الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب الثاني
الحضارة الإسلامية
569 -
1258
-ز-
مقدمة الترجمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله (وبعد)
فهذا هو الجزء الخاص بالحضارة الإسلامية من المجلد الرابع من قصة الحضارة، وهو المجلد المسمى "عصر الإيمان"، وقد عاينا في ترجمة من الصعاب ما لم نعانه في سائر ما ترجمناه حتى الآن من أجزاء الكتاب البالغ عددها نحو عشرين جزءاً ما طبع منها وما لم يطبع. ذلك أن المؤلف قد نقل الشيء الكثير عن المؤرخين، والأدباء والشعراء، والعلماء، ورجال الدين، والفلاسفة، والمتصوفة، والحكماء. فليس في الكتاب صفحة تخلو من نص منقول عن واحد من هؤلاء، وقد يكون في الصفحة الواحدة ما لا يقل عن عشرة نصوص. هذا إلى ما ورد فيه من أسماء هؤلاء جميعاً وأسماء مؤلفاتهم، وبلدانهم، وأصدقائهم، والملوك، والسلاطين، والأمراء، والوزراء الذي اتصلوا بهم؛ وكان لا بد لنا أن نرجع في هذا كله إلى المصادر العربية وترجمتها الأجنبية التي نقل عنها المؤلف وأشار إلى بعضها ولم يشر إلى البعض الآخر، فكان علينا نحن أن نبحث عن أسماء المصادر أولاً ثم عن النصوص بعدئذ.
على أن هذا ليس هو كل شيء، فقد كانت أسماء من نقل عنهم ترد أحياناً محرفة تحريفاً يتطلب تصحيحه الكثير من الجهد. وكم من نص نسب إلى غير قائله لخطأ في المراجع التي نقل عنها المؤلف، كالأبيات التي يعزوها نقلاً عن أمين الريحاني لأبي العلاء المعري وليست هي له بل من أقوال محي الدين بن عربي، والتي كان علينا أن نتصل من أجلها بنيويورك لنبحث فيها عن نسخة
-ح-
من كتاب "رباعيات أبي العلاء"، لأمين الريحاني لأنا لم نجده في مصر. وأكثر من هذا أن المؤلف ينقل في كثير من الأحيان عن تراجم المستشرقين للكتب العربية، وهؤلاء قد يطلقون عليها أسماء غير أسمائها العربية أو يترجمونها ترجمة يصعب معها الاهتداء إليها كتسمية الجزء الأول من كتاب نفح الطيب للمقري باسم "تاريخ الأسر الإسلامية بالأندلس"، وكتاب "اليميني" أو "السيرة اليمينية" باسم "تاريخ الأمير سبكتجين ومحمود الغزنوي" الذي لا توجد منه إلا نسخة مخطوطة في دار الكتب، تتطلب قراءتها والبحث فيها كثيراً من الجهد، وترجمة "تذكرة الكحالين" باسم "رسالة الرمد" إلخ.
