الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
المُقَدِّمَةُ
الحمدُ للَّه ربِّ العالَمِين، والصَّلاة والسَّلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وأصحابهِ أجمعينَ.
أمَّا بعدُ:
أنزل اللَّهُ القرآنَ العظيمَ تِبياناً لكلِّ شيء، وجاءت السُّنَّة النَّبويَّةُ مُفسِّرةً ومبيِّنةً له، ودالَّةً عليه، ومعبِّرةً عنه، وتنوَّعت جهودُ العلماء في جمعها في الصِّحاح والسُّنن والمسانيد والمُستَخرَجات والمُصنَّفات والمُستدَرَكات وغيرِها، ثمَّ أفردوا منها أحاديثَ في أنواعٍ من العلوم؛ كأحاديث أسماء اللَّه وصفاته، وشُعَب الإيمان، ودلائل النُّبوَّة، والفِتَن وأَشْراط السَّاعة، وغيرِ ذلك.
وممَّا أفرده العلماء: أحاديثُ الأحكام الفقهيَّة، فاقتَصَر بعضُهم على أحاديث الأحكام من الصَّحيحَين، ومِنهم من زاد عليهما مِنْ دواوين السُّنَّة المُسنَدة، ومِن أَجلِّ كُتُب الأحكام وأَدقِّها تحريراً لألفاظِها، وحُكماً على أحاديثِها، وإِشارةً إلى مراتِب كثير مِنْ رُواتِها بالجرح والتَّعديل: كتابُ «المُحرَّرِ في أحاديث الأحكام» للحافظ أبي عبدِ اللَّه محمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ عبد الهادي المقدسيِّ الحنبليِّ.
وقد جَعل كتابَ «الإِلْمامِ» - لمحمَّدِ بنِ عليِّ بنِ وَهبٍ المعروفِ بابنِ دَقيقِ العِيد الشافعيِّ المُتوفَّى عام (702 هـ) - أصلاً لكتابه
«المُحرَّر» ، وحَذا حَذوَه فيه، قال الحافِظُ ابنُ حجرٍ رحمه الله:«اختَصره من (الإِلمام) فَجَوَّده جدّاً»
(1)
، ولم يَقتَصِر على اختِصاره؛ بل أَوْردَ أحاديثَ ليست في «الإلمام» ، أو كانت مختصَرةً فيه فساقَها بأتمَّ منها، كما أنَّه في الحُكم على الأحاديث زاد على ما فيه.
وقد تابَعه في جُملةِ ترتيب الكتاب، وخَالَفَه في بعضِه، وكِلا الكتابَيْن مُقارِبٌ في ترتيبه لترتيب كُتب الشَّافعيَّة الفقهيَّة.
ولأهمِّيَّته حققته ضمن المتون الإضافية من سلسلة (متون طالب العلم)؛ ليظهر كما وضعه مؤلفه.
وقد حذفتُ من هذه النُّسخة حواشيَ التَّحقيق المتضمِّنة لفروق النُّسخ، وتخريجِ الأحاديث، وشرحِ الغريب، وغيرِ ذلك؛ تسهيلاً لحفظها، وأثبتُّ جميعَ ذلك في نسخةٍ أخرى.
أسأل اللَّهَ أن ينفع به، وأن يجعلَه ذخراً لنا في الآخرة.
وصلَّى اللَّه وسلَّم وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه.
د / عبد المحسن بن محمد القاسم
فرغتُ منه في الخَامسِ والعِشْرينَ مِنْ شهرِ اللَّه المُحرَّم
من عامِ أَلفٍ وأَربعِ مِئةٍ واثْنَينِ وأَرْبَعِينَ مِنْ الهِجْرة
(1)
الدرر الكامنة (5/ 62).
*
النُّسَخُ المُعْتَمَدَةُ فِي تَحْقِيقِ هَذَا المَتْنِ:
- نسخةٌ خطِّيَّة بمكتبة دار الكتب المصريَّة بالقاهرة - مصر -، برقم:(حديث 532 - مجموعة طلعت)، تاريخ نسخها:(775 هـ).
- نسخةٌ خطِّيَّة بالمكتبة الوطنيَّة بمدينة أنقرة - تركيا -، برقم:(24)، تاريخ نسخها:(798 هـ).
- نسخةٌ خطِّيَّة بالمكتبة المَحموديَّة ضمن مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنوَّرة - السعودية -، برقم:(626).
- نسخةٌ خطِّيَّة مصوَّرة بمكتبة الملك فهد الوطنيَّة، وأصلها من المكتبة العامَّة بالرياض - السعودية -، برقم:(104)، تاريخ نسخها: منتصف القرن (13) تقديراً، ناسخها: الشيخ عبد اللَّه بن علي بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التَّميمي.
- نسخةٌ خطِّيَّة بمكتبة دار الكتب المصريَّة بالقاهرة - مصر -، برقم:(حديث 1711)، تاريخ نسخها:(1300 هـ).
- نسخةٌ خطِّيَّة بمكتبة الشَّيخ عبد اللَّه بن إبراهيم السّليم بالقصيم، ضمن قسم المكتبات الوقفيَّة في مكتبة جامعة الملك سعود ببريدة - السعودية -، برقم:(8)، تاريخ نسخها:(1303 هـ).
- نسخةٌ خطِّيَّة بالمكتبة البديعية للشيخ بديع الدين شاه بسعد آباد - باكستان -، لم يذكر رقمها.
- نسخةٌ خطِّيَّة ضمن الشَّرح المسمَّى: «تحرير المُحَرَّر في شرح حديث النَّبِيِّ المطهَّر» لابن الحريري، وقد توزَّعت الأجزاء الموجودة منه في ثلاث مكتبات:
الأول: من بداية الكتاب إلى الحديث رقم (59) من كتاب الطَّهارة، وهو محفوظ في مكتبة تشستربيتي - بريطانيا -، برقم:(3562).
الثاني: قطعة من قوله: «ذبحه ولا التصرف فيه بل يلزمه إرساله» في باب حرمة مكة والمدينة من كتاب الحج، إلى قوله: «وهو كلام عربي خرج على جواب السائل
…
» في باب العقيقة من كتاب الحج، وهي محفوظة بالمكتبة المَحموديَّة ضمن مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنوَّرة - السعودية -، برقم:(647).
الثالث: وهو الجزء الثاني عشر بتجزئة المؤلف، من كتاب الدِّيات إلى نهاية الكتاب، وهي نسخة محفوظة بمكتبة دار الكتب المصريَّة بالقاهرة - مصر -، برقم:(132574)، تاريخ نسخها:(829 هـ)، ناسخها: الشارح أبو بكر ابن علي الدمشقي الشافعي المعروف بابن الحريري.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَبِهِ ثِقَتِي
الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَهَذَا مُخْتَصَرٌ يَشْتَمِلُ عَلَى جُمْلَةٍ مِنَ الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ فِي الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، انْتَخَبْتُهُ مِنْ كُتُبِ الأَئِمَّةِ المَشْهُورِينَ، وَالحُفَّاظِ المُعْتَمَدِينَ - كَمُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَصَحِيحَيِ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيِّ، وَجَامِعِ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، وَصَحِيحِ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَكِتَابِ الأَنْوَاعِ وَالتَّقَاسِيمِ لِأَبِي حَاتِمٍ ابْنِ حِبَّانَ، وَكِتَابِ المُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ، وَالسُّنَنِ الكَبِيرِ لِلْبَيْهَقِيِّ، وَغَيْرِهَا مِنَ الكُتُبِ المَشْهُورَةِ -.
وَذَكَرْتُ بَعْضَ مَنْ صَحَّحَ الحَدِيثَ أَوْ ضَعَّفَهُ، وَالكَلَامَ عَلَى بَعْضِ رُوَاتِهِ مِنْ جَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ، وَاجْتَهَدْتُ فِي اخْتِصَارِهِ وَتَحْرِيرِ أَلْفَاظِهِ.
وَرَتَّبْتُهُ عَلَى تَرْتِيبِ بَعْضِ فُقَهَاءِ زَمَانِنَا؛ لِيَسْهُلَ الكَشْفُ مِنْهُ، وَمَا كَانَ فِيهِ «مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ» ؛ فَهُوَ مِمَّا اجْتَمَعَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى رِوَايَتِهِ، وَرُبَّمَا أَذْكُرُ فِيهِ شَيْئاً مِنْ آثَارِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم.
وَاللَّهُ المَسْؤُولُ أَنْ يَنْفَعَنَا بَذَلِكَ، وَمَنْ قَرَأَهُ، أَوْ حَفِظَهُ، أَوْ نَظَرَ فِيهِ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصاً لِوَجْهِهِ، مُوجِباً لِرِضَاهُ، إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ.
* * *
كِتَابُ الطَّهَارَةِ
1 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّا نَرْكَبُ البَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا القَلِيلَ مِنَ المَاءِ؛ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا؛ أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ البَحْرِ؟
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَصَحَّحَهُ البُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: «هُوَ أَصْلٌ صَدَّرَ بِهِ مَالِكٌ كِتَابَ (المُوَطَّأِ)، وَتَدَاوَلَهُ فُقَهَاءُ الإِسْلَامِ رضي الله عنهم مِنْ عَصْرِهِ وَإِلَى وَقْتِنَا هَذَا» .
2 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ - وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الحِيَضُ، وَالنَّتَنُ، وَلُحُومُ الكِلَابِ -؟ قَالَ: إِنَّ المَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ:«يُطْرَحُ فِيهَا مَحَايِضُ النِّسَاءِ، وَلَحْمُ الكِلَابِ، وَعَذِرُ النَّاسِ» .
وَفِي إِسْنَادِ هَذَا الحَدِيثِ اخْتِلَافٌ، لَكِنْ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ.
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَابِرٍ رضي الله عنهم.
3 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ؛ فَقَالَ: إِذَا كَانَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ؛ لَمْ يَحْمِلِ الخَبَثَ» - وَفِي لَفْظٍ: «لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» - رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ.
وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَغَيْرُهُ.
وَقِيلَ: الصَّوَابُ وَقْفُهُ.
4 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ» ، وَقَالَ مُسْلِمٌ:«ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
5 -
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ، وَلَا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنَ الجَنَابَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنِ القَطَّانِ، عَنْهُ.
وَابْنُ عَجْلَانَ وَأَبُوهُ رَوَى لَهُمَا مُسْلِمٌ.
6 -
وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ: أَنَّ أَبَا السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ.
فَقَالَ: كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلاً».
وَأَبُو السَّائِبِ: لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ.
7 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: «عِلْمِي وَالَّذِي يَخْطُرُ عَلَى بَالِي: أَنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ أَخْبَرَنِي: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
8 -
وَرَوَى سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَفْنَةٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَتَوَضَّأَ مِنْهَا - أَوْ يَغْتَسِلَ -.
فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي كُنْتُ جُنُباً!
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ المَاءَ لَا يُجْنِبُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: «أَتَّقِيهِ لِحَالِ سِمَاكٍ؛ لَيْسَ أَحَدٌ يَرْوِيهِ غَيْرُهُ» .
وَقَدِ احْتَجَّ مُسْلِمٌ بِسِمَاكٍ، وَالبُخَارِيُّ بِعِكْرِمَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
9 -
وَعَنْ حُمَيْدٍ الحِمْيَرِيِّ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلاً صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ سِنِينَ - كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَغْتَسِلَ المَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ، أَوْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ المَرْأَةِ، وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعاً» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ.
وَصَحَّحَهُ الحُمَيْدِيُّ، وَقَالَ البَيْهَقِيُّ:«رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ» .
وَالرَّجُلُ المُبْهَمُ؛ قِيلَ: هُوَ الحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ، وَقِيلَ: ابْنُ مُغَفَّلٍ.
10 -
وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ؛ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَلَيْسَ فِيهِ:«أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» .
وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ جَمَاعَةً رَوَوْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، فَلَمْ يَذْكُرُوا التُّرَابَ.
وَفِي لَفْظٍ: «إِذَا شَرِبَ الكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ رِوَايَةِ عَلَيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ وَأَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وَلَغَ الكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ، ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» .
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنِ الأَعْمَشِ، وَقَالَ:«وَلَمْ يَقُلْ: فَلْيُرِقْهُ» .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: «لَا أَعْلَمُ أَحَداً تَابَعَ عَلِيَّ بْنَ مُسْهِرٍ عَلَى قَوْلِهِ: فَلْيُرِقْهُ» .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «إِسْنَادٌ حَسَنٌ، وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ» .
11 -
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ العَنْبَرِيِّ، عَنِ المُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُغْسَلُ الإِنَاءُ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ سَبْعَ مَرَّاتٍ؛ أُخْرَاهُنَّ - أَوْ قَالَ: أُولَاهُنَّ - بِالتُّرَابِ.
وَإِذَا وَلَغَتْ فِيهِ الهِرَّةُ؛ غُسِلَ مَرَّةً»، وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» .
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ قَوْلَهُ: «وَإِذَا وَلَغَ الهِرُّ؛ غُسِلَ مَرَّةً» مَوْقُوفاً، وَهُوَ الصَّوَابُ.
12 -
وَعَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَسَكَبْتُ لَهُ وَضُوءاً، قَالَتْ: فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ، فَأَصْغَى لَهَا الإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ.
قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ - أَوِ الطَّوَّافَاتِ -»، لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ - وَغَيْرُهُ يَقُولُ:
«وَالطَّوَّافَاتِ» - رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ مَعْرُوفُونَ» .
وَقَالَ الحَاكِمُ: «وَهَذَا الحَدِيثُ مِمَّا صَحَّحَهُ مَالِكٌ، وَاحْتَجَّ بِهِ فِي (المُوَطَّأِ)، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ شَاهِداً بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ» .
13 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ المَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
* * *
بَابُ الآنِيَةِ
14 -
عَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: «أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ؛ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ القَسَمِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ.
وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالقَسِّيِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «وَعَنْ شُرْبٍ بِالفِضَّةِ» .
15 -
وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا؛ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
16 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الفِضَّةِ؛ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضاً.
17 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهَرَ» أَخْرَجُوهُ إِلَّا البُخَارِيَّ.
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: «إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهَرَ» .
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ.
18 -
وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ؛ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا فِيهَا إِلَّا أَنْ لَا تَجِدُوا غَيْرَهَا؛ فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
19 -
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ تَوَضَّؤُوا مِنْ مَزَادَةِ امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ.
20 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ؛ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئاً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «غَطُّوا الإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ؛ فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ، لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ؛ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الوَبَاءِ» .
* * *
بَابُ السِّوَاكِ
21 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالبُخَارِيُّ - تَعْلِيقاً، مَجْزُوماً بِهِ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ بِطَرِيقٍ أُخْرَى فِي «صَحِيحِهِ» .
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
22 -
وَعَنِ المِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؛ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
23 -
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي «المُسْنَدِ» : قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ» .
رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةٌ أَثْبَاتٌ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ: عَنْ رَوْحٍ، عَنْ مَالِكٍ مَرْفُوعاً أَيْضاً، وَمِنْ رِوَايَةِ رَوْحٍ: رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» .
24 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
25 -
وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَيَشُوصُ بِمَعْنَى: يَدْلُكُ، وَقِيلَ: يَغْسِلُ، وَقِيلَ: يُنْقِي.
وَلِلنَّسَائِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نُؤْمَرُ بِالسِّوَاكِ إِذَا قُمْنَا مِنَ اللَّيْلِ» .
26 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ بِيَدِهِ؛ يَقُولُ: أُعْ أُعْ - وَالسِّوَاكُ فِي فِيهِ -؛ كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ» ، لَفْظُ البُخَارِيِّ.
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ» حَسْبُ.
27 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
28 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ البَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَحَلْقُ العَانَةِ، وَانْتِقَاصُ المَاءِ.
قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ العَاشِرَةَ؛ إِلَّا أَنْ تَكُونَ المَضْمَضَةَ.
قَالَ وَكِيعٌ: انْتِقَاصُ المَاءِ يَعْنِي: الِاسْتِنْجَاءَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَذَكَرَ لَهُ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ عِلَّةً مُؤَثِّرَةً.
وَمُصْعَبٌ: هُوَ ابْنُ شَيْبَةَ، مُتَكَلَّمٌ فِيهِ؛ قَالَ النَّسَائِيُّ:«مُنْكَرُ الحَدِيثِ» .
29 -
وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:«وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الإِبْطِ، وَحَلْقِ العَانَةِ: أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: «لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ؛ لِسُوءِ حِفْظِهِ، وَكَثْرَةِ غَلَطِهِ» ، وَقَدْ وَثَّقَ جَعْفَراً: ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:«هُوَ عِنْدِي مِمَّنْ يَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ حَدِيثُهُ» .
وَقَدْ رَوَى هَذَا الحَدِيثَ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ: مِنْ رِوَايَةِ صَدَقَةَ بْنِ مُوسَى الدَّقِيقِيِّ - وَفِيهِ ضَعْفٌ -، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، وَفِيهِ:«وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .
30 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ بَعْدَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالقَدُومِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
31 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ القَزَعِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
32 -
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى صَبِيّاً قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعَرِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ؛ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: احْلِقُوهُ كُلَّهُ، أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ» .
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةٌ ثِقَاتٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابُ صِفَةِ الوُضُوءِ وَفَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ
33 -
عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ اللَّيْثِيَّ أَخْبَرَهُ: أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ: «أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ؛ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى إِلَى المِرْفَقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ.
ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى إِلَى الكَعْبَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ: هَذَا الوُضُوءُ أَسْبَغُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ أَحَدٌ لِلصَّلَاةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ» .
34 -
وَعَنْ فِطْرٍ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيّاً رضي الله عنه تَوَضَّأَ؛ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثاً، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثاً،
وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ فِطْرٍ.
وَرُوَاتُهُ صَادِقُونَ، مُخَرَّجٌ لَهُمْ فِي الصَّحِيحِ.
وَأَبُو فَرْوَةَ: اسْمُهُ: مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الجُهَنِيُّ.
35 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنه عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ لَهُمْ؛ فَكَفَأَهُ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثاً بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ مِنْ مَاءٍ.
ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثاً بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ مِنْ مَاءٍ.
ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثاً.
ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ.
ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ؛ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ بِهِمَا.
ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الكَعْبَيْنِ.
فَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى المَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
36 -
وَعَنْ حَبَّانَ بْنِ وَاسِعٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عنه: «يَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ
…
»، وَفِيهِ:«وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
37 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ الطُّهُورُ؟ فَدَعَا بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ؛ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثاً، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثاً، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثاً، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ.
وَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ، وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ، وَبِالسَّبَّاحَتَيْنِ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ.
ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثاً ثَلَاثاً.
ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا الوُضُوءُ؛ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ - أَوْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ -» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَإِسْنَادُهُ ثَابِتٌ إِلَى عَمْرٍو، فَمَنِ احْتَجَّ بِنُسْخَتِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ؛ فَهُوَ عِنْدَهُ صَحِيحٌ.
وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ:«فَأَرَاهُ الوُضُوءَ ثَلَاثاً ثَلَاثاً، قَالَ: هَذَا الوُضُوءُ؛ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا؛ فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ» ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ:«أَوْ نَقَصَ» غَيْرَ أَبِي دَاوُدَ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
38 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لْيَنْتَثِرْ» .
39 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشِيمِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
40 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثاً؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» ، لَفْظُ مُسْلِمٍ.
وَعِنْدَ البُخَارِيِّ: «وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» .
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -:«إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ؛ حَتَّى يُفْرِغَ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً» .
41 -
وَعَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ الوُضُوءِ، قَالَ:«أَسْبِغِ الوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِماً» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالحَاكِمُ، وَغَيْرُهُمْ.
وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةٍ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ» .
وَرَوَاهُ الدُّولَابِيُّ فِيمَا جَمَعَهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، وَلَفْظُهُ: «إِذَا
تَوَضَّأْتَ فَأَبْلِغْ فِي المَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مَا لَمْ تَكُنْ صَائِماً»، وَصَحَّحَهُ ابْنُ القَطَّانِ.
42 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً مَرَّةً» .
43 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ» رَوَاهُمَا البُخَارِيُّ.
44 -
وَعَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقِ بْنِ جَمْرَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي البَابِ» .
وَعَامِرٌ: ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ:«لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «لَا يَثْبُتُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ حَدِيثٌ» .
45 -
وَعَنْ سِنَانِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ، وَكَانَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مَرَّةً، وَيَمْسَحُ المَأْقَيْنِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَسِنَانٌ: رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ حَدِيثاً مَقْرُوناً بِغَيْرِهِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ:«لَيْسَ بِالقَوِيِّ» .
وَشَهْرٌ: وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُمَا، وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُوناً بِغَيْرِهِ.
وَالصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ: «الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ؛ كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ؛ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
46 -
وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ فَتَوَضَّأَ، فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» - وَاللَّفْظُ لَهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَحَبِيبٌ: وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ:«هُوَ صَالِحٌ» .
47 -
وَعَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَتَوَضَّأُ؛ فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي العَضُدِ، ثُمَّ يَدَهُ اليُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي العَضُدِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ.
ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ.
ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ.
وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْتُمُ الغُرُّ المُحَجَّلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
48 -
وَرَوَى أَيْضاً مِنْ حَدِيثِ نُعَيْمٍ: «أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَتَوَضَّأُ؛ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ المَنْكِبَيْنِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إِلَى السَّاقَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ».
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ حَدِيثَ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَادَ فِيهِ:«قَالَ نُعَيْمٌ: لَا أَدْرِي قَوْلُهُ: مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلَ؛ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ؟» .
49 -
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: «كُنْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَهُوَ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، فَكَانَ يَمُدُّ يَدَهُ حَتَّى يَبْلُغَ إِبْطَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! مَا هَذَا الوُضُوءُ؟
فَقَالَ: يَا بَنِي فَرُّوخَ! أَنْتُمْ هَاهُنَا! لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ هَاهُنَا مَا تَوَضَّأْتُ هَذَا الوُضُوءَ؛ سَمِعْتُ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: تَبْلُغُ الحِلْيَةُ مِنَ المُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الوَضُوءُ».
50 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
51 -
وَعَنِ ابْنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ؛ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، وَعَلَى العِمَامَةِ وَالخُفَّيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
52 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه: «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ، فَأَخَذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ المَاءِ الَّذِي أَخَذَ لِرَأْسِهِ» رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ
مِنْ رِوَايَةِ الهَيْثَمِ بْنِ خَارِجَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ حَبَّانَ بْنِ وَاسِعٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه، وَقَالَ:«هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ» .
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَلَفْظُهُ: «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ
…
- فَذَكَرَ وُضُوءَهُ - قَالَ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدِهِ»، وَلَمْ يَذْكُرِ الأُذُنَيْنِ.
قَالَ البَيْهَقِيُّ: «وَهَذَا أَصَحُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ» .
53 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! حَدِّثْنِي عَنِ الوُضُوءِ، قَالَ: «مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ، فَيُمَضْمِضُ وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ؛ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ.
ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ؛ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ المَاءِ.
ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ؛ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ المَاءِ.
ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ؛ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعَرِهِ مَعَ المَاءِ.
ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الكَعْبَيْنِ؛ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ المَاءِ.
فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ
أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ؛ إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ هَكَذَا.
وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَفِيهِ:«كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى» بَعْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ.
54 -
وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه
…
- فَذَكَرَ الحَدِيثَ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِيهِ:«فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَالَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}، ابْدَؤُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» هَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِصِيغَةِ الأَمْرِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ أَيْضاً مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ جَعْفَرٍ بِصِيغَةِ الخَبَرِ:«نَبْدَأُ» ، أَوْ «أَبْدَأُ» ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
55 -
وَعَنْ بَقِيَّةَ: حَدَّثَنَا بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا المَاءُ؛ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَحْمَدَ ذِكْرُ الصَّلَاةِ.
قَالَ الأَثْرَمُ: «قُلْتُ لِأَحْمَدَ: هَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ» .
56 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
57 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيةُ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُدَ:«فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ» .
58 -
وَرَوَى أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، عَنْ قَبِيصَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَنَضَحَ» .
وَهَؤُلَاءِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، وَلَمْ يَقُلْ:«وَنَضَحَ» .
59 -
وَعَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الحُصَيْبِ رضي الله عنه قَالَ: «أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا بِلَالاً؛ فَقَالَ: يَا بِلَالُ! بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ؟ فَمَا دَخَلْتُ الجَنَّةَ قَطُّ إِلَّا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي! دَخَلْتُ البَارِحَةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، فَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟
قَالُوا: لِرَجُلٍ عَرَبِيٍّ، فَقُلْتُ: أَنَا عَرَبِيٌّ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟
قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قُلْتُ: أَنَا قُرَشِيٌّ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟
قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، قُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدٌ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟
قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ.
فَقَالَ بِلَالٌ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا، وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِهِمَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ» -.
* * *
بَابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ
60 -
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفْراً: أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ؛ وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ، وَبَوْلٍ، وَنَوْمٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» -، وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» .
61 -
وَعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: دَعْهُمَا؛ فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
62 -
وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» .
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: «كَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الحَدِيثُ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ رضي الله عنه كَانَ بَعْدَ نُزُولِ المَائِدَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
63 -
وَعَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: «أَتَيْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَسْأَلُهَا عَنِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَلْهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْماً وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: «وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي رَفْعِ هَذَا الحَدِيثِ وَوَقْفِهِ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه
…
»، قَالَ:«وَمَنْ رَفَعَهُ أَحْفَظُ وَأَضْبَطُ» .
64 -
وَعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمُ البَرْدُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى العَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
وَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، وَثَوْرٌ لَمْ يَرْوِ لَهُ مُسْلِمٌ؛ بَلِ انْفَرَدَ بِهِ البُخَارِيُّ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ.
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: «لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَاشِدٌ سَمِعَ مِنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَدِيماً» ؛ وَفِي هَذَا القَوْلِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ رَاشِداً شَهِدَ مَعَ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه صِفِّينَ، وَثَوْبَانُ رضي الله عنه مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ، وَمَاتَ رَاشِدٌ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِئَةَ.
وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالعِجْلِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَخَالَفَهُمُ ابْنُ حَزْمٍ فَضَعَّفَهُ، وَالحَقُّ مَعَهُمْ.
وَالعَصَائِبُ: العَمَائِمُ، وَالتَّسَاخِينُ: الخِفَافُ.
65 -
وَعَنْ زُيَيْدِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا، وَلَا يَخْلَعْهُمَا إِنْ شَاءَ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَسَدِ بْنِ
مُوسَى، وَفِيهِ قَالَ: «وَحَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
…
مِثْلَهُ».
وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى: وَثَّقَهُ العِجْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالبَزَّارُ، وَخَالَفَهُمُ ابْنُ حَزْمٍ؛ فَقَالَ:«هُوَ مُنْكَرُ الحَدِيثِ» ، وَالصَّوَابُ مَعَ الجَمَاعَةِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ فِي «المُسْتَدْرَكِ» - بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه: «خَرَجْتُ مِنَ الشَّامِ
…
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه مَرْفُوعاً بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، رُوَاتُهُ عَنْ آخِرِهِمْ ثِقَاتٌ؛ إِلَّا أَنَّهُ شَاذٌّ بِمَرَّةٍ»، ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَ أَنَسٍ رضي الله عنه المُتَقَدِّمَ، وَقَالَ فِيهِ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» .
* * *
بَابُ نَوَاقِضِ الوُضُوءِ وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ
66 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «أُقِيمَتْ صَلَاةُ العِشَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ: لِي حَاجَةٌ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ القَوْمُ - أَوْ بَعْضُ القَوْمِ -، ثُمَّ صَلَّوْا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُونَ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّؤُونَ» .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلَفْظُهُ:«كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَ العِشَاءَ الآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُؤُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّؤُونَ» وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ البَيْهَقِيِّ: «لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُوقَظُونَ لِلصَّلَاةِ حَتَّى إِنِّي لَأَسْمَعُ لِأَحَدِهِمْ غَطِيطاً، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّؤُونَ، قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: هَذَا عِنْدَنَا: وَهُمْ جُلُوسٌ» .
وَقَدْ رُوِيَ فِي الحَدِيثِ زِيَادَةٌ تَمْنَعُ مَا قَالَهُ ابْنُ المُبَارَكِ - إِنْ ثَبَتَتْ -، رَوَاهَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فَيَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَنَامُ ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ» ، قَالَ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
…
فَذَكَرَهُ.
قَالَ ابْنُ القَطَّانِ: «وَهُوَ - كَمَا تَرَى - صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ إِمَامٍ عَنْ شُعْبَةَ، فَاعْلَمْهُ» .
وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّهُمْ كَانُوا يَضْطَجِعُونَ» ؛ قَالَ: «مَا قَالَ هَذَا شُعْبَةُ قَطُّ! وَقَالَ: حَدِيثُ شُعْبَةَ: (كَانُوا يَنَامُونَ)، وَلَيْسَ فِيهِ: (يَضْطَجِعُونَ)، وَقَالَ هِشَامٌ: (كَانُوا يَنْعَسُونَ)، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه» .
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ، وَلَفْظُهُ:«يَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ فَيَنَامُونَ؛ مِنْهُمْ مَنْ يَتَوَضَّأُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَتَوَضَّأُ» .
67 -
وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟
فَقَالَ: لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، ثُمَّ صَلِّي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَزَادَ البُخَارِيُّ: «وَقَالَ أَبِي - يَعْنِي: عُرْوَةَ -: ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ» .
وَرَوَى النَّسَائِيُّ الأَمْرَ بِالوُضُوءِ مَرْفُوعاً مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، وَقَالَ:«لَا أَعْلَمُ أَحَداً ذَكَرَ فِي هَذَا الحَدِيثِ: وَتَوَضَّئِي، غَيْرَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ» .
وَقَالَ مُسْلِمٌ: «وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ» .
وَقَدْ تَابَعَ حَمَّاداً: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَغَيْرُهُ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ ذِكْرَ الوُضُوءِ مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ.
68 -
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً؛ فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: فِيهِ الوُضُوءُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «تَوَضَّأْ وَانْضِحْ فَرْجَكَ» .
69 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تُصَلِّي المُسْتَحَاضَةُ وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الحَصِيرِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالإِسْمَاعِيلِيُّ.
وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
70 -
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» كَذَا رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَرِجَالُهُ مُخَرَّجٌ لَهُمْ فِي الصَّحِيحِ.
وَقَدْ ضَعَّفَهُ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
71 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئاً، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ: أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا؛ فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً، أَوْ يَجِدَ رِيحاً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
72 -
وَعَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحِهِ» .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا البَابِ: حَدِيثُ بُسْرَةَ رضي الله عنها» .
73 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إِلَى فَرْجِهِ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ؛ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الوُضُوءُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
74 -
وَعَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ الحَنَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:«كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَجُلٌ: مَسِسْتُ ذَكَرِي - أَوِ الرَّجُلُ يَمَسُّ ذَكَرَهُ - فِي الصَّلَاةِ؛ عَلَيْهِ وُضُوءٌ؟ قَالَ: لَا، إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«هَذَا الحَدِيثُ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا البَابِ» -.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: «هُوَ مُسْتَقِيمُ الإِسْنَادِ» ، وَجَعَلَهُ ابْنُ المَدِينِيِّ أَحْسَنَ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ رضي الله عنها.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَأَخْطَأَ مَنْ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى ضَعْفِهِ.
75 -
وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ - وَصَحَّحَهُ - عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» .
وَإِسْنَادُهُ لَا يَثْبُتُ.
76 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ، أَوْ رُعَافٌ، أَوْ قَلَسٌ، أَوْ مَذْيٌ؛ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ؛ وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
77 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَتَوَضَّأْ.
قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ.
قَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ؟ قَالَ: لَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
78 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ مَاجَهْ الوُضُوءَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مَنْسُوخٌ» ، وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ:«هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه» ، وَقَالَ البُخَارِيُّ:«قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ، وَعَلِيٌّ: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا البَابِ شَيْءٌ» .
* * *
بَابُ حُكْمِ الحَدَثِ
79 -
عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الطَّوَافَ بِالبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ فِيهِ المَنْطِقَ؛ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ» .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَسَمُّويَهْ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَوْقُوفاً، وَلَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعاً إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ» .
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: «عَطَاءٌ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ» ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ:«اخْتَلَطَ؛ فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيماً فَهُوَ صَحِيحٌ» .
وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ عَطَاءٍ، عَنْ طَاوُسٍ، فَرَفَعَهُ أَيْضاً، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الأَثْبَاتِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَوْقُوفاً، وَهُوَ أَشْبَهُ.
80 -
وَرَوَى مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ - وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ -:«أَنَّ فِي الكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رضي الله عنه: أَنْ لَا يَمَسَّ القُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ» .
وَهَذَا مُرْسَلٌ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي «المَرَاسِيلِ» ، وَالنَّسَائِيُّ،
وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ؛ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ.
وَرَاوِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الخَوْلَانِيُّ، وَقِيلَ: الصَّحِيحُ: أَنَّهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ؛ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
81 -
وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَيْهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ» ، وَفِيهِ:«وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}» .
82 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
* * *
بَابُ آدَابِ قَضَاءِ الحَاجَةِ
83 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَالنَّسَائِيُّ - وَقَالَ:«هَذَا الحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ» -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَالوَهَمُ فِيهِ مِنْ هَمَّامٍ» .
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ.
84 -
وَعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: «يَا مُغِيرَةُ! خُذِ الإِدَاوَةَ، فَأَخَذْتُهَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَقَضَى حَاجَتَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
85 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهما قَالَ: «أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ، وَكَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ لِحَاجَتِهِ: هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
86 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الخَلَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ» .
وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فِي «سُنَنِهِ» : «كَانَ يَقُولُ: بِاسْمِ اللَّهِ» .
87 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ، قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
88 -
وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ رَجُلاً صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالحَاكِمُ.
وَهَذَا الرَّجُلُ المُبْهَمُ هُوَ: الحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الغِفَارِيُّ رضي الله عنه؛ قَالَهُ ابْنُ السَّكَنِ.
89 -
وَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَغَوَّطَ الرَّجُلَانِ فَلْيَتَوَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَلَا يَتَحَدَّثَا عَلَى طَوْفِهِمَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» أَخْرَجَهُ ابْنُ السَّكَنِ.
وَقَالَ ابْنُ القَطَّانِ: «هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثِقَةٌ» .
وَالطَّوْفُ: الغَائِطُ؛ قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ.
90 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «مَا بَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِماً مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو عَوَانَةَ فِي «مُسْنَدِهِ الصَّحِيحِ» بِهَذَا اللَّفْظِ، وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَالحَاكِمِ نَحْوُهُ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «هُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا البَابِ وَأَصَحُّ» .
91 -
وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَبُلْ قَائِماً» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ - وَقَالَ: «أَخَافُ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ نَافِعٍ هَذَا الخَبَرَ» -.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ بَالَ قَائِماً.
92 -
وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنهما قَالَ: «أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِماً، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَلَيْسَ فِي مُسْلِمٍ: «ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ» .
93 -
وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِماً» ، قَالَ حَمَّادٌ:«فَفَحَّجَ رِجْلَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» .
وَأَعَلَّهُ أَحْمَدُ بِرِوَايَةِ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنهما.
94 -
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ، وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنَ الخَلَاءِ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
95 -
وَعَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الخِرَاءَةَ! قَالَ: فَقَالَ: أَجَلْ؛ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
96 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «ارْتَقَيْتُ فَوْقَ بَيْتِ حَفْصَةَ رضي الله عنها لِبَعْضِ حَاجَتِي؛ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ القِبْلَةِ؛ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
97 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ بِبَوْلٍ، فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَسَنٌ غَرِيبٌ» -، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ.
وَصَحَّحَهُ البُخَارِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ:«وَلَيْسَ حَدِيثُ جَابِرٍ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ بِالنَّقْلِ» .
98 -
وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الغَائِطِ قَالَ: غُفْرَانَكَ!» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» ، وَعِنْدَهُ:«إِذَا خَرَجَ مِنَ الخَلَاءِ» -، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «هُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي هَذَا البَابِ» .
* * *
بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ
99 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ؛ فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَعَلَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ فِيهِ اضْطِرَابٌ» -.
وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَفِي آخِرِهِ:«ائْتِنِي بِحَجَرٍ» .
وَفِي لَفْظٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: «ائْتِنِي بِغَيْرِهَا» .
100 -
وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ كَاسِبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ الفُرَاتِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثٍ، وَقَالَ: إِنَّهُمَا لَا يُطَهِّرَانِ» رَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ - وَقَالَ:«إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ» -.
101 -
وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ - وَاسْمُهُ: عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ - قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ الخَلَاءَ، فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً، فَيَسْتَنْجِي بِالمَاءِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
* * *
بَابُ أَسْبَابِ الغُسْلِ
102 -
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الِاثْنَيْنِ إِلَى قُبَاءٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَنِي سَالِمٍ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَابِ عِتْبَانَ، فَصَرَخَ بِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ إِزَارَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَعْجَلْنَا الرَّجُلَ.
فَقَالَ عِتْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُعْجَلُ عَنِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُمْنِ؛ مَاذَا عَلَيْهِ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا المَاءُ مِنَ المَاءِ».
وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ.
فَقَالَ: لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: إِذَا أُعْجِلْتَ أَوْ أَقْحَطْتَ؛ فَلَا غُسْلَ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ الوُضُوءُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
لَكِنْ لَمْ يَذْكُرِ البُخَارِيُّ قَوْلَهُ: «إِنَّمَا المَاءُ مِنَ المَاءِ» ، وَلَا قَالَ:«فَلَا غُسْلَ عَلَيْكَ» .
103 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها حَدَّثَتْ: «أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ المَرْأَةُ؛ فَلْتَغْتَسِلْ.
فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَتْ: وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟
فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا أَوْ سَبَقَ يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
104 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا؛ فَقَدْ وَجَبَ الغَسْلُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ مُسْلِمٌ: «وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» .
105 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:«أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ رضي الله عنه أَسْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ، فَمُرُوهُ أَنْ يَغْتَسِلَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ العُمَرِيُّ: تُكُلِّمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَفِيهِ:«وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ؛ فَاغْتَسَلَ» .
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: «هَذَا الحَدِيثُ عِنْدَ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ» .
وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» .
وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» : «أَنَّهُ اغْتَسَلَ» ، وَلَيْسَ فِيهِ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ بِذَلِكَ.
106 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
107 -
وَعَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أَفْضَلُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الحَدِيثَ مُرْسَلاً» -.
108 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنَ الجَنَابَةِ، وَيَوْمَ الجُمُعَةِ، وَمِنَ الحِجَامَةِ، وَمِنْ غُسْلِ المَيِّتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالحَاكِمُ.
وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَلَفْظُهُ:«قَالَ: يُغْتَسَلُ مِنْ أَرْبَعٍ» .
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «رُوَاةُ هَذَا الحَدِيثِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَتَرَكَهُ مُسْلِمٌ فَلَمْ يُخْرِجْهُ، وَلَا أُرَاهُ تَرَكَهُ إِلَّا لِطَعْنِ بَعْضِ الحُفَّاظِ فِيهِ» .
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ: «رَوَى أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ» .
* * *
بَابُ أَحْكَامِ الحَدَثِ الأَكْبَرِ
109 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الخَلَاءِ فَيُقْرِئُنَا القُرْآنَ، وَيَأْكُلُ مَعَنَا اللَّحْمَ، وَلَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ - أَوْ قَالَ: يَحْجُزُهُ - عَنِ القُرْآنِ شَيْءٌ؛ لَيْسَ الجَنَابَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَلَفْظُهُ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقْرِئُنَا القُرْآنَ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُباً» ، وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» -، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
وَذَكَرَ الخَطَّابِيُّ أَنَّ أَحْمَدَ كَانَ يُوَهِّنُ حَدِيثَ عَلِيٍّ هَذَا، وَيُضَعِّفُ أَمْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ.
وَقَالَ شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ: «مَا أُحَدِّثُ بِحَدِيثٍ أَحْسَنَ مِنْهُ» .
110 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقْرَأِ الحَائِضُ وَلَا الجُنُبُ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ» -.
وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ.
وَضَعَّفَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَصَوَّبَ أَبُو حَاتِمٍ وَقْفَهُ، وَقَالَ:«إِنَّمَا هُوَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَوْلَهُ» .
111 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ؛ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءاً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَدْ أُعِلَّ.
وَزَادَ الحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: «فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ» .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَدْ رُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ» ، وَأَرَادَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا، وَقَالَ البَيْهَقِيُّ:«لَعَلَّهُ أَرَادَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ» .
112 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
113 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ؛ غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَلِمُسْلِمٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ جُنُباً فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ؛ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .
114 -
وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«يَرَوْنَ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ» -.
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: «هَذَا الحَدِيثُ وَهَمٌ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ:«لَيْسَ صَحِيحاً» ، وَصَحَّحَهُ البَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ بَعْضُ الحُذَّاقِ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ: «أَجْمَعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ المُحَدِّثِينَ وَمَنْ تَأَخَّرَ مِنْهُمْ: أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ خَطَأٌ مُنْذُ زَمَانِ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَى اليَوْمِ، وَعَلَى ذَلِكَ تَلَقَّوْهُ مِنْهُ، وَحَمَلُوهُ عَنْهُ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ - أَوْ ثَانٍ - مِمَّا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ «التَّمْيِيزِ» لَهُ؛ مِمَّا حُمِلَ مِنَ الحَدِيثِ عَلَى الخَطَأِ».
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُجْنِبُ، ثُمَّ يَنَامُ، ثُمَّ يَنْتَبِهُ، ثُمَّ يَنَامُ وَلَا يَمَسُّ مَاءً» .
وَإِسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ.
* * *
بَابُ صِفَةِ الغُسْلِ
115 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ: يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ.
ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ؛ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ.
ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَبَدَأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثاً» .
وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: «ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدَيْهِ شَعَرَهُ» .
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ؛ أَفَاضَ عَلَيْهِ المَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» .
116 -
وَعَنْ مَيْمُونَةَ - زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قَالَتْ: «أَدْنَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُسْلَهُ مِنَ الجَنَابَةِ؛ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً.
ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى فَرْجِهِ وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الأَرْضَ فَدَلَكَهَا دَلْكاً شَدِيداً.
ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ.
ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفَّيْهِ.
ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ.
ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «وَجَعَلَ يَقُولُ بِالمَاءِ هَكَذَا؛ يَنْفُضُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «وَجَعَلَ يَنْفُضُ المَاءَ بِيَدِهِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَيْضاً: «ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ، ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ» .
117 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قَالَتْ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي؛ أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الجَنَابَةِ؟
فَقَالَ: لَا، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ المَاءَ؛ فَتَطْهُرِينَ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «أَفَأَنْقُضُهُ لِلْحَيْضَةِ وَالجَنَابَةِ؟ قَالَ: لَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
118 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ أَسْمَاءَ - وَهِيَ بِنْتُ شَكَلٍ - رضي الله عنها
سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِ المَحِيضِ؛ فَقَالَ: تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا؛ فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا؛ فَتَدْلُكُهُ دَلْكاً شَدِيداً حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا المَاءَ.
ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا.
فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَطَهَّرِينَ بِهَا.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ -: تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ.
وَسَأَلَتْهُ عَنْ غُسْلِ الجَنَابَةِ.
فَقَالَ: تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ - أَوْ تُبْلِغُ الطُّهُورَ -.
ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا؛ فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا المَاءَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ؛ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَذَكَرَ البُخَارِيُّ مِنْهُ ذِكْرَ الفِرْصَةِ وَالتَّطَهُّرِ بِهَا.
* * *
بَابُ التَّيَمُّمِ
119 -
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً؛ فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
120 -
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه: «وَجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُوراً» .
121 -
وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنهما قَالَ: «بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ المَاءَ؛ فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ.
فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى اليَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ، وَوَجْهَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «وَضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ» .
122 -
وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ
المُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ المَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ المَاءَ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ، وَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ» رَوَاهُ البَزَّارُ.
وَقَالَ ابْنُ القَطَّانِ: «إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ» .
وَأُرَى الدَّارَقُطْنِيَّ قَالَ: «الصَّوَابُ: أَنَّهُ مُرْسَلٌ» .
وَقَالَ ابْنُ القَطَّانِ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه: «ضَعِيفٌ» .
وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَلَهُ عِلَّةٌ، وَالمَشْهُورُ فِي البَابِ: حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه الَّذِي صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
123 -
وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «خَرَجَ رَجُلَانِ فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ، فَتَيَمَّمَا صَعِيداً طَيِّباً فَصَلَّيَا، ثُمَّ وَجَدَا المَاءَ فِي الوَقْتِ؛ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ وَالوُضُوءَ، وَلَمْ يُعِدِ الآخَرُ، ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ.
فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ.
وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ: لَكَ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ - وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِهِمَا» -، وَفِي قَوْلِهِ تَسَاهُلٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: «ذِكْرُ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه فِي هَذَا الحَدِيثِ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ» .
124 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
* * *
بَابُ الحَيْضِ
125 -
رَوَى ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:«أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ دَمَ الحَيْضِ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكِ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ - وَقَالَ:«رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ» -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: «قَدْ رَوَى هَذَا الحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ؛ فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ» ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ:«لَمْ يُتَابَعْ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ مُنْكَرٌ» .
126 -
وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رضي الله عنها قَالَتْ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ اسْتُحِيضَتْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَلَمْ تُصَلِّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: سُبْحَانَ اللَّهِ! هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ، لِتَجْلِسْ فِي مِرْكَنٍ، فَإِذَا رَأَتْ صُفْرَةً فَوْقَ المَاءِ؛ فَلْتَغْتَسِلْ لِلظُّهْرِ وَالعَصْرِ غُسْلاً وَاحِداً.
وَتَغْتَسِلْ لِلْمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ غُسْلاً وَاحِداً.
وَتَغْتَسِلْ لِلْفَجْرِ غُسْلاً، وَتَوَضَّأْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
وَقَدْ أَعَلَّهُ بَعْضُهُمْ.
127 -
وَعَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها قَالَتْ: «كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ، فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ؛ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً؛ فَمَا تَأْمُرُنِي فِيهَا - قَدْ مَنَعَتْنِي الصِّيَامَ وَالصَّلَاةَ -؟
قَالَ: أَنْعَتُ لَكِ الكُرْسُفَ؛ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ، قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ!
قَالَ: فَتَلَجَّمِي، قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ!
قَالَ: فَاتَّخِذِي ثَوْباً، قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ إِنَّمَا أَثُجُّ ثَجّاً.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ؛ أَيَّهُمَا صَنَعْتِ أَجْزَأَ عَنْكِ، فَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ.
فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي.
فَإِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهَرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ؛ فَصَلِّي أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، أَوْ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا، وَصُومِي وَصَلِّي؛ فَإِنَّ ذَلِكِ يُجْزِئُكِ.
وَكَذَلِكِ فَافْعَلِي؛ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ لِمِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ.
فَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تَؤَخِّرِينَ الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِينَ العَصْرَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ حِينَ تَطْهُرِينَ، وَتُصَلِّينَ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعاً.
ثُمَّ تُؤَخِّرِينَ المَغْرِبَ وَتُعَجِّلِينَ العِشَاءَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ؛ فَافْعَلِي.
وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الصُّبْحِ وَتُصَلِّينَ، وَكَذَلِكِ فَافْعَلِي، وَصُومِي إِنْ قَوِيتِ عَلَى ذَلِكَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَهُوَ أَعْجَبُ الأَمْرَيْنِ إِلَيَّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَصَحَّحَهُ -.
وَكَذَلِكَ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَحَسَّنَهُ البُخَارِيُّ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ» ، وَوَهَّنَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ البَيْهَقِيُّ:«تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ» .
128 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ رضي الله عنها الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه شَكَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّمَ.
فَقَالَ لَهَا: «امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي؛ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
129 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتِ: «اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالصُّفْرَةَ، وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
130 -
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كُنَّا لَا نَعُدُّ الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئاً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ البُخَارِيِّ: «بَعْدَ الطُّهْرِ» .
وَرَوَاهُ الحَاكِمُ مِثْلَ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ - وَقَالَ: «عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
131 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ اليَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ المَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي البُيُوتِ، فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
فَأنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
132 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، كِلَانَا جُنُبٌ، وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَكَانَ يُخْرِجُ رَأَسَهُ إِلَيَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
133 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِي حَائِضٌ -؛ قَالَ:«يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ - أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ -» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَكَذَا الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ؛ قَالَ: دِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ، وَرُبَّمَا لَمْ يَرْفَعْهُ شُعْبَةُ» .
وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ: «هَذَا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ وَلَفْظِهِ، وَلَا يَصِحُّ مَرْفُوعاً» ، وَخَالَفَهُ ابْنُ القَطَّانِ وَصَحَّحَ الحَدِيثَ.
وَقَدْ وَهِمَ مَنْ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى ضَعْفِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: «قِيلَ لِشُعْبَةَ: إِنَّكَ كُنْتَ تَرْفَعُهُ! قَالَ: إِنِّي كُنْتُ مَجْنُوناً فَصَحَحْتُ» .
* * *
بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَذِكْرِ بَعْضِ الأَعْيَانِ النَّجِسَةِ
134 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الخَمْرِ: تُتَّخَذُ خَلّاً؟ قَالَ: لَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
135 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ؛ فَإِنَّ المُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ حَيّاً وَلَا مَيِّتاً» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: المُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ حَيّاً وَلَا مَيِّتاً» .
136 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ؛ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ رضي الله عنه أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ» هَكَذَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَفْظُهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَاوَلَ الحَالِقَ شِقَّهُ الأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ رضي الله عنه فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.
ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأَيْسَرَ؛ فَقَالَ: احْلِقْهُ؛ فَحَلَقَهُ، فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ رضي الله عنه، فَقَالَ: اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ».
137 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ جَاءَ جَاءٍ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُكِلَتِ الحُمُرُ.
ثُمَّ جَاءَ جَاءٍ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُفْنِيَتِ الحُمُرُ!
فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا طَلْحَةَ رضي الله عنه فَنَادَى: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ؛ فَإِنَّهَا رِجْسٌ - أَوْ نَجَسٌ -، قَالَ: فَأُكْفِئَتِ القُدُورُ بِمَا فِيهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ.
138 -
وَفِي «الصَّحِيحِ» - فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ رضي الله عنه: «أَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ يُوقِدُونَ عَلَى لَحْمِ الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا.
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ فَقَالَ: أَوْ ذَاكَ».
139 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ رضي الله عنه قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنىً وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَهِيَ تَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا، وَلُعَابُهَا يَسِيلُ بَيْنَ كَتِفَيَّ
…
»، الحَدِيثَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
140 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ؛ فَقَالَ: إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ.
ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟
قَالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَقَدْ رُوِيَ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ: «يَسْتَتِرُ» ، وَ «يَسْتَنْزِهُ» ، وَ «يَسْتَبْرِئُ» ، فَالأَوَّلَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَالأَخِيرُ انْفَرَدَ بِهِ البُخَارِيُّ.
141 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْسِلُ المَنِيَّ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ الغَسْلِ فِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرْكاً؛ فَيُصَلِّي فِيهِ» .
وَلَهُ أَيْضاً عَنْهَا: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَأَحُكُّهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَابِساً بِظُفُرِي» .
142 -
وَعَنْ أَبِي السَّمْحِ رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ أَخْدِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأُتِيَ بِحَسَنٍ - أَوْ حُسَيْنٍ - فَبَالَ عَلَى صَدْرِهِ، فَجِئْتُ أَغْسِلُهُ؛ فَقَالَ: يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الغُلَامِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: «لَا أَعْرِفُ اسْمَ أَبِي السَّمْحِ هَذَا» .
* * *
كِتَابُ الصَّلَاةِ
143 -
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ: تَرْكُ الصَّلَاةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
144 -
وَعَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الحُصَيْبِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَصَحَّحَاهُ.
وَقَالَ هِبَةُ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ: «هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» .
145 -
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الأَحْزَابِ: «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الوُسْطَى - صَلَاةِ العَصْرِ -، مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً، ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْنَ العِشَاءَيْنِ - بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ -» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
146 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: «أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ؛ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا!
قَالَ: فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ؛ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
147 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
148 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ نَسِيَ صَلَاةً؛ فَوَقْتُهَا إِذَا ذَكَرَهَا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالبَيْهَقِيُّ، بِإِسْنَادٍ لَا يَثْبُتُ.
149 -
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ لَهُ؛ فَأَدْلَجْنَا لَيْلَتَنَا؛ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ عَرَّسْنَا؛ فَغَلَبَتْنَا أَعْيُنُنَا حَتَّى بَزَغَتِ الشَّمْسُ.
قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَّا أَبُو بَكْرٍ، وَكُنَّا لَا نُوقِظُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَنَامِهِ إِذَا نَامَ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ.
ثُمَّ اسْتَيْقَظَ عُمَرُ، فَقَامَ عِنْدَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ، حَتَّى اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ رَأَى الشَّمْسَ قَدْ بَزَغَتْ؛ فَقَالَ: ارْتَحِلُوا.
فَسَارَ بِنَا حَتَّى إِذَا ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ نَزَلَ؛ فَصَلَّى بِنَا الغَدَاةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
150 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ؛ فَسَارَ لَيْلَةً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَنَا الكَرَى عَرَّسَ - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ -، وَفِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَحَوَّلُوا عَنْ مَكَانِكُمُ الَّذِي أَصَابَتْكُمْ فِيهِ الغَفْلَةُ.
قَالَ: فَأَمَرَ بِلَالاً؛ فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ، وَصَلَّى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَقَالَ:«لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ الأَذَانَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا الأَوْزَاعِيُّ وَأَبَانُ العَطَّارُ، عَنْ مَعْمَرٍ» -.
وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ الحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَقَالَ فِيهِ:«وَأَمَرَ بِلَالاً؛ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ؛ فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ» ، وَلَمْ يَذْكُرِ الأَذَانَ.
* * *
بَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ
151 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَقْتُ الظُّهْرِ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ؛ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ تَحْضُرِ العَصْرُ.
وَوَقْتُ العَصْرِ: مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ.
وَوَقْتُ صَلَاةِ المَغْرِبِ: مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ.
وَوَقْتُ صَلَاةِ العِشَاءِ: إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ.
وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ: مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ».
وَفِي لَفْظٍ: «وَقْتُ صَلَاةِ المَغْرِبِ: إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، مَا لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
152 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كُنَّ نِسَاءُ المُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ؛ لَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الغَلَسِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
153 -
وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ؛ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأُجُورِكُمْ - أَوْ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ -» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ ابْنُ حِبَّانَ.
وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ، وَلَفْظُهُ:«أَسْفِرُوا بِالفَجْرِ؛ فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ - أَوْ قَالَ: لِأُجُورِكُمْ -» .
154 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ.
وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا؛ فَقَالَتْ: رَبِّي! أَكَلَ بَعْضِي بَعْضاً!
فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ؛ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
155 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي العَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى العَوَالِي فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ» - وَفِي رِوَايَةٍ: «إِلَى قُبَاءٍ» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةِ البُخَارِيِّ: «وَبَعْضُ العَوَالِي مِنَ المَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ» .
156 -
وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي المَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
157 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ المَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى، فَقَالَ: إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي» - وَفِي رِوَايَةٍ: «لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ» - رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
158 -
وَعَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ قَالَ: «دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ أَبِي: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ؟
فَقَالَ: كَانَ يُصَلِّي الهَجِيرَ - الَّتِي تَدْعُونَهَا الأُولَى - حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ.
وَيُصَلِّي العَصْرَ ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى المَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي المَغْرِبِ.
وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ العِشَاءَ - الَّتِي تَدْعُونَهَا العَتَمَةَ -.
وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا.
وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ الغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى المِئَةِ».
159 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ، وَالعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، وَالمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ.
وَالعِشَاءَ أَحْيَاناً وَأَحْيَاناً؛ إِذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَؤُوا أَخَّرَ.
وَالصُّبْحَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
160 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، أَلَا إِنَّهَا العِشَاءُ وَهُمْ يُعْتِمُونَ بِالإِبِلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
161 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ؛ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ.
وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ؛ فَقَدْ أَدْرَكَ العَصْرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
162 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ العَصْرِ سَجْدَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، أَوْ مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ؛ فَقَدْ أَدْرَكَهَا، وَالسَّجْدَةُ إِنَّمَا هِيَ الرَّكْعَةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
163 -
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ، وَحِينَ تَضَيَّفُ - أَيْ: تَمِيلُ - الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
164 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» .
165 -
وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ: «أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ العَصْرِ.
فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ العَصْرِ، ثُمَّ إِنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا أَوْ نَسِيَهُمَا؛ فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ العَصْرِ، ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ: يَعْنِي: دَاوَمَ عَلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
166 -
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! لَا تَمْنَعُوا أَحَداً طَافَ بِهَذَا البَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَقَالَ بَعْضُ المُصَنِّفِينَ الحُذَّاقُ: «رَوَاهُ مُسْلِمٌ» ؛ وَهُوَ وَهَمٌ.
* * *
بَابُ الأَذَانِ
167 -
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «المُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقاً يَوْمَ القِيَامَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
168 -
وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ؛ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
169 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ رضي الله عنه قَالَ: «لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ؛ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوساً فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟
قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ.
قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى!
فَقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ.
أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ.
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ.
حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ قَالَ: تَقُولُ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ:
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ.
أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ.
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ.
قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَقَالَ: إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ -، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتاً مِنْكَ.
فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ، فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ.
قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَلِلَّهِ الحَمْدُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ - وَصَحَّحَهُ -.
وَزَادَ أَحْمَدُ: «فَكَانَ بِلَالٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ يُؤَذِّنُ بِذَلِكَ، وَيَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلَاةِ.
قَالَ: فَجَاءَهُ فَدَعَاهُ ذَاتَ غَدَاةٍ إِلَى الفَجْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَائِمٌ.
قَالَ: فَصَرَخَ بِلَالٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ: فَأُدْخِلَتْ هَذِهِ الكَلِمَةُ فِي التَّأْذِينِ لِصَلَاةِ الفَجْرِ».
قَالَ البُخَارِيُّ: «لَا يُعْرَفُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه؛ إِلَّا حَدِيثُ الأَذَانِ» .
170 -
وَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الأَذَانَ:
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ.
أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ.
ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُ:
أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ - مَرَّتَيْنِ -.
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ - مَرَّتَيْنِ -.
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ - مَرَّتَيْنِ -.
حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ - مَرَّتَيْنِ -.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» كَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ؛ وَذَكَرُوا التَّكْبِيرَ
فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعاً، وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فِي آخِرِهِ:«وَالإِقَامَةُ مَثْنَى مَثْنَى، لَا يُرَجِّعُ» .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً» ، وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» .
171 -
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:«مِنَ السُّنَّةِ إِذَا قَالَ المُؤَذِّنُ فِي أَذَانِ الفَجْرِ: حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ، قَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
172 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ ذَكَرُوا أَنْ يُعْلِمُوا وَقْتَ الصَّلَاةِ بِشَيْءٍ يَعْرِفُونَهُ، فَذَكَرُوا أَنْ يُورُوا نَاراً أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوساً، فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ البُخَارِيُّ: «إِلَّا الإِقَامَةَ» .
173 -
وَعَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:«أَنَّهُ رَأَى بِلَالاً يُؤَذِّنُ، فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا - يَقُولُ: يَمِيناً وَشِمَالاً - يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِيهِ:«فَلَمَّا بَلَغَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ؛ لَوَى عُنُقَهُ يَمِيناً وَشِمَالاً وَلَمْ يَسْتَدِرْ» .
وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ:«رَأَيْتُ بِلَالاً يُؤَذِّنُ، وَأَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ» ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» .
وَلِابْنِ مَاجَهْ: «فَاسْتَدَارَ فِي أَذَانِهِ، وَجَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ» .
174 -
وَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ نَحْواً مِنْ عِشْرِينَ رَجُلاً فَأَذَّنُوا، فَأَعْجَبَهُ صَوْتُ أَبِي مَحْذُورَةَ؛ فَعَلَّمَهُ الأَذَانَ» رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي «مُسْنَدِهِ» ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» .
175 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّنَانِ: بِلَالٌ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
176 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم قَالَا:«لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الفِطْرِ وَلَا يَوْمَ الأَضْحَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
177 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنهما قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم العِيدَيْنِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ؛ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
178 -
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِيهِ النَّوْمُ عَنِ الصَّلَاةِ، وَفِيهِ: - «ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الغَدَاةَ؛ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
179 -
وَرَوَى عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ أَتَى المُزْدَلِفَةَ؛ فَصَلَّى بِهَا المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ، بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ» .
180 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:«جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِجَمْعٍ؛ صَلَّى المَغْرِبَ ثَلَاثاً، وَالعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ؛ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: «بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَلَمْ يُنَادِ فِي الأُولَى، وَلَمْ يُسَبِّحْ عَلَى إِثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «وَلَمْ يُنَادِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا» .
181 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ بِلَالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ.
قَالَ: وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
182 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ بِلَالاً رضي الله عنه أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ؛ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِيَ: أَلَا إِنَّ العَبْدَ نَامَ! فَرَجَعَ فَنَادَى: أَلَا إِنَّ العَبْدَ نَامَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَذَكَرَ عِلَّتَهُ -.
وَقَالَ ابْنُ المَدِينِيِّ، وَالتِّرْمِذِيُّ:«هُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ» ، وَقَالَ الذُّهْلِيُّ:«هُوَ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِمَا رَوَاهُ النَّاسُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ» .
وَقَالَ مَالِكٌ: «لَمْ تَزَلِ الصُّبْحُ يُنَادَى بِهَا قَبْلَ الفَجْرِ، فَأَمَّا غَيْرُهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّا لَمْ نَرَ يُنَادَى لَهَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَحِلَّ وَقْتُهَا» .
183 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ؛ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّنُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
184 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ القَائِمَةِ؛ آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ؛ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالبَيْهَقِيُّ:«المَقَامَ المَحْمُودَ» ؛ بِالتَّعْرِيفِ.
185 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَالَ المُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ.
ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ؛ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ.
ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ - مِنْ قَلْبِهِ -؛ دَخَلَ الجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
186 -
وَرَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ؛ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الوَسِيلَةَ؛ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ» .
187 -
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي العَاصِي رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ! اجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي، قَالَ: أَنْتَ إِمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّناً لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْراً» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ آخِرَ مَا عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَنِ اتَّخِذْ مُؤَذِّناً لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْراً» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
* * *
بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ
188 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
189 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا المَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ المَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي المَرْأَةُ إِلَى المَرْأَةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
190 -
وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟
قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَكَ؛ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ.
قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ القَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟
قَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا.
قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِياً؟
قَالَ: فَاللَّهُ تبارك وتعالى أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَإِسْنَادُهُ ثَابِتٌ إِلَى بَهْزٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ الجُمْهُورِ.
191 -
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛
إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذاً بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ
…
» الحَدِيثَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
192 -
وَرَوَى عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَاعِداً فِي مَكَانٍ فِيهِ مَاءٌ قَدِ انْكَشَفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ - أَوْ رُكْبَتِهِ -، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ غَطَّاهَا» .
193 -
وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ الحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عز وجل صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
وَصَفِيَّةُ: وَثَّقَهَا ابْنُ حِبَّانَ.
وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفاً، وَمُرْسَلاً.
وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَلَفْظُهُ:«لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ امْرَأَةٍ قَدْ حَاضَتْ؛ إِلَّا بِخِمَارٍ» .
194 -
وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ؛ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: يُرْخِينَ شِبْراً.
فَقَالَتْ: إِذَنْ تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ! قَالَ: فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعاً لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» -.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها.
وَعَنْهُ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها.
وَعَنْهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
195 -
وَعَنْ أَبِي يَحْيَى القَتَّاتِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:«مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ وَفَخِذُهُ خَارِجَةٌ، فَقَالَ: غَطِّ فَخِذَكَ؛ فَإِنَّ فَخِذَ الرَّجُلِ مِنْ عَوْرَتِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو يَعْلَى، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الفَخِذُ عَوْرَةٌ» ، وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» -.
وَصَحَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ.
وَأَبُو يَحْيَى مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ:«لَيْسَ بِالقَوِيِّ» .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَرْهَدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشِ رضي الله عنهم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(الفَخِذُ عَوْرَةٌ).
وَقَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: حَسَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَخِذِهِ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ، وَحَدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ؛ حَتَّى يَخْرُجَ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ».
وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ طَاوُسٍ، عَنْهُ.
196 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا خَيْبَرَ؛ فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ.
فَأَجْرَى نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ، ثُمَّ حَسَرَ الإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ
حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا دَخَلَ القَرْيَةَ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ! خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ - قَالَهَا ثَلَاثاً -» رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ - وَفِي رِوَايَتِهِ:«فَانْحَسَرَ الإِزَارُ عَنْ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» -.
فَلَفْظُ مُسْلِمٍ لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الفَخِذَ لَيْسَتْ عَوْرَةً، وَلَفْظُ البُخَارِيِّ مُحْتَمِلٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
197 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ - وَعِنْدَهُ:«عَاتِقَيْهِ» ، وَ «عَاتِقِهِ» أَيْضاً -.
198 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ؛ فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي.
فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ؟
قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ - يَعْنِي: ضَاقَ -.
قَالَ: فَإِنْ كَانَ وَاسِعاً فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقاً فَاتَّزِرْ بِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَفْظُهُ:«إِذَا كَانَ وَاسِعاً فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقاً فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ» .
199 -
وَعَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
200 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَنَزَلَتْ:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} .
فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، فَنَادَى: أَلَا إِنَّ القِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ! فَمَالُوا كَمَا هُمْ نَحْوَ القِبْلَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
201 -
وَعَنْ عُثْمَانَ الأَخْنَسِيِّ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» -.
وَتَكَلَّمَ فِيهِ أَحْمَدُ، وَقَوَّاهُ البُخَارِيُّ.
202 -
وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنهما قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «يُومِئُ بِرَأْسِهِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ» .
203 -
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: «إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ، حَتَّى نَزَلَتْ:
{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ؛ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الكَلَامِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَيْسَ فِي البُخَارِيِّ: «وَنُهِينَا عَنِ الكَلَامِ» .
204 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يُسَبِّحُونَ وَيُشِيرُونَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَمْ يَقُلِ البُخَارِيُّ: «فِي الصَّلَاةِ» ، وَلَا ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ شِهَابٍ.
205 -
وَعَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المِرْجَلِ مِنَ البُكَاءِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي «الشَّمَائِلِ» ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ - وَعِنْدَهُ:«وَقَالَ يَعْنِي: يَبْكِي» -.
وَقَدْ وَهِمَ فِي هَذَا الحَدِيثِ مَنْ قَالَ: «أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ» ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ
206 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ عليه السلام، فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ.
فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ - ثَلَاثاً -.
فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي، قَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ؛ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ، فَكَبِّرْ.
ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.
ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً.
ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً.
ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
207 -
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ: «أَنَّهُ كَانَ جَالِساً مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْنَا صَلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رضي الله عنه: أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ.
وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ.
فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ.
فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ القِبْلَةَ.
وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى وَنَصَبَ اليُمْنَى.
وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى وَنَصَبَ الأُخْرَى، وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
208 -
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي؛ فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعاً؛ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ.
وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ؛ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ.
وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا؛ لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ.
لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.
وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي.
وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ.
وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ.
ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
209 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ كَبَّرَ، ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ.
ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً.
ثُمَّ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ - وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ -، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيِّ - وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ -، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «وَقَدْ تُكُلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ؛ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَتَكَلَّمُ فِي عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَصِحُّ هَذَا الحَدِيثُ» .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا الحَدِيثُ يَقُولُونَ: هُوَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الحَسَنِ رحمه الله، الوَهَمُ مِنْ جَعْفَرٍ» .
210 -
وَعَنْ عَبْدَةَ: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ؛ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» . ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» ؛ لِأَنَّهُ سَمِعَهُ مَعَ غَيْرِهِ.
وَلَيْسَ هُوَ عَلَى شَرْطِهِ؛ فَإِنَّ عَبْدَةَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ، بَلْ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِهِ؛ إِنَّمَا رَآهُ رُؤْيَةً.
وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه:«أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ» .
وَقَالَ المَرُّوذِيُّ: «سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاةِ؛ فَقَالَ: نَذْهَبُ فِيهِ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ، وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ مِنْ وُجُوهٍ لَيْسَتْ بِذَاكَ» .
211 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالقِرَاءَةَ بِـ {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} ، وَكَانَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ.
وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِماً.
وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِساً.
وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ.
وَكَانَ يَفْرُشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ اليُمْنَى.
وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ، وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ.
وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
212 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ؛ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا.
وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ.
وَإِذَا صَلَّى قَائِماً فَصَلُّوا قِيَاماً، وَإِذَا صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمَعُونَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
213 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضاً، وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ: «عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ إِذَا دَخَلَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ.
وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ.
وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ.
وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ.
وَرَفَعَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم».
214 -
وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ؛ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ» .
215 -
وَرَوَى عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه: «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَصَفَّهُمَا حِيَالَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ الْتَحَفَ ثَوْبَهُ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى.
فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنَ الثَّوْبِ ثُمَّ رَفَعَهُمَا، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ.
فَلَمَّا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ؛ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا سَجَدَ؛ سَجَدَ بَيْنَ كَفَّيْهِ».
216 -
وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى يَدِهِ اليُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ» .
217 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً - قَالَ: أَحْسَبُهُ قَالَ: هُنَيَّةً - فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ القِرَاءَةِ؛ مَا تَقُولُ؟
قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ.
اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ.
اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
218 -
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ القُرْآنِ» - وَفِي رِوَايَةٍ: «بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
219 -
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ» ، وَقَدْ أُعِلَّ.
220 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِـ {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
221 -
وَقَدْ ضَعَّفَ الخَطِيبُ وَغَيْرُهُ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ بِلَا حُجَّةٍ.
وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ:«فَكَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}» .
وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالطَّبَرَانِيِّ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسِرُّ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما» .
زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: «فِي الصَّلَاةِ» .
222 -
وَعَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ قَالَ: «صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ القُرْآنِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ {وَلَا الضَّالِّينَ} ، قَالَ: آمِينَ، وَقَالَ النَّاسُ: آمِينَ.
وَيَقُولُ كُلَّمَا سَجَدَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الجُلُوسِ مِنَ الِاثْنَتَيْنِ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ.
ثُمَّ يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَالخَطِيبُ - وَصَحَّحُوهُ -.
وَقَدْ أُعِلَّ ذِكْرُ البَسْمَلَةِ.
223 -
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الفَجْرِ، فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ القِرَاءَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: لَعَلَّكُمْ تَقْرَؤُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ؛ هَذّاً يَا رَسُولَ اللَّهِ!
قَالَ: لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ؛ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ - وَقَالَ:«إِسْنَادُهُ حَسَنٌ» -.
وَصَحَّحَهُ البُخَارِيُّ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ أَحْمَدُ، وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَغَيْرُهُمَا.
وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
224 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَنَا، فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا؛ فَقَالَ: إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَصَحَّحَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَتَكَلَّمَ فِي قَوْلِهِ:«إِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَصَحَّحَهُ مُسْلِمٌ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ.
225 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ القُرْآنِ شَيْئاً؛ فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ.
قَالَ: قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا لِلَّهِ عز وجل؛ فَمَا لِي؟
قَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي.
فَلَمَّا قَامَ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا هَذَا فَقَدْ مَلَأَ يَدَهُ مِنَ الخَيْرِ» رَوَاهُ
أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ» -.
وَلَقَدْ قَصَّرَ مَنْ عَزَاهُ إِلَى ابْنِ الجَارُودِ فَقَطْ.
226 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
227 -
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِنَا؛ فَيَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَاناً.
وَكَانَ يُطَوِّلُ الرَّكْعَةَ الأُولَى مِنَ الظُّهْرِ وَيُقَصِّرُ الثَّانِيَةَ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي رِوَايَةِ البُخَارِيِّ: «وَكَانَ يُطَوِّلُ الأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ» .
228 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نَحْزُرُ قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ.
فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ: {الم * تَنْزِيلُ} السَّجْدَةِ.
وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ.
وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ العَصْرِ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ فِي الأُخْرَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ.
وَفِي الأُخْرَيَيْنِ مِنَ العَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ».
وَفِي رِوَايَةٍ: بَدَلَ «{تَنْزِيلُ} السَّجْدَةِ» : «قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً.
وَفِي الأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً.
وَفِي العَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً، وَفِي الأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ نِصْفِ ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
229 -
وَعَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فُلَانٍ.
قَالَ سُلَيْمَانُ: كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَيُخَفِّفُ الأُخْرَيَيْنِ.
وَيُخَفِّفُ العَصْرَ، وَيَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِقِصَارِ المُفَصَّلِ.
وَيَقْرَأُ فِي العِشَاءِ بِوَسَطِ المُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطِوَالِ المُفَصَّلِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَهُوَ أَتَمُّ -.
وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
230 -
وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنَ المُفَصَّلِ سُورَةٌ صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ إِلَّا وَقَدْ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّ النَّاسَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
231 -
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِالطُّورِ فِي المَغْرِبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
232 -
وَعَنْ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: «اجْتَمَعَ أَبُو حُمَيْدٍ وَأَبُو أُسَيْدٍ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ رضي الله عنهم، فَذَكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِيهِ: قَالَ: ثُمَّ رَكَعَ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَأَنَّهُ قَابِضٌ عَلَيْهِمَا، وَوَتَّرَ يَدَيْهِ فَتَجَافَى عَنْ جَنْبَيْهِ.
ثُمَّ سَجَدَ فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ، وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ.
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ، حَتَّى فَرَغَ.
ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ اليُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ.
وَوَضَعَ كَفَّهُ اليُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُمْنَى، وَكَفَّهُ اليُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُسْرَى، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ - وَصَحَّحَهُ -.
233 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ؛ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا المُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ.
أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ القُرْآنَ رَاكِعاً أَوْ سَاجِداً، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عز وجل، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ؛ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
234 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
235 -
وَعَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِنَا، قَالَ: فَكَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئاً لَا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ.
كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ انْتَصَبَ قَائِماً حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: قَدْ نَسِيَ.
وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ مَكَثَ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: قَدْ نَسِيَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
236 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ.
ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ يَقُولُ - وَهُوَ قَائِمٌ -: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ.
ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِداً، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ.
ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ.
ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا.
وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الجُلُوسِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«مِنَ المَثْنَى بَعْدَ الجُلُوسِ» .
237 -
وَفِي المُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قَالَ الإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .
238 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ العَبْدُ - وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ -.
اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما نَحْوُهُ.
239 -
وَعَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ:«رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبَلَ رُكْبَتَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَرَوَى هَمَّامٌ عَنْ عَاصِمٍ هَذَا مُرْسَلاً» .
وَشَرِيكٌ: كَثِيرُ الغَلَطِ وَالوَهَمِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ شَرِيكٍ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ عَنْ عَاصِمٍ غَيْرُ شَرِيكٍ، وَشَرِيكٌ لَيْسَ بِالقَوِيِّ فِيمَا يَتَفَرَّدُ بِهِ» .
وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: «حَدِيثُ وَائِلٍ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما» .
240 -
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ؛ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ البَعِيرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالبُخَارِيُّ فِي «تَارِيخِهِ» ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَلَفْظُهُ:«يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَبْرُكُ فِي صَلَاتِهِ بَرْكَ الجَمَلِ!» ، وَقَالَ:«حَدِيثٌ غَرِيبٌ» -.
وَمُحَمَّدٌ: وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ البُخَارِيُّ:«لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَلَا أَدْرِي: سَمِعَ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ أَمْ لَا» .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَضَعُ يَدَيْهِ قَبَلَ رُكْبَتَيْهِ» .
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» مَرْفُوعاً.
241 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ -، وَاليَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.
242 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنهم: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
243 -
وَعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَجَدْتَ؛ فَضَعْ كَفَّيْكَ، وَارْفَعْ مِرْفَقَيْكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
244 -
وَعَنْ وَائِلٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَكَعَ فَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَإِذَا سَجَدَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ» رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
245 -
وَعَنْ كَامِلٍ أَبِي العَلَاءِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -، وَهَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ وَالحَاكِمِ.
وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ:«وَاجْبُرْنِي» بَدَلَ: «وَعَافِنِي» .
وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ أَيْضاً: «وَارْفَعْنِي» بَدَلَ: «وَاهْدِنِي» .
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ كَامِلٍ أَبِي العَلَاءِ مُرْسَلاً» .
وَقَدْ وَثَّقَ كَامِلاً ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ:«لَيْسَ بِالقَوِيِّ» ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:«أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَرَوَى هَذَا الحَدِيثَ وَلَفْظُهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي» .
246 -
وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِداً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
247 -
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:«مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْنُتُ فِي الفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
وَأَبُو جَعْفَرٍ: وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ:«شَيْخٌ يَهِمُ كَثِيراً» ، وَقَالَ الفَلَّاسُ:«فِيهِ ضَعْفٌ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ، سَيِّئُ الحِفْظِ» ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ:«لَيْسَ بِالقَوِيِّ» ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ:«يَنْفَرِدُ بِالمَنَاكِيرِ عَنِ المَشَاهِيرِ» .
248 -
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ: «قُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ! إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ هَاهُنَا بِالكُوفَةِ نَحْواً مِنْ خَمْسِ سِنِينَ؛ فَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الفَجْرِ؟
قَالَ: أَيْ بُنَيَّ! مُحْدَثٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَسَعْدٌ: رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ.
وَأَبُوهُ طَارِقٌ رضي الله عنه: صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ، وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الخَطِيبِ:«فِي صُحْبَةِ طَارِقٍ نَظَرٌ» .
249 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ شَهْراً بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
250 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَقْنُتُ إِلَّا إِذَا دَعَا لِقَوْمٍ أَوْ دَعَا عَلَى قَوْمٍ» رَوَاهُ الخَطِيبُ فِي «القُنُوتِ» بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
251 -
وَعَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَالَ: «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الوِتْرِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَهُوَ مِمَّا أُلْزِمَ الشَّيْخَانِ تَخْرِيجَهُ.
وَرَوَاهُ البَيْهَقِيُّ، وَزَادَ فِيهِ - فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ - بَعْدَ:«وَالَيْتَ» : «وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ» .
252 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ اليُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ - بِالسَّبَّابَةِ -» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «وَضَعَ كَفَّهُ اليُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ اليُمْنَى، وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
253 -
وَرَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ جَعَلَ قَدَمَهُ اليُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ، وَفَرَشَ قَدَمَهُ اليُمْنَى.
وَوَضَعَ يَدَهُ اليُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ اليُمْنَى، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الوُسْطَى.
254 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ.
فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ - فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ -.
أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
ثُمَّ لْيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
255 -
وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ، فَكَانَ يَقُولُ: التَّحِيَّاتُ المُبَارَكَاتُ، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ.
أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
256 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ التَّشَهُّدُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ
…
»، الحَدِيثَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ - وَصَحَّحَ إِسْنَادَهُ -.
257 -
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «لَا تَجُوزُ صَلَاةٌ إِلَّا بِتَشَهُّدٍ» رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَغَيْرُهُ.
258 -
وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: «سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ؛ لَمْ يُمَجِّدِ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَجِلَ هَذَا.
ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ - أَوْ لِغَيْرِهِ -: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -،
وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» ، وَفِي مَوْضِعٍ:«عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
وَفِي لَفْظِ بَعْضِهِمْ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» .
259 -
وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟
قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ.
وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عُلِّمْتُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ بِنَحْوِهِ، وَعِنْدَهُمْ:«فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا؟» .
وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَفَرَّدَ بِهَا ابْنُ إِسْحَاقَ، وَهُوَ صَدُوقٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فَزَالَ مَا يُخَافُ مِنْ تَدْلِيسِهِ.
وَقَدْ صَحَّحَهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
260 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي، قَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ؛ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
261 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ؛ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ؛ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ» .
