الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قواعد الأصول ومعاقد الفصول
مختصر تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل
للعلامة
صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي البغدادي الحنبلي
ت: 739 هـ
ومعه حاشية نفيسة
لعلامة الشام محمد جمال الدين بن محمد سعيد القاسمي
ت: 1332 هـ
حقق على نسختين خطيتين
تحقيق
د. أنس بن عادل اليتامى
د. عبد العزيز بن عدنان العيدان
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد؛
فإن علم أصول الفقه من العلوم المُعِينة على فهم الشريعة الغراء، وآلة مهمة لمعرفة الملة السمحاء، فَبِه يُدرِك المتفقه مُنيته، وينال القاصد بُغيته، فلا غنى لطالب العلم عن دراسته، ولا للفقيه عن مدارسته.
وكان من عناية الله بهذه الأمة أن هيأ لها من أهلها من يُعنى بصيانة الأفهام عمَّا دخلها من علم الفلسفة والكلام، ويحفظ عليها اللسان عما داخلها من العُجمة في النطق والبيان، فألَّف أوَّلًا الإمام المطلبي، محمد بن إدريس الشافعي كتابه
«الرسالة» ، فأجاد وبلغ بها الغاية، وصار بفضل الله عليه وعلى المسلمين مرجعًا للمؤلفين، وأصلًا للمصنفين، وصار العلماء يأخذون مما صنفه الشافعي بقوة، ويضيفون ويوسِّعون بحسب ما أُوتِيَه كلُّ مؤلِّف منهم من العلوم، وما رزقه الله من الفهوم.
ولما كانت المؤلفات في علم الأصول متنوعة، ومشارب مصنفيها مختلفة، وكان الغالب على المختصر منها طغيان الغموض وغلبة الإلغاز؛ بحثنا في تلكم المختصرات لنستخرج منها مختصرًا مليحًا صالحًا للمبتدئين، ومعينًا للمتوسطين، ومذكِّرًا للمنتهين، فأرشدنا الله بحكمته ولطفه إلى مختصرٍ هو في بابه غايةٌ في الإبداع والتصنيف، عالي الرتبة في الإيجاز والتأليف، وهو المختصر المعروف بـ «قَوَاعِدِ الْأُصُولِ وَمَعَاقِدِ الْفُصُولِ» ، لصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القَطِيعي البغدادي الحنبلي رحمه الله.
فاستعنَّا بالله تعالى على تحقيقه غاية الجهد، وألحقناه بتعليقاتٍ منيفةٍ، وحاشيةٍ نافعةٍ مفيدةٍ، للعلامة جمال الدين القاسمي رحمه الله، منقولة من خطِّه.
كما عَمَدنا إلى تيسير المتن للمتلقي، بحيث يسهل عليه التعرف على المسائل الرئيسة في المتن وما يتفرع عنها، والأقوال المذكورة فيها وقائليها، والأقسام والأنواع والشروط المذكورة فيها، فوفقنا الله ليكون المختصر بهذه الحُلَّة، فالله
نسأل أن تقر بها عينك وينشرح لها صدرك، وهو الموفق والهادي إلى الخير والصلاح.
ولا يخفى أن ثَمَّ مواطنَ في مثل هذا العمل خاصة تختلف فيها أنظار النظار، إلا أن ذلك لا يُغلق باب تسهيل العلم على المتفقهين، وتقريبه للطالبين، ولا يزال هذا التسهيل والتقريب محل اهتمام المؤلفين والعلماء المصلحين، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان من اجتهاد خاطئ فمنَّا ومن الشيطان، ونرجو من الله العفو والغفران، ومن القارئ النصح والبيان.
والحمد لله رب العالمين
المحققان
إسناد كتاب قواعد الأصول ومعاقد الفصول
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا إسنادنا إلى كتاب «قَوَاعِدِ الأُصُولِ وَمَعَاقِدِ الفُصُولِ» وغيره من كتب العلامة صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي البغدادي رحمه الله، نرويه إجازة عن شيخنا الشيخ عبد الله ابن العلامة حمود بن عبد الله التويجري، قال: أخبرني والدي حمود التويجري، قال: أخبرنا القاضي عبد الله بن عبد العزيز العنقري، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمود النجدي الحنبلي، قال: أخبرنا الشيخ عبد الله أبا بُطين، قال: أخبرنا حمد بن ناصر بن معمر، عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
(ح) ويرويه الشيخ عبد الله العنقري عن عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ والشيخ حمد بن محمد بن فارس، كلاهما عن عبد الرحمن بن حسن، عن جده الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
(ح) ويرويه الشيخ عبد الله العنقري عن سعد بن عتيق، قال: أخبرنا به أحمد بن إبراهيم بن عيسى، عن عبد الرحمن بن حسن، عن جده محمد بن عبد الوهاب عن
عبد الله بن إبراهيم بن سيف الفرضي، عن أبي المواهب محمد بن عبد الباقي الحنبلي.
(ح) وبرواية الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى عن الشيخ عبد الله أبا بُطين، عن محمد بن عبد الله بن حمد بن طَرَاد الدوسري، عن عبد الرحمن بن عبد الله البَعْلي الحلبي، عن أبي المواهب محمد بن عبد الباقي الحنبلي.
(ح) ونرويه أيضًا عن الشيخ إسماعيل بن محمد بن بدران الدومي الحنبلي بعموم إجازته لنا، عن شيوخه الثلاثة: عبد القادر بن أحمد الحناوي، وعبد المجيد بن أحمد بن عبد المجيد الدومي، وأحمد الشامي الدومي، ثلاثتهم عن مصطفى بن أحمد بن حسن الشطي، عن أبيه أحمد الشطي وعمه محمد بن حسن الشطي، كلاهما عن والدهما حسن بن عمر الشطي، عن مصطفى بن سعد الرحيباني، عن الشمس محمد بن أحمد السفاريني وأحمد البعلي، كلاهما عن أبي المواهب محمد بن عبد الباقي الدمشقي، عن أبيه عبد الباقي والشمس محمد بن بدر الدين البلباني، كلاهما عن أحمد بن الوفائي المفلحي، عن أبي النجا موسى بن أحمد الحجَّاوي الحنبلي، عن الشهاب أحمد بن محمد الشُّويكي، عن شهاب الدين أحمد بن عبد الله العُسْكري، عن علاء الدين علي بن سليمان المرداوي، عن شهاب الدين عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الكرم الصالحي، عن علي بن محمد ابن اللحام، عن الحافظ زين الدين عبد الرحمن ابن رجب،
عن مؤلف الكتاب صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي البغدادي رحمه الله.
ترجمة المؤلف
(1)
•
اسمه ونسبه:
عبد المؤمن بن عبد الحق بن عبد الله بن علي بن مسعود بن شمائل، أبو الفضائل، صفي الدين، القطيعي الأصل، البغدادي.
(1)
تنظر ترجمته فيما يلي:
- العبر في أخبار من غبر، للذهبي، دار الكتب العلمية - بيروت، (4/ 112).
- ذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب، مكتبة العبيكان - الرياض، (5/ 77).
- المقصد الأرشد، لبرهان الدين ابن مفلح، مكتبة الرشد - الرياض، (2/ 167).
- أعيان العصر وأعوان النصر، للصفدي، دار الفكر المعاصر، بيروت، (3/ 181).
- شذرات الذهب، لابن العماد، دار ابن كثير، دمشق - بيروت، (8/ 231).
- الرد الوافر، لابن ناصر الدين، المكتب الإسلامي - بيروت، ص 109.
- ذيل تذكرة الحفاظ، للحسيني، دار الكتب العلمية، ص 11
- الدرر الكامنة، لابن حجر، مجلس دائرة المعارف العثمانية - الهند، (3/ 223).
- الوافي بالوفيات، للصفدي، دار إحياء التراث - بيروت (19/ 163).
- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، للشوكاني، دار المعرفة - بيروت، (1/ 404).
- الأعلام، للزركلي، دار العلم للملايين، (4/ 170).
- معجم المؤلفين، كحالة، مكتبة المثنى - بيروت، (6/ 197).
•
مولده ونشأته ومشايخه:
ولد الشيخ صفي الدين في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين وستمائة، ببغداد.
وسمع بها الحديث من عبد الصمد بن أبي الجيش، وأبي الفضل بن الدَّبَّاب، والكمال البزَّار، وابن الكسَّار، وغيرهم.
وسمع بدمشق: من الشرف أحمد بن هبة الله بن عساكر، وسِتِّ الأهل بنت علوان، وجماعة.
وبمكة: من الفخر التَّوْزَرِيِّ.
وأجاز له ابن البخاري، وأحمد بن شيبان، وزينب بنت مكي، وابن وضاح، وخلق من أهل الشام ومصر والعراق.
وتفقه على أبي طالب عبد الرحمن بن عمر البصري الحنبلي، ولازمه حتى برع وأفتى، ومهر في علم الفرائض والحساب، والجبر والمقابلة والهندسة والمِساحة، ونحو ذلك.
واشتغل في أول عمره بعد الفقه: بالكتابة والأعمال الديوانية مدة، ثم ترك ذلك، وأقبل على العلم، ولازمه مدةً؛ مطالعة وكتابة، وتصنيفًا وتدريسًا، واشتغالًا وإفتاءً، إلى حين وفاته.
وكتب الكثير بخطه الحسن المليح الحلو، وكان ذا ذهن حاد، وذكاء وفطنة، وكان معتنيًا بالعلم من أول عمره، وعني بالحديث، فنسخ واستنسخ كثيرًا من أجزائه، وخرَّج لنفسه معجمًا لشيوخه بالسماع والإجازة عن نحو ثلاثمائة شيخ، وأكثرهم بالإجازة، وتكلم فيه على أحوالهم ووفياتهم، وحدث به، وبكثير من مسموعاته، وغيرها بالإجازة.
وكان قد رأى شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية بدمشق، واجتمع معه، ولما صنف كتابه في شرح المحرر أرسل إلى الشيخ تقي الدين يسأله عن مسائل فيه، وقد ذكر عنه في شرحه شيئًا من ذلك.
ولما توفي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، رثاه الشيخ عبد المؤمن، فقد نقل المحدث ابن طولوبغا من خط الشيخ صفي الدين: قال العبد الفقير عبد المؤمن بن عبد الحق حين بلغه وفاة الشيخ الإمام العالم بقية العلماء المجتهدين تقي الدين أحمد ابن تيمية الحراني رحمه الله تعالى ورضي عنه:
طِبْتَ مَثْوًى يَا خاتمَ العلماءِ
…
في مقامِ الزُّلْفَى مع الأتقياءِ
وذكر باقي القصيدة
(1)
.
(1)
في (48) بيتًا، ذكرها في العقود الدرية ص 507.
•
تلاميذه:
قال ابن رجب: (سمع منه خلق كثيرون، وأجاز لي ما يجوز له روايته غير مرة، ودرَّس بالمدرسة البشيرية للحنابلة).
وقال: (وتفرد في وقته ببغداد في علم الفرائض والحساب، حتى يقال: إن الزريراني كان يراجعه في ذلك، ويستفيد منه).
وقال القاضي برهان الدين الزُّرَعِيِّ: (هو إمامنا في علم الفرائض، والجبر والمقابلة)، وكان يثني عليه ويقول:(لو أمكنني الرحلة إليه لرحلت إليه).
• ثناء العلماء عليه:
قال الذهبي رحمه الله: (مات ببغداد عالمها، الإمام، ذو الفنون، صفي الدين عبد المؤمن .... ، وله نظمٌ رائق، وفيه دين، وفتوة، وأخلاق، وتصوف، ولم يتأهل).
وقال عنه ابن رجب: (وكان إمامًا فاضلًا، ذا مروءة، وأخلاق حسنة، وحسن هيئة وشكل، عظيم الحرمة، شريف النفس، منفردًا في بيته، لا يغشى الأكابر ولا يخالطهم، ولا يزاحمهم في المناصب، بل الأكابر يترددون إليه).
وقال سعيد الذهلي فيما نقله عنه ابن حجر العسقلاني: (وكان زاهدًا، خيِّرًا، ذا مروءة وفتوة وتواضع ومحاسن كثيرة، طارِحًا للتكلف على طريقة السلف، محبًّا للخمول، وكان شيخ
العراق على الإطلاق).
وقال أبو نصر محمد بن طولوبغا السيفي: (الإمام المحدث الفاضل الأديب البارع).
وقال ابن ناصر الدين: (الشيخ الامام العلامة صفي الدين مفتي المسلمين).
وقال ابن بدران: (الفقيه الفرضي المفنن).
•
مصنفاته:
قال ابن رجب: (فأقبل آخرًا على التصنيف، فصنَّف في علوم كثيرة، منها ما لم يكن سبق له فيها اشتغال، وصنَّف في الفقه والأصلين، والجدل والحساب، والفرائض والوصايا، وفي التاريخ والحديث، والطب، وغير ذلك، واختصر كتبًا كثيرة).
فمن تصانيفه:
1 -
شرح المحرر
(1)
في الفقه: ست مجلدات.
2 -
شرح العمدة في الفقه: مجلدان
(2)
.
(1)
حقق بعضه في رسائل علمية بالجامعة الإسلامية.
(2)
قال عبد الرحمن العثيمين رحمه الله تعالى: لا أعلم له وجودًا. ينظر: الذيل على طبقات الحنابلة 5/ 79.
3 -
إدراك الغاية في اختصار الهداية في الفقه: مجلد لطيف
(1)
.
4 -
وشرحه في أربع مجلدات، وسماه: التمهيد.
5 -
شرح المسائل الحسابية من الرعاية الكبرى لابن حمدان: مجلد لطيف.
6 -
تلخيص المنقح في الجدل: وهو اختصار لكتاب أبي البقاء العكبري المسمى: المنقح من الخطل في علم الجدل.
7 -
تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل، وهو أصل كتابنا هذا.
8 -
تسهيل الوصول إلى علم الأصول.
9 -
قواعد الأصول ومعاقد الفصول، وهو كتابنا هذا.
10 -
اللامع المغيث في علم المواريث.
11 -
أسرار المواريث: جزء تكلم فيه على حكم الإرث ومصالحه.
12 -
المطالب العَوَال لتقرير منهاج الاستقامة والاعتدال:
(1)
مطبوع بتحقيق د/ ياسر المزروعي، عن غراس للنشر والتوزيع، عام 1429 هـ، في مجلد.
اختصر فيه منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية.
13 -
مراصد الاطِّلاع في أسماء الأماكن والبقاع
(1)
: اختصر فيه معجم ياقوت الحموي.
14 -
اختصار تاريخ الطبري: في أربع مجلدات.
قال ابن رجب: (وله رحمه الله أوهام كثيرة في تصانيفه، حتى في الفرائض، من حيث توجيه المسائل وتعليلها، رحمه الله تعالى وسامحه، فلقد كان من محاسن زمانه في بلده).
•
وفاته:
توفي رحمه الله تعالى ليلة الجمعة عاشر صفر، سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، وصُلِّي عليه من الغد، وحُمل على الأيدي والرؤوس، ودُفن بمقبرة الإمام أحمد بباب حرب، وكانت جنازته مشهودة رحمه الله تعالى.
(1)
مطبوع عن دار الجيل، بيروت، سنة 1412 هـ، في ثلاث مجلدات.
التعريف بالكتاب
•
توثيق الكتاب:
ذكر ابن رجب - وهو ممن أجاز له المؤلف - أن لصفي الدين عبد المؤمن جملة من الكتب في أصول الفقه، منها كتاب:(قواعد الأصول ومعاقد الفصول).
وذكره بهذا الاسم جميع من ذكر مصنفاته ممن ترجم له، أو عُني بمعاجم الكتب، كما أن هذا الاسم هو المذكور في المخطوطات التي بين أيدينا، ومنها ما هو منقول من أصل المؤلف رحمه الله.
وكتابه هذا مختصر من كتابه الآخر: (تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل).
قال ابن بدران رحمه الله: (وهذا المختصر في نحو سبع وعشرين ورقة، اختصره من كتاب له سماه تحقيق الأمل، وجرده عن الدلائل، من غير إخلال بشيء من المسائل)
(1)
.
وعلى هذا: فإن اسم الكتاب كما يظهر جليًّا هو: (قواعد الأصول ومعاقد الفصول).
(1)
المدخل لابن بدران، ص 460.
•
مكانة الكتاب:
أشاد العلامة ابن بدران بهذا المختصر كما تقدم كلامه، وجعله من أنفع متون أصول الفقه للمشتغل بهذا الفن، وكفى بهذه الإشادة مكانة لهذا المختصر.
كما أثنى العلامة جمال الدين القاسمي بعد نسخه لهذا المختصر والتعليق عليه، فقال:(لا سيما المتن الأخير - يعني: هذا المختصر -، فإنا لم نعثر منه إلا على نسخة مخطوطة في المكتبة العمومية بدمشق الشام ليس لها ثانية، وما وقفنا عليه حتى رأيناه من أنفس الآثار الأصولية، وأعجبها سبكًا، وألطفها جمعًا للأقوال، وإيجازًا في المقال، ولما تحققنا ما له من الشأن الخطير أسرعنا إلى نقله ثم مقابلته).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (كتاب مختصر مفيد، صالح للطالب بين المبتدئ وبين المنتهي).
وقد ذكر الشيخ عبد الله الفوزان في تقدمة شرحه لهذا المختصر ثلاث مِيزات لهذا المختصر، وهي على سبيل الإيجاز:
1 -
وضوح عبارته، وسلامتها من التعقيد.
2 -
عنايته بالمسائل التي يحتاجها الفقيه، وإغفاله ما لا تعلق للأصول به من مباحث علم الكلام.
3 -
حسن ترتيبه وأسلوبه وعنايته بالتقسيم.
•
طبعات الكتاب:
طبع الكتاب عدة طبعات، أشهرها:
1 -
طبعة الشام، في مجموع اسمه:(متون أصولية مهمة)، وقد طُبع على نفقة محمد أفندي هاشم الكتبي، وكانت تطلب من مكتبته في دمشق، وهي في زهاء 150 صفحة.
2 -
طبعة المطبعة السلفية بمصر، برغبة من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -مدير معهد الرياض العلمي آنذاك -، ولم يُذكر عليها تاريخ الطباعة.
3 -
طبعة دار المعارف بمصر، بعناية أحمد وعلي محمد شاكر، ولم يُذكر عليها تاريخ أيضًا.
4 -
طبعة جامعة أم القرى - معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي -، بتحقيق وتعليق الدكتور/ علي بن عباس الحكمي، سنة 1409 هـ - 1988 م.
5 -
طبعة دار الفضيلة بمصر، بعناية أحمد الطهطاوي، وعليها تعليقات الشيخ جمال الدين القاسمي، سنة 1418 هـ.
•
شروح الكتاب:
لا يعرف لهذا المختصر شرحٌ عند المتقدمين، وقد قام جماعة من أهل العلم المعاصرين بشرحه، والمطبوع من تلكم الشروح:
1 -
تعليقات العلامة جمال الدين القاسمي على قواعد الأصول، ضمن متون أصولية مهمة، طبعها في الشام، ثم طُبعت في مصر عن مكتبة ابن تيمية.
2 -
تيسير الوصول إلى قواعد الأصول ومعاقد الفصول، للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان، في مجلد متوسط، وهو شرح محرر.
3 -
شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول، للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين، في مجلد متوسط، وهو شرح مفرغ من دروس ألقاها في جامع عنيزة.
4 -
شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول، للشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري، وهو شرح مفرغ من دروس ألقاها في مسجده في الرياض.
5 -
إتحاف العقول بشرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول، للشيخ أبي العلياء محمد بن سعد أحمد بيومي، في مجلدين، عن دار العاصمة.
ترجمة القاسمي
(1)
•
اسمه ونسبه ومولده:
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم بن صالح بن إسماعيل بن أبي بكر المعروف بالقاسمي، وكنيته: أبو الفرج.
ولد في دمشق سنة 1283 هـ.
• نشأته ومشايخه:
ذكر القاسمي عن نفسه أنه تربى في كنف والده، وقرأ
(1)
تنظر ترجمته فيما يلي:
- الأعلام، للزركلي، دار العلم للملايين، 2/ 135.
- مجلة المنار، للأستاذ محمد رشيد رضا، 17/ 558، ضمن مقال من جزأين باسم:(مصاب مصر والشام برجال العلم وحملة الأقلام).
- مجلة المقتبس، لمحمد كرد علي، 85/ 47، مقال باسم:(السيد جمال الدين القاسمي).
- حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، لعبد الرزاق بن حسن البيطار، دار صادر، بيروت، ص 435.
- معجم المؤلفين، لعمر بن رضا كحالة، مكتبة المثنى - بيروت، 3/ 157.
- فهرس الفهارس، لعبد الحي الكتاني، دار الغرب - بيروت، 1/ 476.
- وليد القرون المشرقة، جمع وتعليق/ الشيخ محمد بن ناصر العجمي، دار البشائر، 1430 هـ.
القرآن صغيرًا حتى ختمه، ثم أخذ في تعلم الكتابة وأتقنها، وكان عمره آنذاك اثني عشر عامًا.
ثم انتقل لقراءة العلم على الشيخ رشيد أفندي، فقرأ عليه مقدمات في فنون شتى قراءة جدٍّ واجتهاد، في التوحيد والصرف والنحو والمنطق والبيان وغيرها، وشرع في قراءة المختصرات الفقهية وغيرها على والده.
وأخذ يتنقل بين المشايخ يأخذ عنهم العلم ويقرأ عليهم الكتب في سائر الفنون، فأخذ عن جم غفير من أهل بلده وغيرهم، وأجازه جماعة منهم.
ويقول عن نفسه: (حبب المولى إلي من حداثتي القراءة والمطالعة ونسخ الكتب، وتأليف الرسائل، فكنت - تحدثًا بنعمة المولى - أنصرف من دروسي وآوي إلى دارنا إلى محل مكتبتي على ما ذكرت، وأذهب المولى بفضله عن عُبَيْدِه حب البطالة وصرف الأوقات سدى، فطالع من كتب الأدب والتاريخ ما لا أحصي، حتى أتذكر أني في سن الخامسة عشرة من عمري أصابني مرض مكثت فيه نحو ثلاثة أشهر، فصرت أتسلى بمطالعة بعض الكتب).
نشأ القاسمي رحمه الله على مثل هذه الحالة زمانًا طويلًا، بين أخذ عن الشيوخ، وأخذ من بطون الكتب، فجمع علمًا كثيرًا رحمه الله رحمة واسعة.
وكان من كبار مشايخه الشيخ بكري بن حامد البيطار، والشيخ حسن بن أحمد بن عبد القادر جبينة، الشهير بالدسوقي، في آخرين.
وقد أجاز له إجازة عامة كثير من كبار الشيوخ، منهم مفتي الشام العلامة محمود أفندي الحمزاوي، ومفتي الشام أيضًا طاهر بن عمر الآمدي، والعلامة الشيخ محمد الطنطاوي الأزهري ثم الدمشقي، وغيرهم كثير.
•
دعوته:
كان القاسمي سلفي العقيدة، متَّبعًا للسنة، بعيدًا عن التعصب، وقد امتحن في ذلك، فاتُّهم بتأسيس مذهب جديد في الدين، وسماه أعداؤه: المذهب الجمالي.
وكان محبًّا لمذهب السلف، متأثرًا بكتب شيخ الإسلام وابن القيم، يقول عن نفسه رحمه الله:(إني ولله الحمد نشأت على حب مؤلفات شيخ الإسلام والحرص عليها والدعوة إليها، وأعتقد أن كل من لم يطالع فيها لم يشم رائحة العلم الصحيح، ولا ذاق لذة فهم العقل).
وقال في رسالة له إلى الشيخ محمد نصيف: (ولا يخفى عليكم أن أعظم واسطة لنشر المذهب السلفي هو طبع كتبه، وأن كتابًا واحدًا تتناوله الأيدي على طبقاتها خير من مائة داعٍ
وخطيب؛ لأن الكتاب يبقى أثره ويأخذه الموافق والمخالف).
اتهمه حسدته بتأسيس مذهب جديد في الدين، سموه (المذهب الجمالي) فقبضت عليه الحكومة سنة 1313 هـ وسألته، فرد التهمة فأخلي سبيله، واعتذر إليه والي دمشق.
انقطع القاسمي في منزله بعد المحنة للتصنيف وإلقاء الدروس الخاصة والعامة، في التفسير وسائر علوم الشريعة الإسلامية، رحمه الله رحمة واسعة.
ومع جهاده ودعوته وحرصه على منهج السلف ونشره والدفاع عنه، واهتمامه وشغفه بكتب شيخ الإسلام وابن القيم، إلا أنه وقع فيما وقع فيه في كتابه:(تاريخ الجهمية والمعتزلة)، و كتابه الآخر:(الجرح والتعديل)، فجاء بآراء باطلة خالف فيها ما عليه أهل العلم المحققون، فيما يتعلق بالجهمية والمعتزلة والأشاعرة وجماعات من أهل البدع والضلالة، فغفر الله له وتجاوز عنه.
•
مصنفاته:
قال تلميذه خير الدين الزركلي: نشر بحوثًا كثيرة في المجلات والصحف، اطلعت له على اثنين وسبعين مصنفًا، منها:(دلائل التوحيد)، و (ديوان خطب)، و (الفتوى في الإسلام)، و (إرشاد الخلق إلى العمل بخبر البرق)، و (شرح
لقطة العجلان)، و (نقد النصائح الكافية)، و (مذاهب الأعراب وفلاسفة الإسلام في الجن)، و (موعظة المؤمنين)، اختصر به إحياء علوم الدين للغزالي، و (شرف الأسباط) و (تنبيه الطالب إلى معرفة الفرض والواجب)، و (جوامع الآداب في أخلاق الأنجاب)، و (إصلاح المساجد من البدع والعوائد)، و (تعطير المشام في مآثر دمشق الشام) في أربع مجلدات، و (قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث)، و (محاسن التأويل) في 17 مجلدا في تفسير القرآن الكريم)، وغير ذلك من الكتب.
•
ثناء العلماء عليه:
قال خير الدين الزركلي: (إمام الشام في عصره، علمًا بالدين، وتضلعًا من فنون الأدب).
وقال طاهر الجزائري: (القاسمي وليد القرون، وقد فهم الشريعة كما فهمها الصحابة والتابعون).
وقال عبد الحي الكتاني: (للعلامة المحدث الأصولي النَّظَّار).
وقال الشيخ أحمد شاكر في مقدمة المسح على الجوربين (ص 3): (أستاذنا عالم الشام، الشيخ محمد جمال الدين القاسمي الدمشقي رحمه الله.
وقال: (وكنا أحرص ما نكون على كتب السلف الصالح وكتب من نهج منهجهم من المتأخرين، الذين يستمسكون بالهدي النبوي، ويتبعون الدليل الصحيح، دون تعصب لرأي وهوى، ودون جمود على التقليد، وكان في مقدمة من سار على النهج القويم أستاذنا القاسمي رحمه الله، وقد زار مصر قبل
وفاته
، وكنت ممن اتصل به من طلاب العلم، ولزم حضرته واستفاد من توجيهه إلى الطريق السوي والسبيل القويم).
وقال العلامة الألباني في الأجوبة النافعة (ص 113): (الشيخ الفاضل، والعلامة المحقق، السيد جمال الدين القاسمي، ألَّف كتابه القيم: "إصلاح المساجد من البدع والعوائد" وقد انتفعت به كثيرًا).
• وفاته:
توفي رحمه الله تعالى مساء السبت الثالث والعشرين من جمادى الأولى، عام (1332 هـ)، ودفن بباب الصغير، وعمره يوم مات 49 سنة.
وقد كتب الشيخ محمد رشيد رضا، مقالًا له في مجلة المنار بعنوان:(مصاب مصر والشام برجال العلم وحملة الأقلام)، ذكر جملة من المصلحين ممن وافتهم المنية في تلك الحقبة، ومنهم الشيخ جمال الدين القاسمي رحمة الله على علماء المسلمين، وعلى عموم المسلمين أجمعين.
التعريف بحاشية جمال الدين القاسمي
لما وقف جمال الدين القاسمي على هذا المختصر في المكتبة العمومية بدمشق، طار به فرحًا؛ لما رأى من نفاسته على إيجازه، فسارع في نسخه والتعليق عليه.
واستعان على تلكم الحاشية بجملة من كتب الأصول، وكان غالب استمداده من مختصر الروضة للطوفي، ونزهة الخاطر لابن بدران.
قال القاسمي في نهاية التحشية مبيِّنًا ذلك: (ومما كان له عندنا اليد الطولى في العون على تصحيحه وتنقيحه من الأمهات الأصولية: كتابَا (مختصر الروضة القدامية للطوفي) و (نزهة الخاطر)؛ لتوافق الكل في معظم المباحث، وترتيب جل المسائل، فصححنا منهما كثيرًا مما غمض من ألفاظه، وأشفعناه بما علَّقنا منهما ما يوضح جملًا من دقائقه، سوى ما راجعناه لأجله من الكتب الشهيرة، كما تراه في العزو في أطراف التعليقات).
وعند النظر في تلكم الحاشية يمكن أن يقال: إن عناية الشيخ جمال الدين القاسمي على كتاب (قواعد الأصول)
توجهت إلى أمور:
1 -
ضبط بعض الألفاظ المشكلة في المتن.
2 -
الترجمة لبعض الأعلام المذكورين.
3 -
بيان لبعض الفرق المذكورة في المتن؛ كالقدرية.
4 -
التعليق على المشكل من العبارات بما يعين على توضيحها.
5 -
ذكر بعض الفوائد التي يحتاجها المتلقي عند قراءته للمسألة.
وقد كُتب في مجلة المقتبس (لمحمد كرد علي، 18/ 42) مقالٌ حول المجموعة الأصولية التي أخرجها الشيخ جمال الدين القاسمي - ومنها هذا المختصر -، وهذا نص المقال:
(لا يوجد فن من الفنون يتسع فيه مجال النظر مثل فن أصول الفقه، ولذلك عُني أهل العلم به، وألفت فيه الكتب الكثيرة، ومن غرائب هذا الفن أنه يتيسر أن تجمع أهم مسائله في ورقة أو ورقات، ويمكن التوسع فيه حتى يكتب فيه في عشرة آلاف ورقة.
وهو كغيره من الفنون قد وقعت فيه كتب في غاية الجودة وكتب دون ذلك، إلا أن أكثر الكتب الجيدة كان يُفقد أثرها،
ومنها: "رسالة الإمام الشافعي" وهو أول من جمع مسائل هذا الفن، وأكثر ما عُني به المتأخرون كتب في غاية الإيجاز تعد عبارتها من قبيل الألغاز، فكان المبتدئ يبتدئ بها مع أنها لم توضع له البتة، فحدث من ذلك أنه هجر هذا الفن، حتى إن كثيراً من الحواضر لا يوجد بها من له إلمام به.
ولقد حاول بعض أفاضل العلماء أن يبحثوا عن كتب جعلت للمبتدئ، حتى إذا قرأها أولاً هان عليه الأمر فيما بعد.
ومن أعظم من قام بهذا الأمر الشيخ جمال الدين القاسمي من علماء دمشق، فقد انتخب أولاً أربع رسائل من أحسن رسائل هذا الفن، وكتب عليها حواشي نافعة، بحيث تكشف الغطاء في كثير من المواضع، ولم يكفه ما فعل أولاً حتى أتبعها ثانيًا برسائل أربع في مذاهب الأئمة الأربعة وحشاها كذلك، وقد وصلنا هذا المجموع، وهو مشتمل على:(مختصر المنار) لزيد الدين الحلبي الحنفي المتوفى سنة 808 هـ، و (الورقات) لإمام الحرمين الجويني، المتوفى سنة 478 هـ، و (مختصر تنقيح الفصول) لشهاب الدين القرافي المالكي، المتوفى سنة 684 هـ، و (قواعد الأصول) لصفي الدين البغدادي الحنبلي، المتوفى سنة 739 هـ، طبعت هذه الرسائل على نفقة محمد أفندي هاشم الكتبي، وتطلب من مكتبته في دمشق، وهي في زهاء 150 صفحة منصفة القطع).
وصف النسخ المعتمدة
اعتمدنا في تحقيق هذا المختصر على نسختين خطيتين، ونسختين مطبوعتين:
أولًا: نسخة المكتبة الظاهرية:
وهي نسخة كاملة، قديمة، خطها نسخي، تقع في (27) ورقة، عدد أسطر الصفحة (15) سطرًا تقريبًا، ومكان حفظها: المكتبة الظاهرية بدمشق برقم (2813).
ولم يُذكر في هذه النسخة اسم ناسخها، ولا تاريخ نسخها.
إلا أنها نسخة كتبت في حياة المؤلف، ونقلت من نسخة عليها خط المؤلف، وقوبلت أيضًا، فهي نسخة جيدة متينة، إلا أنه يعكر عليها عدم وضوح بعض عباراتها.
جاء في الورقة الأولى من المخطوط ما يدل على أنها منسوخة في حياة المؤلف: (تأليف الشيخ العالم العلامة الأوحد الفاضل المحقق صفي الدنيا والدين، أبي الفضائل، عبد المؤمن بن عبد الحق بن عبد الله بن علي بن مسعود،
مدرس الحنبلية بالمدرسة البشيرية أسبغ الله عليه جزيل نعمائه وأمتع المسلمين بطول بقائه).
ثم أورد الناسخ شعرًا في مدح المؤلف:
صَفِيَّ الدِّين قد ألَّفْت كُتْبًا
…
نفعْتَ الناشئينَ بها سَنِيَّهْ
وصار المنتهِي بالفكر فيها
…
له بناء يسود به البَرِيَّهْ
كما جاء في جاء في آخرها ما نصه: (صورة خط الشيخ في آخر الأصل، قوبل بأصله المنقول منه جهد الطاقة فصح).
وقد رمزنا لهذه النسخة رمز (أ).
ثانيًا: نسخة جمال الدين القاسمي:
وهي نسخة بخط العلامة جمال الدين القاسمي، وعدد أوراقها (19) ورقة، وأسطر الصفحة الواحدة متفاوت بسبب تعليقات القاسمي الموجودة أسفل كل صفحة، محفوظة في مكتبة الأسد، معهد أحمد بابا في تنبكتو، ورقمها (3268).
وهذه النسخة منقولة عن النسخة الأصل، حيث يقول القاسمي في آخر المخطوط:(لم نعثر منه إلا على نسخة مخطوطة في المكتبة العمومية بدمشق الشام ليس لها ثانية).
وفي بداية نسخة القاسمي ذكر الأبيات السالف ذكرها على النسخة السابقة، وقال: (ورأيت على أصل هذا الكتاب في
مدح مؤلفه ما مثاله:
…
) ثم ذكر البيتين، وهذا يدل على أن النسخة التي أشار إليها القاسمي هي النسخة السابق ذكرها والله أعلم.
وتمتاز هذه النسخة بإجادة الشيخ جمال الدين القاسمي للنسخة السابقة، وحل ما أغلق منها، وفي ذلك يقول:(ولما تحققنا ما له من الشأن الخطير أسرعنا إلى نقله ثم مقابلته، ولم يكن ذلك دون شديد العناء؛ لأن النسخة المذكورة أكثرها غُفْلٌ لا نَقْطَ على أحرفه، ومستعجمة برداءة الخط وكثرة التصحيف، وتغيير الأرقام عن الجودة، فيقاسي القارئ من تحقيق الكلمة وإدراك المعنى صعوبة زائدة، لكن كل عناء في هذا السبيل عددناه راحة، واستحلينا له الصبر الجميل، لرغبتنا في تعريف هذه الدرة وإهدائها لأكفائها البررة، ومما كان له عندنا اليد الطولى في العون على تصحيحه وتنقيحه من الأمهات الأصولية كتابا: مختصر الروضة القدامية للطوفي ونزهة الخاطر، لتوافق الكل في معظم المباحث وترتيب جل المسائل، فصححنا منهما كثيرًا مما غمض من ألفاظه، وأشفعناه بما علقنا منهما ما يوضح جملًا من دقائقه، سوى ما راجعناه لأجله من الكتب الشهيرة، كما تراه في العزو في أطراف التعليقات).
