الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المملكة العربية السعودية
مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة (22)
التُّحْفَةُ اللَّطِيفَةُ
في
تاريخِ المدينةِ الشّريفَةِ
تأليفُ شمسِ الدِّينِ محمَّدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ السَّخاويِّ، المِصريِّ، المدَنيِّ
(831 - 902 هـ)
العاملون في كتاب التحفة اللطيفة
أ- الإشراف العام:
د. عبد الباسط عبد الرزاق بدر
ب - التحقيق والدراسة:
د. أنيس طاهر الإندونيسي - د. بدر بن محمد العماش - د. صفوان داوودي
د. صلاح الدين شكر - د. عبد السلام محسن - د. عبد اللّه الرفاعي
د. مصطفى عمار منلا - د. نصار حميد الدين - أ. أحمد محمد شعبان
أ. عبد الرحمن الجميزي - أ. مجاهد حمدو الصالح - أ. ياسر فاروق الفقي
جـ - المراجعة:
أ. د. عبد الرحمن العثيمين - أ. د. عبد اللّه بن عبد الرحيم عسيلان - أ. د. عبد السلام تدمري
أ. د. صلاح كزارة - أ. د. حسن هنداوي - د. محمود أحمد ميرة
د. صفوان داوردي - د. عاصم بن عبد اللّه القريوتي
د- فريق المساندة:
إشراف: د. مصطفى عمار منلا
مساعد باحث:
بومدين عبد الكريم رربال - عبد السلام محمد الحسين - عبد الله بخش
فهيم عبد الرحمن عجريد - محرز رشيد حاج طاهر - معن مراد - مهدي السيد
هـ - الصياغة الأخيرة:
د. صفوان داوودي
العاملون في الجزء الأول:
•
التحقيق والدراسة
: د. أنيس طاهر الإندونيسي، د. بدر بن محمد العماش، د. مصطفى عمار منلا
•
المراجعة
: أ. د. عبد الرحمن العثيمين، أ. د. عبد السلام تدمري
•
الصياغة الأخيرة
: د. صفوان داوودي
العاملون في الجزء الثاني
•
التحقيق
: د. مصطفى عمار منلا، د. عبد السلام محسن، د. صفوان داوودي
•
المراجعة
: أ. د. عبد الرحمن العثيمين، أ. د. عبد الله بن عبد الرحيم عسيلان
• ا
لصياغة الأخيرة
: د. صفوان داوودي
العاملون في الجزء الثالث
•
التحقيق
: د. صفوان داوودي، د. نصار حميد الدين، أ. أحمد محمد شعبان.
•
المراجعة
: أ. د. حسن هنداوي، د. محمود ميرة
•
الصياغة الأخيرة
: د. صفوان داوودي
العاملون في الجزء الرابع
•
التحقيق
: أ. عبد الرحمن محمد الجميزي، أ. ياسر فاروق الفقي، أ. مجاهد حمدو الصالح
•
المراجعة
: أ. د صلاح كزارة، د. صفوان داوردي، د. محمود ميرة
•
الصياغة الأخيرة
: د. صفوان داوودي
العاملون في الجزء الخامس
•
التحقيق
: أ. ياسر فاروق الفقي، أ. مجاهد حمدو الصالح، د. صلاح الدين شكر.
•
المراجعة
: أ. د. صلاح كزارة، د. محمود ميرة
•
الصياغة الأخيرة
: د. صفوان داوودي
العاملون في الجزء السادس
•
التحقيق
: د. صفوان داوودي، د. صلاح الدين شكر
•
المراجعة
: د. محمود أحمد ميرة، د. طلال بن مسعود الدعجاني
•
الصياغة الأخيرة
: د. صفوان داوودي
[*](تعليق الشاملة): وردت -في المطبوع- لائحة العاملين بصدر كل جزء. وقد جمعناهم هنا.
تقديمٌ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيِّدِنا ونبِّينِا محمَّدٍ، وآلِه وصحبِه، وبعد؛
فتحقيقًا لأحدِ أهدافِ مركزِ بحوثِ ودراساتِ المدينةِ المنوَّرةِ، -وهو تحقيقُ تُراثِها المخطوطِ ونَشرِه،- قامَ المركزُ بتحقيقِ هذا السَّفْرِ الجليلِ، وهو: كتابُ "التُّحفَة اللَّطيفة في تاريخ المدينة الشريفة"، للإمامِ شمسِ الدِّينِ السَّخاويِّ.
وكانَ مِن الدَّوافعِ لاختيارِ هذا الكتابِ مِن التُّراثِ الذي يُؤرِّخُ للمدينةِ المنوَّرةِ اشتمالُه على ميزاتٍ عِدَّةٍ، منها: أنَّه مُتخصِّصٌ بالمدينةِ المنوَّرةِ تاريخًا وأعلامًا، يشغَلُ قِسمًا مِن مكتبةِ المدينةِ المنوَّرةِ التي بناها عددٌ مِن المؤلِّفينَ المسلمين منذُ القرنِ الهجريِّ الثَّاني.
ومنها: أنَّه شغلَ مساحةً زمنيةً طويلةً، تمتدُّ مِن مرحلةِ تأسيسِ يثربَ في زمنٍ قديمٍ لا نعلمُه إلى زمنِ المؤلِّفِ، بل إلى آخرِ سنةٍ مِن عُمرِه (شعبان 902 هـ) حيثُ نجدُ تاريخًا لأعلامٍ، وأحداثٍ وقعتْ قُبيلَ وفاتِه بفترةٍ وجيزةٍ.
ومنها: هذا الجمعُ بين عِلْمَي التَّاريخِ والتَّراجمِ، والذي يُوطِّدُ الصِّلةَ بينَ الأحداثِ وصُنَّاعِها، فالتَّاريخُ عَرْضٌ للأحداث، وعِلمُ التَّراجمِ يُضيفُ إلى الأحداثِ تفصيلاتٍ من سيرِ صانعيها ما يُفسِّرُ الأحداثَ، ويُعمِّقُ فهمَنا لأسبابِها ونتائجِها القريبةِ والبعيدةِ.
ومِن مميزاتِ هذا الكتابِ أيضًا: أنَّه وهو يترجمُ للأعلامِ ينظرُ إلى التَّاريخِ بمفهومِه الحَضَاريِّ الواسعِ، فلا يقصُرُه على رجالِ السِّياسةِ والإدارةِ، وأبطالِ الحروب، بل يمدُّه ليشملَ رجالَ العِلمِ والثَّقافةِ، فنرى إلى جانبِ الخُلفاءِ، والأمراءِ والقادةِ الفقهاءَ والمفسِّرينَ، والقرَّاءَ، وعلماءَ اللغةِ، والكُتَّابَ، والشُّعراءَ، والعُبَّادَ، وبعضَ المتميزين من أربابِ الحِرَفِ، وهؤلاءِ جميعًا شركاءُ في صنعِ الحضارةِ، لكلٍّ منهم إسهاماتُه القيِّمةُ، وقد توسَّعَ المؤلِّفُ في نسبةِ الأعلامِ للمدينةِ المنوَّرةِ، فلم يقتصرْ على الذين وُلِدوا وعاشوا فيها، بل ضمَّ إليهم كلَّ مَن زارها، وأقامَ بها ولو سنةً واحدة، أو دَرَّسَ في مسجدِها، كما شملَ الأعلامَ الذينَ كان لهم أثرٌ فيها؛ ولو لم يُقيموا فيها، مثلُ أولئك الذين أوقفوا الأوقافَ لها، أو أرسلوا الأموالَ لإنشاءِ المساجدِ والمدارسِ، والمرافقِ الخيريةِ فيها.
ومنها: أنَّه في تتبُّعِه لهؤلاءِ الأعلامِ، والأحداثِ التي صنعوها، أو كانتْ لهم صلةٌ بها، قد سدَّ ثغراتٍ كثيرةً في تاريخِ المدينةِ المنوَّرةِ، فَثَمَّةَ سنواتٌ طويلةٌ لا نجدُ أيَّ حديثٍ عنها في كتبِ التَّاريخ، فتأتي التَّراجمُ لتحملَ أحداثًا، يجدُ المؤرِّخُ فيها بُغيتَه في تصوُّرِ وتصويرِ تلك الحِقَبِ.
ومِن مميزاتِ الكتابِ أيضًا: أنَّه يجمعُ في عَرْضِ الرِّواياتِ بينَ المنهجِ التَّاريخي، ومنهجِ المحدِّثين، فيذكرُ إسنادَ الرِّوايةِ، ويُناقشُ بعضَ رواياتِ الآخرين، ويُبيِّن صوابَها، أو خطأها.
ومن مميِّزاتِ الكتابِ أيضًا: أنَّه معرِضٌ للمنهجِ الثَّقافيِّ الذي تربَّى عليه طُلَّابُ العلم، وتخرَّجَ به العلماءُ الذين تصدروا للتدريسِ في حلقاتِ المسجدِ النَّبويِّ، وأروقةِ المَدارسِ، فهو يعرضُ الكتبَ التي دَرَسُوها، والمتونَ التي حَفِظوها، وتفصيلاتِ العلوم التي حصلوا على إجازاتهم فيها، ويذكرُ أسماءَ الكُتبِ والرَّسائلِ بتفصيلٍ دقيقٍ.
إنَّ هذه المميِّزاتِ وغيرَها ممَّا سيجدُه القارئُ في هذا الكتابِ تجعلُه جديرًا ببذلِ الجُهدِ في تحقيقِه ونشرِه، ليأخذَ مكانَه في المكتبةِ التُّراثيةِ بعامَّةٍ، ومكتبةِ المدينةِ المنوَّرةِ بخاصَّةٍ.
- وأمَّا مؤلِّفُ هذا الكتابِ شمسُ الدِّينِ السَّخاويُّ رحمه الله، فهو سَليلُ أسرةٍ علميةٍ مرموقةٍ، فأبوه، وجَدُّه وبعضُ أعمامِه وأخوالِه مِن العلماء الذين اشتُهروا في بيئاتهم، لذا كانَ مِن الطَّبيعيِّ أنْ ينشأَ منذُ نعومةِ أظفارِه على آثارِهم، فيتنقلُ بينَ حلقاتِ الشُّيوخِ مِن أقاربِه أوَّلًا، ثمَّ الشُّيوخِ الآخرين في بلدِه، وأهمُّهم ابنُ حَجَرٍ العَسقلانيُّ الذي لازَمَه، وكانَ أقربَ تلاميذِه إليه حتَّى وفاتِه، بعدَها واصلَ السَّخاويُّ طلبَ العلمِ على الشُّيوخِ في مصرِ والشَّامِ والحجاز، حتى بلغَ عددُهم أكثرَ مِن ألفٍ ومئتي شيخٍ.
وقد تركَّزَ اهتمامُه على علومِ الحديثِ والتَّاريخِ والتَّراجم، وبلغتْ حماستُه للتَّاريخِ أنْ صنَّفَ مؤلَّفًا خاصَّاً عنوانه "الإعلان والتَّوبيخ لمن ذمَّ التاريخ".
