المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سلسلة: كيف يبني طالب العلم مكتبته؟ الحلقة (3) تابع لكتب السنة والحديث-كتب - كيف يبني طالب العلم مكتبته - جـ ٣

[عبد الكريم الخضير]

فهرس الكتاب

سلسلة: كيف يبني طالب العلم مكتبته؟

الحلقة (3)

تابع لكتب السنة والحديث-كتب الأحكام العلل-مشكل الحديث وغريبها- علوم الحديث-كتب العقيدة-كتب الفقه

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماًَ كثيراً:

أيها الأخوة والأخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقاء طيب مبارك ضمن برنامجكم هذا، معكم على الهواء، نستكمل في هذه الحلقة -بإذن الله تعالى- موضوعاً كنا بدأناه في حلقات مضت من خلال لقاءنا مع فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، حول موضوع مكتبة طالب العلم فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله وبارك فيكم، وفي الأخوة المستمعين.

شكراً للأخوة الذين بعثوا بملاحظاتهم واستفساراتهم حول الحلقات الماضية، وطلبوا أيضاً أن يتم استكمال موضوع مكتبة طالب العلم مع فضيلة الدكتور، لعلنا نحاول جاهدين في هذه الحلقة أن نستكمل ما نستطيع مع فضيلته حول موضوع مكتبة طالب العلم.

فضيلة الدكتور حفاظاً على الوقت فإننا نبدأ مع الأخوة الذين هم في شوق لاستكمال الموضوع، نستكمل ما تبقى حول الحديث والسنة النبوية، وما فيها من كتب، ينبغي لطالب العلم أن يعتني بها.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبق الحديث عن كتب التفسير، وعلوم القرآن، على وجه موجز جداً، يناسب الوقت، ثم في الحلقة الثانية تكلمنا عن الكتب الستة، وأهم شروحها، وعرفنا فيما تقدم أن سادس الكتب مختلف فيه بين أهل العلم، فابن ماجه هو السادس عند الأكثر، وأول من أدخله في الكتب، وجعله السادس ابن طاهر في شروط الكتب، وفي أطرافه.

المقدم: عفواً يا شيخ أنا جاءني سؤال بعد الحلقة الماضية نسيت أن أعرضه عليك حول ابن ماجه يسأل عن ابن ماجه بالتاء أو بالهاء، ويقول: أنا تعبت في البحث عن تحقيق هذه المسألة؟

ص: 1

ابن ماجه، وابن منده، وابن داسه، كلها بالهاء في الوقف و. . . . . . . . .، ماجه، ومنده، وداسه، حتى في. . . . . . . . .، من أهل العلم من جعل السادس الموطأ، موطأ الإمام مالك بن أنس، وعلى هذا صنيع ابن الأثير في جامع الأصول، وقبله رزين في تجريد الأصول، ومنهم من جعل السادس الموطأ، تقدم الكلام عن ابن ماجه مع الكتب الستة في الحلقة السابقة الذي هي دواوين الإسلام المشهورة.

والآن نتحدث عن موطأ الإمام مالك بن أنس، والموطأ كما هو معروف لإمام دار الهجرة مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي، إمام المذهب المشهور المعروف نجم السنن.

هذا الكتاب ألفه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- وتلقاه عنه جمع غفير من أهل العلم، بحيث صارت له روايات متعددة، من أشهرها رواية يحيى بن يحيى الليثي، وعليها جل الشروح، ومنها رواية محمد بن الحسن، ومنها رواية أبي مصعب الزهري، وروايات كثيرة جداً يصعب حصره؛ لكن أهمها ما يقرب من عشرين، هي مدونة ومعروفة يطول الكلام فيها، يهمنا رواية يحيى بن يحيى التي عليها الشروح، والتي عني بها أهل العلم، ومن أهم شروحها وأعظم تلك الشروح (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد) للإمام أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري، كتاب عظيم، مكث في تصنيفه ثلاثين عاماً، وأودعه من نفائس الفنون والعلوم ما يعجز اللسان عن وصفه، فالكتاب عني بالموطأ، وبأقوال مالك، ومذهب مالك، وأشار إلى المذاهب الأخرى، وله فيها اختيارات وترجيحات، يقال: فيها مذهب الإمام رحمه الله، فابن عبد البر حافظ المغرب، وهو إمام من أئمة المسلمين، مكث في تصنيف هذا الكتاب ثلاثين عاماً.

وقال عنه ابن حزم: أنه لا يعلم في الكتب في الكلام على فقه الحديث أنفس من هذا الكتاب، بل لا يعلم ما يماثله ولا يدانيه ولا يقاربه.

ص: 2

هذا الكتاب رتبه ابن عبد البر على شيوخ الإمام مالك في موطأه، ولذا يصعب الوقوف على الأحاديث المرادة منه إلا بعد معرفة الشيخ، ثم الشيوخ رتبهم على حروف الهجاء على طريقة المغاربة، وهي أيضاً تختلف عن ترتيب طريقة المشارقة، فالصعوبة من جهتين: من كونه مرتب على الشيوخ، ولو رتب على الأبواب لكان أولى، على ترتيب مالك رحمه الله لكن هذه وجهة نظر الإمام ابن عبد البر، تمنينا كثيراً أن يرتب الكتاب على ترتيب الموطأ فخرج له ترتيبات كثيرة، منها أول ما خرج له ترتيب المغراوي، من شيوخ المغرب، وهو ترتيب ابتكره، قدم فيه مسائل الاعتقاد، وعنايته بالعقيدة معروفة، الشيخ المغراوي -حفظه الله-، لكني كنت أتمنى أن يرتب الكتاب على ترتيب الموطأ نفسه، يمشي على أحاديث الموطأ.

المقدم: والشيخ موجود الآن يا شيخ؟

نعم موجود في المغرب، ويأتي كثيراً هنا، فتمنيت أن يرتب على ترتيب الإمام مالك، فالكتاب إما أن يبقى على أصله ترتيب ابن عبد البر، أو يرجع إلى أصل الأصل، وهو ترتيب الإمام مالك رحمه الله، فخرج له أكثر من ترتيب بهذه الصفة تحقيقاً لهذه الأمنية، ومن أفضل ما وقفت عليه من هذه الترتيبات ترتيب الشيخ عطية سالم، وله عناية فائقة بالموطأ، وعناية بالإمام مالك على وجه الخصوص، فجاء ترتيبه على الوجه المناسب، وهو من أهل الخبرة بالموطأ، وله معرفة بكتب ابن عبد البر.

المقدم: وخرج؟

إيه طبع قبل ثمان أو تسع سنوات.

المقدم: بعنايته؟

نعم هو الذي رتبه بيده، مشى على الموطأ كل جزء يخرج، واستغرق طباعة الموطأ خمسة وعشرين سنة، طباعة الموطأ استغرقت ربع قرن، الشيخ عطية رحمه الله توفي، فالشيخ كلما يخرج جزء يرقم الحديث برقم الموطأ، يرقم الأحاديث ثم بعد ذلك يرتب هذه الأحاديث في دسيات، ثم إذا خرج الثاني أضاف ما فيه من أحاديث على الطريقة التي اتبعها، ثم خرج كتاب التمهيد مرتباً ترتيب الموطأ، وهذا عمل جليل هذا، نعم قد يبدو في ظاهر الأمر أنه ليس بشيء إلا مجرد تقديم وتأخير وترتيب؛ لكنه عمل جيد مفيد يفيد طالب العلم كثيراً.

ص: 3

الإمام ابن عبد البر عني بشرح الأحاديث المرفوعة في هذا الكتاب، وأبدع في كتابه، وكمله بكتاب آخر، أسماه كتاب (الاستذكار في بيان مذاهب فقهاء الأمصار) يعني من خلال الموطأ، شرح فيه الأحاديث المرفوعة والموقوفات، وأشار إلى أقوال مالك، وأقوال غيره من أهل العلم، فالاستذكار جاء تكميلاً للتمهيد الذي هو لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، معاني وأسانيد، هذا التمهيد، هذه الصفة الغالبة، وفيه كلام على فقه الحديث كثير؛ لكن الكلام على الأحكام في الاستذكار أظهر، وهما كتابان متكاملان، يعني لو جمع بينهما، المحقق للاستذكار نقل بعض النقول مما يحتاج إليه من التمهيد، فطال الكتاب جداً، بحيث خرج في ثلاثين جزاءً الاستذكار، وهو أقصر من التمهيد.

من أهم شروح الموطأ أيضا: (المنتقى) لأبي الوليد الباجي، وهو من كبار المالكية، يفيد منه طالب العلم فائدة كبيرة، من شروحه أيضاً: شرح للزرقاني، أيضاً كتاب نافع مفيد، وكتاب مختصر جداً للسيوطي اسمه (تنوير الحوالك).

ولي الله الدهلوي نظر إلى الموطأ فوجد فيه أقوال مالك، وأضاف إليه أقوال أبي حنيفة والشافعي، فجاء شرحه المختصر جداً جامع للمذاهب الثلاثة، تولينا شرح (المسوى) مدةً، أضفنا إليه مذهب الإمام أحمد.

المقدم: ولم يكتمل عملكم يا شيخ؟

لا ما اكتمل، نسأل الله أن ييسر، المشاريع كثيرة.

