المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ   ‌ ‌المُقَدِّمَةُ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى - متون طالب العلم - المستوى الثالث

[عبد المحسن القاسم]

فهرس الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

‌المُقَدِّمَةُ

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ العِلْمَ الشَّرْعِيَّ مِنْ أَجَلِّ القُرُبَاتِ، وَبِهِ تُنَالُ الرِّفْعَةُ فِي الدَّارَيْنِ، وَالظَّفَرُ بِالعِلْمِ بِحِفْظِ أُصُولِهِ، وَلِذَا قِيلَ

(1)

: «مَنْ حَفِظَ الأُصُولَ غَنِمَ الوُصُولْ، وَمَنْ ضَيَّعَ الأُصُولَ حُرِمَ الوُصُولْ، وَأُبْعِدَ عَنِ الأُصُولْ، وَطَالَتْ عَلَيْهِ الفُصُولْ، وَفَقَدَ حَتَّى القَلِيلَ المَحْصُولْ، وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ لَهُ إِلَى السَّمَاءِ وُصُولْ» .

(1)

القائل: الوالد رحمه الله.

ص: 5

وَقَدِ اجْتَهَدَ العُلَمَاءُ رحمهم الله بِوَضْعِ مُتُونٍ فِي كُلِّ فَنٍّ تَسْهِيلاً لِضَبْطِ العِلْمِ وَاسْتِحْضَارِ مَسَائِلِهِ، وَبِحِفْظِهَا انْتَشَرَ عِلْمُهُمْ فِي الآفَاقِ، وَسَارَ طُلَّابُهُمْ فِي الدِّيَارِ، فَانْتَفَعَتْ بِهِمُ الأُمَّةُ عَلَى مَرِّ العُصُورِ.

وَلِأَهَمِّيَّةِ الحِفْظِ لِطَالِبِ العِلْمِ؛ جَمَعْتُ لَهُ مُتُوناً مِنْ أَشْمَلِ المُتُونِ وَأَنْفَعِهَا، بَلَغَتْ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ (22) مَتْناً، قَسَّمْتُهَا إِلَى سِتَّةِ مُسْتَوَيَاتٍ، رَاعَيْتُ فِيهَا التَّدَرُّجَ فِي الحِفْظِ مَعَ تَنَوُّعِ الفُنُونِ.

وَقَدِ اعْتَمَدْتُ فِي تَحْقِيقِ نُصُوصِ مُتُونِ المُسْتَوَيَاتِ الخَمْسَةِ الأُولَى مِنْهَا عَلَى مِئَتَيْنِ وَثَلَاثِنَ (230) مَخْطُوطَةً، مُنْتَخَبَةً مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّ مِئَةِ (600) مَخْطُوطَةٍ، جَمَعْتُهَا مِنْ مَكْتَبَاتٍ وَخَزَائِنَ شَتَّى فِي العَالَمِ، وَأَثْبَتُّ وَصْفَ نُسَخِ كُلِّ مَتْنٍ فِي صَدْرِهِ.

ص: 6

كَمَا ضَبَطْتُ أَلْفَاظَهَا بِالشَّكْلِ، وَاعْتَنَيْتُ بِعَلَامَاتِ التَّرْقِيمِ، مُرَاعِياً مَعَانِيَ الأَلْفَاظِ فِيهَا.

وَسَمَّيْتُهَا: «مُتُونُ طَالِبِ العِلْمِ» يَحْتَاجُهَا الطَّالِبُ المُبْتَدِي، وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا الرَّاغِبُ المُنْتَهِي.

وَقَدْ جَرَّدْتُ هَذِهِ النُّسْخَةَ مِنْ حَوَاشِي الفُرُوقِ بَيْنَ نُسَخِ المَخْطُوطَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِيَسْهُلَ عَلَى الطَّالِبِ الحِفْظُ، وَأَثْبَتُّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى.

وَبَيَانُ هَذِهِ المُتُونِ وَمُسْتَوَيَاتِهَا مَا يَلِي:

* المُسْتَوَى التَّمْهِيدِيُّ: الأَذْكَارُ وَالآدَابُ.

* المُسْتَوَى الأَوَّلُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 -

الأُصُولُ الثَّلَاثَةُ وَأَدِلَّتُهَا.

2 -

القَوَاعِدُ الأَرْبَعُ.

ص: 7

3 -

نَوَاقِضُ الإِسْلَامِ.

4 -

الأَرْبَعُونَ فِي مَبَانِي الإِسْلَامِ وَقَوَاعِدِ الأَحْكَامِ (الأَرْبَعُونَ النَّوَوِيَّةُ).

* المُسْتَوَى الثَّانِي: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 -

تُحْفَةُ الأَطْفَالِ وَالغِلْمَانِ فِي تَجْوِيدِ القُرْآنِ.

2 -

شُرُوطُ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانُهَا وَوَاجِبَاتُهَا.

3 -

كِتَابُ التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى العَبِيدِ.

* المُسْتَوَى الثَّالِثُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 -

مَنْظُومَةُ البَيْقُونِيِّ.

2 -

مَنْظُومَةُ أَبِي إِسْحَاقَ الإِلْبِيرِيِّ.

3 -

المُقَدِّمَةُ الآجُرُّومِيَّةُ.

4 -

العَقِيدَةُ الوَاسِطِيَّةُ.

ص: 8

* المُسْتَوَى الرَّابِعُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 -

الوَرَقَاتُ.

2 -

عُنْوَانُ الحِكَمِ.

3 -

بُغْيَةُ البَاحِثِ عَنْ جُمَلِ المَوَارِثِ (الرَّحْبِيَّةُ).

4 -

العَقِيدَةُ الطَّحَاوِيَّةُ.

* المُسْتَوَى الخَامِسُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 -

بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ أَدِلَّةِ الأَحْكَامِ.

2 -

زَادُ المُسْتَقْنِعِ فِي اخْتِصَارِ المُقْنِعِ.

3 -

الخُلَاصَةُ فِي النَّحْوِ (أَلْفِيَّةُ ابْنِ مَالِكٍ).

* المُسْتَوَى السَّادِسُ: وَيَشْمَلُ المُتُونَ التَّالِيَةَ:

1 -

الجَامِعُ لِمَا فِي الصَّحِيْحَيْنِ.

2 -

أَفْرَادُ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.

3 -

الزَّوَائِدُ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ.

ص: 9

وَوَضَعْتُ بَعْدَ المُقَدِّمَةِ أَسْهَلَ طَرِيقَةٍ لِحِفْظِ المُتُونِ، وَمُرَاجَعَتِهَا، وَأَسْمَاءَ شُرُوحٍ مُقْتَرَحَةٍ لِمُتُونِ المُسْتَوَيَاتِ الخَمْسَةِ الأُولَى، وَأَسْمَاءَ كُتُبٍ مُقْتَرَحَةٍ لِلْقِرَاءَةِ مُرَتَّبَةً عَلَى تِلْكَ المُسْتَوَيَاتِ.

وَلِكِبَرِ حَجْمِ مُتُونِ «المُسْتَوَى الخَامِسِ» وَ «المُسْتَوَى السَّادِسِ» ؛ أَفْرَدْتُ كُلَّ مَتْنٍ فِيهِ عَلَى حِدَةٍ.

أَسْأَلُ اللَّهَ لِلْجَمِيعِ إِخْلَاصَ النِّيَّةِ، وَصَلَاحَ القَوْلِ وَالعَمَلِ، وَمُرَاقَبَتَهُ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ.

وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

ص: 10

‌أَسْهَلُ طَرِيقَةِ لِحِفْظِ المُتُونِ

المُدَاوَمَةُ عَلَى حِفْظِ المُتُونِ، وَعَدَمُ الإِكْثَارِ مِنَ المَحْفُوظِ اليَوْمِيِّ، وَالتَّأَنِّي فِي الحِفْظِ: هُوَ نَهْجُ العُلَمَاءِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ رحمه الله:«إِنَّمَا جَمَعْنَا هَذَا العِلْمَ بِالحَدِيثِ وَالحَدِيثَيْنِ، وَالمَسْأَلَةِ وَالمَسْأَلَتَيْنِ» .

وَالمَتْنُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَدِيثاً عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَثْراً، أَوْ نَظْماً.

* وَمِقْدَارُ مَا تَحْفَظُ مِنَ المُتُونِ مَا يَلِي:

1 -

إِذَا كَانَ المَتْنُ المَحْفُوظُ مِنْ مُتُونِ الحَدِيثِ؛ فَاحْفَظْ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ.

ص: 11

2 -

وَإِذَا كَانَ نَثْراً؛ فَاحْفَظْ جُمْلَةً مُفِيدَةً مِنْهُ لَا تَزِيدُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْطُرٍ.

3 -

وَإِذَا كَانَ مَنْظُوماً؛ فَلَا تَزِدْ عَلَى حِفْظِ ثَلَاثَةِ أَبْيَاتٍ.

وَبِهَذَا المَقْدَارِ المُتَأَنِّي مَعَ التَّكْرَارِ يَرْسَخُ المَحْفُوظُ - بِإِذْنِ اللَّهِ -.

* وَطَرِيقَةُ حِفْظِ المُتُونِ مَا يَلِي:

1 -

كَرِّرِ المِقْدَارَ الَّذِي تُرِيدُ حِفْظَهُ «عِشْرِينَ مَرَّةً» حِفْظاً، وَأَفْضَلُ وَقْتٍ لِلْحِفْظِ بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ.

2 -

كَرِّرْ بَعْدَ العَصْرِ أَوْ بَعْدَ المَغْرِبِ مَا حَفِظْتَهُ فِي الفَجْرِ «عِشْرِينَ مَرَّةً» حِفْظاً.

3 -

مِنَ الغَدِ وَقَبْلَ أَنْ تَبْدَأَ فِي حِفْظِ المِقْدَارِ الجَدِيدِ؛ اقْرَأْ مَا حَفِظْتَهُ أَمْسِ «عِشْرِينَ مَرَّةً» حِفْظاً.

ص: 12

4 -

ثُمَّ اقْرَأْ حِفْظاً مَا حَفِظْتَهُ مِنْ أَوَّلِ المَتْنِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى مَوْطِنِ الحِفْظِ الجَدِيدِ.

5 -

بَعْدَ ذَلِكَ ابْدَأْ فِي حِفْظِ الدَّرْسِ الجَدِيدِ بِالطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا.

6 -

كَرِّرْ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ يَوْمِيّاً حَتَّى تَنْتَهِيَ مِنَ حِفْظِ المَتْنِ وَيَرْسَخَ المَحْفُوظُ.

وَبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ سِرْ فِي كُلِّ مَتْنٍ تَحْفَظُهُ، مَعَ ضَرُورَةِ مُدَاوَمَةِ مُدَارَسَةِ العِلْمِ حِفْظاً وَمُرَاجَعَةً وَقِرَاءَةً لِلْكُتُبِ، وَحُضُورِ دُرُوسِ العُلَمَاءِ وَمُلَازَمَتِهِمْ، وَالسُّؤَالِ عَمَّا أَشْكَلَ مِنْ مَسَائِلِ العِلْمِ.

وَالحِفْظُ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّكْرَارِ، وَرُسُوخُ المَحْفُوظِ بِكَثْرَةِ تَكْرَارِهِ، وَهَذَا دَأْبُ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ

ص: 13

الشِّيرَازِيُّ رحمه الله يُعِيدُ مِقْدَارَ الحِفْظِ «مِئَةَ مَرَّةٍ» ، وَإِلْكِيَا الهَرَّاسِيُّ رحمه الله يُعِيدُ مِقْدَارَ الحِفْظِ «سَبْعِينَ مَرَّةً» ، وَإِلَيْكَ هَذِهِ القِصَّةَ الَّتِي تُظْهِرُ لَكَ أَنَّ قِلَّةَ التَّكْرَارِ سَبَبُ سُرْعَةِ النِّسْيَانِ:

قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ رحمه الله: «وَحَكَى لَنَا الحَسَنُ - يَعْنِي: ابْنَ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ - أَنَّ فَقِيهاً أَعَادَ الدَّرْسَ فِي بَيْتِهِ مِرَاراً كَثِيرَةً، فَقَالَتْ لَهُ عَجُوزٌ فِي بَيْتِهِ: قَدْ وَاللَّهِ حَفِظْتُهُ أَنَا، فَقَالَ: أَعِيدِيهِ، فَأَعَادَتْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ، قَالَ: يَا عَجُوزُ أَعِيدِي ذَلِكَ الدَّرْسَ، فَقَالَتْ: مَا أَحْفَظُهُ، قَالَ: أَنَا أُكَرِّرُ بَعْدَ الحِفْظِ؛ لِئَلاَّ يُصِيبَنِي مَا أَصَابَكِ»

(1)

.

(1)

الحث على حفظ العلم ص 36.

ص: 14

‌أَسْهَلُ طَرِيقَةِ لِمُرَاجَعَةِ المُتُونِ

إِذَا حَفِظْتَ مُتُوناً مُتَنَوِّعَةً فِي فُنُونِ العِلْمِ، فَرَاجِعْهَا؛ لِتَكُونَ أَرْسَخَ فِي الحِفْظِ، وَأَظْهَرَ فِي الِاسْتِحْضَارِ، وَأَسْرَعَ فِي الِاسْتِدْلَالِ، وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى إِتْقَانِ المَحْفُوظِ: قِرَاءَتُهُ عَلَى غَيْرِكَ حِفْظاً.

* وَطَرِيقَةُ مُرَاجَعَةِ المُتُونِ مَا يَلِي:

1 -

رَاجِعْ كُلَّ يَوْمٍ صَفْحَتَيْنِ، وَاقْرَأْهَا حِفْظاً «عِشْرِينَ مَرَّةً» .

2 -

وَفِي الغَدِ وَقَبْلَ أَنْ تَبْدَأَ فِي المُرَاجَعَةِ الجَدِيدِةِ؛ اقْرَأْ حِفْظاً مَا رَاجَعْتَهُ أَمْسِ «خَمْسَ مَرَّاتٍ» . صلى الله عليه وسلم -

ص: 15

3 -

ثُمَّ ابْدَأْ فِي المُرَاجَعَةِ الجَدِيدِةِ بِمِقْدَارِ صَفْحَتَيْنِ حِفْظاً «عِشْرِينَ مَرَّةً» ، وَهَكَذَا سِرْ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِلَى نِهَايَةِ المَتْنِ.

4 -

إِذَا انْتَهَيْتَ مِنْ مُرَاجَعَةِ المَتْنِ الأَوَّلِ؛ فَاقْرَأْ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ خَمْسَ صَفَحَاتٍ حِفْظاً حَتَّى تَنْتَهِيَ مِنْهُ.

5 -

إِذَا رَاجَعْتَ خَمْسَ صَفَحَاتٍ مِنَ المَتْنِ الأَوَّلِ؛ فَابْدَأْ فِي مُرَاجَعَةِ المَتْنِ الثَّانِي، كَمَا فَعَلْتَ فِي المَتْنِ الأَوَّلِ.

