المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌طريقة العمل: 1 - حول الكتاب 2 - نشر الكتاب 3 - المنهجية 4 - لوامع الدرر في هتك استار المختصر - المقدمة

[محمد بن سالم المجلسي]

فهرس الكتاب

‌طريقة العمل:

1 -

حول الكتاب

2 -

نشر الكتاب

3 -

المنهجية

4 -

النسخ اليدوية المعتمدة

5 -

التجزئة

6 -

المقابلة والمطابقة

7 -

إعداد الفهارس

ص: 1

‌1 - حول الكتاب:

يُعدُّ كتاب لوامع الدرر في هتك أستار المختصر، للشيخ محمد بن محمد سالم، أشمل موسوعات الفقه المالكي؛ وقد فصل فيه مؤلفه القول في فقه العبادات والمعاملات، ومًنطلَقُه مختصر الشيخ خليل بن إسحاق فيما به الفتوى من فقه إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه.

وتناول الشيخ محمد بن محمد سالم في هذا المؤلف، بالشرح المستفيض وبالنقاش الموفق، كافة الموضوعات التي أشار إليها أبو الضياء في مختصره تصريحا أو تلويحا، مع عناية بالغة بالقضايا التي كانت محل أبحاث لدى علماء الذهب. وجمع فيه، بشكل فريد، بين تفصيل العالم المتبحر، وتدقيق الباحث المنقب، وحرر نصوصه تحريرا متقنا، فجاءت سهلة العبارة سلسة الأسلوب، تم فيها انتقاء الدال المطابق للمدلول دون تكلف.

وبالجملة فقد كان هذا الكتاب حصادًا لعقود عديدة

(1)

من التمعن في تفسير القرآن الكريم، والنظر الموفق في الحديث الشريف، والبحث والتنقيب في أمهات الذهب وفي الشروح المطولة، والمختصرات المركزة، وسجلات الوثائق النادرة؛ فجاءت الأحكام والفتاوى مفصلة، مؤصلة، مدعومة بسندها من القرآن والسنة، ثم بكلام المبرزين من الأمة، مبْرِزة الراجح والمشهور، منبهة إلى ما سواهما بجلاء. فغدا الكتاب كنزا ثمينا يحمل من المعارف المفصلة، والفوائد المؤصلة، والبحوث الموثَّقة ما لم يشتمل عليه مؤلَّف سواه، فيما اطلعنا عليه، وبلغ من التفصيل والتأصيل ووضوح العبارة ما يجعله يغني عن ما سواه من كتب المالكيين، ولا يغني عنه غيره.

(1)

أكمل المؤلف هذا الكتاب في شهر شوال سنة 1272 هـ وظل ملازما له إلى أن توفي في آخر يوم من سنة 1302 هـ. أي أن المؤلف أتيح له أن يراجع الكتاب خلال ثلاثين سنة وبضعة أشهر، وهى ميزة قلّ أن حَظِى بها مؤلف بحجمه.

ص: 2

‌2 - نشر الكتاب

كان نشر هذا الكتاب مطمحا عزيز المنال لازم الناشر ملازمة الظل ردْحًا من الزمن؛ إلى أن قرر نشره، بموافقة حفدة المؤلف، بارك الله فيهم وجازاهم خيرا، وذلك بعد أن وُفِّقت دار الرضوان (بإشراف مباشر منه وبمساعدة الباحثين فيها) في نشر مجموعة من الكتب الضخام سنورد أسماء بعضها في الصفحات التالية.

وعندما اتخذ الناشر القرار بطباعة اللوامع ونشره فاتح في ذلك الشيخ محمد سالم بن عدُّود، رحمه الله، مبشرا ومستشيرا، وما كان من الشيخ عدُّود إلا أن خرَّ ساجدا شكرا

(1)

لله، وابتهاجا بالحدث العظيم الذي طالما تمناه فرآه مستحيلا، فهنَّأ وبارك ودعا بالتوفيق؛ ذلك أنه يرى في الكتاب كنز علوم لا تقدر بثمن، وسبق أن قال في إشارة إلى ذلك: "وأُذَكِّرُ أني كلما أطلقت هذا الاسم [الشيخ] فمرادي الشيخ محمد علِّيش. وإنما نبهت على هذا لأن المنتظر مني أن أكون أعني شيخ مشايخنا محمد بن محمد سالم المجلسي؛ ولكن كتابه [لوامع الدرر] ليس معي

(2)

.

(1)

في حديث كعب بن مالك الطويل أنه (لما نشّرَ بتوبة الله سبحانه وتعالى عليه خرَّ ساجدًا) البخارى في صحيحه، الحديث 4418.

وفى الحديث أيضًا (عن ابن عباس أن النبى صلى الله عللِه وسلم سجد في [سورة] ص، وقد: "سجدها داوُد عليه السلام، توبة، ونسجدها شكرا")، السنن الكبرى للنسائي، الحديث 11374.

و (عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسرّه أو بشرَ به خرَّ ساجدًا شكرًا لله تبارك وتعالى، ابن ماجه في سننه، الحديث رقم 1394.

وفي التسهيل والتكميل:

[قال] ابن عرفة: في جواز سجود الشكر وكراهته ومنعه ثلاث روايات: روى الإباحة ابن القصار. قلت: له أصل؛ ابن العربي في قول الترمذى: والعمل عليه عند أكثر العلماء. ولم يره مالك. ولِم لَم يره والسجود لله دائما هو الواجب؛ فإذا وجد أدنى سبب للسجود فليغتنم انتهى. اللخمي: وأخذ ابن حبيب به. وهو الصواب. واورد الشيخ عدود الأحاديث الثلاثة. ينظر محمد سالم بن محمد على بن عدود، التسهيل والتكميل، دار الرضوان، 2013، ج.1، ص.237

(2)

محمد سالم بن محمد علي بن عدود، المرجع السابق، ج.5، ص.72

ص: 3

‌3 - المنهجية والإنجاز:

وقد سعت دار الرضوان إلى نشر نسخة من لوامع الدرر تكون مطابقة لنسخة المؤلف، مع التقيد بمقتضيات المنهج العلمي السليم. وحرصت على التمسك بالمنهج الذي اتبعته في نشر الكتب الموسوعية التي نشرتها من قبلُ مثل كفاف المبتدي ورحمة ربي مع شرحيهها، للشيخ محمد مولود بن أحمد فال (آدَّ)، وكتاب مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل، للإمام الحطاب، وكتاب التسهيل والتكميل والجامع مع شرحيهما، للشيخ محمد سالم بن محمد علي بن عدود.

وشرعت الدار (تحت الإشراف المباشر لصاحبها أحمد سالك بن محمد الأمين بن أبُّوه) في العمل علي إنجاز طبعة عالية الإتقان من هذا المؤلف. واقتضى ذلك توفير المصادر البشرية والموارد المادية والفنية الكافية لإكمال جميع أعمال الطباعة والنثر، فوضعت الدار برنامجا تراه وافيا للعمل يشتمل على:

- كتابة نص الكتاب على الآلة (الحاسوب)؛

- القراءة والمقابلة والتصحيح على النسخ اليدوية وعلى المصادر التي رجع إليها المؤلف؛

- وضع علامات الوقف؛

- تخريج الأحاديث؛

- كتابة الهوامش؛

- إعداد فهارس التحقيق.

واستدعى إنجاز هذا البرنامج القيام بجهود جبارة استمرت سنوات كان فيها فريق دار الرضوان يواصل عمله يوميا من الصباح إلى المساء.

وأُنْشئت وحدة بحث وعمل تتألف من ثلاث مجموعات: مجموعة إشراف ومتابعة، ومجموعة بحث، ومجموعة تقوم بالكتابة على الآلة:

ص: 4

‌أ- مجموعة الإشراف والمتابعة،

وقد تكفلَّتْ بوضع المنهجية وبرنامج العمل وآليات المتابعة والتقويم.

‌ب- مجموعة البحث:

وقد ضمت اثني عشر باحثا، سبق أن شارك أكثرهم في تحقيق مجموعة الكتب التي حققتها ونشرتها دار الرضوان، وقد أشرنا إليها أعلاه، ومن بينها كتب ضخام (موسوعات) في الفقه المالكي؛ الأول نشر سنة 2008، والثاني سنة 2010، والثالث سنة 2013.

وقامت مجموعة البحث هذه بإنجاز الهمات التالية:

1 -

قراءة الكتاب ومقابلته بنسخة المؤلف، وإعادة قراءة كل جزء خمس مرات على الأقل، حتى تم التأكد من مطابقة النسخة الأصلية (خط المؤلف) للنسخة المطبوعة، وتم إصلاح الأخطاء المطبعية التي يصعب أن تسلم منها النصوص المكتوبة على الآلة؛

2 -

العودة إلى الأصول التي يحيل إليها المؤلف كلما دعت ضرورة إلى ذلك؛

3 -

تخريج الأحاديث الواردة في الكتاب، وبعض تلك المشار إليها فيه؛

4 -

وضع علامات الوقف؛

5 -

كتابة الهوامش والتعليقات،

6 -

إعداد فهارس كاملة للقرآن الكريم، وفهرس للحديث الشريف، ومسرد للأعلام مرتب ترتيبا الفبائيا حسب اسم الشهرة، وآخر للكتب مرتب أيضا ترتيبا الفبائيا، وفهرس للشعر مرتب ترتيبا الفبائيا حسب القوافي. وضم المجلد الخامس عشر هذه الفهارس وخريطة للأماكن التي عاش فيها المؤلف وملحقا بمراثيه.

وتم إنشاء كشَّاف تفصيلي للموضوعات الواردة في كل مجلد (فهرس تفصيلي للموضوعات) وألحقت بمجلداتها.

ص: 5

وقبل الشروع في كتابة النصوص على الآلة زُوِّدَ الباحثون والكتاب على الآلة بالضوابط المنهجية للتحقيق، وضوابط الكتابة على الحاسوب التي صاغتها دار الرضوان

(1)

؛

‌ج- مجموعة الكتابة:

وتضم أربعة كتاب مهرة تنحصر مهمتهم في كتابة النص على الحاسوب وإدخال التصحيحات، وكتابة الفهارس. ودُعِّمت هذد المجموعة بمتخصصين في الحاسوب لإكمال وضع الكتاب في صيغة الإخراج النهائية التي يتم بها السحب الأخير والنشر.

(1)

نورد هنا نماذج من ضوابط الكتابة على الآلة (الحاسوب):

- يكتب القرآن بين قوسين من نوع {} ، ويكتب الحديث بين قوسين عاديين ()؛

- يكتب كل بيت شعر على سطر وحده؛

- يجب أن يضبط بالشكل كل حرف قام المؤلف بضبطه بالشكل؛

- الالتزام بإثبات الهمزة المحققة، وإثبات همزة النقل ولا تثبت الهمزة في ألف الوصل (أى أن الهمزة لا تثبت في مثل أوزان الأفعال التالية ولا في مصادرها "افْتَعل" كـ"التزم" و"انْفعل" كـ"انْكسر"، و"استفعل" كـ"استغفر"، و"افعلّ" كـ"اصفر"

- التمييز بين الألف القصيرة والياء الأخيرة من الكلمة بإثبات نقطتى الياء عندما تنطق الياء في مثل كتابِي وظَبْىْ .. ، وعدم التنقيط عند النطق بالألف القصيرة: مثل كفَى ومَبْنى والمصطفي؛

- إذا وردت في النص علامة من علامات الوقف مثل نقطة الانتهاء، أو الفاصلة أو علامة الاستفهام أو نقطتي التقسير فإنها ترد متصلة بالحرف الذى قبلها (دون وضع مسافة بينهما)، وتوضع مسافة واحدة بعدها مباشرة، أما علامات التنصيص والأقواس بكامل أنواعها فتوضع مسافة قبل فتحها وبعد إغلاقها، ويجب أن تلى ما بداخلها مباشرة دون وضع مسافة بينهما. أما الخط الأفقي الصغير الذى يفصل الجملة الاعتراضية عما قبلها أو ما بعدها فيسبق بمسافة ويتبع بأخرى، لكى لا يتصل بالحرف الذى يليه فيصبح جزءا منه؛

- لا يجوز فصل واو العطف أو الاستئناف أو القسم أو المعية بمسافة عما بعدها لكى لا تتطرف في آخر السطر.

ص: 6

‌4 - النسخ الخطية:

ظل الحصول على نسخة من كتاب اللوامع بخط المؤلف هدفا صعبَ المنال يتوق إليه العلماء وطلبة العلم الشناقطة وغيرهم، وقلما وفِّقوا في ذلك. فضخامة الكتاب تحول غالبا دون استنساخه. ثم إن انعدام وسائل حفظ المخطوطات في البادية الشنقيطية، ومباشرة الظعن المستمر الذي كانت ممارسته تعَدُّ الإطار المادي لحياة المؤلف، لم تكن تساعد على الاحتفاظ بموسوعة بحجم لوامع الدرر وبقائها سليمة، ولولا أن أبناء المؤلف وحفدته ظلوا سَدَنَةً لعلوم الشريعة وعلوم الآلة، يقومون على الكتب تأليفا وصيانة، لما قدِّر لهذا المؤلَّف الكبير أن يظل موجودا، ولَفُقِدَ كما فُقد مِن قبله كثير من أطايب مؤلفات العلماء في القطر الشنقيطي.

وكان طبيعيا أن يبذل كل فرد من بني المؤلف ما في وسعه ليستنسخ لنفسه الكتاب أو جزءا منه، ويظل متعلقا، فوق ذلك، باقتناء أي صفحة أو نبذة من اللوامع بخط المؤلف؛ فاقتناؤها مغنم عظيم، فيه يتنافس المتنافسون. بيد أن تلك العناية وذلك الحب الجم اللذين حظيت بهما نسخة المؤلف ربما كانا وراء صعوبة جمع النسخ التي خطها الشيخ لدى فرد واحد، فكل يحرص على أن يقتني من الكتاب ما تقر به عينه وينال منه بركة، ومن هنا لم يكن غريبا أن تتوزع النسخة التي بخط المؤلف بين ورثته وورثتهم، فيصبح الحصول عليها من مقتنيها وجمعها في حيز مكاني واحد أمرا يكاد يكون مستحيلا، لولا ما تعوده حفدة المؤلف وآله من تضحية في خدمة العلم، ومن رغبة صادقة في أن يرى الكتاب النور منشورا قبل أن تقضي عليه عاديات الزمن.

