المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم [و] صلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وآله - التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة - ط مركز دراسات المدينة - جـ ٧

[السخاوي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

[و] صلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.

[3841]

[*]

محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ أحمدَ بنِ غَنَائِمَ البَعْلِيُّ الأصلِ، المدنيُّ، الشافعيُّ

الآتي أبوهُ في أبي الفتحِ (4942) من "الكُنَى"، وأنَّ هذا دخلَ القاهرةَ في البحرِ معَ أبيهِ، فكانَتْ مَنِيَّةُ الأَبِ في رمضانَ سنةَ تسعٍ وثمانينَ.

[3842] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ ابنِ العلَّامَةِ جلالِ الدِّينِ أحمدَ بنِ مُحَمَّدٍ الشمسُ أبو الخيرِ الخُجَنْدِيُّ، المَدَنيُّ، الحَنَفِيُّ

(1)

أخو إبراهيمَ الماضي (90)، وهو أكبَرُهُما، وُلِدَ في يوم الخميسِ حادي عشرِي صَفَرٍ سنةَ أربعٍ وثلاثينَ وثماني مئةٍ بالمدينةِ، وحَفِظَ "الكَنْزَ"، وعَرَضَهُ بالمدينةِ والقاهرةِ وغيرِهما، وحضرَ وهو في الأولى مع أبيهِ على الجمالِ الكازرونيِّ، ثم سَمِعَ عليه وعلى أبي الفتحِ المراغيِّ والمحبِّ المَطَرِيِّ، وبالقاهرة على الأَمِينيِّ الأَقْصُرَائِيِّ، وكان يشتغل عليه وعلى الكمالِيِّ ابنِ الهُمامِ وعنده ماتَ في أواخرِ سنةِ ثمانٍ وخمسينَ وثماني مئةٍ رحمه الله.

(1)

"الضوء اللامع" 8/ 297.

[*](تعليق الشاملة): انتهى القسم السابق (حسب الطبعة الأولى) عند رقم 3873، وبدأ الترقيم هنا كما ترى (حسب الطبعة الثانية)، وهذا اختلاف في الترقيم فقط بين الطبعتين دون سقط أو تكرار في التراجم نفسها، فليتنبه

ص: 3

[3843] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أحمد بن إبراهيمَ بنِ يحيى بنِ أبي المَجْدِ عبد الله

وقيل: أحمد.

قالَ ابنُ فَرحُونٍ

(1)

: الشَّيخُ الإمامُ العلَّامةُ، زينُ الفقهاء، صَدْرُ المحدِّثينَ، الشَّرفُ أبو الفتحِ ابنُ القاضي العِزِّ أبي عبد الله ابنِ الشيخِ الكمالِ أبي العبَّاسِ، ابنِ العلَّامةِ شيخِ الشافعيَّةِ البُرهانِ أبي أحمدَ اللَّخِميُّ، المصريُّ، الشافعيُّ، عُرِفَ بِابْنِ الأُمْيُوطِيِّ

(2)

.

وُلِدَ بالقاهرةِ سنةَ أربعٍ وسبعينَ وستِّ مئةٍ، يعني في ذي القعدهِ منها، وَلِيَ القضاءَ والخَطابةَ والإمامةَ بالمدينةِ في آنٍ واحدٍ، فالقضاءُ بعدَ العَلَمِ يعقوبَ بنِ جمالٍ (4652)، والباقي بعدَ البهاءِ ابنِ سلامةَ (4297) الآتِيَينِ، وكَان فقيهًا فُرُوعيًّا حافِظًا للمذهبِ، قلَّ أن رأيتُ مثلَهُ في حِفْظِهِ وغزارَةِ عِلمه، وأمَّا كلامُه عَلَى الحديثِ واستِنْباطُه لِعلومِهِ وما يَسْتَلْوِحُ مِن فوائدِهِ فالعَجَبُ العَجَبُ. قَال لي أَخي عليٌّ: جُبْتُ البلادَ شرقًا وغربًا فلَمْ أَرَ أحدًا يتكلَّمُ عَلَى الحديثِ مثلَهُ، وكَانَ كريمًا جَوادًا، حَسَنَ المُحَاضرةِ، لَيِّنَ العَرِيكَةِ حَتَّى ينحرفَ فكأنَّهُ غيرُ الذي تعْرفُهُ، ولَمَّا قَدِمَ المدينةَ، عَرَضَ عَلَى العَلَمِ يعقوبَ النِّيَابَةَ عَنْهُ في الأحكامِ فامتنعَ، ولكن نَزَلَ لَهُ عَن تدريسِ المدرسةِ الشِّهابيةِ فقَبِلَهَا، واستمرَّ مُدرِّسًا للشّافِعِيَّةِ مُحَبَّبًا إلى النَّاسِ.

(1)

"نصيحة المشاور"(ص: 217 - 219).

(2)

وأُميوط: بلدة من الغربية بمصر. "معجم البلدان" 1/ 256.

ص: 4

وكَانَت فيه شِدَّةٌ عَلَى الأشرافِ، ذا هَيْبَةٍ عظيمةٍ، سقاهُمُ المُرَّ، وأذاقَهُمُ الصَّبِرَ، وأَمَّا سَطْوَتُهُ عَلَى الإماميَّةِ وتوبيخُهُ لَهُم في المحافلِ وسبُّهُم عَلَى المنبرِ، فَأمرٌ مشهورٌ عن وصفِهِ.

وكَانَ إِذَا قَامَ في أمرٍ لا يَرْجِعُ عنه ولا يخافُ عاقِبَتَهُ، مُتَمَسِّكًا بالسُّنَّةِ يتَّبِعُ أشدَّهَا ويحمِلُ نفسَهُ عَلَى أشَقِّهَا، رأيتُهُ في يومٍ صائفٍ مُحْرِمًا مُتَجرِّدًا راكبًا على حمارٍ لم يزل عليه حتى أكمَلَ حَجَّهُ ورجعَ إلى المدينةِ ليسَ لَهُ مَرْكَبٌ غيرُه.

ورأيتُهُ وقد أكَلَتْهُ الشَّمسُ وتَقَشَّرَ جلدُهُ ودَمِيَ وَجْهُهُ، فَعَرَضْتُ عليه الرُّكُوبَ في الشُّقْدُفِ

(1)

فلم يفعَلْ، وكان قد أرادَ أن يُسَوِّيَ الحُفرَةَ

(2)

التي في المحرابِ النَّبويِّ ببناءٍ أو أخشَابٍ، فَعُورِضَ فتركَ الصَّلاةَ في المحرابِ وصار يُصَلِّي على يَسَارِه قريبًا من الشُّبَّاكِ إلى أن مات.

وهو أبطلَ صَلاةَ ليلةِ النِّصْفِ مِن شَعبانَ

(3)

، وَكَانَ إبطالُها عَزِيزًا عَلَى النُّفُوسِ لاعتيادِه معَ مبتَدعَاتٍ كثيرةٍ معها.

(1)

الشُّقدفُ: مركب معروف بالحجاز يركبه الحجاج إلى بيت الله الحرام، والجمع: شقادف. "تاج العروس" شقدف.

(2)

وعن تاريخ هذه الحفرة ينظر: "وفاء الوفا" 2/ 90 - 93 ط: دار الزمان.

(3)

كان يُدَّعى أن فيها أحاديث، مرَّة تصلَّى مائة ركعة، وفي رواية: عشر ركعات يقرأ بِها: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ألف مرة، إلى غير ذلك من الروايات، قال السُّيوطيُّ في الحديث الوارد بذلك: موضوعٌ، وجمهور رواته في الطرق الثلاثة مجاهيل، وفيهم ضعفاء. "اللآلئ المصنوعة" 2/ 59.

ص: 5

مِنْهَا: زينةُ المَسْجِدِ، وكَثرةُ الوَقِيدِ

(1)

، وكثرةُ النِّساءِ واختلاطُهُنَّ بالرِّجالِ، والصِّياحُ مِن الصَّغِيرِ والكبيرِ، حتى لا يَبْقَى للحَرَمِ حُرمَةٌ، ولا تملِكُهُ القَوَمَةُ. وكانت له غَيْرَةٌ على أهلِ السُّنَّةِ ولو عَلِمَ مِن كثيرٍ منهم كراهته، فيُسَدِّدُ أحوالَهُم ويُقِيمُ حُرمَتَهُم عند أمراءِ المدينةِ ويجاهِدُ بنفسهِ في حَقِّهِم. وله تَوَاليفُ مفيدةٌ في الكلامِ على الحديثِ وغيره، منها:"الجواهرُ السَّنِيَّةُ في الخُطَبِ السُّنِّيَّةِ" قَلَّ أن يَخْلُوَ منها خُطبَةٌ إلَّا وفيها البِدْعَةُ وأهلُهَا، وتوبيخُهُم بها.

ونَزَلَ مَرَّةً مِن المنبرِ لِضَرْبِ رَجُلٍ مِن الإماميَّةِ كَانَ يَتَنَفَّلُ زيادةً على تحيَّةِ المَسْجِدِ، ويُؤدِّي ظُهْرَ الجُمُعَةِ أربعًا في أثناءِ ذلك التَّنَفُّلِ، لأنهم لا يَعْتَقِدُونَ إقامةَ الجُمعةِ إلَّا خلف إمامٍ مَعْصُومٍ، وهذا كان عادتُهُم معه ومع غيره، فنهَاهُم عَن ذلك فانْتَهَوا إلَّا مَنْ قَوِيَ تَشَيُّعُهُ وتَعَصُّبُهُ، فكَانَ يَصيحُ عَلَيهِم وهو على المنبَرِ ويأمرُ بِجَرِّهِم إلى عنده فَيَضْرِبُهُم.

(1)

المقصود بكثرة الوقيد كثرة إشعال الفوانيس ليلًا بالمسجد، وقد كان الخدام قبل إشعال الفوانيس ليلًا بالمسجد يشعلون سعف النخيل ويطوفون بها ليلًا لإخراج الناس من المسجد، والذي أبطله كافور المظفري الحريري عام 711 هـ.

قال ابن فرحون ص 44: وممَّا للشَّيخِ الحَرِيرِيِّ مِنَ الآثَارِ الحسَنَةِ: تَبْطِيلُ الطَّوافِ بالشُّعَلِ مِنْ جَريدِ النَّخْلِ، وتبدِيلُها بِالفَوَانِيسِ الَّتِي يَطُوفُونَ بها اليومَ كُلَّ لَيْلَةٍ بعدَ صَلاةِ العِشَاءِ الأخِيرَةِ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا قبلَ الحَرِيرِيِّ وصَدْرًا من وِلايَتِهِ يأخُذُ عَبِيدُ الخُدَّامِ وبعضُ الفَرَّاشِينَ شُعَلًا مِنْ سَعَفِ فَيَطُوفُون بها، عِوَضَ الفَوَانِيسِ يَجْرُونَ بها كَأَشَدِّ ما يَكُونُ في الجَرْيِ، فإذا وَصَلُوا بابَ النِّسَاءِ خَرَجُوا بها، وخَبَطُوا بِمَا بَقِيَ مَعَهُم فيها، فكانت تُسَوِّدُ المَسْجِدَ وتُسَوِّدُ بَابَهُ أيضًا، وفيها مِنَ البَشَاعَةِ ما لا يَخْفَى، فأَمَرَ بِالفَوَانِيسِ عِوَضًا.

ص: 6

وكان الإماميَّةُ يُصَلُّونَ العِيْدَ في المَسْجِدِ الذي بالمُصَلَّى المنسوبِ بزعمِهِم إلى عَليٍّ، فَمَنَعَهُم مِنَ الصَّلاةِ فيه، وألزمَهُم بِالدُّخُولِ مع أَهْلِ السُّنَّةِ في المسجدِ الموجودِ اليومَ، وذلك في يومِ عيدِ الأضحى سَنَةَ ستٍّ وثلاثينَ وسبعِ مِئَةٍ.

وَكَانَ عَلَيهِم سَيفًا لا يُغْمَدُ، ولكنَّه لم يَتَعَرَّضْ لِحُكَّامِهِم، فكاَنَ في أيَّامِهِ عَلَى عادَتِهِم مع السِّرَاجِ، فيحبِسُ بحَبْسِهِم ويستعينُ بِغِلْمانِ الوَالي، وكَانَ حَبْسُ المدينةِ واحدًا يَحْبِسُ فيه الأميرُ والقَاضِي، وهو الموجودُ اليومَ في ساحةِ القلعةِ.

وكَانَ لي مَعَهُ مقاماتٌ لا يَحْسُنُ ذكرُهَا لمبناها عَلَى الحُظُوظِ النَّفْسانِيَّةِ، حتى إني وصلتُ أَنَا وإيَّاهُ إلى الملكِ النَّاصرِ في حَجَّتِهِ الثَّانية، فَأَمَرَهُ أَن لا يَتَعَرَّضَ لي وأَن يُنْصِفَنِي مِن نفْسِهِ، وَوَصَّى بي صَاحبَ المدينةِ، فلم يُفِدْ فيه ذلك.

ولَمَّا تَحَقَّقَ الأميرُ طُفيلٌ أنِّي مَظلومٌ مع جماعةِ القاضي وهو مُنْقَادٌ معهم، بَعَثَ إلى نائبه أَحْمَدَ الفَاسِيِّ ونفَاهُ إلى خَيْبَرَ، فأقام بها مُدَّةً، إلى أن بالغَ معه الشَّرَفُ في عودِهِ، وكَرَّرَ ذلك، وعاد فلم يمكُثْ إلَّا أيَّامًا قَليلةً، ومات.

وكذا تهَدَّدَ طُفيلٌ بقيَّةَ الجماعةِ البُعداءِ الذين أَهْلكَهُم فِعْلُهُم هَذَا، مَعَ كونِ الشرف إِذَا رآني يُعَظِّمُنِي ويقومُ لي وينَوِّهُ بي، ولكنَّ البلاءَ من جماعتِهِ هم الذين يَعْطِفُونَ قلبَهُ، ولم يَلْبَثْ أن أحوجَهُ الله إليَّ في قَضِيَّةٍ، فساعدتُهُ

ص: 7

في مطلوبِهِ، وبذلتُ جُهدِي معه حتى حَصَلَ عَلَى مقصودِهِ، فصَفا قَلبُهُ وأَعَرَضَ عَن جميعِ مَا كَانَ سَمِعَهُ.

واستمَرَّ واستنابَ في فصلِ الخُصُوماتِ الفقيهَ أحمدَ الفاسيَّ المشار إليه، ثم بعد موتِهِ الشِّهابَ أحمدَ التَّادِليَّ، ثم عَزَلَهُ واستنابَ الجمالَ المَطَرِيَّ في الأحكامِ، بل وفي الخَطَابَةِ والإمامَةِ، ومات في سنهِ خمسٍ وأربعينَ وسبعِ مئةٍ بالمدينةِ، يعني في صَفَرِها، ودُفِنَ شَامِيَّ قُبَّةِ سيِّدنا عثمانَ من البقيعِ

(1)

.

وعبَّر المَجْدُ عن أكثرِ هذا مَعَ زياداتٍ أتى فيها بِعِبَارَاتٍ رائِقَةٍ وإشاراتٍ شائِقَةٍ، لا تُسْتكْثَرُ على مثلِهِ في تفنُّنِهِ وفَصَاحتِهِ، ولُغَاتِهِ المُنْفَرِدِ بها عن أهلِ تحقيقِهِ ونقلِهِ

(2)

.

وقال ابنُ صالحٍ: إنه كان مُعِيدًا بالقاهرة عندَ البدرِ ابنِ جماعَةَ، وأن ولايتَهُ كانت وهو ابنُ ستٍّ وخمسينَ سنة، ولم يَحُجَّ قبل ذلك، واستمَرَّ في القضاءِ سبع عشرة سنةً، وسافرَ في قضائِهِ إلى مصرَ والشَّامِ مَرَّتَينِ، وأشكُّ في الثانيةِ، وكان كثيرَ الفضائِلِ له أبحاثٌ مُطْرِبَةٌ، حَسَنَ العبارة والخُلُقِ، طَلْقَ اللسانِ، فَصِيحَ الكلامِ، عظيمَ التَّواضُعِ، يقولُ لأصغَرِ الطَّلَبَةِ في المحافلِ إذا أشارَ إليه بالسُّؤالِ: لَبَّيْكَ، ويجلِسُ في الدَّرسِ على الحصيرِ إن كان في المدرسةِ، وعلى البَطْحاءِ إن كان في المسجدِ، وكان من خِيارِ وقتِهِ، ويقولُ: إنه ينتمي لِسيِّدنا عثمانَ من جِهة النِّساءِ، ولذا دُفِنَ بالبقيعِ

(1)

إلى هنا انتهى النقل من "نصيحة المشاور".

(2)

"المغانم المطابة" 3/ 1277.

ص: 8

خلفَ قُبَّتِهِ، وكان يحكِي عن البدرِ ابنِ جماعَةَ قولَهُ: قَطْعُ الرُّؤوسِ ولا قَطْعُ الدُّرُوسِ، ورَجَعَ من القاهرةِ في سنةِ أربعٍ وأربعينَ وهو مَرِيضٌ، فَبَقِيَ كذلك أَشْهرًا من التي بعدها ومات، واستنابَنِي قبل موتِهِ في الإمامةِ والخطابةِ، بل كُنتُ قبل ذلك أُصَلِّي بالناسِ في غَيبتِه بعضَ الصَّلواتِ، وبيننا موَدَّةٌ كبيرَةٌ.

وذكرَهُ شيخُنا في "دُرَرِهِ"

(1)

فقال: إنَّه برع في الفقهِ، وسمع من غازي الحلاويِّ "الغيلانياتِ" ومن أبي الحسنِ ابنِ الصَّوَّافِ مَسْمُوعَهُ من "النَّسائيِّ"، ومن القُطْبِ القَسْطَلانِيِّ وغيرهم، ووَلِيَ قَضاءَ بِلْبيس والإِعادَةَ بالنَّاصِرِيَّةِ وغيرِها، والتَّدريسَ بالجامعِ الظَّافِريِّ، ثم لَخَّصَ مما تقدَّمَ ترجمَتَهُ، وأنه وَلِيَ القضاءَ والخطابةَ والإمامةَ بالمدينةِ النبويَّةِ، واشْتَدَّ في تأييدِ السُّنَّةِ، وكان مُهابًا، فَسَطَا على فقهاءِ الإماميَّةِ وسبَّهُم على المنْبَرِ ووبَّخَهُم في المَحَافِل، وكان يحمِلُ على نفسِهِ في اتِّباعِ السُّنَّةِ والجِدِّ في العبادَةِ، ويَحُجُّ على حمارٍ، ولم يكن يدخُلُ المحرابَ بل يُصَلِّي على يَسَارِهِ.

وأَبْطَلَ صَلاةَ نِصْفِ شَعْبانَ بعد أن اعتادُوها

(2)

دهرًا، وزينةَ المسجدِ وكثرَةَ الوَقيدِ، فارتفعَ فسادٌ، ومَنَعَ من الهياجِ في المسجد، ونزل مَرَّةً من المنبرِ فَضَربَ رَجُلًا من الإماميَّةِ تنفَّلَ كَهَيْئَةِ الظُّهرِ، ومع ذلك فلم يقدِرْ على رفع حُكَّامِ الإماميَّةِ، وله خُطَبٌ مُدَوَّنَةٌ تُسَمَّى "الجواهرَ السَّنِيَّة"، ولم يَزَلْ على ولايتِهِ حتى ماتَ.

(1)

"الدرر الكامنة" 4/ 159.

(2)

في الأصل: "أعادوها"، والتصويب من "الدرر".

ص: 9

ذكره ابنُ رافعٍ في "معجمِهِ" وقالَ: إنَّ الذي عُرِفُ بالأُمْيوطيِّ هو جَدُّ أبيه إبراهيمَ. انتهى.

وهو قريبُ شيخِ شُيوخِنا الجمالِ إبراهيمَ بنِ محمَّدِ بنِ عبد الرَّحيمِ بنِ إبراهيمَ بنِ يحيى بنِ أحمدَ الأُمْيوطيِّ والدِ شيخِنا الزين عبد الرحيمِ

(1)

، يجتمعانِ في إبراهيمَ.

[3844] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ عُثْمانَ بنِ عبد الغَنِيِّ الشَّرَفُ ابنُ الشَّمْسِ التُّسْتَرِيُّ

(2)

، المَدَنِيُّ، الشافعيُّ

(3)

والدُ أحمدَ ومُحَمَّدٍ، وأخو عبد الله والشَّمْسِ مُحَمَّدٍ.

سَمِعَ من أبيهِ "السِّيرَةَ النبويَّةَ" للمحبِّ الطَّبَرِيِّ، ومن أبي الفَرَجِ ابنِ القارِي بعضَ الجزءِ الثالثِ من رواية "ساكِنِي دارَيَّا" لأبي القاسمِ ابنِ عَسَاكِرَ

(4)

، وأجازَ له الصَّلاحُ ابنُ أبي عُمَرَ، وابن أُمَيلَةَ، وابنُ الهَبَلِ، والكمالُ بنُ حَبيبٍ، وأخوهُ حُسينٌ، والعِمادُ ابنُ كثيرٍ، وابنُ قَوالِيجَ،

(1)

عبد الرحيم بن إبراهيم، الزين أبو علي، ولد بمكة سنة 778 هـ وسمع بها، وحدث بمكة وتوفي بها سنة 867 هـ "الضوء اللامع" 4/ 166.

(2)

في "الضوء اللامع": "الششتري"، وكلاهما صحيح، "التحفة" 5/ 585.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 26.

(4)

داريا: قريةٌ قريبةٌ من دمشق، وأُلحقت بها اليوم بعد امتداد المدينة، جمع الحافظ ابن عساكر روايات من سكن بها في ستة أجزاء. "معجم الأدباء" 4/ 42 وذكره الذهبي باسم "مسند أهل داريا" ووصفه بأنه مجلَّد "تذكرة الحفاظ" 4/ 83.

ص: 10

ومُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ ابنُ قاضِي شُهْبَةَ، والأَذْرِعِيُّ، وابنُ المُرَحِّلِ، ومُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَمَّارٍ الحارِثِيُّ، ومُحَمَّدُ بنُ عبد الله العاقُولِيُّ

(1)

، ومُحَمَّدُ بنُ عبد الله الصَّفَوِيُّ، وغيرُهم، وحدَّثَ.

سَمِعَ منه الفُضَلاءُ، قرأ على التَّقِيِّ ابنِ فَهْدٍ في سنةِ اثنتي عشرةَ وثمانِ مئةٍ، ورأيتُهُ فيمن سَمِعَ على الزَّينِ أبي بكرٍ المراغيِّ، مات (

)

(2)

.

[3845] مُحَمَّدٌ الشَّمْسُ أخوهُ

[3846] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ المُحِبِّ، الشَّمْسُ الدِّمَشْقِيُّ

(3)

رأيتُ بِخَطِّ الشَّمسِ مُحَمَّدِ بنِ عبد العزيزِ الكازَرُونِيِّ، وهو مِمَّنْ سَمِعَ عليه: أنه جاورَ بالمدينةِ، وقد سَقَطَ من نسخةٍ مُحمَّدٌ ثالثٌ، فهو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ المُحِبِّ عبد الله، وسيأتي (3889).

(1)

محمد بن عبد الله بن محمد العاقولي، ولد سنة 704 هـ ببغداد، وأخذ عن والده وانتهت إليه رياسة العلم والتدريس ببغداد، توفي سنة 768 هـ "الدرر الكامنة" 3/ 483 "بغية الوعاة" 1/ 255.

(2)

بياض في الأصل.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 194.

ص: 11

[3847] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ عبد العزيزِ الشَّرَفُ أبو القاسمِ ابنُ الكَمالِ أبي الفَضْلِ ابنِ قاضي الحَرَمَينِ المُحِبِّ أبي البركاتِ ابنِ القاضي الكمالِ أبي الفَضْلِ، الهاشِمِيُّ، العَقِيليُّ النُّوَيرِيُّ، المَكِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الخَطِيبُ الضَّرِيرُ

(1)

وُلِدَ في ذي الحِجَّةِ سنة اثنتي عشرة وثماني مئةٍ بمكةَ، وأُمُّهُ أمُّ الحسينِ ابنة القاضي عليِّ بنِ أحمدَ النُّويرِيِّ، ونشأ فَحَفِظَ القرآنَ و"أربعي النَّوويِّ" و"منهاجَهُ" ومعظَمَ "الشاطِبِيَّةِ" و"الألفيَّةِ" و"المنهاجِ الأصِليَّ"، وعرضَ على ابن الجزَريِّ، والعَلَمِ الإِخْنَائيِّ، وسالمٍ المغرَبيِّ قاضي المالكيَّةِ بدمشقَ

(2)

، وأبي شَعْرٍ

(3)

، والجمالِ الشَّيبيِّ

(4)

، وحضر على الزَّينِ أبي بكرٍ المراغِيِّ

(5)

.

ودخلَ القاهرةَ غير مَرَّةٍ أَوَّلُها: في سنة اثنتين وأربعينَ، فَسَمِعَ بها من شيخِنا وغيرِهِ، وجاوَرَ بالمدينةِ كثيرًا، ومات بعد أن أَضَرَّ في ليلة الخميسِ

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 300، "الدر الكمين" لابن فهد 1/ 287.

(2)

سالم بن إبراهيم بن عيسى الصنهاجي المغربي المالكي. ترجمته في "الضوء اللامع" 3/ 240.

(3)

عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الكرم الزين أبو الفرج الدمشقي الصالحي الحنبلي، فقيه حنبلي متفنن واسع الاطلاع، جاور بمكة، وتوفي بدمشق سنة 844 هـ "الضوء اللامع" 4/ 82 "شذرات الذهب" 7/ 253.

(4)

محمد بن علي بن محمد بن أبي بكر، أبو المحاسن، جمال الدين، القرشي العبدري الشيبي: فقيه شافعي، من فضلاء مكة، ولي سدانة الكعبة ثم قضاء مكة ونظر الحرم، له مؤلفات، توفي سنة 837 هـ "الضوء اللامع" 9/ 13 "شذرات الذهب" 7/ 223، "الدر الكمين" 1/ 217.

(5)

بياض في الأصل بمقدار ثلاثة أسطر، وقارن بالدر الكمين 1/ 288.

ص: 12

سَلْخَ شعبانَ سنة خمسٍ وسبعينَ وثماني مئة بمكة، ودُفِنَ عند سَلَفِهِ بالمَعْلاةِ، وكان متواضعًا متودِّدًا كثيرَ التلاوة سيَّما بعد ذهابٍ بَصَرِهِ.

[3848] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ محمُودِ بنِ إبراهيمَ بنِ أحمدَ بنِ رُوزْبَه ناصرُ الدِّينُ أبو الفَرَجِ ابنُ العلَّامَةِ الجمالِ أبي عبد الله ابنِ الصَّفِيِّ ابنِ الشَّمْسِ الكازَرُونِيُّ، ثُمَّ المَدَنِيُّ، الشَّافِعِيُّ

(1)

أخو عمرَ الماضي (3057)، ويعرَفُ بأبي الفَرَجِ الكَازَرُونِيِّ.

وُلِدَ في ليلة الثلاثاء سابعَ ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ خمس وتسعينَ وسبع مئةٍ بالمدينةِ، وأُحْضِرَ بها في سنةِ ثمانٍ وتسعينَ على أبي إسحاقَ إبراهيمَ بنِ عليِّ ابنِ فَرحُونٍ "الشِّفَاءَ" بِفَواتاتٍ يسيرة، "والمُوَطَّأَ" روايةَ يحيى بنِ يحيى بِقِراءَةِ أبي الفتحِ المراغيِّ، وفي رمضانَ من التي تليها على ابن صِدِّيقٍ "صحيحَ البخاريِّ" بفواتاتٍ يسيرةٍ، وقرأه هو وغيرُهُ على أبيهِ، وكذا سَمِعَ على الزينِ أبي بكر المراغِيِّ "الأربعينَ" لأبي سعدٍ النيسابوريِّ، و"الأربعينَ" التي خَرَّجها شيخُنا له من مرويَّاتِهِ، ومما سمِعَهُ عليه أيضًا في سنة اثنتين وثماني مئة في "تاريخِ المدينةِ"، وسَمِعَ على الرَّضِيِّ المطَرِيِّ والدِ المُحِبِّ، وسليمانَ السَّقَّا، ثم على أبي الفَتْحِ المراغيِّ وغيرِهِ، وأجاز له الزَّينُ العِرَاقِيُّ، ودخل دمشقَ، وحضرَ بها دروس الشِّهاب الغَزِّيِّ، والشَّمْسِ الكَفِيرِيِّ، وابنِ قاضي شُهْبَةَ، وزار القُدْسَ والخَلِيلَ، وكذا دخلَ حَلَبَ فأجازَ له

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 44.

ص: 13

حافِظُها البُرهانُ، والقاهِرَةَ غيرَ مَرَّةٍ، فأخَذَ أولا عن الشَّرَفِ ابنِ الكُوَيكِ وأجازَ له، ثم في سنةِ ثلاثٍ وأربعينَ، وسَمِعَ على الزّينِ الزَّرْكَشِيِّ بعضَ "صحيحِ مسلمٍ"، وقرأ في شوالٍ سنة خمس وأربعين على شيخِنا "الخِصَالَ المُكَفِّرَةَ" له.

وكان قد حَفِظَ القرآن وتلا به لِعاصمٍ وأبي عمرٍو على الزَّينِ بنِ عَيَّاشٍ و"الحاويَ" و"المنهاجَ الأصلِيَّ" و"ألفيةَ ابنِ مالك"، وعرضَ على جماعة، وأخذَ الفقهَ عن الزَّينِ المراغِيِّ، وانتفعَ بأبيه فيه وفي غيرِه، وقرأ عليه "البخاريَّ" وغيرَهُ، وكذا أخذ بحثًا عن النَّجْمِ السَّكاكِينِيِّ "الحاويَ" و"التَّلخِيصَ" في المعاني والبيان و"ألفيةَ ابنِ مالك"، وأَذِنَ له سنةَ إحدى وثلاثين في الإفتاءِ والتَّدْرِيسِ، ووَصَفَهُ: بِجَوهَرَةِ العُلَماءِ، ودُرَّةِ الفُضَلاءِ، لِسانِ العَرَبِ، وتُرْجُمانِ الأَدَبِ، الأَفْضَلِ الأَمجَدِ.

وأخذَ أيضًا النَّحوَ والأُصُولَ عن أبي عبد الله الوانُّوغِيِّ، وتَصَدَّى للتدريسِ والرِّوايَةِ، وقرأ عليهِ "البخاريَّ" قريبُهُ مُسَدَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد العزيزِ الكَازَرُونِيُّ غيرَ مَرَّةٍ، وكذا قرأه عليهِ ابناهُ الجلالُ أبو السَّعاداتِ وعبد السَّلامِ الأوَّلُ، والشمسُ محمدُ بنُ أبي الفرجِ المراغيُّ، ومُحَمَّدُ بنُ عليِّ بنِ محمدِ ابنِ الخياطِ أَحَدِ رُؤَساءِ المؤذِّنينَ بالمدينة، أجاز لي، وماتَ بعد ابنِهِ أبي السعاداتِ بيسيرٍ في ذي الحجة سنة سبع وسِتِّين، ودُفِنَ عند والده بالبقيع، رحمهما الله.

ص: 14

[3849] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مسعُودٍ، ناصِرُ الدِّينِ أبو الفَرَجِ ابنُ الزَّينِ أبي المَعَالِي، ابنُ الشَّهابِ المَغْرِبيُّ الأَصْلِ، المَدَنِيُّ المالِكِيُّ ابنُ أُخْتِ التَّاجِيِّ عبد الوهَّابِ، ابنِ يَعْقُوبَ المالِكِيِّ والدِ النَّجْمِيِّ مُحَمَّدٍ قاضي المالِكِيَّةِ بالمدينَةِ، ثُمَّ بِمَكَّةَ

(1)

ويُعْرَفُ بِالمُزَجِّجِ.

سَمِعَ على مُحَمَّدِ بنِ مُبارَكٍ "الشِّفَاء" في سنة سِتٍّ وستين وثماني مئةٍ، ولازَمَنِي بمكةَ في المجاورَةِ الثَّالِثَةِ، حتى سَمِعَ عليَّ "المُوَطَّأَ" وغيرَهُ روايةً وتَفَهُّمًا، وكانت له بعضُ مشاركةٍ، ويُنَسُبَ لِتَعاني الكِيمياء، مات في ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ خمسٍ وتسعينَ بالمدينة، ودُفِنَ بالبقيعِ، رحمه الله وعفا عنه، وأَظُنُّ أَوَّلَ من قطنَ المدينةَ مِن آبائِهِ مُحَمَّدَ بنَ مَسْعُودٍ، ووُلِدَ ابنُهُ أحمدُ بها، أَحَدُ مَن سَمِعَ على الزينِ المراغِيِّ وغيرِهِ، ومضى (288).

[3850] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوسَى بنِ أبي بكرِ بنِ أبي العِيدِ، أوحَدُ الدِّينِ وناصِرُ الدِّينِ وشَمْسُ الدِّينِ وخيرُ الدِّينِ -وهو الذي اسْتَقَرَّ- أبو الخيرِ بنُ الشَّمْسِ السَّخَاوِيُّ، ثُمَّ القاهِرِيُّ، ثُمَّ المَدَنِيُّ، قاضيها المالِكِيُّ كأبيهِ الماضي

(2)

ويعرَفُ بِالسَّخَاوِيِّ، وبابْنِ القَصَبِيِّ.

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 44، "إرشاد الغاوي" ص: 1001، وفيهما:"ابن المزجج".

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 47، "إرشاد الغاوي" ص:1002.

ص: 15

وُلِدَ في سنة اثنتين وأربعين وثمان مئةٍ بِسَخَا، ونَشَأ في كَنَفِ أبيه، فَحَفِظَ القرآنَ و"العمدَةَ" و"البرهانِيَّةَ" في أصولِ الدين لأبي عمرٍو عثمانَ السَّلالجِيِّ

(1)

، و"الشاطبِيَّةَ" و"ألفيةَ الحَدِيثِ" و"مختصرَ الشَّيخِ خليلٍ" وكذا "الرِّسالَةَ" و"الرَّحبيَّةَ" في الفرائِضِ و"التنقيحَ" في الأصولِ للقَرَافِيِّ، و"الجَرُّومِيَّةَ" و"ألفيَّةَ ابنِ مالكٍ" و"كفايَةَ المُتَحَفِّظِ" في اللُّغَةِ لأبي إسحاقَ إبراهيمَ الأَجَدابيِّ

(2)

، و"عَروضَ ابنِ الحاجِبِ" و"بِديعيَّةَ شَعبانِ الآثَارِيِّ"

(3)

، وعرضَهُ أبوهُ على مَنْ دَبَّ ودَرَجَ، حتى على الظَّاهِرِ جُقْمُقَ، وأَنْعَمَ عليه، فكان منهم من الشافعيَّةِ: العَلَمُ البُلْقِينِيُّ، والمَحَلِّيُّ، والمُنَاوِيُّ. ومن الحَنَفِيَّةِ: ابنُ الدَّيرِيِّ، وابنُ الهُمَامِ، والشُّمُنِّيُّ، والأَقْصُرَائِيُّ، وعبد السَّلامِ البغدادِيُّ. ومن المالكيَّةِ: أبو القاسمِ النُّوَيرِيُّ، والوُلَّوِيُّ السُّنْبَاطِيُّ، وأبو الجُودِ البَنَبِيُّ

(4)

. ومن الحنابلةِ: العِزُّ الكناني، وابنُ الرَّزَّازِ

(5)

. بل حَضَرَ

(1)

عثمان بن عبد الله القيسي الفاسي، أبو عمرو، السلالجي: عالم بالأصول، و "البرهانية" متن في العقيدة له، توفي سنة 575 هـ بفاس. "الوفيات" لابن الخطيب ص 288، "الأعلام" 4/ 209.

(2)

إبراهيم بن إسماعيل الأَجَدابِيُّ، أبو إسحاق: لغوي، من أهل طرابلس الغرب، توفي نحو 470 هـ، انظر:"بغية الوعاة" 1/ 408، و"كفاية المتحفظ" رسالة له في اللغة والغريب طبعت قديمًا، انظر:"بغية القنوع" ص: 318.

(3)

شعبان بن محمد بن داود الموصلي المشهور بالآثاري لإقامته في أماكن الآثار النبوية مدة، أديب له مؤلفاتٌ كثيرةٌ في الأدب والنحو، توفي بالقاهرة 828 هـ. و"بديعيته" قصيدة في البلاغة، انظر "الضوء اللامع" 3/ 301 "شذرات الذهب" 7/ 184.

(4)

داود بن سليمان، ابن أبي الربيع البَنبِيُّ: فرضيٌ من فقهاء المالكية، نسبة إلى (بَنبَ) من الغربية بمصر، توفي بالقاهرة سنة 863 هـ "الضوء اللامع" 3/ 211، "نظم العقيان" ص 111.

(5)

علي بن محمد بن محمد، نور الدين أبو الحسن المتبولي القاهري الحنبلي، ولي إفتاء الحنابلة بالقاهرة، توفي سنة 861 هـ "الضوء اللامع" 6/ 16، "شذرات الذهب" 7/ 300.

ص: 16

مع والدِهِ بالكامِلِيَّةِ عند شيخِنا، وسَمِعَ على جماعةٍ كثيرينَ: كالرَّشِيدِيِّ، والنَّسَّابَةِ بالكامِلِيَّةِ وغيرِها، وأخذَ عنِّي أشياءَ، وتناولَ مِنِّي "القولَ البَدِيعَ"، وقرأَهُ بالمدينةِ النبويةِ، وتلا للسَّبْعِ على الزَّينِ جَعْفَرَ السَّنْهُورِيِّ، وللنَّصْرِ إلى آخرِ القُرآنِ، وللفاتحةِ إلى {الْمُفْلِحُونَ} على التَّاجِ عبد المَلِكِ الطُّوخِيِّ

(1)

، والشِّهابِ السَّكَنْدَرِيِّ كُلُّهُم بالقاهِرَةِ، وإلى {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} على الشَّمْسِ مُحَمَّدِ بنِ يوسُفَ الدَّيرُوطِيِّ

(2)

بها، وإلى أَوَّلِ الأعرافِ على أبي الحسَنِ ابنِ يَفْتَحُ اللهُ، وقرأ في الفِقْهِ وغيره على المَحْيَوِيِّ ابنِ عبد الوارثِ

(3)

، وكذا أخذ عن القَرَافِيِّ ويحيى العَلَمِيِّ والسَّنْهُورِيِّ واللَّقَّانيِّ

(4)

في آخرينَ، منهم الشِّهَابُ الأُبَّدِيُّ، وشاركَ الأكابِرَ في الأخذِ عنه وعن كثيرينَ، ولازمَ أحمدَ ابنَ يُونُسَ في كثيرٍ من الفنونِ، وكانت له به مزيدُ اعتناءٍ، بِحيثُ إِنَّه لما تحوَّلَ لمصرَ القديمَةِ، لإقراء بَنِي ابنِ حُرَيزٍ بعدَ سفر والدِهِ لِقَضاءِ المدينةِ، ورأى الشَّيخُ منه التألُّم لكونه بِسَبَبِ ذلك تَشُقُّ عليه مُلازَمَتُهُ، فقال: بل أنا أتحوَّلُ معك لمصر، ثم فعلَ، وكذا الأمينيُّ الأقْصُرَائِيُّ، وكان يبيتُ عنده

(1)

عبد الملك بن حسين بن علي التاج أبو المكارم الطوخي الشافعي المقرئ، ممن كان يقصد للإقراء، توفي سنة 858 هـ "الضوء اللامع" 5/ 84.

(2)

محمد بن يوسف الشمس الديروطي الشافعي المقرئ، نسبة إلى ديروط قرية من قرى أسيوط من صعيد مصر، توفي سنة 864 هـ "الضوء اللامع" 10/ 89.

(3)

عبد القادر بن عبد الرحمن بن عبد الوارث، المحيوي أبو البركات المصري ثم الدمشقي، تولى قضاء المالكية بدمشق وتوفي بها سنة 874 هـ "الضوء اللامع" 4/ 296.

(4)

إبراهيم بن محمد بن محمد اللِّقانيُّ، برهان الدين أبو إسحاق، نسبة للقَّانةَ من الغربية بمصر، من كبار فقهاء المالكية، توفي سنة 896 هـ "الضوء اللامع" 1/ 161، "نظم العقيان" ص 29.

ص: 17

ويُقرؤُهُ في المبيتِ لجانبه شفقَةً وحُنُوًّا، وبالمدينةِ الشِّهابُ الأُبْشِيطِيُّ في الجَبْرِ والمقابَلَةِ والصَّرفِ والعربية والعَروضِ وغيرِها، وسَمِعَ بالمدينة على أبي الفَرَجِ المراغِيِّ، وأخذ عن التَّقِيِّ الحِصْنِيِّ في فنونٍ كالأصلينِ والمنطقِ والعربيةِ والمعاني، بل قرأ على العلاءِ الحِصْنِيِّ غالب "التَّلخِيصِ" وحضر دروسَهُ في غيرِ ذلك، وقبل هذا حَضَرَ دُروسَ العِزِّ عبد السلامِ البغداديِّ، وقرأ في الأصولِ على أبي العبَّاسِ الشَّريشِيِّ الحنفيِّ، ورَأَى ابنَ الهُمامِ قصدَهُ للزِّيارَةِ بالزاويةِ فكانَ كُلٌّ منهما حريصًا على تقبيلِ يَدِ الآخرِ لإِجْلالِ كُلٍّ منهما له، وتميَّزَ في الفضائِلِ، وأَذِنَ له القَرَافِيُّ فمَنْ بعده، وكذا الحسامُ بنُ حُرَيزٍ وأخوهُ وأكثرَ من التَّرَدُّدِ للقاهرَةِ، وزار في بعضِها القُدْسَ والخَليلَ، وكذا دخل الفَيُّومَ، ونابَ في القضاءِ بالقاهرَةِ، وأوقفَنِي على شرحٍ لأماكِنَ من "المختصرِ"

(1)

أكملَ منه من القضاءِ إلى آخرِ الكتابِ، وقُرِئَ عليه بالمدينةِ، وله نَظْمٌ ونَثْرٌ ومحاسِنُ، مع عَقْلٍ تَامٍّ ودُرْبَةٍ زائِدَةٍ وتَوَاضُعٍ وخِبْرَةٍ وحِرْصٍ.

ولَمَّا زادَ ضَعْفُ أبيه راسل يسأَلُ في استقرارِهِ عِوَضَهُ، وذلك في سنة اثنتين وتسعين فَأُجِيبَ، وكان كَلِمَةَ إجماعٍ في عقلِهِ وسِياسَتِهِ والإصلاحِ بين الأخصامِ بحيثُ لم أَرَ في المدينةِ أَمْتَنَ منه في ذلك، واستَرْوَحَ به شيخُ الخُدَّامِ شاهينُ الجَمَاليُّ مع تَوَجُّهِهِ للإقراءِ والإفادةِ، والمحافَظَة على السُّبُعِ، كلُّ ذلك بِتُؤَدَةٍ وسُكُونٍ، ولمَّا قَدِمَ عليهم زَرُّوقُ المغربيُّ -وهو في الفضائلِ سِيَّما التَّصَوُّفُ مُتَمَيِّزٌ- لازمه في إقرائِهِ لشرحهِ "لَطَائِفِ

(1)

أي "مختصر خليل" المتن المعتمد عند المالكية في الفقه.

ص: 18

الحِكَمِ"

(1)

وغيرِه، وهو أَحَدُ القضاةِ المطلوبينَ للقاهرة في سنة سِتٍّ وتسعين، ثم عادوا في التي تَلِيها مجبورِينَ محبورِينَ، كان الله له.

[أقولُ: واستَمَرَّ على جلالَتِهِ وعَظَمَتِهِ في وظيفَتِهِ حتى تعلل بطنه مدةً ومات في يوم الأربعاء تاسعَ عشرَ جمادى الأولى عامَ ثلاثةَ عشرَ وتسعَ مئةٍ، وصُلِّيَ عليه بالروضةِ الشريفةِ، ودُفِنَ بالبقيعِ، رحمه الله وإيانا، وولي القضاءَ بعدَهُ ولدُهُ

]

(2)

.

[3851] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، الشَّمْسُ البَسْكَرِيُّ، المغربِيُّ، المالكِيُّ، المُقِرئ

(3)

نَزِيلُ المدينةِ ومستَوطِنُها، وأخو أحمدَ الماضي (250)، ويعرَفُ بِالبَسْكَرِيِّ وبابنِ ثايرٍ. وُلِدَ بِبَسْكَرَةَ تقريبًا سنةَ خمسين أو بعدها، ونَشَأ بها فَحَفِظَ القرآنَ، ثم ارتحل قبل استكمالِ العشرينَ إلى نقاوسَ

(4)

، فنزل زاويةَ الشيخِ الوليِّ قاسمِ ابنِ مَذْكُورٍ

(5)

، وأخذ عنه الطريقَ وجَوَّدَ عنده القرآنَ، وحَفِظَ "الرسالةَ" و"مورِدَ الظَّمآنِ" للخَرَّازيِّ في عِلْمَيِ الرَّسْمِ والضَّبْطِ،

(1)

شرح على كتاب "الحكم العطائية" في التصوف لابن عطا الله السكندري المتوفى سنة 709 هـ، مخطوط، ينظر:"كشف الظنون" 675، "جامع الشروح والحواشي" 2/ 957.

(2)

ما بين المعقوفتين من زيادات جار الله ابن فهد.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 51، "إرشاد الغاوي" ص:1002.

(4)

مدينة تقع في شرق الجزائر بينها وبين بسكرة مرحلتان، انظر "الروض المعطار" ص:579.

(5)

لم أجد له ترجمة.

ص: 19

و"البَرِّيَّ" في التجويدِ

(1)

، و"الجَرُّوميَّةَ" في العربية، وبعضَ "الألفيةِ"، وتفهيمهما على أخي قاسِمٍ المذكورِ سليمانَ، ودام هناك أربعَ سنينَ، ثم ارتحل، ولَقِيَ بِقَفْصَةَ

(2)

عبد الوهابِ الطُّريفنِيَّ

(3)

، فتلا عليه واشتغل عنده، وبطرابُلْسَ أبا العبَّاسِ أحمدَ بنِ محمَّدِ الدَّهمانِيِّ

(4)

فأخذ عنه في الطريق، ودام عنده أربعَ سنين، وتحوَّلَ لمصرَ، واجتمعَ فيها بأبي المواهبِ ابنِ زغدانَ

(5)

، وأخذ عنه في التصوُّفِ، ثم أتى مكة بَحْرًا، ثم إلى المدينةِ فَقَطَنها، وتلا بها للسَّبْعِ إفرادا، وسَبْعًا على الشمسِ الشُّشْتَرِيِّ، ولِوَرْشٍ على الشَّمسِ المسْكِينِ، وتفَهَّمَ عليه "الشاطبيَّةَ" و"الألفِيَّةَ"، وكذا أقرأ بعضَ "الشاطبِيَّةِ" على خيرِ الدِّينِ السَّخاوِيِّ، ولازم والده الشَّمْسَ في الفقهِ والروايةِ، وعاد لمصر في سنةِ أربعٍ وثمانين، فتلا على الإخميميِّ للعَشْرِ، وتفهَّم معه "الشاطبيَّةَ" و"متن القطرِ" لابنِ هشامٍ، و"تصريفَ العِزِّيِّ" وشرحَ "بابِ وقفِ حمزةَ وهِشامٍ" لابنِ أُمِّ قاسِمٍ

(6)

، وسورةَ البقرَةِ للسَّبْعِ خاصَّةً على الزين الهيتَمِيِّ والشِّهابِ الصَّيرَفيِّ، وللعشرِ على جَعْفَرِ

(1)

"الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع" لابن برِّي، وهو مطبوع.

(2)

مدينة بتونس، انظر "معجم البلدان" 4/ 382.

(3)

لم أجده.

(4)

أحمد الدهماني القيرواني المغربي نزيل طرابلس. مات بالقاهرة في سنة 893 هـ "الضوء اللامع" 2/ 262.

(5)

هو محمد بن أحمد أبو المواهب التونسي، انظر ترجمته في "الضوء اللامع" 7/ 66.

(6)

الحسن بن قاسم بن عبد الله المرادي المصري، أبو محمد، بدر الدين، المعروف بابن أم قاسم: مفسر أديب، له مؤلفات، توفي بالمغرب سنة 749 هـ "الدرر الكامنة" 2/ 32. وكتابه هذا شرح على رسالة "باب وقف حمزة وهشام" لمحمد بن أحمد بن بضحان أبو عبد الله الدمشقي المقرئ المتوفى سنة 743 هـ "غاية النهاية" 2/ 57.

ص: 20

السَّنْهُورِيِّ والنُّوبِيِّ

(1)

، ثم رجعَ إلى المدينة، ثم بعد سنتينِ لمصرَ، فتلا بها للعَشْرِ على الزَّينيِّ زكريا بعضَ القرآنِ، وقرأ على الدِّيَمِيِّ بعضَ "البُخَارِيِّ"، وسمع عليه أشياءَ.

ثم رجع إلى المدينةِ، وبعد سنة عادَ لمصرَ، وذلك سنة خمس وتسعين، فلازم بها البرهانَ ابنَ أبي شريفٍ، وعبد الحَقِّ السُّنْباطِيَّ، وسليمانَ البَحِيرِيَّ

(2)

، وحسنَ الشُّورِيَّ

(3)

، والدِّيَمِيَّ؛ مشتغلًا في الفقه والرِّواية والأصول والعربية والقراءات وغيرها، ثم عاد بحرًا إلى المدينة، وأخذ عنِّي قبلَ ذلك وبعدَه بها الكثيرَ درايةً وروايةً، بل دخل دمشقَ في أثناء ذلك، وأخذ بها عن عبد النَّبِيِّ المغرَبِيِّ

(4)

في الأصلَينِ، وعكفَ بالمدينة على الاشتغالِ، وشاركَ في الفضائل سِيَّما القراءاتِ والجبرِ، بحيث لم يأنَفْ الأخذَ عمَّنْ يرى فضيلَتَهُ من الوارِدِين، ومنهم شَخْصٌ أعجمِيٌّ قرأ عليه "تلخيص المفتاح"، وأقرأ الطلبة "ألفيةَ النحو" غير مرة وحلَّقَ بأُخرَياتِ المسجِدِ.

(1)

محمد بن يعقوب الشمس أبو الفضل النوبي المقرئ، ولد سنة 848 هـ، ممن أخذ عن السخاوي ولم يؤرخ وفاته "الضوء اللامع" 10/ 78.

(2)

سليمان بن شعيب بن خضر البحيري ثم القاهري الأزهري المالكي، فقيه مالكي، ولد بعد سنة 836 هـ ولم يؤرخ السخاوي وفاته في "الضوء اللامع" 3/ 264.

(3)

حسن بن علي، البدر الشُّورِيُّ القاهري، عالم بالفقه والعربية، نسبة لشُورَى قرية بمصر، ولد 833 هـ ولم يؤرخ السخاوي وفاته "الضوء اللامع" 3/ 111.

(4)

عبد النبي بن محمد بن عبد النبي المغربيُّ المالكيُّ، عالم بالأصلين، ذكره السخاوي ولم يؤرخ ولادته ولا وفاته "الضوء اللامع" 5/ 90.

ص: 21

وممَّنْ كان يقرأُ عليه في القراءات قَانِمٌ الفقيهُ شيخُ الخُدَّامِ، ثم شَاهِينُ الجَمَاليُّ، وانتفع بِصُحبَةِ أوَّلِهما، وقد تلا عليه للسَّبعِ إلى {الْمُفْلِحُونَ} ، وأجاز له جميعُ المذكورينَ وكتبوا له، وكذا كتبتُ له (

)

(1)

، (وهو والدُ أبي البقاءِ وأبي الطَّيِّبِ)

(2)

.

[3852] مُحَمَّدٌ البدرُ ابنُ شيخِنا الشَّمْسِ مُحَمَّدِ بنِ إسماعيلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أحمدَ ابنِ يُوسُفَ العُمَرِيُّ، الونَائِيُّ الأصلِ، القاهريُّ، الشافعيُّ

(3)

سِبْطُ النُّورِ التِّلْوانِيِّ، له سُبْعٌ بها أحدثه في سنة تسعِ مئةٍ، وكان وُلِدَ بالقاهرة في ليلةِ الجمعة ثاني رمضانَ سنةَ تسعٍ وعشرين وثمانِ مئةٍ، ونشأ بها، فَحَفِظَ القرآنَ وصلَّى به التراويحَ في جامعِ الأقمر

(4)

، وحضر ختمَهُ شيخُنا، ثم حَفِظَ "الاهتمامَ"

(5)

و"التنبيهَ" و"تصحيحَهُ" للإسنويِّ، و"جمعَ الجوامِعِ" و"ألفيَّةَ الحديثِ" و"النحو"، وعرض على غيرِ واحِدٍ كشيخِنا، بل قرأ عليه "ألفيَّةَ الحديثِ"، والقاياتيِّ، والعَلَمِ البُلْقِينِيِّ، والجلالِ المحلِّيِّ، والسَّعدِ ابنِ الدَّيرِيِّ، والبدران العينيِّ وابنِ التِّنَّسِيِّ، وعُبادة

(6)

، وابن الهُمَامِ،

(1)

بياض بمقدار كلمتين، والسياق تام فيما يظهر.

(2)

ما بين القوسين كتب في الأصل بخطٍّ مغاير لخط الناسخ.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 53.

(4)

هو أحد مساجد القاهرة الفاطمية، بناه الوزير المأمون بن البطايحى بأمر من الخليفة الآمر بأحكام الله أبى علي منصور سنة 519 هـ. انظر:"المواعظ" للمقريزي 4/ 79.

(5)

"الاهتمام بتلخيص كتاب الإلمام" لقطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبي المتوفى سنة 735 هـ، وهو مختصر كتاب "الإلمام" لابن دقيق العيد في أحاديث الأحكام.

(6)

عبادة بن علي بن صالح الزين الأنصاري الزرزاري القاهري المالكي، فقيه، عرض عليه القضاء فامتنع، توفي سنة 846 هـ بالقاهرة "إنباء الغمر" 9/ 193، "الضوء اللامع" 4/ 16.

ص: 22

والعِزِّ البغدادِيّ وغيرِهم، واشتغلَ على أبيه، وبعده تَشَاغَلَ بالزِّراعةِ والمعاملات فيها وفي غيرِها، وتموَّلَ جِدًّا وصار مُشارًا إليه بحيث هدده الأشرفُ قايتباي وأخذ منه أكثرَ من عشرَةِ آلافِ دينارٍ، وهو عليُّ الهِمَّةِ، محبٌّ في الإطعامِ.

[3853] محمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إسماعيلَ بنِ يُوسُفَ بنِ عُثْمانَ بنِ عمادٍ

(1)

الشَّمْسُ ابنُ

(2)

العِمادِ الحَلَبِيُّ الأصلِ الحِجَازِيُّ المدنِيُّ المولدِ، المَكِيُّ، ثُمَّ القَاهِرِيُّ، الشَّافِعِيُّ

(3)

الماضي أبوه (3440)، ويعرَفُ بابنِ الحَلَبِيِّ وبابنِ أُخْتِ الغَرْسِ خليلٍ السَّخَاوِيِّ. وُلِدَ سنة تسع وتسعين وسبع مئة بالمدينةِ النبويةِ، ونشأ بمكةَ في كَنَفِ أبيه، فَحَفِظَ القرآنَ، وسمع على ابنِ صِدِّيقٍ "الأمالي والقراءةَ" لابني عَفَّانَ

(4)

، وقدمَ القاهرةَ، ووَلِيَ بها نظرَ دارِ الضَّرْبِ وقتًا، وسافر بِحِمْلِ الحرمينِ في بعض السنين، وصَحِبَ الظاهرَ جُقْمُقَ بانْضِمامه لخالِهِ وأثرى، وكان خَيِّرًا دَيِّنًا حَسَنَ الخَطِّ، منجمعًا عن الناس، مُدِيمًا للجماعةِ في سعيدِ السُّعداءِ وشهودِ السُّبْعِ بها غالبًا، وله بُستانٌ فيه مَنَظَرةٌ وأماكِنُ سُفْلِ قنطرة الحاجبِ، ولجماعَةٍ من الفُضَلاءِ إليه بعضُ التَّرَدُّدِ، كالشِّهاب

(1)

في الأصل: معاد، والتصويب من "الضوء".

(2)

في "الضوء": الشمس ابن الشمس ابن العماد.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 54.

(4)

"الأمالي والقراءة" من حديث الحسن بن علي بن علي بن عفان العامري المتوفى سنة 250 هـ، وأخيه محمد بن علي المتوفى سنة 277 هـ، وهو مطبوع.

ص: 23

التُّوتيِّ

(1)

، والعَلَمِ سليمانَ الحُوفيِّ

(2)

، وربما كان صاحبُ الترجمة يقرأُ عليه وعلى غيرِهِ، اجتمعتُ به في بستانِهِ، وسمِعْتُ منه من نَظْمِ والده شيئًا، بل قرأتُ عليه "الأمالي" المذكورَةَ، ومات في ربيعِ الأول سنة خمسٍ وخمسين وثمانِ مئةٍ، رحمه الله وإيانا.

[3854] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أبي بكرِ بنِ الحُسينِ بنِ عُمَرَ، أبو الرِّضَا ابنُ الجمال أبي اليُمْنِ ابنِ الزَّينِ العُثْمانِيُّ، المراغِيُّ الأصلِ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(3)

أخو حسينٍ الماضي (923) وأبوهُما (3454)، سَمِعَ على جَدِّهِ، وقُتِلَ مع أخيهِ وأبيهِما بِدَرْبِ الشَّامِ.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، الزَّينُ أبو بكرِ بنُ ناصِرِ الدِّينِ أبي الفَرَجِ المراغِيُّ

(4)

ابنُ عَمِّ الذي قبلَهُ، يأتي في "الكنى"(4783).

(1)

لم أجده.

(2)

سليمان بن عمر، علم الدين الحوفي القاهري الشافعي، شارك في الفضائل، توفي سنة 855 هـ "الضوء اللامع" 3/ 267.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 56.

(4)

"الضوء اللامع" 9/ 56.

ص: 24

[3855] مُحَمَّدٌ الشَّمْسُ والجمالُ أبو عبد الله وأبو نصرٍ الشَّافِعيُّ المُقْعَدُ

(1)

أخو الذي قبله. وُلِدَ في صفرٍ سنة أربعٍ وثلاثين وثمانِ مئةٍ بطيبةَ، ونشأ بها، فَحَفِظَ القرآنَ عند أبي بكرٍ المغرِبِيِّ

(2)

، وانتفع ببركتِهِ، بحيثُ إنه لم يحتَجْ إلى إعادةٍ، و"المنهاجينِ" الفَرعِيَّ والأصِليَّ، و"الجَرُّوميَّةَ"، و"ألفيةَ ابنِ مالكٍ" و"الشاطبيَّةَ" ونصفَ "ألفيةِ الحديثِ" الأَوَّلَ، وعرضَ على جماعةٍ كالمحبِّ المَطَرِيِّ وفتحِ الدين ابنِ صَالِحٍ والجمالِ ابنِ فَرحُونٍ والشَّمسِ محمَّد بن عبد العزيزِ وأبي الفَرَجِ بنِ الجمالِ الكَازَرُونِيَّينِ في آخَرِينَ منهم، مِمَّنْ لم يجز السَّيِّدُ عليٌّ شيخُ الباسِطِيَّةِ المَدَنِيَّةِ، وأجازَ له باستدعاءِ والدِهِ شيخُنا وجماعَةٌ، وباسْتِدْعاءِ ابنِ فَهْدٍ خَلْقٌ، وجوَّدَ القرآنَ على ابنِ عبد العزيزِ المشارِ إليه، بل تلاه بالسَّبْعِ على السَّيِّدِ إبراهيمَ الطَّبَاطِبِيِّ، وتفقَّهَ بالكازَرُونِيَّينِ، فَسَمِعَ على أَوَّلِهما ما عدا الرُّبْعَ الأوَّلَ من "الحاوي" بَحثًا، في سنة ثمان وأربعين بقراءةِ المُحِبِّ ابنِ أبي السعاداتِ ابنِ ظهيرَةَ، وكذا بَحَثَهُ هُو و"المنهاجَ" عند ثانِيهما، بل قرأ عليه أيضا "البخاريَّ"، بل أُحْضِرَ على والده الجمالِ الكازَرُونِيِّ في أثناء الرابعة، وأثناء الخامسة بعضَ "الصحيحينِ" و"ابنِ ماجَهْ" و"الشِّفَاءَ"، وكذا أخذ الفقهَ أيضًا مع العربيةِ عن أبي الفتحِ ابنِ تَّقِيٍّ، وأصولَ الفقه عن أبي السعاداتِ ابنِ ظهيرَةَ، وسَمِعَ عليه بحثَ "المنهاجِ الأصليِّ"، والأمينيِّ الأقصرائيِّ في سنةِ ثلاثٍ

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 56.

(2)

لم أجده.

ص: 25

وخمسينَ التي جاورَ منها بالمدينةِ نِصْفَها، قرأ عليه من أول "البيضاوِيِّ" إلى العامِّ والخاصِّ، وقرأ عليه "الشِّفَاءَ"، وسَمِعَ عليه "البخاريَّ" بقراءَةِ الشيخِ عليٍّ الدَّيرُوطِيِّ

(1)

وغيرِهِ، وأصولَ الدِّين عن ابنِ الهُمامِ في سنة سبعٍ وخمسينَ، بل سَمِعَ عليه في فقهِ الحَنَفِيَّةِ كلُّهم بالمدينة، ولازَمَ بها الشِّهابَ الإبْشِيطِيَّ في الفقهِ والعربيةِ والأصلينِ والفرائضِ والحسابِ وغيرها، وانتفع به كثيرًا، وكان يُجِلُّهُ وأباه كثيرًا، ويخضَعُ لهما إلى الغايةِ، ويحكي الشيخُ عنه كراماتٍ، ومِمَّا قرأَهُ عليه "المَنْسَكُ" لابنِ جماعَةٍ في سنة إحدى وستين، بل مرَّةً ثانيةً عليهِ بمشارَكَةِ أبيه، ولَبِسَ الخِرْقَةَ من الصَّدرِ العُكَّاشِيِّ الرُّواسِيِّ

(2)

، وقرأ على المُحِبِّ المَطَرِيِّ "البخاريَّ" مرَّتينِ وبعضَ "الشِّفاءِ"، وسَمِعَ عليه غيرَ ذلك، ولازمَ والِدَهُ من سنةِ خمسٍ وأربعين حتى مات بحيث قرأ عليه الكثيرَ جِدًّا، وسَمِعَ على عَمِّهِ الشَّرَفِ أبي الفَتْحِ "الشِّفاءَ" و"صحيحَ مُسْلمٍ" وأشياءَ وما تيسَّرَ له القراءَةُ عليه، وقرأ على التَّقِيِّ ابنِ فهدٍ بِمَكَّةَ يسيرًا من الكُتُبِ الكِبارِ والأجزاءِ القِصار، ومِن ذلك "الكُتُبُ السِّتَّةُ"، وتكرَّرَ أخذُهُ "للصَّحِيحينِ" عنه غير مرةٍ ما بين سماعٍ وقراءةٍ، "فالبخارِيِّ" أكثرَ من ثلاثينَ مَرَّةً، والآخرَ تسعَ مرارٍ، من مسنَدِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ من "مسنَدِ أحمدَ"، في أيام الثمان من ذي الحجة سنة أربع وستين بزيادة دار النَّدْوَةِ، وصار لِكَثْرَةِ ممارَسَتِهِ للسَّماعِ والقراءَةِ بارِعًا في

(1)

علي بن عبد الله، نور الدين البحيري الديروطي المالكي المقرئ، نزيل مكة عالم بالقراءات، توفي سنة 872 هـ "الضوء اللامع" 5/ 248.

(2)

محمد بن محمد الصدر بن الشمس الرواسي العكاشي الخراساني، من أهل التصوف، كان بمكة سنة 849 هـ "الضوء اللامع" 9/ 157، "نظم العقيان" ص 165.

ص: 26

أَلْفَاظِ الكُتُبِ الشَّهِيرَةِ، مُجِيدًا لِقِرَاءَتِها فصيحًا بِحيثُ كان ابنُ السَّيِّدِ عفيفِ الدين يُنِّوِهُ به في ذلك، وتَصدَّر بعد أبيه للإسماعِ، فكان يَقرأُ عليه مَن شاء الله من أهلِ بَلدِه والقادمينَ عليها، وهمْ مُتَّفِقونَ على وجَاهَتِه وجَلالتِه وخَيرِه ومَتانةِ عقْلِه، بحيثُ صَارَ مَرْجِعًا في مُهِمَّاتِهمْ وغَيرِهَا من أُمورِ المدينةِ، سِيَّما وآراؤه جَليلةٌ ومقاصدُه حسنةٌ جميلةٌ وتودُّدُه للفقراءِ والغرباءِ مُتزايد، وبذلهُ لما تحت يدِه من الكُتبِ وهو شيءٌ كثيرٌ لطَالِبِهِ من أهلِ البلدِ وغيرِهم منتشرٌ، وله في الحريقِ الواقعِ بِها اليدُ البيضاءُ، بل هِمَّتُه عليَّةٌ وبهجتُه جلِيَّةٌ مع نقصِ حركتِه، فإِنَّهُ من صِغَرِهِ عَرَضَ له عَارضٌ بِحيثُ أُقعِدَ حتى صارَ يمشي أَولًا على عُكَّازينِ، ثُمَّ بأَخَرَةٍ صار يُوضع على تِكَّةٍ لها بَكَرٌ يُسْحَبُ بِها إلى بابِ المسجدِ ويحمِلُهُ مِنْ ثَمَّ حَاملٌ إلى أُسْطَوانَةِ التَّوبةِ من الرَّوضةِ، فيجلِسُ بها أيامَ الجُمَعِ ونَحْوها، وكذا أشهرَ الحديثِ ونحوَ ذلك، وباقي الأيَّامِ في بيتِهِ، ولا يترُكُ مع ذلك الحجَّ في كُلِّ سنةٍ، وقدْ لقِيتُه مِرارًا بمكةَ ثُم بالمدينةِ في مجاورتي بها، وسَمِعَ منِّي أشياءَ معَ الجماعةِ بالرَّوضةِ وغيرها، وعَظُمَ اغْتبَاطُه بي، وهَمَّ بإبطالِ إِسماعِه حينَ إِقامتي، وصار يَحضُّ الناسَ على الأَخذِ عَني، ووَالى فضْلَهُ وتفقُّدَهُ بحيثُ اسْتَحْييتُ مِنه، وأضافني في مكانهمُ الشهيرِ من العوالي واسْتأْنسَ بي كثيرًا، وسمعتُ من لفْظِهِ ما نظَمهُ عمُّه الجمالُ أبو اليُمْنِ محمَّدٌ في آبارِ المدينةِ

(1)

،

(1)

والبيتان هما:

إذا رُمتَ آبار النّبِيِّ بطيبةٍ

فَعدَّتُها سبعٌ مقالًا بلا وَهنِ

أريسٌ وغُرسٌ رُومةٌ وبُضاعةٌ

كذا بُصَّةٌ قُل بِئرُ حاءٍ مع العِهنِ

[تقدم ذكر الأبيات في ترجمة محمد بن أبي بكر رقم (3486)]

ص: 27

حدَّث به عن أبيه عنهُ، وأَمرُهُ في جميعِ ما أشرتُ إليهِ يزيدُ على أَبيهِ، ولذَا كثرت ديونُهُ لِكَثْرةِ تَحمُّلِهِ ومُواساتهِ بخلافِ أبيه، وهو المؤنِّسُ للسِّيَّدِ السَّمهوديِّ حتى رَسختْ جِهاتُه بالمدينةِ، وكان يُنوِّهُ به ويرفعُ من جانبِه، وزوَّجهُ

(1)

أختَه بعد السَّيِّدِ علاءِ الدِّينِ ابنِ السَّيِّدِ عفيفِ الدِّينِ، ولم يزلْ على وَجَاهتِه حتى ماتَ في ضُحى يومِ الأحدِ مُنتصَفَ المُحرَّمِ سنةَ إِحدى وتسعين بعد تمَرُّضِهِ ثلاثةَ أيامٍ أُسكتَ مِنها نحوَ يومينِ، ولم يَخلُف بعده هُناك في مجموعهِ مِثلُه، وحصل الأسفُ على فقدِه، رحمه الله وإِيّانا.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ بنِ مِسْكينٍ

القاضي فخر الدِّينِ الفقيهُ الشافعيُّ، يأتي في مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ محمد بن مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ (3911).

[3856] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَينِ المَدَنِيُّ

رأيتُ بِخَطِّهِ الجَيِّدِ نسخةَ "المشارقِ" للصَّغانيِّ، فرَّغها في سنةِ تسعينَ وسبع مئةٍ.

[ ........ ]

‌ مُحَمَّدُ بن مُحَمَّدِ بنِ رُوزْبَه، التَّقِيُّ الكَازرونِيُّ

يأتي فيمَنْ جَدُّهُ: محمودُ بنُ إبراهيمَ (3922).

(1)

في الأصل: وزوجته.

ص: 28

[3857] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سِالمِ بنِ عَليِّ بنِ إبراهيمَ الضِّياءُ الحضرَمِيُّ الأصلِ المكيُّ

(1)

ويُعرفُ بابنِ سالمٍ.

مِمَّنْ سَمِعَ بالمدينةِ على الزُّبيرِ بنِ عَليٍّ الأُسْوانِيِّ "الشِّفاءَ"، وعلى الجمالِ المطريِّ وخالصٍ البهائِيِّ "الإتحافَ" لأبي اليُمنِ بنِ عَسَاكِرَ، وعلى عَلِيِّ بنِ عمرَ الحَجَّارِ عِدَّةَ أَجْزَاءَ، وكأنَّهُ جاوَرَ بها، وأجاز له عيسى الحَجِّيُّ، والزَّينُ الطبريُّ، والآقْشَهْرِيُّ، وحَدَّثَ بالقاهرةِ وكان استوطنها مُدَّةً، سَمِعَ منه عبد اللطيفِ الفاسِيُّ والكَلْوَتَاتِيُّ، وماتَ بها في شعبانَ سنةَ سبعٍ وثماني مئةٍ، ودُفن بتربةِ الصوفيَّةِ السَّعيديَّةِ، وقد بلغَ الثمانينَ أو جازَها، ذكرَهُ الفَاسِيُّ، وأدخلتُه هنا ظَنًّا.

[3858] مُحمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ سعيدِ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ الضِّياءُ الهِنْدِيُّ الصَّاغَانِيُّ الحَنَفِيُّ

(2)

نزيلُ المدينةِ ثم مكةَ، ووالدُ القاضِي الشِّهابِ أحمدَ ابنِ الضِّياءِ قاضي الحنفيَّةِ بمكة، كان يَدَّعِي أَنَّهُ من ذُرِّيَّةِ الصَّاغانِيِّ، وأَنَّ الصَّاغَانيَّ من ذُرِّيةِ عُمَرَ بنِ الخطابِ، فهو عُمَرِيٌّ صَاغَانِيٌّ، مِمَّن اشتغلَ في فنونٍ،

(1)

"إنباء الغمر" 5/ 270، و"الضوء اللامع" 9/ 83، و"العقد الثمين" ترجمة:396.

(2)

"شذرات الذهب" 6/ 268، "العقد الثمين" ترجمة رقم (397)، "ذيل التقييد" 1/ 422.

ص: 29

وفَضُلٍ في الفقهِ وأصولِهِ، والعربيَّةِ وأجادَها، مع سماعه بالقاهرةِ من البدرِ الفَارِقِيِّ، والقطبِ ابنِ مُكرَّمٍ، وبالمدينةِ من الجمالِ المَطَرِيِّ وولدِهِ العفيفِ، والعفيفِ الدِّلاصِيِّ، وأبي الحسن عليِّ بنِ عمرَ بنِ حمزةَ الحَجَّارِ، وأقامَ بالمدينةِ عِدَّةَ سنينَ يُدرِّسُ ويُفتِي مع تَعَانِي التِّجارَةِ واشتهارِهِ بكثرَةِ المالِ، بحيثُ كانَ السَّبَبُ في تحوُّلِهِ من المدينة النبويَّةِ أَنَّ أَمِيرَها جَمَّازًا طلبَ منه شيئًا فَامْتَنَعَ، فَسَجَنَهُ، ثُمَّ أَفرجَ عنه، واتَّفَقَ اجْتِماعُهُما بالمسجِدِ، فوَقَعَ من جَمَّازٍ كلامٌ في حَقِّ الشَّيخَينِ، فَكَفَّرَهُ الضِّياءُ، وقام من المجلِسِ فَتَغَيَّبَ وتوصَّلَ إلى يَنْبُعَ واستجارَ بأميرها أبي الغيثِ

(1)

، فأرسلَهُ إلى مِصرَ فَشَنَّع على جَمَّازٍ حتى أَمَرَ السُّلطانُ بِقَتْلِهِ، فَقُتِلَ، ونَهَبَ آلُهُ دارَ الضِّياءِ، فَتَحَوَّلَ إلى مكة وتَعَصَّبَ له يَلْبُغا، فقرر له درسًا للحنفيةِ في سنة ثلاثٍ وسِتِّينَ فباشَرَهُ.

واستَمَرَّ مُقِيمًا بمكةَ حتى مات في ذي الحجةِ سنةَ ثمانين وسبعِ مئةٍ، وقد جاز الثَّمانينَ، وخَلَّفَ تَرِكَةً كبيرةً، وكان عارفًا بالفقهِ والعربيةِ، شَدِيدً التَّعَصُّبِ للحنفيةِ، كثيرَ الوقيعة في الشافعيَّةِ، غفرَ الله لنا وله، ومِمَّنْ تَرْجَمَهُ بما أثْبَتُّهُ شَيخُنا في "إِنبائِه"

(2)

، وبَيَّضَ له في "دُرَرِهِ"

(3)

.

(1)

سعد بن أبي الغيث بن قتادة، أمير ينبع، وليها غير مرة، مات معزولًا سنة 804 هـ. "الضوء اللامع" 3/ 248.

(2)

"إنباء الغمر" 1/ 292.

(3)

"الدرر الكامنة" 4/ 177.

ص: 30

[3859] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلِ بنِ مَالِكِ بنِ سَهْلِ بنِ مَالِكِ ابنِ أَحْمَدَ بنِ إبراهيمَ بنِ مالكٍ، أبو القاسمِ ابنُ الوزيرِ أبي عبد الله الأَزْدِيُّ الأندلسيُّ، الغَرناطِيُّ، ثُمَّ المَدَنِيُّ، المِصْرِيُّ، المالِكِيُّ

(1)

وهو بِلَقَبِهِ أشهرُ.

قال ابنُ فرحون

(2)

: وُلِدَ في سنة اثنتين وستين وستِّ مئةٍ، كان من بيتِ الوزارر بالأندلس، فلما تُوُفِّي أبوه تَخَلَّى عن القُرْبِ من أهلِ الإمارةِ واشتغلَ بنفسه، ووَرِثَ مالًا كثيرًا، وكان يَقْتَاتُ به ويُنْفِقُ منه، ولا يأكلُ من غيرِهِ ولو عُرِضَ عليه، وصار من أربابِ القُلُوبِ وأصحابِ العوارفِ والمعارفِ والعُكُوفِ على العبادَةِ والخيرِ، وهو الشيخُ العالمُ الوَرِعُ الزاهدُ المُقْرئُ النَّحْوِيُّ المُتَفَنِّنُ المُحَدِّثُ الإمامُ الفَلَكِيُّ، صَحِبتُه فلم أَرَ أحدًا وصلَ إلى مقامِهِ في التَّوَجُّهِ والمحافظةِ على أوراده وصيامِهِ وقيامِهِ، مَعَ أنَّهُ مع ذلك رُحْلةٌ في الفقهِ، له يَدٌ طُولى في علمِ الهيئة، لم يَلْحَقْهُ فيها إلَّا القليلُ، وكان يُقْسِمُ لي بالله أَنَّهُ ما ازدادَ بعلمِها في الله إلَّا يَقينًا، وله مقاماتٌ لا يَصِلُ إليها

(3)

من أهلِ المجاهَدَةِ إلَّا من سَبقَتْ له العنايةُ الأزليَّةُ والمواهبُ العَلِيَّةُ، نزل مَعِي بِمِنىً وكان لا يترُكُ قيام الليلِ في سَفَرٍ ولا حَضَرٍ، فقام فى تلك الليلهَ بمنى على عادَتِهِ، فَلَمَّا أصبحَ طلبْتُ منه "مناسكَ الحَجِّ"

(1)

"معجم الشيوخ" للذهبي 2/ 272، "المغانم المطابة" 3/ 1288، "الدرر الكامنة" 4/ 178.

(2)

"نصيحة المشاور" ص 90.

(3)

في الأصل: "عليها".

ص: 31

لابنِ مَسْدِيٍّ

(1)

، لكونه يُبيِّنُ فيه المذاهِبَ كُلَّها، وكان لا يترُكُها إذا حَجَّ، وهي نسخةٌ عظيمةٌ بِخَطِّ أخي عليٍّ في مجلَّدٍ كبيرٍ لِأَكْشِفَ عن مسألَةٍ، فقال لي: والله سُرِقَت البَارِحَةَ هي والبُرْنُسُ والسَّيفُ، قلتُ له: وكيفَ هذا، قالَ: جاءَ السَّارِقُ من وراء المحارةِ وأنا في الصلاة أَنْظُرُ إليه فَهَمَّت نَفْسِي بِأَخْذِهِ أو الصِّياحِ عليه، فآثَرْتُ صلاتي، وقُلْتُ: دَعْهُ، فما أنا فيه خيرٌ مِمَّا يَفُوتُنِي منه، فَانْظُر إلى هذا المقامِ العظيمِ.

وأخبرَنِي أَنَّهُ اغتسل في منزلةٍ من منازلِ الحاجِّ بِاللَّيلِ فحلَّ حزامَهُ وكان فيه مالٌ عظيمٌ هو جُلُّ ما يَمْلِكُهُ، قال: فاشْتَغَلْتُ ونَسِيتُ حَتَّى رَحَلْتُ، ثُمَّ تَذَكَّرْتُ بعد مرحلةٍ، فحصلَ لي من الأَسَفِ والحُزْنِ على ذلك المالِ الحلالِ أمرٌ عظيمٌ، فما كان إلَّا قليلًا وإذا بِمُسْتَفْتٍ عن لُقَطَةٍ، فَقُلْتُ: في أيِّ شيءٍ هي؟، فقالَ: في حِزَامٍ، فَقُلْتُ له: هاتِها، فَهِي لي بِأَمَارَةِ كذا وكذا.

ماتَ بمصرَ سنة ثلاثين وسبعِ مئة، ورثاهُ أبو حَيَّانَ وغيرُهُ، وتَبِعَهُ المجدُ باختصارٍ

(2)

، فقال -بعد تصديرِ ترجمتِهِ بشيءٍ مما تَقَدَّمَ من أوصافِهِ-: إنَّهُ وَرِثَ من أبيهِ مالًا جزيلًا، فأعرَضَ عن الكُلِّ واسْتَصْحَبَ من أَصْلِ مالِهِ جملةً صالحةً، وكان يَقْتَاتُ منه ولا يأكُلُ من غيرِهِ أبدًا، ولا يُضِيفُ من

(1)

محمَّدُ بنُ يوسفَ بنِ موسى، ابنُ مَسديٍّ، الأزديُّ، المهلبيُّ، توفي بمكة سنة 663 هـ. وابن مسدي: بفتح الميم. ينظر: "تذكرة الحفاظ" 4/ 1448، وكتاب "مناسك الحج" لم أر من ذكره له، ولعله "المسند الغريب" الذي قال عنه الكتاني: جمع فيه مذاهب المتقدمين والمتأخرين، انظر:"الرسالة المستطرفة" ص: 82.

(2)

"المغانم المطابة" 3/ 1283.

ص: 32

الخَلْقِ أَحَدًا، وهو مُكِبٌّ على محافظةِ الوقتِ والتزامِهِ والمواظبةِ على صيامِهِ وقيامِهِ، ولُزومِ طريقِ الانقطاعِ، والانعزالِ عن الخلقِ وتركِ الاجتماعِ، خَصَّهُ الله بِمَواهِبَ عَلِيَّةٍ، وأَظهرَ عليهِ آثارَ العنايةِ الأزليَّةِ.

واقتصرا من نَسَبِهِ على مُحَمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ سهلِ بنِ مالِكِ بنِ سَهْلٍ، وما أَثْبَتْنَاهُ من الزِّيادَةِ بآخرِهِ وأَثْنائهِ وقعَ كذلكَ عند شيخِنا في "دُررهِ"

(1)

، ويتأيَّدُ بِحكايتِه في تَرْجَمَتِهِ أنَّ جَدَّهُ مُحَمَّدَ بنَ سهلٍ ماتَ سنةَ ثمانٍ وستينَ وخمس مئةٍ، وقال: ماتَ أبوهُ، وكانَ رئيسَ غرناطةَ سنةَ سبعين وهو صغيرٌ، فأخذَ عن أبوَي جعفرِ ابنِ الزُّبيرِ وابنِ الطَبَّاعِ والبهاءِ ابنِ النَّحاسِ والشَّرَفِ الدِّمياطيِّ وابنِ دقيقِ العيدِ وغيرِهم، واشتغلَ كثيرًا، ومالَ إلى مذهبِ الظَّاهِرِ، وحَجَّ في سنةِ سبعٍ وثمانينَ وستِّ مئةٍ، ثم قَدِم دمشقَ سنة عشرينَ، وقرأ على الحجَّارِ "صحيح البخاريِّ"، ثمّ حَجَّ وجاوَرَ، وكان قرأَ بالسبع في صِغَرِهِ على ابنِ أبي الأحوصِ

(2)

وأبي جعفرِ ابنِ الزُّبيرِ، وبَرَعَ في معرفةِ الاصطِرْلابِ، وكان وافِرَ الجلالةِ بِبَلَدِهِ، ويُلَقَّبُ بِالوزيرِ، ويَرْجِعُونَ إلى رأيهِ مَعَ وَرَعٍ وفضائلَ.

قال الذهبيُّ

(3)

: كان شيخًا وَقورًا لا يَتَعَمَّمُ بل كان يَتَطَيْلَسُ على طاقيةٍ، وقال القُطْبُ الحَلَبِيُّ: كان فاضِلًا عارفًا، له دِينٌ مَتِينٌ، ووَرَعٌ وزُهْدٌ

(1)

"الدرر الكامنة" 5/ 442.

(2)

يوسف بن الحسن بن عبد العزيز بن أبي الأحوص، ولد سنة 649 هـ، من أهل العلم، توفي سنة 705 هـ. "الدرر الكامنة" 4/ 452.

(3)

"الدرر الكامنة" 5/ 442 - 443.

ص: 33

بحيثُ لا يَقْبلُ لأحدٍ شيئًا، ويُكثِرُ التَّصَدُّقَ مما يأتيهِ من أملاكهِ بالمغربِ لكن سِرًّا، ولهُ في ذلك أَخْبارٌ، ووَصَفهُ ابنُ الخَطِيب بِالرِّياسةِ ومجالَسَةِ السُّلطانِ وملازمةِ التِّلاوةِ وتَفَقُّدِ أهلِ الخيرِ، وذَكَرَ أَنَّهُ كان فِيمَن تمالأَ على السُّلطانِ في سنةِ ثلاثَ عشرةَ، فلمَّا كانت النُّصْرَةُ له فَرُّوا وتَرَكُوا أموالهم، ثُمَّ لَطَفَ الله بأبي القاسِمِ فعادَ إلى وظيفَتِهِ، واستمَرَّ إلى أن بدَا لهُ، فَرَحَلَ إلى المشرقِ في سنة إحدى وعشرين وسبع مئة، وماتَ بمصرَ في رُجُوعهِ من الحجِّ في ثاني عشر المحرم سنة ثلاثينَ، وكان ذا فُنُونٍ، وله شِعرٌ، فمنه:

يا صاحبيَّ اعذُراني

(1)

في الهَوَى وسَلا

هل كُنْتُ مِمَّنْ رَأَى مَحْبُوبَهُ فَسَلا؟

أَبِيتُ والشَّوقُ يُبكِينِي

(2)

ويُحْرِقُنِي

كَأَنَّنِي الشَّمْعُ لما فَارَقَ العَسَلا

[3860] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحِ بنِ إسماعيلَ، الشَّمسُ ابنُ الشَّمسِ، أو التَّقِيُّ الكِنَانِيُّ، المَدَنِيُّ، الشَّافِعِيُّ

(3)

سبطُ البدرِ عبد الله بنِ مُحَمَّدِ بنِ فَرحون (2085)، وأخو ناصرِ الدِّينِ عبد الرَّحمنِ (2336)، ووالد عبد الوهَّابِ (2570) الماضِيَينِ، ويُعْرَفُ كأبيه بمابنِ صالح، وُلِدَ سنةَ سبعينَ وسبعِ مئةٍ بالمدينةِ، ونشأ بها، فَحَفِظَ القُرآنَ، وكُتُبًا في فُنُونٍ، وتلا بالسَّبْعِ أو بعضِها على والدِهِ، وأَذِن له في الإِقْرَاءِ،

(1)

في الأصل: "اعذرا بي"، والتصويب من "الدرر".

(2)

في الأصل: "ينكيني"، والتصويب من "الدرر".

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 86، "إتحاف الورى" 3/ 491.

ص: 34

وسَمِعَ على البدرِ ابنِ الخَشَّابِ قاضي المدينةِ وغيرِهِ، وقرأ في "البخاريِّ" على الشَّرَفِ أبي بكر في سنةِ خمسٍ وتسعين وسبع مئة، وأجازَ له جماعةٌ، وناب

(1)

عن أخيهِ في الحُكْمِ والخَطابةِ والإمامةِ بالمدينةِ، روى عنهُ ابنُهُ، وكان ذا نَباهةٍ في الفقهِ وغيرِه معَ خيرٍ وديانةٍ، قَدِمَ مكةَ غيرَ مَرَّةٍ للحَجِّ والعمرةِ، منها في المحرمِ سنةَ أربعَ عشرةَ، فَأَدركه أجلُهُ بها بعد قضاءِ نُسُكِهِ في أوَّلِ صفرِها ودُفِنَ بالمعلاةِ، وهو في الفاسيِّ

(2)

، وله ولدٌ آخرُ اسْمُهُ الشرفُ مُحَمَّدٌ، ذو وَلَدَينِ في الأحياءِ: عبد السلامِ وبَرَكاتٍ.

[3861] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ خليفٍ

(3)

أبو السِّيادَةِ، -ويسمَّى أيضًا: عبد الله- ابنُ القاضي الرَّضي أبي حامدٍ ابنِ العلَّامَةِ التَّقِيِّ، الأَنصارِيُّ، الخزرجِيُّ، المَطَرِيُّ، المَدَنِيُّ، الشَّافِعِيُّ

وباقي نَسَبِهِ في أبيه (3666)، وُلِدَ في يوم الأربعاءِ العشرين من ربيع الأول سنةَ ستٍّ وسبعينَ وسبع مئة كما قرأتُهُ بِخَطِّ أبيه، قالَ: ثُمَّ تُوُفِّي فى يومه.

[3862] محمدٌ المُحِبُّ

(4)

ورُبَّما لُقِّبَ بالعفيفِ وبالشَّمْسِ، أبو المعالي، أخو الذي قبلَهُ، وسِبْطُ الزينِ أبي بكرٍ المراغيِّ، ويعرَفُ بِالمَطَرِيِّ.

(1)

في الأصل: "ومات"، والتصويب من "الضوء".

(2)

"العقد الثمين" 2/ 293.

(3)

في الأصل: "خلف"، وهو خطأ، وانظر ترجمة والده (6/ 271)، و"الضوء" 9/ 101.

(4)

"الضوء اللامع" 9/ 101، "عنوان الزمان" للبقاعي 4/ 158.

ص: 35

وُلِدَ في رمضانَ سنةَ ثمانينَ وسبعِ مئةٍ بِطيبةَ، ونشأَ بها، فحَفِظَ القرآن و"العمدةَ" و"أربعي النَّووِيِّ" و"المنهاجَ" الفرعِيَّ والأصِليَّ، و"الجُمَلَ" للزجَّاجيِّ، وأكثرَ من نِصْفِ "التَّلخيصِ"، وعرضَ وتفقَّهَ بأبيهِ وجَدِّهِ لأُمِّهِ، والجمالِ ابنِ ظهيرةَ، والشمسِ البوصيريِّ، وأخذَ النحوَ عن أبيه، ويحيى التلمسانيِّ، والشمس المُعِيدِ المكيِّ، وبه انتفعَ، وسمِعَ ببلدِهِ من جَدَّيهِ، والجمالِ الأُميوطيِّ، والبرهانِ ابنِ فرحون، وعبد الواحد بن عمرَ بنِ عَيَّاذٍ، والعَلَمِ سليمان السَّقا، ويوسفِ ابنِ البَنَّا، ومحمدِ بنِ محمدِ بنِ محمدٍ الخَشَبِيِّ، والقاضي عليٍّ النويريِّ، والزينِ العراقِيِّ، والهيثميِّ في آخرينَ، منهم والدُهُ، سَمِعَ عليه بالحرمين، ومما سَمِعَهُ على الأميوطيِّ "جامعَ الترمذي" و"جزءَ ابن فارس" و"جزءَ الغضائريِّ" و"ثلاثيات البخاريِّ" وغيرها، وعلى الثلاثةِ بعده "الشِّفاءَ" وعلى اللَّذَينِ بعده "السنن الصغرى" للنَّسائِيِّ بفوت وغير ذلك، وعلى الزين العراقيِّ "جزءَهُ في قَصِّ الشَاربِ"، وأُحضِرَ في أواخِرِ سنةِ ثلاثٍ وثمانين على سعدِ الدينِ سعدِ الله الإسفرايينيِّ بقراءةِ أبيه بعضَ "سننِ أبي داود"، وسمعَ بمكةَ ابنَ صدِّيقٍ، والجمالَ ابن ظهيرةَ، والزَّينَ الطَّبريِّ وطائفةً، وحَجَّ أزيدَ من ثلاثينَ مرَّةً، ودخل القاهرةَ بعدَ سنةِ عشرٍ فَسَمِعَ بها على الجمالِ الحنبليِّ جملةً من "مسندِ أحمدَ"، وعلى الشَّرَفِ ابن الكُوَيكِ أكثرَ "صحيحِ مسلمٍ" بقراءَةِ شيخِنا، وزارَ بيتَ المقدسِ والخليلَ، وأجاز له التنوخيُّ، وابنُ الذهبيِّ، وابن العلائيِّ، وابن أبي المجدِ، والحلاويُّ، والسويداويُّ، والحرستانيُّ، والبلقينيُّ، وابنُ الملقِّنِ، والكمال الدميريُّ وآخرونَ، وخرَّج له صاحبنا

ص: 36

النجمُ ابنُ فهدٍ مشيخةً، وحدَّث بالكثر، وأكثر عنه الحُجَّاجُ ونحوهم، ومِمَّن أخذَ منه التقيُّ ابنُ فهدٍ، وابنُهُ النَّجْمُ، والكمالُ إمامُ الكامليةِ، والشمسُ الزعيفرينيُّ، والزينُ عبد الرؤوفِ بنُ عليٍّ القرشيُّ اليمنيُّ، وأبو عبد الله محمدُ ابن أبي بكر المغربيُّ الماحوزيُّ المصموديُّ

(1)

، وحسينٌ الفتحيُّ، وابنُ الشيخةِ، قرأ عليه "البخاريَّ" وغيرَهُ بالمدينةِ، وأكثرَ عنه الفتحيُّ، وقرأَ البدرُ البغدادي قاضي الحنابلة "الشفاءَ" في الروضةِ النبويَّةِ بحضرته، وسمعه الفضلاء وغيرهم في آخرينَ من أصحابنا كالشهابِ البيجوريِّ، قرأ عليه "البخاريَّ" حين كان مجاورًا بالمدينة، وكتبَ عنه البقاعيُّ ما كتبه من نظمهِ على الاستدعاءِ وهو قوله:

أَجَزْتُ لَكُمْ ما قَد رَويْتُ إجابَةً

لِرَغْبَتِكُم لَفْظًا على شَرْطِ أَهْلِهِ

لِتَروُوا الَّذِي أَرْوِي سَماعًا وغيرَهُ

وما صَحَّ لي إِذنُ الشُّيُوخ بِحَمْلِهِ

ولا بُدَّ مِن تَصْحِيح لَفْظٍ وضَبْطِهِ

صَوَابًا كما قَدْ أَلْزَمُونَا بِمِثْلِهِ

إلى المَطَرِي أُعْزى سُماءِي محمَّدٌ

أبو حامدٍ أَصْلي نُمِيتُ لِفَضْلِهِ

نُسِبْنا إلى الأَنْصَارِ فَاذْكُرْ شِعَارَهُم

وقَيسُ بنُ سعدٍ قد سَعِدْنا بأَصلِهِ

ووصفَهُ بِالثَّقَةِ الأمينِ، وأجاز لي، وكان إمامًا عالمًا مُدَرِّسًا ناظمًا، نابَ في القضاءِ والخطابةِ والإمامةِ والرياسةِ عن والدِهِ ثُمَّ تلقى الرياسةَ عنه، ولذا كان يَكْتُبُ: مُؤَذِّنُ الحرمِ الشريفِ النبويِّ، وكذا نابَ عن جَدِّهِ لأُمِّه، وأوردتُ في "المعجمِ" و"الوفياتِ" وغيرهما من نظمِهِ، ماتَ في ليلةِ السبتِ رابعَ عشري شعبان سنةَ ستٍّ وخمسينَ بطيبةَ، ودُفِن بالبقيعِ بعدَ

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 101.

ص: 37

الصلاةِ عليه بالروضةِ، ولم يخلُفْ بعدَهُ بها مثلُهُ رحمه الله وإيانا، وله ابنٌ يقالُ له: أبو الفضلِ، أجاز له شيخُنا في استدعاءٍ.

[3863] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ ابنِ عبد الرَّحمنِ بنِ سَعيدٍ، السَّيِّدُ العلامة أبو عبد الله الحَسَنِيُّ الإِدْرِيسِيُّ، الفاسِيُّ الأصلِ، المكيُّ

(1)

والدُ أبي الخير محمَّدٍ الآتي (3897)، أظنُّهُ ممَّن جاورَ بالمدينةَ مدةً، ففي كلام ابنِ فرحون أنَّهُ من شيوخِه

(2)

، وكذا أَخذَ عنه المحدِّثُ العِزُّ يوسفُ ابن الحسنِ الزرنديُّ، ومات قبلَه، وأبو محمَّدٍ عبد الله بنُ عمرانَ البسكريُّ وأبو محمَّدٍ عبد الله بنُ محمدٍ المرجانيُّ، ماتَ بالقاهرةِ في صفرَ سنةَ تسعَ عشرة وسبع مئة، ودُفِنَ بالقرافةِ عند تلميذِهِ الشيخ أبىِ محمدٍ عبد الله بنِ محمدِ بنِ أبىِ جمرةَ، وله من الأولادِ سوى أبي الخيرِ أبو المكارمِ أحمدُ وأمُّ الهدى فاطمةُ، أمُّهما شريفةُ ابنة محمدِ بن كاملِ بنِ يعسوبَ الحَسَنِيِّ، وأبو الحسن عليٌّ، وأبو الطاهر محمَّدٌ، أمُّهما ابنةٌ لسالمِ بن عليِّ بن إبراهيمَ اليمنيِّ الحضرميِّ، وأمُّ الحسن فاطمةُ (

)

(3)

.

(1)

"الدرر الكامنة" 4/ 181، "العقد الثمين" ترجمة رقم: 406، "الضوء اللامع" 9/ 104.

(2)

بل هو ابن شيخه، قال عنه ابن فرحون:"ابنُ سيدنا وشيخنا أبي عبد الله الفاسي" نصيحة المشاور 204، العقد الثمين: ترجمة رقم: 406.

(3)

بياض في الأصل بمقدار ثلاثة أسطر.

ص: 38

[3864] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أبي بكرٍ أبو الحَرَمِ ابنُ الجمالِ الصُّبَيبيُّ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(1)

أخو أحمدَ الماضي (261) وأبوهُما (3671)، وجَدُّ الشيخ محمَّدٍ بن فتحِ الدينِ ابنِ تَقِيٍّ لأُمِّهِ، قرأ "البخاريَّ" بالروضةِ على أبيه في سنة ستٍّ وثماني مئةٍ، وعلى الجمال الكازروني في سنةِ إحدى عشرة وبه انتفع، وكان صهرُهُ أبو الفتح ابن تقيٍّ يُرَجِّحُهُ على أخيه، ووُصِفَ بالفقيهِ الفاضلِ، وله نظمٌ رأيتُ منه "تخميسَ البردةِ" ومات (

)

(2)

.

[3865] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ محمَّدِ بنِ صالحِ بنِ إسماعيلَ الزَّكِيُّ ابنُ فتحِ الدين أبي الفَتْحِ ابنِ ناصِرِ الدِّينِ أبي التُّقى الكِنَانِيُّ، المصْرِيُّ الأصل، المَدَنِيُّ، الشافِعِيُّ

(3)

الماضي أبوه (3672) وجده (2336) وأبوه (3570)، ويُعرف كَسَلَفِهِ بابنِ صالحٍ. وُلدَ في رمضان سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وثماني مئة بطيبةَ، ونشأ فحَفِظَ القرآنَ و"الشاطبيةَ" و"المنهاجَ" و"جمعَ الجوامع" وعَرَضَها على جماعة،

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 102.

(2)

بياض في الأصل.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 102.

ص: 39

واشتغلَ قليلًا، وقرأَ على المناويِّ وغيره، واستقرَّ بعد أبيه في الخطابةِ والإمامةِ بالمسجدِ النبويِّ مع النظر عليه، وجُمعَ له معها القضاءُ حين سَفَرِ أخيه الصلاحيِّ لليمن سنة ثمانين، وبعد عمِّه الوُلَّوِيِّ محمَّدٍ الوظائِفَ كُلَّها، وكان قَدِم القاهرةَ في سنةِ خمسٍ وسبعينَ، وسافر منها إلى الرُّومِ، بل دخل القاهرةَ والرُّومَ قبلُ أيضًا، وكان وجيهًا عظيمَ الهِمَّةِ متودِّدًا للغرباء، اُغتيلَ في ليلةِ السبتِ ثالثَ عشري ذي الحجة سنة اثنتينِ وثمانين عندَ بابِ المسجِدِ النَّبوِيِّ على يد بعض العَيَاشى

(1)

بمعاونةِ جماعة منهم، لكونه حَكَمَ في الدَّارِ المأخوذةِ منهم، وفازَ بالشهادةِ، ولم يلبثْ أن مات قاتلُهُ بعد مصيرِهِ عبرةً لخُرَّاجٍ طَلعَ على قلْبِه، بل ماتَ قَبْلَه بعضُ من عاونَهُ في القتل، وعَمِيَ آخَرُ كان مِن رُؤُوسِهِم، وصاروا إلى أسوأ حالٍ، رحمه الله وعفا عنه.

[3866] مُحَمَّدٌ صلاحُ الدِّينِ ابنُ صالحٍ

(2)

أخو الذي قبله، وُلِدَ في سادسِ عشري رمضان سنةَ إحدى وأربعين وثماني مئة بالمدينةِ، ونشأَ بها فحَفِظَ القرآنَ وكتبًا، واشتغل وتلا فيها

(1)

العَيَاشَى: ويسمون: العياشية، من العوائل الشيعية بالمدينة المنورة كما سماهم السخاوي في ترجمة الشمس محمد بن يحيى الخشبي (3993)، ووقع تسميتهم عند ابن فرحون بالعبابية، ولعله تحريف، قال عنهم ابن فرحون: فِرقةٌ كَبيرةٌ مِن أولادِ المَدِينةِ، مِنْهُم يُوسُفُ الشُّرَيْشِيرُ شيخُ الشّيعةِ وفَقِيهُهُم، وَكَانَ جَدُّهُم مَغْرِبِيًّا سُنِّيًّا، تَزَوَّجَ مِن بناتِ المَدِينةِ وَمَاتَ عَن أولادٍ صغارٍ، فَنَشَؤُوا في مذهبِ أُمِّهِم، ثُمَّ كَثُرُوا وانْتَشَرُوا وتَمَذْهَبُوا بِمَذْهَبِ الشِّيعَةِ وغَلَوا فيهِ. "نصيحة المشاور" ص:174.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 103.

ص: 40

بالقراءاتِ على السَّيِّدِ الطَّباطِبِيِّ والشمسِ الشُّشتَرِيِّ، وفي اليمنِ على الفقيهِ محمَّدٍ المعروف بِبُدَيرٍ

(1)

-تصغير بدر- بلْ ولَقِيَ باليمن فقيهَهُ عمر الفَتَى سنة إحدى وثمانين، فأخذ عنه كثيرًا من تصانيفه أو سائرَها، وكذا من تصنيفِ شيخهِ ابن المقرئِ "الرَّوضَ"، مع "التمشيةِ"

(2)

عليه، ولازم الشهاب الإبشيطيَّ في الفقه وأصولِهِ والفرائضِ والعربيةِ، وأخذ في الفقه العربية عن التاج أحمد الخفريِّ الشيرازيِّ

(3)

أحد جماعة ابن الجزريِّ حين قدومه المدينةَ ونزولهِ عنده، وفيهما والأصولَ عن أبي الفتح ابن إسماعيلَ حين مجاورتِه عندهم، بل استجازَ له والده شيخَهُ ابنَ الهمامِ، وقال له وقد سأله على سبيل الإيناس له -وهو بحديقة الحَسَنِيَّةِ قِبْليَّ مسجِدِ قباءَ

(4)

- عن نخلةٍ حمراءَ ما اسْمها، فقال له: حِلِيَّةٌ، قال: فائتني بشيءٍ من ثَمَرها حتى أُفِيدَكَ بفائدةٍ في اسمها، فبادر وأحضرَ له قُفَّةً صغيرةً، فابتهج وقالَ: إنَّما اسمها حُليَوِيةٌ، فقُلِبَتِ الواوُ ياءً ثم أُدغمت الياءُ في أختِها

(5)

، وقرأ اليسيرَ من "شرحِ الورقاتِ" على مؤلِّفِهِ الكمالِ إمامِ الكاملية

(6)

، وبمكةَ وغيرِها عن

(1)

لم أجده.

(2)

"الرَّوضُ" لابن المقرئ مختصرُ "الروضةِ" للنووي في الفقه، و"التمشية" شرح على "الروض" لابن المقرئ أيضًا.

(3)

لم أجده.

(4)

قال ابن كبريت في "الجواهر الثمينة" ص: 183: ومن محاسِنِ قُباءَ: الحَسَنِيَّةُ، وهي في شرقي المسجد: حديقة حسناء أنيقة غناء جامعة بين العمارة والنضارة، رياضها زاهية زاهرة، وحياضها باهية باهرة، قد عذب ينبوعها، وأشرقت ربوعها، ورق فيها النسيم، وتأرج بها الشميم.

(5)

في هامش الأصل بخط عبد القادر الأنصاري: لعلها حُلَيوَةٌ تصغيرُ حُلوَةٌ، يُقالُ: هذا حُلوٌ وهذه حلوةٌ.

(6)

"شرح الورقات" في أصول الفقه، لإمام الكاملية المتوفى سنة 874 هـ، وهو مطبوع.

ص: 41

الشمس الجوجريِّ، بل حضرَ بالقاهرةِ في سنة إحدى وستين جملةً من دروس العلم البلقينيِّ والمناويِّ والمحليِّ، ومما أخذه عنه في شرحه على "المنهاجِ" مع النَّجْمَيِّ ابنِ حَجِّي ويحيى الدِّماطيِّ، وكذا سمع بها على السَّيِّدِ النَّسَّابةِ مصاحبًا للشمس ابن القَصبِيِّ المستقِرِّ في قضاءِ المالكيةِ بالمدينةِ، بعد وتكرر دخوله للقاهرة بعدها، وقرأ في بعض قَدْمَاتِه على الفخرِ الدِّيَمِيِّ، وكان في ثلاثةٍ منها مطلوبًا، وتحصَّلَ له تمام الجبرِ

(1)

والفضلِ، بحيث خطب مسؤولًا بجامعِ الأزهر وأَمَّ بالملك مسؤولًا في صلاةِ المغرب، وكذا دخل الشام ولقي فيها حميد الدين الفرغانيَّ

(2)

وحضر عنده، وبيتَ المقدِسِ وسمع فيهِ على التقيِّ أبي بكرٍ القلقشنديَّ، وسمع بمكةَ على أبي الفتح، وبالمدينةِ على أخيه أبي الفرج المراغِيَّينِ، وقرأ على والده القاضي فتح الدين "الشِّفاءَ" و"الشمائلَ"، وأجازَ له الخمسةُ الأوَّلُونَ بالإقراءِ، زاد الخامسُ: وبالإفتاءِ، بل حضر عنده في دروسِهِ، وخطبَ ببيتِ المقدس والخليل، وأمَّ بالأقصى، واستقلَّ بقضاءِ المدينةِ بعد استعفاء عَمِّهِ الوُلَّوِيِّ محمدٍ، وكذا بالنظرِ على المسجدِ النبويِّ الحرامِ عِوَضًا عن أخيه الزكيِّ الماضي وشاركَ بَقِيَّةَ إِخوته وولدَهُ في الخطابةِ والإمامة، ولكن تَوَكَّدَ أخوهُ البرهانيُّ في الإمامة (

)

(3)

، هذا يستخلفُ فيها من غيرُهُ أولى منه ويخطبُ هو جمعةً

(1)

في "الضوء": الخير.

(2)

محمد بن أحمد بن محمد، أبو المعالي بن التاج، البغدادي الأصل، الفرغاني، الدمشقي، الحنفي ويعرف بحميد الدين، ولد سنة 805 هـ بتبريز ونشأ ببغداد وتعلم بها، عالم مشارك، له مصنفات، توفي سنة 867 هـ بدمشق. "الضوء اللامع" 7/ 46، و"إنباء الغمر" 2/ 69.

(3)

غير واضحة.

ص: 42

والبرهانُ أخرى، وكذا تعطَّلت مُباشَرَةُ (

)

(1)

الناصريُّ ابن أخيه الزكيُّ بما يطولُ شرحُهُ، وقرَّرَهُ الأمير خيرُ بك من جديدٍ في تدريس الشافعية من دروسه بعدَ الشمسيِّ ابن الخطيبِ الرَّيِّسِ، وجلسَ بالمسجدِ للإقراء والروايةِ، ولما كُنتُ بالمدينةِ سمعَ مني أشياءَ، بل رام القراءة عليَّ في المجاورةِ الأولى فما تَهَيَّأَ، وكذا قرأَ على السَّيِّدِ السمهوديِّ حين قدومه المدينة، ثم باينه مرَّةً بعد أخرى، وسمعتُ خطابتَه وصليتُ خلفَه وحَمِدتُ عقله

(2)

تودُّدَهُ واحتمالَه وتواضعَه حسبما شاهدتُه، وإن رأيتُ من يخالِفُني، وحُسْنَ أدائِه في المحراب وصوتَهُ الطَّرِيَّ، وربما يكون في مَرَّةٍ أطيبَ منه في أخرى، وإن كان أخوهُ أخْطَبَ، وقد تقارضا وما تهيأ لي التوفيقُ بينهما وذلك من قبله أشدَّ.

[أقول: واستمرَّ متوليًا لوظائفهِ مع مباشرةٍ (

)]

(3)

.

[3867] مُحَمَّدٌ المجدُ ابنُ صالحٍ

(4)

أخو الأوَّليْنِ قبلَهُ. وُلِدَ سنةَ إِحدى وخمسينَ وثماني مئة بالمدينةِ، وحَفِظَ القرآنَ و"أربعي النوويِّ" و"منهاجَه" و"ألفيةَ النحوِ"، وعرضَ على أَبويْ الفرج الكازرونيِّ والمراغيّ، وجوَّدَ القرآنَ على ابن شرف الدين الششتريِّ،

(1)

غير واضحة.

(2)

غير واضحة في الأصل والمثبت من الضوء اللامع.

(3)

ما بعده في الأصل غير واضح، وهو زيادة من الناسخ.

(4)

"الضوء اللامع" 9/ 106، إرشاد الغاوي 1005.

ص: 43

وشاركَ بعدَ اغتيالِ أخيه الزكيِّ إِخْوَته وولده في الخطابةِ والإمامةِ، وباشرَ ذلك فأَجاد، وقرأَ على شقيقه صلاح الدين "البخاريَّ"، وقدمَ القاهرةَ والشامَ، وجالَ وتكرَّرَ دخولُه الرُّومَ، وفي آخرِ قَدْماتِه لها قَطنَها مدةً، ورُزِقَ بها أولادًا من مستولدةٍ تجدَّدت له هناك، ويقالُ إنّه أَمَّ هناكَ وخَطَبَ، ثمّ عادَ وسمعَ مني بالمدينةِ في المجاورةِ الأولى، وكان بالشامِ حين كوني بطيبةَ في المجاورةِ الثانية سنةَ ثمانٍ وتسعين، فلم يلبثْ أن رجعَ في موسمها، واستمَرَّ إلى أن رأيتُه بها في مجاورتي سنةَ اثنتينِ وتسعينَ، وصليتُ خلفَه في أيامِ نوبتِهِ، ولا بأس بصوته.

[أقول: وبعد

]

(1)

.

[3868] محمَّدٌ الشَّمْسُ ابنُ صالحٍ

(2)

أخو الثلاثةِ قبلَه، شاركَ إِخوته وولَدَ أَخيه أيضًا بعد اغتيالِ أخيه، ولم يباشرْ ذلك، ودخل الشامَ ومصرَ والرُّومَ واليمنَ وغيرَها، وكان ذكيًا شهمًا كريمًا ساكنًا متوجِّهًا لمحاكاةِ العربِ بحملِ السلاحِ وركوبِ الخيلِ.

صاهرَه الفاضلُ مسعودٌ المغربيُّ على ابنتِه مُباركةَ، فَحمِدَ مُصاهرَتَهُ وأَكثرَ من الثناءِ عليه عندي، ومات عندَ قُدومِه من بلادِ الشرقِ بتحريكِ فَتْقٍ كان به، لكونه ساقَ فَرسَه خَلفَ أرنبٍ فاسترخى حتى نزل في كيسِه

(1)

زيادة من الحافظ جار الله ابن فهد غير واضحة.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 104.

ص: 44

بحيثُ صرَّح بإدراكهِ نُزول أمعائِه لأُنْثَييهِ، وما تمَّ يومَه حتى ماتَ في صفرَ سنةَ إِحدى وتسعينَ بطيبةَ عنْ بضعٍ وأربعينَ سنة، وترك أبا القاسم رجلًا له أولاد، منهم أبو السعود.

[3869] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد السلامِ بنِ مُحَمَّدِ بن رُوزْبَه، فتحُ الدِّينِ أبو الفَتْحِ ابنُ التَّقِيِّ الكَازَرُونيُّ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(1)

والدُ الشمس محمَّدٍ الآتي (3899)، ويعرفُ بابنِ تَقِيٍّ لَقبِ أَبيهِ، وُلِدَ في سنةِ ثلاثَ عشرة وثماني مئةَ بطيبةَ، ونشأَ بها فحَفِظَ القرآنَ وكُتبًا، وأخذَ عن قريبهِ الجمالِ الكازرونيِّ في الفقهِ والعربيةِ وغيرِهما، حتى قرأَ عليه "البخاريَّ"، وعن أبي السعادات ابن ظهيرةَ "المنهاجَ الأصليَّ" بحثًا، ووصَفه بالعلامةِ، وأثنى عليه، وأنه تشرَّفَ بحضوره واستضَاء بنُورِه، وحضرَ وهو في الثالثةِ على الزين أبي بكر المراغيَّ بعضَ "الصحيحِ"، ثم سمعَ على ولديه أبي الفتح وأبي الفرج، بل قرأَ على أَوَّلهِما "البخاريَّ" في آخرين، وأجازَ له الشَّرفُ ابنُ المقرئِ، ودخلَ القاهرةَ غيرَ مرةٍ، وأخذَ بها عن شيْخِنا، ومنْ ذلكَ في سنةِ خمسينَ بعضَ "لسانِ الميزان"، وعن المناويِّ وجماعةٍ، وبرعَ في الفقهِ والعربيةِ وغيرِهما، وتصدَّى للإقراءِ فانتفعَ به الطلبةُ، واختَصَّ بالشهابِ الإبشيطيِّ، بل قرأَ عليه كثيرًا، ماتَ في سادسِ عشري رمضانَ سنةَ سبعٍ وسبعينَ بعدَ أنْ أصابه فالجٌ من أوَّلِ السنة، رحمه الله وإيانا.

(1)

"الضوء اللامع" 6/ 104، الجواهر والدُرر 3/ 1159 - 1160.

ص: 45

[3870] مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عبد الله بنِ إبراهيمَ، الشَّمْسُ ابنُ الشَّمْسِ المَسْوفِيُّ الأصلِ، المدنيُّ المالِكِيُّ

(1)

الماضي أبوه، وُلِدَ في أوَّلِ ذي القعدة سنةَ تسعٍ وخمسينَ وثماني مئة بالمدينةِ، وحَفِظَ بها القرآنَ و"الرسالةَ الفَرْعِيَّةَ" و"الجَرُّوميةَ" و"ألفيةَ ابن مالك" وغيرَها، وعرضَ واشتغلَ يسيرًا، وفَضُلَ ونَظَمَ، وسافرَ إلى الشامِ وحَلَبٍ وماردينَ إلى الرُّها

(2)

، ثمَّ رجعَ وماتَ بها في جمادى الأولى سنةَ خمسٍ وثمانينَ في حياةِ أبيه عوَّضهما الله الجنةَ، ومِنْ نَظْمِهِ مما كَتبه لي أبوهُ بِخَطِّهِ وأنشدَهُ بِحَضْرَتي مبالغًا فيما كتَبَهُ في الوصفِ، حيثُ قالَ امتثالًا لمسئلةِ سَيِّدِنا وشيخِنا شيخِ الإسلام والمسلمين

إلى آخرِ ما كتَبَ من الأوصافِ:

بِجَاهِ النَّبِيِّ المصطفى أَتَوَسَّل

إلى الله فِيما أَبْتَغِي وأُؤَمِّلُ

(3)

وأَقْصِدُ بَابَ الهاشِمِيِّ مُحَمَّدٍ

وفي كُلِّ حاجَاتي عليهِ أُعَوِّلُ

حَلَلْتُ حِمَى مَنْ لا يُضَامُ نَزِيلُهُ

فَعَنْهُ مَدَى مَا دُمْتُ لا أَتَحَوَّلُ

إذا مَسَّني ضَيْمٌ أُنَوِّهُ بِاسْمِهِ

فَيَدْفَعُ ذاكَ الضَّيْمَ عَنِّي ويَنْقُلُ

أقولُ: حَبيبي يا مُحَمَّدُ سَيِّدي

مَلاذِي عِياذِي مَنْ بِهِ أَتَوَصَّلُ

عَسَى نَفْحَةٌ يا سيِّدَ الخَلْقِ أَهْتَدِي

بها مِن ضَلالي إِنَّنِي مُتَعَطِّلُ

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 115.

(2)

الرُّها: مدينة بين الموصل والشام، من أقدم المدن اليونانية، وهي اليوم في تركية واسمها (أورفة). "معجم البلدان" 3/ 120، "الأماكن للحازمي 489".

(3)

تقدم التعليق على التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 46

فَخُذْ بِيَدِي وامْنُنْ عَلَيَّ تَفَضُّلًا

فَأَنْتَ حَلِيمٌ ماجِدٌ مُتَفَضِّلُ

غِيَاثٌ لملْهُوفٍ أَمَانٌ لخِائِفٍ

وجُودُك مَبْذُولٌ لمَنْ جَاءَ يَسْألُ

نَزِيلُكَ في أَمْنٍ وعِزٍّ ومَنْعَةٍ

عليهِ مَدَى أَيَّامِهِ السَّعْدُ مُقْبِلُ

فَذَاكَ حَبِيبُ الله أمِّي ووَالِدِي

وأَهلي ونَفْسِي -ثُمَّ مَاليَ مُجْمِلُ

إذا كُنْتَ لي يا مُنْيَةَ القَلْبِ شَافِعًا

فَخَوفِي بِأَمْنٍ في القِيامَةِ يُبْدَلُ

ألا يا إِمَامَ الأَنْبِياءِ جَمِيعِهم

أَغث مُذنبًا جَانٍ أَتَى مُتَطَفِّلُ

عليهِ ذُنوبٌ لا يُطِيقُ لحمْلِها

وقَدْ جَاءَ باكٍ خاضِعٌ مُتَذِلِّلُ

عسَى الله يَمْحُوها بِجَاهِكَ سَيّدِي

ويُلْهِمُنِي التَّوفِيقَ كي لا أُبَدِّلُ

عصيتُ وها قد جئتُ لله تائبًا

عسى توبتي من فضلِ مولايَ تُقْبَلُ

إلهِيَ عَامِلْني بما أنتَ أهلُهُ

وسامحْنِ في قَولي وما كنتُ أَفْعَلُ

بِكَ أحْسَنْتُ ظَنّي يا مُغيثُ فَنَجِّنِي

وهَبْ لي يا مولايَ في الخُلْدِ مَنْزِلُ

وصَلِّ على الهادي الحبيبِ مُحَمَّدٍ

وسَلِّم مَدَى الأيَّام ما ناحَ بُلْبُلُ

صلاةً تَعُمُّ الآلَ والصَّحْبَ كُلَّهُم

تَفُوقُ على كُلِّ الصَّلاةِ وتَفْضُلُ

وإتمامُ قَولي كالَّذِي قُلتُ أَوَّلًا

بجاهِ النَّبِيِّ المُصطَفَى أَتَوسَّلُ

[3871] محمدُ بنُ محمَّدِ بنِ عبد الله بنِ أبي القَاسِمِ فَرحونِ بنِ محمدِ بنِ فرحُونٍ ناصرُ الدِّين ومحبُّ الدِّين أبو البركاتِ ابن المُحِبِّ أبي عبد الله بن البدرِ أبي محمَّدٍ اليعمريُّ الأصلِ، المدنيُّ، قاضيها المالكيُّ

(1)

أخو البدرِ عبد الله الماضي (2085)، ويعرَفُ كَسَلَفِهِ بابنِ فَرحونٍ. وُلِدَ بالمدينةِ ونَشَأَ بها، وسَمِعَ على أهلها، ومنهم بِأَخَرةٍ الزينُ أبو بكر المراغيُّ، وأجازَ له في سنةِ أربعٍ وسبعينَ فما بعدها الصَّلاحُ ابنُ أبي عُمَرَ،

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 127.

ص: 47

وابن أُمَيلةَ، وابن الهبلِ، ومحمدُ بنُ الحسنِ بن عمارٍ، والأذرِعيُّ، والكمالُ بنُ حبيبٍ، وأخوه حسينٌ، والشمسُ ابن قاضي شهبةَ، ومحمَّدُ ابنُ عبد الله بن عبد الباقي وآخرونَ، ووَلِيَ قضاءَ المدينةِ بعد قريبهِ أبي اليُمنِ محمَّدِ ابن البرهانِ ابن فرحون، وكذا بعد عزلِ قريبهِ الآخرِ أبي القاسم بن أبي العباسِ، ولم يتحاشَ عن النيابةِ عنه بعد تلبُّسِهِ بالقضاءِ الأكبرِ، وكان عالمًا فاضلًا بشوشًا حَسَنَ المحاضَرَةِ، أجازَ للتَّقِيِّ ابن فهدٍ ووَلَدَيهِ وكذا لأبي الفَرَجِ المراغيِّ حينَ عرضَ عليه، ومات وهو على القضاءِ في المحرَّمِ سنةَ اثنتين وعشرينَ وثماني مئةٍ بالمدينةِ، ودُفِنَ بالبقيعِ، واستَقَرَّ بعدَهُ أخُوه، أرَّخَهُ شيخُنا في "إنبائِهِ"

(1)

، وقال الفاسيُّ في "ذيلِ النُّبلاءِ": كان له قليلُ اشتغالٍ وتحصيلٍ.

[3872] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عبد الله الشَّمسُ البعدانيُّ العوفيُّ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(2)

ابنُ أختِ التاجِ عبد الوهابِ بنِ محمَّدِ بنِ صالحٍ (2570)، ووالدُ المحمَّدَينِ (3902)(3903) وعبد الوهابِ (2571) المذكورِين في محالِهِم، وأَحَدُ فَرَّاشِي المسجدِ النَّبَويِّ، ويعرَفُ بالعَوفيِّ لكونِ والِدِه تزوَّجَ فيهم، ويقالُ له أيضًا: ابنُ المسكينِ، وهو بها أشهَرُ. وُلِدَ في سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وثلاثينَ وثماني مئةٍ بالمدينةِ، وحَفِظَ القُرآنَ و"أربعي النوويِّ" و"الشاطبيَّةَ"

(1)

"إنباء الغمر" 7/ 370.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 129.

ص: 48

و"المنهاجَ الأصليَّ والفرعيَّ" و"جمعَ الجوامعِ" و"ألفيَّةَ النحوِ" و"التَّهذيبِ في المنطقِ" للتفتازانيِّ

(1)

، وعَرَضَ على جماعةٍ، وأخذ الفقهَ وغيرَهُ عن أبي الفرَجِ الكازرونيِّ، وقرأ على أبي الفتحِ المراغيِّ بِمَكَّةَ شرحَهُ على "المنهاجِ"، ولازم الشهابَ الإبْشِيطيِّ في الأصلينِ والعروضِ، فقرأ عليه بحثًا "جمعَ الجوامعِ" و"المنهاجَ الأصليَّ" و"شفاءَ الغليلِ في علمِ الخليلِ"

(2)

، بل قرأ عليه "المنهاجَ الفرعيَّ"، وأخذ أصولَ الفقهِ أيضًا عن الكمالِ إمامِ الكامليَّةِ، والعربيةَ والصَّرفَ عن السَّيِّدِ عليٍّ العَجَمِيِّ شيخِ الباسطيَّةِ المدنيَّةِ، والمنطقَ وغيرَهُ عن أبي يزيدَ

(3)

، ولازمَ أحمدَ بنَ يونُسَ المغربيَّ في فنونٍ، وتلا بالسَّبعِ على عليٍّ الدَّيرُوطِيِّ وابنِ الشرفِ الشُّشْتَرِيِّ، وقرأ على السَّيِّدِ الطَّباطِبِيِّ ولَبِسَ منه الخِرقَةَ، وسَمِعَ على المُحِبِّ المطرِيِّ وأبي الفتحِ وأبي الفَرَجِ المراغِيَّينِ، وأبي الفتحِ ابن صالحٍ بل سمِعَ في "البخاريِّ" على الجمالِ الكازرونيِّ في سنة سبعٍ وثلاثينَ "البخاريَّ" وغيرَهُ على خاله التاجِ في سنة سِتِّينَ وغيرِها، ومن شيوخِهِ أيضًا: ابنُ الهُمامِ، وبَرَعَ في العربيَّةِ والفرائِضِ والحسابِ، وشاركَ في الفقهِ وغيرهِ، وأَذِنَ له في الإقراءِ وتصدَّى للإقراءِ بالمسجِدِ، ومِمَّنْ قَرَأَ عليه ابنُهُ، والشَّمْسُ ابنُ زينِ الدِّينِ ابنِ القطَّانِ، وكان قائمًا بِوَظِيفَةِ الفِرَاشَةِ في المسجدِ النَّبَوِيِّ، وكذا في مسجِدِ قُبَاءَ مع بَوَابتِهِ والأذانِ

(1)

متن شهيرٌ في المنطق، للسعد التفتازاني 793 هـ، مطبوع قديمًا وعليه شروحٌ وحواشٍ كثيرة.

