الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غاية البيان في أن وقف الاثنين على أنفسهما وقف لا وقفان
للعلامة المحقق والفهامة المدقق السيد محمد عابدين عليه
رحمه أرحم الراحمين آمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المان بفضله بإصابة الحق والصواب. والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الاحباب * وعلى آله وأصحابه خير ال وأصحاب (اما بعد) فيقول العالم العلامة. البحر المدقق الفهامة. شيخ الإسلام والمسلمين السيد الشيخ محمد عابدين. غفر الله تعالى له ولوالديه والمسلمين. قد كان ورد على سؤال من طرابلس الشام اجبت فيه. على حسب ما ظهر لي فيه. موافقا للمعقول والمنقول. ولما هو بين ذوى العقول مقبول. ثم بعد أكثر من سنة ورد ذلك السؤال ثانيا. وفيه جواب خلاف جوابي الأول قد رأيته خطأ واهيا * مع أن ذلك المجيب قد حكم على جوابي بأنه خطأ بين غير مقبول. وانى مطالب بمراجعة النقول. لا بالتوهم والعقول. واستند في جوابه إلى ما في الفتاوى الخيرية * فأردت أن اذكر السؤال مع جوابه في هذه القضية. واوضح له أنه غير مصيب. وانه ليس له في الفهم الصحيح نصيب. وجمعت ذلك في رسالة (سميتها) غاية البيان. في أن وقف الاثنين على نفسهما وقف لا وقفان (فأقول) وبحوله تعالى أصول واجول. اما صورة السؤال فهو قوله في وكيل عن امرأتين شقيقتين انشأ وقفهما الذي هو ملكهما عليهما وعلى بنت شقيقتهما السيدة حنيفة بنت السيد على العمادى الثلثين ستة عشر قيراطا من أربعة وعشرين قيراطا على نفس الواقفتين مدة حياتهما لا يشاركهما فيه مشارك ولا ينازعهما فيه منازع ثم من بعدهما فعلى اولادهما ثم على أولاد اولادهما ثم على أولاد أولاد اولادهما ثم على انسالهما ثم على اعقابهما بطنا بعد بطن وجيلا بعد جيل الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى على أن من مات منهم عن ولد أو ولد ولد أو ولد ولد ولد أو نسل أو عقب عاد نصيبه إلى ولده أو ولد ولده أو ولد ولد ولده أو نسله أو عقبه وعلى أن من مات منهم قبل أن يصل إليه شيء من الوقف وترك ولدا أو ولد ولد أو نسلا أو عقبا قام ولده أو ولد ولده أو نسله أو عقبه مقامه في الاستحقاق واستحق ما كان يستحقه الميت أن لو كان حيا ومن مات منهم عن غير ولد ولا ولد ولد ولا نسل ولا عقب عاد نصيبه إلى من هو في درجته وذوى طبقته من أهل الوقف يقدم في ذلك الأقرب فالأقرب إلى الميت كل ذلك على الفريضة الشرعية للذكر مثل حظ الانثيين والثلث الثالث وهو الثمانية قراريط الباقية من الوقف هو على حنيفة المرقومة بنت شقيق الموكلتين على الشرط والترتيب المذكور أعلاه وإذا انقرضت ذرية الموكلتين عاد الوقف باجمعه على حنيفة ثم على ذريتها وإذا انقطعت ذرية حنيفة عاد على ذرية الواقفتين