وقد أثبتنا في هذا التحقيق تعليقات جمال الدين القاسمي من نسخته التي هي بخطه، لتكمل الفائدة.
ورمزنا لهذه النسخة برمز (ب).
ثالثًا: النسختان المطبوعتان:
- قمنا بمقابلة النسختين المطبوعتين على النسخة المطبوعة المحققة بتحقيق الدكتور/ علي عباس الحكمي، المطبوع في معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى، لكونها أفضل النسخ المطبوعة، ولكونها محققة تحقيقًا علميًّا مفيدًا.
ورمزنا لها برمز: (ط 1).
- كما قمنا بالمقابلة على نسخة الشيخ عبد الله الفوزان المثبتة مع شرحه، وذلك لكونه اعتنى بتحقيق نصه.
ورمزنا لها برمز: (ط 2).
منهج التحقيق
1 -
اعتمدنا نسخة الظاهرية أصلًا، ثم قمنا بتصحيح ما يحتاج إلى تصحيح من النسخة الأخرى ومن النسخ المطبوعة.
2 -
أثبتنا جميع الفوارق بين النسخ الخطية (أ) و (ب)، وأما النسخ المطبوعة فلم نشر إليها إلا إذا دعت الحاجة.
3 -
قمنا بتوثيق الآيات القرآنية، وتخريج الأحاديث تخريجاً مختصراً يتناسب مع المختصر.
4 -
ترجمنا للأعلام المذكورين في الكتاب ترجمة مختصرة من كتب التراجم والسير، فإن أورد القاسمي ترجمة لأحد الأعلام في حاشيته اكتفينا بترجمته، وأشرنا إلى مصادر الترجمة في كتب التراجم.
5 -
وثَّقنا المسائل التي يذكر المؤلف فيها الخلاف، أو يشير إليه، وذلك بعد إيراده للمسألة، فنذكر ما تيسر من كتب الأصول التي أوردت المسألة بأقوالها بتوسع لمن أراد الاستزادة.
فإذا ذكر مذهبًا من المذاهب، أو قول أحد العلماء، وثقناه
مع توثيق المسألة.
ونبدأ - عند التوثيق - بكتب الحنابلة؛ لكون المختصر حنبليًّا، ثم بكتب الحنفية، ثم المالكية، ثم الشافعية، ثم الظاهرية.
6 -
ذكرنا حاشية العلامة القاسمي كاملة في الحاشية.
7 -
علقنا على بعض المواطن التي تحتاج إلى تعليق.
8 -
ضبطنا كلمات المتن كلها، معتمدين في ذلك على كتب اللغة والمعاجم.
9 -
قمنا بترتيب مسائل الكتاب؛ بحيث يَسهُل على القارئ معرفة المسائل وفروعها وأقسامها، وذلك على النحو التالي:
- جعلنا لكل مسألة منفصلة علامة قبلها وهي: (*).
- إذا كانت المسألة تحتها فروع، جعلنا كل فرع في سطر تحت المسألة الأم، وجعلنا أمام هذا الفرع علامة (-).
- إذا كانت المسألة تحتها أنواع، جعلنا أمام كل نوع رقماً بين معقوفين، هكذا:[1].
- إذا ذكر المؤلف أقوالًا؛ ذكرنا كل قول وقائله في سطر جديد.
- إذا ساق المؤلف جملة من المسائل، ثم ذكر بعد هذه المسائل حكمها جميعاً: وضعنا كل مسألة في سطر، ووضعنا أمام كل مسألة علامة (-)، على ما تقدم بيانه، ثم جعلنا الحكم المذكور في سطر دون أن تكون أمامه أي علامة؛ ليدل على أن هذا الحكم راجع لجميع المسائل السابقة.
10 -
ترجمنا للمؤلف، ولصاحب الحاشية من مصادر ترجمته، وعرَّفنا بالكتاب والحاشية في مقدمة التحقيق.
نماذج النسخ الخطية
صورة الغلاف من النسخة (أ)
اللوحة الأولى من النسخة (أ)
اللوحة الأخيرة من النسخة (أ)
صورة الغلاف من النسخة (ق)
اللوحة الأولى من النسخة (ق)
اللوحة الأخيرة من النسخة (ق)
قواعد الأصول ومعاقد الفصول
مختصر تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل
للعلامة
صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي البغدادي الحنبلي
ت: 739 هـ
ومعه حاشية نفيسة
لعلامة الشام محمد جمال الدين بن محمد سعيد القاسمي
ت: 1332 هـ
حقق على نسختين خطيتين
تحقيق
د. عبد العزيز بن عدنان العيدان
د. أنس بن عادل اليتامى
بسم الله الرحمن الرحيم
أَحْمَدُ اللهَ عَلَى إِحْسَانِهِ وَإِفْضَالِهِ، كَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ، وَأُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ الْمُكَمَّلِ بِإِرْسَالِهِ، الْمُؤَيَّدِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَعَلَى جَمِيعِ صَحْبِهِ وَآلِهِ.
هَذِهِ «قَوَاعِدُ الْأُصُولِ وَمَعَاقِدُ الْفُصُولِ» مِنْ كِتَابِيَ الْمُسَمَّى بِـ: «تَحْقِيقِ الْأَمَلِ» مُجَرَّدَةً عَنِ الدَّلَائِلِ، مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَسَائِلِ؛ تَذْكِرَةً لِلطَّالِبِ الْمُسْتَبِينِ، وَتَبْصِرَةً لِلرَّاغِبِ الْمُسْتَعِينِ.
وَبِاللهِ أَسْتَعِينُ، وَعَلَيْهِ أَتَوَكَّلُ، وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ الْمُعِينُ.
• أُصُولُ الْفِقْهِ: مَعْرِفَةُ دَلَائِلِ الْفِقْهِ إِجْمَالًا، وَكَيْفِيَّةِ الِاسْتِفَادَةِ مِنْهَا، وَحَالِ
(1)
الْمُسْتَفِيدِ
(2)
؛ وَهُوَ الْمُجْتَهِدُ.
• وَالْفِقْهُ
(3)
: الْفَهْمُ
(4)
.
وَاصْطِلَاحًا: مَعْرِفَةُ أَحْكَامِ الشَّرْعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ.
• وَالْأَصْلُ: مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
• فَأُصُولُ الْفِقْهِ: أَدِلَّتُهُ.
• وَالْغَرَضُ مِنْهُ: مَعْرِفَةُ:
1 -
كَيْفِيَّةِ اقْتِبَاسِ الْأَحْكَامِ.
2 -
وَالْأَدِلَّةِ.
3 -
وَحَالِ الْمُقْتَبِسِ.
وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ.
(1)
في (أ): رجال. وهو خطأ.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (هذا حد لأصول الفقه من حيث هو مركب لقبي، وقوله بعد: (والفقه الفهم
…
) إلخ، تعريف لهذا المركب باعتبار كلٍّ من مفرداته).
(3)
في (ق): والفقه لغة.
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (ومنه قوله تعالى: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} أي: لا تفهمون).
الْبَابُ الْأَوَّلُ
فِي الْحُكْمِ وَلَوَازِمِهِ
• الْحُكْمُ: قِيلَ فِيهِ حُدُودٌ، أَسْلَمُهَا مِنَ النَّقْضِ وَالِاضْطِرَابِ
(1)
: أَنَّهُ قَضَاءُ الشَّارِعِ عَلَى الْمَعْلُومِ بِأَمْرٍ مَا، نُطْقًا أَوِ اسْتِنْبَاطًا.
• وَالْحَاكِمُ: هُوَ اللهُ سُبْحَانَهُ، لَا حَاكِمَ سِوَاهُ.
- وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مُبَلِّغٌ وَمُبَيِّنٌ لِمَا حَكَمَ بِهِ.
• وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ: الْإِنْسَانُ الْمُكَلَّفُ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (يشير بلطف إلى الإعراض عن التوسع في هذه الألفاظ الاصطلاحية، والمناقشة في أوضاعها، فكم باعدت عن الموضوع، وحالت دون المشروع، مع أن واضعيها إنما حددوها لتنضبط بها المعاني، ويسهل تناولها والوصول إليها، على أن الحد الحقيقي عويص عزيز كما أشار إليه الغزالي في محك النظر، ولذلك كان الرسمي أقل مؤنة والأمر فيه سهلًا، وهو الأكثر في المعرفات، وقد قال ابن هشام في النكت: (إن حدود النحاة وغيرهم من علماء الشرع ليست حقيقية يراد بها الكشف التام عن حقيقة المحدود، وإنما الغرض بها تمييز الشيء ليعرف أنه صاحب هذا الاسم، وهذا الغرض لا يخل به استعمال الجنس البعيد ونحوه مما يحترز به أهل العقليات) ا. هـ، ولعلماء الميزان خلاف في أن مثل هذه التعاريف حدود أو رسوم راجِعْهُ في فن قاطيغور ياس).
• وَالْأَحْكَامُ قِسْمَانِ:
[أ] تَكْلِيفِيَّةٌ، وَهِيَ خَمْسَةٌ:
(1)
وَاجِبٌ:
يَقْتَضِي الثَّوَابَ عَلَى الْفِعْلِ، وَالْعِقَابَ عَلَى التَّرْكِ.
• وَيَنْقَسِمُ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ:
1 -
إِلَى مُعَيَّنٍ: لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ؛ كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَنَحْوِهِمَا.
2 -
وَإِلَى مُبْهَمٍ فِي أَقْسَامٍ مَحْصُورَةٍ؛ يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنْهَا؛ كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ.
• وَمِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ:
1 -
إِلَى مُضَيَّقٍ: وَهُوَ مَا تَعَيَّنَ لَهُ وَقْتٌ لَا يَزِيدُ عَلَى فِعْلِهِ؛ كَصَوْمِ رَمَضَانَ.
2 -
وَإِلَى مُوَسَّعٍ: وَهُوَ مَا كَانَ وَقْتُهُ الْمُعَيَّنُ يَزِيدُ عَلَى فِعْلِهِ؛ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ فِي أَحَدِ أَجْزَائِهِ.
فَلَوْ أَخَّرَ، وَمَاتَ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ؛ لَمْ يَعْصِ؛ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ.
• وَمِنْ حَيْثُ
(1)
الْفَاعِلُ:
1 -
إِلَى فَرْضِ عَيْنٍ: وَهُوَ مَا لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ؛ كَالْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ.
2 -
وَفَرْضِ كِفَايَةٍ: وَهُوَ مَا يُسْقِطُهُ فِعْلُ الْبَعْضِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ؛ كَالْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ.
- وَالْغَرَضُ مِنْهُ: وُجُودُ الْفِعْلِ فِي الْجُمْلَةِ.
- فَلَوْ تَرَكَهُ الْكُلُّ: أَثِمُوا؛ لِفَوَاتِ الْغَرَضِ.
• وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ:
1 -
إِمَّا غَيْرُ مَقْدُورٍ لِلْمُكَلَّفِ؛ كَالْقُدْرَةِ، وَالْيَدِ فِي الْكِتَابَةِ، وَاسْتِكْمَالِ عَدَدِ الْجُمُعَةِ: فَلَا حُكْمَ لَهُ.
2 -
وَإِمَّا مَقْدُورٌ؛ كَالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَصَوْمِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَغَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ: فَهُوَ وَاجِبٌ؛ لِتَوَقُّفِ
(2)
التَّمَامِ عَلَيْهِ.
• فَلَوِ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ: وَجَبَ الْكَفُّ؛ تَحَرُّجًا عَنْ مُوَاقَعَةِ الْحَرَامِ
(3)
.
(1)
في (أ): وجبت.
(2)
في (أ): ليوقف.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: تجنبًا للحرج في مواقعيَّته، قال في المفصل: تَفَعَّلَ يأتي بمعنى التجنُّب؛ كقولك: تحوَّبَ، وتأثَّمَ، وتهجَّدَ، وتحرَّجَ، أي: تجنَّب الحوبَ والإثمَ والهُجودَ والحرجَ).
فَلَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً، أَوْ أَكَلَ، فَصَادَفَ الْمُبَاحَ: لَمْ يَكُنْ مُوَاقِعًا لِلْحَرَامِ بَاطِنًا، لَكِنْ ظَاهِرًا؛ لِفِعْلِ مَا لَيْسَ لَهُ.
(2)
وَ
مَنْدُوبٌ:
وَهُوَ مَا يَقْتَضِي الثَّوَابَ عَلَى الْفِعْلِ، لَا الْعِقَابَ عَلَى التَّرْكِ.
• وَبِمَعْنَاهُ:
- الْمُسْتَحَبُّ.
- وَالسُّنَّةُ: وَهِيَ الطَّرِيقَةُ وَالسِّيرَةُ، لَكِنْ تَخْتَصُّ بِمَا فُعِلَ لِلْمُتَابَعَةِ فَقَطْ.
- وَالنَّفْلُ: وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاجِبِ.
وَقَدْ سَمَّى الْقَاضِي
(1)
مَا لَا يَتَمَيَّزُ مِنْ ذَلِكَ؛ كَالطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ: وَاجِبًا، بِمَعْنَى: أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ
(1)
إذا أطلق القاضي عند الحنابلة فالمراد به: القاضي أبو يعلى، محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء، كان عالم زمانه وفريد عصره، له تصانيف كثيرة، منها: الجامع الكبير، والجامع الصغير، والتعليقة، والأحكام السلطانية، والكفاية في أصول الفقه، والعدة في أصول الفقه، وغيرها، توفي سنة 458 هـ. ينظر: طبقات الحنابلة 2/ 193، المقصد الأرشد 2/ 395.
الْوَاجِبِ؛ لِعَدَمِ التَّمَيُّزِ.
(1)
وَخَالَفَهُ أَبُو الْخَطَّابِ
(2)
(3)
.
- وَالْفَضِيلَةُ، وَالْأَفْضَلُ: كَالْمَنْدُوبِ.
(3)
وَ
مَحْظُورٌ:
وَهُوَ لُغَةً الْمَمْنُوعُ.
- وَالْحَرَامُ بِمَعْنَاهُ.
- وَهُوَ ضِدُّ الْوَاجِبِ: مَا يُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ، وَيُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ.
• فَلِذَلِكَ: يَسْتَحِيلُ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِالْعَيْنِ وَاجِبًا حَرَامًا؛
(1)
نقل أبو الخطاب في التمهيد (1/ 326) عن القاضي القول بالوجوب كما ذكره المصنف، وحكى المرداوي في التحرير (ص 116): أن للقاضي قولين في المسألة، وكأن المصنف رحمه الله بين أن مراد القاضي في قوله بالوجوب: أنه يثاب ثواب الواجب، لا أنه يعاقب على تركه كما يعاقب على ترك الواجب، والله أعلم.
(2)
هو محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذَاني، أَبُو الخطاب البغدادي، أحد أئمة المذهب وأعيانه، صنَّف كتبًا حسانًا في المذهب والأصول والخلاف، فمن تصانيفه: التمهيد في أصول الفقه، والهداية في الفقه، والانتصار في المسائل الكبار، ورؤوس المسائل، توفي سنة 510 هـ. ينظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 270،، المقصد الأرشد 3/ 20.
(3)
ينظر: العدة 2/ 410، التمهيد 1/ 326، روضة الناظر 1/ 121، شرح مختصر الروضة 1/ 348، شرح الكوكب المنير 1/ 411.
كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
(1)
.
(2)
- وَعِنْدَ مَنْ صَحَّحَهَا
(3)
: النَّهْيُ إِمَّا أَنْ يَرْجِعَ
(4)
:
1 -
إِلَى ذَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ: فَيُضَادُّ وُجُوبَهُ.
2 -
أَوْ إِلَى صِفَتِهِ؛ كَالصَّلَاةِ فِي السُّكْرِ، وَالْحَيْضِ، وَالْأَمَاكِنِ السَّبْعَةِ
(5)
، وَالْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ:
- فَسَمَّاهُ أَبُو حَنِيفَةَ: فَاسِدًا.
(1)
الرواية الأولى: لا تصح، وهي المذهب. والثانية: تصح. ينظر: العدة 2/ 441، الواضح 3/ 253، روضة الناظر 1/ 140، التحبير شرح التحرير 2/ 954.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: أنه لا يجوز أن يكون الشيء الواحد مأمورًا به منهيًّا عنه؛ لأن كونه مأمورًا به يستلزم نفي الحرج، وكونه منهيًّا عنه يستلزم ثبوت الحرج، والجمع بينهما محال، فإن شغل الحيز جزء من ماهية الصلاة، وهو منهي عنه، والأمر بالصلاة أمر بإجزائها، فيلزم الأمر بذلك الشغل والنهي عنه، وهو محال، كذا في مبادئ الأصول).
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: الصلاة في الدار المغضوبة، قال: (النهي إما
…
) إلخ).
(4)
في (ق): يراجع.
(5)
قال القاسمي رحمه الله: (هي السبع المروية عند الترمذي وابن ماجه عن ابن عمر قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى في سبع مواطن: المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، وفي الحمام، وفي معاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله»، ذهبت الحنابلة إلى أنه لا تصح الصلاة فيها بلا عذر فرضًا أو نفلًا، كما في زاد المستقنع، وغيرهم إلى الكراهة فيها).
- وَعِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ نَفْسُ هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَلِذَلِكَ بَطَلَتْ.
3 -
أَوْ لَا إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ كَلُبْسِ الْحَرِيرِ، فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ فِيهِ جَامِعٌ بَيْنَ الْقُرْبَةِ وَالْ
مَكْرُوهِ
بِالْجِهَتَيْنِ: فَتَصِحُّ
(1)
.
(4)
وَمَكْرُوهٌ.
- وَهُوَ ضِدُّ الْمَنْدُوبِ: مَا يَقْتَضِي تَرْكُهُ الثَّوَابَ، وَلَا عِقَابَ عَلَى فِعْلِهِ؛ كَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ نَهْيَ تَنْزِيهٍ.
(5)
وَ
مُبَاحٌ
.
- وَالْجَائِزُ، وَالْحَلَالُ: بِمَعْنَاهُ.
- وَهُوَ: مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ ثَوَابٌ وَلَا عِقَابٌ.
• وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا قَبْلَ الشَّرْعِ:
- فَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، وَالتَّمِيمِيِّ
(2)
: الْإِبَاحَةُ،
(1)
تنظر المسألة في: أصول السرخسي 1/ 89، نفائس الأصول 4/ 1674 المستصفى 1/ 64، البحر المحيط 1/ 346، العدة 2/ 441، والمراجع السابقة.
(2)
هو عبد العزيز بن الحارث بن أسد التميمي الحنبلي، أبو الحسن، صحب أبا القاسم الخرقي وأبا بكر عبد العزيز، وصنف في الأصول والفروع والفرائض، توفي سنة 371 هـ. ينظر: طبقات الحنابلة 2/ 139، المقصد الأرشد 2/ 127.
كَأَبِي حَنِيفَةَ، فَلِذَلِكَ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ
(1)
شَرْعِيَّتَهُ.
- وَعِنْدَ الْقَاضِي، وَابْنِ حَامِدٍ
(2)
، وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ: الْحَظْرُ.
- وَتَوَقَّفَ الْخَرَزِيُّ
(3)
، ........
(1)
قوله: (المعتزلة) سقطت من (ق).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (هو الحسن بن حامد بن علي، أبو عبد الله البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه ومفتيهم، له المصنفات في العلوم المتنوعات، كان ينسخ بيده، ويقتات من أجرته، فسمي ابن حامد الوراق لذلك، وكان كثيرًا ما يأكل الباقلاء بدون دهن وبالعكس، وكان كثير الحج، توفي قافلًا من مكة سنة 403 هـ، كذا في طبقات الحنابلة). ينظر: طبقات الحنابلة 2/ 171، المقصد الأرشد 2/ 319.
(3)
جاءت في (أ): (الحررى) مهملة، وفي (ق): الخرزي. وهو المذكور في موطن آخر من (أ) (ص
…
)، وهكذا ضبطه الدكتور عبد الرحمن العثيمين في تحقيقه لطبقات الحنابلة، وقال عبد الرحمن بن يحيى اليماني في تحقيقه لكتاب الأنساب للسمعاني:(وتقع نسبته تارة هكذا (الخرزي) وتارة (الجزري)).
والذي جاءت ترجمته في طبقات الحنابلة هو أبو الحسن الخرزي البغدادي، كان له قدم في المناظرة ومعرفة الأصول والفروع، وتخصص بصحبة أبي علي النجاد.
وترجم له القاسمي بأنه الخرزي الظاهري، المترجم له في الأنساب للسمعاني.
قال القاسمي رحمه الله: (بخاء معجمة ثم راء مهملة ثم زاي، نسبة إلى الخرز -بفتحتين- ما ينظم، وهو أبو الحسن عبد العزيز بن أحمد الخرزي الفقيه الظاهري، كذا في مختصر الروضة وتاج العروس).
فهل هما شخص واحد وقد اختُلف في ضبط اسمه كما يقوله القاسمي والعثيمين؟ أم هما شخصان كما يميل إليه اليماني؟ فيه بحث.
ينظر: طبقات الحنابلة تحقيق العثيمين 3/ 301، الأنساب 5/ 87، المقصد الأرشد 2/ 159.
وَالْأَكْثَرُونَ
(1)
.
[ب] وَوَضْعِيَّةٌ
(2)
، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:
• أَحَدُهَا: مَا يَظْهَرُ بِهِ الْحُكْمُ، وَهُوَ نَوْعَانِ:
(1)
عِلَّةٌ:
أ - إِمَّا عَقْلِيَّةٌ
(3)
؛ كَالْكَسْرِ للِانْكِسَارِ.
ب - أَوْ شَرْعِيَّةٌ:
- قِيلَ: إِنَّهَا الْمَعْنَى الَّذِي عَلَّقَ الشَّرْعُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ.
(1)
تنظر المسألة في: العدة 4/ 1238، التمهيد 4/ 269، روضة الناظر 1/ 132، أصول الفقه لابن مفلح 1/ 172، قواطع الأدلة 2/ 48، التقرير والتحبير 2/ 99.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (عطف على قوله: تكليفية).
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (وهي: ما أوجب الحكم العقلي لذاته).
- وَقِيلَ: الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى إِثْبَاتِهِ، وَهَذَا أَوْلَى
(1)
.
(2)
وَ
سَبَبٌ
، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ:
أ - فِيمَا يُقَابِلُ الْمُبَاشِرَ؛ كَالْحَفْرِ مَعَ التَّرْدِيَةِ.
ب - وَفِي عِلَّةِ الْعِلَّةِ؛ كَالرَّمْيِ فِي الْقَتْلِ لِلْمَوْتِ.
ت - وَفِي الْعِلَّةِ بِدُونِ شَرْطِهَا؛ كَالنِّصَابِ بِدُونِ الْحَوْلِ.
ث - وَفِي الْعِلَّةِ نَفْسِهَا؛ كَالْقَتْلِ لِلْقِصَاصِ، وَلِذَلِكَ سَمَّوُا الْوَصْفَ الْوَاحِدَ مِنْ أَوْصَافِ الْعِلَّةِ جُزْءَ السَّبَبِ.
• وَمِنْ تَوَابِعِهِمَا
(2)
:
(3)
الشَّرْطُ:
وَهُوَ مَا يَتَوَقَّفُ
(3)
عَلَى وُجُودِهِ:
أ - إِمَّا الْحُكْمُ؛ كَالْإِحْصَانِ لِلرَّجْمِ، وَيُسَمَّى: شَرْطَ الْحُكْمِ.
ب - أَوْ عَمَلُ الْعِلَّةِ: وَهُوَ شَرْطُ الْعِلَّةِ؛ كَالْإِحْصَانِ مَعَ الزِّنَى.
(1)
ينظر: الواضح 1/ 376، شرح مختصر الروضة 3/ 315.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: العلة والسبب).
(3)
في (أ): يوقف.
• فَيُفَارِقُ الْعِلَّةَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْحُكْمُ مِنْ وُجُودِهِ.
• وَهُوَ:
1 -
عَقْلِيٌّ: كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ.
2 -
وَلُغَوِيٌّ: كَالْمُقْتَرِنِ بِحُرُوفِهِ
(1)
.
3 -
وَشَرْعِيٌّ: كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ.
(4)
وَ
الْمَانِعُ:
عَكْسُهُ، وَهُوَ مَا يَتَوَقَّفُ السَّبَبُ أَوِ الْحُكْمُ عَلَى عَدَمِهِ.
أ - فَمَانِعُ السَّبَبِ: كَالدَّيْنِ مَعَ مِلْكِ النِّصَابِ.
ب - وَمَانِعُ الْحُكْمِ: وَهُوَ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ لِنَقِيضِ الْحُكْمِ؛ كَالْمَعْصِيَةِ بِالسَّفَرِ الْمُنَافِي لِلتَّرَخُّصِ.
• ثُمَّ قِيلَ: هُمَا مِنْ جُمْلَةِ السَّبَبِ؛ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ وَعَدِمِ الْمَانِعِ.
وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
• الثَّانِي: الصَّحِيحُ، لُغَةً
(2)
: الْمُسْتَقِيمُ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: حروف الشرط، من نحو: إنْ، وإذا، في نحو: إنْ دخلتِ الدار فأنت طالق).
(2)
في (ق): وهو لغة.
وَاصْطِلَاحًا:
- فِي الْعِبَادَاتِ: مَا أَجْزَأَ وَأَسْقَطَ الْقَضَاءَ.
وَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ: مَا وَافَقَ الْأَمْرَ
(1)
.
- وَفِي الْعُقُودِ: مَا أَفَادَ حُكْمَهُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ
(2)
.
• وَالْفَاسِدُ لُغَةً: الْمُخْتَلُّ.
وَاصْطِلَاحًا: مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ.
- وَمِثْلُهُ: الْبَاطِلُ.
وَخَصَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِاسْمِ الْفَاسِدِ: مَا شُرِعَ بِأَصْلِهِ وَمُنِعَ بِوَصْفِهِ
(3)
، وَالْبَاطِلِ: مَا مُنِعَ بِهِمَا.
وَهُوَ اصْطِلَاحٌ.
• وَالنُّفُوذُ لُغَةً: الْمُجَاوَزَةُ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: أمر الشرع، وجب القضاء أم لا، فصلاة من ظن أنه متطهر وليس كذلك صحيحة عند المتكلمين؛ لموافقته أمر الشرع بالصلاة على حسب حاله، غير صحيحة عند الفقهاء؛ لكونها غير مسقطة للقضاء، كذا في حواشي المرآة).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: ثمراته المطلوبة شرعًا؛ كالبيع للملك).
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: لم يشرع بسبب وصفه؛ كصوم الأيام المنهية، والبيع وقت النداء، وقوله: (والباطل: ما منع بهما) أي: لم يشرع بسببهما).
وَاصْطِلَاحًا: التَّصَرُّفُ الَّذِي لَا
(1)
يَقْدِرُ مُتَعَاطِيهِ عَلَى رَفْعِهِ.
- وَقِيلَ: كَالصَّحِيحِ.
• وَالْأَدَاءُ: فِعْلُ الشَّيْءِ فِي وَقْتِهِ.
• وَالْإِعَادَةُ: فِعْلُهُ ثَانِيًا لِخَلَلٍ أَوْ غَيْرِهِ.
• وَالْقَضَاءُ: فِعْلُهُ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ.
وَقِيلَ: إِلَّا صَوْمَ الْحَائِضِ بَعْدَ رَمَضَانَ. وَلَيْسَ بِشَيْءٍ
(2)
.
• الثَّالِثُ: الْمُنْعَقِدُ، وَأَصْلُهُ: الِالْتِفَافُ.
وَاصْطِلَاحًا:
1 -
إِمَّا: ارْتِبَاطٌ بَيْنَ قَوْلَيْنِ مَخْصُوصَيْنِ؛ كَالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ.
2 -
أَوِ: اللُّزُومُ؛ كَانْعِقَادِ الصَّلَاةِ وَالنَّذْرِ بِالدُّخُولِ.
- وَأَصْلُ اللُّزُومِ: الثُّبُوتُ.
(1)
سقطت (لا) من (ق).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (قال في مختصر الروضة: (وقيل: لا يسمى قضاءً ما فات لعذر؛ كالحائض والمريض والمسافر يستدركون الصوم؛ لعدم وجوبه عليهم حال العذر، بدليل عدم عصيانهم لو ماتوا فيه، ورُدَّ: بوجوب نية القضاء عليهم إجماعًا، وبقول عائشة: «كنا نحيض، فنؤمر بقضاء الصوم»، وبأن ثبوت العبادة في الذمة كدَين الآدمي غير ممتنع، فكلاهما يقضى) ا. هـ).
• وَاللَّازِمُ: مَا يَمْتَنِعُ عَلَى أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُهُ بِمُفْرَدِهِ.
وَالْجَائِزُ: مَا لَا يَمْتَنِعُ.
• وَالْحَسَنُ: مَا لِفَاعِلِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ.
وَالْقَبِيحُ: مَا لَيْسَ لَهُ.
• الرَّابِعُ: الْعَزِيمَةُ، وَالرُّخْصَةُ.
- وَأَصْلُ الْعَزِيمَةِ: الْقَصْدُ الْمُؤَكَّدُ.
- وَالرُّخْصَةُ: السُّهُولَةُ.
• وَاصْطِلَاحًا:
- الْعَزِيمَةُ: الْحُكْمُ الثَّابِتُ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ.
- وَالرُّخْصَةُ: إِبَاحَةُ
(1)
الْمَحْظُورِ مَعَ قِيَامِ سَبَبِ الْحَظْرِ.
وَقِيلَ: مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ.
• كَـ:
- تَيَمُّمِ الْمَرِيضِ لِمَرَضِهِ.
- وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ.
(1)
في (ق): استباحة.
لِقِيَامِ سَبَبِ الْحَظْرِ؛ لِوُجُودِ الْمَاءِ، وَخُبْثِ الْمَحَلِّ.
- وَالْعَرَايَا
(1)
مِنْ صُوَرِ الْمُزَابَنَةِ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (عطف على تيمم، والظرف بعده حال، أي: كائنة من صور المزابنة بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر، ولما نهي عنها لما يقع فيها من الغبن والجهالة رخص في العرايا، وهو أن من لا نخل له من الفقراء يدرك الرطب، ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله، ولا نخل له يطعمهم منه، ويكون قد فضل له من قوته تمر فيجيء إلى صاحب النخل فيقول له: بعني تمر نخلة أو نخلتين بخرصهما من التمر، فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات ليصيب من رطبها مع الناس؛ فرخص فيه إذا كان دون خمسة أوسق.
والعرايا: جمع عَرِيَّة، فعيلة بمعنى مفعول، من عراه يعروه، إذا قصده، وبمعنى فاعلة من عريَ يعرَى إذا خلع ثوبه؛ كأنها عَريت من جملة تحريم المزابنة، أي: خرجت، كذا في النهاية).
الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَدِلَّةِ
• أَصْلُ الدَّلَالَةِ
(1)
: الْإِرْشَادُ.
• وَاصْطِلَاحًا: قِيلَ: مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا لَا يُعْلَمُ فِي مُسْتَقِرِّ الْعَادَةِ اضْطِرَارًا
(2)
، عِلْمًا أَوْ ظَنًّا.
• وَالدَّلِيلُ يُرَادُ بِهِ:
1 -
إِمَّا الدَّالُّ؛ كَدَلِيلِ الطَّرِيقِ.
2 -
أَوْ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ مِنْ نَصٍّ أَوْ غَيْرِهِ
(3)
.
• وَيُرَادِفُهُ أَلْفَاظٌ، مِنْهَا:
- الْبُرْهَانُ، وَالْحُجَّةُ، وَالسُّلْطَانُ، وَالْآيَةُ؛ وَهَذِهِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْقَطْعِيَّاتِ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الظَّنِّيَّاتِ.
(1)
الدلالة: بفتح الدال وكسرها وضمها. ينظر: المصباح المنير 1/ 199، تاج العروس 28/ 497.
(2)
في (ق): اضطرارٌ.
قال القاسمي رحمه الله: (مفعول يعلم، وقوله: (علمًا) مفعول معرفة، أي: يتوصل به إلى معرفة علم أو ظن لما لا يعلم ضرورة).
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: فالدليل فعيل بمعنى فاعل أو مفعول).
- وَالْأَمَارَةُ
(1)
، وَالْعَلَامَةُ؛ وَتُسْتَعْمَلُ فِي الظَّنِّيَّاتِ فَقَطْ.
• وَأُصُولُ الْأَدِلَّةِ أَرْبَعَةٌ:
1 -
الْكِتَابُ.
2 -
وَالسُّنَّةُ.
3 -
وَالْإِجْمَاعُ.
- وَهِيَ سَمْعِيَّةٌ.
- وَيَتَفَرَّعُ عَنْهَا:
الْقِيَاسُ.
وَالِاسْتِدْلَالُ.
4 -
وَالرَّابِعُ عَقْلِيٌّ: وَهُوَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ فِي النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ الدَّالِّ عَلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (بفتح الهمزة، وأما الإمارة بمعنى السلطة فبكسر الهمزة، وقد تفتح أيضًا كما في القاموس).
• فَالْكِتَابُ: كَلَامُ اللهِ عز وجل.
• وَهُوَ الْقُرْآنُ الْمَتْلُوُّ بِالْأَلْسِنَةِ، الْمَكْتُوبُ فِي الْمَصَاحِفِ، الْمَحْفُوظُ فِي الصُّدُورِ.
• وَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ فِي أَقْسَامِهِ:
- فَمِنْهُ حَقِيقَةٌ: وَهِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ.
- وَمَجَازٌ: وَهُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ؛ كَـ {جَنَاحَ الذُّلِّ} ، وَ {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} .
• وَمِنْهُ مَا اسْتُعْمِلَ فِي لُغَةٍ أُخْرَى: وَهُوَ الْمُعَرَّبُ؛ كَـ {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} ، وَهِيَ حَبَشِيَّةٌ، وَ (الْمِشْكَاةٍ) هِنْدِيَّةٌ، وَ (الْإِسْتَبْرَق) فَارِسِيَّةٌ
(1)
.
وَقَالَ
(2)
الْقَاضِي: الْكُلُّ عَرَبِيٌّ
(3)
.
• وَفِيهِ: مُحْكَمٌ، وَمُتَشَابِهٌ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (يتوقف الجزم بذلك على مراجعة قواميس اللغات التي صنفها ذووها للكشف عن موادها، فتفطن).
(2)
في (ق): قال.
(3)
ينظر: العدة 3/ 707، التمهيد 2/ 278، التحبير شرح التحرير 2/ 466، شرح الكوكب المنير 1/ 192.
- قَالَ الْقَاضِي: الْمُحْكَمُ: الْمُفَسَّرُ، وَالْمُتَشَابِهُ: الْمُجْمَلُ.
- وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ
(1)
: الْمُتَشَابِهُ: مَا يَغْمُضُ عِلْمُهُ عَلَى غَيْرِ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ؛ كَالْآيَاتِ الْمُتَعَارِضَةِ.
- وَقِيلَ: الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةُ.