(2)

كتاب في العَروض لأمين الدين محمد بن علي المحلاوي المتوفى سنة 673 هـ، مخطوط، انظر:"فهارس مكتبة المدينة المنورة في ليدن" رقم (307).

(3)

محمد بن أبي يزيد بن طرباي حافظ الدين الحنفي، عالم مشارك، ذكره السخاوي ولم يؤرخ ولادته ولا وفاته. "الضوء اللامع" 10/ 77.

ص: 49

فيه وتَكَسُّبِهِ بالشهادَةِ وتميُّزِهِ فيها، وجَمَعَ في كُلٍّ من ختمِ "الصَّحِيحَينِ" و"الشِّفاءِ" و"المنهاجِ" وغيرِها أشياءَ غيرَ مُهِمَّةٍ، وكذا له نَظْمٌ غيرُ طائلٍ، فمنه مما هو أوَّلُ قصيدَةٍ:

اللهَ أَحْمَدُ في بَدْءٍ ومُخْتَتَمِ

على جوارِ مَلاذِ العُرْبِ والعَجَمِ

نُمْسِي ونُصْبِحُ نَسْعَى حولَ حجرته

والبِرُّ يَشْمَلُنا مِن ساكنِ الحَرَمِ

ورَوضُ جَنَّاتِ عَدنٍ قد أَبِيحَ لنا

ما بينَ مِنْبَرِهِ والقبرِ ذي الكَرَمِ

وكان خَيِّرًا، ماتَ بالمدينةِ في الحريقِ الشهيرِ شهيدًا في رمضانَ سنة سِتٍّ وثمانينَ، احتبَسَ الدُّخانُ في جوفِهِ فمكثَ أياما يسيرةً، ثُمَّ ماتَ، رحمه الله وإيانا.

[3873] محمَّدُ بن محمَّدِ بن عبد الوَهَّابِ بنِ عليِّ بنِ يوسفَ الشَّمسُ ابنُ فتحِ الدِّينِ أبي الفتحِ الأنصارِيُّ، الزَّرَنْدِيُّ، المَدَنِيُّ، الحَنَفِيُّ

(1)

أحَدُ الإِخوَةِ الخَمْسَةِ وأوَّلُهُم موتًا، ماتَ في أوَّلِ سنةِ ثلاثٍ وأربعينَ وثماني مئةٍ بالمدينةِ عن بِضعٍ وثلاثينَ سنةٍ، ولم يُعْقِبْ، بل لم يَتَزَوَّجْ.

[3874] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عَرَفَةَ أبو عبد الله التُّونِسِيُّ

أحَدُ أعيانِ أهلِها، ووالدُ العلَّامَةِ الوَرِعِ الزَّاهِدِ الشهيرِ أبي عبد الله مُحَمَّدٍ.

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 135.

ص: 50

قال ابنُ فرحون

(1)

: إنه كانَ من أصحابِنا الكبارِ الذين لهم وَرَعٌ ودِينٌ وصَلابَةٌ وتَفَنُّنٌ، وهو الشيخُ العارفُ المتعبد الوَرِعُ الزاهِدُ، كان من أصحابِ الوالدِ، ومِمَّنْ لم أَرَ أَحَدًا مِثْلَهُ في الاجتهادِ وتحرِّيهِ في العبادَةِ ومواظَبَتِهِ على الحَجِّ والزيارَةِ، لم يَزَلْ يَتَكَرَّرُ إلى المدينةِ من بَلَدِهِ رجاءَ أن تكونَ وفاتهُ بِأَحَدِ الحرَمَينِ، فكانَ كذلك، ماتَ بالمدينةِ في حدُودِ سنةِ ثمانٍ وأربَعِينَ وسبعِ مئةٍ، قال: وابنُهُ اليومَ في تُونُسَ عليهِ مدارُ الفُتيا والاشتغالِ في علومِ الكتابِ والسُّنَّةِ.

[ ...... ]

‌ مُحَمَّدُ بنُ محمَّدِ بن عليِّ بنِ إبراهيمَ بن حُريثٍ

يأتي بعد يسيرٍ بدونِ إبراهيمَ (3876).

[3875] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بن عليِّ بنِ أحمدَ بنِ أبي بكر بن إسماعيلَ بنِ أحمَدَ ابنِ عليِّ ابنِ إبراهيمَ، الشَّمسُ المُجَاهِدِيُّ الأيُّوبِيُّ

(2)

لكونِهِ من ذُرِّيَّةِ الصَّلاحِ يوسُفَ ابنِ أَيُّوبَ، ورُبَّما كَتَبَ: الصَّلاحِيُّ الأيوبيُّ الحَمَويُّ ثُمَّ الحَلَبِيُّ، الشَّافِعِيُّ الصُّوفيُّ، ويعرَفُ بابنِ الشَّمَّاعِ. وُلِدَ في مُسْتَهَلِّ سنة إحدى وتسعينَ وسبعِ مئةٍ بحماةَ، وانتقَلَ منها وهو صغيرٌ

(1)

"نصيحة المشاور" ص 126.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 142، "القبس الحاوي" 2/ 330 - 333.

ص: 51

معَ أبيه لمصرَ، فأقامَ بها، وحَفِظَ القُرآنَ و"التنبيهَ" والرُّبعَ الأَوَّلَ من "المُهَذَّبِ" كالنَّوَوَيِّ

(1)

، وحَضَرَ دُرُوسَ السِّراجِ البُلقِينِيِّ مع صِغَرِهِ، وتفقَّهَ بالبيجُورِيِّ والوليِّ العراقِيِّ، وأخذَ منطقَ "المختصرِ"

(2)

وغيره عن العِزِّ ابنِ جماعَةَ، ولازَمَ البِساطيَّ في كثيرٍ من الفنونِ، ولَقِيَ بحماةَ الجمالَ ابنَ خطيبِ المنصوريَّةِ

(3)

فأخذَ عنه أيضًا الفقهَ، وكذا الأصولَ والعربيَّةَ وأحدَهما أيضًا عن العلاءِ ابنِ المُعلّى

(4)

.

وصحب البرهانَ السِّلماسيَّ الشهيرَ بابنِ البقّالِ بالقاهرةِ

(5)

، وأخذ عنه طريقَ القَومِ، وذلك في رمضانَ سنةَ ثلاثٍ وثماني مئةٍ، وقال له: إنه أخذ بتبريزَ في سنة ثلاثٍ وأربعين وسبعِ مئةٍ عن الجمالِ عبد الله العجميِّ

(6)

شيخِ الشهابِ ابن الناصحِ

(7)

الذي قيلَ إنه عُمِّرَ مئةً وخمسةً وثمانين

(8)

(1)

ذكر السخاوي في "المنهل العذب الروي في ترجمة شيخ الإسلام النووي" ص 2: أن النووي حفظ ربع العبادات من "المهذب" للشيرازي.

(2)

هو مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه، أي: قرأ مقدمة "المختصر" وهي في علم المنطق.

(3)

يوسف بن الحسن بن محمد، الجمال الحموي الشافعي، ويعرف بابن خطيب المنصورية، ولد سنة 737 هـ بحماة، فقيه متفنن، له مؤلفات، توفي سنة 809 هـ "الضوء اللامع" 10/ 308.

(4)

ذكره السخاوي في الضوء ولم يترجم له "الضوء اللامع" 6/ 39.

(5)

إبراهيم السلماسي الصوفي، من مشايخ التصوف والزهد، ذكره السخاوي ولم يؤرخ وفاته "الضوء اللامع" 1/ 187.

(6)

لم أجده.

(7)

أحمد بن محمد بن محمد الشهاب أبو العباس المصري القرافي الشافعي الصوفي، من الصالحين المعتقدين، توفي سنة 804 هـ "إنباء الغمر" 5/ 30، "الضوء اللامع" 2/ 205.

(8)

في الأصل: "وثمانون".

ص: 52

سنة، وأنّ أوَّلَ شيءٍ دخل جوفَه ريقُ الشَّيخِ عبد القادرِ الكيلانيِّ

(1)

حيث حنَّكهُ وألبسه لمّا أتت به أُمُّه إليه، مما هو بعيدٌ عن الصِّحَّةِ حسبما بيَّنتُهُ في محلِّهِ، وكذا صَحِبَ صاحبُ الترجمةِ الزَّينِ الخوَّافيَّ وغيرَه من شيوخ الوقتِ، واجتمع بالعلاءِ البُخارِيِّ والتقيِّ الحِصنِيِّ يسيرًا، ولَبِسَ الخِرقَةَ وتلقَّن الذِّكر من سعد الدِّين الصُّوفيِّ

(2)

بلباسه لها من طريقِ ابن العربِيِّ، وسمع الحديثَ فيما ذكر على الوليِّ العراقيِّ والعِزِّ ابن جماعةَ وابنِ خلدونٍ، واستوطن حلبَ من سنةِ ثلاثين مُتَصَدِّيًا لتربية المريدين وإرشادِ القاصدين، حتى أخذ عنه جماعةٌ وصارت له فيها وجاهةٌ وجلالةٌ، ورسائلُ مقبولةٌ، ووسائِلُ محمولةٌ، وكنت مِمَّن لقيتُهُ بها فكتبتُ عنه من نظمِهِ قولَهُ:

صرفتُ عن الكثرات وجهَ تَوَجُّهي

إلى وحدِهِ الوجهِ الكريمِ المُمَجَّدِ

فما خابَ مصروفٌ إلى الحَقِّ وجهُهُ

وقد خابَ مَن أضحى مِن الخَلقِ يجتدي

وقولَهُ:

لو كنتُ أعلَمُ أنَّ وصلَكَ مُمكِنٌ

بِتَلافِ روحي أو ذهابِ وُجُودي

لمَحَوتُ سطري من صحيفَةِ عالمي

وهجَرتُ كوني في وِصالِ شُهُودي

وكذا أخذ عنه التَّاجُ ابنُ زهرَةَ الطَّرابُلسِيُّ

(3)

، وأنشدني عنه قولَهُ في

(1)

عبد القادر بن موسى بن عبد الله بن جنكي دوست، أبو محمد، محي الدين الجيلاني، أو الكيلاني، أو الجيلي مؤسس الطريقة القادرية، من كبار الزهاد والمتصوفين، قبره مشهور ببغداد، توفي سنة 561 هـ، "فوات الوفيات" 2/ 2. "شذرات الذهب" 4/ 198.

(2)

ذكره السخاوي ولم يؤرخ وفاته. "الضوء اللامع" 10/ 109.

(3)

عبد الرحيم بن محمد بن أحمد التاج الطرابلسي الحنفي القاضي، ولي القضاء والإفتاء بالقاهرة، توفي سنة 841 هـ. "الضوء اللامع" 4/ 183، و"شذرات الذهب" 7/ 239.

ص: 53

الوظائِفِ السَّبعَةِ التي ذكرها الغزاليُّ، ولم يُخلِها من كتبه الكلامِيَّةِ والصُّوفِيَّةِ:

تقديسُ إيمانٍ وعجزٌ فافهم

واسكت مُكِفًّا ثُمَّ أمسِك سَلِّم

وكان إمامًا علّامةً، فصيحًا طَلقَ اللِّسانِ، رائِقَ النَّظمِ والنَّثرِ، بديعَ الذَّكاءِ، حَسَنَ الأخلاقِ والمُعاشَرَةِ والشَّكالَةِ والبِزَّةِ، مُمتِعَ المُحاضَرَةِ، سريعَ الجوابِ، مُجيدًا لما يتكلَّمُ فيه، مُثريًا ذا مالٍ طائلٍ، مُنعَزِلًا عن الناس بِبيتِهِ، الذي أنَشأَهُ بِحَلَبَ، وهو من محاسِنِ بيوتِها، مُتَعفِّفًا عن وظائِفِ الفُقَهاءِ وما أشبهها، مُستغنيًا بأوصافِ المتاجِرِ، ذا يدٍ طولى في عِلمِ الكلامِ والفَلَكِ والحَرفِ والتَّصوُّفِ، ولكنه يُنسَبُ لمقالَةِ ابن العَرَبي، ولذا كان البلاطُنسِيُّ يَقَعُ فيه، مع أنِّي رأيتُ بِخَطِّهِ ما يَدُلُّ على التَّبَرِّي من ذلك، هذا مع أنَّه أورد بِسَنَدهِ بِلِباسِ الخِرقَةِ في إجازَةٍ كتبها للسَّيِّد العلاءِ ابنِ السَّيِّدِ عفيفٍ الدِّينِ من طريقِهِ، وقال ما نَصُّهُ: ومولانا الشَّيخُ محيي الدِّين المُشارِ إليه، لَبِسها مرارًا بحيثِ روينا عنه أنَّه لَبِسَ الخِرقَةَ، وتلقَّنَ الذِّكرَ، وتأدَّبَ بنحوٍ من سبعِ مئةِ شيخٍ من مشايخ الطريقَةِ وأئمَّةِ الحقيقةِ، وساق طَرَفًا من ذلك، فاللهُ أعلَمُ بحقيقةِ أمرِهِ. وقد حَجَّ غير مَرَّة، وجاور بِمَكَّةً بعد الثلاثينَ، ودخلَ الهندَ وساحَ، ورابطَ ببعضِ الثُّغورِ وقتًا. وشَرَحَ قطعةً من "الحاوي الصغير"، ومن "الإرشادِ" للقاضي أبي بكرٍ الباقلانيِّ في الأُصُولِ

(1)

، وشرحِ "البُرهانِيَّةِ" في أصولِ الدِّينِ.

(1)

كتاب "التقريب والإرشاد" في أصول الفقه للقاضي أبي بكر الباقلاني المتوفى سنة 403 هـ، مطبوع.

ص: 54

وأعرَبَ جميعَ "ألفيَّةِ ابنِ مالكٍ"، لأجلِ وَلَدِهِ أبي الطاهرِ، وعَمِلَ كتابًا في مُصطَلَحِ الصُّوفِيَّةِ سمَّاهُ "منشَأَ الأغاليطِ".

وأفرَدَ رِحلَتَهُ في مُجَلَّدٍ، وعقيدَتَهُ بالتَّأليفِ، وتبَرَّأَ فيها من كُلِّ ما يُخالِفُ السُّنَّةَ والجماعَةَ، ولم يزل على جلالَتِهِ إلى أن وَقَعَ بِحَلَبَ فَنَاءٌ عظيمٌ، تُوُفِّيَ فيه غالِبُ من عندَه من وَلَدٍ وأهلٍ وخَدَمٍ، فَأَسِفَ وتوجَّهَ إلى مكةَ بِنِيَّةِ المُجاوَرَةِ بها صُحبَةَ الرَّكبِ الحَلَبي.

ولَقِيَهُ العلاءُ ابنُ العفيفِ المُشارُ إليهِ بالشَّامِ وهو مُتوَعِّكٌ، فقال له: قد كنتُ عزمتُ على المُجاوَرَةِ بِمَكَّةَ، والآن وقع في خاطري مزيدُ الرَّغبَةِ في المجاورةِ بالمدينةِ النبويَّةِ، فكان ذلك، فإنَّهُ استمَرَّ في توعُّكِهِ إلى يومِ دُخولِهِ لها، وذلك في يوم الثلاثاءِ

(1)

العشرين من ذي القعدةِ سنةَ ثلاثٍ وسِتِّين، فمات ودُفِنَ بالبقيعِ بعد الصَّلاةِ عليه بالرَّوضَةِ النبوِيَّةِ رحمه الله وعفا عنه.

ورثاه زوجُ ابنتهِ الفاضلُ الأوحدُ جلالُ الدِّينِ ابنُ النَّصيبي

(2)

بقصيدةٍ مطلَعُها:

أخفاك يا شمس العلوم كسوفُ

من بعدِ فَقدِكِ ناظري مكفوفُ

(1)

في هامش الأصل بخط عبد القادر الأنصاري: قف على أن هذا يدل على أن دخول الحاج كان في ذلك اليوم.

(2)

محمد بن عمر بن محمد الجلال النصيبي الشافعي، فقيه متفنن، ولد بحلب سنة 851 هـ وتعلم بالقاهرة، وذكر السخاوي أنه التقى به سنة 895 هـ بالقاهرة ولم يؤرخ وفاته. "الضوء اللامع" 8/ 259.

ص: 55

[3876] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عليِّ بنِ حريثٍ، الإمامُ العلّامةُ أبو عبد الله القُرَشِيُّ، العبدرِيُّ، البَلَنسِيُّ، ثُمَّ السَّبتِيُّ

(1)

إمامُ جامِعِها وخطيبِها. وُلِدَ بها في ربيعٍ الأوَّلِ سنة إحدى وأربعين وسِتِّ مِئَةٍ، ونشأ بها وحَصَّلَ، وصار خطيبَها (

)

(2)

.

[3877] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بن عليِّ بن سُليمانَ بنِ وَهبانَ الشمسُ ابنُ الشَّمسِ المَدَنِيُّ المالِكِيُّ

(3)

وُلِدَ في شوالٍ سنة سبعٍ وخمسين بالمدينةِ، ومات أبوهُ وهو طِفلٌ، فكفلته أُمُّهُ، وهي من ذُرِّيَّةِ أبي العبَّاسِ التَّادِليِّ مع جدِّه لأبيهِ، وحَفِظَ القرآنَ و"الرِّسالَةَ" و"المُختَصَرَ" كلاهما في فُروعِهم، و"ألفيَّة النَّحو"، وقرأ على موسى الحاجِبي ويحيى الهوَّاريِّ وأحمدَ بنِ يونُسَ ومحمَّدٍ العربي

(4)

(1)

قال ابن فرحون: أقامَ بِالمَدْرَسَةِ الشِّهابيةِ في:

المَبْرَكِ هُوَ والشَّيخُ أَبُو عبد الله القَصْرِيُّ، كانا رَحِمَهُما اللهُ مُتَواخِيَينِ من عندِ شيخِهما الإمامِ العَلَّامَةِ أبي الحُسينِ عُبيَدِ الله بنِ أبي الرَّبيعِ، وعنهُ أَخَذَ الفِقْهَ والحديثَ. ووَلِيَ خَطَابَةَ سَبْتَةَ ثَلاثِينَ سَنَةً، وتَفَقَّهَ عليهِ أهلُها. وكانَ يَروِي "المُوطَّأَ" عن ابنِ أبي الرَّبيعِ عَن ابنِ بَقِيٍّ، سمعتُهُ عليهِ بالحَضْرَةِ المشرَّفَةِ من الرَّوضَةِ، وكانَ إقامتُهُ في الحجازِ تسعَ سِنينَ، تُوُفِّي رحمه الله بِمَكَّةَ في سنَةِ 722 هـ. "نصيحة المشاور" ص: 83 - 84، "لحظ الألحاظ" ص:70.

(2)

من هنا بياض إلى آخر اللوحة.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 166.

(4)

تأتي ترجمته برقم: (4050).

ص: 56

المغاربةِ قدموا عليهم المدينةَ، وقاضيها الشَّمسِ السّخاوِيِّ وابنه في الفقهِ، وعلى ثالِثِهم في العربيةِ، ودخل القاهِرَةَ وحضر بها عند السَّنهورِيِّ، والشّامَ وحَلَبَ وغيرَها، وزار بيتَ المقدِسِ، وكتب على "المُختصرَ"

(1)

مجلَّداتٍ، وبيدِه نِصفُ شهادةٍ بالحَرَمِ، ولا بأس بِضَبطِهِ.

[أقولُ: وبعده رُزِقَ أولادًا وماتَ عنهم في

]

(2)

.

[3878] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بن عليِّ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ، الشَّمسُ الحَمَلِيُّ، ثم البلبيسيُّ، القاهِرِيُّ، الشافعِيُّ

(3)

ويعرَفُ كَسَلَفِهِ بابنِ العمادِ. وهو لقبُ جَدِّ والده، من بيتٍ لهم جلالةٌ ووجاهةٌ ببلدهم، وجدُّه ممن سَمِعَ على التَّاجِ ابنِ النُّعمانِ والجمالِ الأُميوطِيِّ بِمكَّةَ، وُلِدَ في صفرَ سنةَ خمسٍ وعشرين وثماني مِئَةٍ بِبُلبيسَ ونشأ بها فَحَفِظَ القُرآنَ وكُتُبًا، عرض بعضَها على عالمِ بَلَدِهِ الشَّمسِ البيشيِّ

(4)

وغيرِه، وخطبَ بجامعِهِ أشهُرًا ثم ترك.

وصَحِبَ الشيخَ الغَمرِيَّ وتلقَّنَ منه، بل لَقِي ابن رسلانَ، وقرأ عليه وتهَذَّب بِهَديِهِ وعادت عليه بَرَكتُهُ، وسمع على شيخِنا واستفتاهُ، ثم على

(1)

أي "مختصر خليل" في فقه المالكية.

(2)

ما بين معكوفين من زيادة جار الله ابن فهد وهي غير مكتملة.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 162.

(4)

محمد بن محمد بن أحمد بن عمر الشمس البيشي الشافعي، فقيه شافعي تصدر للقضاء والإفتاء ببلبيس من الشرقية بمصر، توفي سنة 853 هـ "الضوء اللامع" 9/ 28.

ص: 57

آخرينَ، وأخذ عن الشِّهابِ الزَّواوِيِّ

(1)

وآخرين في الفقهِ وغيرِهِ، وعن الزَّينِ خالدٍ المنوفيِّ

(2)

في العربيةِ، وكذا قرأ فيها على صاحبه أبي العَزمِ الحلاوِيِّ، ولازم الكمالَ إمامَ الكامليَّةِ فلم ينفَكَّ عنه إلا نادرًا، واغتبط كُلٌّ منهما بالآخرِ وسافرَ معه لمكَّةَ والمدينةِ وبيتِ المقدِسِ والخليلِ والمحلَّةِ وغيرِها، وتكرَّرت مُجاورَتُهُ بِمَكَّةَ وزيارتُه، وسمع هناك على أبي الفتحِ المراغيِّ والتَّقِيِّ ابنِ فهدٍ، وتكسَّبَ بالنَّساخَةِ، وكتب بِخَطِّهِ الصَّحيحِ النَّيِّرِ "الخادِمَ"

(3)

نحو مَرَّتَينِ، و"الدَّميرِيَّ"

(4)

و"البُخارِيَّ" و"الشِّفاءَ" وأتقَنَ تصحيحَهما، وقيَّد عليهما من الحواشي النافِعَةِ ما لا يُستكثَرُ على فضيلَتِهِ، وقرأ "البُخارِيَّ" لأولادِه على الشاوي

(5)

، وكذا قرأ عليَّ "الشِّفاءَ"، ولازم كتابةَ "الأمالي" عنِّي مُدَّةً طويلةً، بل كتب عِدَّةً من تصانيفي وقرأ بعضها، واختصر "تفسيرَ البيضاويِّ" مع زياداتٍ فأحسنَ، ومرَّ عليه في المدينةِ النبويَّةِ هو والسَّيِّدُ السَّمهودِيُّ؛ لكونه لمزيد خيرِهِ وهَضمِه لِنَفسِهِ لا يطمَئِنُّ

(1)

أحمد بن سليمان بن نصر الله الشهاب الزواوي الشافعي، علامة مشارك، توفي شابًّا بالقاهرة سنة 852 هـ "الضوء اللامع" 1/ 310، "نظم العقيان" ص:42.

(2)

خالد بن أيوب الزين المنوفي الشافعي، من العلماء الصالحين، توفي سنة 870 هـ بالقاهرة "الضوء اللامع" 3/ 170. "نظم العقيان" ص:109.

(3)

كتاب "خادم الرافعي والروضة" في الفقه الشافعي، لبدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794 هـ وهو مخطوط.

(4)

كتاب "النجم الوهاج بشرح المنهاج" للكمال الدميري المتوفى سنة 808 هـ وهو شرح "لمنهاج الطالبين" للنووي في الفقه الشافعي، وهو مطبوع في 10 مجلدات عن دار المنهاج بجدة.

(5)

عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي الزين الشاوي الشافعي، فقيه علامة، توفي سنة 868 هـ بالقاهرة "الضوء اللامع" 4/ 95.

ص: 58

لما يعلمُهُ، ووقَفَهُ بالمدينةِ، وحَصَّلهُ غيرُ واحِدٍ، وكان أحدَ الخُدَّامِ بها، وأقام بها مُدَّةً سوى تردُّدِهِ، وكذا كتب على "المنهاجِ" إلى الزكاةِ وغيرَ ذلك، وامتدحَ النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدةٍ سمعتُها مع غيرها منه، أوَّلُها:

إِنِّي شُغِفتُ بمبعوثٍ إلى الأُمَم

مُحَمَّدٍ خيرِ خلقِ الله كُلِّهِم

وكان فاضلًا جَيِّدَ الفهمِ والإدراكِ، بديعَ التَّصَوُّرِ صحيحَ العقيدةِ، تامَّ العقلِ خبيرًا بالأمورِ، زائدَ الوَرَعِ والزُّهدِ والقناعَةِ، متينَ التَّحرِّي والعِفَّةِ، شريفَ النَّفسِ، حَسَنَ العِشرَةِ، نَيِّرَ الهيئةِ، عِليَّ الهِمَّةِ، كثيرَ التَّفضُّلِ على أحبابه والتَّودُّدِ إليهم والسَّعيِ فيما يُمكِنُهُ من مصالحِهم ووُصولِ البِرِّ إليهم، بحيثُ جرت على يديهِ لأهلِ الحَرَمَينِ وغيرِهما صدقاتٌ جَمَّةٌ، وله في الإحسانِ إلى المطلوبين المظلومين بسببِ الكنيسةِ من القُدسِ والتَّرسيمِ عليهم اليَدُ البيضاءُ في كثيرٍ من مصروفِهم في التَّرسيمِ والإنفاقِ، بل أخفى بعضهم عنده حتى جهَّزَهُ لمكة وصار يأمُرُ مَرَّةً بتفَقُّدِهِ، ومات هناك، كثيرَ الصومِ والتَّهجُّدِ والاشتغالِ بوظائِفِ العبادَةٍ والرَّغبَةِ في الانفرادِ، وهو في بديعِ أوصافِهِ كَلِمَةُ إجماعِ، ولم يزل منذ عرفناه في ازديادٍ من الخيرِ إلى أن ماتَ بعد مجاورته مُدَّة كنتُ في سنةٍ منها بمكَّةَ، وزار في أثنائِها المدينةَ النبوِيَّةَ، ثم عاد لمكة فاستمرَّ حتى رجع مرغومًا؛ لأجلِ زوجته أُمِّ ولدٍ له لكونها أكثرت من مُناكدَتِهِ بسبَبِ إلمامِهِ بِبعضِ جواريه وأتت منه بِوَلَدٍ، مع أنَّهُ كان يُخبِرُني بأنه لم يَزِد على وطئِهِ، وكونَها غيرَ تامَّةٍ، فتوجّهَ بها بِنِيَّةِ إبقائِها عند أهلها ورجوعِهِ لمكَّةَ، فقُدِّرت وفاتُهُ بعد وصولِهِ القاهِرَةَ بقليل في ثاني عشر ربيعٍ الأوَّلِ سنة سبعٍ وثمانين، وصُلِّيَ عليه في مشهدٍ حافلٍ

ص: 59

جدًّا، ثم دُفِنَ بجوارِ أبيه من تُربةِ سعيدِ السُّعداءِ قريبًا من الحنبليِّ، وكَثُرَ الثناءُ عليه والتأسُّفُ على فقده، رحمه الله وإيّانا ونفعنا ببركاته.

[3879] مُحمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عليِّ بنِ يوسُفَ البهاءُ أبو البقاءِ ابنِ المُحِبِّ الأنصاريُّ الزَّرندِيُّ، المدنِيُّ، قاضيها الشافِعِيُّ

(1)

أخو عُمَرَ الماضي (3063)، وهذا الأكبرُ. قال شيخُنا في "إنبائه"

(2)

: وَلِيَ قضاءَ المدينةِ وإمامَتها وخطابَتها في سنةِ تسعٍ وثماني مئةٍ -يعني عِوضًا عن ناصر الدّين عبد الرحمنِ بنِ محمدِ بن صالحٍ في جُمادى الأولى منها، ثم عُزِلَ- يعني بعد زيادةٍ على نصفِ سنةٍ باشر فيها بِنَكَدٍ، فدخل دمشقَ ثم الرُّومَ فانقطع خبرُهُ، ثم قَدِمَ ومات بالقاهِرَةِ في الطاعون سنة اثنتينِ وعشرينَ.

قلتُ: وكان صرفُهُ بالزَّينِ أبي بكرٍ المراغيِّ في مُنتَصَفِ ذي الحِجَّةِ، وهو ابن عَمِّ حسنٍ ويوسفَ ابني فتحِ الدِّين محمَّدٍ، وكان قد سَمِعَ على الجمالِ الأُميوطِيِّ والزينِ المراغيِّ والعَلَمِ ابنِ السَّقّا، وتفقَّهَ بالجمالِ الكازِرونيِّ وتزوَّجَ ابنتَهُ

(3)

واستولَدها أولادًا، وقرأ عليه يوسفُ بنُ محمَّدٍ الزرنديُّ في "البخاريِّ" وغيرِه بالروضةِ.

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 166.

(2)

"إنباء الغمر" 7/ 370.

(3)

في الأصل: "وتزوج ابنته وتزوجها"، والتصويب من "الضوء".

ص: 60

وقال الفاسيُّ في "ذيلِ النُّبلاءِ": حَفِظَ "التَّمييزَ" للبارِزِيِّ

(1)

وغيرِه، واشتغلَ بالفقهِ وغيره قليلًا، ووَلِيَ قضاءَ المدينةِ وإمامَتها وخطابَتها على عادةِ من تقدَّمَهُ من قُضاةِ المدينةِ فِى أوائلِ سنةِ تسعٍ وثماني مئةٍ بعد صرفِ ناصرِ الدينِ ابنِ عبد الرحمنِ بنِ صالحٍ، فلما قدم الرَّكبُ المصرِيُّ فيها صُرِفَ، ثم قَبَضَ عليه أميرُ الحاجِّ لما نُسِبَ إليه من تزويرِ مرسومِ ولايته، وقيل: إنَّ جميعَ مُباشراته كانت وهو معزولٌ، ومضى به إلى مصرَ محتفظًا به، ثم أُطلِقَ بالقاهرة، ومضى إلى الرومِ ودمشقَ والمدينةِ وغيرها، ثم عاد لمصرَ، فقدمها في سنةِ اثنتين وعشرين ساعيًا لصهره الجمالِ محمَّدِ بنِ الصفيِّ أحمدَ الكازرونيِّ في القضاءِ والمضافِ إليه، فمات قبل أن يَتِمَّ قصدُهُ، مات في سنة اثنتينِ وعشرين وثماني مئةٍ.

[3880] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بن عليٍّ، الشَّرَفُ أبو عبد الله، الحلبي، الشافِعيُّ

(2)

الواعِظُ، ويعرفُ بابنِ المدنيِّ. ويقالُ: إن أصلَه حجازِيٌّ، أثنى عليه منصورُ

(3)

بن سليمٍ فقال: كان حَسَنَ الوعظِ كثيرَ الحِفظِ.

له شِعرٌ حَسَنٌ، أنشد القطبُ الحلبي منه:

(1)

"التمييز في الفروع" لشرف الدين هبة الله ابن البارزي الحموي الشافعي، المتوفى سنة 738 هـ، مخطوط.

(2)

"المقفى الكبير" للمقريزي 124 - 125، نقلًا عن القطب الحلبي.

(3)

في كتابه: "تاريخ الإسكندرية"، منه نسخة في مكتبة أيا صوفيا برقم (3003).

ص: 61

صدرتَ فما إلى وصلٍ وصولُ

ولَحَّ الشوقُ إذ لَجَّ العذولُ

تُحدِّثُني وسمعِي عند غيري

فما أدري وحَقِّكَ ما تقولُ

ومن عَجَبِ العجائبِ أنَّ قلبي

يهيمُ لقاتلي وأنا القتيلُ

إذا أمَّلتُ منه الوصلَ قال الـ

ــــتَّذلُّلُ: ما إلى هذا سبيلُ

وما حُبُّ الملاحِ سوى عذارٍ

فكفُّوا العَذلَ عنِّي لا تُطيلُ

فهذي حالتي وهُمُ نزولُ

فكيف بهم إذا جَدَّ الرَّحيلُ

ذكرَهُ ابن خطيبِ النّاصرِيَّةِ

(1)

ولم يُؤرِّخ وفاته.

[3881] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عليٍّ

ورأيتُ بِخَطِّه: علاءٌ الصَّلاحِيُّ، المدعوُّ بشمسٍ الخوارَزمِيُّ الحنفِيُّ، نزيلُ المدينةِ، سبقت له حكايةٌ في عبد الله بنِ الزُّبيرِ (1890).

قرأ "البُخارِيَّ" على الأمينِ مُحَمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ عبد الرحمنِ بن إبراهيمَ ابنِ الشَّمَّاعِ الدِّمَشقِيِّ الشافِعيِّ بمنزلِهِ مبركِ الناقةِ

(2)

في سنة إحدى وثمانين وسبع مئةٍ بسماعهِ له على الحَجَّارِ.

(1)

المنتقى من تاريخ مصر: ص 106.

(2)

موضع قرب المسجد النبوي.

ص: 62

[3882] مُحمَّدُ بن محمَّدِ بن عُمَرَ بنِ عَنَقَةَ -بِفَتَحاتٍ- الشَّمسُ أبو جعفرٍ البَسكَرِيُّ -بفتح أوله وثالثه بينهما مهملةٌ ساكنةٌ- المدنيُّ المولدِ والدارِ

(1)

وربما حُذِفَ عُمَرُ من نَسَبِهِ.

ولد سنةَ بِضعٍ وأربعين وسبعِ مئةٍ بالمدينةِ، وسمع الكثيرَ بنفسه بدمشقَ ومصرَ وغيرهما، فحمل عن بقايا من أصحابِ الفخرِ ابن البخاريِّ والتقيِّ الواسطيِّ وغيرهما، وكذا سَمِعَ قديمًا من الجمالِ ابنِ نباتةَ، ثم حمل عن ابنِ رافعٍ وابنِ كثير، وقرأ بالمدينةِ النبويةِ على الشمس الشُّشتَرِيِّ جُزءَ "سفيانَ بنِ عيينةَ"، و"السِّيرَةَ النَّبويَّةَ" للمُحِبِّ الطَّبرِيِّ، و"الشِّفاءَ"، وبعضَهُ على يحيى بن موسى القُسنطِينيِّ، وكذا قرأ على الجمالَينِ الأُميوطِيِّ ويوسُفَ ابنِ البنّا، وصاهره على ابنتهِ، والزَّينِ المراغيِّ، قرأ عليه في سنةِ سِتٍّ وسبعين "تاريخَهُ للمدينة"، وسمع "المُوطَّأَ" على البرهانِ ابنِ فرحونٍ، وأجاز له القلانسيُّ وغيره، وكتب عن الجمالِ أبي الرَّبيعِ سُليمانَ بن داودَ المصريِّ

(2)

بِحَلَبَ في منتصفِ ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ خمسٍ وسبعين وسبعِ مئةٍ ما أنشده يوم ماتَ التَّقِيُّ عبد الرحمن ابنُ الجمالِ محمَّدِ بن أحمدَ المطريُّ مما أسلفتُهُ في ترجمته (2330).

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 172.

(2)

سليمان بن داود بن يعقوب بن أبي سعيد المصري ثم الحلبي، أديب وشاعر وكان كاتب الإنشاء بحلب، توفي سنة 778 هـ "الدرر الكامنة" 2/ 151، و"إنباء الغمر" 1/ 209.

ص: 63

قال شيخُنا في "إنبائه"

(1)

: إنه كان يسكُنُ المدينةَ ويطوفُ البلادَ وحصَّلَ الأجزاءَ وتَعِبَ كثيرًا ولم يُنجِب، سمعت منه يسيرًا، وكان مُتودِّدًا.

وقال في "معجمه"

(2)

: إنه تفقَّهَ

(3)

قليلًا، وكان شديدَ الحرصِ على تحصيلِ الأجزاءِ وتكثيرِ الشُّيوخِ والمسموعِ من غيرِ عَمَلٍ في الفَنِّ، سمعتُ من لفظه ترجمةَ عبد السلامِ من "مشيخةِ الفخرِ" بسماعهِ من ابن أُميلَةَ عنه، وحدَّثني من لفظِهِ بأحاديثَ خرَّجتُ بعضها في تخاريجي، وخرَّجتُ عنه في "المتبايناتِ"

(4)

حديثًا.

وأنشدني: قال أنشدنا ابنُ نباتة لنفسهِ:

سافرتُ للساحلِ مُستبضِعًا

ذِكرا وأجرًا حَسَنَ الجُملَةِ

فيا له من متجرٍ كاسدٍ

ما نَفِقَت فيه سوى بغلتي

رجعَ من إسكندريَّة إلى مصرَ فمات بالساحلِ في جمادى الآخرة سنة أربع وثماني مئة غريبًا، رحمه الله وإيانا.

[3883] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ فرحون بنِ محمَّدِ بنِ فرحون

والدُ محمَّدٍ الآتي (3908)، وأخو البدرِ عبد الله الماضي (2085).

(1)

"إنباء الغمر" 5/ 50.

(2)

"المجمع المؤسس" 3/ 248.

(3)

في الأصل: "نبيه"، والتصويب من "المجمع".

(4)

"الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع" ص 35.

ص: 64

وُلِدَ في ليلة السَّبتِ سلخَ شوّالَ سنة سبعِ مئةٍ، قال فيه أخوهُ البدرُ

(1)

: كان على طريقةِ والِدِه مِنَ العُزْلَةِ، ومحبَّةِ الوَحدَةِ والخَلوةِ، وقِلَّةِ الخُلطَةِ، وكان بي حَفِيًّا وفي دينِه قَوِيًّا، صَبَرَ على مجاهدةِ النَّفسِ في العبادةِ، حتى صارتْ له سَجِيَّةً وعادةً.

ومِن عِظَمِ شَفَقَتِه عليَّ أنه كان يَجْلِسُ دائمًا على طريقِي إلى الصَفِّ الأوَّلِ، فلا يَمُرُّ يومٌ حتى يَقِفَ معي ويسألَني عن حالي ويدعوَ لي بقلبٍ صافٍ، وودٍّ وافٍ، ومتى فَقَدَنِي في وقتِ صلاةٍ، وَقَفَ على بيتِي وسَأَلَ عن حالِي.

وخَلَفَهُ وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ، فسَلكَ طريقتَهُ، وزاد بصُحْبَةِ المشايخِ والفقراءِ والأخذِ عنهم، له اشتغالٌ في الفِقهِ والنَّحوِ واللُّغَةِ، ومَعَ ذَلِكَ تَرَاهُ كَأَنَّهُ أحدُ التُّرابيةِ

(2)

.

ماتَ صاحِبُ التّرجمة في جمادى الأولى سنةَ خمسٍ وخمسينَ وسبعِ مئةٍ، وهو في "الدُّرَرِ"

(3)

لشيخِنا، ولكن ما رأيتُهُ في النُّسخَةِ التىِ بِخَطِّي في مَكَّةَ، وقد أَرَّخَهُ الحسينيُّ في "ذيلِ العِبَرِ"

(4)

ووصفَهُ بالقاضي، وكذا أرَّخَهُ العراقيُّ وقال فيه: القاضي شمسُ الدِّين، نابَ في الحُكمِ بالمدينةِ، وكان أحدَ الفُضَلاءِ، وانتُقِدَ بأن الذي ناب في الحُكمِ هو القاضي سديدُ الدِّين عبد الله؛ أخو صاحبِ الترجمةِ لا صاحبُ التَّرجمةِ.

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 270.

(2)

تَرِبَ الرجل: أي إفتقر كأنه لصق بالتراب "مختار الصحاح، مادة، (ترب) ".

(3)

لم أجده في "الدرر".

(4)

"الذيل على العبر" ص: 163.

ص: 65

[ ......... ]

‌ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عَنَقَةَ

مضى قريبًا فيمن جَدُّه عُمَرُ بن عَنَقَةَ (3882).

[3884] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ القاضي، الخزرَجِيُّ الزَّمورِيُّ، ثم المدنيُّ

(1)

عرض عليه أبو السعاداتِ ابن أبي الفَرَجِ الكازرونيُّ سنة ثلاثٍ وثلاثين.

[3885] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ، الشمسُ ابنُ العِزِّ البُلبيسيُّ، ثم القاهِرِيُّ، الأزهرِيُّ، الشافعيُّ

(2)

نزيلُ طيبةَ وأحدُ مُدرِّسيها، والمؤذِّنُ أبوه ببلده، ويعرَفُ فيها بعزِّ الدّين الصُّعلوكِ، وكان يذكرُ قرابةً بينه وبين الفخرِ عثمانَ المخزوميِّ البُلبيسيِّ إمامِ الأزهرِ

(3)

، ويعرَفُ صاحبُ الترجمةِ بالشمس البُلبيسيِّ.

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 189.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 90، إرشاد الغاوي ص 1009.

(3)

عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان المخزومي البلبيسي الشافعي، فخر الدين المقرئ الضرير، إمام الجامع الأزهر، توفي سنة 805 هـ "إنباء الغمر" 5/ 37، "شذرات الذهب" 7/ 44.

ص: 66

وُلِدَ في سنة اثنتين وأربعين وثماني مئةٍ تقريبًا ببُلبيسَ، وتحوَّل منها بعد بلوغه وقد قرأ القرآنَ عند البرهانِ الفاقوسيِّ

(1)

، فنزل جامعَ الأزهرِ وحفظ به "المنهاجَ" الفرعيَّ والأصليَّ، و"ألفيةَ النحو"، ونصفَ "الشاطبيةِ" وغيرَها، وأخذ عن السِّراجِ العبّاديِّ والفخرِ المقسيِّ

(2)

وابنِ الفالاتيِّ

(3)

، وقليلًا عن البكريِّ والعجلونيِّ، والعربيةَ عن إبراهيمَ الحلبي أبي الصُّغَيِّرِ

(4)

والتقيِّ والعلاءِ الحُصنِيَّينِ، وعنهما أخذ أيضا في الأصلَينِ والصَّرفِ والمعاني، وكذا أخذ "المنهاجَ الأصليَّ" إلَّا اليسيرَ عن الكمالِ إمامِ الكامليَّةِ، وحضر عليه كثيرًا من تقاسيمه الفقهيَّةِ و"جمعَ الجوامعِ"، بل قرأ عليه فِى القُطبيةِ

(5)

"أربعي النَّوويِّ" وأكثرَ "شرحَيهٍ" عليها وعلى "العمدةِ" وغيرَ ذلك، والفرائضَ والحسابَ عن الشهابِ السِّجِّينيِّ، والسَّيِّدِ عليٍّ تلميذِ ابن المجديِّ

(6)

، وقرأ على الدِّيَمِيِّ "البخاريَّ" وغيرَه، وسمع على السَّيِّدِ النَّسّابةِ وغيره بالكامليَّةِ، وعلى الشاويِّ والملتوتيِّ وآخرين، بل

(1)

إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم، البرهان الفاقوسي الشافعي، وفاقوس: من شرقية مصر، ممن اشتهر بالخير والعبادة وإقراء القرآن، توفي سنة 862 هـ "الضوء اللامع" 1/ 180.

(2)

عثمان بن عبد الله بن عثمان الفخر أبو عمرو القاهري المقسي الشافعي، فقيه مشارك تولى القضاء، توفي سنة 877 هـ "الضوء اللامع" 5/ 131.

(3)

محمد بن علي بن علي الشمس أبو الفضل القاهري الشافعي ويعرف بابن الفالاتي حرفة أبيه، ممن تصدر للتدريس والإفتاء والخطابة بالأزهر، توفي سنة 870 هـ "الضوء اللامع" 8/ 197 "شذرات الذهب" 7/ 311.

(4)

لم أجده.

(5)

مدرسة من مدارس القاهرة، نسبة لقطب الدين خسرو بن تليل، "المواعظ للمقريزي 4/ 203 - 204.

(6)

لم أجده.

ص: 67

لازم الخطيبَ أبا الفضلِ النُّويريِّ في سماعِ مجالسِه الحديثيَّةِ رفيقًا للخطيبِ الوزيريِّ وغيرِه، وحصل له بعده عارضٌ أُقعِدَ بسببِه، وكانت سلامتُه منه فضيلةً، وسافر لمكةَ في سنة ثمانٍ وسبعين فحَجَّ وجاور وفارقها، ثم قَدِمها بعد سنةٍ أيضًا، ثم عاد ثم رجع إليها في سنهِ خمسٍ وثمانين وقطنها إلى التي تليها، وكان في طولِ إقامته بها يحضُرُ دروسَ البُرهانيِّ ابن ظهيرةَ، بل قرأ على النَّجمِ ابن فهدٍ في "البخاريِّ"، ثم توجَّهَ إلى المدينةِ النبويَّةِ فقطنها ورسخت قدمُه بها، وتصدَّى للإقراءِ، فأخذ عنه الفُضلاءُ، بل قرأ عليه المقبولُ ابن تقيٍّ "البخاريَّ" وكذا الشمسُ زقزُقَ مع "صحيحِ مسلمٍ" وتقنَّعَ باليسيرِ وسلوكِ التَّقشُّفِ والرياضةِ بالنسبة لما كان فيه أوّلًا من زعارةِ الخُلُق

(1)

على عادةِ كثيرين، وصار يحُجُّ منها كُلَّ سنةٍ، بل ربما يأتي لمكةَ قُبيل الموسمِ، وهو ممَّن سَمِعَ مني في مجاورتي الأولى بالمدينةِ، ثم في الثانيةِ، وكان مُصاحبًا لنا في الرُّجوعِ إلى مكة في شوالٍ سنة ثمان وتسعين، وكتبت له في إجازتِه: الشيخيُّ الإماميُّ، العالميُّ العلّاميُّ، المفتيّ، مفتي المسلمين، مرشدُ الطالبين، مُربي المريدين، قدوةُ المستفيدين، نزيلُ بلدِ المصطفى، وعديلُ أولي الجلالةِ والاصطفا، من مُنِح السعادةَ بالإقامةِ بطيبةَ، وسمح بالتجارةِ للعبادةِ المزيلةِ لكلِّ كربةٍ، وأعرض عن زهرةِ الدنيا الدَّنِيّةِ، ونهض لما يترجَّى معه الغنيمةُ الأبديَّةُ، بالتَّمَلِّي بهذه المعاهدِ، والتَّسَلِّي بها عن سائرِ المشاهدِ، إذ كُلُّ الصَّيدِ في جوفِ الفَرا، وجميعُ الخيراتِ في أُمِّ القُرى، صلّى الله على ساكنِها وسلَّمَ، وأعلى بناءَهُ على سائرِ

(1)

زعارة الخلق: سوء الخلق. "لسان العرب": (زعر).

ص: 68

الخلقِ من عَلَّمَ وتعَلَّم، مِن الأنبياءِ والمرسلين، فضلًا عن الأولياءِ والملائكةِ المقرَّبين، عليهم الصلاةُ والسلامُ أجمعين، إلى يومِ الدِّين، نفع اللهُ تعالى به، ودفع به وعنه كُلَّ أمرٍ مشتبهٍ

إلى آخر ما كتبتُ.

[3886] مُحمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ عثمانَ ابن عبد الغنيِّ، الشمسُ بنُ الشَّرفِ بنُ الشمسِ الشُّشتَرِيُّ، المدنيُّ، المقرئُ، الشافعيُّ

(1)

سبطُ ناصر الدِّينِ عبد الرحمن بنِ محمَّدِ بنِ صالحٍ (2336) وأخو أحمدَ (280) الماضِيَينِ، ممَّن أخذ بالمدينةِ القراءاتِ عن محمَّدِ بن محمَّدٍ الكيلانيِّ وعن غيرِه، وسمع بها في سنةِ خمسٍ وأربعين على زينبَ ابنةِ اليافعِيِّ، ودخل القاهرةَ بُعَيدَ الأربعينَ، فنزل عند الغَمرِيِّ بجامعه بِطَرَفِ سوقِ أميرِ الجيوشِ وناله منه الخيرُ الجزيلُ، ويقالُ: إنه أخذ عن شيخِنا حينئذٍ، ورجع فتصدَّى للإقراءِ وانتفعَ به أهل المدينةِ وغيرُها طبقةً بعد أخرى، وممَّن أخذ عنه السَّيِّدُ المحيويُّ قاضي الحنابِلَةِ بالحرمَينِ، والشهابُ ابن خبطَةَ، وناب في الخطابةِ والإمامةِ عن خاله وبنيه، ورُبَّما صلَّى في زمن الفترةِ، بل قيل: إنَّهما عُرِضَتا عليه استقلالًا فأبى، وكان خَيِّرًا صالحًا، مات في جمادى الأولى سنة خمسٍ وثمانين وثماني مئة عن نحو السبعين، وهو خاتمةُ شيوخِ القُرَّاءِ بالمدينةِ، رحمه الله وإيانا.

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 195.

ص: 69

[3887] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بن محمَّدِ بن أحمدَ بن محمَّدِ بن محمودِ بن إبراهيمَ ابن أحمدَ بن روزبةَ، الجلالُ والمجدُ أبو السعاداتِ ابنُ ناصر الدِّين أبي الفرجِ ابن الجمالِ، الكازرونيُّ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(1)

الماضي أبوه (3848) وجدُّهُ (3405)، وُلِدَ في سابعِ المحرَّمِ سنة تسعَ عشرةَ وثماني مئةٍ بالمدينة ونشأ بها، فحَفِظَ القُرآنَ و"العُمدَةَ" وغيرها، وعرض في سنة ثلاثٍ وثلاثين على النَّجمِ السَّكاكينيِّ، وأجازه في آخرين، وأخذ عن أبيه وجدِّه، ومما قرأ عليه "البخاريَّ" مرارًا، وبحث على أبي السَّعاداتِ ابنِ ظهيرةَ حين مُجاوَرَته سنة تسعٍ وأربعين بطيبةَ "المنهاجَ الأصليَّ" وسمعَ على أبي الفتحِ المراغيِّ أشياءَ منها: الأوَّلُ من "مُسلسَلاتِ العلائيِّ".

وارتحل إلى القاهرةِ مع أبيهِ وصهرِهِ أبي الفرجِ المراغيِّ بعد الأربعينَ، فأخذ عن شيخِنا بقراءته وقراءَةِ غيره أشياءَ، وكتب عليه من أماليه جُملةً، فمما قرأه "الجواب الجليل عن حكمِ بلدِ الخليلِ" و"الأربعين المتباينات" كلاهما من تصنيفِه، وممّا سمعه عليه "الزُّهد" لابنِ المباركِ، و"اختلاف الحديثِ" للشافعيِّ إلَّا اليسيرَ منه، وبعض "النَّسائيِّ" و"الجُمُعة" للنَّسائِيِّ، والكثير من "البخاريِّ" ومن "المُوطَّأ"، ومن تصانيفِه "الخِصال المُكفِّرَةُ" ومن مُقَدِّمَةِ "شرحهِ للبخاريِّ" ومن "تغليقِ التعليقِ"، وكذا قرأ على العِزِّ ابنِ الفُراتِ "تُساعيَّاتِ ابنِ جماعةَ"

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 197.

ص: 70

الأربعينَ في سنة خمسٍ وأربعين، وسمعها معه أبو حامدٍ القُدسِيُّ

(1)

، وأحمدُ ابنُ الشِّهابِ الشُّوايطِيُّ.

وفي رمضان من التي تليها على الزَّينِ الزَّركَشِيِّ قطعةً من أوَّلِ "الشِّفاءِ"، ومن أوَّلِ الجهادِ من "مُسلمٍ" وبقراءةِ غيرِه منه عليه قطعةً من أوَّلِ الأطعمةِ ومن الإيمانِ، وأجاز له وصَحَّحَ بخطِّه وكان أصيلًا فاضلًا، أنجبَ أولادًا.

مات قبل أبيه بيسيرٍ في ربيع الثاني سنةَ سبعٍ وستِّين سنةَ النّهبِ الثاني من آل منصورٍ للمدينةِ، رحمه الله وإيانا.

[3888] محمَّدٌ الشمسُ

(2)

أخو الذي قبلَه، وعبد السلامِ الأوَّلِ والثاني، وعليٍّ في آخرين.

وُلِدَ سنةَ اثنتين وستِّين وثماني مئةٍ أو التي قبلَها بالمدينةِ، ونشأ بها، فسَمِعَ على أبي الفَرَجِ المراغيِّ، ثم مِنِّي أشياءَ، واشتغلَ في "المنهاجِ" وغيرِه، وكتب بِخَطِّهِ أشياءَ.

(1)

محمد بن خليل بن يوسف بن علي أبو حامد البلبيسي الأصل الرملي المقدسي، المعروف بابن المؤقت حرفة أبيه، توفي سنة 888 هـ "الضوء اللامع" 7/ 231.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 198، إرشاد الغاوي ص 1010.

ص: 71

[3889] مُحَمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ موسى بنِ أبي بكرِ ابنِ أبي العيدِ، المُحِبُّ ابنُ قاضي المالكيَّةِ بِطَيبَةَ، خيرُ الدّين ابنُ الشمسِ السَّخاوِيِّ ابنُ القَصَبي

(1)

الماضي أبوه (3850) وجَدُّهُ (3414).

وُلِدَ في آخر سنة سِتٍّ وستين بالمدينةِ، وأمُّهُ زينبُ ابنةُ شيخِ الفرّاشين بها أحمدَ بنِ عبد الوهابِ ابنِ كرباجه، ونشأ فحَفِظَ القرآنَ وكُتبًا، كـ "الرِّسالةِ" و"المختصرِ" و"التنقيحِ" و"الشاطبيةِ" و"ألفيةِ ابنِ مالكٍ"، وعرض عليَّ بالقاهرة في جملةِ خَلقٍ حتى على الأشرفِ قايتباي اقتفاءً لأبيه في عَرضِه، كما تقدَّمَ على الظّاهرِ جُقمقَ، واشتغلَ على أبيه وجَدِّهِ والسَّيِّدِ السمهوديِّ في آخرين بالقاهِرَةِ والمدينةِ، بل حضر عند السَّنهوريِّ وفَهِمَ، ولازمني درايةً وروايةً، وزوَّجَهُ أبوه ابنةَ أبي الفضلِ ابن المُحبِّ المطريِّ، وحمدتُ سكونَه وعقلَه وأدبَه مع صِغَرِ سِنِّهِ، ولا زال في ازديادٍ بحيثُ إنه قرأ عَلَيَّ في سنة ثمان وتسعين بالروضةِ شرحي على "تقريبِ النوويِّ"، فكان في الفهمِ بمكانٍ، وكذا قرأ عَلَيَّ غيرَه من تصانيفي، وسَمِعَ أشياءَ، ولم ينفَكَّ عن والده في تلاوَةِ السُّبعِ صباحًا ومساءً، ومداومة المباحثةِ والمرور على الفقهِ والحديثِ على طريقةٍ حَسَنَةٍ جِدًّا، وهو بالمدينةِ فَردٌ بين أقرانه، وسَعدٌ لآبائه وخِلّانهِ، وقد كتبتُ له يوم سَفَري إجازةً نَصُّها: وبعدُ

(2)

.

(1)

إرشاد الغاوي ص 1010.

(2)

ونص الإجازة غير موجود في الأصل، أفاده ناسخ المخطوط العز ابن فهد كما في حاشية المخطوط.

ص: 72

ثم لازمني بالروضةِ في سنة اثنتين وتسعِ مئةٍ في شرحي "لألفيةِ العراقيِّ" وسمع من لفظي مُؤلَّفِي في "المولد النبوي"

(1)

تُجاهَ الحضرَةِ الشَّريفَةِ في ليلةِ ثاني عشرَ ربيعٍ الأوَّلِ منها، زاده اللهُ توفيقًا.

[أقولُ: ولي قضاءَ المدينةِ بعد وفاةِ أبيه في سنة 913، واستمَرَّ مُتولِّيا لها إلى أن ماتَ في سنة 917 وتولى بعده القضاءَ ولدُهُ أبو الفضل، وماتَ في سنته، وتولَّى بعده أخوهُ

(2)

الشمسُ محمَّدٌ سنة 918]

(3)

.

[3890] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بن محمَّد بنِ أبي بكرِ بنِ الحسينِ، الزينُ أبو بكرِ ابنُ الشَّمسِ أبي نصرِ ابنُ ناصر الدين أبي الفرج ابنُ الزَّينِ العثمانيُّ، المراغِيُّ، المدنِيُّ، الشافعِيُّ

(4)

الماضي أبوه (3854) وجَدُّه (3464)، وُلِدَ في رجب سنة خمسٍ وستين وثماني مئةٍ بالمدينةِ ونشأ بها، فحَفِظَ القُرآنَ و"أربعي النَّوويِّ" و"منهاجَهُ"، وقرأ على أبيهِ "البخاريَّ" و"الشِّفا" وغيرهما، بل سَمِعَ على جَدِّه أشياءَ، وعلى ابنةِ عَمِّ أبيه فاطمةَ ابنةِ أبي اليُمنِ وغيرهما، ولَقِيَني بِمَكَّةَ فسَمِعَ مِنِّي، ثُمَّ قرأ عَلَيَّ في حياةِ أبيه حين مجاورتي الأولى بالمدينةِ "الشِّفاءَ" وأكثر عَنِّي، وكذا قرأ عليَّ بمكةَ بعدُ في سنةِ أربعِ

(1)

وأسمه: "الفخر العلوي في المولد النبوي"، (مؤلفات السخاوي ص 122).

(2)

فىِ الأصل: "أخاه".

(3)

ما بين معكوفين من زيادة جار الله ابن فهد.

(4)

"الضوء اللامع" 9/ 206، إرشاد الغاوي ص 1010.

ص: 73

وتسعينَ أشياءَ من تصانيفي، بل بالمدينةِ في سنةِ ثمانٍ وتسعين شرحي "للألفيَّةِ الحديثيَّةِ" بحثًا وأشياءَ، وكذا قرأ على قاضي الحنابِلَةِ بالحَرَمَينِ الشريفينِ المحيويِّ بالمدينةِ وبمكَّةَ أشياءَ، واغتبطَ بملازَمَتِهِ، ورُبَّما قرأَ على السَّيِّدِ السَّمهودِيِّ في التقسيمِ وغيرِهِ، وحضر دُروسَ الشَّرفِ عبد الحَقِّ السُّنباطِيِّ في العربيةِ ثم على ابنِ قُريبَةَ المحلِّيِّ في آخرين، وفهم وتميَّزَ وخلفَ والِدَهُ في القراءَةِ بالروضةِ النبويَّةِ، وكذا قرأ بمدرسةِ المَلِكِ، وصاهرَ القاضيَ المالكيَّ بالمدينةِ على ابنتِه أختِ الذي قبله، وله منها أولادٌ، وهو فاضلٌ ذكيٌّ فَهِمٌ مُتودِّدٌ ظريفٌ منوَّرُ الهيئةِ زائدُ الحشمةِ والتأنُّقِ، له مَيلٌ إلى الإطعامِ مع زائدِ صفاءٍ ونغمةٍ طريَّةٍ ومحاسنَ وجمالٍ في أقربائِه وأحبّائِه وعيالِه، ولذا حُسِدَ.

ومما سمعه منِّي "المسلسلَ" و"حديثَ زُهيرٍ" و"القولَ البديعَ" وعليَّ "الجمعةَ" للنَّسائيِّ، و"مسلسلاتِ ابن شاذانَ" و"الشمائلَ" وبعضُها من لفظي، و"الخصالَ المكفِّرَةَ" لشيخِنا، وقطعةً من أوَّلِ "جزءِ الأنصاريِّ"، ونحو نصفِ "المُوطّأ" وأربعةَ أحاديثَ من آخرِ "مسندِ الشافعيِّ"، ودروسًا من "الألفيَّةِ" ومن شرحِها لي وللناظم، ومن "شرح العمدةِ" لابنِ دقيقِ العيدِ، وأماكنَ من "البخاريِّ"، ومنها البابُ الأخيرُ، وبعضَ "دلائلِ النبوَّةِ" للبيهقيِّ، و"المشارقَ" للصَّغانيِّ، و"الاكتفاءَ" للكَلاعِيِّ، و"موجباتِ الرحمةِ" لابنِ الرَّدَّادِ، و"الترغيبِ" و"مسلمٍ" و"أبي داودَ" و"الترمذيِّ" و"النسائيِّ" و"ابنِ ماجه" و"مسندِ أحمدَ" و"شرحِ معاني الآثارِ" للطَّحاوِيِّ، و"المصابيحِ""والمشكاةِ" و"الأذكارِ" و"الرياضِ" و"الرسالةِ" و"العوارفِ"

ص: 74

و"الإحياءِ"، ووصفتُه في المرَّةِ الأولى: بالشيخِ الفاضلِ، الأوحدِ الكاملِ، الرّائقِ لفظًا وأدبًا، والفائِقٍ أصلًا وحَسَبا، نُخبةِ الأماثلِ، ذي الرُّتبةِ العَلِيَّةِ في أفضلِ القُرُباتِ والوسائلِ، جمالِ المدرِّسين، بهجةِ النَّاظرين، بَرَكَةِ المحصِّلين، ملجأِ الوافدين، البارعِ الفارعِ، الأصيلِ النبيلِ، ذي الفَهمِ الحسنِ، والسَّهمِ الوافرِ عند أهلِ السُّننِ. ووالدَه: بسيِّدنا ومولانا، وأوحَدِنا وأولانا، الشيخيِّ الإماميِّ، الحبريِّ الهُماميِّ، العالميِّ العامليِّ، المحدِّثيِّ المسنديِّ المفيديِّ، بركةِ الطُّلابِ، ونخبةِ أولي السقطِ والانتخابِ، من انعقد الإجماعُ على صلاحه، واعتمد مَن يروم الانتفاعَ تكريرَ غُدُوِّهِ إليه ورواحهِ، بقيَّةِ السَّلَفِ، وعُمدَةِ الخَلَفِ. وجدَّهُ: بسيِّدِنا وشيخِنا، الشيخِ الإمامِ، العلّامةِ الهُمامِ، مفتي المسلمين، صدرِ المدرسين، قُدوَهِ أهلِ ناحيته وقطرهِ، وبقيَّةِ الكرامِ المُعتمدين في شأنه ومصرِه. وجَدَّ أبيه: بشيخِ شيوخِنا الإمامِ، شيخِ الإسلامِ، فريدِ عصرِه بالاتِّفاقِ، في سائرِ الآفاقِ، وقلتُ: نَسَبٌ. البيتَ

(1)

، والبيتانِ: إذا طابَ أصلُ المرء طابت فروعُه

(2)

. ثم قلتُ: رزقهُ اللهُ بَرَكَةَ ما تَعِبَ في تحصيلِه، ووهبه نشرَ ما كُلِّفَ بتأصيلِه، وصيَّرَه كأسلافِه إمامًا يُقتدى به، وعلمًا يُهتدى بالاتِّصالِ بِسببه، بحيثُ يكونُ المرجوعُ في قطرِه الشَّريفِ إليه، والمعوَّلُ بِحُسنِ نَظَرِه

(1)

تكملة البيت: نسبٌ كأنَّ عليهِ من شمس الضُّحى نُورًا ومن فَلَقِ الصَّباح عَمُودَا

وهو لأبي تمام "الأغاني" 16/ 416.

(2)

البيتان هما: إذا طاب أصل المرء طابت فروعه ومن غلط جاءت يد الشوك بالورد

وقد يخبث الفرع الذي طاب أصله ليظهر صنع الله في العكس والطرد

وهما لقطب الدين القسطلاني المتوفى سنة 686 هـ "طبقات الشافعية الكبرى" 8/ 45.

ص: 75

المُنيفِ عليه، ويُنشِدُه من يراهُ من الأفاضِلِ قولَ القائلِ: بأبِهِ اقتدى .. البيتَ

(1)

، فأسلافُهُ رُؤوسُ النّاسِ في كُلِّ خيرٍ، وقادَتُهم حيثُ يتوجَّهون إلى الخيراتِ بسائرِ طُرُق السَّيرِ، وقلتُ عن قراءتِهِ: قراءَةٌ جَيِّدَةٌ حَسَنَةٌ، دلَّت على يَقظَتِهِ وبراعتهِ، وآذنت بِفَهمِهِ ووجاهَتِهِ، وقد كتبتُ له يوم سَفَري أيضًا إجازةً كان منها: (

)

(2)

.

[3891] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ، الكمالُ أبو الفضلِ ابنُ الزَّينِ أبي بكرِ ابنِ ناصرِ الدِّينِ أبي الفَرَجِ العثمانيُّ، المراغيُّ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(3)

ابنُ عمِّ الذي هو قبلَهُ بل هو أخوه لأُمِّهِ، ووالِدُ عبد الحفيظِ الماضي (2184)، وهو بِكُنيَتِهِ ولَقَبِهِ أشهَرُ، وُلِدَ سنةَ سبعٍ وخمسينَ وثماني مئة قبل موتِ أبيه بيسيرٍ، وقدم القاهرةَ في ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ إحدى وتسعين بعد موتِ عَمِّه وزوجِ أُمِّهِ الشمسِ محمَّدٍ، فاجتمعَ بي، وسمع مني "المُسلسَلَ" بِشَرطِهِ، وحضرَ بعضَ الدُّروسِ ومات بالرُّوم في سادسِ جمادى الثاني سنة أربعٍ وتسعين، وكان له مشهدٌ عظيمٌ، ودُفِنَ بِتُربَةِ محمود شاه من بُرصا، رحمه الله وعوَّضه الجَنَّةَ.

(1)

تكملة البيت: بأبه اقتدى عدي في الكرم ومن يشابه أبه فما ظلم

وهو لرؤبة بن العجاج "مجمع الأمثال" 2/ 300.

(2)

ولم يذكر نص الإجازة في الأصل.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 206، "إرشاد الغاوي" ص 1010.

ص: 76

[3892] مُحمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ محمَّدِ ابنِ عبد الله بن أبي عُمَرَ محمدٍ، ناصرُ الدينِ الجعفريُّ، القاهريُّ الشافعيُّ الموقِّعُ

(1)

ويعرَفُ بناصر الدين الجعفريِّ. وُلِدَ في العشرِ الأوَّلِ من ربيعِ الأوَّلِ سنة أربعٍ وتسعين وسبعِ مئةٍ بالجعفريَّةِ

(2)

، وحَفِظَ القرآنَ و"العمدةَ" و"التنبيهَ" و"المنهاجَ الأصليَّ" و"ألفيةَ ابنِ مالكٍ"، وعرض على الوليِّ العراقيِّ وابنِ النَّقَّاشِ وغيرِهما ممَّن أجاز له، وجوَّدَ القُرآنَ على الزَّينِ أبي بكرٍ الدُّموهيِّ

(3)

، بل قرأ عليه لابن كثيرٍ وأبي عمروٍ، ولنافعٍ على شيخِ الظاهرِيَّةِ القديمةِ، وللفاتحةِ على الزَّينِ ابنِ عيّاشٍ بمكةَ، وتفقَّهَ بالوليِّ العراقيِّ، وسمع عليه بقراءَةِ المُناوِيِّ المجلسَ الأوَّلَ من "أماليه"، وأثبت له المُملي ذلك بِخَطِّهِ، ووصفَهُ بالفاضلِ، وكذا تفقَّهَ بالبيجوريِّ، وحضرَ اليسيرَ عند الجلالِ البُلقِينيِّ، وأخذ الفرائضَ عن الشمسِ الغَرَّافيِّ، وأذن له في سنة سبعَ عشرةَ، وناب في القضاءِ بالبلادِ قديمًا عن العلَمِ البُلقِينِيِّ، ثم بالقاهرة في سنة سبعٍ وخمسين، وكتب التوقيعَ دهرًا، وصنف للشُّهودِ

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 211.

(2)

الجعفرية: من قرى الشرقية بمصر "نزهة المشتاق" 1/ 335.

(3)

محمد بن أحمد بن محمد المحب أبو الخير بن أبي العباس بن الشمس أبي عبد الله الدموهي ثم القاهري الشافعي، اشتغل بالقراءات وغيرها وناب في القضاء، توفي سنة 850 هـ "الضوء اللامع" 7/ 100.

ص: 77

وِراقَةً، بل شرح "الرَّحبيةَ" و"الجعبِرَّيةَ"

(1)

في الفرائضِ، وزعم أنَّ شيخنا قَرَّضَ له ثانيَهما.

وحَجَّ مرارًا أوَّلُها في سنة تسعٍ وثلاثين، توجَّهَ صُحبَةَ الرَّكبَ الرَّجَبي، ونابَ في قضاءِ جُدَّةَ إذ ذاك، وكان الكريميُّ ابنُ كاتبِ المناخاتِ

(2)

ناظِرَها حينئذٍ.

وجاور بالمدينةِ النبويَّةِ ثلاثةَ أعوامٍ صُحبَةَ الوُلَّوِيِّ ابنِ قاسمٍ، وصار يَحُجُّ منها كُلَّ سنةٍ، وقرأ وهو بها على الجمالِ الكازرونيِّ أشياءَ كالصَّحيحَينِ.

وكان بارعًا في الفرائِضِ والتَّوثيقِ، مُتكَسِّبًا منه غالِبَ عُمرِهِ، لا يَمَلُّ من الكتابِ فيه، ولا يشاحِحُ رفاقه في القيامِ عنهم بذلك، وكونه قانعًا منهم ومن أصحابِ الأشغالِ غالبًا مع سلامةِ الفطرَةِ وغَلَبَةِ الغفلَةِ، ومزيدِ التَّواضُعِ والتَّقشُّفِ، وامتهانِهِ لنفسِهِ والرّغبَةِ في الفائِدَةِ، بحيثُ إنه أكثرَ من التَّرَدُّدِ إليَّ، وكتبَ عَنِّي أشياءَ، وربّما قيل: إنه لم يكن مُتحرِّيًا.

مات بعد أن شاخَ وهَرِمَ وعُمِّرَ في يوم الجمعةِ سلخَ ذي الحجةِ سنةَ سبعٍ وثمانين، ودفِن من الغَدِ بتربة السَّنقورِيَّةِ، رحمه الله وعفا عنه.

(1)

"الجعبرية" منظومة في الفرائض لصالح بن ثامر بن حامد الجعبري تاج الدين أبو الفضل الشافعي المتوفى سنة 706 هـ "الدرر الكامنة" 2/ 200. وعليها شروح كثيرة.

(2)

عبد الكريم بن عبد الرزاق كريم الدين القبطي المصري ابن كاتب المناخات، برع في الكتابة والفرائض، تولى كتابة السر والوزارة للماليك وعدة مناصب، توفي سنة 851 هـ "الضوء اللامع" 4/ 312.

ص: 78

[3893] مُحمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ حُسينِ بن عليِّ بن أحمدَ ابن عطيَّةَ بن ظهيرَةَ، الجلالُ أبو السعاداتِ ابنُ الكمالِ أبي البركاتِ ابنِ الجمالِ أبي السُّعودِ، القُرشِيُّ المخزومِيُّ، المكيُّ، الشافعيُّ

(1)

ويعرَفُ كسَلَفِهِ بابن ظهيرَةَ. أقامَ بالمدينةِ النبويةِ من موسمِ سنة سبعٍ إلى موسمِ التي تليها، ونفعَ أهلَها في الفقهِ وأصولِه وغيرهما، وقرئ عليه "البخاريُّ" وغيرُه، ومدحه من أهلِها الشمسُ ابن البُرهانِ الخُجَندِيُّ، ولقيه البِقاعِيُّ هناك فما سَلِمَ صاحِبُ الترجمةِ من أذاهُ لكونه لم يتمكَّن حيئنذٍ من برِّهِ مع أنه لم يكن من أهل هذا القبيل، وُلِدَ في سَلخِ ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ خمسٍ وتسعين وسبعِ مئة (

)

(2)

.

[ ........ ]

‌ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بن رُوزَبَه

يأتي فيمن جَدُّه: محمَّدُ بنُ محمودِ بنِ إبراهيمَ (3916).

[3894] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمدِ بنِ صالحِ بن إسماعيلَ الشَّرفُ ابنُ الشَّمسِ ابنِ التَّقيِّ ابنِ صالحٍ

الماضي أخوه عبد الوهابِ (2570)، وهو والدُ عبد السلام وأبي البركاتِ، لم يشتهر إلَّا بِلَقَبِه.

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 214، "العقد الثمين" ترجمة رقم (433).

(2)

بياض بمقدار عشرة أسطر.

ص: 79

[ ....... ]

‌ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبد الرحمنِ بنِ صالحٍ

يأتي قريبًا فيمن جَدُّهُ: محمَّدُ بن عبد الرحمنِ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ ابنِ صالحٍ (2898).

[3895] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبد الرحمنِ بنِ محمَّدِ ابنِ أحمدَ بنِ خلَيفِ بنِ عيسى، أبو الفتحِ ابن المُحِبِّ ابنُ الرَّضِيِّ أبي حامدٍ، المَطَرِيُّ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(1)

الماضي أبوهُ (3861) وجدُّهُ (3666)، سمع من أبيهِ في "الموطأ" وغيرِه.

[3896] محمَّدٌ الكمالُ أبو الفضلِ المطرِيُّ

(2)

أخو الذي قبله، وشقيقُ أُمِّ كُلثومٍ التي تزوَّجَ بها القاضي شمسُ الدِّينِ السَّخاوِيُّ المالِكِيُّ، أمُّهُما خديجةُ ابنةُ القاضي عليٍّ الزرندِيِّ، سمع من أبيه جُلَّ "مسنَدِ الشافعيِّ"، ومن التَّقِيِّ ابنِ فهدٍ وغيرِهما، بل قرأَ على أبي الفرَجِ المراغيِّ، وأخذ عن الشِّهابِ الإبشِيطيِّ الفقهَ والعربيةَ وغيرها، وتلقَّى عن أبيه الأذانَ، مات في رُجوعِهِ من الحَجِّ عند مَفرَجِ ليلةِ الحادي والعشرينَ من ذي الحِجَّةِ سنة سِتٍّ وستين، فجيء به إلى المدينةِ ودُفِنَ

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 225.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 225.

ص: 80

بالبقيعِ، ولم يبلغ الأربعينَ، وهو خاتمَةُ الذُّكورِ من بيت المطريِّ، رحمه الله، وأعقَبَ ابنَتَهُ خديجةَ التي تزوَّجَ بها بعدُ المُحِبُّ ابن القاضي خيرِ الدِّينِ المالكي.

[3897] محمَّدُ بنُ أبي عبد الله مُحَمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبد الرحمنِ بنِ محمَّدِ ابنِ أحمدَ بنِ عليِّ بنِ عبد الرحمنِ، الإمامُ المُحِبُّ، أبو الخيرِ ابنُ أبي عبد الله الحَسَنِيُّ، الفاسيُّ، المكيُّ، المالكيُّ

(1)

أمُّه شريفةُ ابنةُ محمَّدِ بن كاملٍ الحَسَنِيُّ، وُلِدَ في يوم الجمعةِ ثاني عشري رَجَبٍ سنة ثمانٍ وتسعين وسِتِّ مئةٍ بمكَّةَ، وسمع بها باعتناءِ أبيه من يحيى الطَّبَرِيِّ "أربعي المحمَّدِين" للجِيَّانيِّ، و"جُزءَ ابن عرفةَ" وغيرَهما، وعلى الظَّهيرِ ابنِ مَنَعَةَ "جُزءَ ابنَ نُجَيدٍ"، وعلى الفخرِ التَّوزَرِيِّ الكُتُبَ السِّتَّةَ و"المُوطَّأَ" روايةَ يحيى بنِ يحيى، و"المِئَةَ الفُراوِيَّةَ" وجُزءًا فيه المسلسلُ بالأوليَّةِ وغيرَه من تخريجِ السَّمرقندِيِّ، والحديثَ المسلسلَ بِـ: جَرَّبتُهُ فوجدتُهُ حَقًّا، وعلى الصَّفيِّ والرَّضيِّ الطَّبِريَّينِ "صحيحَ البخاريِّ" و"ابنَ حِبَّانَ" وغيرهما، وعلى الرَّضِيِّ وحدَهُ "تاريخَ الأزرقيِّ" و"عوالي الفُراوِيِّ" ومن العفيفِ الدِّلاصِيِّ وجبريلَ بنِ عُمَرَ الكردِيِّ "وصايا العلماءِ" لابن زَبرٍ، ومن القاضي نجمِ الدِّين الطَّبرِيِّ "المجلسَ السادسَ بعدَ الأربعِ مئةٍ في فضلِ رَجَبٍ" لابنِ عساكِرَ، ومن ولدهِ "ارتقاءَ الرُّتبَةِ"، ومن عائِشَةَ وفاطِمَةَ ابنتي القُطبِ القسطلَّانيِّ "سُداسيّاتِ الرَّازِيِّ" ولبس

(1)

"العقد الثمين" 2/ 334، "ذيل التقييد" 1/ 252، "إتحاف الورى" 3/ 235.

ص: 81

منهما خِرقَةَ التَّصوُّفِ وغيرَ ذلكَ عليهم وعلى غيرِهم من شُيوخِ مَكَّةَ والقادمين إليها، منهم الصَّدرُ أبو الفداءِ إسماعيلُ بنُ يوسُفَ بنِ مكتومٍ سمعَ عليه "جُزءَ أبي الجَهمِ" و"مشيخَتَهُ" تخريجَ الفخرِ البعليِّ في أيامِ منى سنةَ إحدى عشرةَ.

وسَمِعَ بالمدينةِ على والده أيضا، والمحدِّثِ العِزِّ يوسُفَ بنِ الحَسَنِ الزَّرندِيِّ "عوارِفَ المعارِفِ" للسُّهرَوَردِيِّ، وعلى غيرِهما، ورحل به أبوه إلى مصرَ، فسمع بها على أبي هريرةَ ابن القارئِ "مسند الدارميِّ" و"جُزءَ أبي الجهمِ"، وعلى ابنِ أبي الفتوحِ القُرَشِيِّ "الموطأَ" ليحيى بنِ يحيى، وعلى محمَّدِ بن عبد الحميدِ القُرشِيِّ "صحيحَ مسلمٍ"، وغيرَ ذلك عليهم وعلى غيرهم بمصرَ وإسكندريَّةَ.

ثم طلب بنفسه فسمع بدمشقَ سنةَ ثمانٍ وعشرين من الحجَّارِ مسموعَهُ من الكتبِ والأجزاءِ خلا "مسنَدَ الدارميِّ" وغيرَ ذلك، وعلى النَّجمِ العسقلانيِّ "الموطأَ" لأبي مصعبٍ، وعلى أيّوبَ الكحّالِ بعضَ "النسائيِّ" في آخرين كثيرين.

وأجازَ له في سنة عشرٍ وسبع مئةٍ البدرُ ابنُ جماعةَ ومحمَّدُ بنُ الحسنِ الرَّصَدِيُّ

(1)

، والوانيُّ، والخُتنِيُّ، وعليُّ بنُ جابرٍ الهاشميُّ، ومسعودُ ابنُ أحمد الحارثِيُّ، وعبد الغفارِ بن محمَّدٍ السَّعدِيُّ

(2)

، وأحمدُ بنُ عليِّ

(1)

محمد بن الحسن بن علي الجزائري ثم الدمشقي ثم المصري، شمس الدين الرصدي. انظر:"ذيل التقييد" 1/ 115.

(2)

عبد الغفار بن محمد بن عبد الكافي بن عوض السعدي المصري القاضي المحدث تاج الدين، توفي سنة 732 هـ "الدرر الكامنة" 2/ 386 و"ذيل التقييد" 2/ 136.

ص: 82

ابنِ وهبٍ القُشَيرِيُّ

(1)

، وموسى بنُ عليٍّ الحُسينِيُّ، وأبو بكرِ بنُ عبد المنعمِ الصَّوَّافُ

(2)

.

وفي سنةِ ثلاثَ عشرَ باستدعاءٍ البرزاليُّ، والبهاءُ ابنُ خليلٍ ووزيرةُ، والمطعِّمُ، والقاسمُ ابنُ عساكر، والتَّقِيُّ سليمان، ومحمَّدُ بن أبي بكرِ بنِ أحمدَ بنِ عبد الدائمِ، وأبوه، وابنُ عمِّهِ محمدُ بنُ عبد الدائم، وأختُهُ فاطمةُ، وابنُ عَمِّهما الآخرُ محمَّدُ بنُ عمر، وفاطمةُ ابنةُ عبد الرحمنِ ابنِ الفَرَّاءِ، والبهاءُ إبراهيمُ بنُ عبد الرحمنِ ابنِ نوحٍ المقدسيُّ، وإسماعيلُ ابنُ الحسينِ ابنِ السائب

(3)

، وأخوه عبد الله، وناصرُ الدينِ محمَّدُ ابنُ يوسُفَ ابنُ المهتارِ، وأَخوه عليٌّ، وأبو نصرِ ابنُ الشيرازيِّ، وعليُّ بنُ المظفَّرِ الكِندِيُّ، وإسحاقُ الآمديُّ، وأحمدُ بنُ محمَّدٍ البَجَدِيُّ

(4)

، والتَّقيُّ ابن تيميةَ، وأحمدُ ابنُ محمدِ بنِ أبي القاسمِ الدَّشتِيُّ

(5)

، ومحمَّدُ بنُ عبد الرحيمِ بنِ النَّشوِ،

(1)

أحمد بن علي بن وهب، تاج الدين أبو العباس القشيري المنفلوطي، أخو التقي بن دقيق العيد قاضي القضاة، فقيه اشتغل بالمذهبين الشافعي والمالكي، توفي سنة 723 هـ. "المنهل الصافي" 1/ 398، "ذيل التقييد" 1/ 375.

(2)

لم أجده.

(3)

في الأصل: "النائب"، بدل:"السائب"، والمثبت من "معجم الشيوخ" و"الدرر". وهو: إسماعيلُ بنُ الحسينِ بنِ أبي السَّائب، الأنصاريُّ، مجدُ الدِّينِ الدِّمشقيُّ، توفي سنة 721 هـ. "معجم الشيوخ" 1/ 109، و "الدرر الكامنة" 1/ 366.

(4)

الذي وجدته هو: محمد بن أحمد البَجَدِيُّ، وهو محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن علي البجدي، -نسبة إلى بَجَد، قريةٍ من الزبداني- الصالحي الحنبلي، توفي 722 هـ. "الدرر الكامنة" 3/ 324.

(5)

أحمد بن محمد الكردي بن أبي القاسم بن بدران الكردي الدشتي الحنبلي، محدث، توفي سنة 713 هـ "الدرر الكامنة" 1/ 292. "ذيل التقييد" 1/ 393.

ص: 83

وأحمدُ بنُ عليِّ بن الزُّبيرِ الجيليُّ

(1)

، ويحيى بنُ محمَّدِ بنِ سعدٍ

(2)

، ومحمَّدُ بنُ أحمدَ بن أبي الهيجاءِ ابنِ الزَّرَّادِ، وسِتُّ الفقهاءِ ابنةُ الواسِطِيِّ

(3)

، وأبو بكر ابنُ الرَّضِيِّ، وأبو بكر محمَّدُ بنُ أحمدَ بن بحترٍ

(4)

، وزينبُ ابنةُ الكمالِ، وحبيبةُ ابنةُ عبد الرحمنِ المقدِسِيُّ

(5)

، وأفوَشُ الشِّبلِيُّ

(6)

، وعبدُ الرحمن بن عبد الهادي.

وتلا بالرواياتِ على مُقرِئِها العفيفِ الدِّلاصِيِّ، وسمع منه ومن الشيخِ أبي عبد الله محمَّدِ بن إبراهيمَ القصرِيِّ، وتفقَّهَ وشارَكَ في العلومِ، ومن شيوخِهِ الذين أخذ عنهم العِلمَ بِثَغرِ إسكندريَّةَ التَّاجُ الفاكهانيُّ والقاضي الوجيهُ يحيى بنُ محمَّدٍ المعروفُ بابنِ الجلالِ

(7)

، وأذن له في الإفتاءِ والتدريسِ، وصَحِبَ فيها جماعَةً من أهلِ الخيرِ منهم الشَّيخُ خليفَةُ وياقوتُ تلميذُ الشَّيخِ أبي العبَّاسِ المرسيِّ، فعادت بَرَكَتُهُم علمِه وطاب ذِكرُهُ، ولازم التدريسَ والإفادَةَ والفتوى والانزواءَ إلى أهلِ الخيرِ مع

(1)

أحمد بن علي بن الزبير بن سليمان بن مظفر الجيلي الدمشقي شمس الدين الشافعي، من العباد الزهاد، توفي سنة 724 هـ "الدرر الكامنة" 1/ 209. "ذيل التقييد" 1/ 346.

(2)

يحيى بن محمد بن سعد بن مفلح الأنصاري المقدسي ثم الصالحي الحنبلي، توفي سنة 721 هـ "الدرر الكامنة" 4/ 426.

(3)

ست الفقهاء بنت إبراهيم بن علىِ بن أحمد بن فضل أم محمد، وتدعى أمة الرحمن بنت الشيخ القدوة تقي الدين الواسطي، توفيت سنة 726 هـ "الدرر الكامنة" 2/ 127، "معجم الشيوخ" 1/ 288.

(4)

لم أجده.

(5)

حبيبة بنت الزين عبد الرحمن بن أبي بكر بن منصور المقدسي، شيخة رباط بغداد، توفيت سنة 725 هـ "ذيل التقييد" 1/ 346.

(6)

لم أجده.

(7)

لم أجده.

ص: 84

الزُّهدِ والإيثارِ والعبادَةِ والملأ للنَّاسِ، وحدَّثَ، سمع منه جماعةٌ من الأعيانِ، وروى عنه ابنُهُ الشريفُ عبد الرحمنِ.

وذكرَهُ ابنُ فرحونٍ في "نصيحةِ المشاورِ" فقال

(1)

: وكانَ مِمَّن رَفَعَ الله مَكَانَهُ وشَهَر بينَ النَّاسِ مَنزِلَتَهُ وحلَّ محلَّ الولِدِ الشَّيخُ الجليلُ الفقيه العلامَةُ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ أبو الخيرِ ابنُ سَيِّدِنا وشَيخِنَا أبي عبد الله نزيلِ مَكَّةَ، نشأَ في عبادَةِ الله تعالى، وتَبَتَّلَ للاشتِغَالِ بِالمَذهَبِ المالِكِيِّ حَتَّى رآهُ النَّاسُ أهلًا للتَّدرِيسِ والإِلقَاءِ والإفَادَةِ، فَدَرَّسَ واشتَغَل وصَحِبَ رِجَالًا من مشايِخِ الوَقتِ وارتَحَلَ إلى الإسكَندَرِيَّةِ، وأَدرَكَ بها من أهلِ العِلمِ والصَّلاحِ والأَئِمَّةِ جماعةً كثيرينَ فَصَحِبَهُم، وأخَذَ عنهم، واكتَسَبَ من أخلاقِهم ومحاسِنِ صِفَاصتهم ما أظهَرَ عليهِ نُورًا وبَهاءً ورِئَاسَةً لم تَكُن لِأَحَدٍ من نُظَرَائِهِ، مات بالمدينةِ سنةَ سبعٍ وأربعينَ وسبعِ مِئَةٍ، ودُفِنَ حِيَالَ قُبَّةِ إبراهيمَ عليه السلام. انتهى.

وعيَّنَ ابن سُكَّرَ أنها كانت في يومِ الجمعة أوَّلَ جمعةٍ من شعبانَ، وغيره بأنها كانت في شهرِ رمضانَ.

وكذا أرَّخَهُ شيخُنا، وقال في "دُررَهِ"

(2)

: إنَّه وُلِدَ بمكةَ سنة ثمانٍ وتسعين وستِّ مئةٍ، وسمع بها الكثير من الفخر التوزريِّ والصفيِّ والرَّضيِّ الطَّبَريَّينِ وغيرهم، ورحل فسمع بدمشقَ والإسكندريَّةِ، وأخذ بها عن الفاكهانيِّ وأذن له في الإفتاءِ والتدريسِ، ورجعَ إلى مكةَ فاستمرَّ بها يفتي

(1)

"نصيحة المشاور" ص 126.

(2)

"الدرر الكامنة" 4/ 225.

ص: 85

ويدرِّسُ، واشتهر بالخيرِ والعبادةِ، إلى أن مات في رمضانَ. انتهى، وكلُّهم مُتَّفِقون على السَّنَةِ، رحمه الله وإيانا.

[3898] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبد الرحمنِ بنِ محمَّدِ ابنِ محمَّدِ بن صالحٍ، ناصرُ الدين أبو الفضلِ وأبو العِزِّ ابنُ الزَّكِيِّ ابنِ فتحِ الدينِ، الكنانيُّ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(1)

الماضي أبوه (3865) وجَدُّه (3672)، ويعرَفُ كسَلَفِهِ بابنِ صالحٍ، وُلِدَ بالمدينة ونشأ بها في كَنَفِ أبيه، فحَفِظَ القُرآنَ و"المنهاجَ" وعرَضهَ علَيَّ مع الجماعةِ في سنة ثمانين، واشتغلَ قليلًا، وقرأ عليَّ في "القولِ البديعِ" و"تقريبِ النَّواويِّ" وغيرهما، وكذا قرأ في القراءاتِ على الزينِ جعفرٍ وأجاز له، وسافر إلى الرومِ في حياةِ أبيه وبعده، وأجحفَ فيما استأداه من أوقافِهم التي هناك جدًّا ولم يرضَ عنه واحِدٌ من الفريقَينِ، ودخل الشَّامَ والقاهِرَةَ وغيرهما غيرَ مَرَّةٍ، وزاحم أعمامَهُ بجزءٍ في الخطابَةِ والإمامةِ والنَّظَرِ، ورام أكثرَ من ذلك، وهو فَطِنٌ ذَكِيٌّ جريءٌ مُقتَدِرٌ على الإلفاتِ إليه مع صِغَرِ سِنِّهِ، وكان الأشرَفُ أمر بِسَجنِهِ في القاعَةِ بِسَبَبِ مُرافَعَةِ أحدِ أعمامِه مع أهلِ المدينةِ في أبيه، ثم أطلقَهُ من الغدِ وتضعضعَ حالُهُ جدًّا وأُهينَ مرَّة بعد أخرى، وأقام بالقاهِرَةِ مُدَّةً وكذا بمكّةَ وصار يستدينُ فيهما ما يتعذَّرُ عليه وفاؤُهُ، وقاسى من الناسِ إهانةً سِيَّما بمكةَ وهو ممنوعٌ من الإقامةِ بِبَلَدِهِ، لطفَ الله به وفرَّجَ ضائِقَتَهُ.

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 226، "إرشاد الغاوي"1011.

ص: 86

[أقولُ: وقد عاد لبلدِه وتولّى قضاءَ الشَّافعيَّةِ بها مع الخطابةِ وإمامَتها في سنةِ ثمانٍ وتسعِ مئةٍ وأقامَ بها مدة سنتَينِ سالكًا طريقةَ الخاسرين، وعادى عالم بلدِه السَّيِّدِ نورِ الدِّين السمهوديِّ فعُزِلَ

(1)

]

(2)

.

[3899] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمدِ بنِ عبد السلامِ بنِ محمدِ ابنِ رُوزَبَه، الشمسُ ابنُ فتحِ الدينِ أبي الفتح ابنِ التَّقيِّ الكازرونيُّ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(3)

والدُ أحمدَ الماضي (284) وكذا أبوهُما (3869)، ويعرَفُ كهو بابنِ تقيٍّ، ورُبَّما يقال له: تَقيٌّ. وُلِدَ في تاسعِ عِشرِي ربيعٍ الآخِرِ سنةَ خمسٍ وثلاثين وثماني مئةٍ بالمدينةِ النبويَّةِ، ونشأ بها فحَفِظَ القُرآنَ و"الحاوي" و"المنهاجَ الأصلِيَّ" و"ألفيةَ ابنِ مالكٍ" وعرضَ واشتغلَ على أبيه وغيره، وسمِعَ على أبي الفتحِ المراغيِّ والجمالِ الكازرونيِّ، بل قرأ على أبي الفَرَجِ المراغيِّ، وسمع منِّي قليلًا، وأجاز له شيخُنا وجماعةٌ، وكان خيِّرًا ذا هِمَّةٍ عَلِيَّةٍ وتَوَدُّدٍ وامتهانٍ لنفسِه مع أحبابِه، مات في يوم الثلاثاءِ ثالثَ عشري ربيعٍ الآخِرِ سنة تسعٍ وثمانينَ، وصُلِّيَ عليه في عصرِه، ودُفِنَ بالبقيعِ رحمه الله.

(1)

غير واضح في الأصل.

(2)

ما بين المعقوفتين زيادة من جار الله ابن فهد.

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 228، "إرشاد الغاوي"1014.

ص: 87

[3900] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بن محمَّدِ بن عبد الله بن أحمدَ أبو الطَّيِّبِ ابنُ التاجِ النَّستَراويُّ، ثم القاهريُّ الشافعِيُّ

(1)

ويعرف أبوه بابنِ المُحتَسِبِ، وهو بكنيته أشهرُ. اشتغلَ يسيرًا، وسمع مَعَنا على شيخِنا وغيرِه، وأجاز له جماعةٌ، وجوَّد الخَطَّ، وأتقن صناعةَ التذهيبِ ونحوها، وتميَّزَ في المباشرَةِ كأبيه، ونسخَ أشياءَ، وكان يميلُ إلى البطالَةِ، وقد صاهرَ النُّورَ ابن الرَّزازِ الحنبليَّ على ابنَتِهِ، ثم فارقَها، وسافرَ مع الرَّجبيةِ صُحبَةَ ناظرِ دِمياطَ فكانت مَنِيَّتُهُ بالمدينةِ النَّبوِيَّةِ في شعبانَ سنةَ إحدى وثمانينَ وثمانِ مئةٍ، وقد قاربَ الأربعينَ، ودُفِنَ بالبقيعِ، ونعم الخاتمةُ، رحمه الله وعفا عنه.

[3901] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبد الله بنِ محمَّدِ بنِ عبد الله ابنِ هادي ابن محمَّدٍ، السَّيِّد العلاءُ أبو عبيدِ الله ابنِ السَّيِّدِ عفيفِ الدِّينِ أبي بكرٍ الحسينيُّ الحسنيُّ المكرانيُّ الأصلِ النيريزيُّ المولدِ، الإيجيُّ الشيرازيُّ الشافعيُّ

(2)

ويعرَفُ بابنِ عفيفِ الدِّينِ. ممَّن أكثرَ التَّردُّدَ إلى الحرمَينِ والمجاوَرَةَ بهما، وسمع بهما الحديثَ وأسمَعَهُ، وتزوَّجَ في المدينةِ بابنةِ أبي الفرَجِ المراغيِّ، واغتبطَ بها وبأخِيها، وكان مولِدُهُ في (

)

(3)

.

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 230. والنستراوي: نسبة إلى نستورة، قرية من أعمال القاهرة، انظر: "الضوء اللامع" 4/ 307.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 232.

(3)

بياض بمقدار عشرة أسطر، وترجمته مطولة في "الضوء".

ص: 88

[3902] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبد الله، الشمسُ ابنُ الشَّمسِ البعدانيُّ اليمانيُّ الأصلِ، المدنيُّ الشافعيُّ ابنُ العوفيِّ

(1)

الماضي أخوه عبد الوهابِ (2571) وأبوهما (3872)، ويعرف كأبيه وجدِّهِ بالمسكينِ، وهو حفيدُ زينبَ ابنةِ محمَّدِ بنِ صالحٍ أخي عبد الوهابِ، وُلِدَ في سنةِ أربعٍ أو خمسٍ وستِّين وثماني مئةٍ بالمدينةِ، ونشأ بها، فقرأ القرآنَ و"أربعي النوويِّ" و"منهاجَه" و"جمعَ الجوامعِ" و"ألفيتي الحديثِ والنّحوِ" و "الشاطبيةَ"، وعرضَ في سنة ثلاثٍ وسبعين فما بعدها على أبي الفرجِ المراغيِّ، وفتحِ الدين ابنِ تقيٍّ، والشَّمسَينِ ابن شرفِ الدينِ المُقرئِ والسخاويِّ قاضي المدينةِ المالكيِّ، والشهابينِ ابنِ يونسَ والإبشيطيَّ، ولازمه حتى قرأ عليه من تصانيفِه "شرحَ خُطبةِ المنهاجِ" ومناسباتِ أبوابِه، وتخميسِ: يقولُ العبد

(2)

، وسمع عليه في الفرائضِ والإبشيطيِّ، والفقهِ وأصولِه والعربيةِ وغيرِ ذلك الشيءَ الكثيرَ، وعلى أبي الفرجِ المذكورِ "الشمائلَ"، وسمع عليه جملةً وكان أحدَ القُرَّاءِ في تقسيمِ الشَّرَفِ عبد الحَقِّ السُّنباطيِّ "للمنهاجِ" وسمع عليه "ألفيّةَ النّحوِ" وغيرَها، وقرأ بحضرَتِه على بلديِّهِ الشّمسِ السُّنباطيِّ "المسلسلَ" و"الشمائِلَ" وبعضَ

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 234، "إرشاد الغاوي"1011.

(2)

وهي قصيدة في علم التوحيد لسراج الدين علي بن عثمان الفرغاني الحنفي المتوفى سنة 575 هـ، اسمها "بدء الأمالي" ومطلعها: يقول العبد في بدء الأمالي لتوحيد بنظم كاللآلي. طبعت قديمًا وقد شرحها جماعة. "معجم المطبوعات" 1/ 499.

ص: 89

"الشِّفاءِ" في سنةِ خمسٍ وثمانين، وأكثر عن أبي الفضلِ ابنِ الإمامِ الدمشقيِّ بحيثُ استوفى عليه الكُتُبَ السِّتَّةَ، بل بحثَ عليه بقراءتهِ قطعةً من "المنهاجِ" وقسمًا من "ألفيَّةِ النحوِ" مع سماعِ باقيها، وقطعةً من "جمعِ الجوامعِ"، وأخذ عني في مجاورتي أشياءَ بقراءتِه وقراءَةِ غيره، ومن ذلك في الثانيةِ "مناقبَ العبّاسِ"

(1)

من تصانيفي، وفي الأولى جُلَّ "القولِ البديعِ" كُلَّ هؤلاءِ بالمدينةِ، بل قرأ علَيَّ بمكّةَ "الثلاثياتِ" وغيرَها، وفي ذي الحجّةِ سنةَ ثلاثٍ وثمانين على النَّجمِ ابنِ فهدٍ بها "المِئَةَ" انتقاءَ ابنِ تيميَّةَ من "البخاريِّ"

(2)

و"الأربعين" لشيخِنا من "مسلمٍ" بعد سماعِ المُسلسَلِ منه، وفي طيبةَ سنةَ ستٍّ وثمانين على حُسينٍ الفَتحِيِّ "الأربعين النوويَّةَ" مع سماعِ المسلسلِ والحديثِ الأوَّلِ كلاهما من لفظِه، وقال له: إنه قرأ "مُسلِمًا" بكمالِه على الزَّركشي.

ولازم في طيبةَ السَّيِّدَ السمهوديَّ في قراءةِ الكثيرِ من تصانيفِه وغيرها في الفقهِ وأصولهِ والعربيةِ في التَّقسيمِ وغيره، والقاضي صلاحِ الدينِ ابنِ صالحٍ، وعلى قاضي الحَرَمَينِ الشَّرَيفينِ الحنبليِّ، والشمسِ البُلبيسيِّ والنورِ المحلِّيِّ ابنِ قُريبةَ، وغيرِهم من الغرباءِ والقاطنين، فكان منهم النورِ الطّنتدائيُّ، قرأ عليه "مجموعَ الكلائيِّ"، وقرأ وسمع على عبد الله بنِ صالحٍ وفتحِ الدين ابن علبَكَ وجدَّتِهِ لأبيه زينبَ في آخرين، واختُصَّ بملازمةِ شيخِ الخُدَّامِ شاهين الجماليِّ، وقرأ بحضرتِه كُتُبًا كثيرةً، بل صار يكتُبُ

(1)

واسمه "الإيناس بمناقب العباس"، ص 51 - 52.

(2)

"المئة المنتقاة من صحيح البخاري" انتقاء أبي العباس ابن تيمية، ذكره الروداني في "صلة الخلف" ص:394.

ص: 90

عنه المراسيمَ والمطالعاتِ ونحوَها، وتميّزَ في ذلك بحيثُ صار مُوقِّعَ البَلَدِ نحوَ أبيه وعُدَّ في الفضلاءِ المُجيدين للقراءَةِ مع السُّرعَةِ، وربما قرأ في الروضةِ ما كان يجِبُ تنزيهُها عنه، ولم يخرج منها لغيرِ الحَجِّ.

[3903] محمدٌ

(1)

أخو الذي قبله، ويلقَّبُ بالتمييزِ عنه بالصالحيِّ، وهو أصغرُ الثلاثةِ، وُلِدَ بالمدينة سنة تسعٍ وستّين وثماني مئةٍ أو التي قبلَها، وحَفِظَ "أربعي النَّوويِّ" و"الشاطبيةَ" و"ألفيَّةَ النَّحوِ" ونصفَ "المنهاجِ" وقرأ عليَّ "الأذكارَ" و"الشِّفاءَ" وبحثَ في "شرحِ التذكرةِ"

(2)

وكَتبَهُ، ولازمني في سماعِ أشياءَ روايةً وتفهُّما، وقرأ في الفقهِ على الشمسِ ابنِ زينِ الدين القَطّانِ، وعلى الشمسِ البَسكرِيِّ في النحو.

[3904] محمّدُ بنُ محمّدِ بنِ محمّدِ بنِ عليِّ بنِ أَلبِ أرسلانَ الشَّمسُ ابنُ الضّياءِ السّلجوقِيُّ المقدسيُّ

(3)

نزيلُ الحَرَمَينِ، ويعرَفُ بابن ضياءِ الدينِ. ماتَ بالمدينة النبويّةِ بالبيمارستانِ مبطونًا في ربيعٍ الآخِرِ سنة إحدى وأربعين، ودُفِنَ بالبقيعِ

(1)

"إرشاد الغاوي" ص 1011.

(2)

"التذكرة" في علوم الحديث للحافظ ابن الملقن المتوفى سنة 804 هـ وللسخاويِّ عليها شرحٌ سماه: "التوضيح الأبهر لتذكرة ابن الملقن في علم الأثر" طبع في دار التقوى مصر 1409 هـ بتحقيق (حسين إسماعيل الجمل).

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 244.

ص: 91

بالقُربِ من سيِّدنا عثمانَ، وكانت إقامتُه بالبيمارستانِ يومًا وليلةً، رحمه الله وغفر الله، أرّخه ابنُ فهدٍ

(1)

.

[3905] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عليِّ بنِ يوسُفَ، الشمسُ أبو الخيرِ القُرَشِيُّ، العُمَرِيُّ، الدِّمَشقِيُّ، ثم الشيرازِيُّ الشافِعيُّ

(2)

ويعرَفُ بابنِ الجزرِيِّ. أقامَ بالمدينة من ربيعٍ الأوّلِ سنةَ ثلاثٍ وعشرين وثماني مئةٍ إلى مُستَهَلِّ رجبٍ منها، وحدَّثَ بها، وزار أيضا في رجوعهِ من الحَجِّ إلى القاهِرَةِ سنةَ ثمانٍ وعشرين ومعه ابنُه المُحِبُّ أحمدُ.

[3906] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ المُحِبِّ محمَّدِ بنِ عليِّ ابنِ يوسُفَ الأنصاريُّ الزرنديُّ المدنيُّ

وأظنُّه ابنَ البهاءِ محمَّدٍ الماضي (3879) قريبًا، سمع على الزَّينِ المراغيِّ.

[3907] محمَّدُ بنُ محمَّد كمالٍ بن محمَّدِ بنِ عُمَرَ التكروريُّ الأصلِ المدنيُّ المالكيُّ المؤذِّنُ

أخو عمر الماضي (3065) وأبي الفتحِ الآتي (4948)، ويعرَفُ بابنِ الرقيبي، وبابنِ كمالٍ وهو أكثَرُ.

(1)

"الدر الكمين" 1/ 360.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 255.

ص: 92

ممَّن سمع على الجمالِ الكازرونيِّ سنةَ سبعٍ وثلاثين في "الصَّحيحِ"، وسافرَ للاسترزاقِ لبلادِ العَجَمِ وتزوَّجَ بها، ومات هناك وترك ابنةً.

[3908] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أبي القاسمِ فرحونِ بنِ محمَّدِ بنِ فرحونٍ

الشيخُ شمسُ الدينِ، حسبما لقَّبه به ابنُ سُكَّرَ اليَعمَرِيُّ، الأُبَّدِيُّ الأصلِ، ثم المدنيُّ المالكيُّ، ابنُ أخي المؤرِّخِ البدرِ عبد الله بنِ محمَّدٍ الماضي (2085) وأبوه (3883) وجده (3817)، والآتي ذكرُ مولاه مُوفَّقٍ (4325).

ممن سَمِعَ بعد الخمسين وسبعِ مئةٍ على إبراهيمَ بن رجبٍ السلمانيِّ شيئًا من أوّلِ "الدِّرايةِ في اختصارِ الرِّعايةِ" للشرف ابنِ البارزيِّ

(1)

بروايتِه له عنه، وقال عَمُّهُ في عثمانَ المَجَكسِيِّ: وقد لازمه ابنُ أخي محمَّدُ بنُ محمَّدٍ فكان يحكي عنه -يعني عن عثمانَ- أحوالًا جليلةً، وفي أخيهِ والدِ هذا أنَّ هذا خَلَفَهُ، فسَلَكَ طريقَتَهُ وزادَ بصحبةِ المشايخِ والفقراءِ والأخذِ عنهم، له اشتغالٌ في الفقهِ والنحوِ واللُّغَةِ، ومع ذلك تراه كأنَّهُ أحدُ التُّرابيةِ

(2)

، وقد مضى في ترجمتيهما.

(1)

"الدراية لأحكام الرعاية" و"الرعاية" في الفقه على مذهب الحنابلة للشيخ نجم الدين أحمد ابن حمدان الحراني المتوفى سنة 695 هـ، و"الدراية" شرح له لشمس الدين محمد بن الإمام شرف الدين هبة الله بن عبد الرحيم البارزي المتوفى سنة 738 هـ، انظر:"معجم الكتب" لابن عبد الهادي ص: 104. "كشف الظنون" 1/ 908، والسخاوي جعل كتاب "الدراية" اختصارًا "للرعاية"، وجعله للشرف البارزي والد الشمس البارزي، والصواب ما ذكرته.

(2)

"نصيحة المشاور" ص: 135.

ص: 93

[ ....... ]

‌ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بن أبي القاسِمِ

هو الذي قبلَهُ.

[3909] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أحمَدَ ابنِ عُثمانَ بنِ عبد الغنيِّ، الشمسُ ابنُ الشمسِ ابنُ الشَّرَفِ الشُّشتَرِيّ المدنيُّ الشّافِعيُّ

(1)

الماضي أبوه (3886) وابنُ عمِّه مُحمَّدُ بنُ أحمَدَ بنُ شَرَفِ الدِّينِ، ويعرَفُ كأبيه بابن شَرَف الدِّين. ممَّن حَفِظَ القرآنَ و"المنهاج" وغيرَه، واشتغلَ وسَمِعَ منِّي بالمدينة، ماتَ في ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ إحدى وتسعينَ وثماني مئةٍ.

[3910] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ محمَّدِ ابنِ محمودِ بن إبراهيمَ، الجمالُ أبو عبد الله ابنُ الجلالِ أبي السعاداتِ ابنِ ناصرِ الدينِ أبي الفرجِ ابنِ الجمالِ الكازرونيُّ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(2)

سبطُ أبىِ الفرجِ المراغيِّ، والماضي أبوه (3887) وجده (3848) وجَدُّ أبيه (3405). وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستِّين وثماني مئة بطيبةَ، ونشأ بها، فحَفِظَ القُرآنَ و"أربعي النوويِّ" و"منهاجَهُ" وعلى خالِه الشيخِ محمدٍ المراغيِّ قرأهما

(1)

"الضوء اللامع" 9/ 269. "إرشاد الغاوي" ص 1013.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 272، "إرشاد الغاوي" ص 1013.

ص: 94

إلَّا من القضاءِ إلى آخرِ ثانيهما، وقرأ في أصولِ الفقهِ على الشهابِ الإبشيطِيِّ "منظومهً النَّسَفِيِّ اللاميَّةَ"

(1)

، وفي العربيةِ على الشرفِ عبد الحقِّ السُّنباطِيِّ "الجَرُّومِيَّةَ"، بل سمع عليه جُلَّ "الألفيَّةِ"، وفي الفقهِ والأصلَينِ قراءةً وسماعًا على زوجِ والدته السَّيِّدِ السمهودِيِّ، وسمع على أبيهِ وجَدِّهِ لأمِّهِ وخالِه وعمَّةِ أُمِّهِ فاطمةَ ابنة أبي اليُمنِ المراغِيِّ، ومما سمعهُ على جَدِّهِ "البخاريَّ" و"الشِّفاءَ" والكثيرَ، وقرأ على خالِه الكُتُبَ السِّتَّةَ و"الشَّمائِلَ" و"الشِّفاءَ" و"الأذكارَ" و"الرِّياضَ" وأجزاءَ، بل قطعةً من شرحِ "البخاريِّ" لعمِّهِ أبي الفتحِ، ولازم قاضي الحنابلةِ بالحَرَمَينِ المحيَويِّ الحسنِيِّ المكيِّ في سماعِ الكثيرِ، وكذا سمع على أبي الفضلِ ابنِ الإمامِ الدِّمشقِيِّ، وأجاز له النَّجمُ ابنُ فهدٍ وغيرُهُ.

وسمع منِّي وعليَّ في مجاورتي بالمدينةِ أشياءَ، بل قرأ عليَّ في كليهما، وفي الثانيةِ "مُسنَدَ الشافعيِّ" بكمالِه، وسمع بحثَ شرحي "للألفيةِ" إلَّا يسيرًا من أوَّلهِ، وقرأ عليَّ بمكَّةَ "الابتهاجَ" و"التَّوَجُّهَ للرَّبِّ" كلاهما من تصنيفي بعد تحصيلِهما، وهو إنسانٌ فاضلٌ فَهِمٌ كثيرُ التَّحرِّي في قراءَتِه وسماعِه، وفي لسانِه حَبسٌ عن التَّكَلُّمِ لعارضٍ عرض له في صِغَرِه، ولكنَّهُ في قراءَتِه أخَفُّ، وعملَ كُرَّاسَةً في صاعِقَةِ سنةِ ثمانٍ وتسعين أرسلَ إليَّ بها بمكّةَ مع صهرِهِ السُّهرَوَردِيِّ فيها نظمٌ ونثرٌ، وكتبها غيرُ واحدٍ، وممّا نَظَمَهُ معها:

سألتُكَ يا من لي بِعَينِ الرِّضى نَظَر

وسَدَّ بِسَدلِ السَّترِ عَيبي أو جَبَر

تَمَهَّد عُذرِي كون أنِّي من البَشر

فمِثليَ من أخطَأ ومثلُكَ مَن يستَر

(1)

منظومة في الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي ومالك، لأبي حفص عمر بن محمد النسفي المتوفى سنة 537 هـ، انظر:"كشف الظنون" 2/ 1867.

ص: 95

ثم أنشدني بالمدينةِ في العَشَرَةِ المشهودِ لهم بالجَنَّةِ لنفسِهِ:

خُذ سَردَ أفضَلَ صحبٍ للرَّسولِ ومَن

بِجَنَّةٍ بُشروا منه فهم غُرَرُ

سَعدٌ سعيدٌ زُبيرٌ طَلحُ عامرُ عُثـ

ـــمانُ ابن عَوفٍ أبو بكرٍ عَليْ عُمَرُ

[3911] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ الحارثِ بنِ مسكينٍ الفخرُ ابنُ العِزِّ القرشِيُّ الزهريُّ المصريُّ الشافعيُّ

وُلِدَ سنةَ أربعٍ أو سِتٍّ أو سبعٍ أو ثمانٍ وسِتِّين وسبعِ مئةٍ، وجزم العراقِيُّ في "وَفَياتِهِ" وهو ممَّن سَمِعَ منه بسِتٍّ، وروى عن التَّقِيِّ الناشريِّ

(1)

، وعبد الرَّحيمِ بنِ عبد المنعم الدَّميريِّ

(2)

والشهابِ القرافيِّ وحضر دروسَه، وتفقَّه بابنِ الرِّفعَةِ، وأجاز له الفخرُ ابنُ البخاريِّ وابنُ أبي عُمَرَ وابنُ خطيبِ المزَّةِ والمحبُّ الطَّبَرِيُّ والعِزُّ الحرَّانيُّ وآخرون نحو الألفِ، ووَلِيَ قضاءَ إسكندريَّةَ مرَّةً ثم نيابةَ الحُكمِ بالقاهرةِ ومصرَ، قال ابنُ رافعٍ: كان أديبًا من بيتٍ كبيرٍ بمصرَ، قلتُ: وقد جاور بالمدينةِ مرارًا، وكان دَيِّنًا فصيحًا من عُقلاءِ الرِّجالِ، له عِدَّةُ قصائدَ نبويَّةٍ، ووَلِيَ عِدَّةَ ولاياتٍ بأماكنَ مُتَفرِّقةٍ كالإسكندريَّةِ، بل عُرضِت عليه المدينةُ فامتنع، ذكرَهُ ابنُ صالحٍ في "تاريخه"، وقال: إنه قرأ عليه في مجاوَرَتِه الأولى شيئًا من الفقهِ، ووصفه العراقيُّ في "وفياتِه" بالإمام المعمَّرِ خليفةِ الحكم بمصرَ والقاهرةِ، سمعتُ

(1)

حمزة بن عبد الله بن محمد الناشري، أبو العباس اليمني الشافعي، تقي الدين: عارف بالنبات والتاريخ والأدب، توفي سنة 926 هـ "الضوء اللامع" 3/ 164. "شذرات الذهب" 8/ 142.

(2)

لم أجده.

ص: 96

منه وحدثنا عن الشهابِ القرافيِّ بِبَعضِ تصانيفِه، مات في شعبانَ سنةَ إحدى وستِّين وسبعِ مئةٍ عن نيِّفٍ وتسعين سنةً، ووَهِمَ من أرَّخَه سنة اثنتينِ، وأفحشُ منه من أرَّخَهُ سنةَ ثلاثٍ، وهو ممَّن ذكره شيخُنا في "الدُّرَرِ"

(1)

، وله ذكرٌ في أبي عبد الله محمَّدِ بنِ فرحون (3817).

[3912] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ [بنِ محمَّدِ]

(2)

بن حُسينِ بنِ علي ابنِ أحمدَ بنِ عطيَّةَ بنِ ظهيرَةَ، النَّجمُ أبو المعالي ابن النَّجم أبي المعالي ابن الكمالِ أبي البركاتِ ابنِ الجمالِ أبي السعودِ القرشيُّ المكيُّ الشافعيُّ

(3)

ويعرف كسَلَفِهِ بابنِ ظهيرةَ. ممَّن تكرَّرت زيارَتُه للمدينةِ النبويَّةِ، وتزوَّج فيها بابنةِ الفخرِ العينيِّ التي كانت زوجًا لقاضيها الصَّلاحِيِّ ابنِ صالحٍ، واستولدَها الجلالَ أبا السعاداتِ محمَّدًا، وكان نازلًا عند أبيها بالشَّمسِيَّةِ

(4)

السَّنَةَ فأكثرَ، وأضافنا فيها في أثناءِ سنةِ ثمانٍ وتسعين، وأُحضِرَ إليَّ الولدُ المذكورُ فحدثتُه بالمسلسلِ وأجزتُه، وُلِدَ بمكَّةَ بعد وفاةِ أبيه بسبعةٍ وثلاثين يومًا في آخرِ يومِ السبتِ رابعَ شعبانَ سنة ستٍّ وأربعين وثماني مئةٍ بمكَّةَ فخلَفَه في اسمِه ولَقَبِه وكُنيَتِه، وأُمُّه رابعةُ ابنةُ الخواجا

(1)

"الدرر الكامنة" 4/ 216.

(2)

ساقطة من الأصل، والتصويب من "الضوء".

(3)

"الضوء اللامع" 9/ 277، "الدر الكمين" 1/ 374.

(4)

في هامش الأصل بخط الأنصاري: "الشمسية هي الحديقة التي بباطن المدينة المنورة على يسار السالك من باب المصري إلى المسجد النبوي وتعرف اليوم بالعينية".

ص: 97

داودَ بنِ عليٍّ الكيلانيِّ، ونشأَ في كفالَتِها، فحَفِظَ القُرآنَ و"أربعي النوويِّ" و"منهاجَه" و"جمعَ الجوامعِ" و"الجرُّوميّةَ" و"ألفيّةَ النحوِ" و"العواملَ" و"البَصرويَّةَ"

(1)

و"التلخيصَ" و"التهذيبَ" في المنطقِ للتفتازانيِّ، وعرض على جمعٍ من المكِّيِّين والواردين كالزَّينِ الأميُوطيّ والبرهانِ الزَّمزَمِيِّ وابنِ عَمِّه البرهانِ ابنِ ظهيرَةَ وابنِ عمِّهِ الآخرِ المحبِّ ابنِ أبي السَّعاداتِ.

وفاتَهُ العَرضُ على أبي السَّعاداتِ أبيه والتَّقِيِّ ابنِ فهدٍ والمحيويِّ عبد القادِر المالكيِّ والشهابِ الشُّوايطيِّ وكان يُصَحِّحُ لوحَهُ عليه فالظَّنُّ قراءةُ جميعِها، وأبي الفضلِ المغربي والشهابِ ابن الدَّقاقِ المصريِّ والمحيويِّ الطوخيِّ والشهابِ ابنِ قرا والشريفِ التاجِ عبد الوهابِ الحُسينِيِّ والزَّينِ خطَّابٍ الدِّمَشقِيَّينِ، وتدرَّبَ بالأخيرِ في العربيةِ فإنه كان يُلقِّنُهُ من مُقَدِّمَةِ شيخه الشَّمسِ البَصرَوِيِّ

(2)

فيها درسًا درسًا ولا ينتقلُ عنه حتى يحفَظَه، وكذا حضر دروسَه في "الحاوي الصغيرِ" وغيرِهما، وأخذ في العربيةِ أيضًا وفي "مختصرِ ابنِ الحاجبِ" وغيرهما عن ابنِ يونُسَ،

(1)

في الأصل: "والعوامل البصروية"، والتصويب من "الضوء"، وكتاب العوامل هو "العوامل المئة" متن شهير في النحو لعبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة 471 هـ مطبوع متداول، شرحه كثيرون، والبصروية: هي كتاب "القواعد البصروية" في النحو، انظر:"كشف الظنون" 2/ 1357 ولم أقف على مؤلفها، ويقرب أن يكون محمد بن خليل بن محمد، أبو عبد الله، محب الدين ابن الإمام غرس الدين خليل، البصروي الدمشقي الشافعي الفقيه النحوي، المتوفى سنة 889 هـ "الضوء اللامع" 7/ 273.

(2)

محمد بن عبد الرحمن بن عمر الشمس القرشي البصروي الدمشقي، تولى الإفتاء والتدريس بدمشق وكان من كبار فقهائها الشافعية، توفي سنة 845 هـ "الضوء اللامع" 7/ 295.

ص: 98

والعربيةِ فقط عن أبي القاسمِ البِجائِيَّ

(1)

والهوَّاريِّ المغاربةِ، ولازم فيها عبد القادر المالكيِّ، وكثر انتفاعُه به وبتهذيبه، وظهرت آثارُهُ فيه، وهي مع المنطقِ عن مُطفَّرِ الطبيبِ

(2)

وتلميذِه النيسابوريِّ إمامِ الحنفيّةِ

(3)

نيابةً، ولازم الشِّروانيَّ في علمِ الكلامِ والمعاني والبيانِ، وأشهدَ عليه الشريفُ البخاريُّ

(4)

بالإذنِ له.

وكذا لازم الكمالَ إمامَ الكامليَّةِ حتى بحث عليه "المنهاجَ الفرعيَّ"، وتلقَّنَ منه الذِّكرَ، ولبسَ منه الخِرقَةَ، وقرأ عليه "الشِّفاء" وبعضَ "الصحيح" وغير ذلك، وسلامَ الله الكرمانيِّ في "المنهاجِ الأصليِّ"، وشهد بعضَ دُروسِ عَمِّهِ أبي السعاداتِ في الفقهِ وغيرِه، وسمع عليه وأكثر من مُلازَمَةِ ابن عمِّهِ البُرهانيِّ في دروسهِ الفقهيَّةِ والحديثيَّةِ والتفسيريَّةِ، وارتحلَ معه إلى القاهرةِ في سنة ثمانٍ وسبعين، وبانفرادِه قبلها في سنة ستٍّ وسبعين، وأخذ فيهما عن العباديِّ والبكريِّ في الفقهِ، وكذا عن زكريا والجوجريِّ، وأكثر من ملازمته في الفقه وأصولِه، وكذا من ملازمةِ الكافياجيِّ في فنونٍ مُتعدِّدَةٍ، وعن التقيِّ الحِصنيِّ "المُختَصَر"،

(1)

محمد بن محمد بن أبي القسم أبو الفضل المَشَدَّاليُّ البجائي، فقيه مالكي نبغ في جميع العلوم حتى صار مرجعًا فيها، تولى الإفتاء والقضاء والتدريس، توفي سنة 864 هـ "الضوء اللامع" 7/ 295.

(2)

لم أجده.

(3)

لم أجده.

(4)

محمد بن محمد بن محمد الشريف البخاري الحنفي نزيل مكة وإمام مقام الحنفية بها، توفي سنة 895 هـ "الضوء اللامع" 9/ 222.

ص: 99

وعن النظامِ الحنفِيِّ

(1)

في "التوضيحِ" وغيرِه من كُتُب العربيةِ، وكذا أخذ فيها عن السَّنهورِيِّ، وسمع على السَّيفِ الحنفيِّ

(2)

قطعةً من "شرحِ الألفيّةِ" لابنِ عقيلٍ، وقرأ عليه بعض "الشفاءِ"، وكان بها في سنة سبعٍ وتسعين، فلما وقع الطاعون فرَّ بحرًا مع الفارِّين، وأخذ بالمدينة النبويَّةِ عن الإبشيطيِّ في الفقه.