6 -

تَوَقَّفْ يَوْماً فِي الأُسْبُوعِ عَنِ المُرَاجَعَةِ الجَدِيدِةِ، وَاقْرَأْ حِفْظاً مَا رَاجَعْتَهُ فِي الأُسْبُوعِ.

ص: 16

7 -

إِذَا أَتْقَنْتَ المَحْفُوظَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛ فَلَا يَمْضِ عَلَيْكَ شَهْرٌ إِلَّا وَقَدْ رَاجَعْتَهُ كُلَّهُ حِفْظاً.

* * *

ص: 17

‌شُرُوحَاتٌ مُقْتَرَحَةُ لِلْمُتُون

* المستوى الأوَّل:

1 -

الأصول الثَّلاثة وأدلتها. شرح ثلاثة الأصول؛ لمحمد بن إبراهيم

2 -

القواعد الأربع. شرح القواعد الأربع؛ لصالح الفوزان

3 -

نواقض الإسلام. شرح نواقض الاسلام؛ لصالح الفوزان

4 -

الأربعون النَّوويَّة. جامع العلوم والحكم؛ لابن رجب

* المستوى الثَّاني:

1 -

تحفة الأطفال. فتح الأقفال شرح تحفة الأطفال؛ للجمزوري

2 -

شروط الصَّلاة. شرح كتاب شروط الصلاة؛ لعبد العزيز ابن باز

3 -

كتاب التَّوحيد. حاشية كتاب التوحيد؛ لابن قاسم

* المستوى الثَّالث:

1 -

منظومة البيقوني. شرح منظومة البيقوني؛ لحسن المَشَّاط

2 -

منظومة أبي إسحاق الالبيري.

3 -

المقدِّمة الآجرُّوميَّة. شرح المقدِّمة الآجرُّوميَّة؛ لمحمد ابن عثيمين

4 -

العقيدة الواسطيَّة. شرح العقيدة الواسطيَّة؛ لمحمد بن إبراهيم

* المستوى الرَّابع:

1 -

الورقات. شرح الورقات؛ لعبد الله الفوزان

2 -

عنوان الحِكَم.

3 -

الرَّحبيَّة. حاشية الرَّحبيَّة؛ لابن قاسم

4 -

العقيدة الطَّحاويَّة. شرح العقيدة الطَّحاويَّة؛ لابن أبي العز

* المستوى الخامس:

1 -

بلوغ المرام. منحة العلَّام؛ لعبد الله الفوزان

2 -

زاد المستقنع. حاشية الروض المربع؛ لابن قاسم

3 -

ألفيَّة ابن مالك. شرح ابن عقيل

ص: 19

‌كُتُبٌ مُقْتَرَحَةٌ لِلْقِرَاءَةِ

المستوى الأوَّل:

1 -

التبيان في آداب حملة القرآن؛ للنووي.

2 -

الوابل الصيب من الكلم الطيب؛ لابن القيم.

المستوى الثَّاني:

1 -

الكبائر؛ للذهبي.

2 -

الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لابن كثير.

المستوى الثَّالث:

1 -

الجواب الكافي؛ لابن القيم.

2 -

العبودية؛ لشيخ الإسلام.

المستوى الرَّابع:

1 -

حادي الأرواح؛ لابن القيم.

2 -

صيد الخاطر؛ لابن الجوزي.

المستوى الخامس:

1 -

تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير.

2 -

زاد المعاد؛ لابن القيم.

* * *

ثم بعد ذلك قراءة بقية كتب شيخ الاسلام وابن القيم

وابن كثير وابن رجب والذهبي وغيرهم من علماء السلف

ص: 21

‌مَنْظُومَةُ البَيْقُونِيّ

لِعُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فُتُوحٍ البَيْقُونِيّ

(كَانَ رحمه الله حَيّاً قَبْلَ سَنَةِ 1065 هـ)

[عدد الأبيات: 34]

[البحر: الرّجز]

ص: 23

*‌

‌ النسخ المعتمدة في تحقيق هذا المتن

ـ نُسْخَةٌ خَطِّية بمكتبة شهيد علي باشا ضمن المكتبة السُّلَيْمَانِيَّة -تركيا-، برقم (542/ 2)، تاريخ نسخها: 1076 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة لاله لي ضمن المكتبة السليمانية -تركيا-، برقم (381/ 1)، تاريخ نسخها: 1081 هـ.

ـ نسخة خطِّية بدار الكتب والوثائق القوميَّة -مصر-، برقم (44058/ 178)، تاريخ نسخها: 1081 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة أسعد أفندي ضمن المكتبة السليمانية -تركيا-، برقم (3631)، تاريخ نسخها: 1083 هـ.

ـ نسخة خطية بالمكتبة الأزهرية -مصر-، برقم (6158)، تاريخ نسخها: 1226 هـ.

ـ نسخة خطِّية بدار الكتب والوثائق القوميَّة -مصر-، برقم (44060/ 180)، تاريخ نسخها: 1232 هـ.

ص: 25

ـ نسخة خطِّية بمكتبة مجلس الشُّورى - إيران - برقم (87342)، تاريخ نسخها: 1270 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة الحرم المكِّي - السعودية - برقم (3912/ 4).

ـ نسخة خطِّية بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة النبوية (مجموعة المكتبة المحمودية) -السعودية- برقم (2728).

ـ نسخة خطِّية بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة النبوية (مجموعة مكتبة عارف حكمت) -السعودية- برقم (206/ 11).

ـ نسخة خطِّية بجامعة الملك سعود - السعودية - برقم (774).

ـ نسخة خطِّية بدار الكتب والوثائق القوميَّة - مصر- برقم (44059/ 179).

ص: 26

بسم الله الرحمن الرحيم

1 -

أَبْدَأُ بِالحَمْدِ مُصَلِّياً عَلَى

مُحَمَّدٍ خَيْرِ نَبِيٍّ أُرْسِلَا

2 -

وَذِي مِنَ اقْسَامِ الحَدِيثِ عِدَّهْ

وَكُلُّ وَاحِدٍ أَتَى وَحَدَّهْ

3 -

أَوَّلُهَا الصَّحِيحُ وَهْوَ مَا اتَّصَلْ

إِسْنَادُهُ وَلَمْ يَشِذَّ أَوْ يُعَلْ

4 -

يَرْوِيهِ عَدْلٌ ضَابِطٌ عَنْ مِثْلِهِ

مُعْتَمَدٌ فِي ضَبْطِهِ وَنَقْلِهِ

5 -

وَالحَسَنُ المَعْرُوفُ طُرْقاً وَغَدَتْ

رِجَالُهُ لَا كَالصَّحِيحِ اشْتَهَرَتْ

ص: 27

6 -

وَكُلُّ مَا عَنْ رُتْبَةِ الحُسْنِ قَصُرْ

فَهْوَ الضَّعِيفُ وَهْوَ أَقْسَاماً كَثُرْ

7 -

وَمَا أُضِيفَ لِلنَّبِي المَرْفُوعُ

وَمَا لِتَابِعٍ هُوَ المَقْطُوعُ

8 -

وَالمُسْنَدُ المُتَّصِلُ الإِسْنَادِ مِنْ

رَاوِيهِ حَتَّى المُصْطَفَى وَلَمْ يَبِنْ

9 -

وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يَتَّصِلْ

إِسْنَادُهُ لِلْمُصْطَفَى فَالمُتَّصِلْ

10 -

مُسَلْسَلٌ قُلْ مَا عَلَى وَصْفٍ أَتَى

مِثْلُ أَمَا وَاللَّهِ أَنْبَانِي الفَتَى

11 -

كَذَاكَ قَدْ حَدَّثَنِيهِ قَائِمَا

أَوْ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِي تَبَسَّمَا

ص: 28

12 -

عَزِيزُ مَرْوِي اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَهْ

مَشْهُورُ مَرْوِي فَوْقَ مَا ثَلَاثَهْ

13 -

مُعَنْعَنٌ كَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ كَرَمْ

وَمُبْهَمٌ مَا فِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمْ

14 -

وَكُلُّ مَا قَلَّتْ رِجَالُهُ عَلَا

وَضِدُّهُ ذَاكَ الَّذِي قَدْ نَزَلَا

15 -

وَمَا أَضَفْتَهُ إِلَى الأَصْحَابِ مِنْ

قَوْلٍ وَفِعْلٍ فَهْوَ مَوْقُوفٌ زُكِنْ

16 -

وَمُرْسَلٌ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ سَقَطْ

وَقُلْ غَرِيبٌ مَا رَوَى رَاوٍ فَقَطْ

17 -

وَكُلُّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِحَالِ

إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعُ الأَوْصَالِ

ص: 29

18 -

وَالمُعْضَلُ السَّاقِطُ مِنْهُ اثْنَانِ

وَمَا أَتَى مُدَلَّساً نَوْعَانِ

19 -

الأَوَّلُ الإِسْقَاطُ لِلشَّيْخِ وَأَنْ

يَنْقُلَ عَمَّنْ فَوْقَهُ بِعَنْ وَأَنْ

20 -

وَالثَّانِ لَا يُسْقِطُهُ لَكِنْ يَصِفْ

أَوْصَافَهُ بِمَا بِهِ لَا يَنْعَرِفْ

21 -

وَمَا يُخَالِفْ ثِقَةٌ فِيهِ المَلَا

فَالشَّاذُ وَالمَقْلُوبُ قِسْمَانِ تَلَا

22 -

إِبْدَالُ رَاوٍ مَا بِرَاوٍ قِسْمُ

وَقَلْبُ إِسْنَادٍ لِمَتْنٍ قِسْمُ

23 -

وَالفَرْدُ مَا قَيَّدْتَهُ بِثِقَةِ

أَوْ جَمْعٍ اوْ قَصْرٍ عَلَى رِوَايَةِ

ص: 30

24 -

وَمَا بِعِلَّةٍ غُمُوضٍ أَوْ خَفَا

مُعَلَّلٌ عِنْدَهُمُ قَدْ عُرِفَا

25 -

وَذُو اخْتِلَافِ سَنَدٍ أَوْ مَتْنِ

مُضْطَرِبٌ عِنْدَ أُهَيْلِ الفَنِّ

26 -

وَالمُدْرَجَاتُ فِي الحَدِيثِ مَا أَتَتْ

مِنْ بَعْضِ أَلْفَاظِ الرُّوَاةِ اتَّصَلَتْ

27 -

وَمَا رَوَى كُلُّ قَرِينٍ عَنْ أَخِهْ

مُدَبَّجٌ فَاعْرِفْهُ حَقّاً وَانْتَخِهْ

28 -

مُتَّفِقٌ لَفْظاً وَخَطّاً مُتَّفِقْ

وَضِدُّهُ فِيمَا ذَكَرْنَا المُفْتَرِقْ

29 -

مُؤْتَلِفٌ مُتَّفِقُ الخَطِّ فَقَطْ

وَضِدُّهُ مُخْتَلِفٌ فَاخْشَ الغَلَطْ

ص: 31

30 -

وَالمُنْكَرُ الفَرْدُ بِهِ رَاوٍ غَدَا

تَعْدِيلُهُ لَا يَحْمِلُ التَّفَرُّدَا

31 -

مَتْرُوكُهُ مَا وَاحِدٌ بِهِ انْفَرَدْ

وَأَجْمَعُوا لِضَعْفِهِ فَهْوَ يُرَدْ

32 -

وَالكَذِبُ المُخْتَلَقُ المَصْنُوعُ

عَلَى النَّبِي فَذَلِكَ المَوْضُوعُ

33 -

وَقَدْ أَتَتْ كَالجَوْهَرِ المَكْنُونِ

سَمَّيْتُهَا «مَنْظُومَةَ البَيْقُونِي»

34 -

فَوْقَ الثَّلَاثِينَ بِأَرْبَعٍ أَتَتْ

أَبْيَاتُهَا ثُمَّ بِخَيْرٍ خُتِمَتْ

* * *

تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ

ص: 32

‌مَنْظُومَةُ أَبِي إِسْحَاقَ الإِلبِيْرِيّ

لِأَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَسْعُودٍ التُّجِيبِيّ الغَرْنَاطِيّ الإِلْبِيْرِيّ

رحمه الله (ت 460 هـ)

[عدد الأبيات: 112]

[البحر: الوافر]

ص: 33

*‌

‌ النسخ المعتمدة في تحقيق هذا المتن:

ـ نسخة خطِّية لديوان أبي إسحاق الإلبيري، بمكتبة الأسكوريال - إسبانيا - برقم (404/ 2)، تاريخ نسخها: 676 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمركز الملك فيصل - السعودية - برقم (447/ 14).

ـ نسخة خطِّية بمركز الملك فيصل - السعودية - برقم (2942/ 16/ف).

ـ نسخة خطِّية بالمكتبة الحسنيَّة - المغرب - برقم (492).

ـ نسخة خطِّية بالمكتبة الحسنيَّة - المغرب - برقم (2349).

ـ نسخة خطِّية بالمكتبة القاسميَّة بزاوية الهامل - الجزائر - برقم (120).

ـ نسخة خطية بمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية بالدار البيضاء - المغرب - برقم (309).