262 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَفِتْنَةِ المَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ.
فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ!
فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
263 -
وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَعَنْ شِمَالِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
264 -
وَعَنْ وَرَّادٍ - كَاتِبِ المُغِيرَةِ - قَالَ: «أَمْلَى عَلَيَّ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ رضي الله عنه فِي كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
265 -
وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: «كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ.
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ.
وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
266 -
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه: «أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ المُعَلِّمُ الغِلْمَانَ الكِتَابَةَ، وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
267 -
وَعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ: اسْتَغْفَرَ ثَلَاثاً، وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ.
قَالَ الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: كَيْفَ الِاسْتِغْفَارُ؟
قَالَ: يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
268 -
وَرَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ المِئَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ» .
269 -
وَعَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: يَا مُعَاذُ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ؛ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ.
270 -
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الكُرْسِيِّ، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ؛ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الجَنَّةِ إِلَّا المَوْتُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي «الأَفْرَادِ» ، وَالطَّبَرَانِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَلَمْ يُصِبْ مَنْ ذَكَرَهُ فِي «المَوْضُوعَاتِ» ؛ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
* * *
بَابُ أُمُورٍ مُسْتَحَبَّةٍ وَأُمُورٍ مَكْرُوهَةٍ فِي الصَّلَاةِ سِوَى مَا تَقَدَّمَ
271 -
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الإِبِلِ، فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ، فَأَدْرَكْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَائِماً يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ:«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلاً عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ؛ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَصَّرَ مَنْ عَزَاهُ إِلَى أَبِي دَاوُدَ وَحْدَهُ.
272 -
وَعَنْ أَبِي جُهَيْمٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ؛ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْراً لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي؛ قَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْماً، أَوْ شَهْراً، أَوْ سَنَةً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ البُخَارِيِّ: «مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ» .
273 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ أَمَرَ بِالحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ؛ فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الأُمَرَاءُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
274 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ عَنْ سُتْرَةِ المُصَلِّي، فَقَالَ: مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
275 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئاً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصاً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصاً فَلْيَخُطَّ خَطّاً، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَهُوَ حَدِيثٌ مُضْطَرِبُ الإِسْنَادِ؛ وَلِذَلِكَ ضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ المَدِينِيِّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: «لَمْ نَجِدْ شَيْئاً نَشُدُّ بِهِ هَذَا الحَدِيثَ» ، وَقَالَ البَيْهَقِيُّ:«لَا بَأْسَ بِهَذَا الحَدِيثِ فِي هَذَا الحُكْمِ» .
276 -
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رضي الله عنه، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا؛ لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي إِسْنَادِهِ، وَرُوِيَ مُرْسَلاً.
277 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «نُهِيَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِراً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ هَكَذَا.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .
278 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قُدِّمَ العَشَاءُ فَابْدَؤُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلَاةَ المَغْرِبِ، وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
279 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ؛ فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضاً.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ» .
280 -
وَعَنْ مُعَيْقِيبٍ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي فَاطِمَةَ الدَّوْسِيُّ رضي الله عنه قَالَ: «ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَسْحَ فِي المَسْجِدِ - يَعْنِي: الحَصَى -؛ قَالَ: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلاً؛ فَوَاحِدَةً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
281 -
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحِ الحَصَى؛ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى سَأَلْتُهُ عَنْ مَسْحِ الحَصَى، فَقَالَ: وَاحِدَةً أَوْ دَعْ» .
282 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ - أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ -؟!» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
283 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ العَبْدِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
284 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الفَرِيضَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
285 -
وَعَنْ سَهْلِ ابْنِ الحَنْظَلِيَّةِ رضي الله عنه قَالَ: «ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ - يَعْنِي: صَلَاةَ الصُّبْحِ - فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
286 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا؛ فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلَاتِي» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
287 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
288 -
وَرَوَى عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنهما قَالَ: «أَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْماً رَافِعِي أَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ؛ فَقَالَ: لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ» .
289 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «التَّثَاؤُبُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَمْ يَقُلْ:«فِي الصَّلَاةِ» .
* * *
بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ
290 -
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى صَلَاتَيِ العَشِيِّ - قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَكْبَرُ ظَنِّي: العَصْرُ - رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ.
ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ المَسْجِدِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ، فَقَالُوا: قُصِرَتِ الصَّلَاةُ! وَرَجُلٌ يَدْعُوهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَا اليَدَيْنِ، فَقَالَ: أَنَسِيتَ أَمْ قُصِرَتْ؟
فَقَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ! قَالَ: بَلَى، قَدْ نَسِيتَ.
فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ.
ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ.
فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ فِي آخِرِهِ: «فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ: ثُمَّ سَلَّمَ؟
فَيَقُولُ: نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ».
وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ: «صَلَاةَ العَصْرِ» بِغَيْرِ شَكٍّ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِيهِ:«فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى القَوْمِ، فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ فَأَوْمَؤُوا أَيْ: نَعَمْ» .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَمْ يَذْكُرْ: (فَأَوْمَؤُوا) إِلَّا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: «كَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ» ، وَانْفَرَدَ بِهَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَيْضاً.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ قَالَ: «وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ حَتَّى يَقَّنَهُ اللَّهُ ذَلِكَ» .
291 -
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى العَصْرَ فَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ.
فَقَامَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الخِرْبَاقُ - وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ.
وَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: أَصَدَقَ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ.
فَصَلَّى رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
292 -
وَعَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمْ فَسَهَا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ تَشَهَّدَ، ثُمَّ سَلَّمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «تَفَرَّدَ بِهَذَا الحَدِيثِ أَشْعَثُ الحُمْرَانِيُّ» ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ، وَخَطَّأَهُ.
293 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى؛ أَثَلَاثاً أَمْ أَرْبَعاً؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ.
فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْساً شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَاماً لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيماً لِلشَّيْطَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
294 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّى سَجْدَتَيِ السَّهْوِ: المُرْغِمَتَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.
295 -
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِبْرَاهِيمُ: زَادَ أَوْ نَقَصَ - فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟
قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ؛ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي.
وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ؛ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُسَلِّمْ، ثُمَّ لْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «فَقَالَ: إِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ؛ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» .
وَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وَالكَلَامِ» .
296 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ؛ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ مَكَانَ مَا نَسِيَ مِنَ الجُلُوسِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
297 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ خَمْساً، فَقِيلَ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟
قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْساً، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا سَلَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَمْ يَقُلْ مُسْلِمٌ: «بَعْدَمَا سَلَّمَ» .
298 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ؛ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» ؛ مِنْ رِوَايَةِ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، وَهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، وَقَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «إِسْنَادُ هَذَا الحَدِيثِ لَا بَأْسَ بِهِ» .
* * *
بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ
299 -
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: طُولُ القُنُوتِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُدَ؛ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِيٍّ الخَثْعَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ:«طُولُ القِيَامِ» .
300 -
وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي: سَلْ، فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ، فَقَالَ: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟
قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ.
قَالَ: فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
301 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، كَانَتْ سَاعَةً لَا يُدْخَلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا، حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ وَطَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا طَلَعَ الفَجْرُ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: «وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ فِي بَيْتِهِ» .
302 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَدَعُ أَرْبَعاً قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الغَدَاةِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
303 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُداً مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَلِمُسْلِمٍ: «رَكْعَتَا الفَجْرِ؛ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» .
304 -
وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ» - وَفِي رِوَايَةٍ: «تَطَوُّعاً» - رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَفِيهِ:«أَرْبَعاً قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الفَجْرِ» .
قَالَ النَّسَائِيُّ: «قَبْلَ الصُّبْحِ» ، وَذَكَرَ:«رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ العَصْرِ» بَدَلَ: «رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ» .
305 -
وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا؛ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ» -.
306 -
وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي قَبْلَ العَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى المَلَائِكَةِ المُقَرَّبِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُؤْمِنِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَعَاصِمٌ: وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ المَدِينِيِّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَغَيْرُهُمْ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ.
307 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى أَرْبَعاً قَبْلَ العَصْرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَسَنٌ غَرِيبٌ» -.
وَوَهَّى أَبُو زُرْعَةَ رَاوِيَهُ.
308 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ المَغْرِبِ.
فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهُمَا؟
قَالَ: كَانَ يَرَانَا نُصَلِّيهِمَا فَلَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
309 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ المَغْرِبِ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: لِمَنْ شَاءَ؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ وَزَادَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى قَبْلَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ» .
310 -
وَعَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى: «أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها سُئِلَتْ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَوْفِ اللَّيْلِ؛ فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ العِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ فَيَرْكَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ وَيَنَامُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَفِي سَمَاعِ زُرَارَةَ مِنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها نَظَرٌ.
311 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ؛ حَتَّى إِنِّي أَقُولُ: هَلْ قَرَأَ بِأُمِّ الكِتَابِ؟» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
312 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ}، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» .
313 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ فِي الأُولَى مِنْهُمَا: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآيَةَ الَّتِي فِي البَقَرَةِ، وَفِي الآخِرَةِ مِنْهُمَا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
314 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
315 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ؛ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى جَنْبِهِ الأَيْمَنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ» -.
وَقَدْ تَكَلَّمَ أَحْمَدُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمَا فِي هَذَا الحَدِيثِ، وَصَحَّحُوا فِعْلَهُ لِلِاضْطِجَاعِ؛ لَا أَمْرَهُ بِهِ.
316 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى؛ فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
317 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَصَحَّحَهُ البُخَارِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ المَيْمُونِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْهُ -:«إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ» ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ:«وَهَذَا الحَدِيثُ عِنْدِي خَطَأٌ» ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:«اخْتَلَفَ أَصْحَابُ شُعْبَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ؛ فَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَوَقَفَهُ بَعْضُهُمْ» .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «الصَّحِيحُ: ذِكْرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ، دُونَ ذِكْرِ النَّهَارِ» .
318 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللَّهِ المُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ: صَلَاةُ اللَّيْلِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ مُرْسَلاً.
319 -
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «لَأَرْمُقَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّيْلَةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ.
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا.
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا.
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا.
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا.
ثُمَّ أَوْتَرَ؛ فَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
320 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ.
وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ.
وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ.
وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ.
وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ.
وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ.
اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ؛ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ - أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ -.
قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ عَبْدُ الكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: «أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ» بَدَلَ: «لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ» ، وَفِي آخِرِهِ:«أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ» .
وَلِلنَّسَائِيِّ فِي آخِرِهِ: «وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» .
وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: «وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ» .
321 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الخَزَائِنِ؟! مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ؟ يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ القِيَامَةِ!» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
322 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ اللَّهِ! لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ؛ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
323 -
وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَهْلَ القُرْآنِ! أَوْتِرُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» -.
وَعَاصِمٌ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
وَلَقَدْ أَبْعَدَ مَنْ قَوَّى هَذَا الحَدِيثَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ: «وَعَاصِمٌ يُخْرِجُ
لَهُ الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ»؛ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ فِيهِ لِلثِّقَةِ، وَالضَّعِيفِ، وَالمَتْرُوكِ، وَالمُتَّهَمِ.
324 -
وَعَنِ الحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ قَدْ زَادَكُمْ صَلَاةً؛ وَهِيَ الوِتْرُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَحَجَّاجٌ: غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَمْرٍو.
325 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل زَادَكُمْ صَلَاةً إِلَى صَلَاتِكُمْ هِيَ خَيْرٌ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، أَلَا وَهِيَ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الفَجْرِ» رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
326 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْراً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
327 -
وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يُوتِرُ.
ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ.
ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
328 -
وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ؛ فَقَالَتْ: سَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، سِوَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
329 -
وَعَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» -.
330 -
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، وَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ}، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ - وَزَادَ:«وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ» -.
331 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي آخِرِهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
332 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَأَوْسَطِهِ، وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
333 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
334 -
وَرَوَى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ» .
335 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا طَلَعَ الفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالوِتْرُ؛ فَأَوْتِرُوا قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ: «سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى تَفَرَّدَ بِهِ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ، وَلَمْ نَرَ أَحَداً مِنَ المُتَقَدِّمِينَ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الحَدِيثِ» -.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ» ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ:«لَيْسَ بِالقَوِيِّ فِي الحَدِيثِ» ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:«هُوَ عِنْدِي ثَبْتٌ صَدُوقٌ» .
336 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنِ الوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ؛ فَلْيُصَلِّ إِذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَرَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَقَدْ ضَعَّفَهُ بَعْضُ الأَئِمَّةِ، وَرُوِيَ مُرْسَلاً، وَإسْنَادُ أَبِي دَاوُدَ لَا بَأْسَ بِهِ.
337 -
وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَلَمْ يُوتِرْ؛ فَلَا وِتْرَ لَهُ» .
338 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، وَأَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه.
339 -
وَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنها قَالَتْ: «ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الفَتْحِ؛ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ؛ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ، قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟
فَقُلْتُ: أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: مَرْحَباً بِأُمِّ هَانِئٍ!
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفاً فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً أَجَرْتُهُ - فُلَانَ ابْنَ هُبَيْرَةَ -.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ أَجَرْتُ مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ.
قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَلِكَ ضُحىً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
340 -
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه: «أَنَّهُ رَأَى قَوْماً يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فَقَالَ: أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ؛ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَلَاةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
341 -
وَرَوَى عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعاً، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ» .
342 -
وَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا؛ إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ» .
343 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا؛ وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَدَعُ العَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ؛ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضاً.
344 -
وَعَنْ مُوَرِّقٍ قَالَ: «قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: تُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَ: لَا.
قُلْتُ: فَعُمَرُ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: لَا.
قُلْتُ: فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا إِخَالُهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
345 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ؛ يَقُولُ: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ.
اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ -؛ فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ.
وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ -؛ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي، قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الشَّيْخِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ البُخَارِيُّ؛ وَعِنْدَهُ: «ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ» .
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ - وَهُوَ رِوَايَةٌ لِلْبُخَارِيِّ -: «ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» .
* * *
بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ
346 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلِي! أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
347 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «{ص} لَيْسَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِيهَا» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
348 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ: {الم * تَنْزِيلُ} السَّجْدَةِ، وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ}» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
349 -
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه: «قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ أَيْضاً.
350 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ، وَالجِنُّ وَالإِنْسُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ - وَقَالَ: «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ» -.
351 -
وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فُضِّلَتْ سُورَةُ الحَجِّ عَلَى القُرْآنِ بِسَجْدَتَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي «المَرَاسِيلِ» - وَقَالَ: «وَقَدْ أُسْنِدَ هَذَا؛ وَلَا يَصِحُّ» -.
352 -
وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:«سَجَدْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
353 -
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: «أَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ حَدِيثِيٍّ لَا يَسْجُدُ فِي المُفَصَّلِ» رَوَاهُ الحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
354 -
وَعَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ اليَمَنِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ فَلَمْ يُجِيبُوهُ.
ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقْفِلَ خَالِداً وَمَنْ كَانَ مَعَهُ، إِلَّا رَجُلاً مِمَّنْ كَانَ مَعَ خَالِدٍ أَحَبَّ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَ عَلِيٍّ فَلْيُعَقِّبْ مَعَهُ، قَالَ البَرَاءُ: فَكُنْتُ مِمَّنْ عَقَّبَ مَعَهُ.
فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ القَوْمِ خَرَجُوا إِلَيْنَا، فَصَلَّى بِنَا عَلِيٌّ، وَصَفَّنَا صَفّاً وَاحِداً، ثُمَّ تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَأَسْلَمَتْ هَمْدَانُ جَمِيعاً.
فَكَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الكِتَابَ خَرَّ سَاجِداً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَى هَمْدَانَ، السَّلَامُ عَلَى هَمْدَانَ» رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ - وَقَالَ:«أَخْرَجَ البُخَارِيُّ صَدْرَ هَذَا الحَدِيثِ، وَلَمْ يَسُقْهُ بِتَمَامِهِ، وَسُجُودُ الشُّكْرِ فِي تَمَامِ الحَدِيثِ عَلَى شَرْطِهِ» -.
355 -
وَعَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ:«أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه لَمَّا أَتَاهُ فَتْحُ اليَمَامَةِ؛ سَجَدَ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي «كِتَابِ الفُتُوحِ» .
* * *
بَابُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ
356 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه: «بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءاً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
357 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ.
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقاً سَمِيناً، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ؛ لَشَهِدَ العِشَاءَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَمُسْلِمٌ - وَلَيْسَ عِنْدَهُ:«أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ» -.
358 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالحَاكِمِ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِهِمَا» -: «لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ أَنْ يَخْرُجْنَ إِلَى المَسَاجِدِ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» .
359 -
وَعَنْ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ - امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ المَسْجِدَ؛ فَلَا تَمَسَّ طِيباً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
360 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْراً فِي الصَّلَاةِ: أَبْعَدُهُمْ إِلَيْهَا مَمْشىً، فَأَبْعَدُهُمْ.
وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْراً مِنَ الَّذِي يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَنَامُ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ فِي جَمَاعَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
361 -
وَرَوَى هُشَيْمٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ؛ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَقَدْ أُعِلَّ بِالوَقْفِ.
362 -
وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: «أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ، ثُمَّ قَالَ: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّناً يُؤَذِّنُ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ! فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ أَوِ المَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
363 -
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:«نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فِي المَدِينَةِ فِي اللَّيْلَةِ المَطِيرَةِ، وَالغَدَاةِ القَرَّةِ» .
364 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الثُّومِ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ؛ فَلَا يَقْرَبْنَا، وَلَا يُصَلِّي مَعَنَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
365 -
وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ رضي الله عنه: «أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا، فَدَعَا بِهِمَا، فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا: مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ قَالَا: قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا.
قَالَ: فَلَا تَفْعَلَا؛ إِذَا صَلَّيْتُمْ فِي رِحَالِكُمْ ثُمَّ أَدْرَكْتُمُ الإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ فَصَلِّيَا مَعَهُ؛ فَإِنَّهُ لَكُمْ نَافِلَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
366 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى المَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ.
فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَجِبْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
367 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا؛ وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ.
وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا؛ وَلَا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ.
وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ؛ فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ.
وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا؛ وَلَا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ.
وَإِذَا صَلَّى قَائِماً فَصَلُّوا قِيَاماً، وَإِذَا صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمَعِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
368 -
وَعَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه: «أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَإِذَا رَكَعَ رَكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ؛ لَمْ نَزَلْ قِيَاماً حَتَّى نَرَاهُ قَدْ وَضَعَ وَجْهَهُ بِالأَرْضِ، ثُمَّ نَتَّبِعُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
369 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّراً؛ فَقَالَ لَهُمْ: تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
370 -
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: «احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَوْ حَصِيرٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِيهَا، قَالَ: فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ وَجَاؤُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ.
قَالَ: ثُمَّ جَاؤُوا لَيْلَةً فَحَضَرُوا، وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ.
قَالَ: فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَحَصَبُوا البَابَ.
فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُغْضَباً، فَقَالَ لَهُمْ:«مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ؛ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ المَكْتُوبَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
371 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّى مُعَاذٌ لِأَصْحَابِهِ العِشَاءَ فَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ، فَانْصَرَفَ رَجُلٌ مِنَّا فَصَلَّى، فَأُخْبِرَ مُعَاذٌ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ!
فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ مَا قَالَ مُعَاذٌ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ فَتَّاناً يَا مُعَاذُ؟ إِذَا أَمَمْتَ النَّاسَ فَاقْرَأْ بِـ {الشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ، وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبَّكَ الأَعْلَى} ، وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، وَ {اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ أَيْضاً.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وَانْصَرَفَ» .
372 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ؛ وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعِ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ!
فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُومُ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ! فَقَالَتْ لَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
قَالَتْ: فَأَمَرُوا أَبَا بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ.
قَالَتْ: فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ.
قَالَتْ: فَلَمَّا دَخَلَ المَسْجِدَ وَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قُمْ مَكَانَكَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَتْ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِساً وَأَبُو بَكْرٍ قَائِماً، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
373 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ الصَّغِيرَ وَالكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَالمَرِيضَ، فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ» - وَفِي لَفْظٍ: «وَذَا الحَاجَةِ» ، وَفِي آخَرَ:«الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَلَمْ يَقُلِ البُخَارِيُّ: «الصَّغِيرَ» .
374 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ الجَرْمِيِّ رضي الله عنهما قَالَ: «كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ نَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ؟ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟
فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ، أَوْ أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا، وَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الكَلَامَ، فَكَأَنَّمَا يُغْرَى فِي صَدْرِي.
وَكَانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلَامِهِمُ الفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ.
فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ الفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ.
فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ حَقّاً، فَقَالَ: صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ؛ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً.
فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآناً مِنِّي؛ لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ.
فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ.
وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الحَيِّ: أَلَا تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ؟
فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصاً، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ القَمِيصِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: «وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ» .
وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ: «وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ» .
375 -
وَعَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:«يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ الغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ» رَوَاهُ الأَثْرَمُ، وَالبَيْهَقِيُّ - وَلَفْظُهُ:«لَا يَؤُمُّ الغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ» -.
376 -
وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي القِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً.
وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» - وَفِي رِوَايَةٍ:«سِنّاً» بَدَلَ: «سِلْماً» - رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
377 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - ثَلَاثاً -.
وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضاً.
378 -
وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رُصُّوا صُفُوفَكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالأَعْنَاقِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! إِنِّي لَأَرَى الشَّيَاطِينَ تَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الحَذَفُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ البُسْتِيُّ.
وَالحَذَفُ - بِالتَّحْرِيكِ -: غَنَمٌ سُودٌ صِغَارٌ مِنْ غَنَمِ الحِجَازِ، الوَاحِدَةُ: حَذَفَةٌ؛ قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ.
379 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
380 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِي مِنْ وَرَائِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
381 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَلِمُسْلِمٍ: «صَلَّى بِهِ وَبِامْرَأَةٍ؛ فَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ، وَالمَرْأَةَ خَلْفَهُ» .
382 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصاً، وَلَا تَعُدْ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُدَ: «أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ جَاءَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاكِعٌ، فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ قَالَ: أَيُّكُمُ الَّذِي رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: أَنَا.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصاً، وَلَا تَعُدْ».
383 -
وَعَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَحَسَّنَهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ» -.
وَقَالَ ابْنُ المُنْذِرِ: «ثَبَّتَ الحَدِيثَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ» ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ:«فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ» .
384 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالوَقَارُ، وَلَا تُسْرِعُوا؛ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «صَلِّ مَا أَدْرَكْتَ، وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ» .
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:«وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» .
وَقَدْ وَهِمَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ المُصَنِّفِينَ فِي قَوْلِهِ: «إِنَّ لَفْظَ القَضَاءِ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ» .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: «قَالَ يُونُسُ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَعْمَرٌ، وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ وَحْدَهُ: فَاقْضُوا».
وَقَالَ مُسْلِمٌ: «أَخْطَأَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَلَا أَعْلَمُ رَوَاهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَهُ» .
وَفِي قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ وَمُسْلِمٍ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ رَوَاهَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَقَدْ رُوِيَتْ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «وَالَّذِينَ قَالُوا: (فَأَتِمُّوا) أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ، وَأَلْزَمُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ فَهُوَ أَوْلَى» .
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَرْقٌ؛ فَإِنَّ القَضَاءَ: هُوَ الإِتْمَامُ لُغَةً وَشَرْعاً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابُ صَلَاةِ المَرِيضِ
385 -
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: صَلِّ قَائِماً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
386 -
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَادَ مَرِيضاً فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ، فَأَخَذَهَا فَرَمَى بِهَا، فَأَخَذَ عُوداً لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ فَرَمَى بِهِ، وَقَالَ: صَلِّ عَلَى الأَرْضِ إِنِ اسْتَطَعْتَ، وَإِلَّا فَأَوْمِئْ إِيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ» رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ، وَالحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ فِي «المُخْتَارَةِ» .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي رَفْعِهِ: «هَذَا خَطَأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ عَنْ جَابِرٍ قَوْلَهُ: (أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ)» .
387 -
وَعَنِ الحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ:«رَأَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْجُدُ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ؛ مِنْ رَمَدٍ بِهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.
388 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مُتَرَبِّعاً» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: «لَا أَعْلَمُ أَحَداً رَوَى هَذَا غَيْرَ أَبِي دَاوُدَ الحَفَرِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَلَا أَحْسِبُهُ إِلَّا خَطَأً» .
كَذَا قَالَ، وَقَدْ تَابَعَ الحَفَرِيَّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابُ صَلَاةِ المُسَافِرِ
389 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «الصَّلَاةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الحَضَرِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: فَمَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ؟ قَالَ: تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفُرِضَتْ أَرْبَعاً، وَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الأَوَّلِ» .
390 -
وَعَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْصُرُ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ، وَيُفْطِرُ وَيَصُومُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ - وَقَالَ: «إِسْنَادٌ صَحِيحٌ» -، وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ.
وَالصَّحِيحُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها هِيَ الَّتِي كَانَتْ تُتِمُّ، كَمَا رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:«أَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي فِي السَّفَرِ أَرْبَعاً، فَقُلْتُ لَهَا: لَوْ صَلَّيْتِ رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي! إِنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيَّ» .
391 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ - وَلَفْظُهُ:«إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» -.
392 -
وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الهُنَائِيِّ قَالَ:«سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ - شُعْبَةُ الشَّاكُّ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي يَحْيَى: «لَيْسَ هُوَ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ فِي ضَبْطِ مِثْلِ هَذَا الأَصْلِ» .
393 -
وَعَنِ العَلَاءِ بْنِ الحَضْرَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَمْكُثُ المُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثاً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
394 -
وَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ أَنَساً رضي الله عنه يَقُولُ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ.
قُلْتُ: أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئاً؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْراً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
395 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا» .
وَفِي لَفْظٍ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْماً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: «أَقَامَ سَبْعَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» ، قَالَ: وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:«أَقَامَ تِسْعَ عَشْرَةَ» .
وَعِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: «أَقَامَ بِمَكَّةَ عَامَ الفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» .
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي (تِسْعَ عَشْرَةَ) وَ (سَبْعَ عَشْرَةَ)، وَأَصَحُّهَا عِنْدِي: رِوَايَةُ مَنْ رَوَى: (تِسْعَ عَشْرَةَ)» .
396 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْماً يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَقَالَ:«غَيْرُ مَعْمَرٍ لَا يُسْنِدُهُ» -.
397 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
398 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَزَالَتِ الشَّمْسُ؛ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعاً ثُمَّ ارْتَحَلَ» رَوَاهُ الحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي «المُسْتَخْرَجِ عَلَى مُسْلِمٍ» .
ثُمَّ قَالَ: «رَوَاهُ مُسْلِمٌ» ؛ وَلَمْ يَرْوِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا لَفْظُهُ:«كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ؛ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا» .
399 -
وَعَنْ نَافِعٍ: «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بَعْدَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
400 -
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ: «أَنَّ مُؤَذِّنَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: الصَّلَاةَ، قَالَ: سِرْ، حَتَّى إِذَا كَانَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَصَلَّى المَغْرِبَ، ثُمَّ انْتَظَرَ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ فَصَلَّى العِشَاءَ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا عَجِلَ بِهِ أَمْرٌ صَنَعَ مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتُ، فَسَارَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَسِيرَةَ ثَلَاثٍ».
401 -
وَعَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعاً، وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ جَمِيعاً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
402 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِالمَدِينَةِ سَبْعاً وَثَمَانِياً؛ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ، وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» .
وَقَدْ تَكَلَّمَ ابْنُ سُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: «وَلَا مَطَرٍ» .
403 -
وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ يَحْيَى الأُشْنَانِيِّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:«جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وَالمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِالمَدِينَةِ؛ لِلرُّخَصِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا عِلَّةٍ» .
وَالرَّبِيعُ: رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ بِسَبَبِ هَذَا الحَدِيثِ.
404 -
وَعَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ زَيْغِ الشَّمْسِ؛ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا إِلَى العَصْرِ، فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعاً.
وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعاً، ثُمَّ سَارَ.
وَكَانَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ المَغْرِبِ أَخَّرَ المَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ العِشَاءِ.
وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ المَغْرِبِ عَجَّلَ العِشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ المَغْرِبِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» -.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ يُونُسَ، وَالسُّلَيْمَانِيُّ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَالخَطِيبُ، وَغَيْرُهُمْ:«تَفَرَّدَ بِهِ قُتَيْبَةُ» .
قَالَ الخَطِيبُ: «وَهُوَ مُنْكَرٌ جِدّاً» ، وَقَالَ الحَاكِمُ:«هُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، وَقُتَيْبَةُ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ» .
وَقَدْ تَقَدَّمَ جَمْعُ المُسْتَحَاضَةِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي بَابِ الحَيْضِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابُ صَلَاةِ الخَوْفِ
405 -
عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الخَوْفِ: «أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةً وِجَاهَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِماً وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ العَدُوِّ.
وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ.
ثُمَّ ثَبَتَ جَالِساً وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
406 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا العَدُوَّ فَصَافَفْنَاهُمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي لَنَا، فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ وَأَقْبَلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى العَدُوِّ.
وَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْ مَعَهُ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا مَكَانَ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ.
فَجَاؤُوا فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهِمْ رَكْعَةً، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
وَلِمُسْلِمٍ: «قَالَ نَافِعٌ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: فَإِذَا كَانَ خَوْفٌ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَلِّ رَاكِباً أَوْ قَائِماً؛ تُومِئُ إِيمَاءً» .
407 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الحَضَرِ أَرْبَعاً، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الخَوْفِ رَكْعَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَتَكَلَّمَ فِيهِ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ.
408 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الخَوْفِ، فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ:
صَفٌّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَكَبَّرْنَا جَمِيعاً، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعاً.
ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الصَّفُّ المُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ العَدُوِّ.
فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ، وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ؛ انْحَدَرَ الصَّفُّ المُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ وَقَامُوا.
ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ المُؤَخَّرُ وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ المُقَدَّمُ.
ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَكَعْنَا جَمِيعاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعاً.
ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ - الَّذِي كَانَ مُؤَخَّراً فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى -، وَقَامَ الصَّفُّ المُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ العَدُوِّ.
فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ؛ انْحَدَرَ الصَّفُّ المُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ فَسَجَدُوا.
ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمْنَا جَمِيعاً.
قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: كَمَا يَصْنَعُ حَرَسُكُمْ هَؤُلَاءِ بِأُمَرَائِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
409 -
وَعَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ العَاصِي بِطَبَرِسْتَانَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الخَوْفِ؟
فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، فَصَلَّى بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً، وَلَمْ يَقْضُوا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ ابْنُ حِبَّانَ.
* * *
بَابُ المَسَاجِدِ
410 -
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ بَنَى مَسْجِداً - قَالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى -؛ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الجَنَّةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
411 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ المَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَإسْنَادُ بَعْضِهِمْ عَلَى شَرْطِ «الصَّحِيحَيْنِ» .
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُرْسَلاً وَمُتَّصِلاً - وَقَالَ فِي المُرْسَلِ: «هَذَا أَصَحُّ» -.
وَالدُّورُ: القَبَائِلُ، وَالمَحَالُّ.
412 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: «لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» .
413 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ - وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ، لَا أَهْلَ لَهُ - فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» . كَذَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ.
414 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ.
فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
415 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانٍ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي المَسْجِدِ، فَلَحَظَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ! أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ؟ قَالَ: نَعَمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضاً.
416 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي المَسْجِدِ؛ فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ؛ فَإِنَّ المَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
417 -
وَعَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلاً نَشَدَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الجَمَلِ الأَحْمَرِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا وَجَدْتَ! إِنَّمَا بُنِيَتِ المَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مُتَّصِلاً وَمُرْسَلاً.
418 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا
رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي المَسْجِدِ؛ فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ! وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ ضَالَّةً؛ فَقُولُوا: لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي «اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» -.
419 -
وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقَامُ الحُدُودُ فِي المَسَاجِدِ وَلَا يُسْتَقَادُ فِيهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَفِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ.
420 -
وَعَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَ اليَوْمَ مِسْكِيناً؟
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا أَنَا بِسَائِلٍ يَسْأَلُ، فَوَجَدْتُ كِسْرَةَ خُبْزٍ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَخَذْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَمُبَارَكٌ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ:«ضَعِيفٌ» .
421 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ فِي الأَكْحَلِ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْمَةً فِي المَسْجِدِ يَعُودُهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ- وَفِي المَسْجِدِ مَعَهُ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ - إِلَّا وَالدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ.
فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الخَيْمَةِ! مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَماً، فَمَاتَ مِنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
422 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: دَعْهُمْ، أَمْناً بَنِي أَرْفِدَةَ - يَعْنِي: مِنَ الأَمْنِ -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
423 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها: «أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنَ العَرَبِ، فَأَعْتَقُوهَا فَكَانَتْ مَعَهُمْ.
قَالَتْ: فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ.
قَالَتْ: فَوَضَعَتْهُ - أَوْ وَقَعَ مِنْهَا - فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاةٌ وَهُوَ مُلْقىً، فَحَسِبَتْهُ لَحْماً فَخَطَفَتْهُ.
قَالَتْ: فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ.
قَالَتْ: فَاتَّهَمُونِي بِهِ.
قَالَتْ: فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونِي حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا!
قَالَتْ: وَاللَّهِ! إِنِّي لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ إِذْ مَرَّتِ الحُدَيَّاةُ فَأَلْقَتْهُ!
قَالَتْ: فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ - وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ - وَهُوَ ذَا هُوَ.
قَالَتْ: فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَتْ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي المَسْجِدِ أَوْ حِفْشٌ.
قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِنْدِي.
قَالَتْ: فَلَا تَجْلِسُ عِنْدِي مَجْلِساً إِلَّا قَالَتْ:
وَيَوْمُ الوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا
…
أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الكُفْرِ أَنْجَانِي!
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: مَا شَأْنُكِ، لَا تَقْعُدِينَ مَعِي مَقْعَداً إِلَّا قُلْتِ هَذَا؟
قَالَتْ: فَحَدَّثَتْنِي بِهَذَا الحَدِيثِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
424 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا: دَفْنُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
425 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَحَبُّ البِلَادِ إِلَى اللَّهِ: مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ البِلَادِ إِلَى اللَّهِ: أَسْوَاقُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
426 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي المَسَاجِدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ.
427 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ المَسَاجِدِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحِهِ» .
428 -
وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «كُنْتُ نَائِماً فِي المَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: اذْهَبْ فَائْتِنِي بِهَذَيْنِ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا.
فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمَا - أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا -؟ قَالَا: مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ.
قَالَ: لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ البَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟!» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
429 -
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ؛ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
430 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى القَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ المَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي؛ فَلَمْ أَرَ ذَنْباً أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ - أَوْ آيَةٍ - أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَذَاكَرْتُ بِهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَاسْتَغْرَبَهُ» -.
بَابُ صَلَاةِ الجُمُعَةِ
431 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم: «أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
432 -
وَعَنْ قُدَامَةَ بْنِ وَبَرَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَرَكَ الجُمُعَةَ فِي غَيْرِ عُذْرٍ؛ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَنِصْفُ دِينَارٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضاً مُرْسَلاً، وَفِيهِ:«فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِرْهَمٍ، أَوْ نِصْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ صَاعِ حِنْطَةٍ، أَوْ نِصْفِ صَاعٍ» .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «قُدَامَةُ بْنُ وَبَرَةَ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه؛ لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ» .
وَوَهِمَ مَنْ رَوَاهُ عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه.
433 -
وَعَنْ سَلَمَةَ ابْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الجُمُعَةَ، ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يُسْتَظَلُّ بِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَمُسْلِمٌ - وَلَفْظُهُ:«فَنَرْجِعُ وَمَا نَجِدُ لِلْحِيطَانِ فَيْئاً نَسْتَظِلُّ بِهِ» -.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ قَالَ: «كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الفَيْءَ» .
434 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ السُّلَمِيِّ قَالَ: «شَهِدْتُ الجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، وَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ.
ثُمَّ شَهِدْتُهَا مَعَ عُمَرَ رضي الله عنه، وَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ: انْتَصَفَ النَّهَارُ.
ثُمَّ شَهِدْتُهَا مَعَ عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ إِلَى أَنْ أَقُولَ: زَالَ النَّهَارُ.
فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً عَابَ ذَلِكَ وَلَا أَنْكَرَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ: «لَا يُتَابَعُ فِي حَدِيثِهِ» .
435 -
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الجُمُعَةِ» - وَفِي رِوَايَةٍ: «فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
436 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ قَائِماً يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنَ الشَّامِ؛ فَانْفَتَلَ النَّاسُ إِلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً؛ فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي فِي الجُمُعَةِ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً}» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَزَادَ مُسْلِمٌ: «حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، فِيهِمْ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضاً: «أَنَا فِيهِمْ» .
437 -
وَعَنْ بَقِيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا فَلْيُضِفْ إِلَيْهَا أُخْرَى؛ وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ» - وَفِي رِوَايَةٍ: «وَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» - رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ؛ لَكِنْ تَكَلَّمَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ:«هَذَا خَطَأُ المَتْنِ وَالإِسْنَادِ» ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ:«لَمْ يَرْوِهِ عَنْ يُونُسَ إِلَّا بَقِيَّةُ» .
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضاً مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا؛ إِلَّا أَنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ» ، وَهُوَ مُرْسَلٌ.
438 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ قَائِماً ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِماً، فَمَنْ نَبَّأَكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِساً فَقَدْ كَذَبَ؛ فَقَدْ - وَاللَّهِ! - صَلَّيْتُ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ صَلَاةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
439 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ؛ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ!
وَيَقُولُ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى.
وَيَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ: كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الهُدَى: هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.
ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضَيَاعاً فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الجُمُعَةِ؛ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ
…
».
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَزَادَ فِيهِ بَعْدَ «ضَلَالَةٌ»:«وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ» .
440 -
وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: «خَطَبَنَا عَمَّارٌ رضي الله عنه، فَأَوْجَزَ وَأَبْلَغَ، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا: يَا أَبَا اليَقْظَانِ! لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ، فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ؛ فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَاقْصُرُوا الخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْراً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
441 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيُقِلُّ اللَّغْوَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَيُقَصِّرُ الخُطْبَةَ، وَلَا يَأْنَفُ
أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ فَيَقْضِيَ لَهُ الحَاجَةَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.
442 -
وَعَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رضي الله عنهما قَالَتْ: «لَقَدْ كَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاحِداً سَنَتَيْنِ - أَوْ سَنَةً وَبَعْضَ سَنَةٍ -، مَا أَخَذْتُ {ق * وَالقُرْآنِ المَجِيدِ} إِلَّا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ يَقْرَؤُهَا كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى المِنْبَرِ إِذَا خَطَبَ النَّاسَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
443 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ - يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ -؛ فَقَدْ لَغَوْتَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
444 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ؛ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ وَزِيَادَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَا فَقَدْ لَغَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
445 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ؛ فَهُوَ كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً، وَالَّذِي يَقُولُ لَهُ: أَنْصِتْ؛ لَيْسَ لَهُ جُمُعَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ مُجَالِدٍ، وَلَيْسَ بِالقَوِيِّ.
446 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقَالَ: صَلَّيْتَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: قُمْ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
447 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ: {الم * تَنْزِيلُ} السَّجْدَةِ، وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} .
وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الجُمُعَةِ سُورَةَ الجُمُعَةِ، وَالمُنَافِقِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
448 -
وَلَهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي العِيدَيْنِ وَفِي الجُمُعَةِ بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ} .
قَالَ: وَإِذَا اجْتَمَعَ العِيدُ وَالجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ قَرَأَ بِهِمَا أَيْضاً فِي الصَّلَاتَيْنِ».