وأذن له غيرُ واحدٍ في الإفتاءِ والتدريسِ حسبما كتبتُ عبارَةَ جمهورهِم في "التاريخ الكبير"، وسمع على عَمِّهِ أبي السعاداتِ وأبي الفتحِ المراغيِّ والتقيِّ ابن فهدٍ والشّوايطِيِّ وإمامِ الكامليَّةِ وزينبَ الشوبكيَّةِ في آخرين بمكة، وعلى الشهاب الشاويِّ والزينِ عبد الصمدِ الهرسانيِّ

(3)

والزكيِّ المُناويِّ ونشوانَ

(4)

في آخرينَ ممَّن تقدَّمَ وغيرِهم بالقاهرةِ، وأبي الفرجِ المراغيِّ وغيرهم بالمدينةِ، وأجاز له خلقٌ منهم: شيخُنا والعينيُّ وسعد الدِّينِ ابن الدَّيريِّ وابنُ الفراتِ وسارةُ ابنةُ ابنِ جماعةَ

(5)

والصالحيُّ

(1)

يحيى بن يوسف بن محمد النظام الصيرامي ثم القاهري الحنفي، فقيه متمكن بالعقليات، توفي سنة 833 هـ "الضوء اللامع" 10/ 266.

(2)

محمد بن محمد بن عمر بن قطلوبغا، سيف الدين الحنفي، يعرف بابن الحوندار، علامة متفنن محقق، توفي سنة 881 هـ "الضوء اللامع" 9/ 173.

(3)

عبد الصمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر، الزين الهرساني، له اشتغال ورواية، توفي سنة 879 هـ "الضوء اللامع" 4/ 209.

(4)

وتسمى أيضًا سودة -لكنه هُجِرَ- ابنة الجمال عبد الله بن العلاء علي أبي الفتح الكناني العسقلاني القاهري الحنبلي، محدثة، توفيت سنة 880 هـ "الضوء اللامع" 12/ 129.

(5)

سارة ابنة عمر بن عبد العزيز ابن جماعة، من بيت علم ورياسة، حدثت بالكثير، توفيت سنة 855 هـ "الضوء اللامع" 12/ 52.

ص: 100

والرشيديُّ والتاجُ الشاويُّ

(1)

والسراجُ عمر القِمَنِيُّ

(2)

والكمالُ ابنُ البارزِيِّ والزينُ ابنُ عياشٍ والسراجُ عبد اللطيفِ الفاسيُّ، والبدرُ حُسينُ ابنُ العُليفِ وأبو اليُمنِ النُّويرِيُّ والمحبُّ المطرِيُّ وأبو الفتحِ ابنُ صالحٍ في آخرين من الحَرَمَينِ وبيتِ المقدسِ والقاهرةِ ودمشقَ وحلبَ وغيرِها، كأبي جعفرِ ابنِ العجميِّ والضِّياءِ ابنِ النصيبي

(3)

والتَّقيِّ أبي بكرٍ القَلقَشَندِيِّ والجمالِ ابنِ جماعةَ

(4)

.

ولازَمَنِي بمكةَ في سنَتَي ستٍّ وسبعٍ وثمانين حتى حملَ عنِّي من تصانيفي وغيرها شيئًا كثيرًا درايةً، كشرحي "لألفيَّةِ العراقيِّ"، وروايةً كالقولِ البديعِ، وحصَّلَه مع بعضِ تصانيفي، وكتبتُ له إجازةً هائلةً أودعتُ الكثيرَ منها في "الكبيرَ"، ونعمَ الرَّجُلُ فضلًا وتَفَنُّنًا وتحرِّيًا وصفاءً وبهاءً واهتمامًا بوظائفِ العبادَةِ وانجماعًا عن الناسِ وإتقانًا لكثيرٍ مما يتحفَّظُهُ ويُبدِيهِ، ولا زال يسألُني عن كثيرٍ من المتونِ وما لعلّه يراه في معانيها.

(1)

عبد الوهاب بن محمد بن طريف الشاوي القاهري الحنفي، كان شافعيًا ثم تحنف، توفي سنة 851 هـ "الضوء اللامع" 5/ 108.

(2)

عمر بن إبراهيم بن هاشم السراج أبو حفص القِمَنِيُّ ثم القاهري الشافعي، نسبة إلى قِمَنْ، قرية من قرى مصر نحو الصعيد، له اشتغال بالعلم، توفي سنة 851 هـ "الضوء اللامع" 6/ 67.

(3)

محمد بن عمر بن أبي بكر، الضياء النصيبي الحلبي الشافعي، له اشتغال بالعلم وولي التدريس بالظاهرية مدة، توفي سنة 857 هـ "الضوء اللامع" 8/ 240.

(4)

عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، الجمال ابن جماعة الكناني الشافعي المقدسي، حدث ودرس وأفتى، لقيه السخاوي ولم يؤرخ وفاته. "الضوء اللامع" 5/ 51.

ص: 101

[3913] محمَّدُ ابنُ الشَّرَفِ محمَّدِ ابنِ الشَّمسِ محمَّدِ ابنِ التَّقِيِّ محمَّدِ بنِ صالحِ بنِ إسماعيلَ، أبو البركاتِ الكنانيُّ المدنيُّ الشافعيُّ

(1)

شقيق عبد السلامِ الماضي (2413)، ولد سنة تسعٍ وأربعين تقريبًا، وحَفِظَ "العمدةَ" وعَرَضَها على عمِّهِ وأبي الفتحِ ابنِ تقيٍّ والشِّهابِ الإبشيطيِّ، بل حضر عنده في الفقهِ و"تفسيرِ البغويِّ" وغيرِهما، وقرأ على كُلٍّ من عُثمانَ الطَّرابُلسِيِّ الحنفيِّ، وأبي الفضلِ بنِ الإمامِ الدِّمَشقيِّ الشافعيِّ "البُخارِيَّ" و"الشفاء"، وسمع على أبي الفرجِ المراغيِّ وكاتِبِه، وباشر عن قريبِه الصلاحيِّ ابن صالحٍ حضورَ تفرِقَةِ خُبزِ المَلِكِ وخزنِه، وكذا نابَ عنه في الإمامةِ.

[3914] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بن محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبد السَّلامِ بنِ محمَّدِ ابنِ محمودِ بنِ إبراهيمَ بنِ أحمدَ بن رُوزبه، الشَّمسُ الملقَّبُ بالمقبولِ ابنِ الشَّمسِ ابنِ الشيخِ فتحِ الدينِ أبي الفَتحِ بنِ تقيٍّ الكازرونيِّ، المدنيِّ، الشافعيِّ

(2)

أخو أحمدَ الماضي (284)، وذاك الأكبَرُ، وأبوهُما (3899) ويعرَفُ كسَلَفِهِ بابنِ تقيٍّ، ويتميَّزُ بالمقبولِ، وُلِدَ في رمضانَ سنةَ إحدى وسبعينَ

(1)

لم أجده.

(2)

"الضوء اللامع" 9/ 285، "إرشاد الغاوي"1014.

ص: 102

وثمان مئةٍ بالمدينةِ، ونشأ فحَفِظَ القرآنَ و"أربعي النوويِّ" و"الحاوي" و"المنهاج الأصليَّ" و"ألفية النحو"، وعرض على جماعةٍ، وسمع على جدِّه أبي الفتحِ وأبىِ الفرجِ المراغيِّ وولدِه والشِّهابِ الإبشيطيِّ، ثم حُسينٍ الفتحِيِّ والبدرِ حسنٍ المرجانيِّ

(1)

، وقاضي الحَرَمَينِ الحنبليِّ المحيويِّ في آخرين، واشتغلَ بالفقهِ والعربيةِ وغيرهما.

ومن شيوخِه الشَّمسُ البُلبيسِيُّ، أخذ عنه الفقهَ وأصولَهُ والعربيةَ والفرائِضَ والحسابَ، وبه انتفعَ، وكذا أخذَ في الفقه عن السَّيِّدِ السَّمهودِيِّ، وقليلًا عن التَّقِيِّ ابنِ قاضي عجلونَ حين اجتيازِه للحَجِّ، وقرأ على النُّورِ ابنِ قريبَةَ المحليِّ "البُخارِيَّ" حينَ إقامَتِهِ بالمدرسةِ المزهريَّةِ، وحضر عنده غيرَ ذلك، بل حضرَ قبل عند الشَّرفِ عبد الحَقِّ السُّنباطِيِّ، وعرضَ عليه بعضَ محافيظِه، وبعدُ على المحبِّ أبي الفضلِ ابنِ الإمامِ الدِّمَشقيِّ، ولازم الشمس البسكَرِيَّ في العربيةِ.

وسمع منِّي في المجاورةِ الأولى بالمدينةِ، ثم لازمني في الثالثةِ حتى قرأ "الشِّفاء" و"الموطَّأَ" وغيرَهما كـ "المقاصِدِ الحَسَنةِ" من تصانيفي وكَتَبَهُ مع غيرِه، وسمع الكثيرَ بحثًا من شرحي على "ألفيةِ العراقيِّ" و"تقريبِ النوويِّ" وروايةِ جملةٍ من "القولِ البديعِ"، وله همَّةٌ في التحصيلِ وحرصٌ على الفائِدَةِ، بل هو من خيارِ فُضَلاءِ المدينةِ حُسنَ فَهمٍ ومشاركةٍ سيَّما في الفقهِ.

(1)

حسن بن محمد بن أبي بكر البدر المرجاني الشافعي، فقيه تصدر للتدريس والإفادة، لقيه السخاوي ولم يؤرخ وفاته "الضوء اللامع" 3/ 122.

ص: 103

[3915] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ محمودِ ابنِ إبراهيمَ بنِ أحمدَ بنِ رُوزَبَه، أبو الهدى حفيدُ التَّقيِّ ابنِ الشَّمسِ الكازرونيُّ المدنيُّ الشافعيُّ

الآتي أبوه قريبًا (3916)، حضر في الأولى سنةَ اثنتي وسبعين وسبعِ مئةٍ على البدرِ إبراهيمَ بنِ أحمدَ ابنِ الخشابِ بقراءَةِ عبد السلامِ بنِ محمَّدٍ بعضَ "الصَّحيحَينِ".

[3916] محمَّدٌ الشمسُ ابنُ التَّقِيِّ محمَّدِ ابنِ الشَّمسِ محمَّدِ بنِ محمودِ ابنِ إبراهيمَ بنِ أحمدَ بنِ رُوزبه الكازرونيُّ المدنيُّ

ابنُ أخي عبد السلامِ ابنِ محمَّدٍ الماضي (2409)، وُلِدَ في ذي الحجةِ سنة تسعٍ وأربعينَ وسبعِ مئةٍ، وسمع هو وأبوه ومعه ابنُه حاضرًا بقراءَةِ عمِّهِ عبد السلامِ على البدرِ إبراهيمَ ابنِ الخشابِ في "صحيح مسلم" سنةَ اثنتين وسبعين، وسمع قبل ذلك في سنة اثنتين وستِّين "ختمَ البخاريِّ" على البدرِ عبد الله بنِ محمَّدِ بنِ فرحونٍ.

[3917] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ محمودِ بنِ عُمَرَ

رجلٌ خَيِّرٌ يكثِرُ الإقامةَ بالروضةِ يُفرِّقُ رَبعَتَها ويحفَظُ عِدَّةً من مصاحِفها، وقد قَدِمَ المدينةَ سنة ثمانين وقَطَنَها من سنةِ خمسٍ وثمانين،

ص: 104

ويقالُ لأبيه القاضي أمينُ الدين الحصاريِّ الياسمنديِّ

(1)

، ويحضرُ المجالسَ، وسمع عليَّ جُلَّ "البخاريِّ" أو كُلَّهُ بقراءَةِ الشيخِ فضلِ الله، ثم لم يزل يُلازِمُني في مجاوراتي بها، وهو من خيارِ الغُرَباءِ القاطنين بها وقارًا وسمتًا وعقلًا وفهمًا وكتابةً، نفع الله به.

[3918] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ يحيى بن أبي عليٍّ، أبو الطيِّبِ ابنُ أبي عبد الله المغرِبي النقاوسيِّ القُسَنطِينيِّ المالكيِّ

(2)

وهو بِكُنيَتِه أشهرُ، وُلِدَ في جمادى الثاني سنةَ ثمانٍ وأربعين وثماني مئةٍ بِنَقاوُسَ غربي قُسَنطِينةَ، وكان أبوه قاضِيَها، فنشأَ بها، وقرأ القرآنَ لنافعٍ، وحضر دروسَ التفسيرِ والحديثِ والفقهِ على أبي عبد الله محمَّدِ بنِ سُلَيمانَ العياضِيِّ

(3)

، ثم نقلَه أبوهُ إلى قُسَنطِينَةَ، فسمع بها الحديثَ على مفتيها أبي العباسِ أحمدَ بنِ عيسى الأوراسيِّ

(4)

، وحضر دُروسَهُ في "ابنِ الحاجبِ الفرعيِّ" و"الرسالة" و"التهذيب" للبرادعيِّ

(5)

ودروسَ التفسيرِ وفقهَ الحديثِ عند أحمدَ بن سعيدِ المديونيِّ

(6)

، والنحوَ والعروضَ على

(1)

لم أجده.

(2)

"الضوء اللامع" 10/ 7، "إرشاد الغاوي"1015.

(3)

لم أجده.

(4)

أحمد بن عيسى بن علي بن يعقوب بن شعيب الداودي الأوراسي المغربي المالكي، توفي سنة 849 هـ "الضوء اللامع" 2/ 59.

(5)

"تهذيب المدونة" لأبي سعيد خلف بن القاسم بن سليمان الأسدي البرادعي، كان حيًا سنة 430 هـ، والكتاب مطبوع، انظر:"الديباج المذهب" ص: 112.

(6)

لم أجده.

ص: 105

زيّانِ بن فايدٍ الزواويِّ أحمدَ الزولاويِّ

(1)

، وبعض دروسِ الحديثِ والفقهِ عند محمَّدِ بنِ شقرونِ بنِ حليمةَ

(2)

وقاسمِ بن أبي حديدٍ

(3)

في آخرين.

ثم ارتحلَ إلى تونُسَ فقرأ بها "المسلسلَ" و"مشيخةَ الفخرِ" وغيرهما على ابن عزُّوزٍ

(4)

، وأجاز له. وأخذ الكثيرَ من التفسيرِ و"شرحِ مسلمٍ" على محمَّدٍ الواصليِّ

(5)

وإبراهيمَ الأخضريِّ

(6)

، وكذا أخذ عنهما الفقهَ في "المدوَّنَةِ" و"ابنِ الحاجبِ" و"الرِّسالةِ". وعن ثانيهما فقط "شرح ابن الحاجب الأصليِّ" و"الإرشادَ"

(7)

و"المقترحَ" شرحَهُ، وقرأ على أحمد النخليِّ

(8)

غالبَ "المغني" وابن أُمِّ قاسمٍ

(9)

و"شرح الجمل" لابن واصلٍ

(1)

لم أجده.

(2)

لم أجده.

(3)

لم أجده.

(4)

محمد بن محمد بن محمد أبو البركات التونسي المغربي المالكي، ويعرف بابن عزوز، له اعتناء بالرواية والسماع، توفي سنة 873 هـ "الضوء اللامع" 10/ 16.

(5)

محمد بن ميمون الواصلي -نسبة لقرية بتونس- التونسي المغربي المالكي الواصلي، عالم في الفقه والحديث والأصلين والعربية، مات بالطاعون سنة 873 هـ "الضوء اللامع" 10/ 65.

(6)

إبراهيم بن محمد الأخضري التونسي المغربي المالكي، فقيه مالكي متبحر، توفي سنة 899 هـ "الضوء اللامع" 1/ 169.

(7)

"الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد" لإمام الحرمين أبي المعالي المتوفي سنة 478 هـ. وشرحه "المقترح" لتقي الدين مظفر ابن عبد الله المعروف بالمقترح، المتوفي سنة 560.

(8)

أحمد النخلي التونسي، من علمائها المفتين، مات بالطاعون سنة 874 هـ "الضوء اللامع" 2/ 265.

(9)

"الجنى الداني في حروف المعاني" للحسن بن قاسم بن عبد الله بن علي المرادي المراكشي، المالكي المتوفى سنة 749 هـ، انظر:"بغية الوعاة" 1/ 517.

ص: 106

الحمويِّ

(1)

و"المطوَّلَ"، وعلى يوسفَ الأندلسيِّ "شرحه" للشريفِ التلمسانيِّ

(2)

، وعلى أحمدَ الصائغِ

(3)

وعلى محمدِ بنِ قاسمٍ اللجَّامِ البِجائيِّ

(4)

الحسابَ بالغُبارِ وغيرَه، والفرائِضَ وبعضَ "إقليدس" والهيئةِ والزِّيجِ، وسوَّى له نصبةَ الوَلادةِ، وسوى له البُيوتَ بكواكبِها، وسأله الحُكمَ فقال: ظَنِّي أنَّكَ إن نظرتَ كُتُبَهُ لا تعجَزُ عنه فتَرَكَ، وعلى عبد الله العلويِّ

(5)

بعضَ الهندسةِ في آخرين حسبَما كتبَ لي كُلَّ هذا بخطِّهِ، وملخَّصُهُ: أنه تحوَّل في حياةِ أبيه بعد قراءَتِه القُرآنَ واشتغالِهِ قليلًا إلى قسنطينةَ للطَّلَبِ ثم إلى تونُسَ، وأخذ الفِقهَ عن إبراهيمَ الأخضريِّ

(6)

، وأصولَهُ مع المنطِقِ والعربيَّةِ والمعاني عن أحمدَ النَّخلِيِّ ومحمَّدِ الواصِلِيِّ، وتُوُفِّيَ والِدُه، فارتحلَ إلى الدِّيارِ المِصرِيَّةِ في سنةِ تسعٍ وستِّين،

(1)

"الجمل في مختصر نهاية الأمل" في المنطق، لأفضلِ الدِّين محمَّد بنِ عبد الملكِ الخُونجيِّ، الشَّافعيِّ، المتوفى سنة 624 هـ. "كشف الظنون" 1/ 602، وشرحه لمحمد بن سالم بن نصر الله بن سالم بن واصل، أبو عبد الله المازني التميمي الحموي المتوفى سنة 697 هـ "هدية العارفين" 1/ 523.

(2)

"مفتاح الوصول إلى بناء الفروع والأصول" كتاب في الأصول محمد بن أحمد بن علي الإدريسي الحسني، أبو عبد الله المعروف بالشريف التلمساني، المتوفى سنة 771 هـ، انظر:"نيل الابتهاج" ص: 255، والشرح ليوسف بن أحمد الأندلسي التونسي، عالم مشارك، ذكر السخاوي أنه جاوز الستين سنة من عمره عام 890 هـ "الضوء اللامع" 10/ 302.

(3)

لم أجده.

(4)

محمد أبو عبد الله اللجام البجائي المغربي. أقرأ الفرائض والحساب وغيرهما، كان حيًا سنة 890 هـ "الضوء اللامع" 10/ 117.

(5)

عبد الله بن إسماعيل، أبو الخير بن الشرف العلوي الزبيدي اليماني، له مشاركة في علوم الحساب والفلك، توفي سنة 905 هـ "الضوء اللامع" 5/ 14.

(6)

في الأصل: "الأخدري" وكذلك في "الضوء"، ولعله: الأخضري المتقدم.

ص: 107

ولقي هو وعبَّاسٌ بإسكندريَّةَ ابنَ المُخَلِّطَةِ

(1)

حين وصولِهِ قاضِيَها، ثم دخلَ القاهِرَةَ وجَدَّ في الاشتغالِ والتحصيلِ واختُصَّ بخطيبِ مكةَ أبي الفضلِ النُّويريِّ رفيقًا للخطيبِ الوزيريِّ، وحضرَ مجالِسَهُ، وأخذ عن التقيّين

(2)

الشُّمُنِّيِّ غالبَ "حاشِيَتِه على المغني" وغيرَها، كشرحهِ لنظمِ والدِه "للنُّخبَةِ"، وتكرَّر له عنه وقال: إنه غيَّر موضعًا من النَّظمِ بِسبَبِ مُراجَعَتِه له، والكثيرَ من "العَضُدِ" و"الحاشيةِ" وبعض "المطوَّلِ" وغيرَ ذلك، وسمع عليه جميعَ "سيرةِ ابنِ هشامٍ" و"العمدةَ" ومجالسَ من "البخاريِّ" وبعضَ "مسندِ أحمدَ"، والحصنيِّ في المنطقِ وغيرِه، فقرأ عليه "القُطبَ" و"الحاشيةَ"

(3)

، وحضر مع العلامةِ ابنِ بَردِبِك التصوُّراتِ من "شرحِ المطالعِ"

(4)

وبعضَ "الرَّضِيِّ"

(5)

وغيرَ ذلك، وعن الشروانيِّ في

(1)

محمد بن محمد بن محمد بن يحيى، البدر أبو الفتح السكندري الأصل القاهري المالكي المعروف بابن المخلِّطَةِ، عالم متفنن درس وناب في القضاء، توفي سنة 870 هـ "الضوء اللامع" 10/ 8.

(2)

يعني: الشُّمُنِّي والحصني.

(3)

"الشمسية" متن في المنطق لنجم الدين عمر بن علي الكاتبي القزويني المتوفى سنة 793 هـ، شرحها قطب الدين الرازي المتوفى سنة 766 هـ واشتهرت "بالرسالة القطبية" وللسيد الشريف الجرجاني المتوفى سنة 816 هـ حاشية شهيرة على شرحه، اشتهرت باسم "حاشية السيد على القطب" وكلها مطبوعة قديما. انظر:"كشف الظنون" 2/ 1063.

(4)

"مطالع الأنوار" في المنطق لسراج الدين الأرموي، المتوفى سنة 682 هـ، عليه شروح كثيرة أشهرها شرح القطب الرازي المتوفى سنة 766 هـ "كشف الظنون" 2/ 1057.

(5)

"الكافية في النحو" لابن الحاجب المالكي المتوفى سنة 646 هـ، من أشهر متون النحو، عليه شروح كثيرة أشهرها شرح الرَّضِيِّ محمد بن الحسن الاستراباذي المتوفى سنة 690 هـ، "كشف الظنون" 2/ 1370.

ص: 108

"شرحِ الطوالعِ"

(1)

وغيرِه من طبيعيٍّ وإلهيٍّ ورياضيٍّ، والكافياجيَّ ولازمَ الأمينَ الأقصرائيَّ في التفسيرِ وغيرِه، ويحيى العُلميِّ في الفقهِ في آخرين، وطلبَ الحديثَ وقتًا، وأخذ عن بقايا من الشيوخِ كالملتوتيِّ، وهاجر وكتب بعض الطِّباقِ، وسمع منِّي رفيقًا للجلالِ القُمصيِّ "مشيخةَ الرازيِّ" و"البردةَ"، وكذا حضر عندي بعضَ مجالسِ الإملاءِ، وكان يُكثِرُ مراجعتي مع عقلٍ وسكونٍ وفضيلةٍ

(2)

، وفي غضونِ إقامتهِ بالقاهرةِ حَجَّ، ثم رجع إلى بلادِه، ووَلِيَ قضاءَ العسكرِ لحفيدِ مولاي مسعودٍ

(3)

، ثم أعرضَ عنه لاختيارِه سُكنى تونُسَ، وصار أحد عدولها، ودام سنين، وامتدح صاحبَها زكريا بنَ يحيى بنِ مسعودٍ بعد إخراجِ عبد المؤمنِ ابنِ إبراهيمَ بنِ عثمانَ عنها بقصيدةٍ، أوَّلُها:

ضَحِكَ الرَّبيعُ وجاءَ سعدٌ مُقبِلُ

ولك الهنا ذهبَ الزَّمانُ المُمحِلُ

فارفُل فدَيتُكَ في ميادينِ المُنى

هذا لِواءُ النَّصر وافى يرفُلُ

وأَرِح جوادَ الجِدِّ في أَثَرِ العِدَى

فسهامُ سَعدِكَ في الأعادي أنبَلُ

وسمعها منها بعضُ فُضلاءِ المغارِبَةِ، فلم يسمَح بعودِ نُسخَتِه بها إليه، وقال له: إنّ زكريا امتُدِحَ بكثيرٍ، ولم يطابِق الواقِعَ في مدحِه غيرُك، ثم تحوَّل

(1)

"طوالع الأنوار" كتاب في العقائد وعلم الكلام للقاضي البيضاوي المتوفى سنة 685 هـ، عليه شروحٌ كثيرةٌ أشهرها: شرح أبي الثناء الأصفهاني المتوفى سنة 749 هـ "كشف الظنون" 2/ 1116.

(2)

مكررة في الأصل.

(3)

يحيى بن محمد بن مسعود بن عثمان بن محمد بن أبي فارس، أحد ولاة تونس سنة 890 هـ "الضوء اللامع" 10/ 258.

ص: 109

بعيالِه وجماعتِه قاصدًا استيطانَ الحجازِ، فدخل الدِّيارَ المِصرِيَّةَ، فأقامَ بها نحوَ ثلاثةِ أشهُرٍ، ورآها على خلافِ ما كانت، فركبَ البحرَ من الطُّورِ صُحبةَ نائبِ جُدَّةً، ودخل مكةَ في أثناء رجبٍ سنةَ سبعٍ وتسعين، ولقيتُه هناك على طريقةٍ حَسَنَةٍ من الانجماعِ والعبادةِ والاجتماعِ بي أحيانًا، حتى سافر مع المدنيِّين إلى طيبةَ، فقَدِمها في أواخرِها، فاستوطَنها حسبَ ما أعلَمَني به ولقيتُه حينئذٍ، فكان يجتَمِعُ عليَّ ويراجِعُني في الأسانيدِ والتراجِم، بل حضر عندي عِدَّةَ مجالِسَ، وكتب لي بِخَطِّهِ ما عَلِمَه، وقد اقترحَ عليه الخطيبُ الوزيرِيُّ -وقد عزَم على الرَّحيلِ من المدينةِ- العملَ على نَمَطِ:

يَعِزُّ علينا أن نُفارِقَ مَن نهوَى

وكان معه على السَّيِّدِ السمهوديِّ في تلكِ المنازعاتِ التي لا أُحِبُّها، سِيَّما وهي مشوبةٌ بالتَّحاسُدِ والتَّرفُّعِ، فقال:

دعانا لِنَيلِ الوصلِ داعٍ إلى الهَوَى

فأعظِم به داعٍ وأحبِب بها دَعوَى

شَرِبنا بكأسِ الحُبِّ صِرفًا مُدامَةً

مُعَتَّقَةً من قبلِ أُمِّ الوَرَى حَوَّى

سَكِرنا ومَرَّغنا الخُدودَ على الثَّرَى

فإن نحنُ عَربَدنا فمَن ذا الذي يَقوَى؟

سَلَونا هَوَى ليلى بمعسولِ ريقِه

على أنَّنا في الحُبِّ لا نَعرِفُ السَّلوَى

وكُنّا على شَحطِ المزارِ وبُعدِهِ

كَسَتنا ليالينا لبالسًا من البَلوَى

وفي القَلبِ وَقدٌ إن تصاعَدَ حَرُّهُ

أفاضَ عليه الطَّرفُ من وبلِهِ أقوى

دعانا لنادِيهِ وليس لنا سِوى

نفوسٍ بَذَلناها بِدارًا إلى النَّجوى

وأضحى تعاطِينا مُدامَ حديثِه

لدى روضةٍ تُنمَى إلى جَنَّةِ المأوى

ص: 110

فها نحنُ أضحَينا بِطَيبَةَ كُلَّما

يمُرُّ حديثُ الصَّبرِ فيها على اللّأوا

نُرَدِّدُ ما قد قال من قبلُ عاشقٌ:

يَعِزُّ علينا أن نُفارِقَ مَن نَهوى

وأقرأَ هُناكَ بعضَ الطّلَبَةِ إلى أن حَجَّ، ورأيتُه بمكة ثم عاد إليها، ودخل مِصرَ والشَّامَ وحلبَ وغيرها، ورجعَ إليها مع الرَّكبِ الشاميِّ في سنةِ إحدى وتسعِ مئةٍ، كان الله له.

[3919] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ المُدَرِّسِ الشَّمسُ الأسيوطِيُّ

ويعرَفُ بابنِ طُبيخَةَ. ممّن نزلها وسمع في سنةِ سبعٍ وثلاثين "البخارِيَّ" على الجمالِ الكازرونيِّ، ووصفَهُ القارِئُ بالصَّدرِ الأَجَلِّ المُحتَرَمِ، وكان معه بنوه: محمَّدٌ وأبو البركاتِ وأبو السعاداتِ ومحمَّدٌ.

[3920] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ الشَّمسُ القاهِرِيُّ ثُمَّ المدنيُّ

أحدُ رؤساءِ مُؤذِّنيها، ووالدُ أحمدَ أبي الجماعةِ، استقرَّ في الرياسةِ بُعيدَ القرنِ بعد مُباشَرَتهِ لها فِى قلعةِ الجبلِ بِمِصرَ، بحيثُ كان يقولُ: كنتُ مُلقَّبًا بالرِّياسَةِ للأبوابِ الشريفةِ مجازًا، فصرتُ ملقَّبًا بذلك حقيقةً، وبَلَغَنا أنّ المُقَرِّرَ له في رياسَتِه المدينةَ الملِكُ النّاصِرُ فَرَجٌ، فاللهُ أعلمُ.

وكان مُتَمَيِّزًا في الميقاتِ ومتعلَّقاتِهِ بحيثُ صَنَّفَ في ذلك، بل نظم قصائِدَ نبويَّةً قيل إنها تزيدُ على ألفٍ، ومنها ما أثبَتَهُ صاحِبُنا الشَّمسُ

ص: 111

ابنُ الشيخِ عليٍّ الصوفيِّ:

إذا لم تصفُ في خيرِ البقاعِ

فما تُغنِي الحياةُ بلا انتفاعِ

أتطلُبُ فوق هذا من مقامٍ

يَنالُ الخيرَ فيه كُلُّ ساعِ

فإن تَكُ صادقًا في الحُبِّ فالزَم

مُتابَعَةَ الأحِبَّةِ باتِّضاعِ

وبِع نفسًا تَفُز بالرِّبحِ يومًا

يحاسَبُ بالرَّعِيَّةِ كُلُّ راعِ

ونفسُكَ مِلكُهُم والفَضلُ منهم

إذا قَبِلوكَ من بعدِ امتناعِ

فهذا مَنزِلُ الغُفرانِ فانهَض

وبادِر قبلَ أن ينعاكَ ناعِ

فأنت نزيلُ مَن يُرجى لِيومٍ

يُجيبُ الخلقُ فيه أمرَ داعِ

نَبِيٌّ حَنَّت الأظعانُ شوقًا

إليه من ثَنِيَّاتِ الوداعِ

حبيبٌ شَرَّفَ الأفلاكَ مسرى

وفاقَ على الكواكبِ في ارتفاعِ

وكم من مُعجزَاتٍ ليس تُحصى

له منها مُخاطَبَةُ الذِّراعِ

فيا خيرَ الأنامِ أعِن

(1)

فقيرًا

بِنُورِكَ عند أهوالِ النِّزاعِ

عليكَ صلاةُ ربِّي كلَّ حينٍ

مُكَرَّرَةً إلى يومِ اجتماعِ

وقد نابَ في الخطابةِ والإمامةِ بالمدينةِ.

ورأيتُ إجازتَهُ للشريفِ محمودِ بنِ عادلٍ بقراءَتِه عليه القرآنَ مؤرَّخَةً سنةَ إحدى وعشرينَ، وقال: كتبه مُحَمَّدُ بنُ محمَّدِ ابنِ الخطيبِ، رئيسُ المؤذنِّينَ بالحَرَمِ الشريفِ النَّبويِّ.

(1)

في هامش الأصل: "أغث".

ص: 112

[ ...... ]

‌ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ، الإمامُ شمسُ الدِّينِ الخَشَبِيُّ، المدنيُّ

يأتي فيمن جدُّهُ يحيى (3927).

[ ...... ]

‌ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمدٍ، أبو الطَّيِّبِ النستَرَاوِيُّ

فيمن جدُّهُ محمَّدُ بنُ عبد الله بنِ أحمدَ (3900).

[3921] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ، أبو عبد الله الغَرناطيُّ

نزيلُ المدينةِ النبويَّةِ. له ذكرٌ في أبي عبد الله القبتورِيِّ (4908)، قال ابنُ فَرحونٍ

(1)

: الشيخُ الفقيهُ الصالحُ الأديبُ، كَانَ في بَدءِ أمرِهِ مشتغلًا بالعلمِ، جَوَّدَ القراءاتِ السَّبعَةَ، وأحكمَ الفرائضَ والحسابَ حتى لم يكن في المدينةِ مثلُ بَدِيهَتِهِ في ذلك.

وكَانَ قد أَجَبَّ

(2)

نفسَهُ لعارضٍ عرضَ لهُ خافَ على نفسِهِ فيه من الشيطانِ، حيث غلبَ عَلَى ظَنِّهِ أنَّه لا يَنفَكّ عَنهُ إلَّا بما فعلَ، وزُّيِّنَ له أنَّه أسلَمُ لهُ في دِينِهِ من حَالتِهِ التي هو عليها، ثم نَدِمَ حيثُ لم ينفعهُ النَّدَمُ.

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 157.

(2)

أجبَ، الجب: القطع، والمجبوب مقطوع الذكر، "النهاية لابن الأثير 1/ 233".

ص: 113

وفي مثلِ هذا قِيلَ:

كلٌّ يحاولُ حيلةً يَرجُو بِهَا

دفعَ المضرَّةِ واجتلابَ المنفعَهْ

والمرءُ يَغلَطُ في تصرُّفِ حَالِهِ

فلرُبَّمَا اختارَ العناءَ عَلَى الدَّعَهْ

ثُمَّ إنَّه حَسُنَ حَالُهُ وعبادتُهُ وتَبَتُّلُهُ ورَغِبَ فيه جماعةُ الخُدَّامِ، فأَدْخَلُوهُ في خدمةِ الحَرَمِ، وقدَّمُوهُ عليهم في حِفظِ حواصِلِهِم وأوقافِهِم، ورَأَسَ بينهم رئاسةً جليلةً ودخلَ في جملةِ المُؤذِّنِينَ أصحابِ المعلومِ.

فَلمَّا كَبُرَ وأَسَنَّ نزلَ عنه، ولم يزل بَيْنَ الخُدَّامِ مُعظَّمًا مُحتَرَمًا مشهورًا بِعِفَّةِ اليَدِ واللِّسانِ في إقامةٍ طويلةٍ بينهم، وتَأثَّلَ دُنيا، فكانَ يُرسِلُ ما فضل عنه لإخوتِهِ في بلادِهِم غَرناطةَ بحيثُ إنَّهُ لمَّا تُوُفِّيَ لم يُوجد لَهُ مَا كَانَ يُتَّهَمُ بهِ مِنَ المالِ، وأوقفَ كُتُبَهُ وجعلَ مقرَّهَا في المدرسةِ الشهابيةِ، وأعتقَ عبيدًا وإماءَ وقَدَّمَ لنفسِهِ ذَخِيرةً صالحةً بعتقِهِ خادمَهُ نجيبًا أحدَ خُدَّامِ الحرم

(1)

بل هو من أميزِهِم عَقلًا ومعرِفَةً ودِيانَةً، وحَصَلَ لهُ بِهِ ذكرٌ جميلٌ، وخيرٌ كثيرٌ غيرُ قليلٍ، وكَانَ أبو عبد الله مُجيدًا صنعةَ الدِّهَانِ والتَّزويقِ، فعملَ في الحَرَمِ مَعَ الدَّهَانين، وأثَّرَ تأثيرًا حَسَنًا، وكَانَ لي مِنهُ نصيبٌ وافرٌ، ووُدٌّ عظيمٌ، ومبادَرَةٌ لِقَضَاءِ حوائجي، حتى كان يحضرُ معنا الدَّرسَ ويرعانا لما كان بينه وبين والدي. مات في سنةِ أربعٍ وخمسينَ وسبعِ مِئَةٍ، عن إحدى وثمانين سنةً، وتبعه المجد

(2)

مُلَخِّصًا على جاري عادتِه بالعبارةِ الرشيقةِ والإشارةِ الأنيقةِ، وكذا لخَّصَ شيخُنا ترجمتَه في "دررهِ"

(3)

.

(1)

الأبيات للحلاج الصوفي، وقيل لأبي العتاهية "محاضرات الأدباء" 1/ 575.

(2)

"المغانم المطابة" 3/ 1283.

(3)

"الدرر الكامنة" 4/ 236.

ص: 114

وقال ابنُ صالحٍ: كان يروي الحديثَ ويحفظُ القرآنَ مليحًا، ويشفِقُ على الفقراءِ أمينًا للخُدّامِ بل مُؤذِّنًا للحرمِ وأحدَ الخُدَّامِ، جاورَ بها مُدَّةً طويلةً ومات بها، وكان دَهّانًا يحسِنُ صنعةَ الدِّهانَةِ، وأعتق الطواشِيَّ نجيبًا الآتي (4355).

[3922] محمد بن محمد بن محمود بن إبراهيم بن أحمد التقي ابن الشمس أبي الأيادي ابن الجمال أبي الثناء الكازروني المدني

أخو الصفي أحمد (255)، والد الجمال محمد الماضيين، ويقال له: تقي، سمع على البدر إبراهيم بن الخشاب بعض "مسلم" في سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بقراءة أخيه عبد السلام، واشتهر ذكره بالملا.

[3923] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمودِ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ الشَّمسُ الجعفريُّ -نسبةً لجعفرِ بنِ أبي طالبٍ- الحافِظِيُّ، البُخارِيُّ، الزاهِدِيُّ

(1)

ويعرَفُ بِفَارسَا، ومعناه الزاهِدُ المتوَرِّعُ، مات بالمدينةِ

(2)

قافلًا من الحَجِّ سنةَ اثنتي وعشرين وثماني مئةٍ، وصفه الفاسيُّ في "ذيلِ النبلاءِ" بالشيخِ الإمامِ الخيِّرِ.

(1)

"إنباء الغمر"7/ 371 و"الضوء اللامع" 10/ 20.

(2)

في "الضوء" و"الإنباء" أن وفاته بمكة.

ص: 115

قلتُ: وهذا الرجلُ حَنَفِيٌّ من كبارِ محقِّقي الصّوفيَّةِ، ذو

(1)

أحوالٍ وكشفٍ ونَظَرٍ وتحقيقٍ، ممَّن أخذ عن الخواجا بهاءِ الدِّين النَّخشوانِيِّ "البخاريَّ"، ولقيَهُ شيخُنا الأمينيُّ الأقصرائيُّ بمكَّةَ كأنّه في أوَّلِ حَجَّاتِه التي كانت سنةَ خمسَ عشرَةَ، وسمعَ عليه في "صحيحِ مسلمٍ" وعَظَّمَهُ.

وهو صاحبُ "فصلِ الخطابِ لوصلِ الأحبابِ"

(2)

الذي شرح فيه العقائِدَ المأثورَةَ عن الجامِعين بين علومِ الشَّريعَةِ والطريقَةِ، وهو في مجلَّدٍ حافلٍ نفيسٍ في معناهُ، أفادنيه مولانا السَّيِّدُ السمهوديُّ وحقَّق كونَه له، واقتصرَ في أوَّلِهِ على اسمِه واسمِ أبيه وجَدِّهِ وقال: الحافِظِيُّ البخارِيُّ، وقبرُه بالبقيعِ يُزارُ، وكان وصولُه إليها في هذه المَرَّةِ صحبَةَ الرَّكبِ الشاميِّ ذهابًا وإيابًا، وأشار حين رُجوعِه لما يدُلُّ على موتِه، فلم يلبَث أن مات.

وممّن أخذ عنه من الكبارِ المذكورِين بالولايةِ عُبيدُ الله بنُ محمودٍ التركستانيُّ الشاشيُّ

(3)

المتوفّى سنةَ خمسٍ وتسعين، والشمسُ مُحَمَّدُ بنُ محمَّدٍ البخاريُّ

(4)

إمامُ الحنفيَّةِ بمكةَ حسبما أملاه عليَّ من شُيوخِهِ، فقال: إنه اشتغلَ على محمَّدٍ الزاهديِّ البخاريِّ المدفونِ بطيبةَ، وأما مَن أخذ عنه صاحبُ الترجمةِ فمنهم كما قاله في أثناءِ كتابِه "فصلِ الخطابِ" أنَّ شيخَه بقيَّةَ السَّلَفِ الصالحين حافظ الحقِّ والدينِ الظّاهِرِيُّ الخالِدِيُّ

(1)

في الأصل: "ذا". وهو لحنٌ.

(2)

مخطوط، منه نسخة بمكتبة آزاد - عليكر بالهند برقم 1/ 466 تصوف "فهرس المكتبة"1823.

(3)

لم أجده.

(4)

تقدمت ترجمته ص 99، حاشية رقم (4).

ص: 116

الأوسِيُّ

(1)

أجازَ له لفظًا وخَطًّا غيرَ مرَّةٍ، أولها بِبُخارَى في آخرِ شعبانَ سنةَ ستٍّ وستِّين، وثانيها بها أيضا في أوسطِ رَجَبٍ سنة ثلاثٍ وسبعين وسبعِ مئةٍ، وثالثها بِبَلَدِه أوسَ

(2)

في أوسطِ ذي القعدةِ سنةَ خمسٍ وسبعين كُلُّها بعدِ السَّبعِ مئةِ، وأن الخالدِيَّ أجاز له السِّراجُ أبو حفصٍ عُمَرُ بنُ عليِّ بنِ عُمَرَ القزوينيُّ

(3)

المتوفَّى في سَلخ شوَّالٍ سنة سَتِّ وسبع مئةٍ ببغدادَ، وكانت ولادَتُه سنةَ ثلاثٍ وثمانين وستِّ مئةٍ، وأنَّ القزوينيَّ أجازَ له علاءُ الدولةِ أحمدُ بنُ محمَّدِ بنِ أحمدَ السِّنديُّ السُّمنانِيُّ البيابابكيُّ

(4)

منشأً ومولِدًا، وكانت وفاتُه بعد نَيِّفٍ وثلاثين وستِّ مئةٍ، فإنه في المحرَّمِ سنةَ سِتٍّ وثمانين وستِّ مئةٍ كان ابنَ سِتٍّ وعشرين، بل دخل في السّابِعَةِ، وهو قال: إنَّه انتهى من تصنيفِ كتابِه "العُروَةِ لأهلِ الخلوَةِ والجَلوَةِ"

(5)

في المحرَّمِ سنةَ إحدى وعشرينَ وسِتِّ مئةٍ، وحكى فيه أنه في ابتداءِ أمرِهِ حين مضت له أربعٌ وعشرونَ سنة من عُمرِه، وذلك سنةَ ثلاثٍ وثمانينَ وستِّ مئةٍ رُفِعَت الحجُبُ بحيثُ شاهد الآخِرَةَ وما فيها على نحوِ ما نطق به الكتابُ والسُّنَّةُ، في كلامٍ طويلٍ.

(1)

لم أجده.

(2)

أوس: موضع بالبصرة، انظر:"معجم البلدان" 1/ 280.

(3)

لم أجده.

(4)

علاء الدولة أحمدُ بنُ محمَّدِ بنِ أحمدَ السِّنديُّ السُّمنانِيُّ البيابابكيُّ المتوفى سنة 736 هـ "الدرر الكامنة" 1/ 250.

(5)

مخطوط، منه نسخة بمكتبة آزاد - عليكر بالهند برقم 1/ 419 تصوف "فهرس المكتبة"1723.

ص: 117

[3924] محمَّدٌ -المدعوُّ نسيمَ- بنُ محمَّدٍ -المدعوُّ سعيدَ- بنِ مسعودِ بنِ محمَّدِ ابنِ مسعودٍ المدعوِّ -بخواجةَ إمامٍ- بنِ محمَّدِ بنِ عليِّ بنِ أحمدَ بنِ عُمَرَ ابنِ إسماعيلَ ابنِ الأستاذِ أبي عليٍّ الدَّقَّاقِ الحسنِ بنِ عليِّ بنِ محمَّدِ بنِ إسحاقَ بنِ عبد الرَّحيمِ بنِ أحمدَ، العلامةُ الخيِّرُ نسيمُ الدين أبو عبد الله ابنُ العلّامةِ سعدِ الدِّين النيسابوريِّ الأصلِ، الكازرونيُّ، الشافعيُّ

(1)

نزيلُ مكةَ. وُلدَ بكازِرونَ من بلادِ فارِسَ سنةَ خمسٍ وثلاثينَ وسبعِ مئةٍ ونشأ بها، فاشتغلَ بالعلمِ على أبيه وسمعَ منه بعض تصانيفِه، وأجاز له المِزِّيُّ وغيره من دمشقَ كما كان يذكُرُ.

وقدم مكةَ فجاورَ بها زيادة على عَشرِ سنينَ سَمِعَ فيها من النَّشاوِرِيِّ والجمالِ الأُميوطِيِّ، وحدَّثَ بمصنَّفِ أبيه في المولِد النبوِيِّ وهو في مجلَّدٍ ضَخمٍ جُلُّهُ في السِّيرَةِ النَّبوِيَّةِ قرأه عليه الجلالُ عبد الواحِدِ المُرشِدِيُّ، وسمع بعضَهُ الفاسِيُّ

(2)

وقال: كان فاضلًا في العربيَّةِ ومتعلَّقاتِها مع مشاركَةٍ حَسَنةٍ في الفقهِ وغيرِه وعبادَةٍ كثيرةٍ وديانةٍ متينةٍ وأخلاقٍ حَسَنَةٍ، ثم توجَّهَ لبلادِهِ ولم يلبَث أن توَجَّه إلى مكَّةَ فأدرَكَةُ الأجلُ باللّارِ

(3)

هي ذي القعدةِ سنة ثماني مئةٍ ودُفِنَ هناك، وذكرتُة هنا لأنه زارَ المدينةَ النبويَّةَ في طريق الماشي، وسهَّلَ في طريقِها أماكنَ مُستَصعَبَةً كما فعل في جَبَلَي حراءَ وثورٍ، رحمه الله.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 22 "معجم المؤلفين" 10/ 40.

(2)

"العقد الثمين" 2/ 322.

(3)

جزيرة في الخليج العربي قرب السواحل الإيرانية "معجم البلدان" 1/ 344.

ص: 118

[ ..... ]

‌ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ مُعاذِ بنِ أُبَيٍّ

يأتي بدون محمَّدٍ الثاني (3957).

[3925] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ مُكَرَّمِ بنِ أبي الخَيرِ أو أبي الحُسينِ رضوانَ بنِ أحمدَ ابنِ أبي القاسمِ بنِ حبقةَ بنِ منظورِ بنِ مُعافَى بنِ خميسٍ، القطبُ أبو بكرِ ابنُ الجمالِ أبي الفَضلِ ابنِ الجلالِ أبي العِزِّ الأنصاريّ

من ذُرِّيَّةِ الصَّحابِيِّ رُويفِعِ بنِ ثابتٍ الأنصارِيِّ، الخزرجيّ، المِصريّ نزيلُ مَكَّةَ، ويعرَفُ بابنِ المُكَرَّمِ. وُلِدَ سنةَ خمسٍ وسبعين وسِتِّ مئةٍ كما جزم به الفاسيُّ

(1)

، وسمعَ من أبيهِ وابنِ الصَّوَّافِ وابنِ القَيِّمِ والرَّضِيِّ الطَّبَرِيِّ والقُطبِ القَسطَلَّانِيِّ والحَجَّارِ ووَزِيرَةَ في آخرينَ، وحدَّثَ بالكثيرِ، ماتَ سنةَ إحدى وخمسين وسبعِ مئةٍ، وقيل: في التي بعدَها -وجزم به الفاسيُّ- ببيتِ المقدِسِ، وكان أحَدَ مُوقِّعِي الدَّستِ من أيّامِ المنصورِ قلاوونَ فمَن بعدَهُ، ثم تركَ وأكثرَ المجاورةَ بالمساجِدِ الثلاثةِ واستنجَزَ توقيعًا بصرفِ معلومِه في التوقيعِ حيثُ كان من المساجدِ الثلاثةِ. وله بمكةَ دارٌ ملاصقةٌ للمسجدِ وهي التي صارت للأفضَلِ صاحبِ اليَمَنِ

(2)

وعَمِلَها مدرسةً.

(1)

"العقد الثمين" 2/ 325.

(2)

عباس (الملك الأفضل) بن علي (الملك المجاهد) بن داود (المؤيد) ابن المظفر يوسف الرسولي الغساني الجفني: من ملوك الدولة الرسولية في اليمن، من المؤرخين، عارفًا بفنون من العلم والأدب، له مؤلفاتٌ، توفي سنة 778 هـ "العقود اللؤلؤية" 2/ 157، و "صبح الأعشى" 5/ 33.

ص: 119

وهو عندَ شيخِنا في "دُرَره"

(1)

، وشيخِهِ العراقيِّ في "وفياتِه"، وقد استبدُلِت هذه المدرسةُ بعد دهرٍ في سنة تسعٍ وثمانين وثماني مئةٍ، ذكرَهُ الفاسيُّ وقال: إنه جاورَ بمكةَ مُدَّةً تزيدُ على عشرين سنةً ملازمًا للعبادَةِ مُطَّرِحًا للتَّكَلُّفِ، ونقل عن شيخِه أبي بكرِ بنِ قاسمِ بنِ عبد المعطي تحديدَ مُجاوَرَتِه بمكةَ كما تقدَّم، وأنه كان يطوفُ مكشوفَ الرأسِ في الحَرِّ الشديدِ، ولكنّه كان كثيرَ الوقيعةِ في الناسِ. وقال غيرُه: إنه وُلِدَ في ربيعٍ الآخر سنة سبعين، وحجَّ سبع عشرة حجةً منها مجاوراتٌ خمسةٌ، واعتمرَ ما ينيف على خمسِ مِئَةِ عُمرَةٍ منها عمرَةٌ من المدينةِ النَّبوِيَّةِ في رمضانَ، وأكثَرُ طوافِه في اليومِ والليلةِ زيادةٌ على خمسين أسبوعًا تاليًا كتابَ الله مع صومِ الدَّهرِ سَفَرًا وحَضَرًا. وقرأَ القُرآنَ على النُّورِ الكُفتِيِّ

(2)

، والعربيَّةَ على البهاءِ ابنِ النَّحَّاسِ، وكتبَ في يومٍ وليلةٍ مئةً وأحدَ وسِتِّين منشورًا في أيامِ الروكِ، واشتغل على القُطبِ القسطَلّانيِّ والشِّهابِ الخُوَيِّيِّ والتَّقِيِّ ابنِ رُزَينٍ والتَّقِيِّ عبد الرحمنِ ابنِ بنتِ الأغَرِّ

(3)

وابنِ دقيقِ العيدِ والبدرِ ابنِ جماعةَ والشمسِ السَّروجِيِّ الحَنَفِيِّ

(4)

والعِزِّ المقدِسِيِّ القاضي

(5)

، وحَدَّث في مشيَخَتِه عن أبيه، وذكرَ جماعةً كثيرين، ثم قال: في آخرين.

(1)

"الدرر الكامنة" 4/ 239.

(2)

النور بن الكفتي أبو الحسن علي بن ظهير بن شهاب المصري شيخ الإقراء بديار مصر، توفي سنة 689 هـ "غاية النهاية" 1/ 547.

(3)

القاضي عبد الرحمن ابن عبد الوهاب ابن خلف المعروف بابن بنت الأغر، وليَّ مشيخة السعيدية "طبقات الشافعية الكبرى" 5/ 64.

(4)

أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني بن أبي إسحاق العباسي، شمس الدين السَّرُوجِي الحنفي، تفقه على مذهب أحمد، ثم تحول حنفيًا ونبغ حتى صار من كبار الفقهاء وتولى منصب قاضي القضاة، توفي سنة 710 هـ "الدرر الكامنة" 1/ 90، و"الجواهر المضية" ص:53.

(5)

عمر بن عبد الله بن عمر المقدسي عز الدين الحنبلي القاضي، توفي سنة 696 هـ "تذكرة الحفاظ" 4/ 1481.

ص: 120

[3926] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ ميمونٍ، أبو عبد الله الأندَلُسِيُّ الأصلِ الجزائرِيُّ

(1)

ويعرَفُ بابنِ الفَخَّارِ لبيعِ جَدِّه لذلك. وُلِدَ بالجزائرِ من بلادِ المغربِ، وبها قرأَ القرآنَ والفقهَ، ثم انتقلَ إلى تِلِمسانَ وأقام بها مُثابرًا على قراءَةِ العِلمِ على جماعةٍ من شُيوخِها، كقاضي الجماعَةِ أبي عثمانَ سعيدٍ العُقبانيِّ

(2)

مُدَّةً، ثم وصلَ إلى تُونُسَ وحضر مجلِسَ ابن عَرَفَة فعَظَّمَه وأكرَمَ مثواهُ، وكان يطلُبُ منه الدُّعاءَ، ومجلسَ قاضي الجماعةِ أبي مهدي عسِى الغُبرينِيِّ

(3)

، وأقام بها سنةً أو أكثرَ قليلًا، ثم ارتحلَ إلى مصرَ فأقامَ بها أشهرًا، ثم حَجَّ وأقامَ بالمدينةِ خمسةَ أعوامٍ يُؤَدِّبُ الأطفالَ، وكان من العُلَماءِ الصالحينَ العاملينَ الأخيارِ، مذكورًا بالكَشفِ، مات في عصرِ يوم الخميسِ تاسعَ عِشرِي رمضان سنةَ إحدى وثماني مئةٍ، ودفن صبيحةَ يومِ الجمعةِ، وكان يومَ العيدَ قبلَ صلاةِ العيدِ بالمعلاةِ، وكان جاوَرَ بمكَّةَ من سنةِ ثماني مئةٍ رحمه الله، ذكرَهُ الفاسِيُّ

(4)

.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 23، دُرر العقود الفريدة للمقريزي 3/ 169.

(2)

سعيد بن محمد التجيبي التلمساني العقباني قاض، فقيه مالكي، ولي القضاء بالمغرب، نسبته إلى عقبان (قرية بالأندلس) له كتب، توفي سنة 811 هـ. "الديباج المذهب" ص:124.

(3)

عيسى بن أحمد بن يحيى أبو مهدي الغبريني المالكي قاضي تونس وعالمها، مات سنة 816 هـ "الضوء اللامع" 6/ 151. "نيل الابتهاج" ص:193.

(4)

"العقد الثمين" 2/ 327.

ص: 121

[3927] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ نافِعٍ أبو نافعٍ الطائفيُّ المدنيُّ

(1)

يروي عن: القاسمِ بنِ عبد الواحدِ بنِ أيمنَ المكِّيِّ، وعنه: عبد الملكِ ابنُ إبراهيمَ الجُدِّيُّ، ذكره ابنُ حبّانَ في "الثقاتِ"

(2)

وخرَّجَ له النَّسائِيُّ

(3)

، وذُكِرَ في "التهذيبِ"

(4)

و"تاريخ البخاريِّ"

(5)

، وأورد له من جِهَةِ الجُدِّيِّ عنه عن القاسمِ، حدثني عُمَرُ بنُ عبد الله بن عُروَةَ، عن جَدِّهِ عن عائِشَةَ: فخرتُ بمالِ أبي في الجاهليّةِ وكان ألفَ أوقيَّةٍ، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"كنتُ لك كأبي زرعٍ" وابنُ أبي حاتمٍ عن أبيه، وقال الذهبيُّ: لا يعرَفُ

(6)

.

[3928] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بن يحيى بنِ منصورٍ، الشَّمسُ أبو عبد الله الخَشَبِيُّ، المدنيُّ، المُؤذِّنُ بها، الحَنَفِيُّ

(7)

الآتي أبوه (3994)، والماضي ابناه عبد السلامِ (2415) وغانمٌ (3172)، سَمِعَ من الجمالِ المطرِيِّ وخالصِ البهائِيِّ "إتحافَ الزَّائِرِ" لأبي اليُمنِ ابنِ عساكِرَ وحدَّثَ به، سَمِعَهُ عليه أبو الفتحِ المراغيُّ وابنُ أختِهِ المُحِبُّ

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 87.

(2)

"الثقات" 9/ 38.

(3)

"السنن الكبرى"(9139).

(4)

"تهذيب الكمال" 26/ 381، و"تهذيب التهذيب" 7/ 407.

(5)

"التاريخ الكبير" 1/ 224.

(6)

"ميزان الاعتدال" 4/ 25.

(7)

"الدرر الكامنة" 4/ 247.

ص: 122

الطَّبَرِيُّ، وقرأَ "البُخارِيَّ" على مُحمَّدِ بنِ عبد المعطي بنِ سالمِ بنِ سبعٍ، وعبد الله بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ فرحونٍ في سنةِ سبعٍ وخمسين وسبعِ مئةٍ بالروضةِ، ووُصِفَ بالفقيهِ الجليلِ الفاضلِ الصالحِ.

وقال ابنُ فرحونٍ

(1)

: إنّه ابنُ أختِ محمودٍ العجميِّ، وهو صاحبُنا في الله الفقيهُ العالمُ العاملُ الوَرِعُ الزاهِدُ شمسُ الدِّينِ، ذو النَّفسِ الزَّكِيَّةِ، والأخلاقِ الرَّضِيَّةِ، والطَرِيقةِ المَرضيَّةِ، اشتغلَ في الفقهِ، وشَارَكَ في عُلومٍ أتقنَهَا، ثُمَّ أكَبَّ عَلَى الإفادةِ والاشتغالِ ونشرِ العلمِ طولَ نهارِهِ، وصَحِبَ اليافعيَّ ومُوسَى الغزّاويَّ، وسُليمَانَ الوَنشَرِيسيَّ، ومَن لا يُحصَى كَثرةً، فَاكتَسَبَ مِن أَخلاقِهِم، وَتَأَدَّبَ بآدابِهِم، وسَارَ عَلَى هديهِم. وهو أَحَدُ المُؤذِّنينَ بالحَرَمِ النَّبَوِيِّ، وليس فيهم بل ولا في المدينة اليومَ من يَعلَمُ عِلمَ الميقاتِ مثلُه. وإِنَّمَا كان حنفِيًّا مع كونِ أبيه شافعيًّا، لأَنَّ أباه مات وهو ابنُ سَنَتَينِ، فإن مولِدَهُ في آخرِ سنةِ ثلاثَ عشرةَ وسبعِ مِئَةٍ، فتزوَّج الشَّيخ مُحَمّدُ بنُ داودَ أُمَّهُ، وَكَانَ شافعيًّا، فَلَمَّا قَدِمَ الشَّمسُ ابنُ العجميِّ إلى المدينةِ وَأَسَّسَ قَوَاعِدَ مذهب الحنفِيَّةِ فيها، أَمَرَ ابنَ داودَ وربيبَه صاحبَ الترجمة والشمسَ الحَلِيمِيِّ الآتي بالاشتغالِ عَلَيهِ، فَفَعَلوا، وكَثُرَتِ الحَنَفِيَّةُ في المدينةِ بِبَرَكَتِهِمَا

(2)

. وكان هذا فقيهًا نحويًا زاهدًا، مات سنةَ سبعٍ وثمانينَ وسبعِ مئةٍ بالمدينةِ ودُفِنَ بالبقيعِ.

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 174.

(2)

بهامش الأصل بخط عبد القادر الأنصاري: "أول ظهور مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى بالمدينة وكثرة الحنفيين بها وكان ذلك في حدود السبعين والسبع مئة".

ص: 123

وذكرَه شيخُنا في "درره"

(1)

فلم يُسَمِّ جَدَّهُ، وقال: قرأتُ بِخَطِّ ابنِ سُكَّرَ أنَّه سَمِعَ الكثيرَ بالمدينةِ وقرأ بنفسِه، وكان يُؤذِّنُ بالحَرَمِ النَّبَويِّ، ورأيتُ مَن قال: محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ الإمامُ الشَّمسُ الخَشَبِيُّ المدنِيُّ، قرأ "الشِّفاءَ" على العَزِّ أبي عُمَرَ ابنِ جماعةَ في سنةِ سبعٍ وسِتِّينَ وسبعِ مئةٍ بالرَّوضَةِ النبويَّةِ، وسَمِعَهُ بقراءَتِه الزَّينُ أبو بكرٍ المراغيُّ، والظاهرُ أنه هذا تغيَّرَ اسمُ جَدِّه، وكذا سيأتي محمَّدُ بنُ يحيى، وهو محتَمِلٌ لأن يكونَ هذا أيضًا، وقع فيه سقطٌ، ويحتَمِلُ أن يكون والِدَهُ.

[3929] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ يوسُفَ بنِ الحَسَنِ ابنِ محمَّدٍ الزَّرَندِيُّ

(2)

أخو عبد اللطيفِ الماضي (2494).

[3930] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ يوسُفَ بنِ محمَّدِ بنِ معالي، الجمالُ أو الشَّمسُ أبو عبد الله وأبو بكرِ ابنُ الشَّمسِ أبي الفضلِ الزُّعيفِرينِيُّ، المدنِيُّ، ثم المكِّيُّ الحَنَفِيُّ

(3)

الآتي أبوه (4017)، ولد في ليلةِ الخميسِ ثامن ذي الحجَّةِ سنةَ ثمانٍ

(1)

"الدرر الكامنة" 4/ 247.

(2)

بهامش الأصل بخط عبد القادر الأنصاري: "محمد بن يوسف صاحب درر السمطين"، يأتي قريبًا بعد عشر ورقات.

(3)

"الضوء اللامع" 10/ 33، "إرشاد الغاوي"1016.

ص: 124

وخمسين وثماني مئةٍ بالمدينةِ النبويَّةِ، وتحوَّل منها وهو ابنُ خمسٍ مع أبويه إلى مكةَ، فحَفِظَ القرآنَ ثم "المختارَ"

(1)

و"المنتخبَ"

(2)

في أصول الفقه و"ألفيَّتَي الحديثِ والنحوِ" و"الفقهَ الأكبرَ"

(3)

في أصولِ الدين، و"إيساغوجي"

(4)

، وعرض على البرهانيِّ ابن ظهيرةَ وغيرِه، وقرأ في الابتداءِ على الزينِ الهُمامِيِّ في النحو، بل هو الذي حَنَّفَهُ، وإلا فإنه ابتدأ شافعيًّا كسَلَفِهِ، وقرأ في "المنهاجِ" إلى شروط الصلاةِ، ثم أخذ النحو بتمامه عن المحيويّ عبد القادرِ المالكيِّ، ولازم قاضي الحنفيَّةِ بمكَّةَ، ثم ولدَه في الفقهِ، وكذا قرأ على الفخرِ عُثمانَ الطَّرابُلسِيِّ حين جاورَ بمكَّةَ، وأخذ النحوَ والأصولَ وغيرَهما عن العُلَمِيِّ المالكِيِّ، وقرأ عليه أحدَ

(5)

الكُتُبِ السِّتَّةِ و"المختصرَ" عن عبد المُحسنِ الشِّروانيِّ

(6)

، وعنه أخذ

(1)

"المختار" من متون فقه الحنفية المشهورة، لعبد اللهِ بنِ محمَّدٍ الموصليِّ، المتوفى سنة 683 هـ، مطبوع.

(2)

أصول الأخسيكثي المسمى بالمنتخب. وأخسيكثي: نسبة إلى أخسيكث مدينة من فرغانة وأخسيكثي: بالتاء والثاء. انظر: "الوافي" 1/ 1048. والأخسيكثيُّ هو: محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عمر، حسامُ الدِّين الأخسيكثي، أبو الوفاء، المعروف بابن أبي المناقب. له "المختصر في أصول الفقه" المعروف بالمنتخب الحسامي. توفي سنة 644 هـ. "الفوائد البهية" ص: 188.

(3)

"الفقه الأكبر" في العقائد للإمام أبي حنيفة النعمان، طبع سنة 1260 هـ.

(4)

"إيساغوجي": كتاب في المنطق لأبي الفرج غريغوريوس الملطي، له شروح كثيرة.

وإيساغوجي: كلمة يونانية تعني: المدخل إلى المنطق. ينظر: "مفاتيح العلوم" ص: 32، و"إيضاح المكنون" 1/ 153.

(5)

هكذا في الأصل.

(6)

عبد المحسن بن عبد الصمد الشرواني الشافعي نزيل مكة، برع في فنون، توفي سنة 889 هـ "الضوء اللامع" 5/ 78.

ص: 125

العَروضَ والحسابَ والأصلَينَ والمنطقَ عن عبد النبيِّ المغربيِّ والأصولَ والمعاني وغيرها عن عبد الحقِّ السنباطيِّ واختُصَّ بالشيخِ عبد المعطي كثيرًا، وأخذ عنه في التصوُّفِ وغيرِه، وكذا أكثرَ من ملازمةِ قاضي الحَرَمَينِ المحيويِّ الحنبليِّ الحسنيِّ، وقرأ عليه في الأصولِ وغيرِه، وقدم القاهرةَ في غضونِ ذلك، فأخذ عن الصلاحِ الطرابلسيِّ، والشمسِ الأمشاطيِّ وغيرِهما كنظامٍ والشمسِ ابنِ المغربيِّ الغَزِّيِّ

(1)

والبدرِ ابنِ الغرزِ

(2)

في الفقهِ، وعن الجوجريِّ في "التوضيحِ" لابنِ هشامٍ، وعُنِيَ في علومِ الحديثِ، وقرأ عليَّ "السُّنَنَ" لأبي داودَ وغيرِها، ثم لازمني بمكةَ في سنة سِتٍّ وثمانين والتي بعدها حتى أخذ عني شرحي "لألفيةِ العراقيِّ" وكتبَه هو وغيرُه من تصانيفي، وحمل عني بقراءَتِه وقراءَةِ غيرِهِ أشياءَ كالسُّنَنِ "للنسائيِّ"، وكتبتُ له إجازةً كتبتُ بعضَها في "التاريخِ الكبيرِ"، وكذا لازَمَنِي في المجاورةِ الخامسةِ حتى قرأ عَلَيَّ "سيرةَ ابن سَيِّدِ الناسِ"، وسمع "الشِّفاءَ" وغيرَهما من مرويّاتي ومصنَّفاتي.

وأكثرَ من ملازمَةِ دُروسِ الجماليِّ أبي السُّعودِ في "الكشَّافِ" وغيرِه، واستقرَّ به في مشيخةِ رباطِ الشَّريفِ، وأقرأ بعضَ الطَّلَبَةِ، وهو فاضلٌ بارعٌ مُتَفَنِّنٌ منجَمِعٌ عن الناسِ مُقبِلٌ على شانِه، مع استقامةٍ وعقلٍ ورغبَةٍ في الفائِدَةِ، وأحسَنُ معارِفِه العربيَّةُ.

(1)

محمد بن عمر بن محمد الشمس أبو عبد الله الغزي الحنفي ويعرف بابن المغربي، قاضي الحنفية، "الضوء اللامع" 8/ 263.

(2)

محمد بن محمد بن محمد بن خليل البدر القاهري الحنفي ويعرف بابن الغرز وبابن الغرس، وهو لقب جده خليل، عالمٌ بالعقليات والتصوف، توفي سنة 894 هـ "الضوء اللامع" 9/ 220.

ص: 126

[ ....... ]

‌ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ يوسُفَ الذّاكِرُ

سيأتي بدون محمَّدٍ الثاني (4020).

[3931] محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ يوسُفَ، أبو السعاداتِ المدنيُّ الحنفيُّ

(1)

ويُعرَفُ بالشاميِّ. قدم القاهرةَ فقرأ عَلَيَّ.

[ ...... ]

‌ محمَّدُ بنُ محمَّدٍ، الشمسُ أبو عبد الله الكيلانيُّ المقرئُ

يأتي في: ابن أبي يزيدَ (4003).

[3932] محمَّدُ بنُ محمَّدٍ، أبو المعالي المدنيُّ المزجَّجُ

(2)

سمع في سنةِ عشرين وثماني مئةٍ على النُّورِ المحليِّ سبطِ الزُّبَيرِ في "الاكتفاءِ" للكُلاعِيِّ، وينظَرُ ما بينه وبين أبي المعالي محمَّدِ بنِ أحمدَ ابنِ محمَّدِ بنِ مسعودٍ (3412) والِد أبي الفَرَجِ محمَّدٍ الماضِيَينِ من القرابةِ (3849).

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 35، "إرشاد الغاوي"1016.

(2)

"الضوء اللامع" 10/ 41.

ص: 127

[3933] محمَّدُ بنُ محمَّدٍ الأنصاريُّ الزمُّورِيُّ المغربيُّ المالكيُّ

(1)

نزيلُ المدينةِ. وُلِدَ بِزَمُّورَةَ من أقصى المغربِ

(2)

، ونشأ بها، ثم ارتحلَ بعد موتِ أَبَوَيهِ في رجبٍ سنةَ إحدى وعشرين وثماني مئةٍ فحَجَّ حَجَّةَ الإسلامِ، ثم رجعَ فاستوطنَ طيبةَ مُنشِدًا:

ببابِكُمُ حَطَّ الفقيرُ رحالَهُ

وما خابَ عبد أَمَّكُم مُتَوسِّلا

لقد حلَّ يبغي من نداكُم قِراءَهُ

وللعفوِ والإحسانِ أَمَّ مُؤَمِّلا

ثم عاد لمكةَ فأقامَ بها سَنَتَينِ، ثم رجعَ إلى المدينةِ مُنشِدًا لغيرِه

(3)

:

لا كالمدينةِ منزِلٌ وكفى بها

شَرَفًا حُلولُ مُحَمَّدٍ بِفِناها

حَظِيت يبَهجَةِ خيرِ من وَطِئَ الثَّرَى

وأجلِّهم قدرًا فكيفَ تراها

وتزوَّجَ بها ورُزِقَ أولادًا، وحكى أنه في جمادى الأولى سنةَ أربعٍ وثلاثين ثار شخصٌ من الشيعةِ عَزَّرَهُ القاضي لما بدا منه من الفُحشِ بمن معه، وراموا إطفاءَ كَلِمَةِ الحَقِّ، فرَدَّ اللهُ كيدَهُم في نحرِهم، وجمع كُرَّاسَةً فيها نَظمٌ ونثرٌ في خروجِه من بلدِه إلى مكَّةَ ثم إلى المدينةِ، وتوهَّمتُ أنه يذكرُ فيها شيوخَهُ وحاله فما رأيتُ شيئًا من ذلك، بل ولا ذِكرَ مولِدِه ولا زادَ على اسمِ أبيه، أخذها عنه الشِّهابُ أحمدُ بن عُقَيبةَ القَفصِيُّ وكان لَقِيَهُ له قريبَ الأربعينَ، وكذا له كراسةً في الإسراءِ سمّاها "مساطعَ الأنوارِ في

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 41.

(2)

في "الضوء اللامع": "زنورة".

(3)

البيتان لعبد الله بن عمران البسكري المتوفى سنة 713 هـ من هائيته الشهيرة في الترغيب في سكنى المدينة، انظر:"تحقيق النصرة" ص: 360، و"وفاء الوفاء" 5/ 129.

ص: 128

استخراجِ ما في حديثِ الإسراءِ من الأسرارِ"

(1)

وكان عالمًا مُدَرِّسًا في الفقهِ والعربيةِ، واستُفيضَ بين جماعةٍ من المدنِيِّين أنَّه كان يختِمُ القرآنَ بين المغربِ والعشاءِ، وكان يُكثِرُ من زيارَةِ قُباءَ وحمزةَ ماشيًا، ولا يترُكُ في ذاك اليومِ تدريسَهُ، ماتَ بالمدينةِ بعد الأربعينَ رحمه الله.

[ ...... ]

‌ محمَّدُ بنُ محمَّدٍ الخشبيُّ المدنيُّ

فيمن جدُّه يحيى بنُ منصورٍ (3928).

[3934] محمَّدُ بنُ أبي محمَّدٍ الأنصاريُّ مولى زيدِ بنِ ثابتٍ

(2)

مدنِيٌّ، يروي عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ وعكرمَةَ، وعنه ابنُ إسحاقَ، ذكره ابنُ حبانَ في "الثقات"

(3)

، وخرَّجَ له أبو داود

(4)

، وذُكِرَ في "التهذيب"

(5)

، و"تاريخ البخاريِّ"

(6)

، وابنِ أبي حاتمٍ

(7)

، وقال الذَّهبِيُّ: لا يُعرَفُ

(8)

.

(1)

ذكرها في "إيضاح المكنون" 4/ 472.

(2)

"الكاشف" 2/ 215، و"ميزان الاعتدال" 4/ 26.

(3)

"الثقات" 7/ 392.

(4)

كتاب الخراج، باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة، (3003).

(5)

"تهذيب الكمال" 26/ 328، و"تهذيب التهذيب" 7/ 408.

(6)

"التاريخ الكبير" 1/ 225.

(7)

"الجرح والتعديل" 8/ 88.

(8)

"ميزان الاعتدال" 4/ 26.

ص: 129

[3935] محمَّدُ بنُ محمودِ بنِ أحمدَ بنِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ أمينُ الدِّين الشَّكيلِيُّ المَدَنِيُّ الشافِعيُّ

(1)

ممَّن سَمِعَ مِنِّي بها، وقرأ على قاضيها الشهابِ الشَّنشيِّ الحنبليِّ في سنةِ تسعِ مئةٍ "الشِّفاءَ".

[3936] محمَّدُ بنُ محمودِ بنِ عادلٍ، أبو السَّعاداتِ الحُسينيُّ الحنفيُّ

(2)

والد عبد الله وإخوَتِه، وهو بِكُنيته أشهَرُ، مات في سابعِ عشري شعبانَ سنةَ سبعٍ وسبعين وثماني مئةٍ بالمدينةِ، وكان ممَّن اشتغلَ عند الفخرِ عُثمانَ الطَّرابُلسِيِّ، بل أخذ عن شيخِه ابنِ الهُمامِ حين كان بالمدينةِ، وعن الشَّمسِ الخُجَندِيِّ ولازم السَّيِّدَ الطَّباطِبِيِّ في القراءاتِ وغيرِها، وكذا تلا للسَّبعِ على مُحمَّدِ بنِ أبي محذورَةَ وعلى الدَّيروطِيِّ وعُمَرَ النَّجَّارِ، وسَمِعَ على أبي الفرجِ المراغيِّ، وأقام بمكَّةَ في دُفعَتَينِ ثلاثَ سنينَ وكان خَيِّرًا، انتفع بِزَوجِ خالتِهِ الشِّهابِ أحمدَ بنِ النورِ المحلِّيِّ ولم يخرُج من مكةَ لغير الحَجِّ، وينظَرُ الكُنى فهو بها أشهَرُ.

[ ...... ]

‌ محمَّدٌ أبو الفَرَجِ، أخوه

في الكُنى (4954)، فهو بها أيضا أشهَرُ.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 43، "إرشاد الغاوي"1017.

(2)

"الضوء اللامع" 11/ 113.

ص: 130

[3937] محمَّدٌ أخوهما

(1)

اشتُهِرَ باسمِه وكان فاضلًا، كتب التوقيعَ بالمدينةِ وتميَّز به معرفةً وخطًّا، مات في آخرِ ذي الحِجَّةِ سنةَ اثنتينِ وسبعينَ عن نحو السبعينَ، وأنجبَ أبا الفتحِ وعليًّا من الذُّكورِ.

[3938] محمَّدُ بنُ محمودِ بنِ عبد الله بن مسلمةَ الحارثيُّ الأنصاريُّ

ابنُ أخي محمَّدِ بنِ مسلمَةَ، مَدَنِيٌّ، يروى المراسيلَ، وعنه يحيى بنُ سعيدٍ الأنصاريُّ وعُمارَةُ بنُ غُزَيَّةَ، ذكره البخاريُّ في "تاريخِه"

(2)

، وابنُ أبي حاتمٍ

(3)

عن أبيه، ثم ابنُ حِبّانَ في ثانية "ثقاتِه"

(4)

.

[3939] محمَّدُ بنُ محمودِ بنِ عبد الرَّزاقِ الحُويزِيُّ المدنِيُّ

قرأ بها على المُحِبِّ المطريِّ "الشِّفاءَ" في سنةِ سبعٍ وأربعين.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 43.

(2)

"التاريخ الكبير"1/ 224.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 101.

(4)

"الثقات" 5/ 375.

ص: 131

[3940] محمَّدُ بنُ محمودِ [بنِ الحسنِ بنِ هِبَةِ الله بن محاسِن بنِ النَّجَّارِ]

(1)

المحبُّ أبو عبد الله البغداديُّ الحافِظُ

(2)

عُرِفَ بابنِ النَّجَّارِ. صاحبُ "النُّزهَةِ الثَّمينَةِ"

(3)

قال: إِنَّه جاورَ بالمدينةِ وأقامَ بها، واجتمعَ بجماعةٍ من أهلِها، وسألوه في كتابٍ في فضائِلِها وأخبارِها فاعتذرَ بغَيبَةِ كُتُبِهِ، فلم يقتَنِعُوا بذلك، فصَنَّفَ لهم "النُّزهَةَ الثَّمينَةَ" سمعناها وذيَّلَ عليه تلميذُهُ أبو العبَّاسِ أحمدُ بنُ عبد المحسنِ الغَرَّافيُّ، [ذكره الحافِظُ الذَّهَبِيُّ في "طَبَقاتِ الحُفَّاظِ"

(4)

وقال: الحافِظُ الإمامُ البارِعُ مُؤَرِّخُ العصرِ مُفيدُ العِراقِ مُحِبُّ الدِّينِ النَّجارُ البغداديُّ، صاحِبُ التّصانيفِ: وُلِدَ سنة ثمانٍ وسبعين وخمس مئةٍ، وسمع يحيى بنَ موسى وعبد المنعمِ ابن كُليبٍ

(5)

وذاكرَ بنَ كاملٍ

(6)

والمُبارَكَ بنَ المعطوشِ

(7)

وابنَ الجوزِيِّ وطَبَقَتَهُم. وأوَّلُ شيءٍ سَمِعَ وله عَشرُ سنين وأوَّلُ عنايَتهِ بالطَّلَبِ وهو ابنُ

(1)

ما بين معكوفين بخط جار الله ابن فهد.

(2)

"البداية والنهاية": 13/ 169، و"شذرات الذهب": 5/ 226.

(3)

"الدرة الثمينة في تاريخ المدينة" طبع بتحقيق د. صلاح الدين شكر، من إصدرات المركز.

(4)

"تذكرة الحفاظ" 4/ 174.

(5)

أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب الحراني، عمر وانفرد بالرواية، توفي سنة 512 هـ "التقييد" ص: 251، "سير أعلام النبلاء" 21/ 258.

(6)

ذاكر بن كامل ابن أبي غالب، معمر مسند، توفي 591 هـ "سير أعلام النبلاء" 21/ 250، و"شذرات الذهب" 4/ 306.

(7)

المبارك بن المبارك بن هبة الله الحريمي أبو طاهر البغدادي، المعروف بابن المعطوش، تفرد بأكثر مروياته، توفي سنة 599 هـ "التقييد" ص: 441، و"سير أعلام النبلاء" 21/ 400.

ص: 132

خمسَ عَشرَةَ، وتلا بالرِّواياتِ الكثيرَةِ على أبي أحمدَ ابنِ سُكينَةَ

(1)

وغيرِهِ، وسَمِعَ بأصبهانَ وبِنَيسابُورَ وبِهرَاةَ وبدمشق ومصرَ من خلائِقَ، وجمع فأوعى وكتب العالي والنازِلَ وخرَّجَ لغيرِ واحدٍ، وجمعَ "تاريخَ مدينةِ السَّلامِ" وذيَّلَ به واستدرَكَ على الخطيبِ وهو ثلاثُ مئةِ جُزءٍ، وكان من أعيانِ الحُفَّاظِ الثِّقاتِ مع الدِّينِ والصِّيانَةِ والنُّسُكِ والفهمِ وسَعَةِ الرِّوايَةِ.

حدَّثَ عنه أبو حامدِ بنُ الصابونيِّ

(2)

والفاروثيُّ والشَّريشِيُّ

(3)

وآخرون، وبالإجازَةِ أبو العبَّاسِ ابنُ الظاهرِيِّ

(4)

وتقيُّ الدين الحنبليُّ وأبو المعالي بنُ البالِسِيِّ. قال ابنُ الساعي: كانت رِحلَةُ ابنِ النجَّارِ سبعًا وعشرينَ سنةً واشتملت مشيخَتُهُ على ثلاثةِ آلافِ شيخٍ، ألَّفَ كتابَ "القمرِ المُنيرِ في المُسنَدِ الكبير"، و"المؤتَلِفَ والمُختَلِف" ذيَّل به على

(1)

ضياء الدين أبو أحمد عبد الوهاب ابن سكينة البغدادي الشافعي، وسكينة اسم أم أبيه، عني بالحديث والقراءات، توفي سنة 607 هـ. "سير أعلام النبلاء" 21/ 502، و"البداية والنهاية" 13/ 61.

(2)

جمال الدين أبو حامد محمد ابن الشيخ علم الدين علي الصابوني المحمودي محدثٌ حافظٌ، له مؤلفٌ في المؤتلف والمختلف، "تذكرة الحفاظ" 4/ 170، "شذرات الذهب" 5/ 369.

(3)

أحمد بن محمد بن أحمد، كمال الدين ابن الشريشي الدمشقي الشافعي، محدثٌ حافظٌ، تولَّى مشيخة دار الحديث، توفي 718 هـ. "التقييد" 1/ 80، و"الدرر الكامنة" 1/ 246.

(4)

جمال الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن قيماز الحلبي مولى الملك الظاهر غازي بن يوسف، محدثٌ حافظٌ، توفي سنة 696 هـ "تذكرة الحفاظ" 4/ 180، "شذرات الذهب" 5/ 434.

ص: 133

ابنِ ماكولا، وكتابَ "المُتَّفِقِ" و"العوالي" و"المعجم" و"العقدَ الفائقَ" و"الكمالَ" في الرِّجالِ، و"الدُّرَرَ الثمينةَ في أخبارِ المدينةِ" و"روضةَ الأولياءِ في مسجدِ إيلياء" و"نزهةَ الورى في ذكرِ أُمِّ القُرى" و"مناقبَ الشَّافِعِيِّ" وغيرَ ذلك، وأوقَفَ كُتُبَهُ بالنِّظامِيَّةِ

(1)

ونفذها به دينار لتجهيزِ جنازَتِه، ورثاه جماعةٌ، وكان من محاسنِ الدُّنيا، تُوُفِّيَ في خامسِ شعبانَ سنة ثلاثٍ وأربعينِ وستِّ مِئَةٍ.]

(2)

.

[3941] محمَّدُ بنُ محمودٍ الخالِدِيُّ

نزيلُ الحرمَينِ، ويُعرَفُ بكمالٍ النَّهاوندِيِّ. صَحِبَ أميرَ المدينةِ الشريفَ الزينَ عطيَّةَ بنِ منصورِ بنِ جَمَّازِ بنِ شيحةَ الحسينيِّ، واختُصَّ به، وجمعَ له ترجمةً سمّاها "الجواهِرَ السَّنيَّةَ في حُلَى الأميرِ عَطِيَّةَ" وقفَ عليها النجمُ ابن فهدٍ بِخَطِّهِ، وتأخرت وفاتُه بعد عطيَّةَ فإنَّه أرَّخَ وفاتَه في رمضان سنةَ ثلاثٍ وثمانين وسبعِ مئةٍ.

[3942] محمدُّ بنُ مرتضى الكنانيُّ، العسقلانيُّ الأصلِ المصريُّ ثم المدنيُّ

رئيسُ مُؤذِّنيها ووالدُ إبراهيمَ الماضي (109).

(1)

نظامية بغداد: مدرسة أنشاها الوزير نظام الملك السلجوقي المتوفى سنة 485 هـ "طبقات الشافعية الكبرى" 3/ 6.

(2)

ما بين المعكوفتين بخط جار الله ابن فهد.

ص: 134

[3943] محمَّدُ بنُ أبي مريمَ يسارٌ

له ذكر في أخيه مسلمٍ (4169).

[3944] محمَّدُ بنُ مسدَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبد العزيزِ بنِ عبد السلامِ ابنِ محمَّدٍ، الشَّمسُ أبو حامدٍ وأبو اليُمنِ ابنُ وليِّ الدَّينِ الكازرونيُّ الأصلِ، المدنيُّ، الشافعيُّ

(1)

والدُ أحمدَ الصفيِّ (287)، وأخو العفيفِ أحمدَ (296) وعبد العزيزِ (2456) الماضِيَينِ، والآتي أبوه (4121) وهم به يُعرَفون.

وُلِدَ في ذي القعدةِ سنةَ إحدى وخمسين وثماني مِئةٍ بالمدينةِ ونشأ بها، فحَفِظَ القُرآنَ و"أربعي النوويِّ" و"المنهاجَينِ" و"التَّلخيصَ" و"الجُمَلَ" للخونجي و"الشمسِيَّةَ" كلاهما في المنطِقِ، و"ألفيَّة الحديث" و"الطَّيِّبَةَ"، وعرض في سنةِ خمسٍ وستِّين على أَبَوَي الفرجِ الكازرونيِّ والمراغيِّ والشمسِ السخاويِّ المالكيِّ والفخرِ عثمانَ الطرابلسيِّ الحنفيِّ والشهابِ الإبشيطيِّ وآخرين، ولازم الشِّهابَ في الفقهِ وغيرِه، وكذا أخذ الفقهَ عن أبي الفتحِ ابنِ تقيٍّ، وفي الأصولِ عن سلامِ الله الكرمانيِّ، وقرأ على الشِّهابِ أيضًا في المنطقِ حاشيتَه على شرحِ "إيساغوجي" للسَّكَّاكيِّ المُسمَّاةَ "إسعافَ الإخوانِ" مع قراءَةِ الأصلِ، وعلى ابنِ يونسَ المغربيِّ "القطبَ شرحَ الرِّسالةِ الشمسيَّةِ" و"التهذيبَ" للتفتازانيِّ كلاهما في المنطقِ مع قطعةٍ كبيرةٍ من المختصرِ على "التلخيصِ"، وعلى السَّيِّدِ

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 49، "إرشاد الغاوي"1017.

ص: 135

السَّمهوديِّ "شرح العقائدِ"، وأذن له الثلاثةُ في الإقراءِ والإفادةِ، وارتحل فسمع بمكةَ من النجمِ عمرَ بنِ فهدٍ في سنةِ إحدى وثمانين، وبحلبَ رفيقًا لأخيه عبد العزيزِ في سنةِ ثلاثٍ وثمانين من أبي ذرِّ ابنِ البرهانِ، وبحمصَ من أحمدَ بنِ محمَّدِ بنِ سعيدٍ

(1)

، وبالشامِ من البرهانِ الناجيِّ والشهابِ ابنِ الأخصاصيِّ

(2)

، وبالقاهرةِ قبلَ ذلك من الكمالِ إمامِ الكامليَّةِ، وكذا قرأعليَّ أشياءَ من الكُتُبِ السِّتَّةِ و"الموطأَ" و"مسندَ الشافعيِّ"، وسمع منِّي المُسلسَلَ بالأوليَّةِ وبيومِ العيدِ بشرطِهما، وعَلَيَّ دروسًا في الاصطلاحِ.

ثم لازَمَني حين مجاورتي الأولى بالمدينةِ في قراءَةِ قطعةٍ صالحةٍ من أوَّلِ شرحِ "ألفيَّةِ العراقيِّ" لناظِمها، وسمع من أثنائِه أيضا دروسًا غير ذلك كُلُّها في البحثِ والتقريرِ، والتدبُّرِ والتَّحريرِ، والإتقانِ والإيقانِ، والإمعانِ والبيانِ، والتحقيقِ والتدقيقِ، فأفادَ واستفادَ، وظهرَ منه فوق المرادِ، بحيثُ كان ذلك أحدَ الأدلَّةِ في براعتَهِ، وأسعدَ كَلِمَةٍ للنطقِ بِوجاهَتِهِ، وإن كانت فضائِلُهُ قبلَهُ مسطورَةً، وفواضِلُهُ بين الشُّيوخِ فضلًا عن الأقرانِ مذكورةٌ، والثناءُ عليه على الألسنِ الطَّاهِرَةِ، والاعتناءُ منه بالكتابِ والسُّنَنِ لوائِحُهُ ظاهِرَةٌ، ولذا أَذِنتُ له في إقراءِ الطَّلَبَةِ، وإجراءِ فَرَسِهِ في ميدانِ من خَدَم العِلمَ وطَلَبَهُ، فليتَقَدَّم للتَّدريسِ والإفادَةِ، وليهتَمَّ لِدَفعِ التَّلبيسِ عمَّن قصدَهُ وأرادَه، مخُلِصًا في ذلك، مُتَفحِّصًا بالمطالَعَةِ والمذاكرَةِ عما هنالك، فحياةُ

(1)

أحمد بن محمد بن سعيد الحمصي الشافعي، ولد سنة: 816 هـ، ولم يذكر السخاوي وفاته. "الضوء اللامع" 2/ 111.

(2)

أحمد بن محمد بن محمد الشهاب الدمشقي الشافعي ابن الأخصاصي، له اشتغالٌ بالفقه ومصنفات، توفي سنة 889 هـ "الضوء اللامع" 2/ 194.

ص: 136

العِلمِ مُذاكرتُه، ووعاهُ نقلتُه سلامَتُه، واللهُ تعالى يُبارِكُ في أوقاته لنشرِه، ويحفَظُه من حوادثِ الدَّهرِ وغدرِهِ، ووصفتُهُ في صدرِ الإجازَةِ بالشَّيخِ الإمامِ، الأوحَدِ الهُمامِ، الفاضِلِ الكامِلِ، العالِمِ العامِلِ، المُفيدِ المجيدِ، قُدوَةِ الطُّلابِ، وبقيَّةِ السَّلَفِ ذَوِي الوَجاهَةِ والانتخابِ، صدرِ المُدرِّسين، كنزِ المُحَصِّلين، وشارَكَهُ في بعضِ ما سَمِعَه مِنِّي وعَلَيَّ ولدُه وابنةُ أخيهِ عبد العزيزِ، وقد كان بالقاهِرَةِ في أوائلِ طاعونِ سنةِ سبعٍ وتسعين، وركبا البحرَ إلى دمياطِ، ثم إلى بَرِّ التُّركِيَّةِ، ودخلا الرُّومَ فيها وحصلَ لهما من الإكرامِ ما حصلَ التعرُّضُ لهما فيه بين الرُّومِ وقُرمانَ فلم يتركوا شيئا حتى ولا ثيابَ البَدَنِ، ووصلا إلى طيبةَ مع الرَّكبِ في آخر سنةِ ثمانٍ، وما تهيَّأَ لهما الحجُّ فيها لضعفِ بَدَنِهما بالسَّفَرِ، وهو أصيلٌ فاضلٌ وجيهٌ مُتَوَدِّدٌ.

[3945] محمَّدُ بنُ مسعودٍ المغرِبيُّ

نزيلُ المدينةِ، ووالدُ أحمدَ (288) جَدِّ أبي الفرجِ محمَّدِ بنِ أبي المعالي (3849) المذكورِين في محالِّهِم، ويُعرَفُ بالمزجَّجِ.

[3946] محمَّدُ بنُ مسعودٍ الشُّكَيليُّ

(1)

أسنُّ بني أبيهِ، ووالدُ حُسينٍ وحُميدانَ، قاله ابنُ فرحون.

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 186، وفيه: محمد بن حسن بن مسعود الشكيلي.

ص: 137

[3947] محمَّدُ بنُ مسلمةَ بنِ خالدِ بنِ عديِّ بنِ مَجدَعَةَ، ويقالُ: إنَّ جَدَّهُ سلمة ابنَ حُرَيشِ بنِ خالدٍ، أبو عبد الله أو أبو عبد الرحمنِ أو أبو سعيدٍ الحارثيُّ من حُلفاءِ بني عبد الأشهلِ الأشهليُّ الأنصاريُّ

(1)

شهد بدرًا والمشاهِدَ بعدها، وذكره مسلمٌ في المدنيِّين

(2)

.

ورُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم استخلَفَهُ في غزوَةِ تبوكٍ على المدينةِ مرَّةً، وآخى بينَه وبينَ أبي عُبيدَةَ، وكان أحدَ من قتلَ كعبَ بنَ الأشرَفِ، وقال لهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أفلحَتِ الوُجوهُ

(3)

.

وهو مِن فُضلاءِ الصَّحابةِ، ولم يشهَدِ الجَمَلَ ولا صِفِّين، وكان على مُقدِّمَةِ عُمَرَ في قُدومِهِ إلى الجابِيَةِ، ثُمّ اعتزلَ الفِتنَةَ مُتمَسِّكًا بأمرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم له بذلك، ولذا قال حُذيفَةُ: إنِّي لأعرِفُ رجلًا لا تضرُّهُ الفتنَةُ، فإذا فسطاطٌ مضروبٌ لمَّا أَتَينا المدينَةَ وإذا هو محمَّدُ بنُ مسلَمَةَ فسألناهُ، فقال: لا يشتَمِلُ عليَّ شيءٌ من أمصارِكُم حتى ينجَلِيَ الأمرُ

(4)

.

وكان رَجُلًا طويلًا مُعتَدِلًا أسمَرَ أصلَعَ، عاشَ تسعًا وسبعينَ سنةً، وماتَ بالمدينةِ في صفرَ سنةَ ثلاثٍ وأربعين على الصَّحيحِ في ولايةِ مُعاويَةَ، وصلَّى عليه أميرُها مروانُ بن الحَكَمِ، ودُفِنَ بالبقيعِ.

(1)

"أسد الغابة" 5/ 112، و"مولد العلماء ووفياتهم" 1/ 146.

(2)

"الطبقات" 1/ 146.

(3)

أخرجه الحاكم في "المستدرك" 5840، عن ابن عمر رضي الله عنه.

(4)

أخرجه الحاكم في "المستدرك" 5837، عن حذيفة رضي الله عنه.

ص: 138

قال جابرٌ: قَدِمَ معه ومعه أهلُ الشّامِ إلى المدينةِ، فبلغَ رَجُلًا شَقِيًّا من أهلِ الأُردنِ جلوسُ محمَّدٍ هذا عن عليٍّ ومعاويةَ، فاقتحمَ عليه المنزِلَ فقتله، وكان له عَشَرَةٌ من الذُّكورِ وسِتٌّ من الإناثِ، وأمُّهُ أمُّ سهلٍ خُلَيدَةُ ابنةُ عُبيدِ بنِ وهبِ بنِ لوذانَ بنِ عبد وُدٍّ، روى عنه: ابنُه محمودٌ، وسهلُ بنُ أبي حَثمَةَ، وقُبيصَةُ ابنُ ذُؤيبٍ، وعُروَةُ بنُ الزُّبَيرِ، وأبو بُردَةَ بنُ أبي موسى وآخرون، وحديثُهُ في الكُتُبِ، وذُكِرَ في "التهذيب"

(1)

، وأول "الإصابةِ"

(2)

وابنِ حبانَ

(3)

، وفي "تاريخِ البُخارِيِّ"

(4)

، وابنِ أبي حاتمٍ

(5)

.

[3948] محمَّدُ بنُ مسلمَةَ بنِ هشامِ بنِ إسماعيلَ بنِ هشامِ بنِ الوليدِ ابنِ المُغيرَةِ، أبو هشام المخزومِيُّ المدنيُّ

(6)

الفقيهُ النَّسابَةُ نزيلُ دمشقَ. حدَّثَ عن: مالكٍ، وإبراهيمَ بنِ سعدٍ، وعنه: أبو حاتمٍ، وأبو إسحاقَ الجوزَجانِيُّ، وهارونُ الجمالُ، وأبو زُرعَةَ الدِّمشقِيُّ وآخرونَ، قال الشيخُ أبو إسحاقَ الشيرازيُّ في كتابه "طبقاتِ الفُقهاءِ"

(7)

: جمعَ بينَ العِلمِ والوَرَعِ.

(1)

"تهذيب التهذيب" 7/ 427، و"تهذيب الكمال" 26/ 456.

(2)

"الإصابة" 3/ 383.

(3)

"الثقات" 1/ 215.

(4)

"التاريخ الكبير" 1/ 11.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 71.

(6)

"الانتقاء" ص: 53.

(7)

"طبقات الفقهاء" ص: 147.

ص: 139

وقال أبو حاتمٍ الرَّازِيُّ

(1)

: كان من أفقَهِ أصحابِ مالكٍ، وقال أبو زُرعَةَ: ثِقَةٌ، وقال الجُوزَجانِيُّ: سألتُه وكان علَّامَةً بأنسابِ بني مخزومٍ، وهو في "المداركِ" لعِياضٍ

(2)

، وتَبِعَه ابنُ فرحونٍ في "طبقاته"

(3)

، وذكرَهُ البخاريُّ في "تاريخه"

(4)

، وقال: إنه قيلَ له: ما لرأيِ فلانٍ دخلَ البلادَ كُلَّها إلَّا المدينةَ؟ قال: لأنه دجَّالٌ، والمدينةُ لا يدخُلُها الطاعونُ ولا الدَّجَّالُ، وكذا ذكرَهُ ابنُ أبي حاتمٍ وابنُ حبّانَ في رابعةِ ثقاتِه

(5)

، وقال: كان ممَّن يَتَفَقَّهُ على مذهبِ مالكٍ ويُفَرِّعُ على أصولِه، ممَّن جَمَعَ وصنَّفَ.

[3949] محمَّدُ بنُ مسلمِ بنِ السّائبِ بنِ خبَّابٍ المدنيُّ

(6)

صاحِبُ المقصورَةِ. ذكره مسلمٌ في رابعةِ تابعي المدنيِّين

(7)

، روى عن: أبيه، وأنسٍ وغيرِهما، وعنه: العلاءُ بنُ عبد الرحمنِ، ومُصعَبُ بنُ ثابتٍ، ذكرَهُ ابنُ حِبَّان في "الثقاتِ"

(8)

، وهو في "التهذيبِ"

(9)

.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 71.

(2)

"المدارك" 1/ 358.

(3)

"الديباج المذهب" ص: 227.

(4)

"التاريخ الكبير" 1/ 240.

(5)

"الثقات" 9/ 55.

(6)

"التاريخ الكبير" 1/ 222. "الجرح والتعديل" 8/ 76.

(7)

"الطبقات" 1/ 264.

(8)

"الثقات" 5/ 373.

(9)

"تهذيب التهذيب" 7/ 418، "تهذيب الكمال" 26/ 411.

ص: 140

[3950] محمَّدُ بنُ مسلمِ بن عائذٍ المدنيُّ

(1)

يروي عن: أَنَسٍ وعامِرِ بن سعدٍ، وعنه: سُهيلُ بنُ أبي صالحٍ، قال العجليُّ

(2)

: مدنيٌّ ثِقَةٌ، وكذا ذكرَهُ ابنُ حِبَّانَ في ثانيةِ ثقاتِه

(3)

، وأخرَج هو وشيخُه ابنُ خُزيمَةَ حديثَه في "صَحيحَيهِما"

(4)

والحاكِمُ وقال: على شرطِ مُسلِمٍ

(5)

، وقال أبو حاتمٍ

(6)

: مجهولٌ، وتَبِعَهُ الذَّهبِيُّ في "الميزانِ"

(7)

، فقال: لا يُعرَفُ، قال البُخارِيُّ في "تاريخه"

(8)

: قال لي عبد الرحمنِ بنُ شيبةَ: قُتِلَ سنةَ إحدى وثلاثين ومئةٍ، وذُكِرَ في "التهذيبِ"

(9)

.

[3951] محمَّدُ بنُ مسلمِ بنِ عُبيد الله بنِ عبد الله بنِ شهابِ ابنِ عبد الله بنِ الحارثِ بنِ زُهرَةَ بنِ كلابِ ابن مُرَّةَ الإمامُ أبو بكرِ القُرَشِيُّ الزُّهرِيُّ المدنيُّ

(10)

أحدُ الأعلامِ، وحافِظُ زمانِهِ، وأخو عبد الله الماضي (2105)، ذكرَهُ مسلمٌ

(1)

"الكاشف" 2/ 219.

(2)

"الثقات" 2/ 252.

(3)

"الثقات" 5/ 380.

(4)

"صحيح ابن حبان" رقم: 4640، "صحيح ابن خزيمة" رقم:453.

(5)

كتاب الجهاد (2402)، وليس فيه: على شرط مسلم.

(6)

"الجرح والتعديل" 8/ 78.

(7)

"ميزان الاعتدال" 4/ 41.

(8)

"التاريخ الكبير" 1/ 222.

(9)

"تهذيب التهذيب" 7/ 419، "تهذيب الكمال" 26/ 417.

(10)

"الكاشف" 2/ 219.

ص: 141

في رابعةِ تابعي المدنيِّين

(1)

، وُلِدَ سنةَ خمسين، وقيل: إحدى أو سِتٍّ أو ثمانٍ، وطلبَ العِلمَ في أواخرِ عصرِ الصَّحابَةِ وله نَيِّفٌ وعشرونَ سنةً، فروى عن: ابنِ عُمَرَ، وسهلِ بنِ سعدٍ، وأنسٍ، ومحمودِ بنِ عبد الربيعِ، وعبد الرحمنِ ابنِ أزهرَ، وسنينِ أبي جميلةَ، وأبي الطفيلِ، وربيعةَ بنِ عبّادٍ، وكثيرِ بنِ العبّاسِ، وعلقمةَ بنِ وقّاصٍ، والسّائبِ بنِ يزيدَ، وسعيدِ بنِ المُسيِّبِ، وأبي أمامةَ بنِ سهلٍ، وعُروَةَ وسالمٍ وعُبيدِ الله بنِ عبد الله، وخلقٍ كثيرٍ.

وعنه: صالحُ بنُ كيسانَ، ومعمرٌ، وعقيلٌ، ويونسُ، والأوزاعيُّ، ومالكٌ، واللّيثُ، وشُعيبُ بنُ أبي حمزةَ، وفُلَيحُ بنُ سُلَيمانَ، وبكرُ بنُ وائِلَ، وعمرُو بنُ الحارِثِ، ومحمَّدُ بنُ أبي حفصةَ، وابنُ أبي ذئبٍ، وابنُ إسحاقَ، وهشامُ بنُ سعدٍ، وهُشيمٌ، وإبراهيمُ بنُ سعدٍ، وابنُ عُيينةَ، وخلائقُ، منهم من الكبارِ: عُمَرُ بنُ عبد العزيزِ، وعطاءُ بنُ أبي رباحٍ، وعمرُو بنُ دينارٍ، وعمرُو بنُ شُعَيبٍ، وزيدُ بنُ أسلمَ.

وهو أحدُ الأئِمَّةِ المُكثِرين والحُفّاظِ المُجتَهِدين، كان يأتي المجالِسَ من صُدُورها، ولا يُبقِي في المجلسِ كهلًا إلا ساءَلَه ولا شابًّا إلا ساءَلَهُ، ثم يأتي الدار من دور الأنصارِ فلا يُبقي فيها شابًّا ولا كهلًا ولا عجوزًا ولا كهلةً كذلك، حتى يُحاوِلَ ربّاتِ الحجابِ، مات في رمضانَ سنةَ أربعٍ وعشرين ومئةٍ، وقيل: ثلاثٍ، وقيل: خمسٍ -والجمهورُ على الأوَّلِ- عن اثنتينِ وسبعينَ أو أربعٍ.

(1)

"الطبقات" 1/ 261.

ص: 142

قال حسينُ بنُ المتوكِّلِ العسقلانيُّ: رأيتُ قبرَهُ مُسَنَّما مُجَصَّصًا بأَدَما وهي خلفَ "شعبِ وَبَذَا" أوَّلِ عَمَلِ فِلَسطِينَ وآخرِ عَمَلِ الحِجازِ وبها ضَيعةٌ للزُّهريِّ

(1)

، زاد غيرُه: أنّه في ناحيةِ الشامِ على قارعةِ الطريقِ، فإنه أوصى بذلك ليمُرَّ به مارٌّ فيدعوَ له وهو يُزارُ.

قال ابنُ حبّانَ في ثانيةِ "ثقاته"

(2)

: رأى عَشَرَةً من الصحابةِ، وكان من أحفَظِ أهلِ زمانِه وأحسَنِهم سياقًا لمتونِ الأخبارِ، فقيهًا فاضلًا، وأثبت البخاريُّ في "تاريخه"

(3)

سماعَه من سهلٍ، وأنسٍ، وأبي جميلةَ، وأبي الطفيلِ.

وقال العجليُّ

(4)

: أدركَ من الصحابةِ أنسًا، وسهلًا، وعبد الرحمنِ بنَ أيمنَ، ومحمودَ بنَ الربيعِ، وروى عن السائبِ بن يزيدَ، وعن ابن عمر نحوًا من ثلاثةِ أحاديثَ، وجزم غيرُه باثنينِ، وترجمتُه تحتَمِلُ كراريسَ، طوَّلها في "التهذيبِ"

(5)

، وروى البخاريُّ في "تاريخِه" عن ابن أخي ابنِ شهابٍ أنه أخذَ القُرآنَ في ثمانين ليلةً، وعن اللَّيثِ أنه قال: ما استودعتُ حفظِي شيئًا فخانَنِي، وقال مالكٌ عنه: ما استفهمتُ عالمًا قطُّ ولا رددتُ على عالمٍ شيئًا قَطُّ، وكان من أسخى الناسِ.

(1)

"الطبقات الكبرى" القسم المتمم 1/ 186.

(2)

"الثقات" 5/ 349.

(3)

"التاريح الكبير" 1/ 220.

(4)

"الثقات" 2/ 253.

(5)

"تهذيب التهذيب" 7/ 420، "تهذيب الكمال" 26/ 419.

ص: 143

[3952] محمَّدُ بنُ مسلمٍ المدنيُّ

يروي عن: نافعٍ القارئِ، وعبد الرحمنِ بنِ زيدِ بنِ أسلمَ، وعنه: رَوحُ بنُ عُبادَةَ، ورَوحُ بنُ عبد المؤمنِ، ومحمَّدُ بنُ أبي بكرِ المُقَدَّمِيُّ، قال ابنُ أبي حاتمٍ

(1)

: سألتُ أبا زُرعَةَ عنه فقال: مَدَنِيٌّ، قدم عليهم البصرةَ، أحاديثُهُ مُستقيمَةٌ، وذُكِرَ في "التهذيب"

(2)

بهذا.

[3953] محمَّدُ بنُ مُسلَّمٍ -كمُحَمَّدٍ- بنِ مالكِ بنِ مزروعِ بنِ جعفرٍ الشَّمسُ المِزِّيُّ الأصلِ، ثم الدِّمشقِيُّ الحنبَلِيُّ القاضي

(3)

وُلِدَ في صفرٍ سنةَ اثنتينِ وستِّين وستِّ مئةٍ، وأُحضِرَ على ابنِ عبد الدائمِ، ثم سمعَ الكثيرَ من ابنِ أبي عُمَرَ والفخرِ والطَّبَقَةِ، وكتبَ الطِّباقَ، وطلب وقتًا، وصار يُذاكِرُ، وأجاز له النجيبُ وغيرُه من المصريِّين، وعدَّهُ من أصحابِ البُوصيرِيِّ وغيرِه، وخرَّج له ابنُ الفخرِ مشيخةً في مجُلَّدَةٍ عن نحوِ أربعِ مئةِ شيخٍ.

ومات أبوه وهو ابنُ سِتٍّ فلم يكن له سوى مكتبٌ بالصّالحيَّةِ فيه خمسةُ دراهِمَ في الشَّهرِ، فنشأ في تَصَوُّنٍ وتقنُّعٍ وتعلَّمَ الخياطةَ، ثم اشتغلَ وحَفِظَ القُرآنَ ومهرَ في الفقهِ والعربيَّةِ إلى أن تصَدَّرَ لإقرائِهما ولم يدخُل في وظيفةِ تدريسٍ، فلما مات التَّقِيُّ سُليمانُ بنُ

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 79.

(2)

"تهذيب التهذيب" 7/ 426 "تهذيب الكمال" 26/ 455.

(3)

"العبر" 4/ 78، "البداية والنهاية" 14/ 86، "شذرات الذهب" 8/ 130.

ص: 144

حمزَةَ

(1)

عُيِّنَ للقضاءِ وأُثنِيَ عليه عند السُّلطانِ بالعلمِ والعبادةِ والوقارِ، فوَلّاهُ فتوقَّفَ، فطلع إليه ابنُ تيميةَ ولامه على التَّركِ وقوَّى عزمه، فأجابَ بشرطِ أن لا يركَبَ بغلةً ولا يحضُرَ الموكِبَ، فأُجيبَ واستقَرَّ في صفرٍ سنةَ سِتَّ عشرةَ فباشرَ أحسنَ مُباشَرَةٍ وعمَّرَ الأوقافَ وحاسَب العُمَّالَ واستمَرَّ بقيَّةَ حياتِه إحدى عشرةَ سنةً، وكان ينزِلُ من الصالحيّةِ ماشيًا ورُبَّما يركَبُ مُكاريًا ومِئزَرُهُ سُجّادَتُه ودواةُ الحُكمِ من زُجاجٍ، واتَّخذَ فرجيّةً

(2)

مُقتَصِدَةً وكبَّرَ العمامةَ قليلًا، وحجَّ مرَّاتٍ، فلما كان في شوَّالٍ سنة سِتٍّ وعشرين توجَّهَ للحجازِ بنيَّةِ المُجاوَرَةِ، فمَرِضَ من العُلا

(3)

، فلما قَدِمَ المدينةَ تحاملَ حتى وقفَ مُسلِّما على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثم أُدخِلَ إلى منزلِهِ فماتَ وقتَ السَّحَرِ في ثالثِ عِشري ذي القعدةِ منها، ودُفِنَ بالبقيعِ.

ذكرَهُ شيخنا في "درره"

(4)

، وقال ابن صالحٍ في "تاريخِه": إنه قصدَ الحَجَّ من الشامِ فماتَ بالمدينةِ قبل حَجِّهِ ودُفِنَ بالبقيعِ بجوارِ قُبَّةِ عقيلٍ، قال: وكان شكلًا حسنًا مُتَّضِعًا في أحوالِه وقِلَّةِ لباسِه مع الشُّهرَةِ بالصَّلاحِ والدِّينِ والشَّفقةِ على الضُّعفاءِ، ولم يُسَمِّهِ ابنُ صالحٍ.

وقال الذَّهبِيُّ: إنه برعَ في الفقهِ والعربيَّةِ وتخرَّج به فضلاءُ، ولم يزل قانعًا راضيًا يرتَزِقُ من الخياطةِ وليس له سوى الضِّيائِيَّةِ بقدرِ عشرين

(1)

سليمان بن حمزة بن أحمد المقدسي القاضي تقي الدين، فقيه محدث مسند عصره، توفي سنة 715 هـ "الدرر الكامنة" 2/ 146.

(2)

الفرجية: نوعٌ من اللباس أشبه بالجبة، يكون مزررًا من الأمام، ويلبسه العلماء عادة. انظر:"صبح الأعشى" 4/ 44.

(3)

العُلا: مدينة تقع في شمال المدينة تبعد عنها حوالي 350 كيلًا.

(4)

"الدرر الكامنة" 4/ 258.

ص: 145

درهمًا، ولباسُهُ لباسُ النُّسّاكِ، وعلى رأسِه عمامةٌ لطيفةٌ لم يُزاحِم على وظيفةِ تدريسٍ ولا غيرِها، ثم قال: وكان دَيِّنًا مُتَقشِّفًا ساكنًا حَسَنَ السَّمتِ خفيفَ اللِّحيَةِ ذا حِلمٍ وأناةٍ ودينٍ ووَرَعٍ، شهد له أهلُ العِلمِ والدِّينِ بأنه من قُضاةِ العدلِ، وكانت له أورادٌ وتعبد، وحَجَّ مراتٍ، رحمه الله وإيانا

(1)

.

[3954] محمَّدُ بنُ مُطرِّفِ بنِ داودَ بنِ مُطرِّفِ بنِ عبد الله ابنِ ساريةَ، أبو غَسّانَ اللَّيثيُّ المدنِيُّ

(2)

أحدُ العُلماءِ الأثباتِ، يُقالُ: إنّه من موالي آلِ عُمَرَ، نزل عسقلانَ، يروي عن: زيدِ بنِ أسلمَ، ومحمَّدِ بن المُنكَدِرِ، وأبي حازِمٍ سلمَةَ بنِ دينارٍ، وحسَّانِ بنِ عطيَّةَ، ومحمَّدِ بن عجلانَ، وصفوانَ بنِ سُلَيمٍ، وسُهيلِ ابن أبي صالحٍ، وأبي حُصينٍ وغيرِهم، وعنه: إبراهيمُ بنُ أبي عبلةَ وهو أكبَرُ منه، والثوريُّ وهو من أقرانِه، والوليدُ بنُ مسلمٍ، وعثمانُ بنُ سعيدِ بنِ كثيرٍ، ويزيدُ بنُ هارونٍ، وقال: كان ثقةً، وابنُ المباركِ، وابنُ وهبٍ، وعيسى بنُ يونسَ، ومُبَشِّرُ بنُ إسماعيلَ، وعليُّ بنُ عيّاشٍ الحمصِيُّ، وسعيدُ بن أبي مريمَ، ومحمَّدُ بن عيسى ابنِ الطَّباعِ، وعليُّ بنُ الجعدِ وآخرون. قال عليُّ بنُ سراجٍ: كان من أهلِ وادي القُرى، قدم بغدادَ أيامَ المهديِّ، وقال غيرُه: وفد على المهديِّ وحدَّث ببغدادَ.

(1)

"معجم الشيوخ" للذهبي 2/ 284.

(2)

"التاريخ الكبير" 1/ 236، "الجرح والتعديل" 2/ 700، "تاريخ بغداد" 4/ 475.

ص: 146

ووثَّقَهُ غيرُ واحدٍ منهم أبو حاتمٍ

(1)

وقال أيضًا: لا بأس به، ذكرَهُ أحمد فجعلَ يُثني عليهِ.

وجاء عن ابنِ معينٍ فيه رواياتٌ، فمَرَّةً: شيخٌ ثقةٌ ثَبتٌ، ومرَّةً ثقةٌ ومرَّةً: أرجو أن يكون ثقةً، ومرَّةً: ليس به بأسٌ

(2)

، ومرَّة: ليس بحديثه بأسٌ، وكذا قال أبو داود والنسائيُّ.

وقال ابنُ المدينيِّ: كان شيخًا صالحًا وَسَطًا.

وذكرَهُ ابنُ حبَّانَ في "الثِّقاتِ"

(3)

، وقال: أصلُه من المدينةِ سكن عسقلانَ يُغرِبُ.

وخرَّجَ له الأئِمَّةُ، وذُكِرَ في "التهذيب"

(4)

، ولم يؤرِّخهُ أحدٌ.

[3955] محمَّدٌ بنُ مطرِّفٍ المدنيُّ

فرَّقَ ابن أبي حاتمٍ بينه وبين الذي قبلَهُ وقال في هذا: قال أبي: مجهولٌ، قاله شيخُنا في مختَصَرِ "التهذيب"

(5)

.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 100.

(2)

"تاريخ ابن معين" برواية الدارمي ص: 197، رواية ابن محرز 1/ 76، 2/ 174.

(3)

"الثقات" 7/ 462.

(4)

"تهذيب التهذيب" 7/ 432، "تهذيب الكمال" 26/ 470.

(5)

"تهذيب التهذيب" 7/ 433.

ص: 147

[3956] محمَّدُ بنُ معاذِ بنِ محمَّدِ بنِ أُبَيِّ بنِ كعبٍ الأنصاريُّ المدنيُّ

(1)

عن: أبيه، وعنه: ابنُه معاذٌ وله ذكرٌ فيه، وفي "مسند أحمد"

(2)

من حديثِ مُعاذِ عن أبيه محمَّدِ عن أبيه معاذِ عن جدِّه في فضلِ من تصيبُه الحمَّى، وقد وثقه ابنُ حبّان

(3)

، وقال الذهبيُّ

(4)

: إنّ ابنَ المدينيِّ قال: لا يعرِفُ محمَّدًا هذا ولا أباه ولا جَدَّه في الروايةِ، وهذا إسنادٌ مجهولٌ، وقال غيرُه: إن لجدِّه محمَّدِ بنِ أُبَيٍّ روايةً عن عثمانَ وغيرِه، وذكره الواقديُّ فيمن قُتِلَ يومَ الحَرَّةِ

(5)

، وقد قيل في صاحبِ الترجمةِ بإسقاطِ محمَّدٍ الثاني، وقيل: محمَّدٌ بنُ محمَّدٌ بنُ معاذِ بنُ أُبَيٍّ، وقيل: غيرُ ذلك.

[ ...... ]

‌ محمَّدُ بنُ أبي المعالي ابنُ المزجِّجِ

مضى في: ابنِ محمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ محمَّدِ بنِ مسعودٍ (3849).

(1)

"التاريخ الكبير" 1/ 227. "الجرح والتعديل" 8/ 95.

(2)

لم أجد الحديث في فضل الحمى في مسند أحمد، وإنما وجدت في مسند أحمد 5/ 139 من نفس الطريق حديثًا في أول أمر النبوة.

(3)

"الثقات" 7/ 378.

(4)

"ميزان الاعتدال" 4/ 44.

(5)

"الطبقات الكبرى" 5/ 76.

ص: 148

[3957] محمَّدُ بنُ معروفٍ الجبرتيُّ

له ذكرٌ في أبيه (4201).

[ ...... ]

‌ محمَّدُ بنُ أبي معشرٍ

في ابنِ نجيحٍ (3975).

[3958] محمَّدُ بنُ معمرٍ الغفارِيُّ

سمع عمارةَ بنَ الصَّيَّادِ عن جابرٍ قال: رأيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم واقفًا على قرنِ الثعالبِ يومِ النَّحرِ، قاله لي محمَّدُ بنُ عُبادَةَ أنه سمع يعقوبَ بنَ محمَّدٍ أنه سمع محمَّدَ بنَ معمرٍ، قاله البخاريُّ في "تاريخِه"

(1)

، وتبعه ابنُ حبانَ في "ثقاته"

(2)

مع ذكرِهما محمَّدَ بنَ معنٍ.

[3959] محمَّدُ بنُ معنِ بنِ محمَّدِ بنِ معنِ بنِ نضلَةَ بنِ عمرٍو أبو يونُسَ، ويقالُ: أبو معنٍ -كَجَدِّه- الغفاريُّ المدنيُّ

(3)

يروي عن: أبيهِ، وجدِّهِ، وربيعةَ بن أبي عبد الرحمنِ، ويحيى بنِ سعيدٍ، وداودَ بنِ خالدٍ، وعنه: ابنُ المدينيِّ، وإبراهيمُ بنُ المنذِرِ الحزاميُّ،

(1)

"التاريخ الكبير" 1/ 246.

(2)

"الثقات" 7/ 435.

(3)

"الطبقات الكبرى" 5/ 463، و"التعديل والتجريح" 2/ 701.

ص: 149

وأبو مُصعَبٍ، ويونُسَ بنِ عبد الأعلى وجماعةٌ، قال ابن معينٍ: مدنيٌّ ليس به بأسٌ

(1)

، وقال ابنُ المدينيِّ وابنُ سعدٍ: ثقةٌ قليلُ الحديثِ

(2)

، وقال أبو حاتمٍ: صدوقٌ

(3)

، وقال الآجُرِّيُّ عن أبي داود: ثقةٌ ثقةٌ، وقال الدارقطنيُّ

(4)

: ثقةٌ، مات سنة ثمان وتسعين ومئةٍ.

وهو ممَّن خرَّجَ له البخاريُّ

(5)

، وذُكِرَ في "التهذيب"

(6)

و"ثقاتِ ابنِ حبّانِ"

(7)

و"تاريخِ البُخاريِّ"

(8)

وابنِ أبي حاتمٍ

(9)

، وقال البخاريُّ في "تاريخِه": سمع جَدَّهُ محمّدًا سمع منه الحميديُّ، قال لي إبراهيمُ بنُ المنذِرِ: مات قريبًا من موتِ ابنِ عُيَينَةَ، وهو ابنُ بِضعٍ وتسعين سنةً.

[3960] محمَّدُ بنُ معنِ بنِ نضلةَ بنِ عمرٍو أبو معنِ الغفارِيُّ المدنيُّ

جدُّ الذي قبله، وهو مشهورٌ بِكُنيَتِه، يروي عن: أبيه وزهرَةَ بنِ معبد وغيرهما.

(1)

"تاريخ ابن معين" برواية الدوري 3/ 173.

(2)

"الطبقات الكبرى" 5/ 436.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 99.

(4)

"سؤالات الحاكم للدارقطني" ص: 270.

(5)

كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم، (5985).

(6)

"تهذيب الكمال" 26/ 488، و"تهذيب التهذيب" 7/ 438.

(7)

"الثقات" 7/ 412.

(8)

"التاريخ الكبير" 1/ 229.

(9)

"الجرح والتعديل" 8/ 99.

ص: 150

وعنه: ابنه مَعنٌ، وحفيدُهُ محمَّدُ بنُ معنٍ، وابنُ المُبارَكِ، ذكرَهُ ابنُ حِبّانَ في "الثقاتِ"

(1)

، وخرَّجَ له النَّسائِيُّ

(2)

، وذُكِرَ في "التهذيبِ"

(3)

، و"تاريخِ البخاريِّ"

(4)

، وابنِ أبي حاتم

(5)

.

[3961] محمَّدُ بن المغيرَةِ بن إسماعيلَ بنِ أيوبَ بنِ سلمةَ بنِ عبد الله ابنِ الوليدِ بنِ الوليدِ بنِ المغيرَةِ المخزوميِّ المدنيِّ

(6)

عن: سُليمانَ بنِ محمَّدِ بنِ يحيى بنِ عُروَةَ بنِ الزُّبَيرِ، ومالِكٍ، وأبي ضَمرَةَ أنسِ بنِ عياضٍ، وعبد الله بن الحارِثِ المخزوميِّ، وعنه: أخوه أبو سلمةَ يحيى وعبد الله بنُ محمَّدٍ الضعيف.

ذكره ابنُ حبّانَ في "الثِّقاتِ"

(7)

، وقال: روى عنه أهلُ المدينةِ يُغرِبُ، وقول الذهبيِّ في "ميزانه"

(8)

: لا يكادُ يعرَفُ، تفرَّد عنه عبد الله الضَّعيفُ مردودٌ، وهو في "التهذيب"

(9)

.

(1)

"الثقات" 7/ 412.

(2)

كتاب الجهاد، باب فضل الرباط برقم (3183)، وذكره بكنيته: أبو معن، وقد نبه على ذلك الحافظ في "التهذيب" 7/ 439.

(3)

"تهذيب التهذيب" 7/ 439.

(4)

"التاريخ الكبير" 1/ 229.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 99.

(6)

"الجرح والتعديل" 8/ 91.

(7)

"الثقات" 9/ 117.

(8)

"ميزان الاعتدال" 4/ 46.

(9)

"تهذيب الكمال" 26/ 490، و "تهذيب التهذيب" 7/ 439.

ص: 151

[3962] محمَّدُ بنُ مقبلِ بنِ جمّازٍ

(1)

كان في سنةِ إحدى وخمسين وسبعِ مئةٍ.

[3963] محمَّدُ بنُ مقسمٍ المدنيُّ

يروي عن: زيدِ بنِ أسلمَ مرسلٌ، سمع منه كثيرُ بنُ هشامٍ، قاله البخاريُّ في "تاريخه"

(2)

، وتبعه ابنُ حبان في ثالثةِ ثقاته

(3)

بدون: مرسلٌ.

