الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سلسلة: كيف يبني طالب العلم مكتبته؟
الحلقة: (4)
تابع لكتب الفقه والفتاوى - كتب أصول الفقه
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.
نحن نتحدث عن مكتبة طالب العلم وعن الوصايا التي سيقدمها صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير لطلبة العلم فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور.
حياكم الله وبارك فيكم.
بعض دروس المشايخ خارج هذه البلاد سلسلة في فقه البيوع من كتاب بداية المجتهد، أو سلسلة الطهارة من كتاب المغني، يقول: لماذا لا تجعلوا مثل هذه السلسلة ضمن برامجكم، وفي البرامج الدعوية التي تقومون بها فضيلة الدكتور.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الجادة المعروفة عند أهل العلم أن المطولات لا تشرح للطلاب، أن المطولات لا تشرح لطلاب العلم، وإنما تشرح المتون، وعليها يتربى طلاب العلم، لا سيما المتون المتينة، فيقتصر من كل فن على متن للمبتدئين وآخر للمتوسطين، وثالث للمنتهين، بحيث يتأهل الطالب إذا أتم عرض هذه الكتب على الشيوخ، وسمع شرحها، أن يتولى فهم الكتب مما وراءها من الكتب المطولة بنفسه، ويربى على المتون، ثم بعد ذلك يقرأ إن كان في وقت الشيخ فسحة ومدة، لا سيما وقد كان الشيوخ يجلسون للطلاب خاصة الأوقات، ويخصصون لهذه الأوقات وقت لجرد المطولات، فمثلاً بعد صلاة الظهر إحنا أدركنا بعض شيوخنا على هذا، يقرأ فيه مثلاً من كتاب المغني، كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير، تفسير الطبري، دروس يومية، بهذه الطريقة تنتهي هذه الكتب، والتعليق عليها يكون سهل جداً.
أما الشرح والتفهيم للطلاب للمتون، وكل طالب أو كل فئة من المتعلمين يعطى ما يحتمله عقله، فالمبتدئ يعطى من الشرح والتوضيح لبيان هذا المتن الذي هو بصدده متن المبتدئين بقدر ما يحل له ألفاظ هذا المتن، ثم بعد ذلك الطبقة الثانية، طبقة المتوسطين يبسط لهم شيء من الاستدلال، وشيء من التحليل لهذه المسائل، ثم الطبقة الثالثة يشار إلى شيء من الخلاف مع الترجيح.
المقدم: يعني ربما أدركتم شيخكم الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وهو يتبع هذه الطريقة في مسألة قراءة الكتب الطويلة والتعليق عليها تعليقاً يسيراً؟
هذه جادة معروفة عند أهل العلم قاطبة، الشيخ مع كثرة مشاغلة دروسه محدودة، يعني ستة أو سبعة في الأسبوع، ستة في الأسبوع، بينما أدركنا من له في الأسبوع من الدروس عشرين درساً، وكان النووي رحمه الله يحضر في اليوم الواحد اثنا عشر درساً في اليوم الواحد، يعني كان الناس متفرغين للعلم، ولا شك أن العلماء مشغولون بما هم بصدده من تسيير أمور العامة كل في موقعه في قضائه في إفتائه في تعليمه، المقصود أنهم يعطون بقدر ما عندهم من وقت.
أما العلماء فكانوا في السابق القاضي وهو يقضي بين الخصوم والكتاب يقرأ في المسجد، ويقضي بين الخصوم في المسجد، أما الحياة الرتيبة التي يعيشها الناس اليوم، لا شك أنها تقضي على كثير من الأوقات، يعني الذهاب والإياب والأمور الروتونية التي تتطلبها حاجة الناس اليوم ليست عارية من الفائدة، بل هي تلبي حاجات الناس اليوم، وظروف الناس اليوم تختلف عن ظروفهم في السابق.
المقدم: شيخنا أيضاً استمراراً لسؤال الأخ يتحدث عن التصنيف الموجود عند أهل العلم، يطلب أن يكون هذا التصنيف موجود في الشروحات التي تقومون بها فمثلاً يقول: عرض التقسيم للدورات العلمية التي تقيمونها بحيث تتفقون مع أصحاب التسجيلات أن يكون هناك حقائب مثلاً هذه دورة علمية للمبتدئين للمتوسطين، لطلبة العلم المتقدمين، يقول: أحياناً نأتي ولا ندري ما هي الطريقة التي سلكتموها في هذه الدورة، هل تناسبنا أم لا تناسب؟
هذا الطالب يمكن أن يوجه على القائمين على ترتيب الدورات، والوزارة ممثلة بمعالي الشيخ صالح بن عبد العزيز هو من يهتم بهذا أشد الاهتمام، وهو من أهل العلم، ومن يدرك ضرورة هذا التقسيم، فالمطلوب منه أن يخصص لجنة تشرف على هذه الدورات، وعلى تصنيفها، وترتب هذه الدورات، وتفي بحاجة الطلاب بكافة مستوياتهم على اختلاف مستوياتهم، والشيخ له عناية بهذا الأمر وأعرفه من القدم.
المقدم: لكن أنتم في دوراتكم يا شيخ لو سألناك نقول: عندك دورة للمبتدئين تستطيع أن تقول لنا: نعم موجودة واسمها كذا، ودورة للمتوسطين كذا، صنفت هذا يا شيخ؟
لا لم أصنف هذا، ولو قلت: أني أحسن التعامل مع المبتدئين لكنت بعيداً عن الحقيقة، وقد أشرح كتاباً للمبتدئين كالورقات أو الأجرومية مثلاً، وأجعله للمنتهين، وأخاطب بشرحي المنتهين، والشيوخ لا شك أنهم قدرات، كل يحسن ما لا يحسنه غيره، وأذكر على سبيل المثال الأربعين النووية شرحت بدورة تناسب المبتدئين الأربعين في أربعة أيام، وأقمت دورة في الأربعين شرحته في ستة دروس، كل درس في ساعتين ونصف شرحت ستة أحاديث، ولو أنا أتابع شرح الأربعين من خلال محاضرات كل حديث يأخذ ساعة ونصف ساعتين، فالإشكال أني مبتلاً بالاستطراد، ومع الأسف أني أجد من يشجعني على هذا من الطلاب.
المقدم: لأن هذا الفن له مرتادين ومحبين؟
بلا شك.
المقدم: فضيلة الدكتور أيضاً هل كل كتاب يحتاج للسؤال يسأل طالب العلم عن طبعاته المفضلة، أم أن هذا خاص بكتب العلماء المتقدمين فقط؟
هو إن أمكن أن يسأل عن كل كتاب، وأن يجد من يجيبه عن كل كتاب كان أفضل لئلا يدخل في مكتبته طبعة مفضولة مع وجود ما هو أفضل منها، ولا يقرأ طبعة مفضولة كتاباً من خلال طبعة مفضولة، مع وجود ما هو أفضل منها، فإذا أمكن ذلك وإلا يقتصر على قدر ما يمكنه بدءً بالأهم فالمهم.
المقدم: في قول كثير من المحققين هذه مقابلة على نسخة كذا، وهذه على نسخة كذا، يقول: ذكر أن بعض النسخ يقول: صحيحة، هل قولهم أنها مقابلة على نسخة صحيحة يكون بمثابة النسخة الأصلية؟
هذا الذي يحدده جودة المحقق، فإن كان المحقق يستطيع أن يوازن بين الطبعات السابقة، ويفاضل بينها وبين النسخ المخطوطة، ويعتمد على أصحها كان كلامه دقيقاً، وإلا فكم من محقق قال: طبع على أصح الطبعات أو قوبل على أفضل النسخ، أو ضبط وتحقيق فيظهر الأمر خلاف ذلك، ونجد في مرجوحه مما يضعه في الحاشية، ما هو الراجح، وهذا كثير، على سبيل المثال يوجد من كبار من يشار إليهم بالبنان من المحققين تجده يضع في الحاشية "في الأصل كذا، والذي أثبتته هو الصحيح" والأصل هو الصحيح، وهذا مر بنا ومر بغيرنا، على كل حال هذه أمور نسبية، والعصمة من الخطأ لا تتصور من أي شخص كان.
المقدم: هل يمكن أن يقول: أنا أعرف هذا من خلال تعامل الحاسوب أعرف أن هذا القرص اعتمد على نسخة أصلية، وبالتالي أطمئن، يمكن هذا يا دكتور؟
هذه المعرفة وهذه الخبرة وهذه الدراية كغيرها من العلوم، قد تدرك دراية فلان بالاستفاضة، استفاض بين الأوساط العلمية، وبين العلماء، وبين طلاب العلم أن هذا محقق مجود، وهذا درجته أقل، وهذا لا يحسن التحقيق، يعني كغيرها من العلوم، بالاستفاضة يعرف هذا.
المقدم: لكن بالنسبة للأقراص -يا شيخ- في الحاسب الآلي، يقول: الآن بعض الحاسب يقول: رجعنا إلى الكتاب الفلاني، هل يقول: أطمئن للحاسب لرجوعه إلى نسخة معينة؟
الغالب أن من يتعامل مع الحاسب، درجته في التحصيل أقل من أهل العلم الذين لديهم الخبرة الكافية، درجته أقل؛ لكنهم في الآونة الأخيرة أخذوا يستشيرون ويسألون عن الطبعات، ويتصلون باستمرار، ما أفضل طبعة لتفسير ابن كثير؟ ما أفضل طبعة لفتح الباري؟ ما أفضل طبعة لكتاب المغني؟ وهكذا، فبهذا يثق الناس إلى حد ما بمن يستشير، أما من لا يستشير فالغالب أن من يحسن الصنائع هذه، والتقنيات في الغالب أنه مقصر في الجانب الآخر؛ لأن الجمع بين كل شيء لا يمكن.
المقدم: يسأل -أحسن الله إليك- عن طبعة مقابلة على النسخة السلطانية لصحيح البخاري بعناية أبي صهيب الكرمي، يسأل عن مدى صحة التعامل معها؟
الآن صحيح البخاري الطبعة السلطانية التي صححها بعضة عشر من علماء الأزهر، الطبعة السلطانية الأولى سنة 1311هـ، صورت، واعتني بها عناية فائقة بالترقيم بالأطراف بالتخريج بالإحالة على الشروح، وبالإحالة على تغليق التغليق، فلا نظير لها البتة، فنصيحتي أن يقتنيها طالب العلم، ويعنى بها، أما الطبعات التي أخذت عنها، بقدر ثقة المحقق تتمثل هذه المقابلة؛ لكن يبقى أن المحقق الذي يأخذ عن نسخة صحيحة والنسخة الصحيحة موجودة ما الداعي إلى أن نأخذ من الفرع مع وجود الأصل، الأصل موجود، والخطأ لا بد أن يقع مهما بذل الإنسان من جهد، الخطأ لا بد أن يقع، فكون الأصل موجود، ولذا أهل العلم يطلبون العلو في الروايات؛ لأنه كلما كثرت الوسائط زاد احتمال الخطأ.
