إذا ثارت نفسه لإبدائها زينتها ومحاسنها لغيره، أو: لانصرافها عنه إلى آخر، وهي غارت: إذا ثارت نفسها لمثل ذلك منه.

ص: 1346

3477 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ، قَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا). فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

[ر: 3070]

ص: 1346

3478 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، شَرِبْتُ - يَعْنِي - اللَّبَنَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرِّيِّ يَجْرِي فِي ظُفُرِي، أَوْ فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ). فَقَالُوا: يا رسول الله، فَمَا أَوَّلْتَهُ؟ قَالَ:(الْعِلْمَ).

[ر: 82]

ص: 1346

3479 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أُرِيتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ، حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ).

قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: الْعَبْقَرِيُّ عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ. وَقَالَ يَحْيَى: الزَّرَابِيُّ الطَّنَافِسُ لَهَا خَمْلٌ رَقِيقٌ. {مَبْثُوثَةٌ} كَثِيرَةٌ.

[ر: 3434]

(بكرة) بتسكين الكاف، هي الشابة من الإبل، أي أنزع بدلو يستقى بها، وقيل (بكرة) بتحريك الكاف، وهي الخشبة المستديرة التي تعلق فيها الدلو. (قليب) هي البئر بعدما حفرت وقبل أن تبنى جدرانها. (عتاق) حسان، جمع عتيق، وهو الرائع الجيد من كل شيء. (الطنافس) جمع طنفسة، وهي البساط الذي له خمل، والخمل الأهداب، وهو يفسر اللفظ الوارد في قوله تعالى:{وزرابي مبثوثة} /الغاشية: 16/: أي منشورة ومفرقة.

ص: 1347

3480 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ قَالَ.

حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ). فَقَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقُلْنَ: نَعَمْ أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِيهًا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا

⦗ص: 1348⦘

فَجًّا قَطُّ إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ).

[ر: 3120]

(أفظ وأغلظ) أشد وأخشن عند إنكار المنكر مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لأنه كان رضي الله عنه يبالغ في الزهد عن المكروهات وطلب المندوبات. (إيها) اسم بمعنى زد، والمراد: إظهار رضاه عن قول عمر رضي الله عنه وفعله، الذي يدل على توقيره صلى الله عليه وسلم وتعظيم جانبه، واستزادة منه لهذا التصرف، ليزداد عمر رضي الله عنه منزلة ورفعة عند الله عز وجل.

ص: 1347

3481 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:

مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ.

[3650]

(ما زلنا أعزة) أي أصبحنا نستطيع أن نظهر ولا نخاف إيذاء المشركين.

ص: 1348

3482 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:

وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي، فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ، إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَحَسِبْتُ: إِنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ).

[ر: 3474]

(فتكنفه) أحاطوا به من جميع النواحي. (فلم يراعني) يخوفني ويفاجئني. (وايم الله) يمين الله تعالى. (لأظن) لأرجو ذلك وأتوقعه. (وحسبت إني .. ) كان في حسابي هذا، لأجل سماعي .. .

ص: 1348

3483 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، وَكَهْمَسُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أحدا، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ وقال:(اثْبُتْ أُحُدُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدَانِ).

[ر: 3472]

ص: 1348

3484 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ، هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

سَأَلَنِي ابْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِ - يَعْنِي عُمَرَ - فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ، بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حِينَ قُبِضَ، كَانَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ، حَتَّى انْتَهَى، مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

(أجد) في الأمور. (أجود) في الأموال. (حتى انتهى) أي إلى آخر عمره.

ص: 1348

3485 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: (وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا). قَالَ: لَا شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ.

[5815، 5819، 6734]

(رجلا) قيل: هو ذو الخويصرة اليماني. (متى الساعة) وقت قيام القيامة. (أعددت لها) هيأت من الأعمال الصالحة التي هي أحق بالسؤال عنها والاهتمام بها.

ص: 1349

3486 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ ناس مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ).

زَادَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ، يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ).

[ر: 3282]

ص: 1349

3487 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهَا حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي). فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ). وَمَا ثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.

[ر: 2199]

ص: 1349

3488 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا

⦗ص: 1350⦘

يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ). قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الدِّينَ).

[ر: 23]

(اجتره) سحبه على الأرض لطوله.

ص: 1349

3489 -

حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ:

لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ، قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي، فَهُوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الْأَرْضِ ذَهَبًا، لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عز وجل قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ.

قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ: بِهَذَا.

(طعن) ضرب بالخنجر، ضربه أبو لؤلؤة المجوسي في خاصرته وهو في صلاة الصبح. (يجزعه) يزيل جزعه. (ذاك) أي ما أصابك من الطعن والجزع، فلا يكون ما تخاف منه. (صحبتهم) صحبت المسلمين. (من) عطاء. (من أجلك) أي جزعي من أجلك وأجل أصحابك، قيل: قال ذلك لما توقعه من فتن تكون بعده، لأن قتله يشعر بذلك. (طلاع الأرض) ما يملأ الأرض حتى يطلع ويسيل. (بهذا) أي بهذا الحديث.

ص: 1350

3490 -

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ). فَفَتَحْتُ لَهُ، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، فَبَشَّرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ). فَفَتَحْتُ لَهُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ

⦗ص: 1351⦘

صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ، فَقَالَ لِي:(افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ). فَإِذَا عُثْمَانُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

[ر: 3471]

(حائط) بستان فيه نخيل. (المستعان) على دفع تلك البلوى أو الصبر عليها.

ص: 1350

3491 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

[5909، 6257]

ص: 1351

‌7 - بَاب: مَنَاقِبِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَبِي عَمْرٍو، الْقُرَشِيِّ رضي الله عنه.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يَحْفِرْ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ). فَحَفَرَهَا

عُثْمَانُ، وَقَالَ:(مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ). فَجَهَّزَهُ عُثْمَانُ.

[ر: 2626]

ص: 1351

3492 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الْحَائِطِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ:(ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ). فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ:(ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ). فَإِذَا عُمَرُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ:(ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ). فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.

قَالَ حَمَّادٌ: وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، سَمِعَا أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي مُوسَى بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ عَاصِمٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَاعِدًا فِي مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ، قَدِ انْكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ، أَوْ رُكْبَتِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا.

[ر: 3471]

(هنيهة) زمنا قليلا، أصلها من الهنة، كناية عن الشيء من زمان أو غيره.

ص: 1351

3493 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالَا:

مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ عُثْمَانَ لِأَخِيهِ الْوَلِيدِ، فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ، فَقَصَدْتُ لِعُثْمَانَ حين خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، قُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، وَهِيَ نَصِيحَةٌ

⦗ص: 1352⦘

لَكَ، قَالَ: يَا أَيُّهَا الْمَرْءُ منك - قَالَ مَعْمَرٌ: أُرَاهُ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ - فَانْصَرَفْتُ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ إِذْ جَاءَ رَسُولُ عُثْمَانَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: مَا نَصِيحَتُكَ؟ فَقُلْتُ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ. قَالَ: أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا يَخْلُصُ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا، قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، فَكُنْتُ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ، وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ كَمَا قُلْتَ، وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَايَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عز وجل، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ مِثْلُهُ، ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ، أَفَلَيْسَ لِي مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لَهُمْ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَمَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ؟ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ، فَسَنَأْخُذُ فِيهِ بِالْحَقِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا، فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِدَهُ، فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ.

[3659، 3712]

(لأخيه الوليد) لأجله، وهو الوليد بن عقبة أخو عثمان رضي الله عنه لأمه، وكان عثمان ولاه الكوفة. (أكثر الناس فيه) أكثروا الكلام في حقه وسوء سيرته، فعزله عن ولايته. (قال معمر: أراه قال: أعوذ بالله منك) هذه الرواية المعلقة قد وصلها المصنف في هجرة الحبشة، ولفظها هناك: يا أيها المرء، أعوذ بالله منك.

(خلص) وصل وبلغ. (ما يخلص إلى العذراء) هي البكر، وأراد بهذا: أن علم النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ مكتوما ولا خاصا بأحد، بل كان شائعا، حتى وصل إلى العذراء المخدرة في بيتها، التي قلما يصل إليها شيء، فإذا وصل إليها فمن باب أولى أن يصل إليه مع حرصه عليه. (فجلده ثمانين) لأنه ثبت عنه أنه صلى بأهل الكوفة وهو سكران. قال الحافظ في الفتح: في رواية معمر: فجلد الوليد أربعين جلدة، وهذه الرواية أصح من رواية يونس، والوهم فيه من الراوي عنه شبيب بن سعيد. [وانظر صحيح مسلم: الحدود، حد الخمر، رقم: 1706]].

ص: 1351

3494 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بزيغ: حَدَّثَنَا شَاذَانُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ. تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

[ر: 3455]

ص: 1352

3495 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وحج الْبَيْتَ، فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ؟ فقالوا: هَؤُلَاءِ قُرَيْشٌ، قَالَ: فَمَنِ الشَّيْخُ فِيهِمْ؟ قَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ يَا ابْنَ

⦗ص: 1353⦘

عُمَرَ، إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فقال: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ، أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ). وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْيُمْنَى:(هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ). فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ:(هَذِهِ لِعُثْمَانَ). فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: اذْهَبْ بِهَا الْآنَ مَعَكَ.

[ر: 2962]

(رجل) قيل: يزيد بن بشر السكسكي، وقيل: العلاء بن عرار. (عفا عنه) أي في جملة من عفا عنهم من المسلمين بقوله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} /آل عمران: 155/. (تولوا) هربوا. (الجمعان) النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقريش ومن معها، والمراد اللقاء يوم أحد. (استزلهم) وسوس لهم حتى أوقعهم في الخطيئة. (ببعض ما كسبوا) بسبب ما ارتكبوه من ذنوب سابقة، كتركهم أماكنهم. (أعز) أكثر عشيرة ومنعة. (ببطن مكة) في مكة. (اذهب بها الآن معك) أي اقرن هذا الجواب بما كان عندك، وحدث من شئت بذلك.

ص: 1352

3496 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه حَدَّثَهُمْ قَالَ:

صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُحُدًا، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ، فقال:(اسْكُنْ أُحُدُ - أَظُنُّهُ: ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ - فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ).

[ر: 3472]

ص: 1353

‌8 - بَاب: قِصَّةِ الْبَيْعَةِ، وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه.

ص: 1353

3497 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ:

رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ، وَقَفَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: كَيْفَ فَعَلْتُمَا، أَتَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا قَدْ حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ؟ قَالَا: حَمَّلْنَاهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ، مَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ. قَالَ: انْظُرَا أَنْ تَكُونَا

⦗ص: 1354⦘

حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ، قَالَ: قَالَا: لَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ، لَأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا، قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ، قَالَ: إِنِّي لَقَائِمٌ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ، وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَالَ: اسْتَوُوا، حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فيهم خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، وَرُبَّمَا قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ أَوْ النَّحْلَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ كَبَّرَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَتَلَنِي - أَوْ أَكَلَنِي - الْكَلْبُ، حِينَ طَعَنَهُ، فَطَارَ الْعِلْجُ بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ، لَا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا طَعَنَهُ، حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا، فَلَمَّا ظَنَّ الْعِلْجُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وَتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ، فَمَنْ يَلِي عُمَرَ فَقَدْ رَأَى الَّذِي أَرَى، وَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ، وَهُمْ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلَاةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي، فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: غُلَامُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: الصَّنَعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مِيتَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ، قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ - وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا - فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَعَلْتُ، أَيْ: إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا؟ قَالَ: كَذَبْتَ، بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ، وَصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ، وَحَجُّوا حَجَّكُمْ. فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ، فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ، وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، فَقَائِلٌ يَقُولُ: لَا بَأْسَ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: أَخَافُ عَلَيْهِ، فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ، فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ، فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَجَاءَ النَّاسُ، فجعلوا يُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ لَكَ، مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدَمٍ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ شَهَادَةٌ. قَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافٌ

⦗ص: 1355⦘

لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، فَلَمَّا أَدْبَرَ إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الْأَرْضَ، قَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الْغُلَامَ، قَالَ: ابْنَ أَخِي ارْفَعْ ثَوْبَكَ، فَإِنَّهُ أنقى لِثَوْبِكَ، وَأَتْقَى لِرَبِّكَ. يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، انْظُرْ مَا عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ، فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَهُ، قَالَ: إِنْ وَفَى لَهُ مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِلَّا فَسَلْ فِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَسَلْ فِي قُرَيْشٍ، وَلَا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، فَأَدِّ عَنِّي هَذَا الْمَالَ. انْطَلِقْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ، وَلَا تَقُلْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيرًا، وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ. فَسَلَّمَ وَاسْتَأْذَنَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلَامَ، وَيَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ. فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، وَلَأُوثِرَنَّ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ، قِيلَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ، قَالَ: ارْفَعُونِي، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: الَّذِي تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَذِنَتْ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا أَنَا قَضَيْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ، فَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي، وَإِنْ رَدَّتْنِي رُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. وَجَاءَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ وَالنِّسَاءُ تَسِيرُ مَعَهَا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهَا قُمْنَا، فَوَلَجَتْ عَلَيْهِ، فَبَكَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَالُ، فَوَلَجَتْ دَاخِلًا لَهُمْ، فَسَمِعْنَا بُكَاءَهَا مِنَ الدَّاخِلِ، فَقَالُوا: أَوْصِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَخْلِفْ، قَالَ: مَا أَجِدُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ، أَوِ الرَّهْطِ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَسَمَّى عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَسَعْدًا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ: يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ - كَهَيْئَةِ

⦗ص: 1356⦘

التَّعْزِيَةِ لَهُ - فَإِنْ أَصَابَتِ الْإِمْرَةُ سَعْدًا فَهُوَ ذَاكَ، وَإِلَّا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ أَيُّكُمْ مَا أُمِّرَ، فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ.

وَقَالَ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي، بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا، الَّذِينَ تبوؤوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ، أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَأَنْ يُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الْأَمْصَارِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الْإِسْلَامِ، وَجُبَاةُ الْمَالِ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ، وَأَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلَّا فَضْلُهُمْ عَنْ رِضَاهُمْ. وَأُوصِيهِ بِالْأَعْرَابِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ، وَمَادَّةُ الْإِسْلَامِ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ، ويرد عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ تعالى، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلَا يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ.

فَلَمَّا قُبِضَ خَرَجْنَا بِهِ، فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي، فَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَتْ: أَدْخِلُوهُ، فَأُدْخِلَ، فَوُضِعَ هُنَالِكَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْكُمْ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ طَلْحَةُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عُثْمَانَ، وَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمَا تَبَرَّأَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، فَنَجْعَلُهُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ، لَيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَهُمْ فِي نَفْسِهِ؟ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ وَاللَّهُ عَلَيَّ أَنْ لَا آلو عَنْ أَفْضَلِكُمْ؟ قَالَا: نَعَمْ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَقَالَ: لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ

⦗ص: 1357⦘

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقَدَمُ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ، ثُمَّ خَلَا بِالْآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ، فَبَايَعَهُ، فَبَايَعَ لَهُ عَلِيٌّ، وَوَلَجَ أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ.

[ر: 1328]

(كيف فعلتما) في أرض سواد العراق. (أتخافان) هل تخافان. (حملتما الأرض) فرضتما على أهلها، وكان قد بعثهما ليضربا الخراج والجزية على أهلها. (ما فيها كبير فضل) ليس فيها زيادة كثيرة. (أرامل) جمع أرملة، وهي من مات زوجها. (غداة .. ) صبيحة طعنه. (الكلب) أراد به المجوسي الذي طعنه. (العلج) هو الرجل من كفار العجم. (برنسا) كساء يجعله الرجل في رأسه. (يليه) يقرب منه ويأتي في الصف خلفه. (الصنع) الصانع، وكان نجارا، وقيل: نحاتا للأحجار. (رقيقا) مملوكا. (كذبت) أخطأت في قولك. (بنبيذ) نقيع التمر والزبيب، قبل أن يشتد ويصبح مسكرا. (جوفه) أي من جرحه مكان الطعنة تحت السرة. (قدم) فضل، وفي رواية (قدم) أي سبق في الإسلام. (كفاف) هو الذي يكون بقدر الحاجة ولا يفضل عنه شيء. (ابن أخي) يا ابن أخي في الإسلام. فرضي الله عنك، ولله درك، يا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! فإنك لم يشغلك ما أنت فيه من سكرات الموت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح للمسلمين. (أنقى لثوبك) أي أطهر، وفي رواية الكشميهني: وأبقى، أي فإنه لطوله يبلى بوقت قصير. (أتقى لربك) فإنه أبعد عن الخيلاء عندما يكون قصيرا، وأبعد أيضا عن التلوث بالنجاسات. (قضيت) خرجت روحي ومت. (فولجت) دخلت. (داخلا لهم) مدخلا لأهلها. (ليس له من الأمر شيء) أي لا يكون هو الخليفة. (كهيئة التعزية له) قيل: هذا من كلام الراوي وليس من كلام عمر رضي الله عنه. (أصابت الإمرة سعدا) اختير هو للإمارة، والمراد سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه. (فهو ذاك) أي فهو أهل لها، وجدير بها، وقد صادفت محلها. (الأمصار) البلدان الإسلامية التي فتحت، جمع مصر. (ردء الإسلام) عونه الذي يدفع عنه، ويمده بالقوة. (جباة المال) هم الذين يجمعون الأموال منهم ويقدمونها للدولة الإسلامية. (غيظ العدو) يغيظون الأعداء بكثرتهم وشوكتهم. (فضلهم) ما فضل عن حاجتهم. (مادة الإسلام) أي الذين يعينون المسلمين ويكثرون جيوشهم، ويتقوى بزكاة أموالهم، وكل ما أعنت به قوما في حرب أو غيره فهو مادة لهم. (حواشي أموالهم) الوسط التي ليست خيرها وليست أسوأها. (من ورائهم) يدافع عنهم. (تبرأ من هذا الأمر) أعلن أنه لا يرغب أن يكون هو الخليفة. (فنجعله إليه) نكل أمر اختيار الخليفة إليه. (والله عليه والإسلام) الله رقيب عليه يحاسبه على فعله، والإسلام حاكم عليه بأحكامه. (لينظرن أفضلهم في نفسه) ليفكر في نفسه، وليختر الذي يراه الأفضل من غيره. (الشيخان) علي وعثمان رضي الله عنهما. (لا آلو) لا أقصر في اختيار أفضلكم. (أحدهما) هو علي رضي الله تعالى عنه. (خلا بالآخر) انفرد به، وهو عثمان رضي الله عنه. (الميثاق) العهد، والظاهر أنه أخذ العهد من الجميع. (ولج أهل الدار) دخل أهل المدينة، بعد مبايعة أهل الشورى.

