المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

صَحِيحُ التَّرْغِيب وَالتَّرْهِيب   تأليف محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله   الجُزء الثاني   مكتَبة المَعارف لِلنَشْرِ - صحيح الترغيب والترهيب - جـ ٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

صَحِيحُ التَّرْغِيب وَالتَّرْهِيب

تأليف

محمد ناصر الدين الألباني

رحمه الله

الجُزء الثاني

مكتَبة المَعارف لِلنَشْرِ والتوزيْع

لِصَاحِبَهَا سَعد بن عَبْد الرحمن الراشِد

الريَاض

ص: 1

جميع الحقوق محفوظة للناشر، فلا يجوز نشر أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه أو تسجيله بأية وسيلة، أو تصويره أو ترجمته دون موافقة خطية مُسبقة من الناشر.

الطبعة الأولى

1421 هـ - 2000 م

(ح) مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1421 هـ

فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر

الألباني، محمد ناصر الدين

صحيح الترغيب والترهيب للمنذري - الرياض

788 ص، 17.5 × 25 سم

ردمك: 9 - 04 - 858 - 9660 (مجموعة)

5 -

06 - 858 - 9960 (ج 2)

1 -

الحديث - شرح

ديوي 237.3

2 -

الحديث - جوامع الفنون

0277/ 21

أ- العنوان

رقم الإيداع: 0277/ 21

ردمك: 9 - 04 - 858 - 9960 (مجموعة)

5 -

06 - 858 - 9960 (ج 2)

مكتبة المعارف للنشر والتوزيع

هَاتف: 4114535 - 4113350

فاكس 4112932 - ص. ب: 3281

الريَاض الرمز البريدي 11471

ص: 2

‌11 - كتابُ الحَجّ

‌1 - (الترغيب في الحج والعمرة، وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات).

1094 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّ العملِ أفضلُ؟ قال:

"إِيمَانٌ بِاللهِ ورسولِهِ".

قِيلَ: ثم ماذا؟ قال:

"الجهادُ في سبيلِ اللهِ".

قِيلَ: ثم ماذا؟ قال:

"حَجٌ مبرور".

رواه البخاري ومسلم.

(المبرور) قيل: هو الذي لا يقع فيه معصية.

[حسن] وقد جاء من حديث جابر مرفوعاً:

"إن برَّ الحج إطعامٌ الطعام، وطيبُ الكلامِ". . .

(1)

وسيأتي [هنا برقم (11)].

1095 -

(2)[صحيح] وعنه قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من حجَّ فلم يَرفُثْ، ولم يَفْسُقْ؛ رجَع من ذنوبه كيوم ولدتْهُ أمُّه".

رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة والترمذي، إلا أنه قال:

"غفر له ما تقدم من ذنبه".

(2)

(1)

في الأصل هنا قوله: "وعند بعضهم: "إطعام الطعام، وإفشاء السلام. . ."؛ لكنه ضعيف.

(2)

قلت: هو بهذا اللفظ شاذ، لكن المعنى واحد.

ص: 3

(الرَّفَثُ) بفتح الراء والفاء جميعاً، وروي عن ابن عباس أنه قال:" (الرفث) ما رُوجعَ به النساءُ".

وقال الأزهري: "الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة".

(قال الحافظ): " (الرفث) يطلق ويراد به الجماع، ويطلق ويراد به الفحش، ويطلق ويراد به خطابُ الرجلِ المرأةَ في ما يتعلق بالجماع، وقد نُقل في معنى الحديث كلُّ واحد من هذه الثلاثة عن جماعة من العلماء

(1)

، والله أعلم".

1096 -

(3)[صحيح] وعنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"العمرةُ إلى العمرةِ كفارةٌ لما بينهما، والحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة".

رواه مالك والبخارى ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1097 -

(4)[صحيح] وعن ابن شماسة قال:

حَضَرْنا عَمرَو بنَ العاصي وهو في سياقة الموت؛ فبكى طويلاً، وقال:

فلما جعل الله الإسلامَ في قلبي أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! ابسُط يمينك لأبايعَكَ.

(2)

فبسطَ يده، فقبضتُ يَدي. فقال:

"ما لكَ يا عمرو؟! ".

قال: أردتُ أَن أَشترطَ. قال:

"تشترطُ ماذا؟ ".

(1)

قلت: والذي استظهره الحافظ أن المراد به ما هو أعم من الجماع، وإليه نحا القرطبي، وهو المراد بقوله فيما تقدم في "9 - الصيام/ 1 - باب/ الحديث الأول":". . . فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث".

(2)

كذا الأصل المطابق لرواية ابن خزيمة في "صحيحه"(4/ 131/ 2515)، وحرفه المحققون الثلاثة في طبعتهم الجديدة للكتاب إلى (فلأبايعك) أخذاً من "مسلم"! وغفلوا عن تصريح المؤلف بأن الرواية المثبتة هي رواية ابن خزيمة، ولا يجوز في التحقيق التلفيق بين الروايتين، وهذا مما يدل على الحداثة في هذا العلم، ولهم من مثله الشيء الكثير، وقد نبهت على المهم منه.

ص: 4

قال: أن يُغفر لي. قال:

"أما علمتَ يا عَمرُو! أن الإسلام يَهدِمُ ما كان قبله، وأن الهجرةَ تَهدِمُ ما كان قبلها، وأن الحجَّ يهدمُ ما كان قبله؟! ".

رواه ابن خزيمة في "صحيحه" هكذا مختصرًا.

ورواه مسلم وغيره أطول منه.

1098 -

(5)[صحيح] وعن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال:

جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني جَبانٌ، وإني ضعيف. فقال:

"هلُمَّ إلى جهادٍ لا شَوْكَةَ فيه؛ الحج".

رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورواته ثقات. وأخرجه عبد الرزاق أيضًا.

1099 -

(6)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

قلت: يا رسول الله! نرى الجهادَ أفضلَ الأعمال، أَفلا نجاهد؟ فقال:

"لَكُنَّ أفضلَ الجهادِ؛ حجٌ مبرور".

رواه البخاري وغيره، وابن خزيمة في "صحيحه"، ولفظه: قالت:

قلت: يارسول الله! هل على النساء من جهاد؟ قال:

"عليهن جهادٌ لا قتال فيه؛ الحجُّ والعُمْرةُ".

1100 -

(7)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"جهادُ الكبير والضعيف والمرأة الحج والعمرة".

رواه النسائي بإسناد حسن

(1)

.

1101 -

(8)[صحيح] وعن ابن عمر [عن أبيه]

(2)

رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في سؤال جبرائيل إياه عن الإسلام فقال:

(1)

قلت: فيه علتان. لكن يتقوى بحديث أم سلمة الآتي برقم (9).

(2)

انظر الحديث الأول في (ج 1/ 4 - الطهارة/ 7 - باب) مع التعليق عليه.

ص: 5

"الإسلامُ: أَن تشهدَ أَن لا إله إِلا الله، وأَن محمداً رسول الله، وأَن تقيمَ الصلاةَ، وتؤتيَ الزكاةَ، وتحجَّ وتَعتَمر، وتغتسلَ من الجنابةِ، وأن تُتِمَّ الوضوءَ، وتصومَ رمضانَ".

قال: فإذا فعلتُ ذلك فأنا مسلم؟ قال:

"نعم".

قال: صدقتَ.

رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، وهو في "الصحيحين" وغيرهما بغير هذا السياق. [مضى 4 - الطهارة / 7/ الحديث الأول].

وتقدم في "كتاب الصلاة" و"الزكاة" أحاديث كثيرة تدل على فضل الحج، والترغيب فيه، وتأكيد وجوبه، لم نُعِدها لكثرتها، فليراجعها من أراد شيئاً من ذلك.

1102 -

(9)[حسن لغيره] وعن أم سلمةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الحجُّ جهادُ كلِّ ضعيفٍ".

رواه ابن ماجه عن أبي جعفر عنها.

1103 -

(10)[صحيح] وعن ماعزٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

أنه سُئل: أَيُّ الأعمالِ أَفضلُ؟ قال:

"إيمانٌ بالله وحده، ثم الجهادُ، ثم حَجةٌ بَرَّةٌ؛ تفضلُ سائرَ الأعمالِ كما بين مطلع الشمس إلى مغربها".

رواه أحمد والطبراني، ورواة أحمد إلى ماعز رواة "الصحيح".

وماعز هذا صحابي مشهور غير منسوب.

(1)

(1)

قلت: وليس هو ماعز بن مالك الذي رُجم في زمانه صلى الله عليه وسلم كما نبَّه عليه الناجي.

ص: 6

1104 -

(11)[صحيح لغيره] وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة".

قيل: وما بِرُّه؟ قال:

"إطعامُ الطعامِ، وطيبُ الكلامِ".

رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن، وابن خزيمة في "صحيحه"، والبيهقي، والحاكم مختصراً، وقال:"صحيح الإسناد"

(1)

.

1105 -

(12)[حسن صحيح] وعن عبد الله -يعني ابن مسعود- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"تابعوا بين الحجِّ والعمرةِ، فإِنَّهما يَنفيان الفقرَ والذنوبَ كما يَنفي الكيرُ

(2)

خَبَثَ الحديدِ والذهبِ والفضةِ، وليس للحَجَّةِ المبرورةِ ثوابٌ إلا الجنةَ".

رواه الترمذي، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

1106 -

(13)[حسن] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما ترفعُ إِبلُ الحاجِّ رِجْلًا، ولا تضعُ يَدًا؛ إِلا كَتَبَ الله له بها حسنةً، أو محا عنه سيئةً، أو رفعه بها درجةً".

(1)

في الأصل هنا: (وفي رواية لأحمد والبيهقي: "إطعام الطعام، وإفشاء السلام)، ولم أوردها لأنها ضعيفة.

(2)

بكسر الكاف: كير الحداد، وهو المبني من الطين. وقيل: الزق الذي ينفخ به النار، والمبني: الكور. و (خبث الحديد): هو ما تلقيه النار من وسخ الفضة والنحاس وغيرهما إذا أذيبا.

و (الحج المبرور): هو الذي لا يخالطه شيء من المآثم، وقيل: هو المقبول المقابل بالبر وهو الثواب، ولا يكون كذلك إلا إذا صفا من البدع والأمور التي اعتادها الناس، وكان من كسب حلال أراد به صاحبه أداء الفريضة، وامتثال أوامر الرب تبارك وتعالى. نسأل الله العافية.

ص: 7

رواه البيهقي

(1)

، وابن حبان في "صحيحه" في حديث يأتي إن شاء الله [آخر 9/ الوقوف بعرفة. .].

1107 -

(14)[حسن لغيره] وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الحجاجُ والعُمَّارُ وفدُ اللهِ؛ دعاهم فأجابوه، وسأَلوه فأعطاهم".

رواه البزار، ورواته ثقات.

(2)

1108 -

(15)[حسن] وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الغازي في سبيلِ اللهِ، والحاجُّ، والمعتمرُ؛ وفدُ اللهِ، دعاهم فأَجابوه، وسأَلوه فأَعطاهم".

رواه ابن ماجه -واللفظ له-، وابن حبان في "صحيحه"؛ كلاهما من رواية عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب.

1109 -

(16)[صحيح][ورواه عن أبي هريرة رضي الله عنه. . مرفوعاً] ابنُ خزيمة وابنُ حبان في "صحيحيهما"، ولفظهما: قال:

"وفدُ اللهِ ثلاثةٌ: الحاجُّ، والمعتمرُ، والغازي".

وقدّم ابنُ خزيمة: "الغازي"

(3)

.

(1)

قلت: أخرجه في "الشعب"(3/ 479) بإسناد فيه (أبو سليمان عن عطاء. .)، ولم أعرف (أبا سليمان) هذا، وعطاء هو ابن أبي رباح، وإسناد ابن حبان الآتي حديثه هناك غير هذا، فمن جهل المعلقين الثلاثة وجنفهم على الحديث تضعيفهم لهذا الحديث هنا، وهناك أيضاً، وأعلوه بما ليس في إسناد ابن حبان وغيره؟! كما سأبينه إن شاء الله تعالى.

(2)

كذا قال، وفيه محمد بن أبي حميد، وهو ضعيف، لكن الحديث قوي بما بعده.

(3)

قلت: وكذا رواه النسائي (2/ 3)، وقد عزاه إليه المؤلف باللفظ الأول المحذوف والمشار إليه بالنقط، لأنه من حصة القسم الآخر:"الضعيف"، وانطلى الأمر على المحققين الثلاثة فصححوه!!

ص: 8

1110 -

(17)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"استَمْتِعُوا بهذا البيت، فقد هُدم مرتين، وُيرْفعُ في الثالثةِ".

رواه البزار والطبراني في "الكبير"، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم، وقال:"صحيح الإسناد".

قال ابن خزيمة: "قوله: (وُيرْفَعُ في الثالثة) يريد بعد الثالثة".

1111 -

(18)[حسن لغيره] ورُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"تَعجَّلوا إلى الحج -يعني: الفريضة-. . . ".

رواه أبو القاسم الأصبهاني

(1)

.

1112 -

(19)[حسن لغيره] ورُوي

(2)

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد مِنى، فأَتاه رجلٌ من الأنصارِ ورجل من ثَقيف، فسلما، ثم قالا: يا رسول الله! جئنا نسألك. فقال:

"إنْ شئتُما أخبرتُكما بما جئتما تسأَلاني عنه فَعَلْتُ، وإِن شئتما أن أمسِكَ وتسأَلاني فَعلتُ".

فقالا: أخبِرْنا يا رسول الله!

فقال الثقفي للأنصاري: سل. فقال: أخبِرني يا رسول الله! فقال:

(1)

لقد أبعد المصنف النجعة، فقد أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما، وهو مخرج في "الإرواء" برقم (972).

(2)

كذا الأصل، وفي بعض النسخ "وعن" بحذف "روي"، ولعله الصواب؛ فإنه سيأتي هكذا في آخر (9 - الترغيب في الوقوف بعرفة. .)، ويؤيده أن المؤلف قد صرح بصحته تحت الحديث الآتي (11 - باب في حلق الرأس في منى)، مع ذلك ضعفه المعلقون الثلاثة بجهل بالغ. هداهم الله.

ص: 9

"جئتنَي تسألُني عن مخرجِك من بيتكَ تَؤُمُّ البيتَ الحرامَ وما لكَ فيه، وعن ركعتيك بعد الطوافِ وما لك فيهما، وعن طوافِك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وعن وقوفِك عَشِيَّةَ عرفةَ وما لك فيه، وعن رميك الجمار وما لك فيه، وعن نحرك وما لك فيه، مع الإفاضة".

فقال: والذي بعثك بالحق! لَعَنْ هذا جئتُ أَسألك. قال:

"فإنك إذا خرجتَ من بيتك تَؤُمُّ البيتَ الحرامَ؛ لا تضعُ ناقتُك خُفّاً، ولا ترفعه؛ إلا كتبَ [الله] لك به حسنةً، ومحا عنك خطيئةً.

وأما ركعتاك بعد الطواف؛ كعتق رقبة من بني إسماعيل.

وأما طوافُكَ بالصفا والمروة؛ كعتق سبعين رقبة.

وأما وقوفُك عشيةَ عرفة؛ فإن اللهَ يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة يقول: عبادي جاؤني شُعثًا من كل فَجٍّ عميقٍ يَرجون رحمتي، فلو كانت ذنوبُكم كعدد الرمل، أَو كقَطْرِ المطرِ، أو كزبدِ البحرِ؛ لغفرتها، أفيضوا عبادي! مغفورًا لكم، ولمن شفعتم له.

وأما رميُكَ الجِمارَ؛ فلكَ بكلِّ حصاةٍ رَمَيْتَها تكفيرُ كبيرةٍ من الموبقات.

وأما نحرُك؛ فمدخورٌ لك عند ربك.

وأما حِلاقُكَ رأَسَكَ؛ فلك بكل شعرةٍ حلقتَها حسنةٌ، وتمحى عنك بها خطيئةٌ.

وأما طوافك بالبيت بعد ذلك؛ فإنك تطوفُ ولا ذنبَ لك يأتي مَلَكٌ حتى يضعَ يديه بين كتفيك فيقول: اعملْ فيما تَستقبلُ؛ فقد غُفِرَ لك ما مضى".

رواه الطبراني في "الكبير"، والبزار، واللفظ له، وقال:

ص: 10

"وقد روي هذا الحديث من وجوه، ولا نعلم له أحسن من هذا الطريق".

(قال المملي) رضي الله عنه: "وهي طريق لا بأس بها، رواتها كلهم موثقون".

ورواه ابن حبان في "صحيحه"، ويأتي لفظه في "الوقوف" إن شاء الله تعالى [آخر 9 - الترغيب في الوقوف. .].

(1)

1113 -

(20)[حسن لغيره] ورواه الطبراني في "الأوسط" من حديث عبادة بن الصامت، وقال فيه:

"فإنَّ لك من الأجرِ إذا أَمَمْتَ البيتَ العتيقَ أن لا ترفع قدماً أو تضعَها أَنتَ ودابتُك؛ إلا كُتِبَتْ لك حسنةٌ، ورُفِعَتْ لك درجةٌ.

وأَما وقوفُك بعرفة؛ فإنَّ اللهَ عز وجل يقول لملائكته: يا ملائكتي!

ما جاء بعبادي؟ قالوا: جاؤا يلتمسون رضوانك والجنةَ. فيقول الله عز وجل: فإني أُشهِدُ نفسي وخَلقي أني قد غفرت لهم، ولو كانت ذُنوبُهم عدد أيام الدهر، وعدد رملِ عالِجٍ.

وأما رميُك الجمارَ؛ قال الله عز وجل: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .

وأما حلقُك رأسَك؛ فإِنه ليس من شعرِك شعرةٌ تقع في الأرضِ؛ إِلا كانت لكَ نوراً يومَ القيامةِ.

(1)

قلت: من جهل المعلقين الثلاثة وتخليطهم أنهم صدروا تخريجهم للحديث بالتضعيف! ثم عزوه لابن حبان والبزار بالأرقام! ثم نقلوا عن الهيثمي عزوه للطبراني، وقوله في رجال البزار:"موثقون"، فتعقبوه بقولهم (2/ 118):"قلنا: بل فيهم عبد الوهاب بن مجاهد ضعيف"!

فأقول: (العبد) هذا ليس في رواية ابن حبان والبزار، ثم هو متروك عند ابن حبان نفسه، فتأمل كم في هذا التخريج مع الأرقام من تضليل للقراء، وكم في هذا الحكم من اعتداء على السنة الغراء؟! وانظر التعليق علي الحديث في الموضع الذي أشار إليه المؤلف رحمه الله، وكذا تعليقي المتقدم.

ص: 11

وأما طوافك بالبيت إِذا ودَّعتَ؛ فإِنك تخرجُ من ذنوِبكَ كيومَ ولدتك أُمُّك".

1114 -

(21)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من خرجَ حاجاً فمات؛ كُتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمراً فمات؛ كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازياً فمات؛ كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة".

رواه أبو يعلى من رواية محمد بن إسحاق، وبقية رواته ثقات.

1115 -

(22)[صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

بينا رجل واقفٌ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفةَ، إذ وقع عن راحلته فَأَقعَصَتْهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اغسلوه بماءٍ وسِدرٍ، وكفِّنوه بثوبيه، ولا تُخَمِّروا رأسَه، ولا تُحَنِّطوه، فإِنه يُبعث يوم القيامة مُلَبِّياً".

رواه البخاري ومسلم وابن خزيمة. وفي روايةٍ لهم:

أن رجلًا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقَصَتْه ناقته وهو محرمٌ فماتَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اغسلوه بماءٍ وسدرٍ، وكفِّنوه في ثوبَيْهِ، ولا تَمَسُّوه بطيب، ولا تخمروا رأسَه، فإنه يُبعثُ يومَ القيامة مُلَبِّياً".

وفي روايةٍ لمسلم:

"فأمرَهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يغسلوه بماءٍ وسِدرٍ، وأنْ يكشفوا وجهَهُ -حسبته قال:- ورأسه؛ فإنه يبعث وهو يُهلُّ".

(وَقَصَتْه) ناقته معناه: رمته ناقته فكسرت عنقه. وكذلك (فأقعصته).

ص: 12

‌2 - (الترغيب في النفقة في الحج والعمرة، وما جاء فيمن أنفق فيهما من مال حرام).

1116 -

(1)[صحيح] عن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في عمرتها:

"إِنَّ لك من الأجر على قَدْر نَصَبِكِ ونَفَقَتِكِ".

رواه الحاكم

(1)

وقال: "صحيح على شرطهما".

وفي روايةٍ له وصححها

(2)

:

"إِنما أَجرُكِ في عُمرتِك على قدْرِ نفقتك".

(النَّصَب): هو التعب وزناً ومعنى.

(1)

قال الناجي (131):

"هذا عجيب من المؤلف، فإن البخاري ومسلماً والنسائي وغيرهم أخرجوا هذه الرواية بنحو هذا اللفظ، لكن عندهم: "أو نفقتك"، والألف أسقطت هنا ولا بد منها، والحاكم يَستدرك على الشيخين أو أحدهما مثل هذا، فيُستدرك عليه، فسبحان المنفرد بالكمال المطلق". وانظر "فتح الباري"(3/ 610 - 611).

(2)

قلت: ووافقه الذهبي على تصحيح الروايتين.

ص: 13

‌3 - (الترغيب في العمرة في رمضان).

1117 -

(1)[حسن] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

أراد رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الحجَّ، فقالت امرأةٌ لزوجِها: أَحْجِجْني مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ما عندي ما أُحِجُّكِ عليه. فقالت: أَحْجِجْني على جملك فلان. قال: ذاك حَبيسٌ في سبيل الله عز وجل. فأَتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إِنَّ امرأتي تقرأُ عليك السلامَ ورحمةَ الله، وإنها سأَلتْني الحجَّ معك، فقلت: ما عندي ما أُحِجُّكِ عليه. قالت: أَحججْني على جملك فلان. قلت: ذاك حبيسٌ في سبيلِ الله عز وجل. فقال:

"أما إنَّكَ لو أحجَجْتَها عَليه كان في سبيل الله".

قال: وإِنها أمرتني أن أَسألك: ما يعدل حجةً معك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أقرِئها السلامَ ورحمةَ الله وبركاتِه، وأخبرها أَنها تعدل حجةً معي عُمرةٌ في رمضان".

رواه أبو داود، وابن خزيمة في "صحيحه"؛ كلاهما بالقصة، واللفظ لأبي داود، وآخره عندهما سواء.

[صحيح] ورواه البخاري والنسائي وابن ماجه مختصراً:

"عمرةٌ في رمضانَ تعدل حجةً".

ومسلم

(1)

ولفظه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار يقال لها: أمُّ سِنان:

"ما منعك أَن تَحُجِّي

(2)

معنا؟ ".

(1)

هذا يشعر بأن البخاري لم يروهِ بهذا التمام، وليس كذلك كما بينه الناجي (131/ 2).

قلت: وهو في كتابي "مختصر البخاري"(برقم 863).

(2)

الأصل: (تجيئي)، والتصويب من "مسلم"(4/ 61).

ص: 14

قالت: لم يكن لنا إلا ناضحان، فحجَّ أبو ولدها وابنُها على ناضحٍ، وترك لنا ناضحًا ننضحُ عليه. قال:

"فإذا جاء رمضان فاعتمري؛ فإن عمرةً في رمضان تعدلُ حجةً".

وفي روايةٍ له:

"تعدل

(1)

حجَّةً، أَو حجةً معي".

1118 -

(2)

[صحيح لغيره] وعنه قال: جاءت أَم سُلَيْم إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالت:

حَجَّ أبو طلحةَ وابنُهُ (2) وتركاني. فقال:

"يا أمَّ سُليم! عمرةٌ في رمضانَ؛ تعدلُ حجةً معي".

رواه ابن حبان في "صحيحه"

(3)

.

1119 -

(3)[حسن لغيره] وعن أمّ معقِل رضي الله عنها قالت:

لما حَجَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حجةَ الوداع، وكان لنا جملٌ، فجعلَه أَبو معقل في سبيل الله. قالت: وأَصابنا مَرَضٌ، وهلكَ أبو معقل، قالت:

فلما قَفَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع -حسبناه- قال:

"يا أَم معقل! مَا منعك أَن تخرجي معنا؟ ".

قالت: يا رسولَ الله! لقد تهيأْنا، فهلك أَبو معقل، وكان لنا جملٌ هو الذي نحجُّ عليه، فأَوصى به أَبو معقل في سبيل الله. قال:

"فهلا خرجت عليه، فإن الحجَّ في سبيل الله، فأما إذ فاتتكِ هذه الحجة فاعتمري في رمضان، فإنها كَحَجَّةٍ".

(1)

لفظ مسلم: "تقضي"، وكذلك هو في "مختصر البخاري".

(2)

الظاهر أنه أنس، لأن أبا طلحة لم يكن له ابنٌ كبير يحج فيكون فيه مجاز. كذا قال ابن حجر فى مقدمة شرحه للبخاري، ويمكن أن ابنَ أبي طلحة الصغير خرج أبوه معه، وأن الرواية على ظاهرها. والله أعلم. كذا قال الناجي (132/ 1). والأقرب ما استظهره الحافظ ابن حجر.

(3)

رقم (1020) من طريق يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس. ويعقوب فيه ضعف، لكن ذكر الناجي (131/ 2) أن ابن أبي شيبة أخرجه من وجه آخر عن عطاء عنه.

ص: 15

رواه أبو داود والترمذي مختصراً عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"عمرة في رمضان تَعْدِل حجة".

وقال:

"حديث حسن غريب".

وابن خزيمة في "صحيحه" باختصار؛ إلا أنه قال:

[صحيح لغيره]"إن الحجَّ والعمرةَ في سبيلِ اللهِ، وإن عمرةً في رمضانَ تَعدلُ حجةً، أَو تَجزي حَجَّةً".

وفي روايةٍ لأبي داود والنسائي عنها أنها قالت:

يا رسولَ الله! إِني امرأة قد كبِرتُ وسَقِمْتُ، فهل من عمل يجزئ عني من حجتي؟ قال:

"عمرةٌ في رمضانَ تعدل حجةً".

(قَفَلَ) محركة؛ أي: رجع من سفره.

1120 -

(4)[صحيح لغيره] وعن أبي معقل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"عمرةٌ في رمضانَ تعدل حجةً".

رواه ابن ماجه.

1121 -

(5)[صحيح] ورواه البزار والطبراني في "الكبير" في حديثٍ طويلٍ بإسنادٍ جيدٍ عن أبي طليق أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:

فما يعدلُ الحجَّ معك؟ قال:

"عمرةٌ في رمضانَ".

(1)

(قال المملي) رضي الله عنه: "أبو طليق هو أبو معقل، وكذلك زوجته أم معقل تكنى أم طليق أيضاً. ذكره ابن عبد البر النّمَري".

(1)

قلت: إسناده صحيح، وقد صدره المعلقون الثلاثة وسائر أحاديث الباب -إلا رواية الشيخين- بقولهم:"حسن"! وذلك مما يدل على جهلهم بهذا العلم، فإن فيها الصحيح لذاته، والصحيح لغيره، والحسن لذاته، والحسن لغيره، ولعجزهم عن التمييز صاروا إلى التحسين! وأكثر أحاديث الكتاب عندهم هكذا محسنة (أنصاف حلول)! والله المستعان. وبيان هذه الأحاديث وتخريجها في "الإرواء"(3/ 372 - 377 و 6/ 32 - 33)، و"الصحيحة"(3069) وغيرهما.

ص: 16

‌4 - (الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياب؛ اقتداء بالأنبياء عليهم السلام.

1122 -

(1)[صحيح لغيره] روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

حجَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على رَحْلٍ رَثٍّ، وقطيفةٍ خَلِقةٍ تساوي أربعةَ دراهم، أو لا تساوى، ثم قال:

"اللهمَّ حجةً لا رياءَ فيها ولا سُمْعةً".

[صحيح لغيره] رواه الترمذي في "الشمائل"، وابن ماجه، والأصبهاني؛ إلا أنه قال:

"لا تساوي أربعةَ دراهمَ".

1123 -

(2)[صحيح لغيره] ورواه الطبراني في "الأوسط" من حديث ابن عباس.

(القطيفة): كساء له خمل.

1124 -

(3)[صحيح] وعن ثمامة قال:

حجَّ أنسٌ على رحلٍ، ولم يكن شحيحًا، وحدَّث:

أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم حجَّ على رَحلٍ، وكانت زاملَتَه.

رواه البخاري.

1125 -

(4)[حسن] وعن قدامة بن عبد الله -وهو ابن عَمّار- قال:

رِأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرةَ يومَ النحرِ على ناقةٍ صهباءَ

(1)

لا ضربَ، ولا طردَ، ولا: إِليك إِليك.

رواه ابن خزيمة في "صحيحه" وغيره.

(1)

من (الصهبة)، وهي كالشقرة، و (الأصيهب) تصغيره، قاله الخطابي، والمعروف أن (الصهبة) مختصة بالشعر، وهي حمرة يعلوها سواد، كذا في "النهاية".

ص: 17

1126 -

(5)[صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة، فمررنا بواد، فقال:

"أيُّ وادٍ هذا؟ ".

قالوا: وادي الأزرق. قال:

"كأَني أنظر إلى موسى صلى الله عليه وسلم -فذكر من طول شعرِه شيئاً لا يحفظه داود-

(1)

واضعاً إصبعيه في أذنيه له جُؤارٌ إلى الله بالتلبية، ماراً بهذا الوادي". قال: ثم سرنا حتى أتينا على ثَنيَّةٍ، فقال:

"أَيُّ ثَنيَّةٍ هذه؟ ".

قالوا: ثنية (هَرْشى) أو (لَفْتٌ). قال:

"كأَني أَنظر إلى يونسَ صلى الله عليه وسلم على ناقةٍ حمراءَ عليه جُبَّةُ صوفٍ وخِطامُ ناقتِه خُلْبَةٌ، ماراً بهذا الوادي مُلَبِّياً".

رواه ابن ماجه بإسناد صحيح

(2)

، وابن خزيمة، واللفظ لهما.

ورواه الحاكم بإسناد على شرط مسلم، ولفظه:

أنَّ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتى على وادي الأزرق، فقال:

"ما هذا؟ ".

قالوا: وادي الأزرق. فقال:

"كأَني أَنظر إِلى موسى مُهبِطاً له جؤارٌ إلى الله بالتكبير. ثم أَتى على

(1)

داود هذا هو ابن أبي هند، رواه عن أبي العالية عن ابن عباس، وفي رواية مجاهد عن ابن عباس:"وأما موسى فرجل آدم جعد، على جمل أحمر مخطوم بخلبة".

(2)

قلت: هو كما قال، لكنه أبعد النجعة في عزوه إليه فقط، فقد أخرجه مسلم أيضاً، لكن في كتاب "الإيمان"(1/ 106). وعنده أيضاً الرواية التي عزاها للحاكم؛ فوهم هذا في استدراكه على مسلم، لا سيما ورواية مسلم أتم، والزيادات له، وبعضها عند الحاكم أيضاً.

ص: 18

ثنية [(هَرْشى)، فقال:

"أيُّ ثنيَّةٍ هذه؟ ".

فقالوا: ثنية (هرشى)]. فقال:

"كأَني أَنظُرُ إلى يونس [بن مَتّى عليه السلام]

(1)

على ناقةٍ حمراءَ جَعْدَةٍ

(2)

، خِطامُها ليف، وهو يلبي

(3)

وعليه جبَّة صوف".

(هرشى) بفتح الهاء وسكون الراء بعدهما شين معجمة مقصور: ثنية قريب (الجُحْفةِ).

و (لِفَت) بكسر اللام وفتحها أيضًا: هو ثنية جبل (قديد) بين مكة والمدينة.

و (الخُلبة) بضم الخاء المعجمة وسكون اللام: هي الليف كما جاء مفسراً في الحديث.

1127 -

(6)[حسن لغيره] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"صلَّى في مسجدِ الخيف سبعون نبياً منهم موسى صلى الله عليه وسلم، كأني أنظُرُ إليه وعليه عباءتان قَطَوانيَّتان وهو محرمٌ، على بعيرٍ من إِبل شنوءة، مخطوم بخطام ليف، له ضفيرتان".

رواه الطبراني في "الأوسط"

(4)

، وإسناده حسن.

(قَطَوان) بفتح القاف والطاء المهملة جميعاً: موضع بالكوفة إليه تُنسب العُبيُّ والأكسية.

(1)

انظر التعليق السابق.

(2)

قال ابن الأثير: "أي: مجتمعة الخلق شديدة".

(3)

وفي رواية أخرى للحاكم: "يقول: لبيك اللهم لبيك".

(4)

كذا قال، وعزاه الهيثمي لـ "الكبير"، والصواب العزو إليهما معاً دفعاً للإيهام وهو في "الكبير"(11/ 452 - 453)، و"الأوسط"(6/ 193/ 5403)، وفيه عطاء بن السائب، لكن له شاهد، وهما مخرجان في "تحذير الساجد"(ص 106 - 107)، ومن جهل المعلقين أنهم قالوا:"حسن"، ثم أعلوه" باختلاط عطاء!!

ص: 19

1128 -

(7)[حسن لغيره] وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لقد مر بـ (الرَّوحاءِ)

(1)

سبعون نبياً، فيهم نبيُّ اللهِ موسى، حفاةً، عليهم العباءُ، يَؤُمّونَ بَيتَ اللهِ العتيق".

رواه أبو يعلى والطبراني، ولا بأس بإسناده في المتابعات.

1129 -

(8)[حسن لغيره] ورواه أبو يعلى أيضاً من حديث أنس بن مالك.

1130 -

(9)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"كأَني أَنظرُ إلى موسى بن عمران في هذا الوادي؛ مُحرِماً بين قَطَوانيَّتَين".

رواه أبو يعلى، والطبراني في "الأوسط" بإسنادٍ حسن.

1131 -

(10)[حسن لغيره] وعن ابن عمر رضي الله عنهما:

أن رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنِ الحاجُّ؟. . .

قال: فأَيُّ الحجِّ أفضلُ؟ قال:

"العَجُّ والثَّجُّ".

قال: وما السبيلُ؟ قال:

"الزادُ والراحلةُ".

رواه ابن ماجه بإسنادٍ حسن.

[حسن] وتقدم [1 - باب/ 19 - حديث] في حديث ابن عمر:

(1)

على وزن (الصفراء): موضع بين مكة والمدينة. والزيادة من "مسند أبي يعلى" وغيره.

ص: 20

"وأَما وقوفُك عشيةَ عرفةَ؛ فإِن اللهَ يهبطُ إلى سماءِ الدنيا فيباهي بكم الملائكةَ، يقول: عبادي جاؤني شعثا من كل فَجٍّ عميقٍ، يرجون جَنَّتي، فلو كانت ذنوبُكم كعددِ الرملِ، أو كقَطْرِ المَطَرِ، أَو كزبَدِ البحرِ؛ لغفرتُها. أَفيضوا عبادي مغفوراً لكم، ولمن شفعتم له" الحديث.

وفي رواية ابن حبان قال:

"فإذا وقفَ بعرفةَ، فإنَّ الله عز وجل يَنزل إلى السماءِ الدنيا فيقولُ:

انظُروا الى عبادي شُعْثاً غُبراً، اشهدوا أَني غفرتُ لهم ذنوبَهم، وإنْ كانتْ عدَدَ قَطْرِ السماءِ، ورملِ عالجٍ" الحديث.

(الشَّعِثُ) بكسر العين: هو البعيدُ العهدِ بتسريحِ شعرِه وغسله.

و (التَّفِلُ) بفتح التاء المثناة فوق وكسر الفاء: هو الذي ترك الطيبَ والتنظيفَ حتى تغيّرت رائحته.

و (العجُّ) بفتح العين المهملة وتشديد الجيم: هو رفع الصوت بالتلبية، وقيل: بالتكبير.

و (الثجُّ) بالمثلثة: هو نحر البُدْن.

1132 -

(11)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إن الله يباهي بأَهلِ عرفاتٍ ملائكةَ السماءِ، فيقول: انظروا إلى عبادي هؤلاء، جاؤني شُعْثاً غُبراً".

رواه أحمد، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

وسيأتي أحاديث من هذا النوع في " [9 - ] الوقوف" إن شاء الله تعالى.

ص: 21

‌5 - (الترغيب في الإحرام والتلبية ورفع الصوت بهما).

1133 -

(1)[حسن صحيح] عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"تابعوا بين الحجِّ والعمرةِ؛ فإنهما يَنفيانِ الفقرَ والذنوبَ، كما يَنفي الكيرُ

(1)

خَبَثَ الحديدِ والذهبِ والفضةِ، وليس للحجةِ المبرورةِ ثوابٌ إلا الجنة.

وما من مؤمن يَظَلُّ يومَه محرمًا إلا غابتِ الشمسُ بذنوبه"

(2)

.

[حسن لغيره] رواه الترمذي، وقال:"حديث حسن صحيح"، وليس في بعض نسخ الترمذي:

"وما من مؤمن" إلى آخره

(3)

، وكذا هو في النسائي و"صحيح ابن خزيمة" بدون الزيادة.

[حسن لغيره] وزاد رزين فيه:

"وما من مؤمن يُلَبِّي للهِ بالحجِّ؛ إلا شهدَ لَهُ ما على يمينِهِ وشمالِهِ إلى منقطعِ الأرضِ".

ولم أر هذه الزيادة في شيءٍ من نسخ الترمذي ولا النسائي.

1134 -

(2)[صحيح] وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما من مُلبٍّ يُلَبِّي إلا لَبّى ما عن يمينه وشماله من حجرٍ أو شجرٍ أو مدرٍ، حتى تنقطع الأرض من ههنا وههنا؛ عن يمينه وشماله".

(4)

(1)

تقدم تفسيره قريباً تحت الحديث 11/ الباب الأول - الحاشية (1).

(2)

قلت: من تفاهة تحقيق المعلقين هنا أنهم لم يخرجوا هذه الزيادة، ولا تكلموا على زيادة (رزين) بشيء، وإنما أحالوا على حديث ابن مسعود المتقدم (1 - باب/ 12 - حديث)، وليس فيه الزيادة!! وزيادة (رزين) يشهد لها الحديث الذي بعده، وحديث ابن عمرو المذكور في الكتاب الآخر (2 - في النفقة في الحج).

(3)

قلت: لكن يشهد لها حديث أبي هريرة الآتي قريباً رقم (5)، ويشهد لزيادة رزين حديث سهل الآتي عقبه.

(4)

فإن قيل: ما فائدة المسلم في تلبية الأحجار والشجر وغيرهما مع تلبيته؟

قلت: اتباعها إياه في هذا الذكر دليل على فضيلته وشرفه ومكانته عند الله تعالى، إذ ليس اتباعُها إياه في هذا الذكر إلا لذلك. على أنه يجوز أن يكتب له أجر هذه الأشياء لأنها صدرت =

ص: 22

رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي؛ كلهم من رواية إسماعيل بن عَيّاش عن عُمارة بن غزيَّة عن أبي حازم عن سهل.

ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" عن عَبيدة -يعني ابن حميد-: حدثني عُمارة بن غزيَّة عن أبي حازم عن سهل.

ورواه الحاكم وقال: "صحيح على شرطهما".

1135 -

(3)[صحيح] وعن خَلّاد بن السائبِ عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أَتاني جبرائيلُ فأَمرني

(1)

أن آمرَ أصحابي أَن يرفعوا أصواتهم بالإهلالِ أَو

(2)

التلبيةِ".

= عنها تبعاً، فصار المؤمن بالذكر كأنه دالٌّ على الخير. والله أعلم.

(1)

هو أمر إيجاب، إذ تبليغ الشرائع واجب. وكذا قوله:"أن آمر أصحابي" أمر وجوب عند الظاهرية، خلافاً للجمهور، وقوله:"أن يرفعوا أصواتهم" إظهاراً لشعار الإحرام، وتعليماً للجاهل ما يشرع له في ذلك المقام.

(2)

الأصل ومطبوعة عمارة والمخطوطة "والتلبية"، والصواب ما أثبته، وهو رواية الترمذي (طبع الهند) عن سفيان بن عيينة. ورواه النسائي عنه "بالتلبية" فقط، وعكس ذلك ابن ماجه فقال:"بالإهلال" فقط، وهو رواية لأحمد. وتابعه مالك، وعنه أبو داود بنحو رواية الترمذي، بلفظ:"بالتلبية أو بالإهلال، يريد أحدهما". وهكذا رواه أحمد أيضاً عن مالك. رواه هو وسفيان عن عبد الله بن أبي بكر بإسناده عن السائب. وتابعهما ابن جريج قال: كتب إليَّ عبد الله بن أبي بكر به بلفظ: "بالتلبية والإهلال"، جمع بينهما. رواه عنه هكذا محمد بن بكر. وخالفه روح فقال:"بالتلبية أو الإهلال"، وقال روح:"ولا أدري أيّنا وَهِلَ؟ أنا أو عبد الله أو خلاد في (الإهلال أو التلبية) ". رواه أحمد عنهما.

فهذا يدل على أن الشك قديم، وليس من روح لرواية مالك وسفيان المتقدمين، فهو من عبد الله ابن أبي بكر أو خلاد، كما قال روح، فاتفاق هؤلاء على رواية هذا الحرف على الشك يدل على أن رواية الجمع بين الإهلال والتلبية شاذة، كما وقع في نسخة الترمذي بتحقيق الأستاذ الدعاس، وكذلك وقع في "المستدرك"، وهو خطأ من الناسخ أو أحد رواته، فإنه عنده من طريق الحميدي عن سفيان، وهو في "مسند الحميدي" برقم (853) على الشك:"بالإهلال أو بالتلبية". قال الشيخ المبارك فوري في "التحفة"(2/ 85): "المراد بـ (الإهلال): التلبية، على طريقة التجريد، لأن معناه رفع الصوت بالتلبية. وكلمة (أو) للشك. قاله أبو الطيب".

ص: 23

رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وقال:

"حديث حسن صحيح"، وابن خزيمة في "صحيحه"، وزاد ابن ماجه:

"فإنها [من] شعار الحج"

(1)

.

1136 -

(4)[صحيح لغيره] وعن زيد بن خالد الجُهني رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"جاءني جبرائيلُ فقالَ: مُرْ أصحابَكَ فليرفعوا أصواتَهم بالتلبية، فإنها من شِعارِ الحجِّ".

رواه ابن ماجه، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1137 -

(5)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما أهلَّ مُهِلٌّ قط إلا بُشِّرَ، ولا كَبَّر مُكَبِّرٌ قط إلا بُشِّرَ".

قيل: يا رسول الله! بالجنة؟ قال:

"نعم".

رواه الطبراني في "الأوسط" بإسنادين، رجال أحدهما رجال "الصحيح".

(أهَلَّ) الملبي: إذا رفع صوته بالتلبية.

1138 -

(6)[حسن لغيره] وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سُئلَ: أيُّ الأعمالِ أفضلُ؟ قال:

"العَجُّ والثَّجُّ".

رواه ابن ماجه والترمذي، وابن خزيمة في "صحيحه"؛ كلهم من رواية محمد بن

(1)

قلت: هذه الزيادة ليست عند ابن ماجه ولا عند غيره من حديث السائب، وإنما هي في حديث زيد بن خالد الآتي بعده، فتنبه ولا تكن مثل المعلقين الثلاثة الذين عزوه لابن ماجه بالرقم!! وهو مخرج في "الصحيحة"(830).

ص: 24

المنكدر عن عبد الرحمن بن يربوع، وقال الترمذي:

"لم يسمع محمد من عبد الرحمن".

ورواه الحاكم وصححه، والبزار؛ إلا أنه قال:

ما بال الحجِّ؟ قال:

"العجُّ والثجُّ".

قال وكيع:

"يعني بـ (العجّ) العجيج بالتلبية، و (الثجّ): نحر البدن". وتقدم [يعني 4 - باب/ 10 حديث].

‌6 - (الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى).

[ليس تحته حديث على شرط كتابنا].

ص: 25

‌7 - (الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني، وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت).

1139 -

(1)[صحيح لغيره] عن عبد الله بن عبيد بن عمير؛ أنه سمع أباه يقول لابن عمر:

ما لي لا أراك تستلم إلا هذين الركنين: الحجر الأسود والركن اليماني؟

فقال ابن عمر: إن أفعل فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

1 -

"إن استلامَهما يَحُطُّ الخطايا".

[صحيح لغيره] قال: وسمعته يقول:

2 -

"ومن طاف أسبوعاً يُحصيه

(1)

، وصلى ركعتين؛ كانَ كعدلِ رقبة".

قال: وسمعته يقول:

3 -

"ما رفع رجل

(2)

قدماً ولا وضعها؛ إلا كتب له عشر حسنات، وحطّ عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات".

رواه أحمد وهذا لفظه، والترمذي، ولفظه:

إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

1 -

"إن مسحَهما كفارةٌ للخطايا".

[صحيح لغيره] وسمعته يقول:

2 -

"لا يضعُ قدماً ولا يرفعُ أخرى؛ إلا حَطَّ الله عنه بها خطيئةً، وكتبَ له بها حسنةً".

(1)

أي: يحصر عدده فيجعله سبعاً لا زيادة ولا نقص. وفيه إشارة إلى أن فضائل العبادات المقيدة بعدد مسمى، لا بد فيها من التمسك بالعدد، لا يزيد ولا ينقص، فتنبه.

(2)

يعني الطائف حول الكعبة كما يدل عليه رواية ابن خزيمة الآتية، وقد جاء مطلقاً في حديث آخر لكن دون تضعيف الكتابة والوضع والرفع كما تقدم آنفاً.

ص: 26

ورواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد"، وابن خزيمة في "صحيحه"، ولفظه: قال:

إن أفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

1 -

"مسحُهما يحطُّ الخطايا".

وسمعته يقول:

2 -

"من طافَ بالبيتِ؛ لم يرفعْ قدماً، ولم يضعْ قدماً؛ إلا كتبَ الله له حسنةً، وحَطّ عنه خطيئةً، وكتبَ

(1)

له درجة".

[صحيح لغيره] وسمعته يقول:

3 -

"من أحصى أسبوعاً كانَ كعتقِ رقبةٍ".

[صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه" مختصراً؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مسحُ الحجرِ والركنِ اليماني يحطُّ الخطايا حطّاً".

(قال الحافظ): "رووه كلهم عن عطاء بن السائب عن عبد الله

(2)

".

1140 -

(2)[صحيح لغيره] وعن محمد بن المنكدر عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من طاف بالبيت أسبوعاً لا يلغو فيه؛ كان كعدل رقبة يعتقها".

رواه الطبراني في "الكبير"، ورواته ثقات.

1141 -

(3)[صحيح] وعن ابن عباس أيضاً؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الطوافُ حولَ البيتِ صلاةٌ، إلا أنكم تتكلمونَ فيه، فمن تكلمَ فلا يتكلمُ إلا بخيرٍ".

(1)

كذا الأصل، ولعل الصواب (ورفع) كما وقع في "صحيح ابن حبان"(رقم 1000 - موارد)، ويأتي لفظه قريباً هنا برقم (5).

(2)

يعني أن عطاء مختلط. لكن رواه عنه الثوري وغيره ممن سمع منه قبل الاختلاط، وهو مخرج في "الصحيحة"(2725).

ص: 27

رواه الترمذي -واللفظ له-، وابن حبان في "صحيحه". قال الترمذي:

"وقد روي عن ابن عباس موقوفاً، ولا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن السائب"

(1)

.

1142 -

(4)[صحيح] وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من طافَ بالبيت

(2)

، وصلى ركعتين؛ كان كعِتقِ رقبةٍ".

رواه ابن ماجه، وابن خزيمة في "صحيحه"، وتقدم [في الحديث الأول في الباب].

1143 -

(5)[صحيح لغيره] وعنه أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من طافَ بالبيت أسبوعاً؛ لا يضعُ قدماً، ولا يرفعُ أخرى؛ إلا حطَّ الله عنه بها خطيئةً، وكتبَ له بها حسنةً، ورفعَ له بها درجةً".

رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، وابن حبان، واللفظ له.

1144 -

(6)[صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحَجَر:

"والله لَيَبعَثَنَّهُ الله يومَ القيامة له عينان يبصر بهما، ولسانٌ ينطق به، يشهد على من استلمهُ بحق

(3)

".

(1)

يشير إلى إعلاله باختلاط عطاء كما سبق في الحديث المتقدم، وهو مردود من وجهين:

الأول: أنه رواه عنه سفيان الثوري، ولذلك قوّى الحديث ابنُ دقيق العيد والعسقلاني.

والآخر: أنه تابعه ثقتان على رفعه؛ خلافاً لقول الترمذي، وتفصيل هذا في "إرواء الغليل"(1/ 154 - 158). وجهل هذا كله المعلقون الثلاثة، فضعفوا الحديث! هداهم الله وعرفهم بأنفسهم!

(2)

قال الناجي (132/ 2): "ورواه النسائي بلفظ: من طاف سبعاً فهو كعدل رقبة".

قلت: ورواه أحمد بزيادة: "يحصيه"، وقد تقدم في حديث الباب الأول.

(3)

الباء للملابسة، أي: متلبساً بها بحق وهو دين الإسلام، واستلامه بحق هو طاعة الله، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لا تعظيم الحجر نفسه. والشهادة عليه هي الشهادة على أدائه حق الله المتعلق به، وليست (على) للضرر.

ص: 28

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن"، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما".

1145 -

(7)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يأْتي الركنُ

(1)

يومَ القيامةِ أعظمَ مِن أبي قُبَيْسٍ

(2)

، له لسانٌ وشفتان".

رواه أحمد بإسناد حسن.

1146 -

(8)[صحيح لغيره] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"نزلَ الحَجَرُ الأَسودُ من الجنةِ، وهو أَشدُّ بياضاً من اللبنِ، فسوّدَتْه خطايا بني آدم".

رواه الترمذي، وقال:"حديث حسن صحيح".

وابن خزيمة في "صحيحه"؛ إلا أنه قال:

"أشدُّ بياضاً من الثلجِ"

(3)

.

ورواه البيهقي مختصراً قال:

"الحجرُ الأَسودُ من الجنةِ، وكانَ أشدّ بياضاً من الثلجِ، حتى سوَّدَتْه خطايا أهلِ الشركِ".

1147 -

(9)[صحيح لغيره] وعنه [يعني عبد الله بن عمرو] قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسندٌ ظهرَه إلى الكعبةِ يقول:

"الركنُ والمقامُ ياقوتتان من يواقيتِ الجنةِ، ولولا أن الله طمَسَ نورَهما

(1)

الأصل: "الركن اليماني"، والتصويب من "المسند"(2/ 211) و"المعجم الأوسط"(1/ 337)، وغيرهما، وهو قل من جل مما فات المحققين الثلاثة تصويبه!

(2)

جبل بمكة سمي برجل من مَذحج حداد؛ لأنه أول من بني فيه.

(3)

قلت: وهو المحفوظ كما حققته في "الصحيحة"(2618)، وأما المعلقون الثلاثة فحسنوا اللفظين، ولم يرجحوا واحداً منهما على آخر! ولا بد منه.

ص: 29

لأضاءتا ما بين المشرقِ والمغربِ".

رواه الترمذي، وابن حبان في "صحيحه"؛ كلاهما من رواية رجاء بن صبيح

(1)

والحاكم، ومن طريقه البيهقي.

[حسن صحيح] وفي روايةٍ للبيهقي قال:

"إن الركنَ والمقامَ من ياقوتِ الجنةِ، ولولا ما مسَّه من خطايا بني آدمَ لأضاء ما بين المشرقِ والمغربِ، وما مسَّهما من ذوي عاهةٍ ولا سقيمٍ إلا شُفِي".

[صحيح] وفي أخرى له عنه أيضاً رفعه قال:

"لولا ما مسَّه من أنجاسِ الجاهلية ما مسَّه ذو عاهةٍ إلا شُفيَ، وما على الأرضِ شيءٌ من الجنةِ غيرهُ"

(2)

.

(1)

قلت: لكن تابعه غير واحد عند الحاكم وغيره، وقد خرجت طرقه في "الحج الكبير".

(2)

هذا والذي قبله مخرج في "الصحيحة"(3355)، وقد ضعفهما المعلقون الثلاثة. هداهم الله.

ص: 30

‌8 - (الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة، وفضله).

1148 -

(1)[صحيح] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى الله عز وجل من هذه الأيامِ. يعني أيامَ العشرِ".

قالوا: يا رسولَ الله! ولا الجهادُ في سبيلِ الله؟ قال:

"ولا الجهادُ في سبيلِ الله؛ إلا

(1)

رجلٌ خرجَ بنفسهِ ومالهِ، ثم لم يرجعْ من ذلكَ بشيءٍ".

رواه البخاري والترمذي وأبو داود وابن ماجه.

[حسن] وفي روايةٍ للبيهقي

(2)

قال:

"ما من عملٍ أزكى عندَ الله ولا أَعظم أجراً من خيرٍ يعملُه في عَشرِ الأضحى".

قيل: ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال:

"ولا الجهادُ في سبيلِ الله، إلا رجلٌ خرج بنفسهِ ومالِه فلم يرجعْ من ذلك بشيءٍ".

قال: فكان سعيد بن جبير إذا دخلَ أيامُ العَشرِ اجتهدَ اجتهاداً شديداً، حتى ما يكادُ يُقدَرُ عليه.

1149 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله -يعني ابن مسعود- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

أي: إلا جهاد رجل.

(2)

قلت: قد رواه من هو أعلى طبقة منه وأشهر، ألا وهو الإمام الدارمي (2/ 25 - 26)، وسنده حسن.

ص: 31

"ما من أيامٍ العملُ الصالحُ

(1)

فيها أفضلُ مِن أيام العَشرِ".

قيل: ولا الجَهادُ في سبيلِ الله؟ قال:

"ولا الجهادُ في سبيلِ الله، [إلا من عثر جواده، وأهريق دمه] ".

رواه الطبراني

(2)

بإسناد صحيح.

1150 -

(3)[صحيح لغيره] وعن جابرٍ رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"أفضلُ أيامِ الدنيا العشرُ -يعني: عشرَ ذي الحجةِ-".

قيل: ولا مثلُهن في سبيلِ الله؟ قال:

"ولا مثلُهن في سبيلِ الله، إلا رجلٌ عَفَّرَ وجهه بالتراب" الحديث.

[صحيح لغيره] رواه البزار بإسناد حسن، وأبو يعلى بإسناد صحيح، ولفظه: قال:

"ما من أيامٍ أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحِجَّة".

قال: فقال رجل: يا رسول الله! هن أفضل أم عدتهن جهاداً في سبيل الله؟ قال:

"هُنَّ أفضلُ مِن عِدَّتِهنَّ جهاداً في سبيل الله، إلا عفيرٌ يُعَفِّرُ وجهه في التراب" الحديث.

ورواه ابن حبان في "صحيحه".

ويأتي بتمامه إن شاء الله [في "الضعيف" أول الباب التالي].

(1)

لفظ (الصالح) ليس عند الطبراني (10/ 246/ 10455)، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"(8/ 259) وكذا هو ليس في "المجمع". وصححه أبو نعيم.

(2)

في "الكبير"(10/ 246/ 10455). وعنه أبو نعيم في "الحلية"(8/ 259)، وصححه، ومنه الزيادة التي بين المعكوفتين، وهي في "الأوسط" أيضاً (2/ 450/ 1777) لكن بلفظ:"إلا من خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء"، والسند واحد!

ص: 32

‌9 - (الترغيب في الوقوف بعرفة والمزدلفة، وفضل يوم عرفة).

1151 -

(1)[صحيح لغيره] وروى ابن المبارك عن سفيان الثوري عن الزبير بن عدي عن أنس ابن مالك قال:

وقفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بـ (عرفات) وقد كادت الشمسُ أن تؤوبَ، فقال:

"يا بلال! أَنصِتْ لي الناسَ".

فقام بلال، فقال: أَنْصِتوا لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأنصتَ الناسُ، فقال:

"معاشرَ الناسِ! أَتاني جبرائيل آنفاً، فأقرأني من رَبي السلامَ، وقال: إنَّ الله عز وجل غفرَ لأهلِ عرفاتٍ، وأَهل المَشْعَر، وضَمِنَ عنهم التبعاتِ".

فقام عمر بنُ الخطاب فقال: يا رسول الله! هذا لنا خاصة؟ قال:

"هذا لكم، ولمن أتى من بعدِكم إلى يوم القيامة".

فقال عمر بن الخطاب: كثرَ خيرٌ الله وطابَ.

(1)

1152 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الله يباهي بأهلِ عرفاتٍ أهلَ السماءِ، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاؤني شُعثاً غبراً".

رواه أحمد، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:"صحيح على شرطهما".

(1)

إنما أوردته هنا لجزم المؤلف رحمه الله بنسبته إلى ابن المبارك، وهو إمام من أئمة الحديث، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين، ولذلك قال الحافظ ابن حجر:"فإن ثبت سنده إلى ابن المبارك فهو على شرط الصحيح". نقله السيوطي في "اللآلئ"(2/ 69).

قلت: وظني أنه لو لم يثبت سنده إلى ابن المبارك، ما جزم المؤلف بنسبته إليه كما هو ظاهر.

ومع ذلك فله شواهد خرجتها في "الصحيحة"(1624)، والله تعالى أعلم. وأما المعلقون الثلاثة فقالوا كعادتهم في الارتجال والادعاء:"حسن"!

ص: 33

1153 -

(3)[حسن صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:

"إن الله عز وجل يباهي ملائكتَه عَشِيَّة عرفةَ بأَهلِ عرفةَ، فيقول: انظُروا إلى عبادي شُعثاً غُبراً".

رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الصغير"، وإسناد أحمد لا بأس به.

1154 -

(4)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما من يومٍ أكثرُ من أن يُعتِقَ الله فيه عبيداً

(1)

من النار مِن يوم عرفة، وإنه ليدنو

(2)

، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ ".

رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.

[صحيح لغيره] وزاد رزين في "جامعه" فيه:

"اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم"

(3)

.

1155 -

(5)[حسن] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله! كلماتٌ أَسأَلُ عنهن. فقال:

(1)

كذا وقع في الكتاب. والصواب "عبداً" بالإفراد كما عند مخرجيه جميعاً، وكذلك ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية (5/ 373 - مجموع الفتاوى)، والناجي في "العجالة".

(2)

الأصل والمخطوطة: "ليدنو يتجلى"، والصواب ما أثبتناه، وزيادة "يتجلى" زيادة منكرة لا أصل لها في شيء من روايات الحديث كما حققته في "الصحيحة"(2551). ومن الظاهر أن مقصود من أدرجها في الحديث تفسيره بها، وهذا خلاف ما عليه السلف أن الدنو صفة حقيقية لله تعالى كالنزول، فهو ينزل كما يشاء، ويدنو من خلقه كما يشاء، لا يشبه نزوله ودنوه نزول المخلوقات ودنوهم، كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "شرح حديث النزول" وغيره. وخفي هذا التصويب والذي قبله على المحققين الثلاثة للكتاب -زعموا- فطبعوا الحديث بالزيادتين المنكرتين! فهذا مثال من عشرات بل مئات الأمثلة من تحقيقهم!

(3)

قلت: لكن يشهد لها حديث ابن عمر الآتي قريباً بعد حديث.

ص: 34

"اجلس".

وجاءَ رجلٌ من ثقيف، فقال: يا رسولَ الله! كلماتٌ أسألُ عنهن. فقال صلى الله عليه وسلم:

"سبقَكَ الأنصاري".

فقال الأنصاري: إنه رجلٌ غريبٌ، وإن للغريبِ حقاً، فابدأْ به. فأَقبل على الثقفي فقال:

"إن شئتَ أنبأْتُكَ عما كنتَ تسألني عنه، وإن شئتَ تسأَلُني وأُخبرُك؟ "

فقالَ: يا رسولَ الله! بل أجبْني عما كنتُ أَسأَلُك. قال:

"جئتَ تسألُني عن الركوعِ والسجودِ والصلاةِ والصومِ".

[صحيح] فقال: والذي بعثَك بالحقِّ ما أخطأتَ مما كان في نفسي شيئاً. قال:

"فإذا ركعت فَضعْ راحتَيْكَ على رُكبَتَيْكَ، ثم فرِّجْ أصابَعك. ثم اسكن حتى يأخذَ كلُّ عضوٍ مأْخذَه، وإذا سجدْتَ فمكِّنْ جبهتَك، ولا تنقر نقراً، وصلِّ أولَ النهارِ وآخرَه".

فقال: يا نبي الله! فإنْ أَنا صلَّيت بينهما؟ قال:

"فأَنت إذاً مصلٍّ. وصُمْ من كلِّ شهرٍ ثلاثَ عشرةَ، وأربعَ عشرةَ، وحْمسَ عشرةَ".

فقام الثقفي. ثم أقبل على الأنصاري، فقال:

"إن شئتَ أخبرتُك عما جئتَ تسألني، وإن شئت تسأَلُني وأُخبرُك؟ ".

فقال: لا يا نبي الله! أَخبرني بما جئتُ أسألكَ. قال:

"جِئتَ تسأَلني عن الحاجِّ ما لَه حين يخرج من بيته؟ وما لَه حين يقومُ بعرفاتٍ؟ وما له حين يرمي الجمار؟ وما له حين يحلقُ رأْسَه؟ وما له حين يقضي آخر طوافٍ بالبيت؟ ".

ص: 35

فقال: يا نبيَّ الله! والذي بعثك بالحق ما أَخطأتَ مما كان في نفسي شيئاً. قال:

"فإنّ له حين يخرجُ من بيتِه أَنَّ راحلَتَه لا تخطو خطوةً؛ إلا كتبَ الله له بها حسنةً، أَو حطَّ عنه بها خطيئةً، فإذا وقفَ بـ (عرفةَ) فإنّ الله عز وجل يَنزلُ إلى سماءِ الدنيا فيقول: انظروا إلى عبادي شُعثاً غُبراً، اشهدوا أني قد غفرت لهم ذنوبهم، وإن كانت عدد قَطرِ السماء ورملِ عالج، وإذا رمى الجمارَ لا يدري أحدٌ ما لَه حتى يُوفاه يوم القيامة، [وإذا حلق رأسه، فله بكل شعرة سقطت من رأسه نور يوم القيامة]

(1)

، وإذا قضى آخر طوافٍ

(2)

بالبيت؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".

رواه البزار والطبراني، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له

(3)

.

(1)

زيادة من "الإحسان"، والبزار.

(2)

الأصل: "الطواف"، والتصحيح من "الموارد"، ومما قبله بأسطر.

(3)

قلت: أخرجه البزار (1082) وابن حبان (963 - موارد) من طريق طلحة بن مصرف، والطبراني (12/ 425) من طريق ابن مجاهد، كلاهما عن مجاهد عن ابن عمر، وللفرق بين الطريقين قال الهيثمي:"رجال البزار موثقون"، فتعقبه الجهلة الثلاثة بقولهم:"قلنا (!): بل فيهم عبد الوهاب بن مجاهد ضعيف". فهل عميت أبصارهم عن الطريق الأولى النظيفة من هذا الضعف -وهم قد عزوها إلى مخرجيها بالأرقام كعادتهم- أم تعاموا! وقد حسنها البيهقي في "الدلائل"(6/ 294)، وصرح المؤلف بصحتها في أول الباب الآتي. وانظر التعليق المتقدم في أول هذا الكتاب:(الحج).

ص: 36

‌10 - (الترغيب في رمي الجمار

(1)

. . .).

قال الحافظ: "تقدم في الباب قبله في حديث ابن عمر الصحيح":

"وإذا رمى الجمار لا يدري أَحد ما له حتى يُوفاه يوم القيامة".

لفظ ابن حبان، ولفظ البزار:

"وأما رميُك الجمارَ؛ فلكَ بكلِّ حصاةٍ رَمَيْتَها تكفيرُ كبيرةٍ من الموبقات".

1156 -

(1)[صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لما أَتى إبراهيمُ خليلُ الله المناسكَ عَرَضَ له الشيطانُ عندَ جمرةِ العقبةِ، فرماه بسبع حصياتٍ حتى ساخَ في الأرض

(2)

، ثم عرضَ له عندَ الجمرةِ الثانيةِ، فرمَاه بسبع حصياتٍ حتى ساخَ في الأرضِ، ثم عرض له عند الجمرةِ الثالثةِ، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض".

قال ابن عباس: الشيطانَ ترجمون، وملةَ أَبيكم إبراهيم تتبعون.

رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم، واللفظ له، وقال:

"صحيح على شرطهما"

(3)

.

1157 -

(2)[حسن صحيح] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا رميتَ الجِمارَ؛ كان لك نوراً يومَ القيامةِ".

رواه البزار من رواية صالح مولى التوأمة

(4)

.

(1)

هي الأحجار الصغار.

(2)

أي: غاص فيها.

(3)

ووافقه الذهبي في "تلخيصه". وقال الناجي: "ورواه أحمد بمعناه دون قول ابن عباس الذي في آخره". وأما المعلقون الثلاثة فخالفوا -كعادتهم- وقالوا: "حسن"، ولا وجه له فهو صحيح كما قالا، لا سيما وهو عند ابن خزيمة من طريق أخرى رجالها ثقات، وطريق ثالثة وهي رواية أحمد التي أشار إليها الناجي!

(4)

قلت: لا وجه لإعلاله به، لأنه من رواية موسى بن عقبة عنه، وموسى سمع منه قبل اختلاطه كما قال الحافظ العسقلاني، ولذلك حسن إسناده، وقد بينت وجه ذلك في "الصحيحة"(2515)، وله شاهد في حديث عبادة بن الصامت، وقد ذكره المؤلف في آخر الباب التالي.

ص: 37

‌11 - (الترغيب في حلق الرأس بمنى).

1158 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اللهم اغفر للمحَلِّقين".

قالوا: يا رسولَ الله! وللمقصِّرين. قال:

"اللهم اغفر للمحلِّقين".

قالوا: يا رسول الله! وللمقصِّرين. قال:

"اللهم اغفر للمحلِّقين".

قالوا: يا رسول الله! وللمقصِّرين. قال:

"وللمقصِّرين".

رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

1159 -

(2)[صحيح] وعن أم الحصين؛ أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع:

"دعا للمحلِّقين ثلاثًا، وللمقصِّرين مرةً واحدةً".

رواه مسلم.

1160 -

(3)[حسن] وعن مالك بن ربيعة رضي الله عنه؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول:

"اللهم اغفر للمحلِّقين، اللهم اغفر للمحلِّقين".

قال: يقول رجل من القوم: وللمقصِّرين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة أو في الرابعة:

"وللمقصِّرين".

ثم قال: وأنا يومئذ محلوقُ الرأسِ، فما يسرُّني بحلقِ رأسي حمر النَّعَم.

ص: 38

رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن.

[حسن](قال الحافظ): وتقدم في حديث ابن عمر الصحيح [1 - باب/ رقم 19] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصاري:

"وأما حلاقُك رأَسَك؛ فلك بكل شعرةٍ حلقتها حسنة، وتمحى عنك بها خطيئة".

[صحيح لغيره] وتقدم أيضاً في حديث عبادة بن الصامت [1 - باب/ رقم 20]:

"وأما حلقُك رأسَك؛ فإنه ليس من شعرِك شعرةٌ تقع في الأرض؛ إلا كانت لك نوراً يوم القيامة".

ص: 39

‌12 - (الترغيب في شرب ماء زمزم، وما جاء في فضله).

1161 -

(1)[حسن] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"خير ماءٍ على وجه الأرض ماءُ زَمزم، فيه طعامُ الطُّعم

(1)

، وشفاء السُّقم، وشرُّ ماءٍ على وجه الأرض ماءٌ بوادي (بَرَهوت)، بقبة بـ (حضرموت)، كرِجلِ الجراد، تُصبح تَنْدفق، وتمسي لا بَلالَ فيها".

رواه الطبراني في "الكبير"، ورواته ثقات، وابن حبان في "صحيحه"

(2)

.

(بَرَهُوت) بفتح الباء الموحدة والراء وضم الهاء آخره مثناة

(3)

.

و (حَضرموت) بفتح الحاء المهملة: اسم بلد. قال أهل اللغة: وهما اسمان جعلا اسماً واحداً، إن شئتَ بنيت (حضرَ) على الفتح وأعربت (موتَ) إعراب ما لا ينصرف، وإن شئت أضفتَ الأول إلى الثاني، فأعربت (حضراً) وخفضت (موتٍ).

1162 -

(2)[صحيح] وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"زمزمُ طعامُ طُعم، وشفاءُ سُقمٍ".

رواه البزار بإسناد صحيح.

(4)

(1)

أي: يشبع الإنسان إذا شرب ماءها كما يشبع من الطعام، قاله ابن الأثير. ويأتي في الكتاب نحوه.

(2)

قلت: لم أره في "الموارد"، ولا في "الإحسان"، ولا عزاه إليه السيوطي في "جامعيه"، نعم عزاه إليه الهيثمي في "المجمع"، وأظنه تبع المؤلف، وكنت استظهرت في "الصحيحة"(1056) أنه مما فاته أن يورده في "الموارد"، فلما طبع "الإحسان"، ولم نجده فيه غلب على الظن أن العزو لـ "صحيح ابن حبان" وهم. والله أعلم. وتقلد هذا العزو جمع كالمناوي والمعلقين الثلاثة!

(3)

بئر عميقة بـ (حضرموت) لا يستطاع النزول إلى قعرها. قاله ابن الأثير.

(4)

قلت: وهو كما قال، وذكر الحافظ في "مختصر البزار"(1/ 470/ 801) أنه على شرط مسلم. وأما المعلقون الثلاثة فحسنوه فقط!

ص: 40

قوله: "طعام طعم" بضم الطاء وسكون العين، أي: طعام يُشبع من أكله.

1163 -

(3)[صحيح لغيره] وعن أبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعته يقول:

كنا نسميها شُباعة

(1)

-يعني زمزم-، وكنا نجدها نِعْمَ العونُ على العيالِ.

رواه الطبراني في "الكبير"، وهو موقوف صحيح الإسناد.

1164 -

(4)[حسن لغيره] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ماء زمزم لما شرب له. . . ".

رواه الدارقطني، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد إن سَلِمَ من الجارود". يعني محمد بن حبيب.

(قال الحافظ):

"سلم منه؛ فإنه صدوق. قاله الخطيب البغدادي وغيره، لكن الراوي عنه محمد بن هشام لا أعرفه".

1165 -

(5)[حسن لغيره] عن جابر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ماء زمزم لما شرب له. . . ".

(2)

رواه أحمد وابن ماجه، وإسناده حسن.

(1)

على وزن (قُدامة) كما في القاموس، قال الشارح:"هكذا ضبطه الصاغاني، سميت بذلك لأن ماءها يروي العطشان، ويشبع الغرثان". ونحوه في "النهاية". أما الناجي فقال: "بفتح الشين، وتشديد الباء الموحدة"!

(2)

في الحديث قصة لبعضهم، ووقعت في الأصل معزوة لأحمد، وهو وهم نبه عليه الحافظ الناجي، ولم يتنبه له المعلقون الثلاثة كما سنبينه في "الضعيف" إن شاء الله تعالى.

ص: 41

‌13 - (ترهيبُ من قدر على الحج فلم يحج، وما جاء في لزوم المرأة بيتها بعد قضاء فرض الحج).

وتقدم [حسن لغيره](*)[8 - الصدقات/ 1] حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الإسلام ثمانية أسهم: الإسلام سهمٌ، والصلاة سهمٌ، والزكاةُ سهمٌ، [والصوم سهمٌ]

(1)

، وحج البيت سهمٌ، والأمرُ بالمعروفِ سهمٌ، والنهي عن المنكر سهمٌ، والجهاد في سبيل الله سهمٌ، وقد خاب من لا سهم له".

1166 -

(1)[صحيح لغيره] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"يقول الله عز وجل: إن عبداً صححتُ له جسمه، ووسَّعْتُ عليه في المعيشة، تمضي عليه خمسة أَعوام لا يَفِدُ إليَّ؛ لمحروم".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي، وقال:

"قال علي بن المنذر

(2)

: أخبرني بعض أصحابنا قال: كان حسن بن حَيّ

(3)

يعجبه هذا الحديث، وبه يأخذ، ويحب للرجل الموسر الصحيح أن لا يترك الحج خمسَ سنين".

1167 -

(2)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه عام حجة الوداع:

"هذه، ثم ظهورَ الحُصْر".

(1)

سقطت من الأصل هنا، وهي ثابتة فيما تقدم.

(2)

رجل فاضل من طبقة أحمد بن حنبل، وهو الطريفي الأودي، قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 206):"سمعت منه مع أبي، وهو ثقة صدوق، سئل أبي عنه؟ فقال: حج خمسين أو خمساً وخمسين حجة، ومحله الصدق".

(3)

هو الحسن بن صالح بن صالح بن حي، وهو ابن حيان بن شفيّ الهمداني، من رجال مسلم.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا الحكم ليس في المطبوع، وأضافه الشيخ مشهور إلى طبعته وقال:«وأخذناه من الموطن المحال إليه»

ص: 42

قال: وكن كلُّهن يحججن إلا زينبَ بنت جَحشٍ وسَودةَ بنت زمعة، وكانتا تقولان: والله لا تُحَرِّكُنا دابةٌ بعد إذ سمعنا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال إسحاق في حديثه:

"قالتا: والله لا تحركنا دابةٌ بعد قولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه ثم ظهورَ الحصْر".

رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناده حسن، رواه عن صالح مولى التَّوْأمة؛ ابنُ أبي ذئب، وقد سمع منه قبل اختلاطه.

1168 -

(3)[صحيح] وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت:

قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع:

" [إنما]

(1)

هي هذه الحجة، ثم الجلوسُ على ظهور الحُصرِ في البيوت".

رواه الطبراني في "الكبير"، وأبو يعلى، ورواته ثقات.

1169 -

(4)[صحيح لغيره] ورواه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عمر:

أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج بنسائه قال:

"إنما هي هذه، ثم عليكم بظهورِ الحصْرِ".

1170 -

(5)[صحيح لغيره] وعن ابنٍ لأبي واقد الليثي عن أبيه قال:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه في حجة الوداع:

"هذه ثم ظهورَ الحصر".

رواه أبو داود، ولم يسمّ ابن أبي واقد

(2)

.

(1)

زيادة من "أبي يعلى"(12/ 312/ 6885)، والسياق له، والطبراني (23/ 313/ 706) من طريقين عن عبد الله بن جعفر الخرمي بسنده الصحيح عنها. انظر "الصحيحة"(2401).

(2)

قلت: سماه الإمام أحمد وغيره: "واقداً"، فانظر "الصحيحة"(2401) و"صحيح أبي داود"(1515).

ص: 43

‌14 - (الترغيب في الصلاة في المسجد الحرام ومسجد المدينة، وبيت المقدس وقباء).

1171 -

(1)[صحيح] عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"صلاةٌ في مسجدي هذا، أفضل من أَلف صلاةٍ فيما سواه؛ إلا المسجد الحرامَ"

(1)

.

رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.

1172 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"صلاةٌ في مسجدي هذا، أفضلُ من أَلفِ صلاةٍ فيما سواه من المساجد؛ إلا المسجدَ الحرام، وصلاةٌ في المسجد الحرامِ، أَفضلُ من مئةِ صلاةٍ في هذا".

رواه أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحه"، وزاد:

"يعني: في مسجد المدينة".

[صحيح] والبزار، ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"صلاةٌ في مسجدي هذا؛ أَفضلُ من ألفِ صلاةٍ فيما سواه من المساجد؛ إلا المسجدَ الحرام؛ فإنه يزيدُ عليه مئةَ صلاةٍ".

وإسناده صحيح أيضاً.

1173 -

(3)[صحيح] وعن جابر رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"صلاةٌ في مسجدي، أفضلُ من ألفِ صلاةٍ فيما سواه؛ إلا المسجدَ الحرامِ، وصلاةٌ في المسجدِ الحرامِ، أفضل من مئةِ ألف صلاةٍ فيما سواه".

(1)

قلت: يعني: والصلاة فيه بمئة ألف صلاة كما في حديث ابن الزبير وجابر بعده. فهو نص قاطع على صحة ما ذهب إليه الجماهير أن مكة أفضل من المدينة.

ص: 44

رواه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين

(1)

.

1174 -

(4)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"صلاةٌ في مسجدي هذا، خيرٌ من ألفِ صلاةٍ فيما سواه؛ إلا المسجدَ الحرامَ".

رواه البخاري -واللفظ له-، ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1175 -

(5)[صحيح لغيره] وروى البزار عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أنا خاتمُ الأنبياءِ، ومسجدي خاتمُ مساجدِ الأنبياءِ.

أحقُّ المساجدِ أنَ يزارَ وتشدَّ إليه الرواحلُ: المسجدُ الحرام، ومسجدي.

وصلاةٌ في مسجدي أفضلُ من ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ من المساجدِ؛ إلا المسجدَ الحرامَ".

1176 -

(6)[صحيح] وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال:

دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتِ بعضِ نسائه فقلت: يا رسول الله! أيُّ المسجدين الذي أُسِّسَ على التقوى؟ فأَخذ كفاً من حصى فضرب به الأرض. ثم قال:

"هو مسجدُكم هذا" لمسجدِ المدينةِ.

رواه مسلم والترمذي، والنسائي، ولفظه: قال:

تمارى رجلان في المسجدِ الذي أُسِّسَ على التقوى من أَولِ يومٍ، فقال رجل: هو مسجدُ قباء، وقال رجلٌ: هو مسجدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

كذا قال. وإنما هو إسناد واحد صحيح. انظر "الإرواء"(4/ 341 - 342).

ص: 45

"هو مسجدي هذا".

1177 -

(7)[صحيح لغيره] وعن سهل بن سعد

(1)

رضي الله عنه قال:

اختلف رجلان في المسجد الذي أُسس على التقوى، فقال أحدُهما: هو مسجدُ المدينةِ. وقال الآخر: هو مسجدُ قباءَ. فأَتوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"هو مسجدي هذا".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

1178 -

(8)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لما فرغَ سليمانُ بن داودَ عليهما السلام من بناءِ بيتِ المقدسِ، سأل الله عز وجل ثلاثاً: أَن يعطيهُ

(2)

حكماً يصادف حكمه

(3)

، ومُلكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدهِ، وأَنه لا يأتي هذا المسجدَ أحدٌ لا يريد إلا الصلاةَ فيه؛ إلا خرجَ من ذنوبهِ كيومِ ولدتْهُ أمُّه". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أَما ثِنتَينِ فقد أُعطيَهما، وأرجو أن يكون قد أُعطي الثالثة".

رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، واللفظ له، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم أطول من هذا، وقال:

(1)

كذا وقع في "صحيح ابن حبان" وغيره، وهو من رواية ربيعة بن عثمان عن عمران بن أبي أنس عنه، وهو شاذ، والمحفوظ من طرق عن عمران هذا عن أبي سعيد كما في الحديث الذي قبله. وقد شرحت هذا فيما علقته على "الإحسان"(3/ 66).

(2)

ليس عند ابن ماجه -واللفظ له كما سيذكر المؤلف- قوله: "أن يعطيه"، ولا هو في شيء من المصادر الآتية، ولا في غيرها كالحاكم مثلاً (1/ 30 و 2/ 434)، ومع ذلك زعم المعلقون الثلاثة أنها في مصادر التخريج، وليست فيها!

(3)

أي: يوافق حكم الله، والمراد التوفيق للصواب في الاجتهاد، وفصل الخصومات بين الناس، وقوله:"وملكاً لا ينبغي" أي: لا يكون. ولعل مراده -والله أعلم- لا يكون لعظمه معجزة له، فيكون سبباً للإيمان والهداية، ولكونه ملكاً أراد أن تكون معجزته ما يناسب حاله.

ص: 46

"صحيح على شرطهما، ولا علة له".

1179 -

(9)[صحيح] وعن أبي ذر رضي الله عنه:

أَنه سأَلَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاةِ في بيتِ المقدسِ أفضلُ، أو في مسجدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:

"صلاةٌ في مسجدي هذا، أفضلُ من أربعِ صلواتٍ فيه، ولنعمَ المصلى، هو أَرضُ المحشرِ والمنشر

(1)

، وليأتين على الناسِ زمانٌ ولَقِيدُ سوطِ -أو قال: قوسِ- الرجلِ حيث يَرى منه بيتَ المقدسِ؛ خيرٌ له أو أَحبُّ إليه من الدنيا جميعاً".

رواه البيهقي

(2)

بإسناد لا بأس به، وفي متنه غرابة.

1180 -

(10)[صحيح لغيره] وعن أسيْد بن ظَهير الأنصاري رضي الله عنه -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:

"صلاةٌ في مسجد قُباء

(3)

كعمرة".

رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي، وقال الترمذي:

"حديث حسن غريب".

(1)

أي: يوم القيامة، والمراد أنه يكون الحشر إليه في قرب القيامة كما تدل عليه الأحاديث.

(2)

لقد أبعد النجعة، فالحديث في "مستدرك الحاكم"(4/ 509)، وهو شيخ البيهقي، وصححه، ووافقه الذهبي. وأما المعلقون الثلاثة فعاكسوهما، ضعفوا الحديث بغير بينة كما هي عادتهم، والظاهر أنهم قلدوا بعض المعلقين على "مشكل الآثار" طبع المؤسسة. انظر "الصحيحة"(2902).

(3)

بضم القاف، يقصر ويمد ويصرف ولا يصرف، وهو موضع بقرب مدينة النبي صلى الله عليه وسلم من جهة الجنوب نحو ميلين، وقد اتصل البنيان الآن بينه وبين المدينة.

وقوله: "كعمرة"، أي: في الأجر والثواب، ويأتي في الباب أنه صلى الله عليه وسلم كان يذهب إليه كل سبت راكباً وماشياً، وذلك مما يدل على فضله، ولكن ليس من المساجد الثلاثة التي تقصد بشد الرحال إليها.

ص: 47

(قال الحافظ): "ولا نعرف لأسيد حديثاً صحيحاً غير هذا. والله أعلم".

(1)

1181 -

(11)[صحيح] وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من تَطهَّر في بيته، ثم أَتى مسجدَ قباء، فصلى فيه صلاةً؛ كان له كأَجر عمرة".

رواه أحمد والنسائي، وابن ماجه واللفظ له، والحاكم، وقال:"صحيح الإسناد"، والبيهقي.

1182 -

(12)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

"كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يزورُ قباءَ، أَو يأَتي قباء راكباً وماشياً -زاد في رواية-:

"فيصلي فيه ركعتين".

رواه البخاري ومسلم.

[صحيح] وفي روايةٍ للبخاري والنسائي:

"أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يأَتي مسجدَ قباءَ كلَّ سبتٍ راكباً وماشياً، وكان عبد الله يفعله".

1183 -

(13)[صحيح موقوف] وعن عامر بن سعد وعائشة بنت سعد سمعا أباهما رضي الله عنه يقول:

لأَنْ أصليَ في مسجدِ قباءَ؛ أَحبَّ إليَّ من أنْ أصليَ في مسجدِ بيتِ المقدسِ.

رواه الحاكم وقال:

"إسناده صحيح على شرطهما".

(1)

قلت: هذا من كلام الترمذي في حديث أسيد المذكور، لكن نسبه المصنف إلى نفسه، وهو عجيب. قاله الناجي (135/ 2).

ص: 48

1184 -

(14)[حسن صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما:

أنه شهد جنازةً بـ (الأوساط) في دارِ سعد بن عُبادة، فأقبلَ ماشياً إلى بني عمرو بن عوف بفناء الحارث بن الخزرج. فقيل له: أَين تؤم يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أَؤمُّ هذا المسجد في بني عمرو بن عوف، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من صلي فيه كان كعدلِ عمرةٍ".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

1185 -

(15)[حسن] وعن جابر -يعني ابن عبد الله- رضي الله عنهما:

"أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتحِ ثلاثاً: يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، فاستجيبَ له يومَ الَأربعاء بين الصلاتين، فعُرفَ البِشْرُ في وجهه".

قال جابر: فلم ينزلْ بي أمرٌ مهمٌّ غليظٌ إلا توخَّيتُ تلك الساعةَ، فأدعو فيها، فأَعرفُ الإجابةَ.

رواه أحمد والبزار وغيرهما، وإسناد أحمد جيد.

ص: 49

‌15 - (الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات، وما جاء في فضلها، وفضل أحُد ووادي العقيق

(1)

).

1186 -

(1)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يصبر على لأواءِ المدينةِ وشدَّتها أَحدٌ من أُمَّتي؛ إلا كنتُ له شفيعاً يومَ القيامةِ أو شهيداً".

رواه مسلم والترمذي وغيرهما.

1187 -

(2)[صحيح] وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا يصبر أحد على لأوائها؛ إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلماً".

رواه مسلم.

(اللأْواء) مهموزاً ممدوداً: هي شدة الضيق.

1188 -

(3)[صحيح] وعن سعد رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إني أُحرِّم ما بين لابَتَيِّ المدينةِ أن يُقطعَ عِضاهُهَا، أو يُقتلَ صيدُها".

وقال:

"المدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعُها أحدٌ رغبة عنها؛ إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبتُ أحدٌ على لأوائِها وجَهدِها؛ إلا كنتُ له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة".

(1)

قال ياقوت في "المعجم": "هو الذي ببطن وادي ذي الحليفة، وهو الأقرب منها، وهو الذي جاء فيه أنه مَهَلّ أهل العراق من ذات عرق".

ص: 50

زاد في روايةٍ:

"ولا يريد أَحدٌ أهلَ المدينةِ بسوءٍ؛ إلا أذابهُ الله في النارِ ذوبَ الرصاصِ، أو ذوبَ الملحِ في الماءِ".

رواه مسلم.

(لابتا المدينة) بفتح الباء مخففة: هو حرتاها وطرفاها.

(والعِضاه) بكسر العين المهملة وبالضاد المعجمة وبعد الألف هاء: جمع (عضاهة)، وهي شجرة الخمط، وقيل: بل كل شجرة ذات شوك، وقيل ما عظم منها.

1189 -

(4)[صحيح لغيره] وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ليأتينَّ على

(1)

المدينةِ زمانٌ ينطلقُ الناسُ منها إلى الأريافِ، يلتمسون الرخاءَ، فيجدونَ رخاءً، ثم يأْتونَ فيتحملون بأَهليهم إلى الرخاءِ، والمدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون".

رواه أحمد والبزار -واللفظ له

(2)

-، ورجاله رجال "الصحيح".

(الأرياف) جمع (ريف) بكسر الراء، وهو ما قارب المياه في أرض العرب. وقيل: هو الأرض التي فيها الزرع والخصب. وقيل غير ذلك.

1190 -

(5)[صحيح] وعن سفيان بن أبي زهير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"تفتحُ اليمنُ فيأْتي قوم يَبُسُّون، فيتحملون بأَهليهم ومن أَطاعهم، والمدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون، وتفتحُ الشامُ، فيأْتي قوم يَبُسُّون، فيتحملون بأَهليهم ومن أطاعهم، والمدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون، وتفتحُ العراقُ، فيأتي قوم يَبسُّون فيتحملون بأَهليهم ومن أطاعَهم، والمدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون".

رواه البخاري ومسلم.

(1)

الأصل: (أهل المدينة)، والتصويب من "المسند" و"جامع المسانيد"(25/ 197/ 1212).

(2)

قلت: بل اللفظ لأحمد (3/ 342)، والبزار إنما رواه مختصراً (2/ 52/ 1186)، وإسناده صحيح، ويشهد للفظ أحمد حديث (أفلح) الآتي برقم (7) والذي قبله.

ص: 51

(البسُّ): السَّوق الشديد، وقيل:(البسّ): سرعة الذهاب.

1191 -

(6)[حسن لغيره] وعن أبي أُسَيد الساعدي رضي الله عنه قال:

كنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على قبرِ حمزةَ بنِ عبدِ المطلب، فجعلوا يَجرون النَّمِرة على وجهه؛ فتنكشفُ قدماه، ويجرونها على قدميه؛ فينكشفُ وجهُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اجعلوها على وجهه، واجعلوا على قدميه من هذا الشجر".

قال: فرفعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رأْسَه فإذا أصحابُهُ يبكون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنه يأتي على الناس زمانٌ يخرجون إلى الأرياف، فيصيبون منها مطعماً وملبساً ومركباً، أو قال: مراكب، فيكتبون إلى أهليهم: هَلُمَّ إلينا، فإنكم بأرض حجاز جَدوبة، والمدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن.

(النَّمِرة) بفتح النون وكسر الميم، وهي بردة من صوف تلبسها الأعراب.

1192 -

(7)[حسن صحيح] وعن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري:

أنه مرَّ بزيدِ بن ثابت وأَبي أيوب رضي الله عنهما وهما قاعدان عند مسجدِ الجنائز، فقال أحدُهما لصاحبه: تذكُرُ حديثاً حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجدِ الذي نحن فيه؟

قال: نعم -عن المدينة- سمعته يزعم:

(1)

"إنه سيأَتي على الناسِ زمانٌ تفتحُ فيه فتحاتُ الأرضِ، فيخرج إليها رجالٌ يصيبونَ رخاءً وعيشاً وطعاماً، فيمرون على إخوانٍ لهم حُجَّاجًا أو عُمَّاراً

(1)

أي: يقول.

ص: 52

فيقولون: ما يقيمُكم في لأواءِ العيشِ وشدةِ الجوعِ؟! فذاهبٌ وقاعدٌ، -حتى قالها مراراً-، والمدينةُ خيرٌ لهم، لا يثبتُ بها أحد، فيصبرُ على لأْوائها وشدتِها حتى يموتَ؛ إلا كنتُ له يوم القيامة شهيداً أو شفيعاً".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد جيد، ورواته ثقات.

1193 -

(8)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من استطاع منكم أن يموتَ بالمدينةِ فليمتْ بها، فإني أشفعُ لمن يموتُ بها"

(1)

.

رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي، ولفظ ابن ماجه:

"من استطاعَ منكم أَن يموتَ بالمدينةِ فليفعلْ؛ فإني أشهدُ لمن ماتَ بها".

وفي رواية للبيهقي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من استطاعَ منكم أن يموتَ بالمدينةِ فليمتْ؛ فإنه من ماتَ بالمدينةِ شفعتُ له يومَ القيامةِ".

1194 -

(9)[صحيح] وعن الصُّمَيْتَة -امرأة محمد بني ليث-؛ أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من استطاع منكم أن لا يموت إلا بالمدينة فليمت بها، فإنه من يمت بها يُشفع له أو يُشهد له"

(2)

.

رواه ابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي.

(1)

أي: بأن لا يخرج منها إلى أن يموت.

(2)

الأصل: "تشفع له أو تشهد له"، أي تشفع له المدينة أو تشهد له، وهو منكر، ولذلك قال الناجي (ق 136/ 1):"وأخشى أن يكون ذلك من تصرف المؤلف. . . ".

فأقول: كلا إنما هو من تصرف بعض الرواة؛ فإنه كذلك في "الإحسان"(9/ 58/ 3742)، ومر عليه المعلق! والمثبَت من "موارد الظمآن"(1032)، وكذا في رواية للبيهقي في "الشعب"(3/ 497/ 4183)، والطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 331/ 824). فهو للبناء على المجهول، =

ص: 53

1195 -

(10)[صحيح لغيره] وفي رواية للبيهقي أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

". . . من استطاعَ أن يموتَ بالمدينة فليمتْ، فمن ماتَ بالمدينة كنتُ له شفيعاً وشهيداً"

(1)

.

1196 -

(11)[صحيح لغيره] وعن سُبَيعة الأسلمية رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من استطاعَ منكم أن يموتَ بالمدينةِ فليمتْ؛ فإنه لا يموتُ بها أحدٌ؛ إلا كنتُ له شفيعاً أو شهيداً يومَ القيامةِ".

رواه الطبراني في "الكبير"، ورواتهُ محتج بهم في "الصحيح"، إلا عبد الله بن عكرمة، روى عنه جماعة، ولم يُخرجه

(2)

أحد، وقال البيهقي:"هو خطأ، وإنما هو عن صميتة"؛ كما تقدم.

1197 -

(12)[حسن صحيح] وعن امرأةٍ يتيمةٍ كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثقيف؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

= والفاعل هو الرسول صلى الله عليه وسلم. وبذلك يلتقي الحديث مع أحاديث الباب الأخرى، ولا سيما وقد رواه النسائي في "الكبرى" (2/ 488/ 4285) بلفظ:

"فإني أشفع له، أو أشهد له". وانظر التعليق على "صحيح الموارد"(9 - الحج/ 36)، و"الصحيحة"(2928).

(1)

رواه بهذا اللفظ النسائي أيضاً في "الكبرى" كما سبق.

(2)

كذا الأصل، وتبعهُ عمارة، وكذلك وقع في "العجالة"، فإن كان كذلك، فالمراد أنه لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة. ويغلب على ظني أنه تصحيف، وأن الصواب:"ولم يجرّحْه أحد"، لأنه الذي يقتضيه سياق الكلام، ويؤيده قول الهيثمي:". . وروى عنه جماعة، ولم يتكلم فيه أحد بسوء". ثم إن في الطريق إليه من هو متكلَّم فيه من قبل حفظه؛ ولذلك فالصواب أنه عن الصميتة كما نقله المؤلف عن البيهقي، وقد شرح الخلاف في إسناد الحديث الحافظ الناجي (135/ 2 - 136/ 1)، ومنه يتبين أن المرأة اليتيمة في الحديث الآتي إنما هي الصميتة نفسها! فالحديث واحد جعله المؤلف ثلاثة أحاديث؛ لعدم انتباهه للخلاف المشار إليه! وأما المعلقون الباغون الجهلة، فصححوا حديث (الصميتة)، وحسنوا رواية البيهقي الثابتة عنها! وضعفوا حديث (سبيعة)!! وقد عرفوا من كلام (الناجي) أن الحديث واحد!

ص: 54

"من استطاعَ منكم أَن يموتَ بالمدينةِ فليمتْ، فإنه من ماتَ بها؛ كنتُ له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن.

(قال المملي) الحافظ رحمه الله:

"وقد صح من غير ما طريق عن النبي صلى الله عليه وسلم:

"إن الوباء والدجال لا يدخلانها". اختصرت ذلك لشهرته".

(1)

1198 -

(13)[صحيح] وعن أبي قتادة رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأَ ثم صلى بأرضِ سعدٍ بأرضِ الحرةِ، عند بيوت السقيا ثم قال:

"إن إبراهيمَ خليلَكَ وعبدَك ونبيَّك دعاكَ لأهل مكةَ، وأنا محمدٌ عبدُك ورسولُك، أدعوك لأهل المدينةِ مثل ما دعاك إبراهيمُ لمكةَ؛ ندعوك أن تباركَ لهم في صاعِهم ومدِّهم وثمارِهم، اللهم حَبِّبْ إلينا المدينةَ، كما حببتَ إلينا مكةَ، واجعل ما بها من وباءٍ بـ (خُمٍّ)، اللهم إني حرمْتُ ما بين لابتَيْها كما حرمتَ على لسانِ إبراهيمَ الحرمَ".

رواه أحمد، ورجال إسناده رجال "الصحيح".

(خمّ) بضم الخاء المعجمة وتشديد الميم: اسم غيضة بين الحرمين قريباً من الجحفة، لا يولد بها أحد فيعيش إلى أن يحتلم إلا أن يرتحل عنها لشدة ما بها من الوباء والحمى بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وأظن غدير (خم) مضافاً إليها.

(1)

قلت: وما أشار إليه من الحديث متفق عليه، وهو مخرج عندي في كتابي الفريد:"قصة المسيح الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وقتله إياه"، جمعت فيه أطرافها من عشرات الأحاديث المنبثة في كتب السنة، مطبوعها ومخطوطها مما تيسر لي، ومن ذلك الحديثُ المشار إليه، وهو في "صحيح الجامع" رقم (3917)(ص 38/ ج 4 - الطبعة الأولى الشرعية).

ص: 55

1199 -

(14)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:

كان الناسُ إذا رأَوا أولَ الثمرِ جاؤا به إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أَخذَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اللهمَّ باركْ لنا في ثَمرِنا، وباركْ لنا في مدينتِنا، وبارك لنا في صاعِنا ومدِّنا، اللهم إنَّ إبراهيمَ عبدُك وخليلُك ونبيُّك، وإني عبدُك ونبيُّك، وإنه دعاكَ لمكةَ، وإني أَدعوكَ للمدينةِ بمثل ما دعاكَ به لمكةَ، ومثلُه معه".

قال: ثم يدعو أصغرَ وليدٍ يراه فيعطيه ذلك الثمرَ.

رواه مسلم وغيره.

قوله: (في صاعنا ومدنا)، يريد في طعامِنا المكيل بالصاع والمد، ومعناه: أنه دعا لهم بالبركة في أقواتهم جميعاً.

1200 -

(15)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اللهم حبِّب إلينا المدينةَ كحبِّنا مكةَ وأشدَّ، وصحّحها لنا، وبارك لنا في صاعِها ومدّها، وانقُلْ حُمّاها فاجعلها بـ (الجحفة)

(1)

".

رواه مسلم

(2)

وغيره.

(1)

موضع بينه وبين مكة نحو ثلاث مراحل، ونحوه ما يأتي في الكتاب قريباً.

قال الخطابي وغيره: "كان ساكنو الجحفة يهوداً في ذلك الوقت، ففيه ليل للدعاء على الكفار بالأمراض والأسقام والهلاك. وفيه الدعاء للمسلمين بالصحة وطيب بلادهم والبركة فيها، وكشف الضر والشدائد عنهم، وهذا مذهب العلماء كافة. قال القاضي عياض: وهذا خلاف قول بعض المتصوفة أن الدعاء قدح في التوكل والرضا، وأنه ينبغي تركه! وخلاف قول المعتزلة أنه لا فائدة في الدعاء مع سبق القدر. ومذهب العلماء كافة أن الدعاء عبادة مستقلة، ولا يستجاب منه إلا ما سبق به القدر. والله أعلم".

(2)

قال الناجي (136/ 1): "وكذا البخاري أيضاً". وهو في "مختصر البخاري" برقم (880).

ص: 56

قيل: إنما دعى بنقل الحمى إلى الجحفة؛ لأنها كانت إذ ذاك دار اليهود.

1201 -

(16)[صحيح] وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:

خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كنا عند السقيا التي كانت لسعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اللهم إنّ إبراهيمَ عبدَك وخليلَكَ دعاك لأهل مكة بالبركة، وأنا محمدٌ عبدُك ورسولُك، وإني أدعوك لأهلِ المدينةِ أن تباركَ لهم في صاعِهم ومدِّهم، مثل ما باركتَ لأهلِ مكةَ، واجعلْ مع البركةِ بركتين".

رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد جيد قوي

(1)

.

1202 -

(17)[صحيح] وعن أبي سعيد رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اللهم باركْ لنا في مدينتِنا، اللهم اجعلْ مع البركةِ بركتين، والذي نفسي بيدهِ ما من المدينةِ

(2)

شِعبٌ

(3)

ولا نَقْبٌ إلا عليه ملكان يحرسانها".

رواه مسلم في حديث.

1203 -

(18)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اللهم اجعلْ بالمدينةِ ضِعفَيْ ما جعلتَ بمكةَ من البركةِ".

رواه البخاري ومسلم.

(1)

لقد أبعد المصنف النجعة -وإن تبعه الهيثمي-، فالحديث أخرجه أحمد أيضاً والترمذي وصححه، وابن خزيمة (1/ 105 - 106/ 209) وعنه ابن حبان (6/ 23/ 3738 - الإحسان)، وسنده صحيح.

(2)

قلت: في الأصل زيادة: "شيء"، ولا أصل لها فحذفتها، وقال الناجي:

"ليس في مسلم لفظة (شيء)، بل هي مقحمة فيه".

قلت: والحديث في آخر "الحج" من "مسلم"(4/ 117).

(3)

بكسر الشين، قال أهل اللغة: هو الفرجة النافذة بين الجبلين. وقال ابن السكيت: هو الطريق في الجبل، والنقب بفتح النون على المشهور، وحكى ضمها، وهو مثل الشعب، وقيل: هو الطريق في الجبل. قال الأخفش: أنقاب المدينة: طرقها وفجاجها. والله أعلم.

ص: 57

1204 -

(19)[صحيح لغيره] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

دعا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"اللهمَّ باركْ لنا في صاعِنا ومدّنا، وباركْ لنا في شامِنا ويمنِنا".

فقالَ رجلٌ من القومِ: يا نبيَّ الله! وعراقِنا؟

(1)

قال:

"إنَّ بها قرنَ الشيطانِ، وتهيُّجَ الفتن، وإنَّ الجفاءَ بالمشرقِ".

رواه الطبراني في "الكبير"، ورواته ثقات.

(قرن الشيطان) قيل: معناه: أتباع الشيطان وأشياعه. وقيل: شدته وقوته ومحل ملكه وتصريفه. وقيل غير ذلك.

1205 -

(20)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"رأيتُ في المنامِ امرأَةً سوداءَ ثائرةَ الرأسِ، خرجتْ حتى قامتْ بـ (مَهْيعة) وهي (الجحفة)، فأوَّلتُ أن وباءَ المدينةِ نُقِلَ إلى (الجحفة) ".

رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواة إسناده ثقات

(2)

.

(مَهْيعة) بفتح الميم وإسكان الهاء بعدها ياء مثناة تحت، وعين مهملة مفتوحتين، هي اسم لقرية قديمة كانت بميقات الحج الشامي، على اتنين وثلاثين ميلاً من مكة، فلما أخرج العماليق بني عبيل إخوة عاد من يثرب نزلوها، فجاءهم سيل (الجُحاف) -بضم الجيم-، فجحفهم، وذهب بهم، فسميت حينئذ (الجُحفة) بضم الجيم وإسكان الحاء المهملة.

(1)

قلت: وكذا في حديث ابن عمر بإسناد صحيح مخرج في كتابي "تخريج فضائل الشام"(ص 9 - الحديث الثامن). وفي رواية البخاري: "وفي نجدنا" أي: عراقنا كما يدل عليه لفظ الكتاب، وبه فسره العلماء، فراجع "فتح الباري"(13/ 38)، وتخريجي المذكور آنفاً.

(2)

قلت: وهذا ذهول عجيب تبعه عليه الهيثمي، فالحديث رواه البخاري وأحمد وغيرهما.

ص: 58

1206 -

(21)[صحيح] وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"خير ما رُكِبَتْ إليه الرواحلُ مسجدُ إبراهيمَ صلى الله عليه وسلم، ومسجدي".

رواه أحمد بإسناد حسن،

(1)

والطبراني، وابن خزيمة في "صحيحه"، إلا أنه قال:

"مسجدي هذا، والبيت المعمور".

وابن حبان في "صحيحه" ولفظه:

"إنَّ خيرَ ما رُكِبَتْ إليه الرواحلُ مسجدي هذا، والبيتُ العتيق".

(قال الحافظ):

1207 -

(22)[صحيح] وقد صح من غير ما طريق

(2)

؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لا تشدُّ الرواحلُ إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجدِ الحرام، والمسجدِ الأقصى". [تقدم 14 - باب/ من حديث عائشة].

1208 -

(23)[صحيح] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة:

"التمسْ لي غلاماً من غلمانِكم يخدمُني".

فخرج أبو طلحةَ يُردفُني وراءه، فكنت أخدمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كلما نزلَ،

(1)

قلت: اقتصر المؤلف على تحسينه لأنه عند أحمد (3/ 336) من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير عنه. وهذا تقصير فاحش من المؤلف، قلده فيه الهيثمي، ثم المعلقون الثلاثة! فقد تابع ابنَ لهيعة (الليثُ بن سعد) عند ابن حبان (1023 - موارد)، والطبراني في "الأوسط"(744 و 4427)، وهو رواية لأحمد (3/ 350)، فهو إسناد صحيح على شرط مسلم. ولا غرابة في تقصير المؤلف، فإنه يعتمد -في الغالب- على الحفظ، وإنما الغرابة بحق من المعلقين الثلاثة الذين يتظاهرون بالتحقيق، فيعزون الحديث لابن حبان بالرقم، ثم يقلدون الوهم! وانظر "الصحيحة"(1648).

(2)

انظر تخريج أشهرها في "إرواء الغليل"(رقم 773)(ج 3/ 221 - 232)، و"أحكام الجنائز"(285 - 289/ المعارف).

ص: 59

قال: ثم أقبلَ

(1)

. حتى إذا بدا له أحُدٌ قال:

"هذا جبلٌ يحبُّنا ونحبُّه"

(2)

. فلما أشرف على المدينةِ قال:

"اللهم إني أُحَرِّمُ ما بين جبليها مثلَ ما حرمَ إبراهيمُ مكةَ، -قال-: اللهم باركْ لهم في مدِّهم وصاعِهم".

رواه البخاري ومسلم -واللفظ له-.

قال الخطابي في قوله: "هذا جبل يحبُّنا ونحبُّه":

"أراد به أهل المدينة وسكانها كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي: أهل القرية.

قال البغوي: والأولى إجراؤه على ظاهره، ولا ينكر وصف الجمادات بحب الأنبياء والأولياء وأهل الطاعة كما حنَّت الأسطوانة على مفارقته صلى الله عليه وسلم حتى سمع القوم حنينها إلى أن سكِّنها، وكما أخبر: أن حَجَراً كان يسلم عليه قبل الوحي. فلا ينكر عليه أن يكون جبل أحد وجميع أجزاء المدينة تحبّه وتحنّ إلى لقائه حالة مفارقته إياها".

(قال الحافظ): "وهذا الذي قاله البغوي حسن جيد. والله أعلم".

1209 -

(24)[صحيح لغيره] وقد روى الترمذي من حديث الوليد بن أبي ثور عن السُّدّي عن عَبّاد

(3)

بن أبي يزيد عن علي بن أبي طالب قال:

كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبلٌ

(1)

أي: من خيبر.

(2)

قيل: على حذف مضاف؛ أي: يحبنا أهله، ونحب أهله. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وأهله هم أهل المدينة. وقيل: على حقيقته، وهو الصحيح عند أهل التحقيق، إذ لا يستبعد وضع المحبة في الجبال وفي الجذع اليابس، حتى إنه حنَّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.

(3)

الأصل ومطبوعة عمارة: (عبادة)، والتصحيح من "الترمذي" وكتب الرجال.

وللحديث طريق أخرى خرجته من أجلها في "الصحيحة"(2670).

ص: 60

ولا شجرٌ إلا هو يقول: السلامُ عليكَ يا رسولَ الله.

وقال الترمذي: "حديث حسن غريب".

1210 -

(25)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"أتاني آتٍ وأنا بـ (العقيق) فقال: إنك بوادٍ مباركٍ".

رواه البزار بإسناد جيد قوي.

(1)

1211 -

(26)[صحيح] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"أتاني الليلةَ آتٍ من ربي وأنا بـ (العقيق) أن: صَلِّ في هذا الوادي المبارك".

رواه ابن خزيمة في "صحيحه"

(2)

.

(1)

قلت: وهو كما قال، وقال الهيثمي (4/ 14):". . ورجاله رجال الصحيح"، وأخطأ عليه وعلى البزار وعلى الحديث أيضاً المعلقون الثلاثة، فقالوا:" (1820) حسن بشاهده المتقدم، رواه البزار في "كشف الأستار" (1021)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 14): رواه البزار، وفيه راو لم يسم"!

وأقول: إنما قال الهيثمي هذا في حديث "بطحان على بركة من برك الجنة"، وهو عنده عقب هذا، وفي "الكشف" قبل هذا (1200)! وهو مخرج في "الضعيفة"(5730)، وسند هذا صحيح فضعفوه! ثم أخطأوا مرة رابعة في قولهم:"بشاهده المتقدم"؛ فإنه لم يتقدم، وإنما أرادوا حديث عمر الآتي بعده! وهكذا فليكن التحقيق!!

(2)

قلت: وفاته أنه أخرجه البخاري أيضاً وغيره بزيادة: "وقل: عمرة في حجة"، وفي رواية:"عمرة وحجة". (مختصر البخاري - 731). وهو مخرج في "صحيح أبي داود"(1579)، وانظر لفظه إن شئت في رسالتي "مناسك الحج والعمرة"(ص 14 فقرة 12).

ص: 61

‌16 - (الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء).

1212 -

(1)[صحيح] عن سعد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا يكيدُ أهلَ المدينة

(1)

أحدٌ؛ إلا انماعَ كما يَنْماعُ الملحُ في الماءِ".

رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم

(2)

:

". . . ولا يريدُ أحدٌ أهلَ المدينةِ بسوءٍ؛ إلا أَذابَه الله في النارِ ذَوبَ الرصاصِ، أو ذوبَ الملحِ في الماءِ".

وقد روي هذا الحديث عن جماعة من الصحابة في "الصحاح" وغيرها.

1213 -

(2)[صحيح] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:

أن أميراً من أمراءِ الفتنةِ

(3)

قدمَ المدينةَ، وكان قد ذهبَ بَصرُ جابر، فقيل لجابر: لو تنحيتَ عنه، فخرج يمشي بين ابنيه، فانكَبَّ، فقال: تَعِسَ من أَخافَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. فقال ابناه أو أحدهُما: يا أَبتاه! وكيف "أخافَ رسولَ الله" وقد مات؟ فقال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(1)

أي: من يريد بهم سوءاً. وقوله: "انماع كما ينماع الملح في الماء"، وجه هذا التشبيه أنه شبه أهل المدينة مع وفور علمهم وصفاء قرائحهم بالماء، وشبه من يريد الكيد بهم بالملح، لأن نكاية كيدهم لما كانت راجعة إليهم شبهوا بالملح الذي يريد إفساد الماء فيذوب هو بنفسه. والمعنى: ما أحد يكيد أهل المدينة، ويريد بهم الأذى والسوء إلا أذابة الله في النار ذوب الرصاص، ولا يستحق هذا ذاك العذاب إلا لارتكابه إثماً عظيماً. والله أعلم.

(2)

قلت: فيه إشعار بأن الرواية الأولى عند مسلم أيضاً، وليس كذلك، وإنما هو لفظ البخاري (رقم 872 - مختصره). وإنما هي عند مسلم (4/ 122) بمعناها. ورواها أيضاً من حديث أبي هريرة، وعنه أخرجه النسائي أيضاً في "الكبرى"(ق 89/ 2)، وأحمد (2/ 279 و 309 و 330 و 357)، وعنده الرواية الأخرى عن سعد (1/ 184)، وكذا النسائي (91/ 1).

(3)

كأنه يعني فتنة الحرَّة، التي استبيحت فيها المدينة ثلاثة أيام، وكان ذلك بأمر مسلم بن عقبة، ولعله الأمير المشار إليه في الحديث، قبّحه الله وأخزاه.

ص: 62

"من أخاف أهل المدينة، فقد أَخاف ما بين جنبيَّ".

رواه أحمد، ورجاله رجال "الصحيح".

[حسن صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه" مختصراً: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من أخاف أهل المدينة

(1)

؛ أخافه الله".

1214 -

(3)[صحيح] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:

"اللهم من ظلمَ أهلَ المدينة وأَخافَهم؛ فأَخِفْه، وعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعين، ولا يُقبَلُ منه صَرفٌ ولا عَدلٌ".

رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" بإسناد جيد.

1215 -

(4)[صحيح] وروى النسائي والطبراني عن السائب بن خلاد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اللهم من ظلمَ أهلَ المدينةِ

(2)

وأخافَهم؛ فَأخِفْه، وعليه لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمعين، ولا يقبلُ الله منه صرفًا ولا عَدلًا".

(الصرف): هو الفريضة. و (العدل): التطوع، قاله سفيان الثوري.

وقيل. هو النافلة، و (العدل): الفريضة.

وقيل: (الصرف): التوبة، و (العدل): الفدية. قاله مكحول.

وقيل: (الصرف): الاكتساب، و (العدل): الفدية.

وقيل: (الصرف): الوزن، و (العدل): الكيل. وقيل غير ذلك.

(1)

زاد في حديث آخر: "ظالماً لهم"، وهو مخرج في "الصحيحة"(2671)، وهو حديث السائب الآتي بعد حديث.

(2)

زاد أبو نعيم في "الحلية": "ظالماً لهم".

ص: 63

‌12 - كتاب الجهاد

(1)

.

‌1 - (الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل.

1216 -

(1)[صحيح] عن سهل بن سعد رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"رباطُ يومٍ في سبيلِ الله خيرٌ من الدنيا وما عليها، وموضعُ سَوْطِ أَحِدكم من الجنة خيرٌ من الدنيا وما عليها، والرَّوحة يروحها العبدُ في سبيلِ الله أو الغَدوة خيرٌ من الدنيا وما عليها"

(2)

.

رواه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم

(3)

.

(الغَدوة) بفتح الغين المعجمة: هي المرة الواحدة من الذهاب.

و (الروحة) بفتح الراء: المرة الواحدة من المجيء.

(1)

أصل الجهاد في اللغة: الجهد، وهو المشقة. وفي الشرع: بذل الجهد في قتال الكفار.

قلت: هو أعم من قتالهم بالأسلحة الحربية، لقوله صلى الله عليه وسلم:"جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم". "المشكاة"(3821)، و"صحيح أبي داود"(1261).

(2)

(الرِّباط) بكسر الراء وبالباء الموحدة الخفيفة: ملازمة المكان الذي بين الكفار والمسلمين لحراسة المسلمين منهم.

قلت: وليس من ذلك ملازمة الصوفية للربط، وانقطاعهم فيها للتعبد، وتركهم الاكتساب، اكتفاء منهم -زعموا- بكفالة مسبب الأسباب سبحانه وتعالى، كيف وهو القائل:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} ، ولذلك قال عمر رضي الله عنه:(لا يقعدنّ أحدكم في المسجد يقول: الله يرزقني، فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة).

وقوله: "خير من الدنيا وما عليها" أي: على الدنيا، وفائدة العدول عن قوله:"وما فيها" هو أن معنى الاستعلاء أعم من الظرفية وأقوى، فقصده زيادة للمبالغة، وبيان الحديث أن الدنيا فانية، والآخرة باقية. والدائم الباقي خير من المنقطع الكثير. والله أعلم.

(3)

قلت: عزوه لمسلم لا يخلو من تسامح، فإنه لم يرو منه (6/ 36) إلا جملة الغدوة، وانظر "تحفة الأشراف"(4/ 113/ 4716)، وهي مروية عن جمع من الصحابة منهم سلمان الآتي بعده. وهي مخرجة في "الإرواء"(5/ 3 - 4).

ص: 64

1217 -

(2)[صحيح] وعن سلمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"رباطُ يومٍ وليلةٍ خيرٌ من صيام شهر وقيامهِ، وإن مات فيه جَرى عليه عملُه الذي كان يعملُ، وأُجْرِيَ عليه رِزقُه، وأُمِنَ من الفُتَّان

(1)

".

رواه مسلم واللفظ له، والترمذي والنسائي

(2)

.

1218 -

(3)[صحيح] وعن فَضالة بن عُبيد رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"كلُّ ميتٍ يختمُ على عملِه إلا المرابط في سبيلِ الله؛ فإنه يُنمى له عملُه إلى يومِ القيامةِ، ويؤمَنُ من فتنةِ القبرِ".

رواه أبو داود والترمذي وقال:

"حديث حسن صحيح".

والحاكم، وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

[صحيح] وابن حبان في "صحيحه"، وزاد في آخره قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"المجاهدُ مَنْ جاهدَ نفسَه لله عز وجل".

وهذه الزيادة في بعض نسخ الترمذي

(3)

.

(1)

بضم الفاء جمع (فاتن). وهما منكر ونكير اللذان يفتنان المقبور، من إطلاق الجمع على اثنين، ويؤيده رواية الطحاوي في "مشكل الحديث"(3/ 102)، "وأمن فتان القبر"، وله شواهد عند الهيثمي (5/ 287)، ومنها الحديث الآتي بعده، وكان في الأصل بعض الأخطاء فصححتها من "مسلم"(6/ 51)، وقد خرجته في "الإرواء"(5/ 22 - 23) من طرق.

(2)

بعد هذا في الأصل: "والطبراني وزاد. وبعث يوم القيامة شهيداً".

قلت: هذه الزيادة ضعيفة، وقد خرجت حديثها في "الضعيفة"(5395).

(3)

قلت: وهي نسخة "تحفة الأحوذي" أيضاً (3/ 2). والزيادة عند أحمد أيضاً (6/ 20 و 22).

ص: 65

1219 -

(4)[صحيح لغيره] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"رباطُ شهرٍ خيرٌ من صيامِ دهرٍ، ومن ماتَ مرابطاً في سبيل الله أمِنَ مِنَ الفَزَعِ الأكبرِ، وغُديَ عليه برزقِه، ورِيحَ من الجنة، وُيجرى عليه أجرُ المرابطِ، حتى يبعثَهُ الله عز وجل".

رواه الطبراني، ورواته ثقات.

1220 -

(5)[حسن صحيح] وعن العِرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"كلُّ عمل ينقطع عن صاحبِه إذا ماتَ؛ إلا المرابط في سبيلِ الله، فإنه يُنَمَّى له عملُه، ويُجرى عليه رزقُه إلى يومِ القيامةِ".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسنادين رواة أحدهما ثقات

(1)

.

1221 -

(6)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من ماتَ مرابطاً في سبيلِ الله أُجرِيَ عليه أجرُ عملِه الصالحِ الذي كانَ يعملُ، وأُجريَ عليه رزقُه، وأمِنَ مِنَ الفُتَّان، وبعثَهُ الله يومَ القيامةِ آمناً من الفَزَعِ الأكبرِ".

رواه ابن ماجه بإسناد صحيح.

1222 -

(7)[حسن صحيح] وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من سَنَّ سنةً حسنةً؛ فلهُ أجرُها ما عمل بها في حياتِه، وبعد مماته حتى تُتركَ، ومن سنَّ سنةً سيئةً؛ فعليه إثمها حتى تُتركَ، ومن ماتَ مرابطاً في

(1)

لم أره في "المعجم الكبير" إلا بإسناد واحد (18/ 256/ 641)، وفيه (معاوية بن يحيى) وهو الصدفي، قال الحافظ:"ضعيف، وما حدَّث بالشام أحسن مما حدَّث بـ (الري) ".

قلت: وهذا من رواية الشاميين عنه، فهو حسن إن شاء الله، وصحيح بما قبله.

ص: 66

سبيلِ الله؛ جَرَى عليه عملُ المرابط في سبيلِ الله حتى يبعث يوم القيامة".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد لا بأس به. [مضى 2 - السنة/2].

1223 -

(8)[صحيح] وعن مجاهد

(1)

عن أبي هريرة رضي الله عنه:

أنه كانَ في الرباطِ ففزعوا إلى الساحلِ، ثم قيلَ: لا بأسَ، فانصرفَ الناسُ وأبو هريرة واقفٌ، فمرّ به إنسانٌ، فقالَ: ما يوقفُك يا أَبا هريرة! فقال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"موقفُ ساعةٍ في سبيلِ الله؛ خيرٌ من قيام ليلةِ القدرِ عند الحجرِ الأسودِ".

رواه ابن حبان في "صحيحه" والبيهقي وغيرهما.

1224 -

(9)[حسن لغيره] وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"رباطُ يومٍ في سبيلِ اللهِ؛ خيرٌ من ألفِ يوم فيما سواه من المنازل".

رواه النسائي والترمذي، وقال:

"حديث حسن غريب".

ورواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وزاد:

"فلينظر كل امرئ لنفسه".

وهذه الزيادة مدرجة من كلام عثمان؛ غير مرفوعة، كذا جاءت مبينة في رواية الترمذي، وقال الحاكم:

(1)

قلت: إنما بدأ المصنف بمجاهد دون أبي هريرة، ليشير بذلك إلى ما قيل أن مجاهداً لم يسمع من أبي هريرة. لكن هذا لم يثبت، ولذلك حكاه الحافظ في "التهذيب" بصيغة التمريض:(قيل). ويؤيده أنه ثبت سماع مجاهد من أبي هريرة في "سنن البيهقي"(7/ 270)، رواه عنه بسند صحيح. ولذلك خرجت الحديث في "الصحيحة"(1068).

ص: 67

"صحيح على شرط البخاري".

رواه ابن ماجه؛ إلا أنه قال:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من رابطَ ليلةً في سبيل الله؛ كانت كألفِ ليلةٍ صيامِها قيامِها".

1225 -

(10)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"تَعس

(1)

عبدُ الدينارِ، وعبدُ الدرهمِ، وعبدُ الخميصةِ

(2)

، -زاد في روايةٍ: وعبد القطيفة- إن أُعطِيَ رضيَ، وإن لم يُعطَ سَخطَ، تعس وانتكَسَ، وإذا شِيكَ فلا انتُقِش

(3)

.

طوبى لعبدٍ آخِذٍ بعِنان فرسِه في سبيلِ الله، أشعتَ رأسُه، مُغبرةٍ قدماه، إنْ كان في الحِراسةِ كان في الحراسة، وإنْ كان في الساقةِ كانَ في الساقةِ، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شَفَعَ لم يُشفَّعْ".

رواه البخاري

(4)

.

(القطيفة): كساء له خمل يجعل دِثاراً.

و (الخميصة) بفتح الخاء المعجمة: ثوب معلم من خزٍّ أو صوف.

و (انتكس) أي: انقلب على رأسهِ خَيبةً وخساراً.

(1)

هو بكسر العين وفتحها، يقال:(تعس يتعس) إذا عسر وانكب لوجهه، وهو دعاء عليه بالهلاك.

(2)

هي: الكساء المربع.

(3)

بالقاف والمعجمة. والمعنى: إذا أصابته الشوكة فلا وجد من يخرجها منه بالمنقاش، تقول: نقشت الشوك إذا استخرجته. "فتح الباري".

(4)

في "الجهاد"(6/ 62 - 63 - فتح) بالرواية الأولى بتمامها، وفي "الرقاق" (11/ 211 - 212) بالرواية الأخرى مختصراً دون قوله:"تعس وانتكس. . " إلخ، وهي عند ابن ماجه أيضاً (2/ 534 - 535).

ص: 68

و (شِيك) بكسر الشين المعجمة وسكون الياء المثناة تحت؛ أي: دخلت في جسمه شوكة، هي واحدة (الشوك). وقيل: الشوكة هنا: السلاح، وقيل: النكاية في العدو.

و (الانتقاش) بالقاف والشين المعجمة: نزعها بالمنقاش. وهذا مثَلَ معناه: إذا أصيب فلا انجبر.

و (طوبى): اسم الجنة. وقيل: اسم شجرةٍ فيها، وقيل: فعلى من (الطيب)، وهو الأظهر.

1226 -

(11)[صحيح] وعنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مِنْ خيرِ مَعاش

(1)

الناس لهم رجلٌ مُمْسِكٌ بعنان فرسه في سبيلِ الله، يطير على مَتنه، كلما سمع هَيعة أو فَزْعَة طار عليه

(2)

يبتغي القتلَ أو الموت مظانَّه، ورجل في غُنَيْمَةٍ في [رأسِ] شَعَفَةٍ من هذه الشِّعاف، أو بطنِ وادٍ من هذه الأودية، يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير".

رواه مسلم والنسائي.

(متن الفرس): ظهره.

و (الهَيْعة) بفتح الهاء وسكون الياء: كل ما أفزع من جانب العدو من صوت أو خبر.

و (الشّعَفة) بالشين المعجمة والعين المهملة مفتوحتين: هي رأس الجبل.

(1)

يعني: حياتهم. في "القاموس": " (العيش): الحياة، عاش يعيش عيشاً ومعاشاً. . . والطعام وما يعاش به. وما تكون به الحياة".

(2)

الأصل: "على متنه"، والتصحيح من "مسلم"(6/ 39)، وهكذا ذكره المؤلف فيما سيأتي (23 - الأدب/ 9 - العزلة).

ص: 69

1227 -

(12)[صحيح لغيره] وعن أم مالك البهزية رضي الله عنها قالت:

ذكر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فتنةً فقرَّبَها.

قالت: قلتُ: يا رسول الله! مَنْ خيرُ الناسِ فيها؟ قال:

"رجلٌ في ماشيةٍ يؤدي حقَّها، ويعبدُ ربَّه، ورجلٌ آخذٌ برأسِ فرسهِ، يخيفُ العدوَّ ويُخيفونه".

رواه الترمذي عن رجل عن طاوس عن أم مالك وقال:

"حديث غريب

(1)

من هذا الوجه. ورواه ليث بن أبي سليم عن طاوس عن أم مالك" انتهى.

1228 -

(13)[صحيح لغيره] ورواه البيهقي مختصراً من حديث أم مبشر تبلغ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"خيرُ الناسِ منزلةً رجلٌ على متنِ فرسٍ يخيفُ العدوَّ ويخيفونَه".

(1)

قلت: في طبعة (الدعاس)(6/ 341 رقم 2178): "حسن غريب". وإن من تناقض المعلقين الثلاثة وجهلهم، تضعيفهم للحديث هنا، وتحسينهم إياه في مكان آخر، فقالوا هنا:

" (1846) ضعيف، رواه الترمذي (2177) ". وقالوا في المكان الآخر (2/ 238):

" (1926) حسن، رواه الترمذي (2771) وقال: حسن غريب، وتقدم برقم (1846) "!

والحديث في المكان الذي أشرت إليه من الترمذي. وأما رقمهم فخطأ! ظلمات بعضها فوق بعض!

ص: 70

‌2 - (الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى).

1229 -

(1)[صحيح لغيره] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"عينان لا تمسُّهما النارُ، عينٌ بكتْ من خشيةِ الله، وعينٌ باتتْ تحرسُ في سبيلِ الله".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

1230 -

(2)[حسن صحيح] وعنه [يعني أنس بن مالك] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"عينانِ لا تمسُّهما النارُ أبداً: عين باتتْ تكلأُ في سبيلِ الله، وعينٌ بكتْ من خشيةِ الله".

رواه أبو يعلى، ورواته ثقات، والطبراني في "الأوسط"؛ إلا أنه قال:

"عينان لا تريان النارَ".

(تكلأ) مهموزاً؛ أي: تحفظ وتحرس.

1231 -

(3)[حسن لغيره] وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثةٌ لا ترى أعينُهم النارَ: عينٌ حرستْ في سبيلِ الله، وعينٌ بَكَتْ من خشيةِ الله، وعين كفَّتْ عن محارمِ الله".

رواه الطبراني، ورواته ثقات، إلا أن أبا الحبيب العنقزي

(1)

لا يحضرني حاله.

(1)

كذا في "المجمع". ووقع في الأصل (العبقري) وكذا في المخطوطة ومطبوعة عمارة. ولعل الصواب ما أثبتنا، فسيأتي في (17 - النكاح/1):(العنقري) بالنون بدل الباء الموحدة، والظاهر من كلام الناجي على هذه النسبة هنا أنه وقعت في نسخته من "الترغيب" في الموضعين كما أثبتنا، فإنه قال:

"قال هناك: أبا حبيب، وهنا عرّفه فقال: (الحبيب)، وتعريفه منكر، (العنقزي) يعني بفتح المهملة والقاف بينهما نون ساكنة وبالزاي المعجمة، زاد هناك: ويقال له: (الغَنَوي). يعني بتحريك المعجمة والنون معاً وكسر الواو، ورأيت بخطي على حاشية نسختي -ولا أعرف من أين نقلته؟ -أن اسمه: المبارك بن عبد الله، ولم أره في الكنى، ولا في الأسماء". =

ص: 71

1232 -

(4)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ألا أُنبئكم بليلة أفضلَ من ليلةِ القدرِ؟ حارسٌ حرس في أرضِ خوفٍ، لعله أن لا يرجع إلى أهله".

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط البخاري".

1233 -

(5)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة أيضاً؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"حُرِّمَ على عينين أن تنالَهما النارُ: عينٌ بكتْ مِنْ خشيةِ الله، وعينٌ باتَتْ تحرسُ الإسلامَ وأهلَه من الكفرِ".

رواه الحاكم، وفي إسناده انقطاع.

1234 -

(6)[حسن لغيره] وعن أبي ريحانة رضي الله عنه قال:

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأتينا ذات يوم على شَرَفٍ، فبتنا عليه، فأصابنا برد شديد؛ حتى رأيت من يحفر في الأرض حفرة يدخل فيها، ويلقي عليه الجَحَفَة -يعني الترس-، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس قال:

"من يحرسنا الليلَةَ، وأدعو له بدعاءٍ يكونُ فيه فضلٌ؟ ".

فقال رجلٌ من الأنصار: أنا يا رسول الله! قال:

"ادنه"، فدنا، فقال:

= قلت: ووقع في "فوائد الخلعي" و"تاريخ ابن عساكر" في نسختين منه، أحدُهما نسخة البرزالي:(الغَنَوي) بالغين المعجمة أيضاً، وفي مخطوطة الأصل (الفتوي)! ووقع في "تهذيب المزي" في الرواة عن بهز (أبو حبيب القنوي) نسبة إلى (القناة) وهي الرمح، وهذا اختلاف شديد لم نهتد إلى الصواب منه، وقد ذكروا فيمن ينسب النسبة الأخيرة:(أبو علي قرة بن حبيب بن زيد ابن مطر، وقيل: ابن شهرزاد القشيري القنوي) من شيوخ البخاري، فمن المحتمل أن يكون صاحب هذا الحديث هو جد أبي علي هذا يزيد بن مطر، فإنه أبو حبيب كما ترى، ولكني لم أجد له ذكراً. والله أعلم.

ص: 72

"من أنت؟ "، فتسمى له الأنصاري، ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء، فأكثر منه.

قال أبو ريحانة: فلما سمعت ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أنا رجل آخر. قال:

"ادنه"، فدنوت. فقال:

"من أنت؟ ".

فقلت: أبو ريحانة، فدعا لي بدعاء هو دون ما دعا للأنصاري، ثم قال:

"حُرِّمت النارُ على عين دَمَعَتْ أو بكت من خشية الله، وحُرِّمت النار على عين سهرت في سبيل الله -أو قال: حُرِّمت النار على عين أخرى ثالثة لم يسمعها محمد بن سُمير-".

رواه أحمد واللفظ له، ورواته ثقات، والنسائي ببعضه، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1235 -

(7)[صحيح] وعن سهل ابن الحنظلية

(1)

رضي الله عنه:

أنهم ساروا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يومَ (حنينٍ)، فأَطنبوا السيرَ، حتى كانَ عشيةً، فحضرتُ الصلاةَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فارسٌ فقالَ: يا رسولَ الله! إني انطلقتُ بين أيديكم، حتى طلعتُ على جبلِ كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن

(1)

هو سهل بن الربيع، و (الحنظلية) أمه.

و (حنين) تنصرف وتمنع من الصرف، وهو وادٍ ناحية الطائف. وكانت غزوة (حنين) في السنة الثامنة بعد فتح مكة.

ص: 73

على بَكَرةِ أبيهم

(1)

بِظُعُنِهمْ

(2)

ونَعَمِهم وشائِهم، اجتمعوا إلى (حنين)، فتبسمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال:

"تلكَ غنيمةُ المسلمينَ غداً إن شاءَ الله تعالى". ثم قال:

"من يحرسُنا الليلةَ؟ ".

قال أنس بن أبي مرثد الغنوي: أنا يا رسولَ الله! قال: "اركب"، فركبَ فرساً له، وجاءَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"استقبلْ هذا الشِّعْبَ

(3)

حتى تكونَ في أعلاه، ولا نُغَرَّنَّ من قِبَلِك الليلة".

فلما أصبحنا خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاهُ، فركعَ ركعتين، ثم قالَ:

"هل أحسَستُم فارسَكم؟ ".

قالوا: يا رسول الله! ما أحسسناه. فثُوِّبَ بالصلاة

(4)

، فجعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وهو يَلتفتُ إلى الشِّعب، حتى إذا قضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاتَه وسلمَ، قال:

"أبشروا فقد جاء فارسُكم".

(1)

كلمة للعرب يريدون بها الكثرة والوفور في العدد. قاله الخطابي.

(2)

قال الخطابي وابن الأثير: "الظُّعن: النساء، وحدتها ظعينة، وأصل الظعينة: الراحلة التي يرحل ويظعن عليها، أي يُسار، وقيل للمرأة: ظعينة، لأنها تظعن مع الزوج حيثما ظعن".

وكان في الأصل بعض الأخطاء، فصححتها منه ومن "أبي داود".

(3)

بكسر أوله وسكون المعجمة: ما انفرج بين الجبلين.

(ولا نغرَّن) بصيغة المتكلم مع الغير على البناء للمفعول، في آخره نون ثقيلة: من الغرور، أي: لا يجيئنا العدو (من قبلك) على غفلة. كذا في "عون المعبود".

(4)

أي: أقيمت صلاة الصبح.

ص: 74

فجعلنا ننظر إلى خلالِ الشجرِ في الشِّعْبِ، فإذا هو قد جاءَ حتى وقف على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني انطلقت حتى كنتُ في أعلى هذا الشِّعب، حيثُ أمرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحتُ اطلعتُ الشِّعبين كلاهما، فنظرتُ فلم أرَ أحداً، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"هل نزلتَ الليلةَ؟ ".

قال: لا، إلا مصلياً أو قاضيَ حاجةٍ. فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"قد أوجبتَ، فلا عليك أن لا تعمل بعدَها".

رواه النسائي، وأبو داود، واللفظ له.

(أوجبت) أي: أتيتَ بفعل أوجب لك الجنة.

ص: 75

‌3 - (الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم

(1)

في أهلهم).

1236 -

(1)[صحيح] عن خريم بن فاتك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من أنفق نفقةً في سبيلِ الله كُتِبَتْ له بسبعمائِة ضِعفٍ".

رواه النسائي والترمذي، وقال:

"حديث حسن"، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال:

"صحيح الإسناد".

1237 -

(2)[صحيح] وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من جَهَّزَ غازيًا في سبيلِ الله فقد غزا، ومن خَلَفَ غازيًا في أهلِه بخيرٍ فقد غزا".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

[صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه"، ولفظه:

"من جَهَّزَ غازياً في سبيلِ الله أو خَلَفَه في أهله؛ كتب الله له مثلَ أجرِه حتى أنه لا ينقصُ أجرِ الغازي شيءٌ".

ورواه ابن ماجه بنحو ابن حبان لم يذكر:

(1)

كذا قال، والصواب:"وخلافتهم". قال الناجي: "وكأن المصنف تخيل أن هذا مصدر هذه اللفظة، وليس كذلك، إنما يقال: خلف فلان فلاناً في أهله ونحوهم خلافة، إذا صار خليفة له، ومنه قوله تعالى: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي}، هذا قول أهل اللغة، ومنهم صاحب "الغريبين"، و"الصحاح" و"القاموس" وغيرهم من أئمة هذا الفن. ثم رأيت النووي في "شرحه لمسلم" قد عبر بما قلته: فقال: "باب إعانة الغازي في سبيل الله بركوب وغيره وخلافته في أهله بخير"، فحمدت الله على التوفيق".

قلت: ولم يتنبه لهذا الخطأ اللغوي المحققون الثلاثة!!

ص: 76

"خلفه في أهله".

1238 -

(3)[صحيح] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعثَ إلى بني لَحيان:

"ليَخْرُج من كلِّ رجلين رجلٌ".

ثم قال للقاعد:

"أيكم خَلَفَ الخارجَ في أهلهِ فلهُ مثلُ أَجرِه".

رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.

1239 -

(4)[حسن] وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من جَهَّزَ غازياً في سبيلِ الله؛ فله مثلُ أجرِهِ، ومن خلفَ غازياً في أهله بخير، وأَنفق على أهلِه؛ فله مثلُ أَجرِه".

رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال "الصحيح".

(1)

1240 -

(5)[حسن] وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أفضلُ الصدقاتِ ظِلُّ فُسطاطٍ في سبيلِ الله، ومِنْحَةُ خادمٍ في سبيلِ الله، أو طروقةُ فحلٍ في سبيلِ الله".

رواه الترمذي وقال:

"حديث حسن صحيح".

(طروقة الفحل) بفتح الطاء وبالإضافة: هي الناقة التي صلحت لطرق الفحل، وأقل سِنها ثلاث سنين وبعض الرابعة، وهذه هي (الحُقة)، ومعناه أن يُعطى الغازي خادماً أو ناقة هذه صفتها، فإن ذلك أفضلُ الصدقات.

(1)

وكذا قال الهيثمي. واغتربه المعلقون الثلاثة فصححوا الحديث متوهمين أن مثل هذا القول يعني الصحة، وليس كذلك؛ وإنما هو حسن فقط، كما هو مبين في غير ما موضع، آخرها في تخريج هذا الحديث في "الصحيحة"(3356).

ص: 77

‌4 - (الترغيب في احتباس الخيل للجهاد لا رياءً ولا سمعةً، وما جاء في فضلها، والترغيب فيما يذكر منها، والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة).

1241 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من احتبسَ

(1)

فرساً في سبيل الله إيماناً بالله

(2)

وتصديقاً بوعِده؛ فإنّ شِبَعَه ورِيَّه وروثَه وبولَه في ميزانِه يومَ القيامةِ. يعني حسنات".

(3)

رواه البخاري والنسائي وغيرهما.

1242 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قيلَ: يا رسولَ الله! فالخيلُ؟ قال:

"الخيلُ ثلاثة: هي لرجلٍ وزرٌ، وهي لرجلٍ سترٌ، وهي لرجلٍ أجرٌ.

فأما التي هي له وزرٌ؛ فرجلٌ رَبَطها رياءً وفخراً ونِواءً لأهلِ الإسلام، فهي له وِزرٌ.

وأما التي هي له سِترٌ، فرجلٌ ربطَها في سبيلِ الله؛ ثم لم ينسَ حقَّ الله في ظهورِها ولا رقابِها، فهي له سترٌ.

وأما التي هي له أجرٌ؛ فرجلٌ ربَطها في سبيلِ الله لأهِل الإسلام في مَرجِ أو روضةٍ، فما أكلتْ من ذلكَ المرجِ أو الروضةِ من شيءٍ؛ إلا كتبَ له عددَ ما

(1)

يقال: حبسته واحتبسته واحتبس أيضاً بنفسه يتعدى ولا يتعدى. والمعنى يحبسه مسرجاً عسى أن يحدث في ثغر من الثغور من ثلمة.

(2)

أي: ربطهُ خالصاً لله تعالى امتثالاً لأمره، وتصديقاَّ بوعده من الثواب المترتب على الاحتباس.

(3)

(شِبَعه) بكسر الشين: أما يثغ به. (ورِيَّه) بكسر الراء وتشديد الياء.

ص: 78

أَكلت حسناتٌ، وكتبَ له عددَ أرواثِها وأبوالِها حسناتٌ، ولا تقطع طِوَلَها فاستَنَّتْ شَرفاً أو شَرَفَين؛ إلا كتَبَ [الله] له عددَ آثارها وأرواثها حسناتٍ، ولا مرَّ بها صاحبُها على نهرٍ فشربتْ منه، ولا يريدُ أن يسقيَها؛ إلا كتَبَ الله تعالى له عدَدَ ما شَربتْ حَسنات".

رواه البخاري ومسلم، واللفظ له. وهو قطعة من حديثٍ تقدم بتمامه في "منع الزكاة". [الحديث الأول]

(1)

.

[صحيح] ورواه ابن خزيمة في "صحيحه"

(2)

؛ إلا أنه قال:

"فأما الذي هي له أجرٌ؛ فالذي يتخذُها في سبيل الله، وُيعِدّها له، لا تغَيبُ في بطونِها شيئاً؛ إلا كُتبَ له بها أجرٌ، ولو عرضَ مرجاً أو مَرْجَين فرعاها صاحبها فيه، كتب له بما غَيَّبت في بطونها أَجرٌ، ولو استنت شَرَفاً أَو شَرَفَين؛ كتب له بكل خُطوة خطاها أَجرٌ، ولو عرض نهراً فسقاها به؛ كان له بكل قطرةٍ غيبت في بطونها منه أجرٌ، -حتى ذكر الأجر في أرواثها وأبوالها-.

وأما التي هي له سترٌ؛ فالذي يتخذها تعففاً وتجملاً وتستراً، ولا يحبسُ حقَّ ظهورِها وبطونِها في يسرِها وعسرِها.

وأما التي هي له وزرٌ؛ فالذي يتخذها أشَراً وبطَراً وبَذَخاً عليهم". الحديث.

[صحيح] ورواه البيهقي مختصراً بنحو لفظ ابن خزيمة ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ إلى يومِ القيامةِ، والخيلُ ثلاثة. خيلُ أجرٍ، وخيلُ وزرٍ، وخيلُ سترٍ.

(1)

قلت: وتقدم في الحاشية هناك بيان ما في عزو المؤلف الحديث للبخاري من الإيهام، فراجعه.

(2)

قلت: لقد أبعد المصنف النُّجْعة، فالحديث في "صحيح مسلم"(3/ 72)، وزاد بعد قوله:"وبَذَخاً": "ورياء الناس".

ص: 79

فأما خيلُ سِترٍ؛ فمن اتخذها تعففاً وتكرماً وتجملاً، ولم ينسَ حقَّ ظهورِها وبطونِها في عُسرِه ويسره.

وأما خيلُ الآجْرِ؛ فمن ارتَبَطَها في سبيلِ الله؛ فإنها لا تُغَيِّب في بطونِها شيئاً إلا كانَ له أجرٌ، -حتى ذكرَ أرواثَها وأبوالَها-، ولا تَعْدُو في وادٍ شوطاً أو شوطين؛ إلا كان في ميزانه.

وأما خيلُ الوزرِ؛ فمن ارتبطَها تبذُّخاً على الناس؛ فإنَّها لا تغَيِّب في بطونِها شيئاً إلا كان وزراً عليه، -حتى ذكرَ أرواثَها وأبوالَها-، ولا تعدو في وادٍ شوطاً أو شوطين إلا كان عليه وزر".

(النَّواء) بكسر النون وبالمد: هو المعاداة.

و (الطِّوَل) بكسر الطاء وفتح الواو، وهو حبل تشد به الدابة، وترسلها ترعى. و (استنّت) بتشديد النون أي: جرت بقوة.

و (الشَّرَف) بفتح الشين المعجمة والراء جميعاً: هو الشوط، معناه: جرت بقوة شوطاً أو شوطين. كما جاء مفسراً في لفظ البيهقي.

و (البَذخ) بفتح الباء الموحدة وسكون الذال المعجمة

(1)

آخره خاء معجمة: هو الكبر والبذخ والتكبر، ومعناه أنه اتخذ الخيل تكبّراً وتعاظماً واستعلاءً على ضعفاء المسلمين وفقرائهم.

1243 -

(3)[صحيح] وعن رجل من الأنصار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الخيلُ ثلاثةٌ: فرسٌ يرتبطُه الرجلُ في سبيلِ الله عز وجل، فثمنه أجرٌ، وركوبُه أجرٌ، وعاريتُه أجرٌ، [وعَلَفُه أجرٌ]

(2)

.

(1)

قال الناجي (138/ 1): "هذا خطأ بلا ريب، وإنما هو بفتحها مثل الأشر والبطر وزناً، يقال: بذخ -بكسر الذال- وتبذخ، أي: تكبر وعلا، البذخ بالتحريك المصدر، وكذا التبذخ".

(2)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "المسند"(5/ 381).

ص: 80

وفرسٌ يغالِقُ عليه الرجلُ ويراهِنُ، فثمنُه وزرٌ، [وعَلَفُه وزرٌ]

(1)

، وركوبُه وزرٌ.

وفرسٌ للبِطنةِ، فعسى أنْ يكونَ سداداً من الفقرِ إنْ شاءَ الله".

رواه أحمد، ورجاله رجال "الصحيح".

1244 -

(4)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الخيرُ معقودٌ بنواصي الخيلِ إلى يومِ القيامةِ، ومَثَلُ المنُفِقِ عليها كالمتكفِّفِ بالصدقةِ".

رواه أبو يعلى، والطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال "الصحيح".

(2)

وهو في "الصحيح" باختصار النفقة.

[صحيح] وروى ابن حبان في "صحيحه" شطره الأخير قال:

"مَثَلُ المنفقِ على الخيلِ؛ كالمتكفِّفِ بالصدقةِ".

فقلت

(3)

لمعمر: ما المتكفِفُ بالصدقةِ؟ قال: الذي يُعطي بكفِّه.

1245 -

(5)[صحيح] وعن أبي كبشة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ إلى يومِ القيامةِ، وأهلُها معانون عليها، والمنفقُ عليها كالباسطِ يدَه بالصدقِة".

رواه الطبراني، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال:

"صحيح الإسناد".

(1)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "المسند"(5/ 381).

(2)

ورواه أبو عوانة في "صحيحه"(5/ 15)، وسنده صحيح، وكذلك أخرج الآتي بعده.

(3)

القائل: "فقلت" هو عبد الرزاق. ومعمر هو ابن راشد، ثقة مشهور.

ص: 81

1246 -

(6)[صحيح لغيره] وعن سهل ابن الحنظلية -وهو سهل بن الربيع بن عمرو- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"المنفقُ على الخيلِ كالباسطِ يدَه بالصدقِة، لا يَقبِضُها".

رواه أبو داود.

1247 -

(7)[صحيح] وعن ابن عمرَ رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ إلى يومِ القيامةِ".

رواه مالك والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه.

1248 -

(8)[صحيح] وعن عروة بن أبي الجعد رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ: الأجرُ والمغنُم إلى يومِ القيامِة".

رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1249 -

(9)[صحيح لغيره] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ والنيلُ إلى يومِ القيامةِ، وأهلُها معانون عليها، فامسحوا بنواصيها، وادعوا لها بالبرَكة، وقلِّدوها

(1)

، ولا تقلدوها الأوتارَ".

رواه أحمد بإسنادٍ جيد.

(1)

أي: قلدوها طلب أعداء الدين والدفاع عن المسلمين، ولا تقلدوها طلب أوتار الجاهلية التي كانت بينكم.

و (الأوتار) جمع (وتر)، وهو الدم وطلب الثأر، يريد: اجعلوا ذلك لازماً لها في أعناقها لزوم القلائد للأعناق، كما في "النهاية".

قال: "وقيل: أراد بـ (الأوتار) جمع وتر: القوس. أي لا تجعلوا في أعناقها الأوتار فتختنق وقيل: إنما نهاهم عنها لأنهم كانوا يعتقدون أن تقليد الخيل بالأوتار يدفع عنها العين والأذى، فتكون كالعوذة لها، فنهاهم".

قلت: وهذا هو الذي رجحه أبو عبيدة وتبعه الطحاوي في "مشكل الآثار"(1/ 132)، ولعله الصواب.

ص: 82

1250 -

(10)[صحيح] وعن جرير رضي الله عنه قال:

رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يلوي ناصيةَ فرَسٍ بإصبَعِه وهو يقولُ:

"الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ إلى يومِ القيامةِ: الأجرُ والغنيمة".

رواه مسلم والنسائي.

1251 -

(11)[صحيح] وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِنْ فرسٍ عربي إلا يُؤذَنُ له عند كل سَحَرٍ بكلماتٍ يدعو بهن: اللهم خَوَّلْتني مَن خَولتَني مِن بني آدم، وجعلتَني له، فاجعلني أحبَّ أهلِه ومالِه، أَو مِن أحبِّ أَهلِه ومالِه إليه".

رواه النسائي.

1252 -

(12)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم:

"البركةُ في نواصي الخيلِ".

رواه البخاري ومسلم.

1253 -

(13)[صحيح] وعن عقبة بن عامر وأبي قتادة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"خيرُ الخيلِ الأدهمُ، الأقرحُ، الأرثمُ، المحجَّل، طلقُ اليدِ اليمنى. قال يزيد -يعني ابن أبي حبيب-: فإنْ لم يكن أدهَمَ، فكُمَيْت على هذه الشية".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

ورواه الترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي قتادة وحده.

[صحيح] ولفظ الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"خيرُ الخيلِ الأدهمُ، الأقرحُ، الأرثمُ، ثم الأقرحُ المحجَّل، طلقُ اليمنى، فإن لم يكن أدهمَ، فكُميتٌ على هذه الشِّية".

ص: 83

قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

وقال الحاكم: "صحيح على شرطهما".

(الأقرح): هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحة، وهي بياض يسير.

و (الأرثم) بفتح الهمزة وثاء مثلثة مفتوحة: هو الفرس يكون به رُثم، محركاً ومضموم الراء ساكن الثاء، وهو بياض في شفته العليا، والأنثى: رثماء.

و (طَلْق اليمنى) بفتح الطاء وسكون اللام وبضمها أيضاً: إذا لم يكن بها تحجيل.

و (الكُمَيت) بضم الكاف وفتح الميم: هو الفرس الذي ليس بالأشقر ولا الأدهم، بل يخالط حمرته سواد.

و (الشَّيَة) بكسر الشين المعجمة وفتح الياء مخففة: هو كل لون في الفرس يكون معظم لونها على خلافه.

1254 -

(14)[حسن لغيره] وعن عقبة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا أردت أن تغزوَ فاشترِ فرسأ أغرَّ محجَّلاً، مطلق اليمنى؛ فإنك تغنم وتسلم".

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم".

1255 -

(15)[حسن صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يُمْنُ الخيل في شُقرِها".

رواه أبو داود، والترمذي وقال:"حديث حسن غريب".

(اليُمن) بضم الياء: هو البركة والقوة

(1)

.

(1)

كذا قال، ولا معنى للقوة هنا، قال الناجي (137/ 2):

"فأما البركة فصحيحة مسلّمة، وأما القوة فمردودة، وإنما القوة في اللغة: اليمين لا اليمن.

قال الشاعر:

إذا ما رايةٌ رُفعت لمجدٍ

تلقاها عرابة باليمين.

أي: بالقوة.

والحاصل أن لفظة (القوة) هنا دخيلة لا محل لها ولا تعلق، فيتعين إسقاطها لما قد علمت".

ص: 84

‌5 - (ترغيب الغازي والمرابط في الإكثار من العمل الصالح من الصوم.

.

(1)

)

1256 -

(1) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما من عبدٍ يصومُ يوماً في سبيلِ الله؛ إلا باعدَ الله بذلكَ اليومِ وجهَهُ عن النارِ سبعينَ خريفاً".

رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. [مضى 9 - الصوم/ 1].

1257 -

(2)[حسن لغيره] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من صامَ يوماً في سبيلِ اللهِ؛ جعلَ اللهُ بينه وبينَ النارِ خندقاً كما بين السماءِ والأرضِ".

رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير" بإسناد حسن. [مضى هناك].

1258 -

(3)[حسن] وعن أبي أمامة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من صامَ يوماً في سبيلِ الله؛ جعلَ الله بينَه وبينَ النارِ خندقاً كما بين السماء والأرضِ".

رواه الترمذي عن الوليد بن جميل عن القاسم عنه، وقال:"حديث غريب". [مضى هناك].

1259 -

(4)[صحيح لغيره] وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من صامَ يوماً في سبيلِ الله؛ بعدتْ منه النارُ مسيرةَ مئةِ عامٍ".

رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" بإسناد لا بأس به. [مضى أيضاً].

1260 -

(5)[حسن صحيح] ورواه النسائي من حديث عقبة.

(1)

في الأصل هنا: (والصلاة والذكر ونحو ذلك)، حذفناه بسبب منافاة أحاديثه لشرطنا في هذا الكتاب، وانطر الأحاديث المناسبة للمحذوف في "الضعيف".

ص: 85

6 -

(الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة، وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه).

1261 -

(1)[صحيح] عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لَغَدوةٌ في سبيلِ الله أو روحةٌ، خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولَقَابُ

(1)

قوسِ أحدِكم من الجنةِ، أو موضع قِيد -يعني سوطه- خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأةً من أهلِ الجنةِ اطَّلعت إلى أهلِ الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأته ريحاً، ولنصيفها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها".

رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

(الغَدوة) بفتح الغين المعجمة: هي المرة الواحدة من الذهاب.

و (الروحة) بفتح الراء: هي المرة الواحدة من المجيء.

و (النصيف): الخمار.

1262 -

(2)[صحيح] وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"غدوة في سبيلِ الله، أو روحةٌ؛ خيرٌ مما طلعتْ عليه الشمسُ أو غربت"

(2)

.

رواه مسلم والنسائي.

1263 -

(3)[صحيح] وعن سهل بن سعد رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(1)

يعني: طولها.

(2)

هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم الآتي بعده: "خير من الدنيا وما فيها". وهذا منه صلى الله عليه وسلم إنما هو على ما استقر في النفوس من تعظيم ملك الدنيا، وأما التحقيق فلا تدخل الجنة مع الدنيا تحت أفعل التفضيل، إلا كما يقال: العسل أحلى من الخل.

ص: 86

"رباطُ يومٍ في سبيلِ الله خيرٌ من الدنيا وما عليها، وموضعُ سَوْطِ أحدِكم من الجنةِ خيرٌ مَن الدنيا وما عليها، والروحةُ يروحُها العبدُ في سبيلِ الله أو الغدوةُ، خيرٌ من الدنيا وما عليها".

رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه. وتقدم [أول 12 - الجهاد].

1264 -

(4)[حسن لغيره] وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"الغازي في سبيلِ الله، والحاجُّ إلى بيتِ الله، والمعتمرُ وفدُ الله، دعاهم فأَجابوه".

رواه ابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له؛ كلاهما عن عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب عن مجاهد عنه، والبيهقي من هذه الطريق فوقفه، ولم يرفعه. [مضى 11 - الحج/ 1].

1265 -

(5)[صحيح] ورواه بنحوه من حديث أبي هريرة النسائي وابن ماجه وابن خزيمة في "صحيحه"

(1)

. [مضى لفظه هناك].

1266 -

(6)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"تَضَمَّنَ اللهُ لمن خرج في سبيلهِ لا يُخرجهُ إلا جهادٌ في سبيلي، وإيمانٌ بي، وتصديقٌ برسلي؛ فهو ضامنٌ أن أُدخِلَهُ الجنةَ، أو أُرجعَه إلى منزلِه الذي خرجَ منه، نائلاً ما نالَ من أجرٍ أو غنيمةٍ، والذي نفسُ محمدٍ بيده ما كَلْمٌ يُكْلَمُ في سبيلِ الله إلا جاءَ يوم القيامةِ كهيئتهِ حين كُلِمَ، لونُه لونُ دمٍ، وريحُه ريحُ مسكٍ، والذي نفْسُ محمدٍ بيدهِ، لولا أن أشُقَّ على المسلمينَ ما قعدتُ

(1)

في الأصل هنا قوله: (وقال ابن ماجه في آخره: "إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم")، وهي زيادة ضعيفة.

ص: 87

خِلاف سَريَّةٍ تغزو في سبيلِ الله أبداً، ولكن لا أَجدُ سَعَةً فأَحملهم، ولا يجدونَ سَعَةً وَيشُقُّ عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفس محمد بيده لَوَددت أن أغزوَ في سبيل الله فأُقتلَ، ثم أغزوَ فأقتلَ، ثم أُغزوَ فأُقتلَ".

رواه مسلم، واللفظ له.

ورواه مالك والبخاري والنسائي، ولفظهم:

"تكفَّلَ الله لمن جاهدَ في سبيلِهِ، لا يُخرجُه من بيتِه إلا الجهادُ في سبيلهِ، وتصديقٌ بكلماتهِ؛ أن يدخلَه الجنةَ، أو يردَّه إلى مسكنهِ بما نالَ من أجرٍ أو غنيمةٍ" الحديث.