- وَقِيلَ: الْمُحْكَمُ: الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ، وَالْحَرَامُ وَالْحَلَالُ.
وَالْمُتَشَابِهُ: الْقَصَصُ، وَالْأَمْثَالُ.
- وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْمُتَشَابِهَ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، وَيَحْرُمُ تَأْوِيلُهُ؛ كَآيَاتِ الصِّفَاتِ.
(2)
(1)
هو: علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري، أبو الوفاء، شيخ الحنابلة ببغداد في وقته، كان قويّ الحجة، له تصانيف كثيرة، منها: كتاب الفنون في أربعمائة جزء، الواضح في الأصول، والفصول، وكفاية المفتي، توفي سنة 513 هـ. ينظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 316، المقصد الأرشد 2/ 245.
(2)
تنظر المسألة في: العدة 1/ 151، التمهيد 2/ 275، الواضح 1/ 166، روضة الناظر 1/ 213، المستصفى ص 85، البحر المحيط 2/ 188.
قال القاسمي رحمه الله: (روى الحافظ الذهبي عن أبي القاسم هبة الله اللالكائي والشيخ موفق الدين المقدسي وغيرهما بالإسناد عن عبد الله الدبوسي قال: سمعت محمد بن الحسن يعني صاحب أبي حنيفة رضي الله عنهما يقول: (اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب عز وجل، من غير تفسير، ولا وصف، ولا تشبيه، فمن فسر شيئًا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وفارق الجماعة؛ لأنه وصفه بصفة لا شيء) ا. هـ كلام الإمام محمد رحمه الله، وقال إمام الحرمين:(ذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب عز وجل، قال: (وهو الذي ندين الله به) ا. هـ، يعني مذهب السلف، وفي المرآة وأصلها المرقاة ما نصه: وحكم المتشابه اعتقاد حقية المراد، والامتناع عن التأويل، وهذه طريقة السلف ومذهب عامة أهل السنة والجماعة ا. هـ).
تنبيه: نصوص الصفات الواردة في الكتاب والسنة من قبيل النصوص المحكمة الواضحة، التي يجب الإيمان بما دلت عليه من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تكييف ولا تعطيل.
وأما من أطلق على نصوص الصفات أنها من المتشابه فإنه يستفصل عن معنى كلامه:
- فإن أراد أن كيفية الصفات من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، لا نفس المعنى، كان كلامه صحيحًا جائزًا.
وكذلك إن أراد: أنه يشتبه معناها على بعض الناس، كانت من المتشابه بهذا الاعتبار، قال ابن القيم:(فهذا وإن كان يعرض لبعض الناس فهو أمر نسبي إضافي، فيكون متشابهًا بالنسبة إليه دون غيره، ولا فرق في هذا بين آيات الأحكام وآيات الصفات، فإن المراد قد يشتبه فيهما بغيره على بعض الناس دون بعض).
وإن أراد أنها من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله؛ كان كلامه باطلًا، قال شيخ الإسلام:(فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة، لا أحمد بن حنبل ولا غيره، أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية ونفى أن يعلم أحد معناه). ينظر: مجموع الفتاوى 13/ 294، الصواعق المرسلة 1/ 213، مذكرة في أصول الفقه للشنقيطي ص 95.
• وَالسُّنَّةُ: مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ، أَوِ فِعْلٍ، أَوْ تَقْرِيرٍ.
• فَالْقَوْلُ: حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ يَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ؛ لِدَلَالَةِ الْمُعْجِزِ عَلَى صِدْقِهِ.
• وَأَمَّا الْفِعْلُ:
1 -
فَمَا ثَبَتَ فِيهِ أَمْرُ الْجِبِلَّةِ؛ كَالْقِيَامِ، وَالْقُعُودِ، وَغَيْرِهِمَا: فَلَا حُكْمَ لَهُ.
2 -
وَمَا ثَبَتَ خُصُوصُهُ
(1)
بِهِ؛ كَقِيَامِ اللَّيْلِ: فَلَا شِرْكَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ
(2)
.
3 -
وَمَا فَعَلَهُ بَيَانًا:
- إِمَّا بِالْقَوْلِ: كَقَوْلِهِ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»
(3)
.
- أَوْ بِالْفِعْلِ: كَقَطْعِ السَّارِقِ مِنَ الْكُوعِ.
فَهُوَ مُعْتَبَرٌ اتِّفَاقًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ.
4 -
وَمَا سِوَى ذَلِكَ: فَالتَّشْرِيكُ.
(1)
في (ق): خصوصية.
(2)
قوله: (فيه): سقطت من (ق).
(3)
أخرجه البخاري (631) من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه.
أ - فَإِنْ عُلِمَ حُكْمُهُ مِنَ الْوُجُوبِ وَالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِهِمَا
(1)
: فَكَذَلِكَ اتِّفَاقًا.
ب - وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ؛ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:
(1)
إِحْدَاهُمَا
(2)
: أَنَّ حُكْمَهُ الْوُجُوبُ؛ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
(2)
وَالْأُخْرَى: النَّدْبُ؛ لِثُبُوتِ رُجْحَانِ الْفِعْلِ دُونَ الْمَنْعِ مِنَ التَّرْكِ
(3)
.
(3)
وَقِيلَ: الْإِبَاحَةُ.
(4)
وَتَوَقَّفَ الْمُعْتَزِلَةُ؛ لِلتَّعَارُضِ.
(1)
في (ق): وغيرهم.
(2)
في (ق): أحدهما.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (قد أشار إلى مسألة في التروك الإمام ابن دقيق العيد في شرح العمدة، يستفاد منها قاعدة فيها قال في شرح حديث: «كان يسبح على ظهر راحلته غير أنه كان لا يصلي عليها المكتوبة»: قد يتمسك في أن صلاة الفرض لا تؤدى على الراحلة، وليس بقوي في الاستدلال؛ لأنه ليس فيه إلا ترك الفعل المخصوص، وليس الترك بدليل على الامتناع، وكذا الكلام في حديث: (إلا الفرائض) فإنه إنما يدل على ترك هذا الفعل، وترك الفعل لا يدل على امتناعه كما ذكرناه، ثم قال:(وقد يقال: إن ترك الصلاة لها على الراحلة دائمًا مع فعل النوافل عليها يشعر بالفرقان بينهما في الجواز وعدمه) ا. هـ ملخصًا).
وَالْوُجُوبُ أَحْوَطُ
(1)
.
• وَأَمَّا تَقْرِيرُهُ: وَهُوَ تَرْكُ الْإِنْكَارِ عَلَى فِعْلِ فَاعِلٍ:
1 -
فَإِنْ عُلِمَ عِلْمُهُ
(2)
ذَلِكَ؛ كَالذِّمِّيِّ عَلَى فِطْرِهِ رَمَضَانَ: فَلَا حُكْمَ لَهُ.
2 -
وَإِلَّا: دَلَّ عَلَى الْجَوَازِ.
• ثُمَّ الْعَالِمُ بِذَلِكَ مِنْهُ
(3)
:
1 -
بِالْمُبَاشَرَةِ؛ إِمَّا بِسَمَاعِ الْقَوْلِ، أَوْ رُؤْيَةِ الْفِعْلِ أَوِ التَّقْرِيرِ: فَقَاطِعٌ بِهِ.
2 -
وَغَيْرُهُ إِنَّمَا يَصِلُ إِلَيْهِ بِطَرِيقِ الْخَبَرِ عَنِ الْمُبَاشِرِ: فَيَتَفَاوَتُ فِي قَطْعِيَّتِهِ بِتَفَاوُتِ طَرِيقِهِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَدْخُلُهُ
(1)
ينظر: الواضح 2/ 19، المسودة ص 71، أصول الفقه لابن مفلح 1/ 328، أصول السرخسي 2/ 86، المستصفى ص 274، الإحكام للآمدي 1/ 173، نهاية السول ص 249.
(2)
في (ط 1)، و (ط 2):(علة). والصواب المثبت، كما في أصول الفقه لابن مفلح (1/ 354)، قال:(إِذا سكت عليه السلام عن إِنكار فعل أو قول بحضرته أو زمنه قادرًا عالمًا به، فإِن كان معتقدًا لكافر كمضيّه إِلى كنيسة فلا أثر لسكوته اتفاقًا، وإِلا دل على جوازه -وإِن سبق تحريمه فنسخ- لئلا يكون سكوته محرمًا)، ووافقه في التحبير شرح التحرير 3/ 1491.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا شروع في تقسيم العلم بالسنة إلى قطعي وغيره، وتوصل إلى تقسيم بمقدمة بديعة وأسلوب انفرد به رحمه الله.
الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْقَطْعِ بِصِدْقِهِ لِعَدَمِ الْمُبَاشَرَةِ.
• وَالْخَبَرُ: يَنْقَسِمُ إِلَى تَوَاتُرٍ
(1)
وَآحَادٍ.
[أ] فَالتَّوَاتُرُ
(2)
: إِخْبَارُ جَمَاعَةٍ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ.
- وَشُرُوطُه ثَلَاثَةٌ:
(1)
إِسْنَادُهُ
(3)
إِلَى مَحْسُوسٍ: كَـ «سَمِعْتُ» ، أَوْ «رَأَيْتُ» .
لَا إِلَى اعْتِقَادٍ.
(2)
وَاسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَالْوَاسِطَةِ فِي شَرْطِهِ
(4)
.
(1)
في (ق): متواتر.
(2)
في (ق): فالمتواتر.
(3)
في (ق): استناده.
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (مراده بشرطه: هو الشرط المذكور أولًا، وهو العلم الضروري المستند إلى المحسوس).
ولكن يظهر والله أعلم أن قول المصنف: (في شرطه) مراده: في جميع شروطه، وقد نبه على ذلك الآمدي في إحكامه (2/ 25)، فقال في ذكر شروط المتواتر:(فأربعة شروط: الأول: أن يكونوا قد انتهوا في الكثرة إلى حد يمتنع معه تواطؤهم على الكذب. الثاني: أن يكونوا عالمين بما أخبروا به لا ظانين. الثالث: أن يكون علمهم مستندًا إلى الحس، لا إلى دليل العقل. الرابع: أن يستوي طرفا الخبر ووسطه في هذه الشروط).
(3)
وَالْعَدَدُ:
فَقِيلَ: أَقَلُّهُ اثْنَانِ.
وَقِيلَ: أَرْبَعَةٌ.
وَقِيلَ: خَمْسَةٌ.
وَقِيلَ: عِشْرُونَ.
وَقِيلَ: سَبْعُونَ.
وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَالصَّحِيحُ: لَا يَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ، بَلْ مَتَى أَخْبَرَ وَاحِدٌ
(1)
بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى يَخْرُجُوا بِالْكَثْرَةِ إِلَى حَدٍّ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ؛ حَصَلَ الْقَطْعُ بِقَوْلِهِمْ
(2)
.
• وَكَذَلِكَ يَحْصُلُ بِدُونِ:
- عَدَالَةِ الرُّوَاةِ.
- وَإِسْلَامِهِمْ.
لِقَطْعِنَا بِوُجُودِ مِصْرَ.
(1)
في (أ): أخبر واحدًا.
(2)
ينظر: الواضح 4/ 355، وروضة الناظر 1/ 297، شرح مختصر الروضة 2/ 88، الإحكام للآمدي 2/ 25، شرح تنقيح الفصول ص 351، بيان المختصر 1/ 649.
• وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ.
• وَيَجِبُ تَصْدِيقُهُ: بِمُجَرَّدِهِ.
- وَغَيْرِهِ: بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ.
• وَالْعِلْمُ الْحَاصِلُ بِهِ:
1 -
ضَرُورِيٌّ عِنْدَ الْقَاضِي.
2 -
وَنَظَرِيٌّ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ
(1)
.
• وَإِفَادَةُ
(2)
الْعِلْمِ فِي وَاقِعَةٍ، وَلِشَخْصٍ بِدُونِ قَرِينَةٍ: إِفَادَةٌ فِي غَيْرِهَا، أَوْ لِشَخْصٍ آخَرَ
(3)
.
[ب] وَالْآحَادُ: مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ.
(1)
ينظر: العدة 3/ 847، التمهيد 3/ 22، التحبير شرح التحرير 4/ 1771، شرح الكوكب المنير 2/ 326.
(2)
كذا في (ق)، وهي غير واضحة في (أ)، وفي (ط 1) و (ط 2): وما أفاد
(3)
في (ق): وإفادة العلم في واقعة لشخص بدون قرينة إفادة في غيرها لشخص آخر.
قال القاسمي رحمه الله: (أوضحها الفناري في فصول البدائع بقوله: قال القاضي وأبو الحسين: كل خبر أفاد علمًا بواقعة لشخص فمثله يفيد علمًا بأخرى لآخر، والصحيح أن ذلك عند تساوي الخبرين بحسب القرائن اللازمة من كل وجه. ا. هـ).
• وَالْعِلْمُ:
1 -
لَا يَحْصُلُ بِهِ
(1)
فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهِيَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَمُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا
(2)
.
2 -
وَالْأُخْرَى: بَلَى، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالظَّاهِرِيَّةِ.
وَقَدْ حُمِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ
(3)
: عَلَى مَا نَقَلَهُ الْأَئِمَّةُ الْمُتَّفَقُ عَلَى
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: القطع لا يحصل به، أي: لا يفيده، ولذا قال العلامة الفناري في فصول البدائع: (ولا يضلل جاحد الآحاد)، وفي نور الأنوار على المنار:(تارك العمل بأخبار الآحاد بطريق التأويل بأن يقول: هذا الخبر ضعيف أو غريب أو مخالف للكتاب لا يفسق فيه؛ لأن هذا ليس للهوى والشهوة، بل مما توارثته العلماء لأجل الدقة والفطانة) ا. هـ. وبه يجاب عما يمر بقارئ شرح البخاري من مناقشة الصحب رضي الله عنهم ممن بعدهم في كثير من المروي آحادًا، إما بإنكاره رأسًا أو تأويله؛ بأن مرجعه دقة النظر، وسعة العلم، كما علله صاحب نور الأنوار).
(2)
في (أ): الصحابة. وهي خطأ.
(3)
أي: حمل بعض العلماء ما ورد في القول الثاني من إفادة خبر الآحاد للعلم: على الخبر الذي احتفت به القرائن، قال القاضي أبو يعلى في مقدمة المجرد:(خبر الواحد يوجب العلم إذا صح سنده ولم تختلف الرواية به وتلقته الأمة بالقبول، وأصحابنا يطلقون القول فيه، وأنه يوجب العلم وإن لم تتلقه بالقبول، والمذهب على ما حكيت لا غير). ينظر: المسودة (ص 247).
وبعض العلماء أبقاه على إطلاقه، من أن كل خبر آحاد يفيد العلم، وهو المنقول عن الظاهرية كما أفاده ابن حزم.
وعلى هذا فالأقوال ثلاثة:
الأول: أنه لا يفيد العلم.
الثاني: أنه يفيد العلم مطلقًا.
الثالث: أنه يفيد العلم إذا احتفت به القرائن؛ كأن يكون مما كثرت رواته، وتلقته الأمة بالقبول، ودلت القرائن على صدق ناقله.
ينظر: روضة الناظر 1/ 303، شرح مختصر الروضة 2/ 104، التحبير شرح التحرير 4/ 1808، الإحكام لابن حزم 1/ 108.
عَدَالَتِهِمْ، وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ؛ لِقُوَّتِهِ بِذَلِكَ كَخَبَرِ الصَّحَابِيِّ
(1)
، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ، أَوْ عَارَضَهُ خَبَرٌ آخَرُ؛ فَلَيْسَ كَذَلِكَ
(2)
.
• وَقَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ جَوَازَ التَّعَبُّدِ بِهِ عَقْلًا؛ لِاحْتِمَالِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَقْتَضِيهِ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (عبارة مختصر الروضة: كأخبار الشيخين ونحوهما. [الأولون: لو] أفاد العلم لصدقنا كل خبر نسمعه، ولما تعارض خبران، ولجاز نسخ القرآن وتواتر السنة [به]، ولجاز الحكم بشاهد واحد، ولاستوى العدل والفاسق كالمتواتر وللوازم باطلة، والاحتجاج بنحو: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} غير مجدٍ؛ لجواز ارتكاب المحرم).
تنبيه: ما بين المعقوفتين تصحيح من مختصر الروضة لتستقيم العبارة، والذي في (ق): وإلا فلو.
(2)
تنظر المسألة: العدة 3/ 898، التمهيد 403، المسودة ص 240، شرح مختصر الروضة 2/ 103، الإحكام لابن حزم 1/ 108، أصول السرخسي 1/ 321، كشف الأسرار 2/ 370.
وَالْأَكْثَرُونَ: لَا يَمْتَنِعُ
(1)
.
• فَأَمَّا سَمْعًا:
1 -
فَيَجِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
2 -
وَخَالَفَ أَكْثَرُ الْقَدَرِيَّةِ، وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى قَبُولِهِ يَرُدُّ ذَلِكَ
(2)
.
• وَشُرُوطُ الرَّاوِي أَرْبَعَةٌ:
(1)
الْإِسْلَامُ: فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ كَافِرٍ، وَلَوْ بِبِدْعَةٍ.
- إِلَّا الْمُتَأَوِّلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ.
(2)
وَالتَّكْلِيفُ حَالَةَ الْأَدَاءِ
(3)
.
(1)
ينظر: الواضح 4/ 366، التمهيد 3/ 35، أصول الفقه لابن مفلح 2/ 500، شرح الكوكب المنير 2/ 395، الإحكام للآمدي 2/ 45.
(2)
ينظر: العدة 3/ 895، التمهيد 3/ 35، روضة الناظر 1/ 313، شرح الكوكب المنير 2/ 361، كشف الأسرار 2/ 370، الإحكام للآمدي 2/ 51.
(3)
قال القاسمي: (فلا يقبل خبر الصبي والمجنون؛ لكونه لا يعرف الله تعالى ولا يخافه، واتفق الصحابة على قبول أخبار أصاغر الصحابة؛ كابن عباس، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، والحسن، والحسين، والنعمان من بشير، ونظرائهم ا. هـ من مختصر الروضة).
وعبارة مختصر الروضة: (فإن سمع صغيرًا وروى بالغًا؛ قُبل كالشهادة، وصبيان الصحابة، والإجماع على إحضاره مجالس السماع، ولا فائدة له إلا ذلك). ينظر: شرح مختصر الروضة 2/ 163.
(3)
وَالضَّبْطُ:
- سَمَاعًا.
- وَأَدَاءً.
(4)
وَالْعَدَالَةُ: فَلَا يُقْبَلُ مِنْ فَاسِقٍ.
- إِلَّا بِبِدْعَةٍ مُتَأَوِّلًا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ
(1)
وَالشَّافِعِيِّ
(2)
.
• وَالْمَجْهُولُ فِي شَرْطٍ مِنْهَا: لَا يُقْبَلُ، كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
- وَعَنْهُ: إِلَّا فِي الْعَدَالَةِ، كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ
(3)
.
• وَلَا يُشْتَرَطُ:
- ذُكُورِيَّتُهُ.
(1)
قيده أبو الخطاب بألا يكون داعية إلى بدعته، فإن كان داعية فلا يقبل خبره. ينظر: التمهيد 3/ 113، روضة الناظر 1/ 330.
(2)
هو أبو عبدالله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع المطلبي القرشي، أحد الأئمة الأربعة، عالم عصره، ولد سنة 150 هـ، نشأ بمكة يتيماً في حجر أمه، من مصنفاته: أحكام القرآن، واختلاف الحديث، وكتاب الأم في الفقه. ينظر: تذكرة الحفاظ 1/ 265، طبقات الفقهاء ص 71.
وتنظر مسألة رواية المبتدع في: العدة 3/ 948، التمهيد 3/ 113، روضة الناظر 1/ 330، شرح الكوكب المنير 2/ 402، الإحكام للآمدي 2/ 83، البحر المحيط 6/ 143.
(3)
ينظر: العدة 3/ 936، التمهيد 3/ 121، روضة الناظر 1/ 334، شرح الكوكب المنير 2/ 361، كشف الأسرار 2/ 400، البحر المحيط 6/ 158.
- وَلَا رُؤْيَتُهُ.
- وَلَا فِقْهُهُ.
- وَلَا مَعْرِفَةُ نَسَبِهِ.
• وَيُقْبَلُ الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ إِنْ كَانَ شَاهِدًا.
• وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ بِإِجْمَاعِ الْمُعْتَبَرِينَ
(1)
.
• وَالصَّحَابِيُّ: مَنْ صَحِبَهُ وَلَوْ سَاعَةً، أَوْ رَآهُ مُؤْمِنًا.
• وَتَثْبُتُ صُحْبَتُهُ:
- بِخَبَرِ غَيْرِهِ عَنْهُ.
- أَوْ خَبَرِهِ عَنْ نَفْسِهِ.
• وَغَيْرُ الصَّحَابِيِّ: لَا بُدَّ مِنْ تَزْكِيَتِهِ؛ كَالشَّهَادَةِ.
• وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ: تَزْكِيَةٌ فِي رِوَايَةٍ، بِشَرْطِ أَنْ يُعْلَمَ مِنْ عَادَةِ
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (قال في مختصر الروضة: (الجمهور أن الصحابة عدول لا حاجة إلى البحث عن عدالتهم، وقيل: إلى أوان الخلاف لشياع المخطئ منهم فيهم، وقيل: هم كغيرهم، لنا: ثناء الله ورسوله عليهم نحو: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ}، {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَاءٌ}، «خير الناس قرني»، «لا تؤذوني في أصحابي»، ثم فيما تواتر من صلاحهم وطاعتهم لله ورسوله غاية التعديل) ا هـ، ونحوه في جمع الجوامع وشرحه).
الرَّاوِي أَوْ صَرِيحِ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ
(1)
.
(2)
• وَالْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ أَقْوَى مِنْ تَزْكِيَتِهِ.
• وَالْجَرْحُ: نِسْبَةُ مَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ.
• وَلَيْسَ تَرْكُ الْحُكْمِ بِشَهَادَةٍ
(3)
مِنْهُ
(4)
.
(1)
والرواية الثانية: أن رواية العدل لا تكون تعديلاً له مطلقاً. ينظر: العدة 3/ 934، روضة الناظر 1/ 344، شرح مختصر الروضة 2/ 177، شرح علل الترمذي لابن رجب 1/ 376.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (خالف في ذلك الأكثر، فذهبوا إلى أن الرواية المذكورة ليست بتعديل).
(3)
كذا في النسخ الخطية، وفي (ط 1) و (ط 2):(بشهادته).
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: بل لا بد من بيان السبب في الجرح؛ لاختلاف الناس فيه، واعتقاد بعضهم ما ليس سببًا، كذا في الروضة، قال ابن الصلاح: ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم، ذهابًا منه إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه، وقال القزويني: موضع المسألة هو جرح وتعديل ذوي البصائر بهذا الشأن، لا مطلق من يجرح أو يعدل، ولذا قال ابن عبد البر: لقد تجاوز [الناس الحد في الغيبة والذم، فلم يقنعوا بذم العامة دون الخاصة، ولا بذم الجهال دون العلماء، وهذا كله يحمل عليه] الجهل والحسد، قال الذهبي: وكثيرًا ما صار الطعن جرحًا في الطاعنين، فقد قال الغزالي في طليعة كتابه فيصل التفرقة: (استحقر من لا يحسد ولا يقذف، واستصغر من بالضلال لا يعرف) وقد أوسع المقال في هذا البحث الإمام الحافظ ابن عبد البر في كتابه جامع العلم وفضله في باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض فارجع إليه، وعض بنواجذك عليه، ويرحم الله القائل.
وما عبر الإنسان عن فضل نفسه
…
بمثل اعتقاد الفضل في كل فاضل
وليس من الإنصاف أن يدفع الفتى يد النقص عنه بانتقاص الأفاضل).
تنبيه: ما بين المعقوفتين من طبعة مكتبة ابن تيمية.
• وَيُقْبَلُ -كَالتَّزْكِيَةِ- مِنْ وَاحِدٍ.
• وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِهِ
(1)
.
وَعَنْهُ: بَلَى.
وَقِيلَ: يُسْتَفْسَرُ غَيْرُ الْعَالِمِ
(2)
.
• وَيُقَدَّمُ عَلَى التَّعْدِيلِ
(3)
.
وَقِيلَ: الْأَكْثَرُ
(4)
.
• وَأَمَّا أَلْفَاظُ
(5)
الرِّوَايَةِ:
[1]
فَمِنَ الصَّحَابِيِّ خَمْسَةٌ:
1 -
أَقْوَاهَا: «سَمِعْتُهُ» ، أَوْ «أَخْبَرَنِي» ، أَوْ «شَافَهَنِي» .
2 -
ثُمَّ: «قَالَ كَذَا» ؛ لِاحْتِمَالِ سَمَاعِهِ مِنْ غَيْرِهِ.
(1)
في (ق): شينه، وفي (أ) مهملة النقط، والمثبت موافق لما في كتب الأصول.
(2)
ينظر: العدة 3/ 931، الواضح 5/ 13، روضة الناظر 1/ 342، شرح مختصر الروضة 2/ 163، الإحكام للآمدي 2/ 86، البحر المحيط 6/ 178.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: لتضمنه زيادة خفيت عن المعدل، وإن زاد عدده على عدد الجارح في الأظهر فيه، واعتبر العدد فيهما قوم، ونفاه آخرون. كذا في الروضة).
(4)
ينظر: روضة الناظر 1/ 343، أصول الفقه لابن مفلح 2/ 553، شرح مختصر الروضة 2/ 167، نهاية السول 1/ 268، البحر المحيط 6/ 185.
(5)
في (أ): وألفاظ.
3 -
ثُمَّ: «أَمَرَ» ، أَوْ «نَهَى» .
4 -
ثُمَّ: «أُمِرْنَا» ، أَوْ «نُهِينَا»
(1)
؛ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْآمِرِ.
- وَمِثْلُهُ: «مِنَ السُّنَّةِ» .
5 -
ثُمَّ: «كُنَّا نَفْعَلُ» ، أَوْ «كَانُوا يَفْعَلُونَ» .
- فَإِنْ أُضِيفَتْ
(2)
إِلَى زَمَنِهِ: فَحُجَّةٌ؛ لِظُهُورِ إِقْرَارِهِ عَلَيْهِ.
• وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: «كَانُوا يَفْعَلُونَ» نَقْلٌ لِلْإِجْمَاعِ.
خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ
(3)
.
• وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: «هَذَا الْخَبَرُ مَنْسُوخٌ» عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ
(4)
.
• وَيُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ.
[2]
وَلِغَيْرِهِ
(5)
مَرَاتِبُ:
1 -
أَعْلَاهَا: قِرَاءَةُ الشَّيْخِ عَلَيْهِ فِي مَعْرِضِ الْإِخْبَارِ،
(1)
في (ق): نهانا.
(2)
في (ق): أضيف.
(3)
ينظر: العدة 3/ 998، التمهيد 3/ 184، الواضح 5/ 64، روضة الناظر 1/ 286، قواطع الأدلة 1/ 313، البحر المحيط 6/ 305.
(4)
ينظر: التمهيد 3/ 189، روضة الناظر 1/ 286، المسودة 1/ 176.
(5)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: لغير الصحابي).
فَيَقُولُ: «حَدَّثَنِي» ، أَوْ «أَخْبَرَنِي» ، وَ «قَالَ» ، وَ
(1)
«سَمِعْتُهُ» .
2 -
ثُمَّ: قِرَاءَتُهُ عَلَى الشَّيْخِ، فَيَقُولُ الشَّيْخُ:«نَعَمْ» ، أَوْ يَسْكُتُ، خِلَافًا لِبَعْضِ الظَّاهِرِيَّةِ
(2)
.
- فَيَقُولُ: «أَخْبَرَنَا» ، أَوْ «حَدَّثَنَا» قِرَاءَةً عَلَيْهِ، لَا بِدُونِهِ، فِي رِوَايَةٍ
(3)
.
- وَلَيْسَ لَهُ إِبْدَالُ إِحْدَى لَفْظَتَيِ الشَّيْخِ: بِـ «حَدَّثَنَا» أَوْ
(1)
الواو سقطت من (ق).
(2)
ينظر: الواضح 5/ 47، روضة الناظر 1/ 349، شرح مختصر الروضة 2/ 203، المستصفى 1/ 131، الإحكام لابن حزم 2/ 146.
(3)
أي: لا بد أن يقول: أخبرنا قراءة عليه، أو حدثنا قراءة عليه.
والرواية الثانية: له أن يقول: "أخبرنا"، أو "حدثنا"، من غير أن يقول:"قراءة عليه".
والرواية الثالثة: له أن يقول: "أخبرنا"، ويطلق، وإذا قال:"حدثنا" لا بد أن يقيدها بـ: "قراءة عليه".
والرواية الرابعة: جواز: "حدثنا" و "أخبرنا"، فيما أقر به الشيخ لفظاً لا حالاً.
والرواية الخامسة: جواز: "أخبرنا" فقط فيما أقر به لفظاً لا حالاً.
ينظر: العدة 3/ 977، روضة الناظر 1/ 349، المسودة ص 283، أصول الفقه لابن مفلح 2/ 589، شرح مختصر الروضة 2/ 205، التحبير شرح التحرير 5/ 2039.
«أَخْبَرَنَا» بِالْأُخْرَى، فِي رِوَايَةٍ
(1)
.
3 -
ثُمَّ: الْإِجَازَةُ، فَيَقُولُ:«أَجَزْتُ لَكَ رِوَايَةَ الْكِتَابِ الْفُلَانِيِّ» ، أَوْ «مَسْمُوعَاتِي» .
4 -
وَالْمُنَاوَلَةُ: فَيُنَاوِلُهُ كِتَابًا، وَيَقُولُ:«ارْوِهِ عَنِّي» ، فَيَقُولُ:«أَنْبَأَنَا» .
• وَإِنْ قَالَ: «أَخْبَرَنَا» ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ: «إِجَازَةً» ، أَوْ «مُنَاوَلَةً» .
• وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ
(2)
وَأَبِي يُوسُفَ
(3)
: مَنْعُ الرِّوَايَةِ بِهِمَا
(4)
.
• وَلَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ
(1)
والرواية الثانية: يجوز. ينظر: العدة 3/ 980، روضة الناظر 1/ 350، المسودة ص 283، أصول الفقه لابن مفلح 2/ 590، شرح مختصر الروضة 2/ 205، التحبير شرح التحرير 5/ 2040.
(2)
هو النعمان بن ثابت الكوفي، مولى بني تيم بن ثعلبة، أحد الأئمة الأربعة، وعلامة العراق، الفقيه المجتهد الإمام، من مصنفاته: المخارج في الفقه، والفقه الأكبر، الرد على القدرية، كتاب العالم والمتعلم، توفي سنة 150 هـ، وله سبعون سنة. ينظر: الجواهر المضية 1/ 26، سير أعلام النبلاء 6/ 390.
(3)
هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خُنيْس بن سعد الأنصاري، أبو يوسف، القاضي، صاحب أبي حنيفة، لازمه ما يقارب عشرين سنة، توفي سنة 182 هـ، من مصنفاته: اختلاف الأمصار، الأمالي في الفقه، أدب القاضي، الخراج. ينظر: وفيات الأعيان 6/ 378، الجواهر المضية 2/ 519.
(4)
ينظر: العدة 3/ 980، روضة الناظر 1/ 351، شرح مختصر الروضة 2/ 209، أصول السرخسي 1/ 377، كشف الأسرار 3/ 43.
بِقَوْلِهِ: «خُذْ هَذَا الكِتَابَ» ، أَوْ:«هُوَ سَمَاعِي» ، بِدُونِ إِذْنِهِ فِيهِمَا
(1)
.
(2)
• وَلَا وُجُودِهِ بِخَطِّهِ، بَلْ يَقُولُ:«وَجَدْتُ كَذَا» .
• وَمَتَى وَجَدَ سَمَاعَهُ بِخَطٍّ يُوثَقُ بِهِ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ: رَوَاهُ
(3)
، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ
(4)
.
خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ
(5)
.
- وَإِنْ شَكَّ: فَلَا.
• فَإِنْ أَنْكَرَ الشَّيْخُ الْحَدِيثَ، وَقَالَ:«لَا أَذْكُرُهُ» : لَمْ يَقْدَحْ.
(1)
في (أ): ولا تجيز الرواية: «هذا الكتاب سماعي» بدون إذنه فيها.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (عبارة مختصر الروضة: ولو قال: خذ هذا الكتاب، أو هو سماعي، ولم يقل: ارو عني؛ لم يجز روايته عنه، كما لو قال: عندي شهادة كذا، ولا يشهد بها؛ لجواز معرفته بخلل مانع. ا هـ).
(3)
في (ق): غلب على ظنه أنه سمعه: جاز له روايته.
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: السماع).
(5)
ينظر: العدة 3/ 974، التمهيد 3/ 169، روضة الناظر 1/ 353، شرح مختصر الروضة 2/ 213، أصول السرخسي 1/ 385.
- وَمَنَعَ الْكَرْخِيُّ
(1)
مِنْهُ
(2)
.
• وَلَوْ زَادَ ثِقَةٌ فِيهِ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى: قُبِلَتْ.
فَإِنِ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ:
- فَالْأَكْثَرُ
(3)
عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ
(4)
.
- وَالْمُثْبِتُ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْعَدَدِ وَالْحِفْظِ وَالضَّبْطِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: رِوَايَتَانِ
(5)
.
(1)
هو عبيد الله بن الحسين، أبو الحسن الكرخي، ولد سنة 260 هـ بالكرخ، فقيه حنفي، انتهت إليه رئاسة الحنفية بالعراق، ومات ببغداد سنة 340 هـ، من تصانيفه: رسالة في الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية، وشرح الجامع الصغير، وشرح الجامع الكبير. ينظر: الفوائد البهية ص 107، الجواهر المضية في طبقات الحنفية 1/ 337.
(2)
ينظر: العدة 3/ 959، التمهيد 3/ 169، روضة الناظر 1/ 355، كشف الأسرار 3/ 60، تيسير التحرير 3/ 107.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: قُدم قول الأكثر، قال في مختصر الروضة: فإن علم اتحاد المجلس؛ قدم قول الأكثر عند أبي الخطاب، ثم الأحفظ والأضبط، ثم المثبت، وقال القاضي: ومع التساوي روايتان. ا هـ).
(4)
ينظر: التمهيد 3/ 153، شرح مختصر الروضة 2/ 224، التحبير شرح التحرير 5/ 2098.
(5)
أي: قال القاضي: إن تساووا في العدد والحفظ والضبط ففيه روايتان:
الأولى: تقبل الزيادة.
والثانية: لا تقبل الزيادة. ينظر: العدة 3/ 1007، التمهيد 3/ 153، روضة الناظر 1/ 360.
• وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهُ، بَلْ يَجُوزُ بِالْمَعْنَى لِعَالِمٍ بِمُقْتَضَيَاتِ الْأَلْفَاظِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَيُبْدِلُ اللَّفْظَ بِمُرَادِفِهِ لَا بِغَيْرِهِ.
- وَمَنَعَ مِنْهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ مُطْلَقًا
(1)
.
• وَمَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ مَقْبُولَةٌ.
وَقِيلَ: إِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ صَحَابِيٍّ
(2)
.
• وَفِي مَرَاسِيلِ غَيْرِهِمْ رِوَايَتَانِ:
1 -
الْقَبُولُ، كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ، اخْتَارَهَا الْقَاضِي.
2 -
وَالْمَنْعُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ وَالظَّاهِرِيَّةِ
(3)
.