ص: 34

بسم الله الرحمن الرحيم

1 -

تَفُتُّ فُؤَادَكَ الأَيَّامُ فَتَّا

وَتَنْحِتُ جِسْمَكَ السَّاعَاتُ نَحْتَا

2 -

وَتَدْعُوكَ المَنُونُ دُعَاءَ صِدْقٍ

أَلَا يَا صَاحِ أَنْتَ أُرِيدُ أَنْتَا

3 -

أَرَاكَ تُحِبُّ عِرْساً ذَاتَ غَدْرٍ

أَبَتَّ طَلَاقَهَا الأَكْيَاسُ بَتَّا

4 -

تَنَامُ الدَّهْرَ وَيْحَكَ فِي غَطِيطٍ

بِهَا حَتَّى إِذَا مِتَّ انْتَبَهْتَا

5 -

فَكَمْ ذَا أَنْتَ مَخْدُوعٌ وَحَتَّى

مَتَى لَا تَرْعَوِي عَنْهَا وَحَتَّى

ص: 35

6 -

«أَبَا بَكْرٍ» دَعَوْتُكَ لَوْ أَجَبْتَا

إِلَى مَا فِيهِ حَظُّكَ إِنْ عَقَلْتَا

7 -

إِلَى عِلْمٍ تَكُونُ بِهِ إِمَاماً

مُطَاعاً إِنْ نَهَيْتَ وَإِنْ أَمَرْتَا

8 -

وَيَجْلُو مَا بِعَيْنِكَ مِنْ غَشَاهَا

وَيَهْدِيكَ السَّبِيلَ إِذَا ضَلَلْتَا

9 -

وَتَحْمِلُ مِنْهُ فِي نَادِيكَ تَاجاً

وَيَكْسُوكَ الجَمَالَ إِذَا اغْتَرَبْتَا

10 -

يَنَالُكَ نَفْعُهُ مَا دُمْتَ حَيّاً

وَيَبْقَى ذُخْرُهُ لَكَ إِنْ ذَهَبْتَا

11 -

هُوَ العَضْبُ المُهَنَّدُ لَيْسَ يَنْبُو

تُصِيبُ بِهِ مَقَاتِلَ مَنْ ضَرَبْتَا

ص: 36

12 -

وَكَنْزٌ لَا تَخَافُ عَلَيْهِ لِصّاً

خَفِيفُ الحَمْلِ يُوجَدُ حَيْثُ كُنْتَا

13 -

يَزِيدُ بِكَثْرَةِ الإِنْفَاقِ مِنْهُ

وَيَنْقُصُ إِنْ بِهِ كَفّاً شَدَدْتَا

14 -

فَلَوْ قَدْ ذُقْتَ مِنْ حَلْوَاهُ طَعْماً

لَآثَرْتَ التَّعَلُّمَ وَاجْتَهَدْتَا

15 -

وَلَمْ يَشْغَلْكَ عَنْهُ هَوىً مُطَاعٌ

وَلَا دُنْيَا بِزُخْرُفِهَا فُتِنْتَا

16 -

وَلَا أَلْهَاكَ عَنْهُ أَنِيقُ رَوْضٍ

وَلَا خِدْرٌ بِرَبْرَبِهِ كَلِفْتَا

17 -

فَقُوتُ الرُّوحِ أَرْوَاحُ المَعَانِي

وَلَيْسَ بِأَنْ طَعِمْتَ وَأَنْ شَرِبْتَا

ص: 37

18 -

فَوَاظِبْهُ وَخُذْ بِالجِدِّ فِيهِ

فَإِنْ أَعْطَاكَهُ اللَّهُ أَخَذْتَا

19 -

وَإِنْ أُوتِيتَ فِيهْ طُولَ بَاعٍ

وَقَالَ النَّاسُ إِنَّكَ قَدْ سَبَقْتَا

20 -

فَلَا تَأْمَنْ سُؤَالَ اللَّهِ عَنْهُ

بِتَوْبِيخٍ عَلِمْتَ فَهَلْ عَمِلْتَا

21 -

فَرَأْسُ العِلْمِ تَقْوَى اللَّهِ حَقّاً

وَلَيْسَ بِأَنْ يُقَالَ لَقَدْ رَأَسْتَا

22 -

وَضَافِي ثَوْبِكَ الإِحْسَانُ لَا أَنْ

تُرَى ثَوْبَ الإِسَاءَةِ قَدْ لَبِسْتَا

23 -

إِذَا مَا لَمْ يُفِدْكَ العِلْمُ خَيْراً

فَخَيْرٌ مِنْهُ أَنْ لَوْ قَدْ جَهِلْتَا

ص: 38

24 -

وَإِنْ أَلْقَاكَ فَهْمُكَ فِي مَهَاوٍ

فَلَيْتَكَ ثُمَّ لَيْتَكَ مَا فَهِمْتَا

25 -

سَتَجْنِي مِنْ ثِمَارِ العَجْزِ جَهْلاً

وَتَصْغُرُ فِي العُيُونِ وَإِنْ كَبِرْتَا

26 -

وَتُفْقَدُ إِنْ جَهِلْتَ وَأَنْتَ بَاقٍ

وَتُوجَدُ إِنْ عَلِمْتَ وَإِنْ فُقِدْتَا

27 -

وَتَذْكُرُ قَوْلَتِي لَكَ بَعْدَ حِينٍ

وَتَغْبِطُهَا إِذَا عَنْهَا شُغِلْتَا

28 -

لَسَوْفَ تَعَضُّ مِنْ نَدَمٍ عَلَيْهَا

وَمَا تُغْنِي النَّدَامَةُ إِنْ نَدِمْتَا

29 -

إِذَا أَبْصَرْتَ صَحْبَكَ فِي سَمَاءٍ

قَدِ ارْتَفَعُوا عَلَيْكَ وَقَدْ سَفُلْتَا

ص: 39

30 -

وَلَا تَحْفِلْ بِمَالِكَ وَالْهُ عَنْهُ

فَلَيْسَ المَالُ إِلَّا مَا عَلِمْتَا

31 -

وَلَيْسَ لِجَاهِلٍ فِي النَّاسِ مَعْنًى

وَلَوْ مُلْكُ العِرَاقِ لَهُ تَأَتَّى

32 -

سَيَنْطِقُ عَنْكَ عِلْمُكَ فِي نَدِيٍّ

وَيُكْتَبُ عَنْكَ يَوْماً إِنْ كَتَبْتَا

33 -

وَمَا يُغْنِيكَ تَشْيِيدُ المَبَانِي

إِذَا بِالجَهْلِ نَفْسَكَ قَدْ هَدَمْتَا

34 -

جَعَلْتَ المَالَ فَوْقَ العِلْمِ جَهْلاً

لَعَمْرُكَ فِي القَضِيَّةِ مَا عَدَلْتَا

35 -

وَبَيْنَهُمَا بِنَصِّ الوَحْيِ بَوْنٌ

سَتَعْلَمُهُ إِذَا «طَهَ» قَرَأْتَا

ص: 40

36 -

لَئِنْ رَفَعَ الغَنِيُّ لِوَاءَ مَالٍ

لَأَنْتَ لِوَاءَ عِلْمِكَ قَدْ رَفَعْتَا

37 -

وَإِنْ جَلَسَ الغَنِيُّ عَلَى الحَشَايَا

لَأَنْتَ عَلَى الكَوَاكِبِ قَدْ جَلَسْتَا

38 -

وَإِنْ رَكِبَ الجِيَادَ مُسَوَّمَاتٍ

لَأَنْتَ مَنَاهِجَ التَّقْوَى رَكِبْتَا

39 -

وَمَهْمَا اقْتَضَّ أَبْكَارَ الغَوَانِي

فَكَمْ بِكْرٍ مِنَ الحِكَمِ افْتَضَضْتَا

40 -

وَلَيْسَ يَضُرُّكَ الإِقْتَارُ شَيْئاً

إِذَا مَا أَنْتَ رَبَّكَ قَدْ عَرَفْتَا

41 -

فَمَاذَا عِنْدَهُ لَكَ مِنْ جَمِيلٍ

إِذَا بِفِنَاءِ طَاعَتِهِ أَنَخْتَا

ص: 41

42 -

فَقَابِلْ بِالقَبُولِ صَحِيحَ نُصْحِي

فَإِنْ أَعْرَضْتَ عَنْهُ فَقَدْ خَسِرْتَا

43 -

وَإِنْ رَاعَيْتَهُ قَوْلاً وَفِعْلاً

وَتَاجَرْتَ الإِلَهَ بِهِ رَبِحْتَا

44 -

فَلَيْسَتْ هَذِهِ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ

تَسُوؤُكَ حِقْبَةً وَتَسُرُّ وَقْتَا

45 -

وَغَايَتُهَا إِذَا فَكَّرْتَ فِيهَا

كَفَيْئِكَ أَوْ كَحُلْمِكَ إِنْ حَلَمْتَا

46 -

سُجِنْتَ بِهَا وَأَنْتَ لَهَا مُحِبٌّ

فَكَيْفَ تُحِبُّ مَا فِيهِ سُجِنْتَا

47 -

وَتُطْعِمُكَ الطَّعَامَ وَعَنْ قَرِيبٍ

سَتَطْعَمُ مِنْكَ مَا مِنْهَا طَعِمْتَا

ص: 42

48 -

وَتَعْرَى إِنْ لَبِسْتَ لَهَا ثِيَاباً

وَتُكْسَى إِنْ مَلَابِسَهَا خَلَعْتَا

49 -

وَتَشْهَدُ كُلَّ يَوْمٍ دَفْنَ خِلٍّ

كَأَنَّكَ لَا تُرَادُ بِمَا شَهِدْتَا

50 -

وَلَمْ تُخْلَقْ لِتَعْمُرَهَا وَلَكِنْ

لِتَعْبُرَهَا فَجِدَّ لِمَا خُلِقْتَا

51 -

وَإِنْ هُدِمَتْ فَزِدْهَا أَنْتَ هَدْماً

وَحَصِّنْ أَمْرَ دِينِكَ مَا اسْتَطَعْتَا

52 -

وَلَا تَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَ مِنْهَا

إِذَا مَا أَنْتَ فِي أُخْرَاكَ فُزْتَا

53 -

فَلَيْسَ بِنَافِعٍ مَا نِلْتَ مِنْهَا

مِنَ الفَانِي إِذَا البَاقِي حُرِمْتَا

ص: 43

54 -

وَلَا تَضْحَكْ مَعَ السُّفَهَاءِ لَهْواً

فَإِنَّكَ سَوْفَ تَبْكِي إِنْ ضَحِكْتَا

55 -

وَكَيْفَ لَكَ السُّرُورُ وَأَنْتَ رَهْنٌ

وَلَا تَدْرِي أَتُفْدَى أَمْ غَلِقْتَا

56 -

وَسَلْ مِنْ رَبِّكَ التَّوْفِيقَ فِيهَا

وَأَخْلِصْ فِي السُّؤَالِ إِذَا سَأَلْتَا

57 -

وَنَادِ إِذَا سَجَدْتَ لَهُ اعْتِرَافاً

بِمَا نَادَاهُ ذُو النُّونِ ابْنُ مَتَّى

58 -

وَلَازِمْ بَابَهُ قَرْعاً عَسَاهُ

سَيَفْتَحُ بَابَهُ لَكَ إِنْ قَرَعْتَا

59 -

وَأَكْثِرْ ذِكْرَهُ فِي الأَرْضِ دَأْباً

لِتُذْكَرَ فِي السَّمَاءِ إِذَا ذَكَرْتَا

ص: 44

60 -

وَلَا تَقُلِ الصِّبَا فِيهِ مَجَالٌ

وَفَكِّرْ كَمْ صَغِيرٍ قَدْ دَفَنْتَا

61 -

وَقُلْ لِي يَا نَصِيحُ لَأَنْتَ أَوْلَى

بِنُصْحِكَ لَوْ بِعَقْلِكَ قَدْ نَظَرْتَا

62 -

تُقَطِّعُنِي عَلَى التَّفْرِيطِ لَوْماً

وَبِالتَّفْرِيطِ دَهْرَكَ قَدْ قَطَعْتَا

63 -

وَفِي صِغَرِي تُخَوِّفُنِي المَنَايَا

وَمَا تَجْرِي بِبَالِكَ حِينَ شِخْتَا

64 -

وَكُنْتَ مَعَ الصِّبَا أَهْدَى سَبِيلاً

فَمَا لَكَ بَعْدَ شَيْبِكَ قَدْ نُكِسْتَا

65 -

وَهَا أَنَا لَمْ أَخُضْ بَحْرَ الخَطَايَا

كَمَا قَدْ خُضْتَهُ حَتَّى غَرِقْتَا

ص: 45

66 -

وَلَمْ أَشْرَبْ حُمَيَّا أُمِّ دَفْرٍ

وَأَنْتَ شَرِبْتَهَا حَتَّى سَكِرْتَا

67 -

وَلَمْ أَحْلُلْ بِوَادٍ فِيهِ ظُلْمٌ

وَأَنْتَ حَلَلْتَ فِيهِ وَانْهَمَلْتَا

68 -

وَلَمْ أَنْشَأْ بِعَصْرٍ فِيهِ نَفْعٌ

وَأَنْتَ نَشَأْتَ فِيهِ وَمَا انْتَفَعْتَا

69 -

وَقَدْ صَاحَبْتَ أَعْلَاماً كِبَاراً

وَلَمْ أَرَكَ اقْتَدَيْتَ بِمَنْ صَحِبْتَا

70 -

وَنَادَاكَ الكِتَابُ فَلَمْ تُجِبْهُ

وَنَهْنَهَكَ المَشِيبُ فَمَا انْتَبَهْتَا

71 -

لَيَقْبُحُ بِالفَتَى فِعْلُ التَّصَابِي

وَأَقْبَحُ مِنْهُ شَيْخٌ قَدْ تَفَتَّى

ص: 46

72 -

فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالتَّفْنِيدِ مِنِّي

وَلَوْ سَكَتَ المُسِيءُ لَمَا نَطَقْتَا

73 -

وَنَفْسَكَ ذُمَّ لَا تَذْمُمْ سِوَاهَا

بِعَيْبٍ فَهْيَ أَجْدَرُ مَنْ ذَمَمْتَا

74 -

فَلَوْ بَكَتِ الدِّمَا عَيْنَاكَ خَوْفاً

لِذَنْبِكَ لَمْ أَقُلْ لَكَ قَدْ أَمِنْتَا

75 -

وَمَنْ لَكَ بِالأَمَانِ وَأَنْتَ عَبْدٌ

أُمِرْتَ فَمَا ائْتَمَرْتَ وَلَا أَطَعْتَا

76 -

ثَقُلْتَ مِنَ الذُّنُوبِ وَلَسْتَ تَخْشَى

لِجَهْلِكَ أَنْ تَخِفَّ إِذَا وُزِنْتَا

77 -

وَتُشْفِقُ لِلْمُصِرِّ عَلَى المَعَاصِي

وَتَرْحَمُهُ وَنَفْسَكَ مَا رَحِمْتَا

ص: 47

78 -

رَجَعْتَ القَهْقَرَى وَخَبَطْتَ عَشْوَا

لَعَمْرُكَ لَوْ وَصَلْتَ لَمَا رَجَعْتَا

79 -

وَلَوْ وَافَيْتَ رَبَّكَ دُونَ ذَنْبٍ

وَنَاقَشَكَ الحِسَابَ إِذاً هَلَكْتَا

80 -

وَلَمْ يَظْلِمْكَ فِي عَمَلٍ وَلَكِنْ

عَسِيرٌ أَنْ تَقُومَ بِمَا حَمَلْتَا

81 -

وَلَوْ قَدْ جِئْتَ يَوْمَ الفَصْلِ فَرْداً

وَأَبْصَرْتَ المَنَازِلَ فِيهِ شَتَّى

82 -

لَأَعْظَمْتَ النَّدَامَةَ فِيهِ لَهْفاً

عَلَى مَا فِي حَيَاتِكَ قَدْ أَضَعْتَا

83 -

تَفِرُّ مِنَ الهَجِيرِ وَتَتَّقِيهِ

فَهَلَّا عَنْ جَهَنَّمَ قَدْ فَرَرْتَا

ص: 48

84 -

وَلَسْتَ تُطِيقُ أَهْوَنَهَا عَذَاباً

وَلَوْ كُنْتَ الحَدِيدَ بِهَا لَذُبْتَا

85 -

فَلَا تُكْذَبْ فَإِنَّ الأَمْرَ جِدٌّ

وَلَيْسَ كَمَا حَسِبْتَ وَلَا ظَنَنْتَا

86 -

«أَبَا بَكْرٍ» كَشَفْتَ أَقَلَّ عَيْبِي

وَأَكْثَرَهُ وَمُعْظَمَهُ سَتَرْتَا

87 -

فَقُلْ مَا شِئْتَ فِيَّ مِنَ المَخَازِي

وَضَاعِفْهَا فَإِنَّكَ قَدْ صَدَقْتَا

88 -

وَمَهْمَا عِبْتَنِي فَلِفَرْطِ عِلْمِي

بِبَاطِنَتِي كَأَنَّكَ قَدْ مَدَحْتَا

89 -

فَلَا تَرْضَ المَعَايِبَ فَهْيَ عَارٌ

عَظِيمٌ يُورِثُ الإِنْسَانَ مَقْتَا

ص: 49

90 -

وَتَهْوِي بِالوَجِيهِ مِنَ الثُّرَيَّا

وَتُبْدِلُهُ مَكَانَ الفَوْقِ تَحْتَا

91 -

كَمَا الطَّاعَاتُ تَنْعَلُكَ الدَّرَارِي

وَتَجْعَلُكَ القَرِيبَ وَإِنْ بَعُدْتَا

92 -

وَتَنْشُرُ عَنْكَ فِي الدُّنْيَا جَمِيلاً

فَتَلْقَى البِرَّ فِيهَا حَيْثُ كُنْتَا

93 -

وَتَمْشِي فِي مَنَاكِبِهَا كَرِيماً

وَتَجْنِي الحَمْدَ مِمَّا قَدْ غَرَسْتَا

94 -

وَأَنْتَ الآنَ لَمْ تُعْرَفْ بِعَابٍ

وَلَا دَنَّسْتَ ثَوْبَكَ مُذْ نَشَأْتَا

95 -

وَلَا سَابَقْتَ فِي مَيْدَانِ زُورٍ

وَلَا أَوْضَعْتَ فِيهِ وَلَا خَبَبْتَا

ص: 50

96 -