المقدم: يسأل عن مجموعة من الكتب إن أذنتم لنا فضيلة الدكتور نأخذها بسرعة حتى ندخل في موضوعنا
يسأل عن أفضل طبعة لفتاوى شيخ الإسلام بن تيمية؟
أفضل طبعة الآن وهي مأخوذة عن طبعة الملك سعود والملك فيصل، طبعة المجمع، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، هي أفضل من الأصل باعتبار أن الآيات أخذت بالرسم الذي عني به المجمع من المصحف، ما خضعت لطباعة الطابعين، أخذت من المصحف، وبهذا يقل الخطأ، ومر علينا في طبعة الملك سعود، مع طبعة الملك فيصل للفتاوى أخطاء في بعض الآيات، تلافوها في هذه الطبعة، وأيضاً صورت على ورق فاخر جداً، فهي نفيسة جداً هذه الطبعة.
المقدم: بداية المجتهد يا شيخ؟
بداية المجتهد طبع طبعات قديمة وطبعت حديثاً؛ لكن من أحسنها طبعة السعادة، من الطبعات القديمة طبعة السعادة.
المقدم: أعلام الموقعين؟
إعلام الموقعين طبعه فرج الله الكردي، ومعه حادي الأرواح، وطبعته هذه عني بها أهل العلم؛ لأنها أول ما ظهر من الطبعات، وهي طبعة جيدة بالجملة، وإن كان طابعها متهماً بأنه كان بهائي، واتهم بأنه يحرف الكتب، نعم طبعاته فيها أخطاء؛ لكنها خدمت بلا شك، طبع مجموع فتاوى شيخ الإسلام، الفتاوى الكبرى، وطبع إعلام الموقعين، وطبع كتب كثيرة جداً، واعتمد عليها أهل العلم، ثم بعد ذلك طبع بمطبعة منير الدمشقي، وهي طبعة جيدة مصححة، هي مأخوذة من طبعة الكردي؛ لكنها مصححة، ثم بعد ذلك طبعه الشيخ محي الدين عبد الحميد، إلا أنه لكونه ليس من أهل الفن أتقن الأمور الطباعية الصناعة، صناعة الطباعة أتقنها، ضبط الفواصل وبدايات الأسطر ونهايتها، وبداية الجمل وهكذا، لكن التعليق على الكتاب مستواه أقل
من الطرائف أنه قال في مسألة التورق هي معروفة عند صغار الطلاب، مسألة التورق يقول: كذا في الأصل؛ ولا أعرف لها معنى، فلعلها تحريف من النساخ.
في مشكلة إذا تولى هذه الكتب من لا يحسنها، الشيخ محي الدين عبد الحميد اهتمامه في اللغة، ولذلك طبعاته في كتب اللغة من أنفس الطبعات، وإخراجه إخراج جميل جداً.
صورت كذلك طبعة للشيخ عبد الرحمن الوكيل، وذكر في المقدمة هذه الملاحظة على الشيخ محي الدين عبد الحميد، ومع ذلك لم يحل الإشكال.
المقدم: وقع في نفس الأخطأ؟
أقل وإن كان أخف، قال: "الشيخ محيي الدين لم يصل إلى معرفة مسألة التورق، وبحثت عنها كثيراً في كتب شيخ الإسلام التي ينقل عنها ابن القيم، فتوصلت إلى أن مسألة التورق مسألة ربوية محرمة، بهذا الكلام قال،
ورأي ابن القيم يختلف تماماً عن رأيه شيخه، رأي ابن القيم تبعاً للأئمة يجيز مسألة التورق، وراجع شيخه شيخ الإسلام مراراً، فلم يقتنع شيخ الإسلام رحمه الله، - شيخ الإسلام رأيه رأي ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ممن يمنع مسألة التورق.
لكن عامة أهل العلم على جوازها إذا استوفت شروطها، وجاءت صورة مطابقة لما في الشرح يعني من مِلك صاحب السلعة الأول ملك تام مستقر، ثم يبيعها على الثاني، ثم يقبضها الثاني قبضاً شرعياً معتبراً، ثم يبيعها على طرف ثالث، هذه مسألة التورق عامة أهل العلم على جوازها.
المقدم: أحسن الله إليكم مدارج السالكين؟
مدارج السالكين طبعه الشيخ محمد رشيد رضا بمطبعة المنار قديماً، ثم عني به الشيح محمد حامد الفقي فطبعه بمطبعة أنصار السنة، وطبعة الشيخ محمد رشيد رضا نفيسة التي هي طبعة المنار، وكذلك طبعة الشيخ حامد جيدة في الجملة إلا أنه في بعض المواقع يعلق على الكتاب، وابن القيم يتعامل مع الكتاب فيه شوب الصوفية، تأثير التصوف ظاهر، الذي هو منازل السائرين، ابن القيم علق على هذه المسائل؛ ولكنه أراد أن يجاري صاحب الكتاب ويتأول كلام صاحب الكتاب، ويحمله على محامل حسنة؛ لكن الشيخ حامد شد على الهروي، وشد تبعاً لذلك على ابن القيم رحمه الله.
المقدم: تفسير القرطبي؟
تفسر القرطبي طبع أولاً في دار الكتب المصرية، طبعة أولى، طبع الأول والثاني والثالث، طبعة قديمة جداً، ثم أعيد طبع الأول والثاني والثالث، ثم أكمل الكتاب طبعة أولى، ثم طبع الأول طبعة ثالثة، ثم طبع رابعة، ثم طبع الكتاب كاملاً من واحد إلى عشرين طبعة ثانية، كأن الطبعات السابقة اعتبروها طبعة واحدة للمجلد الأول، إذا عرفنا أن الأول طبع يمكن خمس مرات، من الثاني إلى الثاني عشر طبع أولى وثانية، من الثالث عشر إلى العشرين طبع أولى، ثم طبع الكتاب من واحد إلى عشرين طبعة ثانية ومقابلة على نسخ كثيرة، بعض الأجزاء على ثلاثة عشر نسخة، في دار الكتب المصرية حرف جميل، وورق جميل، وإحالات، وعناية فائقة.
المقدم: الطباعة أين؟
دار الكتب المصرية.
المقدم: نفس الدار؟
نعم، دار الكتب المصرية طباعة جميلة، وإخراج فاخر، تعين على القراءة، بتفصيل ممتاز، طبع طبعات جديدة، ادعي تحقيقه، وادعي تخريج أحاديثه، مع أن في عناية في بعض الأحاديث، وبعض الآثار؛ لكن طبعة دار الكتب المصرية لا يعدلها شيء، تبقى أنها الأحاديث بحاجة إلى عناية.
المقدم: أنتم تشرحون الكتاب في دروسكم؟
نعم، منذ ثلاثة عشر عاماً.
المقدم: أين وصلتم؟
أكملنا الجزء العاشر، وقفنا على الحادي عشر، وهو كتاب نفيس مثل اسمه (جامع).
المقدم: المحلى أيضاً لابن حزم يسأل عنه؟
المحلى أفضل طبعاته طبعة منير، الطبعة المنيرية، بعانية الشيخ أحمد شاكر، الشيخ أحمد شاكر تولى تحقيقه والتعليق عليه.
المقدم: تحفة الأحوذي؟
تحفة الأحوذي طبع في الهند بالحرف، الحروف العربية؛ لكن شكلها فارسي، اللغة عربية بالحرف الفارسي، ولذا لا يحسن التعامل معها كثير من طلاب العلم لا المبتدئين ولا المتوسطين، طبعه عبد الرحمن محمد عثمان في المطبعة السلفية في المدينة المنورة، طبعة الكتاب في عشرة مجلدات، والمقدمة في جزأين؛ لكن هذه الطبعة فيها أخطاء على أنها الذي لا يجيد قراءة الطبعة الهندية هذه أفضل الموجود الآن.
المقدم: المنتقى للباجي يا شيخ؟
المنتقى للباجي طبعة السعادة، مطبعة السعادة هي أفضل الطبعات إلى الآن، وهي طبعة لا بأس بها.
المقدم: نختم بالزرقاني بشرح الموطأ يقول: هل نستغني بأحد الكتابين عن الآخر يا شيخ؟
الزرقاني على الموطأ طبع مراراً، طبع في المطبعة القسطلية قديماً، ثم طبع في المطبعة الخيرية، ثم بعد ذلك طبع أخيراً في المطبعة التجارية في أربعة مجلدات، طبعت أكثر من مرة في المطبعة التجارية، وهي طبعات طيبة لا بأس بها، أخطاء قليلة جداً، ولا يمكن أن يستغنى بالزرقاني عن الباجي، الباجي إمام فقيه من أئمة المالكية، لا يستغنى بغيره عنه، على أن الزرقاني جمع شرحه من شروح متعددة من شروح ابن عبد البر التمهيد والاستذكار، واعتمد اعتماد قوي على الباجي، وأيضاً رجع إلى فتح الباري وشرح النووي وغيرهما من الشروح.
المقدم: معنا صاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل، فضيلة الشيخ حياكم الله يا شيخ عبد الله.
المتصل: أهلاً وسهلاً بكم.