(1)
ينظر: العدة 3/ 968، التمهيد 3/ 161، روضة الناظر 1/ 360، شرح مختصر الروضة 2/ 244، التحبير شرح التحرير 5/ 2080، المستصفى 1/ 133، بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب 1/ 730.
(2)
ينظر: العدة 3/ 885، التمهيد 3/ 130، الواضح 4/ 431، شرح مختصر الروضة 2/ 230، كشف الأسرار 3/ 2، البحر المحيط 6/ 340.
(3)
ينظر: العدة 3/ 906، التمهيد 3/ 130، روضة الناظر 1/ 365، شرح مختصر الروضة 2/ 230، أصول السرخسي 1/ 360، شرح تنقيح الفصول ص 379، المستصفى 1/ 133، الإحكام لابن حزم 2/ 2.
• وَخَبَرُ الْوَاحِدِ:
- فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى: مَقْبُولٌ.
خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ
(1)
.
(2)
- وَفِي الْحُدُودِ، وَمَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ.
خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ
(3)
.
- وَفِيمَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ.
وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ
(4)
: تَقْدِيمُ الْقِيَاسِ.
(1)
ينظر: العدة 3/ 885، التمهيد 3/ 86، شرح مختصر الروضة 2/ 233، قواطع الأدلة 1/ 355، شرح تنقيح الفصول ص 372، البحر المحيط 6/ 257، أصول السرخسي 1/ 368، تيسير التحرير 3/ 112.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (كرفع اليدين في الصلاة، ونقض الوضوء بمس الذكر ونحوه، حجة من خالف: أن ما تعم به البلوى تتوفر الدواعي على نقله، فيشتهر عادة، فوروده غير مشتهر دليل بطلانه. ولنا: قبول السلف من الصحابة وغيرهم خبر الواحد مطلقًا، وما ذكره يبطل بالوتر، والقهقهة، وتثنية الإقامة، إذ أثبتوه بالآحاد، ودعواهم تواتره واشتهاره غير مسموعة؛ إذ العبرة بقول أئمة الحديث، ثم ما تعم به البلوى يثبت بالقياس، فبالخبر الذي هو أصله أولى. ا هـ مختصر الروضة).
(3)
ينظر: العدة 3/ 886، التمهيد 3/ 91، الواضح 4/ 394، شرح مختصر الروضة 2/ 236، أصول السرخسي 1/ 333، البحر المحيط 6/ 259.
(4)
هو أبو عبدالله مالك بن أنس بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الحميري المدني، إمام دار الهجرة، جلس للتدريس وهو ابن سبع عشرة سنة، ولم يُفْتِ حتى شهد له سبعون إماماً بأنه أهل لذلك، من مصنفاته: الموطأ، رسالة في القدر، كتاب في التفسير لغريب القرآن، رسالة في الأقضية، توفي سنة 179 هـ بالمدينة، وله خمس وثمانون سنة. ينظر: طبقات الفقهاء 1/ 67، سير أعلام النبلاء 8/ 48.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ إِنْ خَالَفَ الْأُصُولَ أَوْ مَعْنَاهُ
(1)
.
(1)
في (ق): معناها.
وينظر: العدة 3/ 888، التمهيد 3/ 94، الواضح 4/ 396، شرح مختصر الروضة 2/ 237، الإحكام للآمدي 2/ 118، البحر المحيط 6/ 260.
ثُمَّ هَا هُنَا أَبْحَاثٌ يَشْتَرِكُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا لَفْظِيَّةٌ، مِنْهَا:
• اللُّغَاتُ تَوْقِيفِيَّةٌ؛ لِلدَّوْرِ.
وَقِيلَ: اصْطِلَاحِيَّةٌ؛ لِامْتِنَاعِ فَهْمِ التَّوْقِيفِ بِدُونِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: كِلَا الْقَوْلَيْنِ جَائِزٌ فِي الْجَمِيعِ، وَفِي الْبَعْضِ وَالْبَعْضِ.
- أَمَّا الْوَاقِعُ: فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ عَقْلِيٌّ وَلَا نَقْلِيٌّ، فَيَجُوزُ خَلْقُ الْعِلْمِ فِي الْإِنْسَانِ
(1)
بِدَلَالَتِهَا عَلَى مُسَمَّيَاتِهَا، وَابْتِدَاءُ قَوْمٍ بِالْوَضْعِ عَلَى حَسَبِ الْحَاجَةِ وَيَتْبَعُهُمُ الْبَاقُونَ
(2)
.
• ثُمَّ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ تُثْبَتَ الْأَسْمَاءُ قِيَاسًا
(3)
؛ كَتَسْمِيَةِ النَّبِيذِ خَمْرًا كَقِيَاسِ التَّصْرِيفِ.
(1)
في (ق): بالإنسان.
(2)
ينظر: العدة: 1/ 190، الواضح 2/ 364، المسودة ص 563، شرح مختصر الروضة 1/ 374، التقرير والتحبير 1/ 69، مجموع الفتاوى 7/ 95 - 12 - 445.
(3)
قوله: (قياسًا) سقطت من (ق).
قال القاسمي رحمه الله: (أي: فإذا اشتمل معنى اسم على وصف مناسب للتسمية؛ كالخمر، أي: المسكر من ماء العنب لتخميره، أي: تغطيته للعقل، ووجد ذلك الوصف في معنى آخر كالنبيذ، أي: المسكر من غير ماء العنب؛ ثبت له بالقياس ذلك الاسم لغة، فيسمى النبيذ خمرًا، فيجب اجتنابه بآية: {إِنَّمَا الخَمْرَ وَالمَيْسِر}، لا بالقياس على الخمر. ا. هـ محلي على جمع الجوامع).
وَمَنَعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْحَنَفِيَّةُ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ
(1)
.
• وَالْكَلَامُ: هُوَ الْمُنْتَظِمُ مِنَ الْأَصْوَاتِ الْمَسْمُوعَةِ الْمُعْتَمِدَةِ عَلَى الْمَقَاطِعِ، وَهِيَ الْحُرُوفُ.
- وَهُوَ: جَمْعُ كَلِمَةٍ
(2)
، وَهِيَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِمَعْنًى.
- وَخَصَّ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ الْكَلَامَ بِالْمُفِيدِ؛ وَهُوَ الْجُمَلُ الْمُرَكَّبَةُ مِنْ فِعْلٍ وَفَاعِلٍ، أَوْ
(3)
مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ.
وَغَيْرُ الْمُفِيدِ: كَـ (لَمْ)
(4)
.
• فَإِنِ اسْتُعْمِلَ فِي الْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ: فَهُوَ الْحَقِيقَةُ.
(1)
: ينظر: العدة 4/ 1346، التمهيد 3/ 455، شرح مختصر الروضة 1/ 476، التقرير والتحبير 1/ 77، البحر المحيط 7/ 83.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (لعل هنا سقطًا أو تحريفًا، وإلا فالكلام كما قال الجوهري: اسم جنس يقع على القليل والكثير، وجمع الكلمة: كَلِم؛ كَنَبِقٍ، وكِلْم كسدر).
(3)
في (ق): و.
(4)
في (ط 1) و (ط 2): (كَلِمٌ)، والأقرب هو المثبت لأمرين: الأول: أن (الكَلِم) يطلق على المفيد وغير المفيد، والمصنف أراد هنا غير المفيد. والثاني: أن (الكَلِم) يطلق على ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر، وليس على كل لفظ غير مفيد. ينظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 1/ 15.
قال القاسمي رحمه الله: (أي: ولما، وهل، وأمثالهما من الحروف أو الأفعال أو الأسماء المفردة).
1 -
إِنْ
(1)
كَانَ بِوَضْعِ اللُّغَةِ: فَهِيَ اللُّغَوِيَّةُ.
2 -
أَوْ بِالْعُرْفِ: فَالْعُرْفِيَّةُ
(2)
؛ كَالدَّابَّةِ لِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ.
3 -
أَوْ بِالشَّرْعِ: فَالشَّرْعِيَّةُ؛ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ.
- وَأَنْكَرَ قَوْمٌ: الشَّرْعِيَّةَ، وَقَالُوا: اللُّغَوِيُّ بَاقٍ، وَالزِّيَادَاتُ شُرُوطٌ
(3)
.
• وَكُلٌّ يَتَعَيَّنُ بِاللَّافِظِ:
1 -
فَمِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِدُونِ الْقَرِينَةِ: اللُّغَوِيَّةُ.
2 -
وَبِقَرِينَةِ الْعُرْفِ: الْعُرْفِيَّةُ.
3 -
وَمِنْ أَهْلِ الشَّرْعِ: الشَّرْعِيَّةُ.
وَلَا يَكُونُ مُجْمَلًا، كَمَا حُكِيَ عَنِ الْقَاضِي وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ
(4)
.
(1)
في (ق): فإن.
(2)
في (ق): فهي العرفية.
(3)
ذهب إلى ذلك: الباقلاني كما في التقريب والإرشاد 1/ 387، ونسبه أبو الحسين البصري إلى قوم من المرجئة كما في المعتمد 1/ 18. وتنظر المسألة في: العدة 1/ 189، الواضح 2/ 422، روضة الناظر 1/ 492، المسودة ص 566.
(4)
ينظر: العدة 1/ 143، روضة الناظر 1/ 197، شرح مختصر الروضة 1/ 501، الإحكام للآمدي 3/ 23.
• وَإِنِ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ: فَهُوَ الْمَجَازُ بِالْعَلَاقَةِ، وَهِيَ:
- إِمَّا اشْتِرَاكُهُمَا فِي مَعْنًى مَشْهُورٍ؛ كَالشَّجَاعَةِ فِي الْأَسَدِ.
- أَوِ الِاتِّصَالِ؛ كَقَوْلِهِمُ: الْخَمْرُ حَرَامٌ، وَالْحَرَامُ شُرْبُهَا. وَالزَّوْجَةُ حَلَالٌ، وَالْحَلَالُ وَطْؤُهَا.
- أَوْ لِأَنَّهُ سَبَبٌ.
- أَوْ مُسَبَّبٌ.
• وَهُوَ: فَرْعُ الْحَقِيقَةِ؛ فَلِذَلِكَ تَلْزَمُهُ دُونَ الْعَكْسِ
(1)
.
• تَنْبِيهٌ: الْحَقِيقَةُ:
- أَسْبَقُ إِلَى الْفَهْمِ.
- وَيَصِحُّ الِاشْتِقَاقُ مِنْهُ.
بِخِلَافِ الْمَجَازِ
(2)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (قال في مختصر الروضة القدامية: والحقيقة لا تستلزم المجاز، وفي العكس خلافٌ، الأظهر الإثبات).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (قال في مختصر الروضة: وتعرف الحقيقة بمبادرتها إلى الفهم بلا قرينة، وبصحة الاستعارة منه، وبتصريفه، نحو أمر يأمر أمرًا في الأمر اللفظي، بخلافه في معنى الشأن، نحو:{وَمَا أَمْرُ فِرعَونَ بِرَشِيدٍ} إذ لا يتصرف
…
إلخ).
• وَمَتَى دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَهُمَا: فَالْحَقِيقَةُ.
- وَلَا إِجْمَالَ
(1)
؛ لِاخْتِلَالِ الْوَضْعِ بِهِ.
• فَإِنْ دَلَّ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ احْتِمَالٍ لِغَيْرِهِ: فَهُوَ النَّصُّ.
- وَأَصْلُهُ: الظُّهُورُ وَالِارْتِفَاعُ.
• وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الظَّاهِرِ: وَهُوَ الْمَعْنَى السَّابِقُ مِنَ اللَّفْظِ مَعَ تَجْوِيزِ غَيْرِهِ.
- وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ بِهَذَا الْمَعْنَى.
• فَإِنْ عَضَدَ الْغَيْرَ دَلِيلٌ بِغَلَبَةٍ
(2)
:
1 -
كَقَرِينَةٍ
(3)
.
2 -
أَوْ ظَاهِرٍ آخَرَ.
3 -
أَوْ قِيَاسٍ رَاجِحٍ.
سُمِّيَ: تَأْوِيلًا.
• وَقَدْ يَكُونُ فِي الظَّاهِرِ قَرَائِنُ يَدْفَعُ الِاحْتِمَالَ مَجْمُوعُهَا دُونَ آحَادِهَا.
(1)
في (ق): احتمال.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: الباء للسببية، أي: بسبب غلبته يعني: قوة، وعبارة مختصر الروضة: ولا يعدل عن الظاهر إلا بتأويل، وهو صرف اللفظ عن ظاهره لدليل يصير به المرجوح راجحًا، والدليل قرينة أو ظاهر آخر أو قياس. ا. هـ).
(3)
في (ط 1): يُغلِّبه لقرينة.
• وَالِاحْتِمَالُ:
1 -
قَدْ يَبْعُدُ: فَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ لِدَفْعِهِ.
2 -
وَقَدْ يَقْرُبُ: فَيَكْفِي أَدْنَى دَلِيلٍ.
3 -
وَقَدْ يَتَوَسَّطُ: فَيَجِبُ الْمُتَوَسِّطُ.
• فَإِنْ دَلَّ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا بِعَيْنِهِ، وَتَسَاوَتْ وَلَا قَرِينَةَ: فَمُجْمَلٌ.
• وَقَدْ حَدَّهُ قَوْمٌ بِـ: مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنًى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
- فَيَكُونُ فِي الْمُشْتَرَكِ: وَهُوَ مَا تَوَحَّدَ لَفْظُهُ وَتَعَدَّدَتْ مَعَانِيهِ بِأَصْلِ الْوَضْعِ؛ كَـ:
أ - الْعَيْنِ.
ب - وَالْقَرْءِ.
ت - وَالْمُخْتَارِ، لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ.
ث - وَالْوَاوِ، لِلْعَطْفِ وَالِابْتِدَاءِ.
- وَمِنْهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} ، وَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} ؛ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ، وَاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ
(1)
.
(1)
ينظر: العدة 1/ 106، التمهيد 2/ 231، روضة الناظر 1/ 519، شرح مختصر الروضة 2/ 659، الإحكام للآمدي 3/ 12، المحصول للرازي 3/ 161.
وَهُوَ مُخَصَّصٌ بِالْعُرْفِ فِي الْأَكْلِ وَالْوَطْءِ، فَلَيْسَ مِنْهُ
(1)
.
- وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: مِنْهُ
(2)
قَوْلُهُ: «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطُهُورٍ»
(3)
، وَالْمُرَادُ: نَفْيُ حُكْمِهِ؛ لِامْتِنَاعِ نَفْيِ صُورَتِهِ، وَلَيْسَ حُكْمٌ أَوْلَى مِنْ حُكْمٍ
(4)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (هذا رد على القاضي وبعض المتكلمين بأنه ليس من المجمل، بل من المخصوص بالعرف؛ لأن الحكم المضاف إلى العين ينصرف لغة وعرفًا إلى ما عدت له، وهو ما ذكر).
(2)
قوله: (منه) سقطت من (أ).
(3)
أخرجه مسلم (224) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً بلفظ: «لا تقبل صلاة بغير طهور» .
قال القاسمي رحمه الله: (قال في مختصر الروضة: قوله عليه السلام: «لا صلاة إلا بطهور» مجمل عند الحنفية، قيل: لتردده بين اللغوي والشرعي، وقيل: لأن حمله على نفي الصورة باطل، فتعين حمله على نفي الحكم، والأحكام متساوية، ولنا: أن الموضوعات الشرعية غلبت في كلام الشارع، فاللغوية بالنسبة إليها مجاز، وأيضًا اشتهر عرفًا نفي الشيء لانتفاء فائدته نحو: لا علم إلا ما نفع، ولا بلد إلا بسلطان؛ فيحمل هنا على نفي الصحة؛ لانتفاء الفائدة، وكذا الكلام في: «لا عمل إلا بالنية»، والله أعلم ا هـ).
(4)
نسبه للحنفية ابن قدامة في الروضة 1/ 521، وابن مفلح في أصوله 3/ 1007، بقوله:(وقاله الحنفية أو بعضهم)، ونسبه الشيرازي في التبصرة (ص 203) لأبي عبدالله البصري من أصحاب أبي حنيفة.
والذي في تيسير التحرير (1/ 169)، والتقرير والتحبير (1/ 166): أنه لا إجمال فيه. ينظر أيضاً: الإحكام للآمدي 3/ 16، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 119، شرح مختصر الروضة 2/ 663
فَتَتَعَيَّنُ الصُّورَةُ الشَّرْعِيَّةُ، فَلَا يَكُونُ مِنْهُ
(1)
.
• وَيُقَابِلُ الْمُجْمَلَ: الْمُبَيَّنُ.
- وَهُوَ: الْمُخْرَجُ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إِلَى الْوُضُوحِ.
• وَالْمُخْرِجُ: هُوَ الْمُبَيِّنُ.
• وَالْإِخْرَاجُ: هُوَ الْبَيَانُ.
- وَقَدْ يُسَمَّى الدَّلِيلُ: بَيَانًا.
• وَيَخْتَصُّ بِالْمُجْمَلِ.
• وَحُصُولُ الْعِلْمِ لِلْمُخَاطَبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ.
• وَيَكُونُ:
1 -
بِالْكَلَامِ.
2 -
وَالْكِتَابَةِ.
3 -
وَبِالْإِشَارَةِ
(2)
.
4 -
وَبِالْفِعْلِ.
5 -
وَبِالتَّقْرِيرِ.
(1)
قوله: (فتتعين
…
) جوابٌ عن قول الحنفية بأن الحديث مجمل.
(2)
في (ق): والإشارة.
6 -
وَبِكُلِّ مُفِيدٍ
(1)
شَرْعِيٍّ.
• وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ.
• فَأَمَّا إِلَيْهَا:
1 -
فَجَوَّزَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ
(2)
.
(1)
هكذا في (أ) و (ق).
وفي (ط 1) و (ط 2): مقيد، وهو الموافق للمطبوع من شرح مختصر الروضة للطوفي (2/ 681)، وشرح الكوكب المنير (3/ 445)، ومختصر التحرير (ص 108).
والصواب المثبت، وهو الموافق لما في مختصر الروضة للطوفي تحقيق الأخ محمد الفوزان (ص 313)، ويؤيده: ما ذكره الفتوحي في شرح الكوكب المنير عند هذه العبارة حيث قال: (وهذه قاعدة كلية فيما يحصل به البيان، تتناول ما سبق وما يأتي بعد إن شاء الله تعالى، ذكر ذلك الطوفي في مختصره، وذلك من وجوه: منها: الترك، مثل أن يترك فعلاً قد أمر به، أو قد سبق منه فعله فيكون تركه له مبينًا لعدم وجوبه
…
ومنها: السكوت بعد السؤال عن حكم الواقعة، فيعلم أنه لا حكم للشرع فيها
…
ومنها: أن يستدل الشارع استدلالا عقليًّا، فتبين به العلة، أو مأخذ الحكم، أو فائدة ما، إذ الكلام في بيان المجمل ومحتملاته بالفرض متساوية، فأدنى مرجح يحصل بياناً محافظة على المبادرة إلى الامتثال، وعدم الإهمال للدليل).
فشرح هذه العبارة بما يفيد البيان بالترك، أو السكوت، أو الاستدلال العقلي، وحينئذ؛ لا معنى لأن تكون العبارة:(مقيّد شرعي)، والله أعلم.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (قال في مختصر الروضة: لقوله تعالى: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}، {ثُمَّ إَنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}، وثم للتراخي، وبيَّن جبريل {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} بفعلين في اليومين، وفي نظائره كثرة، ا هـ).
2 -
وَمَنَعَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ
(1)
، وَالتَّمِيمِيُّ، وَالظَّاهِرِيَّةُ، وَالْمُعْتَزِلَةُ
(2)
.
(1)
هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد، أبو بكر، المعروف بغلام الخلال، من أعيان الحنابلة، تلميذ أبي بكر الخلال، من كتبه الشافي، والمقنع، والخلاف مع الشافعيّ، وزاد المسافر، والتنبيه، ومختصر السنة، توفي سنة 363 هـ. ينظر: طبقات الحنابلة 2/ 119، المقصد الأرشد 2/ 126.
(2)
ينظر: العدة 3/ 725، التمهيد 2/ 290، الواضح 4/ 87، روضة الناظر 1/ 534، الإحكام لابن حزم 1/ 84، المعتمد 316.
• فَإِنْ دَلَّ عَلَى مَفْهُومَاتٍ
(1)
أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مُطْلَقًا: فَعَامٌّ.
- وَقَدْ حَدَّهُ قَوْمٌ: بِأَنَّهُ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرِقُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ
(2)
.
• وَهُوَ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ.
- فَهُوَ حَقِيقَةٌ فِيهَا، مَجَازٌ فِي غَيْرِهَا.
• وَأَصْلُهُ: الِاسْتِيعَابُ وَالِاتِّسَاعُ.
• وَأَلْفَاظُهُ خَمْسَةٌ:
(1)
الِاسْمُ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ.
(2)
وَالْمُضَافُ إِلَى مَعْرِفَةٍ؛ كَعَبْدِ زَيْدٍ.
(3)
وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ؛ كَـ:
1 -
(مَنْ) فِيمَنْ يَعْقِلُ.
2 -
وَ (مَا) فِيمَا لَا يَعْقِلُ.
3 -
وَ (أَيٍّ) فِيهِمَا.
4 -
وَ (أَيْنَ)، وَ (أَيَّانَ) فِي الْمَكَانِ.
(1)
في (ق): مفهوماتها.
(2)
ينظر: التمهيد 2/ 5، أصول الفقه لابن مفلح 2/ 747، التحبير شرح التحرير 5/ 2311، البحر المحيط 4/ 5، الإحكام للآمدي 2/ 195.
5 -
وَ (مَتَى) فِي الزَّمَانِ.
6 -
وَ (كُلٍّ).
7 -
وَ (جَمِيعٍ).
8 -
وَالنَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، كَـ: لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ.
• قَالَ الْبُسْتِيُّ
(1)
:
- الْكَامِلُ فِي الْعُمُومِ: الْجَمْعُ؛ لِوُجُودِ صُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ.
- وَالْبَاقِي قَاصِرٌ؛ لِوُجُودِهِ فِيهِ مَعْنًى لَا صُورَةً.
• وَأَنْكَرَهُ قَوْمٌ: فِيمَا فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ
(2)
.
- وَقَوْمٌ: فِي الْوَاحِدِ الْمُعَرَّفِ خَاصَّةً؛ كَـ: {السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}
(3)
.
(1)
لعله: أبو الحسن البستي الجرجاني من الحنفية، وله كتاب اسمه: اللباب، كما في المسودة (ص 241).
ويحتمل أنه: حمد بن محمد بن إبراهيم البُسْتي، أبو سليمان، من نسل زيد بن الخطاب أخي عمر بن الخطاب، فقيه محدث، من مصنفات: معالم السنن في شرح أبي داود، وغريب الحديث، وشرح البخاري. ينظر: تذكرة الحفاظ 3/ 149، وطبقات الشافعية 2/ 282.
(2)
ينظر: العدة 2/ 485، الواضح 3/ 343، روضة الناظر 2/ 26، الإحكام للآمدي 2/ 205، البحر المحيط 4/ 117، المعتمد 1/ 223.
(3)
وهو مذهب أبي هاشم المعتزلي. ينظر: العدة 2/ 485، التمهيد 1/ 9، الواضح 3/ 354، روضة الناظر 2/ 26، الإحكام للآمدي 2/ 206، البحر المحيط 4/ 117.
- وَبَعْضُ مُتَأَخِّرِي النُّحَاةِ: فِي النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، إِلَّا مَعَ (مِنْ) مُظْهَرَةً
(1)
.
• وَأَقَلُّ الْجَمْعِ: ثَلَاثَةٌ.
وَحُكِيَ عَنْ
(2)
أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَابْنِ دَاوُدَ
(3)
، وَبَعْضِ النُّحَاةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ: اثْنَانِ
(4)
.
• وَالْمُخَاطِبُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ خِطَابِهِ.
- وَمَنَعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْأَمْرِ.
- وَقَوْمٌ: مُطْلَقًا
(5)
.
• وَيَجِبُ اعْتِقَادُ عُمُومِهِ فِي الْحَالِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ،
(1)
نسبه القرافي للجرجاني. ينظر: تنقيح الفصول ص 182، روضة الناظر 2/ 26، البحر المحيط 4/ 149.
(2)
قوله: (عن) سقطت من (أ).
(3)
هو محمد بن داود بن علي بن خلف الظاهري، أبو بكر، قال الصفدي: الإمام ابن الإمام، من أذكياء العالم، ولد وعاش ببغداد، وتوفي بها مقتولًا سنة 297، من مصنفاته: الزهرة، الوصول إلى معرفة الأصول، وغيرها. ينظر: وفيات الأعيان 4/ 259، سير أعلام النبلاء 13/ 109.
(4)
ينظر: العدة 2/ 649، التمهيد 2/ 58، الواضح 3/ 426، التحبير شرح التحرير 5/ 2368، البحر المحيط 4/ 183.
(5)
ينظر: التمهيد 1/ 271، روضة الناظر 2/ 54، أصول الفقه لابن مفلح 2/ 874، الإحكام للآمدي 2/ 278، البحر المحيط 4/ 262.
اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَهِيَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ.
- وَالْأُخْرَى: لَا، حَتَّى نَبْحَثَ
(1)
فَلَا نَجِدَ مُخَصِّصًا، اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ.
وَعَنِ الشَّافِعِيَّةِ: كَالْمَذْهَبَيْنِ.
- وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ: إِنِ اسْتَمَعَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ تَعْلِيمِ الْحُكْمِ فَكَالْأَوَّلِ، وَإِلَّا كَالثَّانِي
(2)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (يكفي في البحث الظن بأن لا مخصص، وقال الباقلاني: لابد من القطع، قال: (ويحصل بتكرير النظر والبحث، واشتهار كلام الأئمة من غير أن يذكر أحد منهم مخصصًا) كذا في الجمع وشرحه، وتعقبه الفاضل الشيرازي بقوله:(الحق أن القطع والظن لا يشترط؛ لوجوه منها: أن الدليل الدال على العمل بخبر الواحد - وهو أن الصحابة والتابعين كانوا يعملون بخبر الواحد وشاع ذلك وذاع ولم ينكر عليهم أحد وإلا لنقل إلينا بالعادة- يجري نظيره هنا؛ بأن يقال: لم يطلب أحد من المتنازعين في المسألة التوقف من صاحبه حتى يبحث عن المعارض والمخصص، بل يسكت أو يتلقى بالقبول، وإلا لنقل إلينا فصار إجماعًا على عدم البحث عن المخصص، وهكذا كان هدي الصحابة والتابعين حين احتجاجهم) ا هـ ملخصًا، نقله في مفاتيح الأصول).
(2)
ينظر: العدة 2/ 525، التمهيد 2/ 65، أصول السرخسي 1/ 132، البحر المحيط 4/ 47، الإحكام للآمدي 3/ 50.
قال القاسمي رحمه الله: (قال ابن دقيق العيد في شرح العمدة في الكلام على حديث: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة»: فيه دليل على سقوط الزكاة فيما دون هذه المقادير، وفيه قاعدة أصولية، وهو أن الألفاظ العامة بوضع اللغة على ثلاث مراتب؛ أحدها: ما ظهر فيه عدم قصد التعميم، ومثل بهذا الحديث. والثاني: ما يظهر فيه قصد التعميم؛ بأن أورد مبتدأ لا على سبب لقصد تأسيس القواعد. الثالث: ما لم يظهر فيه قرينة زائدة تدل على التعميم، ولا قرينة تدل على عدم التعميم، وقد وقع نزاع من بعض المتأخرين في القسم الأول في كون المقصود منه عدم التعميم، وطالب بعضهم بالدليل على ذلك، وهذا الطلب ليس بجيد؛ لأن هذا أمر يعرف من سياق الكلام، ودلالة السياق لا يقام معها دليل، وكذلك لو فهم المقصود من الكلام وطولب بالدليل عليه لعسر، فالمناظر يرجع إلى ذوقه، والمناظر يرجع إلى دينه وإنصافه) ا هـ وهو بديع جدًّا).
• وَالْعَبْدُ يَدْخُلُ فِي الْخِطَابِ لِلْأُمَّةِ وَالْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ.
• وَالْإِنَاثُ فِي الْجَمْعِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، وَمِثْلِ:{كُلُوا وَاشْرَبُوا} عِنْدَ الْقَاضِي، وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنِ دَاوُدَ؛ لِغَلَبَةِ الْمُذَكَّرِ.
وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْأَكْثَرُونَ: عَدَمَ دُخُولِهِنَّ
(1)
.
• وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ: «نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ»
(2)
، وَ «قَضَى بِالشُّفْعَةِ»
(3)
؛ عَامٌّ.
(4)
(1)
ينظر: العدة 2/ 351، التمهيد 1/ 290، شرح مختصر الروضة 2/ 516، التحبير شرح التحرير 5/ 2476، تيسير التحرير 1/ 231.
(2)
أخرجه البخاري (2171)، ومسلم (1542) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(3)
أخرجه البخاري (2213)، ومسلم (1608) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (قال في مختصر الروضة: خلافًا لقوم. لنا: إجماع الصحابة وغيرهم من السلف على التمسك في الوقائع بعموم مثله، أمرًا ونهيًا وترخيصًا، وهم أهل اللغة. قالوا: قضايا أعيان فلا تعم، ثم يحتمل أنه خاص فوهم الراوي، والحجة في المحكي لا في لفظ الحاكي. قلنا: قضايا الأعيان تعم بما ذكرناه، و"بحكمي على الواحد"، والأصل عدم الوهم، والحجة في عموم اللفظ كما سبق. ا هـ).
• وَالْمُعْتَبَرُ اللَّفْظُ: فَيَعُمُّ، وَإِنِ اخْتَصَّ السَّبَبُ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَخْتَصُّ بِسَبَبِهِ
(1)
.
• فَإِنْ تَعَارَضَ عُمُومَانِ، وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بِتَقْدِيمِ الْأَخَصِّ، أَوْ تَأْوِيلِ الْمُحْتَمِلِ: فَهُوَ أَوْلَى مِنْ إِلْغَائِهِمَا.
- وَإِلَّا: فَأَحَدُهُمَا نَاسِخٌ إِنْ عُلِمَ تَأَخُّرُهُ.
- وَإِلَّا: تَسَاقَطَا.
(1)
ينظر: التمهيد 2/ 161، روضة الناظر 2/ 35، المسودة ص 130، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 359، شرح تنقيح الفصول ص 216، البحر المحيط 4/ 269.
• وَالْخَاصُّ يُقَابِلُ الْعَامَّ.
• وَهُوَ: مَا دَلَّ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ.
• وَلَهُمَا طَرَفَانِ وَوَاسِطَةٌ:
1 -
فَعَامٌّ مُطْلَقٌ: وَهُوَ مَا لَا أَعَمَّ مِنْهُ؛ كَالْمَعْلُومِ.
2 -
وَخَاصٌّ مُطْلَقٌ: وَهُوَ مَا لَا أَخَصَّ مِنْهُ؛ كَزَيْدٍ.
3 -
وَمَا بَيْنَهُمَا: فَعَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا تَحْتَهُ، خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فَوْقَهُ؛ كَالْمَوْجُودِ.
• وَالتَّخْصِيصُ: إِخْرَاجُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ.
• فَيُفَارِقُ النَّسْخَ:
(1)
بِأَنَّهُ
(1)
رَفْعٌ لِجَمِيعِهِ.
(2)
وَبِجَوَازِ مُقَارَنَةِ الْمُخَصِّصِ.
(3)
وَعَدَمِ وُجُوبِ مُقَاوَمَتِهِ.
(4)
وَدُخُولِهِ عَلَى الْخَبَرِ.
بِخِلَافِ النَّسْخِ.
• وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ التَّخْصِيصِ.
(1)
في (أ): لأنه.
• وَالْمُخَصِّصَاتُ تِسْعَةٌ:
[1]
الْحِسُّ: كَخُرُوجِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنْ: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} .
[2]
وَالْعَقْلُ: وَبِهِ خَرَجَ مَنْ لَا يَفْهَمُ مِنَ التَّكَالِيفَ
(1)
.
[3]
وَالْإِجْمَاعُ.
- وَالْحَقُّ: أَنَّهُ لَيْسَ بِمُخَصِّصٍ، بَلْ دَالٌّ عَلَى وُجُودِهِ.
[4]
وَالنَّصُّ الْخَاصُّ
(2)
: كـ: «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ»
(3)
.
- وَلَا يُشْتَرَطُ تَأَخُّرُهُ.
وَعَنْهُ: بَلَى
(4)
، فَيُقَدَّمُ الْمُتَأَخِّرُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا، كَقَوْلِ
(1)
قال القاسمي رحمه الله: ("من لا يفهم" فاعل "خرج"، و"من التكاليف" متعلق بـ "خرج"، وذلك كخروج الصبيان والمجانين من الآيات العامة في الأمر بإقامة الصلاة ونحوها؛ لعدم الفهم في حقهم، وسماه بعضهم: تخصيصًا عقليًّا نظريًّا، والضروري نحو ما قبله من الآية).
(2)
في (ق): والخاص.
(3)
أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها (6789) بلفظ: «تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا» ، ومسلم (1684) بلفظ:«لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدًا» .
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: وعن أحمد يقدم المتأخر، خاصًّا كان أو عامًّا؛ لقول ابن عباس: «كنا نأخذ بالأحدث فالأحدث»، ولأن العام كآحاد صور خاصة، فجاز أن يرفع الخاص. ولنا: أن في تقديم الخاص عملًا بكليهما، بخلاف العكس، فكان أولى. ا هـ مختصر الروضة).
الْحَنَفِيَّةِ، فَيَكُونُ نَسْخًا لِلْخَاصِّ كَمَا لَوْ أَفْرَدَهُ
(1)
.
- فَعَلَى هَذَا: مَتَى جُهِلَ الْمُتَقَدِّمُ تَعَارَضَا؛ لِاحْتِمَالِ النَّسْخِ بِتَأَخُّرِ الْعَامِّ، وَاحْتِمَالِ التَّخْصِيصِ بِتَقَدُّمِهِ
(2)
.
• وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ
(3)
: الْكِتَابُ لَا يُخَصِّصُ السُّنَّةَ
(4)
. وَخَرَّجَهُ ابْنُ حَامِدٍ رِوَايَةً لَنَا
(5)
.
[5]
وَالْمَفْهُومُ: كَخُرُوجِ الْمَعْلُوفَةِ بِقَوْلِهِ: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ»
(6)
مِنْ قَوْلِهِ: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً: شَاةٌ»
(7)
.
(1)
في (ق): أُفْرِد.
(2)
ينظر: العدة 2/ 620 التمهيد 2/ 150، روضة الناظر 2/ 64، المسودة ص 134، كشف الأسرار 1/ 291، قواطع الأدلة 1/ 200.
(3)
الذي في العدة والتمهيد وروضة الناظر: وقال بعض الشافعية.
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: عمومها؛ لأنها مبينة له، فلو خصها لبينها، فيتناقض).
(5)
والصحيح من المذهب: لا فرق بين أن يكون العام كتابًا أو سنة. ينظر: العدة 2/ 570، التمهيد 2/ 113، روضة الناظر 2/ 64، شرح مختصر الروضة 2/ 562، الإحكام للآمدي 2/ 321.
(6)
لم نجده بهذا اللفظ، وفي البخاري (1454) نحوه من حديث أنس رضي الله عنه بلفظ:«في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائةٍ: شاةٌ» .
(7)
أخرجه أبو داود (1568)، والترمذي (621) وابن ماجه (1807) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً بلفظ:«وفي الغنم في كل أربعين شاة شاة» .