فَإِنْ لَمْ تَنْأَ عَنْهُ نَشِبْتَ فِيهِ

وَمَنْ لَكَ بِالخَلَاصِ إِذَا نَشِبْتَا

97 -

وَدَنَّسَ مَا تَطَهَّرَ مِنْكَ حَتَّى

كَأَنَّكَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا طَهَرْتَا

98 -

وَصِرْتَ أَسِيرَ ذَنْبِكَ فِي وَثَاقٍ

وَكَيْفَ لَكَ الفَكَاكُ وَقَدْ أُسِرْتَا

99 -

وَخَفْ أَبْنَاءَ جِنْسِكَ وَاخْشَ مِنْهُمْ

كَمَا تَخْشَى الضَّرَاغِمَ وَالسَّبَنْتَى

100 -

وَخَالِطْهُمْ وَزَايِلْهُمْ حِذَاراً

وَكُنْ كَـ «السَّامِرِيِّ» إِذَا لُمِسْتَا

101 -

وَإِنْ جَهِلُوا عَلَيْكَ فَقُلْ سَلَاماً

لَعَلَّكَ سَوْفَ تَسْلَمُ إِنْ فَعَلْتَا

ص: 51

102 -

وَمَنْ لَكَ بِالسَّلَامَةِ فِي زَمَانٍ

يَنَالُ العُصْمَ إلَّا إِنْ عُصِمْتَا

103 -

وَلَا تَلْبَثْ بِحَيٍّ فِيهِ ضَيْمٌ

يُمِيتُ القَلْبَ إلَّا إِنْ كُبِلْتَا

104 -

وَغَرِّبْ فَالغَرِيبُ لَهُ نَفَاقٌ

وَشَرِّقْ إِنْ بِرِيقِكَ قَدْ شَرِقْتَا

105 -

فَلَيْسَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا خُمُولاً

لَأَنْتَ بِهَا الأَمِيرُ إِذَا زَهِدْتَا

106 -

وَلَوْ فَوْقَ الأَمِيرِ تَكُونُ فِيهَا

سُمُوّاً وَافْتِخَاراً كُنْتَ أَنْتَا

107 -

وَإِنْ فَرَّقْتَهَا وَخَرَجْتَ مِنْهَا

إِلَى دَارِ السَّلَامِ فَقَدْ سَلِمْتَا

ص: 52

108 -

وَإِنْ كَرَّمْتَهَا وَنَظَرْتَ فِيهَا

بِإِجْلَالٍ فَنَفْسَكَ قَدْ أَهَنْتَا

109 -

جَمَعْتُ لَكَ النَّصَايِحَ فَامْتَثِلْهَا

حَيَاتَكَ فَهْيَ أَفْضَلُ مَا امْتَثَلْتَا

110 -

وَطَوَّلْتُ العِتَابَ وَزِدْتُ فِيهِ

لِأَنَّكَ فِي البَطَالَةِ قَدْ أَطَلْتَا

111 -

فَلَا تَأْخُذْ بِتَقْصِيرِي وَسَهْوِي

وَخُذْ بِوَصِيَّتِي لَكَ إِنْ رَشَدْتَا

112 -

وَقَدْ أَرْدَفْتُهَا سِتّاً حِسَاناً

وَكَانَتْ قَبْلَ ذَا مِئَةً وَسِتَّا

* * *

تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ

ص: 53

‌المُقَدِّمَةُ الآجُرُّومِيَّةُ

لأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصِّنْهَاجِيّ

(ابْنِ آجرُّوم)

رحمه الله (ت 723 هـ)

ص: 55

*‌

‌ النسخ المعتمدة في تحقيق هذا المتن:

ـ نُسْخَةٌ خطِّية بمكتبة جامع القرويين - المغرب - برقم (3141)، تاريخ نسخها: 775 هـ، وهي ضمن شرح المكودي للآجرومية.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة رئيس الكُتَّاب ضمن المكتبة السليمانية - تركيا -، برقم (1191/ 3)، تاريخ نسخها: 879 هـ.

ـ نسخة خطِّية بجامعة الملك سعود - السعودية - برقم (2520)، تاريخ نسخها: 975 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة الإسكوريال - إسبانيا - برقم (76)، تاريخ نسخها: 999 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة الفاتح ضمن المكتبة السليمانية - تركيا - برقم (2154)، تاريخ نسخها: 1066 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة أسعد أفندي ضمن المكتبة السليمانية - تركيا -، برقم (3067)، تاريخ نسخها: 1126 هـ.

ص: 57

ـ نسخة خطِّية بجامعة الملك سعود - السعودية - برقم (4172)، تاريخ نسخها: 1131 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة لَال إسماعيل ضمن المكتبة السليمانية - تركيا -، برقم (628)، تاريخ نسخها: 1161 هـ.

ـ نسخة خطِّية بإدارة المخطوطات والمكتبات الإسلامية - الكويت -، برقم (140/ 10)، تاريخ نسخها: 1231 هـ.

ـ نسخة خطِّية بجامعة الملك سعود - السعودية - برقم (5858)، تاريخ نسخها: 1260 هـ.

ـ نسخة خطِّية بقسم المخطوطات والمجموعات الخاصَّة بالمسجد النَّبويّ - السعودية - برقم (137/ 80).

ـ نسخة خطِّية بمؤسَّسة علَّال الفاسي بالرباط - المغرب - برقم (ع 238).

ص: 58

بسم الله الرحمن الرحيم

الكَلَامُ: هُوَ اللَّفْظُ، المُرَكَّبُ، المُفِيدُ بِالوَضْعِ.

وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ: اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنًى.

فَالِاسْمُ يُعْرَفُ: بِالخَفْضِ، وَالتَّنْوِينِ.

وَدُخُولِ الأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَيْهِ.

وَحُرُوفِ الخَفْضِ - وَهِيَ: مِنْ، وَإِلَى، وَعَنْ، وَعَلَى، وَفِي، وَرُبَّ، وَالبَاءُ، وَالكَافُ، وَاللَّامُ ـ.

وَحُرُوفِ القَسَمِ - وَهِيَ: الوَاوُ، وَالبَاءُ، وَالتَّاءُ ـ.

ص: 59

وَالفِعْلُ يُعْرَفُ: بِقَدْ، وَالسِّينِ، وَسَوْفَ، وَتَاءِ التَّأْنِيثِ السَّاكِنَةِ.

وَالحَرْفُ: مَا لَا يَصْلُحُ مَعَهُ دَلِيلُ الِاسْمِ، وَلَا دَلِيلُ الفِعْلِ.

* * *

ص: 60

‌بَابُ الإِعْرَابِ

الإِعْرَابُ: هُوَ تَغْيِيرُ أَوَاخِرِ الكَلِمِ؛ لِاخْتِلَافِ العَوَامِلِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا - لَفْظاً أَوْ تَقْدِيراً ـ.

وَأَقْسَامُهُ أَرْبَعَةٌ: رَفْعٌ، وَنَصْبٌ، وَخَفْضٌ، وَجَزْمٌ.

فَلِلْأَسْمَاءِ مِنْ ذَلِكَ: الرَّفْعُ، وَالنَّصْبُ، وَالخَفْضُ، وَلَا جَزْمَ فِيهَا.

وَلِلْأَفْعَالِ مِنْ ذَلِكَ: الرَّفْعُ، وَالنَّصْبُ، وَالجَزْمُ، وَلَا خَفْضَ فِيهَا.

* * *

ص: 61

‌بَابُ

مَعْرِفَةِ عَلَامَاتِ الإِعْرَابِ

لِلرَّفْعِ أَرْبَعُ عَلَامَاتٍ: الضَّمَّةُ، وَالوَاوُ، وَالأَلِفُ، وَالنُّونُ.

فَأَمَّا الضَّمَّةُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلرَّفْعِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: فِي الِاسْمِ المُفْرَدِ، وَجَمْعِ التَّكْسِيرِ، وَجَمْعِ المُؤَنَّثِ السَّالِمِ، وَالفِعْلِ المُضَارِعِ الَّذِي لَمْ يَتَّصِلْ بِآخِرِهِ شَيْءٌ.

وَأَمَّا الوَاوُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلرَّفْعِ فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي جَمْعِ المُذَكَّرِ السَّالِمِ، وَفِي الأَسْمَاءِ الخَمْسَةِ - وَهِيَ: أَبُوكَ، وَأَخُوكَ، وَحَمُوكِ، وَفُوكَ، وَذُو مَالٍ ـ.

ص: 62

وَأَمَّا الأَلِفُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلرَّفْعِ فِي: تَثْنِيَةِ الأَسْمَاءِ خَاصَّةً.

وَأَمَّا النُّونُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلرَّفْعِ فِي: الفِعْلِ المُضَارِعِ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ ضَمِيرُ تَثْنِيَةٍ، أَوْ ضَمِيرُ جَمْعٍ، أَوْ ضَمِيرُ المُؤَنَّثَةِ المُخَاطَبَةِ.

ص: 63

وَلِلنَّصْبِ خَمْسُ عَلَامَاتٍ: الفَتْحَةُ، وَالأَلِفُ، وَالكَسْرَةُ، وَاليَاءُ، وَحَذْفُ النُّونِ.

فَأَمَّا الفَتْحَةُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: فِي الاِسْمِ المُفْرَدِ، وَجَمْعِ التَّكْسِيرِ، وَالفِعْلِ المُضَارِعِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ نَاصِبٌ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِآخِرِهِ شَيْءٌ.

وَأَمَّا الأَلِفُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي: الأَسْمَاءِ الخَمْسَةِ - نَحْوُ: رَأَيْتُ أَبَاكَ وَأَخَاكَ ـ.

وَأَمَّا الكَسْرَةُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي: جَمْعِ المُؤَنَّثِ السَّالِمِ.

ص: 64

وَأَمَّا اليَاءُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ فِي: التَّثْنِيَةِ، وَالجَمْعِ.

وَأَمَّا حَذْفُ النُّونِ؛ فَيَكُونُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ: فِي الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ الَّتِي رَفْعُهَا بِثَبَاتِ النُّونِ.

ص: 65

وَلِلْخَفْضِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ: الكَسْرَةُ، وَاليَاءُ، وَالفَتْحَةُ.

فَأَمَّا الكَسْرَةُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلْخَفْضِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: فِي الاِسْمِ المُفْرَدِ المُنْصَرِفِ، وَجَمْعِ التَّكْسِيرِ المُنْصَرِفِ، وَجَمْعِ المُؤَنَّثِ السَّالِمِ.

وَأَمَّا اليَاءُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلْخَفْضِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: فِي الأَسْمَاءِ الخَمْسَةِ، وَفِي التَّثْنِيَةِ، وَالجَمْعِ.

وَأَمَّا الفَتْحَةُ؛ فَتَكُونُ عَلَامَةً لِلْخَفْضِ فِي: الِاسْمِ الَّذِي لَا يَنْصَرِفُ.

ص: 66

وَلِلْجَزْمِ عَلَامَتَانِ: السُّكُونُ، وَالحَذْفُ.

فَأَمَّا السُّكُونُ؛ فَيَكُونُ عَلَامَةً لِلْجَزْمِ فِي: الفِعْلِ المُضَارِعِ الصَّحِيحِ الآخِرِ.

وَأَمَّا الحَذْفُ؛ فَيَكُونُ عَلَامَةً لِلْجَزْمِ فِي: الفِعْلِ المُضَارِعِ المُعْتَلِّ الآخِرِ، وَفِي الأَفْعَالِ الَّتِي رَفْعُهَا بِثَبَاتِ النُّونِ.

ص: 67

فَصْلٌ

المُعْرَبَاتُ قِسْمَانِ: قِسْمٌ يُعْرَبُ بِالحَرَكَاتِ، وَقِسْمٌ يُعْرَبُ بِالحُرُوفِ.

فَالَّذِي يُعْرَبُ بِالحَرَكَاتِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: الِاسْمُ المُفْرَدُ، وَجَمْعُ التَّكْسِيرِ، وَجَمْعُ المُؤَنَّثِ السَّالِمُ، وَالفِعْلُ المُضَارِعُ الَّذِي لَمْ يَتَّصِلْ بِآخِرِهِ شَيْءٌ.

وَكُلُّهَا تُرْفَعُ بِالضَّمَّةِ، وَتُنْصَبُ بِالفَتْحَةِ، وَتُخْفَضُ بِالكَسْرَةِ، وَتُجْزَمُ بِالسُّكُونِ.

وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: جَمْعُ المُؤَنَّثِ السَّالِمُ يُنْصَبُ بِالكَسْرَةِ، وَالِاسْمُ الَّذِي لَا يَنْصَرِفُ يُخْفَضُ بِالفَتْحَةِ، وَالفِعْلُ المُضَارِعُ المُعْتَلُّ الآخِرِ يُجْزَمُ بِحَذْفِ آخِرِهِ.

ص: 68

وَالَّذِي يُعْرَبُ بِالحُرُوفِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: التَّثْنِيَةُ، وَجَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالِمُ، وَالأَسْمَاءُ الخَمْسَةُ، وَالأَفْعَالُ الخَمْسَةُ - وَهِيَ: يَفْعَلَانِ، وَتَفْعَلَانِ، وَيَفْعَلُونَ، وَتَفْعَلُونَ، وَتَفْعَلِينَ ـ.

فَأَمَّا التَّثْنِيَةُ: فَتُرْفَعُ بِالأَلِفِ، وَتُنْصَبُ وَتُخْفَضُ بِاليَاءِ.

وَأَمَّا جَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالِمُ: فَيُرْفَعُ بِالوَاوِ، وَيُنْصَبُ وَيُخْفَضُ بِاليَاءِ.

وَأَمَّا الأَسْمَاءُ الخَمْسَةُ: فَتُرْفَعُ بِالوَاوِ، وَتُنْصَبُ بِالأَلِفِ، وَتُخْفَضُ بِاليَاءِ.