فكان أن حصلت دار الرضوان، بجهد خالص وكبير من صاحبها أحمد سالك بن محمد الأمين ابُّوه، وبمساعدة ثمينة من حفدة الشيخ وذويه، على نسخ بخط المؤلف لستة أجزاء هي الأول والثاني والرابع والخامس والسادس والسابع. أما الجزء الثالث فقد وُجِدَتْ منه خمس نسخ خطية من بينها واحدة تضم صفحات بخط المؤلف، وقد يكون قرأها أو قرئت عليه.

وبعض أجزاء الكتاب التي بخط المؤلف تنقصها صفحة أو صفحات من أولها كما هي الحال في الجزء السابع، وقد حصل تآكل وأحيانا طمس في هوامش بعض صفحات الجزء الأول.

ص: 7

الجزء الثالث:

- ويبدأ من كتابة الذكاة - وينتهي عند قوله في باب الطلاق (وصح استثناء بإلَّا) - أحمد بن محمد الأمين (بمب)

- من بداية باب الذكاة - إلى نهاية باب الحضانة - الشيخ خالد بن الشيخ أحمد خون

- من باب الذكاة - وتنتهي عند فصل النذر - أهل سيدي محمد

- من باب الذكاة - وتنتهي عند قول خليل في باب الوليمة (وتجوز الزمارة والبوق) - محمد عبد الله (مهيمن) بن عبد القادر

الجزء الرابع:

- يبدأ من قوله في باب الطلاق (إلا أن يبدوا لي) - وينتهي عند قوله في السلم (وبما يعصر الخ) - أحمد بن محمد الأمين (بمب)

الجزء الخامس:

- من قوله (وحمل في الجيد والرديء) في باب السلم - إلى قوله في باب الشركة (إلا لتبرئة) - أحمد بن النيني

الجزء السادس:

- من باب الإجازة - وينتهي بنهاية باب الشهادات - أحمد بن النيني

الجزء السابع:

- من باب الدماء - وينتهي بنهاية الكتاب - نسخة النيني بن حمد الله

• • •

نسخة محمد عبد الله بن أحمد بن اتا (بديه) وهي في اثني عشر جزءا وتختلف تجزئتها عن تجزئة المؤلف

الجزء

بداية الجزء

نهاية الجزء

1

يقول العبد الفقير

وتقطعة ومنعه كالحيض

2

وجب وضوء بهاد

سن الأذان

3

كفتح على من ليس معه

إنها تدفع لحر

4

يثبت رمضان

ولطخة بدمها

5

اليمين تحقيق

فتلذ بابنتها فتردد

6

وإن قال انكحتها

بأن الاستثناء يحتمل

7

ومعتدة من وفات

فله أخذ القديم

8

واشتر لي فوكالة

وإن عين كبير

ص: 10

الجزء

بداية الجزء

نهاية الجزء

9

وفيها قسم الزيتون

وكلب وفرس

10

وقوما بتقويم البيع

ومقاواتها

11

ومضى

في الأصابع إلى الأسنان

12

إنما يصح إعتاق

فلا إشكال

‌5 - التجزئة (تقسيم الكتاب إلى مجلدات)

ترك المؤلف مصنفه هذا في سبعة أجزاء ضخام، شأنه في ذلك شأن مؤلَّفيْه الآخرين:"الريان في علوم القرآن" و"النهر الجاري على صحيح البخاري"؛ فقد كان كل واحد من الكتب الثلاثة يتألف من سبعة أجزاء تضم أكثر من أربعة آلاف وستمائة صفحة من الحجم الكبير.

وعندما اكتملت كتابة اللوامع على الآلة أصبح عدد صفحات المتن (دون الفهارس) نحو عشرة آلاف صفحة؛ بمتوسط يبلغ 1430 صفحة للجزء الواحد. وكانت لدى دار الوضوان رغبة في الاحتفاظ -ما أمكن- ببنية الكتاب التي اختارها له المؤلف وتركه عليها، ولكن كان من اللازم التصرف بما تفرضه مراعاة الحجم المناسب للمجلدات، مع الحفاظ على تناسب توزيع الموضوعات بينها، فاستدعى ذلك:

- تقسيم كل جزء من أجزاء الكتاب السبعة إلى مجلدين، وبذلك يصبح عدد المجلدات أربعة عشر (وهو ضعف العدد سبعة الذي اختاره المؤلف لعدد الأجزاء، ولعل الشيخ كان له تعلق به؛ فَـ "في السبعة سر")؛

- يبدأ كل مجلد ببداية "باب" أو "فصل" أو "كتاب"، وينتهي أيضا بنهاية "باب" أو "فصل"، أو"كتاب"؛

- مراعاة التوازن في الحجم، والاقتراب من النهاية أو البداية التي ترك المؤلف الكتاب عليها؛

- وتم إفراد مجلد للفهارس أصبح هو الخامس عشر؛

ص: 11

‌الجدول رقم 3: الأجزاء الأصلية والمجلدات التي تقابلها

الجزء (حسب تقسيم المؤلف) - المجلد حسب تقسيم الرضوان - بداية المجلد - نهاية المجلد

الأول:

1 -

بداية الكتاب. يقول العبد الفقير إلى الله محمد بن محمد سالم - بداية فصل ستر العورة

2 -

بداية فصل في ستر العورد - بداية صلاة الاستسقاء

الثاني:

3 -

بداية صلاة الاستسقاء - بدء باب في الصيام

4 -

باب الصيام - نهاية الحج

الثالث

5 -

بداية باب الذكاة - بداية فصل النكاح

6 -

بداية فصل النكاح - بداية باب الطلاق

الرابع

7 -

بداية باب الطلاق - نهاية الحضانة وبداية باب البيع

8 -

بداية باب البيع - بداية المرابحة (نهاية الجزء الرابع في الأصل)

الخامس

9 -

بداية المرابحة - نهاية باب الشركة

10 -

بدء باب الشركة - بداية الإجارة

السادس

11 -

بداية باب الإجارة - باب في القضاء

12 -

بداية باب القضاء - بداية الدماءات

السابع

13 -

بداية باب الدماء - بداية باب الشرب

14 -

باب الشرب - نهاية الكتاب (فلا إشكال)

15 -

الفهارس (فهارس القرآن والحديث والأعلام والكتب والشعر وملحقات تضم خريطة ومراثي)

ص: 12

‌6 - المقابلة والمطابقة

قوبل كل جزء من الكتاب بالنسخ التي بخط المؤلف. وتمت المقابلة بنسخ خطية أخرى سليمة ليست بخط المؤلف. ويتعلق الأمر بأغلب صفحات الجزء الثالث وبعض الهوامش المحُوة أو المتآكلة من باقي الأجزاء. وجرى التأكد من تمام المطابقة في ذلك كله. وفي حال عدم التأكد من حصول قراءة سليمة لنص المؤلف، مما لا يتوفر بخطه، يعود الباحثون إلى الأصول التي أحال إليها أو كانت مظِنَّة لإحالته.

وقد حصلت لدينا في دار الرضوان قناعة بأن أكثر كتب الفقه المنشورة غير مصَحَّح تصحيحا مؤكدا، وينبغي أن لا تستخدم إلا مع احتياط بالغ؛ لكثرة الأخطاء المطبعية فيها.

ولذا دأب الباحثون في الدار على البدء بالرجوع إلى مكتبة النسخ الخطية الموجودة لديها (مثل الرماصي والتتائي والخرشي الكبير والتاج والإكليل للمواق، والشبراخيتي، ومختصر ابن عرفة ورياض الصالحين للثعالبي والوصلة الزلفى أو النسخ الخطية التي تمت عاريتها من بعض الخيِرِينَ

(1)

، كلما حصل شك في عبارة أو سياق. ولا يُلجأ إلى أغلب النسخ المطبوعة إلا عند عدم وجود نسخة مخطوطة يمكن الاعتماد عليها.

وكان الشيخ محمد سالم بن عدود، رحمه الله، كثيرا ما نَبَّه إلى وجود أخطاء مطبعية مخلَّة في بعض كتب الفقه المطبوعة التي اطلع عليها، وأشار، في أماكن عدة من التسهيل والتكميل، إلى أنه يجب على من يرجع إليها التنبه إلى تلك الأخطاء.

(1)

كان من بين أهم المخطوطات التى استعارتها دار الرضوان مخطوطات نادرة من مكتبة أهل الشيخ سيدي بن الهيبة، أعارنا إياها بأريحية كبيرة الأستاذ الفاضل بَاب بن هارون بن الشيخ سيدي، جازاه الله الجزاء الأوفى.

ص: 13

‌7 - إعداد الفهارس: وقد اشتملت الفهارس التي تم إعدادها على:

‌أ - فهرس القرآن الكريم

يشتمل فهرس الآيات القرآنية على الآيات الواردة في هذا الكتاب وأرقامها في سورها، مضبوطة بالشكل ضبطا كاملا (برواية حفص)، وتم ترتيبها بحسب كل مجلد من مجلدات اللوامع، وحسب صفحاته، وقد بلغ عددها 1183 آية موزعة في الكتاب على نحو ما هو مبين في الجدول 4:

الجدول رقم 4 توزع الآيات القرآنية الواردة في الكتاب حسب المجلدات

المجلد - عدد الآيات

الأول - 216

الثاني - 162

الثالث - 116

الرابع - 107

الخامس - 132

السادس - 59

السابع - 89

الثامن - 20

التاسع - 45

العاشر - 51

الحادي عشر - 34

الثاني عشر - 47

الثالث عشر - 66

الرابع عشر - 39

مجموع الآيات - 1183

ص: 14

‌ب - فهرس الحديث الشريف:

أعدَّ فهرس مفصل للأحاديث والآثار الواردة في هذا الكتاب أو المشار إليها فيه، والتزمنا في ذلك المنهج التالي:

- تخريج الأحاديث التي وردت نصا أو رويت بالمعنى في هذا الكتاب، وأثبتت معلومات التخريج في الهامش بالطريقة العلمية المتعارف عليها

(1)

.

- يخرَّج الحديث أو الأثر اعتمادا على أعلى المصادر والمراجع التي تم العَزْوُ إليها في اللوامع، وقد يحال أيضا إلى أعلى مصدر ورد فيه، زيادة على ذلك؛ فإذا كان الحديث في الموطإ بُدئ به وإذا كان في الصحيحين بُدئ بهما، وإذا وُجد في أحدهما دون الآخر صُدِّر به أيضا، ثم يذكر ما ورد في السنن والمسانيد. فإذا لم يُلْف الحديث في أي من هذه المصادر كلِّها بُحِث عنه في كتب الحديث الأخرى، فإن لم يعثر عليه فيما هو موجود منها بُحث عنه في مظانه من المراجع الموثوق بها.

- إذا أشير إلى الحديث في النص (أي في نص اللوامع) ولم يذكر، أو ورد معناه بغير لفظه المثبت في كتب الحديث المعروفة أثبت في الهامش محلُّ الاستشهاد منه بلفظه الوارد في كتب الحديث، دون ذكر رواته غالبا. ولم نجد ضرورة لإعادة كتابة الحديث في الهامش إذا طابقت الألفاظ الواردة في اللوامع ما نُصَ عليه في كتب الحديث،

- أُعِدَّ فهرس واف للحديث، وتم ترتيبه حسب كل مجلد، وحسب ترتيب وروده في اللوامع، واقتصرنا في ذلك على ما ورد في متن الكتاب من حديث أوأشير إليه فيه، مع عدم ذكر الرواة غالبا،

- لم نشأ أن نحكم على درجة صحة الحديث مُعَوِّلين على قدرة الباحثين والقراء المتخصصين على الوصول إلى ذلك بسهولة من كتب الحديث التي أحلنا إليها.

(1)

عنوان المرجع، مؤلفه، ثم معلومات النشر، ثم الباب أو الفصل، فالجزء، فالصفحة، أَو رقم الحديث (إن كانت الأحاديث في الكتات مرقمة).

ص: 15

وكان عدد الأحاديث التي أوردها المؤلف أو أشار إليها إشارة جلية يبلغ 3909 حديث

وفي العدد الكبير الذي أورده المؤلف من الآيات والأحاديث ما يعضد بالدليل الواضح ما أشار إليه الشيخ محمد سالم بن عدُّودْ في مقدمته لكفاف المبتدي ورحمة ربي من عدم إنصافِ قول من قال: إن الفقه المالكي فقه فروع فقط، فهذا الحضور الكثيف لنص القرآن الكريم وللحديث الشريف لا يترك مجالا لمثل تلك الأقوال.

الجدول رقم 5 - توزع الأحاديث الواردة في الكتاب حسب المجلدات

المجلد - عدد الأحاديث

الأول - 55

الثاني - 878

الثالث - 471

الرابع - 597

الخامس - 365

السادس - 187

السابع - 207

الثامن - 95

التاسع - 31

العاشر - 107

الحادى عشر - 97

الثاني عشر - 95

الثالث عشر - 119

الرابع عشر - 114

- مجموع الحديث - 3909

ج - فهرس الأعلام:

معلوم أن الأعلام البشرية الواردة في هذا الكتاب هي في الغالب أسماء علماء فقهاء أو محدِّثين أو مفسرين أو لغويين ثِقَاتٍ، نال كل واحد منهم من العلم والضبط والتقوى غالبا ما جعله أهلا لأن يعزُوَ له عالم ورِعٌ مثل الشيخ محمد بن محمد سالم.

ص: 16

وقد وُضعت الأعلام في فهرس خاص بكل مجلد، وأثبتت في كل فهرس كافة الصفحات التي ورد فيها اسم العلم من كل مجلد على حدة، ومعلوم أن الصفحة التي يرد فيها ذكر لعلم أكثر من مرة لا تثبت في الفهرس إلا مرة واحدة بالنسبة لذلك العلم. ورُتِّبت الأعلام ترتيبا ألفبائيا حسب اسم الشهرة للعلم. وبلغ مجموع الأعلام التي وردت في عزوى المؤلف 5508 علم.

الجدول رقم 6: توزع الأعلام البشرية الواردة في الكتاب حسب المجلدات

المجلد - عدد الأعلام

الأول - 539

الثاني - 466

الثالث - 422

الرابع - 448

الخامس - 426

السادس - 368

السابع - 405

الثامن - 309

التاسع - 290

العاشر - 401

الحادي عشر - 361

الثاني عشر - 374

الثالث عشر - 321

الرابع عشر - 378

مجموع الأعلام - 5508

د - فهرس الكتب:

عزا المؤلف إلى كتب كثيرة جدا منها ما هو موجود اليوم مخطوطا أو مطبوعا، ومنها ما لم يعد موجودا. وبلغ مجموع عناوين الكتب التي أحال إليها المؤلف 2034 عنوان.