(الكَلْم) بفتح الكاف وسكون اللام: هو الجرح.

1267 -

(7)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من خرِجَ حاجاً فماتَ؛ كتبَ الله له أجرَ الحاجِّ إلى يومِ القيامةِ، ومن خرجِ معتمراً فماتَ، كتبَ الله له أجرَ المعتمرِ إلى يومِ القيامةِ، ومن خرجَ غازياً فماتَ، كَتبَ الله له أجرَ الغازي إلى يومِ القيامةِ".

رواه أبو يعلى من رواية محمد بن إسحاق، وبقية إسناده ثقات

(1)

. [مضى 11 - الحج/ 1 - في الحج والعمرة].

1268 -

(8)[صحيح لغيره] وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:

عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في:

"خمسٌ من فعلَ واحدةً منهن كان ضامناً على الله عز وجل: من عادَ مريضاً، أو خرَجَ مع جنازةٍ، أو خرجَ غازياً في سبيلِ الله، أو دخلَ على إمامٍ

(1)

قلت: بل فيه -علاوة على عنعنة ابن إسحاق- من لم يوثقه غير ابن حبان، لكني وجدت له متابعاً قوياً، خرجته من أجله في "الصحيحة"(2553).

ص: 88

يريدُ بذلك تعزيرَه وتوقيرَه، أو قعدَ في بيتِه فَسَلِمَ، وسِلمَ الناسُ منه".

رواه أحمد -واللفظ له- والبزار والطبراني، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما".

1269 -

(9)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يلجُ النارَ رجلٌ بكى من خشيةِ الله، حتى يعود اللبنُ في الضرعِ، ولا يجتمعُ غبارٌ في سبيلِ الله ودخانُ جهنمَ".

[صحيح] رواه الترمذي، واللفظ له، وقال:

"حديث حسن غريب صحيح"، والنسائي والحاكم والبيهقي؛ إلا أنهم قالوا:

" لا يجتمعُ غبارٌ في سبيلِ الله ودخانُ جهنمَ في مَنخِرَيْ مسلمٍ أبداً".

وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"

(1)

.

1270 -

(10)[صحيح] وعن عبد الرحمن بن جبْر رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم:

"ما اغبرتْ قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسَّه النارُ".

رواه البخاري، واللفظ له.

ورواه النسائي والترمذي في حديثٍ، ولفظه:

"من اغبرتْ قدماه في سبيل الله فهما حرامٌ على النارِ".

1271 -

(11)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يجتمعانِ في النارِ اجتماعاً يضرُّ أحدُهما الآخرَ؛ مسلمٌ قتلَ كافراً ثم سدّدَ المسلمُ وقاربَ، ولا يجتمعان في جوفِ عبدٍ؛ غبارٌ في سبيلِ الله ودخانُ جهنمَ، ولا يجتمعانِ في قلبِ عبدٍ؛ الإيمانُ والشحُّ".

(1)

قلت: ورواه ابن حبان أيضاً (رقم 1598 - موارد).

ص: 89

رواه النسائي والحاكم -واللفظ له، وهو أتم-، وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

وقال النسائي:

"الإيمان والحسد"

(1)

.

وصدرُ الحديث في مسلم.

1272 -

(12)[صحيح لغيره] وروى الطبراني في "الأوسط" عن عمرو بن قيس الكندي قال:

كنا

(2)

مع أبي الدرداء منصرفين من (الصائفةِ)، فقال: يا أيها الناس! اجتمِعوا، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:

"من اغبرتْ قدماه في سبيلِ الله؛ حرَّمَ الله سائرَ جسدِهِ على النارِ".

قوله: "من الصائفة" أي: من غزوة الصائفة، وهي غزوةُ الرومِ، سميت بذلك لأنهم كانوا يغزونهم في الصيف خوفاً من البرد والثلج في الشتاء.

1273 -

(13)[صحيح لغيره] وعن أبي المُصبِّحِ المُقْرائي قال:

بينما نحن نسيرُ بأَرضِ الرومِ في طائفةٍ عليها مالكُ بنُ عبدِ الله الخثعمي، إذ مرَّ مالكٌ بجابرِ بن عبدِ الله رضي الله عنهما وهو يقودُ بغلاً له، فقالَ له مالكٌ: أي أبا عبدِ الله! اركبْ فقد حملَكَ الله. فقالَ جابرٌ: أُصلِحُ دابتي، وأستغني عن قومي، وسمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(1)

قلت: وهو رواية لابن حبان (1597)، وانظر (1599 و 1600).

(2)

الأصل: "إنا"، والتصويب من "الأوسط"(5663 - مصورتي)، و"المجمع"(5/ 286).

ص: 90

"من اغبرتْ قدماه في سبيلِ الله؛ حرّمَهُ الله على النارِ".

فسارَ حتى إذا كانَ حيثُ لم يسمعه الصوتَ نادى بأعلى صوته: يا أبا عبدِ الله! اركبْ فقد حَمَلك الله. فعرف جابر الذي يريد، فقال: أُصلِحَ دابتي، وأستغني عن قومي، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من اغبرت قدماه في سبيل الله؛ حرمه الله على النار".

فتواثب الناسُ عن دوابهم، فما رأيتُ يوماً أكثرَ ماشياً منه.

رواه ابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له.

ورواه أبو يعلى بإسنادٍ جيدٍ، إلا أنه قال: عن سليمان بن موسى قال:

"بينا نحن نسير"

(1)

، فذكره بنحوه، وقال فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما اغبرتْ قدما عبدٍ في سبيلِ الله؛ إلا حرمَ الله عليهما النارَ".

(قال):

(2)

فنزل مالك، ونزل الناسُ يمشون، فما رؤي يوماً أكثرَ ماشياً منه.

(المُصبح) بضم الميم وفتح الصاد المهملة وكسر الباء الموحدة.

و (المُقرائي) بضم الميم، وقيل بفتحها، والضم أشهر وبسكون القاف بعدها راء وألف ممدوة، نسبة إلى قرية بـ (دمشق).

1274 -

(14)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(1)

قلت: الحديث عند أبي يعلى (1/ 269) من طريق سليمان المذكور قال: "هو مالك بن عبد الله الخثعمي. . " الحديث نحوه، ليس فيه الجملة المذكورة، وكذلك ذكره الهيثمي (5/ 286)، وإنما هي في "مسند أحمد"(5/ 225 - 236)، لكنه جعل الحديث من مسند مالك، وهو المنادَى من رجل. وسنده صحيح، وروى أبو يعلى (2/ 558) المرفوع منه عن جابر أيضاً، ولعله الصواب.

(2)

زيادة من "أبي يعلى" و"المجمع".

ص: 91

"ما خالطَ قلبَ امرئٍ رَهْجٌ في سبيلِ الله؛ إلا حرمَ الله عليه النارَ".

رواه أحمد، ورواته ثقات.

(الرَّهْج) بفتح الراء وسكون الهاء، وقيل بفتحها: هو ما بداخل باطن الإنسان من الخوف والجزع ونحوه

(1)

.

1275 -

(15)[صحيح لغيره] وعن أم مالك البهزية رضي الله عنها قالت:

ذكرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فتنةً فقرَّبَها، قالت: قلت: يا رسول الله! من خيرُ الناس فيها؟ قال:

"رجلٌ في ماشيةٍ، يؤدي حقَّها، ويعبدُ ربَّه، ورجلٌ آخذٌ برأسِ فرسِه يخيفُ العدوَّ ويخيفونَه".

رواه الترمذي عن رجل عن طاوس عن أم مالك، وقال:"حديث غريب". وتقدم [الباب الأول/ 12 - حديث].

(2)

(1)

كذا قال المؤلف رحمه الله، وهو من أخطائه التي نبَّه عليها الحافظ الناجي. والصواب أنه الغبار؛ كما في "النهاية" و"اللسان" وغيرهما.

(2)

قلت: وبينت هناك تناقض المعلقين الثلاثة في هذا الحديث، فحسنوه هنا، وضعفوه هناك! والسبب الجهل والتقليد الأعمى، فقد انتبهوا هنا لتحسين الترمذي إياه في طبعة الدعاس فقلدوا تحسينه، ولم ينتبهوا له هناك، فقلدوا المؤلف في إعلاله بالرجل الذي لم يسم، وتضعيف الترمذي إياه بقوله:"غريب"!!

ص: 92

‌7 - (الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله تعالى).

1276 -

(1)[صحيح] عن سهل بن حنيف رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من سألَ الله تعالى الشهادةَ بِصدْقٍ؛ بلَّغَه اللهُ منازلَ الشهداءِ، وإن ماتَ على فراشِهِ".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1277 -

(2)[صحيح] وعن أن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من طلبَ الشهادةَ صادقاً أعطيها، ولو لم تصبْهُ".

رواه مسلم وغيره، والحاكم وقال:"صحيح على شرطهما".

1278 -

(3)[صحيح لغيره] وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ قاتلَ في سبيلِ الله فُواقَ ناقةٍ؛ فقدْ وجبتْ له الجنةُ، ومن سألَ الله القتلَ من نفسِهِ صادقاً ثم ماتَ أو قُتِلَ؛ فإنَّ له أجرَ شهيدٍ، ومَنْ جُرِحَ جرحاً في سبيلِ الله أو نُكبَ نَكبةً؛ فإنها تجيءُ يومَ القيامةِ كأغزرَ ما كانتْ، لونُها لونُ الزعفران، وريُحها ريحُ المسكِ" فذكر الحديث.

رواه أبو داود، والترمذي وقال:

"حديث حسن صحيح"، والنسائي وابن ماجه،

[حسن صحيح] وابن حبان في "صحيحه" بنحوه؛ إلا أنه قال فيه:

"ومَنْ سألَ الله الشهادةَ مُخلِصاً؛ أعطاهُ الله أجرَ شهيدٍ، وإنْ ماتَ على فراشِه".

وَرواه الحاكم وقال: "صحيح على شرطهما". [يأتي أيضاً 9 - باب].

(فُوَاق الناقة) بضم الفاء وتخفيف الواو: هو ما بين رفع يدك عن الضرع حال الحلب ووضعها. وقيل: هو ما بين الحلبتين.

ص: 93

‌8 - (الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه، والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبةً عنه).

1279 -

(1)[صحيح] عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول:

" {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} :

ألا إنَّ القوةَ الرَّمْيُ، ألا إنَّ القوةَ الرَّمْيُ، ألا إنَّ القوةَ الرَّمْيُ".

رواه مسلم وغيره.

1280 -

(2)[صحيح] وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال:

مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قوم ينتَضِلون، فقال:

"ارموا بني إسماعيلَ! فإن أباكم كان رامياً، ارموا وأنا مع بني فلان"، فأمسك أحد الفريقين بأَيديهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما لكم لا ترمون؟ ".

قالوا: كيف نرمي وأنت معهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"ارموا، وأنا معكم كلكم".

[صحيح لغيره] رواه البخاري وغيره، والدارقطني؛ إلا أنه قال فيه:

"ارموا، وأنا مع بني الأدرعِ".

فأمسك القومُ وقالوا: من كنتَ معه فأنى يُغلبُ! قال:

"ارموا، وأنا معَكم كلّكم".

فرموا عامة يومهم، فلم يَفضُلْ أحدُهم الآخر، أو قال: فلم يسبقْ أحدُهم الآخر. أو كما قال.

(1)

(1)

قلت: وأخرجه الحاكم، وصححه. ووافقه الذهبي، وفيه راوٍ لم يوثقه غير ابن حبان. لكن له شاهد من حديث أبي هريرة نحوه. أخرجه ابن حبان (1646 - موارد).

ص: 94

1281 -

(3)[صحيح] وعن سعد بن أبي وقاص رفعه قال:

"عليكم بالرمي؛ فإنه خيرُ -أو من خيرِ- لهوِكُم".

رواه البزار والطبراني في "الأوسط" وقال:

"فإنه من خير لعبكم".

وإسنادهما جيدٌ قوي.

1282 -

(4)[صحيح] وعن عطاء بن أبي رباح قال:

رأيتُ جابرَ بنَ عبد الله وجابر بنَ عمير الأنصاري يرميان، فملَّ أحدُهما فجلسَ، فقالَ له الآخرُ: كسلتَ؟ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"كلُّ شيءٍ ليسَ من ذكرِ الله عز وجل فهو لهوٌ أو سهوٌ، إلا أربعُ خصالٍ: مشيُ الرجل بين الغَرَضين، وتأَديبُه فرسَه، وملاعبتُه أهلَه، وتعليمُ السباحَةِ".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد جيد.

(1)

(الغرض) بفتح الغين المعجمة والراء بعدهما ضاد معجمة: هو ما يقصده الرماة بالإصابة.

1283 -

(5)[صحيح] وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ستفتحُ عليكم أرضون، ويكفيكُم الله، فلا يعجزُ أحدُكم أنْ يلهوَ بأسهُمِهِ".

رواه مسلم وغيره.

(1)

قلت: فاته النسائي في "السنن الكبرى" والبزار، و"الطبراني في "الأوسط" (9/ 69/ 8143)، وهو مخرج في "الصحيحة" (315).

ص: 95

1284 -

(6)[صحيح] وعن أبي نجيح عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ بلغَ بسهمٍ

(1)

؛ فهو لهُ درجةٌ في الجنةِ".

فبلغتُ يومئذ ستة عشر سهماً.

رواه النسائي.

1285 -

(7)[صحيح] وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من رمى بسهمٍ في سبيلِ الله؛ فهو له عدلُ مُحرَّرٍ".

رواه أبو داود في حديثٍ

(2)

والترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"، والحاكم، وقال:

"صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه".

1286 -

(8)[صحيح لغيره] وعنه أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من شابَ شيبةً في الإسلام؛ كانتْ له نوراً يوم القيامةِ، ومن رمى بسهمٍ في سبيلِ الله، فبلغ به العدوَّ أَو لِم يبلغْ؛ كان له كعتقِ رقبةٍ، ومن أعتق رقبةً مَؤمنةً؛ كانت فداءه من النار عضواً بعضو".

[حسن صحيح] رواه النسائي بإسناد صحيح، وأفرد الترمذي منه ذكر الشيب، وأبو داود ذكر العتق، وابن ماجه ذكر الرمي، ولفظه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من رمى العدوَّ بسهمٍ فبلغ سهمُه أصابَ أو أخطأ؛ فعِدل رَقَبةٍ".

وروى الحاكم ذكر الرمي في حديث، والعتق في آخر.

(1)

أي: أصاب به العدو كما يفسره الحديث الآتي بعد حديث.

(2)

قلت: سيأتي لفظه في (16 - البيوع/ 25 آخره)، ومنه يتبين أن عزوه لأبي داود وهم، لأنه ليس فيه جملة الرمي هذه.

ص: 96

1287 -

(9)[صحيح] وعن كعب بن مرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ بلغَ العدوَّ بسهمٍ؛ رفعَ الله له درجةً".

فقال له عبد الرحمن بن النَّخّام: وما الدرجةُ يا رسولَ الله! قال:

"أما إنها ليست بَعتبة أمِّك! ما بين الدرجتين مئةُ عام".

رواه النسائي وابن حبان في "صحيحه".

(النحّام) بفتح النون وتشديد الحاء المهملة: هو الكثير النحم، وهو التنحنح.

1288 -

(10)[صحيح] وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من رمى بسهمٍ في سبيلِ الله؛ كان كمن أعتقَ رقبة".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

1289 -

(11)[صحيح] وعن معدان بن أبي طلحة [عن أبي نجيح السلمي]

(1)

رضي الله عنه قال:

حاصَرْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (الطائف) فسمعتُه يقول:

"من بلغَ بسهمٍ في سبيلِ الله؛ فهو له درجةٌ في الجنةِ".

قال: فبلغت يومئذ ستة عشر سهماً.

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(1)

سقطت من الأصل. وكذا من مطبوعة عمارة، فصار بذلك معدان صحابياً، وهو تابعي معروف، والتصحيح من "الموارد" و"مسند أحمد"(4/ 113) وكتب الرجال، ومن الظاهر أن السقط من المؤلف رحمه الله، لأنه تقدم بهذا اللفظ قبل أربعة أحاديث، فلولا توهمه أنه من رواية معدان لما أعاده. والله أعلم.

ص: 97

1290 -

(12)[صحيح لغيره] وعن أبي أمامة رضي الله عنه؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من شابَ شيبةً في الإسلام؛ كانتْ له نوراً يومَ القيامة، ومن رمى بسهمٍ في سبيلِ الله -أخطأَ أو أصابَ- كان له بمثلِ رقبةٍ. .

(1)

".

رواه الطبراني بإسنادين، رواة أحدهما ثقات.

(2)

1291 -

(13)[حسن] وعن عتبة

(3)

بن عبدٍ السلمي رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه:

"قوموا فقاتلوا".

قال: فرمى رجلٌ بسهمٍ، فقال صلى الله عليه وسلم:

"أوجبَ هذا".

رواه أحمد بإسنادٍ حسن.

(أوجب) أي: أوجب لنفسه الجنة بما فعل.

1292 -

(14)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ رمى بسهمٍ في سبيلِ الله؛ كانَ له نوراً يومَ القيامةِ".

رواه البزار بإسناد حسن.

(1)

قلت: تمامه في الأصل: "من ولد إسماعيل"، ولما كانت منكرة -لما يأتي بيانه مني بعد هذا إن شاء الله تعالى- فلذلك حذفته.

(2)

قلت: كذا قال، وتبعه الهيثمي، واغتر بهما المعلقون الثلاثة، وزادوا عليهما بجهلهم فحسنوه! لأنهم لا علم عندهم بأصول الحديث، ولا يرجعون إلى الأصول!! ولو فعلوا لوجدوا في الطريق الأولى (شهر بن حوشب) وغيره، وفيها الزيادة المنكرة، وفي الأخرى (موسى بن عمير) وهو متروك، وليس فيها الزيادة، وتفصيل هذا الإجمال في "الضعيفة"(6615).

(3)

الأصل: (عقبة)، والتصويب من "المسند"(4/ 183 و 184) و"المجمع "، وفات هذا التصحيح المعلقين الثلاثة، وتشبعوا بما لم يعطوا، وتظاهروا بالتحقيق فعزوه لـ "المسند" و"المجمع" بالأرقام دون أن يصوبوا!!

ص: 98

1293 -

(15)[صحيح] وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من عَلِمَ الرمي ثم تركَه؛ فليس منا،. .

(1)

".

رواه مسلم.

1294 -

(16)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من تعلّمَ الرميَ ثم نسيَه؛ فهي نعمةٌ جحدها".

رواه البزار والطبراني في "الصغير" و"الأوسط" بإسنادٍ حسن.

(1)

هنا في الأصل زيادة: "أو فقد عصى"، وبعدها رواية ابن ماجه بلفظ:"فقد عصاني" دون شك، فحذفت ذلك كله إلى "الضعيف".

ص: 99

‌9 - (الترغيب في الجهاد في سبيل الله تعالى، وما جاء في فضل الكَلْم فيه، والدعاء عند الصف والقتال).

1295 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

سئلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ العملِ أفضلُ؟ قال:

"إيمانٌ بالله ورسولِه".

قيل: ثم ماذا؟ قال:

"الجهادُ في سبيلِ الله".

قيل: ثم ماذا؟ قال:

"حجٌّ مبررٌ".

رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. [مضى في أول 11 - الحج].

1296 -

(2)[صحيح] وعن أبي ذر رضي الله عنه قال:

قلتُ: يا رسولَ الله! أيُّ الأعمالِ أفضلُ؟ قال:

"الإيمانُ باللهِ، والجهادُ في سبيلِ الله" الحديث.

رواه البخاري ومسلم.

1297 -

(3)[صحيح] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:

أتى رجلٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ: أيُّ الناسِ أفضلُ؟ قالَ:

"مؤمنٌ يجاهدُ بنفْسِه وبمالهٍ في سبيلِ الله تعالى".

قال. ثم مَنْ؟ قال:

"ثم مؤمنٌ في شِعبٍ من الشِّعاب يعبدُ الله، ويدعُ الناس من شرِّه".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

ص: 100

[صحيح لغيره] والحاكم بإسناد على شرطهما، ولفظه: قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم:

أنه سُئِلَ: أيُّ المؤمنين أكملُ

(1)

إيماناً؟ قال:

"الذي يجاهدُ بنفسِه ومالِه، ورجلٌ يعبدُ الله في شِعب مِنَ الشعابِ وقد كفي الناسَ شرَّه".

1298 -

(4)[صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجَ عليهم وهم جلوسٌ في مجلسٍ لهم فقال:

"ألا أخبرُكم بخيرِ الناسِ منزلاً؟ ".

قالوا: بلى يا رسول الله! قال:

"رجلٌ آخذٌ برأس فرسه في سبيل الله حتى يَموتَ أو يقتلَ. ألا أخبرُكم بالذي يليه؟ ".

قلنا: بلى يا رسولَ الله! قال:

"امرؤٌ معتزل في شِعبٍ يُقيم الصلاةَ، ويؤتي الزكاة، ويعتزلُ شرورَ الناسِ. ألا أخبركم بشرِّ الناسِ؟ ".

قلنا: بلى يا رسول الله! قال:

"الذي يُسأل بالله ولا يُعطي".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

والنسائي، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ لهما، وهو أتم.

ورواه مالك عن عطاء بن يسار مرسلاً.

1299 -

(5)[صحيح] وعن سبرة بن الفاكه رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال:

(1)

هذه رواية الحاكم، ورواه أحمد (3/ 56) بلفظ:"أفضل"، وهو أصح.

ص: 101

"إن الشيطانَ قعدَ لابنِ آدمَ بطريقِ الإسلامِ، فقال: تُسلِمُ وتَذَرُ دينَك ودينَ آبائكَ؟! فعصاه

(1)

. فقعدَ له بطريقِ الهجرةِ، فقال له: تهاجرُ وتَذَرُ دارَك وأرضَك وسماءَك؟! فعصاهُ، فهاجر. فقعدَ له بطريق الجهاد، فقال: تجاهدُ وهو جهد النفسِ والمال، فتقاتلُ فتقتلُ فتُنكح المرأةُ ويُقْسَمُ المالُ؟ فعصاه، فجاهد". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"فمن فعلَ ذلك فماتَ؛ كان حقاً على الله أن يُدخلَه الجنةَ، وإِنْ غرقَ؛ كان حقاً على الله أن يدخلَه الجنةَ، وإِن وقَصتْه دابةٌ؛ كان حقاً على الله أَن يدخلَه الجنة".

رواه النسائي وابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي.

(2)

1300 -

(6)[صحيح] وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"أنا زعيمٌ -والزعيم الحميل- لمن آمن بي وأسلَمَ وهاجرَ ببيتٍ في رَبَض الجنةِ، وببيت في وسطِ الجنةِ، وأَنا زعيمٌ لمن آمن بي وأَسلمَ وجاهَد في سبيلِ الله ببيت في ربضِ الجنة، وببيت في وسطِ الجنةِ، وببيتٍ في أَعلى غُرف الجنة. فمن فعل ذلك لمَ يَدع للخيرِ مَطْلَباً، ولا من الشرِّ مهرباً، يموتُ حيثُ شاءَ أَن يموتَ".

رواه النسائي وابن حبان في "صحيحه".

(1)

هنا في الأصل زيادة: "فأسلم فغفر له" وهي مقحمة لا أصل لها في الحديث كما بيَّنه الناجي (139/ 1).

قلت: لكنها ثابتة في "صحيح ابن حبان"، فهي شاذة، وهذا مما لم يتنبه له المعلقون الثلاثة!

(2)

قلت: ومن تقصير المعلقين الثلاثة وتدليسهم أيضاً قولهم: " (1954) حسن، رواه النسائي. . وابن حبان. . وانظره في صحيح النسائي (ص 657) "!

أما تقصيرهم، فجمودهم على التحسين المخالف للتحقيق العلمي وقد صححه جمع، أما التدليس فبإحالتهم إلى "صحيح النسائي"، وقد صرحت هناك بأنه صحيح!!

ص: 102

1301 -

(7)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

مَرَّ رجلٌ من أَصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِشعبٍ فيه عُيَيْنَةٌ من ماءٍ عذبةٍ فأَعجبتْه، فقال: لو اعتزلتُ الناسَ فأقمتُ في هذا الشِّعب. ولن أَفعلَ حتى استأَذن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

"لا تفعلْ! فإن مقامَ أحدكم في سبيل الله تعالى؛ أفضلُ من صلاته في بيتهِ سبعين عاماً،

(1)

ألا تحبون أن يغفرَ الله لكُم، ويدخلَكم الجنةَ؟

اغزوا في سبيل الله، من قاتَل في سبيلِ الله فُواق ناقةٍ، وجبتْ له الجنةُ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن".

والحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم".

1302 -

(8)[صحيح لغيره] ورواه أحمد من حديث أبي أمامة أطول منه، إِلا أنه قال:

"ولمقامُ أحدِكم في الصف؛ خيرٌ من صلاتِه ستينَ سنةً".

(فواق الناقة): هو ما بين رفع يدك عن ضرعها وقت الحلب ووضعها. وقيل: هو ما بين الحلبتين.

1303 -

(9)[صحيح لغيره] وعن عمران بن حصين رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مقامُ الرجلِ في الصفِّ في سبيلِ اللهِ أَفضلُ عندَ اللهِ من عبادةِ الرجلِ ستين سنةٌ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط البخاري".

(1)

كذا في رواية الترمذي: (سبعين) عن شيخه عبيد بن أسباط بن محمد القرشي عن أبيه عن هشام بن سعد بسنده، ويبدو أنه وهم من الأب أو الابن الشيخ، فقد رواه عنه البزار أيضاً، لكنه قال:"ستين عاماً أو كذا عاماً"، فهذا يوضح أنه كان يشك ولا يحفظ، وقد تابعه جماعة من الثقات منهم (عبد الله بن وهب) على لفظ (ستين) فهو المحفوظ، ولا سيما ويشهد له ما بعده من حديث أبي أمامة وحديث عمران.

ص: 103

1304 -

(10)[صحيح] وعن أبي هريرة أيضاً قال:

قيل: يا رسولَ اللهِ! ما يعدلُ الجهادَ في سبيل الله؟ قال:

"لا تستطيعونَهُ".

فأَعادوا عليه مرتين أو ثلاثاً، كل ذلك يقول:

"لا تستطيعونَهُ". ثم قال:

"مثلُ المجاهدِ في سبيلِ اللهِ كمثلِ الصائمِ القائم القانتِ بآيات اللهِ، لا يَفْتُرُ من صلاةٍ ولا صيامٍ حتى يرجعَ المجاهدُ في سبيل الله".

رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.

وفي رواية للبخاري:

أَن رجلاً قال: يا رسولَ الله! دُلَّني على عملٍ يعدِلُ الجهادَ. قال:

"لا أجدُهُ". ثم قال:

"هل تستطيعُ إِذا خرجَ المجاهدُ أن تدخلَ مسجدَكَ فتقومَ ولا تَفترُ، وتصومَ ولا تُفطِرُ؟ ".

فقال: ومن يستطيعُ ذلك؟ فقال أبو هريرة: فإن فرسَ المجاهِد ليستنُّ؛ يمرح فيِ طوَله، فيُكتبُ له حسناتٌ.

ورواه النسائي نحو هذا.

(استن الفرس): عدا.

و (الطِّوَل) بكسر الطاء وفتح الواو: هو الحبل الذي يشد به الدابة ويمسك طرفه لترعى.

1305 -

(11)[صحيح] وعنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إن في الجنةِ مئَةَ درجةٍ، أَعدَّها اللهُ للمجاهدين في سبيلِ الله، ما بين

ص: 104

الدرجتين كما بين السماءِ والأرضِ".

رواه البخاري.

1306 -

(12)[صحيح] وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من رضيَ بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولاً؛ وجبتْ له الجنةُ".

فعجب لها أبو سعيد، فقال: أعِدها عليَّ يا رسولَ الله! فأعادها عليه. ثم قال:

"وأخرى يرفعُ اللهُ بها للعبدِ مئةَ درجةٍ في الجنةِ، ما بين كل درجتين كما بين السماءِ والأرض".

قال: وما هي يا رسولَ الله؟ قال:

"الجهادُ في سبيلِ الله".

رواه مسلم وأبو داود والنسائي.

1307 -

(13)[حسن لغيره] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:

بينما أنا عندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجلٌ فقال: يا رسولَ الله! أيُّ الأعمالِ أَفضلُ؟ قال:

"إيمانٌ باللهِ، وجهادٌ في سبيله، وحجٌّ مبرورٌ".

فلما ولّى الرجلُ قال:

"وأهونُ عليكَ من ذلكَ إطعامُ الطعامِ، ولينُ الكلامِ، وحسنُ الخُلُقِ".

فلما ولّى قال:

"وأهونُ عليكَ من ذلك، لا تَتَّهم اللهَ على شيء قضاهُ عليكَ".

رواه أحمد

(1)

والطبراني بإسنادين أحدهما حسن، واللفظ له.

(1)

قلت: في "المسند"(5/ 318 - 319)، وضعفه المعلقون الثلاثة تحكماً واستبداداً! رغم وروده بإسنادين وتحسين، المؤلف والهيثمي أيضاً أحدهما!!

ص: 105

1308 -

(14)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

ثلاثةٌ حقٌّ على الله عونُهم: المجاهدُ في سبيلِ الله، والمكاتَبُ الذي يريدُ الأداءَ، والناكحُ الذي يريدُ العفافَ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال:"صحيح على شرط مسلم"

(1)

.

1309 -

(15)[صحيح] وعن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري قال: سمعت أبي وهو بحضرة العدُوّ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن أَبوابَ الجنةِ تحتَ ظلالِ السيوفِ"

(2)

.

فقامَ رجلٌ رَثُّ الهيئةِ، فقالَ: يا أبا موسى! أنتَ سمعتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ هذا؟ قال: نعم. فرجعَ إلى أصحابِه فقالَ: أقرِأُ علكيم السلامَ، ثم كسرَ جَفْنَ سيفِه فألقاه، ثم مشى بسيفِهِ إلى العدوِّ فضرب به حتى قُتِلَ.

رواه مسلم والترمذي وغيرهما.

(جَفْن السيف) بفتح الجيم وإسكان الفاء: هو قرابه.

1310 -

(16)[صحيح] وعن البراء رضي الله عنه قال:

أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ مقنَّعٌ بالحديدِ، فقال: يا رسولَ الله! أقاتِلُ أو أُسلم؟ قال:

"أَسلمْ ثم قاتلْ". فأَسلَم ثم قاتل، فقُتلَ. فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"عملَ قليلاً، وأُجِرَ كثيراً".

رواه البخاري واللفظ له، ومسلم.

(1)

قلت: وفاته النسائي، أخرجه في "سننه" في موضعين منه (2/ 56 و 70).

(2)

معناه: أن الجهاد وحضور معركة القتال طريق إلى الجنة وسبب لدخولها. والله أعلم.

ص: 106

(مُقَنَّع) بضم الميم وفتح النون المشددة: أي متغظّ بالحديدِ. وقيل: على رأسه خوذة

(1)

، وقيل غير ذلك.

1311 -

(17)[صحيح] وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال:

جاءَ رجلٌ من بني النَّبيتِ (قبيل من الأنصار) فقالَ: أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأنك عبدُه ورسولُه، ثم تقدَّم فقاتلَ حتى قُتِلَ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"عَمِلَ هذا يَسيراً، وأُجِرَ كثيراً".

1312 -

(18)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال:

انطلقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه حتى سبقوا المشركين إلى (بدر)، وجاءَ المشركون، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يَتَقدَمنَّ أحدٌ منكم إلى شيءٍ حتى أكونَ أنا دونَه". فدنا المشركون، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"قوموا إلى جنةٍ عرضُها السمواتُ والأرضُ".

قال عُمير بن الحَمام: يا رسولَ الله! أَجنةٌ عرضُها السمواتُ والأرضُ؟

قال: "نعم". قال: بخٍ بخٍ: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما يحملُك على قولِك: بخٍ بخٍ؟ ".

قال: لا والله يا رسولَ الله؛ إلا رجاءَ أنْ أكونَ من أهلها. قال:

"فإنك من أَهلِها".

فأخرجَ تَمَراتٍ من قَرَنِهِ، فجعلَ يأَكلُ منهن. ثم قال: إنْ أنا حُييتُ حتى

(1)

هذه اللفظة مولدة، واسمها في اللغة (البيضة)، ولم أر من عبر بها قبل المصنف إلا ابن الأثير. . . أفاده الناجي. قلت: وهي معروفة في لغة الشاميين.

(تنبيه): تفسير (المقنع) كان في الأصل عقب الحديث الآتي فنقلته إلى هنا.

ص: 107

آكلَ تمراتي هذه إنها لحياةٌ طويلةٌ! فرمى بما كان معه من التمرِ، ثم قاتلَهُم حتى قُتِلَ. رضي الله عنه.

رواه مسلم.

(القَرَن) بفتح القاف والراء: هو جُعبة النشاب.

1313 -

(19)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يجتمع كافرٌ وقاتلُه في النارِ أَبداً".

رواه مسلم وأبو داود.

ورواه النسائي والحاكم أطول منه. [مضى 6 - باب/ 11 - حديث]

1314 -

(20)[صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث معاذ بن جبل.

(1)

1315 -

(21)[صحيح] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني:

"يقولُ الله عز وجل: المجاهدُ في سبيلي هو عليَّ ضامنٌ؛ إنْ قبضتُه أَورثتُه الجنةَ، وإن رَجَعْته رَجَعتُه بأَجرٍ أو غنيمةٍ".

رواه الترمذي وقال: "حديث غريب صحيح".

وهو في "الصحيحين" وغيرهما بنحوه من حديث أبي هريرة، وتقدم [6 - باب].

1316 -

(22)[صحيح] وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من جاهدَ في سبيلِ الله كان ضامناً على الله، ومن عادَ مريضاً كان ضامناً على الله، ومن غدا إلى المسجد أو راح كان ضامناً على الله، ومن دخلَ

(1)

قلت: لقد بحثت كثيراً، فلم أجد لمعاذ بهذا المعنى حديثاً، وأخشى أن تكون هذه العبارة محلها عقب غير هذا الحديث، وقعت هنا سهواً من الناسخ، أو غيره. والله أعلم.

ص: 108

على إمام يُعَزِّرُه كان ضامناً على الله، ومن جلسَ في بيتهِ لم يغتبْ إنساناً كان ضامناً على الله".

رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، واللفظ لهما.

ورواه أبو يعلى بنحوه، وعنده:

"أو خرجَ مع جنازةٍ" بدل: "ومن غدا إلى المسجدِ".

ورواه أحمد والطبراني، وتقدم لفظهما [6 - باب/ 8 - حديث].

1317 -

(23)[صحيح] وهو عند أبي داود من حديث أبي أمامة، إلا أن عنده الثالثة:

"ورجلٌ دخلَ بيتَه بسلامٍ، فهوَ ضامنٌ على الله".

1318 -

(24)[صحيح] وعن عبد الله بن حُبشي الخثعمي رضي الله عنه:

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سئلَ: أيَّ الأعمالِ أفضل؟ قال:

"إيمانٌ لا شكَّ فيه، وجهادٌ لا غلولَ فيه، وحجة مبرورةٌ".

قيل: فأيُّ الصدقةِ أفضل؟ قال:

"جهدُ المقِلِّ".

قيل: فأيُّ الهجرةِ أفضلُ؟ قال:

"من هجرَ ما حرَّم اللهُ".

قيلَ: فأَيُّ الجهادِ أفضلُ؟ قال:

"من جاهدَ المشركين بنفسِهِ ومالِهِ".

قيل: فأَيّ القتلِ أشرفُ؟ قال:

"من أَهرِيقَ دمُه، وعُقِرَ جوادُه".

رواه أبو داود، والنسائي، واللفظُ له، وهو أتم.

ص: 109

1319 -

(25)[صحيح لغيره] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"جاهدوا في سبيلِ الله، فإنَّ الجهادَ في سبيلِ الله بابٌ من أَبوابِ الجنة، ينجي الله تبارك وتعالى به من الهمُّ والغمِّ".

رواه أحمد، واللفظ له، ورواته ثقات. والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، والحاكم، وصحح إسناده.

1320 -

(26)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مثل المجاهدِ في سبيلِ الله؛ كمثلِ القانتِ الصائمِ لا يفترُ صلاةً ولا صياماً حتى يَرجِعَه الله إلى أهلِهَ بما يرجعُه إليهم من غنيمةٍ أو أجرٍ، أو يتوفاه فيدخلُه الجنةَ".

رواه ابن حبان في "صحيحه" عن شيخه عمر

(1)

بن سعيد بن سنان، قال:

"وكان قد صام النهار، وقام الليل ثمانين سنة غازياً ومرابطاً".

(قال المملي) رحمه الله: "وهو في "الصحيحين" وغيرهما بنحوه أطول منه، وتقدم [في الباب برقم 10].

وفي رواية للنسائي في هذا الحديث:

"مثل المجاهدِ في سبيلِ الله -والله أعلمُ بمنْ جاهدَ في سبيلِهِ- كمثلِ الصائمِ القائمِ الخاشعِ الراكعِ الساجدِ".

(1)

الأصل: (عمرو)، والتصويب من "الإحسان" و"الموارد"(1584).

ثم إن المؤلف قد وهم في نسبة هذا المتن للشيخ المذكور، وتبعه على ذلك الهيثمي في "الموارد"(1584)، وإنما هو عند ابن حبان عن شيخ آخر له بإسناد حسن عن أبي هريرة، وإسناد الأول صحيح، ولفظه مختصر عن هذا، وسبب الوهم انتقال النظر من أحدهما إلى الآخر عند النقل، وهما في "الإحسان" بتقديم المختصر على هذا. وإن من تفاهة وجهالة المعلقين الثلاثة أنهم أحالوا في تخريجه على حديث الشيخين المتقدم في الباب الحديث العاشر، ومع أنه يختلف متنه عن هذا فلم يعزوه لابن حبان!

ص: 110

1321 -

(27)[صحيح لغيره] وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

أن امرأةً أتَتْه فقالت: يا رسول الله! انطلق زوجي غازياً، وكنتُ أقتدي بصلاته إذا صلى، وبفعله كله، فأخبرني بعملٍ يُبْلِغُني عملَه حتى يرجع.

قال لها:

"أتستطيعين أن تقومي ولا تقعدي، وتصومي ولا تفطري، وتَذْكُري الله تعالى ولا تَفْتُري حتى يرجعَ؟ ".

قالت: ما أطيق هذا يا رسول الله! فقال:

"والذي نفسي بيده لو طُوَّقتِيه

(1)

؛ ما بلغتِ العُشْرَ (1) منَ عمله".

رواه أحمد من رواية رشدين بن سعد، وهو ثقة عنده، ولا بأس بحديثه في المتابعات والرقائق.

(العشور): جمع (عشر)، وهو الواحد من عشرة أجزاء.

1322 -

(28)[حسن صحيح] وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مثل المجاهدِ في سبيلِ الله؛ كمثلِ الصائم نهارَه، القائم ليلَه، حتى يرجعَ متى يرجعُ".

رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجال أحمد محتج بهم في "الصحيح".

1323 -

(29)[صحيح] وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من قاتلَ في سبيلِ الله من رجل مسلم فَواقَ ناقةٍ؛ وجبَتْ له الجنةُ، ومن جُرحَ جرحاً في سبيلِ الله؛ أو نُكِبَ نُكبةً؛ فإنها تجيءُ يومَ القيامةِ كأغزَرَ ما كانت، لونُها لونُ الزعفرانِ، وريحُها ريحُ المسكِ".

(1)

الأصل: (أطقته)، (العشور)، والتصويب من "المسند"(3/ 439)، والطبراني (20/ 196)، وهو مخرج في "الصحيحة"(3450).

ص: 111

رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي:"حديث حسن صحيح"، وصدره في "صحيح ابن حبان". [مضى 7 - باب/ 3 - حديث].

1324 -

(30)[حسن صحيح] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من جُرحَ جرحاً في سبيلِ الله جاءَ يومَ القيامةِ ريحهُ كريحِ المسكِ، ولونُه لونُ الزعفرانِ، عليه طابعُ الشهداءِ، ومن سألَ اللهَ الشهادةَ مخلصاً؛ أعطاهُ الله أجرَ شهيدٍ، وإن ماتَ على فراشِهِ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له، والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما". [مضى هناك]

1325 -

(31)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِن مَكلومٍ يُكْلَمُ في سبيلِ الله؛ إلا جاءَ يومَ القيامةِ وكلْمُه يَدْمى؛ اللونُ لونُ دمٍ، والريحُ ريحُ مسكٍ".

وفي رواية:

"كلُّ كَلْم يُكلَم في سبيلِ الله يكونُ يومَ القيامةِ كهيئتها يومَ طُعنَتْ؛ تفجَّرُ دماً، اللونُ لونُ دمٍ، والعَرْف عَرفُ مِسكٍ".

رواه البخاري ومسلم. ورواه مالك والترمذي والنسائي بنحوه.

[تقدم في 6 - باب/ 6 - حديث].

(الكَلْم) بفتح الكاف وإسكان اللام: هو الجرح.

(العَرْف) بفتح العين المهملة وإسكان الراء: هو الرائحة.

1326 -

(32)[حسن] وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ليسَ شيءٌ أحبَّ إلى الله من قطرتين وأَثرين، قَطرةِ دموعٍ من خشيةِ

ص: 112

اللهِ، وقطرةِ دم تُهراقُ في سبيلِ الله، وأما الأثران، فأَثرٌ في سبيلِ الله، وأثرٌ في فريضةٍ من فرائضِ الله".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

1327 -

(33)[صحيح] وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ساعتان تفتحُ فيهما أَبوابُ السماءِ، وقلما تُردُّ على داعٍ دعوتُه: عندَ حضورِ النداءِ، والصفِّ في سبيلِ الله".

[حسن] وفي لفظ:

"ثنتان لا تُردّان -أو قلما يردان-: الدعاءُ عندَ النداءِ، وعند البأسِ حين يلحمُ بعضٌ بعضاً".

رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه".

(يلحم) بالمهملة معناه: ينشب بعضهم ببعض في الحرب [مضى 5 - الصلاة/ 5].

ص: 113

‌10 - (الترغيب في إخلاص النية في الجهاد، وما جاء فيمن يريد الأجر والغنيمة والذكر، وفضل الغزاة إذا لم يغنموا).

1328 -

(1)[صحيح] عن أبي موسى رضي الله عنه:

أن أَعرابياً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسولَ الله! الرجلُ يقاتلُ للمغنمِ، والرجلُ يقاتلُ ليُذْكرَ، والرجلُ يقاتلُ ليُرى مكانُه، فمن في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قاتلَ لتكونَ كلمة الله

(1)

هي العليا، فهو في سبيل الله".

رواه البخاري ومسلم

(2)

وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1329 -

(2)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

أن رجلاً قالَ: يا رسولَ الله! رجلٌ يريدُ الجهادَ، وهو يريدُ عَرضاً من الدنيا؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا أجرَ له".

فأعظمَ ذلك الناسُ، فقالوا للرجل: عُدْ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلعلك لم تُفهمْه. فقال الرجل: يا رسولَ الله! رجلٌ يريدُ الجهادَ في سبيلِ الله، وهو يبتغي عَرَضاً من الدنيا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" لا أجر له".

فأعظمَ ذلكَ الناسُ وقالوا: عُدْ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له الثالثةَ: رجلٌ يريدُ الجهادَ في سبيلِ الله، وهو يبتغي عَرَضاً من الدنيا؟ فقالَ:

"لا أجرَ له".

(1)

أي: دينه، والمراد أن من قاتل لإعزاز دينه فقتاله في سبيل الله، لا ما ذكره السائل.

(2)

قلت: والسياق لمسلم (6/ 46).

ص: 114

رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم باختصار، وصححه.

(العَرَض) بفتح العين المهملة والراء جميعاً: هو ما يُقتنى من مالٍ وغيره.

1330 -

(3)[صحيح] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنما الأعمالُ بالنيةِ -وفي رواية: بالنيات-، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانتْ هجرتُه إلى الله ورسولِه؛ فهجرتُه إلى الله ورسولِهِ، ومن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيبها، أو امرأةٍ ينكحها؛ فهجرتُه إلى ما هاجرَ إليه".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. [مضى ج 1 برقم 10].

1331 -

(4)[حسن] وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال:

جاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ: أرأيتَ رجلاً غزا يلتمسُ الأجرَ والذكرَ، ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا شيءَ له". فأعادها ثلاثَ مراتٍ، ويقولُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

"لا شيءَ له". ثم قال:

"إن الله لا يقبلُ من العملِ إلا ما كانَ خالصاً، وابتُغِيَ به وَجْهُهُ"

(1)

.

رواه أبو داود والنسائي. [مضى ج 1 برقم - 8]

(2)

.

قوله: "يلتمس الأجر والذكر" يعني: يريد أجر الجهاد، ويريد مع ذلك أن يذكره الناس بأنه غازٍ أو شجيع، ونحو ذلك.

(1)

أي: من الأجر، وقوله:"وابتُغي به" على بناء المفعول، أي: طلب.

(2)

وانظر هناك ما علقته على هذا التخريج.

ص: 115

1332 -

(5)[صحيح] وعن أبَّي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"بشَّرْ هذه الأمَّةَ بالتيسيرِ والسَّناءِ والرفعةِ بالدينِ، والتمكينِ في البلادِ والنصرِ، فمن عملَ منهم بعملِ الآخرةِ للدنيا؛ فليس له في الآخرةِ من نصيبٍ".

رواه أحمد، وابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي، واللفظ له.

وتقدم في الرياء هو وغيره [ج 1 برقم 23].

[حسن لغيره] وتقدم أيضاً [ج 1 برقم 28] حديث معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما من عبدٍ يقوم في الدنيا مَقامَ سمعةٍ ورياء؛ إلا سمَّع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة".

رواه الطبراني بإسناد حسن.

1333 -

(6)[حسن] وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الغزوُ غزوان: فأَما من ابتغى وجهَ الله، وأَطاعَ الإمامَ، وأَنفقَ الكريمةَ، وياسَر الشريكَ، واجتنبَ الفسادَ؛ فإن نومَه وتَنَبُّهَهُ أجرٌ كلُّه، وأما من غزا فَخْراً ورياءً؛ وسُمعةً، وعصى الإمامَ، وأَفسدَ في الأرضِ؛ فإنه لن يرجعَ بالكفافِ".

رواه أبو داود وغيره.

قوله: "ياسر الشريك" معناه: عامله باليسر والسماحة.

1334 -

(7)[حسن لغيره] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من غزا في سبيلِ اللهِ ولم يَنْو إلا عقالاً؛ فله ما نوى".

رواه النسائي، وابن حبان في "صحيحه".

1335 -

(8)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إن أولَ الناسِ يُقضى عليه يومَ القيامةِ رجل استُشهِدَ، فأُتيَ به، فعرَّفه

ص: 116

نِعَمَهُ، فعرفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى اسْتُشهدتُ.

قال: كذبتَ، ولكن قاتلتَ لأن يقال: هو جريءٌ، فقد قيلَ، ثم أُمرَ به فسحِبَ على وجهه حتى أُلقيَ في النارِ. . ." الحديث.

رواه مسلم، واللفظ له، والترمذي، وابن خزيمة في "صحيحه".

[صحيح] وعند الترمذي قال: حدثني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إن الله تبارك وتعالى إذا كانَ يومُ القيامةِ يَنزل إلى العباد ليقضيَ بينَهم، وكلُّ أمةٍ جاثية، فأولُ من يدعو به رجل جمعَ القرآنَ، ورجلٌ قُتِلَ في سبيلِ اللهِ، ورجُل كثيرُ المالِ. . . " فذكر الحديث، إلى أن قال:

"ويؤتى بالذي قُتِلَ في سبيلِ الله، فيقولُ اللهُ له: فيما ذا قُتلتَ؟ فيقولُ: أيْ ربِّ! أُمِرتُ بالجهادِ في سبيَلِكَ، فقاتلتُ حتى قُتلتُ، فيقول الله له: كذبتَ، وتقولُ له الملائكةُ: كذبتَ، ويقولُ الله له: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ جريءٌ، فقد قيلَ ذلكَ".

[صحيح] ثم ضربَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال:

"يا أبا هريرةَ! أولئكَ الثلاثةُ أولُ خلقِ اللهِ تُسعرُ بهم النارُ يومَ القيامةِ".

وتقدم بتمامه في الرياء. [ج 1 برقم 22].

(جريء) هو بفتح الجيم وكسر الراء وبالمد: أي شجاع.

1336 -

(9)[صحيح] وعن شداد بن الهاد رضي الله عنه

(1)

:

أنّ رجلاً من الأعرابِ جاءَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فآمن به واتَّبعَه، ثم قال:

أهاجرُ معك. فأوصى به النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعضَ أصحابِه، فلما كانت غزاةٌ، غنم

(1)

قلت: هذا الترضي في محله لأن شداداً هذا صحابي معروف، ومن قال: إنه تابعي، فقد وهم، وكأنه اختلط عليه بابنه عبد الله، فإنه التابعي. انظر "أحكام الجنائز"(ص 81 - طبعة المعارف).

ص: 117

النبيُّ صلى الله عليه وسلم[شيئاً] فقسمَ، وقسمَ له، فأعطى أصحابَه ما قسمَ له، وكان يرعى ظَهرَهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قَسمٌ قسمَه لك النبيُّ صلى الله عليه وسلم. فأخذَه فجاء به إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فقال: ما هذا؟ قال: "قسمتُه لك"، قال: ما على هذا اتَّبعتُك، ولكن اتبعتُك على أن أُرمى إلى ههنا -وأشارَ إلى حلقِهِ- بسهم فأموتَ، فأَدخلَ الجنةَ. فقال:

"إنْ تَصدُق الله يَصدُقُك".

فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتالِ العدو، فأُتي به إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُحملُ، قد أصابَه سهم حيث أشار. فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"أهو هو؟ ". قال: نعم. قال:

"صَدَقَ الله فَصَدَقَهُ".

ثم كفنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في جبَّتِهِ التي عليه، ثم قدَّمه فصلى عليه، وكان مما ظهر من صلاتِهِ:

"اللهمَّ! هذا عبدُك خرجَ مهاجراً في سبيلِكَ، فقُتِلَ شهيداً، أَنا شهيدٌ على ذلك".

رواه النسائي.

1337 -

(10)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما من غازيةٍ أو سَرِيَّةٍ تغزو في سبيلِ الله فَيَسْلَمون ويصيبون

(1)

؛ إلا [كانوا قد] تعجَّلوا ثُلُثَيْ أَجرِهم، وما من غازيةٍ أو سرِية تُخفِق وتصابُ؛ إلا تمَّ أجرُهم".

(1)

كذا الأصل وغيره، والذي في مسلم (6/ 48):". . تغزوا فتغنم وتسلم"، والزيادة منه، والمصنف كأنه رواه بالمعنى، وكان في الأصل زيادة:"وتخوف"، فحذفتها؛ لأنها ليست في مسلم.

ص: 118

وفي رواية:

"ما من غازيةٍ أو سرِيةٍ تغزو في سبيلِ الله، فيصيبونَ الغنيمةَ؛ إلا تعجّلوا ثلثي أجرِهم من الآخرةِ، ويبقى لهم الثلثُ، وإن لم يصيبوا غنيمةً؛ تم لهم أجرُهم".

رواه مسلم. وروى أبو داود والنسائي وابن ماجه الثانية.

يقال: (أخفق الغازي) إذا غزا ولم يغنم، أو لم يظفر.

ص: 119

‌11 - (الترهيب من الفرار من الزحف).

1338 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"اجتنبوا السبعَ الموِبقاتِ".

قالوا: يا رسولَ الله! وما هن؟ قال:

"الشركُ باللهِ، والسحرُ، وقتلُ النفسِ التي حرمَ اللهُ إلا بالحقِّ، وأكلُ الربا، وأَكلُ مالِ اليتيمِ، والتولِّي يومَ الزحفِ، وقذفُ المحصناتِ الغافلاتِ المؤمناتِ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

[حسن لغيره] والبزار ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الكبائرُ سبعٌ: أوَّلُهن الإشراكُ باللهِ، وقتلُ النفسِ بغيرِ حقِّها، وأكلُ الربا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، وفرارٌ يومَ الزحفِ، وقذفُ المحصناتِ، والانتقالُ إلى الأعرابِ بعد هجرتِه".

1339 -

(2)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من لقيَ اللهَ عز وجل لا يشركُ به شيئاً، وأَدى زكاةَ مالِهِ طيبةً بها نفسُه محتسباً، وسمعَ وأطاعَ؛ فلَه الجنةَ، -أو دخَلَ الجنةَ-.

وخمسٌ ليسَ لهنَّ كفارةٌ: الشركُ باللهِ، وقتلُ النفسِ بغيرِ حقٍّ، وبَهتُ مؤمنٍ، والفرارُ من الزحفِ، ويمينٌ صابرةٌ يقتطعُ بها مالاً بغير حق"

(1)

.

(1)

يعني -والله أعلم- أن هذه الخمس من الكبائر التي ليس لها كفارة من عمل صالح تمحوها، مثل الإطعام والصيام في كفارة اليمين مثلاً، بخلاف اليمين الغموس فإنه لا كفارة لها على الأرجح من قولَي العلماء، وذلك لا ينافي أن التوبة النصوح تكفر ذلك كله، قال ابن الأثير:

"الكفارة: عبارة عن الفعلة والخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة. أي تسترها وتمحوها".

ص: 120

رواه أحمد، وفيه بقية بن الوليد

(1)

.

1340 -

(3)[حسن] وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:

صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبرَ فقال:

"لا أقسمُ، لا أقسمُ"، ثم نزل فقال:

"أبشرو، أبشروا! من صلى الصلوات الخمسَ، واجتنبَ الكبائر؛ دخل من أي أبواب الجنة شاء".

-قال المطلب: سمعت رجلاً يسأل عبد الله بن عمرو: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكّرُهن؟ قال: نعم-:

"عقُوق الوالدين، والشركُ باللهِ، وقتلُ النفس، وقذفُ المحصنات، وأكلُ مال اليتيم، والفرارُ من الزحفِ، وأكل الربا".

رواه الطبراني، وفي إسناده مسلم بن الوليد بن رباح

(2)

، لا يحضرني فيه جرح ولا عدالة

(3)

.

1341 -

(4)[صحيح لغيره] وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده:

أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كتَبَ إلى أهلِ اليمنِ بكتابٍ فيه الفرائضُ، والسننُ، والدياتُ، فذكر فيه:

"وإن أكبَرَ الكبائرِ عندَ الله يومَ القيامة: الإشراكُ باللهِ، وقتلُ النفسِ المؤمنةِ بغيرِ الحقِّ، والفرارُ في سبيلِ الله يومَ الزحفِ، وعقوقُ الوالدين، ورميُ المحصنةِ، وتعلّمُ السحرِ، وأكلُ الربا، وأكلُ مالِ اليتيم" الحديث.

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(1)

قلت: لكن صرح بالتحديث عند ابن أبي عاصم في "الجهاد"(98/ 1)، وهو مخرج في "الإرواء"(1202)، وخفي هذا التحديث على المعلقين الثلاثة -ولا غرابة- فضعفوا الحديث لعنعنة بقية في رواية أحمد. وسرق بعض المعلقين هذا المصدر العزيز ولم يفهم أن الرقم الأول من المخطوط (98) هو رقم الورقة، والرقم الآخر (1) رقم الوجه، فقلبهما وجعله هكذا (1/ 98)! أذكر هذا وأمثاله للعبرة. والله المستعان.

(2)

الأصل: (العباس)، والتصويب من "الطبراني"، وغفل عنه الثلاثة كالعادة!

(3)

قلت: فاته -كالهيثمي (1/ 104) - أنه وثقه ابن حبان (7/ 446)، ولذا خرجته في "الصحيحة"(3451).

ص: 121

‌12 - (الترغيب في الغزاة في البحر، وأنها أفضل من عشر غزوات في البر).

1342 -

(1)[صحيح] عن أنس رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أُمِّ حَرامٍ بنتِ مِلحان، فتُطْعِمُهُ، وكانت أُمُّ حَرامٍ تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته، ثم جلست تفلي رأَسه

(1)

، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ وهو يضحك.

قالت: فقلت: يا رسول الله! ما يُضحِكُك؟ قال:

"ناس من أمتي عُرضوا عليَّ غزاةً في سبيل الله، يركبون ثَبَجَ هذا البحر، ملوكاً على الأسِرَّةِ، أو مِثلَ الملوك على الأسِرَّة".

قالت: فقلت: يا رسول الله! ادعُ الله أن يجعلني منهم. فدعا لها، ثم وضع رأسَه فنامَ. ثم استيقظَ وهو يضحكُ.

قالت: فقلت: ما يضحكُكَ يا رسول الله؟! قال:

"ناس من أمتي غرضوا عليَّ غزاةً في سبيل اللهِ -كما قال في الأولى-".

قالت: فقلت: يا رسول الله! ادعُ الله أن يجعلني منهم. قال:

"أنت من الأولين".

فركبت أمُّ حَرامٍ بنتُ مِلحان البحرَ في زمن معاوية، فَصُرِعَتْ عن دابتها حين خرجت من البحَر فهلكت. رضي الله عنها.

رواه البخاري، ومسلم، واللفظ له.

(2)

(1)

لأنها كانت ذات محرم منه عليه الصلاة والسلام؛ كما قال ابن عبد البر.

(2)

وكذا هو عند البخاري. قاله الناجي.

ص: 122

(قال المملي) رضي الله عنه:

"كان معاوية قد أغزى عبادة بن الصامت (قبرس)

(1)

، فركب البحر غازياً، وركبت معه زوجته أمُّ حَرامٍ".

(ثبج البحر) هو بفتح الثاء المثلثة والباء الموحدة بعدهما جيم: معناه وسط البحر ومعظمه.

1343 -

(2)[حسن] وعن أم حرام رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"المائدُ في البحرِ الذي يصيبُه القيءُ له أَجرُ شهيدٍ، والغريقُ له أَجرُ شهيدٍ".

رواه أبو داود.

(1)

بضم أوله وسكون ثانيه ثم ضم الراء وسين مهملة. قال ياقوت: "كلمة رومية وافقت من العربية (القبرس): النحاس الجيد". وهي جزيرة معروفة في شرقي البحر المتوسط بين تركيا وسورية. ويلفظونها اليوم: (قبرص) بالصاد.

ص: 123

‌13 - (الترهيب من الغلول والتشديد فيه، وما جاء فيمن ستر على غالّ).

1344 -

(1)[صحيح] عن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال:

"كان على ثَقَلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رجلٌ يقالُ له: (كَرْكِرَة) فماتَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"هو في النارِ".

فذهبوا ينظرون إليه، فوجدوا عباءةً قد غَلَّها.

رواه البخاري، وقال:"قال ابن سلام: (كَركَرة) يعني بفتحهما".

(الثقل) محركاً: هو الغنيمة

(1)

.

(وكركرة) ضبط بفتح الكافين، وبكسرهما، وهو أشهر.

و (الغلول) هو ما يأخذه أحد الغزاة من الغنيمة مختصاً به، ولا يحضره إلى أمير الجيش ليقسمه بين الغزاة، سواء قل أو كثر، وسواء كان الآخذ أميرَ الجيش أو أحدهم.

واختلف العلماء في الطعام والعلوفة ونحوهما اختلافاً كثيراً، ليس هذا موضع ذكره.

1345 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله بن شقيق:

أنه أخبرَه من سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو بـ (وادي القرى)

(2)

، وجاء رجلٌ فقال: استشهدَ مولاك، أو قال: غلامك فلان. قال:

(1)

هذا التفسير خطأ واضح، بل عده الناجي (140/ 1) من طامات الكتاب! قال:"إنما هو كما قاله صواباً في "الحج" من حاشية "مختصره لمسلم": "الثقل: متاع السفر، والثقل: ضد الخفة". وغفل عن هذا الخطأ المعلقون الثلاثة! فأقروهٍ!

(2)

واد بين (تيماء) و (خيبر)، ويأتي قريباً سبب تسميته بذلك.

ص: 124

"بل يُجرُّ إلى النارِ في عباءة غَلَّها".

رواه أحمد بإسناد صحيح.

(1)

1346 -

(3)[صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني عمر قال:

لما كانَ يومُ خيبرَ أقبلَ نَفَرٌ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلانٌ شهيدٌ، وفلانٌ شهيدٌ، وفلانٌ شهيدٌ، حتى مروا على رجلٍ فقالوا: فلانٌ شهيد.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"كلا، إِني رأيتُه في النارِ في بُردةٍ غَلَّها، أو في عباءةٍ غَلَّها".

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا ابن الخطابِ! اذهب فنادِ في الناس: إنه لا يدخلُ الجنةَ إلا المؤمنون".

رواه مسلم والترمذي وغيرهما.

1347 -

(4)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قامَ فينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ، فذكرَ الغُلُولَ فعظَّمَهُ، وعَظَّمَ أمرَهُ حتى قال:

"لا أُلفِيَنَّ أَحدَكم يجيءُ يومَ القيامةِ على رقبتِه بعيرٌ له رُغاءٌ، فيقولُ:

يا رسولَ الله! أغِثني، فأقول: لا أَملكُ لك شيئاً، قد أبلغتُكَ.

لا أُلفِيَنَّ أحدَكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرسٌ له حَمحَمةٌ، فيقول:

يا رسولَ الله! أغثني: فأقولُ: لا أملِك لك شيئاً، قد أبلغتُك.

(1)

قلت: وهو كما قال، فإن جهالة الصحابي لا تضر، كما هو في (المصطلح) مقرر، وهو في "المسند"(5/ 32 - 33 و 75) من طريق عبد الرزاق، وهذا رواه في "المصنف"(5/ 242 - 243)، وسائر رجاله ثقات رجال مسلم.

ص: 125

لا أُلفِيَنَّ أَحَدَكم يجيءُ يومَ القيامةِ على رقبتِه شاةٌ لها ثُغاءٌ، يقول:

يا رسولَ الله! أَغثني. فأَقولُ: لا أَملِكُ لكَ شيئاً، قد أبلغتُك.

لا أُلفِيَنَّ أحَدَكُم يجيء يومَ القيامةِ على رقبتِهِ نَفْسٌ لها صِياحٌ، فيقولُ: يا رسولَ الله! أَغثني. فأقولُ: لا أَملِكُ لك شيئاً، قد أَبلغتُك.

لا أُلفِيَنَّ أحَدَكُم يجيءُ يومَ القيامةِ على رقبتِه رقاعٌ تخفقُ، فيقولُ: يا رسولَ الله! أغثني .. فأقولُ: لا أملِكُ لكَ شيئاً، قد أَبلغتُك.

لا أُلفِيَنَّ أحدَكم يجيءُ يومَ القيامةِ على رقبتِه صامتٌ، فيقولُ: يا رسولَ الله! أَغثني. فأَقولُ: لا أملِكُ لك شيئاً، قد أَبلغتُك".

رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.

(لا أُلفِيَنَّ) بالفاء؛ أي: لا أجدَنَّ.

و (الرُّغاء) بضم الراء وبالغين المعجمة والمد: هو صوت الإبل وذوات الخف.

و (الحمحمة) بحاءين مهملتين مفتوحتين: هو صوت الفرس.

و (الثغاء) بضم المثلثة وبالغين المعجمة والمد: هو صوت الغنم.

و (الرِّقاع) بكسر الراء: جمع رقعة، وهي ما تكتب فيه الحقوق.

و (تخفق) أي: تتحرك وتضطرب.

1348 -

(5)[حسن] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال:

كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أصابَ غنيمةً أمرَ بلالاً فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم، فيُخْمِسُهُ ويقسمُه. فجاءَ رجلٌ يوماً بعد النداءِ بزمامٍ من شعرٍ، فقالَ: يا رسول الله! هذا كان فيما أصبناهُ من الغنيمةِ، فقال:

"أَسمعتَ بلالاً ينادي ثلاثاً؟ ".

قالَ: نعم. قال:

ص: 126

"فما منعك أن تجيءَ به؟ " فاعتذر إليه، فقال:

"كنْ أنتَ تجيءُ به يومَ القيامةِ، فلن أقبلَه عنك".

رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه".

1349 -

(6)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

خرجنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبَر، ففتحَ الله علينا، فلم نغنم ذهباً ولا وَرِقاً، غنمنا المتاعَ والطعامَ والثيابَ، ثم انطلقنا إلى الوادي (يعني وادي القرى)

(1)

ومعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عبدٌ

(2)

له وَهَبَهُ له رجلٌ من بني جُذامٍ، يدعى رِفاعةَ بنَ زيد

(3)

من بني الضُّبَيْبِ، فلما نزلنا الواديَ قامِ عبدُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَحُلُّ رَحله، فَرُميَ بسهمٍ، فكان فيه حَتفُه، فقلنا: هنيئاً له الشهادة يا رسول الله! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"كلا والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، إن الشملة لَتَلْتَهبُ عليه ناراً، أخذَها من الغنائم؛ لم تصبْها المقاسمُ"

(4)

.

قال: ففزِعَ الناسُ، فجاءَ رجل بِشِراكٍ

(5)

أو شِراكَين؛ فقال: أصبت يومَ

(1)

ما بين الهلالين ثابت في المخطوطة، ولم يُذكر في رواية مسلم والسياق له، فهو من المؤلف على سبيل التفسير والبيان، وهو مطابق لرواية البخاري وغيره. وهو وادٍ بين (تيماء) و (خيبر) فيه قرى كثيرة، وبها سمي وادي القرى، يمر بها حاج الشام، وهي كانت قديماً منازل ثمود وعاد، وبها أهلكهم الله. كما في "معجم البلدان".

(2)

في البخاري وغيره أن اسمه (مِدْعَم).

(3)

الأصل وطبعة عمارة: "يزيد"، وهو خطأ تتابع عليه النساخ مخالف لما في "مسلم"(1/ 75)، والسياق له، ولذلك قال الحافظ الناجي (14/ 2):"كذا في النسخ، والصواب بلا خلاف زيد بن وهب الجذامي، وليس في الصحابة المسمين برفاعة من أبوه يزيد". كذا في "العجالة"(140/ 2). وغفل عن هذا الخطأ المعلقون الثلاثة!

(4)

أي: أخذها قبل قسمة الغنائم، فكان غلولاً.

(5)

بكسر الشين المعجمة وتخفيف الراء: هو سير النعل الذي يكون على وجهه. والله أعلم.

ص: 127

خيبرَ. فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"شراكٌ من نارٍ، أو شراكان من نارٍ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

(الشملة): كساء أصفر من القطيفة يتَّشح بها.

1350 -

(7)[حسن لغيره] وعن أبي رافع رضي الله عنه قال:

كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصرَ ذهبَ إلى بني عبد الأشهل فيتحدثُ عندَهُم حتى ينحدرَ للمغربِ، قال أبو رافع:

فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يسرع إلى المغرب مررنا بالبقيع، فقال:

"أفٍّ لك، أفٍّ لك، أفٍّ لك".

قال: فكبُر ذلك في ذَرْعي، فاستأخرتُ، وظننتُ أنه يُريدني، فقال

"ما لك؟ امشِ".

قلت: أَحَدَثَ حدثٌ؟ فقال:

"ما ذاك؟ ".

قلت: أفّفْتَ بي. قال:

"لا، ولكن هذا فلان بعثتهُ ساعياً على بني فلان، فَغَلَّ نَمِرةً، فَدُرِعَ مثلَها من نار".

رواه النسائي، وابن خزيمة في "صحيحه".

(البقيع) بالباء الموحدة: مواضع بالمدينة؛ منها: (بقيع الخيل)، و (بقيع الخَبْجَبَة)

(1)

بفتح الخاء المعجمة والجيم، و (بقيع الفرقد)، وهو المراد هنا، كذا جاء مفسراً في رواية البزار.

(1)

الأصل: (الخنجمة) بالخاء المعجمة ثم نون وجيم وميم، وفي طبعة عمارة:(الخنجهة)! والتصويب من "العجالة" و"معجم البلدان"؛ إلا أنه قال: "والرواة على أنه بجيمين". فالله أعلم.

ص: 128

وقوله: "كبر في ذَرْعي" هو بالذال المعجمة المفتوحة بعدها راء ساكنة؛ أي: عظم عندي موقعه.

و (النَّمِرة) بفتح النون وكسر الميم: بردة من صوف تلبسها الأعراب.

وقوله: (فدرع) بالدال المهملة المضمومة، أي: جُعل له درع مثلها من نار.

1351 -

(8)[صحيح] وعن ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من جاءَ يومَ القيامةِ بريئاً من ثلاثٍ دخلَ الجنةَ: الكِبْرِ، والغلولِ، والدَّيْنِ".

رواه الترمذي والنسائي

(1)

، وابن حبان في "صحيحه" واللفظ له، والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

(1)

لعله في "الكبرى" للنسائي، فإني لم أره في "الصغرى" له، ولا عزاه إليه النابلسي في "الذخائر"؛ وكذا لم يعزه إليه المصنف في "البيوع"، بل عزاه هناك إلى ابن ماجه بدل النسائي. ثم طبع كتاب "السنن الكبرى" للنسائي، فرأيته في "السير" منه (5/ 232/ 8763).

ص: 129

‌14 - (الترغيب في الشهادة، وما جاء في فضل الشهداء).

1352 -

(1)[صحيح] عن أنس رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما أحدٌ يدخلُ الجنةَ يحب أن يرجعَ إلى الدنيا وإنَّ لَهُ ما على الأرض من شيءٍ إلا الشهيدَ؛ فإنه يتمنى أن يرجعَ إلى الدنيا فيقتلَ عشرَ مراتٍ؛ لما يَرى من الكرامةِ -وفي رواية: لما يرى من فضلِ الشهادةِ-".

رواه البخاري ومسلم والترمذي.

1353 -

(2)[صحيح] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يؤتى بالرجلِ من أهلِ الجنةِ فيقولُ اللهُ له: يا ابنَ آدمَ! كيف وجدتَ منزلَك؟ فيقولُ: أَيْ ربِّ! خيرَ منزلٍ. فيقولُ: سل وتمنَّهْ. فيقولُ: وما أسأَلُك وأتمنى؟ أَسألُك أنْ تردني إلى الدنيا فَأُقتلَ في سبيلِكَ عشرَ مراتٍ؛ لما يرى من فضلِ الشهادةِ".

رواه النسائي، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

1354 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"والذي نفس محمد بيده! لَوَدِدْتُ أن أغزوَ في سبيلِ الله فأقتلَ، ثم أَغزوَ فأُقتلَ، ثم أَغزوَ فأُقتَلَ".

رواه البخاري ومسلم في حديث تقدم [6 - باب/ 6 - حديث].

1355 -

(4)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

ص: 130

"يُغفر للشهيد كلُّ ذنبٍ إلا الدَّين".

رواه مسلم.

1356 -

(5)[صحيح] وعن أبي قتادة رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قامَ فيهم، فذكر أن الجهادَ في سبيلِ الله والإيمانَ باللهِ أفضلُ الأعمالِ. فقام رجل فقال: يا رسول الله! أرأيت إن قُتِلتُ في سبيلِ اللهِ تُكَفِّرُ عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"نعم، إن قتلتَ في سبيل الله وأنت صابرٌ محتسبٌ، مقبلٌ غيرُ مُدبِر".

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف قلت؟ ".

قال: أرأيت إن قتلت في سبيلِ الله. أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"نعم، إن قُتِلتَ وأنت صابرٌ محتسبٌ، مقبلٌ غيرُ مدبرٍ، إلا الدَّيْن؛ فإن جبرائيل قال لي ذلك".

رواه مسلم وغيره.

1357 -

(6)[صحيح] وعن ابن أبي عميرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما من نفسٍ مسلمةٍ يَقبِضها ربُّها تحب أن ترجعَ إليكم، وإن لها الدنيا وما فيها؛ غير الشهيد".

قال ابن أبي عميرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لأن أُقتلَ في سبيل الله؛ أحبُّ إليَّ من أن يكون لي أهل الوبر والمدَرَ".

رواه أحمد بإسناد حسن، والنسائي، واللفظ له.

(1)

(1)

قلت: وسمى أحمدُ (4/ 216) ابنَ أبي عميرة (عبد الرحمن)، وصرح بقية عنده بالتحديث، وكذلك ابن أبي عاصم في "الجهاد"(ق 90/ 1).

ص: 131

(أهل الوبر): هم الذين لا يأوون إلى جدار من الأعراب وغيرهم.

و (أهل المدر): أهل القرى والأمصار، و (المدَر) محركاً: هو الطين الصلب المستحجر.

1358 -

(7)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال:

غاب عمي أنس بن النضر عن قتال (بدر)، فقال: يا رسول الله! غِبْثُ عن أولِ قِتال قاتلتَ المشركين، لَئِن الله أشهدني قتالَ المشركين لَيَريَنَّ اللهُ ما أصنع. فلما كان يومُ (أحد)، وانكشف المسلمون، فقال لهم:

"اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء -يعني أصحابه- وأبرأُ إليك مما صنع هؤلاء -يعني المشركين-"، ثم تقدم، فاستقبله سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقال: يا سعد بن معاذ! الجنةَ وربِّ النضر، إني أجد ريحها دون (أحد).

قال سعد: فما استطعت يا رسول الله! ما صنع.

قال أنس: فوجدنا به بِضعاً وثمانين ضربةً بالسيف، أو طعنةً برمح، أو رميةً بسهم، ووجدناه قد قتل، وقد مَثَّلَ به المشركون، فما عرفه أحد إلا أختُه ببنانه.

فقال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهِهِ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} إلى آخر الآية.

رواه البخاري -واللفظ له- ومسلم والنسائي.

(البضع) بفتح الباء، وكسرها أفصح، وهو ما بين الثلاث إلى التسع. وقيل: ما بين الواحد إلى أربعة. وقيام: من أربعة إلى تسعة. وقيل: هو سبعة.

1359 -

(8)[صحيح] وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"رأيتُ الليلةَ رجلين أتياني فصعدا بي الشجرةَ، فأدخلاني داراً هي

ص: 132

أحسن وأفضل، لم أر قط أحسنَ منها، قالا لي: أمّا هذه فدار الشهداء".

رواه البخاري في حديث طويل تقدم

(1)

.

1360 -

(9)[صحيح] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:

جيء بأَبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد مُثّل به، فَوُضع بين يديه، فذهبت أكشف عن وجهه، فنهاني قومي، فسمع صوتَ صارخةٍ. فقيل: ابنةً عمرو، أو أخت عمرو. فقال:

"لمَ تبكي؟ -أو فلا تبكي-، ما زالت الملائكة تُظِلُّه بأَجنحتها".

رواه البخاري ومسلم.

1361 -

(10)[حسن صحيح] وعنه قال:

لما قتل عبد الله بن عمرو بن حَرامٍ يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا جابر! ألا أخبرك ما قال الله لأبيك؟ ".

قلت: بلى. قال:

"ما كلَّم الله أحداً إلا

(2)

من وراء حجاب، وكلَّم أباك كِفاحاً،

(3)

فقال:

يا عبد الله! تَمَنَّ عليَّ أُعطك. قال: يا رب! تُحْيِيني فأُقتل فيك ثانية. قال: إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال: يا رب! فأبلغ مَنْ ورائي. فأَنزل الله هذه

(1)

قلت: قال الناجي (141/ 1): "أي في ترك الصلاة". وقد وهم هو والمؤلف رحمهما الله، وقلدهم المعلقون الثلاثة! فإن الحديث الذي ساقه المؤلف بطوله هناك (قبيل 6 - النوافل) ليس فيه ما ذكره هنا، وإنما هذا عند البخاري في رواية أخرى له أخرجها في "الجهاد"(2791) هكذا مختصراً، وفي "الجنائز"(1386) في الحديث الطويل، وليس فيه:"لم أرقط أحسن منها".

(2)

أي: من الشهداء مطلقاً أو شهداء أحد.

(3)

بكسر الكاف؛ أي: مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول. والله أعلم.

ص: 133

الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} الآية كلها".

رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه بإسناد حسن أيضاً، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1362 -

(11)[صحيح لغيره] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"رأيت جعفرَ بن أبي طالب مَلَكاً يطير في الجنةِ ذا جناحين، يطير منها حيث شاء، مضرجة قوادمه

(1)

بالدماء".

رواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن.

(2)

(قال الحافظ:)"كان جعفر رضي الله عنه قد ذهبت يداه في سبيل الله يوم (مؤتة) فأبدله الله بهما جناحين، فمن أجل ذا سمي (جعفر الطيار) ".

1363 -

(12)[صحيح] وعن ابن عمر؛ أنه كان في غزوة (مؤتة) قال:

فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، فوجدنا بما أقبل من جسده بضعاً وتسعين، بين ضربةٍ، ورميةٍ، وطعنةٍ.

وفي رواية:

فعددنا به خمسين طعنةً وضربةً، ليس منها شيء في دبره.

رواه البخاري.

1364 -

(13)[صحيح] وعن أنس قال:

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً وجعفراً وعبد الله بن رواحة، ودفع الراية إلى

(1)

قال الناجي (141/ 1): "قوادم الطائر: مقاديم ريشه، وهي عشر في كل جناح، الواحدة: قادمة". ووقع فيه: "مقصوصة" مكان "مضرجة"، وهذا هو المطابق لمخطوطة "الطبراني".

(2)

وكذا قال الهيثمي، وهو من تساهلهما، وقلدهما الثلاثة، وإنما صححت الحديث لشواهده المخرجة في "الصحيحة"(1226) من حديث أبي هريرة وعلي وأبي عامر وغيرهم.

ص: 134

زيد، فأُصيبوا جميعاً.

قال أنس: فنعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يجيء الخبرُ، فقال:

"أخذَ الرايةَ زيدٌ فأُصيبَ، ثم أخذها جعفرٌ فأُصيبَ، ثم أخذها عبدُ الله ابن رواحة فأُصيبَ، ثم أخذ الرايةَ سيفٌ من سيوف الله: خالد بن الوليد".

قال: فجعل يحدثُ الناسَ وعيناه تذرفان.

وفي رواية قال:

"وما يسرُّهم أنهم عندنا".

رواه البخاري وغيره.

1365 -

(14)[صحيح] وعن جابر رضي الله عنه قال:

قال رجل: يا رسول الله! أي الجهاد أفضل؟ قال:

"أن يُعقَر جوادُك، وَيهراقَ دَمُك".

(1)

رواه ابن حبان في "صحيحه".

1366 -

(15)[صحيح لغيره] ورواه ابن ماجه من حديث عمرو بن عبسة قال:

أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: فذكره.

1367 -

(16)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما يجدُ الشهيدُ من مسِّ القتل، إلا كما يجد أحدكم من مسِّ القرصة"

(2)

.

(1)

معناه: جاهد في سبيل الله حتى أفنى نفسه وماله.

و (الجواد): الفرس الجيد، سمي بذلك لأنه يجود بجريه، والأنثى جواد أيضاً. وتقدم نحو هذا الحديث في حديث (عبد الله بن حبشي/ 9 - باب/ 24 حديث).

(2)

أي: يهون الله تبارك وتعالى عليه ذلك حتى لا يجد له ألماً إلا كألم القرصة. والله أعلم.

ص: 135

رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

1368 -

(17)[صحيح] وعن كعب بن مالك رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إن أرواح الشهداء في أَجوافِ طيرٍ خضرٍ تَعلُق من ثمر الجنة، أو شجر الجنة".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

(تعلق) بفتح المثناة فوق وعين مهملة وضم اللام؛ أي: ترعى من أعالي شجر الجنة.

1369 -

(18)[صحيح لغيره] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته".

رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه".

1370 -

(19)[حسن] وعن عتبة بن عبدٍ السلمي رضي الله عنه -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"القتلى ثلاثة: رجل مؤمنٌ جاهدَ بنفسِه ومالهِ في سبيل الله؛ حتى إذا لقِيَ العدوَّ قاتلهم حتى يقتل. فذلك الشهيدُ الممتحَنُ

(1)

في جنة الله تحت عرشه، لا يفضلُه النبيون إلا بفضل درجة النبوة.

ورجل فرِقَ على نفسه من الذنوب والخطايا، جاهد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدوَّ قاتل حتى يقتل، فتلك مُمَصْمِصَة محتْ

(1)

أي: المصفى المهذب، كما يأتي عن الناجي، وكذا في "النهاية" وقال:"محنت الفضة: إذا صفيتها وخلصتها من النار".

ص: 136

ذنوبه وخطاياه، إنّ السيفَ محّاءٌ للخطايا، وأُدخِلَ من أي أبواب الجنة شاء؛ فإن لها ثمانية أبواب، ولجهنمَ سبعةُ أبوابٍ، وبعضها أفضل من بعض.

ورجل منافقٌ جاهد بنفسه وماله، حتى إذا لقي العدوَّ قاتل في سبيل الله عز وجل

(1)

حتى يقتل، فذلك في النار؛ إن السيفَ لا يمحو النفاق".

رواه أحمد بإسناد جيد، والطبراني وابن حبان في "صحيحه" -واللفظ له-، والبيهقي.

(2)

(الممتحَن) بفتح الحاء المهملة: هو المشروح صدره

(3)

، ومنه:

{أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} ؛ أي: شرحها ووسعها.

وفي رواية لأحمد:

"فذلك [الشهيد]

(4)

المفتخر في خيمة الله تحت عرشه". ولعله تصحيف.

و (فِرَق) بكسر الراء؛ أي: خاف وجزع.

و (المُمَصْمِصَة) بضم الميم الأولى، وفتح الثانية، وكسر الثالثة، وبصادين مهملتين:

هي الممحَّصة المكفرة.

(1)

أي: فيما يبدو للناس، والحقيقة أنه إنما يقاتل نفافاً كما يدل عليه قوله:"إن السيف لا يمحو النفاق"، أي النفاق القلبي الذي هو إظهار الإسلام، وإبطان الكفر، ولذلك كان مثله {فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} . أعاذنا الله منه.

(2)

قلت: في "السنن الكبرى" له (9/ 164).

(3)

قال الناجي (141/ 1): "هذا غريب، إنما فسره شمر اللغوي بـ (المصفى المهذب)، وبذلك فسر الآية أيضاً أبو عبيدة كما نقله عنهما صاحب "الغريبين". وعبارة غيره في الآية: اختبرها وأخلصها. وأما "شرحها ووسعها" فقالها القرطبي في جملة الأقوال.

وقال: إن الامتحان افتعال من (محنت الأديم محناً) حتى أوسعته. ولم يعز ذلك إلى أحد، بل لم أره لغيره. فالله أعلم".

(4)

زيادة من "المسند"(4/ 185)، وليس عنده الرواية الأولى، فلعل الصواب:"وفي رواية أحمد".

ص: 137

1371 -

(20)[صحيح] وعن نعيم بن هَمّار رضي الله عنه:

أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الشهداء أفضلُ؟ قال:

"الذين إن يُلْقَوْا في الصف لا يَلفِتون وجوههم حتى يُقتلوا، أولئك ينطلقون في الغرف العلا من الجنة، ويضحك إليهم ربهم، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حسابَ عليه".

رواه أحمد وأبو يعلى، ورواتهما ثقات.

1372 -

(21)[حسن صحيح] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أَفضلُ الجهادِ عندَ الله يومَ القيامةِ الذين يلتقون

(1)

في الصف الأول فلا يَلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك يَتَلَبَّطُون في الغرف من الجنة، يضحك إليهم ربك، وإذا ضحك ربك إلى قوم فلا حساب عليهم".

رواه الطبراني بإسناد حسن.

(يتلبّطون) معناه هنا: يضطجعون. والله أعلم.

1373 -

(22)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"أول ثلة

(2)

يدخلون الجنة: الفقراءُ المهاجرون الذين تُتَّقى بهم المكاره، إذا أُمروا سمعوا وأَطاعوا، وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى السلطان لم تُقضَ له حتى يموت وهي في صدره، وإن الله عز وجل ليدعو يومَ القيامة الجنةَ،

(1)

الأصل: (يلقون)، والتصويب من "المعجم الأوسط"(5/ 80/ 4143) وغيره.

(2)

الأصل: (ثلاثة)، والتصويب من "المسند" و"المستدرك". انظر "الصحيحة"(2559) وغفل عن هذا كله الغافلون الثلاثة كعادتهم. وكان في الأصل (يدخل)، وهو خطأ من الناسخ صححته من "ترغيب الأصبهاني"(رقم 810).

و (الثُّلة): الجماعة الكثيرة من الناس، قال تعالى:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} .

ص: 138

فتأتي بزخرفها وزينتها، فيقول: أين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي، وقتلوا وأوذوا وجاهدوا في سبيلي؟ ادخلوا الجنة، فيدخلونها بغير حساب، وتأتي الملائكة فيسجدون، فيقولون: ربنا نحن نسبح بحمدك الليلَ والنهارَ، ونقدس لك، مَن هؤلاء الذي آثرتهم علينا؟ فيقول الرب عز وجل: هؤلاء عبادي الذين قاتلوا في سبيلي، وأوذوا في سبيلي، فتدخل عليهم الملائكة من كل باب:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} ".

رواه الأصبهاني بإسناد حسن، لكن متنه غريب

(1)

.

1374 -

(23)[صحيح] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث قبله

(2)

، ومتنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن للشهيدِ عندَ الله سبعَ

(3)

خصالٍ: أن يُغفر له في أول دُفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُحلَّى حُلَّة الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاجُ الوقار؛ الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويُشَفَّع في سبعين إنساناً من أَقاربه".

رواه أحمد والطبراني، وإسناد أحمد حسن.

(1)

قلت: لا وجه لهذا الاستغراب كما بينته في "الصحيحة"(2559). ومع أن هذا الاستغراب لا يستلزم ضعف الحديث كما لا يخفى على العلماء، فقد ضعفه المعلقون الثلاثة خبط عشواء كما هي عادتهم في التضعيف والتصحيح، فلا هم نظروا في السند، ولو نظروا ما استطاعوا الحكم عليه! ولا هم اعتمدوا تحسين المؤلف إياه!! وقد ورد الحديث بنحوه عند أحمد وغيره كما سيأتي (29 - التوبة/ 5 - في الفقر)، وهناك حسنوا الحديث!

(2)

هذه رواية الطبراني كما في "المجمع"، ولفظ أحمد "ست"، وكذا في الحديث التالي.

(3)

هذا لفظ أحمد، ويعني به حديث المقدام المذكور هنا بعده، ولذلك فإني كنت أستحب للمنذري أن يؤخر حديث عبادة عنه، انظر "الصحيحة"(3213).

ص: 139

1375 -

(24)[صحيح] وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"للشهيد عند الله ستُّ خصال

(1)

: يُغفر له في أول دُفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار؛ الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين، ويُشَفَّع في سبعين من أقاربه".

رواه ابن ماجه، والترمذي وقال:"حديث صحيح غريب".

(الدُّفعة) بضم الدال المهملة وسكون الفاء: هي الدفعة من الدم وغيره.

1376 -

(25)[حسن] وعن أبي أمامةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ليسَ شيءٌ أَحبَّ إلى الله من قطرتين وأثرين؛ قطرةُ دموع من خشية الله، وقطرة دم تُهراق في سبيل الله. وأما الأثران؛ فأَثر في سبيل الله، وأثر في فريضةٍ من فرائض الله".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب"[مضى 9 - باب/ 31 - حديث].

1377 -

(26)[صحيح] وعن مجاهد عن يزيد بن شجرة -وكان يزيد بن شجرة ممن يصدق قوله فعله-[قال:] خطبنا فقال:

(1)

قلت: كذا الأصل، والذي في الحديث "سبع". إلا أن يجعل الإجارة والأمن من الفزع واحدة، وقوله:"في أول دفعة" بضم الدال كما قال المؤلف رحمه الله تعالى، قال الدميري: ضبطناه من "جامع الترمذي" بضم الدال، وكذلك قال أهل اللغة:(الدُّفعة) بالضم: ما دفع من إناء أو سقاء فانصب بمرة وكذلك الدفعة من المطر وغيره، مثل الدفقة بالقاف. يقال: جاء القوم دُفعة واحدة -بالضم- إذا دخلوا بمرة واحدة. وأما (الدَّفعة) بفتح الدال، فهي المرة الواحدة من الدفع: الإزالة بقوة، فلا يصلح ههنا. وقوله:(يحلى) المضبوط بتشديد اللام، وإضافة الحلة إلى الإيمان بمعنى أنها علامة لإيمان صاحبها، أو بمعنى أنها مسببة عنه. والله أعلم".

ص: 140

"يا أيها الناس! اذكروا نعمةَ الله عليكم، ما أحسن نعمة الله عليكم، ترى من بين أخضر وأحمر وأصفر، وفي الرحال

(1)

ما فيها". وكان يقول:

"إذا صفَّ الناسُ للصلاةِ، وصَفُّوا للقتال، فُتحتْ أبوابُ السماءِ وأبوابُ الجنةِ، وغُلّقتْ أبوابُ النارِ، وزُيِّن الحورُ العين واطَّلعن، فإذا أقبل الرجل قلن: اللهم انصره، وإذا أَدبر احتجَبْنَ منه وقلن: اللهم اغفر له، فأَنْهَكوا وجوهَ القوم فِدىً لكم أبي وأمي، ولا تُخزوا الحور العين؛ فإن أولَ قطرة تَنضح من دمِه يُكفَّر عنه كل شيء عمله، وتنزل إليه زوجتان من الحور العين يمسحان الترابَ عن وجهه، ويقولان: قد أنى

(2)

لك، ويقول: قد أنى

(3)

لكما. ثم يكسى مئةَ حُلةٍ، ليس من نسيج بني آدم، ولكن من نَبت الجنةِ، لو وضِعْنَ بين أصبعين لوسعن". وكان يقول:

"نُبّئتُ

(4)

أن السيوفَ مفاتيحُ الجنةِ".

رواه الطبراني من طريقين إحداهما جيدة صحيحة، والبيهقي في "كتاب البعث"؛ إلا أنه قال:

"فإن أولَ قطرةٍ تقطُرُ من دمِ أحدِكُم يحطُّ اللهُ منه بها خطاياه كما يحط

(1)

وقع في الأصل ومطبوعة عمارة والمخطوطة و"المجمع": (الرجال) بالجيم وكل ذلك خطأ، وإنما هو (الرحال) بالمهملة، وهي الدور والمساكن والمنازل. وقد جاء ذلك صريحاً في رواية عبد بن حميد وغيره بلفظ:"وفي البيوت"، وكذلك هو في رواية البيهقي الآتية التي ذكر المصنف طرفاً منها.

(2)

الأصل والمخطوطة في الموضعين (أنا) بالألف الممدودة، والصواب بالألف المقصورة:

أي آن. يقال: أنى يأني. وقد جاء بلفظ: "آن لك" و"وآن لكما" في رواية عند ابن الأثير في "أسد الغابة"، وهي رواية البزار.

(3)

الأصل والمخطوطة في الموضعين (أنا) بالألف الممدودة، والصواب بالألف المقصورة:

أي آن. يقال: أنى يأني. وقد جاء بلفظ: "آن لك" و"وآن لكما" في رواية عند ابن الأثير في "أسد الغابة"، وهي رواية البزار.

(4)

قلت: كأنه يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاء مرفوعاً من طرق أحدها صحيح، ولم أكن وقفت عليها من قبل، فأوردت الحديث في "ضعيف الجامع"، فيرجى ممن كان عنده "صحيح الجامع" أن ينقله إليه. وقد خرجتها في "الصحيحة"(2672).

ص: 141

الغصنُ من ورقِ الشجر، وتبتدرُه اثنتان من الحور العين، ويمسحان الترابَ عن وجهه، ويقولان: قد أنى لك. ويقول: قد أنى لكما. فيكسى مائةَ حلةٍ، لو وضعت بين إصبعي هاتين لوسعتاهما، ليست من نسج بني آدم، ولكنها من نباتِ الجنةِ، مكتوبون عند اللهِ بأسمائكم وسماتكم" الحديث.

ورواه البزار والطبراني أيضاً عن يزيد بن شجرة مرفوعاً مختصراً، وعن جدارٍ أيضاً مرفوعاً

(1)

، والصحيح الموقوف، مع أنه قد يقال: إن مثل هذا لا يُقال من قبل الرأي، فسبيل الموقوف فيه سبيل المرفوع، والله أعلم.

و (يزيد بن شجرة) بالشين المعجمة والجيم مفتوحتين، قيل: له صحبة، ولا يثبت. والله أعلم.

(انهكوا وجوه القوم) هو بكسر الهاء

(2)

بعد النون؛ أي: أجهدوهم، وأبلغوا جهدهم.

و (النَّهَك): المبالغة في كل شيء.

1378 -

(27)[حسن] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

قلت: قوله: "وعن جدار" بكسر الجيم، صحابي، ووقع في الأصل (جدان)، وكذلك في الطبعة الجديدة ذات التحقيق الثلاثي!! وكان بإمكانهم أن يستروا جهلهم بالرجوع إلى "عجالة الناجي" -كما يفعلون أحياناً- فقد ضبطه (ق 142/ 2) وأعاده مراراً على الصواب. وقد أوردت المرفوع في "الضعيفة"(3740) لتصريح بعض الضعفاء بصحبة (يزيد بن شجرة)، ورفعه الحديث!!

قلت: وفي قوله: "نبئت أن السيوف. . . " ما يشير إلى وقف الحديث، وعدم سماعه إياه.

وهذه الجملة قد صحت مرفوعة من حديث أبي موسى الأشعري وهو مخرج في "الصحيحة"(2672).

(2)

كذا قال، والصواب بفتحها، قال الناجي:"لم يتعرض لهمزته هل هي موصولة أو مقطوعة؟ وهي بلا خلاف همزة وصل تكسر في الابتداء، والهاء فيها مفتوحة في الأمر والنهي والإخبار، من (النهك) الذي فسره هنا، وفي "الطهارة"، وهو ثلاثي، لا من (الإنهاك) الرباعي الذي تكون همزته همزة قطع، وهاؤه مكسورة في الأمر والنهي". ثم استدل له بأقوال أهل اللغة وأطال في ذلك وأفاد، جزاه الله خيراً. وقد كان نبه على مثل هذا الخطأ وقع للمؤلف هناك (4 - الطهارة/ 11)، وقد صححته.

ص: 142

"الشهداء على بارقِ نهرٍ بباب الجنة في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشياً".

رواه أحمد، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

1379 -

(28)[حسن] وعن ابن عباس أيضاً رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لما أُصيب إِخوانُكم، جعل اللهُ أرواحَهم في جَوف طيرٍ خُضرٍ، تَرِدُ أَنهارَ الجنةِ، تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديلَ من ذهب، معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم، قالوا: من يبَلِّغ إخواننا عنا أنا أحياءٌ في الجنة نرزق؛ لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا يَنْكُلُوا عن الحرب؟ فقال الله تعالى: أنا أُبلغهم عنكم. قال: فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} إلى آخر الآية".

رواه أبو داود، والحاكم وقال:"صحيح الإسناد".

(ينكلوا) مثلثة الكاف؛ أي: يجبنوا ويتأخروا عن الجهاد.

1380 -

(29)[صحيح] وعن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:

أن رجلاً قال: يا رسول الله! ما بال المؤمنين يُفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال:

"كفى ببارقةِ السيوفِ على رأسه فتنةً".

رواه النسائي.

1381 -

(30)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه:

أن رجلاً أَسود أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني رجل أسودُ منتِنُ الريح، قبيح الوجه، لا مال لي، فإن أنا قاتلت، هؤلاء حتى أقتلَ، فأين أنا؟ قال:

ص: 143

"في الجنة".

فقاتل حتى قُتل. فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

"قد بيَّض الله وجهك، وطيَّب ريحك، وأكثر مالك".

وقال لهذا أو لغيره:

"فقد رأيت زوجته من الحور العين نازعته جبة له من صوف، تدخل بينه وبين جبته".

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم".

1382 -

(31)[حسن] وعن ابن عمر رضي الله عنهما:

أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بخباء أعرابي وهو في أصحابه يريدون الغزو، فرفع الأعرابي ناحية من الخباء فقال: مَنِ القوم؟ فقيل: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأَصحابه يريدون الغزو. فقال: هل من عرض الدنيا يصيبون؟ قيل له: نعم، يصيبون الغنائم، ثم تقسم بين المسلمين. فعمد إلى بَكر له فاعتقله، وسار معهم، فجعل يدنو ببكره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل أصحابه يذودون بكره عنه.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"دعوا ليَ النجديَّ، فوالذي نفسي بيده إنه لمن ملوك الجنة".

قال: فلقوا العدوَّ، فاستشهدَ، فأخبر بذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأتاه فقعد عند رأسه مستبشراً -أو قال: مسروراً- يضحك، ثم أعرض عنه.

فقلنا: يا رسول الله! رأيناك مستبشراً، تضحك، ثم أعرضت عنه؟ فقال:

"أما ما رأيتم من استبشاري -أو قال من سروري-، فَلِما رأَيتُ من كرامة روحِهِ على الله عز وجل. وأما إعراضي عنه؛ فإن زوجته من الحورِ العينِ الآن عند رأسه".

رواه البيهقي بإسناد حسن.

ص: 144

1383 -

(32)[حسن] وعن أنس:

أن أمَّ الرُّبَيع بنتَ البراء

(1)

، -وهي أم حارثةَ بن سُراقة

(2)

- أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! ألا تحدِّثني عن حارثة -وكان قتل يوم بدر [أصابه سهمٌ غَرْبٌ،- فإن كانَ في الجنةِ صبرتُ، وإن كان غير ذلك، اجتهدتُ عليه بالبكاء

(3)

، فقال:

"يا أمَّ حارثة، إنها جنانٌ

(4)

في الجنةِ، وإن ابنَك أصابَ الفردوسَ الأعلى".

رواه البخاري.

1384 -

(33)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"عجبَ ربُّنا تبارك وتعالى من رجل غزا في سبيل الله فانهزم -يعني- أصحابه، فعلم ما عليه، فرجع حتى أُهرِيق دمه، فيقول الله عز وجل لملائكته: انظروا إلى عبدي رجعَ رغبةً فيما عندي، وشفقةً مما عندي، حتى أُهريق دمُه".

رواه أبو داود عن عطاء بن السائب عن مرة عنه.

ورواه أحمد وأبو يعلى، وابن حبان في "صحيحه". وتقدم لفظهم في قيام الليل [6 - النوافل/ 11 آخره].

[حسن لغيره] وتقدم فيه أيضاً حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم:

(1)

كذا وقع في "البخاري"، وهو وهم نبه عليه غير واحد، وإنما هي (الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك بن النضر). انظر "فتح الباري"(6/ 20).

(2)

الأصل ومطبوعة عمارة: (بنت سراقة)، وهو خطأ صححته من "البخاري" والزيادة منه. وقد فات هذا والذي قبله المعلقين الثلاثة فلم يصححوا ولم ينتبهوا، وهم ثلاثةٌ محققون!!

(3)

وكان ذلك قبل تحريم النوح، فلا دلالة فيه على جوازه، فإن التحريم كان عقب غزوة أحد، وهذه القصة كانت عقب غزوة بدر. قاله في "الفتح".

(4)

زاد أحمد في رواية (3/ 283): "كثيرة".

ص: 145

"ثلاثةٌ يحبُّهم اللهُ ويضحَكُ إليهم، ويستبشر بهم:

الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءَها بنفسه لله عز وجل، فإما أن يقتل، وإما أن ينصره الله ويكفيه، فيقول: انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه؟ " الحديث.

رواه الطبراني بإسناد حسن.

1385 -

(34)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال:

جاء أناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم[فقالوا]: أنِ ابعثْ معنا رجالاً يعلِّمونا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلاً من الأنصار يقال لهم: القراء، فيهم خالي (حَرام)، يقرؤن القرآن ويتدارسونه بالليل يتعلمونه، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد، ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل الصُّفَّة وللفقراء، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فعرضوا لهم، فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان، فقالوا: اللهم بَلِّغْ عنا نبينا أنا قد لَقيناك فَرضينا عنك، ورضيتَ عنا.

قال: وأتى رجلٌ (حراماً) خالَ أنس من خلفه، فطعنه برمح حتى أنفذه، فقال حرام: فُزتُ وربِّ الكعبة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم[لأصحابه]:

"إن إخوانكم قد قُتِلوا، وإنهم قالوا: اللهم بَلِّغْ عنا نبينا أنا قد لَقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا".

رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.

(1)

وفي رواية للبخاري: قال أنس:

"أُنزِل في الذين قُتِلوا ببئر معونة قرآنٌ قرأناه ثم نسخ بَعْدُ: (بَلِّغُوا قومَنا

(1)

أخرجه في "كتاب الإمارة"(6/ 45) و (رقم 1902/ 2 - عبد الباقي) والزيادتان منه، وكان في الأصل بعض الأخطاء المطبعية فصححتها منه أيضاً. وأما المعلقون الثلاثة فعزوه إلى "مسلم" برقم (677) أي في "الصلاة/ القنوت"(2/ 135 - 136) وليس فيه من الحديث إلا ما عزاه المؤلف فيما يأتي للبخاري! فقنعوا بالعزو إلى أقرب موضع من "مسلم"! موهمين القراء أنهم صادقون في البحث والعزو!!

ص: 146

أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا، ورضينا عنه) "

(1)

.

1386 -

(35)[صحيح] وعن مسروق قال:

سألنا عبد الله عن هذه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ، فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك [رسول الله]

(2)

فقال:

"أرواحُهم في جوف طيرٍ خُضرٍ، لها قناديلُ معلقةٌ بالعرش، تَسرحُ من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطَّلع عليهم

(3)

ربهم اطِّلاعةً، فقال: هل تشتهون شيئاً؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يُتركوا من أن يُسألوا، قالوا: يا رب! نريد أن تَرُدَّ أرواحنا في أجسادنا حتى نُقتَلَ في سبيلك مرةً أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تُرِكوا".

رواه مسلم -واللفظ له- والترمذي وغيرهما.

1387 -

(36)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

أنه سأل جبرائيل عن هذه الآية: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} ، مَن الذين لم يشأ الله أن يُصعقهم؟ قال:

"هم شهداء الله".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

(1)

زاد البخاري في رواية: "فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ثلاثين صباحاً على رعل وذكوان وبني لحيان وعصية؛ الذين عصوا الله ورسوله".

قلت: وهي عند مسلم أيضاً كما ذكرت آنفاً.

(2)

قلت: كذا الأصل، وما بين المعكوفين ليس عند "مسلم"(6/ 38 - 39)، ولا في "الترمذي"(3014) وصححه، ولذلك قال الحافظ المزي في "التحفة" (7/ 145):"إنه موقوف"، قلت: ولكنه في حكم المرفوع، ولذلك خرجته في "الصحيحة"(2633). وغفل عن هذا التحقيق المعلقون الثلاثة كعادتهم!

(3)

في مسلم: "إليهم".

ص: 147

‌15 - (الترهيب من أن يموت الإنسان ولم يغز، ولم ينو الغزو، وذكر أنواع من الموت تلحق أربابها بالشهداء، والترهيب من الفرار من الطاعون).

1388 -

(1)[صحيح] عن أبي عمران قال:

كنا بمدينة الروم فأَخرجوا إلينا صفاً عظيماً من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلُهم وأكثر، وعلى أهلِ مصرَ عقبةُ بنُ عامرٍ، وعلى الجماعة فضالةُ ابن عبيد، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل بينهم، فصاح الناس وقالوا: سبحان الله! يُلقي بيديه

(1)

إلى التهلكة. فقام أبو أيوب فقال: أيها الناس! إنكم لَتَأَوَّلُون هذه الآية هذا التأوبل، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، لما أعز الله الإسلام، وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعضٍ سراً دون رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله تعالى قد أعز الإسلام، وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا، وأصلحنا ما ضاع منها. فأنزل الله تعالى على نبيه ما يرد علينا ما قلناه: {وَأَنْفِقُوا

(2)

فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، وكانت التهلكةُ: الإقامةَ على الأموالِ وإصلاحَها، وتَرْكَنا الغزوَ. فما زال أبو أيوب شاخصاً في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم.

رواه الترمذي وقال: "حديث غريب صحيح".

1389 -

(2)[صحيح لغيره] وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا تبايعتم بالعِيْنة،

(3)

وأَخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم

(1)

الأصل: "بيده" على الإفراد، والتصويب من الترمذي وغيره. انظر "الأحاديث الصحيحة"(رقم 13). وهو مما غفل عنه المعلقون الثلاثة! فما أكثر غفلاتهم!

(2)

الأصل: "وللفقراء"، وهو خطأ فاحش. وكذلك وقع في طبعة عمارة!

(3)

هي أن يبيع رجلاً سلعة بثمن إلى أجل، ثم يشتريها منه بأقل من ذلك الثمن نقداً، وهو محرم لما فيه من الاحتيال على الربا. ومن جهل المعلقين بالعلم والفقه قولهم في تفسيرها:" (بالعينة) " بالمال الحاضر من النقد، والمراد والانشغال بالبيع والشراء"!! فافهم عليهم إن كنت تفهم!! ومن تمام جهلهم أنهم ضعفوا الحديث، ولم يعبؤوا بطرقه المقوية له.

ص: 148

الجهاد؛ سَلَّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم".

رواه أبو داود وغيره من طريق إسحاق بن أَسيِد نزيل مصر

(1)

.

1390 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من مات ولم يَغْزُ، ولم يحدِّث به نفسه؛ مات على شعبةٍ من النفاقِ".

رواه مسلم وأبو داود والنسائي.

1391 -

(4)[حسن] وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من لم يَغْزُ، أو يجهّزْ غازياً، أو يخلِفْ غازِياً في أهله بخير؛ أصابَهُ الله تعالى بقارعةٍ قبلَ يومِ القيامةِ".

رواه أبو داود وابن ماجه عن القاسم عن أبي أمامة.

1392 -

(5)[حسن] وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما تركَ قومٌ الجهادَ؛ إلا عمَّهم اللهُ بالعذابِ".

رواه الطبراني

(2)

بإسناد حسن.

(فصل)

1393 -

(6)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما تعدون الشهداء فيكم؟ ".

قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو شهيد. قال:

"إن شهداء أمتي إذاً لقليل".

(1)

قلت: لكن جاء من طرق أخرى يتقوى بها كما أشار إلى ذلك البيهقي، ولذلك خرجتها في "الصحيحة"(برقم 11).

(2)

قلت: أطلق العزو إليه، وذلك يعني أنه في "المعجم الكبير"، وإنما هو في "الأوسط"(3851).

ص: 149

قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال:

"من قُتِلَ في سبيلِ الله فهو شهيدٌ، ومن ماتَ في سبيلِ الله فهو شهيدٌ، ومن ماتَ في الطاعونِ فهو شهيدٌ، ومن مات من البطن

(1)

فهو شهيدٌ. -قال ابن مقسم: أشهد على أبيك- يعني أبا صالح -أنه قال:- والغريق شهيد".

رواه مسلم.

[صحيح] ورواه مالك والبخاري والترمذي، ولفظهم -وهو رواية لمسلم أيضاً في حديث-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"الشهداءُ خمسةٌ: المطعونٌ، والمبطونٌ، والغريقٌ، وصاحبُ الهدمِ، والشهيدُ في سبيل الله".

1394 -

(7)[صحيح] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:

دخلنا على عبد الله بن رواحة نعوده، فأُغمِيَ عليه، فقلنا: رحمك الله إن كنا لنحب أن تموت على غير هذا، وإن كنا لنرجو لك الشهادة، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر هذا، فقال:

"وفيما تعدون الشهادة؟ ".

فأَرَمَّ القومُ، وتحرك عبد الله فقال: أَلا تجيبون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم أجابه هو فقال: نَعُدُّ الشهادة في القتل. فقال:

"إن شهداءَ أمتي إذاً لقليل، إن في القتلِ شهادةً، وفي الطاعون شهادةً، وفي البطنِ شهادةً، وفي الغرقِ شهادةً، وفي النفساءِ يقتُلُها ولدها جُمْعاً

(2)

شهادة".

رواه أحمد والطبراني -واللفظ له-، ورواتهما ثقات.

(1)

أي: من مرض بطنه، كالاستسقاء وغيره.

(2)

يعني: حاملاً كما في رواية ابن أبي شيبة في "المصنف"(5/ 332).

ص: 150

(أرَمَّ القوم) بفتح الراء وتشديد الميم: سكتوا، وقيل: سكتوا من خوف ونحوه.

وقوله: "يقتلها ولدها جمعاً" مثلثة الجيم ساكنة الميم. أي ماتت وولدها في بطنها، يقال: ماتت المرأة بجمع، مثلثة الجيم إذا ماتت وولدها في بطنها. وقيل: إذا ماتت عذراء أيضاً.

1395 -

(8)[صحيح لغيره] وعن ربيع الأنصاري رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد ابن أخي جابر الأنصاري، فجعل أهله يبكون عليه، فقال لهم جابر: لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصواتكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"دعهن يبكين ما دام حياً، فإذا وجب فَلْيَسْكُتْنَ".

فقال بعضهم: ما كنا نرى أن يكون موتك على فراشك حتى تقتل في سبيل الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أو ما القتل إلا في سبيل الله؟! إن شهداء أمتي إذاً لقليل! إن الطعنَ لشهادةٌ، والبطنَ شهادةٌ، والطاعونَ شهادةٌ، والنفساءَ بجمع شهادةٌ، والحَرَقَ شهادةٌ، والغَرَقَ شهادةٌ، وذاتَ الجنْبِ

(1)

شهادةٌ".

رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في "الصحيح".

قوله: (بجمع) تقدم قبله.

(فإذا وجب) أي: إذا مات.

1396 -

(9)[حسن صحيح] وعن راشد بن حبيش رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبادة بن الصامت يعوده في مرضه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

قال في "النهاية": "وهي الدبيلة، والدملة الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب وتنفجر إلى داخل، وقلما يسلم صاحبها".

ص: 151

"أتعلمون من الشهيد من أمتي؟ ".

فأرَمَّ القوم، فقال عبادة: ساندوني. فأسندوه، فقال: يا رسول الله! الصابرُ المحتسبُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن شهداءَ أمتي إذاً لقليلٌ، القتلُ في سبيل الله عز وجل شهادةٌ، والطاعونُ شهادة، والغَرَق شهادة، والبَطْنُ شهادة، والنفساء يجرها ولدها بسرره إلى الجنة، [قال: وزاد أبو العوام

(1)

سادِنُ بيت المقدس:] والحرق، والسِّلُّ".

رواه أحمد بإسناد حسن، وراشد بن حبيش صحابي معروف.

(أرم القوم) تقدم.

و (السادن) بالسين والدال المهملتين: هو الخادم.

و (السلّ) بكسر السين وضمها

(2)

وتشديد اللام: هو داء يحدث في الرئة يؤول إلى ذات الجنب. وقيل: زكام أو سعال طويل مع حمى عادية. وقيل غير ذلك.

1397 -

(10)[صحيح لغيره] وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"خمسٌ من قُبِضَ في شيءٍ منهن فهو شهيد: المقتولُ في سبيل الله شهيدٌ، والغَريقُ. . . شهيدٌ، والمبطونُ. . . شهيدٌ، والمطعونُ. . . شهيدٌ، والنُّفساءُ. . .

(3)

شهيدٌ".

رواه النسائي.

(1)

كذا وقعت في "المسند"(3/ 489) ليس فيه بيان عمن أسنده (أبو العوام)، ومن رواه عنه، وهو تابعي لا يدرى اسمه، وثقه ابن حبان (5/ 564)، لكن لهذه الزيادة شواهد، فانظرها في "أحكام الجنائز"(55 - 56 - المعارف).

(2)

لا وجه للضم هنا كما أفاده الناجي (143/ 2).

(3)

في المواضع الأربعة للنقاط قوله: "في سبيل الله"، ولما لم نجد لها شاهداً حذفناها.

ص: 152

1398 -

(11)[صحيح لغيره] وعن جابر بن عتيك رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غُلب عليه، فصاح به، فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:

"غُلبنا عليك يا أبا الربيع! ".

فصاحت النسوة، وبكَيْن، وجعل ابن عتيك يُسَكّتهُنَّ. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:

"دعهن، فإذا وجب فلا تبكَينَّ باكية".

قالوا: وما الوجوب يا رسول الله! قال: "إذا مات". قالت ابنته: والله إني لأرجو أن يكون شهيداً؛ فإنك كنت قد قضيت جهازك

(1)

. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"إن الله قد أوقع أجره على قدر نيَّته، وما تعدون الشهادة؟ ".

قالوا: القتل في سبيل الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"الشهادةُ سبعٌ سوى القتلِ في سبيل الله: المبطونُ شهيدٌ، والغَريقُ شهيدٌ، وصاحبُ ذات الجَنْب شهيد، والمطعونُ شهيدٌ، وصاحبُ الحريقِ شهيدٌ، والذي يموت تحت الهدم شهيدٌ، والمرأةُ تموت بجمعٍ شهيدٌ".

(2)

رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه".

1399 -

(12)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"الطاعون شهادةٌ لكل مسلمٍ".

رواه البخاري ومسلم.

(1)

بفتح الجيم وكسرها: ما يحتاج إليه في السفر، والمراد: تَمَّمْتَ جهاز آخرتك، وهو العمل الصالح بالموت، قاله أبو الحسن السندي.

(2)

هذا السياق أقرب ما يكون إلى رواية أبي داود (3111) مع اختلاف يسير، وفيه وفي "الموطأ" (1/ 333):"شهيدة".

ص: 153

1400 -

(13)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون؟ فقال:

"كان عذاباً يبعثه الله على من كان قبلكم، فجعله الله رحمةً للمؤمنين، ما من عبد يكون في بلد يكون فيه، ويمكث

(1)

لا يخرج صابراً مُحتسِباً، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كَتَبَ الله له؛ إلا كان له مثلُ أَجرِ شهيد".

رواه البخاري.

1401 -

(14) وعن أبي عَسيبٍ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أتاني جبرائيلُ عليه السلام بالحمى والطاعون، فأمسكتُ الحمى بالمدينة

(2)

، وأَرسلتُ الطاعون إلى الشام، فالطاعون شهادةٌ لأُمَّتي، ورجزٌ على الكافر".

رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، ورواة أحمد ثقات مشهورون.

(الرجز): العذاب.

1402 -

(15)[صحيح] وعن أبي منيب الأحدب قال:

خطب معاذ بالشام فذكر الطاعون فقال:

"إنها رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وقبض الصالحين قبلكم"، اللهم اجعل على آل معاذ نصيبهم من هذه الرحمة.

ثم نزل عن مقامه ذلك، فدخل على عبد الرحمن بن معاذ، فقال

(1)

الأصل: "فيكون فيه فيمكث"، والتصحيح من "البخاري - القدر" بتنبيه الناجي عليه، جزاه الله خيراً.

(2)

قلت: لعل هذا كان في أول هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدنية، فإنه قد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بنقل الحمى إلى الجحفة كما جاء في أحاديث تقدم بعضها في (11 - الحج /15). وراجع "فيض القدير".

ص: 154

عبد الرحمن: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} . فقال معاذ:

{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} ".

رواه أحمد بإسناد جيد.

1403 -

(16)[صحيح] وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"فناء أمتي بالطعن والطاعون".

فقيل: يا رسول الله! هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال:

"وَخْزُ أعدائكم من الجن، وفي كلٍّ شهادة".

رواه أحمد بأسانيد أحدها صحيح، وأبو يعلى والبزار والطبراني.

(الوخز) بفتح الواو وسكون الخاء المعجمة بعدها زاي: هو الطعن.

(1)

1404 -

(17)[حسن صحيح] وعن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه رضي الله عنه قال:

ذُكر الطاعون عند أبي موسى فقال: سألنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:

"وخز أعدائكم الجن، وهو لكم شهادة".

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم".

1405 -

(18)[حسن صحيح] وعن أبي بردة بن قيس أخي أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اللهم اجعل فناء أمتي قتلاً في سبيلك؛ بالطعن والطاعون".

رواه أحمد بإسناد حسن، والطبراني في "الكبير".

(1)

هو كما قال، لكن ليس بنافذ. كذا قيده أهل اللغة: الجوهري وغيره. أفاده الناجي.

ص: 155

ورواه الحاكم

(1)

وقال: "صحيح الإسناد".

1406 -

(19)[حسن] وعن العِرباض بن سارية رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"يختصم الشهداءُ والمتوفَّون على فرشهم إلى ربنا في الذين يُتَوَفَّون في الطاعون، فيقول الشهداء: قتلوا كما قتلنا. ويقول المتوَفّوْن على فرشهم: إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا. فيقول ربنا: انظروا إلى جراحهم، فإن أشبهت جراح المقتولين فإنهم منهم ومعهم، فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم".

رواه النسائي.

1407 -

(20)[حسن صحيح] وعن عتبة بن عبدٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"يأتي الشهداء والمتوفَّوْن بالطاعون، فيقول أصحاب الطاعون: نحن شهداء. فيقال: انظروا فإن كانت جراحتهم كجراح الشهداء تسيل دماً كريح المسك، فهم شهداء، فيجدونهم كذلك".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد لا بأس به، فيه إسماعيل بن عياش، روايته عن الشاميين مقبولة، وهذا منها.

(2)

ويشهد له حديث العرباض قبله.

1408 -

(21)[حسن لغيره] وعن عائشة رضي ألته عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تفنى أمتي إلا بالطعن والطاعون".

قلت: يا رسول الله! هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال:

(1)

زاد في الأصل: "من حديث أبي موسى"، وهي زيادة مفسدة للتخريج، لأنها ليست عند الحاكم (2/ 93) إلا كرواية أحمد والطبراني، وكذلك رواه ابن حبان في ترجمة (كريب بن الحارث) الراوي عن أبي بردة في كتابه "الثقات"(7/ 357). وهذا مما غفل عنه المعلقون الثلاثة، فلم يصححوا ولم يبينوا، رغم أنهم عزوه إلى الحاكم بالرقم المشار إليه!! فأين التحقيق المزعوم؟!

(2)

وكذا قال الهيثمي (2/ 314)، وفاتهما عزوه لأحمد (4/ 314)، وحسنه مع الذي قبله الحافظ في "الفتح"(10/ 194).

ص: 156

"غدّة كغدّة البعير، المقيم بها كالشهيد، والفارّ منها كالفارّ من الزحف".

رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني.

[حسن لغيره] وفي رواية لأبي يعلى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"وخزةٌ تصيب أمتي من أعدائهم من الجن كغُدَّة الإبل، من أقام عليها كان مرابطاً، ومن أصيب به كان شهيداً، ومن كفر منه كان كالفار من الزحف".

[حسن لغيره] ورواه البزار، وعنده:

قلت: يا رسول الله! هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال:

"يشبه الدمل، يخرج في الآباط والمَراقِّ

(1)

، وفيه تزكية أعمالهم، وهو لكل مسلم شهادة".

(قال المملي) رضي الله عنه: "أسانيد الكل حسان

(2)

".

1409 -

(22)[صحيح لغيره] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الطاعون:

"الفارّ منه كالفارّ من الزحف، ومن صبر فيه كان له أجر شهيد".

رواه أحمد والبزار والطبراني، وإسناد أحمد حسن.

1410 -

(23)[صحيح] وعن أبي إسحاق السبيعي قال: قال سليمان بن صرَدٍ لخالد بن عُرفطة أو خالد لسليمان

(3)

: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(1)

(المراق) بتشديد القاف: ما رقَّ من أسفل البطن ولان، ولا واحد له، وميمه زائدة. كذا في "النهاية".

(2)

قلت: ليس كذلك كما بينه الناجي (143/ 2)، لكن الحديث حسن بمجموع الطرق، ولذلك خرجته في "الصحيحة"(1928).

(3)

الأصل: "ابن سليمان"، وكذا في نسخة عمارة وغيرها. وهو خطأ فاحش، وهو من تحريف النساخ كما بينه الناجي رحمه الله (143/ 2 - 144/ 1). وهو مما غفل عنه المعلقون الثلاثة!

ص: 157

"من قَتَلَه بَطْنه لم يُعذَّبْ في قبرِه"؟

فقال أحدهما لصاحبه: نعم.

رواه الترمذي وقال:

"حديث حسن غريب". وابن حبان في "صحيحه" وقال:

"خالد بن عرفطة" من غير شك

(1)

.

(عرفطة) بضم العين المهملة والفاء جميعاً بعدهما طاء مهملة.

1411 -

(24)[صحيح] وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد".

رواه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

1412 -

(25)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قُتِلَ دون ماله فهو شهيد".

رواه البخاري والترمذي.

[صحيح] وفي رواية للترمذي وغيره قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(1)

قلت: أخرجه من طريق عبد الله بن يسار عن سليمان بن صرد وخالد بن عرفطة؛ أنهما بلغهما أن رجلاً مات ببطن، فقال أحدهما: ألم يبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فذكره). قال الآخر: صدقت، وفي رواية:"بلى" كما في "الموارد"(728)، ورواه أحمد (4/ 262) من الطريقين. انظر "أحكام الجنائز"(53/ 2 - المعارف).

ص: 158

"من أُريدَ مالُه بغير حق فقاتل، فقتل؛ فهو شهيد".

[صحيح] وفي رواية للنسائي:

"من قتل دون ماله مظلوماً، فهو شهيد".

1413 -

(26)[صحيح لغيره] وعن سويد بن مُقّرن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قتل دون مظلمته فهو شهيد".

رواه النسائي.

1414 -

(27)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أرأيتَ إنْ جاء رجلٌ أخذ مالي؟ قال:

"فلا تعطه مالك".

قال: أرأيتَ إنْ قاتلني؟ قال:

"قاتله".

قال: أرأيتَ إن قتلني؟ قال:

"فأنت شهيد".

قال: أرأيت إن قَتَلتُه؟ قال:

"هو في النار".

[صحيح] رواه مسلم والنسائي، ولفظه: قال:

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أرأيت إن عُدِيَ على مالي؟ قال:

"فانشد بالله".

ص: 159

قال: فإن أبوا عليَّ؟ قال:

"فانشد بالله".

قال: فإن أبوا عليَّ؟ قال:

"فانشد بالله".

قال: فإن أبوا عليَّ؟ قال:

"فقاتل، فإن قُتِلتَ ففي الجنة، وإن قَتَلْتَ ففي النار".

ص: 160

‌13 - كِتابُ قِراءَةِ القرآنِ.

‌1 - (الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها، وفضل تعلمه وتعليمه، والترغيب في سجود التلاوة).

1415 -

(1)[صحيح] عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"خيرُكم من تعلَّم القرآن وعَلَّمَه".

رواه البخاري ومسلم

(1)

وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم.

1416 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنةُ بعشر أمثالها، لا أَقول {ألم} حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح غريب".

1417 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوتِ الله يتلون كتابَ الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نَزَلَتْ عليهم السكينَةُ، وغشيتْهم الرحمةُ، وحفَّتْهم الملائكة، وذكرهم اللهُ فيمن عنده".

رواه مسلم وأبو داود وغيرهما [مضى 3 - العلم/ 1 - باب/ 3 - حديث].

(1)

ذِكْرُ مسلم هنا سبقُ قلم من المؤلف رحمه الله تعالى. فإنه لم يخرجه أصلاً كما نبه عليه الحافظ الناجي. وعكسه ما فعله السيوطي في "الجامع"، فإنه عزاه لأصحاب السنن الأربعة المذكورين دون الشيخين من حديث عثمان، وإنما عزاه للبخاري من حديث علي! وإنما هو عند الدارمي دون البخاري، كما بينته في "الصحيحة"(1172 و 1173).

ص: 161

1418 -

(4)[صحيح] وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال:

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصُّفة فقال:

"أيكم يحب أن يغدوَ كل يوم إلى (بُطحان) أو إلى (العقيق) فيأتي منه بناقتين كوماوين، في غير إثم، ولا قطع رحم؟ ".

فقلنا: يا رسول الله! كلنا يحبُّ ذلك. قال:

"أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فَيَعْلَم

(1)

أو فيقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل؛ خيرٌ له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل؟! ".

رواه مسلم وأبو داود، وعنده:

"كوماوين زَهْراوين، بغير إثم بالله عز وجل، ولا قطع رحم".

قالوا: كلنا يا رسول الله. قال:

"فلأن يَغدو أحدكم كلَّ يوم إلى المسجد فَيَعْلَم آيتين من كتاب الله، خيرٌ له من ناقتين، وإن ثلاثٌ فثلاثٌ مثل أعدادهن".

(بُطحان) بضم الباء وسكون الطاء: موضع بالمدينة.

و (الكوماء) بفتح الكاف وسكون الواو وبالمد: هي الناقة العظيمة السَّنام.

1419 -

(5)[صحيح] وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مثلُ المؤمنِ الذي يقرأُ القرآن مثل الأُتْرُجَّة، ريحُها طيبٌ، وطعمُها طيبٌ.

ومثلُ المؤمنِ الذي لا يقرأُ القرآنَ كمثل التمرة، لا ريحَ لها، وطعمُها حلوٌ.

(1)

كذا في "مسلم"(2/ 197)، وفي "أبي داود"(1456) وأحمد أيضاً (4/ 154)، وابن الضريس في "فضائل القرآن"(ص 48)، والطبراني "الكبير" (17/ 290/ 799):"فيتعلم".

ص: 162

ومثلُ المنافقِ الذي يقرأُ القرآنَ مثلُ الريحانةِ، ريحُها طيبٌ، وطعمُها مرّ.

ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآنَ كمثلِ الحنظلةِ، ليس لها ريحٌ، وطعمُها مرٌّ".

وفي رواية:

"مثل الفاجر" بدل "المنافق".

رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه.

1420 -

(6)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مثلُ المؤمنِ الذي يقرأ القرآن مثل الأُتْرُجَّة، ريحها طيبٌ، وطعمها طيب.

ومثلُ المؤمنِ الذي لا يقرأُ القرآنَ كمثلِ التمرةِ، لا ريحَ لها، وطعمُها طيبٌ.

ومثل الفاجرِ الذي يقرأ القرآنَ كمثلِ الريحانةِ، ريحُها طيبٌ، وطعمها مرٌّ.

ومثل الفاجرِ الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمُها مرّ ولا ريحَ لها.

ومثل الجليس الصالح كمثلِ صاحب المسكِ، إن لم يصبْك منه شيء؛ أصابَكَ من ريحِهِ.

ومثل الجليس السوءِ كمثلِ صاحبِ الكيرِ، إن لم يصبْك من سوادِه؛ أصابَك من دخانِه".

رواه أبو داود.

1421 -

(7)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الماهرُ بالقرآنِ مع السفرةِ الكرامِ البررةِ، والذي يقرأُ القرآنَ ويُتَعْتِعُ فيه،

ص: 163

وهو عليه شاقٌّ له أجران".

وفي رواية:

"والذي يقرؤه وهو يشتد عليه له أجران".

رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1422 -

(8)[حسن لغيره] وعن أبي ذر رضي الله عنه قال:

قلت: يا رسول الله! أوصني. قال:

"عليك بتقوى الله؛ فإنه رأس الأمرِ كلِّه".

قلت: يا رسول الله! زدني. قال:

"عليك بتلاوة القرآن، فإنه نور لك في الأرض، وذخرٌ لك في السماء".

رواه ابن حبان في "صحيحه" في حديث طويل.

1423 -

(9)[صحيح] وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"القرآنُ شافعٌ مشفَّع، وماحِلٌ مصدَّق، من جعله أمامَه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(ماحِل) بكسر الحاء المهملة؛ أي: ساع. وقيل: خصم مجادل.

1424 -

(10)[صحيح] وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"اقروا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" الحديث.

رواه مسلم. ويأتي بتمامه إن شاء الله [6 - الترغيب في قراءة سورة البقرة].

1425 -

(11)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

ص: 164

"يجيء صاحبُ القرآن يومَ القيامةِ، فيقولُ القرآنُ: يا ربِّ حَلِّه، فَيُلْبَسُ تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيُلْبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيرضى عنه، فيقال له: اقرأ، وارقَ، ويزاد بكل آية حسنة".

رواه الترمذي وحسنه، وابن خزيمة والحاكم وقال:"صحيح الإسناد".

1426 -

(12)[حسن صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يقال لصاحب القرآن: اقرأْ وارقَ، ورتّلْ كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلك عند آخر آية

(1)

تقرؤها".

رواها الترمذي وأبو داود وابن ماجه

(2)

وابن حبان في "صحيحه" وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

قال الخطابي:

"جاء في الأثر: أن عدد آي القرآن على قدر دَرَج الجنة، فيقال للقارئ: ارقَ في الدرج على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن، فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة في الآخرة، ومن قرأ جزءاً منه كان رُقيهُ في الدرج على قدر ذلك، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة"

(3)

.

(1)

زاد ابن حبان: "كنت". والمراد بـ "صاحب القرآن" حافظه والتالي له العامل به، كما حققه الشيخ علي القاري في "المرقاة"(2/ 589)، فراجعه إن شئت، فإنه ليس المراد مجرد القراءة كما يظهر من كلام الخطابي الآتي في الكتاب.

(2)

عزوه لابن ماجه من حديث ابن عمرو خطأ، فإنه عنده (3780) من حديث أبي سعيد الخدري. وهذا أيضاً مما غفل عنه المعلقون الثلاثة، فلم ينبهوا على الخطأ!

وأسوأ منه عزو الأستاذ الدعاس الحديث للبخاري في تعليقه على "الترمذي"(8/ 117) معتمداً في ذلك على "تيسير الوصول"!

(3)

"معالم السنن"(2/ 136)، وليس فيه:"في الآخرة". وانظر التعليق المتقدم.

ص: 165

1427 -

(13)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله هذا الكتاب، فقام به آناء الليل وآناء النهار، ورجل أعطاه الله مالاً، فتصدق به آناء الليل وآناء النهار".

رواه البخاري ومسلم [مضى 6 - النوافل/ 11 - قيام الليل].

1428 -

(14)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا حسد إلا في اثنتين: رجلٌ علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أُوتيت مثل ما أُوتي فلان؛ فعملت مثل ما يعمل. ورجل آتاه الله مالاً، فهو يُهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أُوتيتُ مثلَ ما أُوتي فلان؛ فعملت مثل ما يعمل".

رواه البخاري.

(قال المملي:)"والمراد بالحسد هنا الغبطة، وهو تمني مثل ما للمحسود، لا تمني زوال تلك النعمة عنه، فإن ذلك الحسد المذموم".

1429 -

(15)[صحيح] وعنه [يعني عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما]؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: ربِّ إني منعته الطعامَ والشرابَ بالنهار؛ فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعتُه النوم بالليل؛ فشفعني فيه، فَيُشَفَّعان".

رواه أحمد، وابن أبي الدنيا في "كتاب الجوع"، والطبراني في "الكبير"، والحاكم واللفظ له، وقال:"صحيح على شرط مسلم". [مضى 9 - الصوم/1].

ص: 166

1430 -

(16)[صحيح] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

أن أُسَيْد بن حُضير بينما هو ليلة يقرأ في مِربَدِه

(1)

، إذْ جالت فرسُه فقرأ، ثم جالت أخرى فقرأ، ثم جالت أيضاً، قال أُسيد: فخشيتُ أن تطأ يحيى

(2)

، فقمت إليها، فإذا مثل الظُّلَّةِ فوق رأسي فيها أمثال السُّرُج عَرَجَت في الجو حتى ما أراها. قال: فغدوتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت:

يا رسول الله! بينما أنا البارحة في جوف الليل اقرأُ في مِربَدي، إذ جالت فرسي، -فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اقرأ ابن حضير! ".

قال: -فقرأت، ثم جالت أيضاً،- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اقرأ ابن حضير! ".

قال: -فقرأت ثم جالت أيضاً،- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اقرأ ابن حضير! ".

قال: -فانصرفتُ

(3)

وكان يحيى قريباً منها، خشيتُ أن تطأه، فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السُّرُج عَرَجَتْ في الجو حتى ما أراها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"تلك الملائكة [كانت]، تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس، ما تَسْتَتِرُ منهم".

رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.

(1)

بكسر الميم وفتح الموحدة: الموضع الذي ييبس فيه التمر، كالبيدر للحنطة ونحوها.

(2)

وهو ابنه، كما يأتي.

(3)

أي: إلى ابنه يحيى كما في رواية البخاري، وهي عنده معلقة.

ص: 167

1431 -

(17)[صحيح] ورواه الحاكم بنحوه باختصار، وقال فيه:

فالتفَتُّ فإذا أُمثال المصابيح مُدلاةٌ بين السماء والأرض. فقال: يا رسول الله! ما استطعت أن أَمضي. فقال:

"تلك الملائكة نزلت لقراءة القرآن، أما إنك لو مضيت لرأَيت العجائب".

وقال: "صحيح على شرط مسلم"

(1)

.

(الظُّلَّة) بضم الظاء المعجمة وتشديد اللام: هي الغاشية. وقيل: السحابة.

1432 -

(18)[صحيح] وعن أنْس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن لله أهلين من الناس".

قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال:

"أهل القرآن هم أهل الله وخاصته".

رواه النسائي وابن ماجه والحاكم؛ كلهم عن ابن مهدي: حدثنا عبد الرحمن بن بديل عن أبيه عن أنس. وقال الحاكم:

"يروى من ثلاثة أوجه عن أنس، هذا أجودها".

(قال المملي) الحافظ عبد العظيم: "وهو إسناد صحيح".

(1)

قلت: ولكنه عند الحاكم من حديث أسيد نفسه؛ خلافاً لما يوهمه صنيع المؤلف رحمه الله، وكذلك رواه ابن حبان، وسيأتي لفظه في الكتاب (6 - الترغيب في قراءة سورة البقرة. .)، ولذلك أعطيته رقماً خاصاً.

وغفل عن ذلك المعلقون كعادتهم، فقلدوا المؤلف في عزوه للحاكم، فقرنوا به الجزء والصفحة، كما عزوه هناك تقليداً له أيضاً لكن زادوا رقمه! ولو كانوا من أهل العلم والبحث -كما يتظاهرن- لبينوا خطأ عزوه للحاكم هنا، وعزوه إليه هناك!!

ص: 168

1433 -

(19)[صحيح لغيره] وعن عمران بن حصين رضي الله عنه؛ أنه مر على قارئ يقرأ، ثم سأل، فاسترجع ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من قرأ القرآن فليسأل الله به؛ فإنه سيجيء أقوام يقرؤن القرآن، يسألون به الناس".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن".

1434 -

(20)[حسن لغيره] وعن بُريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قرأَ القرآنَ وتعلَّمه وعملَ به؛ أُلبسَ والداه يومَ القيامةِ تاجاً من نورٍ، ضوؤه مثلُ ضوءِ الشمسِ، ويكسى والداه حُلّتان لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بمَ كُسينا هذا؟ فيقال: بأخذِ ولدكما القرآنَ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم".

(1)

1435 -

(21)[صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

من قرأ القرآن لم يُرَدَّ إلى أرذل العمر، وذلك قوله:{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} ، قال:[إلا]

(2)

الذين قرأوا القرآن.

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

1436 -

(22)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قرأ عشر آيات في ليلةٍ؛ لم يُكتب من الغافلين".

(1)

له شاهد يقويه مخرج في "الصحيحة"(2829).

(2)

سقطت من الأصل واستدركتها من الحاكم (2/ 528 - 529) و"الشعب"(2/ 556)، وصححه الذهبي أيضاً، وضعفه الجهلة وقالوا:"وفيه عكرمة مولى ابن عباس تكلم فيه"!! وقد احتج به الشيخان وسائر الستة، والكلام الذي أشاروا إليه لا يصح فيه كما قال الحافظ في "التقريب":"ثقة ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا يثبت عنه بدعة".

ص: 169

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم". [مضى 6 - النوافل/ 11 - آخره].

1437 -

(23)[صحيح] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من حافظ على هؤلاء الصلواتِ المكتوباتِ؛ لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ في ليلة مئة آية؛ كتب من القانتين".

رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم، واللفظ له، وقال:"صحيح على شرطهما".

(قال الحافظ): "وقد تقدم في صلاة الليل أحاديث نحو هذا"[6 - قيام الليل/ 11].

1438 -

(24)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا قرأَ ابنُ آدم السجدة فسجد؛ اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله، -وفي رواية: يا ويلي- أُمِرَ ابنُ آدم بالسجودِ فسجد، فله الجنة، وأمِرْتُ بالسجود فأبيتُ، فلي النار".

رواه مسلم وابن ماجه.

1439 -

(25)[صحيح لغيره] ورواه البزار من حديث أنس.

1440 -

(26)[صحيح لغيره موقوف] ورواه الطبراني عن أبي إسحاق عن ابن مسعود موقوفاً قال:

إذا رأى الشيطان ابنَ آدم ساجداً صاح وقال: يا ويله -ويل الشيطان- أمر اللهُ ابنَ آدم أن يسجد وله الجنة؛ فأطاع، وأمرني أن أسجد؛ فعصيتُ؛ فلي النار.

1441 -

(27)[حسن لغيره] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني رأيتُ في هذه الليلة فيما يرى النائمُ كأني أصلي خلفَ شجرةٍ، فرأيت كأني قرأت سجدة،

ص: 170

فرأيتُ الشجرةَ كأنها تسجد بسجودي، فسمعتها وهي ساجدة وهي تقول:

"اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما تقبَّلت من عبدك داود".

قال ابن عباس: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة، فسمعتُه وهو ساجدٌ يقول مثلَ ما قال الرجلُ عن كلام الشجرة.

رواه الترمذي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له.

(قال الحافظ): "رووه كلهم عن محمد بن يزيد بن خنيس عن الحسن بن محمد بن عبد الله بن أبي يزيد عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس. وقال الترمذي "حديث [حسن] غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه"

(1)

انتهى.

والحسن؛ قال بعضهم: "لم يرو عنه غير محمد بن يزيد".

وقال العقيلي:

"لا يتابع على حديثه".

1442 -

(28)[حسن لغيره] ورواه أبو يعلى والطبراني من حديث أبي سعيد الخدري قال:

رأيتُ فيما يرى النائم كأني تحت شجرة، وكأن الشجرة تقرأ {ص} ، فلما أتت على (السجدة) سَجَدَتْ، فقالت في سجودها:

"اللهم اغفر لي بها، اللهم حُطَّ عني بها وزراً، وأحدث لي بها شكراً، وتقبَّلها مني كما تقبَّلت من عبدك داود سجدته".

(1)

وقد صرح المعلقون الثلاثة بتضعيفه مع نقلهم تحسين الترمذي وتصحيح ابن حبان والحاكم والذهبي؛ دون أن يبينوا وجه التضعيف المزعوم، وقد خرجت الحديث وبينت حسنه في "الصحيحة"(2710).

ص: 171

فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال:

"سجدت يا أبا سعيد؟ ".

قلت: لا. قال:

"فأنت أحق بالسجود من الشجرة".

ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة {ص} ، ثم أتى السجدة فسجد، وقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها.

وفي إسناده يمان بن نصر لا أعرفه.

(1)

1443 -

(29)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

"أن النبي صلى الله عليه وسلم كُتِبَتْ عنده سورةُ {النجمِ}، فلما بلغَ السجدةَ سجدَ! وسجَدْنا معه، وسجدتِ الدواةُ والقلمُ".

رواه البزار بإسناد جيد.

(2)

(1)

بل هو معروف روى عنه جمع، وثقه ابن حبان، والعلة ممن فوقه، فانظر "الصحيحة"(2710).

(2)

وهو كما قال، وبيانه في "الصحيحة"(3035).

ص: 172

‌2 - (الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمه، وما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء).

1444 -

(1)[حسن لغيره موقوف] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

إن أصفَر

(1)

البيوتِ بيتٌ ليسَ فيه شيءٌ من كتابِ الله.

رواه الحاكم موقوفاً، وقال:"رفعه بعضهم".

‌3 - (الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن).

[لم يذكر تحته حديثاً على شرط كتابنا].

(1)

الأصل: "أصغر"، والتصويب من "المستدرك"(1/ 566) و"الشعب"(2/ 343) و"نهاية ابن الأثير"، أي: أفرغها وأجوعها. وهذا التصويب مما فات المحققين الثلاثة -زعموا-! ولم يصدروا تعليقهم ببيان مرتبته خلافاً لعادتهم. وإنما أعادوا قول المؤلف: "موقوف"!

ص: 173

‌4 - (الترغيب في تعاهد القرآن وتحسين الصوت به).

1445 -

(1)[صحيح] عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المُعَقَّلَة؛ إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت".

رواه البخاري ومسلم.

وزاد مسلم في رواية:

"وإذا قامَ صاحبُ القرآنِ فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإذا لم يقم به نسيه".

1446 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"بئسما لأحدهم يقول: نَسيتُ آية كيت وكيت، بل هو نُسِّيَ

(1)

، استذكروا القرآن، فلهو أشد تَفَصِّياً

(2)

من صدور الرجال من النَّعَم بعقلها".

رواه البخاري هكذا، ومسلم موقوفاً.

(3)

(1)

فيه إشارة إلى ذم من لا يتعاهد القرآن ولا يستذكره، إذ لا يقع النسيان إلا بترك التعاهد وكثرة الغفلة، فلو تعاهده بتلاوته والقيام به في الصلاة لدام حفظه وتذكره، فإذا قال الإنسان: نسيت الآية الفلانية، فكأنه شهد على نفسه بالتفريط، فيكون متعلق الذم ترك الاستذكار والتعاهد، لأنه الذي يورث النسيان. أفاده في "الفتح".

(2)

(التفصي): التخلص، يقال: تفصى فلان من البلية إذا تخلص منها؛ ومنه تفصي النوى من التمرة إذا تخلص منها. أي أن القرآن أشد تفلتاً من الصدور من النعم إذا أرسلت من غير عقال. ذكره ابن كثير في "فضائل القرآن"(ص 70).

(3)

هذا يوهم أن مسلماً لم يروه مرفوعاً، والواقع أنه رواه مرفوعاً وموقوفاً (2/ 191).

ص: 174

1447 -

(3)[صحيح] وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"تعاهدوا القرآن، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها".

رواه مسلم

(1)

.

1448 -

(4)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما أذِنَ الله لشيءٍ كما

(2)

أذِنَ لنبيٍّ حسنِ الصوتِ يتغنى بالقرآن يجهر به".

رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- وأبو داود والنسائي.

(قال الحافظ):

" (أذِن) بكسر الذال: أي ما استمع لشيء من كلام الناس كما استمع الله إلى من تغنى بالقرآن، أي يحسن به صوته. وذهب سفيان بن عيينة وغيره إلى أنه من الاستغناء، وهو مردود".

1449 -

(5)[صحيح] وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"زيِّنوا القرآن بأصواتكم".

رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.

قال الخطابي:

"معناه: زينوا أصواتكم بالقرآن. هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث، وزعموا أنه

(1)

قلت: والبخاري أيضاً، لكن بلفظ "تفصياً" بدل "تفلتاً"، والمعنى واحد.

(2)

لفظ مسلم في هذا السياق: "ما"، ولكن في رواية أخرى عنده قبل هذه بلفظ:"كما يأذن". فقول الناجي (145/ 1) أن الكاف زادها المصنف من عنده؛ سهو منه.

ص: 175

من باب المقلوب كما قالوا: عرضت الناقة على الحوض. أي عرضت الحوض على الناقة.

وكقولهم: إذا طلعت الشَّعرى واستوى العود على الحرباء. أي استوى الحرباء على العود".

ثم روى بإسناده عن شعبة قال: نهاني أيوب أن أحدث:

"زينوا القرآن بأصواتكم". قال:

"ورواه معمر عن منصور عن طلحة؛ فقدم الأصوات على القرآن. وهو الصحيح، أخبرناه محمد بن هاشم: حدثنا الدَّبَري عن عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن منصور عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"زينوا أصواتكم بالقرآن".

(1)

والمعنى: أشغلوا أصواتكم بالقرآن والهجوا به، واتخذوه شعاراً وزينة" انتهى

(2)

.

(1)

قلت: منكر بهذا اللفظ.

(2)

أي: كلام الخطابي، وهو في كتابه "معالم السنن"(2/ 137 - 138).

وأقول: لقد تكلف الخطابي -عفا الله عنه- فيما ذهب إليه أن معنى الحديث على القلب، وزعمه أن الحديث نفسه مقلوب والصحيح فيه:"زينوا أصواتكم. . ."، محتجاً على ذلك برواية الدبري، وهو متكلم فيه، وقد خالفه الإمام أحمد وغيره، فرووه بلفظ أبي داود المحفوظ، فخالف في ذلك كل من خرج الحديث، بله من صححه كابن حبان والحاكم والذهبي وابن كثير، وقد رددت عليه مفصلاً، وبينت خطأه في ذلك من حيث الصناعة الحديثية، وأكدت أن معنى الحديث على ظاهره كما تدل عليه أحاديث الباب، ودعمت ذلك بنقول كثيرة عن العلماء والحديث، كقوله صلى الله عليه وسلم في بعض طرقه:"فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً"، رواه الدارمي والحاكم وتمام وغيرهم، وإسناده جيد، وهو مخرج في "الصحيحة"(771)، وكل ذلك مبين في "الأحاديث الضعيفة" تحت الحديث رقم (5326). وقد أخطأ خطأ فاحشاً المعلق على رسالة الشيخ عبد الغني النابلسي "إيضاح الدلالات في سماع الآلات" محققه أحمد راتب حموش فقال:"رواه البخاري والدارمي وابن حنبل وأبو داود والترمذي والنسائي"، وهذا خلط عجيب لم يروه أحد من هؤلاء بهذه الزيادة سوى الدارمي، ولقد أخطأ المذكور أخطاء فاحشة في تعليقاته الكثيرة على هذا الكتيب، أهمها أنه ما كان ينبغي لمثله أن يساعد على نشر مثل هذا الكتاب للشيخ عبد الغني الصوفي الذي يبيح فيه آلات الطرب بكل أشكالها وأنواعها بدعوى أن ذلك يختلف باختلاف النية، فمن كانت نيته حسنة في الاستماع إليها فهو مباح، ولقد ذكرني هذا بقصة كانت جرت بيني وبين أحد طلبة العلم حينما جاءني في دكاني ليصلح ساعته عندي، وجدته قد تأبط ألواحاً مستديرة كانت تستعمل قديماً =

ص: 176

1450 -

(6)[صحيح لغيره] ورُوي عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن من أحسن الناس صوتاً بالقرآن؛ الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله".

رواه ابن ماجه أيضاً.

1451 -

(7)[صحيح] وعن ابن أبي مُلَيْكةَ قال: قال عبيد الله بن أبي يزيد:

مرَّ بنا أبو لبابة، فاتَّبَعْناه حتى دخل بيته، فدخلنا عليه، فإذا رجل رثُّ الهيئة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ليس منا من لم يَتَغَنَّ بالقرآن".

قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد! أَرأَيت إن لم يكن حسن الصوت؟ قال: يُحَسِّنهُ ما استطاع.

رواه أبو داود. والمرفوع منه في "الصحيحين"

(1)

من حديث أبي هريرة.

= لسماع الأغاني بجهاز يعرف بالفونوغراف، فقلت له متعمداً: أنت تغني؟ فقال: لا، أنا لا أغني، أنا أسمع، قلت: ماذا تسمع؟ قال: أسمع أم كلثوم، أجلس بجانب هذا الجهاز وبيدي المسبحة، وأسمع فأتذكر غناء الحور العين في الجنة! فقلت له: ويحكم -أو ما في معناه- إن أخشى ما أخشاه أن يأتي على أحدكم يوم يستحل شرب الخمر بدعوى أنه يتذكر خمر الجنة!!

إلى هنا وصل الصوفية وبإشاعة الشيخ عبد الغني النابلسي الضلال بين المسلمين، فهل من معتبر.

والمعلق المذكور جاءتني أخبار عنه بأنه سلفي، فإذا صحت، فلا شك أنه علق هذه التعليقات وسكت عن ضلالات الشيخ النابلسي قبل أن يهديه الله إلى السلفية، ذلك ما نظنه، والله تعالى هو العليم بما في الصدور.

قلت: أما المعلقون الثلاثة فما علقوا على كلام الخطابي المذكور آنفاً ولا بحرف! وسكتوا عن هذا الحديث المنكر، ذلك مبلغهم من العلم.

(1)

كذا قال، وهو وهم نبَّه عليه الناجي، فإن مسلماً لم يروه أصلاً. على أن هذا اللفظ غير محفوظ عن أبي هريرة، وإنما المحفوظ عنه اللفظ المتقدم في أول الباب برقم (4)، وإن خفي ذلك على بعض المشتغلين بالتعليق والتصحيح لبعض كتب السنة، كما كنت حققته في الرد عليه في كتابي "صفة الصلاة"(ص 127 - 130 - الطبعة الخامسة). كما غفل عن ذلك المعلقون الثلاثة، وزادوا في الطين بلة أنهم عزوه لمسلم برقم (792)! وهذا حديث آخر، وهو المشار إليه آنفاً!

ص: 177

‌5 - (الترغيب في قراءة سورة {الفاتحة}، وما جاء في رفضها).

1452 -

(1)[صحيح] عن أبي سعيد بن المُعلَّى رضي الله عنه قال:

كنت أصلي بالمسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أجبه، ثم أتيته، فقلتُ: يا رسول الله! إني كنت أصلي. فقال:

"ألم يقل الله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}؟ "، ثم قال:

"لأعَلِّمَنَّكَ سورة هي أعظم سورةٍ في القرآن قبل أن تخرج من المسجد".

فأَخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت: يا رسول الله! إنك قلت:

"لأعلمنَّك أعظم سورة في القرآن". قال:

" {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته".

رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

(قال الحافظ:) "أبو سعيد هذا لا يعرف اسمه، وقيل اسمه: رافع بن أوس. وقيل:

الحارث بن نفيع بن المعلى، ورجحه أبو عمر النمري، وقيل غير ذلك. والله أعلم".

1453 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أُبيِّ بن كعب فقال:

"يا أبَيّ! ". وهو يصلي، فالتفت أُبَيّ فلم يجبه، وصلى أُبَيّ فخفّف، ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

السلام عليك يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"وعليك السلام، ما منعك يا أُبيُّ أن تجيبني إذ دعوتُك؟ ".

فقال: يا رسول الله! إني كنتُ في الصلاة. قال:

"فلم تجد فيما أوحى الله إليَّ أن {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا

ص: 178

يُحْيِيكُمْ}؟ ".

قال: بلى، ولا أعود إن شاء الله. قال:

"أتحب أن أعلمك سورةً لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلُها".

قال: نعم يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"كيف تقرأ في الصلاة؟ ". قال: فقرأ (أم القرآن) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"والذي نفسي بيده، ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبعٌ من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم باختصار عن أبي هريرة عن أبيَّ. وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم".

(1)

1454 -

(3)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال:

كان النبي في مسير فنزل، ونزل رجل إلى جانبه، قال: فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

(1)

قلت: هذا يوهم أن المختصَر عن أبي هريرة عن أُبَيٌ لم يخرجه الترمذي، وليس كذلك، فإنه أخرج الأول (2878) من طريق عبد العزيز بن محمد -وهو الدراوردي- عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة. . ثم أخرج الآخر (3124) من طريق عبد الحميد بن جعفر عن العلاء به، إلا أنه قال:"عن أبي هريرة عن أبَيّ بن كعب". ثم ساق إسناده من الوجه الأول وقال: "حديث عبد العزيز بن محمد أطول وأتم، وهذا أصح من حديث عبد الحميد بن جعفر، وهكذا روى غير واحد عن العلاء بن عبد الرحمن"، قلت: منهم عبد الرحمن بن إبراهيم عند أحمد (2/ 412 - 413)، وتابعه عنده (2/ 440) المقبري عن أبي هريرة به مختصراً.

ص: 179

"ألا أخبرك بأَفضل القرآن؟ ".

قال: بلى. فتلا {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .

رواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

1455 -

(4)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"قالَ الله تعالى: قَسمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سألَ، -وفي رواية: فنصفُها لي ونصفُها لعبدي-.

فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، قال الله: حمدني عبدي.

فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، قال: أثنى عليّ عبدي.

فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، قال: مَجَّدَني عبدي.

إذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل.

فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، قال: هذا لعبدي. ولعبدي ما سأَل".

رواه مسلم.

قوله: "قسمت الصلاة" يعني: القراءة، بدليل تفسيره بها، وقد تُسمى القراءة صلاة لكونها جزءاً من أجزائها. والله أعلم.

1456 -

(5)[صحيح] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال:

بينما جبرائيل عليه السلام قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه، فرفع رأسه

(1)

فقال:

(1)

قلت: في رواية النسائي (1/ 145): "فرفع جبريل بصره إلى السماء". وكذا رواه ابن نصر في "قيام الليل"(ص 65)، وإسناده صحيح، وعليه فلفظ الحديث هو لجبريل عليه السلام، وليس للنبي صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر رواية مسلم، ويؤكده قوله:"أبشر بنورين أوتيتهما".

ص: 180

"هذا باب من السماء فُتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه مَلَك فقال:

هذا مَلَك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم وقال:

أَبشِرْ بنورين أوتيتَهما، لم يُؤتَهما نبيٌّ قبلك؛ فاتحةِ الكتابِ، وخواتيمِ سورة {البقرة} ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيتَه".

رواه مسلم والنسائي والحاكم، وقال:

"صحيح على شرطهما".

(النقيض) بالمعجمة: هو الصوت.

1457 -

(6)[حسن] وعن واثلة بن الأسقع؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"أُعطيتُ مكانَ التوراةِ السبعَ

(1)

، وأَعطيتُ مكان الزبور المئين

(2)

، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني

(3)

، وفضِّلتُ بـ (المفصَّل)

(4)

".

رواه أحمد، وفي إسناده عمران القطان.

(1)

يعني السور السبع الطوال، وهي من {البقرة} إلى {براءة} .

(2)

وهي من السور ما كان فيها مئة آية فأكثر.

(3)

أي: السبع المثاني. وهي الفاتحة كما تقدم، وسميت بذلك لأنها تثنى في كل صلاة.

(4)

والمراد به السور التي كثرت فصولها، وهي من {الحجرات} إلى آخر القرآن على الصحيح، كما في "فتح الباري"(9/ 74).

ص: 181

‌6 - (الترغيب في قراءة سورة {البقرة} وخواتيمها و {آل عمران}، وما جاء فيمن قرأ آخر {آل عمران} فلم يتفكر فيها).

1458 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا تجعلوا بيوتَكم مقابرَ، إن الشيطانَ يَفِرُّ من البيت الذي تُقرأ فيه سورة {البقرة} ".

رواه مسلم والنسائي والترمذي.

1459 -

(2)[صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

بينما جبرائيل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه، فرفع رأسه

(1)

فقال:

"هذا باب من السماء فتح [اليوم]، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال:

هذا ملك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم وقال:

أبشر بنورين أوتيتَهما لم يؤتهما نبيٌّ قبلك؛ فاتحةُ الكتاب، وخواتيمُ سورة {البقرة} ، لن تقرأَ بحرف منهما إلا أعطيته".

رواه مسلم والنسائي والحاكم وتقدم. [قبل حديثين].