وَأَمَّا الأَفْعَالُ الخَمْسَةُ: فَتُرْفَعُ بِالنُّونِ، وَتُنْصَبُ وَتُجْزَمُ بِحَذْفِهَا.

* * *

ص: 69

‌بَابُ الأَفْعَالِ

الأَفْعَالُ ثَلَاثَةٌ: مَاضٍ، وَمُضَارِعٌ، وَأَمْرٌ؛ نَحْوُ: ضَرَبَ، وَيَضْرِبُ، وَاضْرِبْ.

فَالمَاضِي: مَفْتُوحُ الآخِرِ أَبَداً.

وَالأَمْرُ: مَجْزُومٌ أَبَداً.

وَالمُضَارِعُ: مَا كَانَ فِي أَوَّلِهِ إِحْدَى الزَّوَائِدِ الأَرْبَعِ؛ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ: «أَنَيْتُ» ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ أَبَداً، حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِ نَاصِبٌ أَوْ جَازِمٌ.

فَالنَّوَاصِبُ عَشَرَةٌ؛ وَهِيَ:

أَنْ، وَلَنْ، وَإِذَنْ.

وَكَيْ، وَلَامُ كَيْ، وَلَامُ الجُحُودِ، وَحَتَّى.

وَالجَوَابُ بِالفَاءِ، وَالوَاوِ، وَأَوْ.

ص: 70

وَالجَوَازِمُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ وَهِيَ:

لَمْ، وَلَمَّا، وَأَلَمْ، وَأَلَمَّا.

وَلَامُ الأَمْرِ وَالدُّعَاءِ، وَ «لَا» فِي النَّهْيِ وَالدُّعَاءِ.

وَإِنْ، وَمَا، وَمَنْ، وَمَهْمَا، وَإِذْمَا.

وَأَيٌّ، وَمَتَى، وَأَيَّانَ، وَأَيْنَ، وَأَنَّى.

وَحَيْثُمَا، وَكَيْفَمَا، وَ «إِذَا» فِي الشِّعْرِ خَاصَّةً.

* * *

ص: 71

‌بَابُ

مَرْفُوعَاتِ الأَسْمَاءِ

المَرْفُوعَاتُ سَبْعَةٌ؛ وَهِيَ:

الفَاعِلُ، وَالمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.

وَالمُبْتَدَأُ، وَخَبَرُهُ.

وَاسْمُ «كَانَ» وَأَخَوَاتِهَا، وَخَبَرُ «إِنَّ» وَأَخَوَاتِهَا.

وَالتَّابِعُ لِلْمَرْفُوعِ - وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: النَّعْتُ، وَالعَطْفُ، وَالتَّوْكِيدُ، وَالبَدَلُ ـ.

* * *

ص: 72

‌بَابُ الفَاعِلِ

الفَاعِلُ: هُوَ الِاسْمُ المَرْفُوعُ المَذْكُورُ قَبْلَهُ فِعْلُهُ.

وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٍ، وَمُضْمَرٍ.

فَالظَّاهِرُ؛ نَحْوُ قَوْلِكَ: قَامَ زَيْدٌ، وَيَقُومُ زَيْدٌ.

وَقَامَ الزَّيْدَانِ، وَيَقُومُ الزَّيْدَانِ.

وَقَامَ الزَّيْدُونَ، وَيَقُومُ الزَّيْدُونَ.

وَقَامَ الرِّجَالُ، وَيَقُومُ الرِّجَالُ.

وَقَامَتْ هِنْدٌ، وَتَقُومُ هِنْدٌ.

وَقَامَتِ الهِنْدَانِ، وَتَقُومُ الهِنْدَانِ.

وَقَامَتِ الهِنْدَاتُ، وَتَقُومُ الهِنْدَاتُ.

وَقَامَتِ الهُنُودُ، وَيَقُومُ الهُنُودُ.

ص: 73

وَقَامَ أَخُوكَ، وَيَقُومُ أَخُوكَ.

وَقَامَ غُلَامِي، وَيَقُومُ غُلَامِي.

وَالمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ؛ نَحْوُ قَوْلِكَ: ضَرَبْتُ، وَضَرَبْنَا.

وَضَرَبْتَ، وَضَرَبْتِ، وَضَرَبْتُمَا، وَضَرَبْتُمْ، وَضَرَبْتُنَّ.

وَضَرَبَ، وَضَرَبَتْ، وَضَرَبَا، وَضَرَبُوا، وَضَرَبْنَ.

* * *

ص: 74

‌بَابُ المَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ

وَهُوَ: الِاسْمُ المَرْفُوعُ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ مَعَهُ فَاعِلُهُ.

فَإِنْ كَانَ الفِعْلُ مَاضِياً: ضُمَّ أَوَّلُهُ وَكُسِرَ مَا قَبْلَ آخِرِهِ.

وَإِنْ كَانَ مُضَارِعاً: ضُمَّ أَوَّلُهُ وَفُتِحَ مَا قَبْلَ آخِرِهِ.

وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٍ، وَمُضْمَرٍ.

فَالظَّاهِرُ؛ نَحْوُ قَوْلِكَ: ضُرِبَ زَيْدٌ، وَيُضْرَبُ زَيْدٌ، وَأُكْرِمَ عَمْرٌو، وَيُكْرَمُ عَمْرٌو.

ص: 75

وَالمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ؛ نَحْوُ قَوْلِكَ: ضُرِبْتُ، وَضُرِبْنَا.

وَضُرِبْتَ، وَضُرِبْتِ، وَضُرِبْتُمَا، وَضُرِبْتُمْ، وَضُرِبْتُنَّ.

وَضُرِبَ، وَضُرِبَتْ، وَضُرِبَا، وَضُرِبُوا، وَضُرِبْنَ.

* * *

ص: 76

‌بَابُ المُبْتَدَأُ وَالخَبَرِ

المُبْتَدَأُ: هُوَ الِاسْمُ المَرْفُوعُ العَارِي عَنِ العَوَامِلِ اللَّفْظِيَّةِ.

وَالخَبَرُ: هُوَ الِاسْمُ المَرْفُوعُ المُسْنَدُ إِلَيْهِ.

نَحْوُ قَوْلِكَ: زَيْدٌ قَائِمٌ، وَالزَّيْدَانِ قَائِمَانِ، وَالزَّيْدُونَ قَائِمُونَ.

وَالمُبْتَدَأُ قِسْمَانِ: ظَاهِرٌ، وَمُضْمَرٌ.

فَالظَّاهِرُ؛ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

وَالمُضْمَرُ اثْنَا عَشَرَ؛ وَهِيَ: أَنَا، وَنَحْنُ.

وَأَنْتَ، وَأَنْتِ، وَأَنْتُمَا، وَأَنْتُمْ، وَأَنْتُنَّ.

وَهُوَ، وَهِيَ، وَهُمَا، وَهُمْ، وَهُنَّ.

ص: 77

نَحْوُ قَوْلِكَ: أَنَا قَائِمٌ، وَنَحْنُ قَائِمُونَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَالخَبَرُ قِسْمَانِ: مُفْرَدٌ، وَغَيْرُ مُفْرَدٍ.

فَالمُفْرَدُ؛ نَحْوُ قَوْلِكَ: زَيْدٌ قَائِمٌ.

وَغَيْرُ المُفْرَدِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: الجَارُّ وَالمَجْرُورُ، وَالظَّرْفُ، وَالفِعْلُ مَعَ فَاعِلِهِ، وَالمُبْتَدَأُ مَعَ خَبَرِهِ.

نَحْوُ قَوْلِكَ: زَيْدٌ فِي الدَّارِ، وَزَيْدٌ عِنْدَكَ، وَزَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ، وَزَيْدٌ جَارِيَتُهُ ذَاهِبَةٌ.

* * *

ص: 78

‌بَابُ

العَوَامِلِ الدَّاخِلَةِ عَلَى المُبْتَدَأِ وَالخَبَرِ

وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: كَانَ وَأَخَوَاتُهَا، وَإِنَّ وَأَخَوَاتُهَا، وَظَنَنْتُ وَأَخَوَاتُهَا.

فَأَمَّا كَانَ وَأَخَوَاتُهَا: فَإِنَّهَا تَرْفَعُ الِاسْمَ وَتَنْصِبُ الخَبَرَ.

وَهِيَ: كَانَ، وَأَمْسَى، وَأَصْبَحَ، وَأَضْحَى، وَظَلَّ، وَبَاتَ، وَصَارَ، وَلَيْسَ، وَمَا زَالَ، وَمَا انْفَكَّ، وَمَا فَتِئَ، وَمَا بَرِحَ، وَمَا دَامَ، وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهَا - نَحْوُ: كَانَ وَيَكُونُ وَكُنْ، وَأَصْبَحَ وَيُصْبِحُ وَأَصْبِحْ ـ.

تَقُولُ: كَانَ زَيْدٌ قَائِماً، وَلَيْسَ عَمْرٌو شَاخِصاً، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

ص: 79

وَأَمَّا إِنَّ وَأَخَوَاتُهَا: فَإِنَّهَا تَنْصِبُ الِاسْمَ وَتَرْفَعُ الخَبَرَ.

وَهِيَ: إِنَّ، وَأَنَّ، وَلَكِنَّ، وَكَأَنَّ، وَلَيْتَ، وَلَعَلَّ.

تَقُولُ: إِنَّ زَيْداً قَائِمٌ، وَلَيْتَ عَمْراً شَاخِصٌ.

وَمَعْنَى إِنَّ وَأَنَّ لِلتَّوْكِيدِ، وَلَكِنَّ لِلِاسْتِدْرَاكِ، وَكَأَنَّ لِلتَّشْبِيهِ، وَلَيْتَ لِلتَّمَنِّي، وَلَعَلَّ لِلتَّرَجِّي وَالتَّوَقُّعِ.

ص: 80

وَأَمَّا ظَنَنْتُ وَأَخَوَاتُهَا: فَإِنَّها تَنْصِبُ المُبْتَدَأَ وَالخَبَرَ عَلَى أَنَّهُمَا مَفْعُولَانِ لَهَا.

وَهِيَ: ظَنَنْتُ، وَحَسِبْتُ، وَخِلْتُ، وَزَعَمْتُ، وَرَأَيْتُ، وَعَلِمْتُ، وَوَجَدْتُ، وَاتَّخَذْتُ، وَجَعَلْتُ، وَسَمِعْتُ.

تَقُولُ: ظَنَنْتُ زَيْداً مُنْطَلِقاً، وَخِلْتُ عَمْراً شَاخِصاً، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

* * *

ص: 81

‌بَابُ النَّعْتِ

النَّعْتُ: تَابِعٌ لِلْمَنْعُوتِ فِي رَفْعِهِ، وَنَصْبِهِ، وَخَفْضِهِ، وَتَعْرِيفِهِ وَتَنْكِيرِهِ.

تَقُولُ: قَامَ زَيْدٌ العَاقِلُ، وَرَأَيْتُ زَيْداً العَاقِلَ، وَمَرَرْتُ بِزَيْدٍ العَاقِلِ.

وَالمَعْرِفَةُ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ:

الِاسْمُ المُضْمَرُ؛ نَحْوُ: أَنَا، وَأَنْتَ.

وَالِاسْمُ العَلَمُ؛ نَحْوُ: زَيْدٍ، وَمَكَّةَ.

وَالِاسْمُ المُبْهَمُ؛ نَحْوُ: هَذَا، وَهَذِهِ، وَهَؤُلَاءِ.

وَالِاسْمُ الَّذِي فِيهِ الأَلِفُ وَاللَّامُ؛ نَحْوُ: الرَّجُلِ، وَالغُلَامِ.

وَمَا أُضِيفَ إِلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَرْبَعَةِ.

ص: 82

وَالنَّكِرَةُ: كُلُّ اسْمٍ شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ، لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَاحِدٌ دُونَ آخَرَ.

وَتَقْرِيبُهُ: كُلُّ مَا صَلَحَ دُخُولُ الأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَيْهِ - نَحْوُ: الرَّجُلِ، وَالفَرَسِ ـ.

* * *

ص: 83

‌بَابُ العَطْفِ

وَحُرُوفُ العَطْفِ عَشَرَةٌ؛ وَهِيَ: الوَاوُ، وَالفَاءُ، وَثُمَّ، وَأَوْ، وَأَمْ، وَإِمَّا، وَبَلْ، وَلَا، وَلَكِنْ، وَحَتَّى فِي بَعْضِ المَوَاضِعِ.

فَإِنْ عَطَفْتَ بِهَا عَلَى مَرْفُوعٍ رَفَعْتَ، أَوْ عَلَى مَنْصُوبٍ نَصَبْتَ، أَوْ عَلَى مَخْفُوضٍ خَفَضْتَ، أَوْ عَلَى مَجْزُومٍ جَزَمْتَ.

تَقُولُ: قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَرَأَيْتُ زَيْداً وَعَمْراً، وَمَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَزَيْدُ لَمْ يَقُمْ وَلَمْ يَقْعُدْ.

* * *

ص: 84

‌بَابُ التَّوْكِيدِ

التَّوْكِيدُ: تَابِعٌ لِلْمُؤَكَّدِ فِي رَفْعِهِ، وَنَصْبِهِ، وَخَفْضِهِ، وَتَعْرِيفِهِ.

وَيَكُونُ بِأَلْفَاظٍ مَعْلُومَةٍ؛ وَهِيَ: النَّفْسُ، وَالعَيْنُ، وَكُلُّ، وَأَجْمَعُ، وَتَوَابِعُ أَجْمَعَ - وَهِيَ: أَكْتَعُ، وَأَبْتَعُ، وَأَبْصَعُ ـ.

تَقُولُ: قَامَ زَيْدٌ نَفْسُهُ، وَرَأَيْتُ القَوْمَ كُلَّهُمْ، وَمَرَرْتُ بِالقَوْمِ أَجْمَعِينَ.

* * *

ص: 85

‌بَابُ البَدَلِ

إِذَا أُبْدِلَ اسْمٌ مِنِ اسْمٍ، أَوْ فِعْلٌ مِنْ فِعْلٍ: تَبِعَهُ فِي جَمِيعِ إِعْرَابِهِ.

وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: بَدَلُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ، وَبَدَلُ البَعْضِ مِنَ الكُلِّ، وَبَدَلُ الِاشْتِمَالِ، وَبَدَلُ الغَلَطِ.

تَقُولُ: قَامَ زَيْدٌ أَخُوكَ، وَأَكَلْتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ، وَنَفَعَنِي زَيْدٌ عِلْمُهُ، وَرَأَيْتُ زَيْداً الفَرَسَ، أَرَدْتَ أَنْ تَقُولَ: الفَرَسَ؛ فَغَلِطْتَ، فَأَبْدَلْتَ زَيْداً مِنْهُ.

* * *

ص: 86

‌بَابُ

مَنْصُوبَاتِ الأَسْمَاءِ

المَنْصُوبَاتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ؛ وَهِيَ:

المَفْعُولُ بِهِ، وَالمَصْدَرُ.

وَظَرْفُ الزَّمَانِ، وَظَرْفُ المَكَانِ.

وَالحَالُ، وَالتَّمْيِيزُ، وَالمُسْتَثْنَى.