449 -
وَعَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ: «شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنهم: هَلْ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ؟ قَالَ: صَلَّى العِيدَ ثُمَّ رَخَّصَ فِي الجُمُعَةِ، فَقَالَ: مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
450 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ؛ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعاً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
451 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الخُوَارِ: «أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ - ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ رضي الله عنه، يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: نَعَمْ، صَلَّيْتُ مَعَهُ الجُمُعَةَ فِي المَقْصُورَةِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ قُمْتُ فِي مَقَامِي فَصَلَّيْتُ.
فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ: لَا تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ، إِذَا صَلَّيْتَ الجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا بَذَلِكَ؛ أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
452 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ.
ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ مِنْهَا حُلَّةً، وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟!
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا!
فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَخاً لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكاً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
453 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاؤُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.
وَمَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي البَدَنَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الكَبْشَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدَّجَاجَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي البَيْضَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
454 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ عز وجل شَيْئاً؛ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَزَادَ مُسْلِمٌ: «يُزَهِّدُهَا» .
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ» .
455 -
وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: «قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ سَاعَةِ الجُمُعَةِ؟
قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ قَوْلِهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ بَلَغَ بِهِ أَبَا مُوسَى وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بُرْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ».
* * *
بَابُ صَلَاةِ العِيدَيْنِ
456 -
عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ الرَّحَبِيِّ قَالَ: «خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ رضي الله عنهما صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ النَّاسِ فِي يَوْمِ عِيدِ فِطْرٍ - أَوْ أَضْحَى -، فَأَنْكَرَ إِبْطَاءَ الإِمَامِ، وَقَالَ: إِنَّا كُنَّا قَدْ فَرَغْنَا سَاعَتَنَا هَذِهِ، وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَعِنْدَ البَيْهَقِيِّ: «إِنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» .
وَيَزِيدُ: رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ، وَوَثَّقَهُ شُعْبَةُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ أَحْمَدُ:«حَدِيثُهُ حَسَنٌ» .
457 -
وَعَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّ رَكْباً جَاؤُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوُا الهِلَالَ بِالأَمْسِ؛ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذَا أَصْبَحُوا يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَصَحَّحَهُ الخَطَّابِيُّ، وَقَالَ ابْنُ المُنْذِرِ:«هُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ يَجِبُ العَمَلُ بِهِ» ، وَصَحَّحَ البَيْهَقِيُّ، وَابْنُ حَزْمٍ إِسْنَادَهُ، وَلَا وَجْهَ لِتَوَقُّفِ ابْنِ القَطَّانِ فِيهِ.
458 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَالأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
459 -
وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ.
وَقَالَ مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْراً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَقَدْ أَسْنَدَ الإِسْمَاعِيلِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ المُعَلَّقَةَ.
460 -
وَعَنْ ثَوَّابِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا أَعْرِفُ لِثَوَّابٍ غَيْرَ هَذَا الحَدِيثِ» -.
وَقَدْ وَثَّقَ ثَوَّابَ بْنَ عُتْبَةَ: ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، وَأَنْكَرَ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: «وَثَوَّابٌ يُعْرَفُ بِهَذَا الحَدِيثِ، وَحَدِيثٍ آخَرَ، وَهَذَا الحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ؛ مِنْهُمْ: عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصَمُّ، وَلَا يَلْحَقُهُ بِهَذَيْنِ ضَعْفٌ» .
461 -
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الفِطْرِ وَالأَضْحَى؛ العَوَاتِقَ، وَالحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ.
فَأَمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ.
قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
462 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُصَلُّونَ العِيدَيْنِ قَبْلَ الخُطْبَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
463 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ؛ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ؛ تُلْقِي المَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا» رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
464 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يُصَلِّي قَبْلَ العِيدِ شَيْئاً، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَابْنُ عَقِيلٍ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
465 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً؛ سَبْعاً فِي الأُولَى، وَخَمْساً فِي الآخِرَةِ، وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«أَنَا أَذْهَبُ إِلَى هَذَا» -.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلَفْظُهُ:«قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّكْبِيرُ فِي الفِطْرِ: سَبْعٌ فِي الأُولَى، وَخَمْسٌ فِي الآخِرَةِ، وَالقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا» .
وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ البُخَارِيِّ: أَنَّهُ صَحَّحَ هَذَا الحَدِيثَ.
466 -
وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ رضي الله عنه: مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأَضْحَى وَالفِطْرِ؟
فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِـ {ق * وَالقُرْآنِ المَجِيدِ} ، وَ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ} » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَأَبُو وَاقِدٍ: اسْمُهُ: الحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ.
467 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
468 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ؛ فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ.
وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم!
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: دَعْهُمَا.
فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ.
فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِمَّا قَالَ: تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ: دُونَكُمْ بَنِي أَرْفِدَةَ.
حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ: حَسْبُكِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاذْهَبِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
* * *
بَابُ مَا يُمْنَعُ لُبْسُهُ أَوْ يُكْرَهُ، وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ
469 -
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ - أَوْ أَبُو مَالِكٍ - الأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي! -، سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ، وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ، وَالمَعَازِفَ.
وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، تَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَةٌ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ لِحَاجَةٍ؛ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَداً، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ تَعْلِيقاً مَجْزُوماً بِهِ؛ فَقَالَ:«قَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ» .
وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى ابْنِ حَزْمٍ فِي رَدِّهِ لَهُ، وَزَعْمِهِ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِيمَا بَيْنَ البُخَارِيِّ وَهِشَامٍ.
وَقَدْ رَوَاهُ الإِسْمَاعِيلِيُّ، وَالبَرْقَانِيُّ، فِي «صَحِيحَيْهِمَا» المُخَرَّجَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَلَفْظُهُمَا:«وَيَأْتِيهِمْ رَجُلٌ لِحَاجَةٍ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «فَيَأْتِيهِمْ طَالِبُ حَاجَةٍ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ الأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه؛ وَلَمْ يَشُكَّ» .
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ سَهْلٍ الجَوْنِيِّ البَصْرِيِّ، عَنْ هِشَامٍ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلَفْظُهُ:«لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الخَزَّ وَالحَرِيرَ - وَذَكَرَ كَلَاماً - قَالَ: يَمْسَخُ مِنْهُمْ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» .
وَالخَزُّ هُنَا: نَوْعٌ مِنَ الحَرِيرِ.
470 -
وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
471 -
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: «أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا - وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَابَةِ وَالوُسْطَى -، فَمَا عَتَّمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الأَعْلَامَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
472 -
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ؛ إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ» .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ: «لَمْ يَرْفَعْهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ غَيْرُ قَتَادَةَ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ؛ لَعَلَّهُ بَلَغَهُ عَنْهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سُوَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه؛ قَوْلَهُ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ بَيَانٌ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سُوَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه؛ قَوْلَهُ».
473 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ رضي الله عنهما فِي قَمِيصِ الحَرِيرِ فِي سَفَرٍ؛ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي البُخَارِيِّ: «شَكَيَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي: القَمْلَ - فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي الحَرِيرِ، فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ» .
474 -
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُلَّةً سِيَرَاءَ فَخَرَجْتُ فِيهَا؛ فَرَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ؛ فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
475 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَقِيلَ: إِنَّهُ مُنْقَطِعٌ.
476 -
وَعَنْ شُعْبَةَ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما وَعَلَيْهِ مِطْرَفُ خَزٍّ، فَقُلْنَا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! تَلْبَسُ هَذَا؟
فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُحِبُّ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً؛ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ «الشُّكْرِ» ، وَالبَيْهَقِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ -.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ:«فُضَيْلُ بْنُ فَضَالَةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ ثِقَةٌ» ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ:«هُوَ شَيْخٌ» .
477 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: «رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ؛ فَقَالَ: أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟!
قُلْتُ: أَغْسِلُهُمَا؟ قَالَ: بَلْ أَحْرِقْهُمَا».
478 -
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبْسِ القَسِّيِّ وَالمُعَصْفَرِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
479 -
وَرَوَى مِنْ حَدِيثِ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعَرٍ أَسْوَدَ» .
وَالمُرَحَّلُ: الَّذِي قَدْ نُقِشَ فِيهِ تَصَاوِيرُ الرِّحَالِ.
* * *
بَابُ صَلَاةِ الكُسُوفِ
480 -
عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: «انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا: فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى تَنْكَشِفَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعِنْدَ البُخَارِيِّ: «وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ» .
وَلَيْسَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: «فَقَالَ النَّاسُ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ» .
481 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَهَرَ فِي صَلَاةِ الخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
482 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ قِيَاماً طَوِيلاً - نَحْواً مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ البَقَرَةِ -.
ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعاً طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَاماً طَوِيلاً - وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ -.
ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعاً طَوِيلاً - وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ -، ثُمَّ سَجَدَ.
ثُمَّ قَامَ قِيَاماً طَوِيلاً - وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ -.
ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعاً طَوِيلاً - وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ -.
ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَاماً طَوِيلاً - وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ -.
ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعاً طَوِيلاً - وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ -، ثُمَّ سَجَدَ.
ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئاً فِي مَقَامِكَ، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ؟
فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الجَنَّةَ، وَتَنَاوَلْتُ عُنْقُوداً؛ وَلَوْ أَصَبْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا.
وَأُرِيتُ النَّارَ؛ فَلَمْ أَرَ مَنْظَراً كَاليَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ.
وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ.
قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟
قَالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ؛ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئاً قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْراً قَطُّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
483 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفٍ؛ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، قَالَ: وَالأُخْرَى مِثْلُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ» . وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِثْلُ ذَلِكَ.
وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ البُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عِنْدِي فِي صَلَاةِ الكُسُوفِ: أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ» .
484 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ مُنَادِياً: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعُوا، وَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
* * *
بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ
485 -
عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ قَالَ: «أَرْسَلَنِي أَمِيرٌ مِنَ الأُمَرَاءِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَسْأَلُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا مَنَعَهُ أَنْ يَسْأَلَنِي؟ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَاضِعاً، مُتَبَذِّلاً، مُتَخَشِّعاً، مُتَرَسِّلاً، مُتَضَرِّعاً؛ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي العِيدِ، لَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ هَذِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَأَبُو عَوَانَةَ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ.
486 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ المَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي المُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْماً يَخْرُجُونَ فِيهِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ، فَكَبَّرَ صلى الله عليه وسلم، وَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَاسْتِئْخَارَ المَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عز وجل أَنْ تَدْعُوهُ وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ.
ثُمَّ قَالَ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ،
الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَهُ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغاً إِلَى حِينٍ.
ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي الرَّفْعِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَبَ - أَوْ حَوَّلَ - رِدَاءَهُ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ؛ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتِ السُّيُولُ.
فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الكِنِّ ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ» -.
487 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
488 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ المَسْجِدَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ القَضَاءِ - وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ -، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِماً؛ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا.
فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.
قَالَ أَنَسٌ: وَلَا وَاللَّهِ! مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةٍ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ.
قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلَا وَاللَّهِ! مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتاً.
ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ البَابِ فِي الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ - وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ -، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِماً، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ؛ فَادْعُ اللَّهَ، يُمْسِكُهَا عَنَّا.
قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ.
قَالَ: فَأَقْلَعَتْ، وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ.
قَالَ شَرِيكٌ: فَسَأَلْتُ أَنَساً: أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
489 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ المَازِنِيِّ رضي الله عنهما قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى المُصَلَّى فَاسْتَسْقَى، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ» - وَفِي لَفْظٍ: «وَقَلَبَ رِدَاءَهُ» ، وَفِي لَفْظٍ:«فَجَعَلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ يَدْعُو اللَّهَ» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي البُخَارِيِّ: «ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالقِرَاءَةِ» .
وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ: نَحْوُهُ.
490 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا؛ فَيُسْقَوْنَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ» .
وَأَبُوهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
491 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ: صَيِّباً نَافِعاً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
492 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ المَطَرِ.
فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ عز وجل» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
493 -
وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَاهَا رضي الله عنه حَدَّثَهَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ وَادِياً دَهْساً - لَا مَاءَ فِيهِ -، وَسَبَقَهُ المُشْرِكُونَ إِلَى القِلَاتِ فَنَزَلُوا عَلَيْهَا.
وَأَصَابَ العَطَشَ المُسْلِمُونَ، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَجَمَ النِّفَاقُ؛ فَقَالَ بَعْضُ المُنَافِقِينَ: لَوْ كَانَ نَبِيّاً كَمَا يَزْعُمُ لَاسْتَسْقَى لِقَوْمِهِ كَمَا اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَوَقَالُوهَا؟ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَسْقِيَكُمْ، ثُمَّ بَسَطَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ جَلِّلْنَا سَحَاباً؛ كَثِيفاً، قَصِيفاً، دَلُوقاً، مَخْلُوفاً، ضَحُوكاً، زِبْرِجاً، تُمْطِرُنَا مِنْهُ رَذَاذاً، قِطْقِطاً، سَجْلاً، بُعَاقاً، يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ.
فَمَا رَدَّ يَدَيْهِ مِنْ دُعَائِهِ حَتَّى أَظَلَّتْنَا السَّحَابُ الَّتِي وَصَفَ، يَتَلَوَّنُ فِي كُلِّ صِفَةٍ وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ صِفَاتِ السَّحَابِ.
ثُمَّ أُمْطِرْنَا كَالضُّرُوبِ الَّتِي سَأَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَفْعَمَ السَّيْلُ الوَادِيَ، وَشَرِبَ النَّاسُ فَارْتَوَوْا» رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِنِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» .
* * *
كِتَابُ الجَنَائِزِ
494 -
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّياً فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْراً لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْراً لِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي البُخَارِيِّ: «أَحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ» .
495 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ؛ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
496 -
وَعَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«المُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الجَبِينِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
497 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
498 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ، فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ؛ فَإِنَّ المَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ.
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ
فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ» - وَفِي لَفْظٍ:«وَاخْلُفْهُ فِي تَرِكَتِهِ» - رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
499 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
500 -
وَعَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم:«أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَبَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
501 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
* * *
بَابُ غَسْلِ المَيِّتِ
502 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ؛ إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْصَعَتْهُ - أَوْ قَالَ: فَأَقْعَصَتْهُ -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّياً» - وَفِي لَفْظٍ: «وَهُوَ يُلَبِّي» ، وَفِي لَفْظٍ:«وَلَا تُمِسُّوهُ طِيباً؛ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّداً» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
503 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: «لَمَّا أَرَادُوا غَسْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: وَاللَّهِ! مَا نَدْرِي؛ أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا؟ أَمْ نَغْسِلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ؟
فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِمُ النَّوْمَ، حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقَنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ البَيْتِ - لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ -: أَنِ اغْسِلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ.
فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ؛ يَصُبُّونَ المَاءَ فَوْقَ القَمِيصِ، وَيَدْلُكُونَهُ بِالقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ.
وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ؛ مَا غَسَّلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَفِيهِمُ ابْنُ إِسْحَاقَ؛ وَهُوَ الإِمَامُ الصَّدُوقُ.
504 -
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكِ؛ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكِ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً - أَوْ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ -، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي.
فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ، وَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» - وَفِي لَفْظٍ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعِنْدَ البُخَارِيِّ: «فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، فَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا» .
وَعِنْدَهُ: «ثَلَاثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ سَبْعاً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكِ» .
505 -
وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رضي الله عنها: «أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام أَوْصَتْ أَنْ يُغَسِّلَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ وَأَسْمَاءُ؛ فَغَسَّلَاهَا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
* * *
بَابٌ فِي الكَفَنِ
506 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ؛ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
507 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ؛ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضاً.
508 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ؛ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
509 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؛ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
* * *
بَابٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى المَيِّتِ
510 -
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذاً لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا؛ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
511 -
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْماً فَصَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى المَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المِنْبَرِ فَقَالَ: إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ
…
» الحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
512 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَبِكَ جُنُونٌ؟
قَالَ: لَا، قَالَ: آحْصَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَأَمَرَ بِهِ؛ فَرُجِمَ بِالمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْراً، وَصَلَّى عَلَيْهِ» هَكَذَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، وَقَالَ:«لَمْ يَقُلْ يُونُسُ وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: فَصَلَّى عَلَيْهِ» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالُوا:«وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ» -.
وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالصَّحِيحُ: عَنْ مَعْمَرٍ كَرِوَايَةِ غَيْرِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
513 -
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ الغَامِدِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه: «ثُمَّ أَمَرَ بِهَا؛ فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ» .
514 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنهما قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ؛ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
515 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ - أَوْ شَابّاً - فَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عَنْهَا - أَوْ عَنْهُ -، فَقَالُوا: مَاتَ.
قَالَ: أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي؟ قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا - أَوْ أَمْرَهُ -.
فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ، فَدَلُّوهُ؛ فَصَلَّى عَلَيْهَا.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ القُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَآخِرُ حَدِيثِ البُخَارِيِّ: «فَصَلَّى عَلَيْهَا» .
516 -
وَعَنْ بِلَالٍ العَبْسِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه:«أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَاتَ لَهُ مَيِّتٌ قَالَ: لَا تُؤْذِنُوا بِهِ أَحَداً، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعِيّاً، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ النَّعِيِّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
517 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئاً؛ إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ» .
518 -
وَعَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: «أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَتِ: ادْخُلُوا بِهِ المَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا.
فَقَالَتْ: وَاللَّهِ! لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي المَسْجِدِ - سُهَيْلٍ، وَأَخِيهِ -» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ - وَقَالَ:«سُهَيْلُ ابْنُ دَعْدٍ: هُوَ ابْنُ البَيْضَاءِ؛ أُمُّهُ بَيْضَاءُ» -.
519 -
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا عَلَى وَسَطِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
520 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى المُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
521 -
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَخاً لَكُمْ قَدْ مَاتَ؛ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ - يَعْنِي: النَّجَاشِيَّ -» .
522 -
وَلَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: «كَانَ زَيْدٌ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعاً، وَإِنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْساً، فَسَأَلْتُهُ؛ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُهَا» .
زَيْدٌ: هُوَ ابْنُ أَرْقَمَ.
523 -
وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَلَى جِنَازَةٍ، فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الكِتَابِ؛ فَقَالَ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
524 -
وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ.
وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ.
وَأَبْدِلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ - أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ -.
قَالَ: حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ المَيِّتَ؛ لِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ المَيِّتِ» - وَفِي لَفْظٍ: «وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ» - رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
525 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا.
اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِيمَانِ.
اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ - وَاللَّفْظُ لَهُ -، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ فِي «اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» .
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «هَذَا هُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا البَابِ حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه» .
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ مَوْقُوفاً عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابٌ فِي حَمْلِ الجِنَازَةِ وَالدَّفْنِ
526 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَسْرِعُوا بِالجِنَازَةِ؛ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً؛ فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ؛ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: «تُقَدِّمُونَهَا عَلَيْهِ» .
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «قَرَّبْتُمُوهَا إِلَى الخَيْرِ» .
527 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَهِدَ الجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا؛ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ؛ فَلَهُ قِيرَاطَانِ.
قِيلَ: وَمَا القِيرَاطَانِ؟ قَالَ: مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: «أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ» .
وَلَهُ: «حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ» .
وَلِلْبُخَارِيِّ: «مَنْ تَبِعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ؛ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ.
وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ».
528 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنهما قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِفَرَسٍ مُعْرَوْرىً، فَرَكِبَهُ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ جِنَازَةِ ابْنِ الدَّحْدَاحِ، وَنَحْنُ نَمْشِي حَوْلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
529 -
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:«أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الجِنَازَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
…
»، فَذَكَرَهُ مُرْسَلاً.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «وَأَهْلُ الحَدِيثِ يَرَوْنَ أَنَّ المُرْسَلَ أَصَحُّ» ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ:«الصَّوَابُ: مُرْسَلٌ» ، وَقَالَ الخَلِيلِيُّ فِي هَذَا الحَدِيثِ:«وَهُوَ مِنَ الصِّحَاحِ المَعْلُولَاتِ» ، وَقَالَ البَيْهَقِيُّ:«وَمَنْ وَصَلَهُ وَاسْتَقَرَّ عَلَى وَصْلِهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِيهِ - وَهُوَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ؛ حُجَّةٌ ثِقَةٌ -» ، وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ:«حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ كَأَنَّهُ وَهَمٌ» .
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَفِيهِ ذِكْرُ عُثْمَانَ رضي الله عنه، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
530 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الجِنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
531 -
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَعَدَ» - وَفِي لَفْظٍ: «قَامَ فَقُمْنَا، وَقَعَدَ فَقَعَدْنَا - يَعْنِي: فِي الجِنَازَةِ -» - رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ غَيْرِ قَوِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ:«مَا فَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ؛ غَيْرَ مَرَّةٍ بِرَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ؛ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، وَكَانَ يَتَشَبَّهُ بِهِمْ، فَإِذَا نُهِيَ انْتَهَى؛ فَمَا عَادَ لَهَا بَعْدُ» .
532 -
وَعَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ:«أَوْصَى الحَارِثُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ رضي الله عنه؛ فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ القَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ القَبْرِ، وَقَالَ: هَذَا مِنَ السُّنَّةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ؛ وَقَدْ قَالَ: (هَذَا مِنَ السُّنَّةِ)؛ فَصَارَ كَالمُسْنَدِ» .
وَرَوَاهُ سَعِيدٌ، وَزَادَ:«ثُمَّ قَالَ: أَنْشِطُوا الثَّوْبَ؛ فَإِنَّمَا يُصْنَعُ هَذَا بِالنِّسَاءِ» .
533 -
وَعَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي القُبُورِ؛ فَقُولُوا: بِاسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» - وَفِي لَفْظٍ: «وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» - رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي «اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «وَالحَدِيثُ يَتَفَرَّدُ بِرَفْعِهِ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَهُوَ ثِقَةٌ؛ إِلَّا أَنَّ شُعْبَةَ وَهِشَاماً الدَّسْتَوَائِيَّ رَوَيَاهُ عَنْ قَتَادَةَ مَوْقُوفاً عَلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما» ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي المَوْقُوفِ:«هُوَ المَحْفُوظُ» .
534 -
وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي هَلَكَ فِيهِ: «الْحَدُوا لِي لَحْداً، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْباً؛ كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
535 -
وَعَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا عَقْرَ فِي الإِسْلَامِ» رَوَاهُ الإِمَامَانِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «هَذَا الحَدِيثُ مُنْكَرٌ جِدّاً» ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:«تَفَرَّدَ بِهِ مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ» .
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: «قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كَانُوا يَعْقِرُونَ عِنْدَ القَبْرِ بَقَرَةً أَوْ شَيْئاً» .
536 -
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيّاً» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَحَسَّنَهُ ابْنُ القَطَّانِ.
وَوَهِمَ مَنْ عَزَاهُ إِلَى مُسْلِمٍ، لَكِنْ رِجَالُهُ رِجَالُ مُسْلِمٍ، وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفاً.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ رِوَايَةِ حَارِثَةَ، عَنْ عَمْرَةَ.
وَرَوَاهُ البَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، وَزَادَ:«فِي الإِثْمِ» .
537 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ؛ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ» .
وَفِي لَفْظٍ: «فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْرَ أُذُنِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ: «فَمَا أَنْكَرْتُ مِنْهُ شَيْئاً؛ إِلَّا شُعَيْرَاتٍ كُنَّ فِي لِحْيَتِهِ مِمَّا يَلِي الأَرْضَ» .
538 -
وَعَنِ القَاسِمِ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقُلْتُ: يَا أُمَّهْ! اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ؛ لَا مُشْرِفَةٍ وَلَا لَاطِئَةٍ، مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ العَرْصَةِ الحَمْرَاءِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَالحَاكِمُ فِي «مُسْتَدْرَكِهِ» بِزِيَادَةِ:«فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقَدَّماً، وَأَبَا بَكْرٍ رَأْسَهُ بَيْنَ كَتِفَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعُمَرَ رَأْسَهُ عِنْدَ رِجْلَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» .
وَقَالَ الحَاكِمُ: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» ، وَقَالَ البَيْهَقِيُّ:«وَحَدِيثُ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا البَابِ أَصَحُّ، وَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظاً» .
539 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالحَاكِمُ:«وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ» .
وَقَالَ الحَاكِمُ: «هَذِهِ الأَسَانِيدُ صَحِيحَةٌ، وَلَيْسَ العَمَلُ عَلَيْهَا؛ فَإِنَّ
أَئِمَّةَ المُسْلِمِينَ مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الغَرْبِ مَكْتُوبٌ عَلَى قُبُورِهِمْ، وَهُوَ عَمَلٌ أَخَذَهُ الخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ».
540 -
وَعَنِ الأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ بَشِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ اسْمُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ: زَحْمَ بْنَ مَعْبَدٍ رضي الله عنه، فَهَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: زَحْمٌ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ بَشِيرٌ -.
قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ مَرَّ بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ، فَقَالَ: لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْراً كَثِيراً - ثَلَاثاً -.
ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْراً كَثِيراً.
وَحَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَظْرَةٌ؛ فَإِذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي القُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ، فَقَالَ: يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ! وَيْحَكَ! أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ.
وَنَظَرَ الرَّجُلُ، فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلَعَهُمَا فَرَمَى بِهِمَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَقَالَ:«إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ» -، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -، وَالبَيْهَقِيُّ - وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ، وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الإِسْنَادِ» -.
وَخَالِدٌ: وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ الأَسْوَدِ.
وَالأَسْوَدُ: رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.
541 -
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
* * *
بَابٌ فِي البُكَاءِ عَلَى المَيِّتِ وَالتَّعْزِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
542 -
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «شَهِدْنَا بِنْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عَلَى القَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟
فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قَالَ: فَانْزِلْ فِي قَبْرِهَا.
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: قَالَ فُلَيْحٌ: أُرَاهُ يَعْنِي الذَّنْبَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَفِي تَفْسِيرِ فُلَيْحٍ نَظَرٌ؛ فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رُقَيَّةَ لَمَّا مَاتَتْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَدْخُلِ القَبْرَ رَجُلٌ قَارَفَ اللَّيْلَةَ أَهْلَهُ، فَلَمْ يَدْخُلْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ القَبْرَ» .
543 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ - وَإِنَّ عَيْنَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَتَذْرِفَانِ -، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
544 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
545 -
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ.
وَقَالَ: النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا: تُقَامُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
546 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: «لَمَّا جَاءَ نَعِيُّ جَعْفَرٍ رضي الله عنه حِينَ قُتِلَ؛ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَاماً؛ فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
547 -
وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ المَعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ إِذْ بَصُرَ بِامْرَأَةٍ لَا تَظُنُّ أَنَّهُ عَرَفَهَا، فَلَمَّا تَوَسَّطَ الطَّرِيقَ وَقَفَ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ، فَإِذَا فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهَا: مَا أَخْرَجَكِ مِنْ بَيْتِكِ يَا فَاطِمَةُ؟
قَالَتْ: أَتَيْتُ أَهْلَ هَذَا المَيِّتِ فَرَحَّمْتُ إِلَيْهِمْ وَعَزَّيْتُهُمْ بِمَيِّتِهِمْ.
قَالَ: لَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الكُدَى؟
قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَكُونَ بَلَغْتُهَا وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ فِي ذَلِكَ مَا تَذْكُرُ.
فَقَالَ: لَوْ بَلَغْتِهَا مَعَهُمْ مَا رَأَيْتِ الجَنَّةَ حَتَّى يَرَاهَا جَدُّ أَبِيكِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
وَلَيْسَ كَمَا قَالَ؛ فَإِنَّ رَبِيعَةَ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ صَاحِبَا «الصَّحِيحَيْنِ» شَيْئاً، بَلْ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
وَرَبِيعَةُ: قَالَ البُخَارِيُّ: «عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ» ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ فِي «السُّنَنِ» ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:«صَالِحٌ» ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ:«كَانَ يُخْطِئُ كَثِيراً» .
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي «الوَاهِيَاتِ» : «هَذَا حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ» ، وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الحَقِّ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ القَطَّانِ.
وَقَدْ تَابَعَ رَبِيعَةَ عَلَيْهِ: شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ؛ وَهُوَ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابٌ فِي زِيَارَةِ القُبُورِ وَالسَّلَامِ وَالدُّعَاءِ
548 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ زَوَّارَاتِ القُبُورِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الحَقِّ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ القَطَّانِ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ حَسَّانٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم.
549 -
وَعَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ؛ فَزُورُوهَا.
وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ؛ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ.
وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ؛ فَاشْرَبُوا فِي الأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِراً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلِأَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ:«وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ؛ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَزُورَ فَلْيَزُرْ، وَلَا تَقُولُوا: هُجْراً» .
550 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى البَقِيعِ؛ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَداً مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
551 -
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى المَقَابِرِ؛ فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ - وَفِي لَفْظٍ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ - مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
552 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقُبُورِ المَدِينَةِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ القُبُورِ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، أَنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالأَثَرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» -.
553 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
554 -
وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَتُؤْذُوا الأَحْيَاءَ» .
وَفِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ، وَاللَّهُ المُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
* * *
كِتَابُ الزَّكَاةِ
555 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذاً إِلَى اليَمَنِ فَقَالَ: ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ.
فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
556 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه لَمَّا اسْتُخْلِفَ، كَتَبَ لَهُ حِينَ وَجَّهَهُ إِلَى البَحْرَيْنِ هَذَا الكِتَابَ - وَكَانَ نَقْشُ الخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ:(مُحَمَّدٌ) سَطْرٌ، وَ (رَسُولُ) سَطْرٌ، وَ (اللَّهِ) سَطْرٌ -:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ.
فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنَ الغَنَمِ؛ فِي كُلِّ خَمْسٍ: شَاةٌ.
فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَعِشْرِينَ، إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ؛ فَفِيهَا: بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةُ مَخَاضٍ: فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ.
فَإِذَا بَلَغَتْ سِتّاً وَثَلَاثِينَ، إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ؛ فَفِيهَا: ابْنَةُ لَبُونٍ أُنْثَى.
فَإِذَا بَلَغَتْ سِتّاً وَأَرْبَعِينَ، إِلَى سِتِّينَ؛ فَفِيهَا: حِقَّةٌ - طَرُوقَةُ الجَمَلِ -.
فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ، إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ؛ فَفِيهَا: جَذَعَةٌ.
فَإِذَا بَلَغَتْ سِتّاً وَسَبْعِينَ، إِلَى تِسْعِينَ؛ فَفِيهَا: بِنْتَا لَبُونٍ.
فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، إِلَى عِشْرِينَ وَمِئَةٍ؛ فَفِيهَا: حِقَّتَانِ - طَرُوقَتَا الجَمَلِ -.
فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِئَةٍ؛ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ: بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ: حِقَّةٌ.
وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ مِنَ الإِبِلِ؛ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا.
فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً مِنَ الإِبِلِ؛ فَفِيهَا: شَاةٌ.
وَفِي صَدَقَةِ الغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا؛ إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ، إِلَى عِشْرِينَ وَمِئَةِ شَاةٍ: شَاةٌ.
فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِئَةٍ، إِلَى مِئَتَيْنِ؛ فَفِيهَا: شَاتَانِ.
فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِئَتَيْنِ، إِلَى ثَلَاثِ مِئَةٍ؛ فَفِيهَا: ثَلَاثُ شِيَاهٍ.
فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِ مِئَةٍ؛ فَفِي كُلِّ مِئَةٍ: شَاةٌ.
فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً؛ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا.
وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ.
وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسٌ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ المُصَّدِّقُ.
وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ العُشْرِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلَّا تِسْعِينَ وَمِئَةً؛ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا.
وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةُ الجَذَعَةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ، وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ؛ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الحِقَّةُ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً.
وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الحِقَّةُ، وَعِنْدَهُ الجَذَعَةُ؛ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الجَذَعَةُ، وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَماً أَوْ شَاتَيْنِ.
وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا ابْنَةُ لَبُونٍ؛ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ، وَيُعْطِي مَعَهَا شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً.
وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ؛ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الحِقَّةُ وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَماً أَوْ شَاتَيْنِ.
وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ؛ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَيُعْطِي مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَماً أَوْ شَاتَيْنِ.
وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ؛ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَماً أَوْ شَاتَيْنِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ؛ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
557 -
وَعَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ:«بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى اليَمَنِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً: تَبِيعاً - أَوْ تَبِيعَةً -، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ: مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ: دِينَاراً أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِرَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
558 -
وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا جَلَبَ، وَلَا جَنَبَ، وَلَا تُؤْخَذُ صَدَقَاتُهُمْ؛ إِلَّا فِي دُورِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
559 -
وَلِلْإِمَامِ أَحْمَدَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تُؤْخَذُ صَدَقَاتُ المُسْلِمِينَ عَلَى مِيَاهِهِمْ» .
560 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: «لَيْسَ فِي العَبْدِ صَدَقَةٌ؛ إِلَّا صَدَقَةَ الفِطْرِ» .
وَلِأَبِي دَاوُدَ: «لَيْسَ فِي الخَيْلِ وَالرَّقِيقِ زَكَاةٌ؛ إِلَّا زَكَاةَ الفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ» .
561 -
وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِي كُلِّ سَائِمَةِ إِبِلٍ: فِي أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، لَا تُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِراً بِهَا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ؛ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ - وَعِنْدَ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ:«وَشَطْرَ إِبِلِهِ» -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
وَقَالَ أَحْمَدُ: «هُوَ عِنْدِي صَالِحُ الإِسْنَادِ» ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ:«لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ العِلْمِ بِالحَدِيثِ، وَلَوْ ثَبَتَ قُلْتُ بِهِ» .
وَذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ: أَنَّ بَهْزاً كَانَ يُخْطِئُ كَثِيراً، وَلَوْلَا رِوَايَتُهُ هَذَا الحَدِيثَ لَأَدْخَلَهُ فِي الثِّقَاتِ، قَالَ:«وَهُوَ مِمَّنْ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ» .
وَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ؛ بَلْ هَذَا الحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَبَهْزٌ ثِقَةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَابْنِ المَدِينِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
562 -
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ المَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ - وَسَمَّى آخَرَ - عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ وَالحَارِثِ الأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه،
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا كَانَتْ لَكَ مِئَتَا دِرْهَمٍ، وَحَالَ عَلَيْهَا الحَوْلُ؛ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ.
وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ - يَعْنِي: فِي الذَّهَبِ - حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَاراً.
فَإِذَا كَانَتْ لَكَ عِشْرُونَ دِينَاراً، وَحَالَ عَلَيْهَا الحَوْلُ؛ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ.
قَالَ: فَلَا أَدْرِي: أَعَلِيٌّ يَقُولُ: فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، أَوْ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟
وَلَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ.
إِلَّا أَنَّ جَرِيراً قَالَ: ابْنُ وَهْبٍ يَزِيدُ فِي الحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رَوَاهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَرْفَعُوهُ» .
وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ: وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ المَدِينِيِّ، وَالعِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ السَّعْدِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ:«لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ:«كُنَّا نَعْرِفُ فَضْلَ حَدِيثِ عَاصِمٍ عَلَى حَدِيثِ الحَارِثِ» .
* * *
بَابُ زَكَاةِ المُعَشَّرَاتِ
563 -
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الوَرِقِ صَدَقَةٌ.
وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ.
وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
564 -
وَفِي لَفْظٍ لَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ» .
وَفِي لَفْظٍ لَهُ بَدَلَ التَّمْرِ: «ثَمَرٍ» - بِالثَّاءِ المُثَلَّثَةِ -.
565 -
وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيّاً: العُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالأَنْهَارُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلاً: العُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوِ النَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ» .
وَإِسْنَادُهُ عَلَى رَسْمِ مُسْلِمٍ.
566 -
وَعَنْ سُفْيَانَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُمَا إِلَى اليَمَنِ، فَأَمَرَهُمَا أَنْ يُعَلِّمَا النَّاسَ أَمْرَ دِينِهِمْ، وَقَالَ: لَا تَأْخُذَا فِي الصَّدَقَةِ إِلَّا مِنْ
هَذِهِ الأَصْنَافِ الأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ، وَالحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالحَاكِمُ.
وَطَلْحَةُ: رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ.
567 -
وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالبَعْلُ وَالسَّيْلُ: العُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ - وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَالحِنْطَةِ وَالحُبُوبِ.
فَأَمَّا القِثَّاءُ وَالبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالقَضْبُ؛ فَقَدْ عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَاللَّفْظُ لَهُ، وَقَالَ:«صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
وَزَعَمَ أَنَّ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ: تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ؛ لَا يُنْكَرُ أَنْ يُدْرِكَ أَيَّامَ مُعَاذٍ رضي الله عنه، كَذَا قَالَ.
وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى: تَرَكَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: «مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه؛ مُرْسَلٌ» .
وَمُعَاذٌ: تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَرِوَايَةُ مُوسَى عَنْهُ أَوْلَى بِالإِرْسَالِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مُوسَى وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ سَمَّاهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ، وَقِيلَ: إِنَّهُ صَحِبَ عُثْمَانَ مُدَّةً.
وَالمَشْهُورُ فِي هَذَا: مَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ:«عِنْدَنَا كِتَابُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنَ الحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ» .
568 -
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «جَاءَ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ رضي الله عنه إِلَى مَجْلِسِنَا، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ قَالَ: إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ؛ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ» -.
وَقَالَ البَزَّارُ: «وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه إِلَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ نِيَارٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ» .
وَقَالَ ابْنُ القَطَّانِ: «هَذَا غَيْرُ كَافٍ فِيمَا يَنْبَغِي مِنْ عَدَالَتِهِ، فَكَمْ مِنْ مَعْرُوفٍ غَيْرُ ثِقَةٍ، وَالرَّجُلُ لَا يُعْرَفُ لَهُ حَالٌ، وَلَا يُعْرَفُ بِغَيْرِ هَذَا» .
كَذَا قَالَ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
569 -
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لَوْنَيْنِ مِنَ التَّمْرِ: الجُعْرُورِ، وَلَوْنِ الحُبَيْقِ، قَالَ: وَكَانَ النَّاسُ يَتَيَمَّمُونَ شَرَّ ثِمَارِهِمْ فَيُخْرِجُونَهَا فِي صَدَقَاتِهِمْ؛ فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالطَّبَرَانِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلاً؛ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «وَهُوَ الأَوْلَى بِالصَّوَابِ» .
570 -
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي سَيَّارَةَ المُتَعِيِّ رضي الله عنه قَالَ:«قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي نَحْلاً، قَالَ: أَدِّ العُشْرَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! احْمِهَا لِي، فَحَمَاهَا لِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «هَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي وُجُوبِ العُشْرِ فِيهِ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ» ، وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ:«لَيْسَ فِي زَكَاةِ العَسَلِ شَيْءٌ يَصِحُّ» .
* * *
بَابٌ فِي الحُلِيِّ وَالعُرُوضِ إِذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ
571 -
عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها:«أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ أَوْضَاحاً مِنْ ذَهَبٍ، فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: أَكَنْزٌ هُوَ؟ فَقَالَ: إِذَا أَدَّيْتِ زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «يَتَفَرَّدُ بِهِ ثَابِتُ بْنُ عَجْلَانَ» .
وَهَذَا لَا يَضُرُّ؛ فَإِنَّ ثَابِتاً وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَرَوَى لَهُ البُخَارِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
572 -
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
573 -
وَرَوَى البَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:«لَيْسَ فِي العُرُوضِ زَكَاةٌ؛ إِلَّا مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ» .
* * *
بَابُ زَكَاةِ المَعْدِنِ وَالرِّكَازِ
574 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ، وَالمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
575 -
وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ مِنَ المَعَادِنِ القَبَلِيَّةِ الصَّدَقَةَ.
وَأَنَّهُ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الحَارِثِ رضي الله عنه العَقِيقَ أَجْمَعَ.
فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِبِلَالٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُقْطِعْكَ إِلَّا لِتَعْمَلَ، قَالَ: فَأَقْطَعَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ لِلنَّاسِ العَقِيقَ».
رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ، وَشَيْخُهُ الحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْهُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: «احْتَجَّ البُخَارِيُّ بِنُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ، وَمُسْلِمٌ بِالدَّرَاوَرْدِيِّ، وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» .