ص: 17

- الجدول رقم 7 - توزع الكتب المذكورة في اللوامع حسب المجلدات

المجلد - عدد الكتب

الأول - 167

الثاني - 150

الثالث - 120

الرابع - 159

الخامس - 123

السادس - 147

السابع - 129

الثامن - 117

التاسع - 130

العاشر - 195

الحادي عشر - 153

الثاني عشر - 146

الثالث عشر - 144

الرابع عشر - 154

مجموع الكتب - 2034

هـ - فهرس الشعر: تضمن اللوامع نصوصا شعرية منتقاة من بينها جملة من الأنظام التعليمية وأشعار تشتمل على استشهادات نحوية وفوائد لغوية ونكت. وبلغ مجموع المطالع والأبيات المفردة التي أوردها المؤلف 941.

الجدول رقم 8: توزع أبيات الشعر الواردة في الكتاب حسب المجلدات

المجلد - عدد الأبيات

الأول - 147

الثاني - 68

ص: 18

الثالث - 54

الرابع - 99

الخامس - 67

السادس - 86

السابع - 65

الثامن - 49

التاسع - 25

العاشر - 43

الحادي عشر - 30

الثاني عشر - 86

الثالث عشر - 32

الرابع عشر - 90

مجموع أبيات الشعر - 941

و- الفهرس التفصيلي للموضوعات (كشاف الموضوعات)

تم تزويد كل مجلد بفهرس تفصيلي للموضوعات، يضم تفاصيل المسائل الفقهية الواردة في ذلك المجلد، بطريقة تعين المطالع على بلوغ مبتغاه بيسر.

الدكتور محمد بباه ولد محمد ناصر

عن دار الرضوان لصاحبها أحمد سالك بن محمد الأمين بن ابّوه

ص: 19

كلمة شكر

ص: 20

‌شكر وتقدير

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته وجلاله تتم الصالحات

اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم

وبعد فمن عظيم مِنَنِ المولى جل وعلا أن وفقنا نحق دار الرضوان لصاحبها أحمد سالك بن محمد الأمين بن ابُّوه لنشر كتاب لوامع الدرر في هتك أستار المختصر، للشيخ محمد بن محمد سالم.

ويعد كتاب اللوامع روضة من رياض العلم وارفة الظلال، دانية القطوف، مترامية الأطراف، قل أن يوجد لها نظير أو مدان؛ فقد جمع المؤلف رحمه الله في هذا الكتاب، بشكل فريد، بين تفصيل العالم المتبحر، وتدقيق الباحث المنقب، وحرر نصوصه تحريرا متقنا، فجاءت سهلة العبارة سلسة الأسلوب، تم فيها انتقاء الدال المناسب للمدلول دون تعسف، وبلغ من التفصيل والتأصيل وتوضيح المسائل ما يجعله يغني عن كل ما سواه من كتب الفقه في عصره، ولا يغني عنه غيره.

وقد كان نشر هذا الكتاب هدفا نبيلا تعلقنا به منذ زمن طويل، وها نحن نسعد اليوم بتحققه، فلله الحمد وله المنة.

ويطيب لنا أن نتقدم بجزيل الشكر والامتنان للشيخ أحمد بن النيني وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي سابقا على إسهامه الجليل، رغم مشاغله الجمة، في المقابلة والتصحيح وكتابة المقدمة وبذله كل ما في وسعه من أجل أن يخرج الكتاب على درجة عالية من الإتقان.

ونجزل الشكر والعرفان أيضا للشيخ اليدالي بن الحاج أحمد (عضو المجلس الأعلى للفتوى والمظالم) على إشرافه على تخريج الأحاديث، وسعيه إلى أن يصدر الكتاب وهو على ما يستحقه من الإتقان.

وللدكتور محمد بباه بن محمد ناصر نتقدم بوافر الشكر والعرفان على إعداد المنهجية والإشراف على تنفيذ جميع مراحلها، وعلى ما بذله من جهود موفقة في سبيل أن يخرج الكتاب بما يناسبه من الإتقان متنا وإخراجا.

ونتقدم بالشكر مستحقا كذلك للشيخ محمدٌ بن محمدُ بن المختار السالم (أمَّ) على تفانيه في عمل البحث والتحقيق في هذا الكتاب وكتب نشرتها دار الرضوان من قبلُ.

ونذكر هنا أن الشيخ محمد سالم عدُّودْ رحمه الله كان يثني على تعليقات الشيخ محمدٌ ويصفه بالمدقق.

ص: 21

ونتقدم كذلك بموفور الشكر والامتنان للأستاذ الحسن بن محيي الدين بن محمد نوح بن ابُّوه الذي لم يدخر جهدا في سبيل تخريج الأحاديث تخريجا سليما صحبة الشيخ اليدالي، وقد قام بمقابلة المجلد الأول والثاني رفقة الشيخ أحمد بن النيني، كما أسهم في مقابلة المجلدات الأخرى وفي البحث وإعداد الفهارس وتدقيقها.

كما نتقدم بوافر الشكر والعرفان للأستاذ أحمد بن عدود على إسهامه في تصحيح الكتاب ومقابلته ليخرج النص سليما.

وللأستاذ الفاضل أحمدُ بن محمد كابر بن أحمدُ بن محمد سالم نتقدم بخالص الشكر والتقدير على ما بذله من جهود جبارة في سبيل أن يُمدنا بما نحتاجه من نسخ خطية لولاها ما كان لهذا العمل أن ينشر بهذا الشكل.

وليتقبل منا جميع الباحثين والفنيين والإداريين في دار الرضوان، كل باسمه، جزيل الشكر والتقدير، فلولا ما بذلوه من جهد ومن تضحية، وما امتازوا به من صبر وإتقان للعمل، ما كان لمؤلف ضخم جليل مثل هذا أن يرى النور بشكله هذا. فالله يجزي الجميع الجزاء الأوفى.

وفي ختام هذا العمل نتذكر أن الكمال لله وحده، وقول المُزني تلميذ الشافعي:

"قرأث كتابَ الرسالة على الشافعي ثمانين مرة: فما من مرة إلا وكان يقف على خطإ، فقال الشافعي: "هِيْه! " أي حسبك واكففْ - أبى الله أن يكون كتابٌ صحيحًا غيرَ كتابه"

(1)

.

والله نحمد ونشكر، نسأله العفو والرضا، والله على ما نقول وكيل.

وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه

دار الرضوان

لصاحبها أحمد سالك بن محمد الأمين بن ابُّوه

نواكشوط: في 12 ربيع الأول 1436 هـ./ 4 يناير 2015

(1)

علي القاري الهروي، المصنوع في معرفة الحديث الموضوع، مكتب المطبوعات الإسلامية، القاهرة، ط.4، 1984، ص.50؛

يراجع أيضا: ابن عابدين: محمد أمين، حاشية رد المختار على الدر المختار، دار الفكر، بيروت، 1992، مج 1، ص.27

ص: 22

مقدمة كتاب:

" لوامع الدرر في هتك أستار المختصر"

بقلم معالي وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي

أحمد بن النيني

حفيد المؤلف

وتشتمل هذه المقدمة على المحاور التالية:

أولا - كتاب "اللوامع" وما يميزه

ثانيا - انتشار الذهب المالكي في بلاد الغرب

ثالثا - مختصر الشيخ خليل ومكانته في الفضاء المغربي الشنقيطي

رابعا - السياق التاريخي للمؤلف وملامح بيئته السياسية والثقافية

خامسا - مولد المؤلف واسمه ونسبه

سادسا - نشأته وبداية تلقيه للعلم

سابعا - أساتذته وشيوخه

ثامنا - سنده في الفقه، والتصوف

تاسعا - مكانته العلمية وأقوال العلماء فيه

عاشرا - تلامذته

الحادي عشر - مؤلفاته ومنهجه في التأليف

الثاني عشر - وفاته

ص: 23

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على النبي الكريم

"لوامع الدرر في هتك أستار المختصر"

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا

(1)

} والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد القائل: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين

(2)

).

وبعد

فإن التقديم لموسوعة فقهية شاملة مثل كتاب: "لوامع الدرر في هتك أستار المختصر" لمؤلفه الشيخ محمد بن محمد سالم المجلسي: يقتضي بالضرورة التعرض - ولو بشيء من التسرع - لمحاور ذات صلة بالموضوع من شأنها أن تساهم في إلقاء الضوء على هذا الكتاب ومؤلفه، ولعل من أهم هذه المحاور ما يلي:

‌أولا - كتاب "اللوامع" وما يميزه:

أ - كتاب "اللوامع":

إن كتابَ "اللوامع" الذي بين أيدينا يعدُّ أضخم وأوفى موسوعات المذهب المالكي التي اطلعنا عليها حتى اليوم، وقد تناول فيه مؤلفه شرح مختصر الشيخ خليل بن إسحاق المالكي فأجاد وأبدع في البحث: والتحليل، والاستدلال، بطريقة تمكِّن من الاطلاع علي فروع المذهب المالكي، باستقصاء وتتبعٍ لمسائله المختلفة، مرتبةً، منقحة: بأسلوب يعتمد الشمولية سمةً، والإيضاح هدفًا، والتحصيل مبتغًى والجمع بين الأقوال منهجا، والترجيح استنتاجا.

(1)

الأحزاب/23.

(2)

متفق عليه.

ص: 24

وكانت من أدلة استيعاب "اللوامع" جميعَ فروع المذهب غير الشاذة قول مؤلفه عنه: جمعت لكم كتب المذهب في كتبكم [هذه]، وكل حكم ليس في اللوامع فهو شاذ

(1)

.

وفي وصف اللوامع يصدق قول الشاعر:

لا يُدرِك الواصف المطري حقيقتَه

وإن يكن فائقا في كل ما وصفا

وعن تعامل المؤلف مع مختصر خليل موضوع "اللوامع" يقول أحد تلامذته:

فشق لنا بحرَ ابن موسى

(2)

بشرحه

كما شقّ موسى قبله بالعصى البحرا

وقد بدأ المؤلف مساره في تأليف موسوعاته وهو في العقد السادس من القرن الثالث عشر الهجري، بكتابه:"اللوامعَ" الذي أكمله قبل وفاته بثلاثين سنة

(3)

، وقد استغرقت فترة تأليف كتاب اللوامع نحو اثني عشر عاما مما ينبئ عن وجود عون، ومدد، وتوفيق من رب العالمين؛ فمجرد استنساخ هذه الكتب يصعب أن يتم في هذه المدة، ولو مع المثابرة، فضلا عن التأليف، والتحرير، فبالأحرى استقصاء جميع فروع المذهب ومسائله، مع عناية بالعمل اليومي الذي تقتضيه البيئة البدوية التي عاش فيها الشيخ. وكان المؤلف يستحضر دائما جسامة المسؤولية وخطر الأمانة، فقد قال:"ما كتبت كلمة في هذه المؤلفات إلا وأنا متذكر أنني سأسأل عنها غدا بين يدي الله تعالى"

(4)

.

ولتأكد المؤلف من صحة تحرير كتبه أمر أبناءه الأربعة - وكانوا كلهم علماء أجلاء - أن لا يغيروا فيها أي شيء إلا إذا تم اتفاقهم الأربعة على ضرورة تغييره. ولا تُوفي أحمد توقفوا عن ذلك.

ولا شك أن لاشتغال الشيخ بهذا المؤلف دواعي عديدة منها:

(1)

من مآثر محمد وأبنائه. تأليف محمد عبد الله (بلاهي) بن عبد القادر، بخط ابنه القاضي محمد الأمين، مخطوط بمكتبتا.

(2)

يعني الشيخ خليل بن إسحاق بن موسى المالكي.

(3)

انظر ص الأخيرة من كتاب اللوامع (بخط المؤلف).

(4)

محمد الأمين بن داداه، محمد بن محمد سالم: حياته وآثاره العلمية، بحث لنيل الإجازة من المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بنواكشوط. 1984، (بحث غير منشور). وانظر أيضا: محمد عبد الله (بلاهي) بن عبد القادر، مرجع سبق ذكره.

ص: 25

1 -

رغبته في جمع مسائل الفقه، لتتوفر للأبناء، والطلبة الوافدين على المحضرة من مختلف الأصقاع، في تلك الفترة التي لا تتوفر فيها المصادر والمراجع لدى كثير ممن يسعون من أجل الحصول عليها، وقد كانوا في أمسَ الحاجة إليها.

2 -

ومن ذلك ما أخبر به الشيخ القدوة العلامة أحمد باب بن البخاري بن الفلالي في رؤياه، وقد جاء فيها: "

وكنتَ [يعني محمد بن محمد سالم]، أصلحك الله وذريتك

(1)

، ووقاك وإياهم كل مكروه في الدنيا والآخرة ممن أعطي المذهب المالكي من أصل الروضة المكرمة

فالذي عندي أن هذا إذن في اشتغالك في الفقه المالكي وإيذان بقبول شرحك على مختصر الشيخ خليل

)

(2)

.

إن لهذا الكتاب الذي ذاع صيته وانتشر وتلقاه علماء عصره بالقبول، مميزات عديدة أذكر منها على سبيل الثال:

1 -

ضخامة الحجم فقد تركه المؤلف في سبعة أجزاء ضخام، وضخامة هذه الأجزاء حملت دار الرضوان على طباعة كل جزء في مجلدين فأصبح الكتاب يقع في أربعة عشر مجلدا، وأضيف مجلد يحمل الفهارس هو الخامس عشر.

2 -

تتبعه أنقالَ معظم العلماء الذين شرحوا المختصر، من بهرام تلميذ الشيخ خليل إلى آخر من عاصره المؤلف منهم مثل العلامة محنض بابه بن عبيد صاحب الميسر في شرح المختصر، مع ذكره لكلام بعضهم عند تناول جل جمل. "المختصر".

3 -

سعة اطلاع مؤلفه على ما كتبه علماء المذهب - بالرغم من كثرتهم وتعدد مؤلفاتهم، فكان رحمه الله، يحيل في "اللوامع" إلى مؤلفات يتعذر الحصول عليها اليوم بعد انتشار المكتبات الرقمية، وتوفر وسائل البحث المختلفة، وذلك ما يفترض طرح سؤال وهو: من أين للشيخ محمد بن محمد سالم أن

(1)

وكان من فضل الله أن جعل حفيد المؤلف الناشر أحمد سالك بن محمد الأمين بن ابوه يدخل في هذه الدعوة؛

(2)

لوامع الدرر ج 1 ص 2.