وإذا انقرضت ذريتهم جميعا عاد على وجوه مبرات مشروطة في كتاب الوقف وإذا تعذر ذلك يعود على فقراء المسلمين ماتت إحدى الواقفتين عن أولاد فتناولوا وقفها ثم ماتت الأخرى عن غير ولد ولا نسل فهل تعود حصتها من الوقف لاولاد شقيقتها أو ترجع الحنيفة بنت شقيقتها أم للفقراء وهل إذا حكم القاضي بعود الحصة إلى الفقراء ينقض حكمه أم لا افيدوا الجواب. (وصورة) الجواب الذى أجاب به ذلك المجيب الحمد لله ملهم الصواب حيث الحال كما تقرر في السؤال فبانقراض ذرية إحدى الواقفتين يعود وقفها على الفقراء فإن كان أولاد الواقفة الثانية وهم أولاد اختها وبنت اختها حنيفة فقراء فإنه يجوز صرف الغلة إليهم بجهة كونهم فقراء كما نقله خير الدين الرملي رحمه الله تعالى واما عود الوقف على ذرية الواقفة الثانية غير مشروط والحال ما ذكر فهو مسكوت عنه وإذا كان كذلك فمصرفه إلى الفقراء ومن افتى بعوده على ذرية الواقفة الثانية فقد اخطأ خطأ بينا حيث جعل الوقفين وقفا واحدا ويطالب بالدليل والنقل الصريح بمثل ذلك بمراجعة النقول لا بالتوهم والعقول واما عوده على حنيفة فمشروط بانقراض ذرية الواقفتين فهو صريح المفهوم والدلالة فبانقراض ذرية إحداهما لاحق لها فيه. ومثل هذه الواقعة ما نقله خير الدين الرملي رحمه الله تعالى في فتاواه حيث (سئل) في اخوين وقفا دارا مشتركة بينهما وكتبا ما صورته انشأ الواقفان المذكور ان وقفهما هذا على نفسهما مدة حياتهما ثم من بعدهما فعلى اولادهما الذكور والاناث على حكم الفريضة الشرعية للذكر مثل حظ الأنثيين ثم من بعدهم على أولادهم الذكور دون الإناث وجعلا بعد انقراض أهل الوقف باسرهم ذلك وقفا على مصالح الجامع الفلانى بمدينة كذا وسجل وحكم به ومات أحد الواقفين عن ولد ذكر ثم مات عن عمه الواقف الثانى وعن أولاد عمه فهل حصة الميت تصرف لاخيه أو لاولاد أخيه أو للمسجد أو للفقراء أجاب لا تصرف إلى الأخ لعدم اشتراط حصة أخيه له بعد موته ولا لأولاده ولا إلى المسجد لانه مشروط بعد انقراض أهل الوقف فتعين صرفه إلى الفقراء (وقد رفع لشيخنا السراج الحانوتي سؤال صورته ما قول سيدنا شيخ الإسلام في اخوين شقيقين لهما عقار سوية بينهما وقفاه على نفسهما مدة حياتهما ثم من بعدهما فعلى اولادهما الذكور والاناث على الفريضة الشرعية للذكر مثل حظ الأنثيين ثم من بعدهم على أولادهم الذكور دون الإناث كذلك ثم على نسلهم وعقبهم مثل ذلك فإذا انقرضوا وخلت الأرض منهم عاد وقفا على أولاد الإناث فإذا انقرضوا باجمعهم ولم يبق لهم نسل ولا عقب عاد
وقفا على مصالح مسجد عينه الواقفان ثم مات أحد الواقفين الشقيقين عن ولد وعن أخيه الواقف فهل يستحق الولد في حياة عمه من الوقف المذكور شيئا أم لا ثم إذا مات الولد أيضًا ولم يكن له عقب ولا نسل فهل يعود وقفا كما عيناه للمسجد المذكور أو يستحق الوقف المذكور جميعه شقيق الواقف لكونهما وقفا على أنفسهما مدة حياتهما ثم من بعدهما على ما شرطا (فأجاب) المصرح به أن الشخص لو وقف وقفه وقال وقفته على ولدى هذين فإذا انقرضا فهو على اولادهما الخ قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل إذا انقرض أحد الولدين وخلف ولدا يصرف نصف الغلة إلى الباقى والنصف الآخر يصرف إلى الفقراء فإذا مات الولد الآخر يصرف جميع الغلة