[3964] محمَّدُ بنُ المنذِرِ بنِ الزُّبَيرِ بن العوَّامِ أبو يزيدَ القُرَشِيُّ الأسَدِيُّ المدنِيُّ

الآتي أبوه (4249)، ممَّن ضَرَبَهُ عَمُّهُ عمرُو بن الزُّبَيرِ في جملةِ من عَلِمَ هواهم في أخيه عبد الله كما سبق في عمرٍو (2929)، وقد روى عنه: ابنه فُلَيحٌ (3194)، وسبق له ذكرٌ في فُلَيحٍ، قال ابنُ حبانَ في "ثالثةِ ثقاتهِ": يروي عن هشامِ بنِ عروةَ، وعنه إبراهيمُ بنُ المُنذِرِ الحزامِيُّ رُبّما أخطأَ

(4)

، وأعاده في موضعٍ آخرَ منها فقال: يروي المراسيلَ والمقاطيعَ، روى عنه فُليحُ بنُ محمَّدٍ، وهو أخو عبد الله بنِ المنذِرِ

(5)

. انتهى.

(1)

"نصيحة المشاور" 411 - 413، المغانم المطابه 3/ 1225.

(2)

) "التاريخ الكبير" 1/ 240.

(3)

"الثقات" 7/ 483.

(4)

"الثقات" 7/ 437.

(5)

"الثقات" 7/ 405.

ص: 152

وسلَفَهُ في التَّفرِقَةِ البُخارِيُّ

(1)

فإنه قالَ: محمَّدُ بنُ المنذِرِ بنِ الزُّبَيرِ ابنِ العوَّامِ الأسدِيُّ قالَ ابنُ المبارَكِ: عن فُليحِ بنِ محمَّدٍ عن أبيه عن عمِّه، مرسلٌ، عدادُه في أهلِ المدينةِ. وقال بعده: محمَّدُ بنُ المنذِرِ الزُّبَيرِيُّ، قال إبراهيمُ بنُ المنذِرِ: ثنا أبو زيدٍ محمَّدُ بنُ المنذِرِ، ثنا هشامُ بنُ عُروَةَ عن أبيهِ حديثَ الخراجِ بالضَّمانِ، قوله وقال مسلمُ بنُ خالدٍ عن هشامٍ عن أبيهِ عن عائشةَ وَصَلَه مرفوعًا، ولا يَصِحُّ، ولم يسمَعهُ هشامٌ من أبيه، قاله جريرٌ عن هشامٍ.

وقد سلفَ في فُلَيحِ بنِ محمَّدٍ (3194) أنه يروي عن أبيه وهو محمَّدُ ابنُ المنذِرِ وأنَّ ابنَ المُبارَكِ روى عن فُلَيحٍ هذا.

قال شيخُنا

(2)

: وكان سبَبَ التَّفرِقَةِ استبعادُ أن يكونَ من يروي عنه ابنُ المبارَكِ مع تقدُّمِه تأخَّرَ حتى يُدرِكَه إبراهيمُ بنُ المنذِرِ، وهذا الاستبعادُ ممكِنٌ قد وُجِدَت أنظارُهُ فليس بِمُتعَذِّرٍ، والظاهِرُ أنه واحدٌ.

وقد ذكر محمَّدَ بنَ المُنذِرِ أبو أحمدَ الحاكِمُ في "الكُنى" وذكرَ في الرُّواةِ عنه عتيقَ بن يعقوبٍ وذكره (

)

(3)

. فقال: لا بأس به. وقال ابنُ أبي حاتمٍ

(4)

: روى عن أبيه وعنه ابنُه فُليحٌ، ولم يزد.

(1)

"التاريخ الكبير" 1/ 243.

(2)

"تعجيل المنفعة" 2/ 212.

(3)

بياض في الأصل.

(4)

"الجرح والتعديل" 8/ 97.

ص: 153

[3965] محمَّدُ بنُ المنكدرِ بنِ عبد الله بنِ الهُدَيرِ بنِ عبد العُزَّى أبو عبد الله أو أبو بكرٍ، القُرَشِيُّ التَّيمِيُّ المدنيُّ

(1)

الزاهدُ العابدُ أحدُ الأعلامِ، وأخو عُمَرَ وأبي بكرٍ ووالدُ يوسُفَ والمنكَدِرِ، ذكره مسلمٌ في رابعةِ تابعي المدنيين

(2)

، وكنّاه أبا عبد الله، وهو في "اللسان"

(3)

.

روى عن: أبيه، وعَمِّه ربيعةَ وله صحبةٌ، وعائشةَ، وأبي هريرةَ، وأبي قتادةَ، وأبي أيُّوبَ، وابنِ عباسٍ، وجابرٍ، وأبي رافعَ، وسفينةَ، وابنِ عمرَ، وابنِ الزُّبيِر، وأسماءَ ابنةِ أبي بكرٍ، وأميمة

(4)

ابنةِ رُقيقةَ، وأنسٍ، وسعيدِ بنِ المسيِّبِ، وعروةَ وخَلقٍ، وعنه: ابناه المنكدرُ، ويوسُفُ، والزهريُّ، وعمرُو ابنُ دينارٍ، ويحيى بنُ سعيدٍ، وهشامُ بنُ عروةَ، وأيوبُ السَّختيانيُّ، وعليُّ بنُ زيدِ بنِ جُدعانَ، وأبو حازمٍ الأعرَجُ، وحسانُ بنُ عطيَّةَ، ويونُس بنُ عبيدٍ، وزيدُ بن أسلمَ، ثم ابنُ جُرَيجٍ، ومعمَرٌ، والثورِيُّ، وشعبةُ، ورَوحُ بنُ القاسمِ، ومالكٌ، وابنُ عُيينَةَ، وأبو حسانَ محمَّدُ بنُ مطرِّفٍ في أُناسٍ كثيرين، وحديثُهُ عند الأئِمَّةِ، واستقدمه الوليدُ بنُ يزيدَ إلى الشامِ في جماعةٍ من الفُقهاءِ لِيُفتوه في طلاقِ زوجتِه أُمِّ سلمَةَ فقالَ: عبد الله بنُ يزيدَ الدِّمشقِيُّ، ثنا صدقةُ بنُ عبد الله هو السَّمينُ -يعني الضعيفُ-، قال: جئتُ

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 97.

(2)

"الطبقات" 1/ 261.

(3)

ذكره في ترجمة والده 8/ 172.

(4)

في الأصل: "أسماء"، وهو تحريف، والمثبت من الجرح" 8/ 97.

ص: 154

محمَّدَ بنَ المنكدِرِ وأنا مُغضَبٌ فقلتُ له: أحلَلتَ للوليدِ أُمَّ سَلَمَةَ؟ قال: لستُ أنا ولكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حدثني جابرٌ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا طلاقَ لما لا يملِكُ، ولا عِتقَ لما لا يملِكُ"

(1)

، قال الزُّبيرُ بن بكّارٍ: جاء المنكدرُ إلى عائشةَ فشكى إليها الحاجةَ، فقالت: أوّلُ شيءٍ يأتيني أبعث به إليك، فجاءتها باكرةً عشرةُ آلافِ درهمٍ، فقالت: ما أسرعَ ما امتُحِنتُ، وبعثت بها إليه فاتَّخذَ منها جاريةً فولدت له محمَّدًا وأبا بكرٍ وعمرَ، وكانوا عُبَّادَ أهلِ المدينةِ، وثَّقَهُ ابنُ معينٍ

(2)

وأبو حاتمٍ

(3)

وابنُ حبانَ

(4)

، وقال: كان من ساداتِ القُرَّاءِ، والعجليُّ وقال: مدنيٌّ تابعيٌّ

(5)

.

(1)

في هامش الأصل بخط عبد القادر الأنصاري: حديث لا طلاق لما لا يملك .. الحديث، وقد قال الحافظ ابن حجر في "تخريج العزيز" نقلا عن الدارقطني: إن الصحيح أن حديث ابن المنكدر مرسل ليس فيه جابر، وأعله ابن معين وغيره بشيء آخر، ثم قال الحافظ ابن حجر: وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الترمذي: هو أحسن شيء في الباب، وهو عند أصحاب السنن بلفظ:"ليس على رجل طلاق فيما لا يملك" الحديثَ، ورواه البزار من طريقه بلفظ: لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك، وقال البيهقي في "الخلافيات": قال البخاريُّ: أصح شيء فيه وأشهره حديث عمرو بن شعيب وحديث الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها وعن علي رضي الله عنه، ومداره على جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي رضي الله عنه وجويبر متروك، ورواه ابن الجوزي في "العلل" من طريق أخرى عن علي رضي الله عنه، وفيه عبد الله ابن زياد بن سمعان وهو متروك، وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنه رواه ابن ماجه بإسناد حسن وعليه اقتصر صاحب "الالمام" .. الخ "التلخيص الحبير" 3/ 455.

(2)

"تاريخ ابن معين" رواية الدارمي، ص:203.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 98.

(4)

"الثقات" 5/ 350.

(5)

"الثقات" 2/ 254.

ص: 155

وقال مالكٌ: كان سَيِّدَ القُرَّاءِ لا يكادُ أحدٌ يسألُهُ عن حديثٍ إلا كاد يبكي، وقال الشافعيُّ في مناظرةٍ مع غيره فقلتُ: ومحمَّدُ بن المنكدرِ عندكم كَمِئَةٍ في التفقُّهِ؟ قال: أجل وفي الفضلِ، وقال ابنُ عُيَينةَ: لم أرَ أحدًا أجدرَ أن يُحتَمَلَ عنه قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منه، وكان من معادنِ الصِّدقِ ويجتمعُ إليه الصالحون، وقال الحميديُّ: حافظٌ، وقال إبراهيمُ بنُ المنذِرِ: غايةٌ في الحفظِ والإتقانِ والزُّهدِ حُجَّةٌ، وقال يعقوبُ بنُ شيبةَ: صحيحُ الحديثِ جدًا، وقال الواقديُّ: ثقةٌ وَرعٌ عابِدٌ قليلُ الحديثِ يكثِرُ الإسنادَ عن جابرٍ، مات سنة ثلاثين كما قاله ابنُ عُيينَةَ، وقال غيرُهُ: سنةَ إحدى عن نَيِّفٍ وسبعين سنةً، زاد غيرُه: في ولايةِ مروان بنِ محمَّدٍ.

قال شيخُنا: فيكون مولِدُه على هذا قبل سنةِ ستِّين بِيَسيرٍ، وحينئذٍ فَرِوايَتُه عن عائشةَ، وأبي هريرةَ، وكذا عن أبي أيوبٍ الأنصاريِّ، وأبي قتادَةَ، وسفينةَ، ونحوِهم مُرسَلَةٌ. انتهى.

وأخبارُه في العبادَةِ والزُّهدِ والكراماتِ ونحوِ ذلك مُنتَشِرَةٌ جِدًّا، وترجمتُه في "التهذيبِ"

(1)

و"تاريخِ البخاريِّ"

(2)

وابنِ أبي حاتمٍ و"الحليةِ"

(3)

وغيرها معلومةٌ، وكان يقولُ: أفضَلُ الأعمالِ إدخالُ السُّرورِ على المؤمنِ، وعنه: بات أخي عمرُ يصلِّي، وبِتُّ أغمِزُ قَدَمَ أُمِّي، وما أُحِبُّ أنّ ليلتي بليلته، وكان يَضَعُ خَدَّهُ بالأرضِ ويقول: يا أُمُّ ضعي قدمكِ عليه، وعنه أنه قال لمن رآه تَبِعَ جنازةَ مَن كان يَسفُهُ بالمدينةِ فَعَتَبه: والله إني

(1)

"تهذيب الكمال" 26/ 503، و"تهذيب التهذيب" 7/ 444.

(2)

"التاريخ الكبير" 1/ 219

(3)

"حلية الأولياء" 3/ 146.

ص: 156

لأستحيِي من الله أن يراني أرى رحمَته عَجَزت عن أحدٍ من خلقِهِ، واستودع وديعةً واحتاجَ فأنفَقَها، فجاءَ صاحبُها فطلَبها، فقام وتوضّأَ وصلّى ودعا فقال: يا سادَّ الهواءِ بالسَّماءِ ويا كابِسَ الأرضِ على الماءِ ويا واحِدُ قبلَ كُلِّ أَحَدٍ ويا واحِدُ بعد كُلِّ أحَدٍ أدِّ عَنِّي أمانَتي، فسَمِعَ قائلًا يقولُ: خذ هذه فأدِّها عن أمانتكَ وأقصِر في الخُطبَةِ فإنَّك لن تراني.

[3966] محمَّدُ بنُ موسى بنِ إبراهيمَ بنِ عبد الله المدنيُّ

(1)

أحَدُ فراشيها، المزملانيُّ، ممَّن سمع منِّي بالمدينةِ.

[3967] محمَّدُ بنُ موسى بنِ عبد الله بنِ يسارٍ

(2)

عدادُه في أهلِ المدينةِ، يروي عن: أبي عبد الله القرَّاظِ صاحبِ أبي هُرَيرةَ بحديثِ: "مَن أرادَ أهلَ المدينةِ بسوءٍ"، وعنه: أبو ضمرةَ أنسُ بنُ عياضٍ، قالَ ابنُ حبانَ في ثالثةِ "ثقاته"

(3)

: وعند ابنِ أبي حاتمٍ عن أبيه روايتُه أيضا عن عمرَ بنِ عبد العزيزِ، وعنه أيضا: إسماعيلُ بنُ داودَ بنِ عبد الله بنِ مخراقٍ، وهو في "تاريخ البخاريِّ"

(4)

من طريقِ أبي ضمرةَ وعبد الله بنِ سُفيانَ كلاهما عنه، وبين مبيّنًا اختلافَ الرُّواةِ في الحديثِ.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 54، "إرشاد الغاوي" ص:1017.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 82.

(3)

"الثقات" 7/ 423.

(4)

"التاريخ الكبير" 1/ 237.

ص: 157

[3968] محمَّدُ بنُ موسى بنِ أبي عبد الله، أبو عبد الله الفطرِيُّ مولى الفطرِيِّين مولى بني مخزومٍ المدنيُّ

(1)

يروي عن: سعيدٍ المقبُرِيِّ، وعبد الله بنِ عبد الله بنِ أبي طلحةَ، ومحمَّدِ بنِ عُمرَ بنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، ويعقوبَ بنِ سلمةَ الليثيُّ، وعونِ ابنُ محمَّدِ بنِ الحنفيَّةِ، وسعدِ بنِ إسحاقَ بنِ كعبِ بنِ عُجرَةَ، وعنه: ابنُ مهديٍّ، والدراوردِيُّ، وابنُ أبي فُديكٍ، وإسحاقُ الفُرَوِيُّ، وعبد الله بنُ نافعٍ، وابنُ أبي الموالِ، وقتيبةُ بنُ سعيدٍ، وثّقهُ الترمذيُّ

(2)

ثم ابنُ حبّانَ

(3)

، وقالَ أبو حاتمٍ: صدوقٌ صالِحُ الحديثِ يتشيَّعُ

(4)

، وقال الطَّحاوِيُّ: محمودٌ في روايَتِه

(5)

، ومرَّةً: مقبولُ الروايةِ، وقال أحمدُ بنُ صالحٍ: شيخٌ ثقةٌ حَسَنُ الحديثِ قليلُ الحديثِ، وخرَّجُ له مسلمٌ

(6)

، وذُكِرَ في "التهذيب"

(7)

و"تاريخِ البُخاريِّ"

(8)

وابنِ أبي حاتمٍ

(9)

وثقاتِ ابنِ حبانَ.

(1)

"الكاشف" 2/ 225.

(2)

كتاب الأدب، باب ما جاء في تشميت العاطس، (2956).

(3)

"الثقات" 9/ 53.

(4)

"الجرح والتعديل" 8/ 82.

(5)

"مشكل الآثار" 3/ 94، بيان ما روي عن النبي في رد الشمس.

(6)

كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك، (5442).

(7)

"تهذيب الكمال" 26/ 523، و"تهذيب التهذيب" 7/ 450.

(8)

"التاريخ الكبير" 1/ 237.

(9)

"الجرح والتعديل" 8/ 82.

ص: 158

[3969] محمَّدُ بنُ موسى بنِ عليِّ بنِ عبد الصمدِ بنِ محمَّدِ ابنِ عبد الله، الجمالُ أبو البركاتِ المُرَّاكِشِيُّ المَكِيُّ الشّافعِيُّ، سبطُ العفيفِ اليافِعِيِّ

(1)

ويعرَفُ بابنِ موسى. تفقَّهَ بالمدينةِ على الزَّينِ أبي بكرٍ المراغيِّ، قرأ عليه مُؤلَّفَهُ "العُمَدَ في شرحِ الزُّبدِ"

(2)

سوى ما قرأ عليه من مرويَّاتِه بها، بل وبِمَكَّةَ مما هو كثيرٌ جدًّا، وكذا سمعَ بالمدينةِ من رُقَيَّةَ ابنةِ ابنِ مزروعٍ وغيرِها، بل سمع من صاحبِه التَّقِيِّ الفاسِيِّ بوادي الفَرعِ حين توجُّهِهما للزيارةِ النبويَّةِ في سنةِ اثنتي عشرة وثماني مئةٍ، ووُجِدَ في تعاليقِه شيءٌ يتعلَّقُ بتاريخِ المدينةِ، ومولِدُهُ في رمضانَ سنةَ سبعٍ وثمانين وسبعِ مئةٍ ومات بها في ثامن عشري ذي الحجة سنةَ ثلاثٍ وعشرين وثماني مئةٍ (

)

(3)

.

[3970] محمَّدُ بنُ موسى بنِ مسكينٍ، أبو غُزَيَّةَ المدنيُّ الفقيهُ القاضي

يروي عن: عبد الرحمن بنِ أبي الزِّنادِ، وإسحاقَ بنِ سعيدٍ، وفُلَيحِ بنِ سُليمانَ، ومالكٍ وغيرهم، وعنه: يعقوبُ بنُ محمَّدٍ الزُّهرِيُّ، والنَّضرُ بنُ سلمَةَ، وإبراهيمُ بنُ المنذِرِ الحزامِيُّ، والزُّبيرُ بنُ بَكَّارٍ وآخرون، وَلِيَ قضاءَ المدينةِ ومات سنةَ سبعٍ ومِئَتَينِ.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 56، "العقد الثمين" رقم: 465، "إنباء الغمر" 3/ 243.

(2)

"الزبد" متن في الفقه الشافعي لهبة الله البارزي، المتوفى سنة 738 هـ، وهو وشرحه مخطوطان.

(3)

بياض بالأصل بمقدار خمسة أسطر.

ص: 159

قال البُخارِيُّ في "تاريخِه"

(1)

: ثقة في أهلِ الحجازِ عنده مناكيرُ، وقال في ترجمةِ الراوي عنه إسحاقُ: إن محمَّدًا منكرُ الحديثِ، وقال ابنُ حبّانَ في "الضعفاء"

(2)

: كان يسرقُ الحديثَ، ويروي عن الثِّقاتِ الموضوعاتِ، واتَّهمَه الدارقطنيُّ بالوضعِ، وقال أبو حاتمٍ

(3)

: ضعيفُ الحديثِ، وذكره العقيليُّ في "الضعفاء"

(4)

، وقال ابن عديٍّ

(5)

: روى أشياءَ أنكرت عليه، وهو في "الميزان"

(6)

لم يُسَمِّ جَدَّهُ، وأعاده شيخُنا باختصارٍ، وسمَّى جده ظنًّا منه أنه غيرُه، وسيأتي له ذكرٌ في محمَّدِ بنِ يحيى أبي غُزَيَّةَ (3993).

[3971] محمَّدُ بنُ ميمونِ بنِ كعبِ بنِ الخزرجِ الأنصاريُّ المدنيُّ

قال البخاريُّ في "تاريخه"

(7)

: قال لي محمَّدُ بنُ عبد الرحمنِ الأنصارِيًّ، ثنا محمَّدُ بنُ ميمونِ بنِ كعبِ بنِ الخزرجِ رجلٌ من بَلحارِثِ ابنِ الخزرجِ عن أبيه عن جدِّه: صَحِبَني الحكمُ بنُ أبي الحَكَمِ في غزوةِ تبوكٍ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم وكان نعم الصاحب. وذكره ابن أبي حاتمٍ

(8)

(1)

"التاريخ الكبير" 1/ 238.

(2)

"المجروحين" 2/ 289.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 83.

(4)

"الضعفاء" 4/ 138.

(5)

"الكامل" 6/ 265.

(6)

"ميزان الاعتدال" 4/ 49.

(7)

"التاريخ الكبير" 1/ 233.

(8)

"الجرح والتعديل" 8/ 80.

ص: 160

فقال: سمعتُ أبي يقولُ: هو مجهولٌ، ولذا ذكره الذهبيُّ في "ميزانه"

(1)

، وهو في ثالثةِ "ثقاتِ ابنِ حبانَ"

(2)

تبعًا للبخاريِّ.

[3972] محمَّدُ بنُ مينا

يروي عن عبد العزيزِ بنِ ميمونٍ: أنه بعثَ إلى ابنِ عُمَرَ بمالٍ في الفتنةِ فقَبِلَهُ، وبعثَ إلى عبد الله بن عيّاشِ بنِ أبي ربيعةَ فرَدَّهُ، ويروي عن: أهلِ المدينةِ، روى عنهَ: يحيى بن سعيدٍ الأنصاريِّ، ذكره البخاريُّ في "تاريخِه"

(3)

، ثم ابنُ حبانَ في ثالثة "ثقاته"

(4)

، وقال ابنُ أبي حاتمٍ

(5)

عن أبيه: يروي عن ابنِ عُمرَ وعنه يحيى.

[3973] محمَّدُ بنُ نافعِ بنِ جُبيرِ بنِ مُطعِمٍ القُرَشِيُّ

من أهل المدينةِ، يروي عن: كُريب مولى ابنِ عباسٍ، وعنه: ابنُ إسحاقَ، قاله ابن حبانَ في ثالثةِ "ثقاته"

(6)

، وقال البخاريُّ في "تاريخه"

(7)

: حديثُهُ في أهلِ الحجازِ، وذكرَهُ ابنُ أبي حاتمٍ عن أبيه

(8)

.

(1)

"ميزان الاعتدال" 4/ 54.

(2)

"الثقات" 7/ 412.

(3)

"التاربخ الكبير" 1/ 234.

(4)

"الثقات" 7/ 419.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 98.

(6)

"الثقات" 7/ 363.

(7)

"التاريخ الكبير" 1/ 249.

(8)

"الجرح والتعديل" 8/ 108.

ص: 161

[3974] محمَّدُ بنُ نافعٍ المسّوفيُّ، ثم المدنيُّ، المالكيُّ

(1)

قدمَ المدينةَ وهو مشارٌ إليه بالفضيلةِ والصلاحِ، فأقرأَ الفقهَ وتزايدَ صلاحُهُ وخيرُهُ، وسمع على الجمالِ الكازرونيِّ والمُحبِّ المطريِّ وغيرهما، ومما سمعه على أوَّلهما "البخاريَّ" سنةَ سبعٍ وثلاثين، ووصفه القارئُ بالفقيهِ الصالحِ، وممَّن أخذ عنه عبد الوهابِ بنُ محمَّدِ بنِ يعقوبَ، وكان يتوقَّفُ في الإقراءِ مُدَّةً، ثم إنه جاءه يومًا وسأله فيها، فتعجَّبَ هو وغيره من ذلك، فلما مات أخبرت زوجتُه أنه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في منامه ومعه الإمامُ مالكٌ وهو يأمرُه بالإقراءِ فتصدَّى حينئذٍ لذلك، وكان هذا بعد موتِ صاحبِه أحمدَ بنِ سعيدٍ الجزيريِّ، ماتَ في سنة خمسين وثماني مئةٍ، وبلَغَنِي أن أُمَّهُ واسمُها مريمُ كانت تقرئُ الطَّلَبَةِ في الفقهِ.

[3975] محمَّدُ بنُ نُجيحِ بنِ عبد الرحمنِ، أبو عبد الملكِ ابنِ أبي معشرٍ السندِيُّ المدنِيُّ

(2)

مولى بني هاشمٍ، ووالد داودَ والحُسينِ، يروي عن: أبيه، والنَّضرِ بنِ منصورٍ وغيرِهما، وعنه: ابناهُ، والترمِذِيُّ في "جامِعه"، وإبراهيمُ بنُ محمَّدِ بن مَتَّويهِ، ومحمَّدُ بنُ المجذَّرِ، وشعيبُ الذَّارِعُ، ومحمَّدُ بنُ جريرٍ، وأحمدُ بنُ عبد الله بنِ سابورَ الدَّقَّاقُ، وأبو حامدٍ محمَّدُ بنُ هارونَ الحضرميُّ وجماعةٌ.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 67.

(2)

"الكاشف" 2/ 227.

ص: 162

قال أبو حاتمٍ

(1)

: كتبتُ عنه، محلُّهُ الصِّدقُ، ووثَّقَهُ أبو يعلَى الموصِليُّ، وقولُ ابنِ معينٍ: سألتُ حَجَّاجًا بالمصيصةِ عنه، فقال: طلب منِّي كُتُبَ أبيه ممّا سمعتُه، فأخذها فنسخها وما سمعها منِّي. قال الذهبيُّ: لا يدلُّ على أنه حدَّثَ بما نسخ، وحيئنذٍ فلا يضرُّه مجرَّدُ النَّسخِ.

قلتُ: بل لا يمتنعُ أن يكون سَمِعَها من أبيه وكتبها منه لوُثوقِه به وإدراجُ أبي الحسنِ ابن القطانِ له فيمن لا يُعرَفُ قصورٌ، وسبقه لذلك ابنُ حزمٍ، ولو قال: لا نعرِفُه لكان أولى بهما. مات سنة أربعٍ، وقيل سبع وأربعين ومئتين، وله تسعٌ وسبعون سنة، وذكر في "التهذيب"

(2)

.

[3976] محمَّدُ بنُ نسرٍ

مدني، نكرةٌ لا يُعرَفُ، وقيل: إنه ابنُ بشرٍ بمُوَحَّدَةٍ ومعجمةٍ، تقدَّم (3451)، قاله في "الميزان"

(3)

.

[3977] محمَّدُ بنُ نصرِ الله بنِ يوسُفَ ابنِ أبي محمَّدٍ، العِزُّ الأبرارِيُّ

(4)

مؤذِّنُ الحرمِ النبويٍّ، سمع الكثيرَ بالقاهرةِ، ومات بالمدينةِ فجأةً بعد أذانهِ من أذانِ الصُّبحِ بُكرَةَ العشرينَ من ربيعٍ الآخرِ سنةَ عشرٍ وسبعِ مئةٍ عن ثلاثٍ وستِّينَ سنةً.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 110.

(2)

"تهذيب الكمال" 26/ 549، "تهذيب التهذيب" 7/ 458.

(3)

"ميزان الاعتدال" 4/ 55.

(4)

"أعيان العصر" للصفدي 5/ 296، ووقع عنده:"الأبزاري" بالزاي، ولعله الصواب، نسبة إلى بيع الأبزار، وهي ما يتعلق بالقدر. "اللباب في تهذيب الأنساب" 1/ 25.

ص: 163

ذكرَهُ شيخُنا في "دُرَرِه"

(1)

، ودُفِنَ بالبقيعِ، وله ذكرٌ في الجمالِ محمَّدِ ابنِ أحمدِ بنِ خَلَفٍ المطرِيِّ، وأظنُّهُ المُشارَ إليه عند ابنِ صالحٍ، فإنه قال: ومن المؤذِّنين القُدماءِ رئيسٌ ثالثٌ مقرئٌ مشهورٌ، كان رئيسًا مُعلِّما للقرآنِ بالحرمِ على هيئةٍ حَسَنَةٍ في خِلقَتِهِ وثيابِه وشَيبةٍ، أَذَّنَ في المئذنةِ التي على رأسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُدَّةً طويلةً، وقدَّرَ الله أنه طلعَ في بعضِ الأسحارِ المئذنةَ الجديدةَ فأدركه الموتُ قبل نزوله منها ووجدوه ميِّتًا

(2)

.

(1)

"الدرر الكامنة" 4/ 275.

(2)

في هامش الأصل بخط عبد القادر الأنصاري: قف، اتفق مثل هذا بعينه في سنة 1111 لأحد الرؤساء بالحرم النبوي، وهو الريس محمد حجازي أنه طلع في بعض الليالي في المئذنة التي عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم وهي محل رئيس المؤذنين وباقي المآذن الخمس التي بالحرم النبوي وغيرها كالقلعة وخارج السور يتبعونه في الوقت فمتى أذن أذنوا، فطلع آخر الليل وذكر وهلل وهلل من معه في باقي المآذن، ثم أذن الأول وأذن معه الباقي، ثم إن العادة أن الأذان الأخير الذي يكون عند طلوع الفجر الصادق يختص به صاحب مئذنة النبي صلى الله عليه وسلم وتسمى الرئيسية لكون المؤذن بها رئيسهم، والعادة أنه بعد الأذان الأول يسلم الرئيس الذي بها مرارًا على النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يطلع الفجر فيؤذن الأذان الثاني ثم ينزل ثم سويعة تقام صلاة الصبح، ويتقدم الإمام الشافعي فيصلي الصبح، فكان في تلك الليلة بعد ما أذن الرئيس محمد حجازي المذكور الأذان الأول وسلم مرة أو مرتين وسكت طويلًا حتى طلع الفجر وظهر ولم يؤذن، فتنبه من حضر وظنوا أن الرئيس غلبه النوم فطلع بعض خدام الحرم لينبهوه فوجدوه في الدور محل الأذان ملقى للقبلة وهو ميت فأذن آخر غيره وتركوه وهو ميت وذهبوا به إلى منزله فغسل وكفن وأتوا به بعد ذلك في ضحوة النهار إلى المسجد للصلاة عليه على العادة أنهم يأتون بالمتوفى للمسجد للصلاة عليهم، فصلي عليه وصار له مشهدٌ عظيمٌ، وذهبوا به للبقيع فدفن، رحمه الله.

ص: 164

[3978] محمَّدُ بنُ النُّعمانِ بنِ بشيِر بنِ سعيدٍ أبو سعيدٍ الأنصاريُّ المدنيُّ

(1)

ذكره مسلمٌ فىِ ثالثةِ تابعي المدنيين، يروي عن: أبيه عن جَدِّهِ، ولم يروِ هو عن جَدِّهِ وإن وقع فمُرسَلٌ، وعنه: الزهريُّ مقرونًا بحُميدِ بن عبد الرحمن.

قال العجليُّ: مدنيٌّ تابعيٌّ ثقةٌ، وكذا ذكره مسلمٌ في الطبقةِ الأولى من أهل المدينةِ، وذكره ابنُ حبانَ في ثانيةِ "الثقات"

(2)

وقال: من أهلِ المدينةِ، انتقل إلى أهل الشامِ فسكنَ دمشقَ، وحديثُه عند الشَّيخَينِ.

وقال البخاريُّ في "تاريخه"

(3)

: سمع أباه وعنه ابنُ شهابٍ، وقال: كان يسكُنُ دمشقَ، وكذا قال ابنُ أبي حاتمٍ

(4)

عن أبيه.

[3979] محمَّدُ بنُ النعمانِ بنِ محمَّدِ بنِ منصورِ بنِ أحمدَ بنِ حيُّونَ القاضي أبو عبد الله بنُ أبي حنيفةَ المغربيُّ القيروانيُّ

نزيلُ القاهرةِ، وأحدُ الإماميَّةِ، وقاضي الحرَمَينِ وغيرِهما، وأخو عليٍّ الماضي (2862).

(1)

"الطبقات الكبرى" 5/ 269، "الثقات" للعجلي 2/ 255، "الكاشف" 2/ 227.

(2)

"الثقات" 5/ 357.

(3)

"التاريخ الكبير" 1/ 250.

(4)

"الجرح والتعديل" 8/ 107.

ص: 165

وُلِدَ في صفرٍ سنةَ أربعين وثلاثِ مئةٍ، ووَلِيَ بتقليدٍ من العزيزِ العُبَيدِيِّ صاحبِ مصرَ بعد موتِ أخيه أبي الحسنِ عليٍّ في رجبٍ سنةِ أربعٍ وسبعين وثلاثِ مئةٍ، وكان سِجِلُّهُ كأخيهِ بالقضاءِ بالدِّيارِ المصريَّةِ والشاميَّةِ والحَرَمَينِ والمغرِبِ وجميعِ مملكةِ العزيزِ والخطابةِ والإمامةِ والعيارِ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ والموازينِ والمكاييلِ، ولم يزل على ذلك حتى مات في صفرٍ سنةَ تسعٍ وثمانين وثلاث مئةٍ، وطوَّلَ شيخُنا ترجمته في "رفعِ الإصرِ"

(1)

، وذكره الفاسي في "مكةَ" باختصارٍ

(2)

.

[3980] محمَّدُ بنُ نُعيمِ بنِ عبد الله المُجْمِرِ القُرشِيُّ المدنِيُّ

(3)

مولى عُمَرَ، والآتي أبوه (4387)، يروي عن: أبيه ومحمَّدِ بنِ عُمَرَ ابن عليٍّ، وعنه: الواقديُّ، وإسماعيلُ بنُ داودَ بنِ مخراقٍ، وإسماعيلُ ابنُ أبي أويسٍ.

قال أبو حاتمٍ: مجهولٌ، وذُكِرَ في "التهذيبِ"

(4)

، و"المحمَّدِين"

(5)

للدارَقُطنِيِّ، وقال البخاري في "تاريخه"

(6)

: يروي عن محمَّدِ بنِ عمرَ ابنِ عليٍّ، قاله يزيدُ بنُ هارون أنه سمع أبا عقيلٍ أنه سمع محمَّدًا مُرسَلٌ.

(1)

"رفع الإصر"425.

(2)

"العقد الثمين" 2/ 379. وأنظر بتوسع في ترجمته "وفيات الأعيان" 1/ 303، "سير أعلام النبلاء" 16/ 457.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 109، و"الكاشف" 2/ 227.

(4)

"تهذيب الكمال" 26/ 559، و"تهذيب التهذيب" 7/ 464.

(5)

كتاب استدرك به الدارقطني على "التاريخ الكبير" للبخاري. انظر: "الإعلان بالتوبيخ" 110 - 111.

(6)

"التاريخ الكبير" 1/ 253.

ص: 166

وتبعهُ ابنُ حبان في رابعة "ثقاته"

(1)

بدون مرسلٌ لكونِه اقتصر على قولِه: وعنه أبو عقيلٍ.

[3981] محمَّدُ بنُ أبي الهدى بنِ محمَّدِ بنِ تقيٍّ الكازرونيُّ المدنيُّ

(2)

أخو أبي البركاتِ، سمع على الجمالِ الكازرونيِّ في سنة سبعٍ وثلاثينَ وثمان مئةٍ في "البخاري".

[3982] محمَّدُ بنُ هشامِ بنِ إسماعيلَ بنِ هشامِ بنِ الوليدِ ابنِ المغيرةِ بنِ عبد الله بنِ عمرَ بنِ مخزومٍ القُرَشِيُّ المخزوميُّ

(3)

لجدِّهِ هشامٍ أخي خالدٍ صحبةٌ، وتولّى هذا إمرةَ مكةَ والطائفِ بعد عزلِ أخيه إبراهيمَ، ولم يَلِ ذلك بعدَه دُفعةً واحدةً، وإنما وَلِيَ مكةَ والطائفَ سنةَ أربعَ عشرةَ ومِئَةٍ على ما ذكر ابنُ جريرٍ

(4)

وابنُ الأثيرِ.

قال ابنُ الأثيرِ

(5)

بعد ذكرِه لولايةِ محمَّدٍ على مكةَ والطائفِ في

(1)

"الثقات" 9/ 45.

(2)

"الضوء اللامع" 10/ 69.

(3)

"تاريخ دمشق" 73/ 259، "البداية والنهاية" 9/ 338 - 359، "العقد الثمين" رقم:476.

(4)

"تاريخ الطبري" 3/ 152.

(5)

"الكامل في التاريخ" 2/ 414.

ص: 167

تاريخِه المذكورِ: وقيل: بل ولي محمَّدٌ في سنةِ ثلاثَ عشرةَ، وذكر تبعًا لابنِ جريرٍ أنه كان عاملًا على مكةَ والمدينةِ والطائفِ في سنةِ سبعَ عشرةَ ومئةٍ.

وكذا ذكرَ ابنُ جريرٍ مثلَه في أخبارِ سنةِ ثمانِ عشرةَ قال: وقيلَ: كان عاملَ المدينةِ فيها خالدُ بنُ عبد الملكِ، وكذا ذكر ابنُ حزمٍ أنه وَلِيَ مكةَ والمدينةَ، وكانت ولايةُ صاحبِ الترجمةِ لهشامِ بنِ عبد الملكِ، وكان محمَّدٌ خالَه؛ فإن عبد الملك تزوَّجَ أُختَهُ وأولدَها هشامًا.

فلما وَليَ الخلافةَ ولَّاهُ إمرةَ مكةَ ومنعَ النِّساءَ أن يطُفنَ إذا طاف الرِّجالُ، فأنَكر ذلك عليه عطاءُ من غيرِ أن يُواجِهَهُ بالإنكارِ لأنه كان مُتعاظِمًا، ويُحكى عنه في العَسفِ أخبارٌ صعبةٌ، وقد نقم عليه ذلك الوليدُ ابنُ يزيدَ بنِ عبد الملكِ، فلما وَلِيَ الخلافةَ بعد عَمِّهِ كتب إلى يوسُفَ بنِ عُمَرَ أميرِ المدينةِ بالقبضِ على محمَّدٍ هذا وأخيه إبراهيمَ فعذَّبَهما حتى ماتا سنةَ خمسٍ وعشرين ومئةٍ.

وكان لما قُبِضَ عليه أمرَ بضربِهِ بالسِّياطِ، فقال له: إن الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم نهى أن يُضرَبَ قُرَشِيٌّ بالسِّياطِ، فذكر قِصَّةً معه في ذلك أوردها الزُّبَيرُ بنُ بكّارٍ عن الضَّحّاكِ بنِ عُثمانَ.

ذكره شيخُنا في "زوائدِ تهذيبِه"

(1)

، قال: وهذا الحديثُ لا أعرِفُ له أصلًا، ولا أعرِفُ لمحمدِ بنِ هشامٍ روايةً مُسنَدَةً.

(1)

"تهذيب التهذيب" 7/ 466.

ص: 168

ووقع ذكره في الحجِّ من "صحيح البخاريِّ"

(1)

أنه منع النساءَ أن يطُفنَ مع الرِّجالِ، وطوَّلَ الفاسِيُّ

(2)

ترجمتَه واستظهر لكونِه كان واليًا على مكةَ والطائفِ والمدينةِ في سنةِ اثنتين وعشرين وثلاثٍ وعشرين وثلاثِ سنينَ قبلهما، قال: بل أظنُّها دامت إلى انقضاءِ خلافةِ ابنِ أُختِهِ هشامِ بنِ عبد الملكِ، وذلك في شوّالٍ سنةَ خمسٍ وعشرين ومئةٍ، قال ابنُ إسحاقَ: وكان الوليدُ بنُ يزيدَ ينقُمُ على محمَّدٍ هذا أشياءَ كانت تبلُغُه عنه في حياةِ هشامِ بنِ عبد الملكِ، فلما وَلِيَ الخلافةَ قبض عليه وعلى أخيهِ إبراهيمَ وأُشخِصا إليه إلى الشامِ، ثم دعى له بالسِّياطِ فقال له محمَّدٌ: أسألُكَ بالقرابةِ، قال: وأيُّ قرابةٍ بيني وبينك هل أنت إلا من أشجعَ، قال: فأسألُكَ بصهرِ عبد الملكِ، قال: لم يحفظه، قال له: يا أميرَ المؤمنين قد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الضَّربِ بالسِّياطِ إلَّا في حَدٍّ

(3)

، قال: وفي حَدٍّ أضرِبُكَ وقَوَدٍ، أنت أوَّلُ مَن سَنَّ ذلك على العُرَجِيِّ وهو ابنُ عمِّي وابنُ أميرِ المؤمنين عُثمانَ فما رَعَيتَ حَقَّ جَدِّه ولا نسَبتَهُ بهشامٍ ولا ذَكَرتَ حينئذٍ هذا الخبرَ، أنا وليُّ ثأرِهِ، اضرِب يا غلامُ، فضرَبَهما ضربًا شديدًا وأُثقِلا بالحديدِ

(4)

، ووُجِّهَ بهما إلى يُوسُفَ بنِ عُمَرَ بالكوفةِ وأمرَه باستضافَتِهما وتعذيبِهما حتى يتلَفا، وكتبَ إليه: احبِسهما مع ابنِ النَّصرانِيَّةِ، يعني خالدَ القسريَّ،

(1)

كتاب الحج، باب طواف النساء مع الرجال (1628).

(2)

"العقد الثمين" 2/ 382.

(3)

عَنْ أَبِى بُرْدَةَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلاَّ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله" متفق عليه.

(4)

وقع في الأصل: "بالحديث"، والمثبت من مصادر الترجمة.

ص: 169

ونفسَكَ نفسَكَ إن عاشَ أحدٌ منهم فعذَّبَهما عذابًا شديدًا، وأخذ منهما مالًا عظيمًا حتى لم يَبقَ فيهما موضعٌ للضَّربِ، وكان محمَّدٌ مطروحًا فإذا أرادوا أن يُقيمُوه أخذوا بلحيتِه فجَبَذوه بها.

ولما اشتَدَّ الحالُ بهما تحاملَ إبراهيمُ لِيَنظُرَ في وجهِ محمَّدٍ فوقعَ عليه فماتا جميعًا، ومات معهما خالدٌ القسرِيُّ في يومٍ واحدٍ، وكانت وفاةُ خالدٍ -كما ذكره غيرُ واحدٍ- سنةَ سِتٍّ وعشرين ومئةٍ.

[3983] محمَّدُ بنُ هشامِ بنِ عروةَ بنِ الزُّبيرِ ابنِ العوَّامِ، القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ

من أهلِ المدينةِ، وحديثُه في أهلها، يروي عن: أبيه عن جدِّه عُروةَ عن عبد الله بنِ عمروٍ حديثَ: "إن الله لا يقبِضُ العِلمَ"، سمع منه محمَّدُ ابنُ أبي عديٍّ.

ذكره البُخارِيُّ في "تاريخه"

(1)

، ثم أورد الحديثَ أيضًا من جهةِ سُفيانَ عن هشامِ بنِ عروةَ عن أبيه عن ابنِ عمرٍ ولا ذكرَ لمحمَّدٍ فيه، وبيَّضَ له ابنُ أبي حاتمٍ

(2)

. وقال ابنُ حبانَ في ثالثة "ثقاتِه"

(3)

: مستقيمُ الحديثِ جدًّا.

(1)

"التاريخ الكبير" 1/ 256.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 116.

(3)

"الثقات" 7/ 424.

ص: 170

[3984] محمَّدُ بنُ هلالِ بنِ أبي هلالٍ المدنيُّ مولى بني كعبٍ المذحجِيُّ

(1)

حليفُ بني جُمَحَ بنِ عمروٍ، يروي عن: أبيه وسعيدِ بنِ المسيِّبِ، وعليِّ بنِ الحسينِ، وعمرَ بنِ عبد العزيزِ، وعنه: ابنُ أبي فديك، وإسماعيل ابن أبي أويس، وأبو عامر العقدي، والقعنبي، وابن مهديٍّ، وطائفة، وثَّقَه أحمدُ

(2)

ثم ابنُ حبانَ في ثالثةِ "ثقاته"

(3)

، وقال أبو حاتمٍ

(4)

: صالحُ الحديثِ، وأبوه ليس بالمشهورِ، وكذا قال أحمدُ: إنه ليس به بأسٌ، وأبوه لا أعرفه، وذُكِرَ في "التهذيبِ"

(5)

، و"تاريخ البخاريِّ"

(6)

، وابنِ أبي حاتم.

[3985] محمَّدُ بنُ هلالٍ

الآتي أبوه (4455).

[3986] محمَّدُ بنُ الوليدِ بنِ رباحٍ المدنيُّ

(7)

أخو مسلمٍ الآتي (4144) وأبوهما (4486)، رَوَيا عنه.

(1)

"الكاشف" 2/ 227.

(2)

"العِلل" رقم 620، "الجرح والتعديل" 8/ 116.

(3)

"الثقات" 7/ 438.

(4)

"الجرح والتعديل" 8/ 115.

(5)

"تهذيب الكمال" 26/ 569، و"تهذيب التهذيب" 7/ 468.

(6)

"التاريخ الكبير" 1/ 257.

(7)

"التاريخ الكبير" 1/ 255. "الثقات" 7/ 424.

ص: 171

[3987] محمَّدُ بنُ الوليدِ بنِ رُويفِعٍ، مولى آل الزُّبَيرِ ابنِ العوَّامِ الأسديُّ القُرَشِيُّ

من أهلِ المدينةِ، وأمُّهُ مولاةُ رافعِ بنِ خديجٍ، يروي عن: كُرَيبٍ، وعنه: ابنُ إسحاقَ، قاله ابنُ حِبَّانَ في موضِعَينِ من ثالثةِ ثقاتِه

(1)

، وذُكِرَ في "التهذيبِ"

(2)

، وقال الذَّهبِيُّ

(3)

: ما روى عنه غير ابنِ إسحاقَ و"تاريخِ البخاريِّ"

(4)

وصرَّحَ بالمدنيِّ، وابنُ أبي حاتمٍ

(5)

، دون نسبته.

[3988] محمَّدُ بنُ يحيى بنِ حبّانَ بنِ مُنقذِ بنِ عمرِو ابنِ مالكٍ، أبو عبد الله الأنصاريُّ النَّجّاريُّ المازنيُّ المدنيُّ الفقيهُ

وأمُّهُ أمُّ العلاءِ ابنةُ عبّادِ بنِ سلطان بنِ سلامةَ، ذكره مسلمٌ في رابعةِ تابعي المدنيِّين، يروي عن: أبيه، وعمِّه واسعٍ، ورافِعِ بنِ خديجٍ، وابنِ عمرَ، وأنسٍ، وعبد الله بنِ مُحيريزَ، وعمرِو بنِ سُليمٍ الزُّرقِيِّ، والأعرَجِ. وعنه: ربيعةُ الرَّأيِ، وابنُ عجلانَ، وعبيدُ الله بنُ عُمرَ، وعمرُو بنُ يحيى،

(1)

"الثقات" 7/ 420، و 7/ 428.

(2)

"تهذيب الكمال" 26/ 593، و"تهذيب التهذيب" 7/ 474. وهو فيه:"نويفع".

(3)

"ميزان الاعتدال" 4/ 60. وهو فيه: "نويفع".

(4)

"التاريخ الكبير" 1/ 254.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 111. وهو فيه: "نويفع".

ص: 172

وابنُ إسحاقَ، ومالكٌ، واللَّيثُ، ويحيى بنُ سعيدٍ، والزُّهرِيُّ وخَلقٌ، ممَّن أُجمِعَ على ثِقَتِه وكانت له -كما قال الواقديُّ

(1)

- حَلَقَةٌ للفتوى، قال: وكان ثِقَةً كثيرَ الحديثِ، عاش أربعًا وسبعين سنةً، وخرَّجَ له الأئمَّةُ، وذُكِرَ في "التهذيبِ"

(2)

و"تاريخِ البخاريِّ"

(3)

وابنِ أبي حاتم

(4)

، وحكى عن أبيه وابنِ معينٍ توثيقَه، وفي "ثقاتِ العجليِّ"

(5)

وابنِ حبّان

(6)

، واتفقوا على موتِه بالمدينةِ سنةَ إحدى وعشرين ومئةٍ.

[3989] محمَّدُ بنُ يحيى بنِ سهلِ بنِ أبي حَثمَةَ بنِ ساعدةَ، أبو عبد الله الأنصارِيُّ، الحارِثيُّ، الأوسِيُّ، المدنِيُّ

(7)

وأمُّه ابنةُ عبد الرحمنِ بنِ يحيى بنِ قيظى، سَمِعَ أنسًا، ويروي عن: أبيه، وعمِّهِ أبي عُفَيرٍ، وجماعةٍ من التابعين، وعنه: ابنُ إسحاقَ، ومحمَّدُ بنُ صَدَقَةَ وأهلُ المدينةِ، مات في ولايةِ أبي جعفرٍ، ذكره البخاريُّ في "تاريخه"

(8)

، وابنُ أبي حاتم

(9)

، وابنُ حبان في ثالثةِ "ثقاته"

(10)

ورابعِها.

(1)

"الطبقات الكبرى" القسم المتمم 1/ 132.

(2)

"تهذيب الكمال" 26/ 605، و"تهذيب التهذيب" 7/ 477.

(3)

"التاريخ الكبير" 1/ 265.

(4)

"الجرح والتعديل" 8/ 122.

(5)

"الثقات" 2/ 256.

(6)

"الثقات" 5/ 376.

(7)

"الكاشف" 2/ 229. "تاريخ ابن معين" رواية الدوري 3/ 244.

(8)

"التاريخ الكبير" 1/ 265.

(9)

"الجرح والتعديل" 8/ 123.

(10)

"الثقات" 5/ 374، 9/ 44.

ص: 173

[3990] محمَّدُ بنُ [يزيد]

(1)

بنِ صيفيِّ بنِ صُهيبِ ابنِ سِنانَ، الحبرُ الجُدعانيُّ

من أهلِ المدينةِ، يروي عن: أجدادِهِ، وعنهُ: ابنُه يوسُف، قاله ابن حبانَ في رابعة "ثقاته"

(2)

.

[3991] محمَّدُ بنُ يحيى بنِ عروةَ بنِ الزُّبَيرِ بنِ العوَّامِ القُرَشِيُّ

حجازيٌّ، يروي عن: عبد الله بنِ عبد الرحمنِ الأنصاريِّ، وعنه: عبد الرَّزَّاقِ، ذكرَهُ البخاريُّ في "تاريخِه"

(3)

، ثم ابنُ حبانَ في "ثقاتِه"

(4)

، وقال ابنُ أبي حاتمٍ

(5)

عن أبيه: حجازِيٌّ يروي عن أبيه، وعنه عبد الرَّزَّاقِ.

[3992] مُحَمَّدُ بنُ يَحيىَ بنِ عَليِّ بنِ عبد الحَمِيدِ بنِ عُبَيدِ ابنِ غَسَّانَ، أبو غَسَّانَ الكِنَانيُّ، المَدَنيُّ

(6)

الكاتِبُ الإخبارِيُّ، سَمِع عمَّه غسَّانَ، والدَّرَاوَردِيَّ، وابنَ عُيينةَ، وابنَ وهبٍ، ومَالِكًا، ومحمدَ بنَ جعفر بنَ أبي كَثيرٍ، وجَماعَةً.

(1)

وقع في الأصل ابن صيفي، والمثبت من "التاريخ الكبير": 1/ 258 و"الجرح والتعديل" 9/ 228. و"تهذيب الكمال" في ترجمة ابنه يوسف 32/ 454. و"ميزان الاعتدال" 4/ 76.

(2)

"الثقات" 9/ 45.

(3)

"التاريخ الكبير" 1/ 266.

(4)

"الثقات" 7/ 427.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 123.

(6)

"تهذيب الكمال" 26/ 636. "الكاشف" 2/ 230.

ص: 174

وعَنهُ: ابنُه عليٌّ، وعبد الله بنُ شَبِيبٍ الرَّبعيٍ، والذُّهْلِيُّ، وعُمرُ بنُ شبَّةَ، وأكثرَ مِن الروايةِ عنهُ في "أخبارِ المدينةِ" لهُ، وَقَال: كانَ كَاتِبًا كأبِيهِ وعمِّهِ وجدِّهِ وأَبِيهِ، عَالمًا بأخبارِ المدِينةِ، ومن بيتِ كتابةٍ وعلمٍ في آخَرينَ.

وذكَر الأمِينُ الآقشهريُّ في "روضَتِهِ" أنَّ لَه كِتابَ "أخبَارِ المدِينةِ"، وأَكثرَ الأمينُ منَ النَّقلِ عنهُ، لهُ حَدِيثٌ في "البُخَاريِّ"

(1)

، وذَكرَه في "تَاريخِهِ"

(2)

، وابنُ أبي حَاتِمٍ

(3)

وقَال: قالَ أبِي: شَيخٌ، وقَال الدَارقُطنِيُّ: ثِقةٌ، وابنُ حبّانَ في رابعةِ "ثقَاتِهِ"

(4)

، وقَال: رُبما خَالَف، وقَال النَّسَائيُّ: ليسَ بهِ بأسٌ، وقَال أبُو بكرٍ بنُ مفوزٍ الشَّاطِبيُّ: كانَ أحدَ الثِّقاتِ المشاهيرِ، يَحمِلُ الحدِيثَ والأدبَ والسِّيرَ، ومِن بَيتِ عِلمٍ ونَباهَةٍ، وتجَاسَر ابنُ حزمٍ كَعادَتهِ فقَال: مَجهُولٌ.

[3993] مُحَمَّدُ بنُ يَحيىَ بنِ مُحمَّدِ بنِ عبد العَزيزِ بنِ عُمرَ ابنِ عبد الرَّحمن بنِ عَوفٍ، أبو عبد الله ويُلقَّبُ أبَا غُزَيَّةَ، الزُهرِيُّ، المدنيُّ

(5)

وَهُو الصَّغِيرُ، وإِلَّا فلهُم أبُو غُزَّيةَ أيضًا، واسمُهُ مُحمَّدٌ، لكِن أبُوه مُوسَى، وَيُميَّزُ عن هَذَا بالكَبِيرِ، ذَكرَ الصَّغِيرَ أبو سَعيدِ بنُ يونسَ في

(1)

كتاب الشروط، باب إذا اشترط في المزارعة إذا شئت أخرجتك (2730).

(2)

"التاريخ الكبير" 1/ 266.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 132.

(4)

"الثقات" 9/ 74.

(5)

"الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 3/ 106. "المغني في الضعفاء" 2/ 624.

ص: 175

"الغُربَاءِ المصريِّينَ" وقالَ: قدِمَ مصرَ وله كُنيتَانِ، وَذكَرَ فِيمَن روى عنهُ: إسحاقَ بنَ إبراهيمَ الكبّاسِ، وزَكريا بنَ يحيى النكريَّ، وسَهلَ بنَ سَوادةَ الغَافِقيَّ، ومُحمدَ بنَ فَيرُوزٍ، ومُحمدَ بنَ عبد الله بنِ حَكِيمٍ، قَالَ: وماتَ في يومِ عَاشُوراءَ سنة ثَمانٍ وخمَسِينَ ومئتينٍ. انتَهَى.

وَقَد وَقَع لنا مِن حَدِيثهِ في "الغَيلانِيَاتِ" بالسَّماعِ، وقالَ الدَارَقُطنِيُّ في "غَرائِبِ مَالكٍ": ثَنَا أَبُو بَكرٍ الخيَّاشُ المصريُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد الله بنِ حَكِيمٍ بمِصرَ، ثَنَا أَبُو غُزَيَّةَ مُحمَّدُ بنُ يحَيى الزُّهريُّ، ثَنَا عبد الوهَّابِ بنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي مالكٌ عن ابنِ شِهابٍ، حَدَّثنِي سَعيدُ بنُ المسيَّبِ، حَدَّثَني عبد الله بنُ عمَر، قَالَ: لما وَلِي عُمَرُ -فذَكرَ قِصَّةً فِيهَا- فقَالَ عليٌّ: إنَّ أبَا بَكرٍ سَبَقنِي إلى أَربَعٍ .. الحديثَ، وَقالَ: لا يثبُتُ عن الزُّهرِيِّ، ولا عن مَالكٍ، وأبُو غُزَيَّةَ هذَا هُو الصَّغِيرُ مُنكَرُ الحدِيثِ، ثُمَّ أوردَ مِن طَريقِ عَليلِ بنِ أحمدَ قال: وكَانَ ثِقةً، ثَنا أبُو غُزيَّةَ محمَّدُ بنُ يحيَى، حَدَّثنِي أبُو العباسِ عبد الوهابِ بنُ موسَى بهَذَا السَّنَدَ إلى ابنِ عُمَر رفَعَهُ:"اليمينُ مَندَمةٌ أو مَأثَمَةٌ"، وقَالَ: لا يَصِحُّ عن مَالكٍ ولا عن الزُّهرِيِّ، والحملُ فيهِ على أبِي غُزيَّةَ. انتهى.

وَوقَعَ فىِ "الميزَانِ"

(1)

: محمَّدُ بنُ يحيَى، أبُو غُزيَّةَ المَدنيُّ، يَروِي عن مُوسَى بنِ وَردَان، قَالَ الدَّارقُطْنِيُّ: مَتروكُ، وَقالَ الأزْدِيُّ: ضَعِيفٌ. ذكَرهُ ابنُ الجَوزيِّ وقال: أبو غُزيَّةَ الزهريُّ انتَهى.

(1)

"ميزان الاعتدال" 4/ 62.

ص: 176

قَال شَيخُنَا

(1)

: والصَّغِيرُ لا يلحَق مُوسَى بنَ وردانَ، وقَد أَخرجَ الدَّارقُطنِيُّ فيهَا من طريقِ عُمرَ بنِ محمدٍ بنِ فُليحٍ عن أبِي غُزَيَّةَ محمَّدِ بنِ موسَى الأنصاريِّ عن مَالكٍ حدِيثًا، قَد أشَرَتُ إِليهِ في تَرجَمةِ عُمَرَ بنِ محمدِ ابنِ فُليحٍ أحدِ الرُّواةِ عنه، وتقَدَّمَ لهُ حَديثٌ في تَرجمةِ عبد الوَهابِ بنِ مُوسَى، صرَّحَ الدَّارقُطْنِيُّ فيه بأنه بَاطلٌ، وتَردَّد في وَاضِعهِ بَينَ مُحمَّدِ بنِ يحيىَ هذا والرَاوي عنه عَليٍّ الكَعَبِيِّ.

[3994] مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنصُورٍ، الشيخُ شَمسُ الدِّينِ الخَشَبِيُّ المدنيُّ

كَأنَّه وَالدُ مُحمَّدِ بنِ مُحمَّدِ بنِ يحيَى الماضِي (3928) إنْ لم يكُن هُو ويكُونُ حَصَلَ فيهِ سَقطٌ، سَمِعَ عَلى الجَمالِ المَطَرِي وكَافُورِ الخُضَريِّ في سَنةِ ثَلاثِ عشرةَ وسَبعِ مِئةٍ في "تَاريخِ المدِينةِ" لابنِ النَّجارِ، وأُسْنِدت إليه وصِيّةٌ في سنةِ سبعٍ وثَمانينَ، ثُمَّ غَلبَ على الظَنِّ أنَّهُ ذَاكَ، فَقَد تَرْجَم ابنُ فَرحُونٍ لمحَمدِ بنِ يحيَى الخشَبيِّ الشَافِعيِّ المؤَذِنِّ بالحَرمِ الشَّريفِ

(2)

، وأنَّه مَاتَ سَنةَ خَمسَ عَشرَةَ وسبعِ مئةٍ، فهَذَا وَالدُ ذَاكَ، وقَال: رَبَّاهُ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ المُؤَذِّنُ الماضي، وأَصْلُهُ مِنَ العيَّاشيَّةِ

(3)

، فِرقةٌ كَبيرةٌ مِن أَولادِ المَدِينةِ، مِنْهُم يُوسُفُ الشُّرَيْشِيرُ شيخُ الشِّيعةِ وفَقِيهُهُم، وَكَانَ جَدُّهُم مَغْرِبِيًّا

(1)

"لسان الميزان" 5/ 420.

(2)

"نصيحة المشاور" ص: 174. وهو فيه: محمد بن محمد بن يحيى.

(3)

في "نصيحة المشاور": العبابية.

ص: 177

سُنِّيًّا، فتَزَوَّجَ مِن بنَاتِ المَدِينةِ وَمَاتَ عن أَولادٍ صِغَارٍ، فَنَشَؤُوا على مَذهبِ أُمِّهِم، ثُمَّ كَثُرُوا وانتَشَرُوا وتَمَذهَبُوا بِمَذهَبِ الشِّيعَةِ وغَلَوا فيهِ.

وكَذَلِكَ الفِرقَةُ المعرُوفونَ بالمزاتِيِّينَ، أَبُوهُم أيضًا مِنَ المَغربِ، وَهُم طَائِفَةٌ كَبيرةٌ، وأنقَذَ الله صَاحبَ التَرجَمةِ مِن طَائِفَتِه، وَكَانَ رَجُلًا صَالحًا مُتَصَوِّفًا مُتَعبدًا، مُشتَغِلًا بالعِلمِ، شافعيًّا، أشعَرِيًّا، مُتَيَقِّظًا في دِينِهِ، ماتَ سنةَ خمسَ عَشرةَ. وقَال ابنُ صَالحٍ: إنَّه كانَ قبل عُمَرَ ابنِ الأعمَى مُؤذِّنًا في المِئذَنةِ الجدِيدةِ، وَأثنَى عليه وأنَّه مَاتَ كَهلًا.

[3995] مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مُوسَى، العفِيفُ ابنُ المحيَوِيِّ القُسَنطِينِيُّ، المدنيُّ، المالكيُّ

والدُ يحيَى وابنُ عَمَّةِ أبي السَعَادات محُمَّدِ بنِ أحمدَ ابنِ الرَيِّسِ، سَمعَ على المُحبِّ المَطَرِي البعضَ منْ "المُوطَّأ""وأبي داودَ"، وكان مُثرِيًا.

[3996] مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ يسَارٍ

(1)

مَدنيٌّ، مَولى ابنِ مَسعُودٍ، يَروِي عَن: حُسَينِ بنِ صَدقَةَ بنِ يَسَارٍ الأنصَاريِّ، وعنُه: أحمدُ بنُ محمَّدِ البِزِّيُّ، ذكرَه العُقيليُّ في "الضُعفَاءِ"

(2)

وقَال: مَدنيٌّ مَجهولٌ بالنَّقلِ، وشَيخُه نحوٌ منه، وحَديثُه غيرُ محفُوظٍ،

(1)

"المغني في الضعفاء" 2/ 643.

(2)

"الضعفاء" 4/ 149.

ص: 178

ثم سَاقَه من طريقِ البِزِّيِّ عنهُ، عن حُسَينٍ، عن المَقبُريِّ عن أبِيهِ عن أبي هُريرَةَ مرفُوعًا، "قَال لعَائِشةَ: اهجُرِي المعَاصِيَ"، الحديثَ، وتبعَهُ الذَهبيُّ في "مِيزَانِه"

(1)

، وقَال: نَكِرةٌ كَشَيخِهِ، وحَديثُهُ منكَرٌ.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، أبو غُزَيَّةَ المدنيُّ

مضَى قَريبًا فيمَن جَدُّه محمَّدُ بنُ عبد العَزيزِ بنِ عُمَرَ (3993).

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الخَشَبِيُّ

وَالدُ مُحمَّدٍ الماضِي، مضَى قَريبًا في ابنِ يحيَى بنِ مَنصُور (3994).

[3997] مُحَمَّدُ بنُ يَحْيى

عن يُوسُفَ بنِ عبد الله بنِ سَلَام: "رَأيتُ النَبيَّ صلى الله عليه وسلم وضَع تَمرةً على كِسرَةٍ فقَال: هَذهِ إدامُ هَذهِ"

(2)

، وعنهُ يحيَى بنُ العَلاءِ الرَازِي، واختُلِفَ عَليهِ فيهِ، فقَال حَفصُ بنُ غِيَاثٍ وعبد الغَفَّارِ بنُ الحَكَمِ عن يحيَى بنِ العَلاءِ عن مُحمدِ بنِ أبِي يحيَى، وهُو الصَّوابُ وهُو الأسلَمِيُ المذكُورُ قَرِيبًا (3999).

(1)

"ميزان الاعتدال" 4/ 64.

(2)

رواه أبو داود في "سننه" كتاب الأيمان والنذور، باب الرجل يحلف أن لا يتأدم برقم (3261).

ص: 179

[3998] مُحَمَّدُ بنُ أَبِي يَحْيَى

عَن: أَبِيهِ عَن هِلالِ بنِ أُسَامَةَ، وعَنهُ: ابنُ وَهبٍ، هُو ابنُ فُلَيحِ بنِ سُليمَانَ، مَضَى (3821).

[3999] مُحَمَّدُ بنُ أَبِي يَحْيَى

واسمُ أَبِي يحيَى سَمْعَانُ، أبُو عبد الله الأَسْلَمِيُّ، مَولَى عَمرِو بنِ عبد نُهْمٍ الأَسْلَمِيُّ المدنيُّ، أخُو أُنَيسٍ وعبد الله، يَروِي عَن: أَبِيهِ، وأُمِّهِ، ويزِيدَ الأَعورِ، ويُوسُفَ بنِ عبد الله بنِ سَلَامٍ، وعبد الله بنِ سَهلِ بنِ سَهلٍ، وعكرمةَ، وسالمِ بنِ عبد الله، وغَيرِهم، وعَنهُ: ابنَاهُ إبرَاهيمُ، وعبد الله سحبَلٌ، وحَفصُ بنُ غِياثٍ، وابنُ وَهبٍ، ويحيَى القَطَّانُ، وأبُو ضَمرَةَ، وغَيرُهُم، وقَال أبُو حَاتمٍ

(1)

: تَكلَّم فيهِ يحيَى بنُ القَطَّانِ، وقَال ابنُ شَاهينٍ: فيهِ لينٌ.

قُلتُ: لكِن قَد وَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ وأبُو دَاودَ وغَيرُهُما كَابنِ سَعدٍ

(2)

وقَال: كَثيرُ الحديثِ، ويعقوبُ بنُ سفيانَ والخَلِيليّ والعِجليُّ

(3)

وقَال: مَدنيٌّ، وابنُ حِبّانَ

(4)

وقَال: مَاتَ سَنةَ أربعٍ وأربعَينَ ومئَةٍ.

(1)

"الجرح والتعديل" 7/ 282.

(2)

"الطبقات الكبرى" القسم المتمم ص: 359.

(3)

"الثقات" 2/ 256.

(4)

"الثقات" 7/ 372.

ص: 180

وقَال أبُو نُعَيمٍ الأصبَهانِيُّ: سَنةَ سِتٍّ، ووثَّقَ أبُو دَاودَ أيضَا أخَاهُ. أُنَيسًا وابنَه سَحبلًا، وذُكِرَ في "التَهذِيبِ"

(1)

.

[4000] مُحَمَّدُ بنُ يَزِيدَ بنِ صَيْفِيِّ بنِ صُهَيبِ ابنِ سِنَانَ الجُدْعَانيُّ المدنيُّ

(2)

يَروِي عَن: جَدِّهِ صُهَيبِ الخَيرِ مَرفُوعًا: "مَن أَصدَقَ امرأةً ومَن أَدَانَ دَينًا وهُو مُجمِعٌ عَلى أن لا يُوفىَ فَهُو سَارِقٌ"

(3)

، وعنُه: ابنُه يُوسُفُ، ذَكرَه البُخَاريُّ في "تَارِيخِه"

(4)

وقَال: مُختَلَفٌ في إِسْنَادِهِ، وبيَّنَ ذَلكَ، وقَال ابنُ أَبِي حَاتِمٍ

(5)

: سَمِعتُ أَبِي يقُولُ: لا أَعلَم رَوى عنُه إلَّا ابنُهُ يُوسُفُ، وَلا أَعلَمُه هُو رَوى عَن أَحَدٍ، وكَان البُخَاريُّ قَد كَتبَ: رَوى عَن أَبِيهِ وعمِّهِ فضَربَ عِليهِ أَبِي، وذَكَرهُ العُقَيليُّ فِي "الضُعَفَاءِ"

(6)

، ورَوى مِن جِهةِ سَعدَويه ثَنا يُوسُفُ بنُ مُحمَّدِ بنِ يَزيدَ، حَدَّثنِي أَبِي عَن أَبِيهِ عن جَدِّهِ أنَّ صُهَيبًا قَال: مَا جَعلَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَينَهُ وبينَ العدوِّ قَطُّ مَا كُنتُ إلَّا أمَامَهُ أو عَن يَمِينِهِ أو عَن يَسَارِهِ، وهُو فِي "المِيزَانِ"

(7)

.

(1)

"تهذيب الكمال" 27/ 11، "تهذيب التهذيب" 7/ 490.

(2)

"الكامل في الضعفاء" 2/ 643.

(3)

"أخرجه الطبراني في "الكبير" (8/ 34)(7301).

(4)

"التاريخ الكبير" 8/ 379.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 126.

(6)

"الضعفاء الكبير" 8/ 145.

(7)

"ميزان الاعتدال" 4/ 66.

ص: 181

[4001] مُحَمَّدُ بنُ يَزيدَ الطائِفيُّ الثَقفِيُّ

رَوى عَن: مُسلمِ بنِ خَالدٍ الزِّنجِيِّ، وعنُه: إسحاقُ بنُ شُرَحبِيلَ المدنيُّ: شَيخٌ أبي

(1)

كَتبَ عنهُ بمَدينةِ الرسُولِ صلى الله عليه وسلم سنةَ عشرٍ ومِئَتَينِ، قالُه ابنُ أبي حَاتِمٍ

(2)

.

[4002] مُحَمَّدُ بنُ أبي يَزيدَ بنِ أبي بَكرٍ جمالُ الدِّينِ الفُومَنيُّ

وفُومَنُ من قُرى كَيلَانَ، مَولدُهُ سنةَ سبعٍ وثلاثينَ وثَمانِي مِئةٍ تَقِريبًا، ونَزلَ المدينةَ بعدَ مكةَ على طَريقَةٍ حَسنةٍ من الانجِماعِ والمُدَاومةِ عَلى التِّلاوةِ ظَاهِرًا، وكَذا مُطَالعَةِ "البُخَاريِّ""وتفسيرِ ابنِ الخَازِن" ونحوِ ذَلكَ "كالمنهَاجِ" و"شَرحهِ" للدَّمِيرِيِّ، "والأذكارِ"، غيرَ مُنفَكٍّ عن الجُلوسِ بعدَ صَلاةِ الصُّبحِ بالمسَجدِ إلى أنْ يُصلِّيَ الضُّحَى، ولا عَن المَشِيِ فيهِ بدُون تاسومةٍ

(3)

.

وكانَ أوَّلًا يتردَّدُّ إلى المدينةِ، ثُمَّ قَطنَها غيرَ مُنفَصلٍ عَنهَا ولا للحجِّ، مُعلِّلًا بأنه قَد قَضَى فَرضَه، وليس بمُكَلَّفٍ لسُنَّةٍ ينْشَأُ عنهَا تَقصِيرٌ في فَرضٍ أو تَركُهُ وكذَا عنِ الجماعاتِ، وأهلُها كالمُجمِعينَ عَليهِ، مَعَ تَكسُّبهِ بالبيعِ

(1)

كذا في الأصل، وفي "الجرح والتعديل":"شيخٌ لأبي".

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 130.

(3)

التاسومة: النَّعلُ. "النهاية" لابن الأثير (نعل).

ص: 182

لمن يَقصِدُهُ، وبوكِيلِه بالبَلدَينِ، ويُذكَرُ بيُبسٍ مَعَ إِخْراجِهِ الزَّكاةَ، وَلهُ بمَكّةَ عِدَّةُ بناتٍ مُتزَوجاتٍ إحداهُن تحتَ عَليِّ بنِ أبي اللَّيثِ.

[أَقولُ: وكانَ بالمدينةِ بعدَ المؤلفِ حتَّى مَاتَ بهَا في

]

(1)

.

[4003] مُحَمَّدُ بنُ أبي يزيدَ -هَكذَا رَأيتُهُ بخَطِّ بَعضِهِم، وقَال آخرُ: محمَّدُ بنُ محمَّدٍ، وكَان أبُوه يُكنَّى أبَا يَزيدَ- الشَّمسُ أبُو عبد الله الكيلانيُّ المقرِئُ نَزِيلُ الحَرمَينِ

(2)

ممَّن أَخذَ عنُه ابنُ الجَزَرِيِّ وغَيرُهُ، وقَال العفيفُ الناشِريُّ في أثنَاءِ تَرجَمةٍ: إنَّهُ دخلَ معَ ابنِ الجَزَرِيِّ اليَمنَ، وكانَ يَتضجَّر مِنهُ أحيَانًا. انتَهى، وتميَّزَ في القِرَاءَاتِ وَأقرأَ في الحَرمَينِ دَهرًا وانتَفعَ بهِ جماعةٌ، فكانَ ممَّن أَخذَ عنُه بمكّةَ: الحسامُ بنُ حريزٍ، والقاضِي عبد القادرِ المَالِكيَّانِ، وعليُّ الديروطِيُّ، وعُمرُ النَّجّارُ، وعبد الأوَّلِ المُرشِدِيُّ، وبالمدِينَةِ: ابنُ شَرفِ الدِّينِ، وقدِمَ القاهِرةَ بُعيدَ الخَمسِينَ، ومَاتَ فيهَا بالبَيمارِستانِ غَرِيبًا في يومِ الأربعاءِ ثالِثِ عشرَ ربيعٍ الثاني سنةَ ثَلاثٍ وخمَسينَ، ودُفِنَ بقُربِ تُربةِ الطَّويلِ بصحراءِ بابِ المحروقِ، وكَان مُتعبدًا مُتجَرِّدًا إلَّا من كُتُبٍ حَسَنةٍ انتقَلَ بها مَعهُ إلى القَاهِرةِ، وسَاءت أخلاقُهُ فِيمَا بَلغَنِي مُدَّةً، وانقَطعَ عن الإقرَاءِ، ويُقَال: إنَّهُ كان يُعينُ في مُناكَدَةِ أبي الفَتحِ المراغِيِّ مع أهلِ رِبَاطِ رَبيعٍ، رحمه الله وإيَّانَا وعَفَا عنه.

(1)

ما بين المعكوفين من زيادة جار الله ابن فهد المكي.

(2)

"الضوء اللامع" 10/ 76.

ص: 183

[4004] مُحَمَّدُ بنُ يَسَارٍ أَبي مَريَمَ

لهُ ذِكْرٌ في أَخِيهِ مُسلِم بنِ أبي مَريَم (4141).

[4005] مُحَمَّدُ بنُ يَعقُوبَ بنِ عبد الله بنِ وَهبِ بنِ زَمْعَةَ القُرشِيُّ، الأسديُّ، الزمعيُّ، المدنيُّ

أخُو موسى الآتي (4314).

[4006] مُحَمَّدُ بنُ يَعقُوب بنِ عبد الوَهّابِ بنِ يحيَى ابنِ عبَّادِ بنِ عبد الله بنِ الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ، أبُو عُمرَ الأسديُّ، القُرشيُّ، الزُبيريُّ، المدنيُّ

(1)

يَروِي عَن: عُمرَ بنِ عبد الله بنِ نَافعٍ الزُّبَيرِيِّ، وابنِ وَهبٍ، ومُحمَّدِ بنِ فُلَيحِ بنِ سُلَيمانَ، وابنِ عُيينةَ، وأبي ضَمرةَ، وعبد الله بنِ مُعاذٍ الصَنعانيِّ، وعبد الله بنِ الحَارثِ الجُمحِيِّ، وعبد الملكِ المَاجِشُونَ وغيرِهِم، وعنهُ: النَّسائيُّ، وأبُو حَاتِمٍ، والصَغانيُّ، وأحمدُ بنُ محمدِ بنِ سلمٍ، وعمرُ بنُ محمدِ البَحيريِّ، وأبُو خُبيبِ ابنُ البرتيِّ، وابنُ صاعدٍ، وغيرُهُم، قال أبُو حَاتِمٍ

(2)

والنَّسَائيُّ

(3)

: لا بأسَ بهِ.

(1)

"الكاشف" 2/ 232.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 121.

(3)

"مشيخة النسائي" ص: 100.

ص: 184

قَال ابنُ أبي حَاتمٍ

(1)

: كتبَ عنهُ أبي بالمدِينةِ، ورَوى عنهُ، وسألتُهُ عنهُ فقَال: صالحٌ، وذَكرهُ ابنُ حِبانَ في "الثِّقاتِ"

(2)

وقَال: مُستقِيمُ الحديثِ، سَمعَ منهُ ابنُ صاعدٍ بالمَدينةِ سنةَ خمسٍ وأربعينَ ومئتينِ.

[4007] مُحَمَّدُ بنُ يَعقُوبَ بنِ مُحمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ عُمرَ بنِ أَبي بَكرِ بنِ أحمدَ ابنِ محمودِ بن إدريسَ بنِ فَضلِ الله بنِ الشيخِ أبي إسحاقَ إبراهيمَ ابنِ عليِّ بنِ يُوسفَ بنِ عبد الله، المجدُ أبو الطَّاهِر وأبُو عبد الله ابنُ السِّراجِ أبي يُوسفَ ابنِ الصدرِ أبي إسحاقَ ابنِ الحُسَامِ ابنِ السِّراجِ، الفَيرُوز آبَادِيُّ الشِيرَازيُّ اللُّغَويُّ الشَافِعيُّ

(3)

ممَّن جَاورَ بالمدِينةِ مرَارًا، منهَا في سنةِ اثنتينِ وثَمانينَ وسَبعِ مئةٍ، وَأقرَأَ بها بَلْ صنَّفَ "المغَانمَ المطابة في مَعالمِ طَابةَ"، وقَال في خُطبَتهِ: مَنَّ الله تعَالى عليهِ بالإنَابةِ، ولا قوَّضَ له مِن سَاحةِ الحرمينِ أطنَابَهُ

إلى آخرِ مَا قَال

(4)

.

فَأحبَبتُ أنْ لا أُخلِيَ هذَا الدِّيوانَ من صاحبِ هذَا المقَالِ، سِيِّما وقَد زارَ المدينةَ على رأسِ القَرنِ، وقرَّرَ بها طَلَبةً ومُدرِّسينَ واشتَرى حدِيقَتَينِ بظَاهِرهَا وجعَلهُما لذَلكَ، ثُمَّ توجَّهَ للمدينةِ أيضًا مع ركبِ سنةِ ستٍّ

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 121.

(2)

"الثقات" 9/ 109.

(3)

"إنباء الغمر" 3/ 47، "العقد الثمين" رقم: 488، "ذيل التقييد" 1/ 276.

(4)

"المغانم المطابة" 1/ 57.

ص: 185

وثمانِي مئةٍ لتَقرِيرِ ما كانَ اشتَراهُ بها، فإنَّهُ نُوزِعَ فيهِ وظَفرَ ببعضِ قَصدِهِ، وأَقرأَ فيهَا وحدَّثَ، مَولِدُهُ في سنةِ تسعٍ وعشرينَ وسبعِ مئةٍ بكَازَرونَ مِن أَعمالِ شِيرَازَ، وماتَ بزَبيدٍ في شَوّالَ سنةَ سبعَ عشرةَ وثماني مئةٍ، ودُفنَ بمقبرةِ الشّيخِ إسماعيلَ الجَبرتِيِّ ببابِ سِهَامٍ، [وقَد ذَكرتُه في تَاريخي "الضَوءِ" مُطوَّلًا، ومِنهَا: أنَّه نَشأَ بكازرونَ، فَحفِظَ القُرآنَ وهُو ابنُ سَبعٍ، وجوَّدَ الخطَّ، ونقَلَ كِتَابينِ من كُتُبِ اللُّغةِ، وانتَقلَ إلى شِيرازَ وهُو ابنُ ثمانٍ، وأخذَ اللُّغةَ والأَدبَ عن والدِهِ، ثُمَّ عن القوامِ عبد الله بنِ محمودِ بنِ النَّجمِ

(1)

وغيرِهمَا مِن عُلماءِ شِيرَازَ، وسَمعَ فيهَا على الشَّمسِ أبي عبد الله مُحمَّدِ بنِ يُوسفَ الأنصَاريِّ الزَّرنديِّ المدَنيِّ "الصَّحِيحَ"، بل قرأَ عليهِ "جامِعَ الترمذيِّ" هُناكَ درسًا بعدَ درسٍ في سنةِ خمسٍ وأربَعينَ.

وارتحلَ إلى العِرَاقِ فدَخلَ واسِطَ وبغدادَ، وأخذَ بهمَا عن جَماعةٍ، ثُمَّ ارتحلَ إلى دِمشَقَ، فدخلَها سنةَ خمسٍ وخمسِينَ، فسَمعَ بها منَ التَّقيِّ السُّبكيِّ وأكثرِ من مئةِ شَيخٍ منهُم ابنُ الخبَّازِ

(2)

وابنُ القَيِّمِ

(3)

ومحمَّدُ ابنُ إسمَاعيلَ الحمويُّ

(4)

وغَيرُهُم ببعلَبكَّ وحَماةَ وحَلبَ، وبالقُدسِ

(1)

"الضوء اللامع"10/ 79، و"البدر الطالع" 2/ 280.

(2)

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن سالم بن بركات المعروف بابن الخباز، مسند دمشق في عصره، توفي سنة 756 هـ "الدرر الكامنة" 3/ 384، و"ذيل التقييد" 1/ 98.

(3)

محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي المشهور بابن قيم الجوزية، توفي سنة: 751 هـ. انظر: "ذيل طبقات الحنابلة" 2/ 447، "الدرر الكامنة" 4/ 21.

(4)

محمد بن إسماعيل بن عمر ابن الحموي، محدث مسند، توفي سنة 757 هـ "الدرر الكامنة" 3/ 389، و"ذيل التقييد" 1/ 102.

ص: 186

من العَلائيِّ والبيانيِّ

(1)

وطَائِفةٍ، وقَطنَ به نَحو عَشرِ سنينَ، ووَلِي بهِ تدارِيسَ وتصَاديرَ، وظَهَرت فضَائِلُهُ وكَثُرَ الأخذُ عنه.

ثُمَّ دَخلَ القاهِرةَ بعد أن سَمِعَ بغَزَّةَ والرَملَةِ على جَماعةٍ كالجَمالِ الإسنَويِّ والعزِّ بنِ جَماعةٍ وابنِ نَباتَةَ والعُرَضِيِّ

(2)

، وبمكّةَ من الضِّياءِ خَليلٍ المَالِكيِّ واليَافعيِّ والتَّقيِّ الحرازيِّ وجَماعةٍ.

وجَالَ في البلادِ الشَامِيَّةِ والمَشرِقِيَّةِ ودخلَ الرُّومَ والهِندَ، ولقيَ جَمًّا من الفُضلاءِ وحملَ عنهُم شَيئًا كَثيرًا تجمعُهُم مشيَختُه في تخريجِ الجمالِ بنِ مُوسَى المُرَّاكِشيِّ. ثم دخلَ زَبيدَ في رمضانَ سنةَ ستٍّ وتسعينَ، بعدَ وفَاةِ قَاضِي الأقضيةِ باليمنِ الجمالِ الرَّيمِيِّ، فتلقَاه الملِكُ الأشرفُ إسمَاعِيلُ

(3)

]

(4)

(

)

(5)

.

(1)

محمد بن إبراهيم بن سعد الله البياني المشهور ببدر الدين ابن جماعة، فقيه شافعي، ولي قضاء القدس والشام ومصر، وله مصنفات في عدة فنون، توفي سنة 733 هـ بالقاهرة "الدرر الكامنة" 3/ 295. و"شذرات الذهب" 8/ 202.

(2)

علي بن أحمد بن محمد بن صالح بن ندي العرضي علاء الدين المسند التاجر الدمشقي، توفي سنة 752 هـ "الدرر الكامنة" 3/ 20.

(3)

إسماعيل (الأشرف) بن العباس (الأفضل) ابن المجاهد علي ابن المؤيد داود، من ملوك الدولة الرسولية، ولي بعد أبيه وكان مستقيم السيرة، محبًا لجمع الكتب والعلم والأدب، وبنى مدارس، توفي سنة 803 هـ "الضوء اللامع" 2/ 299، "العقود اللؤلؤية" 2/ 163.

(4)

ما بين المعقوفتين كتب بخط جار الله ابن فهد المكي.

(5)

بياض بمقدار ستة أسطر.

ص: 187

[4008] مُحَمَّدُ بنُ يَعقُوبَ بنِ يحيَي بنِ عبد الرحمنِ، الجمالُ ابنُ الشَّرفِ المغربيُّ الأصلِ، المدنيُّ المالِكيُّ

(1)

الماضِي حَفيدُهُ النَّجمُ محمَّدُ ابنُ التَّاجِ عبد الوَهابِ (3719) وأبُوهُ (2572) في مَحلَّيهِمَا، ذَكرَ لي حفِيدُه: أنَّهُ أخذَ عَن الوَانُوغيِّ وغيِرهِ، بل ارتحَلَ إلى العَجَمِ وأقَامَ هُناكَ أربعَ سِنينَ، وأخَذَ عن شُيوخِهِ في العَقلِيّاتِ، وتميَّز ودرَّسَ ونَابَ في القَضاءِ بالمدينةِ النَّبويةِ، وألَّفَ في الفقهِ وعَملَ في المنطقِ مُقدِّمةً، وخمَّسَ "البُردةَ"، قَال: ومِن نظمهِ:

طَلبتُ للقَلبِ بالأسفَارِ لي رَاحَهْ

فَلم تَكُنْ مُهجَتِي في الحيِّ مُرتَاحَهْ

مُذْ غِبتُ عنْ مربع الأحبَاب والسَاحهْ

مَن كانَ مِثلي فَهل يَستأهِلُ الراحَهْ

مَاتَ تقرِيبًا قُريبَ الثلاثينِ وثَماني مِئةٍ

(2)

.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدُ بنُ يَعقُوب الزُبَيرِيُّ

فِيمَن جَدُّهُ عبد الوهابِ، قَريبًا (4006).

[4009] مُحَمَّدُ بنُ يَعقُوب المدنيُّ

(3)

عن سَعيدٍ المقبُريِّ وغَيِرهِ، لهُ مَناكيرُ، روَى عَنهُ: عَنْبَسةُ بنُ عبد الواحدِ ويُونسُ بنُ عُبيدٍ.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 87.

(2)

في الهامش: سنة 839.

(3)

"التاريخ الكبير" 1/ 267، و"المغني في الضعفاء" 3/ 654.

ص: 188

وذكَر لهُ ابنُ عديٍّ أحاديثَ مُنكَرةً لهَا شَواهد

(1)

، قالَهُ الذهبيُّ في "مِيزَانهِ"

(2)

، وفي "ثقاتِ ابنِ حبّانَ"

(3)

: مُحَمَّدُ بنُ يَعقُوبَ عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ، وعنهُ عَنبَسةُ، قَال شَيخُنَا

(4)

: فكأنَّه هُو.

[4010] مُحَمَّدُ بنُ يَعقُوبَ

وزِيرُ أَميرِ المدينةِ ثابتِ بنِ جمَّازٍ. كَانَ من المُعِينينَ لأميرِهِ في مِحنةِ العَفيفِ عبد الله ابنِ الجَمالِ المَطَريِّ.

[4011] مُحَمَّدُ بنُ يُوسفَ بنِ إبراهِيمَ بنِ محمَّدِ بنِ طَلحةَ ابنِ عُبيدِ الله القُرَشِيُّ التَيميُّ المدنيُّ

يَروِي عَن: يعقُوبَ الزُهرِيِّ، قَال ابنُ أبي حَاتمٍ

(5)

: سمِعتُ أبي يقُولُ: هو مَجهُولٌ، وفي تَرجَمتهِ مِن "تَاريخِ البُخارِيِّ"

(6)

: حدَّثنِي محمدُ بنُ عُبادةَ، ثنَا يَعقوبُ حدثني يحيى بنُ عبد الملكِ عنِ عبد الله بنِ محمَّدِ بنِ يُوسفَ ابنِ إبرَاهيمَ بنِ محمَّدِ بنِ طَلحةَ، قَال: جاءَ طلحةُ بنُ عُبيدِ الله بابنهِ حينَ وُلِدَ فسمَّاهُ محمَّدًا وكنَّاهُ أبَا القَاسمِ، قَالَ يعقُوبُ: والثَّابتُ عِندنَا أن محمَّدَ

(1)

"الكامل" 6/ 176.

(2)

"ميزان الاعتدال" 4/ 70.

(3)

"الثقات" 9/ 46.

(4)

"لسان الميزان" 5/ 433.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 119.

(6)

"التاريخ الكبير" 1/ 264.

ص: 189

ابنَ طَلحةَ أبُو سُليمانَ انتَهى، ولَيسَ فيهِ كَما ترَى لصَاحبِ الترجَمةِ سوَى أنَّه وَالدُ عبد الله، وقولُ ابنِ حبانَ في رَابعةِ "ثِقاتهِ"

(1)

: يَروي عن أجدَادهِ وعنهُ ابنهُ عبد الله، لم أفهمهُ من كَلامِ البُخاريِّ، وكذَا قولُ ابنِ أبي حَاتمٍ: يَروِي عن يَعقُوبِ الزُهريِّ، مَا فهمتُه.

[4012] مُحَمَّدُ بنُ يُوسفَ بنِ إبراهِيمَ بنِ موسَى الجَونِ بنِ عبد الله ابنِ الحَسنِ بنِ الحَسنِ بنِ عَليِّ بنِ أبي طَالبٍ الحَسَنِيُّ

(2)

ويلقَّبُ بالأُخَيضِرِ، أخُو إسمَاعيلَ الماضِي (452)، أنَّهُ استَولَى على مكةَ والمدينةِ وفعلَ تلكَ القَبائِحِ، وأنَّ أخَاهُ هذَا خَرجَ بعدَهُ وولِىِ مكانَهُ، وذلكَ في سنةِ اثنتينِ وخمسينَ ومِئَتَينِ، وأنَّهُ أسنُّ منِ أخِيهِ إسماعيلَ

(3)

بعشرِينَ سنةً.

[4013] مُحَمَّدُ بنُ يُوسفَ بنِ الحسنِ بنِ محمدِ بن محمودِ بنِ الحَسنِ الجمالُ أو الشمسُ، أبُو عبد الله ابنُ العِزٍّ أبي المحَاسنِ الأنصَاريُّ الزرندِيُّ، المدنيُّ، الحَنفِيُّ، الصُّوفيُّ، الشَافِعيُّ

أخُو أحمدَ (317) وعليٍّ (2866)، وجدُّ الرَّضِيِّ أبىِ حَامدٍ محمَّدِ بنِ عبد الرَّحمنِ المطَرِيِّ (3666) لأمِّهِ المَاضِيَينِ، رأيَّتُ لهُ مُصَنَّفًا سمَّاهُ

(1)

"الثقات" 9/ 44.

(2)

"الجمهرة" ص: 46، و"الكامل" 5/ 330، و "شفاء الغرام" 2/ 186.

(3)

تقدم الكلام على استيلاءه على المدينة في ترجمة أخيه إسماعيل ترجمة رقم (452).

ص: 190

"نَظمُ دُرَرِ السِّمطَينِ في فضَائلِ المُصطفَى والمُرتَضَى والبتُولِ والسِّبطَينِ"

(1)

في مجلَّدٍ لطيفٍ قَال فيهِ: إنَّه صنَّفهُ بشِيرازَ لمَّا وصَلهَا في أثناءِ سنةِ خمسٍ وأربعينَ وسبعِ مئةٍ، بعدَ مفارقتهِ المدينةَ الشريفةَ الَّتي هِي مَسقَطُ رأسِهِ وميلادِهِ ووطنُ آبائهِ وأجدَادهِ لأجلِ السُّلطانِ جمالِ الدِّينِ الشيخِ أبي إسحَاقَ بنِ شَرفِ الدَّولةِ محمودِ شاهٍ الأنصاريِّ الَّذِي قَال فيهِ:

بيدٍ تُولِّي وعسر تحوطُه

ونائبةً تكفي ونُعمى تُنيلُها

ودُم للمعالي فهي خيرُ ذخيرةٍ

ومُشتَبِهٌ إلا عليك سبيلُها

وممَّا أنشَدهُ من نَظمهِ في "دِيبَاجَتهِ":

قومٌ لهُم مِنِّي وَلاءٌ مُخالِصٌ

في حَالةِ الإِعلانِ والإسرارِ

أنَا عبد هُم ووَلِيُّهُم ووَلاؤُهُم

سَورِي ومَوضِعُ عِصمَتِي وسِرَارِي

فعَليهِمُ منِّي السَّلامُ فَإنَّهُم

أقصَى مُنايَ ومُنتَهَى إيثَارِي

وقال: إنَّه فرَّغَه بها في رَمضانَ سَنَةَ سبعٍ وأربعينَ، وقَال أيضًا: إنَّهُ صنَّفَ وهُو بالمدينةِ لأجلهِ أيضًا "بُغيةَ المرتاحِ إلى طَلَبِ الأرباحِ"

(2)

، ورأيتُ مَن وَصَفَ صاحبَ الترجمةِ: بالإمامِ القدوةِ العلامةِ شمسِ المحدِّثينَ بالحَرَمِ النَّبَوِيِّ، وأنَّه سمعَ في سنةِ ثلاثِ عشرةَ وسبعِ مئةٍ بالمدينةِ على الجمالِ المطريِّ وكافورِ الخُضَرِيِّ "تاريخَ المدينةِ" لابنِ النَّجّارِ، وقرَأ عليه حفيدُه الموفقُّ محمدُ بنُ أحمدَ "العوارفَ" للسُّهرَورَدِىِّ بروايتهِ عن مؤلِّفِهِ وفيه نَظَرٌ.

(1)

ذكره في "كشف الظنون" 1/ 747.

(2)

ذكره في "كشف الظنون" 1/ 250. جمع فيه أربعين حديثًا بأسانيدها وشرحها.

ص: 191

وذكره ابنُ رافعٍ في "تاريخهِ" فقال: سمعَ الفخرَ التَّوزَرِيَّ وقدمَ علينا القاهِرَةَ، فسمعَ الوانِيَّ والخُتَنِيَّ والدَّبُّوسِيَّ وارتحل إلى دمشقٍ فسمعَ الحجَّارَ والبهاءَ ابنَ عساكرٍ وغيرَهما، وسمعَ بإسكندريَّةَ: من عبد الرحمنِ ابنِ مخلوفٍ بنِ جماعةَ، والرُّكنِ عُمَرَ بنِ محمَّدٍ العُتبِيِّ، وابنِ الصَّوَّافِ، والجلالِ السفاقُسِيِّ، وأحمدَ بنِ إبراهيمَ الغَرَّافِيِّ، وببغدادَ: من عليِّ بنِ ثامرٍ، ومحمَّدِ بنِ عبد المُحسنِ ابنِ الدواليبيِّ وغيرِهما، وأجاز له محمَّدُ ابنُ الحُسَينِ الفُوِّيُّ وأبو المعالي الأبرَقُوهيُّ وغيرُهما، وطلَبَ بنفسهِ وكتبَ بخطِّهِ وقرأ وعُنِيَ بالطَّلَبِ، وخرَّج له البِرزَاليُّ "جُزءًا من حديثِهِ"، وحدَّثَ، وقدمَ القاهرةَ ثانيًا ونزل بِسَعيدِ السُّعداءِ، واجتمعتُ به بالمدينةِ النبويَّةِ وأضافَنِي، ثم رأيتُهُ بِدِمَشقَ وما تيسَّر لي سماعُ الجُزءِ المذكورِ، وكذا ذكرهُ شيخُنا في "دررهِ"

(1)

ولقَّبَه بالشَّمسِ، وقال: قرأتُ في ترجمةِ الجُنَيدِ البَليانيِّ تخريجَ ابنِ الجَزَرِيِّ نزيلِ شيرازَ أنه كان عالمًا وأرَّخَ مَولِدَه سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وستِّ مئةٍ ووفاتَه بشيرِاز سنةَ بضعٍ وأربعينَ، وذكر تصنيفَه "دُرَرَ السِّمطَينِ" ولهُ "بُغيَةُ المُرتاحِ" جمعَ فيها أربعينَ حديثًا بأسانيدِها وشَرَحَها، قال: وخرَّج لهُ البِرزاليُّ "مَشيَخَةً" عن مِئةِ شَيخٍ، ثم قال شيخُنا: وماتَ البِرزاليُّ قبلَه بأكثرَ من ثلاثينَ سنةً، ثم لخَّصَ من ابنِ فرحونٍ ترجمتَه

(2)

، وابنُ فرحونٍ لقَّبه بالشمسِ وقال: أخُو أحمدَ وعليٍّ وأكبرُهم، كنتُ مَعَهُ كالأخَوَينِ المُتَراضِعَينِ.

(1)

"الدرر الكامنة" 4/ 295.

(2)

"نصيحة المشاور" ص: 105.

ص: 192

رَأَسَ في المدينةِ، وصَنَّفَ الكُتُبَ العَديدةَ ودرَّسَ في الحديثِ والفقهِ، ثُمَّ ارتحلَ إلى شيرازَ، نِيَّتُهُ العَودُ إلى المدينةِ فَوَلِيَ بها القضاءَ، وكانَ فيها عَلَمًا يُشارُ إليه. وماتَ فيها سنةَ سبعٍ أو ثمانٍ وأربعينَ، وخلَّفَ ذُرِّيةً صالحةً وأولادًا نُجَباءَ مُشتَغِلِينَ بالعِلمِ، أكبرُهم السِّراجُ عبد اللطيفِ ومجدُ الدِّينِ وهما في مَحَلَّيهِما.

وقال المجدُ

(1)

: الشَّيخُ الإمامُ الشمسُ، أبو عبد الله، المحدِّثُ بالمسجدِ النَّبويِّ.

كان أكبرَ إخوتهِ عُمرًا، وأغزَرَهم بَحرًا، أنشأه الله في تربيةِ والدتهِ نَشأ صليحًا، فبدأ به في غُرَّةٍ بغررِ الفوائدِ بدا مليحًا، حفظَ القرآنَ المجيدَ في صِغَرهِ، ولاحت أساريرُ السَّعادةِ في غُرَرهِ.

سافرَ إلى مصرَ والشَّامِ، وأدركَ من المُسنِدينِ المشايخَ العِظامَ، وسمع أبا المعالي الأَبرَقُوهِيَّ وطبقتَه، وتحبَّبَ إلى الأشياخِ وغرسَ في قلوبهم محبَّتَه، خرَّج له الذَّهبيُّ "مشيخةً" جليلةً، أعربَ فيِها عن رِحلةٍ واسَعةٍ وهِمَّةٍ أثيلةٍ.

وسمعَ بِمكَّةَ والمدينةِ كبارَها، وببيتِ المقدسِ والمِصرَينِ ونُبَلاءَها وأخيارَها، ثُمَّ ارتَحل إلى بلادِ ما وراء النَّهرِ، فأضاءَ نورُ شمسهِ هنالك وَبَهَر، زيَّنَ خُوارزمَ بِحضرتهِ، واستفاد فضلاؤُها من بَهجةِ فضلهِ ونُضرتهِ، ودخل العراقَ مرَّاتٍ، ولهُ بِهَا في ميدانِ السُّنَّةِ جولاتٌ وكرَّاتٌ، ووفدَ علينَا بالآخرةِ مدينةَ شيرازَ، وتُلُقِّيَ بالتَّعظيمِ والإعزَازِ، ونزلَ أوَّلًا بالمُعَزِّيَةِ نزيلًا

(1)

"المغانم" 3/ 1285.

ص: 193

لمعزِّ الدِّينِ، ابنِ أختِ قاضِي القُضاةِ مجدِ الدِّينِ، ثُمَّ انتقلَ إلى منازلِنَا وتأهَّل، وأرحبَ بحمدِ الله في انتقالهِ وأسهَلَ. وصنَّفَ لسُلطانِ فارسَ "الأربعينَ" وشَرَحَ، وأثنَى في "ديباجتهِ" على السُّلطانِ ومدحَ، فقابلَه بِمالٍ جزيلٍ، وفَّى حقَّه من التَّعظيمِ والتَّبجيلِ، وولَّاه درسَ الحديثِ في مسجدِ والدهِ، وأولاهُ من طارفِ المالِ وتالدهِ، وشاهدَ من مكارمِ أهلِ تلك البلادِ، مَا عوَّقهُ عن الرُّجعَى إلى الأهلِ والأولادِ.

وكَثيرًا ما كان ينشدُنا رحمه الله:

ولا عيبَ فيكُم غيرَ أنَّ ضُيوفَكُم

تُعَابُ بنسيانِ الأحبَّةِ والوطَن

فلم يزل هنالك مُلَجَّجًا في العِزِّ والمالِ، والقَبُولِ والإقبالِ، وسَعَةِ الحالِ، وفراغِ البالِ، والتَّصنيفِ والتَّأليفِ والاشتغالِ، ومع ذلك لا يُفارقُه الالتياعُ والحنينُ إلى مَن خلَّفهُم من البناتِ والبنينَ، حتى نيَّفَ على عشرٍ من السِّنينَ، فتوفِّي بِها في عامِ تسعٍ وأربعينَ، وحضرَ جنازتَه صناديدُ البَلَدِ أجمعينَ، ودُفِنَ بِمَقبَرةٍ مشهورةٍ تُدعى مقامَ الرِّجالِ الأربعينَ.

قلتُ: وقد سَمِعَ ومعه أخُوه الشمسُ أحمدُ بالبادرائيةِ من دِمشقَ في سنةِ عشرٍ وسبعِ مئةٍ على البرهانِ إبراهيمَ بنِ عبد الرحمنِ بنِ إبراهيمَ بنِ سِباعٍ الفزاريِّ الشافعي كُلًّا من تصنيفَيهِ "الإعلامِ بفضائلِ الشامِ"

(1)

، و"باعثِ النفوسِ على زيارةِ القُدسِ المحروسِ"

(2)

، بقراءةِ أبيهمَا وأجازَ لهُم روايتهَما وسائرَ تصانيفهِ رحمه الله.

(1)

"الإعلام بفضائل الشام" مختصر "فضائل الشام ودمشق" لابن أبي الهول المتوفى سنة 444 هـ، مخطوط منه نسخة بالأزهرية، انظر:"كشف الظنون" 2/ 1275.

(2)

مخطوط منه نسخة بالأزهرية، وانظر:"كشف الظنون" 1/ 218.

ص: 194

[4014] مُحَمَّدُ بنُ يوسفَ بنِ شروينَ، الشيخُ الصّالحُ شمسُ الدِّينِ أمينُ حواصلِ الحرمِ

ممنَّ سمعَ "صحيحَ مُسلمٍ" في

(1)

عَلَيَّ بالمدينةِ عندَ أسطوانةِ التَّوبةِ.

[4015] مُحَمَّدُ بنُ يوسفَ بنِ عبد الله بنِ سلامِ بنِ الحارثِ الخزرجيُّ، الأنصاريُّ -نَسَبَه الزُّبيريُّ- المدنيُّ

(2)

ذكره مسلمٌ في ثالثةِ تابعي المدنيِّينَ

(3)

، يروِي عن: أبيهِ وأبي سعيدٍ الخُدرِيِّ وعبد الله بنِ الزُّبيرِ، وعنُه: عثمانُ بنُ الضَّحاكِ بنِ عثمانَ وعبد الملكِ بنُ عميرٍ ومحمدُ بنُ عجلان وعُمرُ بنُ يحيى بنِ عمارةَ وشهرُ ابنُ حوشبَ وأبُو الوردِ وشعيبُ بنُ صفوانَ، ذكرهُ البُخاريُّ في "تاريخهِ"

(4)

وأورد لهُ من حديثِ عبد الملك بنِ عميرٍ عنهُ أنَّه حدَّث الحجَّاجَ عن جدِّهِ عبد الله بنِ سلامٍ أنَّ عثمانَ قال لكثيرِ بنِ الصَّلتِ: إنِّي مقتولٌ، رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ومعهُ أبو بكرٍ وعمرُ، فقَال لي: يا عثمانُ أنت عندَنا غدًا وأنت مقتولٌ غدًا، ومن حديثِ عمرَ بنِ يحيى عنهُ عن أبي سعيدٍ حديثَ:"من تَبعَ جنازةً فلهُ قِيراطٌ"، ومن حديثِ ابنِ عجلانَ عنهُ عن أبيهِ أنَّه سمعَ ابنَ الزُّبير قولَه

(1)

بياض بالأصل بمقدار كلمتين.

(2)

"التاريخ الكبير" 5/ 18، "تاريخ دمشق" 29/ 99، "الكاشف" 2/ 232.

(3)

"الطبقات" 1/ 248.

(4)

"التاريخ الكبير" 1/ 262.

ص: 195

في الصَّلاةِ، ومنِ حديثِ عثمانَ بنِ الضَّحاكِ عنهُ عن أبيهِ عن جدِّهِ:"ليُدفننَّ عيسى ابنُ مريمَ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بيتهِ"، وقال في آخرِهَا: إنَّه لا يَصِحُّ عندِي ولا يُتابَعُ عليه، وكذا ذكرهُ ابنُ أبي حاتمٍ

(1)

عن أبيهِ: شيوخَه والرُّواةَ عنه، وأوردهُ ابنُ حبّانَ في ثانيةِ "ثقاتهِ"

(2)

وروى لهُ الترمذيُّ

(3)

، وذُكِرَ في "التَّهذيبِ"

(4)

.

[4016] مُحَمَّدُ بنُ يوسفَ بنِ عبد الله بنِ يزيدَ الكِندِيُّ المدنيُّ الأعرجُ

(5)

ابنُ أختِ نمرٍ، وأمُّه ابنةُ السائبِ، يروي عن: جدِّه لأمِّه، وقيلَ: خالِه، وقيلَ: عمِّه، عن السائبِ بنِ يزيدَ، وسعيدِ بنِ المسيبِ، وسليمانَ بنِ يسار، وعطاءِ بنِ يسار، وعبد الله بنِ عمرِو بنِ عثمانَ، وعبد الله بنِ الفضلِ، وعنهُ: ابنُ جريجٍ، ومالكٌ، وابنُ أبي الزِّناد، وإسماعيلُ بنُ جعفرٍ، وداودُ بنُ قيسٍ، وعبد الله بنُ عمرَ العُمَرِيُّ، وحفصُ بنُ غِياثٍ، وحاتمُ بنُ إسماعيلَ في آخرينَ منهُم يحيى بنُ سعيدٍ القطانَ، وقال: كان أعرجَ ثَبتًا أثبتَ من عبد الرحمنِ بنِ حُميدٍ وعبد الرحمنِ بنِ عمارٍ، بل كان يُفضِّلهُ على محمَّدِ

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 118.

(2)

"الثقات" 5/ 368.

(3)

كتاب المناقب، باب فضل النبي صلى الله عليه وسلم، رقم (3977).

(4)

"تهذيب الكمال" 27/ 48، "تهذيب التهذيب" 7/ 501.

(5)

"التاريخ الكبير" 1/ 264، "الكاشف" 2/ 232.

ص: 196

ابنِ أبي يحيى ويُثنِي عليه ويُثبِتهُ وقال: لم أرَ شيخًا يُشبِهُهُ في الثِّقَةِ، وكذا وثَّقهُ ابنُ معينٍ، وأحمدُ، وابنُ المدينيِّ، والنَّسائيُّ، وأبُو حاتمٍ

(1)

وقال: هُو شيخٌ قديمٌ يقال له: الأعرَجُ، ثُمَّ ابنُ حبَّانَ

(2)

، وقال مُصعَبُ الزُّبيريُّ: كان له شَرَفٌ وقَدرٌ بالمدينةِ، وقال أحمدُ بنُ صالحٍ المصريُّ وهو ممَّن كان به مُعجَبًا: ثبتٌ له شأنٌ، وقد خرَّج لهُ الشيخانِ

(3)

، وذُكِرَ في "التَّهذيبِ"

(4)

.

[4017] مُحَمَّدُ بنُ يوسفَ بنِ محمَّدِ بنِ معالي، الشمسُّ أبو الفضلِ ابنُ الجمالِ القرشيُّ، المخزوميُّ الدمشقيُّ، ثم المصريُّ، الشافعيُّ

(5)

نزيلُ الحَرَمَينِ ووالدُ الشَّمسِ محمدٍ الماضِي (3930)، ويُعرَف بابنِ الزُّعَيفِرينِيِّ، سَمِعَ على شيخِنا والمجدِ البَرماوِيِّ، وممّا سَمِعَهُ عليه "السِّيرَةَ النَّبويّةَ" لابنِ هشامٍ بقراءةِ ابنِ حسَّانَ، بل قَرأَ على العزِّ ابنِ الفراتِ وذكرَ لي ولدُه أنَّ مجموعَ إقامتهِ بالمدينةِ أربعةٌ وعشرونَ

(6)

سنة لم يتخلَّلها إلَّا اليسيرُ في الحجِّ وبعضُ مجاورةٍ بمكةَ، وكان فاضلًا خَيِّرًا مُتعبدًا كثيرَ المحاسنِ أخذَ

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 118.

(2)

"الثقات" 7/ 433.

(3)

البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب الحج الصبيان، (1858) ومسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم ثمن الكلب، (4094).

(4)

"تهذيب الكمال" 27/ 49، و"تهذيب التهذيب" 7/ 205.

(5)

"الضوء اللامع" 15/ 99، "الدر الكمين" 1/ 420، "إتحاف الورى" 4/ 438.

(6)

في الأصل "وعشرين".

ص: 197

عنهُ غيرُ واحدٍ وصَحِبَه يحيى بنُ أحمدَ الزَّندَوِيُّ، وحكى لنا عنه ما سيأتي في ترجمتهِ (4518)، وكتبَ عنهُ حسينٌ الفتحيُّ شيئًا من نظمِ أخيهِ أحمدَ، وهو:

وربَّ خَليلٍ قالَ قُمْ واسألْ الورَى

فقلتُ أليسَ الله يعلمُ حالِي

أأقصِدُ من لم يعطنِي إن سألتُهُ

وأتركُ من يعطِي بغير سُؤالِ

أكونُ كمَن يرجُو سرابًا بِقيعةٍ

ويُعرِضُ عن عَذبِ المَذاقِ زُلالِ

وكَذا قرأَ عليه العزُّ الفيُّومِيُّ "الشِّفاءَ" بِمَكَّةَ سنةَ سِتِّينَ، ماتَ في يومِ الأربعاءِ ثامنِ عشرِي ذي الحجَّةِ سنةَ ستٍّ وستينَ وثماني مئةٍ بمكةَ، ومَن أرَّخهُ سنةَ سبعٍ وخمسينَ فقد غَلِطَ، رحمه الله وإيَّانا.

[4018] مُحَمَّدُ بنُ يوسفَ بنِ يعقوبَ بنِ إسماعيلَ بنِ حمَّادِ ابنِ زيدِ بنِ درهمٍ، أبو عُمَرَ الأزدِيُّ مولاهم

(1)

قاضِي الحَرَمينِ واليَمنِ والشَّامِ والجَانبِ الشَّرقيِّ

(2)

والشَّرقيَّةِ وعدِّةِ نواحي من السَّوادِ، وَلِيَ ذلك بتقليدٍ من المُقتَدرِ بإشارةِ الوزيرِ أبي عليِّ الحسنِ بنِ عليِّ بنِ عيسَى في سَنةِ إحدَى وثَلاثِ مئةٍ، ثُم قلَّدهُ قضاءَ القُضاةِ في سنةِ سبعِ عشرةَ، وكان من خِيارِ القُضاةِ حِلمًا وعقلًا وجلالةً وصيانةً وذكاءً وفضلًا وكرمًا، سمِع محمَّدَ بنَ الوليدِ البسريَّ ومحمَّدَ بنَ إسحاقَ الصَّغانيَّ وجمَاعةً، روى عنه أبو بكرِ الأبهريُّ الفقيهُ والدارقطنيُّ وغيرهُما.

(1)

"تاريخ بغداد" 3/ 401، "المنتظم" 13/ 313، "العقد الثمين" رقم:495.

(2)

يقصد به هنا الجانب الشرقي من بغداد.

ص: 198

ماتَ في رمضانَ سنة عشرينَ وثلاثِ مئةٍ، ودُفِنَ في دارهِ، ومولدُه في رجبٍ سنةَ ثلاثٍ وأربعينَ ومئتينِ، ذكرهُ الفاسيُّ في "مكة"

(1)

.

[4019] مُحَمَّدُ بنُ يوسفَ الشَّمسُ أبو عبد الله الحليميُّ -بلامٍ أو كافٍ على ما يحرَّرُ- الحنفِيُّ

لهُ ذكرٌ في ترجمةِ عبد العزيزِ بنِ زكنونٍ (2427)، قالَ ابنُ فرحونٍ

(2)

: إنه كَانَ لي مِنَ الإخوانِ وهو الفقيهُ الفاضلُ العابدُ (الورع الزاهد)

(3)

، كَانَ فيهِ مِنَ الخيرِ والصّلاحِ والعُزلَةِ عَن النّاسِ مَا لا مزيدَ عليه، بحيثُ عُدَّ مِنَ الأَولِياءِ الأكياسِ، ومِنَ النَّاسِ الَّذِينَ هُم النَّاسُ، مع فضيلةٍ في مذهبِه ومُشاركةٍ في علومٍ.

رَحَلَ إلى دمشقَ سنةِ اثنتينِ وثلاثينَ وسبعِ مِئَةٍ، فأخذَ عن العَلاءِ القُونَويِّ، وكان ذَا عنايةٍ به حتَّى آثرَهُ وقدَّمَه عَلَى غَيرِهِ، وتفرَّسَ فِيهِ الخيرَ، فَرَجَعَ وقد حَصَّلَ واستفادَ، فكان إِذا جَلَسَ في مجلِسٍ تَكَلَّمَ وأَفَادَ، وقرأ القُرآنَ على أبي فارسٍ عبد العزيز بنِ زكنونٍ كما ذُكِرَ في ترجمَتِه، فَقَدتُ مِن دُعائِهِ وأُنسِهِ وولائِهِ ونصحهِ ما لم أَفقِدهُ مِن أَحَدٍ مِنَ الأصحابِ، وكَانَ جارًا لي إلى أن ماتَ، فلم أَرَ منه غيرَ الخيرِ والموَدَّةِ والمَحَبَّةِ في الغَيبَةِ والحَضرَةِ.

(1)

"العقد الثمين" 2/ 411.

(2)

"نصيحة المشاور" ص: 171.

(3)

ما بين القوسين ليس عند ابن فرحون.

ص: 199

وكَانَ يقولُ لي: والله مَا وقفتُ تجَاه الحُجرَةِ الشَّريفَةِ ودعوتُ لنفسِي إلَّا ودَعَوتُ لكَ، ولا خَتَمتُ خَتمَةً إلَّا ودَعَوتُ له في ابتدائِها وانتهائِها، ولشِدَّةِ مودَّتِه كان يقول: أَسْأَلُ الله أَن لا يُرِيَنِي لَكَ يَومًا أَكرَهُهُ، وأَن يجعلَ يومي قبلَ يَومِكَ، وعَلَى الجُملةِ فَكَانَ مِن إخوانِ الصَّفَاءِ أَهْلِ الوفاءِ، ليسَ ممن قيلَ فيهم:

وإِنَّ مِنَ الإخوَانِ إخوانَ نِعمَةٍ

وإخوانَ حيَّاكَ الله ومَرحَبَا

وإخوانَ كَيْفَ الحَالُ والأهلُ كُلُّهُم

وذَلِكَ لا يَسوَى نَقِيرًا مُتَرَّبَا

ومَا أشبَه النَّاسَ اليومَ بما قيل:

دَهرُنَا ذا دَهْرُ افتراقِ

لَيسَ ذا دَهرَ التَلاقِي

قلَّ مَنْ يَلقَاكَ إِلَا

بِسَلامٍ واعْتِنَاقِ

فَإِذَا ولَّيتَ عَنْهُ

بِنْتَ مِنهُ بالطَّلاقِ

ومِن أَعظَمِ حَسَنَاتِهِ تَربِيَتُهُ لأولادِ الشَّيخِ الصّالحِ مَحمُودٍ العَجَمِيِّ المذكور في عبد الله البَسكَرِيِّ، وكَانَ قد تَزوَّجَ أختَهُم في حِياةِ أبيهِم، فَلَمَّا تُوُفِّيَت أمُّهم لم يَبقَ لهم من يكفُلُهُم، وكَانُوا صغارًا فكفَلَهُم وضَمَّهُم لعيالِهِ، وَهُم: عبد الرحمنِ وعبد الرَّحيمِ وعبد اللطِيفِ، فأقرَأَهُم القُرآنَ، ثم شَغَلَهُم بِمَذهَبِه، مع أنَّ أباهم كان شافِعِيَّا، وباشرَ إقراءَهُم وتعليمَهُم العلمَ بنفسِهِ.

وأَخبرَنا أَنَّهُ جَمَعَ مَا وَرِثُوهُ مِن أَبَوَيهِم مِن الأثاثِ وباعَهُ، فكَانَ مبلغُهُ ثمانِ مِئَةِ درهمٍ، وكَانَ يُنْفِقُ عليهم مِن بعضِهَا ويتَّجِرُ لَهُم ببعضِهَا، ولم يَزَل يُنَمِّيهَا لَهُم ويُوَفِّرُ عَلَيهم، ويَتَوَرَّعُ في مَالِهِم حَتَّى بَلَغَ نَحوَ عَشَرَةِ آلافِ دِرهَمٍ، وكَانَ إِذَا فَضَلَ مِن غَدَائِهِم وعَشَائِهِم شيءٍ يأمُرُ بِجَمعِهِ وحِفظِهِ

ص: 200

حَتَّى يجتمعَ مِنهُ كِسَرًا

(1)

يابسةً، فيجعلُهَا لَهُم غداءً مِثلَ البُقسُماطِ المَثرُودِ، ويجمَعُ فُصِيَّ تمرِهِم الَّذِي يأكلُونَهُ، ثم يبيعُه ويصرِفُ ثَمَنَهُ في مَصَالحِهِم.

وبلغَنَا أَنَّهُ كَانَ إِذَا أهَلَّ الهلالُ يَكْتَالُ نفقَتَهُم ويعزِلُهَا، ويبدأُ بِكَيلِ نفقَتِهِ قَبلَهم، فقِيلَ لَهُ في ذَلِكَ، فَقَالَ: أَخَافُ أَن يتعَلَّقَ في الصَّاعِ شيءٌ مِن حَبِّهِم فَيَختَلِطَ بحَبِّنَا.

فانظرْ إلى وَرَعِه مَا أشدَّه وإلى ديانتِهِ وصبرهِ ومُرُوءتِهِ مَا أحسَنَهَا، وكَانَ رحمه الله عفيفَ النّفسِ عَن التَّشَوُّفِ للصَّدَقاتِ الوارِدَةِ للمُجَاوِرِينَ، قليلَ السَّعيِ في الوَظَائِفِ، مُتقَنِّعًا باليسيرِ مِنَ الدُّنيَا، مُظْهِرًا التَّجَمُّلَ في مَلبَسِهِ وحالِهِ وحالِ أولادِهِ وعيالِهِ، مِن أَعْقَلِ النَّاسِ وأكثرِهِم نُصحًا وَأحزَمِهِم رأيًا، مُخَالِطًا للنَّاسِ مُبايِنًا لَهُم، لا يخوضُ مَعَهُم فيما يخشَى عاقِبَتَهُ في الدَّارَينِ، ولا يغتابُ أحدًا بل يُنكِرُ على مَن يغتابُ بِحَضرَتِه أَشَدَّ الإنكارِ، وإن سَمِعَهَا مِن ذي حُرمَةٍ التَمَسَ للمَقُولِ فِيهِ عُذْرًا ومَخْلَصًا، وكَانَ مِن أحسنِ النَّاس خُلُقًا وأكثرِهِم فُكَاهةً في حقٍّ وأحسنِهِم هَدْيًا.

وبالجُملَةِ فكَانَ حَسَنَةَ زمانِهِ، ونادِرَةَ إخوانِهِ، مات سنة ستٍّ وستِّينَ وسَبعِ مِئَةٍ، ولخصَّ شيخُنا في "دُرَرهِ"

(2)

من كلامهِ لهُ ترجمةً فقال: نزيلُ دمشقَ ثم المدينةِ، أخذَ عن العلاءِ القونويِّ الحنفيِّ وشغلَ وأفادَ وكان خَيِّرًا ورِعًا، قال ابنُ فرحون: كان حسَنةَ زمانهِ ونادِرةَ أقرانهِ، ماتَ سنةَ ستٍّ. انتهَى، ووصفَه ابنُ سُكَّرٍ: سيِّدُنا الشيخُ الإمامُ العالمُ العاملُ مفتيُ المسلمينَ.

(1)

كذا وقع في الأصل، ولعل الصواب:"كسرٌ" بالرفع، وعلى الصواب وقع عند ابن فرحون.

(2)

"الدرر الكامنة" 4/ 316.

ص: 201

[4020] مُحَمَّدُ بنُ يوسفَ، الشمسُ ابنُ النَّجمِ المدنيُّ الحنفيُّ

(1)

والدُ أحمدَ ويحيَى، وهو من بنتِ السّنجاريِّ ويُلقَّبُ بالذَّاكرِ، قرأَ على التَّاجِ عبد الوهابِ بنِ صالحِ والسَّيِّدِ عليٍّ شيخِ الباسطِيَّةِ المَدَنَيَّةِ، والمحبِّ المَطريِّ والسَّيدِ إبراهيمَ الطباطبيِّ، وهُو ممَّن سمعَ مِنِّي بالمدينةِ، وعرضَ عَلَيَّ ابنهُ أحمدُ "الأربعينَ" وابنهُ يحيى أشياءَ، بل قرأَ على أبيهِ "رياضَ الصالحينَ"، وماتَ صاحبُ التَّرجمةِ في جمادَى الأولى سنة اثنتينِ وتسعِينَ بعدَ أن أثكلَ ولدَيه في الَّتي قبلَها.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدُ بنُ يوسفَ الأعرجُ

فيمَن جدُّه عبد الله بنُ يزيدَ (4016).

[4021] مُحَمَّدُ بنُ يوسفَ القرشيُّ مولى عثمانَ بنِ عفَّانَ

(2)

مدنيُّ، يروِي عن: أبيهِ، وعَنهُ: يحيَى بنُ سعيدٍ الأنصاريُّ، وابنُ عجلانَ وابنُ جُريجٍ وإسحاقُ بنُ عبد الله بنِ أبي فروةَ وبُكيرُ بنُ الأشجِّ وغيرهُم. قال أبو حاتمٍ

(3)

: ثِقَةٌ.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 100، "إرشاد الغاوي" ص:1019.

(2)

"التاريخ الكبير" 1/ 263. "الكاشف" 2/ 232.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 118.

ص: 202

وكذَا قَال الدَّارقُطنيُّ وزادَ: وأبُوه لا بأسَ بهِ، وذكرهُ ابنُ حِبانَ في "الثِّقاتِ"

(1)

وقَال: مَولى آلِ عثمانَ، وكذا قَال ابنُ أبي حَاتمٍ

(2)

عن أبيهِ: مَولى عَمرو بنِ عثمانَ، أبو زُرعةَ عنهُ فقال: مدنيٌّ ثقةٌ.

[4022] مُحَمَّدُ بنُ يوسُفَ المِصريُّ المؤذِّنُ

ابنُ أختِ عليِّ بنِ مَعبد القُدسِيِّ، وزوج ابنتهِ أم أولادٍ لهُ منها مباركينَ، لهُ ذكرٌ في خالهِ عليِّ بنِ مَعبد (2853).

[4023] مُحَمَّدٌ، شمسُ الدِّينِ ابنُ العيّاطِ

شيخٌ صالحٌ تردَّدَ إلى الحَرمَينِ مِرَارًا، وجاورَ فيهمَا على خَيرٍ ومُلازمةٍ للصَّفِّ الأولِ، قالهُ ابنُ صَالحٍ.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدُ بنُ شرفِ الدِّين

هُو ابنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ عثمانَ (3886).