المقدم: حياكم الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، شيخنا نحن نتحدث مع فضيلة الدكتور عبد الكريم الخضير حول مكتبة طالب العلم، سبق لنا لقاءات عديدة مع فضيلته تحدث عن مجموعة من الكتب في القرآن وعلومه والعقيدة والفقه، لا زال الحديث متواصل حول هذه الكتب، نستأذن فضيلتكم في البداية لنطرح قضية قراءة الكتب والتعليق عليها فيمن أدركتم من مشايخكم -أحسن الله عليكم- في السابق، كان لهم طريقة في القراءة والتعليق على هذه الكتب، وبعضهم يحتفظ بهذه الكتب والتعليق عليها بطريقة معينة، لعلكم تتفضلون في الحديث لطلبة العلم حول هذا الموضوع؟
المتصل: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هذا بحث جيد بالنسبة إلى طلاب العلم، وتعاملهم مع الكتب؛ لأن الكتب هي مراجع العلم في أي فن كان، وهي كما لا يخفى على شريف علمكم تختلف من حيث التوسع أو الاختصار أو ما بين ذلك، ومنها المتون، ومنها الشروح، ومنها الحواشي، وكان طلبة العلم فيما سبق أول ما يبدأ الإنسان منهم يحفظ فن من الفنون، يبدأ بفن من فنونه، يعني كتاب يؤلف، مختصر من مختصرات هذا الفن، وإذا حفظه، وقرأه على الشيح، وشرحه له، يستعين هذا الطالب بشروح هذا المتن أو حواشيه، ويعلق عليها في هوامشه، ويرد أوله إلى آخره، وبالعكس إذا المتن مشتمل على مسألة، فهي حقيقة الحفظ هو أساس الدرس، وأساس التعليم، كما قال الرحبي:
. . . . . . . . .
…
فاحفظ فكل حافظ إمامُ
ويختلف مناهج الطلاب، منهم من يكون على هذه الصفات، ومنهم من يكون له اتجاه آخر، والحريصون منهم كلما مر على موضع في مسألة من مسائل العلم ورأى لها تعلق في باب آخر؛ لأن بعض المسائل تذكر في موضع أو موضعين أو ثلاثة أو أربعة، يعني موضوع مثلاً: السقط الذي يسقط من بطن أمه قبل أن يتم، مذكور في سبعة مواضع من أبواب الفقه، فمذكور مثلاً في باب النفاس، مذكور في باب الميراث، مذكور في باب الجنايات، مذكور في باب العتق إلى آخره، فالحريص منهم يربط هذا مع هذا، ويشير إلى هذا مع هذا، ثم أيضاً الدرس منهم من يدرس الفن مثل ما يدرس الإنسان القرآن، تجده مثلاً يحزب المتن مثل بلوغ المرام، وإلا مثل الألفية في النحو أو مثل الرحبية، كل علم يدرس فن من فنونه هذا حيث يتعهدها لا متناً ولا معنى.
المقدم: لكن من خلال شروح سابقة لأحد المشايخ الذين حضر عليهم يا شيخ؟ يراجع هذا؟
المتصل: لا بد، الشيخ هو مرجع في ذلك، وقد لا يكون شيخ واحد، قد يكون شيخ النحو غير شيخ الفقه، وشيخ الفقه غير شيخ السيرة والحديث.
المقدم: لكن يا شيخنا هل أدركتم أيضاً من مشايخكم من كان يعلق على كتبه، طريقة تعليقه على الكتاب الذي يحمله كيف كانت؟
المتصل: هذه الحواشي، الحواشي كثيرة، كلاً على منهجه، بعضهم يقول:"من تبع الحواشي ما حوى شيء" ولكن هذا ما هو على إطلاقه، بعض الحواشي والهوامش. . . . . . . . .، وبعضها، لا، بعضها تقيد العبارة، يعني بعض المؤلفين بكلام جيد يسد تلك ثغرة؛ ولكن بعضهم يعلق على هذا يسد الثغرة هذه يبين الإنسان شرط، مثلاً أخل الإنسان بشرط وإلا بقيد أو غير ذلك.
المقدم: فضيلة الشيخ أيضاً على مدى حلقات كنا مع فضيلة الدكتور عبد الكريم تحدث عن مكتبة طالب العلم إن كان لكم تعليق على ما سبق من حديث الشيخ عبد الكريم حفظكم الله؟
المتصل: الشيخ عبد الكريم -ما شاء الله- شيخ علامة، واسع الإطلاع، وعنده -ما شاء الله- معلومات جديدة، ونحن نحترمه، ونرى أن كلامه -ما شاء الله- من أفضل المشايخ، نسأل الله أن يعينه على الخير، وجزاه الله خيراً.
المقدم: كان هذا هو الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل شكر الله له على تعليقه.
أرجع إليكم فضيلة الدكتور: إن رأيتم أن نبدأ في كتب الفقه كنا أشرنا إليها في حلقات ماضية ثم نستكملها لو سمحتم يا شيخ؟
أولاً: ما أشار إليه فضيلة شيخنا من فوائد، ينبغي أن يعنى بها طالب العلم، وأشرنا مراراً إلى ما ذكره بعضهم من كيفية تحضير الدروس، قبل الحضور إلى الشيوخ، من حفظ المقطع الذي يراد شرحه ومراجعة الشرح، بل محاولة الفهم قبل قراءة الشرح، ثم قراءة الشرح، ثم ما كتب عليه من الحواشي، ثم المذاكرة مع الزملاء قبل الحضور إلى الشيخ، ثم بعد ذلك يحضر الطالب بعد أن فعل هذه الأمور إلى الشيخ بنية صالحة خالصة ينوي بذلك الإفادة من علم الشيخ، لا يتكبر ولا يترفع، ولا يسأل سؤالاً يريد به إظهار نفسه، ولا إحراج الشيخ، ثم بعد ذلك يحترم بكل أدب ما يقوله الشيخ، ويقيد ما يستفيده من الشيخ زيادة على ما عنده، ثم إذا خرج يذاكر الإخوان بما فهم وبما سمع، وبما كتب، وبهذا تتكون لديه تكتمل فيه الفائدة.
أما بعض الإخوان مع الأسف الشديد في هذه الأيام كثير منهم لا يعرف الكتاب إلا في الدرس عند الشيخ، بل بعض الإخوان يترك الكتاب في المسجد، وهذا يقرر أهل العلم أنه قل أن يفلح، قل أن يفلح مثل هذا؛ لأن العلم يحتاج إلى معاناة، ما هي المسألة مسألة حضور، العوام يحضرون؛ لكن لا بد من الاهتمام، لا بد من معاناة هذا العلم، وإلا فالعلم نفيس لا يدرك كله، وإلا كان الناس كلهم علماء، لو كان الأمر سهل، فلا بد من معاناته، والله المستعان.
المقدم: ندخل فيما تبقى لنا من كتب الفقه.
نعم بدأنا بكتب الفقه، وقلنا: أن الطالب يبدأ بمثل آداب المشي إلى الصلاة للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ثم يبدأ بعد ذلك بكتاب مختصر، إما أخصر المختصرات أو عمدة الطالب للشيخ منصور، أو عمدة الفقه للحافظ للإمام الموفق، وهذا كتاب نفيس يعود الطالب على الاعتماد على الحديث، لأنه يبدأ كل باب بحديث.
المقدم: شرح الكتاب يا شيخ؟
نعم شرح شروح كثيرة جداً، ممن شرحه لأهميته شيخ الإسلام ابن تيميه، بعد ذلك يبدأ الطالب إما بدليل الطالب، وهو أوسع من العمدة مع الوضوح وجودة التصوير للمسائل، وله شروح أشرنا إليها في الحلقات السابقة، والكتاب مخدوم، ثم بعد ذلك تكون عنايته الفائقة بـ (زاد المستقنع) الذي هو أمتن متون الفقه الحنبلي، وأجمعها وأكثرها مسائل على اختصاره الشديد، وهو مختصر من المقنع، وعني به أهل العلم قراءة وإقراءً وحفظاً وشرحاً، وتدريساً، له شروح كثيرة، شرحه الشيخ منصور البهوتي في كتاب أسماه (الروض المربع) أشرنا إليه سابقاً، وعليه حواشي للشيخ عبد الله با بطين، والشيخ عبد الله العنجري، والشيخ عبد الرحمن بن قاسم، وعلق على الزاد الشيخ فيصل بن مبارك والشيخ محمد بن عبد الله الحسين، وجرد الشيح محمد الحسين مع ذلك زوائد الإقناع عليه ثم طبع الجميع باسم (الزوائد) هذا سبق أن أشرنا إليه، أيضاً حاشية الشيخ صالح البليهي.
المقدم: إذا أردنا ذكر كل طبعة لكل كتاب ومقارنة لطال بنا المقام؟
بلا شك؛ لأن هذه إشارات والوقت يسابقنا، إشارات والأصل أنها نصائح لطالب العلم، فيوجه لكيفية الطلب، أما الطبعات فيذكر منها ما تيسر، والباقي يحال عليه بلقاءات قادمة -إن شاء الله- في مناسبة عديدة.
الشيخ صالح البليهي علق حاشية نفيسة على الزاد أسماها (السلسبيل) حاشية تعنى بالدليل، وحكمت التشريع وبيان محاسن الشريعة، وضرر العمل بالقوانين الوضعية، ذكر مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وحلى الحاشية باختيارات شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأئمة الدعوة، من بعد ذلك الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ بن حميد وابن باز، والشيخ الخريصي، وهو شيخ للشيخ البليهي، وغيرهم.
