الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة التاسعة
فرضية الجمعة وسبب تسميتها
بسم الله الرحمن الرحيم
[ص 1] فلمّا قرأ {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قال رجل: مَن هؤلاء؟
…
"
(1)
.
فهذا الحديث يدلُّ على أنّ السورة لم تنزل إلا بعد إسلام أبي هريرة، وكان أسلم سنة
…
(2)
، لكن قال في "الفتح":"قوله: فأُنزِلتْ عليه سورة الجمعة: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} " كأنّه يريد: أُنزِلت عليه هذه الآية من سورة الجمعة، وإلاّ فقد نَزلَ منها قبل إسلام أبي هريرة الأمرُ بالسعي. ووقع في رواية الدراوردي عند مسلم:"نزلت عليه سورة الجمعة، فلمّا قرأ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} ". "فتح الباري"(ج 8 ص 453)
(3)
.
أقول: والدراوردي سيئ الحفظ، وإنّما أخرج له البخاري مقرونًا بغيره، وكان لحّانًا. فرواية سليمان أثبت. وعليها فقوله:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} بدلُ بعضٍ من سورة الجمعة، على وِزان قولهم:"أكلتُ الرغيفَ ثُلُثَه". فيتحصل من ذلك أنّ المراد: نزلت هذه الآية من هذه السورة؛ كما قال الحافظ.
وقول الحافظ: "فقد نزلَ قبل إسلام أبي هريرة الأمرُ بالسعي"؛ لم أقف
(1)
أخرجه البخاري (4897) ومسلم (2546) من حديث أبي هريرة قال: "كنّا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ نَزَلت عليه سورة الجمعة، فلما قرأ
…
".
(2)
هنا بياض في الأصل، وفي "الإصابة" (13/ 42): كان إسلامه بين الحديبية وخيبر.
(3)
(8/ 642) ط. السلفية.
على مستندٍ صريح له، وعلى تسليمه فلم تُحدَّد القبلية. ويمكن أن يكون استندَ إلى تقدُّم فرضية الجمعة، واستظهر أنّها إنما كانت بهذه الآية، وهو كما ترى.
واحتجاج الشافعي والبخاري وغيرهما بآية السعي على فرضية الجمعة لا يستلزم أنّهم يرون أنّ الجمعة لم تُفرَض إلاّ بها، إذ لا مانعَ من أن يُفرَض الشيء ثم بعد مدّةٍ يُنزِل الله تعالى في القرآن الأمرَ به، ولهذا نظائر. والقرآن نفسه فيه آيات مكية تأمر بالشيء، وآيات مدنية متأخرة تأمر بذلك الشيء نفسه. فلا دليلَ فيما ذكرنا على تقدُّم الآية ولا تأخُّرها.
وهكذا لا دليلَ فيما عُلِم من أنّ قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] الآية مدنية، على أنّ السورة كلها مدنية، ولا على أنّ قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9 - 10] الآيتين مدنية، ولا على أنّهما نزلتا معها في وقت واحد.
على أنّ من الناس من استشكل هذا الحديث لأمر آخر؛ وهو أنّه يظهر منه أنّ المراد بقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} فارس. وهذا بعيدٌ جدًّا من ظاهر القرآن؛ لأنّ الضمير في قوله: {مِنْهُمْ} يعود على الأمّيين حتمًا، والأمّيون هم العرب، باتفاق المفسّرين من السلف وأهل اللغة وغيرهم. فتقدير الآية:"وآخرين من العرب"، وفارس ليسوا من العرب.
وفي سند الحديث ثَور بن زيد عن سالم أبي الغيث؛ وقد تُكُلِّم في كلٍّ منهما
(1)
، وإن أخرج لهما الشيخان.
(1)
انظر "تهذيب التهذيب"(2/ 32 و 445).
وقد روى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: "لما نزلت {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [محمد: 38] قالوا: يا رسول الله، مَن هؤلاء؟
…
وسلمانُ إلى جنبه، فقال: هم الفرس، هذا وقومه". "المستدرك" (ج 2 ص 458)، وقال: صحيح على شرط مسلم. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"
(1)
وغير واحد.
وهذه القصة تُشبِه تلك، ولا يبعد أن تكون واحدةً؛ فانتقل ذهن سالم أو ثور من آية القتال إلى آية الجمعة.
وقد روى الترمذي الحديثين
(2)
، وقال في كل منهما: غريب.
أمّا أنا فأرى أنّه لا مانع من صحتهما معًا؛ كما ذكره الحافظ في "الفتح"
(3)
.