[4024] مُحَمَّدُ بنُ وليِّ الدِّينِ العُجَيمِيُّ المدنيُّ

أبُوه سَمِعَ في رمضانَ سنةَ اثنتينِ وثماني مئةٍ على الزَّينِ المراغيِّ في "تاريخهِ للمدينةِ"، يَخيطُ بالأُجرةِ، قالهُ ابنُ صَالحٍ.

(1)

"الثقات" 7/ 430.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 118.

ص: 203

[4025] مُحَمَّدُ ابنُ العطَّارِ

شيخٌ مباركٌ، صالحٌ مُديمٌ للتِّلاوةِ في اللَّوحِ تُجاهَ الحُجرَةِ النَّبَوِيّةِ، سليمُ الصدرِ، مُشتَغِلٌ لنفسهِ ويأكلُ مِن كَسبِ يدهِ، وكانَ يسكُنُ رِباطَ جُوبانَ، ماتَ بالمدينةِ ودُفِنَ بالبقيعِ، ذكرهُ ابنُ صَالحٍ.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدُ ابنُ العيَّاظِ

(1)

ذُكِرَ قرِيبًا (4023).

[4026] مُحَمَّدُ بنُ المعشُوقِ الحَموِيُّ

الصَّالحُ ابنُ الصَّالحةِ، تردَّدَ للحَرمَينِ، وزارَ غيرَ مرةٍ صُحبَةَ أمِّهِ ووَحدَه، كانَ ذا إيثَارٍ وشفَقةٍ مُحِبًّا في الخيرِ وأهلهِ، ماتَ ببلدهِ في الطَّاعونِ الأخيرِ سنةَ خمسٍ وسِتِّينَ وسبعِ مئةٍ، ذَكرهُ ابنُ صَالحٍ.

[4027] مُحَمَّدٌ

خالُ ابن صالحٍ، وأخُو عبد الرحمنِ الماضِي (2387)، وعمُّ محمَّدِ بنِ عبد الرحمنِ، أذَّنَ معهُم ثُمَّ بعدهُم ثُمَّ خرجَ إلى البَرِيَّةِ فماتَ بالقُربِ من نَجدٍ. قالُه ابنُ أختهِ.

(1)

هكذا رسمت في الأصل، وفيما تقدم بالطاء، ولم نقف على ترجمة حتى نتبين وجه الصواب في ذلك.

ص: 204

[4028] مُحَمَّدٌ السَّقَّا المعروفُ بأبي حُسينٍ جدُّ بنِي مُحمَّدٍ الكازرونيِّ لأُمِّهِم

كانَ حَسَنَ الوجهِ طويلَ السَّبَلَةِ

(1)

تصِل لِحيتُه إلى سُرَّتهِ، حَسَنَ الصَّوتِ، أقامَ بالمدينةِ طويلًا وجَاورَ حَميلًا، وكانَ رحمه الله يملأُ المسجِدَ بالدَّوارقِ فيصُفُّها من بابِ الرحمةِ

(2)

إلى بابِ النِّساءِ، ويجعلُ في أعناقِهَا مُقُطًا

(3)

يُقَيِّدُهَا بهِ حَتَّى لا تُسرَقَ ولا تُغَيَّرَ مِن مَكَانِهَا، ومَا عَلمتُه يَأخُذُ عَلَى ذَلِكَ أُجرَةً. وحكى لي أَنَّهُ ربَّى مِن شَارِبِهِ سَبَلَتَينِ حَتَّى طَالَتَا كَثِيرًا، وجَعَلَهُمَا مُنْعَطِفَتَينِ عَلَى فَمِهِ كالقَرنَينِ. قَالَ: وكَانَ مشايِخُ المُجَاوِرينَ وعلماؤُهم يقولُونَ لي: السُّنَّةُ قَصُّ مَا طَالَ مِنَ الشَّاربِ، فَأَنْقِص مِن هَذَينِ القَرنينِ الَّذَين شَوَّهَا وَجهَكَ وغيَّرَا جَمَالَكَ. فَأَقُولُ لَهُم: هَذِهِ سُنَّةُ شيخِي، لا أَتْرُكُهَا لقولِكُم. قَالَ: فبينما أَنَا ذَاتَ ليلةٍ، إذ رأيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في المسجِدِ الشَّرِيفِ والنَّاسُ حَوله، وأَنا مِن وَرَاءِ الشُّبَّاكِ الجديدِ الَّذِي في القِبلَةِ في دَارِ آلِ عُمَرَ بنِ الخطابِ. وكلما هَمَمْتُ بالدُّخُولِ مِنَ الشُّبَّاكِ تدخلُ رأسي، فَإِذَا بَلَغَ إلى حَدِّ القَرْنَينِ مَنَعَاني من الدُّخولِ، ورأيتُهُمَا قد صَارَا مِن حديدٍ، فَعجزتُ عَن إدخالِهِمَا، واحترقَ قلبي مِن شِدَّةِ الألمِ عَلَى عَدَمِ

(1)

سَبَلَةُ الرَّجُل: ما على الشارب من الشعر، أو طَرَفه، أو هي مُجْتَمَع الشاربَين. والجمع السِّبال. "لسان العرب" مادة (سبل).

(2)

في هامش الأصل عبد القادر الأنصاري: "أول من وضع دوارق الماء بالمسجد".

(3)

المِقاط بالكسر، الحبل الصغير الشديد الفتل، والجمع مُقُطٌ. "لسان العرب"(مقط).

ص: 205

وُصُولي إليهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ انتَبَهتُ فتَنَاوَلتُ المِقَصَّ وقَصَصتُهُمَا

(1)

مِن ساعَتِي، فَلَّمَا أصبحتُ شَكَرَني الجماعةُ عَلَى ذَلِكَ، فَقُلتُ لهم: والله مَا فعلتُهُ إلا لأجلِ كَذَا، وعَلِمتُ أَنَّ الخيرَ كُلَّهُ في اتباعِ السُّنَّةِ. قالهُ ابنُ فرحون

(2)

.

[4029] مُحَمَّدٌ، أبُو سُليمانَ المدنيُّ

قَال شيخُنَا في رابعِ "الإصَابةِ"

(3)

: ذكرَهُ ابنُ مندَه في "الصَّحابةِ" وقَال: ذكرهُ جماعةٌ فيهِم، وهُو وَهْمٌ منهُم، ثُمَّ أخرجَ من جهةِ أبي الفضلِ أحمدَ بنِ الحسينِ اللهبيِّ عن عاصمِ بنِ سويدٍ عن سليمانَ بنِ محمدٍ الكرمانيِّ عن أبيهِ رفعهُ: "منْ توضَّأَ فأحسنَ وُضوءَه ثمَّ خرجَ إلى مسجدِ قُباءَ

" الحديث، وقَال: الصَّوابُ عن محمَّدِ بنِ سليمانَ الكرمانيِّ عن أبي أُمامَة ابنِ سهلِ بنِ حَنيفٍ عن أبيهِ، قال شيخُنا: والحديثُ على الصَّوابِ عندِ ابنِ ماجَه

(4)

، وصحَّحهُ الحاكمُ

(5)

من طريقِ حاتمِ بنِ إسماعيلَ وعيسَى بنِ يونس كلاهُما عن محمدِ بنِ سُليمانَ، وكذَا أخرجهُ بنحوهِ النَّسائيُّ

(6)

من روايةِ مُجمِّعِ بنِ يعقوبَ عن محمَّدٍ، فكَأنَّ اسمَ الراوي انقلبَ على أبي الفضلِ وسقطَ اسمُ شيخهِ فتركَّبَ منهُ صحابيٌ، بل راوٍ لا وجودَ لهُ.

(1)

وقع في الأصل: "وقصصتها".

(2)

"نصيحة المشاور" ص: 199.

(3)

"الإصابة"3/ 518.

(4)

كتاب الصلاة، باب ما جاء في مسجد قباء، (1477).

(5)

كتاب الهجرة، (4279) وهو فيه: محمد بن سليمان الحزامي.

(6)

كتاب المساجد، باب فضل مسجد قباء، (707).

ص: 206

[4030] مُحمَّدٌ، أبُو عبد الله البَسكَرِيُّ المالكيُّ

كانَ من المشَايخِ الصُّلحاءِ الأخيارِ، مُكِبًّا على الاشتغالِ بالعلمِ والعَملِ، كثيرَ العِبادةِ والعُزلةِ، منْ أعيَانِ جَماعتِنَا في الدَّرسِ، بَل كانَ هُو قارئَ الدَّولةِ في "التَّهذيبِ"

(1)

، واشتَغلَ وحصَّلَ وكتبَ بخطِّهِ كثيرًا، وخلَّفَ ولدًا مُباركًا. قالهُ ابنُ فرحون

(2)

، ويُنظرُ في الماضِينَ (250).

[ ....... ]

‌ محمَّدٌ أبو عبد الله التكروريُّ الخطيبُ

مضَى في: ابنِ عبد الله (3640).

[4031] مُحمَّدٌ أبُو عبد الله الخرّازُ -بمعجمتينِ بينهما مُهمَلةٌ

-

لهُ ذِكرٌ هُو وأخُوه عليٌّ في أبي الحسنِ الخرّازِ (4832)، قالَ ابنُ فرحون

(3)

: إنَّهُ أقامَ هُو وأبُو الحسنِ الخرّازُ في بيتٍ واحدٍ أكثرَ من ثَلاثِينَ سَنَةً، يَخرِزُونَ هم وأتباعُهُم لأنفُسِهِم النِّعالَ وغيرَها، ويتصدَّقونَ بما يفضُلُ عن قُوتِهم طولَ السَّنَةِ وأيامَ الموسمِ، ويُؤَلِّفُونَ مَنْ أَتَاهُم وقَصَدَهُم مِنَ الأخيارِ، حَتَّى يَوَدَّ مَن أتَاهُم أَنَّهُ لا يُفَارِقُهُم.

(1)

"التهذيب في اختصار المدونة" للبراذعي، وهو كتاب مطبوع.

(2)

"نصيحة المشاور" ص: 181.

(3)

"نصيحة المشاور" ص: 114.

ص: 207

وقَال أيضًا: إنَّهُ لمَّا اهتَّمَ الجماعةُ بعمارةِ البِئرَينِ بذيِ الحُليفةِ، كان ممَّن يتَولى الحفرَ بنفسهِ، فوقَع عليهِ وهُو في البئرِ حَجَرٌ فشَجَّ رأسَهُ وأيقنُوا بوفاتهِ، فنزَلُوا بهِ على أعوادٍ كالمَيِّتِ وتركُوه في بيتهِ وما ظنُّوا أنَّه يعيشُ فسلَّمهُ الله بِحُسنِ نيتهِ وعاشَ إلى أن تُوفِّي سنةَ إحدى وأربعينَ وسبعَ مئةٍ

(1)

.

وقالَ ابنُ صالحٍ: الشيخُ محمَّدٌ الخرَّازُ، كان يُقرئُ القرآنَ بالحرمِ الشَّريفِ، وانتفعَ به جماعةٌ، وتزوَّجَ ابنةَ الشيخِ عليٍّ الحجار وأولدَها، وماتَ مُسافرًا إلى الشَّامِ، فيحتملُ أن يكونَ أبا عبد الله، والظاهرُ أنَّه غيرُه.

[4032] محمَّدٌ، أبو عبد الله السَّلاوِيُّ

(2)

أخُو عليٍّ، قَال ابنُ فرحون

(3)

: كانَا على قَدَمٍ عظيمٍ في العِفَّةِ والدِّيانةِ والانقطاعِ عن النَّاسِ، ولهُما عَقِبٌ صالحٌ، وكانَ صاحبُ التَّرجمةِ كثيرَ الدِّيانةِ والصَّلاحِ، مُشتَغِلًا بالخياطةِ، مُتقنِّعًا بما يفتحُ الله عليهِ فيهَا، وقَال ابنُ صالحٍ: إنَّه هاجرَ إلى الحَرمَينِ فسكنَ المدينةَ برباطِ دُكّالةَ في حياةِ العزِّ الواسطيِّ وأقرأَ الأبناءَ، وكان سليمَ الصَّدرِ بعيدًا من الشَرِّ دَيِّنًا مُحِبًّا في الصَّالحينَ، ثم انتقلَ إلى مكةَ فجاورَ بها أيضًا على خَيرٍ وبهَا تُوفِّي.

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 114.

(2)

"نصيحة المشاور" ص: 202، "الدر الكمين" 1/ 424، "الضوء اللامع" 10/ 122.

(3)

"نصيحة المشاور" ص: 181.

ص: 208

[4033] مُحمَّدٌ أبُو عبد الله العُصَيَّاتيُّ

قَال ابنُ فرحون

(1)

: إنَّه كانَ بِرِباطِ مراغةَ الموقوفِ على الفُقراءِ المجرَّدِينَ، من الصَّالحينَ المجاهِدينَ المجتَهدينَ الجَامِعينَ بين العِلمِ والعَملِ، وكَانت إحدى رِجلَيهِ قصيرَةً مخلُوعَةً مُذَبذَبَةً لا يَتَحَمَّلُ على الأخْرى إلا بِعَصَاتَينِ، وكانت لهُ أحوالٌ عجيبةٌ ومكاشَفَاتٌ صحيحةٌ، بحيث أَلِفَهُ الخُدَّامُ واعتَقَدُوهُ وقامُوا بِحَقِّهِ لمَّا عَلِمُوا مكانَتَهُ، وكَانَ أعظَمَهُم لهُ مُوالاةً وخِدمَةً الطَّواشِيُّ شمسُ الدِّينِ شَفِيعٌ. وقد قالَ لي صاحبُ التَّرجمةِ يومًا: رأيتُ العِزَّ يوسف الزَّرَنديَّ الآتي (4684) في النَّومِ، وكانَ قد تُوُفِّي بطريقِ العِرَاقِ بعدَ الإقامَةِ الطَّويلَةِ في الحَرَمَينِ، فقالَ لي: سَلِّم عَلَى أولادِي وقُلْ لهم: قد حُمِلتُ إليكُم ودُفِنتُ بالبَقِيعِ عندَ قُبَّةِ العَبَّاسِ، فإذا أرادُوا زِيارَتي فَلْيَقِفُوا هناكَ ويُسَلِّمُوا عَلَيَّ ويدعُو لي. وتبِعهُ المجدُ في بعضِ هذَا بعبَارتهِ الرشيقةِ، وإشَارتهِ الأنَيقةِ.

[4034] مُحَمدٌ شمَّسُ الدِّينِ الجوامِعِيُّ

المؤَذِّنُ بجَامعِ الطواشيِّ كافورٍ الهنديِّ الناصِريِّ، جاورَ بالحَرمينِ على خَيرٍ وعبَادةٍ وتكرَّر تردُّدُه إليهِمَا، وكانَ حَسَنَ الصَّوتِ في أذانهِ وإنشَادِهِ، يُطرِبُ سامِعَه خصُوصًا حينَ الأسحارِ بالمنَارةِ التي عندِ رأسِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وإنشادِه بعض الأشعارِ الربَّانيةِ، ثُمَّ رجعَ إلى بلدهِ فمَاتَ بها. ذَكرهُ ابنُ صَالحٍ.

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 133.

ص: 209

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدٌ، شمسُ الدِّينِ الخُجَندِيُّ

مَضَى في ابنِ عبد الله (3639).

[4035] مُحَمَّدٌ، شمَّسُ الدِّينِ القرشيُّ، المدنيُّ، المقرِئُ

ذكَرهُ الشِّهابُ ابنُ فضلِ الله، وقَال: رَأيتُه بالشَّامِ والمدينةِ، وكانَ كثيرَ الاستحضارِ، كتبَ إلى والدِي ونحنُ بالشَّامِ:

تصدَّق بصرفِ المنبجِيِّ فإنَّهُ

بدت حاجَةٌ منِّي وآنَ رَحيلُ

ومَا شئتَ بلَّغتُ النَّبِيَّ محمَّدًا

فَعَجِّل فإنِّي للرَّسُولِ رسُولُ

قَال وأنشَدَنِي لنفسهِ أبياتًا أوَّلُها:

ثابَ قلبِي إلى الحِجازِ فَطارَا

يَا زمَاني على العَقيقِ أعد لي

ما مضَى فيكَ واترُكِ الاعتِذارَا

كانَ لي في لِقاكَ أيُّ

(1)

سرور

لستُ أدري مِن دهشتِي كَيفَ طارَا

قَد

(2)

تقضّى. وكانَ بالرغمِ منِّي

غيرَ أنِّي

(3)

أُلقَّنُ الأعذارَا

ذكَرهُ شيخُنا في "دُررهِ"

(4)

.

(1)

في الأصل: "أني". والتصويب من "الدرر".

(2)

في الأصل: "لقد". والتصويب من "الدرر".

(3)

في الأصل: "عدله لي". والتصويب من "الدرر".

(4)

"الدرر الكامنة" 6/ 73 - 77.

ص: 210

[4036] مُحَمَّدٌ

(1)

شمسُ الدِّينِ الهُوِّيُّ التَّاجرُ

الَّذِي صاهرَ ابنَ عُليبَةَ، تُوفِّيَ بالمدينةِ.

[4037] مُحَمَّدٌ الأعمَى

لهُ ذكرٌ في عنبرٍ الموصِلِيِّ (3113)، ووُصِفَ بالشَّيخ، وسيأتي في محمَّدٍ المغرِبيِّ (4054) مَن كَان أعمَى.

[4038] مُحَمَّدٌ بارصا

(2)

لقيهُ الأمينُ الأقصرائيُّ بمكةَ في سنةِ اثنتي وعشرينَ، فسمعَ عليهِ "صحيحَ مسلمٍ"، وأثنَى عليه كثيرًا، وقَال: إنَّهُ كانَ مشهورًا بالتقوى، وزارَ في تلك السَّنَةِ مع الحاجِّ المدينةَ الشَّريفةَ، فتُوفِّي بهَا رحمه الله

(3)

، وسيأتِي في محمّدٍ فارصا (3923).

[ ....... ]

‌ مُحَمدٌ البخاريُّ

يأتِي قَريبًا في محمد الخَواجا (4047).

(1)

بعده في الأصل بياض، وكتب:"كذا".

(2)

"الضوء اللامع" 10/ 123.

(3)

في "الضوء اللامع": ورجع فتوفي بالمدينة سنة اثنتين وعشرين.

ص: 211

[4039] مُحَمدٌ البعداني

شيخٌ صالحٌ فقيهٌ، جاورَ بالمدينةِ ونابَ في الإمامةِ بالمسجدِ النبويِّ، ثم رجعَ إلى بلدهِ، ذكَرهُ ابنُ صَالحٍ.

[4040] مُحَمَّدٌ البَلاسِيُّ

مَولى سعيدٍ الماضِي (1456)، قَال ابنُ فرحون

(1)

: إنَّهُ كانَ من قُدماءِ الشُّيوخِ المباركينَ المشهورينَ بالصَّلاحِ، يجلِسُ في وَسَطِ الحَرَمِ معَ جماعةٍ من الفُقَراءِ المُجوِّلينَ، وهو مِمَّنْ جالَ البلادَ شرقًا وغربًا، لا تَفنى حِكايَاتُهُ وغرائِبُهُ. وممّا أخبرَ بِهِ من الغَرَائِبِ أنَّهُ دخلَ قريةً باليَمَنِ مع جَمَاعَةٍ فُقَرَاءَ فَوَقَفُوا على امرأةٍ لبّانةٍ، فكأنَّ أحدَ الفُقَرَاءِ نَظَرَ اللَّبَنَ فوجَدَهُ مَشُوبًا بالماءِ فَصَبَّهُ على رأسِها.

قالَ: فَلُمنَاهُ على ذلكَ، ثُمَّ رَجَعنا إلى مَنْزِلِنا وقدْ أغَظْنَاها، فلم نَدْرِ بصاحِبِنا إلا وقدْ تحوَّلَ في صُورَةِ حِمارٍ ولهُ ذَنَبٌ كَذَنَبِ الحِمَارِ، فَعَلِمنَا أنَّها سَحَرَتهُ، فَجِئنا إليها واسترضَينَاها فلم تَرضَ، وحملنا عليها كِبَارَ مَشَايِخِ بَلَدِها فقاموا عليها حتى فكَّت سِحرَهَا عن صُورَتِهِ خاصة، وبَقِيَ معَهُ ذَنَبُ الحِمارِ أَبَتْ أَن تُزِيلَهُ، وسافَرْنا من تلكَ القَريَةِ وهو على حالِهِ، حتَّى قَدِمنَا المدينةَ ونحنُ في سُبَّةٍ عَظِيمَةٍ من ذلكَ، وقَلَّتِ الحِيلَةُ فيه، إلى أن

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 129.

ص: 212

سألَ قَوَمَةَ المسجِدِ في المبيتِ فيه فأَذِنُوا له، فبَاتَ بينَ تَضَرُّعٍ وبُكَاءٍ ودُعاءٍ وتَوَسُّلٍ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حتَّى غَلَبَ عليهِ النَّومُ، حولَ الضَّريحِ فأصبحَ وقدْ أزالَه الله عنهُ بِبَرَكَته صلى الله عليه وسلم.

وتبعهُ المجدُ في هذا

(1)

، وأشارَ إلى الحكايةِ بقولهِ: وممَّا يدخلُ في حكاياتهِ في معجزاتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وساقَها.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدٌ التَّكرورِيُّ

مضَى قريبًا في محمدٍ أبي عبد الله (3640).

[4041] مُحَمَّدٌ التَّادليُّ

شيخٌ صالحٌ، كان يستخلِفُه الشيخُ عمرُ العرابيُّ في حَلَقَةِ الذِّكرِ بزاويتهِ في مدرسةِ ملكهِ بالمدينةِ في حياتهِ ثمَّ بعدَ مماتهِ، ويعقدُ الطَّيلسانَ، وأقرأَ القاضِي فتحَ الدِّينِ ابنَ صالحٍ القرآنَ، وكانت لهُ دارٌ لطيفةٌ بالمدينةِ لم يسكُنها أحدٌ إلَّا ظهرت لهُ بركتُها، يقالُ: إنَّه عمرهَا بمالٍ حلالٍ، وأنَّه مكثَ نحوَ ثلاثينَ سنةٍ يتوجَّه بعدَ صلاةِ الجمعةِ إلى أُحُدٍ لمكانِ شيخهِ العرابيِّ الَّذِي بناهُ بأعلاه مَاشيًا فيُقيمُ ثلاثةَ أيامٍ ثمَّ يرجِعُ، وإنَّه لم يوافِق أمَّه على تزويجهِ حتَّى حملت عليهِ عِدّةً من صالحِي الشُّيوخِ إلى غيرِ هذَا ممَّا اجتمعَ لي من حكايةِ غيرِ واحدٍ ممَّن رآهُ كالفخرِ العينيِّ والقاضِي صلاحِ الدِّينِ

(1)

سقط من مطبوع "المغانم"، وهو موجود في المخطوط (ق/ 259/ ب).

ص: 213

ابنِ صَالحٍ، وأنَّ والدَه كانَ يحكِي أنَّه ضربَهُ مرَّةً فأوجعَهُ، وأنَّه لا يزالُ يحمَدُ عاقِبتَه وبَرَكتَه، وهُو والدُ عبد الوهابِ، وجوزَّتُ أن يكونَ من ذُرِّيَّةِ أحمدَ بنِ عبد الرحمنِ التّادليِّ الماضي (187)، رحمهُما الله وإيّانا.

[4042] مُحَمَّدٌ التِّلمسانيُّ المالكيُّ

كانَ منِ أهلِ الخيرِ والصَّلاحِ مُكِبًّا على الاشتغَالِ بالفقهِ، خَصِيصًا بالعلَّامةِ أبي العبَّاسِ التَادليِّ مُحبًّا للعلماءِ وخِدمَتهمِ، طالبًا للسَّلامةِ والعُزلةِ، قليلَ السَّعيِ في طَلَبِ الدُّنيَا، مُشتَغِلًا بتجليدِ الكُتُبِ، وانتفعَ النَّاسُ بهِ في ذلكَ، ماتَ سنةَ أربعٍ وخمسينَ وسبعِ مئةٍ، قالهُ ابنُ فرحون

(1)

.

وكانَ من طَلَبةِ المدرسةِ الشِّهابيَّةِ، وآثرَهُ صاحبهُ التَادليُّ بمعلومهِ في درسِ غِشاوَةَ تورُّعًا منهُ عن تعاطيهِ، فكانَ هذَا يأخذُه رحمهُما اللهُ، ويُنظرُ في الماضينَ (187).

[4043] مُحَمَّدُ الجبرتيُّ الفقيهُ

كانَ يحفظُ القرآنَ مع الدِّيانةِ والخيرِ والسكونِ، مرضَ مُدَّةً طويلةً فلم يتضَجَّر إلى أن ماتَ، ذكرهُ ابنُ صَالحٍ.

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 180.

ص: 214

[4044] مُحَمَّدٌ الحزَّازُ -بِمُهمَلةٍ ومُعجَمَتَينِ- البغدادِيُّ

(1)

قالَ ابنُ فرحونٍ: إنه كانَ مِنَ المجاوِرِينَ القُدَمَاءِ الأخيارِ (المُقتدِين)

(2)

المُتَبَتِّلِينَ لإقراءِ القرآنِ احتسابًا للثَّوابِ، الصَّابرين على الطَّلَبَةِ، انتفعَ بهِ جماهيرُ أولادِهم وجواهرُهم، مثلُ الشيخِ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيِّ والشَّمسِ الشُّشتَرِيِّ ونُظَرَائِهم، ومِمَّن انتفَعَ عليهِ الشَّيخُ يحيى القُسَنطِينِيُّ. وأخبَرني أنَّهُ أقرأَ القرآنَ في بلادِهِ بغدادَ لأكثرَ من خمسِ مِئَةِ نَفْسٍ كُلُّهُم حَفِظَه عندهُ وجَوَّدَهُ بين يديهِ، وكان صَنْعَتُهُ حَزَّ الخَشَبِ بالمِخْراطِ يعمَلُ السُّبَحَ ويبيعُها وَيتَقَوَّتُ منها، أقامَ على ذلكَ مُدَّةً، وتزوَّجَ ابنةَ الشَّيخِ عِليٍّ الفَرَّاشِ، فَرَأت معه سَعَادَةً لِحُسنِ خُلُقِهِ وطِيبِ عِشْرَتِهِ، ثُمَّ تُوُفِّي عن بِنتٍ صالِحَةٍ لَحِظَها بَرَكَةُ أبيها في طريقِ الشَّامِ وهو مُتَوجِّهٌ إلى المدينةِ في المكانِ المعروفِ بالأُخَيْضِرِ

(3)

، وهو ساجِدٌ وذلكَ في سنةِ ثمانٍ وثلاثينَ وسبعِ مِئَةٍ، وتبعهُ المجدُ بعبارتهِ البديعةِ

(4)

.

[4045] مُحَمَّدٌ الحُسَينِيُّ

نِسَبةٌ للحُسَينِيَّةِ، كَان مُؤذِّنًا بالحرمِ، حَسَنَ الصَّوتِ، فقيرًا صُوفِيًّا يَخِيطُ، وخلَّفَ أربعةَ أولادٍ ذُكورًا وإنَاثًا، ذكَرهُ ابنُ صَالحٍ.

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 239 ط: مركز بحوث ودراسات المدينة.

(2)

ما بين القوسين ليس في "نصيحة المشاور".

(3)

الأخيضر أو الأخضر: موضع بين العلا وتبوك في الطريق إلى المدينة، يبعد عن تبوك 70 كيلا، نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مسيره إلى تبوك. انظر:"الأماكن" للحازمي 1/ 58.

(4)

لم أجده في "المغانم".

ص: 215

[4046] مُحَمَّدٌ الحلبِيُّ

لهُ ذكرٌ في محمَّدٍ الحزَّازِ (4044).

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدٌ الخرَّازُ

مضَى قَريبًا في: محمَّدٍ أبي عبد الله (4031).

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدٌ الخطيبُ

هُو التَّكرورِيُّ أيضًا (3640).

[4047] مُحَمَّدٌ الخواجَا الزاهدُ البخاريُّ

(1)

لقيهُ الشِّهابُ ابنُ عربشَاه فأخذَ عنهُ وقَال: إنَّه صنَّفَ تفسِيرًا في مئةِ مُجَلَّدٍ، وأنَّه كان التزَمَ فِي بعضِ أوقاتهِ أن لا يخرُجَ في وعظهِ وتذكيرهِ عن قولهِ تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} واستمرَّ كذلكَ حتَّى سُئِلَ في الانتقالِ عنهَا إلى غيرِهَا ففعلَ، وأنَّه ماتَ بطيبةَ في أواخرِ سنةِ اثنتينِ وعشرينَ وثمانِي مئةٍ.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 121.

ص: 216

[4048] مُحَمَّدٌ الدَّهانُ

والدُ إبراهيمَ وأحمدَ وعبد الله، كانَ خيِّرًا، ذكَرهُ ابنُ صَالحٍ.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدٌ الرَّيِّسُ

أحدُ من احترقَ في المدينةِ، مضَى في محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدٍ (3920).

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدٌ الزاهديُّ البخاريُّ

هُو مُحمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمودٍ، مضَى (3923).

[4049] مُحَمَّدٌ الزَّيلَعِيُّ

كانَ عظيمَ الصَّلاحِ، يُقرئُ القرآنَ، ثم عزَم على السِّياحةِ ففُقِد، ولم يُوقَف على خبرهِ، ذكَرهُ ابنُ صالحٍ.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدٌ السَّبتِيُّ

في ابنِ عبد الله (3644).

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدٌ السَّقّا

ويعرَفُ بأبي حُسينٍ، مضَى قريبًا في المكنيِّين (4028).

ص: 217

[4050] مُحَمَّدٌ العَرَبيُّ المغرِبيُّ المالكيُّ

ممَّن جاورَ بالمدينةِ كثيرًا وأقرأَ، فكانَ ممَّن أخذَ عنهُ بهَا في الفقهِ الشَّمسُ محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عليِّ بنِ سليمانَ بنِ وهبانَ، ورجعَ فما ضبطتُ وفاتَه.

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدٌ العُقَيبِيُّ، ثم الدِّمشقِيُّ المُقرِئُ

وقَد مضَى في: ابنِ عبد الله بنِ عبد الله (3614).

[4051] مُحَمدٌ فارصا

ممَّن لَقِيَهُ الأمينيُّ الأقصرائيُّ بمكةَ وسمعَ عليهِ في "صحيحِ مسلمٍ" وغيرِه، قالَ: وكانَ مشهورًا بالتقوى وأثنَى عليهِ كثيرًا، وكذا أقامَ بالمدينةِ حتَّى توفِّي بهَا، ولهُ مؤلَّفٌ، وتقدَّم في محمدٍ بارصا (4038).

[ ....... ]

‌ مُحَمَّدٌ الكازِرونيُّ

هُو ابنُ رُوزَبه بنِ محمودِ بن إبراهيمَ، مضَى (3525).

ص: 218

[4052] محمَّدٌ المدنيُّ

عن المقبُريِّ عن أبي هُريرةَ سمِعَ منهُ ابنُ عُيينةَ، قالُه الدَّارَقُطنِي في "المحمَّدِينَ"، ويُنظَرُ في المتَقدِّمينَ.

[ ....... ]

‌ محمَّدٌ المدنيُّ المالكيُّ

هو ابنُ عليِّ بنِ معبد، مضَى (3762).

[4053] محمَّدٌ المُرشِدِيُّ

ذكَرهُ ابنُ صَالحٍ هكذا مجَرَّدًا، ثمَّ أعادهُ وقالَ: إنَّهُ من الصُّلحاءِ العَارفينَ صاحبُ كَراماتٍ مشهورةٍ.

[4054] محمَّدٌ المغربيُّ الأعمَى

جاورَ بالحَرمينِ مُدّةً، وكانَ من أهلِ الخَيرِ والقُرآنِ، قويَّ الحِفظِ لهُ، ذكَرهُ ابنُ صَالحٍ.

[4055] محمَّدٌ المغربيُّ الأعمَى

آخرٌ غيرُ الَّذِي قبلَهُ، قدِمَ المدينةَ بعدَ السِّتِّينَ وسبعِ مئةٍ، ذكَرهُ ابنُ صَالحٍ أيضًا.

ص: 219

[4056] محمَّدٌ المغربيُّ

شابٌّ صالحٌ تقيٌّ متعبد مشتغلٌ بنفسهِ قليلُ المتاعِ صابرٌ متقنِّعٌ على قدمِ

(1)

التَّجرُّدِ والفَقرِ محبٌّ للصَّالحينَ وأحوالِهم، حَفِظَ القرآنَ وشيئًا من الأدعيةِ النَّافعةِ، وفي بعضِ الأوقاتِ يُعلِّمُ الأبناءَ، وكانت إقامتُه برباطِ دُكّالةَ، ذكَرهُ ابنُ صَالحٍ أيضًا.

[4057] محمَّدٌ المغربيُّ

رجلٌ صالحٌ كثيرُ التِّلاوةِ والتَّعبد والبَشَاشةِ بِمَن يعرفُهُ معَ الصَّبرِ عَلى الفَقرِ والسُّكونِ، ولبسَ مرقعةً كثيرةَ الرِّقاعِ وبعضُها جلدٌ كمَا كانَ عمرُ رضي الله عنه، ولذَا كانَ الخيرُ على وجههِ ظاهرًا، جاورَ بالمدينةِ مُدَّةً يسيرةً في عَشرِ الأربعين وسبعِ مئةٍ وتُوفِّي فيهَا، ودُفنَ بالبقيعِ لِصقَ قُبَّةِ عقيلٍ، وكانَ يستحضرُ فضائلَ ومنافعَ، ذكرهُ ابنُ صَالحٍ أيضًا.

[4058] محمَّدٌ المكناسيُّ المغربيُّ

أحدُ أصحابِ عبد الله البَسكَرِيِّ، لهُ ذِكرٌ فيهِ (2028).

[4059] محمدُ المياشيُّ النَّجَّارُ

كانَ خيِّرًا، قالهُ ابنُ صَالحٍ.

(1)

في الأصل: "عدم". ولا يستقيم بها المعنى.

ص: 220

[4060] محمَّدٌ النَّخشَوانيُّ

جاورَ بعدَ السِّتينَ فقيرًا متعبدًا مُعتَزِلًا على التِّلاوةِ بحيثُ يختِمُ في اليومِ واللَّيلةِ بالغَيبِ دَرجًا حَسَنًا بَيِّنًا بِسُكونٍ ويكون ختمُهُ وقتَ الضُّحَى عندَ وجهِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ويدعُو هناكَ، حضرتُهُ مرارًا. قالهُ ابنُ صَالحٍ.

[4061] محمَّدٌ النَّزيليُّ اليمنيُّ

قالَ ابنُ صالحٍ: إمامٌ فقيةٌ علامةٌ، حجَّ مع سلطانهِ وأتَى المدينةَ وجاورَ بهَا، وكانَ فاضلًا في الفروعِ والأصولِ والنحوِ والقراءاتِ مع الخُلُقِ الجميلِ، أخذَ عنِّي "اللُّمح في القراءاتِ" نَظَرًا وبحثًا، وكانَ يقُولُ لِي: شيخُكَ شيخُ شيخِنَا يُشيرُ إلى أنَّ شيخَه ابنَ شدّادٍ مقرئَ اليمنِ في وقتهِ قرأَ على أبي عبد الله القصرِيِّ.

[4062] محمَّد الهُزموريُّ

قَال ابنُ فرحون

(1)

: كانَ مِن إخوانِنَا الأصفِياءِ الأتقِياءِ المتَعبدينَ المُتَفَقِّهينَ، دَخَلَ المَدِينَةَ فأَقامَ بِهَا مُدَّةً طَوِيلةً لا يعيشُ إلَّا مِنَ الحَطَبِ، يأتي بالحِزمَةِ فيبيعُهَا ويَتَقَوَّتُ بِثَمَنِهَا، ثُمَّ انتقلَ إلى قَدَمِ التَّوَكُّلِ فَصَحِبَ

(1)

في "نصيحة المشاور": الهزميري، ص: 165، وينظر:"تاج العروس" 14/ 433.

ص: 221

أبا بكرٍ الشّيرَازِيَّ، فَكَانَ يَأخُذُ نفسَهَ بالمجاهدةِ والعبادةِ وقيامِ الليلِ، ويَعتَكِفُ العَشرَ الأواخِرَ مِن رَمَضَانَ في المسجدِ فلا يخرُجُ حَتَّى يتورَّمَ قدَمَاهُ وساقاهُ، وكانَ هُوَ وأبو بكرٍ المذكُور يَتَقَوَّتُانَ في كُلِّ ليلةٍ بعشرِ زَبيباتٍ، لكُلِّ واحدٍ خمسٌ، وأوقاتًا يَطوُونَ، حَتَّى إنَّهُما إذَا خَرجا مِن مُعتَكَفِهِما لا يُعرَفانَ مِن النُّحولِ والذُّبُولِ، ثُمَّ إنَّ الشَّيخَ أحمدَ التُّستَرِيَّ زَوَّجَهُ ابنتَهُ، فَلَمْ يُقِم معها، فطلَّقَهَا وتَزوَّجَ أختَ الفقيهِ محمّدِ بنِ صالحٍ نائبِ الخَطابةِ والإمَامةِ، فَرُزِقَ منها ابنًا صالحًا قارِئًا مُتَفَقِّهًا.

ماتَ صاحبُ التَّرجمةِ بطريقِ مَكَّةَ بوادِي الصَّفراءِ محرِمًا بالحجِّ في سنةِ ثمانٍ وثلاثينَ وسبعِ مِئَةٍ، وذكرهُ صِهرهُ ابنُ صالحٍ فقَال: الشَّيخُ صالحُ الدِّينِ التقيُّ العابدُ الفقيهُ زوجُ أختِي أمِّ مالكٍ، كانَ عزيزَ النفسِ كريمَ الخُلُقِ كثيرَ الصَّمتِ لهُ قلبٌ مليحٌ يحبُّ الصَّالحينَ ويعظِّمُهُم بَارًا بأمِّهِ كَثيرَ الحياءِ منهَا، انقطعَ بالمدينةِ على فقهٍ وعِفَّةٍ وتقنُّعٍ بالقليلِ من خَشِنِ العَيشِ، يتعبد ويُدرِّسُ القرآنَ ويُكثِرُ العِبادةَ في الشُّهورِ الثَّلاثةِ وصيامَها ويقطعُ غالبَ أوقاتهَا نهارًا في المسجدِ يتلُو في المصحفِ ويعتكفُ العشرَ الأخيرَ من رمضانَ في مسجدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم محافظًا في ذلكَ على مذهبِ إمامهِ حتَّى يتعجَّبَ مَن يعرِفُهُ من حالهِ، تركَ ببلدهِ أموالًا كثيرةً وأتى المدينةَ بعدَ وفاةِ أُمِّهِ، وبقِي سِنينَ مجرَّدًا على قَدَمِ الفقرِ والعبادةِ، وأقرأَ الأبناءَ في المكتبِ في بعضِ الأوقاتِ، ثُمَّ زوَّجهُ الشَّيخُ أحمدُ الشُشتريُّ بابنتهِ وأولدَها ولدًا ثم فارقَها، فتزوَّجهَا الشيخُ يحيى القُسَنطِينيُّ، وزوَّجتُهُ أختِي خِدنًا له واختيارًا فرُزِقَ منهَا أربعةَ أولادٍ ابنتينِ وذَكَرينِ

ص: 222

ماتَ اثنانِ وبَقِيَ مالكٌ ومريمُ، وممَّا يدلُ لصلاحهِ أنَّه مَرِضَ مَرضَةً طويلةً أشرفَ منهَا على الموتِ فرأَى أُمَّ المؤمنينَ عائشةَ رضي الله عنها في المنامِ فقَالت لهُ: ما تموتُ إلا عندَ الشُّهداءِ أو نحوِ هذَا، فاستبشَرَ، وكانَ كَذلكَ فإنَّه عُوفِي وبَقِيَ زمانًا إلى أنْ سافرَ على عادتهِ للحجِّ وهو مُتوعِّكٌ فأدركُه أجلُه بِبَدرٍ وماتَ بهَا ودُفنَ عندَ شُهداءِ بدرٍ، وكانَ يُواصلُ الحجَّ في كلِّ سنةٍ في طريقِ الماشِي، وكتبَ وصيَّتَه لِوَلَدهِ إن قُدِّر لهُ بسفرٍ إلى المغربِ وأخبرهُ فيهَا بأموالهِ وكيفَ يتصَّرفُ فيهَا، وجاءَ بعضُ أقربائهِ بعدَ موتهِ وسألَ عن أولادهِ وقالَ لهُم: أشتَهِي أن أشْتَرِي من مالِ أبيكُم شيئًا وأُعطِيكُم الثَّمنَ، فبلغَ ذلكَ القاضِي شرفَ الدِّينِ الأميوطيَّ فامتنعَ وأبَى أن يبيعَ على الأيتامِ شيئًا من مالهمِ مجهولًا.

[4063] محمَّدٌ الهُوِيُّ

من أهلِ الرِّيفِ، قالَ ابنُ فرحونٍ

(1)

: إنَّه كانَ مِنَ الأولياءِ الكِبَارِ القُدَماءِ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ مِنَ الغَيبِ، وكانت أكثرُ إقامَتِهِ بِمَكَّةَ، ثُمَّ انتقلَ إلى المدينةِ فأقامَ بها، وسكنَ ببيتٍ من الحصنِ العتيقِ لهُ شُبَّاكٌ إلى الحَرَمِ، وصادفَ فيها غلاءً عظيمًا وعُدِمَ التَّمرُ حَتَّى وصلَ صاعُهُ لخَمسِينَ، ولا يُوجَدُ، وذلكَ في سنةِ خمسٍ وتسعينَ وسِتِّ مئَةٍ، فكانَ يَتَصَدَّقُ بِالتَّمرِ البَرنيِّ على النَّاسِ، ولا يُعلَمُ من أينَ يأتيهِ ولا لهُ مَن يشتريهِ، بل لو أرادَ ذلكَ مَا

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 108.

ص: 223

وَجَدَه لِقِلَّتِهِ وعَدَمِهِ. وكانَ يقُولُ لِكُلِّ مَنْ وقفَ عليه من الكِبارِ والصِغارِ: كَم في بيتِكَ مِن العِيالِ؟. فيَذكرُ له عَدَدَهُم قلُّوا أو كَثُرُوا، فلا يزِيدُهُم على تَمرةٍ تمرةٍ حتَّى يكادَ يَعُمُّ أهلَ البَلَدِ كُلَّهَم فَقيرَهم وغَنيَّهم، كبيرَهم وصَغيرَهم، ثُمَّ يُصبِحُ على ذلكَ كُلَّ يومٍ من أوَّلِ النَّهارِ إلى آخرِهِ.

جِئتُهُ مرَّةً فأعطَاني عَشرَ تمراتٍ، فلمَّا خرجتُ من عندِهِ استَقلَلتُها فأعطيتُها فقِيرًا سَقَّاءً، وكنتُ يومئذٍ صغيرَ السِّنِ جِدًّا، ثُمَّ نَدِمتُ على إعطائِي إيَّاهَا لهُ، فأنَا إلى اليَومِ أذكرُها لما وجدتُ حِينَئِذٍ مِن فَقدِها.

وأخبَرنِي جماعةٌ أنَّهُ لمَّا أقامَ بِمَكَّةَ أنفَقَ على أهلِها وضُعَفَائِها أموالًا مُستَكثَرةً، فرُفِعَ خبرُهُ إلى الشَّريفِ أَظُنُّهُ حُميضَةُ، فحاك ذلكَ في صدرِه، ثُمَّ دَخَلَ على الشَّيخِ بيتَه على حينِ غَفلةٍ، فرَحَّبَ بِهِ وأجلَسَهُ في وَسَطِ بيتِهِ، وقَدَّمَ إليه كُسَيرَاتٍ وشَيئًا من المُخَلَّلاتِ.

فقالَ: ما أُرِيدُ إلا أن تُرِيَنِي ما في بيتِكَ أو تُعْطِيَنِي وحاشيتِي ما يكفِينِا. فقالَ لهُ: البيتُ بينَ يديكَ، والله مَا أَدَّخِرُ عنكَ شيئًا. فقامَ هُو وأعوانُهُ وفَتَّشُوا البيتَ بل وحَفَرُوهُ، فلم يَجِدُوا فيه سِوى براني المخلَّلِ وما لا يُعبَأُ بِهِ، فَتَرَكُوهُ وانصَرَفُوا، ولم يزل مُستَمِرًّا على ذلكَ الإنفاقِ حتَّى ماتَ.

قالَ لي الجمالُ المَطَرِيُّ: كانَ شُيوخُ مَكَّةَ يُنكِرُونَ عليهِ شيئًا من أحوالِهِ، وذلك أنَّهُ كانَ كثيرَ الطَّوافِ ليلًا ونهارًا، فيطوفُ معه بِاللَّيلِ نِساءٌ مُخَدَّرَاتٌ وغيرُ مُخَدَّرَاتٍ، فيأخذُ في مُؤَانَسَتِهِنَّ والكلامِ مَعَهُنَّ. ويقولُ: أنتِ فلانةٌ، كيفَ أنتِ؟ وكيفَ حالُكِ؟ يَعرِفُهُنَّ واحِدَةً واحِدَةً، ورُبَّما

ص: 224

تكونُ المرأةُ لا يَعلم أحدٌ اسمَها فَيُسَمِّيَها، فينكرُ عليهِ الشُّيوخُ فلا يلتَفِتُ إلى كلامِهِم، ويَرَى أَنَّ ذلكَ طريقَتَهُ وطريقَةَ شُيُوخِهِ للتَّسَتُّرِ بهذِهِ الأحوالِ، ماتَ بمكةَ، وذكرهُ الفاسيُّ

(1)

تبعًا لابنِ فَرحونٍ.

[4064] محمَّدٌ الواسطيُّ الشافعيُّ، نزيلُ الحرمينِ

(2)

الظَّاهرُ أنَّه ابنُ عبد القادرِ بنِ عمرَ السكاكينيِّ الماضِي (3701)، ممَّن شَهِدَ على ابنِ عيَّاشٍ في ذِي الحِجَّةِ سنةَ سِتٍّ وثلاثينَ بإجازةِ عبد الأولِ المرشديِّ.

[4065] محمَّدٌ اليَمنيُّ

لهُ ذكرٌ في أبِي الحسنِ الخرَّازِ (4832).

[4066] محمَّدٌ

رَجُلٌ صالحٌ، جاورَ قديمًا بالمدينةِ، وسكنَ في رباطِ دكّالَةَ بقاعةِ المؤذِّنِ، وكانَ متعبدًا كأنَّهُ شيخٌ، فقيرًا ساكنًا هَيِّنَ الكلامِ حَسَنَ اللِّقاءِ مُعَمَّرًا، وفيه يقولُ: الحمدُ لله على كُلِّ نِعَمِهِ وأستغفر اللهَ من كُلِّ ذنبٍ، اللَّهُم صلِّ على محمَّدٍ، ذكَرهُ اَبنُ صالحٍ.

(1)

"العقد الثمين" 2/ 413.

(2)

"إنباء الغمر" 3/ 561، "الضوء اللامع" 10/ 126، "القبس الحاوي" 2/ 234.

ص: 225

[4067] محمُودُ بنُ أحمدَ بنِ حَسَنِ بنِ إسماعيلَ، مظَّفرُ الدِّينِ الغسانيُّ الأصلِ، القاهريُّ الحنفيُّ

(1)

عُرِف بالأمشاطيِّ ممَّن جاورَ بالمدينةِ سنةً فأكثرَ وتردَّد إليهَا (

)

(2)

.

[4068] محمُودُ بنُ جابرِ بنِ عبد الله بنِ عَمرِو بنِ حَرام الأنصاريُّ، السُّلَميُّ

(3)

منِ أهلِ المدينةِ، وأخُو عبد الرحمنِ ومحمَّدٍ، يروي عن: أبيهِ، وعنهُ: محمَّدُ بنُ كليبٍ، قالهُ ابنُ حِبَّانَ في الثانيةِ

(4)

.

[4069] محمُودُ بنُ الرَّبيعِ بنِ سراقةَ بنِ عَمرِو، أبُو محمدٍ وقيلَ: أبُو نعيمٍ، الأصبهانيُّ، الخزرجيُّ، المدنيُّ

(5)

نزلَ بيتَ المقدسِ، ذكرهُ في المدنيِّينَ مسلمٌ

(6)

، وأمُّه جميلةُ ابنةُ أبي صعصعةَ بنِ زيدٍ النَّجّاريَّةُ الأنصاريّةُ المدنيّةُ، معدودٌ في الصّحابةِ لأنَّه عقلَ

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 128 و"البدر الطالع" 2/ 292 "عنوان العنوان" 4/ 346. وفيه أنه عالمٌ بالطب، أن وفاته كانت سنة 902 هـ والأمشاطي نسبة لجده لأمه، كان يتاجر بالأمشاط.

(2)

بياضٌ بمقدارِ سبعةِ أسطرِ.

(3)

"التاريخ الكبير" 7/ 404. "الجرح والتعديل" 8/ 291.

(4)

"الثقات" 5/ 434.

(5)

"الاستيعاب" 3/ 434، "الإصابة" 3/ 386.

(6)

"الطبقات" 1/ 155.

ص: 226

من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مَجَّةً مجَّهَا في وجههِ من بئرٍ في دارهِم ولهُ أربعُ سنين أو خمسٌ

(1)

، وأكثرُ روايتهِ عن الصَّحابةِ، وحدَّثَ عن: أبِي أيوبَ الأنصاريِّ وعِتبانَ بنِ مالكٍ وعُبادة بنِ الصَّامتِ، وعنهُ: رجاءُ بنُ حَيوةَ ومكحولٌ والزهريُّ وعبد الله بنُ عمرو بنِ الحارثِ، بَل رَوى عنهُ أنسُ بنُ مالكٍ مع تقدمِّه، وكانَ خَتَنَ عُبادة بنِ الصَّامتِ، قال العِجليُّ: ثقةٌ من كبارِ التَّابعينَ

(2)

، وقالَ ابنُ عساكِرَ: اجتازَ بدمشقَ غازيًا إلى القُسطنطينيةِ

(3)

.

وقالَ الواقِديُّ

(4)

: ماتَ سنةَ تسعٍ وتسعينَ عن ثلاثٍ وتسعينَ سنةٍ، وكذَا أرَّخَهُ غيرُه، وقالَ خليفةُ

(5)

: سنةَ سِتٍّ، وكذَا قالَ ابنُ عادلٍ: أنَّةُ ماتَ سنةَ تسعٍ وهو ابنُ أربعٍ وتسعينَ، وخرَّجَ له الأئمةُ، وذكِرَ في "التَّهذيبِ"

(6)

وأولِ "الإصابةِ"

(7)

و"ابنِ حبانَ"

(8)

. ومقتضَى كونهِ ابنَ ثلاثٍ وتسعينَ كما قالَ شيخُنا أنْ يكونَ مولدُه سنةَ سِتٍّ، فيكونَ لهُ عندَ موتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أربعُ سنين، أو يكونَ دخلَ في الخامسةِ، وقد رَوى الطبرانيُّ بسندٍ صحيحٍ عنهُ أنَّه قالَ: تُوفِّي النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنَا ابنُ خمسٍ

(9)

.

(1)

أخرجه البخاري في العلم، باب متى يصح سماع الصغير رقم 77.

(2)

"الثقات" 2/ 266.

(3)

"تاريخ دمشق" 57/ 110.

(4)

"طبقات ابن سعد" متمم الصحابة 2/ 266.

(5)

"طبقات خليفة" ص: 415.

(6)

"تهذيب الكمال" 27/ 301، و"تهذيب التهذيب" 8/ 76.

(7)

"الإصابة" 2/ 139.

(8)

"الثقات" 3/ 397.

(9)

"المعجم الكبير" 18/ 33.

ص: 227

[4070] محمودُ بنُ زنكي ابنِ آقسنقرَ، السُّلطانُ العادلُ نُورُ الدِّينِ الشَّهيدُ الملكُ الشَّهيرُ

(1)

حَكى الجمالُ الإسنويُّ في رسالةٍ لهُ في "المنعِ من استعمالِ النَّصارَى"

(2)

أنَّه كانَ لهُ تهجُّدٌ وأورادٌ، فاتَّفقَ أنَّه بعدَ فعلِهَا بعضَ اللَّيالي نامَ، فرأَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في منامهِ، وهو يشِيرُ إلى رجُلَينِ أشقَرينِ ويقُولُ: أنجِدني مِن هَذينِ، فاستيقظَ فَزِعًا، ثُمَّ توضَّأَ وصلَّى ونامَ، فرأَى المنامَ بعينهِ، فاستيقظَ فتوضَّأَ أيضًا وصلَّى ونامَ، فرآهُ مرَّةً ثالثةً فحيئنذٍ قَال: لم يبقَ نومٌ، وكانَ لهُ وزيرٌ صالحٌ يقال لهُ: جمالُ الدَّين الموصليُّ، فأرسلَ إليهِ ليلًا، وحكَى ذلك لهُ فقَال لهُ: فما قُعودُكَ بعدَ هذَا اُخرُجِ الآنَ إلى المدينةِ النَّبويةِ واكتُم مَا رَأيتَ، فبادرَ وتجهَّزَ من ليلتهِ واستصحَبَهُ معهُ، وخرجَ على الرَّواحلِ في عشرينَ نفرا ومالٍ كثيرٍ، فوصلَ في سِتَّةَ عَشَرَ يومًا، فاغتسلَ خارجَها ثُمَّ دخلَ فصلَّى بالروضةِ وزارَ وتفكَّرَ في ماذَا يعمَل، فقَال الوزيرُ -وقَد اجتمعَ أهلُ المدينةِ بالمسجدِ-: إنّ السُّلطانَ قصدَ الزِيَّارةَ واستَصحبَ معهُ أموالًا للصدقةِ فاكتُبُوا لهُ جميعَ مَن هَهُنا من أهلِهَا والغرباءِ ففعلُوا، فأمَر بإحضارهِم فكانَ يتأمَّلُهُم واحدًا واحدًا، ولمَّا لم يجِد الصِّفةَ الَّتي رآهَا قَال: هَل بقِي أحدٌ؟، فقَالُوا: لا، ثُمَّ تَفكَّروا فقَالُوا: بل بَقِي

(1)

"الروضتين في أخبار الدولتين" 1/ 227، "وفيات الأعيان" 2/ 87.

(2)

واسمها "نصيحة أولي النهى في منع استخدام النصارى" للجمال عبد الرحيم الإسنوي الفقيه الشافعي المتوفى سنة 777 هـ. انظر: "كشف الظنون" 2/ 1957.

ص: 228

مَغرِبيَانِ وهُمَا صَالحَانِ لا يتنَاولانِ لأحدٍ شيئًا لغِنَائهِما وكثرة تَصدُّقهِما عَلى المحتَاجِينَ، فانشرحَ صدرُه واستدعَى بهِما، فلمَّا رآهُمَا رأى تلكَ الصِّفةَ، فقَال لهُما: مِن أينَ أنُتَما؟ فقَالا: من المَغربِ، جِئنَا للمجاوَرةِ هُنا، فقَال: اُصدُقائي، فَصمَّما عَلى مَقالتِهما، فسَألَ عن مَنزلِهما، فقيل لهُ: بِرباطٍ قريبٍ من الحُجرَةِ، فقَام من وقتِهِ إليهِ فَرأَى فيهِ مالًا كثيرًا وخَتمَتينِ وكُتُبًا في الرقائقِ ولم يَر فيهِ شيئًا غيرَ ذلك، وأثنَى أهلُ المدينةِ عَليهِما بالخيرِ الكثيرِ، وأنَّهُما صائِمانِ الدَّهرَ مُلازمانِ الصَّلاةَ بالرَّوضةِ والزِّيارَةَ مع زِيارةِ البقيعِ كلَّ بُكرةٍ، وقباءَ كُلَّ سَبتٍ، ولا يُردَّانِ سَائلًا قطُّ، بحيثُ سَدَّا خُلَّةَ أهلِ المدينةِ في هَذا العامِ المُجدِبِ، فقَال: سُبحانَ الله، ولم يُظهِر شيئًا ممَّا رآه، وبقي يطُوفُ في البيتِ بنفسهِ فرفَع حصيرًا فيهِ فرأى سِردابًا محفورًا ينتَهِي إلى صَوبِ الحُجرةِ، فارتاعَ النَّاسُ لذلكَ، وحِينئذٍ قَال لهُما: اُصدُقانِي حَالكُما، وضَربهُما ضربًا مبرِّحًا، فاعترفَا بأنَّهُما نَصرانِيّانِ بعثهُما النَّصارَى في زِيِّ حُجّاجِ المغاربةِ وأمدُّوهُما بالأموالِ الجزيلةِ ليتحيَّلا فيمَا زيَّنَهُ لهُم إبليسُ اللَّعينُ من نقلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الكريمِ، ووُجِد لِكُلِّ منُهما محفَظَةُ جِلدٍ يملآنهَا من التُّرابِ الَّذي يحفُرانِه ويخرُجانِ به إلى البقيعِ بِحُجَّةِ الزِّيارةِ فيُلقِيانهِ بين القُبورِ، وأنَّهما كما حكيَا لمّا قرُبَا منها أرعَدتِ السَّماءُ وأبرقَتِ وحصلَ رَجيفٌ عظيمٌ بحيثُ خُيِّلَ انقِلاعُ تلكَ الجبالِ، فصادفَ قُدومَ السُّلطانِ صَبيحةَ تلكَ اللَّيلةِ وإمسَاكَهما واعترافَهُما، فأمرَ حينئذٍ بضربِ رقَابهِما، وقصَّ الرؤَيا وأكثرَ من البكاءِ وحَمِدِ الله على تأهِيلِه لهذا الأمر، فقُتِلا تحتَ الشُّباكِ الَّذي يَلي الحُجرةَ، وهُو مما يَلي البقيعَ، ثم أمرَ بإحضارِ

ص: 229

رَصاصٍ عظيمٍ، وحفرَ خندقًا عظيمًا إلى الماءِ حول الحجرةِ الشريفةِ كُلِّها وأُذيبَ ذلك الرَّصاصُ وملأَ به الخندقَ فصارَ حولَ الحُجرةِ سُورًا رصاصًا إلى الماءِ، ثم رجعَ إلى مُلكهِ وأمر حينئذٍ بإخمادِ النَّصارَى وتركِ استعمالِ كافرٍ في عَمَلٍ من الأعمالِ وقَطعِ المُكوسِ بأجمَعِها. انتَهى.

وقَد أشارَ إليها الجمالُ المطريُّ

(1)

باختصَارٍ مع بَعضِ مخُالفةٍ فإنَّه قَال في الكلامِ على سُورِ المدينةِ المحيطِ بها اليومَ: إنَّ السُّلطانَ المذكورَ وصلَ في سنةِ سبعٍ وخمسينَ وخمسِ مئةٍ إلى المدينةِ بسببِ رُؤيا رآهَا ذَكرهَا لبعضِ النَّاسِ، وسمعتُها من الفقيهِ علمِ الدِّينَ يعقُوب بنِ أبي بكرٍ المحترقِ أبوُه ليلةَ حريقِ المسجدِ عمَّن حدَّثُه من أكابرِ من أدركَ السُّلطانَ محمودٍ أنَّه رأَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم ثلاثَ مرارٍ في ليلةٍ واحدةٍ وهو يقُول لهُ في كلِّ مرةٍ: يَا محمودُ أنقِذنِي من هَذينِ لِشَخصَينِ أشقَرينِ تُجَاههُ، فاستحضرَ وزيرَه قبلَ الصُّبحِ وأعلمَهُ بذلكَ فقَال لهُ: إنَّ هذا لأمرٌ حَدَثَ بالمدينةِ ليسَ لهُ غيرُكَ، فتجَّهزَ وخرجَ عَجِلًا في مقدارِ ألفِ راحلةٍ وما يتبَعُها من خيلٍ وغيرِ ذلك، حتى دخلَها على حينِ غفلةٍ من أهلِها والوزيرُ معه، فزار وجلس في المسجدِ لا يدري ما يصنَعُ، فقال له الوزيرُ: أتعرِفُ الشَّخصَينِ إذا رأيتَهما، قال: نعم، فطلبَ النّاسَ عامّةً للصَّدَقَةِ وفرَّقَ عليهم ذهبًا كثيرًا وفضّةً، وسأل: هل بقي أحدٌ؟ فقيل: لم يبنَ إلا رَجُلينِ مجاوِرَينِ من أهل الأندلسِ نازِلَينِ في الناحيةِ التي في قبلَةِ الحُجرَةِ من خارجِ المسجدِ عند دارِ عمرَ بنِ الخطابِ التي تُعرَفُ اليومَ بدارِ العَشَرَةِ، فطَلَبَهما للصَّدَقةِ فامتنعا وقالا:

(1)

"التعريف بما أنست الهجرة" ص: 208، "المغانم المطابة" 2/ 474، "وفاء الوفا" 2/ 521.

ص: 230

نحن على كفايةٍ ما نقبَلُ شيئًا، فجَدَّ في طَلَبِهما فجيءَ بهما فلما رآهما قال للوزيرِ: هما إياهما، فسألَهما عن حالهما وما جاء بهما فقالا: للمجاورةِ فقال: اصدُقاني، ولم يزل يُكرّرُ سؤالَهما حتى أفضى إلى مُعاقَبَتِهما فأقرّا أنهما من النّصارى وأنهما وصلا لكي ينقُلا مَن في هذه الحُجرَةِ باتِّفاقٍ من مُلوكِهما، ووجدَهما قد حفرا نَقبًا تحت الأرضِ من تحتِ حائطِ المسجدِ القبليِّ وهما قاصدانِ إلى جِهَةِ الحُجرَةِ ويجعلانِ التُّرابِ في بئرٍ عندهما في البيتِ الذي هما فيه، فضربَ أعناقَهما عند الشُّبّاكِ الذي في شرقيِّ الحُجرَةِ خارِجَ المسجدِ ثم أُحرِقا بالنّارِ آخرَ النّهارِ، وركبَ متوجِّهًا إلى الشّامِ، وتَبِعَهُ المجدُ اللُّغَوِيُّ والزَّينُ المراغيُّ، وعيَّنَ ثانِيهما الوزيرَ بأنّه خالدُ بنُ محمَّدِ بنِ نصرٍ القيسرانيُّ الشّاعِرُ.

قال: وكان موفَّقًا، وعُمدَتُه في تعيينِه ترجمةُ الذهبيِّ لخالدٍ بأنه وزيرُ السُّلطانِ المذكورِ، مع كونه لا يلزَمُ من وصفِهِ بذلك، أن يكونَ هو المُشارَ إليه، سيَّما وقد وُصِفَ بالجمالِ الموصليِّ بل يُشبِهُ أن يكونَ الجمالُ المحكيُّ عنه أوَّلًا هو الجوادُ الأصبهانيُّ، فقد وُصِفَ بأنه وزيرُ بني زنكي فوزر لِزِنكي ثم لِوَلَدِه غازي، وأدرَكَ نورَ الدِّينِ الشَّهيدَ فالله أعلمُ، ومن العجيبِ كونُ هذه الحادِثَةِ العظيمةِ لم تُذكَر في ترجمةِ السُّلطانِ محمودٍ، وهي بلا شكٍّ شاهِدَةٌ لما وصفَهُ به اليافعيُّ

(1)

عن بعضِ العارفين من الشُّيوخِ أنه كان في الأولياءِ معدودًا من الأربعين، وصلاحُ الدِّين نائبُه من الثلاثِ مئةِ.

(1)

"مرآة الجنان" 3/ 387.

ص: 231

وقد قال ابنُ الأثيرِ

(1)

: طالعتُ تواريخَ الملوكَ المتقدِّمين قبلَ الإسلامِ وفيه إلى يومِنا فلم أَرَ بعدَ الخُلَفاءِ الرَّاشدِين وعُمرَ بنِ عبد العزيزِ مَلِكًا أحسنَ سيرةً من المَلِكِ المعادِلِ نورِ الدِّينِ انتهى.

ونحوُ هذه القِصَّةِ ممّا نُقِلَ عن "ذيلِ تاريخِ بغدادَ"

(2)

لابنِ النَّجَّارِ مما ساقه بِسَنَدِه أنّ بعضَ الزَّنادِقَةِ أشارَ على الحاكمِ العُبَيدِيِّ صاحبِ مصرَ بِنَقلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وصاحِبَيهِ من محلِّهم إلى مصرَ وزيَّنَ له ذلك قائلًا: إنه متى تَمَّ له ذلك شَدَّ الناسُ رحالهَم من أقطارِ الأرضِ إليها وكانت منقبةً لِسُكّانِها، فاجتهد في ذلك وبنى بِمِصرَ حائزًا أنفَقَ عليه مالًا كثيرًا وبعثَ أبا الفتوح لِنَبشِ المحلِّ الشَّريفِ ونَقلِهم، فلما وصلَ إلى المدينةِ وجلسَ بها حضرَ جماعةُ المدنيِّين وقد عَلِموا ما جاء به وكان معهم قارئٌ يُعرَفُ بالزَّلَبانيِّ فاستفتحَ وقرأ {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} إلى {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فماجَ الناسُ وكادوا يقتُلُونَ أبا الفُتوحِ ومن معه من الجُندِ ولكن مَنَعَهم من الإسراعِ بذلك كونُ البلادِ كانت لهم، فلما رأى أبو الفتوحِ ذلك قال لهم: اللهُ أحَقُّ أن يُخشَى والله لو كان عليَّ من الحاكمِ فواتُ الرَّوضِ ما تعرَّضتُ لهذا، وحصل له من ضيقِ الصَّدرِ ما أزعَجَهُ كيف نهضَ لهذه المُخزِيَةِ وما تمَّ النهارُ حتى أرسلَ الله ريحًا كادت الأرضُ تَزلزَلُ من قُوَّتِها حتى دَحرَجت الإِبَلَ بأقتابِها والخيلَ بِسُروجِها كما تَدَحرَجُ الكُرَةُ على وجهِ الأرضِ وهلك أكثَرُها وخلقٌ من الناسِ فانشرحَ صدرُ أبي الفُتوحِ وذهب رَوعُه من الحاكمِ لقيامِ عُذرِهِ في الامتناعِ عما جاءَ به.

(1)

"الكامل" 10/ 56، وحكاها عن الذهبي في "السير"20/ 534.

(2)

"ذيل تاريخ بغداد" 224 - 231.

ص: 232

ولكن في كتابِ "تأسِّي أهل الإيمانِ فيما جرى على مدينةِ القَيرُوانِ" لابنِ سعدونِ القيروانيِّ

(1)

: أن الحاكمَ لعبد الله

(2)

أرسلَ للمدينةِ النبويّةِ من يحفِرُ القبرَ الشريفَ، فدخلَ الرَّسولُ دارًا بِقُربِ المسجدِ وحفرَ تحتَ الأرضِ لِيَصِلَ إلى القبرِ النبويِّ فرأَوا نورًا وسُمِعَ صائِحٌ: إنّ نَبِيَّكم يُنبَشُ، ففتَّشَ الناسُ فوجدوهم وقتلوهم فكأنَّها مرَّةٌ أخرى إن صحَّت. وسيأتي في هارونَ بنِ عُمرَ بنِ الزّغبِ شبيهُ هذا (4414).

[4071] محمودُ بنُ عبد الحفيظِ بنِ مسعودِ بنِ عادلٍ الشَّرَفُ ابنُ حافظٍ الحسينيُّ المدنيُّ الحنفيُّ

جوَّدَ القرآنَ غيرَ مرَّةٍ على الرَّيِّسِ بالمدينةِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ ابنِ الخطيبِ، وأجازَ له في سنةِ إحدى وعشرين، وقرأ "مُسلِمًا" في سنةِ خمسٍ وعشرين، و"البخاريَّ" في التي تليها، كلاهما على المحبِّ المطرِيِّ، و"المشارقَ" للصَّغانِيِّ على الزَّينِ طاهرِ بنِ جلالٍ الخُجَندِيِّ الحَنَفِيِّ.

[4072] محمودُ بنُ عبد الله بنِ عبد الرحمنِ بنِ عوفٍ الزُّهرِيُّ

يروي عن أبيهِ، وعنه: أهلُ المدينةِ، قاله ابنُ حبّانَ في الثالثةِ

(3)

.

(1)

محمد بن سعدون بن علي، أبو عبد الله القيرواني: عالمٌ بالفروع والأصول، من فقهاء المالكية توفي سنة 486 هـ. "ترتيب المدارك" 8/ 112، "الديباج" 2/ 229.

(2)

كذا في الأصل، والصواب:"لأمر الله".

(3)

"الثقات" 7/ 496.

ص: 233

[4073] محمودُ بنُ عبد الرحمنِ بنِ سعدِ ابنِ معاذٍ، الأشهليُّ الأنصاريُّ

(1)

يروي عن الحجازِيِّين، وعنه: أهلُ المدينةِ، قاله ابن حبان في الثالثةِ

(2)

[4074] محمودُ بنُ عمرِو بنِ يزيدَ بنِ السَّكَنِ الأنصاريُّ المدنيُّ

(3)

عن: جَدِّهِ وعمَّتِه أسماءَ، وسعدِ بن أبي وقَّاصٍ وأبي هريرةَ، وعنه: يحيى بنُ أبي كثيرٍ وحُصينُ بنُ عبد الرحمنِ بنِ عمرِو بنِ سعدِ بنِ معاذٍ الأشهليِّ.

وَثَّقَهُ ابنُ حبانَ

(4)

، وذُكِرَ في "التَّهذيبِ"

(5)

، وقال ابنُ حزمٍ: ضعيفٌ

(6)

، وابن القطّانِ: مجهولٌ

(7)

، والذَّهبِيُّ: فيه جهالةٌ

(8)

.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 291. "التاريخ الكبير" 7/ 304.

(2)

"الثقات" 7/ 495.

(3)

"التاريخ الكبير" 7/ 403.

(4)

"الثقات" 7/ 495.

(5)

"تهذيب الكمال" 27/ 303، و"تهذيب التهذيب" 8/ 77.

(6)

"المحلى" 9/ 241.

(7)

"بيان الوهم والإيهام" 3/ 590.

(8)

"ميزان الاعتدال" 4/ 78.

ص: 234

[4075] محمودُ بنُ لبيدِ بنِ عُقبَةَ بنِ رافعٍ، أبو نُعَيمٍ الأنصاريُّ، الأشهليُّ، المدنيُّ

(1)

ذكره مسلمٌ في ثانيةِ تابعيهم

(2)

، وقد وُلِدَ في حياةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وروى عنه أحاديثَ حُكمُها الإرسالُ على الصحيحِ، وفي أبيه نزلت الرُّخصَةِ فيمن لا يستطيعُ الصَّومَ، وهو أَسَنُّ من محمود بنِ الرَّبيعِ فيما قاله ابنُ عبد البَرِّ

(3)

، وقالَ البُخارِيُّ

(4)

: له صحبةٌ، وجزمَ غيرُهُ بأنّه لم تَصِحَّ له رؤيةٌ فضلًا عن سماعٍ منه، وأكثَرُ روايَتِه عن الصَّحابَةِ كعُمَرَ وعُثمانَ وقتادَةَ بنِ النُّعمانِ ورافعِ بن خَديجٍ، وعنه: بُكَيرُ بنُ عبد الله بنِ الأَشَجِّ ومحمَّدُ بنُ إبراهيمَ التيميِّ وعاصِمُ بنُ عُمرَ بن قتادَةَ والزُّهرِيُّ وغيرُهم من أهلِ المدينةِ، وقال العجليُّ

(5)

: مَدَنِيٌّ تابعيٌّ ثِقَةٌ، وكذا وَثَّقَهُ جماعةٌ وانقرَضَ عَقِبُهُ، مات بالمدينةِ سنةَ سبعٍ، وقيل: سِتٍّ، وقيلَ: ثلاثٍ وتسعينَ، وقال غيرُهم: ماتَ بالمدينةِ في خلافةِ ابنِ الزُّبَيرِ، وقال الواقِدِيُّ

(6)

: إنه ماتَ سنةَ تسعٍ وتسعينَ، ومقتضاه أنه يكون ابنَ ثلاثَ عشرَة سنةٍ حين ماتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وهو مما يؤيِّدُ القولَ بأن له صُحبَةً، ولذا أَيَّدَ ابنُ عبد البَرِّ قولَ البُخارِيِّ

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 289.

(2)

"الطبقات" 1/ 251.

(3)

"الاستيعاب" 3/ 435.

(4)

"التاريخ الكبير" 7/ 402

(5)

"الثقات" 2/ 266.

(6)

"الطبقات الكبرى" 5/ 77.

ص: 235

وذكره ابنُ حبّانَ في الصَّحابَةِ، وقال الترمذيُّ

(1)

: رأى النَّبِيَّ وهو غلامٌ صغيرٌ، وهو في "التهذيبِ"

(2)

وأوَّلِ "الإصابةِ"

(3)

وابنِ حبّانَ

(4)

العِجليِّ

(5)

، وأمُّهُ ابنةُ محمَّدِ بنِ مسلَمَةَ الأنصاريِّ.

[4076] محمودُ بنُ محمَّدِ بنِ طُغجٍ، أبو القاسِمِ ابنُ الإخشيدِ

له ذكرٌ في أبيه (3582).

[4077] محمودٌ العَجَمِيُّ الشَّافِعِيُّ

الشيخُ الصّالِحُ والدُ عبد الرحمنِ وعبد الرحيمِ وعبد اللطيفِ، كذا قالَ ابنُ فرحونَ

(6)

في ترجمةِ زوجِ ابنَتِهِ محمَّدِ بنِ يوسُفَ الحليمِيِّ أنه شافعيٌّ، وأنه ماتَ سنةَ إحدى وخمسينَ وسبعِ مِئَةٍ، وحينئذٍ فهو غيرُ الشَّمسِ ابنِ العَجَمِيِّ الآتي (5090).

(1)

كتاب الطب، باب ما جاء في الحمية رقم (2169).

(2)

"تهذيب الكمال" 27/ 309، و"تهذيب التهذيب" 8/ 79.

(3)

"الإصابة" 3/ 387.

(4)

"الثقات" 5/ 434.

(5)

"الثقات" 2/ 266.

(6)

"نصيحة المشاور" ص: 171.

ص: 236

[4078] محمودٌ، أحدُ باشاتِ مَلِكِ الرُّومِ

له سُبعٌ وغيرُه.

[4079] محمودٌ جلبِيُّ الرُّوميُّ

له أيضا سُبعٌ.

[4080] محيِّصَةُ بنُ مسعودِ بنِ كعبٍ، أبو سعدٍ الأنصارِيُّ الخزرَجِيُّ المدنيُّ

(1)

ذكره فيهم مسلمٌ

(2)

، وهو أخو خُويصَةَ، ويقالُ فيهما التَّشديدُ والتَّخفيفُ، شهدا أُحُدًا فما بعدَها، ومحيِّصَةُ أصغَرُهما مع أنه أسلمَ قبل أخيه، وله أحاديثُ، روى عنه: حفيدُهُ حرامُ بن سعدِ بنِ محيِّصَةَ وابنُه سعدٌ وبشيرُ بنُ يسارٍ ومحمَّدُ بنُ زيادٍ الجُمحيِّ وغيرُهم، وهو في "التهذيبِ"

(3)

وأوَّلِ "الإصابةِ"

(4)

وابنِ حبان

(5)

.

(1)

"التاريخ الكبير" 8/ 53، و"الجرح والتعديل" 8/ 426.

(2)

"الطبقات" 1/ 152.

(3)

"تهذيب الكمال" 27/ 313، و"تهذيب التهذيب" 8/ 80.

(4)

"الإصابة" 3/ 388.

(5)

"الثقات" 3/ 404.

ص: 237

[4081] مخارِقُ، مولى العباسِ بنِ عبد المُطَّلبِ

أُخِذَت دارُهُ فيما أُخِذَ من الدُّورِ لِزِيادَةِ المسجدِ النَّبوِيِّ.

[4082] مُختارُ بنُ عبد الله ظهيرُ الدِّينِ الأحمَدِيُّ

سَمِعَ من الشيخِ يُوسُفَ بنِ عُمَرَ بنِ عليٍّ العجميِّ في شوَّالٍ سنةَ سبعٍ وستِّين وسبعِ مئةٍ رسالةً له أرسلها على يديهِ لسائرِ المحبِّين، وحدَّثَ بها عنه، سَمِعَها عليه النُّورُ ابنُ سلامةَ وأظنُّه كان من خُدَّامِ المدينةِ.

[4083] مختارُ بنُ عبد الله، ظهيرُ الدِّين الأشرَفِيُّ الطَّواشِيُّ

شيخُ الخُدَّامِ بالمسجِدِ النَّبَوِيِّ، كان في سنةِ ثمانِ عشرةَ وسبعِ مئةٍ، فقد حكى عنه الآقشهريُّ فيها أنه قال: حكى لي رَجُلٌ شامِيٌّ في موسمِ سنةِ خمسَ عشرةَ وسبعِ مئةٍ أنه حَجَّ عامَ أوَّلَ وحمل شيئًا من تُرابِ المسجدِ النَّبَوِيِّ وحصبائِهِ، قال: فلم أزل أَرَاهُ في المنامِ يقولُ لي: رُدَّني إلى موضِعي عَذَّبتني عَذَّبَكَ اللهُ، قال: فها أنا أتيتُ به، وأخرج صُرَّةً فيها ما ذكرناه فصببناها في الحَرَمِ. قلتُ: ويؤيِّدُهُ قولُ سُليمانَ بنِ يسارٍ: الحصاةُ إذا أُخرِجَت من المسجدِ تصيحُ حتى تُرَدَّ إلى موضِعِها، رواه أبو زيدٍ عُمَرُ بنُ شبَّةَ

(1)

فقال: حدَّثني عبد الصَّمدِ بنُ عبد الوارثِ أبو سهلٍ، حدَّثنا موسى ابنُ سعيدٍ، ثنا قتادَةُ عن سليمانَ به، وعن ابنِ شبَّةَ رواهُ أبو بكرٍ الجوهريُّ.

(1)

لم أجده في المطبوع منه.

ص: 238

[4084] مختار بن عبد الله ظهير الدين الأشرفي

شيخُ الخُدَّامِ بالمدينةِ النبويَّةِ، قرَّرَهُ فيها النَّاصِرُ محمَّدُ بنُ قلاوون حين حَجَّتِهِ الثَّانِيَةِ سنةَ تسعَ عشرةَ وسبعِ مئةٍ بعد عزلِ سعدِ الدينِ الزاهِرِيِّ، فكانت له هَيبَةٌ وصَولَةٌ مع ذَمامَةٍ بالنِّسبَةِ لمن قبلَه، وقامَ بالمشيَخَةِ أحسنَ قيامٍ، وهابَه الشُّرَفاءُ والأُمرَاءُ بحيثُ استخلَصَ من أيديهِم أوقافًا وأملاكًا كانوا هم وآباؤُهم فيها كالمارَستانِ

(1)

، والفُرنِ المقابِلِ له والحَوشِ الذي بإزائِه وغيرِ ذلك، وعَزَّ به المجاوِرُون والخُدَّامُ وضيَّقَ على الأُمَراءِ وعطَّلَ عليهم معرِفَةَ الأخبارِ لكونِه أقسَمَ بتهديدِ مَن طلع القلعةَ لتقصيرِهم، وكان يجلِسُ قريبًا من الأسباعِ ومن رآه غابَ عن وظيفَتِه أخذ منه قِسطَ ذلك اليومِ في حينِه، فانضبطت الوظائِفُ بذلك وعمِرَت الأوقافُ في أيّامِه. قاله ابنُ فرحونٍ

(2)

، قال: وكان لي منه نصيبٌ وافرٌ، ولما تُوُفِّي والدي في أيّامِهِ حَفِظَ علينا وظائِفَهُ ورفَقَ بإخوَتِي، فلما حَجَّ أَرَغُونُ النَّائِبُ شكا إليه الشُّرفاءُ والأُمراءُ ما يلقَوه منه من الشِّدَّةِ فكأنه تكلَّم عليه بِحَضرَتِهم كلامًا غَضَّ من سَورَته ورَدَّهُ عن شِدَّتِه، ولكنَّه لم يمكُث كذلك إلا قليلًا، ومات في سنةِ ثلاثٍ وعشرين وسبعِ مِئَةٍ، وخَلَفَهُ في المشيخةِ عطاءُ الله، وتَبعَهُ المجدُ

(3)

ولكنِّي لم أَرَهُ الآنَ في نسخةٍ منه، وكذا تَبِعَهُ شيخُنا في "درره"

(4)

،

(1)

هو بيت المرضى أو المستشفى، وهو فارسي معرَّب "تاج العروس" مرن.

(2)

"نصيحة المشاور" ص: 44.

(3)

"المغانم المطابة" 3/ 1227 - 1228.

(4)

"الدرر الكامنة" 4/ 345.

ص: 239

وأنَّ الزاهرِيَّ كان له مُدَّةً أعمى منذ استقَرَّ عِوَضًا عن كافورِ المُظَفَّرِيِّ، وقام هذا بالمشيخةِ أحسنَ قيامٍ وتعصَّبَ لأهلِ السُّنَّةِ وقمعَ الرافضَةَ وكَثُرَ في أيَّامِهِ المُجاوِرُون وعُمِرَت الأوقافُ إلى أن ماتَ انتهى، وقد سَمِعَ مختارٌ هذا جميعَ "أخبارِ المدينةِ" لابنِ النَّجَّارِ على الجمالِ المطريِّ وكافورٍ الخُضَرِيِّ في سنةِ ثلاثِ عشرَةَ وسبعِ مئةٍ، وحكى الأقشهريُّ عنه أن شامِيًّا جاءه في سنةِ خمسَ عشرَةَ وسبعِ مئةٍ وأعلَمَهُ أنه حَجَّ في العامِ الماضي وحمَلَ معهُ شيئًا من تُرابِ المسجِدِ وحصبائِه فلم أزل أراه في المنامِ وهو يقولُ: رُدَّني إلى موضِعي عذَّبتَني عذَّبَكَ اللهُ فها أنا أتَيتُ به، وأخرَجَ صُرَّةً فيها ما ذكرَهُ فصببناهُ في المسجد.

قلتُ: وإنما فَصَلتُ هذا عن الذي قبلَه لكونِ الأقشهرِيِّ وَصَفَ ذاك بأنه كان في سنةِ ثماني عشرةَ شيخًا، وهذا كما قال غيرُ واحدٍ إنما استقَرَّ في سنةِ تسعَ عشرةَ، لكن يخدِشُ فيه أنَّ الذي كان قبلَهُ إنما هو الزاهِرِيُّ، والأقرَبُ أنه هو ويكونُ الأقشهريُّ سها في التاريخِ، واللهُ أعلمُ.

[4085] المختارُ بنُ عوفٍ، أبو حمزةَ الأزديُّ الإباضيُّ

(1)

المعروفُ بالخارجيِّ. داعيةُ عبد الله بنِ يحيى الكِندِيِّ الأعوَرِ المُلَقَّبِ طالبَ الحقِّ

(2)

، الثّائِرِ باليَمَنِ على مروانَ، فتغلَّبَ أبو حمزةَ على مكةَ في

(1)

"تاريخ الطبري" 7/ 394، "الكامل في التاريخ" 5/ 39، "العقد الثمين" 7/ 153.

(2)

عبد الله بن يحيى بن عمر بن الأسود الكندي الجندي الحضرمي، أبو يحيى، الملقب بطالب الحق: إمام إباضي، من أهل اليمن كان قاضيًا بحضرموت وخلع طاعة مروان بن محمد، =

ص: 240

سنةِ تسعٍ وعشرين ومئةٍ، والتمس منه عامِلُها لمروانَ بنِ محمَّدٍ خاتمةِ خلفاءِ بني أميَّةَ على مكَّةَ والمدينةِ إذ ذاك عبد الواحدِ بنِ سُلَيمانَ بنِ عبد الملكِ المسالمةَ حتى يَتِمَّ الحَجُّ ففعل.

ثم هرب عبد الواحدِ النَّفرَ الأوَّلَ إلى المدينةِ فاستولى هذا على مكَّةَ وتوجَّهَ منها إلى المدينةِ في سنةِ ثلاثين فلَقِيَه في صَفَرِها بِقُدَيدٍ جيشٌ أنفذَهُ عبد الواحدِ من المدينةِ فغلَبَهم أبو حمزةَ ودخلَ المدينةَ فقَتَلَ أربعين رجلًا من بني أَسَدِ بنِ عبد العزَّى وأُصِيبَ أميَّةُ بنُ عبد الله بنِ عَمرِو بنِ عُثمانَ بنِ عفانَ في ثلاثِ مئةٍ من قُرَيشٍ، فبعثَ مروانُ بنُ محمَّدٍ جيشًا عليه عبد الملكِ بنِ محمَّدِ بن عطيَّةَ السَّعدِيِّ

(1)

فلَقِيَ ثلجَ بنُ عُقبَةَ الأزدِيَّ الخارجِيَّ المُظهِرَ الخلافَ على مروانَ بوادي القُرى فقتَلَه وعامَّةَ أصحابِه، وسار ابنُ عطية حتى قتل أبا حمزةَ وخلقًا من جيشِه عند بئرِ ميمونَ من مكّةَ، وبلغَ ذلك عبد الله الأعورَ فجاءَ لِنُصرَةِ أعوانِه فقُتِلَ هو ومَن معه، وبعثَ ابنُ عطيَّةَ برأسِهِ إلى مروانَ بالشامِ ثم سار إلى اليمنِ فانتَصَر على مَن خرجَ وعاد بعد مُصالحَتِه أهلَ حضرموتَ في خمسةَ عشرَ

= وبويع له بالخلافة. واستولى على صنعاء ومكة بعد حروب وعظم أمره، وجه إليه مروان جيشًا وقتله على مقربة من صنعاء سنة 130 هـ "تاريخ الطبري" 7/ 394، "الكامل" لابن الأثير 5/ 39.

(1)

من أمراء جيش مروان بن محمد، سار لقتال طالب الحق من الشام إلى صنعاء في أربعة آلاف فارس، فقتله وأقام بصنعاء، فكتب إليه مروان أن يسرع في العودة ليحج بالناس، فأبقي جيشه وخيله بصنعاء، وسار في عدد قليل، فلقيه جمع من بني مراد فقتلوه."الكامل" لابن الأثير 5/ 39. تقدمت ترجمته برقم (2551).

ص: 241

رجلًا من الوجوهِ ليُقِيمَ الموسِمَ وخَلفَ على اليَمَنِ ابنَ أخيهِ، فنزلَ شبامَ فشَدَّ عليه طائِفَةٌ من العَرَبِ فقتلوه وقتلوا أصحابَه إلا واحدًا، وفي بسطِ ذلك وحكايةِ الاختلافِ فيه طولٌ، وتقولُ نائحةٌ:

ما للزِّمانِ ومالِيَه

أفتى قُدَيدُ رجالِيَه

[4086] مختارٌ، ظهيرُ الدِّين التاجيُّ الجماليُّ

أحدُ خُدَّامِ الحَرَمِ النَّبَوِيِّ، سَمِعَ على العفيفِ المطرِيِّ في المحرَّمِ سنةَ ثلاثين وسبعِ مِئَةٍ بِأَيلَةَ

(1)

-على حافَّةِ البَحرِ وهي منزِلَةُ الحاجِّ- الجُزءَ الذي خرَّجَهُ له الذَّهَبِيُّ.

[4087] مختارٌ، ظهيرُ الدِّين الزَّكَوِيُّ البغدادِيُّ

أحدُ خُدَّامِ الحَرَمِ النَّبَوِيِّ، سمِعَ على العفيفِ المَطَرِيِّ جُزءَهُ في سنةِ سبعٍ وعشرين وسبعِ مئةٍ بدمشقَ، وكذا سَمِعَهُ عليه فيها ببغدادَ، وهو محتَمِلٌ لأن يكون الذي قبلَهُ، ويَحتَمِلُ التَّعَدُّدَ وهو أشبَهُ.

[4088] مختارٌ، ظهيرُ الدِّينِ الزُّمرُّدِيُّ

أحدُ خَدَمَةِ المسجِدِ النَّبَوِيِّ، كان حَسَنَ الهَيَئَةِ والمهابَةِ والرُّجلَةِ والحِذقِ مع المحافَظَةِ على المُروَّةِ والسَّلامَةِ من الناس في مُخالَطَتِهم،

(1)

تعرف اليوم باسم العقبة، مدينة ساحلية ميناء المملكة الأردنية الهاشمية على رأس خليج العقبة أحد شعبتي البحر الأحمر. "معجم المعالم الجغرافية"35.

ص: 242

مات بمكَّةَ في سنةِ خمسٍ وسبعِ مئةٍ، وكان سافرَ إليها مع البَدرِ حَسَنِ بنِ أحمدَ بنِ محمَّدِ بنِ عبد الرحمنِ قاضي المدينةِ، وذكره المجدُ

(1)

فقال: كان قريبًا لجمالِ الدين محسنٍ الإخميميِّ، فهما يتآنسانِ ويقرُنانِ في قَرَنٍ، ولا يَتدنَّسانِ من معايِبِ المثالِب بِدَرَنٍ، ويمشيانِ في نَسَقٍ واحدٍ من الهَيبةِ والمهابةِ، ويُمسيانِ في لَسَقٍ

(2)

شديدٍ من حُسنِ الوِدادَةِ والصِّحابةِ، مع رُجلَةٍ

(3)

وشهامة، وحذاقةٍ بدقائقِ الرِّئاسةِ والزَّعامةِ، ومحافظةٍ على وظائف المرُوءةِ، وملاحظةٍ لما يتعيَّنُ على المسلمِ من المكارمِ والفُتُوَّةِ.

ولمَّا تُوفي الزُّمرديُّ، رَأَسَ مختارٌ

(4)

الخُدَّامَ، كأنه سُمِّيَ له وتقدَّم عليهم، وتكرَّم على الكُلِّ وأحسنَ إليهم، مع لِينِ الجانبِ، وكَثرةِ الأَدَبِ مع الأصحابِ والأجانِبِ، وجمعَ اللهُ له بين حُسنِ الأخلاقِ والخلائِقِ، حتى أجمعت الجماعةُ على أنَّه للمشيَخَةِ لائِقٌ، فأدركه الأجَلُ قبلَ تنفيذِ هذا الرَّأيِ منهم، وانتقلَ إلى الآخِرَةِ، وتعوَّضَ رحمه الله عن المشيخةِ وعنهم.

وقال الفاسيُّ

(5)

: إنه سَمِعَ بِمَكَّةَ من ابنِ المكرَّمِ وموسى الزهرانيِّ، وبها تُوُفِّيَ بعدَ المجاورَةِ بها في يومِ الجمعةِ خامِسِ رمضانَ سنةَ خمسين وسبعِ مئةٍ، ودُفِنَ بالمعلاةِ.

(1)

"المغانم" 3/ 1276.

(2)

اللسق واللصق بمعنى واحد وهو التلاصق "القاموس"(لسق).

(3)

الرُّجلَةُ: القوة، "القاموس" رجل.

(4)

كذا وقع في الأصل تبعا للفيروز آبادي، وصوابه: كما عند ابن فرحون ص: 59: "محسن".

(5)

"العقد الثمين" 7/ 160.

ص: 243

[4089] مختارٌ، عِزُّ الدِّينِ الحَلَبِيِّ

كان من كبارِ الخُدَّامِ وممَّن اتَّصَفَ بأحوالِ الصَّالحِين ومحبَّةِ العُلَماءِ، أثنى عليهِ الشَّيخُ عبد الواحِدِ الجَزُوليُّ وذكرَ له مناقِبَ كثيرةً، قاله ابنُ فرحونٍ

(1)

، قال: وكان مسكنُنَا معَ والدِنا في دارِهِ التي أوقَفَها على الجمالِ المطريّ مُجاوِرَةً لرِباطِ الشِّيرازِيِّ وهي إلى اليومِ وقفٌ على أولادِه، رحمهم الله.

[4090] مختارٌ، البغداديُّ الحِليُّ الطَّواشِيُّ

أحدُ الخُدَّامِ بالمسجِدِ النَّبوِيِّ، أثنى عليه ابنُ فرحونٍ

(2)

، وكان صديقًا للعفيفِ عبد الله بنِ الجمالِ المطريِّ مُلازمًا له مُعتَقِدًا فيه، ولذا كان وَصِيًّا على أولادِ ابنِ أخته وهم بنو ابنِ مزروعٍ، وامتُحِنَ العفيفُ بعد موتِه وذلك في سنةِ اثنتي وأربعين وسبعِ مئةٍ انتهى

(3)

، ويُحتَمَلُ أن يكون الذي قبلَهُ وأن ذاك الحِلِّيَّ لا الحَلَبِيَّ، فيُحَرَّرُ.

[4091] مختارٌ الصَّفَوِيُّ

صفيُّ الدينِ الطَّواشِيُّ الآتي (5103)، كان طواشيًّا ساكنًا كريمَ النَّفسِ مُواظِبًا للصَّلاةِ.

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 55.

(2)

"نصيحة المشاور" ص: 63.

(3)

"المغانم" 3/ 1233.

ص: 244

سكن بدارِ سيِّدِه وماتَ فيها شهيدًا، دخل عليه بعضُ اللُّصوصِ فقَتَلَهُ، ذكره ابنُ صالحٍ.

[4092] مختارٌ الصَّفَوِيُّ

من طواشِيَّةِ الحَرَمِ الأخيارِ القائمين بالبِرِّ والتقوى، ذكره ابنُ صالحٍ مطوَّلًا وهو صاحِبُ بلالٍ الفخريِّ الماضي (616)، وكان أسبَقَهُما وفاةً.

[4093] مختارٌ المعروفُ بالموَلَّهِ

أحدُ خُدَّامِ المسجِدِ النَّبَوِيِّ، له ذكر في عُمَرَ الخَرَّازِ (3053)، قال ابنُ فرحونٍ

(1)

: كان من إخوانِ نصرِ الشواظيِّ

(2)

الآتي في خُلُقه، صَحِبَ المشايِخَ الكبارَ كأبي محمَّدٍ البَسكَرِيِّ وتأدَّبَ بآدابِهم واكتسَبَ من أخلاقِهم مع كَرَمٍ واعتقادٍ حَسَنٍ، وكان من الخُدَّامِ الذين لهم أخباز، مات سنة إحدى وأربعين وسبعِ مئةٍ، وتبعه المَجدُ

(3)

فقال: كان من إخوانِ نصرٍ الشواظيِّ

(4)

في خُلُقِهِ وآدابِه، والقيامِ بِحقوقِ إخوانِهِ وأصحابِهِ، صَحِبَ المشايِخَ الكِبارَ، والأئمَّةَ الأخيارَ، فاستضاءَ بِسَواطِعِ أنوارِهم واستنارَ،

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 60.

(2)

كذا وقع في الأصل، وصوابه:"الطواشي". وستأتي ترجمته برقم (4363).

(3)

"المغانم" 3/ 1292.

(4)

في "المغانم": الطواشي.

ص: 245

واكتسَبَ من شرائفِ عاداتِهم ما ألبسَهَ ثَوبَ الافتخارِ، وعَرَّاهُ من مَعَرَّةِ الاعتيادِ بالقِنيةِ والادِّخارِ.

صَحِبَ الشَّيخَ أبا محمَّدٍ البَسكَريَّ فتحلَّى بسُكَّرِهِ، وخدم الشَّيخ أبا عبد الله العسكريَّ فتقَوَّى بِجندِه وعَسكرِهِ، وخَبَرَ طريقَ الحقِّ فتعرَّفَ بِمعروفِه، وتنكرَّ عن مُنكَرِهِ.

كان له أقطاعٌ من مفاخرِ الأخبازِ، وكان قد حكمَ فيه الشَّيخُ العارفُ عُمَرُ الخرَّازُ، يتديَّنُ طولَ السَّنةِ من كلِّ مِديانٍ، فإذا جاء الموسِمُ احتفَنَه من خُبزِ مختارٍ حَفَناتٍ من غيرِ ميزانٍ. وكان يتحيَّلُ في إيصالِ الخُبزِ إلى الفقراءِ سِرًّا، ويَجتَهِد في إِسداءِ المعروفِ إلى أهلِه بحيث لا يُدرَى، (مُعتَقِدًا لأهلِ الخيرِ مشغوفًا بِحُبِّهم مُغرَى)

(1)

، ثم أَرَّخَ وفاتَه.

[4094] مختارٌ الريحانيُّ الطواشيُّ

ختم القرآنَ على خيرٍ، ذكره ابنُ صالحٍ.

[4095] مختارٌ الطواشيٌّ خادِمُ اللالا

(2)

أحدُ الخدَّامِ بالمسجدِ النَّبَوِيِّ، أثنى عليه ابنُ فرحونٍ

(3)

.

(1)

ما بين القوسين ليس في مطبوعة "المغانم".

(2)

اللالا: الذي يربي أولاد الملوك. "وفيات الأعيان" 1/ 365.

(3)

"نصيحة المشاور" ص: 63.

ص: 246

[4096] مختارٌ الطواشيُّ خادِمُ أبي شامةَ

صاحُبُ قلبٍ وإيمان جَيِّدٍ، وخوفٍ من الله وبُكاءٍ كثيرٍ وخشوعٍ، مات بالمدينةِ، ذكرَهُ ابنُ صالحٍ.

[4097] مُختَصٌّ، شَرَفُ الدّينِ الدَّيرِيُّ

شيخُ الخُدَّامِ بالمسجِدِ النبوي، قالَ ابن فرحونٍ

(1)

: استَقَرَّ في المشيخةِ بعد عزلِ العِزِّ دينارٍ الماضي، فجاءَ بِأَخلاقٍ تُركِيَّةٍ لم تَتَهَذَّب بِرِيَاضَةٍ، ولا حَجٍّ وزِيَارَةٍ، بل قامَ بِهَيبَةٍ وعِزَّةٍ، بحيثُ لم يكن يتمَكَّنُ من الجلوسِ معه في صُفَّتِه كبيرُ أحدٍ، وربما أهانَ مَن جلسَ معه فيها، ولكنَّهُ اهتمَّ بعَمَارَةِ الأوقاف حتى كانَ يخرُجُ غالبا كُلَّ يومٍ ويُبَاشِرُ الغَرسَ والعِمارَةَ، ويستصحب مَعَهُ عَيشا رَغِيدًا، وخيرًا كَثِيرًا، وكذا كان الخُدَّامِ في أيَّامِهِ وقَبلَها، يُبَاشِرُونَ الأَوقَافَ بِأَنفُسِهِم، ويحضُرُونَ الجِدَادَ بأَعوانِهِم خدمِهِم وعَبِيدِهِم، ولا يتعاطَون على ذَلِكَ أُجرَةً، بل يَخرُجُونَ معهم بِالأَطعِمَةِ الكَثِيرَةِ الفَاخِرَةِ المَلِيحَةِ، ولذا كانَتِ الأَوقَافُ مُبَارَكَةً وغِلالُها مُتَزَايِدَةً، والبَرَكَةُ عليها لائِحَةٌ، حَتَّى خَلَفَهُم مَن لا يَتَحَرَّكُ في وَقْفٍ إلا بِأُجرَةٍ، وليت بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ، واستمَرَّ في المشيخةِ حتى عُزِلَ بشرف الدينِ الخَزَندارِيِّ، وكان وصولُهُ بالمشيخةِ في آخِرِ سنةِ اثنتي وأربعين وسبعِ مئةٍ،

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 48.

ص: 247

ثم سعى حتى أُعيدَ بعد سَنَتَينِ، وجاء إلى المدينةِ فلم يكمُل له سنةٌ حتى جاءَ الخبرُ بعزله بِعِزِّ الدِّينِ دينارٍ، وسافر الدَّيرِيُّ إلى مصرَ فأقامَ بها حتى ماتَ، وتَبِعَهُ المَجدُ

(1)

بِكَلِماتٍ هائِلَةٍ وفصاحاتٍ إلى الأَدَبِ مائِلَةٍ.

وقال شيخُنا في "دُرَره"

(2)

: شرفُ الدِّين الخَزَندارِيُّ خادِمُ الحَرَمِ الشَّريفِ المَدَنِيِّ، استقَرَّ بعد عزلِ العزِّ دينارٍ فباشَرَ بِحُرمَةٍ ومهابَةٍ وحِذقٍ وعَمَّرَ الأوقافَ، وكان شديدَ الحِقدِ مع لِينِ الكَلِمَةِ وطَلاقِ الوجهِ، ثم عُزِلَ سنة خمسٍ وأربعين وأعيدَ عز الدين دينار ومات مُختَصٌّ سنة

(3)

.

[4098] مُختَصٌّ شرفُ الدِّينِ اليمنيُّ الطواشيُّ

كان دارسًا للقرآنِ، يَسيحُ في أراضي المدينةِ، ويبكي كثيرًا، عَمِلَ مسجدًا شرقيَّ الحديقةِ المعروفةِ بِجُشَمَ سمَّاهُ (مسجِدَ المُشاهَدَةِ)، لكونه يُشاهِدُ منه القُبَّةَ النَّبَوِيَّةَ والمنائِرَ الأربَعَ، وآخرُ في بقيعِ الخصلى يُنسَبُ لأبي ذَرٍّ الصَّحابِيِّ كأنه رآهُ في المنامِ بذاكَ المكانِ، تُوُفِّيَ بالمدينةِ ودُفِنَ بالبقيعِ، ذكره ابنُ صالحٍ.

[4099] مُختَصٌّ الأشرَفِيُّ

صاحبُ الدَّرسِ بالمسجِدِ المعروفِ بالنَّقاشِ لطولِ تدريسِهِ به.

(1)

"المغانم" 3/ 1284.

(2)

"الدرر الكامنة" 4/ 344.

(3)

إلى هنا انتهى نص "الدرر".

ص: 248

[4100] مخرَمةُ بنُ بُكيرٍ بنِ عبد الله بنِ الأَشَجِّ، أبو المِسوَرِ القُرَشِيُّ، مولى بني مخزومٍ المدنيُّ

(1)

عن: أبيه، وعامرِ بنِ عبد الله بنِ الزُّبَيرِ، وعنه: ابنُ المُبارَكِ وابنُ وَهبٍ ومَعنُ بنُ عيسى والواقديُّ وجماعةٌ، قال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ، وقال سعيدُ ابنُ أبي مريمَ: سمعتُ خالي موسى بنَ سلمَةَ يقولُ: أتيتُ مخرمةَ بكتابِ أبيه أعرِضُهُ عليه فقال: ما سمعتُ من أبي شيئًا إنما هذه كُتُبٌ وجدناها عندنا عنه وما أدركتُ أبي إلا وأنا غلامٌ، وكذا قال أحمدُ

(2)

: إنه لم يسمع من أبيه شيئًا، إنما يروي من كتابِه، وأمّا عليُّ بنُ المدينيِّ فقال: سمعتُ معنَ بنَ عيسى يقولُ: إنه سمعَ من أبيه وعرضَ عليه، وقال أبو حاتمٍ: قال ابنُ أبي أويسٍ: وجدتُ في ظهرِ كتابِ مالكٍ: سألتُ مخرمةَ عمَّا يحدِّثُ به عن أبيه فحلف لي بِرَبِّ هذه البَنيَّةِ

(3)

سمعتُه من أبي، قال أبو حاتم: وكلُّ حديثِه هو عن أبيه سوى حديثٍ واحدٍ حدَّثَ به عن عامرِ بنِ عبد الله

(4)

، وقد خرَّجَ له مسلمٌ، وذكر في "التهذيبِ"

(5)

و"ثقاتِ ابنِ حبّانَ"

(6)

وقال: لا يُحتَجُّ بروايته عن أبيه لأنه لم يسمَع منه ما يروي عنه، مات سنةَ ستِّين ومئةٍ كهلًا، وقيل: سنة تسعٍ وخمسين في آخرِ ولايةِ المهديِّ.

(1)

"التاريخ الكبير" 8/ 16،"تاريخ ابن معين" برواية الدوري 3/ 82. "ميزان الاعتدال" 4/ 80.

(2)

"العلل" برقم: 323.

(3)

يعني المسجد، كما في "الجرح والتعديل" 8/ 363.

(4)

"الجرح والتعديل" 8/ 363.

(5)

"تهذيب الكمال" 27/ 324، و"تهذيب التهذيب" 8/ 85.

(6)

"الثقات" 7/ 510.

ص: 249

[4101] مَخرَمَةُ بنُ سُليمانَ الأَسَدِيُّ -أَسَدُ خُزيمَةَ- الوالِبِيُّ المدنيُّ

(1)

يروي عن: عبد الله بنِ جعفرٍ والسائِبِ بنِ يزيدَ وكُريبٍ مولى ابنِ عبَّاسٍ، وعنه: عبد ربِّهِ ابنُ سعيدٍ والضَّحَّاكُ بنُ عُثمانَ ومالكٌ وعبد الرحمنِ ابنُ أبي الزِّنادِ، وثَّقَهُ ابنُ معينٍ

(2)

ثم ابنُ حِبّانَ

(3)

وخرَّجَ له الأَئِمَّةُ، وقال ابنُ سعدٍ

(4)

: قليلُ الحديثِ، وقتله الحرورَيَّة يومَ قُدَيدٍ سنةَ ثلاثين ومئةٍ عن سبعين سنةً.

[4102] مخرمَةُ بنُ نوفلِ بنِ أُهَيبِ بنِ عبد منافِ بنِ زُهرَةَ أبو صفوانَ، ويقال: أبو المسورِ الزُّهرِيُّ

(5)

أمُّه رفيقةُ ابنةُ أبي صيفيِّ بنِ هاشمِ بنِ عبد منافٍ، كان من المؤلَّفَةِ قُلُوبُهم، له شَرَفٌ وعَقلٌ وقُعدُدُ

(6)

، كساهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُلَّةً باعها بأربعينَ أوقِيَّةً

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 363، و"الكاشف" 2/ 248.

(2)

"تاريخ ابن معين" برواية الدوري 3/ 220.

(3)

"الثقات" 7/ 510.

(4)

"الطبقات" 1/ 278.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 362، و"الطبقات الكبرى" 1/ 155.

(6)

يقال: فلانٌ فَعِيدُ النَّسب، ذو قُعْدُدٍ: إذا كانَ قليلَ الآباءِ إلى الجَدِّ الأكبر. "لسان العرب": قعد.

ص: 250

وعَمِيَ في خِلافَةِ عُثمانَ وماتَ بالمدينةِ زمنَ معاويةَ في سنةِ أربعٍ وخمسينَ وله مئةٌ وخمسَ عشرةَ سنةً، ذُكِرَ في أوَّلِ "الإصابةِ"

(1)

وابنِ حبانَ

(2)

، وستأتي الإشارةُ لتعميرهِ في ولدِه المسورِ (4151).

[4103] مَخلَدُ بنُ خُفَافِ بنِ إيماءَ بنِ رَحضَةَ الغفارِيُّ

(3)

لأبيه ولجدِّه صُحبةٌ، وهو يروي عن: عروةَ، وعنه: ابنُ أبي ذئبٍ، وقال أبو حاتم

(4)

: إنه لم يرو عنه غيرُه، قال شيخُنا

(5)

: وفي سماعه منه عندي نَظَرٌ، وأفاد أنه يروي عنه أيضًا يزيدُ بنُ عياضٍ، وقد وثَّقَهُ ابنُ حبانَ

(6)

وابنُ وضّاحٍ، وقال: إنه مدنيٌّ، وقال البخاريُّ

(7)

: فيه -أي في مخلدٍ- نَظَرٌ، وهو في "التهذيبِ"

(8)

.

[4104] مخلِدٌ الزُّرَقِيُّ، أبو الحارِثِ

ذكره مسلمٌ في ثانيةِ تابعي المدنيِّين

(9)

، وهو الأنصاريُّ، مضى ابنُه الحارثُ في الحاء (801).

(1)

"الإصابة" 3/ 390.

(2)

"الثقات" 3/ 394.

(3)

"الطبقات الكبرى" 1/ 274، "الكاشف" 2/ 249.

(4)

"الجرح والتعديل" 8/ 347.

(5)

"تهذيب التهذيب" 8/ 89.

(6)

"الثقات" 7/ 505.

(7)

نقله عنه ابن عدي في "الكامل" 6/ 444، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 230.

(8)

"تهذيب الكمال" 27/ 337، و"تهذيب التهذيب" 8/ 89.

(9)

"الطبقات" 1/ 237.

ص: 251

[4105] مُدافِعٌ المغربِيُّ

من عَرَبِ الغَربِ وشُجعانِهم، تابَ وجاورَ مع صاحِبه أبي عبد الله التُّونِسِيِّ بالمدينةِ في دارِ الشَّيخِ عُمَرَ الخرَّازِ ومعه، ثم رجعا إلى بلدهما، قاله ابنُ صالحٍ.

[4106] المُرتَضَى بنُ يحيى بنُ أحمدَ شرفُ الإسلامِ الهادي السُّنيُّ الشافعيُّ

(1)

كان في سنةِ إحدى وثلاثين وثماني مئةٍ بالمدينةِ النبويَّةِ.

[4107] مُرَّةُ بنُ حبيبٍ القُرَشِيُّ الفِهرِيُّ

(2)

روى عن: النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعنه: ابنتُهُ أمُّ سعدٍ، يُعَدُّ في أهلِ المدينةِ، قاله

ابنُ عبد البَرِّ

(3)

.

[4108] مُرَّةُ بنُ عمرِو بنِ حبيبِ بنِ واثِلَةَ بنِ عمرِو ابنِ شَيبانَ بنِ محارِبِ بنِ فهرٍ الفِهرِيُّ

(4)

أَحَدُ بني الحارثِ بنِ فهرٍ، وهو أبو أُمِّ سعيدِ ابنةِ مُرَّةَ، يُعَدُّ -كما قال

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 152.

(2)

"الإصابة" 3/ 521.

(3)

"الاستيعاب" 3/ 438

(4)

"الإصابة" 3/ 402.

ص: 252

ابنُ عبد البَرِّ

(1)

-في أهلِ المدينةِ، وهو في الطَّبقَةِ الأولى عند مسلمٍ

(2)

، ذكرَه غيرُ واحدٍ في الصحابةِ كابنِ حبَّانَ

(3)

وابنِ عبد البَرِّ والطبرانيِّ وقال: إنه أسلمَ يومَ الفتحِ، روت عنه ابنتُه أُمُّ سعيدٍ، وهو في "التهذيب"

(4)

باختصارٍ فإنه اقتصر على قوله: مُرَّةُ الفهرِيُّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافِلُ اليتيمِ في الجَنَّةِ كهاتَينِ"، وعنه ابنتُه، ورقم عليه (بخ).

[4109] مَرثَدُ بنُ أبي مَرثَدٍ، كناز بنِ الحُصينِ أو حِصنٍ الغَنَوِيُّ

(5)

كان هو وأبوه حليفَينِ لحمزةَ وشَهِدا بدرًا، ومرثَدُ بعدَه أُحُدًا، وآخى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينه وبين أوسِ بنِ الصامتِ أخي عُبادَةَ، وكان يحمِلُ الأسرى من مكَّةَ حتى يأتي بهم إلى المدينةِ لشِدَّتِهِ وقُوَّتِهِ.

[4110] مرجانُ التَّقَوِيُّ الظاهرِيُّ

(6)

وَلِيَ مشيخَةَ الخُدَّامِ بعد سُرورٍ الطربيهيِّ طرباي سنة اثنتينِ

(7)

وستِّينَ، وقَدِمَ المدينةَ في التي تليها، فأقام بها إلى أن انفصلَ في سنةِ ثمانين بإينال شيخ الإسحاقيِّ.

(1)

"الاستيعاب" 3/ 438.

(2)

"الطبقات" 1/ 159.

(3)

"الثقات" 3/ 398.

(4)

"تهذيب الكمال" 27/ 383، و"تهذيب التهذيب" 8/ 108.

(5)

"الاستيعاب" 3/ 440، "الإصابة" 1/ 178.

(6)

"الضوء اللامع" 10/ 153.

(7)

كتب فوقها في الأصل: "ثلاث".

ص: 253

[4111] مُرشِدٌ شهابُ الدينِ القارئُ

(1)

وفي نسخةٍ بواوٍ بدلَ الرَّاءِ فيُحَرَّرُ، أَحَدُ خَدَمَةِ المسجِدِ النَّبَوِيِّ، كان قريبًا من الناسِ، سريعَ المَيلِ إلى مَن يُؤانِسُهُ ويُجالِسُهُ، ويتعانى الأشياءَ الحَسَنَةَ اللَّطيفَةَ من الأشرِبَةِ والأمواهِ والمعاجينِ والفاكِهَةِ، ولا يزالُ بيتُهُ معمورًا بالضِّيفانِ مبذولًا للإخوانِ، يعمَلُ الأشياءَ الفاخِرَةَ من الحلوى العزيزةِ الوجودِ في الحجازِ ويُهدِيها لأصحابِهِ، ويُتحِفُ بها مَن يرغَبُ في بَرَكَتِهِ ودُعائِهِ من صالِحِ المجاورين، وقلَّ أن تطلُبَ منه حاجةً فيقولَ: لا أَجِدُها بل يجتَهِدُ فيها حتى يُحَصِّلَها، قاله ابنُ فرحونٍ

(2)

، وتَبِعَهُ المجدُ

(3)

بالعبارَةِ البليغةِ.

[4112] مُرشِدٌ الشِّهابُ المُختَصِّيُّ الطَّواشيُّ

كان كريمَ النَّفسِ خيِّرًا صالحًا ساكنًا، يسكُنُ مُقابِلَ دارِ الشَّمسِ الحَمَوِيِّ. [قلت: عند باب الحوش، ذكره ابن صالح، وأنه كان مؤاخيا للشمس المغيثي]

(4)

، وسَمِعَ على الجمالِ المَطَرِيِّ وكافورٍ الخُضرِيِّ في سنةِ ثلاثَ عشرَةَ وسبعِ مِئَةٍ "تاريخَ المدينةِ" لابنِ النَّجَّارِ.

(1)

في "النصيحة": الفادي.

(2)

"نصيحة المشاور" ص: 59.

(3)

"المغانم" 3/ 1276.

(4)

ما بين المعقوفتين ملحق بالحاشية، وكتب عليه "صح".

ص: 254

[4113] مُرشِدٌ الطَّواشيُّ

خادمُ المَلِكِ بِرِباطِ مراغَةَ، ذكره ابنُ صالحٍ.

[4114] مُرشِدٌ العادِليُّ الطَّواشِيُّ

سمِعَ على الجمالِ المطريِّ وكافورٍ الخُضرِيِّ في سنة ثلاثَ عشرَةَ وسبعِ مئةٍ "تاريخ المدينةِ" لابنِ النِّجَّارِ.

[4115] مرشِدٌ الفاخِرِيُّ الطَّواشِيُّ

هو ومولاهُ الفاخِرِيُّ من الأخيارِ الصالحين، ذكرَهُ ابنُ صالحٍ.

[4116] مروانُ بن الحَكَم بن أبي العاصي بن أُمَيَّةً بن عبد شمسِ ابنِ عبد منافِ بنِ قُصَيٍّ، أبو عبد المَلِكِ، وقيل. أبو القاسِمِ وقيل: أبو الحَكَمِ، الأمويُّ المدنيُّ

(1)

وُلِدَ بعد الهجرةِ بِسَنَتَينِ، وقيل: بأربَعٍ، قال ابنُ عبد البَرِّ في "الاستيعابِ"

(2)

: يوم الخندقِ، وعن مالكٍ: يومَ أُحُدٍ.

(1)

"الإصابة" 3/ 477. "التاريخ الكبير" 7/ 368.

(2)

"الاستيعاب" 3/ 44.

ص: 255

وذكره مسلمٌ في الطَّبقةِ الأولى من تابعي المدنيين

(1)

، وأمُّهُ أمُّ عثمانَ أميَّةُ ابنة علقمةَ بنِ صفوانَ الكنانيِّ، روى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولا يَصِحُّ له منه سماعٌ، بل قال البخاريُّ

(2)

: ولا رؤيةٌ، وقال هو في كلامٍ دار بينه وبين رَوحِ ابنِ زِنباعٍ عندما طلبَ الخلافةَ: ليسَ ابنُ عُمَرَ بأفقَهَ منِّي ولكنَّهُ أسنُّ، وكانت له صُحبَةٌ، وعن: عثمانَ وعليٍّ وزيدِ بنِ ثابتٍ وأبي هريرةَ وبُسرَةَ ابنةِ صفوانَ وعبد الرَّحمنِ بنِ الأسودِ بنِ عبد يغوثَ، وعنه: ابنُه عبد المَلكِ وسهلُ بنُ سعدٍ وهو أكبَرُ منه، وسعيدُ بنُ المسيَّبِ وعليُّ بنُ الحُسَينِ وعُروَةُ بنُ الزُّبَيرِ وقال: إنه لم يكن يُتَّهَمُ في الحديثِ، وفي لفظٍ: لا يُتَّهَمُ علينا، وأبو بكرِ بنُ عبد الرحمنِ بنِ الحارِثِ وعبيدُ الله بنُ عبد الله بنِ عُتبَةَ ومجاهدٌ وأبو سفيانَ مولى ابنِ أبي أحمدَ، كتبَ لِعُثمانَ ووَلِيَ إِمرَةَ المدينةِ أيّامَ مُعاوِيَةَ مرارًا، وبُويِعَ له بالخِلافَةِ بعد موتِ معاويةَ بنِ يزيدَ بنِ معاويةَ بالجابِيَةِ، وكان الضَّحّاكُ بنُ قيسٍ قد غلبَ على دِمَشقَ ودعا لابنِ الزُّبَيرِ، ثم دعا لنفسِه فواقَعَه مروانُ بِمَرجِ راهِط، فقُتِلَ الضَّحَّاكُ وغلبَ مروانُ على دمشقَ ودُعِيَ له بالخلافةِ، ثم على مصرَ واستنابَ عليها وَلَدَهُ عبد العزيزِ والدَ عُمَرَ بنِ عبد العزيزِ، وأخرج عنها عاملَ ابنَ الزُّبَيرِ. وخرَّجَ له البُخارِيُّ، وعاب الإسماعيليُّ ذلك عليه وعدَّ من موبقاتِه أنه رمى طلحةَ أحدَ العَشَرَةِ بِسَهمٍ وهما جميعًا مع عائشةَ فقُتِلَ، ثم وثب على الخلافةِ بالسَّيفِ، واعتذر شيخُنا عن البخاريِّ في "مقدِّمَةِ شرحه لصحيحه"

(3)

،

(1)

"الطبقات" 1/ 288.

(2)

"تحفة التحصيل" ص: 298.

(3)

"فتح الباري" 1/ 443.

ص: 256

وقد قال عُروَةُ: إنه لم يكن يُتَّهَمُ في الحديثِ، قال غيرُه: وكان فقيهًا، ومات مروانُ بدمشقَ سنةَ خمسٍ وستِّين، وسيرتُه طويلةٌ، ولما بُويِعَ بالإمارَةِ قال فيه أخوه عبد الرحمنِ - وكان ماجنًا شاعرًا محسنًا لا يرى رأيَه:

فَوَالله لا أدري وإنِّي لَسائِلٌ

حليلةَ مضروبِ القَفَا كيفَ تصنَعُ؟

لحى اللهُ قومًا أمَّرُوا خَيطَ باطِلٍ

على الناسِ يُعطِي مَن يشاءُ ويَمنَعُ

(1)

وقيلَ: إنَّما قالَهما حين ولَّاهُ مُعاوَيةُ المدينةَ، وأشار فيها إلى ما نَقَلَهُ ابنُ عبد البَرِّ فقال: ونظرَ عليٌّ إليه يومًا فقال له: ويلُكَ وويلُ أُمَّةِ محمَّدٍ منك ومن بَنِيك إذا شابت ذِراعُكَ. قال: وكان يقالُ له: خَيطُ باطلٍ، يعني لكونه مُفرِطَ الطُّولِ معَ الدِّقَّةِ، وخيطُ باطلٍ هو الذي يتراءَى في النُّفورِ عند شِدَّةِ الحَرِّ، قال: وضُرِبَ يومَ الدَّارِ على قفاهُ فَخَرَّ لِفِيهِ [وقال: كان السَّبَبَ فيها لكونِه كان الكاتِبَ لعُثمانَ ابنِ عفّانَ، ونُسِبَ إليه فيها الأمرُ بقتلِ عبد الرحمنِ بنِ أبي بكرٍ رضي الله عنه]

(2)

.

[4117] مروانُ بنُ أبي سعيدِ بنِ المُعَلَّى، أبو عبد المَلِكِ

يروي عن: أبيه، وعنه: أهلُ المدينةِ، مات سنة ثلاثٍ وثلاثين ومئةٍ، قاله ابنُ حبّانَ في ثانية "ثقاته"

(3)

، مع ذكره الذي يليه في ثالِثَتِها.

(1)

"تاريخ المدينة" لابن شبة 4/ 1282.

(2)

ما بين المعقوفتين بخط جار الله ابن فهد المكي.

(3)

"الثقات" 5/ 424.

ص: 257

[4118] مروانُ بنُ عثمانَ بنِ أبي سعيدِ بنِ المُعَلَّى الأنصارِيُّ الزرقيُّ

(1)

من أهلِ المدينةِ، يروي عن: عُبَيدِ بنِ حُنينٍ، ويعلى بنِ شدَّادِ بنِ أوسٍ، وأبي أُمامَةَ بنِ سهلِ بن حَنيفٍ، وعنه: سعيدُ بنُ أبي هلالٍ ويحيى بنُ سعيدٍ الأنصاريُّ، ومحمَّدُ بنُ عمرِو بنِ علقمةَ.

قال أبو حاتمٍ

(2)

: ضعيفٌ، وقال أبو بكرِ بنُ الحدَّادِ: سمعتُ النَّسائِيَّ يقولُ: ومَن مروانُ بن عثمانَ حتى يُصَدَّقَ على الله عز وجل، لكن ذكرَهُ ابنُ حبانَ في ثالثةِ "ثقاته"

(3)

، وخرَّجَ له النَّسائِيُّ

(4)

، بل البُخارِيُّ في "الأدب المُفرَدِ"

(5)

.

وقولُ المِزِّيِّ

(6)

: إنه يروي عن أُمِّ الطُّفَيلِ امرأةِ أُبَيِّ بنِ كعبٍ؛ قال شيخُنا

(7)

: فيه نَظَرٌ، لأنّ روايتَه إنما هي عن عمارةَ بنِ عمرِو بنِ حزمٍ عنها في الرِّوايَةِ، وهو متنٌ مُنكَرٌ جِدًّا.

(1)

"التاريخ الكبير" 9/ 33.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 272.

(3)

"الثقات" 7/ 482.

(4)

كتاب المساجد، باب صلاة الذي يمر على المسجد (740).

(5)

كتاب الاستئذان، باب إذا سَلَّم الرجلُ على الرجلِ في بيته برقم (1073).

(6)

"تهذيب الكمال" 27/ 397.

(7)

"تهذيب التهذيب" 8/ 114.