وَاسْمُ لَا، وَالمُنَادَى.

وَالمَفْعُولُ مِنْ أَجْلِهِ، وَالمَفْعُولُ مَعَهُ.

وَخَبَرُ «كَانَ» وَأَخَوَاتِهَا، وَاسْمُ «إِنَّ» وَأَخَوَاتِهَا.

وَالتَّابِعُ لِلْمَنْصُوبِ - وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: النَّعْتُ، وَالعَطْفُ، وَالتَّوْكِيدُ، وَالبَدَلُ ـ.

* * *

ص: 87

‌بَابُ

المَفْعُولِ بِهِ

وَهُوَ: الِاسْمُ المَنْصُوبُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ الفِعْلُ.

نَحْوُ قَوْلِكَ: ضَرَبْتُ زَيْداً، وَرَكِبْتُ الفَرَسَ.

وَهُوَ قِسْمَانِ: ظَاهِرٌ، وَمُضْمَرٌ.

فَالظَّاهِرُ؛ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

وَالمُضْمَرُ قِسْمَانِ: مُتَّصِلٌ، وَمُنْفَصِلٌ.

فَالمُتَّصِلُ اثْنَا عَشَرَ؛ نَحْوُ قَوْلِكَ: ضَرَبَنِي، وَضَرَبَنَا.

وَضَرَبَكَ، وَضَرَبَكِ، وَضَرَبَكُمَا، وَضَرَبَكُمْ، وَضَرَبَكُنَّ.

ص: 88

وَضَرَبَهُ، وَضَرَبَهَا، وَضَرَبَهُمَا، وَضَرَبَهُمْ، وَضَرَبَهُنَّ.

وَالمُنْفَصِلُ اثْنَا عَشَرَ؛ وَهِيَ: إِيَّايَ، وَإِيَّانَا.

وَإِيَّاكَ، وَإِيَّاكِ، وَإِيَّاكُمَا، وَإِيَّاكُمْ، وَإِيَّاكُنَّ.

وَإِيَّاهُ، وَإِيَّاهَا، وَإِيَّاهُمَا، وَإِيَّاهُمْ، وَإِيَّاهُنَّ.

* * *

ص: 89

‌بَابُ المَصْدَرِ

المَصْدَرُ: هُوَ الِاسْمُ المَنْصُوبُ الَّذِي يَجِيءُ ثَالِثاً فِي تَصْرِيفِ الفِعْلِ.

نَحْوُ: ضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْباً.

وَهُوَ قِسْمَانِ: لَفْظِيٌّ، وَمَعْنَوِيٌّ.

فَإِنْ وَافَقَ لَفْظُهُ لَفْظَ فِعْلِهِ فَهُوَ لَفْظِيٌّ - نَحْوُ: قَتَلْتُهُ قَتْلاً ـ.

وَإِنْ وَافَقَ مَعْنَى فِعْلِهِ دُونَ لَفْظِهِ فَهُوَ مَعْنَوِيٌّ - نَحْوُ قَوْلِكَ: جَلَسْتُ قُعُوداً، وَقُمْتُ وُقُوفاً ـ.

* * *

ص: 90

‌بَابُ

ظَرْفِ الزَّمَانِ، وَظَرْفِ المَكَانِ

ظَرْفُ الزَّمَانِ: هُوَ اسْمُ الزَّمَانِ المَنْصُوبُ بِتَقْدِيرِ «فِي» .

نَحْوُ: اليَوْمَ، وَاللَّيْلَةَ، وَغُدْوَةً، وَبُكْرَةً، وَسَحَراً، وَغَداً، وَعَتَمَةً، وَصَبَاحاً، وَمَسَاءً، وَأَبَداً، وَأَمَداً، وَحِيناً، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَظَرْفُ المَكَانِ: هُوَ اسْمُ المَكَانِ المَنْصُوبُ بِتَقْدِيرِ «فِي» .

نَحْوُ: أَمَامَ، وَخَلْفَ، وَقُدَّامَ، وَوَرَاءَ، وَفَوْقَ، وَتَحْتَ، وَعِنْدَ، وَمَعَ، وَإِزَاءَ، وَحِذَاءَ، وَتِلْقَاءَ، وَهُنَا، وَثَمَّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

* * *

ص: 91

‌بَابُ الحَالِ

الحَالُ: هُوَ الِاسْمُ المَنْصُوبُ المُفَسِّرُ لِمَا انْبَهَمَ مِنَ الهَيْئَاتِ.

نَحْوُ قَوْلِكَ: جَاءَ زَيْدٌ رَاكِباً، وَرَكِبْتُ الفَرَسَ مُسْرَجاً، وَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ رَاكِباً.

وَلَا يَكُونُ الحَالُ إلَّا نَكِرَةً، وَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الكَلَامِ، وَلَا يَكُونُ صَاحِبُهَا إلَّا مَعْرِفَةً.

* * *

ص: 92

‌بَابُ التَّمْيِيزِ

التَّمْيِيزُ: هُوَ الِاسْمُ المَنْصُوبُ المُفَسِّرُ لِمَا انْبَهَمَ مِنَ الذَّوَاتِ.

نَحْوُ قَوْلِكَ: تَصَبَّبَ زَيْدٌ عَرَقاً، وَتَفَقَّأَ بَكْرٌ شَحْماً، وَطَابَ مُحَمَّدٌ نَفْساً، وَاشْتَرَيْتُ عِشْرِينَ غُلَاماً، وَمَلَكْتُ تِسْعِينَ نَعْجَةً، وَزَيْدٌ أَكْرَمُ مِنْكَ أَباً، وَأَجْمَلُ مِنْكَ وَجْهاً.

وَلَا يَكُونُ إلَّا نَكِرَةً، وَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الكَلَامِ.

* * *

ص: 93

‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ

وَحُرُوفُ الِاسْتِثْنَاءِ ثَمَانِيَةٌ؛ وَهِيَ: إلَّا، وَغَيْرُ، وَسِوَى، وَسُوَى، وَسَوَاءٌ، وَخَلَا، وَعَدَا، وَحَاشَا.

فَالمُسْتَثْنَى بِإِلِّا: يُنْصَبُ إِذَا كَانَ الكَلَامُ تَامّاً مُوجَباً.

نَحْوُ: قَامَ القَوْمُ إلَّا زَيْداً، وَخَرَجَ النَّاسُ إلَّا عَمْراً.

وَإِنْ كَانَ الكَلَامُ مَنْفِيّاً تَامّاً: جَازَ فِيهِ البَدَلُ وَالنَّصْبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ.

نَحْوُ قَوْلِكَ: مَا قَامَ القَوْمُ إلَّا زَيْدٌ وَإِلاَّ زَيْداً.

وَإِنْ كَانَ الكَلَامُ نَاقِصاً: كَانَ عَلَى حَسَبِ العَوَامِلِ.

ص: 94

نَحْوُ قَوْلِكَ: مَا قَامَ إلَّا زَيْدٌ، وَمَا ضَرَبْتُ إلَّا زَيْداً، وَمَا مَرَرْتُ إلَّا بِزَيْدٍ.

وَالمُسْتَثْنَى بِغَيْرٍ، وَسِوًى، وَسُوًى، وَسَوَاءٍ: مَجْرُورٌ لَا غَيْرُ.

وَالمُسْتَثْنَى بِخَلَا، وَعَدَا، وَحَاشَا: يَجُوزُ نَصْبُهُ وَجَرُّهُ.

نَحْوُ قَوْلِكَ: قَامَ القَوْمُ خَلَا زَيْداً وَزَيْدٍ، وَعَدَا عَمْراً وَعَمْرٍو، وَحَاشَا بَكْراً وَبَكْرٍ.

* * *

ص: 95

‌بَابُ لَا

اعْلَمْ أَنَّ «لَا» تَنْصِبُ النَّكِرَاتِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ: إِذَا بَاشَرَتِ النَّكِرَةَ، وَلَمْ تَتَكَرَّرْ «لَا» .

نَحْوُ: لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ.

فَإِنْ لَمْ تُبَاشِرْهَا: وَجَبَ الرَّفْعُ وَوَجَبَ تَكْرَارُ «لَا» .

نَحْوُ: لَا فِي الدَّارِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ.

وَإِنْ تَكَرَّرَتْ «لَا» : جَازَ إِعْمَالُهَا وَإِلْغَاؤُهَا - فَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ وَلَا امْرَأَةَ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: لَا رَجُلٌ فِي الدَّارِ وَلَا امْرَأَةٌ ـ.

* * *

ص: 96

‌بَابُ المُنَادَى

المُنَادَى خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ: المُفْرَدُ العَلَمُ، وَالنَّكِرَةُ المَقْصُودَةُ، وَالنَّكِرَةُ غَيْرُ المَقْصُودَةِ، وَالمُضَافُ، وَالمُشَبَّهُ بِالمُضَافِ.

فَأَمَّا المُفْرَدُ العَلَمُ، وَالنَّكِرَةُ المَقْصُودَةُ: فَيُبْنَيَانِ عَلَى الضَّمِّ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ.

نَحْوُ: يَا زَيْدُ، وَيَا رَجُلُ.

وَالثَّلَاثَةُ البَاقِيَةُ: مَنْصُوبَةٌ لَا غَيْرُ.

نَحْوُ: يَا رَجُلاً، وَيَا عَبْدَ اللَّهِ، وَيَا طَالِعاً جَبَلاً.

* * *

ص: 97

‌بَابُ

المَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ

وَهُوَ: الِاسْمُ المَنْصُوبُ الَّذِي يُذْكَرُ بَيَاناً لِسَبَبِ وُقُوعِ الفِعْلِ.

نَحْوُ قَوْلِكَ: قَامَ زَيْدٌ إِجْلَالاً لِعَمْرٍو، وَقَصَدْتُكَ ابْتِغَاءَ مَعْرُوفِكَ.

* * *

ص: 98

‌بَابُ

المَفْعُولِ مَعَهُ

وَهُوَ: الِاسْمُ المَنْصُوبُ الَّذِي يُذْكَرُ لِبَيَانِ مَنْ فُعِلَ مَعَهُ الفِعْلُ.

نَحْوُ قَوْلِكَ: جَاءَ الأَمِيرُ وَالجَيْشَ، وَاسْتَوَى المَاءُ وَالخَشَبَةَ.

* * *

وَأَمَّا خَبَرُ «كَانَ» وَأَخَوَاتِهَا، وَاسْمُ «إِنَّ» وَأَخَوَاتِهَا: فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمَا فِي «المَرْفُوعَاتِ» .

وَكَذَلِكَ التَّوَابِعُ: فَقَدْ تَقَدَّمَتْ هُنَاكَ.

* * *

ص: 99

‌بَابُ

مَخْفُوضَاتِ الأَسْمَاءِ

المَخْفُوضَاتُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَخْفُوضٌ بِالحَرْفِ، وَمَخْفُوضٌ بِالإِضَافَةِ، وَتَابِعٌ لِلْمَخْفُوضِ.

فَأَمَّا المَخْفُوضُ بِالحَرْفِ: فَهُوَ مَا يُخْفَضُ بِمِنْ، وَإِلَى، وَعَنْ، وَعَلَى، وَفِي، وَرُبَّ، وَالبَاءِ، وَالكَافِ، وَاللَّامِ، وَبِحُرُوفِ القَسَمِ - وَهِيَ: الوَاوُ، وَالبَاءُ، وَالتَّاءُ ـ، وَبِوَاوِ رُبَّ، وَبِمُذْ، وَمُنْذُ.

وَأَمَّا مَا يُخْفَضُ بِالإِضَافَةِ؛ فَنَحْوُ قَوْلِكَ: غُلَامُ زَيْدٍ، وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَا يُقَدَّرُ بِاللَّامِ، وَمَا يُقَدَّرُ بِمِنْ.

ص: 100

فَالَّذِي يُقَدَّرُ بِاللَّامِ؛ نَحْوُ قَوْلِكَ: غُلَامُ زَيْدٍ.

وَالَّذِي يُقَدَّرُ بِمِنْ؛ نَحْوُ قَوْلِكَ: ثَوْبُ خَزٍّ، وَبَابُ سَاجٍ، وَخَاتَمُ حَدِيدٍ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

* * *

تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ

ص: 101

‌العَقِيْدَةُ الوَاسِطِيَّةُ

لِشَيْخِ الإِسْلَامِ

أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الحَلِيْمِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الَحَّرانِيّ

رحمه الله (ت 728 هـ)

ص: 103

*‌

‌ النسخ المعتمدة في تحقيق هذا المتن:

ـ نسخة خطِّية بدار الكتب والوثائق القوميَّة - مصر- برقم (944)، تاريخ نسخها: 715 هـ، وهي مقروءة على المصنف رحمه الله.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة الظَّاهريَّة بدمشق - سوريا - برقم (3827)، تاريخ نسخها: 736 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة النبوية (مجموعة المكتبة المحمودية) - السعودية -، برقم (2593)، تاريخ نسخها: 1186 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة النبوية (مجموعة المكتبة المحمودية) - السعودية - برقم (1869)، تاريخ نسخها: 1233 هـ.

ـ نسخة خطِّية بمكتبة شهيد علي باشا ضمن المكتبة السليمانية - تركيا - برقم (1512).

ص: 104

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً.

وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إِقْرَاراً بِهِ وَتَوْحِيداً، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صلى الله عليه وسلم تَسْلِيماً مَزِيداً.

اعْتِقَادُ الفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ المَنْصُورَةِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ - أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ ـ:

الإِيمَانُ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، وَالإِيمَانُ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ.

ص: 105

وَمِنَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ: الإِيمَانُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ؛ بَلْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .

فَلَا يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلَا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلَا يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ، وَلَا يُكَيِّفُونَ، وَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا سَمِيَّ لَهُ، وَلَا كُفْءَ لَهُ، وَلَا نِدَّ لَهُ، وَلَا يُقَاسُ بِخَلْقِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ، وَأَصْدَقُ قِيلاً، وَأَحْسَنُ حَدِيثاً مِنْ خَلْقِهِ.

ص: 106

ثُمَّ رُسُلُهُ صَادِقُونَ مُصَدَّقُونَ، بِخِلَافِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَلِهَذَا قَالَ سبحانه وتعالى:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فَسَبَّحَ نَفْسَهُ عَمَّا وَصَفَهُ بِهِ المُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ، وَسَلَّمَ عَلَى المُرْسَلِينَ؛ لِسَلَامَةِ مَا قَالُوهُ مِنَ النَّقْصِ وَالعَيْبِ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَمَعَ فِيمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ: بَيْنَ النَّفْيِ وَالإِثْبَاتِ.

فَلَا عُدُولَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ عَمَّا جَاءَتْ بِهِ المُرْسَلُونَ؛ فَإِنَّهُ الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ، صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ.

ص: 107

يَزَلْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُهُ شَيْطَانٌ حَتَّى يُصْبِحَ.

وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} .

ص: 109

{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن

لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}.

{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .

{فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} .

{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} .

ص: 122

وَقَوْلِهِ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} .

{مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى

مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

ص: 124

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَاءِيَ

الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}.