إلى أولاد أولاد الواقف إلى آخر ما ذكره فأقول والمسئول عنه مساو لهذا لأن قول الواقف وقفت على ولدى هذين ثم من بعدهما على اولادهما بمنزلة قول الواقفين على انفسنا ثم من بعدنا فعلى اولادنا هذا ما ظهر والله تعالى أعلم انتهى كلام شيخنا فيه علم أنه ما دام شقيق الواقف الذي هو أحد الواقفين فالنصف مصروف للفقراء والنصف الآخر يصرف إلى الباقي فإذا مات يصرف جميع الوقف إلى أولادهم لعدم المانع واقول عرض على هذا السؤال من نحو سنين واطلعت فيه على اجوبة من مشايخ متقدمين وكل واحد منهم فهم شيئا فأجاب على قدر ما فهم والمتجه ما ذكر فإنه المتبادر والاقرب إلى غرض الواقفين كما يظهر بالتأمل ثم ظهر لي بالتأمل عدم صحة قياس شيخنا المذكور على المصرح به لانه وقف واحد بخلاف المسؤل عنه فإنه وقف اثنين في مسئلتنا فيعتبر كل واقفا ما يخصه على أولاده وقفا مستقلا لا مشاركة له مع الآخر فيستحقه المسجد والله تعالى أعلم انتهى كلامه يعنى كلام خير الدين * وفى المسئلة هنا فالوقف وقف اثنين كل واحد منهما يراعى فيه الشروط المذكورة في كتاب الوقف وبانقراض ذرية أحدهما تكون حصتها للفقراء عملا بالنقول المذكورة والنظر في صرف الغلة إلى القاضي ثم لمن نصبه القاضي ويجوز له صرف ذلك لاقارب الواقفة إذا كانوا فقراء والحالة هذه والله تعالى أعلم بالصواب (هذا) صورة ما رأيته في الجواب ولم يذكر المجيب اسمه اما تواضعا منه واما لئلا ينسب إليه ما في كلامه من الخطاء. وما في عباراته الركيكة الكاشفة عن جهله الغطا. فلنتكلم أولا على ما نقله عن العلامة الشيخ خير الدين فنقول الظاهر أن السؤال الذى سئل عنه هو عين السؤال الذي سئل عنه شيخه السراج الحانوتي وإن الحادثة واحدة كما يظهر من تتبع كلامهما والظاهر أيضًا أن الصواب ما أجاب به الخير الرملي تبعا لشيخه السراج الحانوتي وقال
أنه المتجه واما ما ظهر له ثانيا من اعتراضه على شيخه فهو غير وارد بلا شبهة وذلك أنه جعل هذا الوقف الصادر من اثنين وقفين وإنما يصير وقفين أو ثبت أن أحد الاخوين وقف وقفه على نفسه ثم من بعده على أولاده ثم وثم الخ والأخ الآخر وقف كذلك فح يصير وقفين اما على ما ذكر في سؤاله من أن الواقفين انشئا وقفهما على نفسهما الخ فهو وقف واحد لاوقفان والالزم أن يكون كل واحد منهما وقف حصته المختصة به فيكون من وقف المشاع المختلف في صحته وعدمها وليس كذلك قطعا الا ترى انهم صرحوا بعدم صحة هبة المشاع وبعدم صحة اجارته وصرحوا أيضًا بأنه لو وهب اثنان من رجل دارا قابلة للقسمة صحت الهبة بلا خلاف كما هو مصرح في كتب المذهب متونا وشروحا وفتاوى وكذا أو آجراها من رجل صحت الإجارة بخلاف ما لو وهب أحدهما حصته أو أجرها من رجل ثم وهب الآخر حصته أو آجرها من ذلك الرجل فإنها غير صحيحة تحقق الشيوع من أول الامر فعلم أن هبة اثنين من واحد هبة واحدة لا هبتان وكذلك اجارة اثنين من واحد اجارة واحدة لا اجارتان ولذا صحت الهبة والإجارة تحقق ملك العين أو المنفعة من الاثنين لشخص واحد في وقت واحد فلم يتحقق الشيوع