وكانَ مِن مميِّزاتِ السَّخاويِّ أيضًا مؤلَّفاتُه الكثيرة، فقد باركَ اللهُ له في وقتِه، فأنجزَ -كما أحمى بعض الدارسين-مئتين وتسعةً وخمسين مؤلَّفًا، ما بين كتابٍ في عدَّةِ مجلَّداتٍ، ككتاب "الضوء اللامع"، وكتابنا هذا، ورسالةٍ محدودةِ الصَّفحاتِ، وحرِصَ في كتاباتِه للتراجمِ على تتبُّعِ أعلامِ عصرِه، وصارتْ كتاباتُه المرجعَ الأهمَّ، وربَّما الوحيدَ عن بعضِ الأعلامِ والأحداثِ.
وباللّهِ التَّوفيقُ والصَّلاةُ والسَّلامُ على النَّبيِّ الحبيبِ وآلِه وصحبِه.
معالي الشَّيخِ صالحِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ الحُصينِ
الرَّئيس العامُّ لشئونِ المسجدِ الحرامِ والمسجدِ النَّبويِّ
عضو مجلسِ إدارةِ مركزِ بحوثِ ودراساتِ المدينةِ المنوَّرةِ
* * *
هذا الكتاب
عطاء آخر للعمل الجماعي الذي يعتمد عليه المركز في المؤلفات الكبيرة، احتشد له فريق من باحثي المركز ومساعديهم، وعدد من الأساتذة المتعاونين معه في عدة جامعات، توزعوا أوراق المخطوطة، وحققوها، وراجعها مدققون ذوو خبرة طويلة، ثم أسندت إلى مراجع أخير يؤكد وحدة المنهج ويستدرك ما ندَّ في هذا القسم أو ذاك، ليخرج الكتاب في صيغة موحدة متكاملة قدر ما يصل إليه الاجتهاد البشري.
وقد اختار المركز هذا المؤلَّف لأسباب عدة، منها: أنه واحد من أهم المؤلفات التراثية عن المدينة المنورة، يتضمن معلومات نادرة لا نجدها في مصدر آخر، ومنها أنه تاريخ حضاري واسع يعرض معلوماته عن طريق ترجمة الأعلام، وتتضمن الترجمة إضافة إلى التعريف بالعلم أحداثًا متنوعة: سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية وعمرانية متداخلة في الأخبار التي ينقلها، فتتكامل مشاهد التاريخ حتى لنجد في بعضها صورة الحياة اليومية بحلوها ومرها.
ومن أسباب اختيار هذا المؤلف أيضًا أن الطبعات الموجودة منه هي تكرار للطبعة الأولى التي أصدرها السيد أسعد طرابزوني عام 1376 هـ / 1957 م، والذي له فضل الريادة في نشره والتعريف به، وقد أخرجه من مخطوطة ناقصة، ما زالت الوحيدة المعروفة. واجتهد المركز في البحث عن نسخة أخرى فلم يجدها حتى الآن، وتبين له من مقارنة المخطوطة بالكتاب المطبوع أن الكتاب كان محكومًا بظروف نشره، فوقع فيه سقط وتحريف وتكرار وغير ذلك من عثرات الريادة وضعف المنهجية وندرة الاحتكام إلى مصادر المؤلف.
ثم إن النقص الكبير في المخطوطة -حيث تنتهي النسخة الموجودة في منتصف حرف الميم تقريبًا- يحفز على استدراكه ما أمكن ذلك، خاصة وأن المؤلف بين في مقدمة الكتاب المصادر التي أخذ منها، والمنهج الذي اتبعه، فضلًا عما يدركه من يعايش المخطوطة دراسة وتحقيقا.
لذا اتخذ المجلس العلمي للمركز قرارًا بتحقيق المخطوطة وفق الأسس المنهجية التي أقرها وطبقها المركز من قبل في تحقيق مخطوطة المغانم المطابة في معالم طابة للفيروزآبادي، كما قرر إكمال الكتاب بمنهج المؤلف ومن مصادره ذاتها.
ومن أهم ملامح منهج المؤلف: التوسع في مفهوم (العَلَم) الذي أثرى الكتاب، وتضمن إضافة إلى الذين ولدوا وعاشوا في المدينة المنورة مَنْ نشأ فيها ثم انتقل منها، ومن جاور فيها، ومن زارها ودرَّس في مسجدها النبوي، ومن كان له أثر فيها أو في حياة سكانها، كالذين أرسلوا الأموال لأهلها، أو أوقفوا أوقافًا فيها، أو أوصوا بأن يدفنوا في بعض مواقعها، فاشتمل الكتاب على تراجم لملوك وسلاطين وأمراء ووزراء ومحدثين وفقهاء ومؤرخين وأدباء وحرفيين وحتى اللصوص وقطاع الطرق الذين تأذى منهم أهل المدينة، إضافة إلى شيوخ المؤلف وأقرانه وتلاميذه. وقد أولى المؤلف معاصريه من سكان المدينة عناية خاصة حتى لنظن أنه استقصى كل من وصل إليه خبر عنه.
وقد اعتمد المؤلف في ترجمة الأقدمين على مصادر حديثة وتاريخية فكان مصدره الرئيسي في ترجمة الصحابة: "الإصابة" لابن حجر و"الاستيعاب" لابن عبد البر و"الطبقات الكبرى" لابن سعد، وفي ترجمة من بعدهم "التاريخ الكبير" للبخاري و"الثقات" لابن حبان و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم و"تهذيب الكمال"
للعلامة المزي، واعتمد في المصادر التاريخية على "تاريخ خليفة بن خياط"و"تاريخ الطبري" و"الكامل" لابن الأثير، و"تاريخ الإسلام" للذهبي و"تاريخ ابن صالح". كما اعتمد على كتب تاريخ المدينة ولا سيما كتب ابن زبالة، وابن شبة، وابن فرحون، والفيروزآبادي، والأقشهري، والسمهودي، وأشاد بالسمهودي وأثنى على علمه الواسع واستقصائه. وكان لشيخه ابن حجر أثر واضح في كتابه هذا فقد نقل ما وجده من تراجم من كتابيه الدرر الكامنة، وإنباء الغمر.
وكان ينقل النصوص بذاتها أحيانًا ويجري عليها شيئًا من الاختصار أحيانًا أخرى، ويحافظ في الغالب على عبارة من ينقل عنه ويذكره بالاسم. لذلك اختلفت ترجمة الأعلام وتراوحت بين سطر واحد وعدة صفحات، ولم تكن وفرة المعلومات هي الحكم الموجه لحجم الترجمة، فثمة أعلام ترجم لهم السخاوي في سطور محدودة بينما تكتظ المصادر بالمعلومات التفصيلية عنهم، وآخرون يقل ذكرهم في المصادر الأخرى ويجتهد السخاوي في أن يجمع كل ما تصل إليه يده من معلومات عنهم.
وعلى أي حال فإن السخاوي قد صنع في مؤلفه هذا موسوعة تاريخية تمتد زمانًا من عصر قبل الإسلام إلى عصره، وتركز مكانًا في المدينة المنورة، ولكنها بتوسعها في مفهوم العلمية تجولت في أنحاء شتى من العالم الإسلامي لترصد أحداثًا وأعلامًا وكانت لهم صلة ما بالمدينة المنورة، وقد رفدت الروح العلمية للسخاوي الكتاب بعناصر ثقافية غزيرة تعرض علينا أسماء علماء في بلاد كثيرة كانوا شيوخًا أو تلاميذ لبعض أعلام المدينة من الأندلس إلى خراسان، وتعرض أسماء ومضمونات كتب درسها أولئك الأعلام في عواصم الثقافة الإسلامية، فنتعرف بذلك على مناهج
دراسة طلاب العلم في تلك العصور، وعلى كتب لم تصلنا، وأعلام شحت المعلومات عنهم، وكذلك رفدت الروح التاريخية الكتاب بأحداث تفصيلية نقرأ فيها ما غاب عن كتب التاريخ الأخرى من حياة المدينة المنورة، ونلمس فيها صفات المؤرخ المدقق الذي يحرص على تأريخ حياة العَلَم، ورصد سنة وفاته ومكان دفنه، ونلمس روح المحدث في نقله لروايات الحديث الشريف التي تعرض في بعض تراجمه، ونقده لها صحة أو ضعفًا، ونقده أيضا للروايات التاريخية التي يجد فيها شيئًا من التناقض أو المبالغة.
لقد اجتمعت للسخاوي ثقافة المحدث والمؤرخ والأديب، وظهرت آثارها في هذا المؤلف بالذات، ليكون أغنى موسوعة علمية نعرفها حتى الآن عن المدينة، وأثرى كتاب تراثي يقدم لنا بشكل مباشر وغير مباشر معلومات تاريخية عن فترات مجهولة من تاريخ المدينة.
نسأل الله أن ينفع بهذا الكتاب الباحثين، وأن يثيب مؤلفه جزيل الثواب، ويجزي كل من عمل في إخراجه أجر المحسنين، ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
د. عبد الباسط بدر
مدير عام مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
وصف النسخة الأصلية:
تمثل النسخة الخطية الموجودة للكتاب ثلثي أصل الكتاب، وثلثه الأخير مفقود لم يعثر عليه حتى الآن، والموجود منه محفوظ في مكتبة توب كابي سراي برقم:527.
وتتكون المخطوطة من جزءين في مجلد واحد، وتنتهي بنهاية الثلث الثاني من الكتاب.
عدد أوراقها: 411 ق، في كل ورقة: 31 سطرًا، وفي كل سطر: 14 كلمة تقريبًا.
بداية المخطوطة: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، الحمد لله الذي شرف المحال في الحال والاستقبال بمن إليها هاجر ....
ونهايتها: ومات سنة ثمان وستين وثمان مئة أو التي تليها بالمدينة. آخر الثلث، المجلد الثاني من تاريخ المدينة الشريفة.
وينتهي الثلث الأول من المخطوطة بنهاية ترجمة: عبد اللّه الجمال النفطي، في حرف العين.
وينتهي الثلث الثاني من المخطوطة بنهاية ترجمة محمد بن مبارك القسطنطيني في حرم الميم.
نسخها عبد الباسط بن عبد الحفيظ بن محمد بن شرف الدين الحنفي، بخط نسخي معتاد، وانتهى من نسخها يوم الأحد الحادي والعشرين من شهر ذي القعدة سنة 952 هـ، ولم يذكر الأصل المنسوخ عنه.
وقد تأثرت النسخة قليلًا بالرطوبة، وضبطت بعض كلماتها بالشكل، وكتبت رؤوس الفصول والمطالب وأسماء الأعلام بخط كبير، بحبر مختلف، كما كتبت عناوين بعض المطالب على هامش الصفحات.
كتب على صفحتها الأولى عنوان الكتاب واسم المؤلف، وترجمة مختصرة للمؤلف حررها: عبد الكريم الأنصاري المدني.
وقد وجد في أولها عدة أختام وتملكات وتحابيس: تملك وختم باسم عبد الكريم الأنصاري، وتملك آخر باسم شرف الدين ابن شيخ الإسلام، وعدة أختام أخرى غير واضحة، ووقف محمودية الشيخ عابد أفندي.
ترجمةُ المُؤلِّفِ
(1)
1 - اسمُه ونَسَبُهُ:
الحافظُ محمَّدُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ محمَّدِ بنِ أبي بكرِ بنِ عثمانَ بنِ محمَّدٍ السَّخَاويُّ
(2)
(1)
أهم مصادر ترجمة المؤلف:
ترجمة المؤلف
لنفسه في:
- "إرشاد الغاوي" بل إسعاف الطالب والراوي للإعلام بترجمة السَّخاوي.