كَذَا قَالَ، وَالمَشْهُورُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الحَارِثِ المُزَنِيَّ مَعَادِنَ القَبَلِيَّةِ؛ وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الفُرْعِ؛ فَتِلْكَ المَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَّا الزَّكَاةُ إِلَى اليَوْمِ» .
بَابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ
576 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ؛ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
وَفِي لَفْظٍ: «فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ» .
577 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ قَالَ: أُرَى مُدّاً مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَفِي لَفْظٍ: «أَوْ صَاعاً مِنْ أَقِطٍ» .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ سَمِعَ عِيَاضاً قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ: «لَا أُخْرِجُ أَبَداً إِلَّا صَاعاً؛ إِنَّا كُنَّا نُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاعَ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ أَقِطٍ، أَوْ زَبِيبٍ، هَذَا حَدِيثُ يَحْيَى.
زَادَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِيهِ: أَوْ صَاعاً مِنْ دَقِيقٍ، قَالَ حَامِدٌ: فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ سُفْيَانُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَهَمٌ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ».
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: «لَا أَعْلَمُ أَحَداً قَالَ فِي هَذَا الحَدِيثِ: دَقِيقٌ؛ غَيْرَ ابْنِ عُيَيْنَةَ» ، وَقَالَ البَيْهَقِيُّ:«وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ؛ مِنْهُمْ: حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ - وَمِنْ ذَلِكَ الوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي «الصَّحِيحِ» -، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَغَيْرُهُمْ؛ فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمُ الدَّقِيقَ غَيْرُ سُفْيَانَ، وَقَدْ أُنْكِرَ عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ».
578 -
وَعَنْ أَبِي يَزِيدَ الخَوْلَانِيِّ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:«فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
وَلَيْسَ كَمَا قَالَ؛ فَإِنَّ سَيَّاراً وَأَبَا يَزِيدَ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُمَا الشَّيْخَانِ.
وَأَبُو يَزِيدَ الخَوْلَانِيُّ: هُوَ الصَّغِيرُ، قَالَ فِيهِ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ:«كَانَ شَيْخَ صِدْقٍ» .
وَسَيَّارٌ: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: «لَا بَأْسَ بِهِ» ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ:«شَيْخٌ» ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي «الثِّقَاتِ» .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي رُوَاةِ هَذَا الحَدِيثِ: «لَيْسَ فِيهِمْ مَجْرُوحٌ» ، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ:«هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ» ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ
579 -
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ؛ إِلَّا لِخَمْسَةٍ: لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ غَارِمٍ، أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ مِسْكِينٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَأَهْدَى مِنْهَا لِغَنِيٍّ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلاً، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
580 -
وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ: «أَنَّ رَجُلَيْنِ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلَانِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَلَّبَ فِيهِمَا البَصَرَ فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتُمَا؛ وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ - وَقَالَ: «مَا أَجْوَدَهُ مِنْ حَدِيثٍ!» -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
581 -
وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الهِلَالِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ
فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: يَا قَبِيصَةُ! إِنَّ المَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ:
رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَةً؛ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ.
وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ؛ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَاماً مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ: سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ -.
وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَى مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَاناً فَاقَةٌ؛ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَاماً مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ: سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ -.
فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ المَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ؛ يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتاً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَخَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ - وَقَالَ:«حَتَّى يَقُولَ» بِاللَّامِ -.
582 -
وَعَنْ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الحَارِثِ رضي الله عنه قَالَ: «اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الحَارِثِ وَالعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَا: وَاللَّهِ! لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الغُلَامَيْنِ - قَالَ لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَاهُ، فَأَمَّرَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ.
قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمَا فِي ذَلِكَ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا، فَذَكَرَا لَهُ ذَلِكَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا تَفْعَلَا، فَوَاللَّهِ! مَا هُوَ بِفَاعِلٍ.
فَانْتَحَاهُ رَبِيعَةُ بْنُ الحَارِثِ فَقَالَ: وَاللَّهِ! مَا تَصْنَعُ هَذَا إِلَّا نَفَاسَةً
مِنْكَ عَلَيْنَا، فَوَاللَّهِ لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ.
قَالَ عَلِيٌّ: أَرْسِلُوهُمَا، فَانْطَلَقَا وَاضْطَجَعَ.
قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ سَبَقَاهُ إِلَى الحُجْرَةِ، فَقُمْنَا عِنْدَهَا، حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِآذَانِنَا، ثُمَّ قَالَ: أَخْرِجَا مَا تُصَرِّرَانِ، ثُمَّ دَخَلَ وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ.
قَالَ: فَتَوَاكَلْنَا الكَلَامَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَحَدُنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ، وَأَوْصَلُ النَّاسِ، وَقَدْ بَلَغْنَا النِّكَاحَ، فَجِئْنَا لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَنُؤَدِّيَ إِلَيْكَ مَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَنُصِيبَ كَمَا يُصِيبُونَ.
قَالَ: فَسَكَتَ طَوِيلاً حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ، قَالَ: وَجَعَلَتْ زَيْنَبُ تُلْمِعُ إِلَيْنَا مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ أَنْ لَا تُكَلِّمَاهُ.
قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ؛ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، ادْعُوَا لِي مَحْمِيَةَ - وَكَانَ عَلَى الخُمُسِ - وَنَوْفَلَ بْنَ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، قَالَ: فَجَاآهُ.
فَقَالَ لِمَحْمِيَةَ: أَنْكِحْ هَذَا الغُلَامَ ابْنَتَكَ - لِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ - فَأَنْكَحَهُ.
وَقَالَ لِنَوْفَلِ بْنِ الحَارِثِ: أَنْكِحْ هَذَا الغُلَامَ ابْنَتَكَ - لِي - فَأَنْكَحَنِي.
وَقَالَ لِمَحْمِيَةَ: أَصْدِقْ عَنْهُمَا مِنَ الخُمُسِ كَذَا وَكَذَا»، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَلَمْ يُسَمِّهِ لِي.
وَقَالَ فِي الحَدِيثِ: «ثُمَّ قَالَ لَنَا: إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
583 -
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَعْطَيْتَ بَنِي المُطَّلِبِ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ وَتَرَكْتَنَا، وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا بَنُو المُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
584 -
وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ: «أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ، وَالأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ؛ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأعْطَى عَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ دُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ:
أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ العُبَيْـ
…
ـدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ
فَمَا كَانَ بَدْرٌ وَلَا حَابِسٌ
…
يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي المَجْمَعِ
وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا
…
وَمَنْ تَخْفِضِ اليَوْمَ لَا يُرْفَعِ
قَالَ: فَأَتَمَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِئَةً».
وَفِي رِوَايَةٍ: «وَأَعْطَى عَلْقَمَةَ بْنَ عُلَاثَةَ مِئَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
585 -
وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلاً عَلَى الصَّدَقَةِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي؛ فَإِنَّكَ تُصِيبُ مِنْهَا، قَالَ: حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْأَلَهُ.
فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: مَوْلَى القَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» -.
586 -
وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْطِي عُمَرَ العَطَاءَ، فَيَقُولُ لَهُ عُمَرُ: أَعْطِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ، وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لَا؛ فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ.
قَالَ سَالِمٌ: فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لَا يَسْأَلُ أَحَداً شَيْئاً، وَلَا يَرُدُّ شَيْئاً أُعْطِيَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
* * *
بَابٌ فِي المَسْأَلَةِ
587 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
588 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّراً؛ فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْراً، فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
589 -
وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
590 -
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ المَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ؛ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَاناً، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
591 -
وَعَنِ ابْنِ الفِرَاسِيِّ: «أَنَّ الفِرَاسِيَّ رضي الله عنه قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَسْأَلُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا، وَإِنْ كُنْتَ سَائِلاً لَا بُدَّ فَاسْأَلِ الصَّالِحِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
* * *
بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
592 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِدِ.
وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ.
وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ.
وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ.
وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
593 -
وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ أَبَا الخَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ - أَوْ قَالَ: حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ -.
قَالَ يَزِيدُ: وَكَانَ أَبُو الخَيْرِ لَا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ لَا يَتَصَدَّقُ فِيهِ بِشَيْءٍ؛ وَلَوْ كَعْكَةً أَوْ بَصَلَةً» رَوَاهُ الحَاكِمُ - وَقَالَ: «صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
594 -
وَعَنْ أَبِي خَالِدٍ - الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ فِي بَنِي دَالَانَ -، عَنْ نُبَيْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا مُسْلِمٍ كَسَا ثَوْباً عَلَى عُرْيٍ؛ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الجَنَّةِ.
وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ أَطْعَمَ مُسْلِماً عَلَى جُوعٍ؛ أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الجَنَّةِ.
وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِماً عَلَى ظَمَأٍ؛ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ المَخْتُومِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَنُبَيْحٌ العَنَزِيُّ: وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةُ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَأَبُو خَالِدٍ - وَاسْمُهُ: يَزِيدُ -: وَقَدْ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ:«لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» ، وَقَالَ الحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ:«لَا يُتَابَعُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ» .
595 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ.
وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
596 -
وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنىً، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ أَكْثَرَهُ.
597 -
وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جُهْدُ المُقِلِّ،
وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ يَحْيَى لَمْ يَرْوِ لَهُ مُسْلِمٌ، لَكِنْ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ.
598 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَصَدَّقُوا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عِنْدِي دِينَارٌ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ.
قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ.
قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ.
قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ.
قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: أَنْتَ أَبْصَرُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
599 -
وَعَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالاً عِنْدِي، فَقُلْتُ: اليَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ - إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْماً -؛ فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟ قُلْتُ: مِثْلَهُ.
قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟ قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَداً» رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي «مُسْنَدِهِ» ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ صَحِيحٌ» -.
وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ لِأَجْلِ هِشَامٍ؛ فَإِنَّ مُسْلِماً رَوَى لَهُ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ:«هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ» .
600 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ؛ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئاً» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
601 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! تَصَدَّقُوا.
فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ! تَصَدَّقْنَ؛ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ.
فَقُلْنَ: وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟!
قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ!
ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ جَاءَتْ زَيْنَبُ - امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذِهِ زَيْنَبُ، فَقَالَ: أَيُّ الزَّيَانِبِ؟
فَقِيلَ: امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: نَعَمْ، ائْذَنُوا لَهَا، فَأُذِنَ لَهَا.
فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِنَّكَ أَمَرْتَ اليَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ؛ فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ؛ زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
• • •
كِتَابُ الصِّيَامِ
602 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ؛ إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْماً فَلْيَصُمْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
603 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: «فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا ثَلَاثِينَ» .
وَلِلْبُخَارِيِّ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ» .
604 -
وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «فَإِنْ غَبِيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» .
605 -
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ الحَارِثِ الجَدَلِيِّ - جَدِيلَةَ قَيْسٍ - أَنَّ أَمِيرَ مَكَّةَ خَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَنْسُكَ لِلرُّؤْيَةِ، فَإِنْ لَمْ نَرَهُ وَشَهِدَ شَاهِدَا عَدْلٍ نَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا.
فَسَأَلْتُ الحُسَيْنَ بْنَ الحَارِثِ: مَنْ أَمِيرُ مَكَّةَ؟
قَالَ: الحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ - أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ -.
ثُمَّ قَالَ الأَمِيرُ: إِنَّ فِيكُمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنِّي، وَشَهِدَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى رَجُلٍ.
قَالَ الحُسَيْنُ: فَقُلْتُ لِشَيْخٍ إِلَى جَنْبِي: مَنْ هَذَا الَّذِي أَوْمَأَ إِلَيْهِ الأَمِيرُ؟
قَالَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَصَدَقَ؛ هُوَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْهُ.
فَقَالَ: بِذَلِكَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالدَّارَقُطْنِيُّ - وَقَالَ:«هَذَا إِسْنَادٌ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ» -.
606 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرِ ابْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:«تَرَاءَى النَّاسُ الهِلَالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ، فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
607 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنهم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الفَجْرِ؛ فَلَا صِيَامَ لَهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعاً إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَوْلَهُ، وَهُوَ أَصَحُّ» -.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: «وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا: مَوْقُوفٌ» ، وَقَالَ البَيْهَقِيُّ:«قَدِ اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي إِسْنَادِهِ وَفِي رَفْعِهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَقَامَ إِسْنَادَهُ وَرَفَعَهُ، وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ الأَثْبَاتِ» .
608 -
وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ.
ثُمَّ أَتَانَا يَوْماً آخَرَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: أَرِينِيهِ؛ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِماً، فَأَكَلَ».
وَفِي لَفْظٍ: «قَالَ طَلْحَةُ - وَهُوَ ابْنُ يَحْيَى -: فَحَدَّثْتُ مُجَاهِداً بِهَذَا الحَدِيثِ، فَقَالَ: ذَاكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُخْرِجُ الصَّدَقَةَ مِنْ مَالِهِ؛ فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
609 -
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ» .
610 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا؛ فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
611 -
وَعَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ؛ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَصَحَّحَهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ» -.
612 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الوِصَالِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوَاصِلُ!
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي.
فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْماً، ثُمَّ يَوْماً، ثُمَّ رَأَوُا الهِلَالَ، فَقَالَ: لَوْ تَأَخَّرَ الهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ - كَالمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
613 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ؛ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
614 -
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ؛ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
615 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
616 -
وَلَهُ عَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ» .
617 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
618 -
وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى عَلَى رَجُلٍ بِالبَقِيعِ وَهُوَ يَحْتَجِمُ - وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي، لِثَمَانَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ -، فَقَالَ: أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«هُوَ حَدِيثٌ ظَاهِرٌ صِحَّتُهُ» -.
وَصَحَّحَهُ أَيْضاً: أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ المَدِينِيِّ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: «ثَبَتَتِ الأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ» .
619 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَفْطَرَ هَذَانِ.
ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ فِي الحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ - وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ -» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ - وَقَالَ: «كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً» -.
وَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
620 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ - وَهُوَ صَائِمٌ - فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
وَلِلْبُخَارِيِّ: «فَأَكَلَ وَشَرِبَ» .
وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ، وَالحَاكِمِ - وَصَحَّحَهُ -:«مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِياً؛ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَا كَفَّارَةَ» .
621 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ القَضَاءُ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَقَالَ:«سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ ذَا شَيْءٌ» -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» ، وَقَالَ:«قَالَ مُحَمَّدٌ - يَعْنِي: البُخَارِيَّ -: لَا أُرَاهُ مَحْفُوظاً» -، وَالدَّارَقُطْنِيُّ - وَقَالَ:«رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ» -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضاً مَوْقُوفاً.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ فِي القَيْءِ: «لَا يُفْطِرُ» .
622 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَامَ الفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمِ، فَصَامَ النَّاسُ.
ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ - بَعْدَ ذَلِكَ -: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، قَالَ: أُولَئِكَ العُصَاةُ، أُولَئِكَ العُصَاةُ».
وَفِي لَفْظٍ: «فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ العَصْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
623 -
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ؛ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ».
624 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الكَبِيرِ أَنْ يُفْطِرَ، وَيُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ - وَقَالَ: «هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ» -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ» -.
625 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟
قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ.
فَقَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟ قَالَ: لَا.
ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا.
فَقَالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟! فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا.
فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَقَدْ رُوِيَ الأَمْرُ بِالقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ.
626 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ؛ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.
* * *
بَابٌ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ
627 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
628 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي المَسْجِدِ، وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ.
فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّى فَصَلَّوْا مَعَهُ.
فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى صَلَاتَهُ.
فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا.
فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
629 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
* * *
بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ
630 -
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؛ قَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ.
وَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؛ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ.
وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؛ قَالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ - فِيهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
631 -
وَعَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ رضي الله عنها: «أَنَّ نَاساً تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ.
فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ؛ فَشَرِبَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
632 -
وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفاً.
633 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ.
634 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ.
وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ.
وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَاماً فِي شَعْبَانَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
635 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ: «غَيْرَ رَمَضَانَ» .
* * *
بَابٌ فِي الأَيَّامِ المَنْهِيِّ عَنْ صِيَامِهَا
636 -
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
637 -
وَعَنْ نُبَيْشَةَ الهُذَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ لِلَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
638 -
وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، وَعَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَا:«لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ؛ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ» .
639 -
وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي.
وَلَا تَخْتَصُّوا يَوْمَ الجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَصَحَّحَ أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ إِرْسَالَهُ.
640 -
وَعَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنهما، فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ، فَقَالَ: كُلُوا، فَتَنَحَّى بَعْضُ القَوْمِ فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ.
فَقَالَ عَمَّارٌ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ؛ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ، وَصَحَّحَهُ -، وَقَدْ أُعِلَّ.
641 -
وَعَنِ العَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَقَالَ أَحْمَدُ: «هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثُ بِهِ» ، قَالَ:«وَالعَلَاءُ ثِقَةٌ؛ لَا يُنْكَرُ مِنْ حَدِيثِهِ إِلَّا هَذَا» .
642 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ أُخْتِهِ الصَّمَّاءِ رضي الله عنهم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبٍ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ؛ فَلْيَمْضُغْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
وَزَعَمَ أَبُو دَاوُدَ: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَقَالَ مَالِكٌ:«هُوَ كَذِبٌ» ؛ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابُ الِاعْتِكَافِ
643 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عز وجل، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
644 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ: صَلَّى الفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ
…
» الحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
645 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: «إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ - وَهُوَ فِي المَسْجِدِ - فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ البَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفاً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
646 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتِ: «السُّنَّةُ عَلَى المُعْتَكِفِ: أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضاً، وَلَا يَشْهَدَ جِنَازَةً، وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا، وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَقَالَ: «غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ لَا يَقُولُ فِيهِ: (قَالَتِ: السُّنَّةُ)؛ جَعَلَهُ قَوْلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها» -.
647 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ عَلَى المُعْتَكِفِ صِيَامٌ؛ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ.
وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَرَفْعُهُ وَهَمٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابٌ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ
648 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي المَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
649 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «اعْتَكَفْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم العَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَخَطَبَنَا وَقَالَ: إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا - أَوْ نُسِّيتُهَا -؛ فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الوِتْرِ.
وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيَرْجِعْ.
فَرَجَعْنَا - وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً -، فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ سَقْفُ المَسْجِدِ - وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ -، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي المَاءِ وَالطِّينِ؛ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
650 -
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةِ القَدْرِ - قَالَ:«لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفاً.
651 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ؛ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ، تُحِبُّ العَفْوَ؛ فَاعْفُ عَنِّي» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ، وَاللَّفْظُ لَهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ» -.
وَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
كِتَابُ الحَجِّ
652 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
653 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ؛ الحَجُّ، وَالعُمْرَةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
654 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ العُمْرَةِ؛ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا، وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ - وَضَعَّفَهُ -، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفاً، وَهُوَ أَصَحُّ.
655 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ لَقِيَ رَكْباً بِالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: مَنِ القَوْمُ؟ قَالُوا: المُسْلِمُونَ.
فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ.
فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيّاً، فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
656 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ.
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخاً كَبِيراً، لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ؛ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ - وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
657 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ؛ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟
قَالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا؛ أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
658 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ الحِنْثَ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى.
وَأَيُّمَا أَعْرَابِيٍّ حَجَّ ثُمَّ هَاجَرَ؛ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى.
وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ أُعْتِقَ؛ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَلَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ شُعْبَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ؛ وَلِذَلِكَ صَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ؛ لَكِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ.
وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ.
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي «المُصَنَّفِ» شِبْهَ المَرْفُوعِ.
659 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَقُولُ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ.
وَلَا تُسَافِرُ المَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ.
فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: انْطَلِقْ، فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
660 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ! قَالَ: مَنْ شُبْرُمَةُ؟ قَالَ: أَخٌ لِي - أَوْ قَرِيبٌ لِي -.
قَالَ: حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَصَحَّحَ البَيْهَقِيُّ إِسْنَادَهُ، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ وَقْفَهُ.
* * *
بَابُ المَوَاقِيتِ
661 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ: ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ: الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ: قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ: يَلَمْلَمَ.
هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ؛ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ.
وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ؛ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
* * *
بَابٌ فِي القِرَانِ وَالإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ
662 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالحَجِّ.
فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، أَوْ جَمَعَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ؛ فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ».
663 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ وَأَهْدَى؛ فَسَاقَ مَعَهُ الهَدْيَ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالحَجِّ.
وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى - فَسَاقَ الهَدْيَ -، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ.
فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى؛ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ.
وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى؛ فَلْيَطُفْ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لْيُهِلَّ بِالحَجِّ وَلْيُهْدِ.
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْياً؛ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ.
فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ، وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَطْوَافٍ.
ثُمَّ رَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالبَيْتِ عِنْدَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ.
فَأَتَى الصَّفَا، فَطَافَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ.
ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ.
وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ.
وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الهَدْيَ مِنَ النَّاسِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
* * *
بَابُ الإِحْرَامِ وَمَا يَحْرُمُ فِيهِ
664 -
عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ رضي الله عنه يَقُولُ: «بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا، مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ - يَعْنِي: ذَا الحُلَيْفَةِ -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ البُخَارِيُّ البَيْدَاءَ.
665 -
وَعَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي وَمَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلَالِ - أَوْ قَالَ: بِالتَّلْبِيَةِ، يُرِيدُ أَحَدَهُمَا -» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
666 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَلْبَسُوا القُمُصَ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا البَرَانِسَ، وَلَا الخِفَافَ - إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ -.
وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئاً مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، وَلَا الوَرْسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «وَلَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ» .
667 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً يَنْضَخُ طِيباً» .
668 -
وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ: «أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنهما: لَيْتَنِي أَرَى نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالجِعِرَّانَةِ، وَعَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ عَلَيْهِ، مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ - فِيهِمْ عُمَرُ -، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ؟
فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاعَةً ثُمَّ سَكَتَ، فَجَاءَهُ الوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ بِيَدِهِ إِلَى يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ: تَعَالَ!
فَجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْمَرُّ الوَجْهِ يَغِطُّ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيْنَ الَّذِي سَأَلَنِي عَنِ العُمْرَةِ آنِفاً؟
فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
669 -
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَنْكِحِ المُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحْ، وَلَا يَخْطُبْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
670 -
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالقَاحَةِ، فَمِنَّا المُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ المُحْرِمِ؛ إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئاً، فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ.
فَأَسْرَجْتُ فَرَسِي وَأَخَذْتُ رُمْحِي، ثُمَّ رَكِبْتُ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي - وَكَانُوا مُحْرِمِينَ -: نَاوِلُونِي السَّوْطَ.
فَقَالُوا: وَاللَّهِ! لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ.
فَنَزَلْتُ فَتَنَاوَلْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ فَأَدْرَكْتُ الحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَأْكُلُوهُ.
وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَامَنَا، فَحَرَّكْتُ فَرَسِي فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: هُوَ حَلَالٌ، فَكُلُوهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ: «هَلْ مَعَكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِي مِنْ لَحْمِهَا».
671 -
وَعَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَاراً وَحْشِيّاً - وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا فِي وَجْهِي قَالَ: إِنَّا لَمْ نَرُدُّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
672 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الغُرَابُ، وَالحِدَأَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالفَأْرَةُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ: «فِي الحِلِّ وَالحَرَمِ» .
وَلِمُسْلِمٍ: «وَالغُرَابُ الأَبْقَعُ» .
673 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: «مَنْ أَتَى هَذَا البَيْتَ» .
674 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
675 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَالمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهم: «أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ.
وَقَالَ المِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ.
فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ القَرْنَيْنِ وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ.
قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟
فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ.
ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ؛ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ.
ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
676 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ رضي الله عنه قَالَ: «جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه فَسَأَلْتُهُ عَنِ الفِدْيَةِ؛ فَقَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً؛ حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي.
فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُرَى الوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى - أَوْ مَا كُنْتُ أُرَى الجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى -، تَجِدُ شَاةً؟ فَقُلْتُ: لَا.
قَالَ: فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
* * *
بَابُ حُرْمَةِ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ
677 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا لَنْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي.
فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ.
وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ.
فَقَالَ العَبَّاسُ: إِلَّا الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِلَّا الإِذْخِرَ.
فَقَامَ أَبُو شَاهٍ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ - فَقَالَ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ.
قَالَ الوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: هَذِهِ الخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم».
678 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا، وَإِنِّي حَرَّمْتُ المَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ
إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَيْ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
679 -
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «المَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ» .
680 -
وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ: «أَنَّ سَعْداً رضي الله عنه رَكِبَ إِلَى قَصْرِهِ بِالعَقِيقِ، فَوَجَدَ عَبْداً يَقْطَعُ شَجَراً - أَوْ يَخْبِطُهُ - فَسَلَبَهُ.
فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدٌ جَاءَهُ أَهْلُ العَبْدِ فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى غُلَامِهِمْ - أَوْ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْ غُلَامِهِمْ -.
فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئاً نَفَّلَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ حَدِيثَ سَعْدٍ، وَزَادَ:«وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُ إِلَيْكُمْ ثَمَنَهُ» .
* * *
بَابُ صِفَةِ الحَجِّ
681 -
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، فَسَأَلَ عَنِ القَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ.
فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِّيَ الأَعْلَى، ثُمَّ نَزَعَ زِرِّيَ الأَسْفَلَ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ - وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ -، فَقَالَ: مَرْحَباً بِكَ يَا ابْنَ أَخِي، سَلْ عَمَّ شِئْتَ.
فَسَأَلْتُهُ - وَهُوَ أَعْمَى -، وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَقَامَ فِي سَاجَةٍ مُلْتَحِفاً بِهَا، كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا، وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى المِشْجَبِ، فَصَلَّى بِنَا، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ بِيَدِهِ؛ فَعَقَدَ تِسْعاً، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي العَاشِرَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجٌّ.
فَقَدِمَ المَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ.
فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أَصْنَعُ؟
قَالَ: اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ، وَأَحْرِمِي.
فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي المَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى البَيْدَاءِ نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ، مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ القُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وَمَا عَمِلَ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ.
فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ! لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ! إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ.
وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي تُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ شَيْئاً مِنْهُ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلْبِيَتَهُ.
قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ العُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا البَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَرَمَلَ ثَلَاثاً وَمَشَى أَرْبَعاً.
ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، فَقَرَأَ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} ، فَجَعَلَ المَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البَيْتِ، فَكَانَ أَبِي يَقُولُ - وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} .
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.
ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إِلَى الصَّفَا؛ فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ
عَلَيْهِ، حَتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
ثُمَّ نَزَلَ إِلَى المَرْوَةِ، حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الوَادِي حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى، حَتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى المَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا.
حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافٍ عَلَى المَرْوَةِ قَالَ: لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ؛ لَمْ أَسُقِ الهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً.
فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟
فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الأُخْرَى، وَقَالَ: دَخَلَتِ العُمْرَةُ فِي الحَجِّ - مَرَّتَيْنِ -، لَا، بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ.
وَقَدِمَ عَلِيٌّ رضي الله عنه مِنَ اليَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَاباً صَبِيغاً وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا.
فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا.
قَالَ: فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحَرِّشاً عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِياً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا.
فَقَالَ: صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الحَجَّ؟
قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ: فَإِنَّ مَعِيَ الهَدْيَ، فَلَا تَحِلَّ.
قَالَ: وَكَانَ جَمَاعَةُ الهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِئَةً.
قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا؛ إِلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ: تَوَجَّهُوا إِلَى مِنىً، فَأَهَلُّوا بِالحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ، وَالعَصْرَ، وَالمَغْرِبَ، وَالعِشَاءَ، وَالفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ.
وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الجَاهِلِيَّةِ.
فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ القُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا.
حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَقَالَ: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا.
أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ.
وَدِمَاءُ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا: دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الحَارِثِ؛ كَانَ مُسْتَرْضَعاً فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ.
وَرِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَأَوَّلُ رِباً أَضَعُ: رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ.
فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ: أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَداً تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ، وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ.
وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ - إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ -: كِتَابَ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟
قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَأَدَّيْتَ، وَنَصَحْتَ.
فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ؛ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُبُهَا إِلَى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ! اللَّهُمَّ اشْهَدْ! - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -.
ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى العَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئاً، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَتَى المَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ القَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ المُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفاً حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلاً، حَتَّى غَابَ القُرْصُ.
وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ
الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ اليُمْنَى: أَيُّهَا النَّاسُ! السَّكِينَةَ، السَّكِينَةَ، كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً مِنَ الحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلاً حَتَّى تَصْعَدَ.
حَتَّى أَتَى المُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ، بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئاً، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَصَلَّى الفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ.
ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَدَعَاهُ، وَكَبَّرَهُ، وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفاً حَتَّى أَسْفَرَ جِدّاً، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ - وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الشَّعَرِ، أَبْيَضَ، وَسِيماً -.
فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الفَضْلِ، فَحَوَّلَ الفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ عَلَى وَجْهِ الفَضْلِ؛ فَصَرَفَ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ.
حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلاً، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ - يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا - حَصَى الخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الوَادِي.
ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثاً وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيّاً رضي الله عنه فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ.
ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا.
ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَفَاضَ إِلَى البَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، فَقَالَ: انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ، فَنَاوَلُوهُ دَلْواً فَشَرِبَ مِنْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
682 -
وَلَهُ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نَحَرْتُ هَاهُنَا وَمِنىً كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» .
683 -
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَتِ المُتْعَةُ فِي الحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
684 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلَاهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا» .
685 -
وَعَنْ نَافِعٍ: «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إِلَّا بَاتَ بِذِي طَوىً حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ نَهَاراً، وَيَذْكُرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَعَلَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
686 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ، وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ.
قَالَ المُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَداً قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمُ الحُمَّى وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً، فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الحِجْرَ.
وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ؛ لِيُرِيَ المُشْرِكِينَ جَلَدَهُمْ.
فَقَالَ المُشْرِكُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ! هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا!
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
687 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
688 -
وَعَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه:«أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الحَجَرِ فَقَبَّلَهُ فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ؛ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
689 -
وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ رضي الله عنه قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالبَيْتِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ، وَيُقَبِّلُ المِحْجَنَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
690 -
وَعَنْ يَعْلَى - وَهُوَ ابْنُ أُمَيَّةَ رضي الله عنهما قَالَ: «طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُضْطَبِعاً بِبُرْدٍ أَخْضَرَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
691 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الجِمَارِ؛ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
692 -
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ: «أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنىً إِلَى عَرَفَةَ -: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا اليَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: كَانَ يُهِلُّ مِنَّا المُهِلُّ فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ المُكَبِّرُ مِنَّا فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ» .
693 -
وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ:«سُئِلَ أُسَامَةُ رضي الله عنه وَأَنَا جَالِسٌ -: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ العَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
694 -
وَعَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتِ: «اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ المُزْدَلِفَةِ تَدْفَعُ قَبْلَهُ، وَقَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَبِطَةً - يَقُولُ القَاسِمُ: وَالثَّبِطَةُ: الثَّقِيلَةُ -.
قَالَتْ: فَأَذِنَ لَهَا، فَخَرَجَتْ قَبْلَ دَفْعِهِ، وَحَبَسَنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا فَدَفَعْنَا بِدَفْعِهِ؛ وَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ، فَأَكُونَ أَدْفَعُ بِإِذْنِهِ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ».
695 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّقَلِ - أَوْ قَالَ: فِي الضَّعَفَةِ - مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
696 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «قَدَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ المُزْدَلِفَةِ - أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ - عَلَى حُمُرَاتٍ لَنَا مِنْ جَمْعٍ، فَجَعَلَ يَلْطَحُ أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ: أُبَيْنِيَّ! لَا تَرْمُوا الجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَفِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ.
697 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتِ الجَمْرَةَ قَبْلَ الفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ، وَكَانَ ذَلِكَ اليَوْمُ اليَوْمَ الَّذِي يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَعْنِي: عِنْدَهَا -» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَرِجَالُهُ رِجَالُ مُسْلِمٍ.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، لَا غُبَارَ عَلَيْهِ» .
698 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِمِيقَاتِهَا؛ إِلَّا صَلَاتَيْنِ: صَلَاةَ المَغْرِبِ، وَالعِشَاءِ بِجَمْعٍ، وَصَلَّى الفَجْرَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ مِيقَاتِهَا» - وَفِي لَفْظٍ: «قَبْلَ وَقْتِهَا بِغَلَسٍ» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
699 -
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ الطَّائِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالمُزْدَلِفَةِ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي جِئْتُ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّئٍ، أَكْلَلْتُ رَاحِلَتِي، وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي، وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ؛ فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ، فَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ؛ وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَاراً؛ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى
تَفَثَهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَصَحَّحَهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ كَافَّةِ أَئِمَّةِ الحَدِيثِ» -.
700 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: «شَهِدْتُ عُمَرَ رضي الله عنه صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: إِنَّ المُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ! وَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ، ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَزَادَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ:«أَشْرِقْ ثَبِيرُ؛ كَيْمَا نُغِيرَ» .
701 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ أُسَامَةَ رضي الله عنه كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ إِلَى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الفَضْلَ مِنَ المُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنىً، قَالَ: فَكِلَاهُمَا قَالَ: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
702 -
وَعَنْ أُمِّ الحُصَيْنِ رضي الله عنها قَالَتْ: «حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالاً؛ وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
703 -
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ: «أَنَّهُ حَجَّ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: فَرَمَى الجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَجَعَلَ البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنىً عَنْ يَمِينِهِ، وَقَالَ: هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
704 -
وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِراً رضي الله عنه يَقُولُ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَقُولُ: لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» .
705 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحىً، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
706 -
وَعَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ.
ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ، فَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، فَيَقُومُ طَوِيلاً وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ.
ثُمَّ يَرْمِي الوُسْطَى، ثُمَّ يَأْخُذُ بِذَاتِ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، ثُمَّ يَدْعُو فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَيَقُومُ طَوِيلاً.
ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ العَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ.
فَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
707 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَالمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ!
قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَالمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: وَالمُقَصِّرِينَ».
708 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ؛ فَقَالَ رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَالَ: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ.
فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ.
فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ؛ إِلَّا قَالَ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
709 -
وَعَنِ المِسْوَرِ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بَذَلِكَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
710 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ العَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنىً مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ؛ فَأَذِنَ لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
711 -
وَرَوَى مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا البَدَّاحِ ابْنَ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ لِرِعَاءِ الإِبِلِ فِي البَيْتُوتَةِ عَنْ مِنىً؛ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْمُونَ الغَدَ، وَمِنْ بَعْدِ الغَدِ لِيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
712 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ
…
» الحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
713 -
وَعَنْ سَرَّاءَ ابْنَةِ نَبْهَانَ رضي الله عنها قَالَتْ: «خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الرُّؤُوسِ فَقَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَلَيْسَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ.
714 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرْمُلْ فِي السَّبْعِ الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
وَقَدْ أُعِلَّ بِالإِرْسَالِ.
715 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ، وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى البَيْتِ فَطَافَ بِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
716 -
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ:«أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهم كَانُوا يَنْزِلُونَ الأَبْطَحَ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ، وَقَالَتْ: إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلاً أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
717 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالبَيْتِ؛ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ المَرْأَةِ الحَائِضِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
718 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ.
وَصَلَاةٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي بِمِئَةِ صَلَاةٍ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ.
* * *
بَابُ الفَوَاتِ، وَالإِحْصَارِ
719 -
عَنْ سَالِمٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: «أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الحَجِّ، طَافَ بِالبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى يَحُجَّ عَاماً قَابِلاً، فَيُهْدِيَ، أَوْ يَصُومَ إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْياً» .
720 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَلَقَ، وَجَامَعَ نِسَاءَهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ، حَتَّى اعْتَمَرَ عَاماً قَابِلاً» رَوَاهُمَا البُخَارِيُّ.
721 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أُرِيدُ الحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: حُجِّي، وَاشْتَرِطِي: أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» - وَفِي رِوَايَةٍ: «وَكَانَتْ تَحْتَ المِقْدَادِ رضي الله عنه» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
722 -
وَعَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:«أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ فِي الحَجِّ، وَيَقُولُ: «أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم؟!» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
723 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حُبِسَ دُونَ البَيْتِ بِمَرَضٍ؛ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالبَيْتِ» رَوَاهُ مَالِكٌ فِي «المُوَطَّأِ» .
724 -
وَعَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ الحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ؛ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ الحَجُّ مِنْ قَابِلٍ.
قَالَ: فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَا: صَدَقَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ الحَجَّاجِ رضي الله عنه؛ وَهُوَ أَصَحُّ؛ قَالَهُ البُخَارِيُّ.
* * *
بَابُ الهَدْيِ وَالأَضَاحِي
725 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى البَيْتِ، وَأَقَامَ بِالمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلّاً» .
726 -
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا؛ لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا فِي المَسَاكِينِ، وَلَا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئاً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
727 -
وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: «سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يُسْأَلُ عَنْ رُكُوبِ الهَدْيِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ارْكَبْهَا بِالمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا؛ حَتَّى تَجِدَ ظَهْراً» .
728 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ ذُؤَيْباً - أَبَا قَبِيصَةَ رضي الله عنه حَدَّثَهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ: إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتاً؛ فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
729 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أَهْدَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً غَنَماً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
730 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ
بِذِي الحُلَيْفَةِ، ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الأَيْمَنِ، وَسَلَتَ الدَّمَ، وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى البَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالحَجِّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ وَزَادَ:«ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ بِيَدِهِ» .
وَفِي لَفْظٍ: «بِإِصْبَعِهِ» .
731 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيْبِيَةِ: البَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
732 -
وَعَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ رضي الله عنه قَالَ: «شَهِدْتُ الأَضْحَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ بِالنَّاسِ نَظَرَ إِلَى غَنَمٍ قَدْ ذُبِحَتْ، فَقَالَ: مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
733 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ بِالمَدِينَةِ؛ فَتَقَدَّمَ رِجَالٌ فَنَحَرُوا، وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَحَرَ.
فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ نَحَرَ قَبْلَهُ أَنْ يُعِيدَ بِنَحْرٍ آخَرَ، وَلَا يَنْحَرُوا حَتَّى يَنْحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم».
734 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً؛ إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
735 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
736 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ؛ فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئاً حَتَّى يُضَحِّيَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفاً.
737 -
وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزٍ قَالَ: «سَأَلْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنه؛ قُلْتُ: حَدِّثْنِي مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَضَاحِي، أَوْ مَا يُكْرَهُ؟ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِهِ - فَقَالَ: أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ: العَوْرَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالعَرْجَاءُ البَيِّنُ ظَلَعُهَا، وَالكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي.
قُلْتُ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي السِّنِّ نَقْصٌ، وَفِي الأُذُنِ نَقْصٌ، وَفِي القَرْنِ نَقْصٌ.
قَالَ: مَا كَرِهْتَ فَدَعْهُ، وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
738 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ؛ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَاللَّفْظُ لَهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ وَقْفَهُ.
* * *
بَابُ العَقِيقَةِ
739 -
عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ، وَيُسَمَّى» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَالنَّسَائِيُّ - وَقَالَ:«لَمْ يَسْمَعِ الحَسَنُ مِنْ سَمُرَةَ إِلَّا حَدِيثَ العَقِيقَةِ» -.
740 -
وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَقَّ عَنِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ كَبْشاً كَبْشاً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ، لَكِنْ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلاً، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ:«وَهُوَ أَصَحُّ» .
741 -
وَعَنْ أُمِّ كُرْزٍ الكَعْبِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «عَنِ الغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ، وَعَنِ الجَارِيَةِ شَاةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
* * *
كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ
742 -
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً - إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أَوْ صَيْدٍ، أَوْ زَرْعٍ -؛ انْتَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَذُكِرَ لِابْنِ عُمَرَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا هُرَيْرَةَ، كَانَ صَاحِبَ زَرْعٍ».
743 -
وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَأَدْرَكْتَهُ حَيّاً فَاذْبَحْهُ، وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ قَدْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَكُلْهُ.
وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلْبِكَ كَلْباً غَيْرَهُ وَقَدْ قَتَلَ فَلَا تَأْكُلْ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا قَتَلَهُ.