فكذلك نقول إذا كانت الدار لرجلين فوقفاها معا كان ذلك وقفا واحدا لا وقفين حتى يكون ذلك وقف المشاع فيجرى فيه الخلاف المشهور في صحة وقف المشاع فإذا كان ذلك وقفا واحدا بدليل ما نقلناه لك يعطى احكام الوقف الواحد كانه صدر من شخص واحد فيصير جملة الواقفين الدرجة الأولى الموقوف عليها أو لا ثم اولادهما جميعا هم الدرجة الثانية الموقوف عليهم بعد الواقفين بمنزلة أولاد واقف واحد هكذا جميع الدرجات وهذا هو المتبادر من عرف الواقفين فإن الاخوين الواقفين إذا أراد كل منهما أن يخص أولاده وذريته بوقفه يقف عليهم ثم يشرط أنه بعد انقراض ذريته يعود ذلك وقفا على أخيه فلان وذريته وكذلك الآخر يفعل هكذا واما إذا ارادا أن يجعلا وقفهما عليهما كنفس واحدة وعلى اولادهما معا كاولاد اب واحد بحيث لا يختص أحد من ذرية أحدهما بشيء من وقفه بل يكون مشتركا بين الذريتين كأنهما ذرية واحدة في الأصل يقفان وقفهما معا على نفسهما ثم من بعدهما فعلى اولادهما وهكذا فإذا مات الواقفان ينتقل جميع الوقف إلى اولادهما بلا تمييز ولا تفضيل حتى لو كان لأحدهما ولدو للاخر عشرة أولاد يقسم بينهم جميعا كانهم أولاد اب واحد ما لم يشرط أن من مات عن ولد فنصيبه لولده فح يعود نصفه للولد والنصف الآخر للعشرة اما بدون هذا الشرط فلا تمييز
ولا رجحان لأن قول الواقفين ثم من بعدهما على اولادهما يصدق على صرف جميع الوقف على جميع الأولاد فصرف حصة الواحد إلى ولده وحصة الآخر إلى أولاده خارج عن مفهوم كلام الواقفين اذ لو كان مرادهما ذلك لقالا ثم من بعد كل منهما فعلى أولاده ثم وثم فهذا يكون ح بمنزلة واقفين للعلم بانهما لم يجعلا ذريتهما بمنزلة ذرية اب واحد والتفرقة بين هاتين العبارتين يشهدها الوجدان ولا ينكرها إنسان. فإن العبارة الثانية مشتملة على لفظة كل التى معناها الاحاطة على سبيل لافراد كما هو مصرح به في كتب الاصول فينفرد أولاد كل أحد منهما جميعهم بحصة أصله ويصير بمنزلة وقف مستقل والآخر كذلك بخلاف العبارة الأولى فإن فيها ثم بعدهما فعلى اولادهما وهو جمع مضاف يعم جملة الأولاد سواء كانوا أولاد كل واحد منهما أو اولادهما جميعا وسواء كان أولاد أحدهما أكثر من أولاد الآخر أو مساوين وكذلك لفظ أولاد اولادهما هذا هو المعروف لغة وشرعا وعرفا حتى أن أحد أولاد الواقفين لو مات عن غير ولد وليس في درجته أحد إلا أولاد الواقف الآخر يعطى نصيبه لمن في درجته من أولاد الواقف الآخر كما لو كان الكل أولاد واقف واحد لأن المعتبر في الدرجة إنما هو المساواة فيها من حيث الاستحقاق لا من حيث النسب إلى أصل واحد إلا ترى أنه لو وقف رجل وقفه على نفسه وعلى زيد الاجنبى ثم من بعدهما على اولادهما وأولاد أولادهم ثم وشرط أن من مات عن غير ولد من الموقوف عليهم عاد نصيبه إلى من في درجته من أهل الوقف ثم مات واحد من ذرية الواقف عقيما ولم يوجد في درجته أحد من ذرية الواقف وإنما الموجود من ذرية الواقف من هو اعلى من ذلك الميت ومن هو اسفل ووجد في درجته واحد من ذرية زيد الاجنبي