الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَشْفُ المنَاهِجِ وَالتَّنَاقِيحِ في تَخْريِجِ أحَادِيثِ المَصَابِيحِ
تَأليفُ
صَدْر الدَّينِ مُحَمَّد بْنِ إبْرَاهِيم السُّلَمِيّ المُنَاوِيّ (ت: 803 هـ)
قَدَّم له
سَمَاحَة الشيخ/ صالح بن محمَّد اللحيْدان
رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء
دِرَاسَة وتحقيق
د. مُحمَّد إِسْحَاق مُحَمَّد إبْرَاهِيم
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المُجَلّد الأوّل
الدار العربية للموسوعات
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم سماحة الشيخ: صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، أنعم على عباده بنعم لا تحصى، وأجلّ ذلك ما فتح به عليهم من معارف علوم الشريعة، فهو سبحانه الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وشرف العلم فشرف به حاملوه، وتسابق الراغبون في ميراث النبوة للأخذ منه بأوفر حظٍّ وأتم نصيب، وقاموا بنشر هذا العلم، ودونوا فيه الأسفار وضربوا فيه بأسهمٍ عالية وافرة في كل مجال من مجالات المعرفة، فتميز العلماء بالعلم الذي هو زينٌ لحامليه، وإن اختلفت أصناف العلم وتفاوت شرفه، ولا شك أن أجلَّه وأشرفه ما تعلق بخدمة كتاب الله دراسةً واستنباطًا واستدلالًا وتوضيحًا وبيانًا، لأن كتاب الله أساس العلم وهو الأصل العظيم من أصول الأحكام في العقائد والمعاملات وبيان الحلال والحرام وغير ذلك.
وقد خدم علماء الإسلام كتاب الله خدمةً جليلة فائقة في بيان أحكامه وغرائب لغته وبلاغة عباراته، وكانت السنة النبوية وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع تبين مجمل القرآن وتوضح مقاصده وتضيف إليه ما أمر الله به نبيه مما ليس في القرآن، فتسابق العلماء في التأليف في السنة رواية ودراية
تصنيفًا وجمعًا وتنقيحًا وشرحًا وانتقاءً. فكان ذلك من أعظم الأسباب في حفظ السنة نقيةً واضحةً مصونة عن عبث كل عابث وبه انغلق الباب على من يريد الاعتداء على الشريعة.
وكتاب مصابيح السنة للإمام المحدث المفسر الفقيه محيي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي من أنفع الكتب التي اعتنى مؤلفوها بحسن الجمع والانتقاء والتبويب، فصار محل اعتناء العلماء لأنهم وجدوه من أفضلها وأوفاها مادةً وأكثرها فائدةً، فاعتنى به العلماء شرحًا وتخريجًا وزيادةً وانتقادًا، وكل عالم يريد إكمال ما يراه لازمًا من إضافةٍ أو شرحٍ أو إيضاح غامض أو استدراك. ومن هؤلاء العلّامة صدر الدين أبو المعالي محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم المناوي الشافعي الذي ألف كتاب (كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح) وهو كتابٌ حقيقته أوسع من عنوانه، إذ إن عنوانه يوهم أنه مجرد تخريج لأحاديث المصابيح بينما حقيقةُ الأمر أنه تخريجٌ ونقدٌ، وإيضاحُ مبهمٍ، وشرحُ مغلقٍ ونقلٌ لما تدعو الحاجة إلى نقله من خلاف، مع ترجيح ما يترجح لديه، فهو كتابٌ جديرٌ بأن يقتنى خليقٌ بأن يرجع إليه في الأحكام والعقائد، ولا أحب أن أسهب في وصفه فإن مخبره يفوق وصفه بسطورٍ وكلمات. وقد تولى تحقيقه وإظهاره من خزائن المكتبات الخطية إلى مجال العرض والمراجعة والدراسة والاستفادة فضيلة الدكتور محمد إسحاق محمد إبراهيم أحد رجال الحديث المهتمين به، الحريصين على إبراز مكنونات السنة وتسهيل تناولها للدارسين، إذ هو أحد أساتذة هذا الفن والمعتنين به في فترة تدريسه مادة الحديث في كليات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، هذه الجامعة العريقة المتفوقة في خدمة علوم الشريعة وتدريسها. وقد رغب مني كتابة مقدمة للكتاب وألح عليَّ في ذلك، ولأني أعلم أن الحديث عن كتابٍ كهذا يستدعي مراجعةً له وتتبعًا لمضامينه فاعتذرت، لكنه أكد عليَّ بأن أقوم بكتابة مقدمةٍ ولو مختصرة، ولأن ذلك نافعٌ
لي لأراجع بعض مباحث الكتاب فاستجبت لفضيلته وقرأتُ مواضيعَ متعددة من الكتاب وراجعتُ ما عمله فضيلة الدكتور على المباحث التي قرأتها، فوجدت أنه بذل جهدًا كبيرًا وأجاد كثيرًا وتعقب المؤلف في بعض المواضع وأكمل بعض المواضع التي تستدعي تكميلًا، ورأيته قد أحسن كثيرًا، ولا شك أن عمل أي إنسان لا بد أن يجد فيه متتبعه ما ينتقده لكن قديمًا قيل:(كفى المرءَ نبلًا أن تعدَّ معايبه). ولئلا يظنَّ من يقرأ كلامي أنني كتبت ما كتبت دون قراءة، فإنني أؤكد كبير فائدة الكتاب وما قام به المحقق، وإن كنت لاحظت بعض المآخذ النحوية والإملائية وترك ذكر راوي الحديث عندما يغفله المناوي في كثيرٍ مما وقفت عليه، ولكن ذلك شيءٌ قليل أكثره يستبينه القارئ، وهي مغتفرة في الكم الكثير من الصواب والإفادة المتعددة تخريجًا واستدراكًا.
ولهذا أوصي بالاهتمام بالكتاب قراءةً ومراجعةً فإن بحوثه على قصرها غزيرة الفائدة.
أسأل الله أن يبارك بجهد الدكتور محمد إسحاق وأن ينفعه بعلمه، وأن ينفع به طلاب العلم، ويثيبه على ما عمل وأعِدهُ أن أقرأ الكتاب إن شاء الله كاملًا، وأرجو أن يكون ما لم أقرأه أسلم وأكمل مما قرأته، ومع ذلك فإن وجدتُ ملاحظةً فسوف أخبره بها وظني أنني لن أجد، فقد اعتنى واهتمَّ بإخراج الكتاب بهذه الصورة المشرقة، ولا يضيره وجود زلة قلم أو سبق رقم، والله وليُّ التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رئيس مجلس القضاء الأعلى
صالح بن محمد اللحيدان
6/ 7 / 1425 هـ