هناك أيضاً شرح مطول طبع في ستة مجلدات في الهند، ثم طبع في خمسة عشر جزءاً اسمه (أوجز المسالك) هذا الكتاب مع أن مؤلفه متأخر إلا أن جودته تظهر في رجوع المؤلف إلى كتب أصحاب المذاهب، يعني لو جئنا إلى الشروح مثل فتح الباري أو عمدة القاري أو غيرها من الشروح، أو كتب التفسير التي قد تنقل أقوال الفقهاء مثلاً تجدهم ينقولون عن من ينقل المذهب، فلا تثق بهذا النقل لا من جهة الخلل في أمانة المؤلفين، لا، لكن قد ينقل رواية غير معروفة في المذهب، رواية عن الإمام غير معتبرة في المذهب يعني مرجوحة تعرف أن المذاهب فيها روايات، تعرف أن الشافعي له أقوال، وأحمد عنده روايات، وهكذا، فهذا الكتاب عني بهذا عناية طيبة، فصار ينقل المذاهب من كتب أصحاب المذاهب، فهذه فائدته، وهو كتاب موسع في خمسة عشر جزءاً.

ص: 4

السادس: سادس الكتب على قول هو سنن الدارمي، وهو كتاب نافع وماتع، وفيه أحاديث، وفيه عوالي كثيرة، يتقدم مؤلفه، وهو شيخ لأصحاب الكتب، فيه عوالي، والعوالي يعنى بها أهل العلم، وفيه زوائد أيضاً، إلا أن زوائد ابن ماجه أكثر، ولذا صارت العناية به أكثر، لا أعرف له شرحاً عند المتقدمين إلا أنه خرج له شرح متأخر جداً، ولا يسلم من ملاحظات كبيرة، خرج له شرح لا يسلم من ملاحظات هذا الشرح.

هناك أيضاً الكتب التي رتبت على الأبواب، وتأتي بعد السنن والصحاح، كصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم، وسنن البيهقي، ومنتقى ابن الجارود، هذه كتب مهمة لطالب العلم، ينبغي أن يعنى بها، لا سيما سنن البيهقي، الذي جمع، فهو بحر محيط، يحتاجه الفقيه، ولا يستغني عنه طالب العلم، ففيه أدلة المذاهب كلها، وإن كان نفس البيهقي شافعي، وتراجمه تؤيد في الغالب مذهب إمامه؛ لكنه يذكر في الباب كل ما يقف عليه، وهو كتاب عظيم، فإذا ضم كتاب البيهقي إلى الكتب الستة، وأفيد من الكتب التي ذكرت صحيح ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم ومنتقى ابن الجارود والدارمي، يكون طالب العلم حينئذ أنهى الكتب المبوبة، أنهى ما يحتاج إليه من الكتب المبوبة، والكتب المبوبة التي رتبت على الأبواب يقدمها أهل العلم على المسانيد، مهما جلت جلالة صاحب المسند كمسند أحمد، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

ودونها في رتبة- يعني السنن-.

ودونها في رتبة ما جُعلا

على المسانيد فيدعى الجفلا

ص: 5

ليش؟ لأن صاحب السنن يترجم بحكم شرعي، فيحرص على أن يستدل لهذا الحكم الشرعي بأقوى ما عنده من الأدلة، بينما صاحب المسند يترجم بترجمة صحابي، أحاديث أبي بكر الصديق، فيجمع ما وقف عليه من أحاديث هذا الصحابي؛ لأنه لا يستدل بحكم شرعي، ولذا تأخرت رتبتها، وإن كان مسند أحمد على وجه الخصوص مقدم عند جمع من أهل العلم، ومعتنى به من الحنابلة وغيرهم، يعني الحافظ ابن كثير وهو شافعي المذهب يستظهر بالمسند، وهو شافعي، فشرط الإمام أحمد في مسنده لا يقل عن شرط أبي داود، كما قال شيخ الإسلام بن تيمية، مع أن شرط أبي داود أقوى من شرط بقية السنن، مسند الإمام أحمد من دواوين السنة الجامعة، نعم ترتيبه على المسانيد عاق الإفادة منه عند كثير من طلاب العلم، يعني لو رتب على الأبواب وترجمت أحاديثه، وقد حصل، رتب من قبل جمع ممن تقدم كابن عروة المشرقي، وأيضاً الساعاتي في الفتح الرباني، وشرح ترتيبه -يعني الساعاتي- بحاشية في أولها تستطيع أن تسميها شرح؛ لكن في منتصفه الثاني، أو قبل المنتصف أيضاً فيه حاشية (بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني) أيضاً الشيخ عبد الله القرعاوي له ترتيب للمسند اسمه (المحصل) كتاب جيد، يفيد منه طالب العلم.

فأقول: ترتيب المسند على هذه الطريقة جعلت كثير من طلاب العلم لا يعنون به، مع أنه ينبغي أن يكون محط عناية لإمامة مؤلفه ولجمعه، يجمع من الأحاديث ما يقرب من ثلاثين ألفاً، وإن قال المترجمون: أنه فيه أربعين ألفاً؛ لكن واقعه لا يصل إلى الثلاثين.

المقدم: لكن الصعوبة في البحث يا شيخ، الآن كيف يمكن أن يتفقه طالب العلم إذا عنده حديث عن أبي هريرة، وأبي هريرة مكثر رضي الله عنه يأتي إلى مسنده في مسند الإمام أحمد، كيف يمكن أن يحصل على الحديث؟

من طريق المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، ومن طريق أطراف المسند للحافظ ابن حجر، من طريق كتب الأطراف، ومن طريق المعجم المفهرس.

ص: 6

المسند عليه حواشي للشيخ أحمد شاكر، نافعة يفيد منها طالب العلم، وأغلبها في الروايات، يعني في الجرح والتعديل للرواة، وإن أظهر تساهل رحمه الله وصحح بعض الأسانيد التي لا تصل إلى درجة الصحة، على طالب العلم أن يعنى بكتب أحاديث الأحكام، ومن أهمها العمدة، والمحرر والبلوغ والمنتقى، والإلمام، وغيرها من الكتب التي ألفها أهل العلم للتقريب، لتقريب هذه الأحاديث لطلاب العلم، ولذا جردوها عن الأسانيد، وأتبعوها بأحكام مختصرة، وعزو مختصر، وأحكام مختصرة تناسب الحفظ.

وهذه الكتب كلها مشروحة، العمدة لها شروح كثيرة جداً، المحرر يعني عناية الناس به أقل من البلوغ، وإن كان عندي أنفس وأتقن، البلوغ عني به الناس ودرسوه وشرحوه، وله شروح كثيرة متداولة.

المنتقى أيضاً عني به الناس وشرحوه، مع كثرة أحاديثه، والإلمام لابن دقيق العيد شرحه مؤلفه في كتاب من أعظم كتب شروح كتب أحاديث الأحكام، اسمه (شرح الإلمام) ولابن دقيق العيد كتاب أيضاً كتاب آخر اسمه (الإمام) بين فيه علل الأحاديث، وطول فيه جداً.

ينبغي لطالب العلم المتقدم لا أقول: المبتدئ أن يعنى بكتب العلل، كعلل علي ابن المديني، وابن أبي حاتم والدارقطني، وعلل الترمذي الكبرى والصغرى، ويراجع ما كتب عليها من تنبيهات وشروح وتخاريج، ويفيد منها ويسأل عما يشكل عليه، وأيضاً يعنى بكتب مشكل الحديث؛ لأنه يوجد إشكالات في الأحاديث تحلها هذه الكتب، كتب المشكل، ويراد بمشكل الحديث هو: اختلاف الحديث، ومختلف الحديث يراد به التعارض بين الأحاديث، فهذه الكتب هي التي بها يحل هذا التعارض، والتعارض إنما هو في الظاهر، فلا يوجد حديثان صحيحان متعارضان تعارض حقيقي؛ لأنه كلام من لا ينطق عن الهوى، لا يوجد تعارض وتناقض في كلامه عليه الصلاة والسلام؛ لكن فيما يظهر ويبدو للقارئ، ثم بعد ذلك كتب اختلاف الحديث تزيل هذا الإشكال.

عليه أيضاً أن يعنى بكتب غريب الحديث التي هي بمثابة شرح ما يشكل من ألفاظ الأحاديث النبوية، وغريب الحديث غير الغريب من الأحاديث.

ص: 7

غريب الحديث شرح المشكل من الألفاظ، ومشكل الحديث واختلاف الحديث في التعارض الظاهر، وغريب الحديث فيما يشكل ويصعب فهمه من الألفاظ، والغريب من الحديث ما يتفرد به راو واحد، هذا في المتن، وذاك في الإسناد.

من أهم ما كتب في غريب الحديث (غريب الحديث) لأبي عبيد القاسم بن سلام، وهو إمام في هذا الباب، وأيضاً غريب الحديث لابن قتيبة، والفائق للزمخشري، وهو إمام في العربية، وإن كانت البدعة أثرت على بعض كتبه.

أيضاً ابن الأثير، كتاب النهاية كتاب جامع بين كتب من تقدم، كتب الغريب في الحقيقة كثيرة جداً، لكن هذه من أهمها لأبي عبيد، وابن قتيبة، والزمخشري، وابن الأثير، يعني من أراد أن يقتصر على كتاب واحد لضيق ذات اليد أو ضيق المكان أو ما أشبه ذلك (النهاية) لابن الأثير، ولها ملخص اسمه الدر (الدر النثير) للسيوطي.