- "الضوء اللامع" لأهل القرن التاسع 8/ 1 - 32.
- "التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة" 3/ 630.
- "وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام".
وترجم له غيره ومن أهم ذلك:
- "نظم العقيان" للسيوطي: 152 - 153.
- "القبَس الحاوي لغُرَر ضوء السَّخاوي"، للشمَّاع الحلبي، تلميذ المؤلّف.
- "فهرس ابن غازي": التعلل برسوم الإسناد: 148 - 169.
- "النور السافر" للعيدروسي: 18 - 23.
- "شذرات الذهب" لابن العماد 8/ 15 - 17.
- "البدر الطالع" للشوكاني 2/ 184 - 187.
- "الأعلام" للزركلي 6/ 194 - 195.
- "معجم المؤلفين" 10/ 150. وينظر لمصادر أخرى في ترجمة كتابي: "الحافظ السَّخاوي وجهوده في الحديث وعلومه" الذي اقتضبت هذه الترجمة منه.
(2)
نسبة إلى سخى قال ياقوت: كورة بمصر وقصبتها سخى بأسفل مصر، وهي الآن قصبة كورة الغربية ودار الوالي بها. "معجم البلدان" 3/ 196، وهي من المدن المصرية القديمة، والآن قرية من قرى مركز =
الأصلِ، القاهريُّ، المِصريُّ، ويقال له: الغَزوليُّ
(1)
، الشَّافعيُّ، وربَّما يقالُ له: ابنُ البارد، شهرةً لجدِّه، بين أناسٍ مخصوصين.
يُلقَّبُ شمسَ الدَّينِ ويُكنى بأبي الخيرِ
(2)
وبأبي عبدِ اللهِ.
* * *
= كفر شيخ بمديرية الغربية بمصر. "المعجم الجغرافي في البلاد المصرية" ق 2، ج 2، ص 141.
(1)
نسبة إلى الغزل الذي كان يعمل فيه أبوه وجده. "إرشاد الغاوي" ل 11/ ب وذكر النسبة في ترجمة والده من "الضوء اللامع" 4/ 124.
(2)
وبها كناه أكثر من ترجم له.
وقد ذكر أن شيخه الحافظ ابن حجَر كناه بذلك، بل قالت له والدته إنها كنيته حين قطعوا سرته. انظر:"إرشاد الغاوي" ل 12/ أ.
2 - مَوْلِدُه
وُلِدَ الإمامُ السَّخاويُّ في شهرِ ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ إحدى وثلاثين وثمانِ مئةٍ بحارةِ بهاءِ الدِّينِ قَراقوشَ
(1)
، وهذا هو القولُ الرَّاجحُ في تأريخِ ولادتِهِ، فقد ذكرَه السَّخاويُّ في "إرشاد الغاوي"
(2)
و"الضوء اللامع"
(3)
و"وجيز الكلام"
(4)
و"التحفة اللطيفة"
(5)
وذكرَه أغلبُ مَن ترجمَ له: كالسُّيوطيِّ
(6)
، والغَزِيِّ
(7)
، وابنِ العِمادِ
(8)
، والشَّوكانيِّ
(9)
، وغيرِهم.
وذكرَ البقاعيُّ في "عنوان الزَّمان"
(10)
، والأسديُّ في "طبقات الشَّافعية"
(11)
أنَّه وُلِدَ سنةَ ثلاثين وثمانِ مئةٍ.
والأوَّلُ هو الصَّوابُ، فهو الذي ذكرَه السَّخاويُّ نفسُه، واعترضَ على ما ذكرَ غيرُه، فقال: وأخطأَ البقاعيُّ فأرَّخَه سنةَ ثلاثين
(12)
.
(1)
ينظر: "الخطط" للمقريزي 2/ 2.
(2)
"إرشاد الغاوي" ل 16/ أ.
(3)
"الضوء اللامع" 8/ 2.
(4)
"وجيز الكلام" 2/ 498.
(5)
"التحفة اللطيفة" 3/ 630.
(6)
"نظم العقيان": 152.
(7)
"الكواكب السائرة" 1/ 53.
(8)
"الشذرات" 8/ 15.
(9)
"البدر الطالع" 2/ 184.
(10)
"عنوان الزمان"ج 3/ ل 424.
(11)
"الطبقات" ل 138.
(12)
"إرشاد الغاوي" ل 11/ ب.
3 - شيوخُه:
وُصِفَ الإمامُ السَّخاويُّ بكثرةِ الشُّيوخِ، فقد أخذَ عن كثيرين مِن أهلِ بلدِهِ القاهرةِ ونواحيها، وقالَ مخُبرًا عن نفسِه: إنَّه كتبَ عمَّنْ دبَّ ودرَجَ، حتَّى بلغوا أكثرَ مِن أربعِ مئةِ نفسٍ
(1)
.
ولم يكتفِ بالأخذِ عن علماءِ بلدِه، بل أفادَ كثيرًا في رحلاتِه، وأخذَ عن جمعٍ مِن الحفَّاظِ، وغيرِهم مِن بلادٍ شتَّى حتَّى زادَ عددُ مَن أخذَ عنهم على ألفٍ ومئتين
(2)
.
وقد حرص السَّخاويُّ على تقييدِ أسماءِ شيوخِه في عِدَّةِ مُصنَّفَاتٍ
(3)
له.
وذكرَ في "إرشادِ الغاوي" جمعًا كبيرًا ممَّن أخذَ عنهم، وقسَّمَهم إلى خمسةِ فصولٍ، ووصلَتْ عِدَّتُهم إلى ما يُقارب (1247)
(4)
.
وشيوخُه مختلفو البلدانِ، ففيهم المِصريُّ، والشَّاميُّ، والمكِّيُّ، والمدَنيُّ، وغيرُهم، مختلفو المذاهبِ، ففيهم الشَّافعيُّ، والحنبليُّ، والمالكيُّ، والحنفيُّ، مختلفو العلومِ، ففيهم المحدِّثُ والفقيهُ، والمقرئُ، والنَّحويُّ، والمؤرِّخُ، وسأكتفي بذكرِ أبرزِ شيوخِه حسبَ حروفِ المعجمِ، فمنهم:
1 -
إبراهيمُ
(5)
بنُ خضرِ بنِ أحمدَ بنِ عثمانَ بنِ جامعِ بنِ محمَّد العُثمانيُّ، الصَّعيديُّ، القُصُوريُّ، القاهريُّ، الشَّافعيُّ، برهانُ الدِّينِ، أبو إسحاقَ.
(1)
"الضوء اللامع" 8/ 7.
(2)
"الضوء اللامع" 8/ 10.
(3)
انظر أسماءها في "الضوء اللامع" 8/ 16.
(4)
"إرشاد الغاوي" ل 29/ بـ 53/ أ.
(5)
ترجمته في "الضوء اللامع" 1/ 43، "وجيز الكلام" 2/ 622، "نظم العقيان":15.
وُلِدَ في شوَّالٍ سنةَ أربعٍ وتسعين وسبعِ مئةٍ بالقاهرة، أخذَ عن الحافظِ العراقيِّ، وابنه أحمدَ، والجلالِ البُلقينيِّ، ولازمَ ابنَ حجَر. قال السَّخاويُّ
(1)
: شيخُنا العلَّامةُ الأوحدُ، المفبْنُ، المفيدُ الفريدُ، الفائقُ في جلِّ العلومِ ....
ومعَ ضبطِ ابنِ خضرٍ لكثيرٍ مِن العلومِ، فلم يشغَلْ نفسَه بالتَّصنيفِ، كما يقول السَّخاويُّ، بل إنَّه قيَّدَ تقاييدَ نفيسةً، وحواشيَ مفيدةً، منها على "خبايا الزَّوايا" للزَّركشيِّ، وعلى "جامع المختصرات" وغيرِها، لازم السَّخاويُّ شيخَه ابنَ خضرٍ، وقرأَ عليه عِدَّةَ كتبٍ في الفنونِ التي برزَ فيها، كاللُّغةِ، والفقهِ، وأصولِ الفقه.
تُوفّيَ يومَ الخميسِ خامسَ عشرَ المحرِّمِ سنةَ اثنتين وخمسين وثمان مئةٍ بالقاهرة.
2 -
أحمدُ
(2)
بنُ إبراهيمَ بنِ نصرِ الله بنِ أحمدَ الكِنانيُّ، العسقلانيُّ الأصل، القاهريُّ، الصَّالحيُّ، الحنبليُّ، القادريُّ، عِزُّ الدِّينِ، أبو البركاتِ.
وُلِدَ في ذي القَعدةِ سنةَ ثمان مئةٍ بالقاهرة.
وأخذَ عن جماعةٍ، كالوليِّ العراقيِّ، وابنِ البيطار، وابنِ حجَر، والعزِّ ابنِ جماعةَ وغيرِهم، وكانَ ابنُ حجَر يُلقِّبه بعالمِ الحنابلةِ، ووصفَه بالعالمِ الفاضلِ، البارعِ، العلّاَمة
(3)
.
قال السَّخاويُّ عنه: قاضي الحنابلةِ، وشيخِ المذهبِ، ممَّن صنَّفَ، ونظمَ ونثرَ، ودرَّسَ وأفتى، وحدَّثَ وطارحَ، واشتملَ على ما لم يجتمعْ في غيرِه، مع مزيدِ تواضعٍ
(1)
"وجيز الكلام" 2/ 622.
(2)
ترجمته في "الضوء" 1/ 205، "ذيل رفع الإصر": 12، "الشذرات" 7/ 321.
(3)
"ذيل رفع الإصر": 34.
وحُسنِ عِشرة
(1)
.
صنَّفَ عِدَّةَ تصانيفَ نثرًا ونظمًا، منها: نظمُه "للنخبة" لابن حجَر، واختصر "محرَّر الرافعي" واختصر "ألفية ابن مالك" وغيرها.
أخذَ السَّخاويُّ عنه بعضَ مصنَّفَاتِه، ومصنَّفَاتِ غيرِه. وقالَ: وكثرُتْ استفادتي منه، واغتباطي بصحبتِه ومحبَّته، مع كثرةِ ثنائِه عليَّ، وإخبارِه حتَّى في غَيبتي بمحبَّتي، وشِدَّةِ تأنُسِه في حينِ أكونُ معه
(2)
…
الخ.
تُوفّيَ في جُمادى الأولى سنةَ ستٍّ وسبعين وثمان مئةٍ.
3 -
أحمدُ
(3)
بنُ أسدِ بنِ عبدِ الواحدِ الأُميوطيُّ الأصل، السِّكندريُّ الموُلدَ، القاهريُّ، الشَّافعيُّ، شهابُ الدِّينِ، أبو العبَّاسِ، المعروفُ بابنِ أسدٍ.
وُلدَ سنةَ ثمانٍ وثمانِ مئةٍ بالإسكندريةِ.
أخذَ عن جملةٍ مِن علماءِ عصرِه، كالجلالِ البُلقينيِّ، والوليِّ العراقيِّ، والشَّمسِ ابن الجزريِّ، والشَّمسِ البوصيريِّ، ولازمَ ابنَ حجَر في الحديثِ، وسمعَ عليه.