أيضاً من شروح الزاد، من أهمهما وأمتعها شرح الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، اسمه (الشرح الممتع) وهو كاسمه، سهل فيه الشيخ مسائل الزاد، وحللها تحليلاً سهلاً مبسطاً، ذلل فيه الشيخ مسائل الكتاب التي كان الطلاب يستصعبونها ولا يتطاول على الكتاب في متنه وشرحه وفهمه إلا المتمكن من طلاب العلم، وهذا شأنه -رحمه الله تعالى- في كل كتاب يتصدى لشرحه، أيضاً الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله- شرح الزاد شرحاً متوسط مستمد غالبه من (الروض المربع) ويعنى فيه الشيخ بتحليل اللفظ، وهو نافع جداً لمن يريد فهم الكتاب دون استطراد، الشيخ عبد القادر بن بدران في كتابه النافع الماتع (المدخل إلى مذهب الإمام أحمد) ذكر فائدة تتعلق بنصيحة الطالب، والدين النصيحة، ونصيحة الطالب أمر لا بد منه؛ لأنه مع الأسف بعض من يتصدى لإقراء الناس ينظر إلى الكتب التي هو بحاجة إليها، فإذا جاءه طالب يقرأ عليه قال له: اقرأ الكتاب الفلاني لماذا؟ لأن الشيخ بحاجة إليه، ولا ينظر إلى حاجة الطالب، مع أن النصيحة تقتضي النظر إلى حاجة الطالب، نعم إذا جاء طالب منتهي يريد أن يتزود عنده مبادئ العلوم، وعرضت عليه وقلت له: أني بحاجة لهذا الكتاب فلو تدارسناه معاً كان جيد، ولن يخلو الكتاب من فائدة؛ لكن إذا جاءني طالب مبتدئ مثلاً وأنا محتاج إلى كتاب كبير، ووقتي لا يسمح بقراءته بمفردي أجعل هذا الطالب يقرأه، لو جاء شخص يسأل عن كتاب في العقيدة أقول: اقرأ علي كتاب (درء تعارض العقل والنقل) لا يمكن هذا، أو أقرأ كتاب (العلل) للدار قطني، هذا تضييع للطالب بلا شك، ولذا يقول في كتابه المدخل: "وحيث أن كتابي هذا مدخل لعلم الفقه أحببت أن أذكر من النصائح ما يتعلق بذلك العلم، فأقول: لا جرم أن النصيحة كالفرض، وخصوصاً على العلماء، فالواجب الديني على المعلم إذا أراد إقراء المبتدئين أن يقرئهم أولاً كتاب أخصر المختصرات أو العمدة -عمدة الطالب غير عمدة الموفق، عمدة الطالب للشيخ منصور، متن مختصراً- إن كان حنبلياً، أو الغاية لأبي شجاع إن كان شافعياً، أو العشماوية إن كان مالكياً، أو منية المصلي، أو الإيضاح إن كان حنفياً، ويجب عليه أن يشرح له المتن بلا زيادة ولا نقصان -يعني
يعنى بتحليل لفظ المتن، بحيث يفهم الطالب ويتصور هذه المسائل من غير زيادة ولا استطراد- وبحيث يفهم ما اشتمل عليه ويصور مسائله في ذهنه، ولا يشغله بما زاد على ذلك، وقد كانت هذه طريقة شيخنا العلامة الشيخ محمد بن عثمان الحنبلي المشهور بخطيب دومة المتوفى في المدينة المنورة سنة ثمان وثلاثمائة بعد الألف، وكان رحمه الله يقول لنا: لا ينبغي لمن يقرأ كتاباً أن يتصور أنه يريد قراءته مرة ثانية"، نعم يعني أنت إذا تصورت أنك تقرأ الكتاب وممكن ترجع له مرة ثانية، تبي تمشيه، نعم على أساس أنك تعود ثانية، يقول: "اقرأ الكتاب على أساس أنك لن تعود إليه مرة أخرى" فما ينتج عن ذلك؟ ينتج أنك تتفهم هذا الكتاب بدقة، يقول: "لا ينبغي لمن يقرأ الكتاب أن يتصور أنه يريد قراءته مرة ثانية؛ لأن هذا التصور يمنعه عن فهم جميع الكتاب، بل يتصور أنه لن يعود إليه مرة ثانية أبداً.
وكان يقول: "كل كتاب يشتمل على مسائل ما دونه وزيادة، فحقق مسائل ما دونه لتوفر جهدك على فهم الزيادة" هذه فائدة مهمة جداً، وهي أيش؟ أنك قرأت في أخصر المختصرات مسائل هذا الكتاب أو عمدة الفقه للإمام الموفق، قرأت هذا الكتاب افهم هذا الكتاب بجميع مسائله، لا تقول: هذه المسائل تمر عليها في الزاد، لا، وأنت تقرأ هذا الكتاب افهم جميع مسائله، ويوفر لك نصف الجهد في قراءة ما بعده؛ لأن مسائله سوف ستمر، ولذا يخطئ من يجرب الزوائد، زوائد الزاد على العمدة مثلاً، لا مانع أن تمر هذه المسألة مرة مرتين ثلاث أربع في كتاب مختصر، ثم الذي فوقه، ثم الذي فوقه، وهكذا، وعلى هذا ربي طلاب العلم، وتربى العلماء من قبل؛ لأن هذا التكرار يرسخ هذه المسألة، يوضح هذه المسائل، قد تكون المسألة تصورها صعب في هذا الكتاب، تمر في كتاب آخر بعرض آخر، ليسهلها، ويذللها، لكن لما نقول: زوائد الزاد، معناه أن هذه المسألة لن تمر بنا مرة ثانية، وقد سلك أهل العلم هذه الطريقة إثبات الزوائد في كتب السنة كثير، وفي كتب الفقه أيضاً موجود زوائد الكافي، زوائد الغاية؛ لكن هذا يحرم طالب العلم من التكرار، الذي يوضح له العلم، ويرسخ له العلم، المقصود أن المسألة تطول بهذه الطريقة.
يقول: "وكان يقول: كل كتاب يشتمل على مسائل ما دونه وزيادة، فحقق مسائل ما دونه لتوفر جهدك على فهم الزيادة" انتهى.
يقول: "ولما أخذت نصيحته مأخذ القبول لم أحتج في القراءة على الأساتذة في العلوم والفنون إلى أكثر من ست سنوات، فجزاه الله خيراً، وأسكنه فسيح جناته، فإذا فرغ الطالب من فهم تلك المتون
…
" ثم أخذ يعدد كتب الطبقة الثانية، ثم الثالثة وهكذا، والمدخل كتاب نفيس يوصى به طلاب العلم.
هذه الطريقة التي ذكرها الشيخ نصيحة الطلاب فيما يبدأ به المبتدي، ثم المتوسط، ثم المنتهي على سائر المذاهب، وفي مختلف العلوم، هذه تحتاج إلى مصنف خاص؛ لأن بسطها حقيقة يطول، وأكثر المستمعين الآن في هذه البلاد يعنون بالمذهب الحنبلي، والكتب التي تدرس في هذه البلاد كتب الحنابلة، ولو ذهبنا نقرر ونشرح كتب الحنفية والشافعية والمالكية طال بنا الوقت.
المقدم: نبدأ بالأخ خالد السويدي من بريدة، تفضل يا أخي.
متصل: بسم الله الرحمن الرحيم، أحيي الدكتور، وعندي سؤال: أقول: فضيلة الشيخ أن بعض الناس يطعنون في جدوى قراءة المتون وحفظها؛ لأنها عباراتها طلاسم، ويستغرق الطالب وقته كله في حل هذه الطلاسم، ولو أنه قرأ في المطولات لكان أجدى وأنفع، هل هذا الكلام صحيح يا شيخ، أو غير صحيح؟ وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
متصل: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، السلام عليكم ورحمة الله، إحنا نحيي الدكتور عبد الكريم ونطلب منه نصيحة أبوية لينا، إحنا بنخش على الإنترنت، بنخش على المواقع الإسلامية، والشات الإسلامي والرومات الإسلامية، فإحنا نطلب منه نصيحة لينا، ويوجهنا، وجزاه الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله ابنكم شكري؟
متصل: الشيخ عبد الكريم الخضير: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: جزاكم الله كل خير لوصاياكم لطلاب العلم للعناية بكتاب الله العزيز، وفي الحقيقة انتفع كثيراً بهذه الوصايا، وأسأل الله -جل وعلا- أن ينفع بكم الإسلام والمسلمين، وبودي يا شيخ أن تبين لنا منهجية الطلب بالنسبة لطالب العلم؛ لأن كثيراً من طلاب العلم تجده مضطرباً في طلب العلم، فتارة يمسك شرحاً لبعض المتون، ثم يعزف عنه لشرح آخر، وهكذا تنظيم الوقت فما أدري يا شيخ هل إذا ابتدئ الإنسان بشرح معين هل يواصل في هذا الشرح حتى ينهيه؟ أم أنه يقسم أيام أسبوعه يوم للتفسير ويوم للحديث، ويوم للفقه، ويوم للنحو، وهكذا؟ فنرجو منك يا شيخنا حفظ الله ورعاك أن تبين لنا، أخوك علي عبد المحمود الطيب.
متصل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، أحيي فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، الذي طالما استفدنا منه سواءً في دروسه في المسجد أو عبر الأثير، وكذلك فتاواه عبر الأثير، وعن طريق الدروس الذي يلقيها فضيلته، وأسال الله أن ينفعنا بعلمه، وأن يبارك في عمره وعمله، وأستفسر من فضيلة الشيخ عن مكتبة طالب العلم هي من المكاتب العلمية التي يحتاج إليها ويعود إليها في أي مسألة تخطر على باله؛ ولكن ما هي الإجراءات والوسائل التي ينبغي لطالب العلم أن يسلكها في إنشاء هذه المكتبة، وما هي أبرز الكتب العلمية التي ينبغي على الطالب أن يقتنيها، وأن تكون موجودة في كتبه؟
السؤال الآخر: كثرة تحقيق الكتب وإعادة طباعتها هل يرى الشيخ -حفظه الله تعالى- أن هذا الأمر يفقد الكتاب أهميته من حيث رجوع الطالب إليه، ناهيك عن كثرة الشروحات والتعليقات التي تعتري مثل هذه الكتب، آمل التعليق على ذلك، والله يحفظكم. أخوكم: عبده بن أحمد الجعفري.
المقدم: شكراً للأخ عبده أحمد جعفري، مع أننا في شقي سؤاله حقيقة أو من خلال هذا البرنامج على مدى الحلقات الماضية، وهذه الحلقة فيها إجابة، ربما أن الأخ عبده لم يتابعنا عندما سأل عن أهم الكتب التي يقتنيها طالب العلم، نحن تحدثنا عن الحديث، وتحدثنا عن العقيدة، وتحدثنا عن التفسير، والقرآن وعلومه وغيرها، وتكلم أيضاً الشيخ عن تحقيق الكتب، وما يحصل بها من خلط، وغير ذلك فشكراً للأخ عبده.
ونواصل أسئلة الأخوة حتى لا يضيع بنا الوقت لو تكرمت أتفضل يا أخي.
متصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا شيخ، أحسن الله إليك، أسأل عن كتاب تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله ما أحسن طبعاته؟ وماذا عن تعليقات الشيخ أحمد شاكر حول التفسير هل تم هذا العليق أم لا؟
طيب الأخ خالد السويدي يسأل عن الطعن في جدوى حفظ المتون وقراءتها لصعوبتها ويقول: هناك دعوات للاهتمام بالمطولات، وترك هذه المتون عباراتها قديمة وصعبة، وتحتاج إلى تفكيك ولا داعي لذلك؟
نقول: أهل العلم لهم جادة سلكوها وأدركوا وحصلوا بواسطتها، وتربية الطلاب على المتون الصعبة ليس عبثاً من قبل أهل العلم، ولا يقصدون بذلك التعنيت ولا المشقة على طالب العلم، وإنما يراد بذلك بناء طالب العلم بناءً متيناً، فليس من العبث أن يقرأ طالب العلم أو يدرس زاد المستقنع على صعوبته، بالإمكان أن تبسط مسائل هذا الكتاب بدلاً أن يكون في مائة صفحة تبسط مسائله بوضوح بحيث يدركها كل من يقرأ على طريقة تختلف في البسط؛ لكن أقول: لا يتربى طالب العلم على هذه الطريقة؛ لأنه إذا احتاج على مسألة في كتب أخرى لا توجد في هذا الكتاب كيف يتعامل مع الكتب الأخرى التي ألفت بنفس النفس وبنفس الطريقة، إذا لم يتربى على هذه الطريقة؟!