[6]
وَفِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم
(1)
.
[7]
وَتَقْرِيرُهُ.
[8]
وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ، إِنْ كَانَ حُجَّةً.
[9]
وَقِيَاسُ نَصٍّ خَاصٍّ فِي قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ.
- وَقَالَ ابْنُ شَاقْلَا
(2)
، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ: لَا يُخَصُّ.
- وَقَالَ قَوْمٌ: بِالْجَلِيِّ دُونَ الْخَفِيِّ.
- وَخَصَّصَ بِهِ عِيسَى بْنُ أَبَانَ
(3)
الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ
(4)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (كتخصيص: {وَلَا تَقْرَبُوهُنْ حَتَّى يَطْهُرْنَ} بمباشرة الحائض دون الفرج متزرة، ويمكن منعه حملًا للقربان على نفس الوطء كناية).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (هو إبراهيم بن أحمد بن عمر، أبو إسحاق، البزار، كان جليل القدر، كثير الرواية، حسن الكلام في الأصول والفروع، توفي سنة (369 هـ) عن أربع وخمسين سنة). ينظر: طبقات الحنابلة 2/ 128، المقصد الأرشد 1/ 216.
(3)
هو عيسى بن أبان بن صدقة، فقيه العراق، قاضي البصرة، أحد أئمة الحنفية، كان ذا ذكاء مفرط، توفي سنة 221 هـ. ينظر: الجواهر المضية 1/ 401، أخبار أبي حنيفة وأصحابه 1/ 147.
(4)
ينظر: العدة 2/ 559، التمهيد 2/ 121، الواضح 3/ 386، روضة الناظر 2/ 66، شرح مختصر الروضة 2/ 562، العقد المنظوم في الخصوص والعموم 2/ 326، قواطع الأدلة 1/ 190، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 330.
• وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ إِلَى الْوَاحِدِ.
وَقَالَ الرَّازِيُّ
(1)
، وَالْقَفَّالُ
(2)
، وَالْغَزَّالِيُّ
(3)
: إِلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ
(4)
.
(1)
هو أحمد بن علي، أبو بكر الرازي، المعروف بالجصاص، من فقهاء الحنفية، انتهت إليه رئاسة الحنفية في وقته، مات سنة 370 هـ، من تصانيفه: أحكام القرآن، وشرح مختصر شيخه أبي الحسن الكرخي، وشرح الجامع الصغير. ينظر: الجواهر المضية 1/ 84، والأعلام 1/ 165.
(2)
هو محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال، أبو بكر، من أكابر علماء عصره، وعنه انتشر مذهب الشافعي في بلاده، مولده ووفاته في الشاش -وراء نهر سيحون-، من كتبه: أصول الفقه، ومحاسن الشريعة، وشرح رسالة الشافعي. ينظر: وفيات الأعيان 4/ 200، طبقات الشافعية 3/ 200.
(3)
هو محمد بن محمد بن محمد الغَزالي الطوسي، أبو حامد، له نحو مئتي مصنف، نسبته إلى صناعة الغزل عند من يقوله بتشديد الزاي أو إلى غَزَالة من قرى طوس لمن قال بالتخفيف، من كتبه: إحياء علوم الدين، وتهافت الفلاسفة، والاقتصاد في الاعتقاد وغيرها. ينظر: طبقات الشافعية 6/ 191، طبقات الشافعيين ص 533.
(4)
ينظر: العدة 2/ 544، التمهيد 2/ 131، روضة الناظر 2/ 52، المستصفى 1/ 342، الإحكام للآمدي 2/ 283، قواطع الأدلة 1/ 181.
• وَهُوَ حُجَّةٌ فِي الْبَاقِي عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ
(1)
وَعِيسَى بْنِ أَبَانَ
(2)
.
• وَمِنْهُ: الِاسْتِثْنَاءُ: وَهُوَ قَوْلٌ مُتَّصِلٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ مَعَهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ
(3)
.
• فَيُفَارِقُ التَّخْصِيصَ:
1 -
بِالِاتِّصَالِ.
2 -
وَتَطَرُّقِهِ إِلَى النَّصِّ؛ كَعَشَرَةٍ إِلَّا ثَلَاثَةً.
• وَيُفَارِقُ النَّسْخَ:
1 -
بِالِاتِّصَالِ.
2 -
وَبِأَنَّهُ مَانِعٌ لِدُخُولِ مَا جَازَ دُخُولُهُ، وَالنَّسْخُ رَافِعٌ لِمَا دَخَلَ.
(1)
هو إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي، أبو ثور، الفقيه صاحب الإمام الشافعي، قال ابن عبد البر: له مصنفات كثيرة، منها: كتاب ذكر فيه اختلاف مالك والشافعي وذكر مذهبه في ذلك. ينظر: طبقات الفقهاء 1/ 101، طبقات الشافعية 2/ 74.
(2)
ينظر: العدة 2/ 533، التمهيد 2/ 142، روضة الناظر 2/ 50، شرح مختصر الروضة 2/ 524، الإحكام للآمدي 2/ 232.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (قال في مختصر الروضة: هذا قول من يزعم أن التعريف بالإخراج - أي: إخراج بعض الجملة بـ (إلا) أو ما قام مقامها - تناقضٌ، وليس بشيء).
3 -
وَبِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْبَعْضِ، وَالنَّسْخُ رَفْعٌ لِلْجَمِيعِ.
• وَشَرْطُهُ:
[1]
الِاتِّصَالُ:
فَلَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا سُكُوتٌ يُمْكِنُ الْكَلَامُ فِيهِ.
- وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
(1)
: عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ.
(1)
أخرج الحاكم في مستدركه (7833): عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«إذا حلف الرجل على يمين فله أن يستثني ولو إلى سنة» وإنما نزلت هذه الآية في هذا: {واذكر ربك إذا نسيت} ، قال:«إذا ذكر استثنى» .
وأخرج الطبراني في الأوسط (6872) بإسناده عن مجاهد، عن ابن عباس، في قول الله:{واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24] قال: «إذا نسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت» ، قال:«هي لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، وليس لأحد منا أن يستثني، إلا بصلة اليمين» .
قال ابن القيم في المدارج 2/ 403: (وتفسير الآية عند جماعة المفسرين: أنك لا تقل لشيء: أفعل كذا وكذا، حتى تقول: إن شاء الله، فإذا نسيت أن تقولها فقلها متى ذكرتها، وهذا هو الاستثناء المتراخي الذي جوَّزه ابن عباس وتأول عليه الآية، وهو الصواب.
فغلط عليه من لم يفهم كلامه، ونقل عنه أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا، أو قال: نسائي الأربع طوالق، ثم بعد سنة يقول: إلا واحدة، أو: إلا زينب؛ إن هذا الاستثناء ينفعه، وقد صان الله عن هذا من هو دون غلمان ابن عباس بكثير، فضلًا عن البحر حبر الأمة وعالمها الذي فقهه الله في الدين وعلمه التأويل، وما أكثر ما ينقل الناس المذاهب الباطلة عن العلماء بالأفهام القاصرة).
وقال الزركشي في المعتبر (ص 161) بعد كلام طويل: (وتحصل من هذا: أن إِطلاق النقل عن ابن عباس في هذه المسألة ليس بجيد لأمرين: أحدهما: أنه لم يقل ذلك في الاستثناء، وإِنما قاله في تعليق المشيئة، قال ابن جرير: ولو صح عنه فهو محمول على أن السنة أن يقول الحالف: إن شاء الله، ولو بعد سنة، ليكون آتيًا بسنة الاستثناء حتى ولو كان بعد الحنث، لا أن يكون رافعًا لحنث اليمين ومسقطًا للكفارة.
وثانيهما: أنه جعل ذلك من الخصائص النبوية).
- وَعَنْ عَطَاءٍ
(1)
، وَالْحَسَنِ
(2)
: تَعْلِيقُهُ بِالْمَجْلِسِ، وَقَدْ أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الْيَمِينِ
(3)
.
(1)
هو عطاء بن أبي رباح بن صفوان، تابعي، من أوعية العلم، نشأ بمكة، فكان مفتي أهلها ومحدثهم، وتوفي فيها سنة 115 هـ. ينظر: طبقات الفقهاء 1/ 69، وفيات الأعيان 3/ 261.
(2)
هو الحسن بن يسار البصري، أبو سعيد، تابعي، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه، كان إمام أهل البصرة، توفي سنة 110 هـ. ينظر: طبقات الفقهاء 1/ 87، وفيات الأعيان 2/ 69.
(3)
قال القاضي: (وقد اختلفت الرواية عنه في الاستثناء في اليمين:
فقال في رواية أبي طالب: إذا حلف بالله، وسكت قليلًا، ثم قال: إن شاء الله؛ فله استثناؤه؛ لأنه يكفر، وكذلك نقل المروزي عنه رضي الله عنه: إذا كان بالقرب ولم يختلط كلامه بغيره، وظاهر هذا: جواز الفصل بزمان يسير ما دام في المجلس.
وقد نقل أبو النصر وأبو طالب عن أحمد رحمه الله ما يدل على أنه لا يصح إذا فصل، وهو اختيار الخرقي؛ لأنه قال: إذا لم يكن بين اليمين والاستثناء فصل، وهو الصحيح). ينظر: العدة 2/ 660، التمهيد 2/ 74، الواضح 3/ 461، التحبير شرح التحرير 6/ 2560، التمهيد للإسنوي ص 389.
[2]
وَأَنْ يَكُونَ مِنَ الْجِنْسِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَبَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ: لَيْسَ بِشَرْطٍ
(1)
.
[3]
وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ.
- وَفِي النِّصْفِ: وَجْهَانِ.
- وَأَجَازَ الْأَكْثَرُونَ: الْأَكْثَرَ
(2)
.
• فَإِنْ تَعَقَّبَ جُمَلًا
(3)
: عَادَ إِلَى جَمِيعِهَا.
(1)
ينظر: العدة 2/ 673، والتمهيد 2/ 85، شرح مختصر الروضة 2/ 591، الإحكام للآمدي 2/ 291، شرح تنقيح الفصول ص 51.
(2)
ينظر: العدة 2/ 666، الواضح 3/ 470، شرح مختصر الروضة 2/ 589، شرح الكوكب المنير 3/ 306، قواطع الأدلة 1/ 211، البحر المحيط 4/ 387.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (مثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ} إلى قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}، وحديث: «لا يؤمن الرجل الرجل في بيته، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه»، ووجه عوده إلى الكل: أن العطف يوجب اتحاد الجمل معنى، ولأن تكرير الاستثناء عقيب كل جملة ينافي الفصاحة، فمقتضاها حينئذ العود إلى الكل، ولأن الشرط يعود إلى الكل نحو: نسائي طوالق وعبيدي أحرار إن كلمت زيدًا، فكذا الاستثناء، بجامع افتقارهما إلى متعلق، ولهذا يسمى التعليق بمشيئة الله تعالى: استثناء، والتتمة في الروضة).
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِلَى الْأَقْرَبِ
(1)
.
• وَهُوَ:
- مِنَ الْإِثْبَاتِ: نَفْيٌ.
- وَمِنَ النَّفْيِ: إِثْبَاتٌ.
(1)
ينظر: العدة: 2/ 678، التمهيد 2/ 91، التحبير شرح التحرير 6/ 2586، تيسير التحرير 1/ 302، قواطع الأدلة 1/ 217، الإحكام للآمدي 2/ 300.
• وَمِنْهُ: الْمُطْلَقُ، وَهُوَ: مَا تَنَاوَلَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةٍ شَامِلَةٍ لِجِنْسِهِ.
- وَقِيلَ: لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى مُبْهَمٍ فِي جِنْسِهِ
(1)
.
• وَيُقَابِلُهُ: الْمُقَيَّدُ، وَهُوَ: الْمُتَنَاوِلُ لِمَوْصُوفٍ بِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّامِلَةِ لِجِنْسِه؛ كَـ: {رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} .
• فَإِنْ وَرَدَ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ:
[1]
فَإِنِ اتَّحَدَ الْحُكْمُ وَالسَّبَبُ؛ كَـ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»
(2)
مَعَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ»
(3)
: حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ
(4)
.
(1)
ينظر: أصول الفقه لابن مفلح 3/ 985، التحبير شرح التحرير 6/ 2712، كشف الأسرار 2/ 286، الإحكام للآمدي 3/ 3، البحر المحيط 5/ 6.
(2)
أخرجه أحمد (19518)، وأبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881)، من حديث أبي موسى رضي الله عنه.
(3)
أخرجه ابن الجوزي في التحقيق (1702)، من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعاً، وفيه محمد بن عبيد الله العرزمي، قال ابن عدي:(وعامة رواياته غير محفوظة).
وأخرجه البيهقي (13650) موقوفًا على ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل» .
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في تفسير سورة النور: لا بد من حمل المطلق على المقيد من أن يكون الحكم واحدًا، مثل الإعتاق، فإذا كان متفقًا في الجنس دون النوع؛ كإطلاق الأيدي في التيمم وتقييدها إلى المرافق في الوضوء: فلا يحمل، ولم يحمل الصحابة والتابعون المطلق على المقيد في قوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} وقوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}، قالوا: الشرط في الربائب خاص، وكذلك المسلمون لم يحملوا المطلق على المقيد في نصاب الشهادة، بل لما ذكر الله في آية الدَّين رجلًا وامرأتين، وفي الرجعة رجلين؛ أقروا كلًّا منهما على حاله؛ لأن سبب الحكم مختلف، وهو المال والبضع، وكما أن إقامة الحد في الفاحشة والقذف بها اعتبر فيه أربعة، فلا يقاس بذلك عقود الأثمان والأبضاع ا. هـ).
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: زِيَادَةٌ، فَهِيَ نَسْخٌ
(1)
.
[2]
وَإِنِ اخْتَلَفَ السَّبَبُ؛ كَالْعِتْقِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، قُيِّدَ بِالْإِيمَانِ وَأُطْلِقَ فِي الظِّهَارِ
(2)
: فَالْمَنْصُوصُ لَا يُحْمَلُ
(3)
، وَاخْتَارَهُ ابْنُ شَاقْلَا، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ.
(1)
قال المجد فيما إذا اتحد الحكم والسبب: (فهذا لا خلاف فيه، وأنه يحمل المطلق على المقيد، اللهم إلا أن يكون المقيد آحادًا والمطلق تواترًا، فينبني على مسألة الزيادة على النص هل هي نسخ؟ وعلى النسخ للتواتر بالآحاد، والمنع قول الحنفية). ينظر: العدة 2/ 628، الواضح 3/ 442، المسودة ص 146، كشف الأسرار 2/ 287، الإحكام للآمدي 3/ 4.
(2)
في (أ): الظاهر.
(3)
قال القاضي في العدة 2/ 637: (فهذا على روايتين:
إحداهما: يبنى المطلق على المقيد من طريق اللغة، وقد أومأ أحمد رحمه الله في رواية أبي طالب فقال: أحب إلي أن يعتق في الظهار مثله.
وفيه رواية أخرى: لا يبنى المطلق على المقيد، ويحمل المطلق على إطلاقه، أومأ إليه أحمد رضي الله عنه في رواية أبي الحارث فقال: التيمم ضربة للوجه والكفين، فقيل له: أليس التيمم بدلًا من الوضوء، والوضوء إلى المرفقين؟ فقال: إنما قال الله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} ، ولم يقل: إلى المرفقين، وقال في الوضوء:{إِلَى الْمَرَافِقِ} ، وقال:{السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، فمن أين تقطع يد السارق؟ من الكف.
وظاهر هذا: أنه لم يبن المطلق في التيمم على المقيد في الوضوء، وحمله على إطلاقه).
خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ
(1)
.
• وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ كَتَخْصِيصِ الْعُمُومِ، وَهُوَ جَائِزٌ بِالْقِيَاسِ الْخَاصِّ، فَهَا هُنَا مِثْلُهُ
(2)
.
• فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مُقَيَّدَانِ؛ حُمِلَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا شِبْهًا بِهِ.
[3]
وَإِنِ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ: فَلَا حَمْلَ، اتَّحَدَ السَّبَبُ أَوِ اخْتَلَفَ.
(1)
ينظر: العدة 2/ 636، التمهيد 2/ 180، المسودة ص 145، الكشف الأسرار 2/ 287، شرح تنقيح الفصول ص 266، الإحكام للآمدي 3/ 4.
(2)
قال في التمهيد 2/ 181: (ويقوى عندي: أنه لا يبنى المطلق على المقيد من جهة اللغة، ويبنى من جهة القياس).
• وَالْأَمْرُ: اسْتِدْعَاءُ الْفِعْلِ بِالْقَوْلِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْلَاءِ.
• وَلَهُ صِيغَةٌ تَدُلُّ بِمُجَرَّدِهَا عَلَيْهِ، وَهِيَ:
1 -
افْعَلْ: لِلْحَاضِرِ.
2 -
وَلْيَفْعَلْ: لِلْغَائِبِ.
عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
- وَمَنْ تَخَيَّلَ
(1)
الْكَلَامَ مَعْنًى قَائِمًا بِالنَّفْسِ؛ أَنْكَرَ الصِّيغَةَ
(2)
.
وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
• وَالْإِرَادَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ.
(1)
في (ق): يجعل.
(2)
ذكر ابن قاضي الجبل وغيره: أن القول بأن للأمر صيغة هو قول الأئمة الأربعة والأوزاعي وجماعة من أهل العلم. ينظر: العدة 1/ 214، روضة الناظر 1/ 543، التحبير شرح التحرير 5/ 2177، الإحكام للآمدي 2/ 131، قواطع الأدلة 1/ 49، البحر المحيط 3/ 270.
قال القاسمي رحمه الله: (أي: حصر الكلام فيها، فكما يطلق عليها يطلق على النفسي، وعند أحمد وأصحابه والجمهور: الكلام الأصوات والحروف، والمعنى النفسي لا يسمى كلامًا، أو يسمى مجازًا؛ لاستعمال الكتاب والسنة وإجماع أهل اللغة، ولو حلف لا يتكلم، فلم ينطق؛ لم يحنث إجماعًا، واتفاق أهل العرف أن من لم ينطق ليس متكلمًا. ا. هـ من المسائل الأصولية).
خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ
(1)
.
• وَهُوَ لِلْوُجُوبِ بِتَجَرُّدِهِ
(2)
عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ.
- وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِلْإِبَاحَةِ.
- وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ: لِلنَّدْبِ
(3)
.
• فَإِنْ وَرَدَ بَعْدَ الْحَظْرِ: فَلِلْإِبَاحَةِ.
وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ: لِمَا يُفِيدُهُ قَبْلَ
(4)
الْحَظْرِ
(5)
.
• وَلَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَأَبِي الْخَطَّابِ.
- خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
- وَقِيلَ: يَتَكَرَّرُ إِنْ عُلِّقَ عَلَى شَرْطٍ.
(1)
ينظر: العدة 1/ 215، الواضح 2/ 461، مجموع الفتاوى 8/ 131، المعتمد 1/ 50، قواطع الأدلة 1/ 53.
(2)
في (ق): بمجرده.
(3)
ينظر: العدة 1/ 224، الواضح 2/ 490، شرح مختصر الروضة للطوفي 2/ 365، شرح الكوكب المنير 3/ 39، شرح تنقيح الفصول ص 127، قواطع الأدلة 1/ 60، الإحكام للآمدي 2/ 144.
(4)
قوله: (قبل) سقطت من (أ).
(5)
ينظر: العدة 1/ 256، التمهيد 1/ 179، الواضح 2/ 524، التحبير شرح التحرير 5/ 2246، شرح الكوكب المنير 3/ 56، قواطع الأدلة 1/ 60.
قال القاسمي رحمه الله: (أي: من وجوب أو ندب أو غيرهما، على الخلاف قبل).
- وَقِيلَ: يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ لَفْظِ الْأَمْرِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
(1)
.
• وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، كَالْحَنَفِيَّةِ.
- وَقَالَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ: عَلَى التَّرَاخِي.
- وَقَوْمٌ: بِالْوَقْفِ
(2)
.
• وَالْمُؤَقَّتُ: لَا يَسْقُطُ بِفَوْتِ وَقْتِهِ، فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ.
- وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْأَكْثَرُونَ: بِأَمْرٍ جَدِيدٍ
(3)
.
• وَيَقْتَضِي الْإِجْزَاءَ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ.
وَقِيلَ: لَا يَقْتَضِيهِ
(4)
.
- وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ إِلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ.
(1)
ينظر: العدة 1/ 264، الواضح 2/ 545، شرح مختصر الروضة للطوفي 2/ 374، تيسير التحرير 1/ 362، قواطع الأدلة 1/ 65، الإبهاج شرح المنهاج 2/ 48.
(2)
ينظر: العدة 1/ 281، الواضح 3/ 16، شرح مختصر الروضة 2/ 386، شرح الكوكب المنير 3/ 48، شرح تنقيح الفصول ص 128، قواطع الأدلة 1/ 75، الإبهاج في شرح المنهاج 2/ 58.
(3)
ينظر: التمهيد 1/ 251، الواضح 3/ 61، شرح مختصر الروضة 2/ 395، التحبير شرح التحرير 5/ 2260،
(4)
ينظر: العدة 1/ 300، التمهيد 1/ 316، شرح مختصر الروضة 2/ 399، شرح الكوكب المنير 1/ 469، شرح تنقيح الفصول ص 133.
• وَالْأَمْرُ:
- لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِلَفْظٍ لَا تَخْصِيصَ فِيهِ لَهُ: يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ.
- وَكَذَلِكَ خِطَابُهُ لِوَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَلَا يَخْتَصُّ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.
وَقَالَ التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَخْتَصُّ بِالْمَأْمُورِ
(1)
.
• وَيَتَعَلَّقُ بِالْمَعْدُومِ
(2)
.
خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ
(3)
.
• وَيَجُوزُ أَمْرُ الْمُكَلَّفِ بِمَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ.
(1)
ينظر: العدة 1/ 318، التمهيد 1/ 275، أصول ابن مفلح 2/ 859، التحبير شرح التحرير 5/ 2461، العقد المنظوم للقرافي 1/ 515، البرهان 1/ 133، البحر المحيط 4/ 258.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: يتعلق الأمر بالمعدوم، بمعنى: طلب الخطاب منه بتقدير وجوده، لا بمعنى طلب إيقاع الفعل منه حال عدمه، فإنه محال).
(3)
ينظر: العدة 2/ 386، التمهيد 1/ 351، الواضح 3/ 177، مجموع الفتاوى 8/ 182، التحبير شرح التحرير 3/ 1215، التقرير والتحبير لابن الهمام الحنفي 2/ 157، شرح تنقيح الفصول ص 62.
وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى النَّسْخِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ.
وَالْمُعْتَزِلَةُ: شَرَطُوا تَعْلِيقَهُ
(1)
بِشَرْطِ أَلَّا
(2)
يَعْلَمَ الْآمِرُ عَدَمَهُ
(3)
.
• وَهُوَ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ مَعْنًى.
(1)
في (ق): تكليفه.
(2)
في (أ): لا.
(3)
ينظر: روضة الناظر 1/ 600، شرح مختصر الروضة 2/ 423، المعتمد 1/ 139، الإحكام للآمدي 1/ 155.
وَالنَّهْيُ يُقَابِلُ الْأَمْرَ عَكْسًا: وَهُوَ اسْتِدْعَاءُ التَّرْكِ بِالْقَوْلِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْلَاءِ.
• وَلِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْأَوَامِرِ وِزَانٌ من النَّوَاهِي بِعَكْسِهَا، وَقَدِ اتَّضَحَ كَثِيرٌ مِنْ أَحْكَامِهِ.
• بَقِيَ: أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْأَسْبَابِ الْمُفِيدَةِ لِلْأَحْكَامِ: يَقْتَضِي فَسَادَهَا
(1)
.
- وَقِيلَ: لِعَيْنِهِ لَا لِغَيْرِهِ.
- وَقِيلَ: فِي الْعِبَادَاتِ لَا فِي الْمُعَامَلَاتِ.
- وَحُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقْتَضِي الصِّحَّةَ
(2)
.
- وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَعَامَّةُ الْمُتَكَلِّمِينَ: لَا يَقْتَضِي فَسَادًا وَلَا صِحَّةً
(3)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: مطلقًا سواء رجع النهي إلى نفس المنهي عنه كصلاة الحائض وصومها، أم لخارج عن المنهي عنه كالوضوء بمغصوب؛ لأن ذلك مقتضى النهي، فيفيد الفساد في ذلك، وقيل: لعينه، أي: يقتضي الفساد إذا رجع لعينه كالأولى، لا لغيره كالثانية، وهو مذهب الأكثر؛ لأن المنهي عنه في الحقيقة ذلك الخارج، كما في الجمع وشرحه).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: على تفصيل مقرر عندهم، لا مطلقًا).
(3)
ينظر: العدة 2/ 432، شرح مختصر الروضة 2/ 430، شرح الكوكب المنير 3/ 84، أصول السرخسي 1/ 80، كشف الأسرار للبزدوي 1/ 258، شرح تنقيح الفصول ص 173، الإبهاج في شرح المنهاج 2/ 68.
قال القاسمي رحمه الله: (أي: لأن النهي خطاب تكليفي، والصحة والفساد إخباري وضعي، وليس بينهما ربط عقلي، وإنما تأثير فعل المنهي عنه في الإثم به، قال في الروضة: ولنا على فساده مطلقًا قوله عليه السلام: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» أي: مردود الذات
…
إلخ).
فَهَذَا
(1)
مَا تَقْتَضِيهِ صَرَائِحُ الْأَلْفَاظِ.
(1)
أي: ما تقدم من مباحث النص، والمجمل، والظاهر، والعام، والخاص، والأمر والنهي.
•
وَأَمَّا الْمُسْتَفَادُ مِنْ فَحْوَى الْأَلْفَاظِ وَإِشَارَاتِهَا، وَهُوَ: الْمَفْهُومُ، فَأَرْبَعَةُ أَضْرُبٍ:
[1]
الْأَوَّلُ: الِاقْتِضَاءُ: وَهُوَ الْإِضْمَارُ الضَّرُورِيُّ:
- لِصِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ، مِثْلُ:(صَحِيحًا) فِي قَوْلِهِ: «لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ»
(1)
.
- أَوْ لِيُوجَدَ الْمَلْفُوظُ بِهِ شَرْعًا، مِثْلُ:(فَأَفْطَرَ)، لِقَوْلِهِ:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .
- أَوْ عَقْلًا، مِثْلُ:(الْوَطْءِ) فِي مِثْلِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} .
[2]
الثَّانِي: الْإِيمَاءُ، وَالْإِشَارَةُ، وَفَحْوَى الْكَلَامِ، وَلَحْنُهُ: كَفَهْمِ عِلِّيَّةِ السَّرِقَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} .
[3]
الثَّالِثُ: التَّنْبِيهُ، وَهُوَ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ: بِأَنْ يُفْهَمَ الْحُكْمُ فِي الْمَسْكُوتِ مِنَ الْمَنْطُوقِ بِسِيَاقِ الْكَلَامِ؛ كَتَحْرِيمِ
(1)
لم نقف على هذا اللفظ في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاء عند البيهقي في الكبرى (179)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ:«إنه لا عمل لمن لا نية له» .
والحديث أصله في البخاري (1)، ومسلم (1907)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً:«إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» .
الضَّرْبِ مِنْ قَوْلِهِ: {وَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} .
- قَالَ الْخَرَزِيُّ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: هُوَ قِيَاسٌ.
- وَقَالَ الْقَاضِي، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: بَلْ مِنْ مَفْهُومِ اللَّفْظِ، سَبَقَ إِلَى الْفَهْمِ مُقَارِنًا.
وَهُوَ قَاطِعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ
(1)
.
[4]
الرَّابِعُ: دَلِيلُ الْخِطَابِ، وَهُوَ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ؛ كَدَلَالَةِ تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ؛ كَخُرُوجِ الْمَعْلُوفَةِ بِقَوْلِهِ:«فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ»
(2)
.
- وَهُوَ
(3)
حُجَّةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ
(4)
.
• وَدَرَجَاتُهُ سِتٌّ:
(1)
ينظر: العدة 2/ 482، التمهيد 2/ 225، روضة الناظر 2/ 112، شرح مختصر الروضة 2/ 717، التحبير شرح التحرير 6/ 2886، اللمع ص 44، الإحكام للآمدي 3/ 68.
(2)
لم نجده بهذا اللفظ، وفي البخاري (1454) نحوه من حديث أنس رضي الله عنه بلفظ:«في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة» .
(3)
قوله: (وهو) سقطت من (ق).
(4)
ينظر: العدة 2/ 448، روضة الناظر 2/ 114، كشف الأسرار 2/ 253، شرح تنقيح الفصول ص 270، الإحكام للآمدي 3/ 72.
(1)
إِحْدَاهَا: مَفْهُومُ الْغَايَةِ بِـ: (إِلَى)، أَوْ (حَتَّى)؛ مِثْلُ:{أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} .
أَنْكَرَهُ بَعْضُ مُنْكِرِي الْمَفْهُومِ
(1)
.
(2)
الثَّانِيَةُ: مَفْهُومُ الشَّرْطِ؛ مِثْلُ: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} .
أَنْكَرَهُ قَوْمٌ
(2)
.
(3)
الثَّالِثَةُ: مَفْهُومُ التَّخْصِيصِ: وَهُوَ أَنْ تُذْكَرَ الصِّفَةُ عَقِيبَ الِاسْمِ الْعَامِّ فِي مَعْرِضِ الْإِثْبَاتِ وَالْبَيَانِ؛ كَقَوْلِهِ: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ» .
- وَهُوَ حُجَّةٌ.
- وَمِثْلُهُ: أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ فِي أَحَدٍ فَيَنْتَفِيَ فِي الْآخَرِ؛ مِثْلُ: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا»
(3)
.
(4)
الرَّابِعَةُ: مَفْهُومُ الصِّفَةِ: وَهُوَ تَخْصِيصُهُ بِبَعْضِ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَطْرَأُ وَتَزُولُ؛ مِثْلُ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ
(1)
ينظر: روضة الناظر 2/ 130، شرح مختصر الطوفي 2/ 757، التحبير شرح التحرير 6/ 2934.
(2)
ينظر: روضة الناظر 2/ 131، شرح مختصر الطوفي 2/ 761، التحبير شرح التحرير 6/ 2929.
(3)
أخرجه مسلم (1421)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
بِنَفْسِهَا»
(1)
، وَبِهِ قَالَ جُلُّ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَاخْتَارَ التَّمِيمِيُّ: أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ
(2)
.
(5)
الْخَامِسَةُ: مَفْهُومُ الْعَدَدِ: وَهُوَ تَخْصِيصُهُ بِنَوْعٍ مِنَ الْعَدَدِ؛ مِثْلَ: «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ»
(3)
، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَدَاوُدُ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ.
خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَجُلِّ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ
(4)
.
(6)
السَّادِسَةُ: مَفْهُومُ اللَّقَبِ: وَهُوَ أَنْ يَخُصَّ اسْمًا بِحُكْمٍ
(5)
.
وَأَنْكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِمَنْعِ جَرَيَانِ الرِّبَا فِي غَيْرِ الْأَنْوَاعِ السِّتَّةِ
(6)
.
(1)
أخرجه مسلم (1421)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(2)
ينظر: روضة الناظر 2/ 134، شرح مختصر الطوفي 2/ 764، التحبير شرح التحرير 6/ 2904.
(3)
أخرجه مسلم (1450)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(4)
ينظر: العدة 2/ 450، التمهيد 2/ 197، روضة الناظر 2/ 135، شرح مختصر الطوفي 2/ 768، التحبير شرح التحرير 6/ 2939، الفصول في الأصول 1/ 293، قواطع الأدلة 2/ 251.
(5)
قال القاسمي رحمه الله: (قال ابن حامد: وهو حجة عند أكثر أصحابنا، وقال به مالك وداود).
(6)
ينظر: العدة 2/ 475، التمهيد 2/ 202، روضة الناظر 2/ 137، شرح مختصر الطوفي 2/ 771، التحبير شرح التحرير 6/ 2945، الإحكام للآمدي 3/ 95.
ثُمَّ الَّذِي يَرْفَعُ الْحُكْمَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ: النَّسْخُ.
- وَأَصْلُهُ: الْإِزَالَةُ
(1)
.
• وَهُوَ:
1) رَفْعُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِخِطَابٍ مُتَقَدِّمٍ، بِخِطَابٍ مُتَرَاخٍ عَنْهُ.
- وَ (الرَّفْعُ): إِزَالَةُ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَبَقِيَ ثَابِتًا؛ لِيَخْرُجَ زَوَالُ الْحُكْمِ بِخُرُوجِ وَقْتِهِ.
- وَ (الثَّابِتُ بِخِطَابٍ مُتَقَدِّمٍ): لِيَخْرُجَ الثَّابِتُ بِالْأَصَالَةِ.
- وَ (بِخِطَابٍ مُتَأَخِّرٍ): لِيَخْرُجَ زَوَالُهُ بِزَوَالِ التَّكْلِيفِ
(2)
.
- وَ (مُتَرَاخٍ عَنْهُ): لِيَخْرُجَ الْبَيَانُ
(3)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (يقال: نسخت الشمس الظل، ونسخت الريح آثار القوم، ويطلق لغة أيضًا على النقل، ومنه: نسخت الكتاب، ومنه: مناسخات المواريث؛ لانتقال المال من وارث إلى ناسخ، وتناسخ الأرواح؛ لانتقالها من بدن إلى بدن).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: من موت أو جنون أو نحوهما).
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: كزوال الحكم بمتصل؛ كالشرط والاستثناء، فإنه بيان لا نسخ).
2) وَقِيلَ: هُوَ كَشْفُ مُدَّةِ الْعِبَادَةِ بِخِطَابٍ ثَانٍ.
3) وَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا: الْخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ زَائِلٌ عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا.
وَهُوَ خَالٍ مِنَ الرَّفْعِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ النَّسْخِ
(1)
.
• وَيَجُوزُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الِامْتِثَالِ.
• وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ:
(1)
إِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْمَزِيدِ؛ كَإِيجَابِ الصَّلَاةِ ثُمَّ الصَّوْمِ: فَلَيْسَ بِنَسْخٍ إِجْمَاعًا.
(2)
وَإِنْ تَعَلَّقَتْ:
أ - وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ: فَنَسْخٌ
(2)
عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
(1)
ينظر: العدة 1/ 155، شرح مختصر الروضة 2/ 254، التحبير في شرح التحرير 6/ 2974، المعتمد 1/ 364، شرح تنقيح الفصول ص 301.
قال القاسمي رحمه الله: (عبارة مختصر الروضة: وهو - أي: تعريف المعتزلة - حد للناسخ لا للنسخ، لكنه يفهم منه. ا. هـ).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (في مجامع الحقائق وشرحه من أصول الحنفية: ومن منسوخ الوصف الزيادة على النص، فإنها نسخ، سواء كانت بزيادة جزء كزيادة ركعة مثلًا على ركعتين، أو بزيادة شرط كزيادة قيد الإيمان في الكفارة، أو برفع مفهوم أي: مفهوم المخالفة؛ كما لو قال: "في المعلوفة زكاة" بعد قوله: "في السائمة زكاة").
ب - فَإِنْ كَانَتْ شَرْطًا؛ كَالنِّيَّةِ فِي الطَّهَارَةِ: فَأَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ مُخَالِفِيهِ فِي الْأُولَى نَسْخٌ
(1)
.
• وَيَجُوزُ:
- إِلَى غَيْرِ بَدَلٍ.