ص: 1353

‌9 - بَاب: مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ، أَبِي الْحَسَنِ رضي الله عنه.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: (أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ).

[ر: 4005]

وَقَالَ عُمَرُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ.

[ر: 3497]

(أنت .. ) المعنى: أنا وأنت متصلان من جهة العلم والدين والنسب.

ص: 1357

3498 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ). قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ:(أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ). فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ). فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ:(انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ).

[ر: 2783]

(يدوكون ليلتهم) يخوضون ويتحدثون طوال ليلتهم، من الدوكة، وهي الخوض والاختلاط.

ص: 1357

3499 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ:

كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ - أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ - غَدًا رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ قَالَ: يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ). فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ، فَأَعْطَاهُ

⦗ص: 1358⦘

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

[ر: 2812]

ص: 1357

3500 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ: هَذَا فُلَانٌ، لِأَمِيرِ الْمَدِينَةِ، يَدْعُو عَلِيًّا عِنْدَ الْمِنْبَرِ، قَالَ: فَيَقُولُ: مَاذَا؟ قَالَ: يَقُولُ لَهُ: أَبُو تُرَابٍ، فَضَحِكَ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ إِلَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَمَا كَانَ والله لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ، فَاسْتَطْعَمْتُ الْحَدِيثَ سَهْلًا، وَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ ثُمَّ خَرَجَ، فَاضْطَجَعَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ). قَالَتْ: فِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَ رِدَاءَهُ قَدْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ، وَخَلَصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ، فَيَقُولُ:(اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ). مَرَّتَيْنِ.

[ر: 430]

(فاستطعمت الحديث سهلا) طلبت من سهل أن يحدثني الحديث، وإتمام القصة، (خلص) وصل.

ص: 1358

3501 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ عُثْمَانَ، فَذَكَرَ عَنْ مَحَاسِنِ عَمَلِهِ، قَالَ: لَعَلَّ ذَاكَ يسؤوك؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ، قَالَ: هُوَ ذَاكَ بَيْتُهُ، أَوْسَطُ بُيُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّ ذَاكَ يسؤوك؟ قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: فَأَرْغَمَ اللَّهُ بِأَنْفِكَ، انْطَلِقْ فَاجْهَدْ عَلَيَّ جَهْدَكَ.

(رجل) لعله الذي ذكر في الحديث [3495]. (فأرغم الله بأنفك) ألصقه بالرغام، وهو التراب، وهو كناية عن الذل والإهانة. (أوسط بيوت) في وسطها، أو المراد: أحسنها، يشير بذلك إلى منزلته عند النبي صلى الله عليه وسلم. (انطلق) اذهب من عندي. (فاجهد علي جهدك) ابلغ غايتك واعمل في حقي ما تستطيعه وتقدر عليه، فإني لا أبالي بعد قولي بالحق].

ص: 1358

3502 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ:

أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرحى، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لِأَقُومَ، فَقَالَ:(عَلَى مَكَانِكُمَا). فَقَعَدَ بَيْنَنَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، وَقَالَ: (أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، تكبران أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وتسبحان ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ،

⦗ص: 1359⦘

وتحمدان ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ).

[ر: 2945]

ص: 1358

3503 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: (أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى).

[4154]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي رضي الله عنه، رقم:2404. (أبيه) أي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه. (بمنزلة هارون) نازلا مني منزلة هارون من موسى عليهما السلام في أخوة الدين والنسب، وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم قاله له حين خرج إلى تبوك، وخلفه على أهله وعياله، وأمره أن يقيم فيهم، فكان كهارون حين خلفه موسى، عليهما السلام، على بني إسرائيل لما ذهب لميقات ربه.

ص: 1359

3504 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:

اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ، فَإِنِّي أَكْرَهُ الِاخْتِلَافَ، حَتَّى يَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ، أَوْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي.

فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى: أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ الْكَذِبُ.

(اقضوا كما كنتم تقضون) قال هذا لأهل العراق، حين أفتى باسترقاق أمهات الأولاد، وقد كان يرى أن يعتقن كما كان يرى عمر رضي الله عنه. (أكره الاختلاف) أي مخالفة الأئمة من قبلي: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. (حتى يكون للناس جماعة) حتى تبقى كلمة الأمة مجتمعة. (أو أموت) إلى أن أموت. (كما مات أصحابي) أي على الحق والهداية، والمراد من سبقه من الخلفاء الراشدين. (عامة ما يروى) أكثر ما يروى عنه وينسب إليه مما فيه رائحة المخالفة ونحو ذلك، مما لا يليق به رضي الله عنه. (الكذب) أي هو اختلاق عليه.

ص: 1359

‌10 - بَاب: مَنَاقِبِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيِّ رضي الله عنه.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي).

[ر: 4005]

ص: 1359

3505 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشِبَعِ بَطْنِي، حِينَ لَا آكُلُ

⦗ص: 1360⦘

الْخَمِيرَ وَلَا أَلْبَسُ الْحَبِيرَ، وَلَا يَخْدُمُنِي فُلَانٌ وَلَا فُلَانَةُ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصْبَاءِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الْآيَةَ، هِيَ مَعِي، كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي، وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا.

[5116]

(أكثر) أي في روايته للحديث. (بشبع بطني) أي رضيت بشبع بطني، ولم أطلب زيادة على ذلك، فتهيأ لي من سماع حديثه ما لم يتهيأ لغيري. (الخمير) الخبز الذي خمر وجعل في عجينه الخميرة، ويروى (الخبيز) وهو الخبز المأدوم. (الحبير) الجديد والحسن، أو ما كان موشى ومخططا من الثياب. (فلان وفلانة) ليس لي خادم من ذكر أو أنثى، وإنما أخدم نفسي. (بالحصباء) بالأرض، لتنكسر شدة الجوع. (لأستقرى الرجل الآية) أقول له: أريد أن أقرأ آية كذا. (هي معي) أحفظها. (ينقلب) يرجع. (العكة) وعاء من جلد يجعل فيه السمن وغيره.

ص: 1359

3506 -

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ:

أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ.

[4016]

(ذي الجناحين) سمي بذلك لما أخبر به صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أبدله عن يديه اللتين قطعتا في غزوة مؤتة جناحين يطير بهما في الجنة.

ص: 1360

‌11 - بَاب: ذِكْرِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه.

ص: 1360

3507 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ.

[ر: 964]

(استسقى) طلب السقيا ونزول المطر. (نتوسل) نجعله وسيلتنا إليك، لما له من حرمة عندك تعطفك علينا.

ص: 1360

‌12 - بَاب: مَنَاقِبِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْقَبَةِ فَاطِمَةَ عليها السلام بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ).

[ر: 3426]

ص: 1360

3508 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ:

أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،

⦗ص: 1361⦘

مما أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ - يَعْنِي مَالَ اللَّهِ - لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ). وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ، وَذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَقَّهُمْ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي.

[ر: 2926]

ص: 1360

3509 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهم قَالَ:

ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي أَهْلِ بَيْتِهِ.

[3541]

(ارقبوا محمدا) احفظوه. (في أهل بيته) فلا تسبوهم ولا تؤذوهم، وهم فاطمة وأولادها، رضي الله عنها وعنهم. أو هم أزواجه، صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وعنهن.

ص: 1361

3510 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي).

[ر: 884]

(بضعة) قطعة.

ص: 1361

3511 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهَا، فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، قَالَتْ: فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: سَارَّنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَنِي: أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي: أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ أَتْبَعُهُ، فَضَحِكْتُ.

[ر: 3426]

ص: 1361

‌13 - بَاب: مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ حَوَارِيُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 4388] وَسُمِّيَ الْحَوَارِيُّونَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ.

(حواري) هو الناصر الخالص والخليل الصافي، وأصل الحور عند العرب البياض. (الحواريون) أي أصحاب عيسى عليه السلام.

ص: 1361

3512 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ:

أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُعَافٌ شَدِيدٌ سَنَةَ الرُّعَافِ، حَتَّى حَبَسَهُ عَنِ الْحَجِّ، وَأَوْصَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ: اسْتَخْلِفْ، قَالَ: وَقَالُوهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَنْ؟ فَسَكَتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ - أَحْسِبُهُ الْحَارِثَ - فَقَالَ: اسْتَخْلِفْ، فَقَالَ عُثْمَانُ: وَقَالُوا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ فَسَكَتَ، قَالَ: فَلَعَلَّهُمْ قَالُوا الزُّبَيْرَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ، وَإِنْ كَانَ لَأَحَبَّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(سنة الرعاف) السنة التي أصاب الناس فيها رعاف كثير، والرعاف: خروج الدم من الأنف، وكان ذلك سنة إحدى وثلاثين للهجرة. (حبسه) منعه. (أوصى) كتب وصيته عملا بالسنة. (استخلف) اعهد بالخلافة لرجل من بعدك. (وقالوه) أي وقال الناس هذا. (وقالوه) أي وقال الناس هذا. (الحارث) بن الحكم أخو مروان. (ما علمت) في علمي.

ص: 1362

3513 -

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي: سَمِعْتُ مَرْوَانَ:

كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ، أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: اسْتَخْلِفْ، قَالَ: وَقِيلَ ذَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، الزُّبَيْرُ، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَيْرُكُمْ، ثَلَاثًا.

(ثلاثا) أي قال هذه الجملة ثلاث مرات.

ص: 1362

3514 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، هُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ).

[ر: 2691]

ص: 1362

3515 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:

كُنْتُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَلَمَّا رَجَعْتُ قُلْتُ: يَا أَبَتِ رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ؟ قَالَ: أَوَ هَلْ رَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ

⦗ص: 1363⦘

يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ). فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَوَيْهِ فَقَالَ:(فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي).

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما، رقم:2416. (في النساء) بين النساء. (يختلف) يذهب ويجيء. (فداك أبي وأمي) أي أفديك بهما.

ص: 1362

3516 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلَا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ، بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ عُرْوَةُ: فَكُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ.

[3755، 3756]

(تشد) تحمل على الكفار وتهجم عليهم. (عاتقه) اسم لما بين العنق والمنكب.

ص: 1363

‌14 - بَاب: ذِكْرِ مناقب طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه.

وَقَالَ عُمَرُ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ.

[ر: 3497]

ص: 1363

3517 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ:

لَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ. عَنْ حَدِيثِهِمَا.

[3834]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما، رقم:2414. (بعض الأيام) أراد بها يوم أحد. (عن حديثهما) أي هما حدثاه بذلك.

ص: 1363

3518 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ:

رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِي وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ شَلَّتْ.

[3836]

(وقى بها .. ) حماه بها لما أراد أحد المشركين أن يضربه. (شلت) استرخت وبطل عملها.

ص: 1363

‌15 - بَاب: مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، الزُّهْرِيِّ، وَبَنُو زُهْرَةَ أَخْوَالُ

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه.

ص: 1363

3519 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ:

سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: جَمَعَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ.

[3829 - 3831]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضل سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، رقم:2412. (جمع لي .. ) قال له: فداك أبي وأمي.

ص: 1363

3520 -

حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا ثُلُثُ الْإِسْلَامِ.

(ثلث الإسلام) ثالث من أسلم أولا من الرجال الأحرار.

ص: 1364

3521 -

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا ابْنُ زَائِدَةَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ:

سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ.

[3645]

ص: 1364

3522 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ:

سَمِعْتُ سَعْدًا رضي الله عنه يَقُولُ: إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا يَضَعُ الْبَعِيرُ أَوِ الشَّاةُ، مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ؟ لَقَدْ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ عَمَلِي. وَكَانُوا وَشَوْا بِهِ إِلَى عُمَر، قَالُوا: لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي.

[5096، 6088، وانظر: 722]

(رمى بسهم) في سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه، وكانت أول سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم لملاقاة عير قريش، وكانت في السنة الأولى من الهجرة. (ليضع) يخرج من دبره عن قضاء حاجته. (كما يضع .. ) يخرج منه مثل البعر، ليبسه وعدم الغذاء المألوف. (ما له خلط) لا يختلط بعضه ببعضه لجفافه. (تعزرني) تؤذيني، إذ تعلمني الصلاة، وتعيرني بأني لا أحسنها. (لقد خبت) إن كنت محتاجا لتعليمهم. (ضل عملي) فيما مضى لنقصه على زعمهم.

ص: 1364

16 -

بَاب: ذِكْرِ أَصْهَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ رضي الله عنه.

ص: 1364

3523 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ قَالَ:

إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ:(أَمَّا بَعْدُ، أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ). فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ.

⦗ص: 1365⦘

وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مِسْوَرٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ، قَالَ:(حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي).

[ر: 884]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، رقم:2449.

ص: 1364

‌17 - بَاب: مَنَاقِبِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ الْبَرَاءُ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا).

[ر: 2552]

ص: 1365

3524 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ).

[4004، 4198، 4199، 6252، 6764]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل زيد بن حارثة وأسامة ابن زيد رضي الله عنهما، رقم:2426. (بعثا) سرية، وهي القطعة من الجيش. (فطعن) قدح وتكلم فيها. (بعض الناس) وكان أشدهم في هذا عياش ابن أبي ربيعة المخزومي رضي الله عنه. (إمارة أبيه) زيد بن حارثة رضي الله عنه في غزوة مؤتة. (وايم الله) يمين الله. (لخليقا) جديرا لائقا بها.

ص: 1365

3525 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

دَخَلَ عَلَيَّ قَائِفٌ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَاهِدٌ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مُضْطَجِعَانِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، قَالَ: فَسُرَّ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَعْجَبَهُ، فَأَخْبَرَ بِهِ عَائِشَةَ.

[ر: 3362]

(دخل علي قائف) هو الذي يلحق الفروع بالأصول بالشبه والعلامات، والمراد به هنا مجزز المدلجي رضي الله عنه، وكان هذا قبل أن يفرض الحجاب، أو بعده وكانت عائشة رضي الله عنها من وراء حجاب. (شاهد) حاضر. (مضطجعان) نائمان وأقدامهما ظاهرة. (فأخبر به عائشة) أي أخبرها بما قاله القائف، لسروره الشديد به صلى الله عليه وسلم، تأكيدا لما قد سمعته إذ كانت حاضرة، أو ظنا منه أنها لم تسمع ذلك، وخاصة إذا كانت من وراء حجاب، بل إن هذا يؤكد أنها كانت من وراء حجاب، مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يظن أنها لم تسمعه. أو المعنى: سر بذلك صلى الله عليه وسلم فأخبرها بسروره، والله أعلم.

ص: 1365

‌18 - بَاب: ذِكْرِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، رضي الله عنه.

ص: 1366

3526 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ، فَقَالُوا: مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وحَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: ذَهَبْتُ أَسْأَلُ الزُّهْرِيَّ عَنْ حَدِيثِ الْمَخْزُومِيَّةِ، فَصَاحَ بِي، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: فَلَمْ تَحْتَمِلْهُ عَنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: وَجَدْتُهُ فِي كِتَابٍ كَانَ كَتَبَهُ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟ فَلَمْ يَجْتَرِئْ أَحَدٌ أَنْ يُكَلِّمَهُ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ:(إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ، لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).

[ر: 2505]

ص: 1366

3527 -

حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبَّادٍ، يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ: حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ:

نَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، إِلَى رَجُلٍ يَسْحَبُ ثِيَابَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: انْظُرْ مَنْ هَذَا؟ لَيْتَ هَذَا عِنْدِي، قَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: أَمَا تَعْرِفُ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ، قَالَ: فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، وَنَقَرَ بِيَدَيْهِ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَأَحَبَّهُ.

(ليت هذا عندي) قريبا مني حتى أنصحه وأعظه. (محمد بن أسامة) ابن زيد رضي الله عنهم. (فطأطأ .. ) خفضه. (لأحبه) لمحبته لأبيه وجده.

ص: 1366

3528 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما:

حدث عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالْحَسَنَ، فَيَقُولُ:(اللَّهُمَّ أَحِبَّهُمَا، فَإِنِّي أُحِبُّهُمَا).

[3537، 5657]

ص: 1366

3529 -

وَقَالَ نُعَيْمٌ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي مَوْلًى لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ:

أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ أَيْمَنَ بْنِ أُمِّ أَيْمَنَ، وَكَانَ أَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ أَخَا أُسَامَةَ بن زيد لِأُمِّهِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَرَآهُ ابْنُ عُمَرَ لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَقَالَ: أَعِدْ.

⦗ص: 1367⦘

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، إِذْ دَخَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَيْمَنَ بن أم أيمن فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَقَالَ: أَعِدْ، فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَيْمَنَ بْنِ أُمِّ أَيْمَنَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَوْ رَأَى هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَأَحَبَّهُ. فَذَكَرَ حُبَّهُ وَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّ أَيْمَنَ.

قَالَ وحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي، عَنْ سُلَيْمَانَ: وَكَانَتْ حَاضِنَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(حبه وما ولدته أم أيمن) ميله لها ولأولادها، ذكورا وإناثا. (حاضنته) هي الداية التي تقوم على تربية الصغير، والمرأة التي تقوم مقام الأم في تربية الولد بعد وفاتها. والداية: تطلق على المرضع الأجنبية والحاضنة والقابلة.

ص: 1366

‌19 - بَاب: مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما.

ص: 1367

3530 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عزبا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ الْبِئْرِ، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي: لَنْ تُرَاعَ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ). قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا.

ص: 1367

3531 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: (إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ).

[ر: 429].

ص: 1367

‌20 - بَاب: مَنَاقِبِ عَمَّارٍ وَحُذَيْفَةَ رضي الله عنهما.

ص: 1368

3532 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:

قَدِمْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمّ قُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَقُلْتُ: إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صالحًا، فيسرك لي، قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ، وَفِيكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ - يعني عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي لَا يعلمه أَحَدٌ غَيْرُهُ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ يَقْرَأُ عَبْدُ اللَّهِ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} . فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى. وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى} . قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ.