قال السَّخاويُّ: كانَ إمامًا علّاَمةً، متينَ الأسئلة، بيِّنَ الأجوبة، مُشاركًا في فنونٍ، مُتقدِّمًا في القراءات، مُحِبّاً للعلم، مُثابرًا على التحصيل، حتَّى ممَّن هو دونَ طبقته، راغبًا في الفائدة ولو مِن آحاد الطَّلبةِ.
صنَّفَ ابنُ أسدٍ عدَّةَ مصنَّفَاتٍ، فكتبَ شرحًا على "الشاطبية"، وذيَّلَ على "تاريخ
(1)
"وجيز الكلام" 2/ 835.
(2)
"ذيل رفع الإصر": 31.
(3)
ترجمته في "الضوء اللامع" 1/ 227، "وجيز الكلام" 1/ 793.
العيني"، ونظم في التاريخ "رسالة".
أخذ السَّخاويُّ عن شيخِه ابنِ أسدٍ بعضَ القراءات وتدَرَّبَ به في المطالعةِ والقراءةِ، وسمعَ عليه دروسًا في الفقهِ واللُّغةِ، وغيرِهما.
تُوفّيَ بعدَما رجعَ مِن الحجَّ في ذي الحجَّةِ سنة اثنتين وسبعين وثمان مئةٍ في وادي الصَّفراءِ بين الحرَمين.
4 -
أحمدُ
(1)
بنُ عليِّ بنِ محمَّد بنِ محمَّد بنِ عليِّ بنِ أحمدَ الكِنانيُّ، العَسقلانيُّ، الشَّافعيُّ شِهابُ الدِّينِ، أبو الفضلِ، المشهورُ بابنِ حجَر.
وُلِدَ في شهرِ شعبانَ سنةَ ثلاثٍ وسبعين وسبعِ مئةٍ بمصرِ العتيقةِ.
وأخذَ عن جمعٍ كبير من علماءِ عصرِه، كالحافظِ العراقيِّ، ولازَمَه جِدَّاً، وكذا لازمَ البلقينيَّ، وقرأَ على الصَّدرِ الأبشيطيِّ، والأبناسيِّ، والبرهانِ الشاميِّ، وغيرِهم.
وقد لازمه السَّخاويُّ، وأفادَ منه حتَّى عُرِفَ به. قال السَّخاويُّ عن شيخِه: شيخي الأستاذُ، حافظُ العصر، علّاَمةُ الدَّهر، شيخُ الإسلام، حاملُ لواءِ سُنَّةِ سيِّدِ الأنام
(2)
.
صنَّفَ ابنُ حجَر مصنّفاتٍ كثيرةً، مِن أشهرِها "فتح الباري شرح صحيح البخاري" و"الإصابة في معرفة الصحابة" و"تهذيب التهذيب" و"لسان الميزان" وغيرها.
(1)
ترجمته في "الضوء اللامع" 2/ 36، "بغية العلماء والرواة": 75، "الشذرات" 7/ 270، وقد أفرد السَّخاوي لشيخه ابن حجَر ترجمة واسعة سماها "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجَر"، وقد طبع في ثلاثة أجزاء.
(2)
"رفع الإصر"79.
لازمَ السَّخاويُّ شيخَه أشدَّ ملازمةٍ ولم يحجَّ ويرتحلْ إلا بعدَ وفاتِه، وقرأَ عليه الكثيرَ مِن تصانيفِه وتصانيفِ غيرِه.
تُوفّيَ ابنُ حجَر في ذي الحجَّةِ سنةَ اثنتين وخمسين وثمان مئةٍ.
5 -
أحمدُ
(1)
بنُ محمَّد بنِ حسنِ بنِ عليٍّ التَّميميُّ، الدَّاريُّ، القُسْنَطينيُّ الأصل، السِّكندريُّ، القاهريُّ، المالكيُّ، ثمَّ الحنفيُّ، تقيُّ الدِّينِ، أبو العبَّاسِ، المعروفُ بالشُمُنِّي.
وُلِدَ في رمضانَ سنةَ إحدى وثمان مئةٍ بالإسكندريةِ.
أخذَ عن ابنِ الكُويكِ، والجمالِ الحنبليِّ، والوليِّ العراقيِّ، وابنِ حجَر، وغيرهم. وقد أثنى السَّخاويُّ على شيخِه، فقال: كانَ إمامًا عالمًا، علّاَمةً مفتيًا، سُنيًا، متينَ الدِّيانةِ، زاهدًا عفيفًا، متواضعًا متودِّدًا، صبورًا
(2)
…
الخ
صنَّفَ شرحًا لنظمِ والدِه لـ "النُّخبة" لابن حجَر، وحاشيةً على "المغني" لابن هشام، وتعليقًا على "الشفا"، و"شرح النُّقاية في فقه الحنفية".
لزم السَّخاويُّ شيخَه وقرأ عليه كثيرًا، وحضر كثيرًا من دروسِه في "العضد" و"الكشاف"، وأخذ عنه شرحه لنظم "النخبة" وغيرها.
تُوفّيَ في شهرِ ذي الحجَّةِ سنةَ اثنتين وسبعين وثمان مئةٍ.
6 -
رضوانُ
(3)
بنُ محمَّد بنِ يوسفَ بنِ سلامةَ العُقْبيُّ، ثمَّ القاهريُّ، الشَّافعيُّ،
(1)
ترجمته في "الضوء اللامع" 2/ 174، "وجيز الكلام" 2/ 794، "الشذرات" 7/ 313.
(2)
"الضوء اللامع" 2/ 176.
(3)
ترجمته في "الضوء اللامع" 3/ 266، "وجيز الكلام" 2/ 624، "نظم العقيان":112.
الزَّينُ، أبو نعيمٍ، وأبو الرِّضا.
وُلِدَ في رجبٍ سنةَ تسعٍ وستين وسبع مئةٍ بمُنية عُقبةَ بالجيزةِ.
وأخذَ عن النُّورِ الدَّميريِّ، وابنِ الجزريِّ، والبُلقينيِّ، وابنِ الملقِّن، والعزِّ ابنِ جماعةَ والعراقيِّ، وغيرهم.
قال السَّخاوي عنه: شيخنا ومفيدنا ومخرجنا الإمام الزاهد الورع المقرئ الحافظ الضابط المفيد المهذب المكثر
(1)
.
صنَّفَ عدة تخاريج منها أربعين حديثًا خرجها للسلطان أبي فارس وكذا خرج للجلال البلقيني وخَلْق غيرهم.
وقد لازم السَّخاوي شيخه وقرأ عليه كثيرًا قال: وانتفعت بتهذيبه وإرشاده وأجزائه، وكان كثير المحبة لي والإقبال علي، والتمس مني بأخرة جمع شيوخه ومروياته، فما تيَّسر وتوسم فيّ المعرفة ووصفَني بالجميل
(2)
.
تُوفّيَ في شهر رجب سنة اثنتين وخمسين وثمان مئة.
7 -
صالحُ
(3)
بنُ عمرَ بنِ رسلانَ بنِ نصيرِ بنِ صالحٍ الكنانيُّ، العسقلانيُّ، البُلقينيُّ الأصل، القاهريُّ، الشَّافعيُّ، القاضي علَمُ الدِّينِ، أبو البقاءِ، المعروفُ بابنِ البُلقينيِّ.
ووالدُه شيخُ الإسلام أبو حفصٍ البُلقينيُّ.
(1)
"وجيز الكلام" 2/ 624.
(2)
"الضوء اللامع" 3/ 226 - 227.
(3)
ترجمته في "الضوء اللامع" 3/ 312، "ذيل رفع الإصر": 155، "نظم العقيان":119.
وُلدَ بالقاهرة في جمادة الأولى سنة إحدى وتسعين وسبع مئةٍ أخذ عن والده شيخ الإسلام، والعراقيِّ، والعزِّ ابنِ جماعةَ، وابنِ حجَرٍ، وغيرِهم.
أخذ المترجَمُ عن البُلقينيِّ، وعلَّق مِن فتاويه وفوائده جملةً، وأثنى عليه كثيرًا، فمنه قوله: كانَ إمامًا فقيها، عالمًا قويَّ الحافظة، سريعَ الإدراكِ، طلقَ العبارة، فصيحًا مُهابًا، له جَلالةٌ، ووَقعٌ في صدورِ الخاصَّةِ والعامَّةِ
…
الخ
(1)
صنَّفَ تفسيرًا للقرآن، وشرحًا للبخاري، وجمع فتاوى أبيه وغيرها.
تُوفّيَ في شهر رجبٍ سنةَ ثمان وستين وثمان مئةٍ بالقاهرة.
8 -
قاسمُ
(2)
بنُ قَطلوبُغا بنِ عبد الله، الجماليُّ، الحنفيُّ، زينُ الدَّينِ، وشرفُ الدِّينِ، أبو العدلِ، المشهورُ بقاسمٍ الحنفيِّ، وابنِ قطلوبغا.
وُلِدَ في المحرَّمِ سنة اثنتين وثمان مئةٍ بالقاهرة.
أخذ عن العلاء البخاريِّ، والشَّرفِ السُّبكيِّ، وابن حجَر، وابن الجزريِّ، وعُرِفَ بقوَّةِ الحافظةِ والذَّكاء، وأُشيرَ إليه بالعلم.
أثنى السَّخاويُّ على شيخِه، ووصفَه بأوصافٍ عديدةٍ، مِن ذلك قولُه: العلَّامةُ الأوحدُ الحافظ أحدُ الأعيان، مَّمن تصدَّى للعلم إقراءً، وتصنيفًا وإرشادًا، فكثرت طلبته وتصانيفه، واجتمعَ فيه من المحاسن ما تفرَّقَ في غيره
…
الخ
(3)
صنَّفَ ابن قطلوبغا كثيرًا فشرحَ كتاب "القدوري" في الفقه، وأجوبة على
(1)
"الضوء اللامع" 3/ 313.
(2)
ترجمته في "الضوء اللامع" 6/ 184، "وجيز الكلام" 2/ 859، "الشذرات" 7/ 326.
(3)
"وجيز الكلام" 2/ 859.
اعتراضات ابن أبي العز على "الهداية"، وحاشية على "ألفية العراقي"، وعلى "شرح النخبة" لابن حجَر، ومنية "الألمعي بما فات الزيلعي" في التخريج وغيرها.
أخذ السَّخاويُّ عن شيخِه، وكتبَ عنه من نظمه وفوائده أشياء، تُوفّيَ في ربيعٍ الآخرِ سنة تسعٍ وسبعين وثمان مئةٍ بالقاهرة.
9 -
محمَّدُ
(1)
بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ محمودٍ بنِ غازي بنِ أيوبَ الثقفيُّ، الحلبيُّ، الحنفي، محبُّ الدِّين أبو الفضل، المعروف بابن الشِّحْنة.
وُلِدَ في شهرِ رجب سنةَ أربعٍ وثمان مئةٍ بحلب، أخذَ العلومَ عن جمعٍ، كالعزِّ الحاضريِّ والبدر ابن سلامة، والشهابِ ابن هلال، والبرهان الحلبي، وعن ابن حجَر قليلًا وغيرهم.