ص: 258

[4119] مزاحمٌ مولى عُمرَ بنِ عبد العزيزِ

(1)

روى ابنُ زبالةَ

(2)

وغيرُه من جهةِ عبد الله بنِ محمَّدِ بنِ عقيلٍ أنّ عُمرَ ابنِ عبد العزيزِ قال له، لما دخل إلى القُبورِ: يا مُزاحِمُ، كيف ترى قبرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: مُتطأطِئًا، قال فكيفَ ترى قبرَ الشَّيخَينِ؟ قال: مُرتَفِعَينِ، قالَ: أشهَدُ أنَّ رسولَ الله، وفي روايةٍ أنَّ عُمَر قال: لأن أكونَ وَلِيتُ ما وَلِيَ مُزاحِمُ من قَمِّ القُبورِ أحَبُّ إليَّ من أن يكونَ لي كذا وكذا، وذكر مرغوبًا من الدُّنيا.

[4120] مسافرٌ

ذكره ابنُ صالحٍ فيمن رآه من القواسمِ ولم يَزِد.

[4121] مُسَدَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عبد العزيزِ بنِ عبد السَّلامِ بنِ محمَّدٍ مجدُ الدِّينِ أو مُوفَّقُ الدِّينِ أو وليُّ الدِّين وهو الذي استقر أبو السَّناءِ أو أبو المحاسِنِ وأولُّهما المُستَقِرّ، ابنُ الشَّمسِ ابنِ العِزِّ الكازرونيُّ المدنيُّ الشافعيُّ

(3)

والد محمَّدٍ (3944) وعبد العزيزِ (2456) وأحمدَ (296) الماضِينَ، وُلِدَ في سنةِ إحدى وثلاثين وثماني مئةٍ، فقد رأيتُ له حضورًا في الثالثةِ في

(1)

"تهذيب الكمال" 27/ 420، و"تاريخ دمشق" 57/ 374، و"الثقات" 7/ 511.

(2)

"وفاء الوفاء" 2/ 303، وروي مثله في "الطبقات الكبرى" 2/ 307.

(3)

"الضوء اللامع" 10/ 155.

ص: 259

شوَّالٍ سنة أربعٍ وثلاثين، وحَفِظَ "الأربعين" و"العمدَةَ" و"المنهاجَ" و"التنبيهَ" و"الألفيَّةَ" وقطعةً من "الحاوي"، وعرض في سنةِ ثلاثٍ وأربعين فما بعدَها على الجمالِ الكازرونيِّ والمحبِّ المطرِيِّ وأبي الفتحِ وأبي الفَرَجِ المراغِيَّينِ وأجازوا له، وعلى أبي الفَرَجِ ابنِ الجمالِ المذكورِ، وعبد الله بنِ محمَّدِ بنِ فرحونٍ المالكيِّ وإبراهيمَ بنِ جلالٍ الخُجَندِيِّ الحنفيِّ، والسيِّدِ عليٍّ شيخ الباسِطِيَّةِ المدنِيَّةِ ولم يجيزوا، وسمعَ على الجمالِ الكازرونيِّ "الموطَّأَ" و"الصَّحِيحَينِ" و"سُنَنَ أبي داودَ" و"ابنِ ماجه" وبعضَ "الترمذيِّ" وجميعَ "الشِّفاءِ" و"الترغيبَ" للمنذِرِيِّ وغيرَ ذلك، وعلى أبي الفتحِ المراغيِّ "الصَّحيحَينِ" و"الشفاءَ" وغيرَها بعد سماعِهِ منه للمُسَلسَلِ بالأوَّليَّةِ بشرطِه، وكذا سَمِعَهُ بِشَرطِهِ على زينبَ ابنةِ اليافعيِّ بقراءَةِ الفتحيِّ بالمدينةِ سنةَ خمسٍ وأربعين، وأجاز له شيخُنا والمحبُّ ابنُ نصرِ الله الحنبليُّ وأبو ذَرٍّ الزركشيُّ والشمسُ محمَّدُ بنُ محمودٍ البالِسيُّ في استدعاءٍ مُؤرَّخٍ برمضانَ سنةَ اثنتينِ وأربعينَ، واشتغلَ على أبيهِ وغيرِه، وقرأ في العربيَّةِ على السَّيِّدِ شيخِ الباسِطِيَّةِ وصاهرَ أبا الفَرَجِ الكازرونيِّ على ابنَتِهِ واستولَدَها المُشارَ إليهم، وكان فاضلًا وجيهًا يتكلَّمُ في دَشيشَةِ الظّاهِرِ جُقمُقَ

(1)

، بل هو أحدُ شُهودِ الحَرَمِ، ومات قبلَ أن يُكمِلَ الخمسين في عِشري ذي الحِجَّةِ سنةَ اثنتين وسبعين وثماني مئةٍ بالمدينةِ رحمه الله.

(1)

الجشيش: حنطة تطحن طحنًا جليلًا فتجعل في قدرٍ ويلقى فيها لحمٌ أو تمرٌ فيطبخ، ويقال لها: دشيشة "تاج العروس" جشش، وهو طعامٌ كان يوزع على فقراء المدينة.

ص: 260

[ .... ]

‌ مُسرِفُ بنُ عُقبةَ

في مُسلِمِ بنِ عُقبَةَ (4139).

[4122] مسرورُ بنُ عبد الله الشِّبليُّ، الملقَّبُ زينَ الدِّينِ

(1)

قال المَجدُ

(2)

: زَينُ الخُدَّام وجمالُهم، ورئيسُهم الذي انضبطَت بصرامَتِه حالُهم. نابَ عن الشَّيخ افتخار الدِّين

(3)

في الوظيفةِ، فسلكَ في نيابَتِه طريقةً ظريفةً، وأبرَزَ على مِنَصَّتِهِ كُلَّ سِيرةٍ حميدةٍ وسَجيَّةٍ شريفةٍ، وظهر في الأقرانِ بِغَريزةٍ عزيزةٍ، ونفسٍ عفيفةٍ. فلما أجمعت المساحِلُ على نشرِ محامدِ صفاتِه، وسمعت المسامعُ ما اشتَهَر من مآثرِهِ ونَصفَاتِه، برزَ تقليدٌ سلطانيٌّ باستمرارِه في نِيابةِ الافتخارِ ياقوتٍ واستقلالِه بعد وفاتِه.

فلمَّا ورد الأجلُ الموقوتُ، وضعضعَ أركانَ ياقوتَ، باشرَ المشيخةَ بحكمِ التَّقليدِ المذكور، وهو في ذلك على سَنَنٍ حميدٍ ووضعٍ مشكورٍ.

فلم يمضِ على ذلك من الأيَّامِ إلَّا اليسيرُ، وقد ورد تقليدٌ شريفٌ باستقرارِ الوظيفةِ للزَّينِ مُقبِلٍ الكبيرِ، وهو أخوه في الله وخليلُه، وكلٌّ منهما هادٍ للآخَرِ إلى مناهجِ الخير ودليلُه.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 156.

(2)

"المغانم" 3/ 1296.

(3)

هو ياقوت بن عبد الله، سيأتي برقم:4510.

ص: 261

فاستقلَّ الشِّبليُّ في نيابةِ مُقبلٍ المذكور، وكلٌّ منهما مُقبلٌ على صاحبه وبه جَذلانُ مسرورٌ، وهذا الشبليُّ خادمٌ وسيمٌ، بوجهٍ قسيمٍ، ومحيًّا قد هبَّ عليه من جنَّة النَّعيمِ نسيمٌ، ووسَمَتهُ يَدُ التَّقدير بِمِيسَمِ الجمالِ أحسنَ توسيمٍ. حاذقٌ باغتلابِ نحائسِ المناحسِ بِمَغلُوبِهِ، مُطيقٌ لاستلاتِ نفائسِ أنفاسِ المُنافسِ بأسلوبِهِ، مَخايِلُه مزَايِنٌ، شمائِلُه محاسِنٌ، مناتِجُه في الحُسنَى واضِحَةٌ، نوافِجُه بالخُلُقِ الأسنَى فائِحَةٌ، مَبَاهِجُه إلى العَيشِ الأهنى لائِحَةٌ، وألسُنُ الشُّكرِ بنَغَمِ نغماتِ نَعمائِهِ صَادِحَةٌ، وافتِرارُ الثَّنايا بالثَّناءِ على أثناءِ رُوائِهِ واضِحَةٌ، ومع هذا لم يؤرِّخ وفاتَهُ، وقد ذكرَهُ شيخُنا في "إنبائِه"

(1)

فقالَ: مسرورٌ الحَبَشِيُّ المعروفُ بالشِّبلِيِّ، شيخُ الخُدَّامِ بالمدينةِ النبويَّةِ، مات معزولًا سنةَ سِتٍّ وثمانِ مئةٍ لِعَجزِهِ.

[4123] مِسطَحُ بنُ أُثاثَةَ -بِضَمِّ الهمزَةِ ومُثَلَّثَينِ- بنِ عبد المُطَّلبِ ابنِ عبد منافِ ابنِ قُصَيِّ بنِ كلابٍ، أبو عُبادةَ وقيلَ: أبو عبَّادٍ، القُرَشِيُّ المُطَّلِبِيُّ

(2)

المذكورُ في حديثِ الإِفكِ، وأُمُّهُ ابنةُ أبي رُهمِ بنِ المُطَّلِبِ ممَّن شَهِدَ بدرًا والمشاهِدَ بعدها، ويقال: إن مِسطحًا لَقَبُهُ واسمه عوفٌ وذلك ليس بمشهورٍ، انفرَدَ به ابنُ إسحاقَ فيما قاله ابنُ حبانَ

(3)

.

(1)

"إنباء الغمر" 5/ 194.

(2)

"الطبقات الكبرى" 3/ 53، "سير أعلام النبلاء" 1/ 187.

(3)

"الثقات" 3/ 383.

ص: 262

وكان قصيرًا شَثنَ الأصابِعِ غائِرَ العينَينِ، فقيرًا يُنفِقُ عليه أبو بكرٍ لقرابَتِه، عاش سِتًّا وخمسين سنةً، ومات سنةَ أربعٍ وثلاثين رحمه الله في خلافةِ عثمانَ، بل قيلَ: إنه شَهِدَ صِفِّينَ وهو الأكثرُ فيما قاله ابنُ عبد البَرِّ

(1)

، فيكونُ وفاته سنة سبعٍ وثلاثينَ، وأطعمَه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خمسينَ وَسَقًا بِخَيبرَ.

وهو ممَّن تكلَّمَ في الإفكِ كما في قِصَّتِه، ونزولُ قوله تعالى:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} الآية [النور: 22]، حين قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ وكان يُنفِقُ عليه لِقَرابَتِه منه وفقرِه بعد قولِه الذي قاله ثم بعد نُزُولها رجع إلى نَفَقَتِه عليه وقال: واللّه إنِّي لَأُحِبُّ أن يغفِرَ الله لي، وهو في أوَّلِ "الإصابةِ"

(2)

وابنِ حِبّانَ

(3)

.

[4124] مَسعَدَةُ الفزارِيُّ

مَدَنِيٌّ مذكورٌ في "الكاملِ"

(4)

ولا يَكادُ يُعرَفُ، يروي عن ابنِ أبي ذئبٍ خَبَرَينِ مُنكَرَينِ، وعنه ابنُه الجَهمُ شيخٌ لابنِ صاعدٍ، قاله الذَّهَبِيُّ في "ميزانه"

(5)

.

(1)

"الاستيعاب" 4/ 35.

(2)

"الإصابة" 3/ 408.

(3)

"الثقات" 3/ 383.

(4)

"الكامل" 6/ 391.

(5)

"ميزان الاعتدال" 4/ 99.

ص: 263

[4125] مسعودُ بنُ أحمدَ بنِ عليِّ بنِ عبد الرحمنِ الرَّكراكِيُّ ثم المصمُودِيُّ المغربيُّ المالكيُّ

(1)

نزيلُ المدينةِ وأوحَدُ القاطنين بها، وُلِدَ تقريبًا في سنةِ ثلاثٍ وخمسين بتاغزوتَ من سواحلِ مدينةِ آسفي

(2)

بني ماجرَ، واشتغلَ بتلك النَّواحي في الفقهِ والعربيَّةِ والصَّرفِ، ففي الفقهِ على جماعةٍ أجلُّهم عليُّ بنُ حسنٍ الحُويرِيُّ، وفي الآخرَينِ على يحيى الراشديِّ القادمِ للمدينةِ النبويةِ فأقامَ بها نحو سنتَينِ وهو الآن حَيٌّ، وفيها كُلَّها على محمَّدٍ الجزوليِّ، قال: وكان صالحًا مُنَوَّرًا وارتحلَ لِتُونُسَ فأخذَ بها عن يُوسُفَ الأندَلُسِيِّ وأحمدَ حُلُولو ومحمَّدٍ اليَثكَنُوسِيِّ في آخرين كُلُّ هذا بعد موتِ والدِه وحياةِ أُمِّهِ، وكان أبوه وجُملَةٌ من أسلافِهِ ممَّن لهم عِنايَةٌ بالعِلمِ وتَرَكَ كُتُبًا كثيرةً لم يصحَبها معه كما أنَّهُ لم يصحَب كُتُبًا وَرِثَها من قريبٍ له بِمُرَّاكِشَ كما أنه تركَ كُتُبًا بأطرابُلسَ المغرِبِ، واستمَرَّ يتنَقَّلُ إلى أن وصَلَ لِمصرَ عابِرَ سبيلٍ، ومنها سافرَ مع الرَّكبِ الموسِمِيِّ للحَجِّ، ثم قَطَنَ المدينَةَ، لَقِيَنِي بها أوَّلًا فقَرَأَ عليَّ "مُوطَّأَ" إمامِه قِرَاءَةَ تدبُّرٍ واستيضاحٍ، وكذا "الشَّمائِلَ" للتِّرمِذِيِّ، ومن تصانيفيَ "القولَ البديعَ" وغيرَه وألفِيَّةَ العراقِيِّ بحثًا وغيرَها، وهو فاضِلٌ مُفَنَّنٌ مُتَمَيِّزٌ في العَرَبِيَّةِ والفِقهِ مُستَحضِرًا لمِذهَبِهِ مع التوجُّهِ والانجماعِ وكَثرَةِ الصَّمتِ والتَّقلُّلِ والطَّيِّ غالبَ الدَّهرِ.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 156. وهو فيه: مسعود بن علي بن أحمد، "إرشاد الغاوي" 1021.

(2)

إحدى مدن المغرب الساحلية على المحيط الأطلسي "معجم البلدان" 1/ 215.

ص: 264

والثَّناءُ عليه بين المَدَنِيِّينَ مُستَفِيضٌ، وربما أقرأَ الفِقهَ والعَرَبِيَّةَ، وكان قُدومُهُ المدينةَ في موسمِ سنةِ اثنَتَينِ وثمانين، وقرأ "العُمدة" وغيرَها على الشَيخِ محمَّدٍ المراغِيِّ، ولازَمَ السَّيِّدَ السَّمهُودِيَّ في فُنونٍ واختُصَّ كُلٌّ منهُما بالآخَرِ، وأقبلَ عليه السَّيِّدُ بِنَفسِهِ وبِمُساعَدَتهِ، وتزوَّجَ بعد مُفارَقَتِنا له في بيتِ ابنِ صالحٍ بِرَغبَةٍ من أبيها فيه، بحيثُ إنه احتاجَ إلى المجيءِ إلى القاهِرَةِ مع الرَّكبِ في سنةِ اثنَتَينِ وتسعينَ، وقرأ عليَّ حينئذٍ من "مُسنَدِ الشَّافِعِيِّ" وغيِرهِ بحثًا وروايةً، وسَمِعَ عليَّ بِحَضَرةِ أميرِ المؤمنين المُتوَكِّلِ على الله مُؤَلَّفِيَ في "مناقب العبَّاسِ"، وسافرَ الصَّعيدَ فحصَّلَ منِ ابنِ عُمَرَ وغيرِه بِمُطالَعَةِ السَّيِّدِ ما تجمَّلَ به في الجُملَةِ.

ورجَعَ فلَقِيَنِي بالحَرَمَينِ أيضًا وأعطيتُهُ نُسخَةً من "المناقِبِ"، والتمستُ منه قراءَتها بِقُبَّةِ العَبَّاسِ فورد عليَّ كتابُهُ أنه فَعَلَ، وظهرت ثمرةُ ذلك بِنُزُولِ الغيثِ الكثيرِ وحُصولِ البَرَكَةِ، وجاء في كتابُه بعد ذلك في أوائلِ سَنَةِ ستٍّ وتسعينَ وكُلُّها مُؤذِنَةٌ بمزيدِ الحُبِّ وحُسنِ الاعتقادِ والأوصافِ الجميلةِ مما هو أهلٌ له، ولما كنتُ بالمدينةِ في سنةِ ثمانٍ وتسعين لازَمَنِي وسَمِعَ عليَّ أشياءَ من تصانيفِي وغيرَهُ، ورأيتُهُ كثيرَ المُلازَمَةِ في دَرسِ قاضي المالكيَّةِ خيرِ الدينِ كما كان مع أبيه القاضي شمسِ الدِّينِ والمجالسُ مجمَّلَةٌ بهِ، والمؤانسُ له مُطمَئِنٌّ بِسَبِبِهِ، وقد تعدَّدت أولادُه، وتزايَدَت بالعيالِ أنكادُه، لكنَّه في الجُملَةِ حامدٌ شاكرٌ قانعٌ، للخيرِ جامعٌ، غيرُ ذاكرٍ حالَه إلَّا لمن وَثِقَ منه بالمحبَّةِ، بل هو صابِرٌ في حالَتَيِ السَّرَّاءِ والكُربَةِ.

ص: 265

وقد وصفتُه في المجاوَرَةِ الأولى فِى إجازَته بالشَّيخِ العلَّامَةِ الفهَّامَةِ، المُدَرِّسِ المُرَبِّي المُرشِدِ قُدوةِ الطَّالِبينَ، وقُرَّةِ أعيُنِ العابِدِين، مَن أوقاتُه عامِرَةٌ بالقُرُباتِ، وجِهاتُهُ مُعَطَّرَةٌ بالطَّيِّباتِ، ما بين اشتِغالٍ وأَشغالٍ، وأورادٍ وأمدادٍ، وذِكرٍ وفِكرٍ، وغير ذلك مما هو بَيِّن للمُراقِبِ النَّاسِكِ، وإن كان هو مُخفِيهِ، وكاتِمُهُ غيرُ مُبدِيهِ، زادَهُ اللهُ فَضلًا وإفضالًا، وقَبولًا وإِقبالًا، ونَفَعَهُ ونفعَ به، ورَفَعَهُ في الدَّارَينِ لأعلى رُتبَةٍ.

وقُلتُ عن قراءَتِه: إنَّها قراءَةٌ بَيِّنَةٌ، حَسَنَةٌ مُتقَنَةٌ، فصيحَةٌ صحيحةٌ، يلتَذُّ بها السَّامِعُ، وَيوَدُّ لو كانت أعضاؤُهُ كُلُّها مَسامِعَ، محقِّقًا لما لعلَّهُ يخفَى عليه، مُتوقِّفًا فيما لم يتحرَّر إيضاحُهُ لدَيهِ، مُبدِيًا من فوائِدِه المُنَقَّحَةِ كُلَّ معنى جميلٍ، آتيًا من زوائِدِه المُتَّضِحَةِ فوق التَّاميلِ، خصوصًا "الألفيَّةَ" فقد قرأها قراءَةَ تَدَبُّرٍ، وتَفَهُّمٍ وتَصَوُّرٍ، وتَعَلُّمٍ واستيضاحٍ، واستفتاحٍ وإتقانٍ وإيقانٍ، بحيثُ دخلَ في زواياها، ووصلَ لخفاياها، وراقَ له ما فيها من المعاني، وذاقَ تركيبها البديعَ الألفاظِ والمباني، ووقفَ حتى تعرَّفَ، وما غشَّ نفسه فيما لم يكن قبلُ فيه تصرَّفَ، حتى انشرحَ الخاطِرُ بالإِذنِ له في إفادَتِها، واتَّضَحَ للخاطِرِ إجادَتُهُ لإعادَتِها، ولذا أَذِنتُ له في ذلك، وأن يُرشِدَ إلى فهمها القاطِنَ والسَّالِكَ.

بل لم أقتَصِر على هذا المقدارِ، ولا رأيتُهُ بِمُفتَقِرٍ للتَّضييقِ عليه بالتَّقييدِ في هذا المِضمارٍ، علمًا مِنِّي بِدِيانَتَهِ وتحرِّيهِ ومزيدِ أمانَتِه فيما يُبدِيه، واللهُ المسؤولُ أن يُبَلِّغَنا من كُلِّ خَيرٍ غايةَ المأمولِ، وأن يَنفَعَهُ وإيّاي بِزِيارَةِ الرَّسُولِ، ويُرقِّيَنا في المعقولِ والمنقولِ.

ص: 266

[4126] مسعودُ بنُ أحمدَ، نورُ الدِّينِ اللَّخمِيُّ الطِّرازِيُّ الأطلَعِيُّ

واعِظُ الحَرَمَينِ، مات في أوائلِ سنةِ خمسٍ وستِّينَ وسِتِّ مئةٍ، قاله أبو العباسِ الميروقيُّ في "تعاليقِه".

[4127] مسعودُ بنُ الحكمِ بنِ الرَّبيعِ بنِ عامرٍ، أبو هارون الأنصاريُّ الزُّرَقِيُّ المدنيُّ

(1)

ذكره مسلمٌ في ثانيةِ تابعي أهلها

(2)

، وقد وُلِدَ في حياةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وروى عن: عمرَ وعليٍّ وعبد الله بنِ حُذافَةَ السَّهمِيِّ، وعنه بنوه عيسى وإسماعيلُ وقيسُ ويوسُفُ ومحمَّدُ بنُ المُنكَدِرِ والزُّهرِيُّ وأبو الزِّنادِ، قال الواقديُّ

(3)

: كان سَرِيًّا مَرِيًّا ثقةً، وقال ابنُ عبد البَرِّ

(4)

: وُلِدَ في عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان له قَدرٌ ويُعَدُّ في جُلِّ التابعين وكبارِهم، وكذا قال الواقديُّ وابنُ أبي خيثمةَ والعسكريُّ: أنه وُلِدَ في العهدِ النَّبَويِّ، زاد العسكريُّ: ولم يروِ عنه شيئًا، وهو ممَّن خرَّجَ له مسلمٌ

(5)

، مات فيما قاله سنة تسعين، وهو في "التهذيبِ"

(6)

.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 424. "الثقات" 5/ 440.

(2)

"الطبقات" 1/ 231.

(3)

"الطبقات الكبرى" 5/ 73.

(4)

"الاستيعاب" 3/ 440.

(5)

كتاب الجنائز، باب نسخ القيام للجنازة برقم (2272).

(6)

"تهذيب الكمال" 27/ 471، و"تهذيب التهذيب" 8/ 140.

ص: 267

[4128] مسعودٌ الشَّكيليُّ النَّجَّارُ

أصلُه من مكَّةَ، وقَدِمَ المدينةَ فتأثَّلَ مالًا من نخلٍ ودورٍ وكان زرَّاعًا مُبخَتًا في التجارةِ، وأسَنَّ حتى اختَلَطَ، قاله ابنُ فرحونٍ

(1)

، وله ذُرِّيَّةٌ نُجباءُ.

[4129] مسعودٌ المُعَلِّمُ

زوجُ ابنةِ ابنِ صالحٍ، قال عَمُّها: كان يُعَلِّمُ الأبناءَ وهو على قَدَمِ خيرٍ من العبادَةِ والدِّيانَةِ والشَّفَقَةِ على الفُقَراءِ.

[4130] مَسلَمَةُ بنُ عبد الله بنِ عروةَ بنِ الزُّبَيرِ بنِ العَوَّامِ

(2)

الماضي أبوه (2001)، من شيوخِ الواقديِّ، قال ابنُ أبي حاتمٍ

(3)

: خَطَّ عليه أبي، وقال النباتيُّ: هو في عدادِ من لا يُعرَفُ، ذكره في "الميزانِ"

(4)

.

[4131] مسلمةُ بنُ قَعنَبَ الحارثِيُّ المدنيُّ ثم المصرِيُّ القعنَبِيُّ

(5)

من أهلِ المدينةِ، يروي عن: أيّوبَ السختيانيِّ وهشام بنِ عروةَ،

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 186.

(2)

"الثقات" 7/ 489.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 270.

(4)

لم أجده في "الميزان"، وهو في "اللسان" 8/ 60.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 269.

ص: 268

ويونسَ بنِ عبيدٍ، وعنه: ابناه إسماعيل وعبد الله ويوسفُ بنُ خالدٍ السَّمتِيُّ، صدوقٌ، قال ابنُ حبان في "ثقاته"

(1)

: مستقيمُ الحديثِ جدًّا، وقال أبو داود: كان له شأنٌ وقدرٌ، كانوا يزعمون أنه لا يركبُ إلَّا حمارةً.

[4132] مسلمةُ بنُ مُخلَّدٍ، الأنصاريُّ الزُّرَقِيُّ المدنيُّ

(2)

سكن مصرَ وكان واليًا عليها أيامَ مُعاوِيَةَ، وروى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعنه: أسلَمُ أبو عمرانَ وسنانُ بن أميَّةَ وعبد الرحمن بنُ شماسةَ وعليُّ بنُ رباحٍ ومجَوَحُ بنُ كعبٍ ومجاهدُ بنُ جبرٍ وهشامُ بنُ أبي رُقيَّةَ، قال عليُّ بنُ رباحٍ عنه: وُلِدتُ حين قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ومات وأنا ابنُ عشرٍ، وقال ابنُ يُونُسَ: تُوفِّي في ذي القعدةِ سنة اثنتين وستِّين وله ستُّون انتهى، بل اثنان وستُّون بالنَّظَرِ لقوله إنه وُلِدَ في السَّنَةِ الأولى، ولكن قد ذكر محمَّدُ بنُ الرَّبيعِ الجِيزِيُّ عنه أنه صلى الله عليه وسلم مات وله أربعَ عشرَةَ سنةً، وكذا ذكرَ ابنُ سعدٍ

(3)

فحينئذٍ يكونُ ابنَ أربعٍ، وحكى ابنُ أبي حاتمٍ

(4)

في المراسيلِ عن أحمدَ قوله: ليست له صحبةٌ، وكذا قال أبو حاتمٍ، وقال العسكريُّ: له رؤيةٌ لا صحبةٌ، وقال البخاريُّ

(5)

: له صحبةٌ.

(1)

"الثقات" 7/ 490.

(2)

"الإصابة" 3/ 418، "تهذيب الكمال" 27/ 574.

(3)

"الطبقات الكبرى" 7/ 504.

(4)

"المراسيل" ص 197.

(5)

"التاريخ الكبير" 7/ 387.

ص: 269

قال ابنُ عبد البَرِّ

(1)

: كانت مُدَّةُ ولايتِه على مصرَ وإفريقيَّةَ سِتَّ عشرَةَ سنةً، قال ابنُ حبانَ

(2)

: ومات بها، لكن قال الواقديُّ: إنه رجع إلى المدينةِ أيامَ مُعاوِيةَ فماتَ بها

(3)

.

[4133] مُسلِمُ بنُ جُندَبٍ، أبو عبد الله الهُذَليُّ الشاعِرُ

(4)

قاضي

(5)

أهلِ المدينة وقارِئُهم، رزقه عمرُ بنُ عبد العزيزِ على ذلك دينارين في الشهرِ، وكان قبلُ يقضي

(6)

بلا رزقٍ، ذكره مسلمٌ في ثالثةِ تابعي المدنِيِّين

(7)

، وقد قرأ القُرآنَ على عبد الله بنِ عيّاشِ بنِ أبي ربيعةَ وابنِ عمرَ، واقتصر أبو عمرٍ والدانيُّ على أوَّلِهما، ويروي عن: الزبيرِ بنِ العوَّامِ وحكيمِ بنِ حزامٍ وأبي هريرةَ وابنِ عمرَ، قرأ عليه القرآنَ نافعٌ وهو أحد شيوخِه الخمسةِ، وحدَّثُ عنه: ابنُه عبد الله ويحيى بنُ سعيدٍ الأنصاريُّ ويحيى بنُ أبي كثيرٍ وزيدُ بنُ أسلمَ ومحمَّدُ بنُ عمرِو بن حلحلةَ وابنُ أبي ذئبٍ وآخرون، وكان كما قال أبو بكر بنُ مجاهدٍ: من فُصحاءِ النّاس.

(1)

"الاستيعاب" 3/ 454.

(2)

"الثقات" 3/ 391.

(3)

"الطبقات الكبرى" 7/ 504.

(4)

"غاية النهاية" 2/ 293، "التاريخ الكبير" 7/ 258،"الجرح والتعديل" 8/ 128.

(5)

في الأصل: "قاصُّ"، وهو ما في "التاريخ الكبير" للبخاري، وفي غيره من المراجع: القاضي.

(6)

في الأصل: "يقصُّ"، والتصويب من "الطبقات الكبرى" القسم المتمم 1/ 141.

(7)

"الطبقات" 1/ 257.

ص: 270

قال عمر بنُ عبد العزيزِ: مَن أحبَّ أن يسمعَ القرآنَ فليسمَع قراءَتَه وقد كان مُعَلِّمَهُ، وقال أحمدُ بنُ يزيدَ الحلوانيُّ عن قالونَ: كان أهلُ المدينةِ لا يهمِزُون حتى هَمَزَ فهَمَزوا قوله {مُسْتَهْزِئُونَ} و {يَسْتَهْزِئُ}

(1)

وقال العِجليُّ

(2)

: مدنيٌّ تابعيٌّ ثِقَةٌ، قال ابنُ حبان في "ثقاتِه"

(3)

: مات سنة ستٍّ ومئةٍ، وقال ابنُ سعدٍ

(4)

فِى الطبقةِ الثانيةِ من أهلِ المدينةِ: مات في خلافةِ هشامٍ، وكان يقضي بغير رزقٍ وكان كبيرًا، قلتُ: وله قِصَّةٌ في الحسينِ بنِ عليِّ بنِ الحسنِ (919).

[4134] مُسلِمُ بنُ أبي حُرَّةَ المدينيُّ

(5)

عن: أبي الزُّبَيرِ ونافعِ بنِ جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ، وعنه: ابنُ عجلانَ وعمارةُ ابنُ غزيَّةَ ويحيى بنُ أيوبَ، ذكره ابنُ حبانَ في "الثِّقاتِ"

(6)

، وابنُ سعدٍ في الطَّبَقةِ الثالثةِ

(7)

وقال: كان قليلَ الحديثِ، وهو في "التهذيبِ"

(8)

.

(1)

يقصد قوله تعالى: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 14 - 15].

(2)

"الثقات" 2/ 276.

(3)

"الثقات" 5/ 393.

(4)

"الطبقات الكبرى" القسم المتمم للتابعين 1/ 141.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 183، "التاريخ الكبير" 7/ 260.

(6)

"الثقات" 5/ 393.

(7)

"الطبقات الكبرى" القسم المتمم للتابعين 1/ 154.

(8)

"تهذيب الكمال" 27/ 508، و"تهذيب التهذيب" 8/ 151.

ص: 271

[4135] مُسلِمُ بنُ سالمِ بنِ مُسلمِ بنِ أبي مريمَ

الآتي جدُّه قريبا (4141)، قال: عرَّسَ عليٌّ بفاطمةَ ابنةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالأسطوانِ التي خلفَ الأسطوانِ المواجِهَةِ للزَّوراءِ

(1)

، فذكر أثرًا

(2)

.

[4136] مُسلِمُ بنُ سمعانَ الزُّرَقِيُّ مولى الأنصارِ المدنيُّ

(3)

قال ابنُ حبان في ثانية "ثقاته"

(4)

: أخو سعيدٍ مولى بني زُرَيقٍ، يروي عن أهلِ المدينةِ، عدادُه في أهلها، روى عنه ابنُ عجلانَ.

وقال ابنُ أبي حاتمٍ

(5)

: يروي عن: أبي هريرةَ، وعطاءِ بنِ يسارٍ، والقاسمِ بنِ محمَّدٍ. وعنه مع ابنِ عجلانَ: هشامُ بنُ سعدٍ، وأسامةُ بنُ زيدِ ابنِ أسلمَ، انتهى، وقد مضى أخوه سعيدٌ (1409).

(1)

هذا وصف لبيت فاطمة والذي يقع في الجهة الشمالية الشرقية من الروضة الشريفة. انظر: "وفاء الوفاء" 2/ 208.

(2)

"خلاصة الوفاء" للسمهودي 2/ 75 - 76.

(3)

"التاريخ الكبير" 7/ 262.

(4)

"الثقات" 5/ 395.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 184.

ص: 272

[4137] مسلمٌ، وقيلَ: محمَّدُ بنُ أبي سهلٍ النَّبالُ

(1)

يروي عن حسنِ بنِ أسامةَ بنِ زيدٍ عن أبيه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أُحِبُّهما فأَحِبَّهما"

(2)

، وعنه: عبد الله بنُ أبي بكرِ بنِ زيدِ بنِ المهاجرِ، قال عليُّ ابنُ المدينيِّ: مجهولٌ، وذكره ابنُ حِبّانَ في "الثقاتِ"

(3)

وقال: إنه أخو موسى بنُ أبي سهلٍ، عدادُهُ في أهل المدينةِ.

[4138] مُسَلَّمُ بنُ عُبيدِ الله بنِ طاهرِ بنِ يحيى بنِ الحَسَنِ أبو جعفرٍ العَلَوِيُّ الحسينيُّ المدنيُّ

(4)

سمع من جَدِّهِ، ومحمَّدِ بن إبراهيمَ الدِّيليِّ، وأبي بشرٍ الدولابيِّ، والخضرِ بن داودَ، سمع منه كتابَ "النَّسَبِ" للزُّبَيرِ، روى عنه الدارقطنيُّ

(5)

وقال: هو حافِظٌ نبيلٌ، وعبد الغنيِّ بنُ سعيدٍ الأزديُّ ويحيى بنُ عليِّ بنِ الطَّحّانِ مات في عشرِ السَّبعين وثلاثِ مئةٍ تقريبًا.

[4139] مُسلِمُ بنُ عُقبَةَ المُزنيُّ

(6)

وأهلُ المدينةِ يُسمُّونَهُ: مُسرِفَ بنَ عُقبة؛ لكونِ وقعةِ الحَرَّةِ كانت

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 263."الجرح والتعديل" 8/ 186."تهذيب الكمال" 27/ 519.

(2)

أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب الحسن والحسين برقم (4138).

(3)

"الثقات" 7/ 444.

(4)

"تاريخ الإسلام" 8/ 343، "توضيح المشتبه" 8/ 89.

(5)

كتاب الصلاة، باب ذكر التكبير ورفع اليدين الافتتاح (1190) ..

(6)

"تاريخ الطبري" 5/ 484، "الطبقات الكبرى" القسم المتمم للتابعين 1/ 105.

ص: 273

على يديه، وكان سبَبُها أن أهلَ المدينةِ خلعُوا يزيدَ بنَ معاويةَ في سنةِ ثلاثٍ وستِّين وأخرجوا مروانَ بنَ الحكمِ وبني أُمَيَّةَ وأمَّرُوا عليهم عبد الله بنَ حنظلةَ الغسِيلَ الذي غسَّلت الملائكةُ أباه يومَ أُحُدٍ، ولم يوافِق أهلَ المدينةِ مَن كان بها من أكابرِ الصّحابةِ، وأمرَ يزيدُ مسلمًا أن يستبيحَ المدينةَ ثلاثةَ أيّامٍ وأن يُبايِعَهم على أنَّهم خَوَلٌ وعبيدٌ ليزيدَ، فإذا فرغَ منها نهضَ إلى مكَّةَ لحربِ ابنِ الزُّبَيرِ، ففعلَ مسلمٌ بالمدينةِ النبويةِ الأفاعيلَ القبيحةَ، وقتلَ بها خلقًا من الصحابةِ وأبنائِهم وخيارِ التَّابعين، وأفحشَ القضيَّةَ إلى الغايةِ، ثم توجَّهَ إلى مكَّةَ فأخذه الله تعالى قبل وصولِه بعد أن استخلفَ على الجيشِ حُصينَ بنَ نُميرٍ السَّكونيَّ فحاصروا ابنَ الزُّبَيرِ ونصبوا على الكعبةِ المنجنيقَ، فأدى ذلك إلى وَهيِ أركانِها وبُنيانِها، وفي أثناءِ أفعالهِم القبيحةِ فجأَهم الخبرُ بهلاكِ يزيدَ بنِ معاويةَ فرجعوا، وكفى اللهُ المؤمنينَ القتالَ، وكانَ هلاكُ يزيدَ في مُنتَصَفِ ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ أربعٍ وستِّين ولم يُكمِلِ الأربعين، وهلاكُ صاحبِ التَّرجَمَةِ في طريقِ مكَّةَ فدُفِنَ على ثَنِيَّةٍ يُقالُ لها: المُشَلَّلُ

(1)

، كما سبقَ في محمَّدِ بنِ أبي الجَهم (3484).

[4140] مسلمُ بنُ عمرِو بنِ وهبٍ، أبو عمرٍو الحذَّاءُ المدينيُّ

(2)

يروي عن: عبد اللهِ بنِ نافعٍ الصّائِغِ المدنيّ، وعنه: الترمِذِيُّ والنَّسائِيُّ وقال: كمسلمَةَ صدوقٌ، وأبو بكر بنُ صدقةَ البغداديُّ، وعامِرُ بنُ محمَّدِ

(1)

المشلَّلُ: ثنيةٌ بين مكة والمدينة شماليَّ قُديدٍ "معجم المعالم الجغرافية" ص: 300.

(2)

"الكاشف" 2/ 259، "تهذيب الكمال" 27/ 525.

ص: 274

القرمُطِيُّ، ومحمَّدُ بنُ أحمدَ بنِ نصرِ الترمذيُّ، ومحمَّدُ بنُ أحمدَ بنِ أبي خيثمةَ، ويحيى بنُ الحسنِ النَّسابَةُ، ويحيى بنُ محمدِ بنِ صاعدٍ، وابنُ خزيمةَ، وخرَّجَ عنه في "صحيحِه"

(1)

.

[4141] مسلمُ بنُ أبي مريمَ، واسمُه يسارٌ المدنيُّ مولى الأنصارِ

(2)

وقيل: السُّلَمِيّ مولىً لبني سُليمٍ، وهو أخو محمَّدٍ وعبد الله، ويقالُ له: مسلمٌ الخيَّاطُ. يروي عن: أبي سعيدٍ الخُدرِيِّ، وابنِ عمِّه، وعبد الله بنِ سرجسَ، وعليِّ بنِ عبد الرحمنِ المعاويِّ، وعطاءِ بنِ يسارٍ، وسعيد المقبرِيِّ، وعبد الرحمنِ بنِ جابرٍ، وأبي صالحٍ، والقاسمِ بنِ محمَّدٍ، وعامَّةُ رواياته مراسيلُ وآثارٌ لا يكادُ يرفَعُ حديثًا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم. روى عنه: السُّفيانانِ، وشُعبَةُ، ومالكٌ، واللَّيثُ، ويحيى بنُ سعيدٍ الأنصارِيُّ، وابنُ جُريجٍ، وآخرون. وثَّقهُ ابنُ معينٍ

(3)

، وأبو داود، والنسائيُّ، ثم ابنُ حبانَ

(4)

. وقال هو وابنُ سعدٍ

(5)

: مات في ولايةِ أبي جعفرٍ، زاد أوَّلُهما: وكان ثقةً قليلَ الحديثِ وكانَ شديدًا على القَدَرِيَّةِ وليسَ بأخٍ لمحمَّدٍ وعبد الله ابنَي أبي مريمَ.

(1)

كتاب الزكاة، باب ثناء الله على مؤدي زكاة الفطر برقم (2420).

(2)

"التاريخ الكبير" 7/ 273، و"التعديل والتجريح" 2/ 791، و"الكاشف" 2/ 260.

(3)

"تاريخ ابن معين" برواية الدوري 3/ 193.

(4)

"الثقات" 7/ 448.

(5)

"الطبقات الكبرى" القسم المتمم للتابعين 1/ 357.

ص: 275

وقال أبو حاتمٍ: صالحٌ

(1)

، وهو أعلى إخوَتِه، وعن القعنَبِيِّ: كان مالكٌ يُثنِي عليه. وهو ممَّن خرَّجَ له الشيخانِ، وذُكِرَ في "التهذيبِ"

(2)

.

[4142] مُسلِمُ بنُ أبي مسلمٍ الحنَّاطُ

(3)

ذكره مسلمٌ في ثالثةِ تابعي المدنيِّين

(4)

، وهو يروي عن: ابنِ عُمَرَ، وأبي هُريرَةَ، وعنه: ابنُ أبي ذئبٍ وابنُ عيينةَ، وكان يسكُنُ المدينةَ في دار العطَّارين، قاله ابن حبان في ثانية "ثقاتِه"

(5)

، ويختَلِجُ في فكري أنه الذي قبلَه، والحنَّاطُ تصحيفٌ من الخيَّاطِ، وتسميةُ أبيه بأبي مسلمٍ صدرَ ممَّن لم يعلَم اسمَه، فاللهُ أعلمُ.

[4143] مسلمُ بنُ نُذَيرٍ أو يزيدَ

(6)

لاختلافِ النُّسخَتَينِ، أخو بني سعدِ بنِ بكرٍ، ذكره مسلمٌ في ثالثة تابعي المدنِيِّين

(7)

.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 196.

(2)

"تهذيب الكمال" 27/ 541، "تهذيب التهذيب" 8/ 161.

(3)

"التاريخ الكبير" 7/ 272، "الجرح والتعديل" 8/ 196.

(4)

"الطبقات" 1/ 259. وهو فيه (الخياط).

(5)

"الثقات" 5/ 398.

(6)

"تهذيب الكمال" 27/ 551، "الثقات" 5/ 398، "الجرح والتعديل" 8/ 199.

(7)

"الطبقات" 1/ 301.

ص: 276

[4144] مسلمُ بنُ الوليد بنِ رباحٍ المدنِيُّ

(1)

أخو محمَّدٍ الماضي (3986)، والآتي أبوهما (4486)، عن: أبيهِ عن أبي هريرةَ وعن غيره، روى عنه: الدراوردِيُّ وغيرُه، ذكره ابنُ حبان في ثالثةِ "ثقاته"

(2)

، وسها البخاريُّ فقلبه حيثُ قال: الوليدُ بنُ مُسلمٍ

(3)

، وأُخِذَ عليه ذلك.

[ .... ]

‌ مُسلِمُ بنُ يزيدَ

في ابنِ نذيرٍ قريبًا (4143)، ويُحَرَّرُ.

[ .... ]

‌ مُسلِمُ بنُ يسارٍ

هو ابنُ أبي مريمَ، مضى قريبًا (4141).

[4145] مسلِمُ بنُ يسارٍ، مولى آل عُثمانَ

(4)

ذكره مسلمٌ في ثالثةِ تابعي المدنِيِّينَ

(5)

.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 197، "بيان خطأ البخاري" ص:130.

(2)

"الثقات" 7/ 446.

(3)

"التاريخ الكبير" 8/ 153.

(4)

"التاريخ الكبير" 7/ 277، و"الثقات" 7/ 447، و"الجرح والتعديل" 8/ 199.

(5)

"الطبقات" 1/ 254.

ص: 277

[4146] مُسلِمٌ مولى ابنِ أبي الرِّجالِ

(1)

من أهلِ المدينةِ، يروي عن: سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، وعنه: عبد العزيزِ بنِ أبي حازمٍ، قاله ابنُ حبانَ في ثالثة "ثقاتِه"

(2)

.

[ .... ]

‌ مُسلِمٌ الخَيَّاطُ

هو ابنُ أبي مريمَ، قريبًا (4141).

[4147] المِسوَرُ بنُ إبراهيمَ بنِ عبد الرحمنِ بنِ عوفٍ القُرَشِيُّ الزُّهرِيُّ المَدَنِيُّ

(3)

عن جَدِّه مرسلٌ، وعنه أخوه سعدٌ، ماتَ سنةَ سبعٍ ومئةٍ، وعند الآقشهريِّ

(4)

بدون إبراهيمَ، فيُحتَمَلُ أن يكون عَمَّهُ، ويحتُمَلُ أن يكون هو.

[4148] المِسوَرُ بنُ رفاعةَ القُرَظِيُّ

(5)

ذكره مسلمٌ في ثالثةِ تابعي المدنيِّين

(6)

.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 261.

(2)

"الثقات" 7/ 445. وهو فيه: مسلم مولى أبي الرجال.

(3)

"تهذيب الكمال" 27/ 578، و"ميزان الاعتدال" 4/ 113.

(4)

"الروضة الفردوسية" 2/ 1008.

(5)

"تهذيب الكمال" 27/ 580، و"الثقات" 7/ 511.

(6)

"الطبقات" 1/ 259.

ص: 278

[4149] المِسوَرُ بنُ الصَّلتِ

(1)

قال ابنُ حبانَ في "الضُّعفاءِ"

(2)

: من أهلِ المدينةِ يسكُنُ الكوفةَ، يروي عن أهلِها، وعنه: سعيدُ بنُ سليمانَ الواسطيُّ والعراقيُّونَ، كان غاليًا في التشيُّعِ يشتُمُ السَّلَفَ، وكان يروي عن الثِّقاتِ الموضوعاتِ، لا يجوزُ الاحتجاجُ به، كان أحمدُ يُكَذِّبُهُ

(3)

، وأما ابنُ معينٍ فحسَّن القولَ فيه فقال: شيخٌ صدوقٌ. وقال الذهبيُّ في "تاريخِه"

(4)

: المسوَرُ بنُ الصَّلتِ الكوفيُّ، حدَّثَ ببغدادَ عن: أبي جعفرٍ محمَّدِ بنِ عليٍّ، ومحمَّدِ بنِ المُنكَدِرِ، وعنه: يحيى بنُ حسان، وسعيدُ بنُ سليمانَ، وبِشرُ بنُ الوليدِ، ضعَّفَهُ البُخارِيُّ وابنُ معينٍ. وذكره في "الميزان"

(5)

مُقتَصِرًا في شيوخِه على ابنِ المُنكَدِرِ، وقال: ضعَّفَهُ أحمدُ والبُخارِيُّ، وقال النَّسائِيُّ والأزدِيُّ: متروكٌ. انتهى، وقال ابنُ عديٍّ

(6)

بعد إيرادِ حديثَينِ له: ليس له كبيرُ شيءٍ، وقال ابنُ معينٍ

(7)

: سمع منه سعدَوَيهِ، كان يُحدِّثُ بأحاديثِ الشِّيعَةِ ضعيفٌ، وقال الحاكِمُ: روى عن ابنِ المُنكَدِرِ المناكيرَ.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 411.

(2)

"المجروحون" 3/ 31.

(3)

"التاريخ الكبير" 7/ 411. "الجرح والتعديل" 8/ 298.

(4)

"تاريخ الإسلام" 10/ 461.

(5)

"ميزان الاعتدال" 4/ 114.

(6)

"الكامل" 6/ 431.

(7)

"التاريخ" رواية الدوري 4/ 33.

ص: 279

[ ....... ]

‌ المِسوَرُ بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ عوفٍ

مضى قريبًا في ابنِ إبراهيمَ بنِ عبد الرحمنِ (4147).

[4150] المِسوَرُ بنُ عبد المَلِكِ بنِ سعيدِ بنِ عبد الرَّحمنِ ابنِ يَربُوعَ، المخزومِيُّ اليربوعيُّ المدنيُّ

(1)

يروي عن: أبيهِ، ونُبَيهِ بنِ وهبٍ، ويزيدَ بنِ قُسيطٍ، وعنه: معنُ بنُ عيسى، وابنُ وهبٍ، وأشهَبُ، وعبد الله بنُ عبد الحَكَمِ، ذكرَهُ الذَّهبِيُّ في "تاريخه"

(2)

تبعًا لابنِ أبي حاتمٍ بدون عَبد الرحمنِ في نَسَبِهِ، واقتصرَ في "الميزان"

(3)

على قولهِ: المِسوَرُ بنُ عبد الملكِ، حدَّثَ عن معنٍ القَزَّازِ ليس بالقَوِيِّ، قاله الأزديُّ، وزاد شيخُنا في "لسانه"

(4)

أنه أخرجَ له -يعني الأزديَّ- من روايةِ عثمانَ بنِ عطاءٍ عن سُليمانَ بنِ يسارٍ عن بُسرَةَ ابنةِ صفوانَ في الوضوءِ من مَسِّ الذَّكَرِ، قال في آخره:"والمرأةُ كذلك"، وساقَ ترجمتَه من ابنِ أبي حاتمٍ، وذكره في "زوائد التهذيبِ"

(5)

مجرَّدًا، فزادَ عبد الرحمنِ ورقمَ عليه أبا داود، وقال: في الطهارةِ؛ لم يَزِد.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 411، و"الثقات" 9/ 174، و "الجرح والتعديل" 8/ 298.

(2)

"تاريخ الإسلام" 10/ 462.

(3)

"ميزان الاعتدال" 4/ 114.

(4)

"لسان الميزان" 8/ 64.

(5)

"تهذيب التهذيب" 8/ 176.

ص: 280

[4151] المِسوَرُ بنُ مخرَمَةَ بنِ نوفْل بنِ أُهيبَ بنِ عبد منافِ ابنِ زُهرَةَ بنِ كلابٍ، أبو عبد الرَّحمنِ، وقيل: أبو عثمانَ الزُّهرِيُّ المدنِيُّ

(1)

أمُّه الشِّفَاءُ عاتِكَةُ ابنةُ عوفٍ أختُ عبد الرحمنِ، له صُحبةٌ وروايةٌ، ذكره مسلمٌ في المدنِيِّينَ، [روى عن: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وعن أبيهِ، وخالِه عبد الرَّحمنِ بنِ عوفٍ، وأبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعمرِو ابنِ عوفٍ، ومعاويةَ، والمغيرةَ، ومحمَّدِ بنِ مسلمَةَ، وأبي هريرةَ، وابنِ عبّاسٍ]

(2)

، وعنه: ابناه عبد الرَّحمنِ، وأمُّ بكرٍ، ومروانُ بنُ الحَكَمِ، وعوفُ ابنُ الطُّفَيلِ رضيعُ عائشةَ، وأبو أمامةَ بنُ سهلِ بنِ حنيفٍ، وسعيدُ بنُ المسيِّبِ، وعبد الله بنُ حُنينٍ، وعبد الله بنُ أبي مليكةَ، وعليّ بنُ الحُسَينِ، وعُروَةُ ابنُ الزُّبَيرِ، وعمرُو بنُ دينارٍ وغيرُهم.

قال الزُّبَيرُ بنُ بكَّارٍ

(3)

: وكان من أهلِ الفَضلِ والدِّينِ ممَّن كان يلزَمُ عُمَرَ ويحفَظُ عنه، وانحازَ إلى مكَّةَ كابنِ الزُّبَيرِ، وكَرِهَ إمرَةَ يزيدَ، قال: وكانت الخوارِجُ تغشاهُ وتُعَظِّمُه وتنتَحِلُ رأيه حتى قُتِلَ تلك الأيّامِ، وقال عمرُو بنُ عليٍّ: وُلِدَ بمكةَ بعد الهجرةِ بِسَنَتَينِ فقَدِمَ به المدينةَ في عَقِبِ ذي الحِجَّةِ سنة ثمانٍ، ومات سنةَ أربعٍ وسِتِّين، أصابه خجرُ المِنجَنيقِ لمَّا حاصرَ الحصينُ بنُ نُميرٍ ابنَ الزُّبيرِ وهو يُصَلِّي في الحِجرِ فمكثَ خمسةَ أيامٍ،

(1)

"تهذيب الكمال" 27/ 581، و"سير أعلام النبلاء" 3/ 390.

(2)

ما بين المعقوفتين ملحق بالحاشية.

(3)

لم أجده في "الجمهرة" وهو في "نسب قريش" لمصعب الزبيري ص: 262.

ص: 281

ومات وهو ابنُ ثلاثٍ وستِّين سنةً، وفيها أرَّخَهُ الواقِدِيُّ

(1)

، وقيل: قُتِلَ معَ ابنِ الزُّبَيرِ سنة ثلاثٍ وسبعينَ والأوَّلُ أصَحُّ، ووقع في "صحيحِ مسلمٍ"

(2)

من حديثِه في قِصَّةِ خِطبَةِ عليٍّ لابنةِ أبي جهلٍ، قال المِسوَرُ: سمعتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وأنا مُحتَلِمٌ يخطُبُ الناسَ، وهو مُشكِلٌ؛ لاتِّفاقِهم على أن مولِدَهُ بعد الهجرةِ، وقصة الخِطبَةِ كانت بعد مولِدِه بنحوٍ من سِتِّ سنينَ أو سبعٍ فكيف يُسمَّي مَن يكونُ بهذا السِّنِّ محتلمًا؟ فيُحتَمَلُ أنه أراد الاحتلامَ

(3)

اللغويَّ وهو العقلُ، قاله شيخُنا

(4)

، قالَ: ومِن الشُّذوذِ ما حُكِيَ في "رجالِ الموطَّأَ" لابنِ الحذَّاءِ

(5)

أنه قيلَ: إن المسورَ عاشَ مِئَةً وخمسَ عشرةَ سنةً، ولعلَّ قائِلَهُ انتقلَ وَهلَةً من مخرمةَ والدِ المسورِ إلى المسورِ بنِ مخرمةَ لأنّ مخرمةَ قيل فيه: إنه عُمِّرَ طويلًا، انتهى. بل مضى فيه (4102) أنه عاش هذا القَدرَ بِخُصوصِهِ.

ومن مناقبِ المِسوَرِ: ما رواه أبو عامرٍ العَقَدِيُّ، عن عبد الله بنِ جعفرٍ عن أُمِّ بكرٍ أن أباها المسوَرَ احتكرَ طعامًا فرأى سحابًا من سحابِ الخريفِ فكَرِهَهُ، فلما أصبحَ جاء إلى السُّوقِ فقال: مَن جاءني وَلّيتُهُ، فبلغ ذلك عمَرَ فأتاه بالسُّوقِ فقال له: أجننتَ يا مسور؟ قال: لا والله، ولكنِّي رأيتُ سحابًا من سحابِ الخريفِ فكرهته، فكرهتُ -يعني لكونه كره السحاب- أن أربحَ فيه وَأردتُ أن لا أربحَ فيه، فقال له عمرُ: جزاكَ الله خيرًا

(6)

.

(1)

"الطبقات الكبرى" 5/ 159.

(2)

كتاب المناقب، باب فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم برقم (6462).

(3)

في الأصل: "الاحتمال"، والمثبت هو الصواب.

(4)

"تهذيب التهذيب" 8/ 177.

(5)

"التعريف بمن ذكر في الموطأ" 2/ 247.

(6)

"تاريخ دمشق" 58/ 166.

ص: 282

وكان قدمَ دمشقَ بشيرًا من عثمانَ إلى معاويةَ أيّامَ حصرِ عثمانَ، ووفد على معاويةَ في خِلافَتَهِ فلما قضى معاويةُ حاجَتَه خلا به فقال له: يا مِسوَرُ؟ ما فعل طعنُكَ على الأئِمَّةِ؟ فقال: دعنا من هذا وأحسِن فيما قَدِمنا له، قال معاويةُ: والله لَتُكلِّمُني بذاتِ نفسِكَ بالذي تَعيبُ عليَّ، قال المِسوَرُ: فلم أترك شيئًا أعيبُهُ عليه إلَّا بيَّنتُهُ له، فقال: لا أبرَأُ من الذَّنبِ، فهل تَعُدُّ لنا يا مِسوَرُ مِمّا نَلي من الإصلاحِ في أمرِ العامَّةِ، فإن الحَسَنَةَ بِعَشرِ أمثالهِا، أم تَعُدُّ الذُّنوبَ وتترُكُ الإحسانَ؟ فقلتُ: لا والله لا نذكُرُ إلَّا ما نرى من الذُّنوبِ. فقالَ: فإنا نعتَرِفُ لله بِكُلِّ ذنبٍ أذنبناهُ، فهل لك يا مِسوَرُ ذنوبٌ في خاصَّتِكَ تخشى أن تُهلَكَكَ إن لم يغفرِ اللهُ لك؟ قال: نعم، قال: فما يجعَلُكَ اللهُ برجاءِ المغفِرَةِ أحَقَّ مِنِّي؟ فوالله ما ألي من الإصلاحِ أكثَرُ ممَّا تلي، ولكن والله لا أُخَيَّرُ بين أمرَينِ بينَ الله وغيرِه إلَّا اخترَتُ اللهَ على سواه، وإنِّي لعلى دِينٍ يُقبَلُ فيه العَمَلُ ويُجزَى فيه بالحَسَناتِ ويُجزَى فيه بالذُّنوبِ إلا أن يَعفُوَ اللهُ عنها، وإنِّي أحتَسِبُ كلَّ حَسَنَةٍ عَمِلتُها بأضعافِها من الأجرِ، وأَلِي أمورًا عظامًا من إقامةِ الصلاةِ، والجهادِ، والحكمِ على ما أنزلَ اللهُ. قال: فعرفتُ أنه قد خَصَمَنِي لمَّا ذكر ذلك. قال عروةُ: فلم أسمع المِسورَ ذكر معاويةَ إلَّا صلَّى عليه.

وفي ترجمتِه من "تاريخ دمشق" لابنِ عساكرَ أخبارٌ جَمَّةٌ

(1)

، كتبتُ منها في "تاريخي الكبيرِ" جُملةً.

(1)

"تاريخ دمشق" 58/ 166.

ص: 283

[4152] المسيَّبُ -بفتحِ الياءِ على المشهورِ- وقيل: بكسرِها كما لأهلِ المدينةِ بل كان ابنُه سعيدٌ يكرَهُ الفتحَ، وهو ابنُ حَزَنِ بنِ أبي وهبِ بنِ عمرِو ابنِ عايذِ بنِ عمرانَ بنِ مخزومٍ، القرشيُّ، المخزوميُّ، المكيُّ

(1)

والدُ سعيدٍ أحدُ الفُقَهاءِ السَّبعَةِ بالمدينةِ، صحابيُّ هاجرَ مع أبيه حَزَنٍ إلى المدينةِ فيما قاله ابن عبد البَرِّ

(2)

، وهو في المدنيِّين عند مسلمٍ

(3)

.

[4153] مشاري بنُ ذربانَ الطُّفَيليُّ

من أشرارِ شُرَفاءِ المدينةِ، ممَّن كان القائمَ مع حَسَنِ بنِ زبيريٍّ أميرِ المدينةِ، في اقتحامِ قُبَّتِها سنةَ إحدى وتسعِ مئةٍ، كما كان أبوه ممَّن أعان عجلانَ بنَ نُعيرٍ أميرَها في نهبِها قريبَ الثلاثين وثمانِ مئةٍ.

[4154] مشكورُ بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ مشكورٍ القُرَشِيُّ، المكيُّ الأصلِ، المدنيُّ

أخو عليٍّ (2811) ومحمَّدٍ (3679) الماضيين، مات في سنةِ ثلاثٍ وخمسين وسبعِ مئةٍ، قاله ابنُ فرحونٍ

(4)

.

(1)

"الطبقات الكبرى" القسم المتمم للتابعين 1/ 241، و"الإصابة" 3/ 420.

(2)

"الاستيعاب" 3/ 457.

(3)

"الطبقات" 1/ 154.

(4)

"نصيحة المشاور" ص: 185.

ص: 284

[4155] مصعبُ بنُ ثابتِ بنِ عبد الله بنِ الزُّبَير بنِ العوَّامِ ابنِ خُويلِدَ بنِ أَسَدٍ، أبو عبد الله القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ، الزُّبَيرِيُّ، المدنِيُّ

(1)

جَدُّ مُصعَبِ بنِ عبد الله (4159) وأخو نافعٍ (4338) الآتِيَينِ، أرسلَ عن جَدِّهِ، وروى عن: أبيه، وعَمِّهِ عامرٍ، وابنِ عَمِّ أبيه عُكاشَةَ بنِ مُصعَبٍ، وابنِ عَمِّ أبيه الآخَرِ هِشامِ بنِ عُروَةَ، ونافِعٍ مولى ابنِ عُمَرَ، وابنِ المنكدر، وعطاء بن أبي رباح، وأبي حازمِ بنِ دينارٍ، وإسماعيلَ بنِ محمَّدِ بنِ سعدٍ وجماعةٍ. وعنه: ابنُه عبد الله الماضي (2107)، وزيدُ بن أسلَمَ وهو أكبَرُ منه، ومحمَّدُ بنُ عمرِو بنِ علقَمَةَ، وهو من أقرانِه، وابنُ المُبارَكِ والدَّراوَردِيُّ، وحُمَيدُ بنُ الأسوَدِ، وعُبَيدُ بنُ عقيلٍ، وبِشرُ بنُ السَّرِيِّ، وأبو ضمرَةَ أَنَسُ بنُ عِياضٍ، وحاتِمُ بنُ إسماعيلَ، والواقِدِيُّ وآخرون.

قال عبد الله بنُ أحمدَ عن أبيه

(2)

: أُراهُ ضَعيفَ الحديثِ، لم أر الناسَ يحمَدُونَ حديثَهُ

(3)

، وقال ابنُ معينٍ

(4)

: ضعيفٌ، ومرَّةً: ليس بشيءٍ، وقال أبو حاتمٍ

(5)

: صدوقٌ كثيرُ الغَلَطِ ليس بالقَوِيِّ، وكذا قال النَّسائِيُّ: ليسَ بالقَوِيِّ في الحديثِ، ولم يترُكه يحيى القطَّانُ، وقال الدارَقُطنِيُّ أيضًا: ليس بالقَوِيِّ.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 353، و"الجرح والتعديل" 8/ 304، و"الكامل" لابن عدي 6/ 361.

(2)

"العلل" برقم: 3218.

(3)

"الكامل" 8/ 84، وفيه: لم أر الناس يحدثون عنه.

(4)

"تاريخ ابن معين" رواية الدارمي ص: 208.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 304.

ص: 285

وقال الزُّبيرُ بن بكّارٍ

(1)

نافِلَتُهُ -وهو مِمَّن استوعب أخبارَهُ-: كان من أعبد أهلِ زمانِه، قيل: كان يصومُ الدَّهرَ ويُصَلِّي في اليومِ والليلةِ ألفَ ركعةٍ، وعاشَ إحدى وسبعين سنةً، وأمُّه كَلبِيَّةٌ اشتراها أبوه بِمِئَةِ ناقةٍ من سُكينَةَ ابنةِ الحُسَينِ. وقال ابنُ سعدٍ

(2)

: كان كثيرَ الحديثِ مستضعفًا، مات بالمدينةِ سنةَ سبعٍ وخمسين ومئةٍ عن ثلاثٍ وسبعينَ سنةً. وقد ذكرَهُ ابنُ حبانَ

(3)

في ثالثةِ "الثِّقاتِ" وقال: وقد أدخلتُهُ في "الضُّعفاءِ" وهو ممَّن أستخيرُ اللهَ فيه، وعبارتُه فيها

(4)

: من أهلِ المدينةِ يروي عن هشامِ بنِ عُروةَ والمدنِيِّينَ، وعنه أهلُ المدينةِ، منكرُ الحديثِ، ممن ينفَرِدُ بالمناكيرِ عن المشاهيرِ، فلما كَثُرَ ذلك منه استحَقَّ مجانبةَ حديثه. وهو في "التهذيبِ"

(5)

و"تاريخِ حلبٍ"

(6)

لابن العديمِ وغيرِهما.

[4156] مُصعَبُ بنُ الزُّبَيرِ بنِ العَوَّامِ بنِ خُويلِدِ بنِ أسدِ بنِ عبد العُزَّى ابنِ قُصَيٍّ، أبو عيسى، وقيل: أبو عبد الله القرشيُّ الأَسَدِيُّ، الزُّبَيرِيُّ، المدنيُّ

(7)

أخو عبد الله، وأُمُّهُ الرَّبابُ ابنةُ أُنيفِ الكَلبِيُّ، حكى عن أبيهِ.

(1)

"جمهرة نسب قريش" ص: 116.

(2)

"الطبقات الكبرى" القسم المتمم للتابعين 1/ 422.

(3)

"الثقات" 7/ 478.

(4)

"المجروحون" 3/ 29.

(5)

"تهذيب الكمال" 28/ 18، "تهذيب التهذيب" 8/ 188.

(6)

لم أقف عليه في الكتب المطبوعة لابن العديم.

(7)

"الثقات" 5/ 410، "سير أعلام النبلاء" 4/ 140.

ص: 286

وعنه: الحكمُ بنُ عُتَيبَةَ، ووفد على معاويةَ واستعملَه أخوه على البصرةِ، وقتلَ المُختارَ بن أبي عبيدٍ ثم عَزَلَهُ أخوه واستعمله بعد ذلك سنةَ تسعٍ وسِتِّين على العراقِ، فأقام بها يُقاوِمُ عبد الله بنَ مروانَ ويُحارِبُه إلى أن قُتِلَ، وكان يُسمَّى: آنيةَ النحلِ؛ من كرمِه وجودِه، وفيه يقولُ عُبيدُ الله بنُ قيسِ الرُّقَيَّاتِ

(1)

:

إنما مُصعَبٌ شِهابٌ من الله

تجلَّت عن وجهِهِ الظَّلماءُ

ملكُه مُلكُ عِزَّةٍ ليس فيها

جَبَروتٌ منه ولا كِبرياءُ

يَتَّقِي اللهَ في الأُمُور وقد

أفلَحَ منَ كان هَمُّهُ الاتِّقاءُ

وله فيه غيرُ هذا، ولم يكن له -كما قال مُصعبُ بنُ عبد الله الآتي (4159) - ولدٌ اسمُهُ عبد الله وإن كُنِّيَ به، وقال إسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ: ما رأيتُ أميرًا قَطُّ أحسَنَ منه، ونحوُه قولُ الشَّعبِيِّ: ما رأيتُ أميرًا قَطُّ على مِنبَرٍ أحسَنَ منه، وقال المدايِنِيُّ: إنه كان يُحسَدُ على الجمال، فنظرَ يومًا وهو يخطبُ إلى أبي خيرانِ الحمَّانيِّ فصرفَ وجهَه عنه، ثم دخلَ ابن جودانَ الجهضميُّ فسكتَ وجلَسَ، ودخل الحَسَنُ فنزلَ عن المنبر.

وقال أبو الزِّناد: اجتمعَ في الحِجرِ عبد الله ومصعَبُ وعُروَةُ بنو الزبير وابنُ عُمَرَ، فقالوا: تمنَّوا، فتمنَّى الأوَّلُ الخلافةَ، والثاني أمر العراقِ والجمعَ بين عائِشَةَ ابنةِ طلحةَ وسُكينَةَ ابنةِ الحُسينِ، والثّالثُ أن يُؤخَذَ العِلمُ عنه، والرابعُ المغفِرَةَ، فبَلَغُوا أمانِيَهم، ولعلَّ ابن عُمَرَ قد غُفِرَ له.

(1)

"تاريخ دمشق" 58/ 213.

ص: 287

وقال عليُّ بنُ زيدِ بنِ جُدعانَ فيما رواه أحمدُ

(1)

: أنه بَلَغَه عن عريفٍ للأنصارٍ شيءٌ فهمَّ به، فدخل عليه فأعلَمَه أنس بما سَمِعَهُ مِن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"استوصوا بالأنصارِ خيرًا، اِقبَلُوا من مُحسِنِهم وتجاوَزُوا عن مُسيئِهم"، فألقى مُصعَبٌ نفسه عن السَّريرِ وألزَقَ خَدَّهُ بالبساط وقال: أمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرَّأسِ والعَينِ وتَرَكَهُ

(2)

، وأخبارُهُ طويلةٌ، وممَّن طوَّلَهُ ابنُ العَدِيم في "تاريخ حلبٍ"

(3)

، قتلَهُ عبد الملكِ بنُ مروانَ بِيَدِه في يومِ الخميسِ مُنتَصَفَ جُمادى الأولى سنةَ اثنتينِ وسبعينَ عن أربعين سنةً، مولِدُهُ سنةَ ثلاثٍ وثلاثين في خلافة عثمانَ، ورثاه [ابن] قيسُ الرُّقَيَّاتِ بأبياتٍ.

[4157] مُصعَبُ بنُ سعدِ بنِ أبي وقاصٍ أبو زُرارَةَ الزُّهرِيُّ المدنيُّ

(4)

ذكره مسلمٌ في ثالثةِ تابعي المدنيين

(5)

، يروي عن: أبيهِ، وعُثمانَ، وعليٍّ، وطلحةَ، وعكرمةَ بن أبي جهلٍ، وصُهيبٍ، وعَدِيِّ بنِ حاتمٍ، وابنِ عُمَرَ وآخرين، وعنه: ابنُ أخيه إسماعيلُ بنُ محمَّدِ بنِ سعدِ بنِ أبي وقاصٍ، وأبو إسحاقَ السَّبيعيُّ، وعبد الملكِ بنُ عُمَيرٍ، وسِماكُ بنُ حربٍ،

(1)

"المسند" 1/ 289.

(2)

"تاريخ دمشق" 58/ 221.

(3)

لم أقف عليه في المطبوع من "بغية الطلب".

(4)

"الجرح والتعديل" 8/ 303، و"التاريخ الكبير" 7/ 350.

(5)

"الطبقات" 1/ 236.

ص: 288

وإسماعيلُ السُّدِّيُّ، وأبو جعفرٍ العبديُّ، وموسى الجُهَنِيُّ، وعاصِمُ بنُ بهدلَةَ، والزُّبَيرُ بنُ عَدِيٍّ، والحَكَمُ بنُ عُتَيبةَ، وسُفيانُ بنُ دينارٍ التَّمارُ، وعمرُو بنُ مُرَّةَ، وغُطَيفُ بنُ أعينَ، وغيرُهم.

ذكرَهُ ابنُ سعدٍ

(1)

في الطبقةِ الثانيةِ من أهلِ المدينةِ وقال: كان ثِقَةً كثيرَ الحديثِ، وقال العِجلِيُّ

(2)

: تابعيٌّ ثِقَةٌ، وذكره ابنُ حبانَ في "الثِّقاتِ"

(3)

، وقالَ البخاريُّ في "تاريخه الصغير"

(4)

: لم يسمعْ مِن عكرمةَ، وقالَ البيهقيُّ في "المدخل"

(5)

: حديثُه عن عثمانَ منقطعٌ، قالَ شيخنا: وقفتُ في كتاب "المصاحف"

(6)

لابن أبي داودَ ما يدلُّ على صحَّةِ سماعِه منه، ماتَ سنةَ ثلاث ومئةٍ، خرَّجَ له الأئمةُ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(7)

.

[4158] مصعبُ بنُ عبد الله بنِ أبي أُميَّةَ

(8)

ذكرَه مسلمٌ

(9)

في ثالثةِ تابعي المَدنيّين.

(1)

"الطبقات الكبرى" 5/ 169.

(2)

في "الثقات" 2/ 280.

(3)

"الثقات" 5/ 411.

(4)

"التاريخ الصغير" 1/ 64.

(5)

لم أقف عليه في النسخة المطبوعة من "المدخل"، وهي ناقصة.

(6)

"المصاحف" 1/ 178.

(7)

"تهذيب الكمال" 28/ 24، "تهذيب التهذيب" 8/ 189.

(8)

"التاريخ الكبير" 7/ 354، "معرفة الثقات" للعجلي 2/ 280، "تاريخ دمشق" 58/ 262.

(9)

"الطبقات" 1/ 246 (836).

ص: 289

[4159] مصعبُ بنُ عبد الله بنِ مصعبِ بنِ ثابتِ بنِ عبد الله ابنِ الزُّبير بنِ العوَّامِ بنِ خويلدٍ، الإمامُ، أبو عبد الله القُرَشيُّ، الأسديُّ، الزُّبيريُّ، المَدنيُّ

(1)

سكنَ بغدادَ، وكان علَّامةً في النَّسبِ، أديبًا، أخباريًا، فصيحًا، مِن نُبلاءِ الرِّجالِ وأفرادِهم. يروي عن: أبيه، ومالكٍ والدَّرَاوَرديِّ، وابنِ أبي حازمٍ، والمنذرِ بنِ عبد الله الحِزاميِّ، والضَّحَّاكِ بنِ عثمانَ، والمغيرةِ ابنِ عبد الرَّحمنِ الحِزاميِّ، وإبراهيمَ بنِ سعدٍ، وبشرِ بنِ السَّرِيِّ، وغيرِهم، وعنه: مسلمٌ، وأبو داود في غيرِ كتابيهما، وابنُ ماجه

(2)

، وابنُ أخيه الزُّبير ابنُ بكَّارٍ، وابنُ مَعِينٍ، والذُّهليُّ، ويعقوبُ بنُ شيبةَ، وأبو خَيثمةَ، وابنُه أبو بكرِ ابنُ أبي خيثمةَ، وإبراهيمُ بنُ إسحاقَ الحربيُّ، ويعقوبُ بنُ سفيانَ، وأبو العبَّاسِ محمَّد بنُ إسحاقَ السَّرَّاجُ، وأبو القاسمِ عبد الله بنُ محمَّدٍ البغويُّ وآخرون. قالَ أحمدُ

(3)

: مُستثبِتٌ، وقالَ ابنُ مَعينٍ

(4)

: ثقةٌ، ومرَّةً: عالمٌ بالنَّسبِ، ونحوُه قولُ العبَّاسِ بنِ مصعبٍ: أدركتُه وهو أفقهُ قُرشيٍّ في النَّسبِ، وقالَ أبو زُرعةَ الدّمشقيُّ: لقيتُه بالعراقِ، وكانَ خاملًا، وقالَ الدَّارقطنيُّ، ومَسلمةُ بنُ قاسمٍ، وأبو بكرِ بنُ مردويه: ثقةٌ. وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(5)

.

(1)

"الطبقات الكبرى" 5/ 439، و"تاريخ بغداد" 13/ 112، و"تاريخ دمشق" 58/ 252.

(2)

كتاب الجنائز، باب: ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم 1/ 523 (1634).

(3)

"تاريخ بغداد" 15/ 138.

(4)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 567.

(5)

"الثقات" 9/ 175.

ص: 290

وقالَ الزُّبير بنُ بكَّارٍ

(1)

: كانَ وجهَ قريشٍ مروءةً، وعلمًا، وشرفًا، وبيانًا، [وجاهًا]

(2)

، وقَدرًا، وذكرَ فيه مدائحَ لعَمرو بنِ أبي صبحٍ المزنيِّ، وغيرِه، فممَّا قالَه عمروٌ

(3)

:

فما عيشُنا إلا الرَّبيعُ ومصعبٌ

يدورُ علينا مصعبٌ ويدورُ

وفي مصعبٍ إنْ غبَّنا القَطرُ والنَّدى

لنا ورق مُعْرَورفٌ

(4)

وشَكِيرُ

(5)

[متى ما يرى الرَّاؤون غُرَّةَ مصعبٍ

ينيرُ بها إشراقُه فتُنيرُ]

(6)

يروا مَلِكًا كالبدر أمَّا فِناؤُه

فرَحْبٌ، وأمَّا قدْرُه فكبيرُ

له نِعمٌ مَنْ عَدَّ قصَّر دوَنها

وليسَ بها عمَّا يريدُ قُصورُ

قال

(7)

: وتُوفي ليومينِ خلَوا مِن شوَّالٍ سنةَ ستٍّ وثلاثين ومئتين، وهو ابنُ ثمانين سنةً. وكذا ذكرَ الحسينُ بنُ فَهْمٍ

(8)

، وزاد: إنَّه كانَ إذا سُئلَ

(1)

"جمهرة نسب قريش" ص: 207.

(2)

ما بين المعقوفتين من" الجمهرة" ص: 208.

(3)

الأبيات في "جمهرة نسب قريش" ص: 207، و"تاريخ بغداد" 13/ 112، و"تاريخ دمشق" 58/ 262 مع اختلاف في روايتها.

(4)

أي: طويلٌ. يقال: اعْرَورَفَ النخل: كثُف والتفَّ. "تاج العروس": عرف.

وفي "جمهرة نسب قريش" 1/ 251: مغرورق، بالغين المعجمة؛ وهو المليء.

(5)

الشَّكيرُ: ما ينبتُ في أصلِ الشجرةِ من الورقِ ليس بالكبارِ. "تاج العروس": شكر.

(6)

البيت ساقطٌ من الأصل، ولا بدَّ من ذكره؛ لأنَّ البيت الذي بعده جوابٌ له.

وقد استدركناه من "جمهرة نسب قريش" ص: 216.

(7)

"جمهرة نسب قريش" 1/ 254.

(8)

الحسينُ بن فَهْمٍ البغداديُّ، عالم بالأخيار والتواريخ والأنساب، كثير الحفظ للحديث، مولده سنة 211 هـ، ووفاته سنة 289 هـ. "تاريخ بغداد" 8/ 92، و "سير أعلام النبلاء" 13/ 427.

ص: 291

عن القرآنِ يقفُ، ويعيبُ مَن لا يقف، ولذا قالَ أبو بكرٍ المرْوَزيُّ

(1)

: كانَ مِن الواقفة. قلتُ له: قد كان أبو بكرِ بنُ عيَّاشٍ ووكيعٌ يقولان: القرآنُ غيرُ مخلوق؟ فقالَ: أخطأ، قلتُ له: فعندنا عن مالكٍ أنَّه قالَ: غيرُ مخلوقٍ، فقالَ: لم أسمعه أنا منه. قلتُ: يحكيه إسماعيلُ بنُ أبي أويسٍ. وحديثُه عندَ ابنِ اللُّتيِّ في غاية العلوِّ.

وقالَ صالحُ بنُ محمَّدٍ الحافظُ: روى ابنُ عيينةَ عنه حرفًا، حدَّثناه محمَّدُ بنُ عبَّادٍ، عن ابن عيينةَ، عنه. وذُكرَ في "التَّهذيب"

(2)

، وغيرِه، وطوَّله ابنُ العديمِ في "حلبَ"

(3)

.

[4160] مصعبُ بنُ عبد الله بنِ مصعبِ بنِ محمَّدِ بنِ ثابتٍ أبو عبد الله العبديُّ، المَدنيُّ

له روايةٌ، وتوفي بمصرَ في شعبانَ سنةَ اثنتين وأربعين ومئتين، قالَه الذَّهبيُّ في "تاريخه"

(4)

، وقال: إنَّه يَشتبهُ

(5)

بالذي قبلَه.

(1)

أبو بكر المروزيُّ، عالمٌ بالحديث، روى عن ابن أبي ذئبٍ، ومحمد بن الحسن، وعنه أحمد ابن حنبل، توفي سنة 210 هـ. "تاريخ الإسلام" 14/ 40.

(2)

"تهذيب الكمال" 28/ 34، و"تهذيب التهذيب" 8/ 192.

(3)

لم أقف عليه في المطبوع من "بغية الطلب".

(4)

"تاريخ الإسلام" 18/ 498.

(5)

في الأصل: "شبيه"، والتصويب من "تاريخ الإسلام".

ص: 292

[4161] مصعبُ بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ عوفِ بنِ عبد عوفِ بنِ عبد ابنِ الحارثِ بنِ زُهرةَ بنِ كِلابِ بنِ مُرَّةَ بنِ كعب بنِ لُؤيِّ ابنِ غالبٍ، أبو زُرارةَ القُرَشيُّ، الزُّهريُّ

(1)

أحدُ الكبارِ الذين كانوا مع ابن الزُّبير، وقُتلَ معه في الحصارِ سنةَ أربعٍ وستين، وكان قد وليَ قضاءَ المدينةِ وشُرَطتَها في إمرَةِ مروانَ عليها، ثمَّ لحِقَ بابن الزُّبير، وكانَ بطلًا شجاعًا، له مواقفُ مشهورةٌ، قَتَلَ عدَّةً مِن الشَّاميين، ثمَّ توفي، فلمَّا ماتَ هو والمسورِ دعَا ابن الزُّبير إلى نفسه. هكذا ترجمه الذَّهبيُّ في "تاريخه"

(2)

، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في ثانية "ثقاته"

(3)

، وقال: يروي عن: أبيه، وعنه أهلِ المدينةِ، وكان على قضاءِ مكَّة، وأمُّه أمُّ ولدٍ. قُتلَ يومَ الحرَّةَ سنةَ ثلاثٍ وستين.

[4162] مصعبُ بنُ عُكَّاشةَ بنِ مصعبِ بنِ الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ

(4)

قُتِلَ هو وعمُّه حمزةُ بنُ مصعبٍ، وابنُه عمارةُ، وعَتيقُ بنُ عامرِ بنِ عبد الله بنِ الزُّبيرِ، وابنُه عَمروٌ، وصالحُ بنُ عبد الله بنِ عروةَ بنِ الزُّبيرِ، وابنُ عمِّهم الحكمُ بنُ يحيى، والمنذرُ بنُ عبد اللهِ بنِ المنذرِ بنِ الزُّبيرِ،

(1)

"الطبقات الكبرى" 5/ 157، "التاريخ الكبير" 7/ 350، "الجرح والتعديل" 8/ 303.

(2)

"تاريخ الإسلام" 5/ 249.

(3)

"الثقات" 5/ 411.

(4)

"جمهرة نسب قريش"، ص: 315، "المحن"، ص: 266، "تاريخ الإسلام" 8/ 27.

ص: 293

وسعيدُ بنُ محمَّدِ بنِ خالدِ بنِ الزُّبيرِ، وابنٌ لموسى بنِ خالدِ بنِ الزُّبيرِ، وابنُ عمِّهم مهندٌ في أربعينَ رجلًا مِن بني أسدِ بنِ عبد العُزَّى بالمدينة، على يدِ أبي حمزةَ المختارِ الخارجيِّ، في سنةَ ثلاثين

(1)

.

[4163] مصعبُ بنُ عُميرِ بنِ هاشمِ بنِ عبد مَنافِ ابنِ عبد الدَّارِ بنِ قُصيِّ بنِ كِلابٍ أبو عبد الله، القُرَشيُّ، العبدريُّ

(2)

أحدُ السَّابقينَ إلى الإسلامِ، ممَّنْ أوثقَته قريشٌ، ولم يزلْ محبوسًا حتَّى فرَّ مع مَنْ هاجرَ إلى الحبشةِ، ثمَّ رجعَ إلى مكَّةَ، فهاجرَ إلى المدينةِ، وشهدَ بدرًا، وأُحُدًا ومعه اللِّواءُ، فاستُشهدَ ولم يتركْ إلَّا ثوبًا، فكانَ إذا غطَّوا رأسَه خرجتْ رِجلاه، وإذا غطَّوا رجليه خرجَ رأسُه، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

(3)

: "غطُّوا بها رأسَه، واجعلُوا على رجليهِ شيئًا من الإِذخرِ"

(4)

.

وكانَ أنعمَ غلامٍ بمكَّة، وأجودَه حُلَّةً مع أبويه، ولذا لمَّا رآه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بكى لِمَا صارَ إليه بعدَ تلك النِّعمة

(5)

.

(1)

أي: بعد المئة. انظر: "الكامل" لابن الأثير 5/ 389.

(2)

"أسد الغابة" 4/ 405، "الإصابة" 3/ 421.

(3)

أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب: إذا لم يجد كفنًا إلا ما يواري رأسه أو قدميه، غطى رأسه (1276)، ومسلم في الجنائز، باب: في كفن الميت 2/ 649 (940).

(4)

الإذخرُ: نبتٌ، وهو طيب الرائحة. "الصحاح": ذخر.

(5)

أخرجه البخاري في الجنائز، باب: الكفن في القميص الذي يُكفُّ والذي لا يُكفُّ، ومن كفن بغير قميص (1276)، ومسلم في كتاب الجنائز، بابٌ في كفن الميت 2/ 649 (940).

ص: 294

ولما انصرف النَّاس من العقبة الأولى، بعثَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم معَ أصحاب العقَبةِ الأولى إلى المدينةِ، وأمرَهُ أنْ يُقرئَهم القرآنَ، ويُفقِّهَهم في الدِّينِ، فأسلمَ أهلُ المدينةِ على يدهِ، قبلَ قدومِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إياها، واستُشهدَ يومَ أُحدٍ.

[4164] مصعبُ بنُ مصعبِ

(1)

بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ عوفٍ الزُّهريُّ

(2)

عن: ابن شهاب، وعنه: عبد الملكِ بنِ زيدِ بنِ سعيدِ بنِ زيدٍ. ذكرَه ابنُ أبي حاتم

(3)

، وقالَ: سمعتُ عليَّ بنَ الحسينِ بنِ الجنيدِ حافظَ حديثِ الزُهريّ ومالك يقول: إنَّه ضعيفُ الحديثِ، وقالَ الدَّارقطنيُّ في "الجرح والتعديل"

(4)

: مصعبُ بنُ مصعبٍ، يقالُ: إنَّهُ مِن ولدِ عبد الرَّحمنِ ابن عوفٍ، وقيل: مِن ولدِ زيدِ بنِ الخطَّابِ، وقيل: مِن ولدِ مصعب بنِ المقدامِ، له عن الزُّهريِّ حديثان، وهو ثقةٌ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(5)

، وقال: يروي عن: أبيه، روى عنه: أهلُ الحجازِ، واختصرَ الذَّهبيُّ في "ميزانه"

(6)

كلامَ ابن أبي حاتم على غيرِ وجهِه، فقالَ: قالَ

(7)

ابنُ أبي حاتم: ضعَّفوه، والذي فيه ما تقدَّمَ، نبَّهَ عليه شيخُنا في "لسانه"

(8)

.

(1)

كتب فوقها في الأصل: "صح".

(2)

"التاريخ الكبير" 7/ 350، "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي 3/ 123، "المغني في الضعفاء" 2/ 661.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 306.

(4)

كذا في الأصل، ولعله سبق قلم منه، و الصواب:"العلل"، انظر: 9/ 250 (1739) منه.

(5)

"الثقات" 7/ 478.

(6)

"ميزان الاعتدال" 4/ 122.

(7)

كلمة: "قال"، لحَقٌ في الهامش، وكُتب فوقها:"صح".

(8)

"لسان الميزان" 8/ 78.

ص: 295

[4165] مطَرٌ الوَرَّاقُ

(1)

رأيتُ ما يشهدُ لكونِه قدمَ المدينةَ، وجاورَ بها، فيحرَّرُ، كتبتُ الحكاية في النَّاصبةِ

(2)

مِن الفِرَق.

[4166] مطرِّفُ بنُ عبد الله بنِ مُطرِّفِ بنِ سليمانَ ابنِ يسارٍ، أبو مصعبٍ الهلاليُّ، اليساريُّ الحارثيُّ، المَدنيُّ، الأُطروشُ

(3)

، الفقيهُ

(4)

ابنُ أختِ مالكٍ، ومولى أمِّ المؤمنين ميمونة، يقال: إنَّ مُطَرِّفًا لقبُه. يروى عن: خالِه، وابنِ أبي ذئب، وعبد الله بنِ عمرَ العُمَريِّ، وعبد الرَّحمنِ بن أبي المَوالِ، ومسلمِ بنِ خالدٍ الزِّنجيِّ، ونافعِ بنِ أبي نُعَيمٍ، وعبد الرَّحمنِ بنِ أبي الزِّناد، وعبد الرَّحمنِ وعبد الله وأسامةَ بني زيدِ ابنِ أسلمَ، وغيرِهم، وعنه: البخاريُّ في "صحيحه"

(5)

، ومعنُ بنُ عيسى القزَّازُ، وهو أكبرُ منه، وهارونُ الحمَّالُ، والرَّبيعُ المراديُّ،

(1)

ترجمته في "تهذيب الكمال" 28/ 53.

(2)

النَّواصبُ عند أهل السُّنة: هم الخوارج لإجماعهم على تكفير علي رضي الله عنه.

ويُطلق الروافضُ تسميةَ النواصب على أهل السُّنة، والزيدية من الشيعة. "أصول مذهب الشيعة الإمامية" 3/ 1104.

(3)

الأَطْرشُ، والأُطروش: الأصمُّ. "لسان العرب": طرش.

(4)

"التاريخ الكبير" 7/ 397، "تهذيب الكمال" 28/ 70.

(5)

كتاب الدعوات، باب: الدعاء عند الاستخارة (6382).

ص: 296

وإبراهيمُ بنُ المنذرِ الحزاميُّ، وأبوا زُرعةَ الرَّازيُّ، والدِّمشقيُّ، وأبو حاتم، ويعقوبُ بنُ سفيانَ، وأبو يحيى بنُ أبي مسرَّة، وعبد الكريمِ بنُ الهيثمِ الدَّيرعاقوليُّ، وبشرُ بنُ موسى، وآخرون. قالَ أبو حاتم

(1)

: مضطربُ الحديثِ، صدوقٌ، وهو أحبُّ إليَّ من إسماعيلَ بنِ أبي أويسٍ، ماتَ سنةَ عشرين ومئتين، وتابعه على وفاتِه أحمدُ ابنُ أبي خَيثمةَ، وقالَ: جاءنا نعيهُ يعني فيها، وقالَ ابنُ عَدِيٍّ

(2)

: يأتي بمناكير، ثمَّ ساقَ له أحاديثَ الآفةُ فيها مِن غيره لا منه. وقالَ ابنُ سعدٍ

(3)

والدَّارقطنيُّ: ثقةٌ. زادَ أوَّلهُما: وبه صَممٌ. وذكرَهُ ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(4)

، وكانَ مِن كبارِ الفقهاءِ المالكيةِ. قيل: إنَّ مولدَه سنةَ سبعٍ وثلاثين ومئةٍ، وماتَ بالمدينةِ سنةَ أربعَ عشرةَ ومئتين.

[4167] مُطّرِّفُ بنُ مازنٍ الأصم

(5)

هكذا في الآقشهري

(6)

، وكأنَّه وهم، والأصمُّ هو الذي قبلَه لا ابنُ مازنٍ، وابن مازن في "الميزان"

(7)

وغيرِه، وهو صنعانيٌّ، لم أر مَن نسبَه مدنيًّا.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 315.

(2)

"الكامل في الضعفاء" 6/ 377.

(3)

"الطبقات الكبرى" 5/ 438.

(4)

"الثقات" 9/ 183.

(5)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 570، "الجرح والتعديل" 8/ 314، "لسان الميزان" 8/ 82. وهو صنعانيٌّ، كما قال المؤلف.

(6)

"الروضة الفردوسية" 2/ 1016، وقال: وكان به صمم، وذكر أنه توفي بالمدينة.

(7)

"ميزان الاعتدال" 4/ 125.

ص: 297

[4168] المُطَّلبُ بنُ أبي وَداعةَ بنِ الحارثِ بنِ صُبيرةَ

(1)

بنِ سَعَيدِ ابنِ سعدِ بنِ سهمِ بنِ عَمروِ بنِ هُصَيصِ بنِ كعبِ بنِ لُؤيِّ ابنِ غالبٍ، أبو عبد الله القُرَشيُّ، السَّهميُّ، المكِّيُّ

(2)

صحابيُّ، حديثُه عندَ أحمدَ

(3)

، وغيرِه، وكانَ لِدةَ

(4)

النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، ذكرَه ابنُ سعد

(5)

في مُسلمة الفتح، وقالَ الواقديُّ: إنَّه نزلَ المدينةَ، وله بها دارٌ، وبقيَ دهرًا، وفي "المغازي" لابن إسحاق: أنَّ أباه أُسرَ يومَ بدرٍ

(6)

، فقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

(7)

: "إنَّ له ابنًا كيِّسًا، تاجرًا، ذا مالٍ، كأنَّكم به قد جاء في فداءِ أبيه"، فكان كذلك. روى عنه: بنوه جعفرٌ، وكثيرٌ، وعبد الرَّحمنِ، وحفيدُه أبو سفيانَ بنُ عبد الرَّحمنِ، وترجمتُه بأبسَط في "الإصابة"

(8)

، وذكرَه مسلمٌ

(9)

فيمَن عُدَّ من الصَّحابةِ مِن أهلِ مكَّة.

(1)

بالصاد، وكذا ذكره السهيلي في "الروض الأنف" 2/ 79، وقيل: بالضاد، وانظر:"نسب قريش"، ص:406. وضبطه ابن حجر في "تبصير المنتبه" 3/ 831 بضم الصاد.

(2)

"أسد الغابة" 4/ 414.

(3)

"المسند" 3/ 420.

(4)

أي: مساويه في العمر. قال الجوهريُّ: لِدَةُ الرَّجل: تِرْبُه، والهاءُ عوضٌ من الواو الذَّاهبةِ من أوله."الصحاح": ولد. وتِرْبُ الرَّجل: الذي وُلد معه."لسان العرب": ترب.

(5)

"الطبقات الكبرى" 5/ 453.

(6)

"السيرة النبوية"، لابن هشام 2/ 356.

(7)

أخرجه أحمد في "المسند" 6/ 9 مرسلًا.

(8)

"الإصابة" 3/ 425.

(9)

"الطبقات" 1/ 164 (195).

ص: 298

[4169] المطَّلبُ بنُ عبد الله بنِ حَنْطبٍ المخزوميُّ

(1)

يكنى أبا الحكَم، ذكرَه مسلمٌ

(2)

في ثالثةِ تابعي المَدنيّين، وله روايةٌ عن عثمانَ في زيادتِه في المسجدِ حين سُئلَ فيه.

[4170] مطيعُ بنُ الأسودِ بنِ حارثةَ بنِ نَضلةَ ابِن عوفٍ، العَدَويُّ

(3)

كانَ من مُسلمةِ الفتح، واسمُه العاصي، فسمَّاه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مُطيعًا

(4)

.

روى عن: النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وحديثُهُ في مسلمٍ

(5)

، والبخاريِّ في "الأدب المفرد"

(6)

له، روى عنه: ابنُه عبد الله الماضي (2110)، وعيسى بنُ طلحةَ ابنِ عبيدِ الله. قالَ مصعبٌ

(7)

: ماتَ بالمدينةِ في خلافةِ عثمانَ، وأوصى إلى الزُّبيرِ بتركته.

(1)

"الثقات" 5/ 450، "مشاهير علماء الأمصار"(521)، وقال: من متقني أهل المدينة، "تاريخ دمشق" 58/ 358.

(2)

"الطبقات" 1/ 268 (1066).

(3)

"أسد الغابة" 4/ 415، و "الإصابة" 3/ 425.

(4)

"المسند" 3/ 412، وصحيح مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب: لا يقتل قرشيٌّ صبرًا بعد الفتح 3/ 1409 (89).

(5)

أخرجه مسلم 3/ 1409 (1782).

(6)

"الأدب المفرد"، باب: العاصِ، ص: 220 (830).

(7)

"نسب قريش" ص: 384.

ص: 299

وقالَ النَّوويُّ: ماتَ بمكَّة أو بالمدينةِ. وعدَّهُ مُسلمٌ

(1)

في المكِّيِّين، وقالَ ابنُ البرقيِّ: ذكر بعضُ أهلِ الحديثِ أنَّه قُتلَ يومَ الجمعة، ويقالُ: لم يدركْ من عُصاة

(2)

قريشٍ الإسلامَ أحدٌ غيرُه.

[4171] مُظاهرُ

(3)

بنُ أسلمَ، ويقالُ: ابنُ محمَّدِ ابنِ أسلمَ المخزوميُّ، المَدنيُّ

(4)

له في الطَّلاقِ عن: القاسمِ بنِ محمَّدٍ، وسعيدٍ المقبُريِّ، وعنه: ابنُ جُريجٍ، وسليمانُ بن موسى، والثَّوريُّ، وأبو عاصمٍ النَّبيلُ. ضعَّفَهُ غيرُ واحدٍ، فقالَ ابنُ مَعينٍ: إنَّه ليس بشيءٍ مع أنَّه رجلٌ لا يُعرف، وقالَ أبو حاتمٍ

(5)

: منكرُ الحديث، ضعيفُ الحديثِ، وقالَ البخاريُّ

(6)

: ضعَّفه أبو عاصمٍ. [يعني: النَّبيلَ، زادَ غيرُه: وليس بالبصرة حديثٌ أنكرُ مِن حديثِه

(7)

، وكذا ضعَّفه النَّسائيُّ]

(8)

، وقالَ أبو داود: مجهولٌ

(9)

، وحديثُه في طلاقِ الأمَة منكرٌ.

(1)

"الطبقات" 1/ 164 (202).

(2)

العصاة: جمع العاصي، أي: من اسمه كذلك.

(3)

بضم الميم، كما في "توضيح المشتبه" 8/ 112.

(4)

"الأسماء المفردة" للبرديجي، ص: 153، و"تهذيب الكمال" 28/ 96.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 439، وقوله: رجل لا يعرف، من كلام أبي حاتم لا ابن معين.

(6)

"التاريخ الكبير" 8/ 73.

(7)

"معرفة السنن والآثار" 11/ 93.

(8)

ما بين المعقوفتين من حاشية الأصل.

(9)

وفي "السنن" 3/ 513 قال أبو داود عقب الحديث: وهو حديث مجهول.

ص: 300

وقالَ الترمذيُّ

(1)

: إنَّه لا يُعرفُ له في العلم غيره، وهو غريبٌ لا نعرفُه إلَّا من حديثه، وقالَ السَّاجيُّ: تفرَّدَ به عن القاسم، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في ثالثةِ "الثِّقات"

(2)

، وأنَّه مِن أهلِ مكَّةَ، وله عندَ ابنِ عديٍّ

(3)

حديثٌ غيرُ المتقدِّم، وأفادَ شيخُنا

(4)

آخرَ. قالَ: وما أظنُّ له غيرَها.

[4172] مظفرٌ، نجمُ الدِّينِ ابنُ شهابِ الدِّينِ ابنِ مقلِّدٍ الحَمويُّ

الماضي أبوه

(5)

(5097). صالحٌ دَيِّنٌ، تردَّدَ إلى الحرمين غيرَ مرَّةٍ، وماتَ بحماةَ. أثنى عليه ابنُ صالح.

[4173] مُظَهِّرٌ -كمُفرِّجٍ- ابنُ رافعِ بنِ عديِّ بنِ زيدِ بنِ جُشمَ ابنِ جاريةَ الأنصاريُّ، الحارثيُّ

(6)

عمُّ رافعِ بنِ خَديج، وأخو ظُهيرٍ، بالتَّصغير، لهما صحبةٌ ورواية.

(1)

سنن الترمذي، كتاب الطلاق، باب: ما جاء أن طلاق الأمة تطليقتان، بعد حديث (1182).

(2)

"الثقات" 7/ 538.

(3)

"الكامل" 6/ 449.

(4)

قال الحافظ في "التهذيب" 8/ 216: تفرَّد بحديث القاسم، وقد ذكرتُ له آخر. اهـ.

ولم يبين هذا الحديث الآخر.

(5)

كذا قال، والصواب: الآتي أبوه.

(6)

"أسد الغابة" 4/ 416، و "الإصابة" 3/ 426.

ص: 301

روى عنهما: ابنُ أخيهما رافعٌ، ومظهرٌ؛ ذكرَه الواقديُّ

(1)

فيمَن شهدَ أُحُدًا، وعاش إلى خلافة عمر، فقتلَه أعلاجٌ

(2)

مِن عبيدِه بخيبرَ كان أقامهم يعملون له في أرضِه، حملَهم اليهودُ على ذلك.

[4174] معاذُ بنُ أُبيِّ بنِ كعبٍ الأنصاريُّ، المَدنيُّ

(3)

عن: أبيه، وعنه: ابنُه محمَّدٌ. له ذِكرٌ في حفيدِه: معاذِ بنِ محمَّدٍ، الآتي قريبًا (4186).

[4175] معاذُ بنُ جبلِ بنِ عمروِ بنِ أوسِ بنِ عابدِ بنِ عديِّ بنِ كعبِ بنِ عَمروِ ابنِ أديِّ بنِ [سعد بن]

(4)

عليِّ بنِ أسدِ بنِ ساردةَ

(5)

بنِ يزيدَ ابنِ جُشَمَ، أبو عبد الرَّحمنِ الخزرجيُّ، الأنصاريُّ، المَدنيٌّ

(6)

الإمامُ الرَّبانيُّ، المقدَّمُ في علمِ الحلال والحرام، أسلمَ وهو ابنُ ثماني عشرةَ سنة، وشهد بدرًا، والعَقبةَ، والمشاهدَ. روى عن: النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وعنه: ابنُ عبَّاسٍ، وأبو موسى الأشعريُّ، وابنُ عمرَ، وابن عَمروٍ، وعبد الرَّحمنِ بنُ سمُرَةَ، وابنُ أبي أوفى، وأنسٌ، وجابرٌ، وأبو الطُّفيل،

(1)

"مغازي الواقدي" 2/ 716.

(2)

الأعلاجُ: جمعُ عِلجٍ، وهو الرجل من كفار العجم. "الصحاح": علج.

(3)

"التاريخ الكبير" 7/ 364، و "الثقات" 5/ 422، و "الجرح والتعديل" 8/ 247.

(4)

زيادة من "الإصابة".

(5)

في المخطوطة: "ناردة"، وهو تحريف، والتصويب من "أسد الغابة" 4/ 418.

وقال ابنُ دريدٍ: ساردةُ بطنٌ. "الاشتقاق"، ص:461.

(6)

"أسد الغابة" 4/ 418.

ص: 302

وعبد الرَّحمنِ بنُ غنمٍ، وأبو مسلمٍ الخولانيُّ، وأبو عبد الله الصُّنابحيُّ، وأبو وائلٍ، ومسروقٌ، وعبد الله بنُ شدَّادِ ابنِ الهادِ، والأسودُ بنُ هلالٍ، والأسودُ بنُ يزيدَ، وقيسُ بنُ أبي حازمٍ، وعمروُ بنُ ميمونٍ الأوديُّ، ومالكُ ابن يخامرَ السَّكسكيُّ، ويزيدُ بنُ عميرةَ الزبيديُّ، وأبو إدريس الخَولانيُّ، وأبو بحريةَ السَّكونيُّ، وأبو ظبيةَ الكَلاعيُّ، وعطاءُ بنُ يسارٍ، وعبد الرَّحمنِ ابنُ أبي ليلى، وخَلقٌ.

قالَ قتادةُ عن أنسٍ

(1)

: جمعَ القرآنَ على عهدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أربعةٌ، كلُّهم مِن الأنصار: أُبيٌّ، ومعاذٌ، وزيدُ بنُ ثابتٍ، وأبو زيدٍ.

وقالَ مسروقٌ عن ابن عمروٍ: أربعةُ رهطٍ لا أزالُ أحبُّهم بعدَ ما سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

(2)

: "اقرؤوا القرآنَ مِن أربعةٍ: ابنِ مسعودٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفةَ، وأُبيٍّ، ومعاذٍ".

وعن أبي قِلابةَ عن أنسٍ مرفوعًا

(3)

: "وأعلمُهم بالحلالِ والحرامِ معاذٌ". ويروى عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مُرسلًا ومتَّصلًا

(4)

: "يأتي معاذٌ يومَ القيامةِ أمامَ العلماءِ بِرَتْوةٍ".

(1)

أخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب: القُرَّاء من أصحاب النبي (5003)، ومسلم في الفضائل، باب في فضائل أُبي 4/ 1914 (2465).

(2)

أخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب: القراء من أصحاب النبي (4999)، ومسلم في الفضائل، باب: من فضائل عبد الله 4/ 1913 (2464).

(3)

أخرجه أحمد 3/ 184، والترمذي في المناقب، باب: مناقب معاذ بن جبل (3790)، وحسَّنه.

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 17/ 228 (32959)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 229. والطريق المرسل للحديثِ رجالُه ثقات.

والرَّتوة: رمية بسهم. "النهاية في غريب الحديث" 2/ 195.

ص: 303

وقالَ الشَّعبيُّ عن مسروقٍ: كنَّا عندَ ابنِ مسعودٍ، فقرأ: إنَّ معاذًا كانَ أمَّةً قانتًا لله حنيفًا. الآية

(1)

، فقالَ فروةُ بنُ نوفل: نسي، فقالَ ابنُ مسعودٍ: مَن نسيَ! إنَّا كنا نُشبِّهه بإبراهيمَ الخليل، ورواه أبو الأحوص عن ابن مسعودٍ نحوَه.

وقالَ الأعمشُ عن أبي سفيانَ: حدَّثني أشياخٌ منَّا، فذكرَ قصَّةً فيها: فقالَ عمر: عجزت النِّساءُ أنْ تلدْنَ مثلَ معاذٍ، لولا معاذٌ هلكَ عمرُ.

ومناقبُهُ كثيرةٌ جدًّا. قالَ له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معاذُ، والله إنِّي لأحبُّكَ"

(2)

.

وكانَ رجلًا طُوالًا، أبيضَ، حسنَ الثَّغر، عظيمَ العينينِ، مجموعَ الحاجبين، جَعدًا قططًا، مِن أحسنِ [النَّاسِ]

(3)

وجهًا، وأحسنِه

(4)

خُلقًا، وأحسنِه كفًّا، فادّانَ دَينًا كثيرًا، بحيث تغيَّب من غرمائِه، ثمَّ طلبه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ومعه غرماؤه، فقال

(5)

: "رحمَ اللهُ مَن تصدَّقَ عليه"، فأبرأه ناسٌ، وقالَ آخرون: خذ لنا حقَّنا منه فخلعَهُ من ماله، ودفعَه إلى الغُرماء، فاقتسموه، وبقيَ لهم عليه، فبعثَه إلى اليمنِ، وقالَ:"لعلَّ اللهَ يجبرُكَ"، فلم يزلْ بها

(1)

يريد قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120]، والخبر في "حلية الأولياء" 1/ 230.

(2)

أخرجه أبو داود في الصلاة، باب: في الاستغفار (1517)، وهذا الحديث يسمى الحديث المسلسل بالمحبة.

(3)

لحق بالحاشية، فوقها:"صح".

(4)

كذا في الأصل، والأصوب: أحسنهم.

(5)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 587، والحاكم في "المستدرك" 3/ 274، وفي سنده الواقديُّ، وهو متروك.

ص: 304

حتَّى توفي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وقدمَ على أبي بكرٍ رضي الله عنهما. قالَ أبو مُسهرٍ: ماتَ سنةَ سبعَ عشرةَ، قال: وقرأتُ مثلَه في كتاب أبي عبيدة بن مهاجر، وكان سعيدُ بنُ عبد العزيز يقول: إنَّه صحيحٌ.

وقالَ ابنُ مَعينٍ: فيها أو في سنةِ ثماني عشرةَ، وهو ابنُ أربعٍ وثلاثين.

وجزمَ الواقديُّ بثمانيَ عشرةَ، وهو ابنُ ثمانٍ وثلاثين، قالَ الواقديُّ: وكانَ من أجملِ النَّاس. وفيها أرَّخه غيرُ واحدٍ، وإنَّه استُشهد هو وابنُه عبد الرَّحمنِ في طاعون عَمْواس، وقبرُه بالغَورِ

(1)

.

قالَ شهرُ بنُ حوشبَ عن الحارثِ بنِ عُمَيرةَ الزَّبيديِّ: إني لجالسٌ عندَه وهو يموتُ، فأفاق، وقالَ: اخنقْ عليَّ خنقك، فوَعِزَّتِكَ إنِّي لأحبُّه

(2)

.

وترجمتُه تحتملُ كراريس، وهو في "التَّهذيب"

(3)

، وأوَّلِ "الإصابة"

(4)

، وابنِ حِبَّانَ

(5)

، و"تاريخ حلب"

(6)

لابن العديم، و"اليمنِ" للجنَديِّ

(7)

، و"القُرَّاء"

(8)

للذَّهبيِّ، ومَنْ لا يُحصر.

(1)

أي: غَور الأردن.

(2)

"تاريخ الإسلام" 3/ 178.

(3)

"تهذيب الكمال" 28/ 105، "تهذيب التهذيب" 8/ 220.

(4)

"الإصابة" 3/ 426.

(5)

"الثقات" 3/ 368.

(6)

لم أقف عليه في المطبوع من "بغية الطلب".

(7)

واسم تاريخه "السلوك في طبقات العلماء والملوك" 1/ 81، "العقد الفاخر" 4/ 2121.

(8)

وهم المؤلف في هذا، فلم يذكره الذهبي في "طبقات القراء"، وإنما ذكره ابن الجزري في "طبقات القراء" 2/ 301.

ص: 305

[4176] معاذُ بنُ الحارثِ بنِ الأرقمِ بنِ عونِ بنِ وهبِ بنِ عَمروٍ أبو حَليمةَ الأنصاريُّ، المَدنيُّ، القارئ

(1)

وهو بكُنيته أشهرُ، ويقالُ: إنَّها لقبُه، وكنيتُه أبو الحارث. ذكرَه مسلمٌ

(2)

في ثانية تابعي المَدنيّين. قالَ ابنُ عبد البَرِّ

(3)

: شهدَ الخندق، وقيل: لم يدركْ من حياةِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إلَّا ستَّ سنين. زادَ غيرُه: إنَّ البزَّار روى له حديثًا، وصرَّحَ فيه بسماعِه من النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد روى أيضًا عن: أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وشهدَ الجسرَ

(4)

مع أبي عبيدٍ

(5)

، روى عنه: ابنُ سيرين، ونافعٌ مولى ابنِ عمرَ، وسعيدٌ المقبُريُّ.

قالت عَمرَةُ: ما كان يوقظُنا من اللَّيلِ إلَّا قراءتُه، وكان يقنتُ في رمضان، فقد كانَ عمرُ أقامَه للنَّاسِ يصلَّي بهم التَّروايح.

قالَ البخاريُّ

(6)

: يُعدُّ في أهلِ المدينة، وذكرَه مسلمٌ

(7)

في الطَّبقة الأولى من أهلها.

(1)

"أسد الغابة" 4/ 421.

(2)

"الطبقات" 1/ 231 (652).

(3)

"الاستيعاب" 3/ 462.

(4)

راجع خبر يوم الجسر في "الكامل" لابن الأثير 2/ 438، حوادث سنة 13 هـ.

(5)

في الأصل: "أبي عبيدة"، وهو خطأ، وصوابه أبو عبيد بن مسعود، أحد قوَّاد المعركة.

(6)

"التاريخ الكبير" 7/ 361.

(7)

"الطبقات" 1/ 231 (652).

ص: 306

قالَ ابنُ سعدٍ وأبو أحمدَ الحاكمُ: قُتِلَ يومَ الحَرَّة، وكذا قالَ أبو حاتم

(1)

: يقالُ: إنَّه قتِلَ بالحَرَّةِ، وكانت سنةَ ثلاثٍ وستين، ولذا قالَ ابنُ حِبَّانَ

(2)

: عاشَ

(3)

تسعًا وستين سنةً، وهو في "التَّهذيب"

(4)

، وأوَّل "الإصابة"

(5)

، وغيرِهما.

[4177] معاذُ بنُ الحارثِ بنِ رفاعةَ بنِ الحارثِ بنِ سوادِ بنِ مالكِ ابنِ غَنمِ بنِ مالكِ بنِ النَّجَّارِ الأنصاريُّ، الخزرجيُّ

(6)

المعروفُ بابنِ عَفراءَ، وهي أمُّه. صحابيٌّ، شهدَ العَقبة الأوَّلى مع السِّتةِ الذين كانوا أوَّل مَنْ لقيَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مِن الأوسِ والخزرجِ، وشهدَ بدرًا، وشركَ في قتلِ أبي جهلٍ، وعاشَ بعدَ ذلك، وقيل: بل جُرحَ في بدرٍ، فماتَ مِن جراحتِه، وله روايةٌ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عندَ النَّسائيِّ

(7)

، وغيرِه، وذكرَه مسلمٌ

(8)

فيمن عُدَّ من الصَّحابةِ في المكِّيّين، وهو في "الإصابة"

(9)

.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 246.

(2)

"الثقات" 5/ 422، وليس فيه هذه العبارة، "الإصابة" 6/ 110.

(3)

مكررةٌ في الأصل خطًا.

(4)

"تهذيب الكمال" 28/ 117، "تهذيب التهذيب" 8/ 222.

(5)

"الإصابة" 3/ 427.

(6)

"الطبقات الكبرى" 3/ 491، "أسد الغابة" 4/ 421.

(7)

كتاب الصلاة، باب: من أدرك ركعتين من العصر (515).

(8)

"الطبقات" 1/ 164 (207).

(9)

"الإصابة" 3/ 428.

ص: 307

[4178] معاذُ بنُ رفاعةَ بنِ رافعِ بنِ مالكِ بنِ العجلانِ بنِ عَمروِ ابنِ عامرِ بنِ زُريقٍ الأنصاريُّ، الزُّرَقيُّ، المَدنيُّ

(1)

أخو عبيدٍ الماضي (2628)، يروي عن: أبيه، وجابرٍ، ورجلٍ مِن بني سلمة -يقالُ له: سليمٌ- قصَّةَ معاذ بن جبلٍ

(2)

مرسل-، ومحمَّدِ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ عمروِ بنِ الجَموح، وخَولةَ ابنةِ حكيم، وخولةَ ابنةِ قيسٍ، وعنه: حفيدُ أخيه رفاعةُ بنُ يحيى بنِ عبد الله بنِ رِفاعةَ الماضي (1197)، وحفيدُه هو عيسى بن النعمان بن معاذ، وهشامُ بنُ هارون، ويحيى بنُ سعيدٍ الأنصاريُّ، ويزيدُ بنُ عبد الله ابنِ الهادِ، وعبد الله بنُ محمَّدِ بنِ عقيل، وابنُ إسحاقَ، وغيرُهم.

ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في ثانية "الثِّقات"

(3)

، وخرَّجَ له البخاريُّ

(4)

، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(5)

، وقالَ الذَّهبيُّ

(6)

: ثقةٌ. زادَ غيرُه: إنَّه يحكى عن ابن مَعينٍ

(7)

أنَّه ضعيفٌ، وقال الأزديُّ: لا يحتجُّ به.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 361، و"رجال البخاري" 2/ 701.

(2)

"الطبقات الكبرى" 3/ 587.

(3)

"الثقات" 5/ 421.

(4)

كتاب المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا (3992).

(5)

"تهذيب الكمال" 28/ 121، و"تهذيب التهذيب" 8/ 223.

(6)

"تاريخ الإسلام" 7/ 260.

(7)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 571.

ص: 308

[4179] معاذُ بنُ الصِّمَّةِ بنِ عَمروِ بنِ الجَموحِ الأنصاريُّ

(1)

قالَ العَدَويُّ

(2)

: شهدَ أُحدًا وما بعدَها، وقُتلَ يومَ الحَرَّةِ، وقالَ أبو عُبيد القاسمُ بنُ سلَّامٍ: إنَّ معاذَ بنَ الصِّمَّة شهد بدرًا هو وأخوه خراش

(3)

، قالَ شيخُنا

(4)

: فيحرَّرُ أهو هذا أو غيره؟.

[4180] معاذُ بنُ عبد الله بنِ خُبيبٍ الجُهَنيُّ، المَدنيُّ

(5)

ذكرَه مسلمٌ

(6)

في ثالثةِ تابعي المَدنيّين.

يروي عن: أبيه، وأخيه عبد الله، وعقبةَ بنِ عامرٍ الجهنيِّ، وابن عبَّاسٍ، وجابرِ بنِ عبد الله، وعبد الله بنِ أُنيسِ الجُهَنيينِ، وسعيدِ بنِ المسيَّبِ، في آخرين.

وعنه: عبد الله بنُ سليمانَ بنِ أبي سلمةَ الأسلميُّ، وزيدُ بنُ أسلمَ، وأسامةُ بنُ زيدٍ اللَّيثيُّ، وأُسيْدُ بنُ أبي أسيدٍ، وبكيرُ بنُ الأشجِّ، وهشامُ بنُ سعدٍ، وغيرُهم.

(1)

"أسد الغابة" 4/ 425.

(2)

أحمد بن محمد بن عبيد أبو عبد الله العدوي، له كتاب في نسب قريش اعتمده ابن عبد البر، ينظر:"الإنباه عن قبائل الرواة" ص: 15، 42، 43، 45.

(3)

وكذا ذكرهما ابن الكلبي في نسب معد من "جمهرته" 1/ 427.

(4)

"الإصابة" 3/ 429، والظاهر أنه هو نفسه، فلا ذكر لمعاذ بن الصمة غير هذا.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 246، و"الإكمال" 2/ 303.

(6)

"الطبقات" 1/ 249 (876).

ص: 309

قالَ ابنُ مَعينٍ

(1)

: من الثِّقات، وقالَ أبو داود: ثقةٌ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في ثانية "الثِّقات"

(2)

، وابنُ سعدٍ

(3)

في الطَّبقةِ الثَّانيةِ من أهل المدينة، ماتَ سنةَ ثماني عشرةَ ومئةٍ، وهو في "التَّهذيب"

(4)

.

[4181] معاذُ بنُ عبد الرَّحمنِ التَّيميُّ

(5)

ذكرَه مسلمٌ

(6)

في ثالثةِ تابعي المَدنيّين.

[4182] معاذُ ابنُ التَّاجِ عبد الوهَّابِ ابنِ المحبِّ محمَّدٍ الأنصاريُّ، الزَّرَنْديُّ، المَدنيُّ، الشَّافعيُّ

(7)

كأبيه (2569) وجدِّه (3765)، أخو عبد السَّلامِ (2407)، وعبد الواحدِ (2550)، ومحمَّدٍ (3717) المذكورينَ. وهو سِبطُ الجمالِ الكازرونيِّ، سمع عليه، وعلى أبي الفتح المراغيِّ وقرأ "مسلمًا" في سنةِ تسعٍ وأربعين وثماني مئةٍ، ولم يقتفِ طريقةَ والدِه في التَّمذهب للشَّافعيِّ من بنيه سواه.

(1)

"تاريخ ابن معين" رواية الدارمي ص: 165 (593).

(2)

"الثقات" 5/ 422.

(3)

"الطبقات الكبرى"، القسم المتمم للتابعين ص:140.

(4)

"تهذيب الكمال" 28/ 125، "تهذيب التهذيب" 8/ 225.

(5)

كتب في الأصل "السهمي"، وتحتها:"التيمي".

وترجمته في "التاريخ الكبير" 7/ 263، "الثقات" 3/ 370، "الطبقات الكبرى" 5/ 241.

(6)

"الطبقات" 1/ 249 (872).

(7)

"الضوء اللامع" 10/ 161، ولم يذكر سنة وفاته.

ص: 310

[4183] معاذُ بنُ عُبيدِ الله بنِ مَعْمَرٍ التَّيميُّ، القُرَشيُّ

(1)

مِن أهلِ المدينة. يروي عن: عثمانَ، وعائشة، وعنه: ابنُ أبي مُليكةَ. قالَه ابنُ حِبَّانَ في ثانيه "ثقاته"

(2)

، وهو أخو عمرَ الماضي (3042).

[4184] معاذُ بنُ عَمروِ بنِ الجموحِ بنِ زيدِ بنِ حرامٍ الأنصاريُّ

(3)

أخو معوِّذٍ. شهدَ بدرًا، وغيرَها، وروى عنه: ابن عبَّاسٍ، وهو الذي قُطعتْ يدُه يومَ بدرٍ، وبقيت معلَّقةً بجلده وهو يقاتلُ عامَّةَ يومِه، وهو يسحبُها، فلمَّا آذتْه تمطَّى بها، وطرحَها، ثمَّ بقيَ إلى أنْ ماتَ في خلافةِ عثمان. ذُكرَ في أوَّلِ "الإصابة"

(4)

، وابنِ حِبَّانَ

(5)

.

[4185] معاذُ بنُ محمَّدِ بنِ عَمروِ بنِ محصنٍ، أبو الحارثِ النَّجَّاريُّ، مِن بني النَّجَّار

(6)

كانَ إمامَ مسجدِ الرَّسولِ ثلاثين سنةَ، روى عن: أبي الزُّبير، وجماعةٍ من التَّابعين.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 361، "المؤتلف والمختلف" للدارقطني 4/ 62.

(2)

"الثقات" 5/ 422.

(3)

"أسد الغابة" 4/ 426.

(4)

"الإصابة" 3/ 429.

(5)

"الثقات" 3/ 369.

(6)

"فتح الباب في الكنى والألقاب" لابن منده، ص:249.

ص: 311

وعنه: أهلُ المدينةِ، وابنُ لَهيعةَ. ماتَ سنةَ أربعٍ وخمسين ومئةٍ، قالَه ابنُ حِبَّانَ في ثالثةِ "ثقاته"

(1)

.

[4186] معاذُ بنُ محمَّدِ بنِ معاذِ بنِ أُبيِّ ابنِ كعبٍ الأنصاريُّ، المَدنيُّ

(2)

وقيل: بإسقاط محمَّدٍ قبل أُبيٍّ، وقيل: بإسقاط معاذ.

يروي عن: أبيه، وأبي الزُّبير المكِّيّ، وعطاءٍ الخراسانيِّ، ومحمَّدِ بنِ يحيى بنِ حَبَّانَ، وعنه: ابنُ لهَيعةَ، ومحمَّدُ بنُ عيسى ابن الطبَّاع، ويونسُ المؤدِّبُ، والواقديُّ، وثَّقه ابنُ حِبَّانَ

(3)

، وهو في عِداد الشُّيوخ، وقالَ ابنُ المدينيِّ -في مسند أُبيٍّ من "العلل" في حديث

(4)

: أوَّلُ ما رأى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من النُّبوَّة-: رواه معاذٌ هذا -ونسبَه كما صدَّرنا به- عن أبيه، عن جدِّه حديث مدنيٌّ، وإسنادٌ مجهولٌ كله، ولا نعرف محمَّدًا، ولا أباه، ولا جدَّه، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(5)

.

(1)

"الثقات" 7/ 481.

(2)

"التاريخ الكبير" 7/ 364، و "الجرح والتعديل" 8/ 247، و"الكاشف" 2/ 273.

وفي حاشية الأصل بخط عبد القادر الأنصاري: ولم يذكره الشيخ فيما تقدم في ترجمة أبي بن كعب بن قيس معاذًا، وإنما قال: يروي عنه بنوه محمد، والطفيل، وعبد الله.

(3)

"الثقات" 9/ 177.

(4)

أخرجه أحمد في "المسند" 5/ 139.

(5)

"تهذيب الكمال" 28/ 130، "تهذيب التهذيب" 8/ 227.

ص: 312

[4187] معاويةُ بنُ إسحاقَ بنِ طلحةَ بنِ عبيدِ الله أبو الأزهرِ التَّيميُّ

(1)

عن: أبيه، وعمَّيه: عمرانَ وموسى، وعمَّتِه عائشة، وأمِّ الدَّرداء، وعروةَ بنِ الزُّبير، وسعيدِ بنِ جبيرٍ، وأبي بُردةَ بنِ أبي موسى، وإبراهيمَ التَّيميِّ، وغيرِهم.

وعنه: ابنا عمِّه: إسحاقُ وطلحةُ ابنا يحيى، وابنُ أخيه صالحُ بنُ موسى، ومولاه يزيدُ بنُ عطاءٍ، والأعمشُ، وإسرائيلُ، والثَّوريُّ، وشَريكٌ، وشعبةُ، والحسنُ بنُ عَمروٍ الفُقيميُّ، وأبو عَوانةَ، وغيرُهم.

وثَّقَهُ أحمدُ

(2)

، والنَّسائيُّ، وابنُ سعدٍ

(3)

، والعِجليُّ

(4)

، وابنُ حِبَّانَ

(5)

، وقالَ أبو حاتم

(6)

ويعقوبُ بنُ سفيان: لا بأس به، وقالَ أبو زرعة

(7)

: شيخٌ واهي، وخرَّجَ له الشيَّخان

(8)

، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(9)

.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 333، و"الكاشف" 2/ 274.

(2)

"العلل" برقم: 3168.