(ابن أم عبد) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه. (صاحب النعلين) الذي كان يحمل نعلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعاهدهما. (الوساد) الوسادة والمخدة. (المطهرة) الإناء الذي يوضع فيه الماء ليطهر به، وكان ابن مسعود رضي الله عنه هو الذي يتولى هذه الأمور وتهيئتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. (صاحب السر) أراد به حذيفة رضي الله عنه، وكان أعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنافقين وأحوالهم، وأطلعه على بعض ما يجري لهذه الأمة بعده، وجعل ذلك سرا بينه وبينه. (يغشى) يغطي كل شيء بظلمته. (تجلى) بان وظهر بزوال الظلمة. (والذكر والأنثى) أي بدون:{وما خلق} . وهذا خلاف القراءة المتواترة، والمشهور والمتواتر هو المتعمد. /الليل 1 - 3/. (من فيه إلى في) أي مشافهة بدون واسطة، ويقصد أنه قرأها هكذا.

ص: 1368

3533 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:

ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَجَلَسَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: أَلَيْسَ فِيكُمْ، أَوْ مِنْكُمْ، صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، يَعْنِي حُذَيْفَةَ، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ فِيكُمْ، أَوْ مِنْكُمُ، الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ، يَعْنِي عَمَّارًا، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ فِيكُمْ، أَوْ مِنْكُمْ، صَاحِبُ السِّوَاكِ، أَوِ السِّرَارِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ:

⦗ص: 1369⦘

كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} . قُلْتُ: {وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى} . قَالَ: مَا زَالَ بِي هَؤُلَاءِ حَتَّى كَادُوا يستنزلونني عَنْ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3113]

(صاحب السرار) من السر، والمراد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يحجبه إذا جاء ولا يخفي عنه سره. (قال) أي أبو الدرداء رضي الله عنه. (هؤلاء) الظاهر أنه يقصد أصحابه، أو من خالفه في القراءة. (يستنزلونني) يجعلونني أتركه وأتنازل عنه. (عن شيء سمعته) وهو قوله:{والذكر والأنثى} بدون قوله: {وما خلق} . والظاهر أنها نزلت أولا هكذا، ثم نزل {وما خلق} ولم يسمعها أبو الدرداء وابن مسعود رضي الله عنهما، كما قيل.

ص: 1368

‌21 - بَاب: مَنَاقِبِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه.

ص: 1369

3534 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا، أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ، أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ).

[4121، 6828]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، رقم:2419. (أمينا) ثقة مرضيا. (أيتها الأمة) هذه الأمة مخصوصة من بين الأمم.

ص: 1369

3535 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ نَجْرَانَ: (لَأَبْعَثَنَّ - يَعْنِي - عَلَيْكُمْ أَمِينًا، حَقَّ أَمِينٍ). فَأَشْرَفَ أَصْحَابُهُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ رضي الله عنه.

[4119، 4120، 6827]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، رقم:2420. (فأشرف أصحابه) تطلعوا إلى الولاية ورغبوا فيها، حرصا على أن يكون أحدهم الأمين الموعود به، لا حرصا على الولاية من حيث هي.

ص: 1369

‌22 - بَاب: مَنَاقِبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضي الله عنهما.

قَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَانَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْحَسَنَ.

[ر: 2016]

يوجد في الأصل قبل هذا الباب: باب ذكر مصعب بن عمير، هكذا بدون أحاديث.

ص: 1369

3536 -

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، عَنْ الْحَسَنِ: سَمِعَ أَبَا بَكْرَةَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْحَسَنُ إِلَى جَنْبِهِ، يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ مَرَّةً، وَيَقُولُ: (ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ

بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).

[ر: 2557]

ص: 1369

3537 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالْحَسَنَ وَيَقُولُ: (اللَّهُمَّ

⦗ص: 1370⦘

إِنِّي أُحِبُّهُمَا، فَأَحِبَّهُمَا). أَوْ كَمَا قَالَ.

[ر: 3528]

ص: 1369

3538 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أُتِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ بن علي عليه السلام، فَجُعِلَ فِي طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ، وَقَالَ فِي حُسْنِهِ شَيْئًا، فَقَالَ أَنَسٌ: كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ مَخْضُوبًا بِالْوَسْمَةِ.

(ينكث) يضرب بقضيب على الأرض وينبش التراب به، وقيل: يجعل القضيب في عيني الرأس وأنفه، فقال له زيد بن أرقم رضي الله عنه: ارفع قضيبك، فقد رأيت فم رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضعه. (وقال في حسنه شيئا) روي أنه قال: ما رأيت مثل هذا حسنا. (أشبههم) أي أشبه أهل بيته به. (وكان) الحسين رضي الله عنه. (مخضوبا) مصبوغا. (بالوسمة) نبت يميل إلى سواد يصبغ به.

ص: 1370

3539 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه قَالَ:

رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِهِ، يَقُولُ:(اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ).

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما، رقم:2422. (عاتقه) ما بين منكبه وعنقه، والمنكب مجتمع العضد مع الكتف.

ص: 1370

3540 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ:

رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه وَحَمَلَ الْحَسَنَ وَهُوَ يَقُولُ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ، لَيْسَ شَبِيهٌ بِعَلِيٍّ. وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ.

[ر: 3349]

(ليس شبيه) ليس هنا بمعنى لا العاطفة، والتقدير: لا شبيه بعلي. وروي: شبيها، على أنه خبر ليس.

ص: 1370

3541 -

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَصَدَقَةُ قَالَا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ:

ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي أَهْلِ بَيْتِهِ.

[ر: 3509]

ص: 1370

3542 -

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي أَنَسٌ قَالَ:

لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ.

ص: 1370

3543 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نُعْمٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ:

وَسَأَلَهُ عَنِ الْمُحْرِمِ - قَالَ شُعْبَةُ: أَحْسِبُهُ - يَقْتُلُ الذُّبَابَ؟ فَقَالَ: أَهْلُ الْعِرَاقِ يَسْأَلُونَ عَنِ الذُّبَابِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا).

[5648]

(ريحانتاي) مثنى ريحانة، وجه التشبيه أن الولد يشم ويقبل، كما تشم الرياحين.

ص: 1371

‌23 - بَاب: مَنَاقِبِ بِلَالِ بْنِ رَبَاحٍ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنهما.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ).

[ر: 1098]

ص: 1371

3544 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ: أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ عُمَرُ يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا. يَعْنِي بِلَالًا.

(أعتق سيدنا) فقد كان بلال رضي الله عنه عبدا فاشتراه وأعتقه، وهذا دليل فضيلة بلال وتواضع عمر، رضي الله عنهما.

ص: 1371

3545 -

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ:

أَنَّ بِلَالًا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِنَفْسِكَ فَأَمْسِكْنِي، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِلَّهِ، فَدَعْنِي وعملي لله.

(اشتريتني) أي وأعتقتني، لأنه أعتقه حين اشتراه، رضي الله عنهما. (لنفسك) أي من أجلك، قال له ذلك أيام خلافته، حين منعه من الهجرة من المدينة، وكان قد كره أن يقيم فيها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 1371

‌24 - بَاب: ذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.

ص: 1371

3546 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

ضَمَّنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ).

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: وَقَالَ: (عَلِّمْهُ الْكِتَابَ).

حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ: مِثْلَهُ.

والحكمة: الإصابة في غير النبوة.

[ر: 75]

(علمه الحكمة) وتطلق على العلم، وعلى إتقان الأمور ووضع الشيء في محله.

ص: 1371

25 -

بَاب مَنَاقِبِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه.

ص: 1372

3547 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ:(أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ). وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ: (حَتَّى أخذها سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ).

[ر: 1189]

ص: 1372

‌26 - بَاب: مَنَاقِبِ سَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رضي الله عنه.

ص: 1372

3548 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:

ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ). قَالَ: لَا أَدْرِي بَدَأَ بِأُبَيٍّ أَوْ بِمُعَاذِ.

[3595، 3597، 4713، وانظر: 3549]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما، رقم:2464. (استقرئوا .. ) قراءة وتعلما.

ص: 1372

‌27 - بَاب: مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.

ص: 1372

3549 -

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو:

إِنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَقَالَ:(إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا).

وَقَالَ: (اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ).

[ر: 3366، 3548]

(فاحشا) متكلما بالقبيح. (متفحشا) متكلفا للتكلم به.

ص: 1372

3550 -

حَدَّثَنَا مُوسَى، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ:

دَخَلْتُ الشَّأْمَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صالحا، فَرَأَيْتُ شَيْخًا مُقْبِلًا، فَلَمَّا

⦗ص: 1373⦘

دَنَا قُلْتُ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اسْتَجَابَ، قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: أَفَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ، أَوَ لَمْ يَكُنْ فِيكُمُ الَّذِي أُجِيرَ مِنَ الشَّيْطَانِ، أَوَ لَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، كَيْفَ قَرَأَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ:{وَاللَّيْلِ إذا يغشى} . فَقَرَأْتُ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى. وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى} . قَالَ أَقْرَأَنِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَاهُ إِلَى فِيَّ، فَمَا زَالَ هَؤُلَاءِ حَتَّى كَادُوا يردونني.

[ر: 3113]

ص: 1372

3551 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:

سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالْهَدْيِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.

[5746]

(السمت) الهيئة الحسنة. (الهدي) الطريقة والمذهب. (نأخذ عنه) العلم والحديث. (دلا) شكلا وشمائل، مأخوذ مما يدل ظاهر حاله على حسن فعاله. (ابن أم عبد) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.

ص: 1373

3552 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنْ الْيَمَنِ، فَمَكُثْنَا حِينًا، مَا نُرَى إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[4123]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما، رقم:2460. (ما نرى) ما نظن.

ص: 1373

‌28 - بَاب: ذِكْرِ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه.

ص: 1373

3553 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ: حَدَّثَنَا الْمُعَافَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ:

أَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِرَكْعَةٍ، وَعِنْدَهُ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: دَعْهُ فَإِنَّهُ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(أوتر) صلى الوتر ركعة واحدة. (مولى) هو كريب رحمه الله تعالى. (فأتى) أي كريب. (دعه) اترك القول فيه والإنكار عليه. (صحب رسول الله) أي فهو عالم بدين الله تعالى وعارف بالفقه.

ص: 1373

3554 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قِيلَ

⦗ص: 1374⦘

لِابْنِ عَبَّاسٍ:

هَلْ لَكَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ مَا أَوْتَرَ إِلَّا بِوَاحِدَةٍ؟ قَالَ: أصاب، إِنَّهُ فَقِيهٌ.

(أصاب) وافق السنة. (فقيه) عالم في شرع الله عز وجل، ويعرف الفقه في الدين.

ص: 1373

3555 -

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ:

سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلَاةً، لَقَدْ صَحِبْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا. يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ.

[ر: 562]

ص: 1374

‌29 - بَاب: مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ عليها السلام.

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ).

[ر: 3426]

ص: 1374

3556 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي).

[ر: 884]

ص: 1374

‌30 - بَاب: فَضْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها.

ص: 1374

3557 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ/ عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: إِنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا: (يَا عَائِشَ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ). فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا أَرَى. تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3045]

(عائش) منادى مرخم، ويجوز فتح الشين وضمها. (يقرئك السلام) يسلم عليك.

ص: 1374

3558 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ. وحَدَّثَنَا عَمْرٌو: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ).

[ر: 3230]

ص: 1374

3559 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ).

[5103، 5112]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في فضل عائشة رضي الله عنها، رقم:2446. (الثريد) طعام يكون فيه لحم مطبوخ وخبز مكسور. (سائر) باقي.

ص: 1375

3560 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ:

أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ.

[4476]

(اشتكت) ضعفت ومرضت. (فرط صدق) صادق وحسن، والفرط المتقدم من كل شيء والسابق إلى المنزل، والمعنى: قد سبقك رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر رضي الله عنه، وقد هيأ لك المنزل في الجنة، فأنت تلحقين بهما، فلا تحزني، بل افرحي بذلك.

ص: 1375

3561 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ:

لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارًا وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ، خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلَاكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا.

[6687 - 6690]

(ليستنفرهم) ليستنجدهم لنصرته فيما كان بينه وبين عائشة رضي الله عنهما يوم الجمل. (أنها) أي عائشة رضي الله عنها. (ابتلاكم) اختبركم. (لتتبعوه) أي عليا رضي الله عنه، وقيل: لتتبعوا الله تعالى باتباع حكمه الشرعي في طاعة الإمام الحق وعدم الخروج عليه. والذي ندين الله تعالى به: أن كلا من الفريقين كان مأجورا، لأن اقتتالهما كان عن تأويل واجتهاد وبقصد الإصلاح.

ص: 1375

3562 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً.

[ر: 327]

ص: 1375

3563 -

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنّ رَسُولَ

⦗ص: 1376⦘

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَانَ فِي مَرَضِهِ، جَعَلَ يَدُورُ فِي نِسَائِهِ، وَيَقُولُ:(أَيْنَ أَنَا غَدًا، أَيْنَ أَنَا غَدًا). حِرْصًا عَلَى بَيْتِ عَائِشَةَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي سَكَنَ.

[ر: 850]

(مرضه) الذي مات فيه. (حرصا) لأجل حرصه على بيتها. (سكن) مات، وقيل: سكت عن هذا القول.

ص: 1375

3564 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيدُ الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ، فَمُرِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ: أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُمَا كَانَ، أَوْ حَيْثُمَا دَارَ، قَالَتْ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا عَادَ إِلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذلك فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ:(يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا).

[ر: 2435]

ص: 1376

(تبوؤوا) اتخذوا والتزموا، والتبوؤ في الأصل: التمكن والاستقرار. (الدار) دار الهجرة وهي المدينة، حيث سكنها الأنصار قبل مجيء المهاجرين إليها، وبنوا فيها المساجد قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم. (والإيمان) أي وآثروا الإيمان وألفوه. (هاجر إليهم) من المسلمين. (حاجة) حسدا. (مما أوتوا) مما أعطي المهاجرون من أموال الغنيمة وغيرها.

ص: 1376

3565 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ:

أَرَأَيْتَ اسْمَ الْأَنْصَارِ، كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ، أَمْ سَمَّاكُمُ اللَّهُ؟ قَالَ: بَلْ سَمَّانَا اللَّهُ.

كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ، فَيُحَدِّثُنَا مناقب الْأَنْصَارِ وَمَشَاهِدِهِمْ، وَيُقْبِلُ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَزْدِ، فَيَقُولُ: فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا.

[3631]

(سمانا الله) تعالى به، في مثل قوله:{والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} . /التوبة: 100/. (مناقب) ما كان لهم من مآثر. (مشاهدهم) ما حضروه من المواقف في سبيل الإسلام. (رجل) يحتمل أنه غيلان، ويحتمل غيره. (الأزد) الأنصار، لأن أزد اسم أبيهم.

ص: 1376

3566 -

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ يَوْمُ بُعَاثَ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا، فَقَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ.

[3633، 3715]

(يوم بعاث) هو يوم تقاتل فيه الأوس والخزرج في الجاهلية، وبعاث مكان قريب من المدينة. (قدمه الله لرسوله) أي حتى تهيأ هؤلاء لقبول الإسلام والإقبال عليه، وشعروا بمزيد الحاجة إليه. (ملؤهم) جماعتهم. (سرواتهم) خيارهم وأشرافهم، جمع سراة، وهو جمع سري: وهو السيد الشريف الكريم، والسري أيضا النفيس.

ص: 1377

3567 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَأَعْطَى قُرَيْشًا: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ، إِنَّ سُيُوفَنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَاءِ قُرَيْشٍ، وَغَنَائِمُنَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا الْأَنْصَارَ، قَالَ: فَقَالَ: (مَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكُمْ). وَكَانُوا لَا يَكْذِبُونَ، فَقَالُوا: هُوَ الَّذِي بَلَغَكَ، قَالَ:(أَوَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالْغَنَائِمِ إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بُيُوتِكُمْ؟ لَوْ سَلَكَتْ الْأَنْصَارُ وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ).

[ر: 2977]

(شعبا) هو الطريق في الجبل.

ص: 1377

‌32 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ).

قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 4095]

(لولا .. ) المعنى: لولا أن الهجرة أمر ديني، وعبادة مأمور بها، ولها أجر وفضل، لانتسبت إليكم وعددت نفسي واحدا منكم.

ص: 1377

3568 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ أَنَّ الْأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا، أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ فِي وَادِي الْأَنْصَارِ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ). فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا ظَلَمَ، بِأَبِي وَأُمِّي، آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ، أَوْ كَلِمَةً أُخْرَى.

[6817]

(امرءا من الأنصار) واحدا منهم. (ما ظلم) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا القول. (بأبي وأمي) هو مفدى بهما. (آووه) ضموه إليهم وأحاطوا به واتخذوا له منزلا. (كلمة أخرى) أي بمعنى ما سبق.

ص: 1377

‌33 - بَاب: إِخَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.

ص: 1378

3569 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:

لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ مَالًا، فَأَقْسِمُ مَالِي نِصْفَيْنِ، وَلِي امْرَأَتَانِ، فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَسَمِّهَا لِي أُطَلِّقْهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا. قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، أَيْنَ سُوقُكُمْ؟ فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَمَا انْقَلَبَ إِلَّا وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ، ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَهْيَمْ). قَالَ: تَزَوَّجْتُ، قَالَ:(كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا). قَالَ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. شَكَّ إِبْرَاهِيمُ.

[ر: 1943]

(انقلب) رجع. (الغدو) الذهاب صبيحة كل يوم. (مهيم) ما حالك وشأنك وما خبرك.

ص: 1378

3570 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:

قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ، فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ عَلِمَتْ الْأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالًا، سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ، وَلِي امْرَأَتَانِ، فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا، حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ، فَلَمْ يَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ حَتَّى أَفْضَلَ شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَهْيَمْ). قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ:(مَا سُقْتَ إليها). قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:(أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ).

[ر: 1944]

(شطرين) نصفين. (حلت) انتهت عدتها.

ص: 1378

3571 -

حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو هَمَّامٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَتْ الْأَنْصَارُ: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ النَّخْلَ، قَالَ:(لَا. قَالَ: تكفوننا المؤونة وَتشْرِكُونَا فِي التَّمْرِ). قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

[ر: 2200]

ص: 1378

‌34 - بَاب: حُبِّ الْأَنْصَارِ من الإيمان.

ص: 1379

3572 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْأَنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ).

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الإيمان، رقم: 75

ص: 1379

3573 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عبد الرحمن بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ).

[ر: 17]

ص: 1379

‌35 - بَاب: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْأَنْصَارِ: (أَنْتُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ).