قال السَّخاويُّ: وبالجملة فهو فصيحُ العبارة، غايةٌ في الذَّكاءِ وصفاءِ القريحة، بديعُ النَّظم والنثر، سريعهما، متقدِّمٌ في الكشف عن اللغةِ، وسائر فنون الأدب
…
(2)
صنَّفَ عدة مصنَّفَات منها: "شرح الهداية"، و"مختصر في أصول الفقه"، و"طبقات الحنفية" وغيرها.
وأوَّلُ لقاءِ السَّخاوي به كانَ سنة اثنتين وخمسين وثمان مئةٍ، فحملَ عنه بعضَ الكتب، ثمَّ كثرَ تردُّده عليه حتَّى علَّقَ مِن فوائده وعلومه.
تُوفّيَ ابن الشِّحنة في شهرِ محرَّمٍ سنةَ تسعين وثمان مئةٍ بالقاهرة.
(1)
"الضوء اللامع" 9/ 295، "ذيل رفع الإصر": 357، "الشذرات" 7/ 349.
(2)
"الضوء اللامع" 9/ 301.
10 -
يحيى
(1)
بنُ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ أحمدَ الأقصرائيُّ الأصل، القاهريُّ، الحنفيُّ، الأمين، أبو زكريا المعروفُ بالأقصرائيِّ.
وُلِدَ سنة سبع وتسعين وسبع مئةٍ أو بعدها بالقاهرة.
أخذ عن جماعة منهم الشهابُ ابن خاص، وعبدُ اللطيف البخاري، ولازمَ العزَّ ابنَ جماعة في دروسه في اللغة والتفسير والمعاني وغيرها.
وصفه السَّخاوي بـ: مفخرة العصر، من تصدَّى للإقراء والإفتاء، وألحق الأصاغر بالأكابر، وعظَّمه قديمًا وحديثًا الخاصُّ والعام
(2)
…
أخذ عنه السَّخاوي دروسًا كثيرة قال: وكنت صحبتُهُ قديمًا، وقرأت عليه أشياء، وكنت عنده بمكان
(3)
.
تُوفّيَ في شهرِ محرَّمٍ سنة ثمانين وثمان مئةٍ بالقاهرة.
* * *
(1)
ترجمته في "الضوء اللامع" 10/ 240، "وجيز الكلام" 2/ 867، "حسن المحاضرة" 1/ 478.
(2)
"وجيز الكلام" 2/ 867.
(3)
"الضوء اللامع" 10/ 243.
4 - ثناءُ العلماءِ عليه:
أثنى على السَّخاويِّ الكثيرون من معاصريه وغيرهم من شيوخه وأقرانه وتلاميذه وأكثروا من ذلك جدًا، وقد أفرد السَّخاوي مصنَّفًا فيمن أثنى عليه من الشيوخ والأقران فمن دونهم
(1)
.
وذكر جملةً مِن ذلك في ترجمته المسماة "إرشاد الغاوي" في الباب الرابع منه، وأشار إلى شيء منه في ترجمته من "الضوء اللامع".
قال الحافظُ ابنُ حجَر: الشيخ المبارك، الفاضل المحدث، البارع النبيه المفنن الأوحد المكثر المفيد المحصل المجيد في الطلب الجميل
(2)
.
قال الشيخُ أحمدُ بنُ محمَّدٍ الحنفيُّ: الإمام الهمام المحدث المسند الفاضل، جامع أشتات الفضائل، عمدة الطالبين مفتي المسلمين أدام الله تأييده
(3)
.
وقال الإمام محمَّدُ بنُ سليمانَ الكافيجيُّ، الحنفيُّ: الإمامُ الهُمام، زين الكرام، فخر الأنام، الصالح الزاهر، العارف العالم العلّاَمة، النَّسَّابة العمدة، الرُّحلة، وارث علوم الأنبياء والمرسلين، الموصوفُ بالمعارف القدسية
(4)
.
وقال الشيخُ أحمدُ بنُ محمَّدٍ التميميُّ، المالكيُّ، ثمَّ الحنفيُّ، المعروفُ بالشُمُنِّي:
(1)
ذكره في ترجمته من "الضوء اللامع" 8/ 17 ولم أقف عليه.
(2)
"إرشاد الغاوي" ل 67/ أ.
(3)
"إرشاد الغاوي" ل 70/ أ.
(4)
"الضوء اللامع" 8/ 26.
الشيخ الإمام، العلامة، الثقة الفهَّامة، الحُجَّة، مفتي المسلمين، إمام المحدثين
(1)
…
ووصفه السيوطيُّ: بالمحدِّث المؤرِّخ
(2)
.
وكذا البقاعيُّ بقوله: إنه ممن ضربَ في الحديث بأوفى نصيب، وأوفى سهم مصيب، المحدِّث البارع الأوحد، المفيد الحافظ الأمجد
(3)
…
ووصفه ابنُ غازي بقوله: الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد المسند المكثر
(4)
.
وأثنى عليه الغزي بقوله: الشيخ الإمام العالم العلامة المسند الحافظ
(5)
.
وقال جارُ الله ابن فهد: إن شيخنا صاحب الترجمة حقيق بما ذكره لنفسه من الأوصاف الحسنة، ولقد -والله العظيم- لم أر في الحفاظ المتأخرين مثله، ويعلم ذلك كل من اطلع على مؤلفاته أو شاهده، وهو عارف بفنه منصف في تراجمه، ورحم الله جدي حيث قال في ترجمته إنه انفرد بفنه وطار اسمه في الآفاق به، وكثرت مصنَّفَاته فيه وفي غيره، وكثير منها طار شرقًا وغربًا شمالًا ويمينًا ولا أعلم الآن من يعرف علوم الحديث مثله، ولا أكثر تصنيفًا ولا أحسن
(6)
…
الخ
* * *
(1)
"الضوء اللامع" 8/ 25.
(2)
"نظم العقيان": 152.
(3)
"الضوء اللامع" 8/ 21.
(4)
"فهرس ابن غازي": 148.
(5)
"الكواكب السائرة" 1/ 53.
(6)
"البدر الطالع" 2/ 87.
5 - مؤلفاته:
بدأ الإمام السَّخاوي التصنيف في وقت مبكر من حياته فقد ذكر أنه شرع في التصنيف قبل الخمسين
(1)
أي: سنة خمسين وثمان مئة وكان سنه قريبًا من تسعة عشر.
وقد لقيت مصنَّفَاته قبول وثناء أهل العلم ممن عاصره أو من جاء بعده.
قال ابن فهد: لا أعلم من يعرف علوم الحديث مثله، ولا أكثر تصنيفًا ولا أحسن
(2)
.
وقال ابن العماد: وصنَّفَ كتبًا إليها النهاية لمزيد علوه وفصاحته
(3)
.
وأما عدد مصنَّفَاته فقد نقل البلوي عنه أنه قال: إنّ لي مئةٍ وستين تأليفًا
(4)
. وذكر الأسدي في طبقات الشافعية أن مؤلفاته تبلغ المائتين
(5)
.
وقد ذكر في ترجمته في "الضوء اللامع"(198) مصنَّفًا، وفي "إرشاد الغاوي"(210)، وقد بلغت في تتبعي وعَدِّي لها أكثر من (260) مصنّفًا.
وسأكتفي هنا بذكر أشهر المصنَّفَات خاصة المطبوعة منها على حروف المعجم:
1 -
"الابتهاج بأذكار المسافر الحاج"
(6)
.
(1)
"الضوء اللامع" 8/ 15.
(2)
"البدر الطالع" 2/ 88.
(3)
"الشذرات" 8/ 16.
(4)
"فهرس البلوي": 375.
(5)
"ذيل طبقات الشافعية" ل 90/ ب.
(6)
مطبوع بعناية رضوان محمَّد رضوان -نشر الكتاب العربي- مصر 1371 هـ، وأخرى بعناية علي رضا بن عبد الله -نشر مكتبة لينة- مصر.
وهو جزء صغير ألفه السَّخاوي في الأذكار المستحبة التي يقولها المسافر عند السفر وفيه، وعند الإحرام والمشاعر إلى رجوعه إلى البلد.
2 -
"الاتعاظ بالجواب عن مسائل بعض الوعاظ"
(1)
.
وهو جزء صغير أجاب فيه السَّخاوي عن مسائل وردت عليه من بعض الوعاظ تتعلق بأمور الآخرة كالحشر والجنة والمقام المحمود وغيرها.
3 -
"الأجوبة الدمياطية"
(2)
.
وقد صنَّفَه جوابًا لأسئلة وردت عليه من ثغر دمياط عن أحاديث تزيد على خمسين.
4 -
"الأجوبة المرضية فيما أسأل عنه من الأحاديث النبوية"
(3)
.
وهو جامع لفتاوى السَّخاوي، فقد كان يسأل عن مسائل فيجيب عنها ثمَّ اجتمع له مسودات كثيرة فجمعها في مصنَّفَ واحد، رجاء الانتفاع بها وخشية من ضياعها.
5 -
"إرشاد الغاوي بل إسعاد الطالب والراوي" للإعلام بترجمة السَّخاوي
(4)
.
وقد صنّفه السَّخاوي في ترجمة نفسه وهو من أوسع التراجم، صنَّفَه السَّخاوي
(1)
مطبوع بتعليق وتصحيح عمرو علي عمر -نشر الدار السلفية- الهند عام 1409 هـ.
تنبيه: سمّي هذا الكتاب في بعض النسخ "الإيقاظ بالجواب عن مسائل الوعاظ" والمثبت هنا سماه به السَّخاوي في ترجمته من "الضوء اللامع"و "إرشاد الغاوي".
(2)
مطبوع عن دار ابن حزم - بيروت، 1420 هـ في مجلد.
(3)
مطبوع بتحقيق د. محمَّد إسحاق محمَّد إبراهيم -دار الراية- الرياض 1418 هـ في ثلاث مجلدات.
(4)
منه نسخة في مكتبة أيا صوفيا الموجودة ضمن السليمانية برقم 1950 كما في فهرسها 1/ 178 وهو يحقق.
جوابًا لسؤال والتماس من بعض نبلاء أصحابه.
6 -
"الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ"
(1)
.
وقد صنَّفَه السَّخاوي في التاريخ وبيان فوائده والرد على من ذم هذا العلم، وفوائد أخرى تتعلق به كحكمه وشروط المؤرخ وغير ذلك.
7 -
"بذل المجهود في ختم سنن أبي داود"
(2)
.
وهو في الكلام على سنن أبي داود ومكانته ومنهجه وشرطه ومكانة مصنَّفَه وغيرها من المسائل المتعلقة بهما.
8 -
"بغية الراغب المتمني في ختم سنن النَّسَائِيّ رواية ابن السني"
(3)
.
وهو في الكلام على سنن النَّسَائِيّ الصغرى ومكانته ومنهجه وشرطه وترجمة النَّسَائِيّ ومنزلته في هذا العلم.
9 -
"البلدانيات"
(4)
.
وهو في ذكر البلاد التي سمع بها السَّخاوي الحديث، مع ذكر مثال لذلك من كل بلد.
10 -
"التبر المسبوك في الذيل على تاريخ المقريزي السلوك"
(5)
.