اختص ذلك الواحد الاجنبي بحصة ذلك الميت وحده دون ذرية الواقف عملا بالشرط المذكور لانه ساواه في الدرجة الاستحقاقية وإن لم يساوه في النسبة إلى الواقف فقد ظهر لك ما نقلناه. وما اوضحناه وحررناه. أن الوقف الصادر من اثنين وقف واحد ليس في حكم وقفين. فالحق ما افتى به السراج الحانوتي ووافقه عليه أو لا تلميذه الخير الرملى وقال أنه المتجه فحيث مات الواقف الأول في سؤاله عن ولد ذكر ولم يشرط في الوقف أن من مات عن ولد فنصيبه لولده لا ينتقل نصيب ذلك الميت إلى ولده ولا ينتقل إلى أخيه لانه لم يشرط ذلك في حادثة السؤال ولا إلى المسجد لانه شرط الانتقال إليه بعد انقراض أهل الوقف باسرهم فصار ذلك من اقسام المنقطع وقد صرحوا بان المنقطع يصرف إلى الفقراء فيصرف نصيبه إلى الفقراء إلى أن يموت الواقف الثاني فح يقسم ريع جميع
الوقف على الطبقة الثانية لحصول نوبة استحقاقهم بانقراض الدرجة الأولى كما هو مقتضى الترتيب المستفاد بثم (نعم لو شرط في الوقف أن من مات عن ولد فنصيبه لولده يكون ذلك ناسخا لحكم ذلك الترتيب بالنسبة لذلك الميت فح يموت الواقف الأول عن ولد ينتقل لولده لا إلى الفقراء لكن ذلك الشرط غير مذكور في حادثة الخيرية اما في حادثتنا فذلك الشرط مذكور فحيث ماتت الواقفة الأولى عن أولاد عاد نصيبها إلى اولادها ولما ماتت الواقفة الثانية عقيما وقد شرط في ذلك الواقف أن من مات عن غير ولد فنصيبه لمن في درجته وهنا لم يبق في الدرجة أحد كان مقتضى القياس أن ينتقل نصيبها إلى غلة الوقف ويقسم على كل من يتناول منها سواء كان من الدرجة الثانية أو الثالثة كما نص عليه الإمام الخصاف وتبعه في الاسعاف والدر المختار من أنه إذا شرط أن من مات عن غير ولد عاد نصيبه إلى من في الدرجة الفلانية ولم يوجد فيما عينه من الدرجة أحد أنه يرجع نصيبه إلى أصل الغلة ويقسم كما تقسم كما حررناه في غير هذه الرسالة لكن في حادثتنا هذه لا يرجع إلى أصل الغلة بل تنقض القسمة لأن الواقفة الثانية هى اخر الدرجة الأولى فيموتها انقرضت درجتها فتستأنف القسمة عملا بكلمة ثم فإنه حيث رتب في الوقف بين البطون وشرط أن من مات عن ولد فنصيبه لولده يقسم ريع الوقف كله على أهل البطن الأول ثم من مات منهم عن ولد انتقل نصيبه إلى ولده وكذلك لو مات ذلك الولد عن ولد انتقل نصيبه إلى ولده الذي هو من أهل البطن الثالث وهكذا إلى الرابع والخامس وهلم جرا وكذلك كلما مات اخر من أهل البطن الأول عن ولد ثم ولده عن ولد الخ إلى أن ينقرض البطن الأول يموت اخر شخص وجد فيه فهذا الآخر الذي انقرض به البطن الأول لو كان له ولد لا ينتقل نصيبه إلى ولده بل تنقض القسمة التي كانت وتستأنف قسمة جديدة على أهل البطن الثاني فقط ويحرم من كان يأخذ شيئًا من أهل البطن الثالث والرابع والخامس ثم بعد استقرار القسمة على أهل البطن الثاني لو مات أحد من أهل ذلك البطن عن ولد انتقل نصيبه إلى ولده وهكذا كلما مات واحد عن ولد ويستمر ذلك إلى أن ينقرض أهل البطن الثاني فتنقض القسمة كما نقضت أو لا وتستأنف