وقد وفقنا بحمد الله إلى تذليل هذه الصعاب فصححنا ما حرف أو كتب خطأ من أسماء الأشخاص والأماكن والكتب، واهتدينا إلى النصوص من مصادرها، وصححنا بعض الأخطاء التي وقع فيها المؤلف كخلطه بين الكندي الفيلسوف وعبد المسيح بن إسحق الكندي الذي كتب رسالة في الدفاع المسيحية عزاها المؤلف إلى الكندي الفيلسوف. وقد عاوننا في ذلك غير قليل من العلماء والأصدقاء نذكرهم هنا اعترافاً بفضلهم السيد الحاخام الأكبر الذي ساعدنا في تحقيق كثير من الأسماء والنصوص العبرية في هذا الجزء والجزء الذي يليه والذي اغترفنا من بحر علمه ما روى غلتنا في هذا الميدان، ومنهم صديقنا الأديب الأستاذ كامل كيلاني الحجة في أبي العلاء الذي هدانا إلى كثير من النصوص المنقولة عنه وعن غيره للشعراء، والدكتور عبد الوهاب عزام، والدكتور يحيى الخشاب اللذان أعانانا على تحقيق بعض الأسماء الفارسية، والأستاذ دريني خشبة الذي ترجم لنا شعرًا رباعيتين لعمر الخيام لم نجدها في التراجم المطبوعة فضلاً عما استخرجه لنا من النصوص الأدبية الأخرى، والأستاذ أمين الشريف الذي وفر علينا كثيراً من المشقة بالبحث عن كثير من الأحاديث النبوية الشريفة، وأصدقاؤنا في دار الكتب، وكتبة وزارة التربية الذين يسروا لنا
-ط-
سبيل الحصول على المراجع أعظم تيسير. فلهؤلاء جميعاً أقدم خالص الشكر عن نفسي وعن القراء. وإذا كان قد فاتنا شيء من هذه الناحية فإنا نعتذر عنه مقدماً ونتقبل شاكرين ما يهدينا إليه القراء لنتداركه في الطبعة الثانية إن شاء الله، وعذرنا أننا بذلنا كل ما نستطيع من جهد للوصول إلى الحقيقة كاملة، ونقول كما يقول ابن خلكان، والتمثيل مع الفارق بطبيعة الحال: «فمن وقف على هذا الكتاب من أهل العلم ورأى فيه شيئاً من الخلل فلا يعمل بالمؤاخذة فيه، فإني توخيت فيه الصحة حسبما ظهر لي، مع أنه كما يقال:
أبي الله أن يصح إلا كتابه. ولكن هذا جهد المقل، وبذل الاستطاعة، وما يكلف الإنسان إلا ما تصل قدرته إليه، وفوق كل ذي علم عليم. . . والله يستر عيوبنا بكرمه الضافي، ولا يكدر علينا ما منحنا من مشرع عظاته النمير الصافي إن شاء الله تعالى بمنه وكرمه».
هذا وسيرى القارئ أن المؤلف قد أنصف الحضارة الإسلامية فشاد بفضلها وأوضح ما كان لها من أثر خالد في حضارة أوربا والعالم أجمع وما يدين به العالم الحديث لهذه الحضارة، ثم هو يعتذر في آخر هذا الجزء عن تقصيره في هذه الناحية. وكان لا بد له أن يمهد لوصفه تلك الحضارة بفصول عن باعثها عليه الصلاة والسلام وعن القرآن والدين، ولم تفته الإشادة بمحاسنه وفضائله. على أننا لم نشأ أن نترك هذه الفصول كما هي لما عساه أن يكون فيها من أخطاء أو سوء فهم أو نستقل برأينا فيها، فعرضنا الأمر على الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية فعهدت إلى الأستاذ الجليل الدكتور محمد يوسف موسى أن يعلق على هذه الفصول فكتب التعليق القيم الوارد في هوامشها والذي ذيل باسمه (ي). وقد أضفنا نحن من عندنا تعليقات أخرى على هذه الأجزاء وعلى سائر فصول الكتاب ذيلناها بلفظ (المترجم).
-ي-
وكان هذا أيضاً هو رأي إخواننا أعضاء مجلس إدارة لجنة التأليف، ونرجو أن نكون قد سلكنا هذا الطريق الصحيح.
ولا يسعنا أن نختم هذه المقدمة قبل أن نقدم جزيل الشكر مرة أخرى للإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية صاحبة المشروع وأكبر عون فيه، وللجنة التأليف والترجمة والنشر ناشرة الكتاب، والقراء الكرام في مصر والبلاد العربية التي شجعونا بإقبالهم على الأجزاء السابقة على مواصلة الجهد في هذا العمل الشاق، وفقنا الله وإياهم إلى الخير، وهدانا الصراط المستقيم.
محمد بدران