طالب العلم أيضاً عليه أن يطلع على كتب الموضوعات وهي المكذوبة المختلقة على النبي عليه الصلاة والسلام لئلا يروج بعضها عليه، وكانت عناية المتقدمين بها فائقة، فالبخاري -رحمه الله تعالى- يحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح، فمعرفة مثل هذه الأمور لئلا يغتر بها الناس.

كتب الموضوعات مثل (الموضوعات) لابن الجوزي على تساهل في شرطه حيث أدخل بعض الأحاديث التي لا تصل إلى درجة الوضع، أحاديث ضعيفة كثيرة دخلت في الكتاب لا تصل إلى درجة الوضع، بل أحاديث حسنة، بل صحيحة؛ لكنها قليلة، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

وأكثر الجامع فيه إذ خرجْ

لمطلق الضعف عنى أبا الفرجْ

يعني ابن الجوزي.

(اللآلئ المصنوعة) مأخوذ من موضوعات ابن الجوزي وغيره، وهو أقرب منه إلى الدقة في الحكم على الحديث بالضعف (الأسرار المرفوعة) للملا علي القاري، (الفوائد المجموعة) للشوكاني، المقصود أن هذا الموضوع صنف فيه كثيراً، وعلى طالب العلم أن يعنى به.

ص: 8

أيضاً يعنى بكتب علوم الحديث، من أولها كتاب (المحدث الفاصل) للرامهرمزي، صحيح الكتاب لم يستوعب باعتباره من اللبنات الأولى في التأليف في هذا الفن، وطبيعي أن أول شخص يؤلف يحصل عنده نقص، ثم يكمل فيما بعد، (معرفة علوم الحديث) للحاكم، كتاب نفيس يعنى به طالب العلم، وإن قال الحافظ ابن حجر:"أنه لم يهذب ولم يرتب" قال في مقابل ذلك ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: "أنه أول من هذب هذا العلم ورتبه" ابن حجر يقول: "لم يهذب ولم يرتب" وابن خلدون يقول: "أول من هذب ورتب" هل في هذا تعارض؟ نعم، كيف تدفع مثل هذا التعارض؟ كلامهما صحيح يمكن تنزيله: لم يهذب ولم يرتب بالنسبة لمن جاء بعده، الذين جاءوا بعده أكثر ترتيب وتهذيب؛ لكن إذا نظرنا إليه بالنسبة لمن ألف في الفن قبله فهو أول من رتب وهذب، على كلام ابن خلدون، فلا تعارض.

من الكتب المهمة في الباب كتاب (الكفاية) للخطيب، وهو في قوانين الرواية، كتاب مفيد ونافع للأسانيد كالكتاب الذي تقدم.

والخطيب له في كل باب، وفي كل نوع من علوم الحديث منصف خاص، حتى قال ابن نقطة:"كل من أنصف عرف أن أهل الحديث عيال على كتب الخطيب" يعني من صنف في علوم الحديث لا بد أن يراجع كتب الخطيب، وإن ناله من ناله من بعض المتأخرين من أنه خلط هذا العلم، وأدخل فيه أصول الفقه، ومزج بينهما، وعلم أصول الفقه متأثر بعلم الكلام، كل هذا لا يحط بقيمة الكتاب، ولا بإمامة مؤلفه.

للخطيب بالمناسبة كتاب في غاية الأهمية لطالب العلم اسمه (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) كتاب يتعين لطالب العلم الاطلاع عليه، والتأدب بآداب أهل العلم، لما نرى من وجود شيء من الغلظة والجفوة بين طلاب العلم، لا أقول: هذا موجود بكثرة؛ لكنه موجود، غالب طلاب العلم -ولله الحمد- أخذوا العلم من أبوابه، وتحلوا بآدابه؛ لكن يوجد من طلاب العلم من ينصح بقراءة مثل هذا الكتاب، فإذا قرأنا مثل هذا الكتاب وقرأنا (جامع بيان العلم وفضله) لابن عبد البر، و (فضل علم السلف على الخلف) لابن رجب، وطالب العلم عليه أن يقرأ مقدمة الخطيب لكتاب (موضح أوهام الجمع والتفريق) ليعرف كيف يتعامل مع الكبار.

ص: 9

أيضاً: بعد الكفاية يقرأ (علوم الحديث) لابن الصلاح، هذا الكتاب الذي كتبه ابن الصلاح جمع فيه غالب مؤلفات الخطيب، واطلع على كتب من تقدم الرامهرمزي والحاكم وغيره من الكتب التي صنفت في هذا الباب، رتب الكتاب ترتيباً بديعاً، وإن كان يحتاج بعض الأبواب إلى تقديم وتأخير؛ لكنه جمع، فاشتغل الناس به، فكان قطب رحى دار حوله الناس، حتى قال الحافظ:"لا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارض له ومنتصر" فالكتاب اختصر مراراً، شرح مراراً، نظم مراراً، نعم نظمه كثير، وشرحه كثير، وعلق عليه، ونكتوا عليه، وأيضاً اختصروه، هناك اختصارات للنووي وابن كثير وغيرهم، هناك حواشي للحافظ العراقي والحافظ ابن حجر وبرهان الأبناسي والزركشي وغيره.

نظم، نظمه الخويي في ألف وخمسمائة بيت، ونظمه أيضاً الحافظ العراقي في ألفيته الشهيرة التي عني بها الناس، وشرحوها شروح كثيرة.

هناك أيضاً ألفية السيوطي، والمفاضلة بين الألفيتين يطول التصدي لها في مثل هذه الحلقة، وإلا السؤال عنها كثيراً، السؤال عن المفاضلة بين الألفيتين، وأقول بكلام موجز ومختصر: ألفية العراقي عندي أرجح من وجوه، والبسط لا يحتمله هذا المقام.

هناك أيضاً (توضيح الأفكار) للصنعاني، كتاب نفيس يحتاج إليه طالب العلم، وهناك أيضاً (نخبة الفكر) للحافظ ابن حجر، وشروحها كثيرة.

وأيضاً (تدريب الراوي) للسيوطي، كتاب جامع، جمع فيه كثير مما يحتاجه طالب العلم.

للمتأخرين، أيضاً مشاركة طيبة، مثل (توجيه النظر) للجزائري، و (قواعد التحديث) للقاسمي وغيره.

ص: 10

يحتاج أيضاً الطالب لكتب الرجال، كتب الرجال ككتب السؤالات، سؤالات الأئمة، وهذه معروفة عند أهل الحديث، يسألون عن أحاديث، يسألون عن رواة ويجيبون بكلام لا يستغني عنه طالب العلم؛ لأن هؤلاء العلماء هم العدة، وعليهم المعول في هذا الباب، فيحتاج الطالب كتب السؤالات، وكتب التورايخ، كتواريخ البخاري، وابن أبي خيثمة وغيرها، وتواريخ الإمام يحيى ابن معين، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، وطبقات ابن سعد، والثقات لابن حبان، والكنى للإمام مسلم، والكمال للحافظ عبد الغني، وما دار في فلكه، الكمال جمع رجال الكتب الستة فدار الناس في فلكه، فألف الحافظ المزي تهذيب الكمال، فأوفى على الغاية، وبلغ النهاية في هذا الكتاب بحيث ألغى الأصل، ألغى المرجع، تهذيب الكمال، ثم ذهبه الذهبي في تذهيب الكمال، والكاشف له أيضاً مختصر، وهناك أيضاً الخلاصة للتذهيب للخزرجي، وأيضاً الحافظ ابن حجر له مساهمة قوية في الباب، له تهذيب التهذيب، وله أيضاً التقريب، وله أيضاً كتب في هذا الباب يطول ذكرها.

من أهم كتب الرجال كتاب الكامل لابن عدي من أنفس ما يحتاجه طالب العلم في هذا الباب، وميزته أنه يذكر في ترجمة كل راوي ما يستغرب، وما ينكر من مروياته، وما يعل.

أيضا: الميزان للذهبي مخلص للكامل، وفيه إضافات الحافظ الذهبي، لسان الميزان ملخص من الميزان لابن حجر، وهناك الضعفاء للعقيلي.

أيضاً يحتاج الطالب تواريخ البلدان، قد لا يوجد ترجمة في كتب الرجال المعروفة، فيضطر أن يرجع إلى تواريخ البلدان، من أهمها تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، تاريخ دمشق لابن عساكر، تاريخ جرجان للسهمي، تاريخ أصفهان لأبي نعيم.

المقدم: تاريخ بغداد يعني تسميته عند أهل العلم بهذا الاسم أم له مسميات أخرى؟

هذا هو، وتاريخ الخطيب، وتاريخ ابن عساكر، وتاريخ بغداد معروف، على كل حال يحتاج إليها طالب العلم فقد يكون الراوي من أهل هذه البلاد ينتبه له صاحب التاريخ، ويغفل في كتب التراجم لقلة ما روى، مثلاً، لا يعنى به أهل العلم لندرة ما روى، قد يرد في شاهد، قد يرد في متابع، فلا يعنى به من يتصدى للتصنيف في كتب الرجال أصالة.