(3)

"الطبقات الكبرى" 6/ 329.

(4)

"معرفة الثقات" 2/ 283.

(5)

"الثقات" 7/ 467.

(6)

"الجرح والتعديل" 8/ 381.

(7)

في الأصل: "أبو زيد"، وانظر:"الضعفاء" لأبي زرعة 3/ 829.

(8)

وهم المؤلف في هذا، فلم يخرج له مسلم، وليس هو من رجاله، بل أخرج له البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب: جهاد النساء (2875).

(9)

"تهذيب الكمال" 28/ 160، "تهذيب التهذيب" 8/ 237.

ص: 313

[4188] معاويةُ بنُ بعجةَ بنِ عبد الله بنِ بدرٍ الجُهنيُّ

(1)

مِن أهل بدرٍ

(2)

. يروي عن: القاسمِ بنِ محمَّدٍ، وعنه: الدَّرَاوَرديُّ. قالَه ابنُ حِبَّانَ في ثالثة "ثقاته"

(3)

.

[4189] معاويةُ بنُ الحَكمِ السُّلَميُّ

(4)

صحابيٌّ، حديثُه في مسلمٍ

(5)

، وغيرِه، وذكرَه مسلمٌ

(6)

في الطَّبقةِ الأوَّلى من المَدنيّين. قالَ ابنُ عبد البَرِّ

(7)

: كانَ يسكنُ في بني سليمٍ، وينزلُ

(8)

المدينةَ، له عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم حديثٌ واحدٌ في الكَهانةِ والطِّيَرَةِ والخَطِّ، وتشميتِ العاطس، وعتقِ الجارية، أحسنُ النَّاس له سِياقةً يحيى ابنُ أبي كثيرٍ، عن هلالِ بنِ أبي ميمونةَ، عن عطاءِ بنِ يسارٍ، عنه. ومنهم مَنْ يُقطِّعُه فيجعله أحاديثَ، وممَّن روى عنه: أبو سلمةَ بنُ عبد الرَّحمنِ، وابنُه كثيرُ بنُ معاوية، وحديثُه غيرُ الذي أشارَ إليه ابنُ عبد البَرِّ.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 333، و"الجرح والتعديل" 8/ 380.

(2)

من سكان بدر، وليس صحابيًا شهد بدرًا، وبدرٌ تابعةٌ للمدينة. وفي "الثقات" لابن حبان: من أهل المدينة.

(3)

"الثقات" 7/ 468.

(4)

"أسد الغابة" 4/ 431، و"الإصابة" 3/ 432.

(5)

كتاب المساجد ومواضع الصلاة 1/ 381 (537).

(6)

"الطبقات" 1/ 158 (156).

(7)

"الاستيعاب" 3/ 469.

(8)

في الأصل: "نزل"، والتصويب من "الاستيعاب".

ص: 314

[4190] معاويةُ بنُ أبي سفيانَ صخرِ بنِ حربِ بنِ أُميةَ بنِ عبد شمسٍ أبو عبد الرَّحمنِ، القُرَشيُّ، الأمويُّ

(1)

وأمُّه هندُ ابنةُ عتبةَ بنِ ربيعةَ بنِ عبد شمسِ بنِ عبد مَنافٍ.

وُلدَ قبلَ البَعثةِ بخمسِ سنين على الأشهر، أسلمَ قبلَ أبيه يومَ الفتحَ، وقيل: قبلَه، وقيل: في عُمرَةِ القضاءِ، وبقي يخافُ من الخروجِ إلى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من أبيه، وحكى الواقديُّ أنَّه أسلمَ بعدَ الحُديبيةِ، وكتمَ إسلامَه حتَّى أظهرَه عامَ الفتحِ، وأنَّه كان في عمرَةِ القضاءِ مُسلمًا، وهو مُعَارَضٌ بما ثبتَ في "الصَّحيح"

(2)

عن سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ أنَّه قالَ في العُمرَةِ في أشهرِ الحجِّ: فعلناها، وهذا يومئذٍ كافر. ويحتملُ على تقديرِ ثبوتِ الأوَّل أنْ يكونَ سعدٌ أطلقَ ذلك بحسبِ ما استصحبَ من حاله، ولم يطَّلعْ على إسلاِمه لإخفائِه له، قالَه شيخُنا

(3)

. روى عن: النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكرٍ، وعمرَ، وأختِه أمِّ حبيبةَ، وعنه: جريرٌ البَجَليُّ، والسَّائبُ بنُ يزيدَ الكِنديُّ، وابنُ عبَّاسٍ، ومعاويةُ بنُ حُديجٍ، ويزيدُ بنُ جابرٍ، وأبو أمامةَ بنُ سهلِ بنِ حُنيفٍ، وأبو إدريسَ الخَولانيُّ، وسعيدُ بنُ المسيَّبِ، وقيسُ بنُ أبي حازمٍ، وعيسى بنُ طلحةَ، وأبو مِجْلَزٍ، ومحمَّد بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ عوفٍ، ومحمَّدُ ابنُ جُبيرِ بنِ مُطعِمٍ، وآخرون.

(1)

"أسد الغابة" 4/ 433.

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب: جواز التمتع 2/ 898 (1225).

(3)

"الإصابة" 3/ 433.

ص: 315

ولَّاه عمرُ الشَّامَ بعدَ أخيه يزيدَ، فأقرَّه عثمانُ مدَّةَ ولايته، ثمَّ وُلِّيَ الخلافةَ.

قالَ ابنُ إسحاقَ: كان أميرًا عشرين سنةً، وخليفةً كذلك، وقالَ اللَّيثُ: كانت خلافتُه تسعَ عشرةَ سنةً ونصفًا، وعن غيرِه: أنَّها كانت تسعَ عشرةَ وثلاثةَ أشهرٍ، واثنتين وعشرين ليلةً، وفي كلِّها تجوُّزٌ، لأنَّه لم يعمل في الخلافة عشرين، إنْ كانَ أوَّلها قتلُ عليٍّ، وإنْ كانَ أوَّلها تسليمُ الحسنِ بنِ عليٍّ له، فهي تسعَ عشرةَ سنةً إلا يسيرًا.

قالَ أبو نُعيمٍ

(1)

: كانَ من الكَتَبة

(2)

الحسبةِ، الفصحاء، حليمًا وَقورًا، وقالَ خالدُ بنُ مَعدانَ: كانَ طويلًا، أبيضَ، أجلحَ

(3)

، وصحبَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، وكتب له، وولَّاه عمرُ الشَّامَ بعدَ أخيه يزيدَ بنِ أبي سفيان، وأقرَّه عثمانُ، واستمرَّ، فلم يبايعْ عليًّا، ثمَّ حاربَه، واستقلَّ بالشَّامِ، ثمَّ أضافَ إليها مصر، ثمَّ تسمَّى بالخلافةِ بعدَ الحكَمين، ثمَّ استقلَّ لمَّا صالح الحسنَ، واجتمعَ عليه النَّاسُ، فسمِّي ذلك العامُ عامَ الجماعةِ، ولمَّا قدمَ المدينةَ أرسلَ إلى عائشةَ: أنْ أرسلي إليَّ بأَنْبِجانية

(4)

رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وشعرِه، فأرسلت إليه بذلك، فأخذ الأنبجانيةَ فلبِسها، وغسلَ الشَّعرَ بماءٍ، فشربَ منه، وأفاضَ على جِلدِه.

(1)

"معرفة الصحابة" 5/ 2496.

(2)

في الأصل: "الكتب الحسنة". والتصويب من "معرفة الصحابة"، وفيه أيضا: الفصحة.

(3)

في الأصل: أخلج، والمثبت من "معرفة الصحابة"، والأجلح: منحسر الشعر عن جانبي الجبهة. "لسان العرب": جلح.

(4)

الأنبجانية: كساءٌ يُتخذ من الصوف، وله خمْلٌ، ولا عَلَم له. "النهاية في غريب الحديث" 1/ 73.

ص: 316

وقالَ الشَّعبيُّ: إنَّه قدمَها عامَ الجماعةِ، وتلقَّته رجالُ قريشٍ قائلين له: الحمدُ لله الذي أعزَّ نصرَكَ، وأعلى أمرَكَ، فما ردَّ عليهم جوابًا حتَّى دخلَ المدينةَ، فعلا المنبرَ، وحمدَ اللهَ، وقال: أمَّا بعدُ؛ فإنِّي والله ما وُلِّيتُ أمرَكم حينَ وُلِّيتُه إلَّا وأنا أعلمُ أنَّكم لا تُسرُّون بولايتي، ولا تحبُّونها، وإنِّي عالمٌ بما في نفوسِكم، ولكن خالستُكم بسيفي هذا مخالسةً، ولقد رُمتُ نفسي على عملِ ابن أبي قُحافةَ، فلم أجدها تقومُ بذلك، وأردتُها على عملِ عمرَ، فكانت عنه أشدَّ نفورًا، وحاولتُها على مثلِ سُنَيَّاتِ عثمان، فأبت عليَّ، وأين مثلُ هؤلاء؟ هيهاتَ أنْ يدركَ فضلَهم أحدٌ مِن بعدِهم، غيرَ أنِّي سلكتُ بها طريقًا لي فيه منفعةٌ، ولكم فيه مثلُ ذلك، ولكلٍّ فيه مواكلةٌ حسنةٌ، ومشاربةٌ جميلةٌ ما استقامت السِّيرةُ، وحسُنت الطَّاعةُ، فإنْ لم تجدوني خيرَكم فأنا خيرٌ لكم، والله لا أحملُ السَّيفَ على مَنْ لا سيفَ معه، ومهما تقدَّم ممَّا علمتموه، فقد جعلتُه دَبْرَ أُذني

(1)

، وإنْ لم تجدوني أقومُ بحقِّكم كلِّه، فارضوا مني ببعضه؛ فإنَّها ليست بقائبةِ قُوبِها

(2)

. -يعني بالقائبة البيضةَ، وبالقُوب الفَرْخَ-.

وإنَّ السَّيلَ إذا جاء تترى، وإنْ قلَّ أغثى، وإيَّاكم والفتنة، فلا تَهمُّوا بها، فإنَّها تفسدُ المعيشة، وتكدِّرُ النِّعمة، وتورثُ الاستئصال، وأستغفرُ الله لي ولكم، ثمَّ نزل.

(1)

أي: خلفها. "القاموس": دبر.

(2)

هذا مَثَلٌ، يقالُ: تخلَّصت قائبةٌ من قُوبٍ، يضرب مثلًا للرجل إذا انفصل عن صاحبه. "مجمع الأمثال" 1/ 475، و"لسان العرب": قوب.

ص: 317

وترجمتُه تحتمل كراريس، مبسوطةٌ في "دمشق"

(1)

لابن عساكر، وفي "حلب"

(2)

لابن العديم، وأفردَ ابنُ أبي الدُّنيا، وابنُ أبي عاصم تصنيفًا في حِلمه.

وقالَ يحيى بنُ بُكيرٍ عن اللَّيث: ماتَ في رجبٍ لأربعِ ليالٍ بقين منه سنةَ ستين، وهو الصَّحيحُ، وقيل: ماتَ سنةَ تسعٍ وخمسين عن ثمانٍ أو سبعٍ وسبعين، وقيل: لستٍّ وثمانين، وصلَّى عليه الضَّحَّاكُ بنُ قيسٍ الفِهريُّ، ودُفنَ بينَ باب الجابيةِ وبابِ الصَّغير

(3)

، وقدمَ بموتِه المدينةَ في شعبان

(4)

.

وهو أوَّلُ مَنْ خطبَ النَّاسَ قاعدًا، وذلكَ حينَ كثُرَ شحمُه، وعظُمَ بطنُه، قاله الشَّعبيُّ، وعن معاويةَ أنَّه قالَ مُخاطبًا للدُّنيا

(5)

: قبَّحَكِ الله مِن دارٍ، مكثتُ فيكِ عشرين سنةً أميرًا، وعشرين سنةً خليفةً، ثمَّ صرتُ إلى ما أرى، يعني: من المرض، ثمَّ لمَّا حضرته الوفاةُ قيل له: ألا توصي؟ فقال

(6)

:

هو الموتُ لا مَنجا من الموتِ والذي

نحاذرُ بعدَ الموتِ أدهى وأفظعُ

اللَّهمَّ أقِلِ العَثرة، واعفُ عن الزَّلَّة، وتجاوز بحلمِكَ عن جهلِ مَنْ لم يَرْجُ غيرَكَ، فما وراءكَ مذهبٌ.

(1)

"تاريخ دمشق" 59/ 33.

(2)

ليس هو في المطبوع من "بغية الطلب".

(3)

حيَّانِ من أحياء دمشق القديمة، ما زالا بهذا الاسم إلى يومنا هذا.

(4)

أي: قدِمَ الخبرُ بذلك.

(5)

أخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله" 1/ 106 (111).

(6)

البيت في "تاريخ دمشق" 59/ 227، و"سير أعلام النبلاء" 3/ 160.

ص: 318

وأوصى ابنَه يزيد، ثمَّ قال له: إنَّ مِن أخوفِ ما أخافُ شيئًا عملتُه في أمرِكَ، وقد شهدتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يومًا قلّمَ أظفارَه، وأخذَ شعرَه، فجمعتُ ذلك، فإذا متُّ فاحشُ به فمي وأنفي. وفي رواية أنَّه قالَ: كنتُ أوضِّيءُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فنزع قميصَه وكسانيه، فرفعتُه، وخبأتُ قلامةَ أظفارِه في قارورة، فإذا متُّ فاجعلوا القميصَ يلي جِلدي، واسحقوا تلك القُلامةَ، واجعلوها في عيني، فعسى.

[4191] معاويةُ بنُ عبد الله بنِ بدرٍ الجُهَنيُّ

(1)

أخو بَعجةَ الماضي (598)، ذكرَهما مسلمٌ

(2)

في ثالثةِ تابعي المَدنيّين. عن: أبيه عن عمر في اللُّقَطة، وعنه: أيوبُ بن موسى المكِّيُّ، ومحمَّدُ بنُ عَمووِ بنِ علقمةَ، وهو في "تاريخ البخاري"

(3)

، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(4)

قال: وكانَ يفتي بالمدينةِ. انتهى، وأبوه صحابيٌّ، جُهَنيٌّ.

[4192] معاويةُ بنُ عبد الله بنٍ جعفرِ بنِ أبي طالبٍ الهاشميُّ، المَدنيُّ

(5)

أخو إسماعيلَ الماضي (425). يروي عن: أبيه، ورافعِ بنِ خَديجٍ،

(1)

"الطبقات الكبرى"، القسم المتمم، 139، "الجرح والتعديل" 8/ 377، "تعجيل المنفعة" 2/ 270.

(2)

"الطبقات" 1/ 241 (761 - 762).

(3)

"التاريخ الكبير" 7/ 331.

(4)

"الثقات" 5/ 414.

(5)

"التاريخ الكبير" 7/ 331، "الجرح والتعديل" 8/ 377، "الطبقات الكبرى" 5/ 329.

ص: 319

والسَّائبِ بنِ يزيدَ، وعبد الله بنِ عتبةَ بنِ مسعودٍ، وعبيدِ الله بنِ أبي رافعٍ، وعنه: ابنُه عبد الله، والأعرجُ، ويزيدُ ابنُ الهادِ، والزُّهريُّ، وإبراهيمُ بنُ محمَّدٍ، وإسحاقُ بنُ يحيى بنِ طلحةَ، والحسنُ بنُ زيدِ بنِ الحسنِ بنِ عليٍّ، وغيرُهم.

قالَ العِجليُّ

(1)

: ثقةٌ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(2)

، وهو قليلُ الحديثِ، نبيلٌ، فاضلٌ. وفدَ على يزيدَ بنِ معاويةَ، وكانَ صديقًا له، وبقيَ إلى أنْ وفدَ على يزيدَ بنِ عبد الملك.

قالَ الزُّبير بنُ بكَّارٍ: حدَّثني محمَّدُ بنُ إسحاقَ بنِ جعفرٍ، عن عمِّه محمَّدِ بنِ جعفرٍ، عن عبد الله بنِ جعفرِ بنِ أبي طالبٍ أنَّه أوصى إلى ابنِه معاويةَ وهو في مرضِ موتِه، وفي ولدِه مَنْ هو أسنُّ منه، فلم يزلْ معاويةُ يحتالُ في قضاءِ دَينِ أبيه، ويطلب فيه إلى أنْ قضاه، وقسمَ أموالَ أبيه بين ولده، ولم يستأثر عليهم بشيء. ويقالُ: إنَّ الدَّينَ كانَ ألفَ ألفٍ. ذكرَه البخاريُّ في اللِّباس من "صحيحه"

(3)

، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(4)

.

[ ....... ]

‌ معاويةُ بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ يسارٍ

هو: ابنُ أبي مزرَّدٍ، يأتي قريبًا (4195).

(1)

"معرفة الثقات" 2/ 284.

(2)

"الثقات" 5/ 412.

(3)

كتاب اللباس، باب: الإزار المُهدَّب، قبل حديث (5792).

(4)

"تهذيب الكمال" 28/ 196، "تهذيب التهذيب" 8/ 247.

ص: 320

[4193] معاويةُ بنُ عَمروٍ، أخو ذي الكَلاعِ

صحابيٌّ. قالَ الرُّشاطيُّ: كان في السَّكونِ

(1)

، وهاجرَ إلى المدينةِ، فتفقَّه، ثمَّ رجعَ إلى قومه. وذكرَ وَثيمةُ

(2)

في "الرِّدَّةِ"

(3)

: أنَّه قامَ إلى ملوكِ كِندةَ حينَ أجمعوا على الرِّدَّة، وانتزعوا من زيادِ بنِ لبيدٍ ناقةً مِن الصَّدقةِ، فقالَ: يا معشرَ

(4)

كِندة، إنْ لم أكنْ شريكَكم في الخطيئة، فإنِّي شريكُكم في المصيبة، رُدُّوا زيادًا إلى عملِه، واكتبوا إلى أبي بكرٍ بعذرِكم، وإلا سُفكت والله الدِّماءُ على الرِّدَّة، فلم يقبلوا منه، فتولَّى عنهم مُغضَبًا، وأنشدَ له في ذلك أبياتا حسنةً. ذكرَه شيخُنا في "الإصابة"

(5)

، وقالَ: استدركَه ابنُ فتحون.

[4194] معاويةُ بنُ أبي عيَّاشٍ الزُّرَقيُّ، الأنصاريُّ

(6)

أخو النُّعمانِ، مِن أهلِ المدينةِ. يروي عن: محمَّدِ بنِ إياسِ بنِ البُكير، وعنه: بكير ابنُ الأشجِّ، وابنُ إسحاقَ. قالَه ابنُ حِبَّانَ في ثالثة "ثقاته"

(7)

.

(1)

السَّكونُ: بطنٌ من كِندةَ. "الأنساب" 3/ 370.

(2)

وثيمةُ بنُ موسى، عالمٌ بالتَّاريخ، له كتاب الردة، وهو ضعيف في الحديث يحدِّث بأحاديث موضوعة. أصله من فارس، وقدِم مصر، وتوفي بها سنة 237 هـ. "تاريخ ابن يونس" 2/ 249، و"لسان الميزان" 8/ 374.

(3)

في الأصل: "الرد".

(4)

ملحقة في الهامش، وعليها علامة:"صح".

(5)

"الإصابة" 3/ 435.

(6)

"التاريخ الكبير" 7/ 332، "الجرح والتعديل" 8/ 380، "الطبقات الكبرى" 5/ 277.

(7)

"الثقات" 7/ 467.

ص: 321

[4195] معاويةُ بنُ أبي مُزرِّدٍ

(1)

واسمُه عبد الرَّحمنِ بنُ يسارٍ المَدنيُّ، مولى بني هاشم. يروي عن: أبيه، وعمِّه أبي الحُبابِ سعيدِ بنِ يسارٍ المذكورين، ويزيدَ بنِ رومان، وعبيدِ الله بنِ عبد الله بنِ أبي طلحةَ، وزيادِ بنِ أبي زيادٍ المخزوميِّ.

وعنه: يزيدُ ابنُ الهادِ، وهو من أقرانِه، وسليمانُ بنُ بلالٍ، وابنُ المبارك، وحاتمُ ابنُ إسماعيلَ، ووكيعٌ، وجعفرُ بنُ عونٍ، والواقديُّ، وغيرُهم.

قالَ ابنُ مَعينٍ: صالحٌ، وأبو زُرعةَ: لا بأس به، وأبو حاتم

(2)

: ليس به بأسٌ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(3)

في ثانيتها، وذَكرَ في شيوخه ابن عمر، وخرَّجَ له الشَّيخان

(4)

، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(5)

.

(1)

بكسر الراء، كما في "الخلاصة"، للخزرجي ص: 382، وترجمته في "التاريخ الكبير" 7/ 325، "الكاشف" 2/ 277.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 380.

(3)

"الثقات" 8/ 468.

(4)

البخاري في كتاب الزكاة، باب: قول الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (1442)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: صلة الرحم وتحريم قطعها 4/ 1980 (2554).

(5)

"تهذيب الكمال" 28/ 217، "تهذيب التهذيب" 8/ 252.

ص: 322

[4196] معاويةُ بنُ معاويةَ

(1)

بنِ مُقَرِّنٍ المُزَنيُّ

(2)

صحابيٌّ، ماتَ بالمدينة وكانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم غازيًا بتبوكَ، فأتاه جبريلُ، فقالَ

(3)

: "يا محمَّدُ، هل لكَ في جنازته؟ "، فوضعَ جبريلُ جناحَه الأيمنَ على الجبال فتواضعت، حتَّى نظرنا إلى المدينة، فصلَّى عليه. والقِصَّةُ -كما قالَ ابنُ عبد البَرِّ

(4)

- أسانيدُها ليست بالقويَّةِ، ولو أنَّها في الأحكام لم يكن في شيءٍ منها حُجَّةٌ. ومعاويةُ بنُ مُقرِّنٍ المُزنيُّ معروفٌ هو وإخوتُه، وأمَّا معاويةُ بنُ معاويةَ فلا أعرفه انتهى. قالَ شيخُنا في "الإصابة"

(5)

: قد يحتجُّ به مَنْ يُجيزُ الصَّلاةَ على الغائب، ويدفعُه ما وردَ:"أنَّه رُفعتْ الحُجُبُ حتَّى شهدَ جنازتَه"، فهذا يتعلَّقُ بالأحكامِ، وأطالَ في إيرادِ الحديثِ.

[4197] معاويةُ بنُ مُعتِّبٍ، أو مُغيثٍ أو عتبةَ، الهُذليُّ، المَدَنيُّ

(6)

نزيلُ مصر. عن: أبي هريرةَ، وكانَ في حِجرِه، وعنه: سالمُ بنُ أبي سالمٍ [الجيشانيُّ، وبشرُ بنُ عمر الأسلميُّ]

(7)

.

(1)

فوقها كتب: "صح"، في المخطوطة.

(2)

في المخطوطة: "المدني"، والتصويب من "أسد الغابة" 4/ 438.

(3)

أخرجه أبو يعلى في مسنده 7/ 258، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 51، بسندٍ ضعيف، كما قال المؤلف.

(4)

"الاستيعاب" 3/ 477.

(5)

"الإصابة" 3/ 437.

(6)

"التاريخ الكبير" 7/ 331، "معرفة الثقات" 2/ 285، "المؤتلف والمختلف" 4/ 87.

(7)

ما بين المعقوفتين لحقٌ في الهامش.

ص: 323

وثَّقَهُ ابنُ حِبَّانَ

(1)

، وهو مصريٌّ، ذكرَهُ ابنُ أبي حاتمٍ

(2)

، وابنُ يونسَ

(3)

، وقال: وأحسبِهُ من ناقلة

(4)

المدينة. قال شيخُنا

(5)

: ولم أرَ مَن ضبطَ والدَه بالغين المعجمة، ثمَّ المثلَّثة.

[4198] مَعبد بنُ كعبِ بنِ مالكٍ الأنصاريُّ السَّلَميُّ، المَدَنيُّ

(6)

أصغرُ إخوتِه: عبد الله، وعبد الرَّحمنِ، وعبيدِ الله، وسعيدٍ. ذكرَه مسلمٌ

(7)

في ثالثةِ تابعي المَدنيّين، يروي عن: أبي قتادةَ، وجابرِ بنِ عبد الله، ولم يروِ عن أبيه، بل عن أخويه: عبد الله وعبيدِ الله، عن أبيهما، وعنه: العلاءُ بنُ عبد الرَّحمنِ، ووهبُ بنُ كَيسانَ، وعقيلُ بنُ خالدٍ، وابنُ إسحاقَ. قالَ العِجليُّ

(8)

: مدنيٌّ، تابعيٌّ، ثقةٌ. وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(9)

، وخرَّجَ له الشَّيخان

(10)

، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(11)

.

(1)

"الثقات" 5/ 413.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 379.

(3)

ليس في المطبوع من "تاريخ ابن يونس".

(4)

الناقلة من الناس: خلافُ القُطَّان. لسان العرب: قطن. يريد: انتقل إلى المدينة، وليس من أهلها.

(5)

"تعجيل المنفعة" 2/ 272.

(6)

"الجرح والتعديل" 8/ 279، "الطبقات الكبرى" 5/ 273، "الكاشف" 2/ 278.

(7)

"الطبقات" 1/ 238 (729).

(8)

"معرفة الثقات" 2/ 285.

(9)

"الثقات" 5/ 432.

(10)

البخاري في الرقاق، باب: سكرات الموت (6512)، ومسلم في الجنائز، باب: ما جاء في مستريح ومستراح منه 2/ 656 (950).

(11)

"تهذيب الكمال" 28/ 226، "تهذيب التهذيب" 8/ 260.

ص: 324

[4199] مُعتِّبُ بنُ عوفٍ، أبو عوفٍ الخُزَاعيُّ

(1)

حليفُ بني مخزومٍ، وأحدُ المهاجرين إلى الحبشةِ، وإلى المدينة، ويُعرفُ بابنِ الحمراء، وهي أمُّهُ، وكان يُدعى عَيهامة

(2)

. اتَّفقوا على أنَّه شهد بدرًا. قالَ غيرُ واحدٍ منهم ابن حِبَّانَ

(3)

: إنَّه مات سنةَ سبعٍ وخمسين وهو ابنُ ثمانٍ وسبعين. قالَ الذَّهبيُّ

(4)

: والعجبُ أنَّه بقي إلى هذا الوقتِ وما روى شيئًا، وهو في أول "الإصابة"

(5)

.

[4200] مُعتقٌ

ذكرَه ابنُ صالحٍ فيمَنْ رآه مِن القواسم

(6)

.

[4201] معروفٌ الجَبَرْتيُّ

ممَّنْ قطنَ المدينةَ، وكانَ يُقرئُ الخُدَّامَ بها القرآنَ مع صلاحٍ، ماتَ قريبًا من سنةِ تسعين، وتركَ عبد القادرِ، ومحمَّدًا.

(1)

"الطبقات الكبرى" 3/ 264، "أسد الغابة" 4/ 448.

(2)

يقال: ناقةٌ عَيهامةٌ: ماضيةٌ، والعيهامةُ أيضا: الطويلة العنق، الضخمة الرأس. "لسان العرب": عيهم.

(3)

"الثقات" 3/ 382.

(4)

"تاريخ الإسلام" 4/ 302.

(5)

"الإصابة" 3/ 443.

(6)

ينظر "إسعاف الأعيان في أنساب أهل عُمان".

ص: 325

فأوَّلُهما تلا للسَّبعِ، واشتغلَ شافعيًّا، وكانَ كأبيه يُقرئ الخُدَّامَ، ممَّنْ تكرَّرَ سفرُه لمصرَ والشَّامِ وغيرِهما، وهو حيٌّ. ومحمَّدٌ توجَّهَ إلى التَّكرورِ، فقطنَها.

[4202] معزى بنُ هجارِ بنِ وُبيرِ بن نخبار الحَسَني

(1)

أميرُ الينبوعِ، ووالدُ درَّاجٍ أميرِها. استقرَّ فيها بعدَ موتِ صخرِ بنِ مُقبلٍ إلى أنْ انفصل بعمِّه هلمان بن وُبير، ثمَّ أعيدَ بعدَ عمِّهِ الآخرِ سنقر بنِ وُبير، ثمَّ انفصلَ بعمِّه الآخرِ مسلطِ بنِ وبير، ثمَّ أعيدَ حتَّى ماتَ في أواخرِ جمادى الثاني سنةَ ثمان وخمسين، واستقرَّ عوضَه ابنُ عمِّه مخدّمُ بنُ عَقيلِ بنِ وبيرٍ. وقد لقيتُ صاحبَ التَّرجمةِ بمحلِّ ولايتِه في سنةِ ستٍّ وخمسين، وأطلقَ لي ما كان معي، ودخلَ هو المدينةَ غيرَ مرَّةٍ، عفَا اللهُ عنه.

[4203] مَعْقِلُ بنُ سنانِ بنِ مظهِّرِ بن عركي بنِ فتيان بنِ سبيعِ

(2)

بنِ بكرِ ابنِ أشجعَ، أبو محمَّدٍ، ويقالُ: أبو عبد الرَّحمنِ، ويقالُ: أبو يزيدَ ويقالُ: أبو عيسى، ويقالُ: أبو سنانٍ الأشجعيُّ

(3)

صحابيٌّ، شهدَ الفتحَ، وكانَ حاملَ لواءِ قومِه. وروى عن: النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قصَّةَ بِروعَ بنتِ واشقٍ

(4)

.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 162.

(2)

في الأصل: "سبعٍ"، والتصويب من "أسد الغابة"، و"الإصابة".

(3)

"الطبقات الكبرى" 4/ 212، "معجم الصحابة" للبغوي 5/ 327، "الإصابة" 6/ 143.

(4)

أخرجها الترمذي في النكاح، باب: ما جاء في الرجل يتزوج المرأة، فيموت عنها قبل أن يفرض لها (1145)، وقال: حديث حسن صحيح.

ص: 326

وعنه: مسروقٌ، وعلقمةُ، والأسودُ، وعبد الله بنُ عتبةَ بنِ مسعودٍ، ونافعُ بنُ جبيرِ بنِ مُطعمٍ، وسالمُ بنُ عبد الله بنِ عمرَ، والحسنُ البصريُّ؛ -وقيل: إنَّه لم يسمع منه،- والشَّعبيُّ، ولم تصحَّ له عنه روايةٌ.

سكنَ الكوفةَ، ثمَّ المدينةَ، وكانَ معَ أهلِ الحَرَّةِ، وقُتلَ في ذي الحجَّةِ سنةَ ثلاثٍ وستين، قتلَه نوفلُ بنُ مساحقٍ بأمرِ مسلمِ بنِ عقبةَ أميرٍ الجيوشِ، كما بيَّنه ابنُ سعدٍ

(1)

، وحكاه ابنُ إسحاقَ.

وقالَ العسكريُّ: إنَّه نزلَ الكوفةَ، وكانَ موصوفًا بالجمالِ، وقدِمَ المدينةَ في خلافةِ عمرَ، فقيلَ فيه

(2)

:

أعوذُ بربِّ النَّاسِ مِن شرِّ مَعْقِلٍ

إذا مَعْقلٌ راحَ البقيعَ مُرَجَّلا

فبلغَ ذلكَ، عمر فنفاه إلى البصرة.

وذكرَ المدائنيُّ بسندِه أنَّ عمرَ سمعَ امرأةً تنشدُ هذا البيتَ.

وفي "مغازى الواقدي"

(3)

: أنَّه كانَ معه رايةُ أشجعَ يومَ حُنينٍ، ومعَ نُعيمِ بنِ مسعودٍ رايةٌ أخرى، وفيها

(4)

: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ بعثَهما في أشجعَ إلى المدينةِ.

(1)

"الطبقات الكبرى" 4/ 213.

(2)

البيت في "تصحيفات المحدثين"، ص: 896، و"تاريخ دمشق" 40/ 275، و"الإصابة" 3/ 446.

(3)

"مغازي الواقدي" 2/ 820.

(4)

"مغازي الواقدي" 2/ 799.

ص: 327

ومِن طريقِ عثمانَ بنِ زيادٍ الأشجعيِّ أنَّ مَعقلًا كانَ حاملَ لواءِ قومِه يومَ الفتحِ، وبقيَ إلى أنْ بعثَه الوليدُ بنُ عتبةَ ببيعةِ أهلِ المدينةِ ليزيدَ بنِ معاويةَ، فلقيَ مسلمَ بنَ عقبةَ المُرِّيَّ

(1)

، فآنسَه وحادثَه، فقالَ له: إنِّي قدمتُ على هذا الرَّجلِ، فوجدتُه يشربُ الخمرَ، وينكحُ الحرامَ، فلم يدعْ شيئًا حتَّى قالَ فيه، ثمَّ قالَ لمسلمٍ: اكتمْ عليَّ. قالَ: أفعلُ، لكنْ عليَّ عهدُ الله وميثاقُه لا تمكني يداي ولي عليك قدرةٌ إلا ضربتُ الذي فيه عيناك، فلمَّا قدمَ مسلمٌ في وقعةِ الحَرَّةِ أُتيَ به، فضرب عُنقه صبرًا.

وفي ذلكَ يقولُ الشَّاعرُ

(2)

:

ألا تِلكمُ الأنصارُ تبكي سَراتَها

وأشجعُ تبكي مَعْقِلَ بنَ سنانِ

[4204] مَعْقِلُ بنُ أبي الهيثمِ، حليفُ بني أسدٍ

(3)

صحابيٌّ، ذكرَه مسلمٌ

(4)

في الطَّبقةِ الأوَّلى مِن المَدنيّين، وهو في "الإصابة"

(5)

قالَ: معقلُ بنُ أبي معقلٍ، ويقالُ: ابنُ أمِّ معقلٍ، وهو مَعقلُ ابنُ الهيثمِ، ويقالُ: ابنُ أبي الهيثمِ الأسديُّ، مِن حلفائِهم.

(1)

في المخطوطة: "المزني"، وهو تحريفٌ، وقد تقدَّم مرارًا.

(2)

البيت في "الإصابة" 3/ 446.

(3)

"أسد الغابة" 4/ 456، وانظر:"تصحيفات المحدثين"، ص: 896، و"النكت الظراف" 8/ 459.

(4)

"الطبقات" 1/ 158 (157).

(5)

"الإصابة" 3/ 447.

ص: 328

روى عنه: أبو زيدٍ مولى بني ثعلبةَ، وأبو سلمةَ بنُ عبد الرَّحمنِ، ولم يُسمِّه، وله في "السُّننِ"

(1)

حديثان. ماتَ في خلافةِ معاويةَ.

[4205] مُعلَّى بنُ إسماعيلَ المَدَنيُّ

(2)

يروي عن: نافع، وعنه: أرطاةُ بنُ المنذرِ، نسخة مستقيمة فيها غرائبُ، قالَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(3)

، وأخرجَ حديثَه في "صحيحه"

(4)

، وقالَ أبو حاتمٍ الرَّازيُّ

(5)

: لم يروِ عنه غيرُ أرطاةَ. وذُكرَ في "الميزان"

(6)

.

[4206] مَعْمَرُ بنُ عبد الله بنِ حنظلةَ

(7)

حجازيٌّ، روى عن: يوسفَ بنِ عبد الله بنِ سَلَامٍ، عن خُويلةَ ابنةِ ثعلبةَ في قصَّةِ الظِّهارِ، وعنه: ابنُ إسحاقَ.

(1)

الأول في النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول، أخرجه أبو داود في الطهارة (10)، وغيره. والثاني: عمرة في رمضان تعدل حجة. أخرجه الترمذي في باب: ما جاء في عمرة رمضان (939).

(2)

"لسان الميزان" 8/ 109.

(3)

"الثقات" 7/ 493.

(4)

"صحيح ابن حبان" 8/ 97 (3304).

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 332.

(6)

لم يذكر في "ميزان الاعتدال"، وإنما هو في "ذيل الميزان":425.

(7)

"التاريخ الكبير" 7/ 377، "المغني في الضعفاء" 2/ 671.

ص: 329

ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(1)

، وأخرجَ حديثَه في صحيحه

(2)

، وفيه تصريحُ ابنِ إسحاق بالسَّماعِ، وقالَ ابنُ القطَّانِ

(3)

: مجهولُ الحالِ، وتبعَه الذَّهبيُّ

(4)

، وقالَ: تفرَّدَ عنه ابن إسحاق.

[4207] مَعْمَرُ بنُ عبد الله بنِ نافعِ بنِ نضلةَ بنِ عبد العُزَّى بنِ حُدْثانَ ابنِ عوفِ بنِ عبيدِ بنِ عَويجِ بنِ عديِّ بنِ كعبٍ، القُرَشيُّ العَدَويُّ، ويقالُ فيه: مَعْمَرُ بنُ أبي مَعْمَرٍ

(5)

صحابيٌّ، معدودٌ في أهلِ المدينةِ، ذكرَه فيهم مسلمٌ

(6)

. أسلمَ قديمًا، وهاجرَ ثانيةَ الحبشةِ، ثمَّ منها إلى المدينةِ، وكانَ شيخًا مِن شيوخِ بني عديٍّ، وروى عن: النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعن عمرَ، وعنه: سعيدُ بنُ المسيَّبِ، وبُسرُ ابنُ سعيدٍ، وعبد الرَّحمنِ بنُ جبيرٍ، وعبد الرَّحمنِ بن عقبةَ مولاه، وهو الذي مرَّ عليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وفخذه مكشوفةٌ، فقالَ

(7)

: "يا مَعْمَرُ، غطِّ فخذَكَ؛ فإنَّها عورةٌ".

(1)

"الثقات" 5/ 436، و 7/ 484.

(2)

"صحيح ابن حبان" 10/ 107 (4279).

(3)

"بيان الوهم والإيهام" 4/ 464.

(4)

"المغني في الضعفاء" 2/ 671.

(5)

"أسد الغابة" 4/ 460.

(6)

"الطبقات" 1/ 152 (86).

(7)

أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 99، والحاكم في "المستدرك" 3/ 738، وسكت عنه هو والذهبي، وذكر الحافظ ابن حجر أن الحاكم صححه، وليس ذا في "المستدرك"، وإنما فيه حديث جرهد في الفخذ 4/ 181، فهو الذي صححه، وينظر "البدر المنير" 4/ 142.

ص: 330

قالَ ابنُ سعدٍ

(1)

: كانَ قديمَ الإسلامِ، ولكنَّه هاجرَ إلى الحبشةِ، ثمَّ رجعَ إلى مكَّة، فأقامَ بها، ثمَّ قدمَ المدينةَ بعدَ ذلك. انتهى، وقالَ الزُّبيرُ: أخبرني محمَّدُ بنُ يحيى، أخبرني محمَّدُ بنُ طلحةَ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أقطعَ مَعْمَرَ بنَ عبد الله دارَه التي بالسُّوقِ، وهي التي يجلسُ إليها عاملُ السُّوقِ، ولكنَّ هذا محتمِلٌ لأنْ يكونَ هذا أو الآتي.

[4208] مَعْمَرُ بنُ عبد الله بنِ نَضلةً

يروي عن: المَدنيّين، وأدركَ يوسفَ بنَ عبد الله بنِ سَلَام، روى عنه: ابنُ إسحاقَ، قالَه ابنُ حِبَّانَ في ثالثةِ "ثقاته"

(2)

، وهو الذي جدُّه حنظلةُ، فنَضْلَةُ

(3)

تحريفٌ، لكنْ هكذا رأيتُه في "ترتيب الثِّقات"

(4)

.

[4209] مَعْمَرُ بنُ عبد الله بن عامرِ بن إياسِ بنِ الظَّربِ ابنِ الحارثِ بنِ فِهرٍ القُرَشيُّ

(5)

ذكرَهُ عمرُ بنُ شبَّةَ في الصَّحابةِ، وقالَ

(6)

: استوطنَ المدينةَ، واتَّخذَ بها دارًا، واستدركَة ابنُ فتحونٍ، وأُشيرَ إليه في الذي جدُّه نَضلةُ قريبًا.

(1)

"الطبقات الكبرى" 4/ 139.

(2)

"الثقات" 7/ 484.

(3)

في الأصل: "فنظلة"، وهو تحريف.

(4)

لم أجده في المطبوع من "معرفة الثقات"، للعجلي، بترتيب السبكي، والهيثمي.

(5)

"الإصابة" 3/ 449.

(6)

"تاريخ ابن شبة" 1/ 254.

ص: 331

[4210] مَعْمَرٌ المَدَنيُّ

مرَّ به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو كاشفٌ فخذَه

(1)

. فرَّقَ أبو موسى المديني -تبعًا لابنِ شاهين- بينَه وبينَ مَعْمَرِ بنِ عبد الله بن نضلةَ، وهو هو، قالَه شيخُنا في رابعِ "الإصابة"

(2)

.

[4211] مُعَمَّرُ -كمحمَّدٍ- ابنُ محمَّدِ بنِ عبيدِ الله ابنِ أبي رافعٍ الهاشميُّ، المَدَنيُّ

(3)

مولى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويقالُ: إنَّه مُعَمَّرُ بنُ محمَّدِ بنِ عبيدِ الله بنِ عليِّ بنِ عبيدِ الله بنِ أبي رافعٍ. عن: أبيه، وجدَّه عبيدِ الله، وعمِّه معاويةَ، وعنه: زيادُ ابنُ يحيى الحسَّانيُّ، وأبو بدرٍ عبَّادُ بنُ الوليدِ الغُبريُّ، وأبو قِلابةَ الرَّقَاشيُّ، وعبَّاسٌ الدَّوريُّ، والحسنُ بنُ مُكرَمٍ، وجعفرُ بنُ محمَّدِ بنِ شاكرٍ، وغيرُهم. قالَ ابنُ مَعينٍ

(4)

: لم يكن ولا أبوه من أهلِ الحديثِ، كان يلعبُ بالحَمامِ، وقالَ مرَّةً: إنَّه قالَ له: إنَّ اسمَه إبراهيمُ، وما كان بثقةٍ ولا مأمونٍ، وقالَ أبو حاتم

(5)

: جلستُ على بابِه يومًا، فقال لي بعضُ أهلِ الحديثِ: ما يُقعدكَ ههنا؟ هذا كذَّابٌ، كانَ ابنُ مَعينٍ يقولُ: إنَّه ليس بشيءٍ ولا أبوهُ،

(1)

تقدم حديثه.

(2)

"الإصابة" 3/ 526.

(3)

"الضعفاء والمتروكون"، لابن الجوزي 3/ 133.

(4)

"سؤالات ابن الجنيد" لابن معين (362).

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 373.

ص: 332

وقالَ أبو حاتمٍ: وكانَ أبوه ضعيفَ الحديثِ، وكان لا يتركُ أباه بضعفِه

(1)

، حتَّى يحدِّث عنه ما تريد نفسُه

(2)

، وقالَ صالحُ بنُ محمَّدٍ: ليس بشيء، وقالَ البخاريُّ

(3)

: مُنكرُ الحديثِ، وقالَ ابنُ عَديٍّ

(4)

: مقدارُ ما يرويه لا يُتابع عليه، ونحوُه قولُ العُقيليِّ

(5)

: لا يتابعُ على حديثه، ولا يُعرفُ إلَّا به، وقالَ ابن حِبَّانَ

(6)

: ينفرد عن أبيه بنسخةٍ أكثرُها مقلوبةٌ، لا يجوزُ الاحتجاجُ به، وقالَ ابنُ خُزيمةَ: أنا أبرأ مِن عُهدتِه. وهو في "التَّهذيب"

(7)

.

[4212] مُعَمَّرُ بنُ يحيى بنِ أبي الخيرِ محمَّدِ بنِ عبد القويِّ

(8)

ممَّنْ جاورَ بالمدينةِ غيرَ مرَّةً، ودامَ بها سنةً في سنةٍ، وأقرأَ بها الفقهَ، والعربية

(9)

.

(1)

في الأصل: "فضعفه"، وفي "الجرح": وكان لا يترك أباه بضعفه حتى يحدث عنه ما يزيد نفسه ويزيد أباه ضعفا.

(2)

وفي "تهذيب التهذيب": وكان لا يترك أباه بضعفه، حتى يحدث عنه ما يزيد نفسه وأباه ضعفًا.

(3)

لم أجده في تاريخه، لكن نقله عنه ابن عدي في "الكامل" 6/ 451.

(4)

"الكامل" 6/ 450.

(5)

قول العقيلي هذا في معمر بن عبد الله الأنصاري لا في الهاشمي. "الضعفاء الكبير" 4/ 207.

(6)

"المجروحين" 2/ 378 (1086).

(7)

"تهذيب الكمال" 28/ 329، و"تهذيب التهذيب" 8/ 288.

(8)

"الضوء اللامع" 10/ 162.

(9)

بعدها في الأصل بياض بمقدار ثلث صحيفة.

ص: 333

[4213] مُعَمَّرٌ

قالَ ابنُ صالحٍ: إنَّه كانَ مِن أصحابِ عمرَ الزَّواويِّ، وخلطائِه سفرًا وحضرًا، مباركًا، خيِّرًا، قالَ: وهو الآنَ ساكنٌ في الرِّباط المنسوبِ إلى (

)

(1)

.

[4214] معنُ بنُ عديِّ بنِ الجدِّ بنِ العجلانِ العجلانيُّ، القُضاعيُّ

(2)

أخو عاصمٍ الماضي (1766)، يحرَّرُ إنْ كانَ مِن شرطِنا

(3)

.

[4215] مَعْنُ بنُ عيسى بنِ يحيى بنِ دينارِ بنِ عبد الله، أبو يحيى الأشجعيُّ، مولاهم، المَدنيُّ، القزَّازُ، الحافظُ

(4)

أحدُ الأعلامِ. كانَ صاحبَ حانوتٍ وأُجَراءَ ينسجون القزَّ. يروي عن: إبراهيمَ بنِ طهمانَ، وأُبي بنِ عبَّاسِ بنِ سهلٍ، ومعاويةَ بنِ صالحٍ، ومالكٍ،

(1)

بياض في الأصل قدر ست كلمات.

(2)

"الإصابة" 3/ 459.

(3)

نعم هو مِن شَرطِهِ، فهو حليف الأنصار، وذكره ابن إسحاق فيمن شهد أُحُدًا، وله ذِكرٌ في خبر السقيفة عند بيعة أبي بكر، واستشهد يوم اليمامة. راجع "الإصابة" 3/ 450.

(4)

"ترتيب المدارك" 4/ 148، "التاريخ الكبير" 7/ 390، "سير أعلام النبلاء" 9/ 304.

ص: 334

وأبي الغُصنِ ثابتِ بنِ قيسٍ، وخارجةَ بنِ عبد الله بنِ سليمانَ بنِ زيدِ بنِ ثابتٍ، وعبد العزيزِ بنِ المطَّلبِ، وابنِ أبي ذئبٍ، ومحمَّدِ بنِ مسلمٍ الطَّائفيِّ، وهشامِ بنِ سعدٍ، وعبد الرَّحمنِ بنِ أبي المَوالِ، وموسى بنِ يعقوبَ الزَّمعيِّ، وغيرِهم.

وعنه: إبواهيئم بنُ المنذرِ الحِزاميُّ، وابنُ مَعينٍ، وابنُ المدينيِّ، والحُميديُّ، وأبو بكر بنُ أبي شيبةَ، والعَدَنيُّ، وإسحاقُ بنُ عيسى ابنِ الطَّبَّاعِ، وإسحاقُ بن موسى الأنصاريُّ، -وقالَ: سمعتُه يقول: كانَ مالكٌ لا يحدِّثُ العراقيين بشيءٍ من الحديث حتَّى أكونَ أنا أسألُه-، وعبد الله ابنُ جعفرٍ البرمكيُّ، والفضلُ بنُ الصَّبَّاحِ، ومحمَّدُ بنُ أحمدَ بنِ أبي خلفٍ، وأبو خيثمة، وقتيبةُ، ونصرُ بنُ عليٍّ، وهارونُ الحمَّالُ، وصالحُ بنُ مسمار، والحسينُ بنُ عيسى البسطاميُّ، ويونسُ بنُ عبد الأعلى، وآخرون.

لزمَ مالكًا زمانًا، وكانَ مِن كبارِ أصحابِه، ومُتْقنيهم، ومُفتيهم، وقيل: إنَّ مالكًا كان يتكئُ على يدِه في خروجِه إلى المسجدِ، حتَّى كانَ يقالُ له: عصا مالك. قالَ أحمدُ: ما كتبتُ عنه شيئًا، وقالَ أبو حاتمٍ

(1)

: هو أثبتُ أصحابِ مالكٍ وأتقنُهم، وأحبُّ إليَّ مِن ابنِ وهبٍ، وقالَ إبراهيمُ بنُ الجُنيدٍ

(2)

: قيل لابن مَعينٍ: أكانَ عندَه غيرُ "الموطأ"؟ فقال: قليل، وإنَّما قصدناه في حديث مالك. قلتُ له: فكيف هو فيه؟ قالَ: ثقة، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(3)

وقالَ: كان هو الذي يتولَّى القراءةَ على مالك.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 279.

(2)

"سؤالات ابن الجنيد" ص: 382.

(3)

"الثقات" 9/ 181.

ص: 335

روى عنه: إبراهيمُ بنُ المنذرِ، وأهلُ المدينةِ، وقالَ الخليليُّ

(1)

: قديمٌ، متَّفقٌ عليه، رضيَ الشَّافعيُّ روايته، وقالَ ابنُ سعدٍ

(2)

: كانَ ثقةً، كثيرَ الحديث، ثَبْتًا، مأمونًا، يعالجُ القزَّ بالمدينة ويشتريه، وله غلمانٌ حاكةٌ، ماتَ بالمديمةِ في شوَّالٍ سنةَ ثمانٍ وتسعين ومئةٍ، خرَّجَ له الأئمةُ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(3)

.

[4216] معنُ بنُ محمَّدِ بنِ معنِ بنِ نَضلةَ ابنِ عَمروٍ الغِفاريُّ

(4)

حجازيٌّ، مِن أهل المدينةِ. يروي عن: حنظلةَ بنِ عليٍّ الأسلميِّ، وسعيدٍ المقبُريِّ

(5)

، وعنه: ابنُه محمَّد، وابنُ جريجٍ، وعمرُ بنُ عليٍّ المُقدَّميُّ، وغيرُهم. ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(6)

، وقالَ: مِن أهلِ المدينة. وخرَّجَ له الشَّيخانِ

(7)

، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(8)

.

(1)

"الإرشاد في معرفة علماء الحديث" 1/ 227.

(2)

"الطبقات الكبرى" 5/ 437.

(3)

"تهذيب الكمال" 28/ 336، و"تهذيب التهذيب" 8/ 291.

(4)

"التاريخ الكبير" 7/ 390، و"الجرح والتعديل" 8/ 277.

(5)

في الأصل: "العنبري"، وهو تحريف، والصواب المثبت.

(6)

"الثقات" 7/ 490.

(7)

وهم المؤلف في قوله هذا، فلم يخرج له الشيخان، بل خرج له البخاري والترمذي، والنسائي وابن ماجه، كما في "تهذيب الكمال"، وليس من رجال مسلم، ولم يذكره أبو بكر ابن منجويه في كتابه "رجال صحيح مسلم".

(8)

"تهذيب الكمال" 28/ 341، و"تهذيب التهذيب" 8/ 292.

ص: 336

[4217] مُعَيقيبُ بنُ أبي فاطمةَ الدَّوسيُ

(1)

حليفُ بني عبد شمسٍ، صحابيٌّ، ذكرَه مسلمٌ

(2)

في المَدنيّين، ممَّن أسلمَ قديمًا بمكَّةَ، وهاجرَ الهِجرتين، وشهدَ بدرًا، وكانَ على خاتمِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، واستعملَه أبو بكرٍ وعمرُ على بيتِ المالِ. روى عن: النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعنه: ابنه محمَّدٌ، وحفيدُه إياس بنُ الحارثِ، وأبو سلمةَ بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ عوفٍ. قالَ ابنُ عبد البَرِّ

(3)

: كانَ قد نزلَ به داءُ الجُذامِ، فعُولجَ منه بأمرِ عمرَ بالحنظلِ، فتوقَّف، ماتَ في خلافةِ عثمانَ، وقيل: في خلافةِ عليٍّ سنةَ أربعين. خرَّجوا له، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(4)

.

[4218] مغامسٌ، أبو حسنٍ

ذكرَه ابنُ صالحٍ فيمَنْ رآه من القواسم.

[4219] مُغيثٌ، مولى أبي أحمدَ بنِ جحشٍ الأسديِّ

(5)

وزوجُ بَريرةَ، فلمَّا عتقتْ صارَ يطوفُ خلفَها في طُرقِ المدينةِ، وهو يبكي

الحديثَ في استشفاعِه إليها برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقولها له:

(1)

"أسد الغابة" 4/ 464، "الإصابة" 3/ 451.

(2)

"الطبقات" 1/ 155 (77).

(3)

"الاستيعاب" 4/ 1478.

(4)

"تهذيب الكمال" 28/ 345، "تهذيب التهذيب" 8/ 293.

(5)

"أسد الغابة" 4/ 467، "الإصابة" 3/ 451.

ص: 337

أتأمر [ني]؟ قالَ

(1)

: "لا، بل أشفع"، فقالت: لا أريده. وكأنَّها رضي الله عنها أحبَّت التَّفرُّغَ للخدمهِ النَّبويَّة، فلا يشغلها عنها زوجٌ ولا غيرُه، وثبتَ قولُه صلى الله عليه وسلم لعمِّه العبَّاسِ:"ألا تعجبُ مِن حبِّ مُغيثٍ بريرةَ، ومِن بُغضِها له! ".

[4220] المغيرةُ بنُ الأخنسِ بنِ شُريقٍ الثَّقفيُّ

(2)

حليفُ بني زُهرةَ، وهو صحابيٌّ، ابنُ عمَّةِ عثمانَ بنِ عفَّانَ، وكانَ يُشبهه، فخرجَ يومًا مِن الدَّارِ وعثمانُ محصورٌ، فظنَّه المصريون عثمانَ، فشدُّوا عليه، فقتلوه لما أحرقوا البابَ، وقاتلَ يومئذٍ قتالًا شديدًا، وذلكَ في سنةِ خمسٍ وثلاثين، وهو القائل

(3)

:

لا عهدَ لي بغارةٍ مثل السَّيلْ

لا ينتهي غُبارها

(4)

حتَّى اللَّيلْ

وفي "الموفقِّيات"

(5)

للزُّبيرِ بنِ بكَّارٍ: أنَّه هجا الزُّبيرَ بنَ العوَّامِ، فوثبَ عليه المنذرُ بنُ الزُّبيرِ، فضربَ رِجلَه، فبلغَ ذلك عثمانَ، فغضبَ، وقامَ خطيبًا، فذكرَ قصَّةً.

(1)

أخرجه البخاري في الطلاق، باب: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة (5283).

(2)

"أسد الغابة" 4/ 469، "الإصابة" 3/ 452.

(3)

البيت في "معجم الشعراء"، ص: 369، و"تاريخ دمشق" 28/ 232، و"الاستيعاب" 3/ 908.

(4)

في الأصل: "عدارها" والمثبت من مصادر الترجمة.

(5)

"الموفقيات" ص: 502.

ص: 338

قالَ ابنُ عبد البَرِّ

(1)

: له في يومِ الدَّارِ أخبارٌ كثيرةٌ، منها: أنَّه قالَ لعثمانَ حينَ أحرقوا بابَه: والله لا قالَ النَّاسُ عنا: إنَّا خذلناكَ، وخرجَ بسيفِه وهو يقولُ:

لمَّا تهدَّمتِ الأبوابُ واحترقَتْ

يَمَّمْتُ منهنَّ بابًا غيرَ مُحترقِ

حقًّا أقولُ لعبد الله

(2)

آمرُهُ

إنْ لم تقاتلْ لدى عثمانَ فانطلقِ

والله أتركُه ما دامَ بي رَمَقٌ

حتَّى يُزَايلَ بينَ الرَّأسِ والعُنُقِ

هو الإمامُ فلستُ اليومَ خاذلَهُ

إنَّ الفِرارَ عليَّ اليومَ كالسَّرقِ

وحملَ على النَّاس، فضربَه رجلٌ على ساقِه، فقطعها، ثمَّ قتله، فقالَ رجلٌ مِن بني زُهرةَ لطلحةَ بنِ عبيدِ الله: قُتلَ المغيرةُ، فقالَ: قُتلَ سيِّدُ حلفاءِ قريشٍ.

قالَ فِطرُ بنُ خليفة: وبلغني أنَّ قاتلَه تقطَّعَ جُذامًا بالمدينة، بل رأى رجلٌ ممَّنْ لا يعرفُ المغيرةَ قائلًا يقولُ له في المنامِ: بشِّرْ قاتلَ المغيرةِ بالنَّارِ.

[4221] المغيرةُ بنُ أبي بُردةَ

(3)

مِن بني عبد الدَّارِ، ذكرَه مسلمٌ

(4)

في ثالثةِ تابعي المَدنيّين.

(1)

"الاستيعاب" 4/ 6.

(2)

في الهامش: يعني: "ابن الزبير"، وهو زيادة توضيح.

(3)

"تهذيب الكمال" 28/ 353، "تهذيب التهذيب" 8/ 296.

(4)

"الطبقات" 1/ 243 (799).

ص: 339

[4222] المغيرةُ بنُ الحارثِ بنِ أبي ذئبٍ هشامِ بنِ شعبةَ

(1)

جدُّ الفقيهِ محمَّدِ بنِ عبد الرَّحمنِ، الماضي (3680).

[4223] المغيرةُ بنُ الحارثِ بنِ عبد المطَّلبِ

(2)

قالَ ابنُ عبد البَرِّ

(3)

: له صحبةٌ، وهو أخو أبي سفيانَ، على الصَّحيح، وقيل: إنَّه هو، ولا يصحُّ، وتعقَّبَه ابنُ الأثيرِ

(4)

بأنَّ الزُّبيرَ وابنَ الكلبيِّ

(5)

وغيرَهما مِن أصحاِب الأنسابِ جزموا بأنَّ اسمَ أبي سفيانَ المغيرة، ولم يذكروا له أخًا

(6)

يسمَّى المغيرةَ، ولا يُكنى أبا سفيان، وكذا جزمَ البغويُّ

(7)

بأنَّ أبا سفيان اسمُه المغيرةُ بنُ الحارثِ، وقالَ آخرون: اسمُه كنيتُه، والمغيرةُ أخوه، وهو ابنُ عمِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وممَّن كانَ يُشبهُه، وأخوه من الرَّضاعةِ، أرضعَتْهما حليمةُ السَّعديةِ، وأخو نوفلٍ، وربيعةَ، وكانَ يومَ حُنينٍ آخذًا بلِجامِ بغلةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

(8)

، وثبتَ معه يومئذٍ.

(1)

يأتي في: المغيرة ابن أبي ذئب.

(2)

"الإصابة" 3/ 452.

(3)

"الاستيعاب" 4/ 1444 - 1445.

(4)

"أسد الغابة" 4/ 471.

(5)

"جمهرة النسب"، ص:35.

(6)

في الأصل: "أخ"، وهو خطأ.

(7)

"معجم الصحابة" 5/ 404.

(8)

"صحيح مسلم"، كتاب الجهاد والسير، باب: في غزوة حنين 3/ 1398 (1775).

ص: 340

روى عنه: ابنُه عبد الملك، ولمَّا حضرَه الموتُ، قالَ: لا تبكوا عليَّ؛ فإنِّي لم أتنطَّف

(1)

بخطيئةٍ منذُ أسلمتُ، وكانَ مِن شعراء بني هاشمٍ، أسلمَ أيَّامَ الفتحِ، وكانَ وقعَ منه كلامٌ في النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإيَّاه عنى حسَّانُ بقولِه

(2)

:

ألا أبلغْ أبا سفيانَ عنِّي

مُغلغلةً فقد برِحَ الخَفاءُ

هجوتَ محمَّدًا فأجبتُ عنه

وعندَ الله في ذاكَ الجَزاءُ

ثمَّ أسلمَ، وحسُنَ إسلامُه، وحضرَ فتحَ مكَّةَ مسلمًا، وأبلى يومَ حُنينٍ بلاءً حسنًا، وأحبَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وشهدَ له بالجنَّةِ، وقالَ

(3)

: "أرجو أنْ يكونَ خلَفًا مِن حمزةَ"، وله مرثيةٌ في النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لاميةٌ

(4)

، وقيل: إنَّه حجَّ، فحلقَ رأسَه، فقطعَ الحلَّاقُ ثُؤْلُولًا كانَ في رأسِه، فمرضَ منه، وماتَ بعدَ مقدمِه مِن الحجِّ بالمدينةِ، سنةَ عشرين، وصلَّى عليه عمرُ بعدَ أخيه نوفلٍ بأربعةِ أشهرٍ في قولٍ.

قالَ الآقشهريُّ

(5)

: ماتَ بالمدينةِ في الثَّانيةِ مِن سِني عمرَ، ودُفنَ بالبقيعِ، وصلَّى عليه عمرُ، ولا عَقِبَ له.

قلتُ: وأبو سفيانَ ماتَ سنةَ خمسَ عشرةَ في خلافةِ عمرَ، فصلَّى عليه المغيرةُ، وقيل: سنةَ عشرين.

(1)

أي: لم أتلطَّخ. "لسان العرب": نطف.

(2)

"ديوان حسان بن ثابت"، ص: 60، وعجز البيت الأول فيه: فأنتَ مجوَّفٌ نَخِبٌ هواءُ.

(3)

"أسد الغابة" 6/ 146.

(4)

مطلعها: أرِقتُ فباتَ ليلي لا يزولُ

وليلُ أخي المصيبةِ فيه طولُ

والقصيدة في "أسد الغابة" 6/ 147، و"سير أعلام النبلاء" 1/ 205.

(5)

"الروضة الفردوسية" 2/ 825، وفيه:"بعد أن استخلف عمر بسنة وسبعة أشهر".

ص: 341

[4224] المغيرةُ بنُ أبي حسنٍ البرَّادُ

(1)

مِن أهلِ المدينة. يروي عن: سعيدِ بنِ المسيَّبِ، وعنه: ابنُ أبي ذئبٍ، قاله ابن حِبَّانَ في ثالثة "ثقاته"

(2)

.

[4225] المغيرةُ بنُ خُبيبِ بنِ ثابتِ بنِ عبد الله ابنِ الزُّبيرِ بنِ العوَّام الأسَديُّ، المَدَنيُّ

(3)

أحدُ الأشرافِ، وفدَ على المهديِّ ومعَه أخوه الزُّبيرُ الماضي (1214)، فأكرمَهما، فاختصَّ المغيرةُ بالمهديِّ، وأحبَّه. قالَ الزُّبير بنُ بكَّارٍ

(4)

: وأعطاه أموالًا عظيمةً، بحيثُ إنَّه أعطاه مرَّةً ثلاثين ألف دينارٍ، وسمعتُ أصحابَنا يزعمون أنَّ المغيرةَ تزوَّجَ بامرأةٍ، فأصدقَها عنه المهديُّ مكُّوكَ لؤلؤٍ.

[4226] المغيرةُ بنُ أبي ذئبٍ، جدُّ ابنِ أبي ذئبٍ

(5)

ذكرَه مسلمٌ

(6)

في ثانيةِ تابعي المَدنيّين، وهو ابنُ الحارثِ بنِ أبي ذئبٍ، مضى قريبًا (4222).

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 323، و"الجرح والتعديل" 8/ 221.

(2)

"الثقات" 7/ 465.

(3)

"نسب قريش" ص: 242، "تاريخ بغداد" 13/ 194، "تاريخ الإسلام" 15/ 256.

(4)

"جمهرة نسب قريش وأخبارها"، ص: 113 - 114.

(5)

"الاستيعاب" 4/ 7، وذكر أنه ولد عام الفتح، و"معرفة الصحابة" 5/ 2582.

(6)

"الطبقات" 1/ 230 (645).

ص: 342

[4227] المغيرةُ بنُ شُعبةَ بنِ أبي عامرِ بنِ مسعودِ بنِ معتبِ بنِ مالكِ ابنِ كعبِ بنِ عمروِ بنِ سعدِ بنِ عوفٍ، أبو عيسى أو أَبو محمَّدٍ، أو أبو عبد الله، الثَّقفيُّ

(1)

صحابيٌّ مشهورٌ، أسلمَ قبلَ عُمرَةِ الحُديبيةِ، وشهدَها وبيعةَ الرِّضوان، وشهدَ اليمامةَ، وفتوحَ الشَّامِ والعراقِ، وولَّاه عمرُ البصرةَ، ففتحَ همَذانَ، وعدَّةَ بلادٍ، وكانَ أوَّلَ مَنْ وضعَ ديوانها، وأوَّل مَن سُلِّم عليه بالإمرةِ، ثمَّ ولَّاه الكوفةَ، وأقرَّه عثمانُ، ثمَّ عزلَه، فلمَّا قُتلَ اعتزلَ القتالَ، إلى أنْ حضرَ معَ الحكَمين، ثمَّ بايعَ معاويةَ بعدَ اجتماعِ النَّاسِ عليه، ثمَّ ولَّاه الكوفةَ، فاستمرَّ على إمرتِها حتَّى ماتَ سنةَ خمسينَ عندَ الأكثرِ، ونقلَ فيه الخطيبُ الإجماعَ، وفيهم ذكرَه مسلمٌ

(2)

.

وكانَ مِن دُهاة العربِ، لو أنَّ مدينةً لها ثمانيةُ أبوابٍ، لا يُخرَجُ من بابٍ منها إلا بالمكرِ، لخرجَ منها كلِّها. قالَ الطَّبريُّ: كانَ لا يقعُ في أمرٍ إلَّا وجدَ له مخرجًا، ولا يلتبسُ عليه أمرانِ إلا أظهرَ الرَّأيَ في أحدِهما.

وأخرجَ ابنُ شاهين من طريقِ كثيرِ بنِ زيدٍ، عن المطِّلبِ -هو ابنُ حَنْطَبٍ- عن المغيرةِ قال: كنتُ آتي بابَ عمرَ، فأجلسُ أنتظرُ الإذنَ، فقلتُ ليرفأَ حاجبِه: خذْ هذه العمامةَ فالبسها؛ فإنَّ عندي أختَها، فكانَ يأذنُ لي أنْ أقعدَ مِن داخلِ الباب، فمَنْ رآني قالَ: إنَّه ليدخلُ على عمرَ في ساعةٍ لا يدخلُ غيرُه.

(1)

"أسد الغابة" 4/ 471، "الإصابة" 3/ 452.

(2)

"الطبقات" 1/ 173 (254).

ص: 343

وكانَ رضي الله عنه -فيما قالَه ابنُ سعدٍ

(1)

- رجلًا طُوالًا، مُصابَ العينِ، أُصيبَتْ باليرموكِ، أصهبَ

(2)

الشَّعر، أكشفَ

(3)

، أقلصَ

(4)

الشَّفتين، ضخمَ الهامةِ، عَبْلَ

(5)

الذِّراعينِ، عريضَ ما بينَ المنكبين، وكانَ يقالُ له: مغيرةُ الرَّأي. انتهى. وترجمتُه تحتملُ التَّطويل، ولكنْ لم يكنْ إدخالُه هنا إلَّا بالقوَّةِ، اختصرتُها، رضي الله عنه.

[4228] المغيرةُ بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ الحارثِ بنِ عبد الله بنِ عيَّاشِ ابنِ أبي ربيعةَ، أبو هاشمٍ، وقيل: أبو هشامٍ المخزوميُّ القُرَشيُّ، المَدنيُّ، الفقيهُ

(6)

يروي عن: أبيه، وابنِ عجلانَ، وهشامِ بنِ عروةَ، وعبد الله بنِ سعيدِ ابنِ أبي هندٍ، ويزيدَ بنِ أبي عُبيدٍ، وعبد الله بنِ عمرَ العَدَويِّ، وخالدِ بنِ إلياس، والجُعيدِ بنِ عبد الرَّحمنِ، ومالكٍ، وطائفةٍ، وعنه: ابنُه عيَّاشٌ، ويعقوبُ بنُ محمَّدٍ الزُّهريُّ، وأبو مصعبٍ أحمدُ بنُ أبي بكرٍ، ويعقوبُ بنُ حميدِ بنِ كاسبٍ، وأحمدُ بنُ عبدةَ الضَّبِّيُّ، والرَّبيعُ بنُ روحٍ الحِمصيُّ، ومصعبُ بنُ عبد الله الزُّبيريُّ، وآخرون.

(1)

"الطبقات الكبرى" 6/ 20.

(2)

الأصهب من الشعر: الذي يخالط بياضَه حمرة. "لسان العرب": صهب.

(3)

الكشَفُ: رجوع شعر الناصية قِبَلَ اليافوخ. "لسان العرب": كشف.

(4)

أي: مرتفع، يقال: قلصت شفته، أي: انزوت. "الصحاح": قلص.

(5)

أي: ضخم. "الصحاح": عبل.

(6)

"التاريخ الكبير" 7/ 322، "الجرح والتعديل" 8/ 225.

ص: 344

نقلَ عبَّاسٌ الدُّوريِّ

(1)

عن ابن مَعينٍ توثيقَه، وكذا وثَّقه يعقوبُ بنُ شيبةَ، وقالَ: إنَّه أحدُ فقهاءِ المدينةِ، ومَنْ كانَ يُفتي فيهم، وضعَّفَه أبو داود، وغلَّطَ عبَّاسًا. وقالَ الزُّبير بنُ بكَّارٍ: كانَ فقيهَ أهلِ المدينةِ بعدَ مالكٍ، وعرضَ عليه الرَّشيدُ القضاءَ، فامتنعَ، فأعفاه، ووصلَه بألفي دينارٍ، وقالَ ابنُ عبد البَرِّ: كانَ مدارُ الفتوى في آخرِ زمانِ مالكٍ وبعدَه عليه، وعلى محمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ دينارٍ، حكى ذلك عبد الملكِ ابنُ الماجشون، وقالَ أبو زُرعةَ: لا بأس به، وقالَ محمَّدُ بنُ مسلمةَ المخزوميُّ: قالَ المغيرةُ: نحنُ أعلمُ النَّاسِ بالقرآنِ، وأجهلُهم به، صيَّرَنا العلمُ بعِظمِ قدرِه إلى الجهلِ بكثيرٍ مِن معانيه، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(2)

، وقالَ: كانَ راويًا لابنِ عجلانَ، ربَّما أخطأ. ماتَ يومَ الأربعاءِ، لتسعٍ خلونَ من صفرَ سنةَ [خمسٍ، أو]

(3)

ستٍّ وثمانين ومئةٍ، وقالَ ابنُ سعدٍ

(4)

: سنة ثمان وثمانين، وقالَ ابنُه عياشٌ: وُلدَ أبي سنةَ أربعٍ، أو خمسٍ وعشرين ومئةٍ، وماتَ لسبع خلونَ مِن صفرَ، سنةَ ستٍّ وثمانين، وجزمَ ابنُ حِبَّانَ في مولدِه بأربعٍ، واعتمدَه الذَّهبيُّ حيث قالَ

(5)

: عاشَ اثنتين وستين سنةً، خرَّجَ له البخاريُّ

(6)

، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(7)

.

(1)

"تاريخ ابن معين" 2/ 581.

(2)

"الثقات" 7/ 466.

(3)

ما بين المعقوفتين لحَقٌ في الهامش، وعليه علامة:"صح".

(4)

"الطبقات الكبرى" 5/ 210.

(5)

"تاريخ الإسلام" 12/ 411.

(6)

كتاب الجهاد، باب: هل يستشفع لأهل الذمة ومعاملتهم (3053).

(7)

"تهذيب الكمال" 28/ 381، و"تهذيب التهذيب" 8/ 304.

ص: 345

[4229] المغيرةُ بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ الحارثِ بنِ هشامِ بنِ المغيرةِ أبو هاشمٍ -كما رجَّحه أبو أحمدَ الحاكمُ- وقيل: أبو هشامٍ، المخزوميُّ، المَدنيُّ

(1)

أخو أبي بكرٍ وإخوتِه. أرسلَ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعن خالدِ بنِ الوليدِ، وروى عن: أبيه، وأمِّه سُعدى ابنةِ عوفٍ.

وعنه: ابنُه يحيى، وابنُ أخيهِ لأمِّه إسحاقُ بنُ يحيى بنِ طلحةَ بنِ عبيدِ الله، وإسحاقُ بنُ يسارٍ والدُ محمَّدٍ، وابنُه محمَّدٌ، ومالكٌ.

ذكرَه ابنُ سعدٍ

(2)

في الطَّبقةِ الثَّانيةِ مِن أهلِ المدينةِ، وقالَ: قالَ محمَّدُ ابنُ عمرَ يعني الواقديَّ: خرجَ إلى الشَّامِ غيرَ مرَّةٍ غازيًا، وكانَ في جيشِ مسلمةَ الذين احتُبسوا بأرضِ الرُّومِ. يعني: بقسطنطينيةَ، حتَّى أقفلَهم عمرُ ابنُ عبد العزيزِ، ثمَّ رجع إلى المدينةِ، فماتَ بها، وقد روي عنه، وكان ثقةً، قليلَ الحديثِ.

وقالَ محمَّدُ بنُ إبراهيمَ الكناني: سألت أبا حاتمٍ عنه وكانَ شاميًا تركَ المدينة؟ فقالَ: صالحُ الحديثِ، مدَنيٌّ، ثقةٌ. وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(3)

.

(1)

"مشاهير علماء الأمصار" ص: 137، "تاريخ الإسلام" 7/ 477، "تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل" للعراقي، ص 212.

(2)

"الطبقات الكبرى" 5/ 210.

(3)

"الثقات" 5/ 407.

ص: 346

وحكى ابنُ أبي حاتمٍ في ترجمتِه عن عبَّاسٍ الدُّوريِّ، عن ابنِ مَعينٍ أنَّه قال: ثقةٌ، وذلكَ وهمٌ من ابنِ أبي حاتمٍ، فقد سألَ معاويةُ بنُ صالحٍ ابنَ مَعينٍ عنه؟ فقالَ: لا أعرفُه، وإنَّما الذي حكى الدُّوري فيه الذي قبلَه

(1)

، مع تغليطِ أبي داودَ لعبَّاسٍ في ذلك أيضًا كما علمتَه. وقالَ الزُّبير بنُ بكَّارٍ: كانَ يطعمُ الطَّعامَ حيثما نزلَ، وله أخبارٌ في الجُودِ.

وقالَ غيرُه: كانَ سيِّدًا جَوادًا، سَخِيًّا، غازيًا، مجاهدًا، لا أعلمُ به بأسًا، مع أنَّه مُقِلٌّ. وذكرَه ابنُ العديمِ في "تاريخ حلب"

(2)

فقالَ: غزا أرضَ الرُّومِ مع مسلمةَ بنِ عبد الملكِ، وذهبتْ عينُه في الغزاةِ التي ماتَ فيها سليمانُ ابنُ عبد الملكِ، وهم بأرضِ الرُّومِ. انتهى.

ماتَ -كما لأبي أحمدَ الحاكمِ- بالشَّامِ مرابطًا، ويقالُ: بالمدينة، في ولايةِ يزيدَ، أو هشامِ بنِ عبد الملكِ. قالَ الزُّبيرُ: وأوصى أنْ يُدفنَ بأُحُدٍ مع الشُّهداءِ، وأنْ يُطعمَ على قبرِه بألفِ دينارٍ، في قصَّةٍ طويلةٍ.

وقالَ ابنُ حِبَّانَ

(3)

: روى عنه أهلُ المدينةِ، قُتلَ بالشَّامِ في ولايةِ يزيدَ، أو هشامٍ، قيل: ودُفنَ بالبقيعِ، وأمُّه سُعدى ابنةُ عوفِ بنِ خارجةَ بنِ سفيانَ ابنِ أبي حارثةَ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(4)

.

(1)

وهو المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، كما في "تاريخ ابن معين" 2/ 581، برواية الدوري.

(2)

لم أقف عليه في المطبوع من "بغية الطلب".

(3)

"الثقات" 5/ 407.

(4)

"تهذيب الكمال" 28/ 348، "تهذيب التهذيب" 8/ 305.

ص: 347

[4230] المغيرةُ بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ عبد الله بنِ خالدِ بنِ حزامِ ابنِ خويلدِ بنِ أسدِ بنِ عبد العُزَّى بنِ قُصَيٍّ الأسديُّ، الحِزاميُّ، المَدَنيُّ

(1)

ويلقَّبُ قُصَيًّا، وقيل: إنَّه مِن ولدِ حكيمِ بنِ حزامٍ. يروي عن: أبي الزِّنادِ، وهو مكثرٌ عنه، وموسى بنِ عقبةَ، وسالمٍ أبي النَّضرِ، وربيعةَ، وعبد المجيدِ ابنِ سهيلِ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ عوفٍ، والمطَّلبِ بنِ عبد الله بنِ حَنْطَبٍ، وهشامِ بنِ عروةَ، والضَّحَّاكِ بنِ عثمانَ الحزاميِّ. وعنه: ابنُه عبد الرَّحمنِ، وأبو عامرٍ العَقَديُّ، وابنُ مهديٍّ، وابنُ وهبٍ، ومحمَّدُ بنُ المباركِ الصوريُّ، ويحيى بنُ يحيى، ويحيى بنُ بُكيرٍ، والقَعْنبيُّ، وخالدُ بنُ مخلدٍ، وسعيدُ بنُ أبي مريمَ، وسعيدُ بنُ منصورٍ، وقتيبةُ ابنُ سعيد، وآخرون.

قالَ الجُوزجانيُّ عن أحمد

(2)

: ما بحديثه بأسٌ، وقالَ الدُّوريُّ

(3)

عن ابن مَعينٍ: ليس بشيءٍ، وقالَ أبو داودَ: رجلٌ صالحٌ، كان ينزلُ عسقلانَ، وعنه أيضًا: لا بأسَ به، وقالَ النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقالَ أبو زُرعةَ: هو أحبُّ إليَّ من ابنِ أبي الزِّنادِ، وشعبةَ. يعني في أبي الزِّناد. وقالَ الخطيبُ

(4)

: كانَ علَّامةً بالنَّسبِ، يسمَّى قُصيًّا، وذكرَ الزُّبيرُ

(5)

أنَّ الرَّشيدَ عرضَ عليه

(1)

"الطبقات الكبرى" 5/ 421، "تاريخ الإسلام" 11/ 368.

(2)

"العلل ومعرفة الرجال" 2/ 47.

(3)

"تاريخ ابن معين" برواية الدوري 2/ 580.

(4)

"المتفق والمفترق" 3/ 297.

(5)

"نسب قريش" ص: 243، "جمهرة نسب قريش"، ص: 404، وليس فيهما القصة.

ص: 348

قضاءَ المدينةِ، وجائزةً أربعةَ آلافِ دينارٍ، فقالَ: لأنْ يخنقَني السُّلطانُ أحبُّ إليَّ مِن أن أليَ القضاء، فقالَ: ما بعد هذا غاية، وأجازه بألفي دينارٍ.

قلتُ: وقد تقدَّمَ مثلُه في سَمِيِّه المغيرةِ بنِ عبد الرَّحمنِ. أعني: ابنَ الحارثِ، فيُحرَّرُ، وقالَ ابنُ عديٍّ

(1)

: ينفردُ بأحاديثَ، وأوردَ منها جملةً، ثمَّ قالَ: عامَّتُها مستقيمةٌ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(2)

، وهو ثقةٌ، شريفٌ، كبيرُ القَدر. قيل: كانَ علَّامةً بالنَّسب، وحديثُه متَّفقٌ عليه

(3)

، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(4)

.

[4231] المغيرةُ بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ المغيرةِ بنِ الحارثِ بنِ أبي ذئبٍ القُرَشيُّ، العامريُّ، المَدنيُّ

(5)

أخو محمَّدٍ. يروي عن: سعيدِ بنِ المسيَّبِ، والقاسمِ بنِ محمَّدٍ، وعنه: أخوه. ذكرَه الخطيبُ في "المتفق"

(6)

، وتبعَه شيخُنا في زوائدِه على "التَّهذيب".

(1)

"الكامل في الضعفاء" 6/ 355.

(2)

"الثقات" 7/ 466.

(3)

البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب: إخاء النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار (3782). وأخرج له مسلم في الحج، باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها 2/ 960 بلا رقم.

(4)

"تهذيب الكمال" 28/ 387، و"تهذيب التهذيب" 8/ 306.

(5)

"الثقات" 7/ 463. وهل هو الذي قبله، فجعله المؤلف ومن قبله اثنين؟ لا جزم بذلك، والاحتمال قوي. وينظر: "اختلاف أحوال النقاد في الرواة المختلف فيه" للدكتور سعدي الهاشمي، ص: 39، و"التقنية الحديثة في خدمة السنة النبوية"، للدكتور عبد الله دنفو، ص:37.

(6)

"المتفق والمفترق" 3/ 396.

ص: 349

[4232] المغيرةُ بنُ نوفلِ بنِ الحارثِ بنِ عبد المطَّلبِ ابنِ هاشمٍ الهاشميُّ

(1)

صحابيٌّ. قالَ ابنُ عبد البَرِّ

(2)

: وُلدَ قبلَ الهجرةِ، وقيل: بعدَها بأربعِ سنين. روى له ابنُ شاهين

(3)

في الصَّحابةِ من طريقِ عبد الملكِ بنِ نوفلِ ابنِ المغيرةِ بنِ نوفلٍ، عن أبيه

(4)

، عن جدِّه مرفوعًا

(5)

: "مَنْ لم يحمدْ عدلًا، ولم يذمَّ جَورًا، فقد بارزَ الله بالمحاربةِ"، وقالَ: غريبٌ لا نعلمُ للمغيرةِ غيره، وجزمَ أبو أحمدَ العسكريُّ بأنَّه مرسلٌ، ونحوُه ذكرُ ابنِ حِبَّانَ للمغيرةِ في ثقاتِ التَّابعين

(6)

.

قالَ شيخُنا

(7)

: والرَّاجحُ ما قالَه ابنُ عبد البَرِّ، ولكنَّ الحديثَ ليسَ بثابتٍ، والمغيرةُ هذا كانَ قاضيًا بالمدينةِ في خلافةِ عثمانَ، ثمَّ كانَ مع عليٍّ في حروبِه، وهو الذي طرحَ على ابنِ مُلجِمٍ القطيفةَ لمَّا ضربَ عليًّا، فأمسكَه، وضربَ به الأرضَ، ونزعَ منه سيفَه، وسجنه حتَّى مات عليٌّ فقتله

(8)

.

(1)

"أسد الغابة" 4/ 473.

(2)

"الاستيعاب" 4/ 9.

(3)

وفي كتابه "اللطيف لشرح مذاهب أهل السنة"(40)، وهو مرسل، وفي سنده مجاهيل.

(4)

في الأصل: "أخيه"، والتصويب من "الإصابة".

(5)

ذكره في "الإصابة" 3/ 454، ونسبه لابن شاهين.

(6)

"الثقات" 5/ 408.

(7)

"الإصابة" 3/ 454.

(8)

العبارة في الأصل غير واضحة المعنى، والتصويب من "الإصابة".

ص: 350

وقالَ الزُّبير بنُ بكَّارٍ: خطبَ معاويةُ أُمامةَ ابنةَ أبي العاص بنِ الرَّبيعِ بعدَ قتلِ عليٍّ، فجعلت أمرَها للمغيرةِ بنِ نوفلٍ، فتوثَّق منها، ثمَّ زوَّجَها نفسَه، فماتت عنده.

[4233] مفتاحٌ الهندي

كانَ مِن الكِبارِ، عاشَ مئةَ سنةٍ، على عبادةٍ ومجاهدةٍ، مِن أربابِ الكراماتِ، ووقَفَ نخلًا جيدًا بالحِشّانِ

(1)

، ونخلًا آخرَ ببئر عز العرب، كانَ يعملُ كلَّ سنةٍ -في شهرِ ربيعٍ الأوَّلِ- المولدَ النَّبويَّ، وينفقُ فيه نفقةً حافلة، ويخبرُ أنَّه يعرفُ يومَ وفاتِه، وأنَّه يموتُ في رجبٍ، أظنُّه السَّادسَ، أو الرَّابعَ منه، فكانَ كذلك، قالَه ابن فرحون

(2)

.

قالَ: وكانَ يعملُ مولدَه في بيتي، ويحضرُ كأنَّه واحدٌ مِن الجماعةِ، وحضرَ يومًا معَ الجماعةِ، فلمَّا خرجوا قدَّمتُ له طعامًا فيه لحمٌ، فوقفَتْ في حلقِه لحمةٌ، فشهقَ منها شهقةً، ما شككتُ أنَّه ماتَ، ثمَّ إنَّه أفاق، وقالَ لي بعدَ إفاقتِه: خفتَ عليَّ أنْ أموتَ؟ لا أموتُ اليومَ، بل بقيَ لي كذا وكذا، فكانَ كما قالَ، ولخَّصه المجدُ

(3)

بعبارةٍ وجيزة، وإشارةٍ حَريزة، رحمه الله.

(1)

حِشان: بالكسر: جمع حَشٍّ وهو البستان، وهو أطم من آطام المدينة كان لليهود على يمين الطريق من شهداء أحد. "المغانم المطابة"(2/ 759).

(2)

"نصيحة المشاور"، ص 62.

(3)

"المغانم المطابة" 3/ 1293.

ص: 351

[ ....... ]

‌ مُفضَّلُ بنُ مبشِّرٍ الأنصاريُّ

صوابُه: الفضلُ، مضى (3190).

[4234] مفيدٌ، أمينُ الدِّينِ الشَّمسيُّ

(1)

نسبةً لصوابٍ الماضي (1695)، الشَّافعيُّ، حفظَ القرآن، وربعَ "التَّنبيه"

(2)

وصحبَ أهلَ الخيرِ، واشتُهرَ بالدِّين والأمانة، واعتمدَ عليه المُشارُ إليه، وسلَّمَ إليه ما يُعدُّ من الحاصلِ للصَّرفِ على الفقراء، والأوقافِ، وغيرِها، وهو الأمينُ على ما في القُبَّةِ التي في وسطِ الحرم، بيده مفاتيحُ حاصلها، وهو أهلٌ لذلك، فنِعمَ الحسنةُ خلَّفَها سيِّدُه بعده، ولقد مشى على طريقِ سيِّدِه، وزادَ: ماتَ سنةَ أربعٍ وسبعين وسبعِ مئةٍ، قالَه ابنُ [فرحونٍ

(3)

]

(4)

.

[4235] مفيدٌ الحَمويُّ

مُعتَقُ الشَّمسِ الحمويِّ، حفظَ القرآن وجوَّده، وكانَ أمينَ الحرمِ على قُبَّةِ الزَّيتِ، وصندوقِ التَّعمير، ونِعمَ به. ذكرَه ابنُ صالحٍ.

(1)

"المغانم المطابة" 3/ 1221.

(2)

"التنبيه في الفقه الشافعي"، لأبي إسحاق الشيرازي، مطبوع عدة طبعات.

(3)

"نصيحة المشاور"، ص:54.

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

ص: 352

وقد أثبتَ الزَّينُ أبو بكرٍ المراغيُّ اسمَه فيمَنْ سمعَ بقراءتِه جميعَ "الصَّحيح" على العفيفِ عبد الله ابنِ الجَمالِ محمَّدٍ المَطريِّ، في سنةِ إحدى وستين وسبعِ مئةٍ، وكنَّاه أبا الإحسانِ، جمالَ الدِّين، ووصفَهُ بالجَنابِ العالي، العابدي.

[4236] مفيدٌ الكَرمونيُّ، الطَّواشيُّ

مُعتَقُ شفيعٍ الماضي (1615). كانَ على عِفَّةٍ وكِبرِ نفسٍ، ذكرَه ابنُ صالحٍ.

[4237] مُقبلُ بنُ جمَّازِ بنِ شِيحةَ بنِ هاشمِ بنِ شيحةَ بنِ قاسمِ ابنِ مهنَّا بنِ حسينِ بنِ مُهنَّا الحسينيُّ

(1)

الماضي نسبُه في أبيه (732). حاولَ انتزاعَ المدينةِ مِن أخيهِ منصورٍ، وعملَ سُلَّمًا، ونصبَه على الحِصنِ العتيقِ، ودخلَه على حينِ غفلةٍ، في ليلةِ السَّبتِ، ثامن عشري شعبانَ سنةَ تسعٍ وسبعِ مئةٍ، وكَمَنَ فيه هو وجماعتُه الذين تسوَّروا معه إلى الصَّباحِ، ولم يكنْ بالمدينةِ غيرُ ابنِ أخيهِ كبشِ بنِ منصورٍ، وظنَّ مُقبلٌ أنَّ أهلَ المدينةِ لا يواجهونه بالمقاتلةِ نهارًا، وأنَّ كبشًا ينجو بنفسِه هاربًا، فلمَّا علمَ بهم كبشٌ، استصرخَ بأهل المدينةِ، فأجابوه، وقاتلوا معه، فقُتلَ مقبلٌ، وقُتلَ معه ابنا أخيه جوشنُ، وقاسمٌ ابنا قاسمِ بنِ جمَّازٍ، فعظُمَتْ الواقعةُ على

(1)

"نصيحة المشاور" ص: 145، "النجوم الزاهرة"، حوادث سنة 709 هـ.

ص: 353

أولادِ مُقبلٍ وإخوتِه، فقدَّموا عليهم الأميرَ وُدَيَّ بنَ جمَّازٍ، وقاموا في طلبِ الثَّأرِ، واستحكمَ بينهم الفسادُ، وكثُرتْ بينهم الحروبُ، وعظُمَتْ على منصورٍ النَّفقاتُ للجيوشِ، فلمَّا كانَ في سنةِ ستَّ عشرةَ وسبعِ مئةٍ حصلَ له ضيقٌ وشِدَّةٌ، فطلبَ مِن الخُدَّامِ المخبزين ألفَ درهمٍ مِن كلِّ واحدٍ، فامتنعوا، وقالوا: لا نفعلها تصيرُ سُنَّةً أبدًا، فأنزلَ منهم جماعةً في الجُبِّ، فجاءَ بعضُ المجاورين، وقالوا: نحنُ نتقدَّمُهم في النُّزولِ، ووقعَ في ذلك كلامٌ كثيرٌ، ثمَّ فرَّجَ اللهُ عنهم.

ولمَّا بلغَ ذلك السُّلطانَ النَّاصرَ، أمرَ أميرَ الحاجِّ المصريِّ بإمساكِ منصورٍ، فأمسكَه هو وولدَه كُبيشًا، وسارَ بهما مُعَتقلينِ إلى مصر، فرسمَ عليهم بدارِ الضِّيافةِ نحوَ شهرٍ، ثمَّ استدعى بهما السُّلطان، وتهدَّدهما على ما فعلَ منصورٌ، وشرطَ عليه شروطًا، منها:

- أنَّه لا يؤذي المجاورين والخُدَّام.

- وأنَّ ابنَه يحملُ عيالَه إلى مصرَ، فيقيمُ بها عنده.

ثمَّ خلعَ عليهما، وخلَّى سبيلَهما، واتَّفقَ في أوَّلِ يومٍ مِن المحرَّمِ بعدَ إمساكِ منصورٍ ورحيلِ الحاج من المدينة أنَّ الأميرَ وُدَيًّا وأولادَ مقبلٍ أغاروا على المدينة، فخرجَ إليهم جمَّازُ بنُ منصورٍ، فقاتلهم، فقُتل مِن أهلِ المدينةِ نحوُ سبعَةٍ، ورجعَ جمَّازٌ إلى المدينةِ، ثمَّ بعدَ ذلك بأيَّامٍ، أغاروا ثانيًا فملكوها، وخرجَ جمَّازٌ منها، ووصلَ الخبرُ إلى السُّلطانِ، ومنصورٌ عندَه، فسيَّرَ معه عسكرًا عِدَّتُه تسعون فارسًا، تُرْكًا وعَرَبًا، فوصلوا إلى المدينةِ في ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ سبعَ عشرةَ، فامتنعَ أولادُ مُقبلٍ مِن الخروجِ

ص: 354

ساعةً، ثمَّ رأوا عجزهم، فخرجوا على خيولهم هاربين، فأرسلَ منصورٌ خلفَهم، فأُمسكَ مباركُ بنُ مقبلٍ، فمنَّ عليه، وخلَّى سبيلَه، وبقي العسكرُ في المدينةِ يومينِ أو ثلاثةً، ثمَّ رحلوا منها.

فجمعَ وُديٌّ وأولادُ مُقبلٍ عربًا كثيرةً، وساعدَهم قتادةُ صاحبُ ينبعَ، فحاصروا المدينةَ، فخرجَ منصورٌ منها هو وابنُه كبشٌ، ليتوجَّها إلى السُّلطانِ، فوجدوا في طريقِهم عسكرًا وجَّهه السُّلطانُ إلى مكَّةَ، مُقَدَّمُه سيفُ الدِّين آيدغمش، فسألهم المساعدةَ على وُدَيِّ، وأنْ يُمكِّنوه من المدينةِ، فاستملهوه، وكتبوا بذلك إلى السُّلطانِ، وسافروا إلى مكَّةَ، فبعث إليهم السُّلطانُ يأمرُهم بنصرتِه، فقدموا معه إلى المدينةِ، فخرجَ إليهم وُدَيٌّ وأولادُ مقبلٍ، وجرى بينهما قتالٌ، فقُتلَ ماجدُ بنُ مقبلٍ، وكانت الوقعةُ في جمادى الأولى منها، وانكسرَ وُدَيٌّ وجماعتُه، وتسلَّمَ منصورٌ المدينةَ، ودخلَها العسكرُ، فنهبوها حتَّى القلعةَ، وبيوتَ الشَّرائف، وأقاموا نحوَ ثلاثةِ أيامٍ، ثمَّ رحلوا، واستمرَّ وُدَيُّ وأصحابُه يُغيرونَ على المدينةِ إغارةً بعدَ إغارةٍ.

ولمَّا استقرَّ منصورٌ في المدينةِ، رامَ إخراجَ المجاورين ونحوَهم، ثمَّ كفَّ. قالَه ابن [فرحون في تاريخه]

(1)

. وهو في "درر"

(2)

شيخنا، فقالَ: قريبُ أمير المدينة، وولدُ مستوليها، طرَقَها في شعبانَ سنةَ تسعٍ وسبعِ مئةٍ، دهمَهم ليلًا، ونصبَ سُلَّمًا خشبًا، كانَ معه مُقَطَّعًا، وصعدَ منه إلى السُّورِ،

(1)

بياض في الأصل. وخبرُه في "نصيحة المشاور" لابن فرحون، ص:249.

(2)

"الدرر الكامنة" 4/ 356.

ص: 355

فاستيقظَ له ابنُ أخي كبشِ بنِ منصورِ بنِ جمَّازٍ، وكانَ إذ ذاكَ يخلُفُ أباه على الإمرَةِ، وتقاتلا، فقتلَ مُقبلٌ، وقُتلَ معه مِن أقاربِه قاسمٌ، وجوشنُ ابنا قاسمِ بنِ جمَّازٍ.

قلتُ: وقد مضى له ذِكْرٌ في محمَّدِ بنِ غصنٍ القَصريِّ (3811).

[4238] مُقبلٌ، أبو شامةَ

أحدُ الخُدَّامِ، شهدَ في سنةِ إحدى وثمانين وسبعِ مئةٍ.

[4239] مُقبلُ بنُ عبد الله، الزَّينُ الرُّوميُّ

(1)

الشَّهيرُ بِمُقبلٍ الكبيرِ، وبالشهابيِّ، ذكرَه المجدُ

(2)

، فقالَ: كانَ عندَ النَّاصرِ حسنِ بنِ محمَّدِ بنِ قلاوون من الخواصِّ المقدَّمين، والنُّجباءِ المُعظَّمين، وله في ذلكَ الوقتِ انتماءٌ إلى أهلِ العلمِ وخدمتِهم، واعتزاءٌ

(3)

لاعتقادِهم ومحبَّتِهم، واشتهارٌ بتعظيمِهم وإقامةِ حُرمتِهم، واعتمادٌ في جُلِّ أمورِه على خاطرِهم وهِمَّتِهم، فساقَتْه تلك العاداتُ والخلائق، إلى الانقطاعِ بالكُليَّةِ عن جميعِ العلائق، وتبتَّلَ للقيامِ بخدمةِ الحَرمين، بهمَّةٍ في العلوِّ تُشامخُ الهرَمَين، جاورَ مدَّةً بحضرةِ البيتِ العتيق، وعطَّرَ مناشَق الخَلقِ مِن

(1)

"النجوم الزاهرة" 12/ 137، "إنباء الغمر" 1/ 465، "السلوك" 5/ 335.

(2)

"المغانم المطابة" 3/ 1303.

(3)

أي: انتساب. يقال: عزوته إلى أبيه، فاعتزى، أي: انتمى وانتسب. "الصحاح": عزا.

ص: 356

الخُلقِ المنافح للمِسك الفَتيق

(1)

، فتارةً قامَ برفعِ ما سقطَ مِن سقفِ الحرَمِ، وتارةً وقفَ على إجراءِ الماء مِن مِنى إلى بِركةِ السَّلم، وآونةً تصدَّى لإصلاحِ ما دثرَ مِن آبارِ عرفات، وتجديدِ ما تشعَّثَ في الحرمينِ من معالمِ تلكَ الأُرْفات

(2)

، فأوثقَ له بطريقِ الخيرِ اعتلاقًا وارتباطًا، وبنى بمكَّةَ شرَّفَها الله مِن خالصِ مالِه رباطًا، فصادفَت أعمالُه القَبول، وبلَّغه الله بحُسنِ نِيَّتِه غايةَ المأمول، وساقتهُ يدُ العنايةِ إلى خدمةِ الرَّسول، فانتقلَ إلى الحرمِ المدَنيِّ مُجاورًا، وأقبلَ على سلوكِ النَّهجِ السَّنِيِّ باطنًا وظاهرًا، فاتَّفقتْ في أثناءِ جوارِه وفاةُ ياقوت، وأجمعتِ الهممُ على ولايةِ شخصٍ محبوبٍ إلى القلوبِ غيرَ ممقوت، فصادفَ مُقبلٌ من القَبول إقبالًا، وكَتبَ له قلمُ التَّقديرِ من القَبولِ مِثالًا، فأتَتْه المشيخةُ مُنقادةً، لأنَّه جعلَ على الله اعتمادَه، وعلى عنايتِه تُكلانَه واستنادَه، فباشرَها بسيرةٍ حميدةٍ، وسريرةٍ سعيدةٍ، وبصيرةٍ سديدةٍ، وسجيةٍ عن العُسر وشكاسةِ الأخلاقِ بعيدةٍ، بِلُطفٍ عندَ الحقِّ ألينَ من الوِصال، وعُنفٍ عندَ الباطلِ أخشنَ مِن النِّصال، والمأمولُ من الله الكريمِ إعانتُه على تمهيدِ الأمور، وتسديدِ مصالحِ الجمهور، وتجديدِ ما دثرَ مِن معالمِ الوقوف، وتسديدِ القولِ في صَرْفِ ما تعيَّنَ للفقراءِ مْن مصروف، وتأييدِ أهلِ العلمِ فيما يُشيرونَ إليه مِن نهيِ المُنكرِ وأمرِ المعروفِ، انتهى.

(1)

قال ابنُ منظور: فتقُ المسكِ بغيره: استخراجُ رائحته بشيءٍ تدخله عليه. "لسان العرب": فتق.

(2)

الأُرْفات: جمع الأُرفة، وهي الحدُّ بين الأرضين، وفصل ما بين الضياع والدور. "تاج العروس": أرف.

ص: 357

وقالَ الفاسيُّ

(1)

: بلغَني أنَّه كانَ مملوكًا للصَّالحِ ابنِ النَّاصرِ ابنِ قلاوونَ صاحبِ مصر، وتنقَّلت به الأحوالُ إلى أنْ صارَ مِن خواصِّ الأميرِ أُلجْاي اليوسفيِّ زوجِ أمِّ الأشرفِ شعبانَ صاحبِها أيضًا، ثمَّ انتقلَ إلى مكَّةَ، وجاورَ بها على طريقةٍ حسنةٍ.

وتصدَّى لإصلاحِ ما دثرَ مِن آثارِ عرَفةَ، وأجرى الماءَ مِن مِنى إلى بِركةِ السلم، وابتنى بمكَّةَ رباطًا، يُعرف الآنَ برباطِ الطَّويلِ، بقُربِ مَطْهَرةِ الطَّويل، ثمَّ وَلِيَ مشيخةَ الخُدَّامِ بالحَرمِ النَّبويِّ بعدَ افتخار الدِّينِ ياقوتٍ الرَّسوليِّ، فدامَ نحوَ خمسَ عشرةَ سنةً، إلى أنْ ماتَ سنةَ خمسٍ وتسعين وسبعِ مئةٍ، أو التي قبلَها، ودُفنَ بالبقيعِ.

وذكرَه شيخُنا

(2)

، فقالَ: مُقبلٌ الزَّينيُّ، الشِّهابيُّ، الرُّوميُّ. أصلُه للصَّالحِ إسماعيلَ ابنِ النَّاصرِ محمَّدِ بنِ قلاوونَ، كانَ جَمَدارَه

(3)

، وتنقَّلَ بعدَه، واختصَّ بشيخو، ثمَّ خدمَ السُّلطانَ حسنًا، وجاورَ بالمدينةِ النَّبويةِ، وصار ينوبُ عن الطّواشيِّ افتخارِ الدِّينِ ياقوتٍ النَّاصريِّ، الرَّسوليِّ، الخَازنداريِّ، حتَّى مات، فاستقرَّ عِوضَه في مشيخةِ الخُدَّامِ، حتَّى ماتَ في سنةِ خمسٍ وتسعين وسبعِ مئةٍ. ذكرَه شيخُنا في "إنبائه".

(1)

"العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" 7/ 267.

(2)

"إنباء الغمر" 3/ 187.

(3)

الجمدار كلمة فارسية، معناها: ممسك الثوب، وهو الذي يتصدى لإلباس السلطان، أو الأمير ثيابه. "صبح الأعشى" 5/ 459.

ص: 358

[4240] مُقبلُ بنُ عبد الله، الزَّينُ، الزَّينيُّ، الطَّواشيُّ

(1)

نائبُ المشيخةِ بالحرمِ النَّبويِّ، سمعَ على أبي الحسَنِ المحلِّيِّ سبطِ الزُّبير من "الاكتفاء" للكَلاعيِّ.

[4241] مُقبلُ بنُ نخبار

(2)

أميرُ ينبعَ، ماتَ في محبسِه بإسكندريةَ، في ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ ثلاثين وثماني مئةٍ.

[4242] مُقبلٌ الشَّيخونيُّ

أحدُ الخُدَّامِ، شهدَ في سنةِ إحدى وثمانين وسبعِ مئةٍ.

[4243] مُقبلٌ، عتيقُ ظَهيرِ الدِّينِ

شيخُ الخُدّامِ، ذكرَه ابنُ صالحٍ.

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 168.

(2)

"السلوك لمعرفة دول الملوك" 4/ 2/ 846، "الضوء اللامع" 10/ 167.

ص: 359

[4244] مُقبلٌ القدَيديُّ

كان المتوليَ لتجديدِ الرُّوَاقينِ بالمسجدِ النَّبويِّ، اللَّذينِ جدَّدهما الأشرفُ برسبايُ في سنةِ إحدى وثلاثين وثماني مئةٍ، بمالِ مِن جوالي

(1)

قبرصَ، كما سلفَ في: برسباي (565).

[ ......... ]

‌ المِقدادُ بنُ الأسودِ بنِ عبد يغوثَ

هو الذي بعدَه.

[4245] المِقدادُ بنُ عَمروِ بنِ ثعلبةَ بنِ مالكِ بنِ ربيعةَ بنِ ثمامةَ ابنِ مطرودٍ، أبو الأسودِ، ويقالُ: أبو عَمروٍ، ويقالُ: أبو مَعبد البهرانيُّ، الِكنديُّ، الصَّحابيُّ

(2)

وقيلَ في نسبِه غيرُ هذا، ويُعرفُ بالمقدادِ بنِ الأسودِ.

كانَ أبوه حليفًا لبني كِندةَ، وهو للأسودِ بنِ عبد يغوثَ الزُّهريِّ، فتبنَّاه الأسودُ، فنُسبَ إليه. ذكرَه مسلمٌ

(3)

في المَدنيّين. أسلمَ قديمًا، وهاجرَ إلى الحبشةِ الهجرةَ الثَّانيةَ في قولِ ابنِ إسحاقَ، ثمَّ شهدَ بدرًا

(4)

، والمشاهدَ،

(1)

الجوالي جمع جالية، ويطلق هذا اللفظ على أهل الذمة. "معجم الألفاظ"، ص:56.

(2)

"أسد الغابة" 4/ 475.

(3)

"الطبقات" 1/ 145 (13).

(4)

"السيرة النبوية"، لابن هشام 2/ 324.

ص: 360

وكانَ فارسًا يومَ بدرٍ، ولم يثبتْ أنَّه شهدَها فارسٌ غيرُه، ويقالُ: إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم آخى بينَه وبينَ عبد الله بنِ رواحةَ

(1)

.

روى عن: النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعنه: عليٌّ، وأنسٌ، وعبيدُ الله بنُ عَدِيِّ بنِ الخِيارِ، وهمَّامُ بنُ الحارثِ، وسليمانُ بنُ يسارٍ، وسليمُ بنُ عامرٍ، وأبو مَعْمَرٍ عبد الله بنُ سَخبرةَ الأزديُّ، وعبد الرَّحمنِ ابنُ أبي ليلى، وجُبيرُ بنُ نفيرٍ، وابنُ إسحاقَ، وزوجتُه ضُباعةُ ابنةُ الزُّبيرِ بنِ عبد المطَّلبِ، ابنةُ عمِّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو الذي زوَّجَها وابنتاه: كَريمةُ وضباعةُ، على خلافٍ في بعضِه. وقالَ: قالَ ابنُ مسعودٍ: أوَّلُ مَنْ أظهرَ إسلامَه سبعةٌ، فذكرَه فيهم، ولقد شهدتُ منه مشهدًا، لأنْ أكونَ صاحبَه أحبُّ إليَّ ممَّا عُدلَ به، فذكرَ القصَّةَ يومَ بدرٍ، وهي في "البخاري"

(2)

. وقالَ بُريدةُ بنُ الحُصَيبِ

(3)

: أمرَني النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بحبِّ أربعةٍ، وأخبرني أنَّه يحبُّهم: عليٌّ، والمقدادُ، وأبو ذرٍّ، وسلمانُ. وقالَ أنسٌ: إنَّه قالَ: لا أتحمَّلُ على أحدٍ أبدًا، وكانوا يقولون له: تقدَّمْ فصلِّ أحيانًا، وفيه قصَّةٌ له حينَ استعملَه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، رُوِّيناه في

(4)

"فوائد ابن البَخْتري"

(5)

من طريقِ سوَّارٍ أبي حمزةَ، عن ثابتٍ عنه.

(1)

من قوله: ثم شهد بدرا إلى هنا لَحَقٌ في الهامش، وكتب في آخره: صح.

(2)

كتاب المغازي، باب: قول الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} (3952).

(3)

أخرجه الترمذي في المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب (3718)، وقال: هذا حديث حسن.

(4)

بياض في الأصل بمقدار كلمة.

(5)

"فوائد ابن البختري" ص: 293 (80).

وهو أبو جعفرٍ محمدُ بنُ عمروٍ البَخْتريُّ، البغداديُّ، مسند العراق، الثقة، مولده سنة 251 هـ، ووفاته سنة 339 هـ. "تاريخ بغداد" 3/ 132، و"سير أعلام النبلاء" 15/ 385.

ص: 361

قالَ خليفةُ بنُ خياطٍ

(1)

: ماتَ في سنةِ ثلاثٍ وثلاثين. زادَ بعضُهم: وهو ابنُ سبعين سنةً، بأرضِه في الجُرفِ، على أميالٍ مِن المدينة، وحُملَ إليها، فدُفنَ بها، بعدَ أنْ صلَّى عليه عثمانُ الخليفةُ، وكانَ صلى الله عليه وسلم طويلًا، آدمَ، كثيرَ الشَّعرِ، أعينَ، مقرونًا

(2)

، يُصفِّرُ لحيتَه، عظيمَ البطنِ، وكانَ له غلامُ روميٌّ، فقالَ له: أشقُّ بطنك فشقَّها، وأخرجَ مِن شحمِه حتَّى تلطَّف

(3)

، ثمَّ خاطَه، فماتَ المقدادُ، وهربَ الغلامُ.

[4246] المِقدامُ

ذكرَه ابنُ صالحٍ، فيمَنْ رآه مِن القواسمِ

(4)

.

[4247] المنذرُ بنُ أبي أُسيدٍ مالكِ بنِ ربيعةَ السَّاعديُّ

(5)

والدُ الزُّبيرِ، له ذِكرٌ في جدِّه (3313)، ويحرَّرُ إنْ كانَ غيرَ الذي بعدَه

(6)

.

(1)

"تاريخ خليفة"، ص:36.

(2)

قال الجوهريُّ: القَرَنُ: مصدرُ قولِك: رجلٌ أقرنُ، بيِّنُ القرَن، وهو المقرون الحاجبين. "الصحاح": قرن.

(3)

"المعرفة والتاريخ" 3/ 361 بتحقيق خليل منصور.

(4)

من ذرية القاسم بن إدريس بن جعفر بن علي الهادي، انظر:"تحفة الطالب" ص: 58.

(5)

صحابي، وُلد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وسماه المنذر. "أسد الغابة" 4/ 490، "الإصابة" 3/ 480.

(6)

وهو غير الذي بعده.

ص: 362

[4248] المنذرُ بنُ حمزةَ بنِ أبي أُسيدٍ السَّاعديُّ

(1)

أخو يحيى الآتي (4530)، والماضي أبوهما (974) وجدُّهما (3313). يروي عن: أبيه.

[4249] المنذرُ بن الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ بنِ خويلدِ بنِ أسدٍ، أبو عثمانَ القُرَشيُّ، الأسديُّ، ابنُ حَوَاريِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

-

(2)

شقيقُ عبد الله. أمُّهما أسماءُ ابنةُ الصِّدِّيق، ولدَ في آخرِ خلافةِ عمرَ، وغزا القُسطنطينيةَ معَ يزيدَ، ثمَّ لما استُخلفَ يزيدُ وفدَ عليه.

ويُحكى أنَّه غاضبَ أخاه، فسارَ إلى الكوفهِ، ثمَّ قدمَ على معاويةَ، فأجازَه بألفِ ألفِ درهمٍ، وأقطعَهُ، فماتَ معاويةُ قبلَ أنْ يقبضَها، وبعدَ أنْ أوصى أنَّه يدخلُ في قبره.

وفي "الموطأ"

(3)

أنَّ عائشةَ زوَّجَته حفصةَ ابنةَ عبد الرَّحمنِ أخيها، وكانَ أبوها غائبًا بالشَّام، فلمَّا قدِمَ قالَ: ومِثلي يُصنعُ به هذا، ويُفتاتُ عليه!؟ فكلَّمَت عائشةُ المنذرَ، فقالَ: إنَّ ذلك بيدِه، فقالَ: ما كنتُ لأردَّ

(4)

(1)

"تاريخ الطبري" 11/ 682، "تهذيب الكمال" 28/ 499.

(2)

"نسب قريش"، ص: 244، 245، و"الطبقات الكبرى" 5/ 182، و"تاريخ دمشق" 60/ 288.

(3)

كتاب الطلاق، باب: ما لا يبين من التمليك 2/ 555 (15).

(4)

في الأصل: "أرد"، والتصويب من "الموطأ".

ص: 363

أمرًا قضيتيه، فقرَّتْ حفصةُ عندَه، ولم يكنْ [ذلك]

(1)

طلاقًا. فولدَتْ له عبد الرَّحمنِ، وإبراهيمَ، وقُريبةَ، ثمَّ تزوَّجَها الحسنُ بنُ عليٍّ، فاحتالَ المنذرُ عليه حتَّى طلَّقَها، فتزوَّجَها عاصمُ بنُ عليٍّ، فاحتال عليه المنذرُ حتَّى طلَّقَها، وأعادَها المنذرُ، ذكرَه الزُّبيرُ بنُ بكَّارٍ.

وذكرَ أيضًا أنَّ المنذرَ كانَ عندَ عبيدِ الله بنِ زيادٍ لمَّا امتنعَ عبد الله بنُ الزُّبيرِ مِن بيعةِ يزيدَ، فكتبَ يزيدُ إلى عبيدِ الله أنْ يقبضَ على المنذر، فبلغَ المنذرَ، فهربَ إلى مكَّةَ، فقُتلَ في الحصارِ الأوَّلِ بعدَ وقعةِ الحَرَّةِ، سنةَ أربعٍ وستين.

وكان يروي عن: أبيه، وعنه: ابنُه محمَّدٌ، وفُليحُ بنُ محمَّدِ بنِ المنذرِ، قُتلَ في نوبةِ الحُصينِ، عن أربعين سنةً.

ذكرَه الذَّهبيُّ

(2)

مُطوَّلًا، وابنُ العديمِ في حلب، والفاسيُّ في مكَّة

(3)

، وابنُ حِبَّانَ في ثانيةِ "ثقاته"

(4)

، وله ذكرٌ في أخيه عَمرو بنِ الزُّبير، وأنَّه ضربَ جماعةً منهم المنذرَ هذا، لهوائَهم في أخيهم عبد الله، فإنَّا لله، وهو مُنافٍ لكونِه غاضبَ أخاه، فلعلَّ المشارَ إليه هو حفيدُه.

(1)

زيادة من "الموطأ".

(2)

"تاريخ الإسلام" 3/ 86، "سير أعلام النبلاء" 3/ 381.

(3)

"العقد الثمين" 7/ 280.

(4)

"الثقات" 5/ 420.

ص: 364

[4250] المنذرُ بنُ عبد الله

(1)

بنِ المنذرِ ابنِ الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ

حفيدُ الذي قبلَه، ممَّنْ قُتلَ بالمدينةِ، سنةَ ثلاثين ومئةٍ، على يد أبي حمزةَ المختارِ الخارجيِّ.

[4251] المنذرُ بنُ عبد الله بنِ المنذرِ بنِ المغيرةِ بنِ عبد الله ابنِ خَالدِ بنِ حِزامِ بنِ خويلدِ بنِ أسدٍ، القُرَشيُّ الأسديُّ، الحِزاميُّ، المَدَنيُّ

(2)

والدُ إبراهيمَ الماضي (120). يروي عن: هشامِ بنِ عروةَ، وموسى بنِ عقبةَ، وداودَ بنِ قيسٍ الفرَّاءِ، وعنه: ابنُه الضَّحَّاكُ، وابنُ وهبٍ، وأصبغُ بنُ الفَرجِ، ومُصعبُ بنُ عبد الله الزُّبيريُّ، والواقديُّ، وأبو غسانَ محمَّدُ بنُ يحيى الكناني، وغيرُهم.

ولم يلحقْ ابنُه السَّماعَ منه، وكانَ مِن سَرَواتِ قريشٍ، وفُضلائِها، له ورعٌ وعبادةٌ، دعاه المَهديُّ إلى قضاءِ المدينةِ فامتنعَ. قالَ الفضلُ بنُ الرَّبيعِ: فلم أرَ رجلًا قطُّ كانَ أصحَّ استعفاءً منه، ووثَّقَه ابنُ حِبَّانَ

(3)

، ماتَ سنةَ إحدى وثمانين ومئةٍ.

(1)

كذا في الأصل، ولعل صوابه:"عبيد الله"، فلم أرَ ذِكر عبد الله في أولاد المنذر، وإنما فيه عبيد الله، كما في "جمهرة نسب قريش"، ص: 249، و"نسب قريش"، ص:244.

(2)

"تهذيب الكمال" 28/ 503، "تاريخ الإسلام" 11/ 372، "تهذيب التهذيب" 8/ 346.

(3)

"الثقات" 9/ 176.

ص: 365

[4252] المنذرُ بنُ عُبيدٍ المَدَنيُّ

(1)

عن: أبي صالحٍ السَّمَّانِ، والقاسمِ بنِ محمَّدٍ، وعمرَ بنِ عبد العزيزِ، وغيرِهم، وعنه: عَمرو بنُ الحارثِ، وابنُ لَهيعةَ، ونَجِيحٌ أبو معشرٍ، وآخرون. وثَّقَه ابنُ حِبَّانَ

(2)

، وقالَ ابنُ القطَّانِ

(3)

: مجهولُ الحالِ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(4)

، وحلبَ لابن العديم

(5)

.

[4253] المنذرُ بنُ عليِّ بنِ أبي الحَكمِ

(6)

قالَ شيخُنا في "زوائد التَّهذيب": أظنُّه المَدنيَّ. يروي عن: سعيدِ بنِ المسيَّبِ، وعروةَ بنِ الزُّبيرِ، وأبي سلمةَ بنِ عبد الرَّحمنِ، وأبي بكرِ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ الحارثِ، وعبيدِ الله بنِ عبد الله بنِ عتبةَ، وعمرَ بنِ عبد العزيزِ -فيمَنْ قالَ: إنْ تزوَّجْتُ فلانة، فهي طالقٌ-، قولَهم: ليس عليه شيءٌ، طلَّقَ ما لا يملك

(7)

.

(1)

"تاريخ الإسلام" 8/ 272.

(2)

"الثقات" 7/ 480.

(3)

"بيان الوهم والإيهام" 4/ 485.

(4)

"تهذيب الكمال" 28/ 506، "تهذيب التهذيب" 8/ 347.

(5)

لم أقف عليه في المطبوع من "بغية الطلب".

(6)

لم أجد له ترجمة.

(7)

انظر: "السنن الكبرى"، للبيهقي 7/ 321، و "فتح الباري" 9/ 382.

ص: 366

وعنه: يزيدُ بنُ عبد الله ابنِ الهادِ، أخرجَه يعقوبُ بنُ سفيانَ

(1)

، ومِن طريقِه البيهقيُّ

(2)

، وقالَ البخاريُّ في الطَّلاق من "صحيحه"

(3)

وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: جعلَ اللهُ الطَّلاقَ بعدَ النكِّاح، ويروى في ذلك عن عليٍّ، وسعيدٍ، وعروةَ، وأبي بكرٍ، وعبيدِ الله. يعني: المذكورينَ، وسمَّى جمعًا كثيرًا مِن التَّابعين أنَّها لا تطلقُ.

قالَ شيخُنا: وقد ذكرتُ مَنْ وصلَ أئرَ عليٍّ في "تغليق التعليق"

(4)

، والأثرَ عن هؤلاء ذكرتُه مِن هذا الوجهِ، والمنذرُ بنُ عليٍّ لم أعرفْه، ولم أرَ له في "تاريخ البخاري"، و"كتاب ابن أبي حاتم"، و"ثقات ابن حِبَّانَ" وغيرِها ترجمةً.

[4254] المنذرُ بنُ عَمروٍ

(5)

صحابيٌّ، ممنْ عرضَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم النُّزولَ بالمدينةِ حينَ الهجرةِ فيهم.

[4255] المنذرُ بنُ المغيرةِ

(6)

حجازيٌّ. يروي عن: عروة بن الزُّبيرِ، وعنه: بُكيرُ ابنُ الأشجِّ.

(1)

"المعرفة والتاريخ" 1/ 308.

(2)

"السنن الكبرى" 7/ 321.

(3)

كتاب الطلاق، باب: لا طلاق قبل النكاح.

(4)

"تغليق التعليق" 4/ 424.

(5)

لعلَّه الخزرجيُّ السَّاعديُّ المذكور في "أسد الغابة" 4/ 493، و"الإصابة" 3/ 460.

(6)

"تهذيب التهذيب" 8/ 348.

ص: 367

قالَ أبو حاتمٍ

(1)

: مجهولٌ، ليس بمشهورٍ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(2)

، وخرَّجَ له أبو داود

(3)

، والنَّسائيُّ

(4)

، فقالَ المِزيُّ

(5)

: يحتملُ أنْ يكونَ جدَّ المنذرِ بنِ عبد الله الحِزاميِّ. يعني المَدنيَّ، الماضي قريبًا (4251).

[4256] المنذرُ بنُ أبي المنذرِ

(6)

يروي عن: ابن عبَّاسٍ، وأبي سلمةَ بنِ عبد الرَّحمنِ، وعنه: عبد الرَّحمنِ بنُ إسحاقَ المَدَنيُّ، وابنُ أبي ذئبٍ. ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(7)

وأظنُّه مِن شرطِنا

(8)

.

[4257] منصورُ بنُ جمَّازِ بنِ شِيحةَ بنِ هاشم بنِ قاسمٍ أبو غانمٍ، أو عامرٍ الحسينيُّ

(9)

الماضي نسبُه في أبيه (732). أميرُ المدينةِ، ووالدُ جبلةَ أمِّ سندٍ ومُغامس

(10)

ابني رُميثة، أمراءِ مكَّةَ. لمَّا كبر أبوه وأُضِرَّ وعجزَ، نزلَ له

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 242.

(2)

"الثقات" 7/ 480.

(3)

باب: المرأة التي تستحاض 1/ 285 (284).

(4)

"السنن الصغرى" كتاب الطهارة، باب: ذكر الأقراء 1/ 123 (271).

(5)

"تهذيب الكمال" 28/ 511.

(6)

"تهذيب الكمال" 28/ 513، "تهذيب التهذيب" 8/ 349.

(7)

"الثقات" 5/ 420.

(8)

هو كذلك، فقد ذكر المزي أنه مدني.

(9)

"توضيح المشتبه" 2/ 218.

(10)

ترجمته في "العقد الثمين" 7/ 250.

ص: 368

عن إمرَةِ المدينةِ، وحلَّف النَّاسَ على طاعتِه ونصرته، وذلكَ في سنةِ سبع مئةٍ، وأمرَ أنْ يُخطبَ له على المنبرِ، فحسدَه إخوتُه، وهم أحدَ عشرَ نفسًا، منهم: ثابتٌ، وحبيش، وراجحٌ، وسندٌ، وقاسمٌ، ومباركٌ، ومسعودٌ، ومُقبلٌ، ووُدَيٌّ، بل كانَ لصاحبِ التَّرجمةِ أيضًا أحدَ عشرَ ابنًا، وهم: جَمَّازٌ، وجُمَّان، وزيَّانُ، وطفيلٌ، وعطيةُ

(1)

، وكُبيشٌ، وكبشٌ، وكُوير

(2)

، ونِجَادٌ، ونُعيرٌ، ونَجَّادٌ، وآخرُ لعلَّه نُمَيٌّ.

فوقعَ التَّحاسدُ بينَ منصورٍ وإخوتِه إلَّا القليلَ، وطلعَ إلى القلعةِ الموجودةِ اليومَ، التي بناها أبوه لنفسِه ليتحصَّنَ فيها، ويكشفَ منها ضواحيَ المدينةِ، وانفردَ إخوته، وأمَّروا عليهم أخاهم مُقبلًا، وصاروا يحاصرون المدينةَ، ولا يقدرون عليها، وسافرَ مُقبلٌ إلى الشَّامِ لبعضِ مصالحَ في سنةِ تسعٍ وسبع مئةٍ، وعملَ سُلَّمًا طويلًا، مُفصَّلًا، يتركَّبُ بعضُه في بعضٍ، موجودٌ اليومَ في الحرمِ، فلمَّا حاذى المدينةَ، سارَ إليها مع جماعةٍ يسيرةٍ من أصحابِه، ونصبَ السُّلَّمَ على الحصنِ، ودخلَه على غفلةٍ، ولم يكنْ يومئذٍ بالمدينةِ سوى كبشِ بنِ منصورٍ، فكانَ ما سبقَ في مُقبلٍ (4265)، وذلك في سنةِ تسعٍ المذكورةِ. ومولدُه إمَّا في سنةِ خمسين وستِّ مئةٍ، أو ثلاثٍ، أو أربعٍ.