ص: 1379

3574 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مُقْبِلِينَ - قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - مِنْ عُرُسٍ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُمْثِلًا فَقَالَ:(اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ). قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ.

[4885]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل الأنصار رضي الله عنهم، رقم:2508. (ممثلا) منتصبا وقائما. (مرار) مرات.

ص: 1379

3575 -

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهَا

صَبِيٌّ لَهَا، فَكَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ). مَرَّتَيْنِ.

[4936، 6269]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل الأنصار رضي الله عنهم، رقم:2509.

ص: 1379

‌36 - بَاب: أَتْبَاعِ الْأَنْصَارِ.

ص: 1379

3576 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ:

قَالَتْ الْأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِكُلِّ نَبِيٍّ أَتْبَاعٌ، وَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا، فَدَعَا بِهِ. فَنَمَيْتُ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى،

⦗ص: 1380⦘

قَالَ: قَدْ زَعَمَ ذَلِكَ زَيْدٌ.

(أتباعنا منا) حلفاءنا وموالينا متصلين بنا، يقال لهم الأنصار، حتى يكون لهم ما كان لنا من العز والشرف، وتنالهم الوصية بالأنصار والإحسان إليهم. (فنميت) رفعت ونقلت، وقائل هذا عمرو بن مرة أحد الرواة. (زعم) أي قال، ويطلق الزعم على القول أحيانا.

ص: 1379

3577 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ، رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ:

قَالَتْ الْأَنْصَارُ: إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ أَتْبَاعًا، وَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ أَتْبَاعَنَا مِنَّا، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَتْبَاعَهُمْ مِنْهُمْ). قَالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُهُ لِابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: قَدْ زَعَمَ ذَاكَ زَيْدٌ. قَالَ شُعْبَةُ: أَظُنُّهُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ.

ص: 1380

‌37 - بَاب: فَضْلِ دُورِ الْأَنْصَارِ.

ص: 1380

3578 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الخزرج، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ). فَقَالَ سَعْدٌ: مَا أَرَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا؟ فَقِيلَ: قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى كَثِيرٍ.

وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: سَمِعْتُ أَنَسًا: قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا. وَقَالَ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ.

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في خير دور الأنصار رضي الله عنهم، رقم:2511. (دور) أي قبائل. (سعد) بن عبادة رضي الله عنه، وهو من بني ساعدة.

ص: 1380

3579 -

حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ الطَّلْحِيُّ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُسَيْدٍ:

أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (خَيْرُ الْأَنْصَارِ، أَوْ قَالَ: خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، وَبَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَبَنُو الْحَارِثِ، وَبَنُو سَاعِدَةَ).

[3596، 5706، وانظر: 4994]

ص: 1380

3580 -

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ خَيْرَ دُورِ الْأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ بني عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي الْحَارِثِ، ثُمَّ بَنِي سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ). فَلَحِقَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ أبو أُسَيْدٍ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ الْأَنْصَارَ، فَجَعَلَنَا أَخِيرًا؟

⦗ص: 1381⦘

فَأَدْرَكَ سَعْدٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خُيِّرَ دُورُ الْأَنْصَارِ فَجُعِلْنَا آخِرًا، فَقَالَ:(أَوَ لَيْسَ بِحَسْبِكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ الْخِيَارِ).

[ر: 1411]

أخرجه مسلم في الفضائل، باب، في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، رقم:1392. (خير) فضل بعض الأنصار على بعض. (بحسبكم) كافيكم.

ص: 1380

‌38 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْأَنْصَارِ: (اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ).

قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 4075]

ص: 1381

3581 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنهم:

أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا؟ قَالَ:(سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ).

[6648]

أخرجه مسلم في الإمارة، باب: الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم، رقم:1845. (تستعملني) تجعلني عاملا على الصدقة، أو متوليا على بلد. (أثرة) يفضل عليكم غيركم في الأموال. (الحوض) حوض النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.

ص: 1381

3582 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْأَنْصَارِ: (إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي، وَمَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ).

[ر: 2977]

ص: 1381

3583 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه حِينَ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى الْوَلِيدِ، قَالَ:

دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَنْصَارَ إِلَى أَنْ يُقْطِعَ لَهُمُ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ تُقْطِعَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَهَا، قَالَ:(إِمَّا لَا، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي، فَإِنَّهُ ستصيبكم بَعْدِي أَثَرَةٌ).

[ر: 2242]

ص: 1381

‌39 - بَاب: دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَصْلِحْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةَ).

ص: 1381

3584 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو إِيَاسٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

(لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَةِ

فَأَصْلِحْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةَ).

وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مِثْلَهُ. وَقَالَ: (فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ).

ص: 1381

3585 -

حَدَّثَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ تَقُولُ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا

عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا

فَأَجَابَهُمْ: (اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ. فَأَكْرِمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ).

[ر: 2679]

ص: 1382

3586 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ قَالَ:

جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ، وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ. فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ).

[3872، 6051]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهي الخندق، رقم:1804. (أكتادنا) جمع كتد، وهو ما بين الكاهل إلى الظهر، والكاهل: ما بين الكتف إلى موصل العنق في الصلب، وفي رواية (أكبادنا) جمع كبد، أي على جنوبنا مما يلي الكبد.

ص: 1382

3587 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا الْمَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هَذَا). فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: أَنَا، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً. فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ، مِنْ فَعَالِكُمَا). فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .

[4607]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: إكرام الضيف وفضل إيثاره، رقم:2054. (رجل) هو أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري رضي الله عنه. (أصبحي) أوقدي ونوري. (يريانه) من الإراءة، أي يتظاهران بذلك. (ضحك) أي رضي. (يؤثرون) يختارون ويفضلون. (خصاصة) حاجة. (يوق شح نفسه) يخالف هواها ويغلبها على ما أمرته، بتوفيق الله وعونه، من الوقاية وهي الحفظ، والشح: البخل والحرص. /الحشر: 9/.

ص: 1382

‌41 - بَاب: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ).

ص: 1383

3588 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا شَاذَانُ، أَخُو عَبْدَانَ: حَدَّثَنَا أَبِي: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:

مَرَّ أَبُو بَكْرٍ وَالْعَبَّاسُ رضي الله عنهما بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمْ؟ قَالُوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَّا، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، قَالَ: فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ، قَالَ: فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، وَقَدْ قَضَوْا الَّذِي عَلَيْهِمْ وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ).

[3590]

(مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا) أي جلوسا معه، وكان ذلك في مرضه صلى الله عليه وسلم، فخافوا أن يموت من مرضه فيفقدوا مجلسه، فبكوا حزنا على ذلك. (حاشية برد) طرفه، والبرد كساء مربع. (كرشي وعيبتي) الكرش للحيوان المجتر بمنزلة المعدة للإنسان، والعيبة مستودع الثياب، والمعنى: إنهم بطانتي وخاصتي، وموضع سري وأمانتي. (قضوا الذي عليهم) أدوا ما عاهدوا عليه من النصرة وغيرها. (بقي الذي لهم) وهو دخول الجنة.

ص: 1383

3589 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُتَعَطِّفًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ، وَتَقِلُّ الْأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعُهُ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ).

[ر: 885]

ص: 1383

3590 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْأَنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، وَالنَّاسُ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ).

[ر: 3588]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل الأنصار رضي الله عنهم، رقم:2510. (يقلون) أي يقل الأنصار، بينما يكثر غيرهم.

ص: 1383

‌42 - بَاب: مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه.

ص: 1383

3591 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ:

⦗ص: 1384⦘

سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه يَقُولُ:

أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُلَّةُ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَمَسُّونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا، فَقَالَ:(أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ؟ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ خَيْرٌ مِنْهَا وأَلْيَنُ).

رَوَاهُ قَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ: سَمِعَا أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3077]

أخرجه مسلم ف فضائل الصحابة، باب: من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه، رقم:2468. (حلة) ثوبان من نوع واحد. (المناديل) جمع منديل، وهو ما يحمل في اليد ويتمسح به.

ص: 1383

3592 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ مُسَاوِرٍ، خَتَنُ أَبِي عَوَانَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ).

وَعَنْ الْأَعْمَشِ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: فَإِنَّ الْبَرَاءَ يَقُولُ: (اهْتَزَّ السَّرِيرُ). فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ).

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه، رقم:2466. (العرش) هو في اللغة السرير، فإن كان المراد السرير الذي وضع عليه فالمراد: أنه تحرك واضطرب لما له من فضيلة، وإن كان المراد عرش الرحمن فالمراد: اهتزاز حملته سرورا واستبشارا بقدومه. (الحيين) الأوس والخزرج. (ضغائن) جمع ضغينة وهي الحقد، أي ولهذا لا يقر أحدهم بالفضل للآخر، ورد هذا المعنى: بأن نسب البراء ينتهي إلى الأوس، فلا ينسب قوله (السرير) إلى غرض نفسي، وإنما حمله على لفظ يحتمله، ولا يقدح هذا في عدالة جابر رضي الله عنه، لأنه قد فهم أيضا هذا من حيث الظاهر، لما ثبت عنده وسمعه من نسبة العرش إلى الرحمن سبحانه وتعالى.

ص: 1384

3593 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

أَنَّ أُنَاسًا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(قُومُوا إِلَى خَيْرِكُمْ، أَوْ سَيِّدِكُمْ). فَقَالَ: (يَا سَعْدُ إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ). قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، قَالَ:(حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ، أَوْ: بِحُكْمِ الْمَلِكِ).

[ر: 2878]

ص: 1384

‌43 - بَاب: مَنْقَبَةُ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ رضي الله عنهما.

ص: 1384

3594 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رَجُلَيْنِ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَإِذَا نُورٌ بَيْنَ

⦗ص: 1385⦘

أَيْدِيهِمَا حَتَّى تَفَرَّقَا، فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا.

وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ. وَقَالَ حَمَّادٌ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 453]

ص: 1384

‌44 - بَاب: مَنَاقِبُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه.

ص: 1385

3595 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ).

ص: 1385

‌45 - بَاب: مَنْقَبَةُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه.

وَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا.

[ر: 4473]

(وكان قبل ذلك) أي لم تبدر منه زلة يؤاخذ عليها قبل أن يقول ما قال في حديث الإفك.

ص: 1385

3596 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه: قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ). فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَكَانَ ذَا قِدَمٍ فِي الْإِسْلَامِ: أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى نَاسٍ كَثِيرٍ.

[ر: 3578]

ص: 1385

‌46 - بَاب: مَنَاقِبُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه.

ص: 1385

3597 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:

ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ).

[ر: 3548]

ص: 1385

3598 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ

⦗ص: 1386⦘

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُبَيٍّ: (إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}). قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ: (نَعَمْ). فَبَكَى.

[4676، 4677]

أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحذاق فيه. وفي فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار رضي الله عنهم، رقم:799. (لم يكن الذين كفروا) أي السورة التي تبدأ بهذه الجملة، وهي سورة البينة. (وسماني) هل نص علي باسمي. (فبكى) من شدة الفرح والسرور، وقيل: خوفا من تقصيره في شكر هذه النعمة.

ص: 1385

‌47 - بَاب: مَنَاقِبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه.

ص: 1386

3599 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:

جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ: أُبَيٌّ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي.

[4717، 4718]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار رضي الله عنهم، رقم:2465. (جمع القرآن) حفظه غيبا. (أبو زيد) قبل هو قيس بن السكن رضي الله عنه.

ص: 1386

‌48 - بَاب: مَنَاقِبُ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنه.

ص: 1386

3600 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُجَوِّبٌ بِهِ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ الْقِدِّ، يَكْسِرُ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَةُ مِنَ النَّبْلِ، فَيَقُولُ:(انثرها لِأَبِي طَلْحَةَ). فَأَشْرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَا تُشْرِفْ يصبك سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ، وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تُنْقِزَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا، ثُمَّ تجيآن فَتُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَيْ أَبِي طَلْحَةَ،

⦗ص: 1387⦘

إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثًا.

[ر: 2724]

أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة النساء مع الرجال، رقم:1811. (بين يدي) قدام. (مجوب به عليه) مترس عليه بنفسه، يقيه من ضربات المشركين ونبالهم. (بحجفة) ترس من الجلد ليس فيها خشب. لا (شديد القد) هو السير من جلد مدبوغ، والمعنى: أن وتر قوسه شديد في النزع والمد. (الجعبة) الكنانة المملوءة بالنبل. (نحري دون نحرك) أقف بين يديك بحيث إذا جاء السهم يصيب نحري ولا يصيب نحرك، والنحر: الصدر وأسفل العنق.

ص: 1386

‌49 - بَاب: مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه.

ص: 1387

3601 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ. قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} . الْآيَةَ، قَالَ: لَا أَدْرِي، قَالَ مَالِكٌ الْآيَةَ، أَوْ فِي الْحَدِيثِ.

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبد الله بن سلام رضي الله عنه، رقم:2483. (شاهد) هو عبد الله بن سلام رضي الله عنه. (الآية) وتمامها: {على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} /الأحقاف: 10/. (مثله) مثل ما في القرآن في المعنى، وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة للقرآن في التوحيد والأخلاق وأسس التشريع، والمعنى: شهد شاهد من بني إسرائيل عالم بالتوراة، على كون هذا القرآن من عند الله تعالى. (قال: لا أدري) القائل عبد الله بن يوسف الراوي عن مالك، رحمهم الله تعالى.

ص: 1387

3602 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ:

كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ، فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا، ثُمَّ خَرَجَ، وَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ، وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ: رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ - ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا - وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ، فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِي: ارْقَهْ، قُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ، فَأَتَانِي مِنْصَفٌ، فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي، فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَاهَا، فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَقِيلَ لي: اسْتَمْسِكْ. فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ، وَذَلِكَ

⦗ص: 1388⦘

الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى، فَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ). وَذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ.

وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ، عَنْ ابْنِ سَلَامٍ قَالَ: وَصِيفٌ مَكَانَ مِنْصَفٌ.

[6608، 6612]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبد الله بن سلام رضي الله عنه، رقم:2484. (تجوز فيهما) خففهما. (ما ينبغي .. ) قال ذلك تواضعا، أو: كراهة الثناء على أحد بالقطع له بالجنة. (لم ذلك) أي لماذا قالوا ذلك القول. (عروة) ما يستمسك به كالحلقة. (ارقه) ارتفع واعل، والهاء للسكت. (منصف) هو الخادم. (وإنها لفي يدي) أي العروة، أي استيقظ قبل أن يتركها في المنام، وهذا أفاد أنه أخذ الإسلام ولن يتركه. (عروة الوثقى) الإيمان والإسلام.

ص: 1387

3603 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ:

أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَلَا تَجِيءُ فَأُطْعِمَكَ سَوِيقًا وَتَمْرًا وَتَدْخُلَ فِي بَيْتٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ، أَوْ حِمْلَ قَتٍّ، فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا.

وَلَمْ يَذْكُرِ النَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ وَوَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ: الْبَيْت.

[6910]

(سويقا) طعاما يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير، سمي بذلك لانسياقه في الحلق. (بيت) عظيم مشرف بدخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه. (بأرض) هي أرض العراق. (فاش) ظاهر وشائع، يكثر التعامل به. (قت) نوع من علف الدواب. (فإنه ربا) أي فإن قبول هدية المستقرض جار مجرى الربا، من حيث إنه زائد على ما أخذه.

ص: 1388

‌50 - بَاب: تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ، وَفَضْلِهَا رضي الله عنها.

ص: 1388

3604 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ.

حَدَّثَنِي صَدَقَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ).

[ر: 3249]

ص: 1388

3605 -

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا، وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَ

⦗ص: 1389⦘

لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيُهْدِي فِي خَلَائِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ.

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، رقم:2435. (ما غرت على خديجة) مثل الغيرة التي غرتها منها شدة وقوة، والغيرة: الحمية والأنفة. (هلكت) ماتت. (قصب) لؤلؤ مجوف واسع، كالقصر المنيف، وقيل: أنابيب من جوهر. (خلائلها) صديقاتها، جنع خليلة. أي وهذا يشعر باستمرار حبه لها، فهو مما يزيدها غيرة عليها. (ما يسعهن) ما يشبعهن ويسد حاجتهن.

ص: 1388

3606 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا، قَالَتْ: وَتَزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عز وجل، أَوْ جِبْرِيلُ عليه السلام، أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ.

ص: 1389

3607 -

حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ، ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ، فَيَقُولُ:(إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ).

[4931، 5658، 7046]

(صدائق) جمع صديقة. (كانت وكانت) أي يذكر صفاتها وفضائلها.

ص: 1389

3608 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما:

بَشَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.

[ر: 1523]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة رضي الله عنها، رقم:2433.

ص: 1389

3609 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ، مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عليها السلام مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.

[7058]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة رضي الله عنها، رقم:2432. (صخب) هو الصوت المختلط المرتفع. (نصب) هو المشقة والتعب.

ص: 1389

3610 -

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ،

⦗ص: 1390⦘

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أُخْتُ خَدِيجَةَ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ:(اللَّهُمَّ هَالَةَ). قَالَتْ: فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا.

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة رضي الله عنها، رقم:2437. (فعرف استئذان خديجة) تذكره، لشبه صوتها بصوتها رضي الله عنهما. (فارتاع لذلك) تغير واهتز سرورا بذلك. وأصل ارتاع من الروع وهو الفزع، وليس مرادا هنا، وقد يكون المعنى: تغير حزنا لتذكره فراقها. (اللهم هالة) أي اجعلها يا الله هالة، أو: هي هالة. (حمراء الشدقين) الشدق جانب الفم، أرادت أنها عجوز كبيرة جدا، قد سقطت أسنانها من الكبر ولم يبق في فمها بياض من الأسنان، وإنما حمرة اللثاث. (هلكت في الدهر) ماتت وذهبت في غابر الأيام، ولم يبق لها وجود.

ص: 1389

‌51 - بَاب: ذِكْرُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه.

ص: 1390

3611 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه:

مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ.

وَعَنْ قَيْسٍ، عن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ، أَوْ: الْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ). قَالَ: فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، قَالَ: فَكَسَرْنَا، وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ.

[ر: 2857]

ص: 1390

‌52 - بَاب: ذِكْرُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ الْعَبْسِيِّ رضي الله عنه.

ص: 1390

3612 -

حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ: أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ هَزِيمَةً بَيِّنَةً، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ أُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ، فَنَادَى: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي، فَقَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ أَبِي: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عز وجل.