1460 -

(3)[صحيح] وعن أبي أمامة الباهلى رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين:{البقرة} وسورة {آل عمران} ؛ فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان، أو كأنهما فِرقانِ من طيرٍ صوافّ، تُحاجّان عن

(1)

أي: جبريل كما تقدم قريباً.

ص: 182

أصحابهما. اقرؤوا سورة {البقرة} ؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلة".

قال معاوية بن سلاّم: بلغني أن البطلة: السحرة.

رواه مسلم.

(الغيايتان): مثنى (غياية) بغين معجمة ويائين مثناتين تحت: وهي كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه، كالسحابة والغاشية ونحوهما.

(وفرقان) أي: قطعتان.

1461 -

(4)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لكلِّ شيءٍ سنامٌ، إن سنامَ القرآنِ سورةُ {البقرة} . . .

(1)

".

رواه الترمذي عن حكيم بن جبير عن أبي صالح عن أبي هريرة وقال:

"حديث غريب".

1462 -

(5)[حسن لغيره] وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن لكل شيء سِناماً، وإن سنامَ القرآنِ سورةُ {البقرة}. . .".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

1463 -

(6)[صحيح] وعن عبد الله

(2)

قال:

"اقرؤوا سورة {البقرة} في بيوتكم، فإن الشيطان لا يدخل بيتاً يقرأ فيه سورة {البقرة} ".

رواه الحاكم موقوفاً هكذا، وقال:"صحيح على شرطهما".

[حسن] ورواه عن زائدة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي الأحوص عن عبد الله فرفعه.

(قال الحافظ:)"وهذا إسناد حسن بما تقدم. والله أعلم".

(1)

في الأصل هنا: "وفيها آية هي سيدة آي القرآن"، وهي من حصة الكتاب الآخر.

(2)

هو ابن مسعود رضي الله عنه.

ص: 183

1464 -

(7)[صحيح] وعن أسَيد بن حُضير رضي الله عنه؛ أنه قال:

يا رسول الله! بينما أنا أقرأ الليلة سورة {البقرة} إذ سمعت وجْبة من خلفي، فظننتُ أن فرسي انطلق، -فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقرأ أبا عتيك"- فالتفتُّ فإذا مثل المصباح مُدَلّىً بين السماء والأرض، -ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"اقرأ أبا عتيك"- فقال: يا رسول الله! فما استطعت أن أَمضي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"تلك الملائكة تنزلت لقراءة سورة {البقرة}، أما إنك لو مضيت لرأيت العجائب".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(1)

ورواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد بنحوه، وتقدم [12 - الجهاد/ 1].

1465 -

(8)[صحيح] وعن النوّاس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

"يؤتى بالقرآن يومَ القيامة وأهلِه الذين كانوا يعملون به في الدنيا، تَقدُمُه سورة {البقرة} و {آل عمران}، -وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسِيتهن بعد- قال: كأنهما غمامتان أو ظُلَّتان سوداوان، بينهما شَرْق، أو كأنهما فِرقانٍ من طيرٍ صوافّ، تُحاجّان عن صاحبهما".

رواه مسلم، والترمذي وقال:

"حديث حسن غريب، ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم: أنه يجيء ثواب قراءته.

كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبهه من الأحاديث؛ أنه يجيء ثواب قراءة

(1)

قلت: وكذا رواه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 26 - 27) وغيره كالحاكم (1/ 554)، وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وعزاه إليه المؤلف فيما تقدم من حديث أبي سعيد، وهو من أوهامه، قلده فيه المعلقون الثلاثة كما تقدم بيانه هناك.

ص: 184

القرآن، وفي حديث نواس -يعني هذا- ما يدل على ما فسروا إذ قال:"وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا" ففي هذا دلالة على أنه يجيء ثواب العمل" انتهى.

قوله: "بينهما شرق": هو بفتح المعجمة وقد تكسر وبسكون الراء

(1)

بعدهما قاف؛ أي: بينهما فرق يضيء.

1466 -

(9)[حسن صحيح] وعن ابن بريدة عن أبيه مرفوعاً:

"تعلموا {البقرة} و {آل عمران}، فإنهما الزهراوان، يظلان صاحبَهما يوم القيامة كأَنهما غمامتان، أو غيايتان، أو فِرقان من طيرٍ صوافَّ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم".

1467 -

(10)[صحيح] وعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إن اللهَ كتبَ كتاباً قبل أن يخلق السماواتِ والأرض بأَلفي عام، أنزل منه آيتين، ختم بهما سورة {البقرة}، لا يقرآن في دارٍ ثلاث ليال فيقربها شيطان".

رواه الترمذي -واللفظ له- وقال: "حديث حسن غريب"، والنسائي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم؛ إلا أن عنده:

"ولا يقرآن في بيت فيقربه شيطان ثلاث ليال". وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

1468 -

(11)[حسن] وعن عُبيد بن عُميرٍ؛ أنه قال لعائشة رضي الله عنها:

أخبرينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فسكتَتْ؛ ثم قالت:

(1)

قال الناجي: "أي: وبفتحها أيضاً، لكن الإسكان أشهر، ومعناه: ضياء ونور، ولعل قول المصنف في تفسيره: "أي بينها فرق" أنه نور".

ص: 185

لما كانت ليلة من الليالي قال:

"يا عائشة! ذَريني أتعبد الليلة لربي".

قلت: والله إني أحب قربك، وأحب ما يسرك.

قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بَلَّ حِجره. قالت: وكان جالساً فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بلَّ لحيته. قالت: ثم بكى حتى بلَّ الأرض. فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله! تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال.

"أفلا أكون عبداً شكوراً؟ لقد أنُزلتْ عليّ الليلَة آيةٌ؛ ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية كلها".

رواه ابن حبان في "صحيحه" وغيره.

ص: 186

‌7 - (الترغيب في قراءة {آية الكرسي}، وما جاء في فضلها).

1469 -

(1)[صحيح لغيره] عن أبي أيوب الأنصاريِّ رضي الله عنه:

أنه كانت له سَهْوة فيها تمر، وكانت تجيء الغول

(1)

فتأخذ منه، قال: فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

"اذهب فإذا رأيتها فقل: بسم الله، أجيبي رسول الله".

قال: فأَخذها فَحَلَفَتْ أن لا تعود، فأرسلها. فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"ما فعل أسيرك؟ ". قال: حلفَت أن لا تعود. قال:

"كذبت، وهي معاودة للكذب".

قال: فأخذها مرة أخرى، فحلفتْ أن لا تعود. فأَرسلها، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

"ما فعل أسيرك؟ ". قال: حلفت أن لا تعود. فقال:

"كذبت، وهي معاودة للكذب".

فأَخذها فقال: ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقالت:

إني ذاكرة لك شيئاً: آية الكرسي، اقرأها في بيتك؛ فلا يقربك شيطان ولا غيره. فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

"ما فعل أسيرك؟ ". قال: فأَخبره بما قالت. قال:

"صدقت وهي كذوب".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

(1)

(الغول): جنس من الجن والشياطين، كانوا يعتقدون في الجاهلية أنها تتلون في البراري لتضل الناس وتهلكهم، فأبطل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"لا غول" كما يأتي عن ابن الأثير قريباً.

ص: 187

وتقدم حديث أبي هريرة في "ما يقوله إذا أوى إلى فراشه". [6 - النوافل/ 9، آخره]، وستأتي أحاديث في فضلها في "ما يقوله دبر الصلوات" إن شاء الله. [14 - الذكر/11].

(السهوة) بفتح السين المهملة: هي الطاق في الحائط يوضع فيها الشيء. وقيل: هي الصُّفة. وقيل: المخدع بين البيتين. وقيل: هو شيء شبيه بالرف. وقيل: بيت صغير كالخزانة الصغيرة.

(قال المملي):

"كل واحد من هؤلاء يسمى السهوة، ولفظ الحديث يحتمل الكل، ولكن ورد في بعض طرق هذا الحديث ما يرجح الأول".

و (الغول) بضم الغين المعجمة: هو شيطان يأكل الناس.

(1)

وقيل: هو من يتلون من الجن.

1470 -

(2)[صحيح] وعن [ابن] أُبيّ بن كعب؛ أن أباه أخبره:

أنه كان لهم جَرِينٌ فيه تمرٌ، وكان مما يتعاهده فيجدهُ ينقصُ، فحرسَه ذات ليلة، فإذا هو بدابةٍ كهيئة الغلامِ المحتلمِ؛ قال: فسلمَ فرد عليه السلام، فقلت: ما أنت، جنُّ أم إنسٌ؟ قال: جن. فقلت: ناولني يَدَك، فإذا يد كلبٍ وشعر كلبٍ، فقلت: هذا خلق الجن؟ فقال: لقد عَلِمَتِ الجنُّ أن ما فيهم من هوَ أشدُّ مني. قلت: ما يحملك على ما صنعتَ؟ فقال: بلغني أنك تحبُّ الصدقةَ، فأحببتُ أن أُصيبَ من طعامك. فقلت: ما الذي يُحرِزُنا منكم؟

(1)

كذا الأصل، وقد ذكره في "اللسان" عن ابن شميل. وأما ما ذكره من التلون. فهو من خرافات الجاهلية التي أبطلها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"لا غول ولا صفر"، قال ابن الأثير:

"الغول أحد الغيلان، وهي جنس من الجن والشياطين، كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولاً. أي: تتلون تلوناً في صور شتى، وتَغولهم أي: تضلهم عن الطريق وتهلكهم، فنفاه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله".

ص: 188

قال: هذه الآية: آية الكرسيِّ. قال: فتركْتُه، وغدا أبيٌّ إلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال:

"صَدَقَ الخبيثُ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، وغيره. [مضى 6 - النوافل/ 14].

(الجرين) بفتح الجيم وكسر الراء: هو البيدر.

1471 -

(3)[صحيح] وعن أُبيّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا أبا المنذر! أتدري أيّ آية من كتاب الله معك أعظم؟ ".

قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال:

"يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ ".

قلت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} .

قال: فضرب في صدري؛ وقال:

" [والله] ليَهْنَكَ العلمُ أبا المنذر! ".

رواه مسلم وأبو داود،

[صحيح] ورواه أحمد وابن أبي شيبة

(1)

في كتابه بإسناد مسلمٍ، وزادا

(2)

:

"والذي نفسي بيده؛ إن لهذه الآية لساناً وشفتين، تقدس الملك عند ساق العرش".

(1)

قلت: عطفه على أحمد يفيد أن إسنادهما واحد، وليس كذلك، فإن مسلماً رواه (2/ 199) عن ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن الجُرَيري بسنده عن أُبيّ. وإسناد أحمد (5/ 141) هكذا: ثنا عبد الرزاق: أنا سفيان عن سعيد الجريري به.

(2)

الأصل ومطبوعة عمارة والمعلقين والمخطوطة: "وزاد" على الإفراد، وهو خطأ منافٍ للسياق والواقع، فإن الزيادة عند أحمد أيضاً (5/ 142)، ومع أن المعلقين الثلاثة عزوه إليه بالأرقام فلم يستفيدوا منه إلا التشبع بما لم يعطوا من التحقيق! وهو مخرج في "الصحيحة"(3410).

ص: 189

‌8 - (الترغيب في قراءة سورة {الكهف} ، أو عشر من أولها، أو عشر من آخرها

(1)

).

1472 -

(1)[صحيح] عن أبي الدرداء رضي الله عنه؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من حفظَ عشرَ آيات من أولِ سورةِ {الكهف}؛ عُصِمَ من الدجال".

رواه مسلم -واللفظ له- وأبو داود والنسائي، وعندهما:

"عُصِمَ من فتنة الدجال".

وهو كذا في بعض نسخ "مسلم"

(2)

.

1473 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من قرأ {الكهف} كما أنزلت كانت له نوراً يوم القيامة من مقامه إلى مكة، ومن قرأ عشر آياتٍ من آخرِها

(3)

ثم خرج الدجال؛ لم يسلط عليه، ومن

(1)

انظر التعليق رقم (2) و (3) هنا.

(2)

قال الناجي في هذه النسخة: "لم أرها".

قلت: قد أشير إليها في حاشية "مسلم"(2/ 199 - طبع استانبول)، وهي طبعة جيدة محققة. وكذلك أكد وجودها أحد المعلقين على مخطوطة (الناجي)، وهي ثابتة في حديث الدجال الطويل بلفظ:". . فإنها جواركم من فتنته". انظر "الصحيحة"(582).

قلت: وفي الأصل هنا: (وفي رواية لمسلم وأبي داود: "من آخر سورة {الكهف} "، وفي رواية للنسائي: "من قرأ العشر الأواخر من سورة {الكهف} ").

وكلتا الروايتين من رواية شعبة الشاذة، ورواية النسائي ذكرها في "عمل اليوم والليلة"(527/ 948)، وقد اضطرب فيها شعبة كما بينته في "الصحيحة"(582)، والمحفوظ بلفظ (أول). انظر التعليق التالي.

(فائدة): ثم قال الناجي: "أخلَّ المصنف بالترغيب في قراءة سورة {الفتح}، وفيه حديث عمر في سبب نزولها، وفي آخره: "لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس". رواه البخاري والترمذي والنسائي وغيرهم مطولاً".

(3)

كذا وقع في هذه الرواية: "من آخرها"، وهي شاذة، والصواب:"من أولها" كما في الحديث الذي قبله، والتحقيق في "الصحيحة" برقم (2651).

ص: 190

توضأ ثم قال: "سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أَستغفرُك وأتوبُ إليك"؛ كتب في رَقٍّ، ثم طُبعَ بطابعٍ فلم يكسر إلى يوم القيامة".

رواه الحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم". وذكر أن ابن مهدي وقفه على الثوري عن أبي هاشم الرماني.

(1)

(قال الحافظ):

"وتقدم باب في فضل قراءتها يوم الجمعة وليلة الجمعة في (كتاب الجمعة) [7/ 7 - باب] ".

‌9 - (الترغيب في قراءة سورة {يس}، وما جاء في فضلها)

[لم يذكر تحته حديثاً على شرط كتابنا]

(1)

قلت: ضعفه المعلقون الثلاثة هنا (2/ 353/ 2173)، وحسنوه هناك (1/ 577/ 1086)! والمرفوع صحيح لغيره، والموقوف صحيح لذاته، وهو شاهد قوي للمرفوع لأنه في حكمه، ولا يقال بالرأي.

ص: 191

‌10 - (الترغيب في قراءة سورة {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}).

1474 -

(1)[حسن لغيره] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إن سورةً في القرآن ثلاثون آية شَفَعَتْ لرجلٍ حتى غُفر له، وهي:

{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ".

رواه أبو داود والترمذي وحسنه

(1)

، واللفظ له، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1475 -

(2)[حسن] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال:

"يؤتى الرجلُ في قبرِه، فتؤتى رجلاه، فتقول: ليس لكم على ما قِبَلي سبيل؛ كان يقرأ [عليّ]

(2)

سورة {الملك} . ثم يؤتى من قِبَل صدرِه، أو قال بطنه فيقول: ليس لكم على ما قِبَلي سبيل، كان أَوعى فيّ سورة {الملك} . ثم يُؤتى من قِبَلِ رأسه، فيقول: ليس لكم على ما قِبَلي سبيل، كان يقرأ بي سورة {الملك} ، فهي المانعة، تمنع عذاب القبر، وهي في التوراة سورة {الملك} ، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب".

(1)

قلت: إنما حسن متنه لا سنده، فإنه قال:"حديث حسن"، يشير إلى أن سنده ضعيف غير واهٍ، وأنه تقوى بغيره، ولذلك حسنته هنا، وبينته في "صحيح أبي داود"(1265)، وأما المعلقون الثلاثة فقلدوا التصحيح بغير علم (خبط لزق)!

(2)

سقطت من الأصل واستدركتها من فضائل القرآن، لابن الضريس (105/ 232) و"عبد الرزاق"(3/ 379) وغيرهما. ومنهما صححت بعض الأخطاء الأخرى.

ص: 192

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

[حسن] وهو في النسائي مختصر:

"من قرأَ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} كلَّ ليلةٍ؛ منَعَهً الله عز وجل بها من عذابِ القبرِ".

وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها: (المانعة)، وإنها في كتابِ اللهِ عز وجل سورةٌ من قرأ بها في كلِّ ليلةٍ، فقد أكثر وأطاب.

ص: 193

‌11 - (الترغيب في قراءة {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} وما يذكر معها).

1476 -

(1)[صحيح] عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من سَرَّه أن ينظرَ إلى يومِ القيامةِ كأنه رأيُ العين؛ فليقرأ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} و {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} و {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ".

رواه الترمذي وغيره.

(قال المملي) رضي الله عنه:

"لم يصف الترمذي هذا الحديث بحسن ولا بغرابة

(1)

، وإسناده متصل، ورواته ثقات مشهورون".

ورواه الحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

(1)

قلت: لكن وقع في طبعة الدعاس وغيرها أنه قال: "حديث حسن غريب"، وهو صحيح كما قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وقد خرجته في "الصحيحة"(1081)، وجود إسناده الحافظ.

ص: 194

‌12 - (الترغيب في قراءة {إِذَا زُلْزِلَتِ} وما يذكر معها).

1477 -

(1)[حسن لغيره] عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

". . .

(1)

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تعدل رُبع القرآن".

رواه الترمذي والحاكم؛ كلاهما عن يمان بن المغيرة العنَزَي: حدثنا عطاء عن ابن عباس، وقال الترمذي:

"حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة". وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

‌13 - (الترغيب في قراءة {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}).

[لم يذكر تحته حديثاً على شرط كتابنا].

(1)

المحذوف هنا لفظه: "إذا زلزلت تعدل نصف القرآن"، وهو المقصود بالباب، لكنه من حصة الكتاب الآخر.

ص: 195

‌14 - (الترغيب في قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}).

1478 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

أقبلتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع رجلاً يقرأ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"وجبت".

فسألته: ماذا يا رسول الله؟ فقال:

"الجنة".

فقال أبو هريرة: فأَردت أن أذهب إلى الرجل فأُبشره، ثم فَرِقْتُ أن يفوتني الغداءُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذهبت إلى الرجل، فوجدته قد ذهب.

رواه مالك -واللفظ له- والترمذي، وليس عنده قول أبي هريرة:"فأردت. . ." إلى آخره. وقال:

"حديث حسن صحيح غريب".

والنسائي، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

(فرِقتُ) بكسر الراء؛ أي: خِفْتُ.

1479 -

(2)[صحيح] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"احشُدوا، فإني سأقرأ عليكم ثُلث القرآن".

فَحَشَدَ من حشد.

ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ثم دخل.

ص: 196

فقال بعضنا لبعض: إني أُرى هذا خبر،

(1)

جاءه من السماء، فذلك الذي أدخله. ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"إني قلت لكم: سأَقرأ عليكم ثُلثَ القرآن، ألا إنها تعدِل ثلث القرآن".

رواه مسلم والترمذي.

1480 -

(3)[صحيح] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"أَيعجِزُ أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ ".

قالوا: وكيف يَقرأ ثلثَ القرآن؟ قال:

" {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن".

وفي رواية قال:

"إن الله عز وجل جزّأ القرآن ثَلاثة أَجزاءٍ، فجعل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} جزءاً من أجزاءِ القرآن".

رواه مسلم.

1481 -

(4)[صحيح لغيره] وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أيعجرْ أحدُكم أن يقرأَ في ليلةٍ ثلثَ القرآن؟

من قرأ: (اللَّهُ الواحد الصَّمَدُ)، فقد قرأ ثلث القرآن".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن".

1482 -

(5)[صحيح] وعن أبي سعيد الخدَّري رضي الله عنه:

أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُها، فلما أصبح جاء

(1)

الأصل ومطبوعة عمارة والمعلقين الثلاثة: "إنا نرى هذا خبراً"، فصححته من "مسلم"، وفي نسخة منه:"خبراً" على النصب. وأما ما في حاشية عمارة: "في رواية مسلم: فإني أرى هذا خير خبره؛. فمما لا أصل له! بل هو من التحريفات الكثيرة التي وقعت فيه.

ص: 197

إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، وكانَ الرجلُ يتقالُّها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"والذي نفسي بيده، إنها لَتعدل ثلث القرآن".

رواه مالك والبخاري وأبو داود والنسائي.

(قال الحافظ):

"والرجل القارئ هو قتادة بن النعمان أخو أبي سعيد الخدري من أمه".

1483 -

(6)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها:

أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سَرِيَّة، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فلما رجعوا، ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال:

"سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ ".

فسألوه؟ فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"أَخبروه أن الله يحبه".

رواه البخاري ومسلم والنسائي.

1484 -

(7)[صحيح] ورواه البخاري أيضاً والترمذي عن أنس أطول منه،

(1)

وقال في آخره:

فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال:

(1)

قال الناجي: "لكن بسياق آخر أوله: "كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء. . ."، فكان يتعين التنبيه على مغايرته لما قبله.

قلت: وهو عند البخاري معلق، وعند الترمذي موصول، فكان ينبغي عليهما التنبيه على ذلك. انظر "صفة الصلاة"(ص 103 - 104 - طبعة المعارف)، و"مختصر البخاري"(رقم 130 - معلق) -وقد طبع الأول والثاني منه، وسائره تحت الطبع-. ورواه ابن حبان أيضاً مختصراً (774 و 1775).

ص: 198

"يا فلان! ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ ".

فقال: إني أحبها. فقال:

"حبُّك إياها أدخلَك الجنةَ".

(قال الحافظ):

"وفي باب "ما يقوله دبر الصلوات" وغيره أحاديث من هذا الباب. وتقدم أيضاً أحاديث تتضمن فضلها في أبواب متفرقة".

ص: 199

‌15 - (الترغيب في قراءة {المعوذتين}).

1485 -

(1)[صحيح] عن عقبة بن عامرٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ألم تَرَ آيات أنزلت الليلة. لم يُرَ مثلهن؟ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ".

[حسن] رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود، ولفظه: قال:

كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر، فقال:

"يا عقبة! ألا أعلمُك خيرَ سورتين قُرِئتا؟ "،

فعلَّمني {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فذكر الحديث.

[صحيح لغيره] وفي رواية لأبي داود قال:

بينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين (الجحفة) و (الأبواء)، إذ غَشِيَتْنا ريحٌ وظلمة شديدة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ويقول:

"يا عقبة! تعوذ بهما، فما تَعَوّذَ مُتعوَّذٌ بمثلهما".

قال: وسمعته يؤمنا بهما في الصلاة.

[صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه"، ولفظه:

قلت: يا رسول الله! أقرِئني آياً من سورة {هود} ، وآياً من سورة {يوسف}. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"يا عقبة بن عامر! إنك لن تقرأ سورةً أحبَّ إلى الله، ولا أبلغ عنده من

ص: 200

أن تقرأ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، فإن استطعت أن لا تفوتَكَ في الصلاةِ فافْعل".

ورواه الحاكم بنحو هذه، وقال:"صحيح الإسناد". وليس عندهما ذكر {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} .

1486 -

(2)[حسن صحيح] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اقرأ يا جابر! ".

فقلت: وما أقرأ بأبي أنت وأُمي؟ قال:

" {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ".

فقرأتهما. فقال:

"اقرأ بهما، ولن تقرأ بمثلهما".

رواه النسائي، وابن حبان في "صحيحه". وسيأتي ذكرهما في غير هذا الباب إن شاء الله تعالى.

ص: 201

‌14 - كِتابُ الذّكر

(1)

.

‌1 - (الترغيب في الإكثار من ذكر الله تعالى سراً وجهراً والمداومة عليه، وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى).

1487 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في مَلأٍ ذكرته في مَلأٍ خيرٍ منهمٍ، وإن تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقربَ إليَّ ذراعاً تقربتُ إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة".

(2)

رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1488 -

(2)[صحيح] ورواه أحمد بنحوه بإسناد صحيح

(3)

، وزاد في آخره:

(1)

في الأصل هنا: "كتاب الذكر والدعاء"، وقد تم جعلهما كتابين منفصلين.

(2)

قلت: اشتهر عند المتأخرين من علماء الكلام -خلافاً للسلف- تأويل هذه الصفات المذكورة في هذا الحديث، من (النفس) و (التقرب) و. . . وما ذلك إلا لضيق عطنهم، وكثرة تأثرهم بشبهات المعتزلة وأمثالهم من أهل الأهواء والبدع، فلا يكاد أحدهم يطرق سمعه هذه الصفات إلا كان السابق إلى قلوبهم أنها كصفات المخلوقات، فيقعون في التشبيه، ثم يفرون منه إلى التأويل ابتغاء التنزيه بزعمهم، ولو أنهم تلقوها حين سماعها مستحضرين قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} لما ركنوا إلى التأويل، ولآمنوا بحقائقها على ما يليق به تعالى، شأنهم في ذلك شأنهم في إيمانهم بصفتي السمع والبصر وغيرهما من صفاته عز وجل، مع تنزيهه عن مشابهته للحوادث، لو فعلوا ذلك هنا لاستراحوا وأراحوا، ولنجوا من تناقضهم في إيمانهم بربهم وصفاته. فاللهم هداك. وراجع إن شئت التوسع في هذا كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى.

(3)

قلت: هو في "المسند"(3/ 138) من حديث أنسٍ بن مالك، وليس من حديث أبي هريرة كما أوهمه المصنف رحمه الله، ولذلك أعطيته رقماً خاصاً. وغفل عن هذا التمييز والتحقيق المعلقون الثلاثة رغم كونهم عزوه لأحمد (3/ 138)! كما هي عادتهم في التشبع! والاكتفاء بالاستعانة بالفهارس، مع عدم الرجوع إلى أصولها!

ص: 202

"قال قتادة: والله أسرع بالمغفرة".

1489 -

(3)[صحيح لغيره] وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم! إذا ذكرتني خالياً ذكرتك خالياً، إذا ذكرتني في ملأٍ ذكرتُك في ملأٍ خيرٍ من الذين تذكرني فيهم".

رواه البزار بإسناد صحيح.

1490 -

(4)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني، وتحركت بي شفتاه".

رواه ابن ماجه -واللفظ له- وابن حبان في "صحيحه".

1491 -

(5)[صحيح] وعن عبد الله بن بُسرٍ رضي الله عنه:

أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ؛ فأخبرني بشيء أتشبث به. قال:

"لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله".

رواه الترمذي -واللفظ له- وقال: "حديث حسن غريب"، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

(أتشبث به) أي: أتعلق.

1492 -

(6)[حسن صحيح] وعن مالك بن يُخامِر؛ أن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال لهم:

إن آخر كلامٍ فارقتُ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قلتُ: أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال:

"أن تموت ولسانُك رَطبٌ من ذكر الله".

ص: 203

رواه ابن أبي الدنيا والطبراني -واللفظ له- والبزار؛ إلا أنه قال:

أخبِرني بأَفضل الأعمال وأقربها إلى الله؟

رواه ابن حبان في "صحيحه".

1493 -

(7)[صحيح] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ألا أنبِّئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والورق، وخيرٍ لكم من أن تَلْقَوْا عدوَّكم؛ فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ ". قالوا: بلى. قال:

"ذكر الله".

قال معاذ بن جبل: ما شيءٌ أنجى من عذاب الله من ذكر الله.

رواه أحمد بإسناد حسن، وابن أبي الدنيا والترمذي وابن ماجه والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم:"صحيح الإسناد".

1494 -

(8)[صحيح لغيره] ورواه أحمد أيضاً من حديث معاذ بإسناد جيد؛ إلا أن فيه انقطاعاً.

1495 -

(9)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقول:

". . .

(1)

، وما من شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله".

قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال:

"ولو أن يضربَ بسيفه حتى ينقطع".

رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي من رواية سعيد بن سنان، واللفظ له.

(1)

في الأصل هنا: "إن لكل شيء صَقَالة، وإن صقالة القلوب ذكر الله"، وهي من حصة الكتاب الآخر، والبيان هناك.

ص: 204

1496 -

(10)[صحيح لغيره] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من عجِز منكم عن الليل أن يكابدَه، وبخل بالمال أن ينفقَه، وجَبُنَ عن العدو أن يجاهده؛ فليكثر ذكر الله".

رواه الطبراني والبزار، واللفظ له. وفي سنده أبو يحيى القتَّات، وبقيته محتج بهم في "الصحيح". ورواه البيهقي من طريقه أيضاً.

1497 -

(11)[حسن لغيره] وعن جابرٍ رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما عمل آدميٌّ عملاً أنجى له من العذاب من ذكر الله تعالى".

قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال:

"ولا الجهاد في سبيل الله، إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع".

رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، ورجالهما رجال "الصحيح".

1498 -

(12)[صحيح] وعن الحارث الأشعريِّ رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إن الله أوحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن، ويأمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهن. فكأنه أبطأَ بهن، فأَتاه عيسى فقال: إن الله أمرك بخمس كلمات أن تعمل بهن، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فإما أن تُخبرهم، وإما أن أُخبرهم. فقال: يا أخي! لا تفعل، فإني أخاف إن سَبَقْتَني بهن أن يخسف بي أو أعَذَّب. قال: فجمع بني إسرائيل ببيت المقدس حتى امتلأ المسجد، وقعدوا على الشرفات

(1)

، ثم خطبهم فقال:

إن الله أوحى إليّ بخمس كلمات أن أعمل بهن، وآمُرَ بني إسرائيل أن

(1)

كذا الأصل، وكذلك وقع في مطبوعة عمارة والمعلقين الثلاثة و"صحيح ابن خزيمة"(930 و 1895)، وفيما تقدم (5 - الصلاة/ أول 36 - باب) بلفظ (الشَّرف) وهو الصواب، ولذلك تعقبه الناجي بقوله:"كذا قال هنا، وإنما هي (الشُّرف) بضم أوله وفتح ثانية؛ جمع شرفة بإسكان الراء؛ كما ذكره في (الالتفات في الصلاة) ".

ص: 205

يعملوا بهن:

1 -

أَوَّلُهن [أن] لا تشركوا بالله شيئاً، فإن مَثَلَ من أشرك بالله كمثلِ رجلٍ اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو ورق، ثمِ أسكنه داراً فقال: اعمل وارفع إليَّ. فجعل يعمل ويرفع إلى غير سيده! فأيكم يرضى أن يكون عبدُه كذلك؛ فإن الله خلقكم ورزقكم، فلا تشركوا به شيئاً.

2 -

وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا، فإن الله يُقبل بوجهه إلى وجه عبده ما لم يلتفت.

3 -

وآمُرُكم بالصيام، ومثل ذلك كمثل رجل في عِصابة معه صُرَّةٌ من مِسك، كلهم يحب أن يجد ريحها، وإن الصيام أطيب عند الله من ريحِ المسك.

4 -

وآمُرُكم بالصدقة، ومثل ذلك كمثل رجل أسره العدو، فأوثقوا يَدَه إلى عنقه، وقربوه ليضربوا عنقه، فجعل يقول: هل لكم أن أفديَ نفسي منكم، وجعل يعطي القليل والكثير حتى فدى نفسه.

5 -

وآمُرُكم بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سِراعاً في أثره، حتى أتى حصناً حصيناً، فأحرز نفسه فيه، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله" الحديث.

رواه الترمذي والنسائي ببعضه، وابن خزيمة في "صحيحه" -واللفظ له

(1)

-، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط البخاري ومسلم"، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح". [مضى بتمامه 5 - الصلاة /37].

1499 -

(13)[صحيح لغيره] وعن ثوبان رضي الله عنه قال:

لما نزلت {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} قال:

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: أنزلت

(1)

في "الصيام"(1895).

ص: 206

في الذهب والفضة، لو علمنا أي المال خيرٌ فنتخذه؟ فقال:

"أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه".

رواه الترمذي -واللفظ له- وابن ماجه. وقال الترمذي: "حديث حسن".

1500 -

(14)[صحيح] وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"مثل الذي يذكر ربَّه والذي لا يذكر ربّه؛ مثل الحي والميت".

رواه البخاري ومسلم؛ إلا أنه قال:

"مثل البيت الذي يذكر الله فيه"

(1)

.

1501 -

(15)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة، فمر على جبل يقال له:

(جُمْدان)، فقال:

"سيروا، هذا جُمْدان، سبق المُفَرِّدون".

قالوا: وما المُفَرِّدون يا رسول الله؟ قال:

"الذاكرون الله كثيراً [والذاكرات]

(2)

".

رواه مسلم، واللفظ له، والترمذي ولفظه. .

(3)

(المفردون) بفتح الفاء وكسر الراء

(4)

.

(قال الحافظ): "وسيأتي بابٌ في "من جلس مجلساً لم يذكر الله فيه" إن شاء الله تعالى [3 - باب] ".

(1)

قلت: تقدم بتمامه في (5 - الصلاة /21)، واللفظ الذي قبله عند البخاري في "الدعوات"(6407)، وكان الأصل:"يذكر الله" في الموضعين فصححته منه. وأفاد الحافظ أن البخاري رواه بالمعنى الذي وقع له. ثم بين ذلك، فراجع "الفتح"(11/ 210) إن شئت.

(2)

سقطت من الأصل، ومطبوعة عمارة، والمعلقين الثلاثة! واستدركتها من "مسلم"(8/ 63).

(3)

قلت: هو من حصة الكتاب الآخر، لأن في إسناده متروكاً، فانظره فيه إن شئت يتبين لك الفرق الكبير بين اللفظين، وأما المعلقون الثلاثة فلم يفرقوا؛ بل صححوا كما هي عادتهم من الخلط في مثل هذا!

(4)

وبتشديد الراء كما في "مسلم" و"القاموس".

ص: 207

‌2 - (الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى).

1502 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن لله ملائكةً يطوفون في الطرقِ، يلتمسون أهلَ الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هَلُمّوا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا.

قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: ما يقول عبادي؟ قال: يقولون:

يسبحونك، ويُكبرونك، ويَحمدونك، ويُمجِّدونك. قال: فيقول: هل رأوني؟

قال: فيقولون: لا والله يا رب! ما رأوك. قال: فيقول: كيف لو رأوني؟ قال:

يقولون: لو رأوك كانوا أشدَّ لك عبادَة، وأشدَّ لك تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً.

قال: فيقول: فما يسألوني؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة. قال: فيقول:

وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب! ما رأوها. قال: فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأَوها كانوا أشدَّ عليها حرصاً، وأشدَّ لها طلباً، وأعظم فيها رغبةً.

قال: فممَّ يتعوَّذون؟ قال: يقولون: من النار. قال: فيقول: وهل رأوها؟

قال: يقولون: لا والله ما رأوها. قال: فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون:

لو رأوها كانوا أشد منها فِراراً، وأشد لها مخافة. قال: فيقول: أُشهدُكم أني قد غفرت لهم.

قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة.

قال: "هم القوم لا يَشقى بهم جليسُهم".

رواه البخاري -واللفظ له- ومسلم، ولفظه: قال:

ص: 208

"إن لله تبارك وتعالى ملائكةً سيارةً فضْلاً

(1)

يبتغون مجالسَ الذكر، فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكرٌ قعدوا معهم، وحَفَّ بعضهم بعضاً بأجنحتهم، حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء.

قال: فيسأَلهم الله عز وجل وهو أعلم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عبادك في الأرض يسبحونك، ويكبرونك، ويهللونك، ويحمدونك، ويسألونك.

قال: فما يسألوني؟ قالوا: يسأَلونك جنتك. قال: وهل رأوا جنتي؟

قالوا: لا أيْ ربِّ! قال: وكيف لو رأوا جنتي؟

قالوا: ويستجيرونك؟ قال: ومِمَّ يستجيرونَني؟ قالوا، من نارك يا رب!

قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا يا ربّ! قال: فكيف لو رأوا ناري؟

قالوا: ويستغفرونك. قال: فيقولون: قد غفرت لهم، وأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم مما استجاروا.

قال: يقولون: ربِّ فيهم فلان عبد خَطَّاء إنما مَرَّ فجلس معهم. قال: فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم".

1503 -

(2)[صحيح] وعن معاوية رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حَلْقَةٍ من أصحابه، فقال:

"ما أَجلسكم؟ ".

قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنَّ به علينا. قال:

(1)

بسكون الضاد على الأكثر والأصوب كما في "النهاية"، أي: إنهم ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق، فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم، وإنما مقصودهم حلق الذكر.

ذكره النووي، وكان الأصل "فضلاء"، وتبعه عمارة مع أنه فسره بنحو ما ذكرنا! وكذلك وقع في "المستدرك" و"تلخيصه"(1/ 495)، وكل ذلك تحريف من النساخ.

ص: 209

"آللهِ

(1)

ما أجلسكم إلا ذلك".

قالوا: اللهِ

(2)

ما أجلسنا إلا ذلك. قال:

"أما إني لم أَستحلفكم تَهْمَةً لكم، ولكنه أتاني جبرائيل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة".

رواه مسلم والترمذي والنسائي.

1504 -

(3)[صحيح لغيره] وعنه [يعني أنس بن مالكٍ رضي الله عنه] أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله عز وجل لا يريدون بذلك إلا وجهه؛ إلا ناداهم منادٍ من السماء: أن قوموا مغفوراً لكم، قد بُدِّلَتْ سيئاتُكم حسناتٍ".

رواه أحمد، ورواته محتج بهم في "الصحيح"؛ إلا ميمون المرائي -بفتح الميم والراء بعدها ألف- نسبة إلى امرئ القيس

(3)

، وأبو يعلى والبزار والطبراني.

1505 -

(4)[صحيح لغيره] ورواه البيهقي من حديث عبد الله بن مغفل.

(4)

1506 -

(5)[صحيح لغيره] ورواه الطبراني عن سهل بن الحنظلية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما جلس قوم مجلساً يذكرون الله عز وجل فيه فيقومون؛ حتى يقال لهم: قوموا قد غفر الله لكم، وبُدِّلَتْ سيئاتُكم حسناتٍ".

(1)

بهمزة ممدودة على الاستفهام، والثاني بلا مد، والهاء فيهما مكسورة على المشهور وعند الجمهور. قاله الناجي. ووقع في الأصل ممدوداً في الموضعين! وتبعه عمارة والمعلقون الثلاثة!!

(2)

بهمزة ممدودة على الاستفهام، والثاني بلا مد، والهاء فيهما مكسورة على المشهور وعند الجمهور. قاله الناجي. ووقع في الأصل ممدوداً في الموضعين! وتبعه عمارة والمعلقون الثلاثة!!

(3)

قال الناجي: "وهم بطن من مضر. وكان ينبغي أن يقول: (إلا ميموناً)؛ إذ هو مصروف".

(4)

قلت: له عند البيهقي في "الشعب" لفظان هذا أحدهما، والآخر يأتي في آخر الباب التالي، هو مخرج في "الصحيحة"(2557).

ص: 210

1507 -

(6)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:

قلت: يا رسولَ الله! ما غنيمةُ مجالسِ الذكرِ؟ قال:

"غنيمةُ مجالسِ الذكرِ الجنةُ".

رواه أحمد بإسناد حسن.

1508 -

(7)[حسن لغيره] وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"عن يمينِ الرحمنِ -وكلتا يديه يمين- رجالٌ ليسوا بأنبياءَ ولا شهداءَ، يغشى بياضُ وجوههم نظرَ الناظرين، يغبِطُهم النبيون والشهداءُ بمقعدِهم وقربهم من الله عز وجل".

قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال:

"هم جُمَّاع من نوازع القبائل، يجتمعون على ذكر الله،. . .".

رواه الطبراني، وإسناده مقارب لا بأس به

(1)

.

(جُمّاع) بضم الجيم وتشديد الميم؛ أي: أخلاط من قبائل شتى، ومواضع مختلفة.

و (نوازع): جمع (نازع): وهو الغريب، ومعناه: أنهم لم يجتمعوا لقرابة بينهم ولا نسبٍ ولا معرفة، وإنما اجتمعوا لذكر الله لا غير.

(1)

وفي "المجمع"(10/ 77): "ورجاله موثقون".

قلت: فأشار إلى أن في بعضهم كلاماً، وإلا لقال:"ورجاله ثقات" كما لا يخفى على أهل المعرفة بهذا العلم، ولهذا لم تطمئن النفس لإيراده في "الصحيح"، وهذا إن سَلم من علة قادحة كالتدليس والانقطاع ونحوه، وإلا لصرح بأنه حسن على الأقل، لكن له بعض الشواهد دون آخره المشار إليه بالنقط، ولذلك أوردته هنا، وسيأتي بعضها في (23 - الأدب/ 31 - الحب في الله) مثل حديث ابن عباس، وأبي الدرداء، وغيرهما. وشاهد آخر من حديث أبي مالك الأشعري يأتي في الباب المشار إليه في هذا "الصحيح". ونص المحذوف:"فينتقون أطايب الكلام، كما ينتقي آكل التمر أطايبه".

ص: 211

1509 -

(8)[صحيح] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ليبعثن الله أقواماً يومَ القيامة في وجوههم النورُ، على منابر اللؤلؤ، يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء".

قال. فجثا أعرابيٌّ على ركبتيه؛ فقال: يا رسول الله! حَلِّهم لنا نعرفهم. قال:

"هم المتحابون في الله، من قبائل شتى، وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر الله يذكرونه".

رواه الطبراني بإسناد حسن.

(1)

1510 -

(9)[صحيح] وعن أبي هريرة وأبي سعيدٍ رضي الله عنهما؛ أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:

"لا يقعد قومٌ يذكرون الله؛ إلا حفَّتْهم الملائكةُ، وغَشِيَتْهم الرحمةُ، ونزلتْ عليهم السكينةُ، وذكَرهم اللهُ فيمن عنده".

رواه مسلم والترمذي وابن ماجه.

(1)

وكذا قال الهيثمي (10/ 77)، وذكره من حديث عمرو بن عبسة، وقال:"رواه الطبراني، ورجاله موثقون"، ولم يتيسر لي الوقوف على إسناد الحديثين لننظر فيهما، فإن مسند الصحابيين المذكورين من "المعجم الكبير" للطبراني لم يطبع بعد، فأخشى أن يكون في التحسين المذكور شيء من التساهل المعهود، فإن الحديث قد جاء عن جمع من الصحابة كما سيأتي في الكتاب (31 - الترغيب في الحب في الله تعالى. .)، وليس فيها الاجتماع على الذكر، فأخشى أن يكون ذكره فيه منكراً، أو على الأقل شاذاً. وأما حديث عمرو بن عبسة، فقد أوردته في الكتاب الآخر لأن فيه زيادة أخرى، ولأن المؤلف قد أشار إلى أن في إسناده ضعفاً؛ بقوله:"وإسناده مقارب لا بأس به"! ونحوه قول الهيثمي المتقدم.

ص: 212

1511 -

(10)[حسن لغيره] وعن أنس بن مالكٍ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا".

قالوا: وما رياض الجنة؟ قال:

"حِلَق الذكر".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب"

(1)

.

(الرتْع): هو الأكل والشرب في خصب وسعة

(2)

.

(1)

قلت: في إسناده ضعف؛ ولذلك كنت أوردته في "ضعيف الجامع الصغير" برقم (799)، ثم بدا لي أنه حسن، لأن له متابعاً وشاهداً. فخرجته في "الصحيحة"(2562). وبناء عليه أوردته هنا. فمن كان عنده "صحيح الجامع الصغير" فلينقله إليه. والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه.

(2)

هذا المعنى مكانه في الأصل متقدم عن هنا، وقد أخرته لضرورة الشرح.

ص: 213

‌3 - (الترهيب من أن يجلس الإنسان مجلساً لا يذكر الله فيه، ولا يصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

-).

1512 -

(1)[صحيح لغيره] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم؛ إلا كان عليهم تِرَةً، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم".

رواه أبو داود والترمذي -واللفظ له- وقال:

"حديث حسن".

ورواه بهذا اللفظ ابن أبي الدنيا والبيهقي.

[حسن صحيح] ولفظ أبي داود: قال:

"من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه؛ كان عليه من الله تِرَةً، ومن اضطجع مضجعاً لا يذكر الله فيه؛ كانت عليه من الله ترة.

وما مشى أحد مَمْشىً لم يذكر الله فيه؛ إلا كان عليه من الله ترة"

(1)

.

ورواه أحمد وابن أبي الدنيا والنسائي، وابن حبان في "صحيحه"؛ كلهم بنحو أبي داود.

(التِّرة) بكسر التاء المثناة فوق وتخفيف الراء: هي النقص، وقيل: التبعة.

1513 -

(2)[صحيح] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما قعد قوم مقعداً لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم؛

(1)

قلت: الجملة الأخيرة منه ليست عند أبي داود، ولم يتنبه لذلك -كعادتهم- المعلقون الثلاثة! وإنما رواه بهذا التمام نحوه ابن حبان وأحمد كما هو مبين في "الصحيحة"(78 و 79). ثم هو عند النسائي في "اليوم والليلة"(رقم 404 - 407).

ص: 214

إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة، وإن دخلوا الجنة للثواب".

رواه أحمد بإسناد صحيح، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط البخاري".

1514 -

(3)[صحيح] وعنه قال: قال رسول الله:

"ما من قومٍ يقومون من مجلسٍ لا يذكرون اللهَ فيه؛ إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمارٍ، وكان عليهم حسرةً يوم القيامة".

رواه أبو داود، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

1515 -

(4)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما من قوم اجتمعوا في مجلسٍ فتفرقوا ولم يذكروا الله؛ إلا كان ذلك المجلس حسرةً عليهم يوم القيامة".

رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، والبيهقي، ورواة الطبراني محتج بهم في "الصحيح".

ص: 215

‌4 - (الترغيب في كلمات يكفِّرن لغط المجلس).

1516 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من جلس مجلساً كَثُرَ فيه لَغَطُه؛ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)؛ إلا غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك".

رواه أبو داود والترمذي -واللفظ له

(1)

- والنسائي، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح غريب".

1517 -

(2)[صحيح] وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأَخَرةٍ إذا أراد أن يقوم من المجلس:

"سبحانَك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلا أنت، أستغفرُك وأتوبُ إليك".

فقال رجل: يا رسول الله! إنك لتقول قولاً ما كنت تقوله فيما مضى؟

فقال:

"كفارة لما يكون في المجلس".

رواه أبو داود.

(بأَخَرة) بفتح الهمزة والخاء المعجمة جميعاً غير ممدود؛ أي بآخر أمره.

(1)

قلت: الذي في "سنن الترمذي"(3429): "من جلس في مجلس. . الخ"، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. وأبو داود لم يسق لفظه (4858)، فخفي على المعلقين الثلاثة فلم يعزوه إليه خلاف عادتهم! وفي إسناده مجهول لم يوثق ولا من ابن حبان!

ص: 216

1518 -

(3)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس مجلساً أو صلى تكلم بكلماتٍ، فسألته عائشة عن الكلمات؟ فقال:

"إن تكلم بخيرٍ كان طابعاً عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بشرٍّ كان كفارة له: (سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك) ".

رواه ابن أبي الدنيا والنسائي

(1)

-واللفظ لهما-، والحاكم والبيهقي.

1519 -

(4)[صحيح] وعن جبير بن مطعمٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قال: (سبحان الله وبحمده، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك). فقالها في مجلس ذكرٍ كان كالطابع يطبع عليه، ومن قالها في مجلس لغو كان كفارة له".

رواه النسائي

(2)

والطبراني ورجالهما رجال "الصحيح"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

(1)

يعني في "عمل اليوم والليلة" كما نبه عليه الحافظ الناجي في آخر كتابه (228/ 1)، وقد أخرج عنه الأول منها ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(رقم - 448 - طبع مصر).

ثم خرجتهما في "الصحيحة"(81 و 3164)، وبينت فيه أنه لا وجه لمن جزم بتحسين حديث عائشة دون تصحيحه، وليس في حديثها عند الحاكم جملة الصلاة والسؤال، أما المعلقون الثلاثة فقالوا:"ولم نجده في المستدرك"! كما قصروا في اقتصارهم على تحسين حديث (جبير بن مطعم).

(2)

يعني في "عمل اليوم والليلة" كما نبه عليه الحافظ الناجي في آخر كتابه (228/ 1)، وقد أخرج عنه الأول منها ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(رقم-448 - طبع مصر).

ثم خرجتهما في "الصحيحة"(81 و 3164)، وبينت فيه أنه لا وجه لمن جزم بتحسين حديث عائشة دون تصحيحه، وليس في حديثها عند الحاكم جملة الصلاة والسؤال، أما المعلقون الثلاثة فقالوا:"ولم نجده في المستدرك"! كما قصروا في اقتصارهم على تحسين حديث (جبير بن مطعم).

ص: 217

‌5 - (الترغيب في قول لا إله إلا الله وما جاء في فضلها).

1520 -

(1)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قلت: يا رسول الله! من أسعدُ الناسِ بشفاعَتِكَ يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لقد ظننتُ يا أبا هريرة! أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك؛ لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه".

رواه البخاري.

1521 -

(2)[صحيح] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

"من شهد (أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله؛ وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنةَ حقٌّ، والنارَ حقٌّ)؛ أدخله الله الجنة على ما كان من عمل -زاد جنادة:- من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء".

رواه البخاري -واللفظ له-، ومسلم.

وفي رواية لمسلم والترمذي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؛ حرم الله عليه النار".

1522 -

(3)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه؛

أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل- قال:

"يا معاذ بن جبل! ".

ص: 218

قال: لبيك يا رسول الله وسعديك (ثلاثاً). قال:

"ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه؛ إلا حرمه الله على النار".

قال: يا رسول الله! أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال:

"إذاً يتكلوا".

وأخبر بها معاذ عند موته تَأَثُّماً.

رواه البخاري ومسلم.

(1)

(تأثماً): أي تحرجاً من الإثم؛ وخوفاً منه أن يلحقه إن كتمه.

(قال المملي) عبد العظيم:

"وقد ذهب طوائف من أساطين أهل العلم إلى أن مثل هذه الإطلاقات التي وردت فيمن قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، أو حرم الله عليه النار، ونحو ذلك إنما كان في ابتداء الإسلام، حين كانت الدعوة إلى مجرد الإقرار بالتوحيد، فلما فرضت الفرائض، وحُدت الحدود؛ نسخ ذلك. والدلائل على هذا كثيرة متظاهرة، وقد تقدم غير ما حديث يدل على ذلك في "كتاب الصلاة" و"الزكاة" و"الصيام" و"الحج". ويأتي أحاديث أخر متفرقة إن شاء الله

(2)

. وإلى هذا القول ذهب الضحاك والزهري وسفيان الثوري وغيرهم.

(1)

وفي رواية لأحمد (5/ 236) بسند صحيح عن جابر قال: أنا ممن شهد معاذاً حين حضرته الوفاة يقول: أخبركم بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمنعني أن أحدثكموه إلا أن تتكلوا، سمعته يقول:"من شهد. . " الحديث، وهو في "الصحيحة" تحت رقم (1314).

(2)

قلت: الأحاديث التي أشار إليها المؤلف رحمه الله ليس فيها ما يدل على النسخ المدعى، وإنما فيها وجوب أشياء لم تذكر في أحاديث الباب، وهذا لا يستلزم النسخ كما لا يخفى، كيف ومن رواتها أبو هريرة، وصحبته متأخرة عن أكثر الفرائض؟! فإنه أسلم قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بثلاث سنوات! وقصته مع عمر في منعه إياه أن يبلغ الناس فضل الشهادة، إنما كانت في المدينة حينما دخل حائطاً للأنصار يبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي معروفة في "صحيح مسلم"(1/ 44) وغيره. وفي "المسند" نحوها بين أبي موسى الأشعري وعمر أيضاً، وكان قدومه في السنة التي قدم فيها أبو هريرة كما في =

ص: 219

وقال طائفة أخرى: لا احتياج إلى ادعاء النسخ في ذلك، فإن كل ما هو من أركان الدين وفرائض الإسلام هو من لوازم الإقرار بالشهادتين وتتمّاته، فإذا أقر ثم امتنع عن شيء من الفرائض جحداً أو تهاوناً على تفصيل الخلاف فيه، حكمنا عليه بالكفر، وعدم دخول الجنة. وهذا القول أيضاً قريب.

وقالت طائفة أخرى: التلفظ بكلمة التوحيد سبب يقتضي دخول الجنة، والنجاة من النار، بشرط أن يأتي بالفرائض، ويجتنب الكبائر، فإن لم يأت بالفرائض ولم يجتنب الكبائر؛ لم يمنعه التلفظ بكلمة التوحيد من دخول النار. وهذا قريب مما قبله، أو هو هو. وقد بسطنا الكلام على هذا والخلاف فيه في غير ما موضع من كتبنا. والله سبحانه وتعالى أعلم".

1523 -

(4)[صحيح] وعن رفاعة الجهني رضي الله عنه قال:

أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بـ (الكديد) أو بـ (قديد)، فحمد الله وقال خيراً، وقال:

"أشهد عند الله: لا يموت عبدٌ يشهدُ أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله صدقاً من قلبه ثم يسدد؛ إلا سلك في الجنة".

رواه أحمد بإسناد لا بأس به، وهو قطعة من حديث.

1524 -

(5)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما قال عبد: (لا إله إلا الله) قط مخلصاً؛ إلا فُتحت له أبواب السماء حتى يُفضي إلى العرش؛ ما اجتُنِبَتِ الكبائر".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

= "الفتح"، وقد خرجتها في "الصحيحة"(1314)، وفيه قصة أخرى بين جابر وعمر، من حديث جابر نفسه، وهو أنصاري، مما يؤكد أن القصة وقعت في المدينة، وأن الحديث غير منسوخ، فراجع تمام هذا في المصدر المذكور آنفاً.

ص: 220

1525 -

(6)[صحيح] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قال: لا إله إلا الله؛ نفعته يوماً من دهره، يُصيبه قبل ذلك ما أصابه".

رواه البزار والطبراني، ورواته رواة "الصحيح"

(1)

.

1526 -

(7)[حسن] وعن جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"أفضلُ الذكرِ لا إله إلا الله، وأفضلُ الدعاءِ الحمدُ لله".

رواه ابن ماجه والنسائي، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم؛ كلهم من طريق طلحة بن خراش عنه. وقال الحاكم:"صحيح الإسناد".

1527 -

(8)[صحيح موقوف] وعن عبد الله

(2)

رضي الله عنه:

{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} قال:

من جاء بلا إله إلا الله، {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ}؛ قال: من جاء بالشرك.

رواه الحاكم موقوفاً وقال: "صحيح على شرطهما".

1528 -

(9)[صحيح] وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إني لأعلمُ كلمةً لا يقولها عبدٌ حقاً من قلبه فيموت على ذلك؛ إلا حُرم على النار: لا إله إلا الله".

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرطهما، وروياه بنحوه"

(3)

.

(1)

وكذا في "المجمع"(1/ 17) للهيثمي، إلا أنه قيده الطبراني بـ "الأوسط" و"الصغير".

قلت: وفي إسنادهما متروك، فكان ينبغي تقييد التصحيح المذكور بإسناد البزار، فإنه سالم منه، كما بينته في "الصحيحة"(1932).

(2)

هو ابن مسعود رضي الله عنه.

(3)

قلت: أي من حديث عتبان بن مالك، وهذا معنى كلام الحاكم، وتمامه "من حديث عتبان بن مالك. . وليس فيه ذكر عمر". فكان ينبغي على المصنف ذكر هذا لكي لا يفهم كلامه على خلاف مرامه. ولم يتعرض المعلقون الثلاثة لبيانه!

ص: 221

1529 -

(10)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله، قبل أن يحال بينكم وبينها".

رواه أبو يعلى بإسناد جيد قوي.

1530 -

(11)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ألا أخبركم بوصية نوح ابنه؟ ".

قالوا: بلى. قال:

"أوصى نوحٌ ابنَه، فقال لابنه: يا بني! إني أوصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين، أوصيك بقول: (لا إله إلا الله)؛ فإنها لو وضعت في كفَّة، ووضعت السماوات والأرض في كفَّة، لرجحت بهن، ولو كانت حلقةً لَقَصَمَتْهُنَّ حتى تَخلص إلى الله" فذكر الحديث.

رواه البزار، ورواته محتج بهم في "الصحيح" إلا

(1)

ابن إسحاق.

(1)

كذا الأصل، وهو الصواب، ونحوه قول الهيثمي:". . وفيه محمد بن إسحاق، وهو مدلس، وهو ثقة، وبقية رجاله رجال الصحيح". ووقع في طبعة المعلقين الثلاثة: "إلى ابن إسحاق"! وهو خطأ ظاهر، إذ لا فائدة من هذا التحديد، فقد يكون من فوق ابن إسحاق مثله أو دونه، بخلاف "إلا" فإنه يعم جميع الرجال غير ابن إسحاق، كما قال الهيثمي، وهو والمؤلف يشيران إلى أن ابن إسحاق لم يحتج به الشيخان، نعم استشهد به مسلم كما ذكر المؤلف في آخر الكتاب، وقال: إنه حسن الحديث، وهو كذلك بشرط أن يصرح بالتحديث، وهنا قد عنعن، لكنه صحيح بما بعده، ولقد أساء المعلقون هنا إلى الحديث إساءة بالغة، فضعفوا الحديث بكلام الهيثمي المذكور آنفاً، ولم يفرقوا بين رواية البزار المعنعنة، ورواية النسائي عن الأنصاري، ورواية الحاكم عن عبد الله من عمرو، وهما صحيحتان، وأعطوا هذه الروايات الثلاث رقماً واحداً! ومن غرائبهم أنهم حسنوا رواية النسائي في الموضع الذي سبقت الإشارة إليه، ونقلوا عن الحافظ ابن كثير أنه قال:"هذا إسناد صحيح"، ومع ذلك خالفوه، وهكذا فهم يخبطون خبط عشواء في الليلة الظلماء. والله المستعان.

ص: 222

1531 -

(12)[صحيح] وهو في النسائي عن صالح بن سعيد رفعه إلى سليمان بن يسار إلى رجل من الأنصار لم يسمِّه.

(1)

1532 -

(13)[صحيح] ورواه الحاكم عن عبد الله

(2)

وقال:

"صحيح الإسناد"، ولفظه قال:

"وآمركما بـ (لا إله إلا الله)؛ فإن السموات والأرضَ وما فيهما لو وضعت في كِفَّةٍ، ووضعت (لا إله إلا الله) في الكِفَّة الأخرى؛ كانت أرجح منهما، ولو أن السمواتِ والأرضَ وما فيهما كانت حلقة؛ فوضعت (لا إله إلا الله) عليهما لقَصَمَتْهُما، وآمركما بـ (سُبحان الله وبحمده)؛ فإنها صلاةُ كلِّ شيءٍ، وبها يُرزق كلُّ شيء".

1533 -

(14)[صحيح] وعن عبد الله بن عَمرو بن العاصي رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إن الله يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يومَ القيامةِ، فينُشُرُ عليه تسعةً وتسعين سِجِلاً، كلُّ سِجِلٍّ مثلُ مَدَّ البصرِ، ثم يقول: أتنكر مِنْ هذا شيئاً؟ أظلمك كَتَبَتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب! فيقول: أفَلَك عذر؟ فيقول: لا يا رب! فيقول الله تعالى: بلى إن لك عندنا حسنةً، فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)، فيقول: احْضُرْ وَزْنَك. فيقول: يا رب! ما هذه البطاقة

(1)

قلت: ويأتي لفظه في (7 - باب/ رقم 7).

(2)

هو ابن عمرو بن العاص، ولقد كان على المصنف أن يبينه حتى لا يشتبه بالذي قبله، فهما حديثان، ولذلك فصلت بينهما برقمين مختلفين، وكما أوهم هنا أن الحاكم رواه عن ابن عمر، فقد أوهم فيما يأتي بعد باب أن البزار رواه عن ابن عمرو! وسيأتي لفظ النسائي هناك.

ص: 223

مع هذه السجِلاّتِ؟ فقال: فإنك لا تُظلمُ، فتوضع السِّجلاتُ في كِفّةٍ، والبطاقةُ في كِفَّةٍ، فطاشَتِ السجلاتُ، وثَقُلَتِ البطاقةُ، فلا يثقُلُ مع اسمِ اللهِ شيءٌ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم".

ص: 224

‌6 - (الترغيب في قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له).

1534 -

(1)[صحيح] عن أبي أيوب رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) عشر مرات؛ كان كمن أعتق أربعة أنفس

(1)

من ولد إسماعيل".

رواه البخاري ومسلم، والترمذي والنسائي.

1535 -

(2)[صحيح] وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من مَنح منيحةَ وَرِقٍ، أَو منيحةَ لَبَنٍ، أو هدى زُقاقاً؛ فهو كعِتاق نسمةٍ. ومن قال (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)؛ فهو كعتق نسمةٍ".

رواه أحمد، ورواته محتج بهم في "الصحيح"، وهو في الترمذي باختصار التهليل، وقال:

"حديث حسن صحيح".

وفرقه ابن حبان في "صحيحه" في موضعين، فذكر المنيحة في موضع، والتهليل في آخر.

(1)

قلت: وأما رواية "عشر رقاب. . " المذكورة عقب هذه في الأصل، فهي شاذة لا تصح، كما حققته في "الضعيفة"(5126)، ولذلك أوردتها في "ضعيف الترغيب"، وجهل ذلك المعلقون على الكتاب فصححوها مع رواية الشيخين!!

ص: 225

1536 -

(3)[حسن لغيره] وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"خيرُ الدعاءِ الدعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّونَ من قبلي: لا إله إلا الله، وحدَه لا شريكَ لهُ، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن

(1)

غريب".

(قال المملي):

"وفي "أذكار المساء والصباح" و"ما يقوله بعد الصبح والعصر والمغرب" [5 - الصلاة/ 14] و"ما يقوله إذا دخل السوق" [16 - البيوع/ 3] وغير ذلك؛ أحاديث كثيرة من هذا الباب".

(1)

وكذا في طبعة الدعاس، ولم يذكر في طبعة (بولاق):"حسن"، ولذلك هو اللائق بإسناده، لكن الحديث حسن لشواهده كما بينته في "الصحيحة"(1503).

ص: 226

‌7 - (الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه).

1537 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"كَلمتانِ خَفيفَتانِ على اللسانِ، ثَقيلتانِ في الميزانِ، حَبيبتانِ إلى الرَّحمنِ: سبحانَ اللهِ وبحمدِه، سبحانَ اللهِ العظيمِ"

رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1538 -

(2)[صحيح] وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أَلا أخبركَ بأَحبِّ الكلامِ إلى الله؟ ".

قلتُ: يا رسول الله! أخبرني بأحبِّ الكلامِ إلى اللهِ؟ فقال:

"إن أحبَّ الكلامِ إلى الله؛ سبحانَ اللهِ وبحمدِه".

رواه مسلم والنسائي والترمذي؛ إلا أنه قال:

"سبحان ربي وبحمده". وقال:

"حديث حسن صحيح"

وفي رواية لمسلم:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أيُّ الكلامِ أفضلُ؟ قال:

"ما اصطفى اللهُ لملائكتِه أو لعبادِه؛ سبحانَ الله وبحمدِه".

1539 -

(3)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من قال: (سبحانَ اللهِ وبحمدِه)؛ غُرِستْ لَه نَخْلةٌ في الجنة".

رواه البزار بإسناد جيد.

ص: 227

1540 -

(4)[صحيح لغيره] وعن جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ قال: (سبحانَ اللهِ العظيم وبحمدهِ)؛ غُرست له نخلةٌ في الجنة".

رواه الترمذي وحسنه -واللفظ له- والنسائي؛ إلا أنه قال:

"غُرست له شجرة".

وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في موضعين بإسنادين قال في أحدهما:

"على شرط مسلم"، وقال في الآخر:"على شرط البخاري".

1541 -

(5)[صحيح لغيره] وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من هالهُ الليلُ أن يكابِدَهُ، أو بخِل بالمالِ أن يُنفقَه، أو جَبُنَ عن العدوِّ أن يقاتلَه، فَلْيُكْثِرْ مِنْ (سبحانَ الله وبحمدِه)؛ فإنها أحبُّ إلى الله من جَبَلِ ذَهَبٍ ينفقهُ في سبيل اللهِ عز وجل".

رواه الفريابي والطبراني واللفظ له وهو حديث غريب، ولا بأس بإسناده إن شاء الله.

1542 -

(6)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ومن قال: (سبحان الله وبحمده)؛ في يوم مئة مرة؛ غُفِرتَ له ذنوبهُ وإن كانت مثل زَبَدِ البحر".

رواه مسلم والترمذي والنسائي في آخر حديث يأتي إن شاء الله تعالى [10 - باب/ الحديث 5].

وفي رواية للنسائي:

"من قال: (سبحان الله وبحمده)؛ حَطَّ اللهُ عنهُ ذنوبه، وإن كانت أكثر من زَبدِ البحر".

لم يقل في هذه: "في يوم"، ولم يقل:"مئة مرة"؛ وإسنادهما متصل، ورواتهما ثقات.

ص: 228

1543 -

(7)[صحيح] وعن سليمانَ بن يَسارٍ عن رَجُلٍ منَ الأنصار؛ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"قال نوحٌ لابنِه: إنِّي مُوصيكَ بِوَصِيَّةٍ وقاصِرُها لِكَيْ لا تنساها؛ أوصيكَ باثْنَتين، وأَنهاك عنِ اثْنَتينِ:

أمَّا اللَّتانِ أوصيكَ بِهما؛ فيَستبشرُ اللهُ بهما وصالحُ خَلقهِ، وهما يُكْثِرانِ الوُلُوجَ عَلى اللهِ:

أوصيك بـ (لا إله إلا الله)، فإنَّ السمواتِ والأرضَ لوْ كانتا حَلقةً قَصَمَتْهُما، ولو كانتا في كِفَّةٍ وَزَنَتْهُما.

وأُوصيك بِـ (سبحانَ اللهِ وبحمدِه)؛ فإنَّهما صلاةُ الخَلقِ، وبهما يُرْزقُ الخلقُ، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} .

وأمَّا اللَّتانِ أَنهاكَ عنهما؛ فيحتجِبُ الله منهما وصالحُ خَلْقِهِ: أَنْهاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالكِبْرِ".

رواه النسائي -واللفظ له- والبزار

(1)

والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

(الوُلوج): الدخول.

1544 -

(8)[صحيح] وعن مصعب بن سعدٍ قال: حدثني أبي قال:

كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

(1)

تعقبه الناجي بقوله (148/ 2): "رواه أحمد وغيره".

قلت: لكنه عند أحمد من حديث ابن عمرو، وهو مخرج في "الصحيحة"(134)، وأما البزار فهو عنده من حديث ابن عمر -يعني ابن الخطاب-، وقد صرح بذلك الناجي فيما بعد (149/ 2) خلاف ما أفاده هنا، وأوهم به المؤلف في عطفه الحاكم على البزار، وقوله أنهما أخرجاه من حديث ابن عمرو. وبخلاف إيهامه فيما تقدم (5 - باب/ 11) أن الحاكم رواه من حديث ابن عمر! وانظر الرد المتقدم على المعلقين الثلاثة الذين ضعفوا الحديث هناك وحسنوه هنا، مخالفين الحفاظ الذين صححوه.

ص: 229

"أيعجِزُ أحدُكم أن يكسِبَ كلَّ يومٍ ألفَ حَسَنةٍ؟ ".

فسألة سائلٌ مِنْ جُلسائهِ: كيفَ يكسبُ أحدُنا ألفَ حَسنةٍ؟ قال:

"يسبِّح مئة تسبيحةٍ؛ فتُكتَبُ له ألفُ حسنةٍ، أو تُحَطُّ عنه ألفُ خطيئةٍ".

رواه مسلم والترمذي -وصححه- والنسائي.

قال الحميدي رحمه الله:

"كذا هو في "كتاب مسلم" في جميع الروايات: (أو تحط) ".

قال البُرقاني:

"ورواه شعبة وأبو عوانة ويحيى القطان عن موسى الذي رواه مسلم من جهته فقالوا: "وتحط" بغير ألف" انتهى.

(قال الحافظ):

"هكذا رواية مسلم، وأما الترمذي والنسائي فإنهما قالا: "وتحط" بغير ألف. والله أعلم".

(1)

1545 -

(9)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لأَنْ أقولَ: (سبحانَ اللهِ، والحمد للهِ، ولا إله إلا الله، والله أكبرُ)؛ أَحَبُّ إليَّ مما طَلَعتْ عليهِ الشمسُ".

رواه مسلم والترمذي.

1546 -

(10)[صحيح] وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أحبُّ الكلامِ إلى اللهِ أَربعٌ: (سبحانَ اللهِ، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، والله أكبرُ)، لا يَضُرُّكَ بأَيِّهِنَّ بَدأْتَ".

(1)

قال الشيخ ملا علي القاري في "المرقاة"(3/ 49): "قد تأتي الواو بمعنى (أو) فلا منافاة بين الروايتين، وكأن المعنى أن من قالها يكتب له ألف حسنة إن لم يكن عليه خطيئة، وإن كانت عليه فيحط بعض، ويكتب بعض، ويمكن أن تكون (أو) بمعنى الواو، أو بمعنى (بل)، فحينئذ يجمع له بينهما، وفضل الله أوسع من ذلك".

ص: 230

رواه مسلم وابن ماجه والنسائي، وزاد:

"وهُنُّ مِنَ القرآن".

1547 -

(11)[صحيح] ورواه النسائي أيضاً وابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة.

1548 -

(12)[صحيح] وَعَنْ رجُلٍ منْ

(1)

أصحابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم[عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم] قال:

"أَفْضَلُ الكَلامِ: سُبْحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، والله أكْبَرُ".

رواه أحمد، ورواته محتج بهم في "الصحيح".

1549 -

(13)[حسن لغيره] وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه:

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بهِ وهو يَغْرِسُ غَرْساً، فقال:

"يا أبا هريرة! ما الذي تَغْرِسُ؟ ".

قُلتُ: غِراساً. قال:

"ألا أدُلُّكَ على غِراس خيرٍ من هذا؟ (سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، والله أكبرُ)، تُغْرَس لَكَ بِكُلِّ واحدَةٍ شَجَرَةٌ في الجنَّةِ".

رواه ابن ماجه بإسناد حسن -واللفظ له-، والحاكم وقال:"صحيح الإسناد".

1550 -

(14)[حسن لغيره] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لَقيتُ إبراهيمَ ليلة أُسريَ بي، فقالَ: يا محمدُ! أقْرِئْ أُمَّتَكَ مني

(1)

كذا الأصل، وتبعه "المجمع"(10/ 88) وغيره، والذي في "المسند" (4/ 36):"عن بعض"، وما بين المعكوفتين استدركتها منه. وأما المعلقون الثلاثة فتركوا الأصل كما هو لم يصححوا منه شيئاً رغم أنهم عزوه لأحمد بالجزء والصفحة كما هي عادتهم من الاستغناء عن التحقيق بالاكتفاء على العزو بالأرقام!!

ص: 231

السلامَ، وأخبرهم أنَّ الجنَّة طيَّبةُ التَّربةِ، عَذْبَةُ الماءِ، وأنَّها قِيعَانٌ، وأَنَّ غِراسَها:(سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكْبَرُ) ".

رواه الترمذي والطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، وزاد:

"ولا حولَ ولا قوَّةَ إلا باللهِ".

روياه عن عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود، وقال الترمذي:

"حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه".

(قال الحافظ):

"أبو القاسم هو عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود؛ وعبد الرحمن هذا لم يسمع من أبيه.

(1)

وعبد الرحمن بن إسحاق، هو أبو شيبة الكوفي؛ واهٍ".

1551 -

(15)[حسن لغيره] ورواه الطبراني أيضاً بإسنادٍ واهٍ من حديث سلمان الفارسي، ولفظه: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنَّ في الجَنَّةِ قيعاناً؛ فأكثروا مِن غَرسِها".

قالوا: يا رسول الله! وما غَرْسُها؟ قالَ:

"سبحان اللهِ، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، واللهُ أَكْبرُ".

1552 -

(16)[حسن لغيره] وَعَن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ قال: (سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)؛ غُرِسَ لَهُ بِكُلِّ واحدةٍ مِنهُنَّ شجرةٌ في الجنَّةِ".

رواه الطبراني، وإسناده حسن، لا بأس به في المتابعات.

(1)

قلت: هذا قول لابن معين، ووافقه غيره، جزم مرة أنه سمع منه. ووافقه آخرون، وجمع الحافظ بين القولين في "التقريب"، فقال:"وقد سمع من أبيه لكن شيئاً يسيراً".

ص: 232

1553 -

(17)[حسن] وعن أم هانئٍ رضي الله عنها قالت:

مَرَّ بي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يَومٍ، فَقُلتُ: يا رسولَ الله! قد كَبِرْتُ

(1)

وضَعُفْتُ -أو كما قالت- فمُرْني بِعَملٍ أعْملُهُ وأنا جالِسَةٌ. قالَ:

"سَبِّحي الله مئةَ تَسبيحةٍ؛ فَإِنَّها تعدِلُ لَكِ مئة رقبةٍ تَعتِقينها مِنْ وَلَدِ إِسماعيل، واحمِدي الله مئةَ تَحميدةٍ؛ فإنَّها تَعْدِلُ لَكِ مئةَ فَرَسٍ مُسْرَجَةٍ مُلْجَمةٍ تحملينَ عَلَيْها في سبيل اللهِ، وكَبِّري الله مئةَ تكبِيرةٍ؛ فَإنَّها تَعِدلُ لَكِ مئةَ بَدَنَةٍ مُقلَّدةٍ مُتَقَبَّلةٍ، وهَلِّلي الله مئةَ تَهليلةٍ -قال ابنُ خَلَفٍ: أحسِبه قال:- تَمْلأُ ما بينَ السَّماءِ والأرضِ، وَلا يُرفع يَومئَذٍ لأحدٍ عَمَلٌ

(2)

؛ إلا أن يأْتي بِمِثلِ ما أتيت".

رواه أحمد بإسناد حسن، واللفظ له، والنسائي، ولم يقل:"ولا يرفع. . . " إلى آخره، والبيهقي بتمامه.

ورواه ابنُ أبي الدنيا، فَجعَل ثوابَ الرِّقاب في التَّحميدِ، ومئةَ فَرَسٍ في التسبيحِ، وقال فيه:

"وَهَلِّلي الله مئةَ تَهليلَةٍ؛ لا تَذَرُ ذَنباً، ولا يَسبِقُها عَمَلٌ".

ورواه ابن ماجه بمعناه باختصار.

ورواه الطبراني في "الكبير" بنحو أحمد، ولم يقل:"أحسبه".

(1)

هذا هو الثابت في المخطوطة وفي "المسند". ووقع في مطبوعة عمارة: "كبرت سِنِّي"! وإنما هي عند "أوسط الطبراني" كما يأتي.

(2)

الأصل: (بمكة)! والتصحيح من المخطوطة وغيرها. وكان فيه زيادة: "أفضل مما يرفع لك"، فحذفتها لأنها ليست في "المسند" ولا في "المجمع"، وإنما هي عند الطبراني في "الأوسط"(7/ 168/ 6309)، فالظاهر أن المؤلف هو الذي لَفَّقَ بين الروايتين بدليل أنه وقع ذلك في "المختصر" أيضاً، في سند الطبراني متروك، أو من لا يعرف، ثم هي مباينة للسياق، وغفل عن هذا المعلقون على عادتهم! وعند البيهقي مكانها:"مثل عملك"، وهو مخرج في "الصحيحة"(1316).

ص: 233

1554 -

(18)[صحيح] وعن أبي هُريرةَ وأَبي سعيدٍ رضي الله عنهما عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الله اصطفى مِنَ الكَلامِ أربعاً: (سبحانَ الله والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، واللهُ أَكبرُ). فمن قال: (سبحانَ الله)؛ كُتبتْ له عِشرونَ حسنةً، وحُطَّتْ عنهِ عشرون سيئةً، ومن قال: (الله أكبرَ)؛ فمثلٍ ذلكَ، ومَنْ قال: (لا إله إلا الله)؛ فمثل ذلكَ، ومن قال: (الحمدُ لله ربِّ العالمينَ) مِنْ قبل نفسهِ؛ كتبتْ له ثَلاثون حسنةً، وَحُطَّتْ عنه ثَلاثون سيِّئةً".

رواه أحمد وابن أبي الدنيا والنسائي -واللفظ له-، والحاكم بنحوه وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

(1)

1555 -

(19)[صحيح] وعن أبي مالكٍ الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الطُّهورُ شطرُ الإيمان، و (الحمدُ للهِ) تملأُ الميزانَ، و (سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ) تَملآن -أو تملاُ- ما بين السماءِ والأرضِ، والصلاةُ نورٌ، والصدقةُ برهانٌ، والصبرُ ضِياءٌ، والقرآنُ حجة لك أو عليك، كلُّ الناسِ يَغدو؛ فبائعٌ نفسهُ، فمعتِقُها أو موبِقُها".

رواه مسلم والترمذي والنسائي. [مضى 4 - الطهارة/ 7].

(1)

قلت: ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، ومن جهل المعلقين هنا أنهم تشبعوا بعزوه للبخاري تعليقاً بلفظ:"أفضل الكلام أربع، كذا قالوا ولم يزيدوا، وهو عنده أخصر من حديث سمرة المتقدم في الباب، فكان عليهم تقييد العزو بقولهم: باختصار شديد. ثم زعموا أن البيهقي زاد فيه: "ولا إله إلا الله"، وهي عندهم جميعاً، بينما هناك خلاف كبير بينهم وبين البيهقي، من ذلك أنه زاد في آخره كما ذكر المؤلف: "من أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق، وهي ضعيفة، وقد أخرتها إلى الكتاب الآخر، فهذا مما كان يجب عليهم بيانه، لو كانوا يعلمون، بل إنهم أوهموا صحتها بتخريجهم وسكوتهم عنها.

ص: 234

1556 -

(20)[صحيح] وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه:

إنَّ ناساً مِنْ أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم:

يا رسول الله! ذَهبَ أهلُ الدُّثور بالأجورِ، يُصلُّونَ كما نُصلي، وَيصُومون كما نصومُ، ويتصدَّقونَ بِفُضولِ أموالِهِم. قال:

"أو ليسَ قد جَعَلَ اللهُ لكم ما تصدَّقون بِهِ؛ إنَّ بِكُلِّ تسبيحةٍ صدقةً، وكلِّ تكبيرةٍ صدقةً، وكلِّ تحميدةٍ صدقةً، وأمرٍ بالمعروف صدقةً، ونهيٍ عن منكرٍ صدقةً، وفي بُضعِ أحدِكم صدَقةً".

قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكونُ لهُ فيها أجرٌ؟ قال:

"أرأيتُم لو وَضَعها في حَرامٍ، أكان عَليه وِزرٌ؟ فكذلك إذا وضَعَها في الحلالِ كانَ لَه أجرٌ".

رواه مسلم وابن ماجه.

(الدُّثور) بضم الدال: جمع دَثْر بفتحها: وهو المال الكثير.

و (البُضْعُ) بضم الموحدة: هو الجماع؛ وقيل: هو الفرج نفسه.

1557 -

(21)[صحيح] وعن أبي سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"بَخٍ بَخٍ لخمْسٍ ما أثْقلَهنَّ في الميزانِ: "(لا إله إلا الله، وسبحانَ الله، والحمدُ لله، والله أكبرُ)، والَولَدُ الصَّالح يُتوفَّى للمَرءِ المسلمِ؛ فَيَحْتسِبُهُ".

رواه النسائي واللفظ له، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه.

1558 -

(22)[صحيح لغيره] ورواه البزار بلفظه من حديث ثوبان. وحسَّن إسناده.

ص: 235

1559 -

(23)[صحيح لغيره] ورواه الطبراني في "الأوسط" من حديث سفينة؛ ورجاله رجال "الصحيح".

(1)

1560 -

(24)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"خُلِق كُلُّ إنسانٍ من بني آدَمَ على ستِّينَ وثلاثِمئةِ مفصلِ، فمن كبَّر الله، وحَمدَ الله، وهلَّلَ الله، وسبَّح الله، واستغفر الله، وَعَزَلَ حَجراً عَنْ طَريقِ المسلمينَ،

(2)

أو شوْكةً أو عظماً عن طريق المسلمينَ، وأمَرَ بمعروف أوْ نَهى عن منكرٍ؛ عَدَدَ تلك الستِّينَ والثلاثِمئةِ [السُّلامى]، فإنَّه يُمسِي يَوْمئذٍ وقد زَحزحَ نفسهَ عنِ النَّارِ". قال أبو توبةَ: ورُبَّما قال: "يمشي"، يعني بالشين المعجمة.

رواه مسلم والنسائي.

1561 -

(25)[حسن] وعَنِ ابن أبي أوْفى قال:

قال أعرابِيٌّ: يا رسول الله! إنِّي قد عالَجْتُ القرآن فَلَمْ أَسْتطِعْهُ، فعلِّمْني شَيئاً يُجزئُ مِنَ القرآنِ؟ قال:

"قُلْ: (سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، واللهُ أكبرُ) ".

فقالها، وأمْسَكَهَا بأصْبَعِهِ، فقالَ: يا رسولَ الله! هذا لِربِّي، فما لي؟

قال:

"تقولُ: اللهُم اغْفِر لي، وارْحَمْني، وعافِني، وارْزقْني، -وأحْسبُهُ قال:- واهْدِني".

(1)

قلت: هو عنده في "الأوسط"(6/ 71/ 5148) من رواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن سفينة. وعكرمة مضعف في يحيى، والبزار رواه (4/ 9/ 3072) من طريق أخرى عن أبي سلام عن ثوبان. والمحفوظ عن أبي سلام عن أبي سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في رواية النسائي وغيره المتقدمة. انظر "الصحيحة"(1204).

(2)

في مسلم (3/ 82): "الناس" في الموضعين، وهو أبلغ، والزيادة منه. وكذا في "شعب الإيمان"(7/ 11161/511).

ص: 236

ومضى الأعرابِيُّ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ذهبَ الأَعرابِيُّ وقد مَلأَ يَدَيْه خَيْراً".

رواه ابن أبي الدنيا عن الحجاج بن أرطأة عن إبراهيم السكسكي عنه.

ورواه البيهقي مختصراً، وزاد فيه:

ولا حولَ ولا قوَّةَ إلا باللهِ".

وإسناده جيد

(1)

.

1562 -

(26)[صحيح] وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:

جاءَ أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: عَلِّمْني كَلَاماً أقولُهُ؟ قال:

"قُلْ: (لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ لهُ، اللهُ أكبرُ كبيراً، والحمدُ لله كثيراً، وسبحانَ الله ربِّ العالمينَ، ولا حولَ ولا قوّة إلا باللهِ العزِيزِ الحكيمِ).

قال: هؤُلاءِ لِرَبِّي، فما لي؟ قال:

"قُلْ: (اللهَّم اغْفِرْ لي، وارحَمْني، واهْدِني، وارْزُقْني) ".

1563 -

(27)[صحيح] وزاد من حديث أبي مالك الأشجعي [عن أبيه]

(2)

:

"وعافني"

(3)

.

(1)

قال الناجي (ق 150/ 2): "هذا مما يتعجب منه، فقد رواه بمعناه بالزيادة فيه، وبدونها أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم. . .".

قلت: وهو مخرج في "إرواء الغليل"(2/ 12 - 13/ 303).

(2)

سقطت من قلم المؤلف فيما يبدو من "العجالة"، فذكر أنه أوهم بذلك أموراً ثلاثة ذكرها.

(3)

قلت: هذه الزيادة في حديث سعد أيضاً في رواية لمسلم (8/ 71)، وكذا أحمد (1561)، وفي أخرى له (1611)، ومسلم أيضاً:"قال موسى (أحد رواته): أما (عافني)؛ فأنا أتوهم وما أدري".

ص: 237

وفي رواية قال:

"فإنَّ هؤلاءِ تجمعُ لكَ دُنْياكَ وآخِرتَكَ".

رواه مسلم.

1564 -

(28)[حسن لغيره] وروي عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال:

جاء رجل بَدَوِيٌّ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله! علِّمْني خَيْراً؟ قال:

"قُلْ: (سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، واللهُ أكبر) ". قال: وَعَقدَ بيده أرْبعاً؛ ثم رتَّبَ

(1)

فَقال: (سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، والله أكبرُ)، ثَم رجَعَ، فلَّما رآه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تَبَسَّمَ، وقال:

"تَفَكَّرَ البائِسُ".

فقال: يا رسولَ الله! (سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ)، هذا كلُّهُ لله، فَما لي؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا قُلتَ: (سبحانَ الله)؛ قال اللهُ: صدَقْتَ. وإذا قُلتَ: (الحمدُ لله)؛ قال الله: صدَقْتَ. وإذا قُلْتَ: (لا إله إلا اللهُ)؛ قال اللهُ: صدَقتَ. وإذا قُلتَ: (اللهُ أكبرُ)؛ قال اللهُ: صدَقتَ. فتقولُ: (اللهمَّ اغفرْ لي)، فيقولُ اللهُ: قد فَعَلتُ. فتقولُ: (اللهمَّ ارحمنْي)؛ فيقولُ الله: قد فَعَلتُ. وتقولُ: (اللهمَّ ارْزُقْني)؛ فيقولُ الله: قد فَعَلتُ".

قال: فَعَقَدَ الأعرابيُّ سَبْعاً في يديْهِ

(2)

.

(1)

كذا الأصل، ولعل الصواب:"ذهب"، أو "وثب".

(2)

في "الشعب"(1/ 355): "يده" على الإفراد. وكذلك هو في "الأحاديث المختارة" للضياء المقدسي (2/ 24/ 1)، وكذلك هو في بعض طرق حديث ابن أبي أوفى المتقدم قبل حديث، انظر "الإرواء". فلا يجوز الاستدلال به على شرعية عقد التسبيح باليدين كما يفعل البعض، والسنة الصحيحة خلافها.

ص: 238

رواه ابنُ أبي الدنيا والبيهقيُّ.

(1)

1565 -

(29) وهو في "المسند" وسنن النسائي من حديث أبي هريرة بمعناه.

(2)

1566 -

(30)[صحيح لغيره] وعن سَلمى أمِّ بني أبي رَافع مولَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ أنَّها قالتْ:

يا رسول اللهِ! أخْبِرْني بكلماتٍ، ولا تكثِرْ عَليَّ؟ فقال:

"قولي: (اللهُ أكبرُ) عَشرَ مرَّاتٍ، يقولُ اللهُ: هذا لي. وقولي: (سبحانَ الله) عَشْرَ مرَّاتٍ، يقولُ اللهُ: هذا لي. وقولي: (اللهُمَّ اغْفِرْ لي)، يقولُ: قدْ فعَلْتُ. فتقولين عشْرَ مراتٍ، ويقول: قدَ فعلْتُ".

رواه الطبراني ورواته محتج بهم في "الصحيح".

(3)

1567 -

(31)[حسن] وعَنْ أبي هريرةَ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"خُذوا جُنَّتكُم".

قالوا: يا رسول الله! [أمِنْ] عدوّ [قد]

(4)

حَضَرَ؟ قال:

"لا، ولكن جُنَّتكمِ منَ النارِ؛ قولوا: (سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إله

(1)

قلت: رواه بنحوه، وإسناده صحيح كما بينته في "الصحيحة"(3336)؛ خلافاً لما يشعر به المؤلف بتصديره إياه بـ (روي)، ولعل المعلقون الجهلة اغتروا بذلك، فضعفوه بـ (جعفر بن سليمان الضبعي)، ناقلين لكلامٍ للذهبي في ترجمته لم يفهموه، وذلك من آفاتهم، فالرجل ثقة، ومن رجال مسلم محتجاً به. وقد بسطت القول في الرد عليهم، وبيان جهلهم بهذا العلم في المصدر المذكور. والله المستعان.

(2)

يشير إلى الحديث الآتي في (25 - الجنائز/ 8 - باب) من المجلد الأخير بلفظ آخر، ويأتي الكلام عليه هناك. ولم يعرفه المعلقون الثلاثة، ولا أعطوه رقماً خاصاً!

(3)

قلت: وكذا قال الهيثمي، لكن شيخ الطبراني محمد بن صالح بن الوليد النرسي لا يعرف، كما بينت في "الضعيفة" (6620) بيد أنه ثبت بلفظ:"يا أم رافع! إذا قمت إلى الصلاة فسبحي الله عشراً. . " الحديث أتم منه، وهو في "الصحيحة"(3338).

(4)

زيادتان من "السنن الكبرى" للنسائي (3/ 212/ 10684).

ص: 239

إلا الله، واللهُ أكبرُ)؛ فإنَّهُنَّ يأْتينَ يومَ القيامة مُجنباتٍ ومُعقِّباتٍ، وهُنَّ الباقياتُ الصالحاتُ".

رواه النسائي -واللفظ له-، والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم".

وكذا رواه الطبراني في الأوسط، وزاد:"ولا حول ولا قوة إلا بالله".

(1)

(جُنَّتكم) بضم الجيم وتشديد النون؛ أي: ما يستركم ويقيكم.

و (مجنَّبات) بفتح النون؛ أي: مقدمات أمامكم. وفي رواية الحاكم "منجيات" بتقديم النون على الجيم.

ورواه في "الصغير" من حديث أبي هريرة، فجمع بين اللفظين فقال:

"ومنجيات ومجنبات".

وإسناده جيد قوي.

و (معقَّبات) بكسر القاف المشددة؛ أي: تعقبكم وتأتي من ورائكم.

1568 -

(32)[صحيح] وعَنِ النعمان بنِ بشيرٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ ممَّا تذكرونَ مِنْ جلالِ الله؛ التسبيحُ والتهليلُ والتحميدُ، ينعطِفنَ حوْلَ العرْشِ، لهُنَّ دوِيٌّ كدويِّ النَّحْلِ، تُذَكَّر بصاحِبِها. أما يُحِبُّ أحدُكُمْ أنْ يكونَ لَهُ -أو لا يزال لَهُ- مَنْ يُذكَّر به".

رواه ابن أبي الدنيا وابن ماجه -واللفظ له-، والحاكم وقال:

(1)

هذا السطر كان في الأصل بعد قوله: "بتقديم النون على الجيم"، فنقلته إلى هنا، لأنه اللائق به كما هو ظاهر.

ص: 240

"صحيح على شرط مسلم".

(1)

1569 -

(33)[حسن] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما على الأرض أحدٌ يقول: (لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا باللهِ)؛ إلا كُفِّرتْ عنه خطاياه، ولو كانَتْ مِثلَ زَبدِ البحرِ".

رواه النسائي والترمذي -واللفظ له-، وقال:

"حديث حسن، وروى شعبة هذا الحديث عن أبي بلج بهذا الإسناد نحوه، ولم يرفعه" انتهى.

ورواه ابن أبي الدنيا والحاكم، وزادا:

"سبحان الله والحمد لله".

وقال الحاكم:

"حاتم ثقة، وزيادته مقبولة". يعني حاتم بن أبي صغيرة.

1570 -

(34)[حسن] وعن أنسٍ رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ غُصناً فنفضهُ فلم ينتفض، ثم نفضهُ فلم ينتفض، ثم نفضَهُ فانتفضَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ (سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا اللهُ، والله أكبرُ)؛ ينفضنَ الخطايا كما تنفضُ الشجرةُ ورقها".

(1)

قلت: وقع في سنده خطأ لم يتنبه له الذهبي فرد تصحيحه، ونقله المعلقون الثلاثة وأقروه! ولكنهم قالوا في الحديث:"حسن بشواهده"! ولا شاهد له! لكن إسناد ابن ماجه صحيح، وبيان هذا كله في "الصحيحة"(3358).

ص: 241

رواه أحمد، ورجاله رجال "الصحيح"، والترمذي، ولفظه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشجرة يابسةِ الورقِ فضربَها بعصاً، فتناثر ورقُها، فقال:"إنَّ (الحمدَ لله، وسبحانَ الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)؛ لَتُساقِطُ مِن ذنوبِ العبدِ كما تَسَاقطَ ورقُ هذهِ الشجرةِ".

وقال: "حديث غريب، ولا نعرف للأعمش سماعاً من أنس، إلا أنه قد رآه ونظر إليه" انتهى.

(قال الحافظ): "لم يروه أحمد من طريق الأعمش".

1571 -

(35)[صحيح] وعن عبد الله -يعني ابن مسعودٍ- رضي الله عنه قال:

"إنَّ الله قسَمَ بينكم أخلاقَكُمْ، كما قسَم بينكم أرْزاقَكم، وإنَّ الله يُؤْتي المالَ من يُحبُّ ومَنْ لا يحِبُّ، ولا يُؤتي الإيمانَ إلا مَنْ أحبَّ، فإذا أحبَّ الله عبداً أعطاهُ الإيمانَ، فمن ضنَّ بالمالِ أن ينفِقه، وهاب العدُوَّ أن يجاهِدَه، والليلَ أن يُكابِدَهُ؛ فليُكثِر مِنْ قولِ: (لا إله إلا الله، والله أكبرُ، والحمدُ لله، وسبحانَ اللهِ) ".

رواه الطبراني، ورواته ثقات، وليس في أصلي رفعه

(1)

.

(ضنَّ) بالضاد المعجمة؛ أي: بخل.

1572 -

(36)[حسن] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"التأَنِّي مِنَ اللهِ، والعجَلَة مِنَ الشيطانِ، وما أَحدٌ أكثرُ معاذِير مِنَ الله، ومَا [من]

(2)

شيءٍ أَحبُّ إلى الله مِنَ الحمدِ".

(1)

قلت: وكذلك رواه ابن المبارك في "الزهد"(1134)، والبخاري في "الأدب المفرد"(275) موقوفاً لكنه في حكم المرفوع. ولجملة الضن بالمال شاهد عن أبي أمامة تقدم في أول الباب.

(2)

زيادة من "مسند أبي يعلى".

ص: 242

رواه أبو يعلى، ورجاله رجال "الصحيح".

1573 -

(37)[حسن لغيره] وروي عن أبي أمامةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما أنعم اللهُ عز وجل على عبدٍ نعمةً، فحمِدَ الله عز وجل عليها؛ إلا كانَ ذلِكَ أفْضَلَ مِنْ تِلْكَ النِّعمةِ. . . ".

رواه الطبراني، وفيه نكارة

(1)

.

(1)

قلت: لكن قد جاء عند ابن ماجه بإسناد حسن من حديث أنس مرفوعاً دون قوله: "وإن عظمت" المشار إليها بنقاط. . ولذلك أوردته هنا دونها، وأوردته بها في الكتاب الآخر، وقد خرجته في "الضعيفة" تحت الحديث (2011) من أجل هذه الزيادة المنكرة مع بيان موضع تخريج الحديث بطرقه وألفاظه. ولم يتنبه لهذا الفرق بين رواية الطبراني ورواية ابن ماجه الحافظ الناجي فقال (152/ 1):"رواه ابن ماجه بمعناه"!

ص: 243

‌8 - (الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير).

1574 -

(1)[صحيح] عن جُويريةَ رضي الله عنها:

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَرجَ مِنْ عندِها، ثم رَجعَ بعدَ أن أضْحَى وهيَ جالِسَةٌ، فقالَ:

"ما زِلتِ على الحالِ الَّتي فارَقْتُكِ عليها؟ ".

قالَتْ: نعمْ. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"لقد قُلْتُ بَعْدَكِ أربعَ كلماتٍ ثلاثَ مرَّاتٍ، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ منذُ اليوم لَوَزَنَتْهُنَّ: (سبحانَ اللهِ وبحمدهِ، عَدَد خَلْقِهِ، وَرضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدادَ كَلِماتِهِ) ".

رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي.

وفي رواية لمسلم:

"سُبحانَ الله مِدَدَ خَلْقِهِ، سبحانَ اللهِ رِضا نفسِهِ، سُبحانَ الله زِنةَ عَرْشِه، سبحانَ اللهِ مِدادَ

(1)

كَلماتهِ".

زاد النسائي

(2)

في آخره:

"والحمدُ لله كَذلِكَ".

وفي رواية له:

"سبحانَ اللهِ وبحمده، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبر، عَددَ خَلْقِهِ، ورِضا نَفْسِه، وزنَةَ عَرْشِهِ، ومِداد

(3)

كلماتِه".

ولفظ الترمذي:

(1)

الأصل: "عداد"، والتصحيح من "مسلم"(8/ 84)، و"النسائي"(212/ 161).

(2)

يعني في "اليوم والليلة"(212 - 213).

(3)

الأصل: "عداد"، والتصحيح من "مسلم"(8/ 84)، و"النسائي"(212/ 161).

ص: 244

أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ عليها وهي في مَسْجِدِها

(1)

، ثم مرَّ بها وهي في المسجِدِ

(2)

، قَرِيبٌ نِصفَ النَّهارِ، فقال لها:

"ما زِلتِ على حالِكِ؟ ".

فقالتْ: نعم. فقال:

" [ألا] أُعَلِّمُكِ كلِماتٍ تقولينَها: سُبْحانَ الله عَددَ خَلقِهِ، سبحانَ الله عَددَ خَلْقِهِ، سبحانَ اللهِ عددَ خَلْقِهِ (ثلاثَ مرات)

(3)

. سبحان اللهِ رِضا نَفْسِهِ، سبحانَ الله رِضا نَفْسِهِ، سبحانَ اللهِ رِضا نَفْسِه (ثلاث مرات)

(4)

.

وذَكَر زِنةَ عَرْشِهِ، ومدَادَ كلماتِهِ؛ ثلاثاً ثلاثاً".

وقال: "حديث حسن صحيح".

وفي رواية للنسائي تكرار كل واحدةٍ ثلاثاً أيضاً.

1575 -

(2)[صحيح](نوع آخر) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال:

رآني النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنا أُحرِّكُ شَفَتيِّ، فقال لي:

"بأيِّ شيءٍ تحرِّكُ شَفَتَيكَ يا أبا أُمامَةَ؟ ".

فقلتُ: أذْكُرُ الله يا رسولَ اللهِ! فقال:

"ألا أُخبِرُكَ بأكثَرَ وأفضَلَ مِنْ ذِكرِكَ بالليلِ والنهارِ؟ ".

(1)

الأصل "المسجد"، والتصحيح من "الترمذي" والزيادة الآتية منه.

(2)

ليس في "الترمذي"(وهي في المسجد)، ولا هي في "المسند"(6/ 430) أيضاً، وإنما هي عنده بهذا اللفظ في الموضع الأول. وكل هذه التصحيحات مما فات المعلقين الثلاثة! وهم يدعون التحقيق!!

(3)

ما بين الهلالين تأكيد من المؤلف ليس في (الترمذي)، وكذلك قوله: وذكر. . . إلخ؛ هو من عنده تلخيصاً لرواية الترمذي، والمراد أنه قال كلاً من الجملتين:"سبحان الله زنة عرشه" و"سبحان الله مداد كلماته" ثلاثاً ثلاثاً.

(4)

ما بين الهلالين تأكيد من المؤلف ليس في (الترمذي)، وكذلك قوله: وذكر

إلخ؛ هو من عنده تلخيصاً لرواية الترمذي، والمراد أنه قال كلاً من الجملتين:"سبحان الله زنة عرشه" و"سبحان الله مداد كلماته" ثلاثاً ثلاثاً.

ص: 245

قُلتُ: بَلى يا رسولَ الله! قال:

"تقولُ: (سبحانَ اللهِ عَدَدَ ما خَلَقَ، سبحانَ اللهِ مِلءَ ما خَلَقَ، سبحانَ الله عَددَ ما في الأرضِ، سبحانَ الله مِلءَ ما في الأرضِ والسماءِ، سبحانَ اللهِ عدد ما أَحْصى كتابُهُ، سبحانَ الله مِلءَ ما أَحْصَى كتابُه، سبحانَ اللهِ عَددَ كُل شَيءٍ، سبحان الله مِلءَ كل شَيءٍ، الحمدُ لله عَدَدَ ما خَلَقَ، والحمدُ لله مِلءَ ما خَلَقَ، والحمدُ لله عَدَدَ ما في الأرض والسماءِ، والحمدُ لله مِلءَ ما في الأرضِ والسماءِ، والحمدُ لله عَددَ ما أَحْصى كِتابُه، والحمدُ لله مِلءَ ما أحصى كتابهُ، والحمد لله عَدَدَ كلِّ شيءٍ، والحمدُ لله مِلء كلِّ شَيءٍ) ".

رواه أحمد وابن أبي الدنيا -واللفظ له-، والنسائي، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" باختصار، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط الشيخين".

[صحيح لغيره] ورواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن،

(1)

ولفظه قال:

"أفلا أُخبركَ بشَئٍ إذا قُلته ثُمَّ دأَبْتَ اللَّيْلَ والنهارَ لَم تَبْلغْهُ؟ ".

قلتُ: بَلى. قال:

"تقولُ: (الحمدُ لله عَدَدَ ما أحصى كِتابُهُ، والحمد لله عدَدَ ما في كتابِهِ، والحمدُ لله عَدَدَ ما أَحْصَى خلقهُ، والحمدُ لله مِلءَ ما في خلقهِ، والحمدُ لله مِلءَ سماواته وأرضه، والحمدُ لله عَدَد كلِّ شَيء، والحمدُ لله على كلِّ شيء)، وتُسَبِّح مِثلَ ذلك، وتكبِّرُ مِثْلَ ذلِكَ".

(1)

قلت: إسناد رواية الطبراني هذه فيها خلل بينته في "الصحيحة"(2578)، لكن رواها النسائي وغيره بسند حسن، وإسناد الرواية الأولى صحيح، وبذلك صارت هذه صحيحة، وجهل ذلك المعلقون الثلاثة، فقالوا:"حسن، رواه أحمد. . "، مع أن إسناد أحمد صحيح!!

ص: 246

1576 -

(3)[حسن] وعن مصعب بن سعد عن أبيه:

أَنَّ أعرابيّاً قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: عَلّمْني دُعاءً لَعَلَّ الله أنْ ينفعني بِهِ؟ قال:

"قُلْ: اللهُمَّ لَكَ الحمدُ كلُّه، وإليكَ يرجعُ الأَمرُ كُلُّهُ".

رواه البيهقي من رواية أبي بلج، واسمه يحيى بن سليم، أو ابن أبي سليم.

(1)

1577 -

(4)[حسن لغيره](نوع آخر) عن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"قالَ رجلٌ: (الحمد لله كثيراً)، فأعظمها الملَكُ أن يكتبها، فراجع فيها ربه عز وجل فقال: اكتبها كما قال عبدي [كثيراً]

(2)

".

رواه الطبراني بإسناد فيه نظر.

1578 -

(5)[حسن لغيره] وروى أبو الشيخ ابن حيان من طريق عطية عن أبي سعيد مرفوعاً أيضاً:

"إذا قال العبدُ: (الحمدُ لله كثيراً)؛ قال اللهُ تعالى: اكتبوا لعبدي رحمتي كثيراً".

(1)

قلت: هو مختلف فيه كما بينه المؤلف في آخر كتابه، وذلك يعني أنه حسن الحديث، إلا ما ظهر خطؤه. . والحديث في "شعب الإيمان"(4/ 97/ 4398)، ووقع في بعض رجاله خطأ مطبعي، وضعفه الثلاثة!!

(2)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "المعجم الأوسط" و"المجمع"، وهو مخرج في "الصحيحة"(3452) لبعض شواهده، أحدها الآتي بعده.

ص: 247

‌9 - (الترغيب في قول: لا حول ولا قوة إلا بالله).

(قال المملي) رضي الله عنه:

"قد تقدم قريباً في أحاديثَ كثيرةٍ ذكرُ "لا حولَ ولا قوَّةَ إلا باللهِ"، منها حديث أمَّ هانِئٍ وحديثُ عبد الله بنِ عَمرو، وغيرها، فأغنى قربُها مِنْ إعادتها".

1579 -

(1)[صحيح] وعن أبي موسى رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له:

"قُلْ لا حولَ ولا قوَّةَ إلا باللهِ؛ فإنَّها كنزٌ من كُنوزِ الجنَّةِ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1580 -

(2)[صحيح لغيره] وعَن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أَكثِرْ مِنْ قولِ لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلا بالله؛ فإنَّها [كنز] مِنْ كنوزِ الجنَّة".

رواه الترمذي وقال:

(1)

"هذا حديث إسناده ليس بمتصل، مكحول لم يسمع من أبي هريرة".

[صحيح] ورواه الحاكم وقال: "صحيح ولا علة له"، ولفظه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

(1)

تمام الرواية عند الترمذي:

"قال مكحول:

فمن قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا منجا من الله إلا إليه)؛ كشف الله عنه سبعين باباً من الضر، أدناهن الفقر".

قلت: هو عن مكحول صحيح الإسناد، ولكنه معضل، وقد ذكر المؤلف لهذا الحديث عدة روايات، احتفظت منها هنا بما صح، وما ليس كذلك فهو من حصة الكتاب الآخر، وأما المعلقون الجهلة، فخلطوا الصالح بالطالح، وصدروا الحديث بكل رواياته ودرجاته بقولهم:

"حسن، رواه. . . "، (خبط لزق)! والله المستعان.

ص: 248

ألا أعلِّمُكَ -أو ألا أدُلُّكَ على- كَلِمةٍ مِنْ تحتِ العَرْشِ مِنْ كَنزْ الجنَّةِ؟

تَقولُ: (لا حَولَ ولا قوَّةَ إلا باللهِ)، فيقولُ الله: أسلَم عَبْدي وَاستَسْلَمَ.

1581 -

(3)[صحيح لغيره] وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ألا أدُلُّكَ على بابٍ من أبوابِ الجنَّةِ؟ ".

قال: وما هو؟ قال:

"لا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ".

رواه أحمد والطبراني؛ إلا أنه قال:

"ألا أدُلُّكَ على كنزٍ من كُنوزِ الجنَّةِ؟. .".

وإسناده صحيح إن شاء الله، فإن عطاء بن السائب ثقة، وقد حدث عنه حماد بن سلمة قبل اختلاطه

(1)

.

1582 -

(4)[صحيح] وعن قَيْسِ بنِ سعدِ بن عُبادة:

أنَّ أباه دفعه

(2)

إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يخدمُه، قال: فأتى عليَّ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم وقد صلَّيتُ ركعتين،

(3)

فضربني برجلهِ وقال:

"ألا أدلُّكَ على بابٍ من أبوابِ الجنَّةِ؟ ".

قلتُ: بلى. قال:

"لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ".

(1)

قلت: هذا لا يكفي في تصحيح إسناده، لأنه قد ثبت أنه سمع منه بعد اختلاطه أيضاً، وإنما هو صحيح بشواهده المذكورة في الباب، وقد خرجته مع بعض منها في "الصحيحة"(1528).

(2)

الأصل: "رفعه"، والتصحيح من المخطوطة و"المستدرك"(4/ 290) وغيرهما.

(3)

زاد البيهقي (1/ 445): "واضطجعت". وسنده صحيح.

ص: 249

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرطهما"

(1)

.

1583 -

(5)[صحيح لغيره] وعن أبي أيوبَ الأنصاري رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ أُسرِيَ به مَرَّ على إبراهيم عليه السلام، فقال:

مَنْ مَعَكَ يا جبرائيل؟

قال: هذا محمدٌ.

فقال له إبراهيمُ عليه السلام: يا محمدُ! مُرْ أمَّتكَ فَليُكْثِرُوا مِن غِراسِ الجنَّة، فإنَّ تُربتَها طيبّةٌ. وأرضَها واسعةٌ.

قال: ما غِراسُ الجنَّةِ؟

قال: لا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله.

رواه أحمد بإسناد حسن، وابن أبي الدنيا، وابن حبان في "صحيحه".

1584 -

(6)[حسن لغيره] ورواه ابن أبي الدنيا في "الذكر"، والطبراني من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أَكْثِروا مِنْ غِراس الجنَّة؛ فإنِّه عذبٌ ماؤها، طيِّبٌ تُرابُها، فأكْثِروا مِنْ غِراسها".

قالوا: يا رسولَ الله! وما غِراسُها. قال:

"ما شاءَ الله، لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ".

(1)

قلت: اقتصاره في العزو عليه يوهم أنه لم يخرجه أحد ممن هو أعلى منه وأشهر، وليس كذلك، فقد أخرجه الترمذي وصححه وأحمد والبزار وغيرهم كما هو مخرج في "الصحيحة"(1528). مع بيان صحة إسناده. وأما المعلقون الثلاثة فاقتصروا على تحسينه، وأما السبب فلا يدريه أحد حتى ولا هم أنفسهم! لأنهم يقولون ما لا يعلمون.

ص: 250

1585 -

(7)[صحيح] وعن أبي ذرّ رضي الله عنه قال:

كنتُ أمشي خَلْفَ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال لي:

"يا أبا ذَرٍّ! ألا أدُلُّكَ على كَنزٍ من كنوز الجنةِ؟ ".

قلتُ: بلى. قال:

"لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ".

رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا، وابن حبان في "صحيحه".

ص: 251

‌10 - (الترغيب في أذكار تقال بالليل وبالنهار غير مختصة بالصباح والمساء).

1586 -

(1)[صحيح] عن أبي مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ قَرأ بالآيتينِ مِنْ آخرِ سورةِ {البقرة} في لَيْلَةٍ كفَتاهُ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة.

(كفتاه) أي: أجزأتاه عن قيام تلك الليلة.

وقيل: كفتاه ما يكون من الآفات تلك الليلة.

وقيل: كفتاه من كل شيطان فلا يقربه ليلته.

وقيل: معناه حسبه بهما فضلاً وأجراً، وقال ابن خزيمة في "صحيحه":

"باب ذكر أقل ما يجزئ من القراءة في قيام الليل". ثم ذكره. وهذا ظاهر. والله أعلم.

1587 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آياتٍ في لَيْلَةٍ؛ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغافلينَ".

رواه ابن خزيمة في "صحيحه"

(1)

، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم". [مضى 13 - القرآن/ 1 - 21 - حديث].

1588 -

(3)[صحيح] وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"أَيعْجزُ أحدُكُم أن يَقرأ ثُلثَ القرآنِ في ليلةٍ؟ ".

(1)

قلت: عزوه لابن خزيمة وهم، فإنه لم يروه بهذا اللفظ عن أبي هريرة، وإنما بلفظ:"مئة آية"، كما تقدم في آخر (6 - النوافل/ 11 - الترغيب في قيام الليل). وإنما رواه من حديث ابن عمرو كما سبق هناك، وهو به صحيح.

ص: 252

فَشقَّ ذلك عليهم، وقالوا: أيُّنا يُطيقُ ذلك يا رسولَ اللهِ؟ فقال:

" (الله الواحدُ الصَّمَدُ) ثُلثُ القرآنِ".

رواه البخاري ومسلم والنسائي.

1589 -

(4)[حسن] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال:

مَنْ قَرأ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} كلَّ لَيلْةٍ، منَعه الله عز وجل بِها مِنْ عذِاب القَبرِ.

وكنا في عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم نُسمِّيها المانِعةَ، وإنَّها في كتابِ الله عز وجل سورةٌ مَنْ قَرأ بها في ليلةٍ فَقَدْ أَكْثَرَ وأَطابَ.

رواه النسائي واللفظ له، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد". [مضى 13 - القرآن/ 10].

1590 -

(5)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ قال: (لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ)؛ في يوم مِئَةَ مرَّةٍ؛ كانت له عِدلَ عَشرِ رقابٍ، وكُتِبَتْ له مِئةُ حسنةٍ، ومُحيَتْ عنه مِئَةُ سيِّئَةٍ، وكانتْ له حِرْزاً من الشيطانِ يومهُ ذلك حتى يُمسيَ، ولَمْ يأتِ أحدٌ بأفضَلَ مما جاءَ به؛ إلا أحدٌ عملَ أكثَرَ مِنْ ذلكَ".

رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. وزاد مسلم والترمذي والنسائي:

"ومن قال: (سبحانَ اللهِ وبحمدِه)، في يومٍ مِئَةَ مرَّةٍ؛ حُطَّت خطاياه ولو كانتْ مِثلَ زَبَدِ البحرِ".

ص: 253

1591 -

(6)[حسن] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ قال: (لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ)؛ مِئَتَيْ مَرّةٍ في يومٍ؛ لَمْ يَسْبِقه أحدٌ كانَ قبْلَهُ، وَلَم يُدرِكهُ أحدٌ بعدهُ، إلا مَنْ عَمِلَ بأَفضلَ مِنْ عَمَلِهِ".

رواه أحمد بإسناد جيد والطبراني.

(1)

(1)

قلت: ورواه الحاكم أيضاً (1/ 500)، لكن وقع عنده (مئة) مكان (مئتي)، وهو خطأ مخالف لمصادر التخريح، أو أنها مختصرة، ففي بعضها بلفظ:". . مئة مرة إذا أصبح، ومئة مرة إذا أمسى. . "، وفيها رد على بعض المعاصرين ممن ألف في سنية (المسبحة)! وزعم مشروعية الذكر بعدد المئات محتجاً بهذا الحديث، فكأنه جهل أو تجاهل هذه الرواية المبينة أن المئتين ليستا في وقت واحد! وإنما مئة صباحاً، ومئة مساء، وهو مخرج في "الصحيحة"(2562).

ص: 254

‌11 - (الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات).

1592 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه:

أنَّ فقراءَ المهاجرينَ أَتَوْا رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذَهَبَ أهلُ الدُّثُور

(1)

بالدَّرَجاتِ العُلا، والنَّعيمِ المقُيمِ. قال:

"وما ذاكَ؟ ".

قال: يُصَلُّونَ كما نُصَلي، ويصُومونَ كما نصومُ، ويتصدَّقونَ ولا نَتَصَدَّقُ، ويعتقون ولا نَعتِقُ. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أَفلا أُعلِّمُكم شَيئاً تُدرِكون بِه مَنْ سَبَقكُمْ، وتَسْبِقونَ به مَنْ بَعْدَكُمْ، ولا يكونُ أحدٌ أفضلَ منكم؛ إلا مَنْ صَنَع مثلَ ما صنعتُم؟ ".

قالوا: بَلى يا رسولَ الله! قال:

"تُسبِّحون، وتكبِّرون، وتحمدون، دُبرَ كل صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين مرّة".

قال أبو صالح

(2)

: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا:

سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ذلك فضل الله يُؤتيه من يشاء".

قال سُمَيٌّ: فحدَّثت بعض أهلي بهذا الحديث، فقال: وهمتَ، إنما قال لك: تسبِّح ثلاثاً وثلاثين، وتحمد ثلاثاً وثلاثين، تكبِّرُ أربعاً وثلاثين.

قال: فرجعت إلى أبي صالح فقلت له ذلك. فأخذ بيدي فقال:

(الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله)، (الله أكبر، وسبحان الله،

(1)

بضم الدال المهملة؛ جمع (دَثْر): وهو المال الكثير.

(2)

هو راوي الحديث عن أبي هريرة، واسمه ذكوان.

ص: 255

والحمد لله)، حتَّى يبلغ من جميعهن ثلاثاً وثلاثين.

رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.

[صحيح] وفي رواية لمسلم أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من سبَّح [الله]

(1)

في دُبُر كل صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، ثم قال تمام المئة:(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير)؛ غُفِرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".

ورواه مالك، وابن خزيمة في "صحيحه" بلفظ هذه، إلا أن مالكاً قال:

"غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر".

(2)

ورواه أبو داود، ولفظه: قال أبو هريرة:

قال أبو ذرٍّ: يا رسولَ الله! ذهب أصحاب الدَّثور بالأجور، يُصَلُّون كما نُصلِّي، ويَصومون كما نصومُ، ولهم فُضول

(3)

أموال يتصدقون بها، وليس لنا مالٌ نتصدَّقُ به. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"يا أبا ذرٍّ! ألا أعلمك كلمات تُدرك بها من سبقك، ولا يلحقك من خلفك، إلا من أخذ بمثل عملك؟ ".

(1)

أسقطت من الأصل ومن المخطوطة ومن مطبوعة (الثلاثة)! مع أنهم ذكروها في التعليق! والتصويب من "صحيح مسلم".

(2)

ومن طريق مالك رواه النسائي في "عمل اليوم"(202/ 142). وزاد في رواية له (143): "يحيي ويميت"، وهي شاذة أو منكرة، ولعلها من شيخ النسائي (محمد بن وهب) وهو الحراني، قال النسائي:"لا بأس به". وقد أخطأ أيضاً في اسم أحد رواته كما بينه النسائي. ومن أخطاء المعلقين الثلاثة أنهم عزوا الحديث للنسائي بالرقمين المذكورين من حديث ابن عباس! وإنما هو عنده -كغيره- من حديث أبي هريرة.

(3)

في الأصل والمخطوطة: "فضل"، والتصويب من "أبي داود" و"المسند" أيضاً، وهو مخرج في "صحيح أبي داود"(1348).

ص: 256

قال: بلى يا رسول الله! قال:

"تُكبِّر الله دُبُر كلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمدُه ثلاثاً وثلاثين، وتُسبِّحه ثلاثاً وثلاثين، وتختِمُها بـ (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قديرٌ)؛ غُفِرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر

(1)

". (*)

1593 -

(2)[صحيح] وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مُعقِّفباتٌ لا يخيبُ قائلهنَّ أو فاعلهن دُبُر كل صلاةٍ مكتوبة؛ ثلاثٌ وثلاثون تسبيحةً، وثلاثٌ وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة".

رواه مسلم والترمذي والنسائي.

1594 -

(3)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"خصْلتان لا يُحصيهما عبدٌ إلا دخل الجنَّة، وهما يسيرٌ، ومن يعملُ بهما قليلٌ، يسبِّح الله أحدكم دبُر كلِّ صلاةٍ عشْراً، ويحمدُه عشراً، ويكبِّرُه عشراً، فتلك مئةٌ وخمْسون باللِّسانِ، وألفٌ وخمسُمئة في الميزانِ، وإذا أوى إلى فراضه يُسبّح ثلاثاً وثلاثين، ويحمدُ ثلاثاً وثلاثين، ويكبِّرُ أربعاً وثلاثين.

فتِلْك مئة باللسان، وألفٌ في الميزان -قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- وأيُّكُمْ يعمل في يومه وليله ألفيْن وخمسمئة سيِّئةً؟ ".

قال عبد الله: رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَعقِدُهُنَّ بيده. قال:

قيل: يا رسولَ الله! كيف لا يُحصيهما؟ قال:

(1)

كذا الأصل تبعاً لأبي داود، ولم ترد هذه الزيادة:"غفرت ذنوبه. . " عند أحمد في هذه الرواية؛ وهو الصواب كما حققته في "صحيح أبي داود"(1348)، وهي غير منسجمة مع السياق كما هو ظاهر، وإنما هي في رواية مالك المتقدمة، وقبلها رواية مسلم، فكأنه دخل على الراوي حديث في حديث.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: سقط هنا من متن الكتاب [(الدثور): بضم الدال المهملة؛ جمع (دَثْر): وهو المال الكثير]، واستدركها الشيخ مشهور وقال (أثبتُّها من المنيرية)

قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقد ذكرها الشيخ ناصر رحمه الله بحروفها في الهامش

ص: 257

"يأتي أحدكم الشيطانُ وهو في صلاته ليقولُ له، اذْكر كذا، اذْكر كذا، ويأتيه عند منامه فيُنَوِّمُهُ".

رواه أبو داود والترمذي وقال:

"حديث حسن صحيح". والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له. [مضى 6 - النافل/ 9].

(قال المملي):

"رووه كلهم عن حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله".

1595 -

(4)[صحيح] وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ قرأَ آية الكُرسي دُبُرَ كلِّ صلاةٍ؛ لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت".

رواه النسائي والطبراني بأسانيد أحدها صحيح. وقال شيخنا أبو الحسن

(1)

:

"هو على شرط البخاري"، وابن حبان في "كتاب الصلاة"

(2)

وصححه.

(3)

(1)

هو علي بن المفضل بن علي أبو الحسن بن القاضي الأنجب أبي المكارم المقدسي المالكي، كان من أئمة المذهب [المالكي]، ومن حفاظ الحديث، وَرِعاً ديّناً، رضيّ الأخلاق. ومات سنة (611). كما في "تذكرة الحفاظ"(4/ 187 - 188).

(2)

قلت: "كتاب الصلاة" لابن حبان، هو كتاب له مفرد عن كتابه "الصحيح" الذي سماه بـ"التقاسيم والأنواع"، وقد نص هو على ذلك، فقد جاء في "معجم البلدان" لياقوت ما نصه -وقد ساق أسماء العشرات من كتبه- (1/ 418/ 2):

"وكتاب "صفة الصلاة" أدرك عليه في "كتاب التقاسيم"، فقال: في أربع ركعات يصليها الإنسان ستمئة سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجناها بفصولها في "كتاب صفة الصلاة"، فأغنى ذلك عن نظمها في هذا النوع من هذا الكتاب".

وقد خفيت هذه الحقيقة على الحافظ الناجي، فقال عقب قول المؤلف (في كتاب الصلاة):

"أي من صحيحه"! وكذلك خفيت على الحافظ السيوطي، فإنه عزاه في "الجامع الصغير" و"الكبير" لـ (حب)، أي في "صحيحه" كما هو اصطلاحه الذي نص عليه في المقدمة، ولم يخرجه فيه، ولذلك لم يورده الهيثمي في "موارد الظمآن"، فتنبه.

(3)

في الأصل هنا قوله: (وزاد الطبراني في بعض طرقه: "و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} "، وإسناده بهذه الزيادة جيد أيضاً).

قلت: هذا من تساهل المؤلف، وقلده الثلاثة، وفي إسناده من كذب الدارقطني، مع مخالفته للحديث الصحيح، وهو بهذه الزيادة منكر، وبيانه في "الضعيفة"(6012).

ص: 258

1596 -

(5)[صحيح] وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوماً ثم قال:

"يا معاذ! والله إنِّي لأحبك".

فقال له معاذٌ: بأبي أنت وأمي يا رسولَ الله! وأنا والله أُحِبُّك. قال:

"أوصيك يا معاذُ ألا تَدَعنّ دُبُر كلِّ صلاةٍ أن تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك".

وأوصى بذلك معاذٌ الصنابحيَّ، وأوصى به الصنابحيُّ أبا عبدِ الرحمنِ، وأوصى به [أبو](*) عبدُ الرحمنِ عُقْبَةَ بنِ مُسْلِم.

رواه أبو داود والنسائي -واللفظ له-، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط الشيخين".

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين سقط من المطبوع، واستدركه الشيخ مشهور في طبعته

ص: 259

‌12 - (الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره).

1597 -

(1)[صحيح] عَن جابرٍ رضي الله عنه عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:

"إذا رأى أحدكم الرُّؤيا يكرهها؛ فليبصق عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطانِ ثلاثاً، وليتحوَّل عن مكانه الذي كان عليْهِ".

رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

1598 -

(2)[صحيح] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه؛ أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:

"إذا رأى أحدُكم الرؤيا يحبُّها، فإنَّما هي من الله؛ فلْيحمد الله عليها، وليُحدِّث بما رأى، وإذا رأى غيرَ ذلك مما يَكْرهُ، فإنَّما هي من الشيطان؛ فلْيسْتعذ باللهِ من شرِّها، ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضرُّه".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"

(1)

.

1599 -

(3)[صحيح] وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"الرؤيا الصالحةُ من الله، والحُلُم من الشيطان، فمن رأى شيئاً يكرهه فلينفُثْ عن شِماله ثلاثاً، ولْيتعوَّذ بالله من الشَّيطان؛ فإنَّها لا تضرُّه".

رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

وفي رواية للبخاري ومسلم

(2)

:

(1)

قلت: ورواه البخاري أيضاً، والنسائي في "اليوم والليلة"(505 - 506)، وانظر التعليق على "صحيح الجامع"(1/ 210).

(2)

هنا في الأصل زيادة "عن أبي سلمة"، فحذفتها لأنه لا فائدة منها كما بينه الناجي، بل هي تُوهِم أن الرواية الأولى عندهما ليست من طريقه، والواقع خلافه.

ص: 260

"وإذا رأى ما يكره فليتعوَّذْ بالله من شرِّها وشرِّ الشيطان، ولْيتفلْ عن يساره ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً؛ فإنَّها لن تضُرَّه".

1600 -

(4)[صحيح] وروياه أيضاً عن أبي هريرة وفيه:

"فمن رأى شيئاً يكرهه؛ فلا يقصُّه على أحدٍ، وليقم فليصلِّ".

(الحلْم) بضم الحاء وسكون اللام، وبضمها: هو الرؤيا، وبالضم والسكون فقط: هو رؤية الجماع في النوم، وهو المراد هنا.

وقوله: (فليتفُل) بضم الفاء وكسرها؛ أي: فليبزق.

وقيل: التفل أقل من البزق، والنفث أقل من التفل.

ص: 261

‌13 - (الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل).

1601 -

(1)[حسن لغيره] عَن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدَّه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا فزع أحدكم في النوم فليقل: (أعوذ بكلمات الله التامّات من غضبه وعِقابه، وشرِّ عباده، ومنْ همزاتِ الشياطين وأنْ يَحْضُرون)؛ فإنَّها لن تَضُرَّه".

رواه أبو داود، والترمذي -واللفظ له-، وقال:

"حديث حسن غريب".

والنسائي، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد"، وليس عنده تخصيصها بالنوم.

وفي رواية للنسائي قال:

كان خالدُ بن الوليد رجلاً يفزع في منامه، فذكر ذلك لِرَسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"إذا اضْطجعتَ فقُلْ: بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة"، فذكر مثله.

وقال مالك في "الموطأ":

"بلغني أن خالد بن الوليد قال لِرسول الله صلى الله عليه وسلم:

إني أُرَوَّعُ في منامي. فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: قلْ: فذكر مثله".

ورواه أحمد عن محمد بن يحيى بن حبان عن الوليد بن الوليد؛ أنه قال:

يا رسول الله! إنِّي أجدُ وِحْشةً. قال:

"إذا أَحْذْت مضْجعك فقُلْ:"، فذكر مثله.

ومحمدٌ لم يسْمع من الوليد.

(1)

(1)

قلت: هذا منكر، والمعروف أن القصة لأخيه خالد بن الوليد. انظر "الصحيحة"(2738).

ص: 262

1602 -

(2)[حسن] وعن أبي التيَّاح قال: قلتُ لِعبد الرحمن بن خَنْبَشٍ التميميّ، وكان كبيراً:

أدركتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قلتُ: كيفَ صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليْلَة كادته الشياطينُ

(1)

؟ قال:

إنَّ الشياطينَ تَحَدَّرتْ تِلْك الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية والشِّعابِ، وفيهم شيطانٌ بيده شُعلةٌ من نارٍ يريد أن يحْرقَ بها وجْهَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

(2)

، فهبط إليه جِبْريل صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد! قُلْ. قالَ: ما أقولُ؟ قال: قُلْ: (أعوذُ بكلماتِ الله التَّامة

(3)

من شرِّ ما خلق وذرأَ وبرأَ، ومِنْ شرِّ ما ينزِل من السماء، ومنْ شرِّ ما يعرُجُ فيها؛ وَمِنْ شرِّ فِتْنَتيِ اللّيل والنهار، ومن شرِّ كلِّ طارقٍ، إلا طارقاً. يطرق بخير؛ يا رَحْمنُ!)، قال: فَطُفِئتْ نارُهم، وهزمهم الله تبارك وتعالى.

رواه أحمد وأبو يعلى، ولكل منهما إسناد جيد محتج به

(4)

.

(1)

وقع في الأصل ومطبوعة عمارة والمخطوطة: "الجن"، والتصويب من "المسند"(3/ 419)، وأبي يعلى (4/ 1621)، و"الأسماء" للبيهقي (ص 25).

(2)

زاد أحمد في رواية: "فرعب، قال جعفر -يعني ابن سليمان:- أحسبه قال: جعل يتأخر". ولفظ أبي يعلى: "فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فزع".

(3)

زاد أحمد في رواية: "التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر). وهي رواية أبي يعلى ومن الحداثة في هذا العلم قول المعلق عليه: "وهو موقوف على (عبد الرحمن بن خنبش) ". وهذا معناه أن كل أحاديث (كان) الشمائل، وأحاديث (نهى) -هي كلها موقوفة!!

(4)

هذا يوهم أن للحديث عندهما إسنادين لكل منهما إسناد! وليس كذلك، فإنهما أخرجاه من طريق جعفر بن سليمان الضبعي: ثنا أبو التياح به.

ص: 263

1603 -

(3)[حسن لغيره] وقد رواه مالك في "الموطأ" عن يحيى بن سعيد مرسلاً.

1604 -

(4)[حسن لغيره] ورواه النسائي

(1)

من حديث ابن مسعود بنحوه.

(خَنْبَش) هو بفتح الخاء المعجمة بعدها نون ساكنة وباء موحدة مفتوحة وشين معجمة.

(1)

قال الناجي (155/ 1): "أي رواه النسائي موصولاً من طريق يحيى بن سعيد أيضاً، لكن بغير إسناد الحديث الأول وسياقه".

قلت: فكان الأولى أن يقول المؤلف: "ووصله النسائي. . .".

قلت: يعني في "عمل اليوم والليلة"(530/ 956)، وكذا وصله البيهقي في "الأسماء"(ص 306)، وفي سندهما جهالة.

ص: 264

‌14 - (الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما).

قال الحافظ:

"كان الأليق بهذا الباب أن يكون عقيب (المشي إلى المساجد)، لكن حصل ذهول عن إملائه هناك، وفي كلٍ خير".

1605 -

(1)[صحيح] عَنْ أنسٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا خرج الرجلُ من بيته فقال: (بسم الله، توكَّلت على الله، لا حول ولا قوة إلا باللهِ)؛ يقال له: حسبك، هُديت وكُفيت ووقيت، وتنحّى عنه الشيطانُ".

رواه الترمذي وحسنه، والنسائي، وابن حبان في "صحيحه".

ورواه أبو داود، ولفظه: قال:

"إذا خرجَ الرجلُ من بيته فقال: (بسم الله، توكَّلت على الله، لا حول ولا قُوَّة إلا بالله)؛ يقال له حينئذٍ: هُديتَ، وكُفيتَ، ووُقيتَ، فيتنحّى له الشيطانُ. فيقولُ له شيطانٌ آخرُ: كيفَ لكَ برجلٍ هُدِيَ وكُفِيَ ووُقِيَ؟ ".

1606 -

(2)[صحيح] وعن حيوة بن شُرَيْح قال:

لَقيت عُقبة بن مُسلم، فقلتُ له: بَلَغني أنَّكَ حَدَّثْت عن عبد الله بن عمْرو بن العاصِ:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يقولُ إذا دخل المسجد:

"أعوذ بالله العظيم، وبوَجْهِهِ الكريمِ، وسُلطانِهِ القديم، من الشيطان الرجيم".

ص: 265

قال: أَقَطِّ

(1)

؟ قلت: نعم. قال:

"فإذا قال ذلك؛ قال الشيطان: حُفِظَ منِّي سائرَ اليومِ

(2)

".

رواه أبو داود.

1607 -

(3)[صحيح] وعن جابرٍ رضي الله عنه؛ أنَّه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ:

"إذا دَخَل الرجل بيتَه فذكر الله عندَ دُخوله، وعند طعامه؛ قال الشيطان: لا مَبيتَ لكم ولا عشاء، وإذا دخل فَلَمْ يذكر الله عندَ دُخوله؛ قال الشيطانُ: أَدْركتم المبيتَ، وإذا لمْ يذْكرِ الله عندَ طعامه؛ قال الشيطانُ: أدركتم المبيت والعشاء".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1608 -

(4)[حسن لغيره] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا بُنيَّ إذا دخلت على أهلك فسلِّم، فتكون بركة عليك وعلى أهل بيتِكَ".

رواه الترمذي عن علي بن زيد عن ابن المسيب عنه وقال:

"حديث حسن صحيح غريب".

1609 -

(5)[صحيح] وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثة كلُّهُمْ ضامِنٌ على الله عز وجل: رجُل خرج غازياً في سبيل الله

(1)

الألف في هذه اللفظة ألف الاستفهام، و (قط) بفتح القاف وكسر الطاء المخففة في الوصل بمعنى حسب. والمعنى أن الراوي -وهو حَيْوةَ- قال له شيخه عقبة: هذا الذي بلغك عني أني حدثت عن عبد الله بن عمرو فقط؟ فقال له حيوة: نعم. كذا في "العجالة"(ق 155/ 2).

(2)

الأصل: "سائر ذلك اليوم"، بزيادة "ذلك"، والتصحيح من "أبي داود". ويظهر أنه خطأ قديم، فقد قال الناجي:"إنّ هذه اللفظة مقحمة فيتعين حذفها". ولم يحذفها المعلقون الثلاثة! مع أنهم نقلوا قول الناجي هذا!! وذكروا رقمه في "أبي داود"!!!

ص: 266

عزَّ وجلَّ، فهو ضامنٌ على الله حتَّى يتوفَّاه فيُدخله الجنَّة بما نال مِنْ أجْرٍ أو غنيمةٍ، ورجلٌ راحَ إلى المسْجد، فهو ضامنٌ على الله حتى يتوَفَّاه فيُدْخله الجنَّة أو يَرُدَّهُ بما نال من أَجْرٍ أو غنيمةٍ، ورجلٌ دخل بيْته بسلامٍ، فهوَ ضامِنٌ على الله عز وجل".

رواه أبو داود.

وابن حبان في "صحيحه"، ولفظه: قال:

"ثلاثةٌ كُلُّهُمْ ضامن على الله، إنْ عاش رُزِقَ وكفِيَ، وإن ماتَ أدخله

(1)

الله الجنة: مَنْ دَخَل بيته فسلَّم فهو ضامنٌ على الله" فذكر الحديث. [مضى 5 - الصلاة/ 9].

(1)

الأصل: "دخل"، والتصويب من "الموارد" ومما تقدم، فإنه هناك بلفظ ابن حبان.

ص: 267

‌15 - (الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها).

1610 -

(1)[صحيح] عن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إن أحدكم يأتيه الشيطانُ فيقولُ: من خلقك؟ فيقولُ: اللهُ. فيقول: مَنْ خلق الله؟ فإذا وجَدَ ذلك أحدكم فلْيَقل: آمنتُ بالله ورسولِهِ؛ فإنَّ ذلك يُذْهِبُ عَنْه".

رواه أحمد بإسناد جيد، وأبو يعلى والبزار.

1611 -

(2) ورواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" من حديث عبد الله بن عمرو.

1612 -

(3)[صحيح لغيره] ورواه أحمد أيضاً من حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه.

[صحيح] وتقدم في "الذكر"[1 - باب/ 12 - حديث] وغيره حديث الحارث الأشعري وفيه:

"وآمُرُكم بذكرِ الله كثيراً، ومَثَلُ ذلك كمثل رجلٍ طلبه العَدوُّ سِراعاً في أثره، حتى أتى حِصْناً حصيناً فأحْرَزَ نفسَه فيه، وكذلك العبدُ لا يَنْجو من الشيطانِ إلا بذكرِ الله".

رواه الترمذي وصححه، وابن خزيمة وابن حبان وغيرهما.

1613 -

(4)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يأتي الشيطانُ أحدكم فيقولُ: مَنْ خلق كذا؟ مَنْ خلق كذا؟ حتى يقولَ: منْ خلق ربَّك؟ فإذا بلغه، فلْيَسْتَعذ بالله، ولْيَنْتَهِ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

وفي رواية لمسلم:

"فليقل: آمنت بالله ورسولِه".

ص: 268

[حسن] وفي رواية لأبي داود والنسائي:

"فقولوا: {اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، ثم ليتفلْ عن يساره ثلاثاً، وَيستعذْ باللهِ من الشيطانِ".

وفي رواية للنسائي:

(1)

"فليستعذ باللهِ منه، ومن فِتنَتِه".

1614 -

(5)[حسن] وعن أبي زميل سماك بن الوليد قال:

سألت ابنَ عبَّاسٍ فقلتُ: ما شيءٌ أجِدُهُ في صدري؟ قال: ما هو؟ قلتُ: والله لا أتكلم به. قال: فقال لي: أشيءٌ من شكٍّ؟ قال: وضحكَ، قال: ما نجا مِنْ ذلك أَحدٌ. قال: حتَّى أنزل الله عز وجل: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} . فقال لي: إذا وجدت في نَفْسك شيئاً فقلْ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ".

رواه أبو داود.

1615 -

(6)[صحيح] وعن عثمانَ بن العاص رضي الله عنه؛

أنه أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إنَّ الشيطانَ قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي، يُلبِّسُها عليَّ. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ذاك شيطان يقال له: (خِنْزَب)، فإذا أحْسسْتَه فتعوَّذْ باللهِ منه، واتْفُلْ عن يسارِك ثلاثاً".

قال: ففعلتُ ذلك، فأذْهَبَه الله عني.

رواه مسلم.

(خِنْزَبْ) بكسر الخاء المعجمة وسكون النون وفتح الزاي بعدها باء موحدة.

(1)

لم أجدها عنده، وما قبلها في كتابه "عمل اليوم والليلة"(419/ 661 - 663).

ص: 269

‌16 - (الترغيب في الاستغفار).

1616 -

(1)[حسن لغيره] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"قال الله: يا ابن آدم! إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك

(1)

ولا أُبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عَنان السماء ثمَّ اسْتغفرتني غفرت لك ولا أُبالي، يا ابن آدم! إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً؛ لأتيتك بقرابها مغفرةً".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

(العَنان) بفتح العين المهملة: هو السحاب.

و (قراب) الأرض بضم القاف: ما يقارب ملأها.

1617 -

(2)[حسن لغيره] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"قال إبليسُ: وعَزِّتك لا أبرح أُغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم. فقال: وعِزَّتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما اسْتغفروني".

رواه أحمد والحاكم من طريق دراج، وقال الحاكم:"صحيح الإسناد".

1618 -

(3)[صحيح] وعن عبد الله بن بسرٍ رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

"طوبى لمن وُجد في صحيفته استغفارٌ كثير".

رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، والبيهقي.

(1)

الأصل وفي كثير من المطبوعات، ومنها طبعة "الثلاثة المعلقين:"منك"، والتصحيح من "الترمذي"(1534).

ص: 270

1619 -

(4)[حسن] وعن الزبير رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من أحب أن تسرَّه صحيفته؛ فليكثر فيها من الاسْتغفار".

رواه البيهقي بإسناد لا بأس به.

1620 -

(5)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ العبدَ إذا أخطأ خطيئةً نَكَتَتْ في قلبه نُكْتَةٌ، فإن هو نَزَعَ واستغفرَ صقُلَتْ، فإن عاد زيد فيها حتى تعلوَ قلبه، فذلك الران الذي ذكر الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

1621 -

(6)[صحيح] عن عليّ رضي الله عنه قال:

كنتُ رجلاً إذا سمِعْتُ مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حديثاً نَفَعَني اللهُ منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدَّثني أحدٌ مِنْ أصحابِهِ استَحْلَفته، فإذا حلف لي صدَّقْته، قال: وحدَّثني أبو بكر -وصَدَق- أنه قال: سمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما مِنْ عبدٍ يُذْنبُ ذنباً فَيُحسنُ الطهورَ، ثم يقومُ فيصلِّي ركْعتين، ثم يَسْتَغْفِرُ اللهَ؛ إلا غفر له، ثمَّ قرأ هذه الآيةُ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} إلى آخر الآية".

رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، وليس عند بعضهم ذكر الركعتين. وقال الترمذي:

"حديث حسن غريب"، وذكر أن بعضهم وَقَّفَه.

ص: 271

1622 -

(7)[صحيح لغيره] وعن بلال بنِ يَسار بن زَيدٍ قال: حدَّثني أبي عن جدِّي؛ أنه سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ قال: (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيُّ القيُّومُ وأتوبُ إليه)؛ غُفِرَ لَهُ وإنْ كان فَرَّ مِنَ الزَّحفِ".

رواه أبو داود والترمذي وقال:

"حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه".

(قال الحافظ):

"وإسناده جيد متصل، فقد ذكر البخاري في "تاريخه الكبير"

(1)

أن بلالاً سمع من أبيه يسار، وأن يساراً سمع من أبيه زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف في (يسار) والد بلال هل هو بالباء الموحدة أو بالياء المثناة تحت، وذكر البخاري في "تاريخه" أنه بالموحدة

(2)

. والله أعلم".

1623 -

(8)[صحيح] ورواه الحاكم من حديث ابن مسعود وقال:

"صحيح على شرطهما"؛ إلا أنه قال:

"يقولها ثلاثاً".

(1)

(1/ 2/ 108 و 4/ 2/ 420).

(2)

لم أره في "التاريخ"، والمراد به "الكبير" عند الإطلاق، لا سيما وقد سبق في كلامه مقيداً به، ولا رأيت أحداً ذكر هذا الخلاف، والله أعلم. ثم إن ما نقله عن البخاري لا يستفاد منه إلا الاتصال الذي ادعاه المؤلف، وأما الجودة فلا لأنها تستلزم سلامة الإسناد من الجهالة وهي منفية هنا، فقد قال الذهبي في يسار هذا:"لا يعرف"، وبلال مثله. لكن الحديث صحيح بالشاهد الذي بعده وبغيره مما أشرت إليه في الأصل. وخرجته في "الصحيحة"(2727). وأما المعلقون الثلاثة، فخلطوا في التخريج بين حديث زيد وحديث ابن مسعود، ولم يتكلموا على إسناديهما -كعادتهم- بتقوية أو تضعيف، واقتصروا على قولهم في صدر التخريج:"حسن" رواه. . "! فضيعوا على القراء صحة إسناد حديث ابن مسعود!!

ص: 272

1624 -

(9)[صحيح لغيره موقوف] وعن البراء رضي الله عنه:

قال له رجل: يا أبا عمارة! {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ، أهو الرجل يلقى العدو فيقاتلُ حتى يقتلَ؟ قال:

لا، ولكن هو الرجل يذنبُ الذنبَ فيقولُ لا يغفره الله [لي].

(1)

رواه الحاكم موقوفاً وقال: "صحيح على شرطهما".

(2)

(1)

سقطت من الأصل والمخطوطة، واستدركتها من "المستدرك"(2/ 276)، و"الشعب"(5/ 407)، وغفل عنها المعلقون الثلاثة، كما هي العادة!

(2)

أعله الثلاثة الجهلة بـ (عبيد الله بن موسى) فقالوا: "تركه أحمد"، وجهلوا أن مثل هذا الجرح المبهم سببه لا يؤثر في رجل كهذا احتج به الشيخان، وتتابع الحفاظ النقاد قديماً وحديثاً على توثيقه وتصحيح حديثه، ولذلك قال الذهبي الحافظ النقّاد، والذي يعرف فضل الإمام أحمد وقدره في العلم أكثر من هؤلاء الجهلة:"شيخ للبخاري، ثقة، شيعي محترق، لم يروِ عنه أحمد لذلك"، وزاد في "الميزان":"وكان ذا زهد وعبادة وإتقان". ومع ذلك فقد تابعه جمع من الثقات رووه عن شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء. . أخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 408/ 7094). وهذا إسناد متصل صحيح غاية، وقد فاتهم هذا المصدر لأن المنذري لم يعزه إليه، ولو فعل لبادروا إلى العزو بالجزء والصفحة والرقم، مستعينين على ذلك بالفهارس، فإنهم لا يحسنون إلا النقل، وبها!!

ص: 273

‌15 - كتاب الدعاء

(1)

.

‌1 - (الترغيب في كثرة الدعاء، وما جاء في فضله).

1625 -

(1)[صحيح] عن أبي ذرّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربِّه عز وجل؛ أنه قال:

"يا عبادي! إنِّي حَرَّمْتُ الظلمَ على نَفْسي

(2)

وَجَعلتُه بينَكُم مُحَرَّماً، فلا تظالموا. يا عبادي! كلُّكم ضالٌّ إلا من هَدَيته، فاسْتهدُوني أَهدكم، يا عبادي! كُلُّكم جائعٌ إلا من أطعمْتُه، فاسْتَطْعموني أطعِمْكُم. يا عبادي! كُلُّكُم عارٍ إلا من كسوته، فاسْتكْسُوني أَكْسُكُم. يا عبادي! إنَّكم تُخطِئون بالليل والنهارِ، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاسْتَغفِروني أغفر لكم.

يا عبادي! إنكم لن تبلُغوا ضَرِّي فتَضُرُّوني، ولن تبلُغوا نَفْعي فَتَنْفَعوني. يا عبادي! لو أنَّ أوَّلكم وآخِرَكم، إنسكم وجِنَّكم، كانوا على أتقى قَلْبِ رجل واحدٍ منكم ما زادَ ذلك في مُلكي شيئاً، يا عبادي! لَوْ أنَّ أوَّلَكُم وآخِركُم، وإنسَكم وجِنَّكم، كانوا على أفْجرِ قلبِ رجل واحدٍ منكم؛ ما نقصَ ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي! لو أنَّ أوَّلكم وآخِركم، وإنسَكم وجِنَّكم قاموا في صعيدٍ واحد فسألوني، فأعْطيْتُ كلَّ إنسان منهم مسألته؛ ما نَقَصَ ذلِكَ ممّا عِندي إلا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذا أُدخِلَ

(3)

البحرَ.

(1)

هذا العنوان من "مختصر الترغيب" لابن حجر، وهو في الأصل مقرون مع العنوان المتقدم.

(2)

زاد مسلم من طريق أخرى عن أبي ذر: "وعلى عبادي".

(3)

الأصل: "دخل"، والتصويب من "مسلم" والمخطوطة.

ص: 274

يا عبادي! إنَّما هي أعمالُكم أُحصيها لكم، ثم أُوَفِّيكم إيّاها، فَمَنْ وجد خيراً فليحمد الله عز وجل، ومن وجَدَ غيرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفْسَه".

قال سعيد: كان أبو أدريس الخَوْلاني إذا حدَّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه.

رواه مسلم، واللفظ له، ورواه. .

(1)

(المِخْيَط) بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الياء المثناة تحت: هو ما يخاط به الثوب، كالإبرة ونحوها.

1626 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله يقولُ: أنا عندَ ظَنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني".

رواه البخاري ومسلم -واللفظ له-، والترمذي والنسائي وابن ماجه.

1627 -

(3)[صحيح] وعن النعمانِ بن بشيرٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"الدعاءُ هو العبادةُ". ثم قرأ:

" {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}

(2)

".

رواه أبو داود والترمذي -واللفظ له-، وقال:

(1)

قلت: ثم ساق المؤلف الحديث من رواية الترمذي وابن ماجه عن شهر بن حوشب بلفظ آخر مخالف للفظ مسلم زيادة ونقصاً، فحذفته مودعاً إياه في الكتاب الآخر لضعف شهر ونكارة لفظه، وكان المؤلف قد ذكره في آخر الكتاب السابق بلفظ البيهقي عنه دون رواية مسلم، فمن تخاليط المعلقين أنهم هنا لم يعزوه لمسلم وأحالوا في تخريجه إلى المكان المتقدم، وهناك قالوا:"صحيح، رواه مسلم. . "! فأوهموا صحة رواية شهر، بهذا التصدير، وبسكوتهم عن ضعف شهر!!

(2)

أي: أذلاء مهانين.

ص: 275

"حديث حسن صحيح"، والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1628 -

(4)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ سَرَّه أن يَسْتَجيبَ الله له عندَ الشدائدِ [والكُرَبِ]

(1)

؛ فَليُكْثِر مِنَ الدعاء في الرَّخاءِ".

رواه الترمذي والحاكم من حديثه ومن حديث سلمان، وقال في كل منهما:

"صحيح الإسناد".

1629 -

(5)[حسن] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لَيْسَ شيءٌ أكرمُ على الله من الدعاءِ".

رواه الترمذي وقال: "غريب"

(2)

، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1630 -

(6)[حسن لغيره] وعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"قال الله: يا ابنَ آدمَ! إنَّك ما دَعَوْتَني ورَجَوْتَني؛ غَفَرْتُ لَكَ على ما كانَ فيك ولا أُبالي" الحديث.

(1)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "الترمذي"(3379) والحاكم (1/ 544)، ولم أره عنده من حديث سلمان، وعزاه الناجي (156/ 2) لأحمد؛ وما أظنه إلا وهماً؛ فإنه لم يورده الهيثمي في "المجمع"، ولا البنا في "ترتيب المسند"(14/ 265) مع البحث الشديد عنه.

(2)

كذا الأصل، وفي الترمذي (2/ 242 - بولاق):"حسن غريب". وهذا هو الأليق بحال إسناده، فإنه حسن.

ص: 276

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

وتقدم بتمامه في "الاستغفار"[في الباب السابق].

1631 -

(7)[حسن صحيح] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما على الأرضِ مسلمٌ يدعو الله بدعوةٍ إلا آتاهُ الله تعالى إيَّاها، أَوْ صَرَفَ عنه مِنَ السوءِ مِثْلَها، ما لَمْ يَدْعُ بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ".

فقال رجلٌ من القوم: إذاً نُكثر. قال:

"الله أكثر".

رواه الترمذي -واللفظ له-، والحاكم؛ كلاهما من رواية عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح غريب". وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

قال الجرّاحي

(1)

: يعني الله أكثر إجابة.

1632 -

(8)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِنْ مسلمٍ يَنْصِبُ وجْهَهُ لله عز وجل في مسألةٍ؛ إلا أعطاها إيَّاه، إمّا أنْ يُعجِّلها له، وإمّا أن يَدَّخِرها له في الآخرة".

رواه أحمد بإسناد لا بأس به.

(1)

هو راوي كتاب الترمذي عن المحبوبي عنه، وهو بفتح الجيم وتشديد الراء وبالحاء المهملة؛ منسوب إلى جده أبي الجراح، لكن لا أدري من أين نقل عنه تفسير هذه اللفظة. كذا في "العجالة"(156/ 2).

ص: 277

1633 -

(9)[حسن صحيح] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما مِنْ مُسلمٍ يَدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعةُ رحِم؛ إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاثٍ: إمَّا أنْ يُعَجِّل له دَعْوَته، وإمّا أن يدَّخرها له في الآخرةِ، وإمَّا أنْ يصرفَ عنه مِنَ السوءِ مِثلَها".

قالوا: إذاً نُكْثِرُ. قال:

"الله أكثَرُ".

رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1634 -

(10)[حسن لغيره] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:. . . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الدعاءَ ينفع ممّا نَزَلَ ومما لم ينزِلْ، فَعليكم عباد الله بالدعاءِ".

رواه الترمذي والحاكم؛ كلاهما من رواية عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي؛ وهو ذاهب الحديث، عن موسى بن عقبة عن نافع عنه. وقال الترمذي:

"حديث غريب"، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

1635 -

(11)[صحيح] وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله حَيِيٌّ كريم، يَسْتَحي إذا رَفع الرجلُ إليه يدَيه أن يردَّهما صِفْراً خائبتين".

رواه أبو داود والترمذي، وحسنه -واللفظ له-، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط الشيخين".

(الصِّفْر) بكسر الصاد المهملة وإسكان الفاء: هو الفارغ.

ص: 278

1636 -

(12)[صحيح لغيره] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إن الله رَحيم كَريم، يَسْتَحْيي مِنْ عَبده أن يَرفَع إليه يدَيْه، ثمَّ لا يضعُ فيهما خيراً".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد". وفي ذلك نظر.

1637 -

(13)[صحيح] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ نَزَلَتْ به فاقةٌ فأنزلها بالناسِ؛ لم تُسَدَّ فاقتهُ، ومَنْ نزلت به فاقةٌ فأنزلها بالله؛ فيوشك الله له برزق عاجلٍ أو آجلٍ".

رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح غريب

(1)

". [مضى 8 - الصدقات/ 5].

(يوشك) بكسر الشين المعجمة؛ أي: يسرع، وزنه ومعناه.

1638 -

(14)[حسن] وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يرد القَدَرَ إلا الدعاءُ، ولا يزيد في العمرِ إلا البِرُّ،. . .".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، واللفظ له، وقال:

"صحيح الإسناد".

(2)

1639 -

(15)[حسن لغيره] وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يَرُدُّ القضاءَ إلا الدعاءُ، ولا يزيدُ في العمرِ إلا البِرُّ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

(1)

الأصل ومطبوعة عمارة: "ثابت"، والمعلقين الثلاثة! وكذلك كان فيما تقدم، وهو خطأ صححته من "الترمذي"(2327). وقد نبه على ذلك الناجي جزاه الله خيراً.

(2)

قلت: فيه مجهول، لكن القدر المذكور هنا حسن لأن له شاهداً من حديث سلمان رضي الله عنه، وهو مخرج في "الصحيحة"(154)، وبينت فيه علة حديث ثوبان هذا، ونكارة الزيادة المشار إليها بالنقط، وهي بلفظ:"وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يذنبه". ومن جهل الثلاثة أو غفلتهم أنهم حسنوه بالزيادة! وسيذكرها المصنف وحدها في (21 - الحدود/ 13 - الضعيف).

ص: 279

‌2 - (الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء، وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم).

1640 -

(1)[صحيح] عن عبدِ الله بن بُرَيْدَة عن أبيه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سمعَ رجلاً يقول: اللهمَّ إني أسألُكَ بأنِّي أَشْهدُ أنَّكَ أنتَ الله لا إلهَ إلا أنتَ، الأحدُ، الصمدُ، الذي لمْ يلد، ولم يُولد، ولم يكن له كفواً أحد؛ فقال:

"لقد سألت الله بالاسمِ الأعْظَمِ، الّذي إذا سُئِل به أعْطى، وإذا دُعي به أجاب".

رواه أبو داود والترمذي، وحسنه، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم؛ إلا أنه قال فيه:

"لقد سألت الله باسمه الأعظم"، وقال:

"صحيح على شرطهما".

(قال المملي:) قال شيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي:

"وإسناده لا مطعن فيه، ولم يَرِد في هذا الباب حديثٌ أجود إسناداً منه".

1641 -

(2)[حسن صحيح] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال:

مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عَيَّاش زيدِ بن الصامِت الزُّرَقِي وهو يصلِّي وهو يقول:

"اللهم إنِّي أسألُك بأنَّ لكَ الحمدَ، لا إله إلا أنْت [وحدك لا شريك لك]، المنان

(1)

، بديع السمواتِ والأرضِ! ذو الجلالِ والإكرام! "، فقالَ

(1)

الأصل: "يا حنان يا منان! يا"، والتصحيح من أحمد وابن ماجه، والزيادة منهما، وكذا ابن أبي شيبة، وهو مخرج في "الصحيحة"(3411). وفيه بيان ما وقع للمعلقين الثلاثة من الخلط في تخريج الحديث، وغفلتهم عن التصحيح المذكور.

ص: 280

رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لقد سألتَ الله باسْمِه الأعظَمِ، الَّذي إذا دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئِل به أعطى".

رواه أحمد -واللفظ له-، وابن ماجه.

ورواه أبو داود والنسائي، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وزاد هؤلاء الأربعة:

(1)

1642 -

(3)[حسن لغيره] وعن أسماءَ بنتِ يزيدَ رضي الله عنها؛ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"اسمُ الله الأَعْظم في هاتين الآيتين: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}، وفاتحة سورة {آل عمران}: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ".

رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

(قال المملي عبد العظيم): "رووه كلهم عن عبيد الله بن أبي زياد القداح عن شهر بن حوشب عن أسماء. ويأتي الكلام عليهما".