مختصر خليل عند المالكية فيه غاية الصعوبة، شبيه بالألغاز حتى قال بعضهم: أنه يشتمل على مائة ألف مسألة على صغر حجمه، هذا الكلام مبالغ فيه، وتعرضنا له مراراً؛ لكن يبقى أن الكتاب متين، وعناية المالكية به عناية لا نظير لها، وليس من العبث عنايتهم به، إنما أدركوا أن طالب العلم يتربى بهذه الطريقة، والأمثلة على ذلك علماءنا وشيوخنا ومن تقدم من شوخنا، تربوا على هذه الكتب؛ لكن هات من الطلاب الذين تربوا على المذكرات أو كتب معاصرين كتبت بلهجة العصر، هذه لا تحتاج ولا إلى شيوخ، هذه الكتب لا تحتاج ولا إلى شيوخ، بالإمكان أن يقرأها الطالب بنفسه الذي يحسن القراءة والكتابة.
لكن كيف يتربى طالب العلم بحيث إذا انفرد في بلد من البلدان لا يوجد غيره، كيف يفهم كلام أهل العلم في الكتب الأخرى؟ لكن إذا طلب العلم على الجادة وحفظ المتون، في كل علم متن، وقرأه على الشيوخ وشرحوه له وراجع الشروح والحواشي، ثم بعد ذلك يقرأ ما شاء من الكتب، يقرأ ما شاء من الكتب، فليس من العبث، والتهوين من شأن المتون لا شك أنه قطع لطريق الطلب،، بسطنا هذا في مناسبات كثيرة، وبسطه أكثر من هذا لا يحتمل، وإلا ففي النفس أشياء، هناك دعوات تدعو إلى هجر الطريقة المألوفة والمعروفة عند أهل العلم التي تربى عليها أهل العلم، أهل العلم والعمل؛ لكن لا شك أن هذا قطع لطريق الطلب.
المقدم: أحسن الله إليك، الأخ شكري أيضاً يسأل عن الدخول على المواقع في الإنترنت، وقد كما ذكر أنه تلقى عدد من العلوم من خلالها والدخول على مواقع العلماء والحديث فيه تتبع لدروسكم عبرها، أيضاً يقول: ما نصيحتكم لنا في هذا المجال؟
بالنسبة للعلم والتحصيل إنما يكون بالجثي بين يدي الشيوخ، يعني أن يمثل بين يدي الشيوخ، بحيث يستطيع أن يأخذ ويتلقى ويناقش ويستفهم عما يشكل عليه، ويفيد من مرأى الشيخ، ومن سمت الشيخ أحياناً أكثر مما يفيده من علم الشيخ، لا شك أن الشخص الذي لا يوجد في بلده أحد من الشيوخ، ولا يستطيع الرحلة إلى البلدان الذي يكثر فيها وجود المشايخ، مثل هذا يتلقى العلم بواسطة هذه الآلات، هذا غاية ما يستطيع والإفادة منها أحسن مما لا شيء، وكم من طالب علم أفاد منها في أقصى الأرض، وتأتينا الأسئلة من كندا واستراليا، ومن ألمانيا ومن المغرب، ومن الجزائر، ومن كل مكان، يدل على أنهم تابعوا، ويدل على أنهم فهموا وحصلوا؛ لكن يبقى أن مزاحمة الشيوخ هو الأصل.
المقدم: الأخ علي عبد المحمود الطيب يسأل عن منهجية الطلب لطالب العلم يقول: حتى لا نقع في الاضطراب الذي يحصل بسبب التردد بين المتون، هل إذا بدأ بالشرح لابد أن يواصل حتى ينهيه؟
إذا بدأ بمتن في أي فن من الفنون، لا بد أن يكمله، يكمله حفظاً، قراءة الشرح، قراءة على الشيخ، مذاكرة مع الإخوان والزملاء، لا بد من إكماله بهذه الطريقة، أما الاضطراب والانتقال من كتاب إلى آخر، هذا لا شك أنه يضيع الوقت، ولذا تجد من طلاب العلم من يقضي السنين الطويلة، بعض الناس يمضي خمسين سنة، وبعض الناس في خمس سنوات يدرك ما لا يدركه غيره في خمسين، كل هذا بسبب الدقة في الترتيب والتنظيم، وبعد أن يوفقه الله -جل وعلا- على شيخ يهديه على الطريقة والجادة الذي يحصل بها.
المقدم: السامع الحسين يسأل، وقد جاوبنا الحقيقة؛ لكن يبدو أن الأخ ما تابع الحلقات الأولى عن تفسير الطبري، تكلمتم عن تعليقات الشيخ أحمد شاكر على هذا التفسير؟
تفسير الطبري أول ما طبع بالمطبعة الميمنية، ثم طبع بمطبعة بولاق، وهي مطبعة فيها لجان من أهل العلم تصحح؛ لكن لا يعني أنها أصح من غيرها، لا سيما بعد الوقوف على نسخ أخرى، وعناية من برع في التحقيق والتعليق الشيخ محمود شاكر؛ لكن مع الأسف أنه حصل خلاف بينه وبين المطبعة فتوقف العمل، بعد أن أنجز ستة عشر جزءاً من سورة إبراهيم عليه السلام، توقف العمل لخلاف وقع بين الشيخ وبين المطبعة، وكان الضحية المستفيد والكتاب، فمع الأسف كمل الكتاب بطريقة ليست على طريقة الشيخ، طبعت بقية الكتاب في ثمانية مجلدات؛ لكنها لا تمثل الشيخ، ولا مثل نصف الشيخ، ولا نسبت إلى الشيخ.
المقدم: الطبعة الأخيرة أيضاً الذي تولاها الدكتور عبد الله التركي؟
طبعة الدكتور عبد الله التركي، لا شك أنها طبعة كاملة، والمضمون للشيخ أنه من أهل التجويد، لكني مع اقتنائي لها لم يتيسر لي الاطلاع عليها.
المقدم: مجموعة من الأخوات يسألن هل أولاً هذه النصائح التي توجهونها للرجال والنساء على حد سواء؟
النساء شقائق الرجال شيء واحد.
المقدم: تسأل بعض الأخوات هل يمكن أن يتم لهن ذلك من خلال متابعة الدروس العلمية عن طريق الأشرطة من خلال الاهتمام بمكتبة طالب العلم التي ذكرتموها، ويحصل لهن شيء من التحصيل؟
أولاً: الدروس المقامة في المساجد متاح لطالبات العلم حضورها، كثير من الأحوال يخصص مكان خاص بالنساء، يوجد مكان أيضاً لذوات الأعذار، الإخوان الذين ينظمون الدروس والدورات يهتمون بالنساء عناية مناسبة لهن، مع أن الأصل أن المرأة مأمورة بالقرار فلا تخرج إلا إذا ترجحت المصلحة {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(33) سورة الأحزاب] فإذا ترجحت المصلحة لطلب العلم تخرج مع التزام الأدب الشرعي للخروج، ثم بعد ذلك تستفيد من الشيخ، وبإمكانها أن تسأل بورقة كغيرها من الطلاب، ولا شك أن مطالبة النساء مثل مطالبة الرجال فالكل مكلف.
المقدم: معي الشيخ عبد الله الغثيلي، شيخ عبد الله أهلاً ومرحباً بك، حياك الله.
المتصل: أهلاً وسهلاً، الله يحييك ويخليك.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد أحييكم شيخنا، وأسال الله لكم عظيم الأجر، ووافر الشكر على تلك البرامج العلمية المنهجية التأصيلية التي يحتاج إليها طلاب العلم حاجة ماسة سؤالي شيخنا كالتالي:
الملاحظ أن الكتب الفقهية لا سيما في المذهب الواحد يتناقل بعضها من بعض، وتتفرق الفروع بينها، بل وحتى في الكتاب الواحد، ولربما تكرر ذكر الفرع في أكثر من موضع، كما ذكر الشيخ ابن عقيل -حفظه الله- ما رأيك يا شيخ في تأصيل تلك الكتب سواء في المذهب الواحد أو في عدة مذاهب في كتاب واحد يقوم بجمع تلك الفروع الجزئية، وصياغتها صياغة عصرية، مع الإحالة إلى المراجع المتقدمة إذا انفرد أحدها بما يتبع الإشارة إليه، وأن يقوم على ذلك لجان من أهل العلم تقسم بينهم الأبواب، فهل هناك شيء للقيام بمثل هذا العمل التي تمس الحاجة إليه، لما فيه من جمع وترتيب وتبديل وتدريس، ألم يحن الوقت لتعزيز دور المجامع الفقهية والاجتهادات الجماعية لمثل تلك المشاريع العلمية.
ثم ما تعليقك يا شيخ على دور المجامع حالياً وطبيعة عملها.
أختم بالاستفسار عن رأي الشيخ في توجه بعض الفقهاء والباحثين بتقنين الفقه عبر مواد، كما هو الحال في مجلة الأحكام الشرعية والعدلية، ما مدى أهمية ذلك في مثل هذا الزمن الذي يستجد لكثير من المهتمين بالترتيب والتيسير، يجزيكم الله عنا خير الجزاء.
المقدم: شكراً الشيخ عبد الله الغفيلي شكراً جزيلاً.
تساؤلات وتداخلات الشيخ عبد الله فضيلة الدكتور إذا كان لكم عليها تعليق بما يتعلق بفصل كتب المذهب الواحد، وجمع فروعه عن طريق لجان لطلب العلم.
شكراً لأخي الشيخ عبد الله الغفيلي على هذه الملاحظات الطيبة النافعة، أما بالنسبة لجمع الكتب في كتاب واحد فليس بوارد.
أولاً: أهل العلم قصدوا بتنوع المؤلفات نفع جميع الطبقات، فلو جمعت في كتاب واحد ناسبت مستو واحد، فللمبتدئين كتب المختصرات، والشيوخ يرجحون بين هذه المختصرات بما يدرسونه أو يدرسونه، والمتوسطين كذلك، والمنتهين كذلك.