ص: 11

لكن كتب تواريخ البلدان، هو بصدد أن يترجم عن علماء هذه البلاد فينقب عنه.

المقدم: ويحكمون في كتب التواريخ؟

نعم، نعم يبين ماله وما عليه، نعم، هذه ميزته.

هناك كتب في الكنى والأنساب والألقاب، وكتب في المشتبه والضبط لا يستغني عنها طالب العلم، يطول المقام ببسطها، فعلنا نكتفي بهذا القدر فيما يتعلق بالحديث لضيق الوقت.

المقدم: لعلنا أيضاً نأخذ إذا تكرمتم يا شيخ ما يتعلق بكتب العقيدة على الأقل.

بالنسبة للعقيدة، وينبغي لطالب العلم العناية بها عناية فائقة؛ لأهمية العقيدة، العقيدة هي الأصل، والأصل أن اعتقاد المسلم مأخوذ من الكتاب والسنة، ولذا قدمنا الكلام على ما يتعلق بالكتاب والسنة، وإلا فالعقيدة، هي الأصل، وهي ما يعقد عليه القلب مما يجب لله عز وجل.

يبدأ الطالب بمختصرات شيخ الإسلام الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، مثل (الأصول الثلاثة، والقواعد الأربع، وكشف الشبهات، والتوحيد) وما كتب عليها من شروح، وما سجل عليها من دروس، فينبغي لطالب العلم أن يعنى بها، ويحضر الدروس التي تقام لشرحها، فيبدأ بالأصول الثلاثة والقواعد الأربع وكشف الشبهات، والتوحيد، شروح كتاب التوحيد لأهمية الموضوعات التي طرقها الشيخ -رحمه الله تعالى-، مثل تيسير العزيز الحميد، وفتح المجيد، وقرة عيون الموحدين، وإبطال التنديد، وشروح المشايخ المعاصرين، كالشيخ ابن باز وابن عثيمين والفوزان، وغيرهم، المقروءة والمسموعة، فطالب العلم عليه أن يعنى بها عناية فائقة.

أيضاً يعنى بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتب ابن القيم يعنى بالواسطية والحموية والتدمرية، وشرح الأصفهانية، وهذه من كتب شيخ الإسلام وعليها شروح وتعليقات وللعلماء بها عناية إقراءً وتدريساً وتقريراً، الواسطية شرحت شروح كثيرة، منها للشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد توفي رحمه الله، وكتابه من أنفس الشروح وأقدمها، أيضاً الشيخ زيد الفياض له شرح اسمه الروضة الندية شرح طيب، استقاه من كتب شيخ الإسلام وابن القيم.

ص: 12

الشيخ ابن عثيمين أيضاً له شرح للواسطية، والشيخ الفوزان، الشيوخ كلهم لهم شروح على الوسطية؛ لأهميتها المؤلف -رحمه الله تعالى- برع في تقديم عقيدة السلف في أبواب مهمة من أبواب العقيدة بأبسط عبارة وأيسر من نصوص الكتاب والسنة، وبين وسطية مذهب أهل السنة من بين سائر الفرق فيذكر الطرفين، طرفي النيقض ويخلص من هذين الطرفين إلى أن مذهب أهل السنة وسط بين هذين الطرفين.

المقدم: بعض الذين قاموا بتدريس هذه المادة وخصوصاً في جامعة الإمام والجامعة الإسلامية وجامعة أم القرى، يعني أخرجت عن مجموعة من الكتب هذه العقيدة، بعضها وضع على شكل سؤال وجواب تسهيل لفهم هذه العقيدة؟

معروف، شيخ ابن سلمان له سؤال وجواب وغيره هم يضعون أسئلة لطلابهم لكي يجيبون عليها من خلال الشرح، وهذه طريقة معروفة.

كتب شيخ الإسلام حقيقة الواسطية مهمة جداً، الحموية أيضاً، التدمرية، والقواعد التي ذكرها الشيخ -رحمه الله تعالى- لا يستغني عنها طالب العلم.

شرح الأصفهانية أيضاً من الكتب التي ينبغي أن يعنى بها طالب العلم، مجموع الفتاوى من الأول إلى التاسع مهمة بالنسبة لطالب العمل، أيضاً منهاج السنة كتاب مبسوط لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، رد فيه على الرافضة بأقوى عبارة للاستدلال بالكتاب والسنة، وبالنقول من كتبهم، وفيه من العلوم ما لا يعرف قدره إلا من قرأ الكتاب، وعندنا مدونات فوائد من هذا الكتاب في كل فن.

أيضاً لشيخ الإسلام (درء تعارض العقل والنقل) وله أيضاً (نقض التأسيس) وهذه من الأعاجيب، من أعاجيب المصنفات، تعارض العقل والنقل يقرر شيخ الإسلام في هذا الكتاب الكبير، كتاب كبير عشرة مجلدات يبين فيه ويقرر أنه لا يمكن أن يحصل التصادم بين العقل الصريح والنقل الصحيح.

يستشكل بعض الناس؛ لكن هذا سببه لوثة في عقله، وتأثر في فهمه، وخدم الكتاب، وحقق، طبعة محققة، منهاج السنة ودرء تعارض العقل والنقل حققها الشيخ محمد رشاد سالم بإشارة من الجامعة المباركة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

يقول الحافظ ابن القيم:

اقرأ كتاب العقل والنقل الذي

ما في الوجود له نظير ثانِ

ص: 13

لكن من ينبري لفهم جميع ما كتبه الشيخ -رحمه الله تعالى-، كذلك التأسيس ....

المقدم: يعني أنا أذكر في دراستنا يا شيخ أخذنا ما يقارب ستين صفحة من هذا الكتاب، هذه الستين الصفحة تعتبر فصل دراسي كامل بالنسبة لنا، ولم نستطيع حتى فك بعض رموزه.

لا في موضوعات صفحات بالمئات يطويها طالب العلم، أنا مر علي في منهاج السنة في الجزء الأول ثلاثمائة صفحة، أنا قرأتها؛ لكن لا أوصي طالب العلم بقراءتها، في الجزء السادس أيضاً كذلك، كثير صفحات يطويها طالب العلم، يصعب عليه فهمها، يعني شيء لا يتصور.

(نقض التأسيس في الرد على أساس التقديس) للرازي كتاب عظيم، كتاب عظيم جداً حقق في ثمان رسائل دكتوراه، يعني شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- وهو يكتب لا أتصور أن الكتاب أخذ عليه شهر، والكتاب حقق في أربعين سنة، يعني ثمان رسائل في خمس سنوات، أو قل أقل الأحوال أربع سنوات، يعني ما يقرب من أربعين سنة.

وكذلك التأسيس أصبح نقضه

أعجوبة للعالم الربانِ

من العجيب أنه بسلاحهم

أرداهم نحو الحضيض الداني

بسلاحهم، بمنطقهم وبعلمهم علم الكلام الذي جلبوه للأمة، نقضهم بكلامهم -رحمة الله عليه-، فكتب شيخ الإسلام لا يستغني عنها طالب العلم، وإن قال فيه من قال: نظراً لضعف إدراكه ونظراً للوثة في عقله ما قال عن شيخ الإسلام سواء كان شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، أو شيخ الإسلام ابن تيمية، ونرى ونسمع من يقدح في هذين الإمامين، والسنة الإلهية تقتضي هذا، أنه لا بد من حساد، ولا بد من أعداء، الذات الإلهي ما سلمت ((يؤذيني ابن آدم)) النبي عليه الصلاة والسلام تكلم فيه الناس.

هؤلاء يتكلم فيهم الناس من باب حسد، ومن باب العداء، وتقليد الشيوخ، ومن باب الاستئجار، بعض الأقلام مأجورة، فمثل هذا الكلام لا يلتفت إليه، وينبغي أن يتصدى له أهل السنة بكل ما أوتوا من قدرة.

أيضاً يتكلم فيهم الناس لما يريده الله -جل وعلا- من رفعة لمنازلهم، تجري عليهم أعمالهم وهم موتى، إضافة إلى ما دونوه في كتبهم، وانتفع به الناس منهم.

ص: 14

كتب ابن القيم أيضاً لا يستغني عنها طالب العلم (النونية) النونية لابن القيم كتاب نفيس فيه عقيدة السلف، حقق في أربع رسائل ماجستير في قسم العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود، أيضاً مدارج السالكين كتاب مفيد في أدواء القلوب، لا يسلم من ملاحظات يسيرة؛ لكنه كتاب نافع علق عليه الشيخ حامد الفقي، وشدد في العبارة أحياناً على ابن القيم بكلام لا ينبغي أن يقال بجنابه، المقصود أن ابن القيم ليس بمعصوم، وحاول -حفظه الله تعالى- أن يقرب الكتاب الأصل المشهور، ويدنيه لطلاب العلم، ويتكلم على ما فيه من ملاحظات، ولم يسلم -رحمة الله عليه- والكتاب نفيس فيه الأشياء التي تلاحظ على الكتاب مغمورة في بحار ما فيه من علم جم، وفيه أدوية القلوب المريضة.

أيضاً إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، أيضاً أبدع فيه ابن القيم، كتاب مبدع حقيقة، لا يستغني عنه طالب العلم، فينبغي لطالب العلم أن يعنى به.