[ر: 3116]

ص: 1390

‌53 - بَاب: ذِكْرُ هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنها.

ص: 1390

3613 -

وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ:

⦗ص: 1391⦘

أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ أَهْلِ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، قَالَ:(وَأَيْضًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ). قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا؟ قَالَ:(لَا أُرَاهُ إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ).

[ر: 2097]

أخرجه مسلم في الأقضية، باب: قضية هند، رقم:1714. (خباء) الخيمة من الوبر أو الصوف على عمودين أو ثلاثة، ويعبر به عن مسكن الرجل وداره. (لا أراه إلا بالمعروف) لا أرى ذلك جائزا لك إلا بقدر الحاجة والضرورة دون زيادة.

ص: 1390

‌54 - بَاب: حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ.

ص: 1391

3614 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوَحْيُ، فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سُفْرَةٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ: إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلَا آكُلُ إِلَّا مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ الْمَاءَ، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ. إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ.

(بلدح) واد في طريق التنعيم إلى مكة. (سفرة) طعام يتخذه المسافر، وأكثر ما يحمل في جلد مستدير، ولذلك أصبح يطلق لفظ سفرة على ما يوضع فيه الطعام أو عليه. (أنصابكم) جمع نصب، وهو كل ما نصب وعظم من دون الله عز وجل، وقيل: هي حجارة كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام. (إنكارا لها) أي منكرا عليهم فعل ذلك. (إعظاما له) أي لله تعالى خالقها.

ص: 1391

3615 -

قَالَ مُوسَى: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا تَحَدَّثَ بِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ:

أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ الْيَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ فَأَخْبِرْنِي، فَقَالَ: لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا، حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، قَالَ زَيْدٌ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ

⦗ص: 1392⦘

حَنِيفًا، قَالَ زَيْدٌ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ. فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ النَّصَارَى فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، قَالَ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ

إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ. فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ.

[5180]

(يتبعه) من الاتباع، أي ويعمل بما يعلمه منه، ويروى:(ويبتغيه) من الابتغاء وهو الطلب. (غضب الله) وصول العذاب إليك. (أنى) كيف. (حنيفا) مسلما معتزلا لعبادة الأوثان، صحيح الميل إلى الإسلام، ثابتا عليه. (لعنة الله) الطرد والإبعاد عن رحمته. (برز) ظهر خارجا عن أرضهم.

ص: 1391

3616 -

وَقَالَ اللَّيْثُ: كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ:

رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا، مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، يَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي. وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ: لَا تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَهَا مؤونتها، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ، قَالَ لِأَبِيهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مؤونتها.

(يحيي الموءودة) يستنقذها من الوأد، وهو دفنها في التراب وهي حية. (ترعرت) نشأت وشبت.

ص: 1392

‌55 - بَاب: بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ.

ص: 1392

3617 -

حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا بُنِيَتْ الْكَعْبَةُ، ذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَبَّاسٌ يَنْقُلَانِ الْحِجَارَةَ، فَقَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ يَقِيكَ مِنَ الْحِجَارَةِ، فَخَرَّ إِلَى الْأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: (إِزَارِي إِزَارِي). فَشَدَّ عَلَيْهِ إِزَارَهُ.

[ر: 357]

(يقيك) يحفظك. (طمحت) ارتفعت. (إزاري إزاري) أعطوني إياه.

ص: 1392

3618 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَا:

لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَوْلَ الْبَيْتِ حَائِطٌ، كَانُوا يُصَلُّونَ حَوْلَ

⦗ص: 1393⦘

الْبَيْتِ، حَتَّى كَانَ عُمَرُ، فَبَنَى حَوْلَهُ حَائِطًا. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: جَدْرُهُ قَصِيرٌ، فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ.

(البيت) الكعبة. (جدره) جداره. (فبناه) أي مرتفعا طويلا. (ابن الزبير) أي عبد الله رضي الله عنهما.

ص: 1392

‌56 - بَاب: أَيَّامُ الْجَاهِلِيَّةِ.

ص: 1393

3619 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى: قَالَ هِشَامٌ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَا يَصُومُهُ.

[ر: 1515]

ص: 1393

3620 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنَ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ، وَكَانُوا

يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الْأَثَرْ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ. قَالَ: فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ رَابِعَةً مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ:(الْحِلُّ كُلُّهُ).

[ر: 1489]

ص: 1393

3621 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:

جَاءَ سَيْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَسَا مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ. قَالَ سُفْيَانُ: وَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَحَدِيثٌ لَهُ شَأْنٌ.

(فكسا بين الجبلين) غطى ما بين جبلي مكة المشرفين عليها. (شأن) قصة طويلة في مجيء السيل وطوفان مكة.

ص: 1393

3622 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بَيَانٍ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ:

دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ، فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ، فَقَالَ: مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ؟ قَالُوا: حَجَّتْ مُصْمِتَةً، قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَكَلَّمَتْ، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: امْرُؤٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ: أَيُّ الْمُهَاجِرِينَ؟ قَالَ: مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَتْ: مِنْ أَيِّ قُرَيْشٍ أَنْتَ؟ قَالَ: إِنَّكِ لسؤول، أَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَتْ: مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الصَّالِحِ الَّذِي جَاءَ اللَّهُ بِهِ بَعْدَ الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: بَقَاؤُكُمْ عَلَيْهِ مَا اسْتَقَامَتْ

⦗ص: 1394⦘

بِكُمْ أَئِمَّتُكُمْ، قَالَتْ: وَمَا الْأَئِمَّةُ؟ قَالَ: أَمَا كَانَ لِقَوْمِكِ رؤوس وَأَشْرَافٌ، يَأْمُرُونَهُمْ فَيُطِيعُونَهُمْ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَهُمْ أُولَئِكِ عَلَى النَّاسِ.

(أحمس) اسم قبيلة. (مصمتة) صامتة ساكنة. (هذا) ترك الكلام. (لسؤول) كثيرة السؤال. (الأمر الصالح) الإسلام وما فيه من العدل ومكارم الأخلاق.

ص: 1393

3623 -

حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا، فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ:

وَيَوْمُ الْوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا

أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي.

فَلَمَّا أَكْثَرَتْ، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: وَمَا يَوْمُ الْوِشَاحِ؟ قَالَتْ: خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِي وَعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ، فَسَقَطَ مِنْهَا، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الْحُدَيَّا وَهِيَ تَحْسِبُهُ لَحْمًا، فأخذته، فَاتَّهَمُونِي بِهِ فَعَذَّبُونِي، حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِي أَنَّهُمْ طَلَبُوا فِي قُبُلِي، فَبَيْنَا هُمْ حَوْلِي وَأَنَا فِي كَرْبِي، إِذْ أَقْبَلَتِ الْحُدَيَّا حَتَّى وَازَتْ برؤوسنا، ثُمَّ أَلْقَتْهُ، فَأَخَذُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ.

[ر: 428]

ص: 1394

3624 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَلَا مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إِلَّا بِاللَّهِ). فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا، فَقَالَ:(لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ).

[ر: 2533]

ص: 1394

3625 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ:

أَنَّ الْقَاسِمَ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجَنَازَةِ وَلَا يَقُومُ لَهَا، وَيُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُومُونَ لَهَا، يَقُولُونَ إِذَا رَأَوْهَا: كُنْتِ فِي أَهْلِكِ مَا أَنْتِ. مَرَّتَيْنِ.

(بين يدي) أمام. (ولا يقوم لها) إذا مرت وكانت قاعدا. (ما أنت) أي رتبتك معلومة في الشرف والمكانة، وقيل: كنت فيما أنت فيه الآن من خير أو شر، حسب ادعائهم أن روح الإنسان تصير طائرا مثله.

ص: 1394

3626 -

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ:

قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ، فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ.

[ر: 1600]

ص: 1394

3627 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ:

{وَكَأْسًا دِهَاقًا} . قَالَ: مَلْأَى مُتَتَابِعَةً. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: اسْقِنَا كَأْسًا دِهَاقًا.

(وكأسا .. ) /النبأ: 34/. (في الجاهلية) أي قبل أن يسلم العباس رضي الله عنه.

ص: 1395

3628 -

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ، كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ، وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ).

[5795، 6124]

(لبيد) بن ربيعة رضي الله عنه. (أن يسلم) أي قارب الإسلام في شعره المشعر بإيمانه، ولإيمانه بالبعث في الجاهلية، ولكنه لم يسلم.

ص: 1395

3629 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: تدري مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ، إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ.

(غلام) عبد. (يخرج له خراج) يأتي له بما يكسبه من الخراج، وهو ما كان يقرره السيد على عبده من مال يدفعه من كسبه. (الكهانة) هي الإخبار عما سيكون من غير دليل شرعي.

ص: 1395

3630 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَ لُحُومَ الْجَزُورِ إِلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ. قَالَ: وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا، ثُمَّ تَحْمِلَ الَّتِي نُتِجَتْ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ.

[ر: 2036]

ص: 1395

3631 -

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ: قَالَ غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ:

كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَيُحَدِّثُنَا عَنْ الْأَنْصَارِ، وَكَانَ يَقُولُ لِي: فَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَفَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا.

[ر: 3565]

ص: 1395

(الْقَسَامَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ)

ص: 1396

3632 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ: حَدَّثَنَا قَطَنٌ أَبُو الْهَيْثَمِ: حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ الْمَدَنِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

إِنَّ أَوَّلَ قَسَامَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بَنِي هَاشِمٍ، كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ فَخِذٍ أُخْرَى، فَانْطَلَقَ مَعَهُ فِي إِبِلِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ بِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، قَدِ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ، فَقَالَ: أَغِثْنِي بِعِقَالٍ أَشُدُّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِي، لَا تَنْفِرُ الْإِبِلُ، فَأَعْطَاهُ عِقَالًا فَشَدَّ بِهِ عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ، فَلَمَّا نَزَلُوا عُقِلَتِ الْإِبِلُ إِلَّا بَعِيرًا وَاحِدًا، فَقَالَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ: مَا شَأْنُ هَذَا الْبَعِيرِ

لَمْ يُعْقَلْ مِنْ بَيْنِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عِقَالٌ، قَالَ: فَأَيْنَ عِقَالُهُ؟ قَالَ: فَحَذَفَهُ بِعَصًا كَانَ فِيهَا أَجَلُهُ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ الْمَوْسِمَ؟ قَالَ: مَا أَشْهَدُ، وَرُبَّمَا شَهِدْتُهُ، قَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّي رِسَالَةً مَرَّةً مِنَ الدَّهْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فكنت إِذَا أَنْتَ شَهِدْتَ الْمَوْسِمَ فَنَادِ: يَا آلَ قُرَيْشٍ، فَإِذَا أَجَابُوكَ فَنَادِ: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ، فَإِنْ أَجَابُوكَ، فَسَلْ عَنْ أَبِي طَالِبٍ فَأَخْبِرْهُ: أَنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي فِي عِقَالٍ، وَمَاتَ الْمُسْتَأْجَرُ، فَلَمَّا قَدِمَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ، أَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ صَاحِبُنَا؟ قَالَ: مَرِضَ، فَأَحْسَنْتُ الْقِيَامَ عَلَيْهِ، فَوَلِيتُ دَفْنَهُ، قَالَ: قَدْ كَانَ أَهْلَ ذَاكَ مِنْكَ، فَمَكُثَ حِينًا، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي أَوْصَى إِلَيْهِ أَنْ يُبْلِغَ عَنْهُ وَافَى الْمَوْسِمَ، فَقَالَ: يَا آلَ قُرَيْشٍ، قَالُوا: هَذِهِ قُرَيْشٌ، قَالَ: يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ؟ قَالُوا: هَذِهِ بَنُو هَاشِمٍ، قَالَ: أَيْنَ أَبُو طَالِبٍ؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو طَالِبٍ، قَالَ: أَمَرَنِي فُلَانٌ أَنْ أُبْلِغَكَ رِسَالَةً، أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فِي عِقَالٍ. فَأَتَاهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ: اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤَدِّيَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ فَإِنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا، وَإِنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ قَوْمِكَ إِنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ، فَإِنْ أَبَيْتَ قَتَلْنَاكَ بِهِ، فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالُوا: نَحْلِفُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، قَدْ وَلَدَتْ لَهُ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي هَذَا بِرَجُلٍ مِنَ الْخَمْسِينَ، وَلَا تُصْبِرْ

⦗ص: 1397⦘

يَمِينَهُ حَيْثُ تُصْبَرُ الْأَيْمَانُ، فَفَعَلَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلًا أَنْ يَحْلِفُوا مَكَانَ مِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ، يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ، هَذَانِ بَعِيرَانِ، فَاقْبَلْهُمَا عَنِّي وَلَا تُصْبِرْ يَمِينِي حَيْثُ تُصْبَرُ الْأَيْمَانُ، فَقَبِلَهُمَا، وَجَاءَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا حَالَ الْحَوْلُ، وَمِنَ الثَّمَانِيَةِ والأربعين عَيْنٌ تَطْرِفُ.

(القسامة) هي عند الحنفية: أيمان المتهمين بالقتل على نفي القتل عنهم. وعند الشافعية: أيمان أولياء المقتول، مقسومة عليهم بحسب استحقاقهم في الإرث. (رجل من بني هاشم) هو عمرو بن علقمة بن المطلب. (عروة جوالقه) هو وعاء من جلود وثياب وغيرها، وهو فارسي معرب، وأصله: كواله. (أغثني) أعني. (بعقال) بحبل. (فحذفه) رماه، والحذف رمي الشيء بالأصابع. (الموسم) موسم الحج. (تجيز ابني) تأذن له في ترك اليمين. (تصبر) تحبس، وصبر اليمين أن يلزم المأمور بها ويكره عليها. (حيث تصبر الأيمان) في المكان الذي يحبس الناس فيه ليحلفوا، وكانوا يحلفون بين الركن أي الحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام. (عين تطرف) تتحرك، وهو كناية عن الحياة، أي لم يبق أحد منهم وماتوا جميعا.

ص: 1396

3633 -

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِّلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وَجُرِّحُوا، قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ.

[ر: 3566]

ص: 1397

3634 -

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ: أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَيْسَ السَّعْيُ بِبَطْنِ الْوَادِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سُنَّةً، إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَسْعَوْنَهَا، وَيَقُولُونَ: لَا نُجِيزُ الْبَطْحَاءَ إِلَّا شَدًّا.

(السعي) الإسراع في المشي والهرولة. (ببطن الوادي) وسطه، وهي المسافة بين المصابيح الخضر الآن. (لا نجيز) لا نقطع. (البطحاء) المكان المتسع يمر به السيل فيترك فيه الرمل والحصى الصغار، وقد تطلق عليهما. (شدا) بقوة وعدو شديد.

ص: 1397

3635 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ: سَمِعْتُ أَبَا السَّفَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا مِنِّي مَا أَقُولُ لَكُمْ، وَأَسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ، وَلَا تَذْهَبُوا فَتَقُولُوا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ، فَلْيَطُفْ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ، وَلَا تَقُولُوا الْحَطِيمُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَحْلِفُ، فَيُلْقِي سَوْطَهُ أَوْ نَعْلَهُ أَوْ قَوْسَهُ.

(الحجر) المكان المحوط بجدار قصير من جهة الميزاب. (الحطيم) سماه بذلك أهل الجاهلية لأنه يحطم أمتعتهم، وكانوا إذا تحالفوا ألقوا الأشياء المذكورة في الحجر علامة لعقد حلفهم.

ص: 1397

3636 -

حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ:

⦗ص: 1398⦘

رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ، قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ.

(زنت) واقعها أحد القردة. (فرجموها) رموها بالحجارة حتى ماتت، وخلاصة ما قاله الشراح في هذا: أن المراد: أنه شاهد ما صورته زنا ورجم، فقد ذكروا أنها كانت نائمة إلى جانب قرد، فجاء آخر فغمزها، فذهبت معه حتى واقعها، ثم رجعت توهم أنها ما زالت إلى جنبه، وهذا ربما يحصل بدافع الغريزة، وإلا فالحيوان ليس مكلفا، ولا يسمى فعله بما يسمى به فعل المكلفين من بني آدم.

ص: 1397

3637 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

خِلَالٌ مِنْ خِلَالِ الْجَاهِلِيَّةِ: الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالنِّيَاحَةُ، وَنَسِيَ الثَّالِثَةَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَيَقُولُونَ: إِنَّهَا الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ.

(خلال) خصال وأعمال. (النياحة) رفع الصوت بالبكاء على الميت مع التكلم أو الفعل بما يدل على الجزع. (بالأنواء) جمع نوء، وهو منزل القمر، وكانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا، وسقينا بنوء كذا.

ص: 1398

‌57 - بَاب: مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

مُحَمَّدُ، بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعبِ بْنِ لؤَيِّ بْنِ غالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ.

ص: 1398

3638 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن أَبِي رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ، فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم.

[3689، 3690]

ص: 1398

‌58 - بَاب: مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمكَّةَ.

ص: 1398

3639 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا بَيَانٌ وَإِسْمَاعِيلُ قَالَا: سَمِعْنَا قَيْسًا يَقُولُ: سَمِعْتُ خَبَّابًا يَقُولُ:

أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً وَهُوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَقَدْ لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَدْعُو اللَّهَ، فَقَعَدَ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ، فَقَالَ:(لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ، مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ).

زَادَ بَيَانٌ:

⦗ص: 1399⦘

(وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ).

[ر: 3416]

ص: 1398

3640 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

قَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّجْمَ فَسَجَدَ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا سَجَدَ، إِلَّا رَجُلٌ رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًا فَرَفَعَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا يَكْفِينِي، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا بِاللَّهِ.

[ر: 1017]

ص: 1399

3641 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ، وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ، أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، أَوْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ). - شُعْبَةُ الشَّاكُّ - فَرَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ غَيْرَ أُمَيَّةَ أَوْ أُبَيٍّ، تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، فَلَمْ يُلْقَ فِي الْبِئْرِ.

[ر: 237]

ص: 1399

3642 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَوْ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:

أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى قَالَ: سَلْ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مَا أَمْرُهُمَا: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} . {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} . فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ، قَالَ مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ: فَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَدَعَوْنَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَقَدْ أَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} الْآيَةَ. فَهَذِهِ لِأُولَئِكَ، وَأَمَّا الَّتِي فِي النِّسَاءِ: الرَّجُلُ إِذَا

⦗ص: 1400⦘

عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَشَرَائِعَهُ، ثُمَّ قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ. فَذَكَرْتُهُ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ: إِلَّا مَنْ نَدِمَ.