1643 -

(4)[صحيح] وعن فَضالة بن عبيد رضي الله عنه قال:

بَيْنَما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ إذ دَخَل رَجلٌ فصلَّى فقال: (اللهمَّ اغفِرْ لي وارْحَمْني)، فقال رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

"عَجِلْتَ أيُّها المُصَلِّي! إذا صَلَّيْتَ فقعدتَ فَاحمدِ الله بما هو أهْلُه، وصَلِّ عليَّ، ثمَّ ادْعُهُ".

(1)

قلت: ذكر زيادتين ليستا من شرط الكتاب إحداهما عند الأربعة: "يا حي يا قيوم"، والأخرى عند الحاكم:"أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار".

ص: 281

قال: ثم صلى رجل آخر بعد ذلك، فحمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:

"أيُّها المُصَلِّي! ادْع تُجَبْ".

رواه أحمد وأبو داود والترمذي -واللفظ له- وقال:

"حديث حسن"، والنسائي، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما".

1644 -

(5)[صحيح] وعن سعدِ بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"دَعوة ذي النونِ إذ دعاهُ وهو في بَطنِ الحوتِ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ فإنَّه لمْ يَدْعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شَيْءٍ قَطُّ؛ إلا اسْتجابَ الله له".

رواه الترمذي واللفظ له، والنسائي، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد". وزاد. .

(1)

(1)

لم أذكرها هنا لأنها ليست على شرط الكتاب، فهي من حصة الكتاب الآخر، وأما المعلقون الثلاثة فحسنوا الحديث دون أن يفرقوا بين المزيد والمزيد عليه، بل ونسبوا ذلك لتصحيح الحاكم والذهبي، وكذبوا، وسيأتي بيان ذلك هناك إن شاء الله تعالى.

ص: 282

‌3 - (الترغيب في الدعاء في السجود، ودبر الصلوات، وجوف الليل الأخير).

1645 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"أقربُ ما يكون العبدُ مِنْ ربِّه عز وجل وهو ساجدٌ، فأَكثِروا الدُّعاءَ".

رواه مسلم وأبو داود والنسائي.

1646 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ينزلُ ربُّنا كلَّ ليلةٍ إلى سَماء الدُّنيا حينَ يَبْقى ثُلُثُ اللَّيلِ الآخِر، فيقولُ: مَنْ يدْعوني فأَستَجيبَ لهُ؟ مَنْ يَسْأَلُني فأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفرني فأغفرَ له؟ ".

رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي وغيرهم

(1)

.

[صحيح] وفي رواية لمسلم:

"إذا مضى شطرُ الليلِ أو ثلثاه، ينْزِلُ الله تبارك وتعالى إلى السَّماءِ الدُّنيا فيقول: هل مِنْ سائلٍ فيُعطى؟ هل مِنْ داعٍ فيُستجابَ له؟ هل مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَيُغفَرَ له؟ حتى ينْفجرَ الصبحُ".

1647 -

(3)[صحيح] وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"أَقْرَبُ ما يكون العبدُ مِنَ الرَّبِّ في جَوْفِ الليل، فإن اسْتطعْتَ أن

(1)

قال الناجي (156/ 2): "قد رواه بقية الستة والإمام أحمد وجماعات لا يحصون من طرق كثيرة، وبألفاظ متنوعة".

قلت: وهو حديث متواتر، وقد روى جملة طيبة منها ابن أبي عاصم في "السنة"(رقم 492 - 502) وخرجتها في "ظلال الجنة"، كما خرجت قسماً كبيراً منها في "إرواء الغليل"(449).

ص: 283

تكون مِمَّنْ يَذْكُرُ الله في تلكَ الساعَة فكُنْ".

رواه أبو داود، والترمذي واللفظ له

(1)

، وقال:

"حديث حسن صحيح".

والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

1648 -

(4)[صحيح لغيره] وعن أبي أُمامَة قال:

قيل: يا رسول الله! أيُّ الدُّعاءِ أَسْمَعُ؟ قال:

"جَوْفِ الليلِ الأخيرِ، ودُبُرِ الصَّلواتِ المكتوباتِ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن".

(2)

(1)

كذا قال، ولفظه هنا يخالف اللفظ المتقدم (6 - النوافل/ 11/ 16)، وقال هناك:"رواه الترمذي، واللفظ له"، وهذا هو الصواب المطابق للفظه في "الترمذي". والله أعلم.

(2)

فيه إشارة إلى ضعف إسناده -وقد ذكر أنه منقطع- وإلى حسن متنه لشواهده. ومن جهل المعلقين وتناقضهم، أنهم صدروا تخريجه بقولهم:"ضعيف. . . "، وختموه بقولهم:"ولمتنه شواهد"!! فإذن هو ليس بضعيف. فالله المستعان!

ص: 284

‌4 - (الترهيب من استبطاء الإجابة وقوله: دعوت فلم يستجب لي).

1649 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"يُسْتجابُ لأحدِكُم ما لَمْ يَعْجَلْ؛ يقول: دَعَوْتُ فلم يُستَجَبْ لي".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

وفي رواية لمسلم والترمذي:

"لا يزالُ يُستجابُ للعبد ما لم يدْعُ بإثْمٍ أو قطيعةِ رَحِمٍ؛ ما لم يَسْتَعْجل".

قيلَ: يا رسولَ الله! ما الاستعجال؟ قال:

"يقولُ: قَدْ دَعَوْتُ، وقد دَعَوْتُ؛ فلمْ أَرَ يُستَجَبْ لي، فيَسْتَحْسِرُ عند ذلك، وَيدَعُ الدُّعَاءَ".

(فيستحسر) أي: يَملُّ ويعيى

(1)

فيترك الدعاء.

1650 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أنس رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يزال العبدُ بخيرٍ ما لَمْ يستَعْجلْ".

قالوا: يا نبيَّ الله! وكيف يَسْتَعْجِلُ؟ قال:

"يقول: قد دعوتُ ربِّي فلم يَسْتَجِبْ لي".

رواه أحمد -واللفظ له- وأبو يعلى، ورواتهما محتج بهم في "الصحيح"؛ إلا أبا هلال الراسبي.

(1)

الأصل ومطبوعة عمارة: "يعى"! والتصويب من المخطوطة.

ص: 285

‌5 - (الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء، وأن يدعو الإنسان وهو غافل).

1651 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لينتَهِيَنَّ أقوامٌ عن رفْعِهم أبصارَهم عند الدُّعاء في الصلاةِ إلى السماء، أوْ لتُخطفَنَّ

(1)

أبصارُهم".

رواه مسلم والنسائي وغيرهما. [مضى 5 - الصلاة/ 35].

1652 -

(2)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

". . .

(2)

إذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس! فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبدٍ دعاه عن ظهر قلبٍ غافلٍ".

رواه أحمد بإسناد حسن.

1653 -

(3)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ادعوا الله وأنتم موقنونَ بالإجابةِ، واعلموا أنَّ الله لا يَستجيبُ دعاءً مِن قلبٍ غافلٍ لاهٍ".

رواه الترمذي، والحاكم وقال:

"مستقيم الإسناد، تفرد به صالح المُرِّي، وهو أحد زهّاد البصرة".

(قال الحافظ):

"صالح المرِّيِّ في لا شك في زهده، لكن تركه أبو داود والنسائي".

(1)

الأصل: "ليخطفن الله"، وكذا في المخطوطة ومطبوعة عمارة ومطبوعة الثلاثة، والتصويب من مسلم (2/ 29)، والنسائي (1/ 187)، ومما تقدم!

(2)

في الأصل هنا قوله: "القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض"، ولما لم أجد لها شاهداً فقد حذفتها، وانظره في "الضعيف" هنا.

ص: 286

‌6 - (الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله).

1654 -

(1)[صحيح] عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تَدْعُوا على أنفُسِكُمْ، ولا تدْعوا على أوْلادِكم، [ولا تدْعوا على خَدَمكم]، ولا تَدْعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله ساعةً يُسألُ فيها عطاءً؛ فيسْتَجيبَ لكم".

رواه مسلم

(1)

وأبو داود، وابن خزيمة في "صحيحه" وغيرهم.

1655 -

(2)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثُ دَعَواتٍ لا شَكَّ في إجابَتِهِنَّ: دعوةُ المظلومِ، ودعوةُ المسافِرِ، ودعوةُ الوالدِ على وَلَدَهِ".

رواه الترمذي وحسنه.

ويأتي في [23 - الأدب/ 49] باب "دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب" أحاديث فيها ذكر دعاء الوالد.

(1)

في حديث جابر الطويل (8/ 233)، وليس عنده زيادة:"ولا تدعوا على خدمكم"، مع أن السياق له، وهي عند أبي داود (1532)، وهذا مما فات الحافظ الناجي التنبيه عليه، وقلده المعلقون الثلاثة!

ص: 287

7 -

(الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والترهيب من تركها عند ذكره صلى الله عليه وسلم كثيراً دائماً).

1656 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً؛ صلّى الله عليه عَشْراً".

رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي، وابن حبان في "صحيحه".

[حسن صحيح] وفي بعض ألفاظ الترمذي:

(1)

"من صلى عليَّ مرَّةً واحِدةً؛ كتبَ الله له بها عَشْرَ حَسَناتٍ".

1657 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ ذُكِرْتُ عنده، فَلْيُصَلِّ عليَّ، ومَنْ صلَّى عليَّ مرةً؛ صلَّى الله عليه عشْراً".

[صحيح] وفي رواية:

"من صلّى عليَّ صلاةً واحدةً؛ صلَّى الله عليه عَشْر صلواتٍ، وحَطَّ عنه بها عشرَ سيِّئاتٍ، ورفعَه بها عشرَ دَرَجاتٍ".

[صحيح] رواه أحمد والنسائي -واللفظ له-،

(2)

وابن حبان في "صحيحه".

(1)

كذا قال! وهو من أوهامه، والصواب:"ابن حبان" فهو الذي رواه باللفظ الثاني من بين المذكورين، كما حققته في "الصحيحة"(3359)، وهو مما غفل عنه الحافظ الناجي أيضاً، وبالأولى أن يغفل عنه من ليس في العير ولا في النفير!

(2)

يعني في الروايتين، الأولى في "اليوم والليلة" فقط (رقم 6)، والأخرى فيه (62 و 63 و 362) وفي "السنن" أيضاً (1/ 199)، كما نبه عليه الناجي رحمه الله، لكنه سكت عن إسناد الأولى -وهي من طريق أبي داود- وهو الطيالسي -وهذا في "مسنده"(283/ 2122) - وفيه انقطاع بين أبي إسحاق السبيعي وأنس، لكن الحديث صحيح بشواهد تأتي في الباب. وقد وهم المعلق على "اليوم والليلة"، فعزاها لأحمد والبخاري في "الأدب المفرد"(643)، وليست عندهما، انظر "صحيح الأدب المفرد"(499/ 643).

ص: 288

والحاكم، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من صلَّى عليَّ واحدةً؛ صلَّى الله عليه عشرَ صَلَواتٍ، وحطَّ عنه عشرَ خطيئاتٍ".

1658 -

(3)[حسن لغيره] وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال:

خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاتَّبَعْتُهُ حتى دَخَل نخلاً فسجد، فأطالَ السجودَ، حتى خِفتُ أو خشيتُ أن يكونَ اللهُ قد تَوفَّاه أو قَبَضه، قال: فجئت أنْظُرُ، فَرَفَعَ رأْسَهُ، فقالَ:

"ما لَك يا عبد الرحمن؟ ".

قال: فذكرتُ ذلك له، قال: فقال:

"إنَّ جبريلَ قال لي: ألا أبشِّرك

(1)

أنّ الله عز وجل يقول: مَنْ صلّى عليْك صلَّيت عليه، ومن سلَّم عليك سلَّمت عليه، -زاد في رواية- فسجدت لله شكراً".

رواه أحمد، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

[حسن لغيره] ورواه ابن أبي الدنيا وأبو يعلى، ولفظه: قال:

كان لا يفارقُ رسول الله صلى الله عليه وسلم منا خمسة أو أربعة من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لما ينويه من حوائجه بالليل والنهارِ، -قال:- فَجِئْتُهُ وقد خرج، فاتَّبعْتُهُ، فدخل حائطاً من حيطانِ الأسواف

(2)

فصلَّى، فسجد فأطال السجودَ،

(1)

الأصل: (ألا يسرك)، وفي نسخة ما أثبته وهو الصواب الموافق لروايتي أحمد (1/ 191) والسياق له، ونحوه في "المستدرك"(1/ 550). غفل عن ذلك المعلقون الثلاثة، فأثبتوا الخطأ!

(2)

هو اسم لحرم المدينة الذي حرمه النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: موضع بناحية البقيع. ووقع في الأصل "الأشراف"، وكذا في طبعة عمارة والمعلقين الثلاثة!

ص: 289

فبكيت، وقلت: قبضَ اللهُ روحَه! قال: فرفع رأسه فدعاني فقال:

"ما لك؟ ".

فقلتُ: يا رسول الله! أطلت السجودَ؛ قلتُ: قبضَ الله روحَ رسوله، لا أراها أبداً! قال:

"سجدتُ شكراً لربي فيما أبْلاني في أمتي، مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً مِنْ أمَّتي؛ كتبَ الله له عشر حسناتٍ، ومحا عنه عشر سيِّئاتٍ". لفظ أبي يعلى.

وقال ابن أبي الدنيا:

"من صلَّى عليَّ صلاةً؛ صلَّى الله عليه عشراً".

وفي إسنادهما موسى بن عبيدة الرَّبَذي

(1)

.

قوله: "فيما أبلاني"؛ أي: في ما أنعم علي، و (الإبلاء): الإنعام.

1659 -

(4)[حسن صحيح] وعن أبي بُرْدة بن نيارٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من صلّى عليَّ مِنْ أمتي صلاةً مخلصاً مِنْ قلبِه؛ صلَّى الله عليه بها عَشْر صلواتٍ، ورفعه بها عشْر درجاتٍ، وكتب له بها عشر حسناتٍ، ومحا عنه عشر سيِّئات".

رواه النسائي والطبراني والبزار.

1660 -

(5)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:

"إذا سمعتم المؤذِّن؛ فقولوا مثل ما يقولُ، ثم صلُّوا عليَّ؛ فإنه مَنْ صلَّى

(1)

قلت: ومن طريقه أخرجه القاضي إسماعيل في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"(رقم 10 - بتحقيقي)، لكنه قوي بما قبله وحديث أبي طلحة الآتي قريباً بعد حديثين.

ص: 290

عليَّ صلاةً؛ صلَّى الله عليه عشراً، ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عبادِ الله، وأرجو أن أكونَ أنا هو، فَمَنْ سألَ الله لي الوسيلة حلّت عليه الشفاعةً".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي. [مضى 5 - الصلاة/ 2].

1661 -

(6)[حسن لغيره] وعن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال:

أصبح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوماً طيِّبَ النَّفسِ، يُرى في وجهه البشرُ. قالوا: يا رسول الله! أصْبحت اليوم طيَّب النفسِ، يُرى في وجهك البِشرُ؟ قال:"أجل، أتاني آتٍ مِنْ ربِّي فقال: من صلَّى عليك من أمَّتك صلاةً؛ كتب الله له بها عشر حسناتٍ، ومحا عنه عشر سيِّئات، ورفع له عشر درجاتٍ، وردَّ عليه مثلها".

رواه أحمد والنسائي.

[حسن صحيح] وفي رواية لأحمد:

"أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جاءَ ذاتَ يوم والسرور يُرى في وجْهِهِ، فقالوا:

يا رسول الله! إنَّا لنرى السرورَ في وجْهِكَ؟ فقال:

"إنَّه أتاني الملك فقال: يا محمَّد! أما يُرضيك أنَّ ربَّك عز وجل يقول:

إنَّه لا يصلِّي عليك أحد من أمَّتك؛ إلا صلَّيت عليه عشراً، ولا يُسلِّم عليك أحدٌ من أمَّتِكَ؛ إلا سلَّمت عليه عشْراً؟ قال: بلى".

رواه ابن حبان في "صحيحه" بنحو هذه

(1)

.

(1)

ورواه الحاكم أيضاً (2/ 420 - 421)، وقال:"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.

ص: 291

1662 -

(7)[حسن لغيره] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أَكْثِرو الصَّلاة عليَّ يوم الجمعة؛ فإنه أتاني جبريلُ آنِفاً عن ربه عز وجل فقال: ما على الأرض من مسلم يُصلِّي عليك مرَّة واحدةً؛ إلا صلَّيْت أنا وملائكتي عليه عشراً".

رواه الطبراني

(1)

عن أبي ظلال عنه. وأبو ظلال وثِّق، ولا يضر في المتابعات.

1663 -

(8)[حسن لغيره] وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من صلَّى عليَّ؛ صلَّى الله عليه عشراً، ووكَّل

(2)

بها ملكٌ حتى يُبَلِّغنيها".

رواه الطبراني في "الكبير"

(3)

.

1664 -

(9)[صحيح] وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إن لله ملائكةً سيَّاحين، يُبلِّغوني عن أمَّتي السلامَ".

رواه النسائي، وابن حبان في "صحيحه".

(1)

وكذا عزاه للطبراني الحافظ السخاوي في "القول البديع"(ص 145) وقال: "سنده لا بأس به في المتابعات". ولذلك أوردته في هذا "الصحيح"، ولكني لم أره في "المعجم الكبير" للطبراني، ولا في "معجميه" الآخرين:"الأوسط" و"الصغير" ولا في "كتاب الدعاء" له، ولا أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"، وإنما رواه بالحرف الواحد، ومن طريق أبي ظلال أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب"(2/ 686/ 1651). ورواه البيهقي في "السنن" من طريق أخرى عن أنس مختصراً.

(2)

الأصل: "ملك موكل بها"، وعلى الهامش:"هكذا لفظ الحديث في الأصول كلها، وهو غير مستقيم. والله أعلم". ولعل الصواب ما أثبته طبقاً لمخطوطة الظاهرية. ووقع في "المجمع"(10/ 162) و"الجامع الكبير": "بها ملك موكل"، وكذا في "الطبراني الكبير"(7611/ 8/ 158). والله أعلم.

(3)

قلت: يشهد لشطره الأول ما تقدم من الأحاديث، ولشطره الآخر ما بعده، وآخر عن أيوب بلاغاً. رواه إسماعيل القاضي (رقم 24).

ص: 292

1665 -

(10)[صحيح لغيره] وعن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"حيثُما كُنْتم فصَلُّوا عليّ؛ فإنَّ صلاتكم تَبْلُغُني"

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن.

1666 -

(11)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما مِنْ أحدٍ يُسَلِّم عليَّ؛ إلا ردَّ الله إليَّ روحي حتى أَرُدَّ عليه السلام".

رواه أحمد وأبو داود

(1)

.

1667 -

(12)[حسن لغيره](*) وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله وكَّل بقبري ملكاً أعطاه الله أسماءَ الخلائِقِ، فلا يُصَلِّي عليَّ أحدٌ إلى يومِ القيامَة إلا أبْلغني باسْمه واسْم أبيه: هذا فلانُ ابنُ فلانٍ قدْ صلَّى عليكَ".

رواه البزار.

وأبو الشيخ ابن حيان، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ لله تبارك وتعالى ملكاً أعطاه أسماءَ الخلائقِ، فهو قائمٌ على قَبْري إذا متُّ، فليس أحدٌ يصلِّي عليَّ صلاةً إلا قال: يا محمدٌ! صلَّى عليكَ فلانُ بنُ فلانٍ. قال: فيصلِّي الرَّبُّ تبارك وتعالى على ذلك الرجل بكلِّ واحدةٍ عَشْراً".

ورواه الطبراني في "الكبير" بنحوه.

(1)

قلت: وكذا الطبراني في "الأوسط"(4/ 84/ 3116)، والبيهقي في "الشعب"(2/ 217/ 1581).

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: سقط هذا الحكم من المطبوع، وأثبته الشيخ مشهور في طبعته للترغيب، وقال:«استدركناه من أصول الشيخ - رحمه الله تعالى-»

ص: 293

(قال الحافظ):

"رووه كلهم عن نعيم بن ضمضم؛ وفيه خلاف، عن عمران بن الحميري؛ ولا يُعرف".

(1)

1668 -

(13)[حسن لغيره] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن أَوْلى الناسِ بي يوم القيامةِ أَكثرُهم عليَّ صلاةً".

رواه الترمذي وابن حبان في "صحيحه"؛ كلاهما من رواية موسى بن يعقوب الزمعي.

1669 -

(14)[حسن لغيره] وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول:

"مَنْ صَلَّى عليَّ صلاةً؛ لم تَزَل الملائكةُ تُصَلِّي عليه ما صلى عليَّ، فليقلّ عبدٌ من ذلك، أو ليكثر".

رواه أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة وابن ماجه؛ كلهم عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عن أبيه. وعاصم وإن كان واهي الحديث؛ فقد مشاه بعضهم، وصحح له الترمذي، وهذا الحديث حسن في المتابعات. والله أعلم.

1670 -

(15)[حسن صحيح] وعن أبيّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهبَ رُبعُ الليلِ قامَ فقال:

"يا أيُّها الناسُ! اذْكُروا الله، جاءَتِ الراجِفَةُ، تَتْبَعُها الرادفة، جاء الموتُ بما فيه، جاء الموت بما فيه".

(1)

كذا قال! وتعقبه السخاوي بقوله (ص 85): "قلت: بل هو معروف، ولينه البخاري وقال: "لا يتابع عليه"، وذكره ابن حبان في "ثقات التابعين". قال صاحب "الميزان" أيضاً. "لا يعرف". قال: ونعيم بن ضمضم ضعفه بعضهم. انتهى. وقرأت بخط شيخنا: "لم أر فيه توثيقاً ولا تجريحاً إلا قول الذهبي". يعني هذا".

ص: 294

قال أبيُّ بن كعبٍ: فقلتُ: يا رسول الله! إني أُكثر الصلاة

(1)

[عليكَ]

(2)

، فكم أَجْعل لكَ من صلاتي؟ قال:

"ما شئْتَ".

قال: قَلتُ: الربع؟ قال:

"ما شئت، إن زدت فهو خيرٌ لك".

قلت: النصفَ؟ قال:

"ما شِئْت، فإن زدتَ خيرٌ لك".

قال: قلت: ثُلُثَيْن؟ قال:

"ما شِئت، وإن زدتَ فهو خيرٌ لك".

قال: أجْعل لك صلاتي كلّها. قال:

"إذاً تُكفى همَّك، ويغفر لك ذنبك".

رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

وفي رواية

(3)

عنه قال:

قال رجل: يا رسول الله! أرأيتَ إنْ جعلتُ صلاتي كلها عليك؟ قال:

(1)

أي: الدعاء؛ كما سيأتي بيانه من المؤلف وابن تيمية.

(2)

سقطت من الأصل والمخطوطة ومطبوعة عمارة، وكذا مطبوعة المعلقين الثلاثة! واستدركتها من "الترمذي" و"المستدرك"(2/ 421 و 513) والسياق له، وعندهما بعض الزيادات في السياق من كلام أبيّ، لعل المصنف اختصرها عمداً. وكان في الأصل تقديم قوله:"قلت: ثلثين" على قوله: "قلت: النصف"! وسقط من نسخة الثلاثة جملة الثلثين وجوابه صلى الله عليه وسلم! وهكذا يكون تحقيقهم المزعوم.

(3)

الأصل: (لأحمد)، والصواب ما أثبت، لأنه ليس عنده (5/ 136) إلا هذه الرواية المختصرة.

ص: 295

"إذاً يكفيكَ الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك".

وإسناد هذه جيد

(1)

.

قوله: "أُكثِر الصلاة، فكم أجعلُ لك من صلاتي؟ ". معناه: أُكثِر الدعاء، فكم أجعل لك من دعائي صلاةً عليك؟

1671 -

(16)[حسن لغيره] وعن محمد بن يحيى بن حبان عن أبيه عن جده:

أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله! أجعلُ ثلثَ صلاتي عليك؟ قال:

"نعم إن شئت".

قال: الثلثين؟ قال:

"نعم".

قال: فصلاتي كلَّها؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذاً يكفيك الله ما همَّك من أمر دنياك وآخرتِك".

رواه الطبراني بإسناد حسن.

1672 -

(17)[حسن لغيره] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أكثروا مِنَ الصلاةِ عليّ يومَ الجمعةِ؛ فإنه مشهودٌ تشهدُه الملائكةُ، وإنّ أحداً لن يصليَ عليّ؛ إلا عُرِضَتْ عليّ صلاتُه حتى يفرغَ منها".

قال: قلت: وبعد الموت؟ قال:

(1)

تخصيص هذه دون التي قبلها بالجودة ليس بجيد، لأن مدار الروايتين على عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو حسن الحديث. وله شاهد مرسل عند القاضي إسماعيل (رقم 13 - بتحقيقي)، فيه صح الحديث والحمد لله.

ص: 296

"إن اللهَ حرمَ على الأرضِ أن تأكلَ أجسادَ الأنبياءِ عليهم السلام، [فنبيُّ الله حيٌّ يُرزقُ]

(1)

".

رواه ابن ماجه بإسناد جيد.

1673 -

(18)[حسن لغيره] وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أكثروا عليّ من الصلاة في يوم الجمعة، فإن صلاةَ أمتي تعرضُ عليَّ في كلِّ يوم جمعةٍ، فمن كان أكثرَهم عليَّ صلاةً؛ كان أقرَبهم مني منزلةً".

رواه البيهقي بإسناد حسن؛ إلا أن مكحولاً قيل: لم يسمع من أبي أمامة.

1674 -

(19)[صحيح] وعن أوس بن أوسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مِنْ أفضل أيامِكم يومُ الجمعة، فيه خُلِقَ آدم، وفيه قُبَض، وفيه النفخةُ، وفيه الصعقةُ، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ عليَّ".

قالوا: يا رسول الله! وكيف تُعرض صلاتنا عليك وقد أَرَمْتَ؟ -يعني: بليت- فقال:

"إنَّ الله عز وجل حرَّم على الأرض أن تأكل أجْسادَ الأنبياء".

رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه.

(أَرَمْتَ) بفتح الهمزة والراء وسكون الميم، وروي بضم الهمزة وكسر الراء

(2)

.

1675 -

(20)[صحيح لغيره] وعن عليّ رضي الله عنه قال:

كلُّ دعاءٍ محجوبٌ حتى يُصَلِّى على محمد صلى الله عليه وسلم[وآل محمد]

(3)

.

(1)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "ابن ماجه"(1/ 502)، وليس فيه:"عليهم السلام".

(2)

قلت: هذا يؤكد خطأ ما وقع في الأصل في ضبط هذه الكلمة فيما سبق (7 - الجمعة/ 1 - باب/ 696) وأن الراجح ما استصوبته ثمة.

(3)

زيادة من "المعجم الأوسط"(1/ 408/ 725)، و"مجمع الزوائد"، وعزاه إليه الحواشون الثلاثة، ولم يستدركوا الزيادة!

ص: 297

رواه الطبراني في "الأوسط" موقوفاً، ورواته ثقات، ورفعه بعضهم، والموقوف أصح.

1676 -

(21)[صحيح لغيره] ورواه الترمذي عن أبي قُرَّة الأسدي عن سعيد بن المسيِّب عن عمر بن الخطاب موقوفاً قال:

إنَّ الدعاءَ موقوف بين السماء والأرض، لا يصعدُ منه شيءٌ حتى تُصلِّي على نبيِّك صلى الله عليه وسلم.

1677 -

(22)[صحيح لغيره] وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"احْضُروا المِنْبر".

فحضرْنا. فلما ارتقى درجة؛ قال:

"آمين":

فلمَّا ارتقى الدرجة الثانية؛ قال:

"آمين":

فلماَّ ارْتقى الدَّرجة الثالثة؛ قال:

"آمين":

فلما نزل قلنا: يا رسول الله! لقد سمِعنا مِنْك اليومَ شيئاً ما كنَّا نسْمَعه؟ قال:

"إنَّ جبريلَ عَرَضَ لي فقال: بَعُدَ من أدْرك رمضان، فلم يُغفر له، قلت: (آمين)، فلما رقيتُ الثانية قال: بَعُدَ من ذُكِرْتَ عنده، فلم يُصَلِّ عليكَ. فقلت: (آمين)، فلما رَقيتُ الثالث قال: بَعُدَ من أدرك أبويه الكبرُ عنده أو أحدَهما، فلم يدخلاه الجنَّة، قلت: (آمين) ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

ص: 298

1678 -

(23)[صحيح لغيره] وعن مالكِ بنِ الحسن بن مالكِ بن الحُويرِثِ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه قال:

صَعَد رسول الله صلى الله عليه وسلم المِنْبر، فلما رقى عَتبةً؛ قال:

"آمين".

ثم رقى أخرى، فقال:

آمين".

ثم رقى عَتَبَةً ثالثةً، فقال:

آمين". ثمَّ قال:

"أتاني جبريلُ فقال: يا محمد! من أدْركَ رمضانَ، فلم يُغْفَر له، فأبعده اللهُ، فقلتُ: (آمين). قال: ومن أَدْرَك والديه أو أحدَهما، فدخل النار؛ فأبعده اللهُ، فقلت: (آمين). قال: ومن ذُكِرْتَ عنده، فلم يصلِّ عليك؛ فأبْعده الله، قلْ: "آمين"، فقلتُ: (آمين) ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"[مضى 9 - الصوم/ 2].

1679 -

(24)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صَعِدَ المنبر فقال:

"آمين، آمين، آمين".

قيل: يا رسول الله! إنَّك صعدت المنبر فقلت: (آمين، آمين، آمين)؟ فقال:

"إنَّ جبريلَ عليه السلام أتاني فقال: مَنْ أدْرك شهر رمضان، فلم يُغفر له، فدخل النارَ؛ فأبْعده الله، قُلْ:(آمين)، فقلتُ:(آمين)، ومن أدْرك أبويه أو أحدَهما، فلم يبُرَّهما، فمات، فدخل النار؛ فأبعده الله،

ص: 299

قل: (آمين). فقلت: (آمين)، ومن ذُكرت عنده، فلم يصلِّ عليك، فمات، فدخل النار؛ فأبْعده الله، قل:(آمين). فقلت: (آمين) ".

رواه ابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحه" واللفظ له.

1680 -

(25)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة أيضاً: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"رَغِمَ أنفُ رجلٍ ذُكِرتُ عنده، فلم يصل عليَّ، وَرغِمَ أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضانُ، ثم انسلخ قبل أن يُغْفر له، وَرِغَم أنفُ رجلٍ أَدْرك عنده أبواه الكبرَ، فلم يُدخلاه الجنَّة".

رواه الترمذي

(1)

وقال: "حديث حسن غريب".

(رَغِم) بكسر الغين المعجمة؛ أي: لصق بالرغام، وهو: التراب ذلاً وهواناً.

وقال ابن الأعرابي: "هو بفتح الغين

(2)

، ومعناه: ذل".

1681 -

(26)[صحيح لغيره] وعن حسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من ذُكِرْت عنده فخَطِئَ

(3)

الصلاة عليَّ؛ خُطِّئ طريق الجنَّة".

رواه الطبراني، وروي مرسلاً عن محمد بن الحنفية وغيره. وهو أشبه.

وفي رواية لابن أبي عاصم عن محمد بن الحنفية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ ذُكرت عنده فنسي الصَّلاة عليَّ؛ خُطِّئ طريق الجنَّة".

(1)

قلت: وكذا رواه القاضي (رقم 16 و 17)، وله عنده (18) طريق ثانية.

(2)

قلت: والظاهر من "اللسان" جواز الكسر والفتح، وهو الذي جزم به في "القاموس" بقوله:"ورغمه كعلمه ومنعه" فما نقله في "العجالة"(158/ 1) عن ابن الجوزي أنه قال في كتابه: "تقويم اللسان": "العامة تقول: رغم أنفه بكسر الغين، والصواب فتحها" مما لا وجه له.

(3)

هو بفتح أوله، وكسر ثانيه. و (خُطِّئ) بتشديد الطاء؛ مبني لما لم يسم فاعله. كذا في "العجالة"(158/ 1).

ص: 300

1682 -

(27)[صحيح لغيره] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ نسي الصلاة عليَّ؛ خُطِّئ طريق الجنَّة".

رواه ابن ماجه والطبراني وغيرهما عن جبارة بن المغلس، وهو مختلف في الاحتجاج به، وقد عُدَّ هذا الحديث من مناكيره.

1683 -

(28)[صحيح] وعن حسينٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"البخيلُ من ذكِرتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ".

رواه النسائي، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وصححه الترمذي، وزاد في سنده: علي بن أبي طالب

(1)

، وقال:

"حديث حسن صحيح غريب".

1684 -

(29)[صحيح لغيره] وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال:

خرجت ذاتَ يوم فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ألا أخبرُكم بأبخلِ الناس؟! ".

قالوا: بلى يا رسول الله! قال:

"من ذُكرت عنده فلم يُصل عليَّ، فذلك أبخلُ الناسِ".

رواه ابن أبي عاصم في "كتاب الصلاة" من طريق علي بن يزيد عن القاسم.

(1)

أي: جعله من مسند علي بن أبي طالب من رواية ابنه الحسين عنه. وهذا في بعض نسخ "الترمذي"، وهو الذي عزاه الحافظ المزِّي في "تحفة الأشراف" (3/ 66) خلافاً لنسخة بولاق (2/ 271) فإنها عن حسين بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. .، وهو الذي كنت رجحته في تعليقي على هذا الحديث في "المشكاة"(932)، ويبدو أن الخلاف في ذلك قديم بين الرواة كما تراه مبينا عند القاضي إسماعيل في "فضل الصلاة"(رقم 31 - 36) بأسانيده. والله أعلم.

ص: 301

(قال الحافظ المملي) رحمه الله:

"وقد تقدم من هذا الكتاب أبواب متفرقة، وتأتي أبواب أخر إن شاء الله.

فتقدم "ما يقوله من خاف شيئاً من الرِّياء"؛ في "باب الرياء"[1 - الإخلاص/ 2].

(1)

.

"وما يقوله بعد الوضوء"؛ في "كتاب الطهارة"[4/ 12].

و"ما يقوله بعد الأذان" و"ما يقوله بعد صلاةِ الصبح والعصر والمغرب والعشاء"؛ في "كتاب الصلاة"[5/ 2 و 25].

و"ما يقول حين يأوي إلى فراشه"؛ في "كتاب النوافل"[6/ 9].

وكذلك "ما يقول إذا اسْتيقظ من الليل"[6/ 10].

و"ما يقول إذا أصبح وأمسى"، و"دعاءُ الحاجة"؛ فيه أيضاً [14/ 19].

ويأتي إن شاء الله في "كتاب البيوع"؛ "ذكر الله في الأسْواق، ومواطن الغفلة"، وما "يقوله المديونُ، والمكروبُ، والمأسورُ"[16/ 3 و 17].

وفي "كتاب اللِّباس"؛ "ما يقوله من لَبِسَ ثوباً جديداً"[18/ 3].

وفي "كتاب الطعام"؛ "التسمية" و"حمد الله بعد الأكل"[19/ 1 و 10].

وفي "كتاب القضاء"؛ "ما يقوله من خاف ظالماً"[20/ 6].

وفي "كتاب الأدب"، "ما يقول من ركب دابَّته"، و"من عثرت به دابَّته"، و"من نزل منزلاً"، و"دعاءُ المرءِ لأخيه بظهْرِ الغَيْبِ"[23/ 44 و 47 و 48 و 49].

(1)

الأرقام داخل المعكوفتين، الأول رقم الكتاب والثاني رقم الباب فيه.

ص: 302

وفي "كتاب الجنائز"؛ "الدعاءُ بالعافية"، و"ما يقوله مَنْ رأى مُبْتلىً"، و"ما يقوله من آلمه شيءٌ من جسده"، و"ما يُدعى به للمريض"، و"ما يدعو به المريض"، و"ما يقول من مات له ميِّتٌ"[25/ 1 و 2 و 4 و 8 و 11].

وفي "كتاب صفةِ الجنَّةِ والنارِ"

(1)

؛ "سؤال الجنَّة والاسْتعاذة من النار".

مِنَ الله نسأل التيسير والإعانة".

(1)

لقد فصلنا هذا الكتاب إلي قسمين [27 - كتاب صفة النار] و [28 - كتاب صفة الجنة]، وبقي (صفة الجنة والنار) وبابه فصلاً مفرداً قبلهما كما ستراه في أواخر المجلد الثالث.

ص: 303

‌16 - كتاب البيوع وغيرها.

‌1 - (الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره).

1685 -

(1)[صحيح] عن المقدامِ بْنِ معدِ يكربٍ رضي الله عنه عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:

"ما أكل أحدٌ طعاماً قطُّ خيراً مِنْ أنْ يأكلَ مِنْ عمَل يدهِ، وإنَّ نبيَّ الله داودَ كان يأكل مِنْ عَملِ يده".

رواه البخاري وغيره.

[صحيح] وابن ماجه، ولفظه: قال:

"ما كسبَ الرجلُ كَسْباً أطيْبَ مِنْ عملِ يده، وما أنفقَ الرجلُ على نفسه وأهلهِ وولدِه وخادِمه فهو صدقَةٌ"

(1)

.

1686 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم:

"لأَنْ يَحْتَطِبَ أحدُكم حُزْمةً على ظهرِه؛ خيرٌ له مِنْ أنْ يسأل أحداً فيعطيَهُ أوْ يمنعَهُ".

رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي. [مضى 8 - الصدقات/ 2].

1687 -

(3)[صحيح] وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم:

"لأَنْ يأخذَ أحدُكم أحبُلهُ فيأتيَ بُحزمةٍ مِنْ حطبٍ على ظهرِه فيبيعَها فيكُفَّ بها وَجْهَهُ؛ خيرٌ له مِنْ أنْ يسأَل الناسَ أَعطوهُ أم منعوهُ".

رواه البخاري. [مضى 8 - الصدقات/ 4].

(1)

قلت: ورواه أحمد أيضاً، وهو مخرَّج في "غاية المرام"(121/ 163).

ص: 304

1688 -

(4)[صحيح لغيره] وعن سعيد بن عمير عن عمه رضي الله عنه قال:

سئل رسول صلى الله عليه وسلم: أيُّ الكسبِ أطيبُ؟ قال:

"عملُ الرجلِ بيدِه، وكلُّ كسب مبرورٌ

(1)

".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

قال ابن معين: "عم سعيد هو البراء".

ورواه البيهقي عن سعيد بن عمر مرسلاً، وقال:

"هذا هو المحفوظ، وأخطأ من قال: عن عمه".

1689 -

(5)[صحيح لغيره] وعن جُميع بن عمير عن خالد قال:

سئل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أفضلِ الكَسْب؟ فقال:

"بيعٌ مبرورٌ، وعملُ الرجلِ بيدِه".

رواه أحمد والبزار، والطبراني في "الكبير" باختصار وقال:

"عن خالد أبي بردة بن نِيار".

وروى البيهقي عن محمد بن عبد الله بن نمير، وذكر له هذا الحديث، فقال:

"إنما هو عن سعيد بن عمير".

1690 -

(6)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

سئل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الكسْبِ أفضلُ؟ قال:

"عَملُ الرجلِ بيدِه، وكلُّ بَيعٍ مبرورٌ".

رواه الطبراني "الكبير" و"الأوسط"، ورواته ثقات

(2)

.

(1)

هو الذي لا شبهة فيه ولا خيانة.

(2)

قلت: بل إسناده صحيح كما بينته في "الصحيحة"(607).

ص: 305

1691 -

(7)[صحيح لغيره] وعن رافع بن خَدِيج رضي الله عنه قال:

قيلَ: يا رسولَ الله! أيُّ الكسْبِ أفْضلُ؟ قال:

"عَملُ الرجلِ بِيَدِه، وكلُّ بيعٍ مبرورٌ".

رواه أحمد والبزار، ورجال إسناده رجال "الصحيح" خلا المسعودي؛ فإنَّه اختلط، واختُلف في الاحتجاج به، ولا بأس به في المتابعات

(1)

.

1692 -

(8)[صحيح لغيره] وعن كعب بن عُجرة رضي الله عنه قال:

مرَّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فرأى أصحَابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ جَلَدِه ونشاطِهِ، فقالوا:

يا رسولَ الله! لوْ كانَ هذا في سبيلِ الله؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنْ كانَ خرج يَسْعى على وَلَدِه صغاراً فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرجَ يسْعى على أبوينِ شَيْخَينِ كبيرَينِ فهو في سبيلِ الله، وإنْ كان خَرج يَسْعى على نفْسِه يَعَفُّها فهو في سبيلِ الله، وإنْ كان خرجَ يَسْعى رياءً ومُفاخَرةً فهو في سبيلِ الشيطانِ".

رواه الطبراني ورجاله رجال "الصحيح"

(2)

.

وتقدم من هذا الباب غير ما حديث في المسألة؛ أغنى عن إعادتها هنا.

(1)

قلت: ومن طريقه أخرجه الطبراني أيضاً في "المعجم الأوسط".

(2)

كذا قال، وتبعه الهيثمي، وفيه نظر بينته في الأصل، لكنْ له شواهد يتقوى بها، أشرت إليها هناك.

ص: 306

‌2 - (الترغيب في البكور في طلب الرزق وغيره وما جاء في نوم الصبحة

(1)

).

1693 -

(1)[صحيح لغيره] عن صخرِ بنِ وَداعةَ الغامديِّ الصحابيِّ رضي الله عنه؛ أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اللهمَّ بارِكْ لأُمَّتي في بُكورِها".

وكان إذا بعَث سَرِيَّةً أو جيشاً بعَثَهُم مِنْ أوَّلِ النهارِ.

وكان صخرٌ تاجِراً، فكان يَبْعَثُ تجارتَهُ مِنْ أوَّلِ النهارِ؛ فأثرى وكَثُرَ مالُه.

رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وابن حبان في "صحيحه".

وقال الترمذي:

"حديث حسن، ولا يعرف لصخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث".

(قال المملي) عبد العظيم:

"رووه كلهم عن عمارة بن حديد عن صخر، وعمارة بن حديد بَجَلِيّ؛ سئل عنه أبو حاتم الرازي؟ فقال: مجهول. وسئل عنه أبو زرعة؟ فقال: لا يُعرف.

وقال أبو عمر النَّمَري: صخر بن وداعة الغامدي، وغامد في الأزد، سكن الطائف، وهو معدود في أهل الحجاز، روى عنه عمارة بن حديد وهو مجهول، لم يروِ عنه غير يعلى الطائفي، ولا أعرف لصخر غير حديث "بورِكَ لأُمَّتي في بُكورِها"، وهو لفظ رواه جماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى كلامه.

(1)

انظر أحاديثه في هذا الباب من "الضعيف".

ص: 307

(قال المملي) رحمه الله:

"وهو كما قال أبو عمر، قد رواه جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، منهم علي، وابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وعبد الله بن سلام، والنواس بن سمعان، وعمران بن حصين، وجابر بن عبد الله، وبعض أسانيده جيد، ونُبَيط ابن شريط؛ وزاد في حديثه "يوم خميسها"

(1)

، وبريدة، وأوس بن عبد الله، وعائشة، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وفي كثير من أسانيدها مقال، وبعضها حسن، وقد جمعتها في جزء، وبسطت الكلام عليها".

(1)

قلت: هذه الزيادة لا تصح؛ لأنَّ في سندها متهم، ومن لا يُعرف، أخرجه الطبراني في "الصغير"(رقم 880 - الروض)، وهي في حديث ابن عباس أيضاً وفيه ضعف، وحديث عائشة وفيه مجهول، وهي مخرجة عندي مع أكثر الأحاديث التي أشار إليها المؤلف في "الروض النضير" تحت حديث ابن عمر (490).

ص: 308

‌3 - (الترغيب في ذكر الله تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة).

1694 -

(1)[حسن لغيره] عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ دخَلَ السوقَ فقال: (لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ لهُ، لهُ الملْكُ، ولهُ الحمدُ، يُحْيى وُيميتُ، وهو حيٌّ لا يموتُ، بيدِه الخيرُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ)؛ كَتبَ الله له ألفَ ألفِ حسنةٍ، ومحا عنه ألفَ ألفِ سيِّئةٍ، ورفع له ألفَ ألفِ درجةٍ".

رواه الترمذي وقال: "حديث غريب".

(قال المملي):

"وإسناده متصل حسن، ورواته ثقات أثبات، وفي أزهر بن سنان خلاف، وقال ابن عدي: أرجو أنَّه لا بأس به. وقال الترمذي في رواية له مكان (ورفَع له ألْفَ ألفِ درجةً): "وبنى له بيْتاً في الجنّةِ".

ورواه بهذا اللفظ ابن ماجه وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه؛ كلهم من رواية عمرو بن دينار -قهرمان آل الزبير- عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده.

1695 -

(2)[حسن] ورواه الحاكم أيضاً من حديث عبد الله بن عمر مرفوعاً أيضاً وقال:

"صحيح الإسناد".

كذا قال، وفي إسناده مسروق بن المرزبان؛ يأتي الكلام عليه

(1)

".

(1)

يعني في خاتمة كتابه، وقد قال فيه الحافظ:"صدوق له أوهام".

قلت: وقد توبع عند الحاكم. ووقع في الأصل: (مرزوق)، وهو خطأ لم يتنبه له المعلقون الثلاثة!!

ص: 309

‌4 - (الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيه، وما جاء في ذم الحرص وحب المال).

1696 -

(1)[حسن صحيح] عن عبدِ الله بن سرجس رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"السَّمْتُ الحسَنُ، والتُّؤَدَةُ، والاقْتصادُ؛ جزْءٌ مِنْ أَربعةٍ وعشرين جُزْءاً مِنَ النُّبوَّةِ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب"

(1)

.

1697 -

(2)[صحيح لغيره] وعن جابرٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا تَسْتَبْطئوا الرزْقَ؛ فإنَّه لم يكنْ عبدٌ لِيموتَ حتى يبلغَ آخِرَ رزقٍ هُوَ لَهُ، فأجْمِلوا في الطلبِ؛ أخذُ الحلالِ، وترْكُ الحرامِ".

رواه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

1698 -

(3)[صحيح لغيره] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا أيُّها الناسُ! اتَّقوا الله، وأجْمِلوا في الطلَبِ، فإنَّ نَفْساً لنْ تموتَ حتَّى تَسْتَوْفِيَ رزقَها؛ وإنْ أَبْطأَ عنها، فاتَّقوا الله، وأجْمِلوا في الطلَبِ، خذُوا ما حَلَّ، ودَعوا ما حُرِّمَ".

رواه ابن ماجه -واللفظ له- والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

(1)

هنا في الأصل زيادة: "ورواه مالك وأبو داود بنحوه من حديث ابن عباس؛ إلا أنهما قالا: من خمس وعشرين"، وهو بهذه الزيادة ضعيف.

ص: 310

1699 -

(4)[صحيح] وعن أبي حُمَيْدٍ الساعديِّ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"أجمْلِوا في طلَبِ الدنيا؛ فإنَّ كلاً مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له [منها]

(1)

".

رواه ابن ماجه، واللفظ له.

وأبو الشيخ ابن حيان في "كتاب الثواب"، والحاكم؛ إلا أنَّهما قالا:

"فإنَّ كلاً مُيَسَّرٌ لِما كتِبَ لَهُ مِنها". وقال الحاكم:

"صحيح على شرطهما".

1700 -

(5)[صحيح لغيره] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ليسَ مِنْ عمَلٍ يُقرِّبُ مِنَ الجنَّةِ إلا قد أمْرتُكم به، ولا مِنْ عَملٍ يقرِّبُ إلى النارِ إلا وقد نهْيتُكُم عنه، فلا يُسْتَبْطِئَنَّ أحدٌ منكمٍ رزقَه؛ فإنَّ جبريلَ ألْقى في رُوعي

(2)

: أنَّ أحَداً منكم لنْ يخرُجَ مِنَ الدنيا حتَّى يَسْتَكْمِل رزْقَهُ، فاتَّقوا الله أيُّها الناسُ! وأجْمِلوا في الطلَبِ، فإنِ اسْتَبْطَأ أحدٌ منكم رزقَه فلا يطْلُبْهُ بمعصيةِ الله؛ فإنَّ الله لا يُنالُ فضلُه بمعْصِيَتهِ".

رواه الحاكم.

1701 -

(6)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"يا أيُّها الناسُ! إنَّ الغنى ليسَ عن كثْرَةِ العَرَضِ، ولكنَّ الغِنى غِنى النفْسِ، وإن الله عز وجل يُؤتي عبدَه ما كتبَ له مِنَ الرزقِ، فأجْمِلوا في الطلبِ، خُذوا ما حَلَّ، ودعوا ما حُرِّمَ".

رواه أبو يعلى، وإسناده حسن إن شاء الله تعالى.

(1)

سقطت من رواية ابن ماجه، واستدركتها من رواية القضاعي من الوجه الذي أخرجه منه ابن ماجه، وهي في اللفظ الآتي، وهو من وجه آخر.

(2)

بضم الراء: أي في نفسي وخلدي، وأما (الرَّوع) بفتح الراء؛ فهو: الفزع.

ص: 311

1702 -

(7)[حسن صحيح] وعن حذيفة رضي الله عنه قال:

قامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فدعا الناسَ فقال:

"هَلُمُّوا إليَّ".

فأقْبَلوا إليهِ فجلَسوا، فقال:

"هذا رسولُ ربِّ العالمينَ؛ جبريلُ صلى الله عليه وسلم نفَثَ في رُوعي: أنَّه لا تموتُ نفسٌ حتَّى تَسْتَكْمِلَ رزْقها وإنْ أَبْطَأ عليها، فاتَّقوا الله؛ وأجْمِلوا في الطلب، ولا يَحْمِلنّكُمُ اسْتِبْطاءُ الرزْقِ أنْ تأخُذوه بِمْعصِيَةِ الله، فإنَّ الله لا يُنالُ ما عندَه إلا بِطاعَتِه".

رواه البزار، ورواته ثقات، إلا قدامة بن زائدة بق قدامة، فإنه لا يحضرني فيه جرح ولا تعديل

(1)

.

1703 -

(8)[صحيح لغيره] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الرزقَ لَيطْلُبُ العبدَ كما يطلُبه أجَلُه".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، والبزار.

ورواه الطبراني بإسناد جيد؛ إلا أنَّه قال:

"إنَّ الرزقَ لَيطْلُبُ العبدَ أكثرَ مِمَّا يطلُبُه أجَلُه".

1704 -

(9)[حسن لغيره] وعن أبي سعيدٍ الخدريَّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لو فرَّ أحدُكم مِنْ رزقِه؛ أدْركَه كما يدْرِكُه الموتُ".

رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير" بإسناد حسن.

(1)

قلت: ونحوه في "المجمع"(4/ 71). وقد رواه البزار في "البحر الزخار"(7/ 314/ 2914) عن ثلاثة من شيوخه الثقات عنه، أحدهم محمد بن عمر بن هياج، وهو صدوق، فهو معروف، وذكره ابن حبان في "الثقات"(9/ 21)، لكنْ وقع فيه شيء من الخلط لا مجال هنا لبيانه.

ص: 312

1705 -

(10)[صحيح] وعن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما:

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى تمرةً عائِرةً

(1)

، فأخذَها فناولَها سائلاً، فقال:

"أما أنَّك لَوْ لَمْ تأْتِها لأَتَتْكَ".

رواه الطبراني بإسناد جيد، وابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي.

1706 -

(11)[صحيح] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ما طلَعتْ شمسٌ قَطُّ إلا بُعِثَ بجَنْبَتَيهَا مَلَكانِ ينادِيانِ، يُسمِعان أهْلَ الأرضِ إلا الثقلينِ: يا أيُّها الناسُ! هَلُمُّوا إِلى ربِّكم؛ فإنَّ ما قلَّ وكفَى، خيرٌ ممَّا كثُرَ وألْهى، ولا آبَتْ شمسٌ قطُّ إلا بُعِثَ بَجنْبَتَيْها مَلَكان يُناديانِ، يُسمِعان أَهلَ الأرضِ إلا الثقلينِ: اللَّهُمّ أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وأَعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً".

رواه أحمد بإسناد صحيح -واللفظ له-، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه. [مضى 8 - الصدقات/ 15].

1707 -

(12)[صحيح لغيره] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ كانتِ الدنيا هِمَّته وسَدَمَه، ولها شَخَصٌ، وإيَّاها ينوي؛ جَعل الله الفقْرَ بينَ عيْنَيْهِ، وشتَّتَ عليه ضَيْعَتَهُ، ولَمْ يأْتِه منها إلا ما كتِبَ لَهُ منها، ومَنْ كانتِ الآخرةُ هِمَّتَه وسدَمه، ولها شخص، وإياها ينوي؛ جعل الله عز وجل الغنى في قلبه، وجمع عليه ضَيعتَه وأَتَتْهُ الدنيا وهي صاغرة".

رواه البزار والطبراني -واللفظ له-، وابن حبان في "صحيحه".

(2)

(1)

الأصل: (غابرة)، و (المجمع):(غائرة)، والتصحيح من "موارد الظمآن" و"النهاية"، وفيه:"العائرة: الساقطة لا يُعرف لها مالك".

(2)

لم أره عنده إلا من حديث زيد بن ثابت، وإنما رواه الطبراني من حديث أنس لكن في "معجمه الأوسط"(5990) و (8882) بسندين في كل منهما متروك، وفي إسناد البزار إسماعيل ابن مسلم المكي، وهو ضعيف كما في "المجمع"(10/ 247). وقد مضى في (3 - العلم/ 3)، وسيأتي (24 - التوبة/ 2).

ص: 313

ورواه الترمذي أخصر من هذا، ويأتي لفظه في "الفراغ للعبادة" إنْ شاء الله [24 - الزهد/ 2].

(سَدَمه) بفتح السين والدال المهملتين، أي: همّه وما يحرص عليه ويلهج به.

وقوله: "شتت عليه ضَيْعَتَهُ" بفتح الضاد المعجمة؛ أي: فرَّق عليه حاله وصناعته وما هو مهتم به، وشعبه عليه.

1708 -

(13)[صحيح لغيره] ورُوِيَ عن ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:

خطَبنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في مسجدِ الخَيْفِ فحمدَ الله، وذَكرَة بما هُوَ أهْلُهُ، ثمَّ قال:

"مَن كانَتِ الدنيا هَمَّهُ؛ فرَّقَ الله شَمْلَهُ، وجعَلَ فقْرَهُ بين عَيْنَيْهِ، ولَمْ يُؤْتِه مِنَ الدنيا إلا ما كتِبَ لَه".

رواه الطبراني.

1709 -

(14)[صحيح] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عنِ النبي صلى الله عليه وسلم:

" {إِذْ

(1)

قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} قال: في الدنيا".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، وهو في "الصحيحين" بمعناه في آخر حديث يأتي في آخر "صفة الجنة" إنْ شاء الله [28/ 18].

1710 -

(15)[صحيح] وعن كعب بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما ذِئْبانِ جائِعانِ أُرسِلا في غنمٍ بأَفْسدَ لَها مِنْ حرصِ المرءِ على المالِ والشرف لدينِه".

رواه الترمذي، وابن حبان في "صحيحَه"، وقال الترمذي:

"حديث حسن".

(1)

الأصل: "إذا"، وكذا وقع في "موارد الظمآن"(1750)، وهو خطأ، إذ إنَّها طرف من آية في سورة {مريم}:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} .

ص: 314

(قال المملي) رضي الله عنه:

"وسيأتي غير ما حديث من هذا النوع في [24 - ] "الزهد" إنْ شاء الله".

1711 -

(16)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"قَلْبُ الشيخِ شابٌّ على حبِّ اثْنَتَيْنِ: حبِّ العيشِ -أو قال: طولِ الحياةِ-، وحبِّ المالِ".

رواه البخاري ومسلم، والترمذي؛ إلا أنَّه قال:

"طولِ الحياة، وكثرةِ المال".

1712 -

(17)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ:

"اللهمَّ إنَّي أعوذُ بكَ مِنْ عِلْمٍ لا ينفَعْ، ومِنْ قَلْبٍ لا يخشَعْ، ومِنْ نفْسٍ لا تشْبَعْ، ومِنْ دُعاءٍ لا يُسمَعْ".

رواه ابن ماجه والنسائي.

ورواه مسلم والترمذي وغيرهما من حديث زيد بن أرقم وتقدم في "العلم"[3/ 9 - باب/ الحديث الأول].

1713 -

(18)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لوْ كانَ لابْنِ آدمَ واديانِ مِنْ مالٍ لابْتَغى إليْهِما ثالِثاً، ولا يَمْلأُ جَوْفَ ابنِ آدَمَ إلا الترابُ، ويتوبُ الله على مَنْ تابَ".

رواه البخاري ومسلم.

1714 -

(19)[صحيح] وعنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"لَوْ أنَّ لابْنِ آدَم مِلْءَ وادٍ مالاً

(1)

لأحبَّ أنْ يَكونَ إليهِ مِثْلُهُ، ولا يَمْلأُ

(1)

الأصل: "مثل واد من ذهب"، والتصحيح من البخاري (6437) ومسلم (3/ 100)، ولم يتنبه له المعلقون الثلاثة كعادتهم في مثل هذا!

ص: 315

عينَ ابنِ آدمَ إلا الترابُ، ويتوبُ الله على مَنْ تابَ".

رواه البخاري ومسلم.

1715 -

(20)[صحيح] وعنِ عبَّاسِ بْنِ سهلِ بنِ سَعْدٍ قال:

سمعتُ ابنَ الزُبيرِ على مِنْبرِ مَكَّةَ في خطْبَتِه يقولُ:

يا أيُّها الناسُ! إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ:

"لَوْ أنَّ ابْنَ آدم أُعْطِي وادياً [مَلآن]

(1)

مِنْ ذَهَبٍ أحبَّ إليهِ ثانياً، ولَوْ أُعْطِيَ ثانياً أحبَّ إليه ثالثاً، ولا يَسُدُّ جوفَ ابْنِ آدَم إلا الترابُ، ويتوبُ الله على مَنْ تابَ".

رواه البخاري.

1716 -

(21)[حسن صحيح] وعن بُرَيدَةَ رضي الله عنه قال:

سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاةٍ:

"لو أن لابنِ آدمَ وادياً من ذهبٍ لابتغى إليه ثانياً، ولو أَعطيَ ثانياً لابتغى إليه ثالثاً، ولا يملأُ جوفَ ابنِ آدمَ إلا الترابُ، ويتوبُ الله على من تابَ".

رواه البزار بإسناد جيد.

(2)

(1)

زيادة من (البخاري - الرقاق).

(2)

قلت: وهو كما قال، وبيانه في "الصحيحة"(2991)، وفيه الرد على بعض المتعالمين من المعاصرين الذين ينكرون كل الأحاديث الصحيحة في منسوخ التلاوة، وبعضها متواتر!

ص: 316

‌5 - (الترغيب في طلب الحلال والأكل منه، والترهيب من اكتساب الحرام وأكله ولبسه ونحو ذلك).

1717 -

(1)[حسن] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله طيَّبٌ لا يَقْبَلُ إلا طَيِّباً، وإنَّ الله أمَر المؤمنينَ بما أَمرَ به المرسَلينَ؛ فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثمَّ ذَكر الرجلَ يُطيلُ السفَر أشْعَثَ أغْبرَ يَمُدُّ يديْه إلى السماءِ: يا ربِّ يا ربِّ! ومَطْعَمُه حرامٌ، ومَشْرَبُه حرامٌ، ومَلْبَسُهُ حرامٌ، وغُذِّيَ بالحرامِ، فأَنَّى يُسْتَجابُ لذلِكَ!؟ ".

رواه مسلم والترمذي.

(1)

1718 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"أربعٌ إذا كُنَّ فيكَ فلا عليكَ ما فاتَكَ مِنَ الدنيا: حِفظُ أمانَةٍ، وصِدقُ حديث، وحُسنُ خليقَةٍ

(2)

، وعِفَّة في طُعْمَةٍ".

رواه أحمد والطبراني، وإسنادهما حسن

(3)

.

(1)

وقال الترمذي (2989): "حسن غريب". انظر "غاية المرام"(27/ 17).

(2)

في "اللسان": "و (الخليقة): الطبيعة التي يخلق بها الإنسان. . . والجمع: (الخلائق) ".

(3)

بل هو صحيح كما بينته في "الصحيحة"(733)، وقد رواه الحاكم أيضاً والبيهقي بلفظ الكتاب، بخلاف ما أوهمه السيوطي أنَّه بلفظ:"وحسن الخلق": وإنْ تبعه المناوي. ثم إنَّ السيوطي وهم وهماً آخر، وهو أنِّه عزاه إليهم من حديث ابن عمر، والصواب ما في الكتاب: ابن عمرو، وكذلك رواه ابن وهب والخرائطي كما بينته هناك. نعم رواه البيهقي عن ابن عمر أيضاً بسند واحد، وقال: إنَّ الأول أصح.

ص: 317

1719 -

(3)[حسن] وعنه [يعني أبا هريرة رضي الله عنه]؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا أدّيتَ زكاةَ مالك، فقد قضيت ما عليكَ، ومن جمع مالاً حراماً ثم تصدق به لم يكنْ له فيه أجرٌ، وكاد إصرُه عليه".

رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم؛ كلهم من رواية دراج عن ابن حجيرة عنه.

1720 -

(4)[حسن لغيره] ورواه الطبراني من حديث أبي الطفيل، ولفظه: قال:

"من كسب مالاً من حرامٍ فأعتق منه، ووصل رحمه؛ كان ذلك إصراً عليه".

1721 -

(5)[حسن لغيره] وروى أبو داود في "المراسيل عن القاسم بن مخيمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من اكتسب مالاً من مأثمٍ، فوصل به رحمه، أو تصدق به، أو أنفقه في سبيل الله؛ جُمع ذلك كله جميعاً، فقُذِفَ به في جهنم".

1722 -

(6)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"يأتي على الناسِ زَمانٌ لا يُبالي المرءُ ما أخَذَ؛ أمِنَ الحَلالِ أمْ مِنَ الحَرام".

رواه البخاري والنسائي.

(1)

1723 -

(7)[حسن] وعنه قال:

سُئلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عنْ أكثَرِ ما يُدْخِل الناسَ النارَ؟ قال:

"الفَمُ والفَرْجُ".

وسُئِلَ عن أكْثَرِ ما يُدْخِلُ الناسَ الجنَّةَ؟ قال:

"تقْوى الله، وحسْن الخُلُقِ".

(1)

في الأصل هنا: "وزاد رزين: (فإن ذلك لا تجاب لهم دعوة) ". ولم أوردها هنا لضعفها.

ص: 318

رواه الترمذي وقال: "حديث صحيح غريب".

1724 -

(8)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اسْتَحْيوا مِنَ الله حقَّ الحَياءِ".

قال: قلنا: يا نبيَّ الله! إنَّا لَنَسْتَحي والحمدُ لله. قال:

"ليسَ ذلك، ولكن الاستحياءَ مِنَ الله حقَّ الحياءِ؛ أنْ تَحفظَ الرأسَ وما وَعى، وتحفظَ البطنَ وما حوَى، وتذكرَ الموتَ والبِلى، ومَنْ أرادَ الآخرَة تَركَ زينة الدنيا، فَمَنْ فَعلَ ذلك فقد اسْتَحْيا مِنَ الله حقَّ الحياءِ".

رواه الترمذي وقال:

"حديث غريب، إنما نعرفه من حديث أبان بن إسحاق عن الصباح بن محمد".

(قال الحافظ): "أبان والصباح مختلف فيهما، وقد ضُعَف الصياح برفعه هذا الحديث، وصوابه عن ابن مسعود موقوفاً عليه".

1725 -

(9)[حسن لغيره] ورواه الطبراني من حديث عائشة مرفوعاً.

قوله: "تَحفظَ البطْنَ وما حَوى"؛ يعني: ما وضع فيه من طعام وشراب حتى يكونا من حلِّهما.

1726 -

(10)[حسن لغيره] وعن معاذٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما تُزالُ

(1)

قدَما عبدٍ يومَ القيامَةِ حتَّى يُسأَلَ عنْ أربعٍ؛ عن عُمُرِهِ فيمَ أفناهُ؟ وعن شبابِه فيمَ أبْلاهُ؟ وعن مالِه مِنْ أينَ اكتَسَبَه، وفيمَ أنْفَقه؟ وعن عِلْمهِ ماذا عمِلَ فيه؟ ".

رواه البيهقي وغيره.

(1)

انظر التعليق المتقدم على هذه الكلمة في (3 - العلم/ 9).

ص: 319

1727 -

(11)[حسن صحيح] ورواه الترمذي من حديث أبي برزة وصححه، وتقدم هو وغيره في "العلم"[3/ 9 - باب].

1728 -

(12)[صحيح لغيره] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"يا كعبُ بن عُجرة! إنَّهُ لا يدخلُ الجنَّة لَحْمٌ نبتَ مِنْ سُحتٍ".

رواه ابن حبان في "صحيحه" في حديث.

1729 -

(13)[صحيح لغيره] وعن كعبِ بنِ عُجرَة رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"يا كعب بن عجرةَ! إنَّه لا يدخلُ الجنَّة لَحمٌ ودمٌ نَبَتا على سُحْتٍ؛ النارُ أوْلى بِه، يا كعب بن عجرة! الناسُ غادِيان، فغادٍ في فكَاكِ نفْسِه فمُعْتِقُها، وغادٍ موِبقُها".

رواه الترمذي، وابن حبان في "صحيحه" في حديث. ولفظ الترمذي:

"يا كعب بن عجرة! إنَّه لا يَرْبو لَحْمٌ نَبَت مِنْ سُحْتٍ؛ إلا كانتِ النارُ أوْلى بِه".

(السُّحت) بضم السين وإسكان الحاء وبضمهما أيضاً: هو الحرام، وقيل: هو الخبيث من المكاسب.

1730 -

(14)[صحيح لغيره] وعن أبي بكرِ الصديقِ رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يدخُل الجنَّةَ جَسدٌ غُذِّيَ بحرامٍ".

رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في "الأوسط"، والبيهقي، وبعض أسانيدهم حسن.

ص: 320

‌6 - (الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك

(1)

في الصدور).

1731 -

(1)[صحيح] عن النعمانِ بنِ بَشيرٍ رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"الحلالُ بَيِّنٌ، والحرامُ بَيِّنٌ، وبينهما مشْتَبَهاتٌ، لا يعْلَمُهُنَّ كثيرٌ مِنَ الناسِ، فَمَنِ اتَّقى الشبهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدينهِ وعِرْضِه، ومَنْ وقَع في الشبُهاتِ وقَعَ في الحرامِ، كالراعي يرعى حولَ الحِمى؛ يوشكُ أنْ يَرْتَع فيه، ألا وإنَّ لِكلِّ مَلِكٍ حِمىً، ألا وإنَّ حِمى الله محارِمُه، ألا وإنَّ في الجَسدِ مُضْغةً إذا صَلَحتْ صلَحَ الجَسَدُ كلُّه، وإذا فَسدتْ فسدَ الجَسدُ كُلُّه، ألا وهيَ القلبُ".

رواه البخاري ومسلم، والترمذي

(2)

، ولفظه:

"الحَلالُ بَيِّنٌ، والحرامُ بَيِّنٌ، وبين ذلك أمورٌ مَشْتَبَهاتٌ، لا يدْري كثيرٌ مِنَ الناسِ أمِنَ الحَلالِ هيَ أمْ مِنَ الحَرامِ؟ فَمَنْ تَرَكَها اسْتَبْرَأَ لِدينهِ وعِرْضِه، وقد

(3)

سَلِمَ، ومَنْ واقَعَ شيْئاً منها يوشِكُ أنْ يواقعَ الحَرامَ، كما أنَّه مَنْ يَرْعى حوْل الحِمى يوشِكُ أنْ يواقِعَهُ، ألا وإنَّ لِكُلِّ ملِكٍ حِمىً، ألا وإنَّ حِمى الله محارِمُه".

وأبو داود باختصار، وابن ماجه.

(1)

كذا قال: (يحوك) بالواو، وخطأه الناجي، ولم يظهر لي، لأن مصدره: حوكاً وحياكاً وحياكةً، واوية يائية كما في "القاموس" وغيره، والمعنى: أثر ورسخ كما في "النهاية".

(2)

قلت: في إسناده مجالد بن سعيد، وفيه ضعف، وكأنَّه رواه بالمعنى، وقد تابعه عنه زكريا بن أبي زائدة، ولكنَّه لم يسقْ لفظه، وقد ساقه الشيخان من طريقه، وهو الذي قبله، والسياق لمسلم، فلو أنَّ المؤلف قال:"ولفظ مسلم في رواية" لكان أدق وأقرب إلى التعبير عن الواقع.

(3)

الأصل: "فقد"، والتصويب من "الترمذي"، وقد صححت منه ألفاظاً أخرى.

ص: 321

[صحيح] وفي رواية لأبي داود والنسائي؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الحَلال بَيِّنٌ، والحرامَ بَيِّنٌ، وبينَهُما أمورٌ مَشْتَبَهاتٌ، وسأضْرِب لكم في ذلك مَثَلاً؛ إنَّ الله حَمَى حِمىً، وإنَّ حِمى الله ما حَرَّمَ، وإنَّه منْ يَرتَع حولَ الحمى يوشكُ أنْ يخالِطَهُ، وإنَّ مَنْ يخالِطُ الريبةَ يوشِكُ أنْ يَجْسُر".

وفي رواية للبخاري

(1)

والنسائي:

"الحلالُ بَيِّنٌ، والحرامُ بَيِّنٌ، وبينهُما أمورٌ مُشَبَّهةٌ، فمْن تَركَ ما شُبِّه عليه مِنَ الإِثْمِ؛ كان لِما اسْتَبانَ أتْرَكَ، ومَنِ اجْترأَ على ما يُشَكُّ فيهِ مِنَ الإثْمِ؛ أوْشَكَ أنْ يواقعَ ما اسْتَبانَ، والمعاصِي حِمى الله، ومَنْ يَرتَعْ حوْلَ الحِمى؛ يوشِك أَنْ يواقِعَهُ".

1732 -

(2)[صحيح] ورواه الطبراني

(2)

من حديث ابن عباسٍ، ولفظه:

"الحلال بَيِّنٌ، والحرامُ بَيِّنٌ، وبين ذلك شُبُهاتٌ، فَمنْ؛ أوْقَعَ بِهِنَّ؛ فَهُوَ قَمِنٌ أَنْ يأْثَمَ، ومَنِ اجْتَنَبُهنَّ؛ فهو أوْفَرُ لدِينِه، كمُرتعٍ إلى جنبِ حِمىً، وحِمى الله الحرامُ".

(رتَعَ الحِمى): إذا رعى من حوله وطاف

(3)

به.

(أوْشَكَ) بفتح الألف والشين أي: كاد وأسرع.

و (اجْتَرَأ) مهموز أي: أقدم.

و (قَمِنٌ) في حديث ابن عباس؛ هو بفتح القاف وكسر الميم أي: جدير وحقيق.

(1)

أخرجه في أول "البيوع" من طريق أخرج غير طريق ابن أبي زائدة، وأما النسائي فلم يخرجها، كما جزم بذلك الحافظ الناجي (162/ 2).

(2)

قلت: وإسناده صحيح؛ رجاله كلهم ثقات، ولم يعرف أحدهم الهيثمي، وقلده المعلقون الثلاثة، فخرجته في "الصحيحة"(3361).

(3)

كذا قال، وإنما هو:(أطاف به)، قال الجوهر:"أي: ألمَّ به وقاربه".

ص: 322

1733 -

(3)[صحيح] وعن النواس بن سمعانَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، والإثْمُ ما حاكَ في صدْرِك، وكرِهْتَ أنْ يطَّلعَ عليه الناسُ".

رواه مسلم.

(حاكَ) بالحاء المهملة والكاف؛ أي: جال وتردد

(1)

.

1734 -

(4)[حسن لغيره] وعن وابصة بن معبدٍ رضي الله عنه قال:

أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أنْ لا أدع شيئاً من البر والإثم إلا سألت عنه، فقال لي:

"ادنُ يا وابصةُ! "، فدنوت منه حتى مَسَّتْ ركبتي ركبتَه، فقال لي:

"يا وابصةُ! أخبرك ما جئت تسألُ عنه؟ ".

قلت: يا رسول الله! أخبرني. قال:

"جئتَ تسألُ عن البر والإثم".

قلت: نعم. فجمع أصابعه الثلاث، فجعل ينكتُ بها في صدري ويقول:

"يا وابصةُ! استَفْتِ قلبَك، البرُّ ما اطمأنتْ إليه النفس، واطمأنّ إليه القلب، والإثم ما حاكَ في القلبِ، وتردَّدَ في الصدرِ وإن أفتاكَ الناسُ وأَفْتَوْكَ".

رواه أحمد بإسناد حسن

1735 -

(5)[صحيح] وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال:

قلت: يا رسولَ الله! أخْبِرْني ما يَحِلُّ لي ويحرُمُ عليَّ؟ قال:

(1)

كذا قال، وتعقبه الناجي بقوله (164/ 2):"فيه تجوّز، إذ (الحيك): أخذ القول في القلب. يقال: ما يحيك فيه الكلام إذا لم يؤثر فيه، ولا يحيك الفاس والقدوم في هذه الشجرة. . ." إلخ. وفي "النهاية": أي: أثر فيها ورسخ.

ص: 323

"البِرُّ ما سَكَنَتْ إليه النفسُ، واطْمَأنَّ إليه القلْبُ، والإثْمُ ما لَمْ تَسْكُنْ إليه النفسُ، ولَمْ يَطْمئنَّ إليه القَلْبُ، وإنْ أَفتاكَ المُفْتونَ".

رواه أحمد بإسناد جيد.

1736 -

(6)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه؛

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وجدَ تَمْرةً في الطريقِ، فقال:

"لولا أنِّي أخافُ أنْ تكونَ مِنَ الصدَقَةِ لأكَلْتُها".

رواه البخاري ومسلم.

1737 -

(7)[صحيح] وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"دع ما يُرِيبُكَ إلى ما لا يُريبُكَ"

رواه الترمذي والنسائي، وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

1738 -

(8)[صحيح موقوف] وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

كان لأبي بكرٍ الصديقِ رضي الله عنه غلامٌ يُخْرِجُ له الخَراجَ، وكانَ أبو بكْرٍ يأكُلُ من خرَاجِه، فجاءَ يوماً بشَيءٍ، فأكلَ منه أبو بكرٍ، فقال له الغلامُ: أتدْري ما هذا؟ فقال أبو بكرٍ: وما هو؟ قال: كنتُ تَكهَّنْتُ لإنْسانٍ في الجاهِليَّة؛ وما أُحِسنُ الكهانَة إلا أنِّي خدعْتُه، فلقيني فأعْطاني لذلك هذا الذي أكلْتَ منه! فأدَّخَل أبو بكرٍ يدَه، فقاء كلَّ شيْءٍ في بطْنِهِ.

رواه البخاري.

ص: 324

(الخرَاج): شيء يفرضه المالك على عبده يؤدِّيه إليه كل يوم مما يكتسبه، وباقي كسبه يأخذه لنفسه.

1739 -

(9)[صحيح] وعن أبي أمامَة رضي الله عنه قال:

سأل رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: ما الإِثْمُ؟ قال:

"إذا حاكَ في نفْسِكَ شيءٌ فدَعْهُ".

قال: فما الإيمانُ؟ قال:

"إذا ساءَتْكَ سيِّئتُكَ، وسَرَّتكَ حَسَنتُك؛ فأنتَ مُؤمِنٌ".

رواه أحمد بإسناد صحيح.

1740 -

(10)[صحيح لغيره] وعن حُذَيْفَةَ بنِ اليَمان رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"فضلُ العِلْمِ خيرٌ مِنْ فَضْلِ العِبادَةِ، وخيرُ دينِكم الوَرَعُ".

رواه الطبراني في "الأوسط" والبزار بإسناد حسن. [مضى 3 - العلم/ 1].

1741 -

(11)[صحيح لغيره] ورُوِيَ عن واثِلَة عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كُنْ وَرِعاً تكنْ أعبدَ الناس، وكنْ قَنِعاً تكنْ أشْكَرَ الناسِ، وأحِبَّ لِلناس ما تحِت لنفسِكَ تكنْ مُؤْمِناً، وأحْسِنْ مُجاوَرَةَ مَنْ جاوَرَك تكُنْ مُسْلِماً، وأقِلَّ الضحِك؛ فإنَّ كثْرةَ الضَحِكِ تميتُ القلْبَ".

رواه ابن ماجه والبيهقي في "الزهد الكبير"، وهو عند الترمذي بنحوه من حديث الحسن عن أبي هريرة، ولم يسمع منه.

ص: 325

‌7 - (الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء).

1742 -

(1)[صحيح] عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"رحمَ الله عبداً سمْحاً إذا باعَ، سَمْحاً إذا اشْتَرى، سَمْحاً إذا اقتَضى".

رواه البخاري، وابن ماجه، واللفظ له.

[حسن] والترمذي، ولفظُه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"غَفَر الله لِرجُلٍ كانَ قَبْلَكُمْ؛ كان سَهْلاً إذا باعَ، سَهْلاً إذا اشْتَرى، سَهْلاً إذا اقْتَضى".

1743 -

(2)[حسن لغيره] وعن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أدْخلَ الله عز وجل رجُلاً كان سَهْلاً مُشْتَرِياً وبايِعاً، وقاضِياً ومقْتَضِياً؛ الجنَّةَ".

رواه النسائي، وابن ماجه لم يذكر:"قاضياً ومقتضياً".

1744 -

(3)[صحيح لغيره] وعن عبدِ الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ألا أخبِرُكُمْ بِمنْ يَحرُمُ على النارِ، أو بِمَنْ تحرُمُ عليه النارُ؟ على كلِّ قريبٍ هيِّنٍ سهْلٍ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

والطبراني في "الكبير" بإسناد جيد، وزاد:"لين"

(1)

، وابن حبان في "صحيحه".

[صحيح لغيره] وفي رواية لابن حبان:

"إنما تَحْرمُ النارُ على كلِّ هيِّنٍ لَيِّنٍ قريبٍ سَهْلٍ".

(1)

يشهد لهذه الزيادة ولأصل الحديث ما بعده، وهما مخرجان مع غيره من الشواهد في "الصحيحة"(938).

ص: 326

1745 -

(4)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال:

"مَنْ كان هَيِّناً لَيِّناً قريباً؛ حَرَّمَهُ الله على النارِ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم".

1746 -

(5)[صحيح لغيره] ورواه الطبراني في "الأوسط" من حديث أنس ولفظه:

قيلَ: يا رسولَ الله! مَنْ يحرُمُ على النارِ؟ قال:

"الهَيِّنُ اللَّيِّنُ، السهْلُ القَرِيبُ".

1747 -

(6)[صحيح لغيره] ورواه في "الأوسط" أيضاً و"الكبير" من مُعيقيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"حُرِّمَتِ النارُ على الهيِّنِ اللَّيِّنِ، السهْلِ القريبِ".

1748 -

(7)[صحيح لغيره] وعنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الله يحبُّ سَمْحَ البيْعِ، سمحَ الشراء، سمحَ القَضاءِ".

رواه الترمذي وقال: "غريب".

والحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

1749 -

(8)[صحيح] وعن ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"اسْمَح؛ يُسْمَحْ لَكَ".

رواه أحمد، ورجاله رجال "الصحيح"؛ إلا مهدي بن جعفر.

1750 -

(9)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"دخلَ رجلٌ الجنَّةَ بِسَماحَتِه قاضياً ومُقْتَضِياً".

رواه أحمد، ورواته ثقات مشهورون.

1751 -

(10)[صحيح] وعن حذيفةَ رضي الله عنه قال:

"أتى اللهُ بعبدٍ مِنْ عبادِه آتاه الله مالاً، فقال له: ماذا عمِلْتَ في الدنيا؟

ص: 327

-قال: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} - قال: يا ربِّ! آتَيْتَني مالاً فكنْتُ أبايعُ الناسَ، وكانَ مِنْ خُلُقي الجوازُ، فكنتُ أيَسِّرُ على الموسِرِ، وأُنظِرُ المعْسِرَ، فقال الله تعالى: أنا أحقُّ بذلك منك، تجاوَزوا عنْ عَبْدِي".

فقال عقبة بن عامر وأبو مسعود الأنصاري: هكذا سمِعْناهُ مِنْ فِي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

رواه مسلم هكذا موقوفاً على حذيفة، ومرفوعاً عن عقبة وأبي مسعود

(1)

.

وتقدمت بقية ألفاظ هذا الحديث في "إنظار المعسر"[8 - الصدقات/ 14].

1752 -

(11)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛

أنَّ رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاهُ، فأغْلَظَ له، فَهَمَّ به أصحابُه، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"دعوهُ؛ فإنَّ لصاحِبِ الحقِّ مقالاً". ثم قال:

"أَعْطوهُ سِنّاً مثلَ سِنِّهِ".

قالوا: يا رسول الله! لَا نجِدُ إلا أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ، قال:

"أَعطوهُ، فإنَّ خيرَكم أحسنُكُم قضاءً".

رواه البخاري ومسلم، والترمذي مختصراً ومطولاً، وابن ماجه مختصراً.

1753 -

(12)[صحيح] وعن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

استسلف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَكْراً، فجاءَتْه إبِلٌ مِنَ الصدَقَةِ.

قال أبو رافع: فأمَرَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ أقْضِيَ الرجل بَكرة.

فقلتُ. لا أجِدُ في الإبِلِ إلا جَملاً خِياراً رُباعِيّاً، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أَعْطِهِ إيَّاه؛ فإنَّ خيارَ الناسِ أحسَنُهم قَضاءً".

(1)

ذكر عقبة بن عامر في هذا الحديث وهمٌ، صوابه: عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصاري. قاله الدارقطني. وانظر (8 - الصدقات/ 14).

ص: 328

رواه مالك ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه.

1754 -

(13)[حسن] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال:

استسلف النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ رجلٍ مِنَ الأنْصارِ أربعين صاعاً، فاحْتاج الأنصاريُّ، فأتاهُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ما جاءَنا شيء".

فقال الرجلُ، وأراد أنْ يتكلَّم؛ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تقلْ إلا خيراً، فأنا خيرُ مَنْ تُسَلِّفُ"، فأعطاهُ أرْبعين فَضلاً، وأربعينَ لِسَلَفِه، فأعطاهُ ثمانين.

رواه البزار بإسناد جيد.

1755 -

(14)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ يتقاضاه قدِ اسْتَسْلفَ منه شطرَ وَسْقٍ، فأعْطاه وَسْقاً، فقال:

"نِصفُ وَسْقٍ لك، ونصفُ وسْقٍ منْ عِندي".

ثمَّ جاءَ صاحبُ الوسْقِ يتَقاضاهُ، فأعطاهُ وَسْقَيْنِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"وسْقٌ لك، وَوَسْقٌ مِنْ عِندي".

رواه البزار، وإسناده حسن إنْ شاء الله.

(شطر وسق) أي: نصف وسق.

(والوسْق) بفتح الواو وسكون السين المهملة: ستون صاعاً، وقيل: حمل بعير.

1756 -

(15)[صحيح] وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ طلَب حقّاً فلْيَطْلُبْهُ في عفَافٍ، وافٍ أو غيرَ وافٍ".

رواه الترمذي وابن ماجه، وابن حبان، في "صحيحه"، والحاكم وقال:

ص: 329

"صحيح على شرط البخاري".

1757 -

(16)[صحيح] وروى ابن ماجه عن عبد الله بن [أبي] ربيعة رضي الله عنه:

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ منه حينَ غزا حُنيْناً ثلاثين أو أربعين ألْفاً، فَقضَاها إيَّاهُ؛ ثمَّ قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"بارَك الله لك في أهْلِكَ ومالِكَ، إنَّما جزاءُ السَّلَفِ الوفاءُ والحمدُ".

ص: 330

‌8 - (الترغيب في إقالة النادم).

1758 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ أقالَ مسلِماً بيْعتَهُ؛ أقالَه الله عَثْرتَة يومَ القِيامَةِ".

رواه أبو داود وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له، والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

[صحيح] وفي رواية لابن حبان:

"مَنْ أَقالَ مسْلِماً عَثْرَتَهُ؛ أَقالَهُ الله عَثْرَتهُ يومَ القِيامَةِ".

1759 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أبي شُرَيْحٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ أقالَ أخاه بَيْعاً؛ أقالَهُ الله عَثْرَتَهُ يومَ القِيامَةِ".

رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات.

ص: 331

‌9 - (الترهيب مِن بخس الكيل والوزن).

1760 -

(1)[حسن] عنِ ابْنِ عبَّاس رضي الله عنهما قال:

لمَّا قَدمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ كانوا مِنْ أخْبَثِ الناسِ كيْلا، فأنزلَ الله عز وجل:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ، فأحسَنوا الكيْلَ بعدَ ذلكَ.

رواه ابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي.

1761 -

(2)[صحيح لغيره] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

أقْبَلَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"يا معشرَ المهاجِرينَ! خمسُ خِصال إذا ابْتُليتُم بهِنَّ، وأعوذُ بالله أنْ تُدرِكوهُنَّ: لَمْ تظْهرِ الفاحِشةً في قومٍ قطّ حتى يُعْلِنوا بها؛ إلا فَشا فيهِمُ الطاعونُ والأوْجاعُ الّتي لمْ تكنْ مضَتْ في أسْلافِهِمُ الَّذين مَضَوْا، ولَمْ يَنقُصوا المِكْيالَ والميزانَ؛ إلا أُخِذوا بالسنينَ وشِدَّةِ المؤُنَةِ وجَوْرِ السلطانِ عليهم، ولَمْ يَمنعوا زكاةَ أموالِهِم؛ إلا مُنِعُوا القطْرَ مِنَ السماء، ولوْلا البهائم لَمْ يُمطَروا، ولَمْ يَنْقضُوا عهدَ الله وعهدَ رسولِه؛ إلا سلَّطَ الله عليهِمْ عدوّاً منْ غيرِهم، فأَخَذوا بعْضَ ما في أيْديهِمْ، وما لَمْ تحكمْ أئمَّتُهم بِكتابِ الله، ويتَخَيَّروا

(1)

فيما أنْزلَ الله؛ إلا جعَلَ الله بأْسَهُم بينَهُمْ".

رواه ابن ماجه -واللفظ له- والبزار والبيهقي. [مضى لفظه 8 - الصدقات/ 2].

(1)

أي: يطلبوا الخير، أي: وما لم يطلبوا الخير والسعادة فيما أنزل الله، قال الزمخشري في "الفائق" (1/ 278):

"والاختيار أخذ ما هو خير، وهو يتعدى إلى أحد مفعوليه بواسطة (مِن) ثم يحذف. . ."، وقد وقعت هذه اللفظة في الأصل بإهمال الخاء، والتصويب من "ابن ماجه"، و"الحلية"، وأشكل المراد منها على الحافظ الناجي، وأطال الكلام في ذلك لفظاً ومعنى دون طائل، ولعل فيما ذكرته شفاء على إيجازه، والله أعلم.

ص: 332

1762 -

(3)[صحيح] ورواه الحاكم بنحوه من حديث بريدة، وقال:

"صحيح على شرط مسلم". [مضى لفظه 8 - الصدقات/ 2].

[حسن لغيره] ورفعه الطبراني وغيره إلى النبي صلى الله عليه وسلم[يعني حديث ابن عباس، ومضى لفظه 8/ 2].

و (السِّنين) جمع سنة، وهي العام المقحط الذي لم تنبت الأرض فيه شيئاً، سواء وقع قطر أو لم يقع.

1763 -

(4)[حسن] وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:

القتل في سبيل الله يكفّر الذنوب كلَّها إلا الأمانةَ، قال: يؤتى بالعبد يوم القيامة -وإن قتل في سبيل الله-، فيقال: أدِّ أمانتك، فيقول: أي ربّ! كيف وقد ذهبتِ الدنيا؟ قال: فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية، فيُنْطَلَقُ به إلى الهاوية، وتمثل له أمانَتُه كهيئتها يوم دُفعت إليه، فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها فيحملها على منكبيه، حتى إذا نظر ظن أنه خارج زلت عن منكبيه، فهو يهوي في أثرها أبدَ الآبدين، ثم قال:

الصلاةُ أمانةٌ، والوضوءُ أمانة، والوزنُ أمانة، والكيلُ أمانة -وأشياءٌ عدّدَها، وأشدُّ ذلك الودائعُ.

قال -يعني زاذان-: فأتيت البراء بن عازب فقلت: ألا ترى إلى ما قال ابن مسعود؟ قال: كذا. قال: كذا. قال. صدق، أما سمعت الله يقول:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} .

رواه البيهقي موقوفاً. ورواه بمعناه هو وغيره مرفوعاً، والموقوف أشبه

(1)

.

(1)

قلت: وإسناده حسن، بخلاف المرفوع، فهو ضعيف، وهو مخرج في "الضعيفة" (4071). ومن تخاليط الثلاثة وجهلهم أنهم لم يقفوا عند ما نقلوه عن الإمام أحمد أنه قال في الموقوف:"إسناده جيد"، بل تعالوا عليه، وقالوا:"ضعيف، رواه البيهقي (5266) وفيه الأعمش وأبو عمر الكندي، كلاهما يرسل"! وهذا منتهى الجهل، فإن مثل هذا الإعلال قد يفيد لو كان الحديث مرسلاً، فكيف وهو عن ابن مسعود مسنداً، وجوّده أحمد؟!! ولكنه التعالم.

ص: 333

‌10 - (الترهيب من الغش، والترغيب في النصيحة في البيع وغيره).

1764 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ حَملَ علينا السِلاحَ فليسَ مِنَّا، ومَنْ غشَّنا فليسَ مِنَّا".

رواه مسلم.

1765 -

(2)[صحيح] وعنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ على صُبرةِ طَعامٍ، فأدْخَل يدهُ فيها، فنالَتْ أصابِعُه بَلَلاً، فقال:

"ما هذا يا صاحِب الطَّعامِ؟! ".

قال: أصابَتْهُ السماءُ يا رسولَ الله! قال:

"أفلا جَعَلْتَهُ فوقَ الطعامِ حتّى يراهُ الناسُ، مَنْ غَشَّنا فليسَ مِنّا".

رواه مسلم

(1)

وابن ماجه والترمذي، وعنده:

"مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا".

[صحيح] وأبو داود، ولفظه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ برجلٍ يبيعُ طَعاماً فسألَهُ، كيفَ تبيعُ؟ فأخْبَرهُ، فأوْحى الله إليه: أنْ أدْخِلْ يدَك فيهِ، فإذا هو مَبْلولٌ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ليسَ منَّا منْ غَشَّ".

(1)

في "الإيمان"، والسياق له، لكن لفظه:"من غش فليس مني". ولفظ ابن ماجه: "ليس منا من غش".

ص: 334

1766 -

(3)[حسن لغيره] ورُوِيَ عنِ ابْن عُمَر رضي الله عنهما قال:

مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِطَعامٍ وقد حسَّنهُ، فأدْخلَ يدَه فيهِ، فإذا طعامٌ رَديءٌ، فقال:

"بعْ هذا على حِدَةٍ، وهذا على حِدَةٍ، فمَنْ غشَّنا فليسَ مِنَّا".

رواه أحمد والبزار والطبراني.

(1)

ورواه أبو داود بنحوه عن مكحول مرسلاً.

1767 -

(4)[حسن لغيره] وعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال:

خَرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى السوقِ، فرأى طَعاماً مُصَبَّراً

(2)

، فأدْخلَ يدَه، فأخْرجَ طعاماً رَطْباً قد أصابَتْهُ السماء، فقالَ لصاحِبِه:

"ما حمَلَكَ على هذا؟ ".

قال: والَّذي بَعثكَ بالحقِّ إنَّه لطعامٌ واحِدٌ. قال:

"أفلا عزَلْتَ الرَّطْبَ على حِدَتِه، واليابس على حدته، فيبتاعون ما يَعرفون،

(3)

مَنْ غشَّنا فليسَ مِنَّا".

رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد جيد.

1768 -

(5)[حسن صحيح] وعنِ ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ غَشَّنا فليس مِنَّا، والمكرُ والخداعُ في النارِ".

(1)

هذا الإطلاق يوهم أنَّه أخرجه في "المعجم الكبير"! وإنما هو في "المعجم الأوسط"(رقم 2511).

(2)

أي: مكوَّماً وزناً ومعنى.

(3)

الأصل: "فتتبايعون ما تعرفون"، والتصحيح من "الأوسط" (3785) و"المجمع" (4/ 79) وقال:"ورجاله ثقات"! لكنَّه منقطع بين (إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة القرشي)، وأنس.

ص: 335

رواه الطبراني في "الكبير" و"الصغير". بإسناد جيد، وابن حبان في "صحيحه".

1769 -

(6)[حسن لغيره] ورواه أبو داود في "مراسيله" عن الحسن مرسلاً مختصراً قال:

"المكرُ والخديعَةُ والخِيانَةُ في النارِ".

1770 -

(7)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عنِ النبي صلى الله عليه وسلم:

"أنَّ رجلاً كان يبيعُ الخَمْرَ في سفينَةٍ له، ومعهُ قِردٌ في السفينَةِ، وكان يشوبُ الخمرَ بالماءِ، فأخذَ القردُ الكيسَ فصَعَد الذِّروةَ، وفتحَ الكيسَ، فجعَل يأْخُذ ديناراً فيُلْقيهِ في السفينةِ، وديناراً في البَحْرِ حتى جَعَلهُ نِصْفَيْنِ".

رواه الطبراني في "معجمه الكبير"

(1)

، ورواه البيهقي أيضاً، ولا أعلم في رواته مجروحاً.

1771 -

(8)[صحيح لغيره] وروي

(2)

عن الحسن مرسلاً.

1772 -

(9)[صحيح لغيره] وفي رواية البيهقي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . ثم ذكر حديث المحفلة

(3)

ثم قال موصولاً بالحديث:

"ألا وإن رجلاً ممن كانَ قبلكم جَلَبَ خمراً إلى قرية فشابها بالماء فأضعف أضعافاً، فاشترى قرداً، فركب البَحر، حتى إذا لجج فيه ألهم الله القردَ صُرَّةَ

(1)

لم أجده عنده، ولا رأيته في "مجمع الزوائد" للهيثمي، وهو في "مسند أحمد" في ثلاثة مواضع، فالعجب كيف فاتهما، وقلدهما المعلقون الثلاثة، فعزوه للبيهقي فقط في "الشعب"، وجهلوا فقالوا:"ضعيف"! وهو عنده، وكذا أحمد وغيرهما من طريق حماد بن سلمة عن إسحاق ابن أبي طلحة عن أبي صالح عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح، وهو مخرج في "الصحيحة"(2844).

(2)

كذا الأصل، وله عند البيهقي عن الحسن روايتان: إحداهما عن حميد عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وهي صحيحة، وأخرى عن الحسن عن أبي هريرة مسنداً نحوه، وإسناده ضعيف، لذلك فتصدير المرسل بقوله:"رُوي" ليس كما ينبغي.

(3)

يشير إلى مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "من اشترى شاة محفلة فردها، فليرد معها صاعاً من تمر".

رواه البخاري عن ابن مسعود. وله عن أبي هريرة بلفظ: "لا تُصروا الغنم. . ." الحديث. وهو مخرج في "الإرواء (1320).

ص: 336

الدنانيرِ فأخذها، فصعد الدَّقَل

(1)

، ففتح الصرة وصاحبها ينظر إليه، فأخذ ديناراً فرمى به البحر، وديناراً في السفينة حتى قسمها نصفين".

1773 -

(10)[صحيح لغيره] وعن عائشةَ رضي الله عنها؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: قال:

"مَنْ غَشَّنا فليسَ مِنَّا".

رواه البزار بإسناد جيد.

(قال المملي) عبد العظيم:

"قد روي هذا المتن عن جماعة من الصحابة منهم: عبد الله ابن عباس، وأنس بن مالك، والبراء بن عازب، وحذيفة بن اليمان، وأبو موسى الأشعري، وأبو بردة بن نيار وغيرهم".

وتقدم من حديث ابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة [في الباب]، وقيس بن أبي غرزة [الذي في "الضعيف"].

1774 -

(11)[حسن لغيره] وعن أبي سباع قال:

اشتريتُ ناقةً من دارِ واثلة بن الأسقع، فلما خرجتُ بها أدركني [وهو]

(2)

يجر إزاره، فقال:[يا عبد الله!]

(3)

اشتريتَ؟ قلت: نعم. قال: بَيّنَ لك ما فيها؟ قلت: وما فيها؟ إنها لسمينةٌ ظاهرةُ الصحةِ. قال: أردتَ بها سفراً، أو أردت بها لحماً؟ قلت: أردت بها الحجَّ. قال: فإن بخفها نقباً

(4)

. فقال صاحبها: ما أردت أي هذا -أصلحك الله- تفسدُ عليّ؟! قال:

(1)

هو خشبة يمد عليها شراع السفينة. "نهاية".

(2)

زيادتان من "مستدرك الحاكم" و"شعب البيهقي"، وكان في الأصل بعض الأخطاء فصححتها منهما.

(3)

زيادتان من "مستدرك الحاكم" و"شعب البيهقي"، وكان في الأصل بعض الأخطاء فصححتها منهما.

(4)

الأصل: "فارتجعها"، وكذا في "المستدرك"(2/ 10)، وهو تحريف عجيب، والصواب ما أثبته وكما في "شعب البيهقي"(5/ 330)، وكذا رواه أحمد (3/ 491) والبيهقي أيضاً في "السنن"(5/ 320).

و (النَّقَب) محركة: رقة الأخفاف.

ص: 337

إنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا يحل لأحدٍ بييع شيئاً إلا بيّنَ ما فيه، ولا يحلُّ لمن عَلِمَ ذلك إلا بيّنَه".

رواه الحاكم والبيهقي، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

(1)

1775 -

(12)[صحيح] وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"المسلمُ أخو المسْلمِ، ولا يَحِلُّ لِمسلمٍ إذا باعَ مِنْ أخيه بيْعاً فيهِ عَيبٌ أنْ لا يُبيِّنَةُ".

رواه أحمد وابن ماجه والطبراني في "الكبير"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

وهو عند البخاري

(2)

موقوف على عقبة لم يرفعه.

1776 -

(13)[صحيح] وعن تميمٍ الداري رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الدينَ النصيحةُ".

قلنا: لِمَنْ يا رسولَ الله؟ قال:

"لله، ولِكتَابِه، ولِرَسولِهِ، ولأَئمَّةِ المسْلمينَ، وعامَّتِهمْ"

(3)

.

(1)

قلت: ووافقه الذهبي، وفيه نظر، لكن يشهد له ما بعده.

(2)

قلت: هو عنده معلق دون إسناد، خلافاً لما يوهمه المؤلف بإطلاق العزو إليه.

(3)

قال العلامة ابن الأثير في "النهاية":

"النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبِّر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها. وأصل (النصح) في اللغة: الخلوص؛ يقال: نصحته، ونصحت له. ومعنى نصيحة الله: صحة الاعتقاد في وحدانيته، وإخلاص النية في عبادته، والنصحية لكتابِ الله: هو التصديق به والعمل بما فيه. ونصيحة رسوله: التصديق بنبوته ورسالته، والانقياد لما أمر به ونهى عنه. ونصيحة الأئمة: أن يطيعهم في الحق، ولا يرى الخروج عليهم إذا جاروا. ونصيحة عامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم". والله أعلم.

ص: 338

رواه مسلم والنسائي، وعنده:

"إنَّما الدِّينُ النصيحَةُ".

وأبو داود، وعنده: قال:

"إنَّ الدِّينَ النصيحةُ، إنَّ الدِّينَ النصيحةُ، إنَّ الدِّينَ النصيحَةُ" الحديث.

1777 -

(14)[حسن صحيح] ورواه الترمذي من حديث أبي هريرة بالتكرار أيضاً، وحسنه.

1778 -

(15)[صحيح] وعن زياد بن علاقة قال: سمعتُ جريرَ بْنَ عبد الله يقول يومَ ماتَ المغيرةُ بنُ شُعبةَ:

أمَّا بعدُ؛ فإنِّي أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: أبايِعُكَ على الإسْلامِ. فَشَرط عَليَّ:

"والنصحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"، فبايَعْتُه على هذا، ورَبِّ هذا المسجِدِ، إنِّي لكم لَناصحٌ.

رواه البخاري ومسلم.

1779 -

(16)[صحيح] وعن جريرٍ -أيضاً- رضي الله عنه قال:

بايَعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على إقامِ الصَلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والنصحِ لكُلِ مسلمٍ.

رواه البخاري ومسلم والترمذي.

[صحيح] ورواه أبو داود والنسائي، ولفظهما:

بايَعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على السمعِ والطاعَةِ، وأَنْ أنْصَح لِكلِّ مسلمٍ.

(1)

(1)

قلت: إلى هنا العزو صحيح، لكن ما بعده ليس عند النسائي، وهو بتمامه عند ابن حبان أيضاً (7/ 39/ 4529 - الإحسان)، فلو عزاه إليه المؤلف كان أولى، وهو مما فات على الهيثمي فلم يورده في "موارد الظمآن"، فاستدركته عليه في "صحيح الموارد"(11/ 10).

ص: 339

وكان إذا باعَ الشيْءَ أوِ اشْتَرى قال:

أمَا إنَّ الذي أَخَذْنا منكَ أحبُّ إلينا مِمَّا أعْطَيْناك، فَاخْتَرْ.

1780 -

(17)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يُؤمِنُ أحَدُكم حتى يُحِبَّ لأَخيه ما يحبُّ لنَفْسِه".

رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

[صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه"، ولفظه:

"لا يَبلغُ العبدُ حقيقةَ الإيمانِ حتّى يحبُّ لِلناسِ ما يحبُّ لِنفْسِه".

ص: 340

‌11 - (الترهيب من الاحتكار).

1781 -

(1)[صحيح] عن معمر بن أبي معمر -وقيل ابن عبد الله بن نضلة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنِ احْتَكَر

(1)

فهو خاطِئٌ".

رواه مسلم وأبو داود.

[صحيح] والترمذي وصححه، وابن ماجه، ولفظهما: قال:

"لا يَحْتَكِرُ إلا خاطِئٌ"

(2)

.

(1)

في الأصل زيادة: "طعاماً"؛ ولما كانت لا أصل لها عند أحدٍ من مخرِّجيه الذين ذكرهم المصنف، ولا عند غيرهم فقد حذفتها. وأما المعلقون الثلاثة فأثبتوها موهمين القراء بورودها عند مخرجيه الأربعة بذكر أرقامهم! مع أنهم نقلوا بُعد إنكار الناجي لها، ومن جهلهم أنَّهم علقوا كلامه على اللفظ الآتي الخالي من الزيادة!!

(2)

قلت: هو رواية لمسلم أيضاً (5/ 56)، وهو رواية أبي داود (3447)، وذلك كان الأولى أنْ يقال في التخريج: رواه مسلم. وفي لفظ له، وهو لأبي داود والترمذي وابن ماجه. .

وقوله "خاطئ" هو بالهمز بمعنى آثم. والمعنى: لا يجترئ على هذا الفعل الشنيع إلا من اعتاد المعصية.

و (الاحتكار)؛ كما قال النووي في "شرح مسلم": أنْ يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة، ولا يبيعه في الحال، بل يدخره ليغلو ثمنه، فأما إذا اشتراه في وقت الرخص وادخره ليبيعه في وقت الغلاء فليس باحتكار. واختلفوا في الاحتكار المحرم، لعل أقربها قول أحمد: ما فيه عيش الناس. انظر "معالم السنن"(5/ 90 - 91).

ص: 341

‌12 - (ترغيب التجار في الصدق، وترهيبهم من الكذب والحلف وإنْ كانوا صادقين).

1782 -

(1)[صحيح لغيره] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال:

"التاجرُ الصدوقُ الأمينُ مع النبيين والصدّيقين والشهداء".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن".

1783 -

(2)[حسن صحيح] ورواه ابن ماجه عن ابن عمر، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"التاجرُ الأمينُ الصدوقُ المسلمُ مع الشهداء يومَ القيامة".

1784 -

(3)[صحيح] وعن حكيم بن حَزامٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"البَيِّعانِ بالخَيارِ ما لمْ يَتَفَرَّقا، فإنْ صدَق البيِّعانِ وبَيَّنا؛ بورِكَ لهما في بيْعِهِما، وإنْ كتما وكذَّبا؛ فعَسى أن يرْبحا رِبْحاً، ويُمْحَقا بركةَ بَيْعِهما، اليمينُ الفاجرةُ مُنْفِقَةٌ لِلسِلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلكَسْبِ"

(1)

.

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

1785 -

(4)[صحيح لغيره] وعن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده:

أَنَّهُ خرَج معَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المُصَلَّى، فرأى الناسَ يَتبايَعونَ، فقال:

"يا معْشَر التُّجارِ! ".

فاسْتجابوا لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ورَفعوا أعْناقَهُمْ وأبْصارَهم إليه، فقال:

(1)

ليس في الحديث: "اليمين الفاجرة. . ." إلخ، وإنما هذا حديث آخر من رواية أبي هريرة يأتي في الباب برقم (11)، فكأنَّه دخل على المؤلف حديث بحديث، أو على الناسخ. ثم رأيت الناجي ذكر أن المؤلف قلَّد في ذلك ابن الأثير في "جامعه"، وانطلى الأمر على المعلق على "الجامع" أيضاً (1/ 435) فخرجه معزواً للشيخين وغيرهما بالزيادة!!

ص: 342

"إن التُجَّارَ

(1)

يُبعَثون يومَ القيامة فُجَّاراً؛ إلاَّ مَنِ اتّقى الله، وَبَرَّ وصَدقَ".

رواه الترمذي وقال:

"حديث حسن صحيح".

وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1786 -

(5)[صحيح] وعن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنَّ التُّجَّارَ همُ الفُجَّارُ".

قالوا: يا رسولَ الله! أليسَ قد أحَلَّ الله البيْعَ؟ قال:

"بلى؛ ولكنَّهُم يحْلِفونَ فيأْثَمونَ، ويحدِّثون فيكْذِبونَ".

رواه أحمد بإسناد جيد، والحاكم واللفظ له، وقال:

"صحيح الإسناد".

1787 -

(6)[صحيح] وعن أبي ذرّ رضي الله عنه عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثَةٌ لا ينظرُ الله إليهمْ يومَ القِيامَةِ، ولا يزكِّيهِمْ، ولهم عذابٌ أَليمٌ".

قال: فقَرأَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثلاثَ مرَّاتٍ، فقلتُ: خابوا وخَسِروا، ومَن هُمْ يا رسولَ الله؟ قال:

"المسبِلُ، والمنَّانْ، والمنفِق سِلعَتَة بالحلفِ الكاذِبِ".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه؛ إلا أنَّه قال:

(1)

بضم التاء وتشديد الجيم أو كسر وتخفيف، وقوله:(فجاراً) لأن من عادتهم التدليس في المعاملات والأيمان الكاذية ونحوها، واستثنى من اتقى المحارم، ووفى بيمينه، وصدق في حديثه.

ص: 343

"المسبِلُ إزارَهُ، والمنَّانُ عطاءَهُ، والمنفِقُ سِلْعَتَه بالحلْفِ الكاذِبِ".

1788 -

(7)[صحيح] وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثةٌ لا ينظُرُ الله إليهمْ يومَ القِيامَةِ: أُشَيْمَطٌ زانٍ، وعائلٌ مستكْبِرٌ، ورجلٌ جَعَل اللهَ بضاعتَهُ؛ لا يشتَري إلا بيَمينِه، ولا يَبيعُ إلا بِيَمينِه".

رواه الطبراني في "الكبير"، وفي "الصغير" و"الأوسط"؛ إلا أنَّه قال فيهما:

"ثلاثَةٌ لا يكلِّمُهم الله، ولا يُزَكِّيهِمْ، ولهمْ عذابٌ أليمٌ" فذكره.

ورواته محتج بهم في الصحيح.

(أشَيْمَطٌ) مصغَّر (أَشْمَط): وهو مَنْ ابيَضَّ بعض شعر رأسه كبراً واختلط بأسوده.

و (العَائِلُ): الفقير.

1789 -

(8)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثَةٌ لا يكلِّمُهم الله يومٍ القِيامَةِ، ولا ينطُرُ إليْهِمْ، ولا يُزَكِّيهِمْ، ولهمْ عَذابٌ أليمٌ: رجلٌ على فضْلِ ماءٍ بفلاةٍ يمنَعُه ابنَ السبيلِ، ورجلٌ بايعَ رجلاً بسِلْعَتِه بعد العصْرِ فحلَف بالله لأَخَذها بكَذا وكذا، فصَدَّقَهُ فأخَذها؛ وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايَع إماماً لا يبايِعُه إلا للدنيا؛ فإنْ أعطاهُ منها ما يريدُ وفي لهُ، وإنْ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَفِ".

وفي رواية نحوه، وقال:

"ورجُلٌ حلَفَ على سِلْعَتِه لقد أُعْطِيَ بها أكثرَ ممّا أُعطِيَ؛ وهو كاذِبٌ، ورجلٌ حلفَ على يمينٍ كاذبةٍ بعدَ العصْر ليْقتَطعَ بها مالَ امْرئٍ مسلمٍ، ورجلٌ منعَ فضْلَ ماءٍ، فيقولُ الله له: اليومَ أمنَعُكَ فضْلي، كما منعْتَ فضلَ ما لَمْ تعمَلْ يداكَ".

ص: 344

رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وأبو داود بنحوه.

1790 -

(9)[صحيح] وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أربعةٌ يُبغِضُهم الله: البيَّاعُ الحلافُ، والفقيرُ المخْتالُ، والشيخُ الزاني، والإمامُ الجائرُ".

رواه النسائي، وابن حبان في "صحيحه"، وهو في مسلم بنحوه دون ذكر "البياع"

(1)

، ويأتي لفظه في "الترهيب من الزنا" إنْ شاء الله [21 - الحدود/ 7].

1791 -

(10)[صحيح] وعن أبي ذرّ رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الله يُحِبُّ ثلاثَةً، ويبْغَضُ ثلاثةً"، -فذكر الحديث إلى أنْ قال:- قلتُ: فَمَنِ الثلاثَةُ الذينَ يُبغِضُهم الله؟ قال:

"المخْتَالُ الفخورُ -وأنتُم تجِدونَه في كتاب الله المنزَلِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} -والبخيلُ المنانُ، والتاجِرُ -أَوِ البائعُ- الحلاَّفُ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم".

ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحه" بنحوه.

وتقدم لفظهم في "صدقة السر"[8 - الصدقات/ 20].

1792 -

(11)[حسن] وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال:

مرَّ أعرابيٌّ بِشَاة، فقلتُ: تبيعُها بثلاثَةِ درَاهِمَ؟ فقال: لا والله. ثمَّ باعَها. فذكرتُ ذلك لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

"باع آخِرَتَهُ بدُنْياهُ".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(1)

قلت: هذا يوهم أنَّ سائر الحديث عند مسلم مثله هنا، وليسَ كذلك؛ كما يتبين ذلك للقارئ بمقابلته بنص مسلم الآتي هناك (21/ 7).

ص: 345

1793 -

(12)[صحيح لغيره] وعن واثِلةَ بن الأسْقَعِ رضي الله عنه قال:

كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخرُج إلينا، وكنَّا تُجَّاراً، وكان يقولُ:

"يا مَعْشَر التُّجَّارِ! إيَّاكمْ والكذِبَ".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد لا بأس به إنْ شاء الله.

1794 -

(13)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"الحَلْفُ مَنْفَقةٌ للسِلْعَةِ، مَمْحَقةٌ للكسب".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود؛ إلا أنَّه قال:

"ممحقة للبركةِ"

(1)

.

1795 -

(14)[صحيح] وعن [أبي](*) قتادة رضي الله عنه؛ أنَّه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إيَّاكمْ وكثرةَ الحلفِ في البيعِ؛ فإنَّه يُنَفِّقُ ثمَّ يمْحَقُ

(2)

".

رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.

‌13 - (الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخر).

[لم يذكر تحته حديثاً على شرط كتابنا].

(1)

هذا يوهم أنَّ اللفظ الذي قبله لم يروه أبو داود، والواقع خلافه، فإنَّه أخرجه عقب هذا، وقد نبه على ذلك الحافظ الناجي، وبينته في "أحاديث بيوع الموسوعة".

(2)

من (المحق): وهو (المحو) أي: يزيل البركة ويذهبها.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع، وقال الشيخ مشهور في طبعته: الصواب إثباتها كما في مصادر التخريج

ص: 346

‌14 - (الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه).

1796 -

(1)[حسن] عن أبي أيَّوبَ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ فرَّقَ بينَ والدةٍ ووَلَدِها؛ فرَّق الله بينَه وبينَ أحِبَّتِه يومَ القِيامَةِ".

رواه الترمذي وقال:

"حديث حسن غريب".

والحاكم والدارقطني، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

ص: 347

‌15 - (الترهيب من الدَّيْن، وترغيب المستدين والمتزوج أنْ ينويا الوفاء، والمبادرة إلى قضاء دَيْن الميت).

1797 -

(1)[صحيح] وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه؛ أنَّهُ سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا تُخيفوا أنفُسَكم بعدَ أمْنِها".

قالوا: وما ذاكَ يا رسولَ الله؟ قال:

"الدَّيْن".

رواه أحمد -واللفظ له، وأحد إسناديه ثقات-، وأبو يعلى والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

1798 -

(2)[صحيح] وعن ثوْبانَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ فارَق الروحُ الجسدَ وهو بريءٌ مِنْ ثلاثٍ، دخَلَ الجنَّةَ: الغلولُ، والدَّينُ، والكِبْرُ".

رواه الترمذي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، وتقدم لفظه [12 - الجهاد/ 13].

والحاكم وهذا لفظه؛ وقال:

"صحيح على شرطهما".

قال الترمذي:

"قال سعيد بن أبي عَروبَة: "الكنزُ" يعني بالزاي؛ وقال أبو عَوانَّة في حديثه: "الكبر" يعني بالراء". قال:

"ورواية سعيد: أصح".

ص: 348

وقال البيهقي

(1)

: "في كتابي: عن أبي عبد الله -يعني الحاكم-: "الكنز" مقيد بالزاي، والصحيح في حديث أبي عوانة بالراء".

1799 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ أخذَ أمْوالَ الناسِ يريدُ أداءَها؛ أدّى الله عنه، ومَنْ أَخذ أمْوالَ الناسِ يريدُ إتْلافَها؛ أتْلَفَة الله".

رواه البخاري وابن ماجه وغيرهما.

1800 -

(4)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ حمَل مِنْ أُمَّتي دَيْناً، ثمَّ جَهَدَ في قَضائِه، ثمَّ ماتَ قبْلَ أنْ يَقْضِيَهُ؛ فأنا وَلِيُّهُ".

رواه أحمد بإسناد جيد، وأبو يعلى والطبراني في "الأوسط".

1801 -

(5)[صحيح لغيره] وعنها:

أنَّها كانتْ تَدّايَنُ، فقيلَ لها: ما لَكِ وللِدَّيْنِ، ولكِ عنهُ مندوحَةٌ؟

قالت: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:

"ما مِنْ عبدٍ كانتْ له نِيَّةُ في أداءِ دَيْنِه؛ إلا كانَ له مِنَ الله عونٌ". فأنا أَلْتَمِسُ ذلك العَوْنَ.

[حسن] ورواه الطبراني بإسناد متصل فيه نظر، وقال فيه:

"كانَ لهُ من الله عونٌ، وسَبَّبَ لهُ رِزقاً".

(1)

يعني في "شعب الإيمان"(2/ 143/ 1 - 2). والذي في "مستدرك الحاكم"(2/ 26) -وقد رواه بإسنادين عن سعيد- وأبي عوانة: "الكبر" بالراء، وهو الراجح كما هو محقق في "الصحيحة"(2785). والله أعلم.

ص: 349

1802 -

(6)[حسن لغيره] وعن صهيب الخير رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أيُّما رجلٍ تدايَنَ ديْناً وهو مُجْمعٌ أنْ لا يوفيهِ إيَّاه؛ لَقِيَ الله سارِقاً".

رواه ابن ماجه والبيهقي، وإسناده متصل لا بأس به؛ إلا أنَّ يوسف بن محمد بن صيفي ابن صهيب؛ قال البخاري: فيه نظر

(1)

.

1803 -

(7)[حسن صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ ماتَ وعليه دينارٌ أو دِرهمٌ قُضِيَ مِنْ حسَناتِهِ، ليسَ ثَمَّ دينارٌ ولا دِرْهَمٌ".

[صحيح لغيره] رواه ابن ماجه بإسناد حسن، والطبراني في "الكبير" ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الدَّيْنُ دَيْنانِ، فَمنْ ماتَ وهو ينْوي قضاءَهُ؛ فأنا وَلِيَّهُ، ومَنْ ماتَ وهو لا ينْوي قضاءَه؛ فذاكَ الَّذي يُؤخذ مِنْ حَسناتِه، ليسَ يومئذٍ دينارٌ ولا دِرْهَمٌ".

1804 -

(8)[حسن] وعن محمد بن عبد الله بن جحش رضي الله عنه قال:

كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قاعداً حيثُ توضَعُ الجنائزُ، فرفَعْ رأسَهُ قِبَلَ السماءِ، ثُمَّ خفضَ بصرَهُ، فوضَع يدهُ على جبْهَتِه فقال:

"سبحانَ الله! سبحان الله ما أنْزل مِنَ التشْديدِ! ".

قال: فَفَرَقْنا

(2)

وسكتْنا، حتَّى إذا كانَ الغَدُ؛ سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: ما التشديدُ الذي نَزَل؟ قال:

(1)

قلت: لكنْ قواه أبو حاتم، ووثقه ابن حبان، وقد توبع كما بينته في الأصل، ويشهد له حديث أبي هريرة وميمون الكردي الآتيين قريباً.

(2)

الأصل تبعاً لأصله "المستدرك"(2/ 25)؛ "فعرفنا"، ولا وجه له، والتصويب من "شعب الإيمان"(2/ 2/142)، وفي النسائي:"وفزعنا".

(تنبيه): أوردت هذا الحديث في كتابي "أحكام الجنائز"(ص 136 - المعارف)، وتكلمت على سنده بما يقويه، وأنَّه حسن.

ص: 350

"في الدَّيْنِ، والذي نفسي بيَدِه لو قُتِلَ رجلٌ في سبيلِ الله ثُمَّ عاشَ، ثُمَّ قُتِلَ ثُمَّ عاشَ، ثم قُتِلَ وعليه دَيْنٌ ما دَخَل الجنَّةَ حتى يُقْضى ديْنُهُ".

رواه النسائي

(1)

والطبراني في "الأوسط"، والحاكم واللفظ له، وقال:

"صحيح الإسناد".

1805 -

(9)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

"ذكرَ رجُلاً مِنْ بني إسْرائيلَ سألَ بعضَ بني إسْرائيلَ أنْ يُسلفَهُ ألفَ دينارٍ، فقال: ائْتني بالشُّهداء أُشْهِدُهُمْ. فقال: كَفَى بالله شهيداً. قال: فائْتِني بالكَفيلِ. قال: كَفى بالله كَفيلاً. قال: صَدقْت. فدفَعها إليه إلى أجَلٍ مُسمَّى، فخرَج في البحر فقَضى حاجَتهُ، ثُمَّ الْتَمس مَرْكباً يركَبُه ويقْدِمَ عليه للأَجلِ الذي أجَّلَهُ، فلَمْ يجدْ مركباً، فأَخَذ خَشَبةً فنَقَرها، فأدخلَ فيها ألفَ دينارٍ وصَحيفةً منهُ إلى صاحِبها، ثُمَّ زَجَّجَ موْضِعَها، ثم أتَى بها البحر فقال: اللَهُمَّ إنَّك تعلم أنِّي تَسَلَّفتُ فُلاناً ألفَ دينارٍ فسألني كفيلاً، فقلتُ: كفى بالله كفيلاً؛ فرضِيَ بكَ، وسألَني شهيداً، فقلتُ: كفى باللهِ شهيداً؛ فرضيَ بكَ، وأَنِّي جَهدْتُ اُنْ أجِدَ مركَباً أبعثُ إلَيْه الذي له فلم أقْدِرْ، وإنِّي اسْتَودَعْتُكَها، فرمَى بِها في البَحْرِ حتَّى ولَجَتْ فيهِ، ثمَّ انْصَرف، وهو في ذلك يلْتَمِسُ مركباً يخرُج إلى بلَدِه. فخرجَ الرجلُ الذي كان أسْلَفَهُ ينظُر لعلَّ مركَباً قد جاءَ بِمالهِ، فإذا الخشَبَةُ التي فيها المالُ! فأخذها لأهلِه حَطَباً! فلما نَشرها وجد المالَ والصحيفَةَ! ثمَّ قدِمَ الذي كانَ أسْلفَهُ وأتى بألْفِ دينارٍ، فقال: والله ما

(1)

في بيوع "الصغرى" و"الكبرى" خلافاً لمن قيده بـ "الكبرى"، وقد رواه أحمد أيضاً، فعزوه إليه أولى من عزوه للطبراني كما لا يخفى.

ص: 351

زلْتُ جاهِداً في طلَبِ مرْكَبٍ لآتيِكَ بمالِكَ، فما وجدتُ مركَباً قبلَ الذي أتيتُ فيهِ. قال: هل كنتَ بعثْتَ إليَّ بشَيْءٍ؟ قال. أخْبِرُك أنِّي لمْ أجِدْ مركباً قبلَ الذي جئتُ فيهِ. قال: فإنَّ الله قد أدَّى عنكَ الذي بَعَثْتَهُ في الخَشَبةِ، فانصَرف بالألْفِ الدينارِ راشِداً".

رواه البخاري معلقاً مجزوماً

(1)

، والنسائي وغيره مسنداً.

قوله: (زَجَّجَ) بزاي وجيمين: أي: طلى نقر الخشبة بما يمنع سقوط شيء منه.

1806 -

(10)[صحيح لغيره] وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"منْ تَزوَّجَ امْرأَةً على صَداقٍ، وهو ينوي أنْ لا يُؤَدِّيَهُ إليها؛ فهو زانٍ، ومن ادَّانَ ديْناً وهو ينوي أنْ لا يُؤدِّيَهُ إلىَ صاحِبِه -أَحسِبُه قال:-؛ فهو سارِقُ".

رواه البزار وغيره.

1807 -

(11)[صحيح] وعن ميمون الكردي عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"أيُّما رجلٍ تزوَّج امْرأةً على ما قلَّ مِنَ المهرِ أو كثُرَ، ليسَ في نفْسِه أنْ يُؤَدِّيَ إليها حَقَّها؛ خَدَعها، فماتَ ولمْ يُؤَدِّ إليها حقَّها؛ لَقِيَ الله يومَ القيامة وهو زانٍ، وأيُّما رجلٍ اسْتَدان دَيْناً لا يريدُ أنْ يُؤَدِّيَ إلى صاحِبِه حقَّه؛ خدعَهُ حتى أخَذَ مالَهُ، فماتَ ولَمْ يُؤَدِّ إليه دينَهُ؛ لَقِيَ الله وهو سارِقٌ".

رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، ورواته ثقات. وتقدم حديث صهيب بنحوه [في الباب برقم (6)].

(1)

قلت: ووقع موصولاً في بعض نسخ البخاري منها طبعة أوربا (2/ 57)، راجع "الفتح"(4/ 385)، وخفي ذلك على الناجي فذكر أحمد بدل البخاري! وهو مخرج في "الصحيحة"(2845).

ص: 352

1808 -

(12)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله مَعَ الدائنِ حتى يَقْضِي دَينَهُ ما لمْ يكنْ فيما يكرَهُه الله".

قال: وكان عبدُ الله بن جعفر يقول لخازِنِه: اذْهَبْ فخُذْ لي بدَيْنٍ؛ فإنِّي أكره أنْ أبيتَ لَيلَةً إلا والله معي؛ بعدَ إذْ سمعْتُه مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

رواه ابن ماجه بإسناد حسن، والحاكم وقال:"صحيح الإسناد". وله شواهد.

1809 -

(13)[صحيح] وعن عبد الله بن عمر

(1)

رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ حالَتْ شفاعتُه دونَ حَدٍّ مِنْ حدودِ الله؛ فقد ضادَّ الله في أمرهِ، ومَنْ ماتَ وعليه دَيْنٌ فليسَ ثَمَّ دينارٌ ولا درهمٌ، ولكنَّها الحسناتُ والسَّيئاتُ، ومَنْ خاصم في باطلٍ وهو يعلمُ، لَمْ يزَلْ في سَخَطِ الله حتى يَنزِعَ، ومَنْ قالَ في مؤْمِنٍ ما ليسَ فيه حُبِسَ في رَدغَةِ

(2)

الخَبالِ، حتَّى يأْتيَ بالمخرَجِ مِمَّا قالَ".

رواه الحاكم وصححه.

ورواه أبو داود والطبراني بنحوه، ويأتي لفظهما إنْ شاء الله تعالى.

1810 -

(14)[صحيح] وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:

خطَبنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"ههُنا أحدٌ مِنْ بني فلانٍ؟ ". فلمْ يجبْهُ أحدٌ. ثمَّ قال:

"ههُنا أحدٌ مِنْ بني فلانٍ؟ ". فلم يجبْهُ أحدٌ. ثم قال:

(1)

الأصل: "ابن عمرو" بالواو، وكذا وقع عند الحاكم، وهو خطأ، ولعله من النساخ، وسيأتي على الصواب في الموضع الذي أشار إليه المؤلف (20 - القضاء/ 8).

(2)

بسكون الدال وفتحها: طين ووحل كثير، وجاء تفسيرها في طريق أخرى عن ابن عمر عند أحمد بلفظ:"عصارة أهل النار"، وفي سنده ضعف بينته في "الصحيحة"(438)، لكنْ لهذه الزيادة شواهد تأتي في (21 - الحدود/ 6) من حديث جابر وغيره.

ص: 353

"ههُنا أحدُ مِنْ بني فلانٍ؟ "، فقامَ رجلٌ فقال: أنا يا رسولَ الله! فقال:

"ما مَنعكَ أنْ تُجيبَني في المرَّتيْنِ الأوْلَييْن؟ -قال:- إنِّي لَمْ أنْوِه بكمْ إلا خيْراً، إنَّ صاحبَكم مأسورٌ بدَيْنِه".

فلقد رأيتُه

(1)

أدّى عنه، حتى ما أحدٌ يطلُبُه بشَيْءٍ.

رواه أبو داود والنسائي والحاكم؛ إلا أنَّه قال:

"إنَّ صاحبَكم حُبِسَ على بابِ الجَّنة بديْنٍ كان عليه".

زاد في رواية:

"فإنْ شئتُم فافْدوهُ، وإنْ شئتُم فأسْلِموهُ إلى عذابِ الله".

فقال رجلٌ: عليَّ دينُه، فقَضاه

(2)

.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".

(قال الحافظ عبد العظيم): رووه كلهم عن الشعبي عن سمعان -وهو ابن مُشَنَّج- عن سمرة. وقال البخاري في "تاريخه الكبير":

"لا نعلم لسمعان سماعاً من سمرة، ولا للشعبي سماعاً من سمعان"

(3)

.

(1)

يعني الرجل كما توضحه الزيادة الآتية.

(2)

وزاد أحمد (5/ 20): "قال: لقد رأيت أهله ومن يتحزن له قضوا عنه حتى ما جاء أحد يطلبه بشيء". وكذا رواه البيهقي (6/ 49) إلا أنَّه قال: (يتحرون أمره). ولعله أرجح، وقد رجعت للتأكد إلى "مصنف عبد الرزاق"(8/ 291 - 292)، لأنَّ البيهقي وأحمد أخرجاه من طريقه فإذا بي أفاجأ بأنَّ المتن قد استدركه محققه الشيخ الأعظمي من "أبي داود" لأنه فقد من أصله، ولقد كان من الواجب عليه أنْ يستدركه من البيهقي أو أحمد لاختلاف سياق الحديث عندهما عن سياقه عند أبي داود، وعن غير عبد الرزاق، وسياقه كما في الكتاب.

(3)

قلت: قد رواه الحاكم وغيره عن الشعبي عن سمرة. دون ذكر سمعان. وصرح الشعبي بالسماع من سمرة عند الطيالسي (رقم 891)، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فصح الحديث والحمد لله، وانتفى إعلال البخاري إياه بالانقطاع، وقلده المعلقون الثلاثة، فضعفوا الحديث به! وله شاهد ذكرته في "أحكام الجنائز"(ص 26 - المعارف). ثم خرَّجت الحديث في "الصحيحة"(3414).

ص: 354

1811 -

(15)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"نفسُ المؤمنِ معلَّقةٌ بدَيْنِه حتّى يُقضى عنه".

رواه أحمد والترمذي وقال: "حديث حسن".

وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، ولفظه: قال:

"نَفسُ المؤمِنِ مُعلَّقةٌ ما كانَ عليه دَيْنٌ".

والحاكم وقال:

"صحيح على شرط الشيخين".

1812 -

(16)[حسن] وعنْ جابرٍ رضي الله عنه قال:

تُوُفِّيَ رجلٌ، فغَسلْناهُ وكفَّنَّاهُ وحنَّطْناهُ، ثم أَتَيْنا به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لِيصلِّيَ عليه، فقلنا: تصلِّي عليه. فخطَا خُطْوَةً ثم قال:

"أعليه دَيْنٌ؟ ".

قلنا: دِيناران. فانْصَرف، فتَحمَّلَها أبو قَتادَةَ، فأتيْناهُ، فقال أبو قَتادَةَ: الديناران عليَّ. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"قد أوفِيَ حقُّ الغريمِ، وبَرئ منْهُما الميِّت؟ ".

قال: نعم. فصلَّى عليه ثمَّ قال بعدَ ذلك بيومٍ:

"ما فعلَ الديناران؟ ".

قلتُ: إنَّما ماتَ أَمسِ! قال: فعاد إليه مِنَ الغَدِ؛ فقال: قد قضَيْتُهما.

فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"الآنَ قد بَردَتْ جِلْدَتُهُ".

رواه أحمد بإسناد حسن، والحاكم والدارقطني، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

ورواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه"، باختصار.

ص: 355

[صحيح](قال الحافظ):

"قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان لا يصلي على المدين، ثم نسخ ذلك".

1813 -

(17)[صحيح] فروى مسلم وغيره

(1)

من حديث أبي هريرة وغيره:

أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُؤتَى بالرجلِ المِّيتِ عليه الدَّيْنُ، فيسأَلُ:

"هل تَركَ لدَيْنِه قَضاءً؟ "، فإنْ حُدِّث أنَّه تركَ وفاءً صلَّى عليه، وإلاّ قال:

"صلُّوا على صاحِبِكُم"، فلمَّا فتَحَ الله عليه الفُتوحَ قال:

"أنا أوْلى بِالمؤمِنينَ مِنْ أنفُسِهِم، فَمَنْ تُوُفِّيَ وعليه دَيْنٌ؛ فعَليّ قَضاؤه، ومَنْ ترَك مالاً؛ فهو لِوَرَثَتِه".

(1)

قلت: ورواه البخاري أيضاً، فإغفاله، ليس بجيد، فلا عجب أنْ غقل عنه الغافلون الثلاثة! انظر تخريجه من "أحكام الجنائز"(ص 111 - 112).

ص: 356

‌16 - (الترهيب من مطل الغني، والترغيب في إرضاء صاحب الدَّيْن).

1814 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَطْلُ الغَنِّي ظُلمٌ، وإذا أُتْبعَ أحدكم على مَلِيءٍ فليُتْبَع".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

(أُتبع) بضم الهمزة وسكون التاء أي: أحيل.

قال الخطابي: "وأهل الحديث يقولون: اتّبع بتشديد التاء، وهو خطأ".

1815 -

(2)[صحيح] وعن عمرو بن الشريد عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لَيُّ الواجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وعقوبَتَهُ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

(لَي الواجِدِ) بفتح اللام وتشديد الياء أي: مطل الواجد الذي هو قادر على وفاء دينه.

(يحل عرضه) أي: يبيح أنْ يذكر بسوء المعاملة.

و (عقوبته): حبسه.

1816 -

(3)[صحيح لغيره] وروي عن خولة بنت قيس، امرأة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما قدَّسَ اللهُ أمةً لا يأخذ ضعيفُها الحقَّ من قويِّها غير مُتَعْتَعٍ".

. . . . . . . . . . . . . .

رواه الطبراني في "الكبير".

ص: 357

وعنها في رواية:

"لا قَدَّسَ اللهُ أمةً لا يأخذُ ضعيفُها حقَّه من شدِيدها ولا يتعتعه".

. . . . . . . . . . . . . . . . .

رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" من رواية حبان بن علي، واختُلف في توثيقه.

1817 -

(4)[حسن] ورواه بنحوه الإمام أحمد من حديث عائشة بإسناد جيد قوي

(1)

.

(تَعْتَعَه) بتاءين مثناتين فوق وعينين مهملتين؛ أي: أقلقه وأتعبه بكثرة ترداده إليه ومطله إياه.

1818 -

(5)[صحيح] وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا قُدِّستْ أُمَّةٌ لا يُعطى الضعيفُ فيها حقَّه غير مُتَعْتَعٍ".

رواه أبو يعلى، ورواته رواة "الصحيح".

[صحيح] ورواه ابن ماجه بقصة، ولفظه قال:

جاء أعرابيٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يتَقاضاه ديْناً كان عليه، فاشْتَدً عليهِ حتَّى قال: أُحَرِّجُ عليكَ إلا قَضَيتَني. فانْتَهرَهُ أصْحابُه، فقالوا: ويْحكَ! تَدْري مَنْ تُكَلِّمُ؟ فقال: إنِّي أطلُبُ حقِّي. فقال النبيَّ صلى الله عليه وسلم:

"هلا معَ صاحِبِ الحقِّ كنتُم؟ ".

ثمَّ أرسلَ إلى خَوْلةَ بنتِ قيْسٍ فقالَ لها:

"إنْ كان عندكِ تَمْرٌ فأقْرِضينا حتى يأتِينا تمرٌ فنقْضيَكِ".

(1)

قلت: نعم، لكنَّها قصة أخرى، وليس فيها الشطر الثاني من تلك، وفيها قوله صلى الله عليه وسلم:"أولئك خيار عباد الله عند الله يوم القيامة: المُوفُون المطيِّبون". وهي مخرجة في "الصحيحة"(2677).

ص: 358

فقالتْ: نعَم، بأبي أنتَ وأمي يا رسولَ الله! فأَقْرَضَتْه، فقَضى الأعرابيَّ وأطْعَمَهُ. فقال:

أوْفَيْتَ أوْفَى الله لكَ. فقال:

"أولئكَ خِيارُ الناسِ؛ إنَّه لا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لا يأخذُ الضعيفُ فيها حقَّه غير مُتَعْتَعٍ".

ورواه البزار من حديث عائشة مختصراً

(1)

.

1819 -

(6)[صحيح لغيره] والطبراني من حديث ابن مسعودٍ بإسناد جيد

(2)

(1)

قلت: هو عند البزار (2/ 105 - كشف الأستار) مثل رواية أحمد التي أشرتُ إليها آنفاً، فلا فائدة من توزيع التخريج والحديث واحد.

(2)

قلت: رواه مختصراً جداً في قصة أخرى فيها الجملة الأخيرة بلفظ "فَلِمَ بعثني الله إذن، إنَّ الله لا يقدس. ." الحديث، وفي إسناده انقطاع بينته في "الضعيفة"(6647).

ص: 359

‌17 - (الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور).

1820 -

(1)[حسن] عن علي رضي الله عنه:

أنَّ مكاتَباً جاءَه فقال: إنِّي قد عجزت عنْ مكاتَبَتي فأعِنِّي. قال: ألا أُعلِّمكَ كلماتٍ علَّمَنيهنّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لوْ كان عليكَ مثلُ جَبلِ (صبير)

(1)

دَيناً أدَّاه الله عنكَ؟ قلْ:

(اللهُمَّ اكْفِني بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ، وأغْنني بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِواكَ).

رواه الترمذي واللفظ له وقال: "حديث حسن غريب".

والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1821 -

(2)[حسن] وعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لمعاذٍ:

"ألا أُعلِّمُك دعاءً تدْعو به لو كانَ عليكَ مثلُ جَبلِ أُحُدٍ ديْناً لأدَّاهُ الله عنكَ؟ قلْ يا معاذُ:

(اللهمَّ مالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنْ تَشاءُ، وتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ، وتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ، وتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ، بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ على كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. رَحمنَ الدنيا والآخِرة ورحيمَهما، تُعْطِيهما مَنْ تشاءُ، وتَمْنَعُ منهما مَنْ تشاء، ارْحَمْني رَحْمةً تُغنْيني بها عنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ) ".

رواه الطبراني في "الصغير" بإسناد جيد.

(1)

هو بالصاد المهملة: اسم جبل باليمن. قاله في "النهاية".

قلت: وفي "زوائد المسند"(1/ 153): (صير) بحذف الباء الموحدة، وكذا في "معجم البلدان".

ص: 360

1822 -

(3)[صحيح] وعن ابن مسعود رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما أصابَ أحداً قطُّ همُّ ولا حَزَنٌ فقال:

(اللهمَّ إنَّي عبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أَمتِكَ، ناصيَتي بيدك، ماضٍ فيَّ حُكمُكَ، عَدلٌ فيَّ قَضاؤكَ، أسْأُلكَ بكلِّ اسْم هُوَ لكَ سمَّيْتَ به نفسَك، أوْ أَنْزلتَهُ في كتابِكَ، أو علَّمْتَهُ أحداً مِنْ خلقِكَ، أوِ اسْتَاْثرتَ بِه في علْمِ الغيْبِ عندَك، أنْ تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلْبي، ونور صدْري، وجَلاء حُزْني، وذَهابَ همِّي).

إلاَّ أذْهبَ الله عز وجل همَّهُ، وأبدَلَهُ مكانَ حُزنِهِ فَرَحاً".

قالوا: يا رسولَ الله! ينبغي لنا أنْ نَتَعلَّم هؤلاء الكلِماتِ؟ قال:

"أجلْ! ينبغي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أنْ يَتَعلَّمهُنَّ".

رواه أحمد والبزار وأبو يعلى، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم؛ كلهم عن أبي سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود. وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم إنْ سلم من إرسال عبد الرحمن عن أبيه".

(قال الحافظ): "لم يَسْلَمْ

(1)

، وأبو سلمة الجهني يأتي ذكره".

1823 -

(4)[حسن] وعن أبي بكرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"كلماتُ المكْروبِ: (اللهمَّ رحمتَكَ أرجو، فلا تَكِلْني إلى نفسي طرْفَةَ عيْنٍ، وأصلِحْ لي شأني كلَّهُ) ".

(1)

قلت: قد أثبت سماعه منه جماعة من الأئمة منهم البخاري، والمثبت مقدم على النافي، وقد حضر وفاة أبيه واستوصاه. وأما أبو سلمة الجهني فهو موسى بن عبد الله الجهني، وهو ثقة من رجال مسلم؛ وقد خفي اسمه وحاله على جمع كما حققته في تحقيق الكلام عليه في هذا الحديث في "الصحيحة"(199)، فراجعه فإنَّه هام.

ص: 361

رواه الطبراني

(1)

، وابن حبان في "صحيحه"، وزاد في آخره:

"لا إله إلا أنت".

1824 -

(5)[صحيح] وعن أسماءَ بنتِ عُميْسٍ رضي الله عنها قالتْ: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ألا أعلِّمُكِ كلماتٍ تقولينَهُنَّ عند الكربِ أو في كرْبٍ؟ (اللهُ؛ اللهُ ربّي، لا أشرِكُ به شيئاً) ".

رواه أبو داود -واللفظ له- والنسائي وابن ماجه.

(2)

1825 -

(6)[صحيح] وعنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عندَ الكرْبِ:

"لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ

(3)

، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيمِ، لا إله لا الله ربُّ السمواتِ والأرضِ وربُّ العرشِ الكريمُ".

رواه البخاري ومسلم.

(4)

(1)

قلت: عزوه إليه يشعر أنّه لم يروه أحد من أصحاب السنن، وليس كذلك، فقد أخرجه أبو داود في "سننه - الأدب" في الحديث (5090)، ولذلك خفي على المقلدين الثلاثة!

(2)

انظر تخريجه وتحقيق الكلام على راويه (أبو طعمة) وأنَّه ثقة في "الصحيحة"(2755).

(3)

الأصل: "الحليم العظيم" على القلب، والتصويب من "الصحيحين"، والسياق لمسلم.

(4)

في الأصل هنا قوله: "والترمذي؛ إلا أنَّه قال في الأولى:

"لا إله إلا الله العليُّ الحَليمُ".

والنسائي وابن ماجه؛ إلا أنْه قال:

"لا إله إلا الله الحليمُ الكريمُ، سبحانَ الله ربِّ العرشِ العظيمِ، سبحانَ الله ربِّ السماوات السبعِ وربِّ العرشِ الكريمِ").

قلت: وروايتهما فيها شذوذ عندي.

ص: 362

1826 -

(7)[صحيح] وعن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"دعوةُ ذي النون إذْ دَعا وهو في بطنِ الحوتِ: (لا إله إلا أنتَ سبحانك إنِّي كنتُ مِنَ الظالمينَ)؛ فإِنَّه لَمْ يَدْعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيْءٍ قَطُّ، إلا اسْتَجابَ الله لَهُ".

رواه الترمذي -واللفظ له- والنسائي، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

ص: 363

‌18 - (الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس).

1827 -

(1)[صحيح] عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ حلفَ على مالِ امْرئٍ مسلمٍ بغيرِ حقِّهِ؛ لَقيَ الله وهو عليه غضبانُ".

قال عبد الله: ثمَّ قرأ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مصداقَهُ مِنْ كتابِ الله عز وجل: " {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية".

زاد في رواية بمعناه قال:

فَدخلَ الأشْعَثُ بن قيسٍ الكِنْديِّ فقال: ما يحدّثكُم أبو عبدِ الرحمنِ؟ فقلنا: كذا وكذا. قال: صدَق أبو عبدِ الرحمن؛ كان بيني وبينَ رجلٍ خصومَةٌ في بئرٍ؛ فاخْتَصَمْنا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"شاهِداك أو يمينُه".

قلتُ: إذاً يَحلفُ ولا يبالي. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ حلَف على يمينِ صبرٍ يَقْتَطعُ بها مالَ امْرئٍ مسلم هو فيها فاجِرٌ؛ لَقيَ الله وهو عليه غضبانُ. ونَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه مختصراً.

1828 -

(2)[صحيح] وعن وائل بن حُجر رضي الله عنه قال:

جاءَ رجلٌ مِنْ (حَضْرَمَوْتَ) ورجلٌ مِنْ كِندَةَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال الحَضْرَمِيُّ:

يا رسولَ الله! إنَّ هذا قد غَلبني على أرضٍ كانتْ لأَبي. فقال الكِنديُّ: هيَ أرْضي في يدي، أزْرَعُها، ليسَ له فيها حقٌّ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم -

ص: 364

لِلْحَضْرَميّ:

"ألَك بيِّنَةٌ؟ ". قال: لا قال:

"فلَك يَمينُه".

قال: يا رسولَ الله! إنَّ الرجلَ فاجرٌ لا يُبالي على ما حلَفَ علَيْه، وليسَ يَتَوَّرَعُ عنْ شَيْءٍ، فقال:

"ليسَ لكَ مِنْهُ إلا يَمينُه".

فانْطلَق لِيَحْلِفَ

(1)

فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لمَّا أَدْبَرَ:

"لَئنْ حلفَ على مالٍ لِيَاْكُلَهُ ظُلْماً؛ لَيَلْقَيَنَّ الله وهو عنه مُعْرِضٌ".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي.

1829 -

(3)[صحيح] وعن أبي موسى رضي الله عنه قال:

اخْتَصَم رجلانِ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم في أرضٍ أحدُهما مِنْ حَضْرمَوْتَ، قال:

فجَعلَ يمينَ أحَدِهِما، فضجَّ الآخَرُ وقال

(2)

: إذاً يَذْهَبُ بأرضي. فقال:

"إنْ هُو اقْتَطَعها بيمينِه ظُلْماً، كانَ مِمَّن لا ينظُر الله إليه يومَ القيامَة، ولا يزكِّيهِ، ولهُ عذابٌ أَليمٌ".

قال: وورِعَ الآخرُ فرَدَّها.

رواه أحمد بإسناد حسن

(3)

، وأبو يعلى والبزار، والطبراني في "الكبير".

(1)

فيه دليل على أنَّ اليمين إنما كانت في عهده صلى الله عليه وسلم عند منبره صلى الله عليه وسلم، ولولا ذلك لم يكن لانطلاقه في مجلسه صلى الله عليه وسلم وإدباره عنه معنى. أفاده الخطابي، وتأتي في آخر الباب أحاديث تؤكد ذلك مع إشارة المؤلف إلى كلام الخطابي هذا.

(2)

قلت: كذا الأصل تبعاً لأصله "المسند"، وفي "المجمع" (4/ 178):"يحلف"، ولعله الصواب، ولفظ البزار (1359): فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدعى عليه: "أتحلف بالله الذي لا إله إلا هو؟ "، فقال المدعي: يا رسول الله! ليس لي إلا يمينه؟ ولفظ أبي يعلى (4/ 1748) نحوه.

(3)

وكذا قال الهيثمي (4/ 178)، وقلدهما المقلدون الثلاثة، وهو خلاف تسامحهما الذي عُرفا به، فإنَّ حق إسناده أنْ يصحح؛ لأنَّ رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير (ثابت بن الحجاج)، وقد وثقه ابن سعد وأبو داود وابن حبان، وغيرهم.

ص: 365

1830 -

(4)[صحيح] ورواه أحمد أيضاً بنحوه من حديث عدي بن عميرة؛ إلا أنَّه قال:

خاصَمَ رَجلٌ مِنْ كِنْدَةَ -يقال له: امْرُؤ القَيْسِ ابن عابسٍ- رجُلاً مِنْ حَضْرَمَوْت، فذكره.

ورواته ثقات.

(قال الحافظ) عبد العظيم:

"وقد وردت هذه القصة من غير ما وجه، وفيما ذكرناه كفاية".

(وَرِعَ) بكسر الراء أي: تحرَّج الإثم، وكفَّ عما هو قاصده. ويحتمل أنَّه بفتح الراء أي: جبن، وهو بمعنى ضمها أيضاً، والأول أظهر.

1831 -

(5)[صحيح] وعن عبدِ الله بن عَمْرِو بنِ العاصي رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"الكبائرُ: الإشْراكُ بالله، وعقوقُ الوالِدَيْنِ، واليمينُ الغَموسُ". وفي رواية:

أن أعْرابيَّاً جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسولَ الله! ما الكبائرُ؟ قال:

"الإشْراكُ بالله".

قال: ثمَّ ماذا؟ قال:

"اليمينُ الغَموسُ".

قلتُ: وما اليمينُ الغَموسُ؟ قال:

"الذي يَقْتَطعُ مالَ امْرئٍ مسلم -يعني- بيمينٍ هوَ فيها كاذِبٌ".

رواه البخاري والترمذي والنسائي.

(قال الحافظ): "سُمِّيتِ اليمينُ الكاذبةُ التي يحْلِفُها الإنسانُ متَعَمِّداً يقْتَطعُ بها مالَ امْرئٍ مسلمٍ عالماً أنَّ الأمْرَ بخلافِ ما يَحْلِفُ: (غَموساً) -بفتح الغين المعجمة-؛ لأنَّها تَغْمِسُ الحالِفَ في الإثْمِ في الدنيا، وفي النارِ في الآخرة".

ص: 366

1832 -

(6)[حسن صحيح] وعن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مِنْ أكبرِ الكبائرِ؛ الإشْراكُ بالله، وعقوقُ الوالدَيْنِ، واليمينُ الغَموسُ، والَّذي نفسي بِيَدِهِ لا يحْلِفُ رجلٌ على مثلِ جَناحِ بعوضَةٍ؛ إلاَّ كانَتْ نُكْتَةً

(1)

في قلْبِهِ يومَ القِيامَةِ".

رواه الترمذي وحسنه، والطبراني في "الأوسط"، وابن حبان في "صحيحه" -واللفظ له-، والبيهقي؛ إلا أنَّه قال فيه:

"وما حلَف حالِفٌ بالله يمينَ صَبْرٍ، فأدْخَل فيها مثلَ جناحِ البَعوضَةِ؛ إلاَّ كانَتْ نُكْتةً في قلْبِه يومَ القِيامَةِ".

وقال الترمذي في حديثه:

"وما حَلفَ حالِفٌ بالله يمينَ صَبْرٍ، فأدْخَل فيها مثلَ جناحِ بَعوضَةٍ؛ إلاَّ جُعِلَتْ نُكْتَةٌ في قلْبِه [إلى]

(2)

يومِ القِيامَةِ".

1833 -

(7)[صحيح] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال:

كنَّا نَعدُّ مِنَ الذنبِ الذي ليسَ له كفَّارةٌ؛ اليمينَ الغموسَ.

قيل: وما اليمينُ الغَموسُ؟ قال:

الرجلُ يقْتَطعُ بيمينهِ مالَ الرجُلِ.

(1)

الأصل: (كية)، وكذلك في "الإحسان" بطبعتيه، والتصحيح من "الموارد"(1191) وكل المصادر الأخرى، وهو مخرج في "الصحيحة"(3364). ولم يتنبه لها مدعو التحقيق الثلاثة، كعادتهم!

(2)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "الترمذي"(2/ 169) و"المسند" أيضاً (3/ 495)، وبها ينجلي الفرق بينها وبين رواية البيهقي، وهذه عند الحاكم أيضاً بلفظ:"جعلها الله نكتة في قلبه يوم القيامة". وصححها، ووافقه الذهبي، ولعل لفظ الترمذي أرجح لأنَّه يشهد له حديث عبد الله بن ثعلبة الآتي بعد خمسة أحاديث.

ص: 367

رواه الحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

1834 -

(8)[صحيح] وعن الحارث بن البَرْصَاءِ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في الحج بين الجمرتين وهو يقول:

"مَنِ اقْتَطَع مالَ أخيهِ بيمينٍ فاجِرَةٍ؛ فلْيتَبوَّأْ مقْعَدَهُ مِنَ النارِ. لِيُبْلغْ شاهِدُكُم غائِبَكُمْ -مرتين أو ثلاثاً-".

رواه أحمد، والحاكم وصححه، واللفظ له، وهو أتم.

ورواه الطبراني في "الكبير"، وابن حبان في "صحيحه"؛ إلا أَنَّهُما قالا:

"فَلْيتبوَّأْ بيتاً في النارِ".

1835 -

(9)[حسن لغيره] وعن عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"اليمينُ الفاجِرَةُ تُذهِبُ المالَ -أوْ تَذهبُ بِالمالِ-".

رواه البزار، وإسناده صحيح لو صح سماع أبي سلمة من أبيه عبد الرحمن بن عوف.

1836 -

(10)[حسن لغيره] ورُوِيَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ليسَ مِمَّا عُصِيَ الله به هو أعْجَلُ عِقاباً مِنَ البَغْي، وما مِنْ شَيْءٍ أُطِيعَ اللهُ فيه أسْرَعُ ثَواباً مِنَ الصلَةِ، واليمينُ الفاجِرَةُ تَدعُ الدِيارُ بلاقعَ".

رواه البيهقي.

1836/ 2 - (11)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ لقي الله لا يشرك به شيئاً، وأدى زكاة ماله طيبة بها نفسه محتسباً، وسمعَ وأطاع؛ فله الجنةُ -أو دخَلَ الجنةَ-.

وخمس ليسَ لهُن كفارةٌ: الشركُ بالله، وقَتْلُ النفسِ بغير حقٍّ، وبَهْتُ مؤمنٍ، والفرار مِنَ الزَّحفِ، ويمينٌ صابرة يقْتَطعُ بها مالاً بغير حَقٍّ".

(1)

(1)

لقد تم تدارك هذا الحديث هنا بعد تمام إعداد الكتاب؛ لذا اضطررنا لإعطائه رقماً مكرراً.

ص: 368

رواه أحمد، وفيه بقية، ولم يصرح بالسماع. [مضى 12 - الجهاد/ 11].

1837 -

(12)[صحيح] وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ حلَف على يمينٍ مَصْبورَةٍ كاذبَةٍ؛ فلْيتبوّأْ مقْعدَهُ مِنَ النارِ".

رواه أبو داود والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

(قال الخطابي): "اليمينُ المصْبورَةُ: هي اللازمة لصاحبها من جهة الحكم، فيصبر من أجلها إلى أن يحبس، وهي يمين الصبر، وأصل الصبر الحبس، ومنه قولهم: قُتل فلان صبراً، أي: حبساً على القتل، وقهراً عليه"

(1)

.

1838 -

(13)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بْنِ ثَعْلبَة:

أنَّهُ أتى عبدَ الرحمن بنَ كعْبٍ بنِ مالكٍ وهو في إزارٍ جَرْدٍ

(2)

، فطاف خلف البيت

(3)

، قدِ التَبَبَ بِه، وهو أعْمى يُقادُ. قال: فسلَّمتُ عليه فقال:

هلْ سمعتَ أباك

(4)

يحدِّث بحديثٍ؟ قلتُ: لا أدري.

قال: سمعتُ أباك يقولُ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنِ اقْتَطَع مالَ امْرِئٍ مسلمٍ بيمينٍ كاذبَةٍ، كانتْ نُكْتَةً سوْداءَ في قلْبِه لا يُغيِّرها شيءٌ إلى يومِ القِيامَةِ".

(1)

"معالم السنن"(4/ 355).

(2)

الأصل: "خز"، والتصحيح من "المستدرك"(4/ 294)، وقد اختصر المؤلف منه شيئاً من أوله، قال الناجي: وهو بفتح الجيم وتسكين الراء: أي متجرد.

(3)

الأصل: "ذي طاق خلق"، والظاهر أنه خطأ من بعض النساخ، والتصحيح من "المستدرك"، وهو مخرج في "الصحيحة"(3364)، ولم يتنبه له المعلقون الثلاثة أيضاً!

(4)

يعني ثعلبة بن أبي صُعير. قال الدارقطني: "لثعلبة صحبة، ولابنه عبد الله رؤية"، وقد اختلفوا في اسمه اختلافاً كثيراً، وله حديث آخر في "السنن"، وهو في "صحيح أبي داود" برقم (1434).

ص: 369

رواه الحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1839 -

(14)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنّ الله جلَّ ذكْرُه أَذِنَ لي أَنْ أُحَدِّثَ عنْ دِيكٍ قد مَرَقَتْ رجلاهُ الأرضَ، وعُنقُه مَثْنيٌّ تَحْتَ العرْشِ وهو يقول: سبْحانَك ما أعْظَمك ربَّنا. فيردُّ عليه: ما علِمَ ذلِكَ مَنْ حَلَف بي كاذِباً".

رواه الطبراني

(1)

بإسناد صحيح، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1840 -

(15)[صحيح لغيره] وعن جابر بن عتيكٍ رضي الله عنه؛ أنَّه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنِ اقْتَطَعَ مالَ امْرِئٍ مسلمٍ بيمينِه؛ حرَّمَ الله عليه الجنَّةَ، وأوْجَبَ لهُ النارَ".

قيلَ: يا رسولَ الله! وإنْ كان شيْئاً يسيراً؟ قال:

"وإنْ كان سِواكاً".