والقصة التي ذكر فيها آية الجمعة ليس فيها تصريح بأنّ فارسًا هي المراد بقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} ، وإنّما فيها:"قال: قلت: مَن هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثًا، ومعنا سلمان الفارسي، فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على سلمان، ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجالٌ أو رجلٌ من هؤلاء".
(1)
(21/ 234). وأخرجه أيضًا ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"(7/ 306)، والطبراني في "الأوسط"(8838) والبيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 334) وغيرهم.
(2)
رقم (3260، 3310).
(3)
(8/ 642).
إنّما أعرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرّة بعد مرّة لأنّ في الآية نفسها البيان [
…
]. [ص 4] فإن كان السائل لم يفهم هذا فهو مقصِّر، يستحقُّ الإعراض عنه، ليردَّه الإعراضُ إلى التدبُّر. وإن فهم هذا وأراد تعيينَهم بقبائلهم أو بأسمائهم، فلا فائدةَ في بيان ذلك.
ثم نبَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أنّه كان الأَولى بالسائل أن يسأل عن أمر آخر، وهو: هل التعليم والتزكية يختصُّ بالأمّيين أو لا يختصُّ؟ فأجاب عن هذا بقوله: "لو كان الإيمان
…
إلخ" أي: أنّه لا يختصُّ. وهذا هو الذي يُسمِّيه أهل المعاني: الأسلوب الحكيم، وذكروا له أمثلةً من القرآن وغيره. ولو كان المراد أنّ الآخرين هم فارس لكان السؤال في محلّه، فلا يكون وجهٌ للإعراض، كما لم يقع الإعراض في القصة الأخرى، ولكان الجواب مصرِّحًا بذلك؛ كأن يقول: هم الفرس، كما قال في القصة الأخرى، والله أعلم.
وهذا بحمد الله ظاهر جدًّا، وإن لم أرَ من نبَّه عليه.
وإذ لم نظفر بما نعلم منه تاريخ النزول فلننظر من جهة أخرى. فأقول: الاحتمال الثالث بعيد، لأنّ الآية عليه تكون مجملةً، وهو خلاف الظاهر الغالب. ويبقى النظر في الاحتمالين الأولين:
فإن كان نزول الآية متأخرًا، أي: بعد إسلام أبي هريرة أو قبله قريبًا منه تعيّن الاحتمال الأول؛ لأنّ الأحاديث كلها يُطلَق فيها "يوم الجمعة" على أنه عَلَم. ولو لم يكن جُعِل علمًا إلا أخيرًا لجاء في بعض الأحاديث ذكره باسمٍ آخر، أعني ببعضها ما كان قبل نزول الآية؛ إذ يبعد جدًّا أن تكون الأحاديث المروية في الجمعة إنّما سُمِعتْ وحُفِظَتْ بعد إسلام أبي هريرة أو قريبًا منه.
وإن كان نزول الآية بمكة أو أوائل قدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينةَ فالاحتمال الثاني أقرب. وعلى كلا الاحتمالين فتسمية هذا اليوم "يوم الجمعة" تسمية شرعية؛ إمّا بالقرآن وإمّا بالسنة، متقدّمة على القرآن أو متأخرة عنه، والله أعلم.
فالشرع سمّاه يوم الجُمُعة بضمتين؛ كما في قراءة العامة، فأخذَه بنو تميم وخفّفوه بإسكان الميم، وقرأ به بعض الشواذّ، وسمعه بنو عقيل فحرَّفوه، مع ملاحظة المعنى؛ فقالوا: يوم الجُمَعة، بضمٍّ ففتحٍ، والله أعلم.
[ص 2] فصل
يَرِد في الأحاديث عند ذكر اليوم "يوم الجمعة"، ويَرِد فيها "الجمعة" مفردًا، ويجيء فيها عند ذكر الصلاة "صلاة الجمعة"، ويَرِد فيها "الجمعة" مفردًا؛ فأيُّ هذه الأصلُ؟
أقول: أما تسمية الصلاة أو اليوم ابتداءً بهذا المصدر الذي معناه الاجتماع فبعيد، فتبقى احتمالات:
الأول: أن يكون أول ما نظر الشرع إلى الصلاة فسمّاها "صلاة الجمعة"؛ أي: صلاة الاجتماع، ثم أتبعَها اليوم، فقال:"يوم الجمعة". وتقديره: يوم صلاة الاجتماع.
الثاني: عكسه.
الثالث: أن يكون نَظَر إليهما معًا؛ فسمّى الصلاة "صلاة الجمعة" واليوم "يوم الجمعة".