بدائع الفوائد، أودع فيه ابن القيم الفوائد من كل فن، انتقى فيه من الفوائد من كل فن، وهو مطبوع في أربعة أجزاء.

الفوائد أيضاً لابن القيم فيه نفائس ولطائف واستنباطات، يعني يذهل الإنسان لما يقرأها فيما يستنبطه ابن القيم من النصوص -رحمة الله عليه-.

أيضاً إعلام الموقعين عن رب العالمين، وسواءً قلت: إعلام أو أعلام، الموقعون هم المفتون عن الله -جل وعلا-، فإن أردت إعلام الموقعين فابن القيم يعلم ويخبر الموقعين بما يجب عليهم من شروط للفتوى، وأيضاً من آداب، وإن قلت: أعلام فابن القيم ذكر أعلام المفتين من عصر الصحابة من النبي عليه الصلاة والسلام إلى وقته.

وكذلك زاد المعاد في هدي خير العباد، كتاب نفيس لا يستغني عنه طالب العلم ألفه الإمام ابن القيم في حال السفر، وليست له عدة.

هناك الكتب المسندة، القديمة، كتب العقيدة القديمة المعروفة، وسأتحدث عنها -إن شاء الله-.

المقدم: ائذن معي اتصال معي فضيلة الدكتور ناصر الحنيني عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين قسم العقيدة، فضيلة الدكتور سلام الله عليكم.

المتصل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أهلا ومرحباً بكم يا دكتور

المتصل: حياكم الله جميعاً

ص: 15

دكتور كان اتصالك الحقيقة ونحن نتحدث عن كتب العقيدة مع ضيفنا في الاستوديو فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم الخضير، قبل أن تتفضل بمداخلتك أنا أذكر أيضاً أن رسالتكم في الدكتوراه كانت عن التدوين في العقيدة، أو قريب من هذا؟

المتصل: نعم.

لكن عندنا الآن كتب العقيدة المسندة لكل المتقدمين: الرد على الجهمية، السنة للإمام أحمد، ابن أبي عاصم الخلال شرح اعتقاد أهل السنة، توحيد ابن خزيمة، الشريعة للآجري، الرد على بشر، والردود على المخالفين، يأتي في الحديث عنها، وإن أعفانا الشيخ ناصر وذكر شيء منها باعتباره متخصص في هذه الحقبة، فجزاه الله خيراً.

المقدم: إذاً تفضل يا دكتور، نترك لك المجال فيما شئت؟

المتصل: أولاً: بعد بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أولاً: أشكر فضيلة شيخنا الشيخ العلامة الدكتور عبد الكريم الخضير، وأسأل الله أن يجعل هذه الحلقات في ميزان حسناته، وأنا أيضاً أشكر فضيلة الأستاذ فهد السنيدي؛ وأيضاً أشكر إذاعة القرآن مثل هذه البرامج الجادة التي تفيد طلاب العلم، بل حتى عامة الناس يطلعون على تراث أمتهم، وبالحقيقة أقول: أن هذا البرنامج من أنجح البرامج، ما جلست مجلساً إلا ويثنى عليه، نسأل الله عز وجل أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

وأنا عندي اقتراح أن مثل هذا البرنامج يمدد، ولا نكون في عجلة من أمرنا؛ لأن طلاب العلم الآن يسجلوه ويتداولونه، وأصبح -ولله الحمد- هذا البرنامج مرجع لكل طلاب العلم، فأنا بودي -يعني الاقتراح- لو تمدد الحلقات، وتصبح حلقات دورية في كل الفنون والكتب، حتى نستفيد شيئاً كثيراً.

ص: 16

الأمر الثاني: أنا أود أن أنبه إلى قضية مهمة قبل أن أدخل في موضوع كتب العقيدة أن السلف رحمهم الله تركوا لنا تراثاً ضخماً جداً، لا يمكن أن يوازى بأي حضارة، وبأي تراث موجود على ظهر الأرض، ولا أدل مما نشاهده الآن في كل مكتبات العالم، مما تركوه لنا من مخطوطات، الذي أخرج الآن إنما هو نزر يسير، والسلف رحمهم الله تركوا لنا حضارة كبيرة مما يدل على اعتنائهم بالعلم، وأي أمة اعتنت بالعلم واهتمت بالعلم كما اهتم سلفنا، سوف تحوز السبق على غيرها من الحضارات.

الأمر الثالث: السلف رحمهم الله وهو له علاقة وثيقة بما سبق، وبما سوف يلحق الآن، وهو أنهم لما بدءوا يدونون السنة، دونوها تدويناً عاماً شاملاً، وبدءوا على هيئة الأسانيد، كما ذكر فضيلة الشيخ، لكن كان منطلقهم بذلك أمرين:

الأمر الأول: أن غرضهم الحفظ.

الأمر الثاني: كان اعتقادهم، وكان منهجهم أن هذا كله دين من عند الله عز وجل، لم يفرقوا بين عقائد ولا أحكام كله يأخذوه لله عز وجل دين يدين الله عز وجل به، متى ظهر هذا التفريق بين كتب العقائد والحديث وغيرها؟ لما ظهرت البدع، وبدءوا يصنفون اضطر السلف رحمهم الله، وكان هذا اضطراراً منهم، أن جعلوا أول مرحلة من مراحل التدوين، أن ألحقوا كتب في كتب السنة مثل الكتب الستة وغيرها أبواب، خصصوا أبواب، وأفردوا كتباً وأبواباً في الاعتقاد، والرد على المخالفين، وهذا الأمر الشيخ تكلم عليه في كتاب التوحيد للبخاري، والسنة لأبي داود، كتاب الإيمان في مسلم وفي البخاري وغيرها، ولا نريد أن نتكلم عنها.

ص: 17

بعد ذلك السلف رحمهم الله لما اشتدت قوة أهل البدع، وبدءوا يصنفون، وأهل البدع من المعتزلة خاصة أريد أن أشير إلى المعتزلة، أكثروا جداً من التصنيف، فالسلف رحمهم الله مما يدل على فقههم وذكائهم وفطنتهم ورسوخ علمهم لم يقفوا مكتوفوا الأيدي، بل إنهم واجهوا هذه الوسيلة الإعلامية الضخمة، وهي الكتاب بأن تفننوا في التأليف، فبدأوا بإفراد كتب الاعتقاد، وكان أمراً عجباً، فنجد أن السلف رحمهم الله صنفوا مصنفات شاملة في كل كتب الاعتقاد منها المختصر، الرسائل المختصرة مثل رسالة الإمام أحمد في الاعتقاد، مثل رسالة الإمام البخاري في الاعتقاد، مثل رسالة سفيان الثوري في الاعتقاد، وهذه كلها مودعة من أراد أن ينظر إليها في المجلد الأول من شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي، ثم بعد ذلك تطوروا فكبروا وتوسعوا وجعلوا هناك مصنفات شاملة بأحاديث مسندة واستدلالات وردود مثل كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، مثل كتاب السنة لابن أبي عاصم، وكان هذا كله في الحقبة الأولى، وهي القرون الثلاثة الأولى، وبهذه المناسبة، وأنتقل إلى النوع الثاني كتاب السنة لابن أبي عاصم هذا أعجوبة، وأنا لم أجد أحداً من الباحثين أشاد فيه، كتاب السنة لابن أبي عاصم أنا أستطيع أن أشبهه بكتاب البخاري، فقد بوبه على أبواب تفصيلية، وأودع فيه فقهاً واستنباطاً، وردود على أهل البدع شيء عجيب، بل إنه كان يودع أبواب مرسلة، مثل الإمام البخاري كان يقول: باب وليس له ترجمة، وقد حصرتها فوجدت أن فيها من الفوائد والاستنباطات شيء عظيم، كمثال مثلاً لما أورد الحديث المشهور عن ابن عباس لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم:((يا غلام إني أعلمك كلمات .. )) المشهور والمعروف في كتب السنة وغيرها أنه عن ابن عباس، وهذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس، الإمام ابن أبي عاصم أورد الحديث المشهور ولكنه عقد باب مرسلاً وقال: باب -مرسل-، ثم أورد فيه هذا الحديث ليس عن ابن عباس وإنما عن جعفر ابن أبي طالب، هذه فائدة، أراد أن ينبه أنها فائدة فأفرده لوحده.

ص: 18

كذلك كان الإمام رحمه الله ابن أبي عاصم إذا كان الحديث فيه كلام، وفي النفس منه شيء، أو يكون فيه ضعف شديد، كان يفرده بباب مستقل، في أخر الباب، وغيرها من الفرائد.

بعد ذلك انتقل السلف رحمهم الله وصنفوا في أبواب أو كتب عامة، كتاباً كبيراً من كتب الاعتقاد، مثل أن يؤلف كتاب الإيمان كتاباً مستقلاً، أو في كتاب مثلاً للأسماء والصفات، فظهر لنا مثل كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام، وكتاب الإيمان لابن أبي شيبة، وكتاب الإيمان لأبي عمر العدني، وغيره، ثم بعد ذلك زادوا وتفننوا، ثم أفردوا مصنفات في مسائل معينة ليس فيها أبواب، وإنما في مسألة مثل كتاب إثبات صفة العلو، هذا يعتبر متأخر، لابن قدام، لكن هناك مثلاً كتاب خلق أفعال العباد، هذه مسألة جزئية من أبواب القدر للبخاري، وهذا أيضاً كتاب أشيد به، كتاب عظيم؛ لأن فيه من فقه الاستنباط والردود على المخالفين، وكثرة الاستدلال ما لا يوجد في كتاب مثله، ثم بعد ذلك انتقلوا إلى الطريقة الذي بعدها وأنهم أفردوا كتباً في الرد على المخالفين، وأنا أريد أن أشيد بكتابين عظيمين لا يستغني عنهما طالب العلم: وهما كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وكتاب الرد على بشر المريسي للإمام الدارمي.