وَقِيلَ: لَا
(2)
.
- وَبِالْأَخَفِّ وَالْأَثْقَلِ.
وَقِيلَ: بِالْأَخَفِّ
(3)
.
• وَلَا نَسْخَ قَبْلَ بُلُوغِ النَّاسِخِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: كَعَزْلِ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ
(4)
.
• وَيَجُوزُ نَسْخُ:
(1)
ينظر: العدة 3/ 814، شرح مختصر الروضة 2/ 91، شرح الكوكب المنير 3/ 581، أصول السرخسي 2/ 82، المعتمد 1/ 405، كشف الأسرار للبزدوي 3/ 191، قواطع الأدلة 1/ 440.
(2)
ينظر: العدة 3/ 783، التمهيد 2/ 3، 5 الواضح 1/ 250، شرح مختصر الروضة 2/ 296، شرح الكوكب المنير 3/ 545.
(3)
ينظر: العدة 3/ 785، الواضح 4/ 229، التحبير شرح التحرير 6/ 3021، شرح الكوكب المنير 3/ 549.
(4)
ينظر: التمهيد 2/ 395، شرح مختصر الروضة 2/ 309، التحبير شرح التحرير 6/ 3088.
[1]
[2][3] الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَالْآحَادِ: بِمِثْلِهَا.
[4]
وَالسُّنَّةِ: بِالْقُرْآنِ.
[5]
لَا هُوَ بِهَا فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ.
- خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ
(1)
.
[6]
فَأَمَّا نَسْخُ الْقُرْآنِ وَمُتَوَاتِرِ السُّنَّةِ بِالْآحَادِ:
1 -
فَجَائِزٌ عَقْلًا.
2 -
مُمْتَنِعٌ شَرْعًا.
- إِلَّا عِنْدَ بَعْضِ الظَّاهِرِيَّةِ.
- وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
• وَمَا ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ: إِنْ كَانَ مَنْصُوصًا عَلَى عِلَّتِهِ: فَكَالنَّصِّ يُنْسَخُ وَيُنْسَخُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
- وَقِيلَ: يَجُوزُ بِمَا جَازَ بِهِ التَّخْصِيصُ
(3)
.
(1)
ينظر: العدة 3/ 788، التمهيد 2/ 369، الواضح 1/ 228، التحبير شرح التحرير 6/ 3048، قواطع الأدلة 1/ 450، الإبهاج في شرح المنهاج 2/ 247.
(2)
ينظر: التمهيد 2/ 379، الواضح 4/ 259، قواطع الأدلة 1/ 449، شرح الكوكب المنير 3/ 559، الإحكام لابن حزم 4/ 107.
(3)
ينظر: العدة 3/ 827، التمهيد 2/ 390، الواضح 4/ 314، شرح مختصر الروضة 2/ 332، شرح الكوكب المنير 3/ 570.
قال القاسمي رحمه الله: (في مختصر الروضة: وقيل: ما خُص نسخ، وهو باطل بدليل العقل والإجماع، وخبر الواحد تُخص ولا تُنسخ، [والنسخ والتخصيص متناقضان، إذ النسخ إبطال، والتخصيص بيان، فكيف يستويان. ا هـ]).
تنبيه: ما بين المعقوفتين زيادة من طبعة مكتبة ابن تيمية.
وَالْإِجْمَاعُ: وَأَصْلُهُ الِاتِّفَاقُ، وَهُوَ:
- اتِّفَاقُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ مِنَ الْأُمَّةِ عَلَى أَمْرٍ دِينِيٍّ.
- وَقِيلَ: اتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ عَلَى حُكْمِ الْحَادِثَةِ قَوْلًا.
• وَإِجْمَاعُ أَهْلِ كُلِّ عَصْرٍ حُجَّةٌ
(1)
.
- خِلَافًا لِدَاوُدَ
(2)
، وَقَدْ أَوْمَأَ أَحْمَدُ إِلَى نَحْوِ قَوْلِهِ
(3)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (قال في مختصر الروضة القدامية: معنى كون الإجماع حجة: وجوب العمل به مقدمًا على باقي الأدلة، لا بمعنى الجازم الذي لا يحتمل النقيض في نفس الأمر، وإلا لما اختلف في تكفير منكر حكمه. ا. هـ).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (في تخصيصه الإجماع بالصحابة وحدهم).
(3)
قال القاضي أبو يعلى: (إجماع أهل كل عصر حجة، ولا يجوز إجماعهم على الخطأ، وهذا ظاهر كلام أحمد رحمه الله في رواية المروذي، وقد وصف أخذ العلم فقال:"ينظر ما كان عن رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن فعن أصحابه، فإن لم يكن فعن التابعين".
وقد عَلَّق القول في رواية أبي داود فقال: "الاتباع: أن تتبع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، وهو بعد في التابعين مخير"، وهذا محمول من كلامه على آحاد التابعين، لا على جماعتهم، وقد بين هذا في رواية المروذي فقال:"إذا جاءك الشيء عن الرجل من التابعين، لا يوجد فيه عن النبي، لا يلزم الأخذ به").
وقال ابن عقيل في الواضح: (وصرف شيخنا كلام أحمد عن ظاهره في الرواية الموافقة لداود بغير دلالة). ينظر: العدة 4/ 1090، التمهيد 2/ 256، الواضح 5/ 130، روضة الناظر، شرح مختصر الروضة 3/ 47، الإحكام لابن حزم 4/ 147.
قال القاسمي رحمه الله: (عبارة ابن حامد: وعن أحمد مثله).
• وَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ الصَّحَابَةِ:
1 -
اعْتَبَرَهُ
(1)
أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْحَنَفِيَّةُ.
2 -
وَقَالَ الْقَاضِي، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ
(2)
.
• وَالتَّابِعِيُّ مُعْتَبَرٌ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
- خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
وَقَدْ أَوْمَأَ أَحْمَدُ إِلَى الْقَوْلَيْنِ
(3)
.
• وَلَا يَنْعَقِدُ بِقَوْلِ الْأَكْثَرِينَ.
(1)
في (ق): اعتبره إلى وجوب.
(2)
ينظر: العدة 3/ 1105، التمهيد 3/ 297، روضة الناظر 1/ 428، أصول السرخسي 1/ 319، البرهان للجويني 1/ 276، الإحكام للآمدي 1/ 275.
(3)
ينظر: العدة 4/ 1152، التمهيد 3/ 267، روضة الناظر 1/ 397، شرح الكوكب المنير 2/ 231، البحر المحيط 6/ 435.
خِلَافًا لِابْنِ جَرِيرٍ
(1)
، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ
(2)
.
• وَقَالَ مَالِكٌ: إِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حُجَّةٌ
(3)
.
• وَانْقِرَاضُ الْعَصْرِ شَرْطٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ.
وَقَدْ أَوْمَأَ إِلَى خِلَافِهِ.
فَلَوِ اتَّفَقَتِ الْكَلِمَةُ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ إِجْمَاعٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ
(4)
.
• وَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ: لَمْ يَجُزْ إِحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
(1)
هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب أبو جعفر الطبري، صاحب التفسير المشهور، استوطن بغداد، وأقام بها إلى حين وفاته، وكان أحد أئمة العلماء، يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، كان فقيهًا في أحكام القرآن، عالمًا بالسنن، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين، توفي سنة 310 هـ. ينظر: تاريخ بغداد 2/ 548، طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 106.
(2)
ينظر: العدة 4/ 1117، التمهيد 3/ 260، روضة الناظر 1/ 402، شرح مختصر الروضة 3/ 53، شرح الكوكب المنير 2/ 229.
(3)
ينظر: شرح تنقيح الفصول ص 334، نفائس الأصول 6/ 2698.
(4)
ينظر: العدة 4/ 1095، روضة الناظر 1/ 418، شرح الكوكب المنير 2/ 246، كشف الأسرار للبزدوي 3/ 243، شرح تنقيح الفصول ص 330، قواطع الأدلة 2/ 16، الإبهاج في شرح المنهاج 2/ 393.
وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ: يَجُوزُ
(1)
.
(2)
• وَإِذَا قَالَ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ قَوْلًا، وَانْتَشَرَ فِي الْبَاقِينَ، وَسَكَتُوا:
1 -
فَعَنْهُ: إِجْمَاعٌ فِي التَّكَالِيفِ. وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ.
2 -
وَقِيلَ: حُجَّةٌ لَا إِجْمَاعٌ.
3 -
وَقِيلَ: لَا إِجْمَاعٌ، وَلَا حُجَّةٌ
(3)
.
• وَيَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ عَنِ اجْتِهَادٍ
(4)
.
- وَأَحَالَهُ قَوْمٌ.
- وَقِيلَ: يُتَصَوَّرُ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ
(5)
.
(1)
ينظر: العدة 4/ 1113، التمهيد 3/ 310، شرح مختصر الروضة 3/ 88، شرح الكوكب المنير، أصول السرخسي 1/ 310، قواطع الأدلة 1/ 487، شرح تنقيح الفصول ص 328، البحر المحيط 6/ 561، الإحكام لابن حزم 4/ 156.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: لأنهم لم يصرحوا بتحريم الثالث، فجاز، كما لو علل أو استدل بغير علتهم ودليلهم).
(3)
ينظر: العدة 4/ 1170، روضة الناظر 1/ 434، شرح مختصر الروضة 3/ 78، قواطع الأدلة 2/ 4، البحر المحيط 6/ 456.
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (عبارة مختصر الروضة: لا إجماع إلا عن مستند قياس أو غيره، وقيل: لا يتصور عن قياس، وقيل: يتصور وليس بحجة).
(5)
ينظر: العدة 4/ 1125 التمهيد 3/ 293، شرح مختصر الروضة 3/ 118، شرح الكوكب المنير 2/ 261.
• وَالْأَخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ
(1)
لَيْسَ تَمَسُّكًا بِالْإِجْمَاعِ.
• وَاتِّفَاقُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ.
- وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ: لَا نَخْرُجُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِمْ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ لَا إِجْمَاعٌ
(2)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (كدية الكتابي أنها الثلث، فتمسك بالإجماع وبالاستصحاب، لا به فقط، إذ الأقل مجمع عليه دون نفي الزيادة. ا. هـ مختصر الروضة).
(2)
ينظر: العدة 4/ 1198، التمهيد 3/ 280، روضة الناظر 1/ 414، شرح الكوكب المنير 2/ 239.
وَأَمَّا الْأَصْلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ دَلِيلُ الْعَقْلِ فِي النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ.
• فَهُوَ
(1)
: أَنَّ الذِّمَّةَ قَبْلَ الشَّرْعِ
(2)
بَرِيئَةٌ مِنَ التَّكَالِيفِ، فَيَسْتَمِرُّ حَتَّى يَرِدَ غَيْرُهُ.
- وَيُسَمَّى: اسْتِصْحَابًا.
• وَكُلُّ دَلِيلٍ فَهُوَ كَذَلِكَ.
- فَالنَّصُّ: حَتَّى يَرِدَ النَّاسِخُ.
- وَالْعُمُومُ: حَتَّى يَرِدَ الْمُخَصِّصُ.
- وَالْمِلْكُ: حَتَّى يَرِدَ الْمُزِيلُ.
- وَالنَّفْيُ: حَتَّى يَرِدَ الْمُثْبِتُ.
- وَوُجُوبُ صَلَاةٍ سَادِسَةٍ، وَصَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ: يُنْفَى بِذَلِكَ
(3)
.
(1)
في الأصل: وهو.
(2)
في (ق): الشروع.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: بالاستصحاب، قال في مختصر الروضة: لا يقال: هذا تمسك بعدم العلم بالناقل، وهو تمسك بالجهل، ولعله موجود مجهول؛ لأنا نقول: الناس إما عامي لا يمكنه البحث والاجتهاد، فتمسكه بما ذكرتم كالأعمى يطوف في البيت على متاع، أو مجتهد فتمسكه بعد جده وبحثه بعدم الدليل كبصير اجتهد في طلب المتاع من بيت لا علة فيه مخفية له، فيجزم بعدمه، لا سيما وقواعد الشرع قد مهدت، وأدلته اشتهرت وظهرت، فعند استفراغ الوسع من الأهل يعلم أن لا دليل. ا. هـ).
• وَأَمَّا اسْتِصْحَابُ الْإِجْمَاعِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِمُ: الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ، فَإِذَا رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلِ؛ اسْتِصْحَابًا لِلْإِجْمَاعِ:
1 -
فَفَاسِدٌ
(1)
عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ
(2)
.
2 -
خِلَافًا لِابْنِ شَاقْلَا، وَبَعْضِ الْفُقَهَاءِ
(3)
.
• فَهَذِهِ الْأُصُولُ الْأَرْبَعَةُ: لَا خِلَافَ فِيهَا.
(1)
في (أ): فاسد.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: لأن الإجماع إنما حصل حال عدم الماء، لا وجوده، فهو إذًا مختلف فيه، والخلاف يضاد الإجماع، فلا يبقى معه).
(3)
ينظر: العدة 4/ 1265، التمهيد 4/ 254، إعلام الموقعين 1/ 257، شرح مختصر الروضة 3/ 156، الإحكام للآمدي 4/ 36.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أُصُولٍ أَرْبَعَةٍ أُخَرَ، وَهِيَ:
[1]
شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا:
1 -
وَهُوَ شَرْعٌ لَنَا، مَا لَمْ يَرِدْ نَسْخُهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، اخْتَارَهَا التَّمِيمِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ
(1)
الْحَنَفِيَّةِ، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
2 -
وَالْأُخْرَى: لَا، وَهِيَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ
(2)
.
(1)
قوله: (بعض) سقطت من (ق).
(2)
ينظر: العدة 3/ 752، التمهيد 4/ 411، الواضح 4/ 173، شرح الكوكب المنير 4/ 412، أصول السرخسي 2/ 99، التبصرة ص 285، البحر المحيط 8/ 39.
قال القاسمي رحمه الله: (حجة المثبت والنافي ينبغي مراجعتها من الروضة القدامية أو مختصرها، فإن مبحثها بديع جدًّا).
[2]
وَ
قَوْلُ الصَّحَابِيِّ
إِذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مُخَالِفٌ:
1 -
فَرُوِيَ أَنَّهُ:
- حُجَّةٌ.
- يُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ.
- وَيُخَصُّ بِهِ
(1)
الْعُمُومُ.
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَدِيمُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ.
2 -
وَيُرْوَى: خِلَافُهُ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَجَدِيدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ
(2)
أَبُو الْخَطَّابِ.
3 -
وَقِيلَ: الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ.
4 -
وَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ
(3)
.
• فَإِنِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ: لَمْ يَجُزْ لِلْمُجْتَهِدِ الْأَخْذُ بِأَحَدِهِمَا إِلَّا بِدَلِيلٍ.
(1)
قوله: (به) سقطت من (أ).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (لأن اختياره واحدًا منها واتباعه بلا دليل باطل؛ لأنه ترجح بلا مرجح، فيكون معارضًا بمثله، وهكذا الواجب في كل قولين متضادين لغير الصحب من باب أولى، وفي الروضة تتمة لهذا).
(3)
ينظر: العدة 4/ 1178، التمهيد 3/ 332، روضة الناظر 1/ 466، شرح الكوكب المنير 4/ 422، أصول السرخسي 2/ 105، تيسير التحرير 3/ 132، شرح تنقيح الفصول ص 445، التبصرة ص 395، المستصفى ص 171، البحر المحيط 8/ 55، قواطع الأدلة 2/ 9.
- وَأَجَازَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مَا لَمْ يُنْكَرْ عَلَى الْقَائِلِ قَوْلُهُ
(1)
.
(1)
ينظر: العدة 4/ 1208، التمهيد 3/ 345، الواضح 5/ 228، شرح مختصر الروضة 3/ 188، أصول السرخسي 2/ 113.
[3]
وَ
الِاسْتِحْسَانُ:
وَهُوَ الْعُدُولُ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ نَظَائِرِهَا لِدَلِيلٍ خَاصٍّ.
- قَالَ الْقَاضِي
(1)
: الِاسْتِحْسَانُ مَذْهَبُ أَحْمَدَ رحمه الله: وَهُوَ أَنْ يَتْرُكَ حُكْمًا إِلَى حُكْمٍ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ.
وَهَذَا لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ.
- وَقِيلَ: دَلِيلٌ يَنْقَدِحُ فِي نَفْسِ الْمُجْتَهِدِ، لَا يُمْكِنُهُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ.
وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
(2)
- وَقِيلَ: مَا اسْتَحْسَنَهُ الْمُجْتَهِدُ بِعَقْلِهِ
(3)
.
(1)
المراد به هنا: القاضي يعقوب البرزبيني (486 هـ)، من تلاميذ القاضي أبي يعلى، وليس المراد هنا القاضي أبا يعلى كما هو المشهور عند الإطلاق، ينظر: روضة الناظر لابن قدامة 1/ 473.
والقاضي يعقوب: هو يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن سطور العكبري البَرْزَبيني، من تلاميذ القاضي أبي يعلى، تولى القضاء بباب الأزج مدة، له تصانيف في المذهب، منها: التعليقة في الفقه، وهي مُلخصة من تعليقة شيخه القاضي، مات سنة 488 هـ. ينظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 164، المقصد الأرشد 3/ 120.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (لأن ما هذا شأنه لا يمكن النظر فيه لتستبان صحته من سقمه، قال في مختصر الروضة: وقد قرر محققو الحنفية الاستحسان على وجه بديع في غاية الحسن واللطافة).
(3)
ينظر: التمهيد 4/ 93، روضة الناظر 1/ 473، شرح مختصر الروضة 3/ 190، التحبير شرح التحرير 8/ 3818، شرح الكوكب المنير 4/ 431.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ حُجَّةٌ
(1)
؛ كَدُخُولِ الْحَمَّامِ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ أُجْرَةٍ، وَشِبْهِهِ.
(1)
حكاه الشافعي عن أبي حنيفة فيما ذكره الشيرازي في شرح اللمع، وقال:(وهو الصحيح عنه) ينظر: شرح اللمع 2/ 969، البحر المحيط 8/ 103.
وأنكر بعض الحنفية نسبة هذا القول لأبي حنيفة، قال البخاري في كشف الأسرار (4/ 3):(ونُقل عن الشافعي أيضًا أنه بالغ في إنكار الاستحسان، وقال: "من استحسن فقد شرع"، وكل ذلك طعن من غير رويَّة، وقدح من غير وقوف على المراد، فأبو حنيفة رحمه الله أجل قدرًا، وأشد ورعًا من أن يقول في الدين بالتشهي أو عمل بما استحسنه من دليل قام عليه شرعًا). وينظر: أصول السرخسي 2/ 200، قواطع الأدلة 2/ 268.
[4]
وَ
الِاسْتِصْلَاحُ:
وَهُوَ اتِّبَاعُ الْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ
(1)
مِنْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْهَدَ لَهَا أَصْلٌ شَرْعِيٌّ.
• وَهِيَ
(2)
:
(1)
إِمَّا ضَرُورِيٌّ:
[1]
كَقَتْلِ الْكَافِرِ الْمُضِلِّ، وَعُقُوبَةِ الْمُبْتَدِعِ الدَّاعِي؛ حِفْظًا لِلدِّينِ.
[2]
وَالْقِصَاصِ؛ حِفْظًا لِلنَّفْسِ.
[3]
وَحَدِّ الشُّرْبِ؛ حِفْظًا لِلْعَقْلِ.
[4]
وَحَدِّ الزِّنَى؛ حِفْظًا لِلنَّسَبِ.
[5]
وَالْقَطْعِ حِفْظًا لِلْمَالِ.
1 -
فَذَهَبَ مَالِكٌ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَصْلَحَةَ حُجَّةٌ.
2 -
وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ
(3)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: المطلقة عما يدل على اعتبارها أو إلغائها، ولنجم الدين الطوفي رسالة في المصالح جديرة بالمراجعة).
(2)
في (ق): وهو.
(3)
ينظر: روضة الناظر 1/ 482، شرح تنقيح الفصول ص 394، البحر المحيط 8/ 83، التحبير شرح التحرير 7/ 3391، شرح الكوكب المنير 4/ 169.
(2)
وَإِمَّا حَاجِيٌّ
(1)
: كَتَسْلِيطِ الْوَلِيِّ عَلَى تَزْوِيجِ الصَّغِيرةِ لِتَحْصِيلِ الْكُفْءِ؛ خِيفَةَ الْفَوَاتِ.
(3)
أَوْ تَحْسِينِيٌّ: كَالْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ؛ صِيَانَةً لِلْمَرْأَةِ عَنْ مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ الدَّالِّ عَلَى الْمَيْلِ إِلَى الرِّجَالِ.
- فَهَذَانِ لَا يُتَمَسَّكُ بِهِمَا بِدُونِ أَصْلٍ بِلَا خِلَافٍ
(2)
.
(1)
في (أ): خارجي.
قال القاسمي رحمه الله: (نسبة للحاجة).
(2)
ينظر: روضة الناظر 1،/ 480.
وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَنِ الْأُصُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ: الْقِيَاسُ.
• وَأَصْلُهُ: التَّقْدِيرُ.
• وَهُوَ: حَمْلُ فَرْعٍ عَلَى أَصْلٍ فِي حُكْمٍ؛ لِجَامِعٍ بَيْنَهُمَا.
- وَقِيلَ: إِثْبَاتُ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ
(1)
.
- وَقِيلَ: حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ فِي إِثْبَاتِ حُكْمٍ لَهُمَا، أَوْ نَفْيِهِ عَنْهُمَا؛ لِجَامِعٍ بَيْنَهُمَا، مِنْ إِثْبَاتِ حُكْمٍ أَوْ صِفَةٍ
(2)
لَهُمَا، أَوْ نَفْيِهِ عَنْهُمَا.
وَهُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَذَاكَ
(3)
أَوْجَزُ.
- وَقِيلَ: هُوَ الِاجْتِهَادُ.
وَهُوَ خَطَأٌ
(4)
.
• وَالتَّعَبُّدُ بِهِ جَائِزٌ عَقْلًا وَشَرْعًا، عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (قيل عليهما: إن الحمل أو الإثبات ثمرة القياس، وأما القياس فإنه مساواة الفرع للأصل، ويدل عليه: أنه لغة المساواة، فالأولى حده بذلك، والجواب: أن ما ذكر ملزوم للمساواة، ولا مشاحة في الاصطلاح).
(2)
في (ق): وصفة.
(3)
في (ق): وذلك.
(4)
ينظر: العدة 1/ 174، التمهيد 1/ 24، روضة الناظر 1/ 141، التحبير شرح التحرير 7/ 3117، قواطع الأدلة 2/ 69، البحر المحيط 7/ 9.
- خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ
(1)
، وَالنَّظَّامِ
(2)
.
• وَيَجْرِي فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ.
- حَتَّى فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ
(3)
.
خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ
(4)
.
- وَفِي الْأَسْبَابِ
(5)
عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (نقل في جمع الجوامع: أن داود منع غير الجلي من القياس، وابن حزم منعه مطلقًا، ففي مفهوم الظاهرية هنا تفصيل).
(2)
النظام: هو أبو إسحاق إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري المعروف بالنظَّام، قالت المعتزلة: إنما لقب بذلك لحسن كلامه نظمًا ونثرًا، وقال غيرهم: إنما سمي بذلك؛ لأنه كان ينظم الخرز بسوق البصرة ويبيعها. وكان ابن أخت أبي الهذيل العلاف شيخ المعتزلة، وكان في حداثته يصحب الثنوية، وفي كهولته يصحب ملاحدة الفلاسفة، فطالع كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة، وصار رأسًا في المعتزلة، وإليه تنسب الطائفة النظامية، ووافق المعتزلة في مسائلهم وانفرد عنهم بمسائل أخرى. ينظر: تاريخ بغداد 6/ 623، الوافي بالوفيات 6/ 12.
وينظر للمسألة: العدة 4/ 1280، التمهيد 3/ 365، التحبير شرح التحرير 7/ 3463، شرح الكوكب المنير 4/ 211، الإحكام لابن حزم 7/ 55.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (كقياس النباش على السارق في وجوب القطع بجامع أخذ المال من حرز خفية، وقياس القاتل عمدًا على القاتل خطأ في وجوب الكفارة بجامع القتل بغير حق).
(4)
ينظر: العدة 4/ 1409، الواضح 2/ 196، روضة الناظر 2/ 298، التحبير شرح التحرير 7/ 3519، أصول السرخسي 2/ 163، كشف الأسرار 2/ 221.
(5)
قال القاسمي رحمه الله: (كقياس اللواط على الزنى بجامع إيلاج فرج في فرج محرم شرعًا).
وَمَنَعَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ
(1)
.
• ثُمَّ إِلْحَاقُ الْمَسْكُوتِ بِالْمَنْطُوقِ:
(1)
مَقْطُوعٌ.
- وَهُوَ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ
(2)
، وَقَدْ سَبَقَ.
- وَضَابِطُهُ: أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ نَفْيُ الْفَارِقِ الْمُؤَثِّرِ، مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْعِلَّةِ.
(2)
وَمَا عَدَاهُ: فَهُوَ مَظْنُونٌ.
• وَلِلْإِلْحَاقِ فِيهِ طَرِيقَانِ:
[1]
أَحَدُهُمَا: نَفْيُ الْفَارِقِ الْمُؤَثِّرِ.
- وَإِنَّمَا يَحْسُنُ مَعَ التَّقَارُبِ.
[2]
وَالثَّانِي: بِالْجَامِعِ فِيهِمَا، وَهُوَ الْقِيَاسُ.
• فَإِذَنْ؛ أَرْكَانُ الْقِيَاسِ أَرْبَعَةٌ:
(1)
ينظر: روضة الناظر 2/ 293، التحبير شرح التحرير 7/ 3520، شرح الكوكب المنير 4/ 220، التقرير والتحبير 3/ 147.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (عبارة الروضة: إلحاق المسكوت بالمنطوق ينقسم إلى مقطوع ومظنون، فالمقطوع ضربان: أحدهما: أن يكون المسكوت أولى بالحكم من المنطوق، وهو المفهوم؛ كقولنا: إذا قبل شهادة اثنين فثلاثة أولى. الثاني: أن يكون المسكوت مثل المنطوق؛ كسراية العتق في العبد والأمة، وموت الحيوان في السمن والزيت. ا. هـ).
(1)
الْأَصْلُ: وَهُوَ الْمَحَلُّ الثَّابِتُ الْحُكْمِ، الْمُلْحَقُ بِهِ؛ كَالْخَمْرِ مَعَ النَّبِيذِ.
وَشَرْطُهُ:
1 -
أَنْ يَكُونَ مَعْقُولَ الْمَعْنَى؛ لِيَتَعَدَّى.
- فَإِنْ كَانَ تَعَبُّدِيًّا: لَمْ يَصِحَّ
(1)
.
2 -
وَمُوَافَقَةُ الْخَصْمِ عَلَيْهِ.
- فَإِنْ مَنَعَهُ
(2)
، وَأَمْكَنَهُ إِثْبَاتُهُ بِالنَّصِّ: جَازَ، لَا بِعِلَّةٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ.
وَقِيلَ: الِاتِّفَاقُ شَرْطٌ
(3)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (لأن ما تعبد فيه إنما يقاس على محله ما يطلب فيه القطع، أي: اليقين كالعقائد، والقياس لا يفيد اليقين، وقال في الروضة: لأن القياس إنما هو تعدية الحكم من محل آخر، وما لا يعقل معناه لا نعلم تعدية الحكم فيه).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: منع الخصم الأصل، وأمكنه أي: المستدل، والمعنى: أنه ينتقل إلى مسألة أخرى، وهي إثبات حكم الأصل، وينبغي هنا مراجعة أصل المصنف المطول أو الجمع وشروحه، فتفصيلها يطول والقصد التقريب).
(3)
ينظر: روضة الناظر 2/ 249، شرح مختصر الروضة 3/ 291، التحبير شرح التحرير 7/ 3165، شرح الكوكب المنير 4/ 27.
قال القاسمي رحمه الله: (أي: كون الحكم متفقًا عليه بين الأمة، لا بين الخصمين؛ كيلا يتأتى المنع بوجه، والأصح بين الخصمين؛ لأن البحث لا يعدوهما، ويحتمل أن يكون مراده حكاية ما قيل بأن الاتفاق أي: الإجماع على تعليل حكم الأصل أو النص على العلة شرط في القياس، والصحيح: أنه لا يشترط، إذ لا دليل عليه، كما في الجمع وشرحه).
(2)
وَالْفَرْعُ: وَهُوَ لُغَةً: مَا تَوَلَّدَ عَنْ غَيْرِهِ، وَانْبَنَى عَلَيْهِ.
- وَهُنَا: الْمَحَلُّ الْمَطْلُوبُ إِلْحَاقُهُ.
- وَشَرْطُهُ: وُجُودُ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِيهِ.
(3)
وَالْحُكْمُ: وَهُوَ الْوَصْفُ الْمَقْصُودُ
(1)
بِالْإِلْحَاقِ.
- فَالْإِثْبَاتُ: رُكْنٌ لِكُلِّ قِيَاسٍ.
- وَالنَّفْيُ، إِلَّا لِقِيَاسِ الْعِلَّةِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ؛ لِاشْتِرَاطِ الْوُجُودِ فِيهَا.
- وَشَرْطُهُ:
1 -
الِاتِّحَادُ فِيهَا:
- قَدْرًا.
- وَصِفَةً.
2 -
وَأَنْ يَكُونَ شَرْعِيًّا.
- لَا عَقْلِيًّا.
- أَوْ أُصُولِيًّا.
(1)
قوله: (المقصود) سقطت من (ق).
(4)
وَالْجَامِعُ: وَهُوَ الْمُقْتَضِي لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ.
- وَيَكُونُ حُكْمًا شَرْعِيًّا.
- وَوَصْفًا عَارِضًا.
- وَلَازِمًا.
- وَمُفْرَدًا.
- وَمُرَكَّبًا.
- وَفِعْلًا.
- وَنَفْيًا.
- وَإِثْبَاتًا.
- وَمُنَاسِبًا.
- وَغَيْرَ مُنَاسِبٍ.
• وَقَدْ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ؛ كَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْحُرِّ لِلْأَمَةِ؛ لِعِلَّةِ رِقِّ الْوَلَدِ.
• وَلَهُ أَلْقَابٌ، مِنْهَا:
(1)
…
الْعِلَّةُ: وَقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُهَا.
(2)
…
وَالْمُؤَثِّرُ: وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي عُرِفَ كَوْنُهُ مَنَاطًا لِلْحُكْمِ بِمُنَاسَبَتِهِ.
(3)
وَالْمَنَاطُ: وَهُوَ مِنْ تَعَلُّقِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ، وَمِنْهُ: نِيَاطُ
(1)
الْقَلْبِ؛ لِعَلَّاقَتِهِ، فَلِذَلِكَ هُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مُتَعَلَّقُ الْحُكْمِ.
• وَالْبَحْثُ فِيهِ:
[1]
إِمَّا لِوُجُودِهِ، وَهُوَ: تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ
(2)
.
[2]
أَوْ تَنْقِيَتِهِ وَتَخْلِيصِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ: تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ.
أَنْ
(3)
يَنُصَّ الشَّارِعُ عَلَى حُكْمٍ عَقِيبَ أَوْصَافٍ، فَيُلْغِيَ الْمُجْتَهِدُ غَيْرَ الْمُؤَثِّرِ، وَيُعَلِّقَ الْحُكْمَ عَلَى مَا بَقِيَ
(4)
.
(1)
في (ق): مناط. قال في الصحاح (3/ 1166): (والنياط: عرق علق به القلب من الوتين، فإذا قطع مات صاحبه).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (قال القرافي: تحقيق المناط هو تحقيق العلة المتفق عليها في الفرع، مثاله: أن يتفق على أن العلة في الربا هي القوت الغالب، ويختلف في الربا في التين بناء على أنه يقتات غالبًا في الأندلس، أوْ لا؛ نظرًا إلى الحجاز وغيره، فهذا تحقيق المناط؛ ينظر هل هو محقق أم لا بعد الاتفاق عليه).
(3)
في (ق): فتنقيح المناط أن.
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (قال القرافي: مثاله: حديث الأعرابي، وأنه جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام يضرب صدره وينتف شعره، فقال: هلكت وأهلكت، واقعت أهلي في شهر رمضان، فأوجب عليه السلام عليه الكفارة
…
الحديث المشهور، فذكر في الحديث: كونه أعرابيًّا، وضرب الصدر، ونتف الشعر، وهي لا تصلح للتعليل، وكونه مفسدًا للصوم مناسب للكفارة؛ فعُيِّن علة من أوصاف مذكورة ا. هـ).
[3]
وَتَخْرِيجُهُ
(1)
: بِأَنْ يَنُصَّ الشَّارِعُ عَلَى حُكْمٍ غَيْرِ مُقْتَرِنٍ بِمَا يَصْلُحُ عِلَّةً، فَيَسْتَخْرِجَ الْمُجْتَهِدُ عِلَّتَهُ بِاجْتِهَادِهِ وَنَظَرِهِ.
(4)
…
وَالْمَظِنَّةُ: وَهِيَ مِنْ «ظَنَنْتُ الشَّيْءَ» .
- وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} .
- وَتَارَةً بِمَعْنَى رُجْحَانِ الِاحْتِمَالِ.
• فَلِذَلِكَ: هِيَ الْأَمْرُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْحِكْمَةِ الْبَاعِثَةِ عَلَى الْحُكْمِ:
1 -
إِمَّا قَطْعًا؛ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ.
2 -
أَوِ احْتِمَالًا؛ كَوَطْءِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ.
- فَمَا خَلَا عَنِ الْحِكْمَةِ: فَلَيْسَ بِمَظِنَّةٍ.
(5)
…
وَالسَّبَبُ: وَأَصْلُهُ مَا تُوُصِّلَ بِهِ إِلَى مَا لَا يَحْصُلُ بِالْمُبَاشَرَةِ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: تخريج المناط، وخلاصته: أنه استخراج علة من أوصاف غير مذكورة؛ كنهيه عليه السلام عن بيع البر بالبر إلا مثلًا بمثل يدًا بيدٍ، ولم يذكر العلة ولا أوصافًا هي مشتملة عليها، فتعيين الطعم للعلة أو الكيل أو القوت أو المالية إخراج علة من أوصاف غير مذكورة، بل من غيب، يعني: من اجتهاد، والفرق بين تخريج المناط وتحقيقه اصطلاح لفظي. ا. هـ قرافي).
- وَالْمُتَسَبِّبُ: الْمُتَعَاطِي لِفِعْلِهِ.
- وَهُنَا: مَا تُوُصِّلَ بِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ.
- وَجُزْءُ السَّبَبِ: هُوَ الْوَاحِدُ مِنْ أَوْصَافِهِ، كَجُزْءِ الْعِلَّةِ
(1)
.
(6)
وَالْمُقْتَضِي: وَهُوَ لُغَةً: طَالِبُ الْقَضَاءِ.
- فَيُطْلَقُ هُنَا: لِاقْتِضَائِهِ ثُبُوتَ الْحُكْمِ.
(7)
وَالْمُسْتَدْعِي: وَهُوَ مِنْ «دَعَوْتُهُ إِلَى كَذَا» أَيْ: حَثَثْتُهُ عَلَيْهِ؛ لِاسْتِدْعَائِهِ الْحُكْمَ.
• ثُمَّ الْجَامِعُ: إِنْ كَانَ وَصْفًا، مَوْجُودًا، ظَاهِرًا، مُنْضَبِطًا، مُنَاسِبًا، مُعْتَبَرًا، مُطَّرِدًا، مُتَعَدِّيًا: فَهُوَ عِلَّةٌ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِهِ.