(1)
طبع عدة طبعات منها ط مطبعة الترقي 1349 هـ دمشق، بعناية المقدسي ثمَّ صورت عام 1399 هـ، ونشر الكتاب بعناية روزنثال ضمن كتابه علم التاريخ عند المسلمين وترجمه د. صالح العلي مصر في ص 381 - 725، وطبع بتحقيق محمَّد عثمان الخشت -مكتبة السماعي- الرياض وغيرها.
(2)
مطبوع بتحقيق بدر بن محمَّد العماش -مؤسسة الرسالة- بيروت، في مجلد.
(3)
مطبوع بتحقيق د. عبد العزيز العبد اللطيف -مكتبة العبيكان- الرياض، 1414 هـ.
(4)
مطبوع بتحقيق حسام محمَّد القطان -دار العطاء- الرياض، 1422 هـ.
(5)
طبع قسم وهو الموجود منه في بولاق عام 1896 م بعناية شارك، وأعيد طبعه في مكتبة الكليات =
وهو ذيل على كتاب "السلوك في معرفة دول الملوك" للمقريزي يشتمل على الحوادث والوفيات من سنة 845 هـ إلى وقت تأليفه.
11 -
"تحرير الجواب عن مسألة ضرب الدواب"
(1)
.
وفيه حكم ضرب الدواب، ومتى يجوز، والشفقة بالحيوان وغير ذلك من الأحكام، وهو جواب عن سؤال ورد إليه.
12 -
"تحرير المقال والبيان في الكلام على الميزان"
(2)
.
وهو في ذكر ميزان القيامة، والإيمان به، ووقت الوزن، وكيفيته، والموزون، وهل هو خاص بالمسلمين، والوكل به، وكونه من الأهوال.
13 -
"التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة".
وهو كتابنا هذا.
14 -
"تخريج أحاديث المعادلين"
(3)
.
وهو في تخريج أحاديث كتاب "فضيلة العادلين من الولاة لأبي نعيم الأصبهاني".
15 -
"تخريج الأربعين الصوفية"
(4)
.
= الأزهرية عن طبعة بولاق وغيرهما.
(1)
طبع بتحقيق هادي بن حمد المري 1415 - دار ابن حزم - بيروت وهو في جزء.
(2)
طبع بتحقيق بدر بن محمَّد العماش في مجلة البحوث الإسلامية عدد (56)، ثمَّ طبع عن مؤسسة الرسالة- بيروت.
(3)
طبع في دار عمار - عمان 1408 هـ، وفي دار الوطن - الرياض 1418 هـ، وهو في جزء.
(4)
طبع في المكتب الإسلامي - بيروت، ودار عمار - الأردن 1408 هـ، وهو في جزء.
وهو في تخريج أحاديث كتاب "الأربعين" في التصوف لأبي عبد الرحمن السلمي.
16 -
"التماس السعد في الوفاء بالوعد"
(1)
.
بين فيه المصنَّفَ حكم الوفاء بالوعد والأحاديث والآثار في ذلك.
17 -
"التوضيح المعتبر لتذكرة ابن الملقن في علوم الأثر"
(2)
.
وهو تعليق لطيف على كتاب "التذكرة في علوم الحديث" لابن الملقن.
18 -
"الجواب الذي انضبط عن لا تكن حلوًا فتُسْترط"
(3)
.
وقد سئل الحافظ السَّخاوي عن حديث يروى "لا تكن حلوًا فتُسْترط ولا مرًا فتُعْقى" فذكر الآيات والآثار والأشعار والأمثال، وغيرها في ذم الغلو ومدح الوسط والاعتدال.
19 -
"الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجَر"
(4)
.
وهو في ترجمة شيخه الحافظ أحمد بن علي بن حجَر العسقلاني وهو أوسع ترجمة لابن حجَر.
20 -
"الذيل المتناه على قضاة مصر"
(5)
.
وهو ذيل كتاب شيخه ابن حجَر "رفع الإصر عن قضاة مصر".
21 -
"الضوء اللامع لأهل القرن التاسع"
(6)
.
(1)
مطبوع بتحقيق د. عبد اللّه الخميس -مكتبة العبيكان- الرياض، 1417 هـ، وهو في جزء.
(2)
مطبوع بتحقيق حسين إسماعيل الجمل -دار التقوى- مصر وطبع طبعات أخرى.
(3)
مطبوع في دار التوحيد -الرياض 1414 هـ.
(4)
مطبوع بتحقيق إبراهيم باجس - الرياض.
(5)
مطبوع في مصر بتحقيق د. جودة هلال ومحمَّد محمود صبح ومراجعة علي البجاوي.
(6)
طبع بعناية المقدسي -القاهرة 1353 - 1355 هـ ثمَّ صور في بيروت -مكتبة الحياة وغيرها.
وموضوعه ترجمة أهل القرن التاسع (801 - 900) الذين تُوفُّوا في هذه السنوات من المحدثين والفقهاء، والمؤرِّخين والقضاة، والخلف ونحوهم.
22 -
"عمدة القاري والسامع في ختم الصحيح الجامع"
(1)
.
وفيه التعريف بالإمام البخاري وكتابه الجامع الصحيح.
23 -
"الغاية في شرح منظومة ابن الجزري الهداية"
(2)
.
شرح فيه السَّخاوي منظومة العلامة محمَّد بن محمَّد أبو الخير ابن الجزري المسماة "الهداية في علم الرواية" وهي في علوم الحديث.
24 -
"غنية المحتاج في ختم صحيح مسلم بن الحجَّاج"
(3)
.
وفيه التعريف بالإمام مسلم، ومنزلته في العلم، ومنهجه في كتابه، ومنزلة كتابه، والموازنة بينه وبين صحيح البخاري.
25 -
"فتح القريب في شرح مؤلف النووي التقريب"
(4)
.
وهو شرح لكتاب الإمام يحيى النووي "التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير" وهو مختصر من "الإرشاد" له المختصر من كتاب "علوم الحديث" لابن الصلاح.
26 -
"فتح المغيث بشرح ألفية الحديث"
(5)
.
(1)
مطبوع في دار عالم الفوائد -مكة- 1418 هـ بتحقيق علي العمران وطبع غيرها.
(2)
مطبوع في دار القلم -دمشق 1413 هـ بتحقيق د. محمَّد سيدي الأمين.
(3)
مطبوع في مكتبة الكوثر -الرياض 1413 هـ بتحقيق نظر محمَّد الفاريابي.
(4)
منه نسخة في مكتبة لاله لي - استانبول برقم 369، ونسخة في مكتبة نور عثمانية - استانبول برقم 617، وقد حقق.
(5)
مطبوع عدة طبعات منها بتحقيق علي حسين علي -إدارة البحوث- الهند 1415 هـ.
وهو شرح لألفية الحديث للحافظ العراقي.
27 -
"الفخر المتوالي لمن انتسب للنبي صلى الله عليه وسلم من الخدم والموالي"
(1)
.
وفيه ذكر أسماء خدم النبي صلى الله عليه وسلم ومواليه.
28 -
"القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع"
(2)
.
ويتكلم فيه عن الصلاة على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بها من مسائل وأحكام.
29 -
"القول المعتبر في النَّسَائِيّ رواية ابن الأحمر"
(3)
.
وهو في ختم "سنن النَّسَائِيّ الكبرى بالترجمة لمؤلفه والثناء عليه وعلى كتابه وشرطه فيه ونحوها.
30 -
"المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة"
(4)
.
وفيه ذكر الأحاديث المشتهرة على الألسنة من الصحيح وغيره.
31 -
"وجيز الكلام في الذيل على كتاب دول الإسلام"
(5)
.
وهو ذيل على كتاب "دول الإسلام" للحافظ الذهبي من سنة 745 إلى سنة 898 هـ.
(1)
مطبوع من مكتبة المنار -الأردن 1407 هـ.
(2)
مطبوع عدة طبعات منها بتحقيق بشير عيون -مكتبة المؤيد 1408 هـ.
(3)
مطبوع عن دار ابن حزم -بيروت- 1420 هـ.
(4)
مطبوع عدة طبعات منها بتصحيح وتعليق عبد الله محمَّد الصديق الغماري وتقديم عبد الوهاب عبد اللطيف 1375 هـ القاهرة، ثمَّ 1399 هـ بلبنان.
(5)
مطبوع في مؤسسة الرسالة -بيروت 1416 بتحقيق بشار عواد وآخرون.
6 - رحلاته.
بدأ السخاويُّ بطلبِ العلمِ ببلدِهِ مصرَ، وبعد ذلك رحلَ في طلب العلم، على عادة العلماء في هذا الشأن، فبعدَ وفاةِ شيخِه ابنِ حجَرٍ، سافرَ لدمياط، فسمعَ بها مِن بعض المسندين، وكتبَ عن نفَرٍ من المتأدِّبين.
ثمَّ توجَّه في البحرِ لقضاءِ فريضةِ الحجَّ، فلقيَ بالطُّورِ، والينبوع غيرَ واحدٍ، أخذ عنهم.
ووصلَ مكَّةَ أوائلَ شعبانَ، وقرأ فيها على أبي الفتح المراغي، والبرهان الزَّمزمي، والتقي ابن فهد، وغيرهم. فقرأ في داخلِ البيت المعظَّم، وعُلوِ غارِ ثورٍ، وجبلِ حِراءٍ، وبالجعرانة، ومِنى.
ثمَّ أتى المدينةَ النَّبوية، وقرأَ فيها على البدرِ ابن فرحون.
وبعد رجوعه من الحجَّ، طافَ في أكثر القُرى والمدنِ المصرية، وحصَّلَ على أشياءَ كثيرة.
ثمَّ رحل إلى الشام، فقرأ في دمشق، وحلب، وغزة، الخليل، وبيت المقدس، وغيرها.
ثمَّ حجَّ في سنة 885، وجاور سنة 86، وسنة 87، وأقام منها ثلاثة أشهر بالمدينة النبوية.
ثمَّ حجَّ سنة 892، وجاور سنة 93، و 94.
ثمَّ حجَّ سنة 96، وجاور إلى أثناء سنة 98، فتوجَّه إلى المدينة النَّبوية، فأقام بها
أشهرًا، وصامَ رمضان بها، ثمَّ عادَ في شوَّال إلى مكَّةَ، وبقي فيها إلى سنة 99.
ثمَّ رجع إلى المدينة، وأقام بها حتَّى توفي فيها
(1)
. رحمه الله.
* * *
(1)
الضوء اللامع 8/ 7، 8، 14.
7 - تلاميذه:
ذاعت شهرة الإمام السَّخاوي في نواحي البلاد، فرحل إليه الطلاب للأخذ عنه، وبلغ طلابه إلى عددًا كثيرًا جدًا، ولم يقتصر الأمر على التلاميذ بل أخذ عنه أقرانه -أيضا- وقد صنَّفَ السَّخاوي معجم الآخذين عنه من الطلبة ونحوهم
(1)
وقال: كلُّ ذلك مع ملازمة الناس له في منزله للقراءة دراية ورواية في تصانيفه وغيرها، بحيث خُتم عليه ما يفوق الوصف من ذلك، وأخذ عنه من الخلائق من لا يحصى كثرة أفردهم بالجمع
(2)
.
وأفرد السَّخاوي الباب الثامن من ترجمته لنفسه "للآخذين عنه من الفضلاء، فمن دونهم بل الأئمة المعتمدين" وبلغ عددهم عنده 1488 آخذًا، وهذا عدد كثير يبين منزلة الحافظ السَّخاوي.