وَإِنْ رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ غَابَ عَنْكَ يَوْماً فَلَمْ تَجِدْ فِيهِ إِلَّا أَثَرَ سَهْمِكَ فَكُلْ إِنْ شِئْتَ، وَإِنْ وَجَدْتَهُ غَرِيقاً فِي المَاءِ فَلَا تَأْكُلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
744 -
وَلَهُ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ فَغَابَ عَنْكَ فَأَدْرَكْتَهُ؛ فَكُلْهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ» .
745 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه: «أَنَّ أَعْرَابِيّاً - يُقَالُ لَهُ: أَبُو ثَعْلَبَةَ - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي كِلَاباً مُكَلَّبَةً فَأَفْتِنِي فِي صَيْدِهَا.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنْ كَانَ لَكَ كِلَابٌ مُكَلَّبَةٌ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ.
قَالَ: ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ؟ قَالَ: ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ.
قَالَ: وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ.
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفْتِنِي فِي قَوْسِي، قَالَ: كُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ.
قَالَ: ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ؟ قَالَ: ذَكِيٌّ وَغَيْرُ ذَكِيٍّ.
قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي؟ قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْكَ؛ مَا لَمْ يَصِلَّ أَوْ تَجِدْ فِيهِ أَثَراً غَيْرَ سَهْمِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِلَى عَمْرٍو، وَقَدْ أُعِلَّ.
746 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ قَوْماً قَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ قَوْماً يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ، لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ.
قَالَتْ: وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالكُفْرِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
747 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «أَنَّ قَرِيباً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ خَذَفَ، قَالَ: فَنَهَاهُ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الخَذْفِ، وَقَالَ: إِنَّهَا لَا تَصِيدُ صَيْداً، وَلَا تَنْكَأُ عَدُوّاً، وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ العَيْنَ.
قَالَ: فَعَادَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ ثُمَّ تَخْذِفُ! لَا أُكَلِّمُكَ أَبَداً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
748 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا شَيْئاً فِيهِ الرُّوحُ غَرَضاً» .
749 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَقْتُلَ شَيْئاً مِنَ الدَّوَابِّ صَبْراً» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
750 -
وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا لَاقُو العَدُوِّ غَداً، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدىً، قَالَ: أَعْجِلْ - أَوْ أَرِنْ -، مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ - لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ -، وَسَأُحَدِّثُكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشِ.
قَالَ: وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
قَالَ زَائِدَةُ: «يُرَوْنَ مَا فِي الدُّنْيَا حَدِيثٌ فِي هَذَا البَابِ أَحْسَنُ مِنْهُ» .
751 -
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ امْرَأَةً ذَبَحَتْ شَاةً بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَمَرَ بِأَكْلِهَا» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
752 -
وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ فَإِذَا قَتَلْتُمْ
فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
753 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ذَكَاةُ الجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو حَاتِمٍ ابْنُ حِبَّانَ.
* * *
كِتَابُ الأَطْعِمَةِ
754 -
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ» .
755 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
756 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الخَيْلِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: «وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الخَيْلِ» .
757 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ - عَنْ أَكْلِ الضَّبِّ؛ فَقَالَ: لَا آكُلُهُ، وَلَا أُحَرِّمُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَمْ يَقُلِ البُخَارِيُّ: «عَلَى المِنْبَرِ» .
758 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الجَرَادَ» .
759 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَرَرْنَا فَاسْتَنْفَجْنَا أَرْنَباً بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَوْا عَلَيْهِ فَلَغَبُوا، قَالَ: فَسَعَيْتُ حَتَّى أَدْرَكْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا
أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا، فَبَعَثَ بِوَرِكِهَا وَفَخِذَيْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبِلَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
760 -
وَعَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: «قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: الضَّبُعُ صَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: آكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَصَحَّحَهُ البُخَارِيُّ أَيْضاً.
761 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةِ، وَالنَّحْلَةِ، وَالهُدْهُدِ، وَالصُّرَدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
762 -
وَعَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ الجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلاً.
763 -
وَعَنْ عِيسَى بْنِ نُمَيْلَةَ الفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَسُئِلَ عَنْ أَكْلِ القُنْفُذِ؛ فَتَلَا هَذِهِ الآيَةَ:{قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: خَبِيثَةٌ مِنَ الخَبَائِثِ.
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ؛ فَهُوَ كَمَا قَالَ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «لَمْ يُرْوَ إِلَّا بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ» .
* * *
كِتَابُ النَّذْرِ
764 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّذْرِ وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ؛ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
765 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
766 -
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ اليَمِينِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
767 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ نَذَرَ نَذْراً لَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وَمَنْ نَذَرَ نَذْراً فِي مَعْصِيَةٍ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وَمَنْ نَذَرَ نَذْراً لَا يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَذَكَرَ أَنَّ وَكِيعاً وَغَيْرَهُ رَوَوْهُ مَوْقُوفاً، وَهُوَ أَصَحُّ؛ قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ.
768 -
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ حَافِيَةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فَقَالَ: لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَمْ يَقُلِ البُخَارِيُّ: «حَافِيَةً» .
وَفِي لَفْظٍ: «أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، فَسَأَلَ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئاً؛ مُرْهَا فَلْتَخْتَمِرْ، وَلْتَرْكَبْ، وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
769 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: «اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رضي الله عنه رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَاقْضِهِ عَنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
770 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ؛ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فِي الشَّمْسِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
771 -
وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رضي الله عنه قَالَ: «نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْحَرَ إِبِلاً بِبُوَانَةَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟ قَالَ: لَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَوْفِ بِنَذْرِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالطَّبَرَانِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ.
772 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَوْمَ الفَتْحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي نَذَرْتُ - إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ - أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، فَقَالَ: صَلِّ هَاهُنَا.
فَسَأَلَهُ؛ فَقَالَ: صَلِّ هَاهُنَا.
فَسَأَلَهُ؛ فَقَالَ: شَأْنَكَ إِذَنْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
773 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
* * *
كِتَابُ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ
774 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ؛ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَذَكَرَ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ:«فَنُرَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .
775 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَأَنْفُسِكُمْ، وَأَلْسِنَتِكُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالدَّارِمِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ عَلَى رَسْمِ مُسْلِمٍ.
776 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْذِنُهُ فِي الجِهَادِ، فَقَالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ!» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
777 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلاً هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اليَمَنِ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَحَدٌ بِاليَمَنِ؟
قَالَ: أَبَوَايَ، فَقَالَ: أَذِنَا لَكَ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَاسْتَأْذِنْهُمَا، فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ؛ وَإِلَّا فَبَرَّهُمَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ دَرَّاجٍ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَوْثِيقِهِ.
778 -
وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمَ، فَاعْتَصَمَ نَاسٌ مِنْهُمْ بِالسُّجُودِ، فَأَسْرَعَ فِيهِمُ القَتْلَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ لَهُمْ بِنِصْفِ العَقْلِ، وَقَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ المُشْرِكِينَ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلِمَ؟
قَالَ: لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ أَيْضاً مُرْسَلاً، وَهُوَ أَصَحُّ؛ قَالَهُ البُخَارِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
779 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«القَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الدَّيْنَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: «الشَّهَادَةُ تُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الدَّيْنَ، وَالغَرَقُ يُكَفِّرُ ذَلِكَ كُلَّهُ» ، وَفِي رُوَاتِهِ مَنْ يُجْهَلُ حَالُهُ.
780 -
وَعَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْداً، فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا، وَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ؛ فَنَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
781 -
وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: «كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الدُّعَاءِ قَبْلَ القِتَالِ.
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الإِسْلَامِ، قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَنِي المُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ، وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى المَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَى سَبْيَهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الحَارِثِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي هَذَا الحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، وَكَانَ فِي ذَاكَ الجَيْشِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
782 -
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيراً عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ خَيْراً، ثُمَّ قَالَ: اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ.
اغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيداً.
وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ المُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ - أَوْ خِلَالٍ -؛ فَأَيَّتَهُنَّ مَا أَجَابُوكَ، فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ.
ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ المُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى المُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ المُسْلِمِينَ، يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الغَنِيمَةِ وَالفَيْءِ شَيْءٌ؛ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ المُسْلِمِينَ.
فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ، فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ.
فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ.
وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ؛ فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ، وَلَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ، فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ.
وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ؛ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا؟
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ -: هَذَا أَوْ نَحْوَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
783 -
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا» .
784 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الحَرْبُ خَدْعَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
785 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، يَنْتَظِرُ حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ.
ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
786 -
وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُونَ الصَّوْتَ عِنْدَ القِتَالِ» .
وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ ذَلِكَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
787 -
وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ: «أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه اسْتَعْمَلَ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ رضي الله عنه قَالَ - يَعْنِي: النُّعْمَانَ -: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَكَانَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ القِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَعِنْدَهُ: عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ: «أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ رضي الله عنه قَالَ: شَهِدْتُ
…
»، فَذَكَرَهُ -، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
788 -
وَعَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنه قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّارِ مِنَ المُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ، فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ.
فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ ابْنُ حِبَّانَ: «ثُمَّ نَهَى عَنْ قَتْلِهِمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ» .
789 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ
مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ، فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ، وَأُصِيبَ مَعَكَ.
قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ.
قَالَتْ: ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، قَالَ: لَا.
قَالَ: فَارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ.
قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالبَيْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَانْطَلِقْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
790 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
791 -
وَعَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْتُلُوا شُيُوخَ المُشْرِكِينَ، وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَالشَّرْخُ: الشَّبَابُ.
792 -
وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: «تَقَدَّمَ - يَعْنِي: عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ - وَتَبِعَهُ ابْنُهُ وَأَخُوهُ، فَنَادَى: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَانْتَدَبَ لَهُ شَبَابٌ مِنَ الأَنْصَارِ.
فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكُمْ؛ إِنَّمَا أَرَدْنَا بَنِي عَمِّنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قُمْ يَا حَمْزَةُ، قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الحَارِثِ.
فَأَقْبَلَ حَمْزَةُ إِلَى عُتْبَةَ، وَأَقْبَلْتُ إِلَى شَيْبَةَ، وَاخْتُلِفَ بَيْنَ عُبَيْدَةَ وَالوَلِيدِ ضَرْبَتَانِ، فَأَثْخَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ.
ثُمَّ مِلْنَا عَلَى الوَلِيدِ فَقَتَلْنَاهُ، وَاحْتَمَلْنَا عُبَيْدَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَحَارِثَةُ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ حَدِيثَهُ.
لَكِنِ الَّذِي فِي «مَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ» : «أَنَّ عَلِيّاً رضي الله عنه قَتَلَ الوَلِيدَ، وَحَمْزَةَ رضي الله عنه قَتَلَ شَيْبَةَ، وَأَنَّ عُبَيْدَةَ رضي الله عنه بَارَزَ عُتْبَةَ» ؛ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
793 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ رضي الله عنهما أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «مِنَ الغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عز وجل، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ؛ فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ عز وجل: فَالغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الَّتِي يُبْغِضُهَا: فَالغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ.
وَإِنَّ مِنَ الخُيَلَاءِ مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يُحِبُّ اللَّهُ.
فَأَمَّا الخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ: فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَاخْتِيَالُهُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ.
وَأَمَّا الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ عز وجل: فَاخْتِيَالُهُ فِي البَغْيِ، وَالفَخْرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
794 -
وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ أَبُو عِمْرَانَ - مَوْلىً لِكِنْدَةَ - قَالَ: «كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ، فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفّاً عَظِيماً مِنَ الرُّومِ، وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِثْلُهُ أَوْ أَكْثَرُ، وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ رضي الله عنه صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ، فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ، وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ! يُلْقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ.
فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّكُمْ تَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا مَعَاشِرَ الأَنْصَارِ.
إِنَّا لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلَامَ وَكَثَّرَ نَاصِرِيهِ؛ قُلْنَا - بَعْضُنَا لِبَعْضٍ، سِرّاً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَعَزَّ الإِسْلَامَ، وَكَثَّرَ نَاصِرِيهِ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا، فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} ، فَكَانَتِ التَّهْلُكَةُ الإِقَامَةَ فِي أَمْوَالِنَا وَإِصْلَاحَهَا، وَتَرْكَنَا الغَزْوَ.
قَالَ: وَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوبَ شَاخِصاً فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِأَرْضِ الرُّومِ» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ.
795 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَحَرَّقَ، وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانٌ رضي الله عنه:
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ
…
حَرِيقٌ بِالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} الآيَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
796 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْثٍ، فَقَالَ لَنَا: إِنْ لَقِيتُمْ فُلَاناً وَفُلَاناً - لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا -؛ فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ.
قَالَ: ثُمَّ أَتَيْنَاهُ نُوَدِّعُهُ حِينَ أَرَدْنَا الخُرُوجَ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحَرِّقُوا فُلَاناً وَفُلَاناً بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ؛ فَإِنْ أَخَذْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
797 -
وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلاً مِنَ العَدُوِّ، فَأَرَادَ سَلَبَهُ، فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ - وَكَانَ وَالِياً عَلَيْهِمْ -.
فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لِخَالِدٍ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟
قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ادْفَعْهُ إِلَيْهِ.
فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوْفٍ فَجَرَّ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟
فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتُغْضِبَ، فَقَالَ: لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي؟
إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ إِبِلاً أَوْ غَنَماً، فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا، فَأَوْرَدَهَا حَوْضاً، فَشَرَعَتْ فِيهِ فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ، وَتَرَكَتْ كَدَرَهُ، فَصَفْوُهُ لَكُمْ، وَكَدَرُهُ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
798 -
وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَخَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ رضي الله عنهما:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ، وَلَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَاللَّفْظُ لَهُ -.
وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
799 -
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بِغُلَامَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا.
فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا، فَقَالَ: يَا عَمِّ! هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟
قُلْتُ: نَعَمْ، مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟
قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ!
فَغَمَزَنِي الآخَرُ، فَقَالَ لِي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ، قُلْتُ: أَلَا إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي، فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَاهُ.
فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ.
فَقَالَ: هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ قَالَا: لَا.
فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ فَقَالَ: كِلَاكُمَا قَتَلَهُ، سَلَبُهُ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ، وَكَانَا: مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ، وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ».
800 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ؟ فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَقَالَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ؟
قَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ - أَوْ قَالَ: قَتَلْتُمُوهُ -؟» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
801 -
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: لَوْ كَانَ المُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيّاً، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى؛ لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
802 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً - وَأَنَا فِيهِمْ - قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلاً كَثِيرَةً، فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيراً - أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيراً -، وَنُفِّلُوا بَعِيراً بَعِيراً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
803 -
وَعَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ: «كَتَبَ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الحَرُورِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، يَسْأَلُهُ عَنِ العَبْدِ وَالمَرْأَةِ يَحْضُرَانِ المَغْنَمَ؛ هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا؟
وَعَنْ قَتْلِ الوِلْدَانِ، وَعَنِ اليَتِيمِ؛ مَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهُ اليُتْمُ؟
وَعَنْ ذَوِي القُرْبَى؛ مَنْ هُمْ؟
فَقَالَ لِيَزِيدَ: اكْتُبْ إِلَيْهِ - فَلَوْلَا أَنْ يَقَعَ فِي أُحْمُوقَةٍ مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ -؛ اكْتُبْ: إِنَّكَ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ المَرْأَةِ وَالعَبْدِ يَحْضُرَانِ المَغْنَمَ؛ هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا شَيْءٌ؟
وَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُحْذَيَا.
وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ قَتْلِ الوِلْدَانِ.
وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْتُلْهُمْ، وَأَنْتَ فَلَا تَقْتُلْهُمْ - إِلَّا أَنْ تَعْلَمَ مِنْهُمْ مَا عَلِمَ صَاحِبُ مُوسَى مِنَ الغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ -.
وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ اليَتِيمِ؛ مَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهُ اسْمُ اليُتْمِ؟ وَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ اسْمُ اليُتْمِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدٌ.
وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ ذَوِي القُرْبَى؛ مَنْ هُمْ؟ وَإِنَّا زَعَمْنَا أَنَّا هُمْ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
804 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ رَوْحَةٌ؛ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» .
805 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ؛ فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
806 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى بَنِي لِحْيَانَ: لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ.
ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ: أَيُّكُمْ خَلَفَ الخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ؛ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الخَارِجِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
807 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً؛ أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا؛ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
808 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ - فَتْحِ مَكَّةَ -: «لَا هِجْرَةَ؛ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
809 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رضي الله عنه رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ حِسْلٍ -: «أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالُوا لَهُ: احْفَظْ رِحَالَنَا ثُمَّ تَدْخُلُ - وَكَانَ أَصْغَرَ القَوْمِ -، فَقَضَى لَهُمْ حَاجَتَهُمْ.
ثُمَّ قَالُوا لَهُ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ، فَقَالَ: حَاجَتَكَ؟
قَالَ: حَاجَتِي: تُحَدِّثُنِي: أَنْقَضَتِ الهِجْرَةُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: حَاجَتُكَ خَيْرٌ مِنْ حَوَائِجِهِمْ، لَا تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ العَدُوُّ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ.
810 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فُكُّوا العَانِيَ - أَيِ: الأَسِيرَ -، وَأَطْعِمُوا الجِائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
811 -
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالمِقْدَادَ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ؛ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا.
فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ.
قُلْنَا: أَخْرِجِي الكِتَابَ، قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ.
فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ.
قَالَ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا حَاطِبُ! مَا هَذَا؟!
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ؛ إِنِّي كُنْتُ امْرَءاً مُلْصَقاً فِي قُرَيْشٍ - يَقُولُ: كُنْتُ حَلِيفاً وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا -، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ - يَعْنِي: أَهَالِيَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ -، فَأَحْبَبْتُ -
إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ - أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَداً يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَاداً عَنْ دِينِي، وَلَا رِضاً بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلَامِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ.
فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ!
فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْراً، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْراً، قَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل السُّورَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
812 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ: لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْماً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
وَفِي لَفْظٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ - سَهْماً لَهُ، وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ -» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
813 -
وَعَنْ أَبِي الجُوَيْرِيَةِ الجَرْمِيِّ قَالَ: «أَصَبْتُ بِأَرْضِ الرُّومِ جَرَّةً حَمْرَاءَ فِيهَا دَنَانِيرُ، فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه، وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ؛ يُقَالُ لَهُ: مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ رضي الله عنهما، فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَسَمَهَا بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَأَعْطَانِي مِنْهَا مِثْلَ مَا أَعْطَى رَجُلاً مِنْهُمْ.
ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا نَفَلَ إِلَّا بَعْدَ الخُمُسِ؛ لَأَعْطَيْتُكَ، ثُمَّ أَخَذَ يَعْرِضُ عَلَيَّ مِنْ نَصِيبِهِ فَأَبَيْتُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
814 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً، سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الجَيْشِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ مُسْلِمٌ: «وَالخُمُسُ فِي ذَلِكَ وَاجِبٌ كُلِّهِ» .
815 -
وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: «شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ الرُّبُعَ فِي البَدْأَةِ، وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ القَطَّانِ.
816 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا العَسَلَ وَالعِنَبَ، فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ» .
817 -
وَعَنْ نَافِعٍ: «أَنَّ عَبْداً لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَبَقَ، فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ رضي الله عنه، فَرَدَّهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ فَرَساً لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَارَ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ، فَرَدُّوهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ» رَوَاهُمَا البُخَارِيُّ.
818 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَأُخْرِجَنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ، حَتَّى لَا أَدَعَ إِلَّا مُسْلِماً» .
819 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا قَرْيَةٍ أَتَيْتُمُوهَا فَأَقَمْتُمْ فِيهَا؛ فَسَهْمُكُمْ فِيهَا، وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ فَإِنَّ خُمُسَهَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
820 -
وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ -، فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَمَا بَقِيَ يَجْعَلُهُ فِي الكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ؛ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
821 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّاناً - لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ -؛ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
822 -
وَعَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، فَأَصَبْنَا فِيهَا غَنَماً، فَقَسَمَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَائِفَةً، وَجَعَلَ بَقِيَّتَهَا فِي المَغْنَمِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ؛ قَالَهُ ابْنُ القَطَّانِ.
823 -
وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَتْنِي قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَعَ فِي قَلْبِيَ الإِسْلَامُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: إِنِّي لَا أَخِيسُ بِالعَهْدِ، وَلَا أَحْبِسُ البُرُدَ، ارْجِعْ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِكَ الَّذِي فِيهِ الآنَ فَارْجِعْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
824 -
وَعَنْ عُبَادَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمْ فِي
غَزْوِهِمْ إِلَى بَعِيرٍ مِنَ المَقْسَمِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَنَاوَلَ وَبَرَةً بَيْنَ أَنْمَلَتَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ مِنْ غَنَائِمِكُمْ، وَإِنَّهُ لَيْسَ لِي فِيهَا إِلَّا نَصِيبِي مَعَكُمْ؛ إِلَّا الخُمُسَ، وَالخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ، فَأَدُّوا الخَيْطَ، وَالمِخْيَطَ، وَأَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ وَأَصْغَرَ.
وَلَا تَغُلُّوا؛ فَإِنَّ الغُلُولَ نَارٌ وَعَارٌ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ - وَفِيهِ ضَعْفٌ -.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ نَحْوَهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
بَابُ الجِزْيَةِ وَالمُهَادَنَةِ
825 -
عَنْ بَجَالَةَ قَالَ: «كُنْتُ كَاتِباً لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ - عَمِّ الأَحْنَفِ - فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ المَجُوسِ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنَ المَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
826 -
وَرَوَى مَالِكٌ فِي «المُوَطَّأِ» : عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه ذَكَرَ المَجُوسَ فَقَالَ: مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ!
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ».
وَفِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ، وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ مُتَّصِلاً مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
827 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ قُرَيْشاً صَالَحُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو -، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: اكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا بِاسْمِ اللَّهِ: فَمَا نَدْرِي مَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؟ وَلَكِنِ اكْتُبْ مَا نَعْرِفُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ.
فَقَالَ: اكْتُبْ: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ.
قَالَ: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَاتَّبَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبِ: اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اكْتُبْ: مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
فَاشْتَرَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ لَمْ نَرُدُّهُ عَلَيْكُمْ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَكْتُبُ هَذَا؟
قَالَ: نَعَمْ؛ إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ فَرَجاً وَمَخْرَجاً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
828 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَاماً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
* * *
كِتَابُ البُيُوعِ
829 -
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ - عَامَ الفَتْحِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ -: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، وَالمَيْتَةِ، وَالخِنْزِيرِ، وَالأَصْنَامِ.
فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ؛ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟
فَقَالَ: لَا، هُوَ حَرَامٌ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ، إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا؛ جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ».
830 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا، فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ، قَالَ: فَلَحِقَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا لِي، وَضَرَبَهُ، فَسَارَ سَيْراً لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ، قَالَ: بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ، قُلْتُ: لَا.
ثُمَّ قَالَ: بِعْنِيهِ، فَبِعْتُهُ بِوَقِيَّةٍ، وَاشْتَرَطْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي، فَلَمَّا بَلَغْتُ أَتَيْتُهُ بِالجَمَلِ، فَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ.
ثُمَّ رَجَعْتُ فَأَرْسَلَ فِي إِثْرِي، فَقَالَ: أَتُرَانِي مَاكَسْتُكَ لِآخُذَ جَمَلَكَ؟! خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ؛ فَهُوَ لَكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
831 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْداً لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ، فَبَاعَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
832 -
وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
833 -
وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: «سَأَلْتُ جَابِراً رضي الله عنه عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ، فَقَالَ: زَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
834 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ وَالكَلْبِ؛ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ - وَقَالَ: «لَيْسَ هُوَ بِصَحِيحٍ» -.
835 -
وَعَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ فِيهِ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا؛ فَقَالَ: أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَكُلُوهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ:«فِي سَمْنٍ جَامِدٍ» ، وَفِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ نَظَرٌ.
836 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وَقَعَتِ الفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ؛ فَإِنْ كَانَ جَامِداً فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعاً فَلَا تَقْرَبُوهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «هُوَ خَطَأٌ» ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:«هُوَ حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ» ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ:«هُوَ وَهَمٌ» .
837 -
وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ
جَابِراً رضي الله عنه يَقُولُ: «كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَنَا - أُمَّهَاتِ الأَوْلَادِ - وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ، لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْساً» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
838 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى عُمَرُ عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الأَوْلَادِ؛ فَقَالَ: لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُورَثُ، يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا بَدَا لَهُ، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ مَالِكٌ فِي «المُوَطَّأِ» ، وَالبَيْهَقِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«وَغَلِطَ فِيهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ فَرَفَعَهُ، وَهُوَ وَهَمٌ لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ» -.
839 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ؛ فَأَعِينِينِي.
فَقُلْتُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي؛ فَعَلْتُ.
فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَقَالَتْ لَهُمْ؛ فَأَبَوْا عَلَيْهَا.
فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ - وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ -، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الوَلَاءُ لَهُمْ.
فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: خُذِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ.
ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ؛ مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟! مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ - وَإِنْ كَانَ مِئَةَ شَرْطٍ -،
قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ البُخَارِيِّ.
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: «فَقَالَ: اشْتَرِيهَا، وَأَعْتِقِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلَاءَ» .
840 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ فَضْلِ المَاءِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الجَمَلِ، وَعَنْ بَيْعِ المَاءِ» .
841 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَسْبِ الفَحْلِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
842 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ، وَكَانَ بَيْعاً يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ - كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
843 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الوَلَاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
844 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الغَرَرِ» .
845 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اشْتَرَى طَعَاماً؛ فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
846 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَلِأَبِي دَاوُدَ: «مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ؛ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا، أَوِ الرِّبَا» .
847 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ» -.
848 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «ابْتَعْتُ زَيْتاً فِي السُّوقِ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبْتُهُ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحاً حَسَناً، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ.
فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتَهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ.
849 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ أَبِيعُ الإِبِلَ بِالبَقِيعِ؛ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ.
فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! رُوَيْدَكَ أَسْأَلُكَ؛ إِنِّي أَبِيعُ الإِبِلَ بِالبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ؛ آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعاً إِلَّا مِنْ حَدِيثِ سِمَاكٍ، وَرَوَى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ هَذَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما مَوْقُوفاً» .
850 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ المُحَاقَلَةِ، وَالمُزَابَنَةِ، وَالمُخَابَرَةِ، وَعَنِ الثُّنْيَا إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
851 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المُحَاقَلَةِ، وَالمُخَاضَرَةِ، وَالمُلَامَسَةِ، وَالمُنَابَذَةِ، وَالمُزَابَنَةِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
852 -
وَعَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ.
قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: مَا قَوْلُهُ: لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟
قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَاراً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
853 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَلَقَّوُا الجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّى فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالخِيَارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
854 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَلِمُسْلِمٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَسُمِ المُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ المُسْلِمِ» .
855 -
وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا؛ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
وَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يُخَرَّجْ لَهُ فِي الصَّحِيحِ شَيْءٌ، بَلْ تَكَلَّمَ فِيهِ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعٍ.
856 -
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَبِيعَ غُلَامَيْنِ أَخَوَيْنِ، فَبِعْتُهُمَا، فَفَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ: أَدْرِكْهُمَا، فَارْتَجِعْهُمَا، وَلَا تَبِعْهُمَا إِلَّا جَمِيعاً» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنِ الحَكَمِ؛ عَنْهُ.
وَرِجَالُهُ مُخَرَّجٌ لَهُمْ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» ، لَكِنْ سَعِيدٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الحَكَمِ شَيْئاً؛ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَشُعْبَةَ عَنِ الحَكَمِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
857 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «غَلَا السِّعْرُ بِالمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! غَلَا السِّعْرُ، فَسَعِّرْ لَنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ هُوَ المُسَعِّرُ، القَابِضُ، البَاسِطُ، الرَّزَّاقُ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
858 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
859 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ؛ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا: إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ هَكَذَا.
وَلِمُسْلِمٍ: «مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعاً مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ» .
قَالَ البُخَارِيُّ: «وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ» .
860 -
وَرَوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً، فَرَدَّهَا؛ فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعاً» .
وَرَوَاهُ البَرْقَانِيُّ، وَزَادَ:«مِنْ تَمْرٍ» .
861 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟!
قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟! مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
862 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَصَحَّحَهُ أَبُو الحَسَنِ ابْنُ القَطَّانِ.
* * *
بَابُ الخِيَارِ فِي البَيْعِ
863 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ؛ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعاً، أَوْ يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الآخَرَ.
فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ؛ فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ.
وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا البَيْعَ؛ فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
864 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«البَائِعُ وَالمُبْتَاعُ بِالخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا؛ إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَفْقَةُ خِيَارٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ: «حَتَّى يَتَفَرَّقَا مِنْ مَكَانِهِمَا» .
* * *
بَابُ الرِّبَا
865 -
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ؛ وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
866 -
وَعَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَاباً» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ.
وَرَوَاهُ الحَاكِمُ - وَقَالَ: «عَلَى شَرْطِهِمَا» -، وَزَادَ:«أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ، وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ المُسْلِمِ» .
867 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ.
وَلَا تَبِيعُوا الوَرِقَ بِالوَرِقِ إِلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِباً بِنَاجِزٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
868 -
وَعَنْ أَبِي الأَشْعَثِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالبُرُّ بِالبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالمِلْحُ بِالمِلْحِ؛ مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَداً بِيَدٍ.
فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ؛ إِذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
869 -
وَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ؛ وَزْناً بِوَزْنٍ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ؛ وَزْناً بِوَزْنٍ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِباً» .
870 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟
فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَفْعَلْ؛ بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيباً.
وَقَالَ فِي المِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ».
وَلِمُسْلِمٍ: «وَكَذَلِكَ المِيزَانُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
871 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ مَكِيلَتُهَا، بِالكَيْلِ المُسَمَّى مِنَ التَّمْرِ» .
872 -
وَعَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: «أَنَّهُ أَرْسَلَ غُلَامَهُ بِصَاعِ قَمْحٍ، فَقَالَ: بِعْهُ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعِيراً، فَذَهَبَ الغُلَامُ فَأَخَذَ صَاعاً وَزِيَادَةَ بَعْضِ صَاعٍ.
فَلَمَّا جَاءَ مَعْمَراً أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ؛ فَقَالَ لَهُ مَعْمَرٌ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟! انْطَلِقْ فَرُدَّهُ، وَلَا تَأْخُذَنَّ إِلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَإِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ؛ مِثْلاً بِمِثْلٍ - وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ -.
قِيلَ لَهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِهِ! قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَارِعَ».
873 -
وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: «اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَاراً؛ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصَّلْتُهَا فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَاراً.
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ» رَوَاهَا مُسْلِمٌ.
874 -
وَعَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الحَيَوَانِ بِالحَيَوَانِ نَسِيئَةً» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنهم.
875 -
وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ البَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الجِهَادَ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلّاً لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ نَحْوَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
876 -
وَعَنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ بِشَفَاعَةٍ، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا، فَقَبِلَهَا؛ فَقَدْ أَتَى بَاباً عَظِيماً مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَالقَاسِمُ: مُخْتَلَفٌ فِي تَوْثِيقِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ يُصَحِّحُ حَدِيثَهُ.
* * *
بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِاليَابِسِ وَالرُّخْصَةِ فِي العَرَايَا
877 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المُزَابَنَةِ؛ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلاً بِتَمْرٍ كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ كَرْماً أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ زَرْعاً أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ؛ نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
878 -
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ اشْتِرَاءِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ.
فَقَالَ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ قَالُوا: نَعَمْ؛ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَصَحَّحَهُ ابْنُ المَدِينِيِّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالحَاكِمُ.
879 -
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي العَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلاً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: «رَخَّصَ فِي العَرِيَّةِ يَأْخُذُهَا أَهْلُ البَيْتِ بِخَرْصِهَا تَمْراً، يَأْكُلُونَهَا رُطَباً» .
880 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي بَيْعِ العَرَايَا - بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ فِي خَمْسَةٍ -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
* * *
بَابُ بَيْعِ الأُصُولِ وَالثِّمَارِ
881 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا؛ نَهَى البَائِعَ، وَالمُبْتَاعَ» .
882 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنِ ابْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا؛ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ.
وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْداً، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ؛ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
883 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ العِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ، وَعَنْ بَيْعِ الحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ، وَقَالَ:«لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعاً إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ» -، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
884 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَراً فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ؛ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئاً؛ بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟!» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
* * *
بَابُ السَّلَمِ وَالقَرْضِ وَالرَّهْنِ
885 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَقَالَ: مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ؛ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ» .
886 -
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ، قَالَ: «أَرْسَلَنِي أَبُو بُرْدَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهم، فَسَأَلْتُهُمَا عَنِ السَّلَفِ.
فَقَالَا: كُنَّا نُصِيبُ المَغَانِمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّامِ، فَنُسْلِفُهُمْ فِي الحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالزَّبِيبِ، إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً.
قَالَ: قُلْتُ: أَكَانَ لَهُمْ زَرْعٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَا: مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ».
887 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا؛ أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا؛ أَتْلَفَهُ اللَّهُ» .
888 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: «أَتَيْتُ المَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَلَا تَجِيءُ فَأُطْعِمَكَ سَوِيقاً وَتَمْراً؟
ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا فِيهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ، أَوْ حِمْلَ قَتٍّ؛ فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِباً» رَوَاهَا البُخَارِيُّ.
889 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَاماً إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعاً لَهُ مِنْ حَدِيدٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
890 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُوناً، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُوناً، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
891 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ - وَقَالَ: «إِسْنَادٌ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ» -، وَالحَاكِمُ.
وَصَحَّحَ اتِّصَالَهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ وَغَيْرُهُ.
وَالمَحْفُوظُ: إِرْسَالُهُ، كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ.
* * *
بَابُ الحَوَالَةِ وَالضَّمَانِ
892 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
893 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنَّا، فَغَسَّلْنَاهُ، وَحَنَّطْنَاهُ، وَكَفَّنَّاهُ، ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: تُصَلِّي عَلَيْهِ؟
فَخَطَا خُطىً ثُمَّ قَالَ: أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قُلْنَا: دِينَارَانِ؛ فَانْصَرَفَ.
فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ، فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: الدِّينَارَانِ عَلَيَّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ أَوْفَى اللَّهُ حَقَّ الغَرِيمِ، وَبَرِئَ مِنْهُمَا المَيِّتُ، قَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ: مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟
قَالَ: إِنَّمَا مَاتَ أَمْسِ، قَالَ: فَعَادَ إِلَيْهِ مِنَ الغَدِ، فَقَالَ: قَدْ قَضَيْتُهُمَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الآنَ بَرَّدْتَ عَلَيْهِ جِلْدَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِابْنِ عَقِيلٍ، وَرَوَاهُ الحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
* * *
بَابُ الصُّلْحِ
894 -
عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ المُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ؛ إِلَّا صُلْحاً حَرَّمَ حَلَالاً، أَوْ أَحَلَّ حَرَاماً، وَالمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ؛ إِلَّا شَرْطاً حَرَّمَ حَلَالاً، أَوْ أَحَلَّ حَرَاماً» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَى تَصْحِيحِهِ؛ فَإِنَّ كَثِيراً تَكَلَّمَ فِيهِ الأَئِمَّةُ وَضَعَّفُوهُ، وَضَرَبَ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى حَدِيثِهِ فِي «المُسْنَدِ» ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا الحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ.
895 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ.
ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ؟! وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
* * *
كِتَابُ الحَجْرِ
896 -
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِغُرَمَائِهِ: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
897 -
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ مَالَهُ، وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
وَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ مُرْسَلٌ، كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ.
898 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ -: «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ - أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ -؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
899 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعاً فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئاً، فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.
وَإِنْ مَاتَ المُشْتَرِي؛ فَصَاحِبُ المَتَاعِ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ» رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُدَ هَكَذَا مُرْسَلاً.
وَقَدْ أُسْنِدَ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ قَوِيٍّ.
900 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ قَالَ: «أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ أَفْلَسَ، فَقَالَ: لَأَقْضِيَنَّ فِيكُمْ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ مَنْ أَفْلَسَ، أَوْ مَاتَ، فَوَجَدَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ المُنْذِرِ، وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ.
901 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ البَيْهَقِيُّ، وَالخَطِيبُ:«فَلَمْ يُجِزْنِي وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ» .
902 -
وَعَنْ عَطِيَّةَ القُرَظِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «عُرِضْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ، فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ، فَخُلِّيَ سَبِيلِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
903 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ؛ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» - وَفِي لَفْظٍ: «لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَمْرٌ فِي مَالِهَا، إِذَا مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا» - رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَاللَّفْظُ لَهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ» -.
* * *
بَابُ الوَكَالَةِ، وَالشَّرِكَةِ
904 -
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «أَرَدْتُ الخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي مَسْجِدِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ الخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَأَحْبَبْتُ التَّسْلِيمَ عَلَيْكَ - بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي -؛ يَكُونُ ذَلِكَ آخِرَ مَا أَصْنَعُ بِالمَدِينَةِ.
فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي بِخَيْبَرَ؛ فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقاً.
قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ: خُذْ مِنْهُ ثَلَاثِينَ وَسْقاً، وَاللَّهِ! مَا لِآلِ مُحَمَّدٍ بِخَيْبَرَ تَمْرَةٌ غَيْرُهَا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَكَ عَلَى تَرْقُوَتِهِ.
فَقَدِمْتُ خَيْبَرَ، فَقُلْتُ لِوَكِيلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَمَرَنِي بِهِ، فَابْتَغَى مِنِّي آيَةً فَأَنْبَأْتُهُ بِهَا، فَقَرَّبَهَا إِلَيَّ، فَقَالَ: وَاللَّهِ! مَا لِآلِ مُحَمَّدٍ بِخَيْبَرَ تَمْرَةٌ غَيْرُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَهُوَ أَتَمُّ -.
905 -
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ شَبِيبٍ أَنَّهُ سَمِعَ الحَيَّ يُخْبِرُونَ عَنْ عُرْوَةَ البَارِقِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مَعَهُ بِدِينَارٍ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً - وَقَالَ مَرَّةً: أَوْ شَاةً -.
فَاشْتَرَى لَهُ اثْنَتَيْنِ، فَبَاعَ وَاحِدَةً بِدِينَارٍ، وَأَتَاهُ بِالأُخْرَى.
فَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ؛ فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي ضِمْنِ حَدِيثٍ لِعُرْوَةَ البَارِقِيِّ رضي الله عنه مُتَّصِلٍ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ حَسَنٍ مُتَّصِلٍ عَنْ عُرْوَةَ رضي الله عنه.
906 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ عز وجل: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَا خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالحَاكِمُ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ مُنْكَرٌ.
* * *
بَابُ المُسَاقَاةِ، وَالإِجَارَةِ
907 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ، أَوْ زَرْعٍ» .
908 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَجْلَى اليَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الحِجَازِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ اليَهُودِ مِنْهَا.
وَكَانَتِ الأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَأَرَادَ إِخْرَاجَ اليَهُودِ مِنْهَا، فَسَأَلَتِ اليَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقِرَّهُمْ بِهَا، عَلَى أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ.
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا، فَقَرُّوا بِهَا، حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى تَيْمَاءَ، وَأَرِيحَاءَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ دَفَعَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا، عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَطْرُ ثَمَرِهَا» .
909 -
وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: «سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ رضي الله عنه عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالوَرِقِ.
فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى المَاذِيَانَاتِ، وَأَقْبَالِ الجَدَاوِلِ، وَأَشْيَاءَ مِنَ الزَّرْعِ، فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلِكُ هَذَا.
فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلَّا هَذَا؛ فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ، فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ».
910 -
وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ المُزَارَعَةِ، وَأَمَرَ بِالمُؤَاجَرَةِ، وَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا» .
911 -
وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ثَمَنُ الكَلْبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ البَغِيِّ خَبِيثٌ، وَكَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ» رَوَاهَا مُسْلِمٌ.