قسمة جديدة على أهل البطن الثالث وهكذا العمل كلما انقرض بطن تستأنف قسمة جديدة على البطن الذى يليه إلى اخر البطون كما صرح به الإمام الكبير أبو بكر الخصاف وتبعه المحققون من أهل المذهب ولا فرق في ذلك بين ما إذا كان الترتيب بين البطون بكلمة ثم أو غيرها مثل بطنا بعد بطن خلافا لما وقع في الأشباه فإنه حصل له اشتباه ورده عليه العلماء المحققون. واما ما افتى به ذلك المفتى في حادثة
سؤالنا من دفع حصة الواقفة الثانية إلى الفقراء مستندا إلى ما قاله الخير الرملى اخرا فقد علمت أنه استناد واه وان الحق ما قاله الخير الرملي أو لا تبعا لشيخه السراج الحانوتي بناء على أن ذلك الوقف وقف واحد لا وقفان كما ظهر لك بيانه بالعيان خصوصا في حادثتنا فإن فيها أن الواقفتين وكلتا وكيلا انشأ الوقف عنهما فالظاهر المتبادر أنه قال وقفت المكان الفلانى بالوكالة عن فلانة وفلانة بعبارة واحدة لا بعبارتين فكيف يسوغ له أن يقول انهما وقفان مع أن الوكيل قال على نفس الواقفتين مدة حياتهما لا يشاركهما فيه مشارك ولا ينازعهما فيه منازع (الا ترى) أنه لو فرض موت الواقفة الأولى عقيما كان يلزم هذا القائل أن يدفع حصتها إلى الفقراء لا إلى اختها لانها اجنبية عنها في وقفها بناء على دعواه ان كلا منهما وقفت وقفها على نفسها وحدها ثم على اولادها وحدهم دون أولاد الثانية فإذا دفع حصتها إلى الفقراء لزمه مخالفة شرط الواقفتين أنه لا ينازعهما فيه منازع لأن الفقراء صاروا شركاء منازعين للواقفة الثانية ولو أراد أن يعمل هذا الشرط ويدفع حصة المتوفاة إلى اختها لزمه أن يدفع وقفها إلى من ليس داخلا في وقفها لانه على دعواه جعل اختها ليست من أهل وقفها كما قلنا فإن أجاب بان المراد لا يشارك كل واحدة فيما يخصها من وقفها مشارك ولا ينازعها فيه منازع يقال له هذا غير مستفاد من اللفظ لأن قول الواقف لا يشاركهما فيه مشارك يعود إلى الوقف المذكور اولا وهو الثلثان الموقوفان على نفسهما مدة حياتهما وحينئذ فيحتاج إلى الخروج من هذا المضيق. ويضطر إلى أن يتنبه من غفلته ويفيق. ويقول انهما وقفتا هذا الوقف على نفسهما معا ثم شرطنا أن من مات عقيما وفي درجتها اختها الواقفة الثانية عاد نصيبها إلى اختها ولاشك أن هذا رجوع إلى الحق من كون ذلك الوقف وقفا واحد إلا وقفين متغايرين نعم وقف الثلث الثالث على حنيفة وقف اخر لاشك فيه ثم لا يخفى أن ما ذكرناه من رجوع حصة الواقفة الأولى لو فرضنا انها ماتت عقيما إلى اختها لا إلى الفقراء هو الموافق لغرضهما كما قررناه اولا وكذلك رجوع حصة الواقفة الثانية بعد موتها عقيما إلى أولاد الواقفة الأولى حيث كان لها أولاد بعد موتها وذلك انهما ارادتا أن يكون وقفهما منحصرا فيهما وفي ذريتهما بحيث لو انفردت إحداهما انحصر جميع الوقف فيها ولو انفردت ذرية إحداهما انحصر جميع الوقف فيهم بمنزلة ما لو كان الواقف واحدا ولهذا جاءت صفة الوقف على نفسهما ثم من بعدهما فعلى اولادهما ثم وثم ولو كان مرادهما جعل كل واحدة منهما واقفة منفردة وإن لا تجعل لاختها ولا لذرية اختها مشاركة معها او مع ذريتها في وقفها كان