[4314، 4484 - 4488]

(التي في الفرقان) وهي: لا تقتلوا

، واللفظ هكذا في الرواية، والآية

في التلاوة بتمامها والتي بعدها: {والذين يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا} /الفرقان: 68، 69/. (أثاما) عقوبة على فعله. (يخلد) يبقى باستمرار، أو إلى أمد طويل، حسب جريمته واعتقاده. (مهانا) ذليلا. (قال مشركو مكة .. ) أي فلا يقبل منا توبة. (الآية) وتتمتها:{وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} . /الفرقان: 70/. (لأولئك) أي نزلت في حق المشركين وجوابا لهم، وبيانا أن الإسلام يسقط ما قبله من ذنب. (التي في النساء) وهي بتمامها:{ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} /النساء: 93/. (متعمدا) قاصدا قتله بغير حق. (خالدا فيها) لا يخرج منها إن استحل قتله، ويبقى فيها طويلا إن اعتقد حرمته. (لعنه) أبعده من رحمته ودخول جنته. (عرف الإسلام) أي أسلم وعرف حرمة قتل النفس في الإسلام. (من ندم) أي فلا يخلد في النار إن عذب فيها.

ص: 1399

3643 -

حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ:

سَأَلْتُ ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ، فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ، وَدَفَعَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} . الْآيَةَ.

تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ.

[ر: 3475]

ص: 1400

‌59 - بَاب: إِسْلَامُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه.

ص: 1400

3644 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الْآمُلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ وَبَرَةَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ:

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا مَعَهُ إِلَّا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ، وَأَبُو بَكْرٍ.

[ر: 3460]

ص: 1400

‌60 - بَاب: إِسْلَامُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه.

ص: 1400

3645 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ:

مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكُثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ.

[ر: 3520].

ص: 1400

‌61 - بَاب: ذِكْرُ الْجِنِّ.

وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} /الجن: 1/.

(أوحي إلي) أخبرت بالوحي من الله تعالى. (نفر) جماعة منهم.

ص: 1401

3646 -

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ:

سَأَلْتُ مَسْرُوقًا: مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ: أَنَّهُ آذَنَتْ بِهِمْ شَجَرَةٌ.

أخرجه مسلم في الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، رقم:450. (آذن) أعلم.

ص: 1401

3647 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا، فَقَالَ:(مَنْ هَذَا). فَقَالَ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ:(ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ). فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِي، حَتَّى وَضَعْتُ إِلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ؟ قَالَ: (هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ، وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ، وَنِعْمَ الْجِنُّ، فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا).

[ر: 154]

(ما بال العظم والروثة) أي نهيتني عن الإتيان بها للاستنجاء. (وجدوا عليها طعاما) حقيقة، بخلق الله تعالى، أو أنها هي تكون طعاما، أو العظم طعام لهم، والروث علف لدوابهم، كما ورد، والله تعالى ورسوله أعلم.

ص: 1401

‌62 - بَاب: إِسْلَامُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه.

ص: 1401

3648 -

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائْتِنِي، فَانْطَلَقَ الْأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ، وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَكَلَامًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ، فَقَالَ: مَا شَفَيْتَنِي مِمَّا أَرَدْتُ، فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 1402⦘

وَلَا يَعْرِفُهُ، وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيْلِ، فَرَآهُ عَلِيٌّ فَعَرَفَ أَنَّهُ غَرِيبٌ، فَلَمَّا رَآهُ تَبِعَهُ فَلَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ احْتَمَلَ قِرْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا يَرَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَمْسَى، فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَمَا نَالَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ؟ فَأَقَامَهُ فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ، لَا يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ، فَعَادَ عَلِيٌّ مِثْلِ ذَلِكَ، فَأَقَامَ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُحَدِّثُنِي مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ، قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرْشِدَنِّي فَعَلْتُ، فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: فَإِنَّهُ حَقٌّ، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتْبَعْنِي، فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ، فَإِنْ مَضَيْتُ فَاتْبَعْنِي حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِي فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي). قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ، وَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ، قَالَ: وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ، وَأَنَّ طَرِيقَ تِجَارِكُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ لِمِثْلِهَا، فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ، فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ.

[ر: 3328]

(شنة) قربة صغيرة بالية، من جلد أو غيره، يكون الماء فيها أبرد من غيرها. (يقفوه) يتبعه. (أضجعوه) رموه على الأرض.

ص: 1401

‌63 - بَاب: إِسْلَامُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه.

ص: 1402

3649 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يَقُولُ:

وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي، وَإِنَّ عُمَرَ لَمُوثِقِي عَلَى الْإِسْلَامِ، قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عُمَرُ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا ارْفَضَّ لِلَّذِي صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ لَكَانَ.

[3654، 6543]

(لموثقي) من الوثاق، وهو ما يشد به ويربط، أي ضيق علي وأهانني. (ارفض) أي زال عن مكانه وتفرق، وفي رواية:(انقض) وفي أخرى: (انفض) وكلها متقاربة المعنى. (للذي صنعتم) لأجل صنعكم المنكر به. (لكان) أي حقيقا بالارفضاض، وفي نسخة زيادة:(محقوقا أن يرفض).

ص: 1402

‌64 - بَاب: إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

ص: 1403

3650 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:

مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ.

[ر: 3481]

ص: 1403

3651 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: فَأَخْبَرَنِي جَدِّي زَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

بَيْنَمَا هُوَ فِي الدَّارِ خَائِفًا، إِذْ جَاءَهُ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ أَبُو عَمْرٍو، عَلَيْهِ حُلَّةُ حِبَرَةٍ وَقَمِيصٌ مَكْفُوفٌ بِحَرِيرٍ، وَهُوَ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، وَهُمْ حُلَفَاؤُنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ: مَا بَالُكَ؟ قَالَ: زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّهُمْ سيقتلونني إِنْ أَسْلَمْتُ، قَالَ: لَا سَبِيلَ إِلَيْكَ، بَعْدَ أَنْ قالها أَمِنْتُ، فَخَرَجَ الْعَاصِ فَلَقِيَ النَّاسَ قَدْ سَالَ بِهِمْ الْوَادِي، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ فَقَالُوا: نُرِيدُ هَذَا ابْنَ الْخَطَّابِ الَّذِي صَبَا، قَالَ: لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، فَكَرَّ النَّاسُ.

(هو) أي عمر رضي الله عنه. (حلة حبرة) برد مخططة بالوشي، وهو النقش. (مكفوف) مخطط بحرير. (لا سبيل إليك) لا يستطيع أحد أن يصل إليك بمكروه. (أمنت) زال خوفي. (سال بهم الوادي) أي ملؤوا الوادي بكثرتهم. (صبأ) مال وخرج عن دين آبائه.

ص: 1403

3652 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُهُ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما:

لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ، اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ دَارِهِ، وَقَالُوا: صَبَا عُمَرُ، وَأَنَا غُلَامٌ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِي، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ، فَقَالَ: قَدْ صَبَا عُمَرُ، فَمَا ذَاكَ؟ فَأَنَا لَهُ جَارٌ، قَالَ: فَرَأَيْتُ النَّاسَ تَصَدَّعُوا عَنْهُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ.

(قباء) ثوب يلبس فوق الثياب. (ديباج) نوع من الثياب لحمته وسداه حرير، أي نسجه من الحرير الخالص. (فما ذاك) أي فلا بأس ولا اعتراض عليه. (جار) أحفظه وأحميه من أن يظلمه أحد. (تصدعوا عنه) تفرقوا.

ص: 1403

3653 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ: أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:

مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ: إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا، إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ، بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ، إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ، فَقَالَ: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي، أَوْ إِنَّ هَذَا

⦗ص: 1404⦘

عَلَى دِينِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ: لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَيَّ الرَّجُلَ، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي، قَالَ: كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي السُّوقِ، جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ، فَقَالَتْ: أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا، وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا، وَلُحُوقَهَا بِالْقِلَاصِ وَأَحْلَاسِهَا. قَالَ عُمَرُ: صَدَقَ، بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ، لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أنت، فَوَثَبَ الْقَوْمُ، قُلْتُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقُمْتُ، فَمَا نَشِبْنَا أَنْ قِيلَ: هَذَا نَبِيٌّ.

(كاهنهم) كاهن قومه، يتنبأ لهم بالأمور المستقبلة بدون دليل. (علي الرجل) أحضروه إلي وقربوه مني، والرجل هو سواد بن قارب. (أعزم عليك) أقسم عليك. (جنيتك) أنثى الجن. (إبلاسها) تحيرها، وقيل: صيرورتها مثل إبليس حائرا. (إنكاسها) انتكاسها، وهو الانقلاب على الرأس. (بالقلاص) جمع قلوص، وهي الناقة الشابة. (أحلاسها) جمع حلس، وهو كساء رقيق يوضع تحت ما يجلس عليه الراكب على ظهر الدابة. (صارخ) يسمع صوته ولا ترى صورته. (جليح) اسم رجل، ناداه به، ومعناه: الوقح الكاشف بالعداوة. (نجيح) من النجاح، وهو الظفر بالحوائج. (فصيح) من الفصاحة، وهي: البيان، وسلامة الألفاظ من الإبهام وسوء التأليف. (ما نشبنا) ما مكثنا وتعلقنا بشيء. (أن قيل) إذ ظهر القول بين الناس بخروج النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 1403

3654 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ لِلْقَوْمِ:

لَوْ رَأَيْتُنِي مُوثِقِي عُمَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، أَنَا وَأُخْتُهُ، وَمَا أَسْلَمَ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا انْقَضَّ لِمَا صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ، لَكَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ.

[ر: 3649]

ص: 1404

‌65 - بَاب: انْشِقَاقُ الْقَمَرِ.

ص: 1404

3655 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:

أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حَتَّى رَأَوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا.

[ر: 3438]

ص: 1404

3656 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى، فَقَالَ:(اشْهَدُوا).

⦗ص: 1405⦘

وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ نَحْوَ الْجَبَلِ.

وَقَالَ أَبُو الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: انْشَقَّ بِمَكَّةَ، وَتَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ.

[ر: 3437]

ص: 1404

3657 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3439]

ص: 1405

3658 -

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:

انْشَقَّ الْقَمَرُ.

[ر: 3437]

ص: 1405

‌66 - بَاب: هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ.

وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ). فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ.

[ر: 3692]

فِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، وَأَسْمَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3663، 3990]

(أريت) في المنام، أو اطلعت عليها في اليقظة. (لابتين) مثنى لابة،

وهي الأرض ذات الحجارة السوداء التي قد لبستها لكثرتها. (أسماء) بنت عميس رضي الله عنها.

ص: 1405

3659 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالَا لَهُ:

مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ خَالَكَ عُثْمَانَ فِي أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيمَا فَعَلَ بِهِ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَانْتَصَبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، وَهِيَ نَصِيحَةٌ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَرْءُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَانْصَرَفْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلَاةَ جَلَسْتُ إِلَى الْمِسْوَرِ وَإِلَى ابْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، فَحَدَّثْتُهُمَا بِالَّذِي قُلْتُ لِعُثْمَانَ وَقَالَ لِي، فَقَالَا: قَدْ قَضَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْكَ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَهُمَا، إِذْ جَاءَنِي رَسُولُ عُثْمَانَ، فَقَالَا لِي: قَدِ ابْتَلَاكَ اللَّهُ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا نَصِيحَتُكَ الَّتِي ذَكَرْتَ آنِفًا؟ قَالَ: فَتَشَهَّدْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ،

⦗ص: 1406⦘

وَكُنْتَ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَآمَنْتَ بِهِ، وَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ أختي، أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ قَدْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا خَلَصَ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا، قَالَ: فَتَشَهَّدَ عُثْمَانُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكُنْتُ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، كَمَا قُلْتَ، وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَايَعْتُهُ، وَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ، أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ عَلَيَّ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَمَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ؟ فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَسَنَأْخُذُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ، قَالَ: فَجَلَدَ الْوَلِيدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَجْلِدَهُ، وَكَانَ هُوَ يَجْلِدُهُ.

وَقَالَ يُونُسُ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ.

[ر: 3493]

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: {بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ} /البقرة: 49/ و/الأعراف: 141/: مَا ابْتُلِيتُمْ بِهِ مِنْ شِدَّةٍ. وَفِي مَوْضِعٍ: الْبَلَاءُ الِابْتِلَاءُ وَالتَّمْحِيصُ، مَنْ بَلَوْتُهُ وَمَحَّصْتُهُ، أَيْ اسْتَخْرَجْتُ مَا عِنْدَهُ، يَبْلُو، يَخْتَبِرُ. {مُبْتَلِيكُمْ} /البقرة: 249/: مُخْتَبِرُكُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَلَاءٌ عَظِيمٌ: النِّعَمُ، وَهِيَ مِنْ أَبْلَيْتُهُ، وَتِلْكَ مِنَ ابْتَلَيْتُهُ.

(ابتلاك الله) من الابتلاء، وهو الاختبار بنزول المصيبة، ولعلهما ظنا أن عثمان رضي الله عنه سيضر به لنصحه، وحاشاه رضي الله عنه وأرضاه. (آنفا) قريبا وقبل قليل من الوقت. (فتشهدت) قلت كلمتي الشهادة. (الحد) أي حد شرب الخمر. (أربعين جلدة) مر في الحديث [3493] أنه جلده ثمانين جلدة، وأجيب: أن التخصيص بالعدد لا ينفي الزائد. (من أبليته .. ) في المصباح: أبلاه وابتلاه بمعنى امتحنه. وفي القاموس المحيط: والبلاء يكون منحة ويكون محنة].

ص: 1405

3660 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِيكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

[ر: 417]

ص: 1406

3661 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ السَّعِيدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قَالَتْ:

قَدِمْتُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَنَا جُوَيْرِيَةٌ، فَكَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمِيصَةً لَهَا أَعْلَامٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ الْأَعْلَامَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ:(سَنَاهْ سَنَاهْ).

قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: يَعْنِي حَسَنٌ حَسَنٌ.

[ر: 2906]

(جويرية) تصغير جارية، وهي البنت الصغيرة. (خميصة) ثوب من خز أو صوف. (أعلام) خطوط.

ص: 1407

3662 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَتَرُدُّ عَلَيْنَا؟ قَالَ:(إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا). فَقُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: كَيْفَ تَصْنَعُ أَنْتَ؟ قَالَ: أَرُدُّ فِي نَفْسِي.

[ر: 1141]

(أرد في نفسي) أي في الذهن، بدون تحريك لسان أو إخراج حروف.

ص: 1407

3663 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه:

بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَكُمْ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ).

[ر: 2967]

ص: 1407

‌67 - بَاب: مَوْتُ النَّجَاشِيِّ.

ص: 1407

3664 -

حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ: (مَاتَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ).

ص: 1407

3665 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ عَطَاءً حَدَّثَهُمْ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنهما:

أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَصَفَّنَا وَرَاءَهُ، فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ.

ص: 1407

3666 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا.

تَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ.

[ر: 1254]

ص: 1408

3667 -

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَخْبَرَهُمَا:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَعَى لَهُمْ النَّجَاشِيَّ، صَاحِبَ الْحَبَشَةِ، فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَقَالَ:(اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ).

(صاحب الحبشة) حاكمها وصاحب السلطان فيها.

ص: 1408

3668 -

وَعن صالح، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَخْبَرَهُمْ:

أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفَّ بِهِمْ فِي الْمُصَلَّى، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا.

[ر: 1188]

ص: 1408

‌68 - بَاب: تَقَاسُمُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 1408

3669 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا: (مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ).

[ر: 1512]

ص: 1408

‌69 - بَاب: قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ.

ص: 1408

3670 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه:

قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ:(هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ).

[5855، 6203]

أخرجه مسلم في الإيمان، بَاب: شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأبي طالب، رقم:209. (ما أغنيت) ماذا نفعته، وأي شيء دفعته عنه. (عمك) أبي طالب. (يحوطك) يصونك ويدافع عنك. (ضحضاح) هو الموضع القريب القعر، والمعنى: أنه خفف عنه شيء من العذاب. (الدرك) طبق من أطباق جهنم، وأسفل كل شيء ذي عمق، ويقال لما انخفض درك، كما يقال لما ارتفع درج.

ص: 1408

3671 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ:

أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ:(أَيْ عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ). فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ، حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ). فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} . وَنَزَلَتْ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} .

[ر: 1294]

(تبين لهم) ظهر لهم وثبت بموتهم على الكفر. (أصحاب الجحيم) المستحقون لدخول النار والخلود فيها. /التوبة: 113/. (لا تهدي من أحببت) ليس في قدرتك أن تدخل في الإسلام كل من رغبت في هدايته. /القصص: 56/.

ص: 1409

3672 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ، فَقَالَ:(لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ).

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ: بِهَذَا. وَقَالَ: (تَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ).

[6196]

أخرجه مسلم في الإيمان، بَاب: شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأبي طالب .. ، رقم:210. (في ضحضاح .. ) أي ليس في أسافل جهنم، وانظر:3670. (أم دماغه) أصل دماغه.

ص: 1409

‌70 - بَاب: حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ.

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} /الإسراء: 1/.

(سبحان) من التسبيح، وهو التنزيه عن النقائص والعيوب. (أسرى) من السرى، وهو سير الليل.

ص: 1409

3673 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي

⦗ص: 1410⦘

أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَمَّا كَذَّبَنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الْحِجْرِ، فَجَلَا اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ).

[4433]

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال، رقم:170. (الحجر) ما تحت ميزاب الرحمة، المحاط بجدار قصير. (فجلا) كشف الحجب بيني وبينه. (فطفقت) أخذت وشرعت. (آياته) علاماته وأوضاعه وأحواله.

ص: 1409

‌71 - بَاب: الْمِعْرَاجِ.

ص: 1410

3674 -

حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رضي الله عنهما:

أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ: (بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ، وَرُبَّمَا قال فِي الْحِجْرِ، مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَدَّ - قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَشَقَّ - مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ - فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي: مَا يَعْنِي بِهِ؟ قَالَ: مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ - فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ ثم أعيد، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ - فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ: هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ أَنَسٌ: نَعَمْ - يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالَا: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا

⦗ص: 1411⦘

يُوسُفُ، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أَوَ قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ، قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي، حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى، قَالَ: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لِأَنَّ غُلَامًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ، ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك. ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ: هِيَ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ

⦗ص: 1412⦘

الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بم أُمِرْتَ؟ قَالَ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: أُمَّتُكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، ولكن أَرْضَى وَأُسَلِّمُ، قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي).