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} .

ص: 127

وَقَوْلِهِ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .

{عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ} .

{لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} .

{لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} .

وَهَذَا البَابُ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَثِيرٌ، مَنْ تَدَبَّرَ القُرْآنَ طَالِباً لِلْهُدَى مِنْهُ؛ تَبَيَّنَ لَهُ طَرِيقُ الحَقِّ.

* * *

ص: 130

ثُمَّ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تُفَسِّرُ القُرْآنَ، وَتُبَيِّنُهُ، وَتَدُلُّ عَلَيْهِ، وَتُعَبِّرُ عَنْهُ.

وَمَا وَصَفَ الرَّسُولُ بِهِ رَبَّهُ - مِنَ الأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ الَّتِي تَلَقَّاهَا أَهْلُ المَعْرِفَةِ بِالقَبُولِ ـ: وَجَبَ الإِيمَانُ بِهَا كَذَلِكَ.

مِثْلُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ص: 131

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ بِرَاحِلَتِهِ

» الحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ، يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ أَزِلِينَ قَنِطِينَ، فَيَظَلُّ يَضْحَكُ؛ يَعْلَمُ أَنَّ فَرَجَكُمْ قَرِيبٌ» حَدِيثٌ حَسَنٌ.

ص: 132

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الإِيمَانِ: أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ مَعَكَ حَيْثُمَا كُنْتَ» حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ؛ فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا.

اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ

ص: 136

فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وَأَغْنِنِي مِنَ الفَقْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَوْلِهِ - لَمَّا رَفَعَ أَصْحَابُهُ أَصْوَاتَهُمْ بِالذِّكْرِ ـ: «أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِباً، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعاً قَرِيباً، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ص: 137

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ القَمَرَ لَيْلَةَ البَدْرِ، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَلَّا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا؛ فَافْعَلُوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ الَّتِي يُخْبِرُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِّهِ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ.

فَإِنَّ الفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ - أَهْلَ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ - يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ، كَمَا يُؤْمِنُونَ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ.

بَلْ هُمُ الوَسَطُ فِي فِرَقِ الأُمَّةِ، كَمَا أَنَّ الأُمَّةَ هِيَ الوَسَطُ فِي الأُمَمِ.

ص: 138

فَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ صِفَاتِ اللَّهِ سبحانه وتعالى: بَيْنَ أَهْلِ التَّعْطِيلِ الجَهْمِيَّةِ، وَبَيْنَ أَهْلِ التَّمْثِيلِ المُشَبِّهَةِ.

وَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ أَفْعَالِ اللَّهِ: بَيْنَ القَدَرِيَّةِ وَالجَبْرِيَّةِ.

وَفِي بَابِ وَعِيدِ اللَّهِ: بَيْنَ المُرْجِئَةِ، وَبَيْنَ الوَعِيدِيَّةِ - مِنَ القَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ـ.

وَفِي بَابِ الإِيمَانِ وَالدِّينِ: بَيْنَ الحَرُورِيَّةِ وَالمُعْتَزِلَةِ، وَبَيْنَ المُرْجِئَةِ وَالجَهْمِيَّةِ.

وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَ الرَّوَافِضِ، وَبَيْنَ الخَوَارِجِ.

* * *

ص: 139

وَقَدْ دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ: الإِيمَانُ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ، وَتَوَاتَرَ عَنْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الأُمَّةِ - مِنْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ، عَلِيٌّ عَلَى خَلْقِهِ - وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا، يَعْلَمُ مَا هُمْ عَامِلُونَ، كَمَا جَمَعَ بَيْنَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} .

وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} : أَنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِالخَلْقِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا تُوجِبُهُ اللُّغَةُ،

ص: 140

وَهُوَ خِلَافُ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الأُمَّةِ، وَخِلَافُ مَا فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الخَلْقَ؛ بَلِ القَمَرُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مِنْ أَصْغَرِ مَخْلُوقَاتِهِ، وَهُوَ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ مَعَ المُسَافِرِ أَيْنَمَا كَانَ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ العَرْشِ رَقِيبٌ عَلَى خَلْقِهِ، مُهَيْمِنٌ عَلَيْهِمْ، مُطَّلِعٌ إِلَيْهِمْ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي الرُّبُوبِيَّةِ.

وَكُلُّ هَذَا الكَلَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ - مِنْ أَنَّهُ فَوْقَ العَرْشِ وَأَنَّهُ مَعَنَا ـ: حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهِ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَحْرِيفٍ، وَلَكِنْ يُصَانُ عَنِ الظُّنُونِ الكَاذِبَةِ.

* * *

ص: 141

وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ: الإِيمَانُ بِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ» .

وَمَا ذُكِرَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ قُرْبِهِ وَمَعِيَّتِهِ، لَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ مِنْ عُلُوِّهِ وَفَوْقِيَّتِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي جَمِيعِ نُعُوتِهِ، وَهُوَ عَلِيٌّ فِي دُنُوِّهِ، قَرِيبٌ فِي عُلُوِّهِ.

* * *

ص: 142

وَمِنَ الإِيمَانِ بِهِ وَبِكُتُبِهِ: الإِيمَانُ بِأَنَّ القُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، مُنَزَّلٌ، غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مِنْهُ بَدَأَ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ، وَأَنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقِيقَةً، وَأَنَّ هَذَا القُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم هُوَ كَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً، لَا كَلَامُ غَيْرِهِ.

وَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ القَوْلِ بِأَنَّهُ حِكَايَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ، أَوْ عِبَارَةٌ عَنْهُ؛ بَلْ إِذَا قَرَأَهُ النَّاسُ أَوْ كَتَبُوهُ فِي المَصَاحِفِ، لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ حَقِيقَةً؛ فَإِنَّ الكَلَامَ إِنَّمَا يُضَافُ حَقِيقَةً إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئاً، لَا إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغاً مُؤَدِّياً.

* * *

ص: 143

وَقَدْ دَخَلَ أَيْضاً فِيمَا ذَكَرْنَاهُ - مِنَ الإِيمَانِ بِهِ وَبِكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ـ: الإِيمَانُ بِأَنَّ المُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عِيَاناً بِأَبْصَارِهِمْ؛ كَمَا يَرَوْنَ الشَّمْسَ صَحْواً لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ، وَكَمَا يَرَوْنَ القَمَرَ لَيْلَةَ البَدْرِ لَا يُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ.

يَرَوْنَهُ سُبْحَانَهُ وَهُمْ فِي عَرَصَاتِ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَرَوْنَهُ بَعْدَ دُخُولِ الجَنَّةِ، كَمَا يَشَاءُ اللَّهُ سبحانه وتعالى.

* * *

ص: 144

وَمِنَ الإِيمَانِ بِاليَوْمِ الآخِرِ: الإِيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ المَوْتِ؛ فَيُؤْمِنُونَ بِفِتْنَةِ القَبْرِ، وَبِعَذَابِ القَبْرِ وَنَعِيمِهِ.

فَأَمَّا الفِتْنَةُ: فَإِنَّ النَّاسَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟

فَيُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ؛ فَيَقُولُ المُؤْمِنُ: اللَّهُ رَبِّي، وَالإِسْلَامُ دِينِي، وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّي.

وَأَمَّا المُرْتَابُ: فَيَقُولُ: آهْ آهْ، لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئاً فَقُلْتُهُ، فَيُضْرَبُ بِمِرْزَبَّةٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ لَصَعِقَ.

ص: 145

ثُمَّ بَعْدَ هَذِهِ الفِتْنَةِ: إِمَّا نَعِيمٌ وَإِمَّا عَذَابٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ الكُبْرَى، فَتُعَادُ الأَرْوَاحُ إِلَى الأَجْسَادِ.

وَتَقُومُ القِيَامَةُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ بِهَا فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَجْمَعَ عَلَيْهَا المُسْلِمُونَ؛ فَيَقُومُ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ العَالَمِينَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، وَيُلْجِمُهُمُ العَرَقُ.

وَتُنْصَبُ المَوَازِينُ؛ فَتُوزَنُ فِيهَا أَعْمَالُ العِبَادِ، {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} .

ص: 146

وَتُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ - وَهِيَ صَحَائِفُ الأَعْمَالِ ـ؛ فَآخِذٌ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَآخِذٌ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ، أَوْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَكُلَّ

إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}.

وَيُحَاسِبُ اللَّهُ الخَلْقَ، وَيَخْلُو بِعَبْدِهِ المُؤْمِنِ؛ فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، كَمَا وُصِفَ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

وَأَمَّا الكُفَّارُ: فَلَا يُحَاسَبُونَ مُحَاسَبَةَ مَنْ تُوزَنُ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ؛ فَإِنَّهُمْ لَا حَسَنَاتِ لَهُمْ، وَلَكِنْ تُعَدَّدُ أَعْمَالُهُمْ وَتُحْصَى، فَيُوقَفُونَ عَلَيْهَا، وَيُقَرَّرُونَ بِهَا، وَيُجْزَوْنَ بِهَا.

ص: 147

وَفِي عَرْصَةِ القِيَامَةِ: الحَوْضُ المَوْرُودُ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ، طُولُهُ شَهْرٌ، وَعَرْضُهُ شَهْرٌ، آنِيَتُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً.

وَالصِّرَاطُ مَنْصُوبٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ، وَهُوَ الجِسْرُ الَّذِي بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، يَمُرُّ النَّاسُ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَلَمْحِ البَصَرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالبَرْقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالفَرَسِ الجَوَادِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَرِكَابِ الإِبِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْدُو عَدْواً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي مَشْياً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْحَفُ زَحْفاً، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْطَفُ فَيُلْقَى

ص: 148

فِي جَهَنَّمَ، فَإِنَّ الجِسْرَ عَلَيْهِ كَلَالِيبُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمَنْ مَرَّ عَلَى الصِّرَاطِ؛ دَخَلَ الجَنَّةَ.

فَإِذَا عَبَرُوا عَلَيْهِ: وُقِفُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا: أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ.

وَأَوَّلُ مَنْ يَسْتَفْتِحُ بَابَ الجَنَّةِ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.

وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنَ الأُمَمِ: أُمَّتُهُ صلى الله عليه وسلم.

ص: 149

وَلَهُ صلى الله عليه وسلم فِي القِيَامَةِ ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ:

أَمَّا الشَّفَاعَةُ الأُولَى: فَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ المَوْقِفِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَتَرَاجَعَ الأَنْبِيَاءُ - آدَمُ، وَنُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - الشَّفَاعَةَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَيْهِ.

وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ الثَّانِيَةُ: فَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ الجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلُوا الجَنَّةَ.

وَهَاتَانِ الشَّفَاعَتَانِ خَاصَّتَانِ لَهُ.

وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ الثَّالِثَةُ: فَيَشْفَعُ فِيمَنِ اسْتَحَقَّ النَّارَ - وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ لَهُ وَلِسَائِرِ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَغَيْرِهِمْ - يَشْفَعُ فِيمَنِ اسْتَحَقَّ النَّارَ أَلَّا يَدْخُلَهَا، وَيَشْفَعُ فِيمَنْ دَخَلَهَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا.

ص: 150

وَيُخْرِجُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ أَقْوَاماً بِغَيْرِ شَفَاعَةٍ؛ بَلْ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَيَبْقَى فِي الجَنَّةِ فَضْلٌ عَمَّنْ دَخَلَهَا مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا أَقْوَاماً، فَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ.

وَأَصْنَافُ مَا تَتَضَمَّنُهُ الدَّارُ الآخِرَةُ - مِنَ الحِسَابِ، وَالثَّوَابِ وَالعِقَابِ، وَالجَنَّةِ وَالنَّارِ - وَتَفَاصِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورَةٌ فِي الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ مِنَ السَّمَاءِ، وَالأَثَارَةِ مِنَ العِلْمِ المَأْثُورَةِ عَنِ الأَنْبِيَاءِ؛ وَفِي العِلْمِ المَوْرُوثِ عَنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ مَا يَشْفِي وَيَكْفِي، فَمَنِ ابْتَغَاهُ وَجَدَهُ.

* * *

ص: 151

وَتُؤْمِنُ الفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ - أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ ـ: بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ.

وَالإِيمَانُ بِالقَدَرِ: عَلَى دَرَجَتَيْنِ، كُلُّ دَرَجَةٍ تَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ.

فَالدَّرَجَةُ الأُولَى: الإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ مَا الخَلْقُ عَامِلُونَ بِعِلْمِهِ القَدِيمِ الَّذِي هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ أَزَلاً وَأَبَداً، وَعَلِمَ جَمِيعَ أَحْوَالِهِمْ - مِنَ الطَّاعَاتِ وَالمَعَاصِي، وَالأَرْزَاقِ وَالآجَالِ ـ.

ثُمَّ كَتَبَ اللَّهُ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ.

فَأَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ القَلَمَ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ،

ص: 152

قَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.

فَمَا أَصَابَ الإِنْسَانَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، جَفَّتِ الأَقْلَامُ، وَطُوِيَتِ الصُّحُفُ، كَمَا قَالَ سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ

ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}، وَقَالَ:{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} .

وَهَذَا التَّقْدِيرُ التَّابِعُ لِعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ، يَكُونُ فِي مَوَاضِعَ - جُمْلَةً وَتَفْصِيلاً ـ:

فَقَدْ كَتَبَ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ مَا شَاءَ.

ص: 153

وَإِذَا خَلَقَ جَسَدَ الجَنِينِ - قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ ـ: بَعَثَ إِلَيْهِ مَلَكاً؛ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ. وَنَحْوِ ذَلِكَ.

فَهَذَا القَدَرُ قَدْ كَانَ يُنْكِرُهُ غُلَاةُ القَدَرِيَّةِ قَدِيماً، وَمُنْكِرُوهُ اليَوْمَ قَلِيلٌ.

ص: 154

وَأَمَّا الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ: فَهِيَ مَشِيئَةُ اللَّهِ النَّافِذَةُ، وَقُدْرَتُهُ الشَّامِلَةُ، وَهُوَ: الإِيمَانُ بِأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ مِنْ حَرَكَةٍ وَلَا سُكُونٍ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى، لَا يَكُونُ فِي مُلْكِهِ إلَّا مَا يُرِيدُ، وَأَنَّهُ سبحانه وتعالى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مِنَ المَوْجُودَاتِ وَالمَعْدُومَاتِ.

فَمَا مِنْ مَخْلُوقٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ إلَّا اللَّهُ خَالِقُهُ سُبْحَانَهُ، لَا خَالِقَ غَيْرُهُ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.

ص: 155

وَمَعَ ذَلِكَ: فَقَدْ أَمَرَ العِبَادَ بِطَاعَتِهِ، وَطَاعَةِ رُسُلِهِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ المُتَّقِينَ وَالمُحْسِنِينَ وَالمُقْسِطِينَ، وَيَرْضَى عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.

وَلَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ، وَلَا يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفَاسِقِينَ، وَلَا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ، وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ، وَلَا يُحِبُّ الفَسَادَ.