912 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَاماً لَمْ يُعْطِهِ» .
913 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ - أَوْ سَلِيمٌ -، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ فَإِنَّ فِي المَاءِ رَجُلاً لَدِيغاً - أَوْ سَلِيماً -.
فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْراً! حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْراً!
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْراً: كِتَابُ اللَّهِ».
914 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«قَالَ اللَّهُ عز وجل: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرّاً فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيراً فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ» .
915 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ» رَوَاهَا البُخَارِيُّ.
* * *
بَابُ العَارِيَّةِ، وَالوَدِيعَةِ
916 -
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَتْكَ رُسُلِي؛ فَأَعْطِهِمْ ثَلَاثِينَ دِرْعاً، وَثَلَاثِينَ مِغْفَراً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَعَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ؟ أَوْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ؟ قَالَ: بَلْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَقَدْ أُعِلَّ.
917 -
وَعَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحُ الإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ» -.
وَفِي لَفْظِ بَعْضِهِمْ: «قَالَ قَتَادَةُ: ثُمَّ نَسِيَ الحَسَنُ، فَقَالَ: هُوَ أَمِينُكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ» .
918 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ» -.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ» .
* * *
بَابُ الغَصْبِ وَالشُّفْعَةِ
919 -
عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اقْتَطَعَ شِبْراً مِنَ الأَرْضِ ظُلْماً؛ طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
920 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتِ القَصْعَةَ.
فَضَمَّهَا وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ، وَقَالَ: كُلُوا.
وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا، فَدَفَعَ القَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ، وَحَبَسَ المَكْسُورَةَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ: «قَالَ: أَهْدَتْ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَاماً فِي قَصْعَةٍ.
فَضَرَبَتْ عَائِشَةُ القَصْعَةَ بِيَدِهَا، فَأَلْقَتْ مَا فِيهَا.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ»، وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» .
921 -
وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ؛ فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ، وَلَهُ نَفَقَتُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ، وَحَكَى عَنِ البُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ:«هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ» -.
وَحَكَى الخَطَّابِيُّ عَنِ البُخَارِيِّ أَنَّهُ ضَعَّفَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
922 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
923 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ - فِي أَرْضٍ، أَوْ رَبْعٍ، أَوْ حَائِطٍ -، لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ، فَيَأْخُذَ أَوْ يَدَعَ، فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُؤْذِنَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
924 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ، يُنْتَظَرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَائِباً، إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِداً» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» -.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ بِلَا حُجَّةٍ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَرُوَاتُهُ أَثْبَاتٌ.
925 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ» رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
926 -
وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالطَّحَاوِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَدْ أُعِلَّ.
* * *
بَابُ السَّبْقِ
927 -
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابَقَ بِالخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنَ الحَفْيَاءِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الوَدَاعِ.
وَسَابَقَ بَيْنَ الخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
زَادَ البُخَارِيُّ: «قَالَ سُفْيَانُ: مِنَ الحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ: خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ.
وَمِنْ ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ: مِيلٌ».
928 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبَّقَ بَيْنَ الخَيْلِ، وَفَضَّلَ القُرَّحَ فِي الغَايَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِ الصَّحِيحِ.
929 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ، أَوْ نَصْلٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَصَحَّحَهُ ابْنُ القَطَّانِ.
930 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَدْخَلَ فَرَساً بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ؛ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَساً بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يُسْبَقَ؛ فَهُوَ قِمَارٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَاللَّفْظُ لَهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَلَهُ عِلَّةٌ مُؤَثِّرَةٌ؛ ذَكَرَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ.
* * *
بَابُ إِحْيَاءِ المَوَاتِ
931 -
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ عَمَرَ أَرْضاً لَيْسَتْ لِأَحَدٍ؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، قَالَ عُرْوَةُ: قَضَى بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه فِي خِلَافَتِهِ» .
932 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» رَوَاهُمَا البُخَارِيُّ.
933 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» -.
وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلاً.
934 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الكَلَأُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
935 -
وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما أَنَّهُ حَدَّثَهُ: «أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجِ الحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ.
فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ المَاءَ يَمُرُّ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إِلَى جَارِكَ.
فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟
فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ.
فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ! إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
936 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرَارَ، وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي حَائِطِ جَارِهِ.
وَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيقِ؛ فَاجْعَلُوهُ سَبْعَ أَذْرُعٍ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ غَيْرِ قَوِيٍّ.
* * *
بَابُ اللُّقَطَةِ، وَاللَّقِيطِ
937 -
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ؛ فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا.
قَالَ: فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَالَ: هِيَ لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ.
قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا؟! مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
938 -
وَلِمُسْلِمٍ عَنْهُ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ آوَى ضَالَّةً؛ فَهُوَ ضَالٌّ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا» .
939 -
وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً؛ فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ، وَلْيَحْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ لَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّبْ، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإلَّا هُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
940 -
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الحَاجِّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
941 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ - أَحْسِبُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ضَالَّةُ الإِبِلِ المَكْتُومَةُ؛ غَرَامَتُهَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا» .
942 -
وَعَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا لَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَلَا الحِمَارُ الأَهْلِيُّ، وَلَا اللُّقَطَةُ مِنْ مَالِ مُعَاهِدٍ، إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا.
وَأَيُّمَا رَجُلٍ ضَافَ قَوْماً فَلَمْ يَقْرُوهُ؛ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُدَ.
943 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
944 -
وَعَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ: «أَنَّهُ وَجَدَ مَنْبُوذاً فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَخْذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ؟ فَقَالَ: وَجَدْتُهَا ضَائِعَةً فَأَخَذْتُهَا.
فَقَالَ عَرِيفُهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ.
فَقَالَ: كَذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ عُمَرُ: اذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ، وَلَكَ وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ» رَوَاهُ مَالِكٌ.
* * *
بَابُ الوَقْفِ
945 -
عَنِ العَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ؛ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
946 -
وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «أَصَابَ عُمَرُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟
قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا.
قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ؛ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا تُبَاعُ، وَلَا تُورَثُ، وَلَا تُوهَبُ.
قَالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الفُقَرَاءِ، وَفِي القُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقاً غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ.
قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الحَدِيثِ مُحَمَّداً، فَلَمَّا بَلَغْتُ هَذَا المَكَانَ:(غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ)؛ قَالَ مُحَمَّدٌ: (غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالاً).
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَأَنْبَأَنِي مَنْ قَرَأَ هَذَا الكِتَابَ أَنَّ فِيهِ: (غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالاً)» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَلِلْبُخَارِيِّ، مِنْ رِوَايَةِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ: «فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ، فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ
…
»، الحَدِيثَ، وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا المَالَ كَانَ نَخْلاً.
* * *
بَابُ الهِبَةِ
947 -
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَبَاهُ رضي الله عنه أَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَاماً كَانَ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟
فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَارْجِعْهُ».
وَفِي لَفْظٍ: «قَالَ: تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي - عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ -: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ! وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ، فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «فَقَالَ: أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي.
ثُمَّ قَالَ: أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي البِرِّ سَوَاءً؟
قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَلَا إِذَنْ».
948 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ؛ الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ» .
949 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ طَاوُسٍ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم يُحَدِّثَانِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُعْطِيَ العَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهَا؛ إِلَّا الوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ.
وَمَثَلُ الَّذِي يَرْجِعُ فِي عَطِيَّتِهِ؛ كَمَثَلِ الكَلْبِ أَكَلَ حَتَّى إِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ فِي قَيْئِهِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ.
وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلاً.
950 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
951 -
وَعَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «وَهَبَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاقَةً فَأَثَابَهُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: رَضِيتَ؟ قَالَ: لَا.
فَزَادَهُ، فَقَالَ: رَضِيتَ؟ قَالَ: لَا.
فَزَادَهُ، قَالَ: رَضِيتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَتَّهِبَ هِبَةً إِلَّا مِنْ أَنْصَارِيٍّ، أَوْ قُرَشِيٍّ، أَوْ ثَقَفِيٍّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
952 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «العُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
953 -
وَلِمُسْلِمٍ عَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَلَا تُفْسِدُوهَا؛ فَإِنَّهُ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أُعْمِرَهَا - حَيّاً وَمَيِّتاً -، وَلِعَقِبِهِ» .
954 -
وَلَهُ عَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّمَا العُمْرَى الَّتِي أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ، فَأَمَّا إِذَا قَالَ: هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهَا.
قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يُفْتِي بِهِ».
955 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُرْقِبُوا، وَلَا تُعْمِرُوا، فَمَنْ أُرْقِبَ شَيْئاً، أَوْ أُعْمِرَ شَيْئاً؛ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
956 -
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: «حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ.
فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا تَبْتَعْهُ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ؛ فَإِنَّ العَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
* * *
بَابُ الوَصِيَّةِ
957 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ؛ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
958 -
وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: «عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى المَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بَلَغَ بِي مَا تَرَى مِنَ الوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ؛ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لَا.
قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟
قَالَ: لَا؛ الثُّلُثُ، وَالثُلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ.
وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ؛ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ.
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟
قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ؛ إِلَّا ازْدَدْتَ
بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ.
اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ.
قَالَ: رَثَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
959 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَلَمْ تُوصِ، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ؛ أَفَلَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ أَيْضاً.
وَلَمْ يَقُلِ البُخَارِيُّ: «وَلَمْ تُوصِ» .
960 -
وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ.
الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ.
وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ؛ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ التَّابِعَةُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.
لَا تُنْفِقُ امْرَأَةٌ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا؛ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا.
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلَا الطَّعَامَ؟ قَالَ: ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا.
وَقَالَ: العَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ، وَالمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ، وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَحَسَّنَهُ -، وَبَعْضُهُمُ اخْتَصَرَهُ.
وَشُرَحْبِيلُ: مِنْ ثِقَاتِ الشَّامِيِّينَ؛ قَالَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.
* * *
كِتَابُ الفَرَائِضِ وَالوَلَاءِ
961 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» .
962 -
وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، وَلَا يَرِثُ الكَافِرُ المُسْلِمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
963 -
وَعَنْ أَبِي قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ يَقُولُ: «سُئِلَ أَبُو مُوسَى رضي الله عنه عَنِ ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ.
فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنِي.
فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى رضي الله عنهما، فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذَنْ وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ؛ أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لِلِابْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ - تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ -، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ.
فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما، فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الحَبْرُ فِيكُمْ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ دَاوُدَ: «هُوَ خَبَرٌ فِي تَثْبِيتِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَبَا قَيْسٍ مَجْهُولٌ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ، وَهُزَيْلٌ قَرِيبٌ مِنْهُ» .
كَذَا قَالَ، وَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ.
964 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الحَدِيثَ بِإِسْنَادِ أَبِي دَاوُدَ: «وَهَذَا إِسْنَادٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ» ، وَضَعَّفَهُ فِي مَكَانٍ آخَرَ.
965 -
وَعَنِ الحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ ابْنِي مَاتَ، فَمَا لِي مِنْ مِيرَاثِهِ؟ فَقَالَ: لَكَ السُّدُسُ.
فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: لَكَ سُدُسٌ آخَرُ.
فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، قَالَ: إِنَّ السُّدُسَ الآخَرَ طُعْمَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَصَحَّحَهُ -.
وَقَالَ ابْنُ المَدِينِيِّ، وَغَيْرُهُ:«الحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ رضي الله عنه» ، وَقَالَ ابْنُ دَاوُدَ:«هَذَا خَبَرٌ فِي تَثْبِيتِهِ نَظَرٌ» .
966 -
وَعَنْ أَبِي المُنِيبِ العَتَكِيِّ - وَاسْمُهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ؛ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَأَبُو المُنِيبِ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ البُخَارِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ بَعْدَ أَنْ رَوَى لَهُ هَذَا الحَدِيثَ: «وَهُوَ عِنْدِي لَا بَأْسَ بِهِ» .
967 -
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ابْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: «كَتَبَ مَعِي عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، وَالخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ» .
وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ: «الخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» غَيْرُ وَاحِدٍ؛ مِنْهُمُ: المِقْدَامُ بْنُ مَعْدِيكَرِبَ رضي الله عنه، وَقَدْ حَسَّنَ أَبُو زُرْعَةَ حَدِيثَهُ.
968 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا اسْتَهَلَّ المَوْلُودُ وَرِثَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.
969 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنَ المِيرَاثِ شَيْءٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَوَّاهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ؛ وَذَكَرَ لَهُ النَّسَائِيُّ عِلَّةً مُؤَثِّرَةً.
970 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
وَتَكَلَّمَ فِيهِ البَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما.
971 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا أَحْرَزَ الوَلَدُ أَوِ الوَالِدُ؛ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ» رَوَاهُ ابْنُ المَدِينِيِّ - وَقَالَ: «هُوَ مِنْ صَحِيحِ مَا يُرْوَى عَنْ عَمْرٍو» -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ دَاوُدَ - وَتَكَلَّمَ فِيهِ -.
وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ.
* * *
كِتَابُ العِتْقِ
972 -
عَنْ سَعِيدِ ابْنِ مَرْجَانَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَءاً مُسْلِماً؛ اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً مِنْهُ مِنَ النَّارِ.
قَالَ: فَانْطَلَقْتُ حِينَ سَمِعْتُ الحَدِيثَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، فَذَكَرْتُهُ لِعَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ؛ فَأَعْتَقَ عَبْداً لَهُ قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ ابْنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلَافٍ - أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
973 -
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ.
قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَغْلَاهَا ثَمَناً، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: تُعِينُ صَانِعاً، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ؛ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
974 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ؛ قُوِّمَ العَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» .
975 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيباً - أَوْ شَقِيصاً - فِي مَمْلُوكٍ؛ فَخَلَاصُهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ - إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ -.
وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ، فَاسْتُسْعِيَ بِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
976 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ؛ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكاً فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» .
977 -
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ.
فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثاً، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً، وَقَالَ لَهُ قَوْلاً شَدِيداً» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
978 -
وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ فَهُوَ حُرٌّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«لَا نَعْرِفُهُ مُسْنَداً إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادٍ» -.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الحَدِيثِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الحُفَّاظِ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه، وَمِنْ قَوْلِ الحَسَنِ رضي الله عنه.
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، وَعَائِشَةَ رضي الله عنها، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
979 -
وَعَنْ سَفِينَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ مَمْلُوكاً لِأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها فَقَالَتْ: أُعْتِقُكَ، وَأَشْتَرِطُ عَلَيْكَ أَنْ تَخْدُمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا عِشْتَ.
فَقُلْتُ: إِنْ لَمْ تَشْتَرِطِي عَلَيَّ مَا فَارَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا عِشْتُ، فَأَعْتَقَتْنِي، وَاشْتَرَطَتْ عَلَيَّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ» -.
* * *
بَابُ التَّدْبِيرِ
980 -
عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَاماً لَهُ عَنْ دُبُرٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟
فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِ مِئَةِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ.
فَقَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: عَبْداً قِبْطِيّاً مَاتَ عَامَ أَوَّلَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «أَعْتَقَ غُلَاماً لَهُ عَنْ دُبُرٍ فَاحْتَاجَ» .
وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ غُلَاماً لَهُ عَنْ دُبُرٍ، وَكَانَ مُحْتَاجاً، وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ.
فَبَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِثَمَانِ مِئَةِ دِرْهَمٍ، فَأَعْطَاهُ، قَالَ: اقْضِ دَيْنَكَ».
* * *
بَابُ المُكَاتَبِ وَأُمِّ الوَلَدِ
981 -
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِئَةِ أُوقِيَّةٍ، فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ؛ فَهُوَ عَبْدٌ.
وَأَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِئَةِ دِينَارٍ، فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ؛ فَهُوَ عَبْدٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَراً.
982 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«المُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ شَيْخٍ شَامِيٍّ ثِقَةٍ.
983 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ، فَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي؛ فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ.
984 -
وَعَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُودَى المُكَاتَبُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ دِيَةَ الحُرِّ، وَبِقَدْرِ مَا رَقَّ مِنْهُ دِيَةَ
العَبْدِ، قَالَ: وَكَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَمَرْوَانُ يَقُولَانِ ذَلِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَقَدْ أُعِلَّ.
985 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ - خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رضي الله عنهما قَالَ:«مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَماً، وَلَا دِينَاراً، وَلَا عَبْداً، وَلَا أَمَةً، وَلَا شَيْئاً؛ إِلَّا بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضاً جَعَلَهَا صَدَقَةً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
986 -
وَرَوَى أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الجَعْدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:«أُمُّ الوَلَدِ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا، وَإِنْ كَانَ سِقْطاً» .
فِيهِ إِرْسَالٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنهم.
وَرُوِيَ عَنْهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَرْفُوعاً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
كِتَابُ النِّكَاحِ
987 -
عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: «كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه بِمِنىً، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه، فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! أَلَا نُزَوِّجُكَ جَارِيَةً شَابَّةً، لَعَلَّهَا تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ؟
قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ؛ لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».
988 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ.
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا؟! لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
989 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالبَاءَةِ، وَيَنْهَى عَنِ التَّبَتُّلِ نَهْياً شَدِيداً، وَيَقُولُ: تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ؛ إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَسَمُّويَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ.
990 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا؛ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
991 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَفَّأَ الإِنْسَانَ إِذَا تَزَوَّجَ، قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ فِي «اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
992 -
وَعَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:«عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ، وَالتَّشَهُّدَ فِي الحَاجَةِ، قَالَ: التَّشَهُّدُ فِي الحَاجَةِ أَنِ: الحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَيَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ» -.
993 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ المَرْأَةَ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا؛ فَلْيَفْعَلْ.
قَالَ: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا تَحْتَ الكَرَبِ، حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا بَعْضَ مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا، فَتَزَوَّجْتُهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ - وَهُوَ
صَدُوقٌ -، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الحُصَيْنِ - وَهُوَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ -، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - وَهُوَ ثِقَةٌ -، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه.
994 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَتْرُكَ الخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الخَاطِبُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
995 -
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنهما قَالَ: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي.
فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ.
فَلَمَّا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئاً جَلَسَتْ.
فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا.
فَقَالَ: فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: لَا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ!
فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ، فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئاً؟
فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا، وَاللَّهِ! مَا وَجَدْتُ شَيْئاً.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: انْظُرْ وَلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ!
فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي - قَالَ سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟! إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ.
فَجَلَسَ الرَّجُلُ، حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ؛ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلِّياً، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟
قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا - عَدَّدَهَا -.
فَقَالَ: تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: اذْهَبْ، فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «قَالَ: انْطَلِقْ؛ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا، فَعَلِّمْهَا مِنَ القُرْآنِ» .
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «أَمْلَكْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» .
996 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ القُرَشِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَعْلِنُوا النِّكَاحَ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«صَحِيحُ الإِسْنَادِ» -.
997 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَصَحَّحَهُ ابْنُ المَدِينِيِّ، وَغَيْرُهُ.
998 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
999 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي لَفْظٍ: «لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ، وَاليَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ، وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
1000 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ جَارِيَةً بِكْراً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَلَهُ عِلَّةٌ بَيَّنَهَا أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُمَا؛ وَهِي الإِرْسَالُ.
1001 -
وَعَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ؛ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ بَيْعاً مِنْ رَجُلَيْنِ؛ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه.
وَالصَّحِيحُ: رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه.
1002 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ أَوْ أَهْلِهِ؛ فَهُوَ
عَاهِرٌ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» -.
وَابْنُ عَقِيلٍ: مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ.
1003 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ المَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1004 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشِّغَارِ - وَالشِّغَارُ: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وَأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي، وَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ وَأُزَوِّجُكَ أُخْتِي -» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1005 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1006 -
وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ قَالَ: حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الحَارِثِ رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ.
قَالَ: وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1007 -
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوفَى بِهِ: مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1008 -
وَعَنْ سَلَمَةَ - هُوَ: ابْنُ الأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ أَوْطَاسٍ فِي المُتْعَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1009 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُحِلَّ، وَالمُحَلَّلَ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
1010 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْكِحُ الزَّانِي المَجْلُودُ إِلَّا مِثْلَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِلَى عَمْرٍو، وَهُوَ ثِقَةٌ مُحْتَجٌّ بِهِ عِنْدَ الجُمْهُورِ.
1011 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلَاثاً، فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَأَرَادَ زَوْجُهَا الأَوَّلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ.
فَقَالَ: لَا، حَتَّى يَذُوقَ الآخِرُ مِنْ عُسَيْلَتِهَا مَا ذَاقَ الأَوَّلُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
* * *
بَابُ الخِيَارِ فِي النِّكَاحِ، وَذِكْرِ نِكَاحِ الكُفَّارِ
1012 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ:
خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ.
وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ البَيْتِ، فَقَالَ: أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ؟
فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ.
فَقَالَ: هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا: إِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَلَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْداً» .
1013 -
وَعَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرّاً، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» -.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: «خَالَفَ الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ النَّاسَ فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: إِنَّهُ حُرٌّ، وَقَالَ النَّاسُ: إِنَّهُ كَانَ عَبْداً» .
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:«أَنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، فَلَمَّا أَعْتَقْتُهَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اخْتَارِي، فَإِنْ شِئْتِ أَنْ تَمْكُثِي تَحْتَ هَذَا العَبْدِ، وَإِنْ شِئْتِ أَنْ تُفَارِقِيهِ» .
1014 -
وَعَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:«أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَخَيَّرَ أَرْبَعاً مِنْهُنَّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «هُوَ حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ» ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ أَيْضاً أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُمَا.
1015 -
وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزٍ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَصَحَّحَهُ البَيْهَقِيُّ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ البُخَارِيُّ.
وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ: «اخْتَرْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ» .
1016 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «رَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي العَاصِي بْنِ الرَّبِيعِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ بِالنِّكَاحِ الأَوَّلِ، وَلَمْ يُحْدِثْ
نِكَاحاً» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ» -، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
وَكَذَلِكَ صَحَّحَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
1017 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَزَوَّجَتْ، فَجَاءَ زَوْجُهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي كُنْتُ أَسْلَمْتُ، وَعَلِمَتْ بِإِسْلَامِي.
فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زَوْجِهَا الآخِرِ، وَرَدَّهَا إِلَى زَوْجِهَا الأَوَّلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
* * *
كِتَابُ الصَّدَاقِ
1018 -
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟
قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشّاً.
قَالَتْ: أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا.
قَالَتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ، فَتِلْكَ خَمْسُ مِئَةِ دِرْهَمٍ؛ فَهَذَا صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَزْوَاجِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1019 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1020 -
وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ رضي الله عنهما؛ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَعْطِهَا شَيْئاً، قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ.
قَالَ: فَأَيْنَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ؟» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
1021 -
وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ،
أَوْ حِبَاءٍ، أَوْ عِدَةٍ - قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ -؛ فَهُوَ لَهَا، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ.
وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ: ابْنَتُهُ، أَوْ أُخْتُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
1022 -
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقاً، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ.
فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا - لَا وَكْسَ، وَلَا شَطَطَ -، وَعَلَيْهَا العِدَّةُ، وَلَهَا المِيرَاثُ.
فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ فَقَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ - امْرَأَةٍ مِنَّا - مِثْلَ مَا قَضَيْتَ، فَفَرِحَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَصَحَّحَهُ -.
وَكَذَلِكَ صَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ، وَتَوَقَّفَ الشَّافِعِيُّ فِي صِحَّتِهِ.
* * *
بَابُ الوَلِيمَةِ
1023 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
قَالَ: فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1024 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الوَلِيمَةِ؛ فَلْيَأْتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؛ فَلْيُجِبْ - عُرْساً كَانَ، أَوْ نَحْوَهُ -» .
1025 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «شَرُّ الطَّعَامِ: طَعَامُ الوَلِيمَةِ؛ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا، وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» .
1026 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ؛ فَإِنْ كَانَ صَائِماً فَلْيُصَلِّ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِراً فَلْيَطْعَمْ» .
1027 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ؛ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ.
1028 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «طَعَامُ أَوَّلِ يَوْمٍ حَقٌّ، وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّانِي سُنَّةٌ، وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّالِثِ سُمْعَةٌ، وَمَنْ سَمَّعَ؛ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ: «لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعاً إِلَّا مِنْ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ وَهُوَ كَثِيرُ الغَرَائِبِ وَالمَنَاكِيرِ» -.
كَذَا قَالَ، وَزِيَادٌ: رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ مَقْرُوناً بِغَيْرِهِ، وَمُسْلِمٌ.
* * *
بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ، وَمَا يُبَاحُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِنَّ، وَمَا يُتَزَيَّنُ بِهِ، وَذِكْرِ القَسْمِ وَالنُّشُوزِ
1029 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ؛ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ.
وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «إِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا: اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا؛ وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا» .
1030 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقَالَ: أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلاً - أَيْ: عِشَاءً -؛ كَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَلِلْبُخَارِيِّ: «إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الغَيْبَةَ؛ فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً» .
1031 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ: الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1032 -
وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:«قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا حَقُّ زَوْجِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: تُطْعِمُهَا إِذَا أَكَلْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي البَيْتِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
1033 -
وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ رضي الله عنهما قَالَتْ: «حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ، وَهُوَ يَقُولُ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الغِيلَةِ، فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ؛ فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلَادَهُمْ، فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ ذَلِكَ شَيْئاً.
ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ العَزْلِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ذَلِكَ الوَأْدُ الخَفِيُّ، وَهِيَ:{وَإِذَا المَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ} » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَجُدَامَةُ: بِمُهْمَلَةٍ عَلَى الأَصَحِّ.
1034 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي جَارِيَةً وَأَنَا أَعْزِلُ عَنْهَا، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ، وَأَنَا أُرِيدُ مَا يُرِيدُ الرِّجَالُ، وَإِنَّ اليَهُودَ تُحَدِّثُ: أَنَّ العَزْلَ مَوْؤُودَةُ الصُّغْرَى.
قَالَ: كَذَبَتْ يَهُودُ، لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ.
1035 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَنْهَنَا» .
1036 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا، كَانَ الوَلَدُ أَحْوَلَ؛ فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَلَهُ: «إِنْ شَاءَ مُجَبِّيَةً، وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ؛ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ» .
1037 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عز وجل إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلاً، أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَأَبُو يَعْلَى، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفاً.
1038 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا؛ فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَداً» .
1039 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَمَّا تَزَوَّجْتُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَّخَذْتَ أَنْمَاطاً؟
قُلْتُ: وَأَنَّى لَنَا أَنْمَاطٌ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهَا سَتَكُونُ.
قَالَ جَابِرٌ: وَعِنْدَ امْرَأَتِي نَمَطٌ، فَأَنَا أَقُولُ: نَحِّيهِ عَنِّي، وَتَقُولُ: قَدْ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهَا سَتَكُونُ - وَفِي لَفْظٍ: فَأَدَعُهَا -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1040 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1041 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ - يَعْنِي: القَلْبَ -» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ؛ لَكِنْ قَدْ رُوِيَ مُرْسَلاً، وَهُوَ أَصَحُّ؛ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ.
1042 -
وَعَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا؛ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«إِنَّمَا أَسْنَدَ هَذَا الحَدِيثَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَرَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ» -.
1043 -
وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ البِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعاً، وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثاً، ثُمَّ قَسَمَ.
قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ: إِنَّ أَنَساً رضي الله عنه رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
1044 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثاً، وَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1045 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ رضي الله عنها وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ - وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ -» .
1046 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: أَيْنَ أَنَا غَداً؟ أَيْنَ أَنَا غَداً؟ - يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ -.
فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
1047 -
وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: «يَا ابْنَ أُخْتِي! كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي القَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا.
وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعاً، فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ، حَتَّى يَبْلُغَ الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -.
وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
1048 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ؛ لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
* * *
كِتَابُ الخُلْعِ، وَالتَّخْيِيرِ، وَالتَّمْلِيكِ
1049 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتُبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلَامِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1050 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِدَّتَهَا حَيْضَةً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَقَالَ: «رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مُرْسَلاً» -، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ» -.
1051 -
وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ الخِيَرَةِ، فَقَالَتْ: خَيَّرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَفَكَانَ طَلَاقاً؟
قَالَ مَسْرُوقٌ: لَا أُبَالِي خَيَّرْتُهَا وَاحِدَةً أَوْ مِئَةً - بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِي -» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
1052 -
وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «قُلْتُ لِأَيُّوبَ: هَلْ عَلِمْتَ أَحَداً قَالَ فِي: (أَمْرُكِ بِيَدِكِ): أَنَّهَا ثَلَاثٌ غَيْرَ الحَسَنِ؟ قَالَ: لَا.
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ غَفْراً! إِلَّا مَا حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ كَثِيرٍ - مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ -، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلَاثٌ.
فَلَقِيتُ كَثِيراً فَسَأَلْتُهُ؛ فَلَمْ يَعْرِفْهُ.
فَرَجَعْتُ إِلَى قَتَادَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: نَسِيَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ» -، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَكَى عَنِ البُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ:«هُوَ مَوْقُوفٌ» -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ» -.
وَكَثِيرٌ: وَثَّقَهُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ:«هُوَ مَجْهُولٌ» .
1053 -
وَعَنْ زُرَارَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه فِي:(أَمْرُكِ بِيَدِكِ) -: «القَضَاءُ مَا قَضَتْ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي «التَّارِيخِ» .
* * *
كِتَابُ الطَّلَاقِ
1054 -
عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبْغَضُ الحَلَالِ إِلَى اللَّهِ: الطَّلَاقُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلاً، وَهُوَ أَشْبَهُ؛ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «إِنَّمَا هُوَ: مُحَارِبٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ مُرْسَلٌ» .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: «هَذِهِ سُنَّةٌ تَفَرَّدَ بِهَا أَهْلُ الكُوفَةِ» .
1055 -
وَعَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ - وَهِيَ حَائِضٌ - فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ.
ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ؛ فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ -، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:«أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا طَاهِراً، أَوْ حَامِلاً» .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ» .
1056 -
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ - قَالَ: «كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضاً؟
قَالَ: طَلَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِي حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عُمَرُ رضي الله عنه رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: فَرَدَّهَا عَلَيَّ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئاً.
وَقَالَ: إِذَا طَهَرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: وَقَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءِ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ} ».
رُوَاتُهُ أَثْبَاتٌ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
1057 -
وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنهما، طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً.
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ، فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ؛ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ».
1058 -
وَعَنْ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: «أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعاً.
فَقَامَ غَضْبَانَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟!
حَتَّى قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا أَقْتُلُهُ؟» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ - وَقَالَ: «لَا أَعْلَمُ أَحَداً رَوَى هَذَا الحَدِيثَ غَيْرَ مَخْرَمَةَ» -.
1059 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَالحَاكِمُ - وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ» -.
1060 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ عز وجل تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا؛ مَا لَمْ تَعْمَلْ، أَوْ تَتَكَلَّمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
1061 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَلِمُسْلِمٍ: «إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ؛ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا» .
1062 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْهُ.
وَرُوَاتُهُ صَادِقُونَ، وَقَدْ أُعِلَّ؛ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ:«وَلَا يَصِحُّ هَذَا الحَدِيثُ، وَلَا يَثْبُتُ إِسْنَادُهُ» .
وَرَوَاهُ الحَاكِمُ بِنَحْوِهِ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْهُ - وَقَالَ:«عَلَى شَرْطِهِمَا» -.
1063 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَنَا مِنْهَا؛ قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ! فَقَالَ لَهَا: لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1064 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا طَلَاقَ إِلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ، وَلَا عِتْقَ إِلَّا بَعْدَ مِلْكٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -، وَلَهُ عِلَّةٌ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَالمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَغَيْرِهِمَا.
1065 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ - أَوْ يُفِيقَ -» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالحَاكِمُ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «وَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه: لَيْسَ لِمَجْنُونٍ، وَلَا لِسَكْرَانَ طَلَاقٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ.
وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ المَعْتُوهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: الطَّلَاقُ عَنْ وَطَرٍ، وَالعَتَاقُ: مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عز وجل».
* * *
كِتَابُ الرَّجْعَةِ، وَالإِيلَاءِ، وَالظِّهَارِ
1066 -
عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَقَعُ بِهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا وَلَا عَلَى رَجْعَتِهَا.
فَقَالَ: طَلَّقْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، وَرَاجَعْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا وَعَلَى رَجْعَتِهَا، وَلَا تَعُدْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ - وَلَيْسَ عِنْدَهُ:«وَلَا تَعُدْ» -.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ مُخَرَّجٌ لَهُمْ فِي الصَّحِيحِ.
1067 -
وَعَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«آلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِسَائِهِ وَحَرَّمَ، فَجَعَلَ الحَرَامَ حَلَالاً، وَجَعَلَ فِي اليَمِينِ كَفَّارَةً» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلاً، وَهُوَ أَصَحُّ؛ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ.
1068 -
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: «أَدْرَكْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يَقِفُونَ المُولِيَ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
1069 -
وَعَنِ الحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي ظَاهَرْتُ مِنِ امْرَأَتِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ.
فَقَالَ: وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟
فَقَالَ: رَأَيْتُ خَلْخَالَهَا فِي ضَوْءِ القَمَرِ.
قَالَ: فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَصَحَّحَهُ -.
وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلاً، وَهُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنَ المُسْنَدِ؛ قَالَهُ النَّسَائِيُّ.
* * *
كِتَابُ الأَيْمَانِ
1070 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فِي رَكْبٍ وَعُمَرُ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ؛ فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ! فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ» .
1071 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: بِاللَّاتِ؛ فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ؛ فَلْيَتَصَدَّقْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1072 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ» - وَفِي رِوَايَةٍ: «اليَمِينُ عَلَى نِيَّةِ المُسْتَحْلِفِ» - رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1073 -
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ! لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا.
وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا؛ فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «فَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ» .
وَفِي لَفْظٍ: «إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا؛ فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَاللَّفْظُ لَهُ -، وَالنَّسَائِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
1074 -
وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَحَسَّنَهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفاً، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:«لَا نَعْلَمُ أَحَداً رَفَعَهُ غَيْرَ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ» ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:«تَابَعَهُ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ» .
* * *
كِتَابُ اللِّعَانِ
1075 -
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «سُئِلْتُ عَنِ المُتَلَاعِنَيْنِ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ: أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ، فَمَضَيْتُ إِلَى مَنْزِلِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ: اسْتَأْذِنْ لِي.
قَالَ: إِنَّهُ قَائِلٌ، فَسَمِعَ صَوْتِي، قَالَ: ابْنُ جُبَيْرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: ادْخُلْ، فَوَاللَّهِ مَا جَاءَ بِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا حَاجَةٌ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ مُفْتَرِشٌ بَرْذَعَةً، مُتَوَسِّدٌ وِسَادَةً - حَشْوُهَا لِيفٌ -.
قُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! المُتَلَاعِنَانِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟
قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! نَعَمْ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ، كَيْفَ يَصْنَعُ؟! إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ!
قَالَ: فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل هَؤُلَاءِ الآيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ
…
} فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ، وَوَعَظَهُ، وَذَكَّرَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ.
قَالَ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا.
ثُمَّ دَعَاهَا؛ فَوَعَظَهَا، وَذَكَّرَهَا، وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ.
قَالَتْ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! إِنَّهُ لَكَاذِبٌ.
فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ؛ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ.
ثُمَّ ثَنَّى بِالمَرْأَةِ؛ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ، وَالخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1076 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: «حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا.
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَالِي؟
قَالَ: لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا؛ فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا؛ فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1077 -
وَلَهُ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: «سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه وَأَنَا أُرَى أَنَّ عِنْدَهُ مِنْهُ عِلْماً -.
فَقَالَ: إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ - وَكَانَ أَخَا البَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ لِأُمِّهِ -، وَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ لَاعَنَ فِي الإِسْلَامِ، قَالَ: فَلَاعَنَهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبْطاً قَضِيءَ العَيْنَيْنِ؛ فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ.
وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْداً حَمْشَ السَّاقَيْنِ؛ فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ.
قَالَ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْداً حَمْشَ السَّاقَيْنِ».
1078 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلاً - حِينَ أَمَرَ المُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يَتَلَاعَنَا - أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عِنْدَ الخَامِسَةِ عَلَى فِيهِ، وَقَالَ: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ.
1079 -
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ عُوَيْمِراً العَجْلَانِيَّ رضي الله عنه أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسْطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً؛ أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَائْتِ بِهَا.
قَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا - وَأَنَا مَعَ النَّاسِ - عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا! فَطَلَّقَهَا ثَلَاثاً قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ سُنَّةَ المُتَلَاعِنَيْنِ» - وَفِي رِوَايَةٍ: «ذَاكُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
* * *
بَابُ لَحَاقِ النَّسَبِ
1080 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُوراً، تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزاً نَظَرَ آنِفاً إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَقَالَ: إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1081 -
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: «أُتِيَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِثَلَاثَةٍ - وَهُوَ بِاليَمَنِ - وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلَ اثْنَيْنِ: أَتُقِرَّانِ لِهَذَا بِالوَلَدِ؟ قَالَا: لَا.
حَتَّى سَأَلَهُمْ جَمِيعاً، فَجَعَلَ كُلَّمَا سَأَلَ اثْنَيْنِ قَالَا: لَا.
فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ؛ فَأَلْحَقَ الوَلَدَ بِالَّذِي صَارَتْ عَلَيْهِ القُرْعَةُ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ.
قَالَ: فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَابْنُ القَطَّانِ، وَغَيْرُهُمَا.
وَقَدْ أُعِلَّ، وَقَالَ أَحْمَدُ:«هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ» ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ:«قَدِ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الحَدِيثِ فَاضْطَرَبُوا» .
وَرَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ فِي «مُسْنَدِهِ» ؛ وَفِيهِ: «فَأَغْرَمَهُ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الجَارِيَةِ» .
وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفاً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
* * *
كِتَابُ العِدَدِ
1082 -
عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ رضي الله عنه، عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِي رضي الله عنه قَالَ:«لَا تَلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا؛ عِدَّةُ أُمِّ الوَلَدِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
وَرَوَاهُ الحَاكِمُ، وَقَالَ:«هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ» .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «قَبِيصَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَمْرٍو، وَالصَّوَابُ: (لَا تَلْبِسُوا عَلَيْنَا دِينَنَا)؛ مَوْقُوفٌ» ، وَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ.
1083 -
وَعَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، فَأَذِنَ لَهَا، فَنَكَحَتْ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1084 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أُمِرَتْ بَرِيرَةُ أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَقَدْ أُعِلَّ.
1085 -
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي المُطَلَّقَةِ ثَلَاثاً -، قَالَ:«لَيْسَ لَهَا سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةٌ» .
1086 -
وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثاً، وَأَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ! قَالَ: فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
1087 -
وَعَنْ فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ - وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنهم: «أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ، وَأَنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِطَرَفِ القَدُومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ.
قَالَتْ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي؛ فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْ لِي مَسْكَناً يَمْلِكُهُ وَلَا نَفَقَةً.
قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ.
قَالَتْ: فَانْصَرَفْتُ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الحُجْرَةِ - أَوْ فِي المَسْجِدِ - نَادَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَمَرَ بِي فَنُودِيتُ لَهُ -، فَقَالَ: كَيْفَ قُلْتِ؟
قَالَتْ: فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ القِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ لَهُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي.
قَالَ: امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ.
قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً.
قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَصَحَّحَهُ -.
وَكَذَلِكَ صَحَّحَهُ الذُّهْلِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَابْنُ القَطَّانِ، وَغَيْرُهُمْ.
وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ حَزْمٍ بِلَا حُجَّةٍ.
1088 -
وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: «طُلِّقَتْ خَالَتِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ.
فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: بَلَى؛ فَجُدِّي نَخْلَكِ؛ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفاً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1089 -
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ؛ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً.