وجود هذه الكتب المكررة بعض العلماء في أصل التأليف لا يقصد به أن يكون كتاباً مستقلاً، إنما يقصد به أن يكون مذكرة له، يجمعه لنفسه، وهذه طريقة ووسيلة من وسائل التحصيل للاختصار والجمع، يأتي إلى مجموعة من الكتب فيلخص مسائل هذه الكتب في كتاب، ثم بعد وفاته يضاف إلى المكتبة كتاب مستقل، ووجود مثل هذا الكتاب أيضاً نافع؛ لأن فيه مسألة الجمع بين مجموعة من الكتب.
أيضاً ترك الحرية للشيوخ في انتقاء الكتب لتلاميذهم لا شك أن كل كتاب له ميزة، وكل كتاب له فائدة، فلتبقى هذه الكتب، نعم قد يوجد شيء من الاضطراب في التمييز بين هذه الكتب عند الطلاب المتعلمين؛ لكن متى يكون هذا؟ إذا انفرد الطلاب بأنفسهم، واستقلوا عن مشورة مشايخهم، فتبقى هذه الكتب على حالها، وكل عالم له أن يضيف، يرى أن الساحة بحاجة إلى هذا الكتاب يضيف عليه.
المقدم: هل يفهم هذا جواب ضمني أيضاً للسؤال الثالث في مسألة تقنين الفقه في هذا الزمان أن هذا جواب لكم لهذه المسألة أيضاً؟
أما تقنين الفقه فهو طريقة جديدة في التأليف؛ لكن ما الذي يجعلنا نترك طريقة سلفنا التي أبدت نجاحاً رائعاً فائقاً رائداً في هذا الفن، ثم نعدل إلى طريقة المواد التي هي طريقة مستوردة، هذا إذا قلنا: أن هذا التقنين اعتمد مذهب واحد، أما إذا قلنا: أنه لفق بين مذاهب فهذه مشكلة، أو قلنا: أنه اجتهادات من المقنن، هل هذا المقنن من أهل الاجتهاد بحيث يستحق التقليد بأن ينبذ من قبله من الأئمة، ثم يقلد هذا المقنن؟ فالمسألة لا تخلو إما أن تكون انتقاء من كتب، وهذا قد يكون تلفيق بين المذاهب، كما هو حاصل في بعض المجلات، أو يكون عمداً إلى التيسير، وأخذاً بما يصلح على حد زعمهم للعصر، العصر لن يصلح إلا بما صلح به العصر الأول، أبداً، الدين كما أنزل على الصحابة ينزل إلى آخر الزمان، وينزل على المسائل والقضايا والنوازل إلى آخر الزمان، لا بد من هذا، فالتقنين على كل حال هو تخيير، ولا يخلو إما أن يكون اجتهادات ممن قنن، وليس تقليده بأولى من تقليد الأئمة وأصحاب الكتب السابقة، أو يكون خلط بين المذاهب، وهذا أيضاً له آثاره على خلاف الجادة المعروفة عند أهل العلم، بأن المبتدئ حكمه حكم العامي، يقلد إمام واحد، هو أوثق أهل العلم ممن عرف بالعلم والدين والورع.
وليس في فتواه مفت متبع
…
ما لم يضف للعلم والدين الورع
المقدم: دور المجامع الفقهية يا شيخ؟
دور المجامع الفقهية لا شك أنها تؤدي دوراً بارزاً في تنزيل النوازل والحادثة على النصوص والقواعد الشرعية، فهذا دورها، وأما المسائل التي سبق بحثها ينبغي أن يربى طالب العلم على كتب المتقدمين على الجادة المعروفة.
المقدم: عندي أسئلة فيما يتعلق بالموسوعات الفقهية، هل ستذكرها ضمن كتب الفقه الآن يا شيخ؟
تبي تأتي،
المقدم: تفضل يا شيخ نستكمل كتب الفقه.
بعد دراسة الطالب للمتون المعتبرة عند أهل العلم، المتون التي هي اللبنة الأولى فيما ذكرنا، ينتقل إلى كتب الطبقة التي تليها كالمقنع للإمام الموفق ابن قدامة، الذي جعله للمتوسطين وذكر فيه روايتين بدلاً من رواية واحدة، وهذا الكتاب عني به أهل العلم عناية فائقة، له شروح كثيرة تدل على أهميته، منها الشرح الكبير، ومنها المبدع، ومنها الإنصاف، وحواشي الشيخ سليمان بن عبد الله، هذه الشروح لو أردنا أن نقارن بينها ونوازن بينها، ونذكر أفضل طبعاتها، لاحتاج إلى حلقة كاملة.
المقدم: هل هو من الفقه المقارن يا شيخ هذا الكتاب؟
لا، لا، على المذهب؛ لكن يذكر روايتين.
المقدم: لأن أحد الأخوة أحمد السعود يبدو أنه اختلط عليه الأمر، يقول: هل أفضل كتب الفقه المقارن، أو ما أفضلها غير كتابي المغني والمجموع؟
لا المغني والمجموع ما بعد أتت، احنا نتكلم عن المقنع، أما المجموع سيأتي -إن شاء الله-.
المقنع هذا نظمه ابن عبد القوي في منظومة دالية طويلة جداً طبعت في مجلدين، ولها مختصر لابن معمر مطبوع في مجلد، إشكال هذا المختصر أراد أن يوفق المختصر بينه وبين زاد المستقنع، الذي هو مختصر المقنع، فحذف بعض الكلمات أحياناً من بيت أو من كلمة، أو شطر من البيت؛ لأن هذه الكلمة لا تناسب ما في الزاد، البيت إذا حذف منه كلمة أو حذف منه شطر، اختل، بلا شك، مما ذهب برونق الكتاب؛ لكن لو انبرى لهذا النظم الموسع نظم ابن عبد القوي بارع بهذا القيد؛ لأن الكتاب يحتاج إلى بارع، فانتقى منه بحدود ألف بيت تكون مما ينبغي الاهتمام به تيسيراً لطلاب العلم لأحسن.
ابن عبد القوي في مقدمات الأبواب، في بعض الأبواب لا أقول جميع الأبواب يقدم نصائح من أغلى ما يسمعه طالب العلم، يحتاج إليها طالب الفقه؛ لأن طالب الفقه الذي يعاني الأحكام العملية قد يغفل عن مثل هذه النصائح، فلو رجع مثلاً إلى مقدمة باب الجنائز مثلاً، قدم نصيحة حقيقة كل طالب علم بحاجة إليها، أيضاً مقدمة في البيوع يقول:
إياك والمال الحرام مورثاً
…
. . . . . . . . .
المواريث أيضاً، وفي كتاب الجنائز:
من سار نحو الدار سبعين حجة
…
فقد حان منه الملتقى وكأن قدِ
وجاب هذا البيت في باب المواريث؛ لكن من الخمسين إلى الستين يعني بدل أن يقول: خمسين قال: الستين، المقصود أن هذه النصائح بهذه الطريقة منظومة من النظم البارع من ابن عبد القوي، يعني يحتاجها طالب الفقه، وعلى طالب العلم أن يعنى بهذه المنظومة، رغم طولها وصعوبتها ورداءة النسخ التي طبع عنها الكتاب لكن الكتاب في غاية الأهمية؛ لأن النظم يحفظ العلم، النظم يحفظ العلم لاسيما إذا تولاه بارع مثل ابن عبد القوي.
من الكتب التي ينبغي أن يعنى بها طالب العلم في الفقه (الإقناع لطالب الانتفاع) وهو كتاب جامع في مذهب الحنابلة، فيه مسائل كثيرة جداً، وأسلوبه مناسب للطالب المتوسط، لشرف الدين الحجاوي، صاحب الزاد، وله شرح مطبوع متداول اسمه (كشاف القناع) للبهوتي، وهو من أجمع كتب المذهب للمسائل والفروع والتنبيهات، حتى صح إطلاق عبارة:"مكنسة المذهب" على هذا الكتاب، طبع مراراً، ويجري تحقيقه وطبعه بتكليف من وزارة العدل.
من هذه الكتب وهو أمتن كتب المذهب المنتهى (منتهى الإرادات) لتقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي، الشهير بابن النجار، وهو كتاب جامع بين المقنع للموفق، والتنقيح المشبع لعلاء الدين المرداوي وزيادات، شرحه مؤلفه، شرحه البهوتي أيضاً، وعليه حاشية لعثمان بن أحمد النجدي، الشهير بابن القائد، وشهرة الكتاب عند الحنابلة لا تحتاج إلى بيان، بحيث قرر المتأخرون من الحنابلة أن المذهب ما يتفق عليه صاحب الإقناع والمنتهى، فإن اختلفا فالمنتهى أقعد للمذهب، وجمع بين الكتابين الشيخ مرعي الكرمي في كتابه (غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى) وشرحه الشيخ مصطفى السيوطي الرحيباني، في كتاب أسماه (مطالب أولي النهى بشرح غاية المنتهى) وبيان مزايا كل كتاب من هذه الكتب يحتاج إلى حلقة.
من هذه الكتب أيضاً (الكافي) لابن قدامة، وهو كتاب يذكر فيه مؤلفه جل الروايات عن الإمام، ودليل كل رواية، ومأخذ كل رواية، وهذه ميزة الكتاب، إلا أنه في المذهب، ما يخرج عنه.
من الكتب المهمة في مذهب الحنابلة (الفروع) لابن مفلح، وهذا كتاب أجاد فيه وأحسن، كما قال ابن حجر في الدرر الكامنة: أنه أجاد فيه إلى الغاية؛ لأن بعض الناس يقول: للغاية، والصواب: أجاد فيه إلى الغاية، وأورد فيه من الفروع الغريبة ما بهر العلماء، طبع مراراً مع تصحيحه لعلاء الدين المرداوي، وطبع الطبعة الأخيرة مع حاشية ابن قُندس، حاشية مشهورة عند الحنابلة.
كتب الفقه عند الحنابلة كثيرة جداً كغيرهم من المذاهب الأخرى، وإن كانت الكتب عند الحنفية أكثر، نعم يليها الشافعية ثم الحنابلة والمالكية.