رواه الطبراني في "الكبير" واللفظ له، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1841 -

(16)[صحيح] وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنِ اقْتَطَع حقَّ امْرئٍ مسلمٍ بيمينهِ؛ فقد أوْجَبَ الله لهُ النارَ، وحرَّم عليه الجنَّةَ".

(1)

أي: في "الأوسط"، وكذلك قيده به في "المجمع"(4/ 180 - 181)، فإطلاق المؤلف غير جيد، واللفظ له.

ص: 370

قالوا: وإنْ كان شيْئاً يسيراً يا رسولَ الله؟ فقال:

"وإنْ كان قضيباً مِنْ أَراكٍ".

رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.

[صحيح] ورواه مالك؛ إلا أنَّه كرر:

"وإنْ كانَ قضيباً مِنْ أَراكٍ -ثلاثاً-".

1842 -

(17)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يحْلِفُ عندَ هذا المِنْبَرِ عبدٌ ولا أَمَةٌ على يمينٍ آثِمةٍ ولوْ على سِواكٍ رَطْبٍ؛ إلا وَجَبَتْ له النارُ".

رواه ابن ماجه بإسناد صحيح.

1843 -

(18)[صحيح] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ حلَفَ على يمينٍ آثمَةٍ عند منْبَري هذا؛ فلْيَتَبوَّأْ مقْعَدهُ مِنَ النارِ، ولو على سِواكٍ أخْضَر".

رواه ابن ماجه واللفظ له، وابن حبان في "صحيحه"، لم يذكر السواك.

(قال الحافظ):

"كانتِ اليمينُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عندَ المنبر. ذَكَر ذلك أبو عبَيْدٍ والخطَّابيُّ، واسْتَشْهَد بحديثِ أبي هريرة المتقدم. والله أعلم".

ص: 371

‌19 - (الترهيب من الربا).

1844 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"اجْتَنِبوا السبْعَ الموِبقَاتِ".

قالوا: يا رسول الله! وما هُنَّ؟ قال:

"الشركُ بالله، والسحرُ، وقتلُ النْفسِ التي حرَّمَ الله إلا بالْحقِّ، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليَتيمِ، والتَوَلِّي يومَ الزحْفِ، وقذْفُ المحصَناتِ الغافِلاتِ المؤمِناتِ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. [مضى 12 - الجهاد/ 11].

(الموبقات): المهلكات.

1845 -

(2)[صحيح] وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"رأيتُ الليْلةَ رجلَيْنِ أتياني فأخْرَجاني إلى أرضٍ مقدَّسَةٍ، فانطلَقْنا حتى أتَيْنا على نهرٍ مِنْ دمٍ فيه رجلٌ قائمٌ،

(1)

وعلى شطِّ النهرِ رجلٌ بينَ يديْه حجارَةٌ، فأقبلَ الرجلُ الَّذي في النهرِ، فإذا أرادَ أنْ يخرُجَ رمَى الرجلُ بحَجرٍ في فيهِ فردَّه حيثُ كانَ، فجعلَ كلَّما جاءَ لِيْخرجَ رَمى في فيهِ بحجرٍ، فيرجعُ كما كانَ. فقلتُ: ما هذا الذي رأيتُهُ في النهرِ؟ قال: "آكِلُ الرِّبا".

رواه البخاري هكذا في "البيوع" مختصراً، وتقدم في "ترك الصلاة" مطولاً [5 - الصلاة/ 40].

(1)

وفي رواية "في النهر رجل سابح يسبح"، وهذه أوضح، وقد مضت في المكان الذي أشار إليه المؤلف.

ص: 372

1846 -

(3)[صحيح] وعنِ ابْنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال:

لعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم آكلَ الربا، وموكِلَهُ.

رواه مسلم والنسائي.

ورواه أبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"؛ كلهم من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ولم يسمع منه

(1)

، وزادوا فيه:

"وشاهِدَيْهِ وكاتِبَهُ".

1847 -

(4)[صحيح] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:

لَعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبا، وموكِلَهُ، وكاتِبَهُ، وشاهِدَيْهِ، وقال:

"همْ سَواءٌ".

رواه مسلم وغيره.

1848 -

(5)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الكبائرُ سبعٌ: أوَّلُهُنَّ الإشْراكُ باللهِ، وقتلُ النفْسِ بغير حقِّها، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، وفرارُ يوْمِ الزحْفِ، وقَذْفُ المحصَنَاتِ، والانْتِقالُ إلى الأَعْرابِ بعْدَ هِجْرَتِهِ".

رواه البزار من رواية عمرو بن أبي سَلَمَة، ولا بأس به في المتابعات. [مضى 12/ 11].

1849 -

(6)[صحيح] وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه رضي الله عنه قال:

لَعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الواشمَةَ والمسْتَوْشِمَة، وآكلَ الربا، وموكِلَهُ، ونهى عن ثَمنِ الكلْبِ، وكسْبِ البَغيِّ، ولعَنَ المصوِّرينَ.

رواه البخاري وأبو داود.

(1)

قلت: بل سمع منه على الراجح كما تقدم، فانظر التعليق على حديث ابن مسعود في (16 - البيوع/ 17)، و"الإرواء"(5/ 184 - 185).

ص: 373

(قال الحافظ): "واسم أبي حجيفة وهب بن عبد الله السُّوائي".

1850 -

(7)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال:

آكِلُ الرِبا، وموكِلُه، وشاهداهُ، وكاتباهُ إذا عَلمِوا به، والواشِمَةُ، والمسْتَوْشِمَة للحُسْنِ، ولاوي الصدقَةِ، والمرتَدَّ أعرابِيّاً بعدَ الهِجْرَةِ؛ ملْعونونَ على لسانِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

رواه أحمد وأبو يعلى، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، وزادا في آخره:

"يومَ القيامَةِ".

(قال الحافظ): "رووه كلهم عن الحارث -وهو الأعور- عن ابن مسعود؛ إلا ابن خزيمة، فإنَّه رواه عن مسروق عن عبد الله بن مسعود.

1851 -

(8)[صحيح لغيره] وعن عبد الله -يعني ابن مسعود- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الرِّبا ثلاثٌ وسبعونَ باباً؛ أيْسَرُها مثلُ أنْ ينكحَ الرجلُ أُمَّهُ".

رواه الحاكم وقال:

"صحيح على شرط البخاري ومسلم".

ورواه البيهقي من طريق الحاكم ثم قال:

"هذا إسناد صحيح، والمتن منكر بهذا الإسناد، (1) ولا أعلمه إلا وهماً، وكأنَّه دخل لبعض رواته إسناد في إسناد".

(1)

(1)

قلت: من جهل المعلقين الثلاثة وقلة فهمهم قولهم معلقين على قول البيهقي هذا: "وأنكر الإسناد"! والصواب أنْ يقال: "صحح الإسناد، وأنكر المتن" كما هو ظاهر. والحديث عندي صحيح على الأقل لغيره، لكثرة شواهده، وهي مخرجة في "الصحيحة"(1871)، وللحديث عندهما تتمة بلفظ:"وإنَّ أربى الربا عرض الرجل المسلم".

ص: 374

1852 -

(9)[صحيح] وعنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"الربا

(1)

بِضْعٌ وسبعونَ باباً، والشركُ مثلُ ذلِكَ".

رواه البزار، ورواته رواة "الصحيح"، وهو عند ابن ماجه بإسناد صحيح باختصار:

"والشرك مثل ذلك".

1853 -

(10)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الربا سبعونَ باباً؛ أدْناها كالذي يَقعُ على أُمِّهِ".

رواه البيهقي بإسناد لا بأس به، ثم قال:

"غريب بهذا الإسناد، وإنما يعرف بعبد الله بن زياد عن عكرمة يعني ابن عمار. قال:

وعبد الله بن زياد هذا منكر الحديث".

(2)

1854 -

(11)[صحيح موقوف] وروى أحمد بإسناد جيد عن كعب الأحبار قال:

لأَنْ أَزْنِيَ ثَلاثاً وثلاثينَ زَنْيَةً؛ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ آكُلَ دِرْهَمَ رِباً يعلَمُ الله أنِّي أكلْتُه حينَ أكَلْتُه رِباً.

(1)

بالباء الموحدة من (الربى)، ووقع في "كشف الأستار" (64/ 91):(الرياء) بالمثناة التحتية، وهو خطأ مطبعي اغتر به الجهلة الثلاثة فنقلوه كما هو مخالفين الثابت في الكتاب وغيره مثل "مُسند البزار" أصل "الكشف"، فهو في "المسند"(15/ 318/ 1935). ولو كان عندهم شيء من العلم والفقه لعرفوا أن الشطر الثاني من الحديث يدل على الخطأ، لأنَّ (الرياء) شرك كما تقدم في "الترهيب من الرياء" في أول الكتاب، فلا يستقيم المعنى حينئذ، لأنه يصير كما لو قيل:"الشرك بضع. . والشرك مثل ذلك"، ثم زادوا في الطين بلة فقالوا عقبه:"ورواه ابن ماجه (2275) باختصار: والشرك مثل ذلك"، فأوهموا أن الحديث بالياء عند ابن ماجه أيضاً، وهذا مما يدل على أنهم لا يحسنون التعبير والكتابة أيضاً. والله المستعان.

(2)

لم يفهم هذا الكلام المعلقون الجهلة فقالوا (2/ 618): "في إسناد البيهقي (5520) عبد الله بن زياد منكر الحديث. . "، وليس هذا في إسناد البيهقي، وإنما هو إعلال منه لإسناده الذي الذي ساق طرفه عقب الذي استغربه، كما هو ظاهر.

ص: 375

1855 -

(12)[صحيح] وعن عبد الله بن حنظلة -غسيل الملائكة- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"درهمُ رِباً يأكلُه الرجلُ وهو يعلَمُ؛ أشدُّ مِنْ ستَّةٍ وثلاثينَ زنيَةً".

رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، ورجال أحمد رجال "الصحيح".

(قال الحافظ): "حنظلة والد عبد الله لُقّب بغسيل الملائكة؛ لأنَّه كان يوم أحدٍ جنباً، وقد غسل أحد شقي رأسه، فلما سمع الهَيْعَةَ خرج فاستشهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لقد رأيتُ الملائِكةَ تَغْسِلُه".

(1)

1856 -

(13)[صحيح لغيره] وروي عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال:

خَطبنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَذَكر أمْرَ الربا وعظَّم شأنَهُ وقال:

"إنَّ الدرْهَم يصيبُه الرجلُ مِنَ الرِّبا؛ أعْظَمُ عند الله في الخطيئةِ مِنْ ستٍّ وثلاثينَ زَنْيَةً يَزْنيها الرجلُ، إنَّ أرْبى الربا عِرْضُ الرجلِ المسْلِمِ".

رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "ذم الغيبة"، والبيهقي.

(2)

1857 -

(14)[صحيح لغيره] وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الربا اثْنانِ وسبعون باباً، أدْناها مثلُ إتْيانِ الرجُلِ أُمَّهُ، وإنَّ أربى الربا اسْتِطالَةُ الرجلِ في عِرْضِ أخيهِ".

رواه الطبراني في "الأوسط" من رواية عمر بن راشد، وقد وُثّق.

(1)

قلت: وهو حديث صحيح مخرَّج في "الإرواء"(3/ 167/ 713).

(2)

لقد ضعف المعلقون الثلاثة هذا الحديث الصحيح اغتراراً منهم بتصدير المؤلف إياه بقوله: "رُوي"، وبإعلال البيهقي لإسناده بأحد رواته، وجهلوا قاعدة تقوية الحديث بكثرة الطرق، فالشطر الأول منه يشهد له أحاديث الباب، وقد حسنوا هم الحديث الذي قبله كما تقدم، والشطر الثاني منه له شواهد حسنوا هم أيضاً بعضها برقمهم (3713 و 4165) كما سيأتي في (22/ 19)، فكيف يستقيم التضعيف مع ثبوت شطريه لو كانوا يعلمون ويعقلون ما يكتبون؟!

ص: 376

1858 -

(15)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الربا سبعونَ حُوباً؛ أيْسَرُها أنْ يَنْكِحَ الرجلُ أُمَّهُ".

رواه ابن ماجه والبيهقي؛ كلاهما عن أبي معشر -وقد وثق- عن سعيد المقبري عنه.

ورواه ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن سعيد -وهو واه- عن أبيه عن أبي هريرة. وتقدم بنحوه.

(الحوب) بضم الحاء المهملة وفتحها: هو الإثم.

1859 -

(16)[حسن لغيره] عنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:

نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ تُشْتَرى الثمَرةُ حتى تُطْعَمَ. وقال:

"إذا ظهر الزنا والربا في قرَيةٍ؛ فقد أحَلُّوا بأنفُسِهِمْ عذابَ الله".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

1860 -

(17)[حسن لغيره] وعنِ ابن مسعودٍ رضي الله عنه ذكرَ حديثاً عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقال فيه:

"ما ظَهر في قومٍ الزنا والربا؛ إلا أَحَلُّوا بأنفُسِهِمْ عذابَ الله".

رواه أبو يعلى بإسناد جيد.

(1)

(1)

كذا قال، وتبعه الهيثمي، وفي إسناده (8/ 396/ 4981) شريك القاضي، وبه أعلَّه المعلق عليه، لكنَّه وهم وهماً فاحشاً قلَّده عليه الثلاثة الجهلة، فقال:"لكنَّه لم ينفرد به، بل تابعه عليه أكثر من ثقة، كما يتبين من مصادر التخريج". ثم أفاض في ذكر التابعين وتخريجهم! ووجه الوهم أنَّ أبا يعلى ساق بإسناده المذكور عن ابن مسعود قوله: "لُعن أكلُ الربا ومُوكله، وشاهداه وكاتبه" المتقدم أول الباب، ثم قال أبو يعلى:"وقال: "ما ظهر. . " الحديث".

قلت: فهما حديثان بإسناد واحد، وقد أشار إلى هذا المؤلف بقوله:". . ذكر حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال فيه: "ما ظهر. .". فالتخريج الذي أفاض فيه إنما هو للحديث الأول منهما فقط، وأما هذا الآخر، فلم يذكر له متابعاً ولو ضعيفاً! ويغلب على ظني أنَّ هؤلاء المقلدة لم يقرؤوا تخريج الرجل، وإنما أخذوا منه ما يسودون به السطور، وإلا فإنَّهم لو فعلوا لما قلدوه، بل ما سرقوه منه! لأنَّ ذلك =

ص: 377

1861 -

(18)[صحيح لغيره] وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"بيَن يَدَي الساعةِ يظهرُ الربا والزنا والخمرُ".

رواه الطبراني، ورواته رواة "الصحيح".

1862 -

(19)[حسن لغيره] وروي عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إياك والذنوبَ التي لا تغفَرُ؛ الغُلولُ، فمن غَلّ شيئاً؛ أتى به يوم القيامة، وأَكْلُ الربا، فمن أكل الربا؛ بُعث يوم القيامة مجنوناً يَتَخَبَّط، ثم قرأ: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} ".

رواه الطبراني.

1863 -

(20)[صحيح] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عنِ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما أحَدٌ أكثَرَ مِنَ الربا؛ إلا كان عاقِبة أمْرِه إلى قلَّةٍ".

رواه ابن ماجه، والحاكم، وقال:

"صحيح الإسناد". وفي لفظ له قال:

"الربا وإنْ كَثَّر، فإنَّ عاقِبَتَه إلى قِلٍّ". وقال فيه أيضاً:

"صحيح الإسناد".

1864 -

(21)[حسن لغيره] وروي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"والَّذي نفْسي بيَدِه لَيبيتَنَّ أُناسٌ مِنْ أمَّتي على أَشَرٍ وبَطَرٍ، ولَعِبٍ ولَهْوٍ، فيُصبِحوا قِردةً وخنازيرَ باسْتِحْلالِهمُ المحارِمَ، واتِّخاذِهِمُ القَيْنَاتِ، وشُربهمُ الخمرَ، وأكْلِهمُ الرِبا، ولُبْسِهمُ الحريرَ".

رواه عبد الله بن الإمام أحمد في "زوائده".

= واضح كالشمس لا يحتاج إلى العلم الذي نفتقده منهم! ومن جهلهم أنَّهم حسنوه مع تضعيفهم لشريك! وكان عليهم أنْ يصححوه على وهمهم! وأنا إنما حسنته للشاهد الذي قبله عن ابن عباس، فتنبه.

ص: 378

‌20 - (الترهيب من غصب الأرض وغيرها).

1865 -

(1)[صحيح] عن عائشه رضي الله عنها؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ ظَلم قِيْدَ شبرٍ مِنَ الأرْضِ؛ طُوِّقَه مِنْ سَبعِ أرَضينَ".

رواه البخاري ومسلم.

1866 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه [عن النبي صلى الله عليه وسلم]

(1)

قال:

"مَنْ أَخَذَ مِنَ الأرضِ شِبْراً بغيرِ حَقِّهِ طُوِّقَهُ مِنْ سبعِ أرَضِينَ".

رواه أحمد بإسنادين

(2)

أحدهما صحيح، ومسلم؛ إلا أنَّه قال:

"لا يأْخُذ أحدٌ شبراً مِن الأرضِ بغير حقِّهِ؛ إلا طَوَّقَهُ الله إلى سبعِ أَرَضين يومَ القيامَةِ".

قوله: "طوقه من سبع أرضين" قيل: أراد طوق التكليف لا طوق التقليد. وهو أنْ يطوق حملها يوم القيامة. وقيل: إنَّه أراد أنه يخسف به الأرض فتصير البقعة المغصوبة في عنقه كالطوق.

قال البغوي: "وهذا أصح".

1867 -

(3)[صحيح] ثم روى [يعني البغوي] بإسناده عن سالم عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ أَخَذ مِنَ الأرضِ شِبْراً بغيرِ حقِّهِ؛ خُسِفَ به يومَ القِيامَةِ إلى سبعِ أرَضِينَ".

(1)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "المسند" و"مسلم"(5/ 58 - 59).

(2)

قلت: بل بثلاثة (2/ 387، 388 و 432)، وأوسطها على شرط مسلم؛ وبه أخرجه في "صحيحه".

ص: 379

وهذا الحديث رواه البخاري وغيره.

1868 -

(4)[صحيح] وعن يعلى بن مرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

"أيُّما رجلٍ ظَلَم شِبْراً مِنَ الأرضِ؛ كَلَّفهُ الله عز وجل أنْ يحفِرَهُ حتى يبلُغَ به سبْعَ أرَضينَ، ثم يُطَوِّقه يومَ القيامَةِ حتى يُقْضى بينَ الناسِ".

رواه أحمد والطبراني، وابن حبان في "صحيحه"، وفي رواية لأحمد والطبراني عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ أخَذ أرضاً بغير حقِّها؛ كُلِّفَ أنْ يَحْمِلَ تُرابهَا إلى المَحْشَرِ".

1869 -

(5)[حسن صحيح] وعن أبي مالكٍ الأشعري

(1)

رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"أعْظَمُ الغُلولِ عندَ الله عز وجل ذِراعٌ مِنَ الأرضِ، تجدون الرجلين جارَيْنِ في الأرضِ أو في الدارِ، فيقتطعُ أحَدُهُما مِنْ حَظِّ صاحِبهِ ذِراعاً، إذا اقْتَطَعَهُ؛ طُوِّقَهُ مِنْ سبعِ أرَضِينَ".

رواه أحمد بإسناد حسن، والطبراني في "الكبير".

1870 -

(6)[صحيح] وعن وائل بن حجر

(2)

رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

هكذا وقع في ترجمة أبي مالك الأشعري من "المسند"(5/ 341 و 344) من طريق زهير بن محمد وشريك، كلاهما عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عطاء عنه. ثم أورده في ترجمة أبي مالك الأشجعي (4/ 140) من طريق زهير وحده قال:"عن أبي مالك الأشجعي".

وخفيت الرواية الأولى على الحافظ الناجي (167/ 1)، مع أن الهيثمي قد ذكرها مع الأخرى (4/ 175)، وصحح ابن الأثير في "أسد الغابة"(5/ 288) الأولى، وذكر شريك متابعين عليها، وقال:"وزهير كثير الخطأ". وحديث شريك أخرجه ابن أبي شيبة أيضاً (6/ 567/ 2060)، وحسَّن إسناده الحافظ في "الفتح"(5/ 105).

(2)

الأصل: "عبد الله"، وهو خطأ يبدو أنه من المؤلف رحمه الله، والصواب:"وائل"، وهو ابن حجر، لأنه في "المعجم الكبير" للطبراني (22/ 18/ 25) من طريق علقمة بن وائل عن أبيه.

وكذلك ذكره على الصواب الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"، وكذلك الحافظ السيوطي في "الجامع الكبير".=

ص: 380

"من غصبَ رجلاً أرضاً ظلماً؛ لقيَ اللهَ وهو عليه غضبان".

رواه الطبراني من رواية يحيى بن عبد الحميد الحمَّاني.

1871 -

(7)[صحيح] وعن أبي حميدٍ الساعدي رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يَحِلُّ لمسْلمٍ أنْ يأخُذَ عَصا [أخيه] بغيرِ طيبِ نفسٍ منهُ".

قال ذلك لِشدَّةِ ما حرَّمَ الله

(1)

مِنْ مالِ المسلمِ على المسلمِ.

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(قال الحافظ): "وسيأتي في "باب الظلم" إنْ شاء الله تعالى".

(2)

= ثم إن غَمْزَ المؤلف بأنه من رواية الحماني فيه ذهول عن أنَّه متابَع من (محمد بن عيسى الطباع) في نفس رواية الطبراني. وتبعه فيه الهيثمي، وقلدهما في كل ذلك المعلقون الثلاثة كما هي العادة! وقد أودعت بيان ذلك كله وتحقيقه في "الصحيحة"(3365).

(1)

وكذا رواه أحمد (5/ 425). وفي رواية له صحيحة: "رسول الله صلى الله عليه وسلم".

(2)

ظاهر العبارة أنَّه يعني الحديث نفسه، ولم يُعدْه هناك، فلعل الصواب "باب في الظلم" كما في بعض النسخ، فانظر (20 - القضاء/ 5).

ص: 381

‌21 - (الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً).

1872 -

(1)[صحيح] عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:

بينما نحن عندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ إذْ طلعَ علينا رجلٌ شديدُ بيَاضِ الثيابِ، شديدُ سوادِ الشَّعْرِ، لا يُرى عليه أثَرُ السَفرِ، ولا يَعرِفُه منَّا أحدٌ، حتَّى جَلَس إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَع كَفَّيهِ على فخِذَيْهِ، وقال: يا محمَّد! أخْبِرْني عنِ الإسْلامِ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الإسلامُ أنْ تَشْهدَ أن لا إله إلا الله، وأن محمَّداً رسولُ الله، وتقيمَ الصلاةَ، وتؤتي الزكاةَ، وتصومَ رمضانَ، وتحجَّ البيتَ إنِ اسْتَطَعْتَ إليه سبيلاً".

قال: صدقْتَ، فَعجِبْنَا له يسْأَلُهُ ويُصَدِّقُهُ.

قال: فأَخْبِرْني عنِ الإيمانِ؟ قال:

"أنْ تُؤمِنَ بالله وملائِكتِهِ وكتُبِهِ ورسُلهِ واليوم الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقَدرِ خيرِه وشرِّه".

قال: صدَقْتَ قال: فأخْبِرْني عنِ الإحْسانِ؟ قال:

"أنْ تعبُدَ الله كأنَّك تراهُ، فإنْ لَمْ تكن ترَاه، فإنَّهُ يراكَ".

قال: فأخْبِرْني عنِ الساعةِ؟ قال:

"ما المسْؤولُ عنها بأعْلَمَ مِنَ السائِلِ".

قال: فأخْبرْني عن أَماراتِها؟ قال:

ص: 382

"أنْ تَلِدَ الأَمَةُ

(1)

ربَّتَها، وأنْ ترى الحُفاةَ العُراةَ العالَة رِعاءَ الشاءِ يتطاوَلونَ في البنيانِ".

قال: ثمَّ انْطَلق، فلَبِثْتُ مَلِيّاً. ثم قال:

"يا عمر! أتَدْري مَنِ السائل؟ ".

قلتُ: الله ورسولُهُ أعْلَمُ. قال:

"فإنَّه جبريلُ أتاكُم يعلِّمُكُم دينَكُم".

رواه البخاري

(2)

ومسلم وغيرهما.

1873 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"سلوني".

فهابوا أنْ يَسْأَلوه، فجاءَ رجلٌ فجلسَ عند ركبَتيْهِ؛ فقال: يا رسول الله! ما الإسْلام؟ قال:

"لا تُشْرِكُ باللهِ شيئاً، وتقيمُ الصلاةَ، وتُؤتي الزكاةَ، وتصومُ رمضانَ".

قال: صدَقْتَ. قال: يا رسولَ الله! ما الإيمانُ؟ قال:

"أنْ تؤمِنَ بالله وملائكتِهِ وكتابه [ولقائه] ورسُلِهِ، وتؤمنَ بالبَعْثِ الآخِرِ، وتؤمنَ بالقدَر كلِّهِ".

قال: صدَقْتَ.

(1)

وفي رواية أبي هريرة الآتية: "المرأة"، وهذا يشمل الحرة والعبدة، وقد اختلفوا في المراد على أقوال حكاها الحافظ، ومال إلى أن المعنى: أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة أمته من الإهانة والسب والضرب والاستخدام، فأطلق عليه (ربها) مجازاً لذلك، أو المراد بـ (الرب): المربي، فيكون حقيقة.

(2)

قال الناجي (168/ 1): "ذِكر البخاري هنا وهم بلا شك؛ فإنَّه من أفراد مسلم عنه".

وانظر تعليقنا المتقدم على الحديث (4 - الطهارة/ 7).

ص: 383

قال: يا رسولَ الله! ما الإحسانُ؟ قال:

"أنْ تخشى الله، كأنَّك تراه، فإنَّك إنْ لا تكنْ تراه، فإنَّه يراك".

قال: صدقتَ.

قال: يا رسولَ الله! متى تقومُ الساعَةُ؟ قال:

"ما المسؤولُ عنها بأعْلَمَ مِنَ السائلِ، وسأحَدِّثُكَ عَنْ أشْراطِها؛ إذا رأيْتَ المرْأَةَ تَلِدُ رَبَّها فذاكَ مِنْ أشراطِها، وإذا رأيتَ الحُفاةَ العُراةَ الصُّمَّ البُكْمَ ملوكَ الأرضِ، فذاكَ مِنْ أشْراطِها، وإذا رأيتَ رُعاءَ البَهْمِ

(1)

يتطاوَلُونَ في البُنيانِ فذاك مِنْ أشراطها" الحديث.

رواه البخاري ومسلم، واللفظ له

(2)

.

وهذا الحديث له دلالات كثيرة، ولم نذكره إلا في هذا المكان حسبما اتفق في الإملاء.

1874 -

(3)[حسن صحيح] وعن أنس رضي الله عنه:

أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً ونحن معه، فرأى قبةً مشرفةً، فقال:

"ما هذه؟ ".

قال أصحابُه: هذه لفلان -رجلٌ من الأنصار-، فسكتَ وحملها في نفسِهِ، حتى إذا جاءَ صاحبُها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وسلَّمَ عليه في الناسِ، فأعرضَ عنه، صنعَ ذلك مراراً، حتى عرفَ الرجلُ الغضبَ فيه، والإعراض عنه، فشكا ذلك إلى أصحابه، فقال: والله إنِّي لأنكرُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: خرج فرأى قبتَكَ، فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرضِ، فخرج

(1)

جمع (بهمة) وهي ولد الضأن؛ الذكر والأنثى، وجمع (البهم): بهام كما في "النهاية".

(2)

قلت: وزاد في آخره: "هذا جبريل أراد أن تعلَّموا إذْ لم تسألوا". وما بين المعكوفتين زيادة منه، ولم يستدركها الثلاثة المعلقون المحققون زعموا!

ص: 384

رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فلم يرَها، قال:

"ما فعلتِ القبةُ؟ ".

قالوا: شكا إلينا صاحبُها إعراضَكَ عنه فأخبرناه، فهدمها، فقال:

"أمَا إنَّ كلَّ بناءٍ وبالٌ على صاحبه إلا ما لا، إلا ما لا".

رواه أبو داود -واللفظ له-، وابن ماجه أخصر منه، ولفظه: قال:

مرَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بقُبةٍ على باب رجل من الأنصار فقال:

"ما هذه؟ ".

قالوا: قبةٌ بناها فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"كلُّ ما كال هكذا فهو وبالٌ على صاحبه يوم القيامةِ".

فبلغ الانصاريَّ ذلك، فوضعها، فمرَّ النبي صلى الله عليه وسلم: بعدُ فلم يرَها، فسأل عنها، فأُخبرَ أنَّه وضعها لما بَلَغَه، فقال:

"يرحمُه الله، يرحمُه الله".

[صحيح لغيره] ورواه الطبراني بإسناد جيد

(1)

مختصراً أيضاً:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ ببنيةِ قبةٍ لرجل من الأنصار، فقال:

"ما هذه؟ ".

قالوا: قبة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"كلُّ بناءٍ -وأشار بيده على رأسه- أكثرُ من هذا؛ فهو وبالٌ على صاحِبِه يوم القيامةِ".

قوله: "إلا ما لا" أي: إلا ما لا بدَّ للإنسان منه مما يستره من الحر والبرد والسباع، ونحو ذلك.

(1)

انظر الكلام على الحديث وطرقه في "الصحيحة"(ج 6/ 794 - 799).

ص: 385

1875 -

(4)[صحيح] وعن حارثة بن مضرب قال:

أتَيْنا خَبَاباً نعودُه، وقد اكْتوى سبعَ كَيَّاتٍ. فقال: لقد تطاوَل مَرضي، ولولا أنيَّ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:

"لا تَتَمنَّوا الموتَ" لتَمنَّيْتُ. وقال:

"يؤجَرُ الرجلُ في نَفَقتِه كلِّها؛ إلا الترابَ -أو قال: في البناءِ-".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"

(1)

.

1876 -

(5)[حسن لغيره] وعن الحسن قال:

لمَّا بنَى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجدَ قال:

"ابْنوهُ عَريشاً كعريشِ مُوسى".

قيل للحسن: وما عريش موسى؟ قال: إذا رفع يده بلغ العريش يعني السقف.

رواه ابن أبي الدنيا مرسلاً وفيه نظر.

(2)

(1)

لقد أبعد المصنف النجعة، فالحديث رواه البخاري أيضاً (كتاب المرضى وغيره)، وفي "الأدب المفرد" (447 و 454 و 455) إلا أنَّه صرح بأنَّ القائل:"يؤجر. . ." إنما هو خباب نفسه فهذا القدر منه موقوف، لكنه في حكم المرفوع، وقد جاء مرفوعاً من طرق ثلاث عند الطبراني في "الكبير"(4/ 64 و 74 و 82) وكلها ضعيفة، وأوهاها طريق عمر بن إسماعيل بن مجالد عن أبيه، ولم يذكر الحافظ في "الفتح" سواها! وسقط اسم (إسماعيل) من نقل الشيخ عبد الصمد في تعليقه على "التحفة"، فأوهم سلامتها مِن الوهن الشديد!

(2)

قلت: وقد جاء موصولاً، فانظر "الصحيحة"(616) إنْ شئت.

ص: 386

‌22 - (الترهيب من منع الأجير أجره، والأمر بتعجيل إعطائه).

1877 -

(1)[صحيح لغيره] وعنِ ابْنِ عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أعْطوا الأَجيرَ أجرَهُ قبلَ أنْ يجِفَّ عرَقُه".

رواه ابن ماجه من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد وثق؛ قال ابن عدي:

"أحاديثه حِسان، وهو ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم، وهو ممن يكتب حديثه" انتهى. وبقية رواته ثقات، ووهب بن سعيد بن عطية السلمي اسمه عبد الوهاب؛ وثقه ابن حبان وغيره.

(1)

1878 -

(2)[صحيح لغيره] وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أعطوا الأجيرَ أجْرَهُ قبلَ أنْ يَجِفَّ عَرقُهُ".

رواه أبو يعلى وغيره.

1879 -

(3)[صحيح لغيره] ورواه الطبراني في "الأوسط" من حديث جابر.

وبالجملة فهذا المتن مع غرابته يكتسب بكثرة طرقه قوة. والله أعلم.

(1)

قلت: من جهل المعلقين الثلاثة أنَّهم حسنوه مستشهدين له بحديث أبي هريرة المذكور في الأصل أول الباب بلفظ: "ثلاثة أنا خصمهم. . "، وفيه:"ورجل استأجر أجيراً ولم يعطه أجره"! وشتان ما بينهما كما هو بين، مع أنَّه مِن حصة الكتاب الآخر!! وإنَّ من تمام جهلهم أنَّهم ضعفوا الحديثين اللذين بعد هذا، ومتن الأحاديث الثلاثة واحد!!! وقد خرجت الحديث تخريجاً علمياً مبسطاً في "الإرواء"(5/ 320 - 324)، وبينت أنَّ له إسناداً صحيحاً عن أبي هريرة من غير رواية أبي يعلى، وآخر بإسناد مرسل حسن، فمن شاء التوسع رجع إليه.

ص: 387

‌23 - (ترغيب المملوك في أداء حق الله تعالى وحق مواليه).

1880 -

(1)[صحيح] عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ العبدَ إذا نَصَح لِسَيِّدِه، وأحْسنَ عِبادَة الله؛ فلَهُ أجرُه مرَّتينِ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود.

1881 -

(2)[صحيح] وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"المَمْلُوكُ الَّذي يُحسِنُ عبادَةَ ربِّه، ويؤَدِّي إلى سيِّدهِ الذي عليه مِنَ الحَقِّ والنصيحَةِ والطاعَةِ؛ له أجْرانِ".

رواه البخاري.

1882 -

(3)[صحيح] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثَةٌ لهم أجْرانِ: رجلٌ منْ أهلِ الكِتابِ آمنَ بنبيِّهِ وآمَنَ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، والعبدُ المَمْلوكُ إذا أدَّى حق الله وحقَّ مَواليه، ورجل كانَتْ له أَمَةٌ، فأَدَّبها فأحْسَن تأديبَها، وعلَّمهَا فأحسَنَ تعْليمَها، ثُمَّ أعْتَقها فتَزوَّجَها؛ فلَهُ أجْرانِ".

رواه البخاري ومسلم.

[صحيح] والترمذي وحسنه، ولفظه: قال:

"ثلاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أجرَهُم مرَّتيْنِ: عبدٌ أدَّى حقَّ الله وحقَّ مواليهِ؛ فذاكَ يُؤْتى أجرَه مرَّتينِ، ورَجلٌ كانتْ عندَه جارِيَةٌ وَضيئة، فأدَّبها فأحْسنَ تأديبَها، ثمَّ أَعْتَقها، ثُمَ تزوَّجَها، يَبْتَغي بذلك وجْهَ الله؛ فذلِك يُؤْتى أجْرَه مرَّتيْنِ، ورجلٌ آمَن بالكِتابِ الأوَّلِ ثمَّ جاءَ الكتابُ الآخَرُ فآمَنَ بِه؛ فذلك يُؤتَى أجرَهُ مرَّتَيْنِ".

ص: 388

(الوضيئة) بفتح الواو وكسر الضاد المعجمة ممدوداً: هي الحسناء الجميلة النظيفة.

1883 -

(4)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"للْعَبْدِ المَمْلوكِ المُصْلِحِ أَجْرانِ".

والَّذي نفْسُ أبي هريرة بيده

(1)

لولا الجهادُ في سبيلِ الله والحجُّ وبِرُّ أمي لأحَبْبتُ أنْ أموتَ وأنا مَمْلوكٌ.

رواه البخاري ومسلم.

1884 -

(5)[صحيح] عن أبي هريرة أيضاً؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"نِعِمّا لأحدِهمْ أنْ يطيعَ الله، وُيؤَدِّيَ حقَّ سيَّدِه. يعني المَملوكَ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"

(2)

.

(1)

هذا لفظ مسلم، وكذا البخاري في "الأدب المفرد"(208)، ووقع في "صحيحه" مدرجاً في الحديث بلفظ:"والذي نفسي بيده، لولا. . ." إلخ؛ وهو وهم ظاهر، كما بينه الحافظ في "الفتح"(5/ 127) وتراه في "الصحيحة"(877)، فليراجعه من شاء.

(2)

قلت: وأخرجه البخاري أيضاً (2/ 124)، ومسلم (5/ 95) نحوه، وطريق البخاري طريق الترمذي. وجهل ذلك المعلقون الثلاثة فاقتصروا على قولهم:"حسن. رواه الترمذي (1985) ".

ص: 389

‌24 - (ترهيب العبد من الإباق من سيده).

1885 -

(1)[صحيح] عن جرير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أيُّما عبدٍ أَبَقَ؛ فقد بَرِئَتْ منه الذِّمَّة".

رواه مسلم.

1886 -

(2)[صحيح] وعنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا أبَقَ العبدُ لَمْ تُقْبَلْ له صلاةٌ". وفي رواية:

"فقد كَفَر حتى يَرْجعَ إلَيْهِمْ"

(1)

.

رواه مسلم.

1887 -

(3)[صحيح] وعن فضالةَ بنِ عبيدٍ رضي الله عنه عَنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثَةٌ لا تَسْأَلْ عنهم: رجلٌ فارقَ الجماعَةَ وعَصى إمامَةُ [ومات عاصياً]

(2)

، وعبدٌ أبقَ مِنْ سيِّدِهِ فماتَ، وامْرأَةٌ غابَ عنها زوجُها وقد كفاها مَؤونةَ الدنيا فخَانَتْة بَعْدَه.

وثلاثَة لا تَسألْ عَنْهم: رجلٌ نازَعَ الله رِداءَه؛ فإنَّ رداه الكِبْرُ، وإزارَهُ العزُّ، ورجلٌ في شكٍّ مِنْ أمْرِ الله، والقانِطُ منْ رَحْمَةِ الله".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(1)

قلت: هذا اللفظ موقوف في "مسلم"، لكنْ قال راويه منصور بن عبد الرحمن:"قد والله رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكني أكره أن يروى عني ههنا بالبصرة". يعني أنَّها كانت ممتلئة يومئذ بأهل البدعة من الخوارج وغيرهم القائلين بتكفير أهل المعاصي وتخليدهم في النار كما في "شرح مسلم".

قلت: وقلدهم في العصر الحاضر جماعات عدَّة، وسرت فتنتهم في كثير من البلاد بسبب الجهل بعقيدة السلف، وفيهم مع الأسف من ينتمي إلى العمل بالحديث، وقد لقيت كثيرين منهم وناقشتهم مرات ومرات، فهدى الله منهم جماعات، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

(2)

سقطت من الأصل، وهي في "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان"، وكذا في "الأدب المفرد" للبخاري، وكانت هذه الزيادة في الأصل بعد جملة العبد التالية، ولم يتنبه لذالك كله المعلقون الثلاثة، فأين التحقيق المزعوم؟!!

ص: 390

وروى الطبراني والحاكم شطره الأول، وعند الحاكم:

"فتَبرَّجَتْ بعده" بدل "فخانته"، وقال في حديثه:

"وأمة أو عبد أبق من سيده"، وقال:

"صحيح على شرطهما، ولا أعلم له علة".

1888 -

(4)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اثْنانِ لا تُجاوِزُ صلاتُهما رُؤوسَهما: عبدٌ أبَق مِنْ مَواليه حتى يرجعَ، وامْرأَةٌ عَصَتْ زوْجَها حتى تَرْجعَ".

رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير" بإسناد جيد، والحاكم.

1889 -

(5)[حسن] وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثَةٌ لا تجاوِزُ صلاتُهم آذانَهم: العبدُ الآبِق؛ حتَّى يرجعَ، وامرأَةٌ باتَتْ وزوُجها عليها ساخِطٌ، وإمامُ قومٍ وهم له كارِهونَ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب". [مضى 5 - الصلاة/ 28].

ص: 391

‌25 - (الترغيب في العتق. والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه).

1890 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أيُّما رجلٍ أعْتقَ امْرأً مسلماً؛ اسْتَنْقَذ اللهُ بكلِّ عضوٍ منهُ عُضواً منه منَ النارِ".

قال سعيدُ بنُ مرجانَة: فانْطَلقْتُ به إلى عليِّ بْنِ الحسين، فعَمد عليُّ بْنُ الحسينِ إلى عبد له قد أعطاهُ به عبدُ الله بنُ جعفر

(1)

فيه عشرةَ آلاتِ درهمٍ -أوْ ألفَ دينارٍ- فأعْتَقَهُ.

رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

[صحيح] وفي رواية لهما وللترمذي: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"من أعْتَقَ رقَبةً مسلمةً؛ أعتَق الله بكلِّ عضوٍ منهُ عضواً مِنَ النارِ حتى فرجَهُ بِفَرْجِهِ".

1891 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أبي أُمامَةَ وغيرهِ مِنْ أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"أيّما امْرئٍ مسلمٍ أعْتق امْرأً مسلماً؛ كان فكاكَه مِنَ النارِ، يُجْزِئُ كلُّ عضوٍ منه عُضْواً منه.

وأيُّما امْرِئٍ مسلمٍ أعْتَق امْرأَتَيْنِ مسْلِمَتَيْنِ كانتا فَكاكَهُ مِنَ النارِ، يُجزئُ كلُّ عضوٍ منهما عضواً منه.

[وأيما امرأةٍ مسلمةٍ أعتقت امرأةً مسلمةُ؛ كانت فكاها من النار، يُجزئُ كل عضو منها عضواً منها] ".

(2)

(1)

الأصل: "أعطاه عبد الله بن جعفر فيه"، وعلى هامشه أنَّ في نسخة ما أثبتُّه في الأعلى. وهو الصواب لمطابقته لرواية البخاري والسياق له.

(2)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "الترمذي"(1547)، وغفل عنها المعلقون الثلاثة كعادتهم! وهو مخرج في "الصحيحة"(2611).

ص: 392

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

1892 -

(3)[صحيح] ورواه ابن ماجه من حديث كعب بن مرة أو مرة بن كعب.

ورواه أحمد وأبو داود بمعناه من حديث كعب بن مرة السلمي وزادا فيه:

"وأيُّما امْرأَةٍ مسلمةٍ أعْتقَتِ امْرأَةً مسلمةً كانْت فَكاكها مِنَ النارِ، يُجْزئُ كلُّ عضْوٍ مِنْ أعضائها عُضْواً مِنْ أعْضائها".

1893 -

(4)[صحيح لغيره] وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ أعتَق رقَبةً مؤمِنة فهي فَكاكُه مِنَ النارِ".

رواه أحمد بإسناد صحيح -واللفظ له-،

(1)

وأبو داود والنسائي في حديث مرَّ في الرمي، وأبو يعلى والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد"، ولفظه: قال:

"مَنْ أعْتَق رقبةً؛ فَكَّ الله بكلِّ عضوٍ مِنْ أعضائه عضْواً مِنْ أعضائه مِنَ النارِ".

1894 -

(5)[صحيح] وعن شعبة الكوفي قال:

كنا عند أبي بردة بن أبي موسى فقال: أيْ بَنِيَّ! ألا أُحِّدثُكُم حديثاً حدَّثني أبي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:

"من أعتقَ رقبةً؛ أعتقَ الله بكلِّ عضوٍ منها عضواً منه من النار".

رواه أحمد، ورواته ثقات.

(1)

قلت: فيه نظر، وإنْ تبعه الحاكم (2/ 211)، ووافقه الذهبي، فإنَّه من رواية قتادة عن قيس الجذامي، عن عقبة. فقد قالوا:"لم يلق قتادة من أصحاب النبي إلا أنساً وعبد الله بن سرجس". وعزوه لأبي داود والنسائي مُحيلاً على "الرمي" وهم آخر، فإنَّه هناك (12 - الجهاد/ 8) من حديث أبي نجيح عمرو بن عبسة! وهو الآتي هنا بعد ثلاثة أحاديث.

ص: 393

1895 -

(6)[صحيح لغيره]

(1)

وعن مالك بن الحارث رضي الله عنه؛ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

"من ضم يتيماً بين أبوين مسلمَيْن إلى طعامه وشرابه حتى يستغني عنه؛ وجبت له الجنة. . . .، ومن أعتقَ امرأً مسلماً؛ كان فكاكه من النار، يُجزئُ بكل عضوٍ منه عضواً منه".

رواه أحمد من طريق علي بن زيد عن زرارة بن أبي أوفى عنه.

1896 -

(7)[صحيح لغيره] وعن عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه قال:

سئلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الليل أسْمعُ؟ قال:

"جوفُ الليلِ الآخِرِ، ثم الصلاةُ مقبولَة حتى تصلّى الفجرُ

(2)

، ثم لا صلاةَ حتى تكونَ الشمسُ قيدَ رُمْحٍ أو رُمحينِ، ثم الصلاةُ مقبولَةٌ حتّى يقومَ الظِلُّ قيامَ الرمْحِ، ثم لا صلاةَ حتى تزولَ الشمس، [ثم الصلاة مقبولَة حتى تكونَ الشمسُ] قِيدَ رُمْحٍ أو رُمْحين

(3)

، ثم لا صلاةَ حتى تغيب الشمسُ". قال [ثم قال]:

وأيُّما امْرِئٍ مسلمٍ أعْتَق امْرأً مُسلماً؛ فهو فَكاكُه مِنَ النار، يُجْزى بكلِّ عظْمٍ منه عَظماً منه،

(1)

وقول المعلقين الثلاثة: "حسن بشواهده" غفلة منهم عن لفظة (البتة) المحذوفة هنا مكان النقاط، فإنه لا شاهد لها، وجنف منهم في سائره لأن له شواهد صحيحة في الباب هنا، وفي (22 - البر/ 4).

(2)

الأصل: "تطلع الشمس"، وهو خطأ فاحش غفل عنه المعلقون الثلاثة، مما يدل على جهلهم وقلة فقههم، فإنَّ الصلاة بعد الفجر غير مقبولة، على تفصيل معروف في كتب الفقه، ووقع في "المجمع" (4/ 243):"يطلع الفجر"، وهو خطأ أيضاً، والتصحيح من "المعجم الكبير"(1/ 94 - 95/ 279)، والزيادة التالية منه. وغفل عنها أيضاً المعلقون!!

(3)

هنا في الأصل: "ثم الصلاة مقبولة"، وهي زيادة لا معنى لها مع مخالفتها لـ "الطبراني" و"المجمع"، وأثبتها المعلقون الثلاثة في طبعتهم المحققة زعموا!

ص: 394

وأيُّما امْرأَةٍ مُسْلِمَةٍ أعْتَقتِ امْرأَةً مسلِمةً فهيَ فَكاكُها مِنَ النارِ، يُجزى بكلِّ عَظْمٍ منها عَظماً منها، وأيُّما امْرئٍ مسْلمٍ أعْتقَ امْرأَتينِ مُسْلِمتيْن فهما فَكاكُه مِنَ النارِ، يُجزى بكلِّ عَظمينِ مِنْ عِظامِهما عَظماً مِنْهُ".

رواه الطبراني، ولا بأس برواته، إلا أنَّ أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه.

1897 -

(8)[صحيح] وعن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال:

حاصَرْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"أيُّما رجلٍ مسلمٍ أعْتَق رجُلاً مسلِماً، فإنَّ الله عز وجل جاعِلٌ وقاءَ كلِّ عظمٍ مِنْ عِظامِه عَظماً مِنْ عظامِ محرِّرِه.

وأيُّما امْرأةٍ مسلمةٍ أعْتقَتِ امْرأَةً مسلمةً؛ فإنَّ الله عز وجل جاعلٌ وِقاءَ كلِّ عظْمٍ مِنْ عظامِها عظْماً مِنْ عظامِ محرَّرتِها مِنَ النارِ".

رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه".

[صحيح] وفي رواية لأبي داود والنسائي: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ أعتقَ رقبةً مؤمِنةً؛ كانَتْ فِداءَه مِنَ النارِ".

(قال الحافظ): "أبو نجيح هو عمرو بن عبسة".

1898 -

(9)[صحيح] وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال:

جاء أعْرابيٌّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله! علِّمني عمَلاً يُدخِلَني الجنَّةَ. قال:

"إنْ كنتَ أقْصَرْتَ الخُطْبَة لقد أعْرَضْتَ المسْألَةَ، أَعْتِقِ النَّسمَةَ، وفُكَّ الرقَبةَ".

قال: أليْسَتا واحِدَةً؟ قال:

ص: 395

"لا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَفرَّدَ بعتقِها، وفكُّ الرَّقَبة أَنْ تُعطى في ثَمنِها، والمنْحَةُ الوكوفُ

(1)

، والفَيْءُ على ذي الرحِمِ القاطعِ

(2)

، فإنْ لَمْ تُطِقْ ذلِكَ فأطْعَمِ الجائعَ واسْقِ الظمْآنَ، وأْمُرْ بالمعروفِ، وانْهَ عَنِ المنكَرِ، فإنْ لَمْ تُطِقْ ذلك؛ فكُفَّ لِسانَك إلا عَنْ خَيْرٍ".

رواه أحمد، وابن حبان في "صحيحه" -واللفظ له-، والبيهقي وغيره. [مضى 8 - الصدقات/ 17].

1899 -

(10)[صحيح] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه؛ أنَّه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"خمسٌ مَنْ عمِلَهُنَّ في يومٍ كَتَبهُ الله مِنْ أهلِ الجنَّةِ: مَنْ عاد مريضاً، وشهِدَ جنازةً، وصامَ يوماً، وراحَ إلى الجمُعَةِ، وأَعْتَق رَقَبةً".

رواه ابن حبان في "صحيحه"[مضى 7 - الجمعة/ 1].

(1)

هي الناقة غزيرة اللبن يُمنح لبنها للفقير.

(2)

أي العطف عليه، والرجوع إليه بالبر.

ص: 396

‌17 - كتاب النكاح وما يتعلق به.

‌1 - (الترغيب في غض البصر، والترهيب من إطلاقه، ومن الخلوة بالأجنبية ولمسها).

1900 -

(1)[حسن لغيره] وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثَةٌ لا تَرى أعينُهم النارَ: عينٌ حرسَتْ في سبيلِ الله، وعينٌ بكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وعينٌ كَفَّتْ عن محارِمِ الله".

رواه الطبراني، ورواته ثقات معروفون؛ إلا أنَّ أبا حبيب العنقري

(1)

-ويقال له: القنوي- لم أقف على حاله. [مضى 12 - الجهاد/ 2].

1901 -

(2)[صحيح لغيره] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"اضْمَنوا لي سِتاً مِنْ أنفُسِكم أَضْمَنْ لكُم الجنَّةَ: اصدُقوا إذا حَدَّثْتُم، وأَوْفوا إذا وعَدْتُم، وأدُّوا الأَمانَة إذا ائْتُمِنْتُم، واحْفَظوا فُروجَكُم، وغُضُّوا أبصارَكُم، وكُفُّوا أيديَكُم".

رواه أحمد، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم؛ كلهم من رواية المطلب بن عبد الله ابن حنطب عنه، وقال الحاكم:"صحيح الإسناد".

(قال الحافظ): "بل المطلب لم يسمع من عبادة. والله أعلم".

1902 -

(3)[حسن لغيره] وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:

"يا عليّ! إن لك كنزاً في الجنة، وإنك ذو قرنيها، فلا تُتْبعِ النظرةَ النظرةَ، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة".

رواه أحمد.

(1)

راجع له التحقيق حول نسبته تحت حديثه المتقدم (12 - الجهاد/ 2).

ص: 397

1903 -

(4)[حسن لغيره] ورواه الترمذي وأبو داود من حديث بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي:

"يا عليُّ! لا تُتْبعِ النظرةَ النظْرةَ؛ فإنَّما لكَ الأولى، وليستْ لَكَ الآخِرةُ".

وقال الترمذي:

"حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك".

قوله صلى الله عليه وسلم لِعَليٍّ: "وإنَّكَ ذو قَرْنيها" أيْ: ذو قرنَيْ هذه الأمَّةِ، وذاك لأنَّه كان له شَجَّتانِ في قرنيْ رأسِه، أحدهُما مِن ابْنِ مُلجَمٍ لَعنهُ الله، والأخْرى مِنْ عمرو بْنِ وُدٍّ، وقيل: معناه إنَّك ذو قرنَي الجنَّةِ: أي ذو طرفيها ومليكها الممكن فيها، الذي تسلك جميع نواحيها كما سلك الإسكندر جميع نواحي الأرض شرقاً وغرباً، فسمي ذا القرنين على أحد الأقوال.

وهذا قريب. وقيل غير ذلك. والله أعلم.

1904 -

(5)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"كُتِبَ على ابنِ آدمَ نصيبُه مِنَ الزنا؛ فهو مُدْرِكٌ ذلك لا مَحالَةْ، فالعينانِ زناهُما النظرُ، والأذُنانِ زناهُما الاسْتماعُ، واللِسانُ زناهُ الكَلامُ، واليدُ زِناها البطْشُ،

(1)

والرِّجلُ زِناها الخُطا، والقلْبُ يَهوى ويتَمنَّى، ويُصَدِّقُ ذلك الفَرْجُ أو يُكَذِّبُه".

رواه مسلم والبخاري باختصار، وأبو داود والنسائي.

وفي رواية لمسلم وأبي داود:

(1)

أي: اللمس، وهو رواية لابن حبان وغيره، وهي مخرجة في "الصحيحة"(2804) من المجلد السادس، وقد طبع حديثاً، فالحديث يشمل مصافحة النساء من غير المحارم، وهو مما ابتلي به كثير من المسلمين، وفيهم بعض الخاصة، وربما أباحه بعضهم! انظر "الصحيحة"(1/ 1/ 448 - 449).

ص: 398

"واليدان تزنيان؛ فزناهما البطش، والرِّجلان تزنيان؛ فزناهما المشي، والفم يزني؛ فزناه القُبَلُ

(1)

".

1905 -

(6)[حسن صحيح] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"العَينانِ تزْنيانِ، والرِّجْلانِ تَزْنيانِ، والفَرج يَزْني".

رواه أحمد بإسناد صحيح، والبزار، وأبو يعلى.

1906 -

(7)[صحيح] وعن جرير رضي الله عنه قال:

سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عنْ نَظَرِ الفَجْأَةِ؟ فقال:

"اصرِفْ بصَركَ".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي.

1907 -

(8)[صحيح موقوف] وعن عبد الله -يعني ابن مسعودٍ- رضي الله عنه قال:. . .

(2)

الإثْمُ حَوّاز القلوبِ، وما مِنْ نَظْرةٍ إلا وللِشيْطانِ فيها مَطْمَعٌ.

رواه البيهقي وغيره، ورواته لا أعلم فيهم مجروحاً، لكن قيل: أنَّ صوابه موقوف.

(حوَّاز القلوب) بفتح الحاء المهملة وتشديد الواو، وهو ما يحوزها ويغلب عليها حتى ترتكب ما لا يحسن. وقيل: بتخفيف الواو وتشديد الزاي، جمع (حازَّة) وهي الأمور التي تحز في القلوب، وتحك وتؤثر وتتخالج في القلوب أنْ تكون معاصي، وهذا أشهر.

(1)

جمع (قبلة) بالضم، وهي اللثمة، ووقع في الأصل:"القيل" بالمثناة من تحت! وهو خطأ، ثم إنني لم أرَ هذه الرواية عند مسلم، وقد أخرج الأولى في "القدر".

(2)

في الأصل مكان النقط: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فحذفته لأنَّ الصواب فيه أنَّه موقوف؛ كما حققته في "الصحيحة"(2613).

ص: 399

1908 -

(9)[صحيح] وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إيَّاكمْ

(1)

والدخولَ على النساءِ".

فقال رجلٌ مِنَ الأنصارِ: أفرأيتَ الحَمْوُ؟

(2)

قال:

"الحَمْوُ الموتُ".

رواه البخاري ومسلم، والترمذي، ثم قال:

"ومعنى كراهية الدخول على النساء على نحو ما رُوِيَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يخلُوَنَّ رجلٌ بامْرأَةٍ إلا كان ثالثَهما الشيطانُ"

(3)

.

[ومعنى قوله: (الحمو) يقال: أخو الزوج، كأنَّه كره أنْ يخلو بها] ".

(الحَمُ) بفتح الحاء المهملة وتخفيف الميم، وبإثبات الواو أيضاً، وبالهمزة أيضاً، وهو أبو الزوج ومن أدلى به، كالأخ والعم وابن العم ونحوهم، وهو المراد هنا. كذا فسره الليث بن سعد وغيره. وأبو المرأة أيضاً ومن أدلى به. وقيل: بل هو قريب الزوج فقط. وقيل قريب

(1)

الخطاب للأجانب ولو كانوا من الأقارب؛ ما لم يكونوا من المحارم لما يأتي بيانه.

(2)

هذا لفظه عند مخرجيه، وكان الأصل في الموضعين (الحم) بحذف الواو وتخفيف الميم، بوزن (أخ)، وهو لغة من خمس لغات ذكرها الحافظ في "الفتح" والمؤلف بعضها.

(3)

هذا قطعة من حديث لعمر رضي الله عنه مخرج في "الصحيحة"(1116)، ويشير الترمذي به إلى أنَّه كما أنَّ قوله فيه:"رجل" مطلق، وينبغي تقييده بغير المحرم جمعاً بينه وبين غيره، مما يدل على جواز خلوة الحرم معها كحديث ابن عباس الآتي، كذلك لابد من حمل (الحمو) على غير المحرم أيضاً جمعاً بينه وبين حديث ابن عباس ونحوه، مثل أحاديث نهي المرأة أنْ تسافر إلا مع محرم، فإنَّ السفر يستلزم الخلوة كما لا يخفى لا سيما وفي بعض الروايات "إلا ومعها أبوها أو أخوها. . ." كما سيأتي في (23 - الأدب/ 43). والزيادة التي بين المعكوفتين من الترمذي.

فالصواب أنَّ الحديث إنما يعني أخ الزوج ونحوه من غير المحارم، لأنَّ الفتنة إنما تخشى عادة من أمثاله، أضف إلى ذلك أنَّ في حمل الحديث على المحارم حرجاً لا يطاق، وهو منفي بنص القرآن. فتأمل.

ص: 400

الزوجة فقط. قال أبو عبيد في معناه: يعني فليمت، ولا يفعلن ذلك. فإذا كان هذا رأيه في أب الزوج وهو محرم، فكيف بالغريب؟ انتهى.

1909 -

(10)[صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يخْلُوَنَّ أحدُكم بِامْرأةٍ إلا مَعَ ذي مَحْرمٍ".

رواه البخاري ومسلم.

[صحيح لغيره] وتقدم في "أحاديث الحمام"[4 - الطهارة/ 5] حديث ابنِ عبَّاسٍ عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم وفيه:

"ومَنْ كان يؤمِنُ بالله واليومِ الآخر فلا يخْلُوَنَّ بامْرأةٍ ليسَ بينَهُ وبينها مَحْرَمٌ".

رواه الطبراني.

1910 -

(11)[حسن صحيح] وعن معقل بن يسارٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لأَنْ يُطعنَ في رأسِ أحدِكُم بِمخْيطٍ مِنْ حديدٍ؛ خيرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرأةً لا تَحِلُّ لَهُ".

رواه الطبراني والبيهقي، ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح.

(المِخْيَط) بكسر الميم وفتح الياء: هو ما يخاط به كالإبرة والمسلة ونحوه.

ص: 401

‌2 - (الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود).

1911 -

(1)[صحيح] عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا معشَر الشبابِ! مَنِ اسْتَطاع منْكُم البَاءَةَ فلْيَتزوَّجْ؛ فإنَّه أغضُّ للبَصَرِ وأحْصَنُ للِفرْجِ، ومَنْ لمْ يَسْتَطعْ فعليهِ بالصومِ؛ فإنَّه له وِجاءٌ"

(1)

.

رواه البخاري ومسلم -واللفظ لهما- وأبو داود والترمذي والنسائي.

1912 -

(2)[صحيح] وعن عبدِ الله بنِ عَمْرِو بن العاص رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"الدنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِها المرأةُ الصالِحَةُ".

رواه مسلم والنسائي.

1913 -

(3)[صحيح لغيره] وعنْ ثوبان رضي الله عنه قال:

لمّا نزَلَتْ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} قال: كنَّا معَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسْفارهِ، فقالَ بعضُ أصْحابِه: أُنْزِلَتْ في الذهبِ والفِضّةِ، لو علِمْنا أيُّ المالِ خيرٌ فَنَتَّخِذَه. فقال:

"أفْضَلهُ لِسانٌ ذاكِرٌ، وقلْبٌ شاكِرٌ، وزوجَةٌ مؤمِنَةٌ تُعينُه على إيمانِه".

(1)

قوله: "يا معشر"(المعشر): الطائفة التى يشملها وصف، كالنوع ونحوه، و (الشباب) كذلك بفتح الشين: جمع شاب، وتجيء مصدراً أيضاّ لكنْ ها هنا جمع.

و (الباءة) بالمد: يطلق على الجماع والعقد، ويصح في الحديث كل منهما بتقدير المضاف: أي مؤنه وأسبابه، أو المراد هنا بلفظ (الباءة) المؤن والأسباب، إطلاقاً للاسم على ما يلازم مسماه.

وقوله: (فليتزوج) أمر ندب عند الجمهور إلا إذا خاف على نفسه.

وقوله: (فإنَّه) أي الصوم. وقوله: (له) أي للفرج، (وِجاء) بكسر الواو والمد، هو في الأصل أنْ تُرضَّ أنثيا الفحل رضاً شديداً، يذهب شهوة الجماع، وينزل في قطعه منزلة الخصي، أراد أنَّ الصوم يقطع النكاح كما يقطعه الوِجاء. والله أعلم.

ص: 402

رواه ابن ماجه والترمذي وقال:

"حديث حسن، سألت محمد بن إسماعيل -يعني البخاري- فقلت له: سالم بن أبي الجعد سمعَ مِنْ ثوبانَ؟ فقال: لا".

(1)

1914 -

(4)[صحيح لغيره] وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مِن سعادَةِ ابْنِ آدَم ثلاثَة، ومن شِقْوَةِ ابْنِ آدَم ثَلاثَةٌ:

مِنْ سَعادَةِ ابْنِ آدَم المرأةُ الصالحةُ، والمسكنُ الصالحُ، والمركَبُ الصالحُ، ومِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَم المرأةُ السوءُ، والمسْكَنُ السوءُ، والمركَبُ السوءُ".

[صحيح] رواه أحمد بإسناد صحيح والطبراني والبزار والحاكم وصححه؛ إلا أنَّه قال:

"والمسكن الضيق".

وابن حبان في "صحيحه"؛ إلا أنَّه قال:

"أربعٌ مِنَ السعادَةِ: المرأةُ الصالحةُ، والمسكنُ الواسعُ، والجارُ الصالحُ، والمركَبُ الهَنيءُ.

وأرْبعٌ أمِنَ الشَّقاءِ: الجارُ السوءُ، والمرْأةُ السوءُ، والمركَبُ السوءُ، والمسكنُ الضيِّقُ".

1915 -

(5)[حسن] وعن محمد بن سعد -يعني ابن أبي وقاص- عن أبيه أيضاً رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(1)

قلت: ورجاله ثقات، فالإسناد صحيح لولا الانقطاع، لكنْ رواه أحمد (5/ 366) موصولاً من طريق أخرى مختصراً عن صحابي لم يُسمَّ، وسنده حسن، وله شاهد صحيح في "تفسير ابن كثير"(2/ 351)، وآخر في "المستدرك"(2/ 333).

ص: 403

"ثلاثٌ مِنَ السعادَةِ: المرأَةُ تَراها تُعْجِبكَ، وتَغيبُ عنها فَتأْمَنُها على نَفْسِها ومالِكَ، والدابَّةُ تكونُ وطيئَةً، فَتُلحِقُكَ بأصْحابِكَ، والدارُ تكونُ واسِعةً كثيرةَ المرافِقِ.

وثلاثٌ مِنَ الشقَاءِ: المرأَةُ تراها فتسوؤك، وتحمِلُ لسانَها عليكَ، وإنْ غِبْتَ لمْ تأْمَنْها على نفْسِها ومالِكَ، والدابَّةُ تكونُ قَطوفاً، فإنْ ضربْتَها أتعَبَتْكَ، وإنْ تركتها لم تُلْحِقْكَ بِأصْحابِك، والدارُ تكونُ ضيِّقةً قليلةَ المرافِقِ".

رواه الحاكم وقال:

"تفرد به محمد بن بكير (يعني) الحضرمي

(1)

، فإنْ كان حفظه فإسناده على شرطهما".

(قال الحافظ): "محمد هذا صدوق، وثقه غير واحد".

1916 -

(6)[حسن لغيره] وعن أنسٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ رزَقهُ اللهُ امْرأةً صالحةً؛ فقد أعانَهُ على شَطْرِ دينِه، فلْيَتقَّ الله في الشطرِ الباقي".

رواه الطبراني في "الأوسط"، والحاكم، ومن طريقه البيهقي، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

[حسن لغيره] وفي رواية للبيهقي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا تَزوَّجَ العبدُ؛ فقدِ اسْتَكْمَل نِصْفَ الدِّينِ، فلْيتَّقِ الله في النصفِ الباقي".

(1)

الأصل: "يعني ابن بكير الحضرمي"، وهو خطأ، لأنَّ (ابن بكير) ثابت في "المستدرك" دون (الحضرمي).

ص: 404

1917 -

(7)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثَةٌ حقٌ على الله عوْنُهم: المجاهدُ في سبيلِ الله، والمكاتِبُ الذي يريدُ الأداءَ، والناكحُ الذي يريدُ العَفافَ".

رواه الترمذي، واللفظ له، وقال:

"حديث حسن صحيح".

وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم". [مضى 12/ 9].

1918 -

(8)[صحيح] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

جاءَ رهط

(1)

إلى بيوتِ أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: يسألونَ عنْ عِبادَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلمَّا أُخبِروا؛ كأنَّهم تَقالُّوها

(2)

، فقالوا: وأينَ نحنُ مِنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد غَفَر الله له ما تقدَّمَ مِنْ ذَنْبِه وما تَأخَّر؟ قال أحدُهُم: أمّا أنا فإنِّي أصلّي الليلَ أبَداً. وقال الآخَرُ: أنا أَصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ. وقال آخَرُ: وأنا أَعْتَزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبداً. فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليهم؛ فقال:

"أنتمُ القومُ الَّذينَ قلْتُم كذا وكذا؟! أما والله إنِّي لأَخْشاكُم لله

(3)

، وأتْقاكُم له، ولكنِّي

(4)

أصومُ وأُفْطِرُ، وأصَلِّي وأرْقُدُ، وأتَزوَّجُ النساءَ، فمنْ

(1)

هو من ثلاثة إلى عشرة.

(2)

بتشديد اللام المضمومة: أي عَدُّوها قليلة، وأصله (تقاللوا) فأُدغمت اللام في اللام لاجتماع المثلين.

(3)

هذا رد لما بنوا عليه أمرهم من أنَّ المغفور له لا يحتاج إلى مزيد في العبادة بخلاف غيره، فأعلمهم صلى الله عليه وسلم أنَّه مع كونه لا يشدد في العبادة غاية الشدة، أخشى لله وأتقى من الذين يشددون.

(4)

استدراك من شيء محذوف تقديره: أنا وأنتم بالنسبة إلى العبودية سواء، لكنْ أنا أصوم إلخ.

ص: 405

رَغِبَ عَنْ سُنَّتي فليسَ مِنِّي"

(1)

.

رواه البخاري -واللفظ له- ومسلم وغيرهما.

1919 -

(9)[حسن] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"تُنْكَحُ المرأَةُ على إحْدى خِصالٍ: لجمالِها، ومالِها، وخُلُقِها، ودينِها، فعليكَ بذاتِ الدينِ والخُلُقِ تَرِبَتْ يمينُك".

رواه أحمد بإسناد صحيح، والبزار، وأبو يعلى، وابن حبان في "صحيحه".

1920 -

(10)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"تُنْكَحُ المرأةُ لأَربعٍ: لِمالِها، ولِحَسبِها، ولِجَمالِها، ولدينِها

(2)

، فاظْفَرْ

(3)

بذاتِ الدِّينِ تَرِيَتْ يداكً"

(4)

.

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

(تَرِبَتْ يداك) كلمة معناها الحث والتحريض، وقيل: هي هنا دعاء عليه بالفقر.

وقيل: بكثرة المال، واللفظ مشترك بينهما قابل لكل منهما؛ والآخر هنا أظهر، ومعناه: اظفر بذات الدين ولا تلتفت إلى المال أكثر الله مالك. ورُوي الأول عن الزهري وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال له ذلك، لأنَّه رأى الفقر خيراً له من الغنى. والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم.

1921 -

(11)[حسن صحيح] وعن معْقِلِ بنِ يَسارٍ رضي الله عنه قال:

جاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله إنّي أصَبْتُ امْرأَةً ذاتَ

(1)

أي: فمن أعرض عن سنتي وطريقتي، والطريقة أعم من الفرض والنفل. والله أعلم.

(2)

أي: أنَّ الناس يراعون هذه الخصال في المرأة ويرغبون فيها لأجلها، ولم يردِ الحض على مراعاتها. و (الحسب) شرف الآباء، أو حسن الأفعال.

(3)

أي: فاطلب أيها المسترشد ذات الدين حتى تفوز بها، وتكون محصلاً بها غاية المطلوب.

(4)

بكسر الراء من (ترب): إذا افتقر فلصق بالتراب. وأين هي ذات الدِّين، فهي كالعنقاء! نسأل الله السلامة.

ص: 406

حسَبٍ ومنْصِبٍ ومالٍ؛ إلا أنَّها لا تلِدُ، أفَأتَزَوَّجُها؟ فنهاه. ثُمَّ أتاهُ الثانِيَة، فقالَ له مثلَ ذلك. ثُمَّ أتاهُ الثالِثَةَ، فقال له:

"تَزَوَّجوا الوَدودَ الولودَ، فإنِّي مكاثِرٌ بكمُ الأُمَمَ"

(1)

.

رواه أبو داود والنسائي والحاكم واللفظ له وقال: "صحيح الإسناد".

(1)

(الودود): هي التي تحب زوجها، و (الولود): التي تكثر ولادتها. وقيد بهذين لأن الولود إذا لم تكن ودوداً لم يرغب الزوج فيها، والودود إذا لم تكن ولوداً لم يحصل المطلوب، وهو تكثير الأمة بكثرة التوالد، ويعرف هذان الوصفان في الأبكار من أقاربها، إذ الغالب سراية طباع الأقارب بعضهن إلى بعض.

وقوله: "فإني مكاثر بكم الأمم" أي: مفاخر بسببكم سائر الأمم بكثرة أتباعي. والله أعلم.

قلت: وفيه تنبيه لطيف لكراهية العزل، أو تحديد النسل وتنظيمه الذي ابتليت به بعض الدول، بتزيينٍ ممن {وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} نسأل الله العافِية.

ص: 407

‌3 - (ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته وحسن عشرتها، والمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسخاطه ومخالفته).

[صحيح](قال الحافظ): قد تقدم في "باب الترهيب من الدِّين"[16 - البيوع/ 15] حديث ميمون عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

"أيُّما رجُلٍ تزوَّجَ امْرأةً على ما قلَّ منَ المَهْرِ أو كَثُرَ، ليسَ في نَفْسِه أنْ يُؤَدِّيَ إليها حقَّها؛ خَدعَها، فماتَ ولمْ يُؤَدِّ إليها حقّها؛ لقيَ الله يومَ القيامة وهو زانٍ" الحديث.

وتقدم في معناه أيضاً حديث أبي هريرة، وحديث صهيب الخير.

1922 -

(1)[صحيح] وعنِ ابْنِ عمرَ رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"كلُّكُم راعٍ ومسؤولٌ عنْ رعِيَّتِه، الإمامُ راعٍ، ومسؤولٌ عن رعيَّتِهِ، والرجلُ راعٍ في أهلهِ، ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها، ومسؤولةٌ عن رعيتها، والخادمُ راعٍ في مال سيِّده، ومسؤولٌ عن رعيَّتِه، وكلكم راعٍ، ومسؤولٌ عن رعيَّتِه"

(1)

.

رواه البخاري ومسلم.

(1)

مِن (رعى) رعاية، وهو حفظ الشيء وحسن التعهد له، و (الراعي): هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره، فكل من كان تحت ظره شيء فهو مطلوب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه، فإنْ وفى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر، والجزاء الأكبر، وإنْ كان غير ذلك طالبه كل أحد من رعيته بحقه، وقد اشترك الإمام والرجل والمرأة والخادم في هذه التسمية، ولكنَّ المعاني مختلفة، فرعاية الإمام؛ إقامة الحدود والأحكام فيهم على سنن الشرع. ورعاية الرجل أهله؛ سياسته لأمرهم، وتوفية حقهم في النفقة والكسوة والعشرة. ورعاية المرأة؛ حسن التدبير في بيت زوجها، والنصح له، والأمانة في ماله وفي نفسها. ورعاية الخادم لسيده؛ حفظ ما في يده من ماله، والقيام بما يستحق من خدمته.

ص: 408

1923 -

(2)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أكْمَلُ المؤمِنينَ إيماناً أحْسَنُهم خُلُقاً، وخيارُكُم خيارُكُم لِنسائِهمْ".

رواه الترمذي وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي:"حديث حسن صحيح".

1924 -

(3)[صحيح] وعن عائشة أيضاً رضي الله عنها قالتْ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"خيرُكم خيرُكم لأَهْلِه، وأنا خيرُكم لأَهْلي".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

1925 -

(4)[صحيح لغيره] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"خيرُكم خيرُكمْ لأَهْلِه، وأنا خيرُكُمْ لأَهْلي".

رواه ابن ماجه والحاكم؛ إلا أنَّه قال:

"خيرُكُم خيرُكُم للنساءِ". وقال:

"صحيح الإسناد".

1926 -

(5)[صحيح] وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ المرأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلعٍ، فإنْ أقَمْتَها كَسَرْتَها، فدارِها تَعِشْ بِها".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

1927 -

(6)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اسْتَوْصوا بالنساءِ

(1)

، فإنَّ المرأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلعٍ

(2)

، وإنَّ أعْوجَ ما في

(1)

أي: تواصوا أيها الرجال في حق النساء بالخير، وخصَّ النساء بالذكر لضعفهن واحتياجهن إلى من يقوم بأمرهن. يعني: اقبلوا وصيتي فيهن، واعملوا بها، واصبروا عليهن، وارفقوا بهن، وأحسنوا إليهن.

(2)

تعليل لما قبله، وفائدته بيان أنَّها خلقت من الضلع الأعوج.

ص: 409

الضِلَع أعْلاه، فإنْ ذهَبْتَ تُقيمُه كَسَرْتَه

(1)

، وإنْ تركْتَهَ لمْ يَزلْ أعوَجَ، فاسْتَوُصوا بالنساءِ".

رواه البخاري ومسلم وغيره.

وفي رواية لمسلم:

"إنَّ المرأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لنْ تَسْتقيمَ لكَ على طريقةٍ، فإنِ اسْتَمْتَعْتَ بِها اسْتَمْتَعْتَ بها وفيها عِوَجٌ، وإنْ ذَهبْتَ تُقيمُها كسرتَها، وكسرُها طلاقُها"

(2)

.

(الضِّلع) بكسر الضاد وفتح اللام، وبسكونها أيضاً، والفتح أفصح.

و (العِوَج) بكسر العين وفتح الواو، قيل: إذا كان فيما هو منتصب كالحائط والعصا قيل فيه: (عِوَج) بفتح العين والواو، وفي غير المنتصب كالدين والخلق والأرض ونحو ذلك يقال فيه:(عِوَج) بكسر العين وفتح الواو. قاله ابن السكيت.

1928 -

(7)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمِنةً، إنْ كرِهَ منها خُلُقاً رضيَ منها آخَرَ، أو قال: غيرَهُ".

رواه مسلم.

(يَفْرَك) بسكون الفاء وفتح الياء والراء أيضاً، وضمّها شاذ، أي: يبغض.

1929 -

(8)[صحيح] وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال:

قلتُ: يا رسولَ الله! ما حقُّ زوجة أحدِنا عليه؟ قال:

(1)

قيل هو ضربُ مثلٍ للطلاق؛ أي: إنْ أردت منها أنْ تترك اعوجاجها أفضى الأمر إلى طلاقها. والله أعلم.

(2)

قلت: له شاهد من حديث أبي ذر نحوه مختصراً، وزاد:"وإنْ تدعها (وفي رواية: تداريها) فإن فيها أوداً وبلغة". رواه البخاري في "الأدب المفرد"(747)، والدارمي (2/ 148)، وأحمد (5/ 150 - 151 و 169)، والبزار (1478 - كشف الأستار).

ص: 410

"أنْ تُطعِمَها إذا طعِمتَ، وتكسُوها إذا اكْتسَيتَ، ولا تضربِ الوجهَ، ولا تُقَبِّح، ولا تَهْجُرْ إلا في البيت".

رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه"؛ إلا أنَّه قال:

"إنَّ رجلاً سألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: ما حقُّ المرأَةِ على الزوجِ؟ " فذكره.

(لا تقبِّحْ) بتشديد الباء، أي: لا تسمعها المكروه ولا تشتمها، ولا تقل: قبَّحك الله، ونحو ذلك.

1930 -

(9)[حسن لغيره] وعن عمرو بن الأحوص الجُشَمِي رضي الله عنه:

أنَّه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في حِجةِ الوَداعِ يقولُ بعدَ أنْ حَمِدَ الله وأثْنَى عليه وذكَّرَ ووَعظَ ثمَّ قال:

"ألا واسْتَوْصوا بالنساءِ خَيْراً، فإنما هنَّ عَوانٍ عندَكم، ليسَ تملكونَ منهُنَّ شيْئاً غير ذلك، إلا أنْ يأْتينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنةٍ، فإنْ فَعلْنَ، فاهْجُرُوهُنَّ في المضَاجع واضْرِبوهُنَّ ضَرْباً غيرَ مُبَرِّح، فإنْ أطعْنَكم فلا تَبْغوا عليهِن سَبيلاً، ألا إنَّ لكُم عَلى نِسائكم حقّاً، ولنِسائكُمْ عليكم حقّاً، فحقَّكم عليهِنَّ أنْ لا يوطِئْنَ فُرُشَكم مَنْ تكرهونَ، ولا يأْذَنَّ في بيوتِكُمِ لِمنْ تَكْرَهون، ألا وحَقُّهُنَّ عليكم أنْ تُحْسِنوا إليْهِنَّ في كِسْوَتِهنَّ وطعامِهِنَّ".

رواه ابن ماجه والترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

(عَوانٍ) بفتح العين المهملة وتخفيف الواو، أي: أسيرات.

1931 -

(10)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا صلَّتِ المرأَةُ خمْسَها، [وصامَت شهرَها]

(1)

وحصَّنَتْ فَرْجَها،

(1)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "الصحيح"(1236 - الموارد)، ولم يستدركها المعلقون مدعو التحقيق! وتكرر السقط، وتكررت غفلتهم ولا مبالاتهم في (21 - الحدود/ 7)، وهي =

ص: 411

وأطاعَتْ بَعْلَها؛ دخَلَتْ مِنْ أيِّ أبْوابِ الجنَّةِ شاءَتْ".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

1932 -

(11)[حسن لغيره] وعن عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا صلَّتِ المرَأةُ خَمْسَها، وصامَتْ شَهْرَها، وحَفِظَتْ فرْجَها، وأطاعَتْ زَوْجَها، قيلَ لها: ادْخُلي الجنَّةَ مِنْ أي أَبوابِ الجنَّةِ شِئْتِ".

رواه أحمد والطبراني، ورواة أحمد رواة "الصحيح"؛ خلا ابن لهيعة، وحديثه حسن في المتابعات.

1933 -

(12)[صحيح] وعن حُصَين بْنِ مُحْصِنٍ:

أنَّ عَمَّةً له أتَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم[في حاجة، ففرغت من حاجتها]، فقال لها:

"أذاتُ زوج [أنت]؟ ".

قالَتْ: نعم. قال:

"كيف أنتِ له؟ ".

قالتْ: ما آلوه إلا ما عَجَزْتُ عنه. قال:

"فانظري أين أنت منه؛

(1)

فإنَّه جنَّتُكِ ونارُكِ".

رواه أحمد والنسائي بإسنادين جيدين، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

= ثابتة في "أوسط الطبراني" أيضاً (5/ 302) عن أبي هريرة، وفيه أيضاً (9/ 372) وأحمد (1/ 191) عن عبد الرحمن بن عوف، وهو في الكتاب بعد هذا، وعند البزار (4/ 177) عن أنس.

(1)

الأصل: "فكيف أنت له"، والتصويب من "المسند"(4/ 341) و"كبرى النسائي"(5/ 311)، وكذلك صححت منهما قوله صلى الله عليه وسلم:"كيف أنت له"، فقد كان الأصل:"فأين أنت منه"، أخطاء فاحشة لم يصححها مدعو التحقيق، ولا استدركوا الزيادة التي بين المعكوفتين!! نعم لقد استدركوا الزيادة الثانية [أنت]، وعلقوا عليها بقولهم:"ليست في (أ) والمثبت من مصادر التخريج" =

ص: 412

1934 -

(13)[حسن صحيح] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال:

أتى رجلٌ بابْنَتِه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ ابنتَي هذهِ أبَتْ أنْ تَتَزوَّجَ؛ فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أطيعي أباك".

فقالتْ: والَّذي بعَثَك بالْحَقِّ لا أتزَوَّجُ حتى تُخْبِرَني ما حَقُّ الزوجِ على زوْجَتِه؟ قال:

"حقُّ الزوجِ على زوْجَتِه؛ لو كانَتْ بِه قُرْحَةٌ فلَحَسَتْها، أوِ انْتَثَر مِنْخَراهُ صَديداً أوْ دَماً ثمَّ ابْتَلَعَتْهُ ما أدَّتْ حَقَّه".

قالَتْ: والَّذي بعَثَك بالْحَق لا أتَزَّوجُ أبَداً. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"لا تُنْكِحوهُنَّ إلاَّ بإذْنِهِنَّ".

رواه البزار بإسناد جيد رواته ثقات مشهورون، وابن حبان في "صحيحه".

1935 -

(14)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: أنا فلانة بنتُ فلانٍ. قال:

= ما شاء الله! ثم رأيت ما حملني أنْ أقول أنَّ هذه الأخطاء في متن الحديث هي من المؤلف نفسه -عفا الله عنا وعنه-، فقد رأيت الهيثمي في "مجمع الزوائد" قد ساق الحديث فيه (4/ 306) بالحرف الواحد كما هو في "الترغيب"! وهذا مما يؤكد لي أنَّه ينقل منه كثيراً من الأحاديث التي فيها بعض الأخطاء، ثم يعزوها إلى المصادر التي في "الترغيب" أو بعضها، وهذا ما وقع له هنا، فإنه قال عقب المتن المذكور:

"رواه أحمد، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، إلا أنه قال: (فانظري كيف أنت له) ".

قلت: والمتن المذكور يخالف أيضاً سياق الحديث في "الكبير" أيضاً (25/ 183 - 184/ 448 - 450) و"الأوسط"(1/ 321/ 532)، فكان على الهيثمي أنْ يسوق نص الحديث كما هو في مصدر من المصادر التي ذكرها، ويقول:"واللفظ لفلان" كما يفعل أحياناً، لا أنْ يقلد المنذري في نصه، ثم يصححُ منه بعضاً دون بعض ليقلده المعلقون الثلاثة، والله حسيبهم على تعديهم على هذا العلم وهم لمَّا يتحصرموا بعد!!

ص: 413

"قد عرفتُكِ فما حاجتُكِ؟ ".

قالت: حاجتي أن ابنَ عمي فلاناً العابد. قال:

"قد عرفتُه".

قالت: يخطبني، فأخبِرْني ما حق الزوج على الزوجة؟ فإنْ كان شيئاً أطيقُةُ تزوجتُه. قال:

"من حقه؛ أنْ لو سال منخراه دماً وقيحاً فلحسَتْه بلسانها؛ ما أدَّتْ حقه، ولو كان ينبغي لبشر أنْ يسجد لبشرٍ؛ لأمرت المرأة أنْ تسجد لزوجها إذا دخل عليها؛ لِمَا فضَّله الله عليها".

قالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج ما بقيت الدنيا.

رواه البزار والحاكم؛ كلاهما عن سليمان بن داود اليمامي عن القاسم بن الحكم، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

(قال الحافظ): "سليمان واهٍ، والقاسم تأتي ترجمته"[يعني في آخر الكتاب].

1936 -

(15)[صحيح لغيره] وعن أنسٍ بن مالكٍ رضي الله عنه قال:

كانَ أهلُ بيتٍ مِنَ الأنْصارِ لهم جملٌ يَسْنون عليه، وإنَّهُ اسْتَصْعَبَ عليهم فَمَنعهُمْ ظَهْرَه، وإنَّ الأنصارَ جاؤا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:

إنَّه كان لنا جَملٌ نَسْني عليه، وإنَّه اسْتصْعَبَ علينا، ومَنَعنَا ظَهرَه، وقد عَطِشَ الزرْعُ والنخْل؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأَصْحابِه:

"قوموا"، فقاموا، فدَخل الحائط، والجمل في ناحِيَةٍ، فمشى النبيُّ صلى الله عليه وسلم نحوه، فقال الأنصارُ: يا رسولَ الله! قد صار مِثْلَ الكَلْبِ الكَلِبِ، نخافُ عليك صَوْلَتَة، قال:

ص: 414

"لَيسَ عليَّ منه بأسٌ".

فلمَّا نظر الجملُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أقْبَلَ نحوَهُ حتى خرَّ ساجِداً بين يديه. فأخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بناصِيَته أذلَّ ما كانت قطُّ حتى أدْخَلَه في العَمَلِ، فقال له أصْحابُه: يا رسولَ الله! هذا بهَيمَةٌ لا يعْقِل يسجُدُ لكَ، ونحن نعْقِلُ، فنحنُ أحَقُّ أنْ نسجُدَ لَك؛ قال:

"لا يصْلُحُ لِبَشرٍ أنْ يَسْجُدَ لِبَشرٍ، ولو صَلُحَ لِبَشرٍ أنْ يَسْجُدَ لِبَشرٍ لأمَرْتُ المرأَةَ أنْ تَسْجدَ لزوجِها، لِعِظَمِ حقِّه عليها، لوْ كانَ مِنْ قَدَمِه إلى مفْرَقِ رأسِه فرْحَةٌ تَنْبَجِسُ بِالقَيْحِ والصديدِ، ثمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَستْهُ، ما أدَّت حَقَّهُ".

رواه أحمد بإسناد جيد، رواته ثقات مشهورون، والبزار بنحوه.

1937 -

(16)[صحيح لغيره] ورواه النسائي مختصراً

(1)

، وابن حبان في "صحيحه"، من حديث أبي هريرة بنحوه باختصار، ولم يذكر قوله:"ولو كان. . ." إلى آخره. وروي معنى ذلك في حديث أبي سعيد المتقدم [في الباب].

"قوله: (يسْنون عليه) بفتح الياء وسكون السين المهملة، أي: يستقون عليه الماء من البئر.

قوله: (والحائط): هو البستان.

(تَنْبَجِسُ) أي: تنفجر وتنبع.

(1)

قلت: إطلاق العزو للنسائي، وعطف ابن حبان: عليه يوهم أنَّه في "السنن الصغرى" ومن حديث أبي هريرة، ولم أجده إلا في "الكبرى" (5/ 363/ 9147) ومن حديث أنس بلفط:"لا يصلح لبشر أنْ يسجد لبشر، ولو صلح. . " إلخ. فلعل أصل العبارة: "والبزار بنحوه، والنسائي مختصراً. ورواه ابن حبان. . إلخ"، فتحرفت على النساخ. والحديث مخرج في "الإرواء"(7/ 54 - 58).

ص: 415

1938 -

(17)[صحيح] وعن ابن أبي أوفى قال:

لمّا قَدِمَ معاذُ بنُ جَبلٍ مِنَ الشامِ سَجَدَ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ما هذا؟ ".

قال: يا رسولَ الله! قدِمْتُ الشام، فوجَدْتُهم يَسْجدُونَ لِبطارِقَتِهِمْ وأساقِفَتِهمْ، فأرَدْتُ أنْ أَفْعَلَ ذلِكَ بِكَ. قال:

"فَلا تَفْعَلْ؛ فإنِّي لوْ أَمَرْتُ شيْئاً أنْ يَسْجُدَ لِشَيْءٍ؛ لأَمْرتُ المرأةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها، والَّذي نَفْسي بِيَدِه، لا تُؤَدِّي المرأةُ حقَّ ربِّها حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زوْجِها".

رواه ابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له.

[حسن صحيح] ولفظ ابن ماجه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"فلا تفْعَلُوا؛ فإنِّي لو كنتُ آمِراً أحَداً أنْ يَسْجُد لغَيْرِ الله؛ لأَمرْتُ المرْأَةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها. والذي نَفْسُ محمّدٍ بِيَدِه، لا تُؤَدِّي المرأَةُ حقَّ ربِّها حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زوجِها؛ ولو سَألَها نَفْسَها وهي على قَتَبٍ؛ لمْ تَمْنَعْه".

1939 -

(18)[حسن صحيح] وروى الحاكم المرفوع منه من حديث معاذ، ولفظه؛ قال:

"لوْ أَمْرتُ أحَداً أنْ يسجُدَ لأحَدٍ؛ لأمْرتُ المرأَةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها؛ مِنْ عِظَمِ حقِّه عَليْها، ولا تَجدُ امْرأَةٌ حلاوةَ الإيمان؛ حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زوْجِها، ولو سَألها نَفْسَها وهيَ على ظَهْرِ قَتَبٍ".

1940 -

(19)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"لو كنتُ آمِراً أحَداً أن يَسْجُد لأحدٍ؛ لأَمْرتُ المرْأَةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

ص: 416

1941 -

(20)[حسن لغيره] وعن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ألا أُخْبِرُكُم بِرِجالِكم في الجنَّةِ؟ ".

قلنا: بَلى يا رسولَ الله! قال:

"النبيُّ في الجنَّةِ، والصدِّيقُ في الجنَّةِ، والرجلُ يزورُ أخاه في ناحِيَةِ المصْر، لا يزورُهُ إلا لله في الجَنَّةِ.

أَلا أُخْبِرُكُمْ بنِسائِكُم في الجَنَّةِ؟ ".

قلنا: بلى يا رسولَ الله! قال:

"كلُّ وَدُودٍ وَلودٍ، إذا غَضِبَتْ، أوْ أُسِيءَ إليْها، أو غَضِبَ زوْجُها قالتْ: هذه يدي في يَدِك، لا أَكْتَحِلُ بغَمْضٍ حتى تَرْضَى".

رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في "الصحيح"؛ إلا إبراهيم بن زياد القرشي، فإنني لم أقف فيه على جرح ولا تعديل.

وقد روي هذا المتن من حديث ابن عباس وكعب ابن عجرة وغيرهما.

(1)

1942 -

(21)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يَحِلُّ لامْرأةٍ أنْ تَصومَ وزوجُها شاهِدٌ إلا بإذْنِه، ولا تَأذَنَ في بيْتِه إلا بإِذْنِه".

رواه البخاري -واللفظ له- ومسلم وغيرهما.

1943 -

(22)[صحيح] وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"المرْأَةُ لا تُؤَدِّي حَقِّ الله حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زوْجِها، حتَّى لوْ سَألها وهيَ على ظَهْرِ قَتَبٍ لمْ تَمْنَعْهُ نفسها".

رواه الطبراني بإسناد جيد.

(1)

هذه الأحاديث مخرِّجة في "الصحيحة"(287 و 3380)، وحديث ابن عباس قد أخرجه النسائي في "الكبرى" باختصار الشطر الأول منه.

ص: 417

1944 -

(23)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا ينظُرُ الله تبارك وتعالى إلى امْرأةٍ لا تشكرُ لزوْجِها؛ وهي لا تَستَغْني عنه".

رواه النسائي والبزار بإسنادين

(1)

رواة أحدهما رواة الصحيح، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1945 -

(24)[صحيح] وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لا تُؤْذي امْرأةٌ زوْجَها في الدنيا؛ إلا قالَتْ زوجَتُه مِنَ الحورِ العينِ: لا تُؤْذيه قاتَلكِ الله، فإنَّما هو عندَك دَخيلٌ، يوشِكُ أنْ يُفارِقَكِ إليْنا".

رواه ابن ماجه والترمذي وقال: "حديث حسن".

(يوشِكُ) أي: يقرب ويسرع ويكاد.

1946 -

(25)[صحيح] وعن طلق بن عليٍّ رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا دَعا الرجلُ زوجتَه لِحاجتِه؛ فَلْتَأْتِهِ وإنْ كانَتْ على التَّنّورِ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن"، والنسائي، وابن حبان في "صحيحه".

1947 -

(26)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذ دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشِه، فَلَمْ تَأْتِه، فباتَ غَضْبانَ عليها؛ لَعَنتْها الملائكةُ حتى تُصْبِحَ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

وفي رواية للبخاري ومسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

قلت: فيه نظر وإنْ تبعه الهيثمي (4/ 309) كما هي عادته، فإنَّه ليس له عند البزار إلا طريق واحد رقم (1460)، نعم له طريقان عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمرو، وإرادة هذا غير متبادر إلى ذهن القراء، كما أنَّه لا يتبادر إلى الذهن من عزوه للنسائي إلا "سننه الصغرى"، مع أنَّه لم يخرجه إلا في "الكبرى"، وهو مخرج في "الصحيحة"(289).

ص: 418

"والَّذي نفسي بيَده ما مِنْ رجلٍ يدْعُو امْرأتَهُ إلى فِراشِها، فتَأْبى عليه؛ إلا كانَ الذي في السماءِ ساخِطاً عليْها حتى يَرْضَى عنها".

[صحيح] وفي رواية لهما وللنسائي:

"إذا باتَتِ المْرأةُ هاجِرَةً فراشَ زوْجِها؛ لَعَنتْها الملائكة حتى تصبحَ".

[حسن صحيح] وروى الترمذي نحوه من حديث أبي أمامة وحسنه، وتقدم في إباق العبد [16 - البيوع/ 24].

1948 -

(27)[حسن] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اثْنانِ لا تجاوِزُ صلاتُهما رؤوسَهُما: عبدٌ أبقَ مِنْ مواليهِ حتى يرجعَ، وامْرَأةٌ عَصَتْ زوْجَها حتى ترجعَ".

رواه الطبراني بإسناد جيد والحاكم.

ص: 419

‌4 - (الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات، وترك العدل بينهن).

1949 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ كانَتْ عندَهُ امْرأَتانِ فَلمْ يَعْدِلْ بينهما؛ جاءَ يومَ القِيامةِ وشِقُّه ساقِطٌ".

رواه الترمذي وتكلم فيه، والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

ورواه أبو داود، ولفظه:

"مَنْ كانت لَهُ امْرأتانِ، فمالَ إلى إحداهما؛ جاءَ يومَ القِيامَة وشِقُّه مائِلٌ".

والنسائي، ولفظه:

"منْ كانَتْ لَهُ امْرَأتانِ يميلُ لإحْداهُما على الأُخْرى؛ جاءَ يومَ القيامة أحدُ شِقَّيه مائِلٌ".

ورواه ابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه" بنحو رواية النسائي هذه؛ إلا أنَّهما قالا:

"جاءَ يومَ القِيامَة وأحَدُ شِقَّيه ساقِطٌ".

1950 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضى الله عنهما قال: قال الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ المقْسِطينَ عندَ الله على منابِرَ مِنْ نورٍ عن يمينِ الرحمنِ، وكلْتا يديْهِ يَمينٌ، الذين يعدِلون في حكْمِهم وأهْليهم وما وَلَوا".

رواه مسلم وغيره.

ص: 420

‌5 - (الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال، والترهيب من إضاعتهم، وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن).

(قال الحافظ:)"وقد تقدم في "كتاب الصدقة" (باب في الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم) ".

1951 -

(1)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"دينارٌ أنفقتَه في سبيلِ الله، ودينارٌ أنفقتَهُ في رقَبَةٍ، ودينارٌ تصدَّقْتَ به على مسكينٍ، ودينارٌ أنفَقْتَهُ على أهْلِكَ؛ أعْظَمُها أجراً الَّذي أنْفَقْتَهُ على أهْلِكَ".

رواه مسلم

(1)

.

1952 -

(2)[صحيح] وعن ثوبانَ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أفْضَلُ دينارٍ ينفِقُهُ الرجلُ، دينارٌ ينفِقُه على عيالِه، ودينارٌ ينفِقُهُ على فَرَسهِ في سبيلِ الله، ودينارٌ ينْفِقُه على أصْحابِه في سبيلِ الله".

قال أبو قلابَة: بدأ بالعيالِ.

ثمَّ قال أبو قلابَة: أيُّ رجُلٍ أعْظَمُ أجْراً مِنْ رجُلٍ يُنْفِقُ على عيالٍ صِغارٍ يُعِفُّهم الله، أو يَنْفَعُهم الله به ويغْنيهمْ.

رواه مسلم والترمذي

(2)

.

1953 -

(3)[صحيح] وعن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال له:

(1)

قلت: والبخاري في "الأدب المفرد"(751).

(2)

والبخاري في "الأدب المفرد" أيضاً (748).

ص: 421

"وإنَّك لَنْ تُنفِقَ نفَقةً تبْتَغي بها وجْهَ الله إلا أُجِرْتَ عليها؛ حتَّى ما تَجْعَلُ في فِي امْرأَتِكَ".

رواه البخاري ومسلم في حديث طويل.

1954 -

(4)[صحيح] وعن أبي مسعودٍ البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا أنْفَق الرجُلُ على أهْلِهِ نفقةً وهو يَحْتَسِبُها؛ كانتْ له صدَقَةً".

رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.

1955 -

(5)[صحيح] وعن المقدام بن معد يكربٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما أطعَمْتَ نفْسَك فهو لكَ صدقةٌ، وما أطْعَمْتَ وَلدَك فهو لك صدقةٌ، وما أطْعَمْتَ زوْجتَكَ فهو لك صدَقَةٌ، وما أطْعَمْتَ خادِمَك فهو لكَ صدَقةٌ".

رواه أحمد بإسناد جيد

(1)

.

1956 -

(6)[حسن صحيح] وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"اليدُ العُلْيا أفْضَلُ مِنَ اليد السُفلى، وابْدَأ بمَنْ تعولُ، أُمَّك وأباك، وأختَك وأخاك، وأدْناكَ فأدْناكَ.

رواه الطبراني بإسناد حسن،

(2)

وهو في "الصحيحين" وغيرهما بنحوه من حديث

(1)

قلت: ورواه البخاري أيضاً في "الأدب المفرد" وغيره، وهو مخرَّج في "الصحيحة"(453). وكذلك رواه النسائي في "عشرة النساء"(ق 101/ 1).

(2)

قلت: فيه (10/ 229/ 10405) زياد بن عبد الرحمن القرشي، وثقه ابن حبان (4/ 256) ولم يذكروا له راوياً في كتب الرجال غير (عقيل بن طلحة)، ولذلك قال الذهبي في "الميزان":"لا يعرف". لكنَّ الراوي عنه لهذا الحديث (حرمي بن حفص القسملي)، وهو ثقة أيضاً، فلعله لذلك حسنه المؤلف، وتبعه الهيثمي (3/ 120) ولا سيما وله شواهد معروفة. أما جملة اليد، فيشهد لها حديث حكيم الذي أشار إليه المؤلف آتياً، وسائر شواهده في "الإرواء"(3/ 316 - 319).

ص: 422

حكيم بن حزام وتقدم [8 - الصدقات/ 4].

1957 -

(7)[حسن لغيره] وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ أَنفَقَ على نفسِه نفَقةً يَستَعِفُّ بها فهي صدَقةٌ، ومَنْ أنْفَق على امْرأَتِه ووَلدِه وأهلِ بيْتِه فهي صدَقَةٌ".

رواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن.

1958 -

(8)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصْحابِه:

"تَصدَّقوا".

فقال رجلٌ: يا رسولَ الله! عندي دينارٌ. قال:

"أنفِقْه على نفْسكَ".

قال: إنَّ عندي آخَرُ. قال:

"أنْفِقْهُ على زوْجَتِك".

قال: إنَّ عندي آخَرُ. قال:

"أنفِقْه على ولَدكَ".

قال: إنَّ عندي آخَرُ. قال:

"أنْفِقْه على خادِمِك".

قال: عندي آخَرُ. قال:

"أنْتَ أبْصَرُ بِهِ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"

(1)

، وفي رواية له:"تصدقَ" بدل "أنفقَ" في الكل.

(1)

قال الحافظ الناجي (169/ 2): "هذا عجيب، إذ الحديث عند أحمد وأبي داود والنسائي"، وهو مخرَّج عندي في "صحيح أبي داود"(رقم 1484).

ص: 423

1959 -

(9)[صحيح لغيره] وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال:

مَرَّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فرأى أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ جَلَدهِ ونَشاطِه، فقالوا:

يا رسولَ الله! لو كانَ هذا في سبيلِ الله! فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنْ كانَ خرجَ يَسْعى على ولَدِه صِغاراً فهو في سبيلِ الله، وإنْ كانَ خرجَ يَسْعَى على أَبَوْينِ شَيْخَيْنِ كبيرْينِ فهو في سبيلِ الله، وإنْ كانَ خرجَ يَسْعى على نفْسِه يُعِفُّها فهو في سبيل الله، وإنْ كانَ خَرج يَسْعى رِياءً ومُفاخَرةً فهو في سبيلِ الشيْطانِ".

رواه الطبراني ورجاله رجال "الصحيح". [مضى 16 - البيوع/ 1].

1960 -

(10)[حسن لغيره] وروي عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما أنفق المرء على نفسه وولده وأهلهِ وذي رحِمِه وقرابتهِ؛ فهو له صدقةٌ".

رواه الطبراني في "الأوسط"، وشواهده كثيرة.

1961 -

(11)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ المَعونَةَ تأْتِي مِنَ الله على قدْرِ المَؤُنَةِ، وإنَّ الصبرَ يأتي مِنَ الله على قَدْرِ البَلاءِ".

رواه البزار، ورواته محتج بهم في "الصحيح"؛ إلا طارق بن عمار، ففيه كلام قريب، ولم يترك، والحديث غريب.

(1)

(1)

قلت: لكنْ قد توبع طارق من غير واحد، ولذلك خرَّجته في "الصحيحة"(1664).

ص: 424

1962 -

(12)[حسن لغيره] وعن عمرو بن أمية قال:

مرَّ عثمانُ بنُ عفَّانَ أو عبد الرحمن بن عوف بِمِرْطٍ، واسْتَغْلاه، قال: فمُرَّ به على عمرِو بنِ أميَّةَ فاشْتَراه، فكَساه امْرأتَه سخيلةَ بنْتَ عُبَيْدة بنِ الحارِثِ بْنِ المطَّلِبِ، فمرَّ بهِ عثمانُ أو عبدُ الرحمنِ فقال: ما فَعلَ المِرْطُ الذي ابْتَعْتَ؟ قال عَمْرو: تَصدَّقْتُ به على سخيلةَ بنتِ عُبَيْدَةَ، فقال: إنَّ كلَّ ما صَنَعْتَ إلى أهلِكَ صدَقَةٌ؟ فقال عَمرٌو: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ ذلك. فذكرَ ما قال عَمْرٌو لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال:

صَدقَ عَمْروٌ، كلُّ ما صَنعْتَ إلى أهلِك؛ فهو صدَقَةٌ علَيْهِمْ".

رواه أبو يعلى والطبراني، ورواته ثقات.

[صحيح لغيره] وروى أحمد المرفوع منه، قال:

"ما أعطى الرجلُ أهلَه؛ فهوَ لهَ صَدقَةٌ"

(1)

.

(المِرط) بكسر الميم: كساء من صوف أو خز يؤتزر به.

1963 -

(13)[حسن لغيره] وروي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنَّ الرجلَ إذا سَقى امْرأَته مِنَ الماءِ أُجِرَ".

قال: فأَتَيْتُها فسَقَيْتُها، وحدَّثْتُها بما سمعتُ مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

رواه أحمد، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط".

(2)

(1)

قلت: وكذلك رواه النسائي في "عشرة النساء" من "الكبرى"(ق 101/ 1)، ورواه البزار (1507) مطولاً مع اختلاف يسير في بعض الجمل.

(2)

قلت: وكذا في "المجمع"(4/ 325) وقال: "وفيه سفيان بن حسين، وفي حديثه عن الزهري ضعف، وهذا منه"! وقلده الثلاثة (2/ 690)! وليس للزهري فيه ذكر! انظر "الصحيحة"(2736).

ص: 425

1964 -

(14)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما مِنْ يومٍ يُصبح العِبادُ فيه إلا مَلكانِ يَنْزِلان؛ فيقولُ أحَدُهما: اللهُمَّ أَعطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، ويقولُ الآخر: اللهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكاً تلفاً".

رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

(قال الحافظ) عبد العظيم: "وقد تقدم هذا الحديث وغيره في باب الإنفاق والإمساك"[15 - الصدقات/ 15].

‌1 - فصل

1965 -

(15)[حسن لغيره] عن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"كَفَى بِالمَرْء إثْماً أنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقوُت".

رواه أبو داود والنسائي والحاكم؛ إلا أنَّه قال:

"من يعول". وقال:

"صحيح الإسناد".

1966 -

(16)[حسن صحيح] وعن الحسن رضي الله عنه

(1)

عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الله سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا اسْتَرْعاهُ، حَفِظَ أمْ ضَيِّعَ، حتى يَسْألَ الرجُلَ عنْ أهلِ بيْتِه".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(1)

الترضي عن (الحسن) يشعر بأنهَّ ابن علي بن أبي طالب، وليس به، وإنما هو الحسن البصري التابعي رحمه الله، فهو مرسل، وقد أخرجه النسائي في "عشرة النساء" من "الكبرى" هو والذي بعده عن قتادة عن أنس، وعنه عن الحسن مثله، وصحح الدارقطني المرسل. انظر "الصحيحة"(1636).

ص: 426

1967 -

(17)[حسن صحيح] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله سائلٌ كلَّ راع عمَّا اسْترعاهُ حَفِظَ أم ضَيَّعَ، -زاد في رواية: حتى يَسْأَلَ الرجلَ عنْ أهلِ بيْتِهِ

(1)

-".

رواه ابن حبان في "صحيحه" أيضاً.

(قال الحافظ):

[صحيح] "وتقدم حديث ابن عمر [17 - النكاح/ 3] سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"كلُّكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّتِه، الإمامُ راعٍ ومسؤول عن رعيَّتهِ، والرجلُ راعٍ في أهلِه ومسؤول عن رعيَّتِه، والمرأة راعيةُ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيَّتها، والخادم راعٍ في مالِ سيِّدهِ ومسؤول عن رعيَّته، وكلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّتهِ".

رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

‌2 - فصل

1968 -

(18)[صحيح] عن عائشة رضي الله عنها قالت:

دخَلتْ عليَّ امْرأةٌ ومعَها ابْنَتانِ لها تسألُ، فلَمْ تَجِدْ عندي شيئاً غير تمْرةٍ واحدَةٍ، فأعطيتُها إيَّاها، فَقَسَمَتْها بينَ ابْنَتَيْها، ولمْ تأكُلْ منها شيئاً. ثمَّ قامَتْ فَخَرجتْ، فدَخل النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ علينا، فأخْبرْتُه، فقال:

"مَنِ ابْتُلِي مِنْ هذه البناتِ بشَيْءٍ فأحْسنَ إليْهِنَّ؛ كُنّ لَهُ سِتْراً مِنَ النارِ".

(1)

قلت: هذه الزيادة ليست عند ابن حبان إلا في حديث الحسن البصري المتقدم. نعم هي في حديث أنس عند النسائي في "الكبرى"(5/ 374/ 19173)، ثم ساقه عن الحسن قال:"مثله". فلو عزاه للنسائي كان أولى.

ص: 427

[صحيح لغيره] رواه البخاري ومسلم، والترمذي، وفي لفظ له:

"مَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنَ البَناتِ فَصَبر عليهنَّ؛ كنَّ له حِجاباً مِنَ النارِ".

1969 -

(19)[صحيح] وعنها قالتْ:

جاءتَنْي مِسكينَةٌ تَحْمِل ابْنَتَيْنِ لهَا، فأطْعَمْتُها ثلاثَ تَمْراتٍ، فأعْطَتْ كلَّ واحدةٍ منها تَمْرةً، ورَفَعتْ إلى فيها تَمْرةً لتأْكلَها، فاسْتَطْعَمَتْها ابْنتاها، فشَقّتِ التَمْرةَ التي كانتْ تريدُ أنْ تأْكُلَها بينهما، فأعْجبنَي شأنُها، فذكرتُ الذي صَنَعَتْ لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

"إنَّ الله قد أوجَبَ لها بهما الجنَّةَ، أوْ أعْتَقَها بِهِما مِنَ النارِ".

رواه مسلم.

1970 -

(20)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ عالَ جارِيتَيْنِ حتى تبلُغا؛ جاءَ يومَ القِيامَةِ أنا وهو. وضمَّ أصابِعَهُ".

رواه مسلم، واللفظ له.

[صحيح] والترمذي، ولفظه:

"مَنْ عالَ جارِيتَيْنِ؛ دَخَلْتُ أنا وهو الجَنَّةَ كهاتَيْنِ. وأشارَ بأصْبَعَيْهِ السبَّابَةِ والتي تَليها".

[صحيح] وابن حبان في "صحيحه"، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ عالَ ابْنَتيْنِ أو ثلاثاً، أو أُختَيْنِ أو ثَلاثاً حتى يَبِنَّ، أو يموتُ عَنْهُنَّ؛ كنتُ أنا وهو في الجنَّةِ كهاتَيْنِ. وأشارَ بأصْبَعيهِ السبابةِ والتي تليها".

1971 -

(21)[حسن لغيره] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِنْ مسلمٍ له ابْنَتانِ فيُحْسِنُ إليهما ما صَحِبَتاهُ أو صحِبَهُما؛ إلا أدْخَلَتاه الجنَّةَ".

ص: 428

رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، وابن حبان في "صحيحه" من رواية شرحبيل عنه، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

1972 -

(22)[حسن لغيره] وروى الطبراني عن عوف بن مالك رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما مِنْ مسلم يكونُ له ثلاثُ بناتٍ فينفقُ عليهنَّ حتى يَبِنَّ أو يَمُتْنَ؛ إلا كُنَّ له حِجاباً مِنَ النارِ".

فقالتْ له امْرأَةٌ: أوْ بِنْتانِ؟ قال:

"أوْ بِنْتانِ".

وشواهده كثيرة.

1973 -

(23)[صحيح لغيره] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ كان له ثلاثُ بناتٍ أو ثلاثُ أخَواتٍ، أوْ بِنتانِ، أو أُخْتانِ، فأحْسَن صُحبَتُهنَّ واتَّقى الله فيهِنَّ؛ فله الجنَّةُ".

رواه الترمذي، واللفظ له.

[صحيح لغيره] وأبو داود؛ إلا أنَّه قال:

"فأدَّبهنَّ وأحسَن إليْهِنَّ وزوَّجَهُنَّ؛ فله الجنَّةُ".

وابن حبان في "صحيحه". وفي رواية للترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يكونُ لأَحدِكُم ثلاثُ بناتٍ، أو ثلاثُ أخَواتٍ، فيُحْسِنُ إليْهِنَّ؛ إلا دَخَل الجنَّةَ".

(قال الحافظ:)"وفي أسانيدهم اختلاف ذكرته في غير هذا الكتاب".

ص: 429

1974 -

(24)[حسن لغيره] وعن المطلب بن عبد الله المخزومي قال:

دخلتُ على أمِّ سلمةَ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت:

يا بني! ألا أحدثُك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قلت: بلى يا أمَّه!

[حسن لغيره] قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من أنفق على ابنتين أو أختين أو ذواتَي قرابةٍ يحتسبُ النفقةَ عليهما حتى يغنيهما الله من فضله

(1)

، أو يكفيهما؛ كانتا له ستراً من النار".

رواه أحمد والطبراني من رواية محمد بن أبي حميد المدني، ولم يُتركْ، ومشّاه بعضهم، ولا يضر في المتابعات.

1975 -

(25)[صحيح لغيره] وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ كُنَّ له ثلاثُ بناتٍ يُؤوِيهنَّ وَيرحمهُنَّ ويَكْفَلهُنَّ؛ وجَبَت له الجنَّة ألبَتَّة".

قيل: يا رسولَ الله! فإنْ كانتا اثْنَتَيْنِ؟ قال:

"وإنْ كانَتا اثْنَتْينِ".

قال: فرأى بعضُ القومِ أنْ لَوْ قالَ: واحدَةً، لقال: واحدَة

(2)

.

رواه أحمد بإسناد جيد، والبزار، والطبراني في "الأوسط"، وزاد:

"ويزوّجُهُنَّ".

(1)

الأصل: "من فضل الله"، والتصحيح من "المسند"(6/ 293).

(2)

في النفس شيء من ثبوت قوله: "ألبتة"، وقوله:"قال: فرأى بعض. . ."، وقوله:"ويزوجهن" فإنَّ في سند الحديث ابن جدعان، وهو ضعيف، ولم أجد لهذه الزيادات شاهداً معتبراً، بخلاف الحديث، فله شواهد منها حديث عوف المتقدم، وآخر صححه الحاكم، وهو في الكتاب الآخر.

ص: 430

‌6 - (الترغيب في الأسماء الحسنة، وما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها).

1976 -

(1)[صحيح] وعن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

". . .

(1)

أحبُّ الأسْماءِ إلى الله عبدُ الله وعبدُ الرحمن".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

1977 -

(2)[حسن لغيره] وعن أبي وهبٍ الجُشَمِيِّ -وكانت له صحبةٌ- رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

". . .

(2)

أحبُّ الأسْماءِ إلى الله عبدُ الله وعبدُ الرحمن، وأصدَقُّها حارثٌ وهَمّامٌ، وأقْبَحُها حَرْبٌ ومُرَّة".

رواه أبو داود -واللفظ له- والنسائي.

وإنما كان حارث وهمام أصدق الأسماء؛ لأنَّ (الحارث): هو الكاسب، و (الهمام): هو الذي يهم مرة بعد أخرى، وكل إنسان لا ينفك عن هذين.

1978 -

(3)[صحيح] وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أحبُّ الكلامِ إلى الله أربعٌ: سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إلهَ إلا الله، والله أكبر. لا يضرك بأيّهن بدأت.

(1)

هنا في الأصل زيادة نصها: ("أحب الأسماء إلى الله ما عبد وما حمد". وفي رواية).

وهي زيادة باطلة لم ترد في المخطوطة وغيرها، والظاهر أنَّها مدرجة من بعض جهلة النساخ، فإنَّه لا أصل له بهذا اللفظ كما كنت بينته في "الضعيفة"(411)، وانظر الحديث (408) منه، وكنت نسبت الخطأ هنا إلى المؤلف رحمه الله، إحساناً مني الظن بمحقق الكتاب، فأستغفر الله من ذلك، وعفا عنا وعن محققه.

(2)

هنا في الأصل قوله: "تسموا بأسماء الأنبياء"، وهو من حصة "الضعيف".

ص: 431

لا تُسمِّيَنَّ غلامَك يَساراً، ولا رَباحاً، ولا نَجيحاً، ولا أَفْلَحَ؛ فإنَّك تقولُ:

أثَمَّ هو؟ فلا يكونُ فيقولُ: لا إنّما هنَّ أربعٌ، فلا تَزيدُنَّ عليَّ"

(1)

.

رواه مسلم -واللفظ له- وأبو داود والترمذي وابن ماجه مختصراً، ولفظه: قال:

نهانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ نسمِّيَ رقيقنَا

(2)

أربعةَ أسْماءٍ: أفْلَحَ، ونافعٍ، ورَباحٍ، ويَسارٍ.

1979 -

(4)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ أخْنَعَ اسمٍ عند الله رجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأمْلاكِ، -زاد في رواية:- لا مالِكَ إلا الله".

قال سفيانُ: مثل "شاهانشاه"

(3)

.

وقال أحمد بن حنبل: "سألت أبا عمرو (يعني الشيباني) عن "أخْنعَ"؟ فقال: أَوْضَعَ

(4)

".

رواه البخاري ومسلم.

[صحيح] ولمسلم:

"أغْيَظُ رجلٍ على الله يومَ القيامة، وأخْبَثُه رجلٌ [كان] يُسمَّى

(5)

مَلِكَ الأمْلاكِ. لا مَلِكَ إلا الله".

(1)

ظاهر السياق يدل على أنَّ قوله: "إنما هن أربع. . ." مرفوع من كلامه صلى الله عليه وسلم، ويؤكد ذلك أنَّ في رواية صحيحة لأحمد التصريح بذلك، ولذلك كنت خرجتها في "الصحيحة"(346)، وفي ذلك إبطال لقول من زعم أنَّه من قول الراوي ليس من الحديث. انظر "شرح مسلم" للنووي، والحاشية على "مسلم" طبع استنبول.

(2)

ليس هذا خاصاً بالأرقاء، بل هو بعض معنى (غلامك) في الرواية الأولى، ويؤيده تعليل النهي فيها بقوله:"فإنَّك تقول. . ."، وعليه يدل كلام النووي وغيره، ثم إنَّ هذا اللفظ قد رواه مسلم أيضاً، فكان على المؤلف أنْ يذكره ولا يهمله، كما أنَّ ابن ماجه روى الأربع كلمات أيضاً.

(3)

ومثله (قاضي القضاة) عند الحافظ العراقي وغيره. راجع "فتح الباري".

(4)

قال عياض: "معناه: أنَّه أشد الأسماء صغاراً، والخانع: الذليل. وإذا كان الاسم أذل الأسماء كان من تسمى به أشد ذلاً". "فتح".

(5)

الأصل: "رجل تسمى"، والتصويب من المخطوطة و"مسلم"(6/ 174).

ص: 432

‌فصل

1980 -

(5)[صحيح لغيره] عن عائشة رضي الله عنها:

أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغيِّرُ الاسْمَ القبيحَ.

رواه الترمذي وقال: "قال أبو بكرٍ بنُ نافعٍ: وربَّما قال عمرُ بنُ عليٍّ في هذا الحديث "هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: مرسل"، ولم يذكر فيه عائشة".

1981 -

(6)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما:

أنَّ ابْنةً لعمر كان يقالُ لها: (عاصيَة)، فسمّاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (جَميلَةَ).

رواه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي:"حديث حسن".

ورواه مسلم باختصار قال:

إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم غيّر اسْم (عاصِيةَ)؛ قال:

"أنتِ جَميلَةُ".

1982 -

(7)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

أنَّ زَيْنَبَ بِنتَ أبي سَلَمة كان اسْمُها (بَرَّة)، فقيلَ: تُزَكِّي نفسَها، فسمَّاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (زينبَ).

رواه البخاري ومسلم وابن ماجه وغيرهم.

1983 -

(8)[صحيح] وعن محمد بن عمرو بن عطاء قال:

سمَّيْتُ ابْنَتي بَرَّة، فقالتْ زينَبُ بنت أبي سَلَمةَ: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسْمِ، وسُمِّيتُ (بَرَّة)، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تُزَكَّوا أنفُسَكُم؛ الله أعلَمُ بأهلِ البِرّ منكُم".

فقالوا: بِمَ نسمِّيها؟ قال:

ص: 433

"سمُّوها زَيْنَبَ".

رواه مسلم وأبو داود.

قال أبو داود: "وغَيَّر رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم اسمَ العاصي، وعزيز، وعَتْلة، وشيْطانَ، والحَكَم، وغُرابَ، وحُبابَ، وشِهابَ، فسمَّاه: هشاماً، وسمَّى حَرْباً: سِلْماً، وسمّى المضطَجعَ: المُنْبَعِثَ، وأوْضاً تُسمَّى عَفِرَة، سماها: خَضِرَة، وشِعْبَ الضلالَةِ سماه: شِعبَ الهُدى، وبني الزَّنيَة سمَّاهم: بني الرِّشْدَة، وسمّى بني مُغوِيَةَ: بني رِشدَةَ". قال أبو داود:

"تركت أسانيدها اختصاراً

(1)

".

(قال الخطابي):

"أما (العاصي) فإنما غَيَّره كراهية لمعنى العصيان، وإنما سِمَة المؤمن الطاعة والاستسلام.

و (العزيز) إنما غيره لأنَّ العزة لله، وشعار العبد: الذلة والاستكانة.

و (عَتْلة) معناها الشدة والغلظة، ومنه قولهم: رجل عُتُلٌّ، أي: شديدٌ غليظٌ، ومن صفة المؤمن اللين والسهولة.

و (شَيْطانُ) اشتقاقه من الشطْن، وهو البعد من الخير، وهو اسم المارد الخبيث من الجن والإنس.

و (الحَكَم): هو الحاكم الذي لا يرد حكمه، وهذه الصفة لا تليق إلا بالله تعالى، ومن أسمائه الحكَمَ.

و (غراب) مأخوذ من الغَرْب، وهو البعد، ثم هو حيوان خبيث المطعم، أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله في الحل والحرم.

(1)

قلت: وكلها ثابتة الأسانيد، إلا تغيير اسم الغراب، ففيه ريطة بنت مسلم، وهي مجهولة. وإلا اسم حباب، وسيشير المؤلف قريباً إلى تضعيفه، وهي مخرجة في "صحيح أبي داود".

ص: 434

و (حُباب) يعني بضم الحاء المهملة وتخفيف الباء الموحدة: نوع من الحيَّاتِ، وروي

(1)

أنه اسم شيطان.

و (الشِّهابُ) الشعلة من النار، والنار عقوبة الله.

وأما (عَفِرَةُ) -يعني بفتح العين وكسر الفاء- فهي نعت الأرض التي لا تنبت فيها شيئاً، فسماها: خضرة على معنى التفاؤل حتى تُخضِر" انتهى

(2)

.

‌7 - (الترغيب في تأديب الأولاد).

[لم يذكر تحته حديثاً على شرط كتابنا].

(1)

قلت: فيه إشارة إلى ضعف الحديث المروي في ذلك، وبيانه في "الضعيفة"(3511).

(2)

يعني كلام الخطابي باختصار، وهو في "المعالم"(7/ 255 - 256).

ص: 435

‌8 - (الترهيب من أنْ يَنْتَسِبَ الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه).

1984 -

(1)[صحيح] عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَن ادَّعى إلى غيرِ أبيهِ وهو يعلَمُ أنَّه غيرُ أبيهِ؛ فالجنَّةُ عليه حرَامٌ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن سعد وأبي بَكْرة جميعاً.

1985 -

(2)[صحيح] وعن أبي ذرّ رضي الله عنه؛ أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ليسَ مِنْ رجلٍ ادّعَى لغيرِ أبيهِ وهو يعلَمْ؛ إلاَّ كَفَر، ومَنِ ادَّعى ما ليسَ له؛ فليسَ منَّا، ولْيَتبوَّأْ مقْعَدهُ مِنَ النارِ، ومَنْ دَعا رجلاً بالكُفْرِ، أو قال: عَدُوَّ الله! وليسَ كذلك؛ إلا حارَ عليهِ".

رواه البخاري ومسلم.

(حار) بالحاء المهملة والراء، أي: رجع عليه ما قال.

1986 -

(3)[صحيح] وعن يزيد بن شريك بن طارق التميمي قال:

رأيتُ عليّاً رضي الله عنه على المنْبَرِ يخطُبُ، فسمعتُه يقولُ:

لا والله ما عندَنا مِنْ كتابٍ نقْرَؤه إلا كتابَ الله، وما في هذه الصحيفَةِ، فَنَشرها، فإذا فيها أسْنان الإبِلِ، وأشياءٌ مِنَ الجِراحاتِ، وفيها: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"المدينةُ حرمٌ ما بين عَير إلى ثَوْرٍ، فَمَنْ أحْدَثَ فيها حَدَثاً، أوْ آوى مُحدِثاً، فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمَعين، لا يقبلُ الله منهُ يومَ القِيامَةِ عَدْلاً ولا صَرْفاً، وذِمَّةُ المسلمين واحِدَةٌ، يَسْعى بها أدْناهُم، فَمنْ أخْفَر مسلِماً فعليهِ لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجْمَعين، لا يقبلُ الله منهُ يومَ القيامَة عَدْلاً ولا صَرْفاً.

ص: 436

ومنِ ادَّعى إلى غير أبيه أو انْتمَى إلى غير مواليهِ فعليهِ لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجْمعينَ، لا يقبلُ الله منه يومَ القيامَةِ عَدْلاً ولا صَرْفاً.

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

(1)

1987 -

(4)[حسن صحيح] وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كُفرٌ

(2)

تَبرُّؤ مِنْ نَسبٍ وإنْ دَقَّ، وادِّعاءُ نسبٍ لا يُعْرَفُ".

رواه أحمد والطبراني في "الصغير". وعمرو يأتي الكلام عليه.

1988 -

(5)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنِ ادَّعى إلى غيرِ أبيه؛ لَمْ يَرُحْ رائحَةَ الجنَّةِ، إن ريحَها ليوجَدُ مِنْ قدرِ سبعينَ عاماً، أو مسيرةِ سبعينَ عاماً"

(3)

.

(1)

قلت: يعني في "الكبرى"(2/ 486/ 4277 و 4278)، وليس عنده، ولا عند المذكورين معه "رأيت علياً رضي الله عنه على المنبر"، وقد ساقه البخاري في خمسة مواضع (1870 و 3172 و 3179 و 6755 و 7300)، وكذلك ليست عند آخرين ممن خرجوا الحديث كابن حبان بروايتين (3708 و 3709)، وأحمد بثلاث روايات، وغيرهم، وهو مخرج في "الإرواء"(1058)، فالظاهر أنَّ المؤلف رواه بالمعنى ففي رواية البخاري الأخيرة بلفظ:"خطبنا علي رضي الله عنه على منبر من آجر، وعليه سيف فيه صحيفة معلقة، فقال. . .".

(2)

الأصل: (كفى)، والتصويب من مصادر التخريج، وقد أخرجوه من طرق عن عمرو بن شعيب. . وجهل ذلك كله المعلقون الثلاثة، فضعفوا الحديث بطريق أحمد قائلين (2/ 704):

"وذكره الهيثمي في "المجمع" (1/ 97)، وعزاه لأحمد والطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، قلنا (!): في إسناده المثنى بن الصباح ضعيف اختلط بأخرة"!

فأقول: المثنى متابع عند الطبراني من يحيى بن سعيد الثقة، ولذلك لم يعله به المنذري ولا الهيثمي، بل أشار هذا -كالمنذري- إلى تقويته بقوله بعد عزوه للثلاثة:

"وهو في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده".

مشيراً إلى احتجاج البخاري والأئمة بروايته، فحذف الجهلة قوله هذا ليستعلوا عليه باستدراكهم الذي يطفح استكباراً وجهلاً:"قلنا. ."! والله المستعان. والحديث مخرج في المجلد السابع من "الصحيحة"(3370).

(3)

قلت: شك أحد الرواة -وهو وهب بن جرير عندي- أنْ يكون الحديث بلفظ "قدر" أو "مسيرة"، ويرجح الثاني أنَّه رواه محمد بن جعفر بإسناد وهب باللفظ الثاني ولم يشك.

ص: 437

رواه أحمد.

(1)

1989 -

(6)[صحيح] وعنِ ابْنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنِ ادَّعى إلى غير أبيه أوْ تَولَّى غير مواليهِ، فعليهِ لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمعينَ".

رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه".

1990 -

(7)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنِ ادّعى إلى غيرِ أبيهِ أو انْتَمى إلى غير مواليهِ، فعليه لعنةُ الله المتَتَابِعَة إلى يومِ القِيامَةِ".

رواه أبو داود.

1991 -

(8)[صحيح لغيره] وعن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنِ ادَّعى نسباً لا يُعرَفُ كفر بالله، أو انْتَفى مِنْ نَسبٍ وإنْ دَقَّ كَفَر بالله".

رواه الطبراني في "الأوسط" من رواية الحجاج بن أرطاة، وحديث عمرو بن شعيب يعضده.

(1)

في الأصل هنا: "وابن ماجه؛ إلا أنه قال: "وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمئة عام". ورجالها رجال الصحيح. وعبد الكريم هو الجَزَري، ثقة احتج به الشيخان وغيرهما، ولا يُلتفت إلى ما قيل فيه".

قلت: هذا مسلّم، لكن الجزم بأنه الجزري فيه نظر، لأنه عند ابن ماجه (2611) عن محمد ابن الصباح: أنبأنا سفيان عن عبد الكريم عن مجاهد عن ابن عمرو. ومجاهد قد روى عنه الجزري هذا، وروى عنه عبد الكريم بن أبي أمية البصري، وهو ضعيف، وكل منهما روى عنه سفيان بن عيينة، وهو المراد هنا، وقد رواه الحكم بن عتيبة عن مجاهد بلفظ:"سبعين عاماً" كما تراه في رواية أحمد الصحيحة، وهذه مخالفة ظاهرة من عبد الكريم، وإذا كان من المحتمل أن يكون ابن أبي أمية الضعيف، فتعصيب المخالفة به أولى من تعصيبها بابن الجزري الثقة كما هو ظاهر لا يخفى بإذن الله تعالى.

ص: 438

‌9 - (ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحد فيما يذكر من جزيل الثواب).

1992 -

(1)[صحيح] عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِنْ مسلمٍ يموتُ له ثلاثةٌ لمْ يَبْلُغوا الحِنْثَ؛ إلا أدْخَلَهُ الله الجنَّة بفضلِ رحْمَتِه إيّاهُم".

رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه.

[صحيح لغيره] وفي رواية للنسائي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من احتسبَ ثلاثةً من صلبِهِ؛ دخلَ الجنةَ".

فقامت امرأةً فقالت: أو إثنان؟ فقال:

"أو اثنان".

(1)

[حسن صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه" مختصراً:

"مَنِ احْتَسَبَ ثلاثةٌ مِن صُلبِه دَخَلَ الجنةَ".

(الحِنْثُ) بكسر الحاء وسكون النون: هو الإثم والذنب. والمعنى: أنَّهم لم يبلغوا السن الذي تكتب عليهم في الذنوب.

1993 -

(2)[حسن] وعن عتبةَ بنِ عبدٍ السلمي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما مِنْ مسلمٍ يموتُ له ثلاثَة مِنَ الوَلدِ لمْ يَبْلُغوا الحِنْثَ؛ إلا تَلقَّوْهُ مِنْ

(1)

تمام الحديث في الأصل: "قالت المرأة: يا ليتني قلت: واحد". حذفتها لأنها ليست على شرط الكتاب، ففي إسناد النسائي وغيره أيضاً (عمران بن نافع)، وهو وإن وثقه النسائي فليس له إلا راوٍ واحد، ولذلك أشار الحافظ الذهبي إلى تليين توثيقه في "المغني"، وكذا الحافظ العسقلاني في قوله في "التقريب":"مقبول".

ص: 439

أبْوابِ الجنَّةِ الثمانِيَةِ منْ أيِّها شاءَ دخَلَ".

رواه ابن ماجه بإسناد حسن.

1994 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يموتُ لأَحدٍ مِنَ المسلمينَ ثلاثَةٌ مِنَ الوَلَد فتَمسَّه النارُ إلا تَحِلَّةَ القَسَمِ".

رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

[صحيح] ولمسلمٍ:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لِنسْوَةٍ منَ الأنْصارِ:

"لا يموتُ لإحْداكُنَّ ثلاثةٌ مِنَ الوَلدِ فتَحْتَسِبُه؛ إلاَّ دخَلَتِ الجنَّةَ".

فقالتِ امْرأَةٌ منهنَّ: أوِ اثْنانِ يا رسولَ الله؟ قال:

"أوِ اثْنانِ".

وفي أخرى له أيضاً قال:

أتتِ امْرأةٌ بصبي لها فقالَتْ: يا نبيَّ الله! ادعُ الله لي، فلَقَدْ دفنتُ ثلاثَةً. فقال:

"أدفَنْتِ ثلاثةً؟ ".

قالتْ: نَعم. قال:

"لقدِ احْتَظَرْتِ بِحِظارٍ شديدٍ مِنَ النارِ".

(الحِظَار) بكسر الحاء المهملة وبالظاء المعجمة: هو الحائط يجعل حول الشيء كالسور المانع، ومعناه: لقد احتميت وتحصنت من النار بحمى عظيم، وحصن حصين.

1995 -

(4)[صحيح] وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما مِنْ مُسْلِمَيْنِ يموتُ بينهُما ثلاثَةٌ مِنَ الولَدِ لمْ يَبْلُغوا الحِنْثَ؛ إلا

ص: 440

أدْخَلَهُما الله الجنَّة بفضْلِ رحمَتهِ إيَّاهُمْ".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

1996 -

(5)[صحيح] وهو في "المسند" من حديث أم أنس بن مالك.

1997 -

(6)[صحيح] وفي "النسائي" بنحوه من حديث أبي هريرة، وزاد فيه: قال:

"يُقالُ لهمُ: ادْخُلوا الجنَّة، فيقولونَ: حتَّى تَدخلَ آباؤنا. فيقالُ لهم:

ادْخُلوا الجنَّةَ أنتم وآباؤكم".

1998 -

(7)[صحيح] وعن أبي حسّان قال: قلت لأبي هريرة:

إنَّه قد ماتَ لي ابْنان فما أنتَ مُحَدِّثي عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بحديثٍ تُطيِّبُ [به] أنفُسَنا عن موتانا؟ قال: نعم،

"صِغارُهم دَعاميصُ الجنَّةِ، يَتلقَّى أحدُهم أباه، أو قال: أبويه، فيأخذُ بثوِبه، أو قال: بيدِه، كما آخذ أنا بصَنَفَةِ ثوِبك هذا، فلا يتَناهى -أوْ قال: ينتهي- حتى يُدخِلَهُ الله وأباهُ الجنَّةَ".

رواه مسلم

(1)

.

(الدَّعامِيصُ) بفتح الدال جمع (دُعموص) بضمها: وهي دويبة صغيرة يضرب لونها إلى السواد تكون في الغُدران إذا نشفت. شبه الطفل بها في الجنة لصغره وسرعة حركته.

وقيل: هو اسم للرجل الزوّار للملوك، الكثير الدخول عليهم والخروج، لا يتوقف على إذن منهم، ولا يخاف أين ذهب من ديارهم، شبه طفل الجنة به لكثرة ذهابه في الجنة حيث شاء، لا يمنع من بيت فيها ولا موضع. وهذا قول ظاهر. والله أعلم.

(1)

قلت: وأحمد أيضاً (2/ 510)، وفيه أنَّه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو رواية لمسلم (8/ 40)، والزيادة منه، وفيه ما أثبته أعلاه:"وأباه الجنة". وقال الناجي: "الصواب: "وأبويه" بالتثنية"، ولم أرتح له، لمخالفته لرواية مسلم وأحمد أيضاً.

ص: 441

و (صَنَفَة) الثوب بفتح الصاد المهملة والنون بعدهما فاء وتاء تأنيث: هي حاشيته وطرفه الذي لا هُدْبَ له. وقيل: بل هي الناحية ذات الهدب.

1999 -

(8)[صحيح] وعن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال:

جاءَتِ امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالتْ: يا رسولَ الله! ذهَبَ الرِجالُ بحديثِكَ، فاجْعَلْ لنا مِنْ نفسِك يوماً نأتيكَ فيه، تُعلِّمُنا ممَّا علّمكَ الله. قال: "اجْتَمِعْنَ يومَ كذا وكذا، في مَوْضع كذا وكذا

(1)

". فاجْتَمْعَن، فأتاهُنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فعلَّمهنَّ ممَّا علَّمهُ الله؛ ثم قال:

"ما مِنكنَّ منِ امْرَأةٍ تقدِّمُ ثلاثَةً مِنَ الوَلدِ؛ إلا كانوا لَها حِجاباً مِنَ النارِ".

فقالتِ امْرأَةٌ: واثْنَيْنِ، [واثنين، واثنين]؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"واثْنَيْنِ، [واثنين، واثنين] ".

رواه البخاري ومسلم.

2000 -

(9)[صحيح] وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنَّه قال:

"مَنْ أثْكَل ثلاثَةً مِنْ صُلبِه فاحْتَسَبَهُم على الله، [قال أبو عشانة مرة:] في سبيلِ الله عز وجل؛ وجَبَتْ لَه الجنَّةُ".

رواه أحمد والطبراني، ورواته ثقات.

(2)

(1)

ليس عند مسلم (8/ 39) والسياق له: "في موضع كذا وكذا"، وإنما هو للبخاري، إلا أنَّه قال:"مكان" بدلاً "موضع" انظر "مختصر صحيح البخاري"(96 - كتاب /9 - باب). والمكان المشار إليه كان بيتاً لأحدهم كما في حديث أبي هريرة في هذه القصة، وهو مخرج في "الصحيحة"(2680)، وقد نبهت هناك على بدعية تدريس المرأة في المسجد على النساء كما يفعل بعضهن في دمشق وغيرها. وصدق نبينا القائل:(وبيوتهنَّ خير لهن). والزيادتان من "الصحيحين".

(2)

قلت: وإسناد الطبراني صحيح، وخفي ذلك على الشيخ الناجي، فتعقبه بقوله (ق 171/ 1):"كيف وفيه ابن لهيعة؟! ". وإنما هو في إسناد أحمد فقط! ونقله عنه المعلقون الثلاثة (2/ 710)، ولم يتعقبوه لعجزهم عن الرجوع إلى الأصول! وهو مخرج في "الصحيحة"(2296).

ص: 442

2001 -

(10)[حسن] وعن عبد الرحمن بن بشير الأنصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ مات له ثلاثَةٌ مِنَ الوَلدِ لمْ يَبْلُغوا الحِنْثَ؛ لَمْ يَردِ النارَ إلا عابِرَ سبيلٍ. يعني الجوازَ على الصِّراط".

رواه الطبراني بإسناد لا بأس به، وله شواهد كثيرة

(1)

.

2002 -

(11)[صحيح لغيره] وعن أبي أُمامَة عن عَمْرِو بنِ عَبْسَة قال: قلتُ له حدَّثْنا: حديثاً سمعتَهُ مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ليسَ فيه انْتِقاصٌ ولا وَهْمٌ، قال: سمعتُه يقولُ:

"مَنْ وُلِدَ له ثلاثَةُ أولادٍ في الإسْلامِ، فماتوا قبْلَ أنْ يَبْلُغوا الحِنْثَ؛ أدْخَلَهُ الله الجنَّةَ بِرَحْمتهِ إيَّاهُمْ، ومَنْ أَنْفقَ زوْجَيْنِ

(2)

في سبيلِ الله فإنَّ لِلْجَنَّةِ ثمانِيَة أبْوابٍ يُدْخِلُهُ الله مِنْ أيِّ بابٍ شاءَ منها الجنَّةَ".

رواه أحمد بإسناد حسن.

2003 -

(12)[صحيح] وعنْ حَبيبَةَ:

أنَّها كانَتْ عند عائشَةَ رضي الله عنها، فجاءَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى دَخَل عليها فقال:

"ما مِنْ مُسلمَيْنِ يموتُ لهما ثلاثَةٌ مِنَ الوَلدِ لمْ يَبْلغُوا الحِنْثَ؛ إلا جيءَ بهِمْ يومَ القِيامَةِ حتى يوقَفوا على بابِ الجنَّةِ، فيقالُ لهم: ادْخُلوا الجَنَّةَ.

(1)

قلت: منها الحديث الثالث في الباب.

(2)

أي: شيئين من أي نوع كان ينفق. و (الزوج) يطلق على الواحد وعلى الاثنين، وهو هنا على الواحد جزماً. وقد جاء تفسيره في بعض الأحاديث: إنْ كانت رحالاً فرحلان، وإنْ كان خيلاً ففرسان، وإنْ كانت إبلاً فبعيران، حتى عدَّ أصناف المال كله.

ص: 443

فيقولون: حتى تَدْخُلَ آباؤنا. فيقالُ لهم: ادْخُلوا الجنَّةَ أنتُم وآباؤكُمْ".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن جيد.

2004 -

(13)[صحيح لغيره] وعن زهير بن علقمة رضي الله عنه قال:

جاءَتِ امْرأَةٌ مِنَ الأنْصارِ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في ابْنٍ لها ماتَ، فكأنَّ القومَ عَنَّفوها، فقالتْ: يا رسولَ الله! قد ماتَ لي ابْنانِ منذُ دَخَلْتُ في الإسْلامِ سوى هذا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"والله لقدِ احْتَظَرْتِ مِنَ النارِ بِحِظارٍ شديدٍ".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد صحيح

(1)

.

وتقدم معنى (الحظار)[تحت الحديث 3 في الباب].

2005 -

(14)[صحيح لغيره] و [رواه] الحاكم [يعني حديث الحارثِ بن أَقْيش

(2)

رضي الله عنه]، وقال:"صحيح على شرط مسلم"، ولفظه: قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ما من مسلمَين يقدِّمان ثلاثة لم يبلغوا الحِنثَ إلا أدخلَهُما الله الجنةَ بفضلِ رحمتِه إياهم".

قالوا: يا رسول الله! وذو الاثنين؟ قال:

"وذو الاثنين. إنَّ مِنْ أُمَّتي مَنْ يَدْخُلُ الجنَّةَ بِشفاعَتِهِ أكثَرُ مِنْ مُضَرَ. .

(3)

".

(1)

قلت: نعم إنْ ثبتت صحبة زهير، ففيها خلاف. انظر "الإصابة"، ثم إن الحديث رواه البزار أيضاً مختصراً (858)، لكنْ بلفظ:"بابن لها" دون قوله: "مات". ولذلك أورده الهيثمي (3/ 8) في "باب من مات له ابنان"، وغاير بينه وبين حديث الطبراني، فأورد هذا في باب قبله "في موت الأولاد"، وسقط منه "في ابن لها مات"!.

(2)

بالقاف والمعجمة مصغرًا، وقد تبدل الهمزة واواً.

(3)

هنا زيادة فيمن يعظم للنار ليست من شرط "الصحيح"، فحذفتها، فانظرها إن شئت في "الضعيف".

ص: 444

2006 -

(15)[حسن صحيح] وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ ماتَ له ثلاثَةٌ مِنَ الولدِ فاحْتَسَبهُمْ؛ دخَلَ الجنَّة".

قال: قلنا: يا رسولَ الله! واثْنانِ؟ قال:

"واثْنانِ".

قال محمود -يعني ابن لبيد-: فقلت لجابر: أراكم لو قلتُمْ: وواحد؟

لقالَ: وواحد. قال: وأنا [والله]

(1)

أظُنُّ ذلِكَ.

رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه".

2007 -

(16)[صحيح] وعن قُرَّةَ بْنِ إياسٍ رضي الله عنه:

أنَّ رجلاً كان يأتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم ومعه ابنٌ له، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"أتُحِبُّه؟ ".

قال: نعم يا رسول الله! أحبَّك الله كما أحِبُّه. فَفقَدهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:

"ما فعلَ ابْنُ فلانٍ"

(2)

.

قالوا: يا رسول اللهً! ماتَ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبيهِ:

"ألا تُحِبُّ أنْ لا تأتيَ باباً مِنْ أبْوابِ الجنَّةِ إلا وَجَدْتَهُ ينْتَظِرُكَ؟ ".

فقال رجلٌ

(3)

: يا رسول الله! أله خاصَّةً، أم لكلنا؟ قال:

"بل لِكُلِّكُمْ".

(1)

زيادة من المصدرين المذكورين، والسياق لأحمد، وسنده حسن، ومنه صححت بعض الأخطاء كانت في الأصل، غفل عنها المعلقون كعادتهم!

(2)

الأصل: "فلان بن فلان"، وكذا في "المجمع"، والذي أثبته في "المسند"، ولعله أصح.

(3)

وقع في "المسند"(5/ 35): (الرجل)، والصواب ما هنا، وكذلك في "المجمع" (3/ 10) فإنَّ في رواية البيهقي:"رجل من الأنصار"، والحديث مخرج في "أحكام الجنائز"(205 - المعارف).

ص: 445

رواه أحمد، ورجاله رجال "الصحيح"، والنسائي، وابن حبان في "صحيحه" باختصار قول الرجل:"ألَهُ خاصَّة،. . ." إلى آخره.

[صحيح] وفي رواية: للنسائي قال:

كانَ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسَ جلسَ إليه نَفَرٌ مِنْ أصحابِه، فيهم رجلٌ له ابنٌ صغيرٌ يأتيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِه فيُقعِدُه بين يديه، فهَلَك، فامْتَنع الرجلُ أنْ يحضُر الحلَقَة لِذكْرِ ابْنه، [فَحزِنَ عليه،] فَفقَده النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:

"ما لي لا أرى فلاناً؟ ".

قالوا: يا رسولَ الله! بُنَيُّه الذي رأيتَه هلَك. فلقيَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فسأله عَنْ بُنَيِّه؟ فأخبَرهُ أنَّه هلَكَ. فعزَّاه عليه، ثم قال:

"يا فلانُ! أَيُّما كان أحبُّ إليكَ أن تَتَمَتَّعَ به

(1)

عُمُرَكَ، أوْ لا تأتي [غداً] إلى بابٍ مِنْ أبْوابِ الجنَّةِ إلا وَجَدْتَهُ قد سَبَقك إليه يَفْتَحهُ لك؟ ".

قال: يا نبيَّ الله! بَلْ يَسْبِقُني إلى بابِ الجنَّةِ، فَيَفْتَحُها [لي]، لَهُوَ أحبُّ إليَّ. قال:

"فذاك لَكَ".

2008 -

(17)[صحيح لغيره] وعن معاذٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

. . . . . . . . . . . . . . . . .

"والَّذي نفْسي بيده إنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ أمِّه بسَرَرِه إلى الجنَّةِ إذا احْتَسَبتهُ".

رواه أحمد والطبراني، وإسناد أحمد حسن، أو قريب من الحسن

(2)

.

(1)

كذا الأصل والمخطوطة. وفي النسائي (تُمتَّع).

(2)

قلت: لكن جملة السقط هذه لها شاهد من حديث عبادة، وآخر من حديث علي، وهذا في "المشكاة"(1757). والسطر المشار إليه بنقاط من حصة "الضعيف".

ص: 446

(السّرَرِ) بسين مهملة وراء مكررة محركاً: هو ما تقطعه القابلة، وما بقي بعد القطع فهو السُّرَّة.

2009 -

(18)[صحيح] وعن أبي سلمى راعي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"بخ بخٍ، -وأشار بيده لِخَمْسٍ- ما أثْقَلهُنَّ في الميزانِ: سُبْحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلاَّ الله، والله أكبرُ. والوَلَد الصالِحُ يُتَوَفَّى للِمَرْءِ المسلمِ، فيحتَسِبُه".

رواه النسائي، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له، والحاكم. [مضى 14 - الذكر / 7].

2010 -

(19)[صحيح لغيره] ورواه البزار من حديث ثوبان؛ وحسن إسناده.

2011 -

(20)[صحيح لغيره] والطبراني من حديث سفينة؛ ورجاله رجال "الصحيح"، وتقدم [هناك].

2012 -

(21)[حسن لغيره] وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا ماتَ ولَدُ العبدِ قال الله لملائكَتِه: قبضْتُمْ وَلدَ عبْدي؟ فيقولونَ: نَعَمْ. فيقولُ: قبَضْتُم ثَمْرةَ فؤادِه؟ فيقولونَ: نَعمْ. فيقول: ماذا قالَ عبْدِي؟ فيقولونَ: حمِدَكَ واسْتَرْجعَ. فيقولُ [الله تعالى]: ابْنُوا لِعبْدي بَيتاً في الجنَّةِ، وسَمُّوهُ بيتَ الحَمْدِ".

رواه الترمذي، وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي:"حديث حسن غريب".

ص: 447

‌10 - (الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده).

2013 -

(1)[صحيح] عن بُرَيْدةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ليسَ منّا مَنْ حلَف بالأمانَةِ، ومن خَبَّبَ على امْرئٍ زوجتَه أوْ مَمْلوكَه فليسَ مِنَّا".

رواه أحمد بإسناد صحيح -واللفظ له- والبزار، وابن حبان في "صحيحه".

(خَبَّبَ) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأُولى؛ معناه: خدع وأفسد.

2014 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ليس مِنّا مَنْ خَبَّبَ امْرأَةً على زَوْجِها، أو عبْداً على سيِّدهِ".

رواه أبو داود -وهذا أحد ألفاظه- والنسائي وابن حبان في "صحيحه"، ولفظه:

"مَن خَبَّبَ عبداً على أهلِه فليسَ مِنَّا، ومَنْ أفْسَد امْرأةً على زوجِها فليسَ مِنَّا".

2015 -

(3)[صحيح لغيره] رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" بنحوه من حديث ابن عمر.

2016 -

(4)[صحيح لغيره] ورواه أبو يعلى والطبراني بنحوه في "الأوسط" من حديث ابن عباس.

ورواة أبي يعلى كلهم ثقات.

2017 -

(5)[صحيح] وعن جابرٍ رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ إبليسَ يضعُ عرشَه على الماءِ، ثمَّ يبعثُ سراياه، فأدْناهُم منه منزِلةً

ص: 448

أعظمُهم فِتْنةً؛ يجيءُ أحدُهم فيقولُ: فعلتُ كذا وكذا. فيقولُ: ما صنعتَ شْيئاً. ثُمَّ يجيءُ أحدُهم فيقولُ: ما تركْتُه حتى فَرَّقْتُ بينه وبينَ امْرأَتِه! فيُدْنيهِ منه ويقولُ: نِعْمَ أنتَ. فيَلْتَزِمُه"

(1)

.

رواه مسلم وغيره.

(1)

قلت: لفظ مسلم (8/ 138): "نعم أنت. قال الأعمش: أراه قال: فيلتزمه". وهذا السياق يحتمل أن الأعمش شك في هذه الزيادة "فيلتزمه"؛ هل قالها الراوي أم لا؟ وعليه جرى المؤلف، حيث ضمها إلى أصل الحديث، ويحتمل: أنَّ شكه إنما كان هل قال الراوي: "فيدنيه منه"، أم قال:"فيلتزمه"، ولم يجمع بينهما، وهذا أقرب عندي لرواية أحمد (3/ 314 - 315) بلفظ:"قال: فيدنيه منه، أو قال: فيلزمه ويقول: نعم أنت. قال أبو معاوية (وهو الراوي عن الأعمش) مرة: فيدنيه منه".

قلت: فجزم بهذا مرة ولم يشك. والله أعلم. وقد صح الحديث بأتم منه من رواية أبي موسى الأشعري مرفوعاً، وسيأتي (21 - الحدود/ 9)، فانظره هناك. وراجع له "الصحيحة"(3261) و"الضعيفة"(6102)، فإن في رواية حديث جابر اختصاراً مخلاً، يطول الكلام ببيانه، والتفصيل في "الضعيفة".

ص: 449

‌11 - (ترهيب المرأة أن تسألَ زوجَها الطلاقَ من غير بأس).

2018 -

(1)[صحيح] عن ثوبان رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"أيُّما امْرأةٍ سألتْ زوجَها طلاقَها مِنْ غيرِ ما بأسٍ؛ فحرامٌ عليها رائحة الجنَّةِ".

رواه أبو داود، والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي في حديث

(1)

قال:

"وإنَّ المخْتَلِعاتِ [والمنتزعات] هنَّ المنافِقاتً، وما مِنِ امْرأَةٍ تسألُ زوجَها الطلاقَ مِنْ غَيْرِ بأسٍ؛ فتجد ريحَ الجنَّةِ، أو قال: رائِحة الجنَّةِ".

(1)

لم أعرف هذا الحديث، ولا أظن أنَّه روي هكذا، وإنما هو من أوهام المؤلف رحمه الله، ركبه من حديثين عند البيهقي (7/ 316)، أحدهما عن أبي هريرة بالجملة الأولى، والزيادة منه، والآخر: عن ثوبان، وهو الذي قبله. وهذا مخرج في "الإرواء"(7/ 100)، والذي قبله في "الصحيحة"(632)، وأما المعلقون الثلاثة فخرَّجوا وخلطوا ولم يميزوا كعادتهم.

ص: 450

‌12 - (ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطَّرة متزيِّنة).

2019 -

(1)[حسن] عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"كلُّ عينٍ زانِيَةٌ، والمرأةُ إذا اسْتَعْطَرَتْ فمَرَّتْ بالْمجلِسِ فهي كذا وكذا. يعني زانِيةٌ".

رواه أبو داود والترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

[حسن] ورواه النسائي، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، ولفظهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"أيُّما امْرأَةٍ اسْتَعْطَرتْ فمرَّتْ على قومٍ لِيَجدوا ريحَها فهيَ زانِيَةٌ، وكلُّ عينٍ زانِيَةٌ".

ورواه الحاكم أيضاً وقال: "صحيح الإسناد".

2020 -

(2)[حسن لغيره] وعن موسى بن يسار قال:

مرَّتْ بأبي هريرةَ امرأةٌ وريحُها تَعصِفُ. فقال لها: أينَ تُريدين يا أمَةَ الجبَّارِ؟ قالتْ: إلى المسجدِ. قال: وتطَيَّبْتِ؟ قالتْ: نعم. قال: فارْجِعي فاغْتَسلِي، فإنَّني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا يقبَلُ الله مِنِ امْرأةٍ صلاةً خرجَتْ إلى المسجِد وريحُها تعْصِفُ حتى ترجعَ فتَغْتَسِلَ".

رواه ابن خزيمة في "صحيحه" قال: "باب إيجاب الغسل على المطيبة للخروج إلى المسجد، ونفي قبول صلاتها إنْ صلت قبل أن تغتسل، إنْ صح الخبر"

(1)

.

(1)

"صحيح ابن خزيمة"(3/ 91)، وموسى بن يسار هو الأردني ولم يسمع من أبي هريرة، ولذلك ذكرت في تعليقي على "الصحيح" أنَّه منقطع، وقول المصنف أنَّه متصل يبدو لي أنَّه ظن بأنَّ موسى هذا هو ابن يسار المدني وهو وهم؛ فإنَّ هذا لم يرو عنه الأوزاعي، وهذا من روايته عنه. نعم الحديث حسن كما بينت هناك، رقم الحديث (1682).

ص: 451

(قال الحافظ): "إسناده متصل، ورواته ثقات، وعمرو بن هاشم البيروتي ثقة، وفيه كلام لا يضر"

(1)

.

[حسن لغيره] ورواه أبو داود وابن ماجه من طريق عاصم بن عبيد الله العمري، وقد مشاه بعضهم، ولا يحتج به، وإنما أُمِرَتْ بالغُسل لذَهابِ رائحَتِها. والله أعلم.

2021 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أيُّما امْرَأةٍ أصابَتْ بَخُوراً فلا تَشهدَنَّ معَنا العِشَاءَ -قال ابن نفيل:- الآخِرَةَ".

رواه أبو داود، والنسائي وقال:

"لا أعلم أحداً تابع يزيدَ بن خُصَيفة عن بُسر بن سعيد على قوله: "عن أبي هريرة".

وقد خالفه يعقوب بن عبد الله بن الأشج؛ رواه عن زينب الثقفية".

ثم ساق حديث بُسر عن زينب من طرق به.

(2)

(قال الحافظ):

"وتقدم في "كتاب الصلاة" [5/ 12] جملة أحاديث في صلاتهن في بيوتهن".