ص: 26

يحصل على كل تلك المصادر والمراجع في الفترة نفسها؟ وهو ما لا أستطيع الإجابة عنه بما فيه الكفاية؛

4 -

تقديمه الشرح لجمل "المختصر" بعبارة: "يعني" التي تجعل الباحث يتلقى العنى بطريقة جازمة، مبينة لا تقبل الاحتمال ولا التأويل؛

5 -

عنايته بقواعد النحو والصرف عفد ذكر السبب، مثل ما ذكر عند قول الشيخ خليل:"فما كان من نقص كمَّلوه ومن خطإ أصلَحوه" فبعد أن بين المعنى المطلوب قال: "ولا يصح أن يكون كملوه، وأصلحوه فعلى أمر لقوله في الألفية:

أقرن بفا حتما جوابا لو جعل

شرطا لأن أو غيرها لم ينجعل

(1)

"

والأمثلة على ذلك كثيرة.

6 -

حضوره البارز بإبداء رأيه بالشرح، والتحليل، والاستدلال والتصويب، يتضح ذلك من خلال استخدامه لعبارات ومصطلحات متنوعة كثر اسعتمالها في "اللوامع" منها:

1.

"قال جامعه عفا الله عنه"

2.

"قال مقيده عفا الله عنه"

3.

"الذي يظهر لي"

4.

"عُلِمَ مما قررتُ"

5.

" تَحَصَّل من هذا"

6.

"تحصل من كلامهم"

7.

"حاصله". إلى غير ذلك

(1)

اللوامع ج 1، ص. 114.

ص: 27

7 -

ربطه فقرات المختصر وجمله. بل وحتى حروفه بعضها ببعض مبينا وجه الصلة والترابط بينها؛ مع البراعة في تفكيك الألفاظ، وربط الجمل، بأسلوب في غاية البيان: والوضوح

8 -

ملازمته له ثلاثين سنة.

ومن الغريب أن كون فترة التأليف غير المواتية (لكثرة الترحال، وعدم الأمن، وندرة المصادر

) لم تؤثر في إتقان الكتاب؛ فجاء رائعا في شكله ومضمونه وشموليته.

‌ثانيا - انتشار المذهب المالكي في بلاد المغرب:

إن المذهب المالكي قد انتنشر انتشارا كبيرا في بلاد الغرب الإسلامي، وإمامه مالك، رضي الله عنه، ما زال حيا؛ فقد رحلت مجموعة من طلبة هذه البلاد في منتصف القرن الثاني الهجري نحو المشرق لطلب العلم، وكانت وجهة الرحلة مقصورة على الحجاز - كما يؤكده ابن خلدون

(1)

ومن بين هؤلاء: زياد بن عبد الرحمن المعروف بشبطون (ت 240 هـ) الذي يذكر أنه هو أول من أدخل مذهب مالك إلى الأندلس

(2)

وكان ممن تتلمذ على مالك رضي الله عنه وأخذ عنه مباشرة، ومعه جماعة من بينها: علي بن زياد (ت 183 هـ) وصقلاب بن زياد الهمداني (ت 193 هـ). وقرعوس بن العباس (ت 199 هـ) وأسد بن الفرات (ت 213 هـ) ويحيى بن يحيى الليثي (ت 234 هـ) وكان لعودة هؤلاء إلى بلادهم - وغيرهم ممن لم يتسع المقام لذكرهم - الأثر الكبير في نشر المذهب، بالتدريس، والقضاء، والفتوى، متبعين نهج مالك رضي الله عنه في الاستنباط، والتحري في استخراج الفروع المؤسسة على الأصول. ولم ينتقل مالك إلى الرفيق الأعلى حتى كانت مدرسته في الأندلس، وإفريقية من أقوى المدارس

(3)

.

وزاد ذلك من الرحلة إلى مالك والأخذ عنه؛ لأن من عرف بـ "عالم المدينة" جدير بالإقبال عليه، والأخذ عنه، فكان ذلك معيارا في نظر الناس لرفعة المنزلة، وعلو السند، والترجيح في النقل.

(1)

ابن خلدون، المقدمة، دار الكتب اللبنانية، بيروت، 1982، ص. 805

(2)

جذرة المقتبس ص.218.

(3)

عمر الجيدي، مباحث في المذهب المالكي، ص 16.

ص: 28

وكان مذهب الإمام الأوزاعي هو المعروف في الأندلس قبل ذلك؛ فقد ذكر المقري في نفح الطيب: "أن أهل الأندلس كانوا في القديم على مذهب الأوزاعي، وأهل الشام منذ الفتح؛ وفي دولة الحكم بن هشام بن عبد الرحمن، وهو ثالث الولاة الأمويين بالأندلس، انتقلت الفتوى إلى رأي مالك بن أنس وأهل المدينة، فانتشر علم مالك ورأيه بقرطبة جميعا وذلك برأي الحكم واختياره

(1)

".

وقد ذكر القاضي عياض أن علي بن زياد التونسي هو: "أول من فسر لأهل المغرب قول مالك، ولم يكونوا يعرفونه، وقد كان دخل الحجاز والعراق في طلب العلم، وهو معلم سحنون الفقه

(2)

" وهو من علماء تونس، وقد كان الغالب عليهم تقليد الإمام أبي حنيفة.

وكان يوجد بالقيروان، إضافة إلى المذهب المالكي، كل من المذهب الحنفي، والشافعي، والظاهري. ولما جاء المعز بن باديس عام (407 هـ) حمل الناس على العمل بالمذهب المالكي، بعد تبنيهم المذهبَ الحنفي، من جهة دولة الأغالبة والعبيديين.

أما المغربان: الأقصى، والأوسط؛ فقد اختلفت الروايات في تاريخ دخول المذهب إليهما بين أواخر القرن الثالث الهجري، أو أواسط القرن الرابع الهجري

(3)

.

وقد كانت كلمة "المغرب" تطلق على الغرب الإسلامي بكامله

(4)

وبقيام الدولة المرابطية انتشر المذهب في عموم المغرب حتى قال المراكشي في المعجب: "لم يكن يقرب من أمير المؤمنين ويحظى عنده، إلا من علم عِلْم الفروع؛ فنفقت في ذلك الزمان كتب المذهب وعمل بمقتضاه، ونبذ ما سواها"

(5)

.

وإذا كان المذهب قد انتشر في المغرب الإسلامي، وقويت أسسه ودعائمه، وأصبح هو المذهب المعمول به في التدريس، والفتوى، والقضاء؛ فإن ذلك يرجع لأسباب منها:

(1)

المقري، نفح الطيب ج 3 ص.230.

(2)

القاضي عياض، المدارك، ج 3 ص 80.

(3)

المباحث، م. س. ذ، ص 19.

(4)

المرجع نفسه، ص 19.

(5)

المعجب، ص 245.

ص: 29

1 -

الرحلة إلى الحجاز فقد قال ابن خلدون: "وأما مذهب مالك - رحمه الله تعالى - فاختص بأهل المغرب والأندلس، وإن كان يوجد في غيرهم، إلا أنهم لم يقلدوا غيره إلا في القليل، كما أن رحلتهم كانت غالبا إلى الحجاز، وهي منتهى سفرهم، والمدينة يومئذ دار العلم، ومنها خرج إلى العراق، وشيخهم يومئذ وإمامهم مالك بن أنس، وشيوخه من قبله، وتلاميذه من بعده، فرجع إليه أهل المغرب والأندلس. وقلدوه دون غيره ممن لم تصل إليهم طريقته"

(1)

.

2 -

مكانة الإمام مالك رضي الله عنه وثناء الناس عليه وتمسكه بالكتاب، والسنة؛ فقد كان الثقة المأمون العدل الورع الثبت الحجة، وكان الإمام الذي لا يدانى في الحديث والفقه فكان مذهبه الأجدر بأن يتبع؛ لأرجحية أصوله، وصحة قواعده، كما شهد له بذلك كثير من أهل العلم.

3 -

اعتدادد بفقه الوقائع، والأخذ بأعراف الناس وعاداتهم فكان فقهه فقها عمليا، رأى فيه أهل المغرب مبتغاهم.

4 -

دعوة بعض الحكام إلى التمسك به، كما فعل الخليفة الأندلسي،: هشام بن عبد الرحمن إذ حمل الناس على اتباع هذا المذهب في الفتوى، والقضاء. كما أصدر الحكم المنتصر أمرا يلزم الأندلسيين العمل به وحده

(2)

.

‌ثالثا - "مختصر الشيخ خليل، ومكانته في الفضاء المغربي الشنقيطي:

إن الاختصار الذي هو "إيجاز اللفظ مع استيفاء المعني"

(3)

بدأ يظهر للعيان في أوائل القرن الثالث الهجري؛ حيث بدأت المختصرات الفقهية في المذهب تأخذ طريقها إلى الانتشار، ولعل أول من

(1)

ابن خلدون، المقدمة، ص 45.

(2)

أحمد باب التينبكتي، نيل الابتهاج، ص 191.

(3)

تهذيب الأسماء واللغات.

ص: 30

تصدى لاختصار المؤلفات الفقهية أبو محمد بن عبد الحكم المصري

(1)

في مختصره الذي نحا به اختصار كتب أشهب، وتتابع الاختصار بعد ذلك. وفي القرن السابع الهجري عرفت المختصرات انتنشارا لفت الانتباه.

ونظرا لضعف الهمم، وتعذر تتبع أمهات المذهب الكبيرة مثل: المدونة لسحنون (ت 240 هـ) والواضحة لعبد الملك بن حبيب (ت 238 هـ) والعتبية للعتبي محمد بن أحمد بن عبد العزيز (تـ 255 هـ) والموازية لمحمد بن المواز (ت 269 هـ) والمبسوط للقاضي إسماعيل (ت 282 هـ)، وغيرها من المؤلفات الكبيرة الأخرى مثل: النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني (ت 386 هـ)، قام العلماء بتسهيل التعامل مع هذه المؤلفات، بالاختصار والإيجاز؛ لما كانت تحتاجه من مزيد وقت وجهد. ويقال إن من أوائل المختصرين لبعض هذه المؤلفات فضل بن سلمة الجهني الأندلسي (ت 319 هـ) الذي اختصر المدونة والواضحة والموازية وغيرها، ثم جاء بعده محمد بن عبد الله بن عيشون الطليطلي (ت 341 هـ) ليختصر المدونة، ثم جاء بعدهما محمد بن عبد اللك (ت 346 هـ) ليختصرها أيضا، ثم تتابع على اختصارها كل من العلماء التالية أسماؤهم:

ابن أبي زيد القيرواني (ت 386 هـ) وأبو عبد الله محمد بن أبي زمنين (ت 399 هـ) وأبو القاسم اللبيدي (ت 440 هـ) ثم جاء البرادعي ليختصر بكتابه "التهذيب" مختصر ابن أبي زيد القيرواني، ليأتي دور عالِم المختصرات: أبو عمر عثمان بن الحاجب (ت 646 هـ)

(2)

الذي حوى في مختصره خمسة وستين ألف مسألة، استخرجها من ستين كتابا من أمهات ومختصرات كتب المذهب

(3)

.

ثم جاء مختصر الشيخ خليل هذا الذي جمع: "ما في كتب المذهب من الفروع، واستقصاء المسائل، وهو أمر صعب التحقيق

وقيل إنه جمع فيه على صغر حجمه مائتي ألف مسألة: مائة ألف

(1)

المدارك ج 3 ص 365.

(2)

المباحث ص 88.

(3)

ابن غازي، شفاء الغليل في حل مقفل خليل، مقدمة المحقق، ج 1، ص.15.

ص: 31

بالمنطوق، ومائة ألف بالمفهوم؛ بل نص الهلالي في نور البصر على أن فيه المسألة الواحدة التي تجمع ألف ألف مسألة

"

(1)

.

وقد احتل مختصر الشيخ خليل الصدارة في الفضاء المغربي، لأن: "الفقهاء فتحوا له صدورهم وأفسحوا له المجال في حلقاتهم

وتنافسوا في شرحه حتى عدت شروحه بالمئات"

(2)

.

ولما دخل مختصر الشيخ خليل شنقيط على يد مولاي أحمد الذهبي

(3)

حظي بعناية علماء هذا البلد فبقي محافظا على المكانة الآنفة الذكر، ولعل أول شرح محفوظ له في بلاد شنقيط هو كتاب:"موهوب الجليل في مختصر الشيخ خليل" لمؤلفه: محمد بن أبي بكر الحاجي الواداني، وقد كان حيا سنة 933 هـ.

(4)

وقد أقبل علماء هذا القطر على مختصر الشيخ خليل بالشرح، والتعليق والاختصار والحفظ والتدريس إلى وقتنا الحاضر، مما سبب في كثرة شروحه وتنوعها.

‌رابعا - السياق التاريخي للمؤلف وملامع بيئته السياسية والثقافية:

‌أ - السياق التاريخي العام:

من المعروف أن الإسلام دخل إلى جنوب غرب الصحراء الكبرى على يد عبد الرحمن بن حبيب بن عقبة بن نافع سنة 116 هـ، على ما يُرجَّح، وتتالى من بعده قدوم التجار المسلين الذين حملوا مع بضائعهم نور العلم والهداية، وحببوا إلى السكان الإسلام ودعوهم إليه فاعتنقوه. وبعد وصول العلم الكبير في بدء عهد المرابطين عبد الله بن ياسين الجزولي (ت 451 هـ) تم الإعداد لبناء دولة إسلامية، فوضعت الأسس والمرتكزات لذلك، ثم ظهرت إلى الوجود مراكز علمية متعددة في بلاد

(1)

المباحث، ص. 98

(2)

نفسه ص 98.

(3)

الخليل النحوي، بلاد شنقيط: المنارة والرباط، تونس:1987. ص. 200.

(4)

مواهب الجليل (الحطاب)، دار الرضوان. ط 1. 2010، ج.1، ص.3. (مقدمة التحقيق)

ص: 32

شنقيط مثل: محظرتي وَادَانْ، وتِيشِيتْ اللتين تأسستا نحو سنة 536 هـ، ومحضرة شنقيط التي تأسست نحو سنة 660 هـ. وتتابع ظهور المحاضر والمدارس في المدن والقرى والبوادي الشنقيطية.

‌ب: - ملامح بيئته السياسية:

بعد حلول قبائل المعقل في ق 7 هـ وأفول نجم دولة المرابطين استطاعت قبائل من بني حسان ومن صنهاجة أيضا أن تقيم قيادات قبلية في الفضاء الشنقيطي تطورت مع مرور الزمن حتى غدت منذ القرن الحادي عشر الهجري مشيخات وإمارات ذات شأن كبير تحاول غالبا بسط الأمن وتوفير نصيب من العدالة في الأراضي التي تبسط عليها نفوذها، ولكن ظلت الصراعات والحروب تهدد وجود هذه الإمارات وتقلق سكانها (من الحوض الشرقي إلى تيرس) في مستقراتهم وأثناء تنقلاتهم.