وَالعِبَادُ فَاعِلُونَ حَقِيقَةً، وَاللَّهُ خَالِقُ أَفْعَالِهِمْ - وَالعَبْدُ: هُوَ المُؤْمِنُ وَالكَافِرُ، وَالبَرُّ وَالفَاجِرُ، وَالمُصَلِّي وَالصَّائِمُ ـ.

وَلِلْعِبَادِ قُدْرَةٌ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَلَهُمْ إِرَادَةٌ، وَاللَّهُ خَالِقُهُمْ وَخَالِقُ قُدْرَتِهِمْ وَإِرَادَتِهِمْ، كَمَا

ص: 156

قَالَ: {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} .

وَهَذِهِ الدَّرَجَةُ مِنَ القَدَرِ يُكَذِّبُ بِهَا عَامَّةُ القَدَرِيَّةِ، الَّذِينَ سَمَّاهُمُ السَّلَفُ مَجُوسَ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَيَغْلُو فِيهَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الإِثْبَاتِ، حَتَّى يَسْلُبُوا العَبْدَ قُدْرَتَهُ وَاخْتِيَارَهُ، وَيُخْرِجُونَ عَنْ أَفْعَالِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ؛ حِكَمَهَا وَمَصَالِحَهَا.

* * *

ص: 157

وَمِنْ أُصُولِ الفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ: أَنَّ الدِّينَ وَالإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ - قَوْلُ القَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَعَمَلُ القَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالجَوَارِحِ ـ.

وَأَنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالمَعْصِيَةِ.

وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ: لَا يُكَفِّرُونَ أَهْلَ القِبْلَةِ بِمُطْلَقِ المَعَاصِي وَالكَبَائِرِ - كَمَا يَفْعَلُهُ الخَوَارِجُ ـ؛ بَلِ الأُخُوَّةُ الإِيمَانِيَّةُ ثَابِتَةٌ مَعَ المَعَاصِي، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فِي آيَةِ القِصَاصِ:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} ، وَقَالَ: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ

ص: 158

فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}.

وَلَا يَسْلُبُونَ الفَاسِقَ المِلِّيَّ اسْمَ الإِيمَانِ بِالكُلِّيَّةِ وَيُخَلِّدُونَهُ فِي النَّارِ - كَمَا تَقُولُهُ المُعْتَزِلَةُ ـ.

بَلِ الفَاسِقُ يَدْخُلُ فِي اسْمِ الإِيمَانِ، فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} ، وَقَدْ لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الإِيمَانِ المُطْلَقِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ

قُلُوبُهُمْ}، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ

ص: 159

نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ».

وَيَقُولُونَ: هُوَ مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الإِيمَانِ، أَوْ مُؤْمِنٌ بِإِيمَانِهِ فَاسِقٌ بِكَبِيرَتِهِ، فَلَا يُعْطَى الِاسْمَ المُطْلَقَ، وَلَا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الِاسْمِ.

* * *

ص: 160

وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ: سَلَامَةُ قُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ:{وَالَّذِينَ جَاءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} .

وَطَاعَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» .

وَيَقْبَلُونَ مَا جَاءَ بِهِ الكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ أَوِ الإِجْمَاعُ مِنْ فَضَائِلِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ.

فَيُفَضِّلُونَ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الفَتْحِ - وَهُوَ

ص: 161

صُلْحُ الحُدَيْبِيَةِ - وَقَاتَلَ، عَلَى مَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدِهِ وَقَاتَلَ.

وَيُقَدِّمُونَ المُهَاجِرِينَ عَلَى الأَنْصَارِ.

وَيُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللَّهَ قَالَ لِأَهْلِ بَدْرٍ - وَكَانُوا ثَلِاثَ مِئَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ ـ: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ؛ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» .

وَبِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ بَلْ قَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِ مِئَةٍ.

وَيَشْهَدُونَ بِالجَنَّةِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَالعَشَرَةِ، وَكَثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ ـ.

ص: 162

وَيُقِرُّونَ بِمَا تَوَاتَرَ بِهِ النَّقْلُ عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَغَيْرِهِ: مِنْ أَنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَيُثَلِّثُونَ بِعُثْمَانَ، وَيُرَبِّعُونَ بِعَلِيٍّ رضي الله عنهم، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الآثَارُ، وَكَمَا أَجْمَعَتِ الصَّحَابَةُ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ فِي البَيْعَةِ.

مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَقَدَّمَ قَوْمٌ عُثْمَانَ وَسَكَتُوا أَوْ رَبَّعُوا بِعَلِيٍّ، وَقَدَّمَ قَوْمٌ عَلِيّاً، وَقَوْمٌ تَوَقَّفُوا.

لَكِنِ اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ ثُمَّ عَلِيٍّ.

ص: 163

وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ المَسْأَلَةُ - مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ـ: لَيْسَتْ مِنَ الأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ المُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ.

لَكِنَّ المَسْأَلَةَ الَّتِي يُضَلَّلُ المُخَالِفُ فِيهَا: مَسْأَلَةُ الخِلَافَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ أَنَّ الخَلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ.

وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلَافَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ؛ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ.

ص: 164

وَيُحِبُّونَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَتَوَلَّوْنَهُمْ، وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَيْثُ قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ:«أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» .

وَقَالَ أَيْضاً لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ - وَقَدْ شَكَى إِلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ قُرَيْشٍ يَجْفُو بَنِي هَاشِمٍ فَقَالَ ـ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي» .

وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى بَنِي إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشاً، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» .

ص: 165

وَيَتَوَلَّوْنَ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ ـ، وَيُقِرُّونَ بِأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الآخِرَةِ.

خُصُوصاً خَدِيجَةَ أُمَّ أَكْثَرِ أَوْلَادِهِ، وَأَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَعَاضَدَهُ عَلَى أَمْرِهِ، وَكَانَ لَهَا مِنْهُ المَنْزِلَةُ العَالِيَةُ.

وَالصِّدِّيقَةَ بِنْتَ الصِّدِّيقِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» .

ص: 166

وَيَتَبَرَّؤُونَ مِنْ طَرِيقَةِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الصَّحَابَةَ وَيَسُبُّونَهُمْ، وَطَرِيقَةِ النَّوَاصِبِ الَّذِينَ يُؤْذُونَ أَهْلَ البَيْتِ بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

وَيُمْسِكُونَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ هَذِهِ الآثَارَ المَرْوِيَّةَ فِي مَسَاوِيهِمْ مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ، وَمِنْهَا مَا قَدْ زِيدَ فِيهِ وَنُقِّصَ وَغُيِّرَ عَنْ وَجْهِهِ، وَعَامَّةُ الصَّحِيحِ مِنْهُ: هُمْ فِيهِ مَعْذُورُونَ؛ إِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُصِيبُونَ، وَإِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ.

وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ: لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَعْصُومٌ عَنْ كَبَائِرِ الإِثْمِ وَصَغَائِرِهِ؛ بَلْ تَجُوزُ عَلَيْهِمُ الذُّنُوبُ فِي الجُمْلَةِ.

ص: 167

وَلَهُمْ مِنَ السَّوَابِقِ وَالفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ إِنْ صَدَرَ، حَتَّى إِنَّهُ يُغْفَرُ لَهُمْ مِنَ السَّيِّئَاتِ مَا لَا يُغْفَرُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ مِنَ الحَسَنَاتِ الَّتِي تَمْحُو السَّيِّئَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ.

وَقَدْ ثَبَتَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُمْ خَيْرُ القُرُونِ، وَأَنَّ المُدَّ مِنْ أَحَدِهِمْ إِذَا تَصَدَّقَ بِهِ، كَانَ أَفْضَلَ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَباً مِمَّنْ بَعْدَهُمْ.

ثُمَّ إِذَا كَانَ قَدْ صَدَرَ عَنْ أَحَدِهِمْ ذَنْبٌ؛ فَيَكُونُ قَدْ تَابَ مِنْهُ، أَوْ أَتَى بِحَسَنَاتٍ تَمْحُوهُ، أَوْ غُفِرَ لَهُ بِفَضْلِ سَابِقَتِهِ، أَوْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الَّذِي هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ، أَوِ ابْتُلِيَ بِبَلَاءٍ فِي الدُّنْيَا كُفِّرَ بِهِ عَنْهُ.

ص: 168

فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الذُّنُوبِ المُحَقَّقَةِ، فَكَيْفَ بِالأُمُورِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا مُجْتَهِدِينَ؛ إِنْ أَصَابُوا فَلَهُمْ أَجْرَانِ، وَإِنْ أَخْطَؤُوا فَلَهُمْ أَجْرٌ وَاحِدٌ، وَالخَطَأُ مَغْفُورٌ لَهُمْ؟!

ثُمَّ القَدْرُ الَّذِي يُنْكَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِهِمْ قَلِيلٌ نَزْرٌ، مَغْمُورٌ فِي جَنْبِ فَضَائِلِ القَوْمِ وَمَحَاسِنِهِمْ - مِنَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، وَالهِجْرَةِ، وَالنُّصْرَةِ، وَالعِلْمِ النَّافِعِ، وَالعَمَلِ الصَّالِحِ ـ.

وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيرَةِ القَوْمِ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، وَمَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الفَضَائِلِ؛ عَلِمَ يَقِيناً أَنَّهُمْ خَيْرُ الخَلْقِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ، لَا كَانَ وَلَا يَكُونُ مِثْلُهُمْ، وَأَنَّهُمْ هُمُ الصَّفْوَةُ مِنْ قُرُونِ

ص: 169

هَذِهِ الأُمَّةِ الَّتِي هِيَ خَيْرُ الأُمَمِ وَأَكَرَمُهَا عَلَى اللَّهِ.

* * *

ص: 170

وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ: التَّصْدِيقُ بِكَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ، وَمَا يُجْرِي اللَّهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ خَوَارِقِ العَادَاتِ، فِي أَنْوَاعِ العُلُومِ وَالمُكَاشَفَاتِ، وَأَنْوَاعِ القُدْرَةِ وَالتَّأْثِيرَاتِ - كَالمَأْثُورِ عَنْ سَالِفِ الأُمَمِ فِي سُورَةِ الكَهْفِ وَغَيْرِهَا، وَعَنْ صَدْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ قُرُونِ الأُمَّةِ ـ.

وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.

* * *

ص: 171

ثُمَّ مِنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ: اتِّبَاعُ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَاطِناً وَظَاهِراً، وَاتِّبَاعُ سَبِيلِ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَاتِّبَاعُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَيْثُ قَالَ:«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّواجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» .

وَيَعْلَمُونَ أَنَّ أَصْدَقَ الكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؛ فَيُؤْثِرُونَ كَلَامَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْنَافِ النَّاسِ، وَيُقَدِّمُونَ هَدْيَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَدْيِ كُلِّ أَحَدٍ؛ وَلِهَذَا سُمُّوا: أَهْلَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

ص: 172

وَسُمُّوا أَهْلَ الجَمَاعَةِ: لِأَنَّ الجَمَاعَةَ هِيَ الِاجْتِمَاعُ، وَضِدُّهَا الفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ «الجَمَاعَةِ» قَدْ صَارَ اسْماً لِنَفْسِ القَوْمِ المُجْتَمِعِينَ.

وَالإِجْمَاعُ: هُوَ الأَصْلُ الثَّالِثُ الَّذِي يُعْتَمَدُ فِي العِلْمِ وَالدِّينِ.

فَهُمْ يَزِنُونُ بِهَذِهِ الأُصُولِ الثَّلَاثَةِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ - مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ، بَاطِنَةٍ وَظَاهِرَةٍ - مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالدِّينِ.

وَالإِجْمَاعُ الَّذِي يَنْضَبِطُ: هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ؛ إِذْ بَعْدَهُمْ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ، وَانْتَشَرَتِ الأُمَّةُ.

* * *

ص: 173

ثُمَّ هُمْ مَعَ هَذِهِ الأُصُولِ: يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ؛ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ.

وَيَرَوْنَ إِقَامَةَ الحَجِّ وَالجِهَادِ، وَالجُمَعِ وَالأَعْيَادِ، مَعَ الأُمَرَاءِ - أَبْرَاراً كَانُوا أَوْ فُجَّاراً ـ، وَيُحَافِظُونَ عَلَى الجَمَاعَاتِ.

وَيَدِينُونَ بِالنَّصِيحَةِ لِلأُمَّةِ، وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ـ» ، وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ؛ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى» .

ص: 174

وَيَأْمُرُونَ بِالصَّبْرِ عَلَى البَلَاءِ، وَالشُّكْرِ عِنْدَ الرَّخَاءِ، وَالرِّضَا بِمُرِّ القَضَاءِ.

وَيَدْعُونَ إِلَى مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ، وَمَحَاسِنِ الأَعْمَالِ، وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَاناً: أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً» .

وَيَنْدُبُونَ إِلَى أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ.

وَيَأْمُرُونَ بِبِرِّ الوَالِدَيْنِ، وَصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَحُسْنِ الجِوَارِ، وَالإِحْسَانِ إِلَى اليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالرِّفْقِ بِالمَمْلُوكِ.

وَيَنْهَوْنَ عَنِ الفَخْرِ، وَالخُيَلَاءِ، وَالبَغْيِ، وَالاِسْتِطَالَةِ عَلَى الخَلْقِ؛ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ.

ص: 175

وَيَأْمُرُونَ بِمَعَالِي الأَخْلَاقِ، وَيَنْهَوْنَ عَنْ سَفْسَافِهَا.

وَكُلُّ مَا يَقُولُونَهُ أَوْ يَفْعَلُونَهُ مِنْ هَذَا أَوْ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّمَا هُمْ فِيهِ مُتَّبِعُونَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ.

* * *

ص: 176

وَطَرِيقُهُمْ: هِيَ دِينُ الإِسْلَامِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم.

لَكِنْ لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أُمَّتَهُ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إلَّا وَاحِدَةً - وَهِيَ الجَمَاعَةُ ـ، وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:«هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ اليَوْمَ وَأَصْحَابِي» ؛ صَارَ المُتَمَسِّكُونَ بِالإِسْلَامِ المَحْضِ الخَالِصِ عَنِ الشَّوْبِ، هُمْ «أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ» .

ص: 177

وَفِيهِمُ: الصِّدِّيقُونَ، وَالشُّهَدَاءُ، وَالصَّالِحُونَ.

وَفِيهِمْ: أَعْلَامُ الهُدَى، وَمَصَابِيحُ الدُّجَى، أُولُو المَنَاقِبِ المَأْثُورَةِ، وَالفَضَائِلِ المَذْكُورَةِ.

وَفِيهِمُ: الأَبْدَالُ.

وَفِيهِمْ: أَئِمَّةُ الدِّينِ، الَّذِينَ أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى هِدَايَتِهِمْ، وَدِرَايَتِهِمْ ـ.

وَهُمُ الطَّائِفَةُ المَنْصُورَةُ، الَّتِي قَالَ فِيهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» .

ص: 178

فَنَسْأَلُ اللَّهَ العَظِيمَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ، وَأَلَّا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا، وَيَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً، إِنَّهُ هُوَ الوَهَّابُ.

وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَامُهُ.

* * *

.... .... .....

تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ

ص: 179