[ر: 3035]

(الحطيم) هو الحجر. (ثغرة نحره) الفجوة التي بين الترقوتين أعلى الصدر وأسفل العنق. (شعرته) شعر العانة. (الفطرة) أصل الخلقة التي يكون عليها كل مولود، إذ يكون اللبن أول ما يدخل جوفه ويشق أمعاءه.

ص: 1410

3675 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} . قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ:{وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} . قَالَ: هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ.

[4439، 6239]

(فتنة) بلاءا واختبارا لإيمان الناس وتصديقهم. (الملعونة) وصفت بذلك لأنها طعام الملعونين، أو لأن العرب تقول لكل طعام ضار ملعون. (في القرآن) المذكورة في القرآن بالوصف المنفر، وجاء ذلك في قوله تعالى:{أذلك خير أم شجرة الزقوم. إنا جعلناهال فتنة للظالمين. إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم. طلعها كأنه رؤوس الشياطين} /الصافات: 62 - 65/. (نزلا) رزقا وضيافة. (فتنة) عذابا. (للظالمين) الكافرين والفاسقين. (تخرج) تنبت. (أصل الجحيم) قعر جهنم. (طلعها) ثمرها. (كأنه .. ) من حيث الكراهية وقبح المنظر. (الزقوم) من الزقم، وهو اللقم الشديد والشرب المفرط. /الإسراء: 60/.

ص: 1412

‌72 - بَاب: وُفُودِ الْأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ، وَبَيْعَةِ الْعَقَبَةِ.

ص: 1412

3676 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ

⦗ص: 1413⦘

بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، بِطُولِهِ. قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ: وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا.

[ر: 2606]

(بطوله) أي الحديث كاملا بطوله. (شهدت) حضرت. (تواثقنا) تعاهدنا وتبايعنا. (بها) بدلها وفي مقابلتها. (مشهد بدر) حضور غزوة بدر. (أذكر) أكثر شهرة وذكرا بين الناس.

ص: 1412

3677 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ:

شَهِدَ بِي خَالَايَ الْعَقَبَةَ. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَحَدُهُمَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ.

(أحدهما) والآخر اسمه عمرو، رضي الله عنهم، أحد البكائين، وهم

الذين جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وطلبوا منه أن يعطيهم ما يستطيعون به الخروج إلى الجهاد، فقال:(لا أجد ما أحملكم عليه) فرجعوا وهم يبكون، حتى جهزهم بعض الصحابة رضوان الله عليهم، وفيهم نزل قوله تعالى:{ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون} /التوبة: 92/: أي لا إثم عليهم في عدم خروجهم للجهاد، لعدم تيسر النفقة لديهم، مع عزمهم على الخروج وصدق نيتهم فيه.

ص: 1413

3678 -

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ: أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ: قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: أَنَا وَأَبِي وخالاي مِنْ أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ.

(أصحاب العقبة) الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام ليلة العقبة.

ص: 1413

3679 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ: أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، مِنَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ أَصْحَابِهِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ:(تَعَالَوْا بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ، تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ). قَالَ فَبَايَعْتُهُ عَلَى ذَلِكَ.

ص: 1413

3680 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:

إِنِّي مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بالحق، وَلَا نَنْتَهِبَ، وَلَا نَعْصِيَ، بِالْجَنَّةِ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ.

[ر: 18]

(النفس التي حرم الله) النفس الإنسانية التي حرم الله إراقة دمها. (إلا بالحق) بسبب قتل أو كفر أو نحوه. (لا ننتهب) لا نأخذ مال أحد بغير حق. (بالجنة) بمقابلة أن تكون لنا الجنة جزاء حال الامتثال. (غشينا) أصبنا معصية وخالفنا العهد. (قضاء ذلك) الحكم فيه مفوض إليه سبحانه وتعالى.

ص: 1414

‌73 - بَاب: تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ، وَقُدُومِهَا الْمَدِينَةَ، وَبِنَائِهِ بِهَا.

(بنائه بها) كناية عن الدخول بها، لأنهم كانوا يبنون قبة للمرأة إذا دخلوا بها، فأطلق البناء على الدخول.

ص: 1414

3681 -

حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فتمزق شَعَرِي فَوَفَى جُمَيْمَةً، فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ، وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ، وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا، لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لَأُنْهِجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ، فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ.

[4840، 4841، 4861، 4863، 4865]

أخرجه مسلم في النكاح، باب: تزويج الأب البكر الصغيرة، رقم:1422. (تزوجني) عقد علي عقد الزواج، وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث سنين. (فوعكت) أصابني الوعك، وهو الحمى. (فتمزق) تقطع، وفي رواية: فتمزق، أي انتتف. (فوفى) كثر. (جميمة) مصغر الجمة، وهي ما سقط على المنكبين من شعر الرأس. (أم رومان) كنية أم عائشة رضي الله عنها، واسمها زينب بنت عامر بن عويمر، رضي الله عنها. (لأنهج) أتنفس تنفسا عاليا، ويغلبني التنفس من الإعياء، والنهج تتابع التنفس من شدة الحركة أو فعل متعب. (خير طائر) قدمت على خير، وقيل: على خير حظ ونصيب. (فأصلحن من شأني) أي مشطنها وزينها. (فلم يرعني) لم يفاجئني، ويقال هذا في الشيء الذي لا يتوقع، فيأتي فجأة في غير زمانه ومكانه. (ضحى) ظهرا، ويروى (قد ضحى) أي ظهر.

ص: 1414

3682 -

حَدَّثَنَا مُعَلًّى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: (أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، ويقال: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ).

[4790، 4832، 6609، 6610]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: في فضل عائشة رضي الله عنها، رقم:2438. (سرقة) قطعة حرير جيد. (يمضه) ينفذه ويأمر به.

ص: 1415

3683 -

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ، وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ.

(نكح) عقد عقد زواجه عليها. (بنى بها) دخل بها.

ص: 1415

‌74 - بَاب: هِجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ).

[ر: 3568، 4075]

وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ، أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ).

[ر: 3425]

(وهلي) وهمي. (اليمامة) مدينة في اليمن. (هجر) قرية قريبة من المدينة.

ص: 1415

3684 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ:

عُدْنَا خَبَّابًا، فَقَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنْ إِذْخِرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا.

[ر: 1217]

(نمرة) كساء ملون مخطط. (يهدبها) يجنيها ويقطفها، أي يتمتع بفوائد هجرته في دنياه قبل آخرته.

ص: 1415

3685 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ).

[ر: 1]

ص: 1416

3686 -

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ الْمَكِّيِّ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَقُولُ:

لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ.

[4056، 4057]

(لا هجرة بعد الفتح) أي أصبحت الهجرة غير واجبة بعد فتح مكة، لأن مكة أصبحت دار إيمان، وقد عز الإسلام وظهر، وكانت قبل ذلك واجبة، ليتخلص المسلمون من الأذى، ولتجتمع قواهم في المدينة، مقر دولة العدالة والحق.

ص: 1416

3687 -

قال يحيى بن حمزة: وَحَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ:

زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، فَسَأَلْنَاهَا عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ: لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ، كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ، والمؤمن يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.

[ر: 2914]

(يفتن عليه) يعذب حتى يرجع عن دينه. (جهاد ونية) أي يجاهد، أو ينوي الجهاد، فيحصل له الأجر والثواب إذا لم يجاهد فعلا.

ص: 1416

3688 -

حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ: قَالَ هِشَامٌ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

أَنَّ سَعْدًا قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ: أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ صلى الله عليه وسلم وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ.

وَقَالَ أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا نَبِيَّكَ وَأَخْرَجُوهُ، مِنْ قُرَيْشٍ.

[ر: 451]

(سعدا) هو ابن معاذ رضي الله عنه. (أظن) أقدر وأتوقع. (وضعت الحرب) أنهيتها.

ص: 1416

3689 -

حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكُثَ

⦗ص: 1417⦘

بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.

أخرجه مسلم في الفضائل، باب: كم أقام انبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة، رقم:2351.

ص: 1416

3690 -

حَدَّثَنِي مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.

[ر: 3638]

ص: 1417

3691 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدٍ، يَعْنِي ابْنَ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:

أَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: (إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ). فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، إِلَّا خُلَّةَ الْإِسْلَامِ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ).

[ر: 454]

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر رضي الله عنه، رقم:2382. (زهرة الدنيا) نعيمها وأعراضها. (خوخة) هي الباب الصغير بين البيتين ونحوه.

ص: 1417

3692 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ:

لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إذا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي. قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ، ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ. فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ،

⦗ص: 1418⦘

فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَقَالُوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا. فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِصَلَاتِهِ وَلَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ، عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَأَعْلَنَ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَانْهَهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عز وجل، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْلِمِينَ:(إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ). وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي). فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: (نَعَمْ). فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ، وَهُوَ الْخَبَطُ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَقَنِّعًا، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا

⦗ص: 1419⦘

فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ. قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ:(أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ). فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ). فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحَابَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (نَعَمْ). قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخُذْ - بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(بِالثَّمَنِ). قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً

مِنْ نِطَاقِهَا، فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ، قَالَتْ ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ، وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ، هَادِيَا خِرِّيتًا، وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ، قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فأتاهما بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلَاثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ، فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ.

(الدغنة) ذكر في الفتح أنها هكذا عند الرواة، وعند أهل اللغة: الدغنة. (فينقذف عليه) يتدافعون ويزدحمون. (عامة) معظم. (الخبط) ما يخبط بالعصا فيسقط من ورق الشجر. (نحر الظهيرة) أول الزوال عند شدة الحر. (متقنعا) مغطيا رأسه. (أهلك) أي لا يوجد أحد يشك فيه، إنما هي زوجتك عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما. (الصحابة) أريد مصاحبتك. (أحث) من الحث، وهو الإسراع. (الجهاز) ما يحتاج إليه في السفر. (سفرة) الزاد الذي يصنع للمسافر. (جراب) وعاء يحفظ فيه الزاد ونحوه. (فكمنا) فمكثنا مختفيين. (ثقف) حاذق فطن. (لقن) سريع الفهم، حسن التلقي لما يسمعه ويعلمه. (فيدلج) يخرج وقت السحر منصرفا إلى مكة. (يكتادان به) يدبر بشأنهما، ويمكر به لهما ويسبب لهما الشر والأذى. (وعاه) حفظه. (منحة) الناقة أو الشاة يعطى لبنها، ثم جعلت كل عطية منحة، وكذلك تطلق على كل شاة. (فيريحها) من الرواح، وهو السير في العشي. (رسل) اللبن الطري. (رضيفهما) هو اللبن الذي جعل فيه الرضفة، وهي الحجارة المحماة، لتذهب وخامته وثفله، وقيل: الرضيف الناقة المحلوبة. (ينعق) يصبح بغنمه. (بغلس) هو ظلام آخر الليل.

ص: 1417

3693 -

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ: أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ يَقُولُ:

جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لمن قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ، أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ، فَقَالَ يَا سُرَاقَةُ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ، أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا، انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا، ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ، فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ، فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي، فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الْأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ، حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ بِي، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ، فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا: أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ، تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ، حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً، إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ، فَنَادَيْتُهُمْ بِالْأَمَانِ فَوَقَفُوا، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ، أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي وَلَمْ يَسْأَلَانِي، إِلَّا أَنْ قَالَ: (أَخْفِ

⦗ص: 1421⦘

عَنَّا). فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(أسودة) أشخاصا. (أكمة) رابية مرتفعة عن الأرض. (من ظهر) من خلف. (فحططت بزجه) نكست أسفله، وفي نسخة (فخططت) خفضت أعلاه وجررت زجه على الأرض، فخططتها به من غير قصد. (بزجه) الزج: الحديدة التي تكون في أسفل الرمح. (فرفعتها) أسرعت بها السير. (تقرب بي) من التقريب، وهو نوع من السير، دون العدو وفوق العادة، وقيل: هو أن ترفع يديها معا وتضعهما معا. (الأزلام) سهام لا ريش لها ولا نصل، مكتوب عليها: لا، نعم، فكانوا في الجاهلية إذا أرادوا أمرا ضربوا بها، فإن خرج [لا] تركوا، وإن خرج [نعم] فعلوا. (فاستقسمت بها) من الاستقسام، وهو طلب معرفة ما قسم. (الذي أكره) أي لا تضرهم ولا تقدر عليهم. (عثان) الدخان من غير نار، وفي نسخة (غبار). (ساطع) منتشر. (لم يرزآني) لم يأخذا مني شيئا، ولم ينقصا مالي. (كتاب أمن) كتاب موادعة. (أديم) هو الجلد المدبوغ].

ص: 1420

3694 -

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَانُوا تِجَارًا قَافِلِينَ مِنْ الشَّأْمِ، فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ، وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ بمخرج رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ، فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ، فَيَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ، أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ، لِأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ، هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ، فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ، فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ، حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنْ الْأَنْصَارِ - مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ، لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ:(هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ). ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْغُلَامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالَا: لَا، بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فأبى رسول الله

⦗ص: 1422⦘

أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ، وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ:(هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالَ خَيْبَرْ، هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ. وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَهْ، فَارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ). فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي الْأَحَادِيثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرَ هَذَا الْبَيْتِ.

[ر: 464]

(أطم) حصن، وقيل: بناء من حجر كالقصر. (مبيضين) عليهم ثياب بيض. (تزول بهم السراب) هو ما يرى في شدة الحر من بعد كأنه ماء، والمعنى: يزول السراب عن النظر بسبب عروضهم له، أو يظهرون فيه تارة ويخفون أخرى. (جدكم) حظكم وصاحب دولتكم الذي تتوقعون مجيئه. (الذي أسس على التقوى) بني من أجل عبادة الله عز وجل الخالصة، وهو مسجد قباء. (عند مسجد رسول الله) أي في المكان الذي بني عليه فيما بعد مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم. (مربدا) هو الموضع الذي يجفف فيه التمر. (فساومهما) طلب منهما أن يبيعاه المربد ويذكرا ثمنا له. (لا حمال خيبر) لا ما يحمل من خيبر من التمر ونحوه. (فتمثل) ضربه مثلا.

ص: 1421

3695 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، وَفَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها:

صَنَعْتُ سُفْرَةً لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، حِينَ أَرَادَا الْمَدِينَةَ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُهُ إِلَّا نِطَاقِي، قَالَ: فَشُقِّيهِ، فَفَعَلْتُ، فَسُمِّيتُ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ.

قال ابن عباس: أسماء ذات النطاق.

[ر: 2817]

(فاطمة) هي بنت المنذر بن الزبير، زوجة هشام بن عروة بن الزبير، وأسماء جدتهما، رضي الله تعالى عن الجميع.

ص: 1422

3696 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا أَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ تَبِعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ، قَالَ: ادْعُ اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكَ، فَدَعَا لَهُ، قَالَ: فَعَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ بِرَاعٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، فَأَتَيْتُهُ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ.

[ر: 2307]

أخرجه مسلم في الأشربة، باب: جواز شرب اللبن، رقم:2009. (فساخت به فرسه) غاصت يداها في الرمال. (كثبة) شيئا قليلا.

ص: 1422

3697 -

حَدَّثَنِي زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها:

أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ، فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ حَنَّكَهُ

⦗ص: 1423⦘

بِتَمْرَةٍ، ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ فِي الْإِسْلَامِ.

تَابَعَهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها: أَنَّهَا هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حُبْلَى.

[5152]

أخرجه مسلم في الآداب، باب: استحباب تحنيك المولود عند ولادته .. ، رقم:2146. (متم) أتممت مدة الحمل الغالب وهي تسعة أشهر. (حجره) حضنه. (حنكه) مضغ تمرة أو نحوها ثم دلكها بحنكه. (برك عليه) دعا له بالبركة، وهي الزيادة في الخير. (ولد في الإسلام) أي بعد الهجرة إلى المدينة.

ص: 1422

3698 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَمْرَةً فَلَاكَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي فِيهِ، فَأَوَّلُ مَا دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(فلاكها) أدارها في فمه ومضغها قليلا.

ص: 1423

3699 -

حدثنا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَنَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَابٌّ لَا يُعْرَفُ، قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ. قَالَ: فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ. فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا. فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ). فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، قَالَ:(فَقِفْ مَكَانَكَ، لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا). قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَانِبَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الْأَنْصَارِ فجاؤوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا، وَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ. فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، وَحَفُّوا دُونَهُمَا بِالسِّلَاحِ، فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ،

⦗ص: 1424⦘

جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، وَهُوَ فِي نَخْلٍ لِأَهْلِهِ يَخْتَرِفُ لَهُمْ، فَعَجِلَ أَنْ يَضَعَ الَّذِي يَخْتَرِفُ لَهُمْ فِيهَا، فَجَاءَ وَهِيَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ). فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي، قَالَ:(فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلًا). قَالَ: قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ. فَأَرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَيْلَكُمْ، اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ، فَأَسْلِمُوا). قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ، قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ:(فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ). قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا. قَالَ:(أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ). قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ:(أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ). قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ:(أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ). قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ:(يَا ابْنَ سَلَامٍ اخْرُجْ عَلَيْهِمْ). فَخَرَجَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ. فَقَالُوا: كَذَبْتَ، فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

[ر: 3151]

(مردف أبا بكر) مركبه خلفه على نفس الراحلة أو على راحلة غيرها. (شيخ يعرف) أي قد شاب شعر رأسه، وكان يعرفه أهل المدينة لمروره

عليهم في سفر التجارة. (شاب) أي من حيث عدم انتشار الشيب في رأسه، وإلا فهو صلى الله عليه وسلم أسن من أبي بكر رضي الله عنه. (لا يعرف) لم يعرفه الناس لعدم خروجه من مكة غالبا، وعدم التقائه بهم. (بفارس) هو سراقة بن مالك رضي الله عنه. (اصرعه) اطرحه على الأرض واكفنا شره. (تحمحم) من الحمحمة، وهي صوت الفرس. (مسلحة له) مراقبا يدفع عنه الأذى ويحول عنه العيون. (الحرة) أرض ذات حجارة سوداء. (حفوا) أحدقوا وأحاطوا. (فأشرفوا) اطلعوا من فوق السطوح ونحوها. (ليحدث أهله) لعل المراد بعض من حوله من أقاربه. (يخترف لهم) يجتني من الثمار. (أهلنا) قرابتنا، لأن جدته صلى الله عليه وسلم من بني النجار. (مقيلا) مكانا يقيل فيه، من القيلولة وهي النوم وسط النهار. (ويلكم) وقع بكم الشر والعذاب.