أما كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد هذا الكتاب العظيم وللأسف أقول: أنه لم يعتن به العناية الفائقة في إخراجه وتحقيقه.

هذا الكتاب شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله أثنى عليه ثناءً عاطراً في غالب كتبه.

المقدم: لأن الجامعات لا تقبل لو قدم -يا دكتور- عندكم يمكن أنتم ترفضونه بسبب وجوده مطبوع ومخدوم كما تقول بعض الجامعات، ولا يوجد نسخ أخرى للكتاب.

المتصل: الله المستعان، ولا أظن أن طالب العلم لو قدم دراسة وافية، ما أظنه الجامعة ترده؛ لكن بعض الطلاب قد يختصر دراسته، ما يأتي بدراسة وافية عن الكتاب، الكتاب أقول لكم: هذه من الأشياء الذي لا يدركها طالب العلم أن شيخ الإسلام شرحه شرحاً وافياً في أماكن متفرقة، فيأتي إلى لفظة من ألفاظ الإمام أحمد فيشرحها شرح مطولاً، لفظة واحدة، هذا الكتاب يعتبر مرجع كبير لأهل السنة.

ص: 19

الكتاب الثاني: وهو كتاب الرد على بشر المريسي للإمام الدارمي، أقول: هذا الكتاب هو مرجع لأهل السنة ويعتمدون عليه في القديم والحديث؛ لأن الإمام رحمه الله جاء إلى قواعد أهل البدع ومسكها قاعدة قاعدة، ورد عليهم رداً قوياً، واختار أقوى الأدلة، هو يعطيك الزبدة.

الأمر الثاني: كتاب بشر المريسي وهو. . . . . . . . . إلى يومنا هذا، فالكتاب هنا تدرك أهميته، وقد أثنى عليه ابن القيم، وشيخ الإسلام، وأشاد به إشادة كبيرة، وكثير من العلماء.

أخيراً: أنا أختم أقول: السلف رحمهم الله وهي دعوة صادقة لكل من يريد نيل الأجر من طلاب العلم ومن أصحاب الدور الذين يطبعون الكتب أقول: كتب السلف لم يعتن بها عناية فائقة، تحتاج إلى إعادة تحقيق، وإلى إخراج جيد، ونحن نشيد بالمشروع الذي خرج لمؤلفات شيخ الإسلام بن تيمية، وكان مشروعاً جيداً، وابن القيم، لكن أنا أقول: الأولى الآن أن تبرز كتب السلف في عصر الرواية في القرون الأولى التي لم تحف بعناية، وهي أهم وأولى.

المقدم: طيب دكتور أنت في رسالتك، أشرت إلى كتاب (الحيدة) حققت ما يدور حوله من تدوين هذا الكتاب أم لم تشير إليه في الرسالة، وأثبت أن الحيدة للكناني أم لم تثبت ذلك؟

المتصل: نعم، نعم كله، حتى كتاب الرد على الجهمية تكلموا عليه؛ لكن أنا أقول: الخلاصة الكتب ليست أحاديث.

المقدم: كان معنا الدكتور ناصر الحنيني عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين قسم العقيدة، تحدث عن التدوين في العقيدة هل لك من تعليق قبل أن نستمر في الحديث؟

ص: 20

أخونا الدكتور ناصر معروف بالعناية في كتب العقيدة، لا سيما الكتب المسندة، التي ألفت في الصدر الأول، وذكر بعضاً منها وأراحنا من بعض ما كنت أريد أن أقوله في الباب، ذكر منها كتاب السنة للإمام أحمد، وأبن أبي عاصم، وهناك كتاب السنة للخلال، وذكر أيضاً الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد، مع أنه يوجد من ينكر ثبوت هذا الكتاب للإمام؛ لكني أثبت أكثر من مائة نقل لشيخ الإسلام بن تيمية عن هذا الكتاب مع نسبته للإمام أحمد، وهو كتاب نافع وماتع، يفيد منه طالب العلم، وهو كتاب أصل في الباب، يرد فيه على شبه الجهمية ولزنادقة، كالرد على بشر المريسي وعثمان بن سعيد الدارمي، وكتب العقيدة لا شك أنها -المسندة للأئمة- هي الأصل في الباب، وإن عني المتأخرون بهذه المسائل، وأصلوها وقعدوها وضبطوها ورتبوها، مع حذف الأسانيد التي لا يحتاج إليها.

شرح اعتقاد أهل السنة لللاكائي أشار إليه الشيخ.

بقي كتاب التوحيد لابن خزيمة، وهو كتاب من أنفس الكتب، يذكر المسألة من كلامه بأسلوب واضح مفصل جميل على طريقة أهل السنة والجماعة، ثم يستدل لهذه المسألة مما صح عنده من السنة، إلا أن الملاحظ عليه التكرار، يستدل للمسألة الواحدة بأحاديث، ويذكر لكل حديث طرق، فلو اختصر هذا الكتاب، وقرب يعني بدل من أن يكون في مجلدين يمكن اختصاره في مائة صفحة، وقد عرضت هذا الاختصار على أخينا محقق الكتاب الدكتور عبد العزيز الشهوان، وهو لا يكلف شيئاً، يعني المسألة يأخذ كلام ابن خزيمة الإمام بحروفه يبقيه، ثم يستدل له بأقوى ما وجد في الباب، أقوى حديث في الباب، ويقتصر على طريق واحد، فتكون المسألة بدليلها، وأتصور أنه لن يعدو مائة صفحة بهذه الطريقة، والعمل هذا لا يكلف، لا يكلف طالب علم، فضلاً عن مثل الشيخ.

أيضاً الشريعة للآجري فيه كثير من مسائل الاعتقاد بالأسانيد، وهو كتاب ينبغي لطالب العلم العناية به، والكتب كثيرة جداً، والوقت لا يسمح لاستيعابها، والآن مع كتب الفقه والفتاوى:

ص: 21

أولاً: المتون يبدأ طالب العلم بالمتون الصغيرة على طريقة وعلى جادة أهل العلم، بآداب المشي إلى الصلاة مثلاً للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ثم عمدة الفقه للإمام الموفق بن قدامة، وهو كتاب نفيس، يتسم بالوضوح والاختصار، ولأهميته شرحه شيخ الإسلام بن تيمية شرحاً موسعاً، طبع بعضه، ثم بعد ذلك ينتقل الطالب إلى ما بعد ذلك، مما هو أوسع، وهو مخير بين أن يقرأ في دليل الطالب، وهو أوسع من العمدة وهو أيضاً كتاب واضح مرتب فيه جودة تصوير المسائل، شرحه التغلبي في كتاب أسماه (نيل المآرب) وهو شرح متوسط، فيه بيان العلل، علل الأحكام، وشرحه أيضاً الشيح إبراهيم بن ضويان، في كتاب أسماه (منار السبيل في شرح الدليل) وهذا الكتاب عنايته بالدليل، وخدم الكتاب بهذين الشرحين، وأيضاً الكتاب له شروح مسموعة لجمع من أهل العلم، ومنار السبيل أيضاً صار له حضوة عند أهل العلم بالشرح والتقرير، فخرج أحاديثه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في إرواء الغليل، وكمله معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز، وأيضاً أخونا الشيخ عبد العزيز الطريفي له أيضاً تكميل لإرواء الغليل في الآثار التي لم يقف عليها الشيخ ناصر رحمه الله، هذا الكتاب المخدوم بهذه الطريقة خرجت الأحاديث وعلق عليه، بهذه الطريقة انتشر الكتاب عند أهل هذه البلاد، وإن كان في وقت مضى وقبل خدمته هذه الخدمة المتكاملة هو شهرته عند حنابلة الشام، الدليل شهرته عند حنابلة الشام، بينما الحنابلة في هذه البلاد يعنون بكتاب (الزاد) زاد المستقنع، وهو مختصر من المقنع لشرف الدين الحجاوي، وهو أمتن متون الفقه الحنبلي، وأجمعها مسائل على اختصاره، وصغر حجمه، اختصاره الشديد، عني به أهل العلم قراءة وإقراءً وشرحاً ودرساً، له شروح، وله أيضاً أشرطة كثيرة سجل فيها لكثير من أهل العلم فيه البلاد، فلهم عناية بهذا الكتاب عناية فائقة.