والأول أقوى؛ لأنّ الجمعة إذا أُطلِقَتْ في الشرع يتبادر منها إلى ذهن العارف به الصلاة، ولأنّ المعهود من الشارع وضع الأسماء للأحكام الشرعية، في أدلةٍ أخرى لا أُطيل بذكرها.
[ص 3] ففي هذه الآيات تسمية هذا اليوم "يوم الجمعة".
فهل سُمّي هذا اليوم "جمعة" من أول وهلة، ثم قالوا "يوم الجمعة" من باب إضافة العام إلى الخاص؟ أم الجمعة شيء أضيفَ إليه اليوم، فصار من باب العَلَم المضاف، ثم توسّعوا فأطلقوا على اليوم نفسه "جمعة"؛ كما قالوا في يوم السبت أنّ أصل السبت الراحة والقطع، فكأنّه قيل:"يوم الراحة"، ثم توسعوا فأطلقوا السبت على اليوم نفسه؟ ادّعى بعضهم الأول، وهو واهمٌ فيه؛ لما ستسمعه.
واختلفوا في أصل معنى "جمعة" الذي أُضِيف إليه هذا اليوم. فالقول الأول: إنّه بمعنى الاجتماع. قال الزمخشري في "الأساس"
(1)
: "وجمَّع القومُ: شهدوا الجمعة، وأدام الله جمعةَ ما بينكما؛ كما تقول: ألفةَ ما بينكما".
وفي "القاموس"
(2)
: "ويوم الجمعة
…
وأدام له جمعةَ ما بينكما: أُلفةَ ما بينكما". قال شارحه
(3)
: "قاله أبو سعيد".
أقول: وهذا تنبيهٌ على أنّ "جمعة" من قولهم: "جمعةَ ما بينكما" مصدرٌ كالألفة، وأنّ الجمعة في قولنا "يوم الجمعة" من هذا المعنى. وقد بيّن ذلك
(1)
(ص 100) ط. دار صادر.
(2)
(3/ 14) ط. بولاق.
(3)
"تاج العروس"(20/ 459) ط. الكويت.
المُطرِّزي في "المُغرِب"
(1)
؛ قال: "والجمعة من الاجتماع كالفرقة من الافتراق؛ أُضِيفَ إليها اليوم والصلاة، ثم كثر الاستعمال حتى حُذِف منها المضاف".
وصرّح أبو البقاء بالمصدرية؛ قال
(2)
: "الجمعة ــ بضمتين وبإسكان الميم ــ مصدرٌ بمعنى الاجتماع"، نقله في "روح المعاني"
(3)
.
فمن مثّله بـ "أُلْفة" مثّله بنظيره، ومن مثّله بـ "فُرقة" مثّله بضدِّه؛ لأنّ العرب كثيرًا ما تُسوِّي بين النظيرينِ وبين الضدّينِ؛ كما هو مقرر في محلّه.
أقول: وهذا القول هو الظاهر، بل الصواب.
وزاد أبو البقاء
(4)
: "وقيل في المُسَكَّن هو بمعنى المجتمَع فيه؛ كرجلٍ ضُحْكةٍ؛ أي: كثيرٌ الضحكُ منه".
أقول: إنما خصَّه بالمسكّن لأنه يكون حينئذٍ صفةً، والصفة تجيء على "فُعْلة" بضمٍّ فسكون، ولا تجيء بضمتين. والذين قالوا إنّ كلّ "فُعْلٍ" بضم فسكون يجوز أن يقال فيه "فُعُل" بضمّتين استثنوا الصفة؛ كما نصّ عليه الرضيُّ
(5)
وغيره.
وهذا يردُّ على الآلوسي فيما صدَّر به، وهو القول الثاني؛ قال
(6)
:
(1)
(1/ 158).
(2)
"الكليات"(ص 355).
(3)
(28/ 99).
(4)
لم أجد قوله في "الكليات".
(5)
انظر "شرح الرضي على الشافية"(1/ 46).
(6)
"روح المعاني"(28/ 99).
"وذكروا أنّ الجُمُعة بالضم مثل الجُمْعة بالإسكان؛ ومعناه: المجموع، أي: يوم الفوج المجموع؛ كقولهم "ضُحْكة" للمضحوك منه".
ويُردُّ عليه بأمور أخرى لا حاجة لبسطها؛ فإنّ هذا القول بعيدٌ على كل حال.
والأولى حملُ المسكَّن على الذي بضمّتين، وأن يكون المعنى واحدًا كما هو الظاهر، فالصواب أنّه على اللغتين مصدرٌ بمعنى الاجتماع.