وَلَا تَلْبَسُ ثَوْباً مَصْبُوغاً؛ إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيباً؛ إِلَّا إِذَا طَهَرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ فِيهِ:«وَلَا تَخْتَضِبُ» .
وَلِلنَّسَائِيِّ: «وَلَا تَمْتَشِطُ» .
* * *
كِتَابُ الرَّضَاعِ
1090 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُحَرِّمُ المَصَّةُ وَالمَصَّتَانِ» .
1091 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ» .
1092 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها: «أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنها جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ سَالِماً - لِسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ - مَعَنَا فِي بَيْتِنَا، وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ، وَعَلِمَ مَا يَعْلَمُ الرِّجَالُ.
قَالَ: أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ» أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ.
1093 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي رَجُلٌ قَاعِدٌ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ.
قَالَتْ: فَقَالَ: انْظُرْنَ إِخْوَتَكُنَّ مِنَ الرَّضَاعَةِ؛ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ».
1094 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها: «أَنَّ أَفْلَحَ - أَخَا أَبِي القُعَيْسِ - جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا - وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ - بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَ الحِجَابُ.
قَالَتْ: فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ؛ فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ».
1095 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ رضي الله عنهما، فَقَالَ: إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي؛ إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّحِمِ» - وَفِي لَفْظٍ: «مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1096 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ؛ إِلَّا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ، وَكَانَ قَبْلَ الفِطَامِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ أَوَّلَهُ.
1097 -
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا كَانَ فِي الحَوْلَيْنِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ - وَقَالَ: «لَمْ يُسْنِدْهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ غَيْرُ الهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ» -.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: «غَيْرُ الهَيْثَمِ يُوقِفُهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما» .
قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ.
* * *
كِتَابُ النَّفَقَاتِ وَالحَضَانَةِ
1098 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «دَخَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ - امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ - عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ؛ فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ، وَيَكْفِي بِنِيكِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1099 -
وَعَنْ طَارِقٍ المُحَارِبِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «قَدِمْنَا المَدِينَةَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيَقُولُ: يَدُ المُعْطِي العُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ؛ أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ، وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «طَارِقٌ لَهُ حَدِيثَانِ؛ رَوَى أَحَدَهُمَا رِبْعِيٌّ عَنْهُ، وَالآخَرَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، وَكِلَاهُمَا مِنْ شَرْطِهِمَا» .
وَهَذَا الحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ جَامِعٍ عَنْهُ.
1100 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ العَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1101 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحَجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي.
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالحَاكِمُ - وَصَحَّحَهُ -.
1102 -
وَعَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَهُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي! إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، وَقَدْ نَفَعَنِي، وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ.
فَجَاءَ زَوْجُهَا فَقَالَ: مَنْ يُخَاصِمُنِي فِي ابْنِي؟
فَقَالَ: يَا غُلَامُ! هَذَا أَبُوكَ، وَهَذِهِ أُمُّكَ، فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ.
فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَراً - وَصَحَّحَهُ -.
وَأَبُو مَيْمُونَةَ: اسْمُهُ: سُلَيْمٌ، وَقِيلَ: سَلْمَانُ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
* * *
كِتَابُ الجِنَايَاتِ
1103 -
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ المُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» .
1104 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ: فِي الدِّمَاءِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
1105 -
وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّوَائِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «قُلْتُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الوَحْيِ مِمَّا لَيْسَ فِي القُرْآنِ؟
فَقَالَ: لَا، وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ! إِلَّا فَهْماً يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلاً فِي القُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ.
قُلْتُ: وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟
قَالَ: العَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1106 -
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «المُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ.
1107 -
وَعَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِلَى الحَسَنِ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي سَمَاعِهِ مِنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه.
وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ:«وَ مَنْ خَصَى عَبْدَهُ خَصَيْنَاهُ» .
1108 -
وَعَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يُقَادُ الوَالِدُ بِالوَلَدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مُرْسَلاً، وَهَذَا حَدِيثٌ فِيهِ اضْطِرَابٌ» -.
وَقَدْ رَوَى البَيْهَقِيُّ نَحْوَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرٍو، وَصَحَّحَ إِسْنَادَهُ.
1109 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَ رَأْسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَسَأَلُوهَا: مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكِ؟ فُلَانٌ؟ فُلَانٌ؟ حَتَّى ذَكَرُوا يَهُودِيّاً، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا.
فَأُخِذَ اليَهُودِيُّ، فَأَقَرَّ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بِالحِجَارَةِ».
1110 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ - عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ -، وَقَضَى بِدِيَةِ المَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ.
فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الهُذَلِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلْ، وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلّْ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلّْ!
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الكُهَّانِ؛ مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1111 -
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ غُلَاماً لِأُنَاسٍ فُقَرَاءَ، قَطَعَ أُذُنَ غُلَامٍ لِأُنَاسٍ أَغْنِيَاءَ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ شَيْئاً» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ مُخَرَّجٌ لَهُمْ فِي الصَّحِيحِ.
1112 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلاً طَعَنَ رَجُلاً بِقَرْنٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَقِدْنِي، فَقَالَ: حَتَّى تَبْرَأَ.
ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَقِدْنِي، فَأَقَادَهُ، ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَرَجْتُ.
فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُكَ فَعَصَيْتَنِي؛ فَأَبْعَدَكَ اللَّهُ، وَبَطَلَ عَرَجُكَ.
ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ جُرْحٍ حَتَّى يَبْرَأَ صَاحِبُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ:«وَذَكَرَ عَمْرٌو» ؛ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ - وَهُوَ صَالِحُ الحَدِيثِ -، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرٍو.
1113 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ الرُّبَيِّعَ - عَمَّتَهُ - كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا إِلَيْهَا العَفْوَ فَأَبَوْا، فَعَرَضُوا الأَرْشَ فَأَبَوْا.
فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَوْا إِلَّا القِصَاصَ.
فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالقِصَاصِ.
فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ؟! لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَنَسُ! كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ.
فَرَضِيَ القَوْمُ؛ فَعَفَوْا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
* * *
كِتَابُ الدِّيَاتِ
1114 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ - يَعْنِي: الخِنْصَرَ وَالإِبْهَامَ -» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1115 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الأَصَابِعُ سَوَاءٌ، وَالأَسْنَانُ سَوَاءٌ: الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ، هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ، وَصَحَّحَهُ -، وَابْنُ حِبَّانَ:«دِيَةُ أَصَابِعِ اليَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ سَوَاءٌ؛ عَشَرَةٌ مِنَ الإِبِلِ لِكُلِّ إِصْبَعٍ» .
1116 -
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ اليَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَقُرِئَتْ عَلَى أَهْلِ اليَمَنِ؛ وَهَذِهِ نُسْخَتُهَا: مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ إِلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَالحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ؛ قَيْلِ ذِي رُعَيْنٍ وَمَعَافِرَ وَهَمْدَانَ، أَمَّا بَعْدُ:
…
وَكَانَ فِي كِتَابِهِ: أَنَّ مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِناً قَتْلاً عَنْ بَيِّنَةٍ؛ فَإِنَّهُ قَوَدٌ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ المَقْتُولِ.
وَأَنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ.
وَفِي الأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ.
وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ.
وَفِي البَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ.
وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ، وَفِي العَيْنَيْنِ الدِّيَةُ.
وَفِي الرِّجْلِ الوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ.
وَفِي المَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ.
وَفِي المُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الإِبِلِ.
وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ اليَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ.
وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ.
وَفِي المُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ.
وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالمَرْأَةِ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
وَقَدْ أُعِلَّ؛ قَالَ النَّسَائِيُّ: «وَقَدْ رَوَى هَذَا الحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ مُرْسَلاً» .
1117 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِي المَوَاضِحِ خَمْسٌ - خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ -» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ، وَابْنِ مَاجَهْ.
زَادَ أَحْمَدُ: «وَالأَصَابِعُ سَوَاءٌ كُلُّهُنَّ؛ عَشْرٌ - عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ -» .
1118 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُتَعَمِّداً؛ دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ المَقْتُولِ، فَإِنْ شَاؤُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاؤُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَهِي ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً، وَمَا صَالَحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ، وَذَلِكَ لِتَشْدِيدِ القَتْلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» -.
1119 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَقْلُ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفُ عَقْلِ المُسْلِمِينَ؛ وَهُمُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ -، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
وَلِأَبِي دَاوُدَ: «دِيَةُ المُعَاهَدِ نِصْفُ دِيَةِ الحُرِّ» .
وَلِلنَّسَائِيِّ: «عَقْلُ المَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ، حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا» ؛ رَوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرٍو، وَقَالَ:«إِسْمَاعِيلُ ضَعِيفٌ، كَثِيرُ الخَطَأِ» .
1120 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «عَقْلُ شِبْهِ العَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلُ عَقْلِ العَمْدِ، وَلَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ، وَذَلِكَ أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ النَّاسِ، فَتَكُونَ دِمَاءٌ فِي غَيْرِ ضَغِينَةٍ وَلَا حَمْلِ سِلَاحٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.
1121 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَتِيلُ الخَطَأِ شِبْهِ العَمْدِ - قَتِيلُ السَّوْطِ وَالعَصَا - فِيهِ مِئَةٌ مِنَ الإِبِلِ، أَرْبَعُونَ
مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ.
1122 -
وَعَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يَقُولُ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي دِيَةِ الخَطَأِ: عِشْرِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرِينَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُوراً، وَعِشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرِينَ جَذَعَةً، وَعِشْرِينَ حِقَّةً» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ - وَقَالَ:«الحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ ضَعِيفٌ؛ لَا يُحْتَجُّ بِهِ» -.
وَقَدْ بَالَغَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي تَضْعِيفِ هَذَا الحَدِيثِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: «لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعاً إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ» .
1123 -
وَعَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:«قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} فِي أَخْذِهِمُ الدِّيَةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«الصَّوَابُ مُرْسَلٌ» -.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ مُرْسَلاً: «المُرْسَلُ أَصَحُّ» .
* * *
بَابُ القَسَامَةِ
1124 -
عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رضي الله عنه، عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ رضي الله عنهما خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأُتِيَ مُحَيِّصَةُ فَأُخْبِرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ، وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ - أَوْ فَقِيرٍ -.
فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ: أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ! قَالُوا: وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ!
ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ.
ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ رضي الله عنه وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ.
فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ - وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُحَيِّصَةَ: كَبِّرْ كَبِّرْ - يُرِيدُ: السِّنَّ -؛ فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ، فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ.
فَكَتَبُوا: إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ!
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ قَالُوا: لَا.
قَالَ: فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟ قَالُوا: لَيْسُوا مُسْلِمِينَ!
فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِئَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّارَ.
فَقَالَ سَهْلٌ: فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَعِنْدَ البُخَارِيِّ: «عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ هُوَ وَرِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ» .
وَعِنْدَهُ: «وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ لِيَتَكَلَّمَ - وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ -» .
1125 -
وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ - مَوْلَى مَيْمُونَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَنْصَارِ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقَرَّ القَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ نَاسٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي قَتِيلٍ ادَّعَوْهُ عَلَى اليَهُودِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
* * *
بَابُ صَوْلِ الفَحْلِ وَجِنَايَةِ البَهَائِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
1126 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ؛ فَهُوَ شَهِيدٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ؛ فَهُوَ شَهِيدٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
1127 -
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ: «قَاتَلَ يَعْلَى ابْنُ مُنْيَةَ - أَوِ ابْنُ أُمَيَّةَ - رَجُلاً، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ.
فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فَمِهِ، فَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ - وَفِي لَفْظٍ: ثَنِيَّتَيْهِ -.
فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَعَضُّ الفَحْلُ؟! لَا دِيَةَ لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1128 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ امْرَءاً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ؛ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ البُسْتِيِّ:«مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَفَقَؤُوا عَيْنَهُ؛ فَلَا دِيَةَ لَهُ وَلَا قِصَاصَ» .
1129 -
وَعَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ، فَدَخَلَتْ حَائِطاً فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَكُلِّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا.
فَقَضَى أَنَّ حِفْظَ الحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ: عَلَى أَهْلِهَا.
وَأَنَّ حِفْظَ المَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ: عَلَى أَهْلِهَا.
وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ المَاشِيَةِ مَا أَصَابَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَفِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ الطَّحَاوِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ:«هُوَ مَشْهُورٌ، حَدَّثَ بِهِ الأَئِمَّةُ الثِّقَاتُ» .
1130 -
وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَطَبَّبَ وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ؛ فَهُوَ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَتَوَقَّفَ فِي صِحَّتِهِ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «لَمْ يُسْنِدْهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ غَيْرُ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مُرْسَلاً، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» .
* * *
بَابٌ فِي البُغَاةِ وَالخَوَارِجِ وَحُكْمِ المُرْتَدِّ
1131 -
عَنْ عَرْفَجَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ؛ فَاقْتُلُوهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1132 -
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ.
فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْراً لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ» ، وَقَالَ:«لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ» ، وَلَمْ يَقُلْ:«يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ» .
1133 -
وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: «أُتِيَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ؛ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ.
وَلَقَتَلْتُهُمْ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَزَادَ البَيْهَقِيُّ: «فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيّاً رضي الله عنه فَقَالَ: وَيْحَ ابْنِ أُمِّ الفَضْلِ! إِنَّهُ لَغَوَّاصٌ عَلَى الهَنَاتِ» .
1134 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه فِي حَدِيثٍ لَهُ -: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ إِلَى اليَمَنِ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنه.
فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَلْقَى لَهُ وِسَادَةً وَقَالَ: انْزِلْ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قَالَ: مَا هَذَا؟
قَالَ: كَانَ يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَهَوَّدَ، قَالَ: اجْلِسْ.
قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ؛ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -، فَأَمَرَ بِهِ، فَقُتِلَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: «قَدِمَ عَلَيَّ مُعَاذٌ قَالَ: لَا أَنْزِلُ عَنْ دَابَّتِي حَتَّى يُقْتَلَ؛ فَقُتِلَ، وَكَانَ قَدِ اسْتُتِيبَ قَبْلَ ذَلِكَ» .
1135 -
وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ.
فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَشْتِمُهُ، فَأَخَذَ المِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا، فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ، فَلَطَخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلاً فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ؛ إِلَّا قَامَ.
قَالَ: فَقَامَ الأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ، حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتِمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ البَارِحَةُ جَعَلَتْ تَشْتِمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ المِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ.
وَاسْتَدَلَّ بِهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.
وَالمِغْوَلُ - بِالمُعْجَمَةِ -: قَالَ الخَطَّابِيُّ: «هُوَ شَبِيهُ المِشْمَلِ، وَنَصْلُهُ دَقِيقٌ مَاضٍ» .
وَالمِشْمَلُ: السَّيْفُ القَصِيرُ.
* * *
كِتَابُ الحُدُودِ
بَابُ حَدِّ الزِّنَى
1136 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا قَالَا: «إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ.
فَقَالَ الخَصْمُ الآخَرُ - وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ -: نَعَمْ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَائْذَنْ لِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قُلْ.
قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفاً عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِئَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ فَأَخْبَرُونِي: أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ:
الوَلِيدَةُ وَالغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ.
وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا.
قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَتْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ.
1137 -
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي؛ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً: البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِئَةٍ وَالرَّجْمُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1138 -
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «أَتَى رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي المَسْجِدِ - فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ.
فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ.
فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى ثَنَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ هَرَبَ، فَأَدْرَكْنَاهُ بِالحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1139 -
وَعَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ
مَالِكٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ؟ أَوْ غَمَزْتَ؟ أَوْ نَظَرْتَ؟ قَالَ: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ!
قَالَ: أَنِكْتَهَا؟ - لَا يَكْنِي - قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1140 -
وَلِمُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ؟
قَالَ: وَمَا بَلَغَكَ عَنِّي؟
قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ وَقَعْتَ بِجَارِيَةِ آلِ فُلَانٍ!
قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ».
1141 -
وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم بِالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: آيَةُ الرَّجْمِ - قَرَأْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، وَعَقَلْنَاهَا -، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ.
فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؛ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ.
وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ - مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ -، إِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الحَبَلُ، أَوْ الِاعْتِرَافُ».
1142 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا؛ فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا.
ثُمَّ إِنْ زَنَتْ؛ فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا.
ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا؛ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ» - وَفِي رِوَايَةٍ: «ثُمَّ لْيَبِعْهَا فِي الرَّابِعَةِ» - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1143 -
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: «خَطَبَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَقِيمُوا عَلَى أَرِقَّائِكُمُ الحَدَّ - مَنْ أَحْصَنَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ -، فَإِنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَنَتْ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِدَهَا؛ فَإِذَا هِيَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ، فَخَشِيتُ إِنْ أَنَا جَلَدْتُهَا أَنْ أَقْتُلَهَا.
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَحْسَنْتَ».
وَفِي لَفْظٍ: «اتْرُكْهَا حَتَّى تَمَاثَلَ» .
1144 -
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَى، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! أَصَبْتُ حَدّاً فَأَقِمْهُ عَلَيَّ.
فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِيَّهَا، فَقَالَ: أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِي بِهَا، فَفَعَلَ.
فَأَمَرَ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ؟!
فَقَالَ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ؟» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
1145 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اليَهُودَ جَاؤُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا.
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ؟
فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ، إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ.
فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا.
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ! فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ!
قَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ! فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ.
فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا، فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى المَرْأَةِ يَقِيهَا الحِجَارَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
1146 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «رَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ، وَرَجُلاً مِنَ اليَهُودِ، وَامْرَأَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1147 -
وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ابْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ بَيْنَ أَبْيَاتِنَا رُوَيْجِلٌ ضَعِيفٌ مُخْدَجٌ، فَلَمْ يَرُعِ الحَيَّ إِلَّا وَهُوَ عَلَى أَمَةٍ مِنْ إِمَائِهِمْ يَخْبُثُ بِهَا.
قَالَ: فَذَكَرَ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رضي الله عنهما لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُسْلِماً -.
فَقَالَ: اضْرِبُوهُ حَدَّهُ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ أَضْعَفُ مِمَّا تَحْسَبُ، لَوْ ضَرَبْنَاهُ مِئَةً قَتَلْنَاهُ!
فَقَالَ: خُذُوا لَهُ عِثْكَالاً فِيهِ مِئَةُ شِمْرَاخٍ، ثُمَّ اضْرِبُوهُ بِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً.
قَالَ: فَفَعَلُوا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، لَكِنْ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلاً.
1148 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ؛ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا البَهِيمَةَ.
وَمَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ؛ فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولَ بِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ؛ فَإِنَّ عِكْرِمَةَ رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ، وَعَمْرٌو: مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ، وَقَدْ أُعِلَّ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَوَّلَهُ، وَابْنُ مَاجَهْ آخِرَهُ.
* * *
بَابُ حَدِّ القَذْفِ
1149 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الحَدُّ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: «هَذَا حَدِيثٌ جَيِّدٌ» .
1150 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المِنْبَرِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ وَتَلَا القُرْآنَ، فَلَمَّا نَزَلَ أَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ» -.
* * *
بَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ
1151 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ؛ يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» .
1152 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
1153 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ؛ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِداً» .
1154 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها: «أَنَّ قُرَيْشاً أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟
فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ - حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟
فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟
ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ.
وَايْمُ اللَّهِ! لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1155 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ، وَلَا مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَقَدْ أُعِلَّ.
1156 -
وَعَنْ أَبِي أُمَيَّةَ المَخْزُومِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِلِصٍّ قَدِ اعْتَرَفَ اعْتِرَافاً، وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ! قَالَ: بَلَى، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً.
فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ وَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ.
فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.
فَقَالَ: اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ - ثَلَاثاً -» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
1157 -
وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلَا كَثَرٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحَيْنِ.
1158 -
وَعَنِ المِسْوَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُغَرَّمُ صَاحِبُ سَرِقَةٍ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الحَدُّ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ - وَقَالَ: «هَذَا مُرْسَلٌ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ» -.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَهُوَ مُرْسَلٌ» ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
* * *
بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ، وَذِكْرِ الأَشْرِبَةِ
1159 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ.
قَالَ: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ.
فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفَّ الحُدُودِ ثَمَانِينَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ، وَهُوَ أَتَمُّ.
1160 -
وَلَهُ عَنْ حُضَيْنِ بْنِ المُنْذِرِ - أَبِي سَاسَانَ - قَالَ: «شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه أُتِيَ بِالوَلِيدِ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكُمْ؟
فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ - أَحَدُهُمَا حُمْرَانُ - أَنَّهُ شَرِبَ الخَمْرَ.
وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ.
فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ! قُمْ فَاجْلِدْهُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ.
فَقَالَ الحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا، فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ! قُمْ فَاجْلِدْهُ؛ فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ، حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ، فَقَالَ: أَمْسِكْ.
ثُمَّ قَالَ: جَلَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ».
1161 -
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي شَارِبِ الخَمْرِ:«إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الثَّالِثَةَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَاللَّفْظُ لَهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
وَقَدْ رَوَى جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم نَحْوَ هَذَا الحَدِيثِ.
1162 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ؛ أَيُّهَا النَّاسُ! فَإِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ؛ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنَ العِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالعَسَلِ، وَالحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ.
وَالخَمْرُ: مَا خَامَرَ العَقْلَ.
وَثَلَاثٌ - أَيُّهَا النَّاسُ! - وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَهِدَ إِلَيْنَا فِيهِنَّ عَهْداً نَنْتَهِي إِلَيْهِ: الجَدُّ، وَالكَلَالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1163 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِي حَرَّمَ فِيهَا الخَمْرَ، وَمَا بِالمَدِينَةِ شَرَابٌ يُشْرَبُ إِلَّا مِنْ تَمْرٍ» .
1164 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
1165 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -، وَالطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَغَيْرِهِمْ رضي الله عنهم.
1166 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَخْلِطَ الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ، وَأَنْ نَخْلِطَ البُسْرَ وَالتَّمْرَ» .
وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ مِنْكُمْ فَلْيَشْرَبْهُ زَبِيباً فَرْداً، أَوْ تَمْراً فَرْداً، أَوْ بُسْراً فَرْداً» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
1167 -
وَلَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْبَذُ لَهُ الزَّبِيبُ فِي السِّقَاءِ، فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ، وَالغَدَ، وَبَعْدَ الغَدِ.
فَإِذَا كَانَ مَسَاءُ الثَّالِثَةِ شَرِبَهُ وَسَقَاهُ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ؛ أَهَرَاقَهُ».
بَابُ التَّعْزِيرِ
1168 -
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ؛ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
* * *
كِتَابُ القَضَاءِ
1169 -
عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «القُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الجَنَّةِ.
رَجُلٌ عَرَفَ الحَقَّ فَقَضَى بِهِ؛ فَهُوَ فِي الجَنَّةِ.
وَرَجُلٌ عَرَفَ الحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ وَجَارَ فِي الحُكْمِ؛ فَهُوَ فِي النَّارِ.
وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفِ الحَقَّ فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ؛ فَهُوَ فِي النَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
1170 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَلِيَ القَضَاءَ أَوْ جُعِلَ قَاضِياً بَيْنَ النَّاسِ؛ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَحَسَّنَهُ -.
1171 -
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ! إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفاً، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1172 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ القِيَامَةِ، فَنِعْمَ المُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1173 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئاً فَلَا يَأْخُذْهُ؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» .
1174 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِي رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ؛ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ؛ فَلَهُ أَجْرٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
1175 -
وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ - بِإِسْنَادٍ لَا يَصِحُّ - مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: «إِذَا قَضَى القَاضِي فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ؛ فَلَهُ عَشَرَةُ أُجُورٍ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ؛ كَانَ لَهُ أَجْرٌ أَوْ أَجْرَانِ» .
1176 -
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: «كَتَبَ أَبِي - وَكَتَبْتُ لَهُ - إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ - وَهُوَ قَاضٍ بِسِجِسْتَانَ -: أَنْ لَا تَحْكُمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» .
1177 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا.
فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ، وَقَالَتِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ.
فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى.
فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليهما السلام فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا.
فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لَا، يَرْحَمُكَ اللَّهُ! هُوَ ابْنُهَا.
فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى.
قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: وَاللَّهِ! إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلَّا يَوْمَئِذٍ؛ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا المُدْيَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: «لَا تَفْعَلْ؛ يَرْحَمُكَ اللَّهُ» .
1178 -
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَقَاضَى إِلَيْكَ رَجُلَانِ فَلَا تَقْضِ لِلْأَوَّلِ حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَ الآخَرِ، فَسَوْفَ تَدْرِي كَيْفَ تَقْضِي.
قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا زِلْتُ قَاضِياً بَعْدُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«حَدِيثٌ حَسَنٌ» -.
وَرَوَاهُ ابْنُ المَدِينِيِّ فِي كِتَابِ «العِلَلِ» - وَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ كُوفِيٌّ، وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ» -.
* * *
بَابُ الدَّعَاوَى وَالبَيِّنَاتِ
1179 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ؛ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنِ اليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وَزَعَمَ بَعْضُ المُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَرْفُوعاً؛ إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ وَزَعْمُهُ مَرْدُودٌ.
وَلِلْبَيْهَقِيِّ: «البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» .
1180 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَتَكَلَّمَ فِيهِ البُخَارِيُّ، وَالطَّحَاوِيُّ.
1181 -
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ رضي الله عنه: «أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا.
قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْرَضَ عَنِّي! قَالَ: فَتَنَحَّيْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ.
فَقَالَ: وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا؟ فَنَهَاهُ عَنْهَا» - وَفِي لَفْظٍ: «دَعْهَا عَنْكَ» - رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ: «دَعْهَا عَنْكَ؛ لَا خَيْرَ لَكَ فِيهَا» .
1182 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ اليَمِينَ، فَأَسْرَعُوا؛ فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِي اليَمِينِ؛ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1183 -
وَعَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ الحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي كَانَتْ لِأَبِي.
فَقَالَ الكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا، لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْحَضْرَمِيِّ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَلَكَ يَمِينُهُ.
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ.
فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ.
فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَدْبَرَ: أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْماً؛ لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ».
1184 -
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الحَارِثِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ؛ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الجَنَّةَ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئاً يَسِيراً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: وَإِنْ قَضِيبٌ مِنْ أَرَاكٍ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
1185 -
وَعَنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ.
فَقُلْتُ: إِنَّهُ إِذَنْ يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي.
فَقَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ؛ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1186 -
وَعَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه:«أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي دَابَّةٍ، لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ؛ فَقَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ - وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ:«إِسْنَادُ هَذَا الحَدِيثِ جَيِّدٌ» -.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ:«أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا بَعِيراً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ؛ فَقَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ» .
1187 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ:
رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالفَلَاةِ يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ.
وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلاً بِسِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ - وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ -.
وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَاماً لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا؛ فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ: «وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ؛ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» .
1188 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ؛ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» رَوَاهُ الإِمَامَانِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ.
* * *
كِتَابُ الشَّهَادَاتِ
1189 -
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ؟ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1190 -
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ.
قَالَ عِمْرَانُ رضي الله عنه: فَلَا أَدْرِي أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً.
ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ».
1191 -
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ - ثَلَاثاً -؟
الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ - أَوْ قَوْلُ الزُّورِ -.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئاً فَجَلَسَ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ!» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1192 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّ نَاساً كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ.
فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْراً أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ لَنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ.
وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءاً لَمْ نَأْمَنْهُ، وَلَمْ نُصَدِّقْهُ؛ وَإِنْ قَالَ: إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ!» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1193 -
وَقَالَ: وَقَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي القَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ، فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ.
فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَاماً مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصاً مِنْ ذَهَبٍ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
ثُمَّ وُجِدَ الجَامُ بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: ابْتَعْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ.
فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فَحَلَفَا: لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّ الجَامَ لِصَاحِبِهِمْ.
قَالَ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} ».
1194 -
وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «وَهَذَا الحَدِيثُ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ» .
1195 -
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ.
وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ القَانِعِ لِأَهْلِ البَيْتِ، وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِغَيْرِهِمْ.
وَالقَانِعُ: الَّذِي يُنْفِقُ عَلَيْهِ أَهْلُ البَيْتِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ -، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَمُحَمَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ: صَدُوقَانِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِمَا بَعْضُ الأَئِمَّةِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» : «وَقَالَ أَنَسٌ: شَهَادَةُ العَبْدِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ عَدْلاً» .
* * *
كِتَابُ الجَامِعِ
1196 -
عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى.
فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
1197 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ؛ فَهُوَ رَدٌّ» .
1198 -
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ - وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ -: «إِنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ.
وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ.
أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ تَعَالَى مَحَارِمُهُ.
أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ؛ أَلَا وَهِيَ القَلْبُ».
1199 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا هُنَّ؟
قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ الغَافِلَاتِ المُؤْمِنَاتِ».
1200 -
وَعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنْعاً وَهَاتِ.
وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثاً: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ».
1201 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» .
1202 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ:
مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا.
وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ.
وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ».
1203 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ، وَوَالِدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» .
1204 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ - أَوْ قَالَ: لِأَخِيهِ - مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» .
1205 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» .
1206 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدّاً وَهُوَ خَلَقَكَ.
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ!
قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ.
قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ».
1207 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» .
1208 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مِنَ الكَبَائِرِ: شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟!
قَالَ: نَعَمْ؛ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ».
1209 -
وَعَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ؛ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً.
وَمَنْ شَرِبَ سَمّاً فَقَتَلَ نَفْسَهُ؛ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً.
وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ؛ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً».
1210 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ! فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً» .
1211 -
وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ؛ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ» .
1212 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ! فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ؛ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً.
وَإِيَّاكُمْ وَالكَذِبَ! فَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ
يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الكَذِبَ؛ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً».
1213 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ -: إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً.
ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ.
ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ.
ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ.
فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ! إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ؛ فَيَدْخُلُهَا.
وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ؛ فَيَدْخُلُهَا».
1214 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ؛ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟
ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} الآيَةَ».
1215 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَطْفَالِ المُشْرِكِينَ - عَمَّنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ صَغِيراً -؛ فَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .
1216 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ! اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ! لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ؛ لَا مُكْرِهَ لَهُ» .
1217 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «عَطَسَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَانِ، فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ.
فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُشَمِّتْهُ: عَطَسَ فُلَانٌ فَشَمَّتَّهُ، وَعَطَسْتُ أَنَا فَلَمْ تُشَمِّتْنِي!
قَالَ: إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَإِنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ».
1218 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ» .
1219 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَقْعَدِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا، وَتَوَسَّعُوا» .
1220 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ اثْنَانِ» .
1221 -
وَعَنِ الحَسَنِ قَالَ: «عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ المُزَنِيَّ رضي الله عنه فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ مَعْقِلٌ رضي الله عنه: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ بِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ.
إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ؛ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ».
1222 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ!
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجْلِسَ؛ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ.
قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟
قَالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ».
1223 -
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً؛ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ.
وَلَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ».
1224 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً؛ فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا، أَوْ يُلْعِقَهَا» .
1225 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ» .
1226 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ؛ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ أَفْوَاهِهَا» .
1227 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ مِنْ زَمْزَمَ - مِنْ دَلْوٍ مِنْهَا - وَهُوَ قَائِمٌ» .
1228 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْرُنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ، حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ» .
1229 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَعَاهَدُوا هَذَا القُرْآنَ؛ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا» .
1230 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ؛ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ» .
1231 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ» .
1232 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَسُبُّ أَحَدُكُمُ الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ، وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ لِلْعِنَبِ الكَرْمَ؛ فَإِنَّ الكَرْمَ الرَّجُلُ المُسْلِمُ» .
1233 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: اسْقِ رَبَّكَ، أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ.
وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: رَبِّي، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي، مَوْلَايَ.
وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي، أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ، فَتَاتِي، غُلَامِي».
1234 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِي؛ وَلَكِنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِي» .
مُتَّفَقٌ عَلَى هَذِهِ الأَحَادِيثِ، وَاللَّفْظُ فِيهَا كُلِّهَا لِمُسْلِمٍ، وَبَعْضُ أَلْفَاظِهِ أَتَمُّ مِنْ أَلْفَاظِ البُخَارِيِّ؛ فَإِنَّ فِيهَا زِيَادَاتٍ لَمْ يَذْكُرْهَا البُخَارِيُّ.
1235 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً! وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً؛ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
1236 -
وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ؛ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» .
1237 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً؛ فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ.
وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ.
وَمَا زَالَ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أَحْبَبْتُهُ، فَكُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا.
وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ.
وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ».
1238 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ؛ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ» .
1239 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَقُلِ: الحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ - أَوْ صَاحِبُهُ -: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ؛ فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» .
1240 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَاراً، قَالَ: لَا تَغْضَبْ» .
1241 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهُ» .
1242 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ، وَالفَرَاغُ» .
1243 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبِي فَقَالَ: كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ».
1244 -
وَعَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» .
1245 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالاً هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ؛ إِنْ كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُوبِقَاتِ» .
1246 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» .
1247 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ النُّهْبَى، وَالمُثْلَةِ» .
1248 -
وَعَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كِيلُوا طَعَامَكُمْ؛ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» .
أَخْرَجَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ البُخَارِيُّ.
1249 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ؛ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ - أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا -؛ فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ» .
1250 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ.
احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجِزْ.
وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا! وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ».
1251 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْتَعْجَمَ القُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ؛ فَلْيَضْطَجِعْ» .
1252 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ؛ فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» .
1253 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» .
1254 -
وَعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ البِرِّ وَالإِثْمِ.
فَقَالَ: البِرُّ: حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ: مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ».
1255 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تبارك وتعالى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي! إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً؛ فَلَا تَظَالَمُوا.
يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ؛ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ.
يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ؛ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ.
يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ؛ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ.
يَا عِبَادِي! إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً؛ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ.
يَا عِبَادِي! إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي.
يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ؛ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئاً.
يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ؛ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً.
يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ؛ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ البَحْرَ.
يَا عِبَادِي! إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
قَالَ سَعِيدٌ: كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ».
1256 -
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ.
وَاتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ».
1257 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَتُؤَدَّنَّ الحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ» .
1258 -
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ! إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ» .
1259 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئاً، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» .
1260 -
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى المَاءِ» .
1261 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً؛ كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً.
وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ؛ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئاً».
1262 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا؛ نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ.
وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ؛ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً؛ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
وَاللَّهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ.
وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً؛ سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ.
وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ عز وجل يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ؛ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ».
1263 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» .
1264 -
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِيَّ، الغَنِيَّ، الخَفِيَّ» .
1265 -
وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ المُجَاشِعِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ - ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ -: «أَلَا إِنَّ رَبِّي عز وجل أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا: كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْداً حَلَالٌ.
وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَاناً.
وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ - عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ - إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ.
وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَاباً لَا يَغْسِلُهُ المَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِماً وَيَقْظَانَ.
وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشاً، فَقُلْتُ: رَبِّ! إِذَنْ يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً.
قَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا أَخْرَجُوكَ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ، وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقُ عَلَيْكَ، وَابْعَثْ جَيْشاً نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ، وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ.
قَالَ: وَأَهْلُ الجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ.
قَالَ: وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعاً لَا يَبْتَغُونَ أَهْلاً وَلَا مَالاً، وَالخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ، وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ - وَذَكَرَ البُخْلَ أَوِ الكَذِبَ -، وَالشِّنْظِيرُ الفَحَّاشُ».
وَفِي لَفْظٍ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» .
1266 -
وَعَنْ هَمَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ القُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ.
وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ.
وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ - قَالَ هَمَّامٌ: أَحْسِبُهُ قَالَ: مُتَعَمِّداً -؛ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
1267 -
وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ؟
قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ».
1268 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الإِسْلَامُ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيباً؛ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» .
1269 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ - يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ -، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ؛ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» .
1270 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ؛ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ؛ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» .
1271 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ؛ فَاقْتُلُوا الآخِرَ مِنْهُمَا» .
1272 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ؛ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» .
1273 -
وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ؛ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» .
1274 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ؛ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ.
قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: لَا، مَا صَلَّوْا».
1275 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الخِصْبِ فَأَعْطُوا الإِبِلَ حَظَّهَا مِنَ الأَرْضِ.
وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ فَبَادِرُوا بِهَا نِقْيَهَا.
وَإِذَا عَرَّسْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ؛ فَإِنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ، وَمَأْوَى الهَوَامِّ بِاللَّيْلِ».
1276 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ» .
1277 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدُكُمْ قَائِماً؛ فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ» .
1278 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي غَزْوَةٍ غَزَوْنَاهَا: «اسْتَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِباً مَا انْتَعَلَ» .
1279 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ فَلَا يَرُدُّهُ؛ فَإِنَّهُ خَفِيفُ المَحْمِلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ» .
1280 -
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ؛ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» .
1281 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الغِيبَةُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ.
قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟
قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ».
أَخْرَجَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ مُسْلِمٌ.
* * *
كِتَابُ الطِّبِّ
1282 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً؛ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1283 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1284 -
وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: «قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَتَدَاوَى؟
قَالَ: نَعَمْ، يَا عِبَادَ اللَّهِ! تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً؛ إِلَّا دَاءً وَاحِداً.
قَالُوا: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الهَرَمُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَصَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضاً.
1285 -
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً؛ فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ الخَثْعَمِيِّ الشَّامِيِّ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْهُ رضي الله عنه.
وَإِسْمَاعِيلُ: فِيهِ كَلَامٌ.
وَثَعْلَبَةُ: لَيْسَ بِذَاكَ المَشْهُورِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَأَبُو عِمْرَانَ: صَالِحُ الحَدِيثِ؛ قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
1286 -
وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ وَائِلٍ الحَضْرَمِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الجُعْفِيَّ رضي الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الخَمْرِ، فَنَهَاهُ - أَوْ كَرِهَ - أَنْ يَصْنَعَهَا.
فَقَالَ: إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1287 -
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي المُسْكِرِ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعاً.
1288 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1289 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيباً، فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقاً، ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1290 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُمَحِيِّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ؛ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي تَوْبَةَ الرَّبِيعِ بْنِ نَافِعٍ عَنْهُ.
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ لِسَعِيدٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:«يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ» .
وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ؛ فَقَالَ: «لَيْسَ ذَا بِشَيْءٍ» .
1291 -
وَعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اكْتَوَى، أَوِ اسْتَرْقَى؛ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ - وَصَحَّحَهُ -.
1292 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ فِي الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ؛ إِلَّا السَّامَ.
وَالسَّامُ: المَوْتُ، وَالحَبَّةُ السَّوْدَاءُ: الشُّونِيزُ».
1293 -
وَعَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ - أُخْتِ عُكَّاشَةَ رضي الله عنهما قَالَتْ: «دَخَلْتُ بِابْنٍ لِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ، فَبَالَ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّهُ.
قَالَتْ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ بِابْنٍ لِي قَدْ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ مِنَ العُذْرَةِ.
فَقَالَ: عَلَامَ تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ بِهَذَا العَلَاقِ؟ عَلَيْكُنَّ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ؛ مِنْهَا ذَاتُ الجَنْبِ؛ يُسْعَطُ مِنَ العُذْرَةِ، وَيُلَدُّ مِنْ ذَاتِ الجَنْبِ».
1294 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اسْقِهِ عَسَلاً، فَسَقَاهُ.
ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي سَقَيْتُهُ عَسَلاً فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقاً، فَقَالَ لَهُ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -.
ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: اسْقِهِ عَسَلاً.
فَقَالَ: لَقَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقاً.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ اللَّهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ، فَسَقَاهُ فَبَرَأَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
1295 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّقْيَةِ مِنَ العَيْنِ، وَالحُمَةِ، وَالنَّمْلَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1296 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنِي أَنْ أَسْتَرْقِيَ مِنَ العَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1297 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«العَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ القَدَرِ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1298 -
وَعَنْ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ: «يَا أَبَا حَمْزَةَ! اشْتَكَيْتُ، فَقَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: بَلَى.
قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَماً» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
1299 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! اشْتَكَيْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ، بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ».
1300 -
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي العَاصِي الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعاً يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي يَأْلَمُ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ - ثَلَاثاً -، وَقُلْ - سَبْعَ مَرَّاتٍ -: أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
1301 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالمُعَوِّذَاتِ.
فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ؛ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ، وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
* * *
تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