ص: 22

شرحه الشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي في كتابه (الروض المربع) وهذا الكتاب من أشهر الكتب التي تقرأ في هذه البلاد، وعلى هذا الشرح حواشي الشيخ عبد الله أبو بطين، حاشية مطبوعة، وللشيخ عبد الله العنقري كذلك حاشية مطبوعة، وللشيخ عبد الرحمن بن قاسم أيضاً حاشية، اكتسحت الحواشي السابقة، فأدخلت فوائدها وزبدتها فيها، طبعت في سبعة مجلدات بعناية الشيخ عبد الله بن جبرين، الزاد عليه تعليقات منها (الكلمات السداد) للشيخ فيصل بن مبارك، والشيخ محمد بن عبد الله الحسين، له حاشية وتعليقات على الزاد طبعها مع كتاب له سماه (الزوائد) جرد فيه زوائد الإقناع عن الزاد، وكتب عليه الحاشية، وطبع الأربعة، الزوائد بحاشيته، والزاد بحاشيته، طبع في مجلد كبير باسم الزوائد.

والشيخ صالح البليهي أيضاً له حاشية نفيسة مهمة في الباب اسمها (السلسبيل في معرفة الدليل) عني الشيخ بالدليل -رحمه الله تعالى- عناية فائقة، وأيضاً عني ببيان حكمة التشريع وبيان محاسن الشريعة، وضرر العمل بالقوانين الوضعية، وحلاه باختيارات شيخ الإسلام وابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأئمة الدعوة، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ ابن باز أيضاً ذكر بعض اختياراته أيضاً، أيضاً ذكر بعض اختيارات -وإن كانت قليلة- شيخه الشيخ صالح الخريصي، هذا شيخنا قرأنا عليه قديماً، وهو شيخ للشيخ البليهي رحمه الله.

ص: 23

إضافة على ذكر أقوال الأئمة الأربعة والظاهرية وغيرهم، فالكتاب كتاب أقرب ما يكون استدلال للزاد، وأيضاً بيان لمذاهب الأئمة الذين وافقوا المذهب وخالفوه، وكوننا ننصح طالب العلم بقراءة هذه الكتب المختصرة والعناية بها لا يعني أننا نظنها كتب معصومة من الخطأ، إذا ضربنا على سبيل المثال الزاد الذي بين أيدينا فيه اثنتان وثلاثين مسألة خالف فيها المذهب، وخالف القول الراجح في مسائل، يعني لا يعني هذا أننا نجعل طالب العلم مربوط بهذه الكتب يعمل بها، نحن لا نقول: أن من حفظ الزاد أو فهم الزاد صار حكماً على العباد، كما يقوله بعض المغرضين الذين يروجون للتهويش عن كتب الفقه؛ لأنه ظهرت دعوة تتضمن التهوين من الفقهاء وكتب الفقه، والأخذ مباشرة من الكتاب والسنة، نقول: الأصل الكتاب والسنة، ونحن نتدين بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام؛ لكن هذه الكتب المختصرة يتخرج عليها طالب العلم بمعنى أنه يجعلها عناصر أو خطة بحث، يأتي إلى هذا الكتاب ويأخذ مسائلة، هذه المسألة الأولى في هذا الكتاب، يصور المسألة ويتصور المسألة تصوير دقيق من خلال ما فهمه من قراءة على شيخ، أو نظراً في شرح، أو حاشية أو سماع أشرطة، المقصود أن يتصور هذه المسألة تصوراً دقيقاً، ثم بعد ذلك يستدل لصاحب الكتاب على هذه المسألة، ثم بعد ذلك ينظر من وافق من الأئمة صاحب الكتاب في هذه المسألة، ثم بعد ذلك ينظر من خالف، وينظر في دليله، ويوازن إذا تأهل للموازنة، ويرجح إذا صار أهلاً للترجيح، وبهذا يخرج عالم، لا أقول: طالب علم، إذا أمكن قراءة كتاب كامل بهذه الطريقة، وقد تأهل لذلك بالإخلاص التام لله عز وجل وقصد بتعلمه نفع النفس أولاً، وأن يعبد الله -جل وعلا- على مراده، وأن ينفع الآخرين، بهذه النية الصالحة، وجاء مع الجادة، وسلك الطريق الذي ذكرناه، ومع ذلكم احترم أهل العلم، وأدى ما يجب عليه تجاه النصوص من احترام، وجعلها هي النبراس الذي يستضاء به، ومع ذلك جبل وفطر على حافظة قوية تسعفه عند الحاجة، وفهم يسعفه ليتصور المسائل.

ص: 24

فالمقصود أن التفقه بهذه الطريقة يعين طالب العلم، وييسر له الطريق، ولا يعني أننا ندعو إلى التقليد، لا، نحن ندعو إلى الاتباع، والأصل هو الدليل؛ لكن الطالب في بداية الأمر كيف يقال له: تفقه من الكتاب والسنة؟ إذا أرد أن يتفقه في باب الصلاة مثلاً وأراد أن يعمل بما في كتاب الله -جل وعلا- مما يتعلق بالصلاة، كيف يعمل في الصلاة؟ فيه الأمر بالصلاة {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} [(43) سورة البقرة] لكن ليس فيها تفصيل، تفصيل الصلاة في السنة، كيف يأخذ أحكام الصلاة من كتب السنة؟ إذا بدأ بالبخاري يفنى عمره ويأخذ عليه وقت طويل، ولا يعرف كيف يصلي لماذا؟

لأن في صحيح مسلم أحكام زائدة على ما في صحيح البخاري، مما يتعلق بالصلاة، في سنن أبي داود، ومتى يصل إلى سنن أبي داوود؟ في سنن الترمذي في مسند أحمد في البيهقي في كذا، أحاديث كثيرة، فهو يتفقه بهذه الطريقة، ويرجع للاستدلال لهذه المسائل، فهي بمثابة خطوط يمشي عليها، خطة يمشي عليها، فإذا تفقه بهذه الطريقة مع أن الأصل لا يختلف أحد في أن الأصل الكتاب والسنة، يعني لو قلنا لطالب العلم: تفقه من الكتاب والسنة، ثم قرأ في صحيح مسلم باب الأمر بقتل الكلاب، وهذه واقعة، خرج بالمسدس فما رآه من كلب قتله، الدرس الذي يليه في باب نسخ الأمر بقتل الكلاب، ماذا يصنع؟

المقدم: يرجع يعتذر للكلاب.

نعم، بينما الفقهاء يجعلون المسألة في سطر فيما يتعلق بهذه المسألة، وأدلتها يبحث عنها في الكتب، المقصود أن مثل ما ذكرت، ورددت مراراً، وفي مناسبات أن كتب الفقه ليست دساتير لا يحاد عنها، لا، هي مجرد خطط بحث، وعناصر يسير عليها طالب العلم، وبهذا أدرك من أدرك.

نعم وجد متعصبة للمذاهب، يوجد متعصبون يرون أن قول المؤلف ملزم لا يجوز الخروج عنه، وجد في سائر المذاهب متعصبة؛ لكن هذا التعصب مذموم، وجد من يقول: لا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة، ولو خالفت الكتاب والسنة وقول الصحابي، يقول هذا الكلام، وجد من يقول هذا الكلام، وبالمقابل وجد من يحرم النظر في هذه الكتب.

ص: 25

ودين الله وسط بين الغالي والجافي، فالمسألة خير الأمور أوساطها، فنستفيد من هذه الكتب، وألفها أئمة علماء أهل علم وعمل؛ لكنها ليست دساتير ملزمة، وإنما هي بيان، تبين لنا الطريق.

الزاد نظم من قبل الشيخ ابن عتيق والشيخ سليمان بن عطية، الشيخ سليمان بن عطية نظم الزاد بأرجوزة ماتعة.

هناك مختصرات كثيرة: مثل مختصر الخرقي، وعني به الناس عانية كبيرة منذ القدم، وأخصر المختصرات وله شروح، وكافي للمبتدئ، وأيضاً التسهيل، هناك مختصرات كثيرة؛ لكن ما صدرنا به الكلام هي أهم هذه المختصرات.

المقدم: نأخذ اتصال من الشيخ عبد الكريم التويجري.

شيخ عبد الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المتصل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أولاً: نشكرك على اتصالك؛ لكن الحقيقة وقت الأذان يداهمنا، وبودنا أن تكون مشاركتك ومداخلتك في لنا في فن الفقه، تفضل يا شيخ.

المتصل: عفواً: أنا إن كان لي من مداخلة أريد أن أتكلم في الحقيقة في جانبين:

الجانب الأول: بعد بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

بما أن هذه الحلقات كلها حول مكتبة طالب العلم، وكيف يبنيها، وقد أجاد الشيخ وأفاد -جزاه الله خيراً-، في هذا الجانب، حقيقة من الملاحظ أن كثيراً من المنتسبين للعلم الحريصين على متابعة جديد المكتبات كثير منهم ينحصر همه في مجرد اقتناء الكتاب لذات الاقتناء، فيكون آخر عهده بالكتاب حين ينظمه في أدراج مكتبته، ثم لا يكلف نفسه معرفة شيء عن هذا الكتاب.

وأظن الحقيقة أن هذا من الخلل في منهجية الطلب، فاقل ما يترتب عليه أن الكتاب قد يوضع في غير محله وربما أيضاً لم يستفد منه في مواضع لا يكاد يستغنى عنه فيها، بل ربما لا توجد في غير هذا الكتاب، ونحن نتوجه لفضيلة الشيخ عبد الكريم بأن يجدر هنا بطالب العلم أن يهتم عند اقتنائه للكتاب بمعرفة أولاً موضوع الكتاب ومسائله التي تضمنها، ويكون ذلك بالنظر في مقدمة الكتاب، والفهارس الذي وضعها المؤلف، أو جعلها المحقق، وإن قدر له قراءة شيء من مسائل الكتاب وفصوله فذلك غاية المرام، هذه مسألة.