والناظر فيهم يجد أنهم من بلاد مختلفة، ومن مذاهب مختلفة، وسأكتفي بالترجمة لأبرزهم على حروف المعجم:
1 -
أحمدُ
(3)
بنُ محمَّدِ بنِ أبي بكرِ بنِ عبدِ الملكِ القسطلانيُّ الأصل، المصريُّ، الشَّافعيُّ.
أبو العباس وُلِدَ في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثمان مئة بمصر، نشأ بها فحفظ القرآن، وتلا بالسبع على السراج عمر بن قاسم الأنصاري وعلى غيره، وقد
(1)
"إرشاد الغاوي" ل 79/ أ.
(2)
"الضوء اللامع" 8/ 15.
(3)
ترجمته في "الضوء اللامع" 2/ 103، "الشذرات" 8/ 121.
قرأ الحديث على الحافظ السَّخاوي، وكان ممن لازمه كثيرًا رواية ودراية
(1)
، فقرأ عليه قطعة كبيرة من شرحه على "الهداية الجزرية"، وسمع مواضع من شرحه على "الألفية"، وكتبه بتمامه غير مرة، ثمَّ قرأ منه بمكة أكثر من ثلثه، وسمع على غيره الكثير.
قال السَّخاويُّ: وهو كثير الأسقام، قانعٌ متعفِّفٌ، جيِّدُ القراءة للقرآن والحديث، والخطابة، شجيُّ الصوت بها، مُشاركٌ في الفضائل
(2)
.
قال العيدروسي: صنَّفَ التصانيف المقبولة التي سارت بها الرُّكبان في حياته، ومن أَجَلِّها شَرْحُه على "صحيح البخاري مزجًا في عشرة أسفار
…
وكان إمامًا حافظًا متقنعًا جليل القدر حسن التقرير والتحرير
(3)
…
ا هـ.
ومن مصنَّفَاته: "تحفة السامع والقاري بختم صحيح البخاري"، و"المواهب اللدنية في المنح المحمَّدية"، وغيرها.
تُوفّيَ في السابع من محرم سنة ثلاث وعشرين وتسع مئة بالقاهرة.
2 -
أحمدُ
(4)
بنُ محمَّدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ محمَّدِ بنِ رجبٍ، الشِّهابُ الطُّوخيُّ، ثمَّ القاهريُّ، الشافعيُّ، يُعرف بابن رجبٍ.
وُلِدَ سنة سبع وأربعين وثمان مئة بطوخ بني مزيد، ونشأ بها فقرأ القرآن،
(1)
"إرشاد الغاوي" ل 188/ أ.
(2)
"الضوء اللامع" 2/ 104.
(3)
"النور السافر": 157.
(4)
ترجمته في "الضوء اللامع" 2/ 121.
و"المنهاج" و "التنقيح"، و"ألفيتي" الحديث والنحو، و"المُلحة" وغيرها، وعرض على الشمني والأقصرائي وجماعة.
قال السَّخاوي: ممن لازمني دراية ورواية سفرًا وحضرًا في تصانيفي وغيرها، وأكثر جدًا، وكتب من تصانيفي جملةً، وكان فائقًا
(1)
.
وقال: قرأ عليّ "شرحي للألفية" مرة بعد أخرى، وكذا حمل عني "شرح المؤلف" بقراءته وقراءة غيره، وأكثر عني رواية كالكتب الستة ودراية وأملى، وكتب بخطه من تصانيفي أشياء، ومدحني بعدة قصائد، وأدمنَ الاشتغالَ في الفِقه والحديث، والأصلين والعربية، والصرف والمنطق، والمعاني والبيان، والفرائض والحساب، والقراءات والتصوف، وغيرها، وبرع وأشير إليه بالفضيلة التامة، و"نظم جمع الجوامع"، و"الورقات لإمام الحرمين"، و"النخبة"، و"المنهاج"، وغيرها.
تُوفّيَ بمكة في ربيع الثاني سنة ثلاث وتسعين ودفن بمقبرة المَعْلاة بمكة.
3 -
أحمدُ
(2)
بن محمَّد بن محمَّد بن عبد السلام بن موسى، أبو الخير، المنوفيُّ الأصل، القاهريُّ، الشافعيُّ، المعروفُ بابنِ عبدِ السلامِ.
وُلِدَ رابع عشر ربيع الأول سنة سبع وأربعين وثمان مئة، نشأ في كنف أبيه فحفظ القرآن و"العمدة"، و"المنهاج"، و"ألفية ابن مالك"، وعرض على المحلي، والمناوي، والأقصرائي، وغيرهم.
(1)
"إرشاد الغاوي" ل 188/ ب.
(2)
ترجمته في "الضوء اللامع" 2/ 181، "الأعلام" 1/ 232.
قال السَّخاوي: ممن لازمني رواية ودراية
(1)
، وأخذ عني جملة، وقد أخذ عني علم الحديث
…
وولع بالنظم، فأتى منه بقصائد وغيرها، مع نثرٍ جيِّدٍ، وخطٍّ حسنٍ واستحضار لكثير من فروع الفقه ومن "شرح مسلم" وغيرها، ومشاركة في كثير من الفضائل، وسلامة فطرته ومحاسنه
(2)
.
صنَّفَ عدة مصنَّفَات منها: "البدر الطالع" مختصر "الضوء اللامع" لشيخه السَّخاوي، و"الفيض المديد في أخبار النبيل السعيد"، و"الجواهر المضية في شرح الآجرومية، "شرح مختصر أبي شجاع في الفقه، وغيرها.
تُوفّيَ سنة سبع وعشرين وتسع مئة.
4 -
أحمدُ
(3)
بن محمَّد -صحصاح- بن محمَّد بن علي بن عمر بن عثمان، الشهابُ أبو العباس الأبشيهيُّ، الفيوميُّ الأصل، الشَّافعيُ.
وُلِدَ بعد الخمسين تقريبًا، واشتغل قليلًا عند العبادي، والشهابِ ابنِ شعبان، والشمس البلبيسي، وغيرهم.
قال السَّخاوي: وزاحم بذكائه وفطنته وسافر ودخل الشام وبيت المقدس، وحجَّ وجاور مرارًا بل وسافر في أثناء سنة أربع وتسعين من مكة إلى الهند، ولقيني بالقاهرة فأخذ عني شيئًا، ثمَّ بمكة في السنة المذكورة والتي قبلها، فحمل عني الكثير بقراءته، وقراءة غيره دراية ورواية من تصانيفي وغيرها، وكتب أشياء من تصانيفي، وانتقى
(1)
"إرشاد الغاوي" ل 189/ ب.
(2)
"الضوء اللامع" 2/ 182.
(3)
ترجمته في "الضوء اللامع" 2/ 187.
كلًا من "المقاصد الحسنة "وارتياح الأكباد" وعنده أنه اختصرهما، ومما قرأه عليّ قطعةً من أول "شرحي لتقريب النووي بحثًا ومدحني كثيرًا
…
وكتبت له بمسموعاته ومقروءاته علي ثبتًا، بل قَرّظتُ له بعض مجاميعه، ا هـ.
5 -
جارُ اللّه
(1)
بنُ عبد العزيز بن عمر بن محمَّد بن فهدٍ الهاشميُّ، المكيُّ، أبو الفضل.
المشهور بجار الله بن فهد واسمه محمَّدٌ، لكن غلبَ عليه الأوَّلُ.
وُلِدَ ليلة السبت العشرين من شهر رجب سنة إحدى وتسعين وثمان مئة بمكة، ونشأ بها في كنف والديه.
قال السَّخاويُ: حضر عليّ وهو في الرابعة في مجاورتي الرابعة من لفظي، وبقراءة أبيه وغيره أشياء، ثمَّ سمع عليَّ بعد ذلك أشياء.
قال العيدروسي: خَرَّج الأسانيد والمشيخات لجماعة من مشايخه وغيرهم، واستوفى ما عند مشايخ بلده من السماع، ورحل إلى مصر والشام وحلب وبيت المقدس واليمن وأخذ بها وفي غيرها من البلدان -نحو السبعين- على جماعة من المسندين، وأجازه خلق كثيرون جمعهم في مجلد حافل
…
اهـ.
وصنَّفَ عدة مصنَّفَاتٍ منها:
"تاريخ في معرفة وفيات المترجمين" في "الضوء اللامع"من الأحياء، و"معجم الشيوخ"، و"تحفة اللطائف في فضائل ابن عباس ووج والطائف"، و"التحفة اللطيفة في بناء المسجد الحرام والكعبة الشريفة" وغيرها.
(1)
ترجمته في "الضوء اللامع" 3/ 52، "النور السافر":217.
تُوفّيَ سنة أربع وخمسين وتسع مئة.
6 -
عبد الباسط
(1)
بن خليل بن شاهين الشيخيُّ الأصل، الملَطيُّ، ثمَّ القاهريُّ، الحنفيُّ، نزيل الشيخونية.
وُلِدَ في رجب سنة أربع وأربعين وثمان مئة بملطية، نشأ بملطية وحلب ودمشق، فقرأ في دمشق القرآن، ثمَّ حفظ "منظومة النسفي والكنز وغيرها، وحضر دروس قوام الدين والنعماني وغيرهما، وقدم القاهرة فأخذ عن علمائها.
قال السَّخاوي: ممن لازمني للاستفادة وحضر عندي بالصرغتمشية
(2)
، ا هـ.
صنَّفَ عددًا من التصانيف، كـ (الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم"، و"ذيل على تاريخ الذهبي سماه "نيل الأمل في ذيل الدول"، و"غاية السول في سيرة الرسول"، وغيرها.
تُوفّيَ سنة عشرين وتسع مئة.
7 -
عبد الرحمن
(3)
بن علي بن محمَّد بن عمر بن محمَّد بن عمر بن علي بن يوسف الشيبانيُّ، الزَّبيديُّ، الشَّافعيُّ، المعروفُ بابنِ الدَّيْبَعِ.
وُلِدَ في الرابع من محرم سنة ست وستين وثمان مئةٍ بمدينة زَبِيْد، نشأ بها فحفظ القرآن، وتلا بالسبع على خاله العلامة أبي النجا محمَّد الطبيب، واشتغل في علم
(1)
ترجمته في "الضوء اللامع" 4/ 27، "الأعلام" 3/ 270.
(2)
"إرشاد الغاوي" ل 195/ أ.
(3)
ترجمته في "تحفة المستفيد في تاريخ زبيد" له: 227، "الضوء اللامع" 4/ 104، "الشذرات" 8/ 255، "البدر الطالع" 1/ 335.