قالَ ابنُ فَرحونٍ

(3)

: وكانَ له اعتقادٌ حسنٌ، وفيه شفقةٌ ورحمةٌ. كانَ يحضرُ ميعادَ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ المؤذِّنِ بعدَ العصرِ، فيستدنيه ليكونَ

(1)

كذا في الأصل، ووقع في "المنهل الصافي" 4/ 195: عطيفة.

(2)

"المنهل الصافي" 4/ 195.

(3)

"نصيحة المشاور"، ص:252.

ص: 369

قريبًا منه، ولا يزالُ يبكي حتَّى تبُلَّ دموعُه ثيابَه، وكانَ موتُه على يدِ حديثةَ ابنِ قاسمِ بنِ قاسمِ بنِ جمَّازٍ، أخي فضلٍ، مع كونِه كانَ نازلًا معه، وآمنًا مِن جهتِه، فخلا به يومًا، وطعنَه بالرُّمحِ فقتلَه، وذلك في رمضانَ سنةَ خمسٍ وعشرين وسبع مئةٍ، وقتلَه بعضُ أصحابِ الأميرِ مِن فورِه، واستقرَّ بعدَه ابنُه كبيشٌ. ذكرَه شيخُنا في "درره"

(1)

باختصارٍ، قالَ: وأوَّلُ مَنْ عُرفَ مِن أمراءِ هذا البيتِ قاسمُ بنُ مهنَّا بنِ حسينِ بنِ مهنَّا، كانَ في أيَّامِ السُّلطانِ صلاحِ الدِّينِ، وماتَ أخوه سالمٌ في طريقِ الشَّامِ إلى المدينةِ، سنةَ تسعَ عشرةَ وستِّ مئةٍ، وكانَ دخلَ دمشقَ مع المُعظَّمِ

(2)

لمَّا حجَّ، ووَليَ بعدَه آلُ بيتِه المدينةَ، يتناقلونها، ولم يتهنَّ منصورٌ، وكانَ قتلُه بعدَ أنْ كبِرَ وعجزَ.

[4258] منصورُ بنُ سلمةَ الهُذليُّ، ويقالُ: اللَّيثيُّ

(3)

مدنيٌّ، روى عن: حكيمِ بنِ محمَّدِ بنِ قيسِ بنِ مَخرمةَ، وعبد الرَّحمنِ ابن الحارثِ بن عيَّاشِ بنِ أبي ربيعةَ، ومحمَّدِ بنِ عبد الله بنِ عَمروِ ابنِ عثمانَ، وعنه: زيدُ بنُ الحُبابِ. ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(4)

، وهو في "التَّهذيب"

(5)

.

(1)

"الدرر الكامنة" 4/ 362، وانظر:"مآثر الإنافة في معالم الخلافة" 1/ 231.

(2)

الملك المعظم عيسى بن العادل أبي بكرٍ الأيوبيُّ، مولده سنة 578 هـ، ووفاته سنة 624 هـ. "وفيات الأعيان" 3/ 495، و"ذيل الروضتين"، ص:152. وكان حجه سنة 611 هـ.

(3)

"المغني في الضعفاء" 2/ 677، "ميزان الاعتدال" 4/ 184.

(4)

"الثقات" 9/ 171.

(5)

"تهذيب الكمال" 28/ 533، "تهذيب التهذيب" 8/ 355.

ص: 370

[4259] منصورُ بنُ شَكَلٍ

الماضي أبوه (1618). كانَ خيِّرًا، بَشوشًا، ساعيًا في قضاءِ حوائجِ مَنْ يقصدُه، ذكرَه ابنُ صالح.

[4260] منصورُ بنُ أبي الفضلِ محمَّدِ بنِ أبي عليٍّ عبد الله ابنِ عبد الكريمِ، العفيفُ، أبو المظفَّرِ الطَّائيُّ، الزَّعفرانيُّ، البغداديُّ

(1)

شيخُ الحَرمين، ويُعرفُ بابنِ مَنَعةَ. والزَّعفرانيةُ: قريةٌ مِن نواحي بغداد

(2)

. ماتَ في ذي القَعدةِ سنةَ أربعٍ وستين وستِّ مئةٍ بمكَّةَ، ودُفنَ بالمَعْلاةِ. وكانَ قد سمعَ بمكَّةَ مِن ابنِ المُقَيَّرِ، وابنِ الجُمَّيزي، وأبي القاسمِ ابن أبي حَرميٍّ، وابنِ أبي الفضلِ المُرسيِّ، في آخرين، وخرَّجَ له ابنُ مَسدِيٍّ "أربعين" حدَّثَ بها، وسمعَها جماعةٌ، كابنِ أخيه الظَّهيرِ محمَّدِ ابنِ عبد الله بنِ مَنعةَ، الذي خلفَه في المشيخةِ، والقطبِ القسطلانيِّ، والمحبِّ الطَّبريِّ. وقُلِّدَ أمرَ الحرمينِ في سنةِ أربعٍ وعشرين وستِّ مئةٍ، إلى أنْ ماتَ. ذكرَه الفاسيُّ

(3)

بأطولَ.

(1)

"المنهل الصافي" 2/ 287، "بغية الوعاة" 3/ 63، "الدرر الفرائد" للجزيري 1/ 595.

(2)

"معجم البلدان" 3/ 141.

(3)

"العقد الثمين" 7/ 285.

ص: 371

[4261] منصورٌ، مولى الحسنِ بنِ عليٍّ

روى ابنُ زَبالةَ

(1)

قصَّةَ أمرِ الوليدِ بنِ عبد الملكِ بهدمِ بيتِ حسنِ بنِ حسنِ بنِ عليٍّ، وإدخالِه في المسجدِ.

[4262] منظورُ بنُ سيَّارِ بنِ منظورٍ

(2)

يروي عن: أبيه، عن عبد الله بن سلام، وعنه: أهلُ المدينةِ، قالَه ابنُ حِبَّانَ في ثالثةِ "ثقاته"

(3)

.

[4263] مُنقِذُ بنُ عَمروِ بنِ عطيةَ بنِ خنساءَ بنِ مبذولِ بنِ عَمروِ ابنِ غَنْمِ بنِ مازنِ بنِ النَّجَّارِ، الأنصاريُّ، المَدَنيُّ

(4)

صحابيٌّ، والدُ حَبَّانَ، المختلَفِ في سبب حديث

(5)

: "إذا بايعْتَ فقل: لا خِلابةَ" أهو هذا أو ابنه؟

(6)

.

(1)

"أخبار المدينة"، لابن زبالة، ص: 116، و"وفا الوفا" 2/ 514.

(2)

"تهذيب الكمال" 28/ 561، "تهذيب التهذيب" 8/ 363.

(3)

"الثقات" 7/ 512.

(4)

"أسد الغابة" 4/ 497، "الإصابة" 3/ 464.

(5)

أخرجه البخاري في البيوع، باب: ما يكره من الخداع في البيع (2117).

(6)

ينظر: "الأسماء المبهمة" للخطيب ص: 364، و"غوامض الأسماء المبهمة" لابن بشكوال 1/ 109، و"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 6/ 246، و"التمهيد" لابن عبد البر 17/ 7.

ص: 372

[4264] مُنقذُ بنُ نباتةَ الأسديُّ

(1)

ذكرَه ابنُ إسحاقَ

(2)

فيمَنْ هاجرَ إلى المدينةِ مِن بني أسدِ بنِ خُزيمةَ، وسمَّاه ابنُ مَنْدهْ معبدًا، والمعروفُ منقذٌ، وصحَّفَ

(3)

ابنُ عبد البَرِّ

(4)

أباه بِلُبابةَ، قالَه شيخُنا في أوَّلِ "الإصابة"

(5)

.

[4265] المنكدرُ بنُ عبد الله بنِ الهُديرِ التَّيميُّ، القُرَشيُّ

(6)

أخو ربيعةَ، وجدُّ الذي بعدَه. عن: عائشة، وعنه: ابنُه محمَّدٌ (3965)، مضى فيه أنَّ ابنَ سعدٍ

(7)

أخرجَ مِن طريقِ أبي مَعشرٍ أنَّه دخلَ عليها، فقالَ لها: إني قد أصابتني جائحةٌ، فأعينيني، فقالت: ما عندي شيءٌ، لو كانَ عندي عشرةُ آلافٍ، لبعثتُ بها إليكَ، فلمَّا خرجَ مِن عندِها جاءتها عشرةُ آلافٍ، فقالت: ما أوشكَ ما ابتُليت، ثمَّ أرسلتْ في أثَرِه، فدفعَتْها إليه، فدخلَ السُّوقَ، فاشترى جاريةً بألفي درهمٍ، فولدتْ له ثلاثةً، كانوا عُبَّادَ أهلِ المدينةِ: محمَّدٌ، وأبو بكرٍ، وعمر، انتهى.

(1)

"أسد الغابة" 4/ 497.

(2)

"سيرة ابن هشام" 2/ 113.

(3)

في الأصل: "وصحب"، وهو تحريف عجيب غريب.

(4)

"الاستيعاب" 4/ 15.

(5)

"الإصابة" 3/ 464.

(6)

"التاريخ الكبير" 8/ 35، "المؤتلف والمختلف" 4/ 83، "الإكمال" 7/ 314.

(7)

"الطبقات الكبرى"، القسم المتمم للتابعين ص:188.

ص: 373

وذكرَه الذَّهبيُّ في "الميزان"

(1)

، فقالَ: أرسل حديثًا، ذكرَه البخاريُّ في "الضعفاء"، وقالَ: لا يُعرف له سماعٌ من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولذا ذكرَه ابنُ حِبَّانَ

(2)

في ثقات التَّابعين، وأورد له العُقيلىُّ، وابنُ عَديٍّ أحاديثَ

(3)

.

وذكرَه الطَّبرانيُّ

(4)

في الصَّحابةِ، وساقَ له أحدها.

وحكى ابنُه محمَّدٌ أنَّ بعضَهم خرجَ مجاهدًا، وأودعَ عندَه ثمانين دينارًا، وأَذِنَ له في إنفاقِها إنِ احتاجَ إليها، وأصابَ النَّاسَ جَهدٌ مِن الغلاء، فأنفقَها، وجاءَ صاحبُها، فطلبَها، فوعدَه لغدٍ، وباتَ في المسجدِ، يلوذُ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويستغيثُ

(5)

، فبينما هو كذلك قريبَ الصُّبحِ، إذا بشخصٍ في الظَّلامِ يقول: دونكها، يا أبا محمَّدٍ، فمدَّ أبي يدَه، فإذا بِصُرَّةٍ فيها ثمانون، فأخذَها، وأصبحَ، فدفعَها للرَّجل

(6)

.

(1)

"ميزان الاعتدال" 4/ 190.

(2)

"الثقات" 5/ 456.

(3)

لم يذكر العقيلي ولا ابن عدي أحاديث للمنكدر، وإنما وهم المؤلف في ذلك تابعًا لشيخه ابن حجر في "لسان الميزان" 8/ 172، حيث أدخل سهوًا أحاديث المنهال بن بحر في ترجمة المنكدر هذا، فليتنبه لذلك، فإنه خطأ.

(4)

"المعجم الكبير" 20/ 297، ونبَّه ابن عبد البر في "الاستيعاب" 4/ 47 أنه لا صحبة له.

(5)

تقدم التنبيه على مثل هذا مرارا.

(6)

قصةٌ لا سند لها، فلا يعوَّلُ عليها، ورواها الذهبيُّ في "السير" 5/ 360، و"تاريخ الإسلام" 8/ 257، وعزاها لابن أبي الدنيا في كتاب "مجابي الدعوة"، عن سلمة بن شبيب، عن سهل ابن عاصم، عن يحيى بن محمد الجاري، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

وقال سويد بن سعيد حدثنا خالد بن عبد الله اليمامي قال: استودع

، فذكرها.

وهي مغايرةٌ لما ذكره السخاوي، ولا تخلو أسانيدها من ضعف، ففي السند الأول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف، وفي الثاني سويد بن سعيد، وفيه كلام، وخالد اليمامي، لم أتبينه.

ص: 374

[4266] المنُكدرُ بنُ محمَّدِ بنِ المنكدرِ بنٍ عبد الله بنِ الهُديرِ ابنِ عبد العُزَّى بنِ عامرِ بنِ الحارثِ بنِ حارثةَ بنِ سعدِ ابنِ تَيمِ بنِ مرَّةَ، التَّيميُّ، القُرَشيُّ، المَدَنيُّ

(1)

الماضي أبوه (3965) وجدُّه (4265)، والآتي أخوه (4701). يروي عن: أبيه، والزُّهريِّ، وصفوانَ بنِ سُليمٍ، وعنه: ابنُه عبد الله، والقَعنبيُّ، وإبراهيمُ بنُ موسى الرَّازيُّ، وقتيبةُ، ويحيى الحِمَّانيُّ.

ضعَّفه الجُوزجانيُّ

(2)

، والعِجليُّ

(3)

، والنَّسائيُّ

(4)

، وقالَ الأخيرُ في موضعٍ آخرَ: ليس بالقويِّ، وقالَ ابنُ مَعينٍ

(5)

: ليس بشيءٍ، ومرَّةً: ليس به بأسٌ، ومرَّةً كقولِ ابنِ المدينيِّ: هو عندنا صالحٌ، وليس بالقويِّ، وأبو حاتمٍ

(6)

: كانَ صالحًا لا يفهمُ الحديث، كثيرَ الخطأ.

وقالَ ابن حِبَّانَ في "الضعفاء"

(7)

: روى عنه: قتيبة، والعراقيون، كانَ مِن خيارِ عبادِ الله، ممَّنْ اشتغل بالتقشُّفِ، وقطعَتْهُ العبادةُ عن مراعاةِ الحفظِ

(1)

"الضعفاء الكبير" 4/ 254، "الضعفاء والمتروكون"، لابن الجوزي 3/ 141، "ميزان الاعتدال" 4/ 190.

(2)

"أحوال الرجال"(243).

(3)

"معرفة الثقات" 2/ 300، ووُضعَ فيها بين معكوفتين؛ إذ ليس من قصد المؤلف ذكر الضعفاء في كتابه.

(4)

"الضعفاء والمتروكون"، للنسائي، ص: 240 (579).

(5)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 590.

(6)

"الجرح والتعديل" 8/ 406.

(7)

"المجروحين" 2/ 358.

ص: 375

والتَّفقه في الآثارِ

(1)

، فكانَ يأتي بالشَّيءِ الذي لا أصلَ له عن أبيه، توهُّمًا، فبطلَ الاحتجاجُ بأخباره.

وقالَ الخليليُّ

(2)

: لم يرضوا حفظَه، وذكرَه ابنُ البرقيِّ في باب: مَنْ كانَ الغالب عليه الضَّعفَ فِى حديثِه، وتركَ بعضُ أهلِ العلمِ بالحديثِ الرِّوايةَ عنه. مات سنةَ ثمانين ومئةٍ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(3)

.

[4267] المُنيبُ بنُ عبد الله بن أبي أمامةَ

(4)

بنِ ثعلبةَ الأنصاريُّ، الحارثيُّ، المَدَنيُّ

(5)

يروي عن: أبيه، وأنسٍ، ومحمودِ بنِ لَبيدٍ، وعنه: ابنُه عبد الله. ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(6)

، وقالَ: يروي عن: الحجازيّين، وعنه: أهلُ المدينةِ، وهو في "التَّهذيب"

(7)

.

(1)

وفي "المجروحين": والتعاهد في الإتقان.

(2)

"الإرشاد" 1/ 311.

(3)

"تهذيب الكمال" 28/ 562، "تهذيب التهذيب" 8/ 364.

(4)

في المخطوطة: "أبي أمامة أسامة"، وهو خطأ. قالَ ابنُ الأثير: أبو أمامة بن ثعلبة، قيل: اسمه إياس، وقيل: اسمه ثعلبة، وقيل: سهل، ولا يصحُّ فيه غير إياس بن ثعلبة. "أسد الغابة" 5/ 17.

(5)

"الكاشف" 2/ 298.

(6)

"الثقات" 7/ 509.

(7)

"تهذيب الكمال" 28/ 573، "تهذيب التهذيب" 8/ 369.

ص: 376

[4268] منيفٌ، الزَّينُ السّيِراجيُّ

أحدُ خُدَّامِ المسجدِ النَّبويِّ، ممَّنْ سمعَ مني بالمدينةِ.

[4269] مُنيفُ بنُ شِيحةَ بنِ هاشمِ بنِ قاسم، عزُّ الدِّينِ أبو الحسنِ الحُسينيُّ

(1)

أميرُ المدينةِ، وجَدُّ المنايفةِ، الماضي نسبُه في جمَّازٍ (732)، وأمُّهُ فاطمةُ ابنةُ منيفٍ الوَحاحيةُ، كانَ أخوه عيسى أظهرَ له ولأخيهما الآخرِ جمَّازٍ الكراهيةَ، وأخرجَهما من المدينةِ، ومنعَهما مِن دخولهِا، فاتَّفقا على خلعِه، وأعملا الحِيلةَ في ذلك، فكاتبَا وزيرَه، -وهو من العنانيين- بذلك، فأمرَهما بالقدومِ عليه، واحتالَ لهما حتَّى أدخلَهما الحِصنَ العتيقَ ليلًا، ولم يكنْ يومئذٍ للأمراءِ حصنٌ غيرُه، فقبضَا على أخيهما عيسى، وقيَّداه، وأصبحَ منيفٌ حاكمَ المدينة، وذلك في سنةِ تسعٍ وأربعين وستِّ مئةٍ، وصارَ أخوه جمَّازٌ يؤازرُه، ويساعده، حتَّى ماتَ سنةَ سبعٍ وخمسين وستِّ مئةٍ، فوليَها جمَّازٌ، ولم ينازعْه أخوهما عيسى. قالَ قاضي المدينةِ سنانُ: إنَّه طلعَ له لمَّا خرجتِ النَّارُ شرقيَّ المدينةِ، فأعتقَ كلَّ مماليكِه، وردَّ المظالمَ، وأبطلَ المُكسَ، ونزلنا فبتنا في المسجدِ الشَّريفِ ليلتينِ، إلى آخرِ ما حكى، حسبَما نقلَه ابنُ فرحونٍ

(2)

، ولم يلبثْ أنْ ماتَ، ووقعَ الحريقُ في أيَّامِه سنةَ أربعٍ وخمسين وستِّ مئةٍ.

(1)

"المنهل الصافي" 4/ 193، "ذيل مرآة الزمان" 1/ 4، "النجوم الزاهرة" 7/ 16.

(2)

"ذيل الروضتين" 2/ 108، "نصيحة المشاور"، ص: 247، "وفاء الوفا" 1/ 116.

ص: 377

[4270] مهاجرُ بنُ عِكرمةَ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ الحارثِ ابنِ هشامٍ، المخزوميُّ، المَدَنيُّ

(1)

عن: جابرٍ، وابنِ عمِّه عبد الله بنِ أبي بكرِ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ الحارثِ بنِ هشامٍ، والزُّهريِّ -وهو مِن أقرانِه-، وعنه: أبو قزعةَ سويدُ بنُ حجيرٍ الباهليُّ، ويحى بنُ أبي كثيرٍ، وجابرُ بنُ يزيدَ الجُعفيُّ. ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(2)

، وقالَ أبو حاتمٍ في "العلل"

(3)

: ليس بالمشهورِ، لا أعلمُ أحدًا روى عنه غيرَ يحيى، وقالَ الخطابيُّ

(4)

: ضعَّفَ الثَّوريُّ، وابن المباركِ، وأحمدُ، وإسحاقُ حديثَ مهاجرٍ في رفعِ اليدينِ عندَ رؤيةِ البيتِ؛ لأنَّه عندَهم مجهولٌ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(5)

.

[4271] المهاجرُ بنُ قُنفذِ بنِ عمير بنِ جُدعانَ بنِ كعبِ ابنِ سعدِ بنِ تيمِ بنِ مُرَّةَ القُرَشيُّ، التَّيميُّ

(6)

ذكرَه مسلمٌ

(7)

في المَدنيّينِ، كانَ أحدَ السَّابقينَ إلى الإسلامِ، ولمَّا

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 380، "الجرح والتعديل" 8/ 260، "الكاشف" 2/ 299.

(2)

"الثقات" 5/ 428.

(3)

"العلل" 1/ 36 (74).

(4)

"معالم السنن" 2/ 191

(5)

"تهذيب الكمال" 28/ 576، "تهذيب التهذيب" 8/ 371.

(6)

"أسد الغابة" 4/ 503، "الإصابة" 3/ 469.

(7)

"الطبقات" 1/ 156 (128).

ص: 378

هاجرَ أخذَه المشركون فعذَّبوه، فانفلتَ منهم، وقدِمَ المدينةَ، فقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

(1)

: "هذا المهاجرُ حقًّا"، وولَّاه عثمانُ في خِلافتِه شُرَطتَه، ثمَّ سكنَ البصرةَ، وماتَ بها، وقيل: كانَ اسمُه أوَّلًا عَمرًا، وكانَ اسمُ أبيه خَلَفًا، وقنفذٌ لقبٌ.

[4272] مهاجرُ بنُ مِسمارٍ الزُّهريُّ مولى سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ

(2)

وأخو بُكيرٍ الماضي (607)، مدَنيٌّ، يروي عن: عامر، وعائشةَ ابني مولاه سعدٍ، وعنه: ابنُ أبي ذئبٍ، وموسى بنُ يعقوبَ الزَّمعيُّ، ويعقوبُ ابنُ جعفرِ بنِ أبي كَثيرٍ، وخالدُ بنُ إلياس، وحاتمُ بن إسماعيلَ. ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(3)

، وقالَ ابنُ سعدٍ

(4)

: ماتَ بعدَ خروجِ محمَّدِ بنِ عبد الله بنِ حسنٍ، وقيل: ماتَ سنةَ خمسين ومئةٍ، وله أحاديثُ، وليس بذاكَ، وهو صالحُ الحديثِ، وقالَ البزَّارُ

(5)

: مشهورٌ، صالح الحديث، وهو في "التَّهذيب"

(6)

.

(1)

أخرجه أبو عروبة الحراني في كتاب "الطبقات"، ورجاله ثقات. "المنتقى من كتاب الطبقات"، برقم (28)، وهو في "معرفة الصحابة"، لأبي نعيم 4/ 2576.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 261، و"الكاشف" 2/ 299.

وقعت في الأصل ترجمته قبل المهاجر بن قنفذ، لكن كتب قبله إشار مـ، يعني: مؤخرًا، وكتب قبل ترجمة المهاجر بن قنفذ مـ، يعني: مقدمًا.

(3)

"الثقات" 7/ 486.

(4)

"الطبقات الكبرى"، القسم المتمم للتابعين ص:353.

(5)

"مسند البزار" 3/ 354.

(6)

"تهذيب الكمال" 28/ 583، "تهذيب التهذيب" 8/ 373.

ص: 379

[4273] مَهديٌّ، حفيدُ محمَّدٍ السَّبتيِّ

كانَ مقيمًا بالسُّوارقيةِ. قالَه ابنُ فرحونٍ

(1)

في جدِّهِ.

[4274] مُهنَّا الأكبرُ بنُ داودَ بنِ القاسمِ ابنِ عبيدِ الله الحسينيُّ

والدُ الحسينِ الأميرِ، وعبد الوهَّابِ قاضي الشِّيعةِ، وسبيعٍ جدِّ السَّبيعيةِ، لم يلِ.

[4275] مُهنَّا بنُ الحسينِ بنِ حمزةَ، الأميرُ، أبو البقاءِ العلويُّ، الحُسينيُّ، المَدَنيُّ

توفيَ في المحرَّمِ سنةَ اثنتين وأربعينَ وستِّ مئةٍ ببغدادَ.

[4276] مُهنَّا بنُ سنانِ بنِ عبد الوهابِ بنِ نُميلةَ، القاضي نجمُ الدِّينِ، الحُسينيُّ، الإماميُّ، المَدنيُّ

الماضي أبوه (1550)، وعليٌّ أخوه

(2)

(2798). كان هو القاضيَ في الحقيقةِ مِن بينِ سائرِ قرابتِه، وبه نِياطُ الحَلِّ والعَقدِ، وإليه تَرجعُ محاكماتُ

(1)

"نصيحة المشاور"، ص: 83 قال: "وولد ولده اليوم مهدي مقيم بالسوارقية".

(2)

كلمة أخوه، لحقٌ في الهامش، وعليها:"صح".

ص: 380

السَّلطنةِ، وأنكحتُهم، وعقودُهم، وغيرُ ذلك، معَ تحبُّبِه إلى المجاورينَ، ومدحِهم بالقصائدِ الحسنةِ، وقضاءِ حوائجِهم، وحضورِ مواعيدِهم، ومجالسِ الحديثِ، بل لا يُصلِّي دائمًا إلَّا في الرَّوضةِ، ويستعملُ التَّقِيةَ كثيرًا، بحيثُ إذا نسخَ كتابًا ومرَّ به ذِكرُ الشَّيخينِ يترضَّى عليهما بالخطِّ تَقِيةً، بل ويحطُّ على أصحابِه مِن الفقهاءِ الإماميةِ، ويتبرَّأُ منهم، وله فيهم هجوٌ ظريفٌ، ومِن ذلكَ قولُه

(1)

:

أرى الدُّنيا تميلُ عن الكِرامِ

وترغبُ في مُصاحبةِ اللِّئامِ

فيزدادُ اللَّئيمُ بذاكَ لُؤمًا

ويصبحُ ساحبًا ذيلَ احتشامِ

ويَنسبُ نفسَه للعِلمِ حُمقًا

وعندَ الله فهو ومِنَ الطّغامِ

ويُفتي المسلمينَ بغير عِلمٍ

ويخبطُ خَبْطَ عَشْوا في الظَّلامِ

فكمْ أفتى بتحريمٍ لحِلٍّ

وكمْ أفتى بتحليلِ الحَرامِ

فمَنْ حفِظَ الزِّيارةَ فهو مُفْتٍ

يُدرِّسُ في الفروعِ وفي الكلامِ

كذاكَ مَن اشترى كَرًّا

(2)

وصلَّى

عليه فإنَّهُ رأسُ السَّنامِ

تُشَدُّ إليه أكوارُ

(3)

المَطايا

ويُقصَدُ في المهمّاتِ العِظامِ

ولو قدْ جاءَه شخصٌ خبيرٌ

وباحثَه لكانَ مِن العَوامِ

وما صلَّى وصامَ وقامَ إلا

ليحفظَ

(4)

ما حواه مِن الحُطامِ

(1)

الأبيات في "نصيحة المشاور"، ص: 206، و"المغانم المطابة" 3/ 1306.

(2)

الكَرُّ: بفتح أوله: منديل يُصلى عليه. "لسان العرب": كرر.

(3)

الأكوار جمعُ الكَورِ، وهي: الإبلُ الكثيرةُ العظيمة. "لسان العرب": كور.

(4)

في هامش المخطوطة: "ليحوي".

ص: 381

ولو تلفَ الذي هو في يديه

إذًا تركَ الصَّلاةَ معَ الصِّيامِ

فقد تركَ الزَّكاةَ لأنَّ فيها

خروجَ المالِ وهْو إليه ظَامِ

وأمَّا الخُمسُ فهو به بخيلٌ

وَيبخلُ بالبَشاشةِ والكَلامِ

ألم تسمعْ كلامَ الله حقَّا

وقولُ الله أحسنُ في النِّظامِ

بأنَّا لا نُمَهِّلُهم لخيرٍ

ولكنْ كي يزيدوا في الأَثامِ

فمهلًا سوفَ ترتجعُ اللَّيالي

عطاياها وتَجذبُ بالخِطامِ

ويطلبُ أنْ يُقالَ، ولاتَ حينٍ

وقد خلصَ المُخِفُّ مِنَ الزِّحامِ

وكانتْ لديه فضيلةٌ، وعربيةٌ، وآدابٌ، وحسنُ محاضرة، ماتَ سنةَ أربعٍ وخمسين وسبعِ مئةٍ، قالَه ابنُ فَرحونٍ

(1)

. وتبِعَه المجدُ

(2)

بأحسنِ

(3)

العبِارة، وأبينِ الإشارة، ومِن ذلك قولُه: وله مع الفضلِ الفائق، شِعرٌ رايقٌ، ونظمٌ لائقٌ، وساقَ هذا الشِّعر. وكذا لخَّص شيخُنا في "دُرَرِهِ"

(4)

ترجمتَه، فقالَ: اشتغلَ كثيرًا، وكانَ حسنَ الفَهم، جيِّدَ النَّظم، كثيرَ النَّفقة، مُتحببًا إلى المجاورين، ويحضرُ مواعيدَ الحديثِ، ويترضَّى عن الصَّحابةِ إذا ذُكروا، ويتبرَّأُ مِن فقهاءِ الإماميةِ، مع تحقُّقِ المعرفةِ، وحُسنِ المحاضرة، ولأمراءِ المدينةِ فيه اعتقادٌ، وكانوا لا يقطعون أمرًا دونَه، وأرَّخَ وفاتَه، ورأيتُ بخطِّه مجموعًا فيه "مختصرُ تاريخِ ابن خلِّكان"، أرَّخ كتابته سنةَ اثنتين وثلاثين.

(1)

"نصيحة المشاور"، ص:206.

(2)

"المغانم المطابة" 3/ 1304.

(3)

في الأصل: "فأحسن".

(4)

"الدرر الكامنة" 4/ 368.

ص: 382

[4277] مُهنَّا الأصغرُ بنُ حسينِ بنِ مُهنَّا ابنِ داودَ الحُسينيُّ

الماضي أبوه (928)، وَليَ إمرَةَ المدينةِ بعدَه، ويُعرف بالأعرج، وهو أخو مالكٍ والدِ عبد الواحدَ جدِّ الوَحَاحِدة، ليستْ لواحدٍ منهما ولايةٌ، ولصاحبِ التَّرجمةِ: الحسينُ (927)، وقاسمٌ (3211)، أميرانِ ذُكرا في محلِّهما، وعبد الله، فللحسينِ -ويسمَّى جدَّ الحُسينينِ- محمَّدٌ، أميرٌ. ولقاسمٍ جمَّازٌ، جدُّ الجمامزةِ، ثمَّ إنَّه لجمَّازِ القاسمُ، ومُهنَّا، فأوَّلهُما

(1)

أميرٌ، وله: نعمة، وعُميرٌ، ودُبيب ورضوان. ولثانيهما

(2)

جمَّازٌ، وهاشمٌ.

ولعبد الله أخي حسينٍ وقاسمٍ: ملاعبٌ جدُّ الملاعبة.

[4278] مُهنَّا بنُ

(3)

الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ

ممنْ قُتلَ بالمدينةِ، في سنةِ ثلاثين على يدِ الخارجيِّ أبي حمزةَ المختارِ.

[4279] مَهيوبٌ

ذكرَه ابنُ صالحٍ فيمَنْ رآه مِن القواسمِ، وقالَ: كانَ متطوِّعًا، مُتدينًا.

(1)

وهو القاسم بن جماز بن قاسم بن مهنا.

(2)

وهو مهنا بن جماز بن القاسم.

(3)

بياض في الأصل، وكتب فوقها:"كذا". ولم أجد في أحفاد الزبير بن العوام من اسمه مهنا، ولا فيمن قُتل على يد أبي حمزة الخارجي أحدًا بهذا الاسم.

ص: 383

[4280] موسى بنُ إبراهيمَ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ عبد الله ابنِ أبي ربيعةَ عمروِ بنِ المغيرةِ بنِ عبد الله ابنِ عمرَ بنِ مخزوم، المخزوميُّ، المَدَنيُّ

(1)

الماضي أبوه (55). يروي عن: أبيه، وسلمةَ بنِ الأكوعِ، وعنه: عبد الرَّحمنِ بنُ أبي المَوالِ، وعطَّافُ بنُ خالدٍ، والدَّرَاوَرديُّ، ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(2)

، وقالَ: يروي عن: سلمة، وعنه: الدَّرَاورديُّ، وأهلُ المدينةِ، وحديثُه عن سلمةَ في الصَّلاةِ في القميصِ

(3)

؛ وإنْ قالَ أبو داود: إنَّه موسى بنُ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ، يعني: الضَّعيفَ، وتبعَ في ذلكَ شيخَه مُسدَّدًا، فقد خالفَ مُسدَّدًا جماعةٌ، منهم: خلفُ بنُ هشامٍ البزَّارُ، وأبو عامرٍ العَقديُّ، والشَّافعيُّ، وإسحاقُ بنُ عيسى بنِ الطَّبَّاع، ويونسُ بنُ محمَّدٍ المؤدِّبُ، حيثُ رواه كلُّهم عن عطافٍ، عن موسىِ بنِ إبراهيمَ، ونسبَه العَقديُّ كما في صدرِ التَّرجمةِ. قالَ شيخُنا

(4)

: وهو الصَّوابُ، وهكذا نسبَه الشَّافعيُّ عن الدَّراوَرديِّ في روايتِه عنه، وأخرجَ الحديثَ المذكورَ ابنُ خزيمةَ

(5)

، وابنُ حِبَّانَ

(6)

في "صحيحيهما".

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 133.

(2)

"الثقات" 5/ 402.

(3)

أخرجه أبو داود في الصلاة، باب: في الرجل يصلي في قميص واحد (632) عن سلمة بن الأكوع، ولم يذكر في "السنن" نسب موسى، وراجع "فتح الباري" 1/ 465.

(4)

"تهذيب التهذيب" 8/ 386.

(5)

"صحيح ابن خزيمة" 1/ 381 (778)، وذكر نسبه، والخلاف فيه.

(6)

"صحيح ابن حبان" 6/ 71 (2294).

ص: 384

وقالَ ابنُ المدينيِّ: موسى بنُ إبراهيمَ المخزوميُّ وسطٌ، وقالَ أبو حاتمٍ

(1)

: موسى بنُ إبراهيمَ هذا غيرُ موسى بنِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ، ذاكَ ضعيفٌ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(2)

.

[4281] موسى بنُ إبراهيمَ بنِ كثيرِ بنِ بشرِ بن الفاكهِ الأنصاريُّ، الحَرَاميُّ، المَدَنيُّ

(3)

يروي عن: طلحةَ بنِ خِراشٍ، ويحيى بنِ عبد الله بنِ أبي قتادةَ، وعنه: يوسفُ بنُ عَدِيٍّ، وعليُّ ابنُ المدينيِّ، وإبراهيمُ بنُ المنذرِ الحِزاميُّ، ويحيى بنُ حبيبِ بنِ عربيٍّ، ودُحيمٌ، ويعقوبُ بنُ حميدِ بنِ كاسبٍ، وجعفرُ بنُ مسافرٍ التنِّيسيُّ، وغيرُهم. ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(4)

، وقالَ: كانَ ممَّنْ يخطئ، وقالَ الذَّهبيُّ

(5)

: صدوقٌ، مُقِلٌّ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(6)

.

[4282] موسى بنُ أبي تميمٍ المَدَنيُّ

(7)

يروي عن: سعيدِ بنِ يسارٍ، عن أبي هريرةَ في الصَّرفِ، وعنه: مالكٌ، وزهيرُ بنُ محمَّدٍ العَنبريُّ، وسليمانُ بنُ بلالٍ.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 133.

(2)

"تهذيب الكمال" 29/ 18.

(3)

"التاريخ الكبير" 7/ 279، و"الجرح والتعديل" 8/ 133، "الأنساب" 4/ 103.

(4)

"الثقات" 7/ 449.

(5)

"تاريخ الإسلام" 13/ 415.

(6)

"تهذيب الكمال" 29/ 20، "تهذيب التهذيب" 8/ 386.

(7)

"الجمع بين رجال الصحيحين" 2/ 485، "رجال مسلم" 2/ 260، "تاريخ الإسلام" 7/ 484.

ص: 385

قالَ أبو حاتم

(1)

: ثقةٌ، ليسَ به بأسٌ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(2)

وخرَّجَ له مسلمٌ

(3)

، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(4)

.

[4283] موسى بنُ جبيرٍ الأنصاريُّ، المَدنيُّ، الحذَّاءُ

(5)

مولى بني سلمةَ، يروي عن: أبي أُمامةَ بنِ سهلِ بنِ حُنيفٍ، وعبد الله ابنِ كعبِ بنِ مالكٍ، وعبد الله بنِ رافعٍ مولى أمِّ سلمةَ، ومعاذِ بنِ عبد الله ابنِ رافعٍ، وعبد الله بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ الحُبابِ، وغيرِهم، وعنه: ابنُه عبد السَّلامِ، وزهيرُ بنُ محمَّدٍ، وسعيدُ بنُ سلمةَ بنِ أبي الحسامِ، وعَمروُ ابنُ الحارثِ، ويحيى بنُ أيوبَ، وابنُ لَهيعةَ، واللَّيثُ، وبكرُ بنُ مُضرَ، والمصريون، وهو ممنْ أقام بها، كما قالَه ابنُ يونسَ

(6)

، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(7)

، وقالَ: كانَ يخطئُ ويخالفُ، وقالَ ابنُ القطَّانِ

(8)

: لا يُعرفُ حالُه، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(9)

.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 138.

(2)

"الثقات" 7/ 455.

(3)

باب: الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا 3/ 1212 (85).

(4)

"تهذيب الكمال" 29/ 39، "تهذيب التهذيب" 8/ 392.

(5)

"التاريخ الكبير" 7/ 281، "الجرح والتعديل" 8/ 139، "الكاشف" 2/ 303.

(6)

"تاريخ ابن يونس" 2/ 239.

(7)

"الثقات" 7/ 451.

(8)

"بيان الوهم والإيهام" 3/ 257.

(9)

"تهذيب الكمال" 29/ 42، "تهذيب التهذيب" 8/ 393.

ص: 386

[4284] موسى بنُ جعفرِ بنِ أبي كَثيرٍ

سمعَ خُطبةَ الوليدِ بنِ عبد الملكِ، بالمدينةِ النَّبويةِ، وأظنُّه مِن أهلِها.

[4285] موسى بنُ جعفرِ بنِ محمَّدِ بنِ عليِّ بنِ الحسينِ ابنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، أبو الحسنِ، الهاشميُّ العلَويُّ، المَدَنيُّ، الكاظم

(1)

يروي عن: أبيه، وعبد الله بنِ دينارٍ، وعبد الملكِ بنِ قُدامةَ الجُمَحيِّ، وعنه: أخواه: عليٌّ ومحمَّدٌ، وأولادُه: إبراهيمُ، وحسينٌ، وإسماعيلُ، وعليٌّ الرِّضى، وصالحُ بنُ يزيدَ، ومحمَّدُ بنُ صدقةَ العنبريُّ. قالَ الخطيبُ

(2)

: يقالُ: إنَّه وُلدَ بالمدينةِ، سنةَ ثمانٍ وعشرين ومئةٍ، وأقدمَه المَهديُّ بغدادَ، ثمَّ ردَّه إلى المدينةِ، وأقامَ بها إلى أيامِ الرَّشيدِ، فقدمَ هارونُ منصرِفًا مِن عمرَةِ رمضانَ، سنةَ تسعٍ وسبعين، فحملَه معه إلى بغدادَ، وحبسَه بها حتَّى توفي في محبسِه. قالَ غيرُه: في سنةِ ثلاثٍ وثمانين ومئةٍ. زادَ آخرُ: في رجبٍ، ومناقبُه كثيرةٌ.

قالَ أبو حاتمٍ

(3)

: ثقةٌ، صدوقٌ، إمام مِن أئمةِ المسلمين. قالَ غيرُه: وكانَ يُدعى العبد الصَّالحَ؛ لعبادتِه واجتهادِه.

(1)

"صفة الصفوة" 2/ 103، "وفيات الأعيان" 5/ 308، "ميزان الاعتدال" 4/ 201.

(2)

"تاريخ بغداد" 13/ 27.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 139.

ص: 387

وذكرَه العُقيليُّ في "الضعفاء"

(1)

، وقالَ: حديثُه -يعني: "الإيمانُ قولٌ"

(2)

- غيرُ محفوظٍ، والحملُ فيه على أبي الصَّلتِ

(3)

، وإنْ ثبتَ أنَّه وُلدَ سنةَ ثمانٍ

(4)

، فروايتُه عن عبد الله بنِ دينارٍ مُنقطعةٌ، فعبد الله تُوفي سنةَ سبعٍ.

[4286] موسى بنُ الحارثِ

مِن أهلِ المدينةِ، يروي عن: جابرٍ، وعنه: ابنُه محمَّدٌ، وعاصمُ بنُ سويدٍ الأنصاريُّ، قالَه ابنُ حِبَّانَ في ثانية "ثقاته"

(5)

.

[4287] موسى بنُ خراشِ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ خراشِ ابنِ الصِّمَّةِ الأنصاريُّ، المَدنيُّ

أخو طلحةَ الماضي (1741)، وثَّقَهما ابنُ عبد البَرِّ

(6)

.

(1)

"الضعفاء الكبير" 4/ 156.

(2)

الإيمانُ معرفةٌ بالقلب، وإقرار باللسان، وعملٌ بالأركان أخرجه العقيلي في "الضعفاء" 4/ 156، وهو ضعيف.

(3)

قال الذهبي في "الميزان" 4/ 201 مُنتقدًا للعقيليِّ: فإذا كان الحمل فيه على أبي الصلت، فما ذنبُ موسى تذكره؟ وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب"، ص: 550 (6955) عنه: صدوقٌ عابدٌ.

(4)

أي: ثمانٍ وعشرين ومائة.

(5)

"الثقات" 5/ 405.

(6)

"الاستيعاب" 3/ 85. في ترجمة عبد الله بن عمرو بن حرام، وإنما وثق ابن عبد البر موسى بن إبراهيم، وطلحة بن خراش، ولم يذكر موسى بن خراش، فقد وهم المؤلف في قوله هذا.

ص: 388

[4288] موسى بنُ دِهقانَ البصريُّ

(1)

مدنيُّ الأصل. عن: أبي سعيدٍ الخُدريِّ، وابنِ عمرَ، وأبانَ بنِ عثمانَ، وآخرين، وعنه: وكيعٌ، وأبو معشرٍ البرَّاءُ

(2)

، وعثمانُ بنُ عمرَ بنِ فارسٍ، وغيرُهم. قالَ يحيى القطَّانُ: أفسدوه بأَخَرةٍ، ونقلَ مسلمٌ في مقدمةِ "صحيحه"

(3)

عن يحيى تضعيفَه، وقالَ البخاريُّ

(4)

: يقولون: تغيَّرَ بأَخَرةٍ، وأبو حاتمٍ

(5)

: شيخٌ، ليس بالقويِّ، وقالَ ابنُ مَعينٍ

(6)

: ليس بشيءٍ، ومرَّةً: ضعيفُ الحديثِ، وكذا قالَ النَّسائيُّ

(7)

، والدَّارقطنيُّ

(8)

: ضعيفٌ، وابنُ عَديٍّ

(9)

. ليس له كبيرُ حديثٍ، وقالَ أحمدُ

(10)

: ليِّنُ الحديث، وذكرَه ابنُ البرقيِّ في باب: مَنْ كانَ الغالبُ عليه الضَّعفُ في حديثه، وتركَ بعضُ أهلِ العلمِ حديثَه. وقيل لأبي داود: كان ساحرًا؟ فقالَ: كانَ عرَّافًا.

(1)

"الضعفاء الكبير" 4/ 157، "المجروحين" 2/ 246، "الثقات" 5/ 405.

(2)

في الأصل: "الفرا"، وهو تحريف.

(3)

"صحيح مسلم" 1/ 27.

(4)

"التاريخ الكبير" 7/ 282، "الضعفاء الصغير"، ص: 111 (344).

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 141.

(6)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 592.

(7)

"الضعفاء والمتروكون"، للنسائي، ص: 236 (557).

(8)

ذكره في "الضعفاء والمتروكون" ص: 369 (523)، وقال: حدثونا عنه.

(9)

"الكامل في الضعفاء" 6/ 337.

(10)

"العلل والسؤالات" ص: 58 (83).

ص: 389

قالَ الذَّهبيُّ

(1)

: عاشَ إلى أيامِ الأوزاعيِّ. ولعلَّه عاشَ نحوَ مئةِ سنةٍ، حتَّى كانَ آخرَ مَنْ حدَّثَ عن ابن عمرَ موتًا، وخرَّجَ له البخاريُّ في "الأدب المفرد"

(2)

، انتهى. وذُكرَ في "التَّهذيب"

(3)

.

[4289] موسى بنُ سالمٍ المَدَنيُّ

(4)

عن: عبيدِ الله بنِ عمرَ العُمريِّ، وغيرِه. قالَ أبو حاتم

(5)

: منكرُ الحديث. كذا في "الميزان"

(6)

للذَّهبيِّ، فذكرَه شيخُنا في "زوائدِ التَّهذيب" للتمييز، قالَ: ثمَّ وجدتُ بخطِّ بعضِ أهلِ الفنِّ على هامشِ "الميزانِ": ليسَ في كتابِ أبي حاتمٍ إلا الذي يُكنى أبا جهضمٍ. يعني: الذي ميَّزَ هذا عنه، وقالَ فيه ابنُ أبي حاتمٍ

(7)

: صدوقٌ، ونقلَه الذَّهبيُّ

(8)

في ترجمته، فليحرَّرْ.

(1)

"ميزان الاعتدال" 4/ 204.

(2)

"الأدب المفرد"، باب: الجلوس على السرير، ص: 306 (1172)، وهو ضعيف بسبب موسى هذا.

(3)

"تهذيب الكمال" 29/ 61، "تهذيب التهذيب" 8/ 397.

(4)

"تهذيب الكمال" 29/ 64، "لسان الميزان" 8/ 199.

(5)

لم يذكر في "الجرح والتعديل"، وقد وهم الذهبي في ذلك، كما نبَّه عليه المؤلف.

(6)

"ميزان الاعتدال" 4/ 205، "لسان الميزان" 6/ 118.

(7)

"الجرح والتعديل" 7/ 452.

(8)

"ديوان الضعفاء"(401)، "المغني في الضعفاء" 2/ 683.

ص: 390

[4290] موسى بنُ سعدٍ، ويقالُ: سعيدِ بنِ زيدِ ابنِ ثابتٍ الأنصاريُّ، المَدَنيُّ

(1)

عن: يوسفَ بنِ عبد الله بنِ سَلَامٍ، وزيدِ بنِ ثابتٍ، وحفصِ بنِ عبيدِ الله بنِ أنسٍ، وخُبيبِ بنِ عبد الله بنِ الزُّبيرِ، وربيعةَ بنِ أبي عبد الرَّحمنِ، وآخرين، وعنه: يزيدُ بنُ أبي حبيبٍ، وعمرُ بنُ محمَّدِ بنِ زيدٍ العُمريُّ، وسعيدُ ابنُ أبي هلالٍ، وعطَّافُ بنُ خالدٍ. ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(2)

في الثانية، وفي موضعينِ

(3)

مِن التي تليها، وهو في "التَّهذيب"

(4)

.

[4291] موسى بنُ سعدٍ المَدنيُّ

(5)

مولًى لأبي بكرٍ. يروي عن: أبيه، وعنه: محمَّدُ بنُ معنٍ الغِفاريُّ، وقالَ الذَّهبيُّ

(6)

: إنَّه تفرَّد عنه. قالَ أبو حاتمٍ

(7)

: مجهولٌ كأبيه. وهو في "التَّهذيب"

(8)

.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 285، "الجرح والتعديل" 8/ 145، "الضعفاء والمتروكون"، لابن الجوزي 3/ 146.

(2)

"الثقات" 5/ 401.

(3)

"الثقات" 7/ 453، 456.

(4)

"تهذيب الكمال" 29/ 68، "تهذيب التهذيب" 8/ 399.

(5)

"المغني في الضعفاء" 2/ 682.

(6)

"ميزان الاعتدال" 4/ 205.

(7)

"الجرح والتعديل" 8/ 145.

(8)

"تهذيب الكمال" 29/ 69، "تهذيب التهذيب" 8/ 399.

ص: 391

[4292] موسى بنُ سلمةَ المَدنيُّ

(1)

مولى جعفرٍ الصَّادقِ، حدَّثَ أحمدُ بنُ عيسى بنِ هارونَ الكوفيُّ عنه، عن محمَّدِ بنِ جعفرٍ، عن أبيه، عن أبيه

(2)

ستًّا

(3)

، بحديثٍ فيه فضلُ بئر غرسٍ، وفيه

(4)

: "هذه بئري منها أشربُ، ومنها أغتسل"، وهو حديثٌ منكرٌ، تفرَّدَ به. قالَه شيخُنا في "زوائد التَّهذيب".

[4293] موسى بنُ أبي سهلٍ النَّبَّالُ

(5)

أخو مسلمٍ الماضي (4137).

(1)

"المتفق والمفترق" 3/ 276.

(2)

كتب فوقها في المخطوطة: "صح".

(3)

في الأصل: "تسعًا"، والصواب المثبت، ففيه رواية عن ستة آباء.

(4)

الحديث عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُريتُ أني على ترعةٍ من ترع الجنة. قوموا بنا، فأتى بئرَ غَرسٍ، فقال: استقوا لي منها دلوًا، فشرب، فإذا هي غليظةٌ، فدعا بفَرَقٍ من عسلٍ، فصبَّه فيها، فقال: هذه بئري منها أشرب، ومنها أغسل".

أخرجه الخطيب في "المتفق والمفترق" 3/ 276، وهو حديث منكر، كما ذكره المؤلف عن شيخه.

(5)

"التاريخ الكبير" 7/ 248، وجاء في المطبوعة: بن سهل، وهو خطأ، فليصحح ثَمَّ، و"الثقات" 7/ 452، و"الجرح والتعديل" 8/ 146.

ص: 392

[4294] موسى بنُ شيبة بنِ عَمروِ بنِ عبد الله بنِ كعبِ ابنِ مالكٍ، السَّلميُّ، الأنصاريُّ، المَدنيُّ

(1)

عن: عمومة أبيه: خارجةَ، ونعمانَ، وعَميرةَ بني عبد الله، وعنه: الحميديُّ، وأبو مصعبٍ، وإبراهيمُ بنُ حمزة الزُّبيريُّ، والواقديُّ، وابنُ زَبالةَ، وغيرُهم. قالَ أبو حاتم

(2)

: صالحُ الحديثِ، وقالَ أحمدُ

(3)

: أحاديثُه مناكير، وقالَ ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(4)

: يروي عن: أبيه والمَدنيّين.

[4295] موسى بنُ طلحةَ بنِ عبيدِ الله، أبو عيسى ويقالُ: أبو محمَّدٍ التَّيميُّ، المَدَنيُّ

(5)

نزل الكوفة، ذكرَه مسلمٌ

(6)

في ثالثةِ تابعي المَدنيّين. وأمُّه خولةُ ابنةُ القعقاعِ بنِ معبد بنِ زُرارةَ. يقالُ -فيما قالَه ابنُ عساكرَ

(7)

-: إنَّه وُلدَ في عهدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو سمَّاه.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 286، و"الضعفاء والمتروكون"، لابن الجوزي 3/ 146، و"المغني في الضعفاء" 2/ 648.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 146.

(3)

"العلل" 2/ 167، وعبارته: روى عنه معمر أحاديث مناكير.

(4)

"الثقات" 9/ 158.

(5)

"نسب قريش"، ص: 281، "التاريخ الكبير" 7/ 286، "الكنى والأسماء"، للدولابي 2/ 810.

(6)

"الطبقات" 1/ 236 (700).

(7)

"تاريخ دمشق" 60/ 422.

ص: 393

يروي عن: أبيه، وعثمانَ -وقالَ: صحبتُه اثنتي عشرة سنةً-، وعليٍّ، والزُّبيرِ، وأبي ذرٍّ، وأبي أيوبَ، وحكيمِ بنِ حِزامٍ، وعثمانَ بنِ أبي العاصِ، وأبي هريرةَ، وأبي اليسَرِ السلميِّ، ومعاويةَ، وابنِ عمرَ، وعائشةَ، وغيرِهم، وعنه: ابنُه عمرانُ، وحفيدُه سليمانُ بنُ عيسى، وابنا أخيه: إسحاقُ وطلحةُ ابنا يحيى، وابنُ أخيه الآخرُ: موسى بنُ إسحاقَ، وحفيدُ أخيه موسى بنُ عبد الله بنِ إسحاقَ، وعثمانُ بنُ عبد الله بنِ مَوهبٍ، وابناه: محمَّدٌ وعمرو ابنا عثمان، وقيل: محمَّدُ بنُ عثمان، وعبد الملكِ بنُ عميرٍ، وسِماكُ بنُ حربٍ، وأبو إسحاقَ السَّبيعيُّ، ويحيى بنُ سَامٍ، وأبو مالكٍ سعدُ بنُ طارقٍ الأشجعيُّ، وحكيمُ بنُ جبيرٍ، والحكمُ بنُ عتيبة. قالَ الواقديُّ

(1)

: رأيتُ مَن قَبلَنا وأهلَ بيتِه يكنونه بأبي عيسى، وكانَ ثقةً، كثيرَ الحديثِ، وقالَ أبو حاتمٍ

(2)

: يقالُ: إنَّه أفضلُ ولدِ طلحةَ بعدَ محمَّدٍ، كانَ يسمَّى في زمانِه المهديَّ، انتهى.

وأجلُّ إخوتِه محمَّدٌ، المقتولُ مع أبيهِ يومَ الجَمَل، ثمَّ أفضلُهم هذا، ثمَّ عيسى، وإخوتهم: يحيى، -وله عدَّةُ بنين-، ويعقوبُ -وكانَ أحدَ الأجوادِ- قُتلَ يومَ الحَرَّةِ، وزكريا، وهو ابنُ أمّ كلثومٍ ابنةِ الصِّدِّيقِ، وإسحاقُ، وله عدةُ أولادٍ بالكوفةِ، وعمرانُ، وكانَ له أولادٌ انقرضوا، ذكرَ ذلكَ ابنُ سعدٍ

(3)

.

(1)

"الطبقات الكبرى" 5/ 163.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 148.

(3)

"الطبقات الكبرى" 5/ 161.

ص: 394

وقالَ الزُّبير بنُ بكَّارٍ: كانَ مِن وجوهِ آل طلحة، وقالَ ابنُ خِراشٍ: كانَ مِن أجِلَّاءِ المسلمين، يقالُ: إنَّه شهدَ الجَمَل معَ أبيه، وأطلقَه عليٌّ بعدَ أنْ أُسرَ، ويقالُ: إنَّه فرَّ مِن الكوفةِ إلى البصرةِ لمَّا ظهرَ المختارُ بنُ أبي عُبيدٍ.

وقالَ أحمدُ: ليسَ به بأسٌ، وقالَ العِجليُّ

(1)

: تابعيٌّ، ثقةٌ، وكانَ خيارًا

(2)

، وقالَ مرَّةً: كوفيٌّ، ثقةٌ، رجلٌ صالحٌ، وقالَ عبد الملكِ بنُ عُميرٍ: فصحاءُ النَّاسِ أربعةٌ، فذكرَه فيهم، وقالَ الأسودُ بنُ شيبانَ، عن خالدِ بنِ سُميرٍ: لمَّا ظهرَ المختارُ الكذَّابُ بالكوفةِ، هربَ منه ناسٌ، فقدِموا علينا البصرةَ، وكان منهم هذا، وكانوا يرون أنَّه المهديُّ، فغشيناه، فإذا هو طويلُ السُّكوتِ، شديدُ الكآبةِ والحُزن، إلى أنْ رفعَ رأسَه يومًا، فقالَ: والله لأنْ أعلمَ أنَّها فتنةٌ لها انقضاءٌ أحبُّ إليَّ من كذا وكذا، وأعظمَ الخطَرَ، فقالَ له رجلٌ: يا أبا محمَّدٍ، وما الذي تَرْهَبُ أنْ يكونَ أعظمَ من الفتنة؟ قالَ: الهرجُ. قالوا: وما الهرجُ؟ قالَ: الذي كانَ أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يحدِّثونا: القتلُ القتلُ

(3)

، حتَّى تقومَ السَّاعةُ وهم على ذلك. ماتَ آخرَ سنةِ ثلاثٍ ومئةٍ على الصَّحيحِ، وقيل: أربعٍ، وقيل: ستٍّ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(4)

، وثاني "الإصابة"

(5)

، و"ثقات"

(6)

ابن حِبَّانَ، والعِجليِّ، وغيرِهم.

(1)

"معرفة الثقات" 2/ 304 (1818).

(2)

في المخطوطة: "جبارًا"، وهو تصحيف عجيب غريب.

(3)

فوقها في المخطوطة: "صح".

(4)

"تهذيب الكمال" 29/ 82، "تهذيب التهذيب" 8/ 404.

(5)

"الإصابة" 3/ 481.

(6)

"الثقات" 5/ 401.

ص: 395

[4296] موسى بنُ عبد الله بنِ إسحاقِ بنِ طلحةَ ابنِ عبيدِ الله القُرَشيُّ، التَّيميُّ، الطَّلحيُّ

(1)

حفيدُ أخي الذي قبلَه. روى عن: أعمامِ أبيه: موسى، وإسحاقَ، وعائشةَ أولادِ طلحةَ، وعن سعيدِ بنِ جبيرٍ، وعنه: وكيعٌ، وأبو أسامةَ

(2)

، ذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(3)

، وهو في "التَّهذيب"

(4)

.

[4297] موسى بنُ عبد الله بنِ حسنِ بنِ الحسنِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ أبو الحسنِ، الهاشميُّ، العَلَويُّ، المَدَنيُّ

(5)

أخو محمَّدٍ وإبراهيمَ، اللذينِ حاربا المنصورَ. روى عن: أبيه، وعنه: الدَّرَاورديُّ مع تقدُّمهِ، بل هو من أقرانَه، ومروانُ بنُ محمَّدٍ الطاطريُّ، وإبراهيمُ بنُ عبد الله الهرويُّ، وسلمةُ بنُ بشرٍ، وجماعةٌ، ورآه ابنُ مَعينٍ، ونَقلَ عنَه توثيقَه جماعةٌ

(6)

، واختفى بعدَ قتلِ أخويه مدَّةً، ثمَّ ظفِرَ به المنصورُ، فضربَه سبعين سوطًا، ثمَّ عفا عنه.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 287، "الجرح والتعديل" 8/ 150.

(2)

في الأصل: "أمامة"، والتصويب من مصادر الترجمة.

(3)

"الثقات" 7/ 449.

(4)

"تهذيب الكمال" 29/ 92، "تهذيب التهذيب" 8/ 407.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 150، "المغني في الضعفاء" 2/ 684، "لسان الميزان" 8/ 208.

(6)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 593.

ص: 396

قالَ الخطيبُ

(1)

: روى عن أبيه شيئًا يسيرًا

(2)

، وقالَ البخاريُّ: فيه نظرٌ. وله حديثٌ في تحريمِ الدُّبرِ

(3)

، أوردَه العُقيليُّ

(4)

، وقيل: إنَّه امتنعَ من التَّحديث، لكنْ له شِعرٌ سائرٌ

(5)

، وهو في "الميزان"

(6)

.

[ ........ ]

‌ موسى بنُ عبد الله بنِ محمَّدِ بنِ عبد الله ابنِ أبي فَروةَ، الفَرويُّ، المَدَنيُّ

(7)

الماضي أبوه (2068)، والآتي ابنُه هارونُ (4420)، يأتي قريبا في: موسى بنِ أبي علقمةَ (4302).

[4298] موسى بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ سلامةَ بنِ محمَّدِ بنِ داودَ الكِنانيُّ، المُدلجيُّ، المنعوتُ بالبهاءِ ابنِ الجمالِ ابنِ الأسعدِ، المِصريُّ، الكاتبُ

(8)

وُلدَ سنةَ اثنتين وخمسين وستِّ مئةٍ، وليَ الإمامةَ والخطابةَ بالمسجدِ

(1)

"تاريخ بغداد" 13/ 25.

(2)

في الأصل: "كثيرًا"، والتصويب من "تاريخ بغداد".

(3)

ساق الحديث بطرقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 61/ 438.

(4)

"الضعفاء الكبير" 4/ 159.

(5)

ينظر: "معجم الشعراء"، ص: 288، و"تاريخ ابن عساكر" 61/ 438.

(6)

"ميزان الاعتدال" 4/ 211.

(7)

"الإكمال" 7/ 66، و"إكمال الإكمال" 7/ 84.

(8)

"الوفيات"، لابن رافع 1/ 466، و"الدرر الكامنة" 4/ 375، وذكر ابنُ حجر أنَّ مولده سنة: 665 هـ. "أعيان العصر" 5/ 478، "نصيحة المشاور" ص:345.

ص: 397

النَّبويِّ، في سنتي سبعٍ وثمانٍ وعشرين وسبعِ مئةٍ، وماتَ في رجبٍ سنةَ أربعٍ وأربعين بالقاهرةِ، ذكرَه العفيفُ أبو السِّيادةِ المطريُّ، وكتبَ عنه أبياتًا لغيرِه، وهي:

لا زلتُ أُولَعُ بالهوى مُتعمِّدًا

حتَّى بُليتُ بحُلوِه وبِمُرِّهِ

ولقيتُ منه فوائدًا وشدائدًا

ذهبَتْ حلاوةُ خيرِه في شرِّهِ

وظننتُ أنَّ الحُبَّ حُسنُ شبيبَةٍ

فإذا الدَّراهمُ جاوبَتْ عن سِرِّهِ:

نحنُ الطَّريقُ إلى الوصالِ، وطالَ ما

هُجِرَ المليحُ لفقرِه مع فخرِهِ

قلتُ: ورأيتُه وقفَ "شرح مسلم" للنوويِّ، في شعبانَ سنةَ ثمانَ عشرةَ وسبعِ مئةٍ، على يحيى الحورانيِّ الآتي (4535)، وستأتي بقيةُ ترجمتِه في بهاءِ الدِّينِ ابنِ سلامةَ، من الألقاب (5068).

[4299] موسى بنُ عُبيدةَ بنِ نَشيطِ بنِ عَمروِ بنِ الحارثِ أبو عبد العزيزِ، الرَّبَذيُّ، المَدنيُّ

(1)

يروي عن: أخويه عبد الله، ومحمَّدٍ، -وثانيهما قالَ ابن ماكولا

(2)

: قيل: إنَّه أكبرُ منه بثمانين سنةً- وعبد الله بنِ دينارٍ، وإياس بنِ سلمةَ بنِ الأكوعِ، وأيوبَ بنِ خالدٍ، وجُمهانَ الأسلميِّ، وعلقمةَ بنِ مَرثد، وداودَ بنِ مُدركٍ، وعبد الله بنِ رافعٍ، ومحمَّد بنِ كعبٍ القُرّظيِّ، وخَلقٍ.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 291، "المجروحين" 2/ 241، "الضعفاء والمتروكون"، لابن الجوزي 3/ 147.

(2)

"الإكمال" 6/ 46.

ص: 398

وعنه: ابنُ أخيهِ بكَّارِ بنِ عبد الله، والثَّوريُّ، وابنُ المباركِ، وعيسى بنُ يونس، والدَّرَاوَرديُّ، وزيدُ بنُ الحُبابِ، ووكيعٌ، وعبيدُ الله بنُ موسى، وآخرون. قالَ أحمد

(1)

: لا تحلُّ الرواية عندي عنه، وفي روايةٍ عنه: مُنكرُ الحديثِ، وفي أخرى: ليس بشيءٍ، إلى غيرها من العبارات في تضعيفه، وقالَ ابن مَعينٍ

(2)

: لا يُحتجُّ بحديثِه، ومرَّةً: ليسَ بشيءٍ، ومرَّةً: ضعيفٌ، إلا أنَّه يُكتب مِن أحاديثِه الرّقاق، وقالَ يعقوبُ بنُ شيبةَ: صدوقٌ، ضعيفُ الحديثِ جدًّا، ومِن النَّاس مَنْ لا يكتبُ حديثَه لِوَهائِه

(3)

، وضعفِه، وكثرةِ اختلاطِه، وكانَ مِن أهلِ الصِّدقِ. وقالَ يحيى بنُ سعيدٍ: كنَّا نتَّقي حديثَه تلك الأيامَ، وكان بمكَّة فلم نأته. وقالَ ابنُ المدينيِّ: ضعيفٌ، يحدِّثُ بأحاديثَ مناكيرَ، وقالَ الترمذيُّ

(4)

: يُضعَّفُ، والنَّسائيُّ: ضعيفٌ، ومرَّةً: ليسَ بثقةٍ، وقالَ ابنُ عدِيٍّ

(5)

: ليسَ بقويِّ الحديثِ، وقالَ أبو حاتمٍ

(6)

: مُنكرُ الحديثِ، وقالَ أبو داود: أحاديثُه مستويةٌ إلا عن عبد الله بنِ دينارٍ، وقالَ ابنُ سعدٍ

(7)

: ثقةٌ، كثيرُ الحديثِ، وليسَ بحُجَّةٍ، وقالَ البزَّارُ

(8)

: متعبدًا ليس بالحافظ، وأحسِبُ أنَّما قصَّرَ به عنه شغلُه بالعبادةِ.

(1)

"أحوال الرجال"، للجوزجاني، ص: 126 (208)، وقد سمع كلام أحمد.

(2)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 594.

(3)

تحرفت في الأصل إلى: "لوهاجه"؟ والتصويب من "تهذيب الكمال".

(4)

قال في سننه، كتاب الرضاع، باب: كراهية خروج النساء في الزينة، بعد حديث (1167).

(5)

"الكامل في الضعفاء" 6/ 334.

(6)

"الجرح والتعديل" 8/ 152.

(7)

"الطبقات الكبرى"، القسم المتمم للتابعين ص:408.

(8)

"مسند البزار" 1/ 74.

ص: 399

وذكرَه ابنُ البرقيِّ في باب: مَنْ كانَ الضَّعفُ غالبًا في حديثه.

وقالَ زيدُ بنُ الحُباب: شممْنَا مِن قبرِه لمَّا ماتَ ريحَ المِسك، ولم يكنْ يومئذٍ بالرَّبَذةِ مِسكٌ ولا عنبرٌ، وكانَ بيتُه ليس فيه إلا الخصافُ، وفيه رملٌ وحصًى، وقالَ غيرُه: ماتَ سنةَ اثنتين وخمسين ومئةٍ، وقيل: ثلاثٍ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(1)

.

[4300] موسى بنُ أبي عثمانَ التَّبَّان

(2)

، المَدنيُّ وقيل: الكوفيُّ، مولى المغيرةِ

(3)

عن: أبيه، وأبي يحيى المكِّيّ الأعرجِ

(4)

، وسعيدِ بن جُبيرٍ، وإبراهيمَ ابنِ طَهمانَ، وأم ظبيان، وعنه: أبو الزِّنادِ، ومالكُ بنُ مِغْوَلٍ، وشعبةُ، والثَّوريُّ، وقالَ: كانَ مؤذِّنًا، ونِعمَ الشَّيخُ كان، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(5)

، وفرَّقَ ابنُ أبي حاتم

(6)

بين موسى بنِ أبي عثمانَ التَّبَّان.

(1)

"تهذيب الكمال" 29/ 104، "تهذيب التهذيب" 8/ 411.

(2)

بفتح التاء، كما في "تاج العروس": تبن.

(3)

"التاريخ الكبير" 7/ 290، وو"الإكمال" 1/ 495، وو"الكاشف" 2/ 306.

(4)

وقع في الأصل: "والأعرج"، وهو خطأ، فالواوُ زائدةٌ، فأبو يحيى المكي هو الأعرج، واسمه زياد، وقيل: مصدع. انظر: "سؤالات ابن الجنيد" 1/ 161، و"الأسامي والكنى" لأحمد بن حنبل، ص: 34 (47)، و"الجرح والتعديل" 8/ 429.

(5)

"الثقات" 7/ 454.

(6)

"الجرح والتعديل" 8/ 153.

ص: 400

يروي عن: أبيه، وعنه: أبو الزِّنادِ، وبيَن موسى بنِ أبي عثمانَ، كوفيٌّ، يروي: عن أبي يحيى، عن أبي هريرة، وعن النَّخَعيِّ، وسعيدٍ، وعنه: شعبةُ، والثَّوريُّ، وغيرُهما، ولم يذكر في التبان شيئا، وقالَ في الآخر: عن: أبيه، شيخٌ، وهو في "التَّهذيب"

(1)

.

[4301] موسى بنُ عقبةَ بنُ أبي عيَّاشٍ، أبو محمَّدٍ المَدنيُّ، مولى آلِ الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ

(2)

وقيل: مولى أمِّ خالدٍ ابنةِ خالدِ بنِ سعيدِ بنِ العاصِ، زوجِ الزُّبيرِ، وأخو إبراهيمَ ومحمَّدٍ. ذكرَه مسلمٌ

(3)

في رابعةِ تابعي المَدنيّين، وقد أدركَ سهلَ بنَ سعدٍ، وابنَ عمرَ، وذلك أنَّه قيلَ له: هل رأيتَ أحدًا من الصَّحابةِ؟ قالَ: حججْتُ وابنُ عمرَ بمكَّةَ عامَ حجَّ نَجدةُ الحَروريُّ، ورأيتُ سهلَ بنَ سعدٍ يتخطَّى حتَّى توكَّأ على المنبر، فسارَّ الإمامَ بشيءٍ.

وحدَّثَ عن: أمِّ خالدٍ، ولها صحبةٌ، وقالَ: لم أُدركْ أحدًا يقول: قالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم غيرَها، يعني: بالسَّماع، وعن جدِّه لأمِّه أبي حبيبةَ مولى الزُّبيرِ، وعروةَ، وكُريب، وأبي سلمةَ بنِ عبد الرَّحمنِ، والأعرجِ، وحمزةَ ابنِ عبد الله بنِ عمرَ، والزُّهريِّ، -وقالَ الإسماعيليُّ في العتق: إنَّه لم يسمعْ منه شيئًا، كذا قالَ،- وخلقٍ.

(1)

"تهذيب الكمال" 29/ 114، "تهذيب التهذيب" 8/ 414.

(2)

"التاريخ الكبير" 7/ 292، "الجرح والتعديل" 8/ 154، "سير أعلام النبلاء" 6/ 114.

(3)

"الطبقات" 1/ 262 (1022).

ص: 401

وعنه: ابنُ جريجٍ، ومالكٌ، وابنُ المباركِ؛ لقيَه في سنةِ موتِه، وحاتمُ ابنُ إسماعيلَ، وابنُ عيينةَ، وأبو ضمرَةَ، ومحمَّدُ بنُ فليحٍ، وعبد الله بنُ رجاءٍ المكِّيُّ، وأبو بدرٍ السَّكونيُّ، وعددٌ كثيرٌ، وكانَ من العلماءِ الثِّقاتِ. قالَ مصعبٌ الزُّبيريُّ: كانَ له هيئةٌ وعلم، وعن مالك ممَّا يدلُّ لكونِه إنَّما طلبَ العلمَ وهو كَهلٌ؛ فإنَّه قالَ: إنَّه جاءَ هو وصالحُ بنُ كيسان إلى الزُّهريِّ يطلبان العلمَ، فقالَ: جلستُما حتَّى إذا صرتما كالشِّنانِ

(1)

لا تُمسكانِ ماءً جئتُما تطلبانِ العلمَ!.

ووثَّقَه إبراهيمُ بنُ طَهمانَ، وابنُ مَعينٍ

(2)

، وأحمدُ

(3)

، وأبو داودَ، والعِجليُّ، وقالَ

(4)

: مدنيٌّ، وخرَّجَ له الأئمةُ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(5)

، وقالَ هشامُ بنُ عروةَ -وكانَ مُواخيًا له-: إنَّما كنتُ أجيءُ إلى المدينةِ مِن أجلِه، فلمَّا ماتَ تركتُها.

قالَ الواقديُّ: كانَ فقيهًا مُفتيًا، وقالَ أحمدُ: عليكم بمغازيه؛ فإنَّه ثقةٌ، وكذا كان مالكٌ إذا سئلَ عن المغازي؟ يقول: عليك بمغازي الرَّجلِ الصَّالح، ويسمِّيه، وفي لفظٍ: فإنَّه ثقةٌ طلبَها على كِبَرٍ، وفي لفظٍ: فإنَّها أصحُّ المغازي.

(1)

الشِّنان: جمعُ الشَّنِّ، وهي القِربة البالية. "الصحاح": شنن.

(2)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 594.

(3)

"العلل ومعرفة الرجال" 2/ 31، 167.

(4)

"معرفة الثقات" 2/ 305.

(5)

"تهذيب الكمال" 29/ 115، "تهذيب التهذيب" 8/ 415.

ص: 402

قلتُ: وهي فيما سمعنا وقرأنا.

وعنه قالَ: غزوتُ الرُّومَ مع سالمِ بنِ عبد الله في خلافةِ الوليدِ بنِ عبد الملكِ. ماتَ سنةَ إحدى وأربعين ومئةٍ. قالَ يحيى القطَّانُ: قبلَ دخولِنا المدينةَ، وقيل: اثنتين، وقيل: خمس.

[4302] موسى بنُ أبي علقمةَ عبد الله بنِ محمَّدِ بنِ عبد الله ابنِ أبي فَروةَ، الفَرويُّ، المَدنيُّ، مولى عثمانَ

(1)

والماضي أبوه (2068)، والآتي ابنُه (4420). يروي عن: مالكٍ، وهشامِ ابنِ سعدٍ، وعنه: ابنُه هارونُ. ذكرَه الذَّهبيُّ في "الميزان"

(2)

، وقالَ: ما علمتُ يروي عنه سوى ولدِه، وهو في "التَّهذيب"

(3)

.

[4303] موسى بنُ عليِّ بنِ عبد الصَّمدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبد الله أبو محمَّدٍ، وأبو عبد الله، المُراكشيُّ، المالكيُّ

(4)

نزيل الحرمين. ووالدُ الحافظِ الجمالِ محمَّدٍ. قالَ الفاسيُّ

(5)

: العلَّامةُ، القُدوةُ، العارفُ بالله، نزيلُ مكَّة، صحبَ بها اليافعيَّ، وسمع منه

(1)

"توضيح المشتبه" 7/ 50، و"الكاشف" 2/ 306.

(2)

"ميزان الاعتدال" 4/ 214.

(3)

"تهذيب الكمال" 29/ 122، و"تهذيب التهذيب" 8/ 417.

(4)

"إنباء الغمر" 2/ 77، "نصيحة المشاور" ص: 208، "لحظ الألحاظ" ص:114.

(5)

"العقد الثمين" 7/ 299، "تعريف ذوي العلا" ص: 356 - 357.

ص: 403

"الرِّسالة"، للقشيريِّ، وحدَّث بها عنه، وتأهَّل بابنتِه، ورُزقَ منها ولدَه الجمالَ محمَّدًا، ودرَّسَ، وأفتى بالحرمين، مع غزارةِ العلمِ، وأهليةِ النَّظرِ والتَّرجيحِ، والعبادةِ الكثيرةِ، والورعِ الشَّديدِ الدَّائمِ.

انتفَع به في العلمِ جماعةٌ، منهم: الشَّريفُ عبد الرَّحمنِ بنُ أبي الخيرِ الفاسيُّ، وقالَ: إنَّه كانَ مع كثرةِ العلمِ والزُّهدِ كريمَ النَّفسِ، كثيرَ الإيثارِ للفقراءِ. قالَ لي: إنَّه وردَ مكَّةَ سنةَ ثلاثٍ وستين وسبعِ مئةٍ مع التَّكاررةِ على طريقِ الصَّحراءِ، فحجَّ، ثمَّ توجَّهَ إلى المدينةِ، فأقامَ بها التي تليها، ثمَّ رجعَ إلى مكَّة، فاستوطنَها مِن سنةِ خمسٍ وستين، وصارَ يتردَّدُ منها إلى المدينةِ، حتَّى ماتَ بمكَّةَ في المحرَّمِ، سنةَ تسعٍ وثمانين وسبعِ مئةٍ، ودُفنَ بالمَعلاةِ، شهدَ جنازتَه أميرُ مكَّةَ عنانُ بنُ مغامس، ومشى فيها.

وكانَ قد تأهَّلَ في المدينةِ بابنةِ القاضي البدرِ ابنِ فرحونٍ.

قالَ ابنُ فرحونٍ

(1)

: كان في الورعِ والزُّهدِ على طريقةِ أبي الغمرِ الآتي

(2)

، وكان صاحبَنا، وإنَّما نبَّهتُ عليه لمَا خالطَني مِن محبَّتِه واعتقادِه، ولمِا احتوى عليه من العلمِ، والعملِ، والورعِ الكثيرِ، الذي هو من صفاتِ الأولياءِ الكبار، والمحقِّقين من الأبدال، أعانَه اللهُ على ما هو ملتزمُه مِن الخيرِ الكثير، والدِّينِ المتين، حتَّى إنَّه لا يتناولُ مِن الحلالِ إلَّا القوتَ الشَّظَف

(3)

اليسير، لا يأكلُ في أرضِ الحجازِ لحمًا، ولا تمرًا، ولا شيئًا،

(1)

"نصيحة المشاور"، ص:128.

(2)

أبو الغمر الطنجي، واسمه السائب بن عبد الله.

(3)

الشَّظَفُ: يُبسُ العيش. "العين" 6/ 248، وهو أيضًا: يابسُ الخبز. "لسان العرب": شظف.

ص: 404

وإنَّما يُعملُ له شيءٌ يسيرٌ مِن الخبزِ بلا إدامٍ في أكثرِ الأوقاتِ وإنْ كانَ إدامٌ، فَلِفْتٌ مسلوقٌ، وربَّما اكتفى المدَّةَ الطَّويلةَ بالحَريرة

(1)

مِن دقيقِ الشَّعير بدونِ إدامٍ، مع الصيام

(2)

الدَّائم، والقيامِ المستمرِّ في صحَّتِه ومرَضِه، إلا إنْ تمرَّضَ مرضًا شديدًا، فحينئذٍ يُفطرُ.

وهو -في العلمِ بمذهبِ مالكٍ وغيرِه، والأصولِ، والفرائضِ، وغيرِها- رُحلةٌ، صحبتُه سفرًا وحضرًا، فرأيتُه رجلًا، عَلِمَ ما يطلبُ، فهانَ عليه ما يَجِدُ، وذلك مع نَضارةِ الشَّبابِ، وأنوارٍ مِن مواهبِ الوهَّاب، وكانت إقامتُه بالمدينةِ، وهو الآن بمكَّةَ، نفعَ اللهُ به. انتهى. ووصفَه الحافظُ الجمالُ ابنُ الخياطِ

(3)

بأحدِ الأوَّلياء، أوحدِ علماءِ الحرمين، مِن أهلِ المغربِ، كانَ مُفتيَ المالكية بهما، وتزوَّجَ بأمِّ الفقراءِ زينبَ ابنةِ العفيفِ اليافعيِّ، فأنجبَ منها ولدَه الحافظَ الجمالَ محمَّدًا الماضي (3969).

[4304] موسى بنُ عليِّ بنِ موسى، الشَّرفُ المِصريُّ، المُناويُّ، المالكيُّ

(4)

وُلدَ بمُنيةِ القائدِ، مِن عملِ مصرَ، سنةَ بضعٍ وخمسين وسبعِ مئةٍ، ونشأ بها، وشرعَ في حفظ "أبي شجاع" على مذهبِ الشَّافعيِّ، ثمَّ رغبَ في

(1)

الحَريرةُ: الدَّقيقُ الذي يطبخ بلبنٍ. "لسان العرب": حرر.

(2)

في الأصل: "الصائم"، وهو خطأ، والتصويب من "نصيحة المشاور".

(3)

جمالُ الدِّين، محمدُ بنُ أبي بكرِ بن محمدٍ، اليمنيُّ، حافظ البلاد اليمنية، فقيه شافعيٌّ، توفي سنة 839 هـ. "إنباء الغمر" 8/ 407، و"شذرات الذهب" 7/ 231.

(4)

"الضوء اللامع" 10/ 186، و"وجيز الكلام" 2/ 448، و"بدائع الزهور" 2/ 33.

ص: 405

مذهبِ مالكٍ، وحفظ "موطأ الإمام" رواية يحيى بن يحيى جيدًا، و"مختصرات ابن الحاجب" الثلاثة

(1)

، وعُنيَ بفنونٍ كثيرةٍ مِن العلم، وأخذ عن القاضي نورِ الدِّينِ ابنِ الجلالِ، والغماريِّ النَّحويِّ، وسمعَ ابنَ الملقِّنِ، وبرعَ في العربيةِ، وحصَّلَ الوظائفَ، وصارَ نبيهًا في الفقه، والعربية، والقراءة، والحديث، ذا حظٍّ وافرٍ مِن الصَّلاحِ والخيرِ، له مكاشفاتٌ كثيرةٌ غامضةٌ حتَّى قالَ الفاسيُّ

(2)

: سمعتُ بعضَ أصحابِنا يقولُ: لم أرَ أكثرَ منه مكاشفةً. قالَ: وكنتُ أنا أجتمعُ به كثيرًا، وأستفيدُ منه أشياءَ حسنةً، وأوَّلُ اجتماعي معه بالقاهرةِ، في سنةِ ثمان وتسعين وسبع مئةٍ، وتوجَّهَ فيها، أو بعدها بقليلٍ إلى الحجازِ، فحجَّ، وجاورَ بالحرمينِ، وكانَ يغيبُ في براري المدينةِ اليومَ واليومينِ، ثمَّ يأتي.

وجزمَ الجمالُ المرشديُّ بأنَّ قدومَه مكَّةَ في سنةِ تسعٍ وتسعين، وأنَّه أقبلَ على العبادةِ مُتخلِّيًا عن كلِّ شيءٍ مِن الدُّنيا، مُعرِضًا عن سائرِ النَّاسِ، يسكنُ القفرَ والجبالَ، ويقتاتُ ممَّا تُنبتُه الأرضُ، ولا يدخلُ مكَّةَ إلا يومَ الجمعةِ ليشهدَها، وأقامَ بالمدينةِ كذلك زمانًا، وهو يتردَّدُ للحرمين، لا يأوي دارًا، ولا يركنُ إلى أحدٍ، ثمَّ سافرَ إلى المدينةِ، وعادَ لمكَّةَ، وله جذباتٌ، ولقد رأيتُ منه ما لم أره من أحدٍ من الفقراء. وقالَ المقريزيُّ: لم ندرك مثله فيمَن رأينا وعاشرنا، انتهى.

ماتَ بمكَّةَ في شعبانَ، سنةَ عشرين وثماني مئةٍ، ودُفنَ بالمعلاةِ، وكانَ الجمعُ في جنازتِه يفوقُ الوصفَ، رحمه الله.

(1)

وهي مختصره في الفقه، وفي أصول الفقه، وفي النحو.

(2)

"العقد الثمين" 7/ 305.

ص: 406

ومِن فوائدِه: أنَّ محمَّدَ بنَ عبد الحكمِ المالكيَّ رُئِي ببابِ أشهبَ -أحدِ أصحابِ مالكٍ- للأخذِ عنه، وكانَ أخذَ قبلَ ذلك عن ابنِ القاسمِ، فقيل له

(1)

:

تبدَّلْتَ بعدَ الخيزُران جَريدةً

وبعدَ ثياب الخزِّ أحلامَ نائم

قالَ: وأحلامُ نائمٍ ثيابٌ من القُطنِ مصبوغةٌ، وطوَّلَ الفاسيُّ ترجمتَه، وخفَّفَ منها في "ذيل النبلاء".

[4305] موسى بنُ عمرَ بنِ موسى المَدنيُّ

وُلدَ في سابع عشرَ رمضانَ، سنةَ ثلاثٍ وسبعِ مئةٍ. هذا في "الدرر"

(2)

لشيخنا لم يزد.

[4306] موسى بنُ أبي عيسى، أبو هارونَ، الغِفاريُّ المَدَنيُّ، الحنَّاطُ

(3)

، الطَّحَّانُ

(4)

أخو عيسى، واسمُ أبيه ميسرةُ. يروي عن: دينارِ بنِ عبد الله القرَّاظِ، وعبد الوهَّابِ بنِ بُختٍ، وعونِ بنِ عبد الله بنِ عتبةَ، وقيسِ بنِ سعدٍ المكِّيِّ،

(1)

البيت في "أساس البلاغة"، للزمخشري: حلم، و "العقد الثمين" 7/ 306 وقيل في أم هاشم بنت عبد الله عمرو كانت من أجمل نساء قريش "الأغاني" 13/ 43.

(2)

"الدرر الكامنة" 4/ 379.

(3)

في الأصل: "الخياط"، والصواب المثبت، وأخوه عيسى؛ يقال له الخيَّاط، والحنَّاط، والخبَّاط، كان قد عالج الصنائع الثلاث. "تقريب التهذيب"، ص: 440 (5317).

(4)

"التاريخ الكبير" 6/ 405، "الجرح والتعديل" 8/ 156، "الكنى والأسماء"، للدولابي 3/ 1139.

ص: 407

وأبي جعفرٍ محمَّدِ بنِ عليِّ بنِ الحسينِ، وموسى بنِ أنسِ بنِ مالكٍ، ونافعٍ مولى ابنِ عمرَ، وأبي طيبةَ المَدنيِّ، وعنه: حفصُ بنُ ميسرةَ، واللَّيثُ، وابنُ عيينةَ، وعبد العزيزِ بنُ عبد الصَّمدِ العمِّيُّ، ويحيى القطَّانُ. قالَ ابن مَعينٍ

(1)

: مدَنيٌّ، أظنُّه أخا عيسى الخياط، وقالَ النَّسائيُّ: ثقةٌ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(2)

، قالَ: وهو أقدمُ مِن أخيه عيسى، خرَّجَ له مسلمٌ

(3)

، قيل: والبخاريُّ

(4)

، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(5)

.

[4307] موسى بنُ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ الحارثِ أبو محمَّدٍ التَّيميُّ، المَدَنيُّ

(6)

يروي عن: أبيه، وأبي بكرِ بنِ أبي الجهم، وإسماعيلَ بنِ أبي حكيمٍ، وعبد الرَّحمنِ بنِ أبانَ بنِ عثمانَ، وعنه: عقبةُ بنُ خالدٍ السَّكونيُّ المجدَّر، ومحمَّدُ بنُ عبد الرَّحمنِ بنِ أبي ذئبٍ، وموسى بنُ عُبيدةَ الرَّبذيُّ،

(1)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 595.

(2)

"الثقات" 7/ 454.

(3)

كتاب الحج، الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها 2/ 1004 بلا رقم.

(4)

كتاب الجنائز، باب: هل يُخرج الميت من القبر واللحد لعلة (1350)، ووقع في "صحيح البخاري": قال سفيان: وقال أبو هريرة، وهو تصحيفٌ، صوابه: أبو هارون، كما نبه عليه الحافظ في "فتح الباري" 3/ 214.

وقال ابن حجر: فعند المزيِّ أنه هذا، وعند غيره أبو هارون الغنوي، وعلى تقدير كونه هو موسى، فحديثه في البخاري موصولٌ لا معلَّق. "تهذيب التهذيب" 8/ 420.

(5)

"تهذيب الكمال" 29/ 132، "تهذيب التهذيب" 8/ 420.

(6)

"الكامل" 6/ 343، "تاريخ ابن شاهين"(600)، "تهذيب الكمال" 29/ 139.

ص: 408

وزيادُ بنُ عبد الله بن عُلاثة، وعبد الله بنُ نافعٍ الصَّائغُ، وغيرُهم. قالَ ابن مَعينٍ

(1)

: ضعيفُ الحديثِ، ومرَّةً: ليس بشيءٍ، ولا يُكتبُ حديثُه، وقالَ الجوزجانيُّ

(2)

: ينكر الأئمةُ عليه حديثَه، وقالَ أبو زرعة والبخاريُّ

(3)

، والنَّسائيُّ

(4)

وأبو أحمد الحاكم: منكرُ الحديث، وقالَ أبو حاتم

(5)

: ضعيفُ الحديثِ، مُنكرُ الحديثِ، وقالَ الواقديُّ ويعقوبُ بنُ شيبة: كانَ فقيهًا محدِّثًا، وقالَ الدَّارقطنيُّ

(6)

: متروكٌ، وقالَ ابنُ سعدٍ

(7)

: كانَ كثيرَ الحديثِ، وله أحاديثُ منكرةٌ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الضُّعفاء"

(8)

، وقالَ: مِن أهلِ المدينةِ. يروي عن: أبيه، وأهل المدينة، وعنه: العراقيون وأهلُ بلدِه، يروي عن أبيه ما ليسَ مِن حديثِه، فلستُ أدري أيتعمَّدُ أو يَغْفُلُ، فيأتي بالمناكير عن أبيهِ والمشاهير على التَّوهُّم، وأيُّما كانَ فهو ساقطُ الاحتجاجِ. ماتَ سنةَ إحدى، وقيل: اثنتين وخمسين ومئةٍ، وذكرَه البخاريُّ في "الأوسط"

(9)

في فصل مَنْ ماتَ ما بين الخمسين إلى الستين.

(1)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 596.

(2)

"أحوال الرجال"، ص: 129 (214).

(3)

"الضعفاء الصغير"، للبخاري، ص: 112 (347).

(4)

"الضعفاء والمتروكون"، ص: 236 (556).

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 160.

(6)

"الضعفاء والمتروكون"، ص: 367 (518).

(7)

"الطبقات الكبرى"، القسم المتمم للتابعين، ص:397.

(8)

"المجروحين" 2/ 248.

(9)

"التاريخ الأوسط" 2/ 109.

ص: 409

[4308] موسى بنُ محمَّدِ بنِ إبرهيمَ الهُذليُّ

(1)

حجازيٌّ، روى عن: إياسِ بنِ سلمةَ بنِ الأكوعِ، وأبي بكرِ بنِ عبيدِ بنِ أبي الجهمِ، وعنه: الواقديُّ. قالَ العُقيليُّ في الضُّعفاء

(2)

: لا يُتابعُ على حديثه. قالَ شيخُنا

(3)

: ولا أستبعدُ أنْ يكونَ الذي قبلَه دلَّسه الواقديُّ هذليًّا، أو تصحَّفَ المَدنيُّ بالهذَليِّ، لكن فرَّقَ بينهما العُقيليُّ

(4)

، وكذا المزيُّ في "التَّهذيب"

(5)

.

[4309] موسى بنُ محمَّدِ بنِ [عطاء] أبو الطَّاهرِ الدِّمياطيُّ، البلقاويُّ

(6)

أصلُه من المدينة، سكن ناحيةً بالشَّامِ، يقالُ لها: بلقاء

(7)

. يروي عن: مالك والموقري، ودونهما، وعنه: أهل الشَّامِ، والعراقيون. قالَ ابن حِبَّانَ في "ضعفائه"

(8)

: كان يدورُ الشَّامَ، ويضعُ الحديثَ على الثِّقات، ويروي

(1)

"ميزان الاعتدال" 4/ 220، "تقريب التهذيب"، ص: 553 (7007).

(2)

"الضعفاء الكبير" 4/ 168.

(3)

"تهذيب التهذيب" 8/ 423.

(4)

فترجم للهذلي 4/ 168، وترجم للتيمي 4/ 169.

(5)

"تهذيب الكمال" 29/ 142.

(6)

"الضعفاء والمتروكون"، لابن الجوزي 3/ 149، "المغني في الضعفاء" 2/ 686، "الكشف الحثيث"، 264، "لسان الميزان" 8/ 216. وفي الأصل: موسى بن محمد بن أبي الطاهر.

(7)

هي في الأردن.

(8)

"المجروحين" 2/ 250.

ص: 410

ما لا أصلَ له عن الأثبات، لا تحلُّ الرِّوايةُ عنه، ولا كِتبة

(1)

حديثه إلَّا على سبيلِ الاعتبار للخواص، وقالَ الذَّهبيُّ في "الميزان"

(2)

: موسى بنُ محمد ابن عطاء الدِّمياطيُّ، أبو طاهر البلقاويُّ، المقدسيُّ، أحد التَّلفى

(3)

. يروي عن: مالكٍ، وشَريكٍ، وأبي المَليح، وعنه: الرَّبيعُ بنُ محمَّدٍ اللاذقيُّ، وعثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارميُّ، وبكرُ بنُ سهلٍ الدِّمياطيُّ، وأبو الأحوص العكبريُّ، كذَّبه أبو زُرعة، وأبو حاتم

(4)

، وقالَ النسائيُّ: ليسَ بثقة، وقالَ الدَّارقطنيُّ

(5)

وغيره: متروكٌ، وأوردَ له ابنُ يونسَ

(6)

مِن حديثِ إبراهيمَ بنِ سليمانَ الأسدي، وقال: جئتُه فأملى عليَّ عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ رفعه: دفع إلى معاويةَ سفرجلة، وقالَ

(7)

: "القني بها في الجنَّة". قالَ الأسديُّ: فلم أعد إليه، وقالَ ابنُ عديٍّ

(8)

: كانَ يسرقُ الحديثَ، وساقَ له أحاديثَ، ونقلَ شيخُنا في "لسانه"

(9)

عن العُقيليِّ في "الضعفاء"

(10)

قولَه:

(1)

كُتب في الأصل فوقها: "كذا"، وفي "المجروحين": كتابة.

قال في "تاج العروس"، مادة كتب: والكِتْبةُ، بالكسر: اكتتابك كتابًا تنسخه.

(2)

"ميزان الاعتدال" 4/ 219. وفي الأصل: القدسي، والمثبت من مصادر الترجمة.

(3)

في الأصل: "البلقي"، وهو تحريف.

(4)

"الجرح والتعديل" 8/ 161.

(5)

"الضعفاء والمتروكون"، ص: 369 (524)، وفيه: ضعيف.

(6)

"تاريخ ابن يونس" 2/ 240.

(7)

الحديث موضوع، وقد أخرجه ابن يونس في تاريخه 2/ 240، وانظر "الميزان" 4/ 219، و"اللآلئ المصنوعة" 1/ 386

(8)

"الكامل في الضعفاء" 6/ 347.

(9)

"لسان الميزان" 7/ 218.

(10)

"الضعفاء الكبير" 4/ 169.

ص: 411

يحدِّثُ عن الثِّقاتِ بالبواطيل، والموضوعات، منكرُ الحديث، وساقَ له زيادةً على ما عندَ ابنِ عَدِيٍّ من الأحاديث، وقالَ ابنُ يونس

(1)

: يروي عن مالكٍ موضوعاتٍ، وهو متروكُ الحديث، وقالَ عبد الغنيِّ بنُ سعيد: ضعيفٌ، وأبو نعيمٍ الأصبهانيُّ

(2)

: لا شيء، ومنصورُ بنُ إسماعيلَ بنِ أبي قُرَّةَ: يضعُ على مالكٍ والموقريِّ.

قالَ أبو زرعة

(3)

: لم يزلْ حديثُ الوليدِ بنِ محمَّدٍ الموقريِّ، يعني مقاربًا -حتَّى ظهر أبو طاهرٍ المقدسيُّ- يعني هذا - لا جُزي خيرًا، حتَّى قالَ له سليمانُ بنُ عبد الرَّحمنِ وأنا حاضر: ويلكَ يا أبا طاهر، أهلكتَ علينا الوليد.

[4310] موسى بنُ ميسرةَ، أبو عروةَ، الدِّيليُّ، المَدنيُّ

(4)

يروي عن: طلحةَ بنِ عبيدِ الله بنِ كريزٍ، وأبي مرَّةَ مولى عَقيلِ بنِ أبي طالبٍ، وسعيدِ بنِ أبي هندٍ، وعِكرمةَ، وسعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المقبُريِّ، وغيرهم، وعنه: ابنُ أخته

(5)

ثورُ بن زيدٍ الدِّيليُّ، ومالكٌ، وموسى بنُ عبيدةَ، وأبو بكرِ بنُ أبي سبرَة، وأبو أويسٍ المَدنيُّ.

(1)

"تاريخ ابن يونس" 2/ 239.

(2)

"الضُّعفاء" لأبي نعيم (137).

(3)

"أجوبة أبي زرعة" 2/ 495 - 496.

(4)

"التاريخ الكبير" 7/ 294، "تهذيب الكمال" 29/ 156، "الكاشف" 2/ 308، وهو في "تهذيب الكمال" 29/ 156، ولم يذكر المؤلف ذلك.

(5)

في الأصل: ابن أخته، والمثبت من "تهذيب الكمال" 29/ 156، و"تهذيب التهذيب" 8/ 428.

ص: 412

قالَ ابنُ مَعينٍ

(1)

، والنَّسائيُّ: ثقةٌ، وقالَ أبو حاتمٍ

(2)

: لا بأسَ به، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(3)

، وقالَ ابنُ سعدٍ

(4)

: توفيَ في آخرِ سلطانِ بني أُميَّةَ، وكانَ ثقةً، وله أحاديثُ.

[ ....... ]

‌ موسى بنُ ميسرةَ، أبو هارونَ، الحنَّاط

(5)

في: ابنِ أبي عيسى. (4306)

[4311] موسى بنُ هارونَ بنِ بشيرٍ، أبو عمرَ القيسيُّ، الكوفيُّ، البُرديُّ

(6)

لُقِّبَ بذلكَ لِبُردةٍ كانَ يلبسُها

(7)

، ويُعرفُ بالبُنيِّ. رحلَ، وسمعَ من: الوليدِ بنِ مسلمٍ، وابنِ وهبٍ، وهشامِ بنِ يوسفَ الصَّنعانيُّ، ومحمَّدُ بنِ حربٍ، وغيرِهم، وعنه: الذُّهليُّ، ومحمَّدُ بنُ عبد الله ابنِ البرقيِّ، ويحيى بنُ عثمانَ بنِ صالحٍ، وجماعةٌ آخرُهم أحمدُ بنُ حماد التَّجيبيُّ زُغبةُ.

(1)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 596.

(2)

"الجرح والتعديل" 8/ 162.

(3)

"الثقات" 5/ 405.

(4)

"الطبقات الكبرى"، القسم المتمم للتابعين ص:325.

(5)

في الأصل: "الخياط"، وقد تقدم الكلام عليه.

(6)

"رجال البخاري"، للكلاذ آبادي 2/ 883، و"ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم ممن صحت روايته عن الثقات عند البخاري ومسلم" للدارقطني 1/ 352، و"تبصير المنتبه" 1/ 140.

(7)

وفي "الثقات" 9/ 160: كان يبيع التمر البُردي، فنُسب إليه.

ص: 413

قالَ أبو زرعةَ

(1)

: لا بأسَ به. قالَ ابنُ يونسَ

(2)

: كوفيٌّ، قدمَ مصرَ، وحدَّثَ بها، وخرجَ إلى الفيُّومِ، فماتَ بها في جمادى الثَّانية سنةَ اثنتين وعشرين ومئتين

(3)

، وقالَ ابنُ حِبَّانَ في رابعة "الثِّقات"

(4)

: موسى بنُ هارونَ البُرديُّ، مِن أهلِ المدينةِ، يروي عن: ابن عيينة، وكان راويًا للوليدِ بنِ مسلمٍ، روى عنه: الذُّهليُّ، ربَّما أخطأ. قالَه شيخُنا

(5)

، وقد أخطأ هو في نِسبتِه، كأنَّه حيث قالَ: مِن أهلِ المدينةِ، وصحَّفَ، كأنَّه حيث قالَ -كما في النُّسخة التي اعتمدَها شيخُنا- البَرْني.

على أنَّ شيخَنا قد تبعَ ابنَ حِبَّانَ، فترجمَ لموسى بنِ هارونَ البُرديِّ في "اللِّسان"

(6)

، وقالَ: مِن أهلِ المدينةِ، وساقَ

(7)

كلامَه، ثمَّ قالَ: وهذا هو الذي أخرجَ له البخاريُّ

(8)

، فإنَّ له عنده حديثًا واحدًا، مِن روايتِه عن الوليدِ بنِ مسلمٍ، قرَنَه فيه بغيرِه، لكنْ ذَكرَ في "التَّهذيب

(9)

" يعني: كما تقدَّمَ، أنَّه نُسِبَ إلى بُردةٍ، كانَ يلبسُها، وهذا مغايرٌ لما نسبَه له ابنُ حِبَّانَ.

(1)

"الضعفاء" 3/ 944.

(2)

"تاريخ ابن يونس" 2/ 241.

(3)

في "تهذيب التهذيب" 8/ 431: سنة أربع وعشرين ومئتين.

(4)

"الثقات" 9/ 160.

(5)

"تهذيب التهذيب" 8/ 430.

(6)

"لسان الميزان" 8/ 227.

(7)

في الأصل: "وسباق"، وهو خطأ.

(8)

كتاب التفسير، سورة الأعراف، باب:{قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (4640).

(9)

"تهذيب الكمال" 29/ 162، "تهذيب التهذيب" 8/ 430.

ص: 414

[4312] موسى بنُ وردانَ، أبو عمرَ القُرَشيُّ، العامريُّ، مولاهم المصريُّ

(1)

، القاصُّ

(2)

مدنيُّ الأصل، يروي عن: أبي هريرة، وأنسٍ، وجابرٍ، وأبي سعيدٍ، وعبد الرَّحمنِ بنِ أبي بكرٍ، وكعبِ بنِ عُجرةَ، وسعيدِ بنِ المسيَّبِ، وغيرِهم، وأرسلَ عن: سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ، وأبي الدَّرداءِ، وكعبٍ الأحبارِ، وعنه: ابنُه سعيدٌ، وابنُ لَهيعةَ، وحيوةُ بنُ شُريحٍ، واللَّيثُ، وآخرون. قالَ أحمدُ

(3)

: لا أعلمُ إلَّا خيرًا، وقالَ ابنُ مَعينٍ

(4)

: كانَ يقصُّ بمصرَ، وهو صالحٌ، ومرَّةً: وهو ضعيفُ الحديثِ، ومرَّةً: ليسَ بالقويِّ، وقالَ العِجليُّ

(5)

: مصريٌّ، تابعيٌّ، ثقةٌ، وأبو حاتمٍ

(6)

: ليسَ به بأس، ومرَّةً: ليسَ بالمتينِ، يُكتبُ حديثُه، والدَّارقطنيُّ: لا بأسَ به، وأبو داودَ: ثقةٌ، أصلُه مدنيٌّ، وكذا قالَ البزَّارُ: مدنيٌّ، صالحٌ، روى عنه: محمَّدُ بنُ أبي حميدٍ أحاديثَ منكرةً، وأمَّا هو فلا بأسَ به، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في ثقاتِ التَّابعينَ

(7)

، مِن أهلِ مصرَ.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 297، "الكامل في الضعفاء" 6/ 346.

(2)

في الأصل: "القاضي"، والتصويب من "تاريخ ابن معين" 2/ 597، و"تهذيب التهذيب" 8/ 431.

(3)

"سؤالات أبي داود للإمام أحمد"، ص: 243 (248).

(4)

"تاريخ ابن معين" برواية الدوري 2/ 597.

(5)

"معرفة الثقات" 2/ 305.

(6)

"الجرح والتعديل" 8/ 166.

(7)

لم أجده في "الثقات".

ص: 415

وقالَ أيضًا

(1)

: كثُرَ خطؤُه حتَّى كانَ يروي المناكيرَ عن المشاهير، وقالَ ابنُ يونس

(2)

: سمع سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ، ماتَ سنةَ سبعَ عشرةَ ومئةٍ، فيما قالَ يحيى بنُ بُكيرٍ، وقيل: إنَّ مولدَه بعدَ الأربعين بثلاثٍ، أو أربعٍ، وهو في "التَّهذيب"

(3)

.

[4313] موسى بنُ يسارٍ المطَّلبيُّ، مولى محمَّدِ ابنِ قيسِ

(4)

بنِ مَخرمةَ، المَدَنيُّ

(5)

عمُّ محمَّدِ بنِ إسحاقَ. ذكرَه مسلمٌ

(6)

في ثالثةِ تابعي المَدنيّين. يروي عن: أبي هريرة، وعنه: ابنُ أخيه، وعبد الرَّحمنِ ابنُ الغَسيلِ، وعبيدُ الله بنُ عمرَ العُمريُّ، وأبو معشرٍ نَجيحٌ، وداودُ بنُ قيسٍ الفرَّاءُ، وعثمانُ بنُ واقدٍ المَدنيّون. قالَ عبَّاسٌ عن ابن مَعينٍ

(7)

: ثقةٌ، وذكرَهُ ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(8)

، وهو في "التهذيب"

(9)

.

(1)

"المجروحين" 2/ 247.

(2)

"تاريخ ابن يونس" 1/ 489.

(3)

"تهذيب الكمال" 29/ 163، و"تهذيب التهذيب" 8/ 431.

(4)

كذا في الأصل: "مولى محمد بن قيس بن مخرمة"، وفي مصادر الترجمة كلها: مولى قيس بن مخرمة، وهو الصواب، وانظر "تاريخ الإسلام" 7/ 485.

(5)

"التاريخ الكبير" 7/ 298، "رجال مسلم" 2/ 266، "الإكمال" 1/ 315، "إكمال الإكمال" 1/ 315.

(6)

"الطبقات" 1/ 258 (985).

(7)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 597.

(8)

"الثقات" 5/ 404.

(9)

"تهذيب الكمال" 29/ 168، "تهذيب التهذيب" 8/ 432.

ص: 416

[4314] موسى بنُ يعقوبَ بنِ عبد الله بنِ وهبِ بنِ زمعةَ بنِ الأسودِ ابنِ المطَّلبِ بنِ أسدِ بنِ عبد العزَّى، أبو محمَّدٍ القُرَشيُّ، الأسديُّ، الزَّمعيُّ، المَدنيُّ

(1)

يروي عن: أخيه محمَّدٍ، وعمِّه يزيدَ، وقريبِه أبي عبيدةَ بنِ عبد الله بنِ زَمعةَ، ومهاجرِ بنِ مسمارٍ، وأبي حازمِ ابن دينارٍ الأعرجِ، وعبد الرَّحمنِ ابنِ إسحاقَ المَدنيِّ، وعمرَ بنِ سعيدِ بن حسين النَّوفليِّ، في آخرين، وعنه: ابنُ أخيه يحيى بنُ المقدامِ بنِ يعقوبَ، وابنِ أبي فُديكٍ، وابنُ مَهديٍّ، ومعنٌ القزَّازُ، وسعيدُ بنُ أبي مريمَ، وآخرون. قالَ ابنُ مَعينٍ

(2)

: ثقةٌ، وأبو داودَ: صالحٌ، روى عنه: ابنُ مَهديٍّ، وله مشايخُ مجهولون، وقالَ ابنُ المدينيِّ: ضعيفٌ، مُنكر الحديثِ، والنَّسائيُّ

(3)

: ليس بالقويِّ، وقالَ الدَّارقطنيُّ: لا يحتجُّ به، وقالَ السَّاجيُّ: سألتُ أحمد عنه؟ فكأنَّه لم يعجبه. قالَ: واختلفَ هو ويحيى فيه، فقالَ أحمدُ: لا يعجبُني حديثُه، وقالَ ابنُ مَعينٍ: ثقةٌ، وذكرَهُ ابنُ حِبَّانَ في "الثِّقات"

(4)

. قالَ ابنُ سعد

(5)

: ماتَ في آخرِ خلافةِ أبي جعفرٍ، وذُكرَ في "التَّهذيب"

(6)

.

(1)

"الجرح والتعديل" 8/ 167، و"الكامل"، لابن عدي 6/ 342، و"الكاشف" 2/ 309.

(2)

"تاريخ ابن معين"، برواية الدوري 2/ 597.

(3)

"الضعفاء والمتروكون"، ص: 236 (553).

(4)

"الثقات" 7/ 458.

(5)

"الطبقات الكبرى"، القسم المتمم للتابعين ص:433.

(6)

"تهذيب الكمال" 29/ 171، و"تهذيب التهذيب" 8/ 433.

ص: 417

[4315] موسى، أبو دفاس، المغربيُّ

(1)

سكنَ رباطَ مراغةَ سنينَ، على خيرٍ، وعبادةٍ، وتلاوةٍ، وأمرٍ بالمعروف، ونهيٍ عن المنكرِ بحسبِ الطَّاقةِ، معَ محبَّةِ الصَّالحينَ، وذِكرِهم، وماتَ به، فدفنَ بالبقيع، ذكرَه ابنُ صالحٍ.

[4316] موسى، أبو عمرانَ

صاحبُ عبد الواحدِ الذي لم يُنسبْ فيما مضى (2555).

قالَ ابنُ صالحٍ: الشَّيخُ، الصَّالحُ، الفقيهُ، عندَه ديانةٌ كبيرةٌ، وفضيلةٌ عظيمةٌ، يفيدُ -مَن قصدَه مِن الطَّلبةِ- العلمَ والطَّريقةَ، ويجيءُ المدينةَ في طريقِ الماشي كثيرًا، وربَّما رافقَ صاحبَه المشارَ إليه.

[4317] موسى، أبو عمرانَ، المغربيُّ

تلميذٌ لأبي هادي الآتي (5007).

رجلٌ صالحٌ، متديِّنٌ، متعبد، قصدَ المجاورةَ على قدمِ الفقراءِ، وأقرأَ بعضَ الأبناءِ شيئًا من القرآنِ، بالجدِّ والنَّصيحةِ، وقد تصاحبنا مدَّةً، وماتَ، فدُفنَ بالبقيعِ، قريبًا مِن قُبَّةِ سيِّدِنا عثمانَ، ذكرَه ابنُ صالحٍ.

(1)

له ذكر في "نصيحة المشاور" ص: 281.

ص: 418

[4318] موسى الأبياريُّ

شابٌّ صالحٌ، جاورَ قديمًا بالمدينةِ، وسكنَ رباطَ دكالةَ، وكانَ يَدرُسُ القرآنَ كثيرًا، حتَّى ضجَّ أهلُ الرّباط منه، وكأنَّه ماتَ بالمدينةِ، ذكرَه ابنُ صالحٍ.

[4319] موسى التَّكروريُّ، الطَّواشيُّ

رجلٌ صالحٌ جِدًّا، يُؤذِّنُ، ويسبِّلُ الماءَ، وله شيءٌ مِن النَّخلِ، وقد ذكرَه ابنُ صالحٍ.

[4320] موسى الجُزوليُّ

أحدُ فضلاءِ المالكيةِ. قالَ له القاضي سراجُ الدِّينِ في مخاصمةٍ: هاتِ كتابَكَ فاعرضه عليَّ، فقالَ له: لستَ بشيخي حتَّى أعرضَه عليك، بل اسألْ عني وعن علمي إذ جهلتني، ذكرَه ابنُ فرحونٍ

(1)

في أثناءِ محيي الدِّين الحورانيِّ.

[ ......... ]

‌ موسى الغزاويُّ

يأتي قريبًا (4323).

(1)

"نصيحة المشاور"، ص:98.

ص: 419

[4321] موسى المسوفيُّ

قصدَ المدينةَ، فجاورَ بها حتَّى ماتَ، ودُفنَ بالبقيعِ، وكانَ صالحًا مُتعبدًا، سليمَ القلبِ، ضعيفَ البصرِ، حريصًا على سماعِ المواعيد، وذِكرِ الله ورسولِه، ذكرَه ابنُ صالحٍ.

[4322] موسى المغربيُّ، الحاجبيُّ

(1)

نسبة لـ "مختصر ابن الحاجب" في فروع المالكية، إمَّا لحفظِه، أو للاشتغال فيه. ممنْ جاورَ بالحرمين كثيرًا، وأقرأ بهما الفقهَ وغيرَه، وممَّنْ أخذَ عنه النَّجمُ ابنُ يعقوبَ

(2)

قاضي المالكية بمكَّةَ، والبدرُ حسن ابنُ زينِ الدِّين

(3)

، وأقرأَ حفيدَ الشَّمسِ السَّخاويِّ، قاضي المالكيةِ المحبَّ ابنَ خيرِ الدِّينِ في القرآنِ، وكانَ فقيهًا، فاضلًا، خيِّرًا، طارحًا للتَّكلُّف، ماتَ بمكَّةَ مستهلَّ صفرٍ، سنةَ ثمانٍ وثمانينَ وثمان مئةٍ، وقد زادَ على الثَّمانين

(4)

(1)

"الضوء اللامع" 10/ 193.

(2)

النَّجمُ محمَّدُ بنُ عبد الوهَّابِ بنِ محمَّدٍ المغربيُّ الأصل، المالكيُّ، المدنيُّ، عالم مشاركٌ، تولى قضاء المدينة، ثم مكة، قرأ على السخاويِّ وغيره، مولده سنة 851 هـ، وتوفي بعد المؤلف. "الضوء اللامع" 8/ 137.

(3)

البدرُ حسنُ بنُ عمرَ بنِ الزَّينِ، ويُعرفُ بابنِ زَينِ الدِّينِ، المغربيُّ الأصل، المدنيُّ، عالمٌ درَسَ في الحرمين والقاهرة، وأخذ عن المؤلف، مولده سنة 847 هـ، ووفاته في القرن العاشر. "الضوء اللامع" 3/ 120.

(4)

في "الضوء": "الستين".

ص: 420

ظنًّا، وكانَ قصدُهُ حينَ قدِمَ المدينةَ استيطانَها، ولكنَّه استثقلَ لما ظهرَ له من أئمتِها الإعادة عملًا بمقتضى مذهبِه في الوجوبِ

(1)

، فانتقلَ لمكَّةَ، فلم يسلم من المحذور، فانتقلَ إلى الطَّائفِ، ثمَّ عادَ لمكَّةَ، رحمه الله.

[4323] موسى المغربيُّ، ثمَّ الغَزَّاويُّ

لكثرةِ إقامتِه بغزَّةَ، بحيثُ كانت له بها سمعةٌ وصَولةٌ، وفتكٌ بالخاطر

(2)

. قالَ لي: كنتُ إذا نهيتُ ظالمًا، فلم ينتهِ قتلتُه بخاطري، واشتُهر ذلكَ عنه، قالَ: فلمَّا قدمتُ المدينةَ، أردتُ تلكَ السِّيرةَ، فمُنعتُ منها، وكنتُ رأيتُ في المنامِ قبلَ دخولي لها أنَّ رجلًا غلبَ عليَّ، وأخذَ منِّي سِكِّيني، فدفنَها في كَومِ ترابٍ، بناحيةِ مسجدِ مُصلَّى العيدِ، فعلمتُ أنني قد سُلبتُ حالي في التَّصرُّفِ في أهل المدينةِ؛ لبركةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا يقدرُ أحدٌ بحضرتِه يتصرَّفُ بغيرِ أمرِه. وقالَ لي: عزمتُ عليك مرارًا إذ أغضبتني في قضية كذا، وقضية كذا، وعدَّدَ عليَّ قضايا أنكرتُها عليه، فمنعتُ منكَ حتَّى رأيتُكَ في النومِ متعلِّقًا بأعلى شُبَّاكِ الحجرةِ وأنا واقفٌ تحتكَ معي سِكِّينٌ أُشيرُ بها إليك، وأنتَ تهزأُ بي، فعلمتُ أني لم أُسلَّطْ عليك، فكففتُ، وتركتُ الخاطرَ عني.

وكان يصحبُ النَّاسَ بالمرائي التي له، ويرى أنَّها كالوحي، لا تكاد تخطئ، فتراه يهجرك، ثمَّ يصِلُكَ مِن غيرِ موجبٍ ظاهرٍ، لذلك أخبرني

(1)

ينظر "مواهب الجليل"، للحطاب 2/ 431.

(2)

هذا يشبه العائنَ الذي يصيب بالعين.

ص: 421

أخي عليٌّ أنَّه قالَ له يومًا: أنت تدَّعي أنَّكَ تكشفُ البواطن، فزوجتي هذا شهرُها، فأخبرني بحملِها، فقالَ لي: كأنَّك تمتحنني، وما أنتَ بمصدِّقٍ بحالي، سآتيك بالخبر إنْ شاءَ الله، قالَ: فغاب عني أيَّامًا، ثمَّ جاءني إلى البيتِ، فقالَ لي: زوجتُكَ تلدُ ولدًا، يُشبه هذه، وأشار إلى إحدى ابنتيِّ، فكانَ كذلك، فناديتُه عند الولادة، وجئتُه بالمولودِ، فحنَّكه، ودعا له، وسمَّاه حسنًا، وحسُنَ ظنِّي فيه، وتأدَّبتُ معه بعدَ ذلك. ماتَ في سنةِ خمسِ وخمسين وسبع مئةٍ، قالَه ابنُ فرحونٍ

(1)

، وقالَ: إنَّه كانَ نازلًا برباطِ مراغةَ، انتهى. وله ذِكْرٌ في عثمان المجكسي

(2)

(2714).

[4324] موفقٌ الحبشيُّ

أحدُ مَنْ كانَ يخدمُ عبد الله البَسكريَّ، وعبد الواحدِ الجُزوليَّ، حتَّى كانوا على أخلاقِهم وطريقتِهم، وعُدُّوا في الأعيان، ذكرَه ابنُ فَرحونٍ

(3)

.

[4325] موفقٌ، عتيقُ الشَّمسِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ ابنِ محمَّدِ بنِ فرحونٍ

سمعَ في سنةِ سبعٍ وستين وسبع مئةٍ على عمِّ سيِّدِه البدِر عبد الله بنِ محمَّدِ بنِ فرحونٍ بعضَ "الأنباء المبينة".

(1)

"نصيحة المشاور": 138.

(2)

في الأصل: "المخسكي"، وهو تحريف.

(3)

"نصيحة المشاور"، ص:71.

ص: 422

[4326] موفقٌ الصَّالحيُّ

شيخٌ صالحٌ، كانَ مِن أحسنِ الفرَّاشين هيبةً وأدبًا، وبشاشةً، وديانةً، كانَ النُّورُ على وجهِه يتلألأُ، كثيرَ التَّبسُّمِ، يجمعُ بعضَ الفرَّاشينَ بينَ العشائينِ عندَ خزائنِهم للذِّكرِ، والتَّهليلِ، ويُؤذِّنُ أيضًا على بابِ جبريلَ، ذكرَه ابنُ صالحٍ.

[4327] مُوَنِّسُ

(1)

بنُ فَضالةَ بنِ عدِيِّ بنِ حرامِ بنِ الهيثمِ ابنِ ظَفَرٍ، الأنصاريُّ، الظَّفَريُّ

(2)

أخو أنسٍ، صحابيانِ، سبقَ له ذِكرٌ في أخيه (499).

[4328] مونسُ بنُ كبشِ بنِ جمَّازٍ

اتَّفقَ المَدنيّون ومعهم أميرُ التُّركِ المقيمُ بها على ولايتِه، أُمِّرَ بها بعدَ قتلِ حيدرةَ بنِ دوغانَ

(3)

، فدامَ إلى المحرَّمِ، سنةَ سبعٍ وأربعين، فاستقرَّ ضَيغمُ بنُ خَشرمٍ.

(1)

بضمِّ الميم، وفتح الواو، وتشديد النون. "إكمال الإكمال" 7/ 300، و"تبصير المنتبه" 4/ 1330.

(2)

مغازي الواقدي 1/ 206، "أسد الغابة" 4/ 507.

(3)

وكان قتله سنة 846 هـ. كما في "الضوء اللامع" 3/ 168.

ص: 423

[4329] ميانُ بنُ مانعِ بنِ عليِّ بنِ عطيَّةَ بنِ منصورِ ابنِ جمَّازِ بنِ شِيحةَ الحسينيُّ

(1)

أميرُ المدينةِ، نازَلَها وهو معزولٌ، في سنةِ أربعٍ وأربعين وثماني مئةٍ، ومعه جمعٌ كثيرٌ مِن عُربانِها، ويقالُ: إنَّه كانَ قَصدُه نهبَها، فخرجَ إليه أميرُها سليمانُ بنُ غُرير، ومعه جمعٌ قليلٌ، ولكنْ حصلَ النَّصرُ للفئةِ القليلةِ، وخُذلَ المذكورُ، وانهزمَ، وعادَ المتولي منصورًا، ويقالُ: إنَّه وليها بعدَ قتلِ أبيهِ، إلى أنْ ماتَ بها سنةَ خمسٍ وخمسين وثماني مئةٍ، واستقرَّ بعدَه زُبيريُّ بنُ قيسٍ.

[4330] ميمونُ بنُ زيدِ بنِ أبي عبسِ بنِ جبرٍ الأنصاريُّ، الحارثيُّ

(2)

مِن أهلِ المدينةِ، يروي عن: أبيه، وعنه: أهلُ الحجّازِ، قالَه ابنُ حِبَّانَ في ثالثةِ "ثقاته"

(3)

.

(1)

"السلوك"، للمقريزي 4/ 2/ 990، وكذلك 4/ 3/ 1257، و"الضوء اللامع" 2/ 321، و"شذرات الذهب" 7/ 285، ويقال فيه:"أميان ووميان"، وقد تقدمت ترجمته برقم:490.

(2)

"التاريخ الكبير" 7/ 341، و"الجرح والتعديل" 8/ 239.

(3)

"الثقات" 7/ 471.

ص: 424

[4331] ميمونُ بنُ يحيى بنِ مسلمِ ابنِ الأشجِّ أبو أُميَّةَ المَدَنيُّ

(1)

حدَّثَ بمصرَ عن: مخرمةَ بنِ بُكيرٍ، وعنه: يحيى بنُ بكيرٍ، وأحمدُ بنُ سعيدٍ الهمدانيُّ، وغيرُهما، ماتَ سنةَ تسعين ومئةٍ، وذكرَه ابنُ حِبَّانَ في رابعةِ "ثقاته"

(2)

، وقالَ: مِن أهلِ مصرَ، يروي عن: اللَّيثِ، ومخرمةَ، وذكرَ الرَّاويينِ عنه، ثمَّ قالَ: وقيل: ميمونُ بنُ يحيى بنِ عبد الله ابنِ الأشجِّ.

[4332] ميمونٌ، أو مِهرانُ، مولى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

-

(3)

روت عنه: أمُّ كلثومٍ ابنةُ عليٍّ حديثَ

(4)

: "إنَّا آلَ محمَّدٍ لا تحلُّ لنا الصَّدقةُ"، فوقعَ في الرِّوايةِ: حدَّثني ميمونٌ، أو مِهرانُ، ويقالُ فيه أيضًا: طهمانُ، وكيسانُ، وذكوان، وهرمز

(5)

، وقد قالَ الواقديُّ: إنَّ اسم سفينة مهران، فاللهُ أعلمُ.

(1)

"التاريخ الكبير" 7/ 342، "الجرح والتعديل" 8/ 239، "تاريخ الإسلام" 12/ 422.

(2)

"الثقات" 9/ 174.

(3)

"أسد الغابة" 4/ 505، و 510، "الإصابة" 3/ 467.

(4)

أخرجه أحمد 4/ 34 بسند حسن، وله شاهد عند البخاري من حديث أبي هريرة في كتاب الزكاة، باب: أخذ صدقة التمر عند صرام النخل (1485).

(5)

في الأصل: "وذكروا أن وقد قال الواقدي"، وبعده بياض في الأصل، كتب فوقه:"كذا". والتصويب من "تعجيل المنفعة" 2/ 298.

ص: 425