ص: 26

والجانب الآخر هناك ملحوظة، وقد وردت في ثنايا كلام الدكتور ناصر في مداخلته، وأيضاً في كلام الشيخ عبد الكريم، وهي أن هناك كثير من كتب السلف من متقدمي السلف لهم كتب هي أصول معتمدة عند من جاء بعدهم، كالرد على الجهمية للإمام أحمد، والحيدة لعبد العزيز الكناني وغيره، ومتقدمو علماء الأمة ينقلون عن هذه الكتب، ويعتمدونها مطمئنين إلى صحة نسبتها إلى أصحابها، ولا يشكون فيها؛ لكن نبتت نابتة في أعقاب الزمن أصبحت تزرع لواء التشكيك في هذه الكتب، وفي نسبتها إلى أصحابها مما لا يخفى على الجميع أنه ينعكس سلباً على قيمة هذه الكتب، ومدى الثقة العلمية بها، فحقيقة نريد من الشيخ عبد الكريم توجيه

المقدم: ليش يا شيخ تنعكس لماذا لا نقول: أنه ربما يكون فيه فتح مجال أيضاً للتحقيق والبحث يعني الحيدة ليست نابتة متأخرة، كتاب الحيدة بعض المتقدمين من العلماء أشار إلى التشكيك فيه هل فيه ما يضير؟

المتصل: عفواً، لا شك البحث شيء والتشكيك شيء آخر.

المقدم: يعني أنا أقصد أنه ليست القضية كل من شكك بنسبة كتاب أننا نقول: القضية خطيرة، الحيدة مثلاً شكك فيها بعض الأئمة القدامى

المتصل: نعم الأمر لا يخلو من حالين: إما حال نظر في واقع الكتاب للتثبت منه، فهذا أمر.

المقدم: نعم هذا هو المراد.

المتصل: ولعل فضيلة الشيخ يتحفنا في هذا الجانب، ومعلوم أن هناك شيء علم بالاستفاضة، فهناك شيء لا يحتاج إلى الإسناد المتصل.

المقدم: طيب على كل حال نحن نشكرك، شكراً لفضيلة الشيخ، شكراً للشيخ عبد الكريم.

جزى الله عنا فضيلة الشيخ عبد الكريم خير الجزاء على التنبيه الطيب.

ص: 27

أما بالنسبة لإفادة طالب العلم من كتبه الذي يقتنيها، فهذه من إفرازات كثرة التصانيف والطباعة، والكتب التي تزف بها المطابع بكثرة بالمئات، بل بالألوف، تجعل طالب العلم لا يتمكن من التصفح، بعض الكتب لا سيما المكثر من الجمع؛ لكن الفائدة من الكتب هي المطالعة، وإلا مجرد جمع الكتب ليس بمزية، يوجد من غير المسلمين من يجمع من كتب المسلمين أضعاف ما عند المسلمين، يعني أن جمع الكتب بحد ذاته لا يعدو أن يكون هواية من الهوايات، وهذا سبق أن تحدثنا عنه، وسبق أيضاً أن تحدثنا عن كيفية الإفادة من هذه الكتب، أدركنا شيوخنا مكتباتهم كلها مقروءة، ومعلق على كتبهم، ويأتي الآن تركات عند بعض العلماء، لا يخلو كتاب، بل لا تخلو صفحة من تعليقات.

المقدم: أنا رأيت عندك بعض الكتب يا شيخ عليها تعليقات لأصحابها من العلماء القدامى ..

ما في شك.

المقدم: مما يدل على أنهم في كل صفحة يعلقون.

كيف نسميه عالم، وهو ما قرأ، لا بد أن يقرأ.

المقدم: فمثل هذه التعليق على الكتب وأخرجوا كتب.

كتب، حواشي، حواشي تفسير البيضاوي أكثر من مائة وعشرين حاشية كلها تعليقات على تفسير البيضاوي وهذه حواشي، كل الكتب كلها، تعليقات الشيخ بابطين على الروض تعليقات .... هذه حواشي أفرزها القراءة، وشيوخنا الذين أدركناهم لا يخلو كتاب، بل لا تكاد تخلو صفحة من تعليق، من لمسة من هذا العالم.

المقدم: الاختيارات الفقهية لابن تيمية رحمه الله الذي أخرج الكتاب يعني حققه متأخر ويكمن عليه بعض الملاحظات؛ لكن أفاد من تعليقات وتهميشات الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله الموجودة على نفس كتاب الشيخ.

ص: 28

معروف، المقصود أن الإفادة من الكتب هي الغاية من الاقتناء، وسبق أنا أشرنا أن كثرة التصانيف مشغلة عن التحصيل في كلام ابن خلدون، وأفضنا في هذا، أما بالنسبة للتشكيك في الكتب فبعض الناس لا أقول: من سوء قصد، لا، قد يكون من حسن قصد، يشكك في الكتاب الذي لا يطمئن إلى إسناده الذي وصله فيه، فيبحث عن إسناد الحيدة ما يجده، إلا في طريقه فلان أو علان؛ لكن إذا نظرنا في واقع الكتاب وأنه على الجادة، على معتقد أهل السنة والجماعة لا يضرنا أن نشكك فيه، يهمنا العلم، نعم إن ثبتت نسبته إلى هذا العالم فبها ونعمت، فإذا لم تثبت فالعلم بحد ذاته مطلوب

المقدم: لكن ما أشار إليه الشيخ

كما أخبر الشيخ بلفظ: نبت نابتة تشكك، حقيقة أننا بهذا

الحافظ الذهبي رحمه الله أسهم في هذا الباب، شكك في بعض الكتب؛ لكن لا يعني أننا نقلد الذهبي في هذا أولاً: الأنساب تكفي فيها الاستفاضة، ونسبة الكتب مثل الأنساب.

المقدم: الحيدة فيها مواضع يا شيخ لا يمكن أن يقول بها الكناني، وهو من علماء السلف؟

أنا أقول: النظر ينبغي أن يكون في واقع الكتاب قبل البحث في سنده، إذا نظرنا أن الكتاب متماثل وماشي وليس عليه ملاحظات، وإلا إذا وجد فيه ملاحظات تختلف عما يعتقده المؤلف نطعن فيه من هذه الحيثية، والطعن في المتن معروف عند أهل الحديث، أعظم من الطعن في السند.

المقدم: يعني مثل كتاب الحيدة -مادام أشار إليه- لماذا لا نقول: أن أصل المناظرة ثابتة عن الإمام الكناني؛ لكن تأليف الكتاب

نعم تدوين هذه المناظرة ممن صحبه.

المقدم: نعم من ناس حضروا، وبعضهم نقل، وبعضهم كتب، وأسهم وأدخل في الكتاب أخطاء كثيرة، فبالتالي نحن لا نصل إلى هذه الدرجة من أن كل تشكيك في الكتاب يمكن أن يصل إلى هذا الحد الذي ذكره الشيخ.

ص: 29

أما بالنسبة لوضع الكتب فهو موجود وانتحال الكتب موجود؛ لكن كتب الأئمة -ولله الحمد- محفوظة بحفظ الدين، تبعاً لحفظ الدين، ويكفينا أن يستفيض أن هذا الكتاب للإمام أحمد، وماشي وجاري على قواعد الإمام أحمد، ثم بعد ذلك هل نبحث عن سنده. ما يلزم، إلا على قول من يقول -وهو ابن الخير الأشبيلي- وقوله منقوض عند أهل العلم، من أنه لا يجوز لك أن تنتقل، ولا تحتج، ولا تستفيد، ولا تروي من كتاب ليست لك به رواية.

قلت: ولأبن خير امتناعُ

جزمٍ سوى مرويه إجماعُ

هو نقل الإجماع على ذلك، ونقل ابن برهان الإجماع على خلافه.

فينبغي أن نعرف أن هذا الكتاب استفاض عند أهل العلم الموثوقين، ونقلوا منه، ونسبوه إلى مؤلفه يكفي، مثل (الرد على الجهمية والزنادقة) للإمام أحمد، وهناك كتب كثيرة في الفقه، طبقة ثانية بعد المختصرات والمطولات، وكتب الفتاوى القديمة والمعاصرة، نأتي إلى سردها.

المقدم: أشكر لكم فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين، وأشكر لجميع الأخوة الذين بعثوا بمشاركاتهم عبر الفاكس والاتصالات التي لم نتمكن من الرد على بعضها، واعتذارنا من بعض الأخوة نظراً لضيق الوقت؛ ولأن الجميع يريد أن يساهم في هذا الموضوع لأهميته؛ لكن لعل الله أن ييسر لقاءات أخرى نستكمل فيها الحوار، مع فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم الخضير.

أشكر لكم أنتم مستمعي الكرام طيب المتابعة وأعتذر للأخوة الذين اعتذرنا عن استقبال مكلماتهم نظراً لضيق الوقت وللرغبة في تغطية أكبر عدد من المعلومات.

ألقاكم بإذن الله تعالى في حلقة قادمة معكم على الهواء محدثكم فهد بن عبد العزيز السنيدي.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ص: 30