(1)

قلت: هو صدوق يخطئ، لكنَّه منقطع بين موسى بن يسار وأبي هريرة كما في "التهذيب"، لكنَّه يتقوى، بطريق عاصم العمري، رواه عن عبيد مولى أبي رُهْم عن أبي هريرة، وهو مخرج في "الصحيحة"(1031) و"جلباب المرأة"(138).

(2)

قلت: يزيد -وهو ابن عبد الله- بن خصيفة، ثقة من رجال الشيخين، فلا وجه لتوهيمه بإسناده عن أبي هريرة، ولذلك أخرجه مسلم عنه (2/ 34)، كما أخرجه من طريق غيره من حديث زينب بل إنَّ إسناده عن الأول أصح، لأنَّ في إسناد الآخر محمد بن عجلان، وفيه كلام معروف، ولذلك إنما أخرج له مسلم في الشواهد.

ص: 452

‌13 - (الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين).

2022 -

(1)[صحيح لغيره] وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها:

أنَّها كانتْ عندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم والرجالُ والنساءُ قعودٌ عندَه، فقال:

"لعلَّ رجلاً يقولُ ما فعلَ بأهْلهِ، ولعلَّ امْرأةً تُخبِرُ بِما فعلَتْ معَ زوْجِها".

فأرَمَّ القومُ، فقلْتُ: أيْ والله يا رسولَ الله! إنَّهم لَيفْعلون، وإنَّهُن ليفْعَلْنَ. قال:

"فلا تَفْعلوا، فإنَّما مثلُ ذلك شيطانٌ لِقيَ شَيْطانَة، فغَشِيَها والناسُ يَنْظُرونَ".

رواه أحمد من رواية شهر بن حوشب

(1)

.

(أَرَمَّ القوم) بفتح الراء وتشديد الميم، أي: سكتوا. وقيل: سكتوا من خوف ونحوه.

2023 -

(2)[حسن لغيره] وروي عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ألا عَسى أحدَكم أنْ يخْلُوَ بأهلهِ؛ يُغْلِقُ باباً؛ ثُمَّ يرخي سِتْراً، ثمَّ يقْضي حاجَتَه، ثُمَّ إذا خَرج حَدَّثَ أصْحابَه بذلك.

ألا عَسى إحْداكُنَّ أنْ تُغْلِقَ بابَها، وتُرخي سِتْرها، فإذا قَضَتْ حاجَتها حَدَّثَتْ صَواحِبَها".

فقالتِ امْرأَةٌ سَفْعاءُ الخدَّينِ: والله يا رسول الله! إنَّهُن ليَفْعَلْنَ، وإنَّهُمْ لَيفْعلون، قال:

"فلا تَفْعَلوا، فإنّمَا مثلُ ذلك مثلُ شيْطانٍ، لقِيَ شيطانَة على قارِعَةِ الطريقِ، فَقَضى حاجَتَهُ مِنْها، ثُمَّ انْصرفَ وتَرَكها".

(1)

قلت: لكن له شواهد يتقوى بها، خرجتها في المصدر السابق (62 - 63)، منها ما يأتي بعده.

ص: 453

رواه البزار. وله شواهد تقويه.

2024 -

(3)[حسن لغيره] وهو عند أبي داود مطولاً بنحوه من حديث شيخ من طفاوة -ولم يسمِّه- عن أبي هريرة.

2025 -

(4)[حسن] وعنه [يعني جابراً رضي الله عنه]؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا حدَّث رجل رجُلاً بحديثٍ ثُمَّ الْتَفَت

(1)

؛ فهو أمانَةٌ".

رواه أبو داود والترمذي وقال:

"حديث حسن، وإنما نعرفه من حديث ابن أبي ذئب".

(قال الحافظ):

"وفي إسناده عبد الرحمن بن عطاء المدني، ولا يمنع من تحسين الإسناد. والله أعلم".

(1)

أي: انصرف عن المجلس.

ص: 454

‌18 - كتاب اللباس والزينة

‌1 - (الترغيب في لبس الأبيض من الثياب).

2026 -

(1)[صحيح] عنِ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"الْبَسوا مِنْ ثِيابِكُم البَياضَ؛ فإنَّها مِنْ خيرِ ثيابِكُم، وكَفِّنوا فيها موتاكُم".

رواه أبو داود، والترمذي وقال:"حديث حسن صحيح".

وابن حبان في "صحيحه".

2027 -

(2)[صحيح] وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الْبَسوا البَياضَ؛ فإنها أطْهَرُ وأطْيَبُ، وكَفِّنوا فيها مَوْتاكُمْ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح". والنسائي وابن ماجه، والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

ص: 455

‌2 - (الترغيب في القميص والترهيب من طوله وطول غيره مما يلبس، وجره خيلاء، وإسباله في الصلاة وغيرها).

2028 -

(1)[صحيح] عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:

"كانَ أحبَّ الثيابِ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم القميصُ".

رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، وابن ماجه، ولفظه: -وهو رواية لأبي داود-:

"لَمْ يَكُنْ ثوبٌ أحبَّ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ القميصِ".

2029 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزارِ ففي النارِ".

رواه البخاري والنسائي.

وفي رواية للنسائي قال:

"إزرةُ

(1)

المؤمِنِ إلى عَضَلَةِ ساقِهِ، ثمَّ إلى نِصْفِ ساقِهِ، ثم إلى كعْبِه، وما تَحْتَ الكعبينِ مِنَ الإزارِ ففي النارِ"

(2)

.

2030 -

(3)[حسن] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

ما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القَميصِ.

رواه أبو داود.

(1)

بالكسر: الحالة وهيئة الائتزار، مئل (الرَّكبةَ) و (الجلسةَ). "نهاية".

(2)

قال الخطابي (6/ 55): له تأويلان: أحدهما: أنَّ ما دون الكعبين من قدم صاحبه في النار؛ عقوبة له على فعله. والآخر: أنَّ صنيعه ذلك وفعله الذي فعله في النار، على معنى أنه معدود من أفعال أهل النار".

ص: 456

2031 -

(4)[صحيح] وعن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه قال:

سألتُ أبا سعيدٍ عن الإزار؟ فقال: على الخبيرِ

(1)

سَقطْتَ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إزرَةُ المؤمنِ إلى نِصْفِ الساقِ، ولا حَرَج -أو قال: لا جُناحَ- عليه فيما بيْنَهُ وبين الكَعْبينِ، وما كانَ أسفلَ مِنْ ذلك فهوَ في النارِ، ومَنْ جَرِّ إزارَهُ بَطَراً لَمْ يَنْظُرِ الله إليه يَوْمَ القِيامَةِ".

رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه".

2032 -

(5)[صحيح] وعن أنسٍ -قال حميد: كأنَّه يعني النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"الإزارُ إلى نصْفِ الساقِ". فشقَّ عليهم فقال:

"أو إلى الكعبيْنِ، لا خيرَ فيما أسْفَلَ مِنْ ذلك".

رواه أحمد

(2)

، ورواته رواة الصحيح.

(1)

في الأصل زيادة: (بها)، وكذا في المخطوطة، وأظنها مقحمة، فإنها لم ترد في "سنن أبي داود" -والسياق له إلا في حروف قليلة-، وكذلك لم ترد في "مسند أحمد"(3/ 44)، وهما المصدران الوحيدان اللذان وردت فيهما هذه الجملة "على الخبير سقطت"؛ اللهم إلا النسائي، فلستُ أدري أهي عنده أم لا، لأنني لم أر الحديث في "الصغرى" له، ثم إن هذه الجملة قد جاءت في أحاديث أخرى من قول بعض الصحابة منهم عائشة عند مسلم (كتاب الحيض) وليس فيها (بها).

ثم طبعت "السنن الكبرى" للنسائي، فرأيت الحديث فيه (5/ 490 - 491/ 9714 - 9717) دون الجملة، فالزيادة مقحمة يقيناً، وغفل عن ذلك المعلقون الثلاثة، وهو اللائق بالمتعالمين!

(2)

في "المسند"(3/ 256). وفي رواية له (3/ 249) عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره دون شك في رفعه، وسنده حسن، وكذلك رواه من طريق ثالثة (3/ 140) عن حميد، وسنده صحيح، ويشهد له حديث حذيفة:

أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضلة ساقي فقال: "هذا موضع الإزار، فإنْ أبيت فأسفل، فإنْ أبيت فلا حق للإزار في الكعبين".

أخرجه النسائي والترمذي وقال:

"حسن صحيح، ورواه الثوري وشعبة عن ابن إسحاق". قال السندي:

"والظاهر أنَّ هذا هو التحديد وإنْ لم يكن هناك خيلاء، نعم؛ إذا انضم إليه الخيلاء اشتد الأمر، وبدونه الأمر أخف".

ص: 457

2033 -

(6)[صحيح] وعن زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

دخْلتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعليَّ إزارٌ يَتَقعْقَع

(1)

، فقال:

"مَنْ هذا؟ ".

فقلتُ: عبدُ الله بنُ عمر. قال:

"إنْ كنتَ عبدَ الله فارْفَعْ إزارَك". فرفعتُ إزاري إلى نِصْفِ الساقينِ.

فلَمْ تَزلْ إزْرَتُه حتَّى ماتَ.

رواه أحمد، ورواته ثقات.

2034 -

(7)[صحيح] وعن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهم الله يومَ القيامَةِ، ولا ينظُر إليهِمْ، ولا يُزَكِّيهِمْ، ولهم عذابٌ أليمٌ". قال: فَقرأَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثلاثَ مرَّاتٍ.

قال أبو ذر: خابوا وخَسِروا؛ مَنْ هُمْ يا رسولَ الله؟ قال:

"المسْبِلُ، والمنَّانُ، والمنَفِّقُ سِلْعَتَه بالحلْفِ الكاذِبِ". وفي رواية:

"المسبل إزاره".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

(المسبل): هو الذي يطول ثوبه ويرسله إلى الأرض كأنه يفعل ذلك تجبراً واختيالاً.

2035 -

(8)[حسن] وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الإسبالُ في الإزارِ والقميصِ والعمامةِ، من جرِّ شيئاً خُيلاءَ؛ لم ينظرِ اللهُ إليه يومَ القيامةِ".

(1)

أي: يضطرب ويصوت. في "النهاية":

"و (القعقعة) حكاية حركة الشيء يسمع له صوت"، ولا ينافيه ما في رواية لأحمد مفسرة بلفظ:"يعني جديداً". فإنَّ الجديد صوته أوضح كما هو معلوم.

ص: 458

رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من رواية عبد العزيز بن أبي رواد، والجمهور على توثيقه.

2036 -

(9)[صحيح] وعن ابن عمر أيضاً؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا ينظرُ اللهُ يومَ القيامةِ إلى مَنْ جَرَّ ثوبَه خُيلاءَ".

رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

2037 -

(10)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يَنظُرُ اللهُ يومَ القيامَةِ إلى مَنْ جَرَّ إزارَه بَطَراً".

رواه مالك والبخاري ومسلم.

[حسن صحيح] وابن ماجه، إلا أنه قال:

"من جرَّ ثوبه من الخيلاء".

2038 -

(11)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من جَرَّ ثوبَه خُيلاءَ؛ لم ينظرِ الله إليه يومَ القِيامَةِ".

فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسولَ الله! إنَّ إزاري يسْتَرخي

(1)

إلا أنْ أتعاهَدَهُ؟ فقال له رسولُ صلى الله عليه وسلم:

"إنَّك لستَ مِمَّنْ يفْعَلُه خُيَلاءَ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

(1)

زاد أحمد في رواية: "أحياناً".

قلت: ومن الواضح أن إزار أبي بكر لم يكن طويلاً زائداً على الحد المشروع، لأن الشكوى منه إنما كانت لأنه يسترخي أحياناً مع تعهده إياه. رضي الله عنه وأرضاه، فأين هذا مما يفعله بعض الأمراء والعلماء والشباب المبتلى بإطالة الثوب أو العباءة، أو (البنطلون) الذي يمس الأرض، ثم يبرّرون ذلك بأنهم لا يفعلون ذلك خيلاء، ولو كانوا صادقين لفعلوا فعل أبي بكر. انظر "الأحاديث الصحيحة"(2682).

ص: 459

ولفظ مسلم: قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: بأذُنَيَّ هاتين يقول:

"مَنْ جَرَّ إزارَه لا يريدُ بذلك إلا المَخِيلَةَ؛ فإنَّ الله لا ينظُر إليه يومَ القيامَةِ".

(الخُيَلاء) بضم الخاء المعجمة وكسرها أيضاً وبفتح الياء المثناة تحت ممدوداً: هو الكبر والعجب.

و (المَخِيلة) بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة من الاختيال: وهو الكبر واستحقار الناس.

2039 -

(12)[حسن لغيره] وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بحُجْزَةِ سفيان بن أبي سهل فقال:

"يا سُفيانُ! لا تُسبِلْ إزارَك، فإنَّ الله لا يُحِبَّ المسْبِلينَ".

رواه ابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له.

(قال الحافظ:) ويأتي إنْ شاء الله تعالى في "طلاقة الوجه"[23 - الأدب/ 4]: حديث أبي جُرَيّ الهُجيمي، وفيه:

"وإياك وإسبالَ الإزارِ؛ فإنه من المخيلة، ولا يحبُّها الله".

2040 -

(13)[صحيح] وعن هُبيْبِ بْنِ مُغْفِلٍ -بضم الميم وسكون المعجمة وكسر الفاء- رضي الله عنه: أنَّه رأى محمَّداً القرشيِّ قام فجرَّ إزارَه؛ فقال هُبيْبٌ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ وَطِئَهُ خُيَلاءَ؛ وَطِئهُ في النارِ".

رواه أحمد بإسناد جيد، وأبو يعلى والطبراني.

2041 -

(14)[صحيح] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ أسْبَل إزارَه في صَلاتِه خُيلاء؛ فليسَ مِنَ الله في حِلٍّ ولا حَرامٍ".

رواه أبو داود وقال: "ورواه جماعة موقوفاً على ابن مسعود".

ص: 460

‌3 - (الترغيب في كلماتٍ يقولهن من لبس ثوباً جديداً).

2042 -

(1)[حسن لغيره] عن معاذِ بْنِ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ أكَلَ طعاماً فقال: (الحمدُ لله الذي أطْعَمني هذا ورزَقَنيهِ مِنْ غير حوْلٍ منِّي ولا قُوَّةٍ)، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِنْ ذَنْبِه.

ومَنْ لَبِسَ ثوباً

(1)

فقال: (الحمدُ لله الذي كَساني هذا ورَزَقنيه مِنْ غيرِ حولٍ منِّي ولا قُوَّةٍ)؛ غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِنْ ذنْبِه. . .".

(2)

رواه أبو داود، والحاكم ولم يقل:"وما تأخر"، وقال:

"صحيح الإسناد".

وروى الترمذي وابن ماجه شطره الأول، وقال الترمذي:

"حديث حسن غريب".

(قال الحافظ) عبد العظيم:

"رواه هؤلاء الأربعة من طريق عبد الرحيم أبي مرحوم عن سهل بن معاذ عن أبيه. وعبد الرحيم وسهل يأتي الكلام عليهما".

(1)

هنا زيادة: "جديداً"، ولا أصل لها عند مخرجيه فحذفتها، وإنْ كان مراداً من حيث المعنى، كما أفاده الناجي.

(2)

هنا زيادة: "وما تأخر، فحذفتها لنكارتها، وفقدان الشاهد لها.

ص: 461

‌4 - (الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة).

2043 -

(1)[حسن] عن عبدِ الله بن عَمْروٍ

(1)

رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"يكونُ في آخِرِ أُمَّتي رجالٌ يركَبون على سُروجٍ

(2)

كأَشْباهِ الرِّحالِ

(3)

، ينزِلون على أبْوابِ المساجِدِ، نِساؤهُم كاسياتٌ عارياتٌ، على رؤوسِهِنَّ كأَسمِنَةِ البُخْتِ العِجافِ، الْعَنُوهُنَّ فإنَّهُنَّ مَلْعونَاتٌ، لو كانَ وراءَكُم أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ خَدَمَتْهُنَّ

(4)

نِساؤكم كما خَدَمكُم نساءُ الأُمَمِ قبلَكُمْ".

رواه ابن حبان في "صحيحه" -واللفظ له-، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

(1)

سقطت الواو من (عمرو) من الأصل والمخطوطة وغيرهما، واستدركتها من المصادر المذكورة. وأما المعلقون الثلاثة فهم ماضون على غفلتهم المعهودة!

(2)

سقطت الواو أيضاً من الأصل والمخطوطة، ويبدو أنَّه خطأ قديم، فإنَّه وقع كذلك في "صحيح ابن حبان"، لأنَّه كذلك ذكره الهيثمي في "موارد الظمآن" رقم (1454)، وهو خطأ يقيناً لأن (سُرُج) جمع (سراج) ولا معنى له هنا، والصواب ما أثبتنا، وهو جمع (سَرج) مثل (فلس) و (فلوس)، وليس خطأً مطبعياً كما ظن الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"، وغفل أيضاً المعلقون الثلاثة عن هذا الخطأ فأثبتوه! ثم زادوا خطأ آخر، فقالوا:"سُرُج: جمع سَرْج: وهو وطاء ممهد يوضع على ظهر الحصان للركوب"! فهم جهلة باللغة أيضاً!!

(3)

بالحاء المهملة جمع (رحل): وهو كل شيء يعد للرحيل، من وعاء للمتاع، ومركب للبعير كما في "المصباح المنير". ووقع في الأصل (الرجال) جمع (رجل) وكذا في "المسند" وغيره، واستشكله أحمد شاكر، وحق له ذلك، لأنه فاته أنَّه بالحاء وليس بالجيم كما حققته في "الصحيحة"(2682)، وبينت أنَّ الحديث يشير إلى السيارات التي تتجمع اليوم على أبواب المساجد يوم الجمعة، أو يوم إدخال الجنازة إلى المسجد للصلاة عليها، والمشيعون ينتظرون، ولا يصلون ونساؤهم كاسيات عاريات. . . وقد غفل المعلقون أيضاً عن هذا!!

(4)

في "الموارد": (خدمهن)، ولعله أصح.

ص: 462

2044 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"صِنْفانِ مِنْ أهلِ النارِ لَمْ أرَهُما: قومٌ معهم سِياطٌ كأذْنابِ البَقرِ يضرِبونَ بها الناسَ، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، مُميلاتٌ مائلاتٌ، رؤوسُهنَّ كأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائلَةِ؛ لا يدْخُلْنَ الجنَّةَ ولا يجِدْنَ ريحَها، وإنَّ ريحَها لتوجَدُ مِنْ مسيرَة كذا وكذا".

رواه مسلم وغيره.

2045 -

(3)[حسن لغيره] وعن عائشة رضي الله عنها:

أن أسماءَ بنت أبي بكر دخلَتْ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثيابٌ رِقاقٌ، فأعْرضَ عنها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال:

"يا أسماءُ! إنَّ المرأة إذا بلَغَتِ المحيضَ لم يَصلُح أنْ يُرى مِنْها إلا هذا وهذا". وأشار إلى وجْهِهِ وكفَّيْهِ.

رواه أبو داود وقال: هذا مرسل، وخالد بن دريك لم يدرك عائشة

(1)

.

(1)

قلت: لكن له شاهد من حديث أسماء بنت عميس، وقواه البيهقي والذهبي بأقوال الصحابة، كابن عباس وابن عمر، وجرى عليه العمل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كما كنت بينته في "جلباب المرأة"(ص 57 - 60)، وقد تجاهل هذا بعض من كتب في تضعيف الحديث ممن كان تلميذاً لي في الجامعة الإسلامية، سامحه الله. أما رواية قتادة مرسلاً بلفظ:". . . إلا إلى ههنا". وقبض نصف الذراع، فهو منكر لمخالفته لحديث عائشة وأسماء ومعهما نص القرآن، مع إرساله وتجرده عن شاهد يقويه، كما كنت بينته في المصدر السابق (41 - 48)، فليراجعه بإمعان من لم يتبَّين له الفرق بين اللفظين، ويزعم أننا قوينا الحديث في موضع، وضعفناه في موضع!

ص: 463

‌5 - (ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه، والتحلي بالذهب، وترغيب النساء في تركهما).

2046 -

(1)[صحيح] عن عمرَ بن الخطَّابِ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تَلبَسوا الحريرَ؛ فإنَّه مَنْ لَبِسَهُ في الدنيا لَمْ يلبَسه في الآخِرَةِ".

رواه البخاري ومسلم والترمذي، والنسائي وزاد:

[صحيح موقوف] وقال ابن الزبير:

مَنْ لَبِسَه في الدنيا؛ لَمْ يَدْخُلِ الجنَّة، قال الله تعالى:{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}

(1)

.

2047 -

(2)[صحيح] وعنه قال: سمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنما يَلبَسُ الحريرَ منْ لا خَلاقَ لَهُ".

[صحيح] رواه البخاري ومسلم. وزاد البخاري وابن ماجه والنسائي في رواية:

"مَنْ لا خَلاقَ لَهُ في الآخِرَةِ".

2048 -

(3)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ لَبِسَ الحريرَ في الدنيا؛ لَمْ يلبَسْهُ في الآخِرةِ".

رواه البخاري ومسلم وابن ماجه.

(1)

قلت: هذه الزيادة أخرجها النسائي في "الكبرى"(5/ 465/ 9584) دون "الصغرى".

وسندها صحيح، وأخرجها أحمد أيضاً، وليس عند البخاري:"لا تلبسوا الحرير". انظر "الإرواء"(1/ 309)، وهي كما ترى موقوفة، ورواها أحمد (1/ 37) بلفظ: وقال عبد الله بن الزبير من عنده. . "، ومع ذلك فهو مخالف لحديث أبي سعيد مرفوعاً بزيادة: "وإنْ دخل الجنة لبسه أهل الجنة، ولم يلبسه". أخرجه النسائي في "الكبرى" (5/ 471/ 9611)، والحاكم (4/ 191) وصححه، ووافقه الذهبي. وفيه داود السراج، لم يروِ عنه غير قتادة، ولم يوثقه غير ابن حبان.

ونحوه زيادة البيهقي في حديث ابن عمر الآتي في (21 - الحدود/ 6) الحديث السابع منه.

ص: 464

2049 -

(4)[صحيح لغيره] وعن عليّ رضي الله عنه قال:

رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخَذَ حريراً فجعَلهُ في يَمينِه، وذَهباً فجعَله في شِمالهِ، ثمَّ قال:

"إنَّ هذْينِ حرامٌ على ذكورِ أُمَّتي".

رواه أبو داود والنسائي

(1)

.

2050 -

(5)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ لَبِسَ الحريرَ في الدنيا؛ لَم يَلْبَسْه في الآخِرَة، ومَنْ شَرِبَ الخمرَ في الدنيا؛ لَمْ يشْرْبهُ في الآخِرَة، ومَنْ شرِبَ في آنيةِ الذهبِ والفِضَّةِ؛ لَمْ يشرب بِها في الآخِرةِ -ثم قال:- لباسُ أهْلِ الجنَّةِ، وشرابُ أهلِ الجنَّة، وآنِيةُ أهلِ الجنَّةِ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

2051 -

(6)[صحيح] وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال:

أُهدِيَ لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَرُّوجُ حريرٍ، فلَبِسَه، ثمَّ صلَّى فيهِ، ثمَّ انْصَرف فنَزعهُ نَزْعاً شديداً كالكارِهِ لَهُ، ثُمَّ قال:

"لا يَنْبَغي هذا لِلْمُتَّقينَ".

رواه البخاري ومسلم.

(والفَرّوج) بفتح الفاء وتشديد الراء وضمها وبالجيم: هو القباء الذي شق من خلفه.

(1)

قلت: وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 215/ 2) وقال: "ورويناه من حديث أبي موسى وعقبة بن عامر وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه زيادة: (حل لإناثهم) ". ثم ساقه من حديث ابن عمرو مرفوعاً.

ص: 465

2052 -

(7)[حسن صحيح] وعن [هشام بن]

(1)

أبي رُقَيَّة قال:

سمعتُ مسلمةَ بن مُخَلَّد وهو على المِنْبَرِ يخطُبُ الناسَ يقول:

يا أيها الناسُ! أَمَا لكم في العَصْبِ والكَتّانِ ما يُغنيكُمْ عنِ الحريرِ؟ وهذا رجلٌ يُخْبِرُ عَنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. قُمْ يا عُقْبَةٌ! فقَام عُقْبَةُ بنُ عامرٍ -وأنا أسمعُ- فقال: إنّي سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:

"مَنْ كَذبَ عليَّ متعمِّداً؛ فلْيتَبوَّأْ مقعدَهُ مِنَ النارِ".

وأشهدُ أنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ لَبِسَ الحريرَ في الدنيا؛ حُرِمَهُ أنْ يَلْبَسه في الآخِرَةِ".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(العَصْب) بفتح العين وسكون الصاد مهملتين: هو ضرب من البُرود.

2053 -

(8)[صحيح] وعن حذيفة رضي الله عنه قال:

نهانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ نشربَ في آنِيَةِ الذهبِ والفِضَّةِ، وأنْ نأْكُلَ فيها، وعنْ لُبسِ الحريرِ والدِّيباجِ

(2)

، وأَنْ نجِلسَ عليهِ.

رواه البخاري.

2054 -

(9)[حسن لغيره] وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا اسْتَحلَّتْ أمَّتي خمْساً فعليهمُ الدمارُ: إذا ظَهر التلاعُن، وشرِبوا

(1)

سقطت من الأصل، والظاهر أن الرواية كذلك في "صحيح ابن حبان"، فقد سقطت أيضاً من "موارد الظمآن"(1461)، وهو فيه من رواية عمرو بن الحارث عن أبي رقية. و (أبو رقية) ليس له ذكر في الرواة مطلقاً، وإنما ابنه هشام، وفي الرواة عنه ذكروا عَمْراً هذا، وقد جاء على الصواب في "مسند أحمد"(4/ 156). ثم طبع "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" فرأيته فيه على الصواب؛ وغفل عن هذا التصحيح المبتلون بالغفلة والتشبع بما لم يعطوا!

(2)

بكسر الدال، وقد تفتح: هو الثياب المتخذة من الإبريسم، فارسي معرب.

ص: 466

الخمورَ، ولَبِسوا الحريرَ، واتَّخذوا القِيانَ

(1)

، واكْتَفى الرجالُ بالرِجالِ، والنساءُ بالنساءِ".

رواه البيهقي عقيب حديث، ثم قال:

"إسناده وإسناد ما قبله غير قوي، غير أنه إذا ضم بعضه إلى بعض أخذ قوة".

2055 -

(10)[صحيح موقوف] وعن صفوان بن عبد الله بن صفوان قال:

اسْتأْذَن سعدٌ رضي الله عنه على ابْنِ عامرٍ، وتحتَه مَرافِقُ مِنْ حريرٍ، فأمرَ بها فَرُفِعَتْ، فَدخَل عليه وهو على مَطْرَفٍ مِنْ خَزٍّ، فقال: اسْتأذَنْتَ وتحتي مَرافِقُ مِنْ حريرٍ، فأمرتُ بها فَرُفِعتْ، فقال له: نِعمَ الرجلُ أنتَ يا ابْنَ عامرٍ! إنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ قال اللهُ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} ، والله لأنْ أضْطَجعَ على جَمْرِ الغَضا

(2)

؛ أحبُّ إليَّ مِنْ أنْ أضْطَجعَ عليها.

رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرطهما".

(المرافق) بفتح الميم؛ جمع (مرفقة) بكسرها وفتح الفاء: وهي شيء يتكأ عليه شبيه بالمخدة.

2056 -

(11)[صحيح] وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال:

رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جبَّةً مُجَيَّبَة بحريرٍ، فقال:

"طوقٌ مِنْ نارٍ يومَ القِيامَةِ".

رواه البزار والطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات.

(1)

جمع (قينة): هي الأَمة المغنية، وتجمع على (قينات) أيضاً.

(2)

شجر من الأثل، واحدته (غضاة). قال في "المصباح":"وخشبه من أصلب الخشب، ولهذا يكون في فحمه صلابة".

ص: 467

(مُجَيّبة) بضم الميم وفتح الجيم بعدهما ياء مثناة تحت مفتوحة ثم باء موحدة؛ أي: لها (جيب) بفتح الجيم من حرير: وهو الطوق.

(1)

2057 -

(12)[صحيح موقوف] ورواه البزار [يعني حديث جويرية الذي في "الضعيف"] عن حذيفة موقوفاً:

مَنْ لَبسَ ثوبَ حريرٍ، ألبسهُ الله يوماً مِنْ نارٍ، ليسَ مِنْ أيَّامِكُم، ولكنْ مِنْ أيَّامِ الله الطِّوالِ.

2058 -

(13)[حسن] وعن أبي أمامة رضي الله عنه؛ أنَّه سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ كان يؤمِنُ بالله واليوم الآخِرِ؛ فلا يلْبَسْ حريراً ولا ذَهباً".

رواه أحمد، ورواته ثقات.

(2)

2059 -

(14)[حسن صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ ماتَ مِنْ أمَّتي وهو يشربُ الخمرَ؛ حرَّم الله عليه شُرْبَها في الجنَّةِ، ومَنْ ماتَ من أمتي وهو يتَحلَّى بالذهَب؛ حرّمَ الله عليه لباسَهُ في الجنَّةِ".

رواه أحمد، ورواته ثقات، والطبراني.

2060 -

(15)[صحيح] وعنِ ابنِ عَبَّاس رضي الله عنهما:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتَماً مِنْ ذَهب في يد رجلٍ فَنزَعهُ وطَرحَهُ، وقال:

"يعمَدُ أحدُكم إلى جَمرةٍ مِنْ نارٍ فَيطْرَحُها في يدِه؟! ".

(1)

قلت: والظاهر أنه كان أكثر من أربع أصابع، لأن الأربع منه جائز بنص حديث عمر في مسلم وغيره. انظر "الصحيحة"(2684).

(2)

قلت: وكذا قال الهيثمي. وقد أخرجه أحمد (5/ 261)، وكذا ابنه عبد الله بسند حسن. ثم رواه أحمد من وجه آخر، وفيه ابن لهيعة، لكنه متابَع في الوجه الأول.

ص: 468

فقيلَ لِلرَّجُلِ بعدَ ما ذَهَب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: خُذْ خاتَمَك انْتَفعْ به.

قال: لا والله، لا آخُذُه وقدْ طَرحَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.

رواه مسلم.

2061 -

(16)[صحيح لغيره] وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه:

أن رجلاً قدِمَ مِنْ (نَجْرانَ) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فأعْرَضَ عنهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال:

"إنَّك جئْتَني وفي يدك جمرَةٌ مِنْ نارٍ".

رواه النسائي.

2062 -

(17)[صحيح] وعن خليفة بن كعب قال:

سمعتُ ابنَ الزبير يخطُب ويقول: لا تُلبِسوا نساءَكم الحريرَ، فإنَّي سمعتُ عمرَ بن الخطاب يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تَلْبَسوا الحريرَ؛ فإنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ في الدنيا؛ لَمْ يَلْبَسْه في الآخِرَةِ".

رواه البخاري ومسلم، والنسائي وزاد في رواية

(1)

:

ومَنْ لَمْ يَلبَسْه في الآخِرَة؛ لَمْ يَدخُلِ الجنَّةَ، قال الله تعالى:{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} .

(1)

قال الحافظ في "الفتح"(10/ 243): "وهذه الزيادة مدرجة في الخبر، وهي موقوفة على ابن الزبير، بيَّن ذلك النسائي أيضاً من طريق شعبة. . . فذكر الحديث، وفي آخره: قال ابن الزبير. . فذكر الزيادة. وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق علي بن الجعد عن شعبة، ولفظه: فقال ابن الزبير من رأيه: فذكره نحوه".

قلت: رواية شعبة هذه عند أحمد أيضاً (1/ 37): ثنا يحيى عن شعبة به. ورواية النسائي المدرجة والموقوفة ليست في "الصغرى" له، وإنما في "الكبرى" له كما بينت في تعليقي على الحديث في أول الباب، فإعادة المؤلف إياه تكرار بدون فائدة تذكر، بل إنه أوهم رفعها!! وغفل عن ذلك المعلقون الثلاثة!

ص: 469

2063 -

(18)[صحيح] وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يمنَعُ أهْلهُ

(1)

الحِلْيَةِ والحريرِ، ويقولُ:

"إنْ كُنْتُمْ تُحِبّونَ حلْيَةَ الجنَّةِ وحريرَها؛ فلا تلْبَسوها

(2)

في الدنيا".

رواه النسائي، والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

2064 -

(19)[حسن لغيره] وعن أنسٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"قال الله عز وجل: مَنْ تركَ الخمرَ وَهُوَ يقدِرُ عليه؛ لأُسْقِينَّه مِنهُ في حَظيرَةِ القُدُسِ

(3)

، ومَنْ تَركَ الحَرير وهو يقدِرُ عليهِ؛ لأَكْسوَنَّهُ إيَّاهُ في حَظيرَةِ القُدُسِ".

رواه البزار بإسناد حسن، ويأتي في [21 - الحدود/ 6]"باب شرب الخمر" أحاديث نحو هذا إنْ شاء الله تعالى.

2065 -

(20)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من سرَّه أن يسقيَه اللهُ الخمرَ في الآخرةِ؛ فليتركه في الدنيا، ومن سَرَّه أن يكسِيَه الله الحريرَ في الآخرةِ؛ فليتركه في الدنيا".

(1)

الأصل "أهل"، وهو خطأ جرى عليه المعلقون الثلاثة، والتصحيح من النسائي وغيره.

(2)

في الأصل والمخطوطة، "تلبسونها"، والمثبت من النسائي. وكذا عند أحمد (4/ 145) وابن حبان (1463). وأما الحاكم فقال:"فلا تلبسنها"، وهذا يرجح ما استظهره السندي أنَّ المقصودَ بـ (الأهل): أزواجه صلى الله عليه وسلم، وبـ (الحلية) على إطلاقها سواء كانت ذهباً أو فضة. وقال: ولعل ذلك مخصوص بهم ليؤثروا الآخرة على الدنيا. وكذا الحرير.

(3)

(الحظيرة) في الأصل: الموضع الذي يحاط عليه لتأوي إليه الغنم والإبل؛ يقيها الحر والبرد. أراد بها هنا الجنة.

ص: 470

رواه الطبراني في "الأوسط". ورواته ثقات؛ إلا شيخه المقدام بن داود، وقد وُثق، وله شواهد.

2066 -

(21)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ويلٌ للنساءِ مِنَ الأحْمرَيْنِ: الذهبِ والمعَصْفَرِ".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

2067 -

(22)[صحيح] وعن عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال:

حدثني أبو عامر أو أبو

(1)

مالك الأشعري، -والله يمينٌ أخرى ما كذبني- أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"لَيكونَنَّ مِنْ أمَّتي أقوامٌ يستَحِلُّونَ الخمرَ والحريرَ -وذكر كلاماً قال:-

(2)

يَمسَخُ منهُم قِردةً وخنازيرَ إلى يومِ القِيامَةِ".

رواه البخاري تعليقاً، وأبو داود واللفظ له.

(1)

الأصل: (و)، والتصويب من "البخاري" و"أبي داود" و"مختصره"(3881) للمؤلف، وانظر "عون المعبود"(4/ 81).

(2)

قلت: هو ما في رواية البخاري والطبراني وغيرهما: "والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم، تروح عليهم سارحة لهم، فيأتيهم رجل لحاجته، فيقولون له: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله عز وجل، فيضع العَلم عليهم، ويمسخ آخرين. . .". انظر "الصحيحة"(91)، وكتابي الجديد الفريد "تحريم آلات الطرب"(ص 38 - 43).

ص: 471

‌6 - (الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة، أو المرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك).

2068 -

(1)[صحيح] عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال:

"لعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المتشبِّهينَ مِنَ الرجالِ بالنساءِ، والمتشبِّهاتِ مِنَ النساءِ بالرجالِ".

رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

وفي رواية للبخاري:

"لَعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المخنَّثينَ مِنَ الرِجالِ، والمتَرجِّلاتِ مِنَ النساءِ".

(المخنَّث) بفتح النون وكسرها: مَنْ فيه انخناث، وهو التكسر والتثني كما يفعله النساء، لا الذي يأتي الفاحشة الكبرى.

2069 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

"لَعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الرجلَ يلبَسُ لُبسةَ المْرأَةِ، والمرأَةَ تلبَسُ لُبسَةَ الرجلِ".

رواه أبو داود والنسائي، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

2070 -

(3)[حسن صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثَةٌ لا يدخلونَ الجنَّةَ: العاقُّ لوالِدَيْهِ، والدَّيُّوثُ، ورَجُلَةُ

(1)

النساءِ".

(1)

قال الناجي (ق 173/ 2): "هي بفتح الراء وكسر الجيم"، وهو في ذلك تابع للمؤلف في (22 - البر/ 2)، وهو وهم مخالف لكتب اللغة ومنها "المعجم الوسيط" و"الهادي إلى لسان العرب".

ص: 472

رواه النسائي والبزار في حديث يأتي في [22 - البر/ 2]"العقوق" إنْ شاء الله، والحاكم -واللفظ له- وقال:

"صحيح الإسناد".

(الدَّيُّوث) بفتح الدال وتشديد الياء المثناة تحت: هو الذي يعلم الفاحشة في أهله ويقرُّهم عليها.

2071 -

(4)[صحيح لغيره] وعن عمار بن ياسرٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ثَلاثَةٌ لا يَدْخُلونَ الجنَّةَ أبَداً: الديُّوث، والرجُلَةُ مِنَ النساءِ، ومُدْمِنُ الخَمْرِ".

قالوا: يا رسولَ الله! أما مُدمنُ الخمرِ فقدْ عرَفْناه، فما الديُّوثُ؟ قال:

"الذي لا يُبالي مَنْ دَخلَ على أهْلهِ".

قلنا: فما الرجُلَةُ مِنَ النساء؟ قال:

"التي تَشَبَّهُ بالرجالِ".

رواه الطبراني، ورواته لا أعلم فيهم مجروحاً

(1)

.

(1)

كان الأصل: "ورواته ليس فيهم مجروح"، وعلى هامشه ما أثبته أعلاه، وإنما آثرته لمطابقته لمخطوطة الظاهرية.

ص: 473

‌7 - (الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعاً واقتداء بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة).

2072 -

(1)[حسن لغيره] عن معاذ بن أنس رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ تركَ اللباسَ تواضُعاً لله وهو يقدِرُ عليه؛ دعاهُ اللهُ يومَ القِيامَةِ على روؤسِ الخلائقِ حتى يخيِّرهُ مِنْ أيِّ حُلَلِ الإيمانِ شاءَ يَلْبَسُها".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن"، والحاكم في موضعين من "المستدرك"، وقال في أحدهما:"صحيح الإسناد".

(قال الحافظ): "روياه من طريق أبي مرحوم -وهو عبد الرحيم بن ميمون- عن سهل ابن معاذ، ويأتي الكلام عليهما.

2073 -

(2)[حسن لغيره] وعن رجُلٍ مِنْ أبناء أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ومَنْ تَرك لُبسَ ثوبِ جَمالٍ، وهو يقدرُ عليهِ -قال بِشْرٌ: أحْسَبُه قال:- تواضُعاً؛ كساهُ الله حُلَّةَ الكَرامَةِ".

رواه أبو داود في حديث، ولم يسمِّ ابنَ الصحابيِّ.

ورواه البيهقي من طريق زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه بزيادة.

2074 -

(3)[حسن لغيره] وعن أبي أُمامَة بن ثعلبة الأنصاريّ -واسمه إياس رضي الله عنه قال:

ذَكَر أصْحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً عنده الدنيا، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ألا تسْمَعون، ألا تسْمَعون؟ إنَّ البذاذَة مِنَ الإيمان، إن البذاذة من الإيمان. يعني التَّفَحُّلَ".

ص: 474

رواه أبو داود وابن ماجه؛ كلاهما من رواية محمد بن إسحاق

(1)

، وقد تكلم أبو عمر النمري في هذا الحديث

(2)

.

(البَذَاذَة) بفتح الباء الموحدة وذالين معجمتين: هو التواضع في اللباس برثاثة الهيئة، وترك الزينة، والرضا بالدون من الثياب.

2075 -

(4)[صحيح] وعن أبي بردة رضي الله عنه قال:

دخلتُ على عائِشَة رضي الله عنها، فأخرجَتْ إلينا كساءً مُلَبَّداً مِنَ التي تُسمُّونَها الملبَّدة؛ إزاراً غليظاً ممَّا يُصنَعُ باليَمنِ، وأقْسمَتْ بالله لقد قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في هذين الثوبَيْنِ.

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي أخصر منه.

(الملبَّد): المرقّع، وقيل غير ذلك.

2076 -

(5)[صحيح] وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:

توفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وإن نمرةً من صوف

(3)

تنسج له.

رواه البيهقي

(4)

.

(1)

قلت: محمد بن إسحاق ليس في طريق ابن ماجه، فتنبه.

(2)

قلت: كأنَّه يشير إلى الخلاف الذي وقع في إسناده الذي شرحته في "الصحيحة"(341)، لكن بينت أنَّه لا يضر في صحة الحديث، لرجاحة وجه من وجوه الاختلاف.

(3)

الأصل: "صور"، والتصويب من "شعب البيهقي" و"المخطوطة"، والحديث مخرج في "الصحيحة"(2687).

و (النَّمِرة) بفتح النون وكسر الميم: كساء فيه خطوط بيض وسود تلبسه الأعراب؛ كما في "المصباح".

(4)

أخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 154/ 6165) بسند صحيح، وأعله الجهلة بابن لهيعة، وقد رواه عنه عبد الله بن وهب، وحديثه عنه صحيح عند العلماء، ثم تناقضوا فحسنوا له حديث عبد الله بن شداد الآتي بعد سبعة أحاديث، وهو من رواية ابن وهب أيضاً عنه!

ص: 475

2077 -

(6)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

خَرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعليه مِرْط مُرَحَّلٌ مِنْ شعْرٍ أسْوَدَ.

رواه مسلم وأبو داود والترمذي.

(المِرْط) بكسر الميم وسكون الراء: كساء يؤتزر به؛ قال أبو عبيد: "وقد تكون من صوف ومن خز".

و (مرحَّل) بفتح الحاء المهملة وتشديدها؛ أي: فيه صور رحال الجمال.

2078 -

(7)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها أيضاً قالت:

كان وِسادُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي يَتَّكِئُ عليه مِنْ أَدَمٍ حَشْوُه ليفٌ.

2079 -

(8)[صحيح] وعنها قالت:

إنَّما كانَ فِراش رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي يَنام عليه أدَماً حشوهُ ليفٌ.

رواهما

(1)

مسلم وغيره.

2080 -

(9)[حسن] وعن عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه قال:

اسْتَكْسَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فكَساني خَيْشَتَيْنِ، فلَقدْ رأيتُني وأنا أَكسَى أصْحابي.

رواه أبو داود والبيهقي؛ كلاهما من رواية إسماعيل بن عياش.

(الخَيشة) بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء المثناة تحت بعدهما شين معجمة: هو ثوب يتخذ من مُشاقَة الكَتّان

(2)

يغزل غزلاً غليظاً، وينسج نسجاً رقيقاً.

(1)

وقع في طبعة الثلاثة: (رواه)! مع أنَّهم عزوا في التعليق الحديث الأول كالثاني لمسلم! ثم جهلوا أنَّ الثاني منهما رواه البخاري أيضاً مع تنبيه الناجي عليه! وانظر "مختصر الشمائل"(173/ 282).

(2)

ما ينقطع من الكتان عند تخليصه وتسريحه. "النهاية".

ص: 476

وقوله: "وأنا أَكسي أصحابي" يعني: أعظمهم وأعلاهم كسوة.

2081 -

(10)[صحيح] وعن أبي بردة

(1)

قال: قال لي أبي:

لو رأيْتنا ونحنُ معَ نَبِيِّنا وقدْ أصابَتْنا السماءُ، حسِبْتَ أنَّ ريحَنا ريحُ الضأْنِ.

رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال:

"حديث صحيح. (ومعنى الحديث): أنه كان ثيابهم الصوف، وكان إذا أصابهم المطر يجيء من ثيابهم ريح الصوف" انتهى.

2082 -

(11)[صحيح موقوف] وعن أنسٍ قال:

رأيتُ عمرَ رضي الله عنه -وهو يومَئذٍ أميرُ المؤمنينَ- وقد رَفَّع بينَ كَتِفَيْهِ بِرِقَاعٍ ثَلاثٍ، لَبَّد بعضها على بعْضٍ.

رواه مالك.

2083 -

(12)[حسن صحيح] وعن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"كَمْ مِنْ أشعثَ أغبرَ ذي طِمْرَيْنِ لا يُؤبَهُ له، لوْ أَقْسَم على الله لأَبرَّهُ، منهم البراءُ بنُ مالكٍ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن".

(قال الحافظ):

"ويأتي في [24 - الزهد/ 5] "باب الفقر" أحاديث من هذا النوع وغيره إنْ شاء الله تعالى".

(1)

الأصل والمخطوطة: (ابن بريدة)، وهو خطأ لعله من بعض النساخ، فالحديث عند جميع من عزاه المصنف إليه على ما أثبتنا، وعند أحمد وغيره:"قال: قال أبو موسى: يا بني. . .".

ص: 477

2084 -

(13)[صحيح] وعن عبد الله بن شداد بن الهاد قال:

رأيتُ عثمانَ بْنَ عفَّانَ يومَ الجُمُعَةِ على المنْبَرِ عليه إزارٌ عَدَنِيٌّ غَليظٌ، ثَمنُهُ أربعةُ دراهِمَ أو خمسةٌ، ورَيْطَةٌ كوفِيَّةٌ مُمَشَّقَةٌ، ضَرْبَ اللحْمِ

(1)

، طويلَ اللِّحْيَةِ، حَسَن الوَجْهِ.

رواه الطبراني بإسناد حسن، والبيهقي

(2)

.

(عَدَني) بفتح العين والدال المهملتين: منسوب إلى (عدن).

(الرَّيْطَة) بفتح الراء وسكون الياء المثناة تحت: كل ملاءة تكون قطعة واحدة ونسجاً واحداً ليس لها لفقان

(3)

.

(وضَرْبَ) اللحم بفتح الضاد المعجمة وسكون الراء: خفيفه.

و (مُمَشَّقَةٌ) أي: مصبوغة بـ (المشق) بكسر الميم: وهو المُغرة

(4)

.

2085 -

(14)[صحيح موقوف] وعن محمد بن سيرين قال:

كنَّا عند أبي هريرة رضي الله عنه وعليه ثوبان مُمَشَّقانِ مِنْ كَتَّانٍ، فَمَخط في أحدِهِما ثُمَّ قال: بَخٍ بَخٍ، يَمْتَخِطُ أبو هريرة في الكَتَّانِ! لقد رَأيْتُني وإنِّي لأَخِرُّ فيما بين مِنْبَرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وحُجْرة عائشةَ مِنَ الجوعِ مَغْشيّاً عليَّ، فيَجيءُ الجائي، فَيضَعُ رِجْلَهُ على عُنُقي يرى أنَّ بي الجنونَ؟ وما هو إلا الجوعُ.

رواه البخاري، والترمذي وصححه.

(1)

هو الخفيف اللحم الممشوق المستدق. "نهاية".

(2)

كذا قال! ولو عكس كان أولى؛ لأن في إسنادهما ابن لهيعة، وهو سيئ الحفظ، لكنه عند البيهقي في "الشعب"(2/ 230/ 2) من رواية عبد الله بن وهب عنه، وهي صحيحة عند العلماء، كما تقدم مني قبل سبعة أحاديث رداً على الجهلة الذين ضعفوا حديثه هناك وحسنوه هنا، تقليداً منهم للهيثمي مع أنَّه عنده من غير طريق ابن وهب!!

(3)

وفي "المصباح": "لبست لفقين، أي: قطعتين، والجمع (رياط) مثل كلبة وكلاب".

(4)

وهو الطين الأحمر كانوا يصبغون به الثياب.

ص: 478

2086 -

(15)[صحيح موقوف] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

لقد رأيتُ سبعينَ مِنْ أهلِ الصُّفَّةِ، ما منهم رجلٌ عليه رداءٌ، إمَّا إِزَارٌ وإمّا كِساءٌ قد ربَطوا في أعْناقِهِم، فمنها ما يبلُغُ نصفَ الساقينِ، ومنها ما يَبلغُ الكعْبَينِ، فيجمَعُه بيدِه كراهِيَةَ أنْ تُرى عَوْرَتُه.

رواه البخاري.

2087 -

(16)[حسن لغيره] ورُوِيَ عن فاطمةَ بنتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالتْ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"شرارُ أمَّتي الذين غُذُّوا بالنعيمِ؛ الذين يأْكُلونَ ألْوانَ الطعامِ، ويلْبَسونَ ألوانَ الثيابِ، ويتشدَّقونَ في الكَلامِ".

رواه ابن أبي الدنيا في "كتاب ذم الغيبة" وغيره.

2088 -

(17)[حسن لغيره] وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"سيكونُ رِجالٌ مِنْ أمَّتي يأْكلُونَ ألْوانَ الطعامِ، ويشْرَبونَ ألوانَ الشرابِ، ويلْبَسونَ ألوانَ الثيابِ، ويتَشَدَّقونَ في الكلامِ، فأولئكَ شِرارُ أُمَّتي".

رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط".

2089 -

(18)[حسن لغيره] وعن ابن عمر رضي الله عنهما يرفعه قال:

"مَنْ لَبِسَ ثوبَ شُهْرةٍ؛ ألْبَسهُ الله إيَّاهُ يومَ القِيامَةِ، ثمَّ ألْهَبَ فيهِ النارَ، ومنْ تشبَّه بقومٍ فهو مِنْهُمْ".

ذكره رزين في "جامعه"، ولم أره في شيء من الأصول التي جمعها.

(1)

(1)

قلت: قد أخرجه أبو داود في "اللباس" مفرقاً بإسنادين حسنين عن ابن عمر مرفوعاً، لفظ الأول مثل لفظ ابن ماجه الآتي. والآخر:"من تشبه بقوم فهو منهم". وهما مخرجان في "جلباب المرأة"(ص 148 و 204)، وعند ابن ماجه في رواية:"ثم ألهب فيه ناراً"، ولم يتنبه الحافظ الناجي إلا للرواية الأخرى، فنفى أن يكون عنده!

ص: 479

[حسن] إنما رواه ابن ماجه بإسناد حسن ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ في الدنيا؛ ألْبَسهُ الله ثوبَ مَذَلَّةٍ يومَ القِيامَةِ، ثُمَّ ألْهبَ فيه ناراً".

رواه أيضاً أخصر منه.

‌8 - (الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه).

2090 -

(1)[حسن] وروي عن عمر رضي الله عنه مرفوعاً:

"أفْضَلُ الأعمالِ إِدخالُ السرورِ على المؤمِن؛ كسوتَ عورَتَه، وأَشبعتَ جوعتَهُ، أو قَضَيْتَ له حاجةً".

رواه الطبراني

(1)

.

(1)

له شواهد يتقوى بها خرَّجته من أجلها في "الصحيحة"(1494).

ص: 480

9 -

(الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة نتفه).

2091 -

(1)[صحيح لغيره] عن عَمْرِو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تَنْتُفوا الشيْبَ؛ فإنَّهُ ما مِنْ مسلمٍ يشيبُ شيْبَةً في الإسْلامِ، إلا كانَتْ له نوراً يومَ القِيامَةِ" -وفي رواية: "كُتِبَ لهُ بِها حَسنَةٌ، وحُطَّ عنه بها خطيئةٌ-".

[حسن] رواه أبو داود، والترمذي وقال:

"حديث حسن"، ولفظه:

"أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نتف الشيب، وقال: إنَّه نور المسلم".

ورواه النسائي وابن ماجه.

2092 -

(2)[حسن] وعن فضالةَ بن عُبيد رضي الله عنه؛ أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من شابَ شيبةً في الإسلامِ؛ كانت له نوراً يوم القيامةِ".

فقال رجلٌ عند ذلك: فإن رجالاً ينتفون الشيبَ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من شاءَ فلينتفْ نورَهُ".

رواه البزار، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" من رواية ابن لهيعة

(1)

، وبقية إسناده ثقات.

2093 -

(3)[صحيح] وعن عَمْرِو بنِ عَبْسَةَ رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال:

"مَنْ شابَ شَيْبَةً في الإسْلامِ؛ كانتْ له نوراً يومَ القِيامَةِ".

رواه النسائي في حديث، والترمذي وقال:

(1)

قلت: لا وجه لإعلاله به، وإن تبعه الهيثمي وقال هنا:"وحديثه حسن، وفيه ضعف"، لأنه قد توبع عند الطبراني وغيره، وفي العزو المذكور أوهام أخرى لا مجال لبيانها، ومحله "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(1244 و 3371).

ص: 481

"حديث حسن صحيح"

(1)

.

2094 -

(4)[صحيح] وعن عُمرَ بْنِ الخطَّاب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ شابَ شيْبَةً في سبيلِ الله؛ كانتْ له نوراً يومَ القِيامَةِ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"

(2)

.

2095 -

(5)[صحيح] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال:

كان يُكْره أنْ ينتِفَ الرجلُ الشعرةَ البيْضاءَ مِنْ رأسِه ولحيَتِهِ.

رواه مسلم.

2096 -

(6)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"لا تَنْتُفوا الشيْبَ؛ فإنَّه نورٌ يومَ القِيامَةِ، مَنْ شابَ شيْبَةً؛ كتبَ الله له بها حَسنَةً، وحَطَّ عنه بها خَطيئةً، ورفَعَ لهُ بِها درجَةً".

رواه ابن حبان في صحيحه.

(1)

قلت: فاته ابن حبان في "صحيحه"(رقم 1478 - موارد الظمآن).

(2)

قلت: والطبراني في "الكبير"، وهو مخرج في "الصحيحة"(1244).

ص: 482

‌10 - (الترهيب من خضب اللحية بالسواد).

2097 -

(1)[صحيح] عن ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يكونُ قومٌ يخْضِبونَ في آخرِ الزمانِ بالسوادِ؛ كَحواصِلِ الحَمامِ، لا يَريحونَ رائِحةَ الجَنَّةِ".

رواه أبو داود والنسائي، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

(قال الحافظ):

"رووه كلهم من رواية عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم، فذهب بعضهم إلى أن عبد الكريم هذا هو ابن المخارق، وضعف الحديث بسببه، والصواب أنه عبد الكريم بن مالك الجزري، وهو ثقة احتج به الشيخان وغيرهما. والله أعلم

(1)

".

(1)

وهذا هو الصواب، وإليه ذهب جمع من الحفاظ، كما ذكره الحافظ ابن حجر في رسالته التي كنت حققتها ونشرتها في آخر "المشكاة"(ص 309)، ومما يؤيد ذلك أنه وقع التصريح بأنه الجزري في بعض الروايات، منها رواية أبي داود في بعض النسخ، منها نسخة "عون المعبود": وإن شئت المزيد فعليك بكتابي "غاية المرام في تخريج الحلال والحرام"، وهو مطبوع.

ص: 483

‌11 - (ترهيب الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجة).

2098 -

(1)[صحيح] عن أسماء رضي الله عنها:

أنَّ امْرأةً سألتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَتْ: يا رسولَ الله! إنَّ ابْنَتي أصابَتْها الحَصَبَة فتمرَّقَ شَعْرُها، وإنِّي زَوَّجْتُها؛ أَفأصِلُ فِيه؟ فقال:

"لعَنَ الله الواصِلَة والموصُولَةَ".

وفي رواية: قالت أسماء:

لَعن النبيُّ صلى الله عليه وسلم الواصِلَةَ والمسْتَوْصِلَةَ.

رواه البخاري ومسلم وابن ماجه.

2099 -

(2)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَعنَ الواصِلَةَ والمسْتَوْصلةَ، والواشِمَةَ والمسْتَوْشِمَة.

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

2100 -

(3)[صحيح] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه؛ أنَّه قال:

لَعَن الله الواشِماتِ والمسْتَوْشِمَاتِ، والمتَنَمِّصَاتِ والمتَفَلِّجاتِ لِلْحُسْنِ، المغيِّراتِ خَلْقَ الله.

فقالَتْ لهُ امْرَأَةٌ في ذلك. فقالَ: وما لي لا ألعَنُ مَنْ لَعنَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتابِ الله؟ قالَ الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} .

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

ص: 484

(المتفلجة): هي التي تفلج أسنانها بالمبرد ونحوه للتحسين.

2101 -

(4)[حسن صحيح] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال:

لُعِنَتِ الواصِلَةُ والمسْتَوْصِلَةُ، والنامِصَةُ والمتَنَمِّصَةُ، والواشِمَةُ والمسْتَوْشِمَةُ مِنْ غير داءٍ.

رواه أبو داود وغيره.

(الواصِلَةُ): التي تصل الشعر بشعر النساء.

و (المسْتَوْصِلَة): المعمول بها ذلك

(1)

.

و (النامِصَةُ): التي تنقش الحاجب

(2)

حتى ترقَّه. كذا قال أبو داود. وقال الخطابي:

"هو من النمص، وهو نتف الشعر عن الوجه"

(3)

.

و (المتنَمِّصَة): المعمول بها ذلك.

و (الواشِمَة): التي تغرز اليد والوجه بالإبر ثم تحشو

(4)

ذلك المكان بكحل أو مداد.

و (المسْتَوْشِمَة): المعمول بها ذلك.

2102 -

(5)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها:

أنَّ جاريةً مِنَ الأنْصارِ تزوَّجَتْ، وأنَّها مرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شعْرُها، فأَرادوا أَنْ يَصلِوها، فسأَلوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالَ:

(1)

كذا قال وليس بدقيق. قال الناجي: "إنما المفعول بها (مفعولة) فإنْ طلبت فعل ذلك فهي (مستفعلة)، وكذا (منفعلة) كـ (المتنمصة)، وهذا واضح لا يخفى".

قلت: وهذه الأوهام كلها وقعت في "الانتقاء" المنسوب لابن حجر، ولم يتنبه لذلك محققه الأعظمي، مع تفسيره لها في "الفتح" بما لا غبار عليه.

(2)

قلت: ذكر الحاجب والوجه ليس من باب القيد والحصر، فإنَّ (النمص) أعم من ذلك لغة، ومثله يقال في اليد والوجه في الوشم، ويؤيده عموم قوله:"المغيرات لخلق الله للحسن" فتنبه، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله.

(3)

قلت: ذكر الحاجب والوجه ليس من باب القيد والحصر، فإنَّ (النمص) أعم من ذلك لغة، ومثله يقال في اليد والوجه في الوشم، ويؤيده عموم قوله:"المغيرات لخلق الله للحسن" فتنبه، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله.

(4)

الأصل: (تحشي)، وهو خطأ، والصواب ما أثبتنا.

ص: 485

"لَعنَ الله الواصِلَة والمسْتَوْصِلَة".

وفي رواية:

أنَّ امْرأةً مِنَ الأنصارِ زوَّجتِ ابنَتَها، فتَمعّطَ شعْرُ رأسِها، فجاءَتْ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فذكرَتْ ذلك له وقالتْ: إنَّ زوْجَها أمَرني أنْ أصِلَ في شعرِها. فقال:

"لا؛ إنَّه قد لُعِنَ الموصولاتُ".

رواه البخاري ومسلم.

2103 -

(6)[صحيح] وعن حميد بن عبد الرحمن بن عوف:

أنَّه سمعَ معاويةَ عامَ حَجَّ، فقام على المنبر وتناوَل قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كانتْ في يد حَرَسيٍّ فقال:

يا أهلَ المدينَةِ! أين عُلَماؤكم؟ سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ينْهى عنْ مثلِ هذه

(1)

ويقول:

"إنَّما هلَك بنو إسْرائيلَ حينَ اتَّخذ هذه (1) نِساؤهُم".

رواه مالك، والبخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي.

[صحيح] وفي رواية للبخاري ومسلم عن ابن المسيِّب قال:

قدِمَ معاويةُ المدينةَ، فخطَبنا، وأخرَج كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ، فقال:

ما كنتُ أرى أنَّ أحدَاً يفعلُه إلا اليهودَ:

إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بلَغَهُ، فسمَّاه (الزَّورَ).

[صحيح] وفي أخرى للبخاري ومسلم:

أنَّ معاوِية قال ذاتَ يومٍ:

(1)

الأصل في الموضع الأول: (هذا)، وفي الآخر:(ها)، والتصحيح من "الصحيحين".

ص: 486

إنَّكُم أحْدَثْتُم زِيَّ سوءٍ، وإنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم نَهى عنِ الزُّورِ.

قال: وجاءَ رجلٌ بِعَصاً على رأْسِها خِرْقَةٌ فقال مُعاوِيَة: ألا هذا الزُّورُ.

قال قتادة: يعني ما يكثِّر به النساءُ أشعارَهُنَّ مِنَ الخرق

(1)

.

(1)

قلت: قول قتادة هذا في الأصل مقدم على قوله: "وجاء رجل. . ."، فصححته من "مسلم"(6/ 168)، وكذلك رواه أحمد (4/ 93). أما عزوه لهذه الرواية إلى البخاري، فخطأ بلا شك كما قال الناجي (174/ 2).

ص: 487

‌12 - (الترغيب في الكحل بالإثمد للرجال والنساء).

2104 -

(1)[صحيح لغيره] عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"اكْتَحِلوا بالإثْمِدِ؛ فإنَّه يَجلو البصرَ، ويُنبتُ الشعَر".

رواه الترمذي. وقال: "حديث حسن".

[صحيح] والنسائي، وابن حبان في "صحيحه" في حديث، ولفظهما: قال:

"إنَّ مِنْ خيرِ أكْحالكُم الإثْمِد، إنَّه يجْلو البصَر، ويُنْبِتُ الشعر".

2105 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"خيرُ أكْحالِكُم الإِثْمِدُ، يُنْبِتُ الشعَر، وَيجْلو البَصَر".

رواه البزار

(1)

، ورواته رواة الصحيح.

2106 -

(3)[حسن صحيح] وعن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"عليكُم بالإِثْمِدِ؛ فإنَّه مَنْبتَة للِشعَرِ، مَذْهَبَةٌ لِلْقَذى، مَصْفاةٌ لِلْبَصَرِ".

رواه الطبراني بإسناد حسن.

(1)

قلت: وكذا قال الهيثمي؛ وفاتهما قول البزار عقبه (3031): "محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة"، وكذا قال غيره، فهو منقطع، وغفل عنه الثلاثة كعادتهم وحسنوه! شغلهم عنه شهوة النقد والتظاهر بالتحقيق ولو بجهد غيرهم، والتشبع بما لم يعطوا، وقالوا: "حسن. . . قال البزار: هذا رواه زياد. قلنا (!): لكن ليس في الإسناد من يسمى زياداً.

قلت: وهذا الاستدراك سرقوه من الشيخ الأعظمي، فهو قوله في تعليقه على "كشف الأستار"(3/ 392)، والحديث إنما هو صحيح لغيره كما رمزنا.

ص: 488

‌19 - كتاب الطعام وغيره.

‌1 - (الترغيب في التسمية على الطعام، والترهيب من تركها).

2107 -

(1)[صحيح لغيره] عن عائشة رضي الله عنها قالت:

كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يأكُلُ طعاماً في سِتَّةٍ مِنْ أصحابِه، فجاءَ أعرابيٌّ فأكَلَهُ بلُقْمَتين، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أما إنَّهُ لوْ سَمَّى لَكفَاكُمْ".

رواه أبو داود

(1)

والترمذي وقال:

"حديث حسن صحيح".

وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، وزاد:

"فإذا أكَل أحدُكم طَعاماً، فلْيذْكُرِ اسْمَ الله عليه، فإنْ نَسِيَ في أوَّلِهِ، فلْيَقُلْ: بسْمِ الله أوَّلَهُ وآخِرَه".

وهذه الزيادة عند أبي داود وابن ماجه مفردة.

2108 -

(2)[صحيح] وعن جابرٍ رضي الله عنه؛ أنَّه سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:

"إذا دَخَل الرجلُ بيتَهُ فذكَر الله تعالى عندَ دُخولِهِ وعندَ طَعامِه؛ قال الشيطانُ: لا مَبِيتَ لكُم ولا عَشاءَ.

(1)

ذكر أبي داود وهمٌ نبَّه عليه الناجي. ومع ذلك عزاه المعلقون إليه برقم (3767)، فخلطوا وأوهموا، لأنَّ الرقم المذكور إنما هو عنده للزيادة الآتية، فقد رواها مفردة كما سيذكر المؤلف، وأما عطف المؤلف عليه ابن ماجه فمن أوهامه الكثيرة، فإنما هي عنده تمام الحديث بلفظ ابن حبان!

ص: 489

وإذا دَخَل فلَمْ يذْكرِ الله عندَ دُخولِه؛ قال الشيطانُ: أدركْتُم المَبِيتَ، وإذا لَمْ يذْكُرِ الله عِندَ طعامِه؛ قال الشيطانُ: أدركْتُم المَبِيتَ والعَشَاءَ".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه

(1)

.

2109 -

(3)[صحيح] وعن حذيفة -هو ابن اليمان- رضي الله عنه قال:

كنَّا إذا حضرْنا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم طَعاماً لَمْ يَضعْ أحدُنا يَده حتى يبْدأَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأنّا حضرنا معَه طعاماً، فجاء أعرابيٌّ كأنَّما يُدفَعُ، فذَهَب لِيضَعَ يده في الطعامِ؛ فأَخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيَدِه.

ثمَّ جاءَتْ جاريَةٌ كأنَّما تُدفَعُ، فذهبت لِتَضَع يَدها في الطعامِ؛ فأخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدِها وقال:

"إنَّ الشيطانَ يَستَحِلُّ الطعامَ الذي لَمْ يُذكَرِ اسْمُ الله عليه، وإنَّه جاء بهذا الأعْرابيِّ يستَحِلُّ به؛ فأخذتُ بيده، وجاءَ بهذهِ الجاريَةِ يسْتَحِلُّ بها؛ فأخذتُ بيدِها، والذي نفسي بيدِه إنَّ يَده لفي يدي معَ أيْديهِما".

رواه مسلم والنسائي وأبو داود.

(2)

(1)

قلت: وأحمد أيضاً (3/ 346 و 383)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1096)، وهو عند النسائي في "الكبرى"(ق 59/ 2).

(2)

قلت: والسياق لأبي داود (3766)، وكذا النسائي (273 - العمل) بنحوه، وهو عند مسلم (6/ 107 - 108) بتقديم قصة الجارية على قصة الأعرابي.

ص: 490

‌2 - (الترهيب من استعمال أواني الذهب والفضة، وتحريمه على الرجال والنساء).

2110 -

(1)[صحيح] عن أمِّ سلَمةَ رضي الله عنها؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"الَّذي يشربُ في آنيَةِ الفِضَّةِ؛ إنَّما يُجَرْجِرُ في بطنِه نارُ جهَنَّمَ".

رواه البخاري ومسلم.

[صحيح] وفي رواية لمسلمٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الذي يأكلُ أوْ يشربُ في آنيةِ الذهَبِ والفضَّةِ؛ إنّما يُجَرْجِرُ في بطْنِه نارَ جهَنَّمَ".

وفي رواية أخرى له:

"مَنْ شرِبَ في إناءٍ مِنْ ذهَبٍ أو فضَّةٍ؛ فإِنَّما يُجرْجِرُ

(1)

في بطنِه ناراً مِنْ جَهنَّم".

2111 -

(2)[صحيح] وعن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا تَلبَسوا الحريرَ ولا الدِّيبَاجَ، ولا تشْرَبوا في آنيةِ الذهبِ والفضَّةِ، ولا تأكُلوا في صِحافِها، فإنَّها لهُمْ في الدنيا، ولكُم في الآخِرَةِ".

رواه البخاري ومسلم.

2112 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ لبسَ الحريرَ في الدنيا لَمْ يلبَسْهُ في الآخرةِ، ومَنْ شرِبَ الخمرَ في

(1)

أي: الشارب؛ أي: يلقيها في بطنه بجرع متتابع تسمع له جرجرة، وهي الصوت لتردده في حلقه. أفاده الناجي عن النووي.

ص: 491

الدنيا لَمْ يشربْهُ في الآخِرَةِ، ومَنْ شربَ في آنيَةِ الذهَبِ والفضَّةِ لَمْ يشرَبْ بِها في الآخِرَةِ، -ثمَّ قال:- لِباسُ أهلِ الجنَّة، وشَرابُ أهلِ الجنَّة، وآنيةُ أهلِ الجنَّةِ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد". [مضى 18 - اللباس/ 5].

ص: 492

‌3 - (الترهيب من الأكل والشرب بالشمال، وما جاء في النهي عن النفخ في الإناء والشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح).

2113 -

(1)[صحيح] عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يأْكُلنَّ أحدُكم بشِمالهِ، ولا يَشْرَبنَّ بها، فإنَّ الشيْطانَ يأكلُ بشِمالِه ويشربُ بِها". قال:

وكان نافعٌ يزيدُ فيها: "ولا يأخُذْ بها، ولا يُعْطِ بها".

رواه مسلم

(1)

والترمذي بدون الزيادة. ورواه مالك وأبو داود بنحوه.

2114 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لِيأْكُلْ أحدُكم بيَمِينهِ، ولْيَشْرَبْ بيمينِه، ولْيَأْخُذْ بيمينِه، ولْيُعْطِ بيَمينِه؛ فإنَّ الشيطانَ يأكلُ بشِمالِه، ويشربُ بشِمالِه، وُيعطي بشِمالِه، ويأخُذ بشِمالِه".

رواه ابن ماجه بإسناد صحيح

(2)

.

2115 -

(3)[حسن] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه:

أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم نَهى عنِ النفْخِ في الشَرابِ.

فقال رجلٌ: القَذاةَ أراها في الإِناءِ؟ فقال:

"أهْرِقْها".

قال: فإنِّي لا أرْوَى مِنْ نَفَسٍ واحدٍ؟ قال:

"فَأبِنِ القَدحَ إذاً عَنْ فيكَ [ثم تَنَفَّسْ]

(3)

".

(1)

قلت: وكذا البخاري في "الأدب المفرد"(1089).

(2)

فيه نظر بينته في الأصل، لكن له طرق أخرى وشواهد خرجت بعضها في "الصحيحة"(1236).

(3)

زيادة من "الموطأ" سقطت من رواية الترمذي، وهي عنده من طريق مالك بتقدم وتأخير، وقد رواه عنه أيضاً ابن حبان والحاكم بالزيادة، وهو مخرج في "الصحيحة"(386).

ص: 493

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

2116 -

(4)[صحيح لغيره] وعنه قال:

نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عنِ الشربِ من ثُلْمَةِ القَدحِ

(1)

، وأنْ يُنفَخَ في الشرابِ.

رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه"؛ كلاهما من رواية قرة بن عبد الرحمن بن حَيْوَئيل المصري المَعافِري.

2117 -

(5)[صحيح] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما:

أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى أنْ يُتَنفَّسَ في الإناءِ، ويُنفَخَ فيهِ.

رواه أبو داود والترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

وابن حبان في "صحيحه" ولفظه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى أنْ يشربَ الرجلُ مِنْ فِي السقاء، وأنْ يَتَنفَّسَ في الإناءِ.

2118 -

(6)[صحيح](قال الحافظ): "وروى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي النهي عن التنفس في الإناء من حديث أبي قتادة".

2119 -

(7)[صحيح] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه:

أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَتنفَّسُ في الإناءِ ثلاثاً. ويقول:

"هو أَمْرأُ وأَرْوَى".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

(1)

أي: موضع الكسر منه كما جاء مصرحاً بذلك في حديث آخر، والظاهر أنَّ ذلك لما قد يخشى أنْ يتجمع في الثلمة من الأوساخ والجراثيم، فيتسرب شيء منها إلى الجوف إذا شرب منها، فالنهي طبي دقيق، والله أعلم. انظر الحديث (2689 - الصحيحة).

ص: 494

وروى أيضاً عن ثُمامَةَ عن أنسٍ:

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يتنفَّسُ [في الإناء] ثلاثاً،

وقال: "هذا [حديث حسن] صحيح"

(1)

.

(قال الحافظ) عبد العظيم: "وهذا محمول على أنه كان يبين القدح عن فيه كل مرة، ثم يتنفس كما جاء في حديث أبي سعيد المتقدم، لا أنه كان يتنفس في الإناء".

2120 -

(8)[صحيح] وعن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال:

نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عنِ اخْتِناثِ الأسْقِيةِ. يعني أنْ تُكْسَر أفْواهُها فيُشرَبَ مِنْها.

رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

2121 -

(9)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهى أنْ يُشرَب مِنْ فِي السِقاءِ. . . .

(2)

.

رواه البخاري مختصراً دون قوله: "فأنبئت. . ." إلى آخره.

ورواه الحاكم بتمامه وقال:

"صحيح على شرط البخاري".

(1)

قلت: والزيادة منه (1885)، ورواه مسلم وغيره، وعنده أيضاً الأولى، انظر "الصحيحة"(387).

(2)

هنا عقب الحديث ما نصه: " [قال أيوب:] فأنبئت أن رجلاً شرب من في السقاء، فخرجت حية"، وما بين المعكوفتين زيادة من "الحاكم"، وحذف المصنف لها من سوء التصرف، لأنه يجعل تمام الحديث موصولاً من حديث أبي هريرة، وهو من قول أيوب -وهو السختياني-، فهو منقطع. وقد صح تعليل النهي عن عائشة بلفظ:"لأنَّ ذلك ينتنه". انظر "الصحيحة"(399 - 400)، وغفل المعلقون الثلاثة عن هذه الزيادة الهامة، فلم يستدركوها كعادتهم!!

ص: 495

‌4 - (الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها).

2122 -

(1)[صحيح] عن عبد الله بن بسرٍ رضي الله عنه قال:

كانَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَصعَةٌ يقالُ لها: الغَرَّاءُ، يحْمِلُها أرْبَعةُ رجالٍ، فلمَّا أضْحَوْا وسَجدوا الضُّحى. أتى بِتلْكَ القَصعَةِ؛ يعني وقد أثْرَد فيها، فالْتَفُّوا علَيْها، فلمَّا كَثُروا جَثا

(1)

رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فقال أعْرابِيٌّ: ما هذه الجِلْسَةُ؟ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله جعَلني عبداً كريماً، ولَمْ يَجْعلْني جَبَّاراً عنيداً". ثُمَّ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كلوا مِنْ جَوانِبها، ودَعوا ذِرْوَتها؛ يبارَكْ لكُم فيها".

رواه أبو داود وابن ماجه.

(ذِرْوَتها) بكسر الذال المعجمة: هي أعلاها.

2123 -

(2)[صحيح لغيره] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"البَركَةُ تنزِلُ

(2)

وسْطَ الطعامِ، فكُلوا مِنْ حافَّتَيْهِ، ولا تأكلوا مِنْ وَسطِهِ".

رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"؛ كلهم عن عطاء بن السائب

(3)

عن سعيد بن جبير عنه. وقال الترمذي -واللفظ له-:

"حديث حسن صحيح".

[صحيح] ولفظ أبي داود وغيره: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا أكَل أحدُكم طَعاماً، فلا يأْكُلْ مِنْ أعْلى الصحْفَةِ، ولكنْ لِيَأكُلْ مِنْ أسْفَلِها؛ فإنَّ البَركَة تنزِلُ مِنْ أعلاها".

(1)

أي: جلس على ركبتيه. وهذه هيئة من هيئات جلوسه صلى الله عليه وسلم على الطعام.

(2)

في الأصل زيادة "في"، فحذفتها لعدم ورودها في "الترمذي".

(3)

يشير المؤلف إلى إعلال الحديث به، لأنه كان اختلط، لكن قد رواه عنه شعبة وسفيان، وهما سمعا منه قبل الاختلاط، وقد خرجته في "الإرواء"(7/ 38/ 1980). وانظر "الصحيحة"(2040).

ص: 496

‌5 - (الترغيب في أكل الخل والزيت، ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إنْ صح الخبر

(1)

).

2124 -

(1)[صحيح] عن جابر رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سأل أهلَه الأُدُمَ، فقالوا: ما عندَنا إلا الخَلُّ، فدعا بِه فجعَل يأكُلُ بِه ويقول:

"نِعْمَ الإدامُ الخلُّ، نِعْمَ الإدامُ الخَلُّ".

قال جابرٌ: فما زِلتُ أُحِبُّ الخَلَّ منذُ سمعتُها مِنَ نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم.

قال طلحة بن نافع: وما زِلتُ أُحِبُّ الخَلَّ منذُ سمعتُها مِنْ جابرٍ.

رواه مسلم

(2)

. وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه منه:

"نِعْمَ الإِدَامُ الخَلُّ".

2125 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أمِّ هانئٍ بِنتِ أبي طالب رضي الله عنها قالت:

دخَل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

هلْ عندكُم مِنْ شيْءٍ؟ ".

فقلتُ: لا، إلا كِسَرٌ يابِسَةٌ وخَلٌّ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"قَرِّبيهِ، فما أقْفَرَ بيتٌ مِنْ أُدْمٍ فيهِ خَلٌّ"

(3)

.

(1)

انظر حديثه في "الضعيف".

(2)

قلت: لكنْ سياق المصنف ليس عند "مسلم"، وإنما هو مركب من روايتين عنده من طريقين مختلفين عن جابر (6/ 125)، وكان في الأصل:"نعم الإدام" في المرة الثالثة، فحذفتها لأنَّها ليست عنده.

(3)

قوله: "فما أقفر" أي: ما خلا. و (القفار): الطعام بلا أُدْم، وكان الأصل (إدام) فصححته من الترمذي. والحديث مخرج في "الصحيحة"(2220) لشاهد له.

ص: 497

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

2126 -

(3)[حسن لغيره] وعن أبي أُسَيْدٍ رضي الله عنه عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"كُلوا الزيتَ وادَّهِنُوا بهِ؛ فإنَّه مِنْ شجَرةٍ مبارَكَةٍ".

رواه الترمذي وقال: "حديث غريب". والحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

2127 -

(4)[حسن لغيره] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"كُلوا الزيتَ وادَّهِنُوا بهِ؛ فإنَّهُ مِنْ شَجرةٍ مبارَكَةٍ".

رواه ابن ماجه والترمذي وقال:

"لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزاق، وكان عبد الرزاق يضطرب في رواية هذا الحديث".

ورواه الحاكم وقال:

"صحيح على شرط الشيخين". وهو كما قال

(1)

(1)

كذا قال، وهو مردود بالاضطراب الذي أشار إليه الترمذي، والراجح منه أنَّه مرسل، كما بينته في "الصحيحة"(379)، وفيه تخريج شواهد له تقويه.

ص: 498

‌6 - (الترغيب في الاجتماع على الطعام).

2128 -

(1)[حسن لغيره] عن وحشي بن حربٍ بن وحشي بن حربٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال:

قالوا: يا رسول الله! إنا نأْكُل ولا نشْبَعُ؟ قال:

"تَجْتَمِعون على طعامِكُم أوْ تَتَفَرَّقونَ؟ ".

قالوا: نَتفَرَّقُ. قال:

"اجْتَمِعوا على طعامِكُم، واذْكروا اسْمَ الله؛ يبارَكْ لكُم فيهِ".

رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه".

2129 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"طعامُ الاثْنَيْنِ كافي الثلاثَةِ، وطعامُ الثلاثَةِ كافي الأرْبَعَةِ".

رواه البخاري ومسلم.

2130 -

(3)[صحيح] وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"طعامُ الواحدِ يكفي الاثْنَيْنِ، وطعامُ الاثْنَيْنِ يكفي الأرْبَعةَ، وطعامُ الأربَعةِ يكفي الثَّمانِيَةَ".

رواه مسلم والترمذي وابن ماجه.

2131 -

(4)[صحيح لغيره] ورواه البزار من حديث سمرة دون قوله:

"وطعامُ الأربعةِ يكفي الثمانيةَ". وزاد في آخره:

"ويد الله على الجماعة".

ص: 499

2132 -

(5)[حسن لغيره] وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كُلوا جَميعاً ولا تَتَفرَّقوا؛ فإنَّ طعامَ الواحد يكفي الاثْنين، وطعامَ الاثنينِ يكفي الأرْبَعةَ"

(1)

.

رواه الطبراني في "الأوسط".

2133 -

(6)[حسن لغيره] وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ أحبَّ الطعام إلى الله ما كَثُرَتْ عليه الأَيْدِي".

رواه أبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ في "كتاب الثواب"؛ كلهم من رواية عبد المجيد بن أبي راود؛ وقد وثق، ولكن في هذا الحديث نكارة

(2)

.

(1)

الأصل: "الثمانية"، وكذا في مطبوعة عمارة؛ ويظهر أنه خطأ قديم، فإنه كذلك في المخطوطة، والتصويب من "المعجم الأوسط"(رقم 7567/ 1) من مصورتي. ورواه في "الكبير" أيضاً كذلك لكن بتقديم وتأخير. وقد خرجته في "الصحيحة"(2691).

(2)

قلت: لم يظهر لي وجه النكارة، لا سيما وفي الباب ما يشهد له. والله أعلم.

ص: 500

‌7 - (الترهيب من الإمعان في التشبع والتوسع في المآكل والمشارب شرهاً وبطراً).

2134 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"المسلمُ يأكلُ في مِعىً

(1)

واحدٍ، والكافِرُ في سَبْعَةِ أمْعاءٍ".

رواه مالك والبخاري ومسلم وابن ماجه وغيرهم.

وفي رواية للبخاري:

"أنَّ رجُلاً كان يأكُل أكْلاً كثيراً فأسْلَم، فكان يأكُل أكْلاً قليلاً، فذَكرَ ذلك لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

"إنَّ المؤمِنَ يأكُل في مِعَىً واحِدٍ، وإنَّ الكافرَ يأْكُل في سَبْعَةِ أمْعاءٍ".

وفي رواية لمسلم قال:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ضافه ضيف كافِر

(2)

، فأمرَ لهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بشاةٍ فحُلِبَتْ فشَرِبَ حِلابَها، ثُمَّ أخْرى، فشَرِبَ حِلابَها، ثُمَّ أخْرى فشَرِب حلابَها، حتى شرِبَ حِلابَ سبْع شياهٍ! ثمَّ إنَّه أصْبَح فأسْلَم، فأمَر لَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بشاةٍ فشرِبَ حِلابَها، ثُمَّ أَخْرى فَلمْ يَسْتَتِمَّها فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"المؤمِنُ يَشْرَبُ في مِعىً واحدٍ، والكافرُ يشرَبُ في سبْعَةِ أمْعاءٍ".

ورواه مالك والترمذي بنحو هذه.

(1)

في "المصباح: "(المعى): المصران، وقصره أشهر من مده، وجمعه (أمعاء)، مثل (عنب) و (أعناب)، وجمع الممدود (أمعية)، مثل (حمارة) و (أحمرة). . ".

(2)

الأصل: "أضاف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ضيفاً كافراً"، فصححته من "مسلم"(6/ 133) و"الموطأ"(3/ 110)، وقد رواه من طريقه، وكان فيه أخطاء أخرى فصححتها منهما.

ص: 501

2135 -

(2)[صحيح] وعن المقدامِ بْنِ مَعْدِ يكرِبٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما مَلأ آدمِيٌّ وعاءً شرّاً مِنْ بطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدمَ أُكَيْلاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإنْ كانَ لا مَحالَة؛ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ، وثلُثٌ لِشرابِهِ، وثُلُثٌ لِنَفَسِهِ".

رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه".

(1)

2136 -

(3)[صحيح] وعن أبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قال:

أكلتُ ثَريدَةً مِنْ خُبزٍ ولَحْمٍ ثُمَّ أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فجعلتُ أتَجَشَّأُ. فقال:

"يا هذا! كُفَّ مِنْ جُشائِكَ، فإنَّ أكْثَر الناسِ شِبَعاً في الدنيا؛ أكثَرُهُم جُوعاً يومَ القِيامَةِ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

(قال الحافظ): "بل واهٍ جداً؛ فيه فهد بن عوف وعمر بن موسى، لكنْ رواه البزار بإسنادين رواة أحدهما ثقات".

(2)

2137 -

(4)[صحيح لغيره] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

تَجشَّأَ رجلٌ عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

"كفَّ عنَّا جُشاءَك، فإنَّ أكْثَرهُم شِبَعاً في الدنيا؛ أطوَلُهم جوعاً يومَ القيامَةِ".

رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي؛ كلهم من رواية يحيى البكّاء عنه؛ وقال الترمذي:

(1)

هنا في الأصل ما نصه: إلا أن ابن ماجه قال: "فإنْ غَلَبَتِ الأدميَّ نفسُه فثلث للطعام. ." الحديث، فحذفته لضعف إسناده، ومخالفته لما قبله، وهو مخرج في "الإرواء"(7/ 41 - 43).

(2)

قلت: إسناده جيد، وللحديث طرق أخرى وشواهد يأتي بعضها في الكتاب، وقد خرجتها في "الصحيحة"(343).

ص: 502

"حديث حسن".

2138 -

(5)[حسن لغيره] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ أهلَ الشبَعِ في الدنيا هُمْ أهلُ الجوعِ غَداً في الآخِرَةِ".

رواه الطبراني بإسناد حسن.

2139 -

(6)[صحيح لغيره] وروي عن عطية بن عامرٍ الجهني قال:

سمعتُ سَلْمانَ رضي الله عنه وأكْرِهَ على طعامٍ يأْكُلُه؛ فقالَ: حَسْبي؛ إنِّي سمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنَّ أكثَر الناسِ شِبَعاً في الدنيا؛ أطوَلُهُم جوعاً يومَ القِيامَةِ".

[صحيح لغيره] رواه ابن ماجه والبيهقي؛ وزاد في آخره: وقال:

"يا سَلْمانُ! الدنيا سِجْنُ المؤْمِنِ، وجنَّةُ الكافِرِ".

2140 -

(7)[صحيح] ورواه [يعني حديث أبي هريرة الذي في "الضعيف"] البخاري ومسلم باختصار: قال:

"إنَّه لَيأْتي الرجلُ العظيمُ السَّمينُ يومَ القِيامَةِ، فلا يَزِنُ عندَ الله جَناحَ بَعوضَةٍ".

2141 -

(8)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن مسعودٍ قال:

نَظرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الجوعِ في وجوهِ أصْحابِهِ، فقال:

"أبشِروا، فإنَّه سيأتي عليكُمْ زَمانٌ يُغْدَى على أحدِكمْ بالقَصْعَةِ مِنَ الثريدِ ويراحُ عليه بِمثْلِها".

قالوا: يا رسولَ الله! نحنُ يومَئذٍ خير؟ قال:

"بلْ أنْتُم اليومَ خيرٌ منكم يومَئذٍ".

رواه البزار بإسناد جيد.

ص: 503

2142 -

(9)[صحيح لغيره] وعن عليّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أنتُم اليومَ خيرٌ أمْ إذا غُدِيَ على أحدِكُم بِجَفْنةٍ مِنْ خُبزٍ ولَحْم، وريحَ عليهِ بأُخْرى، وغَدا في حُلةٍ وراحَ في أُخْرى، وستَرتُمْ بيوتَكُمْ كما تُسْتَرُ الكَعْبَةُ؟ ".

قلنا: بَلْ نحنُ يومَئِذٍ خيرٌ، نتفرغ للعبادة. فقالَ:

"بَلْ أنتُم اليومَ خيرٌ".

رواه الترمذي في حديث تقدم في "اللباس"[18/ 7 - "الضعيف"]، وحسنه.

2143 -

(10)[صحيح] وعن أبي برزة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّما أخْشى عليكُم شهواتِ الغَيِّ في بطونِكُم وفُروجِكم، ومُضِلاَّتِ الهَوى".

رواه أحمد والطبراني والبزار، وبعض أسانيدهم رجاله ثقات. [مضى 2 - السنة/ 2].

2144 -

(11)[حسن لغيره موقوف] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:

لَقِيَنَي عمرُ بْنُ الخطَّابِ وقدِ ابْتَعْتُ لَحْماً بدرْهَمٍ، فقال: ما هذا يا جابِرُ؟ قلتُ: قَرِمَ أهلْي، فابْتَعْتُ لهم لَحْماً بدرْهَمٍ، فجًعَل عُمَرُ يردِّدُ: قَرِم أهْلي! حتى تَمنَّيْتُ أنَّ الدرْهَم سَقَط منِّي ولَم ألْقَ عُمَرَ.

رواه البيهقي.

قوله: "قرم أهلي" أي: اشتدت شهوتهم للحم.

2145 -

(12)[حسن] وعن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كُلوا واشْرَبوا، وتَصدَّقوا، [والْبَسوا]

(1)

ما لَمْ يُخالِطْهُ إسْرافٌ أو مَخِيلَ".

(1)

سقطت من الأصل، وكذا المخطوطة، وهي ثابتة عند مخرجيه، وكذلك رواه أحمد (2/ 181 و 182)، وزاد في رواية:"إن الله يحب أن ترى نعمته على عبده". وكذا رواه الحاكم (4/ 135) وصححه، ووافقه الذهبي، والبيهقي في "الشعب" (2/ 230/ 2). وقد غفل الغافلون عنها كعادتهم ولم يستدركوها! ولا صححوا ما كان في الأصل:"ولا مخيلة"!

ص: 504

رواه النسائي وابن ماجه، ورواته إلى عمرو ثقات محتج بهم في "الصحيح".

2146 -

(13)[حسن] وعن معاذِ بْنِ جبلٍ رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لمَّا بعَثَ به إلى أهْلِ اليَمنِ قال له:

"إيَّاك

(1)

والتَّنَغُّمَ؛ فإنَّ عبادَ الله ليْسُوا بالمتَنَعِّمينَ".

رواه أحمد والبيهقي ورواة أحمد ثقات.

2147 -

(14)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ شرار أمتي الذين غذُّوا بالنعيم، ونبتت عليه أجسامُكم".

رواه البزار، ورواته ثقات؛ إلا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم.

2148 -

(15)[حسن لغيره] وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"سيكونُ رِجالٌ مِنْ أُمَّتي يأكُلونَ ألْوانَ الطَعامِ، ويشرَبونَ ألْوانَ الشرابِ، ويلبَسونَ ألْوانَ الثيابِ، ويتَشدَّقونَ في الكَلامِ؛ فأولئكَ شِرارُ أُمَّتي".

رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في "الكبير" و"الأوسط".

2149 -

(16)[حسن لغيره] وروي عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"شِرارُ أُمَّتي الَّذين وُلِدُوا في النَّعيمِ، وغُذُوا بِهِ، يأْكُلونَ مِنَ الطعام ألْواناً، ويتشَدَّقونَ في الكَلامِ".

رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في حديث [يأتي 24 - التوبة/ 6].

(1)

قلت: هذا لفظ البيهقي، ولفظ أحمد (إيايَ)، وهو أبلغ في التحذير كما ذكروا في أمثاله من الأحاديث، فانظر "فيض القدير" للمناوي.

ص: 505

2150 -

(17)[صحيح لغيره] وعن أُبيّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

إنَّ مَطْعَم ابْنِ آدَم جُعِلَ مثلاً للدُّنيا، وإنْ قَزَّحَهُ ومَلَحهُ، فانظُرْ إلى ما يصَيرُ".

رواه عبد الله بن أحمد في "زوائده"

(1)

بإسناد جيد قوي، وابن حبان في "صحيحه" والبيهقي، وزاد في بعض طرقه: ثم يقول الحسن: أو ما رأيتهم يطبخونه بالأفواه والطيب

(2)

ثم يرمون كما رأيتم.

قوله: (قَزَّحه) بتشديد الزاي أي: وضع فيه (القِزْح)، وهو التابل.

و (مَلَحه) بتخفيف اللام، معروف.

2151 -

(18)[صحيح لغيره] وعن الضحاك بن سفيان رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:

"يا ضحَّاكُ! ما طَعامُكَ؟ ".

قال: يا رسول الله! اللّحْمُ واللَّبَنُ. قال:

"ثمَّ يصيرُ إلى ماذا؟ ".

قال: إلى ما قَدْ علِمْتَ. قال:

"فإنَّ الله تعالى ضرَبَ ما يَخْرُج مِنِ ابْنِ آدَمَ مَثَلاً لِلدُّنْيا".

رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح؛ إلا علي بن زيد بن جدعان.

(قال الحافظ): "ويأتي في "الزهد" [24 - التوبة/ 6] ذكر "عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه" إنْ شاء الله تعالى".

(1)

انظر التعليق المتقدم في المجلد الأول ص (276).

(2)

عطف بيان تفسير لـ (الأفواه)، فإنَّه جمع (الفوه): الطيب، مثل (قفل) و (أقفال). و (أفاويه) جمع الجمع. كما في "المصباح".

ص: 506

‌8 - (الترهيب من أنْ يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر، والأمر بإجابة الداعي، وما جاء في طعام المتباريين

(1)

).

2152 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّه كانَ يقول:

"شَرُّ الطعامِ طعامُ الوَليمَةِ، يُدْعى إليها الأغْنِياءُ، وُيتْرَكُ المسَاكينُ، ومَنْ لَمْ يأْتِ الدعوةَ فقَدْ عَصى الله ورسولَه".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه موقوفاً على أبي هريرة.

ورواه مسلم أيضاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم:

"شرُّ الطعامِ طعامُ الوَليمَةِ؛ يُمْنَعُها مَنْ يَأْتيها، ويُدْعَى إليها مَنْ يأْباها، ومَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فقد عَصى الله وَرسولَهُ".

2153 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا دُعِيَ أحدُكم إلى الوَليمَةِ فَلْيَأْتِها".

(1)

في الأصل والمخطوطة أيضاً: (المتماريَيْن)، وهو خطأ من المؤلف ناشئ عن خطأ، وهو تفسيره لحديث ابن عباس الآتي آخر الباب ". . . طعام المتباريين" بقوله:" (المتباريان) هما المتمارلان المتباهيان"! وقد تعقبه الحافظ الناجي بقوله (ق 177/ 2):

"هذا عجيب، وقد قال في حواشي "مختصر السنن" له: (المتباريان): التعارضان بفعليهما، ليُعجزَ أحدهما الآخر بصنيعه، يقال: تباري الرجلان إذا فعل كل واحد منهما مثلما فعل صاحبه ليرى أيهما يغلب صاحبه -قال-: وكُرِهَ لما فيه من المباهاة والرياء، ودخوله فيما نهي عنه من أكل المال بالباطل". انتهت عبارته.

والحاصل أنَّ هذه اللفظة إنما هي بالباء لا بالميم؛ لأنَّ المتماريين في اللغة هما المتجادلان، وذلك لحن فاحش محيل للمعنى".

قلت: وما عزاه لحواشي "مختصر السنن" للمنذري لم أره في النسخة المطبوعة من "المختصر" وإنما في "معالم السنن" للخطابي المطبوع معه في مطبعة أنصار السنة (5/ 294) مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ، فلعل المنذري أخذ ذلك من الخطابي فعلقه حاشية على مختصره في بعض نسخه، فوقعت هذه النسخة للحافظ الناجي. والله أعلم.

ص: 507

رواه البخاري ومسلم وأبو داود.

2154 -

(3)[صحيح] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا دَعا أحدُكم أخاه فَلْيُجِبْ، عُرْساً كانَ أوْ نَحْوَهُ".

رواه مسلم وأبو داود.

وفي رواية لمسلم:

"إذا دُعيتُمْ إلى كُراعٍ

(1)

فأَجِيبُوا".

2155 -

(4)[صحيح] وعن جابرٍ -هو ابنُ عبدِ الله رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا دُعِيَ أحدُكم إلى طَعامٍ فلْيُجِبْ، فإنْ شاءَ طَعِم، وإنْ شاءَ تَركَ".

رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

2156 -

(5)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"حقُّ المسلِم على المسلمِ خمسٌ: ردُّ السلامِ، وعِيادَةُ المريضِ، واتِّباعُ الجنائزِ، وإجابَةُ الدعْوَةِ، وتَشْميتُ العاطِسِ".

رواه البخاري ومسلم. ويأتي أحاديث من هذا النوع إن شاء الله تعالى.

2157 -

(6)[صحيح] وروى أبو الشيخ ابن حَيان في "كتاب التوبيخ" وغيره عن أبي أيوبَ الأنصاري قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ستُّ خِصالٍ واجِبَةٌ لِلْمُسْلِم على المسلم، مَنْ تركَ شيْئاً منْهُنَّ؛ فقد تَركَ حقّاً واجباً: يُجيبُه إذا دَعاهُ، وإذا لَقِيَهُ أنْ يُسَلِّمَ عليه، وإذا عَطَسَ أنْ يُشْمِتَهُ،

(1)

بضم الكاف: وزان (غُراب)، وهو من الغنم والبقر بمنزلة (الوظيف) من الفرس، وهو مستدق الساق.

ص: 508

وإذا مرِضَ أنْ يَعودهُ، [وإذا ماتَ أنْ يَتْبَع جنَازَتَهُ]

(1)

، إذا اسْتُنْصِح أنْ يَنْصَح لَهُ".

2158 -

(7)[صحيح لغيره] وعن عكرمة قال: كان ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما يقول:

إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهى عن طعامِ المتبارِيَيْن أنْ يُؤكَلَ.

رواه أبو داود وقال:

"أكثر من رواه عن جرير لا يذكر فيه ابن عباس". يريد أن أكثر الرواة أرسلوه.

(قال الحافظ:)

"الصحيح أنَّه عن عكرمةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسل

(2)

".

(المتَبَارِيان): هما المتَمارِيان

(3)

المتَباهِيَانِ.

(1)

سقطت من الأصل والمخطوطة أيضاً، واستدركتها من "الأدب المفرد" للبخاري (922) و"المعجم الكبير" للطبراني (4/ 215 - 216/ 4076)، ومنه تتبين تقصير المؤلف في تخريجه، فبالأولى المعلقون عليه، فإنهم جهلة، ولذلك لم يزيدوا عليه في تخريجه سوى أنْ أعادوا عزوه لأبي الشيخ! وبدون رقم! أو استدراك للزيادة! وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً نحوه، رواه مسلم (7/ 3) وغيره، وسيأتي في (23 - الأدب/ 5). وآخر في "المسند"(2/ 68) من حديث ابن عمر.

(2)

قلت: لكن له شاهد قوي؛ خرجته في "الصحيحة"(626) من حديث أبي هريرة.

(3)

كذا قال وهو خطأ محض؛ فإنه لا علاقة للتماري والتجادل هنا كما تقدم بيانه في التعليق على الباب. وقد وقع في رواية في حديث أبي هريرة المشار إليه آنفاً بلفظ: "المترائيان"، فانقلب على المؤلف إلى "المتماريان". والله أعلم.

ص: 509

‌9 - (الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة).

2159 -

(1)[صحيح] عن جابرٍ رضي الله عنه:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أمرَ بِلَعْقِ الأصابع والصحْفَةِ، وقال:

"إنّكُمْ لا تَدْرونَ في أيِّ طعامِكُمُ البَركَةُ".

رواه مسلم.

2160 -

(2)[صحيح] وعنه، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا وَقَعتِ لُقْمَةُ أحدِكُم، فلْيَأْخُذْها، فلْيُمِطْ ما كانَ بِها مِنْ أذىً ولْيأْكُلْها، ولا يَدَعْها للشيطانِ، ولا يمْسَحْ يدَه بالمِنْديلِ حتَّى يَلْعَقَ أصابِعَهُ، فإنَّه لا يَدري في أيِّ طعامِه البركةُ".

رواه مسلم.

2161 -

(3)[صحيح] وعنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الشيطانَ يحضرُ أحدَكم عندَ كلِّ شيء مِنْ شأنِهِ، حتَّى يَحضرَه عند طعامِه، فإذا سَقَطتْ لُقْمَةُ أحدِكُم، فلْيَأْخُذْها، فَلْيُمِطْ ما كانَ بِها مِنْ أذًى، ثُمَّ ليَأْكُلْها، ولا يَدعْها للشيطانِ، فإذا فرغ، فَليَلْعَقْ أصابِعَهُ، فإنَّه لا يدري في أيِّ طعامِهِ البَركَةُ".

رواه مسلم، وابن حبان في "صحيحه" وقال:

"فإنَّ الشيطانَ يرصُدُ الناسَ أو الإنسانَ

(1)

على كلِّ شيءٍ، حتّى عند مطْعَمِه أوْ طَعامِه، ولا يرفَع الصحْفَةَ حتى يَلْعَقهَا أو يُلْعِقَها؛ فإنَّ [في] آخِرِ الطعامِ البَركةَ".

(1)

أي: يرقبه. يقال: رصده إذا قعد له على طريقه يترقبه.

ص: 510

2162 -

(4)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا أكَلَ أحدُكُم، فلْيَلْعَقْ أَصابِعَهُ؛ فإنَّه لا يدري في أيتهِنَّ البركةُ".

رواه مسلم والترمذي.

2163 -

(5)[صحيح] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا أَكلَ أحدُكُم طَعاماً، فلا يَمْسَحْ أصَابِعَهُ حتى يَلْعَقَها أو يُلْعِقَها".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه.

ص: 511

‌10 - (الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل).

2164 -

(1)[حسن لغيره] عن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ أكلَ طَعاماً ثمَّ قال: (الحمدُ لله الذي أطْعَمني هذا الطَعامَ، ورزَقَنيهِ مِنْ غيرِ حَوْلٍ منِّي ولا قوَّةٍ)؛ غُفِرَ له ما تَقدَّمَ مِنْ ذَنْبِه".

رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال:

"حديث حسن غريب".

(قال الحافظ):

"رووه كلهم من طريق عبد الرحيم أبي مرحوم عن سهل بن معاذ، ويأتي الكلام عليهما". [مضى 18 - اللباس/ 3].

2165 -

(2)[صحيح] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الله لَيَرْضَى عنِ العبْدِ أنْ يأكُلَ الأَكْلةَ فيَحْمدَهُ عليها، ويشرَبَ الشَّرْبَةَ فيحمدَهُ عليها".

رواه مسلم والنسائي والترمذي وحسنه.

(الأكلة) بفتح الهمزة: المرة الواحدة من الأكل. وقيل: بضم الهمزة؛ وهي اللقمة.

(قال الحافظ):

"وفي الباب أحاديث كثيرة مشهورة من قول النبي صلى الله عليه وسلم ليست من شرط كتابنا لم نذكرها".

ص: 512

‌11 - (الترغيب في غسل اليد قبل الطعام -إنْ صح الخبر

(1)

- وبعده، والترهيب أنْ ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها).

2166 -

(1)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ نامَ وفي يَدِه غَمَرٌ ولَمْ يَغْسِلْهُ، فأصابَهُ شَيْءٌ؛ فلا يَلومَنَّ إلا نَفْسَهُ".

رواه أبو داود، والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه".

2167 -

(2)[صحيح] ورواه ابن ماجه أيضاً عن فاطمة رضي الله عنها بنحوه.

(الغَمَرُ) بفتح الغين المعجمة والميم بعدهما راء: هو ريح اللحم وزُهُومَتُه.

2168 -

(3)[صحيح] وعنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ باتَ وفي يدِه ريحُ غَمَرٍ فأصابَه شَيْءٌ؛ فلا يَلومَنَّ إلا نَفْسَهُ".

رواه البزار والطبراني بأسانيد، رجال أحدها رجال "الصحيح"؛ إلا الزبير بن بكار، وقد تفرد به كما قال الطبراني، ولا يضر تفرده، فإنه ثقة إمام.

(2)

(1)

يشير المؤلف بهذه الجملة إلى بعض الأحاديث التي أوردها تحت الباب، وهي من حصة الكتاب الآخر "الضعيف".

(2)

قلت: ومع ذلك فلم يتفرد به، بل تابعه ثقتان كما هو مبين في "الصحيحة"(2956).

ص: 513

‌20 - كتاب القضاء وغيره.

‌1 - (الترهيب من تولي السلطنة

(1)

والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه، وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئاً من ذلك).

2169 -

(1)[صحيح] عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"كلُّكُم راعٍ ومَسْؤولٌ عن رعِيَّتِه، الإمامُ راعٍ ومسؤولٌ عَنْ رعِيَّتِه، والرجلُ راعٍ في أهلهِ ومسؤولٌ عن رعِيَّتِه، والمرأةُ راعية في بيت زوْجِها، ومسؤولَةٌ عن رعِيَّتها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سيدهِ ومسؤولٌ عن رعِيَّتِهِ، وكُلُكُم راعٍ ومَسْؤولٌ عنْ رعِيَّتِهِ".

رواه البخاري ومسلم. [مضى 17 - النكاح/ 3].

2170 -

(2)[حسن صحيح] وعن أنسِ بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا اسْترْعَاهُ؛ حَفِظَ أمْ ضَيَّع، [حتَّى يَسأَل الرجُلَ عنْ أهلِ بَيْتِه]

(2)

".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

2171 -

(3)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ وَلِيَ القَضاءَ أوْ جُعِلَ قاضِياً بينَ الناسٍ؛ فقد ذُبِحَ بغيرِ سِكِّينٍ".

رواه أبو داود والترمذي، واللفظ له، وقال:

"حديث حسن غريب".

(1)

كذا الأصل، وكذا في نقل الناجي له، وهي كلمة مولدة كما في "العجم الوسيط"، والمقصود (السلطة) كما هو واضح.

(2)

سقطت من الأصل وكذا المخطوطة، واستدركتها من "زوائد ابن حبان"(1562) و"كبرى النسائي"، وغيرهما. انظر "الصحيحة"(1626).

ص: 514

وابن ماجه، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

(قال الحافظ):

"ومعنى قوله: "ذبح بغير سكين" أنَّ الذبح بالسكين يحصل به إراحة الذبيحة بتعجيل إزهاق روحها، فإذا ذبحت بغير سكين كان فيه تعذيب لها. وقيل: إن الذبح لما كان في ظاهر العرف وغالب العادة بالسكين، عدل صلى الله عليه وسلم عن ظاهر العرف والعادة إلى غير ذلك؛ ليعلم أن مراده صلى الله عليه وسلم بهذا القول ما يخاف عليه من هلاك دينه ودون هلاك بدنه. ذكره الخطابي، ويحتمل غير ذلك".

2172 -

(4)[صحيح لغيره] وعن بريدة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"القُضاةُ ثلاثَة، واحِدٌ في الجنَّةِ واثْنانِ في النارِ، فأمَّا الَّذي في الجنَّةِ، فرجلٌ عرفَ الحقَّ فقَضى بِه، ورجلٌ عَرفَ الحقَّ فجارَ في الحُكْمِ فهو في النارِ، ورجلٌ قَضى للِنَّاسِ على جَهْلٍ فهو في النارِ".

رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

2173 -

(5)[حسن] وعن عوف بن مالكٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنْ شئتُم أَنْبَأْتُكُمْ عنِ الإِمارَةِ ومَا هي؟ ".

فنادَيْتُ بأعْلى صوتي: وما هِيَ يا رسولَ الله! قال:

"أوَّلُها مَلامَةٌ، وثانِيها نَدامَةٌ، وثالِثُها عذَابٌ يومَ القِيَامَة؛ إلا مَنْ عَدَل،. . .

(1)

".

رواه البزار والطبراني في "الكبير"، ورواته رواة الصحيح.

(1)

هنا في الأصل زيادة: "فكيف يعدل مع أقربيه؟! "، فحذفتها لنكارتها وتفرد هشام بن عمار بها دون أبي مسهر، أو لتفرد البزار عن (هشام) دون الطبراني في "الأوسط".

ص: 515

2174 -

(6)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه -قال شريك: لا أدري رفعه أم لا- قال:

"الإمارةُ أولُها ندامةٌ، وأوسطها غرامةٌ، وآخرُها عذابٌ يوم القيامة".

رواه الطبراني بإسناد حسن.

2175 -

(7)[حسن صحيح] وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:

"ما مِنْ رجُلٍ يلي أمْرَ عَشَرةٍ بما فوقَ ذلك إلا أتى الله مغلولاً يومَ القيامة يدهُ إلى عُنقِه، فَكَّهُ بِرُّهُ، أوْ أوثَقَهُ إثْمُهُ، أوَّلُها مَلامَةٌ، وأوْسَطُها نَدَامةٌ، وآخِرُها خِزْيٌ يومَ القِيامَةِ".

رواه أحمد، ورواته ثقات؛ إلا يزيد بن أبي مالك.

(1)

2176 -

(8)[صحيح] وعن أبي ذرّ رضي الله عنه قال:

قلتُ: يا رسولَ الله! ألا تَسْتعْمِلني؟

قال: فضَربَ بِيدِه على مَنْكِبَيَّ ثُمَّ قال:

"يا أبا ذَرٍّ! إنَّك ضَعيفٌ، وإنَّها أمانَةٌ، وإنَّها يومَ القيامَةِ خِزْيٌ ونَدامَةٌ،

(1)

قلت: وهو صدوق ربما وهم كما قال الحافظ، فهو حسن الحديث، ومن أئمة التابعين، وقد رُمي بشيء من الضعف، وكذا التدليس، ولكنه تدليس عمن لم يدركه. وقد جهل هذا المعلقون الثلاثة، فتعقبوا المؤلف وكذا الهيثمي، فتعالوا:"قلنا (!): يزيد صاحب تدليس، وفيه لين"! فضعفوا بجهلهم الحديث، وتعاموا عن الشواهد التي تشهد للشطر الثاني منه، وهي في طبعتهم قبيل هذا، وقد حسنوها، كحديث (عوف) المتقدم! كما أنهم لم يتذكروا و {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى} وذهنهم فارغ من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يتذكروا شواهد الشطر الأول منه، الآتية في الباب الثاني، بترقيمهم (3249 - 3254)، فهي خمسة شواهد، حسنوا أربعة منها، وضعفوا جداً الخامس منها!! وذلك من تمام جهلهم، لأنهم وقفوا ببصرهم عند ظاهر إسناده، ولم ينظروا ببصيرتهم إلى متنه الموافق لما قبله إلا في قوله:"وإلى ثلاثة"، ذلك لأنهم لم يتفقهوا بقوله صلى الله عليه وسلم في حق الشيطان:"صدقك وهو كذوب"! فهل يعرفون أنفسهم ويمسكون عن الخوض فيما لا يعلمون؟! انظر "الصحيحة"(349 و 2621).

ص: 516

إلا مَنْ أخذَها بِحقِّها، وأدَّى الَّذي عليهِ فيها".

رواه مسلم.

2177 -

(9)[صحيح] وعنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له:

"يا أبا ذرٍّ! إنِّي أراكَ ضعيفاً، وإنِّي أُحِبُّ لك ما أُحِبُّ لِنَفْسِي؛ لا تَأَمَّرَنَّ على اثْنَيْنِ، ولا تَلِيَنَّ مالَ اليَتيمِ".

رواه مسلم وأبو داود، والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

2178 -

(10)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّكم سَتَحْرِصون على الإمارَةِ، وستكونُ ندامَةً يومَ القيامَةِ، فنِعْمَتِ المرْضِعَةُ

(1)

، وبِئْسَتِ الفاطِمَةُ".

رواه البخاري والنسائي.

2179 -

(11)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة أيضاً؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ويلٌ للأمراءِ، ويلٌ للعُرفاء، ويلٌ للأُمناء، لَيَتَمَنَّينَّ أقوامٌ يوم القيامة أن ذوائبَهم معلقةٌ بالثريا يُدَلْدَلُون

(2)

بين السماء والأرض، وأنهم لم يلوا عملاً".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم -واللفظ له- وقال:

"صحيح الإسناد". [مضى 8 - الصدقات/ 3].

(1)

أي: في الدنيا، فإنها تدل على المنافع واللذات العاجلة، (وبئست الفاطمة) عند انفصاله عنها بموت أو غيره، فإنها تقطع عنه اللذائذ والمنافع، وتبقى عليه الحسرة والتبعة، فالمخصوص بالمدح والذم محذوف وهو (الإمارة).

(2)

الأصل: "يُدلّون"، وهو خطأ، ويظهر أنه من المؤلف، فإنه كذلك في المخطوطة، وكذلك كان فيما تقدم هناك (ج 1/ 8 - الصدقات/3/ 17). والمعنى: يضطربون ويتذبذبون.

ص: 517

2180 -

(12)[حسن صحيح] وفي رواية له وصحح إسنادها أيضاً، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ليوشِكَنَّ رجلٌ أنْ يتَمنَّى أنَّهُ خَرَّ مِنَ الثُّريَّا ولَمْ يَلِ مِنْ أمْرِ الناسِ شَيْئاً".

(قال الحافظ):

"وقد وقع في الإملاء المتقدم "باب فيما يتعلق بالعمَّال والعرفاء والمكّاسين والعشّارين" في "كتاب الزكاة" أغنى عن إعادته هنا"[8 - الصدقات-/ 3].

2181 -

(13)[صحيح] وعن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"يا عبدَ الرحمن بن سمرة! لا تسأل الإمارَةَ، فإنَّك إنْ أُعطيتَها مِنْ غير مسألةٍ؛ أُعنْتَ عليها، وإنْ أُعطِيتَها عَنْ مسأَلةٍ؛ وُكِلْتَ إلَيْها" الحديث.

رواه البخاري ومسلم.

ص: 518

‌2 - (ترغيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين في العدل إماماً كان أو غيره، وترهيبه أن يشق على رعيته أو يجور أو يغشهم أو يحتجب عنهم أو يغلق بابه دون حوائجهم).

2182 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"سَبْعَةٌ يُظِلُّهمُ الله في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه: إمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشأَ في عبادَة الله، ورجلٌ قلْبُه مُعَلَّقٌ بالمساجِدِ، ورجُلانِ تحابَّا في الله؛ اجْتَمعا عليه وتَفرَّقا عليه، ورجُلٌ دعَتْهُ امْرأَةٌ ذات مَنصبٍ وجَمالٍ فقال: إنِّي أخافُ الله، ورجلٌ تَصدَّقَ بصدَقَةٍ فأخفْاها؛ حتى لا تَعْلَمَ شِمالُه ما تُنْفِقُ يَمينُه، ورجلٌ ذكر الله خالياً ففَاضَتْ عيْنَاهُ".

رواه البخاري ومسلم. [مضى 5 - الصلاة/ 10].

2183 -

(2)[صحيح] وعن عبدِ الله بْنِ عَمْرِو بنِ العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ المُقْسِطينَ عندَ الله على منابِرَ منْ نورٍ، عَنْ يمينِ الرَّحمنِ، وكلْتا يَدَيْهِ يَمينٌ؛ الذين يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأهليهِمْ وما وُلُّوا".

رواه مسلم والنسائي. [مضى 17 - النكاح/ 4].

2184 -

(3)[صحيح] وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"أهلُ الجَنَّةِ ثلاثَةٌ: ذو سلْطانٍ مُقْسِطٌ مُوَفَّقٌ، ورجلٌ رحيمٌ رقيقُ القلْبِ

ص: 519

لِكلِّ ذي قُرْبَى ومسلمٍ

(1)

، وعفيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذو عِيالٍ".

رواه مسلم.

(المقسط): العادل.

2185 -

(4)[حسن] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ أشدَّ أهلِ النارِ عَذاباً يومَ القيامَةِ؛ مَنْ قَتلَ نبيّاً، أو قَتَلهُ نبِيٌّ،. . ."

(2)

.

رواه الطبراني، ورواته ثقات؛ إلا ليث بن أبي سُلَيم. وفي "الصحيح" بعضه.

ورواه البزار بإسناد جيد؛ إلا أنه قال:

"وإمامُ ضَلالَةٍ"

(3)

.

1286 -

(5)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أربعَةٌ يُبْغِضُهُم الله: البيَّاع الحلاَّفُ، والفقيرُ المخْتالُ، والشيخُ الزاني، والإمامُ الجائرُ".

رواه النسائي، وابن حبان في "صحيحه".

[صحيح] وهو في مسلم بنحوه؛ إلا أنه قال:

"ومَلِكٌ كذابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ". [يأتي بتمامه 21 - الحدود/ 7].

(1)

الأصل: "قربى مسلم"، قال الناجي:"سقط من الأصل هنا (الواو) في (مسلم)، ولا بد منها، وهو واضح".

قلت: وهو بإثباتها في "مسلم"(8/ 158)، و"المسند" أيضاً (4/ 162 و 266).

(2)

هنا في الأصل: وإمام جائر" فحذفتها لأني لم أجد لها شاهداً، وهو مخرج في "الضعيفة" (1159)، بخلاف رواية البزار فهي حسنة الإسناد، وأما المعلقون الثلاثة فلم يفرقوا!!

(3)

قلت: وكذا عزاه للبزار عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه"، وقد قصَّر هو والمؤلف فالحديث في "مسند أحمد" بلفظ البزار، وزاد:"وممثل من الممثلين". انظر "الصحيحة"(281).

ص: 520

2187 -

(6)[صحيح لغيره] عن ابن عمر قال:

كنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"كيف أنتُمْ إذا وقَعتْ فيكُمْ خَمْسٌ؟ وأعوذُ بالله أنْ تكونَ فيكُم أوْ تُدْركوهُنَّ: ما ظَهَرت الفاحشةُ في قوم قَطُّ يُعمَلُ بها فيهم علانِيَةً؛ إلا ظهرَ فيهمُ الطاعونُ والأوْجاعُ التي لَمْ تَكُنْ في أسْلافِهمْ، وما مَنعَ قومٌ الزَّكاة؛ إلاَّ مُنِعوا القَطْرَ مِنَ السَماءِ ولولا البهائم لم يمطروا، وما بَخَسَ قَومٌ المِكْيالَ والميزانَ؛ إلا أُخذوا بالسنينَ وشِدَّةِ المَؤُنَةِ وجَوْرِ السلْطانِ، ولا حكَم أُمَراؤهُم بغيرِ ما أنْزلَ الله؛ إلا سَلَّطَ الله عليهم عدُوِّهُم فاسْتَنْقَذوا بعضَ ما في أيْديهمْ، وما عَطَّلوا كتابَ الله وسنَّةَ نبيِّهِ؛ إلا جَعلَ الله بأْسَهُم بَيْنهُم".

رواه البيهقي

(1)

وهذا لفظه، ورواه الحاكم بنحوه من حديث بريدة وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

[مضيا 8 - الصد قات/ 2].

2188 -

(7)[صحيح لغيره] وعن بكير بن وهب قال:

قال لي أنس: أحَدِّثُكَ حديثاً ما أحدِّثُه كلَّ أحَدٍ؟ إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قامَ على بابِ البيْتِ ونحنُ فيه فقال:

"الأَئمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ، إنَّ لي علَيْكُمْ حقّاً، ولَهُمْ عليكُمْ حقاً مثلَ ذلكَ، ما إن اسْتُرْحموا رَحموا، وإنْ عاهَدوا وَفَوا، وإنْ حَكَموا عَدَلوا، فَمَنْ لَمْ يَفْعلْ ذلك مِنْهُم فعليه لَعْنَةُ الله والملائكةِ والناسِ أجْمَعينَ".

رواه أحمد بإسناد جيد -واللفظ له- وأبو يعلى والطبراني.

(1)

في "الشعب"(3/ 197/ 3315)، ورواه من طريق أخرى بسياق آخر بنحوه مضى هناك.

ص: 521

2189 -

(8)[صحيح لغيره] وعن سيار بن سلامة أبي المنهال قال:

دخلت مع أبي على أبي برزة وإنَّ في أذُنَيَّ لَقُرْطَيْنِ وأنا غُلامٌ؛ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"الأمَراءُ مِنْ قرَيْشٍ، -ثلاثاً- ما فَعلوا ثلاثاً: ما حَكَموا فعَدلوا، واسْتُرْحِموا فَرحِموا، وعاهَدوا فَوَفَوْا، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذلك منهم؛ فعَلَيْهِ لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجْمعين".

رواه أحمد، ورواته ثقات، والبزار وأبو يعلى بقصة.

2190 -

(9)[صحيح لغيره] وعن أبي موسى رضي الله عنه قال:

قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على بابِ بَيْتٍ فيه نَفَرٌ من قريْشٍ وأَخَذ بِعضادَتَيِ البَابِ فقال:

"هَلْ في البَيْتِ إلا قُرَشِيٌّ؟ ".

قال: فقيلَ: يا رسولَ الله! غيرُ فلانٍ ابن أُختِنا. فقال:

"ابنُ أُخْتِ القومِ مِنْهُمْ"، ثُمَّ قال:

"إنَّ هذا الأمْرَ في قريشٍ ما إذا اسْترْحِموا رَحِموا، وإذا حكَموا عَدلُوا، وإذا قَسَمُوا أقْسَطوا، فَمنْ لَمْ يَفْعَلْ ذلك منهم؛ فعليه لَعْنَةُ الله والملائكةِ والناسِ أجْمَعينَ، لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ".

رواه أحمد، ورواته ثقات، والبزار والطبراني.

2191 -

(10)[صحيح لغيره] وعن معاويةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تُقَدَّسُ أُمَّةٌ لا يُقْضَى فيها بالْحَقِّ، ولا يأْخُذُ الضعيفُ حَقَّهُ مِنَ القَوِيِّ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ".

رواه الطبراني، ورواته ثقات.

ص: 522

2192 -

(11)[صحيح لغيره] ورواه البزار بنحوه من حديث عائشة مختصراً.

2193 -

(12)[صحيح لغيره] والطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد جيد.

2194 -

(13)[صحيح] ورواه ابن ماجه مطولاً من حديث أبي سعيد. [مضى بلفظه 16 - البيوع/ 16].

2195 -

(14)[صحيح لغيره] وعن ابن بريدة عن أبيه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"القضاةُ ثلاثَة، قاضِيانِ في النارِ وقاضٍ في الجنَّةِ: رجلٌ قَضى بغيرِ حقٍّ يعلَمُ، بذلك، فذلِكَ في النارِ، وقاضٍ لا يَعْلَمُ فأهْلَكَ حقُوقَ الناسِ فهو في النارِ، وقاضٍ قَضى بالحقِّ فذلِكَ في الجنَّةِ".

رواه أبو داود، وتقدم لفظه [هنا/ 1 - باب]، وابن ماجه والترمذي -واللفظه له- وقال:

"حديث حسن غريب".

2196 -

(15)[حسن] وعن ابن أبي أوْفَى رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله مَعَ القاضي ما لَمْ يَجُرْ، فإذا جارَ تَخلَّى عنه ولَزِمَهُ الشيْطانُ".

رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" والحاكم؛ إلا أنه قال:

"فإذا جارَ تَبرَّأَ الله منه".

رووه كلهم من حديث عمران القطان، وقال الترمذي:

"حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمران القطان". وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد".

(قال الحافظ): "وعمران يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى"[في آخر كتابه].

2197 -

(16)[صحيح موقوف] وعن سعيد بن المسيب:

أنَّ مسلِماً وَيهودِيًّا اخْتَصَما إلى عُمَر رضي الله عنه، فَرأَى [أنّ] الَحقَّ

ص: 523

لِلْيَهوديِّ، فَقَضى له عُمَرُ به. فقالَ لَهُ اليَهودِيُّ: والله لقَدْ قَضَيْتَ بالْحَقِّ، فَضَرَبهُ عُمَرُ بالدَّرَّةِ وقال: وما يُدْريكَ؟

فقال اليَهودِيُّ: والله إنَّا نَجِدُ في التوارةِ: ليسَ قاضٍ يَقْضي بالحَقِّ، إلا كانَ عن يَمينِه مَلَكٌ، وعن شِمالِه مَلَكٌ، يُسَدِّدانِه وُيوَفِّقانِهِ لِلْحَقِّ ما دامَ مَع الحَقِّ، فإذا ترَك الحَقَّ عَرَجا وتَرَكاهُ.

رواه مالك.

2198 -

(17)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ما مِنْ أَميرِ عَشَرةٍ إلا يُؤتَى به يومَ القِيامَة مَغْلولاً، لا يَفُكُّهُ إلا العَدْلُ، [أو يوِبقُهُ الجَوْرُ]

(1)

".

رواه أحمد بإسناد جيد، رجاله رجال "الصحيح".

2199 -

(18)[صحيح لغيره] وعن رجلٍ عن سعدِ بْنِ عُبادَةَ قال: سمعتهُ غيرَ مرَّةٍ ولا مرَّتَين يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِنْ أميرِ عَشَرةٍ إلا يُؤْتى به يومَ القِيامَةِ مَغْلولاً؛ لا يَفكَّهُ مِنْ ذلك الغلِّ إلا العَدْلُ".

رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال "الصحيح"؛ إلا الرجل المبهم.

2200 -

(19)[صحيح] وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما مِنْ أميرِ عَشَرةٍ إلا يُؤْتى به مَغْلولاً يومَ القِيامَةِ، حتى يَفُكَّهُ العَدْلُ، أوْ يوِبقَهُ الجَوْرُ".

رواه البزار والطبراني في "الأوسط"، ورجال البزار رجال "الصحيح".

(1)

زيادة من "المسند"، غفل عنها الغافلون الثلاثة!

ص: 524

2201 -

(20)[حسن صحيح] وعن ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما يرفعه قال:

"ما مِنْ رجلٍ وَلِيَ عَشَرَةً؛ إلا أُتِيَ به يومَ القيامَةِ مَغْلولَةً يدهُ إلى عُنُقِهِ، حتَّى يُقْضى بَيْنَهُ وبَيْنَهُم".

رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجاله ثقات.

(1)

2202 -

(21)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: سمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا:

"اللهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتي شَيْئاً، فَشَقِّ عليهِمْ؛ فاشْقُقْ عليه، ومَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتي شَيْئاً، فَرَفَقَ بِهِمْ؛ فَارْفِقْ به".

رواه مسلم والنسائي.

(قال الحافظ): "ويأتي [أحاديث] في "10 - باب الشفقة" إنْ شاء الله".

2203 -

(22)[صحيح موقوف] وعن أبي عثمان قال:

كتبَ إلينا عمرُ رضي الله عنه ونحنُ بـ (أذْرَبيجَانَ)

(2)

:

يا عتبةَ بنَ فَرْقَدٍ! إنَّهُ ليسَ مِنْ كدِّكَ، ولا كدِّ أبيكَ، ولا كدِّ أمِّك، فأَشْبع المسْلِمينَ في رِحَالِهم مِمّا تَشْبَعُ منه في رَحْلِكَ، إيَّاكُمْ والتَنَغُّمَ، وزِيَّ أهلِ الشِّرْكِ، ولَبوسَ الحَريرِ.

رواه مسلم.

2204 -

(23)[صحيح] وعن معقل بن يسارٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(1)

هذه الأحاديث الأربعة، حسنها الثلاثة المشار إليهم، وقد ضعفوا حديث أبي أمامة المتقدم في الباب الأول، فراجع ردي عليهم هناك لترى جهلهم وتعديهم على السنة، ثم اعتبرْ، وادعُ لهم بالهداية.

(2)

إقليم معروف وراء العراق.

ص: 525

"ما مِنْ عبدٍ يَسْتَرْعيه الله عز وجل رَعيَّةً، يموتُ يومَ يموتُ وهو غَاشٌّ رَعيَّتَهُ؛ إلا حَرَّمَ الله تُعالى عليه الجَنَّةَ".

وفي رواية:

"فلم يُحِطْها بِنُصْحِهِ، لَمْ يَرَحْ رائحَةَ الجَنَّةِ".

رواه البخاري ومسلم.

2205 -

(24)[صحيح] وعنه أيضاً عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ما مِنْ أميرٍ يَلي أمورَ المسلمينَ ثُمَّ لا يَجْهَدُ لَهُمْ، ويَنْصَح لَهُم؛ إلا لَمْ يَدْخلْ معَهُمُ الجَنَّةَ".

[حسن] رواه مسلم، والطبراني

(1)

وزاد:

"كَنُصْحِهِ وجَهْدِهِ لنَفْسِهِ".

2206 -

(25)[صحيح] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ وَلِيَ مِنْ أمورِ المسلمين شيْئاً، فَغَشَّهُم؛ فَهُوَ في النارِ".

رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير"، ورواته ثقات؛ إلا عبد الله بن ميسرة أبا ليلى.

2207 -

(26)[حسن صحيح] وعن عبد الله بن مغفلٍ المزني رضي الله عنه قال:

أشهدُ لَسَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما مِنْ إمام ولا والٍ باتَ ليلَةً سوْداءَ غاشًّا لِرَعيَّته؛ إلا حَرَّمَ الله عليه الجنَّةَ".

رواه الطبراني بإسناد حسن.

(1)

لم أره في "المعجم الكبير" إلا بلفظ: "لا يحوطه كما يحوط نفسه وأهله"(20/ 218/ 506)، وفيه ضعيف. ثم أخرجه (513) من طريق آخر نحوه، وفيه ضعيف وآخر لم يسم. وإنما رواه في "المعجم الصغير" من طريق أخرى حسنة، وهو مخرج في "الضعيفة" تحت الحديث (5364).

ص: 526

[صحيح لغيره] وفي رواية له:

"ما مِنْ إمامٍ يَبيتُ غاشّاً لِرَعيَّتِهِ؛ إلا حَرَّمَ الله عليه الجنَّةَ، وعَرفُها يوجَدُ يومَ القِيامَةِ مِنْ مسيرَةِ سَبْعينَ عاماً".

2208 -

(27)[صحيح] وعن أبي مريم عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه؛ أنه قال لمعاويَةَ: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ ولاهُ الله شيْئاً مِنْ أمورِ المسْلمينَ، فاحْتَجبَ دونَ حاجَتِهِم وخَلَّتِهم وفَقْرِهمْ؛ احْتَجبَ الله دونَ حاجَتهِ وخَلَّتِه وفَقْرِه يومَ القِيامَةِ".

[قال:] فجعل معاوية رجلاً على حوائج المسلمين.

[صحيح لغيره] رواه أبو داود -واللفظ له-، والترمذي ولفظه:

قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول:

"ما مِنْ إمامٍ يُغلقُ بابَه دونَ ذوي الحاجَةِ والخَلَّةِ والمسكَنَةِ؛ إلا أَغْلَقَ الله أبوابَ السماءِ دونَ خلَّتهِ وحاجَتِه ومسْكَنتهِ".

ورواه الحاكم بنحو لفظ أبي داود وقال: "صحيح الإسناد".

2209 -

(28)[صحيح لغيره] وعن معاذِ بْنِ جبل رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ وَليَ مِنْ أمْرِ الناسِ شَيْئاً، فاحْتَجبَ عَنْ أُولي الضَّعْفِ والحاجَةِ؛ احْتَجبَ الله عنه يومَ القيامَةِ".

رواه أحمد بإسناد جيد والطبراني وغيره.

2210 -

(29)[حسن لغيره] وعن أبي الشمَّاخ

(1)

الأزدي عن ابن عمٍّ له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:

(1)

بالمعجمتين، ووقع في "الأصل" و"المجمع" وغيرهما بالمهملتين، والتصحيح من "المخطوطة" و"المسند"، وغفل عنه النقلة الثلاثة فلم يصححوه، مع أنهم نقلوه عن الهيثمي على الصواب!!

ص: 527

أنه أتى معاويةَ فدخل عليه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من ولي أمرَ الناسِ، ثم أغلق بابَهُ دون المسكين والمظلوم وذي الحاجةِ؛ أغلق الله تبارك وتعالى أبوابَ رحمتِه دون حاجته وفقرِهِ؛ أفقر ما يكون إليها".

رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناد أحمد حسن.

‌3 - (ترهيب من وَلِيَ شيئاً من أمور المسلمين أن يولّي عليهم رجلاً وفي رعيته خيرٌ منه).

[لم يذكر تحته حديثاً على شرط كتابنا].

ص: 528

‌4 - (ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما).

(1)

2211 -

(1)[صحيح] عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:

لَعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمُرْتَشِي.

رواه أبو داود، والترمذي وقال:

"حديث حسن صحيح".

[صحيح] وابن ماجه، ولفظه: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لعنةُ الله على الراشي والمرْتَشي".

وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

2212 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

"لَعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتَشي في الحُكْمِ".

رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في "صحيحه".

(2)

.

(1)

(الراشي): أصله من الرشا الذي يتوصل به إلى الماء، فـ (الراشي) من يعطي الذي يعينه على الباطل.

و (المرتشي): الأخذ، والذي يسعى بينهما يسمى (رائش)، يستزيد لهذا ويستنقص لهذا.

و (الرشوة): الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة. وما يعطى توصلاً إلى أخذ حق، أو دفع ظلم، فغير داخل فيه. والله أعلم.

(2)

هنا في الأصل: "والحاكم وزاد: "والرائش": يعني الذي يسعى بينهما"، فحذفت هذه الزيادة لأنِّي لم أجد لها شاهداً مع ضعف إسنادها، وهو من حديث ثوبان، خلافاً لما يوهمه صنيع المؤلف أنَّه من حديث أبي هريرة! ولم ينتبه لهذا المعلقون الغافلون! وهو مخرج في "الإرواء"(8/ 245).

ص: 529

2213 -

(3)[صحيح لغيره موقوف] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال:

الرِّشْوَةُ في الحُكْمِ كُفْرٌ، وهي بينَ الناسِ سُحْتٌ.

رواه الطبراني موقوفاً بإسناد صحيح.

ص: 530

‌5 - (الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته).

2214 -

(1)[صحيح] عن أبي ذّرٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يروي عنْ ربِّه عز وجل أنَّه قال:

"يا عبادي! إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ

(1)

على نفسي، وجَعَلْتُه بينَكُم مُحَرَّماً، فلا تَظالَموا" الحديث.

رواه مسلم والترمذي وابن ماجه. وتقدم بتمامه في الدعاء وغيره [15/ 1].

2215 -

(2)[صحيح] وعن جابرٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اتَّقوا الظلْمَ؛ فإنَّ الظلْمَ ظُلُماتٌ يومَ القِيامَة، واتَّقوا الشُّحَّ؛ فإنَّ الشُّحَّ أهْلَك مَنْ كان قَبْلَكُم، حمَلَهُم على أنْ سَفكوا دِماءَهُم، واسْتَحلُّوا محارِمَهُم".

رواه مسلم وغيره.

2216 -

(3)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الظلمُ ظُلُماتٌ يومَ القِيامَةِ".

رواه البخاري ومسلم والترمذي.

2217 -

(4)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إيَّاكُمْ والظُّلمَ، فإنَّ الظُّلمَ هو ظُلُماتٌ يومَ القِيامَةِ، وإيَّاكمْ والفُحْش؛ فإنَّ

(1)

قال الراغب: "هو لغة: وضع الشيء في غير موضعه المختص به بنقص أو زيادة، أو عدول عن وقته أو مكانه".

قلت: ففيه رد على الذين يفسرونه بأنه التصرف في ملك الغير! وبناء عليه يقولون بأن لله تعذيب الطائع، وإثابة العاصي! تعالى لله عما يقولون علواً كبيراً. راجع للرد عليهم كتاب ابن القيم:"شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل".

ص: 531

الله لا يحبُّ الفاحِشَ والمتَفَحِّشَ، وإيَّاكمْ والشُّحِّ فإن الشحَّ دَعا مَن كان قَبْلكُم؛ فَسفَكُوا دماءهم، واسْتَحلُّوا محارِمَهُمْ".

رواه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم.

2218 -

(5)[حسن] وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"صنفانِ مِنْ أُمَّتي لنْ تنالَهُما شفاعَتي: إمامٌ ظلومٌ غَشومٌ، وكَلُّ غالٍ مارِقٌ".

رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله ثقات.

2219 -

(6)[صحيح لغيره] عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:

"المسلمُ أخو المسْلم، لا يَظْلِمُه ولا يَخْذُلُه. -ويقول:-

والَّذي نفسي بيده ما توادَّ اثْنانِ فيفرِّق بينَهُما إلا بذَنْبٍ يُحْدثُهُ أَحدُهُما".

رواه أحمد بإسناد حسن.

2220 -

(7)[صحيح] وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله لَيُملي للظالِم، فإذا أَخذَهُ لم يُفْلِتْهُ"، ثم قرأ:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} .

رواه البخاري ومسلم والترمذي.

2221 -

(8)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الشيطانَ قَدْ يئسَ أنْ تُعْبد الأصنامُ في أرْضِ العربِ، ولكنَّه سَيَرْضَى منكُم بدونِ ذلك بالمحَقَّراتِ، وهي الموِبقَاتُ يومَ القِيامَةِ، اتَّقوا الظُّلْمَ ما اسْتَطَعْتُم؛ فإنَّ العَبْدَ يَجيءُ بالحَسَناتِ يَوْمَ القِيامَة يَرى أنَّها سَتُنْجِيه، فَما زالَ عَبْدٌ يقومُ يقول: يا ربِّ ظَلَمني عبدُكَ مَظْلَمَةً. فيقولُ: امْحوا مِنْ حَسنَاتِه. وما يَزالُ كذلك حتى ما يَبْقى لَهُ حَسنَةٌ مِنَ الذنوبِ، وإنَّ مِثْلَ ذلك

ص: 532

كَسَفْرٍ نَزَلوا بِفَلاةٍ منَ الأرْضِ ليسَ مَعهُم حَطبٌ، فَتَفرَّقَ القَوْمُ لِيَحْتَطِبوا فَلَمْ يَلْبَثوا أنْ حَطبوا، فَأعْظَموا النارَ وطَبخَوا ما أرَادوا، وكذلك الذنوبُ".

رواه أبو يعلى من طريق إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود.

ورواه أحمد والطبراني بإسناد حسن نحوه باختصار.

2222 -

(9)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ كانَتْ عندَةُ مَظْلَمَةٌ لأخيه مِنْ عِرْضٍ أو مِنْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحلَّلْهُ مِنْهُ اليومَ، مِنْ قَبْلِ أنْ لا يَكونَ دِينارٌ ولا درهم، إنْ كانَ لَهُ عَملٌ صالحٌ؛ أخذَ منْهُ بقَدْرِ مَظْلَمَتِه، وإن لَمْ تَكَنْ لَهُ حَسنَاتٌ؛ أخذَ مِنْ سيِّئاتِ صاحبِهِ فَحُمِلَ عليه".

[صحيح لغيره] رواه البخاري، والترمذي، وقال في أوله:

"رحم الله عبداً كانت له عندَ أخيه مظلمةٌ في عِرْض أو مالٍ" الحديث.

2223 -

(10)[صحيح] وعن أبي هريرة أيضاً؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"أتَدرونَ ما المُفْلِسُ؟ ".

قالوا: المفْلِسُ فينا مَنْ لا درهمَ له ولا مَتَاعَ. فقال:

"إنَّ المفْلِسَ من أمتي مَنْ يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيام وزَكاةٍ، ويأتي وقد شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأكلَ مالَ هذا، وسَفَك دمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِنْ حَسناتِه، وهذا مِنْ حَسناتِه، فإنْ فَنِيتْ حسنَاتهُ قَبْلَ أنْ يَقْضِيَ ما عليه؛ أخذَ مِنْ خَطاياهُمْ، فَطرِحَتْ عليه، ثمَّ طرِحَ في النارِ".

رواه مسلم والترمذي.

2224 -

(11)[صحيح] وعن أبي عثمان عن سلمان الفارسي وسعد بن مالك وحذيفة ابن اليمان وعبد الله بن مسعود؛ حتى عدَّ ستَّةً أو سبعةً مِنْ أصحاب النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالوا:

ص: 533

"إنَّ الرجلَ لا تُرفع له يومَ القِيامَةِ صحيفَتُهُ حتَّى يَرى أنَّه ناجٍ، فما تَزالُ مَظالِمُ بني آدم تَتْبعهُ حتّى ما يَبْقَى له حَسنَةٌ، وُيحْمَلُ عليهِ مِنْ سيِّئاتِهمْ".

رواه البيهقي في "البعث" بإسناد جيد.

(1)

2225 -

(12)[صحيح] وعن ابْنِ عبَّاس رضي الله عنهما:

أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَث معاذاً إلى اليَمن فقال:

"اتَّقِ دَعْوةَ المظْلومِ؛ فإنَّه ليسَ بينَها وبينَ الله حِجابٌ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي في حديث، والترمذي مختصراً هكذا -واللفظ له-، ومطولاً كالجماعة.

2226 -

(13)[حسن لغيره] وفي رواية للترمذي حسنةٍ

(2)

[يعني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]:

"ثلاثُ دعَوات لا شكَّ في إجابتِهِنَّ: دعوةُ المظْلومِ، ودعوةُ المسافِرِ، ودعوةُ الوالِدِ على الولَدِ".

وروى أبو داود هذه بتقديم وتأخير.

2227 -

(14)[حسن لغيره] وعن عقبة بن عامرٍ الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثَةٌ تُسْتَجابُ دعوتُهم: الوالِدُ، والمسافِرُ، والمظْلُومُ".

رواه الطبراني في حديث بإسناد صحيح.

2228 -

(15)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"اتَّقوا دعْوَة المظْلومِ؛ فإنَّها تصعَدُ إلى السماءِ كأنَّها شَرارَةٌ".

(1)

قلت: هذا موقوف في حكم المرفوع؛ كما هو ظاهر، وقد فات المؤلف أنَّ الحاكم رواه مرفوعاً، وصححه، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في "الصحيحة"(3373).

(2)

قال الناجي: "رواه في "كتاب البر" وفي "الدعوات"، ولم يحسنه".

قلت: لكنْ يقويه ما بعده.

ص: 534

رواه الحاكم وقال:

"رواته متفق على الاحتجاج بهم؛ إلا عاصم بن كليب، فاحتج به مسلم وحده".

2229 -

(16)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"دعوةُ المظلومِ مُسْتَجابةٌ، وإنْ كانَ فاجِراً فَفُجورُه على نَفْسِه".

رواه أحمد بإسناد حسن.

2230 -

(17)[حسن لغيره] وعن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"اتَّقوا دعوةَ المظلومِ؛ فإنها تُحملُ على الغَمامِ، يقولُ الله: وعِزَّتي وجَلالي لأَنْصُرَنَّك ولوْ بَعْدَ حينٍ".

رواه الطبراني، ولا بأس بإسناده في المتابعات.

2231 -

(18)[حسن لغيره] وعن أبي عبد الله الأسْدي قال: سمعت أنس بن مالكٍ رضي الله عنه يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"دعوةُ المظلوم وإنْ كَانَ كَافِراً؛ ليسَ دونَها حِجَابٌ".

[صحيح لغيره] وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"دع ما يُريبُكَ إلى ما لا يُريبُكَ".

رواه أحمد، ورواته إلى عبد الله محتج بهم في "الصحيح"، وأبو عبد الله لم أقف فيه على جرح ولا تعديل.

2232 -

(19)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

المسلمُ أخو المسلم؛ لا يظْلمُه، ولا يَخْذُلُه، ولا يَحْقِرُه، التقوى ههُنا، التقوى ههُنا، -ويشير إلى صدره [ثلاث مرات]

(1)

-، بحَسبْ امْرئٍ من الشرِ أنْ يَحْتَقِرَ أخاه المسلمَ، كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ، دَمُه، وعِرْضهُ، ومَالُه".

رواه مسلم.

(1)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "مسلم"، وانظر "الضعيفة"(6906). وسيأتي الحديث بزيادة في أوله في (23 - الأدب/ 21).

ص: 535

2233 -

(20)[صحيح لغيره] وعن أبي ذر رضى الله عنه قال:. . . . . .

قلت: يا رسول الله! أوصني. قال:

"أوصيك بتقوى الله؛ فإنّها رأسُ الأمرِ كلِّه".

قلت: يا رسول لله! زدني. قال:

"عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله؛ فإنه نورٌ لك في الأرض، وذخر لك في السماء".

قلت: يا رسول الله! زدني، قال:

"إياك وكثرةَ الضحك؛ فإنه يميتُ القلبَ، ويذهب بنور الوجه".

قلت: يا رسول الله! زدني. قال:

"عليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية أمتي". . . .

قلت: يا رسول الله! زدني. قال:

"أحبّ المساكينَ وجالسْهم".

قلت: يا رسول الله! زدني. قال:

"انظر إلى من هو تحتَك، ولا تنظر إلى من هو فوقك؛ فإنه أجدرُ أن لا تزدري نعمة الله عندك".

قلت: يا رسول الله! زدني. قال:

"قل الحق وإن كان مراً". . . . . . .

رواه ابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له، والحاكم، وقال:

"صحيح الإسناد".

(قال الحافظ):

"انفرد به إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني عن أبيه، وهو حديث طويل في أوله ذكر الأنبياء عليهم السلام، ذكرت منه هذه القطعة لما فيها من الحكم العظيمة والمواعظ الجسيمة.

ورواه الحاكم أيضاً، ومن طريقه البيهقي؛ كلاهما عن يحيى بن سعيد السعدي البصري: حدثنا عبد الملك بن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر بنحوه.

ص: 536

ويحيى بن سعيد فيه كلام، والحديث منكر من هذه الطريق، وحديث إبراهيم بن هشام هو المشهور، والله أعلم".

2234 -

(21)[حسن لغيره] وروي عن عبد الله -يعني ابن مسعود- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"أُمِرَ بعبدٍ من عبادِ الله يُضرَبُ في قبره مئةَ جلدةٍ، فلم يزلْ يسألُ ويدعو حتى صارت جلدةً واحدةً، فامتلأ قبره عليه ناراً، فلماً ارتفع

(1)

وأفاق قال: على ما جلدتموني؟ قال: إنك صليت صلاةً بغيرِ طهورٍ، ومررتَ على مظلوم فلم تنصرْه".

رواه أبو الشيخ ابن حيان في "كتاب التوبيخ".

2235 -

(22)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"انصُرْ أخاك ظالِماً أوْ مظْلوماً".

فقال رجلٌ: يا رسولَ الله! أنْصُرهُ إذا كان مظْلوماً، أفرأيتَ إنْ كانَ ظالِماً، كيفَ أنْصُره؟ قال:

"تَحْجُزُه أوْ تَمْنَعُهُ عنِ الظُّلمِ، فإنَّ ذلك نَصْرُه".

رواه البخاري.

2236 -

(23)[صحيح] ورواه مسلم في حديث عن جابرٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ولْيَنْصُرِ الرجلُ أخاه ظالِماً أو مَظْلوماً؛ إنْ كانَ ظالِماً؛ فلينْهَهُ، فإنَّه له نُصْرَةٌ، وإن كانَ مَظْلوماً فَلْينْصُرْهُ".

(1)

الأصل: "افرنقع"، والتصحيح من "شرح الصدور" للسيوطي ص (68 - البابي الحلبي) و"مشكل الآثار"، ومنه استفدت إسناده وحسنه، لأن كتاب "التوبيخ" لم يطبع منه الجزء الذي فيه هذا الحديث، وقد خرجته في المجلد السادس من "الصحيحة" برقم (2774). ووقع في "شرح الصدور" معزواً للبخاري، وهو خطأ لعله مطبعي.

ص: 537

‌6 - (الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالماً).

2237 -

(1)[صحيح موقوف] ورواه [يعني حديث عبد الله بن مسعودٍ المرفوع الذي في "الضعيف"] الأصبهاني وغيره موقوفاً على عبد الله؛ لم يرفعوه.

[قلت: ولفظه:

"إذا خاف أحدُكم السلطانَ الجائرَ فليقلْ:

(اللهم ربَّ السماوات السبع، وربَّ العرش العظيم، كن لي جاراً من فلان ابن فلان وأتباعه من خلقك؛ من الجن والإنس؛ أن يفرط عليَّ أحد منهم، أو أن يطغى، عزَّ جارُك، وجلَّ ثناؤك، لا إله إلا أنت) "]

(1)

.

2238 -

(2)[صحيح موقوف] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال:

إذا أَتَيْتَ سلطاناً مَهيباً تخافُ أنْ يَسْطُوَ بِكَ فقلْ:

(الله أكبَرُ، الله أعزُّ مِنْ خَلْقِه جميعاً، الله أعزُّ مِن ما أخافُ وأَحْذَرُ، أعوذُ بالله الذي لا إله إلا هُوَ، المُمْسِكُ السموات أنْ يقَعْنَ على الأرضِ إلا بإذْنِهِ؛ مِنْ شرِّ عبْدِك فلانٍ وجنودهِ وأتْباعِهِ وأشْياعِهِ مِنَ الجنِّ والإنْسِ، الّلهُمَّ كنْ لي جَاراً مِنْ شرِّهِمْ، جلَّ ثناؤكَ، وعزَّ جارُكَ وتبارَكَ اسْمُكَ، ولا إله غيرُك -ثلاث مرات-).

رواه ابن أبي شيبة موقوفاً. وهذا لفظه، وهو أتم.

(1)

قلت: وهو موقوف يحتمل أن يكون في حكم المرفوع، وإسناده صحيح، بخلاف المرفوع فضعيف، ولذلك فرقت بينهما، وأما المعلقون الثلاثة فصدَّروا تخريجهم بقولهم:"حسن" دونما أي تفريق وتبيين بين المرفوع والموقوف كما هي عادتهم.

ص: 538

ورواه الطبراني وليس عنده "ثلاث مرات"

(1)

، ورجاله محتج بهم في "الصحيح".

2239 -

(3)[صحيح موقوف] وعن أبي مَجْلَزٍ -واسمه لاحق بن حميد- قال:

مَنْ خافَ مِنْ أميرٍ ظُلْماً فقال:

(رضيتُ بالله ربّاً، وبالإِسْلامِ ديناً، وبمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نبيّاً، وبالقرآنِ حَكَماً وإماماً)؛ نَجَّاه الله منه.

رواه ابن أبي شيبة موقوفاً عليه، وهو تابعي ثقة.

(1)

قلت: بلى! هو عنده في "معجمه الكبير"(10/ 314/ 10599)، وإسناده إسناد ابن أبي شيبة؛ سوى شيخه علي بن عبد العزيز، وهو ثقة حافظ. والأولى عزوه للبخاري في "الأدب المفرد"(708)، فإنه تابع ابن أبي شيبة.

ص: 539

‌7 - (الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة، والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم).

2240 -

(1)[حسن صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ بدَا جَفا، ومَنْ تَبعَ الصَّيْدَ غَفَلَ، ومَنْ أتى أبوابَ السلْطانِ افتُتِنَ، وما ازْدادَ عبدٌ مِنَ السلطانِ قُرْباً؛ إلا ازْدادَ مِنَ الله بُعْداً".

رواه أحمد بإسنادين، رواة أحدهما رواة "الصحيح"

(1)

.

2241 -

(2)[صحيح لغيره] وعنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَن بَدا جَفا، ومَنِ اتَّبَع الصَيْدَ غَفلَ، ومَنْ أتَى السلْطانَ افتُتِنَ".

رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال الترمذي:

"حديث حسن".

2242 -

(3)[صحيح لغيره] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:

أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لكعب بْنِ عِجْرَةَ:

"أعاذَك الله مِنْ إِمارَةِ السُّفهاءِ".

قال: وما إِمارَةُ السُّفهاء؟ قال:

"أُمَراءُ يكونونَ بَعْدي، لا يَهْتَدون بِهَدْيي، ولا يَسْتَنُّون بسِنَّتي، فَمَنْ صدَّقَهم بكَذبِهِم، وأعانَهم على ظُلْمِهِم، فأولئك ليسوا منِّي، ولسْتُ منهم، ولا يَرِدُون عليَّ حوْضي. ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم؛ فأولئك مني وأنا منهم، وسيردون على حوضي.

يا كعب بن عجرة! الصيامُ جُنَّةٌ، والصدقَةُ تطْفِئُ الخطيئَةَ، والصلاةُ قُرْبانٌ، أو قال: برهَان.

(1)

فيه نظر بينه الهيثمي (5/ 246)، فليراجعه من شاء.

ص: 540

يا كعب بن عجرة! الناسُ غادِيانِ؛ فَمُبْتاعٌ نَفْسَه فمُعْتِقها، وبائعٌ نَفْسه فموِبقُها".

رواه أحمد -واللفظ له- والبزار، ورواتهما محتج بهم في "الصحيح".

[صحيح لغيره] ورواه ابن حبان في "صحيحه"؛ إلا أنه قال:

"ستكونُ أمَراءُ مَنْ دَخَلَ عليهِمْ فأعانَهُم على ظُلْمِهِمْ، وصدَّقَهُمْ بِكَذبِهِم؛ فليسَ منِّي، ولستُ منه، ولن يَردَ عليَّ الحوضَ. ومَنْ لَمْ يدخُلْ عليهِمْ، ولَمْ يُعِنْهُم على ظُلْمِهِمْ، ولَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذبِهِمْ؛ فهو منِّي وأنا منه، وسيَرِدُ عليَّ الحَوْضَ" الحديث.

2243 -

(4)[حسن صحيح] ورواه الترمذي والنسائي من حديث كعب بن عجرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أعيذُكَ بالله يا كعب بن عجرة! مِنْ أمَراءَ يكونونَ مِنْ بَعْدي، فَمَنْ غَشِيَ أبوابَهُم، فَصَدَّقَهُم في كَذبِهِم، وأعانَهُم على ظُلْمِهِم؛ فليسَ منِّي، ولستُ منه، ولا يَرِدُ عليَّ الحوْضَ. ومَنْ غَشِيَ أبوابَهُم، أوْ لَمْ يَغْشَ، فَلَمْ يُصَدِّقْهم في كذبِهِمْ، ولَمْ يُعِنْهُمْ على ظُلْمِهِم؛ فهو منِّي، وأنا منه، وسَيَرِدُ عليَّ الحَوْضَ" الحديث. واللفظ للترمذي.

[صحيح لغيره] وفي رواية له أيضاً عن كعب بن عجرة قال:

خَرجَ إلينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ونحن تِسْعَةٌ: خَمْسَةٌ وأرْبَعَةٌ، أحدُ العَدَديْنِ مِنَ العَرَبِ، والآخَرُ مِنَ العَجَمِ

(1)

، فقال:

(1)

قلت: بينَتْه رواية البزار (1608) عن حذيفة بلفظ: ". . . تسعة نفر، أربعة من الموالي وخمسة من العرب". وسنده حسن بهذا.

ص: 541

"اسْمَعوا، هلْ سمِعتُمْ؟ إنَّه سيكونُ بَعدي أُمَراءُ، فَمَنْ دَخل عليهِم فصَدَّقَهُم بكَذبِهِمْ، وأعانَهُم على ظُلْمِهم؛ فليسَ منِّي، ولستُ منه، وليسَ بوَاردٍ عليَّ الحَوْضَ. ومَنْ لَمْ يَدْخُلْ عليهِمْ، ولَمْ يُعنْهُمِ على ظُلْمِهِم، ولَمْ يُصدِّقْهُم، بكذبِهِمْ؛ فهو مِنّي، وأنا منه، وهو وارِدٌ عليَّ الحوْضَ".

قال الترمذي: "حديث غريب صحيح".

2244 -

(5)[حسن لغيره] وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال:

خَرجَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ونحنُ في المسجد بَعْدَ صلاة العشَاء، فرفَع بصرَه إلى السماءِ، ثمَّ خَفَضَ حتَّى ظَننَّا أنَّه قد حدَث في السمَاء شَيْءٌ

(1)

فقال:

"ألا إنَّها ستكونُ بَعْدي أمَراءُ يَظلمونَ ويكْذِبونَ، فَمنْ صَدَّقَهُم بكَذِبِهم، ومَالأَهُم على ظُلْمِهِمْ؛ فَلْيسَ منِّي، ولا أنا منه، ومَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُم بكذبِهِمْ، ولمْ يُمالِئْهُم على ظُلْمِهِمْ؛ فهو منِّي وأنا منه" الحديث.