وكان تنقل أحياء البدو بحثا عن الماء والكلإ ممارسة يومية تعيشها محضرة الشيخ وحيه. واستطاع هذا الحي أن يُكَيِّفَ معها حياة علمية فريدة، مليئة بالتضحية والإيثار، مفعمةً بالود والحيوية، وظل المجال الذي يجوبه الشيخ ومحضرته وطلابها فضاء عريضا يشمل منطقة تيرس

(1)

التي ولد

(1)

يذكر العلامة القاضي محمد الأمين بن بلاهي (حفيد المؤلف) بعض معالم تيرس في قصيدته الرائعة التالية:

تلافيت نفسي أن تفوت بلا مهل

وهل ذا التلافي يحرس النفس من وهل

وكيف تلافيها بعيد متالف

يجر عنيها الشوق إن يظهر الطلل

فما أنا والسلوان في غير موطن

وتيرس ذي أعلامها الثم لم تزل

فقد لاح "زوك" كالقطار وصنوه

وذلك "إيج" حذوه "هضبة الوعل"

فقد هيجت "إيج" مدامع مقلتي

فإيج هيوج للمدامع في المقل

وفي ذي مجن "الدوكج" الفرد منزل

به آنفا حتي المشايخ قد نزل

توحته مأوى سادة سلف لنا

مضوا بسلام والدنا أبدا دول

فكم ألفوا علما تفرق قبلهم

وكم حصلوا ما لم يكن قبلهم حصل

ص: 33

فحيهلا بالحي في العلم والتقى

وفي الجود والإنفاق بالحي حيهل

ألا فاندب الأطلال منهم وحي ما

حواليك من ريم محيل ومن طلل

أخلاي ذاك "الشوف" فالشوف حوله

به طلل "البطحا" وذا طلل "الوشل"

وذا طلل بسفح "أم هويدج"

به الغصن يهدي من بعيد ومستظل

وقد قطعته الناس في غير حقه

فشلت نكالا عشر قاطعه شلل

وذا مربع "الأجواد" جودوا برسمه

بجهد يذيب الصم من نابت الجلل

وما أنصفت عيناك لم يصف دمعها

وقد لاح قلب "النصف" منتشر الطفل

بـ "دوس" مس المس حلمك يومنا

لدن أمس كنا حول "دومس" في المحل

أضاة وهضب والحساء فهذه

مناظر حسن من تصفحها ذهل

بها أثلات في أخاديد عرصة

أضاة على دعثورها الجبل أحزأل

وقد جاءت البطحات نكبى عن الصبا

ثمالا وفيها البير ذو الشهرة انتقل

وفي الخيف شرقا مدفن أي مدفن

به قبر محي الدين ذي المنصب الأجل

محمد من قد راق في العلم والتقى

وفاق وأمر الله وافق واحتفل

تصدر "بالريان" للنور فارتوى

بتفسير حبر قد تبحر واعتقل

و"بالنهر الجاري". جرت همة على

صحيح البخاري فاستنارت به السبل

وشرح "خليل" باللوامع واسمه

لوامع در للنتيجة قد شمل

وللشيخ آثار من العلم غير ذا

ولكن قولي ضاق عن حصر ذا وقل

جزاه العلي فضلا جميل جزائه

وأدخله عدنا من أول من دخل

ص: 34

فيها هو وبنوه الأكرمون، وفيها دفن، ومنطقة تَازيَازِتْ ورمال آزِفالْ وغور تِيجِرِيتْ ورمال آكشَارْ ومنطقة إينْشِيرِي وآمسَّاكه، وكثيرا ما تمتدُ حركة الحي شمالا نحو آدْرَارْ سُطُّفْ ومناطق الزْمُول والكْرَبْ ونَكجِيرْ والجوَيَّات (شرقي مدينة الداخلة) في فضاء مفتوح نحو عيون الساقية الحمراء (عيون المدلشي)، تعودت قوافل التجار أن تسلكه حاملة البضائع والمعارف، رابطة منطقة واد نون (نول) ومنطقة كلَيْميمْ بمنطقة تيريس وما حولها. (انظر الخريطة)

وقد تتواصل رحلة الانتجاع جنوبا وشرقا فتصل إلى مناطق آمْخَاسِيرْ وآؤكَارْ المغربي وأكَانْ وآمشتيل شمال بُوتِلِمِيت، كما قد تصل جنوبا إلى مشارف منطقة "الغابة" أو الأطراف الشمالية من منطقة إكيدِي.

وهكذا كان حي الشيخ ينتقل في مناطق تمتد شمالا وجنوبا نحو ألف كلم، وتمتد شرقا وغربا نحو أربعمائة كلم، وقد تصل المسافة إلى ضعف ذلك في سنوات المحل.

وفي بيئة سياسية مضطربة وُلِد الشيخ محمد بن محمد سالم في منطقة تيرس الغربية وكوَّن علاقة احترام وتقدير مع الأمراء وخاصة في "آدرار"، و"الترارزة"؛ فنظرا: "لمكانته [يعني الشيخ محمد بن محمد سالم] العلمية وقوة شخصيته واستقلاله في جل جوانب حياته استطاع بفضل الله سبحانه وتعالى أن

=توسلت للمولى الكريم بجاهه

أريد صلاح البال والحال عن عجل

وقد زرته جسما على شحط النوى

أرجي من المولى ملاءمة الأمل

بجاه التقى والعلم منه ونسكه

وإنفاقه أرجوا الأمان من العلل

وفرج كروب الأهل واعف وعافنا

وأصلح جميع الحاج يا خير من عدل

ويا عالمُ السترَ الجميل فأسدلن

علينا وعاملنا بفضلك في العمل

صلاة على كنز الوجود محمد

وبرهانه تستري من الحكم الأول

ص: 35

ينسج مع الأمراء المعاصرين له، والمتواصلين معه علاقة تحْفَظ له هيبته الشخصية، ومكانته العلمية، وتوجد له من المكانة والوجاهة لدى هؤلاء ما يؤهله للقيام بمهمته وتأدية أمانته جامعا بين حاجات الدنيا ومصالح الدين، مبتغيا وجه الله تعالى، والدار الآخرة، غير غافل عن نصيبه من الدنيا، محسنا كما أحسن الله إليه، ساعيا إلى كبح جماح من يبغون في الأرض الفساد. وظلت علاقته مبتوتة مع البغاة والمفسدين في الأرض، موصولة الحبل مع أمراء العدل والساعين إلى الإصلاح ممن يستشيرون أهل العلم: ويسعون إلى الانتفاع بما عندهمَ"

(1)

.

ومن أمثلة هذه الصلة المبنية على التقدير والإجلال: أن الأمير محمد الحبيب سأل محمد بن محمد سالم عن الأفضل له أن يشتغل به في هذه الحياة الدنيا.

فقال له الشيخ محمد: هل تسأل عن الأفضل بالنسبة لك أم بالنسبة "للزوايا"؟ فقال له الأمير لا أسأل إلا عن الأفضل بالنسبة لي، فقد اختلف قول بعض العلماء في ذلك، فقلت لهم إني لا أعمل إلا بقولك. فأجابه الشيخ محمد:"الأفضل لك أن تعتزل الناس وتبقى على رأس جبل حتى يأتيك الأجل". وحدث أن اشتكى أحد رعية الأمير لمحمد بن محمد سالم في ظلم تعرض له، فخاطب فيه الشيخ الأمير، فأمنه ورد عنه الظلم، وقال الأمير للشيخ: أنت تأمرني باعتزال الناس وترْكِ ما أنا عليه، وتطالبني برد الظالم

(2)

.

ومنها كذلك ما وقع له مع أمير آدْرَارْ أحمد بن امحمد المعروف بإقامة العدل ونشر السلم، حيث هم الشيخ محمد بأداء الحج، وفي ذهابه تعطيل لعطاء علمي متميز: وإيقاف لمساهمة كبيرة في تدعيم السلم الاجتماعي عن طريق الإفتاء، والتوجيه والإرشاد؛ فلما عزم على السفر طلب منه الأمير أن يقيم له أياما ينتظره ليرافقه إلى الحج، فقال الشيخ محمد:"أستعيذ بالله تعالى أن أكون سببا في ذهاب الأمير أحمد عن هذه البلاد"، فما كان من الشيخ إلا أن ترك الحج تلك السنة.

(1)

أحمدُ بن الراظي، تحقيق كتاب النهر الجاري على صحيح البخاري، لمؤلفه الشيخ محمد بن محمد سالم، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة ابن طفيل، المغرب، 2006: ص 3 (بحث مكتوب على الآلة)

(2)

تأليف بلاهي، م. س. ذ، (مخطوط)

ص: 36

‌ج - ملامح بيئته الثقافية:

لقد شهدت الفترة التي عاش فيها محمد بن محمد سالم نهضة علمية متميزة حيث عرفت بلاد شنقيط انتشار المحاضر وكثرة روادها، فأقبل الناس على طلب العلم، وتحصيله ونشره، فازدهرت حركة التأليف، وتنوعت مضامينها، وكان ذلك في عهد علماء بارزين ألفوا فأجادوا ودرَّسوا فأفادوا من بينهم على سبيل المثال:

الشيخ الخرشي بن عبد الله الحاجي (1209 هـ)

الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكنتي (ت 1242 هـ).

الشيخ حرمة بن عبد الجليل العلوي (1243 هـ).

القاضي أحمد فال بن ألمين اليعقوبي (ت. 1264 هـ).

الشيخ محنض بابه بن اعبيد الديماني (1277 هـ).

الشيخ محمد المامي بن البخاري اليعقوبي الباركي (1282 هـ).

الشيخ سيديا بن المختار بن الهيبه الانتشائي الأبييري (ت 1284 هـ)

الشيخ محمد المختار بن بلعمش الجكني (ت 1285 هـ)

الشيخ محمد مختار بن حبيب الله (ابُّوهْ) اليعقوبي (1303 هـ)

الشيخ محمد فاضل بن محمد اعبيدي (ت 1321 هـ)

الشيخ محمد مولود بن أحمد فال اليعقوبي (آدَّ، ت 1323 هـ)

الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل (1328 هـ)

الشيخ سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل 1335 هـ)

هذا بالإضافة إلى العلماء الذين ولدوا مع الشيخ محمد بن محمد سالم في سنة واحدة سميت (سنة السفن) وهم السادة العلماء:

- الشيخ محمذن فال بن متالي التندغي

ص: 37

الشيخ محمد بن محمد لمين الفودي

الشيخ محمذ بن احميد الموسوي اليعقوبي

الشيخ حبيب الله بن حمود

الشيخة الصغرى بنت المسك التندغية

الشيخ محمد بن أبن عمر اليعقوبي الباركي

‌خامسا - مولد المؤلف واسمه ونسبه:

‌أ - مولده:

ولد الشيخ محمد بن محمد سالم (سنة 1206 هـ) وقد أشار إلى ذلك بعض تلامذته بقوله:

محمد عقب ورشا وأقام

عاما وباقي قرنه وبعض عام

(1)

وقيل ولد 1202 هـ والأول أصح

‌ب - نسبه:

لقد بين نسبه في مقدمة كتابه: "اللوامع" الذي بين أيدينا فقال: "محمد بن محمد سالم بن محمد سعيد بن محمد بن عمر أبي السيد بن أبي بكر بن علي بن يمغدش بن وديعة الله حن عبد الله بن أحمد بن يفت بن يدر بن إبراهيم المجلسي، العلوي الفاطمي الحسني الإدريسي.

(2)

وإبراهيم هذا يقال - والله تعالى أعلم - إنه من ولد عمر بن عبد العزيز".

وإذا كان هذا النسب من جهة أبيه؛ فإنه بيَن نسبه من جهة أمه فقال: "الحمد لله الذي تفضل علي بحسب حسيب، يقصر دونه حسيرا نسب النسيب، وفخر الأريب وتتناهى دونه محاسن البديع

(1)

بحساب الجمل 1206.

(2)

هذه الأنساب الأربعة هي من جهة الأم؛ لانتمانها إلى: إدريس الأصغر، ثم الحسين السبط ثم فاطمة الزهراء كما هو مبين في نسبه من جهة الأم.

ص: 38

الغريب، فأمي مولاتنا السيدة/ حفصة بنت سيدنا ومولانا سيدي محمد بن سيدنا اكنابر بن محمد بن أبي عنكـ (كني ببنت له جميلة) بن أعمر (بضمتين) ابن أبي القبيلة المكرمة المشرفة المطهرة مولاي عامر أبي السباع الهامل الهداج بن حريز بن محرز بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن يوسف بن زيد بن عبد النعيم بن عبد الواسع بن عبد الدائم بن عمر بن زروق بن عبد الله بن عمر بن سعيد بن عبد الرحمن بن سلام بن عزوز بن عبد الكريم بن خالد بن سعيد بن عبد الله بن زيد بن رحمون بن زكرياء بن عامر بن علي بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إدريس الأصغر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسين السبط بن سيدتنا ومولاتنا فاطمة بنت سيد الأولين والآخرين عليه أفضل صلاة المصلين وأزكى سلام المسلمين".

‌سادسا - نشأته وبداية تلقيه العلم:

لقد نزح محمد سعيد جد محمد بن محمد سالم إلى جهة الشمال من موريتانيا عن بلد عشيرته "المدلش" في الجنوب، وكان ذلك في أوائل القرن الحادي عشر الهجري، ومعه رجال من أبناء عمومته فاستقر ببلدة "تِنيكي"" إبان ازدهارها، وتزوج من أهلها بالسيدة الدهيمه بنت الطالب اعلي الجكنية أخت الحاج المختار جد قبيلة (أهل الحاج المختار) الكريمة.

وبعد أن اندلعت الحرب هناك ذهب محمد سعيد بأسرته إلى مدينة وادان، ومعه الحاج المختار أخو زوجته التي أنجب منها أبناءه الثلاثة: محمد سالم وعمر وأحمد، وبعد وفاة محمد سعيد ودفنه بوادان، خرج محمد سالم بالأسرة متوجها إلى تيرس الغربية؛ فكانت هي المستقر ومنها يقع الانتجاع إلى الأماكن الأخرى طلبا للماء والكلأ.