[1]
أَمَّا الْوُجُودُ: فَشَرْطٌ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، لِاسْتِمْرَارِ الْعَدَمِ، فَلَا يَكُونُ عِلَّةً لِلْوُجُودِ
(2)
.
- وَأَمَّا النَّفْيُ: فَقِيلَ: يَجُوزُ عِلَّةً.
وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الِاسْتِدْلَالِ بِالنَّفْيِ عَلَى النَّفْيِ:
(1)
قوله: (وَجُزْءُ السَّبَبِ: هُوَ الْوَاحِدُ مِنْ أَوْصَافِهِ، كَجُزْءِ الْعِلَّةِ) سقطت من (ق).
(2)
ينظر: شرح مختصر الروضة 3/ 443، الإحكام للآمدي 3/ 206.
1) أَمَّا إِنْ قِيلَ: بِعِلِّيَّتِهِ
(1)
فَظَاهِرٌ.
2) وَإِلَّا فَمِنْ جِهَةِ الْبَقَاءِ عَلَى الْأَصْلِ، فَيَصِحُّ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى
(2)
وُجُودِ الْأَمْرِ الْمُدَّعَى انْتِفَاؤُهُ، فَيَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، لَا فِي غَيْرِهِ.
[2]
وَالظُّهُورُ.
[3]
وَالِانْضِبَاطُ؛ لِيَتَعَيَّنَ.
[4]
وَالْمُنَاسَبَةُ: وَهِيَ حُصُولُ مَصْلَحَةٍ يَغْلِبُ ظَنُّ الْقَصْدِ لِتَحْصِيلِهَا بِالْحُكْمِ؛ كَالْحَاجَةِ مَعَ الْبَيْعِ.
- وَغَيْرُهُ: طَرْدِيٌّ
(3)
:
1 -
لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ
(4)
.
2 -
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَصِحُّ مُطْلَقًا.
(1)
في (ق): بعلَّتيه.
(2)
قوله: (على) سقطت من (ق).
(3)
في (ق): طرد.
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: غير ما ذكر من ضابط المناسب وهو الطرد، وهو ليس بعلة عند الأكثرين؛ لأن الصحابة لم ينقل عنهم إلا العمل بالمناسب، أما غيره فلا، فوجب بقاؤه على الأصل في عدم الاعتبار. ا. هـ قرافي).
3 -
وَقِيلَ: جَدَلًا
(1)
.
[5]
وَالِاعْتِبَارُ: أَنْ يَكُونَ الْمُنَاسِبُ مُعْتَبَرًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
- وَإِلَّا: فَهُوَ مُرْسَلٌ
(2)
يَمْتَنِعُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ
(3)
.
[6]
وَالِاطِّرَادُ:
1 -
شَرْطٌ عِنْدَ الْقَاضِي، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
2 -
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهِ
(4)
.
• وَالتَّخَلُّفُ:
(1)
إِمَّا لِاسْتِثْنَاءٍ؛ كَالتَّمْرِ
(5)
فِي الْمُصَرَّاةِ.
(1)
ينظر: البرهان 2/ 23، الإبهاج في شرح المنهاج 3/ 78، البحر المحيط 7/ 313.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: مجهول الحال، ويسمى المصلحة المرسلة. ا. هـ تنقيح).
(3)
ينظر: التحبير شرح التحرير 7/ 3409، شرح الكوكب المنير 4/ 178.
قال القاسمي رحمه الله: (اشتهر القول به عن المالكية، وحقق القرافي أنها عامة في المذاهب، وأرجع الطوفي إليها مقاصد الشرع، كما بسطه في الرسالة الشهيرة له).
(4)
ينظر: العدة 4/ 1386، التمهيد 4/ 69، التبصرة ص 466، الإحكام للآمدي 3/ 218.
(5)
في (ق): كالثمن.
(2)
أَوِ لِمُعَارَضَةِ عِلَّةٍ أُخْرَى.
(3)
أَوْ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ.
(4)
أَوْ فَوَاتِ شَرْطِهِ.
فَلَا يَنْقُضُ، وَمَا سِوَاهُ فَنَاقِضٌ.
[7]
وَالتَّعَدِّي؛ لِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنَ الْمُسْتَنْبَطَةِ.
- فَأَمَّا الْقَاصِرَةُ، وَهِيَ: مَا لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النَّصِّ؛ كَالثَّمَنِيَّةِ فِي النَّقْدَيْنِ:
1 -
فَغَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ.
2 -
خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَالشَّافِعِيَّةِ
(1)
.
• فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهَا إِلَّا أَصْلٌ وَاحِدٌ؛ فَهُوَ: الْمُنَاسِبُ الْغَرِيبُ.
• وَإِنْ كَانَ حُكْمًا شَرْعِيًّا:
(1)
ينظر: العدة 4/ 1379، التمهيد 4/ 61، روضة الناظر 2/ 261، شرح الكوكب المنير 4/ 52، أصول السرخسي 2/ 158، كشف الأسرار 3/ 315، التبصرة ص 452، المستصفى ص 338.
1.
فَالْمُحَقِّقُونَ: تَجُوزُ عِلِّيَّتُهُ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ»
(1)
، «أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ»
(2)
، فَنَبَّهَ بِحُكْمٍ عَلَى حُكْمٍ.
2.
وَقِيلَ: لَا
(3)
.
• ثُمَّ هَلْ يُشْتَرَطُ انْعِكَاسُ الْعِلَّةِ؟
1 -
فَعِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ: لَا يُشْتَرَطُ مُطْلَقًا.
2 -
وَالْحَقُّ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إِذَا كَانَ لَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى
(4)
.
• وَتَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ:
[1]
فِي مَحَلَّيْنِ أَوْ زَمَانَيْنِ: جَائِزٌ اتِّفَاقًا؛ كَتَحْرِيمِ وَطْءِ
(1)
أخرجه الدارقطني (2609)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ:«أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَبَاكَ تَرَكَ دَيْنًا عَلَيْهِ، أَقَضَيْتَهُ عَنْهُ؟» .
وأخرج نحوه البخاري (1852)، ومسلم (1148)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وكانت السائلة امرأة من جهينة عن نذر أمها، فقال:«أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا الله فالله أَحَقُّ بِالوَفَاءِ» .
(2)
أخرجه أحمد (138)، وأبو داود (2385)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(3)
ينظر: التمهيد 4/ 44، الواضح 2/ 63، التحبير شرح التحرير 7/ 3284، شرح الكوكب المنير 4/ 92.
(4)
ينظر: العدة 4/ 1395، التحبير شرح التحرير 7/ 3244، شرح الكوكب المنير 4/ 67، المستصفى ص 337.
الزَّوْجَةِ تَارَةً لِلْحَيْضِ، وَتَارَةً لِلْإِحْرَامِ.
[2]
فَأَمَّا مَعَ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ أَوِ الزَّمَانِ:
1.
فَالْأَشْبَهُ بِقَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ.
2.
وَقِيلَ: يُضَافُ إِلَى إِحْدَاهُمَا.
3.
وَالصَّحِيحُ: بِهِمَا مَعَ التَّكَافُؤِ، وَإِلَّا الْأَقْوَى
(1)
مَعَ اتِّحَادِ الزَّمَانِ أَوِ الْمُتَقَدِّمِ
(2)
.
• وَثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ النَّصِّ:
1.
بِالنَّصِّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْحَنَفِيَّةِ؛ لِوُجُوبِ قَبُولِهِ، وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ عِلَّتُهُ.
2.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: بِالْعِلَّةِ
(3)
.
• وَالْأَكْثَرُونَ: أَنَّ أَوْصَافَ الْعِلَّةِ لَا تَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ.
(1)
في (ق): فالأقوى.
(2)
في (ق): التقدم.
ينظر: التمهيد 4/ 58، الواضح 5/ 494، التحبير شرح التحرير 7/ 3250، شرح الكوكب المنير 4/ 71، البرهان 2/ 43، الإحكام للآمدي 3/ 236، المحصول 5/ 271.
(3)
ينظر: شرح مختصر الروضة 3/ 321، التحبير شرح التحرير 7/ 3293، شرح الكوكب المنير 4/ 102، البحر المحيط 7/ 132، كشف الأسرار 3/ 390.
- وَقِيلَ: إِلَى خَمْسَةٍ
(1)
.
• وَلِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ طُرُقٌ ثَلَاثَةٌ
(2)
:
[1]
النَّصُّ: بِأَنْ يَدُلَّ عَلَيْهَا:
(أ) بِالصَّرِيحِ:
- كَقَوْلِهِ: الْعِلَّةُ كَذَا.
- أَوْ بِأَدَوَاتِهَا، وَهِيَ الْبَاءُ: كَقَوْلِهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا} .
- وَاللَّامُ: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} .
- وَكَيْ: {كَيْ لَا يَكُونَ دُوْلَةً} .
- وَحَتَّى: نَحْوُ: {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} .
- وَمِنْ أَجْلِ
(3)
: نَحْوُ: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا} .
(1)
ينظر: شرح مختصر الروضة 3/ 446، الإبهاج في شرح المنهاج 3/ 149، البحر المحيط 7/ 212.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (هي النص والإجماع والاستنباط، وإنما ذكرتها لتباعدها بما تخلل بين الأولى وما بعدها من المباحث، وعبارة مختصر الروضة القدامية: ومرجع أدلة الشرع إلى نص أو إجماع أو استنباط، وتثبت العلة بكل منها).
(3)
قوله: (أجل) سقطت من (ق).
(ب) أَوْ بِالتَّنْبِيهِ وَالْإِيمَاءِ
(1)
:
1 -
إِمَّا بِالْفَاءِ: وَتَدْخُلُ:
- عَلَى السَّبَبِ؛ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا»
(2)
.
- وَعَلَى الْحُكْمِ؛ مِثْلُ: {وِالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} ، وَ «سَهَا فَسَجَد» ، وَ «زَنَى فَرُجِمَ» .
2 -
أَوْ تَرْتِيبِهِ عَلَى وَاقِعَةٍ سُئِلَ عَنْهَا؛ كَقَوْلِهِ: «أَعْتِقْ رَقَبَةً» فِي جَوَابِ سُؤَالِهِ عَنِ الْمُوَاقَعَةِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ
(3)
.
3 -
أَوْ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عِلَّةً؛ كَقَوْلِهِ: «إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ»
(4)
.
4 -
أَوْ نَفْيِ حُكْمٍ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لِحُدُوثِ وَصْفٍ؛ كَقَوْلِهِ: «لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ»
(5)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (عطف على قوله بالصريح).
(2)
أخرجه البخاري (1265)، ومسلم (1206)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
أخرجه البخاري (1936)، ومسلم (1111)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال القاسمي رحمه الله: (لأنه في معنى: حيث واقعت فأعتق، وإلا لتأخر البيان عن وقت الحاجة).
(4)
أخرجه أحمد (22528)، وأبو داود (75)، والترمذي (92)، والنسائي (68)، وابن ماجه (367)، من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه.
(5)
أخرجه أحمد (347)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأخرجه أبو داود (4564)، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا، وأخرجه الترمذي (2109)، وابن ماجه (2645)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
5 -
أَوِ الِامْتِنَاعِ عَنْ فِعْلٍ بَعْدَ فِعْلِ مِثْلِهِ لِعُذْرٍ؛ فَيَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ الْعُذْرِ؛ كَامْتِنَاعِهِ عَنْ دُخُولِ بَيْتٍ فِيهِ كَلْبٌ
(1)
.
6 -
أَوْ تَعْلِيقِهِ عَلَى اسْمٍ مُشْتَقٍّ مِنْ وَصْفٍ مُنَاسِبٍ لَهُ؛ كَقَوْلِهِ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} .
7 -
أَوْ إِثْبَاتِ حُكْمٍ إِنْ
(2)
لَمْ يُجْعَلْ عِلَّةً لِحُكْمٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} ؛ لِصِحَّتِهِ، {وَحَرَّمَ الرِّبَا} ؛ لِبُطْلَانِهِ.
[2]
وَالْإِجْمَاعُ
(3)
: فَمَتَى وُجِدَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ -وَلَوْ مِنَ الْخَصْمَيْنِ-: ثَبَتَ
(4)
.
[3]
وَالِاسْتِنْبَاطُ:
(1)
إِمَّا بِالْمُنَاسَبَةِ: وَهِيَ حُصُولُ الْمَصْلَحَةِ فِي إِثْبَاتِ
(1)
يشير إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: وعد النبي صلى الله عليه وسلم جبريل، فراث عليه، حتى اشتد على النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه، فشكا إليه ما وجد، فقال له:«إنا لا ندخل بيتًا فيه صورة ولا كلب» أخرجه البخاري (5960)، وأخرجه مسلم (1111) بنحوه من حديث عائشة رضي الله عنها.
(2)
قوله: (إن) سقطت من الأصل.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (عطف على النص، وهو الثاني من طرق إثبات العلة، وثالثها الاستنباط الآتي).
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (مثَّله في مختصر الروضة بالصغير للولاية في أمثلة أخرى).
الْحُكْمِ مِنَ الْوَصْفِ؛ كَالْحَاجَةِ مَعَ الْبَيْعِ.
- وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مَنْشَأَ الْحِكْمَةِ
(1)
.
- وَالْمُؤَثِّرُ
(2)
: مَا ظَهَرَ تَأْثِيرُهُ فِي الْحُكْمِ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ:
1 -
الْمُنَاسِبُ الْمُطْلَقُ.
2 -
وَالْمُلَائِمُ.
3 -
وَالْغَرِيبُ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (كالسفر مع المشقة؛ لالتفات الشارع إلى رعاية المصالح، وبالجملة متى أفضى الحكم إلى مصلحة علل بالوصف المشتمل عليها، ثم إن ظهر تأثير عينه في عين الحكم أو جنسه بنص أو إجماع فهو (المؤثر)؛ كقياس الأمة على الحرة في سقوط الصلاة بالحيض لمشقة التكرار، ولا يضر ظهور مؤثر آخر معه في الأصل، فيعلل بالكل؛ كالحيض والعدة والردة يعلل منع وطئ المرأة بها، وكقياس تقديم الأخ للأبوين في ولاية النكاح على تقديمه في الإرث، فالأخوة متحدة نوعًا والنكاح والإرث جنسًا، بخلاف ما قبله، إذ المشقة والسقوط متحدان نوعًا.
وإن ظهر تأثير جنسه في عين الحكم؛ كتأثير المشقة في إسقاط الصلاة عن الحائض كالمسافر فهو (الملائم)، إذ جنس المشقة أثر في عين السقوط.
وإن ظهر تأثير جنسه في جنس الحكم؛ كتأثير جنس المصالح في جنس الأحكام فهو: (الغريب)، وقيل: هذا هو الملائم، وما سواه مؤثر. ا. هـ مختصر الروضة القدامية).
(2)
في الأصل: والمعتبر.
وَقَدْ قَصَرَ قَوْمٌ الْقِيَاسَ عَلَى الْمُؤَثِّرِ وَحْدَهُ
(1)
.
- وَأُصُولُ الْمَصَالِحِ خَمْسَةٌ:
[1]
[2][3] ثَلَاثَةٌ مِنْهَا ذُكِرَتْ فِي الِاسْتِصْلَاحِ: وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ
(2)
.
[4]
وَالرَّابِعُ: مَا لَمْ يُعْلَمْ مِنَ الشَّرْعِ الِالْتِفَاتُ إِلَيْهِ وَلَا إِلْغَاؤُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ أَصْلٍ لَهُ.
[5]
وَالْخَامِسُ: مَا عُلِمَ مِنَ الشَّرْعِ إِلْغَاؤُهُ: فَهُوَ مُلْغًى بِذَلِكَ.
(2)
أَوْ بِالسَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ
(3)
: بِحَصْرِ الْعِلَلِ، وَإِبْطَالِ مَا
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: لاحتمال ثبوت الحكم في غيره تعبدًا، أو لوصف لم نعلمه، أو لهذا الوصف المعين، فالتعيين تحكم، ورُد: بأن المتبَع الظن، وهو حاصل باقتران المناسب، ولم تشترط الصحابة في أقيستهم كون العلة منصوصة ولا إجماعية. ا. هـ مختصر الروضة).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (يعني بالثلاثة المتقدمة: أقسام الاستصلاح، وهي الضروري والحاجي والتحسيني، وتقدمت قبيل بحث القياس).
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (عطف على قوله: (إما بالمناسبة)، وهو ثاني أنواع ثبوت العلة بالاستنباط، وحاصله: أن الاستنباط إما بالمناسبة، أو بالسبر والتقسيم، أو بقياس الشبه، والسبر: إبطال كل علة علل بها الحكم المعلل إجماعًا إلا واحدة فتتعين، نحو: علة الربا الكيل أو الطعم أو القوت، والكل باطل إلا الأولى).
عَدَا الْمُدَّعَى عِلَّةً
(1)
.
(3)
أَوْ بِقِيَاسِ الشَّبَهِ.
(4)
أَوْ
(2)
بِنَفْيِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ إِلَّا بِمَا لَا أَثَرَ لَهُ، وَهُوَ مُثْبِتٌ لِلْعِلَّةِ، لِدَلَالَتِهِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِيهَا عَلَى الْإِجْمَالِ.
• وَقَدِ اسْتُدِلَّ عَلَى إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ بِمَسَالِكَ فَاسِدَةٍ:
(1)
كَقَوْلِهِمْ: سَلَامَةُ الْوَصْفِ مِنْ مُنَاقِضٍ لَهُ دَلِيلُ عِلِّيَّتِهِ.
- وَغَايَتُهُ: سَلَامَتُهُ مِنَ الْمُعَارَضَةِ، وَهِيَ إحْدَى الْمُفْسِدَاتِ، وَلَوْ سَلِمَ مِنْ كُلِّهَا لَمْ يَثْبُتْ.
(2)
وَمِنْهَا: الطَّرْدُ
(3)
، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: ثُبُوتُ الْحُكْمِ مَعَهُ أَيْنَمَا وُجِدَ دَلِيلُ عِلِّيَّتِهِ.
(3)
وَمِنْهَا: الدَّوَرَانُ، وَهُوَ وُجُودُ الْحُكْمِ مَعَهَا، وَعَدَمُهُ بِعَدَمِهَا.
(1)
في (ق): علِّيَّته.
(2)
قوله: (أو) سقطت من (ق).
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: من المسالك الفاسدة الطرد، قال في مختصر الروضة: اطراد العلة لا يفيد صحتها، إذ سلامتها عن النقض لا ينفي بطلانها بمفسد آخر، ولأن صحتها بدليل الصحة لا بانتفاء مفسد؛ كثبوت الحكم لوجود المقتضي لا لانتفاء المانع، والعدالة لحصول المعدل لا لانتفاء الجارح).
1 -
فَقِيلَ: صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ أَمَارَةٌ.
2 -
وَقِيلَ: فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ طَرْدٌ
(1)
.
- وَالْعَكْسُ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ.
• وَوُجُودُ مَفْسَدَةٍ فِي الْوَصْفِ مُسَاوِيَةٍ أَوْ رَاجِحَةٍ:
1 -
قِيلَ: يَخْرِمُ مُنَاسَبَتَهُ.
2 -
وَقِيلَ: لَا
(2)
.
• وَقَالَ النَّظَّامُ: يَجِبُ الْإِلْحَاقُ بِالْعِلَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا بِالْعُمُومِ اللَّفْظِيِّ، لَا بِالْقِيَاسِ؛ إِذْ لَا فَرْقَ لُغَةً بَيْنَ:«حَرَّمْتُ الْخَمْرَ لِشِدَّتِهَا» ، وَبَيْنَ: «حَرَّمْتُ
(3)
كُلَّ مُشْتَدٍّ»
(4)
.
- وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ: «حَرَّمْتُ الْخَمْرَ لِشِدَّتِهَا» كُلَّ مُشْتَدٍّ غَيْرَهَا، وَلَوْلَا الْقِيَاسُ لَاقْتَصَرْنَا عَلَيْهِ، فَيَكُونُ فَائِدَةُ التَّعْلِيلِ: دَوَرَانَ التَّحْرِيمِ مَعَ الشِّدَّةِ.
(1)
ينظر: روضة الناظر 2/ 226، شرح مختصر الروضة 3/ 412، التحبير شرح التحرير 7/ 3437، شرح الكوكب المنير 4/ 191.
(2)
ينظر: روضة الناظر 2/ 235، شرح مختصر الروضة 3/ 420، شرح الكوكب المنير 4/ 276، الإبهاج في شرح المنهاج 3/ 65.
(3)
في (ق): حرم.
(4)
ينظر: العدة 4/ 1372، التمهيد 3/ 428، روضة الناظر 2/ 184، المسودة ص 392، نفائس الأصول 7/ 3201، المستصفى ص 301.
• وَأَنْوَاعُ الْقِيَاسِ أَرْبَعَةٌ:
[1]
قِيَاسُ الْعِلَّةِ: وَهُوَ مَا جُمِعَ فِيهِ بِالْعِلَّةِ نَفْسِهَا.
[2]
وَقِيَاسُ الدَّلَالَةِ: وَهُوَ مَا جُمِعَ
(1)
فِيهِ بِدَلِيلِ الْعِلَّةِ؛ لِيَلْزَمَ مِنِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ وُجُودُهَا.
[3]
وَقِيَاسُ الشَّبَهِ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ:
1 -
فَقَالَ الْقَاضِي يَعْقُوبُ: هُوَ أَنْ يَتَرَدَّدَ الفَرْعُ بَيْنَ حَاظِرٍ وَمُبِيحٍ
(2)
، فَيُلْحَقَ بِأَكْثَرِهِمَا شَبَهًا.
2 -
وَقِيلَ: هُوَ الْجَمْعُ بِوَصْفٍ يُوهِمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى الْمَظِنَّةِ مِنْ غَيْرِ وُقُوفٍ عَلَيْهَا
(3)
.
وَهُوَ صَحِيحٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
(4)
، وَأَحَدُ قَوْلَيِ
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (عبارة مختصر الروضة: هو الجمع بين الأصل والفرع بدليل العلة، إذ اشتراكهما فيه يفيد اشتراكهما في العلة، فيشتركان في الحكم نحو: جاز تزويجها ساكتة فجاز ساخطة كالصغيرة، إذ جواز تزويجها ساكتة دليل عدم اعتبار رضاها، وإلا لاعتبر نطقها الدال عليه، فيجوز وإن سخطت؛ لعدم اعتبار رضاها).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (كالمذي المتردد بين البول والمني).
(3)
ينظر: روضة الناظر 2/ 241، شرح مختصر الروضة 3/ 425، التحبير شرح التحرير 7/ 3419.
(4)
والرواية الثانية في المذهب: أنه غير صحيح، واختارها القاضي. ينظر: العدة 4/ 1326، روضة الناظر 2/ 243، التحبير شرح التحرير 7/ 3429، شرح الكوكب المنير 4/ 190.
الشَّافِعِيِّ
(1)
.
[4]
وَقِيَاسُ الطَّرْدِ: وَهُوَ مَا جُمِعَ فِيهِ بِوَصْفٍ غَيْرِ مُنَاسِبٍ، أَوْ مُلْغًى بِالشَّرْعِ.
- وَهُوَ بَاطِلٌ.
• وَأَرْبَعَتُهَا تَجْرِي فِي الْإِثْبَاتِ.
• وَأَمَّا النَّفْيُ:
[1]
فَطَارِئٌ
(2)
؛ كَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنَ الدَّيْنِ: فَيَجْرِي فِيهِ الْأَوَّلَانِ؛ كَالْإِثْبَاتِ.
[2]
وَأَصْلِيٌّ - وَهُوَ الْبَقَاءُ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الشَّرْعِ -، فَلَيْسَ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ لِيَقْتَضِيَ عِلَّةً شَرْعِيَّةً
(3)
: فَيَجْرِي فِيهِ قِيَاسُ الدَّلَالَةِ.
• وَالْخَطَأُ يَتَطَرَّقُ إِلَى الْقِيَاسِ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ:
(1)
ذكر ابن قدامة أن في المسألة قولين للشافعي، والذي في كتب الشافعية: أنهما قولان لأصحاب المذهب. ينظر: روضة الناظر 2/ 241، اللمع للشيرازي ص 101، البحر المحيط 7/ 54.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: فقسمان طارئ وأصلي، فالأول: حكم شرعي يجري فيه الأولان قياس العلة وقياس الدلالة، والثاني: لا يجري فيه قياس العلة بل الدلالة).
(3)
في (ق): شرعيته.
(1)
أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ تَعَبُّدِيًّا.
(2)
أَوْ يُخْطِئَ عِلَّتَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
(3)
أَوْ يُقَصِّرَ فِي بَعْضِ الْأَوْصَافِ.
(4)
أَوْ يَضُمَّ مَا لَيْسَ مِنَ الْعِلَّةِ إِلَيْهَا.
(5)
أَوْ يَظُنَّ وُجُودَهَا فِي الْفَرْعِ، وَلَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِيهِ.
وَ
الِاسْتِدْلَالُ
(1)
: تَرْتِيبُ أُمُورٍ مَعْلُومَةٍ يَلْزَمُ مِنْ تَسْلِيمِهَا تَسْلِيمُ الْمَطْلُوبِ
(2)
.
• وَصُوَرُهُ
(3)
كَثِيرَةٌ:
[1]
وَمِنْهَا: الْبُرْهَانُ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ:
(1)
…
بُرْهَانُ الِاعْتِلَالِ: وَهُوَ قِيَاسٌ بِصُورَةٍ أُخْرَى، تَنْتَظِمُ مِنْ مُقَدِّمَتَيْنِ وَنَتِيجَةٍ.
- وَمَعْنَاهُ: [إِدْخَالُ]
(4)
وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ تَحْتَ جُمْلَةٍ
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (أوجز السيد قُدِّس سرُّهُ في تعريف له بقوله: تقرير الدليل لإثبات المدلول، وإنما يكون في محاجة الخصم، وقد دل على جوازها آيات كثيرة، ومن لوازمه: جواز استماع الشبه لردها، قال الراغب الأصفهاني في الباب (24) من الذريعة: فأما الحكيم فلا بأس بمجالسته إياهم، فإنه جارٍ مجرى أمير ذي أجناد وعدة وعتاد لا يُخاف عليه العدو حيثما توجه، ولهذا جُوِّز له الاستماع للشبه، بل أُوجب عليه أن يتتبع بقدر جهده كلامهم ويستمع شبههم ليجادلهم ويجاهدهم ويدافعهم، فالعالم أفضل المجاهدَين، فالجهاد جهادان: جهاد بالبنان وجهاد بالبيان، ولما تقدم سمى الله تعالى الحجة سلطانًا في غير موضع من كتابه العزيز؛ كقوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام:{إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} ، وقال تعالى:{وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} ، وقال سبحانه:{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} . ا. هـ).
(2)
قوله: (المطلوب) سقطت من (أ).
(3)
في (ق): وله ضروب.
(4)
غير واضحة في (أ)، وهي في (ق): إذ ذاك، والمثبت موافق لمعنى ما في شفاء الغليل ص 435.
مَعْلُومَةٍ؛ كَقَوْلِنَا: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، فَيَنْتُجُ: النَّبِيذُ حَرَامٌ.
(2)
…
وَبُرْهَانُ الِاسْتِدْلَالِ: وَهُوَ أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَى الشَّيْءِ بِمَا لَيْسَ مُوجِبًا لَهُ:
1) إِمَّا بِخَاصِّيَّتِهِ؛ كَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى نَفْلِيَّةِ الْوِتْرِ بِجَوَازِ فِعْلِهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ.
2) أَوْ بِنَتِيجَتِهِ؛ كَقَوْلِهِ: لَوْ صَحَّ الْبَيْعُ لَأَفَادَ الْمِلْكَ.
3) أَوْ بِنَظِيرِهِ:
1 -
إِمَّا بِالنَّفْيِ عَلَى النَّفْيِ؛ كَقَوْلِهِ: لَوْ صَحَّ التَّعْلِيقُ لَصَحَّ التَّنْجِيزُ.
2 -
أَوْ بِالْإِثْبَاتِ عَلَى الْإِثْبَاتِ؛ كَقَوْلِهِ: لَوْ لَمْ يَصِحَّ طَلَاقُهُ لَمَا صَحَّ ظِهَارُهُ.
3 -
أَوْ بِالْإِثْبَاتِ عَلَى النَّفْيِ؛ كَقَوْلِهِ: لَوْ كَانَ الْوِتْرُ فَرْضًا لَمَا صَحَّ فِعْلُهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ.
4 -
أَوْ بِالنَّفْيِ عَلَى الْإِثْبَاتِ؛ كَقَوْلِهِ: لَوْ لَمْ يَجُزْ تَخْلِيلُ الْخَمْرِ لَحَرُمَ نَقْلُهَا مِنَ الظِّلِّ إِلَى الشَّمْسِ، وَمَا حَرُمَ فَيَجُوزُ.
- وَيَلْزَمُهُ بَيَانُ التَّلَازُمِ ظَاهِرًا لَا غَيْرُ.
(3)
وَبُرْهَانُ الْخَلْفِ
(1)
: وَهُوَ كُلُّ شَكْلٍ تَعَرَّضَ فِيهِ بِإِبْطَالِ
(2)
مَذْهَبِ الْخَصْمِ لِيَلْزَمَ صِحَّةُ مَذْهَبِهِ:
1) إِمَّا بِحَصْرِ الْمَذَاهِبِ وَإِبْطَالِهَا إِلَّا وَاحِدًا.
2) أَوْ يَذْكُرُ أَقْسَامًا ثُمَّ يُبْطِلُهَا كُلَّهَا.
- وَسُمِّيَ خَلْفًا
(3)
:
1 -
إِمَّا لِأَنَّهُ لُغَةً: الرَّدِيءُ
(4)
، وَكُلُّ بَاطِلٍ رَدِيءٌ.
2 -
أَوْ لِأَنَّهُ الِاسْتِقَاءُ، وَهُوَ اسْتِمْدَادٌ؛ فَكَأَنَّهُ اسْتَمَدَّ صِحَّةَ مَذْهَبِهِ مِنْ فَسَادِ مَذْهَبِ خَصْمِهِ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (بفتح الخاء، لما ستراه من توجيهه في كلامه).
(2)
في (ق): لإبطال.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (صنيعه يدل على أنه بفتح الخاء؛ لأن الأوجه المذكورة لمفتوحها، وجوز المنطقيون ضمها أيضًا، بل هو الشائع على ألسنتهم، وقالوا: هو بالضم بمعنى الباطل، قال العلامة الفاسي في شرح القاموس: ولعله فيما فيه لغتان. قال تلميذه السيد مرتضى في تاج العروس يتعقبه: الخلف الذي بمعنى القول الرديء لم ينقلوا فيه إلا الفتح فقط، وأما الذي بالضم فليس إلا الاسم من الإخلاف، أو المخالفة، واللغة لا يدخلها القياس والتخمين. ا. هـ وهو متجه).
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (وفي المثل: سكت أَلْفًا ونطق خَلْفًا، أي: سكت عن ألف كلمة ثم تكلم بخطأ. ا. هـ تاج العروس).
3 -
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْخَلْفِ، وَهُوَ الْوَرَاءُ
(1)
؛ لِعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَى مَا بَطَلَ.
[2]
وَمِنْهَا: ضُرُوبٌ غَيْرُ ذَلِكَ؛ كَقَوْلِهِمْ:
- وُجِدَ سَبَبُ الْوُجُوبِ، فَيَجِبُ.
- أَوْ فُقِدَ شَرْطُ الصِّحَّةِ، فَلَا يَصِحُّ.
- أَوْ لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ الْوُجُوبِ، فَلَا يَجِبُ.
- أَوْ لَا فَارِقَ بَيْنَ
(2)
كَذَا وَكَذَا إِلَّا كَذَا وَكَذَا، وَلَا
(3)
أَثَرَ لَهُ.
- أَوْ لَا نَصَّ وَلَا إِجْمَاعَ وَلَا قِيَاسَ فِي كَذَا، فَلَا يَثْبُتُ.
- أَوِ الدَّلِيلُ يَنْفِي كَذَا، خَالَفْنَاهُ لِكَذَا، فَبَقِيَ عَلَى مُقْتَضَى النَّافِي
(4)
، وَهَذَا يُعْرَفُ بِالدَّلِيلِ النَّافِي.
وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (تذكير الضمير مراعاة للخبر، وإلا فالخَلْف مؤنثة، وتكون اسمًا وظرفًا كما في التاج).
(2)
في (أ): من.
(3)
في (ق): أو لا.
(4)
في (أ): الباقي.
فَصْلٌ
• وَأَمَّا تَرْتِيبُ الْأَدِلَّةِ وَتَرْجِيحُهَا:
(1)
فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالنَّظَرِ فِي الْإِجْمَاعِ:
- فَإِنْ وُجِدَ: لَمْ يُحْتَجْ
(1)
إِلَى غَيْرِهِ
(2)
.
- فَإِنْ خَالَفَهُ نَصٌّ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ: عُلِمَ أَنَّهُ:
1 -
مَنْسُوخٌ.
2 -
أَوْ مُتَأَوَّلٌ.
لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَاطِعٌ لَا يَقْبَلُ نَسْخًا وَلَا تَأْوِيلًا.
(2)
ثُمَّ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ.
- وَلَا تَعَارُضَ:
1 -
فِي الْقَوَاطِعِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَنْسُوخًا.
2 -
وَلَا فِي عِلْمٍ وَظَنٍّ؛ لِأَنَّ مَا عُلِمَ لَا يُظَنُّ خِلَافُهُ.
(1)
في (ق): يجنح.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (قال في مختصر الروضة: لأنه مقدم على باقي أدلة الشرع؛ لقطعيته، وعصمته، وأمنه من نسخ أو تأويل).
(3)
ثُمَّ فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ.
(4)
ثُمَّ قِيَاسِ النُّصُوصِ.
• فَإِنْ تَعَارَضَ قِيَاسَانِ، أَوْ حَدِيثَانِ، أَوْ عُمُومَانِ:
[1]
فَالتَّرْجِيحُ
(1)
.
وَالتَّعَارُضُ: هُوَ التَّنَاقُضُ، فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ:
1 -
فِي خَبَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ كَذِبُ أَحَدِهِمَا.
2 -
وَلَا فِي حُكْمَيْنِ، فَإِنْ وُجِدَ فِيهِمَا:
- فَإِمَّا لِكَذِبِ الرَّاوِي.
- أَوْ نَسْخِ أَحَدِهِمَا.
[2]
فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ: بِأَنْ يُنَزَّلَ عَلَى حَالَيْنِ أَوْ زَمَانَيْنِ: جُمِعَ
(2)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (قال الإمام الغزالي في إحيائه في المثار الرابع من كتاب الحلال والحرام: تعارض الأدلة يورث الشك، فيرجع فيه إلى الاستصحاب أو الأصل المعلوم قبله إن لم يكن ترجيح، فإن ظهر ترجيح في جانب الحظر وجب الأخذ به، وإن ظهر في جانب الحل جاز الأخذ به، ولكن الورع تركه، واتقاء مواضع الخلاف مهم في الورع في حق المفتي والمقلد ا. هـ).
(2)
قوله: (جمع) سقطت من (أ).
قال القاسمي رحمه الله: (أي: ولا يسميان حينئذ مختلفين، قال الشافعي في الرسالة: لزم أهل العلم أن يمضوا الخبرين على وجوههما ما وجدوا لإمضائهما وجهًا، ولا يعدونهما مختلفين وهما يحتملان أن يمضيا، ثم قال: ولا ينسب الحديثان إلى الاختلاف ما كان لهما وجه يمضيان فيه معًا، إنما المختلف ما لم يمض أحدهما إلا بسقوط غيره، مثل أن يكون الحديثان في الشيء الواحد هذا يحله وهذا يحرمه. ا. هـ).