رواه أحمد، وفي إسناده راوٍ لم يسمّ، وبقيته ثقات محتج بهم في "الصحيح".

2245 -

(6)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن خَبَّاب عن أبيه رضي الله عنه قال:

كنَّا قُعوداً على بابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَخَرج علينا فقال:

"اسْمَعوا". قلنا: قد سمِعْنا. قال:

"اسْمَعوا". قلنا: قد سمِعْنا.

[قال: "اسْمَعْوا". قلنا: قد سمِعْنا]

(2)

. قال:

(1)

والأصل والمخطوطة: "أمر"، والتصويب من "المسند"(4/ 266 - 267) و"المجمع"(5/ 247)، وغفل عنه الغافلون الثلاثة!

(2)

سقطت من قلم المؤلف، فإنها لم ترد في المخطوطة أيضاً، واستدركتها من "الموارد"(1574)، ولفظ الطبراني (4/ 67/ 3627) مختصر:"فقال: "أتسمعون؟ ". قلنا: قد سمعنا مرتين أو ثلاثاً". وكذا في "المجمع"، وكذا رواه ابن أبي عاصم في "السنة"(2/ 352/ 757).

ص: 542

"إنَّه سيكونُ بعدي أمَراءُ فلا تُصدِّقوهم بِكَذبِهِم، ولا تُعينوهُم على ظُلْمِهِمْ، فإنَّ مَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذبِهِم، وأعانَهُمْ على ظُلْمِهم؛ لَمْ يَرِدْ عليَّ الحوْضَ".

رواه الطبراني، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له.

2246 -

(7)[صحيح لغيره] وعن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"يكون أمَراءُ تَغْشاهُم غواشٍ أو حواشٍ مِنَ الناسِ، يَكْذبونَ وَيظْلِمونَ، فَمَنْ دَخَل عليهمْ فصدَّقهم بِكذبِهمِ، وأعَانَهُم على ظُلْمِهِمْ؛ فليس مِنِّي، ولسْتُ منه، ومَنْ لمْ يَدْخلْ عليهم، ولمْ يُصدِّقْهُم بِكَذبِهِم، ولَمْ يُعِنْهُم على ظُلْمِهمْ؛ فهو منِّي، وأنا منه".

رواه أحمد واللفظ له، وأبو يعلى، ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه"؛ إلا أنهما قالا:

"فَمَنْ صَدَّقَهُم بِكِذبِهم، وأعانَهُم على ظُلْمِهِم، فأنا منه بَريءٌ، وهو منِّي بَريءٌ".

2247 -

(8)[حسن صحيح] وعن علقمة بن أبي وقاصٍ الليثي:

أنّه مرَّ برجلٍ مِنْ أهلِ المدينَةِ له شَرَفٌ، وهو جالِسٌ بسوقِ المدينةِ، فقال عَلْقَمَةُ: يا فلانُ! إنَّ لكَ حُرْمَةً وإنَّ لكَ حقّاً، وإنِّي رأيتُك تَدْخُل على هؤلاءِ الأُمَراءِ فتَتكلَّم عندَهُم، وإنِّي سمعْتُ بلال بْنَ الحارِث صاحِبَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ أحَدَكم ليتَكَلَّم بالكلِمَة مِنْ رِضْوانِ الله ما يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ ما بَلَغَتْ؛ فيَكْتُبُ الله له بِها رِضْوانَهُ إلى يوم يَلْقاهُ، وإنَّ أَحدكُم ليتَكَلَّمُ بالكلمةِ مِنْ سَخَطِ الله ما يظُنُّ أنْ تَبْلُغَ ما بَلَغَتْ؛ فيَكْتُبُ الله له بها سخَطَهُ إلى يوْمِ القيامَةِ".

ص: 543

قال علقمة: فانظر ويحك! ماذا تقول، وما تَكَلَّم به، فرب كلام قد منعنيه ما سمعت من بلال بن الحارث.

رواه ابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، وروى الترمذي والحاكم المرفوع منه وصححاه.

[حسن لغيره] ورواه الأصبهاني؛ إلا أنه قال: عن بلال بن الحارث أنه قال لبنيه:

إذا حضرتم عند ذي سلطان فأحسنوا المحضر، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

ص: 544

‌8 - (الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته، والشفاعة المانعة من حد من حدود الله، وغير ذلك).

2248 -

(1)[صحيح] عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ حالتْ شفاعَتُه دونَ حدٍّ من حدودِ الله، فقد ضادَّ الله عز وجل، ومَنْ خاصمَ في باطِلٍ وهو يعلَمُ؛ لَمْ يَزَلْ في سَخَطِ الله حتى يَنْزِعَ، ومَنْ قال في مؤمنٍ ما ليسَ فيه؛ أسْكَنَه الله رَدْغَةَ الخَبالِ، حتى يَخْرُجَ مِمَّا قال".

رواه أبو داود -واللفظ له-، والطبراني بإسناد جيد نحوه.

(1)

ورواه الحاكم مطولاً ومختصراً، وقال في كل منهما:

"صحيح الإسناد".

[صحيح لغيره] ولفظ المختصر قال:

"مَنْ أعانَ على خُصومَةٍ بغير حقٍّ؛ كانَ في سَخَطِ الله حتَّى يَنْزِع".

[صحيح لغيره] وفي رواية لأبي داود:

"مَنْ أعانَ على خُصومةٍ بظُلمٍ؛ فقد باءَ بغضبٍ مِنَ الله".

(الرَّدْغَةُ) بفتح الراء وسكون الدال المهملة وتحريكها أيضاً وبالغين المعجمة: هي الوحل.

و (رَدْغَةُ الخَبالِ) بفتح الخاء المعجمة وبالباء الموحدة: هي عصارة أهل النار أو عرقهم

(1)

كذا قال! وهو عند الطبراني في "الكبير"(12/ 388/ 13435) و"الأوسط"(7/ 253/ 6487) من طريق عطاء الخراساني، عن حمران قال: سمعت ابن عمر. . .، فعطاء الخراساني صدوق يهم كثيراً كما في "التقريب". وشيخه (حمران) مجهول، وقال الحافظ:"مقبول". وكان في الأصل: "وزاد -يعني الطبراني- في آخره: وليس بخارج"، فحذفته لنكارته ومخالفته للروايات الأخرى مع ضعف إسناده.

ص: 545

كما جاء مفسراً في "صحيح مسلم" وغيره

(1)

.

2249 -

(2)[صحيح] وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعودٍ عن أبيه عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَثَلُ الذي يُعينُ قومَهُ على غيرِ الحقِّ؛ كَمثَلِ بعيرٍ تَرَدَّى في بِئْرٍ، فهو يُنزَعُ منها بذَنَبِه".

رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه". وعبد الرحمن لم يسمع من أبيه

(2)

.

(قال الحافظ):

"ومعنى الحديث: أنه قد وقع في الإثم وهلك؛ كالبعير إذا تردى في بئرٍ، فصار ينزع بذنبه، ولا يقدر على الخلاص".

(1)

مسلم (6/ 100) من حديث جابر، وسيأتي في الكتاب (21 - الحدود/ 6)، وفيه عن ابن عمر، وابن عمرو أيضاً. فراجعهما بعده بأحاديث.

(2)

قلت: قد أثبت سماعه منه غير واحد من الأئمة، وهو الصواب كما حققته في "الصحيحة"(198)، ثم رأيت الناجي قد نقل عن المصنف في "مختصر السنن" أنَّه سمع من أبيه.

قال: "فتناقض كلامه".

ص: 546

‌9 - (ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل.

2250 -

(1)[صحيح لغيره] عن رجُلٍ من أهلِ المدينة قال:

كَتبَ معاوَيةُ إلى عائشَةَ: أنِ اكْتُبي إليَّ

(1)

كِتاباً توصيني فيه، ولا تُكْثِري عَليَّ، فكتَبتْ عائِشةُ إلى معاوِيَةَ:

سلامٌ عليك. أما بعدُ، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنِ الْتمَسَ رِضا الله بِسَخَطِ الناسِ؛ كفاه الله مَؤُنَةَ الناسِ، ومَنِ الْتَمسَ رضا الناسِ بِسَخطِ الله؛ وكَلَه الله إلى الناسِ"، والسلام عليك.

رواه الترمذي ولم يسمّ الرجل. ثم روى بإسناده عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنَها كَتَبتْ إلى معاوِيَةَ قال: "فذكر الحديث بمعناه، ولم يرفعه"

(2)

.

وروى ابن حبان في "صحيحه" المرفوع منه فقط؛ ولفظه: قالتْ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنِ الْتَمَس رِضا الله بِسَخَط الناسِ؛ رضي الله عنه، وأرْضى عنهُ الناسَ، ومَنِ الْتَمَس رِضا الناسِ بِسَخَطِ اللَّه، سخط الله عليه، وأَسْخَطَ عليه الناسَ".

وفي رواية له بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ أرْضى الله بِسخَطِ الناسِ؛ كفاهُ الله، ومَنْ أَسْخَطَ الله بِرِضا الناسِ؛ وَكلَهُ الله إلى الناسِ".

ورواه البيهقي بنحوه في "كتاب الزهد الكبير".

(1)

الأصل والمخطوطة: (لي)، والتصحيح من "الترمذي".

(2)

الأصل والمخطوطة: (ولم يرفعوه)، والتصحيح من "الترمذي".

ص: 547

‌10 - (الترغيب في الشفقة على خلق الله من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم، ورحمتهم والرفق بهم، والترهيب من ضد ذلك، ومن تعذيب العبد والدابة وغيرهما بغير سبب شرعي، وما جاء في النهي عن وسم الدواب في وجوهها).

2251 -

(1)[صحيح] عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ لا يرحمِ الناسَ؛ لا يرْحمْه الله".

رواه البخاري ومسلم والترمذي.

[صحيح لغيره] ورواه أحمد وزاد:

"ومَنْ لا يغفرْ؛ لا يُغْفَرْ لَهُ".

2252 -

(2)[صحيح لغيره] وهو في "المسند" أيضاً من حديث أبي سعيدٍ بإسناد صحيح"

(1)

.

2253 -

(3)[حسن لغيره] وعن أبي موسى رضي الله عنه؛ أنَّه سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:

"لنْ تُؤمِنوا حتَّى تَراحَموا"

قالوا: يا رسولَ الله! كلُّنا رحيمٌ. قال:

"إنَّه ليسَ برحْمَةِ أحدِكُم صاحِبَهُ، ولكنَّها رحمَةُ العامَّةِ".

رواه الطبراني، ورواته رواة "الصحيح".

2254 -

(4)[حسن لغيره] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ لَمْ يرحَمِ الناسَ لَمْ يرحَمْهُ الله".

رواه الطبراني بإسناد حسن.

(1)

هذا من الأوهام فإن فيه (3/ 40) عطية!

ص: 548

2255 -

(5)[صحيح لغيره] وعن جريرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَن لا يرحَمْ مَنْ في الأرضِ؛ لا يرحَمْهُ مَنْ في السماءِ".

رواه الطبراني بإسناد جيد قوي.

2256 -

(6)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"الراحِمونَ يرحَمُهم الرحمنُ، ارْحَموا مَنْ في الأرضِ؛ يَرحَمْكُم مَنْ في السماءِ".

رواه أبو داود والترمذي بزيادة، وقال:"حديث حسن صحيح".

2257 -

(7)[صحيح] وعنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ارْحَموا تُرْحَموا، واغْفِروا يُغفَرْ لكُم، ويلٌ لأَقْماعِ

(1)

القولِ، ويلٌ للمُصرِّينَ، الذين يصِرُّون على ما فعَلوا وهمْ يَعْلَمون".

رواه أحمد بإسناد جيد.

2258 -

(8)[صحيح] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال:

قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على بَيْتٍ فيه نَفرٌ مِنْ قرْيشٍ، فأخذ بَعَضَادَتي البابِ فقال:

"هلْ في البيتِ إلا قرشيٌّ؟ ".

فقالوا: لا، إلا ابنَ أُختٍ لنا. قال:

"ابنُ أخْتِ القوم منهُم". ثمَّ قال:

"إنَّ هذا الأمْرَ في قريشٍ، ما إذا اسْتُرْحِموا رحِموا، وإذا حكَموا

(1)

جمع (قمع) كـ (ضلع): هو الإناء الذي يترك في رؤوس الظروف لتملأ بالمائعات من الأشربة.

ص: 549

عدَلوا، وإذا قَسَموا أقْسَطوا، ومَنْ لَمْ يفعل ذلك فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمعينَ".

رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، ورواته ثقات.

2259 -

(9)[صحيح لغيره] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

كنَّا في بيتٍ فيه نَفرٌ مِنَ المهاجرين والأنْصارِ، فأقْبلَ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل كلُّ رجلٍ يوَسِّعُ رجاءَ أنْ يجْلسَ إلى جَنْبِه، ثُمَّ قامَ إلى البابِ، فأخذَ بعَضادَتَيْهِ، فقال:

"الأئمَّةُ مِنْ قرْيشٍ، ولي عليكُم حقٌّ عظيمٌ، ولَهُمْ ذلك؛ ما فَعَلوا ثلاثاً: إذا استُرْحِموا رَحِموا، وإذا حكموا عَدلوا، وإذا عاهَدوا وَفَوْا، فَمنْ لَمْ يفعلْ ذلك منهُمْ؛ فعليهِ لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجْمعين".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن -واللفظ له، وأحمد بإسناد جيد- وتقدم لفظه [2 - باب]، وأبو يعلى.

2260 -

(10)[صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه" مختصراً من حديث أبي هريرة.

وتقدم حديث بنحوه لأبي برزة، وحديث لأبي موسى في "العدل والجور"[2 - باب].

2261 -

(11)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

سمعتُ الصادقَ المصْدوقَ صاحِبَ هذه الحُجْرةِ أبا القاسِم صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا تُنزَعُ الرحمةُ إلاَّ مِنْ شَقيٍّ".

رواه أبو داود -واللفظ له- والترمذي، وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي:

"حديث حسن"، وفي بعض النسخ:"حسن صحيح".

2262 -

(12)[صحيح] وعنه قال:

قبّلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحسنَ أوِ الحسينَ بنَ عليٍّ وعنده الأقْرَعُ بن حابِسٍ

ص: 550

التميميُّ، فقال الأقْرَعُ: إنَّ لي عَشَرَةً مِنَ الولَدِ ما قَبَّلتُ منهم أحداً قَطُّ! فنَظَر إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:

"مَنْ لا يَرحمْ لا يُرحَمْ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.

2263 -

(13)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

جاءَ أعرابيٌّ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّكُم تُقَبِّلونَ الصِّبيانَ وما نُقَبِّلُهُم.

فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أنْ نَزَعَ الله الرحمةَ مِنْ قلْبِكَ؟! ".

رواه البخاري ومسلم.

2264 -

(14)[صحيح] وعن معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنه:

أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله! إنِّي لأرْحَمُ الشَّاةَ أنْ أذْبَحها. فقال:

"إنْ رحِمْتَها رحِمكَ الله".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد"

(1)

.

[صحيح لغيره] والأصبهاني ولفظه قال:

(1)

قلت: ووافقه الذهبي في "التلخيص"(4/ 231)، وهو كما قالا، وقد رواه جمع آخر منهم الإمام البخاري في "الأدب المفرد"(373)، فكان بالعزو أولى. وهو مخرج في "الصحيحة"(رقم 26)، وقد جهل هذا العزو كله الجهلة المتعالون، فجزموا بضعف الحديث! لأنَّهم لم يعثروا عليه إلا عند الحاكم (3/ 586 - 587)، وعقبوا عليه بقولهم:"وصححه (!) وتعقبه الذهبي بقوله: عدي هالك، ورواه الأصبهاني في "الترغيب" (1553) "!

وإن من غفلاتهم بل وجهالاتهم أن الحاكم بيَّض له ولم يصححه، فظنوا أنَّ مجرد إخراج الحاكم إياه تصحيح له! ولم ينتبهوا أن اللفظ الذي تعقبه الذهبي وهو غير لفظ المؤلف الذي عزاه إليه، ولقد كان هذا وحده كافياً ليندفعوا للبحث عنه في موضع آخر منه، ولو أنهم فعلوا لوجدوه في المكان الذي أشرت إليه، ولما وقعوا في إثم تضعيف صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بجهلهم البالغ! والله المستعان.

ومن الغرائب أنَّ حديث ابن عباس الآتي هو في الموضع الذي فاتهم عزو الحديث إليه، وتحته =

ص: 551

يا رسول الله! إنِّي آخذُ شاةً وأريدُ أنْ أذْبَحَها فأرْحَمُها؟ قال:

"والشاةُ إنْ رَحِمْتَها رَحِمَكَ الله".

2265 -

(15)[صحيح] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما:

أنَّ رجلاً أضْجَع شاةً وهو يحُدُّ شفْرَتَهُ، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"أتريدُ أنْ تُميتَها موتاتٍ؟! هلا أحْدَدْتَ شفْرَتَك قَبْلَ أنْ تُضجِعَها؟! ".

رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، والحاكم واللفظ له، وقال:

"صحيح على شرط البخاري".

(1)

2266 -

(16)[حسن] وعن عبد الله بن عمرو

(2)

رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ما مِنْ إنسانٍ يَقتُلُ عصفوراً فما فوقَها يغيرِ حقِّها، إلا سأَلهُ الله عنها يومَ القِيامَةِ".

قيَلَ: يا رسولَ الله! وما حقُّها؟ قال:

"حقُّها أنْ يذْبَحَها فيأكُلَها، ولا يقْطَعَ رأْسَها فيرميَ بهِ".

رواه النسائي، والحاكم وقال:"صحيح الإسناد". [مضى 10 - العيدين/ 4].

2267 -

(17)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما:

أنَّه مرَّ بفتيانٍ مِنْ قرْيشٍ قد نَصبوا طيْراً أو دَجاجةً يتَرامَونَها، وقد جَعلوا

= حديث ابن عباس، وقد عزوه إليه بالجزء والصفحة (4/ 233)، وهذه بعد تلك بصفحة واحدة! ثم تعالوا وتعالموا فلم يقبلوا تصحيح الحاكم والذهبي واقتصروا على تحسينه فقط. أما لماذا؟ فهم أنفسهم لا يدرون لأنه خبط عشواء!

(1)

قلت: ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وأما المتعالمون فقالوا:"حسن"! ولا وجه له. انظر التعليق المتقدم.

(2)

الأصل (ابن عمر)، والصواب ما أثبتنا، انظر التعليق عليه حيث تقدم (10 - العيدين/ 4).

ص: 552

لصاحِبِ الطير كلِّ خاطِئة مِنْ نَبْلِهم، فلمَّا رأَوُا ابْنَ عمر تَفَرَّقوا. فقالَ ابْن عمرَ: مَنْ فعلَ هذا؟! لَعنَ الله مَنْ فعلَ هذا،

"إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَعنَ مَنِ اتَّخذَ شيئاً فيه الروحُ غَرَضاً".

رواه البخاري ومسلم.

(الغَرَضُ): بفتح الغين المعجمة والراء: وهو ما ينصبه الرماة يقصدون إصابته من قرطاسٍ وغيره.

2268 -

(18)[صحيح] وعن أبي مسعودٍ رضي الله عنه قال:

كَّنا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فانْطَلقِ لِحاجَتهِ، فرأيْنا حُمرَةً

(1)

معَها فرْخانِ، فأخْذنا فَرخَيْها، فجاءتِ الحُمَرَةً فجعلَتْ تَفَرَّشُ

(2)

؛ فجاءَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:

"مَنْ فَجعَ هذه في وَلدِها؟! ردُّوا ولَدَيْها إليها".

ورأى قريةَ نْملٍ قد حرقْناها. فقال:

"مَنْ حرقَ هذه؟ ".

قلنا: نحنُ. قال:

"إنَّه لا ينْبغي أنْ يعذِّبَ بالنارِ إلا رَبُّ النارِ".

رواه أبو داود.

(قريةُ النملِ) هي موضع النمل مع النمل.

(1)

بضم الحاء المهملة وتشديد الميم وقد تخفف: طائر صغير كالعصفور أحمر اللون.

(2)

بحذف إحدى الفاءين مثل (تذكر) أي: ترفرف بجناحيها وتقترب من الأرض، وكان الأصل (تعرش)، وكذلك في مطبوعة عمارة! والتصويب من "أبي داود".

لكن أفاد الناجي اْن نسخه مختلفة، وأن في بعضها (تعرش) كما في الأصل، وأن المعنى: ترتفع فوقها وتظلل عليها. ومنه أخذ (العريش)، فراجعه (ق 179/ 1).

ص: 553

2269 -

(19)[صحيح] وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال:

أرْدَفني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خلْفَه ذات يومٍ، فأسَرَّ إليَّ حديثاً لا أحدِّث به أحداً مِنَ الناسِ، وكان أحبُّ ما اسْتَتَر بهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِحاجَتهِ هَدَفاً أو حايشَ نَخْلٍ

(1)

، فدخلَ حائطاً لرجل مِنَ الأنْصارِ، فإذا فيه جَملٌ، فلمَّا رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَنَّ وذَرَفَتْ عيناهُ، فأتاهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَمَسح ذفراه

(2)

فسكَتَ. فقال:

"مَنْ رَبُّ هذا الجملِ؟ لِمَنْ هذا الجملُ؟ ".

فجاء فتى مِن الأنْصارِ، فقال: لي يا رسولَ الله! فقال:

"أفلا تَتَّقي الله في هذه البَهيمَةِ التي مَلَّكَكَ الله إيَّاها؟! فإنَّه شكا إليَّ إنَّك تُجيعُه وتُدْئبُه".

رواه أحمد وأبو داود

(3)

.

(الهَدَف) بفتح الهاء والدال المهملة بعدهما فاء: هو ما ارتفع على وجه الأرض من بناء ونحوه.

و (الحائِشُ) بالحاء المهملة وبالشين المعجمة ممدوداً: هو جماعة النخل، ولا واحد له من لفظه.

(1)

كذا في "أبي داود" -والسياق له-: "هدفاً أَو حائش نخل" على الخبرية. وفي "المسند" عكسه: "هدف أو حائش نخل" بتقديم خبر كان على اسمها. وكذا في "مسلم"، وصوبه الناجي واعتبر الأول تصرفاً من أبي داود.

(2)

قال ابن الأثير: " (ذفرى البعير) أصل أذنه وهما (ذفريان) و (الذفرى) مؤنثة، وألفها للتأنيث أو للإلحاق".

(3)

قلت: والسياق له، وقد رواه مسلم إلى قوله:"حائش نخل"، انظر "الصحيحة"(20).

ص: 554

و (الحائطُ): هو البستان.

و (ذفرى البعير) بكسر الذال المعجمة مقصور: هي الموضع الذي يعرق في قفا البعير عند أذنه، وهما ذفريان.

وقوله: (تُدْئبُه) بضم التاء ودال مهملة ساكنة بعدها همزة مكسورة وباء موحدة؛ أي: تتعبه بكثرة العمل.

2270 -

(20)[صحيح لغيره] وروى أحمد أيضاً في حديث طويل عن يعلى بنِ مُرَّةَ قال فيه:

وكنْتُ معَه -يعني معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم جالِساً ذاتَ يومٍ، إذ جاءَ جملٌ يُخَبِّبُ حتى ضَرَب بِجِرانِه بيْنَ يَديْهِ، ثمَّ ذَرفَتْ عيناهُ؛ فقال:

"وْيحكَ! انْظُرْ لِمَنْ هذا الجملُ، إنَّ له لَشأناً".

قال: فخرجْتُ ألْتَمِسُ صَاحِبَهُ، فوجَدْتُه لِرَجلٍ مِنَ الأنْصارِ، فدَعوْتُه إليه فقال:

"ما شأنُ جَملكَ هذا؟ ".

فقال: وما شأنُه؟ [قال:] لا أدري والله ما شأْنُه، عمِلْنا عليهِ ونَضَحنا عليه حتّى عَجِزَ عن السِّقايَة، فأتمرنا البارِحَة أنْ نَنْحَره ونُقَسِّمَ لحْمَهُ. قال:

"فلا تَفعَلْ، هبْهُ لي أو بِعْنيهِ".

قال: بلْ هوَ لكَ يا رسولَ الله.

قال: فوَسَمُه بِمَيْسَم الصدَقةِ ثُمَّ بعثَ بِهِ.

وإسناده جيد.

وفي رواية له نحوه؛ إلا أنه قال فيه؛ أنه قال لصاحب البعير:

"ما لِبعيرِك يشْكوكَ، زَعم أنَّك سانيه حتى كَبِرَ؛ تريدُ أنْ تَنْحَرهُ".

قال: صدَقْتَ، والَّذي بعثك بالحقِّ لا أفعلُ.

ص: 555

[صحيح] وفي أخرى له أيضاً: قال يعلى بن مُرة:

بينا نحنُ نسيرُ معَه -يعني معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذ مرَرْنا ببَعيرٍ يُسْنى عليه، فلمَّا رآه البعيرُ جَرْجَرَ، ووَضَع جِرانَهُ، فَوقَف عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:

"أيْنَ صاحبُ هذا البَعيرِ؟ ". فجاء فقال:

"بِعْنيهِ".

قال: لا؛ بل أهَبُه لكَ، وإنَّه لأهْلِ بيْتٍ ما لهم معيشَةٌ غيرهُ، فقال:

"أما إذْ ذكرْتَ هذا مِنْ أمْرِه، فإنَّه شكا كَثْرةَ العَملِ وقِلَّة العلَفِ، فأَحْسِنوا إليه" الحديث.

و (جِرَانُ) البعير بكسر الجيم: مقدم عنقه من مذبحه إلى نحره. قاله ابن فارس.

(يَسْنا) عليه: بالسين المهملة والنون، أي: يسقي عليه.

2271 -

(21)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"دخلتِ أمْرأَةٌ النارَ في هِرَّةٍ رَبطَتْها، فَلمْ تُطْعِمْها، ولَمْ تَدَعْها تأكُلْ مِنْ خَشاشِ الأرضِ".

وفي رواية:

"عُذِّبَتِ امْرَأةٌ في هِرَّةٍ سَجَنتْها حتى ماتَتْ، لا هِي أطْعَمتْها وسَقَتْها إذْ هي حَبَستْها، ولا هي تَركَتْهَا تأكُلُ مِنْ خشاشِ الأرضِ".

رواه البخاري وغيره.

2272 -

(22)[صحيح لغيره] ورواه أحمد من حديث جابرٍ، فزاد في آخره:

"فوجبَتْ لها النارُ بذلك".

(خَشَاشُ الأرض) مثلثة الخاء المعجمة وبشينين معجمتين: هو حشرات الأرض والعصافير ونحوها.

ص: 556

2273 -

(23)[صحيح] وعن سهل ابن الحنظلية رضي الله عنه قال:

مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ببِعيرٍ قد لَصِقَ

(1)

ظهرهُ بِبَطْنِهِ، فقال:

"اتَّقوا الله في هذه البَهائِم المعْجَمَةِ، فارْكَبوها صالِحةً، وكُلوها

(2)

صالِحَةً".

رواه أبو داود، وابن خزيمة في "صحيحه"؛ إلا أنه قال:

"قد لَحقَ ظَهْرُهُ".

2274 -

(24)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"دخلتُ الجنَّة فرأيتُ أكْثرَ أهلها الفقراءَ، واطَّلَعْتُ في النارِ فرأيتُ أكْثرَ أهلِها النساء، ورأيتُ فيها ثلاثَةً يُعَذَّبَون: امْرأَةً مِنْ حِمْيَر طُوَالَةً، رَبَطَتْ هِرَّةً لها لَمْ تُطْعِمْها، ولَمْ تَسْقِها، ولَمْ تَدعْها تأكُلْ مِنْ خشاشِ الأرضِ، فهي تَنْهَش قبُلَها ودُبُرها. ورأيت فيها أخا بني دَعْدعٍ الذي كانَ يَسْرِق الحاجَّ بِمْحجنِه، فإذا فُطِنَ له قال: إنما تعَلَّقَ بِمحْجَني، والَّذي سَرق بَدَنَتيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

[صحيح لغيره] وفي رواية له ذكر له فيها الكسوف قال:

"وُعُرِضَتْ عليَّ النارُ، فلولا أنِّي دفَعْتُها عنكم لغَشِيَتْكُم، ورأيتُ فيها ثلاثةً يُعَذَّبونَ: امرأةً حِمْيريَّةً سوداء طويلةً تعذَّبُ في هِرَّةٍ لها أَوْثَقتْها، فَلمْ تَدعْها تأكلْ منْ خَشاشِ الأرض، ولَمْ تُطْعِمْها حتى ماتَتْ، فهي إذا أقْبَلتْ تَنْهَشُها، وإذا أَدْبَرتْ تَنْهَشُها" الحديث.

(المِحْجَنُ) بكسر الميم وسكون الحاء المهملة بعدهما جيم مفتوحة: هي عصا محنية الرأس.

(1)

كذا، والذي في أبي داود "لحق" مثل رواية ابن خزيمة الآتية، وكذا قال الناجي (181/ 1).

(2)

بالضم، ويجوز عندي الكسر؛ أي: اتركوها وانزلوا عنها. انظر "الصحيحة"(23).

ص: 557

2275 -

(25)[صحيح] وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما:

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى صلاةَ الكُسوف فقال:

"دنَتْ منِّي النارُ حتَّى قلتُ: أيْ ربِّ! وأنا مَعَهُم! فإذا امْرَأةٌ -حسِبْتُ أنَّه قال:- تَخْدَشُها هِرَّةٌ، قال: ما شأنُ هذه؟ قالوا: حبَستْها حتى ماتَتْ جوعاً".

رواه البخاري.

2276 -

(26)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"دنا رجلٌ إلى بئرٍ، فنزل فشرِبَ منها، وعلى البئرِ كلْبٌ يَلْهَثُ، فرحِمَهُ، فنَزع أحد خُفَّيه فسقَاهُ؛ فشكرَ الله لَهُ، فأدْخَلَهُ الجنَّةَ"

(1)

.

رواه ابن حبان في "صحيحه".

ورواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود أطول من هذا. وتقدم في "إطعام الطعام"[8 - الصدقات/ 17 - باب/ 14 - حديث].

2277 -

(27)[صحيح] وعن أبي مسعودٍ البدري رضي الله عنه قال:

كنتُ أضرِبُ غلاماً لي بالسَوْطِ، فسمعتُ صوتاً مِنْ خلْفي:"أعلمْ أبا مسعودٍ! "، فلمْ أفهَمِ الصوْتَ مِنَ الغَضَبِ، فلمَّا دنا منِّي إذا هو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقول:

"أعلمْ أبا مسعودٍ! إنَّ الله تعالى أقْدَرُ عليكَ مِنْكَ على هذا الغُلامِ".

فقلتُ: لا أضْرِبُ مَمْلوكاً بعدَهُ أبَداً.

(1)

لفظ الشيخين: "فغفر له"، وهو أصح، ولازمه دخول الجنة. ومضى هناك.

ص: 558

وفي رواية:

فقلتُ: يا رسولَ الله! هو حرٌّ لِوَجْهِ الله تعالى، فقال:

"أما لَوْ لَمْ تفعَلْ لَلَفَحَتْكَ النارُ -أو لَمَسَّتْكَ النارُ-".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي

(1)

.

2278 -

(28)[صحيح] وعن زاذان -وهو الكندي مولاهم الكوفي- قال:

أتيتُ ابنَ عُمرَ وقد أعْتَق مَمْلوكاً له، فأَخذَ مِنَ الأرْضِ عوداً أوْ شيْئاً فقالَ:

ما لي فيه مِنَ الأجْرِ ما يساوي هذا، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ لَطمَ مَمْلوكاً له أو ضَربهُ؛ فكفَّارَتُه أنْ يَعْتِقَهُ".

رواه أبو داود واللفظ له.

[صحيح] ورواه مسلم

(2)

، ولفظه: قال:

"مَنْ ضَرَب غلاماً له حدّاً لَمْ يأْتِهِ، أوْ لَطَمهُ؛ فإنَّ كفارتَهُ أنْ يَعْتِقَهُ".

2279 -

(29)[صحيح] وعن معاوِيَة بنِ سُوَيْد بن مُقَرَّنٍ قال:

لَطَمْتُ مولى لنا، فدعاهُ أبي ودَعاني، فقال: اقْتَصَّ منه، فإنَّا معشرَ بني مُقَرِّنٍ كنَّا سبعةً على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وليسَ لنا إلا خادِمٌ، فلَطمها رجلٌ منّا، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أعْتِقوها".

قالوا: إنّه ليسَ لنا خادِمٌ غيرها. قال:

(1)

قلت: وكذلك رواه البخاري في "الأدب المفرد"(171).

(2)

قلت: والبخاري في المصدر السابق (رقم - 177 و 180).

ص: 559

"فلْتَخْدِمْهُم حتى يَسْتَغْنوا، فإذا اسْتَغْنَوْا فَلْيُعْتِقوها".

رواه مسلم، وأبو داود -واللفظ له-، والترمذي والنسائي

(1)

.

2280 -

(30)[صحيح لغيره] وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ ضَرَب مَمْلوكه ظُلْماً؛ أُقِيدَ

(2)

منه يومَ القِيامَةِ".

رواه الطبراني، ورواته ثقات

(3)

.

2281 -

(31)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم نبيُّ التوبةِ:

"مَنْ قَذفَ مَمْلوكَهُ بريئاً ممَّا قال؛ أُقيمَ عليه الحدُّ يومَ القِيامَةِ؛ إلاَّ أنْ يكونَ كما قال".

رواه البخاري ومسلم والترمذي -واللفظ له- وقال:

"حسن صحيح".

2282 -

(32)[صحيح] وعن المعرورِ بن سُوَيْدٍ قال:

رأيتُ أبا ذرٍّ بـ (الرَّبذَةِ)، وعليه بُرْدٌ غَليظٌ، وعلى غلامِهِ مثلُه، قال: فقال القومُ: يا أبا ذّرٍ! لو كنت أخذْتَ الذي على غلامِكَ فجعلْتَهُ مَعَ هذا فكانَتْ حُلَّةً، وكسَوْتَ غلامَك ثوباً غَيْرَهُ؟ قال: فقال أبو ذّرٍ:

(1)

قلت: والبخاري في "المصدر السابق"(178).

(2)

أي: اقتص منه، وكان الأصل:(قيد) فصححته من المخطوطة و"الأدب المفرد" وغيره.

(3)

قلت: والبخاري أيضاً في "الأدب"(181)، وعزاه الهيثمي (4/ 238) أيضاً للطبراني، لكنَّه في مكان آخر ذكره بنحوه، وقال (10/ 353):"رواه البزار". وهو في "كشف الأستار"(4/ 163/ 3452) مرفوعاً وموقوفاً. و"مسند عمار" من "المعجم الكبير" لم يطبع بعد لننظر في إسناده، لكنْ قد رواه أبو نعيم عن الطبراني، وفيه ضعيف، فانظر "الصحيحة"(2352).

ص: 560

إنِّي كنتُ سابَبْتُ رجلاً، وكانتْ أمُّه أعْجَميَّةٌ، فعيَّرْتُه بأمِّه، فشكاني إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"يا أبا ذرٍّ! إنَّك امْرؤٌ فيكَ جاهليَّةٌ"، فقال:

إنَّهُمْ إخْوانُكمُ، فَضَّلكُم الله عليهِمْ، فَمنْ لَمْ يُلائمْكُمْ فبيعوهُ، ولا تُعذِّبوا خَلْقَ الله".

رواه أبو داود، واللفظ له.

[صحيح] وهو في البخاري ومسلم، والترمذي بمعناه؛ إلا أنهم قالوا فيه:

"هم إخْوانُكم، جَعلهُم الله تحت أيْديكُم، فمَنْ جعَل الله أخاه تحتَ يده؛ فلْيُطْعِمْهُ ممَّا يأْكُلُ، وليُلْبِسْه مما يلبَسُ، ولا يُكَلِّفْهُ مِنَ العَملِ ما يَغْلِبُهُ، فإنْ كَلَّفه ما يَغْلِبهُ؛ فَلْيُعِنْهُ عليه". واللفظ للبخاري.

[صحيح] وفي رواية للترمذي قال:

"إخْوانُكم جعلَهُم الله قِنْيَةً تحتَ أيْديكُم، فَمنْ كان أخوه تحت يده؛ فلْيُطْعِمْهُ مِنْ طَعامهِ، ولْيُلْبِسْه مِنْ لبَاسِه، ولا يُكَلِّفْهُ ما يغْلِبُه، فإنْ كَلَّفه ما يَغْلِبُه؛ فلْيُعْنِهُ".

[صحيح] وفي رواية لأبي داود عنه قال:

دخَلْنا على أبي ذرٍّ بـ (الرَّبَذَةِ) فإذا عليه بُردٌ، وعلى غُلامِهِ مثلُه. فقلنا: يا أبا ذرٍ! لو أَخَذْتَ برْدَ غلامِكَ إلى برْدِكَ فكانَتْ حُلَّةً، وكسوْتَهُ ثوباً غيرَهُ.

قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إخْوانُكم جعَلهُم الله تحتَ أيْديكُم، فَمنْ كان أخوه تحتَ يدهِ؛ فلْيُطْعِمْه

ص: 561

ممَّا يأُكُلُ، وليَكْسُهُ ممّا يَكْتَسي، ولا يُكَلِّفْهُ ما يَغْلِبُهُ، فإنْ كَلَّفهُ ما يغْلِبهُ؛ فلْيُعنْهُ".

[صحيح] وفي أخرى له: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ لاءمَكُم مِنْ مَمْلوكيكُم؛ فأطْعِموهُم ممَّا تأكُلونَ، واكْسوهُم مِمَّا تلْبَسُونَ، ومَنْ لَمْ يلائمْكُم مِنهمُ؛ فبيعوهُ، ولا تعذِّبوا خَلْقَ الله".

(قال الحافظ): "الرجل الذي عيَّره أبو ذر هو بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم".

2283 -

(33)[صحيح لغيره] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في العبيد:

"إنْ أحسنوا فاقْبَلوا، وإن أساؤوا فاعفوا، وإن غلبوكم فبيعوا".

رواه البزار

(1)

، فيه عاصم أيضاً

(2)

.

2284 -

(34)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"للمَمْلوكِ طعَامُه وشرابُه وكِسْوَتُه، ولا يُكَلِّفُ إلا ما يَطيقُ، فإنْ كَلَّفْتُموهم فأعينوهُم، ولا تعذِّبوا عبادَ الله؛ خلْقاً أمثالَكُم".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، وهو في مسلم باختصار.

2285 -

(35)[صحيح لغيره] وعن عليًّ رضي الله عنه قال:

كان آخر كلام النبيِّ صلى الله عليه وسلم:

(1)

في المخطوطة: (الترمذي) مكان (البزار)، وهو خطأ من الناسخ.

(2)

كذا قال، وقلده الهيثمي (4/ 236)، وهو عجيب، فإنه أورده في "كشف الأستار عن زوائد البزار" (1391) من طريق محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن عمر. . . وقال البزار:

"محمد بن البيلماني ضعيف عند أهل العلم". فليس فيه عاصم. ثم إن الحديث يشهد لبعضه ما تقدم قريباً في حديث المعرور، وما سيأتي عن عبد الله بن عمر الآتي برقم (39).

ص: 562

"الصلاة الصلاةَ، اتقوا الله فيما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ".

رواه أبو داود، وابن ماجه؛ إلا أنه قال:

"الصلاةَ، وما مَلَكَتْ أيْمانُكم".

2286 -

(36)[صحيح] وروى ابن ماجه وغيره عن أم سلمة قالتْ:

"إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يقولُ في مَرضِه الذي تُوُفِّيَ فيه:

"الصلاةَ، وما مَلَكَتْ أيْمانُكم".

فما زالَ يقولُها حتى ما يفيضُ لِسَانُه

(1)

.

2287 -

(37)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما؛ وجاءَهُ قَهْرَمانٌ له فقال لهُ:

أعْطَيْتَ الرقيقَ قُوتَهُم؛ قال: لا.

قال: فانْطَلِقْ فأعْطِهِمْ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كفَى إثْماً أنْ تَحْبِسَ عَمَّنْ تَملِكُ؛ قوتَهُمْ".

رواه مسلم.

2288 -

(38)[صحيح لغيره] وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال:

عهدي بنبيكم قبل وفاته بخمس ليالٍ، فسمعته يقول:

"لم يكن نبي إلا وله خليلٌ من أمته، وإن خليلي أبو بكر بن أبي قحافة، إن الله اتخذ صاحبكم خليلاً، ألا وإن الأمم قبلكم كانوا يتخذون

(1)

أي: ما يجري ولا يسيل بهذه الكلمة لسانه، من فاض الماء إذا سال وجرى، حتى لم يقدر على الإفصاح بهذه الكلمة. قاله السندي.

قلت: زاد البيهقي في "دلائل النبوة"(7/ 205): "الله الله، الصلاة. . ."، ويشهد له حديث كعب الآتي هنا بعد حديث ابن عمرو.

ص: 563

قبور أنبيائهم مساجدَ، وإني أنهاكم عن ذلك

(1)

، اللهم هل بلّغت؟ (ثلاث مرات) ". ثم قال

"اللهم أشهد، (ثلاث مرات) ". وأُغمي عليه هنيهة، ثم قال:

"الله الله فيما ملكت أيمانكم،. . . . . . ". (*)

رواه الطبراني من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد، وقد وثِّقا، ولا بأس بهما في المتابعات.

2289 -

(39)[صحيح] وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:

جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله! كَمْ أعْفو عن الخادم؟ قال:

"كلَّ يومٍ سبْعينَ مَرَّةً".

رواه أبو داود والترمذي وقال:

"حديث حسن غريب". وفي بعض النسخ: "حسن صحيح".

[صحيح] وروى أبو يعلى بإسناد جيد عنه -وهو رواية للترمذي-:

أنَّ رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ خادِمي يُسِيءُ وَيظْلِمُ، أفأَضْرِبُه؟ قال:

"تَعْفو عنه كلَّ يومٍ ولَيلَةٍ سبعينَ مَرَّةً".

(قال الحافظ):

"كذا وقع في سماعنا (عبد الله بن عمر)، وفي بعض نسخ أبي داود (عبد الله بن عمرو). وقد أخرجه البخاري في "تاريخه" من حديت عباس بن جُلَيد عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، ومن حديثه أيضاً عن عبد الله بن عمر، وقال الترمذي:

"روى بعضهم هذا الحديث بهذا الإسناد وقال: عن عبد الله بن عمرو".

وذكر الأمير أبو نصر أنَّ عباس بن خُليد يروي عنهما كما ذكره البخاري، ولم يذكر ابن

(1)

إلى هنا الحديث صحيح له شواهد كثيرة مخرجة في كتابي "تحذير الساجد"، وكذلك جملة ". . . ما ملكت أيمانكم" يشهد لها حديث أم سلمة المتقدم قبل حديث.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: تتمة الحديث «أشبعوا بطونهم واكسوا ظُهُورهمْ وألينوا القَوْل لَهُم» ، وقد حذفه الشيخ الألباني من هذا الصحيح لضعفه، لكنه سقط (أيضا) من قسم (الضعيف) فوجب التنبيه. ونبه على ذلك الشيخ مشهور في هامش طبعته

ص: 564

يونس في "تاريخ مصر"، ولا ابن أبي حاتم روايته عن عبد الله بن عمرو بن العاصي. والله أعلم".

2290 -

(40)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

جاءَ رجلٌ، فقعَد بين يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ لي مَمْلوكَيْنِ يكذِّبونَني، ويُخَوِّنونَني، وَيعْصونَني، وأشْتُمهم وأضْرِبُهم، فكيف أنا مِنْهُمْ؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا كان يومُ القيامَةِ يُحْسَبُ ما خانوكَ وعَصَوْكَ وكذَّبوكَ وعقابُك إيَّاهمْ، فإنْ كانَ عقابُك إيّاهم بَقدْرِ ذُنوبِهم؛ كانَ كَفافاً، لا لَكَ ولا عَليْكَ، [وإن كان عقابُك إيَّاهم دون ذنوبِهم؛ كان فضلاً لكَ،]

(1)

وإنْ كانَ عقابُكَ إيَّاهم فوقَ ذُنوِبهِم؛ اقتُصَّ لهُمْ منكَ الفضْلُ".

[قال:] فتَنَحّى الرجلُ وجَعَل يبْكي ويهْتِفُ

(2)

. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أمَا تَقْرَأ قولَ الله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} .

فقال الرجل: [والله] يا رسولَ الله! ما أجِدُ لي ولِهؤلاء [شيئاً] خَيْراً مِنْ مُفارَقَتِهم، أشهِدُكَ أنَّهم أحرارٌ كلُّهم.

(1)

هذه الزيادة وما بعدها من "الترمذي"(3163)، والسياق له مع الاختلاف في بعض الجمل والألفاظ، وقد صححت بعضها، وليس عنده ولا عند أحمد (6/ 280) ولا عند البيهقي في "الشعب" (6/ 377) أيضاً قوله:"إذا كان يوم القيامة"، ولكنه في "المشكاة"(5561) برواية الترمذي، فلعله في بعض نسخه، وغفل عن ذلك كله الغافلون النقلة!

(2)

أي: يصيح.

ص: 565

رواه أحمد، والترمذي وقال:

"حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن غزوان، وقد روى أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن غزوان هذا الحديث".

(قال الحافظ):

"عبد الرحمن هذا ثقة احتج به البخاري وبقية رجال أحمد احتج بهم البخاري ومسلم. والله أعلم".

2291 -

(41)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ ضَربَ سَوطاً ظُلماً؛ اقْتَصَّ منه يومَ القِيامَةِ".

رواه البزار والطبراني

(1)

بإسناد حسن.

2292 -

(42)[صحيح] وعن هشام بن حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه:

أنَّه مرَّ بالشام على أُناسٍ مِنَ الأنْباطِ وقد أُقيموا في الشمْسِ، وصُبَّ على رؤوسِهِمُ الزيتُ، فقال: ما هذا؟

قيلَ: يُعذِّبونَ في الخَراجِ -وفي رواية- حُبِسوا في الجِزْيَةِ.

فقال هشامٌ: أشْهدُ لَسَمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنَّ الله يُعَذِّبُ الَّذين يُعَذِّبونَ الناسَ في الدنيا".

فدخَلَ على الأميرِ فَحدَّثَهُ، فأَمَر بهم فَخُلُّوا.

رواه مسلم وأبو داو النسائي.

(الأَنْبَاط): فلاحون من العجم ينزلون بالبطائح بين العراقين.

(1)

قيده الهيثمي بـ "الأوسط"، وهو الصواب كما خرجته في "الصحيحة"(2352).

ص: 566

‌فصل

2293 -

(43)[صحيح] عن جابرٍ

(1)

رضي الله عنهما:

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عليه حِمارٌ قد وُسِمَ في وجْهِه، فقال:

"لَعنَ الله الذي وَسَمَه"

(2)

.

رواه مسلم.

وفي رواية له:

نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الضرْبِ في الوجْهِ، وعَنِ الوسْمِ في الوجْهِ.

2294 -

(44)[صحيح] ورواه الطبراني بإسناد جيد مختصراً:

أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ مَنْ يَسِمُ الوجْهَ

(3)

.

2295 -

(45)[صحيح] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:

مَرَّ حمارٌ بِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم قد كُوِيَ في وجْهِهِ، يفورُ مِنْخَراهُ مِنْ دَمٍ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لَعَن الله مَنْ فعَل هذا".

(1)

الأصل كالمخطوطة و"الانتقاء": (ابن عباس). والتصويب من مسلم، وكذلك أخرجه غيره، كما تراه مخرجاً في "غاية المرام"(475)، والظاهر أن الخطأ من المؤلف، انتقل بصره أو فكره من حديث جابر عند الإملاء إلى حديث ابن عباس الذي بعده في مسلم بنحوه. ولم يتنبه لهذا الخطأ مدعو التحقيق الثلاثة! رغم أنهم عزوه لمسلم برقمي الروايتين!

(2)

زاد في الأصل: "في وجهه"، فحذفتها لعدم ورودها في "مسلم" والمخطوطة.

(3)

هذا يوهم أنه من حديث جابر عن الطبراني، والواقع أنه رواه (11/ 335/ 11936) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وسنده صحيح، وذكره الهيثمي من حديث ابن عباس أيضاً وقال:"رواه الطبراني ورجاله ثقات"، ولذلك أعطيته رقماً خاصاً، وغفل المذكورون عن هذا أيضاً!

ص: 567

ثُمَّ نهى عنِ الكَيِّ في الوجْهِ، والضرْبِ في الوجْهِ.

رواه ابن حبان في "صحيحه". ورواه الترمذي مختصراً وصححه.

والأحاديث في النهي عن الكيِّ في الوجه كثيرة.

ص: 568

‌11 - (ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة).

2296 -

(1)[صحيح لغيره] عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا أراد الله بالأميرِ خيراً، جَعلَ له وَزيرَ صِدْقٍ؛ إنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وإنْ ذَكَر أعانَهُ، وإذا أراد الله به غير ذلك؛ جعلَ له وزير سوءٍ؛ إنْ نَسيَ لَمْ يُذَكِّرْهُ، وإنْ ذَكرَ لَمْ يُعِنْهُ".

[صحيح] رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه"، والنسائي، ولفظه:

قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ وَلِيَ منكُم عملاً فأرادَ الله به خيراً؛ جعَلَ له وزيراً صالِحاً؛ إنْ نَسِيَ ذَكَّرهُ ان ذَكَر أعانَه".

2297 -

(2)[صحيح] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ وأبي هريرة رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما بَعثَ الله مِنْ نَبيٍّ ولا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَليفَةٍ إلا كانَتْ له بِطانتَانِ: بطانَةٌ تأمُره بالمعروفِ وتَحُضُّه عليه، وبِطانَةٌ تأمرُه بالشرِّ وتَحضُّهُ عليه، والمعْصومُ مَنْ عَصمَ الله".

رواه البخاري واللفظ له

(1)

.

(1)

في هذا التخريج أمور:

أولاً: أنه أوهم أن البخاري أخرجه عن أبي سعيد وأبي هريرة معاً وموصولاً عنهما، وليس كذلك، فقد أسنده عن أبي سعيد، ثم علقه عن أبي هريرة، وقد وصله النسائي وغيره.

ثانياً: قوله: "واللفظ له" لا داعي لهذا ما دام أنه لم يقرن مع البخاري غيره ليضيف اللفظ =

ص: 569

[صحيح] ورواه النسائي عن أبي هريرة وحده. ولفظه: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِنْ والٍ إلا ولَه بِطانَتانِ: بطانَةٌ تأمُرهُ بالمعروفِ وتنْهاهُ عَنِ المنكَرِ، وبِطانَةٌ لا تَأْلوهُ خَبالاً، فَمنْ وُقِيَ شَرَّها؛ فقدْ وُقِيَ، وهوَ مِنَ الَّتي تَغْلِبُ

(1)

عليه مِنهُما".

2298 -

(3)[صحيح] وعن أبي أيوبَ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما بَعثَ الله مِنْ نَبيٍّ، ولا كانَ بعده مِنْ خَليفَةٍ إلا له بِطانَتانِ: بطانَةٌ تأمُرهُ بالمعْروفِ، وتنهاه عنِ المنْكَرِ، وبِطانَةٌ لا تأْلُوه خَبالاً، فَمنْ وُقِيَ بطانَةَ السُوءِ؛ فقد وُقِيَ".

رواه البخاري

(2)

.

= إليه دونه. وهذا ظاهر.

ثالثاً: قوله بعدُ: "ورواه النسائي عن أبي هريرة وحده خطأ"، فقد أخرجه عن أبي سعيد أيضاً، ولفظه مثل لفظ البخاري؛ إلا أنه قال:"بالخير" مكان "بالمعروف"، وهو رواية للبخاري في "كتاب القدر". وعليه كان الصواب في تخريجه أن يقال:"رواه البخاري والنسائي عن أبي سعيد مسنداً"، والبخاري عن أبي هريرة معلقاً، وأسنده النسائي ولفظه. . .".

ثم إنه وقع اختلاف على التابعي في صحابي الحديث، والأرجح أن الكل صحيح إذا صح السند إليه، وبيانه في "الصحيحة"(1641).

ثم رأيت الناجي رحمه الله قد أفاض في نقد المؤلف على النحو مما ذكرت مع التوسع في ذكر الأسانيد وتعليقات البخاري، مما يمكن اعتبار ما ذكرته تلخيصاً له، قبل أن أقف على كلامه، فالحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله.

(1)

الأصل والمخطوطة: "إلى من يغلب"، والتصويب من النسائي.

(2)

كذا قال! وفيه نظر من وجهين.

الأول: أنه كان ينبغي أن يضم إلى البخاري "والنسائي" لأن اللفظ له، ولأن البخاري لم يَسُق متنه البتة.

والآخر: أن البخاري لم يسنده، وإنما علقه في "كتاب الأحكام"(7198) عقب حديث أبي سعيد المتقدم، ولم يَسُق متنه كما ذكرت آنفاً، وغفل عن هذا وما قبله أيضاً المعلقون مع ذكرهم الرقم! أو أنهم -لبالغ جهلهم- لا يعرفون الفرق بين المسند والمعلق عند البخاري!!

ص: 570

‌12 - (الترهيب من شهادة الزور).

2299 -

(1)[صحيح] عن أبي بكرة رضي الله عنه قال:

كنّا عندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"ألا أُنَبّئُكُمْ بأكبَرِ الكَبائرِ؟ -ثلاثاً-: الإشْراكُ بالله، وعُقوقُ الوالِدَيْنِ، ألا وشهادَةُ الزورِ، وقوْلُ الزورِ". وكان مُتَّكئاً فجلَس، فَما زالَ يُكَرِّرُها حتَّى قلْنا: ليْتَهُ سكَتَ.

رواه البخاري ومسلم والترمذي.

2300 -

(2)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال:

ذكَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الكبائِرَ فقال:

"الشِرْك بالله، وعُقوقُ الوالدَيْنِ، وقَتْلُ النفسِ". -وقال-:

"ألا أُنَبِّئُكُمْ بأكْبَرِ الكبائر؟ قولُ الزورِ. -أو قال: شهادَةُ الزورِ-".

رواه البخاري ومسلم.

2301 -

(3)[حسن موقوف] ورواه الطبراني في "الكبير" موقوفاً على ابن مسعود بإسناد حسن.

[قلت: قال:

عَدَلَتْ شهادةُ الزور الشركَ بالله، وقرأ:{وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} ].

ص: 571

‌21 - كتاب الحدود وغيرها.

‌1 - (الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما).

2302 -

(1)[صحيح] عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ رأى مِنكُم مُنْكراً فلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِه، فإنْ لَمْ يَسْتَطعْ فَبِلِسانِه، فإن لم يَسْتطعْ فَبِقَلْبِه، وذلك أضْعَفُ الإيمان".

[صحيح] رواه مسلم والترمذي وابن ماجه والنسائي، ولفظه:

أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ رَأى منكم منكراً فَغَيَّره بيده؛ فقد بَرِئَ، ومَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُغَيِّرهُ بيده فَغَيَّرَهُ بِلِسانِه؛ فقد بَرِئَ، ومنْ لمْ يَسْتَطعْ أنْ يُغَيِّرَهُ بِلِسانِه فغَيَّرَهُ بِقَلْبِه؛ فقد بَرِئَ، وذلك أضْعَفُ الإِيمَانِ".

2303 -

(2)[صحيح] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:

"بايَعْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعَةِ في العُسْرِ واليُسْرِ، والمَنْشَطِ والمَكْرَهِ، وعلى أَثَرةٍ علينا، وأنْ لا نُنازع الأَمْرَ أهْلَه، إلا أنْ تَروْا كُفْراً بَوَاحاً

(1)

عندَكُمْ مِنَ الله فيه بُرْهانٌ

(2)

، وعلى أنْ نقولَ بِالْحَقِّ أينَما كنَّا، لا نخافُ في

(1)

أي: ظاهراً بادياً، من قولهم:"باح بالشيء يبوح به بوحاً: وبواحاً: إذا أذاعه وأظهره". قاله الخطابي.

(2)

أي: "نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل". قاله العسقلاني. وهذه الجملة ليست في هذا السياق -وهو لمسلم- من حديث عبادة بن الوليد بن عبادة، عن عبادة على خلاف =

ص: 572

الله لَوْمةَ لائمٍ".

رواه البخاري ومسلم.

2304 -

(3)[صحيح] وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه:

أنَّ أُناساً قالوا: يا رسولَ الله! ذَهَب أهلُ الدُّثورِ بالأُجورِ، يصلُّونَ كما نُصلِّي، ويَصومونَ كما نَصومُ، ويتَصدَّقونَ بفَصولِ أمْوالِهِمْ؟ قال:

"أولَيْسَ قد جَعَل الله لكُم ما تَصدَّقون بِه؟ إنَّ بكلِّ تَسْبيحَةٍ صدَقةً، وكلِّ تكبيرةٍ صدقةً، وكلِّ تَحميدَةٍ صَدقةً، وكلِّ تَهْليلَةٍ صدَقةً، وأمرٍ بالمعْروفِ صدقةً، ونهيٍ عنْ مُنْكرٍ صدقَةً".

رواه مسلم وغيره. [مضى 14 - الذكر/ 7].

2305 -

(4)[صحيح لغيره] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"أفْضَلُ الجِهادِ كلمَةُ حقٍّ عند سُلْطانٍ أوْ أميرٍ جائرٍ".

رواه أبو داود -واللفظ له- والترمذي وابن ماجه؛ كلهم عن عطية العوفي عنه؛ وقال الترمذي: "حديث حسن غريب".

2306 -

(5)[صحيح لغيره] وعن أبي عبد الله طارق بن شهاب البَجَلي الأحْمَسي:

أنَّ رجلاً سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وقد وضَعَ رجْلَهُ في الغَرْزِ: أيُّ الجِهادِ أفْضَلُ؟ قال:

"كلمةُ حقٍّ عند سلْطانٍ جائرٍ".

رواه النسائي بإسناد صحيح.

= فيه- وهي عندهما في سياق آخر من حديث جنادة بن أبي أمية عنه، وقد بينت ذلك وخرجته من مصادر كثيرة في "الصحيحة"(3418). ومن جهل وعجز المعلقين الثلاثة أنهم عزوا الحديث للبخاري برقم (7056)، وهو يشير إلى حديث جنادة الذي ليس فيه الزيادة، ولمسلم برقم (1709) وهو يشير إلى حديث آخر!!

ص: 573

(الغَرْزُ) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء بعدهما زاي: هو ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب، وقيل: لا يختص بهما.

2307 -

(6)[حسن صحيح] وعن أبي أمامَة رضي الله عنه قال:

عرَضَ لِرسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ عند الجَمْرَةِ الأولى، فقال: يا رسولَ الله! أيُّ الجِهادِ أفْضَلُ؟ فسكَتَ عنه، فلمَّا رمى الجمرة الثانية سَأَلهُ؟ فسكتَ عنه، فلمَّا رمى جمرةَ العَقَبةِ وضَعَ رجْلَه في الغَرْزِ لِيَرْكَبَ قال:

"أيْنَ السائلُ؟ ".

قال: ها أنا يا رسولَ الله! قال:

"كلمةُ حقٍّ تقال عندَ ذي سلطانٍ جائرٍ".

رواه ابن ماجه بإسناد صحيح

(1)

.

2308 -

(7)[صحيح] وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"سيدُ الشهداءِ حمزةُ بن عبدِ المطلب، ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمَره ونهاه، فقَتَلَه".

رواه الترمذي

(2)

، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

2309 -

(8)[صحيح] وعن النعمانِ بْنِ بشيرٍ رضي الله عنهما عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

(1)

قلت: وعلى هامش المخطوطة: "وفي نسخة بإسناد حسن" بدل "صحيح"، وهو اللائق بإسناده، فإن فيه أبا غالب، وهو حسن الحديث. ومن طريقه أخرجه أحمد أيضاً (5/ 251 و 256)، ثم رأيت الناجي ذكر (182/ 2) أن الأشبه التحسين.

(2)

قلت: عزوه للترمذي خطأ، ولعله من الناسخ أو الطابع، فإن الشيخ الناجي لم يتعرض له، وفي الإسناد مجهول، لكني وجدت له متابعاً صالحاً فخرجته في "الصحيحة"(374).

ص: 574

"مَثَلُ القائمِ على حدودِ الله

(1)

، والواقع فيها

(2)

؛ كمَثلِ قومٍ اسْتَهَموا على سَفينَةٍ، فصارَ بعضُهُمْ أعْلاها، وبعضُهُمْ أسْفَلَها، فكانَ الَّذين في أسْفَلِها، إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرّوا على مَنْ فَوْقَهُم، فقالوا: لوْ أنَّا خَرَقْنا في نَصيبِنا خَرْقاً، ولَمْ نُؤْذِ مَنْ فوْقَنا! فإنْ تَركُوهُمْ وما أَرادوا هَلَكُوا جَميعاً، وإنْ أَخَذوا على أيْديِهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جميعاً".

رواه البخاري والترمذي.

2310 -

(9)[صحيح] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما منْ نبيّ بَعثَهُ الله في أمَّةٍ قَبْلي؛ إلا كانَ له مِنْ أُمَّتِه حواريُّونَ وأصحابٌ يأخُذونَ بِسُنَّتِه، وَيقْتَدون بأمْرِهِ، ثُمَّ إنَّها تَخلُف مِنْ بعْدِهم خُلُوفٌ

(3)

، يقولونَ مالا يفْعَلون، ويفْعَلونَ مالا يُؤْمَرون، فَمَنْ جاهَدَهُم بيدهِ

(1)

أي: الثابت فيها على نحو قول حكيم بن حزام: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ لا أخرَّ إلا قائماً. أي: لا أموت إلا ثابتاً على الإسلام والتمسك به، يقال: قام فلان على الشيء، إذا ثبت عليه وتمسك به. كذا في "النهاية". وكان الأصل كمطبوعة عمارة:"في حدود الله" وأعاده فيما يأتي قريباً [5 - باب]، فصححته من "البخاري" و"الترمذي" وأحمد أيضاً (4/ 269 و 270). وغفل عن ذلك في الموضعين مدعو التحقيق!

(2)

أي: مرتكب الحدود. ولفظ الترمذي: "والمدهِنِ فيها" أي: المحابي. قال الحافظ في "الفتح":

"والمدهن والمداهن واحد، والمراد به من يرائي، ويضيع الحقوق ولا يغير المنكر"، ولفظ أحمد:

"والواقع فيها أو المداهن"، وجمع بينهما في رواية بلفظ:"والراتع فيها والمدهن فيها"، وفي رواية للبخاري:"مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها. . ."، فأسقط:"القائم على حدود الله" خلافاً لسائر الروايات، فهي رواية شاذة، وقد أشار إلى ذلك الحافظ (5/ 325)، وذكر أنها غير مستقيمة، وأن رواية الجماعة أصوب، وقال:

"لأن المدهن والواقع -أي مرتكبها- في الحكم واحد، و (الواقع) مقابله". وانظر لتخريج الحديث "الصحيحة"(67).

(3)

جمع (خَلْف)؛ قال ابن الأثير: " (الخلف) بالتحريك والسكون: كل من يجيء بعد من مضى، إلا أنه بالتحريك في الخير، وبالتسكين في الشر".

ص: 575

فهو مُؤْمِنٌ، ومَنْ جاهَدَهُمْ بِلِسانِه فهو مُؤْمِنٌ، ومَنْ جاهَدَهُم بِقَلْبِه فهو مُؤْمِنٌ، وليسَ وَراءَ ذلك مِنَ الإيْمانِ حَبَّةُ خَرْدلٍ".

رواه مسلم.

(الحَوارِيّ): هو الناصر للرجل، والمختص به، والمعين والمصافي.

2311 -

(10)[صحيح] وعن زينبَ بنتِ جَحْشٍ رضي الله عنها:

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: دخَلَ عليها فَزِعاً يقول:

"لا إله إلاَّ الله، ويَل لِلْعَرب مِنْ شرٍّ قدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليومَ مِنْ رَدْمِ يأجوجَ ومَأجوجَ مثلُ هذه"، وحَلَّقَ بأصْبَعَيْهِ الإبْهامِ والَّتي تَليها.

فقلتُ: يا رسول الله! أنَهْلَكُ وفينا الصالِحونَ؟ قال:

"نَعمْ؛ إذا كَثُرَ الخَبَثُ".

رواه البخاري ومسلم.

2312 -

(11)[صحيح لغيره] وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

قلتُ: يا رسول الله! إنَّ الله إذا أَنْزَلَ سَطْوَتَهُ بأهْلِ الأرْضِ وفيهم الصالِحونَ، فَيهْلَكونَ بِهَلاكِهِمْ؟ فقال:

"يا عائشةُ! إنَّ الله إذا أَنْزَلَ سَطْوَتَهُ بأهلِ نِقْمَتِهِ وفيهمُ الصالحون، فيَصيرونَ مَعَهم، ثُمَّ يُبْعَثون على نِيَّاتِهِمْ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"

(1)

.

2313 -

(12)[حسن لغيره] وعن حذيفة رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"والَّذي نفسي بيدِه؛ لَتَأْمرُنَّ بالمعروفِ، ولَتنْهَوُنَّ عنِ المنكر؛ أوْ لَيُوشِكَنَّ

(1)

وأخرجه مسلم بنحوه، والبخاري مختصراً، وتقدم لفظه (1 - الإخلاص/ 1). وقد خرجته في "الصحيحة"(2693).

ص: 576

الله أنْ يَبْعثَ عليكم عِقاباً منه، ثُمَّ تَدْعونَه فلا يَسْتَجيبَ لكم".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

2314 -

(13)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يُؤمِنُ عبدٌ حتى أكونَ أحبَّ إليهِ مِنْ وَلدِه ووَالدِهِ والناسِ أجْمَعينَ".

رواه مسلم وغيره

(1)

.

2315 -

(14)[صحيح] وعن جريرٍ رضي الله عنه قال:

بايعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم على

(2)

السمعِ والطاعةِ -فلَقَّنَني: فيما اسْتَطَعْتَ-، والنصحِ لكلِّ مسلم.

رواه البخاري ومسلم.

وتقدم حديث تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الدينُ النصيحَةُ. قاله ثلاثاً".

قال: قلنا: لِمَنْ يا رسولَ الله؟ قال:

"لله ولِرَسولِه ولأَئمَّةِ المسْلمينَ وعامَّتِهِمْ".

رواه البخاري

(3)

ومسلم، واللفظ له.

(1)

هذا تقصير فاحش، فالحديث في "صحيح البخاري" من حديث أبي هريرة، ومن حديث أنس، وهما في "مختصر البخاري"(رقم 11 و 12).

(2)

زاد البخاري في بعض الروايات: "على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والسمع. . .". انظر "مختصر البخاري"(رقم 40).

(3)

عزوه للبخاري وهم، لعله من النساخ، فإنه تقدم في (16 - البيوع/ 10) على الصواب، أو لعله أتي من أن البخاري علقه في آخر "كتاب الإيمان". انظر "مختصر البخاري"(12 - معلق).

ومن الغريب أنني رأيت على هامش المخطوطة نقلاً عن ابن حجر نفي رواية البخاري للحديث مطلقاً! مع أنه قد وصله في شرحه! وقد تكلم على هذا الوهم الناجي في "العجالة"(183/ 1) وعن طرق الحديث، ولفظ "ثلاث" ليس لمسلم، وإنما هو لأبي داود كما ذكر المؤلف نفسه هناك، ولم يتنبه لهذا كله الغافلون الثلاثة!

ص: 577

2316 -

(15)[حسن لغيره] وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما مِنْ رجلٍ يكونُ في قومٍ يُعملُ فيهم بالمعاصي، يقدِرونَ على أنْ يُغَيِّروا عليهِ، ولا يُغَيِّرونَ؛ إلاَّ أصابَهُم الله منهُ بِعِقابٍ قَبْلَ أنْ يَمُوتوا".

رواه أبو داود عن أبي إسحاق قال: أظنه عن ابن جرير، عن جرير ولم يسمِّ ابنه.

ورواه ابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والأصبهاني وغيرهم عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن جرير عن أبيه.

2317 -

(16)[صحيح] وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال:

يا أيُّها الناسُ! إنَّكم تَقْرَؤون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ، وإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنَّ الناسَ إذا رَأوا الظالِمَ فلَمْ يأخذوا على يديْهِ، أوْشَك أَنْ يَعُمَّهم الله بعقابٍ مِنْ عِنْدِه".

رواه أبو داود والترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"، وابن ماجه والنسائي وابن حبان في "صحيحه".

ولفظ النسائي:

إنِّي سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إن القوم إذا رأوا المنكر فلم يغيِّروه؛ عمَّهم الله بعقابٍ".

وفي رواية لأبي داود:

سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما مِنْ قومٍ يُعمَل فيهم بالمعاصي، ثُمَّ يقدِرونَ أنْ يُغَيِّروا ثُمَّ لا يُغَيِّروا؛ إلا يوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُم الله منه بعقابٍ".

ص: 578

2318 -

(17)[حسن لغيره] وعن أبي كثيرٍ السُّحَيْمي عن أبيه قال:

سألتُ أبا ذرٍّ؛ قلتُ:

دُلَّني على عملٍ إذا عمِلَ العبدُ بِه دخلَ الجنَّةَ.

قال: سألتُ عن ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِر".

قلتُ: يا رسول الله! إنَّ مع الإيمانِ عَملاً؟ قال:

"يَرضَخُ مِمّا رَزَقَهُ الله".

قلتُ: يا رسول الله! أرأيتَ إنْ كان فَقيراً لا يَجِدُ ما يَرضَخُ بِه؟ قال:

"يأمُرُ بالمعروفِ، ويَنْهى عنِ المنكَرِ".

قال: قلتُ: يا رسول الله! أرأيتَ إنْ كانَ عَيِيّاً لا يَسْتَطيعُ أنْ يأمُرَ بالمعروفِ، ويَنْهَى عنِ المنكَرِ؟ قال:

"يَصْنَعُ لأَخْرَقَ".

قال: أرأيتَ إنْ كانَ أَخْرقَ لا يستطيعُ أنْ يَصْنَع شيئاً؟ قال:

"يُعين مَغْلوباً".

قال: أرأيْتَ إن كان ضعيفاً لا يَسْتَطيعُ أن يُعين مَغْلوباً؟ قال:

"ما تريدُ أنْ يكون في صاحِبِكَ مِنْ خيرٍ؟ يُمْسِكُ عَنْ أذىَ الناسِ".

فقلت: يا رسول الله! إذا فَعلَ ذلك دخَل الجَنَّةَ؟ قال:

"ما مِنْ مسلمٍ يفعَلُ خَصْلَةً مِنْ هؤلاء؛ إلا أخَذَتْ بِيَدِه حتى تُدْخِلَه الجَنَّةَ".

ص: 579

رواه الطبراني في "الكبير"، واللفظ له

(1)

. ورواته ثقات، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

2319 -

(18)[حسن صحيح] وعن حذيفة قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"تُعْرَضُ الفِتنُ

(2)

على القلوبِ كالحَصيرِ عُوداً عوداً، فأيُّ قلْب أُشْرِبَها

(3)

نُكِتَتْ فيه نُكتَةٌ سَوْداءُ، وأيُّ قلْبٍ أَنكَرها نُكِتَتْ فيه نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حتَّى يصيرَ على قلْبَيْن: على أبْيضَ مثلِ الصَّفا فلا تَضُرَّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السمواتُ والأرضُ، والآخَرُ أسود مُرْبادَّاً كالكوز مُجَخِّياً

(4)

لا يعرف مَعروفاً، ولا يُنْكرُ مُنْكَراً إلا ما أشْرِبَ مِنْ هَواهُ".

رواه مسلم وغيره.

قوله: (مُجَخِّياً) هو بميم مضمومة ثم جيم مفتوحة ثم خاء معجمة مكسورة: يعني مائلاً. وفسره بعض الرواة بأنه المنكوس.

(1)

كذا الأصل، والأولى وضع قوله:"واللفظ له" بعد قوله الآتي: "صحيحه"، لأن الرواية له (863) مع اختلاف في بعض الألفاظ، ونحوه للحاكم (1/ 63)، وأما الطبراني فهو عنده (1650) من رواية أبي زميل مالك بن مرثد عن أبيه قال: قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله! ماذا ينجي العبد من النار؟ قال: "الإيمان بالله. . ." الحديث نحو رواية البيهقي المتقدمة في المجلد الأول (8 - الصدقات/ 9). وكذلك ذكره الهيثمي (3/ 135) وقال: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات".

(2)

أي: تلصق بعرض (القلوب) أي: جانبها كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه.

(3)

أي: تمكنت منه وحلت محل الشراب.

(مربادّاً) أي: متغيراً. قال ابن الأثير:

"ويريد اربداد القلب من حيث المعنى لا الصورة، فإن لون القلب إلى السواد ما هو".

(4)

زاد أحمد (5/ 386 و 405): "وأمال كفه". وسنده أصح من سند مسلم.

ص: 580

ومعنى الحديث: أن القلب إذا افتتن وخرجت منه حرمة المعاصي والمنكرات؛ خرج منه نور الإيمان كما يخرج الماء من الكوز إذا مال أو انتكس.

2320 -

(19)[صحيح لغيره] وعن أبي ذرٍّ قال:

أوْصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخِصالٍ مِنَ الخير: أوْصاني أنْ لا أخافَ في الله لومةَ لائمٍ، وأوْصاني أنْ أقولَ الحقَّ وإنْ كان مُرّاً. مختصر.

رواه ابن حبان في "صحيحه"، ويأتي بتمامه [22 - البر والصلة/ 3].

2321 -

(20)[حسن] وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"تَبسُّمك في وجهِ أخيكَ صدقةٌ، وأمْرُكَ بالمعروفِ ونَهْيُكَ عنِ المنكر صدقَة. . " الحديث.

رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في "صحيحه".

2322 -

(21)[حسن لغيره] ورواه البزار والطبراني من حديث ابن عمر بنحوه. [يأتي لفظه 23 - الأدب/ 4].

2323 -

(22)[حسن] وعن عُرس بن عَميرة الكِنْديِّ رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا عُمِلَتِ الخطيئَةُ في الأرضِ؛ كان مَنْ شَهدَها وكرِهَها -وفي رواية: فأنكرها- كَمنْ غابَ عنها، ومَنْ غابَ عنها فَرَضِيَها؛ كان كَمَنْ شَهِدَها".

رواه أبو داود من رواية مغيرة بن زياد الموصلي.

2324 -

(23)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"الإسْلامُ أنْ تعبدَ الله لا تُشْرِك به شيئاً، وتقيمَ الصلاة، وتُؤْتيَ الزكاةَ،

ص: 581

وتَصومَ رمضانَ، وتَحُجَّ البيتَ

(1)

، والأمرُ بالمعروف، والنهيُ عنِ المنكر، وتسليمُك على أهلك، فمنِ انْتَقصَ شَيْئاً مِنهُنَّ فهو سَهمٌ مِنَ الإسْلامِ يَدَعُهُ، ومَنْ تركهُنَّ فقد وَلَّى الإسْلامَ ظَهْرَه".

رواه الحاكم.

[حسن لغيره] وتقدم حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

"الإسلامُ ثمانيةُ أسهم: الإسلامُ سهمٌ، والصلاة سهمٌ، والزكاة سهمٌ، والصومُ سهمٌ، وحجُّ البيتِ سهمٌ، والأمرُ بالمعروفِ سهمٌ، والنهي عن المنكر سهمٌ، والجهادُ في سبيلِ اللهِ سهمٌ، وقد خاب من لا سهم له".

رواه البزار

2325 -

(24)[حسن لغيره] وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت:

دخل النبيُّ صلى الله عليه وسلم فعرفتُ في وجهه أنْ قد حضره شيء، فتوضأ وما كلّمَ أحداً، فلصقتُ بالحجرةِ أستمع ما يقولُ، فقعد على المنبرِ، فحمد اللهَ وأثنى عليه وقال:

"يا أيها الناس! إن الله يقول لكم: مروا بالمعروف، وانهَوْا عن المنكرِ قبل أن تدعوا فلا أجيب لكم. . .".

(2)

رواه ابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"؛ كلاهما من رواية عاصم بن عمر بن عثمان عن عروة عنهما.

(1)

الأصل والمخطوطة: "والحج"، ومع أن المعلقين الثلاثة قد صححوا هذه اللفظة، فقد أسقطوا لفظ "البيت"! والتصويب من "المستدرك" وغيره. انظر "الصحيحة"(333). والحديث من أدلة الجمهور القائلين بأن تارك الصلاة، وهو مؤمن بفرضيتها ليس بكافر، لأنه ألحق تاركها بمن ترك سهماً من سهام الإسلام الأخرى، وإنما حكم بالردة والخروج من الإسلام على من ترك الأسهم كلها، وعلى رأسها التوحيد، فتأمل منصفاً، وانظر التفصيل في "الصحيحة"(1/ 651 - 353 و 935).

(2)

في الأصل هنا زيادة: (". . . وتسألوني فلا أعطيكم وتستنصروني فلا أنصركم". فما زاد عليهن حتى نزل)، ولما لم نجد لها شاهداً؛ فقد أوردته هنا ونبهت عليه.

ص: 582

‌2 - (الترهيب من أن يأمر بمعروفٍ وينهى عن منكر ويخالف قولُه فعلَه).

2326 -

(1)[صحيح] عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"يُؤْتَى بالرجلِ يومَ القيامَةِ فيُلْقَى في النارِ، فتندلِقُ أقْتابُ بطْنِه، فيدورُ بِها كما يدورُ الحِمارُ في الرَّحى، فيجتَمعُ إليه أهلُ النارِ فيقولونَ: يا فلانُ! ما لَك؟ ألَمْ تكنْ تأمُر بالمعروفِ، وتَنْهى عنِ المنكَرِ؟ فيقولُ: بلَى، كنتُ آمرُ بالمعروفِ ولا آتيهِ، وأَنْهى عنِ المنكَرِ وآتيهِ".

رواه البخاري ومسلم.

وفي رواية لمسلم

(1)

قال:

قيلَ لأسامةَ بنِ زَيْدٍ: لو أتيتَ عثمانَ فكلَّمْتَهُ. فقال: إنكم لَتَروْنَ أني لا أكَلِّمُه إلا أُسْمِعُكم؟! إنِّي أكلِّمُه في السرِّ دونَ أنْ أفتحَ باباً

(2)

لا أكونُ أوَّلَ من فَتَحهُ، ولا أقولُ لرجلٍ أنْ كان عليَّ أميراً: إنَّه خيرُ الناسِ، بعد شيْءٍ سمعتُه مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: وما هو؟ قال: سمعْتُه يقول:

"يجاءُ بالرجلِ يومَ القيامَةِ فيُلْقَى في النارِ، فتَندلِقُ أقتْابُه، فيدورُ كما يدورُ الحمار بِرَحاهُ، فيَجْتَمعُ أهلُ النارِ عليه، فيقولُ: يا فلانُ! ما شأنُكَ؟

(1)

كذا قال، ولو عكس لأصاب أو كاد، فإن الرواية الأولى هي التي لمسلم في "الزهد"، والأخرى للبخاري في "الفتن"؛ إلا أنه قال:(فلاناً) مكان (عثمان)، وكذلك عنده في رواية في "بدء الخلق"، وإنما سماه مسلم في روايته وفيها القصة كما في رواية البخاري، ثم لو اقتصر على ذكر هذه الرواية دون الأولى لأصاب، إذ لا فرق يذكر بينهما، وذلك ما فعله فيما تقدم (3 - العلم/ 9).

(2)

"أي: كلمته فيما أشرتم إليه، لكن على سبيل المصلحة والأدب في السر بغير أن يكون في كلامي ما يثير فتنة أو نحوها". كذا في "فتح الباري".

ص: 583

أليسَ كنتَ تأمرُ بالمعروف وتنْهى عنِ المنكَرِ؟ فيقولُ: كنتُ آمرُكم بالمعروفِ ولا آتيهِ، وأنْهاكمْ عن الشَّرِّ وآتيهِ".

(1)

(الأقْتَابُ): الأمعاء، واحدها (قِتْب) بكسر القاف وسكون التاء.

(تندلق) أي: تخرج.

2327 -

(2)[صحيح] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"رأيتُ ليلةَ أُسْرِيَ بي رِجالاً تُقرضُ شِفاههُم بمقاريضَ مِنَ النارِ، فقلتُ: مَنْ هؤلاءِ يا جبريلُ؟ فقال: الخطباءُ مِنْ أُمَّتِكَ الذين يأمرونَ الناسَ بالبِرِّ وينْسَوْنَ أنفسهم وهُمْ يَتْلونَ الكِتابَ أفَلا يَعْقِلونَ؟! ".

رواه ابن أبي الدنيا في "كتاب الصمت"، وابن حبان في "صحيحه" واللفظ له، والبيهقي.

[صحيح لغيره] وفي رواية لابن أبي الدنيا:

"مررتُ ليلةَ أُسْرِيَ بي على قومٍ تُقْرَضُ شِفاههُم بِمقَاريضَ مِنْ نارٍ، كُلَّما قُرِضَتْ عادتْ، فقلتُ: يا جبريلُ! مَنْ هؤلاءِ؟ قال: خُطباءُ مِنْ أُمَّتِكَ، يقولونَ ما لا يَفْعَلونَ".

[صحيح] وفي رواية للبيهقي: قال:

"أَتَيْتُ ليلةَ أُسْرِيَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاههُم بِمقاريضَ مِنْ نارٍ، فقلت: مَنْ هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال: خُطباءُ أُمَّتِكَ الذين يقولونَ ما لا يَفْعَلونَ، ويقْرَؤون كتابَ الله ولا يَعْمَلونَ بِه".

(1)

في الأصل هنا كالمخطوطة: وإني سمعته يعني النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مررت. . ." الحديث مثل الآتي بعده، فحذفته لأنه ليس في الحديث الذي قبله كما كنت بينته تحت الحديث في الموضع المشار إليه آنفاً.

ص: 584

2328 -

(3)[صحيح لغيره] وعن أبي تميمة

(1)

عن جندب بن عبد الله الأزدي صاحبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَثلُ الَّذي يُعلِّمُ الناسَ الخيرَ وَينْسى نَفْسه، كمَثلِ السِّراجِ؛ يُضِيءُ لِلناسِ وَيحْرِقُ نَفْسَهُ" الحديث.

رواه الطبراني. وإسناده حسن إنْ شاء الله. [مضى ج 1/ 3 - العلم/ 9].

2329 -

(4)[صحيح] ورواه البزار من حديث أبي برزة؛ إلا أنَّه قال:

"مثل الفتيلة"[مضى بتمامه 3 - العلم/ 9].

2330 -

(5)[صحيح] وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكم بَعْدِي كلُّ منافقٍ عليمِ اللِّسانِ".

رواه الطبراني في "الكبير" والبزار، ورواته محتج بهم في "الصحيح"

(2)

[مضى هناك].

2331 -

(6)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"يُبصرُ أحدُكم القَذاةَ في عينِ أخيهِ، ويَنْسى الجِذْعَ في عَيْنِه".

رواه ابن حبان في "صحيحه"

(3)

.

(1)

اسمه طريف بن مجالد الهُجيمي، وهو ثقة من رجال البخاري، فلا أدري لم علق المؤلف الحديث عليه؟ وليس على الصحابي مباشرة كما هي عادته، وكما فعل في هذا الحديث نفسه فيما تقدم (ج 1/ 3 - العلم/ 9/ الحديث 9)؟!

(2)

قلت: وكذا ابن حبان في "صحيحه"(رقم 91 - الموارد) بنحوه، واللفظ للطبراني (18/ 237/ 593).

(3)

وكذا رواه جمع، لكن رواه أحمد في "الزهد" موقوفاً على أبي هريرة، فانظر "الصحيحة"(رقم 33 - طبعة عمان).

ص: 585

‌3 - (الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته).

2332 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ نَفَّسَ عن مسلمٍ كُرْبَة مِنْ كُرَبِ الدنيا؛ نَفَّس الله عنه كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يومِ القيامَةِ، ومَنْ سَتر على مسلمٍ؛ سَتَرهُ الله في الدنيا والآخِرَةِ، والله في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العبدُ في عَوْنِ أَخيهِ".

رواه مسلم وأبو داود -واللفظ له-، والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه. [مضى بأتم منه 3 - العلم/ 1].

2333 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"المسلمُ أخو المسلمِ، لا يَظْلِمُه ولا يُسْلِمُه

(1)

، مَنْ كانَ في حاجَةِ أخيه؛ كانَ الله في حاجَتهِ، ومَنْ فَرَّج عن مُسلمٍ كربةً، فرَّج الله عنه بِها كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يومِ القِيامَةِ، ومَنْ سَتَر مسْلِماً؛ ستَرة الله يومَ القيامَةِ".

رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي وقال:

"حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر

(2)

".

2334 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يَسْترُ عَبدٌ عبداً في الدنيا؛ إلا سَتَرهُ الله يومَ القيامَة".

رواه مسلم.

(1)

الأصل: "يثلمه" بالثاء المثلثة، وكذلك وقع فيما سيأتي (22 - البر والصلة/ 12) والتصويب من "المخطوطة" و"الصحيحين".

(2)

قلت: هذا تقصير فاحش تعجب منه الحافظ الناجي (184/ 2) وقال:

"رواه البخاري ومسلم والنسائي".

قلت: وكأنَّ المؤلف رحمه الله تنبه لذلك فيما بعد فعزاه للشيخين في المكان المشار إليه آنفاً. والنسائي إنما أخرجه في "الكبرى"(4/ 309/ 7291).

ص: 586

2335 -

(4)[صحيح لغيره] وعن يزيد بن نُعيم [عن أبيه]

(1)

:

أن ماعزاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مراتٍ، فأمر برجمه، وقال لهزّال:

"لو سترته بثوبك كان خيراً لك".

رواه أبو داود والنسائي.

(2)

(قال الحافظ): "ونُعيم هو ابن هزّال. وقيل: لا صحبة له، وإنما الصحبة لأبيه هزال: وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم لهزال: "لو سترته بثوبك" ما رواه أبو داود وغيره عن محمد بن المنكدر:

أن هزالاً أمر ماعزاً أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم.

[صحيح لغيره] وروى في موضع آخر عن يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال:

كان ماعز بن مالك يتيماً في حِجر أبي، فأصاب جارية من الحي، فقال له أبي: ائتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك.

وذكر الحديث في قصة رجمه.

واسمُ المرأةِ التي وقع عليها ماعزُ (فاطمةُ)، وقيل غير ذلك، وكانت أَمَةً لهزال".

2336 -

(5)[صحيح لغيره] وعن مكحولٍ:

أنَّ عقبة بنَ عامرٍ أتى مَسْلَمَة بنَ مُخَلَّدٍ، فكان بيْنَهُ وبينَ البوَّابِ شيْءٌ، فسمعَ صوتَهُ فأَذِنَ له فقال له: إنِّي لَمْ آتِكَ زائراً؛ جئْتُكَ لِحاجَةٍ، أتذكُر يومَ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

سقطت من الأصل ومطبوعة (عمارة) والمعلقين الثلاثة، واستدركتها من المخطوطة وسنن أبي داود (4377)، و"كبرى النسائي"(7279)، وتعقيب المؤلف عليه يؤيده.

(2)

قلت: إسناده حسن؛ على خلاف في صحبة نُعيم بن هزال، لكنه يتقوى بطرقه الأخرى، والبيان في "الصحيحة"(3460).

ص: 587

"مَنْ عَلِمَ مِنْ أخيهِ سيِّئَةً فستَرها؛ ستَر الله عليه يومَ القِيامةِ"؟

قال: نَعم.

قال: لِهذا جِئْتُ.

رواه الطبراني، ورجاله رجال "الصحيح".

2337 -

(6)[صحيح لغيره] وعن رجاء بن حَيْوةَ قال: سمعت مسلمةَ بن مُخَلَّدٍ رضي الله عنه يقول:

بينا أنا على مِصرَ فأتى البوابُ فقالَ: إن أعرابياً على الباب يستأذنُ، فقلتُ: من أنت؟ قال: أنا جابر بن عبدِ الله. قال: فأشرفتُ عليه فقلتُ: أَنْزِلُ إليك أو تصعدُ؟ قال: لا تنزلُ ولا أصعدُ، حديثٌ بلغني أنك ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستر المؤمن؛ جئتُ أسمعه.

قلتُ: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من ستر على مؤمنٍ عورةً؛ فكأنما أحيا موؤدةً". فضربَ بعيره راجعاً.

رواه الطبراني في "الأوسط" من رواية أبي سنان القسملي.

2338 -

(7)[صحيح لغيره] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من سترَ عورةَ أخيه؛ سترَ اللهُ عورتَه يوم القيامةِ، ومن كشفَ عورة أخيه المسلمِ؛ كشفَ اللهُ عورتَه حتى يفضحَه بها في بيتِهِ".

رواه ابن ماجه بإسناد حسن.

2339 -

(8)[حسن صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

صَعِد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المنبرَ فنادى بصوتٍ رفيعٍ فقال:

"يا معشرَ مَنْ أسْلَمَ بِلسانه، ولَمْ يُفضِ الإيمانُ إلى قلْبهِ! لا تُؤذوا

ص: 588

المسْلمِينَ، ولا تَتَّبِعوا عَوْراتِهمْ؛ فإنَّه مَنْ تَتَبَّعَ عوْرَةِ أخيهِ المسْلمِ؛ تَتَبَّع الله عورَتَهُ، ومَنْ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ؛ يَفْضَحُه، ولوْ في جَوْفِ رَحْلهِ".

ونَظَر ابْنُ عُمرَ يوماً إلى الكعبةِ فقال:

ما أَعْظَمَكِ! وما أعْظَم حُرْمَتكِ! والمؤِمن أعظَمُ حُرمةً عندَ اللهِ منكِ.

رواه الترمذي.

[حسن صحيح] وابن حبان في "صحيحه"؛ إلا أنَّه قال فيه:

"يا معْشرَ مَنْ أسْلَم بِلسانِه، ولَمْ يَدخُلِ الإيمانُ [في] قلْبه! لا تُؤذوا المسلمينَ ولا تُعَيِّروهُم، ولا تَطْلُبوا عَثَراتِهِمْ" الحديث.

2340 -

(9)[حسن صحيح] وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا معشرَ مَنْ آمنَ بِلسِانِه، ولَمْ يَدْخُل الإيمانُ قَلْبَهُ! لا تَغْتابوا المسلمينَ، ولا تَتَّبِعوا عَوْراتِهم؛ فإنَّه مَنْ اتَّبَع عَوْراتِهم؛ تَتَبَّعَ الله عَوْرتَهُ، ومَنْ تَتَّبعَ الله عَوْرَتهُ يَفضَحْهُ؛ في بيْتِه".

رواه أبو داود عن سعيد بن عبد الله بن جريج عنه.

2341 -

(10)[صحيح لغيره] ورواه أبو يعلى بإسناد حسن من حديث البراء.

2342 -

(11)[صحيح] وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنَّك إنِ اتَّبَعْتَ عَوْراتِ المسلمينَ أفْسَدْتَهُم، أو كِدْتَ تُفسِدُهم".

رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه".

2343 -

(12)[صحيح لغيره] وعن شُرَيح بن عُبيد عن جُبير بن نُفيرٍ وكثير بن مرة و

(1)

عمرو

(1)

كذا الأصل، وكذا في "أبي داود - الأدب"، وكذلك وقع في "المسند"(6/ 4) والمخطوطة، ووقع في "مختصر السنن" للمؤلف (4721):"عن" مكان الواو، والصواب الأول.

ص: 589

ابنِ الأسْودِ والمقدام بن معد يكربٍ وأبي أمامةَ رضي الله عنهم عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الأميرَ إذا ابْتَغى الريبَةَ في الناسِ أفْسَدَهُم".

رواه أبو داود من رواية إسماعيل بن عياش

(1)

.

(قال الحافظ) عبد العظيم:

"جبير بن نفير أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو معدود في التابعين. وكثير بن مرة نص الأئمة على أنه تابعي، وذكره عبدان في الصحابة. وعمرو بن الأسود عنسي حمصي أدرك الجاهلية، وروى عن عمر بن الخطاب ومعاذ وابن مسعود وغيرهم".

(1)

وهو ثقة في روايته عن الشاميين، وهذه منها، فالسند صحيح عن المقدام وأبي أمامة لولا انقطاع بين شريح وبينهما، وعن سائرهم مرسل. وقد أخرجه الحاكم (4/ 378) من طريق أخرى عن إسماعيل به؛ إلا أنه لم يذكر فيه عمرو بن الأسود.

ص: 590

‌4 - (الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم).

2344 -

(1)[حسن لغيره] عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"أنا آخذٌ بحُجَزِكم أقول: إياكم وجهنَّم، إياكم والحدودَ! إياكم وجهنمَ، إياكم والحدودَ! إياكم وجهنمَ، إياكم والحدودَ -ثلاث مرات-، فإذا أنا متُّ تركتكم، وأنا فرطُكم على الحوض، فمن وردَ أفلحَ" الحديث.

رواه البزار من رواية ليث بن أبي سُليم.

2345 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الله يَغارُ، وغيرةُ الله أنْ يَأتِيَ المؤمنُ ما حَرَّمَ الله عليهِ".

رواه البخاري ومسلم.

2346 -

(3)[صحيح] وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أنَّه قال:

"لأَعْلَمنَّ أقواماً مِنْ أمَّتي يأتونَ يومَ القِيامَةِ بأعْمالٍ أمثالِ جبال تِهامَةَ بَيْضاءَ، فيجعَلُها الله هَباءً مَنْثوراً".

قال ثَوْبانُ: يا رسولَ الله! صِفْهُم لنا، جَلِّهم

(1)

لنا؛ لا نكونُ منهم ونحن لا نَعْلَمُ. قال:

"أمَا إنَّهم إخْوانكم، ومِنْ جِلْدَتِكم

(2)

، ويأخذون مِن الليْلِ كما تأخذونَ، ولكنَّهم قومٌ إذا خَلَوْا بِمحارِم الله انْتَهكُوها".

رواه ابن ماجه ورواته ثقات.

(1)

الأصل والمخطوطة بالحاء؛ خلافاً لما في (ابن ماجه). وقال السندي: بالجيم من (التجلية): أي: اكشف حالهم لنا، والأول بمعناه.

(2)

بالجيم أيضاً: أي من جنسكم.

ص: 591

2347 -

(4)[صحيح لغيره] وعن النواسِ بْنِ سَمْعانَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله ضربَ مَثلاً صِراطاً مسْتَقيماً على كَنَفَي الصراط زُوران

(1)

لهما أبْوابٌ مُفتَّحةٌ، على الأبوابِ سُتورٌ، وداع يدْعو فوقَهُ:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، والأبوابُ التي على كَنَفَي الصراطِ حدودُ الله، فلا يَقَعُ أحدٌ في حدود الله حتى يُكْشَفَ السترُ، والَّذي يَدْعو مِنْ فَوْقِه واعِظُ ربَّهِ عز وجل".

رواه الترمذي من رواية بقية عن بحِير

(2)

بن سعد، وقال:

"حديث حسن غريب".

(كنفا الصراط) بالنون: جانباه.

2348 -

(5)[صحيح] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ضربَ الله مثلاً صِراطاً مُسْتقيماً، وعنْ جَنْبَتَيِ الصراطِ سُورانِ فيهما

(1)

الأصل: (داران) وكذا في المخطوطة، وبعض نسخ الترمذي، والتصويب من "الترمذي" بشرح التحفة (3514)، وقال:

"بضم الزاي تثنية (زور) أي: جداران، وفي حديث ابن مسعود عند رزين (يعني الآتي بعده): (سوران) بضم السين المهملة تثنية (سور)، والظاهر أن السين قد أبدلت بالزاي كما يقال في (الأسدي): (الأزدي) ".

قلت: والأصح في هذا الحديث (سوران)، لأنه كذلك ذكره المزِّي في "تحفة الأشراف" من رواية الترمذي، وكذلك وقع في "مسند أحمد" و"السنة" لابن نصر المروزي من طريق بقيَّة، وصرَّح هذا عندهما بالتحديث: وله عندهما طريق أخرى قريباً من الحديث بلفظ (سوران)، وكذلك أخرجه الحاكم وقال:"صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

وقد خفي هذا التحقيق كله على المعلقين الثلاثة، فأثبتوا اللفظ الأول (داران)! وضعفوا الحديث!! لجهلهم بتحديث بقية فيما يبدو، لأنهم لم يبينوا السبب!!

(2)

بكسر الحاء المهملة كما في المخطوطة و"التقريب" وغيره، وكان الأصل ومطبوعة عمارة (بجير) بالجيم!، وكذا هو في مطبوعة الثلاثة!

ص: 592

أبْوابٌ مُفَتَّحةٌ، وعلى الأبوابِ سُتورٌ مُرْخاةٌ، وعندَ رأسِ الصِراطِ داعٍ يقولُ: اسْتَقيموا على الصراطِ ولا تَعْوَجُّوا؛ وفَوْقَ ذلك داعٍ يَدْعو كلمَّا هَمَّ عبدٌ أنْ يَفْتَح شَيئاً مِنْ تلك الأبْوابِ؛ قال: وْيلَك! لا تَفْتَحْهُ، فإنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، ثُمَّ فَسَّرَهُ، فأخبر أنَّ الصِراطَ هو الإسْلامُ، وأنَّ الأبْوابَ المفَتَّحةَ محارِمُ الله، وأنَّ الستورَ المُرْخاةَ حدودُ الله، والداعي على رأسِ الصراطِ هو القرآنُ، والداعي مِنْ فوقِه هو واعِظُ الله في قلبِ كلِّ مؤمِنٍ".

ذكره رزين

(1)

، ولم أره في أصوله، إنما رواه أحمد والبزار مختصراً بغير هذا اللفظ، بإسناد حسن

(2)

.

2349 -

(6)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ يأخُذ منِّي هذه الكلمات فيعمَلُ بهِنَّ، أو يُعلِّمُ مَنْ يعمَلُ بهِنَّ؟ ".

فقال أبو هريرة: قلتُ: أنا يا رسولَ الله! فأخَذَ بيدي وعَدَّ خَمْساً، قال:

"اتَّقِ المحارِمَ تكُنْ أعْبدَ الناسِ، وارْضَ بِما قسَم الله لك تكنْ أغْنى

(1)

قلت: جزم الناجي بأن المؤلف وهم على رزين؛ تقليداً منه لابن الأثير في "جامع الأصول"، وأن رزيناً إنما ذكر حديثاً آخر لابن مسعود في ضرب الملائكة مثلاً للنبي صلى الله عليه وسلم. . . (184/ 2). وأنا أعتقد أن هذا الحديث إنما هو رواية لحديث النواس قبله، فإنه مشابه جداً للفظه من طريق أخرى عند الحاكم (1/ 73) وأحمد (4/ 182) والطحاوي في "مشكل الآثار". وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وقد خبط هنا الثلاثة المعلقون خبطات عشواء، ففي الوقت الذي عزوه لأحمد والحاكم، أوهموا أنَّه عندهما عن ابن مسعود! ثم نقلوا عن الحاكم أنه حكى عن الشيخين أنهما تركاه! وإنما قال هذا في حديث آخر عقب هذا! ثم قالوا:"وقال الذهبي: على شرط مسلم ولا علة له". وهذا هو قول الحاكم نفسه في حديثنا هذا، فقد زاغ بصرهم عندما نقلوا عن الحاكم إلى الحديث الآخر، وحينما نقلوا عن الذهبي إلى الحديث الأول! وسببه العجلة وتسويد السطور فقط، وإن مما يلفت النظر، أن الحديث الأول عند الحاكم في ثمانية أسطر، والآخر في أربعة!!!

(2)

قلت: كأنه يشير إلى حديث ابن مسعود: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً ثم قال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً. . . الحديث، فإنَّه رواه أحمد (1/ 434)، والبزار (3/ 49/ 2210 - كشف الأستار)، وسنده حسن، وهو في "المشكاة"(رقم - 166).

ص: 593

الناسِ، وأحْسِنْ إلى جارِكَ تكُنْ مُؤْمِناً، وأَحِبَّ لِلناسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِك تكُنْ مسْلِماً، ولا تُكثرِ الضَّحِكَ! فإنَّ كثْرةَ الضَّحِكَ تُميتُ القلْبَ".

رواه الترمذي. وقال:

"حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان، والحسن لم يسمع من أبي هريرة".

ورواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما من حديث واثلة عن أبي هريرة.

وتقدم في هذا الكتاب أحاديث كثيرة جداً في فضل التقوى، ويأتي أحاديث أخر. والله أعلم.

ص: 594

‌5 - (الترغيب في إقامة الحدود، والترهيب من المداهنة فيها).

2350 -

(1)[حسن لغيره] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لَحَدٌّ يقامُ في الأرضِ؛ خيرٌ لأَهْل الأرْضِ مِنْ أنْ يُمْطَروا ثلاثينَ صباحاً".

[صحيح] وفي رواية: قال أبو هريرة:

"إقامَةُ حَدٍّ في الأرضِ؛ خيرٌ لأَهْلِها مِنْ مطرِ أرْبعينَ ليلةً".

[حسن لغيره] رواه النسائي هكذا مرفوعاً وموقوفاً، وابن ماجه، ولفظه:

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"حدٌّ يُعْمَلُ بهِ في الأرْض؛ خيرٌ لأَهْلِ الأرضِ مِنْ أنْ يُمْطَروا أرْبَعين صباحاً".

[حسن لغيره] وابن حبان في "صحيحه"، ولفظه:

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إقامةُ حدٍّ بأرضٍ، خيرٌ لأَهْلِها مِنْ مطرٍ أرْبَعينَ صباحاً".

2351 -

(2)[حسن لغيره] وروى ابن ماجه أيضاً عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إقامة حدٍّ من حدودِ اللهِ؛ خيرٌ من مَطَرِ أربعينَ ليلةً في بلادِ اللهِ".

2352 -

(3)[حسن لغيره] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في اللهِ لومةَ لائمٍ".

رواه ابن ماجه، ورواته ثقات؛ إلا أن ربيعة بن ناجد

(1)

لم يروِ عنه إلا أبا صادق

(1)

بالنون والجيم المكسورة والذال المعجمة، كذا قال الناجي، وبالمعجمة وقع في "التبصير"؛ خلافاً لـ "التهذيب" و"التقريب"، وغيرهما، فإنه وقع فيهما بالمهملة. وقال في "الخلاصة":"بجيم ثم مهملة". وكذا وقع في الأصل والمخطوطة. والله أعلم.

ص: 595

فيما أعلم

(1)

.

2353 -

(4)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها:

أنَّ قريشاً أهَمَّهُم شأنُ المخْزُومِيَّةِ التي سَرَقَتْ، فقالوا: مَنْ يُكلِّم فيها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ ثُمَّ قالوا: مَنْ يَجْتَرِئُ عليه إلا أُسامة بنَ زَيْدٍ حِبَّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلَّمَهُ أسامَةُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"يا أسامةُ! أتشْفَعُ في حدٍّ مِنْ حدودِ الله؟! "! ثمَّ قام فاخْتَطَبَ؛ فقال:

"إنَّما هَلكَ الذين مِنْ قَبْلكُمْ أنَّهُمْ كانوا إذا سرَقَ فيهمُ الشريفُ تَركُوهُ، وإذا سرَق فيهِمُ الضعيفُ أقاموا عليهِ الحَدَّ، وايْمُ الله! لوْ أنَّ فاطمَةَ بنْتَ مُحَّمدٍ سرقَتْ لَقَطَعْتُ يَدها".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

2354 -

(5)[صحيح] وعن النعمانِ بْنِ بشيرٍ رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مثَلُ القائمِ على

(2)

حدودِ الله والواقع فيها، كمَثل قومٍ اسْتَهموا على سَفينَةٍ، فأصابَ بعضُهم أعْلاها وبعضُهم أسْفَلها، فكانَ الَّذَينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقُوا مِنَ الماءِ مَرّوا على مَنْ فَوْقَهَم، فقالوا: لوْ أنَّا خَرقْنا في نصيبنا خَرْقاً، ولَمْ نُؤْذِ مَنْ فوْقَنا، فإنْ تَركوهُم وما أرادوا هلَكوا جميعاً، وإنْ أخَذوا على أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعاً".

رواه البخاري -واللفظ له-، والترمذي وغيره.

وتقدمت أحاديث في الشفاعة المانعة من حدّ من حدود الله تعالى.

(1)

قلت: وهذا معناه أنه مجهول العين، ولذا قال الذهبي:"لا يعرف". وأما الحافظ فقال: "ثقة"! ولا سلف له فيه إلا ابن حبان والعجلي.

(2)

الأصل: (في)، وكذا في مطبوعة عمارة والمعلقين الثلاثة، وهو خطأ، انظر التعليق على هذا الحديث وقد تقدم هنا (في الباب الأول).

ص: 596

6 -

(الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها، والتشديد في ذلك، والترغيب في تركه والتوبة منه).

2355 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يَزني الزَّاني حينَ يَزْني وهو مؤمِنٌ، ولا يسْرِقُ السارِقُ حينَ يسرِقُ وهو مؤمِنٌ، ولا يشرَبُ الخمرَ حينَ يشْرَبُها وهو مؤمِنٌ".

رواه البخاري والترمذي والنسائي، وزاد مسلم في رواية وأبو داود بعد قوله:"ولا يشرَبُ الخمرَ حينَ يشْرَبُها وهو مؤمِنٌ":

"ولكنَّ التوبَة معروضَةٌ بَعْدُ".

2356 -

(2)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لَعنَ الله الخمرَ وشارِبَها، وساقِيَها، ومُبْتاعَها، وبائعَها، وعاصِرَها، ومُعْتَصِرَها، وحامِلَها، والمحمولَة إلَيْهِ".

[صحيح] رواه أبو داود واللفظ له، وابن ماجه وزاد:

"وآكلَ ثَمنِها".

2357 -

(3)[حسن صحيح] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال:

"لعَن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الخمرِ عَشَرةً: عاصرَها، ومُعتَصِرَها، وشاربَها، وحامِلَها، والمحمولةَ إليه، وساقِيَها، وبائعَها، وآكِلَ ثَمنِها، والمشترِيَ لَها، والمشتَرى لَهُ".

رواه ابن ماجه، والترمذي واللفظ له، وقال:

"حديث غريب".

(قال الحافظ): "ورواته ثقات".

ص: 597

2358 -

(4)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الله حرَّم الخمرَ وثَمنَها، وحرَّم الميتةَ وثَمنَها، وحرَّم الخنزيرَ وثمنَه".

رواه أبو داود وغيره.

2359 -

(5)[صحيح] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لعنَ الله اليهودَ ثلاثاً، إنَّ الله حرَّم عليهمُ الشحومَ؛ فباعوها، فأكَلوا أثْمانَها، إنَّ الله إذا حرَّم على قوْمٍ أكْلَ شيءٍ حرَّم عليهم ثمنَه".

رواه أبو داود.

2360 -

(6)[صحيح] عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"أتاني جبريلُ فقال: يا محمَّدُ! إنَّ الله لَعن الخمرَ، وعاصرَها، ومعتصرَها، وشاربَها، وحاملَها، والمحمولةَ إليه، وبائعَها، ومبتاعَها، وساقيها، ومُسقاها".

رواه أحمد بإسناد صحيح، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

[صحيح لغيره] وتقدم في "باب الحمام"[4 - الطهارة/ 5] حديث ابن عباس عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ كان يُؤمِنُ بالله واليوم الآخر فلا يشربِ الخمرَ، مَنْ كان يؤمِنُ بالله واليوم الآخِرِ فلا يجْلِسْ على مائدةٍ يُشْرَبُ عليها الخمرُ" الحديث.

رواه الطبراني.

2361 -

(7)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كلُّ مُسْكِرٍ خمرٌ، وكل مسكرٍ حرامٌ، ومَنْ شرِبَ الخمرَ في الدنيا، فماتَ وهو يُدمِنُها؛ لَمْ يشْرَبْها في الآخرة".

ص: 598

رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي.

[صحيح] والبيهقي، ولفظه في إحدى رواياته:

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ شربَ الخمرَ في الدنيا ولَمْ يتُبْ؛ لَمْ يشرَبْها في الآخرة وإنْ دَخلَ الجنَّةَ".

[صحيح] وفي رواية لمسلم قال:

"مَنْ شرِبَ الخمرَ في الدنيا، ثُمَّ لَمْ يتُبْ منها؛ حُرِمَها في الآخرةِ".

(قال الخطابي) ثم البغوي في "شرح السنة":

"وفي قوله: "حُرِمَها في الآخرة" وعيدٌ بأنَّه لا يدخلُ الجنَّةَ؛ لأنَّ شَرابَ أهْلِ الجنَّةِ خمرٌ إلا أنَّهُم {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ}، ومَنْ دخَل الجنَّة لا يُحْرَمُ شرابَها"

(1)

انتهى.

2362 -

(8)[حسن لغيره] وفي رواية لابن حبان [يعني في حديث أبي موسى]: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يدخُلُ الجنَّةَ مُدمِنُ خمرٍ، ولا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ، ولا قاطعُ رَحِمٍ".

2363 -

(9)[صحيح لغيره] وعن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يَلجُ حائطَ القُدُسِ مُدمِنُ خَمْرٍ، ولا العاقُّ، ولا المنّانُ عطاءَهُ".

رواه أحمد من رواية علي بن زيد

(2)

، والبزار؛ إلا أنه قال:

(1)

قلت: يرد هذا زيادة البيهقي أعلاه، وهي زيادة ثابتة كما بينته في "الصحيحة"(2634)، ويشهد لها حديث أبي سعيد الذي ذكرته في التعليق على الحديث الأول من (18 - اللباس/ 5).

وقد ذهب إلى القول بها بعض الصحابة والعلماء. انظر "فتح الباري"(10/ 26 - 27).

(2)

قلت: هو ابن جدعان، ضعيف، وقال البزار:"لا نعلم رواه عنه إلا محمد بن عبد الله العمّي".

قلت: وهو لين الحديث كما في "التقريب". لكن له شاهد جيد تراه في "الصحيحة"(674).

ص: 599

"لا يَلِجُ جِنانَ الفِرْدَوْسِ".

2364 -

(10)[صحيح لغيره] وعن ابن المنكدر قال: حُدِّثْتُ عنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مُدْمِنُ الخمرِ إنْ ماتَ لَقي الله كعابِد وَثَنٍ".

رواه أحمد هكذا، ورجاله رجال "الصحيح".

[صحيح لغيره] ورواه ابن حبان في "صحيحه" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ لَقِيَ الله مُدْمِنَ خَمرٍ؛ لَقِيَهُ كعابِدِ وَثَنٍ".

2365 -

(11)[صحيح موقوف] وعن أبي موسى رضي الله عنه؛ أنه كان يقول:

ما أُبالي شربْتُ الخمرَ أو عبدتُ هذه السارِيَةَ [من] دونِ الله [عز وجل].

رواه النسائي.

2366 -

(12)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثةٌ قد حرَّمَ الله تبارك وتعالى عليهم الجنةَ: مدمنُ الخمرِ، والعاقُّ، والدّيّوثُ الذي يُقرّ في أهله الخَبَثَ".

رواه أحمد -واللفظ له-، والنسائي والبزار، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

(1)

2367 -

(13)[صحيح لغيره] وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثةٌ لا يدخلون الجنةَ. . . . . . (*): الدّيّوثُ، والرَّجُلَةُ من النساء، ومدمنُ الخمرِ".

قالوا: يا رسول الله! أمَّا مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديّوث؟ قال:

(1)

قد صح بلفظ آخر، فانظر "الصحيحة"(674).

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: مكان النقط (أبدا)، وحذفها الشيخ من هذا [الصحيح]، فقد ضعّفها، ولم يشر إليها في [الضعيف]، نبّه على ذلك الشيخ مشهور في طبعته

ص: 600

الذي لا يبالي من دخلَ على أهله".

قلنا: فما الرَّجُلَةُ من النساءِ؟ قال:

"التي تَشَبَّهُ بالرجال".

رواه الطبراني، ورواته لا أعلم فيهم مجروحاً، وشواهده كثيرة. [مضى 18 - اللباس/ 6 آخره].

2368 -

(14)[حسن لغيره] وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"اجْتَنِبوا الخَمْرَ؛ فإنَّها مِفْتاحُ كلِّ شَرٍّ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

(1)

2369 -

(15)[حسن لغيره] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:

"أوْصاني خليلي صلى الله عليه وسلم: أنْ لا تُشْرِكْ بالله شيْئاً وإنْ قُطِّعْتَ، وإنْ حُرِّقْتَ، ولا تَتْرُكْ صَلاةً مكتوبةً مُتَعَمِّداً، فَمَنْ تَركَها مُتَعمِّداً فقد بَرِئتْ منهُ الذِّمَّة، ولا تشْربِ الخمرَ؛ فإنَّها مِفتاحُ كلِّ شَرٍّ".

رواه ابن ماجه والبيهقي؛ كلاهما عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عنه.

2370 -

(16)[صحيح] وعن سالم بن عبد الله عن أبيه:

أن أبا بكر وعمر وناساً جلسوا بعد وفاةِ النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا أعْظمَ الكبائِر، فلَمْ يكنْ عندهُمْ فيها علمٌ [ينْتَهونَ إليه]، فأرسَلوني إلى عبدِ الله بنِ عَمْروٍ أسألُه [عن ذلك]، فأخْبَرني أنَّ أعْظَمَ الكبائر شُرْبُ الخمرِ. فأتَيْتهم

(1)

قلت: ووافقه الذهبي، وفيه نظر لما يأتي، وتعقبه الثلاثة بقولهم:"قلنا (!): فيه عبد العزيز بن محمد الدراوردي؛ ضعيف"! وهذا جهل فاضح، فالرجل ثقة من رجال مسلم، وفيه كلام يسير لا يضر، والعلة من الراوي عنه (نعيم بن حماد)، لكنْ يشهد له الحديث الذي بعده، وقد حسنه الثلاثة! والبالغ غفلتهم لم يعتبروه شاهداً لحديث الدراوردي الذي ضعفوه!!

ص: 601

فأخْبَرْتُهم، فأنْكروا ذلك، وَوَثبوا إليه جمِيعاً

(1)

حتى أتَوْه في دارِه، فأخْبَرهُم أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ مَلِكاً مِنْ مُلوكِ بني إسرائيلَ أخَذَ رجلاً فَخيَّرهُ بينَ أنْ يَشْرَبَ الخَمْرَ، أوْ يَقْتُلَ نَفْساً، أو يَزْنيَ، أو يأْكُلَ لَحْمَ خِنْزيرٍ، أوْ يَقْتُلوه [إنْ أبى]. فاخْتارَ الخمْرَ، وإنَّه لمَّا شَرِبَ الخمرَ لَمْ يَمْتَنعْ مِنْ شَيءٍ أرادوه مِنْه".

وأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لنا [حينئذ]:

"ما مِنْ أحدٍ يشرَبُها فتُقْبَلُ له صَلاةٌ أربعينَ ليلةً، ولا يموتُ وفي مَثْناتِهِ منه شَيْءٌ إلا حُرِّمَتْ بِها عليه الجَنَّةُ، فإنْ ماتَ في أربعين ليلةً؛ ماتَ ميتةً جاهِليّةً".

رواه الطبراني بإسناد صحيح، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

2371 -

(17)[صحيح] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال:

لما حُرِّمتِ الخمرُ مشى أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بعضُهم إلى بعضٍ، وقالوا: حرِّمَتِ الخمرُ، وجُعِلَتْ عِدْلاً لِلشِّرْكِ.

رواه الطبراني ورجاله رجال "الصحيح".

2372 -

(18)[صحيح لغيره] وعن أبي تميم الجيشاني؛ أنه سمع قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري -وهو على مصر- يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من كذبَ عليّ كذبةٌ متعمداً؛ فليتبوأ مضجعاً من النار، أو بيتاً في جهنم".

(1)

الأصل: "شيعاً"، والتصحيح من المخطوطة والطبراني والحاكم، والسياق له، والزيادات للطبراني، وقد خرجته في "الصحيحة"(2695).

ص: 602

. . . .

(1)

.

وسمعت عبد الله بن عَمروٍ بعد ذلك يقول مثله، لم يختلف إلا في "بيتٍ أو مضجع".

رواه أحمد وأبو يعلى؛ كلاهما عن شيخٍ من حمير لم يسمياه عن أبي تميم.

2373 -

(19)[صحيح لغيره] وعن جابرٍ رضي الله عنه:

أنَّ رجلاً قَدِم مِنْ جَيْشانَ -وجَيْشانُ مِنَ اليمَنِ- فسألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عنْ شرابٍ يشرَبونَهُ بأرضِهم مِنَ الذُّرةِ يقال له: (المِزْرُ)؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أوَ مُسكِرٌ هو؟ ".

قال: نَعم. قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كُلُّ مسْكِرٍ حرامٌ، وإنَّ عند الله عَهْداً لِمَنْ يشرَبُ المسْكِرَ أنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طينَةِ الخَبالِ".

قالوا: يا رسولَ الله! وما طينَةُ الخَبال؟ قال:

"عَرَقُ أهْلِ النارِ، أو عُصارَةُ أهلِ النارِ".

رواه مسلم والنسائي.

2374 -

(20)[صحيح] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال:

"ثلاثَةٌ لا تقْرَبُهم الملائكةُ: الجُنُبُ، والسكْرانُ، والمتضَمِّخُ بالخَلُوقِ".

رواه البزار بإسناد صحيح. [مضى 4 - الطهارة/ 6].

(1)

هنا في الأصل قوله: "وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شرب الخمر أتى عطشاناً يوم القيامة. . ."، فحذفتها لعدم وجود شاهد لها.

ص: 603

2375 -

(21)[صحيح لغيره] وعن أنسٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ تركَ الخمرَ وهو يقدِرُ عليه؛ لأَسْقِيَّنهُ منه في حظيرَةِ القُدُسِ

(1)

، ومَنْ تركَ الحريرَ وهو يقدرُ عليه؛ لأكْسُوَنَّهُ إيَّاه في حظيرَةِ القُدُسِ".

رواه البزار بإسناد حسن. [مضى 18 - اللباس/ 5].

2376 -

(22)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ سرَّه أنْ يَسْقِيَهُ الله الخمرَ في الآخِرَةِ؛ فلْيَتْرُكْها في الدنيا، ومَنْ سرَّهُ أنْ يَكْسُوَهُ الله الحريرَ في الآخرة؛ فلْيَتْرُكْهُ في الدنيا".

رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات؛ إلا شيخه المقدام بن داود، وقد وثق، وله شواهد.

2377 -

(23)[حسن لغيره] ورُوي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"والذي نفسي بيده لَيَبيتَنَّ أناسٌ من أمتي على أشَرٍ وبَطَرٍ، ولَعِبٍ ولهوٍ، فيصبحوا قردةً وخنازير باستحلالهِمُ المحارمَ، واتخاذِهِمُ القَيْنَاتِ، وَشُربهُمُ الخمرَ، وبأكلِهمُ الربا، ولبسِهم الحريرَ".

رواه عبد الله بن الإمام أحمد في "زوائده".

وتقدم حديث أبي أمامة في معناه [في "الضعيف" / 6 - باب/ الحديث الثالث].

2378 -

(24)[صحيح لغيره] وعن أبي مالكٍ الأشعري رضي الله عنه؛ أنَّه سَمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"يشربُ ناسٌ مِنْ أُمَّتي الخمرَ، يُسَمُّونَها بغيرِ اسْمها، يُضرَبُ على رؤوسِهم بالمعازِفِ والقَيْناتِ، يَخسِفُ الله بِهمُ الأرْضَ، ويجْعَلُ الله منهم القِردَةَ والخنازيرَ".

(1)

انظر تفسيره في التعليق المتقدم هناك.

ص: 604

رواه ابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه".

2379 -

(25)[حسن لغيره] وعن عمران بن حصين رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"في هذه الأمة خسفٌ ومسخٌ وقذف".

قال رجل من المسلمين: يا رسول الله! متى ذلك؟ قال:

"إذا ظهرتِ القيانُ والمعازفُ، وشُربتِ الخمور".

رواه الترمذي من رواية عبد الله بن عبد القدوس؛ وقد وثّق، وقال:

"حديث غريب".

وقد رُوي عن الأعمش عن عبد الرحمن بن سابط مرسلاً.

2380 -

(26)[حسن صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ ماتَ مِنْ أمَّتي وهو يشربُ الخمر؛ حرَّمَ الله عليه شُرْبَها في الجنَّةِ، ومَنْ ماتَ مِنْ أُمَّتي وهو يتَحلَّى الذهبَ؛ حرَّمَ الله عليه لباسَهُ في الجنَّةِ".

رواه أحمد والطبراني، ورواة أحمد ثقات. [مضى 18 - اللباس/ 5].

2381 -

(27)[صحيح] وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ شَرِبَ الخمرَ فاجْلدوهُ، فإنْ عاد في الرابِعَةِ فاقْتُلوهُ".

رواه الترمذي.

[حسن صحيح] وأبو داود، ولفظه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا شرِبوا الخمرَ فاجْلِدُوهُمْ، ثمَّ إنْ شَرِبوا فاجْلِدوهُمْ، ثُمَّ إنْ شَرِبوا فاجْلِدُوهُم، ثُمَّ إنْ شَرِبوا فاقْتُلوهُمْ".

رواه ابن حبان في "صحيحه" بنحوه.

2382 -

(28)[صحيح](*) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا سَكِرَ فاجْلِدُوه، ثُمَّ إذا سَكِرَ فاجْلِدوهُ، ثُمَّ إذا سَكِرَ فاجْلِدُوهُ، فإنْ

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: سقط هذا الحكم من المطبوع، وأثبته الشيخ مشهور في طبعته للترغيب، وقال:«استدركناه من أصول الشيخ - رحمه الله تعالى-»

ص: 605

عادَ في الرابِعَةِ فاقْتُلوهُ".

رواه أبو داود، والنسائي وابن ماجه وعندهما:

"فإنْ عادَ الرابِعَةَ فاضْرِبوا عُنُقَهُ".

(قال الحافظ):

"قد جاء قتل شارب الخمر في المرة الرابعة من غير ما وجه صحيح، وهو منسوخ. والله أعلم

(1)

".

2383 -

(29)[صحيح لغيره] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ شَرِبَ الخمرَ لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أربعينَ صباحاً، فإنْ تاب تابَ الله عليه، فإنْ عادَ لَمْ تُقْبَلْ له صلاةٌ أربعين صباحاً، فإنْ تابَ تابَ الله عليه، فإنْ عادَ لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أربعين صباحاً، فإنْ تابَ تابَ الله عليه، فإنْ عادَ في الرابِعَةِ لَمْ تقْبَلْ له صَلاةٌ أربعينَ صباحاً، فإنْ تابَ لَمْ يَتُبِ الله عليه

(2)

، وغَضِبَ الله عليه وسقَاهُ مِنْ نَهْرِ الخَبالِ"

(3)

.

قيل: يا أبا عبد الرحمن! وما نهر الخبال؟ قال:

(1)

قال الترمذي في "كتاب العلل": "أجمع الناس على تركه، أي أنه منسوخ. وقيل مؤول بالضرب الشديد"، وبسط السيوطي الكلام في حاشية الترمذي، وقصد به إثبات أنه ينبغي العمل به. والله أعلم. كذا في هامش الأصل.

قلت: وهو كما قال السيوطي، ولا دليل ينهض على النسخ، وكل ما استدلوا به إنما هي روايات من فعله صلى الله عليه وسلم أنه لم يقتل. ومع أنه ليس فيه ما يصح كما كنت بينته في التعليق على "الروضة الندية"، فإنه إن صح منها شيء فهي لا تسخ أصل مشروعية القتل، وإنما تنسخ الوجوب، وإلى ذلك مال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(7/ 483)، فليراجعه من شاء.

(2)

قلت: وسبب ذلك -والله أعلم- أن توبته ليست توبة صادقة بدليل نقضه إياها كل هذه المرات، ونظيره قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} . وراجع له "مرقاة المفاتيح"(كتاب الحدود).

(3)

(الخبال) بفتح الخاء المعجمة: الفساد، ويكون في الأفعال والأبدان والعقول، وجاء هنا مفسراً بصديد أهل النار.

ص: 606

"نهر يجري من صديد أهل النار".

رواه الترمذي وحسنه. والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

[صحيح] ورواه النسائي موقوفاً عليه مختصراً، ولفظه:

"مَنْ شَرِبَ الخمرَ فَلمْ يَنْتَشِ؛ لَمْ تُقْبَلْ له صلاةٌ ما دامَ في جَوْفِهِ أو عُروقِه مِنْها شَيْءٌ، وإنْ ماتَ ماتَ كافِراً، وإنِ انْتَشى

(1)

؛ لَمْ تُقْبَلْ له صلاةٌ أرْبعين يوماً، وإنْ ماتَ فيها؛ ماتَ كافِراً".

2384 -

(30)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَن شَرِبَ الخمرَ فسَكِرَ؛ لَمْ تُقْبَلْ له صلاةٌ أربَعينَ صباحاً، فإنْ ماتَ دخَلَ النارَ، فإنْ تابَ تابَ الله عليه، فإنْ عادَ فشرِب فسَكِرَ؛ لَمْ تُقْبَلْ له صلاةٌ أربعينَ صباحاً، فإنْ ماتَ دخَلَ النارَ، فإنْ تابَ تابَ الله عليه، فإنْ عادَ فشرِبَ فسَكِرَ؛ لَمْ تُقْبَلْ له صلاةٌ أربعينَ صباحاً، فإنْ ماتَ دخَل النارَ، فإن تابَ تابَ الله عليهِ، فإنْ عادَ الرابِعَةَ؛ كان حقّاً على الله أنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبالِ يومَ القِيامَة".

قالوا: يا رسولَ الله! وما طينَةُ الخَبالِ؟ قال:

"عُصارَةُ أهلِ النارِ".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

[صحيح] ورواه الحاكم مختصراً ببعضه قال:

"لا يشرَبُ الخمرَ رجلٌ مِنْ أمَّتي فَتُقْبَلُ له صلاةٌ أرْبعين صباحاً".

وقال: "صحيح على شرطهما"

(2)

.

(1)

(الانتشاء) أول السكر ومقدماته. وقيل هو السكر نفسه، والظاهر أن المراد به السكر هنا.

(2)

كذا قال، ووافقه الذهبي! وهو خطأ لأنه من رواية ابن الديلمي عن ابن عمرو واسمه عبد الله بن فيروز، وهو ثقة لكن لم يخرج له الشيخان. ومن طريقه رواه ابن حبان (1378)، =

ص: 607

2385 -

(31)[حسن] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ ترك الصلاةَ سُكْراً مرَّةً واحدَةً؛ فكأنَّما كانَتْ له الدنيا وما عَلْيها فَسُلِبَها، ومَنْ تركَ الصلاةَ أرْبعَ مرّاتٍ سُكْراً؛ كان حقّاً على الله أنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طينَةِ الخَبالِ".

قيل وما طينةُ الخَبالِ؟ قال:

"عُصارَةُ أهلِ جَهنَّمَ".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

وروى أحمد منه:

"مَنْ تركَ الصلاةَ سُكْراً مرَّةً واحِدةً؛ فكأَنّما كانَتْ له الدنيا وما علَيْها فَسُلِبَها

(1)

".

ورواته ثقات.

2386 -

(32)[حسن لغيره] وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا استحلَّتْ أمتي خمساً فعليهمُ الدمارُ: إذا ظهرَ التلاعنُ، وشربوا الخمورَ، ولبسوا الحريرَ، واتخذوا القيان، واكتفى الرجالُ بالرجالِ، والنساءُ بالنساءِ".

رواه البيهقي، وتقدم في لبس الحرير [18 - اللباس/ 5].

= وكذلك رواه الحاكم أيضاً (1/ 30 و 257) بتمامه، وكذا أحمد (2/ 189) من طريق أخرى عن ابن عمرو به؛ وزاد:"فإن تاب لم يتب الله عليه وكان حقاً. . ." إلخ. وسنده صحيح، وكذلك رواه البزار (ق 277/ 1) وقال الحاكم (4/ 146):"صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي.

(1)

قلت: بل هو عند أحمد (2/ 178) بتمامه مثل رواية الحاكم. وهو مخرج في "الصحيحة"(3419)، وقد رددت هناك على الجهلة الثلاثة الذين أبوا أن يحسنوا إسناده، وحسنوه لشواهده -زعموا- ولا شاهد له، ثم لم يذكروه في كتابهم التجاري الجديد الذي أسموه "تهذيب الترغيب والترهيب من الأحاديث الصحاح"! يعنون الضعاف!! فافهم، وانتبه لجهلهم حتى بلغتهم!

ص: 608

‌7 - (الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمُغِيبَة. والترغيب في حفظ الفرج).

2387 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يَزْني الزاني حينَ يزْني وهو مؤمِنٌ، ولا يسْرق السارِقُ حين يسرِقُ وهو مؤمِنٌ، ولا يشرَبُ الخمرَ حين يشرَبُها وهو مؤمِنٌ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

(1)

2388 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يَحِلُّ دمُ امْرئٍ مسلمٍ يشهدُ أنْ لا إله إلا الله، وأنِّي رسولُ الله؛ إلا بإحْدى ثلاثٍ: الثيِّبُ الزاني، والنفْسُ بالنفْسِ، والتارِكُ لدينِه؛ المفارِقُ لِلْجَماعَةِ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

2389 -

(3)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يَحِلُّ دمُ امْرئٍ مسلمٍ يشهد أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّداً رسولُ الله، إلا في إحْدى ثلاثٍ: زِناً بعدَ إحْصانٍ؛ فإنَّه يُرْجَمُ، ورجلٌ خرَج محارِباً لله ولِرَسولِه؛ فإنَّه يُقْتَل أو يُصْلَبُ أوْ يُنْفَى مِنَ الأرْضِ، أو يَقتل نَفْساً فيُقْتَلُ بها".

رواه أبو داود والنسائي.

(1)

هنا في الأصل: "وزاد النسائي في رواية: فإذا فعل ذلك خلع ربقة الإسلام من عنقه، فإنْ تاب؛ تاب الله عليه"، فحذفتها لنكارتها وتفرد يزيد بن أبي زياد القرشي بها، وهو سيئ الحفظ. وكان الأولى أنْ يقال: وزاد الشيخان في رواية: "والتوبة معروضة بعد". انظر "الصحيحة"(3000).

ص: 609

2390 -

(4)[حسن] وعن عبد الله بن زيدٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"يا نَعايا العربِ! يا نَعايا

(1)

العرب! إنَّ أخْوَفُ ما أخافُ عليكُم الزِّنا، والشهوةَ الخَفِيّةَ".

رواه الطبراني بإسنادين أحدهما صحيح، وقد قيّده بعض الحفاظ (الريا) بالراء والياء

(2)

.

2391 -

(5)[صحيح] وعن عثمان بن أبي العاصي رضي الله عنهما عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"تُفْتَحُ أبوابُ السماءِ نصْفَ الليْلِ، فينادي مُنادٍ: هلْ مِنْ داعٍ فيُسْتَجابَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ سائلٍ فَيُعْطى؟ هَلْ مِن مَكروبٍ فيُفَرَّجَ عَنْهُ؟ فلا يَبْقَى مسلمٌ يدْعو بدَعْوَةٍ؛ إلا اسْتَجابَ الله عز وجل لَه، إلا زانِيةً تَسْعَى بِفَرْجِها أوْ عَشَّاراً".

رواه أحمد، والطبراني واللفظ له. [مضى 8 - الصدقات/ 3].

2392 -

(6)[صحيح] وعن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"رأيتُ الليلةَ رجلَيْنِ أتَياني فأخْرَجاني إلى أرضٍ مقدَّسَةِ" -فذكر الحديث إلى أن قال:-

(1)

قَال الزمخشري في (نعايا) ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون جمع (نَعيّ)، وهو المصدر، كصَفيّ وصفايا.

والثاني: أن يكون اسم جمع كما جاء في (أخية) أخايا.

والثالث: أن يكون جمع (نعاء) التي هي اسم الفعل، والمعنى: يا نعايا العرب جئن فهذا وقتكن وزمانكن، يريد أن العرب قد هلكت. كذا في "لسان العرب". وكان في الأصل "بغايا" في الموضعين! فصححته من المخطوطة وغيرها.

(2)

قلت: وهو الصواب كما بينته في "الصحيحة" برقم (508). ووقع في طبعة الثلاثة (الزنا) بالزاي والنون!

ص: 610

"فانطلَقْنا إلى ثُقب مثلث التَّنُّورِ أعلاهُ ضَيِّقٌ، وأسفَلُه واسعٌ، يتَوقَّدُ تحتَه ناراً، فإذا ارْتَفَعَتِ ارْتَفعوا حتَّى كادوا أنْ يَخْرَجُوا، وإذا خَمَدَت رَجَعوا فيها، وفيها رِجالٌ ونساءٌ عُراةٌ" الحديث.

وفي رواية:

"فانْطلَقْنا على مثلِ التَّنُّورِ -قال: فأَحْسبُ أنَّه كانَ يقولُ:- فإذا فيه لَغَطٌ وأصْواتٌ، قال: فاطَّلَعْنا فيه، فإذا فيهِ رِجالٌ ونِساءٌ عُراةٌ، وإذا هُمْ يأتيهِم لَهَبٌ مِنْ أسْفَلَ مِنْهُم، فإذا أتاهُم ذلك اللَّهَبُ ضوضوا" الحديث، وفي آخره:

"وأما الرِّجالُ والنساءُ العُراةُ الذين هم في مثْلِ بناءِ التَّنُّورِ، فإنَّهمُ الزُّناةُ والزَّواني".

رواه البخاري، وتقدم بطوله في "ترك الصلاة"[5 - الصلاة/ 40 آخره].

(1)

2393 -

(7)[صحيح] وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"بينا أنا نائمٌ أتاني رجُلانِ فأخذا بضَبْعيَّ، فأتيا بي جَبَلاً وعراً، فقالا: اصْعَدْ. فقلتُ: إنِّي لا أُطيقُه. فقالا: إنّا سنُسَهِّلُه لك. فصعَدْتُ حتَّى إذا كنتُ في سواءِ الجَبَلِ، فإذا أنا بأصْواتٍ شديدةٍ، فقلتُ: ما هذه الأصواتُ؟ قالوا: هذا عُواءُ أهلِ النارِ.

ثُمَّ انْطَلقَ بي، فإذا أنا بقومٍ مُعَلَّقينَ بعَراقيبِهمْ، مُشَقَّقَةٍ أشْداقُهمُ تسيلُ أشْداقهم دَماً. قال: قلتُ: مَنْ هؤلاء؟ قيلَ: هؤلاء الذين يُفَطِرونَ قَبْل تَحِلَّةِ صوْمِهِمْ. فقالَ: خابَتِ اليهودُ والنَصارى -فقال سليم: ما أدْري أسَمِعَهُ أبو أُمامةَ مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمْ شيْءٌ مِنْ رَأْيِهِ-

(1)

قلت: وإنما تقدم بالرواية الأخرى دون الأولى. وهذه عند البخاري في آخر "الجنائز"(رقم 1386 - فتح الباري). أما الجهلة الثلاثة فاكتفوا بالإحالة إلى ما تقدم!

ص: 611

ثمَّ انْطلقَ بي، فإذا أنا بقومٍ أشدَّ شيءٍ انْتِفاخاً، وأنْتنهُ ريحاً، وأسوأُهُ مَنْظراً. فقلتُ: مَنْ هؤلاءِ؟ فقال: هؤلاءِ قَتْلى الكُفَّارِ.

ثُمَّ انْطلَق بي، فإذا أنا بقَوْمٍ أشدَّ شيءٍ انْتفاخاً، وأنْتَنُه ريحاً، كأنَّ ريحَهُم المراحيضُ. قلتُ: مَنْ هؤلاءِ؟ قَال: هؤُلاءِ الزانونَ والزواني.

ثُمَّ انْطلَق بي، فإذا أنا بِنساءٍ تَنْهَشُ ثَدْيَهُنَّ الحيَّاتُ. قلتُ: ما بالُ هؤلاءِ؟

قيلَ: هؤلاءِ يَمْنَعْنَ أوْلادَهُنَّ ألبانَهُنَّ.

ثُمَّ انْطلَق بي، فإذا أنا بِغِلْمانٍ يَلْعَبون بينَ نهْرَيْنِ. قلتُ: مَنْ هؤلاءِ؟

قيل: هؤلاء ذَراري المؤمنينَ.

ثُمَّ شَرُفَ بي شَرَفاً، فإذا أنا بثَلاثًةٍ يشْرَبونَ مِنْ خَمْرٍ لهمُ. قلتُ: مَنْ هؤلاءِ؟ قال: هؤلاءِ جَعْفَرٌ، وزَيْدٌ، وابْنُ رَواحَةَ.

ثُمَّ شَرُفَ بي شَرَفاً آخَرَ، فإذا أنا بنَفَرٍ ثلاثَةٍ. قلتُ: مَنْ هؤلاءِ؟ قال: هذا إبراهيمُ، وموسى، وعيسى، وهُمْ يَنْتَظِرونَكَ".

رواه ابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحيهما"، واللفظ لابن خزيمة

(1)

.

(قال الحافظ): "ولا علة له".

2394 -

(8)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا زَنا الرجلُ خَرجَ منهُ الإيمانُ، فكانَ عليه كالظُّلَّةِ، فإذا أقْلَعَ رجَعَ إليه الإيمانُ".

رواه أبو داود -واللفظ له-، والترمذي

(2)

، والبيهقي.

(1)

تقدم بطرفه الأول مع التعليق والتعقيب على تخريجه فراجعه (ج 1/ 9 - الصوم/ 3).

(2)

قلت: هو عند الترمذي معلق، فراجع "الصحيحة"(509) إن شئت.

ص: 612

2395 -

(9)[صحيح لغيره] وعن عبد الله:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتيَ برجل قد شربَ فقال:

"يا أيها الناس! قد آن لكم أنْ تنتهوا عن حدود الله، فمن أصابَ من هذه القاذورةِ شيئاً فليستتر بسترِ الله، فإنَّه من يبدِلنَا صفحتهُ نقمْ عليه كتاب الله". وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} . . .

(1)

ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن".

ذكره زين، ولم أره بهذا السياق في الأصول.

2396 -

(10)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثَةٌ لا يكلِّمُهم الله يومَ القيامَةِ، ولا يُزَكِّيهِمْ، ولا ينْطُرُ إليْهِمْ، ولَهُمْ عذَابٌ أَليمٌ: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ".

رواه مسلم والنسائي.

[حسن] ورواه الطبراني في "الأوسط"، ولفظه:

"لا ينظُرُ الله يومَ القيامَةِ إلى الشيخِ الزاني، ولا العجوزِ الزانِيَةِ".

(العائل): الفقيرُ.

2397 -

(11)[صحيح] وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أربعةٌ يُبْغِضُهم الله: البيَّاعُ الحلافُ، والفقيرُ المُختالُ، والشيخُ الزاني، والإمامُ الجائرُ".

(1)

هنا في الأصل زيادة نصها: "وقال: قَرَنَ الزِّنا مع الشرك، وقال:". ولما لم أجد لها شاهداً فقد حذفتها منه مع التنبيه -خلافاً لسائر الحديث- فقد وجدت له أصلاً في بعض المصادر من حديث عبد الله بن عمر، وله شاهد في السنن من حديث ابن مسعود الآتي في الباب برقم (17).

وأما الجهلة فضعفوه واكتفوا بعزوه للبيهقي في "الشعب" مرسلاً، وليس فيه الآية وما بعدها! وهي في الحديث (17).

ص: 613

رواه النسائي، وابن حبان في "صحيحه". [مضى 16 - البيوع/ 12].

2398 -

(12)[صحيح] وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثَةٌ لا يَدْخلونَ الجنَّةَ: الشيخُ الزاني، والإمامُ الكذابُ، والعائلُ المزْهُوُّ".

رواه البزار بإسناد جيد.

2399 -

(13)[صحيح لغيره] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا ينظرُ الله إلى الأُشَيْمَطِ الزاني، ولا العائل المزْهُوِّ".

رواه الطبراني، ورواته ثقات؛ إلا ابن لهيعة، وحديثه حسن في المتابعات.

(الأشيمط) تصغير (أشمط): وهو من اختلط شعر رأسه الأسود بالأبيض.

2400 -

(14)[حسن لغيره] وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا تَزالُ أمَّتي بخيرٍ ما لَمْ يَفشُ فيهم ولَدُ الزِّنا، فإذا فشا فيهم ولَدُ الزِّنا؛ فأوْشَكَ أنْ يَعُمَّهمُ الله بِعذَابٍ".

رواه أحمد، وإسناده حسن، وفيه ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع.

2401 -

(15)[حسن لغيره] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا ظهَر الزِّنا والرِّبا في قريةٍ؛ فقد أحَلُّوا بأنفُسِهِمْ عذابَ الله".

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد". [مضى 16 - البيوع/ 19].

2402 -

(16)[حسن] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه ذكر حديثاً عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال فيه:

"ما ظَهرَ في قومٍ الزِّنا أوِ الرِّبا؛ إلا أحَلُّوا بأنفُسِهِمْ عذابَ الله".

رواه أبو يعلى بإسناد جيد. [مضى هناك أيضاً].

ص: 614

2403 -

(17)[صحيح] وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال:

سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الذَّنْبِ أعظَمُ عندَ الله؟ قال:

"أنْ تجعَل لله نِدّاً وهو خَلَقَك".

قلتُ: إنَّ ذلك لَعظيمٌ. ثُمَّ أَيّ؟ قال:

"أَنْ تَقْتُل ولَدكَ مخافَة أن يَطْعَمَ مَعَكَ".

قلتُ: ثُمَّ أَيّ؟ قال:

"أَنْ تُزانيَ حَليلَةَ جارِكَ".

رواه البخاري ومسلم.

ورواه الترمذي والنسائي، وزادا في رواية لهما:

(1)

"وتَلا هذهِ الآية: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} ".

(الحَليلة) بفتح الحاء المهملة: هي الزوجة.

2404 -

(18)[صحيح] وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأصْحابِه:

"ما تقولونَ في الزنا؟ ".

قالوا: حرامٌ حرَّمَهُ الله ورسولُه، فهو حرامٌ إلى يوم القِيامَةِ.

قال: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأصْحابِه:

"لأَنْ يزنيَ الرجلُ بعشْرِ نِسْوةٍ؛ أيْسَرُ عليه مِنْ أَنْ يزْنيَ بامْرأَةِ جارِهِ".

(1)

قلت: هي للشيخين أيضاً في رواية لهما.

ص: 615

رواه أحمد، ورواته ثقات، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"

(1)

.

2405 -

(19)[حسن] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما رفع الحديث قال:

"مَثل] الذي يجلسُ على فِراشِ المُغِيبَةِ؛ مثلُ الذي يَنْهَشُه أسَوَدُ مِنْ أساوِدِ يومِ القيامَةِ".

رواه الطبراني، ورواته ثقات.

(المغيبة) بضم الميم وكسر الغين المعجمة وبسكونها أيضاً مع كسر الياء: هي التي غاب عنها زوجها.

(الأساوِد): الحيات، واحدها (أسْوَد).

2406 -

(20)[صحيح] وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"حُرمَةُ نساءِ المجاهدين على القاعِدين كحُرْمَةِ أمَّهاتِهِمْ، ما مِنْ رجلٍ مِنَ القاعِدينَ يَخْلِفُ رجُلاً مِنَ المُجاهِدينَ في أهْلِه فيخونَه فيهم؛ إلا وُقِفَ لَهُ يومَ القِيامَةَ فيأْخُذُ مِنْ حَسنَاته ما شاءَ، حتَّى يَرْضَى".

ثُمَّ الْتَفَتَ إلينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"فما ظَنُّكم؟! ".

[صحيح] رواه مسلم

(2)

، وأبو داود؛ إلا أنه قال فيه:

"إلا نُصِبَ له يومَ القِيامَةِ فقيلَ: هذا قد خَلفَك في أهْلِكَ، فخذْ مِنْ حَسنَاته ما شئْتَ".

ورواه النسائي كأبي داود، وزاد:

(1)

قلت: وكذا البخاري في "الأدب المفرد"، وهو مخرج في "الصحيحة"(65).

(2)

قلت: وكذا أحمد (5/ 352)، وعنده (355) الرواية الآتية، وهذه والتي بعدها مما لم يورده الثلاثة في كتابهم الجديد الذي أسموه بـ "التهذيب"، لخصوه من طبعتهم المظلمة لـ "الترغيب"، وذلك لجهلهم بصحتهما، ولذلك اكتفوا بمجرد العزو للثلاثة المذكورين.

ص: 616

"أتَروْنَ يَدعُ لَهُ مِنْ حَسناتِه شيئاً؟! ".

‌فصل

2407 -

(21)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"سبعَةٌ يُظِلُّهم الله في ظلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه: الإمامُ العادلُ، وشابٌّ نشأَ في عبادَة الله عز وجل، ورجلٌ قلبهُ مُعلَّقٌ بالمساجِدِ، ورجُلانِ تحابَّا في الله؛ اجْتَمعا عَليه

(1)

وتَفرَّقا عليه، ورجلٌ دعَتْهُ امْرأَةٌ ذاتُ مَنْصبٍ وجَمالٍ؛ فقال: إنِّي أخافُ الله، ورجلٌ تصَدَّقَ بصدَقة فأخفاها حتَّى لا تعْلَمُ شِمالُه ما تُنْفِقُ يَمينُه، ورجلٌ ذكَرَ الله خالِياً ففاضَتْ عَيْناهُ".

رواه البخاري ومسلم. [مضى 5 - الصلاة/ 10].

2408 -

(22)[صحيح] وعن ابن عمر أيضاً قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"انْطَلَق ثلاثَةُ نَفرٍ مِمَّنْ كان قَبْلَكُم حتَّى أَواهم المَبيتُ إلى غارٍ، فَدخَلوهُ، فانْحَدرتْ صَخْرَة مِنَ الجبَلِ فسدَّتْ عليهمُ الغَار. فقالوا: إنَّه لا يُنَجِّيكُم مِنْ هذه الصخرةِ إلا أنْ تَدْعوا الله بصالح أعْمالِكُم. فذكر الحديثَ إلى أن قال:

قال الآخَرُ: اللَّهُمَّ كانَتْ لي ابْنَةُ عَمٍّ كانَتْ أحَبَّ الناسِ إليَّ، فأرَدْتُها على نَفْسِها، فامْتَنَعتْ منِّي. حتَّى ألمَّتْ بها سَنَةٌ مِنَ السنين، فجاءتْني، فأعْطَيْتُها عشرينَ ومِئةَ دينارٍ على أنْ تُخَلِّيَ بَيْني وبيْنَ نَفْسِها، ففَعَلَتْ حتّى إذا قَدرْتُ عليها قالتْ: لا أُحِلُّ لكَ أَنْ تَفُضَّ الخاتَمَ إلا بِحَقِّه. فَتَحرَّجْتُ مِنَ الوُقوع عليها، فانْصَرفْتُ عنها، وهيَ أَحبُّ الناسِ إليَّ، وتَركْتُ الذهَبَ الذي أعْطَيْتُها. اللهُمَّ إنْ كُنتُ فعلتُ ذلك ابْتِغاءَ وجْهِكَ فافْرُجْ عنَّا ما نحنُ فيه، فانْفَرجَتِ الصخْرَةُ " الحديث.

(1)

وفي نسخة: "على ذلك"، وكذا في المخطوطة.

ص: 617

رواه البخاري ومسلم، وتقدم بتمامه في "الإخلاص". [1/ 1 - أوله].

2409 -

(23)[حسن صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة بنحوه، ويأتي في [22 - البر/ 1]"بر الوالدين" إنْ شاء الله تعالى.

(أَلَمَّت) هو بتشديد الميم، والمراد (بالسَّنة): العام المقحط الذي لم تُنبت الأرض فيه شيئاً سواء نزل غيث أم لم ينزل، ومراده أنَّه حصل لها احتياج وفاقة بسبب ذلك.

وقوله: (تَفُضَّ الخاتم): هو كناية عن الوطء.

2410 -

(24)[حسن] وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"يا شبابَ قرْيشٍ! احْفَظوا فروجَكُم، لا تَزْنوا، ألا مَنْ حفِظَ فَرْجَهُ؛ فلَهُ الجنَّةَ".

رواه الحاكم، والبيهقي، وقال الحاكم:

"صحيح على شرطهما"

(1)

.

[حسن] وفي رواية للبيهقي:

"يا فِتْيانَ قرْيشٍ! لا تَزْنوا، فإنَّه مَنْ سَلِمَ له شَبابُهُ؛ دخَلَ الجنَّةَ".

2411 -

(25)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا صلَّتِ المرأَة خَمْسَها، [وصامت شهرها]، وحَصَّنَتْ فرْجَها، وأطاعَتْ بَعْلَها، دخَلتْ مِنْ أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شاءَتْ".

رواه ابن حبان في "صحيحه". [مضى 17 - النكاح/ 3].

(1)

كذا الأصل، وكذلك في "المخطوطة"، والظاهر أنه من أوهام المؤلف رحمه الله، فإن الذي في "المستدرك":"صحيح على شرط مسلم"، وهو الأقرب إلى حال إسناده كما بينته في "الصحيحة"(2696)، وبيض له الذهبي، وقول المعلقين الثلاثة في التعليق على الكتابين:"ووافقه الذهبي"؛ فمن جهالاتهم!

ص: 618

2412 -

(26)[صحيح] وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ يضمَنْ لي ما بينْ لحْيَيْهِ وما بينَ رِجْلَيْهِ؛ أضْمَنْ لهُ الجنَّةَ"

(1)

.

رواه البخاري -واللفظ له-، والترمذي وغيرهما.

(قال الحافظ):

"المراد بما (بين لحييه): اللسان، وبما (بين رجليه): الفرج. ويحتمل حديثه أنه أراد بما بين لحييه حفظ اللسان، وأكل الحلال. و (اللحيان): هما عظما الحنك".

2413 -

(27)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ وقاهُ الله شرَّ ما بينَ لِحْيَيْهِ، وشرَّ ما بينَ رجلَيْهِ؛ دخلَ الجنَّةَ".

رواه الترمذي، وقال:"حديث حسن".

2414 -

(28)[حسن صحيح] وعن أبي رافع رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ حَفِظَ ما بين فَقْمَيْهِ وفَخْذَيْه؛ دخَلَ الجَنَّةَ".

رواه الطبراني بإسناد جيد.

(الفَقْمان) بسكون القاف: هما اللحيان.

2415 -

(29)[حسن صحيح] وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ حَفِظَ ما بين فَقْمَيْهِ وفَرْجِهِ؛ دخَلَ الجَنَّةَ".

رواه أبو يعلى -واللفظ له-، والطبراني، ورواتهما ثقات.

وفي رواية للطبراني: قال:

قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

الأصل والمخطوطة: "تضمنت له بالجنة". والتصويب من (البخاري - الرقاق)، ولم يتنبه لهذا الخطأ المعلقون الثلاثة هنا وفي كتابهم الآخر الذي سموه "تهذيب الترغيب. ." انظر التعليق على الصفحة (608).

ص: 619

"ألا أحدِّثُكَ ثِنتَين مَن فَعَلهُما دخَلَ الجنَّةَ؟ ".

قلنا: بَلى يا رسولَ الله! قال:

"يَحفظُ الرجلُ ما بينَ فَقْمَيْهِ وما بينَ رجْلَيْهِ".

2416 -

(30)[حسن لغيره] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اضْمَنوا لي سِتّاً مِنْ أَنْفسِكُم، أضْمَنْ لَكُمُ الجنَّةَ: اصْدُقوا إذا حدَّثْتُم، وأَوْفُوا إذا وَعدْتُم، وأدُّوا إذا ائتُمِنْتُم، واحْفَظوا فروجَكُم، وغُضُّوا أبصارَكُمْ، وكُفُّوا أيْديَكم".

رواه أحمد وابن أبي الدنيا، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

(قال الحافظ):

"رووه كلهم عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن عبادة؛ ولم يسمع منه. والله أعلم".

ص: 620

‌8 - (الترهيب من اللواط وإتيان البهيمة والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية).

2417 -

(1)[حسن] عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ على أُمَّتي عَملُ قومِ لوطٍ".

رواه ابن ماجه، والترمذي وقال:

"حديث حسن غريب".

والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

2418 -

(2)[صحيح لغيره] وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ما نقضَ قومٌ العهدَ؛ إلا كان القتلُ بينَهم، ولا ظَهرتِ الفاحِشَةُ في قومٍ؛ إلا سلَّطَ الله عليهمُ الموْتَ، ولا مَنَع قومٌ الزكاة؛ إلا حُبِسَ عنهم القَطْرُ".

رواه الحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم"، [مضى شطره الثاني 8 - الصدقات/ 2].

2419 -

(3)[صحيح لغيره] ورواه ابن ماجه والبزار والبيهقي من حديث ابن عمر بنحوه. ولفظ ابن ماجه:

قال: أَقْبَلَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"يا معشرَ المهاجِرينَ! خمسُ خِصالٍ إذا ابْتليتُمْ بِهنَّ وأعوذُ بالله أَنْ تُدْرِكوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الفاحِشَةُ في قومٍ قطُّ حتى يُعْلِنوا بها؛ إلا فَشا فيهمُ الطاعونُ والأوْجَاعُ التي لم تكُنْ مضَتْ في أسْلافِهِم الَّذينَ مَضَوْا" الحديث.

[مضى هناك].

ص: 621

2420 -

(4)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

". . . ملعون من عملَ عملَ قوم لوطٍ، ملعون من عمل عملَ قوم لوطٍ، ملعون من عملَ عملَ قوم لوط، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من أتى شيئاً من البهائم، ملعون من عق والديه،. . .، ملعون من غَيّر حدودَ الأرض، ملعون من ادعى إلى غير مواليه".

رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال "الصحيح"؛ إلا مُحرز بن هارون، ويقال فيه: مُحرَّر؛ بالإهمال.

ورواه الحاكم من رواية هارون أخي محرر، وقال:

"صحيح الإسناد".

(قال الحافظ): "كلاهما واهٍ، ولكن محرر قد حسن له الترمذي، ومشاه بعضهم، وهو أصلح حالاً من أخيه هارون، والله أعلم".

2421 -

(5)[صحيح] وعنِ ابْنِ عبَّاس رضي الله عنهما عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"لعَنَ الله مَنْ ذبَح لِغَيْرِ الله، ولعَن الله مِنْ غيَّر تُخومَ الأرضِ، ولعنَ الله مَنْ كَمَّهَ أعْمى عنِ السبيلِ، ولعنَ الله مَنْ سَبَّ والديْه، ولعنَ الله مَنْ تَولَّى غيرَ مَواليه [ولعن الله من وقعَ على بهيمة]

(1)

. ولعنَ الله مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ، -قالَهَا ثلاثاً في عَملِ قومِ لوطٍ-".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي، وعند النسائي آخره مكرراً.

2422 -

(6)[صحيح] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ وجَدْتُموه يعملُ عَملَ قومِ لوطٍ، فاقْتلوا الفاعِلَ والمفْعولَ بِه".

رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي؛ كلهم من رواية عمرو بن أبي عمرو عن

(1)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "سنن البيهقي" وغيره. وهو مخرج في "الصحيحة"(3462).

ص: 622

عكرمة عن ابن عباس. وعمرو هذا قد احتج به الشيخان وغيرهما، وقال ابن معين:

"ثقة، ينكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس. يعني هذا" انتهى.

2423 -

(7)[صحيح] وروى أبو داود وغيره بالإسناد المذكور عن ابنِ عبَّاسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ أتى بَهيمَةً فاقْتُلوه، واقْتُلوها مَعَهُ".

(قال الخطابي):

"قد عارض هذا الحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان إلا لمأكله"

(1)

.

وروى البيهقي أيضاً وغيره عن مفضل بن فضالة عن ابن جريج عن عكرمة [عن ابن عباس]

(2)

عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"اقْتُلوا الفاعِلَ والمفعُولَ بِه، والَّذي يأْتي البَهيمَةَ".

(قال البغوي):

"اختلف أهل العلم في حدِّ اللوطي، فذهب قوم إلى أنَّ حدَّ الفاعل حدُّ الزنا، إنْ كان محصناً يرجم، وإنْ لم يكن محصناً يجلد مئة. وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والحسن وقتادة والنخعي. وبه قال الثوري والأوزاعي، وهو أظهر قولَي الشافعي، ويحكى أيضاً عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن. وعلى المفعول به عند الشافعي على هذا القول جلد مئة، وتغريب عام، رجلاً كان أو امرأة، محصناً كان أو غير محصن. وذهب قوم إلى أنَّ اللوطي يرجم محصناً كان أو غير محصن".

رواه سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس.

وروي ذلك عن الشعبي. وبه قال الزهري، وهو قول مالك وأحمد وإسحاق.

(1)

"معالم السنن"(6/ 275). والحديث المذكور لعله رواه بالمعنى، ويعني حديث ابن عمرو المتقدم (10 - العيدين/ 4) في الترهيب من قتل العصفور، ولا تعارض كما هو ظاهر، والله أعلم.

(2)

زيادة من "الشعب" لم يستدركها مدعو التحقيق!

ص: 623

وروى حماد بن أبي سليمان

(1)

عن إبراهيم -يعني النخعي- قال:

"لو كان أحد يستقيم أنْ يرجم مرتين لرجم اللوطي. والقول الآخر للشافعي أنه يقتل الفاعل والمفعول به كما جاء في الحديث" انتهى.

(قال الحافظ):

"حَرَّق اللوطية بالنار أربعةٌ من الخلفاء: أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير، وهشام بن عبد الملك".

[ضعيف](*) وروى ابن أبي الدنيا ومن طريقه البيهقي

(2)

بإسناد جيد عن محمد بن المنكدر:

أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق أنه وجد رجلاً في بعض ضواحي العرب يُنكح كما تنكح المرأة، فجمع لذلك أبو بكر أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفيهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ فقال علي: إنَّ هذا ذنبٌ لم تعمل به أمة إلا أمة واحدة، ففعل الله بهم ما قد علمتم، أرى أن تَحرِقَهُ بالنار. فاجتمع رأيُ أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق بالنار. فأمر به أبو بكر أن يحرق بالنار. [قال: وقد حرقه ابن الزبير وهشام بن عبد الملك].

2424 -

(8)[صحيح] وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا ينظرُ الله عز وجل إلى رجلٍ أتى رجلاً أوِ امْرأَةً في دُبُرِها".

رواه الترمذي والنسائي وابن حبان في "صحيحه".

(1)

الأصل والمخطوطة (حماد بن إبراهيم)، وكذا في "العجالة"(187/ 1)، وطبعة الثلاثة! والتصويب من "حديث علي الجعد"(ق 148/ 2 - مخطوطة الظاهرية). و"شعب الإيمان"(2/ 122/ 1) وكتب الرجال، واسم (أبي سليمان) مسلم الأشعري.

(2)

يعني في "شعب الإيمان"(2/ 2/121)، والزيادة الآتية منه.

قلت: ورواه في "السنن" من غير طريق ابن أبي الدنيا، وأعله بالإرسال (8/ 232).

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا الموضع هنا - كما ترى، في صحيح الترغيب - بدون حكم، وذكر هذا الحكم [ضعيف] الشيخ مشهور في طبعته، وقال: قوله «وروى ابن أبي الدنيا. . .» إلى آخره، موجود في «صحيح الترغيب» دون حكم، وبمراجعة أصول الشيخ تبين أنه كتب عليه (ضعيف)، وقال في هامشٍ معلقا على قول الحافظ السابق:«الجزم بهذا فيه نظر، لأن الأثر منقطع»

ص: 624

2425 -

(9)[حسن] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"هي اللوطيَّةُ الصغْرى. يعني الرجلَ يأتي امْرأَتَهُ في دُبُرِها".

رواه أحمد والبزار، ورجالهما رجال "الصحيح".

(1)

2426 -

(10)[صحيح لغيره] وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"اسْتَحْيوا، فإنَّ الله لا يَسْتَحيِ مِنَ الحقِّ، ولا تأْتُوا النساءَ في أدْبارِهِنَّ".

رواه أبو يعلى بإسناد جيد.

2427 -

(11)[صحيح] وعن خزيمة بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن الله لا يَسْتَحي مِنَ الحقِّ -ثلاث مرات-: لا تأتُوا النساءَ في أدْبارِهِنَّ".

رواه ابن ماجه -واللفظ له- والنسائي بأسانيد أحدها جيد.

2428 -

(12)[حسن] وعن جابرٍ رضي الله عنه:

أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن مَحَاشّ

(2)

النساءِ.

[حسن لغيره] رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات، والدارقطني، ولفظه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اسْتَحْيوا مِنَ الله؛ فإنَّ الله لا يَسْتَحْيِ مِنَ الحقِّ، لا يَحِلُّ مأْتاكَ النساءَ في حُشوشِهِنَّ".

(1)

قلت: كيف وكلاهما أخرجاه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؟! وكذلك رواه جمع آخر خُرجوا في "التعليق الرغيب".

(2)

جمع (مَحِشَّة)، وهي الدبر، قال الأزهري: ويقال أيضاً بالسين المهملة. كنى بـ (المحاشّ) عن الأدبار كما يكنَى بالحشوش عن مواضع الغائط. "نهاية".

ص: 625

2429 -

(13)[حسن صحيح] وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لعنَ الله الذين يَأتونَ النساءَ في محاشِّهِنَّ".

رواه الطبراني من رواية عبد الصمد بن الفضل.

(المحاشّ) بفتح الميم وبالحاء المهملة وبعد الألف شين معجمة مشددة، جمع (مَحِشة) بفتح الميم وكسرها: وهي الدبر.

2430 -

(14)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ أتى النساءَ في أعْجازِهِنَّ؛ فقد كَفَر".

رواه الطبراني في "الأوسط"، ورواته ثقات.

2431 -

(15)[صحيح لغيره] وروى ابن ماجه والبيهقي؛ كلاهما عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لا ينظُر الله إلى رجلٍ جامعَ امْرأَتَهُ في دُبُرِها".

2432 -

(16)[صحيح لغيره] وعنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ملعونٌ مَنْ أتى امْرأَةً في دبُرِها".

رواه أحمد وأبو داود.

2433 -

(17)[صحيح](وعنه)؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ أتى حائضاً، أوِ امْرأَةً في دُبُرِها، أوْ كاهِناً فصدَّقَهُ؛ فقد كَفَر بما أُنْزِلَ على محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم".

رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو داود؛ إلا أنه قال:

"فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم".

ص: 626

(قال الحافظ):

"رووه من طريق حكيم الأثرم عن أبي تميمة -وهو طريف بن مجالد

(1)

- عن أبي هريرة. وسئل علي بن المديني عن حكيم: من هو؟ فقال: أعيانا هذا. وقال البخاري في "تاريخه الكبير": لا يعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة

(2)

".

2434 -

(18)[حسن] وعن علي بن طلقٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا تَأْتوا النساءَ في أُسْتاهُنَّ

(3)

فإنَّ الله لا يَسْتَحي مِنَ الحقِّ".

رواه أحمد، والترمذي وقال:

"حديث حسن".

ورواه النسائي وابن حبان في "صحيحه" بمعناه.

(1)

الأصل: (خالد)، والتصحيح من كتب الرجال، وهو مما غفل عنه المعلقون! وإن من تمام غفلتهم، أنهم لما حذفوا في مجلدهم الذي أسموه "التهذيب" كل الأحاديث التي بين حديث ابن عباس المتقدم قبل صفحتين وبين حديث أبي هريرة هذا طبعوه كما هو:"وعنه. . ."، فرجع ضمير (عنه) إلى ابن عباس المذكور قبله في مجلدهم!!

(2)

قلت: أبو تميمة تابعي ثقة عاصر أبا هريرة، وحكيم الأثرم، ثقة أيضاً، فالإعلال المذكور غير جار على مذهب الجمهور الذي يكتفي في الاتصال على المعاصرة بشرطه المعروف، ولذلك صحح الحديث غير ما واحد، لا سيما وله طرق أخرى خرجتها في "الإرواء"(2006).

(3)

أي: أعجازهن، ويراد حلقة الدبر، وهمزته وصل، ولامه محذوفة والأصل (سَتَه) كما في "المصباح".

ص: 627

‌9 - (الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق).

2435 -

(1)[صحيح] عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"أولُ ما يقضى بينَ الناسِ يومَ القيامَةِ في الدماء".

رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

[صحيح لغيره] وللنسائي أيضاً:

"أوَّلُ ما يحاسَبُ عليه العبدُ الصلاةُ، وأنَّ أوَّلَ ما يُقْضى بين الناسِ في الدماءِ".

2436 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اجْتَنِبوا السبعَ الموِبقاتِ".

قيلَ: يا رسولَ الله! وما هُنَّ؟ قال:

"الشركُ بالله، والسِحْرُ، وقتلُ النفْسِ التي حرَّمَ الله إلا بالحَقِّ، وأكلُ مالِ اليَتِيمِ، وأكلُ الرِّبا، والتولِّي يومَ الزَّحْفِ، وقذفُ المحصَناتِ الغافِلاتِ المؤْمِنَاتِ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

(الموبقات): المهلكات. [مضى 16 - البيوع/ 19].

2437 -

(3)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لنْ يزالَ المؤمن في فُسْحَةٍ من دينِه ما لَمْ يُصِبْ دَماً حراماً".

وقال ابن عمر: مِنْ وَرْطاتِ الأمورِ التي لا مَخْرَج لِمَنْ أوْقَعَ نَفْسَه فيها؛ سَفْكُ الدمِ الحَرامِ بغيرِ حِلِّهِ.

ص: 628

رواه البخاري، والحاكم وقال:

"صحيح على شرطهما".

(الورْطات): جمع ورطة بسكون الراء: وهي الهلكة، وكل أمر تعسر النجاة منه.

2438 -

(4)[صحيح لغيره] وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لزَوالُ الدنيا؛ أهْوَنُ على الله مِنْ قتلِ مؤمنٍ بغيرِ حقٍّ".

رواه ابن ماجه بإسناد حسن، ورواه البيهقي والأصبهاني، وزاد فيه:

"ولوْ أَنَّ أهلَ سماواتِه وأهلَ أرضهِ اشْتَركوا في دَمِ مؤْمِنٍ؛ لأدْخَلَهُم الله النارَ".

[صحيح لغيره] وفي رواية للبيهقي:

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لَزوالُ الدنيا جميعاً؛ أهْوَنُ على الله من دمٍ يُسفَكُ بغيرِ حَقٍّ".

2439 -

(5)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"لَزوالُ الدنيا؛ أهْوَن على الله مِنْ قتلِ رجلٍ مسْلمٍ".

رواه مسلم

(1)

والنسائي، والترمذي مرفوعاً وموقوفاً، ورجح الموقوف.

2440 -

(6)[حسن صحيح] وروى النسائي، والبيهقي أيضاً من حديث بريدة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"قتلُ المؤْمِنِ أعظَمُ عند الله مِنْ زَوالِ الدنيا".

(1)

عزوه لمسلم خطأ من المؤلف، قلّده فيه المناوي ثم الشيخ القرضاوي كما كنت نبهت عليه في "غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام"(رقم 437). ثم رأيت الناجي قد سبقني إلى التنبيه إلى ذلك، فقال في "العجالة" (187/ 1 - 2):

"هذه اللفظة مقحمة بلا تردد، ويتعين حذفها فليس الحديث في مسلم بلا خلاف. . .".

ص: 629

2441 -

(7)[صحيح لغيره] وروى [و]

(1)

ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو قال:

رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يطوفُ بالكَعْبَةِ ويقول:

"ما أطْيَبَكِ، وما أطْيَبَ ريحَك؟ ما أعْظَمكِ وما أعْظَمَ حُرْمَتكَ. والذي نفسُ محمَّدٍ بيده لحرمَةُ المؤمِنِ عند الله أعْظَمُ حرمةً منكِ

(2)

؛ مالُه ودَمُهُ [وأن تظن به إلا خَيراً] ".

اللفظ لابن ماجه.

2442 -

(8)[صحيح لغيره] وعن أبي سعيدٍ وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لو أنَّ أهلَ السماءِ وأهل الأرضِ اشْتَركوا في دَمِ مؤْمنٍ؛ لأَكبَّهُم الله في النارِ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

2443 -

(9)[صحيح لغيره] ورواه الطبراني في "الصغير" من حديث أبي بكرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"لو أنَّ أهلَ السمواتِ والأرضِ اجْتَمعوا على قَتْلِ مسلمٍ؛ لكَبَّهُم الله جميعاً على وُجوهِهِمُ في النارِ".

(1)

سقطت الواو من الأصل ومطبوعة عمارة، واستدركتها من المخطوطة "والعجالة"(2/ 187) والمراد بالمعطوف عليه؛ البيهقي، كما استظهره الناجي، وبه يستقيم قوله الآتي:"اللفظ لابن ماجه" كما لا يخفى، وإلا كان لغواً لا فائدة منه. ولكني لم أجده عند البيهقي إلا في "الشعب"، ومن حديث ابن عباس، وإسناده حسن كما حققته في "الصحيحة"(3420).

(2)

الأصل والمخطوطة ومطبوعة الثلاثة: "من حرمتك"، والتصحيح من "ابن ماجه"(3932)، والزيادة منه، ومع أنَّ الحافظ الناجي قد نبه عليها وقال (ق 187/ 2):"لابد منها، وقد أسقطها المصنف"، مع ذلك لم يستدركها الثلاثة!!

ص: 630

2444 -

(10)[صحيح لغيره] وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنِ اسْتَطاع منكُمْ أنْ لا يحولَ بيْنَه وبيْن الجَنَّةِ ملءُ كفٍّ مِنْ دمِ امْرئٍ مسلم أن يُهرِيقه كما يَذْبَحُ به دجاجَةً، كلَّما تَعرَّضَ لِبابٍ مِنْ أبوابِ الجنَّةِ حالَ الله بينَهُ وبينَه، ومَنِ اسْتَطاع منكم أنْ لا يَجْعلَ في بُطْنِه إلا طَيِّباً؛ فلْيَفْعَلْ؛ فإنَّ أوَّل ما يُنْتِنُ مِنَ الإنْسانِ بطْنُهُ".

رواه الطبراني، ورواته ثقات، والبيهقي مرفوعاً هكذا، وموقوفاً وقال:

"الصحيح أنه موقوف"

(1)

.

2445 -

(11)[صحيح لغيره] وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كلّ ذنبٍ عسى الله أنْ يَغْفِرَه؛ إلا الرجلَ يموتُ كافِراً

(2)

، أو الرجلَ يقتُل مؤمِناً مُتَعمِّداً".

رواه النسائي، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

2446 -

(12)[صحيح] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"كلُّ ذنبٍ عسى الله أنْ يَغْفِرَهُ؛ إلا الرجلَ يموتُ مُشْرِكاً، أوْ يقتلُ مؤمِناً متَعمِّداً".

(1)

قال الناجي: "كذا رواه البخاري موقوفاً بمعناه، بتقديم وتأخير، وعنده: "أن لا يحال بينه وبين الجنة بملءِ دم أهراقه فليفعل"، ولفظ البيهقي أتم".

(2)

أي: فإنه لا يغفره أصلاً. (أو الرجل. . .) أي: ذنب الرجل، فإنه لا يغفره بلا سابق عقوبة.

ص: 631

رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

2447 -

(13)[صحيح] وعن ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أنَّه سأَله سائلٌ فقال:

يا أبا العبَّاسِ! هل للْقاتِلِ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فقال ابْن عبّاسٍ كالمُعْجَبِ مِنْ شَأْنِهِ: ماذا تقول؟! فأعادَ عليه مسْأَلَتُه. فقال: ماذا تقولُ؟! مرَّتين أو ثلاثاً. [ثم] قال ابْنُ عبَّاسَ:

[أنَّى له التَوبَةُ!] سمعتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم يقول:

"يأتي المقتولُ مُتَعلِّقاً رأسَه بإحْدى يَدَيْه، مُتَلبِّباً قاتِلَه باليدِ الأخْرى، تَشخَبُ أوْداجُه دَماً، حتَّى يأتيَ بِه العَرْشَ، فيقولُ المقتولُ لِربِّ العالمينَ: هذا قتَلني. فيقولُ الله لِلْقاتِلِ: تَعِسْتَ

(1)

وُيذْهَبُ بِه إلى النارِ".

رواه الترمذي وحسنه، والطبراني في:"الأوسط"، ورواته رواة "الصحيح"، واللفظ له

(2)

.

2448 -

(14)[صحيح لغيره] ورواه فيه أيضاً

(3)

من حديث ابن مسعودٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"يَجيءُ المقْتولُ آخِذاً قاتِلَهُ وأوْداجُه تَشْخَبُ دماً عند ذي العِزَّةِ، فيقولُ: يا ربِّ! سَلْ هذا فيمَ قَتَلني؟ فيقولُ: فيمَ قتَلْتَهُ؟ قال: قَتَلْتُه لِتكُونَ العِزَّةُ لِفْلانٍ. قيلَ: هِيَ لله".

(1)

بفتح العين، وعليه اقتصر الجوهري وغيره. ورجحه بعضهم. وفيها لغة أخرى: كسر العين، وعليها جمع. واختصار الفراء: أنْ يقال للمخاطب: (تَعَسْت) بفتحها، وللغائب (تعِس) بكسرها، أفاده الناجي.

(2)

قلت: وفي "الكبير" أيضاً، ومنهما الزيادتان، وهو مخرج في "الصحيحة"(2697).

(3)

أي: "الأوسط"، وفاته أنه عند النسائي وغيره بأتم منه وأصح إسناداً، وقلده الهيثمي فأورده في "المجمع" خلافاً لشرطه. انظر "الصحيحة"(2698).

ص: 632

2449 -

(15)[صحيح] وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا أصْبَح إبليسُ بَثَّ جُنودَه فيقولُ: مَنْ أَخْذَلَ اليومَ مُسلماً أُلبِسُه التاجَ، قال: فيجيءُ هذا فيقولُ: لَمْ أَزَلْ به حتَّى طَلَّق امْرأَتَهُ، فيقول: أوْشَكَ أنْ يتَزَوَّجَ. وَيجيءُ هذا فيقولُ: لَمْ أَزلْ به حتى عقَّ والدَيه، فيقولُ: يوشِكُ أنْ يَبرَّهُما. وَيجيءُ هذا فيقولُ: لَمْ أَزَلْ به حتّى أَشْرَكَ، فيقولُ: أَنْتَ أَنْتَ. وَيجيءُ هذا فيقولُ: لَمْ أَزَلْ به حتى قَتَل. فيقول: أَنْتَ أَنْتَ، ويُلْبِسُه التاجَ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"

(1)

.

2450 -

(16)[صحيح] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ قَتَل مؤْمِناً فاغْتَبطَ

(2)

بقَتْلِه؛ لَمْ يَقْبَلِ الله منه صَرْفاً ولا عَدْلاً".

رواه أبو داود. ثم روى عن خالد بن دهقان: سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله: "فاغْتَبَطَ بقتله"، قال:

"الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم فيرى أحدهم أنه على هدى، لا يستغفر الله [يعني من ذلك] ".

(الصرف): النافلة. و (العدل): الفريضة. وقيل: غير ذلك، وتقدم فيمن أخاف أهل المدينة. [11 - الحج/ 16].

(1)

قلت: فاته الحاكم وقال (4/ 350): "صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي، وهو مخرج في "الصحيحة"(1280).

(2)

الأصل: (فاعتبط) بالعين المهملة، والتصويب من المخطوطة و"سنن البيهقي" وما يأتي، ووقع في بعض نسخ (أبي داود) بالعين المهملة. قال الناجي:

"تفسير الراوي الآتي يدل على أنه من (الغبطة) بالغين المعجمة، وهو الفرح والسرور، لأن القاتل يفرح بقتل خصمه، وإذا كان المقتول مؤمناً وفرح بقتله دخل في هذا الوعيد. كذا نقله المصنف في حواشي "مختصر السنن"، ثم نقل عن الخطابي أن اللفظة (اعتبط) بالعين المهملة وقال: يريد أنه قتله ظلماً لا عن قصاص".

ص: 633

2451 -

(17)[حسن لغيره] وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"يخرُجُ عُنقٌ

(1)

مِنَ النار يتكَلَّمُ يقولُ: وُكِّلتُ اليوم بثَلاثَةٍ: بكلِّ جَبَّارٍ عنيدٍ، وَمَنْ جعلَ مع الله إلهاً آخَر، ومَنْ قَتَل نَفْساً بغيرِ حقٍّ، فَينْطَوي عليهِم، فيقْذِفُهُم في غمرات

(2)

جَهَّنمَ".

رواه أحمد.

ورواه الطبراني بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح.

وقد روي عن أبي سعيد من قوله موقوفاً عليه.

2452 -

(18)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً لَمْ يَرَحْ رائِحةَ الجنَّةِ، وإنَّ ريحَها يوجَدُ مِنْ مسيرَةِ أربعين عاماً".

رواه البحاري، واللفظ له.

(1)

(العنق): الرقبة، وهو مذكر، والحجاز تؤنث؛ فيقال: هي العنق، والنون مضمومة للاتباع في لغة الحجاز. وساكنة في لغة تميم.

(2)

الأصل: (حمراء)، والتصويب من "المسند"(3/ 40) وغيره، وهو مما غفل عنه الجاهلون المتعالمون المتشبعون بما لم يعطوا، فقد تعقبوا قول المؤلف -وتبعه الهيثمي (10/ 392) - ". . رواة أحدهما رواة الصحيح" بقولهم:"قلنا: (!) في إسناد الجميع عطية العوفي وهو ضعيف"! وكذبوا، فليس هو في أحد إسنادي الطبراني، ولا هو من مراجعهم، وهم أضعف من ذلك! وإنما علته من شيخ الطبراني كما تراه مشروحاً في المجلد السادس من "الصحيحة"(2699)، وقد صدر حديثاً، ولكنَّهم لما رأوا عطية في "المسند" ظنوا لبالغ جهلهم أنه في إسناد الطبراني أيضاً!! وقريب من هذه الغفلة قول المعلق على "مسند أبي يعلى" (2/ 375) بعد أن أعله بضعف عطية:"ولكن يشهد له حديث أبي هريرة. . عند الترمذي. . "، ولم يسق متنه. وهذا الإطلاق خطأ، لأنه ليس في حديث أبي هريرة جملة القتل كما سترى فيما يأتي (23 - الأدب/ 33 آخره)، وهو مخرج أيضاً في "الصحيحة"(رقم 512) مصححاً.

ص: 634

[صحيح] والنسائي؛ إلا أنه قال:

"مَنْ قتَل قَتيلاً مِنْ أهلِ الذِّمَّةِ".

(لَمْ يَرَحْ) بفتح الراء، أي: يجد ريحها ولم يشمها.

2453 -

(19)[صحيح] وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ قَتَل معاهَداً في غير كُنْهِهِ؛ حَرَّم الله عليهِ الجنَّةَ".

رواه أبو داود.

[صحيح] والنسائي وزاد:

"أنْ يَشُمَّ ريحَها".

[صحيح] وفي رواية للنسائي قال:

"مَنْ قَتَل رجُلاً مِنْ أهلِ الذمَّةِ؛ لمْ يَجِدْ ريحَ الجنَّةِ، وإنَّ ريحَها لتوجَدُ مِنْ مسيرَةِ سبعينَ عاماً".

[صحيح لغيره] ورواه ابن حبان في "صحيحه"، ولفظه: قال:

"مَنْ قتَل نَفْساً معَاهَدةً بغيرِ حَقِّها؛ لَمْ يَرَحْ رائِحةَ الجنَّةِ، وإنْ ريحَ الجنَّةِ لتوجَدُ مِنْ مسيرَةِ مئةِ عامٍ".

(في غير كنهه): أي في غير وقته الذي يجوز قتله فيه حين لا عهد له.

ص: 635

‌10 - (الترهيب من قتل الإنسان نفسه).

2454 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ تَردَّى مِنْ جَبلٍ، فقتلَ نفسَه؛ فهو في نارِ جهنَّمَ، يتردَّى فيها خالداً مُخَلَّداً فيها أبَداً، ومَنْ تَحسَّى سُمّاً، فقتَل نفْسَه؛ فسُمُّه في يدِه يتَحسَّاهُ في نارِ جَهنَّمَ خالِداً مُخلَّداً فيها أَبَداً، ومَنْ قتلَ نفسه بحديدةٍ؛ فحَديدتُه في يدهِ يتَوجَّأ بِها في نارِ جَهنَّم خالدِاً مخلداً فيها أبَداً".

رواه البخاري ومسلم، والترمذي بتقديم وتأخير، والنسائي.

[صحيح لغيره] ولأبي داود:

"ومَنْ حَسا سُمَّاً؛ فسُمُّه في يدهِ يتَحسَّاه في نارِ جَهنَّمَ".

(تَردَّى) أي: رمى بنفسه من الجبل أو غيره فهلك.

(يتَوَجَّأُ بها) مهموزاً؛ أي: يضرب بها نفسه.

2455 -

(2)[صحيح] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"الذي يَخنُقُ

(1)

نفْسَهُ؛ يخْنُقها في النارِ، والذي يطعَنُ نفْسَه؛ يطعَنُ نفْسَهُ في النارِ، والذي يَقْتَحِمُ؛ يَقْتَحِمُ في النارِ".

رواه البخاري.

(2)

(1)

بضم النون. و (يطعن) بفتح العين وضمها. وإنما كان الخنق والطعن في النار لأن الجزاء من جنس العمل. والله أعلم.

(2)

قلت: جملة التقحم ليست عند البخاري، وقد نبه على ذلك الحافظ الناجي، ومع ذلك لم يتنبه لها المعلقون الثلاثة، ولا غرابة، فهي شنشِنة. . ولكن الغرابة أن الحافظ مر عليها، ولم يعزها لأحد، وقد رواها أحمد وغيره بهذا التمام بسند صحيح، كما بينته في "الصحيحة"(3421)، ويشهد لها عموم قوله صلى الله عليه وسلم:"ومن قتل نفسه بشيء عُذب به يوم القيامة"، ويأتي في حديث ثابت بن الضحاك الآتي بعد حديثين.

ص: 636

2456 -

(3)[صحيح] وعن الحسن البصري قال: حدثنا جندب بن عبد الله في هذا المسجد، فما نسينا منه حديثاً، وما نخاف أنْ يكون جندب كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"كان برجلٍ جراحٌ

(1)

فقتلَ نفسَهُ، فقالَ اللهُ: بَدَرَني عبدي بنفسه، فَحَرَّمْتُ عليه الجنةَ".

[صحيح] وفي رواية: قال:

"كان فيمن كانَ قبلَكم رجلٌ به جرحٌ، فجزعَ، فأخذ سكيناً فحزَّ بها يده فما رقأَ الدم حتى مات، فقال الله: بادرني عبدي

(2)

بنفسه" الحديث.

[صحيح] رواه البخاري، ومسلم ولفظه: قال:

"إنَّ رجلاً كانَ مِمَّنْ كان قبْلَكم خرَجَتْ بوجْهِهِ قُرْحَةٌ، فلمَّا آذتْهُ انْتزَع سَهْماً مِنْ كنانَتِه فَنَكَأَها، فَلَمْ يَرْقَأِ الدمُ حتّى ماتَ، قال ربُّكُمْ: قد حرَّمْتُ عليه الجنَّةَ".

(رقَأَ) مهموزاً أي: جف وسكن جريانه.

(الكِنَانَة) بكسر الكاف: جعبة النشاب.

(نكَأَها) بالهمز أي: نخسها وفجرها.

2457 -

(4)[صحيح لغيره] وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه:

أنَّ رجلاً كانتْ بِه جَراحَةٌ، فأتى قَرَناً له، فأَخذ مشْقصاً فذَبَح به نفْسَه،

(1)

الجراح بكسر الجيم. ويروى (خراج) بضم الخاء المعجمة وتخفيف الراء؛ وهو في اصطلاح الأطباء الورم إذا اجتمع مادته المتفرقة في ليف العضو الورم إلى تجويف واحد وقبل ذلك يسمى ورماً.

(2)

معنى (المبادرة) عدم صبره حتى يقبض الله روحه حتف أنفه. يقال: بدرني: أي سبقني، من بدرت الشيء أبدر بدوراً، إذا أسرعت، وكذلك بادرت إليه.

ص: 637

فلَمْ يُصِلِّ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(القَرَن) بفتح القاف والراء: جعبة النشاب.

و (المِشْقَص) بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وفتح القاف: سهم فيه نصل عريض. وقيل: هو النصل وحده. وقيل: سهم فيه نصل طويل. وقيل: النصل وحده.

وقيل: هو ما طال وعرض من النصال.

2458 -

(5)[صحيح] وعن أبي قلابة؛ أنَّ ثابتَ بْنَ الضحَّاكِ أخبره:

أنه بايَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتَ الشَّجرة، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ حلفَ على يمينٍ بِمِلَّةٍ غيرِ الإسْلامِ كاذِباً مُتَعمِّداً؛ فهوَ كما قالَ.

ومَنْ قَتَل نفْسَه بشيْءٍ عُذِّبَ به يومَ القِيامَةِ، وليسَ على رجلٍ نَذْرٌ فيما لا يَمْلكُ، ولَعْنُ المؤمِنِ كَقَتْلِهِ، ومَنْ رَمى مؤمِناً بكُفْرٍ فهو كَقَتْلِهِ، ومَنْ ذَبَح نَفْسَهُ بشيءٍ؛ عُذِّبَ به يومَ القيامةِ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي باختصار، والترمذي وصححه، ولفظه:

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ليسَ على المرْءِ نذرٌ فيما لا يملِكُ، ولاعِنُ المؤْمِنِ كقاتِلِه، ومَنْ قذفَ مؤْمِناً بكفْرٍ فهو كقاتِلِه، ومَنْ قتلَ نفْسَهُ بشيْء؛ عذَّبَهُ الله بما قتَلَ به نَفْسَه يومَ القِيامَةِ".

2459 -

(6)[صحيح] وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه:

أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الْتَقى هو والمشْرِكونَ فاقْتَتَلوا، فلمَّا مالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى عَسْكَرِه، ومال الآخرون إلى عَسْكَرِهِمْ، وفي أصْحابِ رسولِ الله

ص: 638

- صلى الله عليه وسلم رجلٌ لا يَدعُ لهم شاذَّةً ولا فاذَّةً إلا أتْبَعها يضْرِبُها بسيْفِهِ. فقالوا: ما أجْزَأَ مِنَّا اليومَ أحدٌ كما أجْزَأَ فلانٌ! فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أمَا إنَّهُ مِنْ أهْلِ النارِ".

وفي رواية:

"فقالوا: أيُّنا مِنْ أهْلِ الجنَّةِ إنْ كان هَذا مِنْ أهلِ النارِ؟ فقال رجلٌ مِنَ القومِ: أنا أُصاحِبُه أبَداً. قال: فَخرجَ معه، كلَّما وقَف وقَفَ معَهُ، وإذا أسْرَعِ أسْرعَ مَعهُ، قال: فجُرِحَ الرجلُ جُرْحاً شَديداً فاسْتَعْجلَ الموْتَ، فوضَعَ سَيْفه بالأرْضِ وذُبَابَهُ بينَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحامَلَ على سَيْفِه فَقتَل نَفْسَهُ! فَخرَج الرجُلُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رسولُ الله. قال:

"وما ذاك؟ ".

قال: الرجلُ الذي ذكَرْتَ آنِفاً أنَّه مِنْ أهْلِ النارِ، فأعْظَمَ الناسُ ذلك، فقلتُ: أنا لَكُمْ بِه. فخرجْتُ في طَلَبِهِ حتى جُرِحَ جُرْحاً شديداً، فاسْتَعْجَل الموْتَ، فوضَع نَصْلَ سيْفِه بالأرضِ، وذُبَابَة بين ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تحامَل عليه فقَتَل نفْسَهُ. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الرجلَ لَيعملُ عملَ أهلِ الجنَّةِ فيما يَبْدو للِنَّاسِ، وهو مِنْ أهل النارِ، وإنَّ الرجُلَ ليَعملُ عملَ أهلِ النار فيما يَبْدو للِنَّاسِ، وهو مِنْ أهْلِ الجنَّةِ".

رواه البخاري ومسلم.

(الشاذَّة): بالشين المعجمة.

(والفاذَّة): بالفاء وتشديد الذال المعجمة فيهما: هي التي انفردت عن الجماعة، وأصل ذلك في المنفردة عن الغنم، فنقل إلى كل من فارق الجماعة وانفرد عنها.

ص: 639

11 -

(الترهيب من أن يحضر الإنسان قتل إنسان ظلماً، أو ضربه، وما جاء فيمن جرّد ظهر مسلم بغير حق).

[لم يذكر تحته حديثاً على شرط كتابنا].

‌12 - (الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالم، والترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم).

2460 -

(1)[صحيح لغيره] وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما مِنْ رجلٍ يُجْرَحُ في جَسدهِ جِراحةً فيتصدَّقُ بها؛ إلا كَفَّر الله تبارك وتعالى عنه مِثْلَ ما تصَدَّقَ به".

رواه أحمد، ورجاله رجال "الصحيح".

2461 -

(2)[حسن لغيره] وعن رجُلٍ مِنْ أصْحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم[عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم]

(1)

قال:

"مَنْ أُصيبَ بشيْءٍ في جَسدِه، فَتركَهُ لله عز وجل؛ كان كَفَّارةً له".

رواه أحمد موقوفاً من رواية مجالد.

2462 -

(3)[صحيح لغيره] وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثٌ -والَّذي نفسي بيده- إنْ كنتُ لَحالِفاً عليهنَّ: لا يَنْقُصُ مالٌ مِنْ

(1)

سقطت من الأصل والمخطوطة، و"المجمع" وتفسير ابن كثير، والظاهر أنها غير ثابتة في نسخة المؤلف وغيره من "المسند"، وهي ثابتة في المطبوعة منه، وهو الأقرب، والله أعلم.

ص: 640

صدَقةٍ، فتصدَّقوا، ولا يَعْفُو عبدٌ عَنْ مَظْلَمَةٍ؛ إلا زادَهُ الله بها عِزّاً يومَ القيامَةِ، ولا يَفْتَحُ عبدٌ بابَ مسْأَلَةٍ، إلا فَتح اللهُ عليهِ بابَ فَقْرٍ".

رواه أحمد، وفي إسناده رجل لم يسمَّ، وأبو يعلى والبزار، وله عند البزار طريق لا بأس بها.

2463 -

(4)[صحيح لغيره] وعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه؛ أنَّه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ثلاثٌ أُقسِمُ عليهِنَّ، وأحدِّثُكُم حديثاً فاحْفَظوه". قال:

"ما نقصَ مالُ عبدٍ مِنْ صدَقةٍ، ولا ظُلِمَ عبدٌ مَظْلَمةٌ صبرَ عليها؛ إلا زادَهُ الله عِزّاً، فاعْفوا يُعِزِّكمُ الله، ولا فَتَح عبدٌ بابَ مسْأَلَةٍ؛ إلا فتَحَ الله عليه بابَ فَقْرٍ، أو كلِمةٌ نَحْوُها. . " الحديث.

رواه أحمد والترمذي -واللفظ له- وقال:

"حديث حسن صحيح". [مضى 1 - الإخلاص/ 1].

2464 -

(5)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما نقَصتْ صدقةٌ مِنْ مالٍ، وما زادَ الله عبْداً بعَفْوٍ إلا عزّاً، وما تَواضع أحدٌ لله؛ إلا رفَعَهُ الله عز وجل".

رواه مسلم والترمذي. [مضى 8 - الصدقات/ 9].

2465 -

(6)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ارْحَموا تُرْحَموا، واغْفِرُوا يُغْفَرْ لكُم". [مضى 20 - القضاء/ 10].

رواه أحمد بإسناد جيد.

ص: 641

2466 -

(7)[صحيح لغيره] وفي رواية له من حديث جرير بن عبد الله: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ لا يَرْحمِ الناسَ لا يَرْحَمْهُ الله، ومَنْ لا يَغْفِرْ لا يُغْفَرْ لَهُ".

2467 -

(8)[صحيح لغيره] وعن علي رضي الله عنه قال:

وجدنا في قائمِ سيف رسول الله:

"اعف عمن ظلَمَك، وصِلْ من قطعَك، وأحْسِنْ إلى من أساءَ إليك، وقُلِ الحقَّ ولو على نفسِك".

ذكره رزين العبدري، ولم أره

(1)

، ويأتي أحاديث من هذا النوع في [22 - البر/ 3]"صلة الرحم".

2468 -

(9)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها:

أنها سُرِقَ منها شيءٌ، فجعلت تدعو عليه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تُسبّخي عنه".

رواه أبو داود.

ومعنى (لا تسبخي عنه)؛ أي: لا تخففي عنه العقوبة، وتنقصي من أجرك في الآخرة بدعائك عليه

(2)

.

و (التسبيخ): التخفيف، وهو بسين مهملة، ثم باء موحدة وخاء معجمة.

(1)

لقد وجدته -والحمد لله- من حديث علي في بعض المصادر العزيزة المخطوطة، بإسناد صحيح عنه، وهو في "الصحيحة"(1911)، لكن ليس فيه جملة العفو، لكن لها شواهد أحدها عن عقبة، وأحد طرقه صحيح، ولذلك خرجته في "الصحيحة"(2861). وسيأتي في (22 - البر/ 3).

(2)

وفي "النهاية": أي: "لا تخفي عنه الإثم الذي استحقه بالسرقة".

ص: 642

‌13 - (الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب، والإصرار على شيءٍ منها).

2469 -

(1)[حسن] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ العبْدَ إذا أخْطأَ خطيئةً نُكِتَتْ في قلبِه نُكْتَةٌ سوْداءُ، فإنْ هو نَزعَ واسْتَغْفَر صُقِلَتْ، فإنْ عادَ زِيدَ فيها حتى تَعْلوَ قلبَه، فهوَ (الران) الذي ذكَر الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح". والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه".

والحاكم من طريقين قال في أحدهما:

"صحيح على شرط مسلم". [مضى 15 - الدعاء/ 16].

(النُّكْتَةُ) بضم النون وبالتاء المثناة فوق: هي نقطة شبه الوسخ في المرآة.

2470 -

(2)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إيَّاكمْ ومُحقَّراتِ الذُّنوبِ، فإنَّهنُ يَجْتَمِعْن على الرجل حتَّى يُهْلكْنَهُ".

وأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ضرب لَهُنَّ مَثَلاً: "كَمثَلِ قومٍ نَزلوا أرضَ فَلاةٍ، فحضَر صنيعُ القومِ

(1)

، فجعلَ الرجلُ ينْطَلِقُ فيجيءُ بالعودَ، والرجلُ يجيءُ بالعودِ، حتى جَمعَوا سَواداً، وأجَّجوا نَاراً، وأَنْضَجوا ما قَذَفوا فيها".

رواه أحمد والطبراني والبيهقي؛ كلهم من رواية عمران القطان، وبقية رجال أحمد

(1)

أي: طعامهم. وقوله: (سواداً) أي: شخصاً يبين من بُعد.

ص: 643

والطبراني رجال "الصحيح"

(1)

.

[صحيح لغيره] ورواه أبو يعلى بنحوه من طريق إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عنه، وقال في أوله:

"إنَّ الشيطانَ قد يئسَ أنْ تُعبدَ الأصنامُ في أرضِ العَربِ، ولكنَّه سيَرْضَى منكم بدونِ ذلك بالمحقِّراتِ، وهي الموِبقاتُ يومَ القِيامَةِ" الحديث.

رواه الطبراني والبيهقي موقوفاً عليه. [مضى 20 - القضاء/ 5].

2471 -

(3)[صحيح] وعن سهل بن سعد رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إيَّاكمْ ومحقَّراتِ الذنُوبِ، فإنَّما مثَلُ محقراتِ الذنُوبِ؛ كمَثَلِ قومٍ نزَلوا بطْنَ وادٍ، فجاءَ ذا بعودٍ، وجاءَ ذا بعودٍ، حتى جَملُوا

(2)

ما أنْضَجوا بهَ خُبْزَهُم، وإنَّ محقِّراتِ الذنوبِ متى يُؤْخَذْ بها صاحِبُها تُهْلِكْهُ".

رواه أحمد، ورواته محتج بهم في "الصحيح "

(3)

.

2472 -

(4)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"يا عائشةُ! إيَّاك ومحقَّراتِ الذنوبِ؛ فإنَّ لها مِنَ الله طالِباً".

رواه النسائي -واللفظ له- وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، وقال:

"الأعمال" بدل: "الذنوب".

(1)

كذا قال، وفيه أيضاً عبد ربه بن أبي يزيد، وليس من رجال "الصحيح"، وفيه جهالة كما كنت بينته في رسالتي "خطبة الحاجة"، لكن الحديث صحيح بمجموع طرقه وشواهده.

(2)

هو بالجيم أي: جمعوا. "عجالة".

(3)

قلت: وهو كما قال، لكن اللفظ ليس لأحمد وإن تبعه الهيثمي كعادته، وإنما هو للبيهقي في "الشعب" (2/ 384/ 1)؛ إلا أنه قال:(جمعوا) مكان (جملوا)، وكذا في "المعجم الصغير"(رقم - 351 - الروض)، و"الأوسط"(7459). ورواه في "الكبير"(5872) بلفظ الكتاب حرفياً؛ فكان ينبغي عزوه إليه.

ص: 644

2473 -

(5)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال:

إنَّكُم لتَعمَلونَ أعْمالاً هي أدَقُّ في أعْيُنِكم مِنَ الشَّعَرِ، [إنْ]

(1)

كنَّا لَنَعُدُّها على عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ الموبِقاتِ. يعني المهْلكاتِ.

رواه البخاري وغيره.

2474 -

(6)[صحيح لغيره] ورواه أحمد من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ بإسناد صحيح.

2475 -

(7)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لوْ أنَّ الله يؤاخِذُني وعِيسى بِذُنوبنا لعَذَّبَنا، ولا يَظْلمُنا شَيْئاً". قال: وأشارَ بالسبَّابَةِ والتي تَليها.

وفي رواية:

"لوْ يُؤاخِذُني الله وابْنَ مَرْيَمَ بما جَنَتْ هاتانِ -يعني الإبْهامُ والتي تليها- لَعذَّبَنا، ثُمَّ لَمْ يَظْلِمْنا شَيْئاً".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

2476 -

(8)[حسن] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"لوْ غُفِرَ لكُم ما تَأْتونَ إلى البهائِمِ؛ لَغَفرَ لَكُمْ كَثيراً".

رواه أحمد والبيهقي مرفوعاً هكذا.

ورواه عبد الله في "زياداته" موقوفاً على أبي الدرداء. وإسناده أصح، وهو أشبه.

(2)

(1)

سقطت من الأصل، واستدركتها من البخاري (6492) وأحمد أيضاً (3/ 157).

وأما الثلاثة المحققون فهم مستمرون في إهمالهم التحقيق، هنا وفي "تهذيبهم" أيضاً، بل هو نسخة طبق الأصل، مع الاختصار الشديد المخل!!

(2)

كذا قال! وتبعه المناوي، والعكس هو الصواب، وبيانه في "الصحيحة"(514). وأما الهيثمي فلم يفصح عن رأيه، فقال (10/ 291):"رواه أحمد مرفوعاً، وابنه عبد الله موقوفاً، وإسناده جيد".

ص: 645

2477 -

(9)[صحيح لغيره موقوف] وعن أبي الأحوص قال:

قرأ ابن مسعود: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ} الآية. فقال:

كادَ الجُعَلُ يُعذَّبُ في جُحره بذنْبِ ابنِ آدمَ.

رواه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

(الجُعَل) بضم الجيم وفتح العين: دُويبة تكاد تشبه الخنفساء تُدحرج الروثَ.

ص: 646

‌22 - كتاب البر والصلة وغيرهما.

‌1 - (الترغيب في برِّ الوالدين وصلتهما، وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما، وبرّ أصدقائهما من بعدهما).

2478 -

(1)[صحيح] عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال:

سألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله؟ قال:

"الصلاةُ على وقْتِها".

قلتُ: ثُمَّ أيّ؟ قال:

"بِرُّ الوالِدَيْنِ".

قلتُ: ثُمَّ أيّ؟ قال:

"الجهادُ في سبيلِ الله".

رواه البخاري ومسلم.

2479 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يُجزئُ وَلدٌ والِدَهُ إلا أنْ يَجِدَهُ مَمْلوكاً فيَشتَرِيه فيُعْتِقَه".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

2480 -

(3)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال:

جاءَ رجلٌ إلى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم فاسْتَأْذَنهُ في الجِهادِ. فقال:

"أحيٌّ والداك؟ ".

قال: نعم. قال:

ص: 647

"ففيهما فَجاهِدْ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

[صحيح] وفي رواية لمسلم قال:

أقْبَلَ رجلٌ إلى رسولِ الله فقال: أبايِعُكَ على الهِجْرَةِ والجِهادِ، أبْتَغي الأجْرَ مِنَ الله، قال:

"فهلْ مِنْ والدَيْك أحدٌ حَيٌّ؟ ".

قال: نَعم، بلْ كِلاهما حَيٌّ. قال:

"فَتَبْتَغي الأجْرَ مِنَ الله؟ ".

قال: نعم. قال:

"فارْجعْ إلى والِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُما".

2481 -

(4)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال:

جاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

جئتُ أبايِعُكَ على الهِجْرَةِ، وتركتُ أبوَيَّ يبْكِيانِ. فقال:

"ارْجعْ إليْهما فأضْحِكْهُما كما أبْكَيْتَهُما".

رواه أبو داود.

2482 -

(5)[صحيح لغيره] وعن أبي سعيد رضي الله عنه:

أن رجلاً من أهل اليمن هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

"هل لك أحد باليمن؟ ".

قال: أبواي. قال:

"قد أذنا لك؟ ".

ص: 648

قال: لا. قال:

"فارجعْ إليهما فاستأذنْهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فَبِرِّهما".

رواه أبو داود.

2483 -

(6)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يسْتأْذِنه في الجهادِ. فقال:

"أحيٌّ والداك؟ ".

قال: نعم. قال:

"ففيهما فَجاهِدْ".

رواه مسلم، وأبو داود وغيره

(1)

.

2484 -

(7)[صحيح لغيره] وروي عن طلحة بن معاوية السلمي رضي الله عنه قال:

أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسول الله! إنِّي أريدُ الجِهادَ في سبيلِ الله قال:

"أمُّكَ حَيَّةٌ؟ ".

قلتُ: نَعم. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"الْزَمْ رِجْلَها، فَثَمَّ الجنَّةُ".

رواه الطبراني.

(1)

هذا خطأ وتكرار لا فائدة فيه. قال الناجي (189/ 2): "وهم فيه وكرره، وهو حديث عبد الله بن عمرو الأول بعينه، سواء بسواء، لم يروه مسلم ولا غيره من حديث أبي هريرة". وغفل عن هذا لابسو ثوبي زور فعزوه لمسلم (2549) وأبي داود (2530)! والرقم الأول يشير إلى حديث ابن عمرو الأول! والرقم الآخر يشير إلى حديث أبي سعيد، وهو في الأصل قبيل هذا، وفيه زيادة منكرة، ولذلك أودعته "ضعيف الترغيب"، وهو مخرج في "الإرواء"(5/ 21)، ومن تمام غفلتهم أنَّهم رقموه بنفس الرقم!! وحسنوه أيضاً!

ص: 649

2485 -

(8)[حسن صحيح] وعن معاوية بن جاهمة:

أنَّ جاهِمَةَ جاءَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:

يا رسول الله! أردْتُ أَنْ أغْزُوَ، وقد جئتُ أَسْتَشيرُكَ. فقال:

"هل لكَ مِنْ أُمٍّ؟ ".

قال: نعم. قال:

"فالْزَمْها، فإن الجنَّةَ عند رِجْلِها".

رواه ابن ماجه، والنسائي -واللفظ له-، والحاكم، وقال:

"صحيح الإسناد".

[حسن صحيح] ورواه الطبراني بإسناد جيد، ولفظه: قال:

أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أسْتَشيرُه في الجِهادِ؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"ألَك والدان؟ ".

قلت: نعم. قال:

"الْزَمْهُما، فإن الجنَّة تَحتَ أرْجُلِهِما".

2486 -

(9)[صحيح] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه:

أن رجلاً أتاهُ فقال: إنَّ لي امْرأَةً، وإنَّ أُمِّي تأمُرني بِطَلاقِها. فقال:

سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"الوالِدُ أوْسَطُ أبْوابِ الجنَّةِ".

فإنْ شِئتَ فأَضعْ ذلك البابَ، أوِ احْفَظْهُ.

رواه ابن ماجه، والترمذي -واللفظ له- وقال:

"ربما قال سفيان: (أمي)، وربما قال: (أبي) ". قال الترمذي:

"حديث صحيح".

[صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه"، ولفظه:

ص: 650

أنَّ رجلاً أتى أبا الدرداء فقال: إنَّ أبي لَمْ يَزلْ بي حتّى زوَّجني، وإنَّه الآن يأمُرني بِطَلاقِها. قال:

ما أنا بالَّذي آمُرك أنْ تَعُقَّ والديك، ولا بالَّذي آمُركَ أَنْ تُطلِّقَ امرأَتَك، غيرَ أنَّك إنْ شئتَ حدَّثتُك بما سمعتُ مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، سمعتُه يقول:

"الوالِدُ أوْسَطُ أبْوابِ الجنَّةِ".

فحافظْ على ذلك البابِ إنْ شئْتَ، أوْ دَع.

قالَ: فأحْسِبُ عطاءً قال: فَطَلَّقَها.

قوله: (فأضع): من الإضاعة.

2487 -

(10)[حسن] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

كان تحتي امْرأَةٌ أحِبُّها، وكان عمر يكْرَهُها. فقال لي: طلّقْها. فأبَيْتُ.

فأتى عمرُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"طلِّقها".

رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

2488 -

(11)[حسن لغيره] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من سرَّه أنْ يُمَدَّ له في عمرِه، ويُزادَ في رزقه؛ فليبرَّ والديه، وليَصِلْ رحمه".

رواه أحمد، ورواته محتج بهم في "الصحيح"، وهو في "الصحيح" باختصار ذكر البر.

ص: 651

2489 -

(12)[حسن] وعن سلمان رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يردُّ القَضاءَ إلا الدعاءُ، ولا يزيدُ في العُمُرِ إلا البِرُّ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب".

2490 -

(13)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:

"رَغِمَ أنفُه، ثمَّ رَغِمَ أنْفُه، ثمَّ رغِمَ أنْفُه".

قيل: مَنْ يا رسولَ الله؟ قال:

"مَنْ أدْرَكَ والدَيْه عندَ الكبرَ أوْ أحَدَهُما ثمَّ لَمْ يَدْخل الجنَّةَ".

رواه مسلم

(1)

.

(رغم أنفه) أي: لصق بالرغام، وهو التراب.

2491 -

(14)[صحيح لغيره] وعن جابرٍ -يعني ابن سمرة- رضي الله عنه قال:

صعِدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المنبرَ فقال:

"آمين، آمين، آمين"، -قال:-

"أتاني جبريل عليه السلام فقال: يا محمَّد! مَنْ أدْرَكَ أحدَ أبَوَيْهِ فماتَ؛ فدخلَ النارَ، فأبعَده الله، قُلْ:(آمين): فقلتُ: (آمين)، فقال: يا محمَّدُ! مَنْ أدْركَ شهرَ رمضانَ فماتَ، فلَمْ يُغْفَرْ له؛ فأدخِلَ

(2)

النارَ، فأَبْعَده الله، قلْ:(آمين). فقلتُ: (آمين)، قال: ومَنْ ذُكرْتَ عندَهُ فلَمْ يُصَلِّ عليك فماتَ؛ فدَخَل النارَ، فأبْعَدهُ الله. قلْ:(آمين)، فقلْتُ:(آمين) ".

رواه الطبراني بأسانيد أحدها حسن.

(1)

قلت: في البر والصلة (8/ 5) بالحرف الواحد، وقول الناجي (189/ 1):"ليس عند مسلم لفظة (ثم) أصلاً" وهم منه، وإنما يصدق ذلك على رواية البخاري في "الأدب المفرد"(رقم - 21). ورواه الترمذي نحوه أتم منه، وتقدم لفظه في (15 - الدعاء/ 7).

(2)

كذا الأصل خلافاً لما تقدم ويأتي، وكذلك هو في "كبير الطبراني"(رقم - 2022).

ص: 652

2492 -

(15)[حسن صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة؛ إلا أنَّه قال فيه:

"ومَنْ أدْركَ أبويه أو أحدَهما فلَمْ يَبَرَّهُما، فماتَ؛ فدخلَ النارَ فأبْعَدهُ الله. قل: (آمين)، فقلت: (آمين) ".

2493 -

(16)[صحيح لغيره] ورواه أيضاً من حديث [مالك بن] الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده. وتقدم [15 - الدعاء/ 7].

2494 -

(17)[صحيح لغيره] ورواه الحاكم وغيره من حديث كعب بن عجرة، وقال في آخره:

"فلمَّا رَقيتُ الثالِثَة قال: بَعُدَ مَنْ أدركَ أبَويه الكبَرُ عندَه أوْ أحدَهما فلَمْ يُدخِلاهُ الجنَّةَ. قلتُ: (آمين) ". وتقدم أيضاً.

2495 -

(18)[حسن لغيره] ورواه الطبراني من حديث ابن عباس بنحوه، وفيه:

"ومَنْ أدْركَ والديْهِ أوْ أحَدَهُما فلَمْ يبرَّهُما، دخلَ النارَ، فأبْعدَهُ الله وأسْحَقَهُ. قلتُ: (آمين) ".

2496 -

(19)[صحيح لغيره] وعن مالك بن عمرو القشيري رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ أعتقَ رقَبةً مسلمةً؛ فهِيَ فداؤه مِنَ النارِ، ومَنْ أدْركَ أحدَ والديه ثُمَّ لَمْ يُغْفَرْ له؛ فأبعَدَهُ الله".

(زاد في رواية):

(1)

"وأسْحَقَهُ".

[صحيح] رواه أحمد من طرق أحدها حسن.

(1)

قلت: هذا يوهم أن الزيادة عند أحمد من حديث (مالك بن عمرو القشيري)، وإنما هو (أُبي بن مالك)، وهو الصواب في اسمه كما رجحه الحافظ. انظر "الصحيحة"(515).

ص: 653

2497 -

(20)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"انطلقَ ثلاثَةُ نَفرٍ مِمَّنْ كان قبْلَكُم، حتَّى آواهم المَبيت إلى غارٍ، فَدخَلوهُ، فانْحدرتْ صَخْرةٌ مِنَ الجبَلِ فسدَّت عليهم الغارَ، فقالوا: إنَّه لا يُنْجيكُم مِنْ هذه الصخْرةِ إلا أَنْ تَدْعوا الله بِصالح أعْمالِكُم.

قال رجلٌ منهم: اللهُمَّ كانَ لي أبوانِ شَيْخانِ كَبيران، وكُنتُ لا أغْبُقُ قَبْلَهُما أهْلاً ولا مالاً، فنأى بي طَلَبُ شَجرٍ يَوْماً فَلَمْ أَرُحْ عليهِما حتى ناما، فحَلبْتُ لهما غَبوقَهُما، فوَجْدتُهما نائمَيْنِ، فكرهْتُ أنْ أغبُقَ قبْلَهما أهْلاً أوْ مالاً، فلبِثْتُ والقَدَحُ على يَديَّ انْتَظِر اسْتِيقاظَهُما حتى بَرَقَ الفَجْرُ، فاسْتَيْقظَا فشَرِبا غَبُوقَهما، اللهمَّ إنْ كنتُ فعلتُ ذلك ابْتغَاءَ وجهِكَ فَفَرِّجْ عنَّا ما نحنُ فيه مِنْ هذهِ الصخْرَةِ. فانَفرَجْت شيئاً لا يَسْتَطيعونَ الخروجَ.

وقال الآخَرُ: اللهُمَّ كانَتْ لي ابنة عَمٍّ؛ وكانتْ أحبَّ الناسِ إليَّ" الحديث.

رواه البخاري ومسلم، وتقدم بتمامه وشرح غريبه في "الإخلاص"[1/ 1].

وفي رواية للبخاري قال:

"بينما ثلاثَة نَفرٍ يتَماشون أخَذَهُم المطَرُ، فمالوا إلى غارٍ في الجبَلِ، فانْحَطَّتْ على فمِ غارِهمْ صخرَةٌ مِنَ الجبَلِ فأطْبَقَتْ عليهِم، فقالَ بعْضهم لِبعْضٍ: انْظُروا أعْمالاً عمِلْتُموها لله عز وجل صالِحةً، فادْعوا الله بها، لَعلَّهُ يَفرُجها [عنكم]

(1)

.

(1)

زيادة من رواية أخرى للبخاري (2/ 70). وأما الزيادة التي بعدها فهي عند البخاري في رواية الكتاب (4/ 109).

ص: 654

فقال أحدُهُم: اللَّهُمَّ إنَّه كان لي والِدانِ شيْخانِ كبيرانِ، ولي صِبْيَةٌ صِغارٌ كنتُ أرْعَى [عليهم]، فإذا رُحْتُ عليهم فَحلَبْتُ بَدأْتُ بِوالِدَيَّ أسْقِيهما قبل وَلدي، وإنَّه نَأى بِيَ الشجرُ، فما أتَيْتُ حتى أمْسَيْتُ، فوجَدتُهما قدْ ناما، فحَلبْتُ كما كنتُ أَحْلِبُ، فجئتُ بالحلاب، فقُمْتُ عند رؤوسِهما، أكرَهُ أنْ أوقِظَهُما مِنْ نوْمِهِما، وأكْرَهُ أنْ أَبدأَ بالصبْيَةِ قَبْلَهُما، والصبْيَة يتَضَاغونَ

(1)

عند قَدمَيَّ، فَلَمْ يزَلْ ذلك دَأْبي ودَأْبُهم حتى طَلَع الفَجْرُ. فإن كنتَ تعلمُ أنِّي فعلتُ ذلك ابْتِغاءَ وجْهِكَ، فافرُجِ لنا فُرْجةً نرى مِنْها السماءَ. ففرَّجَ الله عز وجل لهم حتى يرونَ

(2)

منها السماءَ" وذكر الحديث.

2498 -

(21)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"خرَجَ ثلاثةٌ فيمَنْ كانَ قبْلَكُم يرتادون لأهْليهِمْ، فأصابَتْهُم السماءُ، فلَجأوا إلى جبلٍ، فوقَعَتْ عليهِمْ صخْرَةٌ. فقال بعضُهُم لِبَعْضٍ: عفَا الأَثَرُ، ووقَعَ الحَجَرُ، ولا يعلَمُ بِمكانِكُم إلا الله؛ فادْعوا الله بأوْثَقِ أعْمالِكمَ.

فقال أحدُهُم: اللَّهُمَّ إنْ كنتَ تعلَمُ أنَّه كانَتْ لي امْرأَةٌ تُعْجِبُني، فطلَبتُها فأبَتْ عليَّ، فجعَلْتُ لها جُعْلاً، فلمَّا قَرَّبَتْ نَفْسَها؛ تَرَكتُها. فإنْ كنْتَ تعلَمُ أنِّي إنَّما فَعلْتُ ذلك رجاءَ رَحْمَتِكَ، وخَشْيةَ عَذابِكَ فافرُجْ عنَّا، فزالَ ثُلُث الحَجَرِ.

وقال الآخَرُ: اللهُمَّ إنْ كنتَ تعلَمُ أنَّه كان لي والدان، وكنتُ أحْلِبُ لهما في إنائهما، فإذا أَتَيْتُهما وهما نائمانِ قُمْتُ حتَّى يَسْتَيْقِظا، فإذا اسْتَيْقَظا شَرِبا،

(1)

بالضاد المعجمة وبالغين المعجمة، أي: يصيحون، من ضغى إذا صاح، وكل صوت ذليل مقهور يسمى ضغواً. وقال الداودي:" (يتضاغون) أي: يبكون ويتوجعون".

(2)

هكذا في هذه الرواية، وفي الرواية الأخرى التي أشرت إليها آنفاً (رأوا)، وعليها المخطوطة.

ص: 655

فإنْ كنتَ تَعلَمْ أنِّي فعلْتُ ذلك رجاءَ رحْمَتِكَ، وخَشْيَةَ عَذابكَ فافرُجْ عنَّا، فزالَ ثُلُثُ الحَجَرِ.

وقال الثالثُ: اللهمَّ إنْ كنتَ تعلَمُ أنِّي اسْتَأْجَرْتُ أجيراً يوماً فعَملَ لي نصفَ النهارِ، فأعْطَيْتُه أجراً، فَتَسخَّطَهُ ولَمْ يَأْخُذْه، فَوفَّرْتُها عليهِ، حتَّى صارَ مِنْ كَلّ المالِ، ثمَّ جاءَ يطلبُ أجْرَه، فقلْتُ: خذْ هذا كُلَّه، ولوْ شئْتُ لَمْ أُعْطِهِ إلا أجْرَهُ الأوَّلَ، فإنْ كنْتَ تعلَمُ أنِّي فعلتُ ذلك رجاءَ رَحْمَتِكَ، وخشْيَةَ عذَابِك، فافْرُج عنَّا. فزالَ الحَجَرُ، وخرَجوا يتَماشُونَ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"

(1)

.

2499 -

(22)[صحيح] وعن أبي هريرة أيضاً قال:

جاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

يا رسولَ الله! مَنْ أحق الناسِ بحُسْنِ صَحَابَتي؟ قال:

"أمُّك".

قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال:

"أمُّكَ؟.

قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال:

"أمُّك".

قال: ثُمَّ مَنْ؟ قال:

"أبوك".

رواه البخاري ومسلم.

(1)

قلت: ورواه البزار (1866 - كشف الأستار)، وإسناده صحيح على شرط مسلم، وهو أصح من إِسناد ابن حبان.

ص: 656

2500 -

(23)[صحيح] وعن أسماء بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما قالتْ:

قدمَتْ عليَّ أمِّي، وهي مُشرِكةٌ في عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فاسْتَفْتَيْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ قلتُ:

قدِمَتْ عليَّ أمِّي، وهي راغِبَةٌ، أَفأصِلُ أمِّي؟ قال:

"نعم؛ صِلي أمَّك".

[صحيح] رواه البخاري ومسلم

(1)

، وأبو داود، ولفظه: قالت:

قدِمَتْ عليَّ أمِّي راغبةً في عهدِ قرَيْشٍ

(2)

، وهي راغِمَةٌ مشرِكَةٌ، فقلتُ: يا رسول الله! إنَّ أمِّي قدِمَتْ عليَّ وهي راغِمَةٌ مشْرِكَةٌ، أفأصِلُها؟ قال:"نعم؛ صِلي امَّكِ".

(راغبة) أي: طامعة فيما عندي، تسْألُني الإحْسانَ إليْها.

(راغمة) أي: كارهة للإسلام.

2501 -

(24)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"رضا الله في رضا الوالِد، وسخَطُ الله في سخَطِ الوالِد".

رواه الترمذي، ورجح وقفه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

(1)

زاد البخاري في "الأدب المفرد"(25): "قال ابن عيينة: فأنزل الله عز وجل فيها: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} ".

(2)

قلت: على هامش الأصل: (وفي نسخة: "وفي عهد قريب"). والصحيح ما أثبته من "أبي داود" رقم (1668)، وغفل المعلقون فأثبتوا الخطأ! ولم يلتفتوا إلى ما ذكروه في التعليق أن في نسخة (ب):"قريش"!! زاد البخاري في رواية (4/ 111) وأحمد (6/ 344): "ومدتهم إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم"، ولمسلم (3/ 81) نحوه. والمراد صلح الحديبية مع قريش.

ص: 657

2502 -

(25)[حسن لغيره] ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة؛ إلا إنَّه قال:

"طاعةُ الله طاعةُ الوالِدِ، ومَعصيَةُ الله معصيَةُ الوالِدِ".

2503 -

(26)[حسن لغيره] ورواه البزار من حديث عبد الله بن عمر -أو ابن عمرو، ولا يحضرني أيهما

(1)

-، ولفظه: قال:

"رضا الربِّ تبارك وتعالى في رضا الوالِدَيْنِ، وسخَطُ الله تبارك وتعالى في سَخَط الوالدَيْنِ".

2504 -

(27)[صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقال: إني أذْنَبْتُ ذنْباً عظيماً، فهلْ لي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فقال:

"هل لك مِنْ أمٍّ؟ ".

قال: لا. قال:

"فهل لك مِنْ خالة؟ ".

قال: نَعمْ. قال:

"فَبِرَّها".

رواه الترمذي -واللفظ له-،

(2)

وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم؛ إلا أنهما قالا:

"هل لك والدان" بالتثنية، وقال الحاكم:

"صحيح على شرطهما".

(1)

قلت: هو عند البزار (1865) عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه به؛ إلا أنه قال: (الوالد) بالإفراد في الموضعين.

(2)

أخرجه في "البر"(6/ 162 تحت رقم 1905 - الدعاس).

ص: 658

2505 -

(28)[صحيح] وعن عبد الله بن دينارٍ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:

أنَّ رجلاً مِنَ الأعْرابِ لَقِيَهُ بطَريقِ مكَّةَ، فسلَّم عليه عبدُ الله بنُ عُمَر، وحَملَهُ على حمارٍ كانَ يرْكَبُه، وأعطاه عِمامَةً كانَتْ على رأْسِهِ.

قال ابْنُ دينارٍ: فقلْنا له: أصلَحكَ الله! إنَّهمُ الأَعْرابُ، وهم يَرْضُونَ باليَسيرِ! فقال عبدُ الله بنُ عُمرَ: إنَّ أبا هذا كانَ وُدّاً لعمرَ بْنِ الخطَّابِ، وإنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنّ أبرّ البِرّ صلةُ الولَد أهلَ وُدِّ أبيه".

رواه مسلم

(1)

.

2506 -

(29)[حسن] عن أبي بردة قال:

قدمتُ المدينةَ، فأتاني عبدُ الله بنُ عمرَ فقال: أتدْري لِمَ أتَيْتُك؟ قال: قلت: لا، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ أحبَّ أنْ يَصِلَ أباه في قَبْره؛ فلْيَصِلْ إخْوانَ أبيه بَعْدَهُ".

وإنَّه كان بين أبي عُمرَ وبين أبيك إخاء وَوُدٌّ، فأحْبَبْتُ أنْ أَصِلَ ذلِكَ.

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(1)

قلت: ورواه البخاري في "الأدب المفرد"(41) نحوه.

ص: 659

‌2 - (الترهيب من عقوق الوالدين).

2507 -

(1)[صحيح] عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"إنَّ الله حرَّم عليكُم عقوقَ الأُمَّهاتِ، وَوَأْدَ البَناتِ، ومَنْعَ وهات، وكرهَ لَكُم قيلَ وقالَ، وكثْرةَ السُّؤَال، وإضاعَةَ المالِ"

(1)

.

رواه البخاري وغيره.

2508 -

(2)[صحيح] وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ألا أُنبِّئُكم بأكبرِ الكبائِر؟ (ثلاثاً) ".

(1)

(العقوق): أصله من (العق) وهو الشق والقطع. يقال: عق والده يعقه عقوقاً، فهو عاق: إذا آذاه وعصاه وخرج عليه، وهو ضد البر، كأن العاق لأمه يقطع ما بينهما من الحقوق. وإنما خص الأمهات بالذكر وإن كان عقوقُ الآباء أيضاً حراماً؛ لأن العقوق إليهن أسرع من الآباء؛ لضعف النساء، وللتنبيه على أن بر الأم مقدم على بر الأب في التلطف والحنو ونحو ذلك.

وقوله: "ووأد البنات"؛ (الوأد) مصدر وأدت الوائدة ابنتها تشدها: إذا دفنتها حية. وكان أحدهم في الجاهلية إذا جاءته بنت يدفنها حية حين تولد، ويقولون: القبر صهر، ونعم الصهر! وكانوا يفعلونه غيرة وأنفة، وبعضهم يفعله تخفيفاً للمؤنة. قيل: أول من فعله من العرب قيس بن عاصم التيمي.

وقوله: "ومنع وهات": (المنع) مصدر منع يمنع، والمراد: منع ما أمر الله أن لا يمنع. قال ابن التين: "ضبط (منع) بغير ألف، وصوابه (منعاً) بالألف، لأنه مفعول (حرَّم).

و (هات) فعل أمر مجزوم. والمراد به النهي عن طلب ما لا يستحق طلبه".

وقوله: "وكره لكم قيل وقال" يروى بغير تنوين حكاية للفظ الفعل، وروي منوناً، وهي رواية البخاري:"قيلاً وقالاً" على النقل من الفعلية إلى الاسمية. والأول أكثر. والمراد به نقل الكلام الذي يسمعه إلى غيره، فيقول: قيل: كذا وكذا بغير تعيين القائل. وقال فلان: كذا وكذا. إنما نُهي عنه؛ لأنه من الاشتغال بما لا يعني المتكلم، ولأنه قد يتضمن الغيبة والنميمة والكذب، لا سيما مع الإكثار من ذلك، قلما يخلو عنه الإنسان.

وقوله: "وكثرة السؤال" إما في العلميات، وإما في الأموال؛ وكلاهما مضر، أو عن المشكلات من المسائل، أو مجموع الأمرين، وهو أولى من حمله على الخاص.

وقوله: "وإضاعة المال" المتبادر من الإضاعة ما لم يكن لغرض ديني ولا دنيوي. وقيل: هو الإنفاق في الإسراف. وقيده بعضهم بالإنفاق في الحرام. والله أعلم. [من هامش الأصل].

ص: 660

قلنا: بَلى يا رسولَ الله! قال:

"الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالِدينِ -وكان متكئاً فجلَس فقال:- ألا وقولُ الزورِ، وشهادَة الزورِ". فما زال يُكرِّرُها حتى قلنا: لَيْتَهُ سَكَتَ.

رواه البخاري ومسلم والترمذي.

2509 -

(3)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"الكبائر: الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدَيْنِ، وقتلُ النفسِ، واليمينُ الغموسُ".

رواه البخاري.

2510 -

(4)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال:

ذكِرَ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر فقال:

"الشركُ بالله، وعقوقُ الوالدينِ" الحديث.

رواه البخاري ومسلم والترمذي.

[صحيح لغيره] وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي كتبه إلى أهل اليمن وبعث به عمرو بن حزم:

"وإنَّ أكبرَ الكبائر عند الله يومَ القيامةِ: الإشْراكُ بالله، وقتلُ النفسِ المؤمِنَةِ بغير الحَقِّ، والفرارُ في سبيلِ الله يومَ الزحْفِ، وعقوقُ الوالدين، ورَمْيُ المْحصَنَةِ، وتعلُّمُ السِّحْرِ، وأكْلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليَتيمِ" الحديث. [مضى 12 - الجهاد/ 11].

رواه ابن حبان في "صحيحه".

ص: 661

2511 -

(5)[حسن صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثَةٌ لا ينظرُ الله إليهم يومَ القِيَامَةِ: العاقٌّ لوالديْهِ، ومدمِنُ الخمْر، والمنَّان عطاءَه. وثلاثَةٌ لا يَدخلونَ الجنَّة: العاقُّ لوالِديْه، والديُّوثُ، والرَّجُلَة".

رواه النسائي والبزار -واللفظ له- بإسنادين جيدين، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

وروى ابن حبان في "صحيحه" شطره الأول.

(الديّوث) بتشديد الياء: هو الذي يقرّ أهله على الزنا مع علمه بهم.

(والرجلة) بفتح الراء وكسر الجيم

(1)

: هي المترجلة المتشبهة بالرجال [مضى 16 - اللباس/ 6].

2512 -

(6)[حسن لغيره] وعن عبد الله بن عمر

(2)

رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثَةٌ حرَّم الله تبارك وتعالى عليهِمُ الجنَّةَ: مدمِنُ الخَمْرِ، والعاقُّ، والديُّوثُ؛ الذي يُقِرُّ الخُبْثَ في أهْلِهِ".

رواه أحمد -واللفظ له- والنسائي والبزار، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد"

(3)

.

2513 -

(7)[حسن] وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

كذا قال، وهو خطأ، والصواب ما أثبتنا في المتن.

(2)

قلت: الأصل: "بن عمرو بن العاصي"، وهو خطأ من الناسخ، فقد تقدم هذا بعينه (21 - الحدود/ 6) من مسند ابن عمر بن الخطاب، وهو الصواب؛ كما قال الناجي (190/ 1)، فلا دخل لابن عمرو في الحديث. وغفل عن ذلك مدعو التحقيق، في الموضعين!!

(3)

لا وجه لذكر النسائي ومن بعده هنا، لأنهم رواة اللفظ الذي قبله، وقد تقدم مني التنبيه على هذا هناك.

ص: 662

"ثلاثَةٌ لا يَقبلُ الله عز وجل منهم صَرْفاً ولا عَدْلاً: عاقُّ، ومنَّانٌ، ومُكَذِّب بقَدَرٍ".

رواه ابن أبي عاصم في "كتاب السنة"

(1)

بإسناد حسن.

2514 -

(8)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مِنَ الكبائرِ شَتْمُ الرجلِ والدَيْهِ".

قالوا: يا رسولَ الله! وَهَلْ يَشْتُم الرجلُ والديه؟ قال:

"نعم، يَسُبُّ أبا الرجُلِ؛ فيسبُّ أباه، ويسبُّ أمَّه؛ فيَسُبُّ أمَّه".

رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي.

وفي رواية للبخاري ومسلم:

"إنَّ مِنْ أكْبرِ الكبائِر أنْ يَلْعَن الرجلُ والديْهِ".

قيلَ: يا رسولَ الله؟ وكيفَ يلعنُ الرجلُ والديه؟ قال:

"يَسُبُّ [الرجلُ] أبا الرجل؛ فيسبُّ أباه، ويسبُّ أمَّهُ؛ فيَسُبُّ أمَّهُ"

(2)

.

2515 -

(9)[صحيح] وعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال:

جاءَ رَجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! شهدتُ

(3)

أنْ لا إله إلا الله، وأنّكَ رسولُ الله، وصلّيْتُ الخمسَ، وأدَّيْتُ زكاةَ مالي، وصُمتُ رمضانَ؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

(1)

رقم (323 - بتحقيقي).

(2)

قلت: هذا اللفظ للبخاري وحده (5973/ فتح)، وإنما لمسلم (- 1/ 64 - 65) الذي قبله، وهو للترمذي، ولأبي داود الثاني.

(3)

كذا الأصل والمخطوطة و"المجمع"(8/ 147) من رواية أحمد والطبراني، ولم أره في "مسند أحمد"، وفي ابن حبان (19) زيادة:"أرأيت إن"، فلعلها سقطت من أحد الرواة، أو المؤلف.

ص: 663

"مَنْ ماتَ على هذا كان معَ النبيِّينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهَداءِ يومَ القيامة هكذا -ونصب أصبعيه- ما لَمْ يَعقَّ والديه".

رواه أحمد والطبراني بإسنادين أحدهما صحيح، ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" باختصار.

2516 -

(15)[صحيح] وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال:

أوْصاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعَشْرِ كلِماتٍ قال:

"لا تُشْرِكْ بالله شيْئاً وإنْ قُتِلْتَ وحُرِّقْتَ، ولا تَعُقَّنَّ والديْكَ؛ وإنْ أَمراك أنْ تَخْرُجَ مِنْ أهْلِكَ ومَالِكَ" الحديث.

رواه أحمد وغيره. وتقدم في "ترك الصلاة" بتمامه. [5/ 40].

[صحيح لغيره] وتقدم في [21 - الحدود/ 8]"اللواط" حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

". . .؛ قال: ملعونٌ من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط، ملعونٌ من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط، ملعونٌ من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط، ملعونٌ من ذبحَ لغيرِ اللهِ، ملعونٌ من عَقَّ والديه" الحديث.

رواه الطبراني، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

[صحيح] وتقدم فيه أيضاً حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لعنَ الله مَنْ ذبَح لِغَيرِ الله، ولعنَ الله مَنْ غَيرَ تُخومَ الأرضِ، ولعنَ الله مَنْ سبَّ والديه" الحديث.

رواه ابن حبان في "صحيحه".

ص: 664

2517 -

(11)[حسن موقوف] وعن العوَّام بن حَوْشَبٍ قال:

نزلتُ مرَّةً حياً، وإلى جانبِ ذلك الحيِّ مقبرةٌ، فلمَّا كان بعدَ العَصْرِ انشقَّ فيها قبْرٌ، فخَرج رجلٌ رأسُه رأسُ الحِمارِ، وجَسدُه جَسدُ إنسانٍ، فنهَقَ ثلاثَ نَهْقاتٍ ثُمَّ انْطبقَ عليه القبرُ، فإذا عجوزٌ تَغْزِل شَعْراً أوْ صوفاً، فقالتِ امْرأَةٌ: ترى تلكَ العجوزَ؟ قلتُ: ما لَها؟ قالتْ: تلكَ أمُّ هذا. قلتُ: وما كانَ قِصَّتُه؟ قالتْ:

كان يشرَبُ الخمرَ، فإذا راحَ تقولُ له أُمُّه: يا بنيَّ اتَّقِ الله إلى متى تَشْرَبُ هذه الخمرَ؟! فيقولُ لها: إنَّما أنْتِ تَنْهَقينَ كما يَنْهَقُ الحِمارُ! قالتْ: فماتَ بعدَ العَصْرِ. قالتْ: فهو يَنْشَقُّ عنه القبرُ بعدَ العَصْرِ، كلُّ يوم فيَنْهَقُ ثلاثَ نَهَقَاتٍ، ثمَّ ينْطَبِق عليه القبرُ.

رواه الأصبهاني وغيره. وقال الأصبهاني:

"حدَّث به أبو العباس الأصم إملاءً بنيسابور بمشهد من الحفاظ فلم ينكروه".

ص: 665

‌3 - (الترغيب في صلة الرحم وإنْ قطعت، والترهيب من قطعها).

2518 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ كانَ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخر فلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومن كانَ يؤمِنُ بالله واليوم الآخِرِ فلْيَصِلْ رَحِمَهُ، ومَنْ كانَ يؤمِن بالله واليومِ الآخِرِ فليَقلْ خيراً أوْ لِيَصْمُتْ".

رواه البخاري ومسلم

(1)

.

2519 -

(2)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ أحبَّ أنْ يُبْسطَ له في رِزْقِهِ، ويُنَسَّأَ له في أثَرِهِ؛ فلْيَصِلْ رَحِمَهُ".

رواه البخاري ومسلم.

(يُنَسَّأ) بضم الياء وتشديد السين المهملة مهموزاً، أي: يؤخِّر له في أجله.

2520 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، وأَنْ يُنَسَّأَ له في أَثَرِه؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".

[صحيح] رواه البخاري، والترمذي، ولفظه: قال:

"تعلَّموا مِنْ أنْسابِكم ما تَصِلونَ به أرْحامَكُم؛ فإنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحبَّةٌ في الأهْلِ، مَثْراةٌ في المالِ، مَنْسأَةٌ في الأَثَرِ". وقال:

"حديث غريب، ومعنى (منسأة في الأثر): يعني به الزيادة في العمر" انتهى.

(1)

في "الإيمان"(1/ 949) دون قوله: "فليصل رحمه"، وهي عند البخاري (6138)، وقال مسلم بديله:"فلا يؤذي جاره"، وهو رواية للبخاري، وستأتي قريباً في أول الباب (5).

ص: 666

2521 -

(4)[صحيح] ورواه الطبراني من حديث العلاء بن خارجة كلفظ الترمذي بإسناد لا بأس به.

(1)

2522 -

(5)[صحيح] وعن رجلٍ من خثعم قال:

أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو في نَفَرٍ مِنْ أصْحابِه، فقلتُ: أنْتَ الذي تزعُم أنَّك رسول الله؟ قال:

"نعم".

قال: قلتُ: يا رسولَ الله! أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ قال:

"الإيمانُ بالله".

قال: قلتُ: يا رسولَ الله! ثُمَّ مَهْ؟ قال:

"ثُمَّ صِلَةُ الرَّحِمِ".

قال: قلتُ: يا رسولَ الله! ثُمَّ مَهْ؟ قال:

"ثمَّ الأمرُ بالمعروفِ، والنهيُ عنِ المنكَرِ".

قال: قلتُ: يا رسول الله! أيُّ الأعْمالِ أبغَضُ إلى الله؟ قال:

"الإشْراكُ بالله".

قال: قلتُ: يا رسولَ الله! ثُمَّ مَهْ؟ قال:

"ثمَّ قَطيعَةُ الرَّحِمِ".

قال: قلتُ: يا رسولَ الله! ثُمَّ مَهْ؟ قال:

"ثُمَّ الأمْرُ بالمنْكَرِ، والنهيُ عنِ المعروفِ".

(1)

كذا قال! ونحوه قول الهيثمي: "ورجاله وثقوا"! والصواب أن إسناده صحيح، فقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(18/ 98/ 176)، وعنه أبو نعيم في "المعرفة"(2/ 127/ 2) من طريق عبد الملك بن يعلى عن العلاء بن خارجة به، وابن يعلى هذا ثقة كما قال الحافظ، روى عن عمران وغيره، وسائر الرجال ثقات رجال مسلم؛ غير علي بن عبد العزى شيخ الطبراني، وهو البغوي، ثقة حافظ.

ص: 667

رواه أبو يعلى بإسناد جيد.

2523 -

(6)[صحيح] وعن أبي أيوبَ رضي الله عنه:

أنَّ أعرابياً عَرَضَ لِرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سَفَرٍ، فأخَذ بِخطامِ ناقَتِه، أوْ بزِمامِها، ثمَّ قال: يا رسولَ الله -أو يا محمَّد! - أخبرني بما يُقرِّبُني مِنَ الجنةِ ويباعِدُني مِنَ النارِ؟ قال: فكفَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ نظرَ في أصْحابِهِ، ثُمَّ قال:

"لقد وُفِّقَ -أو لقد هُدِيَ-". قال: "كيفَ قلْتَ؟ ". قال: فأعادَها، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:

"تعبدُ الله لا تُشْرِكُ به شيْئاً، وتقيمُ الصلاةَ، وتُؤْتي الزكاةَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ، دَعِ الناقَةَ".

وفي رواية:

"وتصل ذا رحمك". فلمَّا أَدْبَر قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنْ تَمسَّكَ بما أُمِرَ بِه

(1)

دخَلَ الجنَّةَ".

رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.

2524 -

(7)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها:

"أنَّه مَنْ أُعْطيَ [حظه من] الرفق؛ فقد أُعطِيَ حظَّهُ مِنْ خير الدنيا والآخِرَةِ، وصِلةُ الرَّحِمِ وحسنُ الجِوارِ -أوْ حُسْنُ الخلُقِ- يُعَمِّرانِ الديارَ، ويَزيدانِ في الأَعْمارِ".

رواه أحمد، ورواته ثقات؛ إلا أن عبد الرحمن بن القاسم لم يسمع من عائشة

(2)

.

(1)

الأصل: (أمرته به)، والتصحيح من "مسلم"(1/ 33).

(2)

قلت: كذا قال! وتبعه الهيثمي، وكذا الغارقون في التقليد، وهو في "مسند أحمد"، وكذا "مسند أبي يعلى" من رواية عبد الرحمن عن أبيه القاسم. انظر "الصحيحة"(519).

ص: 668

2525 -

(8)[صحيح] وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال:

أوْصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخِصالٍ مِنَ الخيرِ: أوصاني أنْ لا أنْظُرَ إلى مَنْ هو فوقي، وأَنْ أنْظُرَ إلى مَنْ هو دوني، وأوْصاني بحُبِّ المساكينِ والدُّنُوِّ منهم، وأوْصاني أنْ أصلَ رَحِمي وإنْ أدْبَرَتْ، وأوْصاني أنْ لا أخافَ في الله لوْمةَ لائم، وأوْصاني أنْ أقول الحقَّ وإنْ كان مُرّاً، وأوْصاني أن أكْثِرَ مِنْ (لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بِالله)، فإنَّها كنزٌ مِنْ كُنوزِ الجنَّة".

رواه الطبراني، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له.

2526 -

(9)[صحيح] وعن ميمونة رضي الله عنها:

أنَّها أعْتَقتْ وَلِيدةً لها، ولَمْ تَسْتأذِنِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا كان يومُها الَّذي يدورُ عليها فيه قالتْ: أشَعَرْتَ يا رسول الله أنِّي أَعْتَقْتُ وليدَتي؟ قال:

"أَوَ فَعلْتِ؟ ".

قالتْ: نعم. قال:

"أمَا إنَّكِ لوْ أعْطَيْتِها أخْوالَكِ؛ كانَ أعْظمَ لأجرك".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

وتقدم في "البر"[1 - باب/ 27 - حديث] حديث ابن عمر قال:

أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: إني أذنبتُ ذنباً عظيماً، فهل لي مِنْ تويَةٍ؟ فقال:

"هل لك مِنْ أمٍّ؟ ".

قال: لا. قال:

"فهل لك من خالَةٍ؟ ".

قال: نعم. قال:

"فَبِرَّها".

ص: 669

رواه ابن حبان والحاكم

(1)

.

2527 -

(10)[صحيح] وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تقولُ: مَنْ وَصَلني وصَلَهُ الله، ومَنْ قَطَعني قَطَعهُ الله".

رواه البخاري ومسلم.

2528 -

(11)[صحيح لغيره] وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"قال الله عز وجل: أنا الله، وأنا الرحمن، خلقتُ الرَّحِمَ، وشقَقْتُ لها اسْماً مِنِ اسْمي، فَمنْ وصلَها وصَلتُه، ومَنْ قطَعها قطَعْتُه -أو قال: بَتَتُّهُ-".

رواه أبو داود والترمذي من رواية أبي سلمة عنه. وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

(قال الحافظ) عبد العظيم: "وفي تصحيح الترمذي له نظر، فإن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه شيئاً. قاله يحيى بن معين وغيره.

ورواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" من حديث معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن رداد

(2)

الليثي عن عبد الرحمن بن عوف. وقد أشار الترمذي إلى هذا، ثم حكى عن البخاري أنه قال:"وحديث معمر خطأ"

(3)

. والله أعلم".

(1)

قلت: لفظهما: "هل لك والدان؟ "، واللفظ الأول للترمذي كما تقدم في "البر" من المؤلف نفسه، فكان ينبغي أن يعزوه إليه أيضاً، وأن ينبه على الفرق المذكور هنا أيضاً.

(2)

بتشديد الهملة، وقال بعضهم:(أبو الرداد)، وهو أصوب، حجازي مقبول. كذا في "التقريب".

(3)

قلت: يعني لأنه وصله بذكر (رداد) بين أبي سلمة وعبد الرحمن، وفيما قاله نظر، لأن معمراً قد توبع على وصله من ثقتين، وأشار إلى ذلك البيهقي في "الأسماء والصفات"(ص 370)، ولذلك جزم الحافظ بأن حديثه هو الصواب كما بينته في "الصحيحة"(520)، وغفل عن ذلك كله الثلاثة!

ص: 670

2529 -

(12)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله تعالى خَلق الخَلْقَ، حتى إذا فَرغَ منهم قامَتِ الرحِمُ فقالَتْ: هذا مقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطيعَةِ، قال: نعم، أما تَرضينَ أنْ أصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وأقْطعَ مَنْ قطَعَكِ؟ قالتْ: بلى. قال: فذاك لَكِ". ثم قال رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

"اقْرؤوا إنْ شئْتُم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} .

رواه البخاري ومسلم.

2530 -

(13)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنْ الرَّحِمَ شُجنة

(1)

مِنَ الرحمن تقولُ: يا ربِّ! إنِّي قُطِعْتُ، يا ربِّ! إنِّي أُسِيء إليِّ، يا ربِّ! إنِّي ظُلِمْتُ، يا ربِّ! يا ربِّ! فيُجيبُها: ألا تَرْضِينَ أَنْ أَصلَ مَنْ وَصَلَكِ، وأقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟! ".

رواه أحمد بإسناد جيد قوي، وابن حبان في "صحيحه"

(2)

.

2531 -

(14)[حسن لغيره] وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:

"الرحِمُ حَجَنَةٌ متمسَّكَةٌ بالعرْشِ، تَكَلَّمُ بِلسانٍ ذَلِقٍ: اللهم صِلْ مَنْ وصَلَني، واقْطَعْ منْ قطَعَني، فيقول الله تبارك وتعالى: أنا الرحمنُ الرحيمُ، وإنِّي شقَقْتُ لِلرحِمِ مِن اسْمي، فَمنْ وصَلَها وصَلْتُه، ومَنْ بَتَكَها بَتَكْتُهُ".

رواه البزار بإسناد حسن.

(الحَجَنة) بفتح الحاء المهملة والجيم وتخفيف النون: هي صنارة المغزل، وهي الحديدة العقفاء التي يعلق بها الخيط ثم يفتلُ الغزل.

(1)

أي: قرابة مشتبكة كاشتباك العروق كما يأتي في الكتاب بعد حديث.

(2)

قلت: وكذا البخاري في "الأدب المفرد"(65).

ص: 671

وقوله: (من بتكها بتكته) أي: من قطعها قطعته.

2532 -

(15)[صحيح] وعن سعيد بن زيدٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:

"إنَّ مِنْ أربى الربا الاستطالة في عِرْضِ المسلم بغيرِ حَقٍّ، وإنَّ هذه الرحِمَ شُجْنةٌ مِنَ الرَّحْمنِ عز وجل، فَمنْ قَطَعها حَرَّم الله عليه الجنَّةَ".

رواه أحمد والبزار، ورواة أحمد ثقات.

قوله: (شُجنة من الرحمن) قال أبو عبيد: "يعني قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، وفيها لغتان: شجنة بكسر الشين وبضمها وإسكان الجيم".

2533 -

(16)[صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ليسَ الواصِل بالمكافِئ، ولكنَّ الواصِلَ: الَّذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها".

رواه البخاري -واللفظ له- وأبو داود والترمذي.

2534 -

(17)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله! إنَّ لي قرابةً أَصِلُهم وَيقْطَعوني، وأُحْسِنُ إليهم وُيُسيئون إليَّ، وأحْلُم عليهم وَيجْهَلون عليَّ؟ فقال:

" [ولئن](*) كنتَ كما قلتَ فكأنَّما تُسِفُّهم

(1)

المَلَّ، ولا يزالُ [معك](**) مِنَ الله ظهيرٌ عليهِمْ ما دُمْتَ على ذلك".

رواه مسلم

(2)

.

(الملَّ) بفتح الميم وتشديد اللام: هو الرماد الحار.

(1)

أي: تجعل وجوههم كالرماد من الحياء.

(2)

قلت: وكذا البخاري في "الأدب المفرد"(52).

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع (وإنْ)، والمثبت من (صحيح مسلم)، نص عليه الشيخ مشهور في طبعته

(**) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع، وقد نبه عليه الشيخ مشهور في طبعته وأثبته من (صحيح مسلم)

ص: 672

2535 -

(18)[صحيح] وعن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"أفضلُ الصَّدقَةِ الصدقَةُ على ذي الرحِم الكاشِحِ".

رواه الطبراني، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم". [مضى 8 - الصدقات/ 11].

ومعنى (الكاشِحِ): أنَّه الذي يضمر عداوته في كشحه، وهو خصره؛ يعني أنَّ أفضَلَ الصدقةِ الصدقةُ على ذي الرحم المضمرِ العداوةَ في باطنه، وهو في معنى قوله صلى الله عليه وسلم:

"وتصل من قطعك".

2536 -

(19)[صحيح لغيره] وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال:

ثُمَّ لقيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخذتُ بيدهِ فقلتُ: يا رسول الله! أخْبِرْني بفَواضِلِ الأعْمالِ. قال:

"يا عقبةُ! صِلْ مَنْ قَطَعكَ، وأَعْطِ مَنْ حَرمَك، وأَعْرِضْ عَمَّنْ ظَلَمك".

[صحيح] وفي رواية:

"واعْفُ عَمَّنْ ظلَمكَ".

[صحيح لغيره] رواه أحمد، والحاكم، وزاد:

"ألا وَمَنْ أرادَ أنْ يُمَدَّ في عُمُرهِ، وُيبْسَطَ في رِزْقِه؛ فلْيَصِلْ رَحِمَهُ".

ورواة أحد إسنادي أحمد ثقات

(1)

.

2537 -

(20)[صحيح] وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِنْ ذَنْبٍ أجدَرُ أنْ يعجلَ الله لِصاحِبِه العقوبةَ في الدنيا -مع ما يُدَّخَرُ له في الآخِرَةِ- مِنَ البَغْيِ وقَطيعَةِ الرحِمِ".

رواه ابن ماجه، والترمذي، وقال:

(1)

قلت: وبالإسنادين أخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(ص 5 رقم - 19 و 20).

ص: 673

"حديث حسن صحيح". والحاكم، وقال:

"صحيح الإسناد".

[حسن لغيره] ورواه الطبراني، فقال فيه:

"مِنْ قَطيعَة الرحِمِ، والخِيانَةِ، والكَذب، وإنَّ أَعْجَلَ البِرِّ ثواباً بالصلة الرحِمُ، حتَّى إن أَهْلَ البَيْتِ ليكونون فَجَرَةً

(1)

، فتنموا أمْوالُهم، ويكثُر عَدَدُهم إذا تَواصَلُوا".

[حسن لغيره] ورواه ابن حبان في "صحيحه" ففرَّقه في موضعين، ولم يذكر الخيانة والكذب، وزاد في آخره:

"وما مِنْ أهلِ بيْتٍ يتَواصَلونَ فَيحْتَاجُونَ".

2538 -

(21)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إن أعْمالَ بني آدَم تُعْرضُ كلَّ خميسٍ ليلَةَ الجمُعَةِ، فلا يُقْبَل عَمَلُ قاطعِ رَحِمٍ".

رَواه أحمد، ورواته ثقات.

2539 -

(22)[صحيح لغيره] وعن أبي موسى رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"ثلاثةٌ لا يدخلون الجنةَ: مدمنُ الخمرِ، وقاطعُ الرحم، ومصدقٌ بالسِّحرِ".

رواه ابن حبان وغيره، وقد تقدم بتمامه في "شرب الخمر"[21 - الحدود/ 6].

2540 -

(23)[صحيح] وعن جبير بن مطعمٍ رضي الله عنه؛ أنَّه سمعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا يدخُلُ الجنَّة قاطعٌ".

قال سفيان: يعني قاطع رحم.

رواه البخاري ومسلم والترمذي.

(1)

وقع في "المجمع"(8/ 152): "فقراء"، وهو خطأ مطبعي، والصواب ما هنا، فإنه كذلك في رواية ابن حبان و"أوسط الطبراني"، انظر "الصحيحة"(917 و 978).

ص: 674

‌4 - (الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته، والنفقة عليه، والسعي على الأرملة والمسكين).

2541 -

(1)[صحيح] عن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أنا وكافِلُ اليَتيم في الجنَّةِ هكذا"، وأشار بالسَّبابَةِ والوُسْطَى، وفَرَّجَ بينَهما.

رواه البخاري وأبو داود والترمذي، [وقال:"حديث حسن صحيح"]

(1)

.

2542 -

(2)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كافِلُ اليَتيمِ له أو لِغَيْرِه؛ أنا وهو كهاتَيْنِ في الجنَّة"

(2)

. وأشارَ مالِكٌ بالسبَّابَةِ والوُسْطَى.

رواه مسلم.

ورواه مالك عن صفوان بن سليم مرسلاً.

2543 -

(3)[صحيح لغيره] وعن زُرارة بن أبي أوفى عن رجل من قومه يقال له: مالكٌ -أو ابن مالك-، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ ضَمَّ يتيماً بين مسلمين في طعامِهِ وشرابِهِ حتى يستغني عنه؛ وجبتْ له الجنةُ. .، ومن أدركَ والدَيْه أو أحَدهما ثم لم يبرهما؛ دخل النار، فأبعده الله، وأيما مسلم أعتق رقبة مسلمة كانت فكاكه من النار".

(1)

وقعت هذه الزيادة في الأصل عقب حديث رواه الترمذي عن ابن عباس، وضعفه بـ (حنش)، ولم يُذكر هذا التضعيف من الأصل.

(2)

قلت: زاد أحمد: "إذا اتقى الله". انظر "الأحاديث الصحيحة"(962).

ص: 675

رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد مختصراً بإسناد حسن

(1)

. [مضى 16 - البيوع/ 5].

2544 -

(4)[حسن لغيره] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:

أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ يشكو قَسوةَ قلبِهِ. قال:

"أتُحِبُّ أنْ يلينَ قلبُك، وتُدرِكَ حاجتَك؟ ارْحَمِ اليتيمَ، وامسَحْ رأْسه، وأطْعِمْهُ مِنْ طَعامِك؛ يَلِنْ قلبُكْ، وتُدرِكْ حاجتَك".

رواه الطبراني من رواية بقية، وفيه راوٍ لم يُسَمَّ.

2545 -

(5)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

أنَّ رجُلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسْوةَ قلْبِه. فقال:

"امْسَحْ رأْسَ اليَتيمِ، وأَطْعِمِ المسكينَ".

رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

2546 -

(6)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الساعي على الأرْمَلةِ والمسْكينِ؛ كالمجاهِدِ في سبيلِ الله، -وأَحْسِبهُ قال:- وكالقائمِ لا يَفتُرُ، وكالصائم لا يُفطِرُ".

رواه البخاري ومسلم

(2)

.

[حسن] وابن ماجه؛ إلا أنه قال:

(1)

قلت: كيف وفيه علي بن زيد الذي في الحديث قبله في الأصل، -وهو في "الضعيف" هنا-، وقد صرح المؤلف بذلك فيما تقدم، وقوله:"مختصراً" إنما هو رواية له، وهي التي تقدمت هناك، لكن قد أخرجه أحمد في رواية أخرى (5/ 29) بتمامه، وهي عنده قبيل روايته المتقدمة، فكأن المؤلف ذهل عنها. ثم إن الحديث صحيح بشواهده دون لفظة (البتة)، وقد حذفتها مشيراً إليها بالنقط، وتناقض فيه الثلاثة المعلقون فحسنوه فيما تقدم، وضعفوه هنا، ودسوا في نقلهم لكلام الهيثمي ما ليس فيه، ولعله لعيّهم، ودون قصد منهم!

(2)

قلت: فاته الترمذي، أخرجه في "البر والصلة" وصححه.

ص: 676

"الساعي على الأرْملَةِ والمسكينِ؛ كالمجاهدِ في سبيل الله، وكالذي يقومُ الليلَ ويَصومُ النهارَ".

2547 -

(7)[حسن لغيره] ورُوي عن المطلب بن عبد الله المخزومي قال:

دخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا بني! ألا أحدثك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قلت: بلى يا أُمَّه.

قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من أنفقَ على بنتين أو أختين أو ذواتي قرابةٍ، يحتسبُ النفقةَ عليهما حتى يغنيَهما من فضل الله، أو يكفيهما؛ كانتا له ستراً من النار".

رواه أحمد والطبراني. وتقدم لهذا الحديث نظائر في "النفقة على البنات"[17 - النكاح/ 5، ومضى هذا هناك].

ص: 677

‌5 - (الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه).

2548 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ كانَ يؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ؛ فلا يُؤْذي جارَهُ، ومَنْ كانَ يؤمِنُ بالله واليوم الآخِرِ؛ فلْيُكْرِمْ ضيْفَهُ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِر؛ فليَقُلْ خيراً أوْ لِيَسْكُتْ".

رواه البخاري ومسلم.

وفي رواية لمسلم:

"ومَنْ كانَ يؤمِنُ بالله واليومِ الآخِر؛ فلْيُحسِنْ إلى جارِهِ".

2549 -

(2)[صحيح] وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:

"ما تقولون في الزنا؟ ".

قالوا: حرامٌ، حرَّمَهُ الله ورسولُه، فهو حَرامٌ إلى يومِ القِيامَة. قال: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لأَنْ يزنيَ الرجلُ بعَشْرِ نِسْوَةٍ؛ أيْسرُ عليه من أنْ يزنيَ بامْرأَةِ جارهِ". قال:

"ما تقولونَ في السرِقَةِ؟ ".

قالوا: حرَّمَها الله ورسولُه، فهي حَرامٌ. قال:

"لأنْ يَسْرِق الرجلُ مِنْ عشْرةِ أبْياتٍ؛ أيسرُ عليه منْ أنْ يَسرقَ مِنْ جارِه".

رواه أحمد -واللفظ له، ورواته ثقات-، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط". [مضى الشطر الأول منه 21 - الحدود/ 7].

ص: 678

2550 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"والله لا يؤْمنُ، والله لا يؤْمنُ، والله لا يؤْمِنْ".

قيلَ: مَنْ يا رسولَ الله؟ قال:

"الَّذي لا يأْمَن جارُه بوائِقَهُ".

[صحيح] رواه أحمد، والبخاري ومسلم، وزاد أحمد:

قالوا: يا رسول الله! وما بوائقه؟ قال:

"شرّه"

(1)

.

[صحيح] وفي رواية لمسلم:

"لا يدخلُ الجنَّةَ مَنْ لا يَأْمَنُ جارُه بوائِقَهُ".

2551 -

(4)[صحيح] وعن أبي شريح الكعبي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"والله لا يؤمِنُ، والله لا يؤمِنُ، والله لا يؤمِنُ".

قيلَ: يا رسولَ الله! لقد خابَ وخَسِرَ، مَنْ هذا؟ قال:

"مَنْ لا يَأْمَنُ جارُه بوائِقَه".

قالوِا: وما بوائقه؟ قال:

"شَرُّه".

رواه البخاري

(2)

.

(1)

قلت: وكذلك أخرجه الحاكم (1/ 10 و 4/ 165)، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصنيع المؤلف يوهم أنهما أخرجاه بهذا السياق دون الزيادة، وليس كذلك، أما البخاري فلم يسق لفظه مطلقاً، ثم إنه لم يوصله، وإنما علقه عقب حديث أبي شريح الآتي بعده، وأما مسلم فليس عنده إلا الرواية المختصرة الآتية (1/ 49)، وهي عند البخاري أيضاً في "الأدب المفرد"(121). وراجع "الفتح"(10/ 364) إن شئت، و"العجالة"(191/ 1 - 2).

(2)

قلت: لكن ليس عنده "خاب وخسر"، وأنا أظن أن المؤلف دخل عليه حديث في حديث، فقد جاءت هذه الزيادة في حديث أبي ذر المتقدم في (18 - اللباس/ 2). وكذلك أخرجه أحمد (4/ 31 و 6/ 385)، وعنده:"قالوا: وما بوائقه؟. ."؛ دون البخاري. انظر "الفتح".

ص: 679

2552 -

(5)[صحيح لغيره] وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما هو بِمؤْمِنٍ منْ لَمْ يأْمَنْ جارُه بوائِقَهُ".

رواه أبو يعلى من رواية ابن إسحاق.

(البوائق) جمع (بائقة)، وهي: الشر وغائلته كما جاء في حديث أبي هريرة المتقدم.

2553 -

(6)[صحيح] وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"والذي نفسي بيده لا يؤمِنُ عبدٌ حتى يُحِبَّ لِجارِه -أو قال: لأَخيه- ما يُحِبُّ لِنَفْسِه".

رواه مسلم.

2554 -

(7)[حسن] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتى يستقيمَ قلبُه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيمَ لسانُه، ولا يستقيمُ لسانُه ولَا يدخلُ الجنةَ حتى يأمنَ جارُه بوائِقَه".

رواه أحمد، وابن أبي الدنيا في "الصمت"؛ كلاهما من رواية علي بن مسعدة.

2555 -

(8)[صحيح] وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"المؤمِنُ مَنْ أمِنَهُ الناسُ، والمسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المسْلِمونَ مِنْ لِسانِه ويَدِهِ، والمهاجِرُ مَنْ هَجر السُّوءَ، والذي نفْسي بيده لا يدْخلُ الجنَّةَ عبدٌ لا يَأْمَنُ جارُه بوائِقَهُ".

رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، وإسناد أحمد جيد، تابع عليَّ بن زَيد حميدٌ ويونسُ بن عبيد

(1)

.

(1)

ومن طريقهما صححه ابن حبان والحاكم والذهبي. انظر "الصحيحة"(549).

ص: 680

2556 -

(9)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: كان يقول:

"اللهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ مِنْ جارِ السوءِ في دارِ المُقامَةِ، فإنَّ جارَ البادِيَةِ يَتحوَّلُ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"

(1)

.

2557 -

(10)[حسن] وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أوَّل خَصْمَيْن يومَ القِيامَة جَارانِ".

رواه أحمد -واللفظ له- والطبراني بإسنادين أحدهما جيد.

2558 -

(11)[صحيح لغيره] وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال:

جاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يشكو جارَهُ. قال:

"اطْرَحْ متاعَك على الطريقِ".

فطَرحَهُ، فجعلَ الناسُ يَمرُّون عليه ويلْعَنونَهُ، فجاءَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله! [ما](*) لقيتُ منَ الناسِ. قال:

"وما لقيتَ منهم؟ ".

قال: يَلْعَنُونَني. قال:

"قد لَعنكَ الله قَبْلَ الناسِ"،

فقال: إنِّي لا أعودُ، فجاء الذي شكاهُ إلى النبيُ صلى الله عليه وسلم، فقال:

ارْفَعْ مَتاعَك فقد كُفِيتَ.

[صحيح لغيره] رواه الطبراني والبزار بإسناد حسن

(2)

بنحوه؛ إلا أنه قال:

(1)

قلت: فاته البخاري في "الأدب المفرد"، والنسائي، وقد خرجته في "الصحيحة"(1443).

(2)

فاته أيضاً البخاري في "الأدب المفرد"(رقم - 125)، والحاكم (4/ 166) وقال:

"صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي!

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع، وقد زاده الشيخ مشهور في طبعته وقال: هو مثبت في (المجمع) و (المعجم الكبير) للطبراني

ص: 681

"ضَعْ متاعَك على الطريقِ -أو على ظهرِ الطريقِ-". فوضَعه، فكانَ كلُّ مَنْ مرَّ بِه قال: ما شأْنُكَ؟ قال: جاري يؤذيني. قال: فيدْعو عليه. فجاءَ جارُه فقال: رُدَّ متاعَك؛ فإنِّي لا أوذيك أبداً.

2559 -

(12)[حسن صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

جاء رَجلٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يشكو جارَه، فقال له:

"اذهبْ فاصْبِرْ".

فأتاه مرَّتين أوْ ثلاثاً؛ فقال:

"اذهَبْ فاطْرَحْ متاعَك في الطريقِ".

فَفَعل، فجعلَ الناسُ يمرُّون ويسْأَلونَه، فيُخْبِرُهمِ خَبَر جارِه، فجعَلُوا يَلْعَنونَهُ: فعلَ الله به وفَعلَ، وبعضُهم يدْعُو عليهِ. فجاءَ إليْهِ جارُه فقال: ارْجع فإنَّك لَنْ ترى منِّي شيئاً تكْرَهُه.

رواه أبو داود -واللفظ له-، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم"

(1)

.

2560 -

(13)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رجلٌ: يا رسول الله! إنَّ فلانة يُذكرُ مِنْ كثرةِ صلاتِها وصدَقَتِها وصِيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها. قال:

"هيَ في النارِ".

قال: يا رسولَ الله! فإنَّ فلانَةَ يُذكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيامِها [وصَدَقتها]

(2)

وصَلاتِها، وأنَّها تَتَصدَّقُ بالأثْوارِ مِنَ الأقِط، ولا تُؤْذي جيرانَها [بلسانها]. قال:

"هي في الجَنَّةِ".

(1)

قلت: ورواه البخاري أيضاً في "الأدب المفرد"(رقم 124)، وأبو يعلى (ق 309/ 2).

(2)

هذه الزيادة والتي بعدها استدركتهما من "المسند"(2/ 440).

ص: 682

رواه أحمد والبزار، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد"

(1)

.

[صحيح] ورواه أبو بكر بن أبي شيبة بإسناد صحيح أيضاً. ولفظه -وهو لفظ بعضهم-:

قالوا: يا رسولَ الله! فلانَةٌ تصَومُ النهارَ، وتَقومُ اللَّيلَ، وتُؤذِي جيرانها؟ قال:

"هيَ في النارِ".

قالوا: يا رسولَ الله! فلانَةٌ تُصلِّي المكتوباتِ، وتَصَّدَّقُ بالأَثْوارِ مِنَ الأقِطِ، ولا تُؤْذي جيرانَها. قال:

"هي في الجنَّةِ".

(الأثوار) بالمثلثةِ جمع (ثَوْر): وهي القطعة من الأقطِ.

و (الأَقِطُ) بفتح الهمزة وكسر القاف وبضمها أيضاً وبكسر الهمزة والقاف معاً وبفتحهما: هي شيءٌ يتخذ من مخيض اللبن الغنمي.

2561 -

(14)[صحيح لغيره] وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما آمنَ بي مَنْ باتَ شَبْعاناً وجارُه جائعٌ إلى جَنْبِه وهو يعلَمُ".

رواه الطبراني والبزار، وإسناده حسن.

2562 -

(15)[صحيح لغيره] وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ليس المؤمِنُ الذي يشْبَعُ وجارُه جائعٌ".

(1)

قلت: ورواه البخاري أيضاً في "الأدب المفرد"(119) وغيره، وهو مخرج في "الصحيحة"(190).

ص: 683

رواه الطبراني وأبو يعلى، ورواته ثقات

(1)

.

2563 -

(16)[صحيح لغيره] ورواه الحاكم من حديث عائشة؛ ولفظه:

"ليسَ المؤمِنُ الذي يَبِيتُ شَبعاناً وجارُه جائعٌ إلى جَنْبِه".

2564 -

(17)[حسن] ورُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"كمْ مِنْ جارٍ مُتعلِّق بجارِه يقولُ: يا ربِّ! سَلْ هذا: لمَ أغْلقَ عني بابَهُ، ومَنَعني فَضْلَهُ؟! ".

رواه الأصبهاني

(2)

.

2565 -

(18)[صحيح] وعن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ كانَ يؤمِنُ بالله واليوم الآخِرِ؛ فلْيُحسِنْ إلى جارِهِ، ومَنْ كانَ يؤمنُ بالله واليومِ الآخِرِ؛ فلْيُكْرِم ضيْفَهُ، ومَنْ كانَ يُؤْمِنَ بالله واليومِ الآخِرِ؛ فلْيَقُلْ خَيْراً أوْ لِيَسْكُتْ".

رواه مسلم

(3)

.

2566 -

(19)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ كانَ يؤمِنُ بالله واليومِ الآخِر؛ فلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَنْ كانَ يؤمِنُ بالله واليوم الآخِرِ؛ فلْيَقُلْ خَيراً أوْ لِيَصْمُتْ، ومَنْ كانَ يُؤْمِنْ بالله واليومِ الآخِرِ؛ فلْيُكْرِمْ جارَهُ".

(1)

كذا قال، وفيه تساهل معروف من المؤلف كالهيثمي، واغتر بهما الجهلة المقلدة، ففيه مجهول! وفاته البخاري في "الأدب المفرد"، فراجع "الصحيحة"(149).

(2)

فاته البخاري في "الأدب المفرد"، لكن إسناد الأصبهاني خير منه، وبيانه في "الصحيحة"(2646).

(3)

قلت: وكذا البخاري في "الأدب المفرد"(رقم - 102)، وتقدم من حديث أبي هريرة في أول الباب بلفظ البخاري، والطرف الأول منه من رواية مسلم عن أبي هريرة.

ص: 684

رواه أحمد بإسناد حسن.

2567 -

(20)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَن يأْخُذ عنِّي هذه الكلماتِ فيعملُ بهنَّ، أو يُعلِّم مَنْ يعملُ بِهنَّ؟ ".

فقال أبو هريرة: قلتُ: أنا يا رسولَ الله. فأخذَ بيدي فَعَدَّ خمْساً؛ فقال:

"اتَّقِ المحارِمَ تكُنْ أعْبَد الناسِ، وارضَ بما قسمَ الله لكَ تكُنْ أغْنَى الناسِ، وأحْسِنْ إلى جارِكَ تكُنْ مؤمِناً، وأحبَّ للناسِ ما تُحِبُّ لنفْسِكَ تكُنْ مسْلِماً، ولا تكثِرِ الضحِكَ؛ فإنَّ كثرَة الضَّحِكِ تُميتُ القلْبَ".

رواه الترمذي وغيره من رواية الحسن عن أبي هريرة. وقال الترمذي:

"الحسن لم يسمع من أبي هريرة".

ورواه البزار

(1)

والبيهقي بنحوه في "كتاب الزهد" عن مكحول عن واثلة عنه، وقد سمع مكحول من واثلة. قاله الترمذي وغيره. لكن بقية إسناده فيهم ضعف.

2568 -

(21)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"خيرُ الأصْحابِ عند الله خيرُهم لصاحِبِه، وخيرُ الجيرانِ عند الله خيرُهم لِجارِه".

رواه الترمذي وقال:

"حديث حسن غريب".

وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما". والحاكم وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

(1)

كذا وقع هنا، ولم أره في "كشف الأستار" بعد مزيد البحث عنه، فأظنه خطأ من بعض النساخ، فقد تقدم (21 - الحدود/ 4) معزواً لابن ماجه والبيهقي، وهو الصواب إن شاء الله تعالى.

ص: 685

2569 -

(22)[صحيح] وعن مُطَرِّف -يعني ابن عبد الله- قال:

كان يَبلُغُني عنْ أبي ذرٍّ حديثٌ، وكنتُ أشْتَهي لقاءَهُ، فلَقيتُه، فقلتُ: يا أبا ذر! كان يَبْلُغُني عنكَ حديثٌ، وكنتُ أشْتَهي لقاءَك. قال: لله أبوك، لقد لَقيتَني فهاتِ. قلتُ: حديثٌ بلَغني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّثَك، قال:

"إنَّ الله عز وجل يُحبُّ ثلاثَةً ويُبْغِضُ ثلاثَةً".

قال: فَما إِخالُني أكْذِبُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

قال: فقلتُ: فَمن هؤلاءِ الثلاثةُ الذين يُحبُّهُم الله عز وجل؟ قال:

"رجلٌ غزا في سبيلِ الله صابِراً محْتَسِباً فقاتَل حتى قُتِلَ، وأنتُمْ تَجِدونَه عندَكم مكْتوباً في كتابِ الله عز وجل، ثمَّ تلا:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} .

قلتُ: وَمَن؟ قال:

"رجلٌ كانَ له جارُ سوءٍ يُؤْذيِه فيَصْبِرُ على أذاهُ حتى يكْفِيَهُ الله إيَّاه بحياةٍ أوْ موتٍ" فذكر الحديث.

رواه أحمد، والطبراني واللفظ له، وإسناده وأحد إسنادي أحمد رجالهما محتج بهم في "الصحيح".

ورواه الحاكم وغيره بنحوه، وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

2570 -

(23)[صحيح] وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما زال جبريلُ عليه السلام يوصيني بالجار حتى ظنَنْتُ أنَّه سيُوَرِّثُهُ".

رواه البخاري ومسلم والترمذي، ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث عائشة وحدها.

ص: 686

2571 -

(24)[صحيح] وابن ماجه أيضاً وابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة.

2572 -

(25)[صحيح] وعن رجلٍ من الأنْصار

(1)

قال:

خرجتُ مع

(2)

أهْلي أريدُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وإذا [أنا] بِه قائمٌ، وإذا رجلٌ مقْبِلٌ عليه، فظنَنْتُ أنَّ لهما حاجةً، فجلستُ، فوالله لقد قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلتُ أرْثي لهُ مِنْ طولِ القِيامِ، ثُمَّ انْصرَف، فقُمْتُ إليه، فقلتُ: يا رسولَ الله! لقد قامَ بكَ هذا الرجلُ حتى جعلتُ أرْثي لك مِنْ طولِ القِيامِ. قال: "أتدْري مَنْ هذا؟ ".

قلتُ: لا. قال:

" [ذاك] جبريلُ صلى الله عليه وسلم، ما زالَ يوصيني بالجارِ حتى ظَنَنْتُ أنَّه سيُوَرِّثُه، أَمَا إنَّك لو سلِّمْتَ عليه لَردَّ عليكَ السلامَ".

رواه أحمد بإسناد جيد، ورواته رواة "الصحيح".

2573 -

(26)[صحيح] وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال:

سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقَتِه الجَدعاءِ في حِجَّةِ الوَداعِ يقول:

"أوصيكُم بالجَارِ"، حتَّى أكْثَر، فقلتُ: إنَّه يوَرِّثُهُ.

رواه الطبراني

(3)

بإسناد جيد.

(1)

الأصل: (الأنصاري)، والتصويب من "المسند" والمخطوطة و"مكارم الأخلاق"(ص 35 و 36).

(2)

كذا الأصل، وهو كذلك في الرواية في "المسند"(5/ 365)، وفي رواية أخرى عنده (5/ 32):"من" ولعلها أصح، والزيادة أصح، والزيادة الأولى منهما والأخرى من الثانية، والسياق مركب منهما.

(3)

قلت: في "المعجم الكبير"(8/ 130/ 7523)، ورواه أحمد (5/ 267) مختصراً، وسندهما حسن أو صحيح.

ص: 687

2574 -

(27)[صحيح] وعن مجاهد:

أنَّ عبدَ الله بنَ عَمْرو رضي الله عنهما ذُبِحَتْ لهُ شاةٌ في أهْلِهِ، فلمَّا جاءَ قال: أهْدَيْتُم لِجارِنا اليَهودِيَّ، أهْديْتُم لِجارِنا اليَهوديِّ؟ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"ما زال جبريلُ يوصيني بالجَارِ حتى ظنَنْتُ أنَّه سيُوَرِّثُهُ".

رواه أبو داود، والترمذي واللفظ له، وقال:

"حديث حسن غريب"

(1)

.

(قال الحافظ):

"وقد روي هذا المتن من طرق كثيرة وعن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم".

2575 -

(28)[صحيح لغيره] وعن نافع بن عبد الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مِنْ سعادَةِ المرْءِ؛ الجارُ الصالحُ، والمرْكَبُ الهنيءُ، والمسْكنُ الواسعُ".

رواه أحمد، ورواته رواة "الصحيح"

(2)

.

2576 -

(29)[صحيح] وعن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"أربعٌ مِنَ السعادَةِ: المرأةُ الصالِحَةُ، والمسْكَنُ الواسعُ، والجارُ الصالِحُ، والمرْكَبُ الهَنيءُ.

وأربعٌ مِنَ الشَّقاءِ: الجارُ السوءُ، والمرأَةُ السوءُ، والمركَبُ السوءُ، والمسْكَنُ الضيِّقُ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"[مضى 17 - النكاح/ 2].

(1)

قلت: فاته البخاري في "الأدب المفرد"(128).

(2)

والبخاري أيضاً في "الأدب المفرد"(116)، وانظر "الصحيحة"(282/ 1803).

ص: 688

‌6 - (الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين، وما جاء في إكرام الزائرين

(1)

).

2577 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ رجُلاً زارَ أخاً له في قَرْيَةٍ [أخرى]، فأرْصَد الله تعالى [له] على مَدرَجتِه مَلَكاً، فلمَا أتى عليه قال: أينَ تُريدُ؟ قال: أريدُ أخاً لي في هذه القَرْيَةِ، قال: هَلْ لك عليه مِنْ نِعْمةٍ تَربُّها؟ قال: لا، غير أني أحْبَبْتُه في الله، قال: فإنِّي رسولُ الله إليكَ؛ بأنَّ الله قد أحبَّك كما أحْبَبْتَهُ فيه".

رواه مسلم.

(المَدْرَجَةُ) بفتح الميم والراء: الطريق.

وقوله: (تَرُبُّها): أي: تقوم بها وتسعى في صلاحها.

2578 -

(2)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ عادَ مريضاً، أو زارَ أخاً له في الله؛ ناداه منادٍ: أنْ طِبْتَ وطابَ مَمْشاكَ، وتَبوَّأْتَ مِنَ الجنَّةِ مَنْزِلاً".

رواه ابن ماجه والترمذي -واللفظ له- وقال: "حديث حسن"، وابن حبان في "صحيحه"؛ كلهم من طريق أبي سنان عن عثمان بن أبي سودة عنه.

2579 -

(3)[حسن صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ما مِنْ عبدٍ أتى أخاه يزورُه في الله، إلا ناداهُ [منادٍ]

(2)

مِنَ السماءِ: أَنْ طِبْتَ وطابَتْ لَكَ الجنَّةُ، وإلا قالَ الله في مَلكُوتِ عرشِه: عَبْدي زارَ فِيَّ،

(1)

انظر أحاديث هذه الفقرة في "الضعيف".

(2)

سقطت من الأصل، واستدركتها من "زوائد البزار"(2/ 389/ 1918)، والسياق له، ومنه الزيادة الثانية، ولفظ أبي يعلى (4140):"فلم أرض له بقرى دون الجنة".

ص: 689

وعَليَّ قِرَاهُ، فَلمْ يَرْضَ [الله] له بثَوابٍ دونَ الجنَّةِ".

رواه البزار وأبو يعلى بإسناد جيد.

2580 -

(4)[حسن لغيره] وعن أنس أيضاً عنِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"ألا أُخْبِرُكم بِرِجالِكُم في الجنَّة؟ ".

قلنا: بَلى يا رسولَ الله! قال:

"النبيُّ في الجنَّةِ، والصدِّيقُ في الجنَّةِ، والرجلُ يزورُ أخَاه في ناحيةِ المِصْرِ لا يزورُه إلا لله في الجنةِ" الحديث.

رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير"، وتقدم بتمامه في "حق الزوجين"[17 - النكاح/ 3].

2581 -

(5)[صحيح] وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"قال الله تبارك وتعالى: وجَبَتْ محَبَّتي لِلْمُتحابِّينَ فِيَّ، وللمُتَجالِسينَ فِيَّ، ولِلْمُتَزاوِرِينَ فِيَّ، ولِلْمُتَباذِلينَ فيَّ".

رواه مالك بإسناد صحيح، وفيه قصة أبي إدريس، وسيأتي بتمامه في "الحب في الله" مع حديث عمرو بن عبسة [23 - الأدب/ 31].

2582 -

(6)[صحيح] وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"انطلقوا بنا إلى بني واقفٍ نزور البصيرَ. رجل كان مكفوفَ البصرِ".

رواه البزار بإسناد جيد

(1)

.

(1)

قلت: أسنده من حديث جابر بن عبد الله أيضاً (1919 - 1920)، وهو الأرجح كما كنت فصلته في "الصحيحة"(515).

ص: 690

2583 -

(7)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"زُرْ غِبَّاً تَزْدَدْ حُبّاً".

رواه الطبراني.

2584 -

(8)[صحيح] ورواه البزار من حديث أبي هريرة، ثم قال:

"لا يُعلم فيه حديث صحيح".

(قال الحافظ):

"وهذا الحديث قد رُوي عن جماعة من الصحابة، وقد اعتنى غير واحد من الحفاظ بجمع طرقه والكلام عليها، ولم أقف له على طريق صحيح كما قال البزار، بل له أسانيد حسان عند الطبراني وغيره، وقد ذكرت كثيراً منها في غير هذا الكتاب

(1)

. والله أعلم".

2585 -

(9)[حسن] وروى ابن حبان في "صحيحه" عن عطاء قال:

دخلتُ أنا وعُبَيْدُ بْن عُمَيْرٍ على عائشة رضي الله عنها، فقالتْ لعُبَيْدِ بْنِ عُمَيرٍ:

قد آنَ لك أنْ تَزورَنا.

فقال: أقولُ يا أُمَّهْ كما قال الأوَّلُ: "زُرْ غِبَّاً تَزْدَدْ حُبّاً".

قال: فقالتْ: دعونا مِنْ بَطالَتِكم هذه.

قال ابن عُمَيْرٍ: أخْبِرينا بأعْجَبِ شيْءٍ رأَيتيهِ مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فذكر الحديث في نزول {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} . [مضى تمامه 13 - القراءة/ 6 دون ما هنا].

(1)

قلت: وقد خرجت بعضها في "الروض النضير"(برقم - 278).

ص: 691

‌7 - (الترغيبُ في الضيافَةِ وإكرامِ الضيفِ، وتأكيد حقِّهِ، وترهيبُ الضيفِ أنْ يُقيم حتى يُؤْثِمَ أهْلَ المنزل).

2586 -

(1)[صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ كان يؤمن بالله واليومِ الآخِرِ؛ فليُكْرِمْ ضيْفَهُ، ومَنْ كانَ يؤمِنْ بالله واليومِ الآخِر؛ فلْيَصِلْ رحِمَهُ، ومَنْ كانَ يؤمِنُ بالله واليوم الآخِرِ؛ فلْيَقُلْ خيراً أوْ ليصْمُتْ".

رواه البخاري ومسلم

(1)

. [مضى هنا/ 3].

2587 -

(2)[صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: دخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"ألَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تقومُ اللَّيلَ وتصومُ النهارَ؟ ".

قلتُ: بَلى. قال:

"فلا تَفْعَلْ، قُمْ ونَمْ، وصُمْ وأَفْطِرْ؛ فإنَّ لَجَسدِكَ عليكَ حقّاً، وإنَّ لِعَيْنِكَ عليكَ حقّاً، وإنَّ لزَوْرِكَ عليك حقّاً، وإنَّ لزَوْجِكَ عليك حقَّاً" الحديث.

رواه البخاري واللفظ له، ومسلم وغيرهما. [مضى بلفظ مسلم 9 - الصوم/ 12].

قوله: "وإنَّ لزورك عليك حقاً" أي: وإن لزوارك وأضيافك عليك حقاً، يقال للزائر:(زَوْر) بفتح الزاي سواء فيه الواحد والجمع.

2588 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنِّي مَجْهودٌ. فأرْسَل إلى بعض نسائه فقالتْ: لا والَّذي بعَثك بالْحَقِّ ما عندي إلا ماءٌ، ثم أرسل إلى أُخْرى،

(1)

سبق تخريجه وبيان أنه ليس فيه عند مسلم جملة "فليصل رحمه".

ص: 692

فقالَتْ مثلَ ذلك، حتى قُلْنَ كلُّهُنَّ مثلَ ذلك: لا والذي بعَثَك بالْحَقِّ ما عندي إلا ماءٌ. فقال:

"مَنْ يُضِيفُ هذا اللَّيْلَةَ رحمه الله؟ ".

فقامَ رجلٌ مِنَ الأنْصارِ فقال: أنا يا رسولَ الله، فانطلَق بِه إلى رَحْلِه، فقال لامْرأَته: هل عندَكِ شيءٌ؟ قالت: لا إلا قُوتَ صِبياني، قال: فَعَلِّلِيهم بشيءٍ، فإذا أرادوا العَشَاء فَنَوِّمِيهِمْ، فإذا دَخَل ضيْفُنا فأَطْفئيِ السِّراج، وأَريهِ أنَّا نأْكُلُ.

-وفي رواية:- فإذا أَهْوى لِيَأْكلَ فقومي إلى السِّراج حتى تُطْفِئيهِ، قال: فَقَعدوا وَأَكَلَ الضيفُ وباتا طاوِييْنِ، فلمَّا أصبَح غدا عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"قد عَجِبَ الله مِنْ صَنيعِكُما بضَيْفِكُما"، -زاد في رواية:

فنزَلَتْ هذه الآيةُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} -.

رواه مسلم وغيره

(1)

.

2589 -

(4)[صحيح] وعن أبي شريحٍ خويلد بن عمروٍ رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ كانَ يؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ فلْيُكْرِمْ ضيفَهُ، جائزتُه يومٌ وليلَةٌ، والضيافَةٌ ثلاثَة أيَّامٍ، فما كان بَعد ذلك فهو صَدَقةٌ، ولا يحلُّ له أنْ يَثوِيَ عنده حتّى يُحْرِجَهُ".

رواه مالك، والبخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

(1)

قال الناجي: "كذا رواه البخاري أيضاً بنحوه في موضعين".

قلت: وليس عند مسلم (6/ 128) جملة التنويم، وإنما هي عند البخاري في رواية (4889)، ولمسلم مختصرها، وهو رواية للبخاري (3798)، وفيها قوله:"وباتا طاويين". والحديث في "الصحيحة" برقم (3272).

ص: 693

قال الترمذي:

"ومعنى (لا يثوي): لا يقيم حتى يشتد على صاحب المنزل، و (الحرج): الضيق" انتهى.

(وقال الخطابي): " [معناه] (*) لا يحل للضيف أن يقيم عنده بعد ثلاثة أيام من غير استدعاء منه حتى يضيق صدره فيبطل أجره" انتهى.

(قال الحافظ):

"وللعلماء في هذا الحديث تأويلان:

أحدهما: أنه يعطيه ما يجوز به ويكفيه في يوم وليلة إذا اجتاز به، وثلاثة أيام إذا قصده.

والثاني: يعطيه ما يكفيه يوماً وليلة يستقبلهما بعد ضيافته".

2590 -

(5)[صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"للِضيْفِ على مَنْ نَزل به من الحقّ ثلاثٌ، فما زادَ فهو صدَقةٌ، وعلى الضيْفِ أنْ يَرْتَحِلَ؛ لا يُؤْثِمُ أهْلَ المَنْزِلِ".

رواه أحمد

(1)

وأبو يعلى والبزار، ورواته ثقات سوى ليث بن أبي سليم.

2591 -

(6)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"أيُّما ضيْفٍ نزلَ بقومٍ فأصْبَح الضيفُ مَحْروماً؛ فله أنْ يأْخُذَ بقدرِ قِراهُ، ولا حَرَج عليه".

(1)

لم أره عنده من حديث أبي هريرة، ولا عزاه إليه الهيثمي في "المجمع"(8/ 176)، وإنما رواه (4/ 31) من حديث أبي شريح المتقدم آنفاً نحوه. وهو رواية لمسلم.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع، وأثبته الشيخ مشهور في طبعته وقال: هي في الأصل (المنيرية)، وسائر الطبعات

ص: 694

رواه أحمد ورواته ثقات، والحاكم وقال:

"صحيح الإسناد".

2592 -

(7)[صحيح] وعن أبي كريمة -وهو المقدام بن معد يكرب الكندي- رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ليلةُ الضيْفِ حقٌّ على كل مسْلِمٍ، فمَنْ أصْبَح بِفنائِه فهو عليه دَيْنٌ، إنْ شاءَ اقْتَضَى

(1)

، وإنْ شاءَ تَركَ".

رواه أبو داود وابن ماجه.

2593 -

(8)[صحيح لغيره] وعن التَّلِبِّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"الضيافةُ ثلاثة أيام حقٌّ لازمٌ، فما كان بعد ذلك فصدقة".

رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" بإسناد فيه نظر

(2)

.

2594 -

(9)[صحيح لغيره] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ كانَ يؤمِنْ بالله واليوم الآخِرِ؛ فلْيُكْرِمْ ضيفَهُ -قالها ثلاثاً-".

قال رجلٌ: وما كَرامَة الضيفِ يا رسولَ الله؟ قال:

"ثلاثَةُ أيّامٍ، فما زادَ

(3)

بعدَ ذلك فهوَ صدَقَة".

رواه أحمد مطولاً ومختصراً بأسانيد أحدها صحيح، والبزار وأبو يعلى.

(1)

الأصل: (قضى)، وهو تصحيف ظاهر؛ كما قال الناجي، ولم يتنبه لذلك المعلقون الثلاثة لعجمتهم!

(2)

قلت: لكن يشهد له الحديث (4 و 5)، وزيادة:"حق لازم" يشهد لمعناها كل أحاديث الباب، على أنها لم ترد في رواية "الأوسط"(3/ 288) وهو رواية لأبي نعيم في "المعرفة"(3/ 215/ 1292).

(3)

في "المسند"(3/ 76): "فما جلس"، وهو في بعض نسخ الكتاب، وهو لفظ "مجمع الزوائد" كما قال الناجي (191/ 2).

ص: 695

2595 -

(10)[صحيح] وعن عبد الله -يعني ابن مسعود- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"الضيافَةُ ثلاثَةُ أيَّامٍ، فما زادَ فهو صَدَقةٌ، وكلُّ معروفٍ صدَقةٌ".

رواه البزار، ورواته ثقات.

(قال الحافظ):

وتقدم "باب في إطعام الطعام"[8 - الصدقات/ 17]، وفيه غير ما حديث يليق بهذا الباب، لم نُعِدْ منها شيئاً.

‌8 - (الترهيب من أنْ يحتقر المرء ما قدم إليه، أو يحتقر ما عنده أنْ يقدمه للضيف).

[لم يذكر تحته حديثاً على شرط كتابنا].

ص: 696

‌9 - (الترغيب في زرع وغرسِ الأشجار المثمرةِ).

2596 -

(1)[صحيح] عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِنْ مسلم يغْرِسُ غَرساً؛ إلا كانَ ما أُكِلَ منه لَهُ صدقَةً، وما سُرِقَ منه؛ له صدقَة، [وما أكل السبُعُ منه؛ فهو له صدقة، وما أكل الطير منه؛ فهو له صدقة]

(1)

، ولا يَرزَؤه أحدٌ؛ إلا كانَ له صدقَةً إلى يومِ القِيامَةِ".

[صحيح] وفي رواية:

"فلا يغرِسُ المسلمُ غَرْساً فيأكُلُ منه إنسانٌ ولا دابَّةٌ ولا طيرٌ؛ إلا كانَ له صدَقةً إلى يومِ القِيامةِ".

[صحيح] وفي رواية له:

"لا يَغْرِسُ مسلمٌ غَرساً ولا يَزرَعُ زَرْعاً فيأْكُلُ منه إنسانٌ ولا دابَّةٌ ولا شيْءٌ؛ إلا كانَتْ لَهُ صدقةً".

رواه مسلم.

(يَرْزَؤه) بسكون الراء وفتح الزاي بعدهما همزة معناه: يصيب منه وينقصه.

2597 -

(2)[صحيح] وعن أنسٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"ما مِنْ مسلمٍ يغرِس غرساً، أو يزرَعُ زَرْعاً، فيأكُلُ منه طيرٌ أوْ إنْسانٌ، إلا كانَ له به صدَقَةٌ".

رواه البخاري ومسلم والترمذي.

(1)

سقطت من الأصل واستدركتها من "مسلم"(5/ 27)، لكن ليس فيه قوله:"إلى يوم القيامة"، فالظاهر أنها خطأ من الناسخ؛ انتقل بصره إلى الرواية التي تليها. ولم يتنبه لهذا كله المقلدون الثلاثة الذين همهم تسويد السطور!!

ص: 697

2598 -

(3)[صحيح لغيره] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يَغْرِسُ مسلمٌ غَرساً، ولا يَزرَعُ زَرْعاً، فيأكُلُ منه إنْسانٌ ولا طائرٌ ولا شَيْءٌ؛ إلا كانَ لَه أجْرٌ".

رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن.

2599 -

(4)[حسن صحيح] وعن خلادِ بنِ السائبِ عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"مَنْ زرَع زرعاً فأَكَل منه الطيرُ أوِ العافِيَةُ

(1)

؛ كانَ له صدقَةٌ".

رواه أحمد والطبراني، وإسناد أحمد حسن

(2)

.

2600 -

(5)[حسن صحيح] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه:

أنَّ رجلاً مرَّ به وهو يغْرسُ غَرْساً بدِمَشْقَ فقال له: أتَفْعلُ هذا وأنتَ صاحِبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قال: لا تَعْجَلْ عليَّ، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ غَرس غَرْساً لَمْ يأكُلْ منه آدَمِيُّ ولا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الله؛ إلا كانَ لَهُ به صَدقَة".

رواه أحمد، وإسناده حسن بما تقدم.

(1)

(العافية) و (العوافي): كل طالب رزق من إنسان أو بهيمة أو طائر.

(2)

يشهد له أحاديث الباب وحديث جابر: "من أحيا أرضاً ميتة له بها أجر، وما أكلت منه العافية فله به أجر". وهو مخرج في "الصحيحة"(568)، ورواه البزار في (2/ 267) يلفظ:"فله منها صدقة".

ص: 698

[حسن لغيره] وتقدم في "كتاب العلم"[1/ 3] وغيره حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"سبعٌ يجري للعبدِ أجرُهن وهو في قبره بعد موته: من علّم علماً؛ أو كرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته".

رواه البزار وأبو نعيم والبيهقي.

ص: 699

‌10 - (الترهيب من البخل والشح، والترغيب في الجود والسخاء).

2601 -

(1)[صحيح] عن أنسٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقول:

"اللهُمَّ إني أعوذُ بكَ مِنَ البُخلِ، والكَسَلِ، وأرْذَلِ العُمُر، وعذابِ القَبْرِ، وفتْنَةِ المَحْيا والممَاتِ".

رواه مسلم وغيره.

2602 -

(2)[صحيح] وعن جابر رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"اتَّقوا الظُّلْمَ؛ فإنَّ الظُّلْمَ ظُلماتٌ يومَ القِيامَةِ، واتَّقوا الشُّحَّ؛ فإنَّ الشُّحَّ أهْلَك مَنْ كانَ قَبْلَكُم؛ حمَلَهُم على أنْ سَفَكوا دماءَهُم، واسْتَحلُّوا محارِمَهُم".

رواه مسلم

(1)

.

(الشح) مثلث الشين: هو البخل والحرص.

وقيل: (الشح): الحرص على ما ليس عندك، والبخل بما عندك.

2603 -

(3)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"إيَّاكُمْ والفُحْشَ والتفحُّشَ، فإنَّ الله لا يُحِبُّ الفاحِشَ والمتفَحُّشَ، وإيَّاكُمْ والظُّلمَ، فإنَّه هو الظُّلماتُ يومَ القِيامَةِ، وإيَّاكُمْ والشُّحَّ، فإنَّه دعا مَنْ كانَ قَبلَكُم فَسَفكوا دِماءَهم، ودَعا مَنْ كان قَبْلَكُم فَقَطَّعوا أرْحامَهُمْ، ودَعا مَنْ كانَ قبْلَكُم فاسْتَحَلوا حُرُماتِهِمْ".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم واللفظ له، وقال:

"صحيح الإسناد"

(2)

.

(1)

قلت: والبخاري في "الأدب المفرد"(483 و 488).

(2)

قلت: فاته أيضاً البخاري في "الأدب المفرد"(470 و 487).

ص: 700

2604 -

(4)[صحيح] وعن عبد الله بن عمر [و]

(1)

رضي الله عنهما قال:

خطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

"إيَّاكُمْ والظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظلُماتٌ يومَ القِيامَةِ، وإيَّاكُمْ والفُحْشَ والتَّفَحُّشَ، وإيَّاكُمْ والشُّحَّ، فإنَّما هلَكَ مَنْ كان قَبْلَكُم بالشُّحِّ، أَمَرهُم بالقَطيعةِ فقَطَّعوا، وأَمَرهُم بالبُخْلِ فبَخِلوا، وأمَرهُمْ بالفُجورِ فَفَجَروا".

فقامَ رجلٌ فقالَ: يا رسولَ الله! أيُّ الإِسْلامِ أفْضَل؟ قال:

"أنْ يَسْلَم المسلمونَ مِنْ لِسانِكَ وَيدِكَ".

فقال ذلك الرجل أو غَيْرُه: يا رسولَ الله! أيُّ الهِجْرَةِ أفْضَلُ؟ قال:

"أنْ تَهْجُرَ ما كَرِهَ ربُّكَ، والهِجْرَة هِجْرتَانِ: هجْرَةُ الحاضِرِ، وهِجْرَةُ البَادِي، فهِجْرَةُ البادِي أنْ يُجيبَ إذا دُعيَ، ويُطيعَ إذا أمِرَ، وهِجْرَةُ الحاضِرِ أعْظَمُها بَلِيَّةً، وأفضَلُها أجراً".

رواه أبو داود مختصراً، والحاكم واللفظ له، وقال:

"صحيح على شرط مسلم".

2605 -

(5)[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"شرُّ ما في الرجلِ؛ شحٌّ هالعٌ، وجُبْنٌ خالعٌ".

رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه".

(1)

قلت: سقطت من الأصل، واستدركتها من "المستدرك" من ثلاث روايات له (1/ 11/ و 415)، ومن أبي داود وغيرهما، وقد خلط الشيخ الناجي هنا -على خلاف عادته- فزعم أن الحديث عند الحاكم عن (ابن عمر) من رواية بكر بن عبد الله عنه، وأن بكراً لم يرو عن (ابن عمرو بن العاص)، وكل ذلك وهم، وإنما رواه الحاكم عن أبي كثير زهير بن الأقمر عن ابن عمرو، وكذا رواه جمع، وتفصيل هذا مما لا مجال له هنا، فانظر "الصحيحة"(858) إن شئت البيان، وهو في "صحيح أبي داود"(1489)، وأمَّا المقلدون فلا يزالون في غفلتهم ساهون!

ص: 701

قوله: "شحٌّ هالع" أي: محزن، والهلع أشد الفزع

(1)

.

وقوله: "جبن خالع": هو شدة الخوف وعدم الإقدام، ومعناه: أنَّه يخلع قلبه من شدة تمكنه منه.

2606 -

(6)[حسن] وعن أبي هريرة أيضاً قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"لا يجتَمعُ غبارٌ في سبيلِ الله ودُخانُ جهَنَّم في جوْفِ عبدٍ أبداً، ولا يجتَمعُ شُحٌّ وإيمانٌ في قلبِ عبدٍ أبداً".

رواه النسائي، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، واللفظ له.

ورواه أطول منه بإسناد على شرط مسلم. وتقدم في "الجهاد"[12/ 6 - باب].

2607 -

(7)[حسن لغيره] ورُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاثٌ مُهْلِكاتٌ، وثلاث مُنْجِياتٌ، وثلاثٌ كفَّاراتٌ، وثلاثٌ دَرجاتٌ، فأمَّا المُهْلِكاتُ: فشحٌّ مطاعٌ، وهوى مُتَّبَعٌ، وإعْجابُ المَرْءِ بِنَفْسِهِ" الحديث.

رواه الطبراني في "الأوسط".

وتقدم في "باب انتظار الصلاة" حديث أنسٍ بنحوه [5 - الصلاة/ 22].

2608 -

(8)[صحيح لغيره] ورُوي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"خصلتان لا يجتمعان في مؤمنٍ: البخلُ، وسوءُ الخُلُقِ".

رواه الترمذي وغيره، وقال الترمذي:

(1)

كذا الأصل بالفاء؛ وهو تصحيف. قال الناجي: "ولعله من بعض النساخ، وإنما هو (الجزع) بلا شك".

ص: 702

"حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى".

(1)

2609 -

(9)[حسن لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"المؤمِنُ غِرٌّ كريمٌ، والفاجِرُ خَبٌّ لَئيمٌ"

(2)

.

رواه أبو داود، والترمذي وقال:

"حديث غريب".

(قال الحافظ):

"لم يضعفه أبو داود، ورواتهما ثقات سوى بشر بن رافع، وقد وثق".

قوله: "غِرٌّ كريم" أي: ليس بذي مكرٍ ولا فطنةٍ للشر، فهو ينخدع لانقياده ولينه.

و (الخَبّ) بفتح الخاء المعجمة وقد تكسر: هو الخدّاع الساعي بين الناس بالشر والفساد.

(1)

انظر "الصحيحة"(278).

(2)

قال الجوهري وغيره: (اللئيم): الدنيء الأصل، الشحيح النفس.

ص: 703

‌11 - (الترهيب من عَوْدِ الإنسان في هِبَتِهِ).

2610 -

(1)[صحيح] عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"الذي يَرْجعُ في هِبَتِه؛ كالكلْبِ يرجعُ في قَيْئِه".

وفي رواية:

"مثَلُ الذي يعودُ في هِبَتِهِ؛ كَمثَلِ الكلْبِ يَقيءُ ثُمَّ يَعودُ في قَيْئِه فيأكلُه".

رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ولفظ أبي داود:

"العائِدُ في هِبَتِهِ؛ كالعائدِ في قَيْئِه".

قال قتادة: ولا نعلم القيء إلا حراماً.

2611 -

(2)[صحيح] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:

حَمَلْتُ على فرسٍ في سبيلِ الله، [فأضاعه الذي كان عنده،] فأردْتُ أنْ أشْتَرِيَهُ، فظنَنْتُ أنَّه يَبيعُه بِرُخْصٍ، فسألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال:

"لا تَشْتَرِه، ولا تَعُدْ في صدَقَتِكَ، وإنْ أعْطاكَه بِدرْهَمٍ، فإن العائِدَ في صدَقَتهِ؛ كالعائد في قَيْئه".

رواه البخاري ومسلم.

(1)

قوله: "حملت على فرس في سبيل الله" أي: أَعطيتُ فرساً لبعض الغزاة، ليجاهد عليه.

2612 -

(3)[صحيح] وعن ابن عمر وابن عباسٍ رضي الله عنهم؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يَحِلُّ لرجلٍ أن يُعطِيَ لرجل عَطيَّةً، أو يَهبَ هِبةً ثُمَّ يرجعُ فيها، إلا

(1)

قلت: والسياق للبخاري (2623) إلا في بعض الأحرف، والزيادة منه، وقوله:"ولا تعد في صدقتك" إنما هو عند مسلم (5/ 63).

ص: 704

الوالِدُ فيما يُعْطي ولَدَهُ، وَمَثَلُ الذي يرجعُ في عطِيَّتِه أو هِبَتِهِ؛ كالكَلْبِ يأكُلُ، فإذا شَبعَ قاءَ ثمَّ عاد في قَيْئه".

رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح"

(1)

.

2613 -

(4)[حسن] وعن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن عبد الله بنِ عَمْروٍ رضي الله عنهما عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مثلُ الذي يَسْتَرِدُّ ما وَهَب؛ كمثَلِ الكَلْبِ؛ يَقيءُ فيأكُلُ قيئَهُ، فإذا اسْتَردَّ الواهِبُ فلْيوقِفْ، فَلْيَعْرِفْ بِما اسْتَرَدَّ، ثُمَّ لْيَدفْعَ إليه ما وهَب".

رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.

(1)

قلت: ليس عند الترمذي: "ومثل الذي. . ."، ولم يصححه، وإنما صحح حديث ابن عباس المتقدم. وهو مخرج في "الإرواء"(1622).

ص: 705

‌12 - (الترغيب في قضاء حوائج المسلمين وإدخال السرور عليهم، وما جاء فيمن شفَعَ فأُهْدِىَ إليه).

2614 -

(1)[صحيح] عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"المسلمُ أخو المسلمِ لا يظْلِمه، ولا يسْلِمُه

(1)

، مَنْ كان في حاجة أخيه؛ كانَ الله في حاجَتِه، ومَنْ فَرَّجَ عنْ مسلمٍ كرْبةً؛ فرَّجَ الله عنه بها كُربَةً مِنْ كُرَبِ يومِ القِيامَةِ، ومَنْ سَتَر مسلِماً؛ سَتَرهُ الله يومَ القِيامَةِ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود.

[حسن لغيره] وزاد فيه رزين العبدري:

"ومَنْ مَشى مَعَ مَظْلومٍ حتى يُثْبِتَ له حقَّه؛ ثَبَّتَ الله قدمَيْهِ على الصِّراطِ يومَ تزولُ الأقْدامُ".

ولم أر هذه الزيادة في شيء من أصوله، إنما رواه ابن أبي الدنيا والأصبهاني كما سيأتي [أواخر الباب].

2615 -

(2)[حسن] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ نَفَّسَ عَنْ مسلمٍ كُربةً مِنْ كُرَبِ الدنيا؛ نَفَّسَ الله عنه كُرْبةً مِنْ كُربِ يومِ القِيامَةِ، ومَن يَسَّر على مُعْسرٍ في الدنيا؛ يَسَّر الله عليه في الدنيا والآخِرَةِ، ومَنْ سَتَر على مسلمٍ في الدنيا؛ سَتَر الله عليه في الدنيا والآخِرَةِ، والله في عَوْنِ العبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عونِ أَخيه".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي -واللفظ له- والنسائي وابن ماجه، والحاكم وقال:

(1)

انظر التعليق المتقدم (21 - الحدود/ 3).

ص: 706

"صحيح على شرطهما". [مضى بتتمة له ج 1/ 3 - العلم/ 1].

2616 -

(3)[حسن لغيره] وروي عن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن لله عند أقوامٍ نعماً أقرها عندهم؛ ما كانوا في حوائج المسلمين ما لم يملّوهم، فإذا ملّوهم نقلها إلى غيرهم".

رواه الطبراني.

2617 -

(4)[حسن لغيره] وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ لله أقْواماً اختَصَّهُم بالنِّعَمِ لمنَافعِ العِبادِ، يُقرُّهُم فيها ما بَذلُوها، فإذا مَنَعُوها نَزَعها منهم، فَحوَّلها إلى غَيْرِهِمْ".

رواه ابن أبي الدنيا، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط". ولو قيل بتحسين سنده لكان ممكناً.

2618 -

(5)[حسن] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"ما مِنْ عبدٍ أنْعم الله عليه نِعْمةً فأسْبَغَها عليه، ثُمَّ جعلَ مِنْ حوائجِ الناسِ إليه فتَبَرَّمَ؛ فقدْ عرَّض تلكَ النِّعْمَة لِلزَّوالِ".

رواه الطبراني بإسناد جيد.

2619 -

(6)[صحيح لغيره] وعن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه عنْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا يزالُ الله في حاجَةِ العبْدِ ما دامَ في حاجَةِ أَخيه".

رواه الطبراني، ورواته ثقات.

ص: 707

2620 -

(7)[صحيح] وعن أبي موسى رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"على كلِّ مسلم صدَقَةٌ".

قيلَ: أرأيْتَ إنْ لَمْ يَجِدْ؟ قال:

"يَعْتمِلُ بيده فيَنفَعُ نفْسَه ويتَصدَّقُ".

قال: أرأيْتَ إِنْ لَمْ يسْتَطعْ؟ قال:

"يُعينُ ذا الحاجَةِ الملْهوفَ".

قال: قيلَ له: أرأيتَ إنْ لَم يسْتَطعْ؟ قال:

"يأمُرُ بالمعروفِ أوِ الخيرِ".

قال: أرأيتَ إنْ لَمْ يفْعَلْ؟ قال:

"يُمْسِكُ عنِ الشرِّ، فإنها صدَقَةٌ".

رواه البخاري ومسلم.

2621 -

(8)[حسن لغيره] وروي عن عمر رضي الله عنه مرفوعاً:

"أفْضلُ الأعْمالِ إدخالُ السرورِ على المؤمِن؛ كَسَوْتَ عوْرَتَهُ، أوْ أشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أو قَضَيْتَ لَهُ حاجةً".

رواه الطبراني في "الأوسط". [مضى ج 1/ 8 - الصدقات/ 17/ 11].

2622 -

(9)[حسن لغيره] ورواه أبو الشيخ من حديث ابن عمر، ولفظه:

"أحبُّ الأعْمالِ إلى الله عز وجل: سرورٌ تُدخِلُه على مسلمِ، أوْ تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً، أو تَطْرُدُ عنه جَزَعاً، أوْ تَقْضي عنه دَيْناً".

ص: 708

[مضى هناك].

2623 -

(10)[حسن لغيره] ورُوِيَ عنْ عبدِ الله بنِ عمر رضي الله عنهما:

أنَّ رجلاً جاءَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال:

يا رسولَ الله! أيُّ الناسِ أحبُّ إلى الله؟ [وأيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟]

(1)

، فقال:

"أحبُّ الناسِ إلى الله أنْفَعُهم لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعْمالِ إلى الله عز وجل سرورٌ تُدْخِلُه على مسلمٍ، تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عنه دَيْناً، أوْ تَطْرُدُ عنه جُوعاً، ولأَنْ أَمْشي مَعَ أخٍ في حاجَة؛ أحَبُّ إليَّ مِنْ أنْ أعْتَكِفَ في هذا المسجِدِ -يعني مسجدَ المدينَةِ- شَهْراً، ومَنْ كَظَم غيْظَهُ- ولو شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أمْضاهُ-؛ ملأَ الله قلْبَهُ يومَ القيامَةِ رِضاً، ومَنْ مَشى مَع أخيه في حاجَةٍ حتى يَقْضِيَها له؛ ثَبَّتَ الله قدَميْه يومَ تزولُ الأقْدامُ".

رواه الأصبهاني، واللفظ له.

ورواه ابن أبي الدنيا عن بعض أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

(2)

، ولَمْ يُسَمِّهِ.

(1)

قال الناجي: "سقط هذا هنا ولا بد منه".

قلت: وهو في "ترغيب الأصبهاني"(1/ 475 - 476).

(2)

قلت: وذا لا يضر، لأن الصحابة كلهم عدول كما هو مقرر في علم المصطلح، وعليه يؤخذ على المؤلف تضعيفه للحديث بتصديره إياه بقوله:(روي)، وتقصيره في عزوه للأصبهاني دون الطبراني، وقد أخرجه في "معاجمه الثلاثة"، وهو مخرج عندي في "الروض النضير"(481)، والتضعيف غير مسلَّم بالنسبة لإسناد ابن أبي الدنيا، فإنه حسن كما هو مبين في "الصحيحة"(906)، وجهل هذا الفرق المعلقون الثلاثة، فصدروا تخريجهم للحديث بالتصريح بقولهم:"ضعيف، رواه. . ."!

ص: 709

2624 -

(11)[صحيح] وعنْ أَبِي أمامَة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

"مَنْ شَفَع شفَاعَةً لأَحدٍ فأُهْديَ له هَديَّةٌ عليها فَقَبلَها؛ فقد أتى باباً عظيماً مِنْ أبوابِ الربا

(1)

".

رواه أبو داود عن القاسم بن عبد الرحمن عنه.

* * *

[وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وصلى الله على محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم].

انتهى المجلد الثاني من "صحيح الترغيب والترهيب" والحمد لله عز وجل، ويليه إن شاء الله المجلد الثالث والأخير، وأوله:

"23 - كتاب الأدب وغيره"

(1)

الأصل: (الكبائر)، والتصويب من "أبي داود"(3541) و"المسند"(5/ 261).

وكالعادة غفل عنه المسودون!

ص: 710