وبعد جوار جمع بين الشيخ الفاضل سيدي محمد التشيتي والشيخ محمد سالم بأرض تيرس، نشأت عنه علاقة احترام وتقدير أديا إلى تزويج محمد سالم بالسيدة حفصة بنت الشيخ سيدي محمد المذكور؛ لتكون أما مربية ومعلمة كافلة لمحمد بن محمد سالم الذي توفي عنه والده وهو في السنة الرابعة من عمره، وكان أصغر إخوته وهم السادة: أحمدُ الذي أصبح عالما جليلا ماهرا بالقرآن وعلومه، وعيشة

ص: 39

البنبارية، ثم مريم، وفاطمة. تزوجت الأولى في بطن "المتغنبرين" من كنته الأكرمين: والأخيرتان في بطن "الأعمام" من بني يعقوب الأفاضل، وكان لهن حظ كبير من العلم.

وظلت حفصة تنتقل في رحاب حضرة أخيها الولي الصالح الشيخ محمد بن سيدي محمد، لتتمكن من تربية أبنائها على الوجه الأكمل وقد تحقق لها ذلك.

وقد تلقى محمد دراسته الأولية على يد والدته السيدة حفصة، فقد درس عليها القرآن وعلومه، وبعض مبادي علوم الشرع الأخرى، وهو في العقد الأول من عمره، لتؤهله للمكانة الراسخة التي تبوأها بعد ذلك.

‌سابعا - أساتذته وشيوخه:

تعتبر السيدة حفصة بنت سيدي محمد هي المعلمة الأولى لمحمد بن محمد سالم بالنسبة للمرحلة التي أكمل فيها القرآن وعلومه في سن مبكرة من عمره

(1)

؛ وقد كان سريع الفهم، قوي الذاكرة، مولعا بالمطالعة، مضرب المثل في القدرة على التعبير وفي الفصاحة والحفظ، فقد حفظ سبعة أحرف من القاموس المحيط للفيروزابادي، وقد ترك متابعة حفظه لما قال له بعضهم: إن حفظك للقاموس أقرب إلى الرياء

(2)

وكان يقول بعد ذلك: "لا أعفو عمن تسبب لي في ترك حفظ القاموس". وكان يعتمد على نفسه في استخراج معاني "المختصر" من شرَّاحه.

ولم يزل كذلك معتمدا في تحصيله ودراسته على متابعة مطالعته الكتب دون الرجوع إلى شيخ؛ حتى قرأ في كتاب: "من أخذ الفقه من بطون الكتب غيَّر الأحكام ومن أخذ التصوف من بطون الكتب خرج عن دين الإسلام، ومن أخذ النحو من بطون الكتب لحن في الكلام

"

(3)

. فعلم أنه لا بد له من شيخ فخرج يبحث عن محضرة يتحقق له مقصوده فيها فمر ببعض المحاضر ولم يلبث بها كثيرا، وظل يتنقل إلى

(1)

تأليف بلاهي، م. س. ذ.

(2)

المرجع السابق.

(3)

المرجع السابق.

ص: 40

أن أناخ راحلته بين المغرب والعشاء بمحضرة العلامة الشيخ حامد بن أعمر البارتيلي

(1)

بموضع يسمى "الكلَيْتَاتْ" إلى الشمال الشرقي من مدينة أَكجوجت، وأول ما درس عليه نظما يجمع مسائل تجب في العمر مرة، منها البسملة والحمدلة والهيللة والاستغفار والتسبيح والتكبير والتعوذ

ثم كان الدرس الثاني هو: "أَقفَافُ" الشهادات الثمانية من مختصر الشيخ خليل والقفُّ هو مثل الثمن في القرآن الكريم ثم: "فصل الخيار" منه في الدرس الثالث، وتابع عليه الدراسة لفترات غير متوالية، ولم تتعدّ في مجملها نحو السنة، أكمل فيها مختصر الشيخ خليل. وقد قال هو عن دراسته هذه إنه "لم تزل بينه وبين مختصر الشيخ خليل ظلمة حتى درسه على شيخه حامد بن أعمر فكان.

شيخه في الفقه، كما أخذ عن العلامة أحمد بابُ الصديقي مسائل في الفقه أيضا. وقد أورده في سلسلة سنده التي سنتعرض لها قريبا.

وما من شك في أنه كان متبحرا في علوم أخرى كثيرة، ومؤلفاته الزاخرة بمختلف المعارف الشرعية، واللغوية خير شاهد على ذلك، غير أننا لم نقف له فيها على شيخ، إلا ما قيل من أنه مكث ليالي ثلاث بمحضرة العلامة أحمد محمود بن آبيه

(2)

.

ولعل كثرة المطالعة، والاتصال بالعلماء، ومذاكرتهم كانت من أسباب سعة علم الشيخ محمد بن محمد سالم، وكثرة اطلاعه، ووسع باعه، ولم تثن محمد بن محمد سالم صروف الدهر، ودواهيه عن متابعة الدراسة في محضرة شيخه العلامة حامد بن أعمر، فقد عانى الكثير من الصعاب؛ فكان يصل الليل بالنهار في طلب العلم، مبالغا في خدمة الشيخ.

وقد أصيبت إبل شيخه بداء "الجرب" وهو مرض يصيب الإبل، فكان يجمع لبن نبتة اليتوع - وهو من وسائل علاج هذا الداء - في يوم، ليباشر عملية الطلاء في اليوم الآخر، واستمر هكذا إلى أن برئت إبل شيخه من الجرب، ومع ذلك ظل يواظب على جمع الحطب يوميا لإيقاد النار، لكي يتمكن من

(1)

العلامة دب سالم بن حبيب الله بن محمد بن محمد سالم، منبر المكارم في مآثر آل محمد سالم، مخطوط.

(2)

بحث التخرج، ص 24.

ص: 41

مواصلة الدراسة على ضوئها ليلا، وكان إذا فقد الحطب في نواحي الحي، لطول مدة الإقامة به يجعل من كسائه العَدِّ للَّبس في البرد القارس أداة لجمع رقيق الحطب لتوفير ما يمكنه من السهر ليلا على الدراسة، ثم يلبسه بعد ذلك، وقد أصيب بطفح جلدي بسبب وخز أشواك ذلك الحطب الذي كان يحمله على ظهره.

وكان معتمدا على نفسه في المحضرة، مصطحبا معه ثلاث أيْنُقٍ وقيل خمسا

(1)

ولما رجع إلى أهله من الدراسة على شيخه، بدأ في ترتيب شؤون الأسرة، وتأسيس المحضرة، فتزوج فاطمة ابنة خالة العالم الصالح لمحمد بن الشيخ سيدي محمد: وقد أنجب منها أبناءه الأربعة: أحمد وعبد القادر وحبيب الله وعبد الله؛ وابنته رائعة، وكلهم تخرجوا عليه علماء بارزين بعد ذلك.

وقد استطاع أن يجمع حوله بعضا من أفراد عشيرته وأبناء عمومته وتلامذته، فتأسست بذلك مجموعته التي أصبحت تدعى (أهل محمد سالم)، وكان يحيط الجميع بحسن الرعاية والعناية، فيكفل الأيتام والأرامل، ويعلم الناس بحكمة وتبصر، وكان لابن عمة العلامة الحسن بن عمر دور كبير في مساعدته وعونه على القيام بهذه المهام المختلفة.

وإذا كان محمد بن محمد سالم قد برز في العلم الظاهر بمختلف فنونه؛ فإنه لم يقتصر على ذلك، بل كانت له اليد الطولى في التصوف وعلم الباطن؛ فكان يجاهد النفس في صبر وزهد؛ ومحبة وتوكل، وقد أخذ الطريقة النقشبندية

(2)

على يد شيخه وخالة الولي الصالح المتقدم الذكر الشيخ محمد بن سيدي محمد التيشيتي.

(1)

بحث التخرج، ص 23.

(2)

طريقة صوفية نشأت بتركيا والعراق وإيران، تنسب إلى محمد نقشبند البخاري (ت 791 هـ)، منح العلي، ص 21.

ص: 42

‌ثامنا - سنده في الفقه، والتصوف

‌أ - سنده في الفقه:

أخذ محمد بن محمد سالم عن حامد بن أعمر عن أحمد محمود ين عمر اتفغ الخطاط عن عمر اتفغ الخطاط عن القاضي بن اعلي مم السباعي، عن الفالي بن أبي الفالي الحسني عن علي الأجهوري"

(1)

، عن الشيخ عثمان المغربي عن عبد الرحمن الأجهوري عن شمس الدين وأخيه ناصر الدين اللقاني عن السنهوري عن البساطي عن بهرام عن الشيخ خليل بن إسحاق عن شيخه المنوفي عن أبي الحاج عن أبي إسحاق التونسي عن القرافي عن ابن الحاجب عن شمس الدين الإبياري عن إسماعيل بن عوف عن سند بن عثمان عن الطرطوشي عن أبي الوليد الباجي عن أبي طالب مكي القيسي عن ابن أبي زيد القيرواني عن محمد بن اللباد عن يحي بن عمر البلوي عن سحنون عن ابن القاسم (عبد الرحمن العتقي) عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه.

(1)

محمد سالم بن محمد علي بن عدود، التسهيل والتكميل. دار الرضوان، 2013، ج 1، ص 46 م.

ص: 43

أحد الأسانيد الفقهية للشيخ محمد بن محمد سالم المجلسي

ص: 44

كما أخذ عن الشيخ أحمد بابُ الصديقي

(1)

، قال في كتابه "اللوامع" بشأن مسألة في باب "الرهن" بعد أن بين حكمها: "

كما حدثني به أحمد بابُ الصديقي عن الأمين بن المختار بن موسى اليعقوبي عن الأمين العتروسي عن عبد الدائم بن اخطيرة عن القاضي العلوي عن الشيخ علي الأجهوري". وكان الشيخ أحمد بابُ الصديقي من شيوخ العلامة أحمدُ بن محمد سالم أخي محمد

(2)

.

ومن غريب الاتفاق أن ناشر هذه الموسوعة أحمد سالك بن محمد الأمين بن ابوه حفيد لهؤلاء العلماء الأربعة: الأمين بن المختار ومحمد بن محمد سالم وأحمدُ بن محمد سالم وأحمد بابُ بن الأمين

(3)

.

‌ب - سنده في التصوف:

أخذ محمد بن محمد سالم عن شيخه وخاله الولي العالم الشيخ محمد بن سيدي محمد التيشيتي عن الشيخ العالم القطب الرباني المجدد محمذ لمجيدري بن حبيب الله اليعقوبي عن الشيخ عبد الوهاب التازي عن الشيخ سيدي عبد العزيز الدباغ الذي يتصل سنده بالخضر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال محمد بن محمد سالم متوسلا بأشياخه هؤلاء:

(1)

نسبة إلى بطن أهل الفال نصدّيق الشرفاء اليعقوبيين

(2)

عبد القادر: وثيقة بخطه

(3)

العلامة محمد الأمين بن بلاهي بن عبد القادر بن محمد بن محمد سالم، مقدمة كتاب الريان في تفسير القرآن، ص. ي، مخطوط

ص: 45

حمدا لمن من ظلمات الوهم

يخرج من شاء بنور الفهم

ويهتدي لما به فلاحه

من التجا لمن به صلاحه

ثم الصلاة والسلام النامي

على النبي سيد الأنام

والآل والصحب سنى الوجود

والتابعين الركع السجود

يا رب أنت الله حسبي وكفى

من الذي أعيا الأساة واختفى

يا رب بالفيض الرضى استشفي

وكل ما أهمني استكفي

شيخ الشيوخ علم الأعلام

غوث الأنام حجة الإسلام

سما به من قابسي أحمدِ

سامي الفخار ساطع محمد

وشيخه القطب البهي الباهر

بحر الندى نجم الهداة الزاهر

محمد هو ابن حب الله

حاوي المناقب العظيم الجاه

وشيخه التازي ذي التبريز

شمس الضحى ذي العقل الحريز

وشيخه الدباغ ذي الصمداني

منار كل شاسع ودان

وشيخه الرائق باتباع

من الكليم رائم اتباع

وشيخه الهادى إلى دار السلام

عليه أفضل الصلاة والسلام

من كان مستمد داعي البشر

من نوره البهي يوم المحشر

يا ربنا بهؤلاء البرره

السادة المنتخبين الخيره

اسبل علينا رب وابل المنن

وجد بلطف منك صارف المحن

وصلي يا رب وسلمن على

مهمين حاز المقامات العلى

وقد أفرد شيخه وخالَه الشيخ محمد بن سيدي محمد بتوسل قال فيه:

أراك على الأكَوان أحوط حائط .... يعود على كل بأحصن حائط

ص: 46

فيمنك موفور وسيبك واسع

واسمح مزن منك واهي الروابط

وإذا كان الشيخ العلامة حامد بن أعمر شيخا لمحمد بن محمد سالم المجلسي الذي كان رافدا أساسيا لوجود محاضر منتشرة ذات شأن عظيم مثل محضرة العلامة الشيخ يحظيه بنعبد الودود (سيبويه زمانه) فهو (أي يحظيه) تلميذ الشيخ أحمد بن محمد بن محمد سالم فإن محضرة العلامة الشيخ محمد مختار بن حبيب الله بن محمذ (آبَّ) الموسوي اليعقوبي الشهير بـ (ابُّوهْ) ذات الصيت الذائع، والشأن العظيم، لما قامت به من نشر العلوم الشرعية واللغوية في هذه البلاد، لها أيضا صلة مباشرة بالشيخ حامد بن أعمر، فهو شيخ صاحب هذه المحضرة، وكانت أيضا محضرة ابُّوهْ من الروافد المباشرة لمحاضر عديدة ذات شهرة كبيرة، وعطاء علمي متميز تفرعت منها، ومن تلك المحاضر على سبيل المثال لا الحصر:

أ - محضرة العلامة الشيخ محمد مولود بن أحمد فال (آدّ) العالم الورع ابن القضاة؛ الذي بلغ في العلم درجة الاجتهاد، ذي المؤلفات الجامعة والمعارف النافعة، يقول فيه تلميذه العلامة محمد الخضر بن حبيب الله اليعقوبي الباركي:

إن لم يكن محمد مولود

وَلِيَ شرع فالولي مفقود

ب - محاضر أبنائه (كان لمحمد مختار ابُّوه ثمانية أبناء كانوا علماء كلهم)

ج - محضرة العلامة: محمد الأمين بن أبي المعالي اليعقويي (ت 1336 هـ)

د - محضرة العلامة: محمد بن محمد البخاري اليعقوبي (ت 1380 هـ).

إلى غير ذلك من محاضر تلامذة هذا الشيخ التي يضيق الوقت عن تتبعها.