ص: 1423

3700 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ - يَعْنِى - عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَ فَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فِي أَرْبَعَةٍ، وَفَرَضَ لِابْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أَبَوَاهُ،

⦗ص: 1425⦘

يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ.

(فرض) عين من مال بيت المال. (في أربعة) مقسطة في أربعة فصول، وقيل غير ذلك. (يقول) أي يعني أنه لم يتحمل من العناء مثل من هاجر بنفسه.

ص: 1424

3701 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ: سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ:

هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، وَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا نُكَفِّنُهُ فِيهِ إِلَّا نَمِرَةً، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، فَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ بِهَا، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ إِذْخِرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا.

[ر: 1217]

(مع رسول الله) أي بإذنه. (وجب أجرنا) ثبت واستحق بفضل الله تعالى.

ص: 1425

3702 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ:

هَلْ تَدْرِي مَا قَالَ أَبِي لِأَبِيكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّ أَبِي قَالَ لِأَبِيكَ: يَا أَبَا مُوسَى، هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلَامُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ، وَجِهَادُنَا مَعَهُ، وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ، بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ؟ فَقَالَ أَبِي: لَا وَاللَّهِ، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّيْنَا، وَصُمْنَا، وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ. فَقَالَ أَبِي: لَكِنِّي أَنَا، وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا رَأْسًا بِرَأْسٍ. فَقُلْتُ: إِنَّ أَبَاكَ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَبِي.

(برد لنا) ثبت وسلم. (كفافا) سواء بسواء، لا لنا ولا علينا. (لنرجو ذلك) أي ثواب ما عملناه. (خير من أبي) أي أفقه منه وأعلم، كما ورد في رواية.

ص: 1425

3703 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ: أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِذَا قِيلَ لَهُ:

هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ يَغْضَبُ. قَالَ: وَقَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدْنَاهُ قَائِلًا، فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ، فَأَرْسَلَنِي

⦗ص: 1426⦘

عُمَرُ وَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلِ اسْتَيْقَظَ، فَأَتَيْتُهُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ نُهَرْوِلُ هَرْوَلَةً، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ فَبَايَعَهُ، ثُمَّ بَايَعْتُهُ.

(قائلا) نائما في النهار. (نهرول) نمشي وسطا بين العدو والمشي على مهل.

ص: 1425

3704 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ قَالَ:

ابْتَاعَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ رَحْلًا، فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ، قَالَ: فَسَأَلَهُ عَازِبٌ عَنْ مَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أُخِذَ عَلَيْنَا بِالرَّصَدِ، فَخَرَجْنَا لَيْلًا، فَأَحْثَثْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ، فَأَتَيْنَاهَا وَلَهَا شَيْءٌ مِنْ ظِلٍّ، قَالَ: فَفَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرْوَةً مَعِي، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ قَدْ أَقْبَلَ فِي غُنَيْمَةٍ يُرِيدُ مِنَ الصَّخْرَةِ مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ؟ فَقَالَ: أَنَا لِفُلَانٍ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ لَهُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَخَذَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: انْفُضْ الضَّرْعَ، قَالَ: فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ عَلَيْهَا خِرْقَةٌ، قَدْ رَوَّأْتُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ ارْتَحَلْنَا وَالطَّلَبُ فِي إِثْرِنَا. قَالَ الْبَرَاءُ: فَدَخَلْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ، فَإِذَا عَائِشَةُ ابْنَتُهُ مُضْطَجِعَةٌ قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى، فَرَأَيْتُ أَبَاهَا يقبل خَدَّهَا وَقَالَ: كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ.

[ر: 2307]

(أخذ علينا بالرصد) هو الترقب، أو جمع راصد، وهو الرقيب. (فأحثثنا) من الحث، أي أعجلنا إعجالا متصلا، وفي رواية (فأحيينا) من الإحياء وهو عدم النوم. (غنيمة) قطيع من الغنم. (روأتها) تأنيت بها حتى صلحت، وقيل: شددتها بالخرقة وربطتها عليها. (الطلب) جمع طالب. (إثرنا) خلفنا يتتبع آثارنا.

ص: 1426

3705 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ: أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ وَسَّاجٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسٍ خَادِمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.

⦗ص: 1427⦘

وَقَالَ دُحَيْمٌ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَكَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ حَتَّى قَنَأَ لَوْنُهَا.

(أشمط) من الشمط، وهو بياض شعر الرأس أو اللحية يخالطه سواد. (فغلفها) صبغها، أي لحيته. (الكتم) نبت يصبغ به، وصبغه أصفر. (قنأ لونها) اشتدت حمرتها حتى قاربت السواد.

ص: 1426

3706 -

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ بَكْرٍ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا هَذَا الشَّاعِرُ، الَّذِي قَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ، رَثَى كُفَّارَ قُرَيْشٍ:

وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ

مِنَ الشِّيزَى تُزَيَّنُ بِالسَّنَامِ

وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ

مِنَ الْقَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الْكِرَامِ

تحيي بالسلامة أُمُّ بَكْرٍ

وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلَامِ

يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا

وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ، وَهَامِ

(كلب) اسم قبيلة. (الشاعر) هو أبو بكر شداد بن الأسود. (رثى) بكاهم وعدد محاسنهم ونظم فيهم شعرا قبل إسلامه. (القليب) هي البئر التي حفرت ولم تبن جدارنها. (الشيزى) شجر تتخذ منه أواني الخشب. (القينات) جمع قينة، وهي المغنية. (الشرب) جمع شارب، وهم الذين يجتمعون للشراب. (أصداء) جمع صدى، وهو ذكر البوم، وقيل: المراد ما كان يزعمه أهل الجاهلية من أن روح الإنسان تصير طائرا يقال له الصدى. (هام) جمع هامة، وهي جمجمة الرأس، وقيل: المراد ما كانوا يزعمونه من أن القتيل إذا لم يؤخذ بثأره صارت روحه هامة في قبره أي طائرا تقول: اسقوني اسقوني، فإذا أخذ بثأره طارت.

ص: 1427

3707 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَارِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِأَقْدَامِ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ طَأْطَأَ بَصَرَهُ رَآنَا، قَالَ:(اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ، اثْنَانِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا).

[ر: 3453]

(طأطأ بصره) أماله إلى تحت.

ص: 1427

3708 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ:(وَيْحَكَ إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا).

⦗ص: 1428⦘

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وُرُودِهَا). قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:(فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا).

[ر: 1384]

(تمنح منها) تعطي بعضها لغيرك يحلب منها وينتفع بها. (يوم ورودها) على الماء لتشرب، حيث يحضر الفقراء والمساكين لينالوا خيرا.

ص: 1427

‌75 - بَاب: مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ الْمَدِينَةَ.

ص: 1428

3709 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعَ الْبَرَاءَ رضي الله عنه قَالَ:

أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَبِلَالٌ رضي الله عنهم.

ص: 1428

3710 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:

أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ، فَقَدِمَ بِلَالٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى جَعَلَ الْإِمَاءُ يَقُلْنَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ:{سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} . فِي سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ.

[4657، 4709]

(الإماء جمع الأمة، وهي المرأة المملوكة. (فما قدم حتى قرأت .. ) أي كان قدومه بعد فترة من انتشار الإسلام في المدينة، تمكن فيها البراء رضي الله عنه من قراءة هذه السور وحفظها. (في سور) من سور أخرى. (المفصل) هو السبع الأخير من القرآن، وأوله سورة (ق) وهو الصحيح، وقيل: الحجرات.

ص: 1428

3711 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:

لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ، وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ، قَالَتْ: فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ

وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ.

وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ وَيَقُولُ:

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً

بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ

وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ

⦗ص: 1429⦘

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:(اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ).

[ر: 1790]

(إذا أقلع عنه) أي الوعك.

ص: 1428

3712 -

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الخيار أَخْبَرَهُ قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ، فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، وَكُنْتُ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَآمَنَ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ هَاجَرْتُ هِجْرَتَيْنِ، وَنِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبَايَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ.

تَابَعَهُ إِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ: مِثْلَهُ.

[ر: 3493]

(نلت صهر .. ) أي كان لي شرف المصاهرة له واتصالي به من جهة القرابة النسبية، وهو زواجي ببنتيه، رضي الله عن الجميع، وفي نسخة (كنت صهر .. ).

ص: 1429

3713 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَهُوَ بِمِنًى، فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ، فَوَجَدَنِي، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وغوغاءهم، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تُمْهِلَ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ وَالسَّلَامَةِ، وَتَخْلُصَ لِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ وَذَوِي رَأْيِهِمْ. قَالَ عُمَرُ: لَأَقُومَنَّ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ.

[ر: 2330]

(الموسم) أي موسم الحج، وهو مجتمع الناس. (رعاع) السفلة والسفهاء ومن لا شأن لهم. (تمهل) تؤخر ما تريد أن تفعل. (تخلص) تصل. (لأقومن) لأقفن متكلما.

ص: 1429

3714 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ، امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَخْبَرَتْهُ:

أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُمْ فِي السُّكْنَى، حِينَ اقْتَرَعَتْ الْأَنْصَارُ عَلَى سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ،

⦗ص: 1430⦘

قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ: فَاشْتَكَى عُثْمَانُ عِنْدَنَا فَمَرَّضْتُهُ، حَتَّى تُوُفِّيَ وَجَعَلْنَاهُ فِي أَثْوَابِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، شَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ). قَالَتْ: قُلْتُ: لَا أَدْرِي، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ؟ قَالَ:(أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ وَاللَّهِ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَمَا أَدْرِي وَاللَّهِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّه مَا يُفْعَلُ بِي). قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ. قَالَتْ: فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ، فَنِمْتُ، فأريت لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:(ذَلِكِ عَمَلُهُ).

[ر: 1186]

(من نسائهم) من نساء الأنصار. (طار لهم) خرج لهم في القرعة. (أبا السائب) كنية عثمان بن مظعون رضي الله عنه. (فمن) أي فمن الذي يكرمه الله تعالى إذن، إذا لم يكن هو من المكرمين عنده؟.

ص: 1429

3715 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ عز وجل لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَاتُهُمْ، فِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ.

[ر: 3566]

ص: 1430

3716 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:

أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا، يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى، وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاذَفَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ؟ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا الْيَوْمُ).

[ر: 443]

ص: 1430

3717 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ: حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، نَزَلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ، فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ، قَالَ: فجاؤوا مُتَقَلِّدِي سُيُوفِهِمْ، قَالَ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ، وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: فَكَانَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى

⦗ص: 1431⦘

مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ فجاؤوا، فَقَالَ:(يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي حَائِطَكُمْ هَذَا). فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ. قَالَ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ، كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَتْ فِيهِ خِرَبٌ، وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، قَالَ: فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، قَالَ: وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً، قَالَ: جَعَلُوا يَنْقُلُونَ ذَاكَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ، يَقُولُونَ:(اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ، فَانْصُرْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ).

[ر: 418]

ص: 1430

‌76 - بَاب: إِقَامَةِ الْمُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ.

ص: 1431

3718 -

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُ السَّائِبَ ابْنَ أُخْتِ الْنَّمِرِ: مَا سَمِعْتَ فِي سُكْنَى مَكَّةَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (ثَلَاثٌ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدَرِ).

أخرجه مسلم في الحج، باب: جواز الإقامة بمكة للمهاجر .. ، رقم:1352. (ثلاث للمهاجر بعد الصدر) يرخص للمهاجر أن يقيم في مكة ثلاث ليال، بعد أن يعود من منى ويطوف بالبيت طواف الركن، وهو المراد بالصدر، وكانت الإقامة في مكة قبل فتحها حراما على المهاجرين.

ص: 1431

‌77 - بَاب: التَّارِيخِ، مِنْ أَيْنَ أَرَّخُوا التَّارِيخَ.

ص: 1431

3719 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:

مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا مِنْ وَفَاتِهِ، مَا عَدُّوا إِلَّا مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ.

(ما عدوا إلا من مقدمه المدينة) أي ما عدوا التاريخ من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولا من وفاته، وإنما عدوه من وقت المدينة مهاجرا إليها، واعتبروا السنة لا الشهر واليوم.

ص: 1431

3720 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الأول.

تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ.

[ر: 343]

ص: 1431

‌78 - بَاب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ).

وَمَرْثِيَتِهِ لِمَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ.

ص: 1431

3721 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ

⦗ص: 1432⦘

مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

عَادَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ مَرَضٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ:(لَا). قَالَ: فَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قال: (لا). قَالَ: (الثُّلُثُ يَا سَعْدُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ).

قال أحمد بن يونس، عن إبراهيم:(أن تذر ورثتك، وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ:(إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنْ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ). يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَمُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ:(أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ).

[ر: 56]

(أشفيت منه) أشرفت من الوجع منه. (ذو مال) صاحب مال كثير. (ورثتك) وفي رواية: (ذريتك). (أخلف بعد أصحابي) أبقى خلفهم في مكة، أو المراد: أعيش بعدهم في الدنيا. (أمض لأصحابي هجرتهم) تممها لهم ولا تنقصها عليهم، حتى يحوزوا أجرها كامى موفورا. (البائس) المسكين وشديد الحاجة. (يرثي له .. ) مدرج من كلام الرواي، وسعد هذا: قيل: أسلم ولم يهاجر من مكة، فكان بؤسه من عدم هجرته. وقيل: هاجر وشهد بدرا، ثم انصرف إلى مكة ومات فيها، فيكون بؤسه لسقوط هجرته، لأنه رجع إلى مكة مختارا. وقيل هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وشهد بدرا وغيرها، وتوفي في مكة في حجة الوداع، وسبب بؤسه على هذا موته في مكة، وفوات الأجر الكامل له في الهجرة والغربة عن وطنه.

ص: 1431

‌79 - بَاب: كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ.

[ر: 1943]

وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ: آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ.

[ر: 1867]

ص: 1432

3722 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ، فَآخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ

⦗ص: 1433⦘

الْأَنْصَارِيِّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ، فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، قَالَ:(فَمَا سُقْتَ فِيهَا). فَقَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ).

[ر: 1944]

ص: 1432

3723 -

حَدَّثَنِي حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ:

أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَمَا بَالُ الْوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ:(أَخْبَرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ آنِفًا). قَالَ ابْنُ سَلَامٍ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، قَالَ:(أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ: فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتِ الْوَلَدَ). قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي، فَجَاءَتْ الْيَهُودُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فِيكُمْ). قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ). قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَتَنَقَّصُوهُ، قَالَ: هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

[ر: 3151]

(ينزع) يذهب إليه أو إليها بشبهه.

ص: 1433

3724 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ أَبَا الْمِنْهَالِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُطْعِمٍ قَالَ:

بَاعَ شَرِيكٌ لِي دَرَاهِمَ فِي السُّوقِ نَسِيئَةً، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَيَصْلُحُ هَذَا؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ بِعْتُهَا فِي السُّوقِ، فَمَا عابها علي أَحَدٌ، فَسَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ هَذَا الْبَيْعَ، فَقَالَ: (مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ

⦗ص: 1434⦘

فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَلَا يَصْلُحُ). وَالْقَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَاسْأَلْهُ، فَإِنَّهُ كَانَ أَعْظَمَنَا تِجَارَةً، فَسَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَقَالَ مِثْلَهُ.

وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَقَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ، وَقَالَ: نَسِيئَةً إِلَى الْمَوْسِمِ، أَوِ الْحَجِّ.

[ر: 1955]

(نسيئة) أي مع تأخير أحد البدلين.

ص: 1433

‌80 - بَاب: إِتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ.

{هَادُوا} /البقرة: 62/: صَارُوا يَهُودًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {هُدْنَا} /الأعراف: 156/: تُبْنَا، هَائِدٌ تَائِبٌ.

ص: 1434

3725 -

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنْ الْيَهُودِ لآمَنَ بِي الْيَهُودُ).

أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب: نزل أهل الجنة، رقم:2793. (عشرة من اليهود) من أحبارهم وزعمائهم. (لآمن بي اليهود) اتباعا لهم.

ص: 1434

3726 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ، أَوْ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغُدَانِيُّ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:

قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَإِذَا أُنَاسٌ مِنْ الْيَهُودِ يُعَظِّمُونَ عَاشُورَاءَ وَيَصُومُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(نَحْنُ أَحَقُّ بِصَوْمِهِ). فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ.

[ر: 1901]

ص: 1434

3727 -

حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْفَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ). ثُمَّ أَمَرَ بِصَوْمِهِ.

[ر: 1900]

ص: 1434

3728 -

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْدِلُ شَعْرَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رؤوسهم، وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رؤوسهم،

⦗ص: 1435⦘

وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ فَرَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ.

[ر: 3365]

ص: 1434

3729 -

حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:

هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، جزؤوه أَجْزَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ. يَعْنِي: قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ جَعَلُوا القرآن عِضِينَ} .

[4428، 4429]

(هم أهل الكتاب) أي المقصودين في الآية الآتية. (جزؤوه) أي القرآن، وفرقوا بين أجزاءه. (يعني

) أي يفسر. (عضين) أجزاء، جمع عضة، وهي القطعة والفرقة. /الحجر: 91/.

ص: 1435

‌81 - باب: إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه.

ص: 1435

3730 -

حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ: قَالَ أَبِي. وَحَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ:

أَنَّهُ تَدَاوَلَهُ بضعة عَشْرَ، مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ.

(تداوله) انتقل من واحد إلى آخر، وأخذه هذا مرة وهذا مرة. (بضعة عشر) ما بين ثلاثة عشر إلى تسعة عشر. (من رب إلى رب) من سيد إلى سيد، ومن مالك إلى مالك.

ص: 1435

3731 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ:

سَمِعْتُ سَلْمَانَ رضي الله عنه يَقُولُ: أَنَا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ.

(رام هرمز) بلدة من بلاد فارس قريبة من العراق.

ص: 1435

3732 -

حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ:

فَتْرَةٌ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ سِتُّمِائَةَ سَنَةٍ.

(فترة) هي المدة التي لا يبعث فيها رسول من الله تعالى.

ص: 1435