مما تجدر العناية به، والتنبيه عليه، هذه مهمة جداً، يغفل عنها كثير من طلاب العلم، مما تجدر العناية به والتنبيه عليه أخذ المذاهب من كتب أصحابها، أردت مذهب الإمام أحمد اذهب إلى كتب الحنابلة، أردت مذهب أبي حنيفة اذهب إلى كتب الحنفية؛ لأنهم أدرى بمذهبهم؛ لكن إذا أخذنا مثلاً مذهب الحنابلة من التفاسير كتفسير القرطبي مثلاً، أو أخذناه من شروح الحديث كفتح الباري أو نيل الأوطار أو غيرهما، النقل عن هذه الكتب لا شك أنه أولاً: خلل في المنهجية، ترجع كل كلام إلى صاحبه، هذا الأصل في العزو، ومع ذلك قد يعتمد صاحب الكتاب الذي نقلت عنه على رواية مغمورة في المذهب، وقد يغلب على ظنه من تصنيف هذا الإمام أن مشربه كذا، أو أنه ميله مثلاً إلى الأخذ بالحديث أن يصنفه كما يوجد في كثير من كتب الشروح، يصنف رأي الإمام أحمد مع الظاهرية، ولذا يخطئ من ينقل مذهب الحنابلة من شروح الأحاديث، وكذلك بقية المذاهب؛ لأنه يستمر في ذهن هذا الإمام أن أحمد أثري، فلا يمكن أن يتعدى الأثر، فهذا لازم من مذهبه، إن لم يكن مذهباً له، وقد يعتمد على روايات تنسب إلى الإمام، أو توجيهات أو تخريجات أو إيماءات،، كل هذا لا ينبغي أن يسلكه طالب العلم، بل إذا أراد أن يحرر مذهب الحنفية يأخذ من كتب الحنفية، يحرر مذهب الحنابلة يأخذ من كتب الحنابلة، إلى آخره، حتى ولا يعتمد ولا على كتب الفقه المقارن التي سنذكر بعضها الآن.
المطولات التي يعنى مؤلفها بذكر المذاهب بأدلتها هذه من أهم ما يرجع إليه في هذا الباب بعد مرحلة التحصيل، يعني بعد تجاوز مرحلة المبتدئ، ثم المتوسط، ثم مراحل التعليم المعروفة، يعنى الطالب بالمطولات التي تهتم بالدليل؛ لأن العبرة بالدليل، وتذكر فيها المذاهب، فإذا تأهب الطالب لقراءة هذه الكتب فهم هذه الكتب والاطلاع على المذاهب، والموازنة بين هذه الأقوال من خلال أدلتها يحسن ويجدر به أن يسمى عالماً.
من هذه الكتب (المغني) لابن قدامة، كتاب يذكر فيه المذاهب بأدلتها.
(المجموع شرح المهذب) للنووي هذا الكتاب لو كمل بالنفس الذي ألف فيه المجموع تسعة الأجزاء لصار بالفعل فقه الإسلام.
المقدم: وهو لم يكمله؟
نعم ما أكمله، أيضاً من الكتب التي يعنى بها من الكتب المطولات ..
المقدم: الطبعات هذين الكتابين لو سمحت يا شيخ؟
المغني لابن قدامة طبع الطبعة الأولى على نفقه الملك عبد العزيز في مطبعة المنار، المجلد الأول طبع طبعة فيها الأخطاء كثيرة جداً، ثم وقف على نسخة قليلة الأخطاء، من الثاني إلى الثاني عشر طبعة أولى، أما المجلد الأول أعيد طبعه ثانية على هذه النسخة، تلافوا فيه كثير من الأخطاء، فطبع مراراً بعد ذلك، طبعات كثيرة جداً، طبع في المنار مرة ثانية، وطبع في مطبعة الكليات الأزهرية، وطبع في مطبعة الإمام، ثم طبع أخيراً بتحقيق الدكتور عبد الله التركي في خمسة عشر جزءاً، طبعة هي من أنفس الطبعات، تكلم فيها على الأحاديث والآثار والنقول من بعض النسخ، هي طبعة من أفضل الموجود الآن.
هناك أيضاً بعد المجموع شرح المهذب للنووي، شرح (فتح القدير) لابن الهمام، وأنا يهمني أن يهتم طالب العلم بالكتب المخدومة، فتح القدير لابن الهمام خدمة لكتاب الهداية للمرغيناني، الهداية هذه مخدومة من وجوه ولو لم يكن من خدمتها إلا خدمة الزيلعي في نصب الراية، الذي خرج أحاديثها؛ لأن الفقهاء يذكرون الأحاديث وليسوا من أهل الصناعة فقد يستدلون بأحاديث لا تتثبت، أصلاً، يوجد أحاديث كثيرة في كتب الفقه ضعيفة، ولا يلامون في هذا؛ لأنهم ليسوا من أهل الاختصاص، فيتولى أهل العلم بالحديث تخريج الأحاديث لهذه الكتب، فيكتمل العمل، وابن الهمام معروف من تلاميذ الحافظ ابن حجر، له نفس حديثي، وكتابه من أفضل كتب الحنفية، وهو عندي مفضل على حاشية ابن عابدين المعتمدة عند الحنفية.
من الكتاب وإن كان شرحاً في الأصل كتاب حديث، ومر الكلام عليه، إنما هو معروف في مقارنة مذاهب الفقهاء ومضى ذكره في الكلام على الموطأ اسمه (الاستذكار) لابن عبد البر، ومر الاستفسار عنه، وعن طبعاته قريباً، الاستذكار لابن عبد البر في ذكر مذاهب فقهاء الأنصار، هذا يعنى بذكر المذاهب بإفاضة وأدلة هذه المذاهب، فهو من كتب الفقه الذي يسمونه المقارن بأدلتها، وطبع طبعات كثيرة؛ لكن يبقى أن طبعة القلعجي لولا ما أثقلها به من الحواشي، تبقى بالنسبة لي هي أفضل الطبعات.
من الكتب التي ينبغي أن يطلع عليها طالب العلم وفيها فقه السلف، نقل فقه السلف (المحلى) لابن حزم، فيه الآثار، آثار السلف وحكمهم، وفيه أيضاً العناية بالدليل، العناية بالدليل من وجهة نظره وعلى طريقته وأصوله لأنه ظاهري المذهب، على أني أنصح طلاب العلم المبتدئين والمتوسطين ألا يعتمدوا على هذا الكتاب، وألا يتربوا على أسلوبه؛ لأن الكتاب يتعامل مع أهل العلم الكبار بأسلوب فيه شيء من والشدة والغلظة، نعم العالم الذي انتهى من التحصيل وتربى على النصوص وتأدب بالأدب الشرعي، واقتدى بسلف هذه الأمة بالأدب والتعامل مع الناس، لا مانع أن يقرأ في هذا الكتاب، والكتاب فيه علم عظيم، لا ينبغي إهداره؛ لكن لا ينبغي للمبتدئ أو للمتوسط أن يعول عليه؛ لأنه فيه أساليب في جانب بعض أهل العلم لا ينبغي أن تذكر بحق هؤلاء ولو ترفع عنها المسلم فيما بينه وبين سائر الناس فضلاً عن أهل العلم لكان هو اللائق به، على كل حال أبو محمد بن حزم أوتي بيان وقوة عبارة، وقوة جدل، يعني تفيد طالب العلم، وتخرجه على طريقة النقاش العلمي لكن يبقى أن أسلوبه مفضول.
بعد هذه الكتب لا سيما في عصرنا الحاضر جدت مسائل ونحتاج فيها إلى فتاوى أهل العلم.
المقدم: يسألن بالذات عما يتعلق عن طريقة تعين طالب العلم على الصبر على الطلب خاصة إذا كان الطالب غير متفرغ إما عنده وظيفة أو واجبات مثل المرأة، وواجبات أسرية، تقول: طريقة يجمع طالب العلم فيها بين أداء عمله وبين حبه ورغبته في طلب العلم بطريقة تناسب وقته؟ قبل أن تتفضلون بالإجابة، أذكر أن لكم أيضاً في هذا الصدد شريط لعلكم تشيرون إليه للأخوة والأخوات للاستفادة منه فيما يتعلق بمعالم في طريق الطلب يا شيخ؟
هذا الشريط عبارة عن محاضرة بينا فيها بعض المعالم، وبعض الفوائد التي يفيد منها طالب العلم، والتي تعينه على الصبر والتحمل، أما تقسيم الوقت والإفادة من الوقت بالوجه المطلوب، فلا شك أن هذا يحتاج إلى شيء من الحزم، والموازنة بين الأعمال والتكاليف وبين طلب العلم، لا شك أنها فيها صعوبة على كثير من الناس، لكن إذا تصور الإنسان ما وعد الله -جل وعلا- أهل العلم من الأجر العظيم والرفعة في الدنيا والآخرة لا بد أن يصبر ويتحمل، لا بد، فلا بد من تنظيم الوقت، فبعد صلاة الصبح مثلاً بساعة إلى أن تنتشر الشمس هل فيه ارتباطات في الوقت هذا؟ ما في أدنى ارتباط، إذاً مثل هذا يخصص للقرآن، وطالب العلم أحوج ما يكون إلى دراسة كتاب الله -جل وعلا-، وقراءته على الوجه المأمور به، فإذا قرأ حزبه في هذا الوقت، إذا كان مشغول بأعمال أخرى يكفيه بإذن الله، ويراجع عليه ما يعينه على فهمه وحفظه، بقية الوقت يجعل وقت مثلاً للنظر في السنة، ووقت للنظر في الفقه، وأصوله، وقت في العقائد مثلاً، وهي من أهم ما ينبغي أن يعنى بها طالب العلم كما أسلفنا، أيضاً هناك وقت متعة وراحة واستجمام ذهني ينظر فيه في كتب التواريخ والأدب، على ما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى-.
أيضاً إذا عجز عن القراءة وتعب من القراءة يسمع، هناك كتب -ولله الحمد- الآن سجلت شروحها في أشرطة، فوسائل الراحة -ولله الحمد- موجودة، لكن الواقع يثبت أنه كلما كثرة وسائل التيسير والراحة يزيد الخمول، ويصعب التحصيل؛ لأن الموازنة بين ما تحتاجه النفس وتهواه وبين ما يشق عليها في غاية الصعوبة، نعم كان الناس في السابق يرتاحون بطلب العلم، الآن يرتاحون من طلب العلم، نعم، فالعلم متين ويحتاج إلى تعب ويحتاج إلى صبر، وبالمعاناة طالب العلم لا يحتاج إلا إلى مدة يسيرة يعاني ويقصر نفسه ويقهرها على الطلب والقراءة والتحصيل، ثم بعد ذلك يتلذذ، يتلذذ بحيث ينظر في الساعة في كل لحظة، يتمنى لا يمر الوقت، فهذه مرحلة لا بد أن يمر بها طالب العلم بعد مرحلة المجاهدة.