ص: 47

‌تاسعا - مكانته العلمية وأقوال العلماء عنه:

لقد كانت لمحمد بن محمد سالم المكانة المرموقة علما، وورعا وتواضعا، تنبئ مؤلفاته عن معرفته الواسعة، وإدراكه العميق لمختلف المجالات الشرعية واللغوية.

كما تؤكد ذلك محضرته الذائعة الصيت، التي أسسها ولما يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره سنة 1230 هـ

(1)

بعد عودته من الدراسة، فغدت هذد المحضرة وجهة لطلاب العلم من مختلف نواحي البلاد، ومن مختلف الفئات والأعمار؛ وتجاوز عدد طلابها في بعض الفترات الألف

(2)

.

وقد ذكر بعض الباحثين أن قبيلة واحدة من القبائل الموريتانية بلغ عدد طلابها الذين يدرسون بهذه المحضرة مائة وخمسين طالبا، بينما بلغ عدد طلاب مجموعة أخرى مائة وعشرين، في حين بلغت الثالثة مائة وخمسة

(3)

.

وقد وجد مختصر الشيخ خليل مكتملا من بدايته إلى نهايته بهذه المحضرة في ألواح الطلبة وفي وقت واحد. أما الفنون الأخرى التي كانت تدرس بها فلعل خير من يتحدث عنها العلامة الأديب الشريف سيدي أحمد بن الصبار حيث يقول من قصيدة طويلة:

بهمُ ليالي الأصبحية أصبحت

وعويص أصل الدين فُكً حِجَابُهُ

بهمُ كتاب الله أتقن حفظه

تأويله، تجويده، إعرابُهُ

علم القواعد والأصول قد أحكما

عَلم البيان بهم أذل صعابُهُ

وكذا التصوف والحديث وقد أضا

علم النهى إشكاله، إعرابه

والسيرة الغراء أكمل علمها

غزواته وبحوثه، أنسابه

(1)

مقدمة كتاب "الريان" ص /ي.

(2)

بحث التخرج ص 27.

(3)

إبراهيم وافي، الدراسات القرآنية بالمغرب (في: ق 14 هـ) ط 1 جامعة ابن زهر، أكادير، 1999، المملكة المغربية، ص. 117.

ص: 48

وكان الشيخ محمد بن محمد سالم يجلس للتدريس مبكرا، مرتبا الإقراء بادئا بعلم الكلام (التوحيد) ثم بالفقه، ثم باقي العلوم الأخرى؛ وكانت هذه المنهجية متبعة في محاضر أبنائه الأربعة، وأبنائهم

وكان، رحمه الله تعالى، يجمع بين التدريس، والتأليف وترتيب شؤون مجموعته ولمكانة هذه المحضرة كان بعض العلماء ينتقل إليها لإكمال دراساته المتخصصة.

‌أ - بعض أقوال العلماء عنه:

لقد أشاد العلماء، والأدباء، والمستشرقون بهذا الشيخ وبما حباه الله به، من علم وورع وخلق، وتتعدد أوجه التعبير عن ذلك من خلال المؤلفات المتعددة والمحضرة المشهود لها بالامتياز، والتدريس المرتكز على غزارة العلم، والاستخدام الذكي لملكة التعبير، والاختيار الموفق لطريقة الإلقاء، وكان ذلك مدعوما بتسخير الغوص في بحر المدارك؛ لاستخراج مخبآت نفائس المعارف، ذلك ما كثر التنويه به شعرا ونثرا، من أهل الفضل والعلم، الذين يدركون قيمة التزكية ويقدرونها حق قدرها، ومن ذلك على سبيل المثال:

أ - شهادة العلامة الشيخ سيدي الكبير له بأنه: أعلم أهل القطر الشنقيطي؛ وذلك عندما أوفد إليه الشيخ محمد ابنه أحمد ليتابع عليه الدراسة؛ فكان الشيخ سيديا لا يسأله عن شيء إلا وجده خبيرا به، فقال له:

"ارجع إلى والدك فلن تجد أنفع لك منه ولا أعلم في هذا القطر الشنقيطي"

(1)

.

2 -

وكان العلامة: محمذن فال بن متالي، وهو من هو، يأمر بعض طلابه البارزين بالتوجه إلى محضرة الشيخ محمد بن محمد سالم للتوسع في دراسة مختصر الشيخ خليل عليه

(2)

، ومعلوم أن محضرة العلامة الشيخ محمد فال بن متالي كانت وجهة الطلبة الوافدين من كل حدب وصوب، لدراسة مختلف العلوم الشرعية، واللغوية.

(1)

بحث التخرج ص 28.

(2)

بحث التخرج ص 29.

ص: 49

3 -

قول الشيخ العلامة محمد عبد الله بن البخاري بن الفلالي: "إن مدرسة الظاهر في زمنه من فقه، وتوحيد كانت قيادتها لابن محمد سالم المجلسي"

(1)

، كما وصفه بقوله:"شيخ الإسلام في الظاهر والباطن"

(2)

وفيه يقول:

أحق قطب بتقريظ وتابين

من فاق في المهد بدءا داية الدين

حدث ولا حرج في نهج سالمنا

محمد خير قاف للنبيئين

4 -

فوزه بالورع وذلك عندما "كان المهتمون بالعلم في غرب البلاد الموريتانية يقولون: ليتنا نجمع خمسة علماء في رجل واحد فيصير قمة لا يدانيها بشر، يكون لذلك الرجل المثالي عربية محمد بن الطلبة، وفقه الجدود بن اكتوشني ونباهة محمد محمود بن حب الله بن القاضي ومُتمَّات محنض بابه بن عبيد (من منطق وبيان وبديع

) وورع محمد بن محمد سالم. ولما سمع الشيخ سيديا ابن الهيبة هذا الكلام، وهو من قمم العلم الشامخة يومها، قال:"فاز المجلسي" يعني محمد بن محمد سالم لوصفهم إياه بالورع

(3)

.

5 -

قول العلامة الشيخ محمد المامي بن البخاري:

نهج اللوامع مثله مفقود

ومُدّعيه بين الأنام حسود

جادت به من نجل سالم فكرة

ما إن لها في العالمين وجود

أبدي غوامض من خليل مالها

من قبله في السالفين ورود

كنت المبجل والوحيد ومن له

بين الورى في الصالحين خلود

لا زلت تقتاد العلى بزمامه

بطل النوائب والرجال رقود

(1)

الحياة العمرانية ص 65.

(2)

المرجع نفسه.

(3)

محمد سالم بن محمد عالي (عدود)، في دراسات في الشعر الموريتاني (حول ديوان محمد بن الطلبة اليعقوبي) دار الرضوان، 2013، ص 8

ص: 50

تترى إليك من الورى هاماتها

ولدى فنائك ركع وسجود

وقوله أيضا:

الحمد لله رب العلمين على

سعي الامامين في تحديد ما اندرسا

محنض باب لكشف الأمهات سعى

حتى سنى البحث في الامصار قد طمسا

ونجل سالم أبدى الاعهدين لنا

حتى تخلص منها كل ما التبسا

وقوله:

فما حمل الحدوج على الجمال

وما حمل النساء من الرجال

كمثلك يا محمد بشرتنا

بك الأيام فيها والليالي

6 -

قول العلامة الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل:

لمعت لومعُنا اللوامعَ كالدرر

فسقى لنا الريان ريان النهر

بحر تقاذف دره من موجه

أكرم ببحر موجه كلا درر

وقوله لما قدم عليه محمد، وابنه أحمد في زيارة:

لما حللتم بنا قلنا بأجمعنا

يا مرحبا ذات تبذير وإسراف

ألف وألف وآلاف ويتبعها

من الترحب ألف ألف آلاف

7 -

قول العلامة الشريف بن سيد أحمد بن الصبار من قصيدة طويلة:

مزج الشريعة بالحقيقة حلة

إذ صار قفرا لا يحل جنابه

عدل الأشج ونور آل محمد

لاحا عليه فما اختفت أنسابه

ص: 51

8 -

قول العلامة الشيخ محمد فال بن محمد مولود (ادّدَوْ) من قصيدة:

بَنَت هِمَمُ العالي على من يفاخره

له في الورى سورًا فقل مفاخره

تمطى رجال كي ينالوا مقامه

وقد فاتهم مما أرادوا أواخره

تحلوا وحلوا باللوامع وارتووا .... ورووا بريان تسح مواطره

وبالنهر الجاري غدا لنبينا

لبي النهر الجاري جنى الدر ناظره ..

9 -

قول العلامة زياد بن بابي الكمليلي من قصيدة طويلة:

بدومس ضريح الشيخ شيخي محمد

فيا ليتني أضحى بدومس محتد

به حل قطب الدين والمجد والثرى

هنيئا له من مكرم ومحمد

كفاه من التكريم در"لوامع"

و"در نظيم" شاع في البيد والندى

فمن جاور الاشياخ اشياخنا على

أخلائه يعلو بدون تردد

ببابهم رأب الامور وتجتنى

مسائل علم حسنها كالزبرجد

10 -

قول العلامة الشبيه بن ابُّوه:

بنو محمد الهادي الأمين وأبنا

ء الأشج، وأخيار من أخيار

هم حافظو العلم نقاد العويص به

ولا ثوى فيهم للجهل والعار

هم حافظو العلم لا يالونه عملا

وتاركو الشر آبى الضيم للضاري

ونحوهم فاطلبه إن عندهم

في المذهبين لإيراد وإصدار

إن "الثمان" لفي أصدافها درر

"لوامع" واضح "ريانها" الجاري

ص: 52

11 -

قول العلامة محمذ فال بن محمذ بن أحمد بن العاقل (ببها) علما:

طربت شوقا وما شوقي إلى الحور

ولا اللمى بذوات الدَّل والخفر

ولا لربع بذات الضال من أجلا

ولا أجارع من أنجاد ذي عشر

لكن طربت إلى روض كساه أبو

عذر المسائل ألوانا من الزهر

من كان ذا نظر ألهته رؤيته

وطيب أزهاره عن ذلك الوطر

فزره إن شئت تبصر كل ما عجب

بين "اللوامع"و"الريان" و"النهر"

12 -

قول العلامة محمد الامين بن امينه اليعقوبي من قصيدة يقول فيها:

أنوار وجهك بين الناس بدر "يَدٍ"

بين النجوم بوقت الصحو في السحر

إذ حزت ما حزت من نحو ومن لغة

ومن بيان ومن ذكر ومن أثر

وفقت أهل التقى والعلم قاطبة

وحزت بينهم "لوامع الدرر"

وصمت لله لا للغير محتسبا

وخصك الله ب "الريان" و"النهر" ..

13 -

قول العلامة محمد عبد الجليل بن حرمة العلوي:

وإني لمشتاق مزار محمد

وأبنائه الغر الكرام النقارسى

وأشتاق مرْأى منهم كل ساعة

فمرآهم من موجبات الفرادس

14 -

قول العلامة محمد بن محمودا بن سيدي أحمد:

أما ونصيص اليعملات الرواسم

تجوب الفيافي داميات الواسم

لفي مجلس العليا محمد سالم

سجايا عُلى من قبل عقد التمائم

ص: 53

15 -

قول العلامة محمد الأمين بن أبي المعالي اليعقوبي لمن قصيدة مطلعها:

لله ما أبداه بدر الدجى

محمد نجل الرضى سالم

في "النهر الجاري" و"ريانه"

وفي "اللوامع" من الطاسم

16 -

قول الشاعر:

رب اللوامع أحيا ميتة الدين

بين المساجد أهل المغرب والصين

سر الكتاب نماه في "لوامعه"

ما شئت عن مالك والشيخ سحنون

لا يوجد العلم إلا في لوامعه

كذلك التبر إلا في المعادين

17 -

قول د/ محمد حجي: "وجدُّ هذه الأسرة التي اشتهرت بالتدريس والتأليف في العصور المتأخرة هو محمد بن محمد سالم ألذي كانت له مدرسة متنقلة على الطريقة الصحراوية يسير في ركابه فيها طلبة كثيرون من مختلف جهات الصحراء"

(1)

.

18 -

قول العلامة المختار السوسي: "السالمية الصحراوية من أعاظم الأسر القاطنة في صحراء سوس تناسل فيها العلم من أجيال، وهي ذات خزانة طافحة بنوادر الكتب، وهم من أنفسهم قضاة ومؤلفون ومدرسون في خيام كبرى، تتنقل، تنقل حيهم للانتجاع على عادة أرباب الخيام"

(2)

.

19 -

قول الكاتب الفرنسي: "إن محمدا كان علماء عصره يعتقدون أنه الأعلى والوحيد في العلم"

(3)

.

20 -

قول العلامة محمد المامي بن محمذن من قصيدة يقول فيها:

(1)

مجلة المناهل. وزارة الشؤون الثقافية، المملكة المغربية العدد: 28/ 1383، ص 11.

(2)

محمد المختار السوسي، سوس العالمة، ص 41.

(3)

بحث التخرج ص 28.

ص: 54

قد سرتُ في أفق البلاد فلم أجد

أحدا تكون صَلاته كصَلاته

وصيامه كصيامه وقيامه

كقيامه وصِلاته كصِلاته

غوث الخلائق كلها فحياتها

بحياته ومَمَاتُهما بمَماته

21 -

قول آخر من قصيدة طويلة:

فأصبح ريانا به كل طالب

من القوم قبل الشيخ ازرى به الجهل

تواضع للرحمن مذ هو ناشئ

فأصبح فوق الناس منزلة يعلو

فلم يُدْعَ إلا باسمه من تواضعٍ

فلا طالبٌ يدعوه شيخا ولا نجل

ألا إن عبأ الشيخ قد شق حمله

فليس له من غير فتيته حمل

وإن دموع الدر يلمع باكيا

لكالنهر الجاري تفيض وتنهل

22 -

قول آخر من قصيدة طويلة:

إمام حباه الله نافع علمه

فعف ولم يأخذ على علمه أجرا ....

23 -

قول العلامة محمد مولود بن اغشممت:

فكم شوحوا من غامض قبل شرحهم

وكم أربحوا فهما إلى فهمهم تَجَرْ

وكم اوضحوا من مشكل وكم أفصحوا

وكم نصحوا لله في السر والجهر

وكم ذل للأفكار للقهر منهم

عزيزات علم لا تذللها انفكر

ص: 55

وكم هذبوا ما كان غير مهذب

وكم جددوا من داثر طالما اندثر

فسل غائبا أو حاضرا عن حلاهم

وليس الذي قد غاب مثل الذي حضر

نعم وسل "الريان" تخبر وإن تشأ

سل "النهر الجاري" فيخبرك النهر

ولم أستكمل ما يقال عن الشيخ محمد بن محمد سالم، كما أنني لم أتعرض إلى ما يحكى عنه من الكرامات والمآثر تمشيا مع مناهج البحث المعاصر من جهة، وخوف الإطالة من جهة أخرى.