الواجب في صفة الوقف أن يقال وقفت كل واحدة منهما حصتها على نفسها مدة حياتها لا يشاركها فيه مشارك ولا ينازعها فيه منازع ثم من بعدها فعلى اولادها ثم وثم هذا هو المعروف المتبادر إلى الاذهان المشهور في جميع الازمان. والعدول عنه هو المحتاج إلى الدليل والبرهان فإن ما كان جاريا على الجادة المعروفة عند كل أحد لا يحتاج إلى دليل وسند وليس يظل في الاذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل فقول هذا القائل واما عود الوقف على ذرية الواقفة الثانية غير مشروط فهو مسكوت عنه فلا يخفى ما فيه من ركاكة الالفاظ الشبيهة بكلام الاحمق المغتاظ ومن جعله المشروط صريحا غير مشروط. فهو كلام غير مضبوط * وقوله ومن افتى بعوده على ذرية الواقفة الثانية فقد اخطأ خطأ بينا إلى آخر عبارته فقد من هو المخطى ومن هو المطالب بالدليل. ومن هو المتوهم بعقله العليل. وقوله في اخر كلامه عملا بالنقول المذكورة دليل على أنه لا يميز بين النقول وبين الابحاث المهجورة. وليت شعرى ابن النقول التي جاء بها على مدعاه * ولانه يريد ترويج خطائه على من سمعه أو رآه. فإن غاية ما جاء به ما بحثه الخير الرملى وقد علمت أنه بحث غير موافق للمنقول في متون المذهب من مسئلة هبة اثنين لواحد وغير موافق أيضًا للغة والشرع والعرف من أن هذا الوقف وقف واحد على نفس الواقفتين وعلى جميع اولادهما واولادهم كما قررناه وحررناه وإن هذا البحث أيضًا مخالف لما افتى به الخير الرملى اولا ولما افتى به شيخه السراج الحانوتى وقد اشتهر ما قاله العلامة قاسم في ابحاث شيخه خاتمة المحققين الكمال ابن الهمام الذي صرح بعض معاصريه بأنه وصل إلى رتبة الاجتهاد فكيف ابحاث غيره المخالفة للمنقول والمعقول والمتعارف المعتاد فهل يقول عاقل أن هذا البحث يسمى نقلا فضلا عن تسميته نقولا بصيغة الجمع ولم يدر أن لنقل ما يكون عن صاحب المذهب أو عن صاحب التخريج والتصحيح والترجيح والاثبات والمنع وإذا أراد بالنقول ما ذكر الخيرى وشيخه اولا من توافقه ما على صرف نصيب المتوفى إلى الفقراء فهذا أشد خطأ لأن جواب الخيرى وشيخه في بيان الحكم عند موت الواقف الأول حيث تعذر صرف نصيبه إلى ولده لكونه لم يشرط في الوقف المسؤل عنه ان من مات عن ولد فنصيبه لولده ولا إلى أخيه الواقف الثاني لانه لم يشرط أيضًا ولا إلى المسجد لانه مشروط بان لا يبقى أحد من ذرية الواقفين فلذا قال يصرف إلى الفقراء اما في حادثتنا فالكلام في موت الواقفة الثانية التي انقرضت بها الدرجة العليا وجاءت نوبة الدرجة الثانية المرتبة بقول الواقفتين ثم من بعدهما فعلى
اولادهما فقياس هذه الحادثة على حادثة الخيرى قياس فاسد لا يقول به عاقل فقد ظهر لك أن هذا القائل لا مستند له في مقالته * وإن المخطئ هو ابن اخت خالته. على ما ظهر لي من الجواب * والله سبحانه أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين آمين. نجزت هذه العجالة في غرة رمضان سنة 1251.