المقدم: لكن هنا يسأل عن أفضل الكتب في تبين المذهب الحنفي والمالكي والشافعي مع الأدلة، يعني يقصد أدلتهم، هل هناك كتب لكل مذهب؟
موجودة الكتب لا شك أنها كل مذهب فيه ما فيه، يعني الحنابلة والشافعية عنايتهم بالدليل ظاهرة، عناية المالكية من خلال شروحهم للموطأ، أما شروحهم لمختصراتهم فهم يقربون من الحنفية، يعني التعليل وتوجيه المذهب غالب مع صعوبة في العبارة، يربون عليها طلاب العلم عندهم، كما أشرنا، وهم يحاولون أن يحلو هذه؛ لكن من أمتع كتب المالكية شرح الحطاب على خليل، أيضاً شروح رسالة ابن أبي زيد ماتعة عندهم.
مذهب الحنفية عندهم شرح فتح القدير، وعندهم أيضاً البناية شرح الهداية للعيني، وهو مشارك في الحديث، يمكن أن يفاد من مذهب الحنفية من عمدة القارئ؛ لأنه فقيه حنفي، يشرح كتاب حديث، فهو يربط فقهه بالحديث، هذا إذا أردنا أن يفيد غير صاحب المذهب، أما صاحب المذهب لا بد أن يتربى على كتب المذهب كما أشرنا؛ لكن فقيه حنفي يشرح كتاب حديث يجمع بين الفقه والحديث، ويلين الفقه بهذه الطريقة.
أيضاً فقه المالكية إذا أخذناه من شروح الموطأ مثلاً، وهذا لا يعارض ما سبق أن ذكرناه، لا يعارض ما سبق أن ذكرته من أن الفقه يؤخذ من كتب الفقه لأرباب المذهب، نعم إذا أخذنا فقه الحنفية من شرح العيني على البخاري هو من أئمة المذهب، وقد ألف في فقه المذهب، لكن يهمني أن يربط الطالب بين فقه الحنفية مع الحديث من مأخذ، أيضاً لو جاء المالكي وأخذ شيء ما اعتمد اعتماد كلي، يأخذ بعد أخذه مذهب المالكية من كتب المالكية بعض المسائل التي يبسطها القرطبي وهو من فقهاء المالكية في تفسيره يكون جمع بين القول ومأخذه من كتاب الله -جل وعلا-.
أنا أريد أن يتربى طالب العلم على كتب الأئمة، الجواد المطروقة، ثم بعد ذلك أنا لا أريده أن يأخذ مذهب الحنابلة من تفسير القرطبي، ولا من شرح العيني على البخاري، لا مانع أن يأخذ إذا تأهل وقرأ المتون الفقهية في هذه المذاهب أن يأخذ فقه الحنفية والمسائل على مذهب الحنفية من شرح العيني على البخاري؛ لأنه فقيه حنفي، يعرف كيف يتعامل مع النصوص من خلال أصول المذهب.
القرطبي فقيه مالكي يعرف كيف يتعامل مع كتاب الله -جل وعلا- من خلال قواعدهم وضوابطهم.
على كل حال مذهب الحنفية والمالكية تؤخذ بهذه الطريقة بعد الأخذ من كتب الفقه المتخصصة عندهم، وإلا شروح خليل فيها الذي لم يعاين المذهب، وليس من المالكية، الحنبلي يعاني فيها شيء من الركة، وكذلك كتب الحنفية، هم صارت عندهم ذلت بها ألسنتهم، وخضعت لها أفهامهم، وتربوا عليها صارت سهل عليهم، لكن لو يجي حنبلي يعاني حاشية ابن عابدين مثلاً، يمل منها بسرعة، لكن لما يأخذ الفقه من شرح العيني الفقه الحنفي من شرح العيني على البخاري يتلذذ، وكذلك إذا أخذ فقه المالكية، وأنا أريد بذلك يركز على شافعي وإلا حنبلي يأخذ مسائل المالكية من تفسير القرطبي مثلاً؛ لأنه فقيه مالكي.
المقدم: لعلنا نختم يا شيخ بالمستجدات في كتب الفتاوى؟
أقول: يعنى طالب العلم بكتب الفتاوى لأنها تعالج قضايا ونوازل، من أهم كتب الفتاوي: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، واستغرق الفقه من الجزء الحادي والعشرين إلى الخامس والثلاثين، خمسة عشر جزءاً.
أيضاً الدرر السنية من فتاوى أئمة الدعوة النجدية، من ذلك أيضاً: فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله.
المقدم: طبعت؟
مطبوعة في ثلاثة عشر جزءاً.
المقدم: ميسرة لطلبة العلم؟
ميسرة متيسرة الحصول عليها سهل، فيها قضايا وفيها نوازل وفيها أمور مستجدة يحتاجها طالب العلم.
أيضاً فتاوى الشيخ بن حميد -رحمه الله تعالى- وإن كان ما طبع منها شيء يسير بالنسبة لعلم الشيخ.
فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله يعني صيغت بأسلوب سلفي أثري محبب إلى النفوس سهل يفهمه كل أحد، فيه نوازل فيه قضايا حلت للأمة بعد، في هذا العصر يحتاجه كثير من طلاب العلم، أيضاً: فتاوى الشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه-، فتاوى الشيخ صالح الفوزان، فتاوى اللجنة الدائمة، فتاوى أهل العلم في هذه البلاد الذين تصدوا للقضايا المعاصرة.
ميزة هذه الفتاوى معالجة القضايا والنوازل المعاصرة، فيعنى بها طالب العلم، مع سهولتها مع أن الاعتماد في تربية طالب العلم وبنائه البناء العلمي على المتون المعروفة عند أهل العلم، الذي سبق أن أشرنا إليها.
المقدم: فضيلة الدكتور نأخذ أصول الفقه.
أصول الفقه كغيره من العلوم، ألفت فيه الكتب المناسبة للمبتدئين والمتوسطين والمنتهين، وصنفت لكن ينبغي أن يشار إلى أن كثير من الكتب صيغت بأساليب فيها صعوبة، والصعوبة لا شك أنها تربي طالب العلم بلا شك، لكن وجه هذه الصعوبة دخول بعض العلوم والاصطلاحات التي ليست في الأصل من هذا العلم، لكنها أمر صار لا بد منه فرض نفسه، أمر لا بد منه، وتجلية وتخليص هذه الكتب من هذه الشوائب التي دخلت عليه من علم الكلام مثلاً، مطلب يطالب به كثير من الغيورين على عقيدة أهل السنة والجماعة، لكن في تقديري أن هذه الكتب لو بقيت على وضعها وعلق على ما يخالف مذهب أهل السنة والجماعة؛ لأنها صيغت بطريقة لو حذف منها شيء لأخل بترتيبها، وصياغتها يحتاج إلى أن نصوغها لا على طريقة المتقدمين في المتون، هذه مشكلة، هناك كتاب اسمه (معالم في أصول الفقه) على طريقة أهل السنة والجماعة، وهناك منظومة للشيخ محمد علي آدم الأثيوبي في أصول الفقه على طريقة أهل السنة والجماعة، هذه الخطوات طيبة ونافعة؛ لكن يبقى أن هذه الكتب التي تربى عليها شيوخنا، ويربى عليها الطلاب الآن، لا تسلم من المخالفات، لكن هذه وظيفة المدرس والطابع، المحقق يحتاج إلى أن يعلق على مثل هذه القضايا.
مما يبدأ به في أصول الفقه الورقات لأبي المعالي الجويني في خمس أو أربع ورقات، يربى عليها طالب العلم يحفظها ويقرأ شرحها للمحلي أو الرعيني، ويسمع عليها الأشرطة، ويحلل له الشيخ ما بقي، فهذه أول لبنة، أيضاً من المختصرات في هذا العلم مختصر التحرير للفتوحي، مع أنه من أصعب كتب الأصول، أذكر أننا قرأناه قبل ثلاثين سنة على الشيخ عبد الله بن غديان، والشيخ هذا بالنسبة له من أبجدياته -حفظه الله-، هذا الكتاب رغم صعوبته إذا تولاه بارع يحسن تدريسه ينفع الطلبة كثيراً.
من المختصرات النافعة (البلبل) مختصر الروضة للطوفي، أيضاً مختصر التحرير لا يستغني عن شرحه الكوكب المنير لنفس المؤلف، ولو كان الطالب المتوسط يقارن بين ما يشرح له ويختصر هذا الشرح، يعني يحاول فهم هذا المختصر من خلال اختصار الشرح، مع ما يسمعه من شيخه، وكذلك البلبل مع شرحه لمؤلفه كتب متينة قوية في هذا الباب تحتاج أولاً: إلى شيخ يشرح المتن، وإفادة الطالب من هذه الشروح، فإذا تكامل هذا مع هذا يستفيد الطالب فائدة كبرى.
منها أيضاً (روضة الناظر) لابن قدامة، وهو أصل البلبل، ومنها أيضاً:(المسودة) لآل تيمية، التي تتابع على تأليفها مجد الدين ابن تيمية الجد، ثم ابنه شهاب الدين عبد الحليم، ثم شيخ الإسلام، فهذه كتب مهمة، من ذلك (المستصفى) للغزالي، وإن ألف على طريقة المتكلمين؛ لكن فيه فوائد.
التحرير لابن الهمام، ابن الهمام هو جامع بين اصطلاحي الحنفية والشافعية، وله شروح كثرة جداً، هناك أيضاً شرح تنقيح الفصول للقرافي، يعني نحن ننوع أولاً: حنابلة، ثم الشافعية المستصفى، ثم التحرير في الحنفية، ثم تنقيح الفصول للقرافي، أيضاً الموافقات للشاطبي كتاب لا يستغني عنه طالب العلم، إلا أنه كتاب متين يحتاج إلى شيخ.
كتب القواعد الفقهية مثل قواعد ابن رجب، الأشباه والنظائر للسيوطي، الأشباه والنظائر لابن نجيم، كتب تخريج الفروع على الأصول، القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني تخريج الفروع على الأصول للأسنوي، الكتب كثيرة جداً لا يحاط بها، لكن نحن في هذه الإلمامة نبدي بعض الشيء أحسن من لا شيء.