وممّا يؤيِّد ذلك أن لغة الحجازيين بضمتين، وبها نزل القرآن، والتسكين لغة تميم، ولم يُقرأ بها إلا في الشواذّ. وفي "شرح القاموس" تخليطٌ سأنبِّه عليه فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
[ص 4] ثم اختلف أهل القول الأول في الاجتماع الذي أُضِيف إليه هذا اليوم. فالجمهور من أهل اللغة وغيرهم: أنّه اجتماع الناس. قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات"
(1)
: "وسُمّي يوم الجمعة لاجتماع الناس فيه؛ هذا هو الأشهر في اللغة، وقيل
…
"؛ فذكر القول الثالث.
وفي "النهاية"
(2)
: "ويوم الجمعة سُمّي لاجتماع الناس فيه".
واختُلِف في المراد باجتماع الناس، فالجمهور أنّ المراد اجتماعهم للصلاة؛ نصَّ عليه جماعة، منهم ابن دريد في "الجمهرة"
(3)
، ولفظه:"والجمعة مشتقّة من اجتماع الناس فيها للصلاة".
(1)
(2/ 1/54).
(2)
(1/ 297).
(3)
(1/ 484).
وقال الراغب
(1)
: "وقولهم: "يوم الجمعة"، لاجتماع الناس فيه للصلاة". واختاره ابن حزم
(2)
كما سيأتي.
قال في "الفتح"
(3)
: "وقيل لأنّ كعب بن لؤي كان يجمع قومه فيه، فيذكِّرهم ويأمرهم بتعظيم الحرم، ويُخبرهم بأنه سيُبعَث منه نبي، روى ذلك الزبير في "كتاب النسب" عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف مقطوعًا، وبه جزم الفرّاء وغيره.
وقيل: إنّ قُصَيًّا هو الذي كان يجمعهم؛ ذكره ثعلب في "أماليه"
(4)
.
وقيل: سُمِّي بذلك لاجتماع الناس للصلاة فيه؛ وبهذا جزم ابن حزم فقال
(5)
: إنّه اسمٌ إسلاميٌّ لم يكن في الجاهلية، وإنّما كان يُسمَّى العَرُوبة. انتهى.
وفيه نظر، فقد قال أهل اللغة: إنّ العَروبة اسمٌ قديم كان للجاهلية، وقالوا في الجمعة: هو يوم العروبة. والظاهر أنّهم غيّروا أسماء الأيام السبعة بعد أن كانت تُسمَّى: أوَّل، أَهْون، جُبار، دُبار، مُؤنِس، عَرُوبة، شِيَار
(6)
.
(1)
في "مفردات القرآن"(ص 202).
(2)
في "المحلى"(5/ 45).
(3)
(2/ 353).
(4)
لم أجده في المطبوع، وهو ناقص.
(5)
في "المحلَّى"(5/ 45).
(6)
قال بعض شعراء الجاهلية، ويقال: إنه النابغة:
أُؤمِّل أن أعيشَ وأنَّ يومي
…
لأوَّلَ أو لأهْونَ أو جُبَارِ
أو التاليْ دُبارِ فإن أَفُتْه
…
فمُؤنِسَ أو عَروبةَ أو شيارِ
انظر: "الصحاح"(هون) و"صبح الأعشى"(2/ 365). وهما بلا نسبة في "اللسان"(عرب، جبر، دبر، شير، أنس، وأل، هون) و"التذكرة الحمدونية"(7/ 361).
وقال الجوهري
(1)
: كانت العرب تُسمِّي يوم الاثنين "أهون" في أسمائهم القديمة. وهذا يُشعِر بأنّهم أحدثوا لها أسماء، وهي هذه المتعارفة الآن؛ كالسبت والأحد إلى آخرها.
وقيل: إنّ أوّل من سمّى الجمعة "العَروبة" كعب بن لُؤي، وبهذا جزم الفرّاء وغيره. فيحتاج من قال إنّهم غيَّروها إلَّا
(2)
الجمعة، فأبقَوه على تسمية العروبة، إلى نقلٍ خاص". "فتح الباري" (ج 2 ص 239)
(3)
.
أقول: قوله: "وقيل: إنّ أوّل من سمّى الجمعة "العَروبة" كعب بن لؤي، وبهذا جزم الفرّاء وغيره" مخالفٌ لما تقدّم عن الفرّاء، وكأنّ العبارة انقلبت، والصواب:"إنّ أوّل من سمّى العَروبةَ الجمعةَ"، وهكذا قال غيره.
والنظر الذي أطال في بيانه لا طائلَ تحته، فإنّه إن لم يثبت أنّ العرب قبل الإسلام تكلّمت بالأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة والسبت، فيمكن أن تكون هذه الأسماء كلها إسلامية. وإن ثبت أنّهم تكلَّموا ببعضها كالسبت، ولم يثبت في بعضها كالجمعة، فلا مانعَ من أن يكونوا غيّروا بعضًا وأبقَوا بعضًا؛ فأبقَوا العَروبةَ باسمها، حتّى غُيِّرت في الإسلام، وما الذي يوجب أن يكون التغيير كلُّه وقع في وقت واحد؟
وقول أهل اللغة: "الأسماء القديمة" يحتمل أن يكون المراد بالقِدَم ما
(1)
في "الصحاح"(6/ 2218).
(2)
في الأصل "إلى"، وهو خطأ. والتصويب من "الفتح".
(3)
(2/ 353) ط. السلفية. هنا انتهى النقل الطويل من "الفتح".
قبل الإسلام، أو أنّ بعضها قديمٌ غُيِّر في الجاهلية، وبعضها قديمٌ غُيِّر في الإسلام.
وهذا ابن مُقْبِل وهو مخضرم، أدرك الجاهلية وعاش إلى زمن عمر، وخاصم إليه يقول:
وإذا رأى الوُرَّادَ ظلَّ بأَسْقُفٍ
…
يومًا كيوم عَرُوبةَ المتطاولِ
(1)
كذا أنشده ياقوت في "معجم البلدان"(أسقُف)
(2)
، وهذا القُطامي، وهو شاعر إسلامي، يقول:
نفسي الفداءُ لأقوامٍ هُمُ خَلَطوا
…
يومَ العَروبةِ أورادًا بأورادِ
(3)
ونقل المرزوقي في "الأزمنة والأمكنة"
(4)
كلامًا عن الخليل، استشهد فيه بهذين البيتين. واستشهد بهما ابن دريد في "الجمهرة"
(5)
، وزاد قوله:
يُوائِم رَهْطًا للعَروبة صُيَّما
وفي هذا أوضحُ دليل على أنّ تسمية هذا اليوم يومَ العروبة لم تنقطع قبل الإسلام؛ كما انقطع أوّلُ وأهونُ وبقية الستة.
وإنّما يُردُّ قولُ ابن حزم وموافِقيه
(6)
ــ وهم الجمهور ــ لو ورد بنقلٍ
(1)
انظر "ديوانه"(ص 221). وفيه: "الرُّوَّاد".
(2)
(1/ 181).
(3)
"ديوانه"(ص 88).
(4)
(1/ 271).
(5)
(1/ 319، 320).
(6)
في الأصل: "وموافقوه".
صحيح أنّ العرب قبل الإسلام كانوا يقولون يوم الجمعة. ولا سبيل إلى إثبات هذا، ولا إلى إثبات أنّ كعبًا أو قُصَيًّا سمّياه الجمعة، ولا أنّهما كانا يجمعان الناس فيه؛ وإنّما يوجد نقلُ ذلك في أخبار القُصّاص التي لا تَصلُح للاعتماد.
فالاجتماع المحقَّق في هذا اليوم هو اجتماع الناس للصلاة، وإنّما وقع ذلك في الإسلام، ولم يتحقّق أنّه قيل "يوم الجمعة" إلا في الإسلام.
على أنّه لو ثبت أنّ كعبًا أو قُصيًّا كان يجمع الناس فيه لم يلزم من ذلك تسميتُه يوم الجمعة. وقد قال السُهيلي: "وكعب بن لُؤي هذا أوّل من جمع يومَ العروبة، ولم تُسَمَّ العَروبةُ الجمعةَ إلا مُذْ جاء الإسلام في قول بعضهم. وقيل: هو أول من سمّاها الجمعة". "الروض الأُنف"(ج 1 ص 6).
[ص 5] أقول
(1)
: قد بسطتُ الكلام على الحديثين وعلى تاريخ نزول سورة الجمعة في مبحثٍ مستقلّ
(2)
، أفردتُه لبيان المراد بقوله:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} ، وبيّنتُ فيه أنّ الذي يظهر أنّ معظم سورة الجمعة نزل قبل إسلام أبي هريرة بمدةٍ قد لا تبلغ سنةً فيما يظهر، والله أعلم.
وعلى هذا فالّذي يظهر أن يكون التسمية وقعت بالسنة، ثم أقرّها القرآن.
(1)
يبدو أنه تتمة لكلام لا يوجد هنا.
(2)
هو الكلام الذي سبق.
فصل
ما وجه التسمية
المشهور بين أهل العلم أنّه سُمّي يوم الجمعة لاجتماع الناس فيه.
قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات"
(1)
: "سُمِّيَ يوم الجمعة لاجتماع الناس فيه، هذا هو الأشهر في اللغة".
وفي "النهاية"
(2)
: "يوم الجمعة سُمّي لاجتماع الناس فيه".
ثم اختلفوا؛ فقال قائل: إنّ أوّل ذلك اجتماع الناس في الجاهلية عند كعب بن لُؤيّ، أو ابنه قُصَيّ. وقد تقدّم ردُّ ذلك
(3)
.
وقال ابن سيرين على ما في "مسند عبد بن حميد"
(4)
: إنّه اجتماع الأنصار عند أسعد بن زُرارة، كما تقدّم.
وقد قدّمنا ترجيحَ أنه لم يُسمَّ يومَ الجمعة يومئذٍ، وإنّما سمّاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والظاهر أنّ ذلك بعد الهجرة، حين خصَّه بإبقاء الصلاة فيه ركعتين مع الخطبتين، وأوجب الاجتماع فيه.
(1)
(2/ 1/54).
(2)
(1/ 297).
(3)
انظره فيما سبق.
(4)
قال الحافظ في "الفتح"(2/ 353): "أخرجه عبد بن حميد عن ابن سيرين بسند صحيح إليه
…
". والمقصود به "تفسيره" لا "المسند". وانظر "الدر المنثور" (14/ 469، 470).
وبهذا يترجح أنّه اجتماع الناس للصلاة بعد فرض الاجتماع؛ وهو المشهور.
وممّن صرّح به ابن حزم كما في "فتح الباري"
(1)
، وابن دريد في "الجمهرة"
(2)
، وعبارته:"والجمعة مشتقة من اجتماع الناس فيها للصلاة".
وقال الراغب
(3)
: "وقولهم: يوم الجمعة، لاجتماع الناس للصلاة".
القول الثاني: أنّه سُمّي بذلك لأنّ كمال الخلائق جُمِع فيه، قال في "الفتح":"ذكره أبوحذيفة البخاري في "المبتدأ" عن ابن عباس، وإسناده ضعيف". "فتح الباري"(ج 2 ص 39)
(4)
.
أقول: ورواه ابن جرير في "تاريخه"
(5)
، قال: [حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدّي في خبرٍ ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود، وعن ناسٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
…
وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض].
(1)
(2/ 353). وانظر "المحلَّى"(5/ 45).
(2)
"جمهرة اللغة"(1/ 484).
(3)
في "مفردات القرآن"(ص 202).
(4)
(2/ 353) ط. السلفية. قال الذهبي في "السِّير"(9/ 478): "كتاب المبتدأ كتاب مشهور في مجلدتين، ينقل منه ابن جرير فمَن دونه، حدَّث فيه ببلايا وموضوعات".
(5)
(1/ 59)، وترك المؤلف فراغًا بعد "قال" عدة أسطر، وقد أثبتُّ النصَّ نقلًا عن المصدر، فإن الكلام الآتي مبني عليه. وذكر ابن جرير في تفسيره (20/ 393) إسناده إلى السدّي.
أقول: أمّا أبو صالح فقد اتفقوا على ضعف ما يرويه عن ابن عباس؛ لأنّه لم يَلْقَه، وإنّما أصاب كتبًا فروى منها، وقد بان بنكارة ما يرويه أنّ تلك الكتب جمعَها من لا يُوثَق به. وأمّا أبو صالح في نفسه فصدوق، وإنّما ضعَّفه بعض الحفاظ لنكارة ما رواه، والحمل في النكارة على تلك الكتب. فأمّا زعْمُ الكلبي أنّ أبا صالح قال له:"كلُّ ما حدَّثتُك كذب"
(1)
، فالكلبي تالف، وفيما يرويه عن أبي صالح عجائب، فكأنّه حاول أن يُلقِي التَّبِعةَ على أبي صالح.
وأمّا أبو مالك فثقة، ومُرَّة من سادات التابعين.
ولكن في السُّدِّي ومن دونه كلام، فالسّدي مختلف فيه، وقد حُكِي عن الإمام أحمد توثيقُه، وحُكي عنه أنّه قال:"إنه ليُحسِن الحديث، إلاّ أنّ هذا التفسير الذي يجيء به قد جعل له إسنادًا واستكلفه"
(2)
.