[3]
فَإِنْ
(1)
لَمْ يُمْكِنْ: أُخِذَ بِالْأَقْوَى وَالْأَرْجَحِ
(2)
.
• وَالتَّرْجِيحُ:
[1]
إِمَّا فِي الْأَخْبَارِ؛ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
1 -
السَّنَدُ: فَيُرَجَّحُ:
- بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ؛ لِأَنَّهُ
(3)
أَبْعَدُ مِنَ الْغَلَطِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: لَا؛ كَالشَّهَادَةِ
(4)
.
(1)
في (ق): وإن.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: بالمرجحات الآتي تفصيلها، وفي مختصر الروضة القدامية: تفاصيل الترجيح كثيرة، فالضابط فيه: أنه متى اقترن بأحد الطرفين أمر نقلي أو اصطلاحي، عام أو خاص، أو قرينة عقلية أو لفظية أو حالية، وأفاد ذلك زيادة ظن؛ رجح به، وقد حصل بهذا بيان الرجحان من جهة القرائن. ا. هـ، وهو ضابط مفيد جدًّا -وأفاد قبلُ أن الترجيح تقديم أحد طريقي الحكم؛ لاختصاصه بقوة في الدلالة؛ ورجحان الدليل عبارة عن كون الظن المستفاد منه أقوى، ثم قال: والرجحان حقيقة في الأعيان الجوهرية، وهو في المعاني مستعار).
(3)
في (أ): (ولأنه).
(4)
ينظر: العدة 3/ 1019، شرح مختصر الروضة 3/ 690، شرح الكوكب المنير 4/ 628، كشف الأسرار 3/ 102، التقرير والتحبير 3/ 34.
- وَبِكَوْنِ
(1)
رَاوِيهِ أَضْبَطَ وَأَحْفَظَ.
- وَبِكَوْنِهِ أَوْرَعَ وَأَتْقَى.
- وَبِكَوْنِهِ صَاحِبَ الْقِصَّةِ، أَوْ مُبَاشِرَهَا دُونَ الْآخَرِ.
2 -
وَالْمَتْنُ: فَيُرَجَّحُ:
- بِكَوْنِهِ نَاقِلًا عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ
(2)
.
- وَالْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنَ النَّافِي
(3)
.
- وَالْحَاظِرُ عَلَى الْمُبِيحِ
(4)
عِنْدَ الْقَاضِي.
- لَا الْمُسْقِطُ لِلْحَدِّ عَلَى الْمُوجِبِ لَهُ
(5)
.
- وَلَا الْمُوجِبُ لِلْحُرِّيَّةِ عَلَى الْمُقْتَضِي لِلرِّقِّ.
3 -
وَأَمْرٌ مِنْ خَارِجٍ: مِثْلَ:
- أَنْ يَعْضُدَهُ كِتَابٌ، أَوْ سُنَّةٌ، أَوْ إِجْمَاعٌ، أَوْ قِيَاسٌ.
(1)
في (ق): ويكون.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: البراءة الأصلية؛ لأن الناقل فيه زيادة على الأصل).
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (لاشتماله على زيادة علم).
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (للاحتياط، وقيل: عكسه؛ لاعتضاد الإباحة بالأصل من نفي الحرج، والمراد بالإباحة: جواز الفعل والترك؛ ليدخل فيه المكروه والمندوب والمباح والمصطلح عليه، كذا في حواشي الجمع).
(5)
قال القاسمي رحمه الله: (بل يرجح الموجب للحد؛ لإفادته التأسيس، وقيل: يرجح المسقط؛ لما فيه من اليسر وعدم الحرج).
- أَوْ يَعْمَلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ.
- أَوْ صَحَابِيٌّ غَيْرُهُمْ.
- أَوْ يُخْتَلَفَ عَلَى الرَّاوِي: فَيَقِفَهُ قَوْمٌ، وَيَرْفَعَهُ آخَرُونَ.
- أَوْ يَنْقُلَ رَاوٍ خِلَافَهُ، فَتَتَعَارَضَ رِوَايَتَاهُ
(1)
.
- أَوْ يَكُونَ مَرْفُوعًا وَالْآخَرُ مُرْسَلًا.
[2]
وَإِمَّا فِي (الْمَعَانِي): فَتُرَجَّحُ الْعِلَّةُ:
- بِمُوَافَقَتِهَا لِدَلِيلٍ آخَرَ مِنْ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ قَوْلِ صَحَابِيٍّ، أَوْ خَبَرٍ مُرْسَلٍ.
- وَبِكَوْنِهَا نَاقِلَةً عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ.
- وَرَجَّحَهَا قَوْمٌ:
1 -
بِخِفَّةِ حُكْمِهَا.
2 -
وَآخَرُونَ بِثِقَلِهَا.
وَهُمَا ضَعِيفَانِ.
(1)
زاد في (أ) كلمات غير واضحة، وعبارة روضة الناظر (2/ 397):(أن يكون راوي أحدهما قد نُقل عنه خلافه، فتتعارض روايتاه، ويبقى الآخر سليمًا عن التعارض، فيكون أولى).
- فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ حُكْمًا، وَالْأُخْرَى وَصْفًا حِسِّيًّا
(1)
:
1 -
فَرَجَّحَ الْقَاضِي: الثَّانِيَةَ.
2 -
وَأَبُو الْخَطَّابِ: الْأُولَى
(2)
.
- وَبِكَثْرَةِ أُصُولِهَا
(3)
.
- وَبِاطِّرَادِهَا وَانْعِكَاسِهَا
(4)
.
- وَالْمُتَعَدِّيَةُ عَلَى
(5)
الْقَاصِرَةِ؛ لِكَثْرَةِ فَائِدَتِهَا.
وَمَنَعَ مِنْهُ قَوْمٌ
(6)
.
(1)
في (أ): حسنًا.
قال القاسمي رحمه الله: (ككونه قويًّا ومسكرًا، فاختار القاضي: ترجيح الحسية؛ لأنها كالعلة العقلية، والعقلية قطعية، فهي أولى مما يوجب الظن، ورجح أبو الخطاب الأولى، وهي الحكمية؛ لأن الحسية كانت موجودة قبل الحكم، فلا يلازمها حكمها، والحكم أشد مطابقة للحكم، كذا في الروضة).
(2)
ينظر: العدة 5/ 1531، التمهيد 4/ 230، شرح مختصر الروضة 3/ 724، التحبير شرح التحرير 8/ 4236.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: فترجح علة ذات أصلين على ذات أصل، راجع مثالها في حواشي جمع الجوامع).
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: فترجح المطردة المنعكسة على المطردة فقط؛ لضعف الثانية بالخلاف فيها).
(5)
قوله: (على) سقطت من (ق).
(6)
ينظر: العدة 5/ 1533، روضة الناظر 2/ 399، التحبير شرح التحرير 8/ 4239، شرح الكوكب المنير 4/ 723.
- وَالْإِثْبَاتُ عَلَى النَّفْيِ.
- وَالْمُتَّفَقُ عَلَى أَصْلِهِ
(1)
عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ.
- وَبِقُوَّةِ الْأَصْلِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّسْخَ عَلَى مُحْتَمِلِهِ.
- وَبِكَوْنِهِ رَدَّهُ الشَّارِعُ إِلَيْهِ
(2)
.
- وَالْمُؤَثِّرُ عَلَى الْمُلَائِمِ.
- وَالْمُلَائِمُ عَلَى الْغَرِيبِ.
- وَالْمُنَاسِبَةُ عَلَى [الشَّبَهِيَّةِ]
(3)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: دليله، وذلك لضعف مقابِلِه بالخلاف فيه).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (عبارة الروضة: وترجح العلة المردودة على أصل قاس الشرع عليه؛ كقياس الحج على الدَّين في أنه لا يسقط بالموت أولى من قياسه على الصلاة؛ لتشبيه النبي صلى الله عليه وسلام له بالدَّين في حديث الخثعمية).
(3)
في (أ) و (ق): الشبهة، والمثبت موافق لما في روضة الناظر.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ
• الِاجْتِهَادُ لُغَةً
(1)
: بَذْلُ الْجُهْدِ فِي فِعْلٍ شَاقٍّ.
• وَعُرْفًا: بَذْلُ الْجُهْدِ فِي تَعَرُّفِ الْأَحْكَامِ.
وَتَمَامُهُ: بَذْلُ الْوُسْعِ فِي الطَّلَبِ إِلَى غَايَتِهِ.
• وَشَرْطُ الْمُجْتَهِدِ:
- الْإِحَاطَةُ بِـ:
1 -
مَدَارِكِ الْأَحْكَامِ، وَهِيَ الْأُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَالْقِيَاسُ.
2 -
وَتَرْتِيبِهَا.
3 -
وَمَا يُعْتَبَرُ لِلْحُكْمِ فِي الْجُمْلَةِ.
إِلَّا الْعَدَالَةَ
(2)
، فَإِنَّ لَهُ الْأَخْذَ بِاجْتِهَادِ نَفْسِهِ، بَلْ هِيَ شَرْطٌ لَقَبُولِ فَتْوَاهُ.
(1)
قوله: (لغة) سقطت من (أ).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: فلا يشترط في المجتهد عدالته بالنظر إلى العمل باجتهاده لنفسه، وأما بالنظر للعمل بفتواه والاعتماد عليها فيشترط عدالته، وعبارة جمع الجوامع: ولا يشترط في المجتهد العدالة على الأصح. ا. هـ، وحاول محشوه إرجاع الخلاف إلى التفصيل المذكور هنا، وهو متجه).
- فَيَعْرِفُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ.
- فَمِنَ الْقُرْآنِ: قَدْرَ خَمْسِمائَةِ آيَةٍ
(1)
، لَا حِفْظُهَا لَفْظًا، بَلْ مَعَانِيهَا؛ لِيَطْلُبَهَا عِنْدَ حَاجَتِهِ.
- وَمِنَ السُّنَّةِ: مَا هُوَ مُدَوَّنٌ فِي كُتُبِ الْأَئِمَّةِ.
- وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ مِنْهُمَا.
- وَالصَّحِيحَ وَالضَّعِيفَ مِنَ الْحَدِيثِ؛ لِلتَّرْجِيحِ.
- وَالْمُجْمَعَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ.
- وَنَصْبَ الْأَدِلَّةِ وَشُرُوطَهَا.
- وَمِنَ الْعَرَبِيَّةِ: مَا يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ صَرِيحِ الْكَلَامِ وَظَاهِرِهِ، وَمُجْمَلِهِ، وَحَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَعَامِّهِ وَخَاصِّهِ، وَمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ، وَمُطْلَقِهِ وَمُقَيَّدِهِ، وَنَصِّهِ وَفَحْوَاهُ.
• فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةٍ بِعَيْنِهَا: كَانَ مُجْتَهِدًا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَهَا
(2)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (في حواشي القرافي بحث في هذا فراجعه).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أشار إلى جواز تجزُّؤ الاجتهاد، وهو الصحيح كما في جمع الجوامع، والمراد بالإحاطة فيما سبق: الإحاطة بالكليات لا في التفاريع، وهو ظاهر، فاندفع توهم التناقض المذكور في حواشي جمع الجوامع).
• وَيَجُوزُ:
- التَّعَبُّدُ بِالِاجْتِهَادِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)
: لِلْغَائِبِ
(2)
، وَالْحَاضِرِ بِإِذْنِهِ.
وَقِيلَ: لِلْغَائِبِ
(3)
.
- وَأَنْ يَكُونَ هُوَ مُتَعَبِّدًا بِهِ فِيمَا لَا وَحْيَ فِيهِ.
وَقِيلَ: لَا
(4)
.
لَكِنْ هَلْ وَقَعَ؟
1 -
أَنْكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ.
2 -
وَالصَّحِيحُ: بَلَى؛ لِقِصَّةِ أُسَارَى بَدْرٍ وَغَيْرِهَا
(5)
.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (بمعنى قول الجمع: الأصح أن الاجتهاد جائز في عصره عليه السلام ا. هـ).
(2)
في (ق): للغائب عنه.
(3)
ينظر: العدة 5/ 1590، التمهيد 3/ 423، الواضح 5/ 391 شرح مختصر الروضة 3/ 589، شرح الكوكب المنير 4/ 481.
(4)
ينظر: العدة 5/ 1578، التمهيد 3/ 416، روضة الناظر 2/ 341، شرح مختصر الروضة 3/ 593، شرح الكوكب المنير 4/ 475.
(5)
أي: حين استشار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في أسارى بدر، أخرجه مسلم (1763)، من حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم.
وتنظر المسألة في: العدة 4/ 1578، التمهيد 3/ 417، روضة الناظر 2/ 343، شرح مختصر الروضة 3/ 594، شرح الكوكب المنير 4/ 476، الإحكام للآمدي 4/ 165، الغيث الهامع 3/ 880.
قال القاسمي رحمه الله: (تلخص أن الصحيح جواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم، ووقوعه، كما في الجمع، قال المحشي: وهو مذهب الجمهور).
• وَالْحَقُّ: فِي قَوْلٍ وَاحِدٍ
(1)
.
وَالْمُخْطِئُ فِي الْفُرُوعِ -وَلَا قَاطِعَ-: مَعْذُورٌ، مَأْجُورٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ.
- وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَلَيْسَ عَلَى الْحَقِّ دَلِيلٌ مَطْلُوبٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاخْتُلِفَ فِيهِ
(2)
عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ.
- وَزَعَمَ الْجَاحِظُ
(3)
: أَنَّ مُخَالِفَ الْمِلَّةِ مَتَى عَجَزَ عَنْ دَرَكِ الْحَقِّ؛ فَهُوَ مَعْذُورٌ غَيْرُ آثِمٍ.
(1)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: من المجتهدين في فروع الدين وأصوله، ومن عداه مخطئ).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: في أن كل مجتهد مصيب).
(3)
هو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب البصري، المعتزلي، صاحب التصانيف، كان من أهل البصرة وقدم بغداد وأقام بها مدة، أخذ عن: النظام وغيره، قال الذهبي: كان ماجنًا، قليل الدين، له نوادر، وكان من بحور العلم، وتصانيفه كثيرة، توفي سنة (250 هـ). ينظر: تاريخ بغداد 14/ 124، سير أعلام النبلاء 11/ 526.
- وَقَالَ الْعَنْبَرِيُّ
(1)
: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ.
فَإِنْ أَرَادَ: أَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ: فَكَقَوْلِ الْجَاحِظِ.
وَإِنْ أَرَادَ: فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لَزِمَ التَّنَاقُضُ
(2)
.
• فَإِنْ تَعَارَضَ عِنْدَهُ دَلِيلَانِ، وَاسْتَوَيَا: تَوَقَّفَ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.
- وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ: يُخَيَّرُ
(3)
.
• وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: فِيهِ قَوْلَانِ حِكَايَةً عَنْ نَفْسِهِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ.
- وَإِنْ حُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ
(4)
.
(1)
هو عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري، قاضي البصرة، قدم بغداد وكان فقيهًا، وله رواية للحديث، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي، وتوفي سنة (168 هـ) ينظر: تاريخ بغداد 12/ 7، ميزان الاعتدال 3/ 5.
(2)
ينظر: العدة 5/ 1541، الواضح 5/ 351، روضة الناظر 2/ 347، شرح مختصر الروضة 3/ 602، شرح الكوكب المنير 4/ 489، تيسير التحرير 4/ 202، الإحكام للآمدي 4/ 183، شرح اللمع 2/ 1046.
(3)
ينظر: العدة 5/ 1536، التمهيد 4/ 349، شرح مختصر الروضة 3/ 617، كشف الأسرار 4/ 76، التبصرة ص 510.
(4)
أي: حُكي عن الإمام الشافعي أنه ذكر قولين في وقت واحد من غير ترجيح. ينظر: الإبهاج في شرح المنهاج 3/ 202، البحر المحيط 8/ 135. وينظر المسألة في: التحبير شرح التحرير 8/ 3957، شرح الكوكب المنير 4/ 493.
• وَإِذَا اجْتَهَدَ، فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْحُكْمُ: لَمْ يَجُزِ التَّقْلِيدُ.
• وَإِنَّمَا يُقَلِّدُ الْعَامِّيُّ.
• وَمَنْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ: فَعَامِّيٌّ فِيهَا.
• وَالْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ: هُوَ الَّذِي صَارَتْ لَهُ الْعُلُومُ خَالِصَةً بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْفِعْلِ، مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى تَعَبٍ كَثِيرٍ، حَتَّى إِذَا نَظَرَ فِي مَسْأَلَةٍ اسْتَقَلَّ بِهَا، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى غَيْرِهِ.
- فَهَذَا
(1)
؛ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يُقَلِّدُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَلَا سَعَتِهِ، وَلَا يُفْتِي بِمَا لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ إِلَّا حِكَايَةً عَنْ غَيْرِهِ.
• فَإِنْ نَصَّ فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى حُكْمٍ، وَعَلَّلَهُ: فَمَذْهَبُهُ فِي كُلِّ مَا وُجِدَتْ فِيهِ تِلْكَ الْعِلَّةُ كَذَلِكَ.
- فَإِنْ لَمْ يُعَلِّلْ: لَمْ يُخْرَجْ إِلَى مَا أَشْبَهَهَا.
• وَكَذَلِكَ: لَا يُنْقَلُ حُكْمُهُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ كُلُّ
(2)
وَاحِدَةٍ إِلَى الْأُخْرَى
(3)
.
(1)
في (ق): فلهذا.
(2)
في (ق): من كل.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (عبارة نزهة الخاطر مختصر روضة الناظر: فإن لم يبين العلة لم يجعل ذلك الحكم مذهبه في مسألة أخرى [وإن أشبهتها شبهًا يجوز] خفاء مثله
…
ولو نص المجتهد على مسألتين متشابهتين بحكمين مختلفين لم ينقل حكم إحداهما إلى الأخرى ليكون له في المسألتين روايتان؛ لأنه لا يجوز له أن يجمع بين قولين مختلفين. ا. هـ، وهي أوضح مما هنا).
تنبيه: نزهة الخاطر هو شرح لروضة الناظر مؤلفه: عبد القادر ابن بدران، وليس مختصرًا له، وما بين المعقوفتين تصحيح من نزهة الخاطر المطبوع.
• فَإِنِ اخْتَلَفَ حُكْمُهُ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَجُهِلَ التَّارِيخُ:
1 -
فَمَذْهَبُهُ أَشْبَهُهُمَا بِأُصُولِهِ وَأَقْوَاهُمَا.
2 -
وَإِلَّا: فَالثَّانِي؛ لِاسْتِحَالَةِ الْجَمْعِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا
(1)
: والْأَوَّلُ
(2)
.
(3)
(1)
قوله: (بعض) سقطت من (أ).
(2)
ينظر: التمهيد 4/ 366، شرح مختصر الروضة 3/ 625، التحبير شرح التحرير 8/ 3960، شرح الكوكب المنير 4/ 494.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: فمذهبه الثاني والأول أيضًا، وحكاه النووي أيضًا في مقدمة شرح التهذيب قولًا لبعض أصحاب الشافعية، وعبارته: وقال بعض أصحابنا: إذا نص المجتهد على خلاف قوله لا يكون رجوعًا عن الأول، بل يكون قولان، قال الجمهور: هذا غلط؛ لأنهما كنصين للشارع تعارضا وتعذر الجمع بينهما، فيعمل بالثاني، ويترك الأول ا. هـ).
وَ
التَّقْلِيدُ
لُغَةً: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي الْعُنُقِ مُحِيطًا بِهِ، وَمِنْهُ الْقِلَادَةُ.
ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَى الْغَيْرِ؛ كَأَنَّهُ رَبَطَهُ بِعُنُقِهِ.
• وَاصْطِلَاحًا: قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ بِلَا حُجَّةٍ.
فَيَخْرُجُ:
- الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ
(1)
صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ فِي نَفْسِهِ.
- وَالْإِجْمَاعُ كَذَلِكَ.
• ثُمَّ قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْعُلُومُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
1 -
مَا لَا يَسُوغُ فِيهِ التَّقْلِيدُ: كَالْأُصُولِيَّةِ.
2 -
وَمَا يَسُوغُ: وَهُوَ الْفُرُوعِيَّةُ.
- وَقَالَ بَعْضُ الْقَدَرِيَّةِ: يَلْزَمُ الْعَامِّيَّ النَّظَرُ فِي دَلِيلِ الْفُرُوعِ أَيْضًا
(2)
.
وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ
(3)
.
(1)
في (ق): (بالأخير قوله) مكان (الأخذ بقوله).
(2)
نسبه أبو الحسين البصري للمعتزلة البغداديين. ينظر: المعتمد 2/ 934.
(3)
قال القاسمي رحمه الله: (مراده ببعض القدرية معتزلة بغداد، ووافقهم الظاهرية، ورده المصنف بالإجماع، أي: على إقرار العامة على العمل بفتاوى العلماء، وعدم تكليفهم النظر في الأدلة والبحث عنها من غير تناكر، وإجماع كل عصر حجة، وفي النهاية للعلامة: لم تزل العامة في زمن الصحابة والتابعين قبل حدوث المخالفين يرجعون في الأحكام إلى قول المجتهدين، ويستفتونهم في الأحكام الشرعية، والعلماء يسارعون إلى الأجوبة من غير إشارة إلى ذكر دليل، ولا ينهوهم عن ذلك، فكان إجماعًا.
وحقق بعضهم: أن معنى القول الأول هو حث العامي أن يرتفع عن حضيض الجهل الصِّرف، والعمى المحض، والإيذان بأن الدين ليس في مبدئه ما تنقسم الناس فيه إلى عوام صِرْف لا يعلمون ولا يتعلمون وإلى خواص يباينهم كليًّا، بل مبناه على تعميم طلب العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«طلب العلم فريضة على كل مسلم» .
وبالجملة فالقصد أنه يجب على الأمة تحصيل العلم بالأحكام الشرعية الفرعية، كما يجب عليها تحصيل العلم في مسائل أصول الدين، والقدر الضروري من الأولى متفق عليه كالثانية، ثم بتعلم الأمة ما يجب لها وعليها يتبين لها طرق السعادة، وتسلك في جوادها، فتكشف لها الأوصاف الفاضلة وحدودها، وتتمثل لمداركها فوائدها ومحاسن غاياتها، وتنجلي لها مضار الرذائل وسوء منقلب المتدنسين بها، وذلك لأن بداهة العقل حاكمة بأن جل المعارف البشرية والعقائد الدينية مكتسبة، فإن لم تأخذ الأمة في التعلم قصرت عقولها عن درك ما ينبغي لها دركه، وانقضت دون الكفاية مما يلزم لسد ضرورات الحياة الأولى والاستعداد لما يكون في الأخرى، وساوى الإنسان في معيشته سائر الحيوانات، وحرم سعادة الدارين، وجَليٌّ أن من أعرض عن العلم النافع المستتبع للعمل الصالح طغت شهرته، واندفع إلى تعدي الحدود، فيرافق الدنيا على عناء، ويفارقها إلى شقاء، قال تعالى:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} ، وقد جود الإمام الغزالي في الإحياء مباحث التعلم والتعليم بما لا يستغنى عن مراجعته).
- وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَلْزَمُهُ مَعْرِفَةُ دَلَائِلِ الْإِسْلَامِ، وَنَحْوِهَا مِمَّا اشْتَهَرَ فَلَا كُلْفَةَ فِيهِ
(1)
.
• ثُمَّ الْعَامِّيُّ لَا يَسْتَفْتِي إِلَّا مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عِلْمُهُ:
(1)
…
لِاشْتِهَارِهِ بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ.
(2)
…
أَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ بِذَلِكَ.
- لَا مَنْ عُرِفَ بِالْجَهْلِ
(2)
.
- فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُ: لَمْ يَسْأَلْهُ.
وَقِيلَ: يَجُوزُ
(3)
.
• فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مُجْتَهِدُونَ: تَخَيَّرَ.
وَقَالَ الْخِرَقِيُّ
(4)
: ..............
(1)
ينظر: التمهيد 4/ 398، الواضح 5/ 499، التحبير شرح التحرير 8/ 4029، شرح الكوكب المنير 4/ 538.
ومراد أبي الخطاب: معرفة دلائل أركان الإسلام ونحوها مما اشتهر وتواتر، قال في روضة الناظر (2/ 384):(قال أبو الخطاب: ولا يجوز التقليد في أركان الإسلام الخمس ونحوها مما اشتهر ونقل نقلًا متواترًا).
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (هذا من الواضحات إذ الجاهل لا يجوز سؤاله اتفاقًا).
(3)
ينظر: التمهيد 4/ 403، الواضح 1/ 290، روضة الناظر 2/ 384، شرح مختصر الروضة 3/ 664.
(4)
قال القاسمي رحمه الله: (بكسر الخاء المعجمة، وفتح المهملة بعدها ثم قاف، نسبة إلى بيع الخرق، وهو عمر بن الحسين بن عبد الله، أبو القاسم، أحد أئمة مذهب أحمد، كان واسع العلم شهير الورع، اشتهر من مصنفاته المختصر في الفقه، شرحه القاضي أبو يعلى والزركشي وغيرهما، وكان بعض الشيوخ يقول: ثلاث مختصرات في ثلاث علوم لا أعرف لها نظيرًا: الفصيح لثعلب، واللمع لابن جني، وكتاب الخرقي، ما اشتغل بها أحد وفهمها كما ينبغي إلا أفلح وأنجح، وهاجر الخرقي في آخر أمره من بغداد إلى الشام إثر حوادث بها، وأقام بدمشق مدة، ثم جرى عليه ما أوذي في الله بسببه، فتوفي متأثرًا منه سنة 334 هـ كما في طبقات الحنابلة). ينظر: طبقات الحنابلة 2/ 75، المقصد الأرشد 2/ 298.
الْأَوْثَقَ فِي نَفْسِهِ
(1)
.
(2)
(1)
أومأ إلى ذلك الخرقي، فقال في مختصره (ص 21):(وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه، ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه). وتنظر المسألة في: العدة 4/ 1226، شرح مختصر الروضة 3/ 666، شرح الكوكب المنير 4/ 571.
(2)
قال القاسمي رحمه الله: (أي: الأرجح عنده، فيسأله ويأخذ بقوله، قال العلامة الفناري في فصول البدائع: ولا يستدل بأن تكليف العامي بالترجيح تكليف المحال لقصوره عن معرفة المراتب؛ لأن الترجيح ربما يظهر للعامي بالتسامع، وبرجوع العلماء إليه، وكثرة المستفتين، واعتراف العلماء بفضله، قال الغزالي: كما يعرف أطباء البلد بالتسامع والقرائن وإن كان لا يحسن الطب، وبعد ظفره بالأوثق واستجابته فله زيادة العلم بالبحث عن المأخذ، قال السبكي في جمع الجوامع: (وللعامي سؤاله) أي: العالم (عن مأخذه استرشادًا، ثم عليه) أي: العالم (بيانه) أي: المأخذ (إن لم يكن خفيًّا) عليه بحيث يتقاصر فهمه عنه، وإلا فيعتذر له بخفاء المدرك عليه؛ لأنه يجب في العامة أن يقتصر بهم على قدر أفهامهم، كما بينه الراغب الأصفهاني رحمه الله في الباب (26) من كتاب الذريعة.
وذكر رحمه الله في الباب (20): أن حق الإنسان ألا يترك شيئًا من العلوم أمكنه النظر فيه واتسع له العمر إلا ويخبر بشمه عَرْفه، وبذوقه طيبه، ثم إن ساعده القدر على التغذي به والتزود منه فبها ونعمت، وإلا لم يبصر لجهله بمحله ولغباوته عن منفعته إلا معاديًا له بطبعه.
فمن يك ذا فم مر مريض يجد مرًّا به الماء الزلالا
فمن جهل شيئًا عاده، والناس أعداء ما جهلوا، بل قال الله تعالى:{وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} ، وحكي عن بعض الفضلاء: أنه رؤي بعد ما طعن في السن وهو يتعلم في أشكال الهندسة، فقيل له في ذلك، فقال: وجدته علمًا نافعًا، فكرهت أن أكون لجهلي به معاديًا له.
وقال منصور بن المهدي للمأمون: أيحسن بنا طلب العلم والأدب؟ قال: والله لأن أموت طالبًا للأدب خير لي من أن أعيش قانعًا بالجهل، قال: فإلى متى يحسن بي ذلك؟ قال: ما حسنت الحياة بك.
ولا ينبغي للعاقل أن يستهين بشيء من العلم، بل يجعل لكلٍّ حظه الذي يستحقه، ومنزله الذي يستوجبه، ويشكر من هداه لفهمه وصار سببًا لعلمه، ويجب أن يقدم الأهم فالأهم، وكثير من الناس ثكلوا الوصول بتركهم الأصول، كمن قال:
لقد أصبحتُ في ندم وهمٍّ وما يغني التندم يا خليلي
مُنعت من الوصول إلى مرامي بما ضيعت من حفظ الأصول
وحقه أن يكون قصده من كل علم يتحراه التبليغ به إلى ما فوقه، ويجب ألا يتعرى علمه عن مراعاة العمل، فبه يتبلغ، ألا ترى أنه ما خلا ذكر الإيمان في عامة القرآن من ذكر العمل الصالح كقوله:{الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ، وإلى ذلك أشار بقوله تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} ا. هـ كلام الراغب في كتاب الذريعة، وقد حكى في كشف الظنون أن الإمام الغزالي كان يستصحبه دائمًا ويستحسنه؛ لنفاسته.
وفي ختم المصنف صفي الدين كتابه هذا بقوله: (الأوثق بنفسه) براعة مقطع، وحسن اختتام من طرف خفي لا يخفى على الذكي، وذلك من المحسنات البديعية.
وقد كان الفراغ من هذه التعليقات في ذي القعدة عام (1324 هـ) بقلم الفقير محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم بن صالح القاسمي الدمشقي غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين ومنَّ عليه وعليهم برحمته إنه أرحم الراحمين.
[ولا أرى بُدًّا من ختم الكلام بهذه الوصية، وهي العناية بجياد الكتب، وبدائع الأسفار، فإن بها تبعد من مناول الجهل، وتأنف من الشغل بسخف المنى واعتبار الراحة والهزل، قال الجاحظ: «إن أمثل ما يقطع به الفراغ نهارهم وأصحاب الكفايات ساعات ليلهم نظر في كتاب لا يزال لهم فيه ازدياد تجربة وعقل ومروءة، وصون عرض، وإصلاح دين، وتثمير مال، ورب صنيعة وابتداء إنعام، ولو لم يكن من فضله عليك وإحسانه إليك إلا منعه من التعرض للحقوق التي تلزم، ومن فضول النظر وملابسته صغار الناس، ومن حضور ألفاظهم الساقطة، ومعانيهم الفاسدة، وأخلاقهم الرديئة، وجهالتهم المذمومة؛ لكان في ذلك السلامة والغنيمة، وإحراز الأصل مع استفادة الفرع.
ثم على الطلبة أن يرجعوا من جياد متون هذه الكتب إلى أبلغها أسلوبًا، وأفصحها تركيبًا، وأكمها قواعد، وأغزرها فوائد، فإن بمثلها تتحرك الهمم لطلب العلم، وتنازع إلى حب الفهم، ولا تؤثر عليه عوضًا، ولا تبغي به بدلًا، إلا أن مثل هذه المتون لم يزل كالجوهر المكنون، والسر المصون، منه ما نسجت عليه عناكب النسيان، ومنه ما أخنت عليه يد الحدثان، بيد أن من جد وجد، ومن لج ولج، وقد كان للمحققين عناية كبرى بها حفظًا ومطالعة وقراءة وإقراء وشرحًا واصطحابًا، حكى صاحب الشقائق النعمانية في ترجمة العلامة علاء الدين القوشجي رحمه الله: أنه كان جمع عشرين متنًا في مجلدة واحدة، كل متن من علم، وسماه: محبوب الحمائل، وكان بعض غلمانه يحمله ولا يفارقه أبدًا، وكان ينظر فيه كل وقت حتى حفظ -فيما يقال- كل ما فيه من العلوم) ا. هـ.
فهذا عمل القوشجي لنفسه، وهذا اشتغاله على المدى، وهذه عنايته بالمتون وهو ما هو، -راجع ترجمته في الشقائق وانظر منه بحرًا خضمًا-، فأنى بمن لم يلحق شأوه، ولم يخط خطوه، ولا جرم أنه في أشد الحاجة منها إلى ما ذخر السلف الصالح، وخلده الأئمة المتقدمون رضوان الله عليهم، أولئك الذين علموا أن ليس للمرء في ثرائه وجميل روائه ما يصلح سرًّا لامتيازه واعتلائه، بل إنما خلق الإنسان ليعلم ويعمل، ويستخلف أثرًا يؤثر عليه، وينظر إليه منه، وأنه لا حياة مع الجهل، ولا موت مع العلم.
ونحن لا نحصي ثناءً على الله تعالى فيما هدى ووفق للعثور على هذه المتون الجليلة، ونظمها في هذه السلسلة الجميلة، لا سيما المتن الأخير، فإنا لم نعثر منه إلا على نسخة مخطوطة في المكتبة العمومية بدمشق الشام ليس لها ثانية، وما وقفنا عليه حتى رأيناه من أنفس الآثار الأصولية، وأعجبها سبكًا، وألطفها جمعًا للأقوال، وإيجازًا في المقال، ولما تحققنا ما له من الشأن الخطير أسرعنا إلى نقله ثم مقابلته، ولم يكن ذلك دون شديد العناء؛ لأن النسخة المذكورة أكثرها غفل لا نقط على أحرفه ومستعجمة برداءة الخط، وكثرة التصحيف، وتغيير الأرقام عن الجودة، فيقاسي القارئ من تحقيق الكلمة وإدراك المعنى صعوبة زائدة، لكن كل عناء في هذا السبيل عددناه راحة، واستحلينا له الصبر الجميل؛ لرغبتنا في تعريف هذه الدرة وإهدائها لأكفائها البررة.
ومما كان له عندنا اليد الطولى في العون على تصحيحه وتنقيحه من الأمهات الأصولية كتابا: (مختصر الروضة) القدامية للطوفي، و (نزهة الخاطر) لتوافق الكل في معظم المباحث وترتيب جل المسائل، فصححنا منهما كثيرًا مما غمض من ألفاظه، وأشفعناه بما علقنا منهما ما يوضح جملًا من دقائقه، سوى ما راجعناه لأجله من الكتب الشهيرة كما تراه في العزو في أطراف التعليقات، وقد قالوا:«من بركة العلم عزوه لأهله» .
اللهم حبب إلينا التثبت، وزين في عيننا الإنصاف، وأذقنا حلاوة التقوى، وأودع صدرنا البر واليقين، وألحقنا بالصالحين،
وصل وسلم على خاتم النبيين، وآله الطاهرين، والحمد لله رب العالمين].
تنبيه: ما بين المعقوفتين زيادة من طبعة ابن تيمية.
وَهَذَا آخِرُهُ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَهُوَ الْمُوَفِّقُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَحْدَهُ،
وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ الْمُصْطَفَى وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَامُهُ
(1)
.
(1)
في آخر (أ): صورة خط الشيخ في آخر الأصل، قوبل بأصله المنقول منه جهد الطاقة، فصح.
وقد تمت مقابلة النسخ مساء الجمعة، الثالث عشر من شهر ربيع الأول، سنة 1439 هـ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.