الحساب والجبر والمقابلة والهندسة والفرائض والفقه والعربية على خاله -أيضًا-، وأخذ عن غيره من علماء زبيد وغيرهم، والتقى الحافظ السَّخاوي بمكة بعد الحجَّ حيث يقول عن ذلك: ثمَّ رجعت إلى مكة المشرفة في المحرم سنة سبع وتسعين فَمَنَّ اللّه علي بلقاء الشيخ الإمام حافظ العصر مسند الدنيا فريد الوقت شمس الدين أبي الخير محمَّد بن عبد الرحمن السَّخاوي المصري الشافعي فيها، فصحبته وانتفعت به وأخذت عليه في علم الحديث النبوي وسمعت عليه كثيرًا من "صحيحَي البخاري ومسلم"، ومن كتاب "مشكاة المصابيح" للإمام التبريزي وجملة من "ألفية الحديث للحافظ العراقي ومن "شرحها له المسمى بـ "فتح المغيث" شرح ألفية الحديث، وقرأت عليه كتاب "بلوغ المرام من أدلة الأحكام" للحافظ ابن حجَر، وبعضًا من كتاب "رياض الصالحين للنووي، و"ثلاثيات البخاري، وما لا يحصى من الأجزاء والمسلسلات، وكان يُجلني ويشير إليّ ويعظمني ويقدِّمني على سائر الطلبة ويؤثرني، وأحسن إليَّ كثيرًا. جزاه اللّه عني خيرَ الجزاء
(1)
.
قال السَّخاويُّ عنه: لقيني في أوَّلِ سنةِ سبعٍ وتسعين، فقرأ عليَّ "بلوغ المرام" وغيره
…
وهو فاضل يقظ راغب في التحصيل والاستفادة نفع الله به
(2)
، ا هـ.
قال الشوكانيُّ: برع لا سيما في فنِّ الحديث، واشتُهرَ ذِكره، وبَعُدَ صيته
(3)
، اهـ.
صنَّفَ عدة مصنّفات منها: "تيسير الوصول إلى جامع الأصول" في الحديث،
(1)
تحفة المستفيد": 230 - 231.
(2)
الضوء 4/ 105.
(3)
"البدر الطالع" 1/ 336.
واختصر كتاب شيخه السَّخاوي "المقاصد الحسنة" في مصنَّفَ سماه: "تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث"، و"قرة العيون بأخبار اليمن الميمون"، و"بغية المستفيد في أخبار زَبيد"، وغيرها.
تُوفّيَ يومَ الجمعةِ السادس والعشرين من شهرِ رجب سنةَ أربعٍ وأربعين وتسعِ مئةٍ.
8 -
عبدُ العزيزِ
(1)
بنُ عمرَ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أبي الخيرِ محمَّد، أبو فارسٍ، وأبو الخير، الهاشميُّ، المكيُّ، الشَّافعيُّ، المعروفُ بابنِ فهدٍ.
وُلِدَ ليلةَ السبت السادس عشرَ من شوَّالٍ سنةَ خمسين وثمان مئةٍ بمكَّةَ، ونشأ بها فحفظَ القرآن، و"الأربعين"، و"النخبة" لابن حجَر، وفي النحو "الألفية" و"الأجرومية" وغيرها، فلما ترعرع طلب بنفسه، وارتحل إلى كثير من البلاد، ومنها القاهرة حيث سمع من الحافظ السَّخاوي ثمَّ عاد إلى بلده، ثمَّ رجع سنة خمس وسبعين، فسمع منه وقرأ عليه وحضر الإملاء عنده، ثمَّ عاد سنة أربع وثمانين، فدخل القاهرة، ولازم السَّخاوي في السماع والقراءة فكان مما قرأه عليه قطعة كبيرة من أول "فتح المغيث"، و"شرح النخبة لشيخه، وحضر مجالس الإملاء، ثمَّ ارتحل بعد ذلك إلى مكة، ولما جاورَ السَّخاويُّ سنةَ ستٍّ وثمانين، والتي تليها أكثرَ ابنُ فهدٍ من ملازمته، وسمعَ عليه الكثير مِن مصنَّفَاته.
قال السَّخاويُّ: سمع عليَّ أشياء كبيرة
(2)
، اهـ.
(1)
ترجمته في "الضوء اللامع" 4/ 224، "الشذرات" 8/ 100.
(2)
"إرشاد الغاوي" ل 198/ أ.
وقال: برعَ في الحديثِ طلبًا وضبطًا، وكتب الطباق، بل كتبَ بخطِّه جملةً من الكتب والأجزاء وتولَّع بالتَّخريجِ والكشف، والتاريخ، وأَذنتُ له في التدريس والإفادة والتحديث، وليس بعد أبيه ببلاد الحجَّاز من يدانيه في الحديث، مع المشاركة في الفضائل
(1)
.
وصنَّفَ "معجمًا" لشيوخه، و"فهرسًا" لمروياته، و"جزءًا في المسلسل بالأولية"، وكتابًا في "المسلسلات"، ورتَّب "طبقات القرَّاء" للذهبي، وغير ذلك.
تُوفّيَ يوم الاثنين السادس مِن ذي الحجَّة سنةَ إحدى وعشرين وتسعِ مئةٍ.
9 -
مُعَمر
(2)
بنُ يحيى بنِ محمَّدِ بنِ عبدِ القويِّ، أبو اليَسَر المكيُّ، المالكيُّ. وُلدَ في الرابع عشر من ذي القعدةِ سنةَ ثمانٍ وأربعين وثمان مئةٍ بمكَّةَ، ونشأ بها، فحفظ القرآن، والأربعين"، والألفية"، والمُلحة"، ولازم المحيوي عبد القادر قاضي مكة، والشهاب أحمد بن يونس المغربي في الفقه وغيره، ورحل إلى القاهرة، ولازمَ الشَّمسَ الجوجريّ، وانتفع به، وأخذ عن غيره، وأخذ علم الحديث عن السَّخاوي، وأكثر من ملازمته بالقاهرة والحرمين وقرأ عليه الكثير، قال السَّخاويُّ: ممن لازمَني بالحرمين والقاهرة درايةً وروايةً قراءة وسماعًا إملاءً وغيره، قرأ عليَّ الجواهر"، وقطعة صالحة من القول البديع"
(3)
.
(1)
"الضوء اللامع" 4/ 226.
(2)
ترجمته في "الضوء اللامع" 10/ 162، "الأعلام" 7/ 273.
(3)
"إرشاد الغاوي" ل 226/ أ.
وقال: ومحاسنُه جمةٌ، وقَلَّ بمكَّةَ في مجموعه مثله، وكنتُ عندَه بمكان
(1)
.
صنَّفَ شرحًا على "القطر" لابن هشام، ونظم الخصال الموجبة" من كتاب السَّخاوي، وصنَّفَ "شرحًا" في فقه المالكية وغيرها.
تُوفّيَ يومَ الأحدِ مُستهلَّ صفَر سنةَ سبعٍ وتسعين وتسعِ مئةٍ.
10 -
أبو بكر
(2)
بنُ محمَّدِ بنِ أبي بكرِ بنِ نصرِ بنِ عمرَ، شرف، الحيثيُّ الأصل، الحلبيُّ، الشَّافعيُّ، البسطاميُّ، المعروفُ بابنِ الحيشيِّ.
وُلِدَ في مستهلِّ جُمادى الأولى سنةَ ثمانٍ وأربعين وثمانِ مئةٍ بحلبَ.
أخذ عن جملةٍ من أهل العلم، فسمع على أبي ذر ابنِ البرهان الحلبيِّ، وتدرَّب به، والشمس محمَّد البابي، وأبي عبد الله ابن القيِّم، في آخرين.
قال السَّخاويُّ: زار بيت المقدس، ولقيني بمكَّةَ في سنتي ستٍّ وثمَانين، والتي بعدها، فلازمَني حتَّى حملَ عني أشياءَ مِن مروياتي ومصنَّفَاتي، وكتب بخطِّه منها جُملةً، واغتبط بذلك، وكتبتُ له إجازة
…
(3)
.
وقد لازم الإمامَ السَّخاوي وسمعَ منه الكثير مِن كتبه، فكان منها:"البلدانيات"، و"الجواهر المكللة في الأخبار المسلسلة"، و"المنهل الروي في ترجمة النووي"، و"فتح المعين بتخريج الأربعين"، و"الابتهاج بأذكار المسافر الحاج"، و"عمدة القاري في
(1)
"الضوء اللامع" 10/ 163.
(2)
ترجمته في "الضوء اللامع" 11/ 75، "الشذرات" 8/ 169، وقد وضع هنا على أنه كنيته ويحتمل أن كنيته اسمه فمحله أول الحروف.
(3)
وعندي صورتها في 12 ف.
ختم البخاري"، و"بذل المجهود في ختم أبي داود"، وغيرها من مصنَّفَاته، ومصنَّفَات غيره، كالكتب الستة و"مسند أحمد"، و"الشافعي"، وغيرهما
(1)
.
وقد أثنى عليه السَّخاويُّ في أول إجازته له بقوله:
العالمُ البارعُ الخاشع، مُرشد الطَّالبين، ومَرْفه المريدين، بقيَّةُ المشايخ، وثقةُ أولى النَّصائح، المحروس المأنوس، ذو البيتِ الرَّفيع في الإرشاد، والنَّسب المنيع عن الانتقاد، والسِّماط والبساط، والذِّكر والفِكر، والزَّوايا والخبايا، والآساد والإسناد، شرفُ الدِّينِ أبو بكر
…
(2)
.
وقد تُوفّيَ في رجبٍ سنةَ ثلاثين وتسعِ مئةٍ.
* * *
(1)
انظر "إجازة الحيشي" ل 1/ ب ول 2/ أ.
(2)
"الإجازة" ل 1/ أ.
8 - وفاته:
تُوفّيَ الحافظَ السَّخاويُّ بالمدينةِ، ودُفِنَ بالبقيعِ، وقد ذكرَ هذا أكثرُ مَن ترجمَ له -وهو الصَّحيحُ- كابنِ إياسٍ في "بدائع الزُّهور"
(1)
والعيدروسي في "النُّور السَّافر"
(2)
ونقلَه الشَّوكانيُّ عن ابنِ فهدٍ في "البدر الطَّالع"
(3)
والكِتانيُّ في "فهرس الفهارس"
(4)
وغيرُهم.
وكانت وفاتُه سنةَ اثنتين وتسعِ مئةٍ، وأوردَ هذا التَّاريخَ كلُّ مَنْ ترجمَ له ممَّن وقفتُ عليه، كالسُّيوطيِّ في "نَظم العِقيان"
(5)
والعيدروسي في "النُّور السَّافر"
(6)
وابن العماد في "الشَّذرات"
(7)
والشوكاني في "البدر الطالع"
(8)
والكتاني في "فهرس الفهارس"
(9)
.
ووقَّتَ بعضُ المؤرِّخينَ وفاتَه باليومِ والشَّهرِ، حيثُ ذكرَ أنَّه تُوفّيَ في شهرِ شعبانَ
(1)
"البدائع": 616.
(2)
النور: 18.
(3)
"البدر" 2/ 88.
(4)
"الفهرس" 2/ 989.
(5)
النظم: 152.
(6)
النور: 18.
(7)
"الشذرات" 8/ 17.
(8)
"البدر" 2/ 88.
(9)
"الفهرس" 2/ 989.
في الثَّامنِ والعشرين
(1)
منه، أو في السَّادس عشر
(2)
، يومَ الأحدِ
(3)
.
* * *
(1)
ذكره العيدروسي في "النور السافر": 18 وابن العماد في "الشذرات" 8/ 17.
(2)
ذكره الأسدي في "ذيل طبقات الشافعية" ل 91/ أ.
(3)
ذكره الشوكاني في "البدر الطالع" 2/ 184 وابن العماد في "الشذرات" 8/ 77.