وفي "الإتقان" في طريق السُّدي عن أبي مالك عن مُرّة عن ابن مسعود وناس من الصحابة: "لم يورد منه ابن أبي حاتم شيئًا؛ لأنّه التزم أن يُخرِج أصحَّ ما ورد، والحاكم يُخرِج منه في "مستدركه" أشياء ويصحّحه
…
وقد قال ابن كثير: إنّ هذا الإسناد يروي به السُّدي أشياء فيها غرابة". "الإتقان" (ج 2 ص 188)
(3)
.
(1)
انظر "تهذيب التهذيب"(9/ 179، 180).
(2)
انظر "تهذيب التهذيب"(1/ 314).
(3)
"الإتقان"(6/ 2334، 2335) طبعة المدينة.
أقول: وفي "تهذيب التهذيب"
(1)
في ترجمة إسماعيل بن عبدالرحمن القرشي: "قد أخرج الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما في تفاسيرهم تفسير السُدّي مفرَّقًا في السُّور".
أقول: يؤخذ من هذا أنّ ابن أبي حاتم إنّما تجنَّب رواية السُّدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس. [ص 6] وعن مرّة عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وهذا يشهد لقول ابن كثير. ومع ذلك فإن كان هذا التفسير نسخة ذكر السُّدي هذا الإسناد في أولها، ثم ساق التفسير. فالذي يظهر بل يكاد يتيقّن أنّه لم يُرِد أنّ كل جملة من جمل التفسير محكية عن هؤلاء كلهم، وإنّما أراد أنّ منها ما هو عن أبي مالك من قوله، ومنها ما هو عن أبي صالح.
أقول: أسباط مُضعَّف، والسُّدّي فيه كلام، وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس، وإنّما وجد كتبًا فروى منها. وقد دلّ نكارةُ ما يرويه على أنّ تلك الكتب لم تكن معتمدة؛ بل زعم الكلبي أنّ أبا صالح قال له:"كلُّ ما حدَّثُتك كذب"، ولكن الكلبي تالف.
واعلم أنّ هذا السند بهذا السياق رُوِيتْ به نسخةٌ من التفسير؛ فرَّقَها ابن جرير في مواضعها، وذكرها السيوطي في "الإتقان"، قال: "لم يُورِد منه ابن أبي حاتم شيئًا
(2)
؛ لأنه التزم أن يُخرِج أصحَّ ما ورد، والحاكم يُخرِج منه في "مستدركه" أشياء ويُصحِّحه؛ لكن من طريق مرّة عن ابن مسعود وناس
(1)
(1/ 315).
(2)
بل أخرج منه أشياء كما يظهر بمراجعة تفسيره.
فقط دون الطريق الأول. وقد قال ابن كثير: "إنّ هذا الإسناد يروي به السُّدّي أشياء فيها غرابة". "الإتقان"(ج 2 ص 188).
أقول: وكأنّ هذه النسخة هي المرادة بما حكاه السّاجي عن الإمام أحمد أنّه قال في السُّدّي: "إنّه ليُحسِن الحديث؛ إلاّ أنّ هذا التفسير الذي يجيء به قد جعل له إسنادًا واستكلفه"
(1)
.
والّذي يقع لي أنّ هذه كانت نسخةً عند السُّدّي لم يكن فيها إسناد، فأخذها أسباطٌ، وسأله عن إسنادها، فقال:"عن أبي مالك، وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مُرَّة عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ". يريد السُّدّي أنّ في النسخة ما سمعه من أبي مالك من قوله، وفيها ما سمعه من أبي صالح عن ابن عباس، وفيها ما سمعه من مرّة عن ابن مسعود، وفيها ما بلغَ السديَّ عن بعض الصحابة.
وقد روى السُّدّي عن أنس وابن عباس قليلًا، فالغالب أنَّ ما قال: إنّه "عن ناسٍ من الصحابة" إنّما بلغه.
والذي يدلّ على هذا اتفاقُ لفظ الإسناد في السياق في جميع المواضع، كما في "تفسير ابن جرير"، ولو كان السُّدّي هو الذي يذكر السند في أول كل أثرٍ لاختلف سياقه حتمًا؛ كما تقضي به العادة.
ثم لا أدري أسباطٌ أم مَن بعده مزجَ هذه النسخة ببقية تفسير السُّدّي، مما يقوله هو أو يرويه ممّا ليس في النسخة؛ فعَمَدَ إلى هذا السند فأثبته في أوّل كل أثر من الآثار التي كانت في النسخة. فقد يكون الأثر في الأصل عن
(1)
انظر "تهذيب التهذيب"(1/ 314).
أبي مالك من قوله فقط، وقد يكون عن أبي صالح فقط، وقد يكون ممّا بلغ السُّدّيَّ عن بعض الصحابة، وقد يكون مما سمعه من مُرّة عن ابن مسعود. فمن هنا جاء الضعف والنكارة فيما يُروَى بهذا السند، إذ لا [ .... في] نكارة ما يقوله [أو يرويه] من كتبه أو ممّا بلغه، وما يرويه أبو صالح من كتبه، وما بلغَ السُّديَّ ولا ندري ممن سمعه. فالسدي بريءٌ من نكارة ذلك، وإنّما يضرُّه لو جاء منكر يرويه عن مرّة عن ابن مسعود، وهذا لم يثبت، لأنّنا لا ندري أنّ تلك الآثار هي في نفس الأمر عن مرّة عن ابن مسعود.
وإذا كان الأمر هكذا فقد أخطأ الحاكم خطأً فاحشًا، إذ يُخرِج بهذا السند، فيختصر السند، يقول: عن أسباط عن السُّدّي عن مرّة عن ابن مسعود.
[ص 7] فصل
[ ....... ]
(1)
يحذف المضاف، ويقام المضاف إليه مقامه؛ فيقال: الجمعة، فهكذا يقال: صلاة الجمعة.
وكثيرًا ما يُحذَف المضاف، ويُقام المضاف إليه مقامه، فيقال: الجمعة، وفي ذلك احتمالات:
الأول: أن يكون الأصل الأول، ثم أُضيفتْ إليه الصلاة، على تقدير صلاة يوم الجمعة.
الثاني: عكسه، بأن يكون الأصل الثاني، ثم أضيف إليها اليوم، على تقدير صلاة يوم الجمعة.
(1)
هنا خرم في الركن الأيمن من الصفحة ذهب ببعض الكلمات.
الثالث
(1)
: أن يكون كلاهما أصلًا.
فقد يقال في الترجيح: إنّ الثالث مرجوح؛ لأنّ فيه ضربًا من الاشتراك، وقد تقرّر في الأصول أنّ المجاز والإضمار أولى منه؛ فيبقى النظر بين الأولَينِ، فيُرجَّح الأوّل بوروده في القرآن، والأصل عدم الإضمار. وبما تقدّم من احتمالِ أن لُوحِظ في التسمية مع اجتماع الناس للصلاة اجتماعُ كمال الخلائق، واجتماعُ خلق آدم، ويبعد ملاحظتهما في تسمية الصلاة بصلاة الجمعة ابتداءً، وإذا بَعُد فيه بَعُد في يوم الجمعة، على تقدير يوم صلاة الجمعة.
ويُرجَّح الثاني بأنّ الصلاة معنىً شرعي، والمعهود من الشارع تسمية المعاني الشرعية؛ فهي الأولى بأن يكون التفتَ إليها أولًا فسمّاها، ثم أضاف اليوم إليها. وبأنّ لفظ "الجمعة" إذا ورد في الشرع مطلقًا تبادر إلى ذهن العارف به الصلاة.
فقد يقال: إذا تعارض الترجيح وجب المصير إلى الاحتمال الثالث؛ وقد نصّ عليه المُطرِّزي في "المُغْرِب"؛ كما تقدّم من قوله: "الجمعة من الاجتماع كالفُرقة من الافتراق، أُضيفَ إليها اليوم والصلاة".
ويُجاب عن الاشتراك بأنّه ليس اشتراكًا حقيقيًّا؛ لأنّه لم يتَّحد الاسم، وإنّما الأصل يوم الجمعة وصلاة الجمعة.
وفي هذا نظر؛ لأنّ المضاف إليه واحد، ومعناه مختلف؛ لأنّ ملاحظة اجتماعِ كمالِ الخلائق واجتماعِ خَلْقِ آدم إنّما يَقرُب احتمالُه في "يوم الجمعة" إذا لم تُضمَر فيه "صلاة"، ويبعُد في "صلاة الجمعة" إذا لم تُضمَر
(1)
في الأصل: "الثاني" سهوًا.
فيه "يوم".
نعم، قد يقال: لا مفرَّ من هذا الاشتراك جمعًا بين الأدلة والأقوال، فعلى كلّ حالٍ الأقربُ أنّ كلًّا منهما أصلٌ لما ذكر، أو أنّ الأصلَ "صلاة الجمعة"؛ لقوة دلالة التبادر.
وعلى كلٍّ فقد دلّت هذه التسمية في الكتاب والسنة على أنّ هذه الصلاة من شأنها الاجتماع.