‌عاشرا - تلامذته:

كان من أوائل تلامذة الشيخ محمد بن محمد سالم أبناؤه الأربعة، أحمد (ت 1328 هـ) وعبد القادر (ت 1337 هـ) وحبيب الله (ت 1337 هـ) ثم عبد الله (ت 1329 هـ). الذين تخرجوا على يده وكان من فضل الله أن عاشوا معه ودرسوا في حياته. وكانوا يساعدونه في التدريس في المحضرة، لكثرة الطلاب الوافدين من مختلف الجهات، وبخاصة ابنه الأكبر أحمد الذي قال للشيخ الوالد لما بلغ:

"سأقوم عنك بما يقبل النيابة من أمور الدنيا والآخره لتتفرغ للتأليف والعبادة"

(1)

وكان التمييز بين تلامذة الشيخ محمد وتلامذة أبنائه وخريجي هذه المحضرة متعذرا، وقد ينطبق ذلك على الأبناء وأبنائهم

وهذه أسماء بعض العلماء والشيوخ الأجلاء من تلامذة الشيخ محمد بن محمد سالم طبقا للمراجع التي وقفت عليها

(2)

، وما هو معروف عندنا:

1 -

الشيخ سيدي محمد بن داداه الابيري (ت 1360 هـ).

2 -

العلامة محمد العاقب بن مايابى الجكني (ت 1327 هـ).

3 -

العلامة محمد مولود بن أغشممت المجلسي (ت 1327 هـ).

(1)

بذلك حدثني والدي النيني رحمه الله تعالى.

(2)

المنبر. بحث التخرج.

ص: 56

4 -

العلامة محمد عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي اليعقوبي الباركي (ت 1340 هـ)

5 -

العلامة محمد عالي بن سعيد الملقب (مع) الحبلي (ت 1310 هـ).

6 -

العلامة محمد عبد الله بن يحظيه القناني مؤلف "فتح الجليل في شرح خليل".

7 -

القاضي سيدي أحمد بن أبو بكر.

8 -

العلامة المختار بن محمد سعيد الملقب (ابياه)، الحبلي (ت 1336 هـ) وقد نسخ كتاب "اللوامع" في فترة دراسته وكان موجودا في محضرتهم.

9 -

العلامة صلاحي بن الشيخ محمد المامي اليعقوبي الباركي.

10 -

العلامة الشريف بن سيدي أحمد بن الصبار المجلسي (ت 1340 هـ).

11 -

العلامة سيدي بن أحمد بابُ بن الامين الصديقي اليعقوبي.

12 -

العلامة الشيخ محمد عبد الحي بن الصبار المجلسي (ت 1344 هـ).

13 -

العلامة الشيخ عبد المعطي السباعي (ت ق 14 هـ).

14 -

العلامة محمد أفلواط بن الخطاط بن أفلواط اليعقوبي الباركي.

15 -

العلامة حم لمين بن سيدي يوسف الزركي.

16 -

العلامة الشيخ أحمد بابَ بن البخاري اليعقوبي الباركي.

17 -

العلامة عبد الحي بن احميد الموسوي اليعقوبي.

18 -

العلامة محمد عبد الله بنزين الملقب ديدي (ت 1361 هـ) القناني.

19 -

العلامة أحمد فال بن المختار السباعي.

20 -

العلامة محمد بن أحمد محمود بن العيدي الأبييري.

21 -

العلامة زياد بن بابي الكُمْليلي.

22 -

العلامة محمد محمود بن احظانه الحسني.

23 -

العلامة أحمد بن ابد بن أحمد (ت ق 14 هـ).

ص: 57

24 -

العلامة محمد عبد الله بن البخاري بن الفلالي اليعقوبي الباركي.

25 -

العلامة أحمد باب بن عينين التندغي.

26 -

العلامه أحمد بن ابيه التندغي.

27 -

العلامة محمذ آبَّ بن احميد الموسوي اليعقوبي.

28 -

العلامة (ادَّدَوْ) محمد فال بن أحمد مولود المباركي.

29 -

الشيخ سيدي بن النعمان بن سيدي محمد

وقد تابعت المحضرة عطاءها المتميز على أيدي أبناء محمد العلماء البررة؛ فكان كل واحد منهم يقوم بالتدريس بمحضرته. فتعدد المتخرجون من هذه المحضرة وأسسوا محاضر متعددة كان لها - هي الأخرى - عطاؤها المتميز وما زال متواصلا حتى اليوم.

‌الحادي عشر - مؤلفاته ومنهجه في التأليف:

‌أ - مؤلفاته:

لقد كان الشيخ محمد بن محمد سالم من المؤلفين الأفذاذ؛ فلم يشغله التدريس، ولا الإفتاء عن التأليف، ومن مؤلفاته ما هو موجود رما هو مفقود؛ ومن المؤلفات الوجودة:

1 -

"الريان في تفسير القرآن" من سبعة أجزاء ضخام يقارب حجم "اللوامع"(مخطوط)؛

2 -

"النهر الجاري علي صحيح البخاري في سبعة أيضا" يقارب سابقيه (مخطوط)؛

3 -

"لوامع الدرر في هتك أستار المختصر" وهو الذي بين أيدينا؛

4 -

"منح العلي على شرح الأخضري"(طبع)؛

5 -

"الدر النظيم في مدح المولى العظيم" بدأه بقوله: "الحمد لله المتعالي عن مشابهة الكون بجلال صمديته، المنزه عن سمات الحدوث بعلو قيوميته وأحديته، المتأزر بالعظمة والكبرياء المنفرد بالعزة والجبرياء

وفي آخر ما اطلعت عليه منه قوله:

"هبط من خشيته الحجر، وبإذنه تشقق فخرج

ص: 58

منه الماء وانفج، يمنح النعم الفاخرة، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة". موجود بمكتبتنا بخط والدي الشيخ النيني ولد عبد الله ولد محمد ولد محمد سالم رحمهم الله تعالى، وقد كتب في آخره: "هذا ما وجدت منه ولم أعلم هل هذا آخره أم لا"

6 -

رسالة في الطريقة النقشبندية بدأها بقوله: "اعلم بأن الطريقة النقشبندية هي أفضل الطرق كلها، وهي طريقة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه أخذها عن النبي صلى الله عليه وسلم تسليما ليلة مبيتهما في الغار

وختمها بقوله: اللهم يا مفتح الأبواب مقلب القلوب والأبصار، يا دليل المتحير

، والإخلاص لله تعالى شرط في جميع التعبدات انتهى" وهي موجودة بمكتبتنا.

أما المفقودة فمنها:

1 -

تفسير القرآن الكريم، ألفه قبل تفسيره "الريان"، وقد ذكره العلامة/ محمد عبد الله بن البخاري

(1)

.

2 -

نظم في العقيدة

(2)

ويصل مائتي بيت.

3 -

نظم قي قواعد المذهب المالكي.

5 -

الدليل المستنير في الصلاة على البشير النذير.

وقد ألف هذه الكتب في ظروف لا تساعد على ذلك من حيث الوسائل المادية كالأوراق والمرجعية كالمصادر في وقت تضطرب فيه الأحوال البدوية لكثرة الترحال من جهة، ولعدم توفر الأمن من جهة أخرى، وكان يبدأ في التأليف بعد الفراغ من التدريس في المحضرة، وربما كان ذلك أثناء رعي الإبل؛ فيتقدم أمامها بكتبه فيجلس للتأليف، وإذا تجاوزته اتبعها وهكذا، وإذا كان في الليل يأمر طلابه بإيقاد النار ليتابع عليها تأليفه. وكان إذا خبت النار يخاطب تلميذه الشيخ زياد الكمليلي قائلا:"يا زيادْ ديرْ عُودْ". باللهجة الحسانية أي ضع على النار عود حطب ليزداد ضوؤها.

(1)

الحياة العمرانية، مخطوط.

(2)

المختار بن حامد، حياة موريتانيا الثقافية، ص 21.

ص: 59

‌ب - منهجه في التأليف:

إن لمحمد بن محمد سالم منهجا اتبعه في مؤلفاته، يتركز في معاله الأساسية على سمات متعددة منها: أنه بعد البسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، يفتتح معظم مؤلفاته بالبيتين التاليين:

(ولم أقف على قائلهما)

الله عظّم قدر جاه محمد

وأناله فتحا عليه عظيما

في محكم التنزيل قال لخلقه:

صلوا عليه وسلموا تسليما

ثم يذكر نسبه، بعد حمد الله تعالى، مُتْبعًا إياه بسجع يمهد به لموضوع التأليف، ثم يتناول المقصود فإن كان يحتاج إلى مقدمة أتى بها، وقد تكون بمثابة كتاب مستقل كما هو الحال في مقدمة كتابه "الريان في تفسير القرآن" التي اشتملت على ستة وثلاثين ما بين "باب" و "فصل"، ضمنها جميع علوم القرآن، والكثير من العلوم الأخرى، وقد كانت مقدمة "الريان" هذه موضوع بحث أعددته لنيل الإجازة من المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية (نواكشوط - موريتانيا) بعنوان:" تحقيق مقدمة الريان في تفسير القرآن" للسنة الجامعية 92 - 93.

وتختلف المقدمة من موضوع لآخر، ففي كتاب "النهر الجاري على صحيح البخاري" جاء بمقدمة كبيرة تناولت جميع علوم الحديث دراية ورواية، والكثير من العلوم الأخرى، بينما اشتمل كتاب "اللوامع" الذي بين أيدينا على مقدمة كبيرة هي الأخرى تناولت فضل العلم، وشراح "المختصر" والعقيدة الإسلامية. مبينة الإيمان، والإسلام والإحسان وكل ما يتعلق بذلك؛ ثم بعد المقدمة، يبدأ الشيخ في تناول الموضوع كتابا أو سنة أو غيرهما، بطريقة تفصيلية مستفيضة ذاكرا كلام العلماء وأنقالهم.

ثم يقوم بعملية الجمع بين الأقوال، فإن لم يمكن الجمعُ بَيًنَ الراجحَ منها بالأدلة، مع الاعتناء ببيان المذهب المالكي فيها، وبخاصة، إذا كان الموضوع التفسير، أو الحديث مستخدما عبارات تبين ذلك منها:

ص: 60

- "هذا مذهب إمامنا مالك".

- "هذا يخالف مذهبنا"

إلى غير ذلك مما يستخدمه المؤلف، وله حضور متميز في كل ما يتناوله، بتقديم آرائه، واجتهاداته وذلك باستخدامه مصطلحات تختلف من موضوع لآخر، ففي القرآن الكريم - مثلا - يقول:

- "قال مفسره عفا الله عنه "

- وفي الحديث الشريف يقول: "قال صاحب هذا الشرح"

- وفي الفقه يقول: "قال جامعه عفا الله عنه"

ويضيف إلى ذلك في هذه المؤلفات وغيرها من تصانيفه الأخرى عبارات مختلفة لبيان الغرض نفسه، منها قوله:

- "يظهر لي"

- "عندي"

- "يتحصل من كلامهم"

- "عُلِم مما قَرَّرْتُ"

"كما يتعرض لبيان وجه الارتباط فيما بينه ترابط؛ ففي التفسير" يقول مثلا:

أ - "وجه صلة هذه الآية بما قبلها

"

ب - "

ولما ذكر

بيَّن"

ج - "ولما أنهى الكلام

أتبعه

"

د - "

ولما بين

ذكر

"

كما يهتم بيان الفروع، والتنبيهات، والفوائد: فيقول:

هـ - "فرع" بالمفرد، والتثنية، والجمع

و- "تنبيه" كذلك

ص: 61

ن - "فائدة" كذلك

إلى غير ذلك من المصطلحات. ولا ينتهي من "السورة" في القرآن حتى يتبعها بسجع يتناولها فيه، مثل قوله: "

انتهت هذه السورة البهية

".

ويتابع الشيخ مؤلفاته التي بدأها بـ "اللوامع" ثم أتبعه "الريان" ثم "النهر"

على هذا النسق بأسلوب يميل إلى الإيضاح أكثر من الاختصار: بقصد بيان المسائل وتحريرها؛ فقد قال هو نفسه في مقدمة كتاب اللوامع "

فأردت أن أبين من ذلك [يعني ما يحتاج إلى التوضيح والتحرير] ما ظهر لي مستعينا بحفظ المهيمن واسترشاده بشرح أبذل جهدي في تحريره وتوضيحه لكلام المصنف وتقريره

". وقد قال في اللوامع ابن أخيه العلامة الأديب عبد الله بن أحمدو

خَرَّصْتْ اللوامع بيان

أحد اكري ماه احذاه

كيف امنادم ماش عجلان

إخاصم والسان خلاه

المعنى: خرصت: نظرت.

إكري: يقرئ: يدرس.

ماه احذاه: ليس لديه.

كيف: مثل.

امنادم: شخص.

ماش عجلان إخاصم: يسير بسرعة ليكسب الخصام.

والسان خلاه: وقد ترك لسانه.

وعلى ذلك المنهج سار حتى أكمل كتابه "اللوامع" وهو ما ينطبق على جميع مؤلفاته.

‌الثاني عشر - وفاته:

ص: 62

بعد اكتمال مؤلفاته العظيمة النفع، وبعد عطاء متميز وتفرغ للعبادة، انتقل الشيخ محمد بن محمد سالم إلى الرفيق الأعلى، وكان ذلك يوم الجمعة بعد صلاة الظهر آخر يوم من شهر ذي الحجة (1302 هـ)، وذلك ما يرمز إليه بالحروف الشيخ محمد الخضر بن المكي بقوله:

قي عام شسب قد توى المجدِّدُ

نجل محمد سالم محمدُ

ولما توفي بموضع يسمى "آمدَكن" بين منطقة تيرس المغربية و "الكْرَبْ" قام أبناؤه وتلامذته الكثيرون بنقله حملا على الأعناق إلى مكان يسمى "دُومِسْ" في منطقة تيرس؛ يبعد حوالي 85 كلم من "آوسْرِدْ" التابع لمدينة. "الداخلة".

والله الموفق

ص: 63

‌صور من خط المؤلف

ص: 65

‌اختصارات المؤلف

المص - المصنف

الش